محتويات العدد

*تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (٩).

................................................... السيّد علي الحسيني الميلاني ٧

*الحديث المرسل بين الردّ والقبول.

.................................................. السيّد ثامر هاشم العميدي ١٠٧

*النصال الخارقة لنحور المارقة.

................................. السيّد حسن الحسيني آل المجدّد الشيرازي ١٩١

*معجم شواهد التفسير(١).

............................................................... أسعد الطيّب ٢٥٤


*فهرس مخطوطات مكتبة القائيني (٢).

.......................................... الشيخ علي الفاضل القائيني النجفي ٣١٤

*مصطلحات نحوية (٨).

...................................................... السيّد علي حسن مطر ٣٧٧

*من ذخائر التراث :

*وصيّة الامام الكاظم عليه السلام لهشام بن الحكم.

............................................... تحقيق : فارس حسّون كريم ٣٩٥

*من أنباء التراث.

................................................................ هيئة التحرير ٤٥٧

*صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة نقد الرجال للسيّد مير مصطفى بن الحسين الحسيني التفريشي (كان حياً سنة ١٠٤٤ هـ) وهي بخطّ المصنّف رحمه الله ، والذي تقوم مؤسسّة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث بتحقيقه.





تشييد المراجعات

وتفنيد المكابرات

(٩)

السيد علي الحسيني الميلاني

قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (١).

قال السيد رحمه‌الله :

«والصادقين الذين قال : (وكونوا مع الصادقين)».

فقال في الهامش :

«والصادقون هنا : رسول الله والأئمة من عترته الطاهرة ، بحكم صحاحنا المتواترة ، وهو الذي أخرجه الحافظ أبو نعيم ، وموفق بن أحمد ، ونقله ابن حجر في تفسير الآية الخامسة من الباب ١١ من صواعقه ، ص ٩٠ ، عن الإمام زين العابدين ، في كلام له ، أوردناه في أواخر المراجعة ٦».

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ١١٩.


فقيل :

«هذه الآية نزلت في كعب بن مالك ، والثلاثة الذين خلفوا ، حينما طلب منه أن يعتذر ويكذب ، كما فعل المنافقون ، لكنه صدق الله ورسوله ، فتاب الله عليه ببركة الصدق.

وهذا ثابت في الصحيح.

ثم إن لفظ الآية عام وليس هناك دليل على تخصيصه.

وفي تفسير ابن كثير ٢ / ٣٩٩ : ... وعن عبد الله بن عمر في قوله : (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين).

قال : مع محمد وأصحابه.

وقال الضحاك : مع أبي بكر وعمر وأصحابهما.

وقال الحسن البصري : إن أردت أن تكون مع الصادقين فعليك بالزهد في الدنيا والكف عن أهل الملة.

وقد أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية على قول من قال : إنها نزلت في علي ، بجواب ضاف من أحد عشر وجها ، فارجع إليه في منهاج السنة ٤ / ٧٢».

أقول :

إن مجمل الكلام في وجه الاستدلال بالآية المباركة هو : إن كون المراد من (الصادقين) هنا : رسول الله والأئمة الطاهرون من عترته ، هو القول المروي عند الفريقين ، ولا ريب في أن المجمع عليه أولى بالقبول والاتباع من القول المتفرد به ، فإن قول عبد الله بن عمر ، أو الضحاك ، أو


غيرهما ، لو ثبت عنهم ، لا يكون حجة علينا ، كما سيأتي قول هذا المتقول في آية الذكر ، في الجواب عما رواه العلامة البحراني : «فإنه ليس بحجة علينا».

على أن استشهاده بأقوال هؤلاء ـ نقلا عن ابن كثير ـ يناقض قوله : «إن لفظ الآية عام ، وليس هناك دليل على تخصيصه».

وأما ذكره نزول الآية في كعب بن مالك وغيره ، فلا فائدة فيه ، لأن سبب النزول لا يكون مخصصا ، كما تقرر عند الجميع ، مضافا إلى ذكره أقوال المفسرين بتفسير الآية المباركة.

وكذلك ، لا فائدة في الإحالة إلى منهاج السنة ، لأن المفروض أنه بصدد الرد على استدلال السيد ، فكان عليه أن يناقش في سند أو دلالة ما استند إليه السيد في هذا المقام ، وهذا ما لم يفعله ، وإنما اكتفى بالإحالة إلى منهاج السنة ، وبنقل ما ظنه مفيدا له مما جاء في تفسير ابن كثير ، فكان في الحقيقة عاجزا عن الجواب.

هذا مجمل الكلام.

وأما تفصيله بما يسعه المقام فهو في فصول :


الفصل الأول

إن رواة نزول الآية الكريمة في النبي وأهل بيته الطاهرين ، من أئمة أهل السنة المشهورين ، كثيرون ، نكتفي هنا بذكر أسماء جماعة منهم :

١ ـ مالك بن أنس ، إمام المالكية ، المتوفى سنة ١٧٩ ، وقع في طريق رواية الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ، وكذا في طريق غيره.

٢ ـ الحسين بن الحكم الحبري ، المتوفى سنة ٢٨٦ ، رواه في تفسيره : ٢٧٥.

٣ ـ أبو يوسف يعقوب بن يوسف الفسوي ، المتوفى سنة ٢٧٧ ، رواه في تاريخه.

٤ ـ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، ابن عقدة الكوفي ، المتوفى سنة ٣٣٢ ، وقع في طريق رواية ابن عساكر.

٥ ـ أبو بكر محمد بن عمر ، ابن الجعابي ، البغدادي ، المتوفى سنة ٣٥٥ ، وقع في طريق رواية الحاكم الحسكاني ، في شواهد التنزيل.

٦ ـ أبو عمر عبد الواحد بن محمد ، ابن مهدي ، الفارسي ، البغدادي ، المتوفى سنة ٤١٠ ، وقع في طريق رواية ابن عساكر.

٧ ـ أبو بكر أحمد بن موسى ، ابن مردويه ، الأصفهاني ، المتوفى سنة ٤١٠ ، رواه عنه غير واحد ، منهم السيوطي في الدر المنثور.

٨ ـ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم ، الثعلبي ، النيسابوري ، المتوفى سنة ٤٢٧ ، وقع في طريق رواية الحمويني في فرائد السمطين.

٩ ـ أبو نعيم أحمد بن عبد الله ، الأصفهاني ، المتوفى سنة ٤٤٣ ، وقع


في طريق غير واحد ، منهم الخوارزمي في المناقب.

١٠ ـ عبيد الله بن عبد الله بن أحمد ، الحاكم الحسكاني ، الحنفي ، النيسابوري ، المتوفى بعد سنة ٤٧٠ ، في كتابه : شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ١ / ٣٤١ فما بعد ، بطرق عديدة.

١١ ـ أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، ابن السمرقندي ، البغدادي ، المتوفى سنة ٥٣٦ ، وقع في طريق رواية ابن عساكر.

١٢ ـ الموفق بن أحمد ، الخطيب الخوارزمي ، المكي ، المتوفى سنة ٥٦٨ ، رواه في كتابه : مناقب علي بن أبي طالب : ١٩٨.

١٣ ـ أبو العلاء ، الحسن بن أحمد ، العطار الهمداني ، المتوفى سنة ٥٦٩ ، وقع في طريق رواية الخوارزمي.

١٤ ـ أبو القاسم علي بن الحسن ، ابن عساكر ، الدمشقي ، المتوفى سنة ٥٧٣ ، رواه في : تاريخه ، بترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام ٢ / ٤٢١.

١٥ ـ يوسف بن قزغلي البغدادي ، سبط ابن الجوزي ، المتوفى سنة ٦٥٤ ، رواه في كتابه : تذكرة خواص الأمة : ١٦ ، قال : «قال علماء السير : معناه : كونوا مع علي وأهل بيته ، قال ابن عباس : علي سيد الصادقين».

١٦ ـ أبو عبد الله ، محمد بن يوسف القرشي ، الكنجي ، المقتول سنة ٦٥٨ ، رواه في كتابه : كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب : ٢٣٦.

١٧ ـ إبراهيم بن محمد ، الحمويني ، الخراساني ، المتوفى سنة ٧٣٠ ، رواه في كتابه : فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين ١ / ٣٧٠.

١٨ ـ أبو الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي المتوفى سنة ٧٤٢ ، رواه في كتابه : تهذيب الكمال في أسماء


الرجال ٥ / ٨٤.

١٩ ـ جمال الدين ، محمد بن يوسف ، الحنفي ، الزرندي ، المدني ، المتوفى سنة ٧٥٠ ، رواه في كتابه : نظم درر السمطين في فضائل المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين : ٩١.

٢٠ ـ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ، المتوفى سنة ٩١١ ، رواه في تفسيره : الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٣ / ٣٩٠.

٢١ ـ شهاب الدين أحمد بن حجر ، المكي ، المتوفى سنة ٩٧٣ ، رواه في كتابه : الصواعق المحرقة : ١٥١ ، باب الآيات النازلة فيهم.

٢٢ ـ القاضي محمد بن علي الشوكاني ، المتوفى سنة ١٢٥٠ ، رواه في تفسيره : فتح القدير ٢ / ٤١٤.

٢٣ ـ شهاب الدين محمود الآلوسي ، البغدادي ، المتوفى سنة ١٢٧٠ ، رواه في تفسيره : روح المعاني ١١ / ٤٥.

٢٤ ـ الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي ، الحنفي ، المتوفى سنة ١٢٩٤ رواه في كتابه : ينابيع المودة : ١١٦ ، ١١٩.

ونتيجة هذا الفصل ، إن القول بنزول الآية في رسول الله وعلي والأئمة من أهل البيت عليهم‌السلام هو القول المتفق عليه ، وإن قول هؤلاء وروايتهم حجة على أهل السنة بلا ريب.


الفصل الثاني

إن أقوال الإمام أبي جعفر الباقر والإمام جعفر الصادق ، عليهما السلام ، من أئمة أهل البيت ، وابن عباس وغيره من الصحابة ، وكذا غير واحد من التابعين وأعلام المفسرين .. بكون المراد من (الصادقين) في الآية هم النبي وأهل بيته الطاهرون .. مشهورة جدا ، وقد رواها كبار العلماء من الفريقين في كتبهم في التفسير والحديث والفضائل بأسانيد وطرق جمة ، ولو أردنا إيرادها لطال بنا المقام ... ونحن ننتقي في هذا الفصل جملة من عيون تلك الأسانيد النظيفة ، وبذلك نكتفي :

١ ـ الإمام الصادق عليه‌السلام :

قال الحافظ المزي : «وقال محمد بن الصلت الأسدي ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، في قوله تعالى : (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال : محمد وعلي» (١).

وهذا ما رواه الحافظ المزي ، ولم يتكلم عليه بشئ.

وأسنده الحافظ الحاكم الحسكاني قال : «أخبرنا أبو الحسن الفارسي ، قال : أخبرنا أبو بكر ابن الجعابي ، قال : حدثنا محمد بن الحرث ، قال : حدثنا أحمد بن حجاج ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثني أبي ، عن جعفر بن محمد ، في قوله : (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال : محمد وعلي» (٢).

__________________

(١) تهذيب الكمال ٥ / ٨٤.

(٢) شواهد التنزيل ١ / ٣٤١.


أقول :

محمد بن الصلت بن الحجاج الأسدي ، أبو جعفر الكوفي ، الأصم ، ثقة ، من كبار العاشرة ، مات في حدود العشرين. قاله الحافظ ، وعلم عليه علامة رواية البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة ، عنه (١).

وأبوه : الصلت بن الحجاج ، روى عنه يحيى بن سعيد القطان ، قاله ابن أبي حاتم عن أبيه (٢) وذكره ابن حبان في الثقات فقال : كوفي يروي عن جماعة من التابعين ، روى عنه أهل الكوفة ، كما ذكر الحافظ (٣).

٢ ـ ابن عباس :

قال الحبري : «حدثنا حسن بن حسين ، قال : حدثنا حبان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في قوله : (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) ، نزلت في علي بن أبي طالب خاصة» (٤).

وقد بينا صحة هذا السند في بحوثنا السابقة فليراجع.

٣ ـ عبد الله بن عمر :

قال الحافظ ابن شهرآشوب السروي (٥) : «تفسير (٦) أبي يوسف

__________________

(١) تقريب التهذيب ٢ / ١٧١.

(٢) الجرح والتعديل ٤ / ٤٤٠.

(٣) لسان الميزان ٣ / ١٩٤.

(٤) تفسير الحبري : ٢٧٥.

(٥) توجد ترجمته في : الوافي بالوفيات ٤ / ١٦٤ ، بغية الوعاة : ٧٧ ، البلغة في علماء النحو واللغة ـ للفيروز آبادي ـ ، وغيرها من مصادر أهل السنة.

(٦) كذا ، والصحيح أنه «تاريخ» واسم الكتاب «المعرفة والتاريخ» ، وقد ذكر


يعقوب بن سفيان : حدثنا مالك بن أنس ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) أمر الله الصحابة أن يخافوا الله.

ثم قال : (وكونوا مع الصادقين) يعني : مع محمد وأهل بيته» (١).

وهذا السند صحيح بلا كلام.

وقد أسنده الحافظ الحاكم الحسكاني ، قال : «أخبرنا عقيل ، قال : أخبرنا علي ، قال : أخبرنا محمد ، قال : حدثنا أبو علي الحسن بن عثمان الفسوي بالبصرة ، قال : حدثنا يعقوب بن سفيان الفسوي ، قال : حدثنا ابن قعنب ، عن مالك بن أنس ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، في قوله تعالى : (اتقوا الله) قال : أمر الله أصحاب محمد بأجمعهم أن يخافوا الله.

ثم قال لهم : (وكونوا مع الصادقين) يعني : محمدا وأهل بيته " (٢).

و «يعقوب بن سفيان الفسوي» المتوفى سنة ٢٧٧ وصفه الذهبي ب : «الإمام الحافظ الحجة الرحال ، محدث إقليم فارس» قال : «وله تاريخ كبير جم الفوائد» (٣).

وتوجد ترجمته في : تهذيب التهذيب ١١ / ٣٨٥ ، وتذكرة الحفاظ ٢ / ٥٨٢ ، والبداية والنهاية ١١ / ٥٩ ، وشذرات الذهب ٢ / ١٧١ ، وغيرها.

__________________

إسناده في أول الكتاب ، قال : «إسناد تاريخ الفسوي : عن أبي عبد الله المالكي ، عن محمد بن الحسين بن الفضل بن القطان ، عن درستويه النحوي ، عن يعقوب بن سفيان» المناقب ١ / ٨.

و «ابن درستويه» هو عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي ، وهو راويته وخاتمة أصحابه ، كما ذكر ذلك الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٣ / ١٨١.

(١) مناقب آل أبي طالب ٣ / ٩٢.

(٢) شواهد التنزيل ١ / ٣٤٥.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٣ / ١٨٠.


أقول :

فهذه هي الرواية المسندة عند القوم عن عبد الله بن عمر ، فليتحقق عما نسب إليه في تفسير ابن كثير ، والله العالم.

* * *


الفصل الثالث

وتدل الآية المباركة على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام والمعصومين من عترة رسول رب العالمين ، بمقتضى الأحاديث الواردة في ذيلها ، بكتب التفسير والحديث والمناقب ، وذلك لأن «الكون مع الصادقين» ليس هو الكون الخارجي ، وإنما المراد هو الاتباع والاقتداء في القول والعمل ، وهذا الأمر مطلق ، إذ لم يقل : كونوا مع الصادقين في حال كذا ، أو في القول الفلاني ، بل الكلام مطلق غير مقيد بقيد أصلا.

فإذا ورد الأمر الكتابي بالاتباع مطلقا ، ثم جاءت السنة المعتمدة وعينت الشخص المتبوع ، كانت النتيجة وجوب اتباع هذا الشخص المعين ، وكان الشخص معصوما ، لأن الله سبحانه وتعالى لا يأمر باتباع من لا تؤمن عليه مخالفة أحكامه عن عمد أو خطأ ، وإذا كان معصوما كان إماما.

وإذا كانت الآية دالة على العصمة بطل حمل (الصادقين) فيها على مطلق المهاجرين والأنصار ، أو خصوص الثلاثة الذين تخلفوا ، أو خصوص أبي بكر وعمر ، لعدم عصمة هؤلاء بالإجماع.

ومن هنا يظهر ، أن لا علاقة للآية بالثلاثة الذين تخلفوا في غزوة تبوك ، وإنما جاءت بعد ذكر قصتهم وتوبة الله عليهم.

وقد أذعن إمام المفسرين عند القوم الفخر الرازي بدلالة الآية على


العصمة وعدم إرادة الذين تخلفوا أو غيرهم ـ مما ذكره بعض المفسرين ـ من (الصادقين) .. وهذه عبارته (١) :

«قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) :

واعلم أنه تعالى لما حكم بقبول توبة هؤلاء الثلاثة ، ذكر ما يكون كالزاجر عن فعل ما مضى ، وهو التخلف عن رسول الله في الجهاد ، فقال : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) في مخالفة أمر الرسول (وكونوا مع الصادقين) يعني مع الرسول وأصحابه في الغزوات ، ولا تكونوا متخلفين عنها وجالسين مع المنافقين في البيوت».

إذن الآية المباركة لا علاقة لها بالمتخلفين ، وليسوا المقصودين من (الصادقين).

ثم تعرض لدلالة الآية على العصمة في المسألة الأولى من مسائلها فقال : «وفي الآية مسائل :

المسألة الأولى : إنه تعالى أمر المؤمنين بالكون مع الصادقين ، ومتى وجب الكون مع الصادقين فلا بد من وجود الصادقين في كل وقت ، وذلك يمنع من إطباق الكل على الباطل ، ومتى امتنع إطباق الكل على الباطل ، وجب إذا أطبقوا على شئ أن يكونوا محقين. فهذا يدل على أن إجماع الأمة حجة».

فاعترف الفخر الرازي هنا بدلالة الآية على وجود الصادقين في كل وقت ، وبدلالة الآية على العصمة.

__________________

(١) التفسير الكبير ١٦ / ٢٢٠ ـ ٢٢١.


إلا أنه نزلها على الأمة ، فقال بعصمة الأمة.

قال هذا ولم يعبأ بالأحاديث الواردة في ذيلها!

ثم أورد على نفسه قائلا : «فإن قيل : لم لا يجوز أن يقال : المراد بقوله (كونوا مع الصادقين) أي : كونوا على طريقة الصادقين؟ كما أن الرجل إذا قال لولده : كن مع الصالحين ، لا يفيد إلا ذلك.

سلمنا ذلك ، لكن نقول : إن هذا الأمر كان موجودا في زمان الرسول فقط ، فكان هذا أمرا بالكون مع الرسول ، فلا بد على وجود صادق في سائر الأزمنة.

سلمنا ذلك ، لكن لم لا يجوز أن يكون الصادق هو المعصوم الذي يمتنع خلو زمان التكليف عنه كما تقوله الشيعة؟».

فأجاب عن السؤالين الأولين ، وأثبت دلالة الآية على وجود الصادقين في كل زمان ، فلا يختص بزمان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ودلالتها على ضرورة وجود المعصوم في كل زمان قال : «فكانت الآية دالة على أن من كان جائز الخطأ وجب كونه مقتديا بمن كان واجب العصمة.

ثم تعرض للجواب عن السؤال الثالث ، فقال : «قوله : لم لا يجوز أن يكون المراد هو كون المؤمن مع المعصوم الموجود في كل زمان؟ قلنا : نحن نعترف بأنه لا بد من معصوم في كل زمان ، إلا أنا نقول : ذلك المعصوم هو مجموع الأمة ، وأنتم تقولون : ذلك المعصوم واحد منهم».

فإلى هنا حصل الوفاق في دلالة الآية على وجود المعصوم في كل زمان.

إنما الخلاف هو : أن أهل السنة ـ كما قال ـ يقولون : «ذلك المعصوم


هو مجموع الأمة» والشيعة الإمامية يقولون : «ذلك المعصوم واحد منهم».

إلا أن هذا الخلاف إنما يقع عندما ينظر إلى الآية وحدها ، لكن القرآن الكريم نفسه يأمر في مثل هذه الحالات بالرجوع إلى السنة المعتبرة ويقول : (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (١) ويقول أيضا : (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ...) (٢).

إذن ، لا بد من الرجوع إلى قول الرسول الصادق الأمين الذي (ما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) (٣) ... وقد وجدنا أصحابه يروون عنه أن المراد من (الصادقين) في هذه الآية هو علي عليه‌السلام ، أو هو والأئمة من أهل البيت.

فكانت السنة رافعة للخلاف ، ومعينة للقول بأن الإمام المعصوم هو «علي» والأئمة من العترة «في كل زمان» ...

أما القول الآخر فلا دليل عليه ، وإنما هو اجتهاد في مقابلة النص الصريح.

وقد حاول الفخر الرازي إبطال هذا الاستدلال بالاجتهاد كذلك ، فقال :

«هذا باطل ، لأنه تعالى أوجب على كل واحد من المؤمنين أن يكون مع الصادقين ، وإنما يمكنه ذلك لو كان عالما بأن ذلك الصادق من هو ، لا الجاهل بأنه من هو ، فلو كان مأمورا بالكون معه كان ذلك تكليف ما لا يطاق ، وإنه لا يجوز».

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ٦٥.

(٢) سورة النساء ٤ : ٥٩.

(٣) سورة النجم ٥٣ : ٣ و ٤.


وإذا وصل الأمر إلى هنا فهو سهل ، لأن معرفة الإمام الصادق المعصوم ممكنة ، وإلا لم يقل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» (١) ...

إذن ، يجب البحث والتحقيق عن الإمام المعصوم في كل زمان مقدمة لإطاعته واتباعه والاقتداء به ، وطريق ذلك هو نفس الكتاب والسنة ، والشيعة الإمامية في جميع استدلالاتها آخذة بهما كما قلنا سابقا.

وتلخص :

أن الآية تدل على وجود المعصوم في كل زمان ، وعلى وجوب اتباعه على سائر المؤمنين ، ثم إن السنة المعتبرة عرفته وعينته ، فكان المعصوم الواجب الاتباع في كل زمان أمير المؤمنين والأئمة الأطهار من العترة النبوية ... وهذا هو المطلوب.

