بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الصلاة والسلام علي أفضل خلق الله الصادق الأمين صاحب السيرة العطرية الزكية ، وعلي آله وصحبه وبعد.

فكتاب «اعتقادات فرق المسلمين والمشركين» أو ما نطلق عليه بالرسالة فهي تحتوي علي ذكر الفرق الإسلامية سواء صوفية أم شيعة أم خوارج فهي تتضمن علي معلومات مبسطة وموجزة.

وصاحب هذا الكتاب أو الرسالة أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي التميمي البكري القرشي الطبرستاني الرازي المولد الملقب فخر الدين ، ولد سنة ٥٤٤ ه‍ وقيل سنة ٥٤٣ ه‍ / ١١٤٩ م ، وكان أبوه خطيبا الفقيه الشافعي المذهب الأشعري العقيدة.

تفقه فخر الدين الرازي علي والده الذي كان يعمل خطيبا بالري وعلي والده ضياء الدين عمر وولده علي أبي القاسم سليمان بن ناصر الأنصاري وأبي إسحاق الأسفرائني وأبي الحسن الباهلي وابن مسعود الفراء والقفال المروزي وابن شريح وأبي القاسم الأنماطي والكمال السمناني والمجد الجيلي ، ويقال إن الرازي كان يحفظ الشامل لإمام الحرمين في أصول الدين والمستصفى في أصول الفقه للغزالي والمعتمد لأبي الحسين البصري.

وللرازي عدة تصانيف مفيدة في شتّى مختلف العلوم معظمها


منشور نذكر منها : نهاية المعقول في دراية الأصول ، شرح سورة الفاتحة ، تفسير سورة البقرة ، المخلص ، المحصل ، كتاب الأربعين ، البيان ، المبهمات المشرقية ، تهذيب الدلائل وعيون المسائل ، تحصيل الحق ، الربذة ، المعالم ، كتاب في إبطال القياس ، مناقب الشافعي ، كتاب في الهندسة ، الفراسة ، أصول الشافعية ، شرح الكليات للقانون ، شرح المفصل ، شرح عيون الحكمة ، السر المكتوم ، شرح ديوان سفط الزند ، وغيرهم من المصنفات.

مات فخر الدين الرازي سنة ٦٠٦ ه‍ / ١٢٠٠ م بمدينة هراة ودفن في الجبل لقرية مزداخان. وقد مدح عدد كبير من الشعراء والعلماء فخر الدين الرازي منهم ابن عنين.

يا ابن الكرام المطعمين إذا شتوا

في كل مسغبة وثلج خاشف

قرم لواه القوت حتّى ظله

بإزائه يجري بقلب واجف

كذلك العلماء

خصه الله برأي هو للغيب طليعة

غيري الحق بعين دونها حد الطبيعة

كذلك الإمام سراج الدين يوسف السكاكي

أعلمن علما يقينا

أن رب العالمينا

لو قضي في عالميهم

خدمة للعالمينا


وأرجو من الله أن يجوز هذا العمل إعجاب الدارسين والباحثين وأسأل الله العون والمغفرة.

الدكتور محمد زينهم محمد عزب

السكاكيني ـ القاهرة في : ١٤١٣ ه‍ / ١٩٩٢ م



الباب الأول

فى شرح فرق المعتزلة

وفيه ثلاثة فصول :

١ ـ في بيان ما يشرك فيه سائر فرق المعتزلة.

٢ ـ لما ذا سموا بالمعتزلة.

٣ ـ في فرق المعتزل



الفصل الأول

فى بيان ما يشترك فيه سائر فرق المعتزلة

أعلم أن المعتزلة (١) كلهم متفقون علي نفي صفات الله تعالي من العلم والقدرة وعلي أن القرآن محدث ومخلوق ، وأن الله تعالي ليس خالقا لأفعال العبد (٢).

__________________

(١) يطلق على هذه الفرقة فلاسفة الإسلام وذلك لتمسكهم بالعقل دون النظر للقرآن أو الأحاديث النبوية فلهذا لم يتوحد رأيهم فى مسألة ما وذلك لكثرة الأقوال وإختلاف الآراء حتى أنهم انقسموا على أنفسهم الى أكثر من ٢٠ فرقة.

قال أبو الحسن الأشعرى (اختلفت المعتزلة في البارى عزوجل هل يقال لم يزل عالما بالأجسام ـ وهل المعلومات قبل كونها ، وهل الأشياء لم تزل ، اختلفوا على سبع مقالات فأجازوا كل ذلك ، ومنعوا كل ذلك قوم وأجاز بعضهم ومنعه قوم.

(٢) ويجتمع المعتزلة على أمور اتفقوا فى بعضها واختلفوا فى بعضها ، وهذه الأمور منها.

١ ـ القول بأن الله قديم.

٣ ـ القول بالحسن والقبح.

٥ ـ الإيمان معرفة وقول وعمل

٢ ـ القول بالوعد والوعيد.

٤ ـ القول بالمنزلة بين المنزلتين.


الفصل الثاني

لما ذا سموا بالمعتزلة

كان واصل بن (١) عطاء وعمرو بن عبيد (٢) من تلامذة الحسن البصري (٣) ولما أحدثا مذهبا وهو أن الفاسق ليس بمؤمن ولا كافر اعتزلا حلقة الحسن البصري وجلسا ناحية في المسجد. فقال الناس : إنهما اعتزلا حلقة الحسن البصري فسموا معتزلة ، لذلك قال القاضي عبد الجبار (٤) وهو رئيس المعتزلة : كلما ورد في القرآن من لفظ الاعتزال فإن المراد منه الاعتزال عن الباطل فعلم أن اسم الاعتزال مدح وهذا فاسد لقوله تعالي : (وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ) (٥). فإن المراد من هذا الاعتزال هو الكفر.

__________________

(١) وهو الفقيه المتكلم واصل بن عطاء البصري ولد بالمدينة سنة ٨٠ ه‍ علي الرق وهو مولي لبني مخزوم ومات سنة ١٣١ ه‍ وهو أول من أظهر القول بالمنزلة بين المنزلتين وكان يعرف بالغزل لأنه دائما الجلوس في سوق الغزالين نشر آراء المعتزلة في البصرة.

(٢) وهو الفقيه والزاهد والعابد والمعتزلي عمرو بن عبيد بن باب أبو عثمان قال ابن قتيبة في كتابه الإمامة والسياسة «كان يري القدر ويدعو إليه واعتزل الحسن هو وأصحابه له فسموا المعتزلة» ولد سنة ٨٠ ه‍ ومات ١٤٢ ه‍ بمكة.

(٣) وهو أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن بن يسار البصري مولي زيد بن ثابت وقيل جابر بن عبد الله وقيل أبو اليسر ، مات سنة ١١٠ ه‍.

(٤) له ترجمة في الفهرست لابن النديم ١٧٩.

(٥). ٢١ ك الدخان ٤٤.


الفصل الثالث

في فرق المعتزلة

اعلم أنهم سبع عشرة فرقة :

الفرقة الأولي : الغيلانية

أتباع غيلان (١) الدمشقي وهؤلاء يجتمعون بين الاعتزال والإرجاء وغيلان (٢) هذا هو الذي قتله هشام بن عبد الملك سابع خلفاء بني مروان.

الفرقة الثانية : الواصلية (٣)

[هم] أتباع واصل بن عطاء الغزال ، وهو أول من قال : إن الفاسق ليس بمؤمن ولا كافر ولا منافق ولا مشرك ومن مذهبهم أن عليا وطلحة رضي

__________________

(١) وهو غيلان بن مروان وقيل غيلان بن مسلم ، ومروان أبوه كان مولي للخليفة عثمان ، وكان ابن المرتضى يقول عنه «واحد دهره في العلم والزهد والدعاء إلي الله وتوحيد وعدله وكان غيلان من بلغاء الكتاب ، قيل إنه كان من أصحاب الحارث الكذاب ، وممن آمن بنبوته ، فلما وقتل الحارث قام مقامه ، وناظر الأوزاعي فأفتي بضرورة قتله ، وقيل أيام هشام بن عبد الملك.

(٢) من آراء غيلان : القول بالاختيار. والإيمان قول ومعرفة وليس للعمل ،

(٣) أصحاب أبي حذيفة واصل بن عطاء الغزال الألثغ كان تلميذا للحسن البصري يقرأ عليه العلوم والأخبار وكانا في زمان عبد الملك بن مروان وهشام بن عبد الملك ومذهبه ومنهجه يقوم علي أربعة قواعد : القول بالقدر بالمنزلة بين


الله عنهما لو شهدا في واحد فشهادتهما غير مقبولة.

الفرقة الثالثة : العمرية (١)

هم أتباع عمرو بن عبيد ومن قولهم إن شهادة طلحة والزبير غير مقبولة بوجه عام.

الفرقة الرابعة : الهذيلية (٢)

أتباع أبي الهزيل (٣) ومن مذهبهم أن خالقيه الله تعالي قد انتهت إلي حد لا يقدر أن يخلق شيئا آخر.

__________________

المنزلتين ، نفي صفات الله تعالي من العلم والقدرة والإرادة والحياة ، قوله في الفريقين من أصحاب واقعة الجمل وصفين ، أن أحدهما مخطئ ثم قوله في عثمان وقاتليه وخازليه بأن أحد الفريقين فاسق لا محالة فلا تقبل شهادة واحد من الفريقين ، كما جوز أن يكون عثمان وعلي علي خطأ.

(١) وافق عمرو عبيد واصل بن عطاء علي مذهبه وزاد عليه القول بفسق أحد الفريقين لا بعينه ، فقال لو شهد رجلان من أحد الفريقين مثل علي ورجل من فريقه أو طلحة والزبير ، لم تقبل شهادتهما ، قوله إنهم خالدون مخلدون في النار.

(٢) وردت عند الشهرستاني الهذيلية وهي أقرب إلي الصواب وهم أصحاب أبي الهذيل حمدان بن الهذيل العلاف.

(٣) وهو أبو الهذيل بن مكحول البصري المعروف بالعلاف شيخ المعتزلة ومقود طريقتهم والمناظر ومقدم. ، تفقه وأخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل ، ومن المعروف أن أبي الهذيل مولي لعبد القيس وقد


الفرقة الخامسة : النظامية

أتباع إبراهيم بن سيار النظام (١) ومن مذهبهم (٢) أن العبد القادر على أشياء لا يقدر الله تعالي علي خلقها. والإجماع وخبر الواحد والقياس ليس بحجة عند هؤلاء ولا يذكرون الصحابة ولا عليا رضي الله عنه بسوء.

__________________

وضع الجبائي كتابا ومصنفا للرد عن الهذيل ، بين فيه كفر أبي الهذيل. واختلف في مولده فقد قيل عام ١٢٥ ه‍ وقيل ١٢٤ ه‍ ومات سنة ٢٣٧ ه‍ وقيل ١٣٦ ه‍ ، أطلق عليه العلاف لأن داره بالبصرة كانت معقل للعلافين مبادئهم تقوم علي الآتي : أن الباري عالم بعلم وعلمه ذاته إثباته إرادات لا محل لها ، أمر التكليف غير أمر التكوين ، التفرقة بين أفعال القلوب وأفعال الجوارح .. إلخ.

(١) وهو أبو إسحاق إبراهيم بن سيار المعروف بالنظام وهو ابن أخت الهذيل العلاف وعنه أخذ الاعتزال وهو من نجباء المعتزلة الجاحظ ، توفي سنة ٢٢١ ه‍ وقيل سنة ٢٢٣ ه‍.

(٢) ومذهبهم يقوم علي المسائل أخذت عن الفلاسفة وخلطت بكلام المعتزلة وتقوم علي عدة أسس منها : بأن الشرور والمعاصي ليست مقدرة لله وأنه لا يوصف بالقدرة عليها.


الفرقة السادسة : الثمانية

هم أتباع ثمامة بن أشرس (١) وكان في زمن المأمون ـ ومن مذهبهم أن الفعل يصح من غير الفاعل.

الفرقة السابعة : البشرية

هم أتباع بشر بن معمر بن عباد السلمي (٢) وهم يثبتون النفس الناطقة كما هو مذهب الفلاسفة ويثبتون في الجسم معاني غير متناهية.

الفرقة الثامنة (٣)

الفرقة التاسعة : المزدارية (٤)

هم أتباع أبي موسى بن عيسى بن مسيح المزدار (٥) وهو تلميذ بشر وأستاذ جعفر بن الحارث وجعفر بن المبشر.

__________________

(١) هو أبو معن ويقال أبو بشر ثمامة بن الأشرس النميري.

(٢) هو أبو سهل بشر بن المعتمر الهلالي من أهل بغداد.

(٣) بياض في الأصل والمطبوع.

(٤) والصواب المردارية.

(٥) له ترجمة في طبقات المعتزلة.


الفرقة العاشرة : الهشامية

هم أتباع هشام عمرو القوطي (١) (٢) (٣) وقد كان يمنع من قول حسبنا الله ونعم الوكيل لأنه لا يجوز إطلاق اسم الوكيل علي الله تعالي.

الفرقة الحادية عشرة : الجبائية

هم أتباع أبي علي بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي (٤) ومن مذهبم أنه يجوز أن يكون العرض الواحد في حالة واحدة موجودا ومعدوما معا.

والتزموا هذا كلام الله تعالي (٥).

__________________

(١) انظر : مقالات الإسلاميين والملل والنحل.

(٢) له ترجمة فى معظم كتب النحويين واللغويين.

(٣) له عدة آراء غريبه.

(٤) وهو أبو على محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن عمران بن إبان مولى عثمان بن عفان ، ولد سنة ٢٣٥ ه‍ ومات سنة ٣٠٣ ه‍.

(٥) له عدة آراء منها : وصف الله منها غير قادر على الخلق وجود الشيء هو عينه ، قسم الصفات إلى صفات للذات.


الفرقة الثالثة عشرة (١)

الفرقة الرابعة عشرة : البهشمية

وهم أتباع أبي هاشم أو أبي بهشم عبد السلام بن أبي علي الجنائي (٢) وهم يثبتون الحال. ويجوزون أن يعاقب الله تعالي العبد من غير أن يصدر عنه ذنب.

الفرقة الخامسة عشرة : الأحشدية (٣)

هم أتباع أحشد بن أبي بكر تلميذ محمد بن عمر الصيمري وهم يكفرون أبا هاشم وأتباعه.

الفرقة السادسة عشرة : الخياطية (٤)

هم أتباع أبي الحسن عبد الرحيم الخياط وهو أستاذ أبي القاسم.

__________________

(١) بياض فى الأصل والمطبوع.

(٢) وهو عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجنائى ، كان محبا للعلم حريصا عليه مات ببغداد سنة ٣٢١ ه‍.

(٣) كان أبو هاشم أو أبو بهشم تلميذ لأبيه.

(٤) له آراء غريبه مذكوره فى الملل والنحل للشهرستانى.


الكعبي وهم يقولون إن الجسم في العدم جسم حتّى أنهم ألزموه أن يكون راكبا فرسا معدوما فالتزموا ذلك وجوده.

الفرقة السابعة عشرة : الحسينية (١)

وهم أتباع أبي الحسين علي بن محمد البصري وهو تلميذ القاضي عبد الجبار بن أحمد. ثم خالفه ونفي الحال والمعدوم والمعاني وجود كرامات الأولياء. ونفي المريدية وتوقف في السمع والبصر. ولم يبق في زماننا من سائر فرق المعتزلة إلا هاتان الفرقتان أصحاب أبي هاشم وأصحاب أبي الحسين البصري.

__________________

(١) وهو عبد الرحيم محمد بن عثمان الخياط ذكره ابن المرتضى فى رجال الطبقة الثامنة.



الباب الثانى

فى شرح فرق الخوارج

ساير فرقهم متفقون علي أن العبد يصير كافرا بالذنب ،



وهم يكفرون عثمان وعليا رضي الله عنهما وطلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم ـ ويعظمون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما.

الفرقة الأولي : المحكمية

وهم الذين قالوا لعلي رضي الله عنه لما حكم الحاكمين إن كنت تعلم إنك الإمام حقا فلم أمرتنا بالمحاربة. ثم انفصلوا عنه بهذا السبب وكفروا عليا ومعاوية رضي الله عنهما.

الفرقة الثانية : الأزارقة

هم أتباع أبي نافع راشد بن الأزرق (١) ومن مذهبهم أن قتل من خالفهم جائز.

__________________

(١) أبو راشد : نافع بن الأزرق بن قيس بن نهار ، أحد بنى الدؤل بن حنيفة ، كان أول خروجه بالبصرة ، فى عهد عبد الله بن الزبير ، وفى سنة ٦٥ ه‍ اشتدت شوكته وكثرت جموعه ، فبعث إليهم عبد الله بن الحارث ، مسلم بن عبس بن كريز بن ربيعة ، على رأس جيش كثيف ، فاشتد بينهم القتال ، حتى قتل مسلم أمير الجيش ، وقتل نافع أمير الخوارج.


الفرقة الثالثة : النجدات (١)

وهم أتباع نجدة بن عامر النخعي وهم يرون أن قتل من خالفهم واجب (٢) ، وأكثر الخوارج بسجستان علي مقالته.

الفرقة الرابعة : البيهسية (٣)

هم أتباع أبي بيهس ومذهبهم أن من لا يعرف الله تعالي وأسماءه وتفاصيل الشريعة فهو كافر (٤).

__________________

(١) نجدة بن عامر الحنفى ، كذا فى كتاب (الفرق بين الفرق) وفى (الملل والنحل) وقد خرج من اليمامة إلى نافع ، ثم رده إليها أبو فديك ، وعطية بن الأسود الحنفى ، واستولى على اليمامة والبحرين ، وفى سنة ٦٩ قتله أصحابه.

(٢) يقوم مذهب النجدات على ما يأتى :

١ ـ معرفة الله ورسله وتحريم دماء المسلمين وأموالهم ، والإقرار بما جاء من عند الله جملة ـ هذا القدر واجب على كل مسلم.

(٣) أبو بيهس من بنى سعد بن ضبيعة بن قيس ، واسمه هيصم بن جابر. أقبل على ابن اباض. فقال : إن نافعا غلا فكفر ، وإنك قصرت فكفرت ، وكان فى زمن الحجاج ، وقتل فى المدينة. قتله عثمان بن حيان المرى وإلى المدينة ، بعد أن قطع يديه ، ورجليه.

(٤) تختلف البيهسية إلى أقوال شتى. ومن معتقداتهم :

١ ـ إذا كفر الإمام كفرت الرعية ، الغائب منهم والشاهد.

٢ ـ لا يسلم أحد حتى يقر بمعرفة الله تعالى ورسله ، والبراءة من أعداء الإسلام.


الفرقة الخامسة : العجاردة (١)

هم أتباع عبد الكريم بن عجرد. وعندهم أن سورة يوسف ليست من القرآن (٢) لأنها في شرح العشق والمعشوق. ومثل هذا لا يجوز أن يكون كلام الله عزوجل.

الفرقة السادسة : الصلتية (٣)

هم أتباع عثمان بن أبي الصلت وعند هم أن من دخل في مذهبهم فهو مسلم. وإنما يحكمون بإسلام الأطفال من حين بلوغهم (٤).

الفرقة السابعة : الميمونية (١)

__________________

(١) عبد الكريم بن عجرد ، وهو قائد العجاردة ، كان من أتباع عطية ابن أسود الحنفى.

