
سورة سبأ
[مكية فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا
داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ
الْحَدِيدَ).
[فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قوله
: (فَضْلاً). فيه ] أربعة عشر قولا :
الأول ـ النبوة.
الثاني ـ الزّبور.
الثالث ـ حسن
الصوت.
الرابع ـ تسخير
الجبال والناس.
الخامس ـ التوبة.
السادس ـ الزيادة
في العمر.
السابع ـ الطير.
الثامن ـ الوفاء
بما وعد.
التاسع ـ حسن
الخلق.
العاشر ـ الحكم
بالعدل.
الحادي عشر ـ تيسير
العبادة.
الثاني عشر ـ العلم
، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا
داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً).
الثالث عشر :
القوة ، قال الله تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا
داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ).
__________________
الرابع عشر ـ قوله
: (وَأُوتِينا مِنْ
كُلِّ شَيْءٍ).
والمراد هاهنا من
جملة الأقوال حسن الصوت ، فإن سائرها قد بيناه في موضعه في كتاب الأنبياء من
المشكلين. وكان داود عليه السلام ذا صوت حسن ووجه حسن ، وله قال النبي صلى الله
عليه وسلم لأبى موسى الأشعرى : لقد
أوتيت مزمارا من مزامير آل داود ، وهي :
المسألة الثانية ـ
وفيه دليل على الإعجاب بحسن الصوت ، وقد روى عبد الله بن مغفّل ، قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على
ناقته ـ أو جمله ـ وهي تسير به ، وهو يقرأ سورة الفتح ـ أو من سورة الفتح ـ قراءة
لينة وهو يرجع ، ويقول آ ،
واستحسن كثير من فقهاء الأمصار القراءة بالألحان والترجيع ، وكرهه مالك. وهو جائز
لقول أبى موسى للنبي عليه السلام : لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرا ، يريد
لجعلته لك أنواعا حسانا ، وهو التلحين ، مأخوذ من الثواب المحبر ، وهو المخطّط
بالألوان.
وقد سمعت تاج
القراء ابن لفتة بجامع عمرو يقرأ : (وَمِنَ اللَّيْلِ
فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ). فكأنى ما سمعت الآية قط.
وسمعت ابن الرفاء
ـ وكان من القرّاء العظام ـ يقرأ ، وأنا حاضر بالقرافة : (كهيعص) ، فكأنى ما سمعتها قط.
وسمعت بمدينة
السلام شيخ القراء البصريين يقرأ في دار بها الملك : (وَالسَّماءِ ذاتِ
الْبُرُوجِ) ، فكأنى ما سمعتها قط حتى بلغ إلى قوله تعالى : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) ، فكأنّ الإيوان قد سقط علينا. والقلوب تخشع بالصوت الحسن
كما تضع للوجه الحسن ، وما تتأثّر به القلوب في التقوى فهو أعظم في الأجر وأقرب
إلى لين القلوب وذهاب القسوة منها .
وكان ابن
الكازروني يأوى إلى المسجد الأقصى ، ثم تمتعنا به ثلاث سنوات ، ولقد
كان يقرأ في مهد عيسى فيسمع من الطّور ، فلا يقدر أحد أن يصنع شيئا طول قراءته إلا
الاستماع إليه.
__________________
وكان صاحب مصر
الملقّب بالأفضل قد دخلها في المحرم سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة وحوّلها عن أيدى العباسية ، وهو حنق عليها وعلى أهلها بحصاره لهم
وقتالهم له ، فلما صار فيها ، وتدانى بالمسجد الأقصى منها ، وصلى ركعتين تصدّى له ابن
الكازروني ، وقرأ : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ
الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ
وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، فما ملك نفسه حين سمعه أن قال للناس على عظم ذنبهم عنده
، وكثرة حقده عليهم : (لا تَثْرِيبَ
عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).
والأصوات الحسنة
نعمة من الله تعالى ، وزيادة في الخلق ومنّة. وأحقّ ما لبست هذه الحلة النفيسة والموهبة الكريمة كتاب الله ،
فنعم الله إذا صرفت في الطاعة فقد قضى بها حقّ النعمة.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (يَعْمَلُونَ لَهُ ما
يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ
اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ).
فيها سبع مسائل :
المسألة الأولى ـ المحراب
: هو البناء المرتفع الممتنع ، ومنه يسمى المحراب في المسجد ، لأنه أرفعه ، أنشد
فقيه المسجد الأقصى عطاء الصوفي :
جمع الشجاعة
والخضوع لربه
|
|
ما أحسن المحراب
في المحراب
|
والجفان أكبر
الصّحاف ، قال الشاعر :
يا جفنة بإزاء
الحوض قد كفئت
|
|
ومنطقا مثل وشى
البردة الخضر
|
والجوابى جمع
جابية ، وهي الحوض العظيم المصنوع ، قال الشاعر يصف جفنة :
كجابية الشّيخ العراقي تفهق
__________________
(وَقُدُورٍ راسِياتٍ) ، يعنى ثابتات ، قال الله تعالى : (وَالْجِبالَ أَرْساها).
المسألة الثانية ـ
شاهدت محراب داود عليه السلام في بيت المقدس بناء عظيما من حجارة صلدة لا تؤثّر
فيها المعاول ، طول الحجر خمسون ذراعا ، وعرضه ثلاثة عشر ذراعا ، وكلما قام بناؤه
صغرت حجارته ، ويرى له ثلاثة أسوار ، لأنه في السحاب أيام الشتاء كلها لا يظهر
لارتفاع موضعه وارتفاعه في نفسه ، له باب صغير ومدرجة عريضة ، وفيه الدّور
والمساكن ، وفي أعلاه المسجد ، وفيه كوّة شرقية إلى المسجد الأقصى في قدر الباب ،
ويقول الناس : إنه تطلع منها على المرأة حين دخلت عليه الحمامة ، وليس لأحد في
هدمه حيلة ، وفيه نجا من نجا من المسلمين حين دخلها الروم حتى صالحوا على أنفسهم
بأن أسلموه إليهم ، على أن يسلموا في رقابهم وأموالهم ، فكان ذلك ، وتخلّوا لهم
عنه.
ورأيت فيه غريبة
الدهر ، وذلك أن تأثرا ثار به على واليه ، وامتنع فيه بالقوت ، فحاصره ، وحاول
قتاله بالنشاب مدة ، والبلد على صغره مستمر على حاله ، ما أغلقت لهذه الفتنة سوق ،
ولا سار إليها من العامة بشر ، ولا برز للحال من المسجد الأقصى معتكف ، ولا انقطعت
مناظرة ، ولا بطل التدريس ، وإنما كانت العسكرية قد تفرقت فرقتين يقتتلون ، وليس
عند سائر الناس لذلك حركة ، ولو كان بعض هذا في بلادنا لاضطرمت نار الحرب في
البعيد والقريب ، ولانقطعت المعايش ، وغلّقت الدكاكين ، وبطل التعامل لكثرة فضولنا
وقلّة فضولهم.
المسألة الثالثة ـ
قوله : (وَتَماثِيلَ) ، واحدتها تمثال ، وهو بناء غريب ، فإن الأسماء التي جاءت
على «تفعال» قليلة منحصرة ، جماعها ما أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار ، أخبره
أبو الحسن بن رزية ، أخبرنا القاضي أبو سعيد ، أخبرنا أبو بكر بن دريد ، قال : رجل
تكلام : كثير الكلام ، وتلقام : كثير اللّقم ، ورجل تمساح كذّاب ، وناقة تضراب
قريبة العهد بالضّراب ، والتّمراد : بيت صغير للحمام . وتلفاق ثوبان يخاط أحدهما بالآخر.
__________________
والتّجفاف معروف. وتمثال : معروف. وتبيان من البيان. وتلقاء :
قبالتك. وتهواء من الليل : قطعة. وتعشار : موضع. ورجل تنبال : قصير. وتلعاب : كثير
اللعب. وتقصار : قلادة. فهذه ستة عشر مثالا.
فلما قرأت إصلاح
المنطق ببغداد على الشيخ الأجل الخطيب رئيس اللغة وخازن دار العلم أبى زكريا يحيى
بن علىّ التبريزي قال لي : كنت أقرأ خطب ابن نباتة على أبى عبد الله العربي اللغوي
الفرائضى فوصلت إلى قوله : وتذكارهم تواصل مسيل العبرات ، وقرأته بخفض التاء فردّ
علىّ ، وقال وتذكارهم بفتحها ؛ لأنه ليس في كلام العرب تفعال إلا التّلقاء وإلا
التّبيان ، وتعشار وتنزال موضوعان ، وتقصار : قلادة. قال لي التبريزي : ثم قرأت
خطب ابن نباتة على بعض أشياخى ، فلما وصلت إلى اللفظ وذكرت له كلام ابن العربي قال
لي : اكتب ما أملى عليك. فأملى علىّ : الأشياء التي جاءت على تفعال ضربان : مصادر وأسماء ؛ فأما المصادر
فالتلقاء والتّبيان ، وهما في القرآن. والأسماء : رجل تنبال : أى قصير. وزعم قوم
أن التاء في تنبال أصلية فيكون وزنه فعلالا. وذكر ما قال ابن دريد وزاد التّنضال من المناضلة [والتّيغار حبّ مقطوع يزيد في
الخابية ، وترياع : موضع] ، والتربان وترغام اسم شاعر ، ويقال جاء لتنفاق الهلال ،
ويجوز أن يكون مصدرا ، والتمتان واحد التمتانين ، وهي خيوط تضرب بها الفسطاط. ورجل
تمزاح كثير المزاح ، والتّمساح الدابة المعروفة .
المسألة الرابعة ـ
التمثال على قسمين حيوان وموات ، والموات على قسمين : جماد ونام ، وقد كانت الجنّ
تصنع لسليمان جميعه ، وذلك معلوم من طريقين :
أحدهما ـ عموم
قوله : (تَماثِيلَ).
والثاني ـ ما روى
من طرق عديدة ، أصلها الإسرائيليات ، لأن التماثيل من الطير كانت على كرسي سليمان.
__________________
فإن قيل : لا عموم
لقوله : (تَماثِيلَ) فإنه إثبات في نكرة ، والإثبات في النكرة لا عموم له ،
إنما العموم في النفي في النكرة حسبما قررتموه في الأصول.
قلنا : كذلك نقول
، بيد أنه قد اقترن بهذا الإثبات في النكرة ما يقتضى حمله على العموم ، وهو قوله :
(ما يَشاءُ) فاقتران المشيئة به يقتضى العموم له.
فإن قيل : فكيف
شاء عمل الصور المنهىّ عنها؟
قلنا : لم يرد أنه
كان منهيّا عنها في شرعه ، بل ورد على ألسنة أهل الكتاب أنه كان أمرا مأذونا
فيه ، والذي أوجب النهى عنه في شرعنا ـ والله أعلم ـ ما كانت العرب عليه من عبادة
الأوثان والأصنام ، فكانوا يصوّرون ويعبدون ، فقطع الله الذّريعة وحمى الباب.
فإن قيل : فقد قال
حين ذمّ الصور وعملها من الصحيح قول النبي عليه السلام :
من صوّر صورة
عذّبه الله حتى ينفخ فيها الرّوح ، وليس بنافخ. وفي رواية الذين يشبهون بخلق الله ، فعلّل بغير
ما زعمتم.
قلنا : نهى عن
الصورة ، وذكر علّة التشبيه بخلق الله ، وفيها زيادة علة عبادتها من دون الله ،
فنبّه على أنّ نفس عملها معصية ، فما ظنّك بعبادتها!
وقد ورد في كتب
التفسير شأن يغوث ويعوق ونسرا ، وأنهم كانوا أناسا ، ثم صوّروا بعد موتهم وعبدوا. وقد شاهدت بثغر
الإسكندرية إذا مات منهم ميّت صوّروه من خشب في أحسن صورة ، وأجلسوه في موضعه من
بيته وكسوه بزّته إن كان رجلا وحليتها إن كانت امرأة ، وأغلقوا عليه الباب.
فإذا أصاب أحدا
منهم كرب أو تجدد له مكروه فتح الباب [عليه] وجلس عنده يبكى ويناجيه بكان وكان حتى يكسر سورة حزنه
بإهراق دموعه ، ثم يغلق الباب عليه وينصرف عنه ، وإن تمادى بهم الزمان يعبدوها من جملة الأصنام والأوثان ، فعلى هذا التأويل إن قلنا :
__________________
إنّ شريعة من
قبلنا لا تلزمنا فليس ينقل عن ذلك حكم. وإن قلنا : إنّ شرع من قبلنا شرع لنا فيكون
نهى النبي صلّى الله عليه وسلم عن الصور نسخا ، وهي :
المسألة الخامسة ـ
على ما بيناه في قسم الناسخ والمنسوخ قبل هذا.
وإن قلنا : إنّ
الذي كان يصنع له الصور المباحة من غير الحيوان وصورته فشرعنا وشرعه واحد.
وإن قلنا : إن
الذي حرم عليه ما كان شخصا لا ما كان رقما في ثوب فقد اختلفت الأحاديث في ذلك
اختلافا متباينا بيّناه في شرح الحديث ، لبابه أنّ أمهات الأحاديث خمس أمهات :
الأم الأولى ـ ما
روى عن ابن مسعود وابن عباس أنّ
أصحاب الصور يعذّبون ، أو هم أشدّ الناس عذابا. وهذا عامّ في كل صورة. الأم الثانية ـ روى عن أبى طلحة عن
النبىّ صلّى الله عليه وسلم :
لا تدخل الملائكة
بيتا فيه كلب ولا صورة ـ زاد زيد بن خالد الجهني : إلا ما كان رقما في ثوب. وفي
رواية عن أبى طلحة نحوه ، فقلت لعائشة : هل سمعت هذا؟ فقالت : لا ، وسأحدّثكم
، خرج النبىّ صلّى الله عليه وسلم في غزاة فأخذت نمطا فنشرته على الباب ، فلما قدم ورأى النّمط عرفت الكراهة في وجهه ،
فجذبه حتى هتكه ، وقال : إنّ الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين. قالت : فقطعت
منه وسادتين وحشوتهما ليفا ، فلم يعب ذلك علىّ.
الأم الثالثة ـ قالت
عائشة : كان لنا ستر فيه تمثال طائر ، وكان الداخل إذا دخل استقبله
، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : حوّلى هذا ، فإنّى كلما رأيته ذكرت
الدنيا.
الأم الرابعة ـ روى
عن عائشة قالت :
دخل علىّ رسول
الله صلّى الله عليه وسلم وأنا متستّرة بقرام فيه صورة فتلون وجهه ثم تناول الستر فهتكه ، ثم قال : إنّ
من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون خلق الله. قالت عائشة : فقطعته ، فجعلت منه وسادتين.
__________________
الأم الخامسة ـ قالت
عائشة : كان لنا ثوب ممدود على سهوة فيها تصاوير ، فكان النبي صلّى الله عليه وسلم يصلّى إليه
، ثم قال : أخريه عنى ، فجعلت منه وسادتين ، فكان النبي صلّى الله عليه وسلم يرتفق
بهما. وفي رواية في حديث النّمرقة قالت : اشتريتها
لك لتقعد عليها وتتوسّدها ، فقال : إنّ أصحاب هذه الصور يعذّبون يوم القيامة ، وإن
الملائكة لا يدخلون بيتا فيه صورة.
قال القاضي :
فتبيّن بهذه الأحاديث أنّ الصور ممنوعة على العموم ، ثم جاء : إلّا ما كان رقما في
ثوب ، فخصّ من جملة الصور ، ثم بقول النبي صلّى الله عليه وسلم لعائشة في الثوب المصوّر : أخّريه عنّى ، فإنى
كلما رأيته ذكرت الدنيا. فثبتت الكراهة فيه. ثم بهتك النبىّ صلّى الله عليه وسلم الثوب المصوّر على عائشة
منع منه ، ثم بقطعها لها وسادتين حتى تغيّرت الصورة وخرجت عن هيئتها بأن جواز ذلك إذا لم تكن الصورة فيه متصلة الهيئة ، ولو كانت متصلة
الهيئة لم يجز لقولها في النمرقة المصوّرة : اشتريتها لك لتقعد عليها وتتوسدها ،
فمنع منه وتوعّد عليه ، وتبيّن بحديث الصلاة إلى الصورة أن ذلك كان جائزا [في
الرّقم] في الثوب ، ثم نسخه المنع ، فهكذا استقر فيه الأمر. والله
أعلم.
المسألة السادسة ـ
قوله تعالى : (وَجِفانٍ كَالْجَوابِ).
قال ابن القاسم ـ عن
مالك : كالجوبة من الأرض. وقدور راسيات ، يعنى لا تحمل ولا تحرّك لعظمها ، وكذلك
كانت قدور عبد الله بن جدعان يصعد إليها في الجاهلية بسلّم ، ورأيت برباط أبى سعيد
قدور الصوفية على نحو ذلك ، فإنهم يطبخون جميعا ، ويأكلون جميعا من غير استئثار
أحد منهم عن أحد ، وعنها عبّر طرفة بن العبد بقوله :
كالجوابى لا تنى
مترعة
|
|
لقرى الأضياف أو
للمحتضر
|
__________________
وقال أيضا :
يجبر المحروب
فيها ماله
|
|
بجفان وقباب وخدم
|
المسألة السابعة ـ
قوله تعالى : (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ
شُكْراً).
فيه ثلاثة أقوال :
الأول ـ روى أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قام على
المنبر فقال : اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشّكور. ثم قال : ثلاث من أوتيهن فقد أوتى مثل ما أوتى آل داود. قال : فقلنا : ما
هنّ؟ قال : العدل في الغضب والرضا ، والقصد في الفقر والغنى ، وخشية الله في السر
والعلانية.
الثاني ـ قوله :
الحمد لله.
الثالث ـ الصلاة
شكر ، والصيام شكر ، وكلّ خير يفعل لله شكر.
قال القاضي رضى
الله عنه : حقيقة الشكر استعمال النعمة في الطاعة ، والكفران : استعمالها في
المعصية.
وقليل من يفعل ذلك
، لأن الخير أقلّ من الشر ، والطاعة أقلّ من المعصية بحسب سابق التقدير ، والحمد
لله رب العالمين.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (قُلْ إِنَّ رَبِّي
يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَما
أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قوله
: (يُخْلِفُهُ) ، يعنى يأتى بثان بعد الأول ، ومنه الخلفة في النبات.
وقال أعرابى لأبى
بكر : يا خليفة رسول الله. فقال : لا. بل أنا الخالفة بعده. [قال ثعلب : يريد
بالقاعد بعده] ، والخالفة الذي يستخلفه الرئيس على أهله وماله.
المسألة الثانية ـ
في معنى الخلف هاهنا أربعة أوجه :
الأول ـ يخلفه إذا
رأى ذلك صلاحا ، كما يجيب الدعاء إذا شاء.
__________________
الثاني ـ يخلفه
بالثواب.
الثالث ـ معنى
يخلفه ، فهو أخلفه ، لأنّ كل ما عند العبد من خلف الله ورزقه. روى أشهب وابن نافع
وابن القاسم ، عن مالك ، عن أبى الزّناد ، عن الأعرج ، عن أبى هريرة أن النبىّ
صلّى الله عليه وسلم قال : يقول
الله : يا ابن آدم ، أنفق أنفق عليك. وهذه إشارة إلى أن الخلف في الدنيا بمثل المنفق بها إذا
كانت النفقة في طاعة الله ، وهو كالدعاء كما تقدم سواء ، إمّا أن تقضى حاجته ،
وكذلك في النفقة يعوّض مثله وأزيد ، وإما أن يعوض ، والتعويض هاهنا بالثواب ، وإما
أن يدّخر له ، والادّخار هاهنا مثله في الآخرة.
سورة فاطر
[فيها آيتان]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ
الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ
وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ
عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ في
قوله : (يَصْعَدُ) ، والصعود هو الحركة إلى فوق ، وهو العروج أيضا. ولا
يتصوّر ذلك في الكلام ، لأنه عرض ، ولكن ضرب صعوده مثلا لقبوله ، لأنّ موضع الثواب
فوق ، وموضع العذاب أسفل. والصعود رفعة والنزول هوان.
المسألة الثانية ـ
في الكلم الطيّب ثلاثة أقوال :
الأول ـ أنه
التوحيد الصادر عن عقيدة طيبة.
الثاني ـ ما يكون
موافقا للسنّة.
الثالث ـ ما لا
يكون للعبد فيه حظّ ، وإنما هو حقّ لله سبحانه وتعالى.
المسألة الثالثة :
قوله : (وَالْعَمَلُ
الصَّالِحُ) : هو الموافق للسنة.
المسألة الرابعة ـ
قوله : (يَرْفَعُهُ) : قيل الفاعل في يرفعه مضمر يعود على الله ، أى هو الذي
يرفع العمل الصالح ، كما أنه إليه يصعد الكلم الطيب.
وقيل الفاعل في
يرفعه مضمر يعود على العمل ، المعنى : إلى الله يصعد الكلم الطيب ، والعمل الصالح
هو الذي يصعد الكلم الطيب ، وقد قال السلف بالوجهين ، وهما صحيحان.
فالأول حقيقة ،
لأن الله هو الرافع الخافض ، والثاني مجاز ، ولكنه جائز سائغ.
__________________
وحقيقته أنّ كلام
المرء بذكر الله إن لم يقترن به عمل صالح لم ينفع ، لأنّ من خالف قوله فعله فهو
وبال عليه.
وتحقيق هذا أن
العمل الصالح إذا وقع شرطا في القول أو مرتبطا به فإنه لا قبول له إلا به ، وإن لم
يكن شرطا فيه ولا مرتبطا به فإن كلمه الطيّب يكتب له ، وعمله الصالح يكتب عليه ،
وتقع الموازنة بينهما ، ثم يحكم له بالفوز والربح والخسران.
المسألة الخامسة ـ
ذكروا عند ابن عباس يقطع الصلاة الكلب ، فقرأ هذه الآية : إليه يصعد الكلم الطيّب
والعمل الصالح يرفعه ، وهذا استدلال بعموم على مذهب السلف في القول بالعموم. وقد
دخل هذا في الصلاة بشروطها ، فلا يقطعها عليه شيء إلا بثبوت ما يوجب ذلك من مثل ما
انعقدت به من قرآن أو سنّة. وقد تعلق من رأى ذلك بقوله : يقطع الصلاة المرأة
والحمار والكلب الأسود. وقد بينا ذلك في مسائل الخلاف وشرح الحديث ، وذكرنا أن الآثار
في ذلك بينة متعارضة فتبقى الصلاة على صحتها.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَما يَسْتَوِي
الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ
تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى
الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
وقد قدمنا القول
في طعام البحر وحليته في سورة المائدة والنّحل بما يغنى عن إعادته هاهنا.
__________________
سورة يس
[فيها أربع آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (يس).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ هكذا
كتب على الصورة التي سطّرناها الآن ، وهي في المصحف كذلك ، وكذلك ثبت قوله : (ق) ، وثبت قوله : (ن وَالْقَلَمِ) ، ولم يثبت على التهجّى ، فيقال فيه ياسين ، ولا قيل قاف
والقرآن المجيد ، ولا نون والقلم ، ولو ثبت بهذه الصورة لقلت فيها قول من يقول : إن قاف جبل ، وإن نون الحوت أو الدواة
، فكانت في ذلك حكمة بديعة ، وذلك أن الخلفاء والصحابة الذين
تولّوا كتب القرآن كتبوها مطلقة لتبقى تحت حجاب الإخفاء ، ولا يقطع عليها بمعنى من
المعاني المحتملة ، فإنّ القطع عليها إنما يكون بدليل خبر ، إذ ليس للنظر في ذلك
أثر ، والله أعلم.
المسألة الثانية ـ
اختلف الناس في معناه على أربعة أقوال :
الأول ـ أنه اسم
من أسماء الله تعالى ، قاله مالك ، روى عنه أشهب ، قال : سألت مالكا هل ينبغي لأحد
أن يسمّى يس؟ قال : ما أراه ينبغي ، لقوله الله : يس والقرآن الحكيم
، يقول : هذا اسمى يس.
الثاني ـ قال ابن
عباس : يس يا إنسان بلسان الحبشة ، وقولك يا طه يا رجل. وعنه رواية أنه اسم الله ، كما قال مالك.
الثالث ـ أنه كنى
به عن النبي صلّى الله عليه وسلم قيل له يايس ، أى يا سيد.
الرابع ـ أنه من
فواتح السور. وقد روى عن ابن عباس أنه قال : قال رسول الله صلى
__________________
الله عليه وسلم : سمّانى الله في القرآن سبعة أسماء :
محمدا ، وأحمد ، وطه ، ويس ، والمزمل ، والمدّثّر ، وعبد الله. وهذا حديث لا يصحّ ، وقد جمعنا أسماءه من القرآن والسنة في
كتاب النبي.
المسألة الثالثة ـ
رواية أشهب ، عن مالك : لا
يسمّى أحد يس ، لأنه اسم الله ـ كلام بديع ، وذلك أنّ العبد يجوز له أن يتسمّى باسم الله إذا كان فيه معنى
منه ، كقوله : عالم ، وقادر ، ومريد ، ومتكلم ، وإنما منع مالك من التسمية بهذا ،
لأنه اسم من أسماء الله لا يدرى معناه ، فربما كان معناه ينفرد به الرب ، فلا يجوز
أن يقدم عليه العبد إذا كان لا يعرف هل هو اسم من أسماء الباري فيقدم على خطر منه
، فاقتضى النظر رفعه عنه ، والله أعلم.
فإن قيل : فقد قال
الله تعالى : (سَلامٌ عَلى إِلْ
ياسِينَ).
قلنا : ذلك مكتوب
بهجاء فيجوز التسمية به ، وهذا الذي ليس بمتهجّى هو الذي تكلم مالك عليه لما فيه
من الإشكال. والله أعلم.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ
الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي
إِمامٍ مُبِينٍ).
في مسألة واحدة :
في سبب نزولها :
روى عن ابن عباس
قال : كانت منازل الأنصار بعيدة من المسجد ، فأرادوا أن ينتقلوا إلى المسجد ،
فنزلت : (وَنَكْتُبُ ما
قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ) ، فقالوا : نثبت مكاننا.
وروى الترمذي ، عن
أبى سعيد الخدري ، أن القوم كانوا بنى سلمة ، وأنّ الآية نزلت فيهم.
وفي الصحيح أنّ بنى سلمة أرادوا أن ينتقلوا قريبا
من المسجد ، فقال لهم النبىّ صلّى الله عليه وسلم : يا بنى سلمة ، دياركم تكتب
آثاركم ، يعنى الزموا دياركم تكتب لكم آثاركم، أى خطاكم إلى المسجد ، فإنه كما قال النبي صلّى الله عليه
وسلم : صلاة الرجل في الجماعة تزيد على صلاته في بيته وفي سوقه
سبعا وعشرين ضعفا ، وذلك أنه إذا توضّأ فأحسن الوضوء ، ثم
__________________
خرج
إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة ، وحطّ بها
عنه خطيئة ، فإذا صلّى لم تزل الملائكة تصلّى عليه مادام في مصلّاه الذي صلى فيه :
اللهم صل عليه ، اللهم ارحمه ، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَما عَلَّمْناهُ
الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ كلام
العرب على أوضاع : منها الخطب ، والسّجع ، والأراجيز ، والأمثال ، والأشعار. وكان
النبي صلّى الله عليه وسلم أفصح بنى آدم ، ولكنه حجب عنه الشعر ، لما كان الله قد ادّخر من جعل
فصاحة القرآن معجزة له ، ودلالة على صدقه ، لما هو عليه من أسلوب البلاغة وعجيب
الفصاحة الخارجة عن أنواع كلام العرب اللسن البلغاء الفصح المتشدّقين اللدّ ، كما
سلب عنه الكتابة وأبقاه على حكم الأمية ، تحقيقا لهذه الحالة ، وتأكيدا لها
، وذلك قوله : (وَما يَنْبَغِي لَهُ) ، لأجل معجزته التي بينّا أنّ صفتها من صفته ، ثم هي زيادة
عظمى على رتبته.
المسألة الثانية ـ
قد بينا فيما سبق من أوضاعنا في الأصول وجه إعجاز القرآن وخروجه عن أنواع كلام
العرب ، وخصوصا عن وزن الشعر ، ولذلك قال أخو أبى ذرّ لأبى ذر : لقد وضعت قوله على أقوال
الشعراء فلم يكن عليها ، ولا دخل في بحور العروض الخمسة عشر ، ولا في زيادات
المتأخرين عليها ، لأنّ تلك البحور تخرج من خمس دائر : إحداها ـ دائرة المختلف
ينفكّ منها ثلاثة أبحر : وهي الطويل ، والمديد ، والبسيط ، ثم تتشعب عليها زيادات
كلها منفكّة.
الدائرة الثانية ـ
دائرة المؤتلف ينفك منها بحر الوافر ، والكامل ، ثم يزيد عليها زيادات لا تخرج
عنها.
__________________
الدائرة الثالثة ـ
دائرة المتفق ، وينفكّ منها في الأصل الهزج ، والرجز ، والرمل ، ثم يزيد عليها ما
يرجع إليها.
الدائرة الرابعة ـ
دائرة المجتثّ يجرى عليها ستة أبحر : وهي السريع ، والمنسرح ، والخفيف ، والمضارع
، والمقتضى ، والمجتثّ ، ويزيد عليها ما يجرى معها في أفاعيلها.
الدائرة الخامسة ـ
دائرة المنفرد ، وينفكّ منها عند الخليل والأخفش بحر واحد : وهو المتقارب ، وعند
الزجاج بحر آخر سموه المجتث والمتدارك وركض الخيل.
ولقد اجتهد
المجتهدون في أن يجروا القرآن أو شيئا منه على وزن من هذه الأوزان فلم يقدروا ،
فظهر عند الولىّ والعدو أنه ليس بشعر ، وذلك قوله : (وَما عَلَّمْناهُ
الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ). وقال : (وَما هُوَ بِقَوْلِ
شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ).
المسألة الثالثة ـ
قوله : (وَما يَنْبَغِي لَهُ) تحقيق في نفى ذلك عنه.
وقد اعترض جماعة
من فصحاء الملحدة علينا في نظم القرآن والسنّة بأشياء أرادوا بها التلبيس على
الضعفة ، منها قوله : (فَلَمَّا
تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ
شَهِيدٌ) ، وقالوا : إنّ هذا من بحر المتقارب ، على ميزان قوله :
فأمّا تميم تميم
بن مر
|
|
فألفاهم القوم
رءوسا نياما
|
وهذا إنما اعترض
به الجاهلون بالصناعة ، لأن الذي يلائم هذا البيت من الآية قوله : فلما ... إلى
قوله «كل». وإذا وقفنا عليه لم يتم الكلام. وإذا أتممناه بقوله : (شَيْءٍ شَهِيدٌ) خرج عن وزن الشعر ، وزاد فيه ما يصير به عشرة أجزاء كلها
على وزن فعولن ، وليس في بحور الشعر ما يخرج البيت منه من عشرة أجزاء ، وإنما أكثره ثمانية.
ومنها قوله : (وَيُخْزِهِمْ
وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) ، ادّعوا أنه من بحر الوافر ، وقطّعوه : مفاعيل مفاعيل
فعولن مفاعيل مفاعيل فعولن ، وهو على وزن قول الأول :
__________________
لنا غنم نسوقها
غزار
|
|
كأنّ قرون
جلّتها العصىّ
|
وعلى وزن قول
الآخر :
طوال قنا
يطاعنها قصار
|
|
وقطرك في ندى
ووغى بحار
|
وهذا فاسد من أوجه
:
أحدها ـ أنه إنما
كانت تكون على هذا التقدير لو زدت فيها ألفا بتمكين حركة النون من قوله مؤمنين ،
فتقول مؤمنينا.
الثاني ـ أنها
إنما تكون على الروى بإشباع حركة الميم في قوله : «ويخزهم» ، وإذا دخل عليه
التغيير لم يكن قرآنا ، وإذا قرئ على وجهه لم يكن شعرا.
ومنها قوله : (يُرِيدُ أَنْ
يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ) ، زعموا أنه موافق بحر الرجز في الوزن ، وهذا غير لازم ،
لأنه ليس بكلام تام ، فإن ضممت إليه ما يتمّ به الكلام خرج عن وزن الشعر.
ومنها قوله : (وَجِفانٍ كَالْجَوابِ
وَقُدُورٍ راسِياتٍ). زعموا أنه من بحر الرجز ، كقول الشاعر امرئ القيس :
رهين معجب بالقينات
وهذا لا يلزم من
وجهين :
أحدهما ـ إنما
يجرى على هذا الروى إذا زدت ياء بعد الباء في قولك كالجوابى ، فإذا حذفت الياء
فليس بكلام تام ، فيتعلق به أنه ليس على وزن شيء.
ومنها قوله : (قُلْ لَكُمْ مِيعادُ
يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) ، فقالوا : هذه آية تامة ، وهي على وزن بيت من الرّمل ،
وهذه مغالطة ، لأنه إنما يكون كذلك بأن تحذف من قولك لا تستأخرون قوله : «لاتس»
وتوصل قولك يوم بقولك تأخرون ، وتقف مع ذلك على النون من قولك تأخرون ، فتقول
تأخرونا بالألف ، ويكون حينئذ مصراعا
__________________
ثانيا ، ويتمّ
المصراعان بيتا من الرمل حينئذ ، ولو قرئ كذلك لم يكن قرآنا ، ومتى قرئت الآية على
ما جاءت لم تكن على وزن الشعر.
ومنها قوله : (وَدانِيَةً
عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً). وهذا موضوع على وزن الكامل من وجه ، وعلى روىّ الرجز من
وزن آخر ، وهذا فاسد ، لأن من قرأ عليهم وزن الكامل من وجه ، وعلى روىّ الرجز من
وزن آخر ، وهذا فاسد ، لأن من قرأ عليهم بإسكان الميم يكون على وزن فعول ، وليس في
بحر الكامل ولا في بحر الرجز فعولن بحال ، ومن أشبع حركة الميم فلا يكون بيتا إلا
بإسقاط الواو من دانية ، وإذا حذفت الواو بطل نظم القرآن.
ومنها قوله : (وَوَضَعْنا عَنْكَ
وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) ، زعموا ـ أرغمهم الله ـ أنها من بحر الرّمل ، وأنها ثلاثة
أبيات كلّ بيت منها على مصراع ، وهو من مجزوّه على فاعلات فاعلات ، ويقوم فيها
فعلات مقامه ، فيقال لهم : ما جاء في ديوان العرب بيت من الرمل على جزأين ، وإنما
جاء على ستة أجزاء تامة كلّها فاعلات أو فعلات أو على أربعة أجزاء كلها فاعلات أو
فعلات ، فأما على جزأين كلاهما فاعلات فاعلات فلم يرد قطّ فيها ، وكلامهم هذا
يقتضى أن تكون كلّ واحدة من هذه الآيات على وزن بعض بيت ، وهذا مما لا ننكره ،
وإنما ننكر أن تكون آية تامة ، أو كلام تام من القرآن على وزن بيت تامّ من الشعر.
فإن قيل : أليس
يكون المجزوّ والمربع من الرمل تارة مصرّعا وتارة غير مصرع ، فما أنكرتم أن تكون
هذه الآيات الثلاث من المجزو والمربع المصرع من الرمل.
قلنا : إنّ البيت
من القصيدة إنما يكون مصرعا إذا كان فيه أبيات أو بيت غير مصرع ، فأما إذا كانت
أنصاف أبياته كلها على سجع واحد وكلّ نصف منها بيت برأسه فقد بينا أنه ليس في
الرمل ما يكون على جزأين ، وكل واحد من هذه الآيات جزآن ، فلم يرد على شرط الرمل.
ومنها قوله تعالى : (أَرَأَيْتَ الَّذِي
يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ). وهذا
__________________
باطل ، لأن الآية
لا تقع في أقوال الشعراء إلا بحذف اللام من قوله : «فذلك» ، وبتمكين حركة
الميم من اليتيم ، فيكون اليتيما.
ومنها قوله تعالى : (إِنِّي وَجَدْتُ
امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ). فقوله : (وَأُوتِيَتْ مِنْ
كُلِّ شَيْءٍ وَلَها) بيت تام ، فقد بينا فساد هذا ، وأن بعض آية وجزءا من كلام
لا يكون شعرا.
فإن قيل : يقع بعد
ذلك قوله : (وَلَها عَرْشٌ
عَظِيمٌ) إتماما للكلام على معنى النظمين ، وقد جاء ذلك في أشعارهم
، قال النابغة :
وهم وردوا
الجفار على تميم
|
|
وهم أصحاب يوم
عكاظ إنّى
|
شهدت لهم مواطن
صالحات
|
|
أنرتهم بنصح
القول منّى
|
قلنا : التضمين
على عيبه إنما يكون في بيت على تأسيس بيت قبله ، فأما أن يكون التأسيس بيتا والتضمين
أقلّ من بيت فليس ذلك بشعر عند أحد من العرب ، ولا ينكر أحد أن يكون بعض آية على
مثال قول الشعر ، كقوله تعالى : (إِنْ يَنْتَهُوا
يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) ، فهذا على نصف بيت من الرجز.
وكذلك قوله تعالى : (وَأَعْطى قَلِيلاً
وَأَكْدى) على نصف بيت من المتقارب المستمر ، وهذا كثير.
المسألة الرابعة ـ
وقد ادّعوه في كلام رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقالوا : إن لم يكن في كتاب
الله فهو في كلام الذي نفيت عنه معرفة الشعر ، فمن ذلك قوله صلّى الله عليه وسلم :
أنا النبىّ لا كذب.
أنا ابن عبد المطلب.
قلنا : قد قال
الأخفش : إن هذا ليس بشعر ، وروى ابن المظفر ، عن الخليل في كتاب العين : إن ما
جاء من السجع على جزأين لا يكون شعرا. وروى غيره عنه أنه من منهوك الرجز.
__________________
فعلى القولين
الأولين لا يكون شعرا ، وعلى القول الثالث لا يكون منهوك رجز إلّا بالوقف على
الباء من قولك لا كذب ، ومن قوله عبد المطلب ، ولم يعلم كيف قالها النبىّ صلى الله
عليه وسلم ، والأظهر من حاله أنه قال : لا كذب بتنوين الباء مرفوعة وبخفض الباء من
عبد المطلب على الإضافة ، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلم فيما يؤثر عنه متمثلا بقول طرفة :
ستبدى
لك الأيام ما كنت جاهلا
|
|
ويأتيك
من لم تزوّد بالأخبار
|
وقال
:
أتجعل
نهبي ونهب العبي
|
|
د
بين الأقرع وعيينة
|
وقال
:
*كفى
الإسلام والشيب للمرء ناهيا*
فقال له أبو بكر
في ذلك : بأبى أنت وأمى! وقبّل رأسه ، قال الله : (وَما عَلَّمْناهُ
الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ).
قالوا : ومنها
قوله :
هل
أنت إلا إصبع دميت
|
|
وفي
سبيل الله ما لقيت
|
وألزمونا أنّ هذا
شعر موزون من بحر السريع.
قلنا : إنما يكون
هذا شعرا موزونا إذا كسرت التاء من دميت ولقيت ، فإن سكنت لم يكن شعرا بحال ، لأن
هاتين الكلمتين على هذه الصفة تكون فعول ، ولا مدخل لفعول في بحر السريع. ولعل
النبىّ صلّى الله عليه وسلم قالها ساكنة التاء أو متحركة التاء من غير إشباع.
قالوا : ومنها
قوله : «الله مولانا ولا
مولى لكم» فادّعوا أنه على
وزن مشطور الرجز.
قلنا : إنما يكون
شعرا إذا تكلّم به المتكلم موصولا ، فإن وقف على قوله الله مولانا ، أو وصل وحرك
الميم من قوله لكم لم يكن شعرا. وقد نقله ووصله بكلام.
ومنها قوله : الولد للفراش وللعاهر الحجر. وهذ فاسد لا يكون شعرا إلا بعد تفسير ما قاله النبي صلّى
الله عليه وسلم ، فتسكن اللام من قولك الولد ، وهذا لا يقوله أحد.
__________________
وقد أجاب عن ذلك
علماؤنا بأنّ ما يجرى على اللسان من موزون الكلام لا يعدّ شعرا ، وإنما يعدّ منه
ما يجرى على وزن الشعر ومع القصد إليه. فقد يقول قائل : حدثنا شيخ لنا ، وينادى يا
صاحب الكساء ، ولا يعدّ هذا شعرا.
وقد كان رجل ينادى
في مرضه وهو من عرض العامة العقلاء : اذهبوا بي إلى الطبيب ، وقولوا قد اكتوى ،
وبهذا وسواه يتبيّن صحة الآية معنى ، وبطلان ما موّهوا به قطعا.
المسألة الخامسة ـ
روى ابن القاسم عن مالك أنه سئل عن إنشاد الشعر قال : لا تكثر منه ، فمن عيبه أن
الله يقول : (وَما عَلَّمْناهُ
الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ). قال : ولقد بلغني أنّ عمر ابن الخطاب كتب إلى أبى موسى
الأشعرى أن اجمع الشعراء قبلك واسألهم عن الشعر ، وهل بقي معهم معرفة به ، وأحضر
لبيدا ذلك. قال : فجمعهم وسألهم فقالوا : إنا لنعرفه ونقوله. وسأل لبيدا فقال : ما
قلت شعرا منذ سمعت الله يقول : (الم ذلِكَ الْكِتابُ
لا رَيْبَ فِيهِ).
قال ابن العربي :
هذه الآية ليست من عيب الشعر ، كما لم يكن قوله تعالى : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا
مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ) من عيب الخط . فلما لم تكن الأميّة من عيب الخط كذلك لا يكون نفى النظم
عن النبي صلّى الله عليه وسلم من عيب الشعر ، وقد بينّا حال الشّعر في سورة الظلة
، والحمد لله.
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (وَضَرَبَ لَنا
مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
يروى أنّ أبى بن خلف أو العاصي بن وائل مرّ
برمّة بالية فأخذها ، وقال : اليوم أغلب محمدا ، وجاء إليه ، فقال : يا محمد ، أنت
الذي تزعم أنّ الله يعيد هذا كما بدأه ، وفتّته بيده ، حتى عاد رميما ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ
خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي
أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ...)
إلى آخر السورة.
__________________
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (قالَ مَنْ يُحْيِ
الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) دليل على أنّ في العظام حياة ، وأنه ينجس بالموت ، لأنّ كل
محل تحلّ الحياة به فيخلفها الموت ينجس ويحرم بقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ
الْمَيْتَةُ) ، وساعدنا أبو حنيفة فيه ، وقال الشافعى : لا حياة فيه ولا
ينجس بالموت. وقد اضطرب أرباب المذاهب فيه ، والصحيح ما قدمناه.
فإن قيل : أراد
بقوله : من يحيى العظام ، يعنى أصحاب العظام ، وإقامة المضاف مقام المضاف إليه
كثير في اللغة موجود في الشريعة.
قلنا : إنما يكون
ذلك إذا احتيج إليه لضرورة ، وليس هاهنا ضرورة تدعو إلى هذا الإضمار ، ولا يفتقر
إلى هذا التقدير ، وإنما يحمل الكلام على الظاهر ، إذا الباري ـ سبحانه ـ قد أخبر
به وهو قادر عليه ، والحقيقة تشهد له ، فإنّ الإحساس الذي هو علامة الحياة موجود
فيه ، وقد بيناه في مسائل الخلاف.
__________________
سورة الصافات
[مكية فيها آيتان]
الآية الأولى :
قوله تعالى : (فَلَمَّا بَلَغَ
مَعَهُ السَّعْيَ قالَ : يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ
فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ
اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ اختلف
في الذّبيح ، هل هو إسحاق أو إسماعيل؟ وقد اختلف الناس فيه اختلافا كثيرا قد بيناه
في مسألة تبيين الصحيح في تعيين الذّبيح ، وليست المسألة من الأحكام ولا من أصول
الدّين ، وإنما هي من محاسن الشريعة وتوابعها ومتمماتها لا أمهاتها.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (إِنِّي أَرى فِي
الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) ، ورؤيا الأنبياء وحى ، حسبما بيناه في كتب الأصول وشرح
الحديث ، لأن الأنبياء ليس للشيطان عليهم في التخييل سبيل ، ولا للاختلاط عليهم
دليل ، وإنما قلوبهم صافية ، وأفكارهم صقيلة ، فما ألقى إليهم ، ونفث به الملك في
روعهم ، وضرب المثل له عليهم فهو حق ، ولذلك قالت عائشة رضى الله عنها : وما كنت
أظنّ أنه ينزل في قرآن يتلى ، ولكن رجوت أن يرى رسول الله صلّى الله عليه وسلم
رؤيا يبرّئنى الله بها.
المسألة الثالثة ـ
قد بينا في كتب الأصول والحديث حقيقة الرؤيا ، وقد قدمنا في هذا الكتاب نبذة منها
، وأنّ الباري ـ تبارك وتعالى ـ يضربها للناس ، ولها أسماء وكنى ، فمنها رؤيا تخرج
بصفتها ، ومنها رؤيا تخرج بتأويلها وهو كنيتها.
وفي صحيح الحديث
أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال العائشة : أريتك في سرقة من حرير. فقال الملك : هذه زوجك ، فاكشف عنها ، فإذا هي
أنت. فقلت : إن يك هذا من عند الله يمضه. ولم يشك صلّى الله عليه وسلم فيه لقوله :
فقال لي الملك ، ولا يقول
__________________
الملك إلا حقا ،
ولكن الأمر احتمل عند النبي صلّى الله عليه وسلم أن تكون الرؤيا باسمها أو تكون
بكنيتها ، فإن كانت باسمها فتكون هي الزوجة ، وإن كانت الرؤيا مكنّاة فتكون في
أختها أو قرابتها أو جارتها ، أو من يسمّى باسمها ، أو غير ذلك من وجوه التشبيهات
فيها ، وهذا أصل تقرّر في الباب فليحفظ وليحصّل ، فإنه أصله.
المسألة الرابعة ـ
قد جرى في هذه الآية غريبة قد بيناها حيث وقعت من كلامنا ، ذكرها جميع علمائنا مع
أحزاب الطوائف ، وهي مسألة النسخ قبل الفعل ، لأنه رفع الأمر بالذبح قبل أن يقع
الذبح ، ولو وقع لم يتصوّر رفعه.
وقال المخالفون :
إنه لم ينسخ ، ولكنه نفذ الذبح ، وكان كلما قطع جزءا التأم ، فاجتمع الذّبح
والإعادة لموضعها حسبما كانت.
وقالت طائفة : وجد
حلقه نحاسا أو مغشّى بنحاس ، فكان كلما أراد قطعا وجد منعا ، وذلك كلّه جائز في
القدرة الإلهية ، ولكن يفتقر إلى نقل صحيح ، فإنه لا يدرك بالنظر ، وإنما طريقه
الخبر ، وكان الذبح والتئام الأجزاء بعد ذلك أوقع في مطلوبهم من وضع النحاس موضع
الجلد واللحم ، وكله أمر بعيد من العلم ، وباب التحقيق فيها ومسلكه ما بيناه
واخترناه ، فأوضحنا لبابه الذي لم نسبق إليه إن شاء الله تعالى : قال ـ مخبرا عن
إبراهيم: إنه قال لولده : (يا بُنَيَّ إِنِّي
أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى. قالَ : يا أَبَتِ
افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ. فَلَمَّا
أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ. وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ
الرُّؤْيا).
وقد ثبت أنّ رؤيا
الأنبياء وحى ، لأنّ الرؤيا إما أن تكون من غلبة الأخلاط كما تقول الفلاسفة وتلك
أخلاط ، وأيها فليس لها بالأنبياء أخلاط ، وإما أن تكون من حديث النفس ولم يحدّث
إبراهيم قط نفسه بذبح ولده ، وإما أن تكون من تلاعب الشيطان ، فليس للشيطان على
الأنبياء سبيل في تخييل ولا تلاعب ، حسبما بيناه وقررناه ومهّدناه وبسطناه.
فقال إبراهيم
لابنه : رأيت أنى أذبحك في المنام ، فأخذ الوالد والولد الرؤيا بظاهرها واسمها ،
وقال له : افعل ما تؤمر ، إذ هو أمر من قبل الله تعالى ، لأنهما علما أن رؤيا
الأنبياء وحى الله ، واستسلما لقضاء الله ، هذا في قرّة عينه ، وهذا في نفسه أعطى
ذبحا فداء،
__________________
وقيل له : هذا
فداؤك ، فامتثل فيه ما رأيت فإنه حقيقة ما خاطبناك فيه ، وهو كناية لا اسم ، وجعله
مصدّقا للرؤيا بمبادرته الامتثال ، فإنه لا بد من اعتقاد الوجوب والتهيّؤ للعمل.
فلما اعتقدا
الوجوب ، وتهيّآ للعمل ، هذا بصورة الذابح ، وهذا بصورة المذبوح ، أعطى محلا للذبح
فداء عن ذلك المرئي في المنام ، يقع موضعه برسم الكناية وإظهار الحق الموعود فيه.
فإن قيل : قد قال
له الولد : (يا أَبَتِ افْعَلْ ما
تُؤْمَرُ) فأين الأمر؟
قلنا : هما كلمتان
إحداهما من الوالد إبراهيم ، والثانية من الولد إسماعيل. فأما كلمة إبراهيم فهي
قوله أذبحك ، وهو خبر لا أمر ، وأما كلمة إسماعيل : افعل ما تؤمر ، وهو أمر ، وقول
إبراهيم : (إِنِّي أَرى فِي
الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) وإن كانت [صيغته] صيغة الخبر فإن معناها الأمر ضرورة ، لأنه لو كان عبارة عن خبر واقع لما كان له
تأويل ينتظر ، وإنما هو بصيغة الخبر ، ومعناه الأمر ضرورة. فقال إسماعيل لأبيه
إبراهيم : (افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) ، فعبّر عن نفسه بالانقياد إلى معنى خبر أبيه ، وهو الأمر
، ولذلك قال الله تعالى : (قَدْ صَدَّقْتَ
الرُّؤْيا) حين تيسّرا للعمل ، وأقبلا على الفعل ، فكان صدقها ذبحا
مكانها ، وهو الفداء ، وكان ذلك أمرا في المعنى ضرورة ، فكان ما كان من إبراهيم
امتثالا ، ومن إسماعيل انقيادا ، ووضحت المعاني بحقيقتها ، وجرت الألفاظ على
نصابها لصوابها ، ولم يحتج إلى تأويل فاسد يقلب الجلد نحاسا أو غيره.
المسألة الخامسة ـ
لما قررنا حظّ التفسير والأصول في هذه الآية تركبت عليها مسألة من الأحكام ، وهو إذا نذر الرجل ذبح ولده. فقال الشافعى : هي معصية
يستغفر الله منها ـ وقال أبو حنيفة : هي كلمة يلزمه بها ذبح شاة.
وقال أبو عبد الله
إمام دار الهجرة : يلزمه ذبح شاة في تفصيل بيناه في كتب الفروع.
والذي ذكرناه هو
الذي ننظره الآن.
ودليلنا أنّ الله
تعالى جعل ذبح الولد عبارة عن ذبح الشاة شرعا ، فألزم الله إبراهيم ذبح الولد ، وأخرجه عنه بذبح الشاة ، وكذلك إذا نذر العبد ذبح ولده
يجب أن يلزمه ذبح شاة ، لأن
__________________
الله تعالى قال : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ.) والإيمان إلزام أصلى. والنذر إلزام فرعى ، فيجب أن يكون
عليه محمولا.
فإن قيل : كيف
يؤمر إبراهيم بذبح الولد وهي معصية والأمر بالمعصية لا يجوز؟ قلنا : هذا اعتراض على
كتاب الله ، فلا يكون ذلك ممن يعتقد الإسلام ، فكيف ممن يفتي في الحلال منه
والحرام؟ وقد قال الله تعالى : (افْعَلْ ما تُؤْمَرُ).
والذي يجلو
الالتباس عن قلوب الناس في ذلك أنّ المعاصي والطاعات ليست بأوصاف ذاتية للأعيان ،
وإنما الطاعة عبارة عما تعلّق به الأمر من الأفعال ، والمعصية عبارة عما تعلّق به النهى من الأفعال ، فلما تعلّق الأمر
بذبح الولد إسماعيل من إبراهيم صار طاعة وابتلاء ، ولهذا قال الله تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) ، أى الصبر على ذبح الولد والنفس. ولما تعلّق النهى بنا في
ذبح أبنائنا صار معصية.
فإن قيل : كيف
يصير نذرا وهو معصية؟
قلنا : إنما يصير
معصية لو كان هو يقصد ذبح ولده بنذره ولا ينوى الفداء.
فإن قيل : فإن وقع ذلك وقصد المعصية ولم ينوى الفداء؟
قلنا : لو قصد ذلك
لم يضره في قصده ، ولا أثر في نذره ، لأن ذبح الولد صار عبارة عن ذبح الشاة شرعا.
فإن قيل : فكيف
يصح أن يكون عبارة عنه وكناية فيه ، وإنما يصح أن يكون الشيء كناية عن الشيء بأحد
وجهين ، إما باشتباههما في المعنى الخاص ، وإما بنسبة تكون بينهما ، وهاهنا لا
نسبة بين الطاعة وهو النذر ، ولا بين المعصية وهي ذبح الولد ، ولا تشابه أيضا
بينهما ، فإنّ ذبح الولد ليس بسبب لذبح الشاة.
قلنا : هو سبب له
شرعا لأنه جعل كناية عنه في الشرع. والأسباب إنما تعرف عادة أو شرعا ، وقد
استوفينا باقى الكلام على المسألة في كتب الأصول ومسائل الخلاف.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ
الْمُدْحَضِينَ).
__________________
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ يونس
عليه السلام رسول ربّ العالمين ، وهو يونس بن متى ، قال النبي صلّى الله عليه وسلم
: لا تفضّلونى على يونس
بن متى. ونسبه إلى أبيه ،
أخبرنى غير واحد من أصحابنا عن إمام الحرمين أبى المعالي عبد الملك بن عبد الله بن
يوسف الجويني أنه سئل : هل الباري تعالى في جهة؟ فقال : لا ، هو يتعالى عن ذلك.
قيل له : ما الدليل عليه ؟ قال : الدليل عليه قوله عليه السلام : لا تفضّلونى على يونس بن متى ، فقيل له : ما وجه الدليل من هذا الخبر؟ قال : لا أقوله
حتى يأخذ ضيفي هذا ألف دينار يقضى بها دينه. فقام رجلان فقالا : هي علينا. فقال :
لا يتبع بها اثنين ، لأنه يشق عليه. فقال واحد: هي علىّ.
فقال إن يونس بن
متى رمى بنفسه في البحر ، فالتقمه الحوت ، وصار في قعر البحر في ظلمات ثلاث ،
ونادى : لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين ، كما أخبر الله عنه ، ولم يكن
محمد صلّى الله عليه وسلم بأقرب من الله من يونس حين جلس على الرفرف الأخضر ،
وارتقى به ، وصعد حتى انتهى به إلى موضع يسمع منه صرير الأقلام ، وناجاه ربه بما
ناجاه ، وأوحى إلى عبده ما أوحى ـ بأقرب من الله من يونس بن متى في بطن الحوت
وظلمة البحر.
قصدت قبره مرارا
لا أحصيها بقرية جلجون في مسيري من المسجد الأقصى إلى قبر الخليل ، وبتّ به ،
وتقربت إلى الله تعالى بمحبته ، ودرسنا كثيرا من العلم عنده ، والله ينفعنا به.
المسألة الثانية ـ
بعثه الله إلى أهل نينوى من قرى الموصل على دجلة ومن داناهم ، فكذبوه على عادة
الأمم مع الرسل ، فنزل جبريل على يونس ، فقال له : إن العذاب يأتى قومك يوم كذا
وكذا. فلما كان يومئذ جاءه جبريل ، فقال له : إنهم قد حضرهم العذاب. قال له يونس :
ألتمس دابّة. قال : الأمر أعجل من ذلك. قال : فألتمس حذاء. قال : الأمر أعجل من
ذلك. قال : فغضب يونس وخرج ، وكانت العلامة بينه وبين قومه في نزول العذاب عليهم
خروجه عنهم. فلما فقدوه خرجوا بالصغير والكبير ، والشاة والسخلة ، والناقة والهبع
__________________
والفحل ، وكل شيء
عندهم ، وعزلوا الوالدة عن ولدها والمرأة عن حليلها ، وتابوا إلى الله ، وصاحوا
حتى سمع لهم عجيج ، فأتاهم العذاب حتى نظروا إليه ، ثم صرفه الله عنهم ، فغضب يونس
، وركب البحر في سفينة ، حتى إذا كانوا حيث شاء الله ركدت السفينة وقيل: هاج البحر
بأمواجه ، وقيل : عرض لهم حوت حبس جريتها ، فقالوا : إنّ فينا مشئوما أو مذنبا ،
فلنقترع عليه ؛ فاقترعوا فطار السهم على يونس ، فقالوا : على مثل هذا يقع السهم!
قد أخطأنا فأعيدوها ، فأعادوا القرعة فوقعت عليه ، فقالوا مثله ، وأعادوها ، فوقعت
القرعة عليه. فلما رأى ذلك يونس رمى بنفسه في البحر ، فالتقمه الحوت ، فأوحى الله
إليه : إنا لم نجعل يونس لك رزقا ، وإنما جعلنا بطنك له سجنا ، فنادى أن لا إله
إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين ، فاستجاب الله له ، وأمر الحوت فرماه على
الساحل قد ذهب شعره ، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين ، فلما ارتفعت الشمس تحاتّ ورقها ، فبكى ؛ فأوحى الله إليه أتبكي على شجرة
أنبتّها في يوم وأهلكتها في يوم ، ولا تبكى على مائة ألف أو يزيدون آمنوا
فمتّعناهم إلى حين.
المسألة الثالثة ـ
قوله : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ
الْمُدْحَضِينَ) نصّ على القرعة. وكانت في شريعة من قبلنا جائزة في كل شيء
على العموم على ما يقتضيه موارد أخبارها في الإسرائيليات ، وجاءت القرعة في شرعنا
على الخصوص على ما أشرنا إليه في سورة آل عمران ، فإنّ القوم اقترعوا على مريم
أيّهم يكفلها ، وجرت سهامهم عليها والقول في جرية الماء بها ، وليس ذلك في شرعنا ،
وإنما تجرى الكفالة على مراتب القرابة ، وقد وردت القرعة في الشرع في ثلاثة مواطن
: الأول ـ كان النبىّ صلّى عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ، فأيتهنّ خرج
سهمها خرج بها معه.
الثاني ـ أنّ
النبي صلّى الله عليه وسلم رفع إليه أنّ رجلا أعتق في مرض موته ستة أعبد لا مال له
غيرهم ، فأقرع بينهم ، فأعتق اثنين وأرق أربعة.
الثالث ـ أن رجلين
اختصما إليه في مواريث درست ، فقال : اذهبا
وتوخّيا الحق واستهما ، وليحلل كلّ واحد منكما صاحبه.
__________________
فهذه ثلاثة مواطن
، وهي القسم في النكاح ، والعتق ، والقسمة ، وجريان القرعة فيها لرفع الإشكال وحسم
داء التشهى.
واختلف علماؤنا في
القرعة بين الزوجات عند الغزو على قولين ، الصحيح منهما الاقتراع ، وبه قال أكثر
فقهاء الأمصار ، وذلك لأنّ السفر بجميعهن لا يمكن ، واختيار واحدة منهن إيثار ،
فلم يبق إلا القرعة.
وكذلك مسألة
الأعبد الستة فإن كل اثنين منهم ثلث ، وهو القدر الذي يجوز له فيه العتق في مرض
الموت ، وتعيينهما بالتشهّي لا يجوز شرعا ، فلم يبق إلا القرعة.
وكذلك التشاجر إذا
وقع في أعيان المواريث لم يميّز الحقّ إلا القرعة ، فصارت أصلا في تعيين المستحقّ
إذا أشكل.
والحقّ عندي أن
تجرى في كل مشكل ، فذلك أبين لها ، وأقوى لفصل الحكم فيها ، وأجلى لرفع الإشكال
عنها ، ولذلك قلنا : إنّ القرعة بين الزوجات في الطلاق كالقرعة بين الإماء في
العتق ، وتفصيل الاقتراع في باب القسمة مذكور في كتب الفقه.
المسألة الرابعة ـ
الاقتراع على إلقاء الآدمي في البحر لا يجوز ، فكيف المسلم؟ وإنما كان ذلك في يونس
وفي زمانه مقدّمة لتحقيق برهانه وزيادة في إيمانه ، فإنه لا يجوز لمن كان عاصيا أن
يقتل ولا يرمى به في النار والبحر ، وإنما تجرى عليه الحدود والتعزير على مقدار
جنايته.
فإن قيل : إنما
رمى في البحر ، لأنّ السفينة وقفت وأشرفت على الهلاك ، فقالوا : هذا من حادث فينا
فانظروا من بينكم فلم يتعين ، فسلطوا عليه مسبار الإشكال ، وهي القرعة ، فلما
خرجوا بالقرعة إليه مرة بعد أخرى علم أنه لا بدّ من رميهم له ، فرمى هو بنفسه ،
وأيقن أنه بلاء من ربه ، ورجا حسن العاقبة ، ولهذا ظن بعض الناس أنّ البحر
إذا هال على القوم فاضطروا إلى تخفيف السفينة أن القرعة تضرب عليهم ، فيطرح بعضهم
تخفيفا. وهذا فاسد ، فإنها لا تخفّ برمي بعض الرجال ، وإنما ذلك في الأموال ،
وإنما يصبرون على قضاء الله ، وذلك كلّه مستوفى عند ذكر المسائل الفروعية.
__________________
سورة ص
[فيها إحدى عشرة آية]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (إِنَّا سَخَّرْنَا
الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ قد
ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة سبأ (يا جِبالُ أَوِّبِي
مَعَهُ وَالطَّيْرَ) ، فأذن الله للجبال ، وخلق فيها ، ويسّر لها أن تسبّح مع
داود عليه السلام إذا سبّح ، وكذلك الطير ، وكان تسبيح داود إثر صلاته عند طلوع
الشمس ، وعند غروبها ، وهي صلاة الأمم قبلنا فيما يروى أهل التفسير ، ثم قال : والطّير محشورة ، وهي :
المسألة الثانية ـ
(كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) ، أى راجع إليه ، ترجع معه ، وتسبّح بتسبيحه ، وتحنّ إلى
صوته لحسنه ، وتمثّل مثل عبادته لربه.
فإن قيل : وهل
للطير عبادة أو تكليف؟
قلنا : كلّ له
عبادة ، وكلّ له تسبيح كما تقدم ، والكلّ مكلّف بتكليف التسخير ، وليس بتكليف
الثواب والعقاب ، وإنما جعل الله ذلك كله آية لداود عليه السلام وكرامة من تسخير
الكلّ له تسخير القهر والغلبة ، وآمن الجنّ بمحمد صلى الله عليه وسلم إيمان
الاختيار والطاعة ، فقالوا : (إِنَّا سَمِعْنا
قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ) « (يا قَوْمَنا
أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ).
المسألة الثالثة ـ
قال ابن عباس : ما كنت أعلم صلاة الضحى في القرآن حتى سمعت الله يقول : (يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) ، وعلى هذا جاء قوله أيضا ـ في أحد التأويلات ، (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها
بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ).
__________________
والأصحّ هاهنا
أنها صلاة الضّحى والعصر ، فأما صلاة الضحى فهي في هذه الآية نافلة مستحبّة
، وهي في الغداة بإزاء العصر في العشىّ ، لا ينبغي أن تصلّى حتى تبيضّ الشمس. طالعة
، ويرتفع كدرها ، وتشرق بنورها ، كما لا تصلّى العصر إذا اصفرّت الشمس.
ومن الناس من
يبادر بها قبل ذلك استعجالا لأجل شغله ، فيخسر عمله ، لأنه يصلّيها في الوقت
المنهىّ عنه ، ويأتى بعمل هو عليه لا له.
المسألة الرابعة ـ
ليس لصلاة الضّحى تقدير معيّن إلا أنها صلاة تطوّع ، وأقلّ التطوّع عندنا ركعتان ،
وعند الشافعى ركعة. وقد بينا ذلك في مسائل الخلاف.
وفي صلاة الضحى
أحاديث أصولها ثلاثة :
الأول ـ حديث أبى
ذرّ وغيره ، عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : يصبح على كل سلامى من ابن آدم صدقة : تسليمه على من لقيه صدقة ، وأمره
بالمعروف صدقة ، ونهيه عن المنكر صدقة ، وإماطته الأذى عن الطريق صدقة ، ونفقته
على أهله صدقة ، ويكفى عن ذلك كله ركعتان من الضحى.
الثاني ـ حديث سهل
بن معاذ بن أنس الجهني ، عن أبيه أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال : من قعد في مصلّاه حين ينصرف من صلاة
الصبح حتى يسبّح صلاة الضحى لا يقول إلّا خيرا غفرت خطاياه ، وإن كانت مثل زبد البحر.
الثالث ـ حديث أم
هانئ أن النبي صلّى الله
عليه وسلم صلى يوم الفتح [ضحى] ثماني ركعات ، وقالت عائشة : ما سبّح رسول الله صلّى الله
عليه وسلم سبحة الضحى قط ، وإنى لأستحبّها.
وعنها أيضا أنها
قالت : لم يكن رسول الله
صلّى الله عليه وسلم يصلّى الضحى إلا أن يجيء من مغيبه. وتمام ذلك في شرح الحديث.
__________________
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ
وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
: (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ).
قد بينا في كتاب
الأمد وغيره أنّ الشدّ عبارة عن كثرة القدر ، وفي تعيين ذلك قولان :
أحدهما الهيبة.
والثاني ـ بكثرة الجنود. وعندي أنّ معناه شددناه بالعون والنّضرة ، ولا ينفع الجيش
الكثير التفافه على غير منصور وغير معان.
المسألة الثانية ـ
قوله : (مُلْكَهُ).
قد بينا في كتاب
الأمد وغيره الملك والمعنى فيه وفي تفسير قول الله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ
الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ).
وحقيقة الملك كثرة
الملك ، فقد يكون الرجل ملكا ولكن لا يكون ملكا ذا ملك حتى يكثر ذلك ، فلو ملك
الرجل دارا وقوتا لم يكن ملكا حتى يكون له خادم يكفيه مؤنة التصرف في المنافع التي
يفتقر إليها لضرورة الآدمية حسبما ورد في الحديث.
المسألة الثالثة ـ
في هذا دليل على أنّ حال النبي يجوز أن يسمّى ملكا ، وقد روى أنّ النبىّ صلّى الله
عليه وسلم أمر العباس أن يحبس أبا سفيان عند خطم الجبل ، حتى يمرّ به المسلمون ،
فحبسه العباس فجعلت القبائل تمرّ مع النبي صلّى الله عليه وسلم كتيبة كتيبة على
أبى سفيان ، فمرّت كتيبة ، فقال : يا عباس ، من هذه؟ قال له غفار. قال : مالي
ولغفار! ثم مرّت جهينة فقال مثل ذلك ، ثم مرت سعد بن هذيم ، فقال مثل ذلك ، ثم مرت
سليم فقال مثل ذلك ، حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها ، فقال : من هذه؟ قال : هؤلاء
الأنصار ، عليهم سعد بن عبادة ، وذكر الحديث ، فقال أبو سفيان للعباس : لقد أصبح
ملك ابن أخيك اليوم عظيما. فقال : إنّه ليس بملك ، ولكنها النبوة.
ولم يرد العباس
نفى الملك ، وإنما أراد أن يردّ على أبى سفيان في نسبة حال النبي صلى الله
__________________
عليه وسلم إلى
مجرّد الملك ، وترك الأصل الأكبر وهو النبوة التي تتركب على الملك والعبودية.
على أنه روى في
الحديث أنّ جبريل نزل على
النبي صلّى الله عليه وسلم فقال له : إنّ الله خيّرك بين أن تكون نبيا ملكا أو
نبيا عبدا ، فنظر إلى جبريل كالمستشير له ، فأشار إليه جبريل : أن تواضع ، فقال :
بل نبيا عبدا أجوع يوما وأشبع يوما.
المسألة الرابعة ـ
قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ
الْحِكْمَةَ). قد بيناها في غير موضع.
المسألة الخامسة ـ
قوله تعالى : (وَفَصْلَ الْخِطابِ).
قيل : هو علم
القضاء ، وقيل : هو الإيجاز بجعل المعنى الكثير في اللفظ القليل. وقيل: هو قوله :
أمّا بعد. وكان أوّل من تكلّم بها ، فأما علم القضاء فلعمر إلهك إنه لنوع من العلم
مجرّد ، وفصل منه مؤكّد غير معرفة الأحكام والبصر بالحلال والحرام ، ففي الحديث:
أقضاكم علىّ ، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل.
وقد يكون الرجل
بصيرا بأحكام الأفعال عارفا بالحلال والحرام ، ولا يقوم بفصل القضاء فيها ، وقد
يكون الرجل يأتى القضاء من وجهه باختصار من لفظه وإيجاز في طريقه بحذف التطويل ،
ورفع التشتيت ، وإصابة المقصود.
ولذلك يروى أنّ
علىّ بن أبى طالب قال : لما
بعثني النبىّ صلّى الله عليه وسلم إلى اليمن حفر قوم زبية للأسد ، فوقع فيها الأسد
، وازدحم الناس على الزّبية ، فوقع فيها رجل ، وتعلّق بآخر ، وتعلّق الآخر بآخر ،
حتى صاروا أربعة ، فحرجهم الأسد فيها ، فهلكوا ، وحمل القوم السلاح ، وكاد يكون
بينهم قتال ، فأتيتهم فقلت لهم : أتقتلون مائتي رجل من أجل أربعة أناسى ، تعالوا
أقض بينكم بقضاء ، فإن رضيتم فهو قضاء بينكم ، وإن أبيتموه رفعت ذلك إلى رسول الله
صلّى الله عليه وسلم ، فهو أحقّ بالقضاء ، فجعل للأول ربع الدية ، وللثاني ثلث
الدية ، وللثالث نصف الدية ، وجعل للرابع الدية ، وجعل الديات على من حفر الزّبية
على قبائل الأربع.
فسخط
بعضهم ، ورضى بعضهم ، ثم قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ،
__________________
فقصّوا
عليه القصة ، فقال : أنا أقضى بينكم. فقال قائل : إنّ عليّا قد قضى بيننا ،
وأخبروه بما قضى به علىّ. فقال عليه السلام : القضاء كما قضاه علىّ.
وفي رواية : فأمضى
رسول الله صلّى الله عليه وسلم قضاء علىّ.
وكذلك يروى في
المعرفة بالقضاء أنّ أبا حنيفة جاء إليه رجل ، فقال : إنّ ابن أبي ليلى ـ وكان
قاضيا بالكوفة ـ جلد امرأة مجنونة قالت لرجل : يا ابن الزانيين. فحدّها حدّين في
المسجد ، وهي قائمة. فقال : أخطأ من ستة أوجه.
وهذا الذي قاله
أبو حنيفة بالبديهة لا يدركه أحد بالرويّة إلّا العلماء.
فأما قصة علىّ فلا
يدركها الشادى ولا يلحقها بعد التمرن في الأحكام إلّا العاكف المتمادى.
وتحقيقها أنّ
هؤلاء الأربعة مقتولون خطأ بالتدافع على الحفرة من الحاضرين عليها فلهم الديات على
من حفر على وجه الخطأ ، بيد أنّ الأول مقتول بالمدافعة قاتل ثلاثة بالمجاذبة ، فله
الدية بما قتل ، وعليه ثلاثة أرباع الدية للثلاثة الذين قتلهم.
وأما الثاني فله
ثلث الدية ، وعليه الثلثان للاثنين اللذين قتلهما بالمجاذبة.
وأما الثالث فله
نصف الدية ، وعليه النصف ، لأنه قتل واحدا بالمجاذبة ، فوقعت المحاصّة ، وغرمت العواقل هذا التقدير بعد القصاص الجاري فيه. وهذا من بديع الاستنباط.
وأما أبو حنيفة
فإنه نظر إلى المعاني المتعلّقة فرآها ستة :
الأول ـ أن
المجنون لا حدّ عليه ، لأن الجنون يسقط التكليف ، هذا إذا كان القذف في حالة
الجنون ، فأما إذا كان يجنّ مرة ويفيق أخرى فإنه يحدّ بالقذف في حال إفاقته.
الثاني ـ قولها يا
ابن الزانيين ، فجلدها حدّين لكل أب حدّ ، فإنما خطأه أبو حنيفة فيه بناء على
مذهبه في أن حدّ القذف يتداخل ، لأنه عنده حقّ لله تعالى كحد الخمر والزنى.
__________________
وأما الشافعى
ومالك فإنهما يريان الحدّ بالقذف حقّا للآدمي ، فيتعدّد بتعدد المقذوف ، وقد بينا
ذلك في مسائل الخلاف.
الثالث ـ أنه حدّ
بغير مطالبة المقذوف ، ولا يجوز إقامة حدّ القذف بإجماع من الأمة إلا بعد المطالبة
بإقامته ممن يقول إنه حقّ لله ، ومن يقول إنه حقّ للآدمي. وبهذا المعنى وقع
الاحتجاج لمن يرى أنه حقّ للآدمي ، إذ يقول : لو كان حقّا لله لما توقف على المطالبة كحد الزنا.
الرابع ـ أنه والى
بين الحدّين ، ومن وجب عليه حدّان لم يوال بينهما ، بل يحدّ لأحدهما ، ثم يترك حتى
يندمل الضرب أو يستبل المضروب ، ثم يقام عليه الحدّ الآخر.
الخامس ـ أنه
حدّها قائمة ، ولا تحدّ المرأة إلا جالسة مستورة. قال بعض الناس : في زنبيل ،
حسبما بينّاه في كتب المسائل.
السادس ـ أنه أقام
الحد في المسجد ، ولا يقام الحدّ فيه إجماعا. وفي القصاص في المسجد والتعزير فيه
خلاف قدمنا بيانه فيما سلف من هذا الكتاب وفي كتب المسائل والخلاف ، فهذا هو فصل
الخطاب وعلم القضاء الذي وقعت الإشارة إليه على أحد التأويلات في الحديث المروىّ :
أقضاكم علىّ ، حسبما أشرنا إليه آنفا.
وأما من قال : إنه
الإيجاز فذلك للعرب دون العجم ، ولمحمد صلّى الله عليه وسلم دون العرب ، وقد بيّن
هذا بقوله : أوتيت جوامع الكلم ، وكان أفصح الناس بعده أبو بكر الصديق ، حسبما
بيناه في آيات الكتاب في سورة براءة وفي سورة النور.
وأما من قال : إنه
قوله : «أما بعد» فكان النبي صلّى الله عليه وسلم يقول في خطبته : أما بعد. ويروى
أن أول من قالها في الجاهلية سحبان وائل ، وهو أول من آمن بالبعث ، وأول من اتّكأ
على عصا ، وعمّر مائة وثمانين سنة.
ولو صح أنّ داود
قالها فإنه لم يكن ذلك منه بالعربية على هذا النظم ، وإنما كان بلسانه. والله أعلم.
__________________
وقد روى ابن وهب
عن مالك أن الحكمة المعرفة بالدين ، والفقه فيه ، والاتباع له.
وروى عن ابن زيد
أن فصل الخطاب هو الفهم وإصابة القضاء.
قال ابن العربي :
وهذا صحيح ، فإن الله تعالى يقول في وصف كتابه العزيز : (إِنَّهُ لَقَوْلٌ
فَصْلٌ وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) ، لما فيه من إيجاز اللفظ ، وإصابة المعنى ، ونفوذ القضاء.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ
الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ
قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا
بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ).
الآية فيها ست
مسائل :
المسألة الأولى ـ الخصم
كلمة تقع على الواحد والاثنين والجمع وقوع المصادر على ذلك ، لأنه مصدر. وقد روى أنهما كانا
اثنين ، فينتظم الكلام بهما ، ويصحّ المراد فيهما.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (تَسَوَّرُوا
الْمِحْرابَ) ، يعنى جاءوا من أعلاه. والسورة المنزلة العالية كانت بقعة
محسوسة أو منزلة معقولة قال الشاعر :
ألم تر أنّ الله
أعطاك سورة
|
|
ترى كل ملك
دونها يتذبذب
|
فهذا هو المنزلة.
وسور المدينة الموضع العالي منها ، وذلك كله بغير همز. والسؤر ـ مهموز : بقية
الطعام والشراب في الإناء. والسؤر : الوليمة بالفارسية.
وفي الحديث أنّ
رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب : يأهل
الخندق ، إن جابرا قد صنع لكم سؤرا فحىّ هلا بكم.
المسألة الثالثة ـ
في المحراب ، قد بيناه في سورة سبأ .
المسألة الرابعة ـ
قوله : (إِذْ دَخَلُوا عَلى
داوُدَ).
قيل : إنهما كانا
إنسيين ، قاله النقاش.
وقيل : ملكين ،
قاله جماعة.
__________________
وعينهما جماعة ،
فقالوا : إنهما كانا جبريل وميكائيل ، وربك أعلم في ذلك بالتفصيل ، بيد أنى أقول
لكم قولا تستدلون به على الغرض ، وذلك أن محراب داود كان من الامتناع بالارتفاع
بحيث لا يرقى إليه آدمي بحيلة إلا أن يقيم إليه أياما أو أشهرا بحسب طاقته ، مع
أعوان يكثر عددهم ، وآلات جمّة مختلفة الأنواع.
ولو قلنا إنه يوصل
إليه من باب المحراب لما قال الله تعالى ـ مخبرا عن ذلك : (تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) ؛ إذ لا يقال تسوّر المحراب والغرفة لمن طلع إليها من
درجها ، وجاءها من أسفلها ، إلا أن يكون ذلك مجازا. وإذا شاهدت الكوّة التي يقال
إنه دخل منها الخصمان علمت قطعا أنهما ملكان ، لأنها من العلو بحيث لا ينالها إلا
علوي ، ولا نبالى من كانا فإنه لا يزيدك بيانا ، وإنما الحكم المطلوب وراء ذلك.
المسألة الخامسة ـ
قوله : (فَفَزِعَ مِنْهُمْ).
فإن قيل : لم فزع
وهو نبىّ وقد قويت نفسه بالنبوة ، واطمأنّت بالوحي ، ووثقت بما آتاه الله من
المنزلة ، وأظهر على يديه من الآيات؟
قلنا : لأنه لم
يضمن له العصمة ، ولا أمن من القتل والإذاية ، ومنهما كان يخاف ، وقد قال الله
لموسى عليه السلام : لا تخف. وقبله قيل ذلك للوط ، فهم فزعون من خوف ما لم يكن قيل لهم [فيه] : إنكم منه معصومون.
المسألة السادسة ـ
قوله : (خَصْمانِ بَغى
بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ).
أى نحن خصمان. وإن
قيل : كيف لم يأمر بإخراجهم إذ علم مطلبهم ، وقد دخلوا عليه بغير إذن ، وهلّا
أدّبهم على تعدّيهم؟
فالجواب عنه من
أربعة أوجه :
الأول ـ أنا لا
نعلم كيفية شرعه في الحجاب والإذن ، فيكون الجواب على حسب تلك الأحكام. وقد كان
ذلك في ابتداء شرعنا مهملا عن هذه الأحكام ، حتى أوضحها الله تعالى بالبيان.
__________________
الثاني ـ إنا لو
نزلنا الجواب على أحكام الحجاب لاحتمل أن يكون الفزع الطارئ عليه أذهله عما كان يجب
في ذلك له.
الثالث ـ أنه أراد
أن يستوفى كلامهما الذي دخلا له حتى يعلم آخر الأمر منه ، ويرى هل يحتمل التقحم
فيه بغير إذن أم لا؟ وهل يقترن بذلك عذر لهما ، أم لا يكون لهما عذر عنه. وكان من
آخر الحال ما انكشف من أنه بلاء ومحنة ومثل ضربه الله في القصة ، وأدب وقع على
دعوى العصمة.
الرابع ـ أنه
يحتمل أن يكون في المسجد ، ولا إذن في المسجد لأحد ، ولا حجر فيه على أحد.
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ
تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها
وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ).
فيها وفي الآية
التي تليها أربع عشرة مسألة :
المسألة الأولى ـ كنى
بالنعجة عن المرأة ، لما هي عليه من السكون والمعجزة وضعف الجانب. وقد يكنى عنها
بالبقرة والحجر والناقة ، لأن الكلّ مركوب.
أخبرنا أبو الحسن
على بن عبد الجبار الهذلي عن أبى الحسن على بن أبى طالب قال : إنه يكنى عن المرأة بألف مثل في المنام
يعبر به الملك عن المعنى الذي يريده ، وقد قيدناها كلها عنه في سفر واحد.
المسألة الثانية ـ
قوله : (تِسْعٌ وَتِسْعُونَ
نَعْجَةً) ، إن كان جميعهن أحرارا فذلك شرعه ، وإن كنّ إماء فذلك
شرعنا.
والظاهر أنّ شرع
من قبلنا لم يكن محصورا بعدد ، وإنما الحصر في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم لضعف
الأبدان وقلّة الأعمار.
وهم وتنبيه ـ وهي
:
المسألة الثالثة ـ
قال بعض المفسرين : لم يكن لداود مائة امرأة ، وإنما ذكر التسعة والتسعين
__________________
مثلا. المعنى هذا
غنىّ عن الزوجة وأنا مفتقر إليها ، وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما ـ أن
العدول عن الظاهر بغير دليل لا معنى له ، ولا دليل يدل على أنّ شرع من قبلنا كان
مقصورا من النساء على ما في شرعنا.
الثاني ـ أنه روى
البخاري وغيره أنّ سليمان قال
: لأطوفنّ الليلة على مائة امرأة تلد كل امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله. ونسى أن يقول
إن شاء الله. وهذا نص قدمنا
تحقيقه قبل.
المسألة الرابعة ـ
قوله تعالى : (أَكْفِلْنِيها).
فيه ثلاثة أقوال :
الأول ـ من كفلها
أى ضمّها ، أى أجعلها تحت كفالتى.
الثاني ـ أعطنيها.
ويرجع إلى الأول ، لأنه أعمّ منه معنى.
الثالث ـ تحوّل لي
عنها ، قاله ابن عباس. ويرجع إلى العطاء والكفالة إلا أنه أعم من الكفالة وأخصّ من
العطاء.
المسألة الخامسة ـ
قوله تعالى : (وَعَزَّنِي فِي
الْخِطابِ). يعنى غلبني ، من قولهم : من عزّ بزّ.
واختلف في سبب
الغلبة ، فقيل معناه : غلبني ببيانه. وقيل : غلبني بسلطانه ، لأنه لما سأله لم
يستطع خلافه.
كان ببلدنا أمير
يقال له سير بن أبى بكر ، فكلمته في أن يسأل لي رجلا حاجة ، فقال لي : أما علمت
أنّ طلب السلطان الحاجة غصب لها. فقلت : أما إذا كان عدلا فلا. فعجبت من عجمته وحفظه لما تمثّل به ،
وفطنته ، كما عجب من جوابي له واستغربه.
المسألة السادسة ـ
في الآية الخامسة ـ قوله : (لَقَدْ ظَلَمَكَ
بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ).
الظلم : وضع الشيء
في غير موضعه ، وقد يكون محرما وقد يكون مكروها شرعا ، وقد يكون مكروها عادة ، فإن
كان غلبه [عادة] على أهله فهو ظلم محرّم ، وإن كان سأله إياها فهو ظلم مكروه
شرعا وعادة ، ولكن لا إثم عليه فيه.
المسألة السابعة ـ
في تقييد ما ذكره المفسرون في هذه القصة ، وهو مروىّ عنهم بألفاظ
__________________
مختلفة ، وأحوال
متفاوتة ، أمثلها أنّ داود حدّثته نفسه إذ ابتلى أن يعتصم ، فقيل له : إنك ستبتلى
وتعلم الذي تبتلى فيه ، فخذ حذرك. فأخذ الزّبور ودخل المحراب ، ومنع من الدخول
عليه ، فبينما هو يقرأ الزبور إذ جاء طائر كأحسن ما يكون ، وجعل يدرج بين يديه ،
فهمّ أن يتناوله بيده ، فاستدرج حتى وقع في كوّة المحراب ، فدنا منه ليأخذه ، فطار
فاطلع ليبصره فأشرف على امرأة تغتسل ، فلما رأته غطّت جسدها بشعرها ، فوقعت في
قلبه ، وكان زوجها غازيا في سبيل الله ، فكتب داود إلى أمير الغزاة أن يجعل زوجها
في حملة التابوت ، إما أن يفتح الله عليهم ، وإما أن يقتلوا. فقدمه فيهم ، فقتل.
فلما انقضت عدّتها خطبها داود ، فاشترطت عليه إن ولدت غلاما أن يكون الخليفة من
بعده ، وكتبت عليه بذلك كتابا ، وأشهدت عليه خمسين رجلا من بنى إسرائيل ، فلم
تستقر نفسه حتى ولدت سليمان ، وشبّ وتسوّر الملكان وكان من قصّها ما قصّ الله تعالى في كتابه. قالوا : لا تخف خصمان بغى بعضنا
على بعض.
المسألة الثامنة ـ
في التنقيح :
قد قدمنا لكم فيما
سلف ، وأوضحنا في غير موضع أنّ الأنبياء معصومون عن الكبائر إجماعا ، وفي الصغائر
اختلاف ، وأنا أقول : إنهم معصومون عن الصغائر والكبائر لوجوه بينّاها في كتاب
النبوات من أصول الدين ، وقد قال جماعة : لا صغيرة في الذنوب وهو صحيح ، كما قالت
طائفة : إنّ من الذنوب كبائر وصغائر ، وهو صحيح.
وتحقيقه أنّ الكفر
معصية ليس فوقها معصية ، كما أن النظرة معصية ليس دونها معصية ، وبينهما ذنوب إن قرّنها بالكفر
والقتل والزنا وعقوق الوالدين والقذف والغصب كانت صغائر ، وإن أضفتها إلى ما يليها
في القسم الثاني الذي بعده من جهة النظر كانت كبائر ، والذي أوقع الناس في ذلك
رواية المفسرين وأهل التقصير من المسلمين في قصص الأنبياء مصائب لا قدر عند الله
لمن اعتقدها روايات ومذاهب ، ولقد كان من حسن الأدب مع الأنبياء صلوات الله عليهم
ألّا تبثّ عثراتهم لو عثروا ، ولا تبث فلتاتهم لو استفلتوا ، فإن إسبال الستر
على
__________________
الجار والولد
والأخ والفضيلة أكرم فضيلة ، فكيف سترت على جارك حتى لم تقص نبأه في أخبارك ؛
وعكفت على أنبيائك وأحبارك تقول عنهم ما لم يفعلوا ، وتنسب إليهم ما لم يتلبّسوا
به ، ولا تلوّثوا به ، نعوذ بالله من هذا التعدّى والجهل بحقيقة الدّين في
الأنبياء والمسلمين والعلماء والصالحين.
فإن قيل : فقد ذكر
الله أخبارهم.
قلنا : عن ذلك
جوابان :
أحدهما ـ للمولى
أن يذكر ما شاء من أخبار عبيده ، ويستر ويفضح ، ويعفو ويأخذ ، وليس ينبغي للعبد أن
ينبزّ في مولاه بما يوجب عليه اللّوم ، فكيف بما عليه فيه الأدب والحدّ ، وإن الله
تعالى قد قال في كتابه لعباده في برّ الوالدين : (فَلا تَقُلْ لَهُما
أُفٍ) ، فكيف بما زاد عليه؟ فما ظنك بالأنبياء ، وحقّهم أعظم ،
وحرمتهم آكد ، وأنتم تغمسون ألسنتكم في أعراضهم ، ولو قرّرتم في أنفسكم حرمتهم لما
ذكرتم قصّتهم.
الثاني ـ أن
الحكمة في أن الله ذكر قصص الأنبياء فيما أتوا من ذلك علمه بأنّ العباد سيخوضون
فيها بقدر ، ويتكلّمون فيها بحكمة ، ولا يسأل عن معنى ذلك ولا عن غيره ، فقد ذكر
الله أمرهم كما وقع ، ووصف حالهم بالصدق كما جرى ، كما قال تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ
عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) ، يعنى أصدقه. وقال : (وَكُلًّا نَقُصُّ
عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ). وقد وصيناكم إذا كنتم لا بدّ آخذين في شأنهم ذاكرين قصصهم
ألّا تعدوا ما أخبر الله عنهم ، وتقولوا ذلك بصفة التعظيم لهم والتنزيه عن غير ما
نسب الله إليهم ، ولا يقولنّ أحدكم : قد عصى الأنبياء فكيف نحن ، فإن ذكر ذلك كفر.
المسألة التاسعة ـ
في ذكر قصة داود عليه السلام على الخصوص بالجائز منها دون الممتنع : أما قولهم :
إنّ داود حدّث نفسه أن يعتصم إذا ابتلى ففيه ثلاثة أوجه :
الأول ـ أن حديث
النفس لا حرج في شرعنا آخرا ، وقد كنا قبل ذلك قيل لنا إنا نؤاخذ به ، ثم رفع الله
ذلك عنّا بفضله ، فاحتمل أن يكون ذلك مؤاخذا به في شرع من
__________________
قبلنا ، وهو أمر
لا يمكن الاحتراز منه ، فليس في وقوعه ممن يقع منه نقص ؛ وإنما الذي يمكن دفعه هو
الإصرار بالتمادى على حديث النفس وعقد العزم عليه.
الثاني ـ أنه
يحتمل أن يكون داود عليه السلام نظر من حاله وفي عبادته وخشوعه وإنابته وإخباته ،
فظنّ أن ذلك يعطيه عادة التجافي عن أسباب الذنوب ، فضلا عن التوغل فيها ، فوثق
بالعبادة ، فأراد الله تعالى أن يريه أن ذلك حكمه في العبادة واطرادها.
الثالث ـ أنّ هذا
النقل لم يثبت ؛ فلا يعوّل عليه. وأما قولهم : إن الطائر درج عنده فهمّ بأخذه ،
فدرج فاتبعه ، فهذا لا يناقض العبادة ، لأنّ هذا مباح فعله لا سيما وهو حلال ،
وطلب الحلال فريضة ، وإنما اتبع الطائر لذاته لا لجماله ، فإنه لا منفعة له فيه ،
وإنما ذكرهم لحسن الطائر حذق في الجهالة ، أما أنه قد روى أنه كان طائرا من ذهب
فاتّبعه ليأخذه لأنه من فضل الله سبحانه ، كما روى في الصحيح أن أيوب كان يغتسل عريانا ، فخرّ عليه
رجل من جراد من ذهب ، فجعل يحثى منه ، ويجعل في ثوبه ، فقال له الله : يا أيوب ،
ألم أكن أغنيتك عما ترى! قال : بلى يا رب ، ولكن لا غنى لي عن بركتك. وأما قولهم : إنه وقع بصره على امرأة تغتسل عريانة فلما رأته أرسلت
شعرها فسترت جسدها ، فهذا لا حرج عليه فيه بإجماع الأمة ، لأن النظرة الأولى لكشف المنظور إليه ، ولا يأثم الناظر بها.
وأما قولهم : أنها
لما أعجبته أمر بتقديم زوجها للقتل في سبيل الله ، فهذا باطل قطعا ، لأنّ داود
عليه السلام لم يكن ليريق دمه في غرض نفسه ، وإنما كان من الأمر أنّ داود قال لبعض
أصحابه : أنزل لي عن أهلك ، وعزم عليه في ذلك ، كما يطلب الرجل من الرجل الحاجة
برغبة صادقة كانت في الأهل أو المال ، وقد قال سعيد بن
الربيع لعبد الرحمن بن عوف حين آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بينهما : ولى
زوجتان ، أنزل لك عن إحداهما ، فقال له : بارك الله لك في أهلك ومالك. وما يجوز فعله ابتداء يجوز
طلبه ، وليس في القرآن أنّ ذلك كان ، ولا أنه تزوّجها بعد زوال عصمة الرجل عنها ،
ولا ولادتها لسليمان ، فعن من يروى هذا ويسند ؟ وعلى من في نقله يعتمد ، وليس يؤثره عن الثقات الأثبات
أحد؟ أما إنّ في
__________________
سورة الأحزاب نكتة
تدلّ على أنّ داود قد صارت له المرأة زوجة ، وذلك قوله : (ما كانَ عَلَى
النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ ، سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ
خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) ، يعنى في أحد الأقوال [كان] تزويج المرأة التي نظر إليها ، كما زوّج النبىّ صلّى الله
عليه وسلم بعده بزينب بنت جحش ، إلا أن تزويج زينب كان من غير سؤال للزوج في فراق
، بل أمره بالتمسك بزوجيتها ، وكان تزويج داود المرأة بسؤال زوجها فراقها ، فكانت
هذه المنقبة لمحمد صلّى الله عليه وسلم على داود مضافة إلى مناقبه العلية ، ولكن
قد قيل : إن معنى قوله تعالى: (سُنَّةَ اللهِ فِي
الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) تزويج الأنبياء بغير صداق من وهبت نفسها من النساء بغير
صداق.
وقيل : أراد بقوله
تعالى : (سُنَّةَ اللهِ فِي
الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) أنّ الأنبياء فرض لهم ما يمتثلونه في النكاح وغيره ، وهذا
أصحّ الأقوال.
وقد روى المفسرون
أنّ داود نكح مائة امرأة ، وهذا نصّ القرآن.
وروى أن سليمان
كانت له ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سرية ، وربّك أعلم ، وبعد هذا قفوا حيث وقف بكم
البيان بالبرهان دون ما تتناقله الألسنة من غير تثقيف للنقل. والله أعلم.
المسألة العاشرة ـ
قوله تعالى : (لَقَدْ ظَلَمَكَ
بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ).
فيه الفتوى في
النازلة بعد السماع من أحد الخصمين ، وقبل أن يسمع من الآخر بظاهر القول ، وذلك
ممّا لا يجوز عند أحد ولا في ملّة من الملل ، ولا يمكن ذلك للبشر ، وإنما تقدير
الكلام أنّ أحد الخصمين ادّعى ، والآخر سلّم في الدعوى ، فوقعت بعد ذلك الفتوى.
وقد قال النبىّ
صلّى الله عليه وسلم [لعلىّ رضى الله عنه] :
إذا جلس إليك
الخصمان فلا تقض لأحدهما حتى تسمع من الآخر.
وقيل : إن داود لم
يقض للآخر حتى اعترف صاحبه بذلك. وقيل : تقديره لقد ظلمك إن كان كذلك. والله أعلم
بتعيين ما يمكن من هذه الوجوه.
__________________
المسألة الحادية
عشرة ـ قال علماؤنا : [قوله تعالى] : (إِذْ تَسَوَّرُوا
الْمِحْرابَ) دليل على أنّ القضاء كان في المسجد ، ولو كان ذلك لا يجوز
، كما قال الشافعى ، لما قرّرهم داود على ذلك ، ولقال : انصرفا إلى موضع القضاء.
وقد قال مالك : إن
القضاء في المسجد من الأمر القديم ، يعنى في أكثر الأمر ، ولا بأس أن يجلس في
رحبته ليصل إليه الضعيف والمشرك والحائض.
وقد قال أشهب : يقضى
في منزله وأين أحبّ. والذي عندي أنه يقسّم أوقاته وأحواله ليبلغ كلّ أحد إليه
ويستريح هو مما يرد من ذلك عليه.
المسألة الثانية
عشرة ـ قوله تعالى : (وَظَنَّ داوُدُ
أَنَّما فَتَنَّاهُ).
يعنى أيقن. والظنّ
ينطلق على العلم والظن ؛ لأنه جاره ، وقد ورد ذلك كثيرا في قوله تعالى : (وَظَنُّوا أَنْ لا
مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ).
المسألة الثالثة
عشرة ـ قوله تعالى : (فَاسْتَغْفَرَ
رَبَّهُ).
اختلف المفسرون في
الذنب الذي استغفر منه على أربعة أقوال :
الأول ـ قيل : إنه
نظر إلى المرأة حتى شبع منها.
الثاني ـ أنه أغزى
زوجها في حملة التابوت.
الثالث ـ أنه نوى
إن مات زوجها أن يتزوجها.
الرابع ـ أنه حكم
لأحد الخصمين من قبل أن يسمع من الآخر.
قال القاضي : قد
بينّا أن الأنبياء معصومون على الصفة المتقدمة من الذنوب المحدودة على وجه بيّن ،
فأما من قال : إنه حكم لأحد الخصمين قبل أن يسمع من الآخر فلا يجوز ذلك على
الأنبياء ، وكذلك تعريض زوجها للقتل كما قدّمنا تصوير للحق على روح الباطل ،
والأعمال بالنيات.
وأما من قال : إنه
نظر إليها حتى شبع فلا يجوز ذلك عندي بحال ؛ لأن طموح البصر
__________________
لا يليق بالأولياء
المتجردين للعبادة ، فكيف بالأنبياء الذين هم الوسائط المكاشفون بالغيب ، وقد
بيناه في موضعه.
وروى أشهب عن مالك
، قال : بلغني أنّ تلك الحمامة أتت فوقفت قريبا من داود ، وهي من ذهب ، فلما رآها
أعجبته ، فقام ليأخذها ، ففرّت من يده ، ثم صنع مثل ذلك مرتين ، ثم طارت فأتبعها
بصره ، فوقعت عينه على تلك المرأة وهي تغتسل ، ولها شعر طويل ، فبلغني أنه أقام
أربعين ليلة ساجدا حتى نبت العشب من دموع عينيه ، فأما النظرة الثانية فلا أصل
لها.
وقد روى عن علىّ
أنه قال : لا يبلغني عن أحد أنه
يقول : إن داود عليه السلام ارتكب من تلك المرأة محرّما إلا جلدته مائة وستين سوطا
، فإنه يضاعف له الحدّ حرمة للنبي صلّى الله عليه وسلم ، وهذا مما لا يصح عنه.
فإن قيل : فما
حكمه عندكم؟
قلنا : أما من قال
إن نبيّا زنى فإنه يقتل. وأما من نسب إليه دون ذلك من النظرة والملامسة فقد اختلف
نقل الناس في ذلك ، فإن صمم أحد على ذلك فيه ونسبه إليه فإنه يناقض التعزير
المأمور به.
وأما قولهم : إنه
نوى إن مات زوجها أن يتزوّجها فلا شيء فيه ، إذ لم يعرضه للموت ، وبعد هذا فإنّ
الذنب الذي أخبر الله عنه هو سؤاله زوجة وعدم القناعة بما كان من عدد النساء عنده
، والشهوة لا آخر لها ، والأمل لا غاية له ، فإنّ متاع الدنيا لا يكفى الإنسان
وحده في ظنه ، ويكفيه الأقلّ منه ، والذي عتب الله فيه على داود تعلّق باله إلى
زوج غيره ، ومدّعينه إلى متاع سواه حسبما نصّ الله عنه.
وقد قال بعضهم :
إنه خطب على خطبة أوريا فمال إليها ، ولم يكن بذلك عارفا ، وهذا باطل يردّه القرآن
والآثار التفسيرية كلّها.
المسألة الرابعة
عشرة ـ قوله تعالى : (وَخَرَّ راكِعاً
وَأَنابَ).
لا خلاف بين
العلماء أنّ الركوع هاهنا السجود ، لأنه أخوه ، إذ كلّ ركوع سجود ، وكلّ سجود ركوع
، فإنّ السجود هو الميل ، والركوع هو الانحناء ، وأحدهما يدلّ على
الآخر ، ولكنه قد
يختصّ كلّ واحد منهما بهيئة ، ثم جاء على تسمية أحدهما بالآخر ، فسمّي السجود
ركوعا.
واختلف العلماء هل
هي من عزائم السجود أم لا؟ حسبما بيناه من قبل.
وروى أبو سعيد
الخدري أنّ النبي صلّى الله
عليه وسلم قرأ على المنبر : ص والقرآن ذي الذكر ... فلما بلغ السجدة نزل فسجد ،
وسجد الناس معه ، فلما كان يوم آخر قرأها فتهيّأ الناس للسجود ، فقال النبي صلّى
الله عليه وسلم : أنها توبة نبىّ ، ولكنني رأيتكم تيسّرتم للسجود ، ونزل فسجد. وهذا لفظ أبى داود ، وفي البخاري وغيره عن ابن عباس أنه قال
: ص ليست من عزائم
القرآن. وقد رأيت النبىّ صلّى الله عليه وسلم يسجد فيها. وقد روى من طريق عن ابن مسعود أنه قال : إنها توبة نبي ، لا
يسجد فيها.
وعن ابن عباس أنه
قال : إنها توبة نبي ، ونبيّكم ممن أمر أن يقتدى به.
والذي عندي أنها
ليست موضع سجود ، ولكن النبي صلّى الله عليه وسلم سجد فيها فسجدنا للاقتداء به.
ومعنى السجود أنّ
داود عليه السلام سجد خاضعا لربه ، معترفا بذنبه ، تائبا من خطيئته ، فإذا سجد أحد
فيها فليسجد بهذه النية ، فلعل الله أن يغفر له بحرمة داود الذي اتّبعه ، وسواء
قلنا إنّ شرع من قبلنا شرع لنا أم لا فإن هذا أمر مشروع في كلّ ملّة لكل أحد ،
والله أعلم.
وقد روى الترمذي
وغيره ـ واللفظ للغير ـ أن رجلا من الأنصار على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان
يصلّى من الليل يستتر بشجرة ، وهو يعرض القرآن ، فلما بلغ السجدة سجد وسجدت الشجرة
معه ، فسمعها وهي تقول : اللهم أعظم لي بهذه السجدة أجرا وارزقني بها شكرا.
الآية السادسة ـ قوله
تعالى : (يا داوُدُ إِنَّا
جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ، وَلا
تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ
عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ).
__________________
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ هذا
كلام مرتبط بما قبله وصّى الله فيه داود ، فيدلّ ذلك على أنّ الذي عوتب عليه طلب
المرأة من زوجها ، وليس ذلك بعدل ، ألا ترى أنّ محمدا صلّى الله عليه وسلم لم يطلب
امرأة زيد ، وإنما تكلم في أمرها بعد فراق زوجها وإتمام عدّتها. وقد بينّا أنّ هذا
جائز في الجملة ، ويبعد من منصب النبوة ، فلهذا ذكر وعليه عوتب وبه وعظ.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (خَلِيفَةً).
قد بيّنا الخلافة
ومعناها لغة ، وهو قيام الشيء مقام الشيء ، والحكم لله ، وقد جعله الله للخلق على
العموم بقوله عليه السلام : إن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون ، وعلى الخصوص
في قوله تعالى : (إِنِّي جاعِلٌ فِي
الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ، وقوله تعالى : (يا داوُدُ إِنَّا
جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ). والخلفاء على أقسام :
أولهم ـ الإمام
الأعظم ، وآخرهم العبد في مال سيّده ، قال النبي صلّى الله عليه وسلم : كلّكم راع وكلّكم مسئول عن رعيته ،
والعبد راع في مال سيده ومسئول عن رعيته. بيد أنّ الإمام الأعظم لا يمكنه تولّى كلّ الأمور بنفسه ،
فلا بدّ من الاستنابة ، وهي على أقسام كثيرة :
أوّلها ـ الاختلاف
على البلاد ، وهو على قسمين : أحدهما أن يقدمه على العموم ، أو يقدمه على الخصوص ،
فإن قدّمه وعيّنه في منشوره وقف نظره حيث خصّ به ، وإن قدمه على العموم فكلّ ما في
المصر يتقدّم عليه ، وذلك في ثلاثة أحكام :
الأول ـ القضاء
بين الناس ، فله أن يقضى ، وله أن يقدم من يقضى ، فإذا قدم للقضاء بين الناس
والحكم بين الخلق كان له النظر فيما فيه التنازع ، بين الخلق ، وذلك حيث تزدحم
أهواؤهم ، وهي على ثلاثة أشياء : النفس ، والعرض ، والمال ، يفصل فيما تنازعهم ،
ويذبّ عنهم من يؤذيهم ، ويحفظ من الضياع أموالهم بالجباية إن كانت مفرّقة ،
وبتفريقها على
__________________
من يستحقها إذا
اجتمعت ، ويكفّ الظالم عن المظلوم. ويدخل فيه قود الجيوش ، وتدبير المصالح العامة
، وهو الثالث.
وقد رام بعض
الشافعية أن يحصر ولايات الشرع فجمعها في عشرين ولاية ، وهي : الخلافة العامة ،
والوزارة ، والإمارة في الجهاد ، وولاية حدود المصالح ، وولاية القضاء ، وولاية
المظالم ، وولاية النقابة على أهل الشرف ، والصلاة والحج ، والصدقات ، وقسم الفيء
، والغنيمة ، وفرض الجزية ، والخراج ، والموات وأحكامه ، والحمى ، والإقطاع ،
والديوان ، والحسبة.
فأما ولاية
الخلافة فهي صحيحة. وأما الوزارة فهي ولاية شرعية ، وهي عبارة عن رجل موثوق به في
دينه وعقله يشاوره الخليفة فيما يعنّ له من الأمور ، قال الله تعالى ـ مخبرا عن
موسى : (وَاجْعَلْ لِي
وَزِيراً مِنْ أَهْلِي. هارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي). فلو سكت. هاهنا كانت وزارة مشورة ، ولكنه تأدّب مع أخيه
لسنّة وفضله وحلمه وصبره ، فقال : (وَأَشْرِكْهُ فِي
أَمْرِي) ، فسأل وزارة مشاركة في أصل النبوة.
وعن النبي صلّى
الله عليه وسلم في الحديث الحسن : وزيراى
من أهل السماء جبريل وميكائيل ، ووزيراى من أهل الأرض أبو بكر وعمر.
وأما الولاية على
الجهاد فقد أمر النبىّ صلّى الله عليه وسلم على الجيوش والسرايا كثيرا من أصحابه
في كل غزوة لم يشهدها ، وقسّموا الغنيمة فيها ، فدخلت إحدى الولايتين في الأخرى ،
وللوالي أن يفردهما.
وأما حدود المصالح
فهي ثلاثة : الرّدة ، وقطع السبيل ، والبغي ، فأما الردّة والقطع للسبيل فكانا في
حياة النبي صلّى الله عليه وسلم ، فإنّ نفرا من عرينة قدموا على النبي صلّى الله
عليه وسلم المدينة ، فجعلهم النبىّ صلّى الله عليه وسلم في الإبل حتى صحوا ،
فقتلوا الراعي ، واستاقوا الذّود مرتدين ، فبعث النبىّ صلّى الله
عليه وسلم في آثارهم ، فجيء بهم فقتلهم على ذلك ، وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ،
وسمل أعينهم كما فعلوا ، وقد بيّنا ذلك في سورة المائدة
__________________
وشرح الحديث.
واستوفى الله بيان حرب الردة بأبى بكر الصديق على يديه ، وذلك مستوفى في كتب
الحديث والفقه.
وأما قتال أهل
البغي فقد نصّه الله في كتابه حيث يقول : (وَإِنْ طائِفَتانِ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ
إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى
أَمْرِ اللهِ) ، ثم بيّن الله تعالى ذلك لعلىّ بن أبى طالب على ما شرحناه
في موضعه من الحديث والمسائل.
وأما ولاية القضاء
فقدّم النبىّ صلّى الله عليه وسلم لها في حياته علىّ بن أبى طالب حين بعثه إلى
اليمن. وقال : لا
تقض لأحد الخصمين حتى تسمع من الآخر. وشروطها مذكورة في الفقه. وقدّم النبي صلّى الله عليه وسلم
غيره من ولاته.
وأما ولاية
المظالم فهي ولاية غريبة أحدثها من تأخّر من الولاة ، لفساد الولاية وفساد الناس ،
وهي عبارة عن كل حكم يعجز عنه القاضي فينظر فيه من هو أقوى منه يدا ، وذلك أنّ
التنازع إذا كان بين ضعيفين قوّى أحدهما القاضي ، وإذا كان بين قوى
وضعيف أو قويين ـ والقوة في أحدهما بالولاية كظلم الأمراء والعمال ـ فهذا مما نصب
له الخلفاء أنفسهم ، وأول من جلس إليه عبد الملك بن مروان فردّه إلى قاضيه ابن
إدريس ، ثم جلس له عمر بن عبد العزيز فردّ مظالم بنى أمية على المظلومين ، إذ كانت
في أيدى الولاة والعتاة الذين تعجز عنهم القضاة ، ثم صارت سنة ، فصار بنو العباس يجلسون
لها ، وفي قصة دارسة على أنها في أصل وضعها داخلة في القضاء ، ولكن الولاة أضعفوا
الخطة القضوية ليتمكنوا من ضعف الرعيّة ، ليحتاج الناس إليهم ، فيقعدوا عنهم ،
فتبقى المظالم بحالها.
وأما ولاية
النقابة فهي محدثة أيضا ، لأنه لما كثرت الدعاوى في الأنساب الهاشمية ، لاستيلائها
على الدولة ، نصب الولاة قوما يحفظون الأنساب لئلا يدخل فيها من ليس منها ، ثم
زادت الحال فسادا ، فجعلوا إليهم من يحكم بينهم ، فردّوهم لقاض منهم لئلا تمتهنهم
القضاة من سائر القبائل ، وهم أشرف منهم ، وهي بدعيّة تنافى الشرعية.
__________________
وأما ولاية الصلاة
فهي أصل في نفسها وفرع للإمارة ، فإن النبىّ صلّى الله عليه وسلم كان إذا بعث
أميرا كانت الصلاة إليه ، ولما فسد الأمر ولم يكن فيهم من ترضى حاله للإمامة بقيت
الولاية في يده بحكم الغلبة ، وقدم للصلاة من يرضى حاله ، سياسة منهم للناس ،
وإبقاء على أنفسهم ، فقد كان بنو أمية ، حين كانوا يصلّون بأنفسهم ، يتحرج أهل الفضل من الصلاة خلفهم ، ويخرجون على الأبواب ،
فيأخذونهم بسياط الحرس ، فيضربون لها حتى يفرّوا بأنفسهم عن المسجد. وهذا لا يلزم
، بل يصلّى معهم ، وفي إعادة الصلاة خلاف بين العلماء بيانه في كتب الفقه.
وأما ولاية الحج
فهي مخصوصة ببلاد الحجّ. وأوّل أمير بعثه عليه السلام أبو بكر الصديق ، بعثه صلّى
الله عليه وسلم سنة تسع قبل حجّة الوداع ، وأرسله بسورة براءة ، ثم أردفه عليّا ،
كما تقدم بيانه في السورة المذكورة.
وأما ولاية الصدقة
فقد استعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الصدقات كثيرا.
أما وضع الجزية
والخراج فقد صالح رسول الله صلّى الله عليه وسلم أكيدر دومة وأهل البحرين ، فأمّر
عليهم العلاء بن الحضرمي بعد تقريره ، ولو لم يتفق التقرير لخليفة لجاز أن يبعث من يقرره ، كما فعل عمر حين بعث إلى
العراق عمّاله ، وأمرهم بمساحة الأرض ، ووضع الخراج عليها.
وأما ما تختلف
أحكامه باختلاف البلدان فليس بولاية فيدخل في جملة الولايات ، وإنما هو النظر في
مكة وحرمها ودورها ، وفي المدينة وحرمها ، وفيما توفى رسول الله صلى الله عليه
وسلم عنه فيها ، وأحوال البلاد فيما فتح منها عنوة وصلحا وهذه الشريعة فيما اختلفت الأسباب في تملّكه من الأموال ، وليس بولاية
مخصوصة ، حتى يذكر في جملة الولايات ، وكذلك إحياء الموات حكم من الأحكام ، وليس
من الولايات ، وبيانه في كتب الفقه.
وأما ولاية الحمى
والإقطاع فهي مشهورة. وأوّل من ولى فيها أبو بكر الصديق مولاه أبا أسامة على حمى
الرّبذة ، وولى عمر على حمى السرف مولاه يرفأ ، وقال : اضمم جناحك
__________________
عن الناس ، واتّق
دعوة المظلوم ، فإنها مجابة ، وأدخل ربّ الصّريمة وربّ الغنيمة ، وإيّاى وغنم ابن عوف وابن عفان فإنهما إن تهلك ماشيتهما
يرجعان إلى نخل وزرع ، وإنّ رب الصّريمة والغنيمة يأتينى بعياله فيقول : يا أمير
المؤمنين ، يا أمير المؤمنين ، أفتاركهم أنا؟ لا أبالك! فالماء والكلأ أهون علىّ من الدينار والدرهم ، والذي نفسي بيده لو لا المال
الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرا.
وأما الإقطاع فهو
باب من الأحكام ، فقد أقطع النبىّ صلّى الله عليه وسلم لبلال بن الحارث المزنىّ
معادن القبليّة من ناحية الفرع ، وبيانها في كتب الفقه.
وأما ولاية
الديوان فهي الكتابة ، وقد كان للنبىّ صلّى الله عليه وسلم كتّاب وللخلفاء بعده ،
وهي ضبط الجيوش بمعرفة أرزاقهم والأموال لتحصيل فوائدها لمن يستحقها.
وأما ولاية الحدود
فهي على قسمين : تناول إيجابها ، وذلك للقضاة ، وتناول استيفائها ، وقد جعله
النبىّ صلّى الله عليه وسلم لقوم منهم علىّ بن أبى طالب ومحمد بن مسلمة ، وهي أشرف
الولايات ، لأنها على أشرف الأشياء ، وهي الأبدان ، فلنقيصة الناس ودحضهم بالذنوب
ألزمهم الله بالذلة بأن جعلها في أيدى الأدنياء والأوضاع بين الخلق.
وأما ولاية الحسبة
فهي محدثة ، وأصلها أكبر الولايات ، وهي الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، ولكثرة
ذلك رأى الأمراء أن يجعلوها إلى رجل يتفقدها في الأحيان من الساعات ، والله يتولّى
التوفيق للجميع ، ويرشد إلى سواء الطريق ، ويمنّ بتوبة تعيد الأمر إلى أهله ،
وتوسعنا ما نؤمله من رحمته وفضله.
الآية السابعة ـ قوله
تعالى : (أَمْ نَجْعَلُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ
نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
__________________
قيل : نزلت في بنى
هاشم وبنى المطلب منهم : علىّ وحمزة ، وجعفر بن أبى طالب ، وعبيدة بن الحارث ،
والطّفيل بن الحارث ابني المطلب ، وزيد بن حارثة ، وأم أيمن وغيرهم ، يقول : أم
نجعل هؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض بالمعاصي من بنى عبد
شمس ، كعتبة وشيبة ابني ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وحنظلة بن أبى سفيان ، والعاصي
ابن أمية.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (أَمْ نَجْعَلُ
الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) ، يعنى الذين تقدم ذكرهم من بنى هاشم وبنى المطلب في
الآخرة كالفجّار ـ يعنى من تقدم من بنى عبد شمس.
المسألة الثالثة ـ
هذه أقوال المفسرين ، ولا شكّ في صحتها ، فإن الله قد نفى المساواة بين المؤمنين
والكفار وبين المتقين والفجّار ، رءوسا برءوس وأذنابا بأذناب ، ولا مساواة بينهم
في الآخرة ، كما قال المفسرون ، لأنّ المؤمنين المتقين في الجنة والمفسدين الفجّار
في النار ، ولا مساواة أيضا بينهم في الدنيا ، لأنّ المؤمنين المتقين معصومون دما
وعرضا ، والمفسدين في الأرض والفجّار في النار مباحو الدّم والعرض والمال ، فلا
وجه لتخصيص المفسدين بذلك في الآخرة دون الدنيا.
المسألة الرابعة ـ
ووقعت في الفقه نوازل منها قتل المسلم بالكافر ، ومنها إذا بنى رجل في أرض رجل
بإذنه ، ثم انقضت المدة فإن لصاحب الأرض إخراجه عن البنيان ، وهل يعطيه قيمته
قائما أو منقوضا؟
ومنها إذا بنى
المشترى في الشّقص الذي اشترى فأراد الشّفيع أخذه بالشفعة فإنه يزن الثمن ،
وهل يعطيه قيمة بنائه قائما أو منقوضا؟ اختلف العلماء في ذلك ، فمنهم من قال : إذا
بنى في الأرض رجل بإذنه ثم وجب له إخراجه فإنه يعطيه قيمة بنائه قائما ،
ولذلك قال أبو حنيفة : يعطى الشفيع للمشتري قيمة بنائه في الشّقص منقوضا مساويا له
بالغاصب.
__________________
وقاله ابن القاسم وسائر علمائنا والشافعية إلا القليل. يعطيه
قيمة بنائه قائما ، لأنه بناء بحق وتقوى وصلاح ، بخلاف الغاصب ، ولذلك لا يقتل
المسلم إذا قتل الذمىّ ، وإن كان يقتل بمسلم مثله ، وتعلّقوا في ذلك بقوله تعالى :
(أَمْ نَجْعَلُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ
نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ). وهذا ينبنى على القول بالعموم ، وهو قول عام يقتضى
المساواة بينهم في كل حال وزمان ، أما أنه يبقى النظر في أعيان هذه الفروع فتفصيل
قد بيناه في مسائل الفقه ، لا نطيل بذكره هاهنا فلينظر هنالك.
الآية الثامنة ـ قوله
تعالى : (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ
بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
: (بِالْعَشِيِ). وقد تقدّم بيانه ، وأنه من زوال الشمس إلى الغروب ، كما
أنّ الغداة من طلوع
الشمس إلى الزوال.
المسألة الثانية ـ
قوله : (الصَّافِناتُ
الْجِيادُ) ، يعنى التي وقفت من الدواب على ثلاث قوائم ، وذلك لعتقها
، فإذا ثنى الفرس إحدى رجليه فذلك علامة على كرمه ، كما أنه إذا شرب ولم يثن سنبكه
دلّ أيضا على كرمه ، ومن الغريب في غريب الحديث : من سرّه أن يقوم له الرجال
صفونا ـ يعنى يديمون له القيام ـ فليتبوأ مقعده من النار. وهذا حديث موضوع.
ومن الحديث
المشهور : من سرّه أن تتمثّل له
الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار. وقد بيناه في سورة الحج ، وقد يقال صفن لمجرّد الوقوف ، والمصدر صفوفنا ، قال الشاعر:
ألف الصّفون فما
يزال كأنه
|
|
مما يقوم على
الثّلاث كسيرا
|
__________________
المسألة الثانية ـ
الجياد هي الخيل ، وكلّ شيء ليس برديء يقال له جيّد ، ودابة جيدة وجياد مثل سوط
وسياط ، عرضت الخيل على سليمان عليه السلام فشغلته عن صلاة العشى بظاهر القولين ،
قال المفسرون : هي العصر. وقد روى المفسرون حديثا أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم
قال : صلاة الوسطى صلاة
العصر ، وهي التي فاتت سليمان ، وهو حديث موضوع.
وقيل : كانت ألف
فرس ورثها من داود عليه السلام كان أصابها من العمالقة ، وكان له ميدان مستدير
يسابق بينها فيه ، فنظر فيها حتى غابت الشمس خلف الحجاب ، وهو ما كان يحجب بينه
وبينها لا غير مما يدّعيه المفسرون ، وقيل أراد ـ وهي :
المسألة الرابعة ـ
حتى توارث بالحجاب ، وغابت عن عينيه في السابقة ، لأنّ الشمس لم يجر لها ذكر ،
وهذا فاسد بل قد تقدم عليها دليل ، وهو قوله : (بِالْعَشِيِ) ، كما تقول : سرت بعد العصر حتى غابت ـ يعنى الشمس ،
وتركها لدلالة السامع لها عليها بما ذكر ممّا يرتبط بها ، وتعلّق بذكرها ، والغداة
والعشىّ أمر مرتبط بمسير الشمس ، فذكره ذكر لها ، وقد بين ذلك لبيد بقوله .
حتى إذا ألقت
يدا في كافر
|
|
وأجنّ عورات
الثغور ظلامها.
|
المسألة الخامسة ـ
فلما فاتته الصلاة قال : (إِنِّي أَحْبَبْتُ
حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) ، يعنى الخيل ، وسمّاها خيرا لأنها من جملة المال الذي هو
خير بتسمية الشارع له بذلك ، وقد قدمنا بيانه في سورة البقرة ، ولذلك قرأها ابن
مسعود : إنى أحببت حبّ الخيل ـ بالتصريح بالتفسير ، قال : (رُدُّوها عَلَيَّ
فَطَفِقَ مَسْحاً) بسوقها وأعناقها ، فيه قولان:
أحدهما ـ مسحها
بيده إكراما لها ، كما ورد في الحديث انّ
النبي صلّى الله عليه وسلم رئي وهو يمسح عن فرسه عرقه بردائه ، وقال : إنى عوتبت
الليلة في الخيل.
والثاني ـ أنه مسح
أعناقها وسوقها بالسيوف عرقبة ، وهي رواية ابن وهب عن مالك ، وكان فعله هذا بها
حين كانت سببا لاشتغاله بها عن الصلاة.
فإن قيل : كيف
قتلها ، وهي خيل الجهاد؟
__________________
قلنا : رأى أن
يذبحها للأكل.
وفي الصحيح ـ عن
جابر أنه قال : أكلنا
على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم فرسا. فكان ذلك لئلا تشغله مرّة أخرى.
وقد روى عن
إبراهيم بن أدهم أنه قال : من ترك شيئا لله عوّضه الله أمثاله ، ألا ترى إلى
سليمان كيف أتلف الخيل في مرضاة الله فعوّضه الله منها الريح تجرى بأمره رخاء حيث
أصاب ، غدوّها شهر ورواحها شهر.
ومن المفسرين من
وهم فقال : وسمها بالكيّ ، وسبّلها في سبيل الله ، وليست السوق محلّا للوسم بحال.
الآية التاسعة ـ قوله
عز وجل : (رَبِّ اغْفِرْ لِي
وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ
الْوَهَّابُ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ كيف
سأل سليمان الملك ، وهو من ناحية الدنيا؟
قال علماؤنا :
إنما سأله ليقيم فيه الحق ، ويستعين به على طاعة الله ، كما قال يوسف : (اجْعَلْنِي عَلى
خَزائِنِ الْأَرْضِ ، إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ). كما تقدمت الإشارة إليه.
المسألة الثانية ـ
كيف منع من أن يناله غيره؟
قال علماؤنا : فيه
أجوبة سبعة :
الأول ـ إنما سأل
أن يكون معجزة له في قومه وآية في الدلالة على نبوّته.
الثاني ـ أنّ
معناه لا تسلبه عنى.
الثالث ـ لا ينبغي
لأحد من بعدي أن يسأل الملك ، بل يكل أمره إلى الله.
الرابع ـ لا ينبغي
لأحد من بعدي من الملوك ، ولم يرد من الأنبياء.
الخامس ـ أنه أراد
القناعة.
السادس ـ أنه أراد
ملكه لنفسه.
__________________
السابع ـ علم أنّ
محمدا عبده ولم يسأله إياه ليفضل به.
المسألة الثالثة ـ
في التنقيح لمناط الأقوال :
أما قول من قال :
إنه سأل ذلك معجزة فليس في ذلك تخصيص بفائدة ، لأنّ من شأن المعجزة أن تكون هكذا.
وأما من قال :
معناه لا تسلبه عنى ، فإنما أراد ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي أن يدّعيه باطلا ، إذ
كان الشيطان قد أخذ خاتمة وجلس مجلسه ، وحكم في الخلق على لسانه ، حسبما روى في
كتب المفسرين. وهو قول باطل قطعا ، لأن الشيطان لا يتصوّر بصورة الأنبياء ، ولا
يحكمون في الخلق بصورة الحق ، مكشوفا إلى الناس ، بمرأى منهم ، حتى يظنّ الناس
أنهم مع نبيهم في حقّ ، وهم مع الشيطان في باطل ، ولو شاء ربك لوهب من المعرفة
والدين لمن قال هذا القول ما يزعه عن ذكره ، ويمنعه من أن يخلده في ديوان من بعده
، حتى يضلّ به غيره.
وأما من قال : إن
معناه لا ينبغي لأحد من بعدي أن يسأل الملك فإن ذلك إنما كان يصحّ لو جاء بقوله : (لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) في سبعة الاستئناف للقول والابتداء بالكلام.
وأما وقد جاء مجيء
الجملة الحالة محل الصفة لما سبق قبلها من القول فلا يجوز تفسير بهذه لتناقض
المعنى فيه وخروج ذلك عن القانون العربي.
وأما من قال : إن
معناه لا ينبغي لأحد من بعدي من الملوك دون الأنبياء فهذا قول قليل الفائدة جدا ،
إذ قد علم قطعا ويقينا ـ هو والخلق كلهم معه ـ أن الملوك لا سبيل لهم إلى ذلك ، لا
بالسؤال ، ولا مع ابتداء العطاء ، وهو مع ما بعده أمثل من غيره مما يستحيل وقوعه.
وأما من قال : إنه
علم أن عيسى عليه السلام على درجة من الزهد ، وأنّ محمدا عبد لا ملك ، فأراد أنّ
سليمان علم أنّ أحدا من الأنبياء بعده لا يؤتى ذلك ، وأن محمدا مع فضله لا يسأله ،
لأنه نبي عبد ، وليس بنبي ملك ، فحينئذ أقدم على السؤال ، وهو قول متماثل ،
ويشبه أن يكون
الله تعالى أذن له في ذلك ، وأنه يعطيه بسؤاله ، كما غفر لمحمد صلى الله
عليه وسلم بشرط استغفاره. والله أعلم.
وفي الصحيح عن
النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : إن عفريتا تفلّت علىّ البارحة ليقطع علىّ صلاتي ، فأمكننى الله منه ، وأردت
أن أربطه إلى [جنب] سارية من سوارى المسجد ، ثم ذكرت قول أخى سليمان : ربّ [اغفر
لي و] هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي. فأرسلته ، فلولا ذلك لأصبح يلعب به ولدان
المدينة.
وهذا يدل على
مراعاة النبي صلّى الله عليه وسلم لدعائه ، وأنّ معناه لا يكون لأحد في حياته ولا
بعد مماته ، وذلك بإذن من الله تعالى مشروع ، إذ لا يجوز على النبي صلّى الله عليه
وسلم غيره.
الآية العاشرة ـ قوله
تعالى : (وَخُذْ بِيَدِكَ
ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ
إِنَّهُ أَوَّابٌ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ في
سبب حلف أيوب عليه السلام :
روى عن ابن عباس
قال : اتخذ إبليس تابوتا ، فوقف على الطريق يداوى الناس ، فأتته امرأة أيوب ،
فقالت : يا عبد الله ، إن هاهنا إنسانا مبتلى من أمره كذا وكذا ، فهل لك أن تداويه؟
قال لها : نعم ، على أنى إن شفيته يقول كلمة واحدة : أنت شفيتني ، لا أريد منه
غيرها.
فأخبرت بذلك أيوب
، فقال : ويحك! ذلك الشيطان ، لله علىّ إن شفاني الله لأجلدنّك مائدة جلدة. فلما
شفاه الله أمره أن يأخذ ضغثا فيضربها به ، فأخذ شماريخ قدر مائة ، فضربها ضربة
واحدة.
وروى عن ابن عباس
أن ذلك من قوله : إنما كان حين باعت ذوائبها في طعامه ، وقد كانت عدمت الطعام ،
وكرهت أن تتركه جائعا ، فباعت ذوائبها وجاءته بطعام طيّب ـ مرارا ، فأنكر ذلك
عليها ، فعرفته به ، فقال ما قال.
__________________
المسألة الثانية ـ
في عموم هذه القصة وخصوصها :
روى عن مجاهد أنها
للناس عامة. وروى عن عطاء أنها لأيوب خاصة ، وكذلك روى ابن زيد عن ابن القاسم عن
مالك : من حلف ليضربنّ عبده مائة ، فجمعها فضربه بها ضربة واحدة لم يبرّ.
قال بعض علمائنا :
يريد مالك قوله تعالى : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ
شِرْعَةً وَمِنْهاجاً).
قال القاضي : شرع
من قبلنا شرع لنا ، وقد بيناه في غير موضع ، وإنما انفرد مالك في هذه المسألة عن
قصة أيوب هذه لا عن شريعته لتأويل بديع ، وهو أنّ مجرى الإيمان عند مالك في سبيل
النية والقصد أولى لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات. والنية أصل الشريعة ، وعماد الأعمال ، وعيار التكليف ، وهي
مسألة خلاف كبيرة بيننا وبين فقهاء الأمصار قد أوضحناها في كتب الخلاف.
وقصة أيوب هذه لم
يصحّ كيفية يمين أيوب فيها ، فإنه روى أنه قال : إن شفاني الله جلدتك. وروى أنه
قال : والله لأجلدنّك ، وهذه الروايات عن كتب الترمذي لا ينبنى عليها حكم ، فلا
فائدة في النصب فيها ولا في إشكالها بسبيل التأويل ، ولا في طلب الجمع بينها وبين
غيرها بجميع الدليل.
المسألة الثالثة ـ
قوله تعالى : (فَاضْرِبْ بِهِ وَلا
تَحْنَثْ) يدلّ على أحد وجهين : إما لأنه لم يكن في شرعه كفّارة ،
وإنما كان البرّ أو الحنث.
والثاني ـ أن يكون
ما صدر منه نذر إلا يمينا ، وإذا كان النذر معينا فلا كفارة فيه عند مالك وأبى
حنيفة.
وقال الشافعى : في
كل نذر كفارة ، وهل مخرجها على التفصيل أو الإجمال؟
الآية الحادية
عشرة ـ قوله تعالى : (ما كانَ لِي مِنْ
عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
__________________
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
وذلك
أنّ قريشا قالت للنبي صلّى الله عليه وسلم : فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال : سألنى
ربّى عزّ وجلّ فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : في الكفّارات والدرجات. قال : وما
الكفّارات؟ قلت : المشي على الأقدام إلى الجماعات ، وإسباغ الوضوء في السّبرات ،
والتعقيب في المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة .
قال
: وما الدرجات؟ قلت : إفشاء السلام ، وإطعام الطعام ، والصلاة بالليل والناس نيام.
وقيل : خصومتهم
قولهم : (أَتَجْعَلُ فِيها
مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ
وَنُقَدِّسُ لَكَ. قالَ : إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ).
هذا حديث الحسن ،
وهو حسن.
ومن طريق عبد
الرحمن عن عائشة أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال : رأيت ربي في أحسن صورة ، فوضع يده بين
كتفي ، فوجدت بردها بين ثديى ، فعلمت ما في السموات وما في الأرض ، ثم تلا هذه
الآية : وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السّموات والأرض. فقال : يا محمد ، فقلت : لبّيك
وسعديك! قال : فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : أى رب في الكفارات. قال : وما
الكفّارات؟ قلت : المشي على الأقدام إلى الجماعات ، وإسباغ الوضوء على المكروهات ،
وانتظار الصلاة إلى الصلاة ، فمن حافظ عليهن عاش بخير [ومات بخير] ، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمّه.
وقد روى الترمذي
صحيحا ، عن عبد الرحمن بن عابس الحضرمي ، عن مالك بن يخامر السلمى ، عن معاذ بن
جبل ، قال : احتبس
عنّا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذات غداة عن صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين
الشمس ، فخرج سريعا فثوّب بالصلاة ، فصلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وتجوّز
في صلاته ، فلما سلّم قال لنا : على مصافكم كما أنتم ، ثم انتقل إلينا ثم قال :
أما إنى سأحدّثكم ما حبسني عنكم الغداة : إنى قمت في الليل فتوضأت وصليت ما قدر لي
، فنعست في صلاتي حتى استثقلت ، فإذا أنا بربّى تبارك وتعالى في أحسن صورة ،
__________________
فقال
: يا محمد. فقلت : لبّيك. قال : فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : ما أدرى ـ ثلاثا. قال
: فرأيته وضع كفّه بين كتفي ، فوجدت برد أنامله بين ثديى ، فتجلّى لي كلّ شيء ،
وعرفت. ثم قال : يا محمد. قلت : لبّيك! قال : فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : في
الكفارات. قال : ما هن؟ قلت : مشى الأقدام إلى الحسنات ، والجلوس في المساجد بعد
الصلوات ، وإسباغ الوضوء عند الكريهات. قال : وما الحسنات؟ قلت : إطعام الطعام ،
ولين الكلام ، والصلاة والناس نيام.
قال
: سل. قلت : اللهم إنى أسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحبّ المساكين ، وأن
تغفر لي وترحمني ، وإذا أردت فتنة في قوم فتوفّنى غير مفتون ، أسألك حبّك وحبّ من
يحبّك ، وحب عمل يقرّب إلى حبّك. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : إنها حق
فادرسوها ثم تعلّموها.
المسألة الثانية ـ
لا خلاف أنّ المشي فيما قرب من الطاعات أفضل من الركوب ، فأمّا كلّ ما يبعد فيكون
المرء بكلاله أقلّ اجتهادا في الطاعة فالركوب أفضل فيه ، ألا ترى أنّ الراكب في
الجهاد أفضل من الراجل لأجل غنائه ، وهذا فرع هذا الأصل ، إذ العمل ما كان أخلص وأبرّ كان الوصول إليه بالراحة أفضل.
المسألة الثالثة ـ
لم يختلف الملأ الأعلى في الأصل ، وإنما اختلفوا في كيفية الفضيلة وكميتها فيجتهدون
ويقولون : إنه أفضل ، كما لم يختلفوا ولا أنكروا أن يكون في الأرض قوم يسفكون
الدماء ، ويفسدون في الأرض ، وإنما طلبوا وجه الحكمة فغيبت عنهم حكمته.
الآية الثانية
عشرة ـ قوله تعالى : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ بناء
(ك ـ ل ف) في لسان العرب للإلزام والالتزام ، وقد غلط علماؤنا فقالوا : إنه فعل ما
فيه مشقة ، وكلّ إلزام مشقة ، فلا معنى لاشتراط المشقة ، وهو في نفسه مشقّة ، وقد
بيناه في أصول الفقه.
__________________
المسألة الثانية ـ
المعنى ما ألزم نفسي ما لا يلزمني ، ولا ألزمكم ما لا يلزمكم ، وما جئتكم باختياري
دون أن أرسلت إليكم.
المسألة الثالثة ـ
أخبرنا أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار ، أخبرنا القاضي أبو الطيب الطبري ،
أخبرنا الدّارقطنيّ ، حدثنا الحسن بن أحمد بن صالح الكوفي ، حدثنا علىّ بن الحسن
بن هارون البلدي ، حدثنا إسماعيل بن الحسن الحراني ، أخبرنا أيوب بن خالد الحراني
، حدثنا محمد بن علوان ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في
بعض أسفاره ، فسار ليلا ، فمرّ على رجل جالس عند مقراة له ، فقال له عمر: يا صاحب المقراة ، ولغت السباع الليلة
في مقراتك. فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: يا
صاحب المقراة ، لا تخبره ، هذا متكلّف لها ما حملت في بطونها ، ولنا ما بقي شراب وطهور. وهذا
بيان سؤال عن ورود الحوض السباع ، فإن كان ممكنا غالبا لا يحتاج إليه ، وإنما
يعوّل على حال الماء في لونه وطعمه وريحه ، فلا ينبغي لأحد أن يسأل ما يكسبه في
دينه شكّا أو إشكالا في عمله ، ولهذا قلنا لكم : إذا جاء السائل عن مسألة فوجدتم
له مخلصا فيها فلا تسألوه عن شيء ، وإن لم تجدوا له مخلصا فحينئذ فاسألوه عن تصرّف
أحواله وأقواله ونيته ، عسى أن يكون له مخلص ، والله أعلم.
__________________
سورة الزّمر
[فيها أربع آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا
إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) ، وهي دليل على وجوب النية في كل عمل ، وأعظمه الوضوء الذي
هو شطر الإيمان ، خلافا لأبى حنيفة ، والوليد بن مسلم ، عن مالك
اللذين يقولان : إنّ الوضوء يكفى من غير نيّة ، وما كان ليكون من الإيمان شطره ،
ولا ليخرج الخطايا من بين الأظافر والشعر بغير نية ، وقد حققناه في مسائل الخلاف.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (قُلْ يا عِبادِ
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا
حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ
بِغَيْرِ حِسابٍ).
روى أبو بكر بن
عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، عن مالك بن أنس ، في قوله : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ
أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) قال : هو الصبر على فجائع الدنيا وأحزانها ، وقد بلغني أنّ
الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.
قال القاضي :
الصّبر مقام عظيم من مقامات الدين ، وهو حبس النفس عما تكرهه من تسريح الخواطر ،
وإرسال اللسان ، وانبساط الجوارح على ما يخالف حال الصبر ، ومن الذي يستطيعه! فما
روى أن أحد انتهى إلى منزلة أيوب عليه السلام. حتى صبر على عظيم البلاء عن سؤال
كشفه بالدعاء ، وإنما عرض حين خشي على دينه لضعف قلبه عن الإيمان ، فقال : مسّنى
الضّرّ وأنت أرحم الراحمين ، ولهذا المعنى جعلوه في الآثار نصف الإيمان ، فإن الإيمان على قسمين : مأمور ومزجور ،
فالمأمور يتوصّل إليه بالفعل ، والمزجور امتثاله بالكف والدعة عن الاسترسال إليه ،
وهو الصبر ، فأعلمنا ربنا تبارك وتعالى أنّ ثواب الأعمال الصالحة مقدّر من حسنة
إلى سبعمائة ضعف ، وخبأ قدر الصبر منها تحت علمه ، فقال : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ
أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ).
__________________
ولما كان الصوم
نوعا من الصبر حين كان كفّا عن الشهوات قال تعالى : كلّ عمل ابن آدم له إلا الصيام
فإنه لي ، وأنا أجزى به. قال أهل العلم : كل أجر يوزن وزنا ، ويكال كيلا إلا الصوم
، فإنه يحثى حثيا ، ويغرف غرفا ، ولذلك قال مالك : هو الصبر على فجائع الدنيا
وأحزانها ، فلا شك أن كلّ من سلّم فيما أصابه ، وترك ما نهى عنه فلا مقدار لأجره ،
وأشار بالصوم إلى أنه من ذلك الباب ، وإن لم يكن جميعه ، والله أعلم.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا
الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ
عِبادِ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
قال علماؤنا :
نزلت مع الآية التي قبلها في ثلاثة نفر : زيد بن عمرو بن نفيل ، وأبى ذر ، وسلمان
الفارسي ـ كانوا ممن لم يأتهم كتاب ولا بعث إليهم نبىّ ، ولكن وقر في نفوسهم
كراهية ما الناس عليه بما سمعوا من أحسن ما كان في أقوال الناس ، فلا جرم قادهم
ذلك إلى الجنة.
أما زيد بن عمرو
بن نفيل فمات على التوحيد في أيام الفترة فله ما نوى من الجنة ، وأما أبو ذرّ
وسلمان فتداركتهم العناية ، ونالوا الهداية ، وأسلموا ، وصاروا في جملة
الصحابة.
المسألة الثانية ـ
قال جماعة : الطاغوت الشيطان ، وقيل : الأصنام. وقال ابن وهب عن مالك : هو كلّ ما
عبد من دون الله ، وهو فلعوت من طغى ، إذا تجاوز الحد ، ودخل في قسم المذموم. فقال ابن
إسحاق : كانت العرب قد اتخذت في الكعبة طواغيت ، وهي ستون ، كانت تعظّمها بتعظيم الكعبة ، وتهدى
إليها كما تهدى إلى الكعبة ، وكان لها سدنة وحجّاب ، وكانت تطوف بها ، وتعرف فضل
الكعبة عليها.
وقيل : كان
الشيطان يتصوّر في صورة إنسان فيتحاكمون إليه ، وهي صورة إبراهيم.
وفي الحديث : إنه يأتى شيطان في صورة رجل فيقول : قال
رسول صلّى الله عليه وسلم ـ
__________________
يكذب
على النبي متعمّدا ليضلّ الناس ، فينبغي أن يحذر من الأحاديث الباطلة المضلة ، وينبغي ألّا
يقصد مسجدا ، ولا يعظم بقعة إلا البقاع الثلاث التي قال فيها رسول الله صلّى الله
عليه وسلم : لا
تعمل المطىّ إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدى هذا ، ومكة ، والمسجد الأقصى.
وقد سوّل الشيطان
لأهل زماننا أن يقصدوا الرّبط ، ويمشوا إلى المساجد تعظيما لها ، وهي بدعة ما جاء
النبىّ بها إلا مسجد قباء ، فإنه كان يأتيه كلّ سبت راكبا وماشيا ، لا لأجل
المسجدية ، فإنّ حرمتها في مسجده كانت أكثر ، وإنما كان ذلك على طريق الافتقاد لأهله
، والتطييب لقلوبهم ، والإحسان بالألفة إليهم.
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (وَلَقَدْ أُوحِيَ
إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ
عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ).
تقدم في سورة
البقرة بيان حال الإحباط بالردة ، وسنزيده هاهنا بيانا فنقول :
هذا وإن كان خطابا
للنبىّ صلّى الله عليه وسلم فقد قيل : إنّ المراد بذلك أمّته ، وكيفما تردّد الأمر
فإنه بيان أنّ الكفر يحبط العمل كيف كان ، ولا يعنى به الكفر الأصلى ،
لأنه لم يكن فيه عمل يحبط ، وإنما يعنى به أن الكفر يحبط العمل الذي كان مع
الإيمان ، إذ لا عمل إلا بعد أصل الإيمان ، فالإيمان معنى يكون به المحلّ أصلا
للعمل لا شرطا في صحة العمل ، كما تخيّله الشافعية ، لأن الأصل لا يكون شرطا للفرع
، إذ الشروط أتباع فلا تصير مقصودة ، إذ فيه قلب الحال وعكس الشيء ، وقد بين الله
تعالى ذلك بقوله : (وَلَوْ أَشْرَكُوا
لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ). وقال تعالى : (وَمَنْ يَكْفُرْ
بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) فمن كفر من أهل الإيمان حبط عمله ، وأستأنف العمل إذ أسلم
، وكان كمن لم يسلم ولم يكفر لقوله تعالى : (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما
قَدْ سَلَفَ). والإسلام والهجرة يهدمان ما قبلهما من باطل ، ولا يكون
إيمانا إلا باعتقاد عامّ على الأزمان ، متصل بتأبيد الأبد ، كما بيناه في كتب
الأصول ، فإنه لا يتبعّض وإن أفسد فسد جميعه ، وهو حكم لا يتجزأ شرعا ، وقد بيناه في
التلخيص وغيره.
__________________
سورة المؤمن
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ
مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ
رَبِّيَ اللهُ ، وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ
كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي
يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ).
ظنّ بعضهم أن
المكلّف إذا كتم إيمانه ، ولم يتلفظ به بلسانه [أنه] لا يكون مؤمنا باعتقاده. وقد قال مالك : إنه إذا نوى بقلبه
طلاق زوجه إنه يلزمه ، كما يكون مؤمنا وكافرا بقلبه ، فجعل مدار الإيمان على القلب
، وإنه كذلك ، لكن ليس على الإطلاق ، وقد بيناه في أصول الفقه بما لبابه أنّ
المكلّف إذا نوى الكفر بقلبه كان كافرا ، وإن لم يلفظ بلسانه ، وأما إذا نوى
الإيمان بقلبه فلا يكون مؤمنا حتى يتلفظ بلسانه ، وأما إذا نوى الإيمان بقلبه تمنعه التقيّة والخوف من أن يتلفّظ بلسانه [فلا
يكون مؤمنا] فيما بينه وبين الله تعالى ، وإنما تمنعه التقية من أن
يسمعه غيره ، وليس من شرط الإيمان أن يسمعه الغير في صحته من التكليف ، إنما يشترط
سماع الغير له ليكفّ عن نفسه وماله.
الآيتان الثانية
والثالثة ـ قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي جَعَلَ
لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ. وَلَكُمْ فِيها
مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى
الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ).
قال القاضي : كلّ
حكم تعلّق بالأنعام فقد تقدّم بيانه ، فلا وجه لإعادته ، فمن شاء فليلحظه في
موضعه.
__________________
سورة فصّلت
[فيها ست آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (فَأَرْسَلْنا
عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ
الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا
يُنْصَرُونَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قال
ابن وهب ، عن مالك : يعنى شدائد لا خير فيها ، وكذلك روى عنه ابن القاسم.
وقال زيد بن أسلم
: وإنما ذكر ذلك مالك ردّا على من يقول : إن النّحس الغبار ، ولو كان الغبار نحسا
لكان أقلّ ما أصابهم من نحس ، وكذلك من قال : إنها متتابعات لا يخرج من لفظ قوله
تعالى : (نَحِساتٍ). وإنما عرف التتابع من قوله تعالى : (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ
سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً).
المسألة الثانية ـ
قيل : إنها كانت آخر شوال من الأربعاء إلى الأربعاء ، والناس يكرهون السفر يوم
الأربعاء لأجل هذه الرواية ، لقيت يوما مع خالي الحسين بن أبى حفص رجلا من الكتاب
فودعناه بنيّة السفر ، فلما فارقنا قال لي خالي : إنك لا تراه أبدا
لأنه سافر يوم أربعاء ـ لا يتكرر ، وكذلك كان : مات في سفره ، وهذا ما لا أراه ،
فإنّ يوم الأربعاء يوم عجيب بما جاء في الحديث من الخلق فيه ، والترتيب ، فإن
الحديث ثابت بأن الله خلق يوم السبت التربة ، ويوم الأحد الجبال ، ويوم الاثنين
الشجر ، ويوم الثلاثاء المكروه ، ويوم الأربعاء النور ، وروى : النون. وفي الحديث :
إنه خلق يوم
الأربعاء غرة التّقن ، وهو كل شيء أتقن به الأشياء ، يعنى المعادن من الذهب والفضة
والنحاس والحديد والرصاص ،
__________________
فاليوم الذي خلق
فيه المكروه لا يعافه الناس ، واليوم الذي خلق فيه النور أو التّقن يعافونه ، إنّ
هذا لهو الجهل المبين.
وفي المغازي أنّ
النبىّ صلّى الله عليه وسلم دعا على الأحزاب من يوم الاثنين إلى يوم الأربعاء بين
الظهر والعصر ، فاستجيب له ، وهي ساعة فاضلة ، فالآثار الصحاح دليل على فضل هذا
اليوم ، وكيف يدّعى فيه تغرير النحس بأحاديث لا أصل لها ، وقد صوّر قوم أياما من الأشهر
الشمسية ادّعوا فيها الكرامة ، لا يحلّ لمسلم أن ينظر إليها ، ولا يشتغل بآلاتها ،
والله حسيبهم.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ
قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ
أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ
تُوعَدُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ
قالُوا رَبُّنَا اللهُ) ، يعنى لا إله إلا الله محمد رسول الله ، إذ لا يتمّ أحد
الركنين إلا بالآخر ، حسبما بيّناه في غير موضع ، وساتقر في قلوب المؤمنين في غير
موضع.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَقامُوا) ، استفعال ، من قام ، يعنى دام واستمرّ وفيها قولان :
أحدهما ـ استقاموا
على قول لا إله إلا الله حتى ماتوا عليها ، ولم يبدّلوا ولم يغيّروا.
الثاني ـ استقاموا
على أداء الفرائض. وكلا القولين صحيح لازم ، مراد بالقول. والمعنى: فإن «لا إله
إلا الله» مفتاح له أسنان ، فمن جاء بالمفتاح وأسنانه فتح له ، وإلا لم يفتح له.
المسألة الثانية ـ
(تَتَنَزَّلُ
عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ). قال المفسرون : يعنى عند الموت ، وأنا أقول في كل يوم ،
وآكد الأيام يوم الموت ، وحين القبر ، ويوم الفزع الأكبر ، وفي ذلك آثار بيناها في
مواضعها.
__________________
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ
قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ
الْمُسْلِمِينَ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها ، وقد روى أنها نزلت في محمد صلّى الله عليه وسلم ، وكان الحسن إذا تلا
هذه الآية يقول : هذا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، هذا حبيب الله ، هذا صفوة
الله ، هذا خيرة الله ، هذا ـ والله ـ أحبّ أهل الأرض إلى الله.
وقيل : نزلت في
المؤذنين ، وهذا ذكر ثان لهم في كتاب الله ، وسيأتى الثالث إن شاء الله تعالى.
والأولى أصحّ ،
لأن الآية مكية ، والأذان مدني ، وإنما يدخل فيها بالمعنى ، لا أنه كان المقصود ،
ويدخل فيها أبو بكر الصديق حين قال في النبي ـ وقد خنقه الملعون :
أتقتلون رجلا أن يقول ربّى الله ، ويتضمن كلّ كلام حسن فيه ذكر التوحيد وبيان
الإيمان.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (وَعَمِلَ صالِحاً). قالوا : هي الصلاة ، وإنه لحسن وإن كان المراد به كلّ عمل
صالح ، ولكن الصلاة أجلّه ، والمراد أن يتبع القول العمل ، وقد بيناه في غير موضع.
المسألة الثالثة ـ
قوله : (وَقالَ إِنَّنِي مِنَ
الْمُسْلِمِينَ) ، وما تقدّم يدلّ على الإسلام ، لكن لما كان الدعاء بالقول
، والسيف يكون للاعتقاد ، ويكون للحجة ، وكان العمل يكون للرياء والإخلاص ، دلّ
على أنه لا بد من التصريح بالاعتقاد لله في ذلك كله ، وأنّ العمل لوجهه.
المسألة الرابعة ـ
قوله تعالى : (وَقالَ إِنَّنِي مِنَ
الْمُسْلِمِينَ) ، ولم يقل [له] إن شاء الله ، وفي ذلك ردّ على من يقول : أنا مسلم إن شاء
الله. وقد بيناه في الأصول ، وأوضحنا أنه لا يحتاج إليه.
__________________
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (وَلا تَسْتَوِي
الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ. أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي
بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
روى أنها نزلت في
أبى جهل ؛ كان يؤذى النبىّ صلّى الله عليه وسلّم ، فأمر عليه السلام بالعفو عنه.
وقيل له : (فَإِذَا الَّذِي
بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
المسألة الثانية ـ
اختلف ما المراد بها على ثلاثة أقوال :
الأول ـ قيل
المراد بها ما روى في الآية أن نقول : إن كنت كاذبا يغفر الله لك ، وإن كنت صادقا
يغفر الله لي ، وكذلك روى أن أبا بكر الصديق قاله لرجل نال منه.
الثاني ـ المصافحة
، وفي الأثر : تصافحوا يذهب الغلّ ، وإن لم ير مالك المصافحة ، وقد اجتمع مع سفيان
فتكلّما فيها ، فقال سفيان : قد صافح النبىّ صلّى الله عليه وسلّم جعفرا حين قدم
من الحبشة ، فقال له مالك : ذلك خاصّ له ؛ فقال له سفيان : ما خصّه رسول الله صلى
الله عليه وسلم يخصّنا ، وما عمّه يعمّنا ، والمصافحة ثابتة ، فلا وجه لإنكارها.