* * *

__________________

(١) هذا الحديث بهذا اللفظ في «شرح المقاصد» لسعد الدين التفتازاني ، المتوفى سنة ٧٩٣ ، وفي بعض المصادر الأخرى ، وقد أخرج هذا الحديث بألفاظ مختلفة في أمهات مصادر الحديث ، ولا بد وأن ترجع كلها إلى المعنى الذي دل عليه هذا اللفظ.


الفصل الرابع

ذكر ابن تيمية في الجواب عن استدلال العلامة الحلي بهذه الآية أحد عشر وجها.

قال العلامة : «البرهان الخامس والثلاثون : قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين). أوجب الله علينا الكون مع المعلوم منهم الصدق ، وليس إلا المعصوم ، لتجويز الكذب في غيره ، فيكون هو عليا ، إذ لا معصوم من الأربعة سواه ، وفي حديث أبي نعيم عن ابن عباس أنها نزلت في علي».

نعم ، أجاب ابن تيمية بأحد عشر وجها ، لكن ما ذكره إما دعوى بلا دليل ، وإما مصادرة ، وإما تطويل بلا طائل ، وإليك تلك الوجوه مع التلخيص لألفاظه :

١ ـ أبو بكر قد ثبت أنه صديق بالأدلة الكثيرة ، فيجب أن تتناوله الآية قطعا ، وأن نكون معه ، وإذا كنا معه مقرين بخلافته ، امتنع أن نقر بأن عليا هو الإمام دونه.

٢ ـ إن كان علي صديقا فعمر وعثمان أيضا صديقون.

٣ ـ هذه الآية نزلت في كعب بن مالك.

٤ ـ هذه الآية نزلت في هذه القصة ، ولم يكن أحد يقال إنه معصوم ، لا علي ولا غيره ، فعلم أن الله أراد مع الصادقين ولم يشترط كونه معصوما.

٥ ـ إنه قال : (مع الصادقين) وهذه صيغة جمع ، وعلي واحد ، فلا يكون هو المراد وحده.

٦ ـ إن قوله : (مع الصادقين) إما أن يراد : كونوا معهم في الصدق


وتوابعه ، فاصدقوا كما يصدق الصادقون ولا تكونوا مع الكاذبين ، كما في قوله : (واركعوا مع الراكعين).

وإما أن يراد به : كونوا مع الصادقين في كل شئ وإن لم يتعلق بالصدق.

والثاني باطل.

فإذا كان الأول هو الصحيح ، فليس هذا أمرا بالكون مع شخص معين ، بل المقصود : أصدقوا ولا تكذبوا.

٧ ـ إذا أريد : كونوا مع الصادقين مطلقا ، فذلك لأن الصدق مستلزم لسائر البر ، فهذا وصف ثابت لكل من اتصف به.

٨ ـ إن الله أمرنا أن نكون مع الصادقين ، ولم يقل مع المعلوم فيهم الصدق ، ولسنا مكلفين في ذلك بعلم الغيب.

٩ ـ هب أن المراد : مع المعلوم فيهم الصدق ، لكن العلم كالعلم في قوله : (فإن علمتموهن مؤمنات) والإيمان أخفى من الصدق ، فإذا كان العلم المشروط هناك يمتنع أن يقال فيه ليس إلا العلم بالمعصوم ، كذلك هنا يمتنع أن يقال : لا يعلم إلا صدق المعصوم.

١٠ ـ هب أن المراد علمنا صدقه ، لكن يقال : إن أبا بكر وعمر وعثمان ونحوهم ممن علم صدقهم ، وإنهم لا يتعمدون الكذب ، وإن جاز عليهم الخطأ أو بعض الذنوب ، فإن الكذب أعظم.

١١ ـ إنه لو قدر أن المراد به المعصوم ، لا نسلم الإجماع على انتفاء العصمة عن غير علي ، فإن كثيرا من الناس الذين هم خير من الرافضة يدعون في شيوخهم هذا المعنى وإن غيروا عبارته.

فاقرأ وتأمل!!


لقد بينا ـ في الفصل السابق ـ كيفية الاستدلال بالآية على العصمة فالإمامة ، ولا شئ من هذه الوجوه يصلح لأن يكون جوابا عنه : أما الوجهان : الأول والثاني ، فمصادرة

وأما الوجهان : الثالث والرابع ، فلا فائدة فيهما ، لأن سبب النزول غير مخصص ، إن كانت الآية متعلقة بقضية كعب بن مالك.

وأما الوجهان : السادس والسابع ، فتغافل عن الأحاديث الواردة في ذيل الآية ، المفسرة لها ، والمبينة للمراد من (الصادقين) فيها ... ومن الواضح أن الاستدلال بالآية إنما هو بالنظر إلى تلك الأحاديث.

وأما الوجهان : الثامن والتاسع ، فتجاهل لوجه الاستدلال بالآية ، فإن الأمر بالكون مع شخص أو أشخاص على الإطلاق ، لا يجوز إلا مع ثبوت عصمة الشخص أو الأشخاص ، لأن المراد من (كونوا مع ...) هو الاتباع والإطاعة والانقياد المطلق.

وعلى هذا ، فالذين ثبتت عصمتهم بالأدلة القطعية من الكتاب والسنة هم رسول الله وأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

وأما الوجه العاشر ، فمصادرة.

وأما الوجه الحادي عشر ، فخروج عن الإجماع ، ودعوى أن كثيرا من الناس يدعون في شيوخهم هذا المعنى ، واضحة الفساد ، ولو كان هناك من يدعي ذلك ، فدعواه مردودة عند الكل.

وعلى الجملة ، فإنا لم نجد في هذه الوجوه مناقشة علمية للاستدلال ، ولا جوابا عن الأحاديث الواردة في ذيل الآية المباركة ، اللهم إلا ما جاء في الوجه الخامس :

«إنه قال (مع الصادقين) وهذه صيغة جمع ، وعلي واحد ، فلا


يكون المراد وحده».

فنقول :

أولا : الموارد التي جاءت الآية المباركة فيها بصيغة الجمع والمراد شخص واحد ، كثيرة في القرآن الكريم ، وسنفصل الكلام في ذلك عند الكلام على بعض الآيات الآتية.

وثانيا : إذا لم يكن المراد علي عليه‌السلام وحده ، فالذي يكون مرادا معه في الآية هو مثله في العصمة ، فلذا ورد في بعض الأحاديث : «محمد وعلي» وفي بعضها الآخر : «محمد وأهل بيته» وحينئذ تكون الآية دالة على إمامة سائر الأئمة أيضا ، ولا ارتباط بينها وبين غيرهم مطلقا.

هذا موجز الكلام على ما أتى به ابن تيمية في هذا المقام ، وأغلب الظن أن المتقول أيضا يعلم بعدم الجدوى فيه ، فلم ير الإطالة واكتفى بالإحالة!

وبعد ، فإن الإطناب في الجواب ، بتكثير الوجوه ، وتصوير الشقوق ، بما هو خارج عن البحث ، أو مصادرة بالمطلوب ، أو اجتهاد في مقابل النصوص ، تضييع للوقت ، وتضليل للناس ...

إن علماء الإمامية الاثني عشرية لا يخرجون في استدلالاتهم عن حدود الكتاب والسنة المعتمدة ودلالة العقل السليم ...

وهنا ، الاستدلال قائم بالآية المباركة ، وبالأحاديث الواردة في كتب الفريقين في تفسيرها ، أما الآية فلا ينكرها لا ابن تيمية ولا غيره ، وأما الأحاديث فتلك موجودة في كتب القوم.

فهل بالإمكان إنكار وجودها فيها؟! أو نفي كون رواتها من أهل


السنة؟! أو نفي كون أصحاب تلك الكتب من حفاظ الحديث؟!

وعلى الجملة ، ليس الاستدلال إلا بالكتاب والسنة ، فما هو الجواب عنه؟! وأي فائدة في الانتقال من محل البحث إلى قضايا أخرى؟!

إن هذه الأساليب من ابن تيمية لتذكرنا قول صفي الدين الهندي له ، لما عقد مجلس لمناظرته ، فقال لابن تيمية في أثناء البحث :

«أنت مثل العصفور ، تنط من هنا إلى هنا ، ومن هنا إلى هنا»! (١)

وكذلك ابن روزبهان ، إلا أنه أهون من ابن تيمية في بعض الأحيان! فإنه لم يذكر من الوجوه الأحد عشر!! إلا نزول الآية في قضية كعب ، ثم قال :

«وإن صح دل على الفضيلة ، لا على النص» (٢).

فهذا ما ذكره ابن روزبهان ، وقد عرفت الجواب عنه ، فإن الحديث مشهور مستفيض وبعض أسانيده صحيحة ، وإن الآية المباركة بضميمة الأحاديث الواردة في تفسيرها دالة على عصمة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فهي دالة على إمامته بعد رسول الله الصادق الأمين ، فأين الجواب؟!

* * *

__________________

(١) الدرر الكامنة بأعيان المائة الثامنة ، للحافظ ابن حجر العسقلاني ٤ / ١٥ ترجمة صفي الدين الهندي ، المتوفى سنة ٧١٥.

(٢) إبطال الباطل ، في الرد على «نهج الحق» للعلامة الحلي ، مطبوع مع «إحقاق الحق» ومع «دلائل الصدق» في الرد عليه.


قوله تعالى : (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) (١).

قال السيد رحمه‌الله :

«وصراط الله الذي قال : (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) وسبيله الذي قال : (ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)».

فقال في الهامش :

«كان الباقر والصادق يقولان : الصراط المستقيم هنا هو الإمام ، ولا تتبعوا السبل ، أي : أئمة الضلال ، فتفرق بكم عن سبيله ، ونحن سبيله».

فقيل :

«من أين الدليل على أن قول الباقر والصادق هنا صحيح؟ وأهل السنة والجماعة يعتقدون أن هذا من الكذب على الباقر والصادق رضي‌الله‌عنهما ، وحبذا لو ذكر المؤلف سند هذه الرواية ، لكنه يعلم أنها غير مقبولة ، فلعله أسقطها ، أو أن الكلام مجرد تفسير بالهوى منسوب زورا للباقر والصادق».

أقول :

إنه لا يطعن في إمام من أئمة أهل البيت عليهم‌السلام إلا أهل النفاق أعداء الدين ورسول رب العالمين ...

__________________

(١) سورة الأنعام ٦ : ١٥٣.


وأما أن «أهل السنة والجماعة يعتقدون أن هذا من الكذب على الباقر والصادق» فكذب على «أهل السنة والجماعة» ، اللهم إلا أهل سنة بني أمية وجماعة الظالمين لأهل بيت الرسالة ، فإن أولئك «جماعة» لا يجتمع في قلوبهم حب آل محمد مع «السنة» الأموية ، وتسننهم بها ، فضلا عن أن يرووا فضائلهم ومناقبهم!

وأما هذه الرواية ، فلها أسانيد لا سند واحد ، يجدها من راجع كتب التفسير للشيخ علي بن إبراهيم القمي ، وللشيخ فرات الكوفي ، وللشيخ العياشي ، وغيرها من تفاسير قدماء الإمامية ومتأخريهم ، وهي أيضا في كتب الفضائل والمناقب كبصائر الدرجات للصفار القمي ، وفي شرح الآيات الباهرة في ما نزل في العترة الطاهرة.

ولماذا لا تكون هذه الرواية مقبولة؟!

أليس أهل البيت السبيل إلى الله؟

أليس من تمسك بهم نجا ومن تخلف عنهم هوى؟! كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المقبولة ، كحديث «إني تارك فيكم الثقلين ..» وحديث : «مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح ..» وحديث : «من سره أن يحيا حياتي ...» هذه الأحاديث التي تقدم البحث عنها بالتفصيل في بحوثنا السابقة.

وإن لهذه الرواية المعتبرة المروية عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام ، شواهد كثيرة جدا ، اتفق الإمامية وأهل السنة على روايتها ، ولا يكذب بها إلا المغرضون ، الذين في قلوبهم مرض فهم لا يهتدون!

إن من الأحاديث الآمرة باتباع سبيل علي وأهل البيت عليهم‌السلام ، الناهية عن اتباع سبيل غيرهم كما هو مضمون الرواية عن الإمامين


عليهما‌السلام :

* قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعمار بن ياسر ـ رضي‌الله‌عنه ـ في حديث : «يا عمار ، إن رأيت عليا قد سلك واديا وسلك الناس واديا غيره ، فاسلك مع علي ، فإنه لن يدليك في ردى ولن يخرجك من هدى» (١).

* قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ستكون بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب ، فإنه أول من يراني ، وأول من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصديق الأكبر ، وهو فاروق هذه الأمة ، يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب المنافقين» (٢).

وكما أمر صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلزوم أهل بيته وسلوك مسلكهم واتباعهم ، كذلك نهى عن مفارقتهم ، من ذلك :

* قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا علي ، من فارقني فقد فارق الله ، ومن فارقك ـ يا علي ـ فقد فارقني» (٣).

هذا ، وسيوافيك المزيد من الأحاديث المعتبرة في هذا المعنى في بحوثنا الآتية ، فانتظر.

__________________

(١) أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه ١٣ / ١٨٦ ، وابن عساكر ـ بترجمة أمير المؤمنين ـ من تاريخ دمشق ٣ / ١٧٠ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ١٢ / ٢١٢ حيدرآباد.

(٢) أخرجه ابن عبد البر في الإستيعاب ـ ط هامش الإصابة ـ ٤ / ١٦٩ ، وابن الأثير في أسد الغابة ٥ / ٢٨٧.

(٣) أخرجه الحاكم وصححه ٣ / ١٢٣ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٣٥ وقال : رجاله ثقات ، ورواه غيرهما.


قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (١).

قال السيد :

«وأولي الأمر الذين قال : (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)».

فقال في الهامش :

«أخرج ثقة الإسلام محمد بن يعقوب ، بسنده الصحيح ، عن بريد العجلي ، قال : سألت أبا جعفر [محمد الباقر] عليه‌السلام عن قوله عزوجل : (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).

فكان جوابه : (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) يقولون لأئمة الضلال والدعاة إلى النار هؤلاء أهدى من آل محمد سبيلا (أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا * أم لهم نصيب من الملك) يعني الإمامة والخلافة (فإذا لا يؤتون الناس نقيرا * أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) ونحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون خلقه (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) يقول : جعلنا منهم الرسل

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ٥٩.


والأنبياء والملائكة فكيف يقرون به في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمد (فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا).

فقيل :

«لماذا تجهيل (الكليني) بذكر صدر اسمه فقط؟ ثم إن كونه (ثقة الإسلام) ليس إلا من قبيل الدعوى ، وعند الشيعة فقط وغير ملزم لغيرهم ، ثم أين صحة السند يا ترى؟».

أقول :

أما دعوى «تجهيل» الكليني ، فجهل ، فإن الإمامية متى أرادوا الرواية عنه يقولون «محمد بن يعقوب» ، فدونك كتاب وسائل الشيعة للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي وأمثاله من كتب الحديث الشيعية ... وحتى في كتب غيرهم أيضا ، كما سنرى في عبارة ابن الأثير.

إن هذا الشيخ العظيم اسمه «محمد بن يعقوب» وهو من أهل الري ، وينتسب إلى «كلين» قرية من قراها ، وكتابه الكافي من أجل الكتب الحديثية عند الإمامية ، ويلقب عندهم ب «ثقة الإسلام» لجلالة قدره بين المسلمين ، التي اعترف بها غير الإمامية ، ولذا عد من مجددي الدين.

قال ابن الأثير بشرح حديث : «إن الله سيبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها» بعد كلام له : «فالأحرى والأجدر : أن يكون ذلك إشارة إلى حدوث جماعة من الأكابر المشهورين على رأس كل مائة سنة ، يجددون للناس دينهم ، ويحفظون مذاهبهم التي قلدوا فيها مجتهديهم وأئمتهم. ونحن نذكر الآن المذاهب المشهورة في الإسلام التي


عليها مدار المسلمين في أقطار الأرض ، وهي مذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك وأحمد ومذهب الإمامية ، ومن كان المشار إليه من هؤلاء على رأس كل مائة سنة ، وكذلك من كان المشار إليه من باقي الطبقات» .. فقال : «وأما من كان على رأس المائة الثالثة ... وأبو جعفر محمد بن يعقوب الرازي من الإمامية» (١).

وحتى الذهبي ـ على تعنته ـ أورده في أعلام النبلاء مع وصفه ب «شيخ الشيعة وعالم الإمامية صاحب التصانيف» ولم يصدر منه بحقه أي تجريح (٢).

وأما سند الرواية فصحيح ، فقد أخرجها محمد بن يعقوب الكليني بالسند التالي :

«الحسين بن محمد بن عامر الأشعري ، عن معلى بن محمد ، قال : حدثني الحسن بن علي الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن ابن أذينة ، عن بريد العجلي ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام ...» (٣).

وعلماء الإمامية لا يعدون الحديث صحيحا ما لم يثقوا بصدق جميع رجال إسناده.

وإنما أورد السيد هذه الرواية ـ مع وجود نظائر وشواهد لها في كتب الفريقين ـ لصحة سندها يقينا ، ولاشتمالها على فوائد أخرى ... وهي عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام.

وقد استدل العلامة الحلي بهذه الآية على إمامة أمير المؤمنين

__________________

(١) جامع الأصول ١٢ / ٢٢٠ ـ ٢٢٢.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٨٠.

(٣) الكافي ١ / ٢٠٥.


عليه‌السلام ، في جملة الآيات ، حيث قال : «الثامنة والستون : (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). كان علي عليه‌السلام منهم» (١).

وهل من شك في أن عليا عليه‌السلام من أولي الأمر ، حتى يحتاج إلى دليل؟!

ومن هنا لم يناقشه ابن روزبهان في رده ، إلا أنه قال : «هذا يشمل سائر الخلفاء ، فإن كلهم كانوا أولي الأمر ، ولا دليل على مدعاه».

إذن ، لا كلام في أن عليا عليه‌السلام من أولي الأمر ، فتجب طاعته ، وإنما الكلام في شمول الآية لغيره ، ممن تولى الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فالجمهور على وجوب طاعة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، ومعاوية ، ويزيد ، والسفاح ، والمتوكل ، و ... إلى يومنا هذا ، لكونهم ولاة الأمر!! والإمامية ينكرون شمول الآية المباركة إلا لعلي والأئمة عليهم‌السلام من بعده!

والعمدة أن الآية المباركة تدل على العصمة ، وهذا ما اعترف به إمام القوم الفخر الرازي ، في تفسيره الكبير (٢) ، لكنه وقع في حيص بيص ...

أما عصمة أئمتهم منذ اليوم الأول ، وحتى الآن ، فمنتفية ...

وأما كون المراد خصوص أئمة أهل البيت المعصومين ... فتأبى نفسه الاعتراف به ...

فلجأ إلى إحداث قول ثالث ، وهو كون المراد عصمة الأمة!!

إن الآية المباركة تخاطب الأمة بإطاعة (أولي الأمر) منها ووجوبها

__________________

(١) نهج الحق وكشف الصدق : ٢٠٣ ـ ٢٠٤.

(٢) التفسير الكبير ١٠ / ١٤٤ ـ ١٤٦.


عليهم ، كإطاعة الله ورسوله ، فهناك «أمة» و «أولوا الأمر» منها ، وتلك مطيعة وهؤلاء مطاعون ... فكيف يحمل «أولوا الأمر» فيها على «الأمة» يا منصفون؟!

لقد وقع الإمام في ضيق ليس له منه خلاص ، بعد أن لم يكن له من الاعتراف بدلالة الآية على العصمة مناص ...

يقول : «حمل الآية على الأئمة المعصومين على ما تقوله الروافض ، في غاية البعد» ولماذا؟

فيذكر وجوها لو نظرت إليها لضحكت!! أولها وعمدتها :

«إن طاعتهم مشروطة بمعرفتهم وقدرة الوصول إليهم ، فلو أوجب علينا طاعتهم قبل معرفتهم كان هذا تكليف ما لا يطاق».

نقول ـ مضافا إلى ما تقدم في آية الصادقين ـ : نعم طاعتهم مشروطة بمعرفتهم وقدرة الوصول إليهم ، لكن أي مانع منع الأمة من معرفتهم والوصول إليهم ، حتى تكون طاعتهم قبل معرفتهم تكليف ما لا يطاق؟!

وهل كان المنع أو المانع من الأئمة المعصومين أنفسهم أو من غيرهم؟!

ومتى أرادت الأمة الوصول إليهم فلم يمكنهم ذلك؟!

هذا بالنسبة إلى سائر الأئمة المعصومين ... أما بالنسبة إلى خصوص أمير المؤمنين ... فقد عرفه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منذ يوم الدار ... وحتى يوم الغدير ، وعرفه القوم ، حتى بايعوه كلهم عن رغبة في ذلك اليوم!!

إن هذه التكلفات ـ في الآية ونحوها ـ لا تنفع إمام الأشاعرة ، عند الحساب في الآخرة ، وهذه التمحلات لا تخلص أحدا من الأكابر ولا


الأصاغر ، (يوم تبلى السرائر * فما له من قوة ولا ناصر) (١) ، والله يحكم بيننا وبينهم بالعدل وهو خير الحاكمين.

* * *

__________________

(١) سورة الطارق ٨٦ : ٩ ـ ١٠.


قوله تعالى : (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (١).

قال السيد رحمه‌الله :

«وأهل الذكر الذين قال : (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)».

فقال في الهامش :

«أخرج الثعلبي في معنى هذه الآية من تفسيره الكبير عن جابر ، قال : لما نزلت هذه الآية قال علي : نحن أهل الذكر. وهذا هو المأثور عن سائر أئمة الهدى ، وقد أخرج العلامة البحريني في الباب ٣٥ نيفا وعشرين حديثا صحيحا في هذا المضمون».