(٢) يقوم مذهب العجاردة على ما يأتى :

١ ـ البراءة من الطفل حتى يدعى إلى الإسلام.

٢ ـ الهجرة فضيلة وليست فضلا.

(٣) هو صلت بن عثمان. كذا وجدناه فى «التبصير» وفى «الفرق بين الفرق».

(٤) تنفرد الصلتية عن بقية العجاردة بقولهم :

١ ـ «إن الرجل إذا أسلم توليناه ، وتبرأنا من أطفاله حتى يدركوا ، فيقبلوا الإسلام».

٢ ـ «ليس لأطفال المشركين والمسلمين ولاية ولا عداوة حتى يبلغوا ، فيدعوا إلى الإسلام ، فيقروا أو ينكروا».


هم أتباع ميمون بن عمران وهم يجوزون نكاح بناتهم ولا يرون أن الشر من الله عزوجل (٢).

الفرقة الثامنة : الحمزية (٣)

هم أتباع حمزة بن أدرك وهم يقطعون بأن أطفال الكفار في النار (١).

__________________

(١) فى الملل والنحل هو : «ميمون بن عمران» وكان على مذهب العجاردة ، حتى حدث خلاف بينه وبين شعيب بن محمد. فقد كان لميمون على شعيب مال فتقاضاه فقال له شعيب : أعطيكه إن شاء الله. فقال ميمون : قد شاء الله ذلك الساعة. فقال شعيب : لو كان قد شاء ذلك لم أستطع إلا أن أعطيكه. فقال ميمون : قد أمرك الله بذلك. وكل ما أمر به فقد شاء ، وما لم يشأ لم يأمر به. ثم افترقا ، كل إلى مذهبه.

(٢) انفرد الميمونية عن العجاردة بما يأتى :

١ ـ إثبات القدر خيره وشره من العبد.

٢ ـ أن الله يريد الخير ، ولا يريد الشر.

٣ ـ تجويز نكاح بنات البنات ، وبنات أولاد الأخوة والأخوات.

(٣) حمزة بن أدرك الشامى الخارجى ، وقد عاش فى سجستان وفى خراسان ، قهستان ، وكرمان ، وحارب مخالفيه ، وهزم جيوشا كثيرة ، وكان ظهوره فى أيام الرشيد (١٧٩ ه‍) وعاش إلى صدر عصر المأمون ، وقد بعث المأمون إليه يستدعيه إلى طاعته ، ولكنه لم يجب ، وازداد عتوا ، فخرج له عبد الرحمن النيسابورى ، وهزمه ، وقتل الألوف من أتباعه ، وفر حمزة جريحا ، ومات.


الفرقة التاسعة : الخلفية

أتباع خلف (٢). وهم لا يرون أن الخير والشر من الله تعالي (٣).

الفرقة العاشرة : الأطرافية (٤)

وهم يقولون : إن من لم يعلم أحكام الشريعة من أصحاب أطراف العالم. فهو معذور.

__________________

(١) وافق الحمزية الميمونية فى القول بالقدر ، وفى أفعال العباد ، وفى إرادة الله الخير دون الشر.

(٢) وكان خلف من أتباع ميمون القدرى ، ولكنه تاب ورجع عن أقواله إلى مذهب أهل السنة والجماعة فى باب القدر والاستطاعة.

(٣) يقوم مذهب الخلفية على ما يأتى :

١ ـ أن القدر خيره وشره إلى الله تعالى.

٢ ـ أطفال المشركين فى النار.

(٤) الأطرافية : فرقة على مذهب حمزة فى القول بالقدر. وسموا أطرافية : لقولهم : «إن من لم يعلم أحكام الشريعة من أصحاب أطراف العالم فهو معذور» ورئيسهم غالب بن شاذان. من سجستان.


الفرقة الحادية عشرة : الشعبية

أصحاب شعيب بن محمد (١). وهم يقولون أن العبد مكتسب ولا يقولون. إنه موجد. غير أنهم يوافقون بقية الخوارج فيما عدا هذا من البدع (٢).

الفرقة الثانية عشرة : الحازمية

أصحاب حازم (٣). وهم يقولون بالموافاة (٤).

الفرقة الثالثة عشرة : الثعلبية

__________________

(١) شعيب بن محمد ، من جملة العجاردة مع ميمون.

(٢) يقوم مذهب الشعبية على ما يأتى :

١ ـ أن الله هو خالق لأفعال العباد ،

٢ ـ لا شيء يقع فى الوجود إلا بمشيئته تعالى.

(٣) الحازمية هم أصحاب حازم بن على كذا فى الملل والنحل. وفى الفرق بين الفرق :

«أصحاب حازم بن عاصم». وهم أكثر عجاردة سجستان.

(٤) يوافق الحازمية قول شعيب كثيرا. ويزيدون :

١ ـ الله يتولى مصائر العباد على ما علم أنهم صائرون إليه من الإيمان فى أخر عمر هم وهذا معنى الموافاة.

٢ ـ الله يتبرأ منهم على ما علم أنهم صائرون إليه من الكفر أخر عمر هم وهذا معنى الموافاة أيضا.

٣ ـ الله لم يزل محبا لأوليائه ، مبغضا لأعدائه.


ـ وهم أتباع ثعلب بن عامر (١) ـ وهم على ولاية الأطفال إلا إن ظهر منهم باطل في وقت التكليف.

__________________

(١) هو ثعلبة بن عامر ـ كذا فى المقريزى. ولكن فى «التبصير» ، وفى «الفرق بين الفرق» هو : ثعلبة بن مشكان. وكان من العجاردة ، وكان يعتقد بإمامة عبد الكريم بن عجرد ، حتى اختلف مع عبد الكريم.


الفرقة الرابعة عشرة : الأخنسية (١)

أصحاب أخنس بن قيس (٢). وهم يتبرءون من كل من لا يوافقهم ويسكن في بلاد مخالفيهم (٣).

الفرقة الخامسة عشرة : المعبدية

أصحاب معبد. وهم لا يجوزون نكاح كل امرأة تخالف الدين (٤).

__________________

(١) لم تذكر هذه الفرقة في «الملل والنحل» ، وإنما ذكرت في «التبصير» وفي «الفرق بين الفرق».

(٢) هو «الأخنس» كذا في «الفرق بين الفرق» وكان في مبدأ أمره ، على مذهب الثعالبة ، يقول بموالاة الأطفال ، ولكنه خنس عنهم ، وتبعه أناس على خلافه مع الثعالبة ، وبرئ من الثعالبة ، وبرئ منه كثير من الثعالبة.

(٣) يقوم مذهب الأخنسية على :

١ ـ الوقف في أمر من في دار النقية حتى نعرف منهم إيمانا أو كفرا.

٢ ـ تحريم القتل والقتال في السر.

(٤) المعبدية : لم نجد فيما تحت أيدينا من كتب المراجع ذكرا لمعبد هذا .. ولا من هو؟.

والمعبدية : فرقة تقول بإمامة رجل اسمه معبد ، وقد أكفر الثعالبة ، وأكفروه. وكان يخالف الثعالبة في :

١ ـ أخذ الزكاة من العبيد وإعطائهم منها ، ومن لم يقل بذلك فهو كافر.


الفرقة السادسة عشرة : الرشيدية (١)

يوجبون العشر في المعشرات سواء كان السقي من السماء أو من الدالية (٢).

الفرقة السابعة عشرة : المكرمية

أصحاب مكرّم (٣). وهم يقولون إن تارك الصلاة كافر لا أنه ترك الصلاة بلا لأنه جاهل بالله (٤).

الفرقة الثامنة عشرة : المعلومية والمجهولية (٥)

أما المعلومية فيقولون من لم يعرف الله تعالي

__________________

(١) هم أتباع : رشيد الطوسى. نسبة إلى قرية طوس بخراسان. ويقال لهم «العشرية».

(٢) يقوم مذهبهم على أن : ما سقى بالعيون والأنهار الجارية أو ماء السماء فيه العشر الكامل ولذلك سموا «بالعشرية».

(٣) هو مكرم بن عبد الله العجلى ـ كذا في «الملل والنحل» وفي «الفرق بين الفرق» أبو مكرم. وكان من جملة الثعالبة.

(٤) يقوم مذهب المكرمية على ما يأتى منها

١ ـ تارك الصلاة كافر ، لا لتركه الصلاة ولكنه لجهله بالله.

(٥) المعلومية ، والمجهولية ، فرقتان من الجازمية.


بسائر أسمائه فهو كافر (١).

وأما المجهولية فيقولون إن معرفة جميع الأسماء ليست بواجبة (٢).

الفرقة التاسعة عشرة : الأباضية

أتباع عبد الله بن أباض (٣) ظهر في زمن مروان بن محمد

__________________

(١) خالفت المعلومية سلفها في أمرين :

١ ـ من لم يعرف الله بجميع أسمائه فهو جاهل به ، «والجاهل بالله كافر».

٢ ـ أفعال العباد غير مخلوقة لله.

وهذه الفرقة تدعى إمامة من كان على دينها وخرج بسيفه على أعدائه ، دون أن يتبرءوا عن القعدة عنهم.

(٢) تختلف المجهولية مع المعلومية ويقولون : «من عرف الله ببعض أسمائه فقد عرفه» ويكفرون المعلومية في دعواهم كفر من لم يعرف الله بجميع أسمائه.

(٣) هو عبد الله بن أباض من بنى مرة بن عبيد من بنى تميم. وهو رأس الأباضية من الخوارج ، وكان خروجه في عهد مروان بن محمد بن مروان أخر خلفاء بنى أمية ، فوجه إليه مروان قائده عبد الملك بن محمد بن عطية. فحدث قتال بين الفريقين في «تبالة» وهى بلدة مشهورة من أرض تهامة بطريق اليمن. واستمر القتال حتى قتل عبد الله بن أباض ، وقيل إنه كان قد رجع عن أقواله وبدعته وتبرأ منه أصحابه ، ولكن استمرت نسبتهم إليه.

ويقوم مذهب الأباضية على ما يأتى :

١ ـ أن مخالفيهم من أهل القبلة كفار غير مشركين ومناكحتهم جائزة ، ومورثتهم حلال ، وغنيمة أموالهم من السلاح والكراع عند الحرب حلال


أخر ملوك بني أمية. وقتل عاقبة الأمر.

الفرقة العشرون : الأصفرية

أتباع زياد بن الأصفر (١). يجوزون التفيّة في القول دون العمل (٢).

الفرقة الحادية والعشرون : الحفصية

__________________

ويحرمون قتلهم وسبيهم في السر غيلة إلا بعد نصب القتال وإقامة الحجة.

٢ ـ جواز شهادة مخالفيهم على أموالهم.

(١) الأصفرية أتباع زياد بن الأصفر. وفي «الملل والنحل» الصفرية. نسبة إلى عبد الله ابن الصفار ، وقيل سموا صفرية لصفرة وجوههم.

وقيل سموا صفرية لخلوهم من الدين. كما قال الأصمعى : خاصم رجل منهم صاحبه في السجن فقال له : أنت والله صفر من الدين.

(٢) يقوم معتقدهم على ما يأتى : منها

١ ـ عدم تكفير القعدة عن القتال إذا كانوا موافقين في الدين والاعتقاد.

٢ ـ النقية جائزة في القول : دون العمل.


الحفصية : أتباع أبي حفص بن أبي المقدام (١) ـ يقولون : إن بين الإيمان والشرك خصلة أخري. وهي معرفة الله تعالي (٢).

__________________

(١) أبو حفص بن أبى المقدام ، أحد أصحاب عبد الله بن أباض.

(٢) تقوم الحفصية على ما يأتى : منها

١ ـ من عرف الله وكفر بما سواه من رسول وغيره فهو كافر وليس بمشرك.

٢ ـ بين الإيمان والشرك معرفة الله ، فهى خصلة متوسطة بينهما.


الباب الثالث

الروافض



إنما سموا بالروافض لأن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنه خرج على هشام بن عبد الملك فطعن عسكره في أبى بكر فمنعهم من ذلك فرفضوه ولم يبق معه إلا مائتا فارس. فقال لهم : ـ أى زيد بن على ـ رفضتمونى. قالوا : نعم ، فبقى عليهم هذا الاسم. وهم طوائف : الزيدية. الإمامية. الكيسانية.

أما الزيدية ـ هم المنسوبون إلى زيد بن على زين العابدين (١) ـ فثلاث طوائف :

الأولى : الجارودية

أتباع أبى الجارود (٢) وهم يطعنون في أبى بكر وعمر رضى الله

__________________

(١) هو زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب العلوى أبو الحسين المدنى أحد أئمة أهل البيت وأخو محمد وعبد الله وعمر وحسين ، روى عن أبيه وأبان بن عثمان ، وعنه الزهرى وزكريا بن أبى زائدة قتل سنة ١٢٢ ه‍. وقال خليفة بن الخياط سنة ١٢١ ه‍ انظر : خلاصة تذهيب الكمال ١٢٩.

(٢) أبو الجارود زياد بن المنذر الهمذانى ، ويقال النهدى ، والثقفي ، الأعمى ، الكوفي ، وهو كذاب ليس بثقة ، وكان رافضيا يضع الحديث في مثالب أصحاب رسول الله ص ، ويروى في فضائل أهل البيت أشياء ما لها أصول ، وهو من المعدودين من أهل الكوفة الغالين ، وقد ذكره البخارى في فصل من مات من الخمسين ومائة إلى الستين ، وقد سماه محمد بن على الباقر (سرحوب) أى شيطان أعمى يسكن البحر.


عنه (١).

الثانية : السليمانية

أتباع سليمان بن جرير ـ وهم يعظمون أبا بكر وعمر. ويكفرون عثمان رضى الله عنه (٢).

الثالثة : الصالحية

وهم أتباع الحسين بن صالح. وهم يعظمون أبا بكر وعمر. ويتوقفون في حق عثمان وأما الإمامية (٣) ـ فهم فرق :

__________________

(١) يقوم تشيع الجارودية على ما يأتى :

١ ـ أن النبي ص نص على على بالوصف دون التسمية ، والإمام بعده هو على.

٢ ـ أن علم ولد الحسن والحسين عليهما‌السلام كعلم النبي.

٣ ـ اختلفوا في التوقف والسوق في الإمامة.

(٢) يقوم مذهب السليمانية على ما يأتى :

١ ـ أن الإمامة شورى فيما بين الخلق.

٢ ـ جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل.

(٣) الإمامة : هم طائفة تقول بإمامة على رضى الله عنه بعد رسول الله ص وبالنص الظاهر ، من غير تعويض بالوصف ، بل بالإشارة إليه بالعين.


الأولى :

القائلون بأن قاتل أمير المؤمنين ع جنيّ يقولون إن عبد الرحمن بن ملجم (١) لم يقتل عليا ، بل المقتول جنى

__________________

من الصحابة غير هم ، كعمرو بن العاص ، أو أسامة بن زيد ، ولكن في كل بعث خرج فيه على لم يكن إلا أميرا.

وأما التصريح : فمثل. أن النبي ص في فترة الإسلام الأولى ، حينما كان المسلمون قلة ، قال : من الّذي يبايعنى على روحه وهو وصى وولى هذا الأمر من بعدى. فلم يبايعه أحد. حتى مد على يده فبايعه على روحه.

وكذلك لما نزل قول الله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) ولما وصل ص إلى (غدير خم) واد بين مكة والمدينة. فنادوا بالصلاة جامعة ، ثم قال رسول الله : «من كنت مولاه فعلى مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار. ألا هل بلغت (ثلاثا).»

والإمامية تأخذ من مثل هذا نصا صريحا على إمامته ، بل ويتعدون هذا إلى الطعن في كبار صحابة رسول الله وتكفيرهم.

والإمامية كما يقولون بإمامة على ، يقولون باتفاق بإمامية الحسن والحسين وعلى بن الحسين ، وبعد هؤلاء ، يختلفون ، ويتفرقون ، إلى فرق شتى.

(١) عبد الرحمن بن ملجم هو قاتل على بن أبى طالب رضى الله عنه ، وقيل في سبب قتله لعلى ، أنه أراد أن يتزوج قطام بنت علقمة ، وقيل بنت شجنة ، من تيم الرباب ، وكان أبوها وأخوها قتلا في يوم النهروان ، وكانت ترى رأى الخوارج ، فقالت لا أقنع منك إلا بصداق أسميه لك. وهو ثلاثة آلاف درهم وعبد وأمة ، وأن تقتل عليا. فقال لها : لك ما سألت. فكيف لى به؟ قالت : تروم ذلك غيلة ، فإن سلمت أرحت الناس من شره ، وأقمت مع أهلك ، وأن أصبت صرت إلى


يرى فى صورة على. وصعد على إلى السماء وسينزل وسيجيء أبا بكر وعمر وينتقم منهما. ويزعمون أن الرعد صوت على رضى الله عنه والبرق سوطه. وهم إذا سمعوا صوت الرعد يقولون : عليك السلام يا أمير المؤمنين.

الثانية : الباقرية

وهم يقولون إن الإمامة لما بلغت إلى محمد بن على الباقر (١) حتمت عليه وهو لم يمت لسكنه غائب.

__________________

ـ الجنة ونعيم لا يزول» وفى ذلك يقول ابن أبى مياس المرادى :

ولم أر مهرا ساقه ذو سماحة

كمهر قطام من فصيح وأعجم

ثلاثة آلاف وعبد وقينة

وضرب على بالحسام المصمم

فلا مهر أغلى من على وإن غلا

ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم

وروى أن عليا كان يخطب مرة ويذكر أصحابه ، وابن ملجم تلقاه المنبر فسمع وهو يقول : والله لأريحنهم منك. فلما انصرف على إلى بيته أتى به ملببا ، فأشرف عليهم ، فقال : ما تريدون. فخبروه بما سمعوا. فقال : ما قتلنى بعد فخلوا عنه. وكان على فى ذلك يتمثل ببيت عمرو بن معد يكرب :

أريد حياته ويريد قتلى

عذيرك من خليلك من مراد

(١) محمد الباقر بن على بن الحسين ، من فقهاء المدينة ، وقيل له الباقر ، لأنه بقر العلم ، أى شقه ، وعرف أصوله ، وتوسع فيه ، فقد كان ذا علم غزير ، وخلق حسن ، وهو أحد الأئمة الاثنى عشر ، على اعتقاد الإمامية ، وتوفى فى عام ١١٤ هجرية.


الثالثة : الناموسية (١)

وهم يقولون إن جعفرا لم يمت. ولكنه غائب وهو الإمام (٢).

الرابعة : العمادية (٣)

وهم يقولون : إن الإمام بعد جعفر الصادق (٤) ولده موسى (٥).

__________________

(١) وفى «الملل والنحل» و «النّاووسيّة» نسبة إلى عجلان بن ناوس ، وقيل نسبة إلى قرية ناووسى.

(٢) يزعم الناووسية أن :

١ ـ نص الباقر صراحة أن جعفر الصادق هو الإمام.

٢ ـ جعفر حي لم يمت.

٣ ـ جعفر هو المهدى المنتظر.

٤ ـ كان جعفر عالما بجميع معالم الدين من العقليات والشرعيات.

(٣) تسمى هذه الفرقة فى «الملل والنحل» الموسوية ، وكذلك فى «التبصير» وفى «الفرق بين الفرق».