وقد روى قتادة قال
: قلت لأنس : هل كانت المصافحة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : نعم.
وهو حديث صحيح ، وروى البراء بن عازب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلّا
غفر لهما قبل أن يتفرّقا.
وفي الأثر : من تمام المحبة الأخذ باليد.
ومن حديث محمد بن
إسحاق ـ وهو إمام مقدم ـ عن الزهري ، عن عائشة ، قالت : قدم زيد بن حارثة المدينة في نفر ، فقرع الباب ، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم عريانا
يجرّ ثوبه ، والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده ، فاعتنقه وقبّله.
الثالث ـ السلام ،
لا يقطع عنه سلامه إذا لقيه ، والكل محتمل. والله أعلم.
__________________
الآية الخامسة ـ قوله
تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ
اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا
لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ
تَعْبُدُونَ. فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ
بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ).
وهذه آية سجود بلا
خلاف ، ولكن اختلف في موضعه ؛ فقال مالك : موضعه : (كُنْتُمْ إِيَّاهُ
تَعْبُدُونَ) ، لأنه متّصل بالأمر ، وقال ابن وهب والشافعى : موضعه (وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) ؛ لأنه تمام الكلام ، وغاية العبادة والامتثال.
وقد كان علىّ وابن
مسعود يسجدان عند قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ
إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ). وكان ابن عباس يسجد عند قوله : (يَسْأَمُونَ).
وقال ابن عمر :
اسجدوا بالآخرة منهما ، وكذلك يروى عن مسروق ، وأبى عبد الرحمن السلمى ، وإبراهيم النخعي ، وأبى صالح ،
ويحيى بن وثاب ، وطلحة ، والحسن ، وابن سيرين. وكان أبو وائل ، وقتادة ، وبكر بن
عبد الله يسجدون عند قوله : (يَسْأَمُونَ) ، والأمر قريب.
الآية السادسة ـ قوله
تعالى : (وَلَوْ جَعَلْناهُ
قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ
وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا
يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ
مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
روى أنّ قريشا
قالوا : إن الذي يعلّم محمدا يسار أبو فكيهة مولى من قريش ، وسلمان ، فنزلت هذه
الآية. وهذا يصحّ في يسار ، لأنه مكي ، والآية مكية ؛ وأما سلمان فلا يصح ذلك فيه
؛ لأنه لم يجتمع مع النبىّ صلّى الله عليه وسلم إلا بالمدينة ، وقد كانت الآية
نزلت بمكة بإجماع من الناس.
المسألة الثانية ـ
في معنى الآية : وهو أن الله تعالى أراد أنّ هذا القرآن لو نزل باللغة
__________________
الأعجمية لقالت
قريش لمحمد : يا محمد ؛ إذا أرسلت إلينا به فهلّا فصّلت آياته ، أى بيّنت وأحكمت.
المسألة الثالثة ـ
أعجمى وعربي ، التقدير : أنى يجتمع ما يقولون أو ينتظم ما يأفكون؟ يسار أعجمى ،
والقرآن عربي ، فإنّى يجتمعان!
المسألة الرابعة ـ
قال علماؤنا : هذا يبطل قول أبى حنيفة في قوله : إن ترجمة القرآن بإبدال اللغة العربية
فيه بالفارسية جائز ؛ لأنّ الله تعالى قال : (وَلَوْ جَعَلْناهُ
قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا) : كذا ـ لنفى أن يكون للعجمة إليه طريق ، فكيف يصرف إلى ما نهى الله عنه!
فأخبر أنه لم ينزل به. وقد بيناه في مسائل الخلاف ، وأوضحنا أنّ التبيان والإعجاز إنما
يكون بلغة العرب ، فلو قلب إلى غير هذا لما كان قرآنا ولا بيانا ، ولا اقتضى
إعجازا ، فلينظر هنا لك على التمام إن شاء الله لا ربّ غيره ، ولا خير إلا خيره.
__________________
سورة الشورى
[فيها ثمان آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ
الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا
بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا
فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ، اللهُ يَجْتَبِي
إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ).
ثبت في الحديث
الصحيح أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال في حديث الشفاعة المشهور [الكبير] :
ولكن ائتوا نوحا ،
فإنه أوّل رسول بعثه الله إلى أهل الأرض. فيأتون نوحا فيقولون : أنت أوّل رسول
بعثه الله إلى أهل الأرض. وهذا صحيح لا إشكال فيه ، كما أنّ آدم أول نبىّ بغير
إشكال ، لأن آدم لم يكن معه إلا بنوه ، ولم تفرض له الفرائض ، ولا شرعت له المحارم
، وإنما كان تنبيها على بعض الأمور ، واقتصارا على ضرورات المعاش ، وأخذا بوظائف
الحياة والبقاء ، واستقرّ المدى إلى نوح ، فبعثه الله بتحريم الأمهات والبنات
والأخوات ووظف عليه الواجبات ، وأوضح له الآداب في الديانات ، ولم يزل
ذلك يتأكّد بالرسل ، ويتناصر بالأنبياء صلوات الله عليهم واحدا بعد واحد ، شريعة
بعد شريعة ، حتى ختمها الله بخير الملل ملّتنا ، على لسان أكرم الرسل نبيّنا صلّى
الله عليه وسلم ، وكأن المعنى : ووصيناك يا محمد ونوحا دينا واحدا ، يعنى في
الأصول التي لا تختلف فيها الشريعة ، وهي : التوحيد ، والصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ،
والتقرب إلى الله تعالى بصالح الأعمال ، والتزلّف إليه بما يردّ القلب والجارحة
إليه ، والصدق ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وتحريم الكفر ،
والقتل ، والزنا ، والإذاية للخلق ، كيفما تصرفت ، والاعتداء على
__________________
الحيوان كيفما كان
، واقتحام الدناءات ، وما يعود بخرم المروءات. فهذا كلّه شرع دينا واحدا وملّة
متحدة لم يختلف على ألسنة الأنبياء ، وإن اختلفت أعدادهم ، وذلك قوله تعالى : (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا
تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) ؛ أي اجعلوه قائما ، يريد دائما مستمرا ، محفوظا مستقرّا ،
من غير خلاف فيه ، ولا اضطراب عليه. فمن الخلق من وفى بذلك ، ومنهم من نكث به ،
ومن نكث فإنما ينكث على نفسه.
واختلفت الشرائع
وراء هذا في معان حسبما أراده الله ، مما اقتضته المصلحة ، وأوجبت الحكمة وضعه في
الأزمنة على الأمم. والله أعلم.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ
حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا
نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ).
وقد تقدم ذلك في
سورة سبحان وغيرها بما فيه كفاية ، وقوله هاهنا : (وَمَنْ كانَ يُرِيدُ
حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، مِنْ نَصِيبٍ) يبطل مذهب أبى حنيفة في قوله: إنه من توضأ تبرّدا إنه
يجزئه عن فريضة الوضوء الموظفة عليه ، فإنّ فريضة الوضوء الموظفة عليه من حرث الآخرة ، والتبرّد من حرث الدنيا ، فلا يدخل أحدهما
على الآخر ، ولا تجزئ نيته عنه بظاهر هذه الآية ، وقد بيناه في مسائل الخلاف.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ
الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ).
وقد تقدم ذكر ركوب
البحر بما يغنى عن إعادته.
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (وَالَّذِينَ
اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ
وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
: (وَأَمْرُهُمْ).
يعنى به الأنصار ،
كانوا قبل الإسلام وقبل قدوم النبي عليه السلام إذا كان يهمهم
__________________
أمر اجتمعوا
فتشاوروا بينهم وأخذوا به ، فأثنى الله عليهم خيرا.
المسألة الثانية ـ
الشّورى فعلى ، من شار يشور شورا إذا عرض الأمر على الخيرة ، حتى يعلم المراد منه.
وفي حديث أبى بكر الصديق أنه ركب فرسا يشوره .
المسألة الثالثة ـ
الشّورى ألفة للجماعة ، ومسبار للعقول ، وسبب إلى الصواب ، وما تشاور قوم إلّا
هدوا. وقد قال حكيم :
إذا بلغ الرأى المشورة فاستعن
|
|
برأى لبيب أو
مشورة حازم
|
ولا تجعل
الشّورى عليك غضاضة
|
|
فإن الخوافي
نافع للقوادم
|
المسألة الرابعة ـ
مدح الله المشاور في الأمور ، ومدح القوم الذين يمتثلون ذلك ، وقد كان النبىّ صلّى
الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الأمور المتعلقة بمصالح الحروب ، وذلك في الآثار
كثير ، ولم يشاورهم في الأحكام ، لأنها منزّلة من عند الله على جميع الأقسام : من
الفرض ، والندب ، والمكروه ، والمباح ، والحرام. فأما الصحابة بعد استئثار الله به
علينا فكانوا يتشاورون في الأحكام ، ويستنبطونها من الكتاب والسنة ، وإنّ أول ما
تشاور فيه الصحابة الخلافة ، فإنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم لم ينصّ عليها حتى
كان فيها بين أبى بكر والأنصار ما سبق بيانه. وقال عمر : نرضى لدنيانا من رضيه
رسول الله صلّى الله عليه وسلم لديننا ، وتشاوروا في أمر الردّة ، فاستقرّ رأى أبى
بكر على القتال. وتشاوروا في الجدّ وميراثه ، وفي حدّ الخمر وعدده على الوجوه
المذكورة في كتب الفقه. وتشاوروا بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الحروب ،
حتى شاور عمر الهرمزان حين وقد عليه مسلما في المغازي ، فقال له الهرمزان : إن
مثلها ومثل من فيها من عدوّ المسلمين مثل طائر له رأس وله جناحان ورجلان ، فإن كسر أحد
الجناحين نهضت الرّجلان بجناح والرأس ، وإن كسر الجناح الآخر نهضت الرجلان والرأس
، وإن شدخ الرأس ذهبت الرجلان والجناحان ، والرأس كسرى والجناح الواحد قيصر ،
والآخر فارس. فمر المسلمين فلينفروا إلى كسرى ... وذكر الحديث إلى آخره.
__________________
وقال بعض العقلاء
: ما أخطأت قط ، إذا حزبنى أمر شاورت قومي ، ففعلت الذي يرون ، فإن أصبت فهم المصيبون ، وإن أخطأت فهم المخطئون ، وهذا
أبين من إطناب فيه.
الآية الخامسة ـ قوله
تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا
أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ).
فيها مسألتان.
المسألة الأولى ـ ذكر
الله الانتصار في البغي في معرض المدح ، وذكر العفو عن الجرم في موضع آخر في معرض
المدح ، فاحتمل أن يكون أحدهما رافعا للآخر ، واحتمل أن يكون ذلك راجعا إلى حالتين
:
إحداهما ـ أن يكون
الباغي معلنا بالفجور ، وقحا في الجمهور ، مؤذيا للصغير والكبير ، فيكون الانتقام
منه أفضل. وفي مثله قال إبراهيم النخعي : يكره للمؤمنين أن يذلّوا أنفسهم ، فيجترئ
عليهم الفسّاق.
الثاني ـ أن تكون
الفلتة ، أو يقع ذلك ممن يعترف بالزلة ، ويسأل المغفرة ، فالعفو هاهنا أفضل ، وفي
مثله نزلت : (وَأَنْ تَعْفُوا
أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) ، وقوله تعالى : (فَمَنْ تَصَدَّقَ
بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ). وقوله : (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا
أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ).
المسألة الثانية ـ
قال السدى : إنما مدح الله من انتصر ممن بغى عليه من غير اعتداء بالزيادة على
مقدار ما فعل به ، يعنى كما كانت العرب تفعله ، ويدلّ عليه قوله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ
سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) ، فبين في آخر الآية المراد منها ، وهو أمر محتمل. والأول
أظهر ـ وهي الآية السادسة.
[الآية السابعة] ـ قوله تعالى : (إِنَّمَا السَّبِيلُ
عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ
الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
__________________
المسألة الأولى ـ هذه
الآية في مقابلة الآية المتقدمة في براءة ، وهي قوله : (ما عَلَى
الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) ، فكما نفى الله السبيل عمّن أحسن فكذلك أثبتها على من ظلم
، واستوفى بيان القسمين.
المسألة الثانية ـ
روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك ، وسئل عن قول سعيد بن المسيب : لا أحلّل أحدا.
فقال : ذلك يختلف. فقلت : يا أبا عبد الله ، الرجل يسلف الرجل فيهلك ، ولا وفاء
له. قال : أرى أن يحلّله ، وهو أفضل عندي لقول الله تعالى : (الَّذِينَ
يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) ، وليس كلما قال أحد ـ وإن كان له فضل ـ يتبع. فقيل له :
الرجل يظلم الرجل! فقال : لا أرى ذلك ، وهو مخالف عندي للأول ، لقول الله تعالى : (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ
يَظْلِمُونَ النَّاسَ) ، ويقول تعالى : (ما عَلَى
الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) ، فلا أرى أن تجعله من ظلمه في حلّ.
قال ابن العربي :
فصار في المسألة ثلاثة أقوال :
أحدها ـ لا يحلله
بحال ، قاله سعيد بن المسيب.
والثاني ـ يحلله ،
قاله محمد بن سيرين.
الثالث ـ إن كان
مالا حلله ، وإن كان ظلما لم يحلله ، وهو قول مالك.
وجه الأول ألا
يحلل ما حرم الله ، فيكون كالتبديل لحكم الله.
ووجه الثاني أنه
حقّه ، فله أن يسقطه [كما يسقط دمه وعرضه] .
ووجه الثالث الذي
اختاره مالك هو أنّ الرجل إذا غلب على حقك فمن الرفق به أن تحلله ، وإن كان ظالما
فمن الحق ألا تتركه لئلا يغترّ الظّلمة ، ويسترسلوا في أفعالهم القبيحة.
وفي صحيح مسلم ، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ، قال : خرجت أنا
وأبى نطلب العلم في هذا الحىّ من الأنصار قبل أن يهلكوا ، فكان أول من لقينا أبو
اليسر صاحب
__________________
رسول الله صلّى
الله عليه وسلم ومعه غلام له معه ضمامة من صحف وعلى أبى اليسر بردة ومعافرى ، وعلى غلامه بردة ومعافرىّ ، فقال له أبى : أى عمّ ، أرى
في وجهك سفعة من غضب. فقال : أجل ، كان لي على فلان ابن فلان الحرامىّ
دين ، فأتيت أهله فسلمت ، وقلت : أثمّ هو؟ قالوا : لا ، فخرج علىّ ابن له جعفر ، فقلت له : أين أبوك ، فقال : سمع صوتك فدخل أريكة أمى ، فقلت : اخرج إلىّ ، فقد علمت أين أنت ، فخرج ، فقلت
له : ما حملك على أن اختبأت منى؟ قال : أنا والله أحدثك ، ثم لا أكذبك ، خشيت
والله أن أحدّثك فأكذبك ، وأعدك فأخلفك ، وأنت صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم
، وكنت والله معسرا. قال : فقلت : آلله! قال : الله. قلت : آلله! قال آلله! قال
فقلت : آلله! قال : آلله. قال : فأتى بصحيفته فمحاها بيده. قال : إن وجدت قضاء
فاقض ، وإلا فأنت في حلّ. وذكر الحديث.
وهذا في الحىّ
الذي يرجى له الأداء لسلامة الذمة ، ورجاء التحلل ، فكيف بالميت الذي لا محاللة له
، ولا ذمة معه!
الآية الثامنة ـ قوله
تعالى : (لِلَّهِ مُلْكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً
وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ. أَوْ
يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا
إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ في
المراد بالآية :
قال علماؤنا :
قوله : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ
إِناثاً) ، يعنى لوطا كان له بنات ولم يكن له ابن ويهب لمن يشاء الذكور ، إبراهيم كان
له بنون ولم تكن له بنت.
__________________
وقوله : (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) ، يعنى آدم ، كانت حوّاء تلد له في كل بطن ولدين توأمين
ذكرا وأنثى ، فيزوج الذكر من هذا البطن من الأنثى من هذا البطن الآخر ، حتى أحكم
الله التحريم في شرع نوح عليه السلام. وكذلك محمد صلّى الله عليه وسلم كان له ذكور
وإناث ، من الأولاد : القاسم ، والطيب ، والطاهر ، وعبد الله ، وزينب ، وأم كلثوم
، ورقية ، وفاطمة ، وكلهم من خديجة رضى الله عنها ، وإبراهيم وهو من مارية
القبطية.
وكذلك قسم الله
الخلق من لدن آدم إلى زماننا إلى أن تقوم الساعة على هذا التقدير المحدود بحكمته
البالغة ومشيئته النافذة ، ليبقى النسل ، ويتمادى الخلق ، وينفذ الوعد ، ويحقّ
الأمر ، وتعمر الدنيا ، وتأخذ الجنة والنار ما يملأ كلّ واحدة منهما ويبقى ، ففي
الحديث : إنّ النار لن تمتلى حتى يضع الجبار فيها قدمه ، فتقول : قط قط .
وأما الجنة فتبقى
فينشئ الله لها خلقا آخر.
المسألة الثانية ـ
إنّ الله لعموم قدرته وشديد قوّته يخلق الخلق ابتداء من غير شيء ، وبعظيم لطفه
وبالغ حكمته يخلق شيئا من شيء لا عن حاجة ، فإنه قدّوس عن الحاجات ، سلام عن الآفات ، كما قال القدّوس السلام ،
فخلق آدم من الأرض ، وخلق حوّاء من آدم ، وخلق النشأة من بينهما منهما ، مرتبا عن
الوطء كائنا عن الحمل ، موجودا في الجنين بالوضع ، كما قال النبي صلّى الله عليه
وسلم : إذا سبق ماء الرجل
ماء المرأة أذكرا ، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل أنّثا.
وكذلك في الصحيح أيضا : إذا علا ماء الرجل ماء المرأة
أشبه الولد أعمامه ، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أشبه الولد أخواله.
وقد بينا تحقيق
ذلك في شرح الحديث بما لبابه أنها أربعة أحوال :
ذكر يشبه أعمامه.
أنثى تشبه أخوالها. ذكر يشبه أخواله. أنثى تشبه أعمامها. وذلك في الجميع بيّن ظاهر
التعالج أن معنى قوله صلّى الله عليه وسلم : سبق : خرج من قبل ، ومعنى علا كثر ،
فإذا خرج ماء الرجل من قبل وخرج ماء المرأة بعده ـ وكان أقل منه ـ كان الولد ذكرا
__________________
بحكم سبق ماء
الرجل ، ويشبه أعمامه بحكم كثرة مائة أيضا. وإن خرج ماء المرأة من قبل وخرج ماء
الرجل بعده وكان أقلّ من مائها كان الولد أنثى بحكم سبق ماء المرأة ، ويشبه
أخوالها لأنّ ماءها علا ماء الرجل وكاثره. وإن خرج ماء الرجل من قبل لكن لما
خرج ماء المرأة كان أكثر جاء الولد ذكرا بحكم سبق ماء الرجل وأشبه أمّه وأخواله
بحكم علوّ ماء المرأة وكثرته. وإن خرج ماء المرأة من قبل لكن لما خرج ماء الرجل من
بعد ذلك كان أكثر وأعلى كان الولد أنثى بحكم سبق ماء المرأة ، ويشبه أباه وأعمامه
بحكم غلبة ماء الذكر وعلوّه وكثرته على ماء المرأة. فسبحان الخلّاق العظيم.
المسألة الثالثة ـ
قد كانت الخلقة مستمرة ذكرا وأنثى إلى أن وقع في الجاهلية الأولى الخنثى ، فأتى به
فريض العرب ومعمّرها عامر بن الظرب ، فلم يدر ما يقول فيه ، وأرجأهم عنه ، فلما
جنّ عليه الليل تنكر موضعه ، وأقضّ عليه مضجعه ، وجعل يتقلّى ويتقلّب ، وتجيء
به الأفكار وتذهب إلى أن أنكرت الأمة حالته ، فقالت : ما بك؟ قال لها : سهرت لأمر
قصدت فيه ، فلم أدر ما أقول فيه. فقالت له : ما هو؟ قال لها : رجل له ذكر وفرج ،
كيف تكون حالته في الميراث؟ قالت له الأمة : ورّثه من حيث يبول ، فعقلها ، وأصبح ،
فعرضها لهم وأمضاها عليهم ، فانقلبوا بها راضين. وجاء الإسلام على ذلك فلم تنزل
إلا في عهد علىّ بن أبى طالب ، فقضى فيها بما يأتى بيانه إن شاء الله تعالى.
وقد روى الفرضيون
، عن الكلبي ، عن أبى صالح ، عن ابن عباس ، عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه سئل عن مولود له قبل وذكر من أين
يورث؟ قال : من حيث يبول.
وروى أنه أتى بخنثى من الأنصار ، فقال :
ورّثوه من أوّل ما يبول.
قال القاضي : قال
لنا شيخنا أبو عبد الله الشقاق فرضىّ الإسلام : إن بال منهما جميعا ورث بالذي يسبق
منه البول ، وكذلك رواه محمد بن الحنفية ، عن علىّ ، ونحوه ، عن
__________________
ابن عباس وبه قال
ابن المسيب ، وأبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وحكاه المزني عن الشافعى.
وقال قوم : لا
دلالة في البول ، فإن خرج البول منهما جميعا قال أبو يوسف : يحكم بالأكثر.
وأنكره أبو حنيفة
، وقال أيكيله! ولم يجعل أصحاب الشافعى للكثرة حكما.
وحكى عن علىّ
والحسن : تعدّ أضلاعه ، فإن المرأة تزيد على الرجل بضلع واحد ، ولو صحّ هذا لما
أشكل حاله. انتهى كلام شيخنا أبى عبد الله.
وقال إسماعيل بن
إسحاق القاضي : لا أحفظ عن مالك في الخنثى شيئا. وحكى عنه أنه جعله ذكرا ، وحكى
عنه أنه جعل له نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى ، وليس بثابت عنه.
قال أبو عبد الله
الشقاق : ومما يستدلّ به على حاله : الحيض ، والحبل ، وإنزال المنىّ من الذكر ،
واللّحية ، والثديان ، ولا يقطع بذلك. وقد قيل : إذا بلغ زال الإشكال.
قال القاضي : وروى
عن علمائنا فيه قال مطرف ، وابن الماجشون ، وابن عبد الحكم ، وابن وهب ، وابن نافع
، وأصبغ : يعتبر مباله . فإن بال منهما فالأسبق ، وإن خرج منهما فالأكثر ، ولو لا
ما قال العلماء هذا لقلت : إنه إن بال من ثقب إنه يعتبر به هو الآخر ، لأنّ الولد
لا يخرج من المبال بحال ، وإنما ثقب البول غير مخرج الولد. ويتبيّن ذلك في الأنثى
، وقالوا على مخرج البول ينبنى نكاحه وميراثه وشهادته وإحرامه في حجّه ، وجميع
أمره.
وإن كان له ثدي
ولحية أو لم يكن ورث نصف ميراث رجل ، ولا يجوز له حينئذ نكاح ، ويكون أمره في
شهادته وصلاته وإحرامه على أحوط الأمرين.
والذي نقول : إنه
يستدل فيه بالحبل والحيض.
حالة ثالثة كحالة
أولى لا بدّ منها ، وهي أنه إذا أشكل أمره فطلب النكاح من ذكره ، وطلب النكاح من
فرجه فإنه أمر لم يتكلّم فيه علماؤنا ، وهو من النوع الذي يقال فيه دعه حتى يقع ،
ولأجل هذه الإشكالات في الأحكام والتعارض في الإلزام والالتزام أنكره
__________________
قوم من رءوس
العوامّ ، فقالوا : إنه لا خنثى ، فإن الله تعالى قسم الخلق إلى ذكر وأنثى.
قلنا : هذا جهل
باللغة وغباوة عن مقطع الفصاحة ، وقصور عن معرفة سعة القدرة ، ما قدرة الله تعالى
فإنه واسع عليم.
وأما ظاهر القرآن
فلا ينفى وجود الخنثى ، لأنّ الله تعالى قال : (لِلَّهِ مُلْكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ) ، فهذا عموم فلا يجوز تخصيصه لأن القدرة تقتضيه. وأما قوله
: (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ
إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً
وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً. إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) فهذا إخبار عن الغالب في الموجودات ، وسكت عن ذكر النادر
لدخوله تحت عموم الكلام الأول ، والوجود يشهد له ، والعيان يكذّب منكره.
وقد كان يقرأ معنا
برباط أبى سعيد على الإمام الشهيد من بلاد المغرب خنثى [ليس] له لحية ، وله ثديان ، وعنده جارية ، فربّك أعلم به ، ومع
طول الصحبة عقلنى الحياء عن سؤاله ، وبودّى اليوم لو كاشفته عن حاله.
المسألة الرابعة ـ
في توريثه ، وهو مذكور على التمام في كتب المسائل ، فلينظر هنالك.
__________________
سورة الزخرف
[فيها ست آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (وَالَّذِي خَلَقَ
الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما
تَرْكَبُونَ. لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ
إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما
كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
: (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ
الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ) ، يعنى بذلك الإبل دون البقر ، لأن البقر لم تخلق لتركب.
والدليل عليه الحديث
الصحيح أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال :
بينما رجل راكب
بقرة إذ قالت له : إنى لم أخلق لهذا ، وإنما خلقت للحرث. فقال رسول الله صلّى الله
عليه وسلم : آمنت
بذلك أنا وأبو بكر وعمر ، وما هما في القوم.
المسألة الثانية ـ
قوله : (لِتَسْتَوُوا عَلى
ظُهُورِهِ) ، يعنى الإبل خاصة ، لأنّ الفلك إنما تركب بطونها ، ولكنه
ذكرهما جميعا في أول الآية ، وعطف أحدهما على آخرهما. ويحتمل أن يجعل ظاهرها
باطنها ، لأنّ الماء غمره وستره ، وباطنها ظاهر ، لأنه انكشف للراكبين وظهر للمبصرين.
المسألة الثالثة ـ
قوله : (وَتَقُولُوا سُبْحانَ
الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) ، أى مطيقين ، تقول : قرنت كذا وكذا إذا ربطته به ، وجعلته
قرينه ، وأقرنت كذا بكذا إذا أطقته وحكمته ، كأنه جعله في قرن وهو الحبل ، فأوثقه
به ، وشدّه فيه ، فعلّمنا الله تعالى ما نقول إذا ركبنا الدواب ، وعلّمنا الله في
آية أخرى على لسان نوح عليه السلام ما نقول إذا ركبنا السفن ، وهو قوله تعالى : (وَقالَ ارْكَبُوا
فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ).
__________________
وروى أنّ أعرابيا
ركب قعودا له ، وقال : إنى لمقرن له ، فركضت به القعود حتى صرعته ،
فاندقّت عنقه. وما ينبغي لعبد أن يدع قول هذا ، وليس بواجب ذكره باللسان ، وإنما
الواجب اعتقاده بالقلب ، أما أنه يستحبّ له ذكره باللسان فيقول متى ركب ـ وخاصة
باللسان إذا تذكر ـ في السفر : (سُبْحانَ الَّذِي
سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى
رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل والمال ،
اللهم إنى أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، والحور بعد الكور ، وسوء المنظر في الأهل والمال ، يعنى بالحور والكور تشتّت
أمر الرجل بعد اجتماعه.
وقال عمرو بن
دينار : ركبت مع أبى جعفر إلى
أرض له نحو حائط يقال لها مدركة ، فركب على جمل صعب ، فقلت له : أبا جعفر ، أما تخاف أن
يصرعك. فقال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : على سنام كلّ بعير شيطان ، فإذا ركبتموها فاذكروا اسم
الله كما أمركم ، ثم امتهنوها لأنفسكم ، فإنما يحمل الله.
وقال علىّ بن
ربيعة : شهدت على بن أبى طالب ركب دابة يوما ، فلما وضع رجله في
الركاب قال بسم الله ، فلما استوى على الدابة قال : الحمد لله ، ثم قال : سبحان
الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين. وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون. ثم قال : الحمد
لله ، والله أكبر ـ ثلاثا ، اللهم لا إله إلّا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي ، فإنه لا
يغفر الذنوب إلا أنت ، [ثم ضحك فقلت له : ما أضحكك؟ قال : رأيت رسول الله صلّى
الله عليه وسلم صنع كما صنعت ، وقال كما قلت ، ثم ضحك ، فقلت له : ما يضحكك يا
رسول الله؟ قال : لعبد ـ أو قال : عجبا لعبد ـ أن يقول : اللهم لا إله إلّا أنت ،
ظلمت نفسي فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت] ، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيره.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَجَعَلَها كَلِمَةً
باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
فيها أربع مسائل :
__________________
المسألة الأولى ـ في
شرح الكلمة ، وهي النبوة في قول ، والتوحيد في قول آخر ، ولا جرم لم تزل النبوة
باقية في ذريّة إبراهيم والتوحيد هم أصله ، وغيرهم فيه تبع لهم.
المسألة الثانية ـ
قوله : (فِي عَقِبِهِ).
بناء ع ق ب لما
يخلف الشيء ويأتى بعده ، يقال : عقب يعقب عقوبا وعقبا إذا جاء شيئا بعد شيء ،
ولهذا قيل لولد الرجل من بعده عقبه.
وفي حديث عمر أنه
سافر في عقب رمضان. وقد يستعمل في غير ذلك على موارد كثيرة.
المسألة الثالثة ـ
إنما كانت لإبراهيم في الأعقاب موصولة بالأحقاب بدعوتيه المجابتين: إحداهما بقوله : (إِنِّي جاعِلُكَ
لِلنَّاسِ إِماماً ، قالَ : وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ، قالَ : لا يَنالُ عَهْدِي
الظَّالِمِينَ). فقد قال له : نعم ، إلّا من ظلم منهم ، فلا عهد له.
ثانيهما ـ قوله : (وَاجْنُبْنِي
وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ).
وقيل بدل الأولى :
(وَاجْعَلْ لِي لِسانَ
صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) ، فكلّ أمة تعظمه ، بنوه وغيرهم ممن يجتمع معه في سام أو
في نوح.
المسألة الرابعة ـ
جرى ذكر العقب هاهنا موصولا في المعنى بالحقب ، وذلك مما يدخل في الأحكام ،
وتترتّب عليه عقود العمرى أو التحبيس ، قال النبي صلّى الله عليه وسلم :
أيما رجل أعمر
عمرى له ولعقبه فإنها للذي أعطيها لا ترجع إلى الذي أعطاها ، لأنه أعطى عطاء وقعت
فيه المواريث. وهي ترد على أحد عشر لفظا :
اللفظ الأول ـ الولد
، وهو عند الإطلاق عبارة عمن وجد عن الرجل وامرأته من الذكور والإناث ، وعن ولد
الذكور دون ولد الإناث لغة وشرعا ، ولذلك وقع الميراث على الولد المعيّن وأولاد
الذكور من المعين دون ولد البنات ، لأنه من قوم آخرين ، وكذلك لم يدخلوا في الحبس بهذا اللفظ ،
قاله مالك في المجموعة وغيرها.
اللفظ الثاني ـ البنون
، فإن قال : هذا حبس على ابني فلا يتعدّى الولد المعين ولا يتعدد.
__________________
ولو قال : ولدي
لتعدّى وتعدّد في كلّ من ولد. وإن قال : على بنىّ دخل فيه الذكور. والإناث. قال
مالك : من تصدّق على بنيه وبنى بنيه فإن بناته وبنات بناته يدخلن في ذلك.
وروى عيسى ، عن
ابن القاسم فيمن حبس على بناته فإنّ بنت بنته تدخل في ذلك مع بنات صلبه.
والذي عليه جماعة
أصحابه أنّ ولد البنت لا يدخلون في البنين.
فإن قيل : فقد قال
النبىّ صلّى الله عليه وسلم في
الحسن ابن بنته : إنّ ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من
المسلمين.
قلنا : هذا مجاز ،
وإنما أشار به إلى تشريفه وتقديمه. ألا ترى أنه يجوز نفيه عنه ، فيقول الرجل ـ في
ولد بنته : ليس بابني ، ولو كان حقيقة ما جاز نفيه عنه ، لأن الحقائق لا تنفى عن
مسمياتها ، ألا ترى أنه ينسب إلى أبيه دون أمه ، ولذلك قيل ـ في عبد الله بن عباس
: إنه هاشمي ، وليس بهلالى ، وإن كانت أمه هلالية.
اللفظ الثالث ـ الذرية
، وهي مأخوذة من ذرأ الله الخلق ، في الأشهر ، فكأنهم وجدوا عنه ونسبوا إليه.
ويدخل فيه عند علماءنا ولد البنات ، لقوله تعالى : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ
داوُدَ وَسُلَيْمانَ) ـ إلى أن قال : (وَزَكَرِيَّا
وَيَحْيى وَعِيسى) فإنما هو من ذريته من قبل أمّه ، لأنه لا أب له.
اللفظ الرابع ـ العقب
، وهو في اللغة عبارة عن شيء جاء بعد شيء ، وإن لم يكن من. جنسه ، يقال أعقب الله
بخير ، أى جاء بعد الشدة بالرخاء. وأعقب الشيب السواد. والمعقاب من النساء التي تلد ذكرا بعد أنثى هكذا أبدا. وعقب الرجل
ولده وولد ولده الباقون بعده. والعاقبة : الولد ، قال يعقوب : وفي القرآن : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي
عَقِبِهِ).
وقيل : بل الورثة
كلّهم عقب. والعاقبة الولد ، كذلك فسره مجاهد هاهنا.
وقال ابن زيد
هاهنا : هم الذرية .
وقال ابن شهاب :
هم الولد وولد الولد.
__________________
وأما من طريق
الفقه فقال ابن القاسم في المجموعة : العقب الولد ذكرا كان أم أنثى.
وقال عبد الملك :
وليس ولد البنات عقبا بحال.
وقال محمد عن
إبراهيم ، عن ابن القاسم ، عن مالك فيمن حبس على عقبه ولعقبه ولد فإنه يساوى بينهم
وبين آبائهم للذكر والأنثى سواء ، ويفضّل ذو العيال ، وهذا من قول ابن شهاب إنه
الولد وولد الولد ، وليس ولد الابنة عقبا ولا ابنة الابنة.
وقال القاضي : إن
كان المراد بالكلمة التوحيد ، فيدخل فيه الذكر والأنثى ، وإن كان المراد به
الإمامة فلا يدخل فيه إلا الذكر وحده ، لأن الأنثى ليست بإمام. وقد بينا ذلك
وأوضحناه ، وإنما لا يكون ولد البنات عقبا ولا ولدا إذا كان القول الأول : على
ولدي أو عقبى مفردا ، وأما إذا تكرّر فقال : على ولدي وولد ولدي ، وعلى عقبى وعقب
عقبى ، فإنه يدخل ولد البنات فيه حسبما يذكر فيه ، ولا يدخل فيما بعده مثل قوله :
أبدا ، ومثل قوله ما تناسلوا.
اللفظ الخامس ـ نسلى
، وهو عند علمائنا كقوله : ولد ولدي. فإنه يدخل فيه ولد البنات ، ويجب أن يدخلوا ، لأن «نسل» بمعنى خرج ، وولد البنات قد خرجوا منه بوجه ،
ولم يقترن به ما يخصه ، كما اقترن بقوله : عقبى ما تناسلوا ، حسبما تقدم. والله
أعلم.
اللفظ السادس ـ الآل
، وهم الأهل. وهو اللفظ السابع.
قال ابن القاسم :
هما سواء ، وهم العصبة والإخوة والأخوات ، والبنات والعمات ، ولا تدخل فيه الخالات
، وأصل الأهل الاجتماع ، يقال مكان آهل إذا كان فيه جماعة ، وذلك بالعصبة ، ومن
دخل في العقد ، والعصبة مشتقّة منه ، وهي أخصّ به.
وفي حديث الإفك :
يا رسول الله ، أهلك ولا نعلم إلّا خيرا ـ يعنى عائشة ، ولكن لا تدخل الزوجة فيه
بإجماع ، وإن كانت أصل التأهل ، لأن ثبوتها ليس بيقين ، وقد يتبدل ربطها وينحلّ
بالطلاق.
وقد قال مالك : آل
محمد كل تقىّ ، وليس من هذا الباب ، وإنما أراد أن الإيمان أخص من القرابة ، وقد
اشتملت عليه الدعوة وقصد بالرحمة.
__________________
وقد قال أبو إسحاق
التونسى : يدخل في الأهل من كان من جهة الأبوين فوفى الاشتقاق حقّه ، وغفل عن العرف ومطلق
الاستعمال.
وهذه المعاني إنما
تبنى على الحقيقة أو العرف المستعمل عند الإطلاق ، فهذان لفظان.
اللفظ الثامن ـ القرابة
وفيها أربعة أقوال :
الأول ـ قال مالك
في كتاب محمد ، وابن عبدوس : إنهم الأقرب فالأقرب بالاجتهاد ، ولا يدخل فيه ولد
البنات ، ولا ولد الحالات.
الثاني ـ يدخل فيه
أقاربه من قبل أبيه وأمه ، قاله على بن زياد.
الثالث ـ قال أشهب
: يدخل فيه كلّ ذي رحم من الرجال والنساء.
الرابع ـ قال ابن
كنانة : يدخل فيه الأعمام والعمات والأخوال والخالات [وبنات الأخ] وبنات الأخت.
وقد قال ابن عباس
ـ في تفسير قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ـ قال : إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم.
وقال : لم يكن بطن
من قريش إلا كانت بينها وبين النبي صلّى الله عليه وسلم قرابة ، فهذا يضبطه. والله
أعلم.
اللفظ التاسع ـ العشيرة
، ويضبطه الحديث الصحيح : إن الله تعالى لما أنزل : (وَأَنْذِرْ
عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) دعا النبىّ صلّى الله عليه وسلم بطون قريش وسمّاهم كما
تقدم ذكره ، وهم العشيرة الأقربون ، وسواهم عشيرة في الإطلاق ، واللفظ يحمل على
الأخصّ الأقرب بالاجتهاد ، كما تقدم من قول علمائنا.
اللفظ العاشر ـ القوم
، [قال القرويون] : يحمل ذلك على الرجال خاصة من العصبة دون النساء. والقوم
يشتمل على الرجال والنساء ، وإن كان الشاعر قد قال :
وما أدرى وسوف
إخال أدرى
|
|
أقوم آل حصن أم
نساء
|
__________________
ولكنه أراد أن
الرجل إذا دعا قومه للنّصرة عنى الرجال ، وإذا دعاهم للحرمة دخل فيهم الرجال
والنساء ، فتعمّه الصفة وتخصّه القرينة.
اللفظ الحادي عشر
ـ الموالي ـ قال مالك : يدخل فيه موالي أبيه وابنه مع مواليه. وقال ابن وهب : يدخل
فيه أولاد مواليه.
قال القاضي :
والذي يتحصّل فيه أنه يدخل فيه من يرثه بالولاء ، وهذه فصول الكلام وأصوله مرتبطة
بظاهر القرآن ، والسنة المبينة له والتفريع والتتميم في كتب المسائل والله أعلم.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَلَوْ لا أَنْ
يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ
لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ معنى
الآية أنّ الدنيا عند الله تعالى من الهوان بحيث كان يجعل بيوت الكفار ودرجها
وأبوابها ذهبا وفضة ، لولا غلبة حبّ الدنيا على القلوب ، فيحمل ذلك على الكفر.
والقدر الذي [جعل] عند الكفار من الدنيا وعند بعض المؤمنين والأغنياء إنما هو فتنة لقوله تعالى : (وَجَعَلْنا
بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ، وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً).
المسألة الثانية ـ
في هذا دليل على أن السقف لصاحب السفل ، وذلك لأن البيت عبارة عن قاعة وجدار وسقف
وباب ، فمن له البيت فله أركانه ، ولا خلاف في أن العلوّ له إلى السماء.
واختلفوا في السفل
، فمنهم من قال : هو له. ومنهم من قال : ليس له في بطن الأرض شيء. وفي مذهبنا القولان. وقد بيّن ذلك حديث
الإسرائيلى الصحيح فيما تقدم : أن رجلا باع من رجل دارا فبناها فوجد فيها جرّة من
ذهب ، فجاء بها إلى البائع ، فقال : إنما
__________________
اشتريت الدار دون
الجرّة. وقال البائع : إنما بعت الدار بما فيها. وكلاهما تدافعها ـ فقضى بينهم أن
يزوّج أحدهما ولده من بنت الآخر ، ويكون المال بينهما.
والصحيح أن العلوّ
والسفل له إلا أن يخرج عنه بالبيع وهي :
المسألة الثالثة ـ
فإذا باع أحدهما أحد الموضعين فله منه ما ينتفع به ، وباقيه للمبتاع منه.
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ
لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في
الذكر ، وفيه ثلاثة أقوال :
أحدهما ـ الشرف.
الثاني ـ الذكرى بالعهد المأخوذ في الدين.
الثالث ـ قال مالك
: هو قول الرجل حدّثنى أبى عن أبيه.
وإذا قلنا : إنه
الشرف والفضل فإن ذلك حقيقة إنما هو بالدين ، فإن الدنيا لا شرف فيها. قال النبي
صلّى الله عليه وسلم : إن
الله قد أذهب عنكم عبيّة الجاهلية وتفاخرها بالأحساب ، الناس مؤمن تقىّ أو كافر شقي ، كلكم لآدم وآدم من تراب ، وإنّ أكرمكم عند الله
أتقاكم.
وقيل : وإنه لذكر
لك ولقومك ـ يعنى الخلافة ، فإنها في قريش لا تكون في غيرهم. قال النبي صلّى الله
عليه وسلم : الناس
تبع لقريش في هذا الشأن ، مسلمهم تبع لمسلمهم ، وكافرهم تبع لكافرهم.
وقال مالك : هو قول الرجل حدثني أبى عن أبيه ، ولم أجد في
الإسلام هذه المرتبة إلا ببغداد ، فإنّ بنى التميمي بها يقولون : حدثني أبى ، قال
: حدثني أبى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وبذلك شرفت أقدارهم ، وعظّم
الناس شأنهم ، وتهممت الخلافة بهم.
__________________
ورأيت
بمدينة السلام ابني أبى محمد رزق الله بن عبد الوهاب ابن أبى الفرج بن عبد العزيز ابن الجرد بن أسد بن الليث بن سليمان بن أسد بن سفيان بن يزيد بن
أكينة بن عبد الله التميمي. وكانا يقولان : سمعنا أبانا رزق الله يقول : سمعت أبى
يقول : سمعت أبى يقول : سمعت أبى يقول : سمعت على بن أبى طالب يقول ، وقد سئل عن
الحنان المنّان ، الحنان الذي يقبل على من أعرض عنه. والمنّان الذي يبدأ بالنوال
قبل السؤال ، والقائل سمعت عليا أكينة بن عبد الله جدّهم الأعلى.
والأقوى أن يكون
المراد بقوله : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ
لَكَ وَلِقَوْمِكَ) يعنى القرآن ، فعليه ينبنى الكلام ، وإليه يرجع الضمير ،
وهي :
المسألة الثانية ـ
في تنقيح هذه الأقوال.
الآية الخامسة قوله
تعالى : (يُطافُ عَلَيْهِمْ
بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ
الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ).
وفيها سبع مسائل :
المسألة الأولى ـ الجنة
مخصوصة بالحرير والفضة والذهب لبسا وأكلا وشربا وانتفاعا ، وقطع الله ذلك في
الدنيا عن الخلق إجماعا على اختلاف في الأحكام ، وتفصيل في الحلال
والحرام ، فأما الحرير ـ وهي :
المسألة الثانية ـ
فقد قال النبي صلّى الله عليه وسلم :
من لبس الحرير في
الدنيا لم يلبسه في الآخرة. قال الراوي : وإن لبسه أهل الجنة لم يلبسه هو ، فظنّ
الناس أن ذلك من كلام النبي صلّى الله عليه وسلم ، وإنما هو من تأويل الراوي. وقد
بيّنا تأويل هذا الحديث في كتاب المشكلين في شرح الحديث بما يغنى عن إعادته هاهنا.
وأمثلها تأويلان :
أحدهما ـ أن معناه
ولم يتب ، كما قال : من شرب الخمر في الدنيا ولم يتب منها حرمها في الآخرة ، وكذلك
خرّجه مسلم وغيره في الحرير أيضا بنصّه.
__________________
الثاني ـ وهو الذي
يقضى [بنصه] على الأول أنّ معناه في حال دون حال ، وآخر الأمر إلى حسن
العاقبة وجميل المآل.
وقد اختلف العلماء
في لباس الحرير على تسعة أقوال :
الأول ـ أنه محرّم
بكل حال.
الثاني ـ أنه محرم
إلا في الحرب.
الثالث ـ أنه
محرّم إلا في السفر.
الرابع ـ أنه محرم
إلا في المرض.
الخامس ـ أنه محرم
إلا في الغزو.
السادس ـ أنه مباح
بكل حال.
السابع ـ أنه محرم
إلا العلم.
الثامن ـ أنه محرم
على الرجال والنساء.
التاسع ـ أنه محرم
لبسه دون فرشه ، قاله أبو حنيفة وابن الماجشون.
فأما كونه محرما
على الإطلاق
فلقول رسول الله
صلّى الله عليه وسلم في
الحلّة السّيراء : إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة ، وشبهه.
وأما من قال : إنه
محرّم إلا في الحرب فهو اختيار ابن الماجشون من أصحابنا في الغزو به والصلاة فيه ،
وأنكره مالك فيهما.
ووجهه أنّ لباس
الحرير من السرف والخيلاء ، وذلك أمر يبغضه الله تعالى إلّا في الحرب ، فرخّص فيه
من الإرهاب على العدو.
وهذا تعليل من لم
يفهم الشريعة ، فظن أنّ النصر بالدنيا وزخرفها ، وليس كذلك ، بل فتح الله الفتوح
على قوم ما كانت حلية سيوفهم إلا العلابىّ .
وأما من قال : إنه
محرّم إلا في السفر فلما روى في الصحيح من أن النبي صلّى الله عليه رخص للزبير وعبد الرحمن بن عوف
في قمص الحرير في السفر لحكّة كانت بهما.
__________________
وأما من قال : إنه
يحرم إلا في المرض فلأجل إباحة النبي صلّى الله عليه وسلم لهما استعماله عند
الحكّة.
وأما من قال : إنه
محرم إلا في الغزو فلأجل ما ورد في بعض طرق أنس أنه رخّص للزبير وعبد الرحمن في
قمص الحرير في غزاة لهما ، فذكر لفظ الغزو في العلة ، وذكر الصفة في الحكم تعليل ،
حسبما بيناه في أصول الفقه ومسائل الخلاف وهاهنا كما سبق.
وأما من قال : إنه
مباح بكل حال فإنه رأى الحديث الصحيح يبيحه للحكة ، وفي بعض ألفاظ الصحيح لأجل القمل ، ولو كان حراما ما أباحه للحكة ولا للقمل ،
كالخمر والبول ، فإن التداوى بما حرّم الله لا يجوز.
وهذا ضعيف ، فإن
التحريم قد ثبت يقينا ، والرخصة قد وردت حقّا ، وللبارئ سبحانه وتعالى أن يضع
وظائف التحريم كيف شاء من إطلاق واستثناء ، وإنما أذن النبىّ صلّى الله عليه وسلم
في ذلك لهما لأجل القمل والحكّة ، لأنهم كانت عندهم خمائص غليظة لا يحتملها البدن ، فنقلهم إلى الحرير ، لعدم دقيق
القطن والكتان ، وإذا وجد صاحب الجرب والقمل دقيق الكتان والقطن لم يجز أن يأخذ ليّن الحرير.
وأما من قال : إنه
محرم بكل حال إلا العلم ، فلما في الصحيح من إباحة العلم ، وتقديره بإصبعين. وفي
رواية بثلاث أو أربع ، واليقين ثلاث أصابع ، وهو الذي رآه مالك في أشهر قوليه ، والأربع
مشكوك فيه ، وقد يجوز أن يكفّ الثوب بالحرير كما يجوز إدخال العلم فيه ، لما روى
الترمذي وغيره أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم كانت له فروة مكفوفة بالدّيباج.
وفي صحيح مسلم ، عن عبد الله مولى أسماء ، قال : أخرجت إلىّ أسماء طيالسة
كسروانية ، لها لبنة ديباج ، وفرجاها مكفوفان بالديباج ، فقالت : هذه كانت عند
__________________
عائشة تلبسها حتى
قبضت. وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يلبسها ، فنحن نغسلها للمرضى ليستشفى بها. وهو حديث صحيح ، وأصل صريح. والله
أعلم.
وأما من قال : إنه
محرم على النساء ففي صحيح مسلم أن
عبد الله بن الزبير خطب فقال : ألا لا تلبسوا نساءكم الحرير ، فإنى سمعت عمر بن الخطاب
يقول : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : لا تلبسوا الحرير ، فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة.
وهذا ظنّ من عبد
الله يدفعه يقين الحديث الصحيح عن جماعة ، منهم على بن أبى طالب ، قال : أهديت للنبي صلّى الله عليه وسلم حلة
سيراء ، فبعث بها إلىّ فلبستها ، فعرفت الغضب في وجهه ، وقال :
إنى لم أبعث بها إليك لتلبسها ، إنما بعثتها إليك لتشقّها خمرا بين النساء.
وفي رواية شققه
خمرا بين الفواطم ، إحداهن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم زوج على ،
والثانية فاطمة بنت أسد بن هاشم زوج أبى طالب أم على وجعفر وعقيل وطالب ابن أبى
طالب ـ وكانت أسلمت ، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمى. والله أعلم يغيرهما .
وأما من قال :
إنما حرّم لبسه لا فرشه ، وهو أبو حنيفة ـ فهي نزغة أعجمية لم يعلم هو اللباس في
لغة العرب ولا في الشريعة ، والفرش والبسط لبس لغة ، وهو كذلك حرام على الرجال في
الشريعة ، ففي الصحيح ـ عن أنس ـ أن النبي صلّى الله عليه وسلم جاء
وذكر الحديث قال فيه : فقمت إلى حصير لنا قد اسودّ من طول ما لبس. وهذا نص .
المسألة الثانية ـ
الحرير حرام على الرجال ، وحلال للنساء كما تقدم.
والأصل فيه الحديث
الصحيح أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال في
الذهب والحرير
__________________
هذان
حرامان على ذكور أمتى حلّ لإنائها ، وللمرأة أن تتخذ ثياب
الذهب والحرير والديباج ، وللرجل أن يكون معها فيها ، فإذا انفرد بنفسه لم يجز له
شيء من ذلك.
وقد روى جابر
بن عبد الله أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال له حين تزوّج : اتخذت أنماطا ؟ قلت : وأنّى لنا الأنماط؟ قال : أما إنها ستكون. وليس
يلزم الرجل أن يخلعها عن ثيابها ، ولا أن يعرى بيتها وفراشها ، وحينئذ يستمتع بها.
المسألة الرابعة ـ
لبس الخز جائز ، وهو ما سداه حرير وليس لحمته منه ، وقد لبسه عبد
الله بن الزبير ، وكان يرى الحرير حراما على النساء ، ولهذا أدخله مالك عنه في
الموطأ ، وقد لبسه عثمان ، وكفى به حجة ، وقد استوفينا ذلك في كتب الحديث.
المسألة الخامسة ـ
فأما استعمال الذهب والفضة
ففي صحيح الحديث ،
عن أم سلمة ، من رواية مالك وغيره أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال للذي يشرب في آنية من الذهب أو الفضة : فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم.
وروى حذيفة في
الصحيح أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : لا
تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافهما ، ولا تلبسوا الحرير
والديباج فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة.
ولا خلاف في ذلك.
واختلف الناس في
استعمالها في غير ذلك ، والصحيح أنه لا يجوز للرجال استعمالها في شيء لقول النبي
صلّى الله عليه وسلم في
الذهب والحرير : هذان حرامان على ذكور أمّتى حلّ لإناثها ، والنهى عن الأكل والشرب فيها ، وسائر ذلك يدلّ على تحريم
استعمالها ، لأنه نوع من المتاع ، فلم يجزّ ، أصله الأكل والشرب ، ولأن العلة في
ذلك استعجال أجر الآخرة ، وذلك يستوي فيه الأكل والشرب وسائر أجزاء الانتفاع ، ولأنه
عليه السلام قال: هي
لهم في الدنيا ولنا في الآخرة ، فلم يجعل لنا فيها حظّا في الدنيا.
__________________
المسألة السادسة :
إذا كان الإناء مضبّبا بهما أو فيه حلقة منهما ، فقال مالك : لا يعجبني أن يشرب
فيه ، وكذلك المرآة تكون فيها الحلقة من الفضة لا يعجبني أن ينظر فيها وجهه ، وقد
كان عند أنس إناء مضبّب بالفضة. وقال : لقد سقيت فيه النبي صلّى الله عليه وسلم.
قال ابن سيرين :
كانت فيه حلقة حديد ، فأراد أنس أن يجعل فيه حلقة فضة ، فقال أبو طلحة : لا أغيّر
شيئا مما صنعه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فتركه.
المسألة السابعة ـ
إذا لم يجز استعمالها لم يجز اقتناؤها ، لأن ما لا يجوز استعماله لا يجوز اقتناؤه
كالصّنم والطنبور.
وفي كتب علمائنا
إنه يلزم الغرم في قيمتها لمن كسرها ، وهو معنى فاسد ، فإن كسرها واجب ، فلا ثمن
لقيمتها ، ولا يجوز تقويمها في الزكاة بحال ، وغير هذا لا يلتفت
إليه ، وقد بيناها في المسائل بأبلغ من هذا.
الآية السادسة ـ قوله
تعالى : (وَلا يَمْلِكُ
الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
وقد بيّنا أنّ
الشهادة منصب عظيم ، وولاية كريمة ، فيها تنفيذ قول الغير على الغير ، ولا
يكون إلّا بما قد علمه الشاهد ، ولكنه قد يستدلّ على العلم بما يكون قطعا عنده ،
وقد يكون عنده ظاهرا ، وذلك مستقصى في كتب الفقه ومسائله. والله أعلم.
__________________
سورة الدّخان
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
: (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ).
يعنى أنّ الله أنزل
القرآن بالليل ، وقد بينا أنّ منه ليليّا ومنه نهاريّا ، ومنه سفرىّ وحضرىّ ، ومنه
مكّي ومدني ، ومنه سمائي وأرضى ، ومنه هوائى ، والمراد هاهنا ما روى عن ابن عباس
أنه أنزل جملة في الليل إلى السماء الدنيا ، ثم نزل على النبي صلّى الله عليه وسلم
نحو ما في عشرين عاما ونحوها.
المسألة الثانية ـ
قوله : (مُبارَكَةٍ).
البركة هي النماء
والزيادة ، وسمّاها مباركة لما يعطى الله فيها من المنازل ، ويغفر من الخطايا ،
ويقسّم من الحظوظ ، ويبثّ من الرحمة ، وينيل من الخير ، وهي حقيقة ذلك وتفسيره.
المسألة الثالثة ـ
في تعيين هذه الليلة :
وجمهور العلماء
على أنها ليلة القدر ، ومنهم من قال : إنها ليلة النصف من شعبان ، وهو باطل ، لأن
الله تعالى قال في كتابه الصادق القاطع : (شَهْرُ رَمَضانَ
الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) ، فنصّ على أن ميقات نزوله رمضان ، ثم عبّر عن زمانية الليل
هاهنا بقوله : (فِي لَيْلَةٍ
مُبارَكَةٍ) ، فمن زعم أنه في غيره فقد أعظم الفرية على الله ، وليس في
ليلة النصف من شعبان حديث يعوّل عليه ، لا في فضلها ، ولا في نسخ الآجال فيها ،
فلا تلتفتوا إليها.
__________________
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (فَأَسْرِ بِعِبادِي
لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ السّرى
: سير الليل. والإدلاج : سير السّحر ، والإسآد : سيره كله.
والتأويب : سير
النهار. ويقال : سرى وأسرى ، وقد يضاف إلى الليل ، قال الله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا
يَسْرِ). وهو يسرى فيه ، كما قيل : ليل نائم ، وهو ينام فيه ، وذلك
من اتساعات العرب.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (فَأَسْرِ بِعِبادِي
لَيْلاً).
أمر بالخروج
بالليل ، وسير الليل يكون من الخوف ، والخوف يكون من وجهين : إما من العدوّ فيتخذ
الليل سترا مسدلا ، فهو من أستار الله تعالى. وإما من خوف المشقة على الدواب
والأبدان بحرّ أو جدب ، فيتخذ السرى مصلحة من ذلك. وكان النبي صلّى الله عليه
وسلم يسرى ويدلج ويترفّق ويستعجل قدر الحاجة وحسب العجلة ، وما تقتضيه المصلحة.
وفي جامع الموطأ : إن الله رفيق يحبّ الرّفق ، ويرضى به ، ويعين عليه ما لا
يعين على العنف ، فإذا ركبتم هذه الدواب العجم فأنزلوها منازلها ، فإن كانت الأرض
جدبة فانجوا عليها بنقيها ، وعليكم بسير الليل فإنّ الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى
بالنهار ، وإياكم والتعريس على الطريق فإنه طرق الدواب ومأوى الحيات.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (إِنَّ شَجَرَةَ
الزَّقُّومِ. طَعامُ الْأَثِيمِ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ الزقّوم
: كلّ طعام مكروه ، يقال : تزقّم الرجل إذا تناول ما يكره.
ويحكى عن بعضهم
أنّ الزقّوم هو التمر والزبد بلسان البربر ، ويا لله ولهذا القائل وأمثاله الذين
يتكلمون في الكتاب بالباطل وهم لا يعلمون!
المسألة الثانية ـ
روى أن ابن مسعود أقرأ رجلا طعام الأثيم فلم يفهمها ، فقال له : طعام الفاجر ،
فجعلها الناس قراءة ، حتى روى ابن وهب عن مالك قال : أقرأ ابن مسعود رجلا
__________________
إنّ شجرة الزقوم
طعام الأثيم ، فجعل الرجل يقول : طعام اليتيم ، فقال له عبد الله بن مسعود : طعام
الفاجر. فقلت لمالك : أترى أن يقول كذلك؟ قال : نعم.
وروى البصريون عنه
أنه لا يقرأ في الصلاة بما يروى عن ابن مسعود. وقال ابن شعبان: لم يختلف قول مالك
إنه لا يصلّى بقراءة ابن مسعود ، فإنه من صلّى بها أعاد صلاته ، لأنه كان يقرأ بالتفسير. وقد
بينا القول في حال ابن مسعود في سورة آل عمران ، ولو صحّت قراءته لكانت القراءة
بها سنّة ، ولكن الناس أضافوا إليه ما لم يصحّ عنه ، فلذلك قال مالك : لا يقرأ بما
يذكر عن ابن مسعود.
والذي صحّ عنه ما
في المصحف الأصلى.
فإن قيل : ففي
المصحف الأصلى قراءات واختلافات فبأىّ يقرأ؟ قلنا : وهي :
المسألة الثالثة ـ
بجميعها بإجماع من الأمة ، فما وضعت إلا لحفظ القرآن ، ولا كتبت إلا للقراءة بها ،
ولكن ليس يلزم أن يعين المقروء به منها ، فيقرأ بحرف أهل المدينة ، وأهل الشام ،
وأهل مكة ، وإنما يلزمه ألّا يخرج عنها ، فإذا قرأ آية بحرف أهل المدينة ، وقرأ
التي بعدها بحرف أهل الشام كان جائزا ، وإنما ضبط أهل كل بلد قراءتهم بناء على
مصحفهم ، وعلى ما نقلوه عن سلفهم ، والكلّ من عند الله. وقد بينا ذلك في تفسير
قوله صلّى الله عليه وسلم : أنزل القرآن على سبعة أحرف ، فأقروا منه ما تيسّر.
__________________
سورة الجاثية
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ
آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً
بِما كانُوا يَكْسِبُونَ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
روى أنّ رجلا من
المشركين شمّ عمر بن الخطاب ، فهمّ أن يبطش به فنزلت الآية. وهذا لم يصحّ.
المسألة الثانية ـ
في إعرابها :
اعلموا وفقكم الله
ـ أنّ الخبر لا يصحّ أن يكون جواب هذا الأمر ، وجاء ظاهره هاهنا جوابا مجزوما ،
وتقدير الكلام : قل للذين آمنوا [اغفروا] يغفروا للذين لا يرجون أيّام الله. وقد بيناه في ملجئة
المتفقهين.
المسألة الثالثة ـ
قوله تعالى : (لا يَرْجُونَ
أَيَّامَ اللهِ).
يحتمل أن يكون على
الرجاء المطلق ، على أن تكون الأيام عبارة عن النعم ، ويحتمل أن يكون بمعنى الخوف
، ويعبّر بالأيام عن النقم ، وبالكلّ ينتظم الكلام.
المسألة الرابعة ـ
هذا من المغفرة وشبهه من الصفح والإعراض منسوخ بآيات القتال ، وقد بيناه في القسم
الثاني من علوم القرآن.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (ثُمَّ جَعَلْناكَ
عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا
يَعْلَمُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
__________________
المسألة الأولى ـ الشريعة
في اللغة عبارة عن الطريق إلى الماء ، ضربت مثلا للطريق إلى الحقّ لما فيها من
عذوبة المورد ، وسلامة المصدر ، وحسنه.
المسألة الثانية ـ
في المراد بها من وجوه الحق. وفي ذلك أربعة أقوال :
الأول ـ أن الأمر
الدين.
الثاني ـ أنه
السنة.
الثالث ـ أنه
الفرائض.
الرابع ـ النية ،
وهذه كلمة أرسلها من لم يتفطّن للحقائق ، والأمر يرد في اللغة بمعنيين:
أحدهما بمعنى
الشأن ، كقوله تعالى : (فَاتَّبَعُوا أَمْرَ
فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ).
والثاني أنه أحد
أقسام الكلام الذي يقابله النهى ، وكلاهما يصحّ أن يكون مرادا هاهنا ، وتقديره ثم
جعلناك على طريقة من الدين ، وهي ملّة الإسلام ، كما قال تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنا
إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ).
ولا خلاف أن الله
تعالى لم يغاير بين الشرائع في التوحيد والمكارم والمصالح ، وإنما خالف بينها في
الفروع بحسب ما علمه سبحانه.
المسألة الثالثة ـ
ظنّ بعض من تكلم في العلم أنّ هذه الآية دليل على أن شرع من قبلنا ليس بشرع لنا ،
لأن الله تعالى أفرد النبىّ صلّى الله عليه وسلم وأمّته في هذه الآية بشريعة ، ولا
ننكر أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم وأمته منفردان بشريعة ، وإنما الخلاف فيما أخبر النبىّ صلّى الله عليه
وسلم عنه من شرع من قبلنا في معرض المدح والثناء والعظة ، هل يلزم اتباعه أم لا؟
ولا إشكال في لزوم ذلك ، لما بيناه من الأدلة وقدمناها هنا وفي موضعه من البيان.
__________________
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (أَمْ حَسِبَ
الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قوله
: (اجْتَرَحُوا) معناه افتعلوا من الجرح ، وضرب تأثير الجرح في البدن
كتأثير السيئات في الدين مثلا ، وهو من بديع الأمثال.
المسألة الثانية ـ
قد بينا معنى هذه الآية في قوله تعالى : (أَمْ نَجْعَلُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ
نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) فإنها على مساقها ، فلا وجه لإعادتها.
__________________
سورة الأحقاف
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما
تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ
شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ
عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ في
مساق الآية ، وهي أشرف آية في القرآن ، فإنها استوفت أدلّة الشرع عقليّها وسمعيّها
، لقوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما
تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ
شِرْكٌ فِي السَّماواتِ) ، فهذه بيان لأدلّة العقل المتعلقة بالتوحيد ، وحدوث
العالم ، وانفراد الباري سبحانه بالقدرة والعلم والوجود والخلق ، ثم قال : (ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا) على ما تقولون ، وهذه بيان لأدلة السمع ، فإنّ مدرك الحق
إنما يكون بدليل العقل أو بدليل الشرع حسبما بيناه من مراتب الأدلة في كتب الأصول
، ثم قال : (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ
عِلْمٍ) ، يعنى أو علم يؤثر ، أو يروى وينقل ، وإن لم يكن مكتوبا ،
فإن المنقول عن الحفظ مثل المنقول عن الكتب.
المسألة الثانية ـ
قال قوم : إن قوله : (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ
عِلْمٍ) يعنى بذلك علم الخط ، وهو الضرب في التراب لمعرفة الكوائن
في المستقبل أو فيما مضى مما غاب عن الضارب ، وأسندوا ذلك عن ابن عباس إلى النبي
صلّى الله عليه وسلم ، ولم يصح.
وفي مشهور الحديث
أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : كان
نبىّ من الأنبياء يخطّ ، فمن وافق خطه فذلك ولم يصح أيضا.
واختلفوا في
تأويله ، فمنهم. من قال : إنه جاء لإباحة الضرب به ، لأن بعض الأنبياء كان يفعله ،
ومنهم من قال : جاء للنهى عنه ، لأنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال : فمن وافق
__________________
خطه
فذلك. ولا سبيل إلى
معرفة طريق النبي المتقدم فيه ، فإذا لا سبيل إلى العمل به :
لعمرك ما تدرى
الضوارب بالحصى
|
|
ولا زاجرات
الطّير ما الله صانع
|
وحقيقته عند
أربابه ترجع إلى صور الكواكب ، فيدلّ ما يخرج منها على ما تدلّ عليه تلك الكواكب
من سعد أو نحس يحلّ بهم ، فصار ظنّا مبنيّا على ظن ، وتعلقا بأمر غائب قد درست
طريقه ، وفات تحقيقه ، وقد نهت الشريعة عنه ، وأخبرت أنّ ذلك مما اختص الله به ،
وقطعه عن الخلق ، وإن كانت لهم قبل ذلك أسباب يتعلقون بها في درك الغيب ، فإن الله
تعالى قد رفع تلك الأسباب ، وطمس تيك الأبواب ، وأفرد نفسه بعلم الغيب ، فلا يجوز
مزاحمته في ذلك ، ولا تحلّ لأحد دعواه ، وطلبه عناء لو لم يكن فيه نهى ، فإذ قد
ورد النهى فطلبه معصية أو كفر بحسب قصد الطالب .
المسألة الثالثة ـ
إن الله تعالى لم يبق من الأسباب الدالة على الغيب التي أذن في التعلق بها
والاستدلال منها إلا الرّؤيا ، فإنه أذن فيها وأخبر أنها جزء من النبوّة ، وكذلك
الفأل. فأما الطّيرة والزجر فإنه نهى عنهما. والفأل هو الاستدلال بما يستمع من
الكلام على ما يريد من الأمر إذا كان حسنا ، فإن سمع مكروها فهو تطيّر ، وأمر
الشرع بأن يفرح بالفأل ، ويمضى على أمره مسرورا به. فإذا سمع المكروه أعرض عنه ولم
يرجع لأجله ، وقال ـ كما علّمه النبي صلّى الله عليه وسلم : اللهم لا طير إلا طيرك ، ولا خير إلا
خيرك ، ولا إله غيرك. وقد روى عن بعض الأدباء :
الفأل والزجر
والكهّان كلّهم
|
|
مظللون ودون الغيب أقفال
|
وهذا كلام صحيح
إلّا في الفأل ، فإن الشرع استثناه ، وأمر به ، فلا يقبل من هذا الشاعر ما نظمه
فيه ، فإنه تكلم بجهل ، وصاحب الشرع أعلم وأحكم.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَحَمْلُهُ
وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً).
روى أن امرأة
تزوّجت فولدت لستة أشهر من يوم تزوّجت ، فأتى بها عثمان ، فأراد أن يرجمها ، فقال
ابن عباس لعثمان : إنها إن تخاصمكم بكتاب الله تخصمكم ، قال الله عز وجل :
__________________
(وَحَمْلُهُ
وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً). وقال : (وَالْوالِداتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ
الرَّضاعَةَ) ، فالحمل ستة أشهر ، والفصال أربعة وعشرون شهرا ، فخلّى
سبيلها.
وفي رواية أن على
بن أبى طالب قال له ذلك. وقد تقدم بيانه في سورة البقرة ، وهو استنباط بديع.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَيَوْمَ يُعْرَضُ
الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ
الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما
كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ
تَفْسُقُونَ).
فيها مسألتان.
المسألة الأولى ـ لا
خلاف أنّ هذه الآية في الكفار بنصّ القرآن لقوله في أولها : (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا
عَلَى النَّارِ) ، أى فيقال لهم : أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ، يريد
أفنيتموها في الكفر بالله ومعصيته ، وإن الله أحلّ الطيبات من الحلال واللذات ،
وأمر باستعمالها في الطاعات ، فصرفها الكفّار إلى الكفر فأوعدهم الله بما أخبر به
عنهم ، وقد يستعملها المؤمن في المعاصي ، فيدخل في وعيد آخر وتناله آية أخرى برجاء
المغفرة ، ويرجع أمره إلى المشيئة ، فينفّذ الله فيه ما علمه منه وكتبه له.
المسألة الثانية ـ
روى أن عمر بن الخطاب لقى جابر بن عبد الله ، وقد ابتاع لحما بدرهم ، فقال له :
أما سمعت الله تعالى يقول : (أَذْهَبْتُمْ
طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها) وهذا عتاب منه له على التوسع بابتياع اللحم والخروج عن جلف
الخبز والماء ، فإن تعاطى الطيبات من الحلال تستشرى لها الطباع ، وتستمر عليها
العادة ، فإذا فقدتها استسهلت في تحصيلها بالشبهات ، حتى تقع في الحرام المحض بغلبة العادة ، واستشراه الهوى
على النفس الأمّارة بالسوء ، فأخذ عمر الأمر من أوله ، وحماه من ابتدائه كما يفعله
مثله.
__________________
والذي يضبط هذا
الباب ويحفظ قانونه : على المرء أن يأكل ما وجد طيبا كان أو قفارا ، ولا يتكلّف
الطيّب ، ويتخذه عادة ، وقد كان صلّى الله عليه وسلم يشبع إذا وجد ، ويصبر إذا عدم
، ويأكل الحلوى إذا قدر عليها ، ويشرب العسل إذا اتفق له ، ويأكل اللحم إذا تيسّر
، ولا يعتمده أصلا ، ولا يجعله ديدنا ، ومعيشة النبي صلّى الله عليه وسلم معلومة ،
وطريقة أصحابه بعده منقولة ، فأما اليوم عند استيلاء الحرام ، وفساد الحطام ،
فالخلاص عسير ، والله يهب الإخلاص ، ويعين على الخلاص برحمته.
وقد روى أنّ عمر
بن الخطاب قدم عليه ناس من العراق فرأى القوم كأنهم يتقززون في الأكل ، فقال : ما
هذا يأهل العراق؟ لو شئت أن يدهمق لي كما يدهمق لكم ، ولكنا نستبقى من دنيانا ما نجده ، في
آخرتنا. ألم تسمعوا أنّ الله تعالى ذكر قوما فقال : (أَذْهَبْتُمْ
طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها).
__________________
سورة محمّد
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (فَإِذا لَقِيتُمُ
الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا
الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ
أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا
بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ
أَعْمالَهُمْ).
فيها تسع مسائل :
المسألة الأولى ـ في
إعرابها :
قال المعربون : هو منصوب بفعل مضمر دلّ عليه المصدر ، تقديره فاضربوا الرّقاب
ضربا. وعندي أنه مقدّر بقولك : اقصدوا ضرب الرقاب ، وكذلك في قوله : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) معناه افعلوا ذلك. وقد بيناه في رسالة الإلجاء.
المسألة الثانية ـ
قوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا).
فيها قولان :
أحدهما ـ أنهم
المشركون ، قاله ابن عباس.
الثاني ـ كل من لا
عهد له ولا ذمة ، وهو الصحيح لعموم الآية فيه.
المسألة الثالثة ـ
في المراد بقوله عزّوجل : (فَضَرْبَ الرِّقابِ) قولان :
أحدهما ـ أنه
القتال ، قاله السدى.
الثاني ـ أنه قتل
الأسير صبرا.
والأظهر أنه في
القتال ، وهو اللّقاء ، وإنما نستفيد قتل الأسير صبرا من فعل النبي صلّى الله عليه
وسلم له وأمره به.
__________________
المسألة الرابعة ـ
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا
أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ) قد تقدم تفسيره في سورة الأنفال .
المعنى اقتلوهم
حتى إذا كثر ذلك ، وأخذتم من بقي فأوثقوهم شدّا ، فإما أن تمنّوا عليهم فتطلقوهم
بغير شيء ، وإما أن تفادوهم ـ وهي :
المسألة الخامسة ـ
كما فعل النبىّ صلّى الله عليه وسلم بأبى عزة وبثمامة.
وقال مقاتل : هو
العتق ، وكذلك روى ابن وهب وابن القاسم عن مالك.
والأول أصحّ ، فإن
الإسقاط والترك معنى ، والعتق معنى ، وإن كان في العتق معنى الترك فليس حكمه.
المسألة السادسة ـ
(حَتَّى تَضَعَ
الْحَرْبُ أَوْزارَها) ، يعنى ثقلها ، وعبّر عن السلاح به لثقل حملها ، وفيه
ثلاثة أقوال :
أحدها ـ حتى
يؤمنوا ويذهب الكفر ، قاله الفراء.
الثاني ـ حتى يسلم
الخلق ، قاله الكلبي.
الثالث ـ حتى ينزل
عيسى ابن مريم ، قاله مجاهد.
المسألة السابعة ـ
اختلف الناس في هذه الآية هل هي منسوخة أو محكمة؟ فقيل : هي منسوخة بقوله : (فَاقْتُلُوا
الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، قاله السدى.
الثاني ـ أنها
منسوخة في أهل الأوثان ، فإنهم لا يعاهدون . وقيل : إنها محكمة على الإطلاق ، قاله الضحاك.
الثالث ـ أنها
محكمة بعد الإثخان ، قاله سعيد بن جبير ، لقوله : (ما كانَ لِنَبِيٍّ
أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ).
والتحقيق الصحيح أنها محكمة في الأمر بالقتال ، حسبما بيناه في القسم
الثاني.
المسألة الثامنة ـ
في التنقيح :
اعلموا وفّقكم
الله أنّ هذه الآية من أمهات الآيات ومحكماتها ، أمر الله سبحانه فيها بالقتال ،
وبيّن كيفيته كما بينه في قوله تعالى : (فَاضْرِبُوا فَوْقَ
الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ
__________________
بَنانٍ) حسبما تقدم بيانه في الأنفال ، فإذا تمكّن المسلم من عنق
الكافر أجهز عليه ، وإذا تمكن من ضرب يده التي يدفع بها عن نفسه ويتناول بها قتال
غيره فعل ذلك به ، فإن لم يتمكن إلا ضرب فرسه التي يتوصّل بها إلى مراده فيصير حينئذ راجلا مثله أو
دونه ، فإن كان فوقه قصد مساواته ، وإن كان مثله قصد حطّه ، والمطلوب نفسه ،
والمآل إعلاء كلمة الله تعالى ، وذلك لأن الله سبحانه لما أمر بالقتال أولا ، وعلم
أن ستبلغ إلى الإثخان والغلبة بيّن سبحانه حكم الغلبة بشدّ الوثاق ، فيتخير حينئذ
المسلمون بين المنّ والفداء. وبه قال الشافعى.
وقال أبو حنيفة :
إنما لهم القتل والاسترقاق ، وهذه الآية عنده منسوخة.
والصحيح إحكامها ،
فإن شروط النسخ معدومة فيها من المعارضة ، وتحصيل المتقدم من المتأخر ، وقوله : (فَإِمَّا
تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ
يَذَّكَّرُونَ) فلا حجة فيه ، لأن التشريد قد يكون بالمنّ والفداء والقتل
، فإنّ طوق المنن يثقل أعناق الرجال ، ويذهب بنفاسة نفوسهم ، والفداء يجحف
بأموالهم ، ولم يزل العباس تحت ثقل فداء بدر حتى أدّى عنه رسول الله صلّى الله
عليه وسلم.
وأما قوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ
وَجَدْتُمُوهُمْ) فقد قال : واحصروهم ، فأمر بالأخذ كما أمر بالقتل.
فإن قيل : أمر
بالأخذ للقتل.
قلنا : أو للمنّ
والفداء ، وقد عضدت السنة ذلك كلّه ، فروى مسلم أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم أخذ
من سلمة بن الأكوع جارية ففدى بها ناسا من المسلمين ، وقد هبط على النبي صلّى الله
عليه وسلم من أهل مكة قوم ، فأخذهم النبىّ صلّى الله عليه وسلم ومنّ عليهم ، وقد
منّ على سبى هوازن ، وقتل النضر بن الحارث صبرا فقالت أخته قتيلة ترثيه :
يا راكبا إنّ
الأثيل مظنّة
|
|
من صبح خامسة
وأنت موفّق
|
أبلغ بها ميتا بأن تحيّة
|
|
ما إنّ تزال بها
النجائب تخفق
|
__________________
منى إليه وعبرة مسفوحة
|
|
جادت بواكفها وأخرى تخنق
|
فليسمعن النّضر إن ناديته
|
|
إن كان يسمع ميت
أو ينطق
|
أمحمد ، ولأنت ضن كريمة
|
|
في قومها والفحل
فحل معرق
|
ما كان ضرّك لو
مننت وربما
|
|
من الفتى وهو
المغيظ المحنق
|
لو كنت قابل
فدية لفديته
|
|
بأعزّ ما يغلى به من ينفق
|
والنضر أقرب من
أسرت قرابة
|
|
وأحقّهم لو كان
عتق يعتق
|
ظلّت رماح بنى أبيه تنوشه
|
|
لله أرحام هناك
تشقق
|
صبرا يقاد إلى
المنية متعبا
|
|
رسف المقيّد ،
وهو عان موثق
|
فالنظر إلى الإمام
حسبما بيناه في مسائل الخلاف.
وأما قوله تعالى :
(حَتَّى تَضَعَ
الْحَرْبُ أَوْزارَها) فمعناه ـ عند قوم ـ حتى تضع الحرب آثامها ، يريدون بأن
يسلم الكلّ ، فلا يبقى كافر ، ويؤول معناه إلى أن يكون المراد حتى ينقطع الجهاد ،
وذلك لا يكون إلى يوم القيامة ، لقوله صلّى الله عليه وسلم : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم
القيامة، الأجر والمغنم.
ومن ذكر نزول عيسى
بن مريم فإنما هو لأجل ما روى أنه إذا نزل لا يبقى كافر من أهل الكتاب ولا جزية ،
ويمكن أن يبقى من لا كتاب له ، ولا يقبل منه جزية في أصح القولين . وقد بينّا ذلك في كتب الحديث.
المسألة التاسعة ـ
في تتميم القول :
قال الحسن وعطاء :
في الآية تقديم وتأخير : المعنى فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارها ، فإذا
أثخنتموهم فشدّوا الوثاق. وليس الإمام أن يقتل الأسير.
__________________
وقد روى عن الحجاج
أنه دفع أسيرا إلى عبد الله بن عمر ليقتله ، فأبى وقال : ليس بهذا أمرنا الله ،
وقرأ : حتى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق.
قلنا : قد قاله
رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفعله ، وليس في تفسير الله للمنّ والفداء منع من غيره ، فقد بيّن الله في الزنا حكم الجلد ، وبيّن
النبىّ صلّى الله عليه وسلم حكم الرّجم ، ولعل ابن عمر كره ذلك من يد الحجاج
فاعتذر بما قال : وربك أعلم.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا
أَعْمالَكُمْ).
اختلف العلماء
فيمن افتتح نافلة من صوم أو صلاة ، ثم أراد تركها ، قال الشافعى :
له ذلك. وقال مالك
وأبو حنيفة : ليس له ذلك ، لأنه إبطال لعمله الذي انعقد له. وقال الشافعى : هو
تطوّع فإلزامه إياه يخرجه عن الطواعية.
قلنا : إنما يكون
ذلك قبل الشروع في الفعل ، فإذا شرع لزمه كالشروع في المعاملات.
الثاني أنه لا تكون عبادة ببعض ركعة ولا ببعض يوم في صوم ، فإذا قطع
في بعض الركعة أو في بعض اليوم إن قال : إنه يعتدّ به فقد ناقض الإجماع ، وإن قال : إنه ليس بشيء
فقد نقض الإلزام ، وذلك مستقصى في مسائل الخلاف.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (فَلا تَهِنُوا
وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ
يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ). وقد بينّا حكم الصلح مع الأعداء في سورة الأنفال. وقد نهى
الله تعالى [هاهنا] عنه مع القهر والغلبة للكفار ، وذلك بيّن ، وإن الصلح إنما
هو إذا كان له وجه يحتاج فيه إليه ، ويفيد فائدة ، والله أعلم لا ربّ غيره ، ولا
خير إلا خيره.
__________________
سورة الفتح
[فيها خمس آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (قُلْ
لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ
شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ
أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ
يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
ـ (قُلْ
لِلْمُخَلَّفِينَ).
قيل : هم الذين
تخلّفوا عن الحديبية ، وهم خمس قبائل : جهينة ، ومزينة ، وأشجع ، وغفار ، وأسلم ،
ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد ، وهي :
المسألة الثانية ـ
وفي تعيينهم ثلاثة أقوال :
أحدها ـ أنهم فارس
والرّوم.
الثاني ـ أنهم بنو
حنيفة مع مسيلمة الكذاب.
الثالث ـ أنهم
هوازن وغطفان يوم حنين ، تقاتلونهم أو يسلمون ، وهذا يدلّ على أنهم باليمامة لا
يفارس ولا بالروم ، وهي :
المسألة الثالثة ـ
لأنّ الذي تعيّن عليه القتال حتى يسلم من غير قبول جزية هم العرب في أصحّ الأقوال
والمرتدّون.
فأما فارس والروم
فلا يقاتلون حتى يسلموا ، بل إن بذلوا الجزية قبلت منهم ، وجاءت الآية معجزة للنبي
صلّى الله عليه وسلم وإخبارا بالغيب الآتي ، وهي :
المسألة الرابعة ـ
ودلّت على إمامة أبى بكر وعمر ، وهي :
__________________
المسألة الخامسة ـ
لأنّ الداعي لهم كان أبا بكر في قتال بنى حنيفة ، وهو استخلف عمّر ، وعمر كان
الدّاعى لهم إلى قتال فارس والروم ، وخرج علىّ تحت لوائه ، [وأخذ سهمه من غنيمته ،
واستولد حنيفة الحنفية ولده محمدا] ، ولو كانت إمامة باطلة وغنيمة حراما لما جاز عندهم وطء
على لها ، لأنه عندهم معصوم من جميع الذنوب.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (لَيْسَ عَلَى
الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ
وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً).
وقد تقدم في سورة
النّور بيانها ، والمراد بها هاهنا الجهاد.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (هُمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ
يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ
تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ
لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
تعالى : (هُمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا).
يعنى قريشا بغير خلاف ، لأنّ الآية نزلت فيهم ، والقصة مخصوصة بهم ، فلا
يدخل غيرهم معهم ، منعوا النبىّ صلّى الله عليه وسلم من دخول مكة في غزوة الحديبية
، ومنعوا الهدى وحبسوه عن أن يبلغ محلّه ، وهذا كانوا لا يعتقدونه ، ولكنهم حملتهم الأنفة ، ودعتهم حميّة الجاهلية إلى أن يفعلوا ما
لا يعتقدونه دينا ، فوبّخهم الله على ذلك ، وتوعّدهم عليه ، وأدخل الأنس على
رسول الله صلّى الله عليه وسلم ببيانه ووعده.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (أَنْ يَبْلُغَ
مَحِلَّهُ).
فيه قولان :
__________________
أحدهما ـ منحصره.
الثاني ـ الحرم ،
قاله الشافعى.
وكان الهدى سبعين
بدنة ، ولكن الله بفضله جعل ذلك الموضع محلا للعذر ، ونحره النبىّ صلّى الله عليه وسلم وأصحابه فيه بإذن الله
تعالى وقبوله وإبقائه سنة بعده لمن حبس عن البيت وصدّ كما صدّ رسول الله صلّى
الله عليه وسلم حسبما بيناه في تفسير سورة البقرة.
المسألة الثالثة ـ
قوله تعالى : (وَلَوْ لا رِجالٌ
مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ) بمكة ، فخيف وطؤكم لهم بغير علم لأدخلناكم عليهم عنوة ،
وملكنا كم البلد قسرا ، ولكنا صنّا من كان [فيها] يكتم إيمانه خوفا ، وهذا حكم الله وحكمته ، ولا اعتراض
عليه فيه ، فإنه قادر على كل شيء ، فإذا فعل بعضه لم يكن عن عجز ، وإنما هو عن
حكمة.
المسألة الرابعة ـ
قوله تعالى : (بِغَيْرِ عِلْمٍ).
تفضيل للصحابة ،
وإخبار عن صفتهم الكريمة من العفّة عن المعصية ، والعصمة عن التعدّى ، حتى إنهم لو
أصابوا من أولئك أحدا لكان من غير قصد ، وهذا كما وصفت النملة عن جند سليمان في
قولها : (لا يَحْطِمَنَّكُمْ
سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) حسبما بيناه في سورة النمل .
المسألة الخامسة ـ
قوله تعالى : (لَوْ تَزَيَّلُوا).
يعنى المؤمنون
منهم لعذّبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما. تنبيه على مراعاة الكافر في حرمة
المؤمن إذا لم تمكن إذاية الكافر إلا بإذاية المؤمن.
وقال أبو زيد :
قلت لابن القاسم : أرأيت لو أن قوما في المشركين في حصن من حصونهم حصرهم أهل
الإسلام ، وفيهم قوم من المسلمين أسارى في أيديهم ، أيحرق هذا الحصن أم لا يحرق؟
قال : سمعت مالكا
ـ وسئل عن قوم من المشركين [يرمون] في مراكبهم أخذوا
__________________
أسارى من المسلمين
، [وأدركهم أهل الإسلام فأرادوا أن يحرفوهم ومراكبهم بالنار] ومعهم الأسارى في مراكبهم ، قال : فقال مالك : لا أرى ذلك
، لقوله تعالى لأهل مكة : (لَوْ تَزَيَّلُوا
لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً).
وقال جماعة : إنّ
معناه لو تزيّلوا عن بطون النساء وأصلاب الرجال. وهذا ضعيف ، لقوله تعالى : (أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ
مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) ، وهو في صلب
الرجل لا يوطأ ولا تصيب منه معرّة ، وهو سبحانه وتعالى قد صرّح فقال : (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ
مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ) ، وذلك لا ينطلق على ما في بطن المرأة وصلب الرجل ، وإنما
ينطلق على مثل الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبى ربيعة ، وأبى جندل بن سهيل ، وكذلك قال مالك.
وقد حاصرنا مدينة
للروم ، فحبس عنهم الماء ، فكانوا ينزلون الأسارى يستقون لهم الماء ، فلا يقدر أحد
على رميهم بالنّبل ، فيحصل لهم الماء بغير اختيارنا.
وقد جوّز أبو
حنيفة وأصحابه والثوري الرمي في حصون المشركين ، وإن كان فيهم أسارى المسلمين
وأطفالهم ، ولو تترّس كافر بولد مسلم رمى المشرك وإن أصيب أحد من المسلمين فلا
دية فيه ولا كفارة.
وقال الثوري : فيه
الكفارة ولا دية له.
وقال الشافعى
بقولنا. وهذا ظاهر ، فإن التوصل إلى المباح بالمحظور لا يجوز ، ولا سيما بروح المسلم ، فلا قول إلا ما قاله
مالك ، والله أعلم.
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ
رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ
اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما
لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً).
فيها مسألتان :
__________________
المسألة الأولى ـ قوله
تعالى : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ
رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ).
وكان رسول الله
صلّى الله عليه وسلم يرى أنه يدخل مكة ويطوف ، فأنذر أصحابه بالعمرة ، وخرج في ألف
وأربعمائة من أصحابه ، ومائتي قرشي ، حتى أتى أصحابه ، وبلغ الحديبية فصدّه
المشركون وصالحوه أن يدخل مكة من العام المقبل بسلاح الراكب بالسيف والفرس. وفي
رواية : بجلبّان السلاح ـ وهو السيف في قرابه ، فسميت عمرة القضية ، لما كتب رسول
الله صلّى الله عليه وسلم بينهم من القضية ، وسميت عمرة القضاء ، لأن رسول الله
صلّى الله عليه وسلم قضاها من قابل. وسميت عمرة القصاص لقوله تعالى : (الشَّهْرُ الْحَرامُ
بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ) ، أى اقتصصتم منهم كما صدّوكم ، فارتاب المنافقون ، ودخل
الهمّ على جماعة من الرفعاء من أصحابه ، فجاء
عمر بن الخطاب إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنهما ، فقال له : ألم يقل رسول الله
صلى الله عليه وسلم : إنه داخل البيت فمطوّف به! قال : نعم ، ولكن لم يقل العام ،
وإنه آتيه فمطوّف به. وجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال له مثل ما قال لأبى
بكر ، وراجعه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمراجعة أبى بكر. قال عمر بن الخطاب : فعملت لذلك أعمالا ـ يعنى من الخير ـ كفارة
لذلك التوقّف الذي داخلة حين رأى النبي صلّى الله عليه وسلم وقد صدّ عن البيت ،
ولم تخرج رؤياه في ذلك العام. المسألة الثالثة ـ فلما كان في العام القابل دخله
رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه آمنين فحلقوا وقصّروا.
وفي الصحيح أن
معاوية أخذ من شعر رسول الله صلّى الله عليه وسلم على المروة بمشقص وهذا كان في العمرة لا في الحج ، لأنّ النبي صلّى الله
عليه وسلم حلق في حجّته ، وأقام بها ثلاثة أيام ، فلما انقضت الثلاث أراد أن يبنى
بميمونة بمكة ، فأبوا ذلك على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فبنى بها بسرف ،
وكذلك روى ابن القاسم عن مالك في ذكر ميمونة خاصة مما تقدّم ذكره.
الآية الخامسة ـ قوله
تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ
اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ
__________________
رُحَماءُ
بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ
وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ
فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ
فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ
بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ يعنى
علامتهم ، وهي سيما وسيميا ، وفي الحديث قال النبي صلّى الله عليه وسلم : لكم سيما
ليست لغيركم من الأمم ، تأتون يوم القيامة غرّا محجّلين من آثار الوضوء.
رويت في هذا
الحديث بالمد والقصر.
المسألة الثانية ـ
في تأويلها :
وقد تؤولت على ستة
أقوال :
الأول ـ أنه يوم
القيامة.
الثاني ـ ثرى الأرض ، قاله ابن جبير.
الثالث ـ تبدو
صلاتهم في وجوههم ، قاله ابن عباس.
الرابع ـ أنه
السّمت الحسن ، قاله ابن عباس والحسن.
الخامس ـ أنه
الخشوع ، قاله مجاهد.
السادس ـ أنه من
صلّى بالليل أصبح وجهه مصفرّا ، قاله الضحاك.
وقد قال بعض
العلماء :
من كثرت صلاته
بالليل حسن وجهه بالنهار.
ودسّه قوم في حديث
النبي صلّى الله عليه وسلم على وجه الغلط ، وليس للنبي صلّى الله عليه وسلم فيه
ذكر بحرف.
وقد قال مالك فيما
روى ابن وهب عنه : سيماهم في وجوههم من أثر السجود ، ذلك مما يتعلق بجباههم من الأرض عند السجود ، وبه قال سعيد بن جبير.
__________________
وفي الحديث الصحيح
أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم صلّى الصبح صبيحة إحدى وعشرين من رمضان ، وقد
وكف المسجد ، وكان على عريش ، فانصرف النبىّ صلّى الله عليه وسلم من
صلاته وعلى جبهته وأرنبته أثر الماء والطين.
وفي الحديث الصحيح
عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم : يأمر
الله الملائكة أن يخرجوا من النار من شهد أن لا إله إلا الله ، فيعرفونهم بعلامة أثر السجود. وحرّم الله تعالى على النار أن تأكل من ابن آدم
آثار السجود.
وقد روى منصور عن
مجاهد قال : هو الخشوع.
قلت : هو أثر
السجود ، فقال : إنه يكون بين عينيه مثل ركبة العنز ، وهو كما شاء الله.
وقال علماء الحديث
: ما من رجل يطلب الحديث إلّا كان على وجهه نضرة ، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم
: نضّر الله امر أسمع
مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها ... الحديث.
__________________
سورة الحجرات
[فيها سبع آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا
اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
وفيه خمسة أقوال :
الأول ـ أن قوما
كانوا يقولون لو أنزل في كذا وكذا ، فأنزل الله هذه الآية ، قاله قتادة.
الثاني ـ نهوا أن
يتكلّموا بين يدي كلامه ، قاله ابن عباس.
الثالث ـ لا
تفتاتوا على الله ورسوله في أمر حتى يقضى الله على لسان رسول الله صلّى الله عليه
وسلم ما يشاء ، قاله مجاهد.
الرابع ـ أنها
نزلت في قوم ذبحوا قبل أن يصلّى النبي صلّى الله عليه وسلم ، فأمرهم أن يعيدوا الذبح
، قاله الحسن.
وفي الصحيح أن
النبي صلّى الله عليه وسلم قال [لأصحابه
في] يوم الأضحى: من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدّمه لأهله. فقام أبو
بردة بن نيار خال البراء بن عازب ، فقال : يا
رسول الله ، هذا يوم يشتهى فيه اللحم ، وإنى ذبحت قبل أن أصلّى ، وعندي عناق جذعة خير من شاتى لحم. فقال : تجزئك ولن تجزئ عن أحد بعدك.
الخامس ـ لا
تقدّموا أعمال الطاعة قبل وقتها ، قاله الزجاج.
__________________
المسألة الثانية ـ
قال القاضي : هذه الأقوال كلها صحيحة تدخل تحت العموم ، فالله أعلم ما كان السبب
المثير للآية منها ، ولعلها نزلت دون سبب.
المسألة الثالثة ـ
إذا قلنا : إنها نزلت في تقديم [النحر على الصلاة وذبح الإمام سيأتى ذلك في سورة
الكوثر إن شاء الله تعالى.
المسألة الرابعة ـ
إذا قلنا إنها نزلت في تقديم] الطاعات على أوقاتها فهو صحيح ، لأنّ كل عبادة مؤقتة
بميقات لا يجوز تقديمها عليه ، كالصلاة والصوم والحج ، وذلك بيّن ، إلا أنّ
العلماء اختلفوا في الزكاة لمّا كانت عبادة مالية ، وكانت مطلوبة لمعنى مفهوم ،
وهو سدّ خلّة الفقير ، ولأن النبىّ صلّى الله عليه وسلم استعجل من
العباس صدقة عامين ، ولما جاء من جمع صدقة الفطر قبل يوم الفطر حتى تعطى لمستحقها
يوم الوجوب ، وهو يوم الفطر ، فاقتضى ذلك كلّه جواز تقديمها.
وقال أبو حنيفة
والشافعي : يجوز تقديمها لعام ولاثنين.
فإن جاء رأس العام
والنّصاب بحاله وقعت موقعها ، وإن جاء رأس الحول وقد تغيّر النصاب تبيّن أنها صدقة
تطوع.
وقال أشهب : لا
يجوز تقديمها على الحول لحظة ، كالصلاة ، وكأنه طرد الأصل في العبادات ، فرأى أنها
إحدى دعائم الإسلام ، فوفّاها حقّها في النظام وحسن الترتيب.
ورأى سائر علمائنا
أنّ التقديم اليسير فيها جائز ، لأنه معفوّ عنه في الشرع ، بخلاف الكثير.
وما قاله أشهب
أصحّ ، فإن مفارقة اليسير الكثير في أصول الشريعة صحيح ، ولكنه لمعان تختصّ
باليسير دون الكثير ، فأما في مسألتنا فاليوم فيه كالشهر ، والشهر كالسنة ، فإما
تقديم كلّى كما قال أبو حنيفة والشافعى ، وإما حفظ العبادة وقصرها على ميقاتها كما
قال أشهب وغيره ، وذلك يقوى في النظر. والله أعلم.
المسألة الخامسة ـ
قوله تعالى : (لا تُقَدِّمُوا
بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) أصل في ترك
__________________
التعرّض لأقوال
النبي صلّى الله عليه وسلم ، وإيجاب اتّباعه ، والاقتداء به ، ولذلك
قال النبىّ صلّى
الله عليه وسلم في مرضه :
مروا أبا بكر
فليصلّ بالناس. فقالت عائشة لحفصة : قولي له : إنّ أبا بكر رجل أسيف ، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس من البكاء ، فمر عليا فليصلّ بالناس. فقال النبي صلّى الله عليه وسلم. إنكنّ
لأنتنّ صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصلّ بالناس.
يعنى بقوله :
صواحب يوسف الفتنة بالردّ عن الجائز إلى غير الجائز. وقد بيناه في شرح الحديث
بيانا شافيا.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا
تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ
أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
ثبت في الصحيح عن
ابن عمر قال : كاد الخيّران أن يهلكا : أبو بكر وعمر ، رفعا أصواتهما عند النبىّ صلّى الله عليه وسلم حين قدم
عليه ركب بنى تميم ، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخى بنى مجاشع ،
وأشار الآخر برجل آخر ، قال نافع عنه : لا أحفظ اسمه ، فقال أبو بكر لعمر : ما
أردت إلا خلافي. قال : ما أردت ذلك ، فارتفعت أصواتهما في ذلك ، فأنزل الله تعالى
: (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ...) الآية. قال ابن الزبير : فما كان عمر يسمع رسول الله صلّى
الله عليه وسلم [بعد هذه الآية] حتى يستفهمه.
المسألة الثانية ـ
حرمة النبي صلّى الله عليه وسلم ميتا كحرمته حيا ، وكلامه المأثور بعد
__________________
موته في الرّفعة
مثل كلامه المسموع من لفظه ، فإذا قرئ كلامه وجب على كلّ حاضر ألا يرفع صوته عليه
، ولا يعرض عنه ، كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفّظه به ، وقد نبّه الله تعالى
على دوام الحرمة المذكورة على مرور الأزمنة بقوله تعالى : (وَإِذا قُرِئَ
الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا). وكلام النبي صلّى الله عليه وسلم من الوحى وله من الحرمة
مثل ما للقرآن إلى معاني مستثناة ، بيانها في كتب الفقه ، والله أعلم.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً
بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى في
سبب نزولها :
روى أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم بعث
الوليد بن عقبة مصدّقا إلى بنى المصطلق ، فلما أبصروه أقبلوا نحوه ، فهابهم ورجع
إلى النبىّ صلّى الله عليه وسلم ، فأخبره أنهم ارتدّوا عن الإسلام. فبعث خالد بن
الوليد ، وأمره أن يتثبّت ولا يعجل ، فانطلق خالد حتى أتاهم ليلا ، فبعث عيونه ،
فلما جاءوا أخبروا خالدا أنهم متمسكون بالإسلام ، وسمعوا أذانهم
وصلاتهم ، فلما أتاهم خالد ، ورأى صحة ما ذكروه عاد إلى النبىّ صلّى الله عليه
وسلم فأخبره ، ونزلت هذه الآية. ففي رواية أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم كان يقول
: العجلة من الشيطان
والتأنّى من الله.
المسألة الثانية ـ
من ثبت فسقه بطل قوله في الأخبار إجماعا ، لأن الخبر أمانة ، والفسق قرينة تبطلها
، فأما في الإنسان على نفسه فلا يبطل إجماعا. وأما في الإنسان على غيره فإن الشافعى قال : لا يكون وليا في النكاح. وقال
أبو حنيفة ومالك : يكون وليّا ، لأنه يلي مالها فيلي بضعها ، كالعدل ، وهو وإن كان
فاسقا في دينه إلا أن غيرته موفرة ، وبها يحمى الحريم ، وقد يبذل المال ويصون الحرمة ، فإذا
ولي المال فالبضع أولى.
المسألة الثالثة ـ
ومن العجب أن يجوّز الشافعى ونظراؤه إمامة الفاسق ومن لا يؤتمن
__________________
على حبّة مال كيف
يصبح أن يؤتمن على قنطار دين ، وهذا إنما كان أصله أنّ الولاة [الذين كانوا يصلّون
بالناس] لما فسدت أديانهم ، ولم يمكن ترك الصلاة وراءهم ، ولا
استطيعت إزالتهم صلّى معهم ووراءهم ، كما قال عثمان : الصلاة أحسن ما يفعل الناس
فإذا أحسنوا فأحسن معهم ، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم ، ثم كان من الناس من إذا
صلى معهم تقيّة أعادوا الصلاة لله. ومنهم من كان يجعلها صلاته. وبوجوب الإعادة
أقول ، فلا ينبغي لأحد أن يترك الصلاة خلف من لا يرضى من الأئمة ، ولكن يعيد سرا
في نفسه ، ولا يؤثر ذلك عند غيره.
المسألة الرابعة ـ
وأما أحكامه إن كان [حاكما] واليا فينفذ منها ما وافق الحق ويردّ ما خالفه ، ولا ينقض
حكمه الذي أمضاه بحال ، ولا تلتفوا إلى غير هذا القول من رواية تؤثر ، أو قول يحكى
، فإن الكلام كثير ، والحق ظاهر.
المسألة الخامسة ـ
لا خلاف في أنه يصحّ أن يكون رسولا عن غيره في قول يبلغه ، أو شيء يوصله ، أو إذن
يعلمه ، إذا لم يخرج عن حق المرسل والمبلغ ، فإن تعلّق به حقّ لغيرهما لم يقبل قوله. فهذا جائز للضرورة الداعية إليه ، فإنه لو لم يتصرف
بين الخلق في هذه المعاني إلا العدول لم يحصل منهم شيء لعدمهم في ذلك. والله أعلم.
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ
إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى
أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا
إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
فيها أثنتا عشرة
مسألة :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
وفي ذلك أربعة
أقوال :
الأول ـ روى عطاء
بن دينار عن سعيد بن جبير أن الأوس والخزرج كان بينهم على عهد رسول الله صلّى الله
عليه وسلم قتال بالسعف والنعال ونحوه ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية.
__________________
الثاني ـ ما روى
سعيد ، عن قتادة ، أنها نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما ملاحاة في حقّ
بينهما ، فقال أحدهما للآخر : لآخذنه عنوة لكثرة عشيرته ، وإنّ الآخر دعاه إلى
المحاكمة إلى النبىّ صلّى الله عليه وسلم ، فأبى أن يتّبعه ، ولم يزل بهم الأمر
حتى تدافعوا ، وتناول بعضهم بعضا بالأيدى والنّعال ، فنزلت هذه الآية فيهم.
الثالث ـ ما رواه
أسباط عن السدى أنّ رجلا من الأنصار كانت له امرأة تدعى أم زيد ، وأن المرأة أرادت
أن تزور أهلها فحبسها زوجها. [وجعلها] في علّيّة لا يدخل عليها أحد من أهلها ، وإن المرأة بعثت
إلى أهلها ، فجاء قومها فأنزلوها لينطلقوا بها ، فخرج الرجل فاستغاث بأهله ، فجاء
بنو عمه ليحولوا بين المرأة وبين أهلها ، فتدافعوا واجتلدوا بالنعال ، فنزلت هذه
الآية فيهم.
الرابع ـ ما حكى
قوم أنها نزلت في رهط عبد الله بن أبى بن سلول من الخزرج ورهط عبد الله ابن رواحة
من الأوس ، وسببه أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم وقف على حمار له على عبد الله بن
أبىّ ، وهو في مجلس قومه ، فراث حمار النبىّ صلّى الله عليه وسلم أو سطع غباره ،
فأمسك عبد الله بن أبىّ أنفه ، وقال : لقد آذانا نتن حمارك ، فغضب عبد الله بن رواحة ،
وقال : إن حمار رسول الله صلّى الله عليه وسلم أطيب ريحا منك ومن أبيك ، فغضب قومه
واقتتلوا بالنعال والأيدى ، فنزلت هذه الآية فيهم.
المسألة الثانية ـ
أصحّ الروايات : الأخيرة ، والآية تقتضي جميع ما روى لعمومها وما لم يرو ، فلا
يصحّ تخصيصها ببعض الأحوال دون بعض.
المسألة الثالثة ـ
الطائفة كلمة تنطلق في اللغة على الواحد من العدد ، وعلى ما لا يحصره عدد ، وقد بينا ذلك في سورة براءة .
المسألة الرابعة ـ
هذه الآية هي الأصل في قتال المسلمين ، والعمدة في حرب المتأولين ، وعليها عوّل الصحابة
، وإليها لجأ الأعيان من أهل الملّة ، وإياها عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم بقوله
: يقتل عمّارا الفئة
الباغية. وقوله في
شأن الخوارج : يخرجون على خير فرقة من الناس
__________________
أو
على حين فرقة ، والرواية الأولى أصحّ لقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق ، وكان الذي قتلهم علىّ بن أبى
طالب [ومن كان معه] ، فتقرر عند علماء المسلمين ، وثبت بدليل الدين أنّ عليا
رضى الله عنه كان إماما ، وأنّ كلّ من خرج عليه باغ ، وأن قتاله واجب حتى يفيء إلى
الحق ، وينقاد إلى الصّلح ، لأنّ عثمان رضى الله عنه قتل ، والصحابة برآء من دمه ،
لأنه منع من قتال من ثار عليه ، وقال : لا أكون أول من خلف رسول الله صلّى الله
عليه وسلم في أمته بالقتل ، فصبر على البلاء ، واستسلم للمحنة ، وفدى بنفسه الأمة
، ثم لم يمكن ترك الناس سدى ، فعرضت الإمامة على باقى الصحابة الذين ذكرهم عمر في
الشورى ، وتدافعوها ، وكان علىّ أحق بها وأهلها ، فقبلها حوطة على الأمة أن
تسفك دماؤها بالتهارج والباطل ، ويتخرق أمرها إلى ما لا يتحصل ، وربما تغيّر الدين
، وانقض عمود الإسلام ، فلما بويع له طلب أهل الشام في شرط البيعة التمكين من قتله
عثمان وأخذ القود منهم ، فقال لهم على : ادخلوا في البيعة ، واطلبوا الحقّ تصلوا
إليه. فقالوا : لا تستحق بيعة وقتله عثمان معك نراهم صباحا ومساء ، فكان علىّ في ذلك أسدّ رأيا ، وأصوب قولا ،
لأنّ عليّا لو تعاطى القود منهم لتعصّبت لهم قبائل ، وصارت حربا ثالثة ، فانتظر
بهم أن يستوثق الأمر ، وتنعقد البيعة العامة ، ويقع الطلب من الأولياء في مجلس الحكم ، فيجري القضاء بالحق.
ولا خلاف بين
الأمة أنه يجوز للإمام تأخير القصاص إذا أدّى ذلك إلى إثارة الفتنة أو تشتيت
الكلمة ، وكذلك جرى لطلحة والزبير ، فإنهما ما خلعا عليا عن ولاية ، ولا اعترضا
عليه في ديانة ، وإنما رأيا أنّ البداءة بقتل أصحاب عثمان أولى ، فبقى هو على رأيه لم يزعزعه عما رأى ـ وهو كان
الصواب ـ كلامهما ، ولا أن يؤثر فيه قولهما. وكذلك كان كلّ واحد منهما يثنى على
صاحبه [ويذكر ما فيه] ويشهد له بالجنة ، ويذكر مناقبه ، ولو كان الأمر على خلاف
هذا لتبرأ كلّ واحد [منهما] من صاحبه ، فلم يكن تقاتل
__________________
(٨ ـ ٩) من ش.
القوم على دنيا ،
ولا بغيا بينهم في العقائد ، وإنما كان اختلافا في اجتهاد ، فلذلك كان جميعهم في
الجنة.
المسألة الخامسة ـ
قوله تعالى : (فَقاتِلُوا الَّتِي
تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ).
أمر الله بالقتال
، وهو فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن البعض الباقين ، ولذلك تخلّف قوم
من الصحابة رضى الله عنهم عن هذه المقامات ، كسعد بن أبى وقاص ، وعبد الله ابن عمر
، ومحمد بن مسلمة. وصوّب ذلك علىّ بن أبى طالب لهم ، واعتذر إليه كلّ واحد منهم
بعذر قبله منه.
ويروى أنّ معاوية لما أفضى إليه الأمر عاتب سعدا على ما فعل ،
وقال له : لم تكن ممن أصلح بين الفئتين حين اقتتلا ، ولا ممن قاتل الفئة الباغية ،
فقال له سعد : ندمت على تركي قتال الفئة الباغية. فتبيّن أنه ليس على الكل درك
فيما فعل ، وإنما كان تصرّفا بحكم الاجتهاد وإعمالا بما اقتضاه الشرع ، وقد بينا
في المقسط كلام كلّ واحد ومتعلقه فيما ذهب إليه.
المسألة السادسة ـ
إنّ الله سبحانه أمر بالصلح قبل القتال ، وعيّن القتال عند البغي ، فعمل علىّ
بمقتضى حاله ، فإنه قاتل الباغية التي أرادت الاستبداد على الإمام ، ونقض ما رأى
من الاجتهاد والتحيّز عن دار النبوة ومقرّ الخلافة بفئة تطلب ما ليس لها طلبه إلا
بشرطه ، من حضور مجلس الحكم والقيام بالحجة على الخصم ، ولو فعلوا ذلك ولم يقد
علىّ منهم ما احتاجوا إلى مجاذبة ، فإن الكافة كانت تخلعه ، والله قد حفظه من ذلك
، وصانه. وعمل الحسن رضى الله عنه بمقتضى حاله ، فإنه صالح حين استشرى الأمر عليه
، وكان ذلك بأسباب سماوية ، ومقادير أزلية ، ومواعيد من الصادق صادقة ، منها ما رأى من تشتّت آراء من
معه ، ومنها أنه طعن حين خرج إلى معاوية فسقط عن فرسه وداوى جرحه حتى برأ ، فعلم
أن عنده من ينافق عليه ولا يأمنه على نفسه.
ومنها أنه رأى
الخوارج أحاطوا بأطرافه ، وعلم أنه إن اشتغل بحرب معاوية استولى الخوارج على
البلاد ، وإن اشتغل بالخوارج استولى عليه معاوية.
__________________
ومنها أنه تذكر
وعد جدّه الصادق عند كلّ أحد صلّى الله عليه وسلم في قوله : إن ابني هذا سيّد ، ولعل الله أن يصلح
به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ، وإنه لما سار الحسن إلى معاوية بالكتاب في أربعين ألفا
وقدم إليه قيس بن سعد بعشرة آلاف قال عمرو بن العاص لمعاوية : إنى أرى كتيبة لا
تولّى أولاها حتى تدبر أخراها. فقال معاوية لعمرو : من لي بذراري المسلمين! فقال :
[أنا. فقال :] عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة : تلقاه فتقول له
الصلح. فصالحه ، فنفذ الوعد الصادق في قوله : إن
ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به فئتين عظيمتين من المسلمين. وبقوله : الخلافة
ثلاثون سنة ، ثم تعود ملكا ، فكانت لأبى بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلى ، وللحسن [منها] ثمانية أشهر لا تزيد [يوما] ولا تنقص يوما ، فسبحان المحيط لا ربّ غيره.
المسألة السابعة ـ
قوله (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما
بِالْعَدْلِ).
وهذا صحيح ، فإن
العدل قوام الدّين والدنيا ، إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان. وقال صلّى الله عليه
وسلم : إن المقسطين على
منابر من نور يوم القيامة عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين. وهم الذين يعدلون بين الناس في أنفسهم وأهليهم وما ولوا.
ومن العدل في صلحهم ألّا يطالبوا بما جرى بينهم من دم ولا مال ، فإنه تلف على
تأويل. وفي طلبهم له تنفير لهم عن الصلح واستشراء في البغي.
وهذا أصل في
المصلحة ، وقد قال لسان الأمة : إنّ حكمة الله في قتال الصحابة التعرّف منهم
لأحكام قتال أهل التأويل ، إذ كانت أحكام قتال التنزيل قد عرفت على لسان الرسول صلّى الله عليه وسلم وفعله.
المسألة الثامنة ـ
قوله : (فَإِنْ بَغَتْ
إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى).
بناء (ب غ ى) في
لسان العرب الطلب ، قال الله تعالى : (ذلِكَ ما كُنَّا
نَبْغِ) ، ووقع التعبير به هاهنا عمن يبغى ما لا ينبغي على عادة
اللغة في تخصيصه ببعض متعلقاته،
__________________
وهو الذي يخرج على
الإمام يبغى خلعه أو يمنع من الدخول في طاعة له ، أو يمنع حقا يوجبه عليه بتأويل.
فإن جحده فهو مرتدّ.
وقد قاتل الصديق
رضى الله عنه البغاة والمرتدّين ، فأما البغاة فهم الذين منعوا الزكاة بتأويل ،
ظنّا منهم أنها سقطت بموت النبي صلّى الله عليه وسلم. وأما المرتدّون فهم الذين
أنكروا وجوبها ، وخرجوا عن دين الإسلام بدعوى نبوة غير محمد صلّى الله عليه وسلم.
والذي قاتل علىّ
طائفة أبوا الدخول في بيعته ، وهم أهل الشام ، وطائفة خلعته ، وهم أهل النّهروان.
وأما أصحاب الجمل فإنما خرجوا يطلبون الإصلاح بين الفرقتين. وكان من حقّ الجميع أن
يصلوا إليه ، ويجلسوا بين يديه ، ويطالبوه بما رأوا أنه عليه ، فلما تركوا ذلك
بأجمعهم صاروا بغاة بجملتهم ، فتناولت هذه الآية جميعهم.
المسألة التاسعة ـ
قال علماؤنا في رواية سحنون : إنما يقاتل مع الإمام العدل سواء كان الأول أو الخارج عليه ، فإن لم يكونا عدلين فأمسك عنهما إلا أن
تراد بنفسك أو مالك أو ظلم المسلمين فادفع ذلك.
المسألة العاشرة ـ
لا نقاتل إلا مع إمام [عادل] يقدمه أهل الحق لأنفسهم ، ولا يكون إلا قرشيا ، وغيره لا
حكم له ، إلا أن يدعو إلى الإمام القرشي ، قاله مالك ، لأنّ الإمامة لا تكون إلا
لقرشىّ.
وقد روى ابن
القاسم ، عن مالك : إذا خرج على الإمام العدل خارج وجب الدفع عنه ، مثل عمر بن عبد
العزيز ، فأما غيره فدعه ينتقم الله من ظالم بمثله ثم ينتقم من كليهما. قال الله
تعالى : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ
أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا
خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً).
قال مالك : إذا
بويع للإمام فقام عليه إخوانه قوتلوا إذا كان الأول عدلا ، فأما هؤلاء فلا بيعة
لهم إذا كان بويع لهم على الخوف.
__________________
قال مالك : ولا بد
من إمام برّ أو فاجر.
وقال ابن إسحاق ـ في
حديث يرويه معاوية : إذا كان في الأرض خليفتان فاقتلوا أحدهما ، وقد بلغني أنه كان
يقول : لا تكرهوا الفتنة فإنها حصاد المنافقين.
المسألة الحادية
عشرة ـ لا يقتل أسيرهم ، ولا يتبع منهزمهم ، لأنّ المقصود دفعهم لا قتلهم.
وأما الذي يتلفونه
من الأموال فعندنا أنه لا ضمان عليهم في نفس ولا مال.
وقال أبو حنيفة :
يضمنون ، وللشافعي قولان.
وجه قول أبى حنيفة
أنه إتلاف بعدوان ، فليلزم الضمان.
والمعوّل في ذلك
كلّه عندنا على ما قدمناه من أنّ الصحابة رضى الله عنهم في خروجهم لم يتبعوا مدبرا
ولا ذفّفوا على جريح ، ولا قتلوا أسيرا ، ولا ضمنوا نفسا ولا مالا ،
وهم القدوة والله أعلم بما كان في خروجهم من الحكمة في بيان أحكام قتال البغاة بخلاف الكفرة.
المسألة الثانية
عشرة ـ إن ولّوا قاضيا ، وأخذوا زكاة ، وأقاموا حقّا بعد ذلك كلّه جاز ، قاله مطرف
وابن الماجشون.
وقال ابن القاسم :
لا يجوز بحال.
وروى عن أصبغ أنه
جائز. وروى عنه أيضا أنه لا يجوز كقول ابن القاسم. وقاله أبو حنيفة ، لأنه عمل
بغير حق ممن لا يجوز توليته ، قلم يجز كما لو كانوا بغاة.
والعمدة لنا ما
قدمناه من أن الصحابة رضى الله عنهم [في خروجهم] لم يتبعوا مدبرا ، ولا ذفّفوا على جريح ، ولا قتلوا أسيرا
، ولا ضمنوا نفسا ولا مالا ، وهم القدوة. والله أعلم.
وأن الصحابة لما
انجلت الفتنة ، وارتفع الخلاف بالهدنة والصلح لم يعرضوا لأحد منهم في حكم.
قال القاضي ابن
العربي رضى الله عنه : الذي عندي أنّ ذلك لا يصلح ، لأنّ الفتنة لما انجلت كان
الإمام هو الباغي ، ولم يكن هناك من يعترضه. والله أعلم.
فإن قيل : فأهل ما
وراء النّهر وإن لم يكن لهم إمام ، ولم يعترض لهم حكم!
__________________
قلنا : ولا سمعنا
أنهم كان لهم حكم ، وإنما كانوا فتنة مجردة ، حتى انجلت مع الباغي لسكت عنهم لئلا يعضد باعتراضه من خرجوا عليه. والله أعلم.
الآية الخامسة ـ قوله
تعالى : (وَلا تَنابَزُوا
بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ
فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ النبز
هو اللّقب ، فقوله : لا تنابزوا بالألقاب ، أى لا تداعوا بالألقاب. واللقب هنا اسم
مكروه عند السامع.
وكذلك يروى أنّ
النبىّ صلّى الله عليه وسلم قدم المدينة ، ولكلّ رجل اسمان وثلاثة ، فكان يدعى
باسم منها فيغضب ، فنزلت : (وَلا تَنابَزُوا
بِالْأَلْقابِ) ، وهي :
المسألة الثانية ـ
في سبب نزولها .
المسألة الثالثة ـ
قوله : (بِئْسَ الِاسْمُ
الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ).
يعنى أنك إذا ذكرت
صاحبك بما يكره فقد آذيته ، وإذاية المسلم فسوق ، وذلك لا يجوز. وقد روى أنّ أبا ذرّ كان عند النبي صلّى الله
عليه وسلم فنازعه رجل ، فقال له أبو ذرّ : يا ابن اليهودية. فقال النبي الله عليه
وسلم : ما ترى من هاهنا من أحمر وأسود ، ما أنت بأفضل منه ، يعنى إلا بالتقوى ،
ونزلت : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ).
المسألة الرابعة ـ
وقع من ذلك مستثنى من غلب عليه الاستعمال ، كالأعرج والأحدب ، ولم يكن له فيه كسب
يجد في نفسه منه عليه ، فجوّزته الأمّة ، فاتفق على قوله أهل الملة . وقد ورد ـ لعمر الله ـ من ذلك في كتبهم مالا أرضاه ،
كقولهم في صالح جزرة ، لأنه صحف زجرة فلقّب بها ، وكذلك قولهم في محمد بن سليمان الحضرمي مطيّن
، لأنه وقع في طين ، ونحو ذلك مما غلب على المتأخرين.
ولا أراه سائغا في
الدين ، وقد كان موسى بن علىّ بن رباح المصرى يقول : لا أجعل أحدا
__________________
صغّر اسم أبى في
حلّ ، وكان الغالب على اسم أبيه التصغير بضمّ العين. والذي يضبط هذا كله ما قدمناه
من الكراهة لأجل الإذاية. والله أعلم.
الآية السادسة ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ
إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ
أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ
اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في
حقيقة الظن. وقد قال علماؤنا : إنّ حقيقة الظنّ تجويز أمرين في النفس لأحدهما
ترجيح على الآخر. والشكّ عبارة عن استوائهما. والعلم هو حذف أحدهما وتعيين الآخر.
وقد حققناه في كتب الأصول.
المسألة الثانية ـ
أنكرت جماعة من المبتدعة تعبّد الله تعالى بالظن ، وجواز العمل به تحكّم في الدين
، ودعوى في العقول ، وليس في ذلك أصل يعوّل عليه ، فإن الباري تعالى لم يذم جميعه ،
وإنما ورد الذمّ كما قررناه آنفا في بعضه.
ومتعلّقهم في ذلك حديث
أبى هريرة ،
قال النبي صلّى الله عليه وسلم : إياكم والظن ، فإن الظنّ أكذب الحديث [ولا تحسسوا] ولا تجسّسوا ، ولا تقاطعوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد
الله إخوانا.
وهذا لا حجة فيه ،
لأن الظن في الشريعة قسمان : محمود ، ومذموم ، فالمحمود بدلالة قوله : (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) ، وكقوله : (لَوْ لا إِذْ
سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ. وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً). وقال النبي صلّى الله عليه وسلم : إذا كان أحدكم مادحا أخاه لا محالة
فليقل أحسبه كذا ، ولا أزكّى على الله أحدا. وعبادات الشرع وأحكامه ظنية في الأكثر حسبما بيناه في أصول
الفقه ، وهي مسألة تفرق بين الغبىّ والفطن.
الآية السابعة ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ
لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ
خَبِيرٌ).
__________________
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ روى
الترمذي وغيره أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم خطب يوم فتح مكة فقال : إنّ الله قد
أذهب عنكم عبيّة الجاهلية وتعاظمها ، فالناس رجلان برّ تقى كريم على الله ،
وفاجر شقىّ هيّن على الله ، والناس بنو آدم ، وخلق الله آدم من تراب. قال الله
تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ
لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ). والحديث ضعيف.
المسألة الثانية ـ
بيّن الله تعالى في هذه الآية أنه ـ سبحانه ـ خلق الخلق من ذكر وأنثى ، ولو شاء لخلقه دونهما كخلقه لآدم ، أو دون ذكر كخلقه
لعيسى ، أو دون أنثى كخلقه لحوّاء من إحدى الجهتين. وهذا الجائز في القدرة لم يرد
به الوجود.
وقد جاء أنّ آدم
خلق الله منه حوّاء من ضلع انتزعها من أضلاعه ، فلعله هذا القسم ، وقد بينا فيما
تقدم كيفية الخلق من ماء الذكر وماء الأنثى بما يغنى عن إعادته.
المسألة الثالثة ـ
خلق الله الخلق بين الذكر والأنثى أنسابا وأصهارا وقبائل وشعوبا ، وخلق لهم منها
التعارف ، وجعل لهم بها التواصل ، للحكمة التي قدرها ، وهو أعلم بها ، فصار كلّ
أحد يجوز نسبه ، فإذا نفاه عنه [أحد] استوجب الحدّ بقذفه له ، مثل أن ينفيه عن رهطه وجنسه ،
كقوله للعربي : يا عجميّ ، وللعجمى : يا عربي ، ونحو ذلك مما يقع به النفي حقيقة ،
وقد استوفيناه في كتب المسائل.
المسألة الرابعة ـ
قوله : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ).
قد بينّا الكرم ،
وأوضحنا حقيقته في غير موضع من صحيح الحديث.
وفي صحيحه عن
النبي صلّى الله عليه وسلم : الحسب
المال ، والكرم التقوى ، وذلك يرجع إلى قوله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ).
وقد قال النبي
صلّى الله عليه وسلم : الكريم
ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم.
__________________
وقال عليه السلام
: إنى لأرجو أن أخشاكم
الله ، وأعلمكم بما أتّقي.
ولذلك كان أكرم
البشر على الله تعالى. وهذا المعنى هو الذي لحظ مالك في الكفاءة في النكاح.
روى عن عبد الله
عن مالك يزوّج المولى العربية. واحتج بهذه الآية.
وقال أبو حنيفة
والشافعى : يراعى الحسب والمال.
وفي الصحيح ، عن
عائشة أن أبا حذيفة بن عقبة بن ربيعة ـ وكان ممن شهد بدرا مع النبي صلّى الله عليه
وسلم ـ تبنّى سالما ، وأنكحه هند بنت أخيه الوليد بن عقبة بن ربيعة ، وهو مولى لا
مرأة من الأنصار ، وضباعة بنت الزبير كانت تحت المقداد بن الأسود [الكندي] فدلّ على جواز نكاح المولى العربية. وإنما تراعى الكفاءة
في الدين.
والدليل عليه أيضا
ما روى سهل بن سعد في الصحيح أنّ
النبي صلّى الله عليه وسلم مرّ عليه رجل فقال : ما تقولون في هذا؟ قالوا : حرىّ إن
خطب أن ينكح ، وإن شفع أن يشفّع ، وإن قال أن يسمع. قال : ثم سكت. فمرّ رجل من
فقراء المسلمين فقال : ما تقولون في هذا؟ قالوا : [هذا] حرىّ إن خطب ألّا ينكح ، وإن شفع ألّا يشفع ، وإن قال ألّا
يسمع. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : هذا خير من ملء الأرض مثل هذا.
وقال رسول الله
صلّى الله عليه وسلم :
تنكح المرأة
لمالها وجمالها ودينها ـ وفي رواية : وحسبها
، فعليك بذات الدّين تربت يداك .
وقد خطب سلمان إلى
أبى بكر ابنته فأجابه. وخطب إلى عمر ابنته فالتوى عليه ، ثم سأله أن ينكحها ، فلم
يفعل سلمان ، وخطب بلال بنت البكير فأبى إخوتها ، فقال بلال : يا رسول الله ، ماذا
لقيت من بنى البكير! خطبت إليهم أختهم فمنعونى وآذوني. فغضب رسول الله صلّى الله
عليه وسلم من أجل بلال ، فبلغهم الخبر ، فأتوا أختهم ، فقالوا : ماذا لقينا من
سببك! غضب علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم من أجل بلال. فقالت أختهم : أمرى
بيد رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فزوّجها بلالا ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم في أبى هند حين حجمه : أنكحوا أبا هند
وأنكحوا إليه ، وهو مولى بنى بياضة .
__________________
سورة ق
[فيها آية واحدة]
وهي قوله سبحانه
وتعالى : (فَاصْبِرْ عَلى ما
يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ
الْغُرُوبِ. وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ في
الصحيح ، عن جرير بن عبد الله ، قال :
كنّا جلوسا ليلة
مع النبي صلّى الله عليه وسلم ، فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة ، فقال : إنكم
سترون ربّكم كما ترون هذا لا تضامّون في رؤيته ، فإن استطعتم ألّا تغلبوا على صلاة قبل طلوع
الشمس وقبل غروبها فافعلوا. ثم قرأ : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ).
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (وَمِنَ اللَّيْلِ
فَسَبِّحْهُ) فيه أربعة أقوال :
الأول ـ هو تسبيح
الله في الليل.
الثاني ـ أنها
صلاة الليل.
الثالث ـ أنها
ركعتا الفجر.
الرابع ـ أنها
صلاة العشاء الأخيرة.
المسألة الثالثة ـ
قول [من قال] إنه التسبيح ، يعضده الحديث الصحيح : من تعارّ من الليل فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له
الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، سبحان الله ، والحمد لله ، [ولا إله إلا
الله] ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله [كفر عنه و] غفر له.
__________________
وأما من قال :
إنها صلاة الليل فإنّ الصلاة تسمّى تسبيحا لما فيها من تسبيح الله ، ومنه سبحة الضحى.
وأما من قال إنها
صلاة الفجر و العشاء فلأنهما من صلاة الليل ، والعشاء أوضحه.
المسألة الرابعة ـ
قوله تعالى : (وَأَدْبارَ
السُّجُودِ) فيه قولان :
أحدهما ـ أنه
النوافل.
الثاني ـ أنه ذكر
الله بعد الصلاة ، وهو الأقوى في النظر. في الحديث أنّ
النبي صلّى الله عليه وسلم كان يقول في دبر المكتوبة : لا إله إلا الله وحده لا
شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت
، ولا معطى لما منعت ، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ.
المسألة الخامسة ـ
ثبت في الصحيح أنّ
النبىّ صلّى الله عليه وسلم قرأ في الصبح (ق) ، فلما انتهى إلى قوله تعالى : (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ
لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) رفع بها صوته.
وثبت أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي
ماذا كان يقرأ به رسول الله صلّى الله وسلم في الفطر والأضحى؟ فقال : كان يقرأ ب ـ
«ق والقرآن المجيد» ، واقتربت الساعة.
__________________
سورة الذاريات
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (كانُوا قَلِيلاً مِنَ
اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ الهجوع
: النوم ، وذلك من أحد وجهين :
الأول ـ الإقبال [على
الأنس بالحديث ، وكانت عادتهم ، أو] على الوطء.
الثاني ـ الإقبال
على الصلاة ، وهو الصحيح. والأول [ضعيف والثاني] باطل ولو لا مخافتنا أن يتعلّق به متعلق يوما ما ذكرناه
لبطلانه.
المسألة الثانية ـ
تكلم المفسرون في قوله : (كانُوا قَلِيلاً مِنَ
اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) لأجل أنّ ظاهره يعطى أنّ نومهم بالليل كان قليلا ، ولم يكن
كذلك. وإنما مدح الله عزّوجل من يصلّى قليلا ، لأنّ الأول ليس في الإمكان ، وإنما [معناه]
كانوا يهجعون قليلا من الليل ، أى يسهرون قليلا. ومدح الله تعالى السهر
بالقليل ، لأنّ عمل العباد كلّه قليل.
وفي قوله (ما)
اختلاف بين النحاة. قال بعضهم : هي صلة. وقال بعضهم : هي مع الفعل بتأويل المصدر ،
والكلّ صحيح. وقد بيناه في كتاب الملجئة.
المسألة الثالثة ـ
صلاة الليل ممدوحة شرعا إجماعا ، وهي أفضل من صلاة النهار ، لأجل فراغ القلب وضمان
الإجابة ، وسيأتى القول عليه مستوفى في سورة المزّمّل إن شاء الله.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَبِالْأَسْحارِ هُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ).
روى ابن وهب عن
مالك في قوله تعالى : (وَبِالْأَسْحارِ هُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ) قال : هو الرجل يمدّ الصلاة إلى السحر. قال ابن شعبان :
يريد مالك بالرجل الربيع بن خيثم.
__________________
وقيل : هي الصلاة
في مسجد النبي صلّى الله عليه وسلم بأهل قباء أو في ذلك أقوال هذا لبابها.
وقال مجاهد :
كانوا قلّ ليلة تمرّ بهم إلا أصابوا منها خيرا.
قال القاضي : وخص
السّحر لما روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : جوف الليل أسمع. وروى في الصحاح عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : إذا ذهب الثلث الأول ، وفي رواية : إذا
انتصف الليل ، وأصحّه إذا بقي
ثلث الليل ـ ينزل الله كلّ ليلة إلى السماء الدنيا فيقول : من يدعوني فأستجيب له ،
[من يسألنى فأعطيه] ، من يستغفرنى فأغفر له ، حتى يطلع الفجر.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَفِي أَمْوالِهِمْ
حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ (وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌ) ، وقد بينا في غير موضع هل في المال حقّ سوى الزكاة أم لا
بما يغنى عن إعادته هاهنا.
والأقوى في هذه
الآية أنه الزكاة ، لقوله تعالى ـ في سورة : سأل سائل : (فِي أَمْوالِهِمْ
حَقٌّ مَعْلُومٌ. لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ). والحق المعلوم هو الزكاة التي بيّن الشرع قدرها وجنسها
ووقتها ، فأمّا غيرها لمن يقول به فليس بمعلوم ، لأنه غير مقدر ولا مجنس ولا مؤقت.
المسألة الثانية ـ قوله : (لِلسَّائِلِ) ، وهو المتكفّف.
المسألة الثالثة ـ
قوله : (وَالْمَحْرُومِ) ، وهو المتعفف ، فبيّن أن للسائل حقّ المسألة وللمحروم حقّ
الحاجة.
وقد روى ابن وهب
عن مالك أنه قال الذي يحرم الرزق ، وقيل : الذي أصابته جائحة ، قال تعالى ـ مخبرا
عن أصحاب الجنة المحترقة : (قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ
، بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ). وفيه أقوال كثيرة ليس لها أصل لم نطوّل بذكرها ، لأن هذا
أصحّها ، إذ يقتضى هذا التقسيم أنّ المحتاج إذا كان منه من يسأل فالقسم الثاني هو
الذي لا يسأل ، ويتنوّع أحوال المتعفف ، والاسم يعمّه كلّه ، فإذا رأيته فسمّه به
، واحكم عليه بحكمه. والله أعلم.
__________________
سورة الطور
[فيها آيتان]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما
أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ).
وقرئ وأتبعناهم
ذرّياتهم بإيمان.
فيها (مسألة) :
القراءتان لمعنيين : أما إذا كان اتّبعتهم على أن يكون الفعل للذرية فيقتضى أن تكون الذرية مستقلة بنفسها تعقل الإيمان
وتتلّفظ به. وأما إذا كان الفعل واقعا بهم من الله عزّ وجل بغير واسطة نسبة إليهم
فيكون ذلك لمن كان من الصغر في حدّ لا يعقل الإسلام ، ولكن جعل الله حكم أبيه
لفضله في الدنيا من العصمة والحرمة.
فأما اتباع الصغير
لأبيه في أحكام الإسلام فلا خلاف فيه.
وأما تبعيته لأمّه
فاختلف فيه العلماء ، واضطرب فيه قول مالك.
والصحيح في الدين
أنه يتبع من أسلم من أحد أبويه ، للحديث الصحيح عن ابن عباس قال : كنت أنا وأمّى
من المستضعفين من المؤمنين ، وذلك أن أمه أسلمت ولم يسلم العباس فاتبع أمه في الدين
، وكان لأجلها من المؤمنين.
فأما إذا كان
أبواه كافرين فعقل الإسلام صغيرا وتلفّظ به ، فاختلف العلماء اختلافا كثيرا.
ومشهور المذهب أنه
يكون مسلما ، والمسألة مشكلة ، وقد أوضحناها بطرقها في مسائل الخلاف ومن عمدها هذه الآية ، وهي قوله : (وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ
بِإِيمانٍ) ، فنسب الفعل إليهم ، فهذا يدل على أنهم عقلوه وتكلّموا به
، فاعتبره الله ، وجعل لهم حكم المسلمين.
__________________
ومن العمد في هذه
المسألة أنّ المخالف يرى صحة ردّته فكيف يصح اعتبار ردّته ولا يعتبر إسلامه! وقد
احتجّ جماعة بإسلام على بن أبى طالب صغيرا وأبواه كافران.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ
رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ. وَمِنَ
اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
: (حِينَ تَقُومُ).
فيه أربعة أقوال :
الأول ـ المعنى
فيه حين تقوم من المجلس ليكفره.
الثاني ـ حين تقوم
من النوم ، ليكون مفتتحا به كلامه.
الثالث ـ حين تقوم
من نوم القائلة ، وهي الظهر.
الرابع ـ التسبيح
في الصلاة.
المسألة الثانية ـ
أما قول من قال : إن معناه حين تقوم من المجلس
فقد روى عن النبي
صلّى الله عليه وسلم أنه قال : من
جلس مجلسا يكثر فيه لغطه ، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : سبحانك اللهم وبحمدك [أشهد
أن لا إله إلّا أنت] ، وأستغفرك ، وأتوب إليك ـ إلا غفر الله له ما كان في
مجلسه ذلك. وهذا الحديث معلول.
جاء مسلم بن
الحجاج إلى محمد بن إسماعيل البخاري فقبّل بين عينيه ، وقال : دعني أقبل رجليك يا
أستاذ الأستاذين ، وسيد المحدثين ، وطبيب الحديث في علله ، حدّثك محمد بن سلام ،
حدثنا مخلد بن يزيد ، أخبرنا ابن جريج ، حدثني موسى بن عقبة ، عن سهيل ، عن أبيه ،
عن أبى هريرة ، عن النبي صلّى الله عليه وسلم في كفارة المجلس فما علّته؟ قال محمد
ابن إسماعيل : هذا حديث مليح ، ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث
الواحد ، إلا أنه معلول.
حدثنا موسى بن إسماعيل ، أنبأنا وهيب ، أنبأنا سهيل ، عن عون بن عبد
الله ، قوله قال
__________________
أنبأنا محمد بن
إسماعيل هذا أولى ، فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماع من سهيل.
قال القاضي ابن
العربي : أراد البخاري أنّ حديث عون بن عبد الله من قوله حمله سهيل على هذا الحديث
حتى تغيّر حفظه بأخرة ، فهذه معان لا يحسنها إلا العلماء بالحديث ، فأما أهل الفقه
فهم عنها بمعزل.
والحديث الصحيح في
هذا المعنى ما روى ابن عمر قال : كنا نعدّ لرسول الله صلّى الله عليه وسلم في
المجلس الواحد قبل أن يقوم مائة مرة : ربّ اغفر لي وتب علىّ.
وأما قوله حين
يقوم ـ يعنى من الليل ـ ففي ذلك روايات كثيرة : في الصحيح أنه صلّى الله عليه وسلم
قال : من تعارّ من الليل فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له
الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، سبحان الله وبحمده ، والحمد لله ، ولا
إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله [العلىّ العظيم] . وفي بعض روايات سقوط التهليل.
الثاني ـ وروى عنه
أنه قرأ العشر
الخواتم من سورة آل عمران.
وروى عنه أنه كان
يقول : اللهم فاطر السموات والأرض
عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما
اختلفوا فيه من الحق ، فإنّك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم.
وأما نوم القائلة
فليس فيه أثر ، وهو يلحق بنوم الليل ، ويدخل فيه الصبح لنوم الليل ، والظهر لنوم
القائلة ، وهو أصل التسبيح.
وأما من قال : إنه
تسبيح الصلاة فهو أفضله ، والآثار في ذلك كثيرة ، أعظمها ما ثبت عن على بن أبى
طالب عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه
كان إذا قام للصلاة المكتوبة رفع يديه حذو منكبيه ، ويصنع ذلك إذا قضى قراءته
وأراد أن يركع ، ويضعها إذا رفع رأسه من الركوع ، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد ، وإذا قام
من السجدتين رفع يديه كذلك وكبّر ، ويقول حين يفتتح الصلاة بعد التكبير : وجّهت
وجهى للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ، إنّ صلاتي ونسكي ومحياي
ومماتي لله رب العالمين.
__________________
لا
شريك له وبذلك أمرت وأنا أوّل المسلمين. اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك
أنت ربي ، وأنا عبدك ، ظلمت نفسي ، واعترفت بذنبي ، فاغفر لي ذنوبي جميعا ، إنه لا
يغفر الذنوب إلا أنت ، واهدني لأحسن الأخلاق ، لا يهدى لأحسنها إلا أنت ، وأصرف
عنى سيّئها ، لا يصرف عنى سيئها إلا أنت ، لبيك وسعديك ، [والخير كله في يديك
والشرّ ليس إليك] ، وإنا بك وإليك لا منجى منك ، ولا ملجأ إلا إليك ، أستغفرك وأتوب إليك.
وفي الصحيح ، عن
عبد الله بن عمر ، عن أبى بكر الصديق أنه
قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، علّمنى دعاء أدعو به في
صلاتي. فقال : قل ربّ إنّى ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، وإنى أعلم أنه لا يغفر الذنوب
إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني ، إنك أنت الغفور الرحيم.
المسألة الثالثة ـ
في الصحيح ، عن أم سلمة أنها قالت : شكوت
إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنى أشتكى ، فقال : طوفي من وراء الناس ، وأنت
راكبة. قالت : فطفت ورسول الله صلّى الله عليه وسلم حينئذ يصلّى إلى جنب البيت
يقرأ بالطور وكتاب مسطور.
وفيه عن جبير بن
مطعم قال : سمعت رسول الله صلّى
الله عليه وسلم يقرأ بالطور. في المغرب.
قال القاضي : ورد
جبير بن مطعم على النبي صلّى الله عليه وسلم في
أمر أسارى بدر وهو لم يسلم بعد ، فحضر صلاة النبي صلّى الله عليه وسلم. قال :
فسمعته يقرأ في المغرب بالطّور ، فلما بلغ إلى قوله : (أَمْ خُلِقُوا مِنْ
غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) كاد ينخلع فؤادي ، ثم فتح الله علىّ بعد بالإسلام.
__________________
سورة النجم
قال علماؤنا رضى
الله عنهم : لم يختلف قول مالك إنّ سجدة النجم ليست من عزائم القرآن ، ورآها ابن وهب من عزائمه ، وكان
مالك يسجدها في خاصّة نفسه.
وروى مالك أن عمر
بن الخطاب قرأ بالنجم إذا هوى ، فسجد فيها ، ثم قام فقرأ سورة أخرى.
وروى غيره أنّ
السورة التي وصلها بها إذا زلزلت الأرض زلزالها.
وفي الصحيح عن عبد
الله بن مسعود
أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قرأ النجم ، فسجد فيها ، وسجد من كان معه إلا شيخا
كبيرا أخذ كفّا من حصى أو من تراب ، فرفعه إلى جبهته ، وقال : يكفيني هذا.
قال ابن مسعود :
ولقد رأيته بعد قتل كافرا.
وروى ابن عباس أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم سجد
فيها ـ يعنى في النجم ، وسجد فيها المسلمون والجنّ والإنس.
والشيخ الذي لم
يسجد مع النبي صلّى الله عليه وسلم هو أمية بن خلف ، قتل يوم بدر كافرا.
وقد روى أن عبد
الله بن مسعود كان إذا قرأها على الناس سجد ، فإذا قرأها وهو في الصلاة ركع وسجد.
وكان ابن عمر إذا
قرأ «والنجم» وهو يريد أن تكون بعدها قراءة قرأها وسجد. وإذا انتهى إليها ركع وسجد
، ولم يرها [على] من عزائم السجود.
وقال أبو حنيفة
والشافعى : هي من عزائم السجود ، وهو الصحيح.
__________________
سورة الرحمن
[فيها آية واحدة]
قوله تعالى : (هَلْ جَزاءُ
الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ).
وقد ثبت في الحديث
الصحيح أنّ جبريل سأل النبىّ صلّى الله عليه وسلم عن الإحسان ، فقال : أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن
تراه فإنه يراك.
فهذا إحسان العبد.
وأما إحسان الله
فهو دخول الحسنى وهي الجنة ، وللحسنى درجات بينّاها في كتب الأصول. وهذا من أجلّها
قدرا ، وأكرمها أمرا ، وأحسنها ثوابا ، فقد قال الله تعالى : (لِلَّذِينَ
أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) ، فهذا تفسيره.
__________________
سورة الواقعة
[فيها آية واحدة]
قوله تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا
الْمُطَهَّرُونَ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ
[هل] هذه الآية مبيّنة حال القرآن في كتب الله أم هي مبيّنة حاله في كتبنا؟
فقيل : هو اللوح
المحفوظ. وقيل : هو ما بأيدى الملائكة ، فهذا كتاب الله. وقيل : هي مصاحفنا.
المسألة الثانية ـ
قوله : (لا يَمَسُّهُ) فيه قولان :
أحدهما ـ أنه
المسّ بالجارحة حقيقة.
وقيل : معناه لا
يجد طعم نفعه إلا المطهّرون بالقرآن ؛ قاله الفراء.
المسألة الثالثة ـ
قوله : (إِلَّا
الْمُطَهَّرُونَ) فيه قولان :
أحدهما ـ أنهم
الملائكة طهّروا من الشّرك والذنوب.
الثاني ـ أنه أراد
المطهّرين من الحدث ، وهم المكلّفون من الآدميين.
المسألة الرابعة ـ
هل قوله : (لا يَمَسُّهُ) نهى أو نفى؟
فقيل : لفظه لفظ
الخبر ، ومعناه النهى.
وقيل : هو نفى . وكان ابن مسعود يقرؤها : ما يمسه إلا المطهّرون ، لتحقيق
النفي.
المسألة الخامسة ـ
في تنقيح الأقوال :
أما قول من قال :
إن المراد بالكتاب اللّوح المحفوظ فهو باطل ؛ لأنّ الملائكة لا تناله في وقت ، ولا
تصل إليه بحال ؛ فلو كان المراد به ذلك لما كان للاستثناء فيه محلّ.
__________________
وأما من قال : إنه
الذي بأيدى الملائكة من الصّحف فإنه قول محتمل ؛ وهو الذي اختاره مالك ، قال :
أحسن ما سمعت في قوله : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا
الْمُطَهَّرُونَ) أنها بمنزلة الآية التي في «عبس وتولّى» : (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ.
فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ. مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ. كِرامٍ
بَرَرَةٍ) يريد أنّ المطهّرين هم الملائكة الذين وصفوا بالطهارة في
سورة «عبس».
وأما من قال : إنه
أمر بالوضوء [بالقرآن] إذا أراد أحد أن يمسّ صحفه ، فإنهم اختلفوا ؛ فمنهم من قال : إنّ لفظه لفظ الخبر
ومعناه الأمر ، وقد بينا فساد ذلك في كتب الأصول ، وفيما تقدم من كلامنا في هذا
الكتاب ، وحقّقنا أنه خبر عن الشرع ، أى لا يمسّه إلا المطهرون شرعا ، فإن وجد
بخلاف ذلك فهو غير الشرع.
وأما من قال : إنّ
معناه لا يجد طعمه إلا المطهرون من الذنوب التائبون العابدون فهو صحيح ، اختاره
البخاري ؛ قال النبي صلّى الله عليه وسلم : ذاق
طعم الإسلام من رضى بالله ربّا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلّى الله
عليه وسلم نبيّا ؛ لكنه عدول عن الظاهر لغير ضرورة عقل ولا دليل سمع.
وقد روى مالك
وغيره أنّ في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه له رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسخته
: من محمد النبي إلى شرحبيل بن عبد كلال ، والحارث بن عبد كلال ، ونعيم بن عبد كلال ، قيل
ذي رعين ومعافر وهمدان : أما بعد ـ وكان في كتابه ألّا يمسّ القرآن إلا طاهر.
وقد روى أنّ عمر
بن الخطاب دخل على أخته وزوجها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، وهما يقرآن طه ،
فقال : ما هذه الهينمة ! وذكر الحديث إلى أن قال : هاتوا الصحيفة. فقالت له أخته :
إنه لا يمسّه إلّا المطهّرون. فقام واغتسل وأسلم. وقد قال أبو بكر
الصديق يرثى النبي صلّى الله عليه وسلم :
__________________
فقدنا الوحى إذ
ولّيت عنا
|
|
وودّعنا من الله
الكلام
|
سوى ما قد تركت
لنا قديما
|
|
توارثه القراطيس
الكرام
|
وأراد صحف القرآن
التي كانت بأيدى المسلمين التي كان النبىّ صلّى الله عليه وسلم يمليها على كتبته.
وقد قال أهل
العراق منهم إبراهيم النخعي : ولا يمسّ القرآن إلا طاهر.
واختلفت الرواية عن
أبى حنيفة ، فروى عنه أنه يمسّه المحدث ، وروى عنه أنه يمسّ ظاهره وحواشيه وما لا
مكتوب فيه وأما الكتاب فلا يمسّه إلا المطهرون . وهذا إن سلّم مما يقوّى الحجة عليه ؛ لأنّ حريم الممنوع ممنوع ، وفيما
كتبه النبىّ صلّى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم أقوى دليل عليه. والله أعلم.
__________________
سورة الحديد
[فيها أربع آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ
وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
وقد بينّا في كتاب
الأمد تفسير هذه الأسماء ، وحقّقنا أن الأول هو الآخر بعينه [يعنى] لأنه واحد ، وأن الظاهر هو الباطن ، وأن الأول هو الباطن ،
وأن الآخر هو الظاهر ، إذ هو تعالى واحد تختلف أوصافه ، وتتعدد أسماؤه ، وهو تعالى
واحد. قال ابن القاسم : قال مالك : لا يحدّ ولا يشه. قال ابن وهب : سمعت مالكا
يقول : من قرأ «يد الله» وأشار إلى يده ، وقرأ عين الله ، وأشار إلى ذلك العضو منه
يقطع تغليظا عليه في تقديس الله تعالى وتنزيهه عما أشبه إليه ، وشبّهه بنفسه ، فتعدم [نفسه و] جارحته التي شبّهها بالله ، وهذه غاية في التوحيد لم يسبق
إليها مالكا موحّد.
فإن قيل : فقد روى
البخاري ، عن نافع ، عن عبد الله ، قال : ذكر الدجّال عند رسول الله صلّى الله
عليه وسلم فقال : إنه
لا يخفى عليكم أنّ الله ليس بأعور. وأشار بيده إلى عينه ، وأن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأنّ عينه عنبة طافية.
فالجواب من وجهين
:
أحدهما ـ أن هذا
خبر واحد ، لا يوجب علما.
الثاني ـ أنّ هذه
الإشارة في النفي لا في الإثبات ، وفي التقديس لا في التشبيه. وهذا نفيس فاعرفه.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَما لَكُمْ أَلَّا
تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا
يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ
أَعْظَمُ
__________________
دَرَجَةً
مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ
الْحُسْنى وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ نفى
الله سبحانه المساواة بين من أنفق من قبل فتح مكة وبين من أنفق بعد ذلك ، لأنّ
حاجة الناس كانت قبل الفتح أكثر ، لضعف الإسلام ، وفعل ذلك كان على المنافقين أشقّ
، والأجر على قدر النصب . والله أعلم.
المسألة الثانية ـ
روى أشهب عن مالك قال : ينبغي أن يقدم أهل الفضل والعزم. وقد قال الله تعالى : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ
مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ
أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) ، وقد بينا نحن فيما تقدّم ترتيب أحوال الصحابة رضى الله
عنهم ومنازلهم في التقدم والتأخر ومراتب التابعين.
المسألة الثالثة ـ
إذا ثبت انتفاء المساواة بين الخلق وقع التفضيل بين الناس بالحكمة والحكم ؛ فإن
التقدّم والتأخر يكون [في الدين ويكون] في أحكام الدنيا ، فأما في أحكام الدين ففي الصحيح عن
عائشة قالت رضى الله عنها : أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن ننزل الناس
منازلهم ، وأعظم المنازل مرتبة الصلاة. وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلم [في
مرضه] : مروا أبا بكر فليصلّ بالناس. فقيل له : إن أبا بكر رجل أسيف
إذا قام مقامك لم يسمع النّاس من البكاء ، فمر عمر فليصلّ بالناس. [فقال :
مروا أبا بكر فليصلّ بالناس] .. الحديث.
فقدّم المقدم ،
وراعي الأفضل.
وفي حديث أبى
مسعود الأنصارى من رواية الترمذي وغيره : يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب الله ؛ فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم
بالسنة ، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء
فأكبرهم سنّا ، ولا يؤمّ الرجل في سلطانه ، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه.
__________________
وفي الصحيح أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال
لمالك بن الحويرث [وأخيه] فأذّنا وأقيما وليؤمّكما أكبركما. ففهم منه البخاري وغيره من العلماء أنه
أراد كبر المنزلة.