فقيل :

«حينما نزلت هذه الآية في هذه السورة لم يكن علي رضي‌الله‌عنه قد تزوج بعد ، فهذه السورة مكية بالاتفاق ، فكيف يقول علي : نحن أهل الذكر؟!

وهذا الذي أخرجه الثعلبي في معنى هذه الآية لا يصح ، وليس مجرد روايته له في تفسيره يعتبر دليلا ، بل لا بد من صحة النقل.

__________________

(١) سورة النحل ١٦ : ٤٣ ، سورة الأنبياء ٢١ : ٧.


أما ما أخرجه البحريني وأشار إليه المؤلف دون تفصيل ، فإنه ليس بحجة علينا.

وعلى كل حال ، فإن المقصود بأهل الذكر هم أهل العلم كاليهود والنصارى وسائر الطوائف من الأمم السابقة ، التي أرسل إليها الأنبياء ، وسؤالهم عن حقيقة هؤلاء الأنبياء ، هل كانوا بشرا أم ملائكة؟».

أقول :

أولا : لم يكن القائل «نحن أهل الذكر» خصوص أمير المؤمنين عليه‌السلام فقط ، بل قاله غيره من أئمة أهل البيت عليهم‌السلام. كما لم يكن الراوي هو الثعلبي فقط ، فقد رواه غيره من أئمة التفسير عند أهل السنة أيضا.

روى الحاكم الحسكاني بإسناده عن يوسف بن موسى القطان ، عن وكيع ، عن سفيان ، عن السدي ، عن الحارث ، قال : سألت عليا عن هذه الآية (فاسألوا أهل الذكر) فقال : والله إنا لنحن أهل الذكر ، نحن أهل العلم ، ونحن معدن التأويل والتنزيل ، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول : «أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأته من بابه» (١).

وقال القرطبي : «قال جابر الجعفي : لما نزلت هذه الآية قال علي رضي‌الله‌عنه : نحن أهل الذكر» (٢).

وقال أبو جعفر الطبري : «حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن يمان ، عن

__________________

(١) شواهد التنزيل ١ / ٤٣٢.

(٢) تفسير القرطبي ١١ / ٢٧٢.


إسرائيل ، عن جابر ، عن أبي جعفر : (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) قال : نحن أهل الذكر (١).

ورواه الحاكم الحسكاني بإسناده عن عثمان بن أبي شيبة ، عن ابن يمان ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن أبي جعفر ...

وبأسانيد أخرى ، عن ابن يمان ، به ... (٢)

وبأسانيد أخرى ، عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي ، فيها غير واحد من الحفاظ وثقات المحدثين ... وجاء في واحد منها قوله : «هم الأئمة من عترة رسول الله صلى الله عليه [وآله] سلم. وتلا : (قد أنزل الله إليكم ذكرا * رسولا يتلوا عليكم آيات الله) (٣).

وبعد ، فإليك كلام ابن كثير ـ الذي يعتمد عليه أتباع مدرسة ابن تيمية في التفسير والتاريخ ـ في هذا المقام ، فإنه قال بتفسير الآية من سورة النحل :

«... قول أبي جعفر الباقر : نحن أهل الذكر ـ ومراده أن هذه الأمة أهل الذكر ـ صحيح ، فإن هذه الأمة أعلم من جميع الأمم السالفة ، وعلماء أهل بيت رسول الله ـ عليهم‌السلام والرحمة ـ من خير العلماء ، إذا كانوا على السنة المستقيمة ، كعلي وابن عباس ، وابني علي الحسن والحسين ، ومحمد بن الحنفية ، وعلي بن الحسين زين العابدين ، وعلي بن عبد الله بن عباس ، وأبي جعفر الباقر وهو محمد بن علي بن الحسين ،

__________________

(١) تفسير الطبري ١٤ / ٧٥.

(٢) شواهد التنزيل ١ / ٤٣٤ ـ ٤٣٥.

(٣) شواهد التنزيل ١ / ٤٣٧.


وجعفر ابنه ، وأمثالهم وأضرابهم وأشكالهم ...» (١).

وعلى الجملة ، فقد ثبت كثرة الطرق إلى قول أمير المؤمنين وغيره من أئمة أهل البيت في هذه الآية المباركة ، وصحة الحديث في ذلك ، وإن جاز لنا الاحتجاج برواية الثعلبي وحده في مثل هذه المواضع.

وثانيا : قد ظهر مما تقدم أن ليس «المقصود بأهل الذكر هم أهل العلم كاليهود والنصارى ...» كما زعم هذا المدعي ، ويؤيد ذلك قول بعض المفسرين بأن المقصود من «الذكر» هو «القرآن» وأن «أهل الذكر» هم «أهل القرآن» ، أو أن المراد : «اسألوا كل من يذكر بعلم وتحقيق» (٢).

وقد أصر الآلوسي عن أن المراد خصوص «أهل القرآن» (٣).

وإلى هنا تم البحث عن سند الحديث ، وظهر صحته ، وسقط اعتراض المعترض ، والحمد لله.

هذا ، وإذا زالت الشبهة عن السند لزم الإقرار بصحة الاستدلال ، لدلالة الآية المباركة بكل وضوح على تقدم أهل البيت عليهم‌السلام على غيرهم في العلم والفضيلة ، فتكون الإمامة فيهم ، لقبح تقدم المفضول على الفاضل عقلا ، وللنهي عن تقدم غيرهم عليهم شرعا ، كما في كثير من الأحاديث المعتبرة ، بل في بعضها تعليل النهي عن التقدم عليهم بكونهم أعلم ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في ما أخرجه الطبراني وغيره من ألفاظ حديث الثقلين : الكتاب وأهل البيت (عليهم‌السلام) ـ : «فلا تقدموهما فتهلكوا ،

__________________

(١) تفسير القرآن العظيم ٢ / ٤٩٣.

(٢) تفسير السراج المنير ٢ / ٢٣٢ و ٤٩٧ ، تفسير الخازن ٣ / ١١٦ و ١٥٥ ، تفسير القرطبي ١٠ / ١٠٨ و ١١ / ٢٧٢.

(٣) روح المعاني ١٤ / ١٤٧.


ولا تعلموهما فإنهما أعلم منكم» (١) بناء على رجوع العلة إلى كلتا الجملتين.

بل إن الآية الكريمة بمعونة الأحاديث المذكورة تدل على عصمتهم ، فأمر الله سبحانه بسؤالهم مطلق ، وهو يستلزم وجوب القبول منهم وإطاعتهم وترتيب الأثر على قولهم في كل شئ ـ وإلا لزم لغوية الأمر المطلق بسؤالهم ـ ولا معنى للعصمة إلا هذا ... وإذا ثبتت عصمتهم ثبتت إمامتهم.

* * *

__________________

(١) المعجم الكبير ٣ / ٦٥ ح ٢٦٨١.


قوله تعالى : (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم) (١).

قال السيد :

«والمؤمنين الذين قال : (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم)».

فقال في الهامش :

«أخرج ابن مردويه في تفسير الآية : إن المراد بمشاققة الرسول هنا إنما هي المشاقة في شأن علي ، وأن الهدى في قوله : (من بعد ما تبين له الهدى) إنما هو شأنه عليه‌السلام.

وأخرج العياشي في تفسيره نحوه.

والصحاح متواترة من طريق العترة الطاهرة في أن سبيل المؤمنين إنما هو سبيلهم عليهم‌السلام».

فقيل :

«يكفي للدلالة على فساد هذا المعنى أن يكون العياشي قد أخرج في تفسيره نحوه».

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ١١٥.


أقول :

ومثل الآية المذكورة قوله تعالى : (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم) (١).

هذا ، ويكفينا أن المدعي لم ينكر رواية ابن مردويه ، وابن مردويه تفسيره خال عن الموضوعات كما نص عليه ابن تيمية (٢) ... فلا نطيل ...

وأما «العياشي» فهو : محمد بن مسعود السلمي السمرقندي ، المتوفى سنة ٣٢٠ ، له تفسير معروف باسمه ، وهو مطبوع ، فيه كثير من حقائق معاني الآيات عن أئمة أهل البيت عليهم أفضل التحيات.

وأما دلالة الآية فواضحة لا تحتاج إلى بيان.

__________________

(١) سورة محمد ٤٧ : ٣٢.

(٢) منهاج السنة : ٧ / ١٢.


آية الإنذار

قوله تعالى : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) (١).

قال السيد رحمه‌الله :

«الهداة الذين قال : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)».

فقال في الهامش :

«أخرج الثعلبي في تفسير هذه الآية من تفسيره الكبير ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت هذه الآية وضع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يده على صدره ، وقال : أنا المنذر وعلي الهادي ، وبك يا علي يهتدي المهتدون.

وهذا هو الذي أخرجه غير واحد من المفسرين وأصحاب السنن عن ابن عباس.

وعن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله (جعفر الصادق) عن هذه الآية فقال : كل إمام هاد في زمانه.

وقال الإمام أبو جعفر الباقر في تفسيرها : المنذر : رسول الله ، والهادي : علي ، ثم قال : والله ما زالت فينا إلى الساعة».

فقيل :

«الثعلبي ـ كما هو مشهور عنه رحمه‌الله ـ حاطب ليل ، حشا كتابه

__________________

(١) سورة الرعد ١٣ : ٧.


بالأحاديث الضعيفة والموضوعة ، ولهذا لا يعتبر مجرد نقله دليلا على الصحة.

وهذا الحديث رواه الطبري عن أحمد بن يحيى الصوفي ، حدثنا الحسن بن الحسين الأنصاري ، حدثنا معاذ بن مسلم ، حدثنا الهروي ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس (١).

وعطاء بن السائب : قال أبو حاتم : كان محله الصدق قديما قبل أن يختلط ، صالح ، مستقيم الحديث ، ثم بأخرة تغير حفظه ، في حديثه تخاليط كثيرة ، وقديم السماع من عطاء وسفيان وشعبة ، وحديث البصريين الذين يحدثون عنه تخاليط كثيرة ، لأنه قدم عليهم في آخر عمره ... رفع أشياء كان يرويها عن التابعين فرفعها إلى الصحابة.

والهروي ، أبو الصلت عبد السلام بن صالح : قال عنه الذهبي في الميزان : شيعي جلد ، ليس بثقة.

وقال أبو حاتم : لم يكن عندي بصدوق ، وضرب أبو زرعة على حديثه.

وقال العقيلي عنه : رافضي خبيث.

وقال ابن عدي : متهم.

وقال الدارقطني : رافضي خبيث ، يضع الحديث.

ومعاذ بن مسلم : مجهول ، وله عن عطاء بن السائب خبر باطل ـ وهو هذا الخبر ـ.

الحسن بن الحسين الأنصاري العرني الكوفي : قال أبو حاتم : لم

__________________

(١) تفسير الطبري ٧ / ٣٤٤ ح ٢٠١٦١.


يكن يصدق عندهم ، كان من رؤساء الشيعة.

وقال ابن عدي : لا يشبه حديثه حديث الثقات.

وقال ابن حبان : يأتي عن الأثبات بالملزقات ، ويروي المقلوبات.

وأحمد بن يحيى الصوفي : في الميزان : الكوفي الأحول.

قال الدارقطني : ضعيف.

وعلق ابن كثير على هذا الحديث (٢ / ٥٠٢) قائلا : هذا الحديث فيه نكارة شديدة.

وقال ابن الجوزي : وهذا من موضوعات الرافضة.

فما رأي القارئ في هذه الرواية التي اجتمع خمسة ، لو اجتمع أحدهم في سند حديث لكان ذلك كافيا لرده وعدم الاستشهاد به؟! وهذا الحديث لا تحل نسبته للرسول صلى الله عليه [وآله] وسلم ، فإن قوله : (وأنت الهاد) وما بعده ، ظاهره أنهم يهتدون بك دوني ، وهذا لا يقوله مسلم.

وإن قيل : معناه يهتدون به كهدايتهم بالرسول ، اقتضى مشاركة علي للرسول ، وهذا إن قال به غلاة الروافض فإن المسلم الحق لا يقوله ، والله قد جعل محمدا هاديا بنص القرآن فقال : (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) (الشورى ٥٢).

وقول : (بك يهتدي المهتدون) : يدل على أن كل مسلم اهتدى ، فبعلي اهتدى ، وهذا كذب ، فإن الصحابة لما تفرقوا في البلدان بعد الفتوح اهتدى الناس بهم ، وعلي بقي في المدينة لم يغادرها ، فكيف يقال : (بك يهتدي المهتدون)؟!

ثم قوله تعالى : (ولكل قوم هاد) عام في كل الطوائف ، قديمها


وحديثها ، فكيف يجعل علي هاديا للأولين والآخرين؟!

ولا شك لو أدرك علي رضي‌الله‌عنه من يقول بهذا لجلده حد المفتري ، وهو القائل : لا أوتين بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري».

أقول :

لقد روى السيد ـ رحمه‌الله ـ التفسير المذكور عن الفريقين ، للدلالة على وروده عن طريقهما جميعا ، فيكون حديثا متفقا عليه بين الجانبين ، فيكون حجة يجب الأخذ به ، ويرتفع الخلاف به من البين.

وقد اكتفى من حديث أهل السنة ـ للغرض المذكور ـ برواية أبي إسحاق الثعلبي ، الإمام الكبير ، الثقة ، المتضلع في التفسير وعلوم العربية وغيرها ، كما ترجمنا له فيما سبق ، نقلا عن مصادرهم المعتبرة المشهورة ، غير أن ابن تيمية وأتباعه يعبرون عنه ب «حاطب ليل» ونحو ذلك.

لكن رواته منهم كثيرون ... يروونه بأسانيدهم المتصلة عن جمع من الصحابة ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فالرواية سنة ثابتة عن النبي ، وأهلها يتبعونها ، ومن كذبها أو خالفها فليس من أهلها وإن ادعى!!

وكيف كان ، فإثبات المرام يتم بتفصيل الكلام في سند الحديث وفقهه ، وذلك في فصول :


الفصل الأول

نصوص الحديث ورواته في كتب السنة

لقد أخرج جماعة كبيرة من كبار الأئمة والحفاظ قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الآية المباركة : أنا المنذر وعلي الهادي ، بالأسانيد المتكثرة ، في أشهر الكتب المعتبرة ، عن طريق عدة من الصحابة.

رواته من الصحابة :

وقد كان من رواته من الصحابة ، الذين وصلنا الحديث عنهم :

١ ـ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

٢ ـ عبد الله بن العباس.

٣ ـ عبد الله بن مسعود.

٤ ـ جابر بن عبد الله الأنصاري.

٥ ـ بريدة الأسلمي.

٦ ـ أبو برزة الأسلمي.

٧ ـ يعلى بن مرة.

٨ ـ أبو هريرة.

٩ ـ سعد بن معاذ.

من رواته من الأئمة والحفاظ :

وقد رواه من أعلام أئمة الحديث ومشاهير الحفاظ :

١ ـ أبو عبد الله الحسين بن الحكم الحبري الكوفي ، المتوفى سنة ٢٨٦.


٢ ـ عبد الله بن أحمد بن حنبل ، المتوفى سنة ٢٩٠.

٣ ـ أبو سعيد أحمد بن محمد ابن الأعرابي البصري المكي ، المتوفى سنة ٣٠٤.

٤ ـ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، صاحب التاريخ والتفسير ، المتوفى سنة ٣١٠.

٥ ـ عبد الرحمن بن محمد بن إدريس ، الشهير بابن أبي حاتم ، المتوفى سنة ٣٢٧.

٦ ـ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة الكوفي ، المتوفى سنة ٣٣٢.

٧ ـ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، المتوفى سنة ٣٦٠.

٨ ـ أبو بكر جعفر بن حمدان البغدادي القطيعي الحنبلي ، المتوفى سنة ٣٦٨.

٩ ـ أبو الحسين محمد بن المظفر البغدادي ، المتوفى سنة ٣٧٩.

١٠ ـ أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني ، المتوفى سنة ٣٨٤.

١١ ـ أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين البغدادي الواعظ ، المتوفى سنة ٣٨٥.

١٢ ـ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ، صاحب المستدرك ، المتوفى سنة ٤٠٥.

١٣ ـ أبو بكر ابن مردويه الأصفهاني ، المتوفى سنة ٤١٠.

١٤ ـ أبو إسحاق الثعلبي ، صاحب التفسير المشهور ، المتوفى سنة ٤٢٧.

١٥ ـ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني ، المتوفى سنة ٤٣٠.


١٦ ـ أبو علي الحسن بن علي ابن المذهب التميمي البغدادي ، المتوفى سنة ٤٤٤.

١٧ ـ أبو محمد الحسن بن علي الجوهري البغدادي ، المتوفى سنة ٤٥٤.

١٨ ـ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي ، المتوفى سنة ٤٦٣.

١٩ ـ عبيد الله بن عبد الله ، الحافظ ، الحاكم الحسكاني ، المتوفى سنة ٤٧٠.

٢٠ ـ أبو الحسن علي بن محمد الجلابي الواسطي ، المعروف بابن المغازلي ، المتوفى سنة ٤٨٣.

٢١ ـ أبو الحسن علي بن الحسن المصري الشافعي ، الشهير بالخلعي ، المتوفى سنة ٤٩٢.

٢٢ ـ أبو شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي ، صاحب كتاب الفردوس ، المتوفى سنة ٥٠٩.

٢٣ ـ أبو نصر عبد الرحيم بن أبي القاسم القشيري النيسابوري ، المفسر ، المتوفى سنة ٥١٤.

٢٤ ـ أبو القاسم هبة الله بن محمد ابن الحصين الهمداني البغدادي ، المتوفى سنة ٥٢٥.

٢٥ ـ أبو القاسم علي بن الحسن ، المعروف بابن عساكر الدمشقي ، المتوفى سنة ٥٧١.

٢٦ ـ أبو علي عمر بن علي بن عمر الحربي ، المتوفى سنة ٥٩٨.

٢٧ ـ فخر الدين محمد بن عمر الرازي ، صاحب التفسير الكبير ، المتوفى سنة ٦٠٦.


٢٨ ـ أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن ، المعروف بابن النجار البغدادي ، المتوفى سنة ٦٤٢.

٢٩ ـ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد ، المعروف بالضياء المقدسي ، المتوفى سنة ٦٤٣.

٣٠ ـ أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ، المقتول سنة ٦٥٨.

٣١ ـ صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمد الحموئي ، المتوفى سنة ٧٢٢.

٣٢ ـ إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي ، صاحب التاريخ والتفسير ، المتوفى سنة ٧٧٤.

٣٣ ـ جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي المدني ، المتوفى سنة بضع و ٧٥٠.

٣٤ ـ أبو بكر نور الدين الهيثمي ، صاحب مجمع الزوائد ، المتوفى سنة ٨٠٧.

٣٥ ـ نور الدين علي بن محمد ابن الصباغ المالكي ، المتوفى سنة ٨٥٥.

٣٦ ـ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ، المتوفى سنة ٩١١.

٣٧ ـ علي بن حسام الدين المتقي الهندي ، صاحب كنز العمال ، المتوفى سنة ٩٧٥.

٣٨ ـ عبد الرؤوف ابن تاج العارفين المناوي المصري ، المتوفى سنة ١٠٣١.


٣٩ ـ قاضي القضاة الشوكاني اليمني ، المتوفى سنة ١٢٥٠.

٤٠ ـ محمد مؤمن الشبلنجي المصري ، المتوفى بعد سنة ١٣٠٨.

فهؤلاء طائفة من أئمة أهل السنة في شتى العلوم ، في القرون المختلفة ، يروون حديث نزول قوله تعالى : (ولكل قوم هاد) في سيدنا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، بأسانيدهم الكثيرة المتصلة ، عن التابعين ، عن الصحابة ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

من ألفاظ الحديث في أشهر الكتب :

وهذه نبذة من ألفاظ الحديث بالأسانيد :

* ففي مسند أحمد ـ من زيادات ابنه عبد الله ـ : «حدثنا عبد الله ، حدثني عثمان بن أبي شيبة ، ثنا مطلب بن زياد ، عن السدي ، عن عبد خير ، عن علي ، في قوله : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، قال : رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم المنذر. والهاد رجل من بني هاشم» (١).

* وفي تفسير الطبري : «وقال آخرون : هو علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه. ذكر من قال ذلك : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي ، قال : ثنا الحسن بن الحسين الأنصاري ، قال : ثنا معاذ بن مسلم ، ثنا الهروي ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) وضع صلى الله عليه [وآله] وسلم يده على صدره فقال : أنا المنذر ، ولكل قوم هاد ، وأومأ بيده إلى منكب علي فقال : أنت الهادي يا علي ، بك يهتدي المهتدون بعدي» (٢).

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ / ١٢٦.

(٢) تفسير الطبري ١٢ / ٧٢ ، وسيأتي تحقيق الحال في سنده.


* وفي تفسير الحبري : «حدثنا علي بن محمد ، قال : حدثني الحبري ، قال : حدثنا [حسن بن حسين ، حدثني] حبان بن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : (إنما أنت منذر) رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم (ولكل قوم هاد) علي» (١).

* وفي المعجم الصغير للطبراني : «حدثنا الفضل بن هارون البغدادي صاحب أبي ثور ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا المطلب بن زياد ، عن السدي ، عن عبد خير ، عن علي كرم الله وجهه في الجنة ، في قوله عزوجل : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، قال : رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم المنذر ، والهاد [ي] رجل من بني هاشم.

لم يروه عن السدي إلا المطلب ، تفرد به عثمان بن أبي شيبة» (٢).

* وفي تاريخ الخطيب ـ بترجمة الفضل بن هارون ـ : «أخبرنا محمد بن عبد الله بن شهريار ، أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني ، حدثنا الفضل بن هارون البغدادي صاحب أبي ثور ...» إلى آخر ما تقدم (٣).

* وفي مستدرك الحاكم : «أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك ، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي ، ثنا حسين بن حسن الأشقر ، ثنا منصور بن أبي الأسود ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد الله الأسدي ، عن علي (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال علي : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنذر ، وأنا الهادي.

هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه» (٤).

__________________

(١) تفسير الحبري : ٢٨١.

(٢) المعجم الصغير ١ / ٢٦١.