(٤) هو : أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين وهو علوى الأب ، بكرى الأم ، وهو سادس الأئمة الاثنى عشر عند الإمامية ، ولقب بالصادق ، لأنه لم يكذب قط. وتوفى رضى الله عنه سنة ثمان وأربعين ومائة ، وهو مدفون بالبقيع.

(٥) هو الإمام موسى الكاظم رضى الله عنه ، توفى ببغداد ، عام ثلاثة وسبعين ومائة ، ودفن ببغداد. وقد قال الموسوية بإمامته ، مستندين إلى نص لجعفر الصادق رضى الله عنه حيث قال : سابعكم قائمكم. ألا وهو سمى صاحب التوراة. لذلك جعلوه سابع الأئمة.


الخامسة : الشمطية (١)

وهم يقولون : إن الإمام بعد جعفر الصادق ولده محمد بن جعفر (٢).

السادسة : الإسماعيلية

وهم يقولون إن الإمام بعد جعفر الصادق إسماعيل بن جعفر ولكن لما مات إسماعيل فى حال حياة أخيه. عادت الإمامة إلى أخيه (٣).

السابعة : المباركية (٤)

وهم يقولون إن إسماعيل لما مات انتهت الإمامة إلى ولده محمد بن

__________________

(١) الشمطية ، نسبة إلى يحيى بن شميط ، وقيل يحيى بن أبى شميط ، قال المقريزى : إنه الأحمس رأس الشمطية. وقد كان قائدا من قواد المختار بن أبى عبيد.

(٢) يقول الشمطية : إن جعفر الصادق قال : إن صاحبكم اسمه نبيكم ، وقد قال والده : إن ولد لك ولد فسمه باسمى فهو إمام. فهو محمد بن جعفر ، ويعتقدون أن الإمامة تدور فى ولده ، والمنتظر هو واحد من أولاده.

(٣) يقول الإسماعيلية : إن الإمام جعفر نص على الإمام بعده ، هو ابنه إسماعيل بن جعفر ، واختلفوا فى موته فى حياة أبيه ، فقال بعضهم : إنه حي لم يمت وإنما غاب ، وإنه لا يجوز موته لأنه لا ولد له ، ولا يمكن أن تخلو الأرض من الإمام ، ويقول بعضهم : إنه لم يمت ، بل هو حي مستتر لا يظهر ، ولكنه سيظهر عند ما يعم الفساد فى الأرض فيملأها عدلا وإنصافا.

(٤) المباركية : نسبة إلى رئيسهم المسمى : المبارك. وهو كوفى ، كان مولى لإسماعيل ابن جعفر.


إسماعيل دون أخيه (١).

الثامنة : الممطورية

وهم قوم يقولون : إن موسى بن جعفر لم يمت بل هو غائب ، وإنما سموا بهذا لأنهم لما أظهروا هذه المقالة قال لهم قوم : والله ما أنتم إلا كلاب ممطورة يعنى أنهم كالكلاب المبتلة من غاية ركاكة هذه المقالة (٢).

__________________

(١) المباركية يقولون بإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر ، ومحمد بن إسماعيل هو الّذي يروى عنه أنه سأل عمه الإمام أبا الحسن موسى أن يأذن له فى الخروج إلى العراق ، وأن يوصيه. فأذن له ، وأوصاه ، وأعطاه ثلاث صرر فى كل منها مائة وخمسون دينارا ، وأعطاه ألفا وخمسمائة درهم. ولما وصل إلى العراق دخل على هارون الرشيد فقال له : يا أمير المؤمنين : خليفتان فى الأرض : موسى بن جعفر بالمدينة ، يجبى له الخراج ، وأنت بالعراق يجبى لك الخراج. فقال : والله فقال والله ؛ فأمر له الخليفة الرشيد بمائة ألف درهم ، ولما قبضها ، وذهب بها إلى منزله أخذته الريح فى الليل فمات. وقد ذكر كثير من أصحاب الأنساب أنه مات ولم يعقب.

(٢) قيل : إن سبب تسميتهم «الممطورية» :

إن على بن إسماعيل الميثمى ناظر يونس بن عبد الرحمن. فقال على بن إسماعيل لما اشتد الكلام بينهما : ما أنتم إلا كلاب ممطورة. يريد أنهم أنتن الجيف ؛ وذلك لأن الكلاب إذا أصابها المطر صارت أنتن الجيف.


التاسعة : القطعية

وهم يقطعون بدعوة موسى بن جعفر (١).

العاشرة : الموسوية

وهم الذين وقفوا على عليّ بن موسى الرضا (٢) لما مات. ولم ينقلوا الإمامة إلى ولده.

الحادية عشرة : العسكرية (٣)

وهم قوم يعترفون بإمامة الحسن العسكرى.

__________________

(١) زعمت القطعية : أن موسى مات فى سجن ابن شاهك ، وأن يحيى بن خالد البرمكي هو الّذي دس له السم فى الرطب والعنب وأرسلهما إليه فى سجنه ، فمات. وهم يقطعون بموت موسى ، وبأن الإمام من بعده هو : على بن موسى الرضا ، ولم يشكوا فى ذلك ولم يرتابوا ، لذلك سموا : قطعية.

(٢) على الرضا بن موسى الكاظم ، ولد فى سنة ١٥٣. وأمه تسمى الطاهرة ، وهى أم ولد ، وكان من أعلم علماء عصره ، وكان الخليفة المأمون يجله ويعظمه ، بعد أن تيقن من غزير علمه ، وجميل خلقه ، فكان يرسل إليه بالأسئلة فيجيبه عنها إجابات سديدة ، وقد زوجه المأمون ابنته ، وجعله ولى عهده ، وضرب اسمه على الدينار والدرهم. ولما توفى عام ٢٠٣ بمدينة طوس ، صلى عليه الخليفة المأمون ، ودفن فى قبر ملاصق لقبر الرشيد.

(٣) هى إحدى فرق الاثنى عشرية الذين يقولون : إن الإمام بعد موسى هو ابنه على الرضا ، ثم بعده محمد النقى ، وهو فى مقابر قريش ، ثم بعده على بن محمد النقى ، وبعده الحسن العسكرى.


والثانية عشرة : الجعفرية (١)

يقولون : إن الإمامة انتقلت فمن الحسن العسكرى إلى أخيه جعفر.

الثالثة عشرة : أصحاب الانتظار

وهم الذين يقولون : إن الإمام بعد الحسن العسكرى ولده محمد بن الحسن العسكرى وهو غائب وسيحضر (٢). وهو المذهب الّذي عليه إمامية زماننا هذا. فإنهم يقولون : اللهم صل على محمد المصطفى وعلى المرتضى ، وفاطمة الزهراء ، وخديجة الكبرى ، والحسن الزكى ، والحسين الزكى ، والحسين الشهيد بكربلاء ، وزين العابدين ، ومحمد بن على الباقر ، وجعفر بن محمد الصادق ، وموسى بن جعفر الكاظم ، وعلى بن موسى الرضا ، ومحمد بن على النقى ، وعلى بن محمد النقى ، والحسن بن على ، ومحمد بن الحسن العسكرى الإمام القائم المنتظر ؛ والإمامية يزعمون أن

__________________

(١) الّذي أنشأ هذا المذهب القائل بإمامة جعفر ، هو على بن الطاحى الخزار وقيل الطاجنية ، نسبة إلى بيع الطاجن ، وكان من متكلمى الكوفة ، وكان مشهورا.

(٢) تقول هذه الفرقة : إن الحسن كان له ابن اسمه محمد ، وقد ولد فى سنة ٢٥٥ ، وأمه تسمى نرجس أو ريحانة ، ويكنى أبا القاسم ، ويلقبونه بألقاب كثيرة منها : صاحب الزمان ، وصاحب الدار ، والغريم ، والقائم ، والمهدى ، ويقولون : إن محمدا مات ولم يعقب بولد قبل وفاة أبيه بسنتين ، واستتر خوفا من جعفر وغيره من الأعداء. وأن هذه إحدى غيبتيه والثانية وهى الكبرى ستكون من وفاة المسرى أخر السفراء ، ولا يعلم انتهاءها إلا الله عزوجل.


المعصومين منهم أربعة عشر ، وأن الأئمة اثنا عشر. وهم يكفرون الصحابة رضى الله عنهم ويقولون إن الخلق قد كفروا بعد النبي عليه‌السلام إلا عليا وفاطمة والحسن والحسين والزبير (١) وعمارا (٢) وسلمان (٣) وأبا ذر ومقدادا وبلالا وصهيبا. وهذا الّذي ذكرناه فى الإمامية قطرة من بحر ؛ لأن بعض الروافض قد صنف كتابا وذكر فيه ثلاثا وسبعين فرقة من الإمامية.

__________________

(١) الزبير بن العوام ، هو ابن صفية عمة رسول الله ص ، والزبير هو حوارى رسول الله ، وأول من سل سيفا فى سبيل الله. وشهد كل المشاهد مع رسول الله ، وشهد فتح مكة ، وكان من المبشرين بالجنة ، ومن السابقين إلى الإسلام ، وهو من الستة الذين عينهم عمر بن الخطاب للشورى ولاختيار خليفة بعد عمر. وفى موقعة الجمل ، انصرف راجعا ، بعد لقائه بعلى واقتناعه بأن عليا على الحق ، ولكنه تبعه ابن جرموز فقتله سنة ست وثلاثين.

(٢) عمار بن ياسر رضى الله عنهما ، من العشرة المبشرين بالجنة. أسلم هو وأبوه وأمه منذ صدر الإسلام ، وكانت أمه أول شهيدة فى الإسلام ، وأبوه مات من شدة التعذيب فى سبيل الله ، واستمر عمار فى التعذيب حتى هاجر .. وكان رسول الله ص ، يمر على عمار وآله وهم يعذبون فيقول : «صبرا آل ياسر فموعدكم الجنة» قيل قتل فى فتح القسطنطينية.

(٣) سلمان الفارسى رضى الله عنه ، كان من فارس. بحث فى الأديان. وترك دين الفرس وهو عبادة النار. واتجه إلى المسيحية. ودله أحد الرهبان على رسول الله ص ؛ فسافر إلى مكة ، ولكنه وجد الرسول قد هاجر إلى المدينة ، فذهب إليها. أسلم وحسن إسلامه. وقال فيه رسول الله : «سلمان منا آل البيت» وهو صاحب الرأى فى حفر الخندق حول المدينة فى غزوة الأحزاب.


وأما الغلاة (١) منهم فهم فرق كثيرة :

الفرقة الأولى : السبابية

أتباع عبد الله بن سبا (٢). وكان يزعم أن عليا هو الله تعالى (٣). وقد أحرق على رضى الله عنه منهم جماعة. وقال : إنى إذا رأيت أمرا منكرا

__________________

(١) الغلاة : هم الذين غالوا فى حق أئمتهم ، فحكموا على الأئمة بأنهم آلهة ، وأنكروا أنهم بشر ، فمنهم من شبه الإمام بالإله ، وبعضهم شبه الإله بالخلق ، والغلاة بجميع فرقهم تجمعهم القواعد التالية :

١ ـ التشبيه. ٢ ـ البداء. ٣ ـ الرجعة. ٤ ـ التناسخ.

ولهم أسماء كثيرة منها :

١ ـ الخرمية والكودية فى أصفهان.

٣ ـ الذقولية بآذربيجان.

٢ ـ المزدكية والسنبادية فى الرى.

٤ ـ المبيضة. فيما وراء النهر.

 (٢) عبد الله بن سبأ الّذي تنسب إليه السبئية ، كان يهوديا ، وأمه أمة سوداء وأظهر الإسلام ، وطاف ببلاد المسلمين ، وكان يقصد أن يفتنهم عن دينهم ، ويوقع بينهم ، بدأ بالحجاز ، ثم ذهب إلى البصرة ، وإلى الكوفة ، ورحل إلى دمشق أيام عثمان ، وأثار الفتنة ضد عثمان.

(٣) كان ابن سبأ يقول فى على : إنه نبى ، ثم غلا فيه حتى أوصله إلى إله ، وكان يقول لعلى : أنت. أنت. يعنى أنت الإله. وقد نفاه على رضى الله عنه إلى المدائن ، وظل منفيا بها إلى أن مات على ، فزعم ابن سبأ ، أن عليا لم يقتل وإنما المقتول شيطان على صورة على ، وأن عليا إنما صعد إلى السماء كصعود عيسى ، وقال إنه سينزل إلى الأرض وينتقم من أعدائه.

واجتمع جماعة على ابن سبأ وقالوا بمقالته وغالوا فيها ، فقالوا : بالتوقف والغيبة والرجعة ، وتناسخ الجزء الإلهي فى الأئمة بعد على ، وقالوا : إن عليا هو الّذي يجيء فى السحاب ، وأن الرعد هو صوته ، والبرق سوطه.


أججت نارا ـ ودعوت قنبرا.

الثانية : البنانية (١)

أصحاب بنان بن إسماعيل النهدى ، ويزعمون أن الله تعالى حل فى على رضى الله عنه وأولاده. وأن أعضاء الله تعالى تعدم كلها ما خلا وجهه لقوله تعالى : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٢).

الثالثة : الحطابية (٣)

وهم يزعمون أن الله تعالى حل فى على ثم فى الحسن ثم فى الحسين ثم فى زين العابدين ثم فى الباقر ثم فى الصادق ، وتوجه هؤلاء إلى مكة فى زمن جعفر الصادق وكانوا يعبدونه. فلما سمع الصادق بذلك

__________________

(١) ذكرت هذه الفرقة فى «التبصير» وفى «الفرق بين الفرق» باسم «البيانية» أتباع بيان بن سمعان التميمى.

(٢) زعمت هذه الطائفة : أن روح الإله تناسخت فى الأنبياء ، وفى الأئمة حتى وصلت إلى أبى هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية. وزعموا أن الإله الأزلى رجل كله من نور ، وأنه يفنى إلا وجهه لقوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ).

(٣) وفى الملل والنحل «الخطابية» بالخاء .. أتباع أبى الخطاب محمد بن زينب الأجدع الأسدى ، محمد بن مقلاس الزراد البزاز ، كنيته أبو الخطاب. وكان يقول بألوهية جعفر الصادق ، وتبرأ منه جعفر حينما علم بقوله هذا ، فادعى أنه رسول الله إلى العالمين ، ثم ادعى لنفسه أنه من الملائكة .. وقتل فى زمن خلافة أبى جعفر المنصور. قتله عيسى بن موسى صاحب المنصور.


فأبلغ ذلك أبا الخطاب وهو رئيسهم. فزعم أن الله تعالى قد انفصل عن جعفر ـ وحل فيه ـ وأنه هو أكمل من الله تعالى ثم إنه قتل (١).

الرابعة : المغيرية

أتباع مغيرة بن سعيد العجلى (٢). ادعى الإلهية ، ثم أحرقوا بالنفط والنار (٣).

الخامسة : المنصورية

__________________

(١) الحطابية يزعمون : أن الدنيا لا تفنى ، وأن الجنة هى ما يصيب الناس فى الدنيا من الخير. وأن النار هى ما يصيبهم من الشر. واستحلوا شرب الخمر ، والزنا وتركوا الفرائض.

(٢) كان المغيرة هذا يتنقص أبا بكر وعمر ، وفضل عليا على الأنبياء ، ثم ادعى النبوة ، وعمل بالسحر ، فأشعل بين الناس الفتن ، وأجابه خلق.

ولقد قال أبو جعفر المنصور : «برئ الله ورسوله من المغيرة بن سعيد وبيان ابن سمعان فإنهما كذبا علينا أهل البيت». وقد قتله خالد بن عبد الله القسرى حرقا بالنار فى عام ١١٩ ـ وقيل ١٢٠ هجرية.

(٣) ادعى المغيرة الإمامة بعد محمد بن عبد الله بن الحسن ، وادعى النبوة ومن معتقداته :

١ ـ الغلو فى حق على غلوا لا يعتقده عاقل.


أتباع أبى منصور العجلى (١) ، وكانوا على مقالة المغيرية ، وزادوا عليهم بأن أباحوا الزنا واللواطة ، ثم إنهم قتلوا (٢).

السادسة : الجناحية

أتباع عبد الله بن الجناحين (٣). كانوا يزعمون أن المعرفة إذا

__________________

(١) ادعى أبو المنصور العجلى أن الله عرج به إليه فأدناه وكلمه ، ومنح بيده على رأسه وقال بالسريانى : أى بنى. وذكر أنه نبى ورسول ، وأن الله قد اتخذه خليلا ، وقد نشأ أبو منصور فى البادية ، وكان أميا لا يقرأ ولا يكتب ، وكان يأمر أصحابه بخنق من خالفهم وقتلهم غيلة ، وزعم أن الله بعث محمدا بالتنزيل ، وبعثه هو بالتأويل ، وقد علم يوسف بن عمر الثقفى بمقالته هذه ، فأخذه وصلبه.

(٢) يزعم أبو منصور العجلى فوق ما تقدم فى ترجمته :

١ ـ أن عليا هو الكسف الساقط من السماء.

٢ ـ أن الرسل لا تنقطع أبدا والرسالة لا تنقطع.

٣ ـ الجنة ما هى إلا رجل أمرنا بموالاته.

٤ ـ أول ما خلق الله هو عيسى بن مريم ، ثم على بن أبى طالب.

(٣) هو عبد الله بن معاوية بن جعفر ذى الجناحين الطيار بن أبى طالب. كان قد خرج على الأمويين فى عهد مروان بن محمد آخر خلفاء بنى أمية ، وكان بالكوفة خروجه والتف حوله خلق كثير ، وجرت معارك بينه وبين أمير الكوفة ، ثم طلب عبد الله الأمان لنفسه ولمن معه ، ثم توجه إلى المدائن ، وتابعه أهلها ،


حصلت ، لم يبق شيء من الطاعات واجبة (١).

السابعة : المفوضية (٢)

وهم قوم يزعمون أن البارى تعالى خلق روح على وأرواح أولاده وفوض العالم إليهم فخلقوا هم الأرضين والسموات. قالوا ومن هنا قلنا فى الركوع : سبحان ربى العظيم. وفى السجود سبحان ربى الأعلى ، لأن الإله هو على وأولاده وأما الإله الأعظم فهو الّذي فوض إليهم العالم (٣).

__________________

وتوجه إلى بلاد العجم فغلب على همذان والرى وأصبهان. وكانت الدعوة إلى الدولة العباسية قد بدأ يظهر أمرها ، وتقوى شوكتها ، فسار أبو مسلم الخراساني داعية العباسيين إلى عبد الله بن معاوية بن جعفر ، وقاتله ، وقتله.

(١) يزعم أصحاب هذه الطائفة :

١ ـ أن عبد الله بن معاوية بن جعفر إله ، لأن روح الإله كانت فى آدم ثم فى شيث ثم فى الأنبياء ثم فى على وأولاده الثلاثة من بعده ، ثم إلى عبد الله بن معاوية.

٢ ـ أسقطوا وجوب العبادات. واستحلوا الخمر وأكل الميتة والزنا واللواط وقالوا عن المحرمات : إنها كنايات عن قوم يجب بغضهم كأبي بكر وعمر وطلحة والزبير وعائشة.

(٢) المفوضية ، وفى «الفرق بين الفرق» وفى «التبصير» المفوضة. وهم طائفة من الغرابية.

(٣) يقول أصحاب هذه الطائفة :

١ ـ إن الله خلق محمدا وفوض إليه تدبير العالم.