كما قال صلّى الله
عليه وسلم : الولاء
للكبر. ولم يعن كبر
السنّ ، وإنما أراد كبر المنزلة.
وقد قال مالك
وغيره : وإن للسنّ حقا. وراعاه الشافعى وأبو حنيفة ، وهو أحقّ بالمراعاة ؛ لأنه
إذا اجتمع العلم والسنّ في خيّرين قدّم العلم. وأما أحكام الدنيا فهي مرتّبة على
أحكام الدين ، فمن قدّم في الدين قدّم في الدنيا.
وفي الآثار : ليس منّا من لم يوقّر كبيرنا ، ويرحم
صغيرنا ، ويعترف لعالمنا.
وفي الحديث الثابت
في الأفراد : ما
أكرم شابّ شيخا لسنّه إلا قيّض الله له عند سنّه من يكرمه. وأنشدنى أبو عبد الله محمد بن قاسم العثماني الشهيد نزيل
القدس لابن عبد الصمد السر قسطي :
يا عائبا للشيوخ
من أشر
|
|
داخله للصبا ومن بذخ
|
اذكر إذا شئت أن
تعيبهم
|
|
جدّك واذكر أباك
يا ابن أخى
|
واعلم بأنّ
الشباب منسلخ
|
|
عنك وما وزره
بمنسلخ
|
من لا يعزّ
الشيوخ لابلغت
|
|
يوما به سنّة
إلى الشّيخ
|
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا
بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ
لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا
أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ في
المراد بقوله تعالى : (وَالشُّهَداءُ).
وفيه ثلاثة أقوال
:
أحدها ـ أنهم
النبيون.
الثاني ـ أنهم
المؤمنون.
__________________
الثالث ـ أنهم
الشهداء في سبيل الله. وكلّ واحد من هؤلاء شهيد ، أما الأنبياء عليهم السلام فهم
شهداء على الأمم ، وأما المؤمنون فهم شهداء على الناس [كما قال تعالى : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ
عَلَى النَّاسِ)] .
وأما محمّد صلّى
الله عليه وسلم فهو شهيد على الكل ، لقوله تعالى : (وَيَكُونَ الرَّسُولُ
عَلَيْكُمْ شَهِيداً).
المسألة الثانية ـ
إن كان المراد به المؤمنين فهو على العموم في كل شاهد. وقد قال عليه السلام : خير الشّهداء الذي يأتى بشهادته قبل أن
يسألها ، وله الأجر إذا أدّى والإثم إذا كتم ، ونورهم [قيل] ـ وهي :
المسألة الثالثة ـ
هو ظهور الحق به ، وقيل نورهم يوم القيامة. والكلّ صالح للقول حاصل للشاهد بالحق.
وأما إن كان
المراد به الشهداء في سبيل الله فهم الذين قاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا. وهم
أوفى درجة وأعلى.
والشهداء قد بينّا
عددهم! وهم المقتول في سبيل الله. المقتول دون ماله [المقتول دون أهله] . المطعون . الغرق . الحرق. المجنون. الهديم . ذات الجمع . المقتول ظلما. أكيل السبع. الميت في سبيل الله. من مات من
بطن فهو شهيد. المريض شهيد. الغريب شهيد. صاحب النّظرة شهيد. فهؤلاء ستة عشر
شهيدا. وقد بيناهم في شرح الحديث.
المسألة الرابعة ـ
قال جماعة : إنّ قوله : (وَالشُّهَداءُ) معطوف على قوله تعالى : (الصِّدِّيقُونَ) عطف المفرد على المفرد ، يعنى أن الصديق هو الشهيد ،
والكلّ لهم أجرهم ونورهم. وقيل : هو عطف جملة على جملة ، والشهداء ابتداء كلام
والكلّ محتمل ، وأظهره عطف المفرد على المفرد حسبما بينّاه في الملجئة.
__________________
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى
آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ
الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً
وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ
اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ
أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ الرهبانية
: فعلانية من الرّهب كالرّحمانية : وقد قرئت بضم الراء وهي من الرّهبان
كالرّضوانية من الرّضوان. [والرهب هو الخوف ، كنى به عن فعل التزم خوفا من الله
ورهبا من سخطه] .
المسألة الثانية ـ
في تفسيرها :
وفيه أربعة أقوال
:
الأول ـ أنها رفض
النساء ، وقد نسخ ذلك في ديننا ، كما تقدم.
الثاني ـ اتخاذ
الصّوامع للعزلة ، وذلك مندوب إليه عند فساد الزمان.
الثالث ـ سياحتهم
، وهي نحو منه.
الرابع ـ روى
الكوفيون عن ابن مسعود ، قال : قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم : هل تدرى
أىّ الناس أعلم؟ قال : قلت : الله ورسوله أعلم. قال : أعلم الناس أبصرهم بالحق إذا
اختلف الناس فيه ، وإن كان مقصّرا في العمل ، وإن كان يزحف على استه.
وافترق من [كان] قبلنا على اثنتين وسبعين فرقة ، نجا منها ثلاث ، وهلك
سائرها : فرقة آزت الملوك ، وقاتلتهم على دين الله ودين عيسى حتى قتلوا ،
وفرقة لم يكن لهم طاقة بموازاة الملوك أقاموا بين ظهراني قومهم يدعونهم إلى دين
الله ودين عيسى ابن مريم ، فأخذتهم الملوك وقتلتهم وقطعتهم بالمناشير ، وفرقة لم
تكن لهم طاقة بموازاة الملوك ، ولا بأن يقيموا بين ظهراني
__________________
قومهم ، فيدعوهم
إلى ذكر الله [ودينه] ودين عيسى ابن مريم ، فساحوا في الجبال ، وترهّبوا فيها ،
وهي التي قال الله فيها : (وَرَهْبانِيَّةً
ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما
رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ
وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ).
المسألة الثالثة ـ
روى عن أبى أمامة الباهلي [واسمه صدىّ بن عجلان] أنه قال: أحدثّتم قيام رمضان ولم يكتب عليكم ، إنما كتب
عليكم الصيام ، فدوموا على القيام إذا فعلتموه ، ولا تتركوه ، فإنّ ناسا من بنى
إسرائيل ابتدعوا بدعا لم يكتبها الله عليهم ، ابتغوا بها رضوان الله فما رعوها حقّ
رعايتها ، فعاتبهم الله بتركها ، فقال : (وَرَهْبانِيَّةً
ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما
رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها) ، يعنى تركوا ذلك فعوقبوا عليها.
المسألة الرابعة ـ
قد بينّا أنّ قوله تعالى : (ما كَتَبْناها
عَلَيْهِمْ) من وصف الرهبانية ، وأنّ قوله تعالى : (ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ) متعلق بقوله تعالى : (ابْتَدَعُوها). وقد زاغ قوم عن منهج الصواب فظنّوا أنها رهبانيّة كتبت
عليهم بعد أن التزموها. وليس يخرج هذا من قبيل مضمون الكلام ، ولا يعطيه أسلوبه
ولا معناه ، ولا يكتب على أحد شيء الا بشرع أو نذر ، وليس في هذا اختلاف بين أهل
الملل. والله أعلم.
__________________
سورة المجادلة
[فيها ست آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (قَدْ سَمِعَ اللهُ
قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ
تَحاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم
مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي
وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا
وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن
نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ
أَن يَتَمَاسَّا ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)
فيها تسع وعشرون
مسألة :
المسألة الأولى ـ قد
تقدم الكلام في سماع الله تعالى للموجودات كلها قولا أو غيره ، لا يختص بسماع الأصوات ، بل كلّ موجود يسمعه ويراه ويعلمه ، ويعلم
المعدوم بأبدع بيان في كتاب المشكلين والأصول ، وكذلك أوضحنا أنه يجوز تعلّق سمعنا
بكل موجود ، وكذلك رؤيتنا ، ولكن الباري تعالى أجرى العادة بتعلق رؤيتنا بالألوان
، وسمعنا بالأصوات ، ولله الحكمة فيما خصّ والقدرة فيما عم.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (تُجادِلُكَ فِي
زَوْجِها). وكذلك تقدم بيان المجادلة وحقيقتها وجوازها في طلب قصد
الحق وإظهاره ، وأمر الله بها ، ونسخه وتخصيصه لها وتعميمه.
المسألة الثالثة ـ
في تعيين هذه المجادلة :
وفيه روايات كثيرة
: قيل : هي خولة امرأة أوس بن الصامت. وقيل : هي خولة بنت دليج . وقيل : بنت الصامت. وأمها معاذة ، كانت أمة لابن أبى.
وفيها قال الله تعالى: (وَلا تُكْرِهُوا
فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ ...) الآية.
وقيل : خولة بنت
ثعلبة ، وهي أشبهها ، لما روى أنّ خولة بنت ثعلبة جاءت إلى عمر
__________________
ابن الخطاب وهي
عجوز كبيرة ، والناس معه ، وهو على حمار ، قال : فجنح إليها ، ووضع يده على منكبها
، وتنحّى الناس عنها ، فناجاها طويلا ، ثم انطلقت فقالوا : يا أمير المؤمنين ، حبست
رجالات قريش على هذه العجوز. قال : أتدرون من هي؟ هذه خولة بنت ثعلبة ، سمع الله
قولها من فوق سبع سموات ، فو الله لو قامت هكذا إلى الليل لقمت معها إلى أن تحضر
صلاة ، وأنطلق لأصلى ثم أرجع إليها.
وقالت عائشة :
تبارك الذي وسع سمعه كلّ شيء ، إنى لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ، ويخفى علىّ بعضه ،
وهي تقول : يا رسول الله.
وفي تراجم البخاري
، عن تميم بن سلمة ، عن عروة ، عن عائشة قلت : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ،
فأنزل الله عزّ وجل على النبي صلّى الله عليه وسلم : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ
الَّتِي تُجادِلُكَ).
ونصّه على
الاختصار ما روى أنه
لما ظاهر أوس بن الصامت من امرأته خولة بنت ثعلبة قالت له : والله ما أراك إلا قد
أثمت في شأنى ، لبست جدّتى ، وأفنيت شبابي ، وأكلت مالي ، حتى إذا كبرت سنّى ،
ورقّ عظمى ، واحتجت إليك فارقتني.
قال
: ما أكرهنى لذلك! اذهبي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فانظرى هل تجدين عنده
شيئا في أمرك.
فأتت
النبىّ صلّى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له ، فلم تبرح حتى نزل القرآن : (قَدْ سَمِعَ اللهُ
قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها). فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : أعتق رقبة. قال :
لا أجد ذلك. قال صم شهرين متتابعين. قال : لا أستطيع ذلك ؛ أنا شيخ كبير. قال:
أطعم ستين مسكينا. قال : لا أجد. فأعطاه النبىّ صلّى الله عليه وسلم شعيرا ، وقال
: خذ هذا فأطعمه.
وروى أيضا أنّ سعيدا أتى أبا سلمة بن صخر أحد
بنى بياضة ، كان رجلا ميطا فلما جاء شهر رمضان جعل امرأته عليه كأمه ، فرآها ذات ليلة في بريق القمر ،
ورأى بريق خلخالها [وساقها] فأعجبته فأتاها ، وأتى النبىّ صلّى الله عليه وسلم فقصّ
عليه القصة،
__________________
فقال له : أتيت
بهذا يا أبا سلمة [ثلاثا] ؟ فأمر [النبىّ] أن يعتق رقبة. قال : ما أملك غير رقبتي هذه. فأمره بالإطعام. قال : إنما هي وجبة.
قال : صم شهرين متتابعين. قال : ما من عمل يعمله الناس أشد علىّ من الصيام. قال :
فأتى الناس النبي صلّى الله عليه وسلم بقناع فيه تمر. فقال
له : خذ هذا ، فتصدق به وأطعمه عيالك.
[وقيل هذا صخر بن]
سلمة بن صخر بن سليمان الذي أعطى النبي صلّى الله عليه وسلم المجنّ يوم أحد. وقال
: وجهى أحقّ بالكلم من
وجهك ، وارتثّ بعد ذلك
من القتلى ، وبه رمق ، وقد كلم كلوما كثيرة ، فمسح رسول الله صلّى الله عليه وسلم
كلومه ، واستشفى له فبرأ ، وفيه نزلت آية الظهار.
المسألة الرابعة ـ
قوله تعالى : (وَتَشْتَكِي إِلَى
اللهِ).
روى أن خولة بنت دليج ظاهر منها زوجها ، فأتت النبىّ صلّى الله عليه وسلم فسألته
كذلك ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : قد حرمت عليه ، [فرفعت رأسها إلى
السماء] فقالت : إلى الله أشكو حاجتي إليه.
ثم
عادت فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : حرمت عليه. فقالت : [إلى الله أشكو
حاجتي إليه] ، وعائشة تغسل شقّ رأسه الأيمن ، ثم تحولت إلى الشق الآخر
، وقد نزل عليه الوحى ، فذهبت أن تعيد ، فقال : يا عائشة ، اسكتي ، فإنه قد نزل الوحى.
فلما
نزل القرآن ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لزوجها : أعتق رقبة. قال : لا
أجد. قال : صم شهرين متتابعين. قال : إن لم آكل في اليوم ثلاث مرات خفت أن يعشو بصرى. قال : فأطعم ستين مسكينا. قال : فأعنى ،
فأعانه [بشيء] .
المسألة الخامسة ـ
قوله تعالى : (الَّذِينَ
يُظاهِرُونَ). حقيقته تشبيه ظهر [بظهر ، والموجب للحكم منه تشبيه ظهر] محلّل بظهر محرّم ، ويتفرع عليه فروع كثيرة ، أصولها سبعة
:
__________________
الفرع الأول ـ إذا
شبّه جملة أهله بظهر أمه ، كما جاء في الحديث أنه قال : أنت علىّ كظهر أمى.
الفرع الثاني ـ إذا
شبّه جملة أهله بعضو من أعضاء أمه كان ظهارا ، خلافا لأبى حنيفة في قوله : إن
شبّهها بعضو يحلّ النظر إليه لم يكن ظهارا ، وهذا لا يصح ، لأن النظر إليه على
طريق الاستمتاع لا يحل له ، وفيه رفع التشبيه ، وإياه قصد المظاهر. وقد قال
الشافعى في قول : إنه لا يكون ظهارا إلا في الظّهر وحده ، وهذا فاسد ، لأنّ كل عضو
منها محرّم ، فكان التشبيه به ظهارا كالظهر ، ولأن المظاهر إنما يقصد تشبيه المحلل
بالمحرم ، فلزم على المعنى.
والفرع الثالث ـ إذا
شبّه عضوا من امرأته بظهر أمه : قال الشافعى في أحد قوليه : لا يكون ظهارا ، وهذا
ضعيف منه ، لأنه قد وافقنا على أنه يصحّ إضافة الطلاق إليه ، خلافا لأبى حنيفة ،
فصحّ إضافة الظّهار إليه ، وقد بيناه في مسائل الخلاف.
الفرع الرابع ـ إذا
قال : أنت علىّ كأمى ، أو مثل أمى. فإن نوى ظهارا كان ظهارا ، وإن نوى طلاقا كان
طلاقا ، وإن لم تكن له نية كان ظهارا.
وقال الشافعى وأبو
حنيفة : إن لم ينو شيئا لم يكن شيء.
ودليلنا أنه أطلق
تشبيه امرأته بأمه ، فكان ظهارا ، أصله إذا ذكر الظهر ، وهذا قوىّ ، إذ معنى
اللّفظ فيه موجود ، واللفظ بمعناه ، ولم يلزم حكم الظهر للفظه ، وإنما لزم لمعناه
وهو التحريم.
الفرع الخامس ـ إذا
قال : أنت علىّ حرام كظهر أمى كان ظهارا ، ولم يكن طلاقا ، لأنّ قوله : أنت حرام
يحتمل التحريم بالطلاق وهي مطلقة ، ويحتمل التحريم بالظهار ، فلما صرّح به كان
تفسيرا لأحد الاحتمالين فقضى به فيه.
الفرع السادس ـ إن
شبّه امرأته بأجنبية ، فإن ذكر الظّهر كان ظهارا حملا على الأول ، وإن لم يذكر
الظّهر فاختلف فيه علماؤنا ، فمنهم من قال : يكون ظهارا ، ومنهم من قال: يكون
طلاقا.
وقال أبو حنيفة
والشافعى : لا يكون شيئا ، وهذا فاسد ، لأنه شبّه محللا من المرأة
بمحرّم ، فكان
مقيّدا بحكمه كالظهر. والأسماء بمعانيها عندنا ، وعندهم بألفاظها ، وهذا
نقض للأصل منهم.
الفرع السابع ـ إذا
قال : أنت علىّ كظهر أختى كان مظاهرا.
وقال الشافعى : لا
يكون له حكم ، وهذه أشكل من التي قبلها. ودليلنا أنه شبّه امرأته بظهر محرّم عليه
مؤبّد كالأم.
المسألة السادسة ـ
قوله : (مِنْكُمْ).
يعنى من المسلمين
، وذلك يقتضى خروج الذمي من الخطاب.
فإن قيل : هذا
استدلال بدليل الخطاب.
قلنا : هو استدلال
بالاشتقاق. والمعنى فإنّ أنكحة الكفار فاسدة مستحقة الفسخ ، فلا يتعلّق بها حكم
طلاق ولا ظهار ، وذلك كقوله : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ
عَدْلٍ مِنْكُمْ).
وبه قال أبو
حنيفة.
وقال الشافعى :
يصح ظهار الذمي ، وهي مسألة خلاف عظمى. وقد مددنا أطناب القول فيها في مسألة
الخلاف.
ولبابه عند
المالكية أنّ الكفار مخاطبون بفروع الشريعة عندنا ، وعند الشافعى بغير خلاف ، وإذا
خوطبوا فإن أنكحتهم فاسدة لإخلالهم بشروطها من ولىّ وأهل وصداق ووصف صداق ، فقد يعقدون بغير صداق ، ويعقدون [بغير
مال كخمر أو خنزير ، ويعقدون في العدّة ويعقدون] نكاح المحرمات ، وإذا خلت الأنكحة عن شروط الصحة فهي فاسدة
، ولا ظهار في النكاح الفاسد بحال.
المسألة السابعة ـ
وهذا الدليل بعينه يقتضى صحّة ظهار العبد خلافا لمن منعه ، لأنه من جملة المسلمين
، وأحكام النكاح في حقه ثابتة ، وإن تعذّر عليه العتق والإطعام فإنه قادر على
الصيام.
__________________
المسألة الثامنة ـ
قال مالك : ليس على النساء تظاهر ، إنما قال الله تعالى : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ
نِسائِهِمْ) ولم يقل : واللاتي يظاهرن منكنّ من أزواجهن ، إنما الظهار
على الرجال.
قال القاضي : هكذا
روى عن ابن القاسم ، وسالم ، ويحيى بن سعيد ، وربيعة ، وأبى الزناد ، وهو صحيح
معنى ، لأن الحل والعقد والتحليل والتحريم في النكاح بيد الرجال ، ليس بيد المرأة منه شيء. وهذا إجماع.
المسألة التاسعة ـ
يلزم الظهار في كلّ أمة يصحّ وطؤها.
وقال أبو حنيفة
والشافعى : لا يلزم ، وهي مسألة عسيرة جدّا علينا ، لأنّ مالكا يقول : إذا قال
لأمته : أنت علىّ حرام لم يلزم ، فكيف يبطل فيها صريح التحريم ، ويصحح كنايته ، ولكن تدخل الأمة في عموم قوله : (مِنْ نِسائِكُمْ) ، لأنه أراد به من خللاتكم.
والمعنى فيه أنه
لفظ يتعلّق بالبضع دون رفع العقد فيصحّ في الأمة ، أصله الحلف بالله.
المسألة العاشرة ـ
من به لمم ، وانتظمت له في بعض الأوقات الكلم إذا ظاهر لزم ظهاره ، لما روى في
الحديث أنّ خولة بنت ثعلبة ـ وكان زوجها أوس بن الصامت ـ وكان به لمم ـ فداخله بعض
لممه ، فظاهر من امرأته.
المسألة الحادية
عشرة ـ من غضب فظاهر من امرأته أو طلق لم يسقط غضبه حكمه.
وفي بعض طرق هذا
الحديث قال يوسف بن عبد الله بن سلام : حدثتني خولة امرأة أوس ابن الصامت قالت :
كان بيني وبينه شيء ، فقال : أنت علىّ كظهر أمى. ثم خرج إلى نادى قومه. فقولها :
كان بيني وبينه شيء دليل على منازعة أحرجته ، فظاهر منها. والغضب لغو لا يرفع حكما
، ولا يغيّر شرعا. وقد بيناه فيما تقدم.
المسألة الثانية
عشرة ـ وكذلك السّكران يلزمه حكم الظهار والطلاق في حال سكره إذا عقل قوله ، ونظم
كلامه.
المسألة الثالثة
عشرة ـ فيما أوردناه من هذا الخبر دليل على أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم
__________________
حكم في الظهار
بالفراق ، وهو الحكم بالتحريم بالطلاق ، حتى نسخ الله ذلك بالكفارة. وهذا نسخ في
حكم واحد ، في حق شخص واحد ، في زمانين ، وذلك جائز عقلا ، واقع شرعا. وقد بيناه
في كتاب النسخ.
المسألة الرابعة
عشرة ـ الظهار يحرّم جميع أنواع الاستمتاع ، خلافا للشافعي في أحد قوليه ، لأن
قوله : «أنت علىّ كظهر أمى» يقتضى تحريم كلّ استمتاع بلفظه ومعناه ، وإنما حرم
الوطء بالتشبيه بالمحرمة ، وهذا يقتضى تحريم كلّ الاستمتاع.
المسألة الخامسة
عشرة ـ قال الشافعى : إذا ظاهر من الأجنبية بشرط الزواج لم يكن ظهارا ، وعندنا
يكون ظهارا ، كما لو طلقها كذلك للزمه الطلاق [إذا زوجها] لأنها من نسائه حين شرط نكاحها. وقد بيناه في مسائل الخلاف
وفيما تقدم من هذا الكتاب.
المسألة السادسة
عشرة ـ إذا ظاهر من أربع نسوة في كلمة واحدة لزمته كفارة واحدة.
وقال الشافعى :
يلزمه أربع كفارات ، وليس في الآية دليل على شيء من ذلك ، لأن لفظ الجمع إنما وقع
في عامّة المؤمنين ، وإنما المعوّل على المعنى ، وهو أنه لفظ يتعلق بالفرج يوجب الكفارة لوجه ، فكانت واحدة. وإن علّقه بعدد ، أصله الإيلاء ، وما أقرب
ما بينهما! وقد حققناه في الإنصاف ، وبينّا أن الموجب لا يتعدد بتعدّد المحل.
المسألة السابعة
عشرة ـ قوله تعالى : (وَإِنَّهُمْ
لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) [فسمّاه منكرا من القول وزورا] ، ثم رتّب عليه حكمه [من الكفارة والتحريم ، وهذا يدلّ على
أنّ الطلاق المحرّم وهو في حال الحيض يترتب عليه حكمه] إذا وقع.
المسألة الثامنة
عشرة ـ قوله : (ثُمَّ يَعُودُونَ
لِما قالُوا).
وهو حرف مشكل. واختلف
الناس فيه قديما وحديثا ، وقد بيناه في ملجئة المتفقهين إلى معرفة غوامض النحويين.
ومحصول الأقوال
سبعة :
أحدها ـ أنه العزم
على الوطء ، وهو مشهور قول العراقيين.
__________________
الثاني ـ أنه
العزم على الإمساك.
الثالث ـ العزم
عليهما ، وهو قول مالك في موطّئه.
الرابع ـ أنه
الوطء نفسه.
الخامس ـ قال
الشافعى : هو أن يمسكها زوجة بعد الظهار مع القدرة على الطلاق.
السادس ـ أنه لا
يستبيح وطؤها إلا بكفارة.
السابع ـ هو تكرير
الظهار بلفظه ، ويسند إلى بكير بن الأشج.
فأما القول بأنه
العود إلى لفظ الظهار ، فهو باطل قطعا ، لا يصحّ عن بكير ، وإنما يشبه أن يكون من
جهالة داود وأشياعه . وقد رويت قصص المتظاهرين ، وليس في ذكر الكفارة عليهم ذكر
لعود القول منهم. وأيضا فإنّ المعنى ينقضه ، لأنّ الله تعالى وصفه بأنه منكر من
القول وزور ، فكيف يقال له إذا أعدت القول المحرم والسبب المحظور وجبت عليك
الكفارة ، وهذا لا يعقل ، ألا ترى أنّ كل سبب يوجب الكفارة لا تشترط فيه الإعادة
من قتل ووطء في صوم ونحوه.
وأما قول الشافعى
بأنه ترك الطلاق مع القدرة عليه فينقضه ثلاثة أمور أمهات :
الأول ـ أنه قال «ثمّ»
، وهذا بظاهره يقتضى التراخي.
الثاني ـ أن قوله
: (ثُمَّ يَعُودُونَ) يقتضى وجود فعل من
جهته ، ومرور الزمان ليس يفعل منه.
الثالث ـ أن
الطلاق الرجعى لا ينافي البقاء على الملك ، فلم يسقط حكم الظهار كالإيلاء.
فإن قيل : فإذا
رآها كالأم لم يمسكها ، إذ لا يصحّ إمساك الأم بالنكاح. وهذه عمدة أهل ما وراء
النهر.
قلنا : إذا عزم
على خلاف ما قال ، ورآها خلاف الأم كفّر ، وعاد إلى أهله.
__________________
وتحقيق هذا القول
أن العزم قول نفسي ، وهذا رجل قال قولا يقتضى التحليل ، وهو النكاح ، وقال قولا
يقتضى التحريم وهو الظهار ، ثم عاد لما قال ، وهو قول التحليل ، فلا يصح أن يكون
منه ابتداء عقد ، لأن العقد باق ، فلم يبق إلا أنه قول عزم يخالف ما اعتقده ،
وقاله في نفسه من الظهار الذي أخبر عنه بقوله : أنت على كظهر أمى.
وإذا كان ذلك كفّر
، وعاد إلى أهله لقوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ
يَتَمَاسَّا) ، وهذا تفسير بالغ في فنّه.
فإن قيل : العزم
على الفعل عزم على محرّم ، فلا أثر له في موافقة المحرم.
قلنا : هذا لا
معنى له ، لأنه إنما يعزم على ما يجوز له بمحلل ، وهو الكفارة.
المسألة التاسعة
عشرة ـ ولا يحل له أن يطأ حتى يكفّر ، فإن وطئ قبل الكفارة لم تتعدّد عليه
الكفارة.
وقال مجاهد : عليه
كفّارتان.
قلنا : أما
الكفارة الواحدة فقرآنية سنّية. وأما الثانية فقول بغير دليل. وقد بيناه في كتاب
الإنصاف ، على أنّ جماعة رووا ـ منهم النسائي واللفظ له عن ابن عباس ـ أنّ رجلا أتى النبىّ صلّى الله عليه
وسلم ، وهو قد ظاهر من امرأته ، فوقع عليها ، فقال : يا رسول الله ، إنى قد ظاهرت
من امرأتى ، فوقعت عليها قبل أن أكفّر. قال : ما حملك على ذلك يرحمك الله! قال :
رأيت خلخالها في ضوء القمر. فقال : لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله.
المسألة الموفية
عشرين ـ إذا طلقها ثلاثا بعد الظهار ، ثم عادت إليه بنكاح جديد لم يطأ حتى يكفّر ،
خلافا للشافعي ، وبناها على ما تقدم في مسألة العود. وقد بيناه ، فلا معنى
لإعادته.
المسألة الحادية
والعشرون ـ إذا ظاهر موقّتا بزمان. قال مالك : يلزمه مؤبدا. وقال الشافعى : يلغو ،
وما أخبر الله عنه في الظهار عموم في المؤقت والمؤبد. وإذا وقع التحريم بالظهار لم يرفعه مرور الزمان ، وإنما ترفعه الكفارة التي جعلها
الله رافعة له. وقد وافقنا على أنه لو طلّق زمانا مؤقتا لزمه الطلاق عاما ، ولا
انفصال له عنه.
__________________
المسألة الثانية
والعشرون ـ وقد تقدم الكلام في ذكر الرقبة ، وأنها السليمة من العيوب ، وفي أنها المؤمنة ليست الكافرة
، وهي :
المسألة الثالثة والعشرون
ـ وانها من لا شائبة
للحرية فيها ، كالكاتبة وأم الولد ، خلافا لأبي حنيفة في الجميع ، وهي :
المسألة الرابعة
والعشرون ـ وقد أجمعنا على أنّ أمّ الولد لا تجزى ، فالمكاتبة مثلها ، لأن [عقد] الحرية قد ثبت لها ، وهي من السيد في حكم الأجنبية ، وقد
بينا ذلك في مسائل الخلاف ، ورجّحنا أنّ المكاتبة أشبه بأم الولد منها بالأمة ،
وكذلك بينا أنه لا بد من اعتبار عدّد المساكين ، خلافا لأبى حنيفة ، وهي :
المسألة الخامسة
والعشرون ـ على ما تقدم.
المسألة السادسة
والعشرون ـ اختلف علماؤنا هل المعتبر في الكفارة حال الوجوب أو حال الأداء؟ فقال
الشافعى : يعتبر حال الأداء في أحد قولين . وقاله مالك في أحد قوليه أيضا. والثاني الاعتبار بحال
الوجوب. والأول أشهر ، وهو قول أبى حنيفة.
وظاهر قول الله
سبحانه : (ثُمَّ يَعُودُونَ
لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) [فيه] يرتبط الوجوب بالعود ، وفيه يرتبط كيفما كانت حالة
الارتباط ، بيد أنه للمسألة حرف جرى في ألسنة علمائنا من غير قصد ، وهو مقصود
المسألة ، وذلك أن المعتبر في الكفارة صفة العبادة أو صفة العقوبة. والشافعى اعتبر
صفة العقوبة ، ونحن اعتبرنا صفة القربة ، وقد بينا ذلك في مسائل الخلاف ، فإذا كان
المعتبر صفة القربة فالقرب إنما يعتبر في حال الإجزاء خاصة بحال الأداء كالطهارة
والصلاة ، والذي يعتبر فيه حالة الوجوب هي الحدود.
فإن قيل : إذا
وجبت الصلاة عليه قائما ، ثم عجز فقعد فيها فهذا من المغاير للقربة في الهيئات ، بخلاف العتق والصوم. فإنهما جنسان ، وعليه
عوّل أبو المعالي.
قلنا : إن كان
العتق والصوم جنسين فإنّ القيام والقعود ضدّان ، فالخروج من جنس إلى جنس أقرب من
العدول من ضد إلى ضد.
__________________
فإن قيل : الطهارة
ليست مقصودة لنفسها ، وإنما تراد للصلاة ، فاعتبر حال فعل الصلاة فيها.
قلنا : وكذلك
الكفارة ليست مقصودة لنفسها ، وإنما تراد لحل المسيس ، فإذا احتيج إلى المسيس
اعتبرت الحالة المذكورة فيها .
المسألة السابعة والعشرون
ـ قد بيّنا في كفارة اليمين أنّ المعتبر الوسط من الإطعام ، وهو مدّ بمدّ النبي
صلّى الله عليه وسلم.
وقال مالك ـ في
رواية ابن القاسم وابن عبد الحكم : مدّ بمدّ هشام ، وهو الشبع هاهنا ، لأن الله
تعالى أطلق الطعام ولم يذكر الوسط.
وقال ـ في رواية
أشهب : مدّان بمد النبي صلّى الله عليه وسلم. قيل له : ألم تكن قلت : مدّ هشام!
قال : بلى ، ومدّان بمدّ النبي صلّى الله عليه وسلم أحبّ إلىّ. وكذلك قال عنه ابن
القاسم أيضا. ومد هشام هو مدّان غير ثلث بمد النبي صلّى الله عليه وسلم.
قال أشهب : قلت له
: أيختلف الشبع عندنا وعندكم؟ قال : نعم. الشبع عندنا مد بمدّ النبي صلّى الله
عليه وسلم ، والشبع عندكم أكثر ، لأنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم دعا لنا بالبركة
دونكم ، وأنتم تأكلون أكثر مما نأكل نحن ، وهذا بيّن جدا.
قال ابن العربي :
وقع الكلام هاهنا كما ترون في مدّ هشام ، وددت أن يهشم الزمان ذكره ، ويمحو من
الكتب رسمه ، فإنّ المدينة التي نزل الوحى بها ، واستقرّ بها الرسول ، ووقع عندهم
الظهار وقيل لهم فيه : (فَإِطْعامُ سِتِّينَ
مِسْكِيناً) ، فهموه وعرفوا المراد به ، وأنه الشبع ، وقدره معروف
عندهم متقدّر لديهم ، فقد كانوا يجوعون لحاجة ويشبعون بسنة لا بشهوة [ومجاعة] ، وقد ورد ذكر الشبع في الأخبار كثيرا ، وقد تكلمنا على
هذه في الأنوار ، واستمرت الحال على ذلك أيام الخلفاء الراشدين المهديين ، حتى نفخ
الشيطان في أذن هشام ، فرأى مدّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم لا يشبعه ، ولا مثله
من حاشيه ونظرائه ، فسوّل له أن يتخذ مدّا يكون فيه شبعه ، فجعله رطلين ، وحمل
__________________
الناس عليه ، فإذا
ابتلّ عاد نحو ثلاثة أرطال ، فغيّر السنة ، وأذهب محل البركة. قال النبي صلّى الله
عليه وسلم حين دعا ربّه لأهل المدينة بالبركة لهم في مدّهم وصاعهم : مثل ما بارك
لإبراهيم بمكة. فكانت البركة تجرى بدعوة النبىّ صلّى الله عليه وسلم في مده ، فسعى
الشيطان في تغيير هذه السنة وإذهاب البركة ، فلم يستجب له في ذلك إلا هشام ، فكان
من حقّ العلماء أن يلغوا ذكره ، ويمحوا رسمه ، إذا لم يغيروا أمره ، وأما أن يحيلوا على ذكره في الأحكام ، ويجعلوه تفسيرا لما ذكره
الله ورسوله بعد أن كان مفسرا عند الصحابة الذين نزل عليهم فخطب جسيم ، ولذلك كانت رواية
أشهب في ذكر مدّين بمد النبي صلّى الله عليه وسلم في كفارة الظهار أحبّ إلينا من
الرواية بأنها بمدّ هشام.
ألا ترى كيف نبّه
مالك على هذا العلم بقوله [لأشهب] : الشبع عندنا بمدّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم ، والشبع
عندكم أكثر ، لأن النبىّ صلّى الله عليه وسلم دعا لنا بالبركة ، وبهذا أقول ، فإن
العبادات إذا أدّيت بالسنة ، فإن كانت في البدن كان أسرع للقبول ، وإن كانت في المال كان قليلها أثقل في الميزان ، وأبرك
في يد الآخذ ، وأطيب في شدقه ، وأقل آفة في بطنه ، وأكثر إقامة لصلبه ، والله الموفّق لا ربّ غيره.
المسألة الثامنة
والعشرون ـ قوله : (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ
مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) يقتضى أن الوطء للزوجة في ليل صوم الظهار يبطل الكفارة ، لأن الله سبحانه شرط في كفارة الظهار فعلها
قبل التماس.
وقال الشافعى :
إنما يكون شرط المسيس في الوطء بالنهار دون الليل. قال : لأن الله تعالى أوجب
الصوم قبل التماس ، فإذا وطئ فيه فقد [تعذّر كونه قبله ، فإذا أتمها كان بعض
الكفارة قبله ، وإذا استأنفها] كان الوطء قبل جميعها ، وامتثال الأمر في بعضها أولى من
تركه في جميعها.
قلنا : هذا كلام
من لم يذق طعم الفقه ، فإن الوطء الواقع في خلال الصوم ليس بالمحل
__________________
المأذون فيه
بالكفارة ، وإنما هو وطء تعدّ ، فلا بد من الامتثال للأمر بصوم لا يكون في
أثنائه وطء.
المسألة التاسعة
والعشرون ـ من غريب الأمر أن أبا حنيفة قال : الحجر على الحرّ باطل ، واحتج بقوله
تعالى : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) ، ولم يفرق بين السفيه والرشيد. وهذا فقه ضعيف لا يناسب
قدره ، فإنّ هذه الآية عامة ، وقد كان القضاء بالحجر في أصحاب رسول الله صلّى الله
عليه وسلم فاشيا ، والنظر يقتضيه. ومن كان عليه حجر لصغر أو لولاية ، وبلغ سفيها قد نهى عن دفع المال إليه فكيف
ينفذ فعله فيه؟ والخاصّ يقضى على العام. وقد بيناه في موضعه.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ
بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما
لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا
اللهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
لا خلاف بين
النّقلة أنّ المراد بهم اليهود ، كانوا يأتون النبىّ صلّى الله عليه وسلم فيقولون
: السام عليك ، يريدون بذلك : السلام ظاهرا ، وهم يعنون الموت باطنا ، فيقول النبي
صلّى الله عليه وسلم : عليكم
[في رواية] ، وفي رواية أخرى : وعليكم بالواو ، وهي مشكلة. وكانوا
يقولون : لو كان محمد نبيا ما أمهلنا الله بسبّه والاستخفاف به ، وجهلوا أنّ
البارئ تعالى حليم لا يعاجل من سبّه ، فكيف من سبّ نبيه.
وقد ثبت أنّ النبي
صلّى الله عليه وسلم قال : لا
أحد أصبر على الأذى من الله تعالى ، يدعون له الصاحبة والولد ، وهو يعافيهم
ويرزقهم.
فأنزل الله هذا
كشفا لسرائرهم ، وفضحا لبواطنهم ، ومعجزة لرسوله.
وقد بينا شرح هذا
في مختصر النّيرين.
وقد ثبت عن قتادة
عن أنس أنّ يهوديا أتى على
النبي صلّى الله عليه وسلم وعلى أصحابه ، فقال : السام عليكم ، [فردّ عليه] فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : أتدرون ما قال هذا؟
__________________
قالوا
: الله ورسوله أعلم. قال : قال كذا ، ردّوه علىّ ، فردّوه. قال : قلت : السام
عليكم؟ فقال : نعم. فقال نبي الله صلّى الله عليه وسلم عند ذلك : إذا سلم عليكم
أهل الكتاب فقولوا : عليك ما قلت. فأنزل الله تعالى : (وَإِذا جاؤُكَ
حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ).
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا
يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ ، وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما
تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ في
تفسير المجلس.
فيه أربعة أقوال :
الأول ـ أنه مجلس
النبي صلّى الله عليه وسلم ، قاله ابن مسعود. وكان قوم إذا أخذوا فيه مقاعدهم
شحّوا على الداخل أن يفسحوا له.
ولقد أخبرنا
القاضي أبو الحسن بن الكرامى بها أخبرنا عبد الرحمن بن عمر ، أخبرنا ابن الأعرابى
، أخبرنا محمد بن بكير الغلابي ، حدثنا العباس بن بكار الضبي ، حدثنا عبد الله ابن
المثنى الأنصارى ، عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس [عن أنس] قال
: بينا رسول الله
صلّى الله عليه وسلم في المسجد ، وقد أطاف به أصحابه إذ أقبل على بن أبى طالب فوقف
وسلم ، ثم نظر مجلسا يشبهه ؛ فنظر رسول الله صلّى الله عليه وسلم في وجوه أصحابه
أيّهم يوسع له ؛ وكان أبو بكر جالسا على يمين النبىّ صلّى الله عليه وسلم ، فتزحزح
له عن مجلسه ، وقال : هاهنا
يا أبا الحسن ، فجلس بين يدي النبىّ صلّى الله عليه وسلم وبين أبى بكر. قال :
فرأينا السرور في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، ثم أقبل على أبى بكر ، فقال
: يا أبا بكر ؛ إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل.
الثاني ـ أنه
المسجد يوم الجمعة.
الثالث ـ أنه مجلس
الذكر.
__________________
الرابع ـ أنه موقف
الصفّ في سبيل الله في القتال.
والصحيح أن الجميع
مراد بذلك ؛ لأن الأمر محتمل له ، والتفسح واجب فيه.
المسألة الثانية ـ
قوله : (انْشُزُوا
فَانْشُزُوا).
فيه أربعة أقوال :
أحدها ـ أنهم
كانوا إذا جلسوا مع النبي صلّى الله عليه وسلم في مجلسه أطالوا ، يرغب كلّ واحد
منهم أن يكون آخر عهده بالنبي صلّى الله عليه وسلم ، فأمرهم الله أن يرتفعوا.
الثاني ـ أنه
الأمر بالارتفاع إلى القتال ؛ قاله الحسن.
الثالث ـ أنه موضع
الصلاة ـ قاله مقاتل بن حيان.
الرابع ـ أنه
الخير كله ، قاله قتادة. وهو الصحيح ، كما بيناه.
المسألة الثالثة ـ
الفسحة كلّ فراغ بين ملأين . والنّشز : ما ارتفع من الأرض. ذكر الأول بلفظه وحقيقته ،
وضرب المثل للثاني في الارتفاع ، فصار مجازا في اللفظ حقيقة في المعنى.
المسألة الرابعة ـ
كيفية التفسح في المجالس مشكلة ، وتفاصيلها كثيرة :
الأول ـ مجلس
النبي صلّى الله عليه وسلم يفسح فيه بالهجرة والعلم والسنّ.
الثاني ـ مجلس
الجمعات يتقدم فيه بالبكور إلا ما يلي الإمام ، فإنه لذوي الأحلام والنّهى.
الثالث ـ مجلس
الذكر يجلس فيه كلّ أحد حيث انتهى به المجلس.
الرابع ـ مجلس
الحرب يتقدم فيه ذوو النّجدة والمراس من الناس.
الخامس ـ مجلس
الرأى والمشاورة يتقدّم فيه من له بصر بالشورى ، وهو داخل في مجلس الذكر ، وذلك
كله يتضمنه قوله : (يَرْفَعِ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) ، فيرتفع المرء بإيمانه أولا ، ثم بعلمه ثانيا.
وفي الصحيح أنّ
عمر بن الخطاب كان يقدّم عبد الله بن عباس على الصحابة ، فكلّموه
__________________
في ذلك ، فدعاهم
ودعاه ، وسألهم عن تفسير (إِذا جاءَ نَصْرُ
اللهِ وَالْفَتْحُ) ، فسكتوا ، فقال ابن عباس : هو أجل رسول الله صلّى الله
عليه وسلم أعلمه الله إياه. فقال عمر : ما أعلم منها إلّا ما تعلم.
وقد قال مالك :
إنّ الآية في مجلس النبي صلّى الله عليه وسلم ومجالسنا هذه ، وإن الآية عامة في كل
مجلس ، رواه عنه ابن القاسم.
وقال يحيى بن يحيى
عنه : إن قوله : (يَرْفَعِ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا) الصحابة (وَالَّذِينَ أُوتُوا
الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) يرفع الله بها العالم والطالب للحق.
والعموم أوقع في
المسألة ، وأولى بمعنى الآية ، والله أعلم.
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ
صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ روى
عن على بن علقمة الأنماري ،
عن على بن أبى طالب ، قال : لما نزلت : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ
نَجْواكُمْ صَدَقَةً) قال لي النبىّ صلّى الله عليه وسلم : دينار ؛ قلت : لا
يطيقونه. قال : نصف دينار. قلت : لا يطيقونه. قال
: فكم؟ قلت : شعيرة. قال : إنك لزهيد. فنزلت : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ
تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ). قال : فبي خفّف الله عن هذه الأمة.
وهذا يدل على
مسألتين حسنتين أصوليتين :
الأولى ـ نسخ
العبادة قبل فعلها.
الثانية ـ النظر
في المقدّرات بالقياس ، خلافاً لأبى حنيفة. وقد بينا ذلك في موضعه.
ومعنى قوله :
شعيرة. يريد وزن شعيرة [من ذهب] . وقد روى [عن] مجاهد أنّ أول من تصدّق في ذلك على بن أبى طالب ، تصدّق
بدينار ، وناجى رسول الله
__________________
صلّى الله عليه
وسلم ، وروى [أنه تصدّق] بخاتم ، وهذا كلّه لا يصحّ. وقد سرد المسألة ـ كما يجب ـ أسلم
في رواية زيد ابنه عنه.
المسألة الثانية ـ
قال : وكان النبىّ صلّى الله عليه وسلم لا يمنع أحدا مناجاته. يريد لا يسأله حاجة
إلّا ناجاه بها من شريف أو دنيء ؛ فكان أحدهم يأتيه فيناجيه ، كانت له حاجة أو لم
تكن ؛ وكانت الأرض كلها حربا على المدينة ، وكان الشيطان يأتى أصحاب النبىّ صلّى
الله عليه وسلم وهم حوله. فيقول له : أتدرون لم ناجى فلان رسول الله صلّى الله
عليه وسلم؟ إنما ناجاه ؛ أنّ جموعا [كثيرة] من بنى فلان وفلان قد خرجوا ليقاتلوكم.
قال : فيحزن ذلك المؤمنين ويشقّ عليهم. وقال المنافقون : إنما محمد أذن سماعة يسمع
من كلّ أحد يناجيه ؛ فأنزل الله عزّ وجلّ : (وَيَقُولُونَ هُوَ
أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ). وقال الله في ذلك : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ
وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ
الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ. إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى
اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) ، فلم ينتهوا عن المناجاة ؛ فأنزل الله عزّ وجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا
ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ، ذلِكَ
خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ) ؛ لينتهى أهل الباطل عن مناجاة رسول الله صلّى الله عليه
وسلم.
وعرف الله أنّ أهل
الباطل لا يقدّمون بين يدي نجواهم صدقة ؛ فانتهى أهل الباطل عن النجوى ، وشقّ ذلك
على أصحاب الحوائج والمؤمنين ، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ،
وقالوا : لا نطيقه ، فخفّف الله ذلك عنهم ونسختها آية : (فَإِذْ لَمْ
تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ).
وهذا الخبر من زيد
يدلّ على أن الأحكام لا تترتب بحسب المصالح ، فإن الله تعالى قال : (ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ) ، [ثم نسخه مع كونه خيرا وأطهر] . وهذا دليل على المعتزلة عظيم في التزام المصالح ، لكن
راوي الحديث عن زيد ابنه عبد الرحمن ـ وقد ضعّفه العلماء. والأمر في قوله : (ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ) نصّ متواتر في الرد على المعتزلة. والله أعلم.
__________________
الآية الخامسة ـ قوله
تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً
يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ
وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ
عَشِيرَتَهُمْ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
روى أنها نزلت في
أبى عبيدة بن الجراح ، كان يوم بدر أبوه الجراح يتصدّى لأبى عبيدة ، فجعل أبو
عبيدة يحيد عنه ، فلما أكثر قصد إليه أبو عبيدة فقتله ، فأنزل الله تعالى حين قتل
أباه : (لا تَجِدُ قَوْماً
يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ
وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ).
المسألة الثانية ـ
روى ابن وهب ، عن مالك : لا تجالس القدرية وعادهم في الله لقول الآية : (لا تَجِدُ قَوْماً
يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ
وَرَسُولَهُ).
قال القاضي : قد
بينا فيما سلف من كلامنا في هذه الأحكام بدائع استنباط مالك من كتاب الله تعالى ،
وقد كان حفيّا بأهل التوحيد غريا بالمبتدعة يأخذ عليهم جانب الحجة من القرآن ، ومن
أجله أخذه لهم من هذه الآية ، فإن القدرية تدّعى أنها تخلق كما يخلق الله ، وأنها
تأتى بما يكره الله ولا يريده ، ولا يقدر على ردّ ذلك.
وقد روى أن
مجوسيّا ناظر قدريّا ، فقال القدري للمجوسي : مالك لا تؤمن؟ فقال له المجوسي : لو
شاء الله لآمنت. قال له القدري : قد شاء الله ، ولكن الشيطان يصدّك.
قال له المجوسي :
فدعني مع أقواهما.
__________________
سورة الحشر
[فيها إحدى عشرة آية]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (هُوَ الَّذِي
أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ
الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ
حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي
قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي
الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ قال
سعيد بن جبير : قلت لابن عباس : سورة الحشر؟ قال : قل سورة النّضير ، وهم رهط من
اليهود من ذرّية هارون عليه السلام ، نزلوا المدينة في فنن بنى إسرائيل انتظارا
لمحمد صلّى الله عليه وسلم ، فكان من أمرهم ما قصّ الله في كتابه.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) فيه ثلاثة أقوال :
الأول ـ جلاء
اليهود.
الثاني ـ إلى
الشام ، لأنها أرض المحشر ، قاله عروة ؛ والحسن.
الثالث ـ قال قتادة : أول الحشر نار تسوق الناس إلى المغارب ، وتأكل من خلف [في
الدنيا] .
ونحوه روى وهب عن
مالك قال : قلت لمالك : هو جلاؤهم عن دارهم؟ فقال لي : الحشر يوم القيامة حشر
اليهود. قال : وإجلاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم اليهود إلى خيبر حين سئلوا عن
ذلك المال فكتموه فاستحلّهم بذلك.
قال ابن العربي :
للحشر أول ووسط وآخر ؛ فالأول إجلاء بنى النضير ، والأوسط إجلاء خيبر ، والآخر حشر
القيامة الذي ذكره مالك وأشار إلى أوله وآخره.
__________________
المسألة الثالثة ـ
في وقتها :
قال الزهري ، عن
عروة : كانت بعد بدر بستة أشهر. وقال ابن إسحاق والواقديّ : كانت بعد أحد ، وبعد
بئر معونة ، وكانت على يدي عمرو بن أمية الضمري ، واختار البخاري أنها قبل أحد.
والصحيح أنها بعد
ذلك ، وقد بينا ذلك في شرح الحديث.
المسألة الرابعة ـ
قوله تعالى : (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ
مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ
يَحْتَسِبُوا).
وثقوا بحصونهم ،
ولم يثقوا بالله لكفرهم ، فيسّر الله منعتهم ، وأباح حوزتهم. والحصن هو العدة
والعصمة. وقد قال بعض العرب :
ولقد علمت على
توقي الردى
|
|
أنّ الحصون
الخيل لا مدن القرى
|
يخرجن من خلل
القتام عوابسا
|
|
كأنامل المقرور
أقعى فاصطلى
|
ولقد أحسن بعض
المتأخرين في إصابة المعنى ، فقال :
وإن باشر
الأصحاب فالبيض والقنا
|
|
قراه وأحواض المنايا مناهله
|
وإن يبن حيطانا
عليه فإنما
|
|
أولئك عقالاته لا معاقله
|
وإلّا فأعلمه
بأنك ساخط
|
|
ودعه فإنّ الخوف
لا شكّ قاتله
|
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَقَذَفَ فِي
قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي
الْمُؤْمِنِينَ فاعْتَبِروا يا أولى الأبصار).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
تعالى : (وَقَذَفَ فِي
قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ).
ثبت في الصحيح أنّ
النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال : نصرت
بالرعب مسيرة شهر ،
فكيف لا ينصر به
مسيرة ميل من المدينة إلى محلة بنى النّضير. وهذه خصيصة لمحمد صلّى الله عليه وسلم
دون غيره.
__________________
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (يُخْرِبُونَ
بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ).
فيه خمسة أقوال :
الأول ـ يخربون
بأيديهم بنقض الموادعة ، وبأيدى المؤمنين بالمقاتلة ؛ قاله الزهري.
الثاني ـ بأيديهم
في تركهم لها ، وبأيدى المؤمنين في إجلائهم عنها ؛ قاله أبو عمرو بن العلاء.
الثالث ـ بأيديهم
داخلها ، وأيدى المؤمنين خارجها ؛ قاله عكرمة.
الرابع ـ كان
المسلمون إذا هدموا بيتا من خارج الحصن هدموا بيوتهم يرمونهم منها.
الخامس ـ كانوا
يحملون ما يعجبهم فذلك خراب أيديهم.
وتحقيق هذه
الأقوال : أنّ التناول للإفساد إذا كان باليد كان حقيقة ، وإن كان بنقض العهد كان
مجازا ، إلا أنّ قول الزهري في المجاز أمثل من قول أبى عمرو بن العلاء.
المسألة الثانية ـ
زعم قوم أنّ من قرأها بالتشديد أراد هدمها ، ومن قرأها بالتخفيف أراد جلاءهم منها
؛ وهذه دعوى لا يعضدها لغة ولا حقيقة ، والتضعيف بديل الهمزة في الأفعال.
المسألة الرابعة ـ
قوله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا يا
أُولِي الْأَبْصارِ).
وهي كلمة أصولية
قد بيناها في موضعها ، ومن وجوه الاعتبار أنهم اعتصموا بالحصون دون الله عزّ وجل ،
فأنزلهم الله منها . ومن وجوهه أنه سلّط عليهم من كان يرجوهم ، ومن وجوهه أنهم هدموا أموالهم بأيديهم. ومن لم يعتبر بغيره اعتبر
بنفسه. ومن الأمثال الصحيحة : السعيد من وعظ بغيره.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ
شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ
الْعِقابِ).
فيها مسألة واحدة.
يعنى نقضوا العهد.
وتحقيقه أنهم صاروا
في شق ، أى جهة ، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم في أخرى ، وذكر الله مع رسوله
تشريف له ، وكان نقضهم العهد لخبر ، رواه جماعة ، منهم ابن القاسم ،
__________________
عن مالك ، قال :
جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم النّضير يستعينهم في دية ، فقعد في ظل جدار ،
فأرادوا أن يلقوا عليه رحى ، فأخبره الله عز وجل بذلك ، فقام وانصرف ، وبذلك
استحلّهم وأجلاهم إلى خيبر ، وصفيّة منهم سباها رسول الله صلّى الله عليه وسلم
[بخيبر. قال : فرجع إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأجلاهم] على أنّ لهم ما حملت الإبل من أموالهم ، والصّفراء ،
والبيضاء ، والحلقة ، والدنان ، ومسك الجمل.
فالصفراء والبيضاء
: الذهب والفضة. والحلقة : السلاح. والدنان : الفخّار. ومسك الجمل : جلود يستقى
فيها الماء بشعرها.
فقال لهم رسول
الله صلّى الله عليه وسلم ـ
حين رجع إليهم : يا أخا بث خلق الله ، يا إخوة الخنازير والقردة. قال ابن وهب : قال مالك : فقالوا : مه يا أبا القاسم ، فما
كنت فحّاشا. وهذا دليل على أن إضمار الخيانة نقض للعهد ، لأنه انعقد قولا [فينتقض
قولا] ، والعقد إذا ارتبط بالقول انتقض بالقول وبالفعل ، وإذا ارتبط بالفعل لم
ينتقض إلا بالفعل ، كالنكاح يرتبط بالقول وينحلّ بالقول ، وهو الطلاق ، وبالفعل ،
وهو الرضاع. وعتق المديان ينعقد بالقول ، وينقضه الحاكم إذا لم يكن له مال سواه ، والاستيلاد لا ينقضه القول ، وقد بينا في سورة الأنفال كيفية نقض
العهد.
فإن قيل : فإذا
تحقق نقض العهد فلم بعث إليهم اخرجوا من بلادي؟ ولم لم يأخذهم قبل ذلك؟
قلنا : قد قال
تعالى : (وَإِمَّا تَخافَنَّ
مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ).
فإن قيل : هذا ما
خافه ، وإنما تحقق بخبر الله عنه. قلنا : الخوف هاهنا الوقوع ، وإلا فمجرد
الخوف موجود من كل عاقد.
وقد يحتمل أن يكون
النبىّ صلّى الله عليه وسلم إنما أرسل إليهم لأنه علم ذلك وحده ، فأراد أن يكون
أمرا مشهورا ، وساقه الله إلى ما كتب من الجلاء.
__________________
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ
لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ
وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
ثبت في الصحيح أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم حرق نخل
بنى النضير ، وقطع ، وهي البويرة
، ولها يقول حسان
بن ثابت :
لهان على سراة
بنى لؤىّ
|
|
حريق بالبويرة
مستطير
|
فأنزل الله تعالى
: (ما قَطَعْتُمْ مِنْ
لِينَةٍ ...) الآية.
المسألة الثانية ـ
اختلفت الناس في تخريب دار العدوّ وحرقها وقطع ثمارها على قولين:
الأول ـ أن ذلك
جائز ، قاله في المدوّنة.
الثاني ـ إن علم
المسلمون أن ذلك لهم لم يفعلوا ، وإن ييأسوا فعلوا ، قاله مالك في الواضحة وعليه
تناظر الشافعية ، والصحيح الأول.
وقد علم رسول الله
صلّى الله عليه وسلم أنّ نخل بنى النّضير له ، ولكنه قطع وحرق ليكون ذلك نكاية لهم
ووهنا فيهم ، حتى يخرجوا عنها ، فإتلاف بعض المال لصلاح باقيه مصلحة جائزة شرعا
مقصودة عقلا.
المسألة الثالثة ـ
اختلف الناس في النوع الذي قطع ، وهو اللّينة ، على سبعة أقوال :
الأول ـ أنه النخل
كله ، إلا العجوة ، قاله الزهري ، ومالك ، وعكرمة ، والخليل الثاني ـ أنه النخل
كله ، قاله الحسن.
الثالث ـ أنه
كرائم النخل ، قاله ابن شعبان.
الرابع ـ أنه
العجوة خاصة ، قاله جعفر بن محمد.
الخامس ـ أنها
النخل الصغار ، وهي أفضلها.
__________________
السادس ـ أنها
الأشجار كلها.
السابع ـ أنها
الدّقل ، قاله الأصمعى. قال : وأهل المدينة يقولون : لا ننحى الموائد حتى نجد الألوان ـ يعنون الدّقل.
والصحيح ما قاله
الزهري ومالك لوجهين :
أحدهما ـ أنهما
أعرف ببلدهما وثمارها وأشجارها.
الثاني ـ أنّ
الاشتقاق يعضده ، وأهل اللغة يصححونه ، قالوا : اللينة وزنها لونة ، واعتلت على
أصلهم. [فآلت إلى لينة] ، فهو لون ، فإذا دخلت الهاء كسر أولها ، كبرك الصدر ـ بفتح
الباء ، وبركة ـ بكسرها لأجل الهاء.
المسألة الرابعة ـ
متى كان القطع ، فأكثر المفسرين على أنها نخل بنى النّضير ، ورواه ابن القاسم عن
مالك أنها نخل بنى النضير وبنى قريظة ، وهذا إنما يصح ـ والله أعلم ـ على أنّ
الإذن والجواز في بنى النّضير [تضمن بنى قريظة ، إذ لا خلاف أن الآية نزلت في بنى
النّضير] قبل قريظة بمدة كبيرة.
المسألة الخامسة ـ
تأسفت اليهود على النخل المقطوعة ، وقالوا : ينهى محمد عن الفساد ويفعله!
وروى أنه كان بعض
الناس يقطع ، وبعضهم لا يقطع ، فصوّب الله الفريقين ، وخلص الطائفتين فظنّ عند ذلك
بعض الناس أن كل مجتهد مصيب يخرج من ذلك وهذا باطل ، لأنّ رسول الله صلّى الله
عليه وسلم كان معهم ، ولا اجتهاد مع حضور رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وإنما
يدلّ على اجتهاد النبىّ صلّى الله عليه وسلم فيما لم ينزل عليه أخذا بعموم الإذاية
للكفار ، ودخولا في الإذن للكلّ بما يقضى عليهم بالاجتياح والبوار ، وذلك قوله : (وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ).
الآية الخامسة ـ قوله
تعالى : (وَما أَفاءَ اللهُ
عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ
وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ).
__________________
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ (ما أَفاءَ اللهُ) يريد ما ردّ الله. وحقيقة ذلك أنّ الأموال في الأرض
للمؤمنين حقّا ، فيستولى عليها الكفار من الله بالذنوب عدلا ، فإذا رحم الله
المؤمنين وردّها عليهم من أيديهم رجعت في طريقها ذلك ، فكان ذلك فيئا.
المسألة الثانية ـ
قوله : (فَما أَوْجَفْتُمْ
عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ).
الإيجاف : ضرب من
السير. والركاب : اسم للإبل خاصة عرفا لغويا. وإن كان ذلك مشتقّا من الركوب ،
ويشترك غيرها معها فيها ، ولكن للعرف احتكام في اختصاص بعض المشركات بالاسم المشترك.
المسألة الثالثة ـ
قوله تعالى : (وَلكِنَّ اللهَ
يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) ...
المعنى أنّ هذه
الأموال وإن كانت فيئا فإنّ الله تعالى خصّها لرسوله ، لأنّ رجوعها كان برعب ألقى في قلوبهم ، دون عمل من الناس ، فإنهم لم يتكلفوا سفرا ،
ولا تجشّموا رحلة ، ولا صاروا عن حالة إلى غيرها ، ولا أنفقوا مالا ، فأعلم الله
أن ذلك موجب لاختصاص رسوله بذلك الفيء ، وأفاد البيان بأنّ ذلك العمل اليسير من
الناس في محاصرتهم لغو لا يقع الاعتداد به في استحقاق سهم ، فكان النبي صلّى الله
عليه وسلم مخصوصا بها.
روى ابن شهاب ، عن
مالك بن أوس بن الحدثان النضري ـ أنّ
عليا والعباس لما طلبا عمر بما كان في يد النبي صلّى الله عليه وسلم من المال ،
وذلك بحضرة عثمان ، وعبد الرحمن بن عوف ، والزّبير ، وسعد ، قال لهم عمر : أحدّثكم
عن هذا الأمر أنّ الله قد خصّ رسوله صلّى الله عليه وسلم من هذا الفيء بسهم لم
يعطه أحدا غيره ، وقرأ : (وَما أَفاءَ اللهُ
عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ
وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ)
، فكانت هذه خالصة
لرسوله صلّى الله عليه وسلم ، وإنّ الله اختارها ، والله ما احتازها
__________________
دونكم ولا استأثر
بها عليكم ... وذكر باقى الحديث ؛ فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يبثها ، وإن
كان الله خصّه بها.
وقد روى أنه
أعطاها المهاجرين خاصة ، ومن الأنصار لأبى دجانة سماك بن خرشة ، وسهل بن حنيف ، [والحارث
بن الصمة] لحاجة كانت بهم ، وفي آثار كثيرة بيناها في شرح الصحيحين.
المسألة الرابعة ـ
تمام الكلام. فلا حقّ لكم فيه ولا حجة لكم عليه ، وحذفت اختصارا لدلالة الكلام
عليه.
الآية السادسة ـ قوله
تعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى
رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى
وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ
الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ
فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ لا
خلاف أن الآية الأولى لرسول الله صلّى الله عليه وسلم خاصة ، وهذه الآية اختلف
الناس فيها على أربعة أقوال :
الأول ـ أنها هذه
القرى التي قوتلت ، فأفاء الله بمالها ، فهي لله وللرسول ولذي القربى واليتامى
والمساكين وابن السبيل ، قاله عكرمة وغيره. ثم نسخ ذلك في سورة الأنفال.
الثاني ـ هو ما
غنمتم بصلح من غير إيجاف خيل ولا ركاب ، فيكون لمن سمّى الله فيه ، والأولى للنبي
صلّى الله عليه وسلم خاصة ، إذا أخذ منه حاجته كان الباقي في مصالح المسلمين.
الثالث ـ قال معمر
: الأولى للنبي صلّى الله عليه وسلم ، والثانية في الجزية والخراج للأصناف
المذكورة فيه ، والثالثة الغنيمة في سورة الأنفال للغانمين.
الرابع ـ روى ابن
القاسم وابن وهب في قوله تعالى : (فَما أَوْجَفْتُمْ
عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا
__________________
رِكابٍ)
هي النّضير ، لم
يكن فيها خمس ، ولم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، كانت صافية لرسول الله صلّى الله
عليه وسلم فقسّمها بين المهاجرين وثلاثة من الأنصار : أبى دجانة سماك بن خرشة ،
وسهل بن حنيف ، والحارث بن الصمة. وقوله تعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى
رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) هي قريظة ، وكانت قريظة والخندق في يوم واحد.
المسألة الثانية ـ
هذا لباب الأقوال الواردة ، وتحقيقها أنه لا خلاف أن السورة سورة النّضير. وأن الآيات الواردة فيها آيات بنى النّضير وإن كان قد دخل فيها
بالعموم من قال بقولهم وفعل فعلهم ، وفيها آيتان : الآية الأولى ـ قوله تعالى : (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ
وَلا رِكابٍ). والثانية قوله تعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى
رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى). وفي الأنفال آية ثالثة وهي : (وَاعْلَمُوا أَنَّما
غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ........).
واختلف الناس : هل
هي ثلاثة معان أو معنيان؟ ولا إشكال في أنها ثلاثة معان في ثلاث آيات : أما الآية
الأولى فهي قوله : (هُوَ الَّذِي
أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ
الْحَشْرِ). ثم قال : (وَما أَفاءَ اللهُ
عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ) ، يعنى من أهل الكتاب معطوفا عليه (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ
وَلا رِكابٍ) ، يريد ـ كما بينا ـ فلا حقّ لكم فيه ، ولذلك قال عمر :
إنها كانت خالصة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ـ يعنى بنى النّضير ، وما كان
مثلها ، فهذه آية واحدة ومعنى متّحد.
الآية السادسة ـ قوله
تعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى
رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى).
وهذا كلام مبتدأ
غير الأول لمستحقّ غير الأول ، وسمّى الآية الثالثة آية الغنيمة ، ولا شك في أنه
معنى آخر باستحقاق ثان لمستحقّ آخر ، بيد أن الآية الأولى والثانية اشتركتا في أن
كلّ واحدة منهما تضمنت شيئا أفاءه الله على رسوله ، واقتضت الآية الأولى أنه حاصل
بغير قتال ، واقتضت آية الأنفال أنه حاصل بقتال ، وعريت الآية الثالثة وهي قوله : (ما أَفاءَ اللهُ
__________________
عَلى
رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) عن ذكر حصوله لقتال أو لغير قتال ، فنشأ الخلاف من هاهنا ،
فمن طائفة قالت : هي ملحقة بالأولى ، وهو مال الصلح كله ونحوه. ومن طائفة قالت :
هي ملحقة بالثانية ، وهي آية الأنفال.
والذين قالوا :
إنها ملحقة بآية الأنفال اختلفوا : هل هي منسوخة كما تقدم أو محكمة؟ وإلحاقها
بشهادة الله بالأولى أولى ، لأن فيه تجديد فائدة ومعنى. ومعلوم أنّ حمل الحرب على
فائدة مجددة أولى من حمله على فائدة معادة. وهذا القول ينظم لك شتات الرأى ، ويحكم
المعنى من كل وجه ، وإذ انتهى الكلام إلى هذا القدر فيقول مالك : إن الآية الثانية
في بنى قريظة إشارة إلى أنّ معناها يعود إلى آية الأنفال ويلحقها النسخ ، وهو أقوى
من القول بالإحكام ، ونحن لا نختار إلا ما قسمنا وبينا أن الآية الثانية لها معنى
مجدّد حسبما دلّلنا عليه. والله أعلم.
الآية السابعة ـ قوله
تعالى : (وَما آتاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ في
المعنى. وفيه ثلاثة أقوال :
الأول ـ معناها ما
أعطاكم من الفيء ، وما منعكم منه فلا تطلبوه.
الثاني ـ ما آتاكم
الرسول من مال الغنيمة فخذوه وما نهاكم عنه من الغلول فلا تأتوه.
الثالث ـ ما أمركم
به من طاعتي فافعلوه وما نهاكم عنه من معصيتي فاجتنبوه. وهذا أصح الأقوال ، لأنه
لعمومه تناول الكلّ ، وهو صحيح فيه مراد به.
المسألة الثانية ـ
وقع القول هاهنا مطلقا بذلك ، وقيّده النبىّ صلّى الله عليه وسلم بقوله : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ،
وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه
. وقد بينا تحقيق
ذلك من قبل.
المسألة الثالثة ـ
إذا أمر النبىّ بأمر كان شرعا ، وإذا نهى عن شيء لم يكن شرعا ،
__________________
ولذلك قال : من عمل عملا لم يكن عليه أمرنا فهو ردّ. وقال في حديث العسيف الذي افتدى من الجلد بمائة شاة ووليدة : أمّا غنمك فردّ
عليك وجلد ابنك مائة وتغريبه عاما.
وترددت هاهنا
مسألة عظمى بين العلماء ، وهي ما إذا اجتمع في عقد أمر ونهى وازدحم عليه صحيح
وفاسد ، فقال جماعة من العلماء : لا يجوز ، ويفسخ بكل حال. وقال علماؤنا : ذلك
يختلف ، أما في البيع فلا يجوز إجماعا ، وأما في النكاح فلا ، واختلفوا فيه على ما
بيناه في مسائل الفقه. وأما في الأحباس والهبات فيحتمل كثيرا من الجهالة والأخطار
المنهي عنها فيها ، حتى قال أصبغ : إنّ ما لا يجوز إذا دخل في الصلح مع ما يجوز
مضى الكلّ. وقال ابن الماجشون : يمضى إن طال. وقال سائر علمائنا : لا يجوز شيء منه
، وهو كالبيع.
وأما إن وقع النهى
في البيع فقال كثير من العلماء : يفسخ أبدا. وقال مالك : يفسخ ما لم يفت ، في
تفصيل طويل بيانه في أصول الفقه تأصيلا ، وفي فروع مسائل الفقه تفصيلا بنيناه على
تعارض الأدلّة في الحظر والإباحة ، والمعنى والرد.
والصحيح عندنا فسخ
الفاسد أبدا حيثما وقع ، وكيفما وجد ، فات أو لم يفت ، لقوله عليه السلام : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ.
المسألة الرابعة ـ
قوله : (وَما آتاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) وإن جاء بلفظ الإيتاء وهي المناولة فإنّ معناه الأمر ،
بدليل قوله : (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ
فَانْتَهُوا) فقابله بالنهى ، ولا يقابل النهى إلا الأمر ، والدليل على
فهم ذلك ما ثبت في الصحيح ، عن علقمة ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلّى
الله عليه وسلم :
لعن الله الواشمات
، والمستوشمات ، والمتنمّصات ، والمتفلّجات للحسن ، المغيّرات لخلق الله. فبلغ ذلك امرأة من بنى أسد
يقال لها أم يعقوب ، فجاءت فقالت : [إنه بلغني] أنك لعنت كيت وكيت؟ فقال : ومالي لا ألعن من لعن رسول الله
صلّى الله عليه وسلم ، وهو في كتاب الله! فقالت : لقد قرأت ما بين اللّوحين
__________________
فما وجدت فيه ما
تقول : قال : لئن كنت قرأته لقد وجدته ، أما قرأت : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ
فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا). قالت
: بلى. قال : فإنه قد نهى عنه ـ وذكر الحديث.
الآية الثامنة ـ قوله
تعالى : (وَالَّذِينَ
تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ
إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ
عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ
فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
فيها سبع مسائل :
المسألة الأولى ـ قال
الخلق بأجمعهم : يريد بذلك الأنصار الذين آووا رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين
طرد ، ونصروه حين خذل ، فلا مثل لهم ولا لأجرهم.
المسألة الثانية ـ
قال ابن وهب : سمعت مالكا وهو يذكر فضل المدينة على غيرها من الآفاق ـ فقال : إن
المدينة تبوّئت بالإيمان والهجرة ، وإنّ غيرها من القرى افتتحت بالسيف ، ثم قرأ
الآية : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا
الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ...)
الآية. وقد بيّنا
فضل المدينة على كل بقعة في كتاب الإنصاف ، ولا معنى لإعادته ، بيد أن القارئ ربما
تعلقت نفسه بنكتة كافية في ذلك مغنية عن التطويل ، فيقال له : إن أردت الوقوف على
الحقيقة في ذلك فاتل مناقب مكة إلى آخرها ، فإذا استوفيتها قل : إن النبي صلّى
الله عليه وسلم قال في الصحيح : اللهم
إنّ إبراهيم حرّم مكة ، وأنا أحرّم المدينة بمثل ما حرم به إبراهيم مكة ، ومثله معه ، فقد جعل حرمة المدينة ضعفى حرمة مكة.
وقال عمر في وصيته
: أوصى الخليفة بالمهاجرين والأنصار الأولين أن يعرف لهم حقّهم. وأوصى الخليفة بالأنصار الذين تبوّءوا
الدار والإيمان من قبل أن يهاجر [النبي صلّى الله عليه وسلم أن يقبل من محسنهم
ويتجاوز عن مسيئهم] .
المسألة الثالثة ـ
قوله تعالى : (وَلا يَجِدُونَ فِي
صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا) ، يعنى لا يحسدون المهاجرين على ما خصّوا من مال الفيء
وغيره ـ كذا قال الناس.
ويحتمل أن يريد به
: ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا إذا كان قليلا ، بل يقنعون به ، ويرضون عنه.
وقد كانوا على هذه الحال حين حياة النبي صلّى الله عليه وسلم
__________________
[دنيا ، ثم كانوا
عليه بعد موته صلّى الله عليه وسلم ، وقد أنذرهم النبي صلّى الله عليه وسلم] وقال : سترون بعدي أثرة ، فاصبروا حتى تلقوني
على الحوض.
المسألة الرابعة ـ
قوله تعالى : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى
أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ).
في الصحيح ، عن
أبى هريرة وغيره ـ أن رجلا من الأنصار نزل به ضيف فلم يكن عنده إلا قوته وقوت
صبيانه ، فقال لامرأته : نوّمى الصبية ، وأطفئي السراج ، وقرّبى للضيف ما عندك ،
فنزلت هذه الآية : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى
أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ). مختصر ، وتمامه ما روى في الصحيح ، عن أبى هريرة ، قال : أتى رجل رسول الله صلّى الله عليه وسلم
، فقال : يا رسول الله ، أصابنى الجهد ، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئا ،
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : ألا رجل يضيفه الليلة رحمه الله.
فقام
رجل من الأنصار فقال : أنا يا رسول الله ، فذهب إلى أهله فقال لامرأته : ضيف رسول
الله صلّى الله عليه وسلم : لا تدّخرى عنه شيئا. فقالت : والله ما عندي سوى قوت
الصبية.
قال
: فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالى فأطفئى السراج ونطوى [بطوننا] الليلة ، ففعلت.
ثم
غدا الرجل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال : لقد عجب الله ـ أو ضحك الله ـ
من فلان وفلانة ، وأنزل : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى
أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ).
وروى أن النّضير
لما افتتحت أرسل إلى ثابت بن قيس فقال : جئني بقومك. [قال:] الخزرج. [قال] : الأنصار ، فدعاهم.
[وقد كانوا واسوا
المهاجرين بديارهم وأموالهم] ، فقال لهم : إن شئتم أشركتكم فيها مع المهاجرين ، وإن
شئتم خصصتهم بها ، وكانت لكم أموالكم ودياركم ، فقال له السعدان : بل
نخصهم بها ويبقون على مواساتنا لهم ، فنزلت الآية. والأول أصحّ.
__________________
وفي الصحيح عن أنس
: كان الرجل يجعل للنبي صلّى الله عليه وسلم النخلات حتى افتتح قريظة والنّضير ،
فكان بعد ذلك يردّ عليهم.
المسألة الخامسة ـ
الإيثار بالنفس فوق الإيثار بالمال ، وإن عاد إلى النفس. ومن الأمثال السائرة :
والجود بالنفس أقصى غاية الجود. ومن عبارات الصوفية في حدّ المحبة إنها الإيثار ، ألا ترى أن امرأة العزيز لما تناهت في حبّها ليوسف عليه
السلام آثرته على نفسها بالتبرئة ، فقالت : (أَنَا راوَدْتُهُ
عَنْ نَفْسِهِ).
وأفضل الجود
بالنفس الجود على حماية رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، ففي الصحيح أنّ أبا طلحة ترّس على النبي صلّى الله
عليه وسلم يوم أحد ، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يتطلع فيرى القوم ، فيقول له أبو طلحة : لا تشرف يا رسول الله ، لا
يصيبونك ، نحرى دون نحرك. ووقى بيده رسول الله صلّى الله عليه وسلم فشلّت.
المسألة السادسة ـ
الإيثار هو تقديم الغير على النفس في حظوظها الدنياوية رغبة في الحظوظ الدينية ،
وذلك ينشأ عن قوّة النفس ، وو كيد المحبة ، والصبر على المشقة ؛ وذلك يختلف
باختلاف أحوال المؤثرين ، كما روى في الآثار
أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قبل من أبى بكر ماله ومن عمر نصف ماله ، وردّ أبا
لبابة وكعبا إلى الثلث ، لقصورهما عن درجتي أبى بكر وعمر ؛ إذ لا خير له في أن يتصدّق ثم يندم ، فيحبط
أجره ندمه.
المسألة السابعة ـ
قوله : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ
نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) :
اختلف الناس في
الشحّ والبخل على قولين :
فمنهم من قال :
إنهما بمعنى واحد.
ومنهم من قال :
لهما معنيان : فالبخل منع الواجب لقوله عليه السلام : مثل البخيل
__________________
والمتصدق
كمثل رجلين عليهما جبّتان من حديد ، فإذا أراد البخيل أن يتصدق لزمت كل حلقة مكانها
فيوسعها فلا تتبع. والشحّ منع الذي لم يجد ، بدليل هذه الآية والحديث ؛ فذكر الله
أن ذلك من ذهاب الشحّ ؛ وهذا لا يلزم ؛ فإن كل حرف يفسر على معنيين أو معنى يعبر
عنه بحرفين يجوز أن يكون كلّ واحد يوضع موضع صاحبه جمعا أو فرقا ، وذلك كثير في
اللغة ، ولم يقم هاهنا دليل على الفرق بينهما.
الآية التاسعة ـ قوله
تعالى : (وَالَّذِينَ جاؤُ
مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ
سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا
رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في
تعيين هؤلاء ، وفي ذلك قولان :
أحدهما ـ أنهم أهل
الإسلام غير ذين من سائر القبائل والأمم من الصحابة.
الثاني ـ أنهم
التابعون بعد قرن الصحابة إلى يوم القيامة. وهو اختيار جماعة ، منهم مالك بن أنس ـ
رواه عنه سوار بن عبد الله وأشهب وغيرهما ؛ قالوا : قال مالك : من سبّ أصحاب رسول
الله صلّى الله عليه وسلم فلا حقّ له في الفيء. قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ
يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا
بِالْإِيمانِ).
المسألة الثانية ـ
في تحقيق القول :
هذه نازلة اختلف
الصحابة فيها قديما ، وذلك أن الله تعالى لما افتتح الفتوح على عمر اجتمع إليه من شهد الوقعة واستحقّ بكتاب
الله الغنيمة ، فسألوه القسمة ، فامتنع عمر منها ، فألحّوا عليه ، حتى دعا عليهم ، فقال
: اللهم اكفنيهم. فما حال الحول إلّا وقد ماتوا.
__________________
وقال عمر : لو لا
أن أترك آخر الناس ببّانا ما تركت قرية افتتحت إلّا قسمتها ، بين أهلها.
ورأى الشافعىّ
القسمة كما قسم النبي صلّى الله عليه وسلم خيبر ، ورأى مالك أقوالا أمثلها أن
يجتهد الوالي فيها. وقد بينا ذلك في شرح الحديث ، وأوضحنا أنّ الصحيح قسمة المنقول
وإبقاء العقار والأرض سهلا بين المسلمين أجمعين ، إلّا أن يجتهد الوالي فينفذ أمرا ،
فيمضى عمله فيه لاختلاف الناس عليه. وإنّ هذه الآية قاضية بذلك ؛ لأنّ الله تعالى
أخبر عن الفيء ، وجعله لثلاث طوائف : المهاجرين ، والأنصار وهم معلومون ، والذين
جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ؛ فهي عامة
في جميع التابعين والآتين بعدهم إلى يوم الدّين ، ولا وجه لتخصيصها ببعض
مقتضياتها.
وفي الصحيح أن النبي صلّى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة وقال :
السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. وددت أنى رأيت إخواننا. فقالوا : يا رسول الله ؛ ألسنا بإخوانك!
فقال : بل أنتم أصحابى ، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد ، وأنا فرطهم على الحوض.
فبين النبىّ صلّى
الله عليه وسلم أنّ إخوانهم كلّ من يأتى بعدهم. وهذا تفسير صحيح ظاهر في المراد لا
غبار عليه.
الآية العاشرة ـ قوله
تعالى : (لا يُقاتِلُونَكُمْ
جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ
بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ
قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ).
__________________
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في
المراد بها ، فقيل : إنهم اليهود ، وقيل : هم المنافقون ، وهو الأصح لوجهين :
أحدهما ـ أن
الآيات مبتدأة بذكرهم ، قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ
الْكِتابِ) ـ إلى قوله : (الظَّالِمِينَ).
وعد عبد الله بن
أبى اليهود بالنّصر ، وضمن لهم أنّ بقاءه ببقائهم وخروجه بخروجهم ، فلم يكن ذلك
ولا وفي به ، بل أسلمهم وتبرّأ منهم ، فكان كما قال تعالى : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ
إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ ، فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ
إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) ، فغرّ أوّلا ، وكذب آخرا.
الثاني ـ أن
اليهود والمنافقين كانت قلوبهم واحدة على معاداة النبي صلّى الله عليه وسلم ، ولم
تكن لإحداهما فئة تخالف الأخرى في ذلك.
والشتى هي
المتفرقة ، قال الشاعر :
إلى الله أشكو
نيّة شقّت العصا
|
|
هي اليوم شتّى
وهي بالأمس جمّع
|
المسألة الثانية ـ
تعلّق بعض علمائنا من هذه الآية في منع صلاة المفترض خلف المتنفّل حسبما بيناه في
مسائل الخلاف ، لأنهم مجمعون على صورة التكبير والأفعال ، وهم مختلفون في النية.
وقد ذمّ الله [ذلك] فيمن فعل ذلك ، فيشمله هذا اللفظ ، ويناله هذا الظاهر.
وهذا كان يكون
حسنا ، بيد أنه يقطع به اتفاق الأمة على جواز صلاة المتنفل خلف المفترض ، والصورة في اختلاف النية واتفاق الفعل والقول فيهما واحد ، فإذا خرجت هذه الصورة عن عموم الآية تبيّن أنها مخصوصة
في الطاعات ، وأنها محمولة على ما كان من اختلاف المنافقين في الإذاية للدّين
ومعاداة الرسول صلّى الله عليه وسلم.
__________________
الآية الحادية
عشرة ـ قوله تعالى : (لا يَسْتَوِي
أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ).
تعلق بعض علمائنا
بظاهر هذه الآية في نفى المساواة بين المؤمن والكافر في القصاص لأجل عموم نفى
المساواة. وقد تقدم بيان ذلك في سورة السجدة ، وحقّقنا في أصول الفقه اختلاف
العلماء في التعلق بمثل هذا العموم ، لأنه لم يخرج مخرج التعميم. والدليل عليه ما
عقب الآية به من قوله : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ
هُمُ الْفائِزُونَ) ، يعنى وأصحاب النار هم الهالكون ، ففي هذا القدر انتفت
التسوية. ومنهم من قال : خصوص آخرها لا يمنع من عموم أولها ، وذلك محقق هنالك.
__________________
سورة الممتحنة
[فيها سبع آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ
إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ).
فيها ثمان مسائل :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
روى في الصحيح
واللفظ في البخاري أنّ أبا عبد الرحمن السلمى ـ وكان عثمانيا ـ قال لابن عطية
ـ وكان علويا : قد علمت ما جرّأ صاحبك على الدماء ، سمعته يقول : بعثني النبىّ
صلّى الله عليه وسلم والزبير فقال : ائتوا روضة خاخ : وتجدون بها امرأة أعطاها حاطب كتابا ، فأتينا الرّوضة ،
فقلنا : الكتاب؟ فقالت : لم يعطني شيئا ، فقلنا : لتخرجنّ الكتاب أو لنجردنّك.
فأخرجته من حجزتها ، أو قال : من عقاصها.
فأرسل
[رسول الله] إلى حاطب فقال : لا تعجل ، فو الله ما كفرت وما ازددت للإسلام إلا حبّا ، ولم يكن أحد من أصحابك إلّا وله بمكة
من يدفع الله به عن أهله وماله ، ولم يكن لي أحد ، فأحببت أن أتّخذ عندهم يدا ،
فصدّقه النبي صلّى الله عليه وسلم ، فقال عمر : دعني
أضرب عنقه ؛ فإنه قد نافق ، فقال له : ما يدريك! لعل الله قد اطّلع على أهل بدر ،
فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. فهذا الذي جرأه ، ونزلت : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ ...) الآية إلى : (غَفُورٌ رَحِيمٌ) .
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ) قد بينا العداوة والولاية وأنّ مآلهما إلى القرب والبعد في
الثواب والعقاب في كتاب الأمد الأقصى.
__________________
المسألة الثالثة ـ
قوله تعالى : (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ
بِالْمَوَدَّةِ) ، يعنى في الظاهر ، لأن قلب حاطب كان سليما بالتوحيد ،
بدليل أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال لهم : أمّا
صاحبكم فقد صدق.
وهذا نصّ في سلامة
فؤاده وخلوص اعتقاده.
المسألة الرابعة ـ
من كثر تطلّعه على عورات المسلمين ، وينبه عليهم ، ويعرف عدوهم بأخبارهم لم يكن
بذلك كافرا إذا كان فعله لغرض دنياوي ، واعتقاده على ذلك سليم ، كما فعل حاطب بن
أبى بلتعة حين قصد بذلك اتخاذ اليد ولم ينو الردّة عن الدين.
المسألة الخامسة ـ
إذا قلنا : إنه لا يكون به كافرا [فاختلف الناس] فهل يقتل به حدّا أم لا؟ فقال مالك ، وابن القاسم ، وأشهب
: يجتهد فيه الإمام. وقال عبد الملك : إذا كانت تلك عادته قتل لأنه جاسوس. وقد قال
مالك : يقتل الجاسوس ، وهو صحيح لإضراره بالمسلمين وسعيه بالفساد في الأرض.
فإن قيل ـ وهي :
المسألة السادسة ـ
هل يقتل كما قال عمر من غير تفصيل ، ولم يردّ عليه النبي صلّى الله عليه وسلم إلا بأنه من أهل بدر
؛ وهذا يقتضى أن يمنع منه وحده ، ويبقى قتل غيره حكما شرعيا ، فهمّ عمر به بعلم النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يردّ عليه [السلام] إلا بالعلة التي خصّصها بحاطب.
قلنا : إنما قال
عمر : إنه يقتل لعلة أنه منافق ، فأخبر النبي صلّى الله عليه وسلم أنه ليس بمنافق
فإنما يوجب عمر قتل من نافق ، ونحن لا نتحقق نفاق فاعل مثل هذا ، لاحتمال
أن يكون نافق ، واحتمال أن يكون قصد بذلك منفعة نفسه مع بقاء إيمانه. والدليل على
صحة ذلك ما روى في القصة أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال له : يا حاطب ؛ أنت كتبت الكتاب؟ قال : نعم ، فأقرّ به ، ولم ينكر وبيّن العذر فلم يكذب ، وصار ذلك كما
لو أقرّ رجل بالطلاق ابتداء ، وقال : أردت به كذا وكذا للنية البعيدة الصدق ، ولو
قامت عليه البينة وادّعى فيه النية البعيدة لم يقبل.
__________________
وقد روى أنّ ابن
الجارود سيّد ربيعة أخذ درباسا وقد بلغه أنه يخاطب المشركين بعورات المسلمين ،
وهمّ بالخروج إليهم ، فصلبه فصاح يا عمراه ـ ثلاث مرات ـ فأرسل عمر إليه ، فلما
جاء أخذ الحربة فعلا بها لحيته ، وقال : لبيك يا درباس ـ ثلاث مرات ـ فقال : لا تعجل ،
إنه كاتب العدو ، وهمّ بالخروج إليهم ، فقال : قتلته على الهمّ! وأيّنا لا يهمّ.
فلم يره عمر موجبا
للقتل ، ولكنه أنفذ اجتهاد ابن الجارود فيه ، لما رأى من خروج حاطب عن هذا الطريق
كله. ولعل ابن الجارود إنما أخذ بالتكرار في هذا ، لأن حاطبا أخذ في أول فعله.
المسألة السابعة ـ
فإن كان الجاسوس كافرا فقال الأوزاعى : يكون نقضا لعهده.
وقال أصبغ :
الجاسوس الحربىّ يقتل ، والجاسوس المسلم والذمّى يعاقبان إلا أن يتعاهدا على أهل الإسلام فيقتلان.
وقد روى عن على بن
أبى طالب عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه
أتى بعين للمشركين اسمه فرات بن حيّان ، فأمر به أن يقتل ، فصاح : يا معشر الأنصار
، أقتل وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله! فأمر به النبىّ صلّى
الله عليه وسلم فخلّى سبيله. ثم قال : إن منكم من أكله إلى إيمانه ، منهم فرات بن
حيان.
المسألة الثامنة ـ
تودد حاطب إلى الكفار ليجلب منفعة لنفسه ، ولم يعقد ذلك بقلبه.
وقد روى جابر أنّ عبد الحاطب جاء يشكو حاطبا إلى
النبي صلّى الله عليه وسلم. فقال : يا رسول الله ، صلّى الله عليك ، ليدخلنّ حاطب
النار. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : كذبت ، لا يدخلها ، فإنه شهد بدرا
والحديبية.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ).
__________________
وهذا نص في
الاقتداء بإبراهيم عليه السلام في فعله ، وهذا يصحّح أنّ شرع من قبلنا شرع لنا
فيما أخبر الله أو رسوله عنهم.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ
فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ
وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) ، يعنى في براءتهم من قومهم ، ومباعدتهم لهم ، ومنابذتهم
عنهم ، وأنتم بمحمد أحقّ بهذا الفعل من قوم إبراهيم بإبراهيم إلّا قول
إبراهيم لأبيه : (لَأَسْتَغْفِرَنَّ
لَكَ) فليس فيه أسوة ، لأن الله تعالى قد بيّن حكمه في سورة «براءة».
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ
عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ
دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ في
بقاء حكمها أو نسخه : وفيه قولان :
أحدهما ـ أن هذا
كان في أول الإسلام عند الموادعة وترك الأمر بالقتال ، ثم نسخ ، قاله ابن زيد.
الثاني ـ أنه باق
، وذلك على وجهين :
أحدهما ـ أنهم
خزاعة ومن كان له عهد.
الثاني ـ ما رواه
عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه أنّ أبا بكر الصديق رضى الله عنه طلّق امرأته
قتيلة أم أسماء في الجاهلية ، فقدمت عليهم في المدة التي كان رسول الله صلّى الله
عليه وسلم هادن فيها كفّار قريش ، وأهدت إلى أسماء بنت أبى بكر قرطا ، فكرهت أن
تقبل منها ، حتى أتت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فأنزل الله
الآية.
والذي صح في رواية
أسماء ما بيّناه من رواية الصحيح فيه من قبل.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (وَتُقْسِطُوا
إِلَيْهِمْ) ، أى تعطوهم قسطا من أموالكم [على وجه الصلة] ، وليس يريد به من العدل ، فإنّ العدل واجب فيمن قاتل
وفيمن لم يقاتل.
__________________
المسألة الثالثة ـ
استدل به بعض من تعقد عليه الخناصر على وجوب نفقة الابن المسلم على أبيه الكافر ،
وهذه وهلة عظيمة ، فإنّ الإذن في الشيء أو ترك النهى عنه لا يدلّ على وجوبه ،
وإنما يعطيك الإباحة خاصة. وقد بينا أنّ إسماعيل بن إسحاق القاضي دخل عليه ذمّى
فأكرمه ، فوجد عليه الحاضرون ، فتلا هذه الآية عليهم.
الآية الخامسة ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ
أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ
إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ،
وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا
آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما
أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ
بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
فيها اثنتا عشرة
مسألة :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
ثبت أن النبىّ صلى
الله عليه وسلم لما صالح أهل الحديبية كان فيه أنّ من جاء من المشركين إلى المسلمين ردّ إليهم ، ومن ذهب من المسلمين
إلى المشركين لم يردّ ، وتمّ العهد على ذلك ، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم
ردّ أبا بصير عتبة بن أسيد بن حارثة الثقفي حين قدم ، وقدم أيضا نساء مسلمات منهن أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط ، وسبيعة الأسلمية ،
وغيرهما ، فجاء الأولياء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فسألوه ردّهن على
الشرط ، واستدعوا منه الوفاء بالعهد ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : إنما الشرط في الرجال لا في النساء ، وكان ذلك من المعجزات إلا أن الله عزّوجل قبض ألسنتهم عن أن يقولوا : غدر محمد ،
حتى أنزل الله ذلك في النساء ، وذلك إحدى معجزاته.
المسألة الثانية ـ
قوله : (فَامْتَحِنُوهُنَ).
اختلف في تفسير
الامتحان على قولين :
أحدهما ـ اليمين ـ
رواه أبو نصر الأسدى ، عن ابن عباس ، ورواه الحارث بن أبى أسامة ،
__________________
قال النبي صلّى
الله عليه وسلم لسبيعة
ـ وكان زوجها صيفي بن السائب : بالله ما أخرجك من قومك ضرب ولا ، كراهية لزوجك ، ولا
أخرجك إلّا حرص على الإسلام ، ورغبة فيه ، لا تريدين غيره.
الثاني ـ وهو ما
روى في الصحيح عن عائشة رضى الله عنها أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم كان يمتحن
النساء بهذه الآية.
المسألة الثالثة ـ
في المعنى الذي لأجله لم تردّ النساء وإن دخلن في عموم الشرط ، وفي ذلك قولان :
أحدهما ـ لرقّتهنّ
وضعفهن.
الثاني ـ لحرمة
الإسلام. ويدلّ عليه قوله : (لا هُنَّ حِلٌّ
لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ). والمعنيان صحيحان.
ويجوز أن يعلل
الحكم بعلّتين ، حسبما بيناه في كتب الأصول.
المسألة الرابعة ـ
خروج النساء من عهد الرد كان تخصيصا للعموم لا ناسخا للعهد كما توهّمه بعض الغافلين. وقد بيناه في القسم
الثاني.
المسألة الخامسة ـ
الذي أوجب فرقة المسلمة من زوجها [هو إسلامها لا] هجرتها كما بيناه في أصول مسائل الخلاف ، وهو التلخيص.
وقال أبو حنيفة :
الذي فرق بينهما هو اختلاف الدارين ، وإليه إشارة في مذهب مالك ، بل عبارة قد
أوضحناها في مسائل الفروع. والعمدة فيه هاهنا أنّ الله تعالى قد قال : (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ
يَحِلُّونَ لَهُنَ) ، فبيّن أن العلة عدم الحلّ بالإسلام ، وليس اختلاف
الدارين.
المسألة السادسة ـ
أمر الله تعالى إذا أمسكت المرأة المسلمة أن تردّ على زوجها ما أنفق ، وذلك من الوفاء بالعهد ، لأنه لما منع من أهله
لحرمة الإسلام أمر الله سبحانه أن يردّ إليه المال ، حتى لا يقع عليهم خسران من
الوجهين : الزوجة ، والمال.
__________________
المسألة السابعة ـ
لما أمر الله سبحانه بردّ ما أنفقوا إلى الأزواج وكان المخاطب بهذا الإمام ينفذّ
ذلك مما بين يديه من بيت المال الذي لا يتعيّن له مصرف.
المسألة الثامنة ـ
رفع الله الحرج في نكاحها بشرط الصداق ، وسمّى ذلك أجرا ، وقد تقدّم بيانه وبيان شرط آخر وهو الاستبراء من ماء الكافر ، لقوله صلّى الله
عليه وسلم : لا
توطأ حامل حتى تضع ، ولا حائل حتى تحيض ، والاستبراء هاهنا بثلاث حيض وهي العدة. وقد بينا ذلك في
مسائل الخلاف. ثم قال ـ وهي :
المسألة التاسعة ـ
(وَلا جُناحَ
عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) ، يعنى إذ أسلمن وانقضت عدّتهنّ ، لما ثبت من تحريم نكاح
المشركة والمعتدة ، فعاد جواز النكاح إلى حالة الإيمان ضرورة.
المسألة العاشرة ـ
قوله : (وَلا تُمْسِكُوا
بِعِصَمِ الْكَوافِرِ).
هذا بيان لامتناع
نكاح المشركة من جملة الكوافر. وهو تفسيره والمراد به.
قال أهل التفسير :
أمر الله تعالى من كان له زوجة مشركة أن يطلّقها. وقد كان الكفار يتزوّجون
المسلمات ، والمسلمون يتزوجون المشركات ، ثم نسخ الله ذلك في هذه الآية وغيرها.
وكان ذلك نسخ الإقرار على الأفعال بالأقوال ، وقد بيناه في الناسخ والمنسوخ ،
فطلّق عمر بن الخطاب حينئذ قريبة بنت أمية ، وابنة جرول الخزامى ، فتزوج قريبة معاوية ابن أبى سفيان
، وتزوج ابنة جرول أبو جهم . فلما ولى عمر قال أبو سفيان لمعاوية : طلق قريبة لئلا يرى
عمر سلبه في بيتك ، فأبى معاوية ذلك.
المسألة الحادية
عشرة ـ قوله : (وَسْئَلُوا ما
أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا).
قال المفسرون :
كلّ من ذهب من المسلمات مرتدّات [من أهل العهد] إلى الكفار يقال للكفار : هاتوا مهرها. ويقال للمسلمين ـ إذا
جاء أحد من الكافرات مسلمة مهاجرة : ردّوا إلى الكفّار مهرها. وكان ذلك نصفا وعدلا
بين الحالتين ، وكان هذا حكم الله مخصوصا بذلك الزمان في تلك النازلة خاصة بإجماع
الأمة.
__________________
المسألة الثانية
عشرة ـ أما عقد الهدنة بين المسلمين والكفار فجائز على ما مضى من سورة الأنفال
لمدة ومطلقا إليهم لغير مدة.
فأما عقده على أن
يردّ من أسلم إليهم فلا يجوز لأحد بعد النبي صلّى الله عليه وسلم ، وإنما جوّزه
الله له لما علم في ذلك من الحكمة ، وقضى فيه من المصلحة ، وأظهر فيه بعد ذلك من
حسن العاقبة وحميد الأثر في الإسلام ما حمل الكفار على الرضا بإسقاطه ، والشفاعة
في حطّه ، ففي الصحيح : لما
كاتب رسول الله صلّى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو يوم الحديبية على قصر المدة ،
فجاءه أبو بصير ـ رجل من قريش ـ وهو مسلم ، فأرسلوا في طلبه رجلين ، فدفعه إلى
الرجلين ، فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة فنزلوا يأكلون ، فقتل أبو بصير أحدهما
، وفّر الآخر ، حتى أتى المدينة ، فدخل المسجد يعدو. فقال رسول الله صلّى الله عليه
وسلم : لقد رأى هذا ذعرا ، فجاء أبو بصير ، فقال يا رسول الله ، قد أوفى الله
ذمّتك ، ثم أنجانى منهم. فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : ويل امّه مسعر حرب لو
كان معه رجال! فلما سمع ذلك عرف أنه سيردّه إليهم ، فخرج حتى أتى سيف البحر ، قال : وتفلّت منهم أبو جندب ابن سهيل ، فلحق بأبى بصير ،
وجعل لا يخرج رجل من قريش أسلم إلا لحق بأبى بصير ، حتى اجتمعت منهم عصّابة ، فو
الله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوهم فقتلوهم ، وأخذوا
بأموالهم. فأرسلت قريش إلى النبىّ صلّى الله عليه وسلم تنشده الله والرّحم إلا
أرسل إليهم ، فمن أتاه فهو آمن. فأرسل النبي صلّى الله عليه وسلم إليهم ، فأنزل
الله : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ
أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ
أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) .. الآية ... إلى (حَمِيَّةَ
الْجاهِلِيَّةِ) ، فظنّ الناس أنّ ذلك كان من النبي صلّى الله عليه وسلم في
الانقياد إليهم عن هوان ، وإنما كان عن حكمة حسن مآلها ، كما سقناه آنفا من
الرواية ، والله أعلم.
الآية السادسة ـ قوله
تعالى : (وَإِنْ فاتَكُمْ
شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ
__________________
فَعاقَبْتُمْ
فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللهَ
الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قال
علماؤنا : المعنى إن ارتدّت امرأة ولم يردّ الكفار صداقها إلى زوجها كما أمروا
فردّوا أنتم إلى زوجها مثل ما أنفق.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (فَعاقَبْتُمْ).
قال علماؤنا :
المعاقبة المناقلة على تصير كل واحد من الشيئين مكان الآخر عقيب ذهاب عينه ، فأراد :
فعوضتم مكان الذاهب لهم عوضا ، أو عوّضوكم مكان الذاهب لكم عوضا ، فليكن من مثل الذي خرج عنكم أو عنهم عوضا من الفائت لكم أو لهم.
المسألة الثالثة ـ
في محل العاقبة :
وفيه ثلاثة أقوال
:
أحدها ـ من الفيء
، قاله الزهري.
الثاني ـ من مهر
إن وجب للكفار في زوج أحد منهم على مذهب اقتصاص الرجل من مال خصمه إذا قدر عليه
دون أذية.
الثالث ـ أنه يردّ
من الغنيمة.
وفي كيفية ردّه من
الغنيمة قولان :
أحدهما ـ أنه يخرج
المهر والخمس ثم تقع القسمة ، وهذا منسوخ إن صحّ.
الثاني ـ أنه يخرج
من الخمس. وهو أيضا منسوخ ، وقد حققناه في القسم الثاني منه. والله أعلم.
الآية السابعة ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ
بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ
وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ
__________________
يَفْتَرِينَهُ
بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ
فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
فيها أربع عشرة
مسألة :
المسألة الأولى ـ قوله
تعالى : (إِذا جاءَكَ
الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً ...) الآية.
عن عروة ، عن
عائشة ، قالت : ما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يمتحن إلا بهذه الآية التي
قال الله : (إِذا جاءَكَ
الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ ...) الآية.
قال معمر :
فأخبرنى ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : ما مسّت يده يد امرأة إلا امرأة يملكها.
وعن عائشة أيضا في
الصحيح : ما مسّت يد رسول الله
صلّى الله عليه وسلم يد امرأة. وقال : إنى لا أصافح النساء ، إنما قولي لمائة
امرأة كقولي لامرأة واحدة.
وقد روى أنه صافحهنّ
على ثوبه.
وروى أن عمر
صافحهنّ عنه ، وأنه كلّف امرأة وقفت على الصّفا فبايعتهن.
وذلك ضعيف ، وإنما
ينبغي التعويل على ما روى في الصحيح.
المسألة الثانية ـ
روى عن عبادة بن الصامت أنه قال : كنّا
عند النبي صلّى الله عليه وسلم فقال : تبايعوني على ألّا تشركوا بالله شيئا ولا
تسرقوا ولا تزنوا أيها النساء ، فمن وفي منكن فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك
شيئا فعوقب فهو له كفّارة ، ومن أصاب منها شيئا فستره الله فهو إلى الله إن شاء
عذّبه ، وإن شاء غفر له ؛ وهذا يدلّ على أن بيعة الرجال في الدين كبيعة النساء إلا في المسيس باليد
خاصة.
المسألة الثالثة ـ
ثبت في الصحيح ، عن ابن عباس ، قال : شهدت
الصلاة يوم الفطر مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومع أبى بكر وعمر وعثمان ،
فكلّهم يصلّيها قبل الخطبة ، ثم يخطب بعد ، فنزل نبىّ الله صلّى الله عليه وسلم ،
وكأنى أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده ، ثم أقبل يشقّهم حتى أتى النساء ومعه بلال ، فقرأ (يا أَيُّهَا
النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ
بِاللهِ شَيْئاً ...) الآية كلها ، ثم قال حين فرغ : أنتنّ على ذلك؟
__________________
قالت
امرأة منهن واحدة لم يجبه غيرها : نعم يا رسول الله. لا يدرى الحسن من هي. قال :
فتصدقن ـ وبسط بلال ثوبه ـ فجعلن يلقين الفتح والخواتيم في ثوب بلال.
المسألة الرابعة ـ
قوله : (وَلا يَقْتُلْنَ
أَوْلادَهُنَ) ، يعنى بالوأد والاستتار عن العمد إذا كان عن غير رشدة ،
فإن رميه كقتله ، ولكنه إن عاش كان إثمها أخفّ.
المسألة الخامسة ـ
قوله : (وَلا يَأْتِينَ
بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَ).
قيل في أيديهن
قولان :
أحدهما ـ المسألة.
الثاني ـ أكل
الحرام.
المسألة السادسة ـ
قوله : (وَأَرْجُلِهِنَ).
فيه ثلاثة أقوال :
الأول ـ الكذب في
انقضاء العدّة.
الثاني ـ هو إلحاق
ولد بمن لم يكن له.
الثالث ـ أنه
كناية عما بين البطن والفرج.
المسألة السابعة ـ
(وَلا يَعْصِينَكَ فِي
مَعْرُوفٍ).
فيه ثلاثة أقوال :
الأول ـ النياحة.
الثاني ـ ألّا
يحدّثن الرجال.
الثالث ـ ألّا
يخمشن وجها ولا يشققن جيبا ، ولا يرفعن صوتا ، ولا يرمين على أنفسهن نقعا .
المسألة الثامنة ـ
في تنخيل هذه المعاني :
أما من قال : إن
قوله (بَيْنَ أَيْدِيهِنَ) ، يعنى المسألة ، فهو تجاوز كبير ، فإنّ أصلها اللسان وآخرها أن أعطى شيئا في اليد.
__________________
وقول من قال : إنه
أكل الحرام أقرب ، وكأنه عكس الأول ، لأنّ الحرام يتناوله بيده فيحمله إلى
لسانه ، والمسألة يبدؤها بلسانه ويحملها إلى يده ، ويردّها إلى لسانه.
وأما من قال : إنه
كناية عما بين البطن والفرج ، فهو أصل في المجاز حسن.
وأما قوله : (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) فهو نص في إيجاب الطاعة ، فإن النهى عن الشيء أمر بضده ،
إما لفظا أو معنى على اختلاف الأصوليين في ذلك ، وأما [معنى] تخصيص قوله : (فِي مَعْرُوفٍ) وقوة قوله : (لا يَعْصِينَكَ) يعطيه ؛ لأنه عام في وظائف الشريعة ، وهي :
المسألة التاسعة ـ
ففيه قولان :
أحدهما ـ أنه
تفسير للمعنى على التأكيد ، كما قال تعالى : (قالَ رَبِّ احْكُمْ
بِالْحَقِ) لأنه لو قال : «احكم» لكفى.
الثاني ـ أنه إنما
شرط المعروف في بيعة النبي صلّى الله عليه وسلم حتى يكون تنبيها على أنّ غيره أولى
بذلك ، وألزم له ، وأنفى للإشكال فيه.
وفي الآثار : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
المسألة العاشرة ـ
روى أنّ النبي صلّى الله
عليه وسلم كان إذا بايع النساء على هذا قال لهنّ : فيما أطقتن ، فيقلن : الله
ورسوله أرحم بنا من أنفسنا.
وهذا بيان من
النبي صلّى الله عليه وسلم لحقيقة الحال ، فإنّ الطاقة مشروطة في الشريعة ، مرفوع
عن المكلفين ما ناف عليها ، حسبما بيناه في غير موضع.
المسألة الحادية
عشرة ـ روت أم عطية في الصحيح قالت : بايعنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأ علينا : أن لا يشركن بالله شيئا ، ونهانا عن
النياحة ، فقبضت امرأة على يدها وقالت : أسعدتنى فلانة أريد أن أجزيها. فما قال
لها النبىّ صلّى الله عليه وسلم شيئا ،
فانطلقت فرجعت
فبايعها ، فيكون هذا تفسير قوله : (بِبُهْتانٍ
يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَ) ؛ وذلك تخميش وجوه ، وشقّ جيوب.
__________________
وفي الصحيح : ليس منا من خمش الوجوه ، وشقّ الجيوب ،
ودعا بدعوى الجاهلية.
فإن قيل : كيف جاز
أن تستثني معصية ، وتبقى على الوفاء بها ، ويقرّها النبي صلى الله عليه وسلم على
ذلك؟.
قلنا : وقد بيناه
في شرح الحديث الصحيح الكافي ، منه أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم أمهلها حتى
تسير إلى صاحبتها لعلمه بأن ذلك لا يبقى في نفسها ، وإنما ترجع سريعا عنه ، كما
روى أنّ بعضهم شرط ألّا يخرّ إلا قائما ، فقيل في أحد تأويليه : إنه لا يركع ، فأمهله
حتى آمن ، فرضي بالركوع.
وقيل : أرادت أن
تبكى معها بالمقابلة التي هي حقيقة النوح خاصة.
المسألة الثانية
عشرة ـ في صفة أركان البيعة على ألّا يشركن بالله شيئا ......... إلى آخر الخصال
الست.
صرح فيهن بأركان
النّهى في الدين ، ولم يذكر أركان الأمر ؛ وهي الشهادة ، والصلاة والزكاة ،
والصيام ، والحج ، والاغتسال من الجنابة ؛ وهي سنة في الأمر في الدين وكيدة مذكورة في قصة جبريل مع النبي
صلّى الله عليه وسلم. وفي اعتماده الإعلام بالمنهيات دون المأمورات حكمان اثنان :
أحدهما ـ أنّ
النهى دائم ، والأمر يأتى في الفترات ؛ فكان التنبيه على اشتراط الدائم أو أوكد.
الثاني ـ أن هذه
المناهي كانت في النساء كثير من يرتكبها ، ولا يحجزهن عنها شرف الحسب ، ولذلك روى أن المخزومية سرقت ، فأهمّ قريشا أمرها
، وقالوا : من يكلّم رسول الله صلّى الله عليه وسلم [إلا أسامة] ، فكلم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فقال : أتشفع في
حدّ من حدود الله! وذكر الحديث.
فحص الله ذلك
بالذكر لهذا ، كما روى أنه قال لو قد عبد القيس : آمركم
بأربع وأنهاكم عن أربع ؛ آمركم بالإيمان بالله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ،
وأن تؤدّوا خمس ما غنمتم ،
__________________
وأنهاكم
عن الدّبّا ، والحنتم ، والنّقير ، والمزفّت ، فنبههم على ترك المعصية في شرب الخمر دون سائر المعاصي ؛
لأنها كانت عادتهم.
وإذا ترك المرء
شهوته من المعاصي هان عليه ترك سواها مما لا شهوة له فيها.
المسألة الثالثة
عشرة ـ لما قال النبي صلّى الله عليه وسلم لهنّ في البيعة : ألّا يسرقن ، قالت هند : يا رسول الله ،
أنّ أبا سفيان رجل مسيك فهل على حرج أن آخذ من ماله ما يكفيني وولدي ، فقال : لا ،
إلا بالمعروف ؛ فخشيت هند أن تقتصر على ما يعطيها أبو سفيان فتضيع أو
تأخذ أكثر من ذلك ، فتكون سارقة ناكثة للبيعة المذكورة ، فقال لها النبي صلّى الله
عليه وسلم : لا ، أى لا حرج عليك فيما أخذت بالمعروف ـ يعنى من غير استطالة إلى
أكثر من الحاجة.
وهذا إنما هو فيما
لا يخزنه عنها في حجاب ، ولا يضبط عليها بقفل ، فإنها إذا هتكته الزوجة ، وأخذت
منه كانت سراقة ، تعصى بها ، وتقطع عليه يدها حسبما تقدم في سورة المائدة.
المسألة الرابعة
عشرة ـ في صفة البيعة لمن أسلم من الكفار ؛ وذلك لأنها كانت في صدر الإسلام منقولة
وهي اليوم مكتوبة ؛ إذ كان في عصر النبي صلّى الله عليه وسلم لا يكتب إلا
القرآن.
وقد اختلف في
السنّة على ما بيناه في أصول الفقه وغيرها ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا
يكتب أصحابه ولا يجمعهم له ديوان حافظ ، اللهم إلا أنه قال يوما : اكتبوا لي من
__________________
يلفظ
بالإسلام لأمر عرض له. فأما اليوم فيكتب إسلام الكفرة ، كما يكتب سائر معالم الدّين المهمة والتوابع
منها لضرورة حفظها حين فسد الناس وخفّت أمانتهم ، ومرج أمرهم ، ونسخة ما يكتب :
بسم الله الرحمن
الرحيم : لله أسلم فلان ابن فلان من أهل أرض كذا ، وآمن به وبرسوله محمد صلّى الله عليه وسلم ، وشهد له
بشهادة الصدق ، وأقرّ بدعوة الحق : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، والتزم
الصلوات الخمس بأركانها وأوصافها ، وأدّى الزكاة بشروطها ، وصوم رمضان ، والحج إلى
البيت الحرام ، إذا استطاع إليه سبيلا ، ويغتسل من الجنابة ، ويتوضأ من الحدث ،
وخلع الأنداد من دون الله ، وتحقق أن الله وحده لا شريك له.
وإن كان نصرانيا
قلت : وإن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه.
وإن كان يهوديّا
قلت : وإن العزيز عبد الله. وإن كان صابئا قلت : وإن الملائكة عبيد الله ورسله
الكرام وكتّابه البررة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
وإن كان هنديا قلت
: [وإن] مانى باطل محض ، وبهتان صرف ، وكذب مختلق مزوّر. وكذلك من
كان على مذهب من الكفر اعتمدته بالبراءة منه بالذكر.
وتقول بعده :
سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوّا كبيرا ، إن كلّ من في السموات والأرض إلّا
آتى الرحمن عبدا ، لقد أحصاهم وعدّهم عدّا. لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا. تعالى
وتقدّس عن ذلك كلّه ، والحمد لله الذي لم يتّخذ ولدا ، ولم يكن له شريك في الملك ،
ولم يكن له ولىّ من الذّل وكبّره تكبيرا. والتزم ألّا يقتل النفس التي حرّم الله
إلا بالحق ، ولا يسرق ، ولا يزنى ، ولا يشرب الخمر ، ولا يتكلّم بالزّور ، ويكون
مع إخوانه المؤمنين كأحدهم ، لا يسلمهم ولا يسلمونه ، ولا يظلمهم ولا يظلمونه ،
وعلم أن للدّين فرائض وشرائع وسننا ، فعاهد الله على أن يلتزم كل خصلة منها على
نعتها بقلب سليم وسنن قويم ،
__________________
والله يهدى من
يشاء إلى ما شاء إلى صراط مستقيم. وشهد أنه من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه
وهو في الآخرة من الخاسرين ، شهد على فلان ابن فلان من أشهد عليه ، وهو صحيح العقل
في شهر كذا.
وقد أدرك التقصير
جملة من المؤرخين ، وكتبوا معالم الأمر دون وظائف النهى ، والنبىّ صلّى الله عليه
وسلم كان يذكر في بيعته الوجهين. أو يغلب ذكر وظائف النهى ، كما جاء في القرآن.
وكتبوا أنه أسلم
طوعا ، وكتبوا : وكان إسلامه على يدي فلان ، وكتبوا أنه اغتسل وصلّى.
فأما قولهم : وكان
إسلامه طوعا فباطل ، فإنه لو أسلم مكرها لصحّ إسلامه ولزمه ، وقتل بالرّدة. وقد
بينا ذلك في قوله : (لا إِكْراهَ فِي
الدِّينِ) ، والكفار إنما يقاتلون قسرا على الإسلام فيستخرج منهم
بالسيف. والإمام مخيّر بين قتل الأسرى أو مفاداتهم بالخمسة الأوجه المتقدمة فيهم ؛
فإذا أسلم سقط حكم السيف عنه.
وفي الصحيح : عجب ربّكم من قوم يقادون إلى الجنة
بالسلاسل.
وكذلك الذّمى لو
جنى جناية فخاف من موجبها القتل والضرب فأسلم سقط عنه الضرب والقتل ، وكان إسلامه
كرها ، وحكم بصحته ، وإنما يكون الإكراه المسقط للإسلام إذا كان ظلما وباطلا ، مثل
أن يقال للذمي [ابتداء] من غير جناية ولا سبب : أسلم ، وإلا قتلتك ؛ فهذا لا يجوز
؛ فإن أسلم لم يلزمه ، وجاز له الرجوع إلى ذينه عند أمنه مما خاف منه. وإذا ادّعى
الذمىّ أنه أكره بالباطل لزمه إثبات ذلك ، فلا حاجة إلى ذكر الطواعية بوجه ولا حال
في كل كافر. والله أعلم.
وأما قولهم ، كان
إسلامه على يد فلان فإنّى علقوها! ويشبه أن يكونوا رأوه في كتب المخالفين ، لأنهم يذكرون ذلك في شروطهم لعلّة أنهم يرون الرجل إذا أسلم على
__________________
يدي الرجل كان له
ولاؤه ، وذلك مما ليس بمذهب لنا. وقد بينا فساده في مسائل الخلاف وغيرها.
وأما قولهم :
اغتسل وصلّى ، فليس يحتاج إليه في العقد المكتوب ؛ لأنه إن لم يكن وقت صلاة ، فلا
غسل عليه ولا وضوء ، لأنه ليس عليه صلاة.
وأما إذا كان وقت
صلاة فيؤمر بالغسل والصلاة فيفعلهما ، ولا يكون ذلك مكتوبا. والله أعلم.
سورة الصف
[فيها آيتان]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ روى
أبو موسى في الصحيح أنّ سورة كانت على قدرها ، أوّلها : سبح لله ، كان فيها (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ
تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) ستكتب شهادة في أعناقهم فتسألون عنها يوم القيامة ، وهذا كله ثابت في الدين.
أما قوله : تعالى
: (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) فثابت في الدين لفظا ومعنى في هذه السورة ما تلوناه آنفا
فيها.
وأما قوله : [فتكتب]
: شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة فمعنى ثابت في الدّين [لفظا
ومعنى] ؛ فإنّ من التزم شيئا لزمه شرعا ، وهي :
المسألة الثانية ـ
والملتزم على قسمين :
أحدهما ـ النّذر ،
وهو على قسمين :
نذر تقرّب مبتدأ.
كقوله : لله على صوم وصلاة وصدقة ، ونحوه من القرب ؛ فهذا يلزمه الوفاء به إجماعا.
ونذر مباح ، وهو ما علّق بشرط رغبة [كقوله : إن قدم غائبى فعلىّ صدقة
، أو علّق بشرط رهبة] ، كقوله : إن كفاني الله شرّ كذا فعلىّ صدقة ، فاختلف
العلماء فيه ؛ فقال مالك وأبو حنيفة : يلزمه الوفاء به. وقال الشافعى في أحد
أقواله : إنه لا يلزمه الوفاء به. وعموم الآية حجة لنا ؛ لأنها بمطلقها تتضمن ذمّ
من قال ما لا يفعله على أى وجه كان ، من مطلق ، أو مقيد بشرط.
__________________
وقد قال أصحابه :
إن النّذر إنما يكون بما القصد منه القربة مما هو من جنس القربة. وهذا وإن كان من
جنس القربة ، لكنه لم يقصد به القربة ، وإنما قصد منع نفسه عن فعل أو الإقدام على
فعل.
قلنا : القرب
الشرعية مقتضيات وكلف وإن كانت قربات. وهذا تكلّف في التزام هذه القربة
مشقة لجلب نفع أو دفع ضر ، فلم يخرج عن سنن التكليف ، ولا زال عن قصد التقرب.
المسألة الثالثة ـ
فإن كان المقول منه وعدا فلا يخلو أن يكون منوطا بسبب كقوله: إن تزوجت أعنتك بدينار ، أو ابتعت حاجة كذا أعطيتك
كذا ، فهذا لازم إجماعا من الفقهاء.
وإن كان وعدا
مجردا فقيل : يلزم بمطلقه ، وتعلّقوا بسبب الآية ، فإنه روى أنهم كانوا يقولون : لو
نعلم أىّ الأعمال أفضل أو أحبّ إلى الله لعملناه ، فأنزل الله عزّوجل هذه الآية ،
وهو حديث لا بأس به.
وقد روى مجاهد أن
عبد الله بن رواحة لما سمعها قال : لا أزال حبيسا في سبيل الله حتى أقتل.
والصحيح عندي أن
الوعد يجب الوفاء به على كل حال إلا لعذر.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ
الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
: (مرصوص) ، أى محكم ثابت ، كأنه عقد بالرصاص ، وكثيرا ما تعقد به الأبنية القديمة
، عاينت منها بمحراب داود عليه السلام والمسجد الأقصى وغيرهما ،
__________________
وهو كذلك بالصاد
المهملة. ويقال : حديث مرسوس ـ بالسين المهملة ، أى سيق سياقة محكمة مرتّبة.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (يُحِبُّ الَّذِينَ
يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا) ، وقد بينا في كتاب الأمد أن المحبة هي إرادة الثواب
للعبد.
المسألة الثالثة ـ
في إحكام الصفوف جمال للصلاة ، وحكاية للملائكة ، وهيئة للقتال ، ومنفعة في أن تحمل الصفوف على العدو كذلك.
وأما الخروج من
الصف فلا يكون إلا لحاجة تعرض للإنسان ، أو في رسالة يرسلها الإمام ، ومنفعة تظهر
في المقام ، كفرصة تنتهز ولا خلاف فيها ، أو يتظاهر على التبرز للمبارزة.
وفي الخروج عن
الصف للمبارزة خلاف على قولين :
أحدهما ـ أنه لا
بأس بذلك إرهابا للعدو ، وطلبا للشهادة ، وتحريضا على القتال.
وقال أصحابنا : لا
يبرز أحد طالبا لذلك ، لأنّ فيه رياء وخروجا إلى ما نهى الله عنه من تمنّى لقاء
العدو ، وإنما تكون المبارزة إذا طلبها الكافر ، كما كانت في حروب النبي صلّى الله
عليه وسلم يوم بدر ، وفي غزوة خيبر ، وعليه درج السلف.
__________________
سورة الجمعة
[فيها آيتان]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ
اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
فيها ست عشرة
مسألة :
المسألة الأولى ـ قوله
: (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا) ظاهر في أن المخاطب بالجمعة المؤمنون دون الكفار. وقد بينا ذلك في كتب الأصول
وغيرها وهاهنا ـ أنّ الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ، ومن جملتها الجمعة. وإنما خصّ
بهذه الآية المؤمنون دون الكفار ، تشريفا [لهم] بالجمعة ، وتخصيصا دون غيرهم ، وذلك لما ثبت عن النبي صلّى
الله عليه وسلم أنه قال في الصحيح : نحن
الآخرون السابقون يوم القيامة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، وأوتيناه من
بعدهم ، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه ، فهدانا الله له ، فغدا لليهود ، وللنصارى بعد غد.
المسألة الثانية ـ
الجمعة خاصة بهذه الأمة ويوم الإسلام كما تقدم ، وأفضل الأيام. روى أنّ جبريل جاء إلى النبي صلّى الله عليه
وسلم وبيده مرآة فيها نكتة سوداء ، فقال : يا جبريل ، ما هذه المرآة؟ قال : يوم
الجمعة. قال : ما هذه النكتة السوداء التي فيها؟ قال : الساعة وفيها [تقوم] .
كما روى في الصحيح
أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال : خير
يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أهبط [من الجنة ، وفيه تيب
عليه] ، وفيه تقوم الساعة ، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو
قائم يصلّى يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ، كما تقدم بيانه. والله أعلم.
__________________
المسألة الثالثة ـ
الجمعة فرض ، لا خلاف في ذلك ، لأنها قرآنية سنية ، وهي ظهر اليوم ، أو بدل منه
على ما بيناه في كتب الفقه ، ولا يلتفت إلى ما يحكى في ذلك ، لا سيما ما يؤثر عن
سحنون أنه قال : إنّ بعض الناس قال : يجوز أن يتخلّف العروس عنها ، فإن العروس
عندنا لا يجوز له أن يتخلف عن صلاة الجماعة لأجل العرس ، فكيف عن صلاة الجمعة.
ولها شروط وأركان
في الوجوب والأداء ، فشروط الوجوب سبعة :
العقل ، والذكورية
، والحرية ، والبلوغ ، والقدرة ، والإقامة ، والقرية.
وأما شروط الأداء
فهي :
الإسلام ، فلا
تصحّ من كافر. والخطبة ، والإمام المقيم للصلاة ليس الأمير ، وقد قال مالك كلمة
بديعة : إن لله فرائض في أرضه لا يضيعها [إن] وليها وال أو لم يلها.
وقال علماؤنا : من
شروط أدائها المسجد المسقّف. ولا أعلم وجهه.
ومنها العدد ،
وليس له حدّ. وإنما حدّه جماعة تتقرّى بهم بقعة ، ومن أدائها الاغتسال ، وتحسين
الشارة ، وتمام ذلك في كتب المسائل.
المسألة الرابعة ـ
قوله : (إِذا نُودِيَ
لِلصَّلاةِ) :
النداء هو الأذان
، وقد بينا جملة منه في سورة المائدة . وقد كان الأذان في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم في
الجمعة كسائر الأذان في الصلوات ، يؤذّن واحد إذا جلس صلّى الله عليه وسلم على
المنبر ، وكذلك كان يفعل [أبو بكر] وعمر وعلىّ بالكوفة ، ثم زاد عثمان [على المنبر] أذانا ثالثا على الزّوراء ، حتى كثر الناس بالمدينة ، فإذا سمعوا
أقبلوا ، حتى إذا جلس عثمان على المنبر أذّن مؤذن النبي صلّى الله عليه وسلم ، ثم
يخطب عثمان.
وفي الحديث الصحيح
أنّ الأذان كان على عهد النبي صلّى الله عليه وسلم واحدا ، فلما كان زمن عثمان زاد
النداء الثالث على الزّوراء ، وسماه في الحديث ثالثا ، لأنه أضافه إلى الإقامة ،
__________________
فجعله ثالث
الإقامة ، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلم : بين
كلّ أذانين صلاة لمن شاء ، يعنى الأذان والإقامة ، فتوهّم الناس أنّه أذان أصلى ، فجعلوا المؤذنين
ثلاثة ، فكان وهما ، ثم جمعوهم في وقت واحد ، فكان وهما على وهم ، ورأيتهم بمدينة
السلام يؤذنون بعد أذان المنار بين يدي الإمام تحت المنبر في جماعة ، كما كانوا
يفعلون عندنا في الدول الماضية ، وكلّ ذلك محدث.
المسألة الخامسة ـ
قوله : (لِلصَّلاةِ) ، يعنى بذلك الجمعة دون غيرها ، وقال بعض العلماء : كون
الصلاة الجمعة هاهنا معلوم بالإجماع لا من نفس اللفظ. وعندي أنه معلوم من نفس
اللفظ بنكتة ، وهي قوله : (مِنْ يَوْمِ
الْجُمُعَةِ) ، وذلك يفيده ، لأنّ النداء الذي يختصّ بذلك اليوم هو نداء
تلك الصلاة ، فأما غيرها فهو عامّ في سائر الأيام ، ولو لم يكن المراد به نداء
الجمعة لما كان لتخصيصه بها وإضافته إليها معنى ولا فائدة.
المسألة السادسة ـ
قال بعض علمائنا : كان اسم الجمعة في العرب الأول عروبة ، فسماها الجمعة كعب بن
لوى ، لاجتماع الناس فيها إلى كعب ، قال الشاعر :
لا يبعد الله
أقواما هم خلطوا
|
|
يوم العروبة
أصراما بأصرام
|
المسألة السابعة ـ
قوله : (فَاسْعَوْا إِلى
ذِكْرِ اللهِ).
اختلف العلماء في
معناه على ثلاثة أقوال :
الأول ـ أن المراد
به النية ، قاله الحسن.
الثاني ـ أنه
العمل ، كقوله تعالى : (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ
وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ) ، وقوله تعالى : (إِنَّ سَعْيَكُمْ
لَشَتَّى). وهو قول الجمهور.
الثالث ـ أن
المراد به السعى على الأقدام.
ويحتمل ظاهره
رابعا : وهو الجري والاشتداد ، وهو الذي أنكره الصحابة الأعلمون ، والفقهاء
الأقدمون ، وقرأها عمر : «فامضوا إلى ذكر الله» فرارا عن ظنّ الجري والاشتداد الذي
يدلّ عليه الظاهر.
وقرأ ابن مسعود
ذلك. وقال : لو قرأت فاسعوا لسعيت حتى سقط ردائي.
وقرأ ابن شهاب :
فامضوا إلى ذكر الله سالكا تلك السبل ، وهو كلّه تفسير منهم ، لا قراءة
__________________
قرآن منزل ، وجائز
قراءة القرآن بالتفسير في معرض التفسير.
فأما من قال :
المراد بذلك النية ، فهو أول السعى ومقصوده الأكبر فلا خلاف فيه.
وأما من قال : إنه
السّعى على الأقدام فهو أفضل ، ولكنه ليس بشرط. في الصحيح أن أبا عيسى بن جبير ـ واسمه
عبد الرحمن ، وكانا من كبار الصحابة ـ يمشى إلى الجمعة راجلا. وقال : سمعت رسول
الله صلّى الله عليه وسلم يقول : من
اغبرّت قدماه في سبيل الله حرّمهما الله على النار ، فذلك فضل وأجر لا شرط.
وأما من قال : إنه
العمل فأعمال الجمعة هي : الاغتسال ، والتمشط ، والادهان ، والتطيب ، والتزين
باللباس ، وفي ذلك كله أحاديث بيانها في كتب الفقه ، وظاهر الآية وجوب الجميع ،
لكن أدلة الاستحباب ظهرت على أدلة الوجوب ، فقضى بها حسبما بيناه في شرح الحديث.
المسألة الثامنة ـ
قوله تعالى : (إِلى ذِكْرِ اللهِ).
اختلف الناس فيه ،
فمنهم من قال : إنه الخطبة ، قاله سعيد بن جبير.
ومنهم من قال :
إنه الصلاة.
والصحيح أنه [واجب]
الجميع أوّله الخطبة ، فإنها تكون عقب النداء ، وهذا يدل على وجوب الخطبة ،
وبه قال علماؤنا ، إلا عبد الملك بن الماجشون فإنه رآها سنّة. والدليل على وجوبها
أنها تحرّم البيع ، ولولا وجوبها ما حرّمته ، لأن المستحب لا يحرم المباح. وإذا
قلنا : إنّ المراد بالذكر الصلاة فالخطبة من الصلاة ، والعبد يكون ذاكرا لله
[بفعله] كما يكون مسبّحا لله بفعله.
المسألة التاسعة ـ
قوله تعالى : (وَذَرُوا الْبَيْعَ). وهذا مجمع على العمل به ، ولا خلاف في تحريم البيع ،
واختلف العلماء إذا وقع ، ففي المدونة يفسخ.
وقال المغيرة :
يفسخ ما لم يفت. وقاله ابن القاسم ـ في الواضحة ، وأشهب ، وقال في المجموعة :
البيع ماض.
وقال ابن الماجشون
: يفسخ بيع من جرت عادته به.
__________________
وقال الشافعى : لا
يفسخ بكل حال. وأبو حنيفة يقول بالفسخ في تفصيل قريب من المالكية.
وقد بيّنا توجيه
ذلك في الفقه ، وحققنا أنّ الصحيح فسخه بكل حال ، لقوله عليه السلام في الصحيح :
من عمل عملا ليس
عليه أمرنا فهو ردّ.
المسألة العاشرة ـ
فإن كان نكاحا فقال ابن القاسم في العتبية : لا يفسخ. قال علماؤنا : لأنه نادر ، ويقرب هذا من قول
ابن الماجشون : يفسخ بيع من جرت عادته بالبيع. وقالوا : إنّ الشركة والهبة والصدقة
نادر لا يفسخ.
والصحيح فسخ
الجميع ، لأن البيع إنما منع للاشتغال به ، فكلّ أمر يشغل عن الجمعة من العقود
كلّها فهو حرام شرعا مفسوخ ردعا.
المسألة الحادية
عشرة ـ لا تفتقر إقامة الجمعة إلى السلطان ، خلافا لأبى حنيفة ، إنما تفتقر إلى
الإمام ، وعليه تدلّ الآية لا على السلطان. وقد بينّا ذلك في مسائل الخلاف.
المسألة الثانية
عشرة ـ قوله تعالى : (إِذا نُودِيَ
لِلصَّلاةِ) يختصّ بوجوب الجمعة على القريب الذي يسمع النداء ، فأما
البعيد الدار الذي لا يسمع النداء فلا يدخل تحت الخطاب.
واختلف الناس فيمن
يأتى الجمعة من الداني والقاصي اختلافا متباينا بينّاه في المسائل وغيرها من
الخلافيات.
وجملة القول فيه
أنّ المحققين من علمائنا قالوا : إنّ الجمعة تلزم من كان على ثلاثة أميال من
المدينة ، لوجهين :
أحدهما ـ أنّ أهل
العوالي كانوا يأتونها على عهد النبي صلّى الله عليه وسلم ، وحكمته
أنّ الصوت إذا كان رفيعا والناس في هدوّ وسكون فأقصى سماع الصوت ثلاثة أميال ،
وهذا نظر وملاحظة إلى قوله تعالى : (نُودِيَ) ، وهو الصحيح.
فإن قيل : فإنّ
العبد والمرأة يسمعان النداء ، وقد قلتم لا تجب الجمعة عليهما.
__________________
قلنا : أمّا
المرأة فلا يلزمها خطاب الجمعة ، لأنها ليست من أهل الجماعة ، ولهذا لا تدخل في
خطابها.
وأما العبد ففي
صحيح المذهب لا تجب عليه ، لأنّ نقص الرق أثّر بصفته حتى لم تقبل شهادته ، ولا
يلزم عليه الفاسق ، لأنّ نقصه في فعله ، وهذا نقصه في ذاته ، فأشبه نقص المرأة.
ومن النكت البديعة
في سقوط الجمعة عن العبد قوله تعالى : (وَذَرُوا الْبَيْعَ) فإنما خاطب الله بالجمعة من يبيع ، والعبد والصّبي لا
يبيعان ، فإنّ العبد تحت حجر السيد ، والصبى تحت حجر الصغر.
المسألة الثالثة
عشرة ـ قوله تعالى : (إِذا نُودِيَ
لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) دليل على أنّ الجمعة لا تجب إلا بالنداء ، والنداء لا يكون
إلّا بعد دخول الوقت ، وقد روى عن أبى بكر الصديق وأحمد بن حنبل أنها تصلّى قبل
الزوال ، وتعلّق في ذلك بحديث سلمة بن الأكوع : كنّا نصلّى مع النبي صلّى الله
عليه وسلم ثم ننصرف ، وليس للحيطان ظلّ. وبحديث ابن عمر : ما كنّا نقيل ولا نتغدّى
إلا بعد الجمعة. وقد كان عمر ابن الخطاب لا يخرج إلى الجمعة حتى يغشى ظلّ الجدار
الغربي طنفسة عقيل بن أبى طالب التي كانت تطرح له عند الجدار ، وذلك بعد الزّوال.
وحديث سلمة محمول على التبكير بالجمعة. وحديث ابن عمر دليل على أنهم كانوا يبكّرون
إلى الجمعة تبكيرا كثيرا عند الغداة وقبلها فلا يتناولون ذلك إلّا بعد انقضاء الصلاة.
وقد رأى مالك أنّ
التبكير إلى الجمعة إنما يكون وقت الزوال بيسير. وتأوّل قول النبي صلّى الله عليه
وسلم : من راح في الساعة الأولى فكأنما قرّب بدنة ، ومن راح في
الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرّب كبشا
أقرن ... الحديث ـ أنه كلّه في ساعة واحدة ، وحمله سائر العلماء على ساعات النهار
الزمانية الاثنتى عشرة ساعة المستوية أو المختلفة بحسب زيادات النهار ونقصانه. وهو أصحّ ، لحديث ابن عمر: ما
كانوا يقيلون ولا يتغدون إلّا بعد الجمعة ـ يريد لكثرة البكور إليها.
__________________
المسألة الرابعة
عشرة ـ فرض الله سبحانه السعى إلى الجمعة على كل مسلم ردّا على من يقول : إنها فرض
على الكفاية ، لقول الله سبحانه : (إِذا نُودِيَ
لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا
الْبَيْعَ) ، وثبت عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال : الرواح إلى الجمعة واجب على كل مسلم. وفي الحديث : من ترك الجمعة طبع الله على قلبه
بالنفاق.
المسألة الخامسة
عشرة ـ أوجب الله السعى إلى الجمعة مطلقا من غير شرط ، وثبت شرط الوضوء بالقرآن
والسنة في جميع الصلوات ، لقوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى
الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ...) الآية ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم : لا يقبل الله صلاة بغير طهور.
وأغربت طائفة
بقوله عليه السلام : غسل الجمعة واجب على كل محتلم.
فقالت : إنّ غسل
الجمعة فرض ، وهذا باطل ، لما روى النسائي وأبو داود أن النبىّ صلّى الله عليه
وسلم قال : من توضّأ يوم الجمعة
فبها ونعمت ، ومن اغتسل
فالغسل أفضل. وهذا نصّ.
وفي صحيح مسلم ،
عن أبى هريرة ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : من توضّأ يوم الجمعة فأحسن الوضوء ، ثم
راح إلى المسجد فأنصت ولم يلغ ـ غفر له. وهذا نصّ آخر.
وفي الموطأ أنّ
رجلا دخل يوم الجمعة المسجد و [الإمام] عمر يخطب ... الحديث إلى أن قال : ما زدت على أن توضّأت.
فقال عمر : والوضوء أيضا! وقد علمت أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يأمر
بالغسل. فأمر عمر بالغسل ، ولم يأمره بالرجوع إليه ، فدلّ على أنه محمول على
الاستحباب ، فلم يمكن ، وقد تلبّس بالفرض ـ وهو الحضور والإنصات للخطبة ـ أن يرجع
عنه إلى السنّة ، وذلك بمحضر فحول الصحابة وكبار المهاجرين حوالى عمر ، وفي مسجد
النبىّ صلّى الله عليه وسلم.
__________________
المسألة السادسة
عشرة ـ لا يسقط الجمعة كونها في يوم عيد ، خلافا لأحمد بن حنبل حين قال : إذا
اجتمع عيد وجمعة سقط فرض الجمعة ، لتقدم العيد عليها ، واشتغال الناس به عنها.
وتعلق في ذلك بما
روى أنّ عثمان أذن في يوم العيد لأهل العوالي أن يتخلّفوا عن الجمعة ، وقول الواحد
من الصحابة ليس بحجة إذا خولف فيه ولم يجمع معه عليه. والأمر بالسعي متوجّه يوم العيد كتوجّهه في سائر
الأيام.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَإِذا رَأَوْا
تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ
اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
وفي ذلك ثلاث
روايات :
الأولى ـ ثبت في
الصحيح : كان رسول الله صلّى
الله عليه وسلم في صلاة الجمعة ، فدخلت عير إلى المدينة ، فالتفتوا ، فخرجوا إليها حتى لم يبق مع
النبي صلّى الله عليه وسلم غير اثنى عشر رجلا ، فنزلت : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً ...) الآية كلها.
الثانية ـ روى
محمد بن على : كان الناس قريبا من السوق ، فرأوا التجارة ، فخرجوا إليها ، وتركوا
رسول الله صلّى الله عليه وسلم يخطب قائما ، وكانت الأنصار إذا كانت لهم عرس
يمرّون بالكير يضربون به ، فخرج إليه ناس ، فغضب الله لرسوله.
الثالث ـ من حديث
مجاهد : نزلت مع دحية الكلبي
تجارة بأحجار الزيت فضربوا طبلهم ، يعرّفون بإقبالهم ، فخرج إليهم الناس بمثله
فعاتبهم الله ونزلت الآية ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو تفرّق جمعهم لسال الوادي عليهم نارا.
__________________
المسألة الثانية ـ
في هذه الآية دليل على أنّ الإمام إنما يخطب قائما ، كذلك كان النبي صلّى الله
عليه وسلم يفعل وأبو بكر وعمر. وخطب عثمان قائما حتى رقّ فخطب قاعدا.
ويروى أن أوّل من
خطب قاعدا معاوية ، ودخل كعب بن عجرة المسجد وعبد الرحمن ابن الحكم يخطب قاعدا ،
فقال : انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعدا والله تعالى يقول : (وَتَرَكُوكَ قائِماً) إشارة إلى أن فعل النبي صلّى الله عليه وسلم في القربات
على الوجوب ، ولكن في بيان المجمل الواجب لا خلاف فيه ، وفي الإطلاق مختلف فيه.
وقد قيل : إن
معاوية إنما خطب قاعدا لسنّه ، وقد
كان النبي صلّى الله عليه وسلم يخطب قائما ثم يقعد ثم يقوم ولا يتكلم في قعدته ـ رواه جابر بن سمرة ، ورواه ابن عمر في كتاب البخاري وغيره.
المسألة الثالثة ـ
قال كثير من علمائنا : إن هذا القول يوجب الخطبة ، لأنّ الله تعالى ذمّهم على
تركها ، والواجب هو الذي يذمّ تاركه شرعا حسبما بيناه في أصول الفقه. وقال ابن
الماجشون : إنها سنّة. والصحيح ما قدّمناه. والله أعلم.
سورة المنافقون
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (إِذا جاءَكَ
الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ
لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ الشهادة
تكون بالقلب ، وتكون باللسان ، وتكون بالجوارح ، فأمّا شهادة القلب فهو الاعتقاد [أو
العلم] على رأى قوم ، والعلم على رأى آخرين. والصحيح عندي أنه
الاعتقاد [والعلم] كما بيناه في أصول الفقه والدين.
وأما شهادة اللسان
فبالكلام ، وهو الركن الظاهر من أركانها ، وعليه تنبنى الأحكام ، وتترتّب الأعذار والاعتصام. قال النبىّ صلّى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا
إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقّها ، وحسابهم على
الله.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ
إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ).
إنّ البارئ سبحانه
وتعالى علم وشهد ، فهذا علمه. وشهادته قوله تعالى : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ
لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وأمثاله.
وقد يقال : شهادة
الله على ما كان من الشهادات في ذات الله ، يقال : (وَاللهُ يَشْهَدُ
إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) في قولهم بألسنتهم ما لا يعتقدونه في قلوبهم ، فخدعوا وغرّوا ، والله خادعهم وماكر بهم ، وهو
خير الماكرين.
__________________
المسألة الثالثة ـ
قال بعض الشافعية : إنّ قول الشافعى إنّ الرجل إذا قال في يمينه ـ أشهد بالله يكون
يمينا بنية اليمين.
ورأى أبو حنيفة
ومالك أنه دون النية [يمين] ، فليس الأمر كما زعم الشفعوى إنها تكون يمينا بالنية ،
ولا أرى المسألة إلا هكذا في أصلها ، وإنما غلط هذا العالم أو غلط في النقل.
وقد قال مالك :
إذا قال [الرجل] أشهد : إنه يمين إذا أراد بالله.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (اتَّخَذُوا
أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا
يَعْمَلُونَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قوله
تعالى : (اتَّخَذُوا
أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) ليس يرجع إلى قوله : (نَشْهَدُ إِنَّكَ
لَرَسُولُ اللهِ) ، وإنما يرجع إلى سبب الآية الذي نزلت عليه ، وهو ما روى
في الصحيح بألفاظ مختلفة ، منها عن أبى إسحاق ، عن زيد بن أرقم ، قال : كنت في غزاة فسمعت عبد الله بن أبىّ
يقول : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضّوا من حوله ، ولئن رجعنا إلى
المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذلّ ، فذكرت ذلك لعمى ، فذكر ذلك لرسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فدعاني فجئته ، فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى عبد
الله بن أبىّ وأصحابه. فحلفوا ما قالوا ، فكذبنى رسول الله صلّى الله عليه وسلم
وصدّقه ، فأصابنى همّ لم يصبني مثله فجلست في البيت ، فقال عمى : ما أردت إلا [إلى] أن كذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتك ، فأنزل الله
تعالى : (إِذا جاءَكَ
الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ
لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) ، فبعث إلىّ النبىّ صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله قد
صدقك. فتبين بهذا أن قوله تعالى : (اتَّخَذُوا
أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) إشارة إلى أن ابن أبىّ حلف أنه ما قال. وقد قال. وليس ذلك
يراجع إلى قوله تعالى : (نَشْهَدُ إِنَّكَ
لَرَسُولُ اللهِ) ، فاعلموه.
__________________
المسألة الثانية ـ
هذه اليمين كانت غموسا كاذبة من عديم الإيمان ، فهي موجبة للنار ، أما عدم إيمانه
فبقوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ
آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ).
وأما عدم الثواب
فيهم ووجوب العقاب لهم فبآيات الوعيد الواردة في الكفار. وقد كثر ذلك في القرآن.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما
رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ
لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ روى
الترمذي وغيره عن ابن عباس أنه قال : من كان له مال يبلّغه حجّ بيت ربّه ، أو تجب
فيه الزكاة ، فلم يفعل شيئا سأل الرجعة عند الموت. فقال رجل : يا ابن عباس ، اتّق
الله ، إنما سأل الرجعة الكفار. قال : سأتلو عليك بذلك قرآنا : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ
اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ. وَأَنْفِقُوا مِنْ ما
رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ
لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ
الصَّالِحِينَ. وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ : أَجَلُها وَاللهُ
خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ). قال : فما يوجب الزكاة؟ قال : إذا بلغ المال مائتي درهم
فصاعدا. قال : فما يوجب الحجّ؟ قال : الزاد والبعير . المسألة الثانية ـ أخذ ابن عباس بعموم الآية في الإنفاق
الواجب خاصة دون النفل. وهو الصحيح ؛ لأن الوعيد إنما يتعلق بالواجب دون النفل.
وأما تفسيره
بالزكاة فصحيح كله عموما وتقديرا بالمائتين.
وأما القول في
الحج ففيه إشكال ، لأنا إن قلنا : إن الحج على التراخي ففي المعصية في الموت قبل أدائه خلاف بين العلماء بينّاه في أصول الفقه ، فلا
تخرّج الآية عليه.
__________________
وإن قلنا : إن
الحجّ على الفور فالآية على العموم صحيح ؛ لأن من وجب عليه الحج فلم يؤدّه لقى من الله
ما يودّ أنه رجع ليأتى بما ترك من العبادات.
وأما تقدير الأمر
بالزاد والراحلة ففي ذلك خلاف بين العلماء ، وليس لكلام ابن عباس فيه مدخل ، لأجل
أنّ الرجعة والوعيد لا يدخل في المسائل المجتهد فيها والمختلف عليها ، وإنما يدخل
في المتفق عليه.
والصحيح تناوله
للواجب من الإنفاق كيف تصرف بالإجماع أو بنص القرآن ، لأجل أن ما عدا ذلك لا
يتطرّق إليه تحقيق الوعيد.
__________________
سورة التغابن
[فيها خمس آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ
لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ
صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قال
علماء التفسير : إن المراد به غبن أهل الجنة أهل النار يوم القيامة. المعنى إن أهل
الجنة أخذوا الجنة ، وأخذ أهل النار النار على طريق المبادلة ، فوقع الغبن ، لأجل
مبادلتهم الخير بالشر ، والجيد بالرديء ، والنعيم بالعذاب ، على من أخذ الأشد وحصل
على الأدنى.
فإن قيل : فأىّ
معاملة وقعت بينهما حتى يقع الغبن فيها؟
قلنا ـ وهي :
المسألة الثانية ـ
إنما هذا مثل ، لأنّ الله سبحانه خلق الخلق منقسمين على دارين : دنيا ، وآخرة ،
وجعل الدنيا دار عمل ، وجعل الآخرة دار جزاء على ذلك العمل ، وهي الدار المطلوبة
التي لأجلها خلق الله الخلق ، ولو لا ذلك لكان عبثا ، وعنده وقع البيان ، بقوله سبحانه : (أَفَحَسِبْتُمْ
أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ فَتَعالَى
اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ) ، يعنى عن ذلك وعن أمثاله مما هو منزّه عنه ، مقدّس منه ،
وبيّن سبحانه النّجدين ، وخلق للقلب المعرفة والحواسّ سبلا لها ، والعقل والشهوة يتنازعان للعلائق ، والملك يعضد العقل ،
والشيطان يحمل الشهوة ، والتوفيق قرين الملك ، والخذلان قرين الشيطان ، والقدر من
فوق [ذلك] يحمل العبد إلى ما كتب له من ذلك. وقد فرق الخلق فريقين
__________________
في أصل المقدار
وكتبهم بالقلم الأول في اللّوح المحفوظ فريقين : فريق للجنة ، وفريق للنار ،
ومنازل الكلّ موضوعة في الجنة والنار ، فإن سبق التوفيق حصل العبد من أهل الجنة ،
وكان في الجنة ، وإن سبق الخذلان على العبد الآخر فيكون من أهل النار ، فيحصل
الموفق على منزل المخذول ، ويحصل للمخذول منزل الموفق في النار ، فكأنه وقع
التبادل ، فحصل التغابن.
والأمثال موضوعة
للبيان في حكم القرآن واللغة ، وذلك كله مجموع من نشر الآثار ، وقد جاءت متفرقة في
هذا الكتاب وغيره.
المسألة الثالثة ـ
استدل علماؤنا بقوله تعالى : (ذلِكَ يَوْمُ
التَّغابُنِ) على أنه لا يجوز الغبن في معاملة الدنيا ، لأن الله تعالى خصّص التغابن بيوم القيامة ، فقال : (ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) ، وهذا الاختصاص يفيد أنه لا غبن في الدنيا ، فكلّ من اطلع
على غبن في مبيع فإنه مردود إذا زاد على الثلث ، واختاره البغداديون ، واحتجّوا
عليه بوجوه منها قوله صلّى الله عليه وسلم لحبّان بن منقذ : إذا بايعت فقل لا خلابة ، ولك الخيار ثلاثا. وهذا فيه نظر طويل بيناه في مسائل
الخلاف. نكتته ـ أنّ الغبن في الدنيا ممنوع بإجماع في حكم الدنيا ، إذ هو من باب الخداع المحرّم شرعا في كل ملّة ، لكنّ
اليسير منه لا يمكن الاحتراز منه لأحد فمضى في البيوع ، إذ لو حكمنا بردّه ما نفذ بيع أبدا ، لأنه لا يخلو منه ،
حتى إذا كان كثيرا أمكن الاحتراز منه ، فوجب الردّ به. والفرق بين القليل والكثير
أصل في الشريعة معلوم ، فقدّر علماؤنا الثلث لهذا الحدّ ، إذ رأوه حدّا في الوصية
وغيرها. ويكون معنى الآية على هذا : ذلك يوم التغابن الجائز مطلقا من غير تفصيل ،
أو ذلك يوم التغابن الذي لا يستدرك أبدا ، لأنّ تغابن الدنيا يستدرك بوجهين : إما
بردّ في بعض الأحوال على قول بعض العلماء ، وإما بربح في بيع آخر وسلعة أخرى.