(٣) تاريخ بغداد ١٢ / ٣٧٢.

(٤) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢٩.


* وفي تاريخ ابن عساكر : «أخبرنا أبو علي بن السبط ، أنبأنا أبو محمد الجوهري.

حيلولة : وأخبرنا أبو القاسم ابن الحصين ، أنبأنا أبو علي ابن المذهب ، قالا : أنبأنا أبو بكر القطيعي ، أنبأنا عبد الله بن أحمد ، حدثني عثمان بن أبي شيبة ، أنبأنا مطلب بن زياد [عن السدي] ، عن عبد خير ، عن علي ، في قوله : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، قال : رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم المنذر ، والهادي رجل من بني هاشم.

أخبرنا أبو العز بن كادش ، أنبأنا أبو الطيب طاهر بن عبد الله ، أنبأنا علي بن عمر بن محمد الحربي ، أنبأنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ، أنبأنا عثمان بن أبي شيبة ، أنبأنا المطلب بن زياد ، عن السدي ، عن عبد خير ، عن علي ، قول الله عزوجل : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال : رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم المنذر ، والهادي علي.

أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرحمن ، أنبأنا أبو الحسن الخلعي ، أنبأنا أبو محمد ابن النحاس ، أنبأنا أبو سعيد ابن الأعرابي ، أنبأنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن منصور ، أنبأنا حسين بن حسن الأشقر ، أنبأنا منصور بن أبي الأسود ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن عباد بن عبد الله ، عن علي ، قال في قوله تعالى : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، قال علي : رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم المنذر ، وأنا الهاد.

وأخبرنا أبو طالب ، أنبأنا أبو الحسن ، أنبأنا أبو محمد ، أنبأنا أبو سعيد ابن الأعرابي ، أنبأنا أبو العباس الفضل بن يوسف بن يعقوب بن حمزة الجعفي ، أنبأنا الحسن بن الحسين الأنصاري في هذا المسجد ـ وهو مسجد حبة العرني ـ ، أنبأنا معاذ بن مسلم ، عن عطاء بن السائب : عن


سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم : أنا المنذر ، وعلي الهادي ، بك يا علي يهتدي المهتدون» (١).

* وفي مجمع الزوائد : «قوله تعالى : (إنما أنت منذر) عن علي رضي‌الله‌عنه في قوله : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال : رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم المنذر ، والهادي رجل من بني هاشم.

رواه عبد الله بن أحمد ، والطبراني في الصغير والأوسط ، ورجال المسند ثقات» (٢).

* وفي الدر المنثور : «وأخرج ابن جرير وابن مردويه ، وأبو نعيم في المعرفة ، والديلمي ، وابن عساكر ، وابن النجار ، قال : لما نزلت (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) وضع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يده على صدره فقال : أنا المنذر ، وأومأ بيده إلى منكب علي رضي‌الله‌عنه فقال : أنت الهادي ، يا علي! بك يهتدي المهتدون من بعدي.

وأخرج ابن مردويه ، عن أبي برزة الأسلمي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : (إنما أنت منذر) ووضع يده على صدر نفسه ، ثم وضعها على صدر علي ويقول : (ولكل قوم هاد).

وأخرج ابن مردويه ، والضياء في المختارة ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في الآية ، قال : رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم المنذر ،

__________________

(١) تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة أمير المؤمنين (عليه‌السلام) ـ ٢ / ٤١٥ ـ ٤١٧.

(٢) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ٧ / ٤١.


والهادي علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه.

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند ، وابن أبي حاتم ، والطبراني في الأوسط ، والحاكم ـ وصححه ـ وابن مردويه ، وابن عساكر ، عن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه ، في قوله : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، قال : رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم المنذر ، وأنا الهادي. وفي لفظ : والهادي رجل من بني هاشم ، يعني نفسه» (١).

* وفي شواهد التنزيل : «حدثني الوالد رحمه‌الله ، عن أبي حفص ابن شاهين ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي وإبراهيم بن خيرويه ، قالا : حدثنا حسن بن حسين.

وأخبرنا أبو بكر محمد بن عبد العزيز الجوري ، قال : أخبرنا الحسن ابن رشيق المصري ، قال : حدثنا عمر بن علي بن سليمان الدينوري ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن ازداد الدينوري ، قال : حدثنا الحسن بن الحسين الأنصاري ، قال : حدثنا معاذ بن مسلم ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا المنذر وعلي الهادي من بعدي ، وضرب بيده إلى صدر علي فقال : أنت الهادي من بعدي ، يا علي! بك يهتدي المهتدون.

أخبرنا أبو يحيى الحيكاني ، قال : أخبرنا أبو الطيب محمد بن الحسين بالكوفة قال : حدثنا علي بن العباس بن الوليد ، قال : حدثنا جعفر

__________________

(١) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٤ / ٤٥.


ابن محمد بن الحسين ، قال : حدثنا حسن بن حسين ، قال : حدثنا معاذ ابن مسلم الفراء ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) أشار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده إلى صدره فقال : أنا المنذر (ولكل قوم هاد) ثم أشار بيده إلى علي فقال : يا علي! بك يهتدي المهتدون بعدي.

أخبرنا أبو بكر ابن أبي الحسن الهاروني ، قال : أخبرنا أبو العباس ابن أبي بكر الأنماطي المروزي ، أن عبد الله بن محمد بن علي بن طرخان حدثهم ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا عبد الأعلى بن واصل ، قال : حدثنا الحسن الأنصاري ـ وكان ثقة معروفا يعرف بالعرني ـ ، قال : حدثنا معاذ بن مسلم بياع الهروي ـ قال عبد الأعلى : وهذا شيخ روى عنه المحاربي ـ ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : (إنما أنت منذر) [قال :] قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا المنذر وعلي الهادي [ثم قال : يا علي!] بك يهتدي المهتدون بعدي.

حدثني أبو القاسم بن أبي الحسن الفارسي ، قال : أخبرنا أبي ، قال : أخبرنا محمد بن القاسم المحاربي ، قال : حدثنا القاسم بن هشام بن يونس ، قال : حدثني حسن بن حسين ، قال : حدثنا معاذ بن مسلم ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إنما أنت منذر) ووضع يده على صدره ، ثم قال : (ولكل قوم هاد) وأومأ بيده إلى منكب علي ، ثم قال : يا علي! بك يهتدي المهتدون.

حدثني أبو سعد السعدي ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر الحافظ ببغداد ، قال : أخبرنا أبو محمد جعفر بن محمد بن القاسم ،


قال : حدثنا إسماعيل بن محمد المزني ، قال : حدثنا حسن بن حسين به سواء ، قال : لما نزلت (إنما أنت منذر) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا يا علي المنذر ، وأنت الهادي ، بك يهتدي المهتدون بعدي.

وأخبرنا أبو سعد ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر الحافظ ببغداد ، قال : حدثني أبو بكر محمد بن الفتح الخياط ، قال : حدثنا أحمد ابن عبد الله بن يزيد المؤدب ، قال : حدثني أحمد بن داود ـ ابن أخت عبد الرزاق ـ ، قال : حدثني أبو صالح ، قال : حدثني بعض رواة ليث ، عن ليث ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ليلة أسري بي ما سألت ربي شيئا إلا أعطانيه ، [و] سمعت مناديا من خلفي يقول : يا محمد! إنما أنت منذر ولكل قوم هاد.

قلت : أنا المنذر ، فمن الهادي؟ قال : علي الهادي المهتدي ، القائد أمتك إلى جنتي غرا محجلين برحمتي.

[حدثنا] الجوهري ، [قال :] حدثنا المرزباني ، [قال :] أخبرنا علي ابن محمد الحافظ ، قال : حدثني الحبري ، قال : حدثنا حسن بن حسين ، قال : حدثنا حبان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس [في قوله تعالى] : (ولكل قوم هاد) [قال : هو] علي عليه‌السلام.

و [قال :] حدثنا إسماعيل بن صبيح ، قال : أنبأني أبو الجارود ، عن أبي داود ، عن أبي برزة ، قال ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : (إنما أنت منذر) ثم يرد يده إلى صدره ، ثم يقول : (ولكل قوم هاد) ويشير إلى علي بيده.

أخبرنا عقيل بن الحسين ، قال : أخبرنا علي بن الحسين ، قال : حدثنا محمد بن عبيد الله ، قال : حدثنا محمد بن الطيب السامري بها ، قال :


حدثنا إبراهيم بن فهد ، قال : حدثنا الحكم بن أسلم ، قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة [في قوله تعالى] : (إنما أنت منذر) يعني : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، [وفي قوله] : (ولكل قوم هاد) قال : سألت عنها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : إن هادي هذه الأمة علي بن أبي طالب.

حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ إملاء وقراءة ، قال : أخبرني أبو بكر ابن أبي دارم الحافظ بالكوفة ، قال : أخبرنا المنذر بن محمد بن المنذر بن سعيد اللخمي من أصل كتابه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي الحسين بن سعيد ، قال : حدثني أبي سعيد بن أبي الجهم ، عن أبان بن تغلب ، عن نفيع بن الحارث ، قال ، حدثني أبو برزة الأسلمي ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : (إنما أنت منذر) ووضع يده على صدر نفسه ، ثم وضعها على يد علي وقال : (ولكل قوم هاد).

قال الحاكم : تفرد به المنذر بن محمد القابوسي بإسناده ، وهو من حديث أبان عجب جدا.

أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي ، [قال] أخبرنا أبو بكر الجرجرائي ، قال : أخبرنا أبو أحمد البصري ، قال : حدثنا أحمد بن عباد ، قال : حدثنا زكريا بن يحيى ، قال : حدثنا إسماعيل بن صبيح ، قال : حدثنا أبو الجارود زياد بن المنذر ، عن أبي داود ، عن أبي برزة الأسلمي ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : (إنما أنت منذر) ثم ضرب يده إلى صدره ، (ولكل قوم هاد) ويشير إلى علي عليه‌السلام.

أخبرنا الحاكم الوالد ، قال : أخبرنا أبو حفص ، قال : حدثنا أحمد بن


محمد بن سعيد ، وعمر بن الحسن ، قالا : أخبرنا أحمد بن الحسن.

وأخبرنا أبو بكر بن أبي الحسن الحافظ ، أن عمر بن الحسن بن علي ابن مالك أخبرهم ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن الخراز ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا حصين بن مخارق ، عن حمزة الزيات ، عن عمر بن عبد الله ابن يعلى بن مرة ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) فقال : أنا المنذر ، وعلي الهاد [ي]. لفظا واحدا.

أخبرنا أبو الحسن النجار ، قال : أخبرنا الطبراني ، قال : حدثنا الفضل ابن هارون ، قال : حدثنا عثمان.

وأخبرنا أبو الحسن الأهوازي ، قال : أخبرنا أبو الحسن الشيرازي ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجية ، قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا مطلب بن زياد الأسدي ، عن السدي ، عن عبد خير ، عن علي في قوله : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال : رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر ، والهادي رجل من بني هاشم.

[ساقاه] لفظا سواء [وقالا :] قال : تفرد به عثمان.

وأخبرنا أبو عبد الله ، قال : أخبرنا أبو بكر القطيعي ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة به كلفظه.

أخبرنا أبو عبد الله الثقفي ، قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق المسوحي ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله ابن صالح ، قال : حدثنا المطلب ، قال : حدثنا السدي ، عن عبد خير ، عن علي ، في قوله : (إنما أنت منذر) ، قال : المنذر النبي ، والهادي رجل من بني هاشم. يعني نفسه.


أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد ، قال : حدثنا محمد بن أحمد ابن محمد بن علي ، قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى ، قال : حدثني المغيرة بن محمد ، قال : حدثني إبراهيم بن محمد ابن عبد الرحمن الأزدي ـ سنة ست عشرة ومائتين ـ ، قال : حدثنا قيس ابن الربيع ، ومنصور بن أبي الأسود ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد الله ، قال : قال علي : ما نزلت من القرآن آية إلا وقد علمت في من نزلت ، قيل : فما نزل فيك؟ فقال : لولا أنكم سألتموني ما أخبرتكم ، نزلت في [هذه] الآية : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) فرسول الله المنذر ، وأنا الهادي إلى ما جاء به.

حدثني أبو الحسن الفارسي ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الشيباني ، قال : حدثنا أحمد بن علي بن رزين الباشاني ، قال : حدثنا عبد الله ابن الحرث ، قال : حدثنا إبراهيم بن الحكم بن ظهير ، قال : حدثني أبي ، عن حكيم بن جبير ، عن أبي برزة الأسلمي ، قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالطهور وعنده علي بن أبي طالب ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيد علي ـ بعدما تطهر ـ فألزقها بصدره ، فقال : (إنما أنت منذر) ثم ردها إلى صدر علي ثم قال : (ولكل قوم هاد) ، ثم قال : إنك منار الأنام ، وراية الهدى ، وأمين القرآن ، أشهد على ذلك أنك كذلك.

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الحرضي ، قال : حدثنا يحيى بن منصور القاضي ، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم العبدي ، قال : حدثنا هشام بن عمار ، قال : حدثنا عراك بن خالد ، قال : حدثنا يحيى بن الحارث ، قال : حدثنا عبد الله بن عامر ، قال : أزعجت الزرقاء الكوفية إلى معاوية ، فلما أدخلت عليه قال لها معاوية : ما تقولين في مولى المؤمنين


علي ، فأنشأت تقول :

صلى الإله على قبر تضمنه

نور فأصبح فيه العدل مدفونا

من حالف العدل والإيمان مقترنا

فصار بالعدل والإيمان مقرونا

فقال لها معاوية : كيف غرزت فيه هذه الغريزة؟ فقالت : سمعت الله يقول في كتابه لنبيه : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) المنذر رسول الله ، والهادي علي ولي الله.

أخبرنا السيد أبو منصور [ظفر بن محمد] الحسيني ، قال : حدثنا ابن ماني ، قال : حدثنا الحبري ، قال : حدثنا حسن بن [الحسين العرني] ، قال : حدثنا علي بن القاسم ، عن عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه ، في قول الله عزوجل : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، قال : محمد المنذر ، وعلي الهاد [ي]»(١).

* * *

__________________

(١) شواهد التنزيل إلى قواعد التفضيل ١ / ٣٨١ ـ ٣٩٥.


الفصل الثاني

في بيان صحة الحديث

قد تبين مما تقدم كثرة أسانيد هذا الحديث الشريف ، ثم إن غير واحد من الأئمة الحفاظ قالوا بصحته ، منهم :

* الحاكم النيسابوري ، الذي نص على صحة ما أخرجه ، وحكى تصحيحه غير واحد من الأعلام كالحافظ السيوطي.

* والضياء المقدسي ، إذ أخرجه في كتابه المختارة كما في الدر المنثور وغيره ، وكتابه المذكور يعتبر من الكتب الصحاح ، لالتزامه فيه بالصحة كما نص عليه العلماء ، كالحافظ السيوطي حيث قال في ذكر من صحح الأحاديث :

«ومنهم : الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي ، جمع كتابا سماه (المختارة) التزم فيه الصحة ، وذكر فيه أحاديث لم يسبق إلى تصحيحها» (١).

وفي كشف الظنون : «المختارة في الحديث ، للحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي ، المتوفى سنة ٦٤٣ ، التزم فيه الصحة ، فصحح فيه أحاديث لم يسبق إلى تصحيحها.

قال ابن كثير : وهذا الكتاب لم يتم ، وكان بعض الحفاظ من مشايخنا

__________________

(١) تدريب الراوي

١ / ١١٥.


يرجحه على مستدرك الحاكم. كذا في الشذا الفياح»(١).

قلت :

وهذه عبارة ابن كثير في حوادث سنة ٦٤٣ ، حيث ذكر وفاة الضياء وترجم له ، فقال :

«وألف كتبا مفيدة حسنة كثيرة الفوائد ، من ذلك : كتاب الأحكام ، ولم يتمه. وكتاب المختارة وفيه علوم حسنة حديثية ، وهي أجود من مستدرك الحاكم لو كمل ...» (٢).

* وأبو بكر الهيثمي ، إذ روى الحديث عن بعض الأئمة ، ثم نص على أن «رجال المسند ثقات» (٣).

من أسانيده الصحيحة :

وهذا بيان وثاقة رجال سند مسند أحمد :

فأما عبد الله بن أحمد :

فغني عن التوثيق.

وأما عثمان بن أبي شيبة :

فهو : عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي ، أبو الحسن ، ابن أبي شيبة ، الكوفي. قال الحافظ ابن حجر بعد أن ذكره كذلك : «ثقة حافظ شهير ، وله أوهام ، وقيل : كان لا يحفظ القرآن ، من العاشرة ، مات سنة تسع وثلاثين وله ثلاث وثمانون سنة» وقد وضع عليه علامة : «البخاري

__________________

(١) كشف الظنون ٢ / ١٦٢٤.

(٢) تاريخ ابن كثير ١٣ / ١٧٠.

(٣) مجمع الزوائد ٧ / ٤١.


ومسلم والنسائي وابن ماجة» (١).

وأما مطلب بن زياد :

فذكره الحافظ ابن حجر بقوله : «المطلب بن زياد بن أبي زهير ، الثقفي ، مولاهم ، الكوفي ، صدوق ، ربما وهم ، من الثامنة ، مات سنة خمس وثمانين» ثم وضع عليه من العلائم : بخ ص ق (٢).

وأما السدي :

فهو : إسماعيل بن عبد الرحمن ، أخرج له مسلم والأربعة ، كذا علم الحافظ ، وقد وصفه بالصدق (٣).

وأما عبد خير :

فهو : عبد خير بن يزيد ، وهو من رجال الصحاح الستة كما علم الحافظ ، وقال : «مخضرم ، ثقة ، من الثانية ، لم تصح له صحبة» (٤).

وقال أيضا : «قال أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي : سألت أحمد بن حنبل عن الثبت في علي ، فذكر عبد خير فيهم» (٥).

وقال ابن عبد البر : «أدرك زمن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم ولم يسمع منه ، وهو من كبار أصحاب علي ، ثقة مأمون» (٦).

هذا ، ولا يخفى أن الهيثمي الذي حكم بأن «رجال أحمد ثقات» من أشهر وأعظم أئمة الحديث وعلماء الجرح والتعديل عندهم ، ولا بأس

__________________

(١) تقريب التهذيب ٢ / ١٣.

(٢) تقريب التهذيب ٢ / ٢٥٤.

(٣) تقريب التهذيب ١ / ٧١.

(٤) تقريب التهذيب ١ / ٤٧٠.

(٥) تهذيب التهذيب ٦ / ١٢٤.

(٦) الإستيعاب ٣ / ١٠٠٥.


بنقل الكلمات التالية في حقه :

ابن حجر : «صار كثير الاستحضار للمتون جدا لكثرة الممارسة ، وكان هينا لينا خيرا ...».

البرهان الحلبي : «إنه كان من محاسن القاهرة».

التقي الفاسي : «كان كثير الحفظ للمتون والآثار ، صالحا خيرا ...».

الأفقهسي : «كان إماما عالما ، حافظا ، زاهدا ، متواضعا ، متوددا إلى الناس ، ذا عبادة وتقشف وورع».

السخاوي : «الثناء على دينه وزهده وورعه ونحو ذلك كثير جدا ، بل هو في ذلك كلمة اتفاق» (١).

السيوطي : «الهيثمي الحافظ ... قال الحافظ ابن حجر : كان خيرا ساكنا ، صينا سليم الفطرة ، شديد الإنكار للمنكر ...» (٢).

قلت :

وللحديث أسانيد صحيحة غير ما ذكر ، ومن ذلك :

* رواية الحبري ، فإن سندها صحيح ، كما ذكرنا في بحثنا عن سورة الدهر.

* وقد رواه الحاكم الحسكاني ، عن الجوهري ، عن المرزباني ، عن علي بن محمد الحافظ ، عن الحبري ... وقد ترجمنا لهم في مبحث سورة الدهر كذلك ، فلا نعيد.

* رواية الطبراني ، وهي عن الفضل بن هارون البغدادي ـ صاحب

__________________

(١) تجد هذا الكلمات في الضوء اللامع ٥ / ٢٠٠.

(٢) طبقات الحفاظ : ٥٤١ ، حسن المحاضرة في محاسن مصر والقاهرة ١ / ٣٦١.


أبي ثور ـ عن عثمان بن أبي شيبة .. بالإسناد المتقدم عن مسند أحمد.

* ورواه الحافظ الخطيب البغدادي ، عن محمد بن عبد الله بن شهريار ، عن الطبراني .. بالإسناد المتقدم بترجمة الفضل بن هارون ، ولم يتكلم عليه بشئ أصلا (١).

* رواية ابن عساكر ، فقد روى الحديث بأسانيد بعضها صحيح بلا كلام ، ومن ذلك روايته :

عن ابن الحصين ، وقد وصفه الذهبي بقوله : «الشيخ الجليل ، المسند الصدوق».

وحكى عن السمعاني قوله : «شيخ ثقة دين ، صحيح السماع ، واسع الرواية ... وكانوا يصفونه بالسداد والأمانة والخيرية».

وعن ابن الجوزي : «كان ثقة» (٢).

عن ابن المذهب ، وقد ترجم له الذهبي كذلك ، ووصفه ب «الإمام العالم ، مسند العراق» (٣).

وقال الخطيب : «كتبت عنه ، وكان يروي عن القطيعي مسند أحمد بأسره ، وكان سماعه صحيحا إلا أجزاء منه ، فإنه ألحق اسمه» (٤) فقال ابن الجوزي : «وهذا لا يوجب القدح ، لأنه إذا تيقن سماعه للكتاب جاز أن يكتب سماعه بخطه» (٥).

عن القطيعي ، قال الذهبي : «الشيخ العالم المحدث ، مسند الوقت ...

__________________

(١) تاريخ بغداد ١٢ / ٣٧٢.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٩ / ٥٣٦.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٧ / ٦٤٠.

(٤) تاريخ بغداد ٧ / ٣٩٠.

(٥) المنتظم ٨ / ١٥٥.