٢ ـ بعد محمد فوض الله على تدبير العالم.


الثامنة : الغرابية

ـ قالوا : على بمحمد أشبه من الغراب بالغراب ـ وقالوا : إن الله تعالى أرسل جبريل إلى على. فغلط جبريل وأدى الرسالة إلى محمد لتأكد المشابهة بين على ومحمد عليه‌السلام (١).

التاسعة :

وهم يزعمون أن جبريل عليه‌السلام أزاغ الرسالة عن على إلى محمد عمدا وقصدا ، لا غلطا وسهوا ، وهؤلاء يسيئون القول فى جبريل عليه‌السلام (٢).

عاشرة :

وهم يزعمون أن جبريل عليه‌السلام أزاغ الرسالة إلى على لكن

__________________

(١) زعم الغرابية أن الله عزوجل أرسل جبريل إلى على فغلط فى طريقه فذهب إلى محمد ، لأنه كان يشبه ، ويزعمون أيضا : أن عليا هو الرسول ، وأن أبناءه من بعده هم الرسل. ويقولون لأصحابهم : العنوا صاحب الريش. يعنون جبريل.

(٢) هذه الفرقة لا وجود لها مستقل فيما تحت أيدينا من مراجع ، ويبدو أنها فرقة من الغرابية .. إلا أن غلط جبريل هنا كان عمدا كما يزعمون ..


محمدا كان أكبر سنا من على فاستعان على به ، ثم إن محمدا استقل بالأمر ودعى الخلق إلى نفسه ، وهؤلاء يسيئون القول فى النبي عليه‌السلام (١).

الحادية عشرة : الكاملية

أتباع أبى كامل. وهم يزعمون أن الصحابة كلهم كفروا لما فوضوا الخلافة إلى أبى بكر. وكفر على أيضا حيث لم يحارب أبا بكر (٢).

الثانية عشرة : النصيرية (٣)

وهم يزعمون أن الله تعالى كان يحل فى على فى بعض الأوقات وفى اليوم الّذي قلع على باب خيبر كان الله تعالى قد حل فيه (٤).

__________________

(١) هذه الفرقة هى العلبائية ـ كما فى الملل والنحل ـ وهم أصحاب العلباء بن ذراع الدوسى ، وقيل : الأسدى ، وكان يزعم أن عليا أفضل. وأن محمدا بعث ليدعو إلى على فدعا إلى نفسه.

(٢) وأبو كامل قد كفر جميع الصحابة لأنهم تركوا بيعة على ؛ بل وطعن فى على أيضا لأنه ترك أن يطلب حقه ، وقال : إنه كان يجب عليه أن يخرج ولا عذر له فى القعود.

(٣) النصيرية. ويقال لها النميرية ، وصاحبها هو محمد بن نصير النميرى ، كان من أصحاب الحسن العسكرى ، وادعى النبوة ، ثم ادعى الربوبية.

(٤) يقوم مذهب النصيرية على ما يأتى :

١ ـ أن الله تعالى حل فى خمسة أشخاص هم : النبي وعلى وفاطمة والحسن


الثالثة عشرة : الاسجافية (١)

وهم على هذه المقالة. وهذه الطائفة باقية فى حلب وفى نواحى الشام إلى يومنا هذا (٢).

الرابعة عشرة : الأزلية

وهم يزعمون أن عليا قديم أزلى وكذلك عمر بن الخطاب أيضا قديم أزلى إلا أن عليا كان خيرا محضا وعمر كان شرا محضا وكان يؤذى عليا دائما ، وكأنهم اقتبسوا هذه المقالة من المجوس.

الخامسة عشرة : الكيالية

أتباع أحمد الكيال الملحد ، وقد كان ضالا مضلا ، وقد صنف كتبا

__________________

ـ والحسين.

٢ ـ أن هؤلاء الخمسة آلهة.

(١) وفى «الملل والنحل» الإسحاقية. وهم أتباع إسحاق بن زيد بن الحارث وهو من أصحاب عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب.

(٢) تزيد هذه الطائفة على النصيرية ما يأتى : منها

١ ـ إسقاط التكليف.

٢ ـ إن عليا شريك مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.


فى الضلالة والترهات (١).

الكيسانية (٢)

وهم الذين يقولون إن الإمامة كانت حقا لمحمد بن الحنفية ، وهؤلاء الطائفة يفترقون فرقا.

الأولى : الكربية

أتباع أبى كرب الضرير (٣) ، وهم يزعمون أن الإمام من بعد على هو محمد بن الحنفية وهو حي لم يمت ومأواه رضوى. وعن يمينه أسد ، وعن يساره نمر (٤).

__________________

(١) يقول الكيال ما يأتى :

١ ـ كل من قدر على الأنفس كان هو الإمام.

٢ ـ كل من قرر الكل فى ذاته كان هو القائم.

(٢) الكيسانية هم : أصحاب كيسان ، مولى أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه ، وقيل هو تلميذ للسيد محمد بن الحنفية رضى الله عنه وهم يعتقدون فيه اعتقادا كبيرا لكونه اقتبس من السيدين الكريمين ، ويجمع فرق الكيسانية القول : بأن الدين طاعة رجل ، ويفترقون إلى فرق شتى.

(٣) أبو كرب الضرير ، رئيس الكربية ، ومن غلاة الكيسانية.

(٤) يقولون : إن محمد بن الحنفية لم يمت ، بل هو حي ، وهو فى جبل رضوى وعنده عين من الماء ، وعين من العسل يتناوله منهما ، وعنده أسد ونمر يحفظانه من أعدائه ، وهو المهدى المنتظر فى زعمهم.


وكان السيد الحميرى الشاعر (١) وكثير الشاعر (٢) على هذا الرأى.

الثانية : المختارية

أتباع المختار بن أبى عبيد الثقفى (٣). وهو يقولون : إن الإمام بعد الحسين هو محمد بن الحنفية. ثم زعم المختار أنه نائب محمد ودعا

__________________

(١) هو إسماعيل بن محمد ، شاعر الشيعة ، وكان يقول بالرجعة ، وتوفى ببغداد عام ١٧٩.

(٢) كثير ، هو المشهور بكثير عزة ، كان كيسانيا ، وكان الأمويون يتقون لسانه وشعره ، توفى فى المدينة عام ١٠٥.

(٣) كان أبوه من جلة الصحابة رضوان الله عليهم ، والمختار ليس له صحبة ، بل هو صاحب ضلالة ، وكان يزعم أن جبرئيل ينزل عليه ، وقد كان ضمن من خرجوا على أولاد على رضى الله عنهم ، فى المدائن ، ثم انضم بعدها إلى عبد الله ابن الزبير ، فولاه الكوفة ، ثم تحول يطالب بدم الحسين بن على ، ودعا إلى الثأر وتجمع حوله الكثير من الشيعة ، وجهز جيشا لحرب عبيد الله بن زياد بقيادة إبراهيم بن الأشتر النخعى ، وقتل فى المعركة عبيد الله بن زياد وكثير من أشراف الشام وحملت رءوسهم إلى المختار ، فأرسلها إلى عبد الله بن الزبير بمكة ، وقد كان يرسل المال إلى ابن عمر ، وابن عباس وابن الحنفية ، رضى الله عنهم ، فيقبلونه منه ، وكان ابن عمر زوجا لصفية أخت المختار ، ولقد قيل لابن عمر : إن المختار يدعى أنه ينزل عليه الوحى. فقال صدق. لقد قال الله تعالى : (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ). وكانت ولادة المختار عام الهجرة واستمرت إمارته على الكوفة سنة ونصفا ، وسار إليه مصعب بن الزبير من البصرة فى جمع كثير من البصريين والكوفيين ، ونزل بحر وراء ، وكانت بينهم موقعة عظيمة ، قتل فيها المختار عام ٦٧.


الخلق إلى الضلالة.

وأراد محمد أن يقصد نحوه ويمنعه عن ذلك ، فلما علم المختار أنه يريد قصده صعد المنبر وقال : يا قوم قد ذكر أن إمامكم قد قصد نحوكم. ومن أمارات الإمام أن لا يؤثر فيه السيف ، فإذا أتى فجربوا هذا. فلما بلغ ذلك محمدا وأنه قد قصد بذلك قتله هرب.

الثالثة : الهاشمية

وهم يزعمون أن الإمام بعد محمد هو أبو هاشم عبد الله بن محمد (١). وهم يقولون إنه قد مات وأوصى بالخلافة إلى محمد بن على بن عبد الله بن العباس. ولما بلغ هؤلاء القوم إلى خراسان ، ودعوا الخلق إلى هذه المقالة كان أبو مسلم صاحب الدعوة حاضرا. فقبل تلك الدعوة. ولا جرم أنه لما استفحل أمره ، دعا الخلق إلى بنى العباس ، وانتزع من بنى أمية وجعلها فيهم.

الرابعة : الروندية

أتباع أبى هريرة الراوندي. وهم يزعمون أن الإمامة كانت أولا حقا

__________________

(١) أبو هاشم بن محمد بن الحنفية ، ويقول الهاشمية بانتقال الخلافة إليه بعد محمد بن الحنفية ، وقد مات أبو هاشم وهو منصرف من الشام بأرض الشراة ، إلى محمد بن عبد الله بن العباس ، وصارت الخلافة فى أولاده من بعده ، حتى صارت إلى أبى العباس.


للعباس (١).

وفرق الكيسانية كثيرة. وفى هذا القدر الّذي ذكرناه كفاية.

* * *

__________________

(١) يقول الروندية : إن أبناء العباس كانوا أحق بالإمامة ، لاتصال النسب ، وأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعمه العباس أولى بالوراثة ، ورووا أن ابن أبى رافع مولى رسول الله كان يكتب لعلى بن أبى طالب ، فأتى الحسن بن على ، فقال : أنا مولاك. فقال مولى لتمام بن العباس بن عبد المطلب :

جحدت بنى العباس حق أبيهم

فما كنت فى الدعوى كريم العواقب

متى كان أبناء البنات كوارث

يجوز ويدعى والدا فى المناسب


الباب الرابع

فى المشبهة

أعلم أن اليهود أكثر هم مشبهة. وكان بدو ظهور التشبيه فى الإسلام



من الروافض مثل بنان بن سمعان (١) الّذي كان يثبت لله تعالى الأعضاء والجوارح ، وهشام بن الحكم وهشام بن سالم الجواليقى ، ويونس بن عبد الرحمن القمى ، وأبو جعفر الأحول الّذي كان يدعى شيطان الطاق.

وهؤلاء رؤساء علماء الروافض ، ثم تهافت فى ذلك المحدثون ممن لم يكن لهم نصيب من علم المعقولات. ونحن نذكر فرقهم على الترتيب.

الأولى : الحكمية

وهم أصحاب هشام بن الحكم (٢). وكان يزعم أن الله تعالى جسم وغير مذهبه فى سنة واحدة عدة تغييرات. فزعم تارة أن الله تعالى

__________________

(١) هو : (بيان) بالياء كما فى «الملل والنحل» وفى «الفرق بين الفرق» و «التبصير». بيان بن سمعان النميمى ، النهدى ، اليمنى ، ظهر بالعراق ، وكان ظهوره أوائل القرن الثانى الهجرى ، وكان ادعاؤه الأول : أن جزءا من الإله قد حل فى على ، ثم من بعده فى محمد ابن الحنفية ، ثم فى ابنه أبى هاشم ، ثم فى بيان نفسه ، وبعد ذلك ادعى النبوة ، وظل على ذلك حتى قتله خالد القسرى وصلبه.

(٢) هشام بن الحكم ، من خواص موسى بن جعفر ، وله مباحث كثيرة مع المخالفين فى الأصول ، وله مؤلفات منها : «كتاب الإمامة» و «الرد على الزنادقة» و «الرد على أصحاب الاثنين» و «الحكمين» و «الرد على أرسطو». وكان يعيش فى الكوفة ثم انتقل إلى بغداد ، والتقى بجعفر بن محمد وابنه موسى ، وكان ممن أدمنوا الكلام فى الإمامة ، كان حاذقا بصناعة الكلام ، منقطعا إلى يحيى بن خالد البرمكي ، قيما بمجالس كلامه ونظره ، وتوفى بعد نكبة البرامكة بزمن قليل مستترا ، وقيل إنه أدرك خلافة المأمون.


كالسبيكة الصافية. وزعم مرة أخرى أنه كالشمع الّذي من أى جانب نظرت إليه كان ذلك الجانب وجهه.

واستقر رأيه عاقبة الأمر على أنه سبعة أشياء ، لأن هذا المقدار أقرب إلى الاعتدال من سائر المقادير (١).

الثانية : الجواليقية

أتباع هشام بن سالم الجواليقى الرافضى (٢). وهم يزعمون أنه تعالى. ليس بجسم لكن صورته صورة الآدمى ، وهو مركب من اليد والرجل والعين ، إلا أن أعضاءه ليست من لحم ولا دم.

الثالثة : اليونسية

__________________

(١) يقول هشام : «إن معبوده جسم له حد ونهاية ، وأنه طويل ، عريض ، عميق ، طوله مثل عرضه ، وعرضه مثل عمقه». وقال : «ليس ذهابه فى جهة الطول أزيد على ذهابه فى جهة العرض» وقال : إنه نور ساطع يتلألأ كالسبيكة الصافية وكاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها» وأنه : «ذو لون وطعم ورائحة ومجسة وأن لونه هو طعمه وطعمه هو رائحته ، ورائحته هى مجسته» وقال : «قد كان الله ولا مكان ثم خلق المكان بأن تحرك فحدث مكانه بحركته فصار فيه ، ومكانه هو العرش».

(٢) هشام بن سالم الجواليقى الجعفى العلاف ، كان مولى لبشر بن مروان ، يكنى : أبا محمد ، وأبا الحكم. وهو من سبى الجوزجان ، ومن شيوخ الرافضة.


أتباع يونس بن عبد الرحمن (١) القمى. وهم يزعمون أن النصف الأعلى من الله مجوف. وأن النصف الأدنى منه مصمت.

الرابعة : الشيطانية

أتباع شيطان الطاق (٢). وهم يزعمون أن البارى تعالى مستقر على العرش والملائكة يحملون العرش. وهم وإن كانوا ضعفاء بالنسبة إلى الله تعالى. لكن الضعيف قد يحمل القوى كرجل الديك التى تحمل مع دقتها جثة الديك.

الخامسة : الحوارية

__________________

(١) كان يونس فى الإمامية على مذهب القطيعة ، الذين قطعوا بموت موسى بن جعفر ، ولكن يونس أفرط فى التشبيه ، فقد زعم أن الله عزوجل يحمله حملة العرش وهو أقوى منهم ، كما أن الكركى وهو طائر قريب من الإوز أبتر الذنب رمادى اللون دقيق الرجلين ـ يحمله رجلاه ، وقد استدل على ذلك بقول الله تعالى : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ).

(٢) هو أبو جعفر محمد بن النعمان الأحول. وإضافته إلى سوق فى طاق المحامل بالكوفة كان يجلس فيها للصرف. وكان فى زمن جعفر الصادق ، وعاش بعده وساق الإمامة إلى ابنه موسى ، وقطع بموت موسى بن جعفر ، وانتظر بعض أسباطه. وشارك هشام بن سالم الجواليقى فى دعواه أن أفعال العباد أجسام ، وأن العبد يصح أن يفعل الجسم. وزعم أن الله تعالى إنما يعلم الأشياء إذا قدرها وأرادها ، ولا يكون قبل تقديره الأشياء عالما بها وإلا ما صح تكليف العباد.


أصحاب داود الحوارى. وهو يثبت الأعضاء والحركة والسكون والسعى لله تعالى. وكان يقول سلونى عن شرح سائر أعضائه تعالى ما عدا شرح فرجه ولحيته .. [تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا].

فصل

اعلم أن جماعة من المعتزلة ينسبون التشبيه إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه‌الله وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين. وهذا خطأ. فإنهم منزهون فى اعتقادهم عن التشبيه والتعطيل. لكنهم كانوا لا يتكلمون فى المتشابهات بل كانوا يقولون آمنا وصدقنا مع أنهم كانوا يجزمون بأن الله تعالى لا شبيه له وليس كمثله شيء. ومعلوم أن هذا الاعتقاد بعيد جدا عن التشبيه.


الباب الخامس

فى فرق الكرامية



وهم أتباع أبى عبد الله محمد بن كرام وكان من زهاد سجستان. واغتر جماعة بزهده ثم أخرج هو وأصحابه من سجستان فساروا حتى انتهوا إلى غرجة (١). فدعوا أهلها إلى اعتقادهم فقبلوا قولهم. وبقى ذلك المذهب فى تلك الناحية. وهم فرق كثيرة على هذا التفصيل.

الطرائقية. الإسحاقية. الحماقية. العابدية. اليونانية. السورمية. الهيصمية.

وأقربهم الهيصمية. وفى الجملة فهم كلهم يعتقدون أن الله تعالى جسم وجوهر ومحل للحوادث. ويثبتون له جهة ومكانا. إلا أن العابدية يزعمون أن البعد بينه وبين العرش متناه. والهيصمية يقولون إن ذلك البعد غير متناه. ولهم فى الفروع أقوال عجيبة. ومدار أمرهم على المخرقة والتزوير وإظهار التزهد. ولأبى عبد الله بن كرام تصانيف كثيرة إلا أن

__________________

(١) وقد اغتر بظاهر عبادته أهل شومين وأفشين ، وانخدعوا بنفاقه ، وبايعوه على خرافاته ، وخرج معه قوم إلى نيسابور فى أيام محمد بن طاهر بن عبد الله ، فاغتر بما كان يرى من زهده جماعة من أهل السواد فدعاهم إلى بدعه وأفشى فيهم ضلالاته ، واتبع بها قوم من أتباعه ، وتمردوا على نصرة جهالاته وما أحدثه من البدع فى الإسلام.


كلامه فى غاية الركة والسقوط (١).

__________________

(١) أما مبادئ ابن رام فهى : أنه نص على أن معبوده على العرش استقرار. وألف كتابا سماه «عذاب القبر» قال فيه إنه «أحدى الذات أحدى الجوهر ، وأنه مماس للعرش من الصفحة العليا». ولما رأى أتباعه شناعة قوله قالوا : لا. وتفرقوا على فرق. فقال بعضهم : إنه على بعض أجزاء العرش. وقال بعضهم : بل امتلأ به العرش. وصار المتأخرون منهم إلى أنه تعالى : بجهة فوق ومحاذ للعرش. ثم اختلفوا .. فقال العابدية : إن بينه وبين العرش بعدا ومسافة لو قدرت مشغولة بالجواهر لاتصلت به ، واختلفوا أيضا فى النهاية. فمنهم من أثبت له النهاية من ست جهات. ومنهم من أثبت النهاية من تحت. ومنهم من أنكر النهاية فقال : هو عظيم .. ولكنهم أيضا اختلفوا فى معنى العظمة. وقد سأل بعض الكرامية الإمام أبا إسحاق الأسفراييني عن أنه تعالى على العرش وأن العرش مكان له. وكان ذلك بمجلس محمود بن سبكتكين من ملوك الغزنوية. فقال الأسفراييني : لا يجوز. وأخرج يديه ووضع إحدى كفيه على الأخرى. وقال : كوونه الشيء على الشيء يكون هكذا ، ثم لا يخلو أن يكون مثله أو أكبر منه أو أصغر ، فلا بد من مخصص خصه ، وكل مخصوص يتناهى والمتناهى لا يكون إلا مخصصا ومنتهى ، وذلك علم الحدوث. فلم يمكنهم أن يجيبوه فأغروا به رعاياهم حتى دفعهم السلطان عنه بنفسه. فلما دخل عليه وزيره أبو العباس الأسفراييني قال له محمود : أين كنت؟ بلديك هذا قد حطم معبود الكراميين على رءوسهم.