__________________
فأما من خسر الجنة
فلا درك له أبدا. وقد قال بعض علماء الصوفية : إنّ الله كتب الغبن على الخلق
أجمعين ، ولا يلقى أحد ربّه إلّا مغبونا ، لأنه لا يمكنه الاستيفاء للعمل حتى يحصل
له استيفاء الثواب. وفي الأثر : قال النبي صلّى الله عليه وسلم : لا يلقى الله أحد إلّا نادما إن كان
مسيئا إذ لم يحسن. وإن كان محسنا إذ لم يزدد. والقول متشعب ، والقدر الذي يتعلق منه بالأحكام
هذا فاعلموه.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (ما أَصابَ مِنْ
مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
قال القاضي : أدخل
علماؤنا هذه الآية في فنون الأحكام ، وقالوا : إن ذلك الرضا بالقضاء والتسليم لما
ينفذ من أمر الله ، والمقدار الذي يتعلق منه بالأحكام أنّ الصبر على المصائب لعلم
العبد بالمقادير من أعمال القلوب ، وهذا خارج عن سبل الأحكام ، لكن للجوارح في ذلك
أعمال [من دمع العين ، والقول باللسان ، والعمل بالجوارح] ، فإذا هدأ القلب جرى اللسان بالحق ، وركدت الجوارح عن
الخرق ، ولو استرسل الدّمع لم يضر. قال النبي صلى الله عليه وسلم مبينا لذلك : تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول
إلا ما يرضى ربنا ، وإنّا بك يا إبراهيم لمحزونون.
وقد بينا حكم
النياحة ، وما يتعلق بها من الأعمال المكروهة فيما تقدم ، فلا وجه لإعادتها.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ
فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ).
الآية فيها ست
مسائل :
المسألة الأولى ـ قد
بينا العداوة ومقابلتها الولاية في كتاب الأمد الأقصى وغيره ،
__________________
وحققنا أنّ
الولاية هي القرب ، وأنّ العداوة هي البعد ، وأوضحنا أنّ القرب والبعد يكونان
حقيقة بالمسافة ، وذلك محال في حقّ الإله ، ويكونان بالمودة والمنزلة ، وذلك جائز
في حق الإله ، وكلا الوجهين يجوز على الخلق.
والمراد بالعداوة
هاهنا بعد المودة والمنزلة ، فإن الزوجة قريب ، والولد قريب ، بحكم المخالطة ،
والصحبة ، ولكنهما قد يقربان بالألفة الحسنة والعشرة الجميلة ، فيكونان وليّين ،
وقد يبعدان بالنفرة والفعل القبيح ، فيكونان عدوين ، وعن هذا أخبر الله سبحانه ،
ومنه حذّر ، وبه أنذر.
المسألة الثانية ـ
ثبت عن ابن عباس من طريق الترمذي وغيره أنه سأله رجل عن هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ
مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) قال : هؤلاء رجال أسلموا من أهل مكة ، وأرادوا أن يأتوا
النبىّ صلّى الله عليه وسلم ، وأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم أن يأتوا النبىّ
صلّى الله عليه وسلم ، فلما أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ورأوا الناس فقهوا
في الدين همّوا أن يعاقبوهم ، فأنزل الله عز وجل : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ
فَاحْذَرُوهُمْ).
المسألة الثالثة ـ
هذا يبين وجه العداوة ، فإن العدو لم يكن عدوّا لذاته ، وإنما كان
عدوّا لفعله ، فإذا فعل الزوج والولد فعل العدو كان عدوا ، ولا فعل أقبح من
الحيلولة بين العبد وبين الطاعة.
وفي صحيح مسلم ،
عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : إن
الشيطان قعد لابن آدم في طريق الإيمان. فقال له : أتؤمن وتذر دينك ودين آبائك ،
فخالفه فآمن. ثم قعد له على طريق الهجرة ، فقال له : أتهاجر وتترك أهلك ومالك ، فخالفه فهاجر ، فقعد له في طريق الجهاد ،
فقال : أتجاهد فتقتل نفسك وتنكح نساؤك ، ويقسم مالك ، فخالفه فجاهد فقتل ، فحقّ
على الله أن يدخله الجنة.
وقعود الشيطان يكون
بوجهين :
__________________
أحدهما ـ يكون
بالوسوسة.
والثاني ـ بأن
يحمل على ما يريد من ذلك الزوج والولد والصاحب. قال الله سبحانه : (وَقَيَّضْنا لَهُمْ
قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ). وفي حكمة عيسى عليه السلام : من اتّخذ أهلا ومالا وولدا
كان للدنيا عبدا.
وفي صحيح الحديث
بيان أدنى من ذلك في حال العبد. قال النبي صلّى الله عليه وسلم : تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ، تعس
عبد الخميصة ، تعس عبد القطيفة ، تعس فانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش ، ولا دناءة أعظم من عبادة الدينار والدرهم ، ولا همّة
أخسّ من همة ترتفع بثوب جديد.
المسألة الرابعة ـ
كما أنّ الرجل يكون له ولده وزوجه عدوّا كذلك المرأة يكون لها ولدها وزوجها عدّوا
بهذا المعنى بعينه.
وعموم قوله : (مِنْ أَزْواجِكُمْ) يدخل فيه الذكر والأنثى كدخولهما في كل آية.
المسألة الخامسة ـ
قوله : (فَاحْذَرُوهُمْ) ، معناه على أنفسكم.
والحذر على النفس
يكون بوجهين : إما لضرر في البدن ، وإما لضرر في الدّين. وضرر البدن يتعلّق
بالدنيا ، وضرر الدين يتعلق بالآخرة. فحذّر الله العبد من ذلك وأنذره به.
المسألة السادسة ـ
قوله : (وَإِنْ تَعْفُوا
وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
قال علماء التفسير
: المراد بذلك أنّ قوما من أهل مكة أسلموا ومنعهم أزواجهم وأولادهم من الهجرة ، فمنهم من قال : لئن رجعت
لأقتلنّهم ، ومنهم من قال : لئن رجعت لا ينالون منى خيرا أبدا ، فأنزل الله الآية
إلى قوله : (وَإِنْ تَعْفُوا
وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
__________________
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (إِنَّما أَمْوالُكُمْ
وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ روى
الترمذي وغيره ـ واللفظ للترمذي ـ قال : كان
النبىّ صلى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين رضى الله عنهما ، عليهما
قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل رسول الله صلّى الله عليه
وسلم [من المنبر] فحملهما ووضعهما بين يديه ، ثم قال : صدق الله ، إنما
أموالكم وأولادكم فتنة ، نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطّعت
حديثي ورفعتهما.
المسألة الثانية ـ
الفتنة ما بيناها فيما تقدم ، وهي الابتلاء ، فالمعنى أن الله ابتلى العبد بالمال
والأهل لينظر أيطيعه أم يعصيه ، حسبما ثبت في علمه وتقدم في حكمه ، فإن مال العبد إليهما خسر ، وإن صبر على العزوف
عنهما ، وأناب إلى إيثار جانب الطاعة عليهما فالله عنده أجر عظيم ، وهي الجنة
بعينها التي أخبر الله عنها بقوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ
امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ). وقد قال الشاعر :
وقد فتن الناس
في دينهم
|
|
وخلّى ابن عفّان
شرّا طويلا
|
المسألة الثالثة ـ
قوله : (وَاللهُ عِنْدَهُ
أَجْرٌ عَظِيمٌ) ، يعنى الجنة ، فهي الغاية ، ولا أجر أعظم منها في قول
المفسرين.
وعندي ما هو أعظم
منها ، وهو ما ثبت في الصحيح ، عن النبي صلّى الله عليه وسلم ، أنه قال ـ واللفظ
للبخاري ـ عن أبى سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : إن الله يقول لأهل الجنة : يأهل الجنة ،
فيقولون : لبّيك ربّنا وسعديك ، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى؟ وقد
أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك؟ فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ قالوا : يا ربنا
، وأىّ شيء أفضل من ذلك؟ فيقول : أحلّ عليكم رضواني ، فلا أسخط عليكم بعده أبدا.
__________________
ولا شك في أن
الرضا غاية الآمال ، وقد أنشد بعض الصوفية في تحقيق ذلك :
امتحن الله به خلقه
|
|
فالنار والجنة
في قبضته
|
فهجره أعظم من
ناره
|
|
ووصله أطيب من
جنّته
|
الآية الخامسة ـ قوله
تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ
وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
فيها ثمان مسائل :
المسألة الأولى ـ في
التقوى :
قد بينا حقيقة
التقوى فيما تقدم ، فلا وجه لإعادته.
المسألة الثانية ـ
روى زيد بن أسلم ، عن أبيه أنه قال ـ في قول الله عز وجل : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا
وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) يقول مطيعين ـ قال: فلم يدر أحد ما حقّ تقاته من عظم حقه
تبارك وتعالى. ولو اجتمع أهل السموات والأرض على أن يبلغوا حقّ تقاته ما بلغوا.
قال : فأراد الله أن يعلم خلقه قدرته. ثم نسخها وهوّن على خلقه بقوله تبارك وتعالى
: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ) فلم يدع لهم مقالا.
فلو قلت لرجل :
اتّق الله حقّ تقاته رأى أنك كلفته شططا من أمره. فإذا قلت : اتق الله ما استطعت
رأى أنك لم تكلفه شططا ، وهي قوله : (وَإِنْ تَعُدُّوا
نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ). نسختها الآية التي في النحل : (وَإِنْ تَعُدُّوا
نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ).
المسألة الثالثة ـ
ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ،
وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه. وقد ذكرنا في مواضع ، وهاهنا ، وفيما تقدم ، وبينّا حكمة ربط الأمر بالاستطاعة
، وإطلاق النهى على الجملة ، وهاهنا قد قرن النهى بالاستطاعة أيضا ، فقال : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).
وعموم التقوى يتعلق
بالأمر والنهى ، ومن النهى ما يقف على الاستطاعة ، وهو إذا
__________________
تعلّق بأمر مفعول.
وقد حققناه في شرح الحديث وأصول الفقه.
المسألة الرابعة ـ
إن جماعة من المفسرين رووا أن هذه الآية : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ
تُقاتِهِ) لما نزلت قام قوم حتى تورّمت أقدامهم ، وتقرّحت جباههم ،
فأنزل الله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ) ، فنسخ ذلك ، وقد بيناه فيما تقدم وفي القسم الثاني من علوم القرآن ، وهو قسم
الناسخ والمنسوخ.
المسألة الخامسة ـ
قوله : (وَاسْمَعُوا
وَأَطِيعُوا)
فيه قولان :
أحدهما ـ أصغوا
إلى ما ينزل عليكم من كتاب الله ، وهو الأصل في السماع.
الثاني ـ أن معناه
اقبلوا ما تسمعون ، وعبّر عنه بالسماع ، لأنه فائدته على أحد قسمي المجاز الذي
بيناه في غير موضع.
المسألة السادسة ـ
قوله : (أَطِيعُوا) ، وقد تقدم بيان الطاعة ، وأنها الانقياد.
المسألة السابعة ـ
(وَأَنْفِقُوا) :
قيل : هو الزكاة.
وقيل : هو النفقة في النّفل ، وقيل : نفقة الرجل على نفسه. وإنما أوقع قائل ذلك
فيه قوله : (لِأَنْفُسِكُمْ) ، وخفى عليه أن نفقة الفرض والنّفل على الصدقة هي نفقة
الرجل على نفسه ، قال الله تعالى : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ
لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) ، وكلّ ما يفعله الرجل من خير فلنفسه .
والصحيح أنها عامة
، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه
قال له رجل : عندي دينار. قال : أنفقه على نفسك. قال : عندي آخر. قال : أنفقه على
عيالك. قال : عندي آخر.
قال
: أنفقه على ولدك. قال : عندي آخر. قال : تصدّق به. فبدأ بالنفس والأهل والولد ، وجعل الصدقة بعد ذلك ، وهو
الأصل في الشرع.
المسألة الثامنة ـ
قوله تعالى : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ
نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) :
تقدم بيانه في
سورة الحشر .
__________________
سورة الطلاق
[فيها خمس آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا
الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا
يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ، وَتِلْكَ حُدُودُ
اللهِ ، وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ
اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً).
فيها ست عشرة
مسألة :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
وفيه قولان :
أحدهما ـ أن
النبىّ صلّى الله عليه وسلم طلق حفصة ، فلما أتت أهلها أنزل الله الآية. وقيل له :
راجعها فإنها صوّامة قوّامة ، وهي من أزواجك في الجنة.
الثاني ـ أنها
نزلت في عبد الله بن عمر أو عبد الله بن عمرو ، وعيينة بن عمرو ، وطفيل ابن الحارث ، وعمرو بن سعيد بن العاص.
وهذا كلّه وإن لم يكن صحيحا فالقول الأول أمثل. والأصحّ فيه أنها بيان لشرع مبتدأ.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) :
فيه قولان :
أحدهما ـ أنه خطاب
للنبي عليه السلام بلفظ الإفراد على الحقيقة له ، وقوله : (طَلَّقْتُمُ) خبر عنه على جهة التعظيم بلفظ الجمع.
الثاني ـ أنه خطاب
للنبي صلّى الله عليه وسلم ، والمراد به أمته ، وغاير بين اللفظين من حاضر وغائب ،
[وذلك] لغة فصيحة . كما قال : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ
فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ
__________________
بِرِيحٍ
طَيِّبَةٍ) ، تقديره يا أيها النبىّ قل لهم إذا طلّقتم النساء
فطلّقوهنّ لعدتهن. وهذا هو قولهم : إن الخطاب له وحده لفظا ، والمعنى له
وللمؤمنين. وإذا أراد الله الخطاب للمؤمنين لاطفه بقوله : يا أيها النبي. وإذا كان
الخطاب باللفظ والمعنى جميعا له قال : يا أيها الرسول.
وقيل : المراد به
نداء النبىّ صلى الله عليه وسلم تعظيما ، ثم ابتدأ فقال : (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) كقوله : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ) ، فذكر المؤمنين على معنى تقدمتهم وتكرمتهم ، ثم افتتح
فقال : (إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ ...) الآية.
قال القاضي :
الصحيح أنّ معناها : يا أيها النبي إذا طلقت أنت ـ والمخبرون الذين أخبرتهم بذلك ـ
النساء فليكن طلاقهنّ كذا ، وساغ هذا لما كان النبي يقضى منبأ. وهذا كثير في اللغة
صحيح فيها.
المسألة الثالثة ـ
قوله تعالى : (لِعِدَّتِهِنَ) يقتضى أنهنّ اللاتي دخل بهن من الأزواج ، لأن غير المدخول
بهنّ خرجن بقوله : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ
قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها).
المسألة الرابعة ـ
قوله : (لِعِدَّتِهِنَ) قيل : المعنى في عدّتهن ، واللام تأتى بمعنى في ، قال الله
تعالى : (يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ
لِحَياتِي) ، أى في حياتي. وهذا فاسد حسبما بيناه في رسالة الملجئة
وإنما المعنى فيه : فطلقوهن لعدّتهنّ التي تعتبر. واللام على أصلها ، كما تقول :
افعل كذا لكذا ، ويكون مقصود الطلاق والاعتداد مآله الذي ينتهى إليه ، وكذلك قوله تعالى : (يا لَيْتَنِي
قَدَّمْتُ لِحَياتِي) ، يعنى حياة القيامة التي هي الحياة الحقيقة الدائمة.
المسألة الخامسة ـ
ما هذه العدّة؟
فقال مالك
والشافعى : هو زمان الطهر ، وقال أبو حنيفة : هو زمان الحيض. وقد بيّنا ذلك في
سورة البقرة .
__________________
ولما أراد الله
تعالى أن يبيّن أنها الطّهر قرأها النبىّ صلّى الله عليه وسلم ، لقبل عدتهن تفسيرا لا قرآنا ، رواه ابن عمر ، وابن مسعود ، وابن
عباس ، وثبت في الصحيحين عن النبىّ. صلّى الله عليه وسلم ، من رواية ابن عمر : أنه طلّق امرأته وهي حائض ، فذكر ذلك
عمر لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ، [فتغيّظ رسول الله صلّى الله عليه وسلم] فقال : مره فليراجعها ، ثم [يمسكها] حتى تحيض ، ثم تطهر ، ثم تحيض فتطهر ، فإن بدا له أن
يطلّقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسّها ، فتلك العدّة التي أمر الله أن يطلق لها
النساء. وهذا بالغ قاطع ، لأجل هذا قال علماؤنا ـ وهي :
المسألة السادسة ـ
إن الطلاق على ضربين : سنّة وبدعة ، واختلف في تفسيره ، فقال علماؤنا : طلاق السنة
ما جمع سبعة شروط ، وهي أن يطلقها واحدة ، وهي ممن تحيض ، طاهرا لم يمسّها في ذلك
الطهر ، ولا تقدّمه طلاق في حيض ، ولا تبعه طلاق في طهر يتلوه ، وخلا عن العوض ،
وهذه الشروط السبعة مستقرآت من حديث ابن عمر المتقدم ، حسبما بيناه في شرح الحديث
ومسائل الفقه.
وقال الشافعى :
طلاق السنة أن يطلّقها في كل طهر طلقة ، ولو طلقها ثلاثا في طهر لم يكن بدعة.
وقال أبو حنيفة :
طلاق السنة أن يطلّقها في كل قرء طلقة. يقال ذلك لفقه يتحصل ، وهو : أنّ السنة عندنا في الطلاق تعتبر
بالزمان والعدد. وفارق مالك أبا حنيفة بأنّ مالك قال : يطلّقها واحدة في طهر لم
يمسها فيه ، ولا يتبعه طلاق في العدة ، ولا يكون الطهر تاليا لحيض وقع في الطلاق
، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم : مره
فليراجعها ، ثم ليمسكها حتى تحيض ، ثم تطهر ، ثم تحيض فتطهر ، فتلك العدة التي أمر
الله أن يطلّق لها النساء. وقال الشعبي : يجوز أن يطلقها في طهر جامعها فيه.
وتعلق الشافعى
بظاهر قوله : (فَطَلِّقُوهُنَّ
لِعِدَّتِهِنَ) ، وهذا عامّ في كل طلاق ، كان واحدة
__________________
أو اثنتين. وإنّما
راعى الله سبحانه الزمان في هذه الآية ولم يعتبر العدد ، وهذه غفلة عن الحديث
الصحيح ، فإنه قال فيه : مره فليراجعها ، وهذا يدفع الثلاث.
وفي الحديث أنه
قال : أرأيت لو طلقها ثلاثا؟
قال له حرمت عليك ، وبانت منك بمعصية.
وقال أبو حنيفة :
ظاهر الآية يدلّ على أنّ الطلاق الثلاث والواحدة سواء. وهو مذهب الشافعى : ولو لا
قوله بعد ذلك : (لا تَدْرِي لَعَلَّ
اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً). وهذا يبطل دخول الثلاث تحت الآية. وكذلك قال أكثر العلماء
، وهو نمط بديع لهم.
وأما مالك فلم يخف
عليه إطلاق الآية كما قالوا ، ولكن الحديث فسرها كما قلنا ، وبيانه التام في شرح
الحديث وكتب المسائل.
وأما قول الشعبي : إنه يجوز طلاق في طهر جامع فيه فيردّه حديث ابن عمر بنصه
ومعناه ، أما نصّه فقد قدمناه. وأما معناه فلأنه إذا منع من طلاق الحائض لعدم
الاعتداد به فالطهر المجامع فيه أولى بالمنع ، لأنه يسقط الاعتداد به وبالحيض
التالي له.
المسألة السابعة ـ
قوله : (وَأَحْصُوا
الْعِدَّةَ) :
معناه احفظوها ،
تقديره احفظوا الوقت الذي وقع فيه الطلاق ، حتى إذا انفصل المشروط منه وهو الثلاثة
قروء في قوله : (وَالْمُطَلَّقاتُ
يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) حلّت للأزواج.
وهذا يدلّ على أنّ
العدّة هي بالأطهار وليست بالحيض. ويؤكّده ويفسره قراءة النبىّ صلّى الله عليه
وسلم : لقبل عدّتهن. وقبل الشيء بعضه لغة وحقيقة ، بخلاف استقباله فإنه يكون
غيره.
المسألة الثامنة ـ
من المخاطب بأمر الإحصاء؟ وفيه ثلاثة أقوال :
أحدها ـ أنهم
الأزواج.
الثاني ـ أنهم
الزوجات.
الثالث ـ أنهم
المسلمون.
والصحيح أن
المخاطب بهذا اللفظ الأزواج ، لأن الضمائر كلها من (طَلَّقْتُمُ)
__________________
و (أَحْصُوا) و (لا تُخْرِجُوهُنَ) على نظام واحد يرجع إلى الأزواج ، ولكن الزوجات داخلة فيه
بالإلحاق بالزوج ، لأنّ الزوج يحصى ليراجع ، وينفق أو يقطع ، وليسكن أو يخرج ،
وليلحق نسبه أو يقطع. وهذه كلّها أمور مشتركة بينه وبين المرأة ، وتنفرد المرأة
دونه بغير ذلك. وكذلك الحاكم يفتقر إلى الإحصاء للعدة للفتوى عليها وفصل الخصومة
عند المنازعة فيها ، وهذه فوائد الإحصاء المأمور به.
المسألة التاسعة ـ
فيما لا يتمّ الإحصاء إلا به ، وهو معرفة أسباب العدّة ، ومحلها ، وأنواعها :
فأما أسبابها
فأربعة : وهي الطلاق ، والفسخ ، والوفاة ، وانتقال الملك. [والملك] والوفاة مذكوران في القرآن ، والفسخ محمول على الطلاق ،
لأنه في معناه ، أو هو هو. والاستبراء مذكور في السنة ، وليس بعدّة ، لأنه حيضة
واحدة ، وسميت مدة الاستبراء عدة لأنها مدة ذات عدد تعتبر بحل وتحريم.
وأما محلها فهي
الحرة والأمة.
وأما أنواعها فهي
أربعة : ثلاثة أقراء ، كما قال الله تعالى في سورة البقرة : وثلاثة أشهر. ووضع الحمل ،
كما جاء في هذه السورة. وسنة كما جاء في السنة ، فهذه جملتها ، وفيها تفاصيل عظيمة
باختلاف الأسباب وتعارضها ، واختلاف أحوال النساء ، والتداخل الطارئ عليها ،
والعوارض اللاحقة لها ، بيانها في مسائل الفقه. ومحصولها اللائق بهذا الفن الذي
تصدّينا له أربعة أقسام :
القسم الأول ـ المعتادة.
القسم الثاني ـ متأخر
حيضها لعذر.
الثالث ـ الصغيرة .
القسم الرابع ـ الآيسة
.
فأما المعتادة
فعدّتها ثلاثة قروء. وتحلّ إذا طعنت في الحيضة الثالثة ، لأن الأطهار هي الأقراء ،
وقد كملت ثلاثة.
وأما من تأخّر
حيضها لمرض ، فقال مالك ، وابن القاسم ، وعبد الله ، وأصبغ : تعتدّ
__________________
تسعة أشهر ، ثم
ثلاثة. وقال أشهب : هي كالمرضع بعد الفطام بالحيض أو بالسنة ، وقد طلق. حبان بن
منقذ امرأته وهي ترضع فمكثت سنة لا تحيض لأجل الرضاع ، ثم مرض حبان ، فخاف أن ترثه
إن مات فحاصمها إلى عثمان ، وعنده علىّ وزيد ، فقالا : نرى أن ترثه ، لأنها ليست
من القواعد ، ولا من الصغار ، فمات حبان ، فورثته ، واعتدّت عدة الوفاة. ولو تأخّر
الحيض لغير مرض ولا رضاع فإنها تنتظر سنة لا حيض فيها : تسعة أشهر ثم ثلاثة ، فتحلّ ما لم ترتب بحمل ، فإن ارتابت بحمل أقامت
أربعة أعوام أو خمسة أو سبعة على اختلاف الروايات عن علمائنا. ومشهورها خمسة أعوام
، فإن تجاوزتها حلت.
وقال أشهب : لا
تحل أبدا حتى تنقطع عنها الريبة ، وهو الصحيح ، لأنه إذا جاز أن يبقى الولد في
بطنها خمسة أعوام جاز أن يبقى عشرة وأكثر من ذلك.
وقد روى عن مالك
مثله.
وأما التي جهل
حيضها بالاستحاضة ففيها ثلاثة أقوال :
الأول ـ قال ابن
المسيب : تعتد سنة ، وهو مشهور قول علمائنا.
وقال ابن القاسم :
تعتد ثلاثة أشهر بعد تسعة.
وقال الشافعى في
أحد أقواله : عدّتها ثلاثة أشهر. وهو قول جماعة من التابعين والمتأخرين من
القرويين ، وهو الصحيح عندي.
وأما المرتابة
فقاسها قوم عليها. والصحيح أنها تبقى أبدا حتى تزول الريبة.
وأما الصغيرة
فعدّتها ثلاثة أشهر كيفما كانت حرّة ، أو أمة ، مسلمة ، أو كتابية في المشهور
عندنا. وقال ابن الماجشون : إن كانت أمة فعدّتها شهر ونصف. وقال آخرون : شهران. والصحيح
أنّ الحيضة الواحدة تدلّ على برائة الرحم ، والثانية تعبّد ، فلذلك جعلت قرائن على
النصف من الحرة على ما تقدم في سورة البقرة ، فانظره هنالك مجردا.
وأما الأشهر فإنها
دليل على براءة الرحم لأجل تقدير المدة التي يخلق الله فيها الولد ، وهذا تستوي
فيه الحرة والأمة. ويعارضه أنّ عدة الوفاة عندهم شهران ، وخمس ليال ، وأجل الإيلاء
شهران ، وأجل العنّة نصف عام. والأحكام متعارضة.
__________________
وأما الآيسة فهي
مثلها ، وإذا أشكل حال اليائسة كالصغيرة لقرب السنين وغيرهما من الجهتين فإنّ عدّتها ثلاثة أشهر ، ولا يعتبر بالدم إلا
أن ترتاب مع الأشهر فتذهب بنفسها إلى زوال الريبة.
المسألة العاشرة ـ
قوله : (لا تُخْرِجُوهُنَّ
مِنْ بُيُوتِهِنَّ ، وَلا يَخْرُجْنَ) :
جعل الله للمطلقة
المعتدّة السكنى فرضا واجبا وحقّا لازما هو الله سبحانه وتعالى ، لا يجوز للزوج أن
يمسكه عنها ، ولا يجوز لها أن تسقطه عن الزوج ، وهذه مسألة عسيرة على أكثر
المذاهب.
قال مالك : لكل
مطلقة السكنى ، كان الطلاق واحدا أو ثلاثا.
وقال قتادة وابن
أبى ليلى : لا سكنى إلا للرجعية. [وقال الضحاك : لها أن تترك السكنى ، فجعله حقّا
لها ، وظاهر القرآن أن السكنى للمطلقة الرجعية] ، لقوله تعالى : (لا تَدْرِي لَعَلَّ
اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً). وإنما عرفنا وجوبه لغيرها من دليل آخر بيّناه في مسائل
الخلاف وشرح الحديث ، وذكرنا التحقيق فيه. وأما قول الضحاك فيردّه قول الله تعالى
: (لا تُخْرِجُوهُنَّ
مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ) ، وهذا نصّ.
المسألة الحادية
عشرة ـ قوله : (مِنْ بُيُوتِهِنَ) إضافة إسكان ، وليست إضافة تمليك ، كقوله تعالى : (وَاذْكُرْنَ ما
يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ) ، وقد بينا ذلك في سورة الأحزاب.
وقوله : (لا تُخْرِجُوهُنَ) يقتضى أن يكون حقّا على الأزواج ، ويقتضى قوله : (وَلا يَخْرُجْنَ) أنه حقّ على
الزوجات.
المسألة الثانية
عشرة ـ ذكر الله الإخراج والخروج عاما مطلقا ، ولكن روى مسلم ،
عن جابر أنّ النبي صلّى
الله عليه وسلم أذن لخالته في الخروج في جداد نخلها.
وفي صحيح البخاري
ومسلم معا ، قال النبي صلّى
الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس ـ وكان
زوجها طلقها آخر ثلاث تطليقات : لا نفقة لك ولا سكنى.
__________________
وقالت عائشة : لا
خير لها في ذكر هذا الحديث.
وفي مسلم :
قالت فاطمة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم : أخاف أن يقتحم علىّ. قال : اخرجى.
وفي البخاري ، عن
عائشة : كانت في مكان وحش ، فخيف عليها. وقال مروان : حيث عيب عليه نقل بنت عبد
الرحمن بن الحكم حين طلقها يحيى بن سعيد بن العاص. وذكر حديث فاطمة إن كان بك الشر
فحسبك ما بين هذين من الشر.
وثبت في الصحيح
أنّ عمر قال في حديث فاطمة بنت قيس : لا ندع كتاب الله ولا سنّة نبينا ، لقول امرأة لا تدرى أحفظت أم نسيت. فأنكر
عمر وعائشة حديث فاطمة بنت قيس ، لكن عمر ردّه بعموم القرآن ، وردته عائشة بعلّة
توحّش مكانها ، وقد قيل : إنه لم يخصص عموم القرآن بخبر الواحد ، وقد بينا ذلك في
أصول الفقه.
وفي الصحيح أن
فاطمة بنت قيس قالت : بيني وبينكم كتاب الله ، قال الله تعالى : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ
بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) ، فأىّ أمر يحدث بعد الثلاث. فتبين أن الآية في تحريم
الإخراج والخروج إنما هو في الرجعية ، وصدقت. وهكذا هو في الآية الأولى ، ولكن ذلك
في المبتوتة ثبت من الآية الأخرى ، وهو قوله تعالى : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ
حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) حسبما يأتى بيانه إن شاء الله تعالى.
وجاء من هذا أنّ
لزوم البيت للمعتدة شرع لازم ، وأن الخروج للحدث والبذاء والحاجة إلى المعاش وخوف
العورة من المسكن جائز بالسنة. والله أعلم.
المسألة الثالثة
عشرة ـ في صفة الخروج :
أما الخروج لخوف
البذاء والتوحّش والحاجة إلى المعاش ، فيكون انتقالا محضا.
وأما الخروج
للتصرف للحاجات فيكون بالنهار دون الليل ، إذ لا سبيل لها إلى المبيت عن منزلها ،
وإنما تخرج بالإسفار وترجع قبل الإغطاش وتمكّن فحمة الليل ، قال مالك : ولا تفعل
ذلك دائما ، وإنما أذن لها فيه إن احتاجت إليه ، وإنما يكون خروجها ، في العدة
__________________
كخروجها في النكاح
، لأن العدة فرع النكاح ، لكن النكاح يقف الخروج فيه على إذن الزوج ، ويقف في
العدة على إذن الله ، وإذن الله إنما هو بقدر العذر الموجب له بحسب الحاجة إليه.
المسألة الرابعة
عشرة ـ لما قال الله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ
مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ) وكان هذا في المطلقة الرجعية كما بينا كانت السكنى حقّا
عليهنّ لله ، وكانت النفقة حقا على الأزواج ، فسقطت بتركهنّ ، وكان ذلك دليلا على
أنّ التفقه من أحكام الرجعة ، والسكنى من حقوق العدة.
المسألة الخامسة
عشرة ـ قوله : (إِلَّا أَنْ
يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ).
اختلف الناس في
ذلك على أربعة أقوال :
الأول ـ أنه
الزنا.
الثاني ـ أنه
البذاء ، قاله ابن عباس وغيره.
الثالث ـ أنه كل
معصية. واختاره الطبري.
الرابع ـ أنه
الخروج من البيت ، واختاره ابن عمر.
فأما من قال : إنه
الخروج للزنا فلا وجه له ، لأن ذلك الخروج هو خروج القتل والإعدام ، وليس ذلك
بمستثنى في حلال ولا حرام.
وأما من قال : إنه
البذاء فهو معتبر في حديث فاطمة بنت قيس.
وأما من قال : إنه
كلّ معصية فوهم ، لأن الغيبة ونحوها من المعاصي لا تبيح الإخراج ولا الخروج.
وأما من قال : إنه
الخروج بغير حق فهو صحيح. وتقدير الكلام : لا تخرجوهنّ من بيوتهن ولا يخرجن شرعا
إلا أن يخرجن تعدّيا.
وتحقيق القول في
الآية أن الله تعالى أوجب السكنى ، وحرم الخروج والإخراج تحريما.
__________________
عاما ، وقد ثبت في
الحديث الصحيح ما بيناه ، ورتّبنا عليه إيضاح الخروج الممنوع من الجائز ، والله
أعلم.
المسألة السادسة
عشرة ـ قوله : (لا تَدْرِي لَعَلَّ
اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) قال جميع المفسرين : أراد بالأمر هاهنا الرغبة في الرجعة ، ومعنى
القول : التحريض على طلاق الواحدة ، والنهى عن الثلاث ، فإنه إذا طلق ثلاثا أضرّ
بنفسه عند الندم على الفراق ، والرغبة في الارتجاع ، ولا يجد عند إرادة الرجعة سبيلا. وكما أن قوله : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) فيه الأمر بالطلاق في طهر لم يجامع [فيه لئلا يضر بالمرأة
في تطويل العدة ، فكذلك قوله : (لَعَلَّ اللهَ
يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) فيه] النهى عن طلاق الثلاث ، لئلا تفوت الرجعة عند ما يحدث له
من الرغبة.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (فَإِذا بَلَغْنَ
أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ،
وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ).
فيها ثلاث عشرة
مسألة :
المسألة الأولى ـ قوله
: (فَإِذا بَلَغْنَ
أَجَلَهُنَ) ، يعنى قاربن بلوغ أجلهنّ ، يعنى الأجل المقدّر في انقضاء
العدة. والعبارة عن مقاربة البلوغ [بالبلوغ] سائغ لغة ومعلوم شرعا. ومنه ما ثبت في الصحيح أن ابن أم
مكتوم كان لا ينادى حتى يقال له أصبحت ، يعنى قاربت الصّبح ، ولو كان لا ينادى حتى يرى [وكيله] الصبح عليه ، ثم يعلمه هو ، فيرقى على السطح بعد ذلك يؤذّن
لكان الناس يأكلون جزءا من النهار بعد طلوع الفجر ، فدلّ على أنه إنما كان يقال له
: أصبحت ، أى قاربت ، فينادى فيمسك الناس عن الأكل في وقت ينعقد لهم فيه الصوم قبل
طلوع الفجر ، أو معه. وفي معناه قول الشماخ :
وتشكو بعين ما أكلّ
ركابها
|
|
وقيل المنادى
أصبح القوم أدلج.
|
يعنى قارب القوم
الصباح.
__________________
المسألة الثانية ـ
قوله : (فَأَمْسِكُوهُنَ) ، يعنى بالرجعة ، أو فارقوهنّ ، وهي :
المسألة الثالثة ـ
معناه أو اتركوهنّ على حكم الطلاق الأول ، فيقع الفراق عند انقضاء العدة بالطلاق
الماضي لترك الإمساك بالرجعة ، إذ قد وقع الفراق به ، وإنما له الاستدراك بالتمسك
بالتصريح بالرجعة المناقض للتصريح بالطلاق ، وسمى التمادي على حكم الفراق وترك
التمسك بالتصريح بالرجعة فراقا مجازا.
المسألة الرابعة ـ
قوله : (بِمَعْرُوفٍ) ، فيه قولان :
أحدهما ـ بمعلوم
من الإشهاد.
الثاني ـ القصد
إلى الخلاص من النكاح عند تعذّر الوصلة مع عدم الألفة لا بقصد الإضرار ، حسبما كان
يفعله أهل الجاهلية ، كانوا يطلّقون المرأة حتى إذا أشرفت على انقضاء العدّة أشهد
برجعتها حتى إذا مر لذلك مدة طلّقها هكذا ، كلما ردها طلقها ، فإذا أشرفت على
انقضاء العدة راجعها ، لا رغبة ، لكن إضرارا وإذاية ، فنهوا أن يمسكوا أو يفارقوا
إلا بالمعروف ، كما تقدم في سورة البقرة في قوله : (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ
ضِراراً لِتَعْتَدُوا). وقوله : (فَإِمْساكٌ
بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ).
المسألة الخامسة ـ
قوله : (فَإِذا بَلَغْنَ).
يوجب أن يكون
القول قول المرأة في انقضاء العدة إذا ادّعت ذلك فيما يمكن ، على ما بينّاه في
قوله : (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ
أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ) في سورة البقرة.
المسألة السادسة ـ
(فَأَمْسِكُوهُنَّ
بِمَعْرُوفٍ).
اختلف العلماء فيه
كاختلافهم في قوله : وبعولتهنّ أحقّ بردّهنّ في ذلك» ، وقد بيّناه في سورة
البقرة ، تمامه أن الزوج له الرجعة في العدة بلا خلاف ، والرجعة تكون بالقول
والفعل عندنا ، وبه قال أبو حنيفة والليث. وقال الشافعى : لا تصحّ إلا بالقول.
__________________
وقد اختلف فيه التابعون قديما ، بيد أن علماءنا قالوا : إن الرجعة لا
تكون بالفعل ، حتى تقترن به النية ، فيقصد بالوطء أو القبلة الرجعة و بالمباشرة كلها.
وقال أبو حنيفة
والليث : الوطء مجردا رجعة ، وهذا ينبنى على أصل ، هو :
المسألة السابعة ـ
هل الرجعية محرمة الوطء أم لا؟
فعندنا أنها محرمة
الوطء ، وبه قال ابن عمر وعطاء.
وقال أبو حنيفة :
وطؤها مباح ، وبه قال أحمد في إحدى روايتيه.
واحتجوا بأنه طلاق
لا يقطع النكاح ، فلم يحرّم الوطء ، كما لو قال : إن قدم زيد فأنت طالق. وهذا لا
يصح ، لأنّ الطلاق المعلق بقدوم زيد لم يقع ، وهذا طلاق واقع فيجب أن يؤثر في
تحريم الوطء المقصود من العقد ، لا سيما وهي جارية [به] إلى بينونة خارجة عن العصمة ، فإذا ثبت أنها محرّمة الوطء
فلا بدّ من قصد الرد ، وحينئذ يصح معه الرد.
قال الشافعى : لا
تكون الرجعة بالفعل ، وإنما تكون بالقول ، ولا معتمد له من القرآن والسنة ، ولنا
كل ذلك ، فأما القرآن فقوله : (فَأَمْسِكُوهُنَّ
بِمَعْرُوفٍ) ، وهذا ظاهر في القول والفعل ، إذ الإمساك يكون بهما عادة
، ويكون شرعا ، ألا ترى أنّ خيار المعتقة يكون إمساكها بالقول بأن تقول : اخترت ،
وبالفعل بأن تمكّن من وطئها ، ولذلك قال تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ
أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ) ، والردّ يكون تارة بالقول ، وتارة بالفعل. ومن عجيب الأمر
أن للشافعي قولين في قول الرجل للمطلقة الرجعية أمسكتها ، هل يكون رجعة أم لا؟ قال
القاضي أبو مظفر الطبري : لا يكون رجعة ، لأنّ استباحة الوطء لا تكون إلا بلفظين ،
وهما قوله : راجعت ، أو رددت ، كما يكون النكاح بلفظين وهما قوله : زوجت ، أو نكحت
، وهذا من ركيك الكلام الذي لا يليق بمنصب ذلك الإمام من وجهين :
أحدهما ـ أنه
تحكم.
__________________
والثاني ـ أنه لو
صحّ أن يقف على [لفظين لكان وقوفه على] لفظي القرآن ، وهما رددت وأمسكت اللذان جاءا في سورة
البقرة ، وهاهنا أولى من لفظ راجعت الذي لم يأت في القرآن ، بيد أنه جاء في السنة في
قول النبي صلّى الله عليه وسلم لعمر : مره
فليراجعها ، كما جاء في السنة
لفظ ثالث في النكاح ، وهو في شأن الموهوبة ، إذ قال له النبي صلى
الله عليه وسلم : اذهب فقد ملكتها بما معك من القرآن ، فذكر النكاح بلفظ التمليك.
المسألة الثامنة ـ
من قول علمائنا ـ كما تقدم : إن الرجعة تكون بالقول والفعل مع النية ، فلو خلا ذلك
من نيّة ، أو كانت نية دون قول أو فعل ما حكمه؟
قال أشهب في كتاب
محمد : إذا عرى القول أو الفعل عن النية فليسا برجعة.
وفي المدوّنة أن
الوطء العاري [من نية ليس برجعة ، والقول العاري] عن النية جعله رجعة ، إذا قال : راجعتك وكنت هازلا ، فعلى قول علىّ بأن النكاح بالهزل لا يلزم فلا يكون رجعة ، فإن كانت رجعة بالنية دون قول أو فعل فحمله
القرويون على قول مالك في الطلاق واليمين إنه يصح بالنية دون قول ، ولا يصحّ ذلك
حسبما بيناه في المسائل الخلافية ، لأنّ الطلاق أسرع في الثبوت من النكاح.
المسألة التاسعة ـ
قوله : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ
عَدْلٍ مِنْكُمْ).
وهذا ظاهر في
الوجوب بمطلق الأمر عند الفقهاء ، وبه قال أحمد بن حنبل في أحد قوليه ، والشافعى.
وقال مالك ، وأبو
حنيفة ، وأحمد ، والشافعى ـ في القول الآخر : إنّ الرجعة لا تفتقر إلى القبول ،
فلم تفتقر إلى الإشهاد ، كسائر الحقوق ، وخصوصا حلّ الظهار بالكفارة.
وركّب أصحاب
الشافعى على وجوب الإشهاد في الرجعة أنه لا يصحّ أن يقول : كنت راجعت أمس ، وأنا
أشهد اليوم ، لأنه إشهاد على الإقرار بالرجعة ، ومن شرط الرجعة الإشهاد عليها ،
فلا تصح دونه ، وهذا فاسد مبنى على أنّ الإشهاد في الرجعة تعبد ، ونحن لا نسلّم
__________________
فيها ولا في
النكاح ، بل نقول : إنه موضوع للتوثق ، وذلك موجود في الإقرار ، كما هو موجود في الإنشاء
، وبيناه في مسائل الخلاف.
المسألة العاشرة ـ
وهي فرع غريب : إذا راجعها بعد أن ارتدّت لم تصح الرجعة. وقال المزني : تصح لعموم
قوله : (فَإِذا بَلَغْنَ
أَجَلَهُنَ) ، وهذا عام في كل زوجة مسلمة أو مرتدة ، ولأنّ الرجعة تصحّ
في حال كونها محرمة بالإحرام والحيض ، كذلك الردة ، وهذا فاسد ، فإنّ الرجعة
استباحة فرج محرم ، فلم تجز مع الردة ، كالنكاح ، والمحرمة والحائض ليستا
بمحرّمتين عليه ، فإنه تجوز الخلوة بهما لزوجهما.
المسألة الحادية
عشرة ـ لو قال بعد العدة : كنت راجعتها وصدّقته جائز ، ولو أنكرت حلفت ، وذلك في
مسائل الخلاف مشروح ، وهو مبنيّ على القول بإعمال الإقرار في الرجعة.
المسألة الثانية
عشرة ـ قوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ
عَدْلٍ مِنْكُمْ).
وهذا يوجب اختصاص
الشهادة على الرجعة بالذكور دون الإناث ، لأن قوله : (ذَوَيْ) مذكر ، ولذلك قال علماؤنا : لا مدخل لشهاده النساء فيما
عدا الأموال ، وقد بينا ذلك في سورة البقرة .
المسألة الثالثة
عشرة ـ قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا
الشَّهادَةَ لِلَّهِ).
يعنى لا تضيّعوها
ولا تغيّروها ، وأتوا بها على وجهها ، وقد بينا ذلك في سورة البقرة.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ
مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ
أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ
يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً).
فيها ست مسائل :
المسألة الأولى :
قوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ
مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ).
وهذه آية مشكلة ،
واختلف أصحابنا في تأويلها على ثلاثة أقوال :
__________________
الأول ـ أن معناها
إذا ارتبتم. وحروف المعاني يبدل بعضها من بعض ، والذين قالوا هذا اختلفوا في الوجه
الذي رجعت فيه إن بمعنى إذا ، فمنهم من قال : إن ذلك راجع إلى ما روى أنّ أبىّ بن
كعب قال للنبي صلّى الله عليه وسلم : يا
رسول الله ، إنّ الله قد بيّن لنا عدّة الحائض بالأقراء فما حكم الآيسة والصغيرة؟ فأنزل الله الآية.
ومنهم من قال ـ وهو
الثاني : إن الله جعل عدّة الحائض بالأقراء ، فمن انقطع حيضها ، وهي تقرب من حدّ
الاحتمال [فواجب عليها العدة بالأشهر بهذه الآية ، ومن ارتفعت عن حدّ الاحتمال] وجب عليها الاعتداد بالأشهر بالإجماع ، لا بهذه الآية ،
لأنه لا ريبة فيها.
الثالث ـ قال
مجاهد : الآية واردة في المستحاضة ، لأنها لا تدرى دم حيض هو أو دم علّة.
المسألة الثانية ـ
في تحقيق المقصود :
أما وضع حروف
المعاني أبدالا بعضها من بعض فإنّ ذلك مما لا يجوز. وإن اختلفوا في حروف الخفض ، وإنما الآية واردة على أنّ أصل العدة
موضوع لأجل الريبة ، إذ الأصل براءة الرحم ، وترتاب لشغله بالماء ، فوضعت العدة
لأجل هذه الريبة ، ولحقها ضرب من التعبد.
ويحقق هذا أنّ حرف
«إن» يتعلق بالشرط الواجب ، كما يتعلق بالشرط الممكن ، وعلى هذا خرج قوله : «وإنا
إن شاء الله بكم لاحقون». وقد بينا ذلك في ملجئة المتفقهين إلى معرفة غوامض
النحويين واللغويين.
وأما حديث أبىّ
فغير صحيح ، وقد روى ابن القاسم ، وأشهب ، وعبد الله بن الحكم ، عن مالك في قوله
تعالى : (إِنِ ارْتَبْتُمْ
فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ) يقول في شأن العدة : إنّ تفسيرها : إن لم تدروا ما تصنعون
في أمرها فهذه سبيلها. والله أعلم.
المسألة الثالثة ـ
قوله تعالى : (وَاللَّائِي لَمْ
يَحِضْنَ) ، يعنى الصغيرة ، وعدّتها أيضا بالأشهر ، لتعذّر ال. قراء
فيها عادة ، والأحكام إنما أجراها الله على العادات ، فهي تعتدّ
__________________
بالأشهر ، فإذا
رأت الدم في زمن احتماله عند النساء انتقلت إلى الدم ، لوجود الأصل. فإذا وجد الأصل
لم يبق للبدل حكم ، كما أن المسنّة إذا اعتدّت بالدم ، ثم انقطع عادت إلى الأشهر.
روى سعيد بن
المسيب أنّ عمر قال : أيما امرأة اعتدّت حيضة أو حيضتين ثم رفعتها حيضتها فإنها
تنتظر تسعة أشهر ، فإن استبان بها حمل فذلك وإلا اعتدّت بعد تسعة أشهر ـ ثلاثة
أشهر ، ثم حلت ، [وأمر ابن عباس بالتربّص سنة] .
وقال الشافعى وأبو
حنيفة : تبقى إلى سنّ اليأس.
وقال علماؤنا :
تعتدّ سنة وإن كانت مسنّة وانقطع حيضها وقال النساء : إن مثلها لا تحيض اعتدّت
بثلاثة أشهر.
وأما قول أبى
حنيفة والشافعى إنها تبقى إلى سنّ اليأس فإنّ معناه إذا كانت مرتابة بحمل ، وكذلك
قال أشهب : لا تحلّ أبدا حتى تيأس ، وهو الصحيح.
المسألة الرابعة ـ
قوله تعالى : (وَاللَّائِي لَمْ
يَحِضْنَ) دليل على أنّ للمرء أن ينكح ولده الصغار ، لأنّ الله تعالى
جعل عدّة من لم يحض من النساء ثلاثة أشهر ، ولا تكون عليها عدة إلا أن يكون لها
نكاح ، فدلّ ذلك على هذا الغرض ، وهو بديع في فنه.
المسألة الخامسة ـ
قوله تعالى : (وَأُولاتُ
الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ).
هذا وإن كان ظاهرا
في المطلقة لأنه عطف عليها ، وإليها رجع عقب الكلام ، فإنه في المتوفّى عنها زوجها
كذلك لعموم الآية ، وحديث سبيعة في السنة ، والحكمة فيه أنّ براءة الرحم قد حصلت يقينا ،
وقد بيناه في سورة البقرة.
المسألة السادسة ـ
إذا وضعت الحامل ما وضعت من علقة أو مضغة حلّت.
وقال الشافعى وأبو
حنيفة : لا تحلّ إلا بما يكون ولدا. وقد تقدم بيانه ، وأوضحنا أنّ الحكمة في وضع
الله العدة ثلاثة أشهر أنها المدة التي فيها يخلق الولد فوضعت اختبارا لشغل الرّحم
من فراغه.
__________________
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ
حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ
وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ
حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا
بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
تعالى : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ
حَيْثُ سَكَنْتُمْ).
قال أشهب ، عن
مالك : يخرج عنها إذا طلّقها ، ويتركها في المنزل ، لقول الله تعالى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ
مِنْ وُجْدِكُمْ) ، فلو كان معها ما قال : أسكنوهن.
وروى ابن نافع قال
: قال مالك ـ في قول الله تعالى : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ
حَيْثُ سَكَنْتُمْ) يعنى المطلقات اللاتي قد بنّ من أزواجهنّ ، فلا رجعة لهم عليهنّ ، وليست حاملا ، فلها
السكنى ولا نفقة لها ولا كسوة ، لأنها بائن منه ، لا يتوارثان ولا رجعة له عليها.
وإن كانت حاملا
فلها النفقة والكسوة والمسكن حتى تنقضي عدّتها.
فأما من لم تبن
منهن فإنهن نساؤهم يتوارثن ، ولا يخرجن إلا أن يأذن لهنّ أزواجهنّ ما كنّ في
عدتهنّ ، ولم يؤمروا بالسكنى لهنّ ، لأنّ ذلك لازم لأزواجهنّ مع نفقتهنّ وكسوتهنّ
، كنّ حوامل أو غير حوامل ، وإنما أمر الله بالسكنى اللّاتى بنّ من أزواجهنّ ، قال تعالى : (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ
فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) فجعل عز وجل للحوامل اللائي قد بنّ من أزواجهنّ السكنى
والنفقة.
المسألة الثالثة ـ
في بسط ذلك وتحقيقه :
إنّ الله سبحانه
وتعالى لما ذكر السكنى أطلقها لكلّ مطلقة ، فلما ذكر النفقة قيّدها بالحمل ، فدلّ
على أن المطلّقة البائن لا نفقة لها ، وهي مسألة عظيمة قد مهدنا سبلها قرآنا وسنّة ومعنى في مسائل الخلاف. وهذا مأخذها من
القرآن.
__________________
فإن قيل : لا حجة
في هذه الآية ، لأن قوله تعالى : (أَسْكِنُوهُنَ) راجع إلى ما قبله ، وهي المطلقة الرجعية.
قلنا : لو كان هذا
صحيحا لما قال : (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ
حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَ) ، فإنّ المطلقة الرجعية ينفق عليها حاملا كانت أو غير حامل
، فلما خصّها بذكر النفقة حاملا دلّ على أنها البائن التي لا ينفق عليها.
وتحقيقه أنّ الله
تعالى ذكر المطلّقة الرجعية وأحكامها حتى بلغ إلى قوله تعالى : (ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) ، ثم ذكر بعد ذلك حكما يعمّ المطلقات كلهنّ من تعديد
الأشهر وغير ذلك [من الأحكام] ، وهو عامّ في كل مطلقة ، فرجع ما بعد ذلك من الأحكام إلى
كل مطلقة.
المسألة الثالثة ـ
قوله تعالى : (فَإِنْ أَرْضَعْنَ
لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ).
قد بينّا في سورة
البقرة شيئا من مسائل الرضاع ، ووضحنا أنه يكون تارة على الأم ، ولا يكون عليها
تارة.
وتحريره أنّ
العلماء اختلفوا فيمن يجب عليه رضاع الولد على ثلاثة أقوال :
الأول ـ قال
علماؤنا : رضاع الولد على الزوجة ما دامت الزوجية ، إلا لشرفها أو مرضها فعلى الأب
حينئذ رضاعه في ماله.
الثاني ـ قال أبو
حنيفة [والشافعى] : لا يجب على الأمّ بحال.
الثالث ـ قال أبو
ثور : يجب عليها في كل حال.
ودليلنا قوله
تعالى : (وَالْوالِداتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ
الرَّضاعَةَ) ، وقد مضى في سورة البقرة أنه لفظ محتمل لكونه حقا عليها
أولها ، لكن العرف يقضى بأنه عليها ، إلا أن تكون شريفة ، وما جرى به العرف فهو
كالشرط حسبما بيناه في أصول الفقه من أن العرف والعادة أصل من أصول الشريعة يقضى به في الأحكام
، [والعادة] ـ إذا كانت شريفة ـ ألّا ترضع فلا يلزمها ذلك. فإن طلقها
فلا يلزمها إرضاعه إلا
__________________
أن يكون غير قابل
ثدي غيرها ، فيلزمها حينئذ الإرضاع ، أو تكون مختارة لذلك فترضع في الوجهين
بالأجرة ، لقوله تعالى : (فَإِنْ أَرْضَعْنَ
لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) ويحقق ذلك قوله تعالى : (وَأْتَمِرُوا
بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) ، وهي :
المسألة الرابعة ـ
فالمعروف أن ترضع مادامت زوجة إلا أن تكون شريفة ، وألّا ترضع بعد الزوجية إلا
بأجر. فإن قبل غيرها لم يلزمها ، وإن شاءت إرضاعه فهي أولى بما يأخذه غيرها.
الآية الخامسة ـ قوله
تعالى : (وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ
فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى. لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ
عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً
إِلَّا ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
تعالى : (وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ).
المعنى إنّ المرأة
إذا امتنعت من رضاعه بعد الطلاق فغيرها ترضع ، يعنى إن قبل ، فإن لم يقبل ـ كما
تقدم ـ لزمها ولم ينفعها تعاسرها مع الأب.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو
سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ).
هذا يفيد أن
النفقة ليست مقدّرة شرعا ، وإنما تتقدر عادة بحسب الحالة من المنفق والحالة من
المنفق عليه ، فتقدّر بالاجتهاد على مجرى العادة.
وقد فرض عمر
للمنفوس مائة درهم في العام بالحجاز ، والقوت بها محبوب ، والميرة عنه بعيدة ، وينظر المفتي إلى قدر حاجة
المنفق عليه ، ثم ينظر إلى حالة المنفق ، فإن احتملت الحالة الحاجة أمضاها عليه ،
وإن قصرت حالته عن حالة المنفق عليه ردّها إلى قدر احتمال حاله ، [لقوله تعالى] ـ وهي :
المسألة الثالثة ـ
(وَمَنْ قُدِرَ
عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً
__________________
إِلَّا
ما آتاها)
، فإذا كان للعبد
ما يكفيه ، ويفضل عنه فضل أخذه ولده ، ومن يجب عليه الإنفاق ، وإنما يبدأ به أولا
، لكن لا يرتفع له ، بل يقدر له الوسط ، حتى إذا استوفاه عاد الفضل إلى سواه.
والأصل فيه قول النبي صلّى الله عليه وسلم لهند : خذي
ما يكفيك وولدك بالمعروف ، فأحالها على الكفاية حين علم السّعة من حال أبى سفيان الواجب عليه بطلبها.
المسألة الرابعة ـ
في تقدير الإنفاق :
قد بينا أنه ليس
له تقدير شرعي ، وإنما أحاله الله سبحانه على العادة ، وهي دليل أصولى بنى الله
عليه الأحكام ، وربط به الحلال والحرام ، وقد أحاله الله على العادة فيه في
الكفارة ، فقال : (إِطْعامُ عَشَرَةِ
مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ).
وقال : (فَإِطْعامُ سِتِّينَ
مِسْكِيناً).
وقد تكلمنا عليه
في موضعه ، وقدّرنا للكبير نفقة لشبعه وكسوته وملاءته.
وأما الصغير الذي
لا يأكل الطعام فلأمّه أجرها بالمثل إذا شطت على الأب ، والمفتون منا يقدرونها
بالطعام والإدام ، وليس لها تقدير إلا بالمثل من الدراهم لا من الطعام. وأما إذا
أكل فيفرض له قدر مأكله وملبسه على قدر الحال. كما قدمنا.
وفرض عمر للمنفوس
مائة درهم ، وفرض له عثمان خمسين درهما. واحتمل أن يكون هذا الاختلاف بحسب حال
السنين ، أو بحسب حال القدر في التسعير لثمن القوت والملبس.
وقد روى نافع عن
ابن عمر ـ أنّ عمر كان لا يفرض للمولود حتى يطعم ، ثم أمر مناديا فنادى : لا
تعجلوا أولادكم عن الفطام ، فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام.
وقد روى محمد بن
هلال المزني ، قال : حدثني أبى وجدتى أنها كانت ترد على عثمان ففقدها ، فقال لأهله : مالي لا
أرى فلانة؟ فقالت امرأته : يا أمير المؤمنين ، ولدت الليلة ، فبعث إليها بخمسين
درهما وشقيقة أنبجانية ثم قال : هذا عطاء ابنك ، وهذه كسوته ، فإذا مرّت له سنة
رفعناه إلى مائة.
__________________
وقد أتى علىّ بن
أبى طالب بمنبوذ ، ففرض له مائة.
وقال القاضي : هذا
الفرض قبل الفطام مما اختلف فيه العلماء ، فمنهم من رآه مستحبّا ، لأنّه داخل في حكم الآية ، ومنهم من رآه واجبا لما تجدّد من
حاجته وعرض من مؤنته ، وبه أقول ، ولكن يختلف قدره بحاله عند الولادة ، وبحاله عند
الفطام.
وقد روى سفيان بن
وهب أن عمر أخذ المدّ بيد والقسط بيد ، وقال : إنى فرضت لكل نفس مسلمة في كلّ شهر
مدّي حنطة وقسطي خلّ ، وقسطي زيت. زاد غيره ، وقال : إنّا قد أجزنا لكم أعطياتكم وأرزاقكم في كل شهر. فمن انتقصها فعل الله به كذا وكذا ، ودعا عليه. قال أبو الدرداء : كم سنّة
راشدة مهدية قد سنّها عمر في أمة محمد صلى الله عليه وسلم. [والمدّ] والقسط كيلان شاميان في الطعام والإدام ، وقد درسا بعرف
آخر ، فأما المد فدرس إلى الكيلجة ، وأما القسط فدرس إلى الكيل ، ولكن التقدير فيه
عندنا ربعان في الطعام ، وثمنان في الإدام ، وأما الكسوة فبقدر العادة قميص
وسراويل ، وجبّة في الشتاء وكساء وإزار وحصير. وهذا الأصل ، ويتزيد بحسب الأحوال
والعادة.
المسألة الخامسة ـ
هذه الآية أصل في وجوب النفقة للولد على الوالد دون الأم ، خلافا لمحمد بن الموّاز
، إذ يقول : إنها على الأبوين على قدر الميراث ، وبيانها في مسائل الفقه
والخلافيات ، ولعل محمدا أراد أنها على الأم عند عدم الأب. وفي البخاري ، عن النبي
صلى الله عليه وسلم : تقول
لك المرأة أنفق علىّ وإلّا طلّقنى ، ويقول العبد : أنفق علىّ واستعملني ، ويقول لك
ابنك : أنفق علىّ إلى من تكلني؟ فقد تعاضد القرآن والسنة وتواردا في مشرعة واحدة. والحمد لله.
__________________
سورة التحريم
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ
وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
اختلف المفسرون
فيها على ثلاثة أقوال :
الأول ـ أن سبب
نزولها الموهوبة التي جاءت النبىّ صلّى الله عليه وسلم فقالت : إنى وهبت لك نفسي.
فلم يقبلها ـ رواه عكرمة عن ابن عباس.
الثاني ـ أنها
نزلت في شأن مارية أم إبراهيم ، خلا بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بيت
حفصة ، وقد خرجت لزيارة أبيها ، فلما عادت وعلمت عتبت عليه ، فحرمها رسول الله
صلّى الله عليه وسلم على نفسه إرضاء لحفصة ، وأمرها ألا تخبر أحدا من نسائه ،
فأخبرت بذلك عائشة لمصافاة كانت بينهما ، فطلّق النبىّ صلّى الله عليه وسلم حفصة ،
واعتزل نساءه شهرا ، وكان جعل على نفسه أن يحرّمهن شهرا ، فأنزل الله هذه الآية ،
وراجع حفصة ، واستحلّ مارية ، وعاد إلى نسائه ، قاله الحسن ، وقتادة ، والشعبي ،
وجماعة.
واختلفوا هل حرم
النبىّ صلّى الله عليه وسلم مارية بيمين على قولين : فقال قتادة والحسن ، والشعبي
: حرّمها بيمين. وقال غيرهم : إنه حرّمها بغير يمين ، ويروى عن ابن عباس.
الثالث ـ ثبت في
الصحيح ـ واللفظ للجعفى ـ عن عبيد بن عمير ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يشرب
عسلا عند زينب بنت جحش ، ويمكث عندها ،
__________________
فتواصيت
أنا وحفصة على أيتنا دخل عليها فلتقل له : أكلت مغافير ، إنى أجد منك ريح مغافير. قال : لا. ولكني شربت عسلا عند
زينب بنت جحش ، ولن أعود له. وقد حلفت لا تخبري أحدا ـ يبتغى مرضاة أزواجه.
وفي صحيح مسلم أنه
شربه عند حفصة ، وذكر نحوا من القصة ، وكذلك روى أشهب عن مالك. والأكثر في الصحيح
أنه عند زينب ، وأنّ اللتين تظاهرتا عليه عائشة وحفصة.
وروى ابن أبى
مليكة ، عن ابن عباس أنه شربه عند سودة ، وروى أسباط ، عن السدى ـ أنه شربه عند أم
سلمة ، وكلّه جهل وتسور بغير علم.
المسألة الثانية ـ
أما من روى أن الآية نزلت في الموهوبة فهو ضعيف في السند ، وضعيف في المعنى ، أما
ضعفه في السند فلعدم عدالة رواته ، وأما ضعفه في معناه فلأنّ ردّ النبي صلّى الله
عليه وسلم للموهوبة ليس تحريما لها ، لأن من ردّ ما وهب له لم يحرم عليه ، إنما
حقيقة التحريم بعد التحليل.
وأما من روى أنه
حرّم مارية فهو أمثل في السند ، وأقرب إلى المعنى ، لكنه لم يدوّن في صحيح ، ولا
عدل ناقله ، أما أنه روى مرسلا.
وقد روى ابن وهب ،
عن مالك ، عن زيد بن أسلم ، قال : حرّم
رسول الله صلى الله عليه وسلم أمّ ولده إبراهيم ، فقال : أنت علىّ حرام ، والله لا
أتيتك. فأنزل الله في ذلك:
(يا أَيُّهَا
النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ).
وروى مثله ابن
القاسم ، عنه.
وروى أشهب ، عن
مالك ، قال : راجعت عمر [بن الخطاب] امرأة من الأنصار في شيء ، فاقشعر من ذلك. وقال : ما كان
النساء هكذا. قالت : بلى ، وقد كان أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم يراجعنه.
فاحتزم ثوبه ، فخرج إلى حفصة ، فقال لها : أتراجعين
__________________
رسول الله صلّى
الله عليه وسلم؟ قالت : نعم ، ولو أعلم أنك تكره ما فعلت. فلما بلغ عمر أن رسول
الله صلّى الله عليه وسلم هجر نساءه قال : رغم أنف حفصة.
وإنما الصحيح أنه
كان في العسل ، وأنه شربه عند زينب ، وتظاهرت عليه عائشة وحفصة فيه ، وجرى ما جرى
، فحلف ألّا يشربه ، وأسرّ ذلك ، ونزلت الآية في الجميع.
المسألة الثالثة ـ
قوله : (لِمَ تُحَرِّمُ) ـ إن كان النبىّ صلّى الله عليه وسلم حرم ولم يحلف ، فليس
ذلك بيمين عندنا في معنى ، ولا يحرم شيئا قول الرجل : هذا حرام علىّ ، حاشا
الزوجة.
وقال أبو حنيفة :
إذا أطلق حمل على المأكول والمشروب دون الملبوس ، وكانت يمينا توجب الكفارة.
[وقال زفر : هو
يمين في الكل ، حتى في الحركة والسكون. وعوّل المخالف على أن النبىّ صلّى الله
عليه وسلم حرّم العسل ، فلزمته الكفارة] .
وقد قال الله
تعالى فيه : (قَدْ فَرَضَ اللهُ
لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) ، فسماه يمينا ، وعوّل أيضا على أنّ معنى اليمين التحريم ،
فإذا وجد ملفوظا به تضمّن معناه كالملك في البيع.
ودليلنا قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا
تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ). وقوله : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما
أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ
آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) ، فذمّ الله المحرّم للحلال ، ولم يوجب عليه كفارة. وقد
بينا ذلك عند ذكر هذه الآيات ، وهذا ينقض مذهب المخالفين : زفر ، وأبى حنيفة ،
وينقض مذهب أبى حنيفة إخراجه اللباس منه ، ولا جواب له عنه ، وخفى عن القوم سبب
الآية ، وأنّ النبي صلّى الله عليه وسلم حلف ألا يشرب عسلا. وكان ذلك سبب الكفارة
؛ وقيل له : لم تحرّم. وقولهم : إن معنى النهى تحريم الحلال فكان
__________________
كالمال في البيع
لا يصح ، بل التحريم معنى يركّب على لفظ اليمين ، فإذا لم يوجد اللفظ ـ لم يوجد
المعنى بخلاف الملك ، فإنه لم يركب على لفظ البيع ، بل هو في معنى لفظه. وقد
استوعبنا القول في كتاب تخليص التلخيص ، والإنصاف في مسائل الخلاف.
المسألة الرابعة ـ
إذا حرم الزوجة فقد اختلف العلماء في ذلك على خمسة عشر قولا ، وجمعناها في كتب
المسائل ، وأوضحناها بما مقصوده أن نقول : يجمعها ثلاثة مقامات :
المقام الأول ـ في
جميع الأقوال :
الأول ـ أنها يمين
تكفر ، قاله أبو بكر الصديق ، وعائشة ، والأوزاعى.
الثاني ـ قال ابن
مسعود : تجب فيه كفارة ، وليست بيمين ، وبه قال ابن عباس في إحدى روايتيه ،
والشافعى في أحد قوليه.
الثالث ـ أنها
طلقة رجعية ، قاله عمر بن الخطاب ، والزهري ، وعبد العزيز بن أبى سلمة الماجشون.
الرابع ـ أنها
ظهار ، قاله عثمان ، وأحمد بن حنبل.
الخامس ـ أنها
طلقة بائنة ، قاله حماد بن سلمة ، ورواه ابن خويز منداد عن مالك.
السادس ـ أنها ثلاث تطليقات ، قاله علىّ بن أبى طالب ، وزيد بن ثابت ، وأبو هريرة ، [ومالك]
.
السابع ـ قال أبو
حنيفة : إن نوى الطلاق أو الظّهار كان ما نوى ، وإلا كانت يمينا وكان الرجل موليا
من امرأته.
الثامن ـ أنه لا تنفعه
نيّة الظهار ، وإنما يكون طلاقا ، قاله ابن القاسم.
التاسع ـ قال يحيى
بن عمر : يكون طلاقا ، فإن ارتجعها لم يجز له وطؤها حتى يكفّر كفارة الظهار.
العاشر ـ هي ثلاث
قبل وبعد ، لكنه ينوى في التي لم يدخل بها في الواحدة ، قاله مالك ، وابن القاسم.
__________________
الحادي عشر ـ ثلاث
، ولا ينوى بحال ، ولا في محل ، قاله عبد الملك في المبسوط.
الثاني عشر ـ هي
في التي لم يدخل بها واحدة ، وفي التي دخل بها ثلاث ، قاله أبو مصعب ، ومحمد بن
عبد الحكم.
الثالث عشر ـ أنه
إن نوى الظهار ، وهو أن ينوى أنها محرمة كتحريم أمّه كان ظهارا ، وإن نوى تحريم عينها عليه بغير طلاق تحريما مطلقا وجبت كفارة يمين ، وإن لم ينو شيئا
فعليه كفارة يمين ، قاله الشافعى.
الرابع عشر ـ أنه
إن لم ينو شيئا لم يكن شيء.
الخامس عشر ـ أنه
لا شيء عليه فيها ، قاله مسروق بن ربيعة من أهل المدينة. ورأيت بعد ذلك لسعيد بن جبير أن عليه عتق رقبة ، وإن لم يجعلها ظهارا. ولست أعلم له
وجها ، ولا يتعدد في المقالات عندي.
المقام الثاني ـ في
التوجيه :
أما من قال : إنها
يمين فقال : سمّاها الله يمينا في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا
النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ ...) إلى قوله تعالى : (قَدْ فَرَضَ اللهُ
لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) ، فسمّاها الله يمينا ، وهذا باطل ، فإن النبىّ صلّى الله
عليه وسلم حلف على شرب العسل ، وهذه يمين كما قدمنا.
وأما من قال : تجب
فيها كفارة وليست بيمين فبناه على أمرين :
أحدهما ـ أنه ظن
أنّ الله أوجب الكفارة فيها ولم تكن يمينا ، وقد بينا فساد ذلك.
الثاني ـ أن معنى
اليمين عنده التحريم ، فوقعت الكفارة على المعنى ، ونحن لا نقول به. وقد بينا فساد
ذلك فيما تقدم وفي مسائل الخلاف.
وأما من قال : إنه
طلقة رجعية فبناه على أصل من أصول الفقه ، وهو حمل اللفظ على أقلّ وجوهه ،
والرجعية محرّمة الوطء ، فيحمل عليه اللفظ ، وهذا يلزم مالكا لقوله :
__________________
إنّ الرجعية
محرّمة الوطء. وكذلك وجه من قال : إنه ثلاث ، فحمله على أكبر معناه ، وهو الطلاق الثلاث. وقد بينا ذلك في أصول الفقه
ومسائل الخلاف.
وأما من قال : إنه
ظهار فبناه على أصلين :
أحدهما ـ أنه أقل
درجات التحريم ، فإنه تحريم لا يرفع النكاح.
وأما من قال : إنه
طلقة بائنة فعوّل على أنّ الطلاق الرجعى لا يحرّم المطلقة ، وأنّ الطلاق البائن
يحرمها ، لأنه لو قال لها : أنت طالق لا رجعة لي عليك نفذ وسقطت الرجعة ، وحرمت ،
فكذلك إذا قال لها : أنت حرام [علىّ] فإنه يكون طلاقا بائنا معنويّا ، وكأنه ألزم نفسه معنى ما
تقدم ذكره من إنفاذ الطلاق وإسقاط الرجعة ، ونحن لا نسلم أنه ينفذ قوله : أنت طالق
لا رجعة لي عليك ، فإنّ الرجعة حكم الله ، ولا يجوز إسقاطه إلا بما أسقطه الله من
العوض المقترن به ، أو الثلاث القاضية عليه والغاية له.
وأما قول من قال ـ
وهو أبو حنيفة ـ إنها تكون عارية عن النية يمينا فقد تقدّم بطلانه وأما نفى الظهار
فيه فينبنى على أنّ الظهار حكم شرعي يختص بمعنى ، فاختص بلفظ ، وهذا إنما يلزم لمن
يرى مراعاة الألفاظ ، ونحن إنما نعتبر المعاني خاصة ، إلا أن يكون اللفظ تعبّدا.
وأما قول يحيى بن
عمر فإنه احتاط بأن جعله طلاقا ، فلما ارتجعها احتاط بأن ألزمه الكفارة. وهذا
لا يصح ، لأنه جمع بين المتضادين ، فإنه لا يجتمع ظهار وطلاق في معنى لفظ واحد ،
فلا وجه للاحتياط فيما لا يصحّ اجتماعه في الدليل.
وأما من قال : إنه
ينوى في التي لم يدخل بها فلأن الواحدة تبينها وتحرّمها شرعا إجماعا.
وكذلك قال من لم
يحكم باعتبار نيته : إن الواحدة تكفى قبل الدخول في التحريم بالإجماع ، فيكفى أخذا
بالأقل المتفق عليه ، فإن الطلاق الرجعى مختلف في اقتضائه التحريم في العدة.
__________________
وأما من قال :
إنها ثلاث فيهما فلأنه أخذ بالحكم الأعظم ، فإنه لو صرّح بالثلاث لنفذت في التي لم
يدخل بها نفوذها في التي دخل بها. ومن الواجب أن يكون المعنى مثله وهو التحريم.
وأما القول الثالث
عشر فيرجع إلى إيجاب الكفّارة في التحريم ، وقد تقدم فساده.
وأما من قال : لا
شيء فيها فعمدتهم أنه كذب في تحريم ما أحلّ الله ، واقتحم ما نهى الله عنه بقوله
تعالى : (لا تُحَرِّمُوا
طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) وإنما يكون التحريم في الشرع مرتّبا على أسبابه ، فأما
إرساله من غير سبب فذلك غير جائز.
والصحيح أنها طلقة
واحدة ، لأنه لو ذكر الطلاق لكان أقله وهو الواحدة ، إلا أن يعدده ، كذلك إذا ذكر
التحريم يكون أقلّه ، إلا أن يقيّده بالأكثر ، مثل أن يقول : أنت علىّ حرام إلا
بعد زوج ، فهذا نصّ على المراد. وقد أحكمنا الأسئلة والأجوبة في مسائل الخلاف
والتفريع.
المقام الثالث ـ في
تصويرها ، وأخرناه في الأحكام القرآنية لما يجب من تقديم معنى الآية ،
واستقدمناه في مسائل الخلاف والتفريع ، ليقع الكلام على كلّ صورة منها. وعدد صورها
عشرة :
الأولى ـ قوله :
حرام.
الثانية ـ قوله :
علىّ حرام.
الثالثة ـ أنت
حرام.
الرابعة ـ أنت
علىّ حرام.
الخامسة ـ الحلال
علىّ حرام.
السادسة ـ ما
أنقلب إليه حرام.
السابعة ـ ما أعيش
فيه حرام.
الثامنة ـ ما
أملكه حرام علىّ.
التاسعة ـ الحلال
حرام.
__________________
العاشرة ـ أن يضيف
التحريم إلى جزء من أجزائها.
فأما الأولى ،
والثانية ، والتاسعة فلا شيء عليه فيها ، لأنه لفظ مطلق لا ذكر للزوجة فيه ، ولو
قال : ما أنقلب إليه حرام فهو يلزمه ما يلزمه في قوله : الحلال علىّ حرام ـ أنه
يدخل فيه الزوجة ، إلا أن يحاشيها. ولا يلزمه شيء في غيرها من المحلات ، كما تقدم
بيانه.
واختلف علماؤنا في
وجه المحاشاة ، فقال أكثر أصحابنا : إن حاشاها بقلبه خرجت. وقال أشهب : لا يحاشيها
إلا بلفظه ، كما دخلت في لفظه. والصحيح جواز المحاشاة بالقلب بناء على أنّ العموم
يختصّ بالنية.
وأما إضافة
التحريم إلى جزء من أجزائها فشأنه شأنه فيما إذا أضاف الطلاق إلى جزء من أجزائها ،
وهي مسألة خلاف كبيرة.
قال مالك والشافعى
: يطلق في جميعها. وقال أبو حنيفة : يلزمه الطلاق في ذكر [الرأس ونحوه ، ولا يلزمه
الطلاق في ذكر] اليد ونحوها ، وذلك مذكور في كتب المسائل الخلافية
والتفريعية.
المسألة الخامسة ـ
إذا حرم الأمة لم يلزمه تحريم ، وقد قال الشافعى في أحد قوليه : تلزمه الكفارة ،
وساعده سواه ، فإن تعلّقوا بالآية فلا حجّة فيها ، وإن تعلقوا بأنّ الظهار عندنا
يصحّ فيها فلا يلزم ذلك ، لأنا بينا أنّ الظهار حكم مختص لا يلحق به غيره. وقد قال
علماؤنا : إنما صحّ ظهاره في الأمة لأنها من النساء ، وقد بينا ذلك في سورة
المجادلة ، وأوضحنا أيضا أنّ الأمة من المحللات ، فلا يلحقها التحريم كالطعام واللباس
، وما لهم من شبهة قد تقصّينا عنها في مسائل الإنصاف.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ
وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ).
فيها أربع مسائل :
__________________
المسألة الأولى ـ قوله
تعالى : (قُوا) :
قال علماء التفسير
: معناه اصرفوا ، وتحقيقها . اجعلوا بينكم وبينها وقاية. ومثله قول النبىّ صلّى الله
عليه وسلم : اتقوا
النار ولو بشقّ تمرة ، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة.
المسألة الثانية ـ
في تأويلها. وفيه ثلاثة أقوال :
الأول ـ أنّ معناه
قوا أنفسكم ، وأهليكم فليقوا أنفسهم.
الثاني ـ قوا
أنفسكم ومروا أهليكم بالذّكر والدعاء.
الثالث ـ قوا أنفسكم بفعالكم وأهليكم بوصيتكم
إياهم ، قاله علىّ بن أبى
طالب ، وهو الصحيح ، والفقه الذي يعطيه العطف الذي يقتضى التشريك بين المعطوف
والمعطوف عليه في معنى الفعل كقوله :
علفتها تبنا وماء باردا
وكقوله :
ورأيت زوجك في
الوغى
|
|
متقلّدا سيفا
ورمحا
|
فعلى الرجل أن
يصلح نفسه بالطاعة ، ويصلح أهله إصلاح الراعي للرعية ، ففي صحيح الحديث أن النبي
صلّى الله عليه وسلم قال : كلّكم
راع ، وكلّكم مسئول عن رعيته ، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسئول عنهم ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم. وعن هذا عبّر الحسن في هذه الآية
بقوله : يأمرهم وينهاهم.
وقد روى عمرو بن
شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلّى الله عليه وسلم : مروا أبناءكم بالصلاة لسبع ، واضربوهم
عليها لعشر ، وفرّقوا بينهم في المضاجع ، خرجه جماعة. وهذا لفظ أبى داود ، وخرج أيضا عن سمرة عن
أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : مروا الصبىّ بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ، فإذا بلغ عشر سنين
فاضربوه عليها.
__________________
وكذلك يخبر أهله
بوقت الصلاة ، ووجوب الصيام ، ووجوب الفطر إذا وجب ، مستندا في ذلك إلى رؤية
الهلال.
وقد روى مسلم أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم كان إذا
أوتر يقول : قومي فأوترى يا عائشة.
وروى أن النبي
صلّى الله عليه وسلم قال : رحم
الله امرأ قام من الليل يصلّى فأيقظ أهله ، فإن لم تقم رشّ وجهها بالماء. رحم الله
امرأة قامت من الليل تصلّى وأيقظت زوجها ، فإن لم يقم رشّت على وجهه من الماء.
ومنه قوله عليه
السلام : أيقظوا صواحب الحجر.
ويدخل هذا في عموم
قوله تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى
الْبِرِّ وَالتَّقْوى). وقد تقدم.
المسألة الثالثة ـ
وكما يؤدب ولده في مصلحتهم فكذلك يؤدّب أهله فيما يصلحه ويصلحهم أدبا خفيفا على
طريق التعزير.
وليس يدخل ذلك في
شرطها المحدث الذي يكتبه المتصدرون ويقولون : ولا يضربها في نفسها ، فإن فعل
فأمرها بيدها ، فيظن المتصدّرون من المفتين أنه إذا أراد أدبها كان أمرها بيدها ،
وليس كذلك ، إنما يجب لها الخيار إذا كان ضربها ابتداء ، أو على غير سبب موجب لذلك
، وهو الضرر.
فأما ما يصلح
الزوج ويصلح المرأة فليس ذلك ضررا ، وقد تكلمنا على حدّ الضرر في كتب الأصول ،
وبينا حدّه الذي يخرج عن الحدود والآداب ، فلينظر هنالك. والتقريب فيه الآن أن
يقال : إنه الألم الذي لا نفع معه يوازيه أو يربى عليه.
المسألة الرابعة ـ
من وقاية الرجل أهله إقامة الرجل حدّه على عبده وأمته. وقد بينا ذلك في سورة النساء وغيرها.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ
جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ
وَبِئْسَ الْمَصِيرُ). وقد تقدمت في سورة براءة.
__________________
سورة الملك
[فيها آية واحدة]
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ
لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ
وَإِلَيْهِ النُّشُورُ).
وقد تقدم ذكر
السفر وأقسام المشي في الأرض في سورة المائدة.
وكذلك بيّنا قوله
تعالى : (وَكُلُوا مِنْ
رِزْقِهِ) في عدة مواضع.
__________________
سورة القلم [فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (ن. وَالْقَلَمِ وَما
يَسْطُرُونَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ روى
الوليد بن مسلم ، عن أنس بن مالك ، عن سمىّ مولى أبى بكر ، عن أبى صالح ، عن أبى
هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : أوّل ما خلق الله القلم ، ثم خلق النّون
، وهي الدواة ، وذلك قوله : (ن. وَالْقَلَمِ) ، ثم قال : اكتب.
قال : وما أكتب؟ قال : ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل ، أو أجل ، أو
رزق ، أو أثر ، فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة [ثم ختم على القلم فلم
ينطق ولا ينطق إلى يوم القيامة] ، ثم خلق العقل فقال الجبّار : ما خلقت خلقا أعجب إلىّ منك
، وعزّتى وجلالي لأكملنّك فيمن أحببت ، ولأنقصنّك فيمن أبغضت ، ثم قال رسول الله
صلّى الله عليه وسلم : أكمل الناس عقلا أطوعهم لله وأعملهم بطاعته.
المسألة الثانية ـ
خلق الله القلم الأول ، فكتب ما يكون في الذكر ، ووضعه عنده فوق عرشه ، ثم خلق
القلم الثاني ليعلم به من في الأرض على ما يأتى بيانه في سورة : «اقرأ باسم ربّك
الذي خلق» إن شاء الله تعالى.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَدُّوا لَوْ
تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ ذكر
المفسرون فيها نحو عشرة أقوال ، كلّها دعاوى على اللغة والمعنى ، أمثلها قولهم :
ودّوا لو تكذب فيكذبون. ودّوا لو تكفر فيكفرون.
وقال أهل اللغة :
الإدهان هو التلبيس ، معناه : ودّوا لو تلبس إليهم في عملهم وعقدهم فيميلون إليك.
__________________
وحقيقة الإدهان
إظهار المقاربة مع الاعتقاد للعداوة ، فإن كانت المقاربة باللين فهي مداهنة ، وإن كانت مع سلامة الدين فهي مداراة
أى مدافعة.
وقد ثبت في الصحيح
عن عائشة أنه استأذن على
النبي صلّى الله عليه وسلم رجل فقال : ائذنوا له ، بئس أخو العشيرة هو ، أو ابن
العشيرة. فلما دخل ألان له الكلام ، فقلت له : يا رسول الله ، قلت ما قلت ، ثم
ألنت له في القول! فقال لي : يا عائشة ، إنّ شر الناس منزلة من تركه أو ودعه الناس
اتقاء فحشه.
وقد ثبت أنّ النبي
صلّى الله عليه وسلم قال : مثل
المداهن في حدود الله والقائم عليها كمثل قوم استهموا في سفينة ، فأصاب بعضهم
أعلاها ، وأصاب بعضهم أسفلها ، فأراد الذين في أسفلها أن يستقو الماء على الذين في
أعلاها فمنعوهم ، فأرادوا أن يستقوا الماء في أسفل السفينة ، فإن منعوهم نجوا ،
وإن تركوهم هلكوا جميعا.
وقد قال الله
تعالى : (أَفَبِهذَا
الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ). قال المفسرون : يعنى مكذّبون ، وحقيقته ما قدمناه ، أى أفبهذا
الحديث أنتم مقاربون في الظاهر مع إضمار الخلاف في الباطن ، يقولون : الله ، الله.
ثم يقولون : مطرنا بنجم كذا ، ونوء كذا ، ولا ينزّل المطر إلا الله سبحانه غير
مرتبط بنجم ولا مقترن بنوء. وقد بيناه في موضعه.
المسألة الثانية ـ
قال الله سبحانه : (لَوْ تُدْهِنُ
فَيُدْهِنُونَ) ، فساقه على العطف ، ولو جاء به جواب التمني لقال فيدهنوا ، وإنما أراد أنهم تمنّوا لو فعلت فيفعلون
مثل فعلك عطفا ، لا جزاء عليه ، ولا مكافأة له ، وإنما هو تمثيل وتنظير.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (سَنَسِمُهُ عَلَى
الْخُرْطُومِ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قوله
تعالى : (سَنَسِمُهُ عَلَى
الْخُرْطُومِ).
ذكر فيه أهل
التفسير قولين :
__________________
أحدهما ـ أنها سمة
سوداء تكون على أنفه يوم القيامة يميّز بها بين الناس. وهذا كقوله : (يُعْرَفُ
الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ).
وقيل : يضرب
بالنار على أنفه يوم القيامة ، يعنى وسما يكون علامة [عليه] . وقد قال تعالى : (يَوْمَ تَبْيَضُّ
وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ). فهذه علامة ظاهرة. وقال : (وَنَحْشُرُ
الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ
إِلَّا عَشْراً) ، وهذه علامة أخرى ظاهرة ، فأفادت هذه الآية علامة ثالثة
وهي الوسم على الخرطوم من جملة الوجه.
المسألة الثانية ـ
قوله : (سَنَسِمُهُ).
كان الوسم في
الوجه لذي المعصية قديما عند الناس حتى إنه روى ـ كما تقدّم ـ أنّ اليهود لما
أهملوا رجم الزاني اعتاضوا عنه بالضرب وتحميم الوجه ، وهذا وضع باطل.
ومن الوسم الصحيح
في الوجه ما رأى العلماء من تسويد وجه شاهد الزّور علامة على قبح المعصية ،
وتشديدا لمن يتعاطاها لغيره ممّن يرجى تجنبه بما يرجى من عقوبة شاهد الزّور وشهرته. وقد كان عزيزا بقول الحق ،
وقد صار مهينا بالمعصية ، وأعظم الإهانة إهانة الوجه ، وكذلك كانت الاستهانة به في
طاعة الله سببا لحياة الأبد ، والتحريم له على النار ، فإن الله قد حرم على
النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود ، حسبما ثبت في الصحيح.
__________________
سورة المعارج
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (وَفَصِيلَتِهِ
الَّتِي تُؤْوِيهِ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ الفصيلة
في اللغة عندهم أقرب من القبيلة ، وأصل الفصيلة القطعة من اللحم. والذي عندي أنّ
الفصيلة من فصل ، أى قطع ، أى مفصولة كالأكيلة من أكل ، والأخيذة من أخذ ، وكلّ
شيء فصلته من شيء فهو فصيلة ، فهذا حقيقة فيه يشهد له الاشتقاق. وأدنى الفصيلة
الأبوان ، فإن الله تعالى يقول : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ
دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) وقال : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ
مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) ، فهذا هو أدنى الأدنى ، ولهذا التحقيق تفطّن إمام دار
الهجرة وحبر الملة مالك بن أنس رحمه الله ، قال أشهب : سألت مالكا عن قول الله
تعالى : (وَفَصِيلَتِهِ
الَّتِي تُؤْوِيهِ) قال : هي أمّه ، فعبّر عن هذه الحقيقة ، ثم صرّح بالأصل ،
فقال ابن عبد الحكم ، هي عشيرته ، والعشيرة وإن كانت كلها فصيلة فإن الفصيلة
الدانية هي الأمّ ، وهي أيضا المراد في هذه الآية ، لأنه قال : (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي
مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ. وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ. وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي
تُؤْوِيهِ) ، فذكر للقرابة معنيين وختمها بالفصيلة المختصة منهم ، وهي
الأم.
المسألة الثانية ـ
إذا حبس على فصيلته أو أوصى لها فمن راعى العموم حمله على العشيرة ، ومن ادّعى الخصوص حمله على الأم
، والأولى أكثر في النطق.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (إِلَّا
الْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ).
فيها مسألتان :
__________________
المسألة الأولى ـ قال
ابن عباس : هي الصلوات الخمس. وقال ابن مسعود والليث : هي المواقيت. وقال ابن جريج
: هي النوافل. وقد تقدم ذكر المحافظة على الصلوات الخمس. فأما قول ابن جريج إنه
النفل فهو قول حسن ، فإنه لا فرض لمن لا نفل له. وقد روى الترمذي وغيره أنه تكمل
صلاة الفريضة للعبد من تطوعه. وقد روى في الصحيح أنه لم يكن النبىّ صلّى الله عليه
وسلم على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على ركعتي الفجر. وقد روى الترمذي وغيره
في الصحيح أنه قال صلّى الله عليه وسلم : من
صلّى كل يوم ثنتى عشرة ركعة في اليوم والليلة بنى الله له بيتا في الجنة.
المسألة الثانية ـ
قال عقبة بن عامر : في قوله : (الَّذِينَ هُمْ عَلى
صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) ـ قال : هم الذين إذا صلّوا لا يلتفتون يمينا ولا شمالا
ولا خلف ، وينظر إلى قوله : (الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلاتِهِمْ ساهُونَ) ، فإن الملتفت ساه عن صلاته. وفي الصحيح أن أبا بكر الصديق
كان لا يلتفت في صلاته ، فكان عليها دائما ولها مراعيا ، والآية عامة في المحافظة
عليها ، وعلى مواقيتها ، وعلى فرضها ونفلها.
وأما قوله : (وَالَّذِينَ فِي
أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) ـ وهي الآية الثالثة ـ فقد تقدم بيانه في مواضع كثيرة.
__________________
سورة نوح
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (ما لَكُمْ لا
تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قوله
: (لا تَرْجُونَ لِلَّهِ
وَقاراً) ، يعنى لا تخشون لله عقابا. وعبّر عن العقاب بالوقار ،
لأنّ من عظّمه فقد عرفه ، وعن الخشية بالرجاء ، لأنها نظيرته.
المسألة الثانية ـ
قوله : (وَقَدْ خَلَقَكُمْ
أَطْواراً) ، يعنى في الطول والقصر ، والسواد والبياض ، والعلم والجهل
، والإيمان والكفر ، والطاعة والمعصية ، وكلّ صفة ونعت تكون لهم ، وكذلك تدبيره في النشأة من تراب إلى نطفة إلى علقة ، إلى مضغة ، إلى لحم
ودم ، وخلق سوىّ.
وتحقيق القول فيه
: ما لكم لا تؤمّلون توقيركم لأمر الله ولطفه ونعمته. أدخلها القاضي أبو إسحاق في
الأحكام.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ
لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ لما
قال لنوح عليه السلام : (أَنَّهُ لَنْ
يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) حين استنفد ما في أصلاب الرجال وما في أرحام النساء من
المؤمنين ، دعا عليهم نوح بقوله : (رَبِّ لا تَذَرْ
عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) ، فأجاب الله دعوته ، وأغرق أمّته ، وهذا كقول النبي صلّى
الله عليه وسلم : اللهم منزل الكتاب سريع الحساب هازم الأحزاب اهزمهم وزلزلهم.
__________________
المسألة الثانية ـ
دعا نوح على الكافرين أجمعين ، ودعا النبىّ صلّى الله عليه وسلم على من تحزّب على
المؤمنين ، وألّب عليهم ، وكان هذا أصلا في الدعاء على الكفار في الجملة ، فأما كافر
معين لم تعلم خاتمته فلا يدعى عليه ، لأن مآله عندنا مجهول ، وربما كان عند الله
معلوم الخاتمة للسعادة ، وإنما خصّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم الدعاء على عتبة
وشيبة وأصحابه لعلمه بمآلهم ، وما كشف له من الغطاء عن حالهم. والله أعلم.
المسألة الثالثة ـ
إن قيل : لم جعل نوح دعوته على قومه سببا لتوقّفه عن طلب الشفاعة للخلق من الله في
الآخرة.
قلنا : قال الناس
في ذلك وجهان :
أحدهما ـ أن تلك
الدعوة نشأت عن غضب وقسوة ، والشفاعة تكون عن رضا ورقة ، فخاف أن يعاتب بها ،
فيقال : دعوت على الكفار بالأمس وتشفع لهم اليوم.
الثاني ـ أنه دعا
غضبا بغير نص ولا إذن صريح في ذلك ، فخاف الدرك فيه يوم القيامة ، كما قال موسى :
إنى قتلت نفسا لم أومر بقتلها ، وبهذا أقول والله أعلم ، وتمامه قد ثبت في القسم
الثاني.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (رَبِّ اغْفِرْ لِي
وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) .
قال المفسرون : معناه
مسجدى ، فجعل دخول المسجد سببا للدعاء بالمغفرة ، وقد قال النبي صلّى الله عليه
وسلم : إنّ الملائكة تصلّى
على أحدكم ما دام في مصلّاه الذي صلّى فيه ما لم يحدث ، تقول : اللهم اغفر له ،
اللهم الرحمة ، حسبما ثبت في
صحيح الرواية.
وفضل المساجد كثير
، قد أثبتناه في صحيح الحديث وشرحه.
__________________
سورة الجن
[فيها آيتان]
الآية الأولى قوله
تعالى : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ
أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً
عَجَباً) ...... إلى ـ (هَرَباً).
فيها ستّ مسائل :
المسألة الأولى ـ في
حقيقة الجن ، وقد بيناها في كتب الأصول ، وأوضحنا أنهم أحد خلق الأرض ، أنزل أبوهم إبليس إليها ، كما أنزل أبونا آدم ، هذا مرضى
عنه ، وهذا مسخوط عليه.
وقد روى عكرمة ،
عن ابن عباس أنّ الجانّ مسخ الجن ، كما مسخت القردة من بنى إسرائيل.
وقال شيخنا أبو
الحسن في كتاب المختزن : إنّ إبليس كان من الملائكة ، ولم يكن من الحن. ولست
أرضاه ، وقد بينا ذلك في كتب الأصول.
المسألة الثانية ـ
روى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : ما قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الجن
ولا رآهم. انطلق رسول الله صلّى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق
عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب ، فقالوا : ما
حال بيننا وبين خبر السماء إلّا حدث ، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها ، تتبعون ما
هذا الخبر الذي حال بينكم وبين خبر السماء ، فضربوا مشارق الأرض ومغاربها ، فانصرف أولئك النّفر الذين توجّهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلّى
الله عليه وسلم ، وهو بنخلة عامدا إلى سوق عكاظ ، وهو يصلّى بأصحابه صلاة الفجر ، فلما سمعوا
القرآن استمعوا له ، فقالوا : هذا والله الذي حال بيننا وبين خبر السماء.
__________________
قال : فهناك رجعوا
إلى قومهم ، وقالوا : يا قومنا (إِنَّا سَمِعْنا
قُرْآناً. عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ
بِرَبِّنا أَحَداً) ، فأنزل الله تعالى على نبيّه : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ
نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) ، وإنما أوحى إليه قول الجن.
قال ابن عباس : قول الجن لقومهم : (لَمَّا قامَ عَبْدُ
اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) قال : لما رأوه وأصحابه يصلون بصلاته ، ويسجدون بسجوده قال : فتعجبوا من طواعية
أصحابه له ، قالوا لقومهم : (لَمَّا قامَ عَبْدُ
اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً). صحّ ذلك عن النبي صلّى الله عليه وسلم ولفظه للترمذي.
ولفظ البخاري :
قال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : انطلق
رسول الله صلّى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، وقد حيل
بين الشياطين وبين خبر السماء ، وأرسلت عليهم الشهب ، [فرجعت الشياطين ، فقالوا :
ما لكم؟ فقالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء ، وأرسلت علينا الشّهب] . قالوا : ما
حال بينكم وبين خبر السماء إلّا حدث ، فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها
ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم وبين خبر السماء. قال : فانطلق الذين توجّهوا
نحو تهامة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بنخلة ، وهو عامد إلى سوق عكاظ ، وهو
يصلّى بأصحابه صلاة الفجر. فلما سمعوا القرآن سمعوا له ، فقالوا : هذا الذي حال
بيننا وبين خبر السماء ، فهنالك رجعوا إلى قومهم ، فقالوا : (فَقالُوا إِنَّا
سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ
نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً). وأنزل الله على نبيه : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ
أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ).
وإنما أوحى إليه
قول الجن. وفي الصحيح ، عن علقمة ، قال : قلت لابن مسعود : هل صحب النبىّ صلّى
الله عليه وسلم ليلة الجنّ منكم أحد؟ قال : ما صحبه منا أحد ، ولكن افتقدناه ذات
ليلة وهو بمكة ، فقلنا : اغتيل ، استطير ، ما فعل به؟ فبتنا بشرّ ليلة بات بها قوم
، حتى إذا أصبحنا ـ أو كان في وجه الصّبح ـ إذا نحن به من قبل حراء. قال: فذكروا
له الذي كانوا فيه ، قال : فقال : أتانى داعي الجن ، فأتيتهم فقرأت عليهم [القرآن] ، فانطلق فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم.
__________________
وابن مسعود أعرف
بالأمر من ابن عباس ، لأنه شاهده ، وابن عباس سمعه ، ليس الخبر كالمعاينة.
المسألة الثالثة ـ
قال الشعبي في روايته : وسألوه
الزاد ، وكانوا من جنّ الجزيرة ، فقال :
كلّ
عظم يذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما كان لحما ، وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم ، فقال رسول
الله صلّى الله عليه وسلم : فلا تستنجوا به فإنه زاد إخوانكم من الجن.
وقد أنكر جماعة من
كفرة الأطباء والفلاسفة الجنّ ، وقالوا : إنهم بسائط ، ولا يصحّ طعامهم ، اجتراء
على الله وافتراء [عليه] . وقد مهدنا الرد عليهم في كتب الأصول ، وبيّنا جواز وجودهم
عقلا لعموم القدرة الإلهية ، وأوضحنا وجوب وجودهم شرعا بالخبر المتواتر من القرآن
والسنة ، وأن الله خلق لهم من تيسر التصور في الهيئات ما خلق لنا من تيسر التصور في الحركات ، فنحن إلى أى جهة شئنا ذهبنا ، وهم في أى صورة
شاءوا تيسّرت لهم ، ووجدوا عليها ، ولا نراهم في هيئاتهم ، إنما يتصورون في خلق
الحيوانات.
وقولهم : إنهم
بسائط ، فليس في المخلوقات بسيط ، بل الكلّ مركب مزدوج ، إنما الواحد الله سبحانه ، وغيره مركّب ليس بواحد كيفما تصرّف حاله ، وليس يمتنع أن يراهم النبىّ صلّى الله عليه
وسلم في صورهم ، كما يرى الملائكة ، وأكثر ما يتصوّرون لنا في صور الحيات ، ففي
الحديث الصحيح ،
عن مالك وغيره ، عن أبى السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبى سعيد الخدري في بيته. قال : فوجدته يصلّى
، فجلست أنتظره حتى تقضى صلاته ، فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت ، فالتفت
فإذا حية ، فوثبت لأقتلها ، فأشار إلىّ أن أجلس ، فجلست ، فلما انصرف أشار إلى بيت
في الدار ، فقال : أترى هذا
__________________
البيت
، فقال : نعم. فقال : كان فيه فتى منّا حديث عهد بعرس. قال : فخرجنا مع رسول الله
صلّى الله عليه وسلم إلى الخندق ، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلّى الله عليه
وسلم بأنصاف النهار ، فيرجع إلى أهله ، فاستأذنه يوما ، فقال له رسول الله صلّى
الله عليه وسلم : خذ عليك سلاحك ، فإنى أخشى عليك قريظة. فأخذ الرجل سلاحه ، ثم
رجع ، فإذا امرأته بين البابين قائمة ، فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به ، وأصابته
غيرة ، فقالت له : كفّ عليك رمحك ، وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجنى ، فدخل ،
فإذا حيّة عظيمة منطوية على الفراش ، فأهوى إليها بالرمح ، فانتظمها ، ثم خرج به فركزه في الدار ، فاضطربت عليه فما ندري أيهما كان أسرع
موتا : الحية أم الفتى. قال : فجئنا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فذكرنا له ذلك
، وقلنا : ادع الله يحييه لنا. فقال : استغفروا لصاحبكم. ثم قال : إن بالمدينة
جنّا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثا ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه ، فإنما هو شيطان.
وفي الصحيح أنه
صلّى الله عليه وسلم قال : إن لهذه البيوت عوامر ، فإذا رأيتم منها شيئا فخرّجوا عليها ثلاثا ، فإن ذهب وإلا فاقتلوه ، فإنه كافر.
أو
قال : اذهبوا فادفنوا صاحبكم.
ومن حديث ابن
عجلان ، عن أبى السائب ، عن أبى سعيد :
أن رسول الله صلّى
الله عليه وسلم قال : إن بالمدينة نفرا من الجن أسلموا ، فمن رأى شيئا من هذه
العوامر فليؤذنه ثلاثا ، فإن بدا له بعد فليقتله ، فإنه شيطان.
وقد روى ابن أبى
ليلى أنّ رسول الله صلّى
الله عليه وسلم سئل عن الحيات التي تكون في البيوت ، فقال : إذا رأيتم منهن شيئا
بعد ذلك فقولوا : نشدتكم العهد الذي أخذ عليكم
__________________
[نوح
، نشدتكم العهد الذي أخذ عليكم] سليمان ألّا تؤذونا ، فإن رأيتم منهن شيئا بعد ذلك
فاقتلوهن.
المسألة الرابعة ـ
قال مالك في رواية ابن وهب عنه في
التقدم إلى الحيات يقول : يا عبد الله إن كنت تؤمن بالله ورسوله وكنت مسلما فلا تؤذنا ولا تشعفنا ، ولا تروّعنا ولا تبدونّ لنا ، فإنك إن تبد بعد ثلاث
قتلتك. قال ابن القاسم : قال مالك : يحرّج عليه ثلاث مرات ألا يبدو لنا ، ولا
يخرج.
وقال أيضا عنه :
أحرج عليك بأسماء الله ألا تبدو لنا.
قال القاضي : ثبت
في الصحيح أن النبي صلّى الله
عليه وسلم كان مع أصحابه في غار ، وهو يقرأ : والمرسلات عرفا ، وإن فاه لرطب بها ،
حتى خرجت حيّة من غار ، فبادرناها ، فدخلت [جحرا] ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : وقيت شرّكم ، ووقيتم
شرها ، ولم يأمرهم النبىّ صلّى الله عليه وسلم بإنذار ولا تحريج ، لأنها لم تكن من
عوامر البيوت.
وأمر في الصحيح
وغيره بقتل الحيات مطلقا من غير إنذار ولا تحريج ، فدلّ على أن ذلك من الإنذار
إنما هو لمن في الحضر ، لا لمن يكون في القفر ، وقد ذهب قوم إلى أنّ ذلك مخصوص
بالمدينة ، لقوله في الصحيح : إنّ
بالمدينة جنّا أسلموا. وهذا لفظ مختص بها ، فتختصّ بحكمها.
قلنا : هذا يدلّ
على أنّ غيرها من البيوت مثلها ، لأنه لم يعلّل بحرمة المدينة ، فيكون ذلك الحكم
مخصوصا بها ، وإنما علل بالإسلام ، وذلك عامّ في غيرها ، ألا ترى قوله في الحديث
مخبرا عن الجن الذين لقى ، فروى أنهم كانوا من جنّ الجزيرة ، وهذا بيّن يعضده
قوله : ونهى عن عوامر البيوت ، وهذا عام.
المسألة الخامسة ـ
اختلف الناس في إنذارهم والتحريم [عليهم] هل يكون ثلاثة أقوال في ثلاثة أحوال ، أم يكون ثلاثة أقوال
في حالة واحدة؟ والقول محتمل لذلك ،
__________________
ولا يمكن حمله على
العموم ، لأنه إثبات لمفرد في نكرة ، وإنما يكون العموم في المفردات إذا اتصلت بالنفي حسبما بيناه في أصول الفقه ، وفيما سبق هاهنا.
والصحيح أنه ثلاث مرات في حالة واحدة ، لأنّا لو جعلناها ثلاث مرات في
ثلاث حالات لكان ذلك استدراجا لهنّ وتعريضا لمضرّتهنّ ، ولكن إذا ظهرت
تنذر كما تقدّم ، فإن فرّت وإلا أعيد عليها القول ، فإن فرّت وإلا أعيد عليها
الإنذار ـ ثلاثا ، فإن فرّت وإلا أعيد لها الإنذار ، فإن فرت وغابت وإلّا قتلت.
المسألة السادسة ـ
قال من لم يفهم أو من لم يسلم : كيف ينذر بالقول ويحرّج بالعهد على البهائم والحشرات ، وهي لا تعقل الأقوال ، ولا تفهم
المقاصد والأغراض؟
قلنا : الحيات على
قسمين ، قسم حيّة على أصلها ، فبيننا وبينها العداوة الأصلية في معاضدة إبليس
على آدم ، وإلى هذا وقعت الإشارة بقول النبي صلّى الله عليه وسلم : ما سالمناهنّ
منذ حاربناهنّ. فهذا القسم يقتل ابتداء من غير إنذار ولا إمهال ، وعلامته البتر والطفى ، لقوله صلّى الله عليه وسلم : اقتلوا الأبتر وذا الطفيتين ، فإن كانت على غير هذه الهيئة احتمل أن تكون حية
أصلية ، واحتمل أن تكون جنّيا [تصور] بصورتها ، فلا يصحّ الإقدام بالقتل على المحتمل ، لئلا
يصادف منهيّا عنه حسبما يروى للعروس بالمدينة حين قتل الحيّة ، فلم يعلم أيهما كان
أسرع موتا هو أم الحية.
ويكشف هذا الخفاء
الإنذار ، فإن صرم كان علامة على أنه ليس بمؤمن ، أو أنه من جملة الحيات الأصليات
، إذ لم يؤذن للجنّ في التصور على البتر والطّفى ، ولو تصورت في هذا كتصورها في
غيره لما كان لتخصيص النبي صلّى الله عليه وسلم بالإطلاق بالقتل في ذين والإنذار
في سواهما معنى. وإنما تعلق البليد والمرتاب بعدم فهمهنّ ، فيقال : إيه انظر إلى
__________________
التقسيم ، إن كنت
تريد التعليم لا يخلو أن تكون حية جنيّة أو أصلية ، فإن كانت جنية فهي أفهم منك ،
وإن كانت أصلية فصاحب الشرع أذن في الخطاب ، ولو كان لمن لا يفهم لكان أمرا
بالتلاعب. ولا يجوز ذلك على الأنبياء. فإن شك في النبوة ، أو في خلق الجن ، أو في
صفة من هذه الصفات فلينظر في المقسط والمتوسط والمشكلين يعاين الشفاء من هذا
الإشكال إن شاء الله تعالى.
فإن قيل : إنما
يحتاج الإنذار للتفرقة بين الجان والحيوان ، فإن كفّ فهو جنّ مؤمن ، وإلا كان
كافرا أو حيوانا.
قلنا : أما
الحيوان فقد جعلت له علامة. وأما غيره فقد خصّ بالإنذار ، والحيوان يفهم بالإنذار
كما يفهم بالزجر ، ولهذا تؤدب البهيمة. والله أعلم.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ
لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ الأرض
كلها لله ملكا وخلقا ، كما قال الله سبحانه وتعالى : (إِنَّ الْأَرْضَ
لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ). والمساجد لله رفعة وتشريفا ، كما قال تعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا
تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً). والكعبة بيت الله تخصيصا وتعظيما ، كما قال تعالى : (طَهِّرا بَيْتِيَ
لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ). وفي موضع آخر : (وَالْقائِمِينَ) ، فجعل الله تعالى الأرض كلّها مسجدا ، [كما قال صلّى الله
عليه وسلم : جعلت
لي الأرض مسجدا] وطهورا ، واصطفى منها مواضع ثلاثة بصفة المسجدية ، وهي : المسجد الأقصى وهو مسجد
إيلياء ، ومسجد النبي صلّى الله عليه وسلم ، والمسجد الحرام ، واصطفى من الثلاثة
المسجد الحرام في قول ، ومسجد النبىّ صلّى الله عليه وسلم في قول على اختلاف في
أيها أفضل ، حسبما بيناه في مسائل الخلاف. فقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلم
أنه قال : صلاة في مسجدى هذا
خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام.
__________________
واختلف في هذا
الاستثناء ، هل هو على تفضيل المفضّل أو احتماله؟ فمنهم من قال : إنه مفضّل بتفضيل
المسجد الحرام على مسجد المدينة. ومنهم من قال : إنه محتمل ، وهو الصحيح ، لأن كل تأويل تضمّن فيه مقدارا يجوز تقديره على خلافه ، على أنه قد
روى من طريق لا بأس بها أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال : صلاة في مسجدى هذا خير من ألف صلاة فيما
سواه إلا المسجد الحرام ، فإن صلاة فيه خير من مائة صلاة في مسجدى ، ولو صح هذا لكان نصّا.
المسألة الثانية ـ
المساجد وإن كانت لله ملكا وتشريفا فإنها قد نسبت إلى غيره تعريفا ، فيقال : مسجد
فلان.
وفي صحيح الحديث
أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي أضمرت من الحيفاء ، وأمدها ثنيّة الوداع ، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من
الثنية إلى مسجد بنى زريق ، وتكون هذه الإضافة بحكم المحلية ، كأنها في قبلتهم ،
وقد تكون بتحبيسهم ، فإن الأرض لله ملكا ، ثم يخص بها من يشاء ، فيردها إليه ،
ويعيّنها لعبادته ، فينفذ ذلك بحكمه ، ولا خلاف بين الأمة في تحبيس المساجد
والقناطر والمقابر وإن اختلفوا في تحبيس غير ذلك.
المسألة الثالثة ـ
إذا تعيّنت لله أصلا ، وعينت له عقدا ، فصارت عتيقة عن التملك ، مشتركة بين
الخليقة في العبادة فإنه يجوز اتخاذ الأبواب لها ، ووضع الأغلاق عليها من باب
الصيانة لها ، فهذه الكعبة بأبوابها ، وكذلك أدركنا المساجد الكريمة.
وفي البخاري مدرجا
، وفي كتاب أبى داود مسندا : كانت الكلاب تقبل وتدبر ، وتبول في المسجد ، فلا
يرشون ذلك ، وهذا لأنه لم يكن للمسجد حينئذ باب ، ثم اتخذ له الباب بعد ذلك ، ولم يكن ترك الباب
له شرعا ، وإنما كان من تقصير النفقة واختصار الحالة.
__________________
المسألة الرابعة ـ
مع أن المساجد لله لا يذكر فيها غير الله ، فإنّه تجوز القسمة للأموال فيها ، ويجوز وضع
الصدقات فيها على رسم الاشتراك بين المساكين ، فكلّ من جاء أكل ، ويجوز حبس الغريم
فيها ، وربط الأسير ، والنوم فيها ، وسكنى المريض فيها ، وفتح الباب للجار ،
وإنشاد الشعر فيها إذا عرى عن الباطل ، ولا نبالى أن يكون غزلا. وقد بينا ذلك في
موضعه.
المسألة الخامسة ـ
قوله : (فَلا تَدْعُوا مَعَ
اللهِ أَحَداً).
هذا توبيخ
للمشركين في دعواهم مع الله غيره في المسجد الحرام ، وهو لله اصطفاه لهم ،
واختصّهم به ، ووضعه مسكنا لهم.
وأحياه بعد الممات
على يد أبيهم ، وعمره من الخراب بسلفهم ، وحين بلغت الحالة إليهم كفروا هذه النعمة
، وأشركوا بالله غيره ، فنبه الله رسوله عليهم ، وأوعز على لسانه إليهم به ،
وأمرهم بإقامة الحق فيه ، وإخلاص الدعوة لله بمعالمه.
__________________
سورة المزمل
[فيها تسع آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ.
قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً).
فيها مع التي
تليها ست مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
الْمُزَّمِّلُ) : هو الملتفّ ، بإضافة الفعل إلى الفاعل ، وكل شيء لفّف في
شيء فقد زمّل به ، ومنه قيل للفافة الرواية والقربة زمال.
وفي الحديث في
قتلى أحد : زمّلوهم بثيابهم ودمائهم ، أى لفّفوهم ، يقال : تزمل يتزمل ، فإذا
أدغمت التاء قلت : ازّمّل ـ بتشديدين.
واختلف في تأويله
، فمنهم من حمله على حقيقته ، قيل له : يا من تلفّف في ثيابه أو في قطيفته قم ،
قاله إبراهيم وقتادة. ومنهم من حمله على المجاز كأنه قيل له : يا من تزمّل
بالنبوة.
روى عكرمة أنه قال
: معناه يا من تزمّل ، أى زملت هذا الأمر فقم به.
[فأما العدول عن
الحقيقة إلى المجاز فلا يحتاج إليه لا سيما وفيه خلاف الظاهر ، وإذا تعاضدت
الحقيقة والظاهر لم يجز العدول عنه. وأما قول عكرمة : إنك زملت هذا الأمر فقم به] ، وإنما يسوغ هذا التفسير لو كانت الميم مفتوحة مشدّدة بصيغة
المفعول الذي لم يسمّ فاعله ، وأما وهو بلفظ الفاعل فهو باطل.
وأما قول من قال :
إنه زمل بالقرآن فهو صحيح في المجاز ، لكنه كما قدمنا لا يحتاج إليه ،
ويشهد لمعناه حديث يؤثر لم يصح ، وهو قوله : إن الله قد زادكم صلاة إلى صلاتكم هذه
ـ وهي الوتر ، فأوتروا يأهل القرآن.
المسألة الثانية ـ
في المعنى ـ وهو الأول في القول ـ قوله : (قم) هو فعل لا يتعدى ، ولكنه على أصل
الأفعال القاصرة في تعدّيه إلى الظروف ، فأما ظرف الزمان فسائغ فيه ، وارد كثيرا
به ،
__________________
يقال : قام الليل
وصام النهار ، فيصح ويفيد. وأما ظرف المكان فلا يصل إليه إلا بواسطة ، لا تقول : قمت الدار حتى تقول وسط الدار
وخارج الدار. وقد قيل قم هاهنا بمعنى صلّ ، عبّر به عنه ، واستعير له حتى صار عرفا
فيه بكثرة الاستعمال.
المسألة الثالثة ـ
قوله : (اللَّيْلَ) فخصّه بالذكر. واختلف في وجه تخصيصه ، فمنهم من قال : خصّه
بالذكر لأنه أشق. وسيأتى بيانه. وقيل : خصه بالذكر لأنه كان فرضا.
في صحيح مسلم
وغيره ، عن عائشة ـ واللفظ لمسلم : قال سعد بن هشام بن عامر: فانطلقت إلى عائشة.
فقلت : يا أم المؤمنين ، أنبئينى عن خلق النبىّ صلّى الله عليه وسلم. قالت : [ألست
تقرأ القرآن؟ قلت : بلى. قالت :] فإن خلق النبىّ صلّى الله عليه وسلم كان القرآن.
قال : فهممت أن أقوم ولا أسأل أحدا عن شيء حتى أموت.
ثم قلت : أنبئينى
عن قيام رسول الله صلّى الله عليه وسلم. فقالت : ألست تقرأ : يا أيها المزمّل! قلت
: بلى. قالت : فإنّ الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة ، فقام النبىّ صلّى
الله عليه وسلم وأصحابه حولا ، وأمسك الله خاتمتها اثنى عشر شهرا في السماء ، حتى
أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف ، فصار قيام الليل تطوّعا بعد فريضته ....
وذكر الحديث.
المسألة الرابعة ـ
إن الله سبحانه خلق المكان والزمان سعة للإنسان ومجالا للعمل ، كما تقدم في قوله : (وَهُوَ الَّذِي
جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ
شُكُوراً) وكما أنّ العمل في الآدمي أصل خلقي ، فكذلك الزمان للسياحة
وجه خلقي أيضا ، لكن الحكمة فيه أن يقدم للدار الأخرى ، ويعتمد فيه قبل العمل ما هو به أولى وأحرى ، ولو عمره كله بالشكر والذكر
ورزق على ذلك قدرة ما كان قضاء لحق النعمة ، فوضعه الله أوقاتا للعبادة ، وأوقاتا
للعادة ، فالنهار خمسة أقسام : الأول من الصبح إلى طلوع الشمس ، محلّ
__________________
لصلاة الصبح ، وهو
فسحة للفريضة ، فإن أديت كانت فيه محلا للذكر ، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا
صلّى الصبح جلس في مصلّاه حتى تطلع الشمس [حسّا] ، فإذا طلعت قام إلى وظيفته الآدمية حتى تبيضّ الشمس ،
فيكون هنالك عبادة نفلية يمتدّ وقتها إلى أن تجدّ الفصال حرّ الشمس في الأرض ،
لقول النبي صلّى الله عليه وسلم : صلاة
الأوّابين إذا رمضت الفصال .
وهو أيضا خلفة لمن
نام عن قيام الليل ، لقوله عليه السلام : من
فاته حزبه من الليل فصلّاه ما بين صلاة الصبح إلى صلاة الظهر فكأنه لم يفته وهو
معمور بحال المعاش.
[قال الإمام] : كنّا بثغر الإسكندرية مرابطين أياما ، وكان في أصحابنا
رجل حدّاد ، وكان يصلّى معنا الصبح ، ويذكر الله إلى طلوع الشمس ، ثم يحضر حلقة
الذكر ، ثم يقوم إلى حرفته ، حتى إذا سمع النداء بالظهر رمى بالمرزبة في أثناء
العمل وتركه ، وأقبل على الطهارة ، وجاء المسجد فصلّى وأقام في صلاة أو ذكر حتى
يصلّى العصر ، ثم ينصرف إلى منزله في معاشه ، حتى إذا غابت الشمس جاء فصلّى المغرب
، ثم عاد إلى فطره ، ثم يأتى المسجد فيركع أو يسمع ما يقال من العلم ، حتى إذا
صلّى العشاء الآخرة انصرف إلى منزله.
وهو محل للقائلة ،
وهي نوم النهار المعين على قيام الليل في الصلاة أو العلم.
فإذا زالت الشمس
حانت صلاة الظهر ، فإذا صار ظلّ كل شيء مثله حانت صلاة العصر ، فإذا غربت الشمس
زال النهار بوظائفه ونوافله.
ثم يدخل الليل
فتكون صلاة المغرب ، وكان ما بعدها وقتا للتطوع ، يقال إنه المراد بقوله : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ
عَنِ الْمَضاجِعِ) ، وإنه المراد أيضا بقوله : (إِنَّ ناشِئَةَ
اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً).
ثم يغيب الشفق
فتدخل العشاء الآخرة ، ويمتد وقتها إلى نصف الليل أو ثلثه ، وهو محلّ النوم إذا
صلّى العشاء [الآخرة] إلى نصف الليل ، فإذا انتصف الليل فهو وقت لقيام الليل.
__________________
في الحديث الصحيح
: ينزل ربّنا جلّ وعلا
كلّ ليلة إلى سماء الدنيا إذا ذهب شطر الليل. فيقول : من يدعوني فأستجيب له! من
يسألنى فأعطيه! من يستغفرنى فأغفر له! حتى إذا ذهب ثلث الليل فهو أيضا وقت للقيام ، لقوله : إذا بقي ثلث الليل ينزل ربّنا إلى سماء
الدنيا ... الحديث.
وفي الحديث أيضا ـ
خرجه مسلم ـ إذا
ذهب ثلث الليل الأول ينزل ربّنا إلى السماء الدنيا ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له؟
من يسألنى فأعطيه؟ من يستغفرنى فأغفر له؟ وعلى هذا الترتيب جاء قوله تعالى : (قُمِ اللَّيْلَ
إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً). هو إذا بقي ثلث الليل. أو زد عليه : هو إذا ذهب ثلث الليل الأول ، وبهذا
الترتيب انتظم الحديث والقرآن ، فإنهما ينظران من مشكاة واحدة ، حتى إذا بقي سدس
الليل كان محلّا للنوم ، ففي الحديث الصحيح : أنّ
النبىّ صلّى الله عليه وسلم حثّ على سنن داود في صومه وقيامه ، فقال عليه السلام :
إنّ داود كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه ، ثم يطلع الفجر فتعود
الحالة الأولى هكذا أبدا ، ذلك تقدير العزيز العليم ، وتدبير العلى الحكيم.
المسألة الخامسة ـ
قوله : (إِلَّا قَلِيلاً)
:
استثنى من الليل
كله «قليلا». وهذا استثناء على وجه كلام فيه ، وهو إحالة التكليف على مجهول يدرك علمه بالاجتهاد ، إذ لو قال : إلا ثلثه ،
أو ربعه ، أو سدسه ، لكان بيانا نصّا ، فلما قال : (إِلَّا قَلِيلاً) ، وكان مجملا لا يدرك إلا بالاجتهاد دلّ ذلك على أن القياس
أصل من أصول الشريعة ، وركن من أركان أدلة التكليف.
المسألة السادسة ـ
وهي من الآية الثانية ـ قوله : (نِصْفَهُ).
ذكر علماء الأصول
أنّ قوله : (نِصْفَهُ) دليل على استثناء الأكثر من الجملة ، وإنما يفيد استثناء
شيء فبقى مثله ، والمطلوب استثناء شيء من الجملة فبقى أقل منها تحت اللفظ المتناول للجميع ، وهذا مبنيّ على أصل
، وهو أن قوله : (نِصْفَهُ) بدل من قوله :
__________________
(اللَّيْلَ) ، كأن تقدير الكلام قم نصف الليل أو انقص منه أو زد عليه
يسيرا ، ويعضده حديث ابن عباس. وفي الصحيح : بتّ عند خالتي ميمونة حتى إذا انتصف
الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل ، استيقظ رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فقام
إلى شنّ معلق ، فتوضأ وضوءا خفيفا ، ذكر أول الحديث وآخره.
وإن كان قوله : (نِصْفَهُ) بدلا من قوله : (قَلِيلاً) كان تقدير الكلام : قم الليل إلا نصفه ، أو أقل من نصفه ،
أو أكثر من نصفه ، ويكون أيضا استثناء الأكثر من متناول الجملة ، وإذا احتمل
الوجهين سقط الاحتجاج به ، لا سيما والأول أظهر.
وفي الصحيح : أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم مرّ بجبل
معلّق في المسجد ، فسأل عنه ، فقيل له : فلانة تصلّى لا تنام الليل ، فإذا أضعفت
تعلقت به ، فقال النبىّ صلّى الله عليه وسلم : اكلفوا من العمل ما تطيقون ، فإن الله لا يملّ حتى تملّوا .
وقد اندرجت الآية
الثالثة في هذه الأوجه ، وهي قوله : (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ
وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) ، قال أهل اللغة : معناه بين قراءته ، تقول العرب : ثغر
رتل ورتل ـ بفتح العين وكسرها ـ إذا كان مفلجا لا فضض فيه.
قال مجاهد : معناه
بعضه إثر بعض. وقال سعيد بن جبير : معناه فسره تفسيرا ، يريد تفسير القراءة ، حتى
لا يسرع فيه فيمتزج بعضه ببعض.
وقد روى الحسن أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم مرّ برجل
يقرأ آية ويبكى ، فقال : ألم تسمعوا إلى قول الله تعالى : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ
تَرْتِيلاً) ، هذا الترتيل.
وسمع
رجل علقمة يقرأ قراءة حسنة ، فقال : رتّل القرآن ، فداك أبى وأمى.
وقد روى أنس أنّ
قراءة النبىّ صلّى الله عليه وسلم كان يمدّ صوته مدّا ، وقد تقدم تمام هذا.
__________________
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (إِنَّا سَنُلْقِي
عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً).
فيها قولان :
أحدهما ـ ثقله على
النبىّ صلّى الله عليه وسلم حين كان يلقيه الملك إليه ، وقد سئل كيف يأتيك الوحى؟
فقال : أحيانا يأتينى الملك مثل صلصلة الجرس ، وهو أشدّه علىّ ، فيفصم عنى ، وقد
وعيت ما قال. وقد كان ينزل عليه الوحى في اليوم الشديد البرد فيتفصّد جبينه عرقا.
الثاني ـ ثقل
العمل به ، قاله الحسن ، وقتادة ، وغيرهما.
والأول أولى ،
لأنه قد جاء : (وَما جَعَلَ
عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). وجاء عن النبي صلّى الله عليه وسلم : بعثت بالحنيفية السّمحة.
وقد قيل : أراد
ثقله في الميزان.
وقد روى أن النبىّ
صلّى الله عليه وسلم كان ينزل عليه الوحى وهو على ناقته ، فتلقى بجرانها على الأرض ، فلا يزال كذلك حتى يسرّى عنه. وهذا يعضد ثقل الحقيقة
.
الآية الخامسة ـ قوله
تعالى : (إِنَّ ناشِئَةَ
اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ (ناشِئَةَ اللَّيْلِ) ، فاعلة من قولك : نشأ ينشأ ، فهو ناشئ ، ونشأت تنشأ فهي
ناشئة ، ومنه قوله تعالى : (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا
فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ).
وقال العلماء
بالأثر : إذا نشأت بحرية ، ثم تشاءمت فتلك عين غديقة .
المسألة الثانية ـ
اختلف العلماء في تعيينها على أقوال ، جملتها قولان :
أحدهما ـ أنها بين
المغرب والعشاء ، منهم ابن عمر ، إشارة إلى أنّ لفظ نشأ يعطى الابتداء ، فهو
بالأولية أحق ، ومنه قول الشاعر :
ولولا أن يقال
صبا نصيب
|
|
لقلت بنفسي
النّشأ الصّغار
|
__________________
الثاني ـ أنه
الليل كله ، قال ابن عباس ، وهو الذي اختاره مالك بن أنس ، وهو الذي يعطيه اللفظ ،
وتقتضيه اللغة.
المسألة الثالثة ـ
قوله : (أَشَدُّ وَطْئاً)
:
قرئ بفتح الواو
وإسكان الطاء ، فممن قرأه كذلك نافع ، وابن كثير ، والكوفيون. وقرئ بكسر الطاء
ممدودا ، وممن قرأه كذلك أهل الشام وأبو عمرو.
فأما من قرأه بفتح
الواو وإسكان الطاء فإنه أشار إلى ثقله على النفس لسكونها إلى الراحة في الليل
وغلبة النوم فيه على المرء.
وأما من قرأه بكسر
الفاء وفتح العين فإنه من المواطأة وهي الموافقة ، لأنه يتوافق فيه السمع ـ لعدم
الأصوات ، والبصر ـ لعدم المرئيات ، والقلب ـ لفقد الخطرات.
قال مالك : أقوم
قيلا : هدوّا من القلب وفراغا له.
والمعنيان فيه
صحيحان ، لأنه يثقل على العبد وأنه الموافق للقصد.
الآية السادسة ـ قوله
تعالى : (إِنَّ لَكَ فِي
النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً).
فيه أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ قال
أهل اللغة : معناه اضطرابا ومعاشا وتصرّفا ، سبح يسبح : إذا تصرف واضطرب ، ومنه
سباحة الماء ، ومنه قوله : (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ
يَسْبَحُونَ) ، يعنى يجرون. وقال : (وَالسَّابِحاتِ
سَبْحاً) ، قيل : الملائكة تسبح بين السماء والأرض ، أى تجرى ، وقيل
: هي السفن. وقيل : أرواح المؤمنين تخرج بسهولة.
وقال أبو العالية
: معناه فراغا طويلا ، وساعده عليه غيره. فأما حقيقة (س ب ح) فالتصرف والاضطراب ،
فأما الفراغ فإنما يعنى به تفرّغه لأشغاله وحوائجه عن وظائف تترتّب عليه ، فأحد
التفسيرين لفظىّ والآخر معنوىّ.
المسألة الثانية ـ
قرئ سبخا ـ بالخاء المعجمة ، ومعناه راحة. وقيل نوما. والتسبيخ : النوم الشديد ،
يقال سبخ ، أى نام ـ بالخاء المعجمة ، وسبح ـ بالحاء المهملة : أى تصرف ـ كما
تقدم.
__________________
وفي الحديث أنه
سمع عائشة تدعوا على سارق ، فقال : لا تسبّخى عنه بدعائك ، أى لا تخفّفى عنه ، فإن
السارق أخذ مالها ، وهي أخذت من عرضه ، فإذا وقعت المقاصّة كان تخفيفا ممّا لها
عليه من حقّ السرقة. ويعضده قوله تعالى في الأثر : من دعا على من ظلمه فقد انتصر.
وهذه إشارة إلى أن
الليل عوض النهار ، وكذلك النهار عوض الليل كما تقدم في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي
جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ
شُكُوراً).
المسألة الثالثة ـ
في هذه الآية تنبيه على نوم القائلة الذي يستريح به العبد من قيام الليل في الصلاة
أو في العلم.
المسألة الرابعة ـ
في حال النبىّ صلّى الله عليه وسلم في ذلك : فقد كان يصلّى ليلا طويلا قائما ،
وليلا طويلا قاعدا ، وذلك قبل موته بعام أو عامين. وكان يصلّى إحدى عشرة ركعة ، وروى
ثلاث عشرة ركعة ،
يوتر منها بخمس لا يجلس إلا في آخرها.
وروى أنه كان يصلّى بعد العشاء ركعتين ،
ويصلّى من الليل تسعا منها الوتر ، وكان ينام أول الليل ، ويحيى آخره ، وما ألفاه السحر إلا عند أهله قائما ، وكان يوتر في آخر الليل حتى انتهى وتره إلى السحر ، وما قرأ القرآن كله قطّ في ليلة ، ولا صلّى ليلة إلى الصبح ، وكان
إذا فاته قيام الليل من وجع أو غيره صلّى من النهار اثنتي عشرة ركعة ، وكان يقول :
الوتر ركعة من آخر
الليل ، ويقول : أو تروا قبل أن تصبحوا. وقال : صلاة آخر الليل مشهودة ، وذلك أفضل.
وهذا كله صحيح في
الصحيح ، وقد بينا في شرح الحديث الجمع بين اختلاف الروايات في عدد صلاته ، فإنه
كان يصلّى إحدى عشرة ركعة ، وهي كانت وظيفته الدائمة ، وكان يفتتح صلاة الليل
بركعتين خفيفتين ، فهذه ثلاث عشرة ركعة.
وكان يصلّى إذا
طلع الفجر ركعتين ، ثم يخرج إلى صلاة الصبح ، فهذا تأويل قول من روى أنه كان يصلّى
خمس عشرة ركعة.
وقد روت عائشة في
الصحيح أنّ النبىّ صلّى الله
عليه وسلم كان يصلّى تسع ركعات فيها الوتر ، ولعل ذلك كان حين ضعف وأسنّ وحطمه البأس ، أو كان لألم ، والله
أعلم.
__________________
الآية السابعة ـ قوله
تعالى : (وَاذْكُرِ اسْمَ
رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في
معنى التبتّل ، وهو عند العرب التفرد ، قاله ابن عرفة. وقال غيره ـ وهو الأقوى :
هو القطع ، يقال : بتل إذا قطع ، وتبتّل إذا كان القطع في نفسه ، فلذلك قالوا : إن معنى الآية انفرد لله ، وصدقة بتلة ، أى منقطعة
من جميع المال.
وفي حديث سعد :
ردّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم على عثمان [بن مظعون] التبتل ولو أذن له [فيه] لاختصينا ، يعنى الانقطاع عن النساء.
وفي الأثر : لا رهبانيّة ولا تبتّل في الإسلام ، ومنه مريم العذراء البتول ، أى التي انقطعت عن الرجال ،
وتسمى فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم البتول لانقطاعها عن نساء زمانها
في الفضل والدين [والنسب] والحسب. وهذا قول أحدثته الشيعة ، وإلا فقد اختلف الناس في
التفضيل بينها وبين عائشة ، وليست من المسائل المهمة ، وكلتاهما من الدين والجلال
في الغاية القصوى ، وربّك أعلم بمن هو أفضل وأعلى. وقد أشرنا إليه في كتاب
المشكلين وشرح الصحيحين.
المسألة الثانية ـ
قد تقدم في سورة المائدة [في تفسير] قوله تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) حال الدين في الكراهية لمن تبتّل فيه ، وانقطع ، وسلك سبيل
الرهبانية بما يغنى عن إعادته : وأما اليوم وقد مرجت عهود الناس ، وخفّت أماناتهم
، واستولى الحرام على الحطام ، فالعزلة خير من الخلطة ، والعزبة أفضل من التأهل ، ولكن معنى الآية : انقطع عن الأوثان والأصنام ، وعن
عبادة غير الله ، وكذلك قال مجاهد : معناه أخلص له العبادة ، ولم يرد [انقطع عن
الناس والنساء ـ وهو اختيار البخاري ـ لأجل ما روى من نهى النبي صلّى الله عليه
وسلم عن] التبتل فصار التبتل مأمورا به
__________________
في القرآن ،
منهيّا عنه في السنة ، ومتعلق الأمر غير متعلق النهى ، إذ لا يتناقضان ، وإنما بعث
ليبيّن للناس ما نزّل إليهم ، فالتبتل المأمور به الانقطاع إلى الله بإخلاص
العبادة ، كما قال : (وَما أُمِرُوا إِلَّا
لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ).
والتبتل المنهي
عنه هو سلوك مسلك النصارى في ترك النكاح والترهب في الصوامع ، لكن عند فساد الزمان
يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفرّ بدينه من الفتن.
الآية الثامنة ـ قوله
تعالى : (وَاصْبِرْ عَلى ما
يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ هذه
الآية منسوخة بآية القتال ، وكلّ منسوخ لا فائدة لمعرفة معناه ، لا سيما في هذا
الموضع [إلا] على القول بأنّ المرء إذا غلب بالباطل كان له أن يفعل ما
فعله النبىّ صلّى الله عليه وسلم مع الكفار حين غلبوه ، وهي :
المسألة الثانية ـ
فأما الصبر على ما يقولون فمعلوم. وأما الهجر الجميل فهو الذي لا فحش فيه. وقيل :
هو السلام عليهم. وبالجملة فهو مجرد الإعراض.
الآية التاسعة ـ قوله
تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ
يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ
وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ
أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ
عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ
يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ
فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ
وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ
تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ
إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
فيها إحدى عشرة
مسألة :
المسألة الأولى ـ قوله
: (إِنَّ رَبَّكَ
يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى ...) الآية. هذا تفسير لقوله : (قُمِ اللَّيْلَ
إِلَّا قَلِيلاً. نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) ، كما قدمنا.
__________________
(وَطائِفَةٌ مِنَ
الَّذِينَ مَعَكَ) ، روى أنها لما
نزلت : (يا أَيُّهَا
الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) قاموا حتى تورّمت أقدامهم ، فخفف الله عنهم. هذا قول عائشة
، وابن عباس ، لكن عائشة قالت : خفّف الله عنهم بالصلوات الخمس. وقال ابن عباس :
بآخر السورة ، ونبيّنه إن شاء الله.
المسألة الثانية ـ
قوله : (وَاللهُ يُقَدِّرُ
اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) ، يعنى يقدّره للعبادات ، فإن تقدير الخلقة لا يتعلق به
حكم ، وإنما يربط الله به ما شاء من وظائف التكليف.
المسألة الثالثة ـ
قوله : (عَلِمَ أَنْ لَنْ
تُحْصُوهُ) ، يعنى تطيقوه.
اعلموا وفقكم الله
أن البارئ تعالى ـ وإن كان له أن يحكم في عباده بما شاء ، ويكلفهم فوق الطوق ، فقد
تفضّل بأن أخبر أنه لا يفعل. وما لا يطاق ينقسم قسمين :
أحدهما ـ ألّا
يطاق جنسه ، أى لا تتعلق به قدرة.
والثانى ـ لأن القدرة لم تخلق له ، وإن كان جنسه مقدورا ، كتكليف القائم القعود
أو القاعد القيام ، وهذا الضرب قد يغلب إذا تكرر بقيام الليل منه ، فإنه ، وإن كان
مما تتعلق به القدرة ، فإنه يغلب بالتكرار والمشقّة ، كغلبة خمسين صلاة لو كانت
مفروضة ، كما أن الاثنين والعشرين ركعة الموظفة كل يوم من الفرض والسنة تغلب الخلق
، فلا يفعلونها ، وإنما يقوم بها الفحول في الشريعة.
المسألة الرابعة ـ
قوله : (فَتابَ عَلَيْكُمْ) ، أى رجع عليكم بالفراغ الذي كنتم فيه من تكليفها لكم.
وهذا يدلّ على أنّ آخر السورة هي التي نسختها ، كما روت عائشة في الصحيح ، وكما
نقله المفسرون عنها.
المسألة الخامسة ـ
قوله : (فَاقْرَؤُا ما
تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ).
فيه قولان :
أحدهما ـ أنّ
للراد به نفس القراءة.
الثاني ـ أن
المراد به الصلاة ، عبّر عنها بالقراءة ، لأنها فيها ، كما قال : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ
إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً). وهو الأصح ، لأنه عن الصلاة أخبر ، وإليها رجع القول.
__________________
المسألة السادسة ـ
قوله : (عَلِمَ أَنْ
سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى ، وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ
مِنْ فَضْلِ اللهِ ، وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ).
بيّن الله سبحانه
علّة التخفيف بأنّ الخلق منهم المريض ، ومنهم المسافر في طلب الرزق ، ومنهم الغازي
، وهؤلاء يشق عليهم القيام ، فخفّف الله عن الكل لأجل هؤلاء. وقد بينا حكمة
الشريعة في أمثال هذا المقصد.
المسألة السابعة ـ
قوله : (فَاقْرَؤُا ما
تَيَسَّرَ مِنْهُ) : معناه صلّوا ما أمكن ، ولم يفسره. ولهذا قال قوم : إن فرض قيام الليل بقي في ركعتين من هذه الآية ، قاله البخاري ، وغيره ، وعقد باب
«يعقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل بالليل».
وذكر في حديث آخر
: يعقد قافية رأس أحدكم
ثلاث عقد يضرب مكان كل عقدة عليك ليل طويل فارقد. فإن استيقظ فذكر الله تعالى انحلّت عقدة ، فإن توضأ
انحلت عقدة ، فإن صلّى انحلت عقدة ، فأصبح نشيطا طيّب النفس ، وإلا أصبح خبيث
النفس كسلان.
وذكر حديث سمرة بن
جندب ، عن النبي صلّى الله عليه وسلم في الرؤيا : قال : أما الذي يثلغ رأسه بالحجر ، فإنه الذي يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة.
وحديث عبد الله بن
مسعود قال : ذكر
عند النبي صلّى الله عليه وسلم رجل نام الليل إلى الصباح ، فقال : ذاك رجل بال الشيطان في أذنه.
وهذه كلّها أحاديث
مقتضية حمل مطلق الصلاة على المكتوبة ، فيحمل المطلق على المقيّد ، لاحتماله له ،
وتسقط الدعوى ممن عيّنه لقيام الليل.
وفي الصحيح ـ واللفظ
للبخاري : قال عبد الله بن عمر :
قال لي رسول الله صلّى الله عليه
__________________
وسلم : يا عبد الله ، لا تكن مثل فلان ، كان
يقوم الليل فترك قيام الليل. ولو كان فرضا ما أقرّه النبىّ صلّى الله عليه وسلم عليه ، ولا أخبر بمثل هذا
الخبر عنه ، بل كان يذمّه غاية الذّم.
وفي الصحيح عن عبد
الله بن عمر ، قال : كان
الرجل في حياة النبي صلّى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصّها على النبي صلّى الله
عليه وسلم ، فتمنّيت أن أرى رؤيا فأقصّها على النبي صلّى الله عليه وسلم ، وكنت
غلاما عزبا شابا ، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم ،
فرأيت في النوم كأنّ ملكين أخذانى ، فذهبا بي إلى النار ، فإذا هي مطوية كطىّ
البئر ، وإذا لها قرنان ، وإذا فيها ناس قد عرفتهم ، فجعلت أقول : أعوذ بالله من
النار. قال : ولقينا ملك [آخر] فقال لي : لم ترع؟ فقصصتها على حفصة ، فقصّتها حفصة على
رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فقال : نعم الرجل عبد الله! لو كان يصلّى من
الليل. فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلا ، ولو كان ترك القيام معصية لما قال
له الملك : لم ترع ، والله أعلم.
المسألة الثامنة ـ
تعلّق كثير من الفقهاء في تعيين القراءة في الصلاة بهذه الآية ، وهي قوله : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) ، فقال قوم : هي آية. وقال قوم : هي ثلاث آيات ، لأنها أقل
سورة ، وبه قال أبو حنيفة.
وقد بينا أن
المراد بالقراءة هاهنا الصلاة ، وإنما يصح هذا التقدير ، ويتصوّر الخلاف في قول النبي
صلّى الله عليه وسلم للرجل الذي علمه [النبي صلّى الله عليه وسلم] الصلاة ، وقال له : ارجع
فصلّ ، فإنك لم تصلّ. وقال له : اقرأ
فاتحة الكتاب ، وما تيسّر معك من القرآن. وقد تكلّمنا عليه في مسائل الخلاف بما فيه كفاية. لبابه أنا
لو قلنا : إن المراد به القراءة لكان النبىّ صلّى الله عليه وسلم قد عيّن هذا
المبهم بقوله : لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ـ خرجه الشيخان. وكان النبي صلّى الله
عليه وسلم يقرؤها في كل ركعة ، فقد اعتضد القول والفعل.
جواب آخر ـ وذلك
أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم إنما قصد ـ والله أعلم ـ التخفيف عن الرجل ، فقال
له : اقرأ ما تيسّر معك من
القرآن ، أى ما حفظت. وقد
ظنّ القاضي أبو زيد
__________________
الدبوسي ـ فحل
الحنفية الأهدر ومناضلها الأقدر ـ أن قوله : فاقرءوا ما تيسّر منه مع زيادة
الفاتحة عليه زيادة على النص ، والزيادة على النصّ نسخ ، ونسخ القرآن لا يجوز إلا
بقرآن مثله ، أو بخبر متواتر على الوجه الذي تمهد في أصول الفقه.
وأجاب علماؤنا بأن الزيادة على النص لا تكون نسخا ، وقد قررناه
في أصول الفقه ، وهو مذهب ضعيف جدا.
قال القاضي أبو
زيد [الدبوسي] : الصلاة تثبت بالتواتر ، فأركانها يجب أن تثبت بمثله ،
فنأمره بقراءة فاتحة الكتاب ، لخبر النبي صلّى الله عليه وسلم ، ولا يعيد الصلاة
بتركها ، لئلا تثبت الأركان بما لم يثبت به الأصل .
قلنا : هذا باطل
ليس عليه دليل ، وإنما هو مجرّد دعوى. وقد اتفقنا على ثبوت أركان البيع بخبر
الواحد ، وبالقياس ، وأصل البيع ثابت بالقرآن ، وهذا بعض ما قررناه في مسائل
الخلاف ، فلينظر ما بقي من القول هنالك إن شاء الله تعالى.
المسألة التاسعة ـ
قوله : (وَأَقِيمُوا
الصَّلاةَ).
المسألة العاشرة ـ
قوله : (وَآتُوا الزَّكاةَ) ، وقد تقدم بيانهما.
[المسألة الحادية
عشرة ـ قوله : (وَأَقْرِضُوا اللهَ
قَرْضاً حَسَناً). وقد تقدّم ذلك في سورة البقرة ] .
__________________
سورة المدثر
[فيها أربع آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
الْمُدَّثِّرُ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ روى
العدل في الصحيح ، واللفظ للبخاري ، قال يحيى بن أبى كثير : سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما
نزل من القرآن ، فقال : (يا أَيُّهَا
الْمُدَّثِّرُ). قلت : إنهم
يقولون : اقرأ باسم ربك الذي خلق. فقال أبو سلمة : سألت جابر بن عبد الله عن ذلك ،
وقلت له مثل الذي قلت ، فقال جابر : لا أحدثك إلا ما حدّثنا رسول الله صلّى الله
عليه وسلم ، قال : جاورت بحراء ، فلما قضيت جواري هبطت فنوديت ، فنظرت عن يميني
فلم أر شيئا ، فرفعت رأسى فرأيت شيئا ، فأتيت خديجة ، فقلت : دثّرونى وصبّوا على
ماء باردا. قال : فدثرونى وصبّوا علىّ ماء باردا ، فنزلت : (يا أَيُّهَا
الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ.
وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ. وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ. وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ).
وقال بعض المفسرين
: إنه جرى على النبىّ صلّى الله عليه وسلم من عقبة بن ربيعة أمر ، فرجع إلى منزله
مغموما ، فتلفّف واضطجع ، فنزلت : (يا أَيُّهَا
الْمُدَّثِّرُ). وهذا باطل.
وقيل : أراد يا من
تدثّر بالنبوة. وهذا مجاز بعيد ، لأنه لم يكن نبيّا إلا بعد ، على أنها أول القرآن
، ولم يكن تمكن منها بعد أن كانت ثانى ما نزل.
المسألة الثانية ـ
هذه ملاطفة من الكريم إلى الحبيب ، ناداه بحاله ، وعبّر عنه بصفته. ومثله قول
النبي صلّى الله عليه وسلم لعلى رضى الله عنه : قم
أبا تراب ، إذ خرج مغاضبا لفاطمة ، ونام في المسجد فسقط رداؤه وأصابه ترابه. وقوله لحذيفة يوم
الخندق : قم يا نومان.
__________________
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ التكبير
هو التعظيم حسبما بينّاه في كتاب الأمد الأقصى ، ومعناه ذكر الله بأعظم صفاته
بالقلب ، والثناء عليه باللسان ، بأقصى غايات المدح والبيان ، والخضوع [له] بغاية العبادة ، كالسجود له ذلّة وخضوعا.
المسألة الثانية ـ
هذا القول وإن كان يقتضى بعمومه تكبير الصلاة ، فإنه مراد به التكبير والتقديس ، والتنزيه بخلع الأنداد والأصنام دونه ، ولا تتخذ وليا غيره ، ولا تعبد ولا ترى
لغيره فعلا إلا له ، ولا نعمة إلا منه ، لأنه لم تكن صلاة عند نزولها ، وإنما كان
ابتداء التوحيد.
وقد روى أن أبا سفيان قال يوم أحد : اعل هبل ،
اعل هبل ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : قولوا له : الله أعلى وأجلّ. وقد صار هذا اللفظ بعرف الشرع في تكبير العبادات كلّها
أذانا وصلاة وذكرا ، بقوله : «الله أكبر» ، وحمل عليه لفظ النبي صلّى الله عليه
وسلم الوارد على الإطلاق في مواردها ، منها قوله : «تحريمها
التكبير وتحليلها التسليم». والشرع يقتضى بعرفه ما يقتضى بعمومه. ومن موارده أوقات الإهلال بالذبائح لله
تخليصا له من الشرك ، وإعلانا باسمه في النسك ، وإفرادا لما شرع لأمره بالسّفك.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ اختلف
العلماء في تأويل هذه الآية على قولين :
أحدهما ـ أنه أراد
نفسك فطهّر ، والنفس يعبّر عنها بالثياب [كما] قال امرؤ القيس :
وإن تك قد ساءتك منى خليقة
|
|
فصلّى ثيابي من
ثيابك تنسلى
|
__________________
الثاني ـ أن
المراد به الثياب الملبوسة ، فتكون حقيقة ، ويكون [التأويل] الأول مجازا. والذي يقول : إنها الثياب المجازية أكثر. روى
ابن وهب عن مالك أنه قال : ما يعجبني أن أقرأ القرآن إلّا في الصلاة والمساجد ، لا
في الطريق ، قال الله تعالى : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) ، يريد مالك أنه كنى بالثياب عن الدّين.
وقد روى عبد الله
بن نافع ، عن أبى بكر بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، عن مالك بن
أنس ، في قوله تعالى : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) ، أى لا تلبسها على غدرة. وقد روى ذلك مسندا إلى ابن عباس
، وكثيرا ما تستعمله العرب في ذلك كله ، قال أبو كبشة :
ثياب بنى عوف
طهارى نقيّة
|
|
وأوجههم عند
المشاعر غرّان
|
يعنى بطهارة
ثيابهم سلامتهم من الدناءات ، ويعنى بقرّة وجوههم تنزيههم عن المحرمات ، أو جمالهم
في الخلقة ، أو كليهما. وقد قال غيلان بن سلمة الثقفي :
فإنى بحمد الله
لا ثوب غادر
|
|
لبست ولا من
غدرة أتقنّع
|
المسألة الثانية ـ
ليس بممتنع أن تحمل الآية على عموم المراد فيها بالحقيقة والمجاز ، على ما بيناه
في أصول الفقه. وإذا حملناها على الثياب المعلومة [الظاهرة] فهي تتناول معنيين :
أحدهما ـ تقصير
الأذيال ، فإنها إذا أرسلت تدنّست ، ولهذا قال عمر بن الخطاب لغلام من الأنصار ـ وقد
رأى ذيله مسترخيا : يا غلام ، ارفع إزارك ، فإنه أتقى وأنقى وأبقى. وقد قال النبىّ
صلّى الله عليه وسلم في الصحيح : «إزرة
المؤمن إلى أنصاف ساقيه ، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين ،
وما كان أسفل من ذلك ففي النار» ، فقد جعل النبىّ صلّى الله عليه وسلم الغاية في
لباس الإزار الكعب ، وتوعّد ما تحته بالنار ، فما بال رجال يرسلون أذيالهم ،
ويطيلون ثيابهم ، ثم يتكلفون رفعها بأيديهم. وهذه حالة الكبر وقائدة العجب ، وأشد
ما في الأمر أنهم يعصون ويحتجّون ، ويلحقون أنفسهم بمن لم يجعل الله معه غيره ، ولا ألحق
__________________
به سواه. قال
النبىّ صلّى الله عليه وسلم : لا
ينظر الله لمن جرّ ثوبه خيلاء. ولفظ الصحيح : من
جرّ إزاره خيلاء لم ينظر الله له يوم القيامة. قال أبو بكر : يا رسول الله ، إنّ
أحد شقي إزارى يسترخى ، إلا أن أتعاهد ذلك منه. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم
: لست ممن يصنعه خيلاء. فعمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم [بالنهى] ، واستثنى أبا بكر الصديق ، فأراد الأدنياء إلحاق أنفسهم
بالأقصياء ، وليس ذلك لهم.
والمعنى الثاني ـ غسلها
من النجاسة ، وهو ظاهر منها صحيح فيها. وقد بينّا اختلاف الأقوال في ذلك بصحيح
الدلائل ، ولا نطوّل بإعادته. وقد أشار بعض الصوفية إلى أنّ معناه وأهلك فطهّر ،
وهذا جائز ، فإنه قد يعبّر عن الأهل بالثياب. قال الله تعالى : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ
وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ).
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (وَلا تَمْنُنْ
تَسْتَكْثِرُ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ ذكر
المفسرون فيها ستة أقوال :
الأول ـ لا تعط
عطية فتطلب أكثر منها ، روى عن ابن عباس.
الثاني ـ لا تعط
الأغنياء عطية لتصيب منهم أضعافها.
الثالث ـ لا تعط
عطية تنتظر ثوابها.