راوي مسند الإمام أحمد ... حدث عنه : الدارقطني وابن شاهين ، والحاكم ...» وذكر جماعة ، ثم حكى قول الدارقطني : «ثقة زاهد قديم ، سمعت أنه مجاب الدعوة» والبرقاني : «كان صالحا ... ثبت عندي أنه صدوق» والحاكم أنه : «حسن حاله وقال : كان شيخي» (١).

عن عبد الله بن أحمد ، بالإسناد المتقدم عن المسند.

وبعد ، فإنه يكفي أن يكون للحديث سند واحد صحيح ، وقد رأينا أن له عدة أسانيد صحيحة ، وهناك عشرات الأسانيد الأخرى ، ومن جملتها ما في تفسير الثعلبي ، ولو كانت كل هذه ضعافا فلا ريب في صلاحيتها لتأييد الصحاح المذكورة.

على أن للحديث شواهد لا تحصى ، وستقف على طرف منها.

أقول :

فهلم معي لننظر كيف يضطرب المتعصبون أمام هذا الحديث الصحيح في إسناده ، والصريح في مفاده!! ..

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٢١٠ ـ ٢١٣.


الفصل الثالث

في دفع شبهات المخالفين

وأنت إذا لاحظت كلماتهم وتدبرتها فسوف لن تجد لواحد منهم كلاما مقبولا في سند حديثنا ، أو وجها معقولا يحمل عليه معناه ، وإليك أولا نصوص عبارات هؤلاء :

١ ـ ابن الجوزي :

قال أبو الفرج ابن الجوزي بتفسير الآية المباركة : «وقد روى المفسرون من طرق ، ليس فيها ما يثبت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت هذه الآية وضع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يده على صدره فقال : أنا المنذر ، وأومأ بيده إلى منكب علي فقال : أنت الهادي ، يا علي! بك يهتدى من بعدي.

قال المصنف : وهذا من موضوعات الرافضة " (١).

٢ ـ الذهبي :

وقال الذهبي معلقا على رواية الحاكم وتصحيحه : «قلت : بل كذب ، قبح الله واضعه» (٢).

__________________

(١) زاد المسير ٤ / ٣٠٧.

(٢) تلخيص المستدرك ٣ / ١٣٠.


وقال أيضا بترجمة الحسن بن الحسين العرني ـ : «وقال ابن الأعرابي : حدثنا الفضل بن يوسف الجعفي ، حدثنا الحسن بن الحسين الأنصاري ـ في مسجد حبة العرني ـ ، حدثنا معاذ بن مسلم ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد ، عن ابن عباس ...

رواه ابن جرير في تفسيره ، عن أحمد بن يحيى ، عن الحسن ، عن معاذ. ومعاذ نكرة ، فلعل الآفة منه» (١).

٣ ـ ابن كثير :

وقال ابن كثير ـ بعد رواية ابن جرير الطبري ـ : «وهذا الحديث فيه نكارة».

ثم قال : «وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا عثمان ابن أبي شيبة ، حدثنا المطلب بن زياد ، عن السدي ، عن عبد خير ، عن علي : (ولكل قوم هاد) قال : الهادي رجل من بني هاشم. قال الجنيد : هو علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه.

قال ابن أبي حاتم : وروي عن ابن عباس في إحدى الروايات. وعن أبي جعفر محمد بن علي نحو ذلك» انتهى (٢).

٤ ـ أبو حيان :

وقال أبو حيان الأندلسي بتفسيرها : «عن ابن عباس : لما نزلت

__________________

(١) ميزان الاعتدال ١ / ٤٨٤.

(٢) تفسير ابن كثير ٢ / ٤٣٣ ـ ٤٣٤.


وضع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يده على صدره وقال : أنا منذر ...

قال القشيري : نزلت في النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وعلي بن أبي طالب.

... وقالت فرقة : الهادي : علي بن أبي طالب.

وإن صح ما روي عن ابن عباس مما ذكرناه في صدر هذه الآية ، فإنما جعل الرسول صلى الله عليه [وآله] وسلم علي بن أبي طالب مثالا من علماء الأمة وهداتها ، فكأنه قال : أنت يا علي هذا وصفك ، ليدخل في ذلك أبو بكر وعمر وعثمان وسائر علماء الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، ثم كذلك علماء كل عصر.

فيكون المعنى على هذا : إنما أنت يا محمد منذر ، ولكل قوم في القديم والحديث دعاة هداة إلى الخير» (١).

٥ ـ ابن روزبهان :

وقال ابن روزبهان ـ في الرد على استدلال العلامة الحلي بالحديث ـ : «ليس هذا في تفاسير السنة ، ولو صح دل على أن عليا هاد ، وهو مسلم ، وكذا أصحاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم هداة ، لقوله صلى الله عليه [وآله] وسلم : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ، ولا دلالة فيه على النص» (٢).

__________________

(١) البحر المحيط ٥ / ٣٦٧ ـ ٣٦٨.

(٢) إبطال نهج الباطل ـ في الرد على نهج الحق ـ المطبوع مع إحقاق الحق ٣ / ٩٣.


٦ ـ ابن تيمية :

وقال ابن تيمية الحراني ـ في الرد على استدلال العلامة الحلي بالحديث ـ :

«والجواب من وجوه : أحدها : أن هذا لم يقم دليل على صحته ، فلا يجوز الاحتجاج [به]. وكتاب الفردوس للديلمي فيه موضوعات كثيرة أجمع أهل العلم على أن مجرد كونه رواه لا يدل على صحة الحديث ، وكذلك رواية أبي نعيم لا تدل على الصحة.

الثاني : أن هذا كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث ، فيجب تكذيبه ورده.

الثالث : أن هذا الكلام لا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم ، فإن قوله : (أنا المنذر ، وبك يا علي يهتدي المهتدون) ظاهره أنهم بك يهتدون دوني ، وهذا لا يقوله مسلم ، فإن ظاهره أن النذارة والهداية مقسومة بينهما ، فهذا نذير لا يهتدى به ، وهذا هاد ، [وهذا] لا يقوله مسلم.

الرابع : أن الله تعالى قد جعل محمدا هاديا فقال : (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم * صراط الله) [سورة الشورى : ٥٢ و ٥٣] فكيف يجعل الهادي من لم يوصف بذلك دون من وصف به؟!

الخامس : أن قوله : (بك يهتدي المهتدون) ظاهره أن كل من اهتدى من أمة محمد فبه اهتدى ، وهذا كذب بين ، فإنه قد آمن بالنبي صلى الله عليه [وآله] وسلم خلق كثير ، واهتدوا به ، ودخلوا الجنة ، ولم يسمعوا من


علي كلمة واحدة ، وأكثر الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه [وآله] وسلم واهتدوا به لم يهتدوا بعلي في شئ.

وكذلك لما فتحت الأمصار وآمن واهتدى الناس بمن سكنها من الصحابة وغيرهم ، كان جماهير المؤمنين لم يسمعوا من علي شيئا ، فكيف يجوز أن يقال : بك يهتدي المهتدون؟!

السادس : أنه قد قيل معناه : إنما أنت نذير ولكل قوم هاد ، وهو الله تعالى ، وهو قول ضعيف. وكذلك قول من قال : أنت نذير وهاد لكل قوم ، قول ضعيف. والصحيح أن معناها : إنما أنت نذير ، كما أرسل من قبلك نذير ، ولكل أمة نذير يهديهم أي يدعوهم ، كما في قوله : (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) [سورة فاطر : ٢٤] ، وهذا قول جماعة من المفسرين ، مثل قتادة وعكرمة وأبي الضحى وعبد الرحمن بن زيد.

قال ابن جرير الطبري : (حدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة.

وحدثنا أبو كريب ، حدثنا [وكيع ، حدثنا] سفيان ، عن السدي ، عن عكرمة ومنصور ، عن أبي الضحى : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قالا : محمد هو المنذر وهو الهادي).

(حدثنا يونس ، حدثنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : لكل قوم نبي. الهادي : النبي والمنذر : النبي أيضا. وقرأ : (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) [سورة فاطر : ٢٤] ، وقرأ : (نذير من النذر الأولى) [سورة النجم : ٥٦] ، قال : نبي من الأنبياء).

(حدثنا بشار ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن


مجاهد ، قال : المنذر : محمد ، (ولكل قوم هاد) قال : نبي).

وقوله : (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) [سورة الإسراء : ٧١] إذ الإمام [هو] الذي يؤتم به ، أي يقتدى به. وقد قيل : إن المراد به هو الله الذي يهديهم ، والأول أصح.

وأما تفسيره بعلي فإنه باطل ، لأنه قال : (ولكل قوم هاد) ، وهذا يقتضي أن يكون هادي هؤلاء غير هادي هؤلاء ، فيتعدد الهداة ، فكيف يجعل علي هاديا لكل قوم من الأولين والآخرين؟!

السابع : أن الاهتداء بالشخص قد يكون بغير تأميره عليهم ، كما يهتدى بالعالم ، وكما جاء في الحديث الذي فيه : (أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم) فليس هذا صريحا في أن الإمامة كما زعمه هذا المفتري.

الثامن : أن قوله (ولكل قوم هاد) نكرة في سياق الإثبات ، وهذا لا يدل على معين ، فدعوى دلالة القرآن على علي باطل ، والاحتجاج بالحديث ليس احتجاجا بالقرآن ، مع أنه باطل.

التاسع : أن قوله : (كل قوم) صيغة عموم ، ولو أريد أن هاديا واحدا للجميع لقيل : لجميع الناس هاد. لا يقال : (لكل قوم) ، فإن هؤلاء القوم [غير هؤلاء القوم] ، هو لم يقل : لجميع القوم ، ولا يقال ذلك ، بل أضاف (كلا) إلى نكرة ، لم يضفه إلى معرفة.

كما في قولك : (كل الناس يعلم أن هنا قوما وقوما متعددين ، وأن كل قوم لهم هاد ليس هو هادي الآخرين). وهذا يبطل قول من يقول : [إن] الهادي هو الله تعالى ، ودلالته على بطلان قول من يقول : (هو علي)


أظهر» (١).

٧ ـ الدهلوي :

وقال عبد العزيز الدهلوي ـ صاحب التحفة ـ ما هذا تعريبه : «ومنها قوله تعالى : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، ورد في الخبر المتفق عليه ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم أنه قال : أنا المنذر وعلي الهادي.

وهذه رواية الثعلبي في تفسيره ، وليس لمروياته ذاك الاعتبار التام.

وهذه الآية أيضا تعد من الآيات التي يذكرها أهل السنة في مقام الرد على مذهب الخوارج والنواصب ، ويتمسكون بالرواية المذكورة بتفسيرها ، وهي لا دلالة فيها على إمامة الأمير ونفي الإمامة عن غيره أصلا قطعا ، لأن كون الشخص هاديا لا يلازم إمامته ولا ينفي الهداية عن غيره ، ولو دل مجرد الهداية على الإمامة ، لكان المراد منها الإمام بمصطلح أهل السنة ، وهي الإمامة في الدين ، وهو غير محل النزاع». انتهى (٢).

٨ ـ الآلوسي :

وقال شهاب الدين الآلوسي بتفسير الآية : «وقالت الشيعة : إنه علي كرم الله تعالى وجهه ، ورووا في ذلك أخبارا ، وذكر ذلك القشيري منا.

وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه ، والديلمي ، وابن عساكر ، عن ابن

__________________

(١) منهاج السنة ٧ / ١٣٩ ـ ١٤٣.

(٢) التحفة الاثنا عشرية : ٢٠٧.


عباس ، قال : لما نزلت (إنما أنت منذر) الآية ، وضع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يده على صدره فقال : أنا المنذر ، وأومأ بيده إلى منكب علي كرم الله تعالى وجهه فقال : أنت الهادي ، يا علي! بك يهتدي المهتدون من بعدي.

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند ، وابن أبي حاتم ، والطبراني في الأوسط ، والحاكم وصححه ، وابن عساكر أيضا ، عن علي كرم الله تعالى وجهه ، أنه قال في الآية : رسول الله صلى الله تعالى عليه [وآله] وسلم المنذر وأنا الهادي. وفي لفظ : الهادي رجل من بني هاشم ـ يعني نفسه ـ واستدل بذلك الشيعة على خلافة علي كرم الله تعالى وجهه بعد رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بلا فصل.

وأجيب : بأنا لا نسلم صحة الخبر ، وتصحيح الحاكم محكوم عليه بعدم الاعتبار عند أهل الأثر ، وليس في الآية دلالة على ما تضمنه بوجه من الوجوه ، على أن قصارى ما فيه كونه كرم الله تعالى وجهه به يهتدي المهتدون بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه [وآله] وسلم وذلك لا يستدعي إلا إثبات مرتبة الإرشاد وهو أمر ، والخلافة التي نقول بها أمر لا تلازم بينهما عندنا.

وقال بعضهم : إن صح الخبر يلزم القول بصحة خلافة الثلاثة رضي الله تعالى عنهم ، حيث دل على أنه كرم الله تعالى وجهه على الحق في ما يأتي ويذر ، وأنه الذي يهتدى به ، وهو قد بايع أولئك الخلفاء طوعا ، ومدحهم وأثنى عليهم خيرا ، ولم يطعن في خلافتهم ، فينبغي الاقتداء به والجري على سننه في ذلك ، ودون إثبات خلاف ما أظهر خرط القتاد.

وقال أبو حيان : إنه صلى الله عليه [وآله] وسلم على فرض صحة


الرواية إنما جعل عليا كرم الله تعالى وجهه مثالا من علماء الأمة وهداتها إلى الدين ، فكأنه عليه الصلاة والسلام قال : يا علي هذا وصفك ، فيدخل الخلفاء الثلاث ، وسائر علماء الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، بل وسائر علماء الأمة.

وعليه : فيكون معنى الآية : إنما أنت منذر ولكل قوم في القديم والحديث إلى ما شاء الله تعالى هداة دعاة إلى الخير.

وظاهره أنه لم يحمل تقديم المعمول في خبر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما على الحصر الحقيقي ، وحينئذ لا مانع من القول بكثرة من يهتدى به.

ويؤيد عدم الحصر ما جاء عندنا من قوله صلى الله عليه [وآله] وسلم : (اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر) وأخبار أخر متضمنة لإثبات من يهتدى به غير علي كرم الله تعالى وجهه ، وأنا أظنك لا تلتفت إلى التأويل ، ولا تعبأ بما قيل ، وتكتفي بمنع صحة الخبر وتقول : ليس في الآية مما يدل عليه عين ولا أثر» (١).

أقول :

وكلامهم حول هذا الحديث الشريف يكون في جهتين ، جهة السند ، وجهة الدلالة ، ونحن نتكلم على كلتا الجهتين ، بالنظر إلى الكلمات المذكورة ، لتظهر الحقيقة لكل منصف حر ..

__________________

(١) روح المعاني ١٣ / ١٠٨.


١ ـ كلماتهم في ما يتعلق بالسند

أما من جهة سند الحديث ، فكلماتهم مضطربة جدا ، فهم بعدما لا يذكرون إلا أحد أسانيده فقط ، يختلفون في الحكم عليه بين مشكك في الصحة ، كأبي حيان ، يقول : «إن صح» والآلوسي : «أجيب : لا نسلم صحة هذا الحديث» ، وبين قائل بوضعه ، كابن الجوزي ، إذ يقول : «هذا من موضوعات الرافضة» ، وبين منكر لأصل وجوده في تفاسيرهم ، كابن روزبهان.

* فأول ما في هذه الكلمات : إنها ناظرة إلى حديث ابن عباس ، فلاحظ زاد المسير والبحر المحيط وميزان الاعتدال والتحفة الاثنا عشرية حيث اقتصروا فيها على رواية ابن عباس ، محاولة منهم ـ بعد فرض كونه ضعيفا ـ للطعن في أصل الحديث .. وهذا الأسلوب من أبي الفرج ابن الجوزي ـ خاصة ـ معروف .. ولذا لا يعبأ المحققون بحكمه على الأحاديث بالوضع إلا أن يثبت عندهم ذلك بدليل قطعي .. ومن هنا نرى أن أبا حيان ـ مثلا ـ يكتفي بالتشكيك في الصحة ولا يجرأ على الحكم بالضعف ، فضلا عن الوضع.

* ثم إنهم ما ذكروا أي دليل على ضعف سند الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، فضلا عن كونه موضوعا ، ومن الواضح أن مجرد الدعوى لا يكفي لرد أي حديث من الأحاديث مطلقا.

أما كونه من روايات الثعلبي في تفسيره ، أو الديلمي في الفردوس ، لوجود الموضوعات الكثيرة فيهما ، فلا يكفي دليلا على سقوط الحديث ،


كما لا يكفي دليلا على ثبوته.

والذي يظهر من الذهبي في ميزان الاعتدال حيث أورده بترجمة «الحسن بن الحسين العرني» أن سبب الضعف كون هذا الرجل في طريقه ، لكنه لما رأى أن الطبري يرويه بسنده عنه عن معاذ بن مسلم ، عدل عن ذلك قائلا «معاذ نكرة ، فلعل الآفة منه»!!

لكن «الحسن بن الحسين العرني» وثقه الذهبي تبعا للحاكم (١) فصح الحديث وبطل ما صنعه في (الميزان) ، وأما «معاذ» فليس بنكرة كما عبر هنا ، ولا بمجهول كما عبر بترجمته ، بل هو معرفة حتى عنده كما ستعرف.

وبعد ، فإن الاقتصار على سند واحد للحديث ، أو نقله عن كتاب واحد من الكتب ، ثم رد أصل الحديث وتكذيبه من الأساس خيانة للدين ، وتلبيس للحقيقة ، وتضييع للحق ، وتخديع للقارئ ..!!

* وسواء صح الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، أو لم يصح ، بل حتى لو لم يصح عن ابن عباس شئ في الباب ، ففي رواية الصحابة الآخرين كفاية لذوي الألباب.

بل تكفي الرواية فيه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام :

فأما رواية عباد بن عبد الله الأسدي عنه عليه‌السلام ، فأخرجها الحاكم في المستدرك وصححها ، وهي :

عن أبي عمرو ابن السماك ، المتوفى سنة ٣٤٤ ، وصفه الذهبي ب «الشيخ الإمام المحدث ، المكثر الصادق ، مسند العراق ...» (٢).

عن عبد الرحمن بن محمد الحارثي ، الملقب ب «كربزان» ، المتوفى

__________________

(١) المستدرك وتلخيصه ٣ / ٢١١.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤٤٤.


سنة ٢٣١ ، وصفه الذهبي ب «المحدث المعمر البقية» ثم نقل عن ابن أبي حاتم قوله : «كتبت عنه مع أبي ، تكلموا فيه ، وسألت أبي عنه فقال : شيخ». قال : «وقال الدارقطني : ليس بالقوي» (١) ، ومن هنا أورده في ميزان الاعتدال.

لكن تعقبه الحافظ ابن حجر بقوله : «وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال : حدثنا عنه ابنه محمد بن عبد الرحمن بالبصرة ، وقال إبراهيم بن محمد : كان موسى بن هارون حسن الرأي فيه. وحدث أيضا عن : معاذ ابن هشام ، وقريش بن أنس ، ووهب بن جرير.

وعنه : ابن صاعد ، وابن مخلد ، والصفار ، وأبو بكر الشافعي ، وآخرون.

وقال ابن الأعرابي : مات في ذي الحجة سنة ٢٧١.

وقال مسلمة بن قاسم : ثقة مشهور " (٢).

قلت :

فالرجل ثقة ، لا سيما وأنه شيخ أبي حاتم الرازي ، وقد سأله عنه ابنه فلم يقدح فيه ، بل قال : «شيخ» وقد نص الذهبي نفسه على أن أبا حاتم متعنت في الرجال (٣) مضافا إلى توثيق ابن الحاكم ومسلمة وابن حبان وغيرهم ، ورواية جماعة من الأئمة عنه ، ورضاهم إياه ، فلا أثر لقول الدارقطني : «ليس بالقوي».

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٣ / ١٣٨.

(٢) لسان الميزان ٣ / ٤٣١.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٤٧.


عن حسين بن حسن الأشقر ، وهذا الرجل قد ترجمنا له في مباحث آية التطهير ، وآية المودة ، وأثبتنا وثاقته وصدقه عن : أحمد بن حنبل ، والنسائي ، ويحيى بن معين ، وابن حبان ، وإنما ذنبه الوحيد عند الذهبي ومن على مذهبه كونه من الشيعة ، وقد تقرر أن التشيع غير مضر بالوثاقة ، كما في «مقدمة فتح الباري في شرح البخاري» وغيره ، وبينا ذلك في مقدمات الكتاب ...

عن منصور بن أبي الأسود ، قال الحافظ : «صدوق ، رمي بالتشيع» واضعا عليه علامة : أبي داود ، والترمذي ، والنسائي (١).

عن الأعمش ، سليمان بن مهران ، المتوفى سنة ١٤٧ أو ١٤٨ ، قال الحافظ : «ثقة حافظ» وهو من رجال الصحاح الستة (٢).

عن المنهال بن عمرو ، وهو من رجال البخاري والأربعة. قال الحافظ : «صدوق ، ربما وهم» (٣).

عن عباد بن عبد الله الأسدي ، وهو من أعلام التابعين ، وقد روى القوم عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله : «خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم» (٤) وعلى هذا الأساس قالوا بعدالة التابعين كالصحابة.

وقد أخرج النسائي عن عباد في خصائص علي عليه‌السلام من سننه ، وقد قالوا بأن للنسائي شرطا في الصحيح أشد من شرط البخاري ومسلم (٥) ، إلا أن غير واحد من القوم تكلموا في الرجل لروايته عن

__________________

(١) تقريب التهذيب ٢ / ٢٧٥.

(٢) تقريب التهذيب ١ / ٣٣١.

(٣) تقريب التهذيب ٢ / ٢٧٨.

(٤) جامع الأصول ٨ / ٥٤٧ ـ ٥٥٠ ف ١ ب ٤ في فضائل الصحابة.

(٥) تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٠٠.


علي عليه‌السلام بعض فضائله كقوله : «أنا الصديق الأكبر» (١).