الباب السادس

فى فرق الجبرية



الجبرية (١)

وهم يزعمون أن العبد ليس قادرا على فعله. والمعتزلة يسمون أصحاب هذا الرأى : الجبرية والمجبرة. وهذا خطأ ؛ لأنا لا نقول إن العبد ليس بقادر بل نقول إنه ليس خالقا.

الفرقة الأولى من الجبرية : الجهمية

أصحاب جهم بن صفوان وكان رجلا من ترمذ (٢). وكان من قوله :

__________________

(١) الجبرية : سموا بهذا الاسم نسبة إلى الجبر الّذي هو : نفى الفعل حقيقة من العبد وإضافته إلى الرب تعالى. ولكن الجبرية أصناف. فالجبرية الخالصة لا يثبتون الفعل ولا القدرة على الفعل للعبد أصلا. فهو كالريشة المعلقة فى الهواء. والجبرية المتوسطة يثبتون للعبد قدرة ولكنها غير مؤثرة أصلا. أما من يثبتون لهذه القدرة الحادثة أثرا فى العمل ، فليسوا من الجبرية.

(٢) جهم بن صفوان الراسبي. قال الذهبى عنه فى تذكرة الحفاظ : «الضال المبتدع ، رأس الجهيمة ، هلك فى زمان صغار التابعين ، وما علمته روى شيئا ، ولكنه زرع شرا عظيما». وقد ظهرت بدعته بترمذ ، وهى مدينة مشهورة على نهر جيحون ، وكان كاتبا للحارث بن سريج الّذي خرج فى خراسان فى آخر الدولة الأموية. وكان جهم تلميذا للجعد بن درهم ، الّذي كان أول من قال بخلق القرن. وقد قتله سلم بن أحوز المازنى بمدينة مرو فى عام ١٢٨ هجرية فى أواخر حكم بنى أمية.


إن العبد ليس قادرا البتة. وكان يقول : إن الله تعالى محدث. ولم يطلق على الله تعالى اسم الموجود والشيء (١).

الثانية : النجارية

أتباع حسين بن محمد النجار (٢). وهم يوافقون المعتزلة فى مسائل الصفات والقرآن والرؤية. ويوافقون الجبرية فى خلق الأعمال والاستطاعة. وهؤلاء فرق كثيرة :

__________________

(١) ومنها قوله ؛ لا يجوز وصف البارى تعالى بصفة يوصف بها خلقه لأن ذلك يقتضي تشبيها ، ولذلك نفى كونه حيا عالما. وأثبت لله علوما حادثة لا فى محل ، وأن حركات أهل الخلدين تنقطع ، والجنة والنار يفنيان بعد دخول أهليهما فيهما. وأهل السنة يكفرونه هو وأتباعه لقولهم بأن علم الله حادث وأنه لا يعلم ما يكون حتى يكون ، وأن كلامه حادث.

(٢) وكان حائكا فى طراز العباس بن محمد الهاشمى ، وهو من متكلمى الجبرية. وقيل إنه كان يصنع الموازين ، وكان صوته إذا تكلم يشبه صوت الخفاش وقيل إنه تناظر يوما مع النظام فأفحمه النظام ، وانتصر عليه ، فقام النجار كم مجلس المناظرة محموما ، ومات عقب ذلك.


البرعوسية (١). والزعفرانية (٢). والمستدركية (٣). والحفصية (٤).

الثالثة : الضرارية

__________________

(١) يبدو أن هذا تصحيف فى الاسم ، حيث وجدنا أن الاسم فى الملل والنحل ، وفى الفرق بين الفرق ، وفى التبصير : البرغوثية ، لأنهم ينسبون إلى محمد بن عيسى الملقب ببرغوث. وكان على مذهب الحسين النجار ، ولكنه خالفه فى قوله : إن المكتسب لا يكون فاعلا على الحقيقة. وكان يقول : إن الأفعال المتولدة فعل الله تعالى لا باختبار منه ، لكنه بإيجاب الطبع والخلقة.

(٢) وهم أتباع الزعفراني ، وكان بالرى. وكان الزعفرانى يعبر عن مذهبه بعبارات متناقضة ، فيتناقض آخر كلامه أوله. فقد كان يقول : كلام الله غيره فهو مخلوق. ثم يقول : الكلب خير ممن يقول إن كلام الله مخلوق ، ويبدو من كلامه أنه كان منحرفا ضعيف العقل.

(٣) المستدركية ، وهم من الزعفرانية ، وقد تسموا بهذا الاسم لأنهم يزعمون أنهم استدركوا على أسلافهم ما خفى عليهم. وقد اختلفوا وانقسموا إلى فرقتين الأولى : قالوا إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : إن كلام الله مخلوق. وقالوا : قاله على هذا الترتيب بهذه الحروف. ويزعمون أن من لم يقل إن النبي (ص) قال هذا فهو كافر. الثانية : قالوا : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يقل إن كلام الله مخلوق ولكنه يعتقد أن كلام الله مخلوق ، وتكلم بكلمات تدل على أن القرآن مخلوق.

(٤) يبدو أن هذه الفرقة هم جماعة من المستدركية كانوا بالرى ، ويزعمون أن أقوال مخالفيهم كلها كذب ، حتى لو قال أحدهم عن الشمس : إنها شمس فهو كاذب.


أتباع ضرار بن عمر الكوفى (١). وكان فى بدو أمره تلميذا لواصل ابن عطاء ثم خالفه فى خلق الأعمال وإنكار عذاب القبر ثم زعم إن الإمامة بغير القرشي أولى منها بالقرشى.

الرابعة : البكرية

أتباع بكر ابن أخت عبد الواحد (٢). وهم يزعمون أن الأطفال والبهائم لا يحسون بالألم. وهذا الكلام على خلاف ما عرف بضرورة العقل.

__________________

(١) ولضرار حوالى ثلاثين مؤلفا ، وهو غطفانى ، وقد ظهر فى أيام واصل ابن عطاء ، وهو موافق لأهل السنة فى قوله بخلق الأفعال ، وفى نفى الولد ، ولكنه فى قوله إن الاستطاعة قبل الفعل وافق القدرية : وزاد على القدرية : أنه يجب أن يكون مع الفعل ، وأن الاستطاعة بعض من المطيع .. وكان يقول : إن الجسم أعراض مختلفة ، موافقا النجارية ، وزاد عليهم بأن الله يرى بحاسة سادسة خلاف الحواس الخمس ، وكان ينكر ويضلل قراءة الإمامين عبد الله بن مسعود وأبى بن كعب ، ويقول : أشهد أن الله تعالى ما أنزل ذلك على الخلق ، وشك فى عامة المسلمين هل هم كفار أم مسلمون؟!

(٢) وهو من أصحاب الحسن البصرى ، زاهد صوفى ، لكنه متروك الحديث قيل عنه إنه يضع الحديث عن ابن المبارك ، وابن أخته بكر قيل عنه إنه من أضل خلق الله ، وكان يعيش فى أيام النظام ، وكان يوافق النظام فى قوله : إن الإنسان هو الروح دون الجسد ، وقال : إن الله يرى يوم القيامة فى صورة يخلقها ويتكلم مع عباده من هذه الصورة.


الباب السابع

فى المرجئة



فى المرجئية (١)

الأولى : اليونسية

أتباع يونس بن عون (٢). وهم يقولون : إن الإيمان لا يقبل الزيادة والنقصان.

الثانية : الغسانية

أتباع غسان الحرمى (٣) ، وهم يقولون : إن الإيمان غير قابل للزيادة

__________________

(١) سموا المرجئة ، لأنهم كانوا يقولون بتأخير العمل عن النية. والتأخير هو الإرجاء ، وقيل لأنهم كانوا يعطون الرجاء بقولهم لا يضر مع الإيمان معصية ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة.

(٢) وهؤلاء هم غير اليونسية من الإمامية أتباع يونس بن عبد الرحمن القمي كما بينا فى موضعه.

وأتباع يونس بن عون النميرى يزعمون أن الإيمان هو المعرفة بالله والخضوع له وترك الاستكبار عليه والمحبة بالقلب ، ويقولن : إن إبليس كان عارفا بالله وحده ، غير أنه كفر باستكباره عليه.

(٣) وغسان هذا غير غسان بن إبان المحدث ، كما وهم بعضهم ، وذلك لأن غسان بن إبان يمانى ، أما هذا فكوفى ، وكان غسان الكوفى يحكى عن الإمام أبى حنيفة مذهبه ، ويعده من المرجئة وهذا ، لأن أبا حنيفة قال : إن الإيمان هو المعرفة والإقرار بالله تعالى وبرسله وبما جاء من الله تعالى ورسله فى الجملة دون التفصيل ، وأنه لا يزيد ولا ينقص ولا يتفاضل الناس فيه ، بينما غسان يقول : إن الإيمان يزيد ولا ينقص.


والنقصان وكل قسم من الإيمان فهو إيمان.

الثالثة : اليومية (١)

وهم يزعمون أنه لا يضر مع الإيمان معصية ما وأن الله تعالى لا يعذب الفاسقين من هذه الأمة.

الرابعة : الثوبانية

أتباع ثوبان (٢) : وهم يزعمون أن العصاة من المسلمين يلحقهم على الصراط شيء من حرارة جهنم لكنهم لا يدخلون جهنم أصلا.

الخامسة : الخالدية

أتباع خالد. وهم يقولون : إن الله تعالى يدخل العصاة نار جهنم لكنه لا يتركهم فيها بل يخرجهم ويدخلهم الجنة.

__________________

(١) الصحيح أنهم يسمون «التومنية» ، أصحاب أبى معاذ التومني وتومن قرية من قرى مصر ، وكان أبو معاذ فقيها واسع العلم ، ولكنه زلت قدمه حتى صار من المرجئة ، وقد زاد عن فرق المرجئة بقوله بالواجبات العقلية حيث كان يقول : الإيمان إقرار ومعرفة بالله وبرسله وبكل شيء يقدر وجوده فى العقل.

(٢) أتباع أبى ثوبان المرجئ ، وهؤلاء فارقوا اليونسية والغسانية فى أنهم أوجبوا شيئا فى العقل قبل ورود الشرع بوجوبه ، ويقولون بالقدر خيره وشره من العبد. وعن الإمامة أنها تصلح فى غير قريش وأن كل من كان قائما بالكتاب والسنة فهو مستحق لها.


وأما مذهب أهل السنة والجماعة فى هذا الباب فهو أنا نقطع [بأن الله تعالى سيعفو عن بعض الفساق لكنا لا نقطع على شخص معين من الفساق بأن الله لا بد وأن يعفو عنه ، ونعلم أنه لا يعاقب أحدا من الفساق دائما.



الباب الثامن

فى أحوال الصوفية



أعلم أن أكثر من قص فرق الأمة لم يذكر الصوفية وذلك خطأ ، لأن حاصل قول الصوفية أن الطريق إلى معرفة الله تعالى هو التصفية والتجرد من العلائق البدنية. وهذا طريق حسن وهم فرق :

الأولى : أصحاب العادات

وهم قوم منتهى أمرهم وغايته تزيين الظاهر كلبس الخرقة وتسوية السجادة.

الثانية : أصحاب العبادات

وهم قوم يشتغلون بالزهد والعبادة مع ترك سائر الأشغال.

الثالثة : أصحاب الحقيقة

وهم قوم إذا فرغوا من أداء الفرائض لم يشتغلوا بنوافل العبادات بل بالفكر وتجريد النفس عن العلائق الجسمانية. وهم يجتهدون أن لا يخلو سرهم وبالهم عن ذكر الله تعالى. وهؤلاء خير فرق الآدميين.

الرابعة : النورية

وهم طائفة يقولون : إن الحجاب حجابان نورى ونارى. أما النورى فالاشتغال باكتساب الصفات المحمودة كالتوكل والشوق والتسليم والمراقبة والأنس والوحدة والحالة.


أما النارى فالاشتغال بالشهوة والغضب والحرب والأمل ؛ لأن هذه الصفات صفات نارية ، كما أن إبليس لما كان ناريا ، فلا جرم وقع فى الحسد.

الخامسة : الحلولية

وهم طائفة من هؤلاء القوم الذين ذكرناهم يرون فى أنفسهم أحوالا عجيبة وليس لهم من العلوم العقلية نصيب وافر. فيتوهمون أنه قد حصل لهم الحلول أو الاتحاد ، فيدعون دعاوى عظيمة (١). وأول من أظهر هذه

__________________

(١) ذكر أكثر المتكلمين أن من الحلولية : الحسين بن منصور الحلاج ، وهو من أرض فارس من بلدة يقال لها بيضاء .. أما الفقهاء فقد اختلفوا فى حال الحلاج. وكان في أول أمره يتكلم على لسان الصوفية ، ويتعاطى العبارات التى تسميها الصوفية الشطح ، وهو أن يتكلم بكلام يحتمل معنيين ، أحدهما مذموم والآخر محمود ، ويقال إن جماعة من خواص المقتدر خدعوا به ، فخاف المقتدر فتنته ، فعرض حاله على الفقهاء ، واستفتى فيه الفقهاء ، فأفتى القاضى أبو عمر بقتله ، فضربه ألف سوط ، وقطعت يداه ورجلاه ، وصلب يوم الثلاثاء لثلاث بقين من ذى القعدة سنة تسع وثلاثمائة : ثم أمر فأنزل من خشبته وأحرق وطرح رماده فى دجلة. وقالوا عنه إنه قال : «من هذب نفسه فى الطاعة ، وصبر على الشهوات واللذات ، ارتقى إلى مقام المقربين ، ثم لا يزال يصفو ويرتقى فى درجات المصافاة حتى يصفو عن البشرية ؛ فإذا لم يبق فيه من البشرية حظ ، حل فيه روح الإله الّذي حل فى عيسى ابن مريم ، ولم يرد شيئا إلا كان كما أراد ، وكان جميع فعله فعل الله تعالى.


المقالة فى الإسلام الروافض ، فإنهم ادعوا الحلول فى حق أئمتهم.

السادسة : المباحية

وهم قوم يحفظون طامات لا أصل لها ، وتلبيسات فى الحقيقة وهم يدعون محبة الله تعالى ، وليس لهم نصيب من شيء من الحقائق بل يخالفون الشريعة. ويقولون إن الحبيب رفع عنه التكليف ، وهو الأشر من الطوائف ، وهم على الحقيقة على دين مزدك ، كما سنذكر بعد هذا.

ذكر بعض فرق الإسلامية

سؤال : فإن قيل إن هذه الطوائف التى عددتهم أكثر من ثلاث وسبعين ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يخبر بأكثر فكيف ينبغى أن يعتقد فى ذلك.

والجواب عن هذا : أنه يجوز أن يكون مراده عليه الصلاة والسلام من ذكر الفرق : الكبار. وما عددنا من الفرق ليست من الفرق العظيمة. وأيضا فإنه أخبر أنهم يكونون على ثلاث وسبعين فرقة لم يجز أن يكونوا أقل منها. وأما إن كانت أكثر فلا يضر ذلك. كيف ولم نذكر فى هذا المختصر كثيرا من الفرق المشهورة. ولو ذكرناها كلها مستقصاة لجاز أن يكون أضعاف ما ذكرنا. بل ربما وجد فى فرقة واحدة من فرق الروافض ـ وهم الإمامية ـ ثلاث وسبعون فرقة.

ولما أشرنا إلى بعض الفرق الإسلامية فانشر إلى بعض الفرق الخارجية عن الإسلام.



الباب التاسع

فى الذين يتظاهرون بالإسلام.

وإن لم يكونوا مسلمين



وفرق هؤلاء كثيرة جدا. إلا أننا نذكر الأشهر منهم :

فالفرقة الأولى : الباطنية

أعلم أن الفساد اللازم من هؤلاء على الدين الحنيفي أكثر من الفساد اللازم عليه من جميع الكفار. وهم عدة فرق. ومقصودهم على الإطلاق إبطال الشريعة بأسرها ونفى الصانع. ولا يؤمنون بشيء من الملل. ولا يعترفون بالقيامة إلا أنهم لا يتظاهرون بهذه الأشياء إلا بالآخرة (١). ونحن نشير إلى ابتداء أمرهم فنقول :

نقل أنه كان رجل أهوازى يقال له عبد الله بن ميمون القداح. وكان من الزنادقة. فذهب إلى جعفر الصادق وكان فى أكثر الأوقات فى خدمة ولده إسماعيل. فلما مات إسماعيل لزم خدمة ولده محمد بن إسماعيل ـ ثم أنه سافر مع محمد بن إسماعيل إلى مصر فمات محمد بن إسماعيل ـ ولم يكن له ولد إلا أن جاريته كانت حملته منه. وكانت لعبد الله بن ميمون أيضا جارية قد حملت منه فقتل عبد الله جارية محمد بن

__________________

(١) ضرر الباطنية على الفرق الإسلامية ، أخطر وأشد من ضرر جميع الفرق الخارجة عن الإسلام بل أشد من ضرر الدجال ، الّذي يقال إنه يظهر فى آخر الزمان ؛ وذلك لأن من ضلوا عن الدين باتباعهم دعوة الباطنية من أول ظهورها إلى يومنا هذا ، أكثر ممن يضلون بفتنة الدجال ، حيث إن فتنة الدجال لا تزيد عن أربعين ـ كما قيل ، بينما فضائح الباطنية ، وضلالاتهم أكثر عددا من الرمال والحصى.


إسماعيل. فلما ولدت الجارية قال الناس إنه قد ولد لمحمد بن إسماعيل ابن ولما كبر الابن ، علمه الزندقة وقال للناس إن الإمامة صارت من محمد إلى ابنه هذا. وقد وجب ـ عليكم طاعته ـ وساعده على ذلك بقية من أولاد ملوك العجم من المجوس لما كان فى قلوبهم من عداوة الدين للمسلمين وأضلوا بذلك خلقا كثيرا. واستولى من ذلك القبيل جماعة من المغرب ومصر وإسكندرية. وانتشرت دعاويهم فى البلاد وأول من تملك منهم بمصر المهدى ثم القائم ، ثم لما كان فى زمن المنتصر سار إليه الحسن بن صباح وأخذ منه إجازة الدعوة ورجع إلى بلاد العجم وأضل خلقا كثيرا. وإن كانت شجرة ملوك مصر قد انقطعت فى زماننا إلا أن فتنة الحسن بن صباح قائمة بعد. ولنشرع فى ذكر بعض فرقهم (١) :

__________________

(١) مؤسس مذهب الباطنية ودعوتهم هو ميمون بن ديصان. المعروف بالقداح. وكان مولى لجعفر بن محمد الصادق ، ومنهم أيضا محمد بن الحسين الملقب بدندان ، وحدث أن اجتمع مع ميمون القداح بسجن والي العراق ومعهما جماعة أيضا. فاجتمعوا وأسسوا وهم بالسجن مذهب الباطنية ، ولما خلصوا من السجن أظهروا دعوتهم على يد دندان ، الّذي ابتدأ يدعو إليها فى «توز» .. وتبعه جماعة من أكراد الجبل ، وأهل الجبل المسمى «البدين». أما ميمون القداح فقد رحل إلى ناحية المغرب ، وهناك انتسب إلى عقيل بن أبى طالب ، وادعى أنه من نسله ، ودخل فى دعوته قوم من غلاة الرافضة والحلوية ، ثم ادعى أنه من ولد محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق. وقد قبل بعض الناس منه ذلك ، وهم يجهلون أن محمد بن إسماعيل بن جعفر قد مات ولم يعقب ، كما هو ثابت عند علماء الأنساب.