الرابع ـ ولا تمنن
بالنبوة على الناس تأخذ أجرا منهم عليها.
الخامس ـ لا تمنن
بعملك [تستكثره] على ربك ، قاله الحسن.
السادس ـ لا تضعف
عن الخير أن تستكثر منه.
المسألة الثانية ـ
هذه الأقوال يتقارب بعضها ، وهي الثلاثة الأول ، فأما قوله : «لا تعط عطية فتطلب
أكثر منها» فهذا لا يليق بالنبىّ صلّى الله عليه وسلم ، ولا يناسب مرتبته. وقد قال
: (وَما آتَيْتُمْ مِنْ
رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) على ما بينا معناه.
__________________
وقد روى أبو داود
وغيره عن عائشة أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ، ويثيب عليها.
وفي الصحيح في
الحديث ـ واللفظ للبخاري ـ قال صلّى الله عليه وسلم : لو دعيت إلى كراع لأجبت ، ولو أهدى إلىّ
ذراع لقبلت. ولفظه مختلف فكان
يقبلها سنّة ، ولا يستكثرها شرعة ، وإذا كان لا يعطى عطية يستكثر بها فالأغنياء
أولى بالاجتناب ، لأنها باب من أبواب المذلة ، وكذلك قول من قال : إن معناه لا تعط
عطية تنتظر ثوابها ، فإنّ الانتظار تعلق بالإطماع ، وذلك في حيزه بحكم الامتناع ،
وقد قال الله تعالى : (وَلا تَمُدَّنَّ
عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ
الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى). وذلك جائز لسائر الخلق ، لأنه من متاع الحياة الدنيا ،
وطلب الكسب فيها والتكاثر منها.
وأما من قال :
أراد به العمل ، أى لا تستكثر به على ربك فهو صحيح ، فإنّ ابن آدم لو أطاع الله عمره من غير فتور لما بلغ
لنعم الله بعض الشكر. وهذا كلّه بنى على أصل ، وهي :
المسألة الثالثة ـ
وذلك أن قوله : (تَسْتَكْثِرُ) قد وردت القراءات بالروايات فيه بإسكان الراء. وروى بضمّ
الراء ، فإذا أسكنت الراء كانت جوابا للأمر بالتقلل ، فيكون الأول الثاني ، وإن ضممت الراء كان الفعل بتقدير الاسم ، وكان بمعنى
الحال. التقدير : ولا تمنن مستكثرا ، وكان الثاني غير الأول ، وهذا ينبنى على أصل
، وهي :
المسألة الرابعة ـ
وهو القول في تحقيق المنّ ، وهو ينطلق على معنيين :
أحدهما ـ العطاء.
والثاني ـ التعداد
على المنعم عليه بالنعم ، فيرجع إلى القول الأول. ويعتضده قوله تعالى : (لا تُبْطِلُوا
صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) ، وقوله : (لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ
مَمْنُونٍ). ويعضّد الثاني قوله : (فَامْنُنْ أَوْ
أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) ، وقوله : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ
وَإِمَّا فِداءً). وقال النبي صلّى الله عليه وسلم : ما أحد أمنّ علينا من ابن أبى قحافة.
والآية تتناول
المعنيين كليهما. والله أعلم.
__________________
سورة القيامة
[فيها أربع آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (بَلِ الْإِنْسانُ
عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ. وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ).
فيها ست مسائل :
المسألة الأولى ـ فيها
دليل على قبول إقرار المرء على نفسه ، لأنها شهادة منه عليها ، قال الله سبحانه : (يَوْمَ تَشْهَدُ
عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ ، وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا
يَعْمَلُونَ). ولا خلاف فيه ، لأنه إخبار على وجه تنتفى التهمة عنه ،
لأن العاقل لا يكذب على نفسه. وقد قال الله سبحانه في كتابه الكريم : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ
مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ، ثُمَّ جاءَكُمْ
رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ. قالَ : أَأَقْرَرْتُمْ
وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي! قالُوا : أَقْرَرْنا. قالَ : فَاشْهَدُوا
وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ). وقال تعالى : (وَآخَرُونَ
اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً). وهو في الآثار كثير ، قال النبىّ صلّى الله عليه وسلم :
وأغد يا أنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت فأرجمها.
المسألة الثانية ـ
لا يصحّ إقرار إلّا من مكلّف ، لكن بشرط ألّا يكون محجورا عليه ، لأنّ الحجر يسقط
قوله إذا كان لحقّ نفسه ، فإن كان لحقّ غيره كالمريض كان منه ساقط ومنه جائز ،
وبيانه في مسائل الفقه.
وللعبد حالتان في
الإقرار :
إحداهما ـ في
ابتدائه ، ولا خلاف فيه على الوجه المتقدم.
__________________
والثانية ـ في
انتهائه ، وذلك مثل إبهام الإقرار ، وله صور كثيرة. وأمهاتها ست :
الصورة الأولى ـ أن
يقول له : عندي شيء ، قال الشافعىّ : لو فسّره بتمرة أو كسرة قبل منه. والذي
تقتضيه أصولنا أنه لا يقبل إلا فيما له قدر ، فإذا فسره به قبل منه ، وحلف عليه.
الصورة الثانية ـ أن
يفسرها بخمر أو خنزير ، وما لا يكون مالا في الشريعة ، لم يقبل باتفاق ، ولو ساعده
عليه المقرّ له.
الصورة الثالثة ـ أن
يفسّره بمختلف فيه ، مثل جلد الميتة ، أو سرجين ، أو كلب ، فإنّ الحاكم يحكم عليه
في ذلك بما يراه من ردّ وإمضاء ، فإن ردّه لم يحكم عليه حاكم آخر غيره بشيء ، لأن
الحكم قد نفذ بإبطاله.
وقال بعض أصحاب
الشافعىّ : يلزم الخمر والخنزير ، وهو قول باطل. وقال أبو حنيفة : إذا قال له :
علىّ شيء لم يقبل تفسيره إلا بمكيل أو موزون ، لأنه لا يثبت في الذمة بنفسه إلا
هما.
وهذا ضعيف ، فإن
غيرهما يثبت في الذمة إذ وجب ذلك إجماعا.
الصورة الرابعة ـ إذا
قال له : «عندي مال» قبل تفسيره بما يكون مالا في العادة ، كالدرهم والدرهمين ، ما
لم يجئ من قرينة الحال ما يحكم عليه بأكثر منه.
الصورة الخامسة ـ أن
يقول له : عندي مال كثير أو عظيم. فقال الشافعىّ : يقبل في الحبّة. وقال أبو حنيفة
: لا يقبل إلا في نصاب الزكاة. وقال علماؤنا في ذلك أقوالا مختلفة ، منها نصاب
السرقة ، والزكاة ، والدية. وأقلّه عندي نصاب السرقة ، لأنه لا يبان عضو المسلم
إلّا في عظيم. وقد بيناه في مسائل الخلاف. وبه قال أكثر الحنفية. ومن تعجب فيتعجّب
لقول الليث بن سعد : إنه لا يقبل في أقل من اثنين وسبعين درهما ، قيل له : ومن أين
تقول ذلك؟ قال : لأن الله تعالى قال : (لَقَدْ نَصَرَكُمُ
اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ). وغزواته وسراياه كانت ثنتين وسبعين ، وهذا لا يصحّ ، لأنه
أخرج حنينا منها ، فكان حقه
__________________
أن يقول : يقبل في
واحد وسبعين ، وقد قال الله تعالى : (اذْكُرُوا اللهَ
ذِكْراً كَثِيراً). وقال : (لا خَيْرَ فِي
كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ). وقال : (وَالْعَنْهُمْ
لَعْناً كَبِيراً).
الصورة السادسة ـ إذا
قال له : علىّ عشرة أو مائة أو ألف ، فإنه يفسرها بما شاء ويقبل منه ، فإن قال :
ألف درهم ، أو مائة عبد ، أو مائة وخمسون درهما ـ فإنه تفسير مبهم ، ويقبل منه ،
وبه قال الشافعىّ. وقال أبو حنيفة : إن عطف على العدد المبهم مكيلا أو موزونا كان
تفسيرا لقوله مائة وخمسون درهما ، لأن الدرهم تفسير للخمسين ، والخمسين
تفسير للمائة. وقال ابن خيران الإصطخرى ـ من أصحاب الشافعىّ : إن الدرهم لا يكون
تفسيرا في المائة والخمسين إلا للخمسين خاصة ، ويفسر هو المائة بما شاء. وقد بينا
في ملجئة المتفقهين تحقيق ذلك ، ويتركّب على هذه الصور ما لا يحصى كثرة ، وهذه
أصولها.
المسألة الثالثة ـ
قوله : (وَلَوْ أَلْقى
مَعاذِيرَهُ).
معناه لو اعتذر
بعد الإقرار لم يقبل منه. وقد اختلف العلماء فيمن رجع بعد ما أقرّ في الحدود التي
هي خالص حقّ الله ، فقال أكثرهم ـ منهم الشافعىّ وأبو حنيفة : يقبل رجوعه بعد
الإقرار. وقال به مالك ـ في أحد قوليه. وقال في القول الآخر : لا يقبل إلا أن يذكر
لرجوعه وجها صحيحا.
والصحيح جواز
الرجوع مطلقا ، لما روى الأئمة ، منهم البخاري ، ومسلم ـ أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم ردّ
المقر بالزنا مرارا أربعا ، كلّ مرة يعرض عنه. ولما شهد على نفسه أربع مرات دعاه
النبىّ صلّى الله عليه وسلم وقال : أبك جنون؟ قال : لا. قال : أحصنت؟ قال: نعم. وفي حديث البخاري : لعلّك
قبّلت أو غمزت أو نظرت. وفي النسائي ، وأبى داود : حتى
قال له في الخامسة : أنكتها؟ قال : نعم. قال : حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ قال :
نعم. قال : كما يغيب المرود في المكحلة والرشأ في البئر؟ قال : نعم. ثم قال : هل
تدرى
__________________
ما
الزنا؟ قال : نعم ، أتيت منها حراما مثل ما يأتى الرجل من أهله حلالا. قال : فما
تريد منى بهذا القول؟ قال : أريد أن تطهّرنى؟ قال : فأمر به فرجم.
قال الترمذي ،
وأبو داود : فلما
وجد مسّ الحجارة مرّ يشتدّ فضربه رجل بلحى جمل ، وضربه الناس حتى مات ، فقال النبي
صلّى الله عليه وسلم : هلا تركتموه. قال أبو داود والنسائي : تثبّت رسول الله صلّى الله عليه
وسلم ، فأما لترك حدّ فلا ، وهذا كلّه طريق للرجوع ، وتصريح بقبوله. وفي قوله :
لعلك غمزت ، إشارة إلى قول مالك : إنه يقبل رجوعه إذا ذكر فيها وجها.
المسألة الرابعة ـ
ومن الناس من قال : إن معنى : (وَلَوْ أَلْقى
مَعاذِيرَهُ).
أى ستوره ، بلغة
أهل اليمن ، وأحدها معذار. وقال ثعلب : واحدها معذرة. المعنى أنه إذا اعتذر يوم
القيامة وأنكر الشرك ، لا ينفع الظالمين معذرتهم ، ويختم على فمه ، فتشهد عليه
جوارحه ، ويقال له : كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا.
المسألة الخامسة ـ
وهذا في الحر المالك لأمر نفسه. وأما العبد فإنّ إقراره لا يخلو من أحد قسمين :
إمّا أن يقرّ على بدنه ، أو على ما في يده وذمته ، فإن أقرّ على بدنه فيما فيه
عقوبة من القتل فما دونه نفذ ذلك عليه.
وقال محمد بن
الحسن : لا يقبل ذلك منه ، لأن بدنه مسترق بحق السيد. وفي إقراره إتلاف حقوق السيد في بدنه ، ودليلنا
قوله عليه السلام : من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله ، فإنه من
يبد لنا صفحته نقم عليه الحد. المعنى أنّ محل العقوبة أصل الخلقة وهي الدمية في
الآدمية ، ولا حقّ للسيد فيها ، وإنما حقّه في الوصف والتّبع ، وهي المالية
الطارئة عليه ، ألا ترى أنه لو أقرّ بمال لم يقبل ، حتى قال أبو حنيفة : إنه لو
قال : سرقت هذه السلمة إنه يقطع يده ويأخذها المقرّ له.
وقال علماؤنا :
السلعة للسيد ، ويتبع العبد بقيمتها إذا عتق ، لأن مال العبد للسيد إجماعا ، فلا
يقبل قوله فيه ، ولا إقراره عليه ، لا سيما وأبو حنيفة يقول : إن العبد لا ملك له
،
__________________
ونحن وإن قلنا :
إنه يصحّ تملّكه ، ولكن جميع ما في يده لسيده بإجماع على القولين.
المسألة السادسة ـ
وقد قيل : إن معنى قوله : (بَلِ الْإِنْسانُ
عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) ، أى عليه من يبصر أعماله ، ويحصيها ، وهم الكرام الكاتبون
، وهذه كلها مقاصد محتملة لفظ ، أقواها ما تقدم ذكرنا له.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (لا تُحَرِّكْ بِهِ
لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ ثبت
في الصحيح ـ واللفظ للبخاري ـ عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ
بِهِ) ـ قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعالج من
التنزيل شدة ، وكان مما يحرّك به شفتيه ، فقال ابن عباس : فأنا
أحركهما كما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يحركهما. وقال سعيد : أنا أحركهما
كما رأيت ابن عباس يحرّكهما ، فحرّك شفتيه ، فأنزل الله عز وجل : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ
بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ). قال : جمعه لك في صدرك وتقرؤه. فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه.
قال : فاستمع له وأنصت. ثم إنّ علينا بيانه ، ثم إنّ علينا أن نقرأه. فكان رسول
الله صلّى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع ، فإذا انطلق جبريل قرأه
النبىّ صلّى الله عليه وسلم كما أقرأه.
المسألة الثانية ـ
هذا يعضد ما تقدم : في سورة المزمّل من قوله (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ
تَرْتِيلاً) حسبما تقدم بيانه في ذلك الموضع. وهذا المعنى صحيح ، وذلك
أن المتلقن من حكمه الأوكد أن يصغى إلى الملقن بقلبه ، ولا يستعين بلسانه ، فيشترك
الفهم بين القلب واللسان ، فيذهب روح التحصيل بينها ، ويخزل اللسان بتجرد القلب
للفهم ، فيتيسّر التحصيل ، وتحريك اللسان يجرد القلب عن الفهم ، فيتعسر التحصيل
بعادة الله التي يسّرها ، وذلك معلوم عادة فيتحقق لذي مشاهدة.
قال الإمام : كنت
أحضر عند الحاسب بتلك الديار المكرمة ، وهو يجعل الأعداد على
__________________
المتعلمين
الحاسبين ، وأفواههم مملوءة من الماء ، حتى إذا انتهى إلقاؤه ، وقال : ما معكم ـ رمى
كلّ واحد بما في فمه ، وقال ما معه ليعوّدهم خزل اللسان عن تحصيل المفهوم عن
المسموع. وللقوم في التعلم سيرة بديعة ، وهي أن الصغير منهم إذا عقل بعثوه إلى
المكتب ، فإذا عبر المكتب أخذه بتعليم الخط والحساب والعربية ، فإذا حذقه كله أو
حذق منه ما قدّر له خرج إلى المقرئ فلقّنه كتاب الله ، فحفظ منه كل يوم ربع حزب ،
أو نصفه ، أو حزبا ، حتى إذا حفظ القرآن خرج إلى ما شاء الله من تعليم العلم أو
تركه. ومنهم ـ وهم الأكثر ـ من يؤخّر حفظ القرآن ، ويتعلم الفقه والحديث ، وما شاء
الله ، فربما كان إماما ، وهو لا يحفظه ، وما رأيت بعيني إماما يحفظ القرآن ، ولا
رأيت فقيها يحفظه إلا اثنين ، ذلك لتعلموا أنّ المقصود حدوده لا حروفه ، وعلقت
القلوب اليوم بالحروف ، وضيّعوا الحدود ، خلافا لأمر رسول الله صلّى الله عليه
وسلم ، لكنه إنفاذ لقدر الله ، وتحقيق لوعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم ،
وتبيين لنبوته ، وعضد لمعجزته.
المسألة الثالثة ـ
الباري سبحانه يجمع القرآن في قلب الرسول تيسيرا للتبليغ ، ويجمعه في قلب غيره ، تيسيرا لإقامة الحجة ، فإما أن يكون شفاء
لما يعرض في الصدور ، وإما أن يكون عمى في الأبصار والبصائر ، وإما أن يكون بينه
وبين العلم به رين ، فيبقى تاليا ، ولا يجعل له من المعرفة ثانيا ، وهو أخفّه حالا
وأسلمه مآلا ، وقد حقق الله لرسوله وعده بقوله : (سَنُقْرِئُكَ فَلا
تَنْسى) ، وهو خبر ، وليس بأمر معنوي لثبوت الياء في الخط إجماعا ،
وليس ينبغي بعد هذا تأويل ، لأنه لا يحتاج إليه.
وفي الصحيح أنه صلّى الله عليه وسلم كان يعارضه
جبريل القرآن مرّة في كل شهر رمضان ، حتى كان العام الذي قبضه الله بينه وبين
الآخر عارضه مرّتين ، ففطن لتأكيد الحفظ والجمع عنده ، وقال : ما أراه إلّا قد حضر
أجلى ، إذ كان المقصود
من بعثه إلى الخلق تبليغ الأحكام وتمهيد الشرع ، ثم يستأثر الله به على الخلق ،
ويظهره برفعه إليه عنهم ، وينفذ بعد ذلك حكمه فيهم.
__________________
المسألة الرابعة ـ
انتهى النظر في هذه الآية بقوم من الرفعاء منهم قتادة إلى أن يقولوا في قوله : ثم
إنّ علينا بيانه ، أى تفصيل أحكامه ، وتمييز حلاله من حرامه ، حتى قال حين سئل عن
ذلك : إنّ منه وجوب الزكاة في مائتي درهم ، وهذا وإن لم يشهد له مساق الآية فلا
ينفيه عمومها ، ونحن لا نرى تخصيص العموم بالسبب ولا بالأولى من الآية والحديث ،
ولا بالمساق ، حسبما بيناه في أصول الفقه.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً
مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى. ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى).
فيها مسألة واحدة
:
وهي ما تقدم في
نظير هذه الآية ما يكون الولد من أحوال التخليق ولدا : من النطفة والعلقة والمضغة
، وهذه الآية بظاهرها تقتضي أنّ المرتبة الثالثة بعد العلقة [وتكون] خلقا مسوّى ، فتكون به المرأة أم ولد ، ويكون الموضوع سقطا ، وقد حققنا ذلك واختلاف
الناس فيه كما سبق ، وهذه التسوية أولها ابتداء الخقة ، وآخرها استكمال القوة ،
والكلّ مراد ، والله أعلم.
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (فَجَعَلَ مِنْهُ
الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى).
وقد احتج بهذا من
رأى إسقاط الخنثى ، وقد بيّنا في سورة الشورى أنّ هذه الآية وقرينتها إنما خرجتا
مخرج الغالب ، حسبما تقدم هنالك ، فليجتزئ به اللبيب ، فإنه وفي بالمقصود إن شاء الله
تعالى.
__________________
سورة الدّهر
[فيها ست آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى
الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ).
وقد تقدم القول في الحين بما فيه الكفاية ، فلينظر في سورة إبراهيم
عليه السلام.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (إِنَّا خَلَقْنَا
الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً).
بمعنى أخلاط. ماء
الرجل غليظ أبيض ، وماء المرأة أصفر رقيق ، فيجمعهما الملك بأمر الله ، وتنقلهما
القدرة من تطوير إلى تطوير ، حتى تنتهي إلى ما دبّره من التقدير. وقد بينا ذلك
فيما تقدم.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ
وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قوله
: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) فيه أقوال ، لبابها قولان :
أحدهما ـ يوفون
بما افترض عليهم.
الثاني ـ يوفون [بما
اعتقدوه و] بما عقدوه على أنفسهم ، ولا ثناء أبلغ من هذا ، كما أنه لا
فعل أفضل منه ، فإنّ الله قد ألزم عبده وظائف ، وربما جهل العبد عجزه عن القيام
بما فرض الله عليه ، فينذر على نفسه نذرا ، فيتعيّن عليه الوفاء به
أيضا ، فإذا قام بحقّ الأمرين ، وخرج عن واجب النذرين كان له من الجزاء ما وصف
الله في آخر السورة.
وعلى عموم الأمرين
كل ذلك حمله مالك ، روى عنه أشهب أنه قال : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) هو نذر العتق ، والصيام ، والصلاة. وروى عنه أبو بكر بن
عبد العزيز ، قال : قال مالك : يوفون بالنّذر ، قال : النذر هو اليمين.
__________________
المسألة الثانية ـ
النذر مكروه بالجملة ، ثبت في الصحيح ، عن مالك ، عن أبى الزناد ، عن عبد
الرحمن بن هرمز ، عن أبى هريرة أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال : قال الله تعالى : لا يأتى النذر على ابن
آدم بشيء لم أكن قدّرته له ، إنما يستخرج به من البخيل. وذلك لفقه صحيح ، وهو أنّ
الباري سبحانه وعد بالرزق على العمل ، ومنه مفروض ، ومنه مندوب ، فإذا عين العبد ليستدرّ به الرزق ، أو يستجلب به الخير ، أو يستدفع
به الشر لم يصل إليه به ، فإن وصل فهو لبخله. والله أعلم.
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (وَيُطْعِمُونَ
الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً).
فيها ست مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
: (وَيُطْعِمُونَ
الطَّعامَ) تنبيه على المواساة ، ومن أفضل المواساة وضعها في هذه
الأصناف الثلاثة. وفي الصحيح ، عن عبد الله بن عمر : سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلم أىّ
الإسلام خير؟ قال : تطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ، وهذا في الفضل لا في الفرض من الزكاة على ما تقدم بيانه.
المسألة الثانية ـ
قوله : (عَلى حُبِّهِ) وقد بيناه في سورة البقرة.
المسألة الثالثة ـ
قوله : (مِسْكِيناً). المسكين قد تقدم بيانه ، وهذا مثاله ما روى في شأن
الأنصارى الذي ذكرنا قصّته في سورة الحشر ، عند تأويل قوله : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى
أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ). فهذا هو ذلك.
المسألة الرابعة ـ
قوله : (وَيَتِيماً). وإنما أكّد باليتيم ، لأنه مسكين مضعوف بالوحدة وعدم
الكافل مع عجز الصغر.
المسألة الخامسة ـ
قوله تعالى : (وَأَسِيراً). وفي إطعامه ثواب عظيم ، وإن كان كافرا فإن الله يرزقه.
وقد تعيّن بالعهد إطعامه ، ولكن من الفضل في الصدقة ، لا من الأصل في الزكاة ،
ويدخل فيه المسجون من المسلمين ، فإن الحق قد حبسه عن التصرف وأسره فيما وجب عليه
، فقد صار له على الفقير المطلق حقّ زائد بما هو عليه من المنع [عن التمحل في] المعاش أو التصرف في الطلب ، وهذا كلّه إذا خلصت فيه النية
لله ، وهي :
__________________
المسألة السادسة ـ
دون توقع مكافأة ، أو شكر من المعطى ، فإذا لم يشكر فسخط المعطى يحبط ثوابه.
الآية الخامسة ـ قوله
تعالى : (وَاذْكُرِ اسْمَ
رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً).
فيها مسألة واحدة
ـ البكرة وقت من أوقات النهار ، وهو أوله ، ومنه باكورة الفاكهة. والأصيل : هو
العشىّ. وهذه الإشارة إلى صلاة الصبح ، وصلاة العصر ، وقد قدمنا معنى ذلك ، وأنه
المراد بقوله صلّى الله عليه وسلم : من
صلّى البردين دخل الجنة ، ومعنى قوله صلّى الله عليه وسلم : ترون ربكم ترون القمر ليلة البدر ، فإن
استطعتم ألا تغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا. وقرأ : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ). وقد قسم أرباب اللغة ساعات الليل وساعات النهار على
تفاصيل وأسماء عرفية في اللغة ، ومؤلفوها مختلفون في ذلك ، لكن
الغدوّ والعشى والظهيرة من أمّهات ذلك الذي لا كلام فيه. والضّحى يلحق به والإشراق
مثله ، وقد قيل : إن معناه وكبّر ، فكان يكبر ثلاثا بعد الصبح وثلاثا بعد
المغرب ، ولا يصحّ والله أعلم.
الآية السادسة ـ قوله
تعالى : (وَمِنَ اللَّيْلِ
فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً).
هذه الآية محتملة
للفرض ، وهو المغرب والعشاء ، فإنهما وقتان من أوقات المصلّى ، وصلاتهما من صلاة
الليل. وأما قوله تعالى : (وَسَبِّحْهُ لَيْلاً
طَوِيلاً) فإنه عبارة عن قيام الليل. وقد كان النبىّ صلّى الله عليه
وسلم يفعل ذلك كما تقدم. وقد يحتمل أن يكون هذا خطابا للنبي صلّى الله عليه وسلم
وحده ، فيبقى الأمر به عليه مفردا ، والوجوب يلزم له خاصة. ويحتمل أن يكون خطابا للنبىّ صلّى الله عليه وسلم
، والمراد به الجميع ، ثم نسخ عنا ، وبقي عليه كما تقدم ، والأول أظهر ، وهو معنى قوله تعالى
: (وَمِنَ اللَّيْلِ
فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) ، كما تقدم بيانه.
__________________
سورة المرسلات
[فيها ثلاث آيات]
وهي من غرائب
القرآن على ما أشرنا إليه في القسم الثاني من الناسخ والمنسوخ ، فإنها نزلت على
رسول الله صلّى الله عليه وسلم تحت الأرض. وروى الصحيحان ، عن عبد الله ابن مسعود
، قال : كنّا مع رسول الله
صلّى الله عليه وسلم في غار ، فنزلت : (وَالْمُرْسَلاتِ
عُرْفاً) فإنّا لنتلقّاها من فيه رطبة إذ خرجت حيّة من جحرها ، فابتدرناها لنقتلها ، فسبقتنا
فدخلت جحرها ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : وقيت شركم كما وقّيتم شرّها.
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ
الْأَرْضَ كِفاتاً).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ الكفات
: الضم والجمع ، وهو مصدر ، يقال : كفته يكفته كفتا وكفاتا مثل كتب يكتب كتبا
وكتابا ، أى يجمعهم أحياء وأمواتا ، وكل شيء ضممته فقد كفتّه ، فإذا حل العبد في موضعه فهو كفاته ، وهو منزله ، وهو داره ، وهو
حرزه ، وهو حريمه ، وهو حماه ، كان يقظان أو نائما. والدليل عليه ما روى عن صفوان
قال : كنت نائما في المسجد
على خميصة لي بثمن ثلاثين درهما. فجاء رحل فاختلسها منّى ، فأخذ الرجل ، فأتى به
النبي صلّى الله عليه وسلم ، فأمر به ليقطع ، قال : فقلت له : أتقطعه من أجل
ثلاثين درهما ، أنا أبيعه إياها ، وأنسئه ثمنها. قال : هلّا قبل أن تأتينى به! فكانت نفسه حيازة موضعه وحرزه وحريمه ومنعته وحصنه.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ
الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَأَمْواتاً) يقتضى أن يدفن فيها الميت بجميع أجزائه كلها من شعر ، وظفر
، وثياب ، وما يواريه على التمام ، وما اتصل به وما بان عنه ، وقد قررنا ذلك في
كتاب الجنائز من المسائل.
__________________
المسألة الثالثة ـ
احتج علماؤنا بهذه الآية في قطع النبّاش ، لأنه سرق من حرز مكفوت ، وحمى مضموم ،
وقد مهدنا ذلك في مسائل الخلاف ، وقرّرنا أن ينظر في دخوله في هذه الآية بأن نقول : هذا حرز كفات ، لقول الله تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً
أَحْياءً وَأَمْواتاً) ، فجعل حال المرء فيها بعد الممات في كفتها له وضمّها
لحاله كحالة الحياة وما تحفظه وتحرز حاله حيّا ، كذلك يجب أن يكون ميتا. فهذا أصل ثبت
بالقرآن ، ثم ينظر في دخوله تحت قوله : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ
فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) ، وذلك يثبت بطريق اللغة ، فإن السارق فيها هو آخذ المال على طريق الخفية ومسارقة الأعين ، وهذا فعله
في القبر كفعله في الدار ، ثم ينظر بعد ذلك في أنّ الذي سرق مال ، لأن أبا حنيفة
يقول : إن الكفن ليس بمال ، لأنه معرض للإتلاف ، وقلنا نحن : هو معرّض للإتلاف في
منفعة المالك ، كالملبوس في الحياة ، ثم ينظر في أنه مملوك لمالك ، فإنّ الميت
مالك. والدليل عليه أنه لو نصب شبكة في حال حياته ، فوقع فيها صيد بعد وفاته ،
فإنه يكون له ، تقضى منه ديونه ، وتنفذ فيه وصاياه. وحقيقة الملك موجودة في الكفن
، لأنه مختص به ومحتاج إليه ، فإذا ثبتت هذه الأركان من القرآن والمعنى ثبت القطع.
والله أعلم.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (إِنَّها تَرْمِي
بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قال
المفسرون : فيها ستة أقوال :
الأول ـ أصول
الشجرة .
الثاني ـ الجبل.
الثالث ـ القصر من
البناء.
الرابع ـ خشب طوله
ثلاثة أذرع ، قاله ابن عباس.
الخامس ـ أعناق
الدواب.
السادس ـ روى أنّ
ابن عباس قرأها القصر ، وفسرها بأعناق الإبل.
__________________
المسألة الثانية ـ
أما (ق ص ر) فهو بناء ينطلق على مختلفات كثيرة ، ينطلق عليها انطلاقا واحدا.
والمعنى مختلف في ذلك. والصحيح ما روى البخاري عن ابن عباس أنه قال : (تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) قال : كنا نرفع الخشب بقصر ثلاثة أذرع أو أقل ، فنرفعه
للشتاء ، فنسميها القصر.
المسألة الثالثة ـ
أما ادّخار القوت فقد تقدم القول فيه ، وأما ادخار الحطب والفحم فمستفاد من هذه
الآية ، فإنه وإن لم يكن من القوت فإنه من مصالح المرء ، ومغانى مفاقره ، وذلك مما
يقتضى النظر أن يكتسبه في غير وقت حاجته ، ليكون أرخص ، وحالة وجوده أمكن ، كما
كان النبىّ صلّى الله عليه وسلم يدّخر القوت في وقت عموم وجوده من كسبه وماله ،
ومن لم يكن له مال اكتسبه في وقت رخصة ، وكل شيء محمول عليه ، ولذلك قال العلماء فيمن وكّل وكيلا يبتاع له فحما فابتاعه له في
الصيف ، فإن ذلك لا يجوز ، لأنه وقت لا يحتاج إليه فيه. وعندي أنه يلزمه ، لأنه
الوقت الذي يبتاع فيه ليدّخره العبد لوقت الحاجة إليه ، إلا أن يقترن بذلك ما يوجب
تخصيصه بحال ، فيحمل على ذلك المقتضى بالاستدلال.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ
ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ الركوع
معلوم لغة ، معلوم شرعا حسبما قررناه ، فلا وجه لإعادته كراهية التطويل.
المسألة الثانية ـ
هذه الآية حجة على وجوب الركوع ، وإنزاله ركنا في الصلاة ، وقد انعقد الإجماع عليه
، وظنّ قوم أنّ هذا إنما يكون في القيامة ، وليست بدار تكليف ، فيتوجه فيها أمر
يكون عليه ويل وعقاب ، وإنما يدعون إلى السجود كشفا لحال الناس في الدنيا ، فمن
كان يسجد لله تمكّن من السجود ، ومن كان يسجد رئاء لغيره صار ظهره طبقا واحدا.
المسألة الثالثة ـ
روى في الصحيح : قال عبد الله ـ يعنى ابن مسعود : بينا نحن مع رسول الله صلّى الله
عليه وسلم في غار إذ نزلت عليه : (وَالْمُرْسَلاتِ
عُرْفاً ...) الحديث إلخ ،
__________________
فمن الفوائد
العارضة هاهنا أنّ القرآن في محل نزوله ووقفه عشرة أقسام : سماوي ، وأرضى ، وما
تحت الأرض ، وحضرى ، وسفري ، ومكّي ، ومدني ، وليلى ، ونهاري ، وما نزل بين السماء
والأرض. وقد بيناه في القسم الثاني من الناسخ والمنسوخ. والله أعلم.
المسألة الرابعة ـ
ثبت في الصحيح ، عن ابن عباس ـ أن أم الفضل سمعته وهو يقرأ : (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) ، فقالت : يا بنى ، لقد أذكرتنى بقراءتك هذه السورة ، إنها
لآخر ما سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب ، ثم ما صلّى لنا
حتى قبضه الله.
وقد قدمنا أنه قرأ
بالطّور في المغرب ، في طريق أخرى.
وفي الصحيحين أنه
كان يقرأ في المغرب بطولى الطوليين.
__________________
سورة النّبأ
[فيها آيتان]
الآية الأولى ـ قوله
سبحانه وتعالى : (وَجَعَلْنَا
اللَّيْلَ لِباساً).
امتنّ الله تعالى
على الخلق بأن جعل الليل غيبا يغطّى بسواده كما يغطّى الثوب لابسه ، ويستر كلّ شيء
كما يستره الحجاب.
قاله أبو جعفر ،
فظنّ بعض الغافلين أنّ الرجل إذا صلّى عريانا ليلا في بيت مظلم أنّ صلاته صحيحة ،
لأن الظلام يستر عورته ، وهذا باطل قطعا ، فإنّ الناس بين قائلين : منهم من يقول
إنّ ستر العورة فرض إسلامى لا يختصّ وجوبه بالصلاة. ومنهم من قال : إنه شرط من
شروط الصلاة ، وكلاهما اتفقا على أنّ ستر العورة للصلاة في الظلمة كما هو في النور
، إثباتا بإثبات ، ونفيا بنفي ، ولم يقل أحد إنه يجب في النور ويسقط في الظلمة اجتزاء بسترها عن
ستر ثوب يلبسه المصلى ، فلا وجه لهذا بحال عند أحد من المسلمين.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (لِنُخْرِجَ بِهِ
حَبًّا وَنَباتاً. وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً).
امتنّ الله سبحانه
وتعالى على عباده بإنزاله الماء المبارك من السماء ، وبإخراجه الحبّ والنبات ولفيف
الجنات ، وكلما امتنّ الله به من النعم ، ففيه حقّ الصدقة بالشكر ، فإنّ الله جعل
الصدقة شكر نعمة المال ، كما جعل الصلاة شكر نعمة البدن.
وقد بيّنا ذلك في
سورة الأنعام وغيرها ، وحققنا تفصيل وجوب الزكاة ومحلها ومقدارها بما يغنى عن
إعادته لظهوره وشموله في البيان بموضعين.
__________________
سورة عبس
[فيها آيتان]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (عَبَسَ وَتَوَلَّى).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ لا
خلاف أنها نزلت في ابن أم مكتوم الأعمى ، وقد روى في الصحيح قال مالك : إنّ هشام بن عروة حدثه عن عروة أنه قال
: نزلت (عَبَسَ وَتَوَلَّى) في ابن أم مكتوم ، جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلم ،
فجعل يقول : يا محمّد ، [علمني مما علمك الله] ، وعند النبي صلّى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين ،
فجعل النبىّ صلّى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخر ، ويقول : يا فلان ، هل
ترى بما أقول بأسا! فيقول : لا ، ما أرى بما تقول بأسا ، فأنزل الله عز وجل : (عَبَسَ وَتَوَلَّى).
قالت المالكية من
علماءنا : اسم ابن أم مكتوم عمرو ، ويقال عبد الله ، والرجل من عظماء المشركين هو
الوليد بن المغيرة ، ويكنى أبا عبد شمس ـ خرجه الترمذي مسندا ، قال: أنبأنا سعيد
بن يحيى بن سعيد الأموى ، حدثني أبى ، قال : هذا ما عرضنا على هشام بن عروة ، عن
أبيه ، عن عائشة ، قالت : نزلت عبس وتولى ، فذكر مثله.
المسألة الثانية ـ
هذا مثل قوله : (وَلا تَطْرُدِ
الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ). ومعناه نحوه حيثما وقع ، وأنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم إنما قصد
تألّف الرجل الطارئ ثقة بما كان في قلب ابن أم مكتوم من الإيمان ، كما قال : إنى
لأعطى الرجل وغيره أحبّ إلىّ منه مخافة أن يكبّه الله في النار على وجهه.
وأما قول علمائنا
: إنه الوليد بن المغيرة. وقال آخرون : إنه أمية بن خلف ، فهذا كلّه
__________________
باطل وجهل من
المفسرين الذين لم يتحققوا الدين ، وذلك أن أمية والوليد كانا بمكة ، وابن أم
مكتوم كان بالمدينة ، ما حضر معهما ولا حضرا معه ، وكان موتهما كافرين أحدهما قبل
الهجرة والآخر في بدر ، ولم يقصد قط أمية المدينة ، ولا حضر عنده مفردا ولا مع
أحد.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (فِي صُحُفٍ
مُكَرَّمَةٍ. مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ). وقد تقدم تفسيرها في سورة الواقعة عند ذكرنا لقوله تعالى : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ
مَكْنُونٍ ، لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) ، فلينظر هنالك فيه من احتاج إليه هاهنا.
وقد قال وهب بن
منبه : إنه أراد بقوله : (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ.
كِرامٍ بَرَرَةٍ) ، يعنى أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلم.
قال القاضي : لقد
كان أصحاب محمد كراما بررة ، ولكن ليسوا بمرادين بهذه الآية ، ولا قاربوا المرادين
بها ، بل هي لفظة مخصوصة بالملائكة عند الإطلاق ، ولا يشاركهم فيها سواهم ، ولا
يدخل معهم في متناولها غيرهم.
روى في الصحيح ،
عن عائشة رضى الله عنها أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : مثل الذي يقرأ القرآن ، وهو حافظ له مع
السّفرة الكرام البررة ، ومثل الذي يقرأ القرآن وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران.
وقوله : (أَنَّا صَبَبْنَا
الْماءَ صَبًّا) قد تقدم القول في أنها نزلت وأمثالها في معرض الامتنان ،
وتحقيق القول فيها.
__________________
سورة المطفّفين
[فيها آيتان]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (وَيْلٌ
لِلْمُطَفِّفِينَ).
فيها ست مسائل :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
روى النسائي ، عن
ابن عباس ، قال : لما قدم النبي صلّى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس
كيلا ، فأنزل الله عز وجل (وَيْلٌ
لِلْمُطَفِّفِينَ) ، فأحسنوا الكيل بعد ذلك.
المسألة الثانية
في تفسير اللفظ :
قال علماء اللغة :
المطفّفون هم الذين ينقصون المكيال والميزان. وقيل له المطفّف ، لأنه لا يكاد يسرق
في المكيال والميزان إلا الشيء الطفيف ، مأخوذ من طفّ الشيء وهو جانبه. ومنه
الحديث : «كلّكم بنو آدم طفّ
الصاع»
يعنى بعضكم قريب
من بعض ، فليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى.
وفي الموطأ : قال
مالك : [يقال] : لكل شيء وفاء وتطفيف ، والتطفيف ضدّ التوفية. وروى أن
أبا هريرة قدم المدينة ، وقد خرج النبىّ صلّى الله عليه وسلم إلى خيبر ، فاستخلف
على المدينة سباع بن عرفطة ، فقال أبو هريرة : فوجدناه في صلاة الصبح ، فقرأ في
الركعة الأولى «كهيعص» ، وقرأ في الركعة الثانية «ويل للمطففين» ، قال أبو هريرة :
فأقول في صلاتي : «ويل لأبى فلان ، له مكيالان ، إذا اكتال اكتال بالوافى ، وإذا
كال كال بالناقص».
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (وَإِذا كالُوهُمْ) ، يعنى كالوا لهم ، وكثير من الأفعال
__________________
يأتى كذلك كقولهم
: شكرت فلانا وشكرت له ، ونصحت فلانا ونصحت له ، واخترت أهلى فلانا واخترت من أهلى
فلانا ، سواء كان الفعل في التعدي مقتصرا أو متعديا أيضا ، وقد بيناه في الملجئة.
المسألة الرابعة ـ
قوله : (وَإِذا كالُوهُمْ
أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) فبدأ بالكيل قبل الوزن ، والوزن هو الأصل ، والكيل مركّب عليه ، وكلاهما للتقدير ، لكن البارئ
سبحانه وضع الميزان لمعرفة الأشياء بمقاديرها ، إذ يعلمها سبحانه بغير واسطة ولا مقدر . ثم قد يأتى الكيل على الميزان بالعرف ، كما قال النبي
صلّى الله عليه وسلم : المكيال
مكيال أهل المدينة ، والميزان ميزان أهل مكة ، فالأقوات والأدهان يعتبر فيها الكيل [دون الوزن ، لأن
النبي صلّى الله عليه وسلم بعث وهي تكتال بالمدينة فجرى فيها الكيل] ، وكذلك الأموال الربوبية يعتبر فيها المماثلة بالكيل دون
الوزن ، حاشا النقدين ، حتى إنّ الدقيق والحنطة يعتبر فيهما الكيل ، وليس للوزن
فيهما طريق ، وإن ظهر بينهما زيغ فهو كظهوره بين البرّين ، وذلك غير معتبر ، وقد
بيناه في مسائل الفقه.
المسألة الخامسة ـ
روى ابن القاسم ، عن مالك أنه قرأ : «ويل للمطفّفين» [مرتين قال : مسح المدينة من
التطفيف وكرهه كراهية شديدة. وروى أشهب قال : قرأ مالك : ويل للمطففين] ، فقال : لا تطفّف ولا تجلب ، ولكن أرسل وصبّ عليه صبا ، حتى إذا استوى أرسل يدك ولا تمسك.
وقال عبد الملك بن
الماجشون : نهى رسول الله صلّى
الله عليه وسلم عن التطفيف. وقال
: إن البركة في رأسه. قال : بلغني أنّ كيل فرعون كان طفافا مسحا بالحديدة.
المسألة السادسة ـ
قال علماء الدين : التطفيف في كل شيء في الصلاة والوضوء والكيل والميزان.
__________________
قال ابن العربي :
كما أن السرقة في كل شيء ، وأسوأ السرقة من يسرق صلاته ، فلا يتم ركوعها ولا
سجودها.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (يَوْمَ يَقُومُ
النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ روى
مالك ، عن ابن عمر ، عن النبي صلّى الله عليه وسلم : يقوم الناس لرب العالمين ، حتى إن أحدهم
ليغيب في رشحه إلى أنصاف أذنيه.
وعنه أيضا ، عن
النبي صلّى الله عليه وسلم : يقوم
مائة سنة.
المسألة الثانية ـ
القيام لله رب العالمين سبحانه حقير بالإضافة إلى عظمته وحقه ، فأما قيام الناس
بعضهم لبعض فاختلف الناس فيه ، فمنهم من أجازه ، ومنهم من منعه.
وقد روى أنّ
النبىّ صلّى الله عليه وسلم قام إلى جعفر بن أبى طالب واعتنقه ، وقام طلحة لكعب بن مالك يوم تيب
عليه.
وقال النبىّ صلّى
الله عليه وسلم للأنصار
ـ حين طلع عليه سعد بن معاذ : قوموا لسيدكم. وقال أيضا : من سرّه أن
يتمثّل له الرجال قياما فليتبوّأ مقعده من النار.
وقد بينا في شرح
الحديث أن ذلك راجع إلى حال الرجل ونيته ، فإن انتظر لذلك واعتقده لنفسه حقّا فهو
ممنوع ، وإن كان على طريق البشاشة والوصلة فإنه جائز ، وخاصة عند الأسباب ،
كالقدوم من السفر ونحوه.
__________________
سورة الانشقاق
فيها آية واحدة ـ قوله
تعالى : (فَلا أُقْسِمُ
بِالشَّفَقِ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في
الشفق :
قال أشهب ، وعبد
الله ، وابن القاسم ، وغيرهم ، وكثير عددهم ، عن مالك : الشّفق : الحمرة التي تكون
في المغرب ، فإذا ذهبت الحمرة فقد خرج وقت المغرب ، ووجبت صلاة العشاء.
وقال ابن القاسم ،
عن مالك : الشفق الحمرة فيما يقولون ، ولا أدرى حقيقة ذلك ، ولكني أرى الشفق
الحمرة.
قال ابن القاسم :
قال مالك : وإنه ليقع في قلبي. وما هو إلا شيء فكرت فيه منذ قريب : أنّ البياض الذي
يكون بعد حمرة الشفق أنه مثل البياض الذي يكون قبل الفجر ، فكما لا يمنع طعاما ولا
شرابا من أراد الصيام ، فلا أدرى هذا يمنع الصلاة. والله أعلم. وبه قال ابن عمر ،
وقتادة ، وشداد بن أوس ، وعلى ابن أبى طالب ، وابن عباس ، ومعاذ في كثير من
التابعين.
وروى عن ابن عباس
أنه البياض ، وعن أبى هريرة ، وعمر بن عبد العزيز ، والأوزاعى ، وأبى حنيفة
وجماعة.
وروى عن ابن عمر
مثله.
وقد اختلف في ذلك
أهل اللغة اختلافا كثيرا ، واعتضد بعضهم بالاشتقاق وأنه مأخوذ من الرقة ، والذي
يعضده قول النبىّ صلّى الله عليه وسلم في الصحيح : وقت
صلاة العشاء ما لم يسقط نور الشفق ، فهذا يدلّ على أنه على حالين : كثير وقليل ، وهو الذي
توقّف فيه
__________________
مالك من جهة
اشتقاقه ، واختلاف إطلاقه ، ثم فكّر فيه منذ قريب ، وذكر كلاما مجملا ، تحقيقه أن
الطوالع أربعة : الفجر الأول ، والثاني ، والحمرة ، والشمس. وكذلك الغوارب أربعة : البياض الآخر ،
البياض الذي يليه ، الحمرة ، الشفق.
وقال أبو حنيفة :
كما يتعلق الحكم في الصلاة والصوم بالطالع الثاني من الأول في الطوالع ، كذلك
ينبغي أن يتعلّق الحكم بالغارب من الآخر ، وهو البياض.
وقال علماؤهم
المحققون : وكما قال حتى مطلع الفجر ، فكان الحكم متعلقا بالفجر الثاني ، كذلك إذا
قال حتى يغيب الشفق يتعلّق الحكم بالشفق الثاني ، وهذه تحقيقات قوية علينا. واعتمد علماؤنا على أنّ
النبىّ صلّى الله عليه وسلم صلّى العشاء حين غاب الشفق ، والحكم يتعلق بأوّل الاسم
، وكذلك كنا نقول في الفجر ، إلا أنّ النص قطع بنا عن ذلك فقال : ليس الفجر أن
يكون هكذا ـ ورفع يده إلى فوق ، ولكنه أن يكون هكذا ـ وبسطها وقال : ليس المستطيل
، ولكنه المستطير ، يعنى المنتشر ، ولأنّ النعمان بن بشير قال : أنا أعلمكم بوقت
صلاة العشاء الآخرة ، كان النبىّ صلّى الله عليه وسلم يصلّيها لسقوط القمر لثلثيه.
وقال الخليل : رقبت مغيب البياض فوجدته يتمادى إلى ثلث الليل. وقال ابن أبى أويس :
رأيته يتمادى إلى طلوع الفجر ، فلما لم يتحدد وقته منه سقط اعتباره.
المسألة الثانية ـ
قوله : (وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ
الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ).
ثبت في الصحيح أن
أبا هريرة قرأ : (إِذَا السَّماءُ
انْشَقَّتْ) ، فسجد فيها ، فلما انصرف أخبرهم أنّ رسول صلّى الله عليه
وسلم سجد فيها ، وقد قال مالك : إنها ليست من عزائم السجود. والصحيح أنها منه ،
وهي رواية المدنيين عنه. وقد اعتضد فيها القرآن والسنة.
قال ابن العربي :
لما أممت بالناس تركت قراءتها ، لأنى إن سجدت أنكروه ، وإن تركتها كان تقصيرا منى
، فاجتنبتها إلا إذا صلّيت وحدي. وهذا تحقيق وعد الصادق بأن يكون المعروف منكرا والمنكر معروفا. وقد قال النبي صلّى الله
عليه وسلم لعائشة :
__________________
لو
لا حدثان [عهد] قومك بالكفر لهدمت البيت ورددته على قواعد إبراهيم.
ولقد كان شيخنا
أبو بكر الفهري يرفع يديه عند الركوع ، وعند رفع الرأس منه ، وهذا مذهب مالك
والشافعى ، وتفعله الشيعة ، فحضر عندي يوما بمحرس ابن الشواء بالثغر ـ موضع تدريسى
ـ عند صلاة الظهر ، ودخل المسجد من المحرس المذكور ، فتقدم إلى الصف الأول وأنا في
مؤخّره قاعد على طاقات البحر ، أتنسّم الريح من شدة الحر ، ومعه في صف واحد أبو ثمنة رئيس البحر وقائده ، مع نفر من أصحابه
ينتظر الصلاة ، ويتطلع على مراكب تحت الميناء ، فلما رفع الشيخ يديه في الركوع وفي رفع الرأس منه قال
أبو ثمنة وأصحابه : ألا ترون إلى هذا المشرقىّ كيف دخل مسجدنا؟ فقوموا إليه
فاقتلوه وارموا به في البحر ، فلا يراكم أحد. فطار قلبي من بين جوانحي ، وقلت :
سبحان الله! هذا الطرطوسي فقيه الوقت. فقالوا لي : ولم يرفع يديه؟ فقلت : كذلك كان
النبىّ صلّى الله عليه وسلم يفعل ، وهو مذهب مالك في رواية أهل المدينة عنه. وجعلت
أسكنهم وأسكتهم ، حتى فرغ من صلاته ، وقمت معه إلى المسكن من المحرس ، ورأى تغيّر
وجهى ، فأنكره ، وسألنى فأعلمته فضحك ، وقال : ومن أين لي أن أقتل على سنّة! فقلت
له : ولا يحلّ لك هذا فإنك بين قوم إن قمت بها قاموا عليك ، وربما ذهب دمك. فقال : دع هذا
الكلام وخذ في غيره.
وفي الحديث الصحيح
، عن أبى رافع ، قال : صليت
خلف أبى هريرة صلاة العشاء ـ يعنى العتمة ـ فقرأ (إِذَا السَّماءُ
انْشَقَّتْ) فسجد فيها ، فلما فرغ قلت : يا أبا هريرة ، وإنّ هذه
السجدة ما كنّا نسجدها. قال : سجدها أبو القاسم صلّى الله عليه وسلم ، وأنا خلفه ،
فلا أزال أسجدها حتى ألقى أبا القاسم . وكان عمر بن عبد العزيز يسجد فيها مرة ، ومرة لا يسجد ،
كأنه لا يراها من العزائم [عزائم القرآن] . وقد بينا الصحيح في ذلك. والله أعلم [بغيبه وأحكم] .
__________________
سورة البروج
[فيها آيتان]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ الشاهد
فاعل من شهد ، والمشهود مفعول منه ، ولم يأت حديث صحيح يعيّنه ، فيجب أن يطلق على كل شاهد ومشهود. وقد روى عباد بن مطر
الرهاوي ، عن مالك ، عن عمارة بن عبد الله بن صياد ، عن نافع بن جبير ، عن أبيه ،
عن النبي صلّى الله عليه وسلم ظ
في قوله : (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) ـ قال : الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة.
وقد روى عن ابن
عباس أنه قال : الشاهد محمد صلّى الله عليه وسلم ، ويصح أن يكون الله ورسله
والملائكة والمؤمنين والحجر الأسود. وقد يكون المشهود عليه الإنسان ، والمشهود فيه
يوم الجمعة ، ويوم عرفة ، ويوم النحر ، وأيام المناسك كلها ، ويوم القيامة ، وليس
إلى التخصيص سبيل بغير أثر صحيح.
المسألة الثانية ـ
إذا كان الشاهد الله فقد بينّا معناه ومتعلقه في الأمد الأقصى ، وإذا كان الرسول
والمؤمنين فقد قال سبحانه : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ
عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) وهذا إذا تتبعته بالأخبار وجدته كثيرا في جماعة. وأما
المشهود فعلقه بكل مشهود فيه ، ومشهود عليه ، ومشهود به ، حسب
متعلقات الفعل بأقسام المفعول ، فإنه في ذلك كله صحيح سائغ لغة ومعنى ، فاحمله عليه
وعممه فيه.
__________________
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (قُتِلَ أَصْحابُ
الْأُخْدُودِ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ ثبت
عن صهيب ـ واللفظ لمسلم ـ
أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : كان ملك فيمن كان قبلكم ، وكان له ساحر ، فلما كبر قال
للملك : قد كبرت ، فابعث لي غلاما أعلّمه السحر ، فبعث إليه غلاما يعلمه ، فكان في
طريقه ـ إذا سلك ـ راهب قعد إليه ، وسمع كلامه ، فأعجبه ، فكان إذا أتى الساحر مرّ
بالراهب ، فقعد إليه ، وإذا أتى الساحر ضربه ، فشكا ذلك إلى الراهب ، فقال : إذا
خشيت الساحر فقل : حبسني أهلى ، وإذا خشيت أهلك فقل : حبسني الساحر ، فبينما هو
كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس ، فقال : اليوم
أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل! فأخذ حجر! وقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحبّ
إلى من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة ، حتى يمضى الناس ، فرماها فقتلها ، ومضى
الناس ، فأتى [إلى] الراهب فأخبره ، فقال له الراهب : أى بنىّ ، أنت اليوم أفضل منى ، قد بلغ من
أمرك ما أرى ، وإنك ستبتلى ، فإن ابتليت فلا تدلّ علىّ ، فكان الغلام
يبرئ الأكمه والأبرص ، ويداوى الناس من سائر الأدواء ، فسمع به جليس الملك ـ وكان
قد عمى ـ فأتاه بهدايا كثيرة ، فقال : لك ما هنالك أجمع إن شفيتني ـ قال : إنى لا أشفى أحدا ، إنما يشفى الله ،
فإن أنت آمنت بالله دعوت الله لك فشفاك. فآمن بالله ، فشفاه الله.
فأتى
الملك فجلس إليه كما كان يجلس ، فقال له الملك : من ردّ عليك بصرك؟ قال: ربي. قال
: ولك ربّ غيرى! قال : ربي وربك الله.
فأخذه
فلم يزل به حتى دلّ على الغلام. فجيء بالغلام ، فقال له الملك : أى
بنى ، قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص ، وتفعل وتفعل! فقال : إنى لا أشفى
أحدا إنما يشفى الله. فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دلّ على الراهب ، فجيء بالراهب فقيل
له : ارجع عن دينك ، فأبى ، فدعا بالمنشار ، فوضع المنشار على مفرق رأسه ، فشقّه ،
حتى وقع شقّاه ،
__________________
ثم
جيء ، [بجليس الملك ، فقيل له : ارجع عن دينك ، فأبى ، فوضع المنشار في مفرق رأسه
، فشقّه حتى وقع شقّاه. ثم جيء] بالغلام فقال له : ارجع عن دينك فأبى ، فدفعه إلى نفر من
أصحابه ، فقال : اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا ، [فاصعدوا به الجبل] ، فإذا بلغتم ذروته ، فإن رجع عن دينه وإلّا فاطرحوه ،
فصعدوا [به] الجبل ، فقال : اللهم أكفنيهم بما شئت ، فرجف بهم الجبل ،
فسقطوا ، وجاء يمشى إلى الملك ، فقال له الملك : ما فعل أصحابك؟ فقال : كفانيهم الله. فدفعه إلى نفر من
أصحابه ، فقال : اذهبوا به فاحملوه في قرقور ، فتوسّطوا به البحر ، فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه.
فذهبوا به. فقال : اللهم اكفنيهم بما شئت ، فانكفأت بهم السفينة ، فغرقوا ، وجاء
يمشى إلى الملك ، فقال له : ما فعل أصحابك؟ فقال
: كفانيهم الله.
فقال
للملك : [إنك] لست بقاتلي ، حتى تفعل ما آمرك به. قال : وما هو؟ قال : تجمع الناس في صعيد واحد ، وتصلبني على
جذع ، ثم خذ سهما من كنانتي ، ثم ضع السّهم في كبد القوس ، ثم قل : بسم الله ، رب
الغلام ، ثم أرمني ، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني.
فجمع
الناس في صعيد واحد ، وصلبه على جذع ، ثم أخذ سهما من كنانته ، ثم وضع السهم في
كبد القوس ، ثم قال : بسم الله رب الغلام ، ثم رماه فوقع السهم في صدغه ، فوضع يده
على صدغه في موضع السهم فمات. فقال الناس : آمنا برب الغلام ، [آمنا برب الغلام ،
آمنا برب الغلام] ، فأتى الملك ، فقيل له : أرأيت ما كنت تحذر؟ قد والله نزل بك حذرك ، قد آمن
الناس [برب الغلام] : فأمر بالأخدود في أفواه السكك ، فخدّت ، وأضرم النار ، وقال : من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها ، أو قيل له : اقتحم ـ ففعلوا ، حتى جاءت امرأة ومعها
صبي لها ، فتقاعست أن تقع فيها ، فقال الغلام: يا أمه ، اصبري ، فإنك على الحق [فاقتحمت]
.
__________________
المسألة الثانية ـ
أصحاب الأخدود هم الذين حفروه من الكفار ، وهم الذين رموا فيه المؤمنين ، فكان لفظ
الصحبة محتملا ، إلا أنه بيّنه وخصّصه آخر القول في الآية الثالثة لها والرابعة
منها ، وهما قوله : (إِذْ هُمْ عَلَيْها
قُعُودٌ. وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ).
المسألة الثالثة ـ
هذا الحديث سترون إن شاء الله تفسيره في مختصر النيرين ، والذي يختصّ به من
الأحكام هاهنا أنّ المرأة والغلام صبرا على العذاب من القتل ، والصّلب ، وإلقاء
النفس في النار ، دون الإيمان. وهذا منسوخ عندنا حسبما تقرر في سورة النحل.
__________________
سورة الطارق
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (فَلْيَنْظُرِ
الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ ، خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ بيّن
تعالى محلّ الماء الذي ينتزع منه ، وأنه بين الصّلب والترائب ، تزعجه القدرة ، وتميزه
الحكمة ، وقد قال الأطباء : إنه الدم الذي تطبخه الطبيعة بواسطة الشهوة ، وهذا ما
لا سبيل إلى معرفته أبدا إلا بخبر صادق. وأما القياس فلا مدخل له فيه ، والنظر العقلي لا ينتهى إليه ،
وكل ما يصفون فيه دعوى يمكن أن تكون حقّا ، بيد أنه لا سبيل إلى تعيينها كما قدمنا
، ولا دليل على تخصيصها حسبما أوضحنا. والذي يدلّ على صحة ذلك من جهة الخبر قوله
تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا
الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ
مَكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً) ـ وهي الدم ، فأخبر تعالى أن الدم هو الطور الثالث ، وعند الأطباء
أنه الطور الأول ، وهذا تحكّم ممن يجهل.
فإن قيل وهي :
المسألة الثانية ـ
فلم قلتم : إنه نجس؟
قلنا : قد بينا
ذلك في مسائل الخلاف ، وقد دللنا عليه بما فيه مقنع ، وأخذنا معهم فيه كلّ طريق ،
وملكنا عليهم بثبت الأدلة كل ثنية للنظر . فلم يجدوا للسلوك إلى مرامهم من أنه طاهر سبيلا ، وأقر به أنه يخرج على ثقب البول عند طرف الكمرة فيتنجّس بمروره على محلّ نجس.
__________________
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (يَوْمَ تُبْلَى
السَّرائِرُ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
: (يَوْمَ تُبْلَى
السَّرائِرُ) ، يعنى تختبر الضمائر ، وتكشف ما كانّ فيها. والسرائر
تختلف بحسب اختلاف أحوال التكليف والأفعال.
المسألة الثانية ـ
أما السرائر فقال مالك في رواية أشهب عنه وسأله عن قوله تعالى: (يَوْمَ تُبْلَى
السَّرائِرُ) أبلغك أنّ الوضوء من السرائر ، قال : قد بلغني ذلك فيما
يقول الناس ، فأما حديث أخذته فلا. والصلاة من السرائر ، والصيام من السرائر ، إن شاء
قال : صليت ولم يصل. ومن السرائر ما في القلوب يجزى الله به العباد.
قال القاضي : قال
ابن مسعود : [يغفر للشهيد إلا] الأمانة ، والوضوء من الأمانة ، والصلاة والزكاة من الأمانة ، والوديعة
من الأمانة ، وأشدّ ذلك الوديعة ، تمثل له على هيئتها يوم أخذها ، فيرمى بها في قعر جهنم ، فيقال له : أخرجها
فيتبعها فيجعلها في عنقه ، فإذا رجا أن يخرج بها زلّت منه وهو يتبعها ، فهو كذلك دهر الداهرين.
وقال أبىّ بن كعب
: من الأمانة أن ائتمنت المرأة على فرجها. قال أشهب : قال لي سفيان في الحيضة
والحمل إذا قالت : لم أحض وأنا حامل صدّقت ما لم تأت بما يعرف فيه
أنها كاذبة ، وفي الحديث : غسل الجنابة من الأمانة.
المسألة الثالثة ـ
قد بينا أنه كل ما لا يعلمه إلا الله.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلٌ
فَصْلٌ. وَما هُوَ بِالْهَزْلِ).
قد بينا أنه ليس
في الشريعة هزل ، وإنما هي جدّ كلها ، فلا يهزل أحد بعقد أو قول أو عمل
إلا وينفذ عليه ، لأن الله تعالى لم يجعل في قوله هزلا ، وذلك لأن الهزل محلّ
للكذب ، وللباطل يفعل ، وللعب يمتثل. وقد بينا هذا الغرض في الآيات الواردة فيه
وفي مسائل الفقه.
__________________
سورة الأعلى
[فيها أربع آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا
تَنْسى).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قوله
: (سَنُقْرِئُكَ) ، أى سنجعلك قارئا ، فلا تنسى ما نقرئك. وقد تقدم ذكره.
وقد روى ابن وهب قال : سألت مالكا عن قوله : (سَنُقْرِئُكَ فَلا
تَنْسى) قال : فتحفظ. قال علماؤنا : يريد مالك أنّ الله لم يأمره
بترك النسيان إذ كان ليس من استطاعته ، ولكنه قدم له تركه ، وحكم له بأنه لا ينسى
ما أنزل عليه.
قال القاضي : وهذا
صحيح ، لأن تكليف الناسي في حال نسيانه أن يصرف نسيانه لا يعقل قولا ، فكيف يكون
مكلفا به فعلا.
فإن قيل : فقد قال
الله عز وجل : (وَلا تَنْسَ
نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا).
قلنا : معناه لا
تترك. وقد بينا أنّ النسيان هو الترك لغة : والترك على قسمين : ترك بقصد ، وترك
بغير قصد. والتكليف إنما يتعلق بما يرتبط بالقصد من الترك. والله أعلم.
المسألة الثانية ـ
ثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان
يقرأ في العيدين ب «سبح اسم ربك الأعلى». و «هل أتاك حديث الغاشية» ـ من طريق سمرة بن جندب ، والنعمان بن بشير. خرجه النسائي ،
وغيره ـ زاد النعمان : في
الجمعة والعيدين.
وفي الصحيح أنّ
رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال للذي
طوّل صلاته بالناس : اقرأ ب «سبح اسم ربك الأعلى». والشمس وضحاها ، ونحو ذلك.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ
تَزَكَّى).
فيها مسألتان :
__________________
المسألة الأولى ـ قال
أبو العالية : نزلت في صدقة الفطر يزكّى ثم يصلى .
المسألة الثانية ـ
في سرد أقوال العلماء في ذلك :
قال عكرمة : كان
الرجل يقول أقدم زكاتي بين يدي صلاتي. فقال سفيان : قال الله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ، وَذَكَرَ
اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى).
وروى سفيان ، عن
جعفر بن برقان ، قال : كتب إلينا عمر بن عبد العزيز : إن هذا الرجف شيء يعاقب الله
به العباد ، وقد كتبت إلى أهل الأمصار أن يخرجوا في يوم كذا من شهر كذا ، فمن
استطاع منكم أن يتصدق فليفعل ، فإن الله تعالى يقول : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ
اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى).
وكان عمر بن عبد
العزيز يخطب الناس على المنبر يقول : قدّموا صدقة الفطر قبل الصلاة ، فإن الله
يقول : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ
تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى).
وكذلك كان رسول
الله صلّى الله عليه وسلم يأمر بها ويخرجها.
وقول عمر بن عبد
العزيز : إن هذا الرجف شيء يعاقب الله به عباده ـ يعنى الزلازل.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَذَكَرَ اسْمَ
رَبِّهِ فَصَلَّى).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قد
بينا أن الذكر حقيقته إنما هو في القلب ، لأنه محل النسيان الذي هو ضده ، والضدان
إنما يتضادّان في المحل الواجب ، فأوجب الله بهذه الآية النية في الصلاة خصوصا ، وإن كان
قد اقتضاها عموما قوله تعالى : (وَما أُمِرُوا إِلَّا
لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ). وقوله صلّى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات. والصلاة أمّ الأعمال ، ورأس العبادات ، ومحلّ النية في
الصلاة مع تكبيرة الإحرام ، فإن الأفضل في كل نية بفعل أن تكون مع
الفعل لا قبله ، وإنما رخص في تقديم نية الصوم لأجل تعذر اقتران النية فيه
__________________
بأول الفعل عند
الفجر ، لوجوده والناس في غفلة ، وبقيت سائر العبادات على الأصل.
وتوهّم بعض
القاصرين عن معرفة الحق أن تقديم النية على الصلاة جائز بناء على ما قال علماؤنا
من تجويز تقديم النية على الوضوء في الذي يمشى إلى النهر في الغسل ، فإذا وصل
واغتسل نسى أن يجزئه ـ قال : فكذلك الصلاة. وهذا القائل ممن دخل في قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَمْشِي
مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ) ، وقد بيناه في كل موضع يعترى فيه ، وحققنا أن الصلاة أصل
متفق عليه في وجوب النية ، والوضوء فرع مختلف فيه ، فكيف يقاس المتفق عليه على
المختلف فيه ، ويحمل الأصل على الفرع.
المسألة الثالثة ـ
قوله تعالى : (وَذَكَرَ اسْمَ
رَبِّهِ فَصَلَّى). [إذا قلنا : إنه] الذكر الثاني باللسان المخبر عن ذكر القلب المعبر عنه بأنه
مشروع في الصلاة مفتتح به في أولها باتفاق من الأئمة ، لكنهم اختلفوا في تعيينه ،
فمنهم من قال : إنه كلّ ذكر حتى لو قال : «سبحان الله» بدل التكبير أجزأه ، بل لو
قال بدل الله أكبر : بزرگ خداى ـ لأجزأه ، منهم أبو حنيفة.
وقال أبو يوسف :
يجزئه «الله الكبير» والله أكبر ، والله الأكبر.
وقال الشافعى :
يجزئه الله أكبر والله الأكبر. [وقال مالك : لا يجزئه إلا قوله :] الله أكبر.
فأما تعلق أبى
حنيفة في الذكر بالعجمية بقوله تعالى : (إِنَّ هذا لَفِي
الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) فيأتى ذكر وجه التقصّى عنه في الآية التي بعد هذه إن شاء
الله تعالى.
وأما قوله : إنه
الذكر مطلقا بقوله العام : (وَذَكَرَ اسْمَ
رَبِّهِ فَصَلَّى) فهذا العام قد عيّنه قول النبي صلّى الله عليه وسلم وفعله
، أما قوله فهو في الحديث المشهور : تحريمها
التكبير ، وتحليلها التسليم. وأما الفعل فإنه كان يقول : في
صلاته كلها : الله أكبر.
__________________
وأما المتعلق
للشافعي بقوله : إن زيادة الألف واللام فيه لا تغيّر بناءه ولا معناه.
فالجواب أنّ
التعبد إذا وقع بقول أو فعل لم يجز أن يعبر عما شرع فيه بما لا يغير حاله ، لأنها شرعة في
الشريعة ، واعتبار من غير اضطرار ، وذلك لا يجوز.
وجواب ثان ، وذلك
أن الألف واللام تدخل للجنس وللعهد ، وكلاهما ممنوع هاهنا ، أما الجنس فإنّ البارئ
تعالى لا جنس له. وأما العهد فلأن التعبير بالكبرية عن الله تعالى وصف ، فلا معنى للزيادة فيه حيث لا تتصور
الزيادة. وإذا بطل مذهب الشافعى فمذهب أبى يوسف أبطل.
فإن قيل : قوله : (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) عموم في كل ذكر ، وقول النبىّ صلى الله عليه وسلم : الله أكبر في الصلاة تخصيص لبعض ذلك
العموم ، فيحمل على
الاستحباب ، وإنما كان يحمل على الوجوب لو كان بيانا لمجمل واحد. وهذا سؤال قوى
لأصحاب أبى حنيفة ، وقد تقصّينا عنه في مسائل الخلاف ، ونعوّل الآن هنا على أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال : صلّوا كما رأيتمونى أصلّى. وهو إنما كان يكبّر ولا يتعرض لكل ذكر ، فتعيّن التكبير
بأمره باتباعه في صلاته ، فهو المبيّن لذلك كله.
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (إِنَّ هذا لَفِي
الصُّحُفِ الْأُولى. صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ في
معناه :
فيه ثلاثة أقوال :
الأول ـ أنه
القرآن.
الثاني ـ أنه ما
قصه الله سبحانه في هذه السورة.
الثالث ـ أن هذا
يعنى أحكام القرآن.
__________________
المسألة الثانية ـ
تحقيق قوله تعالى : (إِنَّ هذا لَفِي
الصُّحُفِ الْأُولى) ، يعنى القرآن مطلقا ـ قول ضعيف ، لأنه باطل قطعا.
وأما القول بأنه
فيه أحكامه فإن أراد معظم الأحكام فقد بينّا تحقيق ذلك في قوله : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ
الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ). وأما إن أراد به ما في هذه السورة فهو الأولى من الأقوال
، وهو الصحيح منها. والله أعلم.
المسألة الثالثة ـ
تعلق أبو حنيفة وأصحابه في جواز القراءة في الصلاة بالعجمية بقوله تعالى : (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى.
صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى). قالوا : فقد أخبر الله أنّ كتابه وقرآنه في صحف إبراهيم
وموسى بالعبرانية ، فدلّ على جواز الإخبار بها عنه وبأمثالها من سائر الألسن التي
تخالفه.
والجواب عنه من
وجهين :
الأول ـ أنا نقول
: إن الله سبحانه بعث الرسل وأنزل عليهم الكتب ، وما بعث الله من رسول إلّا بلسان
قومه ، كما أخبر ، وما أنزل من كتاب إلا بلغتهم ، فقال سبحانه وتعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ
رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) ، كلّ ذلك تيسير منه عليهم ، وتقريب للتفهيم إليهم ، وكل
مفهم بلغته متعبّد بشريعته ولكل كتاب بلغتهم اسم ، فاسمه بلغة موسى التوراة ،
واسمه بلغة عيسى الإنجيل ، واسمه بلغة محمد القرآن ، فقيل لنا : اقرءوا القرآن ،
فيلزمنا أن نعبد الله بما يسمى قرآنا.
الثاني ـ هبكم
سلمنا لكم أن يكون في صحف موسى بالعبرانية فما الذي يقتضى أنه تجوز قراءته
بالفارسية؟ فإن قيل : بالقياس.
قلت : ليس هذا
موضعه لا سيما عندكم ، وقد بيناه في أصول الفقه ومسائل الخلاف على التمام ، فلينظر
هنالك إن شاء الله تعالى.
__________________
سورة الغاشية
[فيها آية واحدة]
وهي قوله تعالى ، (فَذَكِّرْ إِنَّما
أَنْتَ مُذَكِّرٌ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ المسيطر
هو المسلّط الذي يقهر ويغلب على ما يقول.
المسألة الثانية ـ
كان النبىّ صلّى الله عليه وسلم في أول مره معرّفا برسالته ، مذكرا بنبوّته ، يدعو
الخلق إلى الله ، ويذكّرهم عهده ، ويبشرهم وعده ، ويحذرهم وعيده ، ويعرفهم دينه ،
حتى وضحت المحجة ، وقامت لله سبحانه الحجة ، فلما استمر الخلق على فساد رأيهم ،
ولجّوا في طغيانهم وغلوائهم ، أمره الله بالقتال ، وسوق الخلق إلى الإيمان قسرا ،
ونسخ هذه الآية وأمثالها حسبما بيناه.
وروى الترمذي
وغيره أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال : أمرت
أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم
وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله ، ثم قرأ : (فَذَكِّرْ إِنَّما
أَنْتَ مُذَكِّرٌ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ)
: بمسلط على
سرائرهم ، مفسّرا معنى الآية ، وكاشفا خفيّ الخلفاء عنها.
المعنى إذا قال
الناس : لا إله إلا الله فلست بمسلط على سرائرهم ، وإنما عليك بالظاهر ، وقد كان
قبل ذلك لا يطالب لا بالظاهر ولا بالباطن ، فلما استولى الله بأمره وتكليفه القتال
على الظواهر ، وكل سرائرهم إليه. وهذا الحديث [صحيح السند] ، صحيح المعنى ، والله أعلم.
__________________
سورة الفجر
[فيها خمس آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (وَالْفَجْرِ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ الفجر
: هو أول أوقات النهار الذي هو أحد قسمي الزمان ، وهو كما قدمنا فجران :
أحدهما ـ البياض
الذي يبدو أولا ثم يخفى ، وهو الذي تسمّيه العرب ذنب السرحان لطرآنه ثم إقلاعه.
والثاني ـ هو
البادي متماديا ، ويسمى الأول المستطيل ، لأنه يبدو كالحبل المعلق من الأفق أو الرمح القائم فيه ، ويسمى الثاني
المستطير ، لأنه ينتشر عرضا في الأفق ، ويسمى الأول الكاذب ، وليس يتعلق به حكم.
ويسمّى الثاني الصادق لثبوته ، وبه تتعلّق الأحكام كما تقدم.
ومن حديث سمرة بن
جندب ، عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم ، قال : لا
يمنعكم من السحو أذان بلال ، ولا الصبح المستطيل ، ولكن المستطير بالأفق.
المسألة الثانية ـ
فيما يترتب عليه من الأحكام ، وقد تقدم. ولأجله قال مالك في رواية ابن القاسم ،
وأشهب [عنه] : الفجر أمره بين ، وهو [البياض] المعترض في الأفق.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَلَيالٍ عَشْرٍ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ في
تعيينها أربعة أقوال :
الأول ـ أنها عشر
ذي الحجة ، روى عن ابن عباس ، وقاله جابر ، ورواه عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم ،
ولم يصح.
__________________
الثاني ـ عشر
المحرم ، قاله الطبري.
الثالث ـ أنها
العشر الأواخر من رمضان.
الرابع ـ أنها
العشر التي أتمها الله لموسى عليه السلام في ميقاته معه.
المسألة الثانية ـ
أما كل مكرمة فداخلة معه في هذا اللفظ بالمعنى لا بمقتضى اللفظ ، لأنها نكرة في
إثبات ، والنكرة في الإثبات لا تقتضي العموم ، ولا توجب الشمول ، وإنما تتعلق
بالعموم مع النفي ، فهذا القول يوجب دخول ليال عشر فيه ، ولا يتعيّن المقصود منه ،
فربّك أعلم بما هي ، لكن تبقى هاهنا نكتة ، وهي أن تقول : فهل من سبيل إلى
تعيينها. وهي :
المسألة الثالثة ـ
قلنا : نحن نعيّنها بضرب من النظر ، وهي العشر الأواخر من رمضان ، لأنا لم نر في هذه الليالى المعتبرات أفضل منها
، لا سيما وفيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، فلا يعادلها وقت من الزمان.
المسألة الرابعة ـ
قال ابن وهب ، عن مالك : (وَلَيالٍ عَشْرٍ) ، قال : الأيام مع الليالى ، والليل قبل النهار ، وهو حساب القمر الذي وقّت الله عليه العبادات
كما رتّب على حساب الشمس الذي يتقدم فيه النهار على الليل بالعادات في المعاش
والأوقات.
وقد ذكر شيخ اللغة
وخبرها أبو عمرو الزاهد ـ أن من العرب من يحسب النهار قبل الليل ، ويجعل الليلة
لليوم الماضي ، وعلى هذا يخرج
قول عائشة في حديث
إيلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه ،
فلما كان صبيحة تسع وعشرين ليلة أعدّهنّ عدّا دخل علىّ رسول الله صلّى الله عليه
وسلم ، قلت : يا رسول الله ، ألم تكن آليت شهرا.
فقال
: إنّ الشهر تسع وعشرون ، ولو كانت الليلة لليوم الآتي لكان قد غاب عنهن ثمانية
وعشرين يوما ، وهذا التفسير بالغ طالما سقته سؤالا للعلماء باللسان ،
__________________
وتقليبا للدفاتر
بالبيان حتى وجدت أبا عمرو قد ذكر هذا ، فإما أن تكون لغة نقلها ، وإما أن تكون
نكتة أخذها من هذا الحديث واستنبطها. والغالب في ألسنة الصحابة والتابعين غلبة الليالى للأيام ، حتى إن من كلامهم : «صمنا
خمسا» يعبّرون به عن الليالى ، وإن كان الصوم في النهار. والله أعلم.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَالشَّفْعِ
وَالْوَتْرِ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ للعلماء
في تعيينها ثمانية أقوال :
الأول ـ أن الصلاة
شفع كلها ، والمغرب وتر ، قاله عمران بن حصين ، عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم ـ [خرجه الترمذي]
.
الثاني ـ أن الشّفع أيام النحر ، والوتر يوم عرفة
، رواه جابر عن
النبىّ صلّى الله عليه وسلم.
الثالث ـ أن الشفع
يوم منى ، والوتر الثالث من أيام منى ، وهو الثالث عشر من ذي الحجة.
الرابع ـ أن الشفع
عشر ذي الحجة ، والوتر أيام منى لأنها ثلاثة.
الخامس ـ الشفع الخلق
، والوتر الله تعالى ، قاله قتادة.
السادس ـ أنه
الخلق كله ، لأن منه شفعا ومنه وترا.
السابع ـ أنه آدم
، وتر شفعته زوجته ، فكانت شفعا له ، قاله الحسن.
الثامن ـ أن العدد
منه شفع ، ومنه وتر.
المسألة الثانية ـ
هذه الآية خلاف التي قبلها ، لأن ذكر الشفع كان بالألف واللام المقتضية للعهد
لاستغراق الجنس ، ما لم يكن هنالك عهد ، وليس بممتنع أن يكون المراد بالشفع والوتر
كلّ شفع ووتر مما ذكر ومما لم يذكر ، وإن كان ما ذكر يستغرق ما ترك في الظاهر.
والله أعلم.
__________________
المسألة الثالثة ـ
لكن إن قلنا : إنّ الليالى العشر عشر ذي الحجة ، فيبعد أن يكون أراد بالشفع والوتر
يوم النّحر ، لأنه قد ذكر في القسم المتقدم ، وكذلك من قال : إنه عشر ذي الحجة
لهذه العلة.
وأما القول الخامس
فوجه القسم فيه وحق الخلق والخالق لهم.
وأما القول السادس
فمعناه وحقّ الخلق.
ووجه القول السابع
وحق آدم وزوجته.
ووجه القول الثامن
أنه قال : وحق العدد الذي جعله الله قوام الخلق وتماما لهم ، حتى لقد غلا فيه
الغالون حتى جعلوه أصل التوحيد والتكليف ، وسرّ العالم وتفاصيل المخلوقات التي
تدور عليه ، وهو هوس كلّه ، وقد استوفيناه في كتاب المشكلين.
المسألة الرابعة ـ
إذا قلنا إنّ المراد به الصلاة فمنها شفع ، وهي الصلوات الأربع ، ومنها وتر ـ وهي
صلاة المغرب ، ولذلك قال علماؤنا : إنها لا تعاد في جماعة خلافا للشافعي لأنها لو
طلب بها فضل الجماعة لانقلبت شفعا ، حتى تناهى علماؤنا في ذلك
فقالوا : لو أعادها رجل [في جماعة] غفلة لقيل له : أعدها ثالثة ، حتى تكون وترا تسع ركعات ،
وهذا باطل ، فإن المغرب لو صارت بالإعادة في الجماعة شفعا لصارت الظهر بإعادتها
ثمانيا ، ويعود ذلك في حال التخليط الذي يضرب به المثل فيقال فيه :
فو الله ما أدرى إذا ما ذكرتها
|
|
اثنتين صليت الضّحى أم ثمانيا
|
فكما لا تتضاعف
الظّهر بالإعادة ، كذلك لا تتضاعف المغرب ، وأشدّه الصلاة الثالثة ، فإنه من الغلو
في الدين.
المسألة الخامسة ـ
لما قال علماؤنا : إنّ أقلّ النفل ركعتان.
قلنا : إن قول
الله تعالى : (وَالشَّفْعِ) يصحّ أن يكون المراد به الصلوات كلها فرضها ونفلها.
وقوله تعالى : (وَالْوَتْرِ) ينطلق على الوتر وحده الذي هو فرد.
__________________
وفي صحيح الحديث ـ
واللفظ لمسلم : الاستجمار
وتر ، والطواف وتر ، والفرد كثير، وما أشرنا إليه يكفى فيه.
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا
يَسْرِ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ أقسم
الله بالليل والنهار ، كما أقسم بسائر المخلوقات عموما وخصوصا ، وجملة وتفصيلا ،
وخصّه هاهنا بالسرى لنكتة هي :
المسألة الثانية ـ
أن الله تعالى قال : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ
لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ). وقال : (وَجَعَلْنَا
اللَّيْلَ لِباساً. وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً)» ، وأشار هاهنا إلى أن الليل قد يتصرف فيه للمعاش ، كما
يتصرف في النهار ، ويتقلب في الحال فيه للحاجة إليه.
وفي الصحيح أن
جابر بن عبد الله أتى
رسول الله صلّى الله عليه وسلم بليل ، فقال له : السرى يا جابر. وخاصة للمسافر ، كما تقدم بيانه.
المسألة الثالثة ـ
كنت قد قيدت في فوائدى بالمنار أن الأخفش قال لمؤرج : ما وجه من حذف ـ من عدا ابن كثير ـ الياء من قوله : يسرى؟
فسكت عنها سنة ، ثم قلنا له : نختلف إليك نسألك منذ عام عن هذه المسألة فلا تجيبنا!
فقال : إنما حذفها لأنّ الليل يسرى فيه ولا يسرى. فعجبت من هذا الجواب المقصر من غير مبصر. فقال لي بعض أشياخى : تمامه في بيانه
أن ذلك لفقه ، هو أن الحذف يدلّ على الحذف ، وهو مثل الأول.
والجواب الصحيح قد
بيناه في الملجئة.
الآية الخامسة ـ قوله
تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ
فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ).
فيها ست مسائل :
المسألة الأولى ـ أما
«عاد» فمعلومة قد جرى ذكرها في القرآن كثيرا ، وعظم أمرها.
__________________
المسألة الثانية ـ
قوله : (إِرَمَ) فيه ستة أقوال :
الأول ـ أنه اسم
جدّ عاد ، قاله محمد بن إسحاق.
الثاني ـ إرم :
أمة من الأمم ، قاله مجاهد.
الثالث ـ أنه اسم
قبيلة من عاد ، قاله قتادة. وقيل ـ وهو :
الرابع ـ هو إرم
بن عوص بن سام بن نوح عليه السلام.
الخامس ـ أنّ إرم
الهلاك. يقال : أرم بنو فلان ، أى هلكوا.
السادس ـ أنه اسم
القرية.
المسألة الثالثة ـ
قال القاضي : لو أنّ قوله : إرم يكون مضافا إلى عاد لكان يحتمل أن يكون مضافا إلى
جده أو إلى إرم. فأما قوله عاد ـ منوّن ـ فيحتمل أن يكون بدلا من جدّه ، ويحتمل أن
يكون وصفا زائدا لعاد على القول بأنها أمة ، وكذلك إذا كان قبيلة منها ، وكذلك إذا
كان اسم القرية. ويحتمل ـ إذا كان بمعنى الهلاك ـ أن يكون بدلا ، لولا أن المصدر
فيها إرم بكسر الفاء. فالله أعلم بما تحت ذلك من الخفاء.
المسألة الرابعة ـ
قوله : (ذاتِ الْعِمادِ) ، فيه أربعة أقوال :
الأول ـ أنهم
كانوا أهل عمود ينتجعون القطر.
الثاني ـ أنه
الطول ، كانوا أطول أجساما وأشد قوة . وزعم قتادة أنّ طول الرجل منهم اثنا عشر ذراعا.
وروى عن ابن عباس
سبعون ذراعا ، وهو باطل ، لأن في الصحيح أنّ الله خلق آدم طوله ستون ذراعا في
الهواء ، فلم يزل الخلق ينقص إلى الآن.
الثالث ـ أن
العماد القوة ، ويشهد له القرآن.
الرابع ـ أنه ذات
البناء المحكم ، يقال : إن فيها أربعمائة ألف عمود.
المسألة الخامسة ـ
في تعيينها :
وفيه قولان :
__________________
الأول ـ أن أشهب
قال ـ عن مالك : هي دمشق ، وقال محمد بن كعب القرظي : هي الإسكندرية. وتحقيقها
أنها دمشق ، لأنها ليس في البلاد مثلها. وقد ذكرت صفتها وخبرها في كتاب ترتيب الرحلة للترغيب في الملة وإليها أوت
مريم ، وبها كان آدم ، وعلى الغراب جبلها دم هابيل في الحجر جار لم تغيّره الليالى
، ولا أثرت فيه الأيام ، ولا ابتلعته الأرض ، باطنها كظاهرها ، مدينة بأعلاها ،
ومدينة بأسفلها ، تشقها تسعة أنهار ، للقصبة نهر ، وللجامع نهر ، وباقيها للبلد ،
وتجرى الأنهار من تحتها كما تجرى من فوقها ، ليس فيها كظامة ولا كنيف ، ولا فيها
دار ، ولا سوق ، ولا حمام ، إلا ويشقه الماء ليلا ونهارا دائما أبدا ، وفيها دور
قد مكّنوا أنفسهم من سعة الأحوال بالماء ، حتى إن مستوقدهم عليه ساقية ، فإذا طبخ
الطعام وضع في القصعة ، وأرسل في الساقية ، فيجري إلى المجلس فيوضع في المائدة ،
ثم ترد القصعة من الناحية الأخرى إلى المستوقد فارغة ، فترسل أخرى ملأى ، وهكذا حتى يتم الطعام.
وإذا كثر الغبار في الطرقات أمر صاحب الماء أن يطلق النهر على الأسواق والأرباض
فيجري الماء عليها ، حتى يلجأ الناس في الأسواق والطرقات إلى الدكاكين ، فإذا كسح
غبارها سكن الساقيانى أنهارها فمشيت في الطرق على برد الهواء ونقاء الأرض. ولها
باب جيرون بن سعد بن عبادة ، وعنده القبة العظيمة والميقاتات لمعرفة الساعات ،
وعليها باب الفراديس ليس في الأرض مثله ، عنده كان مقرّى ، وإليه من الوحشة كان
مفرّى ، وإليه كان انفرادي للدرس والتقرير. وفيها الغوطة مجمع الفاكهات ، ومناط
الشهوات ، عليها تجرى المياه ، ومنها تجنى الثمرات ، وإن في الإسكندرية لعجائب لو لم يكن إلا
المنار فإنها مبنيّة الظاهر والباطن على العمد ، ولكن لها أمثال ، فأما دمشق فلا
مثال لها.
وقد روى معن عن
مالك أن كتابا وجد بالإسكندرية فلم يدر ما هو ، فإذا فيه : أنا شداد بن عاد الذي
رفع العماد ، بنيّتها حين لا شيب ولا موت ، قال مالك : إن كان لتمر بهم مائة سنة
لا يرون بها جنازة.
__________________
وذكر عن ثور بن
زيد أنه قال : أنا شداد بن عاد ، أنا الذي رفعت العماد ، أنا الذي كنزت كنزا على
سبعة أذرع ، لا يخرجه إلا أمة محمد صلّى الله عليه وسلم.
المسألة السادسة ـ
فيها من طريق الأحكام التحذير من التطاول في البنيان ، والتعاظم بتشييد الحجارة ،
والندب إلى تحصيل الأعمال التي توصل إلى الدار الآخرة ، ومن أشراط الساعة التطاول
في البنيان ، وقد عرض على النبىّ صلّى الله عليه وسلم بنيان مسجده ، فقال : عريش
كعريش موسى. والبنيان أهون من ذلك.
ولقد توفى وما وضع
لبنة على لبنة ، ثم تطاولنا في بنياننا ، وزخرفنا مساجدنا ، وعطلنا قلوبنا
وأبداننا. والله المستعان.
سورة البلد
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (لا أُقْسِمُ بِهذَا
الْبَلَدِ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ في
قراءتها ، قرأ الحسن ، والأعمش ، وابن كثير لأقسم من غير ألف زائدة على اللام
إثباتا. وقرأها الناس بالألف نفيا.
المسألة الثانية ـ
اختلف الناس إذا كان حرف «لا» مخطوطا بألف على صورة النفي ، هل يكون المعنى نفيا
كالصورة أم لا؟ فمنهم من قال : تكون صلة في اللفظ ، كما تكون «ما» صلة فيه ، وذلك
في حرف «ما» كثير ، فأما حرف لا فقد جاءت [كذلك] في قول الشاعر :
تذكّرت ليلى
فاعترتنى صبابة
|
|
وكاد ضمير القلب لا يتقطّع
|
أى يتقطع ، ودخل
حرف «لا» صلة.
ومنهم من قال : [يكون]
توكيدا ، كقول القائل : لا والله ، وكقول أبى كبشة [امرئ القيس] :
فلا وأبيك ابنة
العامرىّ لا يدّعى القوم أنى أفرّ.
قاله أبو بكر بن
عياش . ومنهم من قال : إنها ردّ لكلام من أنكر البعث ، ثم ابتدأ القسم ، فقال : أقسم
، ليكون فرقا بين اليمين المبتدأة وبين اليمين التي تكون ردّا ، قاله الفرّاء.
المسألة الثالثة ـ
أما كونها صلة فقد ذكروا في قوله : (ما مَنَعَكَ أَلَّا
تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) في سورة الأعراف أنه صلة ، بدليل قوله في ص : (ما مَنَعَكَ أَنْ
تَسْجُدَ لِما
__________________
خَلَقْتُ
بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ). والنازلة واحدة ، والمقصود واحد ، والمعنى سواء ،
فالاختلاف إنما يعود إلى اللفظ خاصة.
وأما من قال : إنه
توكيد فلا معنى له هاهنا ، لأن التوكيد إنما يكون إذا ظهر المؤكد كقوله : لا والله
أقوم ، فإذا لم يكن هناك مؤكد فلا وجه للتأكيد ، ألا ترى إلى قوله :
فلا وأبيك ابنة
العامرىّ
|
|
لا يدّعى القوم
أنّى أفرّ
|
[كيف] أكد النفي وهو لا يدعى بمثله.
ومن أغرب هذا أنه
قد تضمر وينفى معناها ، كما قال أبو كبشة :
فقلت يمين الله
أبرح قاعدا
|
|
ولو قطعوا رأسى
لديك وأوصالى
|
في قول. وقد حققنا
ذلك في رسالة الإلجاء للفقهاء إلى معرفة غوامض الأدباء.
وأما من قال :
إنها رد فهو قول ليس له رد ، لأنه يصح به المعنى ، ويتمكّن اللفظ والمراد.
المسألة الرابعة ـ
وأما من قرأها : لأقسم فاختلفوا ، فمنهم من حذفها في الخط كما حذفها في اللفظ ،
وهذا لا يجوز ، فإن خط المصحف أصل ثبت بإجماع الصحابة. ومنهم من قال : أكتبها ولا
ألفظ بها ، كما كتبوا لا إلى الجحيم. و «لا إلى الله تحشرون» بألف ، ولم يلفظوا
بها ، وهذا يلزمهم في قوله : (فَلا أُقْسِمُ
بِمَواقِعِ النُّجُومِ) وشبهه ، ولم يقولوا به.
فإن قيل : إنما
تكون صلة في أثناء الكلام ، كقوله : (لِئَلَّا يَعْلَمَ
أَهْلُ الْكِتابِ) وقوله : (أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ
أَمَرْتُكَ) ونحوه. فأما في ابتداء الكلام فلا يوصل بها إلا مقرونة
بألف كقوله : (أَلا إِنَّ وَعْدَ
اللهِ حَقٌ).
فأجابوا عنه بأن
قالوا : إن القرآن ككلمة واحدة ، وليس كما زعموا ، لأنه لو وصل بها ما قبلها لكانت
: أهل التقوى وأهل المغفرة لا أقسم بيوم القيامة.
وهذا لا يجوز ،
حتى إن قوما كرهوا في القراءة أن يصلوها بها ، ووقفوا حتى يفرّقوا بينهما ببسم
الله الرحمن الرحيم ، ليقطعوا الوصل المتوهم.
__________________
والجواب الصحيح أن
نقول : إن الصلة بها في أول الكلام كصلة آخره بها ، كذكرها في أثنائه ، بل ذكرها
في أثنائه أبلغ في الإشكال ، كقوله : (ما مَنَعَكَ أَنْ
تَسْجُدَ) ، ولو كان هذا كله خارجا عن أسلوب البلاغة ، قادحا في زين
الفصاحة ، مثّبجا قوانين العربية التي طال القرآن بها أنواع الكلام لاعترض عليه به
الفصحاء البلغ ، والعرب العرب والخصماء اللد ، فلما سلموا فيه تبيّن أنه على
أسلوبهم جار ، وفي رأس فصاحتهم منظوم ، وعلى قطب عربيتهم دائر ، وقد عبّر عنه سعيد
بن جبير وغيره من محققي المفسرين ، فقالوا قوله : (لا أُقْسِمُ) قسم.
المسألة الخامسة ـ
فإن قيل : كيف أقسم الله سبحانه بغيره.
قلنا : هذا قد
بينا الجواب عنه على البلاغ في كتاب قانون التأويل ، وقلنا : للباري تعالى أن يقسم
بما شاء من مخلوقاته تعظيما لها.
فإن قيل : فلم منع
النبىّ صلّى الله عليه وسلم من القسم بغير الله؟
قلنا : لا تعلل
العبادات. ولله أن يشرع ما شاء ، ويمنع ما شاء ، [ويبيح ما شاء] ، وينوع المباح
والمباح له ، ويغاير بين المشتركين ، ويماثل بين المختلفين ، ولا اعتراض عليه فيما
كلف من ذلك ، وحمل ، فإنه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
فإن قيل : فلم قال
النبىّ صلّى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح للأعرابى الذي قص عليه دعائم الإسلام وفرائض الإيمان ، فقال : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص : أفلح
وأبيه إن صدق.
[قلت : قد رأيته
في نسخة مشرقية في الإسكندرية : أفلح والله إن صدق ، ويمكن] أن يتصحف [قوله] : والله بقوله : وأبيه.
جواب آخر بأن هذا
منسوخ بقوله : «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم».
جواب آخر ـ إن
النبىّ صلّى الله عليه وسلم إنما نهى عنه عبادة ، فإذا جرى ذلك على الألسن
__________________
عادة فلا يمنع ،
فقد كانت العرب تقسم في ذلك بمن تكره ، فكيف بمن تعظم. قال ابن ميادة :
أظنّت سفاها من
سفاهة رأيها
|
|
لأهجوها لما
هجتنى محارب
|
فلا وأبيها إننى
بعشيرتى
|
|
ونفسي عن هذا
المقام لراغب
|
وقال عبيد الله بن
عبد الله بن عتبة أحد فقهاء المدينة السبعة :
لعمر أبى
الواشين أيان نلتقي
|
|
لما لا تلاقيها
من الدّهر أكثر
|
يعدون يوما
واحدا إن لقيتها
|
|
وينسون أياما على النأى تهجر
|
وقال آخر :
لعمر أبى
الواشين لا عمر غيرهم
|
|
لقد كلفتني خطة
لا أريدها
|
وقال آخر :
فلا وأبى أعدائها لا أزورها
وإذا كان هذا
شائعا كان من هذا الوجه سائغا.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَأَنْتَ حِلٌّ
بِهذَا الْبَلَدِ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ في
قوله : (وَأَنْتَ حِلٌّ
بِهذَا الْبَلَدِ).
فيها أربعة أقوال
:
أحدها ـ وأنت ساكن
، تقدير الكلام أقسم بهذا البلد الذي أنت فيه [لكرامتك علىّ ، وحبّى لك ، وتكون
هذه الجملة على نحو الحال ، كأنه قال : أقسم بهذا البلد وأنت] فيه.
الثاني ـ وأنت حلّ
بهذا البلد يحل لك فيه القتل. وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلم: إن مكة حرّمها الله يوم خلق السموات والأرض ، لم تحلّ لأحد قبلي ، ولا
تحلّ لأحد بعدي ، وإنما حلت لي ساعة من نهار ، ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها
بالأمس.
الثالث ـ ويرجع
إلى الثاني أنه يحلّ لك دخوله بغير إحرام ، دخل النبىّ صلّى الله عليه وسلم مكة
وعلى رأسه المغفر ، ولم يكن محرما.
__________________
الرابع ـ قال
مجاهد : وأنت حلّ بهذا البلد ليس عليك ما على الناس فيه من الإثم ، يريد أنّ الله
عصمك. وقد بينّاه.
المسألة الثانية ـ
أما قوله : (وَأَنْتَ حِلٌّ
بِهذَا الْبَلَدِ) ، أى ساكن فيه ، فيحتمل اللفظ ، وتقتضيه الكرامة ، ويشهد
له عظم المنزلة.
وأما القول الثاني
فقد تقدم القول في جواز القتل بمكة وإقامة الحدود فيها في غير ما موضع من كتابنا
هذا ، خلافا لأبى حنيفة ، وفي غير هذا الكتاب.
وأما دخوله مكة
بغير إحرام فقد كان ذلك.
وأما دخول الناس
مكة فعلى قسمين : إما لتردد المعاش ، وإما لحاجة عرضت ، فإن كان لتردد المعاش
فيدخلها حلالا ، لأنه لو كلف الإحرام في كل وقت لم يطقه ، وقد رفع تكليف هذا عنا.
وأما إن كان لحاجة عرضت فلا يخلو ، إما أن تكون حجّة أو عمرة أو غيرهما ، فإن كان
حجة أو عمرة فلا خلاف في وجوب الإحرام ، وإن كان غيرهما فاختلفت الرواية فيه ، ففي
المشهور عن مالك أنّه لا بدّ من الإحرام. وروى عنه تركه.
واختلف العلماء
مثل هذا الاختلاف. والصحيح وجوب الإحرام ، لقوله عليه السلام : لم تحلّ لأحد قبلي ، ولا تحلّ لأحد بعدي
، وإنما أحلت لي ساعة من نهار. وهذا عام.
المسألة الثالثة ـ
قوله : (بِهذَا الْبَلَدِ) مكة باتفاق من الأمة ، وذلك أن السورة مكية ، وقد أشار له ربه بهذا ، وذكر له البلد بالألف واللام ، فاقتضى ذلك [ضرورة]
لتعريف المعهود. وفيه قولان :
أحدهما ـ أنه مكة.
والثاني ـ أنه
الحرم كلّه. وهو الصحيح ، لأن البلد بحريمه ، كما أنّ الدار بحريمها ، فحريم الدار
ما أحاط بجدرانها ، واتّصل بحدودها ، وحريم بابها ما كان للمدخل والمخرج ، وحريم
البئر في الحديث أربعون ذراعا ، وعند علمائنا يختلف ذلك بحسب اختلاف الأراضي في
الصلابة والرخاوة ، ولها حريم السقي بحيث لا تختلط الماشية بالماشية من البئر
الأخرى في المسقى والمبرك ، ومن حاز حريما أو مناخا قبل صاحبه فهو له. وحريم
الشجرة ما عمرت به في العادة.
__________________
وفي كتاب أبى داود
، عن أبى سعيد الخدري ، قال : اختصم
إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجلان في حريم نخلة فأمر بها ـ وفي رواية له ـ فأمر بجريدة من جرائدها ـ فذرعت ،
فوجدت سبعة أذرع. وفي رواية له أيضا
خمسة أذرع ـ فقضى بذلك.
والذي يقضى به ما
قلناه من أنه يأخذ حقّه في العمارة التامة من ناحية الأرض ، ويأخذ دوحتها في الهواء ، إلا أن تسترسل أغصانها على أرض
رجل فإنه يقطع منها ما أضرّ به.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (فَلَا اقْتَحَمَ
الْعَقَبَةَ).
فيها ثمان مسائل :
المسألة الأولى ـ العقبة
فيها خمسة أقوال :
الأول ـ أنها طريق
النجاة ، قاله ابن زيد.
الثاني ـ جبل في
جهنم ، قاله ابن عمر.
الثالث ـ عقبة في
جهنم هي سبعون درجة ، قاله كعب.
الرابع ـ أنها نار
دون الحشر.
الخامس ـ أن يحاسب
نفسه وهواه وعدوّه الشيطان ، قاله الحسن : عقبة والله شديدة.
المسألة الثانية ـ
العقبة في اللغة هي الأمر الشاق ، وهو في الدنيا بامتثال الأمر والطاعة ، وفي
الآخرة بالمقاساة للأهوال . وتعيين أحد الأمرين لا يمكن إلّا بخبر الصادق.
المسألة الثالثة ـ
«اقتحم» معناه قطع الوادي بسلوكه فيه. وقال الليث : هو رميه في وهدة بنفسه. وقال
على : من سرّه أن يقتحم جراثيم جهنم فليقض بين الجد والإخوة.
وإنما فسرناه بعد
العقبة لأن الموصوف تقدم في الشرح على الصفة بحكم النظر الحقيقي حسبما بيناه في
أصول الفقه.
المسألة الرابعة ـ
اختار البخاري من هذا التقسيم قول مجاهد : إنه لم يقتحم العقبة في الدنيا ، وإنما
اختار ذلك ، لأنه قال بعد ذلك في الآية الثالثة : (وَما أَدْراكَ مَا
الْعَقَبَةُ).
__________________
ثم قال في الآية
الرابعة : (فَكُّ رَقَبَةٍ). وفي الآية الخامسة : (أَوْ إِطْعامٌ فِي
يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ). ثم قال في الآية السادسة : (يَتِيماً ذا
مَقْرَبَةٍ). ثم قال في الآية السابعة : (أَوْ مِسْكِيناً ذا
مَتْرَبَةٍ). فهذه الأعمال إنما تكون في الدنيا.
المعنى فلم يأت في
الدنيا بما يسهّل له سلوك العقبة في الآخرة.
تحقيقه : وما
أدراك ما العقبة ، أى شيء يقتحم به العقبة ، لأنّ الاقتحام يدلّ على مقتحم به ،
وهو ما فسّره من الأعمال الصالحة ، أوّلها فكّ رقبة. والفكّ هو حل القيد ، والرقّ
قيد ، وسمى المرقوق رقبة ، لأنه كالأسير الذي يربط بالقيد في عنقه ، قال حسان :
كم من أسير
فككناه بلا ثمن
|
|
وجزّ ناصية كنّا
مواليها
|
وفكّ الأسير من
العدوّ مثله ، بل أولى منه على ما بيناه فيما قبل.
وفي الحديث : من أعتق [امرأ مسلما كان فكاكه من
النار. وفي الحديث من أعتق] رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار حتى الفرج بالفرج.
وهو حديث صحيح
عظيم في تكفير الزنا بالعتق.
وفي كتب المالكية أن واثلة بن الأسقع سئل أن يحدّث بحديث
لا وهم فيه ولا نقصان ، فغضب واثلة ، وقال : المصاحف تجدّدون فيها النظر بكرة
وعشية وأنتم تهمّون تزيدون وتنقصون! ثم قال : جاء ناس إلى رسول الله صلّى الله
عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، صاحبنا هذا قد أوجب. قال النبي صلّى الله عليه
وسلم : مروه فليعتق رقبة ، فإن له بكل عضو من المعتق عضوا منه من النار.
وروى الوليد بن
مسلم ، عن مالك بن أنس ، عن إبراهيم بن أبى عيلة ، حدثهم عن [إبراهيم بن] عبد الله بن الديلي ، عن واثلة بن الأسقع بنحو مثله.
المسألة الخامسة ـ
قال أصبغ : الرقبة الكافرة ذات الثمن أفضل في العتق من الرقبة المؤمنة القليلة
الثمن ، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم ـ
وقد سئل أى الرقاب أفضل؟ قال: أغلاها ثمنا ، وأنفسها عند أهلها.
__________________
والمراد في هذا
الحديث من المسلمين ، بدليل قوله عليه السلام : من أعتق امرأ مسلما ، ومن أعتق
رقبة مؤمنة ، وما ذكره أصبغ وهلة . وإنما نظر إلى تنقيص المال ، والنظر إلى تجريد المعتق
للعبادة ، وتفريغه للتوحيد أولى. وقد بيناه في كتاب الصريح من مختصر النيرين.
المسألة السادسة ـ
إطعام الطعام قد بينّا فضله ، وهو مع السّغب ـ الذي هو الجوع ـ أفضل من إطعامه
لمجرد الحاجة ، أو على مقتضى الشهوة. وإطعام اليتيم الذي لا كافل له أفضل من إطعام
ذي الأبوين لوجود الكافل وقيام الناصر ، وهي :
المسألة السابعة.
والمسألة الثامنة
ـ قوله تعالى : (ذا مَقْرَبَةٍ) يفيد أنّ الصدقة على القريب أفضل منها على البعيد ، ولذلك
بدأ به قبل المسكين ، وذلك عند مالك في النفل ، وقد بينا ذلك فيما تقدم مع قوله
تعالى : (أَوْ مِسْكِيناً ذا
مَتْرَبَةٍ). والمتربة : الفقر البلاغ الذي لا يجد صاحبه طعاما إلا
التراب ولا فراشا سواه. والله أعلم.
__________________
سورة الشمس
[فيها آية واحدة]
قوله تعالى : (وَلا يَخافُ عُقْباها).
روى ابن وهب وابن
القاسم ، عن مالك ، قال : أخرج إلينا مالك مصحفا لجدّه زعم أنه كتبه في أيام عثمان
بن عفان ، حين كتب المصاحف ، مما فيه : ولا يخاف عقباها بالواو ، وهكذا قرأ أبو
عمرو من القراء السبعة وغيره.
فإن قيل : لم يقرأ
به نافع ، وقد قال مالك : السنة قراءة نافع.
قلنا : لي كل أحد
من أصحابه ، ولا كل سامع يفهم عنه في قراءة نافع الهمز وحذفه ، والمد وتركه ، والتفخيم
والترقيق ، والإدغام والإظهار ، في نظائر له من الخلاف في القراءات ، فدلّ على أنه
أراد السنة في توسع الخلق في القراءة بهذه الوجوه من غير ارتباط إلى شيء مخصوص
منها وقد بينا ذلك في تأويل قوله : «أنزل القرآن على سبعة أحرف» ، وقد ثبت عن
النبىّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال لمعاذ : لا
تكن فتّانا ، اقرأ سبّح اسم ربك الأعلى ، والشمس وضحاها ، ونحوهما ، فخصهما بالذكر.
__________________
سورة اللّيل [فيها آيتان]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (وَما خَلَقَ
الذَّكَرَ وَالْأُنْثى).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في
معنى القسم فيها :
وفيه ثلاثة أقوال
:
الأول ـ إن معناه
وربّ الذكر والأنثى. وهذا المحذوف مقدّر في كل قسم أقسم الله به من المخلوقات. وقد
تقدّم ذكر القسم بها.
الثاني ـ أن معنى
قوله تعالى : (وَما خَلَقَ
الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) ، والشّفع والوتر كما تقدم ، يعنى آدم وحوّاء ، وآدم خلق وحده قبل خلق حوّاء حسبما سبق
بيانه.
المسألة الثانية ـ
قراءة العامة وصورة المصحف : (وَما خَلَقَ
الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) وقد ثبت في الصحيح أنّ أبا الدرداء وابن مسعود كانا يقرآن
: والذكر والأنثى. قال إبراهيم : قدم
أصحاب عبد الله على أبى الدرداء فطلبهم فوجدهم ، فقال : أيكم يقرأ على قراءة عبد
الله؟ قالوا : كلّنا. قال : كيف تقرءون : والليل إذا يغشى؟ قال علقمة : والذكر
والأنثى. قال : أشهد أنى سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقرأ هكذا ، وهؤلاء
يريدون أن أقرأ : وما خلق الذكر والأنثى ، والله لا أتابعهم.
قال القاضي : هذا
مما لا يلتفت إليه بشر ، إنما المعوّل عليه ما في الصحف ، فلا تجوز مخالفته لأحد ، ثم بعد ذلك يقع
النظر فيما يوافق خطّه مما لم يثبت ضبطه ، حسبما بيناه في موضعه ، فإن القرآن لا
يثبت بنقل الواحد. وإن كان عدلا ، وإنما يثبت بالتواتر الذي يقع به العلم ، وينقطع
معه العذر ، وتقوم به الحجة على الخلق.
__________________
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى
وَاتَّقى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى. وَأَمَّا مَنْ
بَخِلَ وَاسْتَغْنى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى).
فيها ثمان مسائل :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
روى في ذلك روايات
:
الرواية الأولى ـ عن
أبى الدرداء ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : ما من يوم طلعت فيه شمسه إلا وبجنبتيها ملكان يناديان ، يسمعهما خلق الله كلّهم إلا الثقلين : اللهم أعط منفقا خلفا ، وأعط ممسكا
تلفا. فأنزل الله تعالى في ذلك : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى
وَاتَّقى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى).
الرواية الثانية ـ
عن عامر بن عبد الله بن الزبير ، قال : كان أبو بكر يعتق على الإسلام بمكة ، وكان
يعتق نساء وعجائز ، فقال له أبوه : أى بنى ، أراك تعتق أناسا ضعفاء ، فلو أنك
أعتقت رجالا جلدا يقومون معك ، ويدفعون عنك ، ويمنعونك! فقال : أى أبت ، إنما أريد
ما عند الله. قال : فحدثني بعض أهل بيتي أنّ هذه الآية نزلت فيه : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى).
المسألة الثانية ـ
قوله : (مَنْ أَعْطى).
حقيقة العطاء هي
المناولة ، وهي في اللغة والاستعمال عبارة عن كل نفع أو ضرّ يصل من الغير إلى الغير ، وقد بيناه في كتاب الأمد الأقصى
وغيره.
المسألة الثالثة ـ
قوله تعالى : (وَاتَّقى) ، وقد تقدم الكلام في حقيقة التقوى ، وأنها عبارة عن حجاب
معنوي يتخذه العبد بينه وبين العقاب ، كما أن الحجاب المحسوس يتخذه العبد [مانعا] بينه وبين ما يكرهه.
المسألة الرابعة ـ
قوله تعالى : (وَصَدَّقَ
بِالْحُسْنى).
__________________
فيها ثلاثة أقوال
:
الأول ـ أنها
الخلف من المعطى ، قاله ابن عباس.
الثاني ـ أنها لا
إله إلا الله ، قاله ابن عباس أيضا.
الثالث ـ أنها
الجنّة ، قاله قتادة.
المسألة الخامسة ـ
في المختار : كلّ معنى ممدوح فهو حسنى ، وكلّ عمل مذموم فهو سوأى وعسري ، وأول
الحسنى التوحيد ، وآخره الجنة ، وكلّ قول أو عمل بينهما فهو حسنى ، وأول السوأى
كلمة الكفر ، وآخره النار ، وكلّ ذلك مما يتعلق بهما فهو منهما ومراد باللفظ
المعبّر عنهما.
واختار الطبري أنّ
الحسنى الخلف ، وكلّ ذلك يرجع إلى الثواب الذي هو الجنة.
المسألة السادسة ـ
قوله : (فَسَنُيَسِّرُهُ) ، يعنى نهيّئه بخلق أسبابه ، وإيجاد مقدماته ، ثم نخلقه
بعد ذلك. فإن كان حسنا سمّى يسرى ، وإن مذموما سمى عسري ، والباري سبحانه خالق
الكلّ ، فإن أراد السعادة هيّأ أسبابها للعبد وخلقها فيه ، وإن أراد الشقاء هيّأ
أسبابه للعبد ، وخلقها فيه ، وذلك مروىّ أيضا عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم من
طريق صحيحة ، يعضّد ما قامت عليه أدلة العقول ، ويعتضد بالشرع المنقول ، منه ما روى عن علىّ : كنا في جنازة بالبقيع ، فأتى رسول الله
صلّى الله عليه وسلم فجلس ، وجلسنا ، ومعه عود ينكت به في الأرض ، فرفع رأسه إلى
السماء فقال : ما [منكم] من نفس منفوسة إلا كتب مدخلها. فقلنا : يا رسول الله ، ألا نتّكل على كتابنا؟
فقال : بل اعملوا فكلّ ميسّر ، فأما من كان من أهل السعادة فإنه ييسّر لعمل أهل
السعادة ، وأما من كان من أهل الشقاوة فإنه ييسّر للشقاء. ثم قرأ : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى.
وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ
وَاسْتَغْنى ...) إلى قوله : (لِلْعُسْرى).
وسأل
غلامان شابان رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالا : العمل فيما جفّت به الأقلام ،
وجرت به المقادير أم في شيء يستأنف؟ فقال : بل فيما جفّت به الأقلام وجرت به
المقادير.
__________________
فقالا
: ففيم العمل [إذن] ؟ قال : اعملوا فكلّ ميسّر لعمله الذي خلق له. قالا : فالآن نجدّ ونعمل.
المسألة السابعة ـ
قوله : (بَخِلَ).
قد بينا حقيقة
البخل فيما تقدم ، وأنه منع الواجب ، وقد ذكرنا قول النبي صلّى الله عليه وسلم :
مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبّتان من حديد ... الحديث إلى آخره.
المسألة الثامنة ـ
قوله : (وَاسْتَغْنى).
قال ابن عباس :
استغنى عن الله ، وهو كفر ، فإن الله غنىّ عن العالمين ، وهم فقراء إليه ، وهو
الغنىّ الحميد. ويشبه أن يكون المراد استغنى بالدنيا عن الآخرة ، فركن إلى المحسوس ، وآمن به ، وضلّ عن المعقول ، وكذب به ، ورأى أنّ
راحة النّقد خير من راحة النسيئة ، وضلّ عن وجه النجاة ، وربح التجارة
التي اتفق العقلاء على طلبها بإسلام درهم إلى غنى وفي ليأخذ عشرة في المستقبل ،
والله تبارك وتعالى لا يخلف الميعاد ، وهو الغنى له ما في السموات وما في الأرض ،
والخلق ملكه ، أمر بالعمل وندب إلى النصب ، ووعد عليه بالثواب ، فالحرام معقولا ، والواجب منقولا امتثال أمره ، وارتقاب وعده ،
وهذا منتهى الحكم في الآية ، وما يتعلق به وراء ذلك من البيان ما يخرج عن المقصود
فأرجأته إلى مكانه بمشيئة الله وعونه.
__________________
سورة الضحى
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (وَالضُّحى).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
: (الضُّحى) :
هو ضوء النهار حين
تشرق الشمس ، وهي مؤنثة ، يقال : ارتفعت الضحى ، ومعناها هو الضوء مذكر ، وتصغيره
ضحيا ، فإذا فتحت مددت ، قال الشاعر :
أعجلها أقدحى : الضّحاء ضحى
|
|
وهي تناصى ذوائب السلم
|
يصف أنه نام عن
إبل ، فأخذها ضحى قبل أن تبلغ الضحاء ، وتبيّن بهذا أن الضحاء بعد الضحى ، حتى إنه
ليتمادى إلى نصف النهار ، ففي الحديث : إنّ
النبي صلّى الله عليه وسلم قدم المدينة حين هاجر ، وقد اشتد الضحاء ، وكادت الشمس
تزول.
المسألة الثانية ـ
في سبب نزولها :
وفيه قولان :
أحدهما ـ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم رمى
بالحجر في إصبعه فدميت ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : هل
أنت إلّا إصبع دميت ، وفي سبيل الله ما لقيت. قال : فمكث ليلة أو ليلتين [أو ثلاثا] لا يقوم ، فقالت امرأة له : يا محمد ، ما أرى شيطانك إلّا
قد تركك ، فنزلت السورة.
الثاني ـ روى جندب
بن سفيان في الصحيح ، قال : اشتكى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فلم يقم ليلتين
أو ثلاثا ، فجاءت امرأة فقالت : يا محمد ، إنى لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك. وفي
رواية : ما أرى صاحبك إلا أبطأك ، فنزلت. وهذا أصحّ.
المسألة الثالثة ـ
بوب عليه البخاري في باب «ترك القيام للمريض» ، وأدخل الحديث ليتبين
__________________
بذلك وجوب قيام
الليل. وقد قدمنا القول المحقّق فيه في سورة المزمل ، وإن ذلك كان فرضا على النبي
صلّى الله عليه وسلم وحده.
المسألة الرابعة ـ
الحديث بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم اشتكى ، فترك القيام صحيح ، وذكره فيه
: هل أنت إلّا إصبع دميت. وفي سبيل الله ما لقيت ، غير صحيح ، [وقوله : فلم يقم
ليلة أو ليلتين أسقطه الترمذي والبخاري في كتابيهما ، وهو صحيح ، خرّجه القاضي أبو
إسحاق وغيره من طريق صحيحة ، وقد ذكرنا في صريح الصحيح] .
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَأَمَّا السَّائِلَ
فَلا تَنْهَرْ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ ذكر
المفسرون فيها قولين :
الأول ـ وأما
السائل [للبر] فلا تنهر ، أى ردّه بلين ورحمة ، قاله قتادة ، الثاني ـ سائل الدين
للبيان لا تنهره بالجفوة والغلظة.
المسألة الثانية ـ
أما من قال : إنه سائل البر فقد قدمنا وجوه السؤال في غير موضع وكيفية العمل فيه ، وقول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى ،
فكيف بالأذى دون الصدقة ، وأما السائل عن الدين فجوابه فرض على العالم على الكفاية
كإعطاء سائل البر سواء ، وقد كان أبو الدرداء ينظر إلى أصحاب الحديث ، ويبسط رداءه
لهم ، ويقول :
مرحبا بأحبّة رسول
الله صلّى الله عليه وسلم.
وفي حديث أبى
هارون العبدى ، عن أبى سعيد الخدري ، قال : كنا
إذا أتينا أبا سعيد الخدري يقول : مرحبا بوصية رسول الله صلّى الله عليه وسلم ،
إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال : إن الناس الكم تبع ، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقّهون ، فإذا أتوكم فاستوصوا
بهم خيرا. وفي رواية : يأتيكم رجال من قبل المشرق ... فذكره.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ
رَبِّكَ فَحَدِّثْ).
فيها مسألتان :
__________________
المسألة الأولى ـ في
[قوله : وأمّا بنعمة ربّك فحدّث] ثلاثة أقوال :
أحدها ـ أنها
النبوّة.
الثاني ـ أنها
القرآن.
الثالث ـ إذا أصبت
خيرا أو عملت خيرا فحدّث به الثقة من إخوانك ، قاله الحسن.
المسألة الثانية ـ
أما من قال إنها النبوة فقد روى عبد الله بن شداد بن الهاد ، قال : جاء جبريل إلى النبي صلّى الله عليه
وسلم فقال : يا محمد ، اقرأ. قال : وما أقرأ؟ قال : (اقْرَأْ بِاسْمِ
رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) ، حتى بلغ (عَلَّمَ الْإِنْسانَ
ما لَمْ يَعْلَمْ) ، فقال لخديجة : يا خديجة ، ما أرانى إلّا قد عرض لي.
فقالت خديجة : كلا والله ، ما كان ربك ليفعل ذلك بك ، وما أتيت فاحشة قط. قال فأتت
خديجة ورقة بن نوفل ، فذكرت له ، فقال ورقة : إن تكوني صادقة [فزوجك نبي] وليلقينّ من أمته شدة ، فاحتبس جبريل عن النبي صلّى الله عليه وسلم
، فقالت خديجة : يا محمّد ، ما أرى ربّك إلا قد قلاك ، فأنزل الله تعالى : (وَالضُّحى) ، يعنى السورة. فهذا حديثه بالنبوة.
وأما حديثه
بالقرآن فتبليغه إياه ، قالت عائشة رضى الله عنها : لو كان رسول الله صلّى الله
عليه وسلم كاتما من الوحى شيئا لكتم هذه الآية : (وَإِذْ تَقُولُ
لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ
زَوْجَكَ). وقالت عائشة رضى الله عنها : من زعم أنّ محمدا كتم شيئا
من الوحى فقد أعظم على الله الفرية ، والله يقول : (يا أَيُّهَا
الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) ، وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته.
وأما تحدثه بعمل
فإنّ ذلك يكون بإخلاص من النية عند أهل الثقة ، فإنه ربما خرج إلى الرياء ، وأساء
الظن بسامعه ، وقد روى أيوب قال : دخلت على أبى رجاء العطاردي ، فقال :
لقد رزق الله البارحة خيرا ، صليت كذا وسبّحت كذا. قال : قال أيوب : فاحتملت ذلك
لأبى رجاء. ومن الحديث بالنعمة إظهارها بالملبس والمركب ، قال النبي صلّى الله
عليه وسلم : إن
الله إذا أنعم على عبد [بنعمة] أحبّ أن يرى أثر نعمته ، وإظهارها بالملبس والمركب ،
وإظهارها بالجديد والقوى من الثياب النقي ، وليس بالخلق الوسخ ، وفي المركب
اقتناؤه للجهاد أو لسبيل الحلال ، حسبما تقدم بيانه.
__________________
سورة الإنشراح
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ
صَدْرَكَ).
شرحه حقيقة حسية ،
وذلك حين كان عند ظئره ، وحين أسرى به ، وشرحه معنى حين جمع له التوحيد في صدره
والقرآن ، وعلّمه ما لم يكن يعلم ، وكان فضل الله عليه عظيما ، وشرحه حين خلق له
القبول لكلّ ما ألقى إليه والعمل به ، وذلك هو تمام الشرح وزوال الترح.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَرَفَعْنا لَكَ
ذِكْرَكَ).
يعنى قرناه بذكرنا
في التوحيد والأذان ، وقد تقدم.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (فَإِذا فَرَغْتَ
فَانْصَبْ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ اتفق
الموحّدون والمفسرون على أن معناه : إذا فرغت من الصلاة فانصب للأخرى بلا فتور ولا كسل ، وقد اختلفوا في تعيينهما
على أربعة أقوال :
الأول ـ إذا فرغت
من الفرائض فتأهّب لقيام الليل.
الثاني ـ إذا فرغت
من الصلاة فانصب للدعاء .
الثالث ـ إذا فرغت
من الجهاد فاعبد ربك.
الرابع ـ إذا فرغت
من أمر دنياك فانصب لأمر آخرتك.
ومن المبتدعة من
قرأ هذه الآية فأنصب ـ بكسر الصاد والهمز في أوله ، وقالوا : معناه أنصب الإمام
الذي يستخلف ، وهذا باطل في القراءة ، باطل في المعنى ، لأنّ النبىّ صلّى الله
عليه وسلم لم يستخلف أحدا. وقرأها بعض الجهال فانصب ـ بتشديد الباء ـ معناه إذا فرغت من الغزو فجدّ إلى بلدك. وهذا باطل أيضا قراءة لمخالفة الإجماع ، لكن
معناه
__________________
صحيح ، لقول النبي
صلّى الله عليه وسلم : السفر
قطعة من العذاب ، يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه ، فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجّل
الرجوع إلى أهله.
وأشدّ الناس عذابا وأسوأهم مآبا ومباء
من أخذ معنى صحيحا ، فركّب عليه من قبل نفسه قراءة أو حديثا ، فيكون كاذبا على
الله ، كاذبا على رسوله ، ومن أظلم ممّن افترى على الله كذبا. أما أنه قد روى ـ وهي
:
المسألة الثانية ـ
عن شريح أنه مرّ بقوم يلعبون يوم عيد ، فقال : ما بهذا أمر الشارع. وفيه نظر ، فإن الحبش كانوا يلعبون بالدّرق والحراب
في المسجد يوم العيد ، والنبىّ صلّى الله عليه وسلم ينظر.
ودخل
أبو بكر بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم على عائشة وعندها جاريتان من جواري
الأنصار تغنّيان ، فقال أبو بكر : أمزمارة الشيطان في بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ فقال :
دعهما يا أبا بكر ، فإنه يوم عيد.
وليس يلزم الدءوب
على العمل ، بل هو مكروه للخلق ، حسبما تقدّم بيانه في غير موضع.
__________________
سورة التّين
[فيها خمس آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (وَالتِّينِ
وَالزَّيْتُونِ).
قيل : هو حقيقة.
وقيل : عبّر به عن دمشق ، أو جبلها ، أو مسجدها. ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز
إلا بدليل.
وإنما أقسم الله
سبحانه بالتين ليبيّن فيه [وجه] المنّة العظمى ، فإنه جميل المنظر ، طيّب المخبر ، نشر
الرائحة ، سهل الجنى على قدر المضغة ، وقد أحسن القائل فيه :
انظر إلى التين
في الغصون ضحى
|
|
ممزّق الجلد مائل
العنق
|
كأنه ربّ نعمة
سلبت
|
|
فعاد بعد الجديد
في الخلق.
|
أصغر ما في
النهود أكبره
|
|
لكن ينادى عليه في الطرق
|
ولامتنان الباري
سبحانه ، وتعظيم النعمة فيه ، فإنه مقتات مدّخر ، فلذلك قلنا بوجوب الزكاة فيه. وإنما فرّ كثير من العلماء من التصريح
بوجوب الزكاة فيه تقية جور الولاة ، فإنهم يتحاملون في الأموال الزكائية ،
فيأخذونها مغرما ، حسبما أنذر به الصادق صلّى الله عليه وسلم ، فكره العلماء أن
يجعلوا لهم سبيلا إلى مال آخر يتشطّطون فيه. ولكن ينبغي للمرء أن يخرج
عن نعمة ربه بأداء حقه. وقد قال الشافعى ـ لهذه العلة أو غيرها : لا زكاة في
الزيتون. والصحيح وجوب الزكاة فيهما.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَهذَا الْبَلَدِ
الْأَمِينِ).
[يعنى مكة لما خلق
الله فيه من الأمن حسبما تقدم بيانه في آل عمران والعنكبوت وغيرهما] ، وبهذا احتج من قال : إنه أراد بالتين دمشق ، وبالزيتون بيت
المقدس ، فأقسم الله بجبل
__________________
دمشق ، لأنه مأوى عيسى عليه السلام ، وبجبل بيت المقدس لأنه مقام
الأنبياء كلهم ، وبمكة لأنه أثر إبراهيم ودار محمد صلّى الله عليهما وسلم.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا
الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ).
قال ابن العربي
رضى الله عنه : ليس لله تعالى خلق هو أحسن من الإنسان ، فإن الله خلقه حيّا عالما
، قادرا ، مريدا ، متكلما ، سميعا ، بصيرا ، مدبرا ، حكيما ، وهذه صفات الرب ،
وعنها عبّر بعض العلماء ، ووقع البيان بقوله : إن الله خلق آدم على صورته ، يعنى
على صفاته التي قدمنا ذكرها.
وفي رواية على
صورة الرحمن. ومن أين تكون للرحمن صفة مشخصة ! فلم يبق إلا أن تكون معاني ، وقد تكلمنا على الحديث في
موضعه بما فيه بيانه.
وقد أخبرنا
المبارك بن عبد الجبار الأزدى ، أخبرنا القاضي أبو القاسم علىّ بن أبى على القاضي
المحسن ، عن أبيه ، قال : كان عيسى بن موسى الهاشمي يحبّ زوجه حبّا شديدا ، فقال
لها يوما : أنت طالق ثلاثة إن لم تكوني أحسن من القمر ، فنهضت واحتجبت عنه ، وقالت
: طلقني. وبات بليلة عظيمة. ولما أصبح غدا إلى دار المنصور ، فأخبره الخبر ، [وقال
: يا أمير المؤمنين ، إن تمّ على طلاقها تصلفت نفسي غما ، وكان الموت أحب إلى من
الحياة] ، وأظهر للمنصور جزعا عظيما ، فاستحضر الفقهاء ، واستفتاهم
، فقال جميع من حضر : قد طلقت ، إلا رجلا واحدا من أصحاب أبى حنيفة ، فإنه كان
ساكتا ، فقال له المنصور : مالك لا تتكلم؟ فقال له الرجل : بسم الله الرحمن
الرحيم. والتين والزيتون. وطور سنين. وهذا البلد الأمين. لقد خلقنا الإنسان في
أحسن تقويم. يا أمير المؤمنين ، الإنسان أحسن الأشياء ، ولا شيء أحسن منه. [فقال
المنصور لعيسى بن موسى : الأمر كما قال ، فأقبل على زوجك] ، فأرسل أبو جعفر المنصور إلى زوجه أن أطيعى زوجك ، ولا
تعصيه ، فما طلقك.
فهذا يدلّك على أن
الإنسان أحسن خلق الله باطنا ، و [هو أحسن خلق الله] ظاهرا ،
__________________
جمال هيئة ، وبديع
تركيب : الرأس بما فيه ، والصدر بما جمعه ، والبطن بما حواه ، والفرج وما طواه ،
واليدان وما بطشتاه ، والرجلان وما احتملتاه. ولذلك قالت الفلاسفة : إنه العالم. الأصغر
، إذ كل ما في المخلوقات أجمع فيه. هذا على الجملة وكيف على التفصيل ، بتناسب المحاسن ، فهو أحسن من الشمس والقمر بالمعنيين جميعا. وقد
بينا القول في ذلك في كتاب المشكلين ، وبهذه الصفات الجليلة التي ركب عليها
الإنسان استولى على جماعة الكفران ، وغلب على طائفة الطغيان ، حتى قال : أنا ربّكم
الأعلى ، وحين علم الله هذا من عبده ، وقضاؤه صادر من عنده ، ردّه أسفل سافلين وهي
:
الآية الرابعة
بأن جعله مملوءا قذرا ، مشحونا نجاسة ، وأخرجها على ظاهره إخراجا منكرا على وجه
الاختيار تارة ، وعلى وجه الغلبة أخرى ، حتى إذا شاهد ذلك من أمره رجع إلى قدره.
الآية الخامسة ـ قوله
تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ
بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ).
قد روى الترمذي
وغيره ، عن أبى هريرة ـ أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال : إذا قرأ أحدكم ، أليس الله بأحكم
الحاكمين ، فليقل : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين.
ومن رواية غيره ، إذا قرأ أحدكم أو سمع (أَلَيْسَ اللهُ
بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ)(أَلَيْسَ ذلِكَ
بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) فليقل : بلى.
وهذه أخبار ضعيفة
، أما إن ذلك يتعيّن في الاعتقاد لأجل ما يلزم في فهم القرآن من الانتقاد ، وقد
روى مالك عن البراء بن عازب ، قال : صليت
مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم العتمة ، فصلّى فيها بالتين والزيتون ، وهو صحيح.
وفي البخاري :
سمعت البراء يقول : إنّ
النبىّ صلّى الله عليه وسلم كان في سفر ، فقرأ في إحدى الركعتين بالتين والزيتون ، ففسر المعنى الذي أوجب قراءتها مع قصرها في صلاة العشاء
وهو السفر .
__________________
سورة العلق
[فيها خمس آيات]
الآية الأولى قوله
تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ
رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ).
فيها مسألة واحدة.
القول : في أول ما نزل من القرآن ، وفيه أربعة أقوال :
الأول ـ هذه
السورة ، قالته عائشة ، وابن عباس ، وابن الزبير ، وغيرهم.
الثاني ـ أنه نزل
يا أيها المدثر ، قاله جابر.
الثالث ـ قال علىّ
بن أبى طالب رضى الله عنه : أول
ما نزل من القرآن : (قُلْ تَعالَوْا
أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ).
الرابع ـ قال أبو
ميسرة الهمدانى : أول ما نزل فاتحة الكتاب.
والصحيح ما رواه
الأئمة واللفظ للبخاري ـ عن عائشة رضى الله عنها ، قالت :
كان أول ما بدئ به
رسول الله صلّى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم
حبّب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء ، فيتحنّث فيه ـ والتحنّث التعبد ـ الليالى
ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله ، ويتزوّد لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود بمثل
ذلك ، حتى فجئه الوحى ، وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال : اقرأ ، فقال رسول
الله صلّى الله عليه وسلم : ما أنا بقارئ ، فأخذنى فغطّنى حتى بلغ منى الجهد ، [ثم أرسلنى] فقال : (اقْرَأْ بِاسْمِ ـ رَبِّكَ
الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ ...) إلى قوله : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ
ما لَمْ يَعْلَمْ). فرجع بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفؤاده يرجف ،
حتى
__________________
دخل
على خديجة ، فقال : زملوني ، فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة : أى خديجة
، مالي؟ لقد خشيت على نفسي. فأخبرها الخبر ، فقالت خديجة : كلّا ، أبشر. فو الله
لا يخزيك الله أبدا ، فو الله إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكلّ ،
وتكسب العدوم ، وتقرى الضيف ، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به
ورقة بن نوفل ـ وهو ابن عم ، خديجة أخو أبيها ، وكان أمرأ تنصّر في الجاهلية ،
وكان يكتب الكتاب العبراني ، ويكتب الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمى ،
فقالت خديجة : يا ابن عم ، اسمع من ابن أخيك. قال ورقة : يا ابن أخى ، ماذا ترى؟
فأخبره النبي صلّى الله عليه وسلم خبر ما رأى. فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل
على موسى ، ليتني فيها جذعا ، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك. قال رسول الله صلّى
الله عليه وسلم : أو مخرجىّ هم! قال ورقة : نعم ، لم يأت أحد بما جئت به إلّا أوذى
، وإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزّرا. ثم لم ينشب ورقة أن توفّى ، وفتر الوحى فترة ، حتى حزن رسول الله صلّى
الله عليه وسلم. قال محمد بن شهاب : فأخبرنى أبو سلمة بن عبد الرحمن أنّ
جابر بن عبد الله الأنصارى قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وهو يحدّث
عن فترة الوحى. قال في حديثه : بينا أنا أمشى سمعت صوتا ، فرفعت رأسى ، فإذا الملك الذي قد
جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ، ففزعت منه ، فرجعت فقلت : زمّلونى ، دثّرونى ، [فدثروه] ، فأنزل الله تبارك وتعالى : «يا أيها المدّثّر. قم فأنذر.
وربّك فكبّر. وثيابك فطهر. والرجز فاهجر».
قال أبو سلمة :
وهي الأوثان التي كانت الجاهلية تعبدها ، ثم تتابع الوحى.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ
مِنْ عَلَقٍ).
فيها دليل على أنّ
الإنسان مخلوق من العلق ، وأنه قبل أن يكون علقة ليس بإنسان ، وقد بينا ذلك في غير
موضع.
__________________
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (الَّذِي عَلَّمَ
بِالْقَلَمِ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ الأقلام
في الأصل ثلاثة :
القلم الأول ـ كما
ثبت في الحديث : أول
ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب ، فكتب ما [كان وما] يكون إلى يوم الساعة ، فهو عنده في الذكر فوق عرشه.
القلم الثاني ـ ما
جعل الله بأيدى الملائكة يكتبون به المقادير والكوائن والأعمال ، وذلك قوله تعالى
: (كِراماً كاتِبِينَ
يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ). خلق الله لهم الأقلام ، وعلّمهم الكتاب بها.
القلم الثالث ـ أقلام
الناس ، جعلها الله تعالى بأيديهم يكتبون بها كلامهم ، ويصلون بها إلى مآربهم ،
والله أخرج الخلق من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئا ، وخلق لهم السمع والبصر والنطق حسبما بيناه في كتاب قانون التأويل ، ثم رزقهم
معرفة العبادة باللسان على ثمانية وعشرين [وجها ، وقيل] حرفا يضطرب بها اللسان بين الحنك والأسنان فيتقطع الصوت تقطيعا يثبت عنه مقطعاته على نظام متّسق قرنت به
معارف في أفرادها وفي تأليفها ، وألقى إلى العبد معرفة أدائها ، فذلك قوله : (وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ).
ثم خلق الله اليد
والقدرة ، ورزقه العلم [والرتبة] ، وصوّر له حروفا تعادل له الصورة المحسوسة في إظهار
المعنى المنقول في النطق ، فتقابل هذا مكتوبا ذلك الملفوظ ، وتقابل الملفوظ ما
ترتب في القلب ، ويكون الكلّ سواء ، ويحصل به العلم ، هذا خلق الله فأرونى ماذا
خلق الذين من دونه.
المسألة الثانية ـ
جعل الله هذا كله مرتبا للخلق ، ونظاما للآدميين ، ويسّره فيهم ، فكان أقلّ الخلق
به معرفة العرب ، وأقلّ العرب به معرفة [الحجازيون وأعدم الحجازيين به معرفة] المصطفى صلّى الله عليه وسلم ، [صرفه] عن علمه ، ليكون ذلك أثبت لمعجزته ، وأقوى في حجته.
__________________
المسألة الثالثة ـ
ولكل أمة تقطيع في الأصوات على نظام يعبّر عما في النفس ، ولهم صورة في الخط يعبّر
عما يجرى به اللسان ، وفي اختلاف ألسنتكم وألوانكم دليل قاطع على ربكم القادر
العليم الحكيم الحاكم ، وأمّ اللغات وأشرفها العربية ، لما هي
عليه من إيجاز اللفظ ، وبلوغ المعنى ، وتصريف الأفعال وفاعليها ومفعوليها ، كلّها
على لفظ واحد ، الحروف واحدة ، والأبنية في الترتيب مختلفة ، وهذه قدرة وسبعة وآية بديعة.
المسألة الرابعة ـ
لكل أمة حروف مصورة بالقلم موضوعة على الموافقة لما في نفوسهم من الكلم ، على حسب
مراتب لغاتهم ، من عبراني ، ويوناني ، وفارسي ، وغير ذلك من أنواع اللغات ، أو
عربي ، وهو أشرفها ، وذلك كله مما علّم الله لآدم عليه السلام ، حسبما جاء في
القرآن في قوله : (وَعَلَّمَ آدَمَ
الْأَسْماءَ كُلَّها) ، فلم يبق شيء إلّا وعلّم الله سبحانه آدم اسمه بكل لغة ،
وذكره آدم للملائكة كما علمه ، وبذلك ظهر فضله ، وعظم قدره ، وتبين علمه ، وثبتت
نبوّته ، وقامت حجة الله على الملائكة ، وحجته ، والمتثلت الملائكة الأمر لما رأت
من شرف الحال ، ورأت من جلال القدرة ، وسمعت من عظيم الأمر ، ثم توارثت ذلك ذريته
خلفا بعد سلف ، وتناقلوه قوما عن قوم ، تحفظه أمة وتضيعه أخرى ، والبارئ سبحانه
يضبط على الخلق بالوحي منه ما شاء على من شاء من الأمم على مقاديرها ومجرى حكمه
فيها ، حتى جاء إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ، وتعلّم العربية من جيرته جرهم
، وزوّجوه فيهم ، واستقرّ بالحرم ، فنزل عليه جبريل فعلّمه العربية غضة طرية ،
وألقاها إليه صحيحة فصيحة سوية ، واستطرب على الأعقاب في الأحقاب إلى أن وصلنا إلى محمد صلّى الله عليه وسلم ، فشرف وشرفت بالقرآن العظيم
، وأوتى جوامع الكلام ، وظهرت حكمته وحكمه ، وأشرق على الآفاق فهمه وعلمه ، والحمد لله.
المسألة الخامسة ـ
قال أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي : أول من وضع الخط نفر من طيئ ، وهم
صوار بن مرة ، ويقال مرار بن مرة ، وأسلم بن سدرة ، وعامر بن خدرة ،
__________________
فساروا إلى مكة ،
فتعلمه منهم شيبة بن ربيعة ، وأبو سفيان بن الحارث ، وهشام بن المغيرة ، ثم أتوا
الأنبار فتعلّمه نفر منهم ، ثم أتوا الحيرة ، فعلموه جماعة منهم : سفيان بن مجاشع
بن عبد الله بن دارم ، وولده ، يسمّون بالكوفة بنى الكاتب.
قال ابن العربي :
الكلبىّ متّهم لا يؤثر نقله ، ولا يصح ما ذكره بلفظه من طريق يعوّل عليها أنّ الله
علم الخط بالعربية ، ونقله الكافة فالكافة حتى انتهى إلى العرب عن غيرها من الأمم
، فيمكن أن يقال : إن أول من نقل الخط إلى بلاد العرب فلان. وأما أن يقال : أول من
وضع الخط فلان ، فالخطّ ليس بموضوع ، وإنما هو منقول ، وقد كان قبل طيّئ بما لا
يحصى من السنين عددا ، فأما وضعه فليس لأحد من خلق الله ولا ينبغي له.
وقد روى عن كعب
أنّ أول من كتب الكتاب العربي والسرياني والمسند ، وهو كتاب حمير ، كتبه آدم عليه
السلام ، ووضعها في الطين وطبخها ، فلما أصاب الأرض الغرق ، وانجلى ، وخلق الله
بعد ذلك من خلق وجدت كل أمة كتابها ، فأصاب إسماعيل كتاب العرب. وروى عن ابن عباس
أنّ أول من وضع الكتاب العربي إسماعيل على لفظه ومنطقه كتابا واحدا ، مثل الأصول
فتعرفه ولده من بعده.
وروى عن عروة أول
ما وضع أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ، وأسند إلى عمرو. وهذه كلّها روايات ضعيفة
ليس لها أصل يعتمد عليه فيها ، وأعجب من هذا أنّ القول في ذلك خوض فيما لا يعتمد ،
ولا يتعلق عليه حكم ، ولا يتعلق به فائدة شرعية ، وإنما أشرنا إليه ليعلم الطالب
ما جرى ، ويفهم من ذلك الأولى بالدين والأحرى. والله أعلم.
وقد بينا أنّ
إسماعيل إنما تعلم العربية من جرهم ، حسما ثبت في الصحيح ، والله أعلم ، في
الحديث الطويل لقصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، وذكره إلى قوله : فكانت كذلك
هاجر حتى مرّت بهم رفقة من جرهم مقبلين من طريق كداء ، أو أهل بيت من [طريق كداء ،
أو أهل بيت من] جرهم ، نزلوا في أسفل مكة ، فرأوا طائرا عليهما فقالوا : إنّ
هذا الطائر يدور على ماء لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء ، فأرسلوا جريّا أو جريّين ،
__________________
فإذا هم بالماء ،
فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا. قال ـ وأم إسماعيل عليه السّلام عند الماء ،
فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ قالت. نعم ، و [لكن] لا حق لكم في الماء. قالوا : نعم.
قال ابن عباس :
قال النبي صلّى الله عليه وسلم.
قالت ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس ، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم
، فنزلوا معهم ، حتى إذا كانوا بها أهل أبيات منهم ، وشبّ الغلام ، وتعلم العربية
منهم وأنفسهم وأعجبهم حين شبّ ، فلما أدرك زوّجوه امرأة منهم ... وساق الحديث.
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (أَرَأَيْتَ الَّذِي
يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ ثبت
عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه
لما قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلّى لأطأنّ على عنقه. فقال محمد صلّى الله
عليه وسلم : لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ـ خرجه الترمذي وغيره.
وروى الترمذي أيضا
، عن ابن عباس ، قال : كان
النبىّ صلّى الله عليه وسلم يصلّى ، فجاء أبو جهل فقال : ألم أنهك عن هذا ، فانصرف
النبي صلّى الله عليه وسلم فزبره ، فقال أبو جهل : إنك لتعلم ما بها ناد أكبر منى
، فنزلت : فليدع نادية سندع الزّبانية. فقال ابن عباس : والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله.
المسألة الثانية ـ
تعلق بها بعض الناس في مسائل منها : لو رأى الماء وهو في أثناء الصلاة [متيمما] ، فقال أبو حنيفة وغيره : يقطع الصلاة ، ولا يجوز له أن يتمادى عليها.
وقال بعضهم : إنه
يدخل في الذم في قوله : (أَرَأَيْتَ الَّذِي
يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى). وهذا غير لازم ، لأن الخلاف بيننا وبينهم هل يكون في صلاة
إذا رأى الماء فلا يتناوله الذم إلا إذا كانت الصلاة باقية ، ونحن قلنا لهم : إذا
أمرتموه بقطعها برؤية الماء فقد دخلتم في العموم المذموم. قالوا : لا ندخل ، لأنا
نرفع الطهارة بالتراب بمعارضها وهو رؤية الماء.
قلنا : لا تكون
رؤية الماء معارضة للطهارة بالتراب ، إلا إذا كانت القدرة على استعمال
__________________
الماء مقارنة
للرؤية ، ولا قدرة مع الصلاة ، ولا تبطل الطهارة إلّا برؤية مع قدرة ، فتمانعا
فبقيت الصلاة بحالها.
وقد بينا ذلك في
مسائل الخلاف ، وبيّنا أنّ المسألة قطعية ، لأنها تتعلق بحدوث العالم.
الآية الخامسة ـ قوله
تعالى : (كَلَّا لا تُطِعْهُ
وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قوله
: (وَاسْجُدْ) فيها طريقة القربة ، فهو يتأكد على الوجوب على ما بيناه في
أصول الفقه ، لكنه يحتمل أن يكون سجود الصلاة ، ويحتمل أن يكون سجود التلاوة.
والظاهر أنه سجود الصلاة ، لقوله : (أَرَأَيْتَ الَّذِي
يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى ...) إلى قوله : (كَلَّا لا تُطِعْهُ
وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) ، لو لا ما ثبت في الصحيح من رواية مسلم وغيره من الأئمة
عن أبى هريرة أنه قال : سجدت
مع النبي صلّى الله عليه وسلم في : «إذا السماء انشقت» ، وفي : «اقرأ باسم ربّك
الذي خلق» سجدتين ، فكان هذا نصّا على أنّ المراد به سجود التلاوة.
وقد روى ابن وهب ،
عن حماد بن زيد ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، عن على ابن أبى طالب ، قال :
عزائم السجود أربع : «ألم
تنزيل» ، و «حم تنزيل من الرحمن الرحيم» ، و «والنجم» ، و «اقرأ باسم ربك». وهذا إنّ صح يلزمه عليه السجود الثاني من سورة الحج ، وإن
كان مقترنا بالركوع ، لأنه يكون معناه اركعوا [في موضع الركوع] ، واسجدوا في موضع السجود.
المسألة الثانية ـ
قوله : (وَاقْتَرِبْ).
المعنى اكتسب
القرب من ربك في السجود ، فإنه أقرب ما يكون العبد من ربه في سجوده ، لأنها نهاية العبودية
والذلة [لله] ، ولله غاية العزة ، وله العزة التي لا مقدار لها ، فلما
بعدت من صفته قربت من جنته ، ودنوت من جواره في داره.
وفي الحديث الصحيح
أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : «أما
الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء ، فإنه قمن أن
يستجاب لكم. وقد قال ابن نافع
، ومطرف : وكان مالك يسجد في خاصة نفسه بخاتمة هذه السورة ، وابن وهب يراها من العزائم
__________________
سورة القدر
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ قد
بينّا في كتاب المشكلين وقسم الأفعال من الأمد الأقصى معنى النزول في القرآن ، وأن
الملك علمه في العلو وأنهاه في السفل ، فعبّر عنه بالنزول مجازا في المعنى عن
الحسّ إلى العقل ، إذ المحسوس هو الأول ، والمعقول هو المرتّب عليه.
المسألة الثانية ـ
في تمييز المنزّل ، وهو القرآن ، وإن لم يتقدم له ذكر ، ولكنه وقع للمخاطبين به
العلم ، قال الله تعالى : (حَتَّى تَوارَتْ
بِالْحِجابِ) ، ومنه كثير في الكتاب ، كما قال تعالى فيه : (حم ، وَالْكِتابِ
الْمُبِينِ ، إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا
مُنْذِرِينَ).
المسألة الثالثة ـ
قوله : (فِي لَيْلَةٍ).
قد بيّنا أنّ
القرآن نزل ليلا إلى السماء الدنيا من اللوح المحفوظ في رمضان ، كما أخبر عنه
تبارك وتعالى في قوله : (شَهْرُ رَمَضانَ
الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) ، وأنزله من الشهر في الليلة المباركة ليلة القدر.
المسألة الرابعة ـ
قوله : (لَيْلَةِ الْقَدْرِ) :
قيل : ليلة الشرف
والفضل. وقيل : ليلة التدبير والتقدير. وهو أقرب لقوله : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ
أَمْرٍ حَكِيمٍ) ، ويدخل فيه الشرف والرفعة. ومن شرفها نزول القرآن فيها
إلى السماء الدنيا جملة ، ومن شرفها بركتها وسلامتها التي يأتى إن شاء الله تعالى بيانها.
ومعنى التقدير
والتدبير فيها أنّ الله قد دبّر الحوادث والكوائن قبل خلقها بغير مدة ، وقدّر
المقادير قبل خلق السموات والأرض من غير تحديد ، وعلم الأشياء قبل حدوثها بغير أمد
، ومن جهالة المفسرين أنهم قالوا : إن السفرة ألقته إلى جبريل في عشرين ليلة ،
__________________
وألقاه جبريل إلى
محمد عليهما السلام في عشرين سنة. وهذا باطل ليس بين جبريل وبين [الله واسطة. ولا
بين جبريل ومحمد صلّى الله عليهما واسطة] .
قال علماؤنا :
فيحدث الله عز وجل في رمضان في ليلة القدر كلّ شيء يكون في السنة من الأرزاق
والمصائب ، وما يقسم من السعادة والشقاوة ، والحياة ، والموت ، والمطر والرزق ،
حتى يكتب فلان يحجّ في العام ، ويكتب ذلك في أمّ الكتاب.
وقال آخرون : يكتب
كل شيء إلا السعادة والشقاوة ، والموت والحياة ، فقد فرغ من ذلك ، ونسخ لملك الموت
من يموت ليلة القدر إلى مثلها ، فتجد الرجل ينكح النساء ، ويغرس الغروس ، واسمه في
الأموات مكتوب.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ في
سبب هبتها لهذه الأمة والمنّة عليهم ، وفي ذلك ثلاثة أقوال :
الأول ـ أنه فضل
من ربك.