فالحق : صحة هذا الحديث كما قال الحاكم ، وقول الذهبي في تلخيصه بكذبه باطل.

وأما رواية عبد خير ، عنه عليه‌السلام ، فهي في مسند أحمد ، وقد حكم الحافظ الهيثمي بأن رجالها ثقات .. وقد عرفت ـ من ترجمة رجالها ـ كونهم ثقات عند الكل ، فكان على القوم نقل هذا الرواية ـ قبل غيرها من الروايات ـ في ذيل الآية المباركة ، وتفسيرها بها ، لا بقول زيد وعمرو من المفسرين بآرائهم ، لكنهم لم يفعلوا هذا ، لما في قلوبهم من المرض ، توصلا لما أشرنا إليه من الغرض!!

نعم ، وجدنا ابن كثير يذكره بتفسير الآية ، فهو بعد أن ذكر الحديث عن ابن عباس برواية ابن جرير الطبري ، قال : «في هذا الحديث نكارة شديدة»!! رواه عن ابن أبي حاتم بسنده عن عبد خير عن علي ، وهو السند الوارد في مسند أحمد ، وأضاف ابن كثير : «قال ابن أبي حاتم : وروي عن ابن عباس ـ في إحدى الروايات ـ وعن أبي جعفر محمد بن علي نحو ذلك».

وقد كان على ابن كثير ـ الذي قال عن حديث الطبري ما قال بغير حق ـ أن يعترف بصحة هذا الحديث ويجعله الأصل في تفسير الآية ، لكنه لم يفعل هذا ، لما بين جنبيه من الروح الأموية!!

ثم جاء بعض المتقولين في عصرنا فأورد كلام ابن كثير بعد رواية الطبري واعتمده ، موهما اقتصار ابن كثير على تلك الرواية ، مع أنه عقبها

__________________

(١) لاحظ : هامش تهذيب الكمال ١٤ / ١٣٩.


برواية ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن عبد خير ، ولم يتكلم عليها بشئ ، وسكوته دليل على قبوله وإلا لتكلم عليها كما صنع بالنسبة إلى رواية ابن جرير.

فهكذا يريد المتقولون أن يردوا على كتب أصحابنا ويبطلوا أدلتنا!!

وتلخص : أن للحديث أسانيد صحيحة متعددة من طرق أهل السنة ، وفيها ما اعترف الأئمة بصحته.

إذا لا مجال لأية مناقشة فيه من هذه الناحية ، والحديث ـ مع وروده من طرق أصحابنا عن أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ـ مقطوع بصدوره عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ..

تنبيهات

الأول : إنه قد ظهر مما حققناه صحة هذا الحديث بطرق عديدة ، فقول ابن تيمية : «إن هذا كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث ، فيجب تكذيبه ورده» هو الكذب والباطل ، ولكن ابن تيمية معروف ـ لدى أهل العلم بالحديث ـ بتعمده للكذب في مثل هذا الموضع ، اللهم إلا أن يكون مقصوده من «أهل العلم بالحديث» نفسه وبعض أتباعه!!

الثاني : لا يخفى أن حديثنا هذا غير مدرج أصلا في كتاب الموضوعات لابن الجوزي ، ولا في غيره مما بأيدينا من الكتب المؤلفة في الأحاديث الموضوعة ، كما أنا لم نجده في كتابه العلل المتناهية في الأحاديث الواهية.

ومن هنا أيضا يمكن القول ببطلان حكمه على الحديث بالوضع


في (تفسيره) ، اللهم إلا أن يكون مقصوده خصوص حديث ابن عباس الذي ذكره ، فيرد عليه حينئذ ما تقدم من أن الاقتصار على طريق غير معتبر ـ بزعمه ـ مع وجود طرق أخرى له صحيحة ، غير جائز ، لا سيما في تفسير الآيات القرآنية ، فكيف لو ذكر الطريق غير المعتبر ثم رمي أصل الحديث بالوضع؟!!

الثالث : إن قول البعض ـ في رد رواية الثعلبي ـ بأن «الثعلبي حاطب ليل» جاء تقليدا لابن تيمية ، فإنه الذي رماه بذلك في كتابه منهاج السنة ، وقد قدمنا سابقا ترجمة الثعلبي والثناء بالجميل عليه ، عن أوثق مصادر القوم.

وإن كلامه حول سند رواية الطبري يشتمل على تعصب وجهل كثير ، وفيما يلي توضيح ذلك :

١ ـ لقد اقتصر في «عطاء بن السائب» على كلام أبي حاتم ، ومع ذلك ففيه التصريح بكونه صدوقا ، وكذلك نص غير واحد من الأئمة على صدقه وثقته ، حتى قال أحمد : «ثقة ثقة ، رجل صالح» نعم ذكروا أنه اختلط في آخر عمره ، ويكفي أنه قد أخرج له البخاري والباقون سوى مسلم (١).

٢ ـ جاء في تفسير الطبري : «حدثنا معاذ بن مسلم ، حدثنا الهروي ، عن عطاء بن السائب» وهذا غلط من النسخة ، بل الصحيح هو : حدثنا معاذ ابن مسلم الهراء ، وهو يروي عن عطاء بلا واسطة ، كما لا يخفى على من راجع أسانيد الحديث في الفصل الأول ، ولم يلتفت البعض إلى ذلك ، ثم إنه توهم أن «الهروي» هو «أبو الصلت» ولم يفهم بأن أبا الصلت الهروي

__________________

(١) لاحظ الكلمات في حقه في : تهذيب الكمال ٢٠ / ٨٦.


وفاته سنة ٢٣٦ (١) وقد توفي عطاء بن السائب سنة ١٣٦ (٢) ، فالصحيح ما ذكرناه من أن النسخة مغلوطة. وأما طعنه في أبي الصلت الهروي فسيأتي الجواب عنه في البحث عن حديث «أنا مدينة العلم وعلي بابها».

٣ ـ ومعاذ بن مسلم ، قال الذهبي في (الميزان) : «معاذ بن مسلم ، عن شرحبيل بن السمط. مجهول. وله عن عطاء بن السائب خبر باطل سقناه في الحسن بن الحسين» (٣).

قلت :

قد ذكرناه في الفصل الثالث ، ولا يخفى أن كلام الذهبي في الموضعين مما يشهد بروايته عن عطاء بلا واسطة.

فالذهبي يقول في (الميزان) : «مجهول» و «نكرة» لكنه في سير أعلام النبلاء يترجم لمعاذ قائلا : «معاذ بن مسلم شيخ النحو ، أبو مسلم الكوفي الهراء ، مولى محمد بن كعب القرظي ، روى عن عطاء بن السائب وغيره ، وما هو بمعتمد في الحديث ، وقد نقلت عنه حروف في القراءات ، أخذ عنه الكسائي ، ويقال إنه صنف في العربية ، ولم يظهر ذلك ، وكان شيعيا ، معمرا ... وكان معاذ صديقا للكميت الشاعر ، يقال عاش تسعين عاما ، وتوفي سنة ١٨٧ ، وله شعر قليل. والهراء هو الذي يبيع الثياب الهروية ، ولولا هذه الكلمة السائرة لما عرفنا هذا الرجل ، وقل ما روى» (٤).

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١١ / ٤٤٨.

(٢) سير أعلام النبلاء ٦ / ١١٣.

(٣) ميزان الاعتدال ٦ / ١٣٢.

(٤) سير أعلام النبلاء ٨ / ٤٨٢.


قلت :

فالرجل ما هو بمجهول ، إلا أنهم يحاولون رد فضائل أهل البيت عليهم‌السلام وهذا من طرائقهم ، وإذ عرفه الذهبي قال هذه المرة : «وما هو بمعتمد في الحديث» لغير سبب إلا أنه «كان شيعيا». نعم هو من رواة الشيعة وثقاتهم كما في كتبهم ، والتشيع غير قادح كما تقرر غير مرة.

٤ ـ وكما ناقض الذهبي نفسه في (معاذ) فقد ناقض نفسه في (الحسن بن الحسين العرني) ، فقد وثقه في تلخيص المستدرك ، كما تقدم في الفصل الثالث.

٥ ـ و «أحمد بن يحيى الصوفي» شيخ الطبري وابن عقدة ، لا ذكر له في (الميزان) وليس «الكوفي الأحول» بل جاء بنفس العنوان عند ابن أبي حاتم مع التوثيق الصريح (١).

فما هو رأي القارئ في هذا الجهل أو التلبيس؟!

فتلخص : صحة حديث الطبري في تفسيره ، فتبصر واغتنم هذا التحقيق ، وبالله التوفيق.

(فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون) (٢).

هذا تمام الكلام في الجهة الأولى.

فلننتقل إلى الجهة الثانية ..

__________________

(١) الجرح والتعديل ١ / ٨١.

(٢) سورة غافر ٤٠ : ٧٨.


٢ ـ مناقشاتهم في الدلالة

ولنا هنا مواقف مع ابن تيمية ، وأبي حيان ، وابن روزبهان ، والدهلوي ، والآلوسي.

* أما أبو حيان فقال :

«وإن صح ما روي عن ابن عباس مما ذكرناه في صدر هذا الآية ، فإنما جعل الرسول صلى الله عليه [وآله] وسلم علي بن أبي طالب مثالا من علماء الأمة وهداتها ، فكأنه قال : أنت يا علي هذا وصفك ، ليدخل في ذلك أبو بكر وعمر ...».

قلت :

وهذا تأويل بارد جدا ، على أنه لماذا جعل صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا مثالا من علماء الأمة وهداتها ولم يجعل غيره؟! ولو أراد رسول الله ذلك لما جعل أحدا مثالا ، بل قال : أنا المنذر وعلماء أمتي هداة ، أو قال : أنا المنذر وأصحابي كلهم هداة ، كما عارض البعض هذا الحديث بحديث : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ، كما سيأتي.

وعلى الجملة : فقد كان أبو حيان أجل من أن يقول هذا الكلام ، لكن كل السعي هو إنكار الخصوصية الثابتة لأمير المؤمنين عليه‌السلام من هذا الحديث «ليدخل أبو بكر وعمر ...» كما قال!!


ولذا قال الآلوسي بعد نقله : «وظاهره : أنه لم يحمل تقديم المعمول في خبر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما على الحصر الحقيقي ، وحينئذ لا مانع من القول بكثرة من يهتدى به» ثم أضاف : «ويؤيد عدم الحصر ما جاء عندنا من قوله صلى الله عليه [وآله] وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي ...».

ولكن أنى يمكن صرف الحديث عن ظاهره بارتكاب التأويل بلا أي دليل؟!

وأما الحديث الذي ذكره فسيأتي الكلام عليه.

* وأما ابن روزبهان فقال :

«لو صح دل على أن عليا هاد ، وهو مسلم ، وكذا أصحاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم هداة ، لقوله صلى الله عليه [وآله] وسلم : أصحابي كالنجوم ...».

قلت :

سيأتي الكلام على حديث النجوم ببعض التفصيل.

* وأما الدهلوي فقال :

«لا دلالة فيها على إمامة الأمير ونفي الإمامة عن غيره أصلا قطعا ، لأن كون الشخص هاديا لا يلازم إمامة ...».


قلت :

يتلخص كلامه في نفي الدلالة على الإمامة بنفي الملازمة بينها وبين الهداية ، وسيتضح الجواب عن ذلك.

* وأما الآلوسي فقال :

«وليس في الآية دلالة على ما تضمنه بوجه من الوجوه ، على أن قصارى ما فيه كونه كرم الله تعالى وجهه به يهتدي المهتدون بعد رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، وذلك لا يستدعي إلا إثبات مرتبة الإرشاد ، وهو أمر ، والخلافة التي نقول بها أمر لا تلازم بينهما عندنا».

قلت :

هذا هو الوجه الذي قدمه على غيره في الجواب ، مما يظهر منه اعتماده عليه ، وحاصله : نفي الملازمة ، وهو ما أجاب به الدهلوي.

ثم نقل عن بعضهم وجها آخر فقال : «وقال بعضهم : إن صح الخبر يلزم القول بصحة خلافة الثلاثة ، حيث دل على أنه كرم الله تعالى وجهه على الحق في ما يأتي ويذر ، وأنه الذي يهتدى به ، وهو قد بايع أولئك الخلفاء طوعا ...».

لكنه لم يؤيد هذا الوجه بوجه ، لعلمه بابتناء ذلك على دعوى أنه بايع القوم طوعا ، وأنه مدحهم وأثنى عليهم خيرا ، ولم يطعن في خلافتهم ، وهذا كله أول الكلام ، وأصل النزاع والخصام ...


ثم أورد تأويل أبي حيان ، وأيده بحديث الاقتداء بالشيخين!

ثم أبطله بقوله : «وأنا أظنك لا تلتفت إلى التأويل ، ولا تعبأ بما قيل ، وتكتفي بمنع صحة الخبر ، وتقول : ليس في الآية مما يدل عليه عين ولا أثر».

قلت :

أما تأويل أبي حيان ، فقد تكلمنا عليه.

وأما تأييده بحديث الاقتداء ، فسيتضح بطلانه ، بالبحث عن سند الحديث المذكور ، ببعض التفصيل.

وبعد :

فإن الحديث الشريف صحيح ثابت بأسانيد عديدة .. فلا مجال للمناقشة في سنده ، وأما المناقشات المذكورة فتتلخص في نقاط :

١ ـ التأويل ، وهذا باطل ، «وأنا أظنك لا تلتفت إلى التأويل ، ولا تعبأ بما قيل» كما قال الآلوسي.

٢ ـ الاعتراف بظاهر الحديث ووجوب الأخذ به ، وأنه ينبغي الاقتداء بمولانا أمير المؤمنين والجري على سننه ، وذلك يستلزم القول بصحة خلافة الثلاثة ، لأنه بايعهم طوعا.

ولكن كونه بايع طوعا أول الكلام كما هو معلوم ، ولو كان ذلك ثابتا لم يبق أي خلاف ونزاع ، ولما ارتكب القوم أنواع التمحلات والتأويلات وغير ذلك لصرف الحديث عن ظاهره.


٣ ـ إنه لا ملازمة بين «الهداية» و «الإمامة» ، فتلك أمر وهذه أمر آخر ، وهذا ما سيتبين الجواب عنه لدى التحقيق في كلام ابن تيمية.

٤ ـ المعارضة بحديث : «أصحابي كالنجوم ...» وحديث : «اقتدوا باللذين من بعدي ...» وفي الفصل الرابع الجواب عن ذلك.

* وأما ابن تيمية :

فهو أكثر القوم إطنابا في الكلام في هذا المقام ، فقد ذكر وجوها ...

والجواب عن الوجهين الأول والثاني منها : إن هذا الحديث صحيح كما عرفت ، وأن رواته من كبار أئمة الحديث كثيرون ، وفيهم من ينص على صحته ، فما ذكره هو الكذب.

وعن الثالث والرابع : إنه سوء فهم ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الهادي لعلي عليه‌السلام وللأمة كلها ، لكن عليا عليه‌السلام هو الهادي للأمة من بعده ، وهذا صريح قول النبي : «بك يهتدي المهتدون من بعدي».

وعن الثامن : إن الآية الكريمة تدل على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بالنظر إلى الحديث الوارد في تفسيرها ، فإذا فسر الحديث الصحيح الآية ، كانت الآية من جملة الأدلة من الكتاب على الإمامة.

وعن السابع : بما سيجئ من أن حديث النجوم باطل حتى عند ابن تيمية ، فقد ناقض نفسه باستدلاله به هنا!

وأما نفي الملازمة بين «الهداية» و «الإمامة» كما في هذا الوجه ـ السابع ـ وفي كلام الدهلوي وغيره ، فلا يجدي ، لما سنذكره في معنى


الحديث والمراد من كون أمير المؤمنين عليه‌السلام هاديا ..

وذلك هو الجواب عن سؤاله ـ في الوجه السادس ـ : «كيف يجعل علي هاديا لكل قوم من الأولين والآخرين؟!» ..

وعن تكذيبه ـ في الوجه الخامس ـ «أن كل من اهتدى من أمة محمد فبه اهتدى» ..

وعما ذكره ـ في الوجه التاسع ـ من «أن قوله كل قوم ، صيغة عموم ...».


معنى الآية المباركة

وقبل الورود في البحث نتأمل في معنى الآية الكريمة بالنظر إلى مداليل مفرداتها :

يقول تعالى : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد).

أما كلمة «إنما» فتدل على الحصر ، ولا كلام في هذا ، و «الإنذار» إخبار فيه تخويف كما إن التبشير إخبار فيه سرور (١).

وقال القاضي البيضاوي بتفسيرها : «(إنما أنت منذر) مرسل للإنذار كغيرك من الرسل ، وما عليك إلا الإتيان بما تتضح به نبوتك» (٢).

والآيات الواردة في هذا المعنى كثيرة ، ففي بعضها الحصر بالألفاظ المختلفة الدالة عليه ، كقوله تعالى : (إنما أنت نذير والله على كل شئ وكيل) (٣).

و(قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين) (٤).

و(قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهار) (٥).

و(إنما أنت منذر من يخشاها) (٦).

__________________

(١) المفردات في غريب القرآن : ٥٠٨ «نذر».

(٢) تفسير البيضاوي : ٣٢٨.

(٣) سورة هود ١١ : ١٢.

(٤) سورة الحج ٢٢ : ٤٩.

(٥) سورة ص ٣٨ : ٦٥.

(٦) سورة النازعات ٧٩ : ٤٥.


وكقوله تعالى : (إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) (١).

و(إن أنت إلا نذير) (٢).

و(إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد) (٣).

وفي بعضها كون «الإنذار» العلة الغائية من إرساله بالكتاب ونزول الوحي عليه ، كقوله تعالى : (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به) (٤).

و(كتاب أنزل إليك ... لتنذر به ...) (٥).

و(ما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا) (٦).

و(يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا) (٧).

وحتى في أول البعثة خاطبه تعالى بقوله : (يا أيها المدثر * قم فأنذر) (٨) .. (أنذر عشيرتك الأقربين) (٩).

لقد دلت الآيات الكثيرة على أن وظيفة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم ليس إلا «الإنذار» و «التبشير» ، وكلاهما «إخبار» ، غير أن الأول «فيه تخويف» والثاني «فيه سرور» ، وكانت وظيفته «الإخبار» فقط ، أي : «الإبلاغ» ، وهذا اللفظ جاءت به الآيات الكثيرة أيضا ، مع الدلالة على

__________________

(١) سورة الأعراف ٧ : ١٨٨.

(٢) سورة فاطر ٣٥ : ٢٣.

(٣) سورة سبأ ٣٤ : ٤٦.

(٤) سورة الأنعام ٦ : ١٩.

(٥) سورة الأعراف ٧ : ٢.

(٦) سورة الفرقان ٢٥ : ٥٦.

(٧) سورة الأحزاب ٣٣ : ٤٥.

(٨) سورة المدثر ٧٤ : ١ و ٢.

(٩) سورة الشعراء ٢٦ : ٢١٤.


الحصر كذلك ، كقوله تعالى : (وما على الرسول إلا البلاغ) (١).

و(فهل على الرسول إلا البلاغ المبين) (٢).

و(فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين) (٣).

وهكذا غيرها من الآيات.

وأما قوله تعالى : (ولكل قوم هاد) ، فمن جعل «الهادي» هو «رسول الله» صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد جعل «الواو» عاطفة ، فيكون (هاد) عطفا على (منذر) و(ولكل قوم) متعلق ب (هاد).

أو يكون (هاد) خبرا لمبتدأ مقدر ، أي : وأنت هاد.

لكن يرد الأول : بأنه يستلزم الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالجار والمجرور ، وهو غير جائز عند المحققين من النحويين.

ويرد الثاني ، بأنه مستلزم للتقدير ، ومن الواضح أنه خلاف الأصل.

على أن القول بأن «الهادي» في الآية هو «رسول الله» نفسه إغفال للحديث الصحيح الوارد بتفسيرها ، الصحيح في أنه علي عليه‌السلام ، وبه يجاب عن قول من فسر الآية برأيه ، فجعل «الهادي» هو «الله» أو «العمل» أو غير ذلك ، وهي تفاسير باطلة لم يوافق عليها حتى ابن تيمية والآلوسي.

وعلى ما ذكرنا تكون «الواو» استئنافية.

فيكون معنى الآية : كون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منذرا ، ولكل قوم هاد إلى ما جاء به النبي ، وهو «علي» عليه‌السلام ، الذي حفظ ونشر ما

__________________

(١) سورة المائدة ٥ : ٩٩.

(٢) سورة النحل ١٦ : ٣٥.

(٣) سورة المائدة ٥ : ٩٢.


جاء به النبي ، ودعا إلى الأخذ والعمل به ، فكان عليه‌السلام الهادي بقوله وفعله إلى الله والإسلام بعد الرسول عليه وآله الصلاة والسلام.

و «الهداية» هي : «إراءة الطريق» و «الدلالة» عليه (١) ، وقال ابن فارس : «هدي ـ الهاء والدال والحرف المعتل ـ : أصلان : أحدهما التقدم للإرشاد ، والآخر : بعثة لطف ، فالأول قولهم : هديته الطريق هداية ، أي : تقدمته لأرشده ، وكل متقدم لذلك هاد ، قال :

إذا كان هادي الفتى في البلاد

حواست جمع ك صدر القناة أطاع الأميرا

وينشعب هذا فيقال : الهدى : خلاف الضلالة ...

والأصل الآخر : الهدية ...»(٢).

أقول :

فإذا كان هذا معنى الآية المباركة ، ورجعنا إلى الأحاديث الواردة في تفسيرها ووجدنا فيها :

١ ـ المقابلة بين النبي وبين أمير المؤمنين ، بأنه منذر وعلي الهادي.

٢ ـ والحصر المستفاد من كلمة «أنت الهادي» و «الهادي علي».

٣ ـ والحصر المستفاد من تقديم الظرف في «بك يهتدي المهتدون».

٤ ـ والحصر المستفاد من الإيماء إلى صدره أو الضرب على منكبه.

٥ ـ وكلمة «بعدي» الظاهرة في المباشرة.

كانت الآية ـ بمعونة الأحاديث المشتملة على ما ذكرنا ـ دالة على أن

__________________

(١) المفردات في غريب القرآن : ٥٣٨.