وقد سموا الباطنية ، لما يقوله أصحاب التواريخ ، من أن هؤلاء المؤسسين كانوا من أولاد المجوس ، وكانوا يميلون إلى دين أسلافهم.


الأولى : الصباحية

وهم أتباع الحسن بن صباح (١). واعتمادهم فى سائرهم المسائل على هذه النكتة وهى أن العقل إن كان كافيا فليس لأحد أن يعترض الآخر. وإن لم يكن كافيا فلا بد من إمام.

والجواب أن نقول : إن كان العقل غير محتاج إليه. فكيف يميز المحق من المبطل بينهم. وإن كان محتاجا إليه فلا حاجة إلى الإمام. ثم نقول : هب أن الإمام محتاج إليه فأين ذلك الإمام. ومن هو. لأن الّذي ينصون عليه بالإمامة فى غاية الجهل لأن بعض أمراء مصر الذين كانوا دعاة الباطنية كان أكثرهم جهالا فساقا.

الثانية : الناصرية

وهم أتباع ناصر بن خسرو ، وقد كان شاعرا وضل بسببه خلق كثير.

الثالثة : القرامطية

أتباع حمدان القرمطى. وكان رجلا متواريا صار إليه أحد دعاة

__________________

(١) الحسن بن صباح ، ترأس الباطنية بأصبهان فى أواخر القرن الخامس ، وبنى لهم القلاع الحصينة ، واستفحل أمرهم ، وقويت شوكتهم ، حتى انتهى بهم الأمر إلى سرقة الملوك والأمراء ، بل وقتلهم ورميهم فى الآبار. حتى بات الناس فى خطر داهم يتهددهم ، بل كان الرجل إذا خرج من بيته ، وطالت غيبته ، ظن أهله أنه اغتيل فى الطريق.


الباطنية ودعوه إلى معتقدهم فقبل الدعوة. ثم صار يدعو الناس إليها وضل بسببه خلق كثير ، واجتمع منهم قوم وقطعوا الطريق على الحج وقتلوهم وأرادوا أن يخربوا مكة. فدفع الله تعالى شرهم. وقتلوا عاقبة الأمر (١).

الرابعة : البابكية

__________________

(١) قيل فى سبب تسميتهم القرامطة ، أن حمدان كان رجلا أحمر العينين من سواد الكوفة ، وكان يسمى كرميتة ، فاستثقل الناس هذه اللفظة فخففوها وقالوا قرمط. وكان ظهور القرامطة فى عام ٨١ هجرية فى خلافة المعتضد. وقيل كان ظهورهم فى عام ٢٧٨ ه‍. وكان الحسين الأهوازي قد سار إلى العراق ولقى حمدان القرمطى ودعاه إلى الباطنية ، فاستجاب له ، وعمل على نشر الدعوة ، ثم خرج منهم بالشام حفيد لميمون بن ديصان يقال له أبو القاسم بن مهرويه ، وقال لمن تبعه : هذا وقت ملكنا ، وقد سير إليهم المعتضد قائده سبكا ، ولكنهم قتلوه فى الحرب ، ودخلوا مدينة الرصافة ، وأحرقوا مسجدها ، ثم قصدوا بعد ذلك إلى دمشق ، فاستقبلهم الحمامى غلام ابن طولون ، وهزمهم إلى الرقة ، فخرج إليهم محمد بن سليمان كاتب المكتفى فى جند من أجناد المكتفى وكان أمير الجيش الأمير أبو الأغر فلما قاربوا حلب كبستهم القرامطة ليلا ووضع فيهم السيوف ، فهرب أبو الأغر في ألف نفس ، ودخل القرامطة حلب وقتلوا تسعة آلاف. وجهز المكتفى الجيوش إلى أبى الأعز ، وجعلت العساكر الطولونية مع بدر الحمامى ، ودارت موقعة بينهم وبين القرامطة وانهزم القرامطة. ثم ظهر سليمان بن الحسن ، وفى سنة اثنتى عشرة وثلاثمائة وقع الحجيج فى نهب لعشر بقين من المحرم ، وقتل أكثر الحجيج ، وسبى الحرم والذرارى ، ثم دخل مكة فى سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، وقتل من وجده.


أتباع بابك. وهو رجل من أذربيجان. اشتدت شركته على طول الدهر. وأظهر الإلحاد واجتمع عليه خلق كثير. وكان فى زمن المعتصم وأسروه بعد محاربات عظيمة واندفع شره.

الخامسة : المقنعية

أتباع مقنع وكان من أصحاب أبى مسلم صاحب الدعوة : وادعى بعده النبوة وعظم أمره واجتمع عليه خلق كثير ثم ادعى الألوهية وقتل عاقبة الأمر.

السادسة : السبعية

وهم يقولون : إن الدور التام سبعة بدليل أن السموات والأرضين سبع وأيام الأسبوع سبع والأعضاء سبع. ثم قالوا والدور التام للأنبياء أيضا سبعة. فالأول آدم عليه‌السلام ووصيه شيث ـ والثانى نوح ووصيه سام ـ والثالث إبراهيم عليه‌السلام ووصيه إسماعيل وإسحاق ـ والرابع موسى عليه‌السلام ووصيه هارون ـ والخامس عيسى عليه‌السلام ووصيه شمعون ـ والسادس محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ووصيه على رضى الله عنه والإمام الأول على (١) والثانى الحسن والثالث الحسين

__________________

(١) فهم يقولون : إن أدوار الإمامة سبعة ، وأن السابع هو آخر الدور ، وهو نبى نسخ بشريعته شريعة محمد ص ، والدور انقضى بإسماعيل بن جعفر ، وابتدأ محمد ابن إسماعيل الدور الثانى. وذهبوا إلى أن الدور تم بسبعة بعد الناطق وهو الرسول ص فابتدءوه بالأساس ، وعلى وصيه ، ثم من القائمين بعد الأساس ، فمتى انقضى هذا الدور تلاه دور آخر فيه ناطق ناسخ لشريعة من قبله وأساس وبعده أئمة ، ثم كذلك إلى ما لا انقضاء له ولا نهاية.


والرابع زين العابدين والخامس محمد الباقر والسادس جعفر الصادق والسابع إسماعيل بن جعفر ، والمقصود من البعثة والرسالة هو أن يلحق الجثمانيون من نوع الأنس بالروحانيين. فلما انتهت النبوة من الابن إلى محمد بن إسماعيل ارتفع التكليف الظاهر من الناس. فبهذا الطريق يخرجون الخلق من الشريعة. وعلى الحقيقة إن جميع ما يذكرون من هذا الجنس فإنما يذكرونه من طريق التلبيس. وذلك بأنهم لا يؤمنون بالله ولا برسوله ولا بالإمام ولكنهم يضلون الخلق بهذا الطريق (١).

__________________

(١) والدليل على ذلك ما ذكره أبو المظفر الأسفرايينى فى كتاب «التبصير فى الدين» من أن رجلا منهم (من الباطنية) اسمه عبد الله بن الحسين القيروانى كتب رسالة إلى سليمان بن الحسن القرمطى كتب له فيها : «أوصيك بتشكيك الناس فى التوراة والإنجيل والقرآن ، فإن أعظم عون لك القول بقدم العالم ، وأوصيت إليك بأن تعرف مخاريق الأنبياء والأمور التى ناقضوا فيها ، كما قال عيسى لليهود : أنا لا أرفع شيئا من شريعتكم ، ولا أنسخ ثم رفع السبت ووضع بدله الأحد ، وغير قبله موسى ، فلما عثر اليهود منه على هذه المناقضة قتلوه ، وينبغى ألا تكون كصاحب هذه الأمة لما سألوه عن الروح لم يدر ما يقول فقال : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) وهم قبلوا منه ذلك ، وينبغى ألا تكون كموسى ، ادعى ما ادعاه ولم يكن له برهان سوى المخرقة وحيل الشعبذة ، وذلكم المحق فى زمان قال : (فَحَشَرَ فَنادى فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى).


الباب العاشر

فى شرح الفرق الذين هم خارجون على

الإسلام بالحقيقة وبالاسم

وهذا الباب مرتب على ستة فصول :



الفصل الأول

فى شرح فرق اليهود (١)

وهم متفقون على أن النسخ غير جائز. وكلهم يؤمنون بموسى عليه‌السلام وهارون ويوشع وأكثرهم يؤمنون بالأنبياء الذين جاءوا بتقرير شرع موسى عليه‌السلام. وبعضهم ينكر ذلك. والأغلب عليهم التشبيه وهم فرق كثيرة. إلا أنا نذكر الأشهرين منهم.

الأولى : العنانية

__________________

(١) اليهود ، من هاد الرجل أى رجع وتاب ، وإنما لزمهم هذا الاسم لقول موسى عليه‌السلام : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) أى رجعنا .. واليهود هم أمة موسى عليه‌السلام والكتاب الّذي نزل إليهم هو التوراة ، الّذي هو أول كتاب ينزل من السماء ، وإن كان قد سبقه ما نزل على إبراهيم وغيره من الأنبياء إلا أن ما نزل قبل التوراة كان يسمى صحفا. وقيل إنهم سموا يهودا لأنهم ينسبون إلى يهوذا أكبر أبناء يعقوب عليه‌السلام ، وعربت الذال دالا ، وقيل سموا يهودا لأنهم مالوا عن الإسلام وعن دين موسى. وقيل بل لأنهم يتهودون أى يتحركون عند قراءة التوراة ويقولون : إن السموات والأرض تحركت حين أتى الله موسى التوراة.


أتباع عنان بن داود (١). ولا يذكرون عيسى بسوء ، بل يقولون إنه كان من أولياء الله تعالى ، وإن لم يكن نبيا. وكان قد جاء لتقرير شرع موسى عليه‌السلام والإنجيل كتاب جمعه بعض تلاميذه.

__________________

(١) قال المقريزى : إن العانانية ينسبون إلى عانان رأس الجالون الّذي قدم من الشرق فى أيام الخليفة أبى جعفر المنصور ، ومعه نسخ «المشتا» المكتوب من الخط الّذي كتب من خط النبي موسى. وأنه رأى ما عليه اليهود من الربانيين والقرائين يخالف ما معه فتجرد لخلافهم ، وطعن عليهم فى دينهم وازدرى بهم. وكان عانان عند اليهود عظيما ، فهم يرون أنه من ولد داود عليه‌السلام ، وأنه على طريقة فاضلة من النسك على ملتهم ، وأنه لو ظهر فى أيام عمارة البيت لكان نبيا.

ولذلك لم يقدروا على مناظرته ، لما يعرفون عنه من العلم ، وأيضا لأنهم يخافون الخليفة الّذي قربه إليه وأكرمه. والعنانية يقوم مذهبهم على أن عيسى من أولياء الله وليس بنبي ، وأنه قد جاء لتقرير التوراة ، وأن الإنجيل ليس بكتاب له وإنما هو كتاب جمعه بعض تلاميذه.

ويخالفون سائر فرق اليهود فى السبت والأعياد ، ويقتصرون على أكل الطير والأسماك والظباء. ويذبحون الحيوان على قفاه. ويقولون : إن اليهود ظلموا عيسى أولا حين كذبوه ، ولم يعرفوا دعواه بعد. وظلموا ثانيا بقتله وهم لم يعلموا محله. وقد ورد ذكر «المشيحا» فى مواضع كثيرة من التوراة ، وهو المسيح.


الثانية : العيسوية

أتباع أبى عيسى بن يعقوب الأصفهانى (١). وهم يثبتون نبوة محمد عليه‌السلام ويقولون هو رسول الله إلى العرب لا إلى العجم ولا إلى بنى إسرائيل.

الثالثة : المعادية

أتباع رجل من همدان (٢). وهم فى اليهود كالباطنية فى المسلمين.

الرابعة : السامرية

وهم لا يؤمنون بنبي غير موسى وهارون. وبكتاب غير التوراة. وما

__________________

(١) العيسوية ، ويقال لهم أيضا : الأصبهانية. وهم أصحاب أبى عيسى الأصبهانى. وقد ادعى النبوة وأنه عرج به إلى السماء ، فمسح الرب على رأسه ، ويزعم يهود أصبهان أنه هو الدجال ، وأنه يخرج من ناحيتهم. وقيل إن قاسم أبى عيسى ، عوفيد الوهيم أى عابد الله. وقد ابتدأ دعوته فى زمن آخر ملوك بنى أمية مروان بن محمد بن مروان.

(٢) قيل اسمه : يوذعان. وقيل يهوذا ، وكان يحث على الزهد ، والإكثار من الصلاة ، وينهى أتباعه عن أكل اللحوم ، وشرب الأنبذة. وكان يقول إن للتوراة ظاهرا وباطنا ، وتنزيلا وتأويلا ، وقد خالف عامة اليهود فى التأويل وفى التشبيه ، ومال إلى القدر ، وأثبت الفعل للعبد وقدر الثواب والعقاب عليه.


عداهم من اليهود يؤمنون بالتوراة (١) وغيرها من كتب الله تعالى ، وهى خمسة وعشرون كتابا ككتاب أشعيا وأرميا وحزقيل (٢).

__________________

(١) السامرية أو السامرة ، هم قوم قدموا من الشرق إلى الشام ، فسكنوها وتهودوا ، وكانوا يزعمون أنهم من أولاد يوسف. وقالوا بقدم العالم ، وكانوا يتقشفون أكثر من بقية اليهود. وظهر منهم رجل اسمه (الألفان) ادعى النبوة ، وزعم أنه هو الّذي بشر به موسى ، وأنه هو الكوكب الّذي ورد فى التوراة أنه يضيء ، وقد افترقوا إلى فرقتين ، الألفانية. والكوسانية نسبة إلى جبل بنابلس اسمه «كزيرم» مذكور فى التوراة ويصلون إلى هذا الجبل وبه عين تحت كهفه يعظمونها ويزورنها والكوسانية يقرون بالآخرة ، وأن الثواب والعقاب فى الدنيا. والسامرة يدعون أن التوراة التى بأيديهم هى التوراة الحقيقية ، وأن ما بيد غيرهم من اليهود من التوراة فهى محرفة مبدلة. ويتخذون لنفسهم لغة غير لغة اليهود.

(٢) ما ذكر هنا هو الفرق الأربع الكبرى من اليهود ، ومنهم تشعبت الفرق إلى إحدى وسبعين فرقة ، واليهود جميعا ، يجمعون على أن التوراة بشرت بواحد بعد موسى ، وإنما افتراقهم فى تعيين ذلك الواحد. أو فى الزيادة على الواحد. وذكر المشيحا وآثاره ظاهر فى الأسفار وخروج واحد فى آخر الزمان ، اتفق عليه اليهود ، وهم منتظرون لظهوره.


الفصل الثانى فى شرح أحوال النصارى (١)

وهم فرق : العظيمة منهم خمس :

الأولى : الملكانية (٢)

وهم يقولون : إن اتحاد الله تعالى بعيسى كان باقيا حالة صلبه.

__________________

(١) النصارى جمع نصران ، وهو الممتلئ نصرا ، واختلف فى اشتقاق هذا الاسم ، فقال ابن عباس : هو من «ناصرة» وهى قرية من فلسطين كان يسكنها عيسى ، فنسبوا إليها ، وقيل سموا نصارى لتناصرهم ، أى ينصر بعضهم بعضا ، وقيل نسبة إلى قوله تعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ).

(٢) الملكانية : وهم أصحاب ملكا ، الّذي ظهر بالروم ، واستولى عليها ، وقيل نسبة إلى ملك الروم ، ويقوم مذهبهم على : أن الكلمة اتحدت بجسد المسيح وتدرعت بناسوته ، ويقصدون بالكلمة : أفنوم العلم ، وبروح القدس : أفنوم الحياة. وقال بعضهم : إن الكلمة مازجت جسد المسيح كما يمازج الخمر اللبن أو الماء اللبن ، وصرحوا بأن الجوهر غير الأقانيم ، وإنهما كالموصوف والصفة ، فقالوا بالتثليث ، وقالوا عن المسيح : هو ناسوت كلى لا جزئى ، وهو قديم أزلى وأن مريم ولدت إلها أزليا ، وأن القتل والصلب وقع على الناسوت واللاهوت وأطلقوا لفظ الأبوة والنبوة على الله عزوجل وعلى المسيح ، لما وجدوا فى الإنجيل حيث قال : إنك أنت الابن الوحيد ، وحيث قال شمعون الصفا : أنك ابن الله حقا ، ولعل ذلك من مجاز اللغة ، كما يقال لطلاب الدنيا : ابناء الدنيا. وفى الإصحاح الخامس من إنجيل متى من رقم ٤٣ إلى رقم ٤٨ «وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم ،


الثانية : الدستورية

وهم يقولون : إن اتحاد الله بعيسى لم يكن باقيا حال صلبه.

الثالثة : اليعقوبية (١)

وهم يقولون إن روح البارى اختلط ببدن عيسى عليه‌السلام اختلاط الماء باللبن.

__________________

باركوا لاعنيكم ، أحسنوا إلى مبغضيكم ، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم ؛ لكى تكونوا ابناء أبيكم الّذي فى السموات ، فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ، ويطمر على الأبرار والظالمين ؛ لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم فأى أجر لكم؟ أليس العشارون أيضا يفعلون ذلك؟ وإن سلمتم على إخوتكم فقط فأى فضل تصنعون. أليس العشارون أيضا يفعلون هكذا ، فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الّذي فى السموات هو كامل». ولما قال أريوس : القديم هو الله ، والمسيح مخلوق ، أجمعت البطارقة والمطارنة والأساقفة فى بلدة قسطنطينية بمحضر من ملكهم ، وكانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، وافقوا على هذه الكلمة اعتقادا ودعوة ، وذلك قولهم.

(١) اليعقوبية : هم أصحاب يعقوب البرذعانى ، وهو راهب بالقسطنطينية وقيل إنهم أهل مذهب ديسقورس. وقيل إن ديسقورس كان فى الأصل اسمه يعقوب. وقال اليعقوبية بالأقانيم الثلاثة ، ولكنهم قالوا : انقلبت الكلمة لحما ودما ، فصار الإله هو المسيح ، وهو الظاهر بجسده ، بل هو هو ، وقال بعضهم : ظهر اللاهوت بالناسوت ، فصار ناسوت المسيح مظهر الحق ، وليس على طريق حلول جزء فيه ، ولا على سبيل اتحاد الكلمة ، بل صار هو هو.


الرابعة : الفورفوريوسية

وهم أتباع فرفوريوس (١) الفيلسوف وقد أخرج أكثر دين النصارى على قواعد الفلسفة.

الخامسة : الأرمنوسية

يقولون إن الله تعالى دعا عيسى ابنا على سبيل التشريف (٢).