الثاني ـ أنه ذكر
رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوما أربعة من بنى إسرائيل ، فقال : عبدوا الله ثمانين عاما لم يعصوه طرفة
عين ، فذكر أيوب وزكريا ، وحزقيل بن العجوز ، ويوشع بن نون ، فعجب أصحاب النبىّ
صلّى الله عليه وسلم من ذلك ، فأتاه جبريل ، فقال : يا محمد ، عجبت أمتك من عبادة
هؤلاء النفر ثمانين سنة لم يعصوا الله طرفة عين ، فقد أنزل الله عليك خيرا من ذلك
، ثم قرأ : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ
الْقَدْرِ) ، هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك منه. قال : فسرّ بذلك رسول
الله صلّى الله عليه وسلم.
الثالث ـ قال مالك
في الموطأ ـ من رواية ابن القاسم وغيره عنه : سمعت من أثق به يقول : إنّ رسول الله
صلّى الله عليه وسلم أرى أعمار الأمم قبله ، فكأنه تقاصر أعمار أمته ألّا يبلغوا
من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر ، فأعطاه الله ليلة القدر ، وجعلها خيرا
من ألف شهر.
__________________
قال القاضي :
والصحيح هو الأول : أنّ ذلك فضل من الله ، ولقد أعطيت أمة محمد من الفضل ما لم
تعطه أمة في طول عمرها ، فأولها أن كتب لها خمسون صلاة بخمس صلوات ، وكتب لها صوم
سنة بشهر رمضان ، بل صوم سنة بثلاثين سنة في رواية عبد الله بن عمر وحسبما بيناه
في الصحيح ، وطهّر مالها بربع العشر ، وأعطيت خواتيم سورة البقرة من قرأها في ليلة
كفتاه ـ يعنى عن قيام الليل ، وكتب لها أنّ من صلّى الصبح في جماعة فكأنما قام
ليلة ، ومن صلّى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف ليلة ، فهذه ليلة ونصف في كل ليلة
، إلى غير ذلك مما يطول تعداده.
ومن أفضل ما أعطوا
ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، وهذا فضل [لا يوازيه فضل] ، ومنّة لا يقابلها شكر.
المسألة الثانية ـ
روى فيها قول رابع ـ أخرجه الترمذي وغيره ـ أن محمود بن غيلان حدثه ، قال : حدثنا
أبو داود الطيالسي ، قال : حدثنا القاسم بن
الفضل الحدّانى ، عن يوسف بن سعد ، قال : قام رجل إلى الحسن بن على بعد ما
بايع معاوية ، فقال : سوّدت وجوه المؤمنين ـ أو يا مسوّد وجوه المؤمنين ، فقال :
لا تؤنبنى رحمك الله ، فإنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم أرى بنى أمية على منبره ،
فساءه ذلك ، فنزلت : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ
الْكَوْثَرَ) ، يعنى نهرا في الجنة ، ونزلت : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ
الْقَدْرِ. وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ
أَلْفِ شَهْرٍ) ، يملكها بنو أمية [يا محمد] . قال [ابن] القاسم : فعددناها فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوما ولا تنقض
يوما.
المسألة الثالثة ـ
قوله تعالى : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) ، ليس فيها ليلة القدر في قول المفسرين ، لأنها [لا يصحّ
أن] تكون خيرا من نفسها ، وتركّب على هذا قول النحاة : إنه لا يجوز : زيد أفضل
إخوته ، لأنه من الإخوة ، يريدون ولا [يجوز أن] يكون الشيء أفضل من نفسه. وهذا تدقيق لا يؤول إلى تحقيق.
أما ليلة القدر
فإنها خير من ألف شهر ، فيها ليلة القدر ، فيكون العمل فيها خيرا من ألف شهر هي من
جملتها ، فإذا عمر الرجل بعد البلوغ عاما كتب الله له بليلة القدر ألف شهر
__________________
فيها ليلة القدر ،
ولا يكتب له ليلة القدر ، وألف شهر زائدا عليها ، وركب على هذا بقية الأعوام.
وأما قولهم : زيد
أفضل إخوته فهذا تجوّز جائز ، لأنّ العرب قد سحبت على هذا الغرض ذيل الغلط ،
وأجرته على مساق الجواز في النطق ، فإنها تقول الاثنان نصف الأربعة ، تتجوز بذلك
لأن الاثنين من الأربعة.
وتحقيق القول في
نسبتها لشيء تركّب مثله ، وفي قولهم : الواحد ثلث الثلاثة شيء
تركب مثليه ، وهكذا إلى آخر النسب ، ولكنها لم تتحاش عن هذا المذهب ، لأنّ اللفظ
منظوم ، والمعنى مفهوم ، ووجه المجاز فيه ظاهر. والله أعلم.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى
مَطْلَعِ الْفَجْرِ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
تعالى : (سَلامٌ هِيَ) ، قد تقدم معناه في عدة مواضع ، وذكر العلماء فيه هاهنا
ثلاثة أقوال :
الأول ـ إن ليلة
القدر سلامة من كل شيء ، لا يحدث فيها حدث ، ولا يرسل فيها شيطان.
الثاني ـ إنّ ليلة
القدر هي كلها خير وبركة.
الثالث ـ إن
الملائكة لتسلّم على المؤمنين في ليلة القدر إلى مطلع الفجر ، قاله مجاهد ،
وقتادة. وذلك كلّه صحيح فيها على ما تقدّم بيانه من العموم في الإثبات إذا كان
مصدرا أو معنى يحتمله اللفظ ، بخلاف الأشخاص والأعلام ، فإنها لا تحتمل العموم
بالإثبات ، وقد بيناه في الملجئة وأصول الفقه.
المسألة الثانية ـ
قوله : (هِيَ) نزع بذلك كثير من العلماء إلى أنها في ليلة سبع وعشرين ،
لأنهم عدوّا حروف السورة ، فلما بلغوا إلى قولهم : (هِيَ) وجدوها سبعة وعشرين حرفا ، فحكموا عليها بها ، وهو أمر
بيّن ، وعلى النظر بعد التفطن له هيّن ، ولا يهتدى له إلّا من كان صادق الفكر ، شديد العبرة ، وقد أشبعت القول في هذه المسألة
__________________
في كتاب شرح
الصحيحين. ولبابه اللائق بالأحكام أنّ العلماء اختلفوا في تحريرها على ثلاثة عشر
قولا :
الأول ـ أنها في
العام كله. سئل ابن مسعود عن ليلة القدر فقال : من يقم الحول يصبّ ليلة القدر.
الثاني ـ أنها في
شهر رمضان دون سائر شهور العام ، قاله سائر الأئمة عدا من سميناه.
الثالث ـ أنها
ليلة سبع عشرة من الشهر ، قاله عبد الله بن الزّبير.
الرابع ـ أنها
ليلة إحدى وعشرين.
الخامس ـ أنها
ليلة ثلاث وعشرين.
السادس ـ أنها
ليلة خمس وعشرين.
السابع ـ أنها
ليلة سبع وعشرين.
الثامن ـ أنها
ليلة تسع وعشرين.
التاسع ـ أنها في
الأشفاع للأفراد الخمسة ، فإذا أضفتها إلى الثمانية الأقوال اجتمع
فيها ثلاثة عشر قولا ، أصولها هذه التسعة التي أشرنا إليها.
توجيه الأقوال
وأدلتها :
أما قول ابن مسعود
إنها في العام كله ، فنزع إلى أنها موجودة شرعا ، مخبر عنها قطعا ، ولم يتعيّن
لتوقيتها دليل ، فبقيت مترقبة في الزمان كله ، وقد رآه ابن مسعود مع فقهه في كتاب
الله وعلمه به.
وأما من قال :
إنها في شهر رمضان فلأنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأوّل يطلبها ، واعتكف العشر الأواسط ، واعتكف العشر الأواخر ،
ولو كانت مخصصة بجزء منه ما تقلّب في جميعه يطلبها فيه.
وأما من قال :
إنها ليلة سبع عشرة فإنّ عبد الله بن الزبير نزع بقوله تعالى : (وَما أَنْزَلْنا عَلى
عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ. يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) ، وكان ذلك ليلة سبع عشرة.
وأما قول من قال :
إنها ليلة إحدى وعشرين فمعوّله على حديث أبى سعيد الخدري
__________________
قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم
يجاور العشر [التي] في أول الشهر ، ثم اعتكف العشر الأواسط في قبة تركيّة على سدّتها حصير ، ثم
قال : إنى أوتيت ، وقيل لي : إنها في العشر الأواخر ، وإنى رأيتها ليلة وتر ،
وكأنى أسجد صبيحتها في ماء وطين. فأصبح من ليلة إحدى وعشرين ، [وقد صلّى الصبح
فمطرت السماء ، ووكف المسجد ، فخرج حين فرغ من صلاة الصبح] ، وجبينه وأرنبة أنفه فيهما أثر الطين والماء.
وأما من قال :
إنها ليلة ثلاث وعشرين فلوجهين :
أحدهما ـ أن عبد
الله بن أنيس قال
للنبي صلّى الله عليه وسلم : مرني بليلة أنزل فيها إليك. فقال له النبىّ صلّى الله عليه وسلم : أنزل ليلة
ثلاث وعشرين.
وفي صحيح مسلم أنّ
النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال : إنى
رأيت أنى أسجد في صبيحتها في ماء وطين.
قال عبد الله بن
أنيس : فرأيته في صبيحة ثلاث وعشرين سجد في الماء والطين ، كما أخبر صلّى الله عليه وسلم.
وأما من قال :
إنها ليلة خمس وعشرين ، ففي الحديث الصحيح عن أبى سعيد الخدري ـ أنّ رسول الله
صلّى الله عليه وسلم قال : التمسوها
في العشر الأواخر في تاسعة تبقى [في سابعة تبقى] في خامسة تبقى ، زاد النسائي على مسلم أو ثلث آخر ليلة.
وأما من قال :
إنها ليلة سبع وعشرين فاحتجّ بالحديث الصحيح في مسلم ، عن أبىّ بن كعب ، قال زرّ
بن حبيش : سألت أبىّ بن كعب ، فقلت : إن أخاك ابن مسعود يقول : من يقم الحول يصب
ليلة القدر. فقال رحمه الله : أراد ألّا يتكل الناس ، أما أنه قد علم أنها في شهر
رمضان ، وأنها في العشر الأواخر ، وأنها ليلة سبع وعشرين ، ثم حلف لا يستثنى أنها
ليلة سبع وعشرين. فقلت : بأىّ شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ فقال : بالعلامة التي
أخبرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم [في الشمس من صبيحتها] أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها.
وأما من قال :
إنها ليلة تسع وعشرين فنزع بحديث النسائي المتقدم.
__________________
وأما من قال :
إنها في الأشفاع فنزع بالحديث الصحيح عن أبى سعيد الخدري ، قال: اعتكف رسول الله صلّى الله عليه وسلم
العشر الأواسط من رمضان ، يلتمس ليلة القدر قبل أن تبان له ، فلما انقضين أمر بالبناء فقوّض ، ثم أبينت له أنها في العشر الأواخر ، فأمر بالبناء فأعيد
، ثم خرج على الناس ، فقال : يا أيها الناس ، إنه كانت أبينت لي ليلة القدر ، وإنى
خرجت لأخبركم بها ، فجاء رجلان يختصمان معهما الشيطان ، فنسيتها ، فالتمسوها في
العشر الأواخر من رمضان ، التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة. قال أبو نضرة ـ راوي
الحديث : قلت لأبى سعيد : إنكم أعلم بالعدد منا. قال : أجل ، نحن أحقّ بذلك منكم.
قال فقلت : فما التاسعة والسابعة والخامسة؟ قال : إذا مضت واحدة وعشرون فالتي
تليها [اثنتان وعشرون فهي التاسعة ، وإذا مضت] ثلاث وعشرون فالتي تليها السابعة ، وإذا مضت خمس وعشرون فالتي تليها وهي الخامسة.
المسألة الثالثة ـ
في الصحيح فيها وترجيح سبل النظر الموصلة إلى الحق منها :
وذلك أنا نقول :
إنّ الله تبارك وتعالى قال : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) ، فأفاد هذا بمطلقه لو لم يكن كلام سواه أنها في العام
كلّه ، لقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ، فأنبأنا أنه أنزله في ليلة من العام. فقلنا : من يقم الحول يصب ليلة القدر ، ثم نظرنا
إلى قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ
الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) ، فأفادنا ذلك أنّ تلك الليلة هي ليلة من شهر رمضان ،
لإخبار الله أنّ القرآن أنزل فيها ، فقلنا : من يقم شهر رمضان يصب ليلة القدر ،
وقد طلبها رسول الله صلّى الله عليه وسلم في أوله وفي وسطه وآخره رجاء الحصول. وقال
: من قام رمضان إيمانا
واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، ولم يعمه بالطلب لما كان يظنّه من التخصيص ، ورجاء ألّا
يشق على أمته ، ثم أنبأه الله بها ، فخرج ليخبر بها فأنساها لشغله مع المتخاصمين ،
لكن بقي له من العلم الذي كان أخبر به أنها في العشر الأواخر ، ثم أخبر في الصحيح أنها في العشر
الأواخر ، [وتوطأت
روايات الصحابة على أنها في العشر الأواخر] ، كما قال هو صلّى الله عليه وسلم ، واقتضت رؤياه أنها في
العشر الأواخر من طريق أبى سعيد الخدري في ليلة إحدى وعشرين ، [ومن طريق عبد الله
بن أنيس أنها ليلة
__________________
ثلاث وعشرين] ، ثم أنبأ عنها بعلامة ، وهي طلوع الشمس بيضاء لا شعاع لها
، يعنى من كثرة الأنوار في تلك الليلة ، فوجد ذلك الصحابة ليلة سبع وعشرين ، ولم
تصلح لرؤية ذلك النور لكثرة ظلمة الذنوب ، فإن رآها أحد من المذنبين فحجة عليه
إن مات ونقمة منه إن بقي كما كان ، ثم خص السبع الأواخر من جملة الشهر ، فحثّ على
التماسها فيها ، ثم وجدناها بالرؤيا الحق ليلة إحدى وعشرين في عام ، ثم وجدناها
بالرؤيا الصدق في ليلة ثلاث وعشرين في عام ، ثم وجدناها بالعلامة الحق ليلة سبع
وعشرين ، فعلمنا أنها تنتقل في الأعوام ، لتعمّ بركتها من العشر الأواخر جميع
الأيام ، وخبأها عن التعيين ليكون ذلك أبرك على الأمة في القيام في طلبها شهرا
أو أياما ، فيحصل مع ليلة القدر ثواب غيرها ، كما خبأ الكبائر في الذنوب وساعة الجمعة
في اليوم حسبما قدمناه.
فهذه سبل النظر المجتمعة من القرآن
والحديث أجمع ، فتبصّروها لما (٥) ، واسلكوها أمما إن شاء الله تعالى.
المسألة الرابعة ـ
من قال لزوجته : أنت طالق في ليلة القدر فللعلماء فيه ثلاثة أقوال :
الأول ـ لا تطلّق
حتى يتم العام من أول يمينه ، لأنه يحتمل أن تكون ليلة القدر في
العام ، فلا يبطل [يقين] النكاح بالشك في الطلاق إجماعا من أكثر الأئمة.
الثاني ـ إذا كان
آخر ليلة من شهر رمضان طلّقت ، لأنها في شهر رمضان كما ثبت في الآثار ، ولا يتبين تعيينها إلّا بدخول سبع وعشرين ، فلا يقع يقين الفراق الذي يرتفع به يقين النكاح إلا
حينئذ.
الثالث ـ أنها
تطلّق في حين قوله ذلك ـ قاله مالك. وليس مبنيا على الطلاق بالشك ، فإنّ مالكا لم
يطلّق قط بشك ، ولا يرفع الشك عنده اليقين بحال. وقد جهل ذلك علماؤنا ، وقد بينّاه
في مسائل الفقه وشرح الحديث ، وإنما تطلّق عند مالك بأنّ من علق طلاق زوجته على
أجل آت لا محالة فإنها تطلّق الآن ، لأن الفروج لا تقبل تأقيتا ، ولذلك أبطل
العلماء نكاح المتعة ، وهذا بمنزلة ما إذا قال لزوجته : أنت طالق في شهر قبل ما
بعد قبله رمضان ، وقد بيناه في جزء منفرد ، وهذا القدر يكفى هاهنا.
__________________
سورة البيّنة
[فيها آيتان]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (لَمْ يَكُنِ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى
تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ).
الآية فيها أربع
مسائل :
المسألة الأولى ـ في
قراءتها : قرأها أبىّ : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) ، وفي قراءة ابن مسعود : لم يكن المشركون وأهل الكتاب
منفكين. وهذه قراءة على التفسير وهي جائزة في معرض البيان ، لا في معرض التلاوة ،
فقد قرأ النبىّ صلّى الله عليه وسلم في رواية الصحيح : «فطلقوهنّ لقبل عدتهن» ، وهو تفسير ، فإن التلاوة هو ما كان في خطّ المصحف.
المسألة الثانية ـ
روى إسحاق بن بشر الكاهلي ، عن مالك بن أنس ، عن يحيى بن سعيد ، عن ابن المسيب ،
عن النبي صلّى الله عليه وسلم : لو
يعلم الناس ما في «لم يكن الذين كفروا» لعطلوا الأهل والمال ، ولتعلموها.
وهذا حديث باطل ،
وإنما الحديث الصحيح ما روى عن أنس أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال لأبىّ بن
كعب : إن الله قد أمرنى أن
أقرأ عليك «لم يكن الذين كفروا» ، قال : وسمّانى لك؟ قال : نعم ، فبكى.
المسألة الثالثة ـ
قوله : (مُنْفَكِّينَ) ، يعنى زائلين عن دينهم ، حتى تأتيهم البينة ببطلان ما هم
عليه ، وتلك البينة هي : (رَسُولٌ مِنَ اللهِ
يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً) ، وهي:
المسألة الرابعة ـ
قالوا : (مُطَهَّرَةً) من الشرك ، وقالوا مطهّرة بحسن الذكر ، وقلب مطهّر من كل
عيب.
وقد قال مالك في
الآية التي في «عبس وتولى» : (مُكَرَّمَةٍ
مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ) إنها
__________________
القرآن وإنه لا
يمسّه إلا المطهرون ، كما قال في سورة الواقعة ، وهذه الآية توافق [ذلك وتؤكده فلا
يمسها إلا طاهر شرعا ودينا ، فإن وجد غير ذلك فباطل لا ينفى] ذلك في كرامتها ، ولا يبطل حرمتها ، كما لو قتل النبي صلّى
الله عليه وسلم لم تبطل نبوته ، ولا أسقط ذلك حرمته ، ولا اقتضى ذلك تكذيبه ، بل يكون زيادة في مرتبته في
الدارين.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (وَما أُمِرُوا إِلَّا
لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ أمر
الله عباده بعبادته ، وهي أداء الطاعة له بصفة القربة ، وذلك بإخلاص النية بتجريد
العمل عن كل شيء إلا لوجهه ، وذلك هو الإخلاص الذي تقدم بيانه.
المسألة الثانية ـ
إذا ثبت هذا فالنية واجبة في التوحيد ، لأنها عبادة ، فدخلت تحت هذا العموم دخول الصلاة.
فإن قيل : فلم
خرجت عنه طهارة النجاسة ، وذلك يعترض عليكم في الوضوء؟
قلنا : إزالة
النجاسة معقولة المعنى ، لأن الغرض منها إزالة العين ، لكن بمزيل مخصوص ، فقد جمعت عقل المعنى وضربا من التعبد ، كالعدّة جمعت بين براءة الرحم
والتعبّد ، حتى صارت على الصغيرة واليائسة اللتين تحقّق براءة رحمهما قطعا ، لا
سيما ومنها غرض ناجز ، وهو النظافة ، فيستقل به ، وليس في الوضوء [غرض ناجز] إلا مجرد التعبد ، بدليل أنه لو أكمل الوضوء وأعضاؤه تجرى
بالماء وخرج منه ريح بطل وضوءه ، وقد حققنا القول فيها في كتاب [تخليص] التلخيص.
__________________
سورة الزلزلة
اختلف العلماء في
هذه السورة ، فمنهم من قال : [إنها مكية ، ومنهم من قال] : إنها مدنية ، وفضلها كثير ، وتحتوى على عظيم ، قال
إبراهيم التيمي : لقد أدركت سبعين شيخا في مسجدنا هذا ، أصغرهم الحارث بن سويد ،
وسمعته يقرأ : (إِذا زُلْزِلَتِ
الْأَرْضُ) ، حتى إذا بلغ إلى قوله : (فَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) بكى ثم قال : إن هذا الإحكام شديد.
ولقد روى العلماء
الأثبات أن هذه الآية نزلت على النبىّ صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر يأكل ، فأمسك
فقال : يا رسول الله ، وإنّا لنرى ما عملنا من خير وشر؟ قالت : أرأيت ما تكره فهو مثاقيل ذرّ الشر ، ويدخر لكم مثاقيل ذرّ الخير حتى
تعطوه يوم القيامة.
قال أبو إدريس :
إن مصداقه من كتاب الله : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ
مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ).
وروى القاضي [أبو
إسحاق] أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم دفع رجلا إلى رجل يعلمه حتى
إذا بلغ : (فَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) قال : حسبي.
قال النبىّ صلّى الله عليه وسلم : دعوه ، فإنه قد فقه.
وروى كعب الأحبار
أنه قال : لقد أنزل الله على محمد آيتين أحصتا ما في التوراة والإنجيل [ألا تجدون
: (فَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) قال جلساؤه : بلى. قال : فإنهما قد أحصتا ما في التوراة
والإنجيل] ... وذكر الحديث.
__________________
وقد تقدم حديث أبى
هريرة عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم الخيل
ثلاثة : لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر ... وذكر الحديث إلى قوله : فسئل
رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الحمر ، فقال : ما أنزل علىّ فيها شيء إلا هذه
الآية الجامعة الفاذة : (فَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
وقد اتفق العلماء
على عموم هذه الآية القائلون بالعموم ومن لم يقل به ، وقد بيّن ما فسرنا به أن
الرؤية قد تكون في الدنيا بالبلاء كما تكون في الآخرة بالجزاء ، وقد بينا ذلك في كتاب المشكلين.
قال القاضي : وقد
سردنا من القول في هذه السورة ما سردنا ، وحديث أبى هريرة هذا قد بينّاه في شرح
الحديث ، ومن تمامه أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم سئل عن الحمر ، وسكت عن البغال
، والجواب فيهما واحد ، لأن البغل والحمار لا كرّ فيهما ولا فرّ. فلما ذكر النبي
صلّى الله عليه وسلم ما في الخيل من الأجر الدائم والثواب المستمر سأل السائل عن الحمر لأنهم لم يكن عندهم يومئذ بغل ، ولا
دخل الحجاز منها [شيء] إلا بغلة النبي صلّى الله عليه وسلم [الدّلدل] التي أهداها له المقوقس ، فأفتاه في الحمير بعموم الآية ،
وإن في الحمار مثاقيل ذر كثيرة.
وقد بينا في سورة
آل عمران وجه هذا الدليل ونوعه ، وإنه من باب القياس أو غيره ، وتحقيقه في كتب
الأصول.
__________________
سورة العاديات
أقسم الله بحمد صلى الله عليه وسلم ،
فقال : ((يس. والقرآن الحکم)).
وأقسم بحياته ، فقال
: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ
لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ).
وأقسم بخيله وصهيلها وغبارها وقدح
حوافرها النار من الحجر ، فقال
(وَالْعَادِيَاتِ
ضَبْحًا) ... الآات الخمس.
والمقسم عله
: (إِنَّ لْإِنسَـٰنَ
لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)
، (وَإِنَّهُ لِحُبِّ لْخَيْرِ
لَشَدِيدٌ) ؛ وهو المال.
وقدتبيّن فيما تقدم] حال المال [
في الخير والشر ، والنفع والضر ، والفائدة والخيبة.
__________________
(١) سورة الحجر ،
آة ٧٢
(٢) آية ١ من هذه السورة
(٣) آة ٦ من السورة
(٤) آية ٨ من السورة
(٥) ساقط من ش
سورة التكاثر
[فيها آيتان]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (أَلْهاكُمُ
التَّكاثُرُ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قال
المفسرون : إنها مكية ، وروى البخاري أنها مدنية.
قال ابن شهاب :
أخبرنى أنس بن مالك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : لو أنّ لابن آدم واديا من ذهب أحبّ أن
يكون له واديان ، ولن يملأ فاه إلا التراب. ويتوب الله على من تاب.
فقال ثابت ، عن
أنس ، عن أبىّ ، قال : كنّا نرى هذا من القرآن حتى نزلت (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ). وهذا نصّ صحيح مليح غاب عن أهل التفسير ، فجهلوا وجهّلوا
، والحمد لله على المعرفة.
المسألة الثانية ـ
قد كنّا أملينا فيها مائة وثمانين مجلسا ، وذكرنا أنموذجها في قانون التأويل
فلينظر فيه ، فهو مدخل عظيم.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ
يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ ذكر
المفسرون في النعيم أقوالا كثيرة ، لبابها خمسة :
الأول ـ الأمن
والصحة.
الثاني ـ السلامة.
الثالث ـ لذة
المأكل والمشرب ، قاله جابر بن عبد الله.
الرابع ـ الغداء
والعشاء ، قاله الحسن.
الخامس ـ شبع
البطن ، وشرب الماء البارد.
المسألة الثانية ـ
تحقيق النعيم من النعم ، وبناء (ن ع م) للموافقة ، وأعظمها موافقة
__________________
ما قال مالك رحمه
الله في رواية كادح بن رحمة ـ أنه صحة البدن وطيب النفس ، وقد أخذه الشاعر ، فقال
:
إذا القوت يأتى
لك والصحة والأمن
|
|
وأصبحت أخا حزن
فلا فارقك الحزن
|
وقد كان هذا يتأتى
قبل اليوم ، فأما في هذا الزمان فإنه عسير التكوين ، قليل الوجود.
ويرى [كثير من
العلماء] أن مالكا أخذه من حكم لقمان ، ففيها أن لقمان الحكيم قال
لابنه : ليس غنى كصحة ، ولا نعيم كطيب نفس.
وقد روى الترمذي ،
عن الزبير بن العوام ، قال : لما
نزلت : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ
النَّعِيمِ) قال الزبير : يا رسول الله ، عن أى نعيم نسأل ، وإنما هما
الأسودان التمر والماء؟
قال
: أما إنه سيكون.
وفيه عن أبى هريرة
قال : لما نزلت هذه الآية : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ
يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) قال الناس : يا رسول الله ، عن أى النعيم نسأل؟ فإنما هما
الأسودان ، والعدوّ حاضر ، وسيوفنا على عواتقنا؟ قال : أما إنه سيكون.
قال القاضي : وهذا
يدلّ على أنّ السورة مدنية ، نزلت بعد شرع القتال.
وروى ابن القاسم ،
عن مالك ، قال : بلغني
أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم دخل المسجد ، فوجد أبا بكر وعمر فقالا : أخرجنا
الجوع. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : وأنا أخرجنى الجوع ، فذهبوا إلى أبى
الهيثم بن التيّهان ، فأمر لهم بشعير من عنده فعمل ، وقام فذبح لهم شاة ، واستعذب
لهم ماء ، فعلق في نخلة ، ثم أتوا بذلك الطعام ، فأكلوا منه ، وشربوا من ذلك الماء
، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : لتسألنّ عن نعيم هذا اليوم.
قال القاضي رضى
الله عنه : والحديث مسند مشهور في الصحاح وغيرها ، وهذا نعيم المأكل والمشرب ،
وأصله الذي لا تنعم فيه جلف الخبز والماء ، وحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ،
هكذا قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
__________________
وقد يكون النعيم
في الخادم كما حدث الهجيع بن قيس ـ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له : ما
يكفى [ابن آدم] من الدنيا؟ قال : ما أشبع جوعتك ، وستر عورتك ، فمن كان له خادم فهناك النعيم ، فهناك النعيم.
ومن حديث أبى
هريرة قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : إن
أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة [من النعيم] أن يقال له : ألم أصح جسمك؟ ألم
أروك من الماء البارد. خرّجه الترمذي وغيره.
وقد روى البيهقي هذا
الحديث فقال : إن أبا الهيثم بن
التيهان قال : إن أبا بكر الصديق رضى الله عنه خرج فإذا هو بعمر بن الخطاب جالس في
المسجد ، فعمد نحوه ، فوقف فسلم فردّ عمر عليه السلام ، فقال له أبو بكر : ما
أخرجك هذه الساعة؟ قال : وأنت ما أخرجك هذه الشاعة؟ قال أبو بكر : أنا سألت قبل أن
تسألنى. قال : أخرجنى الجوع. قال
أبو بكر : وأنا أخرجنى الذي أخرجك. فجلسا يتحدّثان ، فطلع رسول الله صلّى الله
عليه وسلم فعمد نحوهما حتى وقف عليهما ، فسلّم فردّا السلام عليه فقال : ما أخرجكما هذه الساعة؟
فنظر كلّ واحد منهما إلى صاحبه ليس منهما واحد إلّا يكره أن يخبره. فقال أبو بكر :
خرج يا رسول الله ، وخرجت بعده فسألته ما أخرجك هذه الساعة؟ قال : بل أنت ما أخرجك
هذه الساعة؟ فقلت : أنا سألتك قبل أن تسألنى. قال : أخرجنى الجوع. قال : فقلت له : أخرجنى الذي أخرجك ، فقال
رسول الله صلّى الله عليه وسلم : وأنا أخرجنى الذي أخرجكما. قال : ثم قال رسول
الله صلّى الله عليه وسلم : تعلمان من أحد نضيفه اليوم قال : نعم أبو الهيثم بن
التيهان حرى إن جئناه أن نجد عنده فضلا من تمر يعالج جنانه هو وامرأته لا يبيعان
منه شيئا. قال : فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، [وصاحباه حتى دخلوا
الحائط ، فسلم رسول الله صلّى الله عليه وسلم] ، فسمعت أم الهيثم تسليمه ففدّته بالأب والأم ، وأخرجت
حلسا لها من شعر ، فطرحته ، فجلس عليه ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم
__________________
أين
أبو الهيثم؟ قالت : ذهب يستعذب لنا من الماء. قال : فطلع أبو الهيثم بالقربة على
رقبته ، فلما رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين ظهراني النخل أسندها إلى جذع
، و. قبل يفدى بالأب والأم ، فلما رأى وجوههم عرف الذي بهم. فقال لأم الهيثم : هل
أطعمت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وصاحبيه شيئا؟ فقالت : إنما جلس رسول الله
صلّى الله عليه وسلم الساعة. قال : فما عندك؟ قالت : عندي حبّات من شعير. قال :
كركريها واعجنى واخبزى ، إذ لم يكونوا يعرفون الخمير. وأخذ شفرة ، فقال رسول الله
صلّى الله عليه وسلم : إياك وذوات الدر. فقال : يا رسول الله ، إنما أريد عناقا في
الغنم. قال : فذبح ، فلم يلبث أن جاء بذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ،
فأكل رسول الله صلّى الله عليه وسلم وصاحباه ، قال : فشبعوا شبعة لا عهد لهم
بمثلها ، فما مكث رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلّا يسيرا ، حتى أتى بأسير من
اليمن فجاءت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم تشكو إليه العمل وتريه يدها
، وتسأله إياه. قال : لا ، ولكن أعطيه أبا الهيثم ، فقد رأيت ما لقيه هو ومريته
يوم ضفناهم. قال : فأرسل إليه فأعطاه إياه ، فقال : خذ هذا الغلام يعينك على حائطك
، واستوص به خيرا. قال : فمكث الغلام عند أبى الهيثم ما شاء الله أن يمكث ، ثم قال
: يا غلام ، لقد كنت مستقلا أنا وصاحبتي بحائطنا ، اذهب ، فلا ربّ لك إلا الله.
قال : فخرج الغلام إلى الشام.
وروى عكراش بن
ذؤيب ، قال : بعثني بنو مرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلّى الله عليه
وسلم ، فقدمت عليه المدينة ، فوجدته جالسا بين المهاجرين والأنصار ، قال : ثم أخذ
بيدي فانطلق بي إلى بيت أم سلمة ، فقال : هل من طعام ، فأتينا بجفنة كثيرة الثريد
والودك. وأقبلنا نأكل منها ، فخبطت بيدي في نواحيها ، وأكل رسول الله صلى الله
عليه وسلم من بين يديه ، فقبض بيده اليسرى على يدي اليمنى ، ثم قال : يا عكراش ،
كل من موضع واحد ، فإنه طعام واحد. ثم أتينا بطبق فيه ألوان الرطب ، أو ـ من عبيد
الله شك ـ قال : فجعلت آكل من بين يدي ، وجالت يد رسول الله صلّى الله عليه وسلم
في الطبق ،
__________________
وقال : يا عكراش ،
كل من حيث شئت فإنه غير لون واحد ، ثم أتينا بماء ، فغسل رسول الله صلّى الله عليه
وسلم يديه ، ومسح ببلل يديه وجهه وذراعيه ورأسه ، وقال : يا عكراش ، هذا الوضوء
مما غيّرت النار.
قال القاضي رضى
الله عنه : فهذا كله يدلّ على أنه يجوز للمرء أن يتوسّع في الطعام ويتلذذ ، ويسمّى
الله عز وجل ويحمده ، ولا يصرف قوّته المستفادة بذلك في معصيته ، فإن سئل وجذبته
سعادته فسيوفق للجواب إن شاء الله عز وجل.
__________________
سورة العصر
[فيها آية واحدة]
وهي قوله تعالى : (وَالْعَصْرِ).
قال مالك : من حلف
ألّا يكلم رجلا عصرا لم يكلّمه سنة ، ولو حلف ألّا يكلمه العصر لم يكلّمه أبدا ،
لأن العصر هو الدهر.
قال ابن العربي :
بناء (ع ص ر) ينطلق على كثير من المعاني ، فأما ما يتعلق بالزمان ففيه أربعة أقوال
:
الأول ـ العصر
الدهر.
الثاني ـ الليل
والنهار. [قال الشاعر :
ولن يلبث
العصران : يوم وليلة
|
|
إذا طلبا أن
يدركا ما تيمّما
|
الثالث ـ العصر :
الغداة والعشى. قال الشاعر :
وأمطله العصرين
حتى يملّنى
|
|
ويرضى بنصف
الدّين والأنف راغم
|
وقد قيل : إن
العصر مثل الدهر] قال الشاعر :
سبيل الهوى وعر
وبحر الهوى غمر
|
|
ويوم الهوى شهر
وشهر الهوى دهر
|
يريد عاما.
الرابع ـ أن العصر
[ساعة من] ساعات النهار ـ قاله مطرف ، وقتادة.
قال القاضي رضى
الله عنه : إنما حمل مالك يمين الحالف ألّا يكلم امرأ عصرا على السنة ، لأنه أكثر
ما قيل فيه ، وذلك على أصله في تغليظ المعنى في الأيمان.
وقال الشافعى :
يبرّ بساعة إلا أن تكون له نية ، وبه أقول ، إلا أن يكون الحالف عربيا ، فيقال له
: ما أردت؟ فإذا فسره بما يحتمل قبل منه ، وإن كان الأقل ، ويجيء على مذهب مالك أن
يحمل على ما يفسر. والله أعلم.
__________________
سورة الفيل
قال ابن وهب ، عن
مالك : ولد رسول الله صلّى الله عليه وسلم عام الفيل. [وقال قيس ابن مخرمة : ولدت
أنا ورسول الله صلّى الله عليه وسلم عام الفيل] .
وقد روى الناس عن
مالك أنه قال : ليس من مروءة الرجل أن يخبر بسنّه ، فإنه إن كان صغيرا استحقروه ،
وإن كان كبيرا استهرموه. وهذا قول ضعيف ، لأنّ مالكا لا يخبر بسنّ النبي صلّى الله
عليه وسلم ويكتم سنّه ، وهو من أعظم العلماء قدوة به ، فلا بأس أن يخبر الإنسان
بسنه ، كان صغيرا أو كبيرا.
قيل لبعض القضاة :
كم سنّك؟ قال : سنّ عتّاب بن أسيد حين ولّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم مكة ،
وكانت سنه يومئذ دون العشرين.
__________________
سورة قريش
[فيها آية واحدة]
وهي قوله تعالى : (إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ
الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
: (لِإِيلافِ) هو مصدر ألف يألف على غير المصدر ، وقيل: آلف يؤالف ، قاله
الخليل ، وإيلافهم هذا بدل من الأول على معنى البيان.
وهو متعلق بما
قبله ، ولا يجوز أن يكون متعلقا بما بعده ، وهو قوله تعالى : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ) ، وقد بيناه في الملجئة ، فإذا ثبت أنه متعلق بالسورة
الأخرى ، وقد قطع عنه بكلام مبتدأ واستئناف بيان ، وسطر : بسم الله الرحمن الرحيم [فقد
تبين] وهي :
المسألة الثانية ـ
جواز الوقف في القراءة في القرآن قبل تمام الكلام ، وليست المواقف التي تنزع بها
القرّاء شرعا عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم مرويّا ، وإنما أرادوا به تعليم
الطلبة المعاني ، فإذا علموها وقفوا حيث شاءوا ، فأما الوقف عند انقطاع النفس فلا
خلاف فيه ، ولا تعد ما قبله إذا اعتراك ذلك ، ولكن ابدأ من حيث وقف بك نفسك ، [هذا
رأيى فيه ، ولا دليل على ما قالوه بحال ، ولكني أعتمد الوقف على] التمام ، كراهية الخروج عنهم ، وأطرق القول من عي.
المسألة الثالثة ـ
قال مالك : الشتاء نصف السنة ، والصيف نصفها. ولم أزل أرى ربيعة ابن أبى عبد
الرحمن ومن معه لا يخلعون عمائمهم حتى تطلع الثريا ، وهو يوم التاسع عشر من بشنس ،
وهو يوم خمسة وعشرين من عدد الروم أو الفرس ، وأراد بطلوع الثريا أن يخرج السعاة وتسير الناس بمواشيهم إلى
مياههم ، وأنّ طلوع الثريا قبل الصيف ودبر الشتاء ، وهذا مما لا خلاف فيه بين
أصحابه عنه.
__________________
وقال أشهب ، عنه
وحده : إذا سقطت الهقعة نقص الليل ، فلما جعل طلوع الثريا أول الصيف وجب أن يكون
له شطر السنة ستة أشهر ، ثم يستقبل الشتاء من بعد ذهاب الصيف ستة
أشهر.
وقد سئل محمد بن
عبد الحكم عمن حلف ألّا يكلم امرأ حتى يدخل الشتاء ، فقال :
لا يكلمه حتى يمضى
سبعة عشر من هاتور. ولو قال : حتى يدخل الصيف ـ لم يكلمه حتى يمضى سبعة عشر من
بشنس ، فهو سهو إنما هو تسعة عشر من بشنس ، لأنك إذا حسبت المنازل على ما هي عليه
من ثلاث عشرة ليلة كل منزلة ، علمت أن ما بين تسع عشرة من هاتور لا تنقضي منازله
إلا بتسع عشرة من بشنس. والله أعلم.
المسألة الرابعة ـ
قال قوم : الزمان أربعة أقسام : شتاء ، [وربيع ، وصيف ، وخريف.
وقال قوم : هو
شتاء] ، وصيف ، وقيظ ، وخريف. والذي قال مالك أصحّ لأجل قسمة الله الزمان قسمين ،
ولم يجعل لهما ثالثا. وقد حققناه في مسائل الفقه.
المسألة الخامسة ـ
لما امتن الله على قريش برحلتين : [رحلة الشتاء والصيف ، رحلة الشتاء] إلى اليمن ، لأنها بلاد حامية ، ورحلة الصيف إلى الشام ،
لأنها بلاد باردة ، وقيل بتنقلها بين الشتاء والصيف إلى مكة والطائف ـ كان هذا
دليلا على جواز تصرّف الرجل في الزمانين بين محلّين يكون حالهما في كل زمان أنعم
من الآخر ، كالجلوس في المجلس البحري في الصيف ، وفي القبلي في الشتاء ، وفي اتخاذ البادهنجات والخيش للتبريد ، واللبد واليانوسة للدفء. والله أعلم.
__________________
سورة الماعون
[فيها ثلاث آيات]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلاتِهِمْ ساهُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قد
بينا أن النسيان هو الترك ، وقد يكون [بقصد وقد يكون] بغير قصد ، فإن كان بقصد فاسمه العمد ، وإن كان بغير قصد
فاسمه السهو ، ولا يتعلق به تكليف ـ وهي :
المسألة الثانية ـ
فإن تكليف الساهي محال ، لأنّ من لا يعقل الخطاب كيف يخاطب؟
فإن قيل : فكيف
ذمّ من لا يعقل الذمّ ، أو كلف من لا يصح منه التكليف؟
قلنا : إنما ذلك
على وجهين :
أحدهما ـ أن يعقد
نيته على تركها ، فيتعلق به الذم إذا جاء الوقت. وإن كان حينئذ غافلا أو [لمن] يكون الترك لها عادته ، فهذا يتعلق به الذم دائما ، ولا
يدخل فيه من يسهو في صلاته ـ وهي :
المسألة الثالثة ـ
لأن السلامة عن السهو محال فلا تكليف . وقد سها النبىّ صلّى الله عليه وسلم في صلاته والصحابة ،
وكلّ من لا يسهو في صلاته فذلك رجل لا يتدبّرها ولا يعقل قراءتها ، وإنما همّه في
أعدادها ، وهذا رجل يأكل القشور ، ويرمى اللب ، وما كان النبىّ صلّى الله عليه
وسلم يسهو في صلاته إلّا لفكرته في أعظم منها ، اللهم إلا أنه قد يسهو في صلاته من
يقبل على وسواس الشيطان إذا قال له : اذكر كذا ، اذكر كذا ، [لما لم يكن يذكره] حتى يضلّ الرجل أن يدرى كم صلّى.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ.
وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ).
__________________
قال ابن وهب ، قال
مالك : هم المنافقون الذين يراءون بصلاتهم ، يرى المنافق الناس أنه يصلّى طاعة وهو
يصلّى تقية ، والفاسق أنه يصلّى عبادة وهو يصلّى ليقال إنه يصلّى ، وحقيقة الرياء
طلب ما في الدنيا بالعبادات ، وأصله طلب المنزلة في قلوب الناس ، فأوّلها تحسين
السمت ، وهو من أجزاء النبوة ، ويريد بذلك الجاه والثناء.
ثانيها ـ الرياء بالثياب القصار والخشنة ، ليأخذ بذلك هيئة الزّهد
في الدنيا.
ثالثها ـ الرياء
بالقول بإظهار التسخّط على أهل الدنيا ، وإظهار الوعظ والتأسف على ما يفوت من
الخير والطاعة.
رابعها ـ الرياء
بإظهار الصلاة والصدقة ، أو بتحسين الصلاة لأجل رؤية الناس ، وذلك يطول ، وهذا
دليله.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (وَيَمْنَعُونَ
الْماعُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ في
تحقيق الكلمة : الماعون : مفعول من أعان يعين ، والعون هو الإمداد بالقوة والآلة والأسباب
الميسّرة للأمر.
المسألة الثانية ـ
في أقوال العلماء فيه ، وذلك ستة أقوال :
الأول ـ قال مالك
: هي الزكاة والمراد بها المنافق يمنعها. وقد روى أبو بكر بن عبد العزيز عن مالك ،
قال : بلغني أنّ قول الله تعالى : (فَوَيْلٌ
لِلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ. الَّذِينَ هُمْ
يُراؤُنَ. وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) قال : إنّ المنافق إذا صلّى صلّى [لا لله ، بل] رياء ، وإن فاتته لم يندم عليها ، ويمنعون الماعون :
الزكاة التي فرض الله عليهم.
قال زيد بن أسلم :
لو خففت لهم الصلاة كما خففت لهم الزكاة ما صلّوها.
الثاني ـ قال ابن
شهاب : الماعون المال.
الثالث ـ قال ابن
عباس : هو ما يتعاطاه الناس بينهم.
__________________
الرابع ـ هو القدر
والدلو والفأس وأشباه ذلك.
الخامس ـ هو الماء
والكلأ.
السادس ـ هو الماء
وحده ، وأنشد الفراء :
يمجّ صبيره الماعون صبّا
المسألة الثالثة ـ
لما بينا أن الماعون من العون كان كلّ ما ذكره العلماء في تفسيره عونا وأعظمه
الزكاة إلى المحلاب ، وعلى قدر الماعون والحاجة إليه يكون الذم في منعه ، إلا أنّ
الذمّ إنما هو على منع الواجب ، والعارية ليست بواجبة على التفصيل ، بل إنها واجبة
على الجملة. والله أعلم ، لأنّ الويل لا يكون إلّا لمن منع الواجب فاعلموه
وتحققوه.
__________________
سورة الكوثر
[فيها آيتان]
الآية الأولى ـ قوله
تعالى : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ
الْكَوْثَرَ).
ثبت في الصحيح أنّ جبريل نزل على النبي صلّى الله عليه
وسلم فقال له : (بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ). وقد بينا أنّ بسم الله الرحمن الرحيم ليست آية من الفاتحة
ولا من سور القرآن ، وإنما هي آية واحدة من القرآن في سورة النمل قوله : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي
مُسْلِمِينَ) بما يغنى عن إعادته هاهنا ، واستوفيناه في مسائل الخلاف من
التلخيص والإنصاف.
الآية الثانية ـ قوله
تعالى : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ
وَانْحَرْ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
تعالى : (فَصَلِ) فيه أربعة أقوال :
الأول ـ أعبد.
الثاني ـ صلّ
الصلوات الخمس.
الثالث ـ صلّ يوم
العيد.
الرابع ـ صلّ
الصبح بجمع.
المسألة الثانية ـ
قوله : (وَانْحَرْ) فيه قولان :
أحدهما ـ اجعل يدك
على نحرك إذا صليت.
الثاني ـ انحر
البدن والضحايا.
المسألة الثالثة ـ
في تحقيق المراد من هذه الأقوال لهذه الآية :
أما من قال : إنها
العبادة فاحتجّ بأنها أصل الصلاة لغة وحقيقة على كل معنى ، وبكل اشتقاق ، فكأنه
قال تعالى له صلّى الله عليه وسلم : فاعبد ربك ولا تعبد غيره ، وانحر له ،
__________________
ولا تنحر لسواه من
الأصنام والأوثان والأنصاب حسبما كانت عليه العرب وقريش في جاهليتها.
وأما من قال :
إنها الصلوات الخمس فلأنها ركن العبادات ، وقاعدة الإسلام ، وأعظم دعائم الدين.
وأما من قال :
إنها صلاة الصبح بالمزدلفة فلأنها مقرونة بالنحر ، وهو في ذلك اليوم ، ولا صلاة
فيه قبل النحر غيرها ، فخصصها من جملة الصلوات لاقترانها بالنحر ، فأما مالك فقال
: ما سمعت فيه شيئا. والذي يقع في نفسي أنّ المراد بذلك صلاة الصبح يوم النحر
والنحر بعدها.
قال القاضي رضى
الله عنه : قد سمعنا فيه أشياء ، وروينا محاسن.
قال علىّ قوله : فصلّ لربّك وانحر. قال : ضع يدك
اليمنى على ساعدك [اليسرى] ثم ضعهما على نحرك
، قاله [ابن عباس
، وقاله] أبو الجوزاء.
وقال مجاهد : قوله
: (وَانْحَرْ) يوم النحر.
وقال الحكم : قوله
: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ
وَانْحَرْ) صلاة الفجر والنحر.
وعن جعفر بن علىّ
بن أبى طالب رضى الله عنه : الصلاة الصلاة ، النحر النحر.
وقال سعيد بن جبير
: الصلاة ركعتان يوم النحر بمنى ثم اذبح.
وقال عطاء :
موقفهم بجمع صلاتهم ، والنحر النحر.
قال مجاهد : النحر
لنا والذبح لبنى إسرائيل.
وقال عطاء : إن
شاء ذبح ، وإن شاء نحر.
وقال عطاء أيضا :
فصلّ لربّك وانحر : إذا صليت الصبح فانحر.
وقال محمد بن كعب
القرظي : إنا أعطيناك الكوثر فلا تكن صلاتك ولا نحرك إلّا لله.
وروى أبو معاوية
البجلي ، عن سعيد بن جبير ـ أنّ
سبب هذه الآية يوم الحديبية ، أتاه جبريل ، فقال : انحر وارجع. فقام رسول الله
صلّى الله عليه وسلم فخطب خطبة الفطر والأضحى ، ثم ركع ركعتين ، ثم انصرف إلى
البدن فنحرها ، فذلك حين يقول : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ
وَانْحَرْ).
__________________
قال قتادة : صلاة
الأضحى والنحر نحر البدن.
فهذه أقوال أقران مالك
ومتقدميه فيها كثير. وقد تركنا أمثالها.
والذي أراد مالك
أنه أخذه من الإقران بين الصلاة والنحر ، ولا يقرنان إلا يوم النحر ،
والاستدلال بالقرآن ضعيف في نفسه ما لم يعتضد بدليل من غيره.
والذي عندي أنه
أراد : اعبد ربك وانحر له ، ولا يكن عملك إلّا لمن خصّك بالكوثر ، وبالحرى أن يكون
جميع العمل يوازى هذه الخصيصة من الكوثر ، وهو الخير الكثير الذي أعطاك الله إياه
أو النهر الذي طينته مسك ، وعدد آنيته عدد نجوم السماء ، أما أن يوازى هذا صلاة
يوم النحر وذبح كبش أو بقرة أو بدنة فذلك بعيد في التقدير والتدبير وموازنة الثواب
للعباد. إذا ثبت هذا فلا بد أن نفرغ على قالب القولين ، وننسج على منوال الفريقين
، فنقول : أما إذا قلنا إنّ المراد به النحر يوم الأضحى فقد تقدم ذكره [وسببه] في سورة «والصافات» وغيرها. والأصل في ذلك قصة إبراهيم في
ولده إسماعيل ، وما بيّنه الله فيه للأمة ، وجعله لهم قدوة ، وشرع تلك الملة.
وقد اختلف العلماء
فيه على أربعة أقوال :
القول الأول ـ إنها
واجبة ، قاله أبو حنيفة ، وابن حبيب.
وقال ابن القاسم :
إن اشتراها وجبت. وهو الثاني.
الثالث ـ أنها سنة
واجبة ، قاله محمد بن المواز.
الرابع ـ أنها سنة
مستحسنة ، وهو أشهر الأقوال عندنا.
وقيل لعبد الله بن
عمر : الأضحية واجبة هي؟ فقال : ضحّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وضحّى
المسلمون ، كما قال : أوتر رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأوتر المسلمون.
وتعلق من أوجبها
بقوله : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ
وَانْحَرْ) ، وبقوله : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ
إِبْراهِيمَ).
وقد تقرب بدم واجب
في يوم النحر ، فليتقرب كل من كان على ملته بدم واجب ، لأنّ الجميع قد ألزم الملة المذكورة.
__________________
وقد روى مسلم في
صحيحة : على أهل كلّ بيت أضحاة وعتيرة . والعتيرة هي الرجبية.
وقال النبي صلّى
الله عليه وسلم لأبى بردة بن نيار
ـ حين ذبح الجذعة في الأضحية: تجزيك ، ولن تجزى عن أحد بعدك. ولا يقال تجزى إلا في الواجب.
قلنا : أما قوله :
(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) فقد بينا اختلاف الناس فيه ، وما اخترناه من ذلك فلاحتماله تسقط الحجة منه.
وأما قوله : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ) فملة أبينا إبراهيم تشتمل على فرائض وفضائل وسنن ، ولا بدّ
في تعيين كل قسم منها من دليل.
وأما قوله عليه
السلام : تجزيك ولن تجزى عن
أحد بعدك ، فكذلك يقال
تجزيك في السنّة كما يقال في الفرض ، فلكل واحد شرعه ، وفيه شرطه ، ومنه إجزاؤه أو
ردّه.
وأما قوله : على أهل كل بيت أضحاة وعتيرة فيعارضه حديث شعبة عن مالك ـ خرّجه مسلم : من رأى منكم هلال ذي الحجة ، وأراد أن
يضحّى فلا يحلقنّ شعرا ، ولا يقلمنّ ظفرا حتى ينحر أضحيته ، فعلق الأضحية بالإرادة
، والواجب لا
يتوقف عليها ، بل هو فرض أراد المكلّف أو لم يرد.
وقد روى النسائي ،
وأبو داود ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنّ النبىّ صلّى الله صلّى الله عليه
وسلم قال : أمرت بيوم الأضحى ،
عيد جعله الله لهذه الأمة. قال رجل : أرأيت إن لم أجد إلا منيحة أهلى أأضحّى بها؟
قال : لا ، ولكن تأخذ من شعرك وأظفارك ، وتقصّ شاربك ، وتحلق عانتك ، فذلك تمام
أضحيتك.
قال القاضي أبو
بكر محمد بن العربي : أنبأنا قراءة عليه ، عن أبى يوسف البغدادي ، عن أبى ذرّ ، عن
عمر بن أحمد بن عثمان ، حدثنا محمد بن هارون الحضرمىّ ، حدثنا معتمر بن سليمان ، حدثنا إسماعيل بن أبى خالد ، عن مطرف ، عن عامر بن حذيفة
بن أسيد ، قال : لقد رأيت أبا بكر وعمر وما يضحيان عن أهلهما خشية أن يستنّ بها.
قال : فلما جئت
__________________
بلادكم هذه حملني
أهلى على الجفاء بعد ما علمت السنة ، فقد تعارضت الأدلّة ، والأصل براءة الذمة ،
وهذا محقق في مسائل الخلاف ، وهذا القدر يكفى من القرآن والسنة.
المسألة الرابعة ـ
من عجيب الأمر أن الشافعى قال : إنّ من ضحى قبل الصلاة أجزأه ، والله تعالى يقول
في كتابه : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ
وَانْحَرْ) ، فبدأ بالصلاة قبل النحر.
وقد قال النبىّ
صلّى الله عليه وسلم أيضا ـ في البخاري وغيره ، عن البراء بن عازب ، قال : أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلّى ،
ثم نرجع فننحر ، من فعل فقد أصاب نسكنا ، ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدّمه لأهله ، ليس من النسك ،
في شيء. وأصحابه ينكرونه ، وحبّذا الموافقة وبقية مسائل الأضاحى في كتب الفقه ،
وشرح الحديث.
المسألة الخامسة ـ
وأما [إن قلنا] إن معنى قوله : (وَانْحَرْ) ضع يدك على نحرك ، فقد اختلف في ذلك علماؤنا على ثلاثة
أقوال :
الأول ـ لا توضع
في فريضة ولا نافلة ، لأن ذلك من باب الاعتماد ، ولا يجوز في الفرض ، ولا يستحب في
النفل.
الثاني ـ أنه لا
يفعلها في الفريضة ، ويفعلها في النافلة ، استعانة ، لأنه موضع ترخّص.
الثالث ـ يفعلها
في الفريضة وفي النافلة ، وهو الصحيح.
روى مسلم عن وائل
بن حجر أنه رأى النبىّ صلّى
الله عليه وسلم يرفع يديه حين دخل في الصلاة حيال أذنيه ، ثم التحف بثوبه ، ثم وضع
يده اليمنى على اليسرى ـ الحديث.
وقد روى البخاري ،
عن سهل بن سعيد ، قال : كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه
اليسرى في الصلاة. قال أبو حازم : لا أعلمه ينمى ذلك إلّا إلى النبىّ صلّى الله
عليه وسلم.
__________________
سورة النصر
[فيها آية واحدة]
قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ روى
البخاري وغيره ، عن ابن عباس : كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر. فكأن بعضهم وجد نفسه
، فقال : [لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال] عمر : إنه من قد علمتم. فدعاني ذات يوم فأدخلنى معهم ، فما
رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم ، فقال : ما تقولون في قوله تعالى : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ)؟ فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله ، ونستغفره إذا جاء نصر
الله ، وفتح علينا. وسكت بعضهم ، فلم يقل شيئا. فقال لي : كذلك تقول يا بن عباس؟
قلت : لا. قال : فما تقول؟ قلت : هو أجل رسول الله صلّى الله عليه وسلم أعلمه به ، قال [له] : إذا جاء نصر الله والفتح [في] ذلك علامة أجلك ، فسبّح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا.
فقال : لا أعلم منها إلا ما تقول.
المسألة الثانية ـ
روى الأئمة عن عائشة رضى الله عنها ـ واللفظ للبخاري ـ قالت : ما صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم [صلاة] بعد إذ نزلت عليه سورة : (إِذا جاءَ نَصْرُ
اللهِ وَالْفَتْحُ) [إلا] يكثر أن يقول : سبحانك اللهمّ وبحمدك ، اللهم اغفر لي.
وعن مسروق ، عن
عائشة رضى الله عنها ، قالت : كان
رسول الله صلّى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : سبحانك اللهمّ
ربّنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ـ يتأول القرآن.
وقال
أبو بكر : يا رسول الله ، علّمنى دعاء أدعو به في صلاتي. قال : قل سبحانك اللهم
وبحمدك ، ربي إنى ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، وإنى أعلم أنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت ،
فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني ، إنك أنت الغفور الرحيم.
__________________
المسألة الثالثة ـ
ماذا يغفر للنبي صلّى الله عليه وسلم؟ روى الأئمة أنه صلّى الله عليه وسلم كان
يقول : ربّ اغفر لي خطيئتي
وجهلي وإسرافى في أمرى كلّه ، وما أنت أعلم به منى ، اللهم اغفر لي خطئى وعمدي
وجهلي وهزلى ، وكلّ ذلك عندي ، اللهم اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت ، وما أسررت وما
أعلنت ، أنت المقدّم وأنت المؤخر ، وأنت على كل شيء قدير.
قال القاضي : وأنا
أقول : كلّ ذلك عندي مضاعف ، وهو صلّى الله عليه وسلم منه برىء ، ولكن كان يستقصر
نفسه لعظيم ما أنعم الله عليه ، ويرى قصوره عن القيام بحق ذلك ذنوبا ، فأما أنا
فإنما ذنوبي بالعمد المحض ، والترك التام ، والمخالفة البينة ، والله يفتح
بالتوبة ، ويمنّ بالعصمة بمنّه وفضله ورحمته ، لا رب سواه.
__________________
سورة تبت
[وفيها ثلاث مسائل]
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
روى البخاري وغيره
عن ابن عباس من طريق الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد ابن جبير [عنه] ،
قال : لما نزلت : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [ورهطك منهم
المخلصين] خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى صعد الصّفا وهتف :
يا صباحاه ، فقالوا : من هذا؟ فاجتمعوا
إليه ، فقال : [أنا نذير لكم بين يدي عذاب شديد] ، أرأيتكم لو أخبرتكم أنّ خيلا تخرج من سفح هذا الجبل ، وأنّ العدو
مصبحكم أو ممسيكم ، أكنتم مصدقىّ؟ قالوا
: ما جرّبنا عليك كذبا. قال : فإنى نذير لكم بين يدي عذاب شديد . فقال أبو لهب : ألهذا جمعتنا؟ تبّا لك! فأنزل الله عز وجل
: (تَبَّتْ يَدا أَبِي
لَهَبٍ وَتَبَّ ...)
إلى آخرها».
هكذا
قرأها الأعمش علينا يومئذ ، زاد الحميدي وغيره : فلما
سمعت امرأته ما نزل في زوجها وفيها من القرآن ، أتت رسول الله صلّى الله عليه وسلم
وهو جالس في المسجد عند الكعبة ، ومعه أبو بكر رضى الله عنه ، وفي يدها فهر من حجارة ، فلما وقفت عليه أخذ الله ببصرها عن رسول الله
صلّى الله عليه وسلم ، فلا ترى إلا أبا بكر. فقالت : يا أبا بكر ، أين صاحبك؟ فقد
بلغني أنه يهجونى ، فو الله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه ، والله إنى لشاعرة :
مذمّما
عصينا* وأمره أبينا* ودينه قلينا.
ثم
انصرفت : فقال أبو بكر : يا رسول الله ، أما رأتك؟ قال : ما رأتنى ، لقد أخذ الله
ببصرها عنى.
وكانت
قريش إنما تسمّى النبي صلّى الله عليه وسلم مذمما ، ثم يسبّونه ، فكان يقول: ألا
تعجبون لما يصرف الله عنى من أذى قريش يسبون ويهجون مذمّما وأنا محمد.
__________________
المسألة الثانية ـ
قوله : (تَبَّتْ يَدا أَبِي
لَهَبٍ).
اسمه عبد العزى ،
واسم امرأته العوراء أم جميل ، أخت أبى سفيان بن حرب ، فظنّ قوم أنّ هذا دليل على جواز
تكنية المشرك ، حسبما بيناه في سورة طه في قوله : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً
لَيِّناً) ، يعنى كنّياه على أحد الأقوال.
وهذا باطل ، إنما
كناه الله تعالى عند العلماء بمعان أربعة :
الأول ـ أنه [لما]
كان اسمه عبد العزّى ، فلم يضعف الله العبودية إلى صنم في كتابه الكريم.
الثاني ـ أنه كان
تكنيته أشهر منه باسمه ، فصرح به.
الثالث ـ أن الاسم
أشرف من الكنية ، فحطّه الله عن الأشرف إلى الأنقص ، إذ لم يكن بدّ من الإخبار عنه
، ولذلك دعا الله أنبياءه بأسمائهم ، ولم يكنّ عن أحد منهم ، ويدلّك على شرف الاسم
[على الكنية] أنّ الله يسمى ولا يكنى وإن كان ذلك لظهوره وبيانه
واستحالة نسبة الكنية إليه لتقدسه عنها.
الرابع ـ أن الله
تعالى أراد أن يحقّق نسبه بأن يدخله النار ، فيكون أبا لها ، تحقيقا للنسب ،
وإمضاء للفأل والطيرة التي اختار لنفسه [لذلك] .
وقد قيل : إن أهله
إنما كانوا سمّوه أبا لهب لتلهّب وجهه وحسنه ، فصرفهم الله عن أن يقولوا له
: أبو نور ، وأبو الضياء ، الذي هو مشترك بين المحبوب والمكروه ، وأجرى على ألسنتهم أن يضيفوه إلى اللهب الذي هو
مخصوص بالمكروه المذموم ، وهو النار ، ثم تحقق ذلك فيه بأن جعلها مقرّه.
المسألة الثالثة ـ
مرت في هذه السورة قراءتان ، إحداهما قوله : (وَأَنْذِرْ
عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ.) ورهطك منهم المخلصين». والثانية قوله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ). وهما شاذتان ، وإن كان العدل رواهما عن العدل ، ولكنه كما
بينا لا يقرأ إلا بما بين الدفتين ، واتفق عليه أهل الإسلام.
__________________
سورة الإخلاص
[وقيل] التوحيد. فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولها :
روى محمد بن إسحاق
، عن سعيد بن جبير ـ مقطوعا ، عن النبي صلّى الله عليه وسلم مرسلا أنه قال : أتى رهط من يهود رسول الله صلّى الله
عليه وسلم فقالوا : يا محمد ، هذا الله خلق الخلق. فمن خلقه؟ فغضب رسول الله صلّى
الله عليه وسلم حتى انتقع لونه ، ثم ساورهم غضبا لربّه ، فجاء جبريل عليه السلام
فسكنه ، فقال : خفّض عليك يا محمد ، وجاءه من الله بجواب ما سألوه : (قُلْ هُوَ اللهُ
أَحَدٌ ...) السورة. وفي ذلك أحاديث باطلة هذا أمثلها.
المسألة الثانية ـ
في فضلها. وفي الحديث الصحيح ، عن مالك وغيره ـ أنّ
رجلا سمع رجلا يقرأ : (قُلْ هُوَ اللهُ
أَحَدٌ) ، يردّدها ، فلما أصبح جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم
، فذكر ذلك له ، وكان الرجل يتقالّها ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ،
إنها لتعدل ثلث القرآن ، فهذا فضلها ، وقد قررناه في شرح الحديث والمشكلين.
المسألة الثالثة ـ
روى أنّ رجلا كان يؤمّ
قومه ، فيقرأ في كل ركعة بقل هو الله أحد ، فذكر ذلك قومه للنبي صلّى الله عليه
وسلم ، فأرسل إليه فقال : إنى أحبّها ، فقال له : حبّك إياها أدخلك الجنة. فكان هذا دليلا على أنه يجوز تكرار سورة في كلّ ركعة. وقد
رأيت على باب الأسباط فيما يقرب منه إماما ـ من جملة الثمانية والعشرين إماما ـ كان
فيه يصلّى التراويح في رمضان بالأتراك ، فيقرأ في كل ركعة بالحمد لله ، وقل هو
الله أحد ، حتى يتمّ التراويح تخفيفا عليهم ، ورغبة في فضلها. وليس من السنة ختم
القرآن في رمضان ، حسبما ذكرناه في شرح الحديث والمسائل.
__________________
سورة الفلق والناس
[فيهما ثلاث مسائل]
المسألة الأولى ـ في
سبب نزولهما :
روى أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم سحر حتى
كان يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء ولا يفعله ، فمكث كذلك ما شاء الله أن يمكث ، ثم
قال : يا عائشة ، أشعرت أنّ الله أفتانى فيما استفتيته فيه؟ أتانى ملكان ، فجلس
أحدهما عند رأسى ، والآخر عند رجلي ، قال [الذي عند رأسى للذي عند رجلي] : ما شأن الرجل؟ قال : مطبوب ، قال : ومن طبّه؟ قال : لبيد ابن الأعصم. فقال : في ما ذا؟
قال : مشط ومشاقة ، في جفّ طلعة ذكر ، تحت راعوفة في بئر ذي أروان . فجاء البئر واستخرجه. انتهى الصحيح. زاد غيره : فوجد فيها
إحدى عشرة عقدة ، فنزل جبريل عليه السلام عليه بالمعوّذتين ـ إحدى عشرة آية ، فجعل
كلما قرأ آية انحلّت عقدة ، حتى انحلت العقد ، وقام كأنما أنشط من عقال. أفادنيها
شيخنا الزاهد أبو بكر [بن] أحمد بن على بن بدران الصوفي.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ
إِذا وَقَبَ).
روى أنه الذكر ، وروى أنه
الليل. وروى أنه القمر ، وذلك صحيح خرّجه الترمذي.
ووجه أنه الذكر أو
الليل لا يخفى. ووجه أنه القمر لما يتعلق به من جهة الجهل وعبادته واعتقاد الطبائعيين أنه يفعل الفاكهة أو تنفعل عنه ، أو
لأنه إذا طلع بالليل انتشرت عنه الحشرات بالإذايات ، وهذا يضعف لأجل أن
انتشارها بالليل أكثر من انتشارها بالقمر. وفيما ذكرنا ما يغنى عن الزيادة عليه.
__________________
المسألة الثالثة ـ
روى أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال : أنزلت
علىّ آيات لم أر مثلهنّ ، فذكر السورتين : الفلق ، والناس ـ صحّحه الترمذي.
وفي الصحيح ـ واللفظ
للبخاري ـ أنّ النبىّ صلّى
الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوّذتين. قالت عائشة : فلما ثقل كنت أنفث عليه بهنّ ، وأمسح بيد نفسه
لبركتها.
قلت للزهرىّ : كيف
ينفث؟ قال : ينفث على يديه ويمسح بهما وجهه.
وقال ابن وهب :
قال مالك : هما من القرآن. وقد بينا ذلك في كتاب المشكلين.
قال الإمام القاضي
ابن العربي رضى الله عنه : قد أتينا على ما شرطنا في علوم القرآن حسب الإمكان على
حال الزمان ، والله المستعان على عوارض لا تعارض ما بين معاش [يراش] ، ومساورة عدو أو هراش ، وسماع للحديث ليس له دفاع ، وطالب لا بد من مساعدته في المطالب ، إلى همم لأهل هذه
الأقطار قاصرة ، وأفهام متقاصرة ، وتقاعد عن الاطلاع إلى بقاء الاستبصار ، واقتناع بالقشر عن اللباب ، وإقصار واجتزاء
بالنفاية عن النقاوة ، وزهد في طريق الحقائق ، بيد أنه لم يسعنا والحالة هذه
إلا نشر ما جمعناه ، ونثر ما وعيناه ، والإمساك عما لا يليق بهم ولا تبلغه
إحاطتهم.
وكمل القول الموجز
في التوحيد والأحكام ، والناسخ والمنسوخ ، من عريض بيانه ، وطويل تبيانه ، وكثير
برهانه ، وبقي القول في علم التذكير وهو بحر ليس لمدّه حدّ ، ومجموع لا يحصره العد
، وقد كنا أملينا عليكم في ثلاثين سنة ما لو قيّض له تحصيل لكانت له جملة تدل على
التفصيل ، ولما ذهب [به] المقدار ، فسيعلم الغافل لمن عقبى الدار.
والله المستعان ،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
[قال القاضي أبو
بكر بن العربي رحمه الله : انتهى القول في ذي القعدة سنة ثلاث وخمسمائة والحمد لله
كثيرا كما هو أهله] .
وجاء في ختام نسخة
(ش) ما نصه :
«تم الجزء الرابع
وبتمامه تم كتاب الأحكام تأليف الشيخ الإمام القاضي أبى بكر ابن العربي ، رضى الله
عنه وأرضاه ، وجعل الجنة منقلبه ومثواه ، بحمد الله وعونه ، وحسن تأييده ، ومنّه
وفضله ، وصلواته على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه وأزواجه ، وسلامه ، في جمادى
الآخرة من سنة ٦١٧ ه سبع عشرة وستمائة».
«بلغ نسخا ومقابلة
، والحمد لله وحده في منتصف شهر رجب الفرد من سنة ٦١٧ ه سبع عشرة وستمائة».
__________________
فهرس القسم الرابع
(١) فهرس السور
السورة
|
الصفحة
|
السورة
|
الصفحة
|
١ ـ سورة سبأ
|
١٥٩٥
|
٢٣ ـ سورة الحديد
|
١٧٤٠
|
٢ ـ سورة فاطر
|
١٦٠٥
|
٢٤ ـ سورة المجادلة
|
١٧٤٦
|
٣ ـ سورة يس
|
١٦٠٧
|
٢٥ ـ سورة الحشر
|
١٧٦٤
|
٤ ـ سورة الصافات
|
١٦١٧
|
٢٦ ـ سورة الممتحنة
|
١٧٨٢
|
٥ ـ سور ص
|
١٦٢٤
|
٢٧ ـ سورة الصف
|
١٧٩٩
|
٦ ـ سورة الزمر
|
١٦٥٦
|
٢٨ ـ سورة الجمعة
|
١٨٠٢
|
٧ ـ سورة المؤمن
|
١٦٥٩
|
٢٩ ـ سورة المنافقون
|
١٨١١
|
٨ ـ سورة فصلت
|
١٦٦٠
|
٣٠ ـ سورة التغابن
|
١٨١٥
|
٩ ـ سورة الشورى
|
١٦٦٦
|
٣١ ـ سورة الطلاق
|
١٨٢٣
|
١٠ ـ سورة الزخرف
|
١٦٧٦
|
٣٢ ـ سورة التحريم
|
١٨٤٤
|
١١ ـ سورة الدخان
|
١٦٩٠
|
٣٣ ـ سورة الملك
|
١٨٥٤
|
١٢ ـ سورة الجاثية
|
١٦٩٣
|
٣٤ ـ سورة الملك
|
١٨٥٤
|
١٣ ـ سورة الأحقاف
|
١٦٩٩
|
٣٥ ـ سورة القلم
|
١٨٥٥
|
١٤ ـ سورة محمد
|
١٧٠٠
|
٣٦ ـ سورة نوح
|
١٨٦٠
|
١٥ ـ سورة الفتح
|
١٧٥٠
|
٣٧ ـ سورة الجن
|
١٨٦٣
|
١٦ ـ سورة الفتح
|
١٧٠٥
|
٣٨ ـ سورة المزمل
|
١٨٧١
|
١٧ ـ سورة ق
|
١٧٢٧
|
٣٩ ـ سورة المدثر
|
١٨٨٥
|
١٨ ـ سورة الذاريات
|
١٧٢٩
|
٤٠ ـ سورة القيامة
|
١٨٩٠
|
١٩ ـ سورة الطور
|
١٧٣١
|
٤١ ـ سورة القيامة
|
١٨٩٠
|
٢٠ ـ سورة النجم
|
١٧٣٥
|
٤٢ ـ سورة المرسلات
|
١٩٠٠
|
٢١ ـ سورة الرحمن
|
١٧٣٦
|
٤٣ ـ سورة النبأ
|
١٩٠٤
|
٢٢ ـ سورة الواقعة
|
١٧٣٧
|
٤٤ ـ سورة عبس
|
١٩٠٥
|
السورة
|
الصفحة
|
السورة
|
الصفحة
|
٤٥ ـ سورة المطففين
|
١٩٠٧
|
٥٩ ـ سورة القدر
|
١٩٦١
|
٤٦ ـ سورة الانشقاق
|
١٩١٠
|
٦٠ ـ سورة البيئة
|
١٩٦٩
|
٤٧ ـ سورة البروج
|
١٩١٣
|
٦١ ـ سورة الزلزلة
|
١٩٧١
|
٤٨ ـ سورة الطارق
|
١٩١٧
|
٦٢ ـ سورة العاديات
|
١٩٧٣
|
٤٩ ـ سورة الأعلى
|
١٩١٩
|
٦٣ ـ سورة التكاثر
|
١٩٧٤
|
٥٠ ـ سورة الغاشية
|
١٩٢٤
|
٦٤ ـ سورة العصر
|
١٩٧٩
|
٥١ ـ سورة الفجر
|
١٩٢٥
|
٦٥ ـ سورة الفيل
|
١٩٨٠
|
٥٢ ـ سورة البلد
|
١٩٣٣
|
٦٦ ـ سورة قريش
|
١٩٨١
|
٥٣ ـ سورة الشمس
|
١٩٤١
|
٦٧ ـ سورة الماعون
|
١٩٨٣
|
٥٤ ـ سورة الليل
|
١٩٤٢
|
٦٨ ـ سورة الكوثر
|
١٩٨٧
|
٥٥ ـ سورة الضحى
|
١٩٤٩
|
٦٨ ـ سورة النصر
|
١٩٩١
|
٥٦ ـ سورة الانشراح
|
١٩٤٩
|
٦٩ ـ سورة تبت
|
١٩٩٣
|
٥٧ ـ سورة التين
|
١٩٥١
|
٧١ ـ سورة الإخلاص
|
١٩٩٥
|
٥٨ ـ سورة العلق
|
١٩٥٤
|
٧٢ ـ سورة الفلق والناس
|
١٩٩٦
|
(ب) فهرس الآات
السورة
|
أرقام
الآيات
|
الصفحة
|
سورة سبأ (٣)
|
١٠ ، ١٣ ، ٣٩
|
١٥٩٥
ـ ١٦٠٤
|
سورة فاطر (٢)
|
١٠ ، ١٢
|
١٦٠٥
ـ ١٦٠٤
|
سورة يس (٤)
|
١ ، ١٢ ، ٦٩ ، ٧٨
|
١٦٠٧
ـ ١٦١٦
|
سورة الصافات (٢)
|
١٠٢ ، ١٤١
|
١٦١٧
ـ ١٦٢٣
|
سورة ص (١١)
|
١٨ ، ٢٠ ، ٢١ ، ٢٣ ، ٢٦ ، ٢٨ ، ٣١ ،
٣٥
|
١٦٢٤
ـ ١٦٥٥
|
سورة الزمر (٤)
|
٢ ، ١٠ ، ١٧ ، ٦٥
|
١٦٥٦
ـ ١٦٥٨
|
سورة المؤمن (٢)
|
٢٨ ، ٨٠
|
١٦٥٩
|
سورة فصلت (٦)
|
١٦ ، ٣٠ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٧ ، ٤٤
|
١٦٦٠
ـ ١٦٦٤
|
سورة الشورى (٧)
|
١٣ ، ٢٠ ، ٣٢ ، ٣٨ ، ٣٩ ، ٤٢ ، ٤٩
|
١٦٦٦
ـ ١٦٧٥
|
سورة الزخرف (٦)
|
١٢ ، ٢٨ ، ٣٣ ، ٤٤ ، ٧١ ، ٨٦
|
١٦٧٦
ـ ١٦٨٩
|
سورة الدخان (٣)
|
٢ ، ٢٣ ، ٤٣
|
١٦٩٠
ـ ١٦٩٢
|
سورة الجاثية (٣)
|
١٤ ، ١٨ ، ٢١
|
١٦٩٣
ـ ١٦٩٥
|
سورة الأحقاف (٣)
|
٤ ، ١٥ ، ٢٠
|
١٦٩٦
ـ ١٦٩٩
|
سورة محمد (٣)
|
٤ ، ٣٣ ، ٣٥
|
١٧٠٠
ـ ١٧٠٤
|
سورة الفتح (٥)
|
١٦ ، ١٧ ، ٢٥ ، ٢٧ ، ٢٩
|
١٧٠٥
ـ ١٧١١
|
سورة الحجرات (٦)
|
١ ، ٢ ، ٤ ، ٦ ، ١١ ، ١٢
|
١٧١٢
ـ ١٧٢٦
|
سورة ق (١)
|
٣٨
|
١٧٢٧
ـ ١٧٢٨
|
__________________
السورة
|
أرقام
الآيات
|
الصفحة
|
سورة الذاريات (٣)
|
١٧ ، ١٨ ، ٢٤
|
١٧٢٩
ـ ١٧٣٠
|
سورة الطور (٢)
|
٢٠ ، ٤٨
|
١٧٣١
ـ ١٧٣٤
|
سورة النجم (١)
|
١
|
١٧٣٥
|
سورة الرحمن (١)
|
٦٠
|
١٧٣٦
|
سورة الواقعة (١)
|
٧٩
|
١٧٣٧
|
سورة الحديد (٤)
|
٣ ، ١٠ ، ١٩ ، ٢٧
|
١٧٣٨
ـ ١٧٤٥
|
سورة المجادلة (٥)
|
١ ، ٨ ، ١١ ، ١٢ ، ٣٢
|
١٧٤٦
ـ ١٧٨١
|
سورة الحشر (١١)
|
٢ ، ٣ ، ٤ ، ٥ ، ٦ ، ٧ ، ٨ ، ٩ ، ١٠ ،
١٤ ، ٢٠
|
١٧٦٤
ـ ١٧٦٣
|
سورة الممتحنة (٧)
|
١ ، ٤ ، ٦ ، ٨ ، ١٠ ، ١١ ، ١٢
|
١٧٨٢
ـ ١٧٩٨
|
سورة الصف (٢)
|
٢ ، ٤
|
١٧٩٩
ـ ١٨٠١
|
سورة الجمعة (٣)
|
٩ ، ١١
|
١٨٠٢
ـ ١٨١٠
|
سورة المنافقون (٣)
|
١ ، ٢ ، ١٠
|
١٨١١
ـ ١٨١٤
|
سورة التغابن (٥)
|
٩ ، ١١ ، ١٤ ، ١٥ ، ١٦
|
١٨١٥
ـ ١٨٢٣
|
سورة الطلاق (٥)
|
١ ، ٢ ، ٤ ، ٦ ، ٧
|
١٨٢٤
ـ ١٨٤٣
|
سورة التحريم (٣)
|
١ ، ٦ ، ٩
|
١٨٤٤
ـ ١٨٥٣
|
سورة الملك (١)
|
١٥
|
١٨٥٤
|
سورة القلم (٣)
|
١ ، ٩ ، ١٦
|
١٨٥٥
ـ ١٨٥٧
|
سورة المعارج (٣)
|
١٣ ، ٢٢ ، ٢٤
|
١٨٥٨
ـ ١٨٥٩
|
سورة نوح (٣)
|
١٣ ـ ٢٦ ـ ٢٨
|
١٨٦٠
ـ ١٨٦١
|
سورة الجن (٢)
|
١ ـ ١٢ ـ ١٨
|
١٨٦٢
ـ ١٨٧٠
|
سورة المزمل (٩)
|
١ ، ٢ ، ٣ ، ٤ ، ٥ ، ٦ ، ٨ ، ١٠ ، ٢٠
|
١٨٧١
ـ ١٨٤٤
|
سورة المدثر (٤)
|
١ ، ٣ ، ٤ ، ٦
|
١٨٨٥
ـ ١٨٨٨
|
سورة القيامة (٤)
|
١٤ ، ١٦ ، ٣٧ ، ٣٩
|
١٨٨٩
ـ ١٨٩٦
|
السورة
|
أرقام
الآيات
|
الصفحة
|
سورة الدهر (٦)
|
١ ، ٢ ، ٧ ، ٩ ، ٢٥ ، ٢٦
|
١٨٩٧
ـ ١٨٩٩
|
سورة المرسلات (٣)
|
٢٥ ، ٤٨ ، ٦٢
|
١٩٠٠
ـ ١٩٠١
|
سورة النبأ (٢)
|
١٠ ، ١٥
|
١٩٠٤
|
سورة عبس (٢)
|
١ ، ١٣
|
١٩٠٥
ـ ١٩٠٦
|
سورة المطففين (٢)
|
١ ، ٦
|
١٩٠٧
ـ ١٩٠٩
|
سورة الانشقاق (٢)
|
١٦ ، ٢١
|
١٩١٠
ـ ١٩١٢
|
سورة البروج (٢)
|
٣ ، ٤
|
١٩١٣
ـ ١٩١٦
|
سورة الطارق (٣)
|
٥ ، ٦ ، ٩
|
١٩١٧
ـ ١٩١٨
|
سورة الأعلى (٤)
|
٦ ، ١٤ ، ١٥ ، ١٨
|
١٩١٩
ـ ١٩٢٣
|
سورة الغاشية (١)
|
٢١
|
١٩٢٤
|
سورة الفجر (٥)
|
١ ، ٢ ، ٣ ، ٤ ، ٦
|
١٩٢٥
ـ ١٩٣٢
|
سورة البلد (٣)
|
١ ، ٢ ، ١١
|
١٩٣٣
ـ ١٩٤٠
|
سورة الشمس (١)
|
١٥
|
١٩٤١
|
سورة الليل (٢)
|
٣ ، ٥
|
١٩٤٢
ـ ١٩٤٥
|
سورة الضحى (٣)
|
١ ، ١٠ ، ١١
|
١٩٤٦
ـ ١٩٤٨
|
سورة الانشراح (٣)
|
١ ، ٤ ، ٧
|
١٩٤٩
ـ ١٩٥٠
|
سورة التين (٥)
|
١ ، ٣ ، ٤ ، ٥ ، ٨
|
١٩٥١
ـ ١٩٥٣
|
سورة العلق (٥)
|
١ ، ٢ ، ٤ ، ٥ ، ١٩
|
١٩٥٤
ـ ١٩٦٠
|
سورة القدر (٣)
|
١ ، ٣ ، ٥
|
١٩٦١
ـ ١٩٦٨
|
سورة البينة (٢)
|
١ ، ٥
|
١٩٦٩
ـ ١٩٧٠
|
سورة الزلزلة (٣)
|
١ ، ٧ ، ٨
|
١٩٧١
ـ ١٩٧٢
|
سورة العاديات (١)
|
١
|
١٩٧٣
|
سورة التكاثر (٢)
|
١ ، ٨
|
١٩٧٤
ـ ١٩٧٨
|
السورة
|
أرقام
الآيات
|
الصفحة
|
سورة العصر (١)
|
١
|
١٩٧٩
|
سورة الفيل (١)
|
١
|
١٩٨٠
|
سورة قريش (١)
|
٢
|
١٩٨١
ـ ١٩٨٢
|
سورة الماعون (٣)
|
٥ ، ٦ ، ٧
|
١٩٨٣
ـ ١٩٨٥
|
سورة الكوثر (٢)
|
١ ، ٢
|
١٩٨٦
ـ ١٩٩٠
|
سورة العنصر (١)
|
٣
|
١٩٩١
ـ ١٩٩٢
|
سورة تبت (١)
|
١
|
١٩٩٣
ـ ١٩٩٤
|
سورة الإخلاص
|
١
|
١٩٩٥
|
سورة الفلق (١)
|
٣
|
١٩٩٦
|
الفهارس العامة
١
ـ فهرس الآيات والموضوعات
٢
ـ فهرس مرجع الأحكام
٣
ـ فهرس اللغة
٤
ـ فهرس الشعر
٥
ـ فهرس المراجع
١ ـ فهرس الآيات والموضوعات
|
صفحة
|
|
صفحة
|
سورة
الفاتحة
|
|
٢ ـ قوله تعالى : ويقيمون الصلاة ومما
رزقناهم ينفقون (٣)
|
٩
|
١ ـ قوله تعالى : بسم الله الرحمن
الرحيم(١)
|
٢
|
قول العلماء في ذكر الصلاة وانها
مجملة او عامة
|
٩
|
الخلاف في أنها آية
من كتاب الله
|
٣
|
٣ ـ قوله تعالى : ومما رزقناهم ينفقون
(٣)
|
١٠
|
٢ ـ قوله تعالى : الحمدلله رب
العالمين(٢)
|
٤
|
توجيه الأقوال. تنقيح الأقوال
|
١٠
|
مدح الله لنفسه وحمده لها
|
٤
|
٤ ـ قوله تعالى : ومن الناس من يقول آمنا
بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين (٨)
|
١١
|
النهي عن مدح النفس وسببه
|
٤
|
المراد بهذه الآية
وما بعدها
|
١١
|
٣ ـ قوله تعالى : اياك نعبد وإياك
نستعين (٥)
|
٤
|
المنافقون
|
١١
|
أقوال العلماء في ذلك
|
٥
|
الحكم المستفاد
منها
|
١١
|
٤ ـ قوله تعالى : اهدنا الصراط
المستقيم(٦)
|
٥
|
اختلاف العلماء
في سبب عدم قتل المنافقين
|
|
الفاتحة سبع آات
|
٥
|
مع علمه بهم
|
١١
|
التأمين مع الإمام. تفسير لفظ (آمن)
|
٦
|
الصحح
|
١٢
|
تأمين المصلى
|
٧
|
٥ ـ قوله تعالى
: الذي جعل لكم الأرض فراشا (٢٢)
|
١٢
|
فضل أم القرآن
*
* *
|
٧
|
لو حلف رجل لا
بت علد فراش فبات عل
الأرض
|
١٣
|
سورة
البقرة
|
|
عموم اللفظ في
كل حكم منوى
|
١٣
|
١ ـ قوله تعالى : الذين يؤمنون
بالغيب(٣)
|
٨
|
٦ ـ قوله تعالى
: هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً (٢)
|
١٣
|
اختلاف العلماء في الغيب
|
٨
|
أصل الأشياء
الإباحة إلا ما قام عليه دليل بالحظر
|
١٣
|
الأقوى من هذه الأقواق
|
٨
|
|
|
__________________
|
صفحة
|
|
صفحة
|
اختلاف الناس في هذه الآية
|
١٣
|
ممن ستر آدم
سوءته وبأي شيء سترها
|
٢٠
|
٧ ـ قوله تعالى : وبشر الذين آمنوا
وعملوا الصالحات (٢٥)
|
١٥
|
قوله تعالى : وأقيموا الصلاة وآتوا
الزكاة واركعوا مع الراكعين (٤٣)
|
٢٠
|
قول المكلف من بشرني من عبيدي بكذا
فهو حر
|
١٥
|
الزكاة
|
٢١
|
استعمال البشارة في المكروة
|
١٥
|
١٣ ـ قوله تعالى : فبدل الذين ظلموا
قولا غير الذي قيل لهم (٥٩)
|
٢١
|
٨ ـ قوله تعالى : الذين ينقضون عهد
الله من بعد ميثاقه (٢٧)
|
١٦
|
تبديل الأقوال بالنصوص
|
٢١
|
العهد على قسمين فيه كفارة ولا كفارة
فيه
|
١٦
|
سبيل التحقيق في ذلك
|
٢١
|
٩ ـ قوله تعالى : وإذ قلنا للملائكة
اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس(٣٤)
|
١٦
|
اجتمع في الصحابة أمران عظيمان
|
٢٢
|
١٠ ـ قوله تعالى : ولا تقربا هذه
الشجرة (٣٥)
|
١٦
|
١٤ ـ قوله تعالى : إن الله يأمركم أن
تذبحوا بقرة قالوا تتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين (٦٧)
|
٢٢
|
حاول إبليس آدم
على أكلها
|
١٧
|
قتل واحد من بني إسرائيل رجلا
والمرافعة عند موسى في شأنه
|
٢٢
|
من قال لزوجته أو أمته إن دخلتما
الدار
|
١٧
|
الحديث عن بني إسرائيل
|
٢٣
|
إختلاف العلماء في ذلك
|
١٧
|
حكم جرى في زمن موسى أيلزمنا حكمه. في
ذلك خمسة أقوال
|
٢٣
|
الصحيح
|
١٧
|
ضرب بني إسرائيل الميت بتلك القطعة
|
٢٤
|
كيف أكل آدم
|
١٨
|
للمعجزة في ذلك
|
٢٥
|
إفعال السكران
|
١٨
|
كيف يقبل قوله في الدم ولا يقبل في
درهم
|
٢٥
|
تحقيق
|
١٨
|
حصر الحيوان في المعين بالصفة
|
٢٦
|
التنقيح
|
١٩
|
١٥ ـ قوله تعالى : واتبعوا ما تتلو
الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا (١٠٢)
|
٢٦
|
١١ ـ قوله تعالى : وطفقا يخصفان
عليهما من ورق الجنة (ليست من الصورة)
|
١٩
|
|
|
لما أكل آدم
من الجنة
|
١٩
|
|
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
مذهب أبي حنيفة في ذلك
|
٢٦
|
تحقيق القول في قوله تعالى : فنم وجه
الله
|
٣٥
|
كانت لسليمان
امرأة يقال لها الجرادة وقصتها
|
٢٦
|
١٩ ـ قوله تعالى : وإذا ابتلى ابراهيم
ربه بكلمات (١٢٤)
|
٣٦
|
تحقيق القول
فيما تقدم
|
٢٧
|
معنى الابتلاء. الكلمات واختلاف
العلماء في معناها
|
٣
|
كيف انزل الله
الباطل والكفر
|
٢٨
|
عشر من الفطرة
|
٣٦
|
حديث هاروت
وماروت ونزولهما
|
٢٩
|
٢٠ ـ قوله تعالى : وإذ جعلنا للبيت
مثابة للناس وأمنا (١٢٥)
|
٣٧
|
القول في السحر
وحقيقته
|
٣١
|
تفسير الأمن
|
٣٨
|
١٦ ـ قوله تعالى
: يأ أيها الذين آمنوا ولا تقولوا راعنا وقولا انظرنا (١٠٤)
|
٣٢
|
الصحح من هذه الأقوال
|
٣٩
|
قول اليهود
للنبي راعنا
|
٣٢
|
٢١ ـ قوله تعالى : واتخذوا من مقام
ابراهيم مصلى (١٢٥)
|
٣٩
|
تجنب الألفاظ
المحتملة
|
٣٢
|
تحقيق المقام
|
٣٩
|
١٧ ـ قوله تعالى
: ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها (١١٤)
|
|
بيان النبي لذلك
|
٤٠
|
فيمن نزلت
|
٣٣
|
٢٢ ـ قوله تعالى : سيقولالسفهاء من
الناس (١٤٢)
|
٤٠
|
تنظيم أمر
الصلاة
|
٣٣
|
المراد بالسفهاء اليهود وسبب ذلك
|
٤٠
|
البقعة إذا عينت
للصلاة خرجت عن جملة الأملاك المختصة بربها
|
٣٣
|
وسطا (١٤٣)
|
٤٠
|
ليس للكافر دخول
المسجد
|
٣٣
|
معنى الوسط
|
٤٠
|
١٨ ـ قوله تعالى
: ولله المشرق والمغرب فأيما تولوا فتم وجه الله (١١٥)
|
٣٣
|
٢٤ قوله تعالى : وما كان الله ليضع
إيمانكم (١٤٣)
|
٤١
|
سبب نزولها.
تحقيق القول في ذلك
|
٣٤
|
فيمن نزلت
|
٤١
|
نفي الجهة
والمكان عنه تعالى
|
٣٥
|
تارك الصلاة
|
٤١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
هي يسمى تاركها كافراً
|
٤١
|
إفادة الآية
إباحة الطواف
|
٤٧
|
توجيه قوله صلى الله عليه وسلم : من
ترك الصلاة فقط كفر ونحوه على ثلاثة أوجه
|
٤٢
|
اختلاف الناس في السعى بين الصفا
والمروة
|
٤٨
|
٢٥ ـ قوله تعالى : فول وجهك شطر
المسجد الحرام وحينما كنتم فوفوا وجوهكم شطره (١٤٤)
|
٤٢
|
٢٩ ـ قوله تعالى : إن الذين يكتمون ما
انزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله
ويلعنهم اللاعنون (١٥٩)
|
٤٨
|
معنى الشطر
|
٤٢
|
وجوب تبليغ الحق
|
٤٨
|
المراج بالمسجد الحرام
|
٤٢
|
العالم إذا قصد الكتمان عصى
|
٤٩
|
هل الغرض استقبال العين أو الجهة
|
٤٣
|
التبليغ فضيلة أو فرض
|
٤٩
|
الصحيح في ذلك
|
٤٣
|
الصحيح في ذلك
|
٤٩
|
٢٦ ـ قوله تعالى : ولكل وجهة هو
موليها (١٤٨)
|
٤٣
|
٣٠ ـ قوله تعالى ان الذين كفروا وما
توا وهم كفار اولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس اجمعين (١٦١)
|
٥٠
|
الوجهة هي هيئة التوجه
|
٤٣
|
لمن الكافر
|
٥٠
|
أفضل أوقات الصلاة
|
٤٤
|
لمن العاصي
|
٥٠
|
اختلاف ذلك باختلاف الصلوات
|
٤٤
|
٣١ ـ قوله تعالى : إنما حرّم عليكم
الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا
إثم عليه إن الله غفور رحيم (١٧٣)
|
٥١
|
٢٧ ـ قوله تعالى : ولا تقولوا لمن
يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء (١٥٤)
|
٤٥
|
(إنما) كلمة موضوعة للحصر
|
٥١
|
الشهيد والحكم في غسله والصلاة عليه
|
٤٥
|
حصرت إنما هنا المحرم
|
٥١
|
٢٨ ـ قوله تعالى : إن الصفا والمروة
من شعائر الله (١٥٨)
|
٤٦
|
معنى الميتة
|
٥٢
|
الجناح في اللغة
|
٤٦
|
في عموم هذه الآية
وخصوصها
|
٥٢
|
تحقيق القول في : لا جناح عليك أن
تفعل
|
٤٧
|
|
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
أكل الجراد
|
٥٢
|
سب نزولها
|
٦١
|
أكل الدم
|
٥٣
|
معنى كتب
|
٩١
|
الكيد والطحال
|
٥٢
|
قتل المسلم بالكافر
|
٦١
|
لحم الخنزير حرام
|
٥٤
|
قتل الحر بالعبد
|
٦٢
|
هل هو نجس؟
|
٥٤
|
قتل الذكر بالأنثى
|
٦٣
|
يرد المضطر في اللغة على معنيين
|
٥٥
|
إذا قتل الرجل زوجه
|
٦٣
|
يم بلحق إلى خمر
|
٥٦
|
قال مالك أحسن ما سمعت في هذه الآية
|
٦٤
|
إذا غص بلقمة هل يجيزها بخممر أم لا؟
|
٥٦
|
هل يقتل الأب بولده
|
٦٤
|
من اضطر إلى أكل الميتة والدم فلم
يأكل
|
٥٦
|
قتل الجماعة بالواحد
|
٦٥
|
معنى الباغي
|
٥٧
|
لا سبيل إلى الدية إلا برضا القاتل
|
٦٦
|
تحقيق القول في ذلك
|
٥٧
|
تفسير العفو
|
٦٦
|
لا يستبيح العاصي بسفره وخص السفر
|
٥٨
|
من ذكر الدية وجب قبولها من ولي أو
جان
|
٦
|
إذا احتاج إلى التداوي بالميتة
|
٥٩
|
٣٤ ـ أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية
للوالدين والأقربين (١٨٠)
|
٦٩
|
هل يتداوي بالخمر؟
|
٥٩
|
معنى كتب عليكم
|
٧٠
|
ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن
السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقم الصلاة وآتى
الزكاة والموفون بعهدم (١٧٣)
|
٥٦
|
ليس يريد حضور الموت حقيقة
|
٧٠
|
ليس في المال حق سوى الزكاة
|
٥٩
|
معنى الوصية
|
٧٠
|
المساكين
|
٦٠
|
تأخير الوصية إلى المرض
|
٧٠
|
المراد بقوله : (في الرقاب)
|
٦٠
|
الصحيح أن الحكم لم يختلف ولا يختلف
بقلة المال وكثرته
|
٧١
|
٣٣ ـ قوله تعالى يأيها الذين آمنوا کتب علکم القصاص ف القتل الحر
بالح والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عنى له
من أخيه شيء (١٧٨)
|
٦٠
|
كيفية الوصية للوالدين والأقربين
|
٧٢
|
|
|
معنى المعروف
|
٧٢
|
|
|
معنى (حقا)
|
٧٢
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
حكم الوصية
الدين إذا أوصى به الميت
إصلاح الفساد فرض على الكفاية
الحكم بالظن
٣٥ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا کتب علکم الصام کما کتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (١٨٣)
|
٧٣
٧٣
٧٣
٧٣
٧٤
|
قوله تعالى : شهر رمضان الذي انزل فيه
القرآن هد
للناس وبنات من الهدى
والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً او على سفر فعدة من أيام أخر
(١٨٥)
لم سم
الشهر شهرا؟
التمول
على الحساب
|
٨١
٨٢
٨٢
|
معنى الصيام
|
٧٤
|
شهود الشهر
|
٨٢
|
المراد به «من قبلكم»
|
٧٤
|
إذا صام في العصر ثم سافر في أثناء
اليوم
|
٨٣
|
وجه التشبيه في «كما كتب» محتمل
الزمان والقدر والوصف
|
٧٤
|
قبول الخير فيه الواحد
|
٨٣
|
بيان ذلك
|
٧٥
|
التكبير إذا رئى الهلال
|
٨٥
|
صيام يوم الشك
|
٧٦
|
ما يقال عدد رؤية الهلال
|
٨٥
|
صيام الأيام الستة
|
٧٦
|
التكبير ثلاثة أحوال
|
٨٦
|
الوصال في الصوم
|
٧٦
|
عدد مرات التكبير في العيدين
|
٨٦
|
السفر في اللغة
|
٧٧
|
الحكمة في التكبير
|
٨٩
|
العبادة تثبت في الذمة بيقين
أقل السفر
قضاء الصوم متفرقا
وجوب القضاء من غير تعيين لزمان
|
٧٧
٧٨
٧٨
٧٩
|
٣٧ ـ قوله تعالى : أحلى لكم ليلة
الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهم علم الله أنكم كنتم تختانون
أنفسكم (١٨٧)
|
٨٩
|
الخلاف في قراءة «وعلى الذين يطيقونه»
|
٧٩
|
سبب نزولها
|
٨٩
|
الصوم الغرض خير من الإطعام النقل
|
٨٠
|
معنى الرفث
|
٩٠
|
الصوم خير من الفطر في السفر
|
٨٠
|
توبة الله على الناس
|
٩١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
المراد بالخيط الأبيض والأسود
الستة تعجيل الفطر
جواز الأكل مع الشك حتى يتبين
إذا تبين الليل سن الفطر شرعا
ترك الأكل او حكمه
النهي عن الوصال في الصوم
بيان محضورات الصيام وهي الأكل والشرب
والجماع
ظاهر المباشرة واختلاف العلماء فيها
تحقيق القول فيها
طلوع الفجر على الصائم وهو جنب
الاعتكاف
جواز الاعتكاف في كل مسجد
القبلة للصائم
الاعتكاف مبنى على ركنين
تحريم المباشرة في المسجد
٣٨ ـ قوله تعالى : ولا تأكلوا اموالكم
بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم
تعلمون (١٨٨)
هذه الآة
من قواعد المعاملات
المقصود من أخذ المال المتاع به
مدار حكم الحاكم
الحاكم مصيب في حكمه في الظاهر
٣٩ ـ قوله تعالى : يسألونك عن الأهلة
|
٩٢
٩٢
٩٢
٩٣
٩٣
٩٣
٩٣
٩٣
٩٤
٩٤
٩٥
٩٥
٩٦
٩٦
٩٦
٩٦
٩٦
٩٧
٩٨
٩٨
|
قل هي مواقيت للناس والحج ، وليس البر
بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من أتقى (١٨٩)
سبب نزولها
الحكمة في زيادة الأهلة ونقصانها
تخصيص الحج
رؤية الهلال كبيرا
إذا رئى الهلال عشيا
إذا رئى الهلال قبل الزوال
المناسك من صوم وحج تتبين على حساب
منازل القمر
جواز الإحرام بالحج قبل أشهر الحج
القول في قوله تعالى «بأن تأتوا
البيوت من ظهورها»
في تأويلها ثلاثة أقوال
تحقيق هذه الأقوال
حقيقة هذه الآية
البيةت المعروفة
الفعل بنية العبادة لا يكون إلا في
المندوبات
خاصة دون المباح ودون النهي عنه
٤٠ ـ قوله تعالى : وقاتلوا في سبيل
الله الذين يقانلوكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (١٩٠)
مقدمة لها
آية الإذن بالقتال مكية وهذه الآية
مدنية
سبب نزولها
|
٩٨
٩٨
٩٩
٩٩
٩٩
٩٩
١٠٠
١٠٠
١٠٠
١٠٠
١٠١
١٠١
١٠١
١٠١
١٠١
١٠٢
١٠٢
١٠٢
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
القول في نسخ هذه الآية
الجهاد بعد فتح مكة
الجهاد فرض على الكفاية
قتل من لم يقاتل
قتل النساء
قتل الصبيان
قتل الرهبان
قتل الزمني
قتل الشيوخ
قتل العسفاء
الصحيح في ذلك
٤١ ـ قوله تعالى واقتلوهم حيث
ثفقتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ، ولا تقاتلوهم عند
المسجد الحرام حتى يقتالوكم فيه (١٩١)
قتل الأسير
الكافر إذا التجأ إلى الحرم هل يقتل
التجاة الزاني والقاتل إلى الحرم
الكافر إذا قاتل قتل
الأسير لا يقتل ويبقى عليه الرق
٤٢ ـ قوله تعالى: وقاتلوهم حتى لا
تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهو فلا عدوان إلا على الظالمين (١٩٣)
الفتنة في أصل اللغة
سبب القتل هو الكفر
|
١٠٢
١٠٣
١٠٣
١٠٤
١٠٤
١٠٥
١٠٥
١٠٥
١٠٦
١٠٦
١٠٦
١٠٦
١٠٦
١٠٧
١٠٨
١٠٨
١٠٨
١٠٨
١٠٩
١٠٩
|
لم ترك النساء والرهبان
ممن تقبل الجزية
أخذ النبي الجزية من مجوس هجر
٤٣ ـ قوله تعالى : الشهر الحرام
بالشهر الحرام والحرمات قصاص ، فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى
عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين (١٩٤)
سبب نزولها
لك أن تبيح دم من أباح دمك وتحل مال
من استحل مالك
من أخذ عرضك
المماثلة في القصاص
اختلاف العلماء فيها على ثلاثة أقوال
الصحيح من أقوال العلماء
٤٤ ـ قوله تعالى : وأنفقوا في سبيل
الله ولا تلقوا يأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين (١٩٥)
سبب نزولها
تفسير النفقة فيها ثلاثة أقوال.
التوكل
تفسر
التهلکئ ، وفيه ستة أقوال
الأحسان مأخوذ من الحسن
فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى (١٩٦)
|
١٠٩
١١٠
١١٠
١١١
١١١
١١١
١١١
١١٣
١١٣
١١٤
١١٥
١١٥
١١٥
١١٦
١١٦
١١٧
١١٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
معنى «أتموا» فيه سبعة أقوال
رأى القاضي في تلك الأقوال
معنى الحج
وجوب العمرة
قراءة العمرة بضم التاء
سبب المنع
حقيقة المنع
تحقيق جواب الشرط
من عليه الهدي
من قدم الحلق على النحر
الحلق نسك مقصود
المنعم بعدو أو بمرض
الإحصار عام في الحج والعمرة
إذا منعه العدو يحل في موضعهه ولاقضاء
عليه
لا يخلو أن يكون الحاصر كافرا او
مسلما
إذا حل المحصر نحر هديه
محل الهدى
إذا عقد الإحرام قصده العدو
إن منع من الطريق خاصة
إذا صد عن عرفة في الحج
من كان مريضا واحتاج إلى فعل محظور من
محظورات الإحرام
وأين يجزي الطعام
وأين يجزي الهدى
|
١١٧
١١٧
١١٨
١١٨
١١٩
١١٩
١٢٠
١٢٠
١٢٠
١٢١
١٢١
١٢١
١٢٣
١٢٢
١٢٢
١٢٢
١٢٣
١٢٣
١٢٣
١٢٣
١٢٤
١٢٥
١٢٥
|
إكمال ما بدى به من حج أو عمرة إلا أن
يمنع مانع
شروط التمتع
اختلاف العلماء فيما استيسر من الهدى
متعة القرآن
الجمع بن
الحج والعمرة في سفر واحد
لا يلزم المكي دم متعة
جمع الحج والعمرة ليس لأهل المسجد
الحرام
إذا لم يجد الهدى
إذ لم يجد الهدي
حاضرو المسجد الحرام
الصحيح فيه
٤٦ ـ قوله تعالى : الحج أشهر معلومات
، فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ، وما تفعلوا من خير
يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى (١٩٧)
تعديد أشهر الحج
فائدة من جعله ذا الحجة كله
أشهر الحج
الفائدة في ذكر الله تعالى لها
الاختلاف في تقديرها
النية تكفى باطنا في التزامه من فعل
أو نطق
|
١٢٥
١٢٦
١٢٦
١٢٧
١٢٨
١٢٩
١٢٩
١٢٩
١٢٩
١٣١
١٣١
١٣١
١٣١
١٣٢
١٣٢
١٣٢
١٣٣
١٣٣
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
نفي الرفث مشروعا لا موجودا
إذا وقع الوطء في الحج أفسده
الفسوق
جزاء الحج المبرور
الجدال في الحج
التزود
٤٧ ـ قوله تعالى : ليس عليكم جناح أن
تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكرو
كما هداكم (١٩٨)
سبب نزولها
جواز التجارة في الحج للحاج
الإفاضة
عرفات
جواز عموم الوقوف بعرفة كلها واجزاؤه
بين النبي وقت الإفاضة بفعله
ليس المبيت بالمزدلفة ركنا في الحج
المشعر الحرام كله موقف
٤٨ ـ قوله تعالى : ثم أفيضوا من حيث
أفاض الناس (١٩٩)
سبب نزولها
المراد بهذه الإفاضة
معنى ثم
٤٩ ـ قوله تعالى : فإذا قضيتم مناسككم
|
١٣٣
١٣٤
١٣٤
١٣٤
١٣٥
١٣٥
١٣٥
١٣٥
١٣٦
١٣٦
١٣٦
١٣٦
١٣٧
١٣٨
١٣٨
١٣٨
١٣٨
١٣٩
١٣٩
|
فاذكروا الله كذكركم آباءكم
أوأشد ذكرا (٢٠٠)
حقيقة القضاء والأداء
المراد بالمناسك
٥٠ ـ قوله تعالى : واذكروا الله في
أيام ممدوات (٢٠٣)
المراد بالذكر التكبير
التلبية
تحديد هذه الأيام وتبينها
أيام منى ثلاثة
يوم النحر
المراد بهذا الذكر
وقت التكبير
التحقيق
٥١ ـ قوله تعالى : ومن الناس من يعجبك
قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو؟ الخصام (٢٠٤)
سبب نزولها
في الآية
دليل على أن الحاكم لا يعمل على ظاهر أحوال الناس
الجدال لا يجوز إلا ظاهرة باطنة سواء
٥٢ ـ قوله تعالى : ومن الناس من يشرى
نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءؤف بالعباد (٢٠٧)
|
١٣٩
١٤٠
١٤٠
١٤٠
١٤٠
١٤٠
١٤٠
١٤٠
١٤١
١٤٢
١٤٢
١٤٣
١٤٣
١٤٣
١٤٣
١٤٤
١٤٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
في سبب نزولها
القول أنها في الجهاد والهجرة
٥٣ ـ قوله تعالى : يسألونك ماذا
ينفقون قل ما انفقتم من خير فاللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن
السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم (٢١٥)
هل هي منسوخة بآية
الزكاة او مبينة مصارف صدقة التطوع
٥٤ ـ قوله تعالى : كتب عليكم القتال
وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرلكم
والله يعلم وأنتم لا تعلمون (٢١٦)
فيمن نزلت
لا هجرة بعد الفتح
٥٥ ـ قوله تعالى : يسألونك عن الشهر
الحرام قتال فيه (٢١٧)
اختلاف الناس في نسخ هذه الآية
الصحيح أنها رد على المشركين
٥٦ ـ قوله تعالى : ومن يرتدد منكم عن
دينه فيمت وهو كاف (٢١٧)
المرتد هل يحبط عمله نفس الردة؟
٥٧ ـ قوله تعالى : يسألونك عن الخمر
والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع
للناس وإثمهما اكبر عن نفسهما (٢١٩)
|
١٤٤
١٤٥
١٤٥
١٤٥
١٤٦
١٤٦
١٤٦
١٤٧
١٤٧
١٤٧
١٤٧
١٤٧
١٤٨
|
سبب نزولها
تحقيق اسم الخمر ومعناه
تحقيق اسم الخمر ومعناه
الميسر
تحريم الخمر
ما هذا الإثم
منافع الناس
الصحيح أن المنفعة الربح
كيف يجوز أن يرد الشرع بتحريم ما لا
غنى عنه ولا عوض منه
اختلاف العلماء فيما لو استهلكت في
الأطعمة والأدوية
الإثم فيهما
كيف يتعاطى مسلم ما فيه مأتم
٥٨ ـ قوله تعالى : ويسألونك ماذا
ينفقون قل العفو (٢١٩)
العفو
التنقيح
٥٩ ـ قوله تعالى : يسأونك عن اليتامى
قل إصلاح لهم خير (٢٢٠)
سبب نزولها
البحث عن اليتيم
جواز التصرف للأيتام كما يتصرف
للأبناء
إذا كفل الرجل اليتيم جاز عليه فعله
هل ينكح الولى نفسه من يتيمته أو
يشترى من مالها
|
١٤٩
١٤٩
١٤٩
١٥٠
١٥٠
١٥٠
١٥٠
١٥١
١٥١
١٥٢
١٥٢
١٥٣
١٥٣
١٥٣
١٥٤
١٥٤
١٥٤
١٥٤
١٥٥
١٥٥
١٥٥
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٦٠ ـ قوله تعالى : ولا تنكحوا
المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين
حتى يؤمنوا (٢٢١) ...