(٢) معجم مقاييس اللغة ٦ / ٤٢.


الله سبحانه جعل وظيفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «الإنذار» وكان وظيفة علي عليه‌السلام من بعده : إرشاد الأمة ودلالتها على الطريق الصحيح المؤدي إلى ما جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيكون عليه‌السلام الإمام المرشد للأمة ، القائم مقام النبي ، والمقتدى من بعده.

وهذه هي حقيقة الإمامة والخلافة.

هذا ، وقد فهم غير واحد من علماء القوم كابن تيمية وابن روزبهان والآلوسي ، دلالة الحديث على وجوب الاقتداء بأمير المؤمنين عليه‌السلام بعد الرسول ، وذلك قول الله عزوجل : (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) (١).

نعم ، فهموا ذلك ، وإلا لما عارضوه بحديث : «أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديم» وحديث : «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» ، لكنهما باطلان ، فلو كانا صحيحين سندا ودلالة لكان لذلك وجه ، وكما تمسك بعض المتقولين بما في منهاج السنة عن علي عليه‌السلام أنه قال : «لا أوتين بأحد يفضلني على أبي بكر إلا جلدته حد المفتري»!!

المؤكدات في ألفاظ الحديث :

ثم إن في ألفاظ الحديث الوارد بتفسير الآية المباركة مؤكدات عديدة لدلالتها على وجوب اتباع أمير المؤمنين والاقتداء به وإمامته بعد الرسول :

١ ـ كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه سمع ليلة أسري به : «يا محمد! إنما أنت منذر ولكل قوم هاد. قلت : أنا المنذر ، فمن

__________________

(١) سورة يونس ١٠ : ٣٥.


الهادي؟ قال : علي الهادي المهتدي ، القائد أمتك إلى جنتي غرا محجلين برحمتي».

ففيه : وصف الإمام عليه‌السلام بعد «الهادي المهتدي» ب «القائد أمتك ...» مع مجئ اللام في «القائد» الدال على الحصر.

٢ ـ وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له فيه : «إنك منار الأنام ، وراية الهدى ، وأمين القرآن ، أشهد على ذلك أنك كذلك».

فجعله عليه‌السلام : «منار الأنام ، وراية الهدى ، وأمين القرآن» ثم شهد له بذلك!!

٣ ـ وقول الزرقاء الكوفية لمعاوية حين استشهدت بالآية المباركة ، قالت : «المنذر رسول الله ، والهادي علي ولي الله».

أحاديث أخرى

ولقد أشار صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله : «بك يا علي يهتدي المهتدون من بعدي» إلى أن في أمته من بعده «مهتدين» و «ضالين» ... فأناط «الهداية» و «الضلالة» به إلى يوم القيامة ، فكان كالراية التي تنصب على الطريق ، من اهتدى بها وصل ، ومن أعرض عنها ضل ، فالمهتدون هم المحبون المطيعون المتبعون له ، والضالون هم المخالفون المبغضون له ... ومن هنا وصفه عليه‌السلام ب «راية الهدى».

علي راية الهدى :

ففي رواية الحاكم الحسكاني والحاكم أبي عبد الله وأبي نعيم ، عن


أبي برزة : «إنك منار الأنام ، وراية الهدى ، وأمين القرآن».

وروى الحافظ أبو نعيم بسنده ، عن أبي برزة أيضا : «إن عليا راية الهدى ، وإمام أوليائي ، ونور من أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين ، من أحبه أحبني ، ومن أبغضه أبغضني» (١).

ولقوة هذا الحديث في الدلالة على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، تكلم بعض القوم في سنده بتحكم ، ففي لسان الميزان بترجمة «عباد بن سعيد الجعفي» بعد ذكره : «فهذا باطل ، والسند إليه ظلمات» (٢) وبترجمة «لأهز أبو عمرو التيمي» حكى عن ابن عدي أنه يحدث عن الثقات بالمناكير ، فذكر الحديث قائلا : «وهذا باطل. قاله ابن عدي» ثم قال : «قلت : إي والله من أكبر الموضوعات ، وعلي فلعن الله من لا يحبه» (٣).

وأنت ترى أنه رد لمناقب أمير المؤمنين بلا دليل!

نعم ، في الموضع الثاني دليله هو اليمين الفاجرة!! وما أقواه من دليل!!

ومما يدل على تحكم القوم في المقام : أن ابن عدي يقول عن «لأهز» : «يحدث عن الثقات بالمناكير» والحال أن الخطيب البغدادي يقول : «لم أر للأهز بن عبد الله غير هذا الحديث» فأين «يحدث عن الثقات بالمناكير»؟!

ولما كان الخطيب يريد الطعن في الحديث ، ولا دليل عنده ، يقول :

__________________

(١) حلية الأولياء ١ / ٦٦ ، وانظر : تاريخ بغداد ١٤ / ٩٨ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٣٠ ح ٨٨٩٢ ـ الطبعة الحديثة ـ ، نظم درر السمطين : ١٤٤ ، وغيرها.

(٢) لسان الميزان ٣ / ٢٢٩.

(٣) لسان الميزان ٦ / ٢٣٧.


«حدثني أحمد بن محمد المستملي ، أخبرنا محمد بن جعفر الوراق ، قال : أخبرنا أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الحافظ ، قال : لأهز بن عبد الله التيمي البغدادي غير ثقة ، ولا مأمون ، وهو أيضا مجهول» (١).

أقول :

إن كان الدليل قول الأزدي فالأمر سهل ، فقد نصوا على أن الأزدي نفسه ضعيف ، ولا يلتفت إلى قوله في الرجال :

قال الذهبي : «لا يلتفت إلى قول الأزدي ، فإن في لسانه في الجرح رهقا» (٢).

وقال الحافظ ابن حجر : «قدمت غير مرة : أن الأزدي لا يعتبر تجريحه ، لضعفه هو» (٣).

هذا ، وتؤيد هذا الحديث وتشهد بصحته أحاديث :

كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في حديث ـ : «إن تؤمروا عليا ـ ولا أراكم فاعلين ـ تجدوه هاديا مهديا ، يأخذ بكم الطريق المستقيم» (٤).

وقوله : «من أراد أن يحيا حياتي ، ويموت مماتي ، ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي ، فليتول علي بن أبي طالب ، فإنه لن يخرجكم من هدى ، ولن يدخلكم في ضلالة» قال الحاكم : «هذا حديث صحيح الإسناد» (٥).

__________________

(١) تاريخ بغداد ١٤ / ٩٩.

(٢) ميزان الاعتدال ١ / ٦١.

(٣) مقدمة فتح الباري : ٤٣٠.

(٤) مسند أحمد ١ / ١٠٨.

(٥) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢٨.


وقوله : «إن عليا مدينة هدى ، فمن دخلها نجا ، ومن تخلف عنها هلك» (١).

علي العلم :

وكما وصفه ب «راية الهدى» فقد وصفه ب «العلم» :

أخرج الحافظ ابن عساكر بترجمته عليه‌السلام : «أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب ، أخبرني أبو الفرج الطناجيري ، أنبأنا عمر بن أحمد الواعظ ، أنبأنا محمد بن محمود الأنباري بالبصرة ، أنبأنا محمد بن القاسم بن هاشم ، أنبأنا أبي ، أنبأنا عبد الصمد بن سعيد أبو عبد الرحمن ، أنبأنا الفضل بن موسى ، عن وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة ، قال : قال النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم لعلي : جعلتك علما فيما بيني وبين أمتي ، فمن لم يتبعك فقد كفر».

ثم قال ابن عساكر : «من بين الفضل والواعظ مجاهيل لا يعرفون» (٢).

قلت :

وهذا منه سهو ، إن لم يكن تجاهلا ، كما هي عادتهم في قبال مناقب أمير المؤمنين!! وذلك لأن محمد بن محمود الأنباري ـ وهو شيخ أبي حفص عمر بن أحمد بن شاهين الواعظ الحافظ ـ مترجم في تاريخ الخطيب ، قال : «محمد بن محمود الأنباري ، حدث عن علي بن أحمد بن

__________________

(١) ينابيع المودة ١ / ٢٢٠ ح ٣٩ ـ الطبعة الحديثة المحققة ـ.

(٢) تاريخ دمشق ـ ترجمة أمير المؤمنين (عليه‌السلام) ـ ٢ / ٤٨٩.


النضر الأزدي ، ومحمد بن الحسن بن الفرج الهمذاني ، ومحمد بن حنيفة ابن ماهان الواسطي ، ومحمد بن القاسم بن هاشم السمسار. روى عنه أبو حفص ابن شاهين ، ذكر أنه سمع منه بالبصرة " (١).

ومحمد بن القاسم بن هشام ، هو : أبو بكر السمسار ، ترجم له الخطيب ، قال : «حدث عن أبيه ... وكان ثقة» (٢).

وأبوه : القاسم بن هاشم ، ترجم له الخطيب أيضا ، قال : «... روى عنه ابنه وأبو بكر ابن أبي الدنيا ، ووكيع القاضي ، ويحيى بن صاعد ، وأبو عبيد ابن المؤمل الناقد ، والقاضي المحاملي ، ومحمد بن مخلد. وكان صدوقا» (٣).

وأما عبد الصمد بن سعيد ، الراوي عن الفضل بن موسى البصري ، مولى بني هاشم ، المتوفى سنة ٢٦٤ ، فأظنه : عبد الصمد بن سعيد الكندي الحمصي ، المتوفى سنة ٣٢٤ ، ترجم له الذهبي ووصفه ب «المحدث الحافظ» (٤).

هذا ، وروى الفقيه المحدث ابن المغازلي الواسطي الشافعي عن أبي محمد الغندجاني بسنده " عن شعبة بن الحجاج ، عن أبي التياح ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : أتاني جبريل بدرنوك من درانيك الجنة فجلست عليه ، فلما صرت بين يدي ربي كلمني وناجاني ، فما علمني شيئا إلا علمه علي ، فهو باب مدينة علمي.

__________________

(١) تاريخ بغداد ٣ / ٢٦١.

(٢) تاريخ بغداد ٣ / ١٨٠.

(٣) تاريخ بغداد ١٢ / ٤٢١.

(٤) سير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٦٦.


ثم دعاه النبي إليه فقال له : يا علي! سلمك سلمي ، وحربك حربي ، وأنت العلم ما بيني وبين أمتي من بعدي» (١).

يأخذ بكم الطريق المستقيم :

ومن هنا أوصى الأمة وأرشدهم إليه بقوله في حديث : «وإن تؤمروا عليا ـ ولا أراكم فاعلين ـ تجدوه هاديا مهديا ، يأخذ بكم الطريق المستقيم» (٢).

وقال ـ في ما رواه السيد الهمداني عن ابن عباس ـ : «وإذا خالفتموه فقد ضلت بكم الطرق والأهواء في الغي» (٣).

بل وصفه ب «الطريق في ما روي مسندا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس» (٤).

طاعته طاعة رسول الله :

ولذا كانت طاعته طاعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنه لئن أطاعوه ليدخلن الجنة ، كما في الحديث :

أخرج الحاكم بسنده عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع عليا فقد أطاعني ، ومن عصى عليا فقد عصاني " قال الحاكم : «هذا

__________________

(١) مناقب أمير المؤمنين : ٥٠.

(٢) مسند أحمد ١ / ١٠٨.

(٣) مودة القربى ، عنه ينابيع المودة : ٢٥٠ ط تركيا.

(٤) شواهد التنزيل ١ / ٥٧ ، المناقب ـ للخوارزمي المكي ـ ، عنه ينابيع المودة : ١٣٣.


حديث صحيح الإسناد» ووافقه الذهبي (١).

من فارقه فارق رسول الله :

ولذا كان الفاروق بين الحق والباطل ، كما في الحديث المشهور ، وأن من فارقه فقد فارق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما في الحديث :

أخرج الطبراني في الأوسط ـ وعنه الهيثمي ـ بإسناده عن بريدة ، في قضية بعث علي عليه‌السلام أميرا على اليمن عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم ، أنه قال : «ما بال أقوام ينتقصون عليا؟!! من تنقص عليا فقد تنقصني ، ومن فارق عليا فقد فارقني ، إن عليا مني وأنا منه ...» (٢).

وأخرج الحاكم بإسناده عن أبي ذر ، قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «يا علي! من فارقني فقد فارق الله ، ومن فارقك يا علي فقد فارقني» قال الحاكم : «صحيح الإسناد» (٣) وأخرجه البزار ، وعنه الهيثمي ، وقال : «رجاله ثقات» (٤).

علي منه بمنزلته من ربه :

ولذا كان علي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنزلته من ربه.

فقد أخرج الحافظ المحب الطبري عن ابن عباس ، في حديث " قال

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢١.

(٢) مجمع الزوائد ٩ / ١٢٨.

(٣) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢٣.

(٤) مجمع الزوائد ٩ / ١٣٥.


أبو بكر : ما كنت لأتقدم رجلا سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول : علي مني بمنزلتي من ربي. أخرجه ابن السمان في كتاب الموافقة» (١).

ورواه الذهبي عن ابن مسعود ، بترجمة محمد بن داود الرملي ، فقال : «هذا من وضع هذا الجاهل ، رواه أبو عروبة ، عن مخلد بن مالك السلمسيني ، عنه» (٢)!

فانظر كيف يرد الحديث بلا أي دليل ، وإنما تبعا لهواه!!

باب حطة :

ولذا كان باب حطة ، في ما أخرج الحافظ الدارقطني عن ابن عباس ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «علي باب حطة ، من دخل فيه كان مؤمنا ، ومن خرج منه كان كافرا» (٣).

وأخرجه الحافظ الطبراني في حديث فيه تشبيه أهل بيته بسفينة نوح وبباب حطة في بني إسرائيل (٤).

__________________

(١) ذخائر العقبى : ٦٤.

(٢) ميزان الاعتدال ٣ / ٥٤٠ ، وتبعه ابن حجر في لسانه ٥ / ١٦١.

(٣) الجامع الصغير : ٣٤٦ ح ٥٥٩٢ ، الصواعق المحرقة : ٧٥ ، كنز العمال ١١ / ٦٠٣ ح ٣٢٩١٠.

(٤) المعجم الصغير ١ / ١٣٩.


نتيجة البحث

إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصف عليا عليه‌السلام ب «الهادي» و «الراية» و «العلم» وغير ذلك من الأوصاف مما ذكرناه وما لم نذكره ، وكلها تشير إلى معنى واحد ومقصد فارد ، وهو كونه «القائد» و «المرشد» و «المتبع» ... للأمة الإسلامية من بعده ... وهذا هو معنى «الإمامة العامة» و «الولاية المطلقة» و «الخلافة العظمى» ..

ومن هذا الباب وصفه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ب «قسيم الجنة والنار» ، وجعله ميزانا ومعيارا يعرف به المؤمن من المنافق والكافر ، والحق من الباطل في أحاديث كثيرة.

وأيضا : فقد كان عليه‌السلام حجة لله تعالى على خلقه في حديث أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (١) ، وابن عساكر في تاريخ دمشق بأسانيد عن أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) ولم يتكلم في سنده إلا في «مطر» راويه عن أنس ، لكنه من التابعين ، ومن رجال ابن ماجة ، والظاهر من كلماتهم أن السبب في ترك حديثه روايته الفضائل عن أنس بن مالك ، فلا جرح في الرجل ، غير أن رواياته ليست على هواهم ، ولذا لما أورد الذهبي هذا الحديث في (الميزان) قال : «هذا باطل ، والمتهم به مطر ، فإن عبيد الله ثقة شيعي ، ولكنه أثم برواية هذا الإفك» (٣)!

__________________

(١) تاريخ بغداد ٢ / ٨٨.

(٢) تاريخ دمشق ـ ترجمة أمير المؤمنين (عليه‌السلام) ـ ٢ / ٢٧٢ ـ ٢٧٣.

(٣) ميزان الاعتدال ٤ / ١٢٧ ـ ١٢٨.


فمن هذا الكلام يظهر أن عبيد الله بن موسى العبسي ، الراوي عن «مطر» ثقة ، و «مطر» نفسه لم يرم بشئ غير أن الحديث «باطل»!!

أما ابن حجر فلم يورد الرجل في لسان الميزان لكونه من رجال الصحاح الستة.

وعلى الجملة ، فقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعرف أمير المؤمنين بالإمامة من بعده بشتى الأساليب ، فتارة يصرح في حقه بالإمامة والوصاية ونحوهما ، وأخرى يصفه بالأوصاف المستلزمة لذلك ، وأخرى يشبهه بما يفيده بكل وضوح ... وهكذا.

وبهذا ظهر معنى الآية الكريمة ، ومدلول الحديث الشريف ، وكيفية استدلال أصحابنا بذلك في إثبات الإمامة ...

وتبين الجواب عن التساؤلات المثارة حول الاستدلال ، واندفاع الشبهات المذكورة.

ويبقى الكلام على المعارضات ...

للبحث صلة ...


الحديث المرسل

بين

الرد والقبول

السيد ثامر هاشم العميدي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد أشرف الأنبياء وأكرم المرسلين ، وآله الطيبين الطاهرين.

وبعد :

للحديث الشريف مكانة سامية بين مصادر التشريع عند عموم المسلمين ، إذ لولاه لما قام للشريعة عمود ، ولا اخضر لها عود ، وقد سخر الله عزوجل له من يقيه ويحميه من الحملة الأمناء ، فسمعوه ووعوه وعقلوه وبلغوه أحسن التبليغ.

ولم يزل الحديث الشريف إلى اليوم غضا طريا يحتاج إلى المزيد من عناء العلماء وجهود المخلصين من ذوي الاختصاص للكشف عن خباياه والتعريف بمقاصده وأسبابه ، وتسليط الأضواء على دوره العظيم في حياة الفرد والمجتمع ، مع مضاعفة الجهود لأجل تنقيته مما لحق به ، ونقد


مصطلحه ، وذلك لا يتم إلا بإحياء طريقة علمائنا الماضين في حفاظهم على الحديث وتفانيهم من أجله عن طريق المذاكرة المستمرة فيه ، وإدخاله إلى حلقات الدرس اليومي بشكل منتظم ، لأجل حفظه وفهمه وتطبيقه في مجالات الحياة المختلفة.

فحاجتنا إليه إذن حاجة قصوى تنبع من مكانته وشرفه وخطورته باعتباره أرسى مع صنوه ـ القرآن الكريم ـ القواعد الأساسية السليمة التي ينشدها كل مجتمع ، ويرومها كل فرد يبتغي السعادة في دنياه وآخرته.

ومن هنا تنبثق أهمية تكريس الجهود العلمية في دراسة علومه ومصطلحه دراسة مقارنة يكتشف من خلالها مدى توافق الآراء واختلافها فيما تمس الحاجة إليه ، مع ما فيه من آثار محمودة في إحياء ما دثر أو كاد من تراثنا الإسلامي الخالد.

وقد وفقني الله عزوجل بفضله ومنه إلى بحث الحديث المرسل ، بإطاره الإسلامي العام ، ثم تفصيل الكلام عن مراسيل شيخنا الصدوق (رضي‌الله‌عنه) في كتاب من لا يحضره الفقيه مبينا الصلة الوثقى بينهما في مظان البحث ، ومنه تعالى استمد العون والرشاد ، إنه ولي التوفيق.


المرسل لغة واصطلاحا :

أصل المرسل في اللغة : الإطلاق وعدم المنع ، مأخوذ من قولهم : كان لي طائر فأرسلته ، أي : خليته وأطلقته ، وأرسلت الكلام إرسالا : أطلقته من غير تقييد (١). ومنه قوله تعالى : (إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين) (٢) ، أي : مطلقا.

ولعله ـ كما قيل ـ مأخوذ من إرسال الدابة ، بمعنى رفع القيد والربط عنها ، فكأن المرسل ـ بإسقاطه الراوي ـ رفع الربط الحاصل بين رجال السند (٣).

وقد يكون مأخوذا من قولهم : جاء القوم إرسالا ، أي متفرقين ، لأن بعض الإسناد منقطع عن بقيته (٤).

وقد يفيد الإرسال لغة معنى الإسراع ، كقولهم : ناقة مرسال ـ والجمع مراسيل ـ أي : سريعة السير (٥) ، فكأن المرسل أسرع في إيراد متن الحديث ولم يكترث بإسناده.

ومع هذا يبقى (الإطلاق) هو الأولى والأنسب ، مع قربه من معنى الإرسال على مصطلح الفريقين ـ كما سيأتي ـ وفيه دلالة على انحدار مصطلح (المرسل) عن أصله اللغوي.

__________________

(١) لسان العرب ٥ / ٢١٥ ، المصباح المنير ١ / ٢٢٦ ، أقرب الموارد ١ / ٤٠٤ ، مادة «رسل».

(٢) سورة مريم ١٩ : ٨٢.

(٣) مقباس الهداية ـ للشيخ عبد الله المامقاني ـ ١ / ٣٣٨.

(٤) النكت على كتاب ابن الصلاح ـ لابن حجر العسقلاني ـ : ١٩٨.

(٥) لسان العرب ٥ / ٢١٣ مادة «رسل».


فالإمامية ـ مثلا ـ إنما يسمون المرسل مرسلا ، لإطلاقه من قيد الإسناد.

كلا : كما لو لم يذكر راوي الحديث واسطة أصلا بينه وبين المعصوم (عليه‌السلام).

أو بعضا : كعدم ذكر بعض الوسائط ، أو التعبير عن أحد الرواة بلفظ مبهم ، مثل : عن رجل ، عن شيخ ، ونحو ذلك.

وهذا هو المنسجم مع تعريفه في مصطلحهم بأنه : «ما رواه عن المعصوم (عليه‌السلام) من لم يدركه ، بغير واسطة ، أو بواسطة نسيها ، أو تركها عمدا أو سهوا ، أو أبهمها ، كعن رجل ، أو بعض أصحابنا (١) ، واحد كان المتروك أو أكثر» (٢). وهذا هو المعنى العام للمرسل.