__________________

(١) كان فرفوريوس يدافع عن فكرة قدم العالم وأنه ليس له بداية زمنية. وزعم أن كل جسم إما ساكن وإما متحرك ، وهاهنا شيء يكون ما يتكون ويحرك الأجسام ، وكل ما كان واحدا بسيطا ففعله واحد بسيط وما كان كثيرا مركبا فأفعاله كثيرة ومركبة ، وكل موجود ففعله مثل طبيعته ، ففعل الله بذاته فعل واحد بسيط ، وما فى أفعاله يفعلها بمتوسط فمركب.

(٢) لم تذكر هاتان الفرقتان بين فرق النصارى ، فلم يذكر هما الشهرستانى فى «الملل والنحل» بل ولم يشر إليهما ، وكذلك الأسفراييني فى «التبصير فى الدين». وأيضا لم يذكرا فى «الفرق بين الفرق». ويبدو أن كليهما كان مجرد بعض الآراء المنسوبة إلى «فرفوريوس ، وأرمنيوس». إذ لا زيادة فى أى منهما عما قاله أصحاب الفرق السابقة من النصارى.


الفصل الثالث

فى فرق المجوس (١)

الأولى : الزرادشتية (٢)

أتباع زرادشت. وهو رجل من أهل أذربيجان. ظهر فى أيام

__________________

(١) المجوس. هم عبدة النار ، ويقولون إن للعالم أصلين : النور والظلمة. وقيل الأصل أنهم : النجوس. وذلك لأنهم كانوا يستعملون النجاسات فى تدينهم. والمجوس هم أقدم الطوائف. وقد نشأت المجوسية فى بلاد الفرس ، وكانوا نابغين فى علم التنجيم. ويقال للمجوسية الدين الأكبر والملة العظمى ، إذ كانت دعوة الأنبياء بعد الخليل عليه‌السلام لم تكن فى العموم كالدعوة الخليلية ، ولم يثبت لها من القوة مثل الملة الحنيفية ، إذ كان ملوك العجم كلهم على ملة إبراهيم ، ورعاياهم على أديانهم.

(٢) يقول أهل الكتاب : إن زرادشت من أهل فلسطين ، وكان خادما لبعض تلاميذ النبي أرميا. فخانه فى بعض الأمور ، فدعا عليه أرميا ، فأصابه البرص ، وخرج إلى آذربيجان ، وهناك رشح دين المجوسية.

ويقال : إن زرادشت من نسل منوشهر الملك ، وأن نبيا من بنى إسرائيل بعث إلى كيستاسف وهو ببلخ ، فكان زرادشت وجاماسب وهو من نسل منوشهر أيضا ، يكنبان بالفارسية ما يقول ذلك النبي بالعبرانية. ويقول علماء الفرس : إن هذا كان لثلاثين سنة من دولة كهيراسف ، وأن زرادشت جاء بكتاب ادعاه وحيا ، وكتب بنقش الذهب ، فوضعه كيستاسف فى هيكل باصطخر ، ووكل به بعض الهرابذة ، ومنع أن يتعلمه العامة ، وهو كتاب الزمزمة ، وفسره زرادشت وسمى تفسيره «زندة» ثم عاد وفسر التفسير وسماه «زندية» وهى الكلمة التى عربها العرب إلى زنديق.


بشتاسف (١) بن لهراسف (٢). وادعى النبوة ، فآمن به بشتاسف. وأظهر اسبنديار بن بشتاسف دين زرادشت فى العالم. وبين المجوس خلاف كثير إلا أن الكل.

__________________

(١) بشتاسف وقيل كيستاسف ، قيل هو الّذي بنى مدينة «فسا» بفارس وأرسى دعائم الملك ، ورتب سبعة من العظماء فى دولته مراتب وجعلهم ملوكا كل على حسب مرتبته. واصطلح مع ملك الترك على أن يكون له دابة تقف على باب ملك الترك. فلما وفد إليه زرادشت دفع إلى نقض الصلح وقال له : أنا أعين لك طالعا تسير فيه إلى الحرب فتظفر. وسار كل من الملكين إلى الحرب مع الآخر ، ودارت بينهما موقعة عظيمة انهزم فيها الترك. وكان أعظم قواد بشتاسف ابنه اسفنديار ، فسعى الساعون بعد انهزام الترك إلى الإيقاع بين بشتاسف وابنه اسفنديار وقامت بينهما حروب. ثم سار بشتاسف إلى ناحية كرمان وسجستان ودخل إلى جبل (طميدر) لدراسة دينه والتنسك ، وذلك بعد أن حبس ابنه اسفنديار مقيدا. وانتهز ملك الترك الفرصة ودخل إلى بلخ ، وقتل لخراسب والد بشتاسف ـ وكان رجلا كبير السن.

(٢) لهراسف ، وقيل كي هراسف ، وقيل كي لهراسف ، أو لهراسب. ملك الفرس ، وكان ملكا محمود السيرة. وكانت ملوك زمانه شرقا وغربا يعظمونه يتفقون على أن الله تعالى حارب مع الشيطان ألوف سنين. ولما طال الأمر توسطت الملائكة بينه وبين الشيطان ، على أن الله تعالى يسلم العالم إلى الشيطان سبعة آلاف سنة يحكم ويفعل ما يريد. وبعد ذلك عهد أن يقتل الشيطان. ثم أخذت الملائكة سيفهما منهما وقرروا بينهما أنه من خالف منهما ذلك العهد قتل بسيفه. وكان هذا الكلام غير لائق بالعقلاء.


الفصل الرابع

فى الثنوية (١)

وهم أربع فرق :

الفرقة الأول : المانوية

أتباع مانى (٢). وقد كان رجلا نقاشا خفيف اليد ظهر فى زمن

__________________

(١) الفرق بين المجوس وبين الثنوية ، أن المجوس يقولون إن النور قديم أزلى ، والظلام مخلوق حادث. أما الثنوية فيقولون بأزلية النور والظلام وبتساويهما فى القدم ، واختلافهما فى الجوهر والطبع والفعل والخير والمكان والأجناس والأبدان والأرواح .. وسموا ثنوية لقولهم باثنين أزليين.

(٢) أتباع مانى بن فتق بابك. وقد ظهر أيام سابور بن أزدشير الّذي ملك بعد أبيه أزدشير ، وقد أفاض سابور فى عطاء أهل دولته ، وذهب إلى خراسان فأصلح من أمرها ، وملك نصيبين فتحا ، وفتح مدنا من الشام ، وحاصر أنطاكية وأسر ملكها ، ويعتبر سابور أول ملك من ساسان يملك الحيرة وقد هلك سابور بعد ثلاثين سنة من ملكه. وقد اتبع سابور مانى قليلا ثم رجع إلى المجوسية. وقيل إن (فتق) وهو من همدان ، نزل فى موضع بالمدائن اسمه طيسفون وكان بها بيت للأصنام. وقد سمع فتق من الهيكل هاتفا يأمره بألا يأكل لحما وألا يشرب خمرا وألا ينكح بشرا. وكانت زوجته حاملا بمانى ، وزعموا أنها كانت ترى منامات حسنة وكذلك فى يقظتها كانت ترى آخذا يأخذه إلى الجو ثم يرده. ونشأ مانى على دين أبيه ، وكان ينطق بالحكمة ، فلما بلغ الثانية عشرة أتاه الوحى كما زعم ، وكان يزعم أن الملك الّذي يأتيه يقول له : اعتزل هذه الملة فلست من أهلها


سابور بن أزدشير بن بابك وادعى النبوة وقال إن للعالم أصلين : نور وظلمة ـ وكلاهما قديمان ، فقبل سابور قوله ، فلما انتهت نوبة الملك إلى بهرام أخذ مانى وسلخه وحشا جلده تبنا وعلقه. وقتل أصحابه إلا من هرب والتحق بالصين ودعوا إلى دين مانى فقبل أهل الصين منه. وأهل الصين إلى زماننا هذا على دين مانى.

الثانية : الديصانية

وهم يقولون بالنور والظلمة أيضا. والفرق بينهم وبين المانوية أن المانوية يقولون إن النور والظلمة حيان ، والديصانية يقولون إن النور حي والظلمة ميتة (١).

__________________

وعليك بالنزاهة وترك الشهوات ولم يأن لك أن تظهر لحداثتك. فلما بلغ الرابعة والعشرين أتاه الملك بأن قد حان له أن يخرج فينادى قومه وقال له : عليك السلام مانى منى ومن الرب الّذي أرسلنى إليك واختارنى لرسالته. وقد زعم مانى أنه الفارقليط المبشر به عيسى.

(١) أتباع ديصان. وهو مسمى باسم نهر. وقد ولد على هذا النهر. وديصان كان قبل مانى. ومذهب ديصان قريب من مذهب مانى. وبينهما اختلاف ؛ فالديصانية اختلفت على فرقتين. فرقة زعمت أن النور خالط الظلام باختياره ليصلها فلما حصل عليها وأراد أن يخرج امتنع ذلك عليه. وفرقة زعمت أن النور أراد أن يرفع الظلمة عنه ولما أحس منها بالخشونة والنتانة شابكها بغير اختيار منه. وزعم أن الظلام أصل للنور. وأن النور حي حساس عالم والظلام ضد ذلك ، لذلك تكارها.


الثالثة : المرقونية (١)

وهم يثبتون متوسطا بين النور والظلمة. ويسمون ذلك المتوسط (المعدل).

الرابعة : المزدكية (٢)

أتباع مزدك بن نامدان كان موبذ موبذان فى زمن قباذ بن فيروز

__________________

(١) وهم أصحاب مرقيون. وهم طائفة من النصارى أقرب إلى المنانية والديصانية. ويقول المرقيون : إن النور والظلمة هما الأصلان القديمان. وبينهما يتوسط كون ثالث يمزجها ويخالطها : وينزهون الله عزوجل عن الشرور وأن خلق جميع الأشياء لا يخلو من ضر ، وهو سبحانه مجلى عن هذا. والكون الثالث عندهم اختلفوا فيه. فقالت طائفة : إن الكون الثالث هو الحياة وإنه عيسى عليه‌السلام. وقالت طائفة أخرى إن عيسى هو رسول هذا الكون الثالث وهو الصانع بأمره وقدرته للأشياء.

(٢) مزدك كان إباحيا زنديقا ، يقول باستباحة أموال الناس ويعتبرها فيئا وليس لأحد ملك شيء ولا حجزه ؛ لأن الأشياء كلها ملك لله. واتبع مزدك لقوله هذا كثيرون ، واجتمع أهل دولة الفرس وخلعوا قباذ بن فيروز ، وملكوا بدلا منه أخاه جاماساب ، ولكن خرج (زرمهر) شاكيا ، داعيا ، وتقرب إلى الناس بقتل المزدكية ، واستطاع أن يعيد قباذ إلى الحكم. وانتقم المزدكية من زرمهر لقتله إياهم. فسعوا عند قباذ يتهمون زرمهر بأنه يعتقد المزدكية. فقامت الفتن والقلاقل ، وفسد الملك ، فخلع قباذ وحبس ، وأعيد أخوه إلى الحكم. أما مزدك نفسه فقد قتله أنوشروان بن قباذ هو وأصحابه.

وكان مزدك يرى أن النور يفعل بالقصد والاختيار ، أما الظلمة فإنها تقوم


والد أنوشروان العادل. ثم ادعى النبوة وأظهر دين الإباحة. وانتهى أمره إلى أن الزم قباذ إلى أن يبعث امرأته ليمتع بها غيره. فتأذى أنوشروان من ذلك الكلام غاية التأذى. وقال لوالده اترك بينى وبينه لأناظره فإن قطعنى طاوعته وإلا قتلته. فلما ناظر مع أنوشروان انقطع مزدك وظهر عليه أنوشروان فقتله وأتباعه. وكل من هو على دين الإباحة فى زماننا هذا ، فهم بقية أولئك القوم.

__________________

ـ على الخبط والانفاق. وأن النور عالم حساس ، لكن الظلام جاهل أعمى. وقد أحل النساء ، وأباح الأشياء كلها ، وحكى عنه أنه كان يأمر بقتل الأنفس لتتخلص من الشر ومن مزاج الظلمة. وكان يرى أن الأصول والأركان ثلاثة هى : الماء ، والنار ، والأرض.


الفصل الخامس

فى الصبائية (١)

قوم يقولون إن مدبر هذا العالم وخالقه هذه الكواكب السبعة والنجوم فهم عبدة الكواكب. ولما بعث الله إبراهيم عليه‌السلام كان الناس على دين الصبائية فاستدل إبراهيم عليه‌السلام عليهم فى حدوث الكواكب ، كما حكى الله تعالى عنه فى قوله : (لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) ، واعلم ـ أن عبادة الأصنام أحدث من هذا الدين لأنهم كانوا يعبدون النجوم عند ظهورها ولما أرادوا أن يعبدوها عند غروبها لم يكن لهم بد من أن يوروا الكواكب صورا ومثلا. فصنعوا أصناما واشتغلوا بعبادتها فظهر من هنا عبادة الأوثان (٢).

__________________

(١) ويقال لهم : الصبائية ، والصابئون. وكلها بمعنى واحد. والصابى هو التارك لدينه الّذي شرع له إلى دين غيره. والصائبون سموا بذلك لأنهم فارقوا دين الوحيد ، وعبدوا النجوم وعظموها. ولهم مذهب ينفردون به ، ويقرون بالصانع وبالمعاد ، وببعض الأنبياء. والحق أنه لا دين لهم ؛ لأنهم بين اليهود والمجوس. ويكادون يشبهون النصارى ، وقبلتهم نحو مهب الجنوب عند منتصف النهار.

(٢) والصائبون كانوا فى مبدأ أمرهم يسجدون للكواكب ، لكن لما كانت الشمس قد تغيب أو تختفى وراء الغيوم ، لذلك اخترعوا صورا للكواكب ، وسموها بأسماء الكواكب. والأوثان المشهورة بين قدامهم هى : المشترى ، وزحل ، والمريخ ، وعطارد ، وأرطاميس ، ويونون ، والزهرة. ثم عادوا يزعمون بأن نفوس العظماء من الموتى هى واسطة بين الله وبين خلقه ، لذلك اتخذوا صورا لهؤلاء العظماء ، وسجدوا لها. ويروى أن أول من اتخذ صورا للعظماء ودعا للسجود لها


الفصل السادس

فى أحوال الفلاسفة (١)

مذهبهم أن العالم قديم وعلته مؤثرة بالإيجاب وليست فاعلة

__________________

ـ هو : نينوس بن نمروذ بن نوح ، وكان ملكا لآشور وقد بنى مدينة نينوى ، وقد صنع تمثالا لأبيه فى عام (٥٩. ق. م) وأمر قومه بعبادته. وقيل إن الصائبة من ولد صابئ بن لامك أخى نوح. وقيل : إن صابئ متوشلح جده وأول من ملك الأرض من ولد نوح كنعان بن كوش بن حلم ، وورث ابنه النمروذ الملك من بعده ، وعظم سلطانه ، وأخذ بدين الصائبة. ولما عاد إبراهيم إلى أرض كنعان نزل بيت المقدس ، والّذي كانت الصابئة تعظمه ، وتزعم أنه هيكل المشترى والزهرة ؛ لذا سماه العبرانيون إيلياء ، ومعناه بيت الله. وقيل إن يونس بن متى عليه‌السلام بعث إلى زان ملك بابل فآمن به. وجاء كنعان بن فالغ فأظهر بدعته وهى الصائبة ، واتبعها ، وهو الّذي لقب النمروذ ، وهو نمروذ إبراهيم عليه‌السلام وقد جرت بين إبراهيم والنمروذ حوادث القصة المذكورة فى القرآن الكريم ، من تكسير الأصنام ، إلى نهاية القصة.

(١) كلمة فلسفة ، تتكون من مقطعين هما : فيلو. وسوفيا. و «فيلو» فى اليونانية معناها : محب. و «سوفيا» معناه : الحكمة. فمعنى الفلسفة : حب الحكمة. والفيلسوف : محب الحكمة. وقد نشأت الفلسفة فطرية ، كما يقول أفلاطون وأرسطو ـ لأن الإنسان فطر على حب الاستطلاع. وشعور الإنسان بالدهشة هو ما يدفعه إلى حل ألغاز هذا الكون ، وأحاجى هذا العالم المتعدد الظواهر. وقد سارت الفلسفة فى كل حقبة متطورة بتطور الفكر الإنسانى. مطبوعة بطابع كل أمة ، أما موضوع الفلسفة فهو موضوع خلاف. فمن قائل : إن دائرة الفلسفة تتسع فتشمل كل علم أو فروع من فروع العلوم. إلى قائل بأنها تختص فقط


بالاختبار. وأكثرهم ينكرون علم الله تعالى وينكرون حشر الأجساد وكان أعظمهم قدرا ارسطاطاليس (١). وله كتب كثيرة. ولم ينقل تلك الكتب أحد أحسن مما نقله الشيخ الرئيس أو على بن سينا الّذي كان فى زمن

__________________

بالبحث فيما وراء الطبيعة وما يتصل به كالمنطق. وعموما تشتمل الفلسفة المجالات الآتية :

١ ـ الوحدة .. أى علة العلل القادرة على كل شيء .. وهذا النوع يسمى ما وراء الطبيعة أو ما وراء المادة.

٢ ـ الكثرة .. أى المظاهر المتنوعة لهذا العالم .. وهى ما يسمى بالفلسفة الطبيعية.

٣ ـ مسألة أفراد المخلوقات وأهمها الإنسان وتشمل الأنواع الآتية :

(أ) علم النفس.

(ب) علم المنطق.

(ج) علم الجمال.

(د) علم الأخلاق.

(١) هو أرسطو طاليس بن نيقوماخوس. المقدم المشهور ، والمعلم الأول ، والحكيم المطلق. ولد فى مدينة أسطاغيرا فى سنة ٣٨٤ ق. م. وأسطاغيرا مدينة يونانية قديمة وميناء من موانئ مقدونيا على بحر إيجة. وأبوه نيقوماخوس طبيب ملك مقدونيا امتناس الثانى جد الإسكندر الأكبر ، وكان هذا هو السبب فى توثيق صلة أرسطو بالبلاط المقدونى. وقد نشأ أرسطو بالبلاط وتعلم مع فيليب والد الإسكندر. وقد مات أبوه وهو ما زال فتى. ولما بلغ السابعة عشرة من عمره أرسله ولى أمره برقسانس إلى إثينا ليكمل تعليمه. ومكث بها نيفا وعشرين سنة ، وكانت أثينا فى ذلك الوقت مركزا للحياة الفكرية فى العالم ، وتتلمذ على يدى أفلاطون حتى مات أفلاطون. ويتهم البعض أرسطو بأنه جحد فضل أفلاطون


محمود بن سبكتكين ، وجميع الفلاسفة يعتقدون فى تلك الكتب اعتقادات عظيمة ، وكنا نحن فى ابتداء اشتغالنا بتحصيل علم الكلام تشوقنا إلى معرفة كتبهم لنرد عليهم فصرفنا شطرا صالحا من العمر فى ذلك. حتى وفقنا الله تعالى فى تصنيف كتب تتضمن الرد عليهم ككتاب نهاية العقول ، وكتاب المباحث المشرقية ، وكتاب الملخص ، وكتاب شرح الإشارات ، وكتاب جوابات المسائل النجارية ، وكتاب البيان والبرهان فى الرد على أهل الزيغ والطغيان ، وكتاب المباحث العمادية فى المطالب المعادية ، وكتاب إشارة النظار إلى لطائف الأسرار. وهذه الكتب بأسرها تتضمن شرح أصول الدين وإبطال شبهات الفلاسفة وسائر المخالفين. وقد اعترف الموافقون والمخالفون بصنف أحد من المتقدمين والمتأخرين مثل هذه المصنفات.