لا يجوز العقد بنكاح على مشركة
نكاح الأمة الكتابية
كل كافر مشرك
٦١ ـ قوله تعالى : ويسألونك عن المحيض
قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن
من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين(٢٢)
سبب السؤال
تفسير المحيض وتحقيقه
الأرحام التي ترخيها ثلثان :حامل
وحائل
تفسير الأذى
دم الحيض
جملة ما يمنع منه الحيض وبترتيب عليه
من أحكام الشرع
اختلاف العلماء في مورد العزل ومتعلقة
ذكر النساء بالألف واللام
حتى بمعنى الغاية
معنى قوله : حتى يطهرن
|
١٥٦
١٥٦
١٥٦
١٥٢
١٥٨
١٥٨
١٥٩،١٦٠
١٦١
١٦١
١٦٢
١٦٢
١٦٢
١٦٤
١٦٤
١٦٥
|
تعليق الحكم وهو جواز دفع المال على
شرطين
إن قيل : ليس هذا تجديد شرط زائد
وإنما هو أعادة الكلام
الجواب عنه من تسعة أوجه
الجمع بمقتضى إباحة الوطء عند انقطاع
الدم
معنى التوابين
معنى المتطهرين
٦٢ ـ قوله تعالى : نساءكم حرث لكم
فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا الأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر
المؤمنين (٢٢٣)
سبب نزولها
نكاح المرأة في دبرها
٦٣ ـ قوله تعالى : ولا تجعلوا الله
عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليهم (٢٢٤)
شرح العرضة
المعنى
لا تجعلو اليمين مانعا من البر
٦٤ ـ قوله تعالى : لا يؤاخكم الله
بالغو في أيمانكم (٢٢٥)
اللغو في كلام العرب
المراد بذلك
|
١٦١
١٦٧
١٦٧
١٧٠
١٧٣
١٧٣
١٧٣
١٧٣
١٧٣
١٧٣
١٧٤
١٧٥
١٧٥
١٧٥
١٧٦
١٧٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
تنقيح الأقوال
٦٥ ـ قوله تعالى : للذين يؤلون من
نسائهم تربص أربعة أشهر إن فاءوا فإن الله غفور رحيم (٢٢٦)
سبب نزولها
الإبلاء في لسان العرب
نظم الآة
ما يقع به الإيلاء
ما يقع عليه الإبلاء
إذا حلف على منع الكلام أو الإنفاق
إذا حلف بالله ألا يطأها إن شاء الله
مدة الإيلاء»
معنى «فإن فاءوا» :
إذا ترك الوطء مضارا بغير يمين
وقوع الطلاق بمضى المدة
تحقيق هذا الأمر
صحة إيلاء الكافر
إذا كفر المولى سقط منه الإبلاء
ثبت أن النبي (ص) آل من نسائه
٦٦ ـ قوله تعالى : والمطلقات يتربصن
بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن (٢٣٨)
كلمة القوء
مطلق الأمر محمول على الفور
هذه الآية
عامة في كل مطلقة
|
١٧٦
١٧٦
١٧٦
١٧٧
١٧٧
١٧٧
١٧٨
١٧٨
١٧٨
١٧٩
١٧٩
١٨٠
١٨٠
١٨١
١٨١
١٨٢
١٨٢
١٨٣
١٨٣
١٨٥
|
المراد بما خلق في أرحامهن
إذا قالت للمرأة انقضت عدتي
إذا قالت أخبرتني بانقضاء عدتها
فكذبته
إن قصد بالرجعية إصلاح حاله معها
الرجل مفضل على المرأة ١٨٨ المراد
بالدرجة
٦٧ ـ قوله تعالى : الطلاق مرتان
فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتتموهن شئاً
(٢٢٩)
سببها
مقصود الآية
هذه الآية
جاءت لبيان عدد الطلاق
تحقيق القول
جمع الثلاث عقد الشافعي
تعريف الطلاق في الآية
بالألف واللام
الاختلاف في تأويل التعريف على أربعة
أقوال
رأى ابن العربي
الإمساك بالمعروف والتسريح
هذه الآية
عامة في أن الطلاق ثلاث في كل زوجين
طلاق الرقيق
السراح من الألفاظ الطلاق الذي لا
يفتقر إلى نية
تفسيير قوله تعالى : فإمساك بمعروف
|
١٨٦
١٨٧
١٨٧
١٨٧
١٨٨
١٨٩
١٨٩
١٨٩
١٨٩
١٩٠
١٩٠
١٩٠
١٩٠
١٩٠
١٩١
١٩١
١٩١
١٩٢
١٩٢
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
معنى الفاء
إذا وطئ بنية الرجعة
إلزام الإشهاد
لا حرج على المرأة أن تغتدي ولا على
الزوج أن يأخذ
الآخذ
اختصاص الخلع بحالة الشقاق
الخلع طلاق أو نسخ
فائدة الخلاف
الخلع بالبعض من مالها وبالكل
هل يلحق المختلفة الطلاق
حرف الفاء ومعناه
تحريم الرجعة في طلاق الخلع
٦٨ ـ قوله تعالى : فإن طلقها فلا تحل
له من بعد حتى تنكح زوجا غيره «إن ظنا أن يقيما حدود الله (٢٣٠)
متى تحل المطلقة ثلاثا للأول
تزويج المرأة نفسها
إذا احتمل اللفظ في القرآن معنن
٦٩ ـ قوله تعالى : وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن
فأمسكوهن بمعروف
أو سرحوهن بمعروف ، ولا تمسكوهن ضرارا
لتعتدوا (٢٣١)
معنى (بلغن)
|
١٩٢
١٩٣
١٩٣
١٩٤
١٩٤
١٩٥
١٩٥
١٩٥
١٩٥
١٩٦
١٩٦
١٩٧
١٩٧
١٩٨
١٩٨
١٩٨
١٩٩
١٩٩
|
معنى «فأمسكوهن بمعروف» صريح
الطلاق الذي لا يفتقر إلى النية نيف
على عشرة ألفاظ
للزوج إذا لم يجد ما ينفق على الزوجة
يطلقها
الرجعة لا تكون إلا بقصد الرغبة
آيات الله جد كلها
معنى اتخاذ آات الله هزوا
٧٠ ـ قوله تعالى
: وإذا طلقتم النساء فبلغهن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا ترضوا بينهم
بالمعروف (٢٣٢)
معنى المعطل
الصداق في الثيب
المالكة امر نفسها لا حق للولى فيه
المراد بالمعروف
الكفاءة
١٧ ـ قوله تعالى
: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد ان يتم الرضاعة ، وعلى المولود
له رزقهن وكسوتهن بالمعروف (٢٣٣)
مدة الحمل
اختلاف الناس في
فائدة تقدير مدة الرضاع
إذا زادت المرأة
في رضاعها على مدة الحولين
وجوب نفقة الولد
على الوالد
تقدير النفقة
على قدر حال الأب من السعة والضيق
|
١٩٩
٢٠٠
٢٠٠
٢٠٠
٢٠٠
٢٠١
٢٠١
٢٠١
٢٠١
٢٠٢
٢٠٢
٢٠٢
٢٠٢
٢٠٣
٢٠٣
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الرضاع حق لها أم هو حق عليها
إرضاع الشريفة
الحضانة للأم
بعض العلماء المتقدمين كان يسمى
التخصيص نسخا
نفقة المولود على الذين برثونه إذا
عدم أبوه
إنفاق الأبوين على أقل من العدد
جواز الاجتهاد في الشريعة
عند خيفة الضيعة على الولد عند الأم
إذا كانت الحضانة للأم تمادت إلى
البلوغ في الغلام وإلى النكاح في الجارية
إرضاع الحسيبة
٧٢ ـ قوله تعالى : والذيم يتوفون منكم
ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ، بلغن أجلهن (٢٣٤)
في نسخها قولان
الأصح منهما
معنى التربص
متعلقة
الحمل إذا وضع
قد يزدحم على الرحم وطآن فتکون العدة
فيها أقصى الأجلين
الطيب والزينة
الخروج : خروج الانتقال
خروج العبادة
|
٢٠٤
٢٠٤
٢٠٤
٢٠٥
٢٠٥
٢٠٥
٢٠٥
٢٠٥
٢٠٦
٢٠٦
٢٠٧
٢٠٧
٢٠٧
٢٠٨
٢٠٨
٢٠٨
٢٠٨
٢٠٩
٢٠٩
٢٠٩
|
خروجها بالنهار للتصرف
خروج ليلة
الآية
عامة في كل متزوجة
إذا مات الزوج ولم تعلم المرأة بذلك
إلا بعد مضى مدة العدة
إن لم تحض في الاربعة الأشهر
إن كانت الزوجة كتابية
تنزيل هذه الأحكام
بعد انقضاء العدة
٧٣ ـ قوله تعالى : ولا جناح علکم فما عرضتم به من خطبة النساء أو أكنتم في أنفسكم علم
الله أنكم ستذكرونهن (٢٣٥)
آية التعريض وحكمه
هذا التعريض من الذرائع المباحة
التعريض بالقذف
المراد بالسر
السر في اللغة يتصرف على معان
معنى الآية
تحريم الوعد في التفابض
لا تواعدوا نكاحا ولا تعقدوه حتى
تنقضي العدة
إذا نكح في العدة وبنى فسخ ولم ينكحها
أبداً
|
٢٠١
٢٠١
٢٠١
٢١١
٢١١
٢١١
٢١١
٢١٢
٢١٢
٢١٣
٢١٤
٢١٤
٢١٤
٢١٥
٢١٥
٢١٥
٢١٥
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٧٤ ـ قوله تعالى :لا جناح عليكم أن طلقتم النساء
مالم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدرة وعلى المقتر قدره
(٢٣٦)
معنى (أو)
المطلقة التي لم تمس ولم يعرض لها لا
تخلو من أربعة أقسام
اختلاف في المتعة على أربعة أقوال
٧٥ ـ قوله تعالى : وإن طلقتموهن من
قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة
فنصف ما فرضتم إلا أن يعفو أو يعفو
الذي بيده عقده النكاح (٢٤١)
نصيب المطلقة ـ قبل المسيس وبعد الفرض
ـ من المفروض
المسيس هنا كناية عن الوطء
نكاح التفويض ـ معناه
إن وقع الموت قبل الفرض
إسقاط الواجب من الصداق (بعد وجوبه
من بيده عقده النكاح
احتج احتج من قال إنه الولي بوجوه
مخبتها أربعة
المختار أنه الولى لثلاثة أوجه
رأي أبي حنيفة
|
٢١٦
٢٠٦
٢١٦
٢١٧
٢١٨
٢١٨
١٢٨
٢١٨
٢١٩
٢١٩
٢١٩
٢٢٠
٢٢١
٢٢٣
|
رأي أصحاب الشافعي
٧٦ ـ قوله تعالى : حافظوا علي الصلوات
والصلاة الوسطى (٢٣)
معنى المحافظة
لم خصصت بالوسطى
معنى تسميتها بالوسطى
تحقيقها
اختلاف العلماء فيها على سبعة أقوال
كل قول من هذه الأقوال مستند إلى ما
يستقبل بالدليل
في هذه الآية رد على أبي حنيفة في قوله : إن الوتر واجب
القنوت يرد على
معان أمهاتها أربع
إذا تكلم المصلي
٧٧ ـ قوله تعالى
: فإن خفتم فرجالا
أو ركبانا (٢٣٩)
المحافظة على
الصلوات الوسطى في كل حال
لا تسقط الصلاة
يقتل
٧٨ ـ قوله تعالى
: ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله : موتوا
ثم أحياهم (٢٤٣)
سبب نزولها وفيه
قولان
|
٢٢٣
٢٢٣
٢٢٣
٢٢٤
٢٢٤
٢٢٤
٢٢٥
٢٢٥
٢٢٦
٢٢٦
٢٢٧
٢٢٧
٢٢٧
٢٢٧
٢٢٨
٢٢٨
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الخروج من أرض فراراً من الطاعون
الدخول في هذه الأرض فيه خلاف علي
أربعة أقوال
٧٩ ـ قوله تعالى : وقاتلوا في سبيل
الله (٢٤٤)
سبل الله كثيره وألها وأعظمها دين
الإسلام
من قاتل دون ماله يقاتل في سبيل الله
٨٠ ـ قوله تعال : من ذا
الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه
ترجعون (٢٤٥)
القرض في اللغة
الندب والتحضيض على لإنفاق المال في
ذات الله
المراد بالآة
الإنفاق في سبيل الله
الصحيح أنه الإنفاق في أبواب البر
كلها
انقسم الخلق وتفرقوا فرقا ثلاثة حين
سمعوا هذه الآة
القرض يكون من المال ويكون من العرض
قال أبو حنيفة : لا يجوز التصدق
بالعرض
٨١ ـ قوله تعالى : ومنلم يطعمه فإنه
منى (٢٤٩)
الماء طعام
من قال إن شرب عبدي من الفرات فهو حر
|
٢٢٨
٢٢٩
٢٢٩
٢٢٩
٢٢٩
٢٣٠
٢٣٠
٢٣٠
٢٣٠
٢٣٠
٢٣١
٢٣١
٢٣١
٢٣٢
٢٣٢
٢٣٢
|
٨٢ ـ قوله تعالى : لا إكراه في الدين
(٢٤٩)
قيل إنها منسوخة بآياته
القتال
وقيل إنها مخصوصة في أهل الكتاب الذين
يقرون على الجزية
وقيل إنها نزلت في الأنصار
معنى «لا اكراه»
كيف جاز الإكراه بالدين على الحق
الإكراه بغير حق
٨٣ ـ قوله تعالى : أنفقوا من طيبات ما
كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ، ولا تيممو الخبيث منه تنفقون (٢٦٧)
سبب نزولها
الصحيح أنها عامة في الفرض و؟
الاكتساب على قسمين
قال أصحاب أبي حنيفة : هذا يدل على
وجوب الزكاة في كل نبات
معرفة معنى الخبيث
٨٤ ـ قوله تعالى : إن تبدوا الصدقات
فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم (٢٧١)
المراد صداقة الفرض أو صدقة التطوع
|
٢٣٢
٢٣٢
٢٣٣
٢٣٣
٢٣٢
٢٣٣
٢٣٤
٢٣٤
٢٣٤
٢٣٤
٢٣٥
٢٣٥
٢٣٦
٢٣٦
٢٣٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الحال في الصدقة تختلف بحال المعطى
لها والمعطى إياها والناس الشاهدين لها
٨٥ ـ قوله تعالى : ليس عليك هداهم
ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم (٢٧٢)
سبب نزولها
إعطاء الصدقة للقرابات من المشركين
الاختلاف في ذلك
المسلم العاصي متى تصرف إليه الصدقة
٨٦ ـ قوله تعالى : للفقراء الذين
أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف (٢٨٣)
من هم الفقراء
سيماهم
معنى المسكين
الواجب على معطى الصدقة أن يراعى
أحوال الناس
٨٧ ـ قوله تعالى : الذين يأكلون الربا
(٢٧٥)
سبب نزولها
الربا في اللغة
هل هذه الآية
مجملة
التجارة هي مقابلة الأموال بعضها ببعض
|
٢٣٧
٢٣٧
٢٣٧
٢٣٧
٢٣٧
٢٣٨
٢٣٨
٢٣٨
٢٣٨
٢٣٩
٢٣٩
٢٤٠
٢٤٠
٢٤٢،٢٤١
٢٤١
٢٤١
|
ما لا يصح ستة وخمسون معنى نهى عنها
هذه الأنواع ترجع إلى سبعة أقسام
الربا على قسمين
المال الحلال إذا خالطه حرام حتى لم
يتميز ثم اخرج منه مقدار الحرام المختلط به
٨٨ ـ قوله تعالى : وإن كان ذو عسرة
فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون (٢٧٩)
سبب نزولها
في المعنى المقصود بها
التنقيح
ما الميسرة
الصدقة على المعسر
٨٩ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا
إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فأكتبوه (٢٨٣)
حقيقة الدين
ما يدخل تحت عموم قوله : إذا تداينتم
بدين إلى أجل مسمى
علة الكتابة
لابد من كتابته بجميع صفاته المبينة
له
الكتابة وحكمها
سبب إملاء الذي عليه الحق
السفية
الذي عليه الحق أربعة أصناف
|
٢٤٣
٢٤٤
٢٤٤
٢٤٥
٢٤٥
٢٤٥
٢٤٥
٢٤٥
٢٤٦
٢٤٦
٢٤٦
٢٤٧
٢٤٧
٢٤٧
٢٤٨
٢٤٨
٢٤٩
٢٤٩
٢٤٩
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
عود الضمير في «وليه»
إقرار الوصي على يتيمه
إن تصرف السفيه المجور عليه دون ولي
إن تصرف السفية غير المحجور عليه
المراد بقوله تعالى : من رجالكم
جواز شهادة الأعمى
شهادة البدوي على القروي
فضل الله الذكر على الأنثى من ستة
أوجه
كيف نسب النقص اليهن وليس من فعلهن
قصر الشهادة على الرضا
تفويض القبول في الشهادة إلى الحاكم
جواز الاجتهاد والاستدلال بالأمارات
والعلامات على ما خفى من المعاني
والأحكام
لا يكتفي بظاهر الإسلام في الشهادة
رأى أبي حنيفة
شهادة الولد لأبيه والأب لولده
إذا شرط الرضا والعدالة في المداينة
فاشتراطها في النكاح أولى
رأى أبي حنيفة
تكرر كلمة «إحداهما» في الآية
والحكمة فيه
الإباية عن الشهادة
الشاهد هو الذي يمشى إلى الحاكم
خروج العبد من جملة الشهداء
الشاهد إذا رأى الكتاب فلم يذكر
الشهادة
اختلاف العلماء في ذلك على ثلاثة
أقوال البيوع ثلاثة
|
٢٥٠
٢٥١
٢٥١
٢٥١
٢٥١
٢٥٢
٢٥٢
٢٥٣
٢٥٤
٢٥٤
٢٥٤
٢٥٤
٢٥٤
٢٥٤
٢٥٥
٢٥٥
٢٥٥
٢٥٥
٢٥٦
٢٥٦
٢٥٧
٢٥٨
٢٥٨
|
هل الإشهاد في الدين واجب
سقوط الإشهاد في النقد
أشهدوا أمر أو ندب
حالات المضارة للكاتب والشهيد
تحقيقه
الكتاب في السفر
الرهن لا يحكم له في الوثيقة إلا
بالقبض
الرهن إذا خرج عن يد صاحبه فإنه مقبوض
صحيح
جواز رهن المشاع
إذا قبض الرهن لم يجز انتزاعه من يده
رهن الدين
إذا وهبت المرأة كالئها لزوجه جاز
الرهن يقوم مقام الشاهد
إذ هلك الرهن
إن أسقط الكتاب والإشهاد والرهن
هل الإشهاد واجب
إذا كان على الحق شهود تعين عليهم
أداؤها على الكفاية
مراعاة المال وحفظه
٩٠ ـ قوله تعالى : لا يكلف الله نفسا
إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت (٢٨٦)
اليسر في الدين
اشتراك من لا يجب عليه القصاص مع من
يجب عليه القصاص
|
٢٥٨
٢٥٩
٢٥٩
٢٥٩
٢٦٠
٢٦٠
٢٦٠
٢٦١
٢٦١
٢٦١
٢٦١
٢٦١
٢٦١
٢٦٢
٢٦٢
٢٦٢
٢٦٣
٢٦٤
٢٦٤
٢٦٤
٢٦٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
سورة
آل عمران
١ ـ قوله تعالى : ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من
الناس (٢١)
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
المسلم البالغ يلزمه تغيير المنكر
٢ ـ قوله تعالى : ألم تر إلى الذين
أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم (٢٣)
وجوب ارتفاع المدعو إلى الحاكم
٣ ـ قوله تعالى : لا يتخذ المؤمنون
الكافرين أولياء من دون المؤمنين (٢٨)
المؤمن لا يتخذ الكافر وليا في نصره
على عدوه
٤ ـ قوله تعالى : إلا أن تتقوا منهم
تقاة (٢٨)
إذا خيف الكافر
٥ ـ قوله تعالى : إني نذرت لك مافي
بطني محررا فتقبل (٣٥)
حقيقة النذر بالحمل
العقود التي ترد عليه وتتعلق به
معنى الآية
معنى المحرر
|
٢٦٦
٢٦٦
٢٦٦
٢٦٧
٢٦٧
٢٦٧
٢٦٧
٢٦٨
٢٦٨
٢٦٨
٢٦٩
٢٦٩
٢٦٩
٢٧٠
|
التعلق بشرائع الماضين في الأحكام والآداب
حضانة الأم
الآية دليل على جواز النذر في الحمل
المطاوعة لزوجها في نهار رمضان
هل شرع من قبلنا شرع لنا
الذرية قد تقع على الود خاصة
٦ ـ قوله تعالى : وسيدا وحصورا (٣٩)
٧ ـ قوله تعالى : وما كنت لديهم إذ
يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون (٤٤)
كيفية فعلهم
الخالة أحق بالحضانة بعد الجدة
٨ ـ قوله تعالى : ندع أبناءنا
وأبناءكم ونساءنا ونساءكم (٦١)
سبب نزولها
هل يدخل الابن من البنت في الوصية
والوقف
٩ ـ قوله تعالى : ومن أهل الكتاب من
إن تأمنه بقتطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينا لا يؤده إليك (٧٥)
|
٢٧٢
٢٧١
٢٧١
٢٧١
٢٧١
٢٧٢
٢٧٢
٢٧٢
٢٧٢
٢٧٤
٢٧٤
٢٧٥
٢٧٥
٢٧٥
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الدينار
ملازمة الغريم للمفلس
الأمانة عظيمة القدر في الدين
١٠ ـ قوله تعالى : إن الذين يشترون
بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا (٧٧)
سبب نزولها
حكم الحاكم لا يحل المال في الباطن
بقضاء الظاهر
١١ ـ قوله تعالى : ما كان لبشر أن
يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله (٧٩
، ٨٠)
سبب نزولها
معنى «ربانيين»
١٢ ـ قوله تعالى : لن تنالوا البر حتى
تنفقوا مما تحبون (٩٨)
البر
تفسير النفقة
تصدق النبي على قرابة المصدق
١٣ ـ قوله تعالى : كل الطعام كان حلا
لبنى إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على مفسه من قبل أن تنزل التوراة (٩٣)
سبب نزولها
تحريم إسرائيل على نفسه
|
٢٧٥
٢٧٥
٢٧٦
٢٧٧
٢٧٧
٢٧٨
٢٧٨
٢٧٨
٢٧٩
٢٨٠
٢٨٠
٢٨٠
٢٨١
٢٨١
٢٨١
٢٨٢
|
للنبي أن يجتهد
حقيقة التحريم المنع
لو قال رجل : حرمت الخبز على نفسي أو
اللحم
١٤ ـ قوله تعالى : أن أول بيت وضع
للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين (٩٦، ٩٧)
بركته
لم سميت بكة
مقام إبراهيم
من اقترف ذنبا واستوجب به حدا ثم لجأ
إلى الحرم
من دخله كان آمنا
١٥ ـ قوله تعالى : ولله على الناس حج
البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين (٩)
ذكر الله الحق يا بلغ ألفاظ الوجوب
كان الحج مملو ما عند العرب مشروعا
لديهم
للحج ركنان
إذا توجه الخطاب على المكلفين بفرض هل
يكفي فعله مرة واحدة
هل فعله مرة على الفور
على الناس عام جميعهم
توجيه وتعليم
|
٢٨٢
٢٨٣
٢٨٣
٢٨٣
٢٨٣
٢٨٤
٢٨٤
٢٨٤
٢٨٥
٢٨٥
٢٨٥
٢٨٦
٢٨٦
٢٨٦
٢٨٧
٢٨٧
٢٨٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الكفار مخاطبون بفروع الشريعة
سائر العبادات تلزم العبد
السبيل الزاد والراحلة
إذا وجدت الاستطاعة توجه فرض الحج
الأفات أنواع
إذا كان مريضا أو معضوبا لم يتوجه
عليه السير إلى الحج بإجماع من الأمة
جواز حج الغير عن الغير
إذا لم يكن للمكلف قوت يتزوده في
الطريف لم يلزمه الحج إجماعا
لا يسقط فرض الحج عن الأعمى
١٦ ـ قوله تعالى : واعتصموا بحل الله
جميعا ولا تفرقوا (١٠٣)
معنى الحبل
التفرق المنهى عنه يحتمل ثلاثة أوجه
لا يصلي المفترض خلف المتنقل
٢٧ ـ قوله تعالى : ولتكن منكم أمة
يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (١٠٤)
لكلمة أمة خمسة عشر معنى
الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض
كفاية
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض
يقوم به المسلم
ترتيب الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر
|
٢٨٧
٢٨٧
٢٨٨
٢٨٨
٢٨٨
١٩
٢٨٩
٢٩٠
٢٩٠
٢٩٠
٢٩٠
٢٩١
٢٩٢
٢٩٢
٢٩٢
٢٩٢
٢٩٢
٢٩٣
|
إذا رأى مسلم فحلا يصول على مسلم
تعظيم هذه الأمة
١٨ ـ قوله تعالى : يوم تبيض وجوه
وتسود وجوه (١٠٦)
فيه خمسة أقوال
هل تزوج القدرية
١٩ ـ قوله تعالى : ليسوا سواء من أهل
الكتاب أمة قائمة يتلون آيات
الله (١١٨)
نزلت فيمن أسلم من أهل الكتاب
٢٠ ـ قوله تعالى : يأ أيها الدين آمنوا
لا تتخذوا بطانة من دونكم (١١٨)
النهى عن مصاحبة الكفار
شهادة العدو على عدوه لا تجوز
٢١ ـ قوله تعالى : بلى أن تصبروا
وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا (١٢٥)
متى نزلت
أول أمر الصوف يوم بدر
الاشتهار بالعلامة في الحرب سنة
جز النواصي
٢٢ ـ قوله تعالى : وشاورهم في الأمر
(١٥٩)
فيما ذا تقع الاستشارة
طلب النبي الإشارة في حديث؟
طلب النبي الإشارة في المنزل
|
٢٩٣
٢٩٣
٢٩٤
٢٩٤
٢٩٤
٢٩٥
٢٩٥
٢٩٥
٢٩٦
٢٩٦
٢٩٦
٢٩٦
٢٩٦
٢٩٧
٢٩٧
٢٩٧
٢٩٧
٢٩٨
٢٩٩
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٢٣ ـ قوله تعالى : وما كان لنبي أن
يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة (١٦١)
سبب نزولها
حقيقة الغلول
القراءات ٣٠٠ معنى الآية
أقوى وجوه الآية
إذا غل الرجل في المغنم
تحريم الغلول دليل على اشتراك
الغانميم في الغنيمة
من غضب شيئاً أدب
٢٧ ـ قوله تعالى : ولا يحسبن الذين
يبخلون بما آتاهم الله من
فضله (١٨٠)
المراد بهذه الآية
البخل
هذه الآية
دليل على وجوب الزكاة
٢٥ ـ الذيم يذكرون الله قياما وقعودا
وعلى جنوبهم (١٩١)
الأحاديث المناسبة لهذا المعنى خمسة
الآية
عامة في كل ذكر
٢٦ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا
(٢٠٠)
شرح ألفاظها
الأقوال
حقيقة معنى الصبر
|
٢٩٩
٢٩٩
٢٩٩
٣٠٠
٣٠١
٣٠١
٣٠٢
٣٠٢
٣٠٣
٣٠٣
٣٠٣
٣٠٣
٣٠٤
٣٠٤
٣٠٥
٣٠٥
٣٠٠
٣٠٥
٣٠٥
|
معنى الرباط
*
* *
سورة
النساء
١ ـ قوله تعالى : واتقوا الله الذي
تسألون به والأرحام (١)
صلة الأرحام
٢ ـ قوله تعالى : وآتوا التامى
أموالهم(٣)
معنى اليتامى
إذا بلغ اليتيم خمسا وعشرين سنة
العلة التي لأجلها منع اليتيم من ماله
وجوب حمل المطلق على المقيد
٣ ـ وإن خفتم ألا تقسطوا في
اليتامى(٣)
سبب نزولها
الثيب أحق بنفسها من وليها
؟ المثل واجب لا يسقط إلا بإسقاط
الزوجة
إذا بلغت اليتيمة وأقسط الولى في
الصداق
العدد الذي يباح للرجل من النساء
ملك اليمين لا حق لاوطء فيه ولا للقسم
نفقة المرأة على الزوج
معنى عال
٤ ـ قوله تعالى : وآتوا النساء
صدقاتهن نحلة فإن طين لكم عن شيء منه نفسا ... (٤)
|
٣٠٦
٣٠٧
٣٠٨
٣٠٧
٣٠٢
٣٠٩
٣٠٩
٣٠٩
٣٠٩
٣٠٩
٣١١
٣١١
٣١٢
٣١٢
٣١٤
٣١٤
٣١٥
٣١٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
من المخاطب بالإيتاء
معنى النحلة
الدكاح عقد؟
المرأة المالكة أمر نفسهم إذا وهبت
صداقها لزوجها
٥ ـ قوله تعالى : ولا تؤتوا السفهاء
أموالكم (٥)
السفة
نهي الأولياء عن إيتاء السفهاء من
أموالهم
٦ ـ قوله تعالى : وابتلوا اليتامى حتى
إذا بلغوا النكاح (٦)
معنى الابتلاء
كيفية الابتلاء
إذا احتلم الغلام
تحديد الأعوام
دفع المال إلى اليتيم
حقيقة الرشد
العود إلى الحجر
معنى إسرافا
الأكل من مال اليتيم
من هو المخاطب بهذا كله
حكمة الإشهاد
٧ ـ قوله تعالى : للرجال نصيب مما ترك
الوالدان والأقربون (٧)
|
٣١٦
٣١٦
٣١٦
٣١٨
٣١٨
٣١٨
٣١٨
٣١٩
٣١٩
٣٢٠
٣٢١
٣٢١
٣٢٢
٣٢٢
٣٢٣
٣٢٣
٣٢٤
٣٢٣
٣٢٧
٣٢٧
|
سبب نزولها
في هذه الآية ثلاث قوائد
قسمة المتروك
٨ ـ وإذا حضر
القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين (٨)
فيم نزلت
٩ ـ وليخش الذين
لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا (٩)
الآية ضعافا (٩)
الآية
عامة في كل ضرر
١٠ ـ قوله تعالى : يوصيكم الله في
أولادكم للذكر مثل حظ الأنثين (١١)
هذه الآية
ركن من أركان الدين
من المخاطب بها
سبب نزولها
في أولادكم يتناول كل ولد
لو حبس رجل على ولده
لو حلف لا ولد له حفدة
للذكر مثل حظ الأنثين
في أولادكم عام في الأعلى منهم
والأسفل
إن استووا وإن تفاوتوا
من علا من الآباء
في الآية
الأخ أقوى سببا
من الجد
سوى الله بين
الأبوني؟ .. لولد
إذا اجتمع الآباء والأولاد
|
٣٢٧
٣٢٨
٣٢٨
٣٢٩
٣٢٩
٣٢٩
٣٢٩
٣٣٠
٣٣٠
٣٣٠
٣٣١
٣٣٣
٣٣٣
٣٣٤
٣٣٤
٣٣٤
٣٣٥
٣٣٥
٣٣
٣٣٨
٣٣٨
٣٣٨
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
إن وجد إخوة فلأمة السدس
إن كان له إخوة ولا أب له
مسألة المول
ميراث الأخوات
ما قبل الوصية
الحكمة في تقديم ذكر الوصية على ذكر
الدين
تقدير الوصية بالثلث
تقديم دين الزكاة والحج على الميراث
حرمان الميراث للقاتل
١١ ـ قوله تعالى : وإن كان رجل يورث
كلالة أو امرأة (١٢)
في قراءتها
في لغتها
في التوجيه
في المختار
اختلاف العلماء في المراد بالكلالة
موارد كلمة الكلالة في الشريعة
التشريك يقتضى التسوية بين الذكر
والأنثى
الأخوات عصبة للبنات
المضارة في الوصية بوجهين
المضارة في الدين
الإقرار حجة شرعية
|
٣٣٩
٣٣٩
٣٤٠
٣٤١
٣٤٢
٣٤٣
٣٤٤
٣٤٤
٣٤٥
٣٤٥
٣٤٥
٣٤٦
٣٤٦
٣٤٧
٣٤٧
٣٤٨
٣٤٩
٣٤٩
٣٥١
٣٥١
٣٥١
|
تكملة
تخصيص
الأسباب التي يستحق بها الميراث
١٢ ـ قوله تعالى : واللاتي ياتين
الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا (١٥)
هذه الآية
ليست منسوخة
الفاحشة
المراد من النساء
تعديد الشهود بأربعة حكم ثابت في
التوراة والإنجيل والقرآن
لا بد أن يكون
الشهود عدولا
معنى الإمساك في
البيوت
البكر يجلد
ويغرب
المرأة لا تغرب
العبد لا يغرب
لا يجمع بين
الجلد والرجم
١٣ ـ قوله تعالى
: واللذان يأتيانها منكم فآذوهما
فإن تابا وأصلحا فأعرضوت عنهما (١٦)
الإذاية
١٤ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا لا حل لکم آن ترثوا النساء كرها (١٩)
في سبب نزولها
|
٣٥٢
٣٥٢
٣٥٢
٣٥٤
٣٤٤
٣٥٤
٣٥٥
٣٥٦
٣٥٦
٣٥٧
٣٥٨
٣٥٩
٣٥٩
٣٥٩
٣٦٠
٣٦٠
٣٦١
٣٦١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
القول في العضل
الفاحشة
تحقيق الأقوال
في تقدير الأية على لاصحيح من الأقوال
حقيقة (ع ش ر)
إذ وجد الرجل في زوجته كراهية
كراهة الطلاق
١٥ ـ قوله تعالى : وإن أردتم استبدال
زوج مكان زوج (٢٠)
الصداق مال من أموالهن
قيمة الصداق
خير النكاح أيسره
القنطار
١٦ ـ قوله تعالى : وكيف تأخذونه وقد
أفضى بعضكم إلى بعض (٢١)
وجوب المهر بالخلوة
كلمة النكاح
لايأخذ الزوج من المختلعة شيئا
١٧ ـ قوله تعالى : ولا تنكحوا ما نكح آباءكم من النساء إلاّ ما قد سلف (٢٢)
ما لا يجوز أن
يتزوج امرأة عقد عليها أبوه أو وطئها
إلا ما قد سلف
استثناء منقطع
إذا نكح الأب
والابن نكاحا فاسدا
إذا لمسها الأب
أو الأبن
|
٣٦١
٣٦٢
٣٦٢
٣٦٢
٣٦٣
٣٦٣
٣٦٤
٣٦٤
٣٦٤
٣٦٤
٣٦٥
٣٦٦
٣٦٧
٣٦٧
٣٦٧
٣٦٨
٣٦٨
٣٦٩
٣٦٩
٣٧٠
٣٧٠
|
١٨ ـ قوله تعالى : حرمت عليكم أمهاتكم
وبناتكم وأخواتكم وعماتكم
التحريم ليس بصفات للأعيان
حرم الله بهذه الآة
من النسب سبعا
الأم
الأخت
العمة
الخالة
بنت الخال وبنت الأخت
الأصناف الصهرية سبعة
لا تحرم العصمة
تحريم الرضاع في أي وقت
في لبن الفحل
الربائب والأمهات مختلفات
تحريم الربائب
معنى الدخول
الجماع واللمس والنظر
معنى الحلائل
الأبناء ثلاثة
الجمع بين الأختين
تحريم نكاح الأخت في عدة الأخت
والخامسة في عدة الرابعة
١٩ والمحصنات من النساء الإ ما ملكت
إيمانكم كتاب الله عليكم (٢٤)
سبب نزولها
|
٣٧١
٣٧١
٣٧١
٣٧١
٣٧١
٣٧٢
٣٧٢
٣٧٣
٣٧٣
٣٧٣
٣٧٥
٣٧٥
٣٧٧
٣٧٨
٣٧٨
٣٧٨
٣٧٩
٣٧٩
٣٧٩
٣٨٠
٣٨٠
٣٨٠
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
بناء (ح ص ن) على المنع
في إشكالها
في سرد الأقوال
سَرد الأقوال في قوله (إلا ما ملكت
أيمانكم)
في تنزيل الأقوال وتقديرها
في الاعتراض على الأقوال
في المختار
الشرع لم يأت دفعة
المحرمات في الشريعة أربعون امرأة
المحرمات العارض خمسة
وجوب الصداق في النكاح
جواز الصداق بكل قليل وكثير
كان النبي مخصوصا في النكاح وغيره
بخصائص
معنى السفاح
متعة النساء بنكاحهن إلى أجل
النكح أشبه شيء بالبيوع
إذا وجب المهر وعلم فلا بأس أن يقع
فيه التراضي بعد ذلك
٢٠ ـ قوله تعالى : ومن لم يستطع منكم
طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات
حكمة الآية
في فهم سياق الآية
معنى الطول
|
٣٨١
٣٨١
٣٨١
٣٨٢
٣٨٢
٣٨٣
٣٨٣
٣٨٤
٣٨٤
٣٨٥
٣٨٧
٣٨٧
٣٨٨
٣٨٩
٣٨٩
٣٨٩
٣٩٠
٣٩١
٣٩١
٣٩١
٣٩١
٣٩١
|
إن قدر على طول كتابية هل يتزوج الأمة
إذا كانت تحته حرة هل يتزوج الأمة أم
هل تكون الحرة بالخيار في البقاء معها
أو الفراق
نكاح الأمة الكافرة
التسوية بين الحر والعبد في الشرف إذا
تزوج أمة ثم قدر على حرة فتزوجها
٢١ ـ قوله تعالى : فانكحوهن بإذن
أهلهن وآتوهن أجورهن محصنات (٢٥)
السيد إذا زوج عبده من أمته فهل يجب
فيه صداق
المملوكة لا تنكح إلا بإذن أهلها
العبد لا ينكح إلا بإذن أهله وسيده
وجوب المهر للأمة
ما يعنى بالمعروف
معنى محصنات
الزاني لا ينكح إلا زانية
لا ينكح المحدود إلا محدودة
٢٢ ـ قوله تعالى : فإذا أحصن فإن أتين
بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب (٢٥)
معنى الإحصان
الأمة إذا زنت ولم تحصن
العنت
كراهية نكاح الأمة
|
٣٩٣
٣٩٤
٣٩٤
٣٩٥
٣٩٦
٣٩٧
٣٩٧
٤٠٠
٤٠٠
٤٠١
٤٠١
٤٠١
٤٠٢
٤٠٣
٤٠٤
٤٠٤
٤٠٥
٤٠٧
٤٠٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
العزل حق المرأة
٢٣ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا لا تآکلو أموالكم
بينكم بالباطل (٢٩)
التجارة
بيع العربان
الربح
التراضي في الشرع
إبطال بيع المكروه
فعل القاصي والخاطئ والمكره
٢٤ ـ قوله تعالى : ولا تتموا ما فضل
الله به بعضكم على بعض (٣٢)
سبب نزولها
حقيقة التمنى
٢٥ ـ قوله تعالى : ولكل جعلنا موالى
مما تر الوالدان والأقربون (٣٣)
الملولى يطلق على ثمان معان
المولى يطلق بالعتق في حكم القريب
٢٦ ـ قوله تعالى : الرجال قوامون على
النساء بما فضل الله بعضهم على بعض (٣٤)
سبب نزولها
معنى قوامون
الزوجان مشتركان في الحقوق
فضل الرجل على المرأة
|
٤٠٧
٤٠٧
٤٠٨
٤٠٨
٤٠٨
٤٠٨
٤٠٩
٤١٠
٤١١
٤١٢
٤١٢
٤١٢
٤١٣
٤١٣
٤١٤
٤١٥
٤١٥
٤١٥
٤١٦
٤١٦
|
النشوز
الأجر فيه أربعة أقوال
قول ابن العربي
الناشز لا نفقة لها ولا كسوة
الضرب
٢٧ ـ قوله تعالى : وإن خفتم شقاق
بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها (٣٥)
بعث الحكمين عند الشقاق
من المخاطب
الحكمان قاضيان لا وكيلان
هل هما شاهدان
القاضي لا يقضى بعلمه
إذا كانت الإساءة من قبل الزوج
الأصل في الحكمين أن يكونا من الاهل
إذا حكما بالفراق فإنه بائن
إن حكم أحدهما بواحدة والآخر بثلاث
إذا حكم أحدهما بمال والآخر
بغير مال
إذا علم الإمام من حال الزوجين للشقاق
هل يجزئ إرسال الواحد
لو أرسل الزوجان حكمين
٢٨ ـ قوله تعالى : واعبدوا الله ولا
تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا (٣٦)
|
٤١٧
٤١٨
٤١٨
٤١٨
٤٢٠
٤١٢
٤٢١
٤٢٣
٤٢٤
٤٢٥
٤٢٥
٤٢٥
٤٢٦
٤٢٦
٤٢٧
٤٢٧
٤٢٧
٤٢٨
٤٢٧
٤٢٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
بر الوالدين ركن من أركان الدين
هل من بر الرجل بوالده للشرك ألا
يقتله
حرمة الجار
الجيران ثلاثة
الجيران ثلاثة
الصاحب بالجنب
ليس من حق الجوار الشفعة
ابن السبيل
المملوك باليمين
٢٩ ـ قوله تعالى : الذين يبخلون
ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم
الله من فضله (٣٧)
سبب نزولها
٣٠ ـ قوله تعالى : والذين ينفقون
أموالهم رثاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر (٣٨)
الذي ينفق ماله رثاء الناس شر من الذي
يبخل بالواجب عليه
٣١ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى (٤٣)
خطاب الله هام في المسلم والكافر
سبب نزولها
الصلاة
السكر
|
٤٢٨
٤٢٩
٤٢٩
٤٢٩
٤٣٠
٤٣٠
٤٣٠
٤٣١
٤٣١
٤٣١
٤٣٢
٤٣٢
٤٣٢
٤٣٢
٤٣٢
٤٣٣
٤٣٤
|
الذي يصلى ولا يحسن صلاته لشغل باله
الجنب
لا يسعى المسافر عابر سبيل
هل اللبث للجنب في المسجد جائز
الغسل
اسم الجنابة باق عليه حتى يغتسل
الوضوء عبادة
المرض
هل يباح التيمم للمريض إذا خاف التلف
سبب نزول الآية
التيمم في حالة الحضر
الغائط
حقيقة اللمس
راعى مالك في اللمس القصد
لمس الصغيرة
دخول الرجال والنساء في حكم اللمس
المراد وجود الماء الحكمي لا الحسي
ماء البحر
معنى صعيدا
معنى طيبا
المسح في اللغة
٣٢ ـ قوله تعالى : إن الله يأمركم أن
تؤدوا الأمانات إلى أهلها (٥٨)
|
٤٣٥
٤٣٦
٤٣٧
٤٣٨
٤٣٨
٤٤٠
٤٤٠
٤٤٠
٤٤١
٤٤١
٤٤٣
٤٤٣
٤٤٣
٤٤٤
٤٤٥
٤٤٥
٤٤٦
٤٤٧
٤٤٨
٤٤٨
٤٤٨
٤٤٩
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
اختلاف الناس في الأمانات
سبب نزولها
الآية
شاملة لكل أمانة
٣٣ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا اطيعوا
الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم (٥٩)
في حقيقة الطاعة
أولو الأمر
٣٤ ـ قوله تعالى ألم تر إلى الذين
يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك (٦٠)
سبب نزولها
تحاكم اليهودى مع المسلم عند حاكم
الإسلام
٣٥ ـ قوله تعالى : ولو أنا كتبنا
عليهم أن اقتلوا انفسكم أو أخرجوا من دياركم ما فعلوه (٦٦)
حرف لو
٣٦ ـ قوله تعالى : ومن يطع الله
والرسول فأؤلئك مع الذين أنعم الله عليهم (٦٩)
سبب نزولها
المدينة يبعث منها أشراف هذه الأمة
يوم القيامة
٣٧ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا
خذوا حذركم فانقروا ثبات أو انقروا جميعا (٧١)
|
٤٤٩
٤٤٩
٤٥٠
٤٥١
٤٥١
٤٥١
٤٥٤
٤٥٤
٤٥٦
٤٥٦
٤٥٧
٤٥٧
٤٥٧
٤٥٧
٤٥٨
|
معنى الثبة
خروج السرايا بإذن الإمام
٣٨ ـ قوله تعالى : ومن يقاتل في سبيل
الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما (٧٤)
الشهيد والغانم
الذي يغنم والذي يخفق
٣٩ ـ قوله تعالى : وما لكم لا تقاتلون
في سبيل الهل والمستضعفين من الرجل والنساء (٧٥)
وجوب القتال لاستنقاد الأسرى
إن امتنع من عنده المال من فداء
الأسرى
تنقيح هذه المسألة
هل يتعلق بالمال حق سوى الزكاة
٤٠ ـ قوله تعالى : أينما تكووا يدركم
الموت ولو كنتم في بروج مشيدة (٧٨)
البروج التي في السماء
٤١ ـ قوله تعالى إلا نفسك وحرض
المؤمنين ... (٨٤)
إسراع المسلمين إلى القتال قبل أن
يفرض عليهمالتحريض والتحضيض
|
٤٥٨
٤٥٨
٤٥٨
٤٥٨
٤٥٩
٤٥٩
٤٥٩
٤٦٠
٤٦٠
٤٦٠
٤٦١
٤٦١
٤٦٢
٤٦٢
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٤٢ ـ قوله تعالى : من يشفع شفاعة حسنة
يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها (٨٥)
الاختلاف في الشفاعة
٤٣ ـ قوله تعالى : وإذا حييتم بتحية
فخيوا بأحسن منها أو ردوها ٨٦)
التحية
الرد
قول اليهود للنبي عليك السام
التحية تطلق في لسان العرب على وجوه
أكثر المسلمين على أن السلام سنة
الرد فرض
رد الهبة
٤٤ ـ قوله تعالى : فما لكم في
المنافقين فئتين والله اركسهم بما كسبوا ... (٨٨ ـ ٩١)
سبب نزولها
الإركاس
العاهدين
٤٥ ـ قوله تعالى : وما كان لمؤمن أن
يقتل مؤمنا الإ خطأ .. (٩٢)
«إلاخطأ» استثناء من غير الجنس
الآية
نزلت في سبب
في قتل الخطأ تحرير الرقبة
الرقبة التي تجزيء
|
٤٦٣
٤٦٣
٤٦٤
٤٦٤
٤٦٥
٤٦٥
٤٦٦
٤٦٧
٤٦٧
٤٦٧
٤٦٨
٤٦٨
٤٦٩
٤٧٠
٤٧٠
٤٧١
٤٧٣
٤٧٤
٤٧٤
|
الدية ف قتل الخطأ
الدية
هي مؤجلة في ثلاثة أعوام
الدية لأولياء القتيل إلا أن يصدقوا
بها على القاتل
الكفارة في قتل المؤمن بني أهل الحرب
إذا أخطاء
الميثاق
اختلاف الناس في دية الكافر
الحكمة في الكفارة
مبنى الديات في الشريفة
شبه العمد
٤٦ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتيينوا ولا تقولوا لمن
ألقى إليكم السلام لست مؤمنا (٩٤)
سبب نزولها
المسلم إذا لقى
الكافر ولا عهد له جاؤ له قتله
الكافر يوجد عند
الدرب
إن صلى أو فعل
فعلا من خصائص الإسلام
٤٧ ـ قوله تعالى
: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ... (١٠١)
بناء ضرب
|
٤٧٤
٤٧٥
٤٧
٤٧٦
٤٧٦
٤٧٧
٤٧٨
٤٧٨
٤٧٨
٤٧٩
٤٨٠
٤٨٠
٤٨١
٤٨٢
٤٨٢
٤٨٣
٤٨٣
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
المراغم
الاختلاف في اشتقاقها
السفر في الأرض
الهجرة والخروج من أرض البدعة
الخروج من أرض غلب عليها الحرام
الفرار من الإذاية في البدن
خوف من المرض في البلاد الوخمة
الفرار خوف الإذاية في المال
الاختلاف في السفر الذي تقصر فيه
الصلاة
الرخص لا تجوز في سفر المعصية
هل القصر قصر عدد
شرط الخوف في القصر
حكم القصر
٤٨ ـ قوله تعالى : وإذا كنت فيهم
فأقمت لهم الصلاة ... (١٠٢)
هذه الآية
بيان صفة القصر من الحدود
صلاة الخوف صلاها النبي بهيئات مختلفة
اختلاف الناس في هذه الصفات وغيرها
ترجيح الأخبار بكثرة الرواة لها أو
مزيد
عدالتهم فيها
أخذ السلاح عند الخوف
الصلاة حال المسايفة
إذا رأوا سوادا فظنةه عدوا فصلوا صلاة
الخوف
|
٤٨٣
٤٨٣
٤٨٣
٤٨٤
٤٨٥
٤٨٥
٤٨٥
٤٨٦
٤٨٧
٤٨٨
٤٨٨
٤٨٩
٤٩٠
٤٩٠
٤٩١
٤٩١
٤٩٣
٤٩٤
٤٩٤
٤٩٥
٤٩٥
|
هل يفقتر القصر والخوف إلى تجديد نية
ترك السلاح والتأهب للعدو بعذر المرض
والمطر
٤٩ ـ قوله تعالى : إنا أنزلنا إليك
الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله (١٠٥)
فيم نزلت
النيابة عن المبطل والمتهم لا تجوز
٥٠ ـ قوله تعالى : لا خير في كثير من
نجواهم (١١٤)
الإخلاص والنصيحة
النجوى
صفة النجوى
لا يتناحى ثلاثة دون رابع
٥١ ـ قوله تعالى : ولآمرنهم
فليبتكن آذان الأنعام (١١٩)
كلّ ما آتاک الله حل
الآذان في الأنعام مجال ومنفعة
وسم الغنم في آذانها
کان النب
قلد الهدى ويشعره
وسم الإبل
الواشمة والمستوشمة
الخصاء
٥٢ ـ قوله تعالى : ويستفتونك في
النساء قل الله يفتيكم فيهن (١٢٧)
|
٤٩٦
٤٩٦
٤٩٨
٤٩٨
٤٩٨
٤٩٨
٤٩٨
٤٩٩
٤٩٩
٤٩٩
٥٠٠
٥٠٠
٥٠٠
٥٠١
٥٠١
٥٠١
٥٠١
٥٠٢
٥٠٢
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
المستضعفون
٥٣ ـ قوله تعالى : وإن امرأة خلفت من
بعلها نشوزا أو إعراضا (١٢٨)
فيمن نزلت الآة
٥٤ ـ قوله تعالى : ولن تستطيعوا أن
تعدلوا بين النساء ولوحرصتم (١٢٩)
هل يجوز تكليف ما لا يطاق
٥٥ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا کونوا قوامن بالقسط
شهداء لله (١٣٥)
سبب نزولها
القسط
أمر الله العبد أن يشهد على نفسه
بالحق
الشهادة بالحق على الوالدين
شهادة الابن على الأبوين
شهادة الأخ لأخيه
المختار عند ابن العربي في شهادة
الوالد للولد
عدم اتباع الهوى في طلب العدل
٥٦ ـ قوله تعالى : ولن يجعل الله للكافرين
على المؤمنين سبيلا (١٤١)
قال العلماء في ذلك قولين
٥٧ ـ قوله تعالى : إن المنافقين
يخادعون الله وهو خادعهم ... (١٤٢)
معنى «كسالى»
الرياء الشرك
|
|
صلاة المنافقين
الطمأنينة في الصلاة
٥٨ ـ قوله تعالى : لا يحب الله الجهر
بالسوء من القول إلاّ من ظلم (١٤٨)
اختلاف الناس في تأويلها
هل تمكن الغوغاء من أن تستطيل على
الفضلاء
الدعا على الظالم
القراءات في «ظلم»
٥٩ ـ قوله تعالى : وأخذهم الربا وقد فهوا
عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل ... ((١٦١)
مخاطبة الكفار بفروع الشريعة في مسائل
الأصول
معاملة الكفار
السفر إليهم والتجارة معهم
يؤخذ منهم في الصلح أبناءهم ونساءهم
إن عامل مسلم كافرا بربا
من زنا في دار الحرب بحوبية
٦٠ ـ قوله تعالى : إنما المسيح عيسى
ابن مرين رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه .. (١٧١)
في تسمية عيسى بالمسيح
الروح
٦١ ـ قوله تعالى : أن يستنكف المسيح
|
٥١١
٥١٢
٥١٢
٥١٢
٥١٣
٥١٣
٥١٣
٥١٤
٥١٤
٥١٤
٥١٥
٥١٥
٥١٦
٥١٦
٥١٦
٥١٦
٥١٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
أن يكون عبد لله ولا الملائكة
المقربون (١٧٢)
معنى يسنكف
٦٢ ـ قوله تعالى : يستفتونك قل الله
يفتيكم في الكلالة (١٧٦)
في وقت نزولها
في سبب نزولها
معنى الآة
*
* *
سورة
المائدة
١ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا آوفو بالعقود
أحلت لكم بهيمة الأنعمام (١)
في المائدة ثمان عشرة فريضة
العقود
أصل (عهد)
ربط العقد
الوفاء بعقد الجاهلية
الشرط الذي يجب الوفاء به
لا يجب الوفاء بشيء أكثر مما يجب
الوفاء باليمين
إنها نذر قربة
نذر المباح
اختلف في بهيمة الأنعام
|
٥١٨
٥١٨
٥١٨
٥١٩
٥١٩
٥٢٠
٥٢٣
٥٢٣
٥٢٤
٥٢٥
٥٢٦
٥٢٦
٥٢٧
٥٢٨
٥٢٨
٥٢٨
٥٢٨
|
المختار
غير محلي الصيد
في تنقيحها
الأنعام الوحشية
تثنية الاستثناء في الجملة الواحدة
جنين الناقة أو الشاة أو نحوهما هل هو
من بهيمة الأنعام المحللة
٢ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر
الله ولا الشهر الحرام (٢)
معنى «شعائر»
الهدى
القلائد
إباحة الصيد بعد الإحلال
٣ ـ قوله تعالى : حرمت عليكم الميتة
والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة (٣)
المنخنقة
الموقوذة
المتردية
النطيحة
«إلا ما ذكيتم» الاستثناء فيه ثلاثة
أقوال
المختار
القول في الذكاة
التذكية
|
٥٢٩
٥٣٢
٥٣٢
٥٣٢
٥٣٣
٥٣٤
٥٣٥
٥٣٥
٥٣٥
٥٣٦
٥٣٦
٥٣٧
٥٣٨
٥٣٨
٥٣٨
٥٣٨
٥٣٩
٥٤٠
٥٤١
٥٤١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
متى تصح الذكاة
لا تصح الذكاة إلا بنية
لو ذبحها من القفا
في الآله
ف السن
والظفر ثلاثة أقوال
المريضة يجوز تذكيتها
الاستقسام بالازلام
الفال والزجر
الأزلام
٤ ـ قوله تعالى : يسألونك ماذا أحل
لهم قل اُحل لكم الطيبات (٤)
الطيبات
الجوارح
إذا أرسلت كلبك المعلم
النية شرط في الصيد
إن اكل الكلب
صيد الكلب الأسود
إن أدركت ذكاة الصيد؟ دون تفريط
الفهد ونحوه
البازي والصقر
٥ ـ قوله تعالى : اليوم اُحُل لكم
الطيبات وطعام الذين اُتوا الكتاب حل لكم (٥)
في «لليوم» ثلاثة أقوال
|
٥٤٢
٥٤٣
٥٤٣
٥٤٣
٥٤٣
٥٤٤
٥٤٤
٥٤٥
٥٤٥
٥٤٥
٥٤٥
٥٤٥
٥٤٧
٥٤٧
٥٤٧
٥٤٨
٥٤٨
٥٤٩
٥٤٩
٥٥٠
٥٥١
|
تنخيل هذه الأقوال
في معنى كمال الدين وتمام النعمة سبعة
أقوال
في المختار من هذه الأقوال
في الطعم قولان
غسل آنية
المجوس فرض
القسمية على الذبيحة
ذبائح الكتابيين
من أهل الكتاب بنو إسرائيل
نصارى بنى تغلب من العرب هل تؤكل
ذبائحهم
الصيد وطعام أهل الكتاب من الطيبات
المحصنات من المؤمنات
٦ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم (٦)
سبب نزولها
النوم حدث
إن نام علي هيئة
من هيئات الصلاة لم يبطل وضوء
هل يتكرر الحكم
بتكرر الشرط
الفاء حرف يقتضى
الربط والسبب
ترتيب الوضوء
الغسل
الوجه في اللغة
|
٥٥١
٥٥١
٥٥٢
٥٥٣
٥٥٣
٥٥٤
٥٥٤
٥٥٤
٥٥٥
٥٥٦
٥٥٦
٥٥٧
٥٥٨
٥٥٩
٥٦٠
٥٦١
٥٦١
٥٦١
٥٦٢
٥٦٢
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
إذا اكتسى الذقن بالشعر
إذا دار العذر على الخلد
الفم
الأنف
العين
لا بد من غسل جزء من الرأس مع الوجه
النية في الوضوء
محل النية
النية في الوضوء يختلف في وجبها بين
العلماء
اليد
حصتي (إلى)
وأيديكم
المسح
الرأس
اختلاف العلماء في مسح الرأس على أحد
عشر قولا
لكل قول مطلع من القرآن والسنئ
ف إيجاب الكل ترجيح من ثلاثة أوجه
ما مسح النبي من رأسه
الباء في «برءوسكم»
مسح شعر القفا
|
٥٦٢
٥٦٣
٥٦٣
٥٦٣
٥٣٦
٥٣٦
٥٦٤
٥٦٥
٥٦٦
٥٦٦
٥٦٧
٥٦٧
٥٦٧
٥٦٧
٥٦٨
٥٦٨
٥٧٠
٥٧١
٥٧١
٥٧٢
|
لو غسل المتوضيء الرأس يدل الصح
مسح الرأس من بللاللحية
مسح الرأس باليدين أو ببد واحدة
الخطاب للمرأة بالعبادة كما هو للرجل
في الوضوء
مسح الرأس عند المرأة
حكم الأذنين
مسح البياض الذي بين الأذنين والرأس
الخالي من الشعر
القراءة في «أرجلكم»
أخبار الآحاد
الكعبان
القول في دخول الرجلين في الكعبيين
تخليل الأصابع في الوضوء
هل إزالة النجاسة واجبة
ترتيب أعمال الوضوء
تكرار اعمال الوضوء
الندب إلى السواك
الباء في» بوجوهكم»
في تقدير الآية
ونظامها
٧ ٩ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا کونوا قوامن لله شهدا
بالقسط (٨)
سبب نزولها
معنى لا يجرمنكم
|
٥٧٣
٥٧٣
٥٧٤
٥٧٥
٥٧٥
٥٧٥
٥٧٦
٥٧٦
٥٧٩
٥٧٩
٥٨٠
٥٨٠
٥٨١
٥٨١
٥٨٢
٥٨٣
٥٨٤
٥٨٤
٥٨٥
٥٨٥
٥٨٥
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٨ ـ قوله تعالى ولقد أخذ الله ميثاق
بني إسرائيل بعثنا منهم اثنى عشر؟ (١٢)
فعل موسى مع بني إسرائيل
خبر الواحد
للتعقيب
اتخاذ النبي النقباء ليلة العقبة
٩ ـ قوله تعالى : وإذ قل موسى لقومه :
يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم (٢٠)
الكفارة
١٠ ـ قوله تعالى : فبعث الله غرابا
يبحث في الأرض (٣١ ، ٣٢)
من المجنى عليه
السوءة
ما فعل الغرابان
قياس الشبه
؟
لم خص الله بني إسرائيل بالذكر
من قتل نفسا كمن قتل الناس
وجه التشبيه
١١ ـ قوله تعالى : من قتل نفسا بغير
نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً (٣٢)
شرع من قبلنا شرع لنا
الفساد في الأرض
|
٥٨٦
٥٨٦
٥٨٦
٥٨٧
٥٨٧
٥٨٨
٥٨٨
٥٨٨
٥٨٩
٥٨٩
٥٨٩
٥٩٠
٥٩١
٥٩١
٥٩١
٥٩٢
٥٩٢
٥٩٢
|
معنى «فكأنما قتل الناس جميعا»
١٢ ـ قوله تعالى : إنما جزاء الذين
يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا (٣٣)
الله لا يحارب
في سبب نزولها خمسة أقوال
تحقيق ذلك
في تحقيق المحاربة
المحارب
التنقيح
الحرابة عامة في المصر والقفر
قطع السبيل موجب للقتل في أصح أقوالنا
إذا أخاف ولم يقتل
معنى أو
اختلفوا في كيفية التفصيل على سبعة
أقوال
الآية
نص في التخيير
للنفي فيه أربعة أقوال
إذا صلب الإمام المحارب فإنه يصلبه
حيا
الحرابة يقتل بها من قتل
إذا خرج المحاربون فاقتتلوا مع
القافلة قتيل الجميع
«إلاّ الذين تابوا» فيه خمسة أقوال
تحقيق هذه الأقوال
|
٥٩٣
٥٩٣
٥٩٣
٥٩٤
٥٩٥
٥٩٦
٥٩٦
٥٩٧
٥٩٧
٥٩٨
٥٩٨
٥٩٩
٥٩٩
٦٠٠
٦٠٠
٦٠٢
٦٠٢
٦٠٢
٦٠٣
٦٠٣
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
١٢ ـ قوله تعالى : والسارق والسارقة
فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا
؟ حققئ
السرقة
الألف واللام في «السارق والسارقة»
السارق والسارقة عام في كل سارق
وسارقة
قراءة؟
؟
السرقة تتعلق بخمسة معان
السارق ـ شرطة
متعلق المسروق
؟ المسروق منه
من سرق من ذى رحم محرم
إذا سرق العبد من مال سيده
متعلق المسروق منه
إذا اجتمع جماعة فاجتمعوا على إخراج
فصاب من حرزه
الاشتراك لي الجناية لا يسقط عقوبتها
إذا تلقب واحد من الشركاء الحوز
في النباش
إذا سرق السارق وجب القطع ورد العين
إذا سرق المال من الذي سرقه
إذا شكررت الشرقة بعد القطع في العين
المسروقة
إذا ملك السارق ـ قبل أن يقطع ـ العين
|
٦٠٤
٦٠٤
٦٠٤
٦٠٥
٦٠٥
٦٠٦
٧٠٧
٦٠٧
٦٠٩
٦٠٩
٦٠٩
٦١٠
٦١٠
٦١٠
٦١١
٦١١
٦١٢
٦١٢
٦١٣
٦١٣
|
المسروقة
توبة السارق
سارق المصحف
المقصود بأيديهما مع أنهما؟
؟ يقطع
قطع يد الآبق
إذا وجب حد السرقة فقتل السارق
رجلا ووجب عليه القصاص
؟ لا يسقط الحد
قطع السرقة شرعنا أم شرع من قبلنا
١٤ ـ قوله تعالى : يأ أيها الرسول لا
يحزنك الذين يسارعون في الكفر (٤١ ـ ٤٣)
سبب نزولها
في المختار
مجيء اليهود إلى الرسول في أمر
الزانيين
؟ النبي الحكم
في التحكيم من اليهود
إذ حكم الزانيان الإمام
إذا حكم رجل رجلا فحكمه ماض
كل حق اختص لخصمان به جاز التحكيم فيه
ونفذ
كيف أنفذ النبي الحكم بينهم
في المختار
من المراد بالكافرين
|
٦١٣
٦١٤
٦١٤
٦١٥
٦٠٦
٦١٧
٦١٨
٦١٨
٦١٨
٦١٨
٦١٩
٦٢٠
٦٢٠
٦٢١
٦٢١
٦٢١
٦٢١
٦٢٢
٦٢٣
٦٢٤
٦٢٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
١٥ ـ قوله تعالى : وكتبنا عليهم فيها
أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن (٤٥)
بنو قريظة طلبو من النبي أن يحكم
بينهم وبين بني النضير
قتل المسلم بالذمى
كل نفس منا تقابل نفسا
قتل الحر بالعبد
قتل الحر بالمرأة
قتل الرحل بالمرأة
قتل الجماعة بالواحد
إذا جرح أو قطع اليد أو الأذن ثم قتل
لم ترك اليد
حكم فقء العين وإذهاب بصرها وإبقاء
صورتها
لو فقأ أعور عين صحيح
لوفقا صحيح عين أعور
إذا ضرب سنّة فاسودت
إذا أخذ الكبير دية ضرسة ثم نبت هل
يردها
لو كانت له سن زائدة فقلعت
الذي يقطع أذنى رجل
اللسان والقود فيه
إن قطع لسان أخرس
أخذ اليمين واليسار باليسار
الجروح قصاص
|
٦٢٥
٦٢٥
٦٢٥
٦٢٦
٦٢٧
٦٢٧
٦٢٧
٦٢٧
٦٢٧
٦٢٨
٦٢٨
٦٢٩
٦٢٩
٦٢٩
٦٢٩
٦٢٩
٦٣٠
٦٣٠
٦٣٠
٦٣٠
٦٣١
٦٣١
|
من وجب له القصاص فأسقطه
١٦ ـ قوله تعالى : وأن احكم بينهم بما
انزل الله (٤٩)
سبب نزولها
شروط النسخ
١٧ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا
لاتتخذوا اليهود والنصارى أولياء (٥١)
سبب نزولها
اتخاذ الكاتب الذمي
ذبائح نصارى العرب
١٨ ـ قوله تعالى : وإذا ناديتم إلى
الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا (٥٨)
اتخاذ الفاقوس
الأذان
١٩ ـ قوله تعالى : قل يأهل الكتاب لا
تغلوا في دينكم غير الحق ، ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا (٧٧)
النهي عن الغلو في الدين
من رغب عن السنة
٢٠ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات
ما أحل الله لكم (٨٧)
سبب نزولها
شريعتنا السمحة الحنيفية
إذا قال : هذا على حرام لشيء من
الحلال
٢١ ـ قوله تعالى : لايؤاخذكم كم الله
باللغو
|
٦٣٢
٦٣٢
٦٣٢
٦٣٢
٦٣٣
٦٣٣
٦٣٣
٦٣٤
٦٣٥
٦٣٥
٦٣٥
٦٣٦
٦٣٦
٦٣٦
٦٣٧
٦٣٧
٦٣٨
٦٣٩
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم
الأيمان (٨٩)
اليمين على ضربين
لليمين اللغو سبع متعلقات
المن
الغموس
ف
حققة اليمين
إذا قال أقسمت عليك
إذا حلف بالله أو بصفاته أو أسمائه
الحسنى
لا يعتقد اليمين بغير الله وصفاته
وأسمائه
القراءات في «عقدتم»
هي يقتضى اليمين تحريم المحلوف عليه
إذا لم يؤكد اليمين
إذا انعقدت اليمين حلتها الكفارة أو
الاستثناء
نكتة
في الأفضل من استمرار البر في اليمين
أو الحنث إلى الكفارة
في تقديم الكفارة على الحنث
اليمين سبب الكفارة
كفارة اليمين على التخيير
أوسط الطعام
الوسط
التمليك للمساكين
إذا دفعها لمسكين واحد
أقل ما يقع عليه الكسوة
|
٦٤٠
٦٤٠
٦٤٠
٦٤٢
٦٤٢
٦٤٣
٦٤٣
٦٤٣
٦٤٣
٦٤٥
٦٤٦
٦٤٧
٦٤٨
٦٤٨
٦٤٩
٦٤٩
٦٥٠
٦٥٠
٢٥١
٦٢٥
٦٢٥
|
هل تجزىء القيمة عن الطعام والكسوة
إذا دفع الكسوة إلى ذمى أو الطعام
الرقبة المجزئة
المعدم للقدرة
في تحديد العدم
الصيام والتتابع
حفظ الإيمان
٢٢ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا ؛نما الخمر والمسر والأنصاب والآزمان رجس (٩٠)
سبب نزولها
تحقيق اسم الخمر والأنصاب والأزلام
الرجس
٢٣ ـ قوله تعالى : إنما يريد الشيطان
أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر (٩١ ، ٩٢)
فيمن نزلت
فيم اتقوا
شراب الخمر على عهد النبي وخلفائه
٢٥ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لبلونکم الله بشء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم (٩٤)
|
٦٥٢
٦٥٣
٦٥٣
٦٥٣
٦٥٤
٦٥٤
٦٥٥
٦٥٥
٦٥٥
٦٥٦
٦٥٦
٦٥٧
٦٥٧
٦٥٨
٦٥٩
٦٦١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
سبب نزولها
هذه الآة؟
في الذكور و؟
المخاطب بهذه الآية
عمل الأصل في الصيد التحريم والإباحة؟
حكم صغار الصيد وكباره
صيد الذمى
صيد المجوسي
٢٦ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصد
وأنتم حرم ، ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من؟ (٩٥)
سبب نزولها
القتل وأنواعه
ذبح المحرم للصيد على وجه التذكية
هموم الصيد بريه وبحرية
هموم التحريم
قتل السباع العادية
وأنتم حرم عام في الرجال والنساء
المتعمد والمخطىء والقاسي
توجيه ذلك
الجزاء
المثل
درجات حرف (من)
القيمة مثل
|
٦٦١
٦٦١
٦٦١
٦٦٢
٦٦٢
٦٦٣
٦٦٣
٦٦٤
٦٦٤
٦٦٤
٦٦٤
٦٦٦
٦٦٦
٦٦٦
٦٦٦
٦٦٧
٦٦٨
٦٧٠
٦٧٠
٦٧٠
٦٧١
|
تكملة
سود الآثار
عن السلف في الباب
الفرق بين صغير الصيد وكبيرة
تقدير الطعام والصيام
إقامة عدلين
رأى الحكمين
مما حكما به يفعل به ما يفعل بالهدى
لا يكون الجزاء في الصغير إلا بالقيمة
الإطعام
الجزاء كفارة ومقابل للجناية
إذا قتل جماعة صيدا في حرم وهم محلون
كفارة العبد
إذا قوم الطعام
الهدى والإطعام ومكانها
ما يحتاج إلى الحكميم فيه
إذا قتل محرم صيدا فجزاء ثم قتله
ثانية
لايجوز أن يكون الجاني أحد الحكمين
٢٧ ـ قوله تعالى : أحل لعلكم صيد
البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم علومكم صيد البر ما دمتم حرما
البحر
صيد البحر فيه ثلاثة أقوال
رجوع هذه الأقوال إلى قول واحد
الذي يؤخذ بغير محاولة ولا حيلة على
قسمين
|
٦٧٢
٦٧٣
٦٧٤
٦٧٤
٦٧٤
٦٧٤
٦٧٤
٦٧٦
٦٧٦
٦٧٨
٦٧٨
٦٧٩
٦٧٩
٦٨٠
٦٨١
٦٨١
٦٨٣
٦٨٣
٦٨٣
٦٨٤
٦٨٤
٦٨٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
«وطعامه» فيه ثلاثة أقوال
ميتة البحر
هذه الآية
جاءت لبيان تحليل الصيد
«وللسيارة» فيها قولان
الصيد في البر قي حق المحرم ممتنع بكل
وجه
إذا أحرم وفي ملكه صيد
إن صاده الحلال في الحل فأدخله في
الحرم
إذا كان المحرم محرما بدخول حرم
المدينة
لم يجز له الاصطياد فيه
إذا صاد بالمدينة كان آثما
إذا دلّ الحرام حلالا على صيد
الحيوان الذي يكون في البحر والبر
ما أخرج من اللؤلو والعنبر من البحر
٢٨ ـ قوله تعالى : جعل الله الكعبة
البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام (٩٧)
«جعل الله» يتصرف على ثلاثة أوجه
تحقيقه
لم سميت كعبة
لم سماها الله بيتاً
لم سماها الله حراما
من أي شيء حرمها
قيام الشيء قوامه
في المعنى الحقيقي للقيام
|
٦٨٤
٦٨٥
٦٨٥
٦٨٦
٦٨٧
٦٨٨
٦٨٩
٦٨٩
٦٨٩
٦٩٠
٦٩٠
٦٩٠
٦٩١
٦٩١
٦٩١
٦٩٢
٦٩٢
٦٩٢
٦٨٦
٦٩٣
٦٩٣
|
؟
٢٩ ـ قوله تعال : قل لا يستوى الخبيث
والطيب ولو أعجبك؟ الخبيث (١٠٠)
الخبيث (١٠٠)
الطيب
الخطاب في (أعجبك)
وجه عدم استوائه ووجوب؟
حقيقة الاستواء
٣٠ ـ قوله تعالى : يا أيها الذيم آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن؟ لكم تسؤكم (١٠١ ، ١٠٢)
سبب نزولها
لا شرع بعد موت
النبي
في «القوم»
أربعو أقوال
أسئلة الدوازل
٣١ ـ قوله تعالى
: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام (١٠٣)
تفسير هذه
المسميات لغة
تفسير
الآة
اول من بحر البحائر
السوائب
الوصيلة
الحمام
البحيرة
|
٦٩٥
٦٩٥
٦٩٥
٦٩٥
٦٩٦
٦٩٦
٦٩٨
٦٩٨
٦٩٩
٦٩٩
٧٠٠
٧٠١
٧٠١
٧٠١
٧٠٢
٧٠٢
٧٠٢
٧٠٢
٧٠٢
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
سبب نصب الأوثان
تحذير الامة من الوقوع في مثل ذلك
من الباطل
الحبس
في عتق السائمة
الافتراء على قسمين
٣٢ ـ قوله تعالى : وإدا قيل لهم
تعالوا
إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا
حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا (١٠٤)
في ارتباطها بما قبلها
العقول لا حكم لها بتحسين ولا تقبيح
ولا تحليل ولا تحريم
ذم التقليد
قبول قول العالم من غير معرفة بدليله
أحكام التقليد ووجهه
الأدلة والاحتجاجات لا تكون بمحتمل
٣٣ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا علکم انفسکم لا ضرکم من ضل إذا اهتديتم (١٠٥)
هذه آية
ينسخ آخرها أولها
هذه الآة
من أصول الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر
مخاطبة الكفار بفروع الشريعة
منزلة الصحابة
بدأ الإسلام غريبا
|
٧٠٢
٧٠٤
٧٠٤
٧٠٦
٧٠٦
٧٠٧
٧٠٧
٧٠٧
٧٠٧
٧٠٧
٧٠٧
٧٠٨
٧٠٨
٧٠٩
٧٠٩
٧١٠
٧١١
٧١١
|
٣٤ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا شهادة
بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم (١٠٦ ، ١٠٧ ، ١٠٨)
سبب نزولها
معنى (شهد)
تحقيق بناء (شهد)
تحقيق القول في «بين»
لفظ حضر يعبر به عن الوجود مشاهدة
معنى «حين»
وقت الوصية وسببها
إعراب «اثنان»
قوله «منكم» فيه ثلاثة أقوال
قوله «أو»
الشهادة في الحضر والسفر
حبس من وجب عليه الحق
الشهادة يمين
«من بعد الصلاة» فيه أربعة أقوال
من خلف على يمين كاذبة
التغليط بالألفاظ فيه ثلاثة أقوال
ترك التغليط بالألفاظ
تغليط العدد
التغليط بالحال
الريبة
يمين التهمة والريبة على قسمين
|
٧١٢
٧١٣
٧١٧
٧١٨
٧١٩
٧٢٠
٧٢٠
٧٢١
٧٢١
٧٢١
٦٢٢
٧٢٢
٧٢٣
٧٢٤
٧٢٤
٧٢٤
٧٢٤
٧٢٥
٧٢٦
٧٢٦
٧٢٧
٢٢٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
«به» فيه ثلاث أقوال
فيه ثلاثة أقوال
اليمين والشهادة
الإثم
الأوليان
إعرابه فيه أربعة أقوال
في معنى «الأوليان»
في بقاء معنى هذه الآية أو ارتفاعه
في تقدير الآة
*
* *
سورة
الأنعام
١ ـ قوله تعالى : وعند مفاتح الغيب لا
يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر (٥٩)
«عند»
مفاتح
المحسوسات والمعقولات
الأمهات الخمس
خزائن الغيب
مقامات الغيب الخمسة
٣ ـ قوله تعالى : وإذا رأيت الذين
يخوضون في آاتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره
(٦٨)
فيم نزلت
|
٧٢٨
٧٢٨
٧٢٨
٧٢٨
٧٢٩
٧٣٠
٧٣١
٧٣١
٧٣٣
٧٣٤
٧٣٤
٧٣٥
٧٣٥
٧٣٥
٧٣٥
٧٣٥
٧٣٩
٧٣٩
|
الخطاب للنبي والمراد الأمة
النسيان
٣ ـ قولع تعالى : وتلك حجتنا آتناها إبراهيم
على قومه نرفع درجات من نشاء (٨٣)
رفع الدجات بالعلم
علم الدنيا عنوان الآخرة
وسبيلها
٤ ـ قوله تعالى : أولئك الذين هدى اله
فبداهم اقتده (٩٠)
هل تعبد النبي وأمته بشريعة من قبلهم
٥ ـ قوله تعالى : انظرونا إلى ثمرة
إذا أثمر وينعه (٩٩)
تفسير «الينع»
الإيتاع
تقصيع الرطب
٦ ـ قوله تعالى : ولا تسبوا الذين
يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم (١٠٨)
السب
هل للمحق أن يكف عن حق إذا أدى ذلك
إلى ضرر يكون في الدين
٧ ـ قوله تعالى : وأقسموا باببه جهد
أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنون بها (١٠٩)
|
٧٣٩
٧٤٠
٧٤٠
٧٤١
٧٤١
٧٤١
٧٤١
٧٤٢
٧٤٢
٧٤٢
٧٤٣
٧٤٣
٧٤٣
٧٤٤
٧٤٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
سبب نزولها
معنى «جهد إيمانهم»
الحلف بغير الله على وجهين
الحنث في اليمين وكفارته
٨ ـ قوله تعالى : ولا تأكلوا مما لم
يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق (١٢١)
سبب نزولها
أكل ما سمى عليه اسم الله
ظاهر الإثم وباطنه
اللفظ الوارد على سبب هل يقصر عليه أم
لا
اختلف العلماء في متروك التسمية على
ستة أقوال
للتسمية شرط في إرسال الكلب دون للسهم
يجب أن تعلق هذه الأحكام بالقرآن
والسنة والدلائل المعنوية
الذكر
القاصي للتسمية على الذبيحة
للمتعمد
تارك التسمية عمدا لا يخلو من ثلاثة
أحوال
ما يقع في القولب من الإلهام
المجادلة
٩ ـ ١١ قوله تعالى : وجعلوا لله مما
ذرا
|
٧٤٤
٧٤٤
٧٤٥
٧٤٥
٧٤٦
٧٤٦
٧٤٦
٧٤٧
٧٤٨
٧٤٩
٧٤٩
٧٤٩
٧٥٠
٧٥٠
٧٥٠
٧٥١
٧٥١
٧٥١
|
من الحرث والأنعام ونصيبا فقالوا :
هذا بزعمهم وهذا لشركائنا ـ إلى قوله ـ وكانوا مهتدين (١٣٦ ـ ١٤٠)
العرب تصرفت بعقولها القاصرة في تدويج
الحلال والحرام
جهل العرب أمر أذهبه الله بالإسلام
ما جعلوه لله وللأوثان
وأد البنات
حقيقة التزيين
من الباطل الذي ارتكبوه
تخصيص العموم
تخصيص القياس ببعض العلة
١٢ ـ قوله تعالى : وهو الذي أنشأ جنات
معروشات وغير معروشات (١٤١)
معنى أنشأ
الجنات
معنى معروشات
من دلائل قدرة الله
لا يمنع في الشريعة اقتران المباح
والواجب
اختلف في تفسير الحق على ثلاثة أقوال
الزكاة في كل مقتات
تؤخذ الزكاة من كل نوع عند انهائه
باليبس
هذه الآية
الزكاة
|
٧٥٢
٧٥٢
٧٥٣
٧٥٣
٧٥٤
٧٥٤
٧٥٤
٧٥٥
٧٥٥
٧٥٥
٧٥٥
٧٥٥
٧٥٦
٧٥٦
٧٥٧
٧٥٧
٧٥٨
٧٦٠
٧٦١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
وقت وجوب الزكاة في الأموال النباتية
إن تلفت بعد الطيب فلا شيء فيها على
المالك
إن تلفت بعد الخرص
الله أوجب الزكاة ثم فسر القصاب
الإسراف
١٣ ـ قوله تعالى : قل لا إجد في ما
أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون حيته ... (١٤)
الوحي ينقسم على ثمانية أقسام
هذه الآية
مدنية مكية في قول الأكثر
المحرمات على ثلاثة أقسام
اختلف الناس في حمل المطلق هنا على
المقيد على قولين
اختلف العلماء في هذه الآية
على ثلاثة أقوال
ما ورد عن النبي في الحمر الأهلية
مختلف في تأويله على أربعة أقوال
لحوم الخمر الأهلية
كره النبيّ من الشاء صبعا
١٤ ـ قوله تعالى : وعلى الذين هادوا
حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم (١٤٦)
«هادو» فيها أربعة أقوال
كل ذى ظفر
|
٧٦٣
٧٦٣
٧٦٣
٧٦٤
٧٦٤
٧٦٤
٧٦٤
٧٦٥
٧٦٥
٧٦٦
٧٦٦
٧٦٧
٧٦٨
٧٦٩
٧٦٩
٧٦٩
|
الحوايا
التحريم إنما يكون عن ذنب
١٥ ـ قوله تعالى : قل هلمّ شهداء كم
الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم (١٥٠)
إذا قال الرجل رضيت بفلان فإذا شهد
أنككره
١٦ ـ قوله تعالى : ولا تقربوا مال
اليتيم
إلا بالتي هي أحسن (١٥٢)
حال الولى مع اليتيم في ماله
الأشد
١٧ ـ قوله تعالى : قل إن صلاتي ونسكي
ومحياي ومماتي لله رب العالمين (١٦٢ ، ١٦٣)
مقام التسليم لله
ما كان يستفتح به النبي صلاته
ما كان يقوله في آخرها
١٨ ـ قوله تعالد
: قل أغير الله أبغى ربا وهو رب كل شيء (١٦٤)
بيع الفضولي
للوزر معنيان
لايؤخذ أحد بجرم
أحد
*
* *
|
٧٧٠
٧٧٠
٧٧٠
٧٧٠
٧٧١
٧٧١
٧٧١
٧٧١
٧٧١
٧٧٢
٧٧٢
٧٧٢
٧٧٢
٧٧٣
٧٧٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
سورة
الأعراف
١ ـ قوله تعالى كتاب أنزل إليك فلا
يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين (٢)
النهى عن الشيء لا يقتضى نفيه
الحرج
من تمام النية في العبادة النشاط
إليها
من ترك الصلاة
٢ ـ قوله تعالى : أتبعوا ما أنزل
إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء
اتباع ما يوثر عن النبي
٣ ـ قوله تعالى : يابن آدم
خذوا زينتكم عند كل مسجد (٣١)
في نزولها
في سبب فعل الجاهلية لذللك
ستر العورة هل هو فرض في الصلاة أم
مستحب
العورة على ثلاثة أقسام
الفعل الواقع في المسجد على ثلاثة
أقسام
إذا سقط ثوب إمام فانكشف
هل يعيد المأمون
عورة الرجل وعورة المرأة
الإسراف
|
٧٧٥
٧٧٥
٧٧٥
٧٧٥
٧٧٦
٧٧٦
٧٧٦
٧٧٦
٧٧٦
٧٧٧
٧٧٨
٧٧٩
٧٨٠
٧٨٠
٧٨٠
٧٨١
٧٨١
|
٤ ـ قوله تعالى : قل من حرم زينة الله
التي أخرج لعباده (٣٢)
زينة الله
الطيبات من الرزق
٥ ـ قوله تعالى : قل إنما حرم ربي
الفواحش ما ظهر وما بطن (٣٣)
ما ظهر من الفواحش وما بطن
الإثم
البغى
٧ ـ قوله تعالى : ادعوا ربكم تضرعا
وخفية إنه لا يحب المعتدين
الأصل في الأعمال الفرضية والنقلية
الذكر بالقراءة في الصلاة سر وجهر
٨ ـ قوله تعالى : لقد؟نوحا إلى قومه
فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره (٥٩)
نوح أول رسول بعثه الله
سبب تسمية نوح
الطوفان
٩ ـ قوله تعالى : ولوطا إذا قال لقومه
اتاتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين (٨٠)
الفاحشة
جزاء فعلهم
سبب عقوبة قوم لوط
|
٧٨١
٧٨٢
٧٨٢
٧٨٣
٧٨٣
٧٨٣
٧٨٣
٧٨٤
٧٨٤
٧٨٤
٧٨٤
٧٨٥
٧٨٥
٧٨٥
٧٨٦
٧٨٦
٧٨٦
٧٨٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
من أتى بهيمة
١٠ ـ قوله تعالى : ولا تبخسوا الناس
أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلك خير لكم (٨٥)
البخس
الغبن في البيع
بيع المعتوه
١١ ـ قوله تعالى : لأقطعن أيديكم
وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين (١٢٤)
هذه العقوبة من شرع متقدم
١٢ ـ قوله تعالى : قالوا يا موسى اجعل
لنا إلها كما لهم آلهة (١٢٤)
التحذير من
اتباع البدع والأمر باحياء السنن
صوم ستة أيام
ثاني عيد الفطر
١٣ ـ قوله تعالى
، وأتمناها بعشر (١٤٢)
ضرب الأجل
للمواعيد
الزيادة في
الأجل
الزيادة التي
تكون في الأجل غير مقدرة
التاريخ إنما
يكون بالليالي دون الأيام
الأربعون ليلة
١٤ ـ قوله تعالى
: وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل
|
٧٨٧
٧٨٨
٧٨٨
٧٨٨
٧٨٨
٧٨٩
٧٨٩
٧٨٩
٧٨٩
٧٩٠
٧٩٠
٧٩٠
٧٩١
٧٩١
٨٩١
٧٩١
|
شء
القول في الحسن والأحسن
المباح من جملة الحسن في الشريعة
١٥ ـ قوله تعالى : ولما رجع موسى إلى
قومه غضبان أسفا
كان موسى من أعظم الناس غضبا
ما معنى أخذه برأس أخيه يجره
الغضب لا يغيّر الأحكام
١٦ ـ قوله تعالى : الذين يتبعون
الرسول النبيّ الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل (١٥٧)
محاورة بين أبي بكر وعمر فأغضب أبوبكر
عمر
الإصر
إحلال الغنائم
١٧ ـ قوله تعالى واسألهم عن القرية
التي كانت حاضرة البحر إذ يعدوز في السبت (١٦٣)
سبب سؤال اليهود عن القرية
ما هي المدينة
سبب مسخهم
تحريم الصيد عليهم يوم السبت
لم فعلوا هذا نهاهم كبراؤهم
القاصي والساهي
كل عمل ظاهرا الجواز يتوصل به إلى
محظور
اختلاف الناس في الممسوخ هل ينسل
|
٧٩١
٧٩١
٧٩١
٧٩٢
٧٩٣
٧٩٣
٧٩٣
٧٩٤
٧٩٤
٧٩٥
٧٩٥
٧٩٥
٧٩٦
٧٩٦
٧٩٦
٧٩٦
٧٩٧
٧٩٧
٧٩٨
٧٩٨
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
١٨ ـ قوله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم
ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم (١٧٢)
خلق الله آدم وذرته
أهل الجنة وأهل النار
الكفار للتأواون
نكاح القدرية
كفر من أنكر أصول الإيمان
أين يدفنون
١٩ ـ قوله تعالى : ولله الأسماء
الحسنى فأدعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه (١٨٠)
الأسماء الحسنى فيها خمسة أقوال
في سبب نزولها
ما هذه الأسماء التي أضافها الله
هل إلى معرفتها من سبيل
تعديد أسمائه بالقرآن
ف الحديث المطلق غير ذلك
مافي الكتاب والسنة وما ذكره الأئمة
من هذه الأسماء
حقيقة الدعاء الطلب
الإلحاد بوجهين
٢٠ ـ قوله تعالى : أو لم ينظروا في
ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء (١٨٥)
|
٧٩٩
٧٩٩
٨٠١
٨٠٢
٨٠٢
٨٠٢
٨٠٢
٨٠٢
٨٠٥
٨٠٥
٨٠٤
٨٠٤
٨٠٤
٨٠٤
٨٠٥
٨٠٧
٨١٦
٨١٦
|
حقيقة التفكر
اى العلمين أفضل التفكر أم الصلاة
٢١ ـ قوله تعالى : هو الذي خلقكم من
نفس واحدة وجعل منها زوجها (١٨٩ ، ١٩٠)
المراد بانلفس الواحدة
أول الحمل بشر وسرور ، وآخره مرض
حال الحامل حال
المرض ف أفعالها
راكب البحر
فطر الحامل وفديتها
٢٤ ـ قوله تعالى : خذ العفو وأمر
بالعرف وأعرض عن الجاهلين (١٩٩)
العفو
العرف
كلمات ينفع الله بها
عيينة بن حصن وعمر
تنقيح الأقوال في العفو
تنقيح الأقوال في العرف
الإعراض عن الجاهلين
هذه الآية
تضمنت قواعد الشريعة
٢٥ ـ قوله تعالى : وإذا قرىء القرآن
فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون (٢٠٤)
سبب نزولها
القراءة مع الإمام
|
٨١٧
٨١٨
٨١٩
٨١٩
٨٢٠
٨٢٠
٨١٢
٨٢٢
٨٢٢
٨٢٢
٨٢٣
٨٢٣
٨٢٣
٨٢٣
٨٢٥
٨٢٥
٨٢٦
٨٢٦
٨٢٦
٨٢٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الأحاديث في ذلك
الآثار عن الصحابة
والتابعين في ذلك
وجوب القراءة في الإسرار
أسباب عدم القراءة في الجهر
٢٦ ـ قوله تعالى : واذكر ربك في نفسك
تضرها وخيفة (٢٠٥)
معنى «في نفسك»
السبب الخاص لا يمنع من التعلق
بالظاهر
٢٧ ـ قوله تعالى : إن الذين عند ربك
لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه له يسجدون (٢٠٦)
هذه أول سجدة في القرآن
ف القرآن
خمس عشرة سجدة
مواضعها في القرآن
اختلاف الناس
ف وجوب سجود التلاوة
لابد في سجود التلاوة من الطهارة
هل فيها تحليل بالسلام
هل نسجدها في الأوقات النهي عنها
سجدة الحج الثانية هل هي عزيمة
موضع السجدة في آية
النمل
سجد (ص)
سجدة النجم
سجدة «إذا السماء انشقت»
*
* *
|
٨٢٧
٨٢٧
٨٢٧
٧٢٧
٨٢٩
٨٢٩
٨٢٩
٨٢٩
٨٢٩
٨٢٩
٨٣١
٨٣١
٨٣١
٨٣١
٨٣٢
٨٣٢
٨٣٢
٨٣٣
٨٣٣
|
سورة
الأنفال
١ ـ قوله تعالى : يسألونك عن
الأنفال(١)
سبب نزولها
النقل في اللغة
متى كانت بدر
عدة المشركين يوم بدر
الأنفال والغنائم والغي
محل الأنفال
معنى الآية
سلب القتيل فيه الخمس
النقل على قسمين جائز ومكروه
معنى «لله والرسول»
٢ ـ قوله تعالى : «وإذ يعدكم الله
إحدى الطائفتين أنها لكم (٧)
خروج النبي إلى عير قريش
قول المهاجرين والأنصار
قول العباس وفي الأسرى
جواز النفر للغنيمة
قول النبي لأهل قلبل بدر من المشركين
الموت ليس بعدم محض
سؤال جبريل عن أهل بدر
أفضل الأعمال الجهاد
قصيدة حسان في بوم بدر
|
٨٣٤
٨٣٤
٨٣٥
٨٣٥
٨٣٦
٨٣٦
٨٣٧
٨٣٧
٨٣٨
٨٣٩
٨٣٩
٨٤٠
٨٤٠
٨٤٠
٨٤١
٨٤١
٨٤١
٨٤١
٨٤٢
٨٤٢
٨٤٢
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٣ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا إذا
لقيم الذين كفروا زحفا (١٥ ، ١٦)
معنى «زحفا»
اختلاف الناس في الفرار في الزحف
الفرار يوم بدر
٤ ـ قوله تعالى : فلم تقتلوهم ولكن
الله قتلهم وما رميت إذ رميت (١٧)
السورة كلها مدنية إلا سبع آيات
٥ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه (٢٠ ، ٢١)
القول لا يكون
إلا بالعمل على الصلاة
٦ ـ قوله تعالى
: يأ أيها الذين آمنوا استجبوا لله
وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم (٢٤)
معنى الاستجابة
المراد بالحياة
وجوب إجابة النبي وتقديمها على الصلاة
٧ ـ قوله تعالى : واتقوا فتنة لا
تصيبن
الذين ظلموا منكم خاصة (٢٥)
في تأويل الفتنة
المختار
تعلق كل عقوبة بصاحب الذنب
معنى الآية
إشكال هذه الآية
بين المتأخرين والمتقدمين
|
٨٤٣
٨٤٣
٨٤٣
٨٤٣
٨٤٤
٨٤٤
٨٤٥
٨٤٥
٨٤٥
٨٤٥
٨٤٥
٨٤٦
٨٤٦
٨٤٦
٨٤٧
٨٤٧
٨٤٧
|
اعتراضهم بالإعراب
٨ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا ؛ن تتقوا الله جعل لکم فرقانا (٢٩)
التقود
وحققتها
مجال التقوى
معنى «فرقانا»
٩ ـ قوله تعالى : وإذ يمكر بك الذين
كفروا ليثبتوك (٣٠)
اجتماع قريش في دار الندوة
على في فراش النبي
١٠ ـ قوله تعالى : قل للذين كفروا إن
ينهوا يغفرلهم ما قد سلف (٣٨)
بين عمرو بن العاص وابنه حين بكى في
سياقه الموت
من الله على الخليفة بالتوبة
من طلق في الشرك ثم أسلم
من سرق ثم أسلم
إذا أسلم المرتد وقد فاتنة صلوات
وأصاب جنايات
حق الله يستغنى عنه وحق الآدى
يفتقر إليه
١١ ـ قوله تعالى : وقاتلوهم حتى لا
تكون فتنة ويكون الدين كله لله (٣٩ ، ٤٠)
معنى الفتنة
|
٨٤٨
٨٤٨
٨٤٨
٨٤٨
٨٥٠
٨٥٠
٨٥٠
٨٥١
٨٥١
٨٥١
٨٥٢
٨٥٣
٨٥٣
٨٥٣
٨٥٤
٨٥٤
٨٥٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
١٢ ـ قوله تعالى : واعلموا إنما غنتم
من شيء فأن لله؟ (٤١)
الغنيمة والغىء
سهم الله
سهم الرسول
سهم ذوى القربى
سهم اليتامى
المسكين وابن السبيل
في التنقيح
لا يعطى القرابة إلا بالفقر
آثر النب
أنلسا في الغنيمة يوم بدر
الصدقة لا تحل لآل
محمد
سهم القتال
خمس الخمس
الصغى
رأى الشافعي في خمس الخمس
فساد هذا الرأى
قول النبي لا نورث ما تركناه صدقة
قربات النبي
الأربعة الأخماس
الفاضلة بين الفارس والراجل
لا حق في الغنائم للحشوة
العبد لا سهم له
|
٨٥٤
٨٥٥
٨٥٥
٨٥٥
٨٥٥
٨٥٦
٨٥٦
٨٥٦
٨٥٧
٨٥٧
٨٥٨
٨٥٩
٨٥٩
٨٥٩
٨٦٠
٨٦٠
٨٦١
٨٦١
٨٦٣
٨٦٢
٨٦٣
٨٦٣
|
الكافر في الجيش
إن قدر المسلمون على الغنيمة دون أهل
الذمة
الغنيمة لمن حضر
المريض
الضال
الغائب المطلق
١٣ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا إذا
لقيتم فئة فاثبتوا (٤٥)
الأمر بالثبات
يوم حنين
معنى «اذكروالله»
شجاعة الصديق
المقامات الستة التي ظهرت فيها شجاعته
الطالة في امتثال الأمر واجتناب النهي
١٤ ـ قوله تعالى : فإما تثقفهم في
الحرب فشرد بهم من خلفهم (٥٧)
معنى تثقفهم
معنى «شرد بهم»
١٥ ـ قوله تعالى : وإما تخلق من قوم
خيانة فانبذ إليهم على سواء (٥٨)
في سبب نزولها
كيف يجوز نقض العهد مع خوف الخيانة
معنى «على سواء»
|
٨٦٤
٨٦٥
٨٦٥
٨٦٥
٨٦٥
٨٦٥
٨٦٦
٨٦٦
٨٦٦
٨٦٦
٨٦٧
٨٦٧
٨٦٨
٨٧٠
٨٧١
٨٧١
٨٧١
٨٧١
٨٧١
٨٧٣
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
١٦ ـ قوله تعالى : وأعدوا لهم ما
استطعتم من قوة ومن رباط الخيل (٦٠)
إعداد القوة للأعداء
القوة الرمى
الرباط
الخيل ثلاثة
المستحب من رباط الخيل الإناث قبل
الدور
خير الخيل
يكره الشكال من الخيل
١٧ ـ قوله تعالى : وإن جنحوا للسلم
فاجتح لها وتوكل على الله (٦١)
السلم
هل الآية
منسوخة
عقد الصلح ليس بلازم للمسلمين
يجوز للمسلمين عند الحاجة عقد الصلح
بمال
١٨ ـ قول تعالى : يأ أيها النبي حرض
المؤمنين على القتال (٦٥ ، ٦٦)
معنى «حرض»
القتال
التخفيف
١٩ ـ قوله تعالى : ما كان لنبي أن
يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض (٦٧)
مشاوره النبي للصحابة في أسرى بدر
|
٨٧٢
٨٧٢
٨٧٢
٨٧٣
٨٧٣
٨٧٤
٨٧٤
٨٧٤
٨٧٥
٨٧٥
٨٧٥
٨٧٦
٨٧٦
٨٧٧
٨٧٧
٨٧٧
٨٧٧
٨٧٩
٨٧٩
|
تخيير جبريل للنبي يوم بدر
عدة من قتل وأسر يوك بدر
تكليف سائر الأنبياء الجهاد
٢٠ ـ قوله تعالى : لولا كتاب من الله
سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم (٦٨)
في سبب نزولها
كتاب الله السابق
إحلال الغنيمة
العبد إذا اقتحم ما يعتقده حراما
الإمخان في القتل واجب قبل كل شيء
٢١ ـ قوله تعالى : يأ أيها النبي قل
لمن في أيديكم من الأسرى (٧٠ ، ٧١)
إن تكلم الكافر بالإٍسلام
٢٢ ـ قوله تعالى : إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا
بأموالهم وأنفسهك (٧٢)
الذين آمنوا
الذين هاجروا
الذين جاهدوا
الذين آووا ونصروا
٢٣ ـ قوله تعالى : والذين كفروا بعضهم أولياء بعض
(٧٣)
قطع الله الولاية بين الكفار
والمؤمنين
لايرث المسلم الكافر ولا الكافر
المسلم
|
٨٨١
٨٨١
٨٨٢
٨٨٢
٨٨٢
٨٨٣
٨٨٣
٨٨٣
٨٨٤
٨٨٥
٨٨٥
٨٨٦
٨٨٦
٨٨٦
٨٨٦
٨٨٦
٨٨٨
٨٨٨
٨٨٨
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الأمر بالخروج عن دار الكفر إلى دار
الإيمان
٢٤ ـ قوله تعالى : والذين آمنوا
وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله (٧٤)
حقيقة لإيمان
٢٥ ـ قوله تعالى : والذين آمنوا من بعد
وهاجروا وجاهدوا معكم (٧٥)
معنى «فأولئك منكم»
هذه الآية
نسخ لما تقم من الموالاة بالهجرة
*
* *
سورة
التوبة
هذه السورة آخر ما نزل
بالمدينة
لها سنة أسماء
أسباب هذه التسمية
القول في سقوط بسم الله الرحمن الرحيم
منها
تأليف القرآن كان منزلا من عند الله
١ ـ قوله تعالى : براءة من الله
ورسوله(١)
معنى «براءة»
من الذي عاهدهم
المعاهد كان مشركا
٢ ـ قوله تعالى : فسيحوا في الأرض
أربعة أشهر (٢)
معنى السياحة
|
٨٨٨
٨٨٨
٨٨٨
٨٨٩
٨٨٩
٨٨٩
٨٩١
٨٩١
٨٩١
٨٩١
٨٩٣
٨٩٣
٨٩٣
٨٩٣
٨٩٤
٨٩٤
٨٩٤
|
ما كان يقوله على في أذانه
اختلف الناس في هذه الأشهر على أربعة
أقوال
٣ ـ قوله تعالى : وأذان من الله
ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر (٣)
الإذان الإعلام
من خطبة النبي يوم منى
بعث النبي ببراءة مع أبي بكر ثم دعاه
اختلاف الناس في يوم الحج الأكبر
المنقح من هذه الأقوال
لم سمى يوم الحج الأكبر
الاختلاف في قول على في التأذين
٤ ـ قوله تعالى : إلاّ الذين عاهدتم
المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً (٤)
نقض عهد من خاص بعهد
٥ ـ قوله تعالى : فإذا انسلخ الأشهر
الحرم فاقتلوا المشركين (٥)
الأشهر الحرم
الصحيح أربعة أشهر من يوم النحر
فاقتلوا المشركين عام في كل مشرك
«حيث وجدتموهم» عام في كل موضع
مكة لا يملكها كافر
جواز اغتيال الكفار
معنى «واحصروهم»
٦ ـ قوله تعالى : وإن أحد من المشركين
|
٨٩
٨٩٥
٨٩٥
٨٩٥
٨٩٦
٨٩٧
٨٩٨
٨٩٨
٨٩٨
٩٠٠
٩٠٠
٩٠٠
٩٠٠
٩٠٠
٩٠١
٩٠١
٩٠٢
٩٠٢
٩٠٢
٩٠٣
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله(٦)
معنى استجارك
المسلمون تتكافأ دماؤهم
الحر بسماع كلام الله
نفي العلم عنهم لنفي فائدته
٧ ـ قوله تعالى : وإن نكثوا أيمانهم
من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم (١٢)
الطاعن في الدين كافر
إذا طعن الذمى في الدين انتقض عهده
٩٠٥
٨ ـ قوله تعالى : إنما يعمر مساجد
الله من آمن بالله
والوم الآخر (١٨)
الشهادة لعمار المساجد صحيحة
روى بعضهم أن الآية
قصد بها قريش
٩ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا
آباءكم وإخوانكم أولياء (٣٣)
نفي الله الموالاة بالكفر بين الآباء
والأبناء خاصة
الإحسان بالهبة والصلة مستثنى من
الولاية
١٠ ـ قوله تعالى : قل إن كان آباءكم
وأبناءكم وإخوانكم وأزواجكم (٢٤)
فضل الجهاد
العشيرة
الكساد
|
٩٠٣
٩٠٣
٩٠٤
٩٠٤
٩٠٤
٩٠٥
٩٠٥
٩٠٥
٩٠٦
٩٠٦
٩٠٦
٩٠٧
٩٠٧
٩٠٧
٩٠٨
٩٠٨
٩٠٨
٩٠٨
|
الأمر في «تربصوا» معناه التهديد
١١ ـ قوله تعالى : لقد نصركم الله في
مواطن كثيرة ويوم حنين (٢٥)
لم يسهم النبي لا مرأة في مغازية
شعارهم يوم حنين
شعر لكعب ابن مالك
من قتل قتيلا لم يكن له سلبه إلا بإذن
الإمام
١٢ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا ؛نما المشرکون نجس (٢٨)
ف سبب نزولها
لم منع المشركون من دخول مكة
النجاسة ليست بعين حسية
هل يقرب المشركون مسجدا سواه
معنى العيلة
التوكل الحقيق
العمل بالأسباب الدنيوية
الرزق والاجتهاد
١٣ ـ قوله تعالى : قاتلوا الذين
لايؤمنون
بالله ولا باليوم الآخر (٢٩)
أمر مقاتلة جميع الكفار
الإيمان هو التصديق أو التأمين
أهل الكتاب
أليس القصارى واليهود يؤمنون بالله
واليوم الآخر
|
٩٠٨
٩٠٩
٩٠٩
٩١٠
٩١٠
٩١٢
٩١٢
٩١٢
٩١٢
٩١٣
٩١٣
٩١٥
٩١٥
٩١٦
٩١٧
٩١٧
٩١٧
٩١٧
٩١٩
٩١٩
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
تقدير الجزية
في محل الجزية أربعة أقوال
الصحيح قبولها من كل أمة
محلها من المشركين
«عن يد» فيها خمسة عشر قولا
هذه الأقوال ترجع إلى معنيين
اختلاف العلماء فيما وجبت الجزية عنه
لم شرط الله الوصفين : عمن يد ، وهم صاغرون
إذا بذل الجزية مع إقراره على الكفر
يكون هذا رضا به
١٤ ـ قوله تعالى : وقالت اليهود عزير
ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله (٣٠)
من أخبر عن كفر غيره
معنى يضاهئون
١٥ ـ قوله تعالى : اتخذوا أحبارهم
ورهبانهم أربابا من دون الله (٣١)
الحبر
الراهب
وضع الصليب في العنق
١٦ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان (٣٤)
أكل الأموال
بالباطل
الكنز
|
٩٢٠
٩٢١
٩٢٢
٩٢٢
٩٢٢
٩٢٢
٩٢٣
٩٢٤
٩٢٥
٩٢٥
٩٢٥
٩٢٦
٩٢٦
٩٢٦
٩٢٧
٩٢٧
٩٢٧
٩٢٧
٩٢٧
|
معناه في اللغة والشرع
وجه الأقوال في ذلك
اختلاف الصحابة في المراد بهذه الآية
تنقيح الأقوال في ذلك
هل في الحلى زكاة
ذكر ضمير واحد عن مذكورين
وهم من زعم أم المراد بالآية
أهل الكتاب
كانز المال وجزاؤه
المبذر ماله في السرف والماصي
١٧ ـ قوله تعالى : يوم يحمى عليها في
نار جهنم فتكوى بها جباههم
ما أدى زكاته فليس بكنز
الكنز الكافر
١٨ ـ قوله تعالى : إن عدة الشهور عند
الله اثنا عشر شهرا (٣٦)
الشهور عند الغرس والقبط
إن قال لا أكلمه الشهور
الحكمة في جعل الصيام بالأهلة
الأربعة الحرم
الاختلاف في المراد بالظلم
كيف جعل بعض الأزمنة أعظم حرمة من بعض
اختلاف الناس في أول هذه الأشهر الحرم
١٩ ـ قوله تعالى : وقاتلوا المشركين
كأفة
كما يقاتلونكم كافة (٣٦)
إعراب «كافة» ومعناها
|
٩٢٨
٩٢٨
٩٢٨
٩٣٠
٩٣٠
٩٣٢
٩٣٢
٩٣٣
٩٣٤
٩٣٤
٩٣٥
٩٣٦
٩٣٦
٩٣٧
٩٣٧
٩٣٧
٩٣٨
٩٣٩
٩٣٩
٩٤٠
٩٤٠
٩٤٠
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٢٠ ـ قوله تعالى : إنما النسىء زيادة
في الكفر يضل به الذين كفروا (٣٧)
النسىء
كيفية النسىء
من خطبة النبي في حجة الوداع
أول من أنسأ
الإنساء كان عند العرب زيادة وتأخيرا
وتبديلا
الكفر وحقيقته
العلم يزيد وينقص وكذلك القول والعمل
وجه لتفضيل الأنبياء على الخلق
امتناع مالك من إطلاق النقص في
الإيمان لوجوه
٢١ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا ما لکم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم
(٣٨)
ما استفهامية
معنى نفر
وتعريفه
إيثار الراحة في
الدنيا
٢٢ ـ قوله تعالى
: إلاّ تنفروا يعذبكم
عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم (٣٩)
جزا ترك النفير
نوع العذاب
٢٣ ـ قوله تعالى : إلاّ تنصروه فقد
نصره الله إذ أخرجه الذيم كفروا ثاني اثنين (٤٠)
|
٩٤١
٩٤١
٩٤١
٩٤٢
٩٤٣
٩٤٤
٩٤٤
٩٤٦
٩٤٦
٩٤٧
٩٤٨
٩٤٨
٩٤٨
٩٤٩
٩٤٩
٩٤٩
٩٥٠
٩٥٠
|
الضمير في «عليه» يعود على النبي أو
على أبي بكر
يقتل المكره على القتل
نسبة الفعل إلى المكره
جواز الفرار من خوف العدو
حزن أبي بكر في الغار
٢٤ ـ قوله تعالى : انفروا خفافا
وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم (٤١)
في سبب نزولها
معنى «خفافا وثقالا»
هل هذه الآية
منسوخة
متى يكون النفير عاما
٢٥ ـ قوله تعالى : ومنهم من يلزمك في
الصدقات فإن أعطوا منها رضوا (٥٨)
اللمز العيب بالغيب
٢٦ ـ قوله تعالى : إنما الصدقات
للفقراء والمساكين العاملين عليها (٦٠)
حقيقة الصدقة
في معنى تسميتها صدقة
اللام في الفقراء
هل تصرف الزكاة للذمى
الفقير
العاملون عليها
المقدار الذي يأخذخ العاملون من
الصدقة
المؤلفة قلوبهم
|
٩٥١
٩٥٢
٩٥٢
٩٥٢
٩٥٣
٩٥٣
٩٥٤
٩٥٤
٩٥٤
٩٥٥
٩٥٦
٩٥٦
٩٥٧
٩٥٧
٩٥٨
٩٥٩
٩٥٩
٩٦١
٩٦١
٩٦١
٩٦٢
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
عداد المؤلفة قلوبهم
هل هم باقون أو زائلون
الكاتبون
فك الأسارى
الغارمون
سبل الله كثيرة
الحج من جملة السبل مع الغزو
ابن السبيل
إذا ادعى أنه فقير أو مسكين أو غارم
إذا وجدت قرابة بين أحد الأصناف وبين
المتصدق
هل تعطى الزكاة للزوجين
إذا كان الفقير قويا
من كان له نصاب من الزكاة هل يجوز له
أخذها
لا تصرف الصدقة إلى آل محمد
آل محمد عشيرته الأقربون
٢٧ ـ قوله تعالى : ولئن سألتهم
ليقولنّ إنما كنا نخوض ونلعب (٦٥)
نزلت في غزوة تبوك أو فيما كان من
المنافقين في هذه الغزوة
الهزل في الأحكام
الطلاق يلزم هزله
٢٨ ـ قوله تعالى : يأ أيها النبي جاهد
الكفار والمنافقين واغلظ عليهم (٧٣)
|
٩٦٣
٩٦٦
٩٦٧
٩٦٨
٩٦٨
٩٦٩
٩٦٩
٩٧٠
٩٧٠
٩٧١
٩٧٢
٩٧٣
٩٧٣
٩٧٤
٩٧٤
٩٧٦
٩٧٦
٩٧٧
٩٧٧
٩٧٧
|
المجاهد فيها ثلاثة أقوال
مجاهدة الكفار والمنافقين
الغلطة
٢٩ ـ قوله تعالد
: حلفون بالله ما قالوا ولقد
قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم (٧٤)
من قال كلمة الكفر
الكفر يكون بكل ما يناقض التصديق
والمعرفة
توبة الزنديق
٣٠ ـ قوله تعالى : ومنهم من عاهد الله
لئن آنانا من فضله
لنصدقن ولنكونن من الصالحين (٧٥ ، ٧٦ ،
٧٧)
فيمن نزلت
کل حکم
نفرد به المرء ولا يفقتر في عقده إلى
غيره يلزمه وإن لم يتلفظ به
الوفاء بالنذر
البخل والشح
النفاق في القلب
أربع من كن فيه كان منافقا
ثلاث من كن فيه فهو منافق
النفاق نفاقن
الضمير في يلقونه
تحريم مخالفة العهد ونكث العقد
|
٩٧٧
٩٧٧
٩٧٨
٩٧٨
٩٧٩
٩٧٩
٩٧٩
٩٨٠
٩٨٠
٩٨٢
٩٨٢
٩٨٣
٩٨٣
٩٨٤
٩٨٥
٩٨٧
٩٨٧
٩٨٨
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
من قال إن ملكت كذا فهو صدقة
لوقال رجل لا مرأته إن دخلت الدار
فأنت طالق
٣١ ـ قوله تعالى : ولا تصل على أحد
منهم مات أبدا ولا تقم على قبره (٨٤)
في سبب نزولها
الامتناع من الصلاة على الكفار
الصلاة على الجنازة فرض على الكفاية
صلاة النبي على ابن أبي
٣٢ ـ قوله تعالى : ليس على الضعفاء
ولا على المرضى ولا على الذين لا
يجدون ما بنفقون (٩١ ، ٩٢)
في سبب نزولها
المعنى
الذين لا عذر لهم
رفع العقاب والعقاب عن كل محسن
إذا سال فحل على رجل فقتله
قبول عذر المعتذر بالحاجة والفقر
٣٣ ـ قوله تعالى : يعتذرون إليكم إذا
رجعتم إليهم قل لا تعتذروا (٩٤)
مت نزلت
البارى راء مرئى
إخراج الله الأعمال للناس
أيضاح مشكل
المرء يكون في موطنين : عند قبض
|
٩٨٨
٩٨٩
٩٨٩
٩٨٩
٩٩٢
٩٩٣
٩٩٢
٩٩٣
٩٩٣
٩٩٤
٩٩٤
٩٩٥
٩٩٥
٩٩٥
٩٩٦
٩٩٦
٩٩٦
٩٩٧
٩٩٨
|
الروح ، وعند الوزن
٣٤ ـ قوله تعالى : الأعراب
أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألّا يعلموا حدود ما انزل الله (٩٧)
الأعراب والعرب
قائدة القول
كل مسلم عليه فرضا أن يأتي رسول الله
٣٥ ـ قوله تعالى : والسابقون الأولون
(١٠٠)
في تحقيق السبق
قراءة قوله «والأنصار»
أول السابقين من المهاجرين أبو بكر
أول الناس إسلاما
انزل القرآن على
سبعة أحرف
التابعون
الصلاة في أول الوقت أفضل
السبق يكون بالصفات والزمان والمكان
الأعراب لاحق لهم في الفىء والغنيمة
إمامة الأعراب بأهل الحضر
إسقاط شهادة البادية عن الحاضرة
تعليق ما سبق
٣٦ ـ قوله تعالى : خذ من أموالهم صدقة
تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم (١٠٣)
|
٩٩٩
٩٩٩
٩٩٩
١٠٠٠
١٠٠٠
١٠٠١
١٠٠٣
١٠٠٢
١٠٠٣
١٠٠٣
١٠٠٤
١٠٠٤
١٠٠٥
١٠٠٥
١٠٠٥
١٠٠٥
١٠٠٥
١٠٠٥
١٠٠٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
المخاطب بقوله : «خذ»
قتال أبي بكر ما نعى الزكاة
الاختلاف في الصدقة المأمور بها
إذا تصدق الرجل بجميع ماله
٣٧ ـ قوله تعالى : ألم يعلموا أن الله
هو يقبل التوبة عن عباده ... (١٠٤)
حق الصدقة لله
٣٨ ـ قوله تعالى : والذين اتخذوا
مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين (١٠٧)
ذم الله المنافقين والمقصرين وجعلهم
طبقات
في سبب نزول الآية
لا تصلّي جماعتان في مسجد
معنى الإرصاد
٣٩ ـ قوله تعالى : لا تقم فيه أبدا
لمسجد أسس على التقوى من أول يوم ... (١٠٨)
معنى «أبدا» وإعرابها
المسجد الذي أسس على التوى
الضميران في «فيه ، فيه»
ثناء الله على من أحب الطهارة وآثر النظافة
النجاسة على البدن أو الثوب
النجاسة إذا كانت كثيرة
|
١٠٠٦
١٠٠٧
١٠٠٩
١٠٠٩
١٠١١
١٠١١
١٠١١
١٠١١
١٠١٢
١٠١٣
١٠١٣
١٠١٤
١٠١٤
١٠١٤
١٠١٥
١٠١٥
١٠١٦
١٠١٦
|
٤٠ ـ قوله تعالى : أفمن أسس بنيانه
على تقوى من الله ورضوان
العمل الذي يبقى ويسعد به صاحبه
٤١ ـ قوله تعالى : إن الله اشترى من
المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة (١١١ ، ١١٢)
حديث ليلة العقبة
جواز معاملة السيد مع عبده
العهد يتضمن الوفاء والوعد والوعيد
التائبون ، العابدون ...
٤٢ ـ قوله تعالى : ما كان للنبي والذين
آمنوا آن
ستغفروا للمشرکن ولو کانوا أولى
قربى
في سبب نزولها
منع الله رسوله والمؤمنين من طلب
المغفرة للمشركين
ظاهر حال المرء عند الموت يحكم عليه
به في الباطن
٤٣ ـ قوله تعالى : لقد تاب الله على
النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة (١١٧)
توبة الله على النبي
توبة الله تكون على ثلاثة أقسام
ساعة العسرة
|
١٠١٧
١٠١٨
١٠١٨
١٠١٩
١٠١٩
١٠٢٠
١٠٢٠
١٠٢١
١٠٢١
١٠٢٢
١٠٢٣
١٠٢٤
١٠٢٤
١٠٢٤
١٠٢٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٤٤ ـ قوله تعالى : وعلى الثلاثة الذين
خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت (١١٨)
في غزوة تبوك
الثلاثة الذين خلفوا
للإمام أن يعاقب المذنب يتحريم كلامه
على الناس
وأن يعاقبه بتحريم أهله عليه
٤٥ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا اتقوا الله وکونوا مع الصادقين
(١١٩)
في تفسير الصادقين ثمانية أقوال
في تحقيق هذه الأقوال
لا يقبل خبر الكاذب ولا شهادته
٤٦ ـ قوله تعالى : ما كان لأهل
المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول اله ... (١٢٠) ، ١٢١)
الغنيمة تستحق بالإدراب والكون في
بلاد العدو
٤٧ ـ قوله تعالى : وما كان المؤمنون
لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة (١٢٢)
في سبب نزولها أربعة أقوال
في تحرير الأقوال
الطائفة في اللغة
|
١٠٢٥
١٠٢٥
١٠٢٥
١٠٢٦
١٠٢٦
١٠٢٦
١٠٢٧
١٠٢٧
١٠٢٨
١٠٢٨
١٠٢٩
١٠٣٠
١٠٣٠
١٠٣٠
١٠٣١
|
٤٨ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين
يلونكم من الكفار ... (١٢٣)
آيات القتال
٤٩ ـ قوله تعالى : وإذا ما أنزلت سورة
فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا ... (١٢٤)
زيادة الإيمان ونقصانه
٥٠ ـ قوله تعالى : وإذا ما أنزلت سورة
نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ... (١٢٧)
يكره أن يقال : انصرفنا من الصلاة
الله صارف القلوب ومصرفها
٥١ ـ قوله قوله تعالى : لقد جاءكم
رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم (١٢٨)
في ثبوتها
القرآن لا ثبت إلا
بنقل التواتر
فيما روى فيها
جمع القرآن
کف کانت
المراجعة بين الصحابة
كتابة عثمان للمصحف
سبب اختلاف القراء
القراء أخذت بالرواية لا من المصاحف
|
١٠٣٢
١٠٣٢
١٠٣٢
١٠٣٢
١٠٣٢
١٠٣٢
١٠٣٢
١٠٣٤
١٠٣٤
١٠٣٤
١٠٣٥
١٠٣٥
١٠٣٨
١٠٣٩
١٠٤٠
١٠٤٠
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
لا يلزم أحد بقراءة شخص واحد
*
* *
سورة
يونس
١ ـ قوله تعالى : هو الذي يسيركم في
البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك ... (٢٢)
المراد بالبر
جواز ركوب البحر
٢ ـ قوله تعالى : دعواهم فيها سبحانك
اللهم وتحيتهم فيها سلام ... (١٠)
في التحية ثلاثة أقوال
في تفسيرها قولان
٣ ـ قوله تعالى : فذلكم الله ربكم
الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال ..
(٣٢)
في تفسير الحق
في تحقيق معنى الباطل
حقيقة الضلال
اللعب بالشطرنج؟
الحرام ضلال والمباح هدى
٤ ـ قوله تعالى : قل أرايتم ما أنزل
الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا (٥٩)
التحريم والتحليل لا يكونان عقلا ولا
تشهيا
|
١٠٤١
١٠٤٧
١٠٤٧
١٠٤٧
١٠٤٩
١٠٥٠
١٠٥٠
١٠٥٠
١٠٥١
١٠٥١
١٠٥١
١٠٥٢
١٠٥٣
١٠٥٤
١٠٥٤
|
٥ ـ قوله تعالى : لهم البشرى في الحياة الدنيا
وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله (٦٤)
في تفسيرها قولان
الرؤيا الصالحوة يراها الرجل الصالح
أو ترى له ...
٦ ـ قوله تعالى. وأوحينا إلى موسى
وأخيه أن تبوء لقومكما ... (٨٧)
القول في القبلة
في تفسيرها
*
* *
سورة
هود
١ ـ قوله تعالى : من كان يريد الحياة
الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها ... (١٥)
إنما الأعمال بالنيات
من يريد الدنيا يعطى ثواب عمله فيها
اختلف في المراد بالآية
إذا كان يوم القيامة
في قصة نوح
٣ ـ قوله تعالى (١) : وإلى ثمود أخاهم
سالحا قال يا قوم اعبدوا الله مالكم
من إله غيره (٦١)
«استفعل» في كلام العرب
|
١٠٥٤
١٠٥٤
١٠٥٤
١٠٥٥
١٠٥٥
١٠٥٦
١٠٥٦
١٠٥٦
١٠٥٦
١٠٥٦
١٠٥٧
١٠٥٩
١٠٥٩
|
__________________
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٤ ـ قوله تعالى : ولقد جاءت رسلنا
إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام (٦٩)
القول في إعرابها
تحية الملائكة
السلام يرد بمثله
أول من ضيف الضيف
هل الضيافة واجبة
مبادرة إبراهيم بالنزل مشكورة
السنة إذا قدم للضيف الطعام
٥ ـ قوله تعالى : أصلواتك تأمرك أن
نترك ما يعبد آباؤنا (٨٧)
كان شعيب يفعلون
بالدنانير والدراهم
من يكسرها هل
تقبل شهادته
اختلف في عقوبته
على ثلاثة أقوال
رأى ابن العربيّ
وقضاؤه
٦ ـ قوله تعالى
: ولا تركتوا إلى الذين ظلموا فتمسَّكم النار (١١٣)
الركون فيه خلاف
بين النقلة للتفسير
مصاحبة الكافر
٧ ـ قوله تعالى
: وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل (١١٤)
في سبب نزولها
سبع آيات تضمنت ذكر الصلاة
|
١٠٥٩
١٠٦٠
١٠٦٠
١٠٦٠
١٠٦١
١٠٦١
١٠٦٢
١٠٦٣
١٠٦٣
١٠٦٣
١٠٦٤
١٠٦٤
١٠٦٥
١٠٦٦
١٠٦٦
١٠٦٦
١٠٦٧
١٠٦٧
١٠٦٧
|
اختلف في تفسير هذه الآية
على ثلاثة أقوال
طرفا النهار
٨ ـ قوله تعالى : ولو شاء ربك لجعل
الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين (١١٨ ، ١١٩)
معنى الأمة
المعنى بالآية
هاهنا المسلمون
القول في «مختلفين»
«إلا مَن رَحمِ ربك» فيه أربعة أقوال
«ولذلك خلقهم» فيه قولان
أهل النار وأهل الجنة
*
* *
سورة
يوسف
١ ـ قوله تعالى : قال يا بنى لا تقصص
رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا(٥)
في حقيقة الرؤيا
كيف يكون لرؤيا يوسف ـ وهو صغير حكم
الحكم بالعادة
معرفة يعقوب بتأويل الرؤيا
٢ ـ وجاءوا أباهم عشاء يبكون قالوا :
يا أبانا إنا ذهبنا نستبق (١٦ ، ١٧)
بكاء المرء لا يدل على صدقة مقاله
|
١٠٦٨
١٠٦٨
١٠٧٠
١٠٧٠
١٠٧٠
١٠٧١
١٠٧١
١٠٧١
١٠٧٢
١٠٧٣
١٠٧٣
١٠٧٤
١٠٧٥
١٠٧٥
١٠٧٥
١٠٧٥
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
المسابقة شرعة في الشريعة
يجوز الاستقبال من غير سبق يجعل
٣ ـ قوله تعالى : وجاءوا على قميصه
بدم كذب قال : بل سوَلت لكم أنفسكم أمرا (١٨)
أرادوا أن يجعلوا الدم علامة صدقهم
القضاء بالتهمة إذا ظهرت
كان في قميص يوسف ثلاث آات
٤
ـ قوله تعالى : وجاءت سياره فأرسلوه
واردهم فأدلى دلوه ... (١٩)
طرح يوسف في الجب وهو غلام
٥ ـ قوله تعالى : وشروه بثمن بخس
دراهم معدوده وكانوا فيه من الزاهدين
معنى «شروه»
الأثمان كانت تجري عندهم عدد لاوزنا
كان أصل اللقيط الحرية
٦ ـ قوله تعالى : وقال الذي اشتراه من
مصر لامرأته أكرمي مثواه (٢١)
كان التّبني أمراً معتادا عند الأمم
أفرس الناس ثلاثة
٧ ـ قوله تعالى : ولما بلغ أشده
واستوى
آتناه
حکما وعلما (٢٢)
|
١٠٧٥
١٠٧٦
١٠٧٦
١٠٧٧
١٠٧٧
١٠٧٧
١٠٧٧
١٠٧٧
١٠٧٨
١٠٧٨
١٠٧٩
١٠٧٩
١٠٨٠
١٠٨٠
١٠٨٠
١٠٨١
|
ف «أشد» خمسة أقوال
في تقدير الأشد
الحكم والعلم
٨ ـ قوله تعالى : قال هي راودتني عن
نفسي وشهد شاهد من أهلها (٢٦، ٢٧)
هذه الشهادة
هذا الشاهد
تحقيق القول في الشاهد
من تكلم في المهد
في هذه الآية
دليل على العمل بالعرف والعادة
شرع من قبلنا شرع لنا
٩ ـ قوله تعالى : قال رب السجن
أحب إلىّ مما يدعونني إليه ... (٣٣)
هل يسقط الإكراه الحدّ
«أحب» أفعل على غير بابه
١٠ ـ قوله تعالى : يا صاحبي السجن
أما أحد ما فيسقى ربّه خمرا وأمّا الآخر فصلب ... (٤١)
وسف
والفتان ف السجن
ظنّ هنا بمعنى علم
١١ ـ قوله تعالى : وقال الذي ظَن أنه
ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشبطان ذكر ربه (٤٢)
|
١٠٨١
١٠٨١
١٠٨٢
١٠٨٣
١٠٨١
١٠٨٣
١٠٨٣
١٠٨٤
١٠٨٥
١٠٨٥
١٠٨٥
١٠٨٦
١٠٨٦
١٠٨٦
١٠٨٦
١٠٨٨
١٠٨٨
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
هلام يعود الضمير في «فأنماه»
هل للأنبياء عصمة في النسيان
هل يجوز التعلق بالأسباب
معنى الرب
١٢ ـ قوله تعالى : وقال الملك : أني
أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف (٤٣)
رؤيا الكافر
معنى أضغاث أحلام
لم يرد يوصف الخروج من السجن حتى تظهر
براءته
١٣ ـ قوله تعالى : وقال الملك ائتوني
به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين ... (٥٤ ، ٥٥)
كيف؟ الإمارة وطلب الولاية
كيف استجاز أن يقبل الولاية بتولية
كافر
١٤ ـ قوله تعالى : وقال يا بنى لا
تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة (٦٧)
أمره لهم بالتفرق تقاة العين
هل العين حق
رأى الأطباء
١٥ ـ قوله تعالى : فلما جهزهم بجهازهم
جعل السقاية في رحل أخيه (٧٠)
|
١٠٨٨
١٠٨٨
١٠٨٩
١٠٨٩
١٠٨٩
١٠٩٠
١٠٩١
١٠٩١
١٠٩١
١٠٩٢
١٠٩٢
١٠٩٢
١٠٩٣
١٠٩٤
١٠٩٤
|
جعل السقاية حيلة
كيف رضى أن ينسب إليهم السرقة
كيف استجاز الحيلولة بين أخيه وأبيه
١٧ ـ قوله تعالى : قالوا نفقد صواع
الملك ولمن جاء به حمل بعير (٧٢)
الآية
نص في جواز الكفالة
إذا قال أنا زعيم الكفالة
إذا قال أنا زعيم لك بوجه فلان
الآية
نص في الزعامة فمعناها في الجعالة
الفرق بين الجعالة والإجارة
هل يمكن تقدير العمل بالزمان
في حقيقة القول في الآية
جهالة المضمون له
١٧ ـ قوله تعالى : قالوا فما جزاؤه إن
كنتم كاذبين. قالوا جزاؤه من وجد في رحله (٧٤)
تحقيق الكلام بالتفسير
القطع في السرقة ناسخ لما تقدم من
الشرائع
كان شرع يعقوب استرتاق السارق
هل يجوز التوصل إلى الأغراض بالخيل
١٨ ـ قوله تعالى : ارجعلوا إلى أبيكم
فقولوا يا أبنانا إن ابنك سرق (٨١)
الشهادة مرتبطة بالعلم عقلا وشرعا
إن عرف خطه ولم يذكره الشهادة
|
١٠٩٤
١٠٩٥
١٠٩٥
١٠٩٥
١٠٩٥
١٠٩٦
١٠٩٦
١٠٩٦
١٠٩٦
١٠٩٧
١٠٩٧
١٠٩٧
١٠٩٨
١٠٩٩
١١٠٠
١١٠٠
١١٠٠
١١٠٢
١١٠٢
١١٠٢
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
شهادة المرور
إذا أجلس رجل شاهدين من وراء
حجاب
١٩ ـ قوله تعالى : وتولّى عنهم وقال :
يا أسفي على يوسف (٨٤)
حزن يعقوب
٢١ ـ قوله تعالى : فلما دخلوا عليه
قالوا يأ أيها العزيز مسّنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة (٨٨)
القول ف البضاعة
قوله مزجاة فيه قولان
الكيل والوزن على البائع
كيف جاز لهم أن يطلبوا الصدقة
٢٠ ـ قوله تعالى : ورفع أبوبه على
العرش وخروا له سجدا وقال يا أبتت هذا تأويل رؤباي (١٠٠)
كان سجودهم سجود تحية
*
* *
سورة
الرعد
١ ـ قوله تعالى : الله يعلم ما تحمل
كل أنثى وما تغيض الأرحام (٨)
في «وما تغبض الأرحام» تسعة أقوال
أكثر مدة الحمل
هل تحيض الحامل
٢ ـ قوله تعالى : ولله يسجد من في
|
١١٠٢
١١٠٣
١١٠٣
١١٠٣
١١٠٤
١١٠٥
١١٠٥
١١٠٥
١١٠٦
١١٠٦
١١٠٦
١١٠٨
١١٠٨
١١٠٩
١١٠٩
|
السموات والأرض طوعا وكرها
اختلف الناس في تفسير «طوعا وكرها»
على أقوال
٣ ـ قوله تعالى : الذين يوفون بعهد
الله ولا ينقضون الميثاق (٢٠)
القول في العهد ولوفاء به
تعديد عهود الله
٤ ـ قوله تعالى : مثل الجنة التي وعد
المتقون تجري من تحتها الأنهار (٣٥)
الأكل بمعنى المأكول
٥ ـ قوله تعالى : ويقول الذين كفروا
لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا (٤٣)
الاكتفاء بشهادة واحد
اختلف فيمن عنده علم الكتاب
في تدبر ما مضى
*
* *
سورة
إبراهيم
١ ـ قوله تعالى : ولقد أرسلنا موسى بآياتنا
أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور (٥)
معنى «ذكرهم»
أيام الله قولان
جواز الوعظ المرفق للقلوب
٢ ـ قوله تعالى : وقال الذين كفروا
لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا (١٣)
|
١١١٠
١١١٠
١١١١
١١١١
١١١١
١١١٢
١١١٢
١١١٣
١١١٣
١١١٣
١١١٤
١١١٦
١١١٦
١١١٦
١١١٦
١١١٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
إكراه الرسل بالخروج من أرضهم
٣ ـ قوله تعالى : ألم تر كيف ضرب الله
مثلا كلمة طيبة (٢٤ ، ٢٥)
في تفسير نزولها على معناها
في تفسير الحين ، وفيه عشرة أقوال
في تحقيق معناه
إذا نذر أن يصلّى حينما
إذا حلف ألّا يدخل الدار حينما
٤ ـ قوله تعالى : ربنا أنى أسكنت من
ذريتي بواد غير ذى زرع (٣٧)
في تفسيرها
أول من سعى بين الصفا والمروة
قصة إسماعيل وإبراهيم
طرح العيال والولد بأرض مضيعة
فضل الصلاة
تحريم مكة
*
* *
سورة
الحجر
١ ـ قوله تعالى : وأرسلنا الرياح
لواقح فأنزلنا من السماء ماء (٢٢)
في «لواقح» ثلاثة أقوال
لقاح القمح
٢ ـ قوله تعالى : ولقد علمنا
المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين (٢٤)
في سبب نزولها
في شرح المراد منها
|
١١١٧
١١١٧
١١١٧
١١١٨
١١١٨
١١٢٠
١١٢١
١١٢١
١١٢١
١١٢١
١١٢١
١١٢٤
١١٢٤
١١٢٥
١١٢٦
١١٢٦
١٧٢٦
١١٢٧
١١٢٧
١١٢٧
|
فضل أول الوقت في الصلاة
فضل الصف الأول في الصلاة
مجاورة الإمام لا تكون لكل أحد
فضل الصف الأول في القتال
٣ ـ قوله تعالى : ألّا آل لوط
إنّا لمنجوهم أجمعين (٥٩ ، ٦٠)
الاستثناء الثاني
٤ ـ قوله تعالى : قال هؤلاء بناتي إن
كنتم فاعلين (٧١)
تداعى أهل المدينة إلى دار لوط
لا يجوز على الأنبياء أن يعرضوا
بناتهم
على الفاحشة فداء لفاحشة أخرى
٥ ـ قوله تعالى : لعمرك إنهم لفي
سكرتهم يعمهون (٧٢)
أقسم الله بحياة محمد تشريفا له
معنى : عمر
من أقسم بالنبي
ليس للخلق أن يقسموا إلا بالله
٦ ـ قوله تعالى : إنّ في ذلك لآيات
المنوسمين (٧٥)
التوسم
بم يكون التوسم
التغرس لا يترتب عليه حكم
٧ ـ قوله تعالى : ولقد كذّب أصحاب
الحجر المرسلين (٨٠)
|
١١٢٧
١١٢٨
١١٢٨
١١٢٨
١١٢٨
١١٢٩
١١٢٩
١١٢٩
١١٢٩
١١٣٠
١١٣٠
١١٣٠
١١٣٠
١١٣٠
١١٣١
١١٣١
١١٣١
١١٣١
١١٣٢
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
في الحجر وتفسيره
أمر النبي أصحابه ألا يشربوا من بئر
تبوك
خاقة صالح
مالا يجوز استعماله من الطهام والشراب
يجوز أن يعلقه الإبل والبهائم
نهى النبي عن الصلاة في سبعة مواطن
الصلاة في الدار المغضوبة
٨ ـ قوله تعالى : وما خلقنا السموات
والأرض وما بينهما إلا بالحق (٨٥)
نسخ ذلك بالأمر بالقتال
٩ ـ قوله تعالى : ولقد آتناک سبعا من المثان والقرآن العظيم
في تفسير السبع أربعة أقوال
في الثاني أربعة أقوال
المقصود بالقرآن العظيم
في تحقيق ذلك
جبب إلى من دنيا كم ثلاث
لم يكن في دين محمد الرهبانية
هل الفاتحة هي القرآن العظيم
١٠ ـ قوله تعالى : فسبح بحمدك وكم من
الساجدين (٩٨)
التسبيح
دعامه القرية في الصلاة حال السجود
|
١١٣٢
١١٣٢
١١٣٣
١١٣٣
١١٣٤
١١٣٥
١١٣٥
١١٣٥
١١٣٥
١١٣٥
١١٣٦
١١٣٦
١١٣٧
١١٣٧
١١٣٧
١١٣٨
١١٣٨
١١٣٨
|
اليقين هو الموت
إذا قال لامرأته أنت طالق أبداً
*
* *
سورة
النحل
١ ـ قوله تعالى : والأنعام خلقها لكم
فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون (٥)
الأنعام ، الدفء ، منافع
لبس الصوف
إباحة الأكل بشروطه
٢ ـ قوله تعالى : ولكم فيها جمال حين
تريحون وحين تسرحون (٦)
الجمال
أذن لله لعباده بالجمال والتزين
٣ ـ قوله تعالى : وتحمل أثقالكم إلى
بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس
جواز السفر بالدواب عليها الأثقال
الثقال
الرفق بها والإراحة لها
٤ ـ قوله تعالى : والخيل والبغال
والحمير لتركبوها وزينة ويخلق مالا تعلمون (٨)
من الانتفاع بها الركوب والزينة
هل تؤكل الخيل
|
١١٣٩
١١٣٩
١١٤٠
١١٤٠
١١٤٠
١١٤١
١١٤١
١١٤١
١١٤٢
١١٤٣
١١٤٣
١١٤٣
١١٤٤
١١٤٤
١١٤٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
لماذا حرمها النبي يوم خيبر
هل تؤكل البغال
في تحقيق المقصود
مدار التحليل والتحريم يدور على ثلاث آيات
وخبر واحد
هل تؤخذ الزكاة من مالك الخيل
٥ ـ قوله تعالى : وهو الذي سخر البحر
لتأكلوا منه لحما طرياً
وتستخرجوا منه حليلة تلبسونها (١٤)
أنواع اللحوم أربعة
مَن حلف إلّا كل لحماً
المراد بالحلية
من حلف إلّا يلبس حليا فلبس لؤلؤاً
٦ ـ قوله تعالى : وعلامات وبالنجم هم
يهنتدون (١٦)
خلق الله النجوم لثلاث خصال
قوله «وبالنجم» فيه ثلاثة أقوال
ما يهتدي به من النجوم
من قال مطرنا بنوء كذا
٧ ـ قوله تعالى : وإنّ لكم في الأنعام
لعبرة نسقيكم مما في بطونه (٦٦)
جاء الضمير بلفظ التذكير عائدا على
جمع مؤنث وإجابة العلماء عن ذلك
خروج اللبن خالصا من الفرث والدم دليل
على عظيم القدرة
|
١١٤٤
١١٤٥
١١٤٥
١١٤٥
١١٤٦
١١٤٧
١١٤٧
١١٤٧
١١٤٨
١١٣٦
١١٤٨
١١٤٨
١١٤٩
١١٤٩
١١٥٠
١١٥٠
١١٥١
١١٥٢
|
هل المعنى نجس
٨ ـ قوله تعالى : ومن ثمرات النخيل والأعناب
تتخذون منه سكرا ورزقا حسناً (٦٧)
في «سكراً» خمسة أقوال
الرزق الحسن فيه ثلاثة أقوال
أسد هذه الأقوال
لا يقع الامتنان إلا بمحلل لا بمحرم
ثبت تحريم الخمر باتفاق من الأئمة
٩ ـ قوله تعالى : وأوحى ربك إلى النحل
أن أتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون (٦٨)
الوحى ينقسم إلى ثمانية أقسام
الشراب العسل
الأخبار في أن العسل شفاء
هل في العمل زكاة
١٠ ـ قوله تعالى : والله جعل لكلم من
أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة (٧٢)
قوله أزواجاً
متابعاً الولد الأم
الحفدة فيها ثمانية أقوال
تحقيق القول في ذلك
من أفضل ما يخدم فيه المرء نفسه
العبادات
|
١١٥٢
١١٥٢
١١٥٣
١١٥٣
١١٥٣
١١٥٤
١١٥٤
١١٥٦
١١٥٦
١١٥٦
١١٥٧
١١٥٩
١١٦٠
١١٦٠
١١٦٠
١١٦١
١١٦٢
١١٦٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
١١ ـ قوله تعالى : ضرب الله مثلا عبدا
مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقنا منا رزقا حسنا (٧٥)
العبد المملوك الذي لا يقدر على شيء
تقسيم ال العبيد المماليك إلى قسمين
إذا أذن السيد للعبد في النكاح
الضرورة لا تبيح الفروج
١٢ ـ قوله تعالى : والله جعل لكم من
بيوتكم سكناً وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً (٨٠)
معنى ((سكناً))
جلود الأنعام
الأثاث ، والمتاع
معنى «إلى حين»
هل يؤثر الموت في تحريم الصوف والوبر
والشعر؟
١٣ ـ قوله تعالى : والله جعل لكم ممّأ
خلق ظلالا ، وجعل لكم من الجبال أكنانا (٨١)
من نعم الله الظلال والجبال
السربال
دروع الحرب عدة للجهاد
١٤ ـ قوله تعالى : إنّ الله يأمر
بالعدل والإحسان وايقاء ذى القُربى (٩٠)
حقيقة العدل
|
١١٦٤
١١٦٤
١١٦٥
١١٦٦
١١٦٦
١١٦٧
١١٦٧
١١٦٧
١١٦٨
١١٦٨
١١٦٩
١١٧٠
١١٧٠
١١٧١
١١٧١
١١٧٢
١١٧٢
|
الإحسان في العلم والعمل
الفحشاء
هذا أجمع آة
لخير يمتثل وشر يجتنب
١٥ ـ قوله تعالى وأوفو بعهد الله إذا
عاهدتم ولا تنفقوا الأيمام بعد توكيدها (٩١)
في ذكر العهد والوفاء به
التوكيد في الحلف
الفرق بين العهد واليمين
إن كرر اليمين أو كثرها أعداداً
١٦ ـ قوله تعالى : فإذا قرأت القرآن فاستعذ
بالله من الشيطان الرجيم (٩٨)
قول القائل «فعل» يحتمل ابتداء الفعل
، ويحتمل تماديه في الفعل وتمامه للفعل
الفائدة من الاستعاذة من الشيطان وقت
القراءة
كان النبي إذا افتتح القراءة في
الصلاة كبّر
مت يتعوّذ
١٧ ـ قوله تعالى : من كفر بالله من
بعد إيمانه إلّا مّن أكره وقلبه مطمئن ... (١٠٦)
هذذه الآية
نزلت في المرتدين
من تكلم بالكفر بلسانه عن إكراه
|
١١٧٢
١١٧٣
١١٧٣
١١٧٣
١١٧٣
١١٧٤
١١٧٤
١١٧٤
١١٧٥
١١٧٥
١١٧٥
١١٧٥
١١٧٦
١١٧٧
١١٧٧
١١٧٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الكره
هل التهديد إكراه
التهديد يسقط الإثم إلا في القتل
اختلف في الإكراه على الزنا
الكفر بالله بعد التهديد
الأشياء تقبح وتحسن بالشرع
من صبر على البلاء والفتنة حتى قتل
فإنه شهيد
سبب نزول هذه فإنه شهيد
سبب نزول هذه الآية
إذا وقع الإكراه لم يؤاخذه به
الإكراه على الحنث في اليمين
إذا أكره الرجل على إسلام أهله لما لا
يحل
بيع المضطر
١٨ ـ قوله تعالى : ولا تقولوا لما تصف
السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام (١١٦)
في قراءتها
معنى الآية
فتيا السلمين
١٩ ـ قوله تعالى : إنّ إبراهيم كان
أمّة قانتا له حنيفا ولم يك من المشركين(١٢)
|
١١٧٧
١١٧٧
١١٧٧
١١٧٧
١١٧٧
١١٧٨
١١٧٩
١١٧٩
١١٧٩
١١٧٩
١١٧٩
١١٨١
١١٨٢
١١٨٢
١١٨٢
١١٨٣
١١٨٣
١١٨٣
|
معنى الأمة
الحنيف
٢٠ ـ قوله تعالى : إنما جعل السبت على
الذين اختلفوا فيه وإن (١) ربّك ليحكم بينهم (١٢٤)
المراد بالذين اختلفوا فيه
أفضل الأيام
ما الذي اختلفوا فيه
سبب اختيار اليهود يوم السبت
صيام يوم الجمعه
٢١ ـ قوله تعالى : وإن عاقبتهم
تعاقبوا بمثل ما عوقبتهم به (١٢٦)
الجزاء عل المثلة عقوبة
جواز التماثل في القصاص
فضل العفو
*
* *
سورة
الإسراء
١ ـ قوله تعالى : سبحان الذي أسرى
بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
سبحان فيه أربعة أقوال
تحقيق ذلك
|
١١٨٤
١١٨٤
١١٨٤
١١٨٤
١١٨٥
١١٨٥
١١٨٦
١١٨٧
١١٨٩
١١٩٠
١١٩٠
١١٩٠
١١٩١
١١٩١
١١٩١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
القول ف
الإسراء
حديث الإسراء
في هذه القصة كان فرض الصلاة
٢ ـ قوله تعالى وإذا أردنا أن نهلك قرية
أمرنا متر فيها ففسقوا فيها (١٦)
أمرنا فيها ثلاث قراءات
٣ ـ قوله تعالى : من كان يريد العاجلة
هجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد (١٨ ، ١٩)
الأعمال بالنية
٤ ـ قوله تعالى : وقضى ربك الّا
تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا (٢٣ ، ٢٤)
تفسير «وقضى»
من أكبر الكبائر
لم خص حالة الكبر
بر الوالدين
من تمام بر الوالدين صلة أهل ودّهما
٥ ـ قوله تعالى : وآت ذا
القربى حقّه والمسكين (٢٦ ، ٢٨)
حق ذى القربى
للمسكين وابن السبيل حقّان
التبذير
الإقبا عند التمكن من العطاء
|
١١٩٢
١١٩٤
١١٩٥
١١٩٥
١١٩٦
١١٩٧
١١٩٧
١١٩٧
١١٩٧
١١٩٧
١١٩٨
١١٩٩
١٢٠١
١٢٠٢
١٢٠٢
١٢٠٢
١٢٠
١٢٠٣
|
فيمن نزلت الآية
٦ ـ قوله تعالى : ولا تجعل بدلا
مناولة إلى عنقك ولا تبسطها كل السبط (٢٩)
معنى ((مغلومة)
الخطاب للنبي والمقصود أمته
٧ ـ قوله تعالى : ولا تقتلو أولادكم
خشية إملاق (٣١)
أي الذنب أعظم
مورد هذا النهي أهل الموءودة
٨ ـ قوله تعالى : ولا تقتلوا النفس
التي حرّم الله إلا بالحقّ (٣)
معنى الولّى
دخول النساء في الدم
المقصود من القصاص
في (سلطاناً) خمسة أقوال
معنى (لا يسرف في القتل)
٩ ـ قوله تعالى : ولا تقربوا مال
اليتيم إلا بالتي هي أحسن (٣٤ ، ٣٥)
مال اليتيم
الأشد
القسطاس
العدل والوفاء بالكيل أفضل
١٠ ـ قوله تعالى : ولا تقف ما ليس
لك به علم (٣٦)
|
١٢٠٣
١٢٠٤
١٢٠٤
١٢٠٤
١٢٠٥
١٢٠٦
١٢٠٦
١٢٠٦
١٢٠٧
١٢٠٨
١٢٠٨
١٠٢٩
١٢٠٩
١٢٠٩
١٢١٠
١٢١٠
١٢١١
١٢١١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
في تفسير «لا تقف»
تحقي القول فيها
١١ ـ قوله تعالى ولا نمش في الأرض
مرحا إنك لن تخرق الأرض (٣٧ ـ ٣٩)
مرحا فيه أربعة أقوال
قراءة (سيئة)
الحكمة
١٢ ـ قوله تعالى : تسبح له السموات
السبع والأرض ومن فيهم (٤٤)
الاختلاف في معنى الآية
لا يستحيل أن يكون للجمادات تسبيح
بكلام
أكل التسبيح
١٣ ـ قوله تعالى : واستفزز من استطعت
منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك (٦٤)
واستفزز فيه قولان
بصوتك فيه ثلاثة أقوال
١٤ ـ قوله تعالى : ربكم الذي يزحى لكم
الفلك في البحر لتبتنوا من فضله (٦٦)
ركوب البحر للتجارة
١٥ ـ قوله تعالى : أقم الصلاة لداؤك
الشمس إلى غسق الليل (٧٨)
|
١٢١١
١٢١١
١٢١٣
١٢١٣
١٢١٣
١٢١٤
١٢١٤
١٢١٤
١٢١٥
١٢١٦
١٢١٧
١٢١٧
١٢١٧
١٢١٨
١٢١٨
١٢١٩
|
معنى دلوك الشمس
غسق الليل فيه ثلاثة أقوال
لم سمى صلاة الصبح قرآن الفجر
تفضل
صلائ الصبح
هل تتعلق
الآحکام المعلقة بالأسماء بأوائلها ام بآخرها
١٦ ـ قوله تعالى : ومن الليل فتهجد به
ناقلة لك عسى أن يبعثك ربك (٧٩)
التهجد
النفل
في صفة التهجد
في وجه كون قيام الييل سبباً لمقام
المحمود
١٧ ـ قوله تعالى : ويسألونك عن الروح
قل الروح من أمر ربي (٨٥)
١٨ ـ قوله تعالى : ولقد آتنا موسى
تسع آات
بنات
١٩ ـ قوله تعالى : قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن
أياّ ما تدعوا (١١٠)
في سبب نزولها
ارتباط الصلاة لقراءة
في تتبع الأسباب بالتنقيح
*
* *
|
١٢١٩
١٢١٩
١٢٢٠
١٢٢١
١٢٢١
١٢٢٢
١٢٢٢
١٢٢٢
١٢٢٣
١٢٢٣
١٢٢٤
١٢٢٥
١٢٢٦
١١٢٦
١٢٢٧
١٢٢٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
سورة
الكهف
١ ـ قوله تعالى : إنّا جعلنا ما على
الأرض زينة لها لنبلوهم (٧)
الزينة
٢ ـ قوله تعالى : وكذلك بعثناهم
ليتسأءلوا بينهم قال قائل منهم كم ليثتم (١٩ ، ٢٠)
صحة الوكالة
الوكالة جائزة في كل حق تجوز النيابة
فيه
خمسة وعشرون مثالا
هل في الآية
دليل على جواز الاجتماع على الطعام المشترك وأكله على الإشاعة
جواز توكيل ذى العذر متفق عليه
٣ ـ قوله تعالى : ولا تقولن لشيء إنّي
فاعل ذلك غدا إلّا أنْ يشاء اللهُ (٢٣ ، ٢٤)
في سبب نزولها
في الآية
تأديب من الله لرسوله
الاستثناء في اليمين
أي فائدة لهذا الاستثناء وهو حقيق
واقع لا محالة
هذه الآية
حجزة بين الكفر والإيمان والبدعة والسنة
٤ ـ قوله تعالى : ولبثوا في كهفهم
ثلاث مائة
|
١٢٢٨
١٢٢٨
١٢٢٨
١٢٢٨
١٢٢٩
١٢٢٩
١٢٣٠
١٢٣١
١٢٣١
١٢٣١
١٢٣٤
١٢٣٤
١٢٣٧
١٢٣٧
|
ستين وازدادوا تسعا (٢٥ ، ٢٦)
الكهف
جواز الفرار من الظالم
٥ ـ قوله تعالى : ولولا إذ دخلت جنتك
قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله (٣٩)
الذكر مشروع في كل حال على الندب
٦ ـ قوله تعالى : المال والبنون زينة
الحياة الدنيا (٤٦)
الباقي بالحق هو الله
الباقيات الصالحات
٧ ـ قوله تعالى : وإذ قال موسى لفتاة
لا أبوح حتى أبلغ مجمع البحرين (٦٠)
حديث الخضر
المقصود بقوله (فتاه)
الرحلة في طلب العلم
النسيان لا يقتضى المؤاخذة
سؤال الضيافة
١٩ ـ قوله تعالى : قالوا ياذا
القرنين إنّي يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض (٩٤)
الخرج
|
١٣٣٨
١٢٣٩
١٢٣٩
١٢٣٩
١٢٣٩
١٢٤٠
١٢٤٠
١٢٤١
١٢٤٢
١٢٤٢
١٢٤٤
١٢٤٤
١٢٤٦
١٢٤٦
١٢٤٧
١٢٤٧
|
__________________
|
صفحة
|
|
صفحة
|
على الملك فرض أن يقوم بحماية الخلق
وعليه حسن النظر لهم وذلك بثلاثة شروط
لا يحل أخذ مال أحد إلا لضرورة تعرض
٢٠ ـ قوله تعالى : قل هل ننبئكم
بالأخرين أعمالا (١٠٥)
يلحق بالكافرين بآيات
الله ولقائه ثلاثة أصناف
*
* *
سورة
مريم
١ ـ قوله تعالى : ذكر رحمة ربك عبده
زكريا (٢، ٣)
كان دعا زكريا خفيا لوجهين
٢ ـ قوله تعالى : وأنى خفت الموالي من
ورائي (٥)
٣ ـ قوله تعالى يا بحيي خذ الكتاب
بقوة (١٢)
الحكمة أجلها مرتبة النوة
المراد بالحكم هنا فيه ثلاثة أقوال
٤ ـ قوله تعالى : وهزَّى إليك بجذع
النخلة تساقط عليك رطبا جنيّا (٢٥)
|
١٢٤٨
١٢٤٨
١٢٤٨
١٢٤٨
١٢٤٩
١٢٥٠
١٢٥٠
١٢٥٠
١٢٥١
١٢٥١
١٢٥١
١٢٥٢
|
في الآية
بتكلف الكسب في الرزق
في صفحة الجذع
معنى الجني
٥ ـ قوله تعالى : إن كل من في السموات
والأرض إلاّ آتى الرحمن عبدا (٩٣)
لايجوز أنّ يملك الرجل ابنه
٦ ـ قوله تعالى : إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات سجعل لهم الرحمن ودا (٩٦)
إذا أحب الله عبدا
سبب حب الله
*
* *
سورة
طه
١ ـ قوله تعالى : إني أنا ربك فاخلع
نعليك إن بالواد المقدس طوى (١٢)
في خلع النعل قولان
اختلف الناس في جلد لميتة على أربعة
أقوال
٢ ـ قوله تعالى : إنني أنا الله لا
إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكرى (١٤)
في معنى «لذكرى» ثلاثة أقوال
وجوب الصلاة على كل ذاكر إذا ذكر
|
١٢٥٢
١٢٥٣
١٢٥٣
١٢٥٣
١٢٥٣
١٢٥٤
١٢٥٤
١٢٥٥
١٢٥٦
١٢٥٦
١٢٥٧
١٢٥٧
١٢٥٧
١٢٥٨
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٣ ـ قوله تعالى : وما تلك بيمينك
جاموسى (١٧ ، ١٨)
علة السؤال
لم أضاف العصا إلى نفسه
إجابة موسى بأكثر مما وقع السؤال عنه
الهش
٤ ـ قوله تعالى : إذهبا إلى فرعون إنه
طغى : فقولا له قولا لينا (٤٣ ـ ٤٥)
يجوز أن يرسل الله رسولين
جواز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
باللين لمن معه القوة
٥ ـ قوله تعالى : ولقد عهدنا إلى آدم
من قبل فنسى ولم نجدله عزما (١١٥)
أكله ناسيا
٦ ـ قوله تعالى : فأصبر على ما يقولون
وسبح بحمد ربك ... (١٣٠)
آناء
أطراف النهار
*
* *
سورة
الأنبياء
١ ـ قوله تعالى : قال بل فعله كبيرهم
هذا فأسألوهم إن كانوا ينطقون (٦٣)
لم يكذب إبراهيم في شيء قطّ إلافي
ثلاث
|
١٢٥٩
١٢٥٩
١٢٥٩
١٢٥٩
١٢٥٩
١٢٦٠
١٢٦٠
١٢٦٠
١٢٦١
١٢٦١
١٢٦٢
١٢٦٢
١٢٦٣
١٢٦٤
١٢٦٤
|
في التعاريض مندوحة عن الكذب
٢ ـ قوله تعالى : وداود وسليمان إذ
يحكمان في الحرث (٧٨ ، ٧٩)
إن حاكمين على حكم واحد لايجوز
في دستور في قصص القرآن
وصف ما قضاء النبيان فيه ، وفيه قولان
ذكر وصف قضائهما
صفة حكم المصطفى فيها
رجوع القاضي عما حكم به إذا تبين أن
الحق في غيره
يجوز للأنبياء الحكم بالاجتهاد
من أتلف شيئا فعليه الضمان
ضمان أرباب المواشي
إذا أفسدت المواشي فعلى أربابها قيمة
ما أفسدته
المواشي ضواري وحريصه
*
* *
سورة
الحج
١ ـ قوله تعالى : يا أيها الناس إن
كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ... (٥)
في «مخلّفة» أربعة أقوال
حديث عن الخلق
الصلاة على السقط
|
١٢٦٤
١٢٦٦
١٢٦٦
١٢٦٦
١٢٢٦
١٢٦٦
١٢٦٧
١٢٦٧
١٢٦٧
١٢٦٨
١٢٦٨
١٢٦٩
١٢٧٠
١٢٧١
١٢٧١
١٢٧١
١٢٧١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
عدة المراة تنقضي بالسقط الموضوع
٢ ـ قوله تعالى : إنّ الذين كفروا ويصدون
عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء (٢٥)
في سبب نزولها
معنى التسوية
في المعنى الذي فيه التسوية
الإلحاد في مكة
تحريم مكة
الحرم لايعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا
فارا بخربة
٣ ـ قوله تعالى : وإذ بؤانا لإبراهيم
مكان البيت ... (٢٦)
أي المسجد وضع في الأرض الأول
٤ ـ قوله تعالى : وأذن في الناس بالحج
يأتوك رجالا ... (٢٧)
كيفية النداء
لا يفترض الحجّ على من ليس له زاد ولا
راحلة
تفسير الضامر
بناء (عمق)
حج النبي قبل الهجرة حجتيت وحج حجة
الوداع الثالثة
حج الراجل وحج الراكب
|
١٢٧٣
١٢٧٤
١٢٧٤
١٢٧٥
١٢٧٥
١٢٧٦
١٢٧٧
١٢٧٧
١٢٧٧
١٢٧٨
١٢٧٨
١٢٧٨
١٢٧٩
١٢٧٩
١٢٨٠
١٢٨٠
١٢٨٠
|
٥ ـ قوله تعالى : ليشهدوا منافع لهم
ويذكروا اسم الله في أيام معلومات (٢٨)
معنى اللام
في قوله «منافع» أربعة أقوال
الأيام المعلومات
٦ ـ قوله تعالى : ثم ليقضوا تفثهم
وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق (٢٩)
فذ ذكر التغث
حقيقة الشرعية
في تسمية البيت بالعتيق قولان
٧ ـ قوله تعالى : ذلك ومن يعظم حرمات
الله فهو وخير له عند ربه (٣٠)
الحرمات
شهادة الزور
٨ ـ قوله تعالى : ذلك ومن يعظم شعائر
الله فإنها من تقوى القلوب (٣٢ ، ٣٣)
المراد بالشعائر في الشرع فيه أربعة
أقوال
الصحيح أنها جميع مناسك الحج
في المنافع ثلاثة أقوال
٩ ـ قوله تعالى : ولكل أمة جعلنا
منسكا ليذكروا اسم الله (٣٥)
|
١٢٨١
١٢٨١
١٢٨١
١٢٨٢
١٢٨٢
١٢٨٣
١٢٨٤
١٢٨٤
١٢٨٤
١٢٨٥
١٢٨٥
١٢٨٥
١٢٨٥
١٢٨٦
١٢٨٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
قراءة «منسك»
الاختلاف في معناه
اشتقاقه من «نسكت» له في اللغة معان
١٠ ـ قوله تعالى : والبدن جعلناها لكم
من شعائر الله (٣٦)
البدن
قراءة «صواف»
في كيفية نحر الهدى
الأحاديث الصحاح في ذلك
معنى «وجبت جنوبها»
هدى التطوع يأكل منه
الهدى الواجب للعلماء فيه أقوال
اختلف الناس في حكم «فكلوا»
«وأطعموا» على ثلاثة أقوال
إذا أكل من لحم الهدى الذي لا يحل له
أكله
ماذا يغرم
إذا عطب الواجب كله قبل محله
إن كان تطوعا فعطب قبل محله
القانع والمعتر
للقانع معنيان في اللغة
المعتر والمعتري
الفقير على قسمين : ملازم لك وما ربك
|
١٢٨٦
١٢٨٧
١٢٨٧
١٢٨٨
١٢٨٨
١٢٨٨
١٢٨٩
١٢٨٩
١٢٩٠
١٢٩٠
١٢٩٠
١٢٩١
١٢٩٢
١٢٩٢
١٢٩٢
١٢٩٢
١٢٩٣
١٢٩٣
١٢٩٣
١٢٩٤
|
١١ ـ قوله تعالى : لن ينال الله
لحومها ولا دماءؤها (٣٧)
أمتن الله بتذليلها لنا
التسمية والتكبير عند الذبح
١٢ ـ قوله تعالى : أذن للذين يقاتلون
بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير (٣٩)
في سبب نزولها
معنى أذن
قرئ «يقاتلون» بفتح الفاء وكسرها
١٣ ـ قوله تعالى : الذين أخرجوا من
ديارهم بغير حق (٤٠)
الإذن بالقتال
الكره على إتلاف المال يلزمه الغرم ،
المكرة على قتل الغير يلزمه القتل
١٤ ـ قوله تعالى : وما أرسلنا من قبلك
من رسول ولا نبيّ إلا اذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته (٥٢ ـ ٥٤)
في سبب نزولها
تجلية الغامض في عشر مقامات
١٥ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا ارکعوا واسجدوا
(٧٧)
هل هي سجدة تلاوة أو سجود الصلاة
١٦ ـ قوله تعالى : وجاهدوا في الله حق
جهاده (٧٨)
|
١٢٩٤
١٢٩٥
١٢٩٥
١٢٩٥
١٢٩٥
١٢٩٦
١٢٩٦
١٢٩٧
١٢٩٨
١٢٩٨
١٢٩٩
١٢٩٩
١٣٠٤
١٣٠٤
١٣٠٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الحرج
في محل النفي
إذا تعارض دليلان أحدهما بالحظر والآخر بالإباحة
*
* *
سورة
المؤمنون
١ ـ قوله تعالى : الذين هم في صلاتهم
خاشعون (٢)
في سبب نزولها
الخشوع
حقيقته
نكته قولك «الله أكبر»
٢ ـ قوله تعالى : والذين هم لفروجهم
حافظون (٥)
الرجل يجلد عميره
نكاح المتعة
يسمى من نكح مالا يحل عاديا
٣ ـ قوله تعالى : والذين هم لأمانلتهم
وعهدهم راعون (٨)
وجوب حفظ الأمانة والعهد
٤ ـ قوله تعالى : والذين هم على
صلواتهم يحافظون (٩)
حفظ الصلاة
٥ ـ قوله تعالى : وأزلنا من السماء
ماء يقدر (١٨)
|
١٠٢٤
١٣٠٥
١٣٠٦
١٣٠٧
١٣٠٧
١٣٠٧
١٣٠٨
١٠٣٩
١٣١٠
١٣١٠
١٣١١
١٣١١
١٣١١
١٣١١
١٣١١
١٣١١
١٣١١
|
من نعم الله على خلقه
٦ ـ قوله تعالى : وجعلنا ابن مريم
وأمه آة وآوناها ؛لد ربوة (٥٠)
اللغات في «ربوة»
في تعيين هذه الربوة ستة أقوال
المراد بقوله «ومعين»
٧ ـ قوله تعالى : يا أيها الرسل كلوا
من الطيبات واعملوا صالحاً (٥١)
تفسير الطيب
٨ ـ قوله تعالى : والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة (٦٠ ، ٦١)
الخوف
الذي يأتي
المعصية على ثلاثة أقسام
المبادرة إلى
الأعمال الصالحة من العبادات
٩ ـ قوله تعالى
: مستكبرين به سامرا تهجرون (٦٧)
معنى قوله «سامرا»
متى يكره السمر
حديث عن أصحاب
الصفة
١٠ ـ قوله تعالى
: ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون (٩٦)
١١ ـ قوله تعالى
: وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون (٩٧ ، ٩٨)
|
١٣١٢
١٣١٤
١٣١٤
١٣١٤
١٣١٦
١٣١٦
١٣١٦
١٣١٦
١٣١٧
١٣١٨
١٣١٨
١٣١٨
١٣١٩
١٣٢٠
١٣٢١
١٣٢٢
١٣٢٣
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
لا سلطان للشيطان على النبي
*
* *
سورة
النور
١ ـ قوله تعالى : سورة أنزلناها
وفرضناها وانزلنا فيها آات بنات (١)
ف
فرضناها التشديد وعدمه
٢ ـ قوله تعالى : الزانية والزاني
فاجلدوا كلَّ واحدٍ منهما مائة جلدة (٢)
حد الزنا حقيقته
البدء بالمرأة قبل الرجل لفائدتين
حد الزنا قسمان رجم على الثيب وجلد
على البكر
المخاطب بالجلد الإمام
صفة الضرب
حكمة قوله «وليشهد عذابهما طائفة من
المؤمنين»
اختلف في تحديد الطائفة
٣ ـ قوله تعالى : الزاني لا ينكح إلا
زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا ذان ومشرك (٣)
في وجه نزولها
هذه الآية
من مشكلات القرآن من وجهين
|
١٣٢٣
١٣٢٤
١٣٢٤
١٣٢٥
١٣٢٥
١٣٢٥
١٣٢٦
١٣٢٦
١٣٢٦
١٣٢٧
١٣٢٧
١٣٢٨
١٣٢٩
|
ف التنقح
إذا زنا بالغ بصبية أو عقل بمجنونة أو
مستيقظ بنائمة
تزويج الزانية يكون على وجهين
٤ ـ قوله تعالى : والذين يرمون
المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهدا فاجلدوهم (٤)
الإحصان
شروط القذف عند العلماء تسعة
سبب اشتراط البلوغ والعقل في القاذف
سبب شرط الإسلام في القذوف
المراد بالرمى
الذي يفتقر إلى أربعة شهدا هو الزنا
إذا صرح بالزنا وإذا عرض
إذا قال له : يا من وطىء بين الفخذين
إذا رمى صبية يمكن وطؤها قبل البلوغ بالزنا
سبب تكثير عدد الشهود في الزنا
من شرط أداء الشهود الشهادة أن يكون
ذلك في مجلس واحد
فيمن نزلت هذه الآية
حدّ القذف حق من؟
هذا الحد يقيمه الإمام بمطالبة
المقذوف
حدّ العبد
علق الله على القذف ثلاثة أحكام :
الحد ، ردّ الشهادة ، التفسيق
|
١٣٣٠
١٣٣٠
١٣٣١
١٣٣٢
١٣٣٢
١٣٣٣
١٣٣٣
١٣٣٣
١٣٣٣
١٣٣٤
١٣٣٤
١٣٣٤
١٣٣٥
١٣٣٥
١٣٣٦
١٣٣٦
١٣٣٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
التوبة تسقط الغسق
اختلف في ردّ الشهادة على أربعة أقوال
كان عمر يقول تب أقبل شهادتك
الاستثناء في «إلّا الذين تابوا»
٥ ـ قوله تعالى والذين يرمون أزواجهم
ولم يكن لهم شهدا إلا أنفسهم (٦)
في سبب نزولها
الرمى عام
وجه القول باشتراط الرؤية
الاستبراء
الحكمة في تكرير الشهادة
إذا قذفها بعد الطلاق
إذا انتفى من الحمل
إذا قذف بالوطء في الدبر لزوجته لاعن
إذا قذف زوجته وأمّها بالزنى تلاعن
في النكاح الفاسد
فائدة لعان الزوج درء الحد عنه ونفي
النسب منه
العذاب المراد بالآية
الحبس
البداء في اللعان بما يدأ الله به وهو
الزوج
إذا صدقته المرأة في قذفه وهناك ولد
إذا قذفها برجل سماه
|
١٣٣٧
١٣٣٧
١٣٣٧
١٣٣٩
١٣٤٠
١٣٤٠
١٣٤٢
١٣٤٢
١٣٤٣
١٣٤٤
١٣٤٤
١٣٤٥
١٣٤٥
١٣٤٥
١٣٤٦
١٣٤٦
١٣٤٦
١٣٤٧
١٣٤٧
١٣٤٧
|
٦ ـ قوله تعالى : إن الذين جاؤوا
بالإفك عصبة منكم (١١)
في سبب نزولها
حديث الإفك
حقيقة الإفك
حقيقة الخير ، وحقيقة الشر
لا تحمل كل نفس إلا ما اكتسبت من
الإثم
في قوله «عذاب عظيم» ثلاثة أقوال
٧ ـ قوله تعالى : لولا إذ سمعتموه ظنّ
المؤمنون والمؤمنات بانفسهم خيرا (١٢)
معنى الآية
درجة الإيمان لا يزيلها خبر محتمل
٨ ـ قوله تعالى : لولا جاءوا عليه
بأربعة شهداء (١٣)
إقامة أربعة من الشهداء
ترتيب الحدود على حكم الله الذي شرعه
في الدنيا لا على مقتضى علمه
٩ ـ قوله تعالى : يعظكم الله أن تعودا
لمثله (١٧)
معنى «لمثله»
١٠ ـ قوله تعالى : أنّ الذين يحبون أن
تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب
أليم (١٩)
|
١٣٤٧
١٣٤٨
١٣٤٨
١٣٥٣
١٣٥٤
١٣٥٤
١٣٥٤
١٣٥٤
١٣٥٥
١٣٥٥
١٣٥٥
١٣٥٥
١٣٥٥
١٣٥٥
١٣٥٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
المحبة وجزاءها
إذا أشاع الفاحشة
١١ ـ قوله تعالى : ولا يأتل أولو
الفضل منكم والسعة (٢٢)
نزلت في أبي بكر ومسطح
التحريم باليمين
الحنث إذا رآه
خيرا أولى من البر
١٢ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا لا تدخلوا
بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا (٢٧)
هذه الآية
عامة في كل بيت
في معنى الاستئناس ثلاثة أقوال
في كيفية الاستئذان
حكم الاستئذان والتسليم
على من يستأذن الرجل؟
١٣ ـ قوله تعالى : فإن لم تجدوا فيها
أحدا فلا تدخلوها (٢٨)
إذا كانت المنازل خالية
ما يقال للمستأذن
١٤ ـ قوله تعالى : ليس عليكم جناح ان
تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم (٢٩)
في المراد بهذه البيوت
في معنى قوله «فيها متاع لكم»
ثلاثة أقوال
|
١٣٥٦
١٣٥٦
١٣٥٧
١٣٥٧
١٣٥٧
١٣٥٨
١٣٥٨
١٣٥٨
١٣٥٨
١٣٥٩
١٣٦٠
١٣٦١
١٣٦٢
١٣٦٢
١٣٦٣
١٣٦٣
١٣٦٣
١٣٦٤
|
١٥ ـ قوله تعالى : قل للؤمنين بغضوا
من أبصارهم
لم أدخلت «من» المقتضية للتبعيض
معنى «أزكى لهم»
١٦ ـ قوله تعالى : وقل للمؤمنات
يغضضن من أبصارهن (٣١)
النظر إلى مالا يحلّ شرعا يسعى زنا
الزينة على قسمين
اختلف في الزينة الظاهرة على ثلاثة
أقوال
الزينة الباطنة
الجيب والخمار
استثنى اثنا عشر محلا ممن لا تظهر الزينة
أمامهم
عورة المرأة مع عبدها
الضرب بالأرجل
١٧ ـ قوله تعالى : وأنكحوا الأيامى
منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم (٣٢)
الأيم فيها قولان
المراد بالخطاب في قوله : «أنكحوا»
هل المراد به الوجوب أو الندب أو الإباحة
العبد لا يتزوج إلا بإذن سيده
معنى «يغنهم الله من فضله»
|
١٣٦٤
١٣٦٥
١٣٦٦
١٣٦٦
١٣٦
١٣٦٨
١٣٦٨
١٣٦٩
١٣٦٩
١٣٧٥
١٣٧٦
١٣٧٦
١٣٧٦
١٣٧٦
١٣٧٧
١٣٧٨
١٣٧٩
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
في هذه الآية
دليل على تزويج الفقير
١٨ ـ قوله تعالى : وليس؟ الذين لا
يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله (٣٣)
من المخاطب في الآية
التعبير بالوجود عن القدرة
المكاتبة
مال العبد وأكسابه لسيده
معنى الخير في الآية
إذا كاتب عبده على مال قاطعه عليه
نجوما
إنما جعل الأجل رفقا بالبعد
«مال الله» فيه قولان
في أي وقت يؤتي
صفة عقد الكتابة
فيمن نزلت الآية
النهي عن هر البغىّ وحلوان الكاهن
لمن المغفرة
١٩ ـ قوله تعالى : الله نور السموات
والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح (٢٥)
اختلف في الشجرة على ستة أقوال
٢٠ ـ قوله تعالى : في بيوت أذن اللهُ
أن ترفع ويذكر فيها اسمه (٣٦)
|
١٣٨٠
١٣٨٠
١٣٨٠
١٣٨٠
١٣٨١
١٣٨٢
١٣٨٣
١٣٨٣
١٣٨٣
١٣٨٤
١٣٨٥
١٣٨٥
١٣٨٦
١٣٨٦
١٣٨٧
١٣٨٧
١٣٨٩
|
اختلف في البيوت على ثلاثة أقوال
«ترفع» فيها ثلاثة أقوال
٢٨ ـ قوله تعالى : وإذا دُعُوا إلى
الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون (٤٨)
في سبب نزولها
إذا كان الحكم بين العاهد والمسلم
وجوب إجابة الدعوى إلى الحاكم
٢٢ ـ قوله تعالى : وأقسموا بالله جهد
أيمانهم لئن أمر تهم ليخرجن (٥٣)
«طاعة معروفة» فيها ثلاثة تأويلات
٢٣ ـ قوله تعالى : وعد الله الذين آمنوا منکم وعملوا الصالحات لستخلفنهم ف الأرض (٥٥)
في سبب نزولها
فيمن نزلت الآية
إمامه الحلفاء الأربعة
«الأرض» فيها قولان
٢٤ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لستآذنكم
الذين ملكت ايمانكم (٥٨)
استئذان الذين ملكت إيمانكم
«ملكت أيمانكم» فيه ثلاثة أقوال
هل الآية
محكمة أو منسوخة
في التنقيح
المرات الثلات
|
١٣٨٩
١٣٨٩
١٣٩٠
١٣٩٠
١٣٩٠
١٣٩١
١٣٩١
١٣٩١
١٣٩٢
١٣٩٢
١٣٩٢
١٣٩٢
١٣٩٥
١٣٩٥
١٣٩٦
١٣٩٦
١٣٩٦
١٣٩٧
١٣٩٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
العورة
العلة الموجبة للإذن
حال جلوس الرجل مع أهله
٢٥ ـ قوله تعالى : وإذا بلغ الأطفال
منكم الحلم فليستأذنوا (٥٩)
استثناء الطفل من عموم الحجبة
٢٦ ـ قوله تعالى : والقواعد من النساء
اللّأتي لا يرجون نكاحا (٦٠)
«معنى القواعد»
من التبرج أن تلبس المرأة ثوبا ريقا
يصفها
٢٧ ـ قوله تعالى : ليس على الأعمى حرج
ولا على الأعرج حرج (٦١)
في سبب نزولها
«من بيوتكم» فيها ثلاثة أقوال
قوله «أو ما ملكتم مقاتحه» فيه ثلاثة
أقوال
في تنقيح معانى الآية
في المختار
في تمام المعنى في الآية
فيمن نزلت
يجوز الرجل أن يأكل مع الآخر
ف
البوت قولان
فسلموا على أنفسكم فيها أربعة أقوال
في المختار من هذه الأقوال
|
١٣٩٩
١٣٩٩
١٣٩٩
١٤٠٠
١٤٠٠
١٤٠٠
١٤٠٠
١٤٠١
١٤٠٢
١٠٤٣
١٤٠٣
١٤٠٤
١٤٠٥
١٤٠٦
١٠٤٦
١٤٠٧
١٠٤٨
١٠٤٨
١٠٤٨
|
٢٨ ـ قوله تعالى : إنما المؤمنون
الذين آمنوا بالله ورسوله (٦٢)
في سبب نزوله
استئذان الإمام
٢٩ ـ قوله تعالى : لا تجعلوا دعا
الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا (٦٣)
إضافة المصدر
الإضافة هنا من إضافة المصدر إلى
الفاعل ، ولذلك ثلاثة معان
الأمر للوجوب
«أن تصيبهم فتنة» فيه ثلاثة أقوال
*
* *
سورة
الفرقان
١ ـ قوله تعالى : وقالوا ما لهذا
الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق (٧)
في سبب نزول الآية
دخول السوق
٢ ـ قوله تعالى : وهو الذي جعل لكم
الليل لباسا والنوم سباتا (٤٧)
معنى الآية
٣ ـ قوله تعالى : وهو الذي أرسل
الرياح بشرا بين يدي رحمته (٤٨)
في معنى «طهور» قولان
الأحكام الشرعية لا تثبت بالمجازات
الشعرية
|
١٤٠٩
١٤٠٩
١٤١٠
١٤١١
١٤١١
١٤١١
١٤١٢
١٤١٢
١٤١٤
١٤١٤
١٤١٥
١٤١٥
١٤١٥
١٤١٥
١٤١٥
١٤١٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
بناء «فعول» للمبالغة
الماء المستعمل في رفع الحدث لا يجوز
الوضوء به مرة أخرى
المخالط للماء على ثلاثة أضرب
الماء إذا تغير بقراره
لم يلحق غير الماء بالماء لوجهين
ليست النجاسة معنى محسوسا
إذا فضلت من الماء فضلة للجنب هل
يتوضأ بها
إذا كان الماء طاهرا فولغ فيه كلب
إذا ولغت السباع في الماء
ورود النجاسة على الماء ليس كورود
الماء على النجاسة
ماء البحر
٤ ـ قوله تعالى : وهو الذي خلق من
الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا (٥٤)
النسب
الصهر
٥ ـ قوله تعالى : وتوكل على الحي الذي
لا يموت وسبح بحمده (٥٨)
التوكل
أحوال تلحق بالتوكل
٦ ـ قوله تعالى : وهو الذي جعل الليل
والنهار خلفه لمن أراد أن يذكر (٦٢)
في تفسير الخلفة
|
١٤١٧
١٤١٨
١٤١٩
١٤٢١
١٤٢١
١٤٢٢
١٤٢٢
١٤٢٢
١٤٢٣
١٤٢٤
١٤٢٥
١٤٢٦
١٤٢٦
١٤٢٦
١٤٢٧
١٤٢٧
١٤٢٧
١٤٢٨
١٤٢٨
|
الأشياء لا تتفاضل بأنفسها
٧ ـ قوله تعالى : وعباد الرحمن الذين
يمشون على الأرض هونا (٦٣)
معنى «هونا»
اختلف في «الجاهلين» على قولين
معنى «سلاما»
٨ ـ قوله تعالى : والذين إذا أنفقوا
لم يسرفوا ولم يقتروا (٦٧)
في قوله «لم يسرفوا» ثلاثة أقوال
«ولم يقتروا» فيه قولان
معنى «قواما»
٩ ـ قوله تعالى : والذين لا يشهدون
الزور وإذا مروا باللغو (٧٢)
يشهدون الزور فيه ستة أقوال
تعقيب على هذه الأقوال
اللغو
١٠ ـ قوله تعالى : والذين إذا ذكروا بآات ربهم لم خروا عها صما
وعمانا (٧٣)
سجود التلاوة
١٢ ـ قوله تعالى : والذين يقولون ربنا
هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين (٧٤)
معنى «قرة أعين»
معنى «إمام»
* * *
|
١٤٢٨
١٤٢٩
١٤٢٩
١٤٢٩
١٤٣٠
١٤٣٠
١٤٣٠
١٤٣١
١٤٣١
١٤٣١
١٤٣٢
١٤٣٢
١٤٣٢
١٤٣٣
١٤٣٣
١٤٣٣
١٤٣٣
١٤٣٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
سورة
الشعراء
١ ـ قوله تعالى : فأوحينا إلى موسى أن
أضرب بعصاك البحر (٦٣)
٢ ـ قوله تعالى : واجعل لي لسان صدق
في الأخرن (٨٤)
دعوة موسى
الترغيب في العمل الصالح
في سلامة القلب قولان
٣ ـ قوله تعالى : إلّا من أتى الله
بقلب سليم (٨٩)
٤ ـ قوله تعالى : وإذا بطشتم بطشتم
جبارين (١٣.)