وسمي المرسل مرسلا عند العامة ، لأن راويه أرسله مطلقا من غير أن يقيده بالصحابي الذي تحمله من رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، كما يظهر من تعريفه المشهور عندهم بأنه : «ما سقط عنه الصحابي ، كقول نافع : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : كذا ، أو فعل بحضرته كذا ، ونحو ذلك» (٣). وهذا هو المعنى الخاص للمرسل عند جمهور العامة ، وقد اختار بعضهم معناه العام.

ويظهر واضحا أن المرسل بمعناه العام يشمل أصناف الحديث

__________________

(١) وقع اختلاف في إلحاق الحديث المعبر عن إحدى وسائطه بهذا اللفظ بالمرسل ، فقد ألحقه بالمرسل الشهيد الثاني في شرح البداية في علم الدراية : ٥٠ ، ووافقه الميرزا القمي في قوانين الأصول : ٤٧٨ ، والمشكيني في وجيزته : ٣٦ ، وخالفهم آخرون كالمحقق الداماد في الرواشح السماوية : ١٧٠ ـ ١٧١ ، وغيره.

(٢) وصول الأخيار إلى أصول الأخبار : ١٠٦ ، شرح البداية : ٥٠.

(٣) قواعد التحديث ـ للقاسمي ـ : ١٣٣ ، توضيح الأفكار ـ للصنعاني ـ ١ / ٢٨٤ كما في علوم الحديث ومصطلحه لصبحي الصالح ـ : ١٦٨ ، تقريب النواوي ١ / ١٠٢ ، وشرحه (تدريب الراوي ـ للسيوطي ـ) ١ / ١٠٢.


الأخرى كالمرفوع والموقوف والمعلق ـ مع الجهل بالمحذوف ـ والمقطوع والمنقطع والمعضل. وأما المرسل بمعناه الخاص فلا يشمل إلا مرفوع التابعي ، وهو غير صحيح لما سيأتي.

ما يرد على تقييد المرسل بمرفوع التابعي :

هناك جملة من الإيرادات على تقييد المرسل بمرفوع التابعي سواء كان التابعي كبيرا أو صغيرا على خلاف بينهم ، نوجزها بما يأتي :

منها : إن من رأى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) وهو صبي غير مميز ، معدود من الصحابة عند العامة ، ولكن لروايته حكم المرسل لا الموصول ، كروايات محمد بن أبي بكر (رضي‌الله‌عنه) ، وهذا من التهافت البين عندهم.

ومنها : إن تخصيص المرسل بمرفوع التابعي إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، لو سلم ابتداء فلا يسلم انتهاء ، لثبوت عصمة أهل البيت (عليهم‌السلام) من القرآن الكريم والسنة المتواترة ودليل العقل ، فلم لا يكون ـ مثلا ـ مرفوع أتباع التابعين إلى سيد أهل البيت وكبيرهم أمير المؤمنين (عليه‌السلام) كذلك؟! وهل هذا إلا تفريقا بلا دليل ، وتنكبا عن السبيل.

ومنها : إن مراتب المرسل ودرجاته عند العامة قاضية ببطلان تعريفه المشهور عندهم إذ لا يتفق تخصيصه المذكور مع تلك المراتب بأي وجه من الوجوه ، فقد ذكروا أن أعلى مراتب المرسل هو مرسل الصحابي الذي ثبت سماعه ، ثم يليه في الرتبة عندهم ما أرسله صحابي له رواية فقط ولم يثبت سماعه ، ولو كان المرسل مختصا بمرفوع التابعي لكانت مراتبه لغوا.

ومنها : إن من سمع من النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ولم يدخل الإسلام بعد ، ثم أسلم بعد وفاة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، فهذا من التابعين عند العامة بلا خلاف ،


وحديثه يعد موصولا بلا خلاف بينهم ، كحديث التنوخي رسول هرقل ، الذي أخرج حديثه أحمد وأبو يعلى في مسنديهما وساقاه مساق الأحاديث المسندة (١).

ومن هنا وجد فقهاء وأصوليو العامة مجالا للطعن بالتعريف المشهور للمرسل عند عامة محدثيهم تقريبا ، واختاروا معناه العام ، ولكن من جهة المرسل لا المرسل عنه! وهذا يعني سريان الإيراد الثاني على تعريفهم للمرسل أيضا.

فقد عرفه ابن حزم بقوله : «المرسل من الحديث ، هو الذي سقط بين أحد رواته وبين النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ناقل واحد فصاعدا ، وهو المنقطع أيضا» (٢).

وقال الشوكاني : «وأما جمهور أهل الأصول فقالوا : المرسل قول من لم يلق النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، سواء كان من التابعين ، أو من تابعي التابعين ، أو ممن بعدهم» (٣).

وقال عبد العزيز البخاري الحنفي : «سمي [المرسل] مرسلا لعدم تقييده بذكر الواسطة التي بين الراوي والمروي عنه» (٤).

وغير خفي بأن التعريفات السابقة للمرسل لا تشمل المرسل الخفي ، وهو نوع من أنواع الحديث ، لا يكشفه إلا الحاذق في هذا الفن لصعوبته وخفائه كما هو واضح من اسمه ، ويراد به : أن يروي الراوي حديثا عن آخر لم يلتق به إطلاقا ولكنه عاصره ، أو أنه التقى به ولكنه لم يسمع منه شيئا

__________________

(١) تدريب الراوي ١ / ١٠٢.

(٢) الإحكام في أصول الأحكام ـ لابن حزم الأندلسي ـ ٢ / ١٤٣.

(٣) إرشاد الفحول : ٦٤ ، كما في أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء ، د. مصطفى سعيد الخن : ٤٩٨.

(٤) كشف الأسرار عن أصول البزدوي ـ لعبد العزيز البخاري ـ ٣ / ٢.


من الأحاديث ، أو أنه سمع شيئا منه ولكنه لم يسمع منه ذلك الحديث بعينه الذي رواه عنه.

ويعرف هذا النوع إما بتصريح أقطاب هذا الفن ، وإما باعتراف من الراوي نفسه ، أو بإنكار المروي عنه وتصريحه بأن الراوي لم يسمع منه ذلك ، وتجري على هذا بعض أسباب الإرسال الآتية من سهو أو نسيان ، وأما العمد فمسقط لعدالته ، وهذا النوع من الإرسال أطلق عليه بعضهم «المزيد في متصل الأسانيد» وعده آخرون نوعا مستقلا وهو الصواب (١).

أسباب الإرسال :

بعد التعرف على معنى المرسل وما يرد على تعريفه الخاص ، يحسن التعرف على أسباب الإرسال ، وهي :

١ ـ استخدام التقية في التحديث ، وهي ظاهرة عامة لا تخص فريقا من المسلمين ، ومما يدلل على وجودها ما قاله يونس بن عبيد ، قال : «سألت الحسن البصري فقلت : يا أبا سعيد! إنك تقول : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم)! وإنك لم تدركه؟ فقال : يا ابن أخي لقد سألتني عن شئ ما سألني عنه أحد قبلك ، ولولا منزلتك مني ما أخبرتك ، إني في زمان كما ترى ـ وكان في زمان الحجاج ـ كل شئ سمعتني أقوله : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) فهو عن علي بن أبي طالب (عليه‌السلام) ، غير أني في زمان لا أستطيع أن أذكر عليا (عليه‌السلام(٢).

__________________

(١) للمزيد راجع : تدريب الراوي ٢ / ١٢٠ ، مستدركات مقباس الهداية ـ للشيخ محمد رضا المامقاني ـ ٥ / ٣٦٦ مستدرك رقم ١٢٨.

(٢) تدريب الراوي ١ / ١٠٧ ، قواعد التحديث : ١٤٢ ـ ١٤٣.


ونظيره ما وقع في الكافي لثقة الإسلام الكليني بسند معتبر «عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن بعض أصحاب أمير المؤمنين (عليه‌السلام) ممن يوثق به ، أن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) تكلم بهذا الكلام وحفظ عنه ... إلى آخره» (١).

وهذا الرجل الثقة لا يعدو كميل بن زياد النخعي (رضي‌الله‌عنه) ، ولكن أبا إسحاق اتقى عليه من سيف الحجاج خصوصا وإن كميل كان من السابقين المقربين إلى أمير المؤمنين (عليه‌السلام) ، وقد عده الأصبغ من ثقاته (عليه‌السلام) ، ولا يبعد أن يكون السبيعي حدث بهذا الحديث قبل استشهاد كميل على يد الطاغية الحجاج ، ويمكن أيضا أن يكون بعد استشهاده للاتقاء على نفسه من معرة الظالمين وطغام الأمويين ، ويؤيد هذا أن حديث الكافي لم يرد موصولا في أي كتاب آخر ، ولم يروه عن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) إلا كميل بن زياد كما في نهج البلاغة (٢).

ومثل كميل (رضي‌الله‌عنه) لا يمكن للسبيعي أن ينساه لولا استخدام التقية في التحديث الذي نتج عنه هذا الإرسال الظاهر.

٢ ـ السهو والنسيان ، ومن أسباب الإرسال سهو المرسل أو نسيانه الواسطة الذي سمع منه الحديث مما يضطر إلى التعبير عنه بلفظ مبهم ، كأن يقول حدثني شيخ ، أو سمعت رجلا من أصحابنا يقول كذا ، ونحو ذلك.

٣ ـ اختصار المحدث للأسانيد أو حذفها لئلا يثقل حمل الكتاب كما نجده في بعض الكتب (٣).

__________________

(١) أصول الكافي ١ / ٣٣٩ ح ١٣ باب ٨٠ من كتاب الحجة.

(٢) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد المعتزلي ـ ١٨ / ٣٥١.

(٣) مثل كتاب الاحتجاج للطبرسي ، تحف العقول لابن شعبة ، مكارم الأخلاق


٤ ـ اختصار المحدث للأسانيد أيضا أو حذفها مع التعويل على مشيخة يذكر فيها الأسانيد المختصرة والمحذوفة ، ولكنه عند ذكر المشيخة يهمل بعض ما رواه مرسلا ولا يذكر سنده إليه اعتمادا على فهارس المشايخ التي طرقه إليها معروفة كما حصل هذا بالضبط للشيخ الصدوق (رضي‌الله‌عنه) في كتابه من لا يحضره الفقيه وهو ما سنتناوله في هذا البحث.

٥ ـ التحديث بالاعتماد على الحافظة دون الرجوع إلى كتب الحديث ودواوينه وصحفه ، ولا شك أن قوة الحافظة مهما بلغت لا تبلغ درجة النظر إلى الكتاب ، ولهذا ورد عن الإمام الصادق (عليه‌السلام) قوله : «القلب يتكل على الكتابة» (١) ، وهي كناية لطيفة عن ضعف الحافظة ولو مستقبلا ولا بد من رفدها بالنظر إلى الكتاب ، خصوصا في مجال الأسانيد ، التي ليس من شأنها أن تحفظ غالبا ، وهذا هو ما حصل فعلا لابن أبي عمير من أصحابنا رضي الله عنهم ، فقد اعتمد في التحديث على حفظه بعد أن تلفت كتبه وهو في حبس فرعون هذه الأمة وقارونها.

٦ ـ العنعنة في الأسانيد مع ثبوت عدم اللقاء ، وهو ضرب من التدليس ، وقد اتهم به جماعة من كبار رواة العامة كالحسن البصري والزهري ، وسفيان الثوري وغيرهم. ويعرف ذلك بالرجوع إلى تاريخ الرواة للوقوف على مواليدهم ووفياتهم لتحديد طبقاتهم (٢) ، وأما مع ثبوت اللقاء فلا إشكال في عد المعنعن من الموصول إلا عند شذاذ لا يكادون يفقهون حديثا.

٧ ـ تعليق الإسناد ، وصورته أن يذكر المحدث حديثا مسندا ثم يعلق

__________________

وغيرها.

(١) أصول الكافي ١ / ٥٢ ح ٨ باب ١٧ من كتاب فضل العلم.

(٢) شرح البداية : ٥٢ ، تقريب النواوي ١ / ١٠٣.


سند الحديث الآخر على ما أسنده أولا وذلك بالاكتفاء ببعض أسناد الثاني لتماثل السندين ، وقد يحصل من جراء تكرار التعليق الاشتباه من المحدث أو الناسخ ، إذ قد تجد الإسناد في صورة التعليق ولكن لا وجود للسند المعلق عليه ، وأما في صورة نقل الحديث المعلق دون الالتفات إلى ما علق عليه في الكتاب المنقول منه فهو أوضح في الدلالة على المقصود.

٨ ـ التصحيف والسقط في الأسانيد ، أما التصحيف فصورته أن يقول المحدث مثلا : حدثني فلان ، عن فلان ، عن فلان ، فيصحف الناسخ قوله سهوا إلى : حدثني فلان وفلان ، عن فلان ، فيقلب «عن» إلى واو العطف مما يؤدي إلى نقصان في طبقات الإسناد ، وأما السقط فواضح وهو ليس بعزيز في كتب الحديث.

٩ ـ قد يكون الإرسال في الحديث ناتجا عن قصد المرسل في إيصال حكم الحديث إلى المتعلم بيسر وسهولة كما يفعل الفقهاء في تدريسهم ، فإذا ما أراد التأليف أحتاج إلى بيان الإسناد.

١٠ ـ وقد يكون سبب الإرسال الوصول إلى علل المسندات لأن من الرواة من يسند حديثا يرسله غيره ويكون الذي أرسله أحفظ وأضبط فيجعل الحكم له دون المسند على رأي سيأتي.

١١ ـ ومن أسباب الإرسال المهمة المذاكرة في طرق الحديث ورواته ، إذ من المحدثين من يكتب الأحاديث مسندة ، ولكنه قد يرويها في حلقات الدرس مرسلة ، لأجل المذاكرة والتنبيه ، ليطلب إسنادها المتصل ويسأل عنه (١).

١٢ ـ أن يكون الرجل المرسل سمع ذلك الخبر من جماعة عن

__________________

(١) أشار إلى الأسباب الثلاثة الأخيرة الخطيب البغدادي في الكفاية : ٣٩٥ ـ ٣٩٦.


المعزى إليه الخبر وصح عنده ووقر في نفسه فأرسله عن ذلك المعزى إليه علما بصحة ما أرسله (١).

وهذا السبب يكون بناء على أن «المرسل الخفي» تدليس.

من اشتهر بالمراسيل من الرواة :

وبعد وضوح أسباب الإرسال في الحديث لا بأس ببيان أسماء من اشتهر بالمراسيل من رواة الفريقين ، وهم :

من الإمامية : محمد بن أبي عمير ، ومحمد بن خالد البرقي (٢).

ومن العامة : سعيد بن المسيب في المدينة ، وعطاء بن أبي رباح في مكة ، وسعيد بن أبي هلال في مصر ، ومكحول الدمشقي في الشام ، والحسن البصري في البصرة ، وإبراهيم بن يزيد النخعي في الكوفة (٣).

أنواع المراسيل :

للأحاديث المرسلة أنواع كثيرة عند العامة (٤) وقد لخصها بعضهم بأربعة أنواع ، هي :

١ ـ مراسيل الصحابة.

٢ ـ مراسيل القرنين الثاني والثالث ، أي مراسيل التابعين ، وأتباعهم.

٣ ـ ما أرسله العدل في كل عصر.

__________________

(١) التمهيد ـ لابن عبد البر ـ ١ / ١٧.

(٢) راجع ترجمة الأول في رجال النجاشي : ٣٢٦ رقم ٨٨٧ ، والثاني في رجال العلامة الحلي : ١٣٩ رقم ١٤.

(٣) معرفة علوم الحديث ـ للحاكم النيسابوري ـ : ٢٥.

(٤) قواعد التحديث : ١٤٤ ، علوم الحديث ومصطلحه : ١٦٩ ـ ١٧٠.


٤ ـ ما أرسل من وجه واتصل من وجه آخر (١).

وأما المراسيل عند الشيعة الإمامية ، فهي وإن لم تقسم في كتبهم الدرائية إلى أنواع ، إلا أنه يمكن استظهار وجود الأنواع الآتية لديهم ، وهي :

١ ـ مراسيل الأجلاء الثلاثة (ابن أبي عمير ، وصفوان ، والبزنطي) ، ومراسيل أصحاب الإجماع.

٢ ـ المراسيل المؤيدة بغيرها ، والتي لم يعارضها مسند صحيح.

٣ ـ مراسيل الثقة الذي شهد بصحتها واعتمادها ، كمراسيل الصدوق في كتابه من لا يحضره الفقيه ، وهي من أهم المراسيل عند الإمامية.

٤ ـ مراسيل الجليل الثقة الذي لم يتقيد بالرواية عن الثقات.

٥ ـ مراسيل الضعفاء والمجهولين.

والنوعان الأخيران متروكان على كل حال ما لم يعتضدا بجابر كالشهرة ، أو يتبين اتصالهما من طريق صحيح آخر يكشف عن اعتبارهما ، وأما الأنواع الثلاثة المتقدمة ففيها اختلاف واسع يتعذر استيفاؤه هنا ، إلا أنه سيكون الحديث في آخر المطاف عن بحث أهمها تفصيلا إن شاء الله تعالى.

حجية أنواع المرسل :

أولا : مراسيل الصحابة :

ذهب أكثر علماء العامة إلى القول بالإجماع على قبول مراسيل الصحابة (٢) ، لأنها محمولة على السماع (٣)!

__________________

(١) كشف الأسرار عن أصول البزدوي ٣ / ٢.

(٢) كشف الأسرار عن أصول البزدوي ٣ / ٢ ، تدريب الراوي ١ / ١٠٩.

(٣) أسباب اختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية ، د. الزلمي : ٣٢١.


والوجه في ذلك اعتقادهم بعدالة الصحابة!! وهو منقوض من كل وجه ، لأن عدالتهم لم تثبت بنص القرآن الكريم الذي صرح بأن من أهل المدينة من مرد على النفاق (١) ، وكذلك السنة الثابتة ، كحديث «أصيحابي» المروي في الصحاح (٢) ، فضلا عن اعوجاج سيرة الكثير من الصحابة ، وشهادة تاريخ بعضهم على كفرهم ونفاقهم ، وتستر لمة منهم باسم الإسلام ، زيادة على أن الصحبة ليست إكسيرا معدلا لمجاهيل الصحابة ، ولا محولا المنافقين منهم إلى مؤمنين ، ولا الظالمين إلى عدول.

ثم كيف صاروا عدولا وقد سفك بعضهم دماء بعض بغيا وظلما وعدوانا؟!

ومن هنا تنبه القرافي المالكي ـ وهو من المعتقدين بعدالة الصحابة ـ إلى خطورة تعميم شرف الصحبة ، فقال : «الإرسال هو إسقاط صحابي من السند ، والصحابة كلهم عدول ، فلا فرق بين ذكره والسكوت عنه ، فكيف جرى الخلاف فيه؟!».

قال القاسمي : «وأجاب هو كما في نسخة من التنقيح : بأنهم عدول إلا عند قيام المعارض ، وقد يكون المسكوت عنه منهم عرض في حقه ما يوجب القدح فيتوقف في قبول الحديث حتى نعلم سلامته من القادح» (٣).

ويظهر من الحافظ البيهقي في سننه أنه لم يسلم بعدم الفرق بين ذكر الصحابي والسكوت عنه في الإسناد ـ كما هو لازم الاعتقاد بعدالة الصحابة ـ

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ١٠١.

(٢) صحيح البخاري ٦ / ٦٩ باب (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) من كتاب التفسير في تفسير الآية : ١١٧ من سورة المائدة.

(٣) قواعد التحديث : ١٤١.


إذ جعل ما رواه التابعي عن رجل من الصحابة لم يسمه مرسلا ، ولهذا قال في الباعث الحثيث : «فإن كان يذهب مع هذا إلى أنه ليس بحجة فيلزمه أن يكون مرسل الصحابة أيضا ليس بحجة» (١).

هذا ، وأما على فرض ثبوت عدالتهم جميعا! فإن العدالة ليست عاصمة من الخطأ والاشتباه سيما عند عدم التصريح بالسماع ، إذ لم يكونوا كلهم يستفهمون من رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، وفي حديث الإمام علي (عليه‌السلام) : «وليس كل أصحاب رسول الله (عليه‌السلام) كان يسأله عن الشئ فيفهم ، وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتى أن كانوا ليحبون أن يجئ الأعرابي والطارئ فيسأل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) حتى يسمعوا ...» (٢) وكان بعضهم يلهيه الصفق بالأسواق ، وبعضهم يروي عن بعض مما يحتمل أن يكون الكلام خبرا أو غيره ، وعلى فرض كونه خبرا فهو ليس بمعلوم الصدق ضرورة أو نظرا ، ولا بمعلوم الكذب إذا ما علم عدم مخالفته للواقع ، وإنما هو من خبر الآحاد الذي لا يعلم صدقه وكذبه ما لم يحتف بمؤيد ، وبقرينة يعتضد ، والكلام في مرسل الصحابي الذي لم يتقو بغيره ، فكيف يحمل على السماع ويسمى حديثا موصولا صحيحا؟!

وأما لو لم يكن خبرا فهو ليس إلا أثرا من آثاره ، وربما قد يكون من اجتهاده في مقابل النص.

على أن بعض الصحابة ـ لا سيما المكثرين منهم كأبي هريرة قد رووا عن التابعين ، وعن أهل الكتاب ، كروايات أبي هريرة عن كعب

__________________

(١) الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث : ٤٧.

(٢) أصول الكافي ١ / ٦٢ ح ١ باب ٢١ من كتاب فضل العلم ، نهج البلاغة بشرح ابن أبي الحديد ١١ / ٣٨ خطبة ٢٠٣ ، كتاب سليم بن قيس الهلالي ٢ / ٦٢٤ رقم ١٠.


الأحبار الكذاب بشهادة عبد الله بن عمر بن الخطاب (١) ، مما يكشف عن كون (عدالة الصحابة) غير مانعة من الرواية عن غير الثقة.

وإذا كانت (العدالة) غير عاصمة ولا مانعة مما ذكرناه فكيف صارت مراسيل الصحابة حجة؟!

ثانيا : مراسيل القرنين الثاني والثالث :

اتفقت الأحناف على العمل بمراسيل القرنين الثاني