__________________

ـ عليه ، وأنه كان دائم الجدل والمخاصمات والمنازعات بمدرسة أفلاطون ، ونغص حياة أستاذه فى سنوات عمره الأخيرة. ويظهر أن سبب اتهامه هذا هى قولته الشهيرة : أحب الحق وأحب أفلاطون ، وأوثر الحق على أفلاطون. وأنه كان ينقد ويحلل آراء أفلاطون ، ولكنه لم يسئ إليه ، وإنما كان ينشد الوصول إلى الحق. ولقد توفى أفلاطون عام ٣٤٧ ق. م. ومن بعده انتخب ابن أخيه سيمبوس رئيسا لأكاديمية أفلاطون ، وعندها ترك أرسطو أثينا متوجها إلى أثرنوس فى آسيا الصغرى حيث كان ملكها هرمياس زميلا له فى مدرسة أفلاطون. وقد رحب بزميله أرسطو وأحله من نفسه ومملكته منزلة عالية ، وزوجه أخته وبقى عنده ثلاث سنين حتى قتل هرمياس ، فذهب أرسطو إلى ميتيلين وأقام بها بضع سنين ، حتى استدعاه فيليب المقدونى ليتولى تربية ابنه الإسكندر الّذي كان فى الثالثة عشرة من عمره ، وظل يعلمه ما يقرب من خمس سنوات. وقد لقى من الملك فيليب ومن ولى العهد الإسكندر كل تبجيل واحترام ومساعدة ، وأعانه على بحثه فى سبيل المعرفة. ـ


تمت الرسالة والحمد لله وحده (١)

__________________

ـ ولما عاد إلى أثينا بعد مقتل فيليب وتولى ابنه الإسكندر ، وجد المدرسة الأفلاطونية مزدهرة ، فأنشأ مدرسة فى ملعب رياضى اسمه لوقيون ، وكان يلقى دروسه وهو يمشى وتلاميذه من حوله ، ولذلك سمى تلاميذه بالمشائين. وأنشأ مكتبة هى الأولى من نوعها فى العالم ، ومعملا للتاريخ الطبيعى.

ولما مات الإسكندر عام ٣٢٣ ق. م فى بابل ، دبر أعداء أرسطو له تهمة الإلحاد فخاف القتل وترك أثينا إلى خلسيس حيث أصيب بمرض ومات وعمره ٦٣ سنة فى عام ٣٢٢ ق. م. وقد روى أن أرسطو ألف ما يقرب من أربعمائة كتاب. وقد ضاع من مؤلفاته أكثرها ، وقد كتب فى المنطق ، والعلوم الطبيعية ، والأخلاق ، والسياسة ، وما وراء الطبيعة. وكان شغوفا بعلم الحيوان ، حتى أنه يروى عنه أنه كان يعرف من الحيوان خمسمائة نوع.

(١) هذا ما وجده فى النص المطبوع.


الكشاف العام

١ ـ الأعلام

إبراهيم بن سيار................................................................ ١٣

أحشد بن أبى بكر.............................................................. ٥٢

أحمد (الكيال)................................................................. ٥٢

أحمد بن حنبل................................................................. ٦٢

أخنس بن قيس................................................................ ٢٨

ارسطاطاليس................................................................. ١١٠

ارسطو....................................................................... ١١٢

أبو إسحاق الأسفرائني............................................................ ٣

إسحاق بن راهويه.............................................................. ٦٢

الإسكندر................................................................... ١١٢

إسماعيل بن جعفر الصادق............................... ٤٠ ، ٧ ، ٨٨ ، ٩٥ ، ١٠٠

إسماعيل بن محمد بن جعفر الصادق.............................................. ٤٠

اطراف........................................................................ ٢٥

أنوشروان.................................................................... ١٠٧

بابك......................................................................... ٩١

بشتاسف.................................................................... ١٠٣

بشر.......................................................................... ١٤


أبو بكر الصديق............................................. ٢١ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٨

بكر (ابن اخت) عبد الواحد..................................................... ٧٢

بنان بن إسماعيل................................................................ ٤٦

بنان بن سمعان................................................................. ٥٩

أبو بيهش..................................................................... ٢٢

تغلب بن عامر................................................................. ٢٧

ثمامة بن أشرس................................................................. ١٤

أبو الجارود..................................................................... ٧٠

جعفر الصادق................................... ٣٥ ، ٣٩ ، ٤٠ ، ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٦

جعفر بن الحارث............................................. ٤٧ ، ٤٨ ، ٨٧ ، ٨٨

جعفر بن المبشر................................................................ ١٤

جهم بن صفوان................................................................ ١٤

حازم.......................................................................... ٦٩

أبو الحسن الباهلى.............................................................. ٢٦

أبو الحسن البصرى............................................................... ٣

الحسن الزكى............................................................... ٣ ، ١٠

الحسن العسكرى............................................................... ٤٣

الحسن بن صباح........................................................ ٨٨٢ ، ٨٩

الحسين الزكى........................................................ ٤ ، ٤٣ ، ٤٤


الحسين (الشهيد)............................................................... ٤٣

الحسين بن صالح............................................................... ٤٣

حسين بن محمد النجار.......................................................... ٣٦

.............................................................................. ٧٠

حفص بن أبى المقدام............................................................ ٣٢

حمدان القرمطى................................................................. ٢٤

حمزة بن ادرك.................................................................. ٢٤

خديجة الكبرى................................................................. ٤٣

خلف......................................................................... ٢٥

داود الحوارى................................................................... ٦٢

الرازى (فخر)................................................ ٣ ، ٤ ، ١١١ ، ١١٢

الزبير.................................................................... ١٢ ، ٢١

زرادشت..................................................................... ١٠٢

رياد بن الأصفر................................................................ ٣١

زيد بن على........................................................ ٣٥ ، ٨٧ ، ٨٨

زين العابدين................................................. ٤٣ ، ٤٦ ، ٨٧ ، ٨٨

سابور بن أردشير............................................................. ١٠٦

سراح الدين يوسف............................................................... ٤

سليمان بن جرير............................................................... ٣٦

سليمان بن ناصر (أبو القاسم)..................................................... ٣


السمنانى........................................................................ ٣

السيد الحميرى................................................................. ٥٤

ابن سينا..................................................................... ١١٠

ابن شريح....................................................................... ٣

شعيب بن محمد................................................................ ٢٦

ضرار بن عمر.................................................................. ٧٢

ضياء الدين عمر................................................................. ٣

طلحة............................................................. ١١ ، ١٢ ، ٢١

عائشة........................................................................ ٢١

عبد الله بن أباض............................................................... ٣٠

عبد الله بن الجناحين............................................................ ٤٨

عبد الله بن سبأ................................................................ ٤٥

عبد الله بن محمد (أبو هاشم).................................................... ٥٥

عبد الجبار (القاضى)...................................................... ١٠ ، ١٧

عبد الرحمن بن ملجم............................................................ ٣٧

عبد الرحيم الخياط.............................................................. ٣٧

عبد الكريم بن عجرد............................................................ ٢٣

عثمان.................................................................. ٢١ ، ٣٦

عثمان بن أبى الصلت........................................................... ٢٢

على بن أبى طالب.......................................... ١١ ، ١٣ ، ٢١ ، ٣٨ ،


.......................................... ٤٤ ، ٤٦ ، ٥٢ ، ٥٣ ، ٤٥ ، ٥٤ ، ٨٨

على بن محمد البصرى.......................................................... ١٧

على بن محمد بن عبد الوهاب الجبائى............................................. ١٥

على بن موسى الرضا............................................................ ٤٢

عمار......................................................................... ٤٤

عمر بن الخطاب............................................. ٢١ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٨

عمرو بن بحر الجاحظ........................................................... ١٥

عمرو بن عبيد..................................................... ١٠ ، ١٢ ، ٨٧

عنان بن داود.................................................................. ٩٦

ابن عنين........................................................................ ٤

أبو عيسى بن يعقوب........................................................... ٩٧

الغزالى.......................................................................... ٣

غسان الحرمى.................................................................. ٧٥

غيلان الدمشقى................................................................ ١١

فاطمة الزهراء.................................................................. ٤٣

فرفوديوس الفيلسوف.......................................................... ١٠١

أبو القاسم الأنماطى.............................................................. ٣

أبو القاسم الكعبى........................................................ ١٦ ، ١٧

قباذ بن ميروز................................................................ ١٠٦


القفال المروزي.................................................................... ٣

لوقيون...................................................................... ١١٢

أبو كامل...................................................................... ٥١

أبو كرب الضرير................................................................ ٥٣

المأمون........................................................................ ١٤

مانى......................................................................... ١٠٤

المجد الجيلى...................................................................... ٣

محمد بن الحسن العسكرى....................................................... ٤٣

محمد بن الحنفية.......................................................... ٥٣ ، ٥٤

محمد بن على الباقر............................................................. ٣٨

محمد بن عمر الصيمرى......................................................... ١٦

محمد بن كرام.................................................................. ٦٥

محمود بن سبكتكين........................................................... ١١١

مروان بن محمد................................................................... ٣

مزدك بن نامتان............................................................... ١٠٦

ابن مسعود الفراء................................................................. ٣

أبو مسلم...................................................................... ٥٥

معبد.......................................................................... ٢٨

المعتصم....................................................................... ٩١

مغيرة بن سعيد................................................................. ٤٧


مكرم......................................................................... ٢٩

أبو منصور العجلى............................................................. ٤٨

موسى بن جعفر الصادق............................................ ٣٩ ، ٤١ ، ٤٢

موسى بن عيسى بن مسيح...................................................... ١٤

ميمون القداح............................................................ ٨٧ ، ٨٨

ميمون بن عمران............................................................... ٢٤

ناصر بن خسرون............................................................... ٨٩

نجدة بن عامر النخعي........................................................... ٢٢

أبو هريرة الراوندي.............................................................. ٥٥

أبو الهزيل...................................................................... ١٢

هشام بن الحكم................................................................ ٥٩

هشام بن سالم........................................................... ٥٩ ، ٦٠

هشام بن عبد الملك....................................................... ١١ ، ٣٥

هشام بن عمرو القوطى......................................................... ١٥

واصل بن عطاء..................................................... ١٠ ، ١١ ، ٧٢

يحيى بن معين.................................................................. ٦٢

يونس بن عبد الرحمن...................................................... ٥٩ ، ٦١

يونس بن عون................................................................. ٧٥


٢ ـ الأماكن الجغرافية

أثينا......................................................................... ١١٢

أذربيجان.............................................................. ٩١ ، ١٠٢

الإسكندرية.................................................................... ٨٨

الأهواز.................................................................. ٨٧ ، ٨٨

باب خبير..................................................................... ٥١

بابل......................................................................... ١١٢

ترمذ.......................................................................... ٦٩

خليس....................................................................... ١١٢

الرى....................................................................... ٣ ، ٤

سجستان................................................................ ٢٢ ، ٦٥

الصين....................................................................... ١٠٦

كربلاء........................................................................ ٤٣

مزداخان.............................................................. ٤ (اسم قرية)

مصر......................................................................... ٨٨

المغرب........................................................................ ٨٨

مكة.......................................................................... ٤٧

هراة............................................................................ ٤

همدان......................................................................... ٩٧


٣ ـ الطوائف والبطون والقبائل

الأباضية........................................................................ ٣

الاحشدية..................................................................... ٢٨

الاخنسية...................................................................... ٢٨

الارمنوسية................................................................... ١٠١

الأزارقة........................................................................ ٢١

الأزلية......................................................................... ٥٢

الاسجافية..................................................................... ٥٢

الإسحاقية..................................................................... ٦٥

الإسماعيلية..................................................................... ٤٠

الأشعرى........................................................................ ٣

الاطرافية...................................................................... ٢٥

الأصفرية...................................................................... ٣١

الإمامية....................................................................... ٣٥

بنو أمية....................................................................... ٣١

البابكية....................................................................... ٩٠

الباطنية....................................................................... ٨٧

الباقرية........................................................................ ٣٨

البرعوسية...................................................................... ٧١

البكرية........................................................................ ٧٢


البنانية........................................................................ ٤٦

البهشمية...................................................................... ١٦

البيهسية....................................................................... ٢٢

الثعلبية........................................................................ ٢٧

الثمامية....................................................................... ١٤

الثوبانية....................................................................... ٧٦

الجاحظية...................................................................... ١٥

الجارودية...................................................................... ٣٥

الجبائية........................................................................ ١٥

الجبرية................................................................... ٦٧ ، ٦٩

الجعفرية....................................................................... ٤٣

الجناحية....................................................................... ٤٨

الجهمية....................................................................... ٦٩

الجواليقية...................................................................... ٦٠

الحازمية........................................................................ ٢٦

الحسينية....................................................................... ١٧

الحطابية....................................................................... ٤٦

الحفصية................................................................. ٣٢ ، ٧١

الحكيمية...................................................................... ٥٩

الجلولية........................................................................ ٨٢


الحمزية........................................................................ ٢٤

الحوارية........................................................................ ٦٢

الخالدية....................................................................... ٧٦

الخلفية........................................................................ ٢٥

خوارج.............................................................. ٣ ، ١٩ ، ٢٢

الخياطية....................................................................... ١٦

الدستورية.................................................................... ١٠٠

الديصانية.................................................................... ١٠٥

الرشيدية....................................................................... ٢٩

الروافض................................................................. ٣٣ ، ٣٥

الروندية....................................................................... ٥٥

الزرادشتية.................................................................... ١٠٢

الزعفرانية...................................................................... ٧٠

الزيدية........................................................................ ٣٥

السامرية................................................................. ٩٧ ، ٩٨

السبابية....................................................................... ٤٥

السبعية....................................................................... ٩١

السليمانية..................................................................... ٣٦

السودمية...................................................................... ٦٥

الشمطية...................................................................... ٤٠


الشعيبة....................................................................... ٢٦

الشيطانية...................................................................... ٦١

الشيعة.......................................................................... ٣

الصالحية...................................................................... ٣٦

الصباحية...................................................................... ٨٩

الصبائية..................................................................... ١٠٨

الصلتية....................................................................... ٢٣

الصوفية............................................................. ٣ ، ٧٩ ، ٨١

الضرارية....................................................................... ٧٢

العابدية....................................................................... ٦٥

بنو العباس............................................................... ٥٥ ، ٥٦

العجاردة...................................................................... ٢٣

العسكرية...................................................................... ٤٢

العمادية....................................................................... ٣٩

العمرية........................................................................ ١٢

العنانية........................................................................ ٩٦

العيسوية...................................................................... ٩٧

الغرانية........................................................................ ٥٠

الغسانية....................................................................... ٧٥

الغلاة......................................................................... ٤٥


الغيلانية....................................................................... ١١

الفورفوريوسية................................................................... ٤٦

القرامطية................................................................ ٨٩ ، ٩٠

القطيعة....................................................................... ٤٢

الكاملية....................................................................... ٥١

الكرامية....................................................................... ٦٣

الكربية........................................................................ ٥٣

الكيالية....................................................................... ٥٢

الكيسانية............................................................... ٣٥ ، ٥٣

المانوية....................................................................... ١٠٤

المباركة........................................................................ ٤٠

المجوس....................................................................... ١٠٢

المحكمة........................................................................ ٢١

المختارية....................................................................... ٥٤

المرجئة................................................................... ٧٣ ـ ٧٥

بنو مروان...................................................................... ١١

المرقونية...................................................................... ١٠٦

المزدارية........................................................................ ١٤

المستدركة...................................................................... ٧٠

المشبهة........................................................................ ٥٧


المعلومية....................................................................... ٢٩

المعادية........................................................................ ٩٧

المعبدية........................................................................ ٢٨

المعتزلة.................................................... ٧ ، ٩ ، ١٠ ، ١١ ، ٦٢

المغيرية........................................................................ ٤٧

المفوّضيّة....................................................................... ٤٩

المقنعية........................................................................ ٩١

المكرمية....................................................................... ٢٩

الملكانية....................................................................... ٩٩

الممطورية...................................................................... ٤١

المنصورية...................................................................... ٤٨

الموسوية....................................................................... ٤٢

الميمونية....................................................................... ٢٤

الناصرية....................................................................... ٨٩

الناموسية...................................................................... ٣٩

النجارية....................................................................... ٧٠

النجدان....................................................................... ٢٢

النصارى...................................................................... ٩٩

النصرية....................................................................... ٥١

النظامية....................................................................... ١٣


النورية......................................................................... ٨١

الهاشمية........................................................................ ٥٥

الهزيلية....................................................................... ١١٢

الهاشمية........................................................................ ١٥

الهيصمة....................................................................... ٦٥

الواصلية....................................................................... ١١

اليعقوبية..................................................................... ١٠٠

اليهود....................................................... ٥٩ ، ٩٥ ، ٩٦ ، ٩٨

اليومية........................................................................ ٧٦

اليونانية....................................................................... ٦٥

اليونسية................................................................. ٧٥ ، ٧١

٤ ـ أسماء الكتب الواردة فى النص

أبطال القياس.................................................................... ٤

الأربعين البيان................................................................... ٤

تحصيل الحق..................................................................... ٤

تفسير سورة البقرة................................................................ ٤

تفسير سورة الفاتحة............................................................... ٤

تهذيب الدلائل.................................................................. ٤

جوابات المسائل............................................................... ١١١


زيدة المعالم....................................................................... ٤

السر المكتوم..................................................................... ٤

شرح ديوان السفط............................................................... ٤

شرح عيون الحكمة............................................................... ٤

شرح الكليات................................................................... ٤

شرح المفصل..................................................................... ٤

الفراسة......................................................................... ٤

كتاب فى الهندسة................................................................ ٤

لطائف الأسرار............................................................... ١١١

المبهمات........................................................................ ٤

المحصل.......................................................................... ٤

مناقب الشافعى.................................................................. ٤

نهاية المعقول..................................................................... ٤


الفهرس

الموضوع

مقدمة المحقق................................................................. ٣ ـ ٥

الباب الأول................................................................ ٧ ـ ١٨

فى شرح فرق المعتزلة

الباب الثانى............................................................... ١٩ ـ ٣٢

فى شرح فرق الخوارج

الباب الثالث............................................................. ٣٣ ـ ٥٦

الروافض

الباب الرابع............................................................... ٥٧ ـ ٦٢

فى المشبهة

الباب الخامس............................................................. ٦٣ ـ ٦٦

فى فرق الكرامية

الباب السادس............................................................ ٦٧ ـ ٧٢

فى فرق الجيرية

الباب السابع............................................................. ٧٣ ـ ٧٨

فى المرجئة

الباب الثامن.............................................................. ٧٩ ـ ٨٤

فى أحوال الصوفية

الباب التاسع............................................................. ٨٥ ـ ٩٢


فى الذين يتظاهرون بالإسلام

الباب العاشر............................................................ ٩٣ ـ ١١٢

فى شرح الفرق الذين خرجوا عن الإسلام

اعتقادات فرق المسلمين والمشركين

المؤلف:
الصفحات: 130