٥ ـ قوله تعالى : وأنذر عشيرتك
للأقربين (٢١٤)
في نزولها
صعود النبي إلى الصفا ودعوته قريشا
٦ ـ قوله تعالى : والشعراء يتبعم
الغاوون (٢٢٤ ـ ٢٢٧)
الشعر
قول للنبي في الشعر
مدح العباس للنبي
ردّ النبي
معنى «يهيمون»
|
١٤٣٥
١٤٣٦
١٤٣٦
١٤٣٦
١٤٣٦
١٤٣٦
١٤٣٧
١٤٣٧
١٤٣٧
١٤٣٨
١٤٣٩
١٤٣٩
١٤٣٩
١٤٣٩
١٤٤٠
١٤٤٠
|
شعراء المسلمين عند النبي بعد نزول
هذه الآية
سماع النبي للشعر
المذموم من الشعر
عمر والشعر
عمر بن عبد العزيز والشعراء
في تحقيق القول فيه
*
* *
سورة
النمل
١ ـ قوله تعالى : وورث سليمان داوود
وقال يأ أيها الناس (١٦)
٢ ـ قوله تعالى : علمنا منطق
الطير(١٦)
القول في منطق الطير
معجزة سليمان
٣ ـ قوله تعالى : وحشر لسليمان جنوده
من الجن والإنس والطير (١٧)
معنى «يوزعون»
ما يزع الناس السلطان
٤ ـ قوله تعالى : حتى إذا أتوا على
وادي النَّمل قالت نملة (١٨)
جند سليمان لم يكن فيهم من يؤذى نملة
مع القصد إلى ذلك
|
١٤٤٠
١٤٤١
١٤٤١
١٤٤١
١٤٤٢
١٤٤٦
١٤٤٨
١٤٤٨
١٤٤٨
١٤٤٨
١٤٥٠
١٤٥٠
١٤٥٠
١٤٥٠
١٤٥١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٥ ـ قوله تعالى : فتبسَّم ضاحكاً من
قولها وقال رب أوزعني
القول في النبسّم
ومن الضحك مكروه
ومن أي شي ضحك سليمان
٦ ـ قوله تعالى : وتفقد الطير فقال
مالي لا أرى الهدهد (٢٠)
في سبب تفقده قولان
هذا يدل على تفقد سليمان أحوال الرعية
٧ ـ قوله تعالى : لاعذ بينه بينه
عذابا شديدا أو لاذبحنه (٢١)
الطير كانت كلفة
الحدّ على قدر الذنب
٨ ـ قوله تعالى : فمكث غير بعيد فقال
أحطت بما لم تحط به (٢٢)
من آداب
العلم
٩ ـ قوله تعالى : إنّي وجدت امرأة
تملكهم وأوتيت من كل شيء (٢٣)
تناسل الجن
سبأ
المرأة لا تكون خليفة
هل يجوز أن تكون المرأة قاضية
مناظرة في هذا الشأن
رأى ابن العربي
١٠ ـ قوله تعالى : قال سننظر أصدقت أم
كنت من الكاذبين (٢٧)
|
١٤٥٢
١٤٥٢
١٤٥٢
١٤٥٣
١٤٥٤
١٤٥٤
١٤٥٤
١٤٥٥
١٤٥٥
١٤٥٥
١٤٥٦
١٤٥٦
١٤٥٦
١٤٥٦
١٤٥٦
١٤٥٧
١٤٥٧
١٤٥٨
١٤٥٨
١٤٥٨
|
على الوالي أن يقبل عذر رعيته
سؤال عمر عن المرأو يضرب بطنها فتلقى
جنينها
١١ ـ قوله تعالى: اذهب بكتابي هذا
فألقه إليهم ثم تول عنه (٢٨ ، ٣٠)
«كتاب كريم» فيه ستة أقوال غاية الوصف
بالكريم في الكتاب غاية الوصف
البسلمة آية
في هذا الموضع
١٢ ـ قوله تعالى : قالت يأ أيها الملأ
أفتوني في امرى ما كنتت قاطعة امرا حتى تشهدون (٣٢)
المشاورة
١٣ ـ قوله تعالى : وأنّي مرسلة إليهم
بهدبة فناظرة بم يرجع المرسلون (٣٥)
لم جلعت بلقيس قبول الهدية أو ردّها
علامة
قبول النبي الهدية
١٤ ـ قوله تعالى : قال يا أيها الملأ
أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين (٣٨)
ما الفائدة في طلب عرشها
الغنيمة لم تحل لأحد قبل محمد
١٥ ـ قوله تعالى : قالوا تقاسموا
بالله لنبيَّنَمِّنه وأهله (٤٩)
|
١٤٥٨
١٤٥٩
١٤٥٩
١٤٥٩
١٤٦٠
١٤٦٠
١٤٦٠
١٤٦٠
١٤٦٠
١٤٦١
١٤٦١
١٤٦٢
١٤٦٢
١٤٦٢
١٤٦٣
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
القسامة
١٦ ـ قوله تعالى : إنما أمرت أن أعبد
رب هذه البلدة
*
* *
سورة
القصص
٣١ ـ قوله تعالى : فالتقطه آل فرعون لکون لهم عدوا
وحزنا (٨)
اللقيط
اللام للعاقبة
٢ ـ قوله تعالى : وأصبح فؤاد أم فارغا
(١٠)
«فارغا» فيه ثلاثة أقوال
٣ ـ قوله تعالى : ودخل المدينة على
حين غفلة من أهلها (١٥)
نصر الملظلوم
٤ ـ قوله تعالى : ولما ورد ماء مدين
وجد عليه أمة من الناس (٢٣)
متى كانا يستقيان
٥ ـ قوله تعالى : فجاءته إحداهما تمشي
على استحياء قالت إن أبى يدعوك (٢٥، ٢٦)
٦ ـ قوله تعالى : قال أني أريد أن
أنكحك احدى ابنتي هاتين (٢٧،٢٨)
الإجارة كانت مشروعة عندهم
عرض الولى وليته على الزوج
|
١٤٦٣
١٤٦٣
١٤٦٤
١٤٦٤
١٤٦٤
١٤٦٤
١٤٦٤
١٤٦٥
١٤٦٥
١٤٦٥
١٤٦٦
١٤٦٦
١٤٦٦
١٤٦٦
١٤٦٦
|
حديث الموهوبة
بم ينعقد النكاح
قوله «إحدى ابنتيّ هاتين يدل على أنه
عرض لا عقد
هل الاستدعاء يكون قبولا
عادة الناس تزويج الكبرى قبل الصغرى
لم قدمت الصغرى في قصة ثالح مدين
جعل المنافع صداقا
إن وقع النكاح يجعل
الإجارة على رعاية الغنم على ثلاثة
أقسام
نكاح التفويض
الإجارة بالعوض المجهول
بم آجر موسى نفسه
اجتماع الإجارة
والنكاح
النكاح أشبه شيء
بالبيوع
النكاح إلى
الولى
الأب يزوج ابنته البكر من غير استثمار
زواج الأليم
الكفاءة معتبرة في النكاح
هل دخل موسى حين عقد أو حين سافر
طول الانتظار في النكاح جائز
مدة العقد
الاكتفاء بالله في الإشهاد
هل يجب الإشهاد في النكاح
الإشهاد في البيع
|
١٤٦٧
١٤٦٨
١٤٦٩
١٤٦٩
١٤٧٠
١٤٧٠
١٤٧١
١٤٧٢
١٤٧٣
١٤٧٤
١٤٧٥
١٤٧٦
١٤٧٦
١٤٧٦
١٤٧٧
١٤٧٨
١٤٧٨
١٤٧٨
١٤٧٩
١٤٨٠
١٤٨٠
١٤٨٠
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
للرجل أن يذهب بأهله حيث شاء
٧ ـ قوله تعالى : وإذا سمعو اللغو
اعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم (٥٥)
في المراد بذلك أربعة أقوال
٨ ـ قوله تعالى : وايتغ فيما آتاك
الله الدار الآخرة (٧٧)
معنى النصيب
من سيرة النبي
*
* *
سورة
العنكبوت
١ ـ قوله تعالى : ووصينا الإنسان
بوالديه حسنا (٨)
إشارة إلى تفسيرها
٢ ـ قوله تعالى : ولوطا إذ قال لقومه
إنكم لتأتون الفاحشة (٢٨)
هم أول من اقتحم هذا
جزاء الفاعل والمفعول به
حدّ اللواط
٣ ـ قوله تعالى : اتل ما أوحى إليك من
الكتاب وأقم الصلاة (٤٥)
أثر الصلاة
القول في الفحشاء
المنكر
|
١٤٨١
١٤٨٢
١٤٨٢
١٤٨٣
١٤٨٣
١٤٨٣
١٤٨٤
١٤٨٤
١٤٨٤
١٤٨٤
١٤٨٤
١٤٨٦
١٤٨٦
١٤٨٦
١٤٨٦
١٤٨٦
|
٤ ـ قوله تعالى : ولا تجادلوا أهل
الكتاب إلا بالتي هي أحسن (٤٦)
هل هي منسوخة بآية
القتال
«الذين ظلموا» فيه أربعة أقوال
مجادلات النبي مع المشركين ومع أهل
الكتاب
*
* *
سورة
الرعد
١ ـ قوله تعالى : في بضع سنين لله
الأمر من قبل ومن بعد (٥)
في سبب نزولها
جواز المراهنة
البضع
٢ ـ قوله تعالى : فسبحان الله حسين
تمسون وحين تصبحون (١٨)
من آيات
الصلاة
٣ ـ قوله تعالى : وما آتيتم
من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربو عند الله (٣٩)
الربا قسمان
في المراد بهذه الآية
من يصل قرابته ليكون غنيا
الهبة
إذا طلب الواهب في هبته زائدا على
مكافأته
*
* *
|
١٤٨٧
١٤٨٧
١٤٨٨
١٤٨٨
١٤٨٩
١٤٨٩
١٤٩٠
١٤٩١
١٤٩١
١٤٩١
١٤٩١
١٤٩١
١٤٩١
١٤٩١
١٤٩٢
١٤٩٢
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
١ ـ قوله تعالى : ومن الناس من يشتري
لهو الحديث (٦)
لهو الحديث
الغناء وبيع المغنيات
في سبب نزولها
جواز الزمر في العرس
٢ ـ قوله تعالى : ولقد آتنا لقمان الحکمة
(١٢)
في ذكر لقمان
من حكمة لقمان
٣ ـ قوله تعالى : ولا تصَعَّر خدك
للناس ولا تمش في الأرض مرحا (٢٨)
معنى «لا تصعر خدك»
من جرّ إزاره بطرا
٤ ـ قوله تعالى : واقصد في مشيك واغضض
من صوتك (١٩)
القصد في المشي يحتمل وجهين
٥ ـ قوله تعالى : ووصينا الإنسان
بوالدي حملته أمه وهنا على وهن (١٤)
*
* *
سورة
السجدة
١ ـ قوله تعالى : تتجافى جنوبهم عن
المضاجع (١٦)
|
١٤٩٣
١٤٩٣
١٤٩٣
١٤٩٣
١٤٩٤
١٤٩٤
١٤٩٥
١٤٩٦
١٤٩٦
١٤٩٧
١٤٩٧
١٤٩٧
١٤٩٨
١٤٩٨
١٤٩٦
|
المضاجع
إلى أى طاعة الله تتجافى
وأى صلاة
٢ ـ قوله تعالى : قل يتوفا لكم ملك
الموت الذي وكل بكم (١١)
جواز مبايعة السيد لعبده
٣ ـ قوله تعالى : أفمن كان مؤمنا
كمن كان فاسقا لا يستوون (١٨)
فيمن نزلت
نفى المساواة بين المؤمن والكافر
*
* *
سوة
الأحزاب
١ ـ قوله تعالى : ما جعل الله لرجل من
قلبين في جوفه (٤)
في سبب نزولها
القلب
نهى الله أن تكون الزوجة أمّا بقول
الرجل
الظهار
النهى عن دعوة الرجل ابنا إذا ربّاهُ
٢ ـ قوله تعالى : ادعوهم لآبائهم
هو أقسط عند الله (٥)
من قصة زيد بن حارثة
من لا أب له من ولد دعى أو لعان لا
ينتسب إلى أمه
|
١٤٩٩
١٤٩٩
١٤٩٩
١٥٠٠
١٥٠٠
١٥٠١
١٥٠١
١٥٠٢
١٥٠٣
١٥٠٣
١٥٠٤
١٥٠٤
١٥٠٤
١٥٠٤
١٥٠٥
١٥٠٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
ولد الملاعنة إن كان حرّا يدعى لأمة
المولى
للمولى ثمانية معان
نسخ ما كانوا عليه في الجاهلية من
التبنى والتوارث
٣ ـ قوله تعالى : النبي أولى
بالممؤمنين من انفسهم وأزواجه أمهاتهم (٧)
في سبب نزولها
حرم أزواج النبي على الخلق من بعده
القرابة أولى من الحلف
٤ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا
اذكروا نعمة الله عليكم (٩)
بعض غزوات الرسول
في بنى قريظة
يوم الخندق
٥ ـ قوله تعالى : يا أيها النبي قل
لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا (٢٨ ، ٢٩)
في سبب نزولها
اعتزال النبي لزوجاته
غضب النبي على أزواجه
زوجات النبي
اختلف العلماء فيمن لو اختارت إحداهن
الدنيا مثلا
كيفية تخيير النبي لأزواجه على قولين
|
١٥٠٦
١٥٠٧
١٥٠٧
١٥٠٧
١٥٠٧
١٥٠٨
١٥٠٩
١٥٠٩
١٥١٠
١٥١٠
١٥١٢
١٥١٧
١٥١٧
١٥١٨
١٥٢٢
١٥٢٤
١٥٢٦
١٥٢٧
|
تخيير عائشة
إذا اختارت الفراق
الموجودات على قسمين
الإحسان في العمل يكون بوجهين
ثوابهن في الآخرة
ثوابهن في الدنيا بثلاثة أوجه
٦ ـ قوله تعالى : يا نساء النبي من
يأت منكنّ بفاحشة (٣٠)
الفاحشة
حدّ نساء النبي
٧ ـ قوله تعالى : ومن يقنت منك لله ورسوله
وتعمل صالحا (٣١)
٨ ـ قوله تعالى : يا نساء النبيّ
لستنّ كأحد من النساء (٣٢ ، ٣٣)
ميزات نساء الرسول على غيرهم
معنى «فلا تخضعن بالقول»
المعروف
معنى «وقرن في بيوتكن»
خروج عائشة يوم الجمل
الجاهلية الأولى
في معنى الرجس أربعة أقوال
٩ ـ قوله تعالى : واذكرن ما يتلى في
بيوتكن من آيات الله والحكمة (٣٤)
آيات الله
جواز قبول خبر الواحد
|
١٥٣٠
١٥٣٠
١٥٣١
١٥٣٢
١٥٣٣
١٥٣٣
١٥٣٣
١٥٣٤
١٥٣٤
١٥٣٤
١٥٣٤
١٥٣٤
١٥٣٥
١٥٣٣
١٥٣٥
١٥٣٦
١٥٣٧
١٥٣٧
١٥٣٨
١٥٣٨
١٥٣٨
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
١٠ ـ قوله تعالى : وما كان لمؤمن ولا
مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا (٣٦)
في سبب نزولها
لا تعتبر الكفاءة في الأحساب وإنما
تعتبر في الأديان
١١ ـ قوله تعالى : وإذ تقول للذي أنعم
الله عليه وأنعمت عليه (٣٧)
في سبب نزولها
«وتخشى الناس» فيه أربعة أقوال
في تنقيح الأقوال وتصحيح الحال
لأي معنى قال له النبي : أمسك عليك
زوجك
١٢ ـ قوله تعالى : فلما قضى زيد منها
وطرا زوّجناكها (٣٧)
حديث النبي مع زيد
١٣ ـ قوله تعالى : يأ أيها النبي إنا
أرسلناك شاهدا ومبشّرا ونذيرا (٤٥ ، ٤٦)
أسماء النبي
تفسيرها
٤ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا
إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل قبل أن تمسوهنّ (٤٩)
|
١٥٣٩
١٥٣٩
١٥٤٠
١٥٤٠
١٥٤١
١٥٤١
١٥٤٢
١٥٤٤
١٥٤٤
١٥٤٤
١٥٤٤
١٥٤٦
١٥٤٧
١٥٥١
|
لا عدة على مطلقة قبل الدخول
بم يعرف الدخول بالمرأة وعدم الدخول
بها
١٥ ـ قوله تعالى : يأ أيها النبي إنّا
أحللنا لك أزواجك (٥٠)
في سبب نزولها
معنى الزوجية في حق النبي
هل المراد بذلك كل زوجة أو من تحته
منهن
كان أزواج الني على ثلاثة أقسام
من خصائص النبي في شريعة الإسلام
اللاتي هاجرن معك في قولان
المعية هنا الاشتراك في الهجرة لا في
الصحبة
في فائدة الآية
ولأجل ما سيقت له
فيمن نزلت الآية
اختلف في تحريم الحرة الكافرة عليه
النكاح عقد معاوضة
قوله «خالصة لك» فيه ثلاثة أقوال
رأى ابن العربي
مما خص به النبي في أحكام الشريعة
مما خص به في الفريضة
في التحريم
في التحليل
إعراب «خالصة»
|
١٥٥١
١٥٥٢
١٥٥٢
١٥٥٣
١٥٥٣
١٥٥٣
١٥٥٤
١٥٥٤
١٥٥٥
١٥٥٦
١٥٥٧
١٥٥٧
١٥٥٩
١٥٦٠
١٥٣٠
١٥٦١
١٥٦١
١٥٦١
١٥٦٢
١٥٦٢
١٥٦٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
النكاح بلفظ الهبة
معنى الفرض
الحرج
١٦ ـ قوله تعالى : ترجى من يشاء منهن
وتؤدى إليك من تشاء (٥١)
في سبب نزولها
في تصحيح هذه الأقوال
معنى «ترجى»
قسم النبي بين أزواجه
الابتغاء
العزلة
١٧ ـ قوله تعالى : لا يحل لك النساء
من بعد ولا أن تبدّل بهن من أزواج (٥٢)
في سبب نزولها
تعيين الحذوف المضاف إلى «بعد». في
التنقيح
ولا أن تبدّل بهن من ازواج فيه ثلاثة
اقوال
أصحّ هذه الأقوال
إحلال الكافرة للنبي
١٨ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا لا
تدخلوا بيوت النبي (٥٣)
في سبب نزولها
إضافة البيوت إلى النبي
|
١٥٦٥
١٥٦٥
١٥٦٦
١٥٦٦
١٥٦٦
١٥٦٧
١٥٦٧
١٥٦٨
١٥٦٨
١٥٦٩
١٥٧٠
١٥٧٠
١٥٧١
١٥٧١
١٥٧١
١٥٧٢
١٥٧٣
١٥٧٥
١٥٧٥
|
الأطعمة عند العرب عشرة
معنى «إناه»
الإذاية
معنى الحياء
في المتاع أربعة أقوال
اختلف في حالهنّ بعد موته
١٩ ـ قوله تعالى : إن تبدوا شيئا أو
تخفوه (٥٤)
٢٠ ـ قوله تعالى : لا جناح عليهنّ في آبائهنّ ولا أبنائهن (٥٥)
الاختلاف في
المنفّى عنه الجناج
حكم الرجل مع
النساء ينقسم على ثلاثة أقسام
٢١ ـ قوله تعالى
: إن الله وملائكته يصّلون على النبي (٥٦)
فذ ذكر صلاة
النبي
في ذكر صلاة
الملائكة
في ذكر صلاة
الخلق عليه
كيفية الصلاة
عليه
الصلاة على
النبي فرض في العمر مرة
من آل محمد
الصلاة على النبي والصلاة على إبراهيم
٢٢ ـ قوله تعالى : يأ أيها النبي قل
لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين (٥٩)
فيم نزلت
|
١٥٧٦
١٥٧٧
١٥٧٨
١٥٧٨
١٥٧٨
١٥٧٩
١٥٨٠
١٥٨٠
١٥٨١
١٥٨١
١٥٨٢
١٥٨٢
١٥٨٢
١٥٨٢
١٥٨٤
١٥٨٤
١٥٨٤
١٥٨٥
١٥٨٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الجلباب
الغرض تميزهن على الإماء
٢٣ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تکونوا کالذين آذوا
موسى (٦٩)
كان موسى حييا
تصديق النبي
٢٤ ـ قوله تعالى : إنا عرضنا الأمانة
على السموات والأرض والجبال (٧٢)
في ذكر الأمانة
أمانة المرأة على حيضها وحملها
الوضوء والغسل
*
* *
سورة
سبأ
١ ـ قوله تعالى : ولقد آتنا داوود منا فضلا (١٠)
قوله «فضلا» فيه
أربعة عشر قولا
المراد من جملة
الأقوال
الإعجاب بحسن
الصوت
٢ ـ قوله تعالى
يعلون له ما يشاء من محاريب وتماثيل (١٣)
المحراب
محراب دواد
التماثيل
التمثال على
قسمين حيوان وموات
|
١٥٨٦
١٥٨٦
١٥٨٧
١٥٨٧
١٥٨٧
١٥٨٨
١٥٨٨
١٥٨٩
١٥٨٩
١٥٩٥
١٥٩٥
١٥٩٦
١٥٩٦
١٥٩٧
١٥٩٧
١٥٩٨
١٥٩٨
١٥٩٩
|
كيف شاء عمل الصور المنهى عنها
الذي يحرم من الصور
الآثار في
ذلك
حقيقة الشكر
٣ ـ قوله تعالى : قل إن ربي يبسط
الرزق لمن يشاء ويقدر (٣٩)
معنى «يخلفه»
في معنى الخلف
*
* *
سورة
فاطر
١ ـ قوله تعالى : من كان يريد العزة
فلله العزّة جميعا (١٠)
الصعود
في الكلم الطيب ثلاثة أقوال
ما يقطع الصلاة
٢ ـ قوله تعالى : وما يستوي البحران
هذا عذاب فرات سائغ شرابه وهذا ملح اجاج (١٢)
طعام البحر وحليته
*
* *
سورة
يس
١ ـ قوله تعالى : يس (١)
كتابتها
اختلف الناس في معناها على أربعة
أقوال
عدم جواز التسمية به
|
١٦٠٠
١٦٠١
١٦٠١
١٦٠٣
١٦٠٣
١٦٠٣
١٦٠٣
١٦٠٥
١٦٠٥
١٦٠٥
١٦٠٥
١٦٠٦
١٦٠٦
١٦٠٧
١٦٠٧
١٦٠٧
١٦٠٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٢ ـ قوله تعالى : إنا نحن نحيي الموتى
ونكتب ما قدوا وآثارهم
ف سبب نزولها
٣ ـ قوله تعالى : وما علمناه الشعر
وما ينبغى له (٦٩)
كلام العرب على أوضاع
لم يكن النبي شاعرا ولا كاتبا
خروج القرآن عن أنواع
كلام العرب
دوائر الشعر الخمس
القرآن
ليس بشعر
اعتراض بعض فصحاء الملحدة في نظم
القرآن والنسنة بأشياء
وصفهم بعض كلام
النبي بالشعر
رأى علماء
المالكية في ذلك
انشاد الشعر
نفي النظم عن
النبي ليس من عيب الشعر
٤ ـ قوله تعالى
: وضرب لنا مثلاً ونسى خلقه (٧٨)
في سبب نزولها
في العظام حياة
وتنجس بالموت
* * *
سورة
الصافات
١ ـ قوله تعالى : فلما بلغ معه؟
قال يا بني إني أرى في المنام (١٠٢)
|
١٦٠٨
١٦٠٨
١٦٠٩
١٦٠٩
١٦٠٩
١٦٠٩
١٦٠٩
١٦١٠
١٦١٠
١٦١٣
١٦١٥
١٦١٥
١٦١٥
١٦١٥
١٦١٥
١٦١٦
١٦١٧
|
من هو الذبيح
رؤيا الأنبياء وحي
حقيقة الرؤيا
النسخ قبل الفعل
من قصة إبراهيم
أين الأمر
إذا نذر الرجل ذبح ولده
الطاعة
كيف يصير نذرا وهو معصية
٢ ـ قوله تعالى : فساهم فكان من
المدحضين (١٤١)
بعض من سيرة يونس
بعثته
القرعة كانت في شريعة من قبلنا جائزة
وردت القرعة في الشرع في ثلاثة مواطن
القرعة بين الزوجات عند الغزو
الاقتراع على إلقاء الآدمي
في البحر
*
* *
سورة
ص
١ ـ قوله تعالى : إنّا سخّرنا الجبال
معه يسبحن بالعشى والإشراق (١٨)
تسبيح الجبال
هل للطير عبادة أو تكليف
صلاة الضحى
|
١٦١٧
١٦١٧
١٦١٧
١٦١٨
١٦١٨
١٦١٩
١٦١٩
١٦٢٠
١٦٢٠
١٦٢٠
١٦٢١
١٦٢١
١٦٢٢
١٦٢٢
١٦٢٣
١٦٢٣
١٦٢٤
١٦٢٤
١٦٢٤
١٦٢٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
صلاة الضحى صلاة تطوع
في صلاة الضحى أحاديث
٢ ـ قوله تعالى : وشددنا ملكه وآتناه الحکمة
وفصل الخطاب (٢٠)
معنى الشد
حقيقة الملك
حال النبي يجوز أن تسعى ملكا
معنى «فصل الخطاب»
قضاء لعلىّ
المجنون لاحد عليه
٣ ـ قوله تعالى : وهل أتاك نبأ
الخصم إذ تسوروا المحراب (٢١)
الخصم
السورة
من دخلا على داوود
لم فزع وهو نبي
كيف لم يأمر بإخراجهم
٤ ـ قوله تعالى : إن هذا أخي له تسع
وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة (٢٣)
كنى بالنعجة عن المرأة
في «أكفلتيها» ثلاثة أقوال
الظلم
في تقييد ما ذكره المفسرون في هذه
القصة
في التنقيح
|
١٦٢٥
١٦٢٥
١٦٢٦
١٦٢٦
١٦٢٦
١٦٢٦
١٦٢٧
١٦٢٨
١٦٢٨
١٦٣٠
١٦٣٠
١٦٣٠
١٦٣٠
١٦٣١
١٦٣١
١٦٣٢
١٦٣٢
١٦٣٣
١٦٣٣
١٦٣٣
١٦٣٤
|
الأنبياء معصومون
الكفر معصية ليس فوقها معصية
الحكمة في ذكر قصص الأنبياء
في ذكر قصص داود
الفتوى في النازلة بعد السماع من أحد
الخصمين
هل كان القضاء في المسجد
معنى الظم في الآة
الذنب الذي استغفر منه
معنى الركوع في الآية
هل هي من عزائم السجود
٥ ـ قوله تعالى : يا داود إنا جعلناك
خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق (٢٦)
الخلافة
الخلفاء على أقسام
الوزارة
ولاية القضاء والمظالم
ولاية الحج
بعض أنواع الولايات
٦ ـ قوله تعالى : أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات کالمفسدين
في الأرض (٢٨)
في سبب نزولها
|
١٦٣٤
١٦٣٤
١٦٣٥
١٦٣٥
١٣٦٧
١٦٣٨
١٦٣٨
١٦٣٨
١٦٣٩
١٦٤٠
١٦٤٠
١٦٤١
١٦٤١
١٦٤٢
١٦٤٣
١٦٤٤
١٦٤٤
١٦٤٥
١٦٤٥
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
نفي المساواة بين المؤمنون والكفار
إذا بنى رجل في أرض رجل بإذنه
إذا بنى المشتري في الشقص الذي اشتراه
٧ ـ قوله تعالى : إذ عرض عليه بالعشى
الصافئات الجياد (٣١)
العشى
الصافئات
معنى الجياد
كيف قتلها وهي خيل الجهاد
٨ ـ قوله تعالى : ربّ اغفرلي وهب لي
ملكا لا ينبغى لأحد من بعدي (٣٥)
كيف سأل سليمان الملك
كيف منع من أن يناله غيره
في التنقيح لمناط الأقوال
٩ ـ قوله تعالى : وخذ بيدك ضغثا فاضرب
به ولا تحنث (٤٤)
سبب حلف أيوب
في عموم هذه القصة وخصوصها
١٠ ـ قوله تعالى : ما كان لي من علم
بالملأ الأعلى إذ يختصمون (٩٦)
في سبب نزولها
المشى فيما قرب من الطاعات أفضل من
الركوب
١١ ـ قوله تعالى : قل ما أسألكم عليه
من أجر وما أنا من المتكلفين (٨٦)
|
١٦٤٦
١٦٤٦
١٦٤٦
١٦٤٧
١٦٤٧
١٦٤٧
١٦٤٨
١٦٤٨
١٦٤٩
١٦٤٩
١٦٤٩
١٦٥٠
١٦٥١
١٦٥١
١٦٥٢
١٦٥٢
١٦٥٣
١٦٥٤
١٦٥٤
|
«كلف» في لسان العرب
المعنى
*
* *
سورة
الزمر
١ ـ قوله تعالى : إنا انزلنا إليك
الكتاب بالحقّ مخلصا له الدين (٢)
وجوب النية في كل عمل
٢ ـ قوله تعالى : قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربکم للذين
أحسنوا في هذه الدنيا حسنة (١٠)
الصبر مقام عظيم من مقامات الدين
٢ ـ قوله تعالى : والذين اجتنبوا
الطاغوت ان يعبدوها وأنابوا إلى الله (٢٧)
في سبب نزولها
معنى الطاغوت
٤ ـ قوله تعالى : ولقد أوحى إليك وإلى
الذين من قبلك (٦٥)
حال الإحباط بالردة
*
* *
سورة
المؤمن
١ ـ قوله تعالى : وقال رجل مؤمن من آل فرعون کتم إيمانه (٢٨)
المكلف إذا كنتم
إيمانه ولم يتلفظ به لسانه
|
١٦٥٦
١٦٥٥
١٦٥٦
١٦٥٦
١٦٥٦
١٦٥٦
١٦٥٧
١٦٥٧
١٦٥٧
١٦٥٨
١٦٥٨
١٦٥٩
١٦٥٩
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٢ ـ قوله تعالى : الله الذي جعل لكم
الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون (٨٠)
أحكام الأنعام
*
* *
سورة
فصلت
١ ـ قوله تعالى : فأرسلنا عليهم ريحا
صرصرا في أيام نحسات (١٦)
٢ ـ قوله تعالى : إن الذين قالوا ربنا
الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة (٣٠)
معنى «استقاموا»
متى تتنزل الملائكة
٣ ـ قوله تعالى : ومن أحسن قولا ممن
دعا إلى الله وعملا صالحا (٣٣)
في سبب نزولها
لابد من التصريح بالاعتقاد لله
٤ ـ قوله تعالى : ولا تستوى الحسنة
ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن (٣)
في سبب نزولها
ما المراد بها
٥ ـ قوله تعالى : ومن آياته
الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر (٣٧ ، ٣٨)
|
١٦٥٩
١٦٥٩
١٦٦٠
١٦٦٠
١٦٦١
١٦٦١
١٦٦١
١٦٦٢
١٦٦٢
١٦٦٣
١٦٦٣
١٦٦٣
١٦٦٤
|
هذه آة
سجود
٦ ـ قوله تعالى : ولو جعلنا قرآنا أعجميا
لقالوا لولا فصلَّت آاته
(٤٦)
ف سبب نزولها
في ترجمة القرآن
* * *
سورة
الشورى
١ ـ قوله تعالى : شرع لكم من الدَّين
ما وصّى به نوحا والذي أوحينا إليك (١٣)
من حدث الشفاعة
٢ ـ قوله تعالى : من كان يريد حرث الآخرة
نزد له في حرثه (٢٠)
من توضأ تبردا
٣ ـ قوله تعالى : ومن آاته الجوار البحر کالأعلام
(٣٢)
ركوب البحر
٤ ـ قوله تعالى : والذين استجابوا لربهم
وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم(٣٨)
وأمرهم أي الأنصار
الشورى
المشاورة
٥ ـ قوله تعالى : والذين إذا أصابهم
البغى هم ينتصرون (٣٩)
|
١٦٦٤
١٦٦٤
١٦٦٤
١٦٦٥
١٦٦٦
١٦٦٦
١٦٦٧
١٦٦٧
١٦٦٧
١٦٦٧
١٦٦٧
١٦٦٧
١٦٦٨
١٦٦٨
١٦٦٨
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
العفو
٧ ـ قوله تعالى : إنما السبيل على
الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق (٤٢)
الرجل يسلف الرجل ولا مال له المحاللة
٨ ـ قوله تعالى : لله ملك السموات والأرض
يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن
يشاء الذكور (٤٩)
في المراد بالآية
الولد وشبهه
الخنثى
من أين يورث الخنثى
مما يستدل به على حاله
إذا أشكل أمره
ظاهر القرآن لا نف وجود
الخنثى
*
* *
سورة
الزخرف
١ ـ قوله تعالى : والذي خلق الأزواج
كلها وجعل لكلم من الفلك والأنعام ما
تركبون (١٢ ، ١٣)
المراد بالأنعام في الآية
معنى مقرنين
ما قال علىّ عند ما ركب دابة
|
١٦٦٩
١٦٦٩
١٦٧٠
١٦٧١
١٦٧١
١٦٧٢
١٦٧٣
١٦٧٣
١٦٧٤
١٦٧٤
١٦٧٥
١٦٧٦
١٦٧٤
١٦٧٦
١٦٧٧
|
٢ ـ قوله تعالى : وجعلها كلمةً باقية
في عقبة لعلهم يرجعون (٢٨)
وفي شرح «كلمة»
بناء «عقب»
دعوتا إبراهيم
يرد العقب على أحد عشر لفظا
٣ ـ قوله تعالى : ولولا أن يكون الناس
أمةً واحدةً لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة (٣٣)
معنى الآية
السقف لصاحب السفل
إذا باع أحد الموضعين
٤ ـ قوله تعالى : وإنه لذكر لك ولقومك
وسوف تُسألون (٤)
في الذكر ثلاثة أقوال
٥ ـ قوله تعالى : يطاف عليهم بصحاف من
ذهب وأكواب (٧١)
لبس الحرير
اختلاف العلماء في ليس الحرير على
تسعة أقوال
وجه التحريم
لبس النساء الحرير
لبس الخز
استعمال الذهب والفضة
|
|
__________________
|
صفحة
|
|
صفحة
|
إذا كان الإناء مضببا أو فيه حلقة
منهما
هل يجوز اقتتلؤها
٦ ـ قوله تعالى : ولا يملك الذين
يدعون من دونه الشفاعة ، إلّا مَن شهد بالحق (٨٦)
الشهادة
*
* *
سورة
الدخان
١ ـ قوله تعالى : إنا إنزلنا في ليلة
مباركة(٢)
البركة
في تعيين هذه الليلة
٢ ـ قوله تعالى : فأسر بعبادي ليلاً
إنكم متبعون (٣)
السرى وبعض أنواع السير
٣ ـ قوله تعالى : إن شجرة الزقُّوم
طعام الأثيم (٤٣ ، ٤٤)
الزقوم
ضبط المصاحف
*
* *
سورة
الجاثية
١ ـ قوله تعالى : قل للذين آمنوا
يغفروا الذين لا يرجعون أيام الله (١٤)
|
١٦٨٩
١٦٨٩
١٦٨٩
١٦٩٠
١٦٩٠
١٦٩٠
١٦٩١
١٦٩١
١٦٧١
١٦٩١
١٦٩٢
١٦٩٣
|
في سبب نزولها
في إعرابها
المغفرة منسوخة بآيات
القتال
٢ ـ قوله تعالى : ثم جعلناك على شريعة
من الأمر قاتبعها (١٨)
الشريعة في اللغة
في المراد بها من وجوه الحق
الأمر يرد في اللغة بمعنيين
٣ ـ قوله تعالى : أم حسب الذين
اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا (٢١)
معنى «اجترحوا»
*
* *
سورة
الأحقاف
١ ـ قوله تعالى : قل أرأيتم ما تدعون
من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض(٤)
في مساق الأة
معنى أثارة من علم
الرؤيا جزء من النبوة
الفأل والطيرة والزجر
٢ ـ قوله تعالى : وحمله وفصاله ثلاثون
شهرا (١٥)
في سبب نزولها
|
١٦٩٣
١٦٩٣
١٦٩٣
١٦٩٣
١٦٩٣
١٦٩٤
١٦٩٤
١٦٩٥
١٦٩٥
١٩٦٩
١٦٩٦
١٦٩٦
١٦٩٧
١٩٧
١٦٩٧
١٦٩٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الحمل والفصال
٣ ـ قوله تعالى : ويوم يعرض الذين
كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا (٢٠)
هذه الآية
في الكفار
التوسع في الإنفاق
*
* *
سورة
محمد
١ ـ قوله تعالى : فإذا لقيتم الذين
كفروا فضرب الرقاب (٤)
«الذين كفروا» فيه قولان
المراد بقوله : ضرب الرقاب
معاملة الأسرى
معنى «حتى تضع الحرب أوزارها»
فيه ثلاثة أقوال
هل هذه الآية
منسوخة
التحقيق أنها محكمة
في التنقيح
في تتميم القول
٢ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا أطيعوا
الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم (٣٣)
من افتتح ناقلة ثم أراد تركها
|
١٦٩٨
١٦٩٨
١٦٩٨
١٦٩٨
١٧٠٠
١٧٠٠
١٧٠٠
١٧٠٠
١٧٠١
١٧٠١
١٧٠١
١٧٠١
١٧٠١
١٠٧٣
١٧٠٤
١٧٠٤
|
٣ ـ قوله تعالى : فلا نهنوا وتدعوا
إلى السلم (٣٥)
الصلح مع الأعداء
*
* *
سورة
الفتح
١ ـ قوله تعالى : قل للمخلّفين من
الأعراب ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد (٦)
من هم الخلفون
في تعيينهم ثلاثة أقوال
في هذه الآية
إخبار بالغيب
٢ ـ قوله تعالى : ليس على الأعمى حرج
ولا على الأعرج حرج (٧)
المراد بالجهاد
٣ ـ قوله تعالى : هم الذين كفروا
وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا (٢٥)
نزلت الآية
في قريش
معنى «محله»
تفضيل الصحابة
مراعاة الكافر في حرمة المؤمن إذا لم
تمكن إذاية الكافر إلا بإذاية المؤمن
لو تترّس كافر بولد مسلم
٤ ـ قوله تعالى : لقد صدق الله رسولَه
الرؤيا بالحق (٢٧)
|
١٧٠٤
١٧٠٤
١٧٠٥
١٧٠٥
١٧٠٥
١٧٠٥
١٧٠٦
١٧٠٦
١٧٠٦
١٧٠٦
١٧٠٧
١٧٠٤
١٧٠٧
١٧٠٨
١٧٠٨
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
عمرة القضية
٥ ـ قوله تعالى : محمد رسول الله
والذين معه أشداء على الكفار (٢٩)
السيما
في تأويلها ستة أقوال
اثر السجود
*
* *
سورة
الحجرات
١ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقدّموا
بين يدي الله ورسوله (١)
في سبب نزولها
في تحقيق سبب نزولها
ترك التعرض لأقوال النبي
٢ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا
لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي (٢)
في سبب نزولها
حرمة النبي ميتا كحرمتع حيا
٣ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا إن
جاءكم فاسق بنيأ (٦)
في سبب نزولها
من ثبت فسقه بطل قوله في الأخبار
أمانة الفاسق
أحكامه إن كان واليا
يصح أن يكون رسولا
|
١٧١٢
١٧١٢
١٧١٣
١٧١٤
١٧١٢
١٧١٢
١٧١٣
١٧١٤
١٧١٤
١٧١٤
١٧١٤
١٧١٥
١٧١٥
١٧١٥
١٧١٥
١٧١٦
١٧١٦
|
٤ ـ قوله تعالى : وإن طائفتان من
المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما (٩)
في سبب نزولها أربعة أقوال
أصح الإقوال
الطائفة
هذه الآية
هي الأصل في قتال المسلمين
يحوز للإمام تأخير القصاص
القتال فرض كفاية
أمر الله بالصلح قبل القتال وعيّن
القتال عند البغى
العدل قوام الدين والدنيا
بناء «بغى» في لسان العرب
لا تقاتل إلا مع إمام عادل
إذا بويع للإمام فقام عليه إخوانه
لابد من إمام برأو فاجر
٥ ـ قوله تعالى : ولا تقابزوا بالألقاب
بئس الاسم الفسوق بعد الإيمام (١١)
النبزُ
في سبب نزولها
٦ ـ قوله تعالى : يأ أيها آمنوا اجتنبوا کثرا من الظن
إن بعض الظن إثم (١٢)
في حقيقة الظن
تعبد الله بالظن
الظن في الشريعة قسمان
|
١٧١٦
١٧١٦
١٧١٧
١٧١٧
١٧١٧
١٧١٨
١٧١٩
١٧١٩
١٧٢٠
١٧٢٠
١٧٢١
١٧٢١
١٧٢٢
١٧٢٣
١٧٢٣
١٧٢٣
١٧٢٤
١٧٢٤
١٧٢٤
١٧٢٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٧ ـ قوله تعالى : يأ أيها الناس إنا
خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل (١٣)
من خطبة النبي يوم فتح مكة
معنى الآية
الكرم
هل يزوج المولى العربية
*
* *
سورة
ق
١ ـ قوله تعالى : فاصبر على ما يقولون
وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب (٣٨ ، ٣٩)
«ومن الليل فسبَّحه» فيه أربعة أقوال
تنقيح الأقوال
«وأدبار السجود» فيه قولان
*
* *
سورة
الذاريات
١ ـ قوله تعالى : كانوا قليلا من
الليل ما يهجون (١٧)
الهجوع
في قوله تعالى : وبالأسحار هم يستغرون
(١٨)
لم خص السحر
|
١٧٢٤
١٧٢٥
١٧٢٥
١٧٢٥
١٧٢٦
١٧٢٧
١٧٢٧
١٧٢٧
١٧٢٨
١٧٢٩
١٧٢٩
١٧٢٩
١٧٢٩
|
٣ ـ قوله تعالى : وفي أموالهم حقّ
للسائل والمحروم (١٩)
هل في المال حق سوى الزكاة
السائل ـ المحروم
*
* *
١ ـ قوله تعالى : والذين آمنوا واتبعتهم بإيمان
(٢٠)
الفعل للذرية أو واقع بهم
اتباع الصغير لأبيه في أحكام الإسلام
إذا كان أبواه كافرين وعقل الإسلام
٢ ـ فإنك بأعيننا (٤٨ ، ٤٩)
«حين تقوم» فيه أربعة أقوال
تحقيق القول في ذلك
التسبيح
دعاء
*
* *
سورة
النجم
سجدة النجم ليست من عزائم القرآن
* * *
سورة
الرحمن
١ ـ قوله تعالى : هل جزاء الإحسان
إلا الأحسان (٦٠)
|
١٧٣٠
١٧٣٠
١٧٣٠
١٧٣١
١٧٣١
١٧٣١
١٧٣١
١٧٣٢
١٧٣٢
١٧٣٢
١٧٣٣
١٧٣٤
١٧٣٥
١٧٣٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الإحسان
إحسان الله وإحسان العبد
*
* *
سورة
الواقعة
١ ـ قوله تعالى : لا يمسّه إلا
المطهرون(٧)
«لا يمسه» فيها قولان
«إلا المطهرون» فيه قولان
«لا يمسه» نفي أو نهي
في تنقيح الأقوال
دخول عمر على أخته زوجها وهما
قرءأن القرآن
مس القرآن
* * *
سورة
الحديد
١ ـ قوله تعالى : هو الأوّل والآخر
والظاهر والباطن (٣)
تفسير هذه الألفاظ
٢ ـ قوله تعالى : وما لكم ألا تنفقوا
في سبيل الله ولله ميراث السموات والأرض(١٠)
نفي المساواة بين من أنفق من قبل فتح
مكة ومن أنفق بعد ذلك
تقديم أهل الفضل والعزم
التفضيل بين الناس بالحكمة
|
١٧٣٦
١٧٣٦
١٧٣٧
١٧٣٧
١٧٣٧
١٧٣٧
١٧٣٧
١٧٣٨
١٧٣٩
١٧٤٠
١٧٤٠
١٧٤٠
١٧٤١
١٧٤١
١٧٤١
|
الولاء للكبر
٣ ـ قوله تعالى : والذين آمنوا بالله ورسله أولئك
هم الصدّيقون والشهداء عند ربهم (١٩)
في المراد بقوله «والشهداء»
تأدية الشهادة
من الشهداء
٤ ـ قوله تعالى : ثم قفيّنا على آثارهم برسلنا وقفّينا
بعيسى ابن مريم (٢٧)
الرهبانية
تفسيرها فيه أربعة أقوال
*
* *
سورة
المجادلة
١ ـ قوله تعالى : قد سمع الله قول
التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله (١)
سماع الله للموجودات كلها
في تعيين هذه المجادلة
الظهار حقيقة تشبيه ظهر محلل بظهور
محرم
يتفرع على هذا التشبيه فروع كثيرة
أصولها سبعة
«منكم» يعنى من المسلمين
ظهار العبد
ليس على النساء تظاهر
يلزم الظهار في كل أمة يصح وطؤها
|
١٧٤٢
١٧٤٢
١٧٤٢
١٧٤٣
١٧٤٣
١٧٤٤
١٧٤٤
١٧٤٤
١٧٤٦
١٧٤٦
١٧٤٦
١٧٤٨
١٧٤٨
١٧٥٠
١٧٥٠
١٧٥١
١٧٥١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
ظهار من به لم
من غضب فظاهر من امرأته أو اطلق
السكراان يلزمه حكم الظهار والطلاق
الظهار يحرم جميع أنواع الاستماع
إذا ظاهر من أربع نسوة في كلمة واحدة
في «ثم يعودون لما قالوا»سبعة أقوال
إن وطىء قبل الكفارة
إذا طلقها ثلاثاً بعد الظهار ثم عادت
إليه بنكاح جديد
الرقبة
أم الولد لا تجزىء
الكفارة
الوطء للزوجة في ليل صوم الظهار يبطل
الكفارة
٢ ـ قوله تعالى : ألم تر إلى الذين
نُهوا عن النجوى ثم يعودون لما نُهوا عنه (٨)
المراد بهم اليهود
ما كانوا يقولونه للنبي
٣ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا إذا
قيل لكم تفسحوا في المجالس
في تفسير المجلس
قوله «انشزوا فانشزوا» فيه أربعة
أقوال
|
١٧٥١
١٧٥١
١٧٥٢
١٧٥٢
١٧٥٢
١٧٥٤
١٧٥٤
١٧٥٥
١٧٥٥
١٧٥٦
١٧٥٧
١٧٥٨
١٧٥٨
١٧٥٩
١٧٥٩
١٧٦٠
|
الفسحة
كيفية التفسح في المجالس
٤ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول (١٢)
نسخ العبادة قبل
فعلها
النظر في
المقدرات بالقياس
كان النبي لا
يمنع أحداً مناجاته
الأحكام لا
تترتب بحسب المصالح
٥ ـ قوله تعالى
: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر وادون
من حاد الله ورسوله (٢٢)
في سبب نزولها
القدرية ومجالستهم
*
* *
سورة
الحشر
١ ـ قوله تعالى : هو الذي أخرج الذين
كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر (٢)
تسمية السورة «سورة النضير»
«لأول الحشر» فيه ثلاثة أقوال
للحشر أول ووسط وآخر
ف وقت غزوة بني النضير
ثقتهم بحصونهم
٢ ـ قوله تعالى : وقذف في قلوبهم
الرعب (٢)
|
١٧٦٠
١٧٦٠
١٧٥١
١٧٦١
١٧٦١
١٧٦٢
١٧٦٢
١٧٦٣
١٧٦٣
١٧٦٣
١٧٦٤
١٧٦٤
١٧٦٤
١٧٦٤
١٧٦٥
١٧٦٥
١٧٦٥
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
نصر النبي بالرعب
«يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي
المؤمنين» فيه خمسة أقوال
٣ ـ قوله تعالى : ذلك بأنهم شاقوا
الله ورسوله (٤)
تحقيق معنى الآية
نقضهم العهد
٤ ـ قوله تعالى : ما قطعتم من لينة أو
تركتموها قائمة على أصولها (٥)
في سبب نزولها اختلاف في تخريب دار
العدو على قولين
الصحيح
اختلف الناس في النوع الذي قطع على
سبعة أقوال
الصحيح
متى كان القطع
٥ ـ قوله تعالى : وما أفاه الله على
رسوله منهم فما أوجفتّم عليه من خيل ولا ركاب (٦)
«ما أفاء الله» وحقيقته
الإيجاف
٦ ـ قوله تعالى : ما أفاء الله على
رسوله
من أهل القرى فلله وللرسول (٧)
|
١٧٦٥
١٧٦٦
١٧٦٦
١٧٦٦
١٧٦٧
١٧٦٨
١٧٦٨
١٧٦٨
١٧٦٨
١٧٦٩
١٧٦٩
١٧٦٩
١٧٧٠
١٧٧٠
١٧٧١
|
اختلاف الناس ف هذه الآية
على أربعة أقوال
؟ الأقوال الواردة وتحقيقها
٦ ـ قوله تعالى : ما أفاء الله على
رسوله من أهل القرى فلله وللرسول (الآية
السابقة نفسها)
هذه الآية
وآية الأنفال
٧ ـ قوله تعالى : وما آتاكم
الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانّهوا (٧)
في المعنى
إذا أمر النبي بأمر
الإيتاء في الآية
معناه الأمر
٨ ـ قوله تعالى : والذين تبوءوا
والدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم (٩)
فضل المدينة
الإيثار بالنفس فوق الإيثار بالمال
الإيثار
اختلف الناس في الشح والبخل على قولين
٩ ـ قوله تعالى : والذين جاءوا من
بعدهم يقولون ربنا اغفرلنا ولإخواننا (١٠)
في تعيين هؤلاء
في تحقيق القول
|
١٧٧١
١٧٧٢
١٧٧٢
١٧٧٢
١٧٧٣
١٧٧٣
١٧٧٤
١٧٧٥
١٧٧٥
١٧٧٧
١٧٧٧
١٧٧٧
١٧٧٨
١٧٧٨
١٧٧٨
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
١٠ ـ قوله تعالى : لا يقاتلونكم
جميعاً إلا في قُرى محضنة أو من وراء جدر (١)
في المراد بها
صلاة المفترض خلف المتنقل
١١ ـ قوله تعال : لا يستوى أصحاب
النار وأصحاب الجنة (٢٠)
المساواة بين المؤمن والكافر في
القصاص
*
* *
سورة
الممتحنة
١ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا
لاتتخذوا عدوى وعدوكم أولياء (١)
في سبب نزولها
من كثر تطلعه على عورات المسلمين
هل يقتل بذلك حدا
إن كان الجاسوس كافرا
٢ ـ قوله تعالى : قد كانت لكم أسوة
حسنة في إبراهيم والذين معه (٤)
الاقتداء بإبراهيم في فعله
٣ ـ قوله تعالى : لقد كان لكم فيهم
أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر (٦)
محمد أحق بالأسوة
|
١٧٧٩
١٧٨٠
١٧٨٠
١٧٨١
١٧٨١
١٧٨٢
١٧٨٣
١٧٨٣
١٧٨٤
١٧٨٤
١٧٨٥
١٧٨٥
١٧٨٥
|
٤ ـ قوله تعالى : لاينهاكم الله عن
الذين لم يقانلوكم في الدين (٨)
في بقاء حكمها أو نسخة
معنى «وتقسطوا إليهم»
وجوب نفقة الابن المسلم على أبيه
الكافر
٥ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا إذا
جاءكم المؤمنات مهاجرات (١٠)
في سبب نزولها
اختلف في تفسير الامتحان على قولين
الذي أوجب فرقة للمسلمة من زوجها
هو إسلامها
أمر الله إذا أمسكت المرأة المسلمة أن
ترد على زوجها ما أنفق
تحريم نكاح المشركة والمعتدة
من كان له زوجة مشركة يطلقها
مهر المسلمة والكافرة
عقد الهدنة بين المسلمين والكفار
٦ ـ قوله تعالى : وإن فاتكم شيء من
أزواجكم إلى الكفار (١١)
إن ارتدت امرأة ولم يرد الكفار صداقها
إلى زوجها
في محل المعاقبة
في كيفية رده من الغنيمة قولان
|
١٧٨٥
١٧٨٥
١٧٨٥
١٧٨٦
١٧٨٦
١٧٨٦
١٧٨٧
١٧٨٧
١٧٨٨
١٧٨٨
١٧٨٨
١٧٨٩
١٧٨٩
١٧٩٠
١٧٩٠
١٧٩٠
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٧ ـ قوله تعالى : يأ أيها النبي إذا
جاءك المؤمنات يبايعنك (١٢)
مبايعة النبي للنساء
في «أيديهن» قولان
في «وأرجلهن» ثلاثة أقوال
ولا يعصينك في معروف فيها ثلاثة أقوال
في تنخيل هذه المعاني
إيجاب الطاعة
النياحة وتخميش الوجوه وشق الجيوب
في صفة أركان البيعة
أركان الأمر وأركان النهي في الدين
ما تأخذه المرأة من مال زوجها
في صفة البيعة لمن أسلم من الكفار
الإكراه المسقط للإسلام
*
* *
سورة
الصف
١ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون (٢)
من التزم
شئا لزمه شرعا
النذر على قسمين
النذر الشرعية
الوعد يجب الوفاء به
٢ ـ قوله تعالى : إن الله يحب الذين
يقاتلون في سبيله (٤)
معنى «مرصوص»
|
١٧٩٠
١٧٩١
١٧٩٢
١٧٩٢
١٩٢
١٧٩٢
١٧٩٣
١٧٩٣
١٧٩٤
١٧٩٤
١٧٩٥
١٧٩٥
١٧٩٧
١٧٩٩
١٧٩٩
١٧٩٩
١٨٠٠
١٨٠٠
١٨٠٠
١٨٠٠
|
المحبة من الله
إحكام الصفوف في الصلاة
في الخروج من الصف للمبارزة خلاف على
قولين
*
* *
سورة
الجمعة
١ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا
نودى للصلاة من يوم الجمعة (٩)
المخاطب بالجملة
الجمعة خاصة بهذه الأمة
فضل يوم الجمعة
الجمعة فرض
شروط وجوبها سبعة
شروط أدائها
النداء هو الأذان
اسم الجمعة في العرب الأولى
«فاسمعوا إلى ذكر الله» في معناه
ثلاثة أقوال
تحقيق هذه الأقوال
معنى «إلى ذكر الله»
تحريم البيع في وقت الصلاة
نسخ هذا البيع
كل امر يشغل عن الجمعة من العقود كلها
فهو حرام شرعا منسوخ ردعا
|
١٨٠١
١٨٠١
١٨٠١
١٨٠٢
١٨٠٢
١٨٠٢
١٨٠٢
١٨٠٣
١٨٠٣
١٨٠٣
١٨٠٣
١٨٠٤
١٨٠٤
١٨٠٥
١٨٠٥
١٨٠٥
١٨٠٦
١٨٠٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
لا تفقتر إقامة الجمعة إلى السلطان
من تلزمه الجمعة
هل تجب على المرأة والعبد
الجمعة لا تجب إلا بالنداء
الكبير إلى الجمعة
غسل الجمعة
لا يسقط الجمعة كونها في يوم عيد
٢ ـ قوله تعالى : وإذا رأوا تجارة أو
لهوا انقضوا إليها (١١)
في سبب نزولها
الإمام يخطب قائماً
أول من خطب قاعدا
*
* *
سورة
المنافقون
١ ـ قوله تعالى : إذا جاءك المنافقوم
قالوا نشهد إنك لرسول الله (١)
الشهادة تكون بالقلب وباللسان
وبالجوارح
إذا قال الرجل «أشهد» فهو يمين
٢ ـ قوله تعالى : اتخذوا أيمانهم
جنَّه قصدوا عن سبيل الله (٢)
في سبب نزولها
٣ ـ قوله تعالى : وانفقوا مما رزقناكم
من قبل أن يأتي أحدكم الموت (١٠)
الإنفاق الواجب
|
١٨٠٦
١٨٠٦
١٨٠٧
١٨٠٧
١٨٠٧
١٨٠٧
١٨٠٩
١٨٠٩
١٨٠٩
١٨٠٩
١٨١٠
١٨١١
١٨١٢
١٨١٢
١٨١٢
١٨١٢
١٨١٣
١٨١٣
|
من وجب عليه الحج فلم يؤده
*
* *
سورة
التغابن
١ ـ قوله تعالى : يوم يجمعكم ليوم
الجمع ذلك يوم التغابن (٩)
تفسير التغابن
كيف وقع التغابن
لايجوز الغبن في معاملة الدنيا
اليسير من الغبن
٢ ـ قوله تعالى : ما أصاب من مصيبة
إلا بإذن الله (١١)
الرضا بالقضاء
الحزن
٣ ـ قوله تعالى : يأ أيها الذين آمنوا
إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم (١٤)
المراد بالعداوة
وجه العدواة
قعود الشيطان يكون بوجهين
الحذر على النفس يكون بوجهين
٤ ـ قوله تعالى : إنما أموالكم
وأولادكم فتنة
الرضا غاية
|
١٨١٤
١٨١٥
١٨١٥
١٨١٥
١٨١٦
١٨١٦
١٨١٧
١٨١٧
١٨١٧
١٨١٧
١٨١٨
١٨١٨
١٨١٨
١٨١٩
١٨٢٠
١٨٢١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٥ ـ قوله تعالى : فاتقوا الله ما
استطعتم واسمعوا وأطيعوا (١٦)
ف التقوى
ربط الأمر بالاستطاعة وإطلاق النهي
على الجملة
«واسمعوا وأطيعوا» فيه قولان
*
* *
سورة
الطلاق
١ ـ قوله تعالى : يا أيها النبي إذا
طلقتم النساء فطلّقوهن لعدتهن (١)
في سبب نزولها
الخطاب للنبي
اللام تأتي بمعنى في
ما هذه العدة
الطلاق على ضربين سنة وبدعة
طلاق الستة ما جمع سبعة شروط
هل طلاق الثلاث والواحدة سواء
العدة بالأطهار وليست بالحيض
من المخاطب بأمر الإحصاء
فيما لا يتم الإحصاء إلابه
معرفة أسباب العدة
محلها
أنواعها
أحوال النساء
التي جعل حيضها بالاستحاضة
|
١٨٢١
١٨٢١
١٨٢١
١٨٢٢
١٨٢٣
١٨٢٣
١٨٢٣
١٨٢٤
١٨٢٤
١٨٢٥
١٨٢٥
١٨٢٦
١٨٢٦
١٨٢٦
١٨٢٧
١٨٢٧
١٨٢٧
١٨٢٧
١٨٢٧
١٨٢٧
|
الرقابة
الصغيرة
الآيسة
السكنى للمطلقة المعتدة
متى تخرج المطلقة
لزوم البيت للمعتدة شرع لازم
في صفة الخروج
الفقة من أحكام الرجعة والسكنى من
حقوق العدة
الفاحشة
تحقيق القول فيها
النهي عن طلاق الثلاثاء
٢ ـ قوله تعالى : فإذا بلغن أجلهنَّ
فأمسكوهن بمعروف (٢)
معنى بلغهن أجلهن
«بمعروف» فيه قولان
الزوج له الرجعة في العدة بلا خلاف
الرجعة تكون بالقول والفعل
هل الرجعة محرمة الوطء
هل تفتقر الرجعة إلى قبول وإشهاد
إذا راجعها بعد أن أرتدت
لو قال بعد العدة كنت راجعتها وصدقته
اختصاص الشهادة على الرجعة بالذكور
دون الإناث
|
١٨٢٨
١٨٢٨
١٨٢٩
١٨٢٩
١٨٢٩
١٨٣٠
١٨٣٠
١٨٣١
١٨٣١
١٨٣١
١٨٣٢
١٨٣٢
١٨٣٢
١٨٣٣
١٨٣٣
١٨٣٣
١٨٣٤
١٨٣٥
١٨٣٦
١٨٣٦
١٨٣٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٣ ـ قوله تعالى : واللاتى يئسن من
المحيض من نسائكم إن ارتبتم (٤)
حكم الآيسة
والصغيرة
في تحقيق المقصود
عدة الصغيرة
للمرء أن ينكح ولده الصغار
إذا وضعت الحامل ما وضعت من عاقة أو؟
حلت
٤ ـ قوله تعالى : أسكنوهن من حيث
سكنتم من وجدكم (٦)
حتى السكنى
في تحقيق ذلك
من يجب عليه رضاع الولد
٥ ـ قوله تعالى : وإن تعاسرتم فسترضع
له أخرى (٧)
إذا امتنعت من رضاعه بعد الطلاق
النفقة تتقدر بحسب الحالة
في تقدير الإنفاق
وجوب النفقة للولد على الوالد
*
* *
سورة
التحريم
١ ـ قوله تعالى : يأ أيها النبي لم
تحرَّم ما أحلّ الله لك (١)
في سبب نزولها
حلف النبي ألا يشرب عسلا
|
١٨٣٦
١٨٣٧
١٨٣٧
١٨٣٨
١٨٣٨
١٣٨٥
١٨٣٩
١٨٣٩
١٨٣٩
١٨٤٠
١٨٤١
١٨٤١
١٨٤١
١٨٤٢
١٨٤٣
١٨٤٤
١٨٤٤
١٨٤٦
|
إذا حرّم الزوجة
المقام الأول في جميع الأقوال
المقام الثاني في التوجيه
المقام الثالث في تصويرها
إذا حرم الأمة لم يلزمه تحريم
٢ ـ قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم
وأهليكم نارا (٦)
في تأويلها ثلاثة أقوال
تأديب ثلاثة أقوال
تأديب الرجل ولده وأهله
٣ ـ قوله تعالى : يأ أيها الني جاهد
الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم (٩)
*
* *
سورة
الملك
١ ـ قوله تعالى : هو الذي جعل لكم
الأرض ذلولا (١٥)
السفر وأقسام المشي في الأرض
*
* *
سورة
القلم
١ ـ قوله تعالى : ن والقلم وما يسطرون
(١)
أول ما خلق الله
٢ ـ قوله تعالى : ودّوا لو تدهن
ميدهنون (٩)
الإدهان
|
١٨٤٧
١٨٤٧
١٨٤٨
١٨٥٠
١٨٥١
١٨٥١
١٨٥٢
١٨٥٣
١٨٥٣
١٨٥٣
١٨٥٤
١٨٥٤
١٨٥٥
١٨٥٥
١٨٥٥
١٨٥٥
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٣ ـ قوله تعالى : سنسمه على الخرطون
(١٦)
السمة عند أهل التفسير
من الوسم الصحيح
*
* *
سورة
المعارج
١ ـ قوله تعالى : وفصيلته التي
تؤويه(١٣)
الفصيلة
إذ حبس على فصيلته أو أوصى لها
٢ ـ قوله تعالى : إلا المصلّين الذين
هم على صلاتهم دائمون (٢٢ ، ٢٣)
ما المراد بالصلاة
*
* *
سورة
نوح
١ ـ قوله تعالى : ما لكم لا ترجعون
لله وقارا (١٣)
التعبير بالوقار عن العقاب
معنى «أطوارا»
٢ ـ قوله تعالى : وقال نوح ربّ لاتذر
على الأرض من الكافرين ديّارا (١٤)
دعاء نوح على الكافرين
٣ ـ قوله تعالى : ربّ اغفرلي ولوالدي
ولمن دخل بيتي مؤمنا (٢٨)
معنى البيت
|
١٨٥٦
١٨٥٧
١٨٥٧
١٨٥٨
١٨٥٨
١٨٥٨
١٨٥٨
١٨٥٨
١٨٦٠
١٨٦٠
١٨٦٠
١٨٦٠
١٨٦١
١٨٦١
١٨٦١
١٨٦١
|
سورة
الجن
١ ـ قوله تعالى : قل أوحى إلى أنه
أستمع نفر من الجنَّ (١ ـ ١٢)
في حقيقة الجن
قول الجن لقومهم
هل صحب النبي لقومهم
هل صحب النبيّ ليلة الجن أحد
زاد الجن
سئل النبي عن الخيات التي تكون في
البيوت
قتل الحيات
اختلف الناس في إنذارهم والتحريج
عليهم
الحيات على قسمين
٢ ـ قوله تعالى : وأنّ المساجد لله
فلا تدعوا مع الله أحدا (١٨)
الأرض كلها لله
تجوز قسمة الأموال ووضع الصدقات
في المساجد
*
* *
سورة
المزمل
١ ـ قوله تعالى : يأ أيها المزمل قم
الليل إلا قليلا (١ ، ٢ ، ٣)
المزمل
في المعنى
|
١٨٦٢
١٨٦٢
١٨٦٣
١٨٦٣
١٨٦٣
١٨٦٤
١٨٦٥
١٨٦٦
١٨٦٦
١٨٦٧
١٨٦٨
١٨٦٨
١٨٧١
١٨٧١
١٨٧١
١٨٧١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
لم خص الليل بالذكر
٤ ـ قوله تعالى : إنا ستلقى عليك
قولا ثقيلا (٥)
في الثقل قولان
٥ ـ قوله تعالى : إنّ نائشة الليل هي
أشد وطأ وأقوم قيلا (٩)
ناشئة الليل فيها قولان
القراءة في «وطأ»
٦ ـ قوله تعالى : إن لك في النهار
سبحا طويلا (٧)
معنى «سبحا»
نوم القائلة
حال النبي في ذلك
٧ ـ قوله تعالى : واذكر اسم ربك وتبتل
إليه تبتيلا (٧)
في معنى التبتل
لا رهبانية ولا تبتّل في الإسلام
٨ ـ قوله تعالى : واصبر على ما يقولون
واهجرهم هجرا جميلا (١٠)
هذه الآية
منسوخة بآية القتال
٩ ـ قوله تعالى : إن ربّك يعلم أنك
تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه(٢٠)
معنى التقدير
|
١٨٧٢
١٨٧٦
١٨٧٦
١٨٧٦
١٨٧٦
١٨٧٧
١٨٧٧
١٨٧٧
١٨٧٨
١٨٧٨
١٨٧٩
١٨٧٩
١٨٧٩
١٨٨٠
١٨٨٠
١٨٨٠
١٨٨١
|
ما لا يطلق
المراد بالقراءة
علة التخفيف
القراءة في الصلاة
*
* *
سورة
المدثر
١ ـ قوله تعالى : يا أيها المدثر (١)
حديث غار حراء
نداء النبي بحاله
٢ ـ قوله تعالى : وربّك فكبّر (٣)
التكبير
ما قاله أبو سفيان يوم أحُد
٣ ـ قوله تعالى : وثيابك فطهّر (٤)
اختلف العلماء في تأويل هذه الآية
على قولين
إذ حملناها على الثياب المعلومة
٤ ـ قوله تعالى : ولا تمتن تستكثر(٦)
للمفسرين فيها ستة أقوال
تحقيق القول فيها
القراآت ف «تستكثر»
القول في تحقيق «المنّ»
*
* *
|
١٨٨١
١٨٨١
١٨٨٢
١٨٨٣
١٨٨٥
١٨٨٥
١٨٨٥
١٨٨٦
١٨٨٦
١٨٨٦
١٨٨٦
١٨٨٦
١٨٨٧
١٨٨٨
١٨٨٨
١٨٨٨
١٨٨٩
١٨٨٩
|
__________________
|
صفحة
|
|
صفحة
|
١ ـ قوله تعالى : بل الإنسان على نفسه
بصيرة (١٤ ، ١٥)
قبول إقرار المرء على نفسه
لا يصح إقرار إلّا من كلّف
للعبد حالتان
إبهام الإقرار له صور
لو اعتذر بعد الإقرار لم يقبل منه
إذا رجع بعد ما أقر
العبد لا بخلو إقراره من أحد قسمين
٢ ـ قوله تعالى : لا تحرّك به لسانّك
لتعجل به (١٦)
كان رسول الله يعالج من التنزيل شدّة
معنى «علينا بيانه»
٣ ـ قوله تعالى : ألم بك نطفة من منىّ
يمنى (٣٧، ٣٨)
ما يكون عليه الولد من أحوال التخليق
*
* *
سورة
الدهر
١ ـ قوله تعالى : هل أتى على الأنسان
حين من الدهر (١)
الحين
٢ ـ قوله تعالى : إنا خلقنا الإنسان
من نطفة أمشاج (٢)
معنى «أمشاج»
|
١٨٩٠
١٨٩٠
١٨٩٠
١٨٩٠
١٨٩١
١٨٩٢
١٨٩٢
١٨٩٤
١٨٩٤
١٨٩٦
١٨٩٦
١٨٩٦
١٨٩٧
١٨٩٧
١٨٩٧
١٨٩٧
|
٣ ـ قوله تعالى : يوفون بالنذر ويخافون
يوما (٧)
«يوفون بالنذر» فيه قولان
النذر
٤ ـ قوله تعالى : ويطعمون الطعام على
حبّه مسكينا ويتيما وأسيرا (٩)
أفضل المواساة
المسكين
إطعام الأسيير
٥ ـ قوله تعالى : واذكر اسم ربّك
بكرةّ وأصيلا (٢٥)
البكرة
ساعات الليل وساعات النهار
٦ ـ قوله تعالى : ومن الليل فاسجُد له
وسحَه ليلا طويلا (٢٦)
هذه الآية
محتملة للفرض
*
* *
سورة
المرسلات
أين نزلت على رسول الله
١ ـ قوله تعالى : ألم نجعل الأرض
كفاتا (٢٥)
الكفات
يدفن الميت بجميع أجزائه
قطع النباش
|
١٨٩٧
١٨٩٧
١٨٩٨
١٨٩٨
١٨٩٨
١٨٩٨
١٨٩٨
١٨٩٩
١٨٩
١٨٩٩
١٨٩٩
١٨٩٩
١٩٠٠
١٩٠٠
١٩٠٠
١٩٠٠
١٩٠١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٢ ـ قوله تعالد : إنها ترمى بشرر
كالعصر (٣٢)
في تفسيرها ستة أقوال
بناء «قصر»
إدخار القوت
٣ ـ قوله تعالى : وإذا قيل لهم اركعوا
لا يركعون (٤٨)
وجوب الركوع وإنزاله ركنا في الصلاة
القرآن ف محل نزوله
ووقته عشرة أقسام
*
* *
سورة
النبأ
١ ـ قوله تعالى : وجعلنا الليل
لباسا(١٠)
إذا صلى الرجل عريانا ليلا في بيت
مظلم
ستر العورة
٢ ـ قوله تعالى لنخرج به حبا ونباتا
وجنات ألفافا (١٥ ، ١٦)
الصدقة شكر نعمة المال
*
* *
سورة
عبس
١ ـ قوله تعالى : عبس وتولّى (١)
نزلت في ابن أم مكتوم
٢ ـ قوله تعالى : في صحف مكرمة مرفوعة
مطهرة (١٣ ، ١٤)
أصحاب محمد
|
١٩٠١
١٩٠١
١٩٠٢
١٩٠٢
١٩٠٢
١٩٠٢
١٩٠٣
١٩٠٤
١٩٠٤
١٩٠٤
١٩٠٤
١٩٠٥
١٩٠٥
١٩٠٦
١٩٠٦
|
سورة
المطففين
١ ـ قوله تعالى : ويل للمطففين (١)
في سبب نزولها
في تفسير اللفظ
لم بدأ بالكيل قبل الوزن
النهي عن التطفيف
التطفيف في كل شيء
٢ ـ قوله تعالى : يوم يقوم الناس لرب
العالمين (٦)
القيام لله والقيام للناس
*
* *
سورة
الانشقاق
١ ـ قوله تعالى : فلا أقسم بالشفق
(١٦)
في الشفق
*
* *
سورة
البروج
١ ـ قوله تعالى : وشاهد ومشهود (٣)
الشاهد والمشهود
٢ ـ قوله تعالى : قُتل أصحاب الأخدود
(٤)
أصحاب الأخدود هم الذين حفروه من
الكفار
*
* *
|
١٩٠٧
١٩٠٧
١٩٠٧
١٩٠٨
١٩٠٨
١٩٠٨
١٩٠٩
١٩٠٩
١٩١٠
١٩١٠
١٩١١
١٩١١
١٩١٤
١٩١٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
سورة
الطارق
١ ـ قوله تعالى : فلينظر الإنسان مم
خلق (٥ ، ٦)
محل الماء
لم؟ إنه نجس
٢ ـ قوله تعالى : يوم تبلى السرائر
(٩)
معنى «تبلى»
٣ ـ قوله تعالى : إنه لقول فصل وما هو
بالعزل (١٣ ، ١٤)
ليس في الشريعة هزل
*
* *
سورة
الأعلى
١ ـ قوله تعالى : سنقرئك فلا تنسى(٩)
معنى «لا تنسى»
ماذا كان يقرأ النبي في العيدين
٢ ـ قوله تعالى : قد أفلح من تزكى
(١٤)
فيم نزلت
في سرد أقوال العلماء في ذلك
٣ ـ قوله تعالى : وذكر اسم ربّه فصلى
(١٥)
|
١٩١٧
١٩١٧
١٩١٧
١٩١٨
١٩١٨
١٩١٨
١٩١٨
١٩١٩
١٩١٩
١٩١٩
١٩٢٠
١٩٢٠
١٩٢٠
١٩٢٠
|
حقيقة الذكر
النية في الصلاة
تقدين النية على الصلاة
لو قال سبحان الله بدل التكبيرة
٤ ـ قوله تعالى : إن هذا لفي الصحف
الأولى صحف إبراهيم وموسى (١٨ ، ١٩)
في المعنى
تحقيق ذلك
*
* *
سورة
الغاشية
١ ـ قوله تعالى : فذكر إنما أنت مذكر
لست عليهم بمسيطر (٢١ ، ٢٢)
أمر النبي بالتذكير ثم بالقتال
*
* *
أمر النبي بالتذكير ثم بالقتال
*
* *
سورة
الفجر
١ ـ قوله تعالى : والفجر (١)
الفجر
هو فجران
ما يترتب عليه من أحكام
٢ ـ قوله تعالى : وليال عشر (٢)
في تعيينها أربعة أقوال
هل من سبيل إلى تعيينها
|
١٩٢٠
١٩٢٠
١٩٢١
١٩٢١
١٩٢٢
١٩٢٢
١٩٢٣
١٩٢٤
١٩٢٤
١٩٢٥
١٩٢٥
١٩٢٥
١٩٢٥
١٩٢٥
١٩٢٥
١٩٢٥
١٩٢٥
١٩٢٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
هل المقصود الليالي مع الأيام
أيام الشهر
٣ ـ قوله تعالى : والشفع والوتر (٣)
للعلماء في تعيينها ثمانية أقوال
تحقيق القول
هل تعاد المغرب في جماعة
أقل النقل
٤ ـ قوله تعالى : والليل إذا يسرى (٤)
لم خصه الله بالسرى
ما وجه من حذف الياء من «يسرى»
٥ ـ قوله تعالى : ألم تر كيف فعل ربك
بعاد إرم ذات العماد (٦)
في «إرم» ستة أقوال
إذا أضيف «إرم» إلى عاد
ذات العماد فيه أربعة أقوال
في تعيينها
التحذير من التطاول في البنيان
*
* *
سورة
البلد
١ ـ قوله تعالى : لا أقسم بهذا
البلد(١)
في قراءتها
جرف «لا»
كيف أقسم الله بغيره
كانت العرب تقسم بمن تكره
|
١٩٢٦
١٩٢٦
١٩٢٧
١٩٢٧
١٩٢٨
١٩٢٨
١٩٢٨
١٩٢٩
١٩٢٩
١٩٢٩
١٩٢٩
١٩٢٩
١٩٢٩
١٩٢٩
١٩٣٠
١٩٣٢
١٩٣٣
١٩٣٣
١٩٣٣
١٩٣٥
١٩٣٦
|
٢ ـ قوله تعالى : وأنتَ حلُ بهذا
البلد(٢)
في تفسيرها أربعة أقوال
تحقيق القول في ذلك
دخول الناس مكة على قسمين
متى يجب الإحرام
مكة؟ الإحرام
البلد مكة
٣ ـ قوله تعالى : فلا اقتحم العقبة
(١)
العقبة فيها خمسة أقوال
العقبة في اللغة
معنى «اقتحم»
من أعتق امرأ مسلما
هل الرقبة الكافرة ذات الثمن أفضل في
العتق من الرقبة المؤمنة القليلة الثمن
الصدقة على القريب أفضل
المتربة
*
* *
سورة
الشمس
١ ـ قوله تعالى : ولا يخاف عقباها(١٥)
القراءات
*
* *
|
١٩٣٦
١٩٣٦
١٩٣٧
١٩٣٧
١٩٣٧
١٩٣٧
١٩٣٧
١٩٣٨
١٩٣٨
١٩٣٨
١٩٣٨
١٩٣٩
١٩٣٨
١٩٤٠
١٩٤٠
١٩٤١
١٩٤١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
سورة
الليل
١ ـ قوله تعالى : وما خلق الذكر
والأنثى (٣)
في معنى القسم بها
قراءتها
٢ ـ قوله تعالى : فأما من أعطى وأتقّى
وصدّق بالحسنى (٥ ـ ١٠)
في سبب نزولها
حقيقة العطاء
حقيقة التقوى
«صدق بالحسنى» فيه ثلاث أقوال
في المختار
كلّ ميسّر لما خلق له
في القضاء والقدر
حقيقة البخل
*
* *
سورة
الضحى
١ ـ قوله تعالى : والضحى (١)
معنى الضحى
في سبب نزولها
قيام الليل كان فرضا على النبي وحده
٢ ـ قوله تعالى : وأمّأ السائل فلا
تنهر(١٠)
للمفسر بن قولان
تحقيق القول في ذلك
|
١٩٤٢
١٩٤٢
١٩٤٢
١٩٤٣
١٩٤٣
١٩٤٣
١٩٤٣
١٩٤٣
١٩٤٤
١٩٤٤
١٩٤٤
١٩٤٤
١٩٤٥
١٩٤٦
١٩٤٦
١٩٤٦
١٩٤٧
١٩٤٧
١٩٤٧
١٩٤٧
|
٣ ـ قوله تعالى : وأما بنعمة ربك
فحدّث (١١)
فيها ثلاثة أقوال
تحقيق القول في ذلك
*
* *
سورة
الانشراح
١ ـ قوله تعالى : ألم نشرح لك صدرك
(١)
شرحه حسا ومعنى
٢ ـ قوله تعالى : ورفعنا لك ذكرك (٤)
تفسيرها
٣ ـ قوله تعالى فإذا فرغت فانصب (٧)
اختلفوا في تعينها على أربعة أقوال
قراءة أخرى للآية
اللعب والغناء
*
* *
سورة
التين
١ ـ قوله تعالى : والتين والزيتون (١)
لم أقسم الله بالتين؟
٢ ـ قوله تعالى : وهذا البلد الأمين
(٣)
ما المراد بالبلد
٣ ـ قوله تعالى : لقد خلقنا الإنسان
في أحسن تقويم (٤)
٤ ـ قوله تعالى : ثم رددناه أسفل
سافلين (٥)
تفسيرها
|
١٩٤٧
١٩٤٨
١٩٤٨
١٩٤٩
١٩٤٩
١٩٤٩
١٩٤٩
١٩٤٩
١٩٤٩
١٩٤٩
١٩٥٠
١٩٥١
١٩٥١
١٩٥١
١٩٥٢
١٩٥٣
١٩٥٣
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٥ ـ قوله تعالى : أليس الله بأحكم
الحاكمين (٨)
تفسيرها
*
* *
سورة
العلق
١ ـ قوله تعالى : اقرأ باسم ربّك الذي
خلق (١)
أول ما نزل من القرآن
٢ ـ قوله تعالد
: خلق الإنسان من علق (٢)
خلق الإنسان
٣ ـ قوله تعالى
: الذي علم بالقلم (٤)
الأقلام ثلاثة
لكل أمة تقطيع
في الأصوات
لكل أمّة حروف
مصورة بالقلم
أول من وضع الخط
٤ ـ قوله تعالى
: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى (٥)
وعيد أبي جهل
للنبي
لو رأى الماء
وهو في أثناء الصلاة متيمما
٥ ـ قوله تعالى
: كلا لا تطعهُ واسجد واقترب (١٩)
المراد بالسجود
معنى «واقترب»
|
١٩٥٣
١٩٥٣
١٩٥٤
١٩٥٤
١٩٥٥
١٩٥٥
١٩٥٦
١٩٥٦
١٩٥٧
١٩٥٧
١٩٥٧
١٩٥٩
١٩٥٩
١٩٥٩
١٩٦٠
١٩٦٠
١٩٦٠
|
سورة
القدر
١ ـ قوله تعالى : إنا أنزلناه في ليلة
القدر(١)
معنى النزول وهو القرآن
في تمييز المنزل وهو القرآن
ليلة القدر
معنى التقدير والتدبير فيها
٢ ـ قوله تعالى : ليلة القدر خير من
ألف شهر (٣)
في سبب أهبتها لهذه الأمة ثلاثة أقوال
الصحيح
أفعل التفضيل
٣ ـ قوله تعالى : سلام هي حتى مطلع
الفجر (٥)
معنى «سلام هي»
متى تكون هذه الليلة
توجيه الأقوال وأدلتها
في الصحيح فيها وترجيح سبل النظر
الموصولة
من قال لزوجته أنت طالق في ليلة القدر
*
* *
سورة
البينة
١ ـ قوله تعالى : لم يكن الذين كفروا
من أهل الكتاب والمشركين منفكين (١)
|
١٩٦١
١٩٦١
١٩٦١
١٩٦١
١٩٦١
١٩٦٢
١٩٦٢
١٩٦٣
١٩٦٣
١٩٦٤
١٩٦٤
١٩٦٤
١٩٦٥
١٩٦٧
١٩٦٨
١٩٦٩
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
معنى «منفكين»
تفسيرها
٢ ـ قوله تعالى : وما إمروا إلّا
ليعبدوا الله (٥)
أمر الله عباده بعبادته
النية واجبة في التوحيد
*
* *
سورة
الزلزلة
هل هذه السورة مكية أو مدنية
*
* *
سورة
العاديات
الخيل ثلاثة
المقسم به والمقسم عليه
*
* *
سورة
التكاثر
١ ـ قوله تعالى : ألهاكم التكاثر (١)
هل هي مكية أو مدنية
٢ ـ قوله تعالى : ثم لتسألن يومئذ عن
النعيم (٨)
في النعيم أقوال لبابها خمسة
تحقيق النعيم وبناء نعم
أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من
النعيم
يجوز للمرء أن يتوسع في الطعام
*
* *
|
١٩٦٩
١٩٧٠
١٩٧٠
١٩٧٠
١٩٧٠
١٩٧١
١٩٧٢
١٩٧٣
١٩٧٤
١٩٧٤
١٩٧٤
١٩٧٤
١٩٧٤
١٩٧٦
١٩٧٨
|
سورة
العصر
١ ـ قوله تعالى : والعصر (١)
بناء «عصر»
المراد بالعصر
*
* *
سورة
الفيل
ولد رسول الله عام الفيل
إخبار الرجل عن سنة
*
* *
سورة
قريش
١ ـ قوله تعالى : إيلافهم رحلة الشتاء
والصيف (٢)
معنى «إيلاف»
جواز الوقف في القرآن قبل تمام الکلام
الشتاء والصيف
من حلف ألّا يكلَّمَ امرأ حتى يدخل
الشتاء
الزمان أربعة أقسام
*
* *
سورة
الماعون
١ ـ قوله تعالى : الذين هم عن صلاتهم
ساهون (٥)
النسيان هو الترك
تكليف الساهي
|
١٩٧٩
١٩٧٩
١٩٧٩
١٩٨٠
١٩٨٠
١٩٨١
١٩٨١
١٩٨١
١٩٨١
١٩٨٢
١٩٨٢
١٩٨٣
١٩٨٣
١٩٨٣
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
٢ ـ قوله تعالى : الذين هم يراءون
ويمنعون الماعون (٦ ، ٧)
المراد المنافقون
حقيقة الرياء
٣ ـ قوله تعالى : ويمنعون الماعون (٧)
في تحقيق كلمة «الماعون»
في أقوال العلماء فيه
*
* *
سورة
الكوثر
١ ـ قوله تعالى : إنا أعطيناك
الكوثر(١)
ليست بسم الله الرحمن الرحيم آة
من هذه السورة
في قوله «فصل» أربعة أقوال
ونحر فيه قولان
في تحقيق المراد من هذه الأقوال
النحر يوم الأضحى
من ضحى قبل الصلاة
*
* *
|
١٩٨٣
١٩٨٤
١٩٨٤
١٩٨٤
١٩٨٤
١٩٨٤
١٩٨٦
١٩٨٦
١٩٨٦
١٩٨٦
١٩٨٦
١٩٨٨
١٩٩٠
|
سورة
النصر
١ ـ قوله تعالى : فسبّح بحمد ربك
واستغفره إنه كان توابا (٣)
رأى ابن عباس في معنى الآية
دعاء الصلاة
دعاء النبي
*
* *
سورة
تبت
في سبب نزولها
اسم أبي لهب
لم كناه الله بهذه الكنية
*
* *
سورة
الإخلاص
في سبب نزولها
في فضلها
يجوز تكرار سورة في كل ركعة
سورة
الفلق والناس
في سبب نزولهما
كان النبي بنغث على نفسه في المرض
الذي مات فيه بالمعوذتين
|
١٩٩١
١٩٩١
١٩٩١
١٩٩٢
١٩٩٣
١٩٩٤
١٩٩٤
١٩٩٥
١٩٩٥
١٩٩٥
١٩٩٦
١٩٩٧
|
٢ ـ فهرس مرجع
الأحكام
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الإجارة
الفرق بين الإجارة والجعالة
الإجارة
الإجارة على رعاية الغنم
الإجارة بالعوض المجهول
جمع سلعتين في عقد واحد
الاجتهاد
جواز الاجتهاد في أحكام الشريعة
جواز الاجتهاد والاستدلال بالأمارات
على ما خفى من المعاني والأحكام
للنبي أن يجتهد
الإرث
للذكر مثل حظ الأنثين
الأخ أقوى سبباً من الجد
إدا اجتمع الآباء والأولاد
إن وجد الإخوة فللأم السدس
إن كان له إخوة ولا أب
مسألة العول
ميراث الأخوات
تقديم دين الزكاة والحج على الميراث
حرمان الميراث للقاتل
|
١٠٩٦
١٤٥٤
١٤٧٢
١٤٧٤
١٤٧٦
٢٠٥
٢٥٤
٢٨٢
٣٣٤
٣٣٨
٣٣٨
٣٣٩
٣٣٩
٣٤٠
٣٤١
٣٤٤
٣٤٥
|
الكلالة
الأخوات عصبة للبنات
الأسباب التي يستحق بها الميراث ثلاثة
الأنبياء لا يرثون
لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر
المسلم
من أين يورث الخنثى
الاسئذان
في كيفية الاستئذان
حكم الاستئذان والتسليم
على من يستأذن الرجل
ما يقال للمستأذن
الأسرى
الأسرى
معاملة الأسرى
قتل الأسرى
الإيلاء
الإيلاء في لسان العرب
ما يقع عليه الإيلاء
مدة الإيلاء
بعض أحكامه
|
٥٢٠،٣٤٧
٣٤٩
٣٥٢
١٤٤٦،٨٥٠
٨٨٨
١٦٧٣
١٣٥٩
١٣٦٠
١٣٦١
١٣٦٣
٨٨٥
١٦٩١
١٠٦
١٧٧
١٧٨
١٧٩
١٨٠
ـ ١٨٢
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الإيمان
أين يدفن من أنكر أصول الإيمان
الطاعن في الدين
المكلف إذا كنتم إيمانه ولم يتلفظ به
لسانه
لابد من التصريح بالاعتقاد لله
الإيمان
اتباع الصغير لأبيه في أحكام الإسلام
إذا كان أبواه كافرين وعقل الإسلام
البيع
الكيل والوزن على البائع
البيوع ثلاثة
بيع العربان
الربح
إبطال بيع المكره
بيع الفضولي
الغبن في البيع
بيع المعتوه
بيع المضطر
الإشهاد في البيع
تحريم البيع في وقت الجمعة
التطفيف في الكيل والميزان
البيعة
في؟ أركان البيعة
|
٨٠٢
٩٠٥
١٦٦٠
١٦٦٢
٨٠٢
١٧٣١
١٧٣١
١٩٣
٢٥٨
٤٠٨
٤٠٨
٤١١
٧٢٢
١٨١٦،٧٨٨
٧٨٨
١١٨٢
١٤٨٠
١٨٠٥
١٩٠٨،١٩٠٧
١٧٩٤
|
في صفة البيعة لمن أسلم من الكفار
التجارة
التجارة في الحج
التجارة مع الكفار
التحية
السلام سنة
الرد فرض
السلام يرد بمثله
الجار
حرمة
الجار
ليس من حق الجوار الشفعة عند أبي
حنيفة
الجزية
ممن تقبل الجزية
الذين يقربون على الجزية
تقدير الجزية
في محل الجزية
إذا بذل الجزية مع إقراره على الكفر
الجهاد
الإذن بالقتال
الجهاد بعد فتح مكة
الجهاد فرض على الكفاية
قتل من لم يقاتل
قتل النساء
|
١٧٩٥
١٣٦
٥١٥
٤٦٧
٤٦٧
١٠٦٠
٤٢٩
٤٣٠
١١٠
٢٣٣
٩٢٠
٩٢١
٩٢٥
١١٩،١٠٢
١٠٣
١٠٣
١٠٤
١٠٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
قتل الصبيان
قتل الرهبان
قتلى الزمني والشيوخ و؟
قتل الأسير
الانفاق في سبيل الله
الاشتهار بالعلامة في الحرب
معنى الرباط
خروج السرايا بإذن الإمام
الشهيد والغانم
وجوب القتال لاستنقاذ الأسرى
إن امتنع من عنده المال من فداء
الأسرى
الفرار في الزحف
الأمر بالثبات
إعداد القوة للأعداء
التحريض على القتال
تكليف سائر الأنبياء الجهاد
الإتخان في القتل
فضل الجهاد
أمر مقاتلة جميع الكفار
جزاء ترك النفير
متى يكون النفير عاما
فضل الصف الأول في القتال
|
١٠٥
١٠٥
١٠٦
١٠٨،١٠٦
٢٣٠
٢٩٧
٨٧٣،٣٠٦
٤٥٨
٤٥٨
٤٥٩
٤٦٠
٨٤٣
٨٦٦
٨٧٢
٨٧٧
٨٨٢
٨٨٤
٩٠٨
٩١٧
٩٤٩
٩٥٥
١١٢٨
|
دروع الحرب عدة للجهاد
الإستقلال في الحرب
الإجلاب بالخيل على العدو
الإذن بالقتال
ضرب الرقاب
الصلح مع الإعداء
المراد بالجهاد
لاقتال إلا مع إمام عادل
اختلاف الناس في تخريب دار العدو
من كثرتطلعه على عورات المسلمين
إن كان الجاسوس كافرا
محاهدة الكفار والمنافقين
الحج
السعى بين الصفا والمروة
وقت الحج
جواز الإحران بالحج قبل أشهر الحج
معنى الحج
منى العمرة
وجوب العمرة
من عليه الهدى
من قدم الحلق على المنحر
الإحصار
الحاصر
إذا أحل المحصر
|
١١٧١
١١٧١
١٢١٧
١٢٩٨
١٧٠٠
١٧٠٤
١٧٠٦
١٧٢١
١٧٦٨
١٧٨٣
١٧٨٤
١٨٥٣
٤٨
٤٩
١٠٠
١١١٢
١١٨
١١٨
١٢٠
١٢١
١٢٢
١٢٢
١٢٢
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
محل الهدى
أين يجزى الهدى
شروط التمتع
فسخ الحج إلى العمرة
متعة القرآن
الجمع بن الحج والعمرة في سفر
واحد
متى يجب الهدى
تعديد أشهر الحج
الرفث
جزاء الحج المبرور
الجدال في الحج
جواز التجارة في الحج
الإفاضة
عرفات
البيت بمزدلفة
التلبية
أيام منى
يوم النحر
ذكر الله الحج بأبلغ ألفاظ الوجوب
للحج ركنان
إذا وجدت الاستطاعة توجه فرض الحج
جواز حج الغير عن الغير
لا يسقط فرض الحج عن الأعمى
كان النبي يقلّد الهدى ويشعره
|
١٢٤
١٢٥
١٢٦
١٢٧
١٢٧
١٢٨
١٢٩
١٣٢،١٣١
١٣٤،١٣٣
١٣٤
١٣٥
١٣٦
١٣٦
١٣٦
١٣٨
١٤٠
١٤٠
١٤١
٢٨٥
٢٨٦
٢٨٨
٢٨٩
٢٩٠
٥٠١
|
الهدى
القلائد
إباحة الصيد بعد الإحلال
البيت الحرام
من أي شيء حرمه
يوم الحج الأكبر
لم سُمى يوم الحج الأكبر
الأشهر الحرم
الأشهر الحرم أربعة أشهور؟
أول من سعى بين الصفا والمروة
تحريم مكة
الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارّا بدم
لا يفترض الحج على من ليس له زاد ولا
راحلة
حج الراجل وحج الراكب
مناسك الحج
البدن
كيفية نحر الهدى
هدى التطوع
الهدى الواجب
إذا أكل من لحم الهدى الذي لا يحل له
أكله
إذا عطب الواجب كله قبل محله
من وجب عليه الحج فلم يؤده
|
٥٣٥
٥٣٦
٥٣٦
٦٩٢
٦٩٢
٨٩٧
٨٩٩
٩٠١
٩٠١
١١٢١
١٢٧٧
١٢٧٩
١٢٧٩
١٢٨٠
١٢٨٥
١٢٨٨
١٢٨٩
١٢٩٠
١٢٩٠
١٢٩٢
١٢٩٢
١٨١٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الحسد
هل يسقط الإكراه الحد
المجنون لا حدّ عليه
الحدّ على قدر الذنب
(وارجع
إلى الزنا)
الحديث
فقل الحديث بغير لفظه
حديث الإفك
الحرم
التجاه الكافر إلى الحرم
التجاه القاتل إلى الحرم
التجاه الزاني إلى الحرم
من اقترف ذنبا واستوجب به حدا ثم لجأ
إلى الحرم
جواز القتل بمكة وإقامة الحدود فيها
متى يجب الإحرام عند دخول مكة
الحضانة
الحضانة للأم
إذا كانت الحضانة للأم تمادت إلى
البلوغ في الغلام وإلى النكاح في الجارية
الخالة أحق بالحضانة بعد الجدة
الحكم ، والخلافة ، والولاية الحكم
للشرع
|
١٠٨٦
١٦٢٨
١٤٥٥
٢٢
١٣٤٨
١٠٧
١٠٨
١٠٨
٢٨٤
١٩٣٧
١٩٣٧
٢٧١،٢٠٤
٢٠٦
٢٧٤
١٤
|
أولو الأمر
المرأة لا تكون خليفة
الخلافة
الخلفاء على أقسام
الوزارة
ولاية القضاء والمظالم
ولاية الصلاة
ولاية الحج
أنواع الولايات
الحمل
مدة الحمل
أكثر مدة الحمل
هل تحيض الحامل
الحبض
ما يمنع منه الحيض وما يترتب عليه من
أحكام الشرع
إباحة الوطء عند انقطاع الدم
أمانة المرأة على حيضها وحملها
دم الحيض
الخمر
أفعال السكران
من أضطر إلى خمر
الخمر ومعناه
تحريم الخمر
|
٤٥١
١٤٥٧
١٦٣١
١٦٣١
١٦٤٢
١٦٤٣
١٦٤٤
١٦٤٤
١٦٤٥
٢٠٢
١١٠٩
١١٠٩
١٦٢
١٧٠
١٥٨٩
١٦٣٢
١٨
٥٦
١٤٩
١٥٠
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
استهلاك الخمر في الأطعمة والأدوية
؟
تحقيق اسم الخمر
شرب الخمر على عهد النبي و؟
ثبت تحريم الخمر بانفاق من الأئمة
الدين
حقيقة الدَّين
علة الكتابة
الكتابة وحكمها
الكتابة بالعدل
سبب إملاء الذي عليه الحق
السفيه
رجوع المضارة إلى الدين
الدية
القسامة بتول أهل المقتول
الدية
في قتل الخطأ تحرير رقبة
الرقبة التي تجزىء
الدية في قتل الخطأ
الاختلاف في دية الكافر
معنى الديات في الشريعة
الذكاة
التذكية
متى تصح الذكاة
|
١٥٢
٤٣٤
٦٥٦
٦٥٩
١١٥٤
٢٤٧
٢٤٧
٢٤٨
٢٤٨
٢٤٩
٢٤٩
٣٥١
٢٥،٢٤
٤٧٥،٦٩
٤٧٤
٤٧٤
٤٧٤
٤٧٨
٤٧٨
٥٤١
٥٤٠
|
لا تصح الذكاة إلا بنية
لو ذبحها من القفا
في الآله
المرضة يجوز تذكيتها
التسمية على الذبيحة
ذبائح الكتابيين
أكل ما سمُى عليه اسم الله
متروك التسمية
؟ للتسمية على الذبيحة
المتعمد
تحريم الصوف والوبر بالموت
التسمية والتكبير عند الذبح
وانظر
(الصيد)
الرضاع
مدة ارضاع
إذا زادت المرأة في رضاعها عن مدة
الحولين
هل الرضاع حق لها
إرضاع الشريفة
من يجب عليه رضاع الولد
الربا
تحريم الربا
الربا
الربا على قسمين
المال الحرام إذا خالطه حرام
|
٥٤٣
٥٤٣
٥٤٣
٥٤٤
٥٥٤
٥٥٥
٧٤٧
٧٤٩
٧٥٠
٧٥٠
١١٦٩
١٢٩٥
٢٠٢
٢٠٢
٢٠٦،٢٠٤
٢٠٤
١٢٠١،١٨٤٠
٥١٤،٢٤٠
٢٤٤
١٤٩١،٢٤٤
٢٤٥
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الزدة
بعض أحكامها
الرق
لو قال إن شرب عبدي من الفرات
فهو حر
هل بمتلك العبد بالتمليك
لا يجوز أن يملك الرجل ابنه
المكاتبة
مال العبد وأكسابه لسيده
إذا كاتب عبده على مال قاطعه عليه
نجوماً
صفة عقد الكتابة
فك الرقبة المؤمنة
الرهن
الرهن والقبض
الرهن إذا خرج من يد صاحبه فإنه مقبوض
صحيح
جواز رهن المشاع
إذا قبض الرهن لم يجز انتزاعه من يده
رهن الدين
الرهن يقوم مقام الشاهد
إنما ملك الرحمن
الزكاة
الزكاة
|
١١٧٧،٥٩٥
٢٣٢
١١٦٥
١٢٥٣
١٣٨٩
١٣٨٢
١٣٨٣
١٣٨٥
١٩٣٩
٢٦٠
٢٦١
٢٦١
٢٦١
٢٦١
٢٦١
٢٦٢
٢١
|
الحقوق التي في المال
وجوب الزكاة في كل نبات
وجوب الزكاة
الزكاة في كل مقتات
تؤخذه الزكاة من كل نوع عند انتهائه
باليبس
وقت وجوب الزكاة في الأموال النباتية
إن تلفت بعد الطيب أو بعد الحرص
هل في الحلى زكاة
ما أدى زكاته فليس بكنز
هل تعطى الزكاة للزوجين
قتال أبي بكر ما نعى الزكاة
هل تؤخذ الزكاة من مالك الخيل
هل في العسل زكاة
هل في المال حق سوى الزكاة
الزنا
الإشهاد في الزنا
عدل الشهود
البكر يجلد ويغرب
للمرأة لا تغرب
العبد لا يغرب
لا يجمع بين الجلد والرجم
الزاني لا ينكح إلا زانية
لا ينكح المحدود إلا محدودة
|
٥٩
٢٣٥
٣٠٣
٧٥٩
٧٦٠
٧٦٣
٩٣٠
٩٣٨
٩٧٢
١٠٠٧
١١٤٦
١١٥٩
١١٥٩
٣٥٦
٣٥٦
٣٥٨
٣٥٩
٣٥٩
٣٥٩
٤٠٢
٤٠٣
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الأمة إذا زنت
من زنى في دار الحرب بحربيه
إذا حكّم الزانيان الإمام
من أتى بهيمة
الإكراه على الزنا
حدّ الزنا
إذا زنى بالغ بصبية
شرط القذف
إذا صرح بالزنا وإذا عرض
سبب تكثير عدد الشهود في الزنا
حد العبّد
وجه القول باشتراط الرؤية
إذا قذفها بعد الطلاق
لعان الزوج
إذا قذفها برجل سماه
الزواج
ارجع
إلى النكاح
ستر العورة
السحر
السحر وحقيقته
السرقة
شرح حقيقته السرقة
السارق شرطه
متعلق المسروق
|
٤٠٥
٥١٦
٦٢١
٧٨٧
١١٧٧
١٣٢٥
١٣٣٠
١٣٣٢
١٣٣٤
١٣٣٤
١٣٣٤
١٣٤٢
١٣٤٤
١٣٤٦
١٣٤٧
٢٠
٣١
٦٠٧
٦٠٧
٦٠٧
|
متعلق المسروق منه
من سرق من ذى رحم محرم
إذا سرق العبد من مال سيده
متعلق المسروق منه
إذ اجتمع جماعة على إخراج نصاب من
حرزه
إذا اشتركوا في السرقة
النباش
توبة السارق
جزاء السارق
القطع
من سرق ثم أصلم
القطع في السرقة ناسخ لم تقدم من
الشرائع
الشرع
شرع من قبلنا
الشعر
الشعر
قول النبي للشعر
سماع النبي للشعر
المذموم من الشعر
لم يكن النبي شاعرا
إنشاد الشعر
|
٦٠٩
٦٠٩
٦٠٩
٦١٠
٦١٠
٦١١
١٨٨٩،٦١١
٦١١
٦١٢
٦١٨،٦١٥
٨٥٣
١٢٠٠
٢٣
١٤٢٧
١٤٣٩
١٤٣١
١٤٣١
ـ ١٤٤٦
١٦٠٩
١٦١٥
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الشهادة
والإقرار
جواز شهادة الأعمى
شهادة البدوي على اقروي
تفويض قبول الشهادة إلى الحاكم
لا يكتفي بظاهر الإسلام في الشهادة
شهادة الولد لأبيه والأب لولده
الإباية عن الشهادة
الشاهد هو الذي يمشي إلى الحاكم
خروج العبد عن جملة الشهود
هل الإشهاد في الدين واجب
سقوط الإشهاد في النقد
حالات المضارة للكاتب والشهيد
الكتاب في السفر
أداء الشهادة فرض كفاية
شهادة العدو على عدوه
الشهادة على الوالدين
شهادة الأخ لأخيه
الشهادة في الحضر والسفر
الشهادة يمين
إذا قال رضيت بفلان فإذا شهد أنكره
لا يقبل خبر الكاذب ولا شهادته
الشهادة مرتبطة بالعلم عقلا وشرعا
إن عرف خطه ولم يذكر الشهادة
إذا أجلس شاهدين من وراء حجاب
الاكتفاء بشهادة واحد
|
٢٥٢
١٠٠٥،٢٥٢
٢٥٤
٣٥٤
٢٥٥
٢٥٦
٢٥٦
٢٥٦
٢٥٧
٢٥٨
٢٥٩
٢٥٩
٢٥٩
٢٦٧
٢٩٦
٥٠٧،٥٠٦
٥٠٧
٧٢٢
٧٢٤
٧٧٠
١٠٢٨
١١٠٢
١١٠٢
١١٩٣
١١١٣
١١١٣
|
شهادة الزور
هل يجب الإشهاد في النكاح
الإشهاد في البيع
الشهادة
من ثبت فسقه بطل قوله في الأخبار
تأديه الشهادة
إقرار المرء على نفسه
لا يصح الإقرار إلا من مكلف
للعبد حالتان في الإقرار
لو اعتذر بعد الإقرار
الشهيد
الشهيد والحكم في غسله والصلاة عليه
من صبر على البلاء والفتننة حتى قتل فإنه شهيد
من الشهداء
الصدق
مصارف صدقة التطوع
اختلاف حال الصدقة باختلاف حال للمعطى
لها والمعطى إياها والشاهدين لها
إعطاء الصدقة للقرابات من المشركين
المسلم العاصي متى تصرف إليه الصدقة
الواجب على معطى الصدقة مراعاة أحوال
الناس
الإلحاف في السؤال
|
١٤٣١
١٤٨٠
١٤٨٠
١٦٩٩
١٧١٥
١٧٣
١٨٨٠
١٨٩٠
١٨٩٠
١٨٩٢
١١٧٩
١١٤٣
١٤٥
٢٣٧
٢٣٧
٢٣٨
٢٣٩
٢٣٩
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الصدقة على المعسر
تصدق النبي على قراية المصدق
الصدقة لا تحل لآل
محمد
حقيقة الصدقة
من تصرف إليهم
إذا تصدق الرجل بجميع ماله
حق الصدقة لله
صدقة الفطر والصلاة
الصلاة قبلها
الصيد
الجوارح
إذا أرسلت كلبك المعلم
النية شرط في الصيد
إن أكل الكلب
صيد الكب الأسود
إن أدركت ذكاة الصيد فذكه دون تفريط
الفهد ونحوه والبارزي والصقر
هل الأصل في الصيد التحريم
حكم صغار الصيد وكباره
صيد الذمى والمجوسي
ذبح المحرم للصيد على وجه التذكية
قتل السباع العادية
المتعمد والمخطىء والناسي
تقدير الطعام والصيام
|
٢٤٦
٢٨١
٩٧٤،٨٥٨
٩٥٧
٩٥٨
ـ ٩٧٢
١٠١٠
١٠١١
١٩٢٠
١٩٢٠
٥٤٦
٥٤٧
٥٤٧
٥٤٧
٥٤٨
٥٤٨
٥٤٩
٦٦٢
٦٧٣،٦٦٢
٦٦٣،٦٦٣
٦٦٤
٦٦٦
٦٦٨
٦٧٤
|
قتل جماعة صيدا في حرم وهم محلون
صيد البحر
الذي يؤخذ بغير محاولة ولا حيلة
؟ البحر
الصيد في البر في حق المحرم ممتنع بكل
وجه
ما أخرج من اللؤلؤ والعنبر من البحر
التسمية شرط في إرسال الكلب دون السهم
تحريم الصيد على اليهود يوم السبت
طعام البحر وحليته
الصلاة
والمساجد
قراءة المأموم الفاتحة
التأمين مع الإمام
الركوع
ستر العورة
إذا عينت البقعة للصلاة خرجت عن جملة
الأملاك المختصة بربها
ليس للكافر دخول المسجد
استبدال القبلة
صلاة العيدين
عدد مرات التكبير
الصلاة الوسطى
المحافظة على الصلاة
الوتر
|
٦٧٧
٦٨٤
٦٨٤
٦٨٥
٦٨٧
٦٩٠
٧٤٩
٧٩٦
١٦٠٦
٥
٧
٢٠
٢٠
٣٣
٣٣
٤٣
٨٦
٨٦
٢٢٤
٢٢٧،٢٢٣
٢٢٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
إذا تكلم المصلى
لا تسقط الصلاة بحال
تارك الصلاة
لا يصلي المفترض خلف المتنق
بعض مبطلات الصلاة
الوضوء عبادة
لمس الصغيرة
ماء البحر
القصر في الصلاة
هل القصر قصر عدد
شرط الخوف في القصر
حكم القصر
صفة القصر
صلاة الخوف صلاّها النبي بهيئات
مختلفة
أخذ السلاح عند الخوف
الصلاة حال السابقة
صلاة المنافقين
الطمأنينة في الصلاة
الاذان
ستر العورة في الصلاة
العورة على ثلاثة اقسام
الصلاة في النعال
عورة الرجل وعورة المرأة
القراءة مع الإمام
|
٢٢٧
٢٢٧
٧٧٦،٢٢٨
١٧٧٠،٢٩٢
٤٣٨،٤٣٢
٤٤٠
٤٤٥
٤٤٧
٤٨٤
٤٤٨
٤٨٩
٤٩٠
٤٩٠
٤٩١
٤٩٤
٤٩٥
٥١١
٥١٢
٦٣٥
٧٣٨
٧٧٩
٧٨٠
٧٨١
٨٢٦
ـ ٧٢٨
|
إذا أسلم المرتد وقد فاتنة صلوات
وأصاب جنايات
معنى الأذان
ما كان بقوله عليّ في أذانه
الاختلاف في قول علي في التأذين
الامتناع من الصلاة على الكفار
الصلاة على الجنازة فرض على الكفاية
الصلاة أول الوقت أفضل
إمامه الأعراب بأهل الحضر
لا تصلي جماعتان في مسجد
فضل الصلاة
فضل الصف الأول في الصلاة
محاورة الإمام
نهى النبي عن الصلاة في سبعة مواطن
الصلاة في الدار المغصوبة
كان النبي إذا افتتح القراءة في
الصلاة كبّر
صلاة الصبح
تفضيل صلاة الصبح
التهجّد
ارتباط الصلاة بالقراءة
الصلاة على السقط
الخشوع في الصلاة
حفظ الصلاة
أثر الصلاة
|
٨٥٣
٨٩٤
٨٩٥
٩٠٠
٩٩٢
٩٩٢
١١١٥،١٠٠
١٠٠٦
١٠١٣
١١٢٤
١١٢٨
١١٢٨
١١٣٣
١١٣٤
١١٦٣
١٢٢٠
١٢١١
١٢٢٣
١٢٣٧
١٢٧٢
١٣٠٧
١٣١١
١٤٨٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
ما يقطع الصلاة
صلاة الضحى
أثر السجود
صلاة الليل
في إحكام الصفوف جمال الصلاة
صلاة الجمعة
شروط وجوبها
الأذان للجمعة
أعمال الجمعة
كل أمر يشغل عن الجمعة من العقود فهو
حرام شرعا
من تجب عليه الجمعة
متى تجب
غسل الجمعة
كيف يخطب الإمام
الحافظة على الصلوات الخمس
تعيين القراةء في الصلاة
الصلاة نثبت بالتواتر
الركوع ركن في الصلاة
إذا صلى عريانا ليلا في بيت مظلم ستر
العورة
محل النية في الصلاة
الصلاة منها شفع ومنها وتر
أقل النفل ركعتان
السهو في الصلاة
|
١٦٠٦
١٦٢٤
ـ ١٦٢٥
١٧١١
١٧٢٩
٢٨٠١
١٨١٢
١٨١٣
١٨١٣
١٨١٥
١٨١٦
١٨١٦
١٨١٧
١٨١٨
١٨١٩
١٨٥٩
١٨٨٣
١٨٨٤
١٩٠٣
١٩١٤
١٩٢٠
ـ ١٩٣٢
١٩٣٨
١٩٢٨
١٩٨٣
|
الرياء في الصلاة
الأمر بالصلاة
لو رأى الماء وهو أثناء الصلاة متيمما
الصلح
عقد الصلح ليس بلازم المسلمين
يجوز للمسلمين عقد الصلح
الصيد
الأكل من لحم الصيد
الصيام
معناه
صيام يوم الشك
صيام الأيام الستة
الوصال في الصوم
قضاء الصوم
الصوم خير من الفطر في السفر
شهود الشهر
هل يجزىء فيه خبر الواحد
الرفث
السنة تعجيل الفطر
محظورات الصيام
المطاوعة لزوجها في نهار رمضان
فطر الحامل وفديتها
جعل الصيام بالأهلة
صيام يوم الجمعة
|
١٩٨٤
١٩٨٧،١٩٨٦
١٩٨٩
٨٧٦
٨٧٦
١٢٨٢
٧٤
٧٦
٧٦
، ٧٨
٩٣،٧٦
٧٨
٨٠
٨٢
٨٣
٩٠
٩٢
٩٣
٢٧١
٨٢٢
٩٣٧
١١٨٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الضمان
من أتلف شيئا فعليه الضمان
ضمان أرباب للواشي
الطلاق
عدد مرات الطلاق
جمع الثلاثاء الإمساك بالمعروف
والتسريح
طلاق الرقيق
من ألفاظ الطلاق
إذا وطىء بنية الرجعة
هل الخلع طلاق
الخلع بالبعض من مالها وبالكل
تحريم الرجعة في طلاق الخلع
حتى تحل المطلقة ثلاثا للأول
الرجعة لا تكون إلا بقصد الرغبة
إذا لم يجد الزوج ما ينفق على الزوجة
طلق
الطلاق قبل المساس والفرض
كراهية الطلاق
بعث الحكمين عند الشقاق
حكم الحكمين
هل يجزىء إرسال الواحد
من طلق في الشرط ثم أسلم
الطلاق يلزم هزله
|
١٢٦٨
١٢٦٨
١٨٩
١٩١
١٩١
١٩٩،١٩٢
١٩٣
١٩٥
١٩٥
١٩٧
١٩٨
٢٠٠
٢٠٠
٢١٦
٢٦٤
٤٢١
٤٢٤
ـ ٤٢٦
٤٢٧
٨٥٣
٩٧٧
|
إذا قال لامرأته أنت طالق أبدا
فرقة المسلمة من زوجها
الطلاق على ضربين
الطلاق الثلاث والواحدة
أحكام الرجعة
الإشهاد في الرجعة
إذا حرم الزوجة
إذا حرم الأمة
من قال لزوجته أنت طالق في ليلة القدر
الطهارة
الغسل
هل المنى نجس
الماء المستعمل
المخالطة للماء
الماء إذا تغير
إذا فضلت من الماء فضله للجنب
إذا كان الماء طاهرا فولغ فيه كلب
إذا ولغت السباع في الماء
ماء البحر
في العظام حياة وتنجس بالموت
الظن
حقيقة الظن
تعبد الله بالظن
الظن في الشريعة قسمان
|
١١٣٩
١٧٨٧
١٨٢٥
١٨٢٦
١٨٣٤
ـ ١٨٣٦
١٨٣٥
١٨٤٧
ـ ١٨٤٨
١٨٥١
١٩٦٨
٤٣٨
١١٥٢
ـ ١٩١٧
١٤١٨
١٤١٩
١٤٢١
١٤٢٢
١٤٢٢
١٤٢٣
١٤٢٥
١٦١٦
١٧٢٤
١٧٢٤
١٧٢٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الظهار
نهى الله ان تكون الزوجه أما بقول
الرجل
الظهار
ظهار العبد
الظهار في كل أمة يصح وطؤها
الاعتكاف
الصوم فيه
جواز الاعتكاف في كل مسجد
العدة
القرء
إذا قالت المرأة انقضت عدتي
إذا قال أخبرتني بقضاء عدتها فكذبته
مدة التربص
الحمل إذا وضع
الخروج في أثناء العدة
الزينة في العدة
إذا مات الزوج ولم تعلم المرأة بذلك
إلا بعد مضى العدة
إذا لم تحض المرأة في الأربعة الأشهر
إن كانت الزوجة كتابية
بعد انقضاء العدة
عدة المرأة تنقضي بالسقط الموضوع
لا عدة على مطلقة قبل الدخول
|
١٥٠٤
١٧٨٤،١٥٠٤
١٧٥٠
١٧٥١
ـ ١٧٥٧
٩٥
٩٥
١٨٤
١٨٧
١٨٧
٢٠٨
٢٠٨
٢٠٩
٢٠٩
٢١٠
٢١١
٢١١
٢١٢
١٢٧٣
١٥٥١
|
بم يعرف الدخول بالمرأة وعدم الدخول
بها
ما هذه العدة
العدة بالأطهاروليست بالحيض
أسباب العدة
محل العدة
أنواعها
أقسام النساء
للمطلقة المعتدة السكنى فرضا
الخروج والإخراج
عدة الحائض بالأقراء
عدة الصغيرة والحامل
السكنى والنفقة والكسوة
الفصال
والحمل
الحمل والفصال
العلم
رفع الدرجات بالعلم
علم الدنيا عنوان الآخرة
وسبيلها
العهد
والعقد
العقود
ربط العقد
الوفاء بعقد الجاهلية
الشرط الذي يجب الوفاء به
تنقض عهد من خاص بعهده
|
١٥٥٢
١٨٢٤
١٨٢٦
١٨٢٨٧
١٨٢٧
١٨٢٧
١٨٢٧
ـ ١٨٢٩
١٨٢٩
١٨٣١
١٨٣٧
١٨٣٨
١٨٣٩
١٦٩٨
٧٤١
٧٤١
٥٢٤
٥٢٦
٥٢٦
٥٢٨
٩٠٠
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
طعن الذمى في الدين نقض لعهده
تحريم مخالفة العهد ونكث العقد
في العقد والوفاء به
تعديد عهود الله
الفرق بين العهد واليمين
وجوب بين العهد واليمين
وجوب حفظ الأمانة والعهد
العقل
تحسين العقل
العين
هل العين حق
رأى الأطباء
الغنائم
إذا غل الرجل في المغنم
إحلال الغنائم
الأنفال والغنائم والغئ
محل الأنفال
سلب القتيل
النفر للغنيمة
تقسيم الغنيمة
سهم الله وسهم الرسول
سهم ذوى القربى واليتامى
سهم القتال ـ خمس الخمس ـ الصفى
العبد لا سهم له
الغنيمة لمن حضر
|
٩٠٦
٩٠٨
١١٧٣،١١١١
١١١١
١١٧٤
١٣١١
١٣١١
١٩
١٠٨٨
١٠٩٤
٣٠١
٨٨٣،٧٩٥
٨٣٦
٨٣٦
٨٣٨
٨٤١
٨٥٥
٨٥٥
٨٥٦
٨٥٩
٨٦٣
٨٦٥
|
لم يسهم النبيّ لا مرأة في مغازية
الأعراب لاحق لهم في الفيء والغنيمة
الغنيمة لم تحل لأحد قبل
الفيء
القتل
قتل المنافقين
قتل الغيلة
القرعة
القرعة كانت في شريعة من قبلنا جائزة
القرعة وردت في الشرع في ثلاثة مواطن
القرعة بين الزوجات عند الغزو
الاقتراع على إلقاء الآدم ف البحر
القصاص
إباحة دم من أباح دمك
إحلال مال من
استحل مالك
القصاص
قتل المسلم
بالكافر
قتل الحر بالعبد
قتل الذكر
بالأنثى
قتل الذكر زوجه
قتل الأب ابنه
من أخذ عرضك
المماثلة في
القصاص
قتل المسلم
بالذمى
|
٩٠٩
١٠٠٦
١٤٦
١٧٧١
١١
١٢
١٦٢٢
١٦٢٢
١٦٢٣
١٦٢٣
١١
١١
٦١
٦٢٦،٦٢
٦٣
٦٣
٦٤
١١٢
١١٣
٦٢٦
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
قتل الرجل بالمرأة
قتل الجماعة بالواحد
حكم فقء العين
إذا ضرب سنه فاسودت
اللسان والقود فيهه
الذي يقطع أذن رجل
إن قلع لسان أخرس
الجروح قصاص
المسلمون تتكافأ دماؤهم
القصاص بين الأب والابن
دخول النساء في الدم
المقصود من القصاص
يجوز للإمام تأخير القصاص
المساواة بيين المؤمن والكافر في
القصاص
لوجني الذمى جناية فحاف القتل والضرب
فأسلم
القضا
هل يقطع القاضي ويحكم بعلمه
وجوب ارتفاع المدعو إلى الحاكم
حكم الحاكم لا يحل المال في الباطن
بقضاء الظاهر
يحاكم اليهوديّ مع المسلم عند حاكم
الإسلام
الغضب لا يغير الأحكام
|
٦٢٧
٦٢٧
٦٢٩
٦٢٩
٦٣٠
٦٣٠
٦٣٠
٦٣٠
٩٠٤
١٢٠٦
١٠٢٧
١٢٠٨
١٧١٨
١٧٨١
١٧٩٩
١٢
٢٦٧
٣٧٨
٤٥٦
٧٩٣
|
القضا بالتهمة إذا ظهرت
العمل بالعوف والعادة
إن حاكمين على حكم واحد لا يجوز
رجوع القاضي عما حكم به
إذا كان الحكم بين مختلفين في الدين
فلن يكون
وجوب إجابة الدعوى إلى الحاكم
هل يجوز أن تكون المرأة قاضية
أحكان الفاسق إن كان واليا
قطع
السبيل
قطع السبل موجب للقتل
إذا أخاف ولم يقتل
إذا خرج المحاربون فاتتلوا مع القافلة
الكذب
لم يكذب إبراهيم إلا في ثلاث
في المعاريض مندوحة عن الكذب
الكفالة
جواز الكفالة
كنز
المال
كانز المال وجزاءه
ما أدى زكاته فليس بكنز
الكنز كافر
الكفارة
كفارة اليمين
|
١٠٧٧
١٠٨٥
١٢٦٦
١٢٦٧
١٣٩٠
١٣٩٠
١٤٥٧
١٧١٦
٥٩٨
٥٩٨
٦٠٢
١٢٦٤
١٢٦٤
١٠٩٥
٩٣٠
٩٣٥
٩٣٦
١١٧٤
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
اللواط
عقوبة قوم لوط
جزاء الفاعل والفعول به
حدّ اللواط
ما
حرم الله
الميتة
الكبد والطحال ـ الدم لحم الخنزير ـ أكل
الجراد ـ أكل الدم
التداوي بالميتة
التداوي بالخمر
المنخنقة
الموقوذة
النطيحة
لحوم الحمر الأهلية
كل ذى ظفر
الحوايا
جلد الميتة
لبس الحرير
وجه تحريمه
لبس النساء الحرير
لبس الخز
استعمال الذهب والفضة
المثلة
الجزاء على المثلة
|
٧٨٧
١٤٨٤
١٤٨٦
٥٢
٥٣
٥٩
٥٩
٥٣٨
٥٣٨
٥٣٨
٧٦٧
٧٦٩
٧٧٠
١٢٥٧
١٦٨٤
١٦٨٥
١٦٨٧
١٦٨٨
١٦٨٨
١١٩٠
|
المراهنة
جواز المراهنة
المشاورة
المشاورة
طلب النبي الشورة
مشاورة النبي لأصحابه في أسرى بدر
المكرة
الإكراه بغير الحق
من تكلم بالكفر بلسانه عن إكراه
الكفر بالله بعد التهديد
المكره على إتلاف المال يلزم الغرم
الكره على قتل الغير
الإكراه السقط للإسلام
المهر
نصيب المطلقة قبل المسيس وبعد الفرض
إن وقع الموت قبل الفرض
إسقاط الواجب من الصداق بعد وجوبه
المرأة المالكة أمر نفسها إذا وهبت
صداقها لزوجها
مهر المثل واجب إلا إذا أسقطته الزوجه
الصداق مال من أموالهن
قيمة الصداق
وجوب المهر بالخلوة
|
١٤٩٠
١٧٠٨،١٤٦٠،٢٩٧
٢٩٨
٨٧٩
٢٣٣
١١٧٨
١١٧٨
١٢٩٨
١٢٩٨
١٧٩٧
٢١٨
٢١٩
٢١٩
٢٢١
٣١١
٣٦٤
٣٦٤
٣٦٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
جواز الصداق بكل قليل وكثير
إذا زوج عبده من أمة فهل يجب منه صداق
مهر الأمة
النهي عن مهر البغى وحلوان الكاهن
جعل المنافع صداقا
مهر المسلمة والكافرة
النجاسة
هل ينجس الشعر بالموت؟
النذر
حقيقة النذر
تعليق النذر بالحمل
العقود التي ترد عليه وتتعلق به
إذا نذر قربة
نذر المباح
الوفاء بالنذر
إذا نذر أن يصلى حينما
إذا نذر ذبح ولده
النذر على قسمين
النذر مكروه في الجملة
النسب
النهي عن دعوة الرجل ابنا إذا رباه
من لا أب له لا ينتسب إلى أمه
|
٣٨٧
٣٨٧
٤١٠
١٣٨٩
١٤٧٠
١٧٨٢
١١٧٩
٢٦٨
٢٧١،٢٦٩
٢٦٩
٥٢٨
٥٢٨
٩٨٢
١١٢٠
١٦١٩
١٧٩٩
١٨٩٨
١٤٤١
١٥١٦
|
النسىء
كيفية النسىء
أول من أنسأ
الإنساء كان عند العرب زيادة وتأخيراو
تبديلا
النفقة
وجوب نفقة الوالد على الولد
تقدر النفقة على قدر حال الأب
نفقة المولود على الذين يرثونه إذا
عدم أبوه
نفقة المرأة على الزوج
الناشز لا نفقة لها ولا كسوة
نفقة الابن المسلم على أبيه الكافر
في تقدير الإنفاق
نفقة الصغير
نفقة الكبير
على من تجب نفقة الولد
النكاح
لا يجوز العقد بنكاح على مشركة
نكاح الأمة الكتابية
العزل
نكاح المرأة في دبرها
تزويج المرأة نفسها
الكفاءة
|
٩٤١
٩٤٣
٩٤٤
٣٠٥،٢٠٣
٢٠٣
٢٠٥
٣١٤
٤٢٠
١٧٨٦
١٨٤٢
١٨٤٢
١٨٤٢
١٨٤٣
١٥٦
١٥٦
٤٠٧،١٦٢
١٧٣
١٩٨
٢٠١
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
نكاح التفويض
من بيده عقد النكاح
شرط الرضا والعدالة في النكاح
الثيب أحق بنفسها من وليها
العدد الذي يباح للرجل من النساء
النكاح عقد معاوضة
العضل
لا يتزوج امرأة عقد عليها أبوه أوطئها
إذا نكح الأب والابن نكاحا فاسدا
إذا لمسها الأب والابن
المحرمات بالنسب
المحرمات بالصهر
المحرمات بالرضاع
الجمع بين الأختين
المحرمات في الشريعة أربعون امرأة
المحرمات لعارض
إن قدر على طول كتابية هل يتّزوج
الأمة
إذا كان تحته حرة هل يتزوج الأمة
نكاح الكافرة
المملوكة لا تنكح إلا بإذن أهلها
العبد لا ينكح بإذن سيده
كراهية نكاح الامة
النشوز ، والناشز
|
٢١٨
٢٢٣
ـ ٢١٩
٢٥٥
٣١١
٣١٢
٣١٦
ـ ١٥٤٨
٣٦١
٣٦٩
٣٧٠
٣٧٠
٣٧١
٣٧٣
٣٧٣
٣٧٩
٣٨٥
٣٨٥
٣٩٣
٣٩٤
٣٩٥
٤٠٠
١٣٧٨،٤٠٠
٤٠٧
٤٢٠،٤١٧
|
العدل بين النساء
زواج الجن
الولد يتبع الأم
الرجل يخدم زوجه
نكاح المتعة
زواج الفقير
عرض المولى وليته على الزوج
الموهوبة
بم يعقد النكاح
إن وقع النكاح يجعل
نكاح التفويض
النكاح إلى الولى
الأب يزوج ابنته البكر من غير استثمار
زواج الأيم
الكفارة في النكاح
طول الانتظار في النكاح جائز
مدة العقد
هل يجب الإشهاد في النكاح
تحريم أزواج النبي
النكاح عقد معاوضة
النكاح بلفظ الهبة
تحريم نكاح المشركة والمعتدة
الهبة
رد الهبة
|
٥٠٤
١١٦٠
١١٦١
١١٦٢
١٣١١
١٣٧٠
١٤٦٦
١٤٦٧
١٤٦٨
١٤٧١
١٤٧٣
١٤٧٦
١٤٧٧
١٤٧٧
٥٢٨،١٤٧٨
١٤٧٨
١٤٧٩
١٤٨٢
١٥٠٨
١٥٦٠
١٥٦٥
١٧٨٨
٤٦٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الهبة
إذا طلب الواهب في هبته زائدا على
مكافأته
الوصية
الوصية
تأخير الوصية إلى العرض
حكم الوصية
كيفية الوصية للوالدين والأقربين
الدين إذا أوصى به المبت
الابن من البنت يدخل في الوصية
تقدير الوصية بالثل
المضارة في الوصية
وقت الوصية وسببها
الوضوء
النوم حدث
إن نام على هبئة من هبئات الصلاة لا
يبطل وضوء
ترتيب الوضوء
كيفيته
النية في الوضوء
محل النية
مسح الرأس عند المرأة
السواك
الوضوء والغسل
|
١٤٩٢
١٤٩٢
٧٠
٧٠
٧١
٧٢
٧٣
٢٧٥
٣٤٤
٣٥١
٧٢١
٥٥٩
٥٦٠
٥٨٢،٥٦٢
٥٦٨،٥٦٢
٥٦٤
٥٦٥
٥٧٥
٥٨٣
١٥٨٩
|
من توضأ تبردا
لو رأى الماء وهو في أثناء الصلاة
متيمما
الوقف
لو حبس رجل على ولد
إذا حبس على فصيلته أو أوصى لها
الوكالة
صحة الوكالة
الوكالة جائزة في كل حق تجوز النيابة
نيه
جواز توكيل ذى العذر متفق عليه
اليتيم
إذا بلغ اليتيم
جواز التصرف للأيتام كما يتصرف
للأبناء
إذا كفل الرجل اليتيم جاز عليه فعله
ينكح الولى نفسه من يتيمة أو يشترى
مالها
إذا بلغ اليتيم من ماله
العلة التي لأجلها منع اليتيم من ماله
ابتلاء اليتامى
كيفية الابتلاء
دفع المال إلى اليتيم
الأكل من مال اليتيم
حال الولي مع اليتيم في ماله
مال اليتيم
|
١٦٦٧
١٩٥٩
٣٣٤
١٨٥٨
١٢٢٨
١٢٢٩
١٥٤
١٥٥
١٥٥
١٥٥
٣٠٩
٣٠٩
٣١٩
٣٢٠
٣٢٢
٣٢٤
٧٧١
١٢٠٩
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
اليمين
لو حلف رجل لا يبيت على فراش فبات على
الأرض
من حلف ألا يأكل شيئا فأكل من جنسه
من حلف ألا يأكل هذه الحنطة فأكل كل
خبزا منها
اليمين
النور في اليمين
لو قال حرمت الخبز على نفسي أو اللحم
إذا قال هذا على حرام لشيء من الحلال
اليمين اللغو سبع متعلقات
اليمين الغموس
لا ينعقد اليمين بغير الله وصفاته
وأسمائه
إذا انعقد اليمين حلتها الكفارة أو
الاستثناء
اليمين سبب الكفارة
أوسط الطعام في الكفارة
أقل ما يقع عليه الكسوة
الرقبة المجزئة في الكفارة
الصيام والتتابع
من حلف على يمين كاذبة
اليمين والشهادة
|
١٣
١٨
١٩
١٧٥،١٧٤
١٧٦
٢٨٣
٦٣٩
٦٤٠
٦٤٢
٦٤٣،١١٣٠
٦٤٦
٦٤٦
٦٤٩
٦٥٠
٦٥٢
٦٥٣
٦٥٤
٧٢٤
٧٢٨
|
الحلف بغير الله على وجهين
الحنث في اليمين وكفارته
إن قال لا أكلمه الشهور
من قال إن ملكت كذا فهو صدقة
إذا حلف ألا يدخل الدار حينما
التوكيد في الحلف
إن كرر اليمين أو كثرها أعدادا
الإكراه على الحنث في اليمين
من حلف ألا يأكل لحما
من حلف ألا يلبس حليا فلبس لؤلوا
الاستثناء في اليمين
التحريم باليمين
الحنث إذا رآه خر أولى من البر
إذا قال الرجل
أشهد بالله يكون يمينا
برالوالدين
تخميش الوجوه
وشق الجيوب والنياحة التملك
أحكام متفرقة
التصوير
الخنثى
السحر
السلف
الغناء واللهو واللعب
الفرار من الطاعون
للمساجد وأحكام تملكها
|
٧٤٥
٧٤٥
٩٣٧
٩٨٨
١١٢١
١١٧٤
١١٧٤
١١٨١
١١٤٧
١١٤٨
١٢٣٤
١٣٥٧
١٣٥٨
١٨١٢
٤٢٨،٤٢٩،١١٩٩،١٢٠١
١٧٧٣،١٦٨٢
١٥٨٩
١٦٣٥،١٦٧٤،١٦٧٣
١٣١
١٦٧١،١٦٧٠
١٠٥٢،١٤٩٣،١٩٥٠
٢٢٨
١٨٧٠،١٨٦٩
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الاستقسام بالأزلام
الحام
بحر البحائر
الزجر والفأل والطيرة
السوائب
الوصيلة
وأد البنات
|
٥٤٤
٧٠١
٧٠٢
١٦٩٧
١٧٠٧
٧٠٢
٧٥٤
|
النظر
إلى مالا يحل شرعا
عورة للمرأة مع عبدها
الزينة
الضرب بالأرجل
العورة
حال جلوس الرجل مع أهله
الهجرة
الهجرة
|
١٣٧٥
١٣٦٨
١٣٧١
١٣٩٩
١٣٩٩
١٤٦
|
٣ ـ فهرس اللغة
|
صفحة
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
حرف الهمزة
|
آناه
|
١٢٦٢
|
الباغي
|
٥٧
|
الإيثار
|
١٧٧٧
|
تستأنسوا
|
١٣٥٨
|
ابتغيت
|
١٥٦٩
|
الآل
|
١٦٧٩
|
أو
|
٧٢٢
|
بغى
|
١٧٢٠
|
أبدا
|
١٠١٤
|
الإيم
|
١٣٧٦
|
بكرة
|
١٨٩٨
|
أثاثا
|
١١٦٨
|
حرف
الباء
|
ابتلى
|
٣٦
|
الإثم
|
٧٨٣
|
البائس
|
١٢٨٢
|
الابتلاء
|
٣١٩
|
تائم
|
١٢٢٢
|
البحر
|
١٠٤٧،٦٨٣
|
بوأنا
|
١٢٧٨
|
أجل
|
١٢٨٦
|
البحيرة
|
٧٠١
|
بيت
|
١١٦٧
|
الأذان
|
٨٩٥
|
البخس
|
٧٨٨
|
بيوت
|
١٣٦٣
|
أذن
|
١٢١٨،٨٩٥
|
الباد
|
١٢٥
|
حرف
التاء
|
الإربة
|
١٣٧٥
|
بدارا
|
٣٢٣
|
التربة
|
١٩٤٠
|
إرم
|
١٩٣٠
|
البدن
|
١٢٨٨
|
التفث
|
١٢٨٢
|
أصيل
|
١٨٩٩
|
التبذير
|
١٢٠٣
|
التوبة
|
١٧٣
|
إيلاف
|
١٩٨١
|
البر
|
١٠٤٧
|
تور
|
١١٦٣
|
أمرنا
|
١١٩٥
|
البروج
|
٤٦١٠
|
حرف
الثاء
|
الأمر
|
١٦٨٨
|
التبرج
|
١٣٦٨
|
ثعول
|
١٤٧٥،١٤٧٤
|
إماما
|
١٤٣٤
|
البركة
|
١٦٩٠
|
تثقفتهم
|
٨٧١
|
الأمة
|
١١٨٤،١٠٦٠
|
التبسم
|
١٤٥٢
|
ثم
|
١٣٩
|
آمن
|
٦
|
البشارة
|
١٥
|
المثاني
|
١١٣٥
|
آمنا
|
٣٨
|
باشروهن
|
٩٣
|
مثنى
|
٣١٢
|
الإيمان
|
٩١٧
|
البضع
|
١٤٩٠
|
مثابة
|
٣٨
|
إنما
|
٥١
|
البضعة
|
٥٣٤
|
حرف
الجيم
|
إناه
|
١٥٧٧
|
البطش
|
١٤٣٧
|
الاستجابة
|
٨٤٥
|
|
|
الباطل
|
١٠٥١،٩٧
|
الجوابي
|
١٥٩٧
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
اجترحوا
|
١٦٩٥
|
الإحصان
|
٤٠١،٤٠١
١٣٣٢،٤٠٥
|
حرف
الدال
|
الجوارح
|
٥٤٦
|
المحصنات
|
٣٨١
|
الإدلاج
|
١٦٩١
|
جمل
|
٦٩١
|
حطة
|
٢١٩
|
دلوك الشمس
|
|
الجنان
|
١٥٩٧
|
حقدة
|
١١٦١
|
الإدهان
|
١٨٥٥
|
الجلباب
|
١٥٨٦
|
المحافظة
|
٢٢٣
|
الدَّين
|
١٨٥٥
|
المجلس
|
١٧٥٩
|
الحق
|
١٠٥١
|
حرف
الذال
|
جناح
|
٤٦
|
حلائل
|
٣٧٩
|
الذرية
|
١٦٧٩
|
جنفا
|
٧٣
|
تحنث
|
١٢٢٢
|
التذكية
|
٥٤١
|
الجنى
|
١٢٥٣
|
الحنيف
|
١١٧٤
|
ذكر
|
١٦٨٣
|
حرف
الحاء
|
المحيض
|
١٧٠،١٥٩
|
حرف
الراء
|
الحام
|
٧٠١
|
الحين
|
١١١٨
|
ربانيين
|
٢٧٩
|
الحبر
|
٩٢٦
|
حرف
الخاء
|
التربص
|
٢٠٨
|
الجبل
|
٢٩١
|
الخبيث
|
٢٣٦
|
ربوة
|
١٣١٥
|
الحجر
|
١١٣٢
|
الختن
|
١٣٧١
|
الربا
|
٢٤١
|
المحراب
|
١٥٩٧
|
الخرج
|
١٢٤٧
|
الرجس
|
١٢٥٣٧
|
الحرج
|
١٣٠٤،٧٧٥
|
الخشوع
|
١٣٠٧
|
الرجع
|
١٣١٣
|
الحر،
والمحرر
|
٢٧٠
|
خطا
|
٤٧٠
|
المتردية
|
٥٣٨
|
التحريض
|
٤٦٣
|
خلفة
|
١٤٢٨
|
مرصوص
|
١٨٠٠
|
حرض
|
٨٧٧
|
خليفة
|
١٦٤١
|
راعلنا
|
٣٢
|
المحرم
|
١٧٣٠
|
مخلقة
|
١٢٧١
|
مراغما
|
٤٨٣
|
الإحسان
|
١٥٣٢،١١٧٢
|
الخمر
|
١٤٩
|
الرفث
|
١٣٣،٩٠
|
الحصاد
|
٧٦١
|
تخوّف
|
١٢٢٢
|
رقيبا
|
١٥٧٢
|
الحصور
|
٢٧٢
|
الخبير
|
١٣٥٣
|
|
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
الركاب
|
١٧٧٠
|
الإسراف
|
٧٦٤،٣٢٧
|
شهد
|
٧١٨
|
تركتوا
|
١٠٦٦
|
السرى
|
١٦٩١
|
شاهد
|
١٩١٣
|
الرهبان
|
١٧٤٤
|
السفية
|
٣١٨،٢٤٩
|
المشاوبرة
|
١٢٨٥،٢٩٧
|
الراهب
|
٩٢٦
|
السكر
|
١١٥٣،٤٣٤
|
الشورى
|
١٦٦٨
|
حرف
الزاي
|
الساكين
|
٦٥٠
|
حرف
الصاد
|
مزجاة
|
١١٠٥
|
سكنا
|
١١٦٧
|
الصبر
|
٣٠٥
|
زحفا
|
٨٤٣
|
السلطان
|
١٢٠٨
|
يصعد
|
١٦٠٥
|
زعيم
|
١٠٩٦
|
السلام
|
٤٦٧
|
صعيدا
|
٦٤٨
|
الزقزم
|
١٦٩١
|
المسلم
|
٨٧٦
|
صواف
|
١٢٨٨
|
الزكاة
|
٢١
|
تسؤورا
|
١٦٣٠
|
صوافي
|
١٢٨٨
|
ازكى
|
١٣٦٦
|
السورة
|
١٦٣٠
|
صوافي
|
١٢٨٨
|
الأزلام
|
٥٥٥
|
السيارة
|
٦٨٦
|
الصافنات
|
١٦٤٧
|
المزمل
|
١٨٧١
|
سيما
|
١٧١٠
|
صِهر
|
١٤٢٦،١١٦١
|
زوج
|
١١٦٠
|
حرف
الشين
|
الصيام
|
٧٤
|
الزور
|
١٤٣١،١٢٧٢
|
أشد
|
١٢١٠
|
حرف
الضاد
|
حرف
السين
|
الشد
|
١٦٢٦
|
ضبوب
|
١٤٧٥،١٤٧٤
|
السؤر
|
١٦٣٠
|
شرد
|
٨٧١
|
الضحا
|
١٩٤٦
|
السائلين
|
٦٥
|
الشر
|
٢٣٥٣
|
المضاجع
|
١٤٩٩
|
سبّح
|
١٢٦٢
|
الشريعة
|
١٦٩٤
|
ضرب
|
٤٨٣
|
سبحا
|
١٩٠٧
|
الشطر
|
٤٢
|
اضطر
|
٥٤
|
سبحان
|
١١٩١
|
شعائر
|
١٢٨٥،٥٣٥،٤٦
|
الضعف
|
٢٥٠
|
استبقوا
|
١١٤٤
|
الشعر
|
١٤٣٩
|
ضامز
|
١٢٧٩
|
سرابيل
|
١١٧١
|
الشفع
|
١٩٢٧
|
مضامين
|
١٤٨٥
|
سرر الشهر
|
٢١٥
|
الشفق
|
١٩١٠
|
يضاهئون
|
٩٢٦
|
|
|
|
|
|
|
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
حرف
الطاء
|
عزلت
|
١٥٦٩
|
استغاثة
|
١٤٦٥
|
الطائفة
|
١٧١٧
|
عزني
|
١٦٤٣
|
غول
|
١٩
|
الطاعة
|
٤٥١
|
العسيفة
|
٥٣١
|
غيب
|
٨
|
الطاغوت
|
١٦٥٧،٤٥٦
|
المشى
|
١٦٣٧
|
حرف
الفاء
|
المطففين
|
١٩٠٧
|
العصر
|
١٩٧٩
|
الفاء
|
٥٦١،١٩٦،١٩٢
|
طهورا
|
١٤١٦
|
البصر
|
١٩٧٩
|
مفتاح
|
٧٣٥
|
يطبقونه
|
٧١
|
العضل
|
٢٠١
|
الفتنة
|
١٤١٢،٨٤٦،١٨٢٠
|
الطيبات
|
٥٤٦
|
العطاء
|
١٩٤٧
|
الفحشاء
|
١١٧٣
|
حرف
الظاء
|
العفو
|
٨٢٤،١٥٣،٦٦
|
الفارط
|
١٤٤٦
|
الظلم
|
١٢١٦
|
العقبة
|
١٩٣٨
|
فارغا
|
١٤٦٥
|
الظن
|
١٧٢٤
|
عقب
|
١٦٧٨،١٧
|
استفزاز
|
١٢١٧
|
حرف
العين
|
العقود
|
٥٢٥،٥
|
فشوش
|
١٤٧٥،١٤٧٤
|
العدل
|
١١٧٢،٦٨٠
|
الاعتكاف
|
٩٥
|
الفصيلة
|
١٨٥٨
|
العادي
|
٥٧
|
العاكف
|
١٢٧٥
|
أفضى
|
٣٦٧
|
مماذيره
|
١٨٩٣
|
العماد
|
١٩٣٠
|
التفكر
|
٨١٧
|
تعذّر
|
١٢٢٢
|
العمرة
|
١١٨
|
الفقير
|
١٢٨٢،٩٦١
|
الأعراب
|
٩٩٩
|
عمرك
|
١١٣٠
|
الإفاضة
|
١٣٦
|
الممتر
|
١٢٩٣
|
استعمركم
|
١٠٥٩
|
حرف
القاف
|
عرضة
|
١٧٤
|
عميق
|
١٢٨٠
|
القرء
|
١٨٤
|
التعريض
|
٢١٢
|
العنت
|
٤٠٧
|
اقتحم
|
١٣٩٨
|
العرف
|
٨٢٥
|
العورة
|
١٢٩٩
|
القرابة
|
١٦٨١
|
المعروف
|
١٥٣٥
|
العول
|
٣١٥
|
|
|
العرق
|
١٤٥٣
|
حرف
الغين
|
|
|
عزور
|
١٤٧٥
|
غسق
|
١٢١٩
|
|
|
|
|
الغلظة
|
٩٧٨
|
|
|
|
|
الغلول
|
٢٩٩
|
|
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
مقربين
|
١٦٧٦
|
كفاتا
|
١٩٠٠
|
حرف
النون
|
القرض
|
٢٣٠
|
الكفر
|
٩١٧
|
النبذ
|
١٧٢٣
|
أقسط
|
١٤٠٦
|
كافة
|
٩٤٠
|
النحب
|
١٥١٤
|
القسطاس
|
١٢١٠
|
مكلّبين
|
٥٤٩
|
تنجّس
|
١٢٢٢
|
قصر
|
١٩٠٢
|
الكلالة
|
٣٤٨،٣٤٦
|
النحس
|
١٦٦٠
|
القاصف
|
١٤٤٦
|
المتكلفين
|
١٦٥٦
|
نحلة
|
٣١٦
|
قضى
|
١١٩٧
|
كمشة وكموش
|
١٤٥٥،١٤٧٤
|
النذر
|
٣٦٨
|
القواعد
|
١٤٠٠
|
الكنز
|
٩٣٠
|
النذارة
|
١٥
|
لاتقفف
|
١٢١١
|
حرف
اللام
|
النسيء
|
٩٤١
|
للقفّى
|
١٢٠٧
|
الحد
|
٨١٦
|
النسب
|
١٤٢٦
|
القائف
|
١٢١١
|
الإلحاف
|
٢٣٩
|
منسك
|
١٤٢٦
|
القلائد
|
٥٣٦
|
اللغو
|
١٤٣٢،١٧٦
|
نسل
|
١٦٧٩
|
المقام
|
٣٩
|
لواقح
|
١١٤
|
أنشأ
|
٧٥٥
|
قواما
|
١٤٣١
|
ملاقيح
|
١٤٧٥
|
فانتشروا
|
١٥٧٨
|
القوم
|
١٦٨١
|
يلزمك
|
٩٥٦
|
النشز
|
٤١٧
|
قانتا
|
١١٩٤
|
لينة
|
١٧٦٨
|
النصر
|
٩٥٠
|
القنوت
|
٢٢٦
|
حرف
الميم
|
انفرودا
|
٩٤٨
|
قنطار
|
٣٦٤
|
ما
|
٢٨
|
النفش
|
١٢٩٦
|
قنطار
|
٣٦٤
|
متاعا
|
١٥٧٩،٢١٨
|
النفقة
|
١٢٩٦
|
القانع
|
١٢٩٣
|
مرحا
|
١٢١٣
|
النفقة
|
٢٣٤،١١٥،١٠،٢٨٠
|
حرف
الكاف
|
أمشاجا
|
١٨٩٧
|
النفل
|
١٢٢٢
|
كتب
|
٩١
|
املاص
|
١٤٥٩
|
نقير
|
١٥١٥
|
كراع
|
٥
|
|
|
استنكف
|
٥١٨
|
المكره
|
١١٣٧
|
|
|
المتنمصات
|
٥٣١
|
الكعب
|
٥٧٩
|
|
|
النيل
|
١٢٩٥
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
|
صفحة
|
حرف
الفاء
|
الميثاق
|
٤٧٧
|
يتوكف
|
١٥
|
التهجد
|
١٢٢٢
|
أوجفتّم
|
١٧٧٠
|
التوكل
|
١٤٢٨
|
تهجرون
|
١٣١٩
|
الوجه
|
٣٥
|
الولد
|
١٦٧٨
|
الهجوع
|
١٧٢٩
|
الوجهة
|
٤٣
|
الولّي
|
١٢٠٦
|
الهش
|
١٢٥٩
|
وراء وراء
|
١٢٦٥
|
الإيلاء
|
١٧٧
|
التهلكة
|
١١٦
|
الوزر
|
٧٧٣
|
الموتى
|
١٥٠٦،٤١٣،١٦٨٢
|
الهمل
|
١٢٦٦
|
الوسط
|
٤٠
|
حرف
الياء
|
هادوا
|
١٧٧١
|
الوشم والواشمات
|
٥٣١
|
اليتيم
|
١٥٤،٣٠٨
|
هوفا
|
١٤٢٩
|
يوزعون
|
١٤٥٠
|
اليد
|
٥٦٦
|
حرف
الواو
|
الوقوذة
|
٥٣٨
|
اليمين
|
٦٤٢
|
الوتر
|
١٩٢٨
|
قوا
|
١٨٥٢
|
الينع
|
٧٤٢
|
٤ ـ فهرس الشعر
القافية
|
القائل
|
صفحة
|
القافية
|
القائل
|
صفحة
|
|
(حرف الهمزة)
|
|
بالقينات
|
امرؤ القيس
|
١٦١١
|
وشاء
|
حسان
|
١٣٩٨
|
قبضته
|
بعض الصوفيين
|
١٨٢١
|
والرائى
|
الشاعر
|
١١٩٢،١١٣٩
|
|
(حرف الجيم)
|
|
|
(حرف الباء)
|
|
حرج
|
الشاعر
|
١٣١٠
|
لايغضب
|
...
|
٣٤٦
|
بالفرج
|
الشاعر
|
١٢٧٦
|
مجيب
|
كعب بن سعد الغنوي
|
٨٤٥
|
|
(حرف الحاء)
|
|
لمجيب
|
...
|
٩٠٧
|
ضريحها
|
جميل بن معمر
|
١٤٤٣
|
قريب
|
...
|
٩٠٧
|
ورمحا
|
...
|
٥٧٨
|
لهوب
|
عبيد بن الأبرص
|
١٣١٦
|
براح
|
الشاعر
|
١٢١٩
|
يتذبذب
|
النابغة
|
١٣٢٦
|
الأضاحي
|
الأخطل
|
١٤٤٤
|
محارب
|
ابن ميادة
|
١٩٣٦
|
|
(حرف الخاء)
|
|
زبيبا
|
شريح
|
٤١٧
|
بذخ
|
ابن عبد الصمد السر قسطى
|
١٧٤٢
|
القلبا
|
...
|
٨٤٩
|
العبد
|
حسان
|
١٤٤٠
|
ضبّا
|
: ..
|
١٩٨٥
|
واحد
|
...
|
١٢٢٤
|
القشيب
|
حسان
|
٨٤٢
|
خالد
|
عكرمة بن أبي جهل
|
١٥١٥
|
الكاتب
|
أوس بن حجر
|
١١٧٨
|
لا أريدها
|
آخر
|
١٩٣٦
|
بصواب
|
علي بن أبي طالب
|
١٥١٢
|
قعوجا
|
كثيرة عزة
|
١٤٤٣
|
المحراب
|
شاعر
|
١٥٩٧
|
أحد
|
النابغة
|
٤٧١
|
|
(حرف التاء)
|
|
والسند
|
النابغة
|
٩٤٥
|
الموت
|
رويشد الطائي
|
٧٠
|
والهادي
|
الشاعر
|
١٤٤٠
|
الصوت
|
رويشد
الطائي
|
٨٢١
|
الجود
|
...
|
١٧٧٧
|
القافية
|
القائل
|
صفحة
|
القافية
|
القائل
|
صفحة
|
عهده
|
الشاعر
|
١٤٠٦
|
|
(حرف العين)
|
|
|
(حرف الراء)
|
|
العيس
|
الشاعر
|
٥٣٩
|
مجر
|
الأخطل
|
٥٧٢
|
وأتبع
|
الأحوص
|
١٤٤٤
|
المناظر
|
...
|
١٣٦٦،٨٤٩
|
صانع
|
لبيد
|
١٦٩٧
|
بحار
|
...
|
١٦١١
|
أتقنع
|
غيلان بن سلمة
|
١٨٨٧
|
أقر
|
أبو كبشة
|
١٩٣٤،١٩٣٣
|
ضجيمة
|
...
|
٨١٨
|
أكثر
|
عبيد الله بن عبدالله
|
١٩٣٦
|
الوجعا
|
الأعشى
|
١٠٠٩
|
دهر
|
...
|
١٩٧٩
|
الأخادع
|
...
|
٤٧٣
|
كاسره
|
الفرزدق
|
١٤٤٤
|
القنوع
|
الشماخ
|
١٢٩٤
|
لا أزورها
|
آخر
|
١٩٣٦
|
والأفرع
|
الشاعر
|
١٥٤٩
|
إكبارا
|
...
|
١٥٩
|
|
(حرف الفاء)
|
|
ازورا
|
الآخر
|
١٠٩٦
|
أعرف
|
الشاعر
|
١١١٦
|
والفقيرا
|
الشاعر
|
١٠٩٩
|
قضف
|
...
|
١٣٧٥
|
اعترارا
|
الكميت
|
١٢٩٣
|
مشرف
|
مالك بن ربيعة
|
١٤٢٤
|
القرى
|
الجعفي
|
١٧٧٢
|
غراف
|
أبو كبشة
|
١٨٨٧
|
بكر
|
...
|
١٠٠٦
|
السيوفا
|
كعب بن مالك
|
٩١٠
|
البصر
|
عبد الله بن
رواحة
|
١١٣١
|
بالغرف
|
أبو خراش الهذلي
|
٥٣٩
|
الفاجر
|
الأعشى
|
١١٩١
|
الكشف
|
...
|
١١١٢
|
والبحر
|
الشاعر
|
١٤٤٠
|
الصوف
|
...
|
١١٤٠
|
الخضر
|
شاعر
|
١٥٩٧
|
|
(حرف القاف)
|
|
الإمر
|
...
|
١٤٢٩
|
الورق
|
العباس
|
١٤٣٩
|
نفره
|
امرؤ القيس
|
٥٥٠
|
تفهق
|
امرؤ القيس
|
١٥٩٧
|
وبصر
|
...
|
١٤٥٥
|
موفق
|
قتيلة
|
١٧٠٢
|
عمر
|
...
|
٦٦١
|
الفيق
|
قائل
|
١٩٥١
|
للمحتضر
|
طرفة
|
١٥٩٧
|
|
|
|
القافية
|
القائل
|
صفحة
|
القافية
|
القائل
|
صفحة
|
|
(حرف الكاف)
|
|
اتأيم
|
الشاعر
|
١٣٧٦
|
تباكي
|
...
|
١٠٧٥
|
معدم
|
نابغة بني جعدة
|
١٤٤٥
|
|
(حرف اللام)
|
|
راغم
|
الشاعر
|
١٩٧٩
|
والفضول
|
عبد الله بن عنمة
|
٨٥٩
|
حمامها
|
لبيد
|
٦٣٣
|
وتهل
|
أمية بن أبي الصلت
|
١٢٠٠
|
لا تريمها
|
كنانة بن عبد يا ليل
|
٩١١
|
مكبول
|
كعب بن زهير
|
١٤٤٦
|
طعامها
|
لبيد
|
١٢٩٠
|
أقفال
|
بعض الأدباء
|
١٦٩٧
|
ظلامها
|
لبيد
|
١٦٤٨
|
آجله
|
...
|
٧١٩
|
معلما
|
...
|
١٤٤٢
|
أحله
|
...
|
٧٧٧
|
وابنما
|
النمر بن تولب
|
١٤٩٦
|
مناهلة
|
بعض المتأخرين
|
١٧٦٥
|
نياما
|
...
|
١٦١٠
|
فعلا
|
حسان بن ثابت
|
١٠٠٣
|
تيمّما
|
حميد بن ثور
|
٢٠٠٩
|
عائل
|
أبو طالب
|
٣١٥
|
القواسم
|
...
|
٢٥٠
|
مرحل
|
جرير
|
٥٣٩
|
وهاشم
|
...
|
٣٤٦
|
الأجمال
|
كثير
|
١١٦٣
|
كرام
|
...
|
٣٧٠
|
الزلال
|
...
|
١٢١٦
|
المعصم
|
عنترة
|
١٢٩٠
|
السؤال
|
...
|
١٢٩٣
|
للتيمّم
|
بعضهم
|
١٤١٧
|
عواطل
|
...
|
١٣٦٨
|
مجثم
|
أبي بن كعب
|
١٤٢٨
|
العادل
|
جرير
|
١٤٤٥
|
وحنتم
|
النعمان بن علي
|
١٤٤١
|
تنسلى
|
امرو القيس
|
١٨٨٦
|
واللغم
|
عمر بن أبي ربيعة
|
١٤٤٣
|
تنزيله
|
عبد الله بن رواحة
|
١٤٤١
|
الآرام
|
جرير
|
١٤٤٤
|
وأوصالى
|
عبد الله بن رواحة
|
١٩٣٥
|
فتقوّم
|
عمرو بن جنى
|
١٤٩
|
الأجل
|
صمد بن معاذ
|
١٥١٤
|
حازم
|
...
|
١٦٦٨
|
|
(حرف الميم)
|
|
وخدم
|
طرفة
|
١٦٠٣
|
الجماجم
|
...
|
٨٧٦
|
|
|
|
زعيم
|
الشاعر
|
١٠٩٥
|
|
|
|
القافية
|
القائل
|
صفحة
|
القافية
|
القائل
|
صفحة
|
|
(حرف النون)
|
|
|
(حرف الياء)
|
|
تدان
|
الشاعر
|
٣٧١
|
التحية
|
زهير بن جناب
|
٤٦٦
|
الشؤون
|
الشاعر
|
١٠٩٤
|
بنية
|
المعّمر
|
١٠٥٠
|
يليتني
|
الشاعر
|
١٠٩٤
|
منزوي
|
...
|
٧١٩
|
زمنى
|
جرير
|
١٤٤٢
|
العصىّ
|
...
|
١٦١١
|
الحفرتين
|
الشاعر
|
١٤٨٥
|
التقاضيا
|
غيلان
|
٥٠٩
|
الطهيان
|
الأحول الكندي
|
٩٤٩
|
راقيا
|
جرير
|
١٤٤٥
|
منّى
|
النابغة
|
١٦٠١
|
حاديها
|
طفيل الغنوي
|
٥٢٤
|
الوثن
|
الأعشى
|
٦٧
|
كماهيا
|
...
|
٥٤٩
|
٥ ـ فهرس المراجع
١ ـ أحكام القرآن للجصاص
|
٢٠ ـ الاستيعاب لابن عبد البر تحقيق
على البجاوي
|
٢ ـ أسباب النزول للواحدي
|
٢١ ـ السيرة لابن هشام
|
٣ ـ أسباب النزول للسيوطي
|
٢٢ ـ سنن ابن ماجة طبعة عيسى البابي
الحلبي
|
٤ ـ الإصابة لأبن حجر تحقيق على
البجاوي
|
٢٣ ـ سنن الترمذي طبعة مصطفى الحلبي
|
٥ ـ البداية والنهاية لابن كثير
|
٢٤ ـ صحيح البخاري
|
٦ ـ تاج العروس للزبيدي
|
٢٥ ـ صحيح مسلم ـ طبعة عيسى البابي
الحلبي
|
٧ ـ تاريخ الأمم والملوك للطبري
|
٢٦ ـ العقد الفريد
|
٨ ـ تقريب التهذيب لابن حجر
|
٢٧ ـ الفائق للزمخشري طبعة عيسى
البابي الحبي
|
٩ ـ ثمرات الأوراق للحموي
|
٢٨ ـ لسان العرب ابن منظور
|
١٠ ـ تهذيب التهذيب لابن حجر
|
٢٩ ـ المحبر ابن حبيب
|
١١ ـ الجامع لأحكام القرآن للقرطبي
|
٣٠ ـ مراصد الاطلاع تحقيق على البجاوي
|
١٢ ـ جمهرة أشعار العرب تحقيق على
البجاوي
|
٣١ ـ معجم البلدان ياقوت
|
١٣ ـ خزانة الأدب للبغدادي
|
٣٢ ـ المحكم لابن سيده
|
١٤ ـ ديوان امرئ القيس طبعة المعارف
|
٣٣ ـ المخصص لابن سيده
|
١٥ ـ ديوان جرير طبعة الصاوي
|
٣٤ ـ معاني القرآن للفراء
|
١٦ ـ ديوان حسان طبعة التجارية
|
٣٥ ـ المعلقات
|
١٧ ـ ديوان حميد بن ثور طبعة دار
الكتب
|
٣٦ ـ موطأ مالك ـ طبعة عيسى الحلبي
|
١٨ ـ ديوان النابغة دار الفكر
|
٣٧ ـ النهاية ابن الأثير
|
١٩ ـ ديوان الحماسة طبعة التجارية
|
|
(تم الفهرس وبه تمام
الكتاب ، والحمد لله أولا وآخرا)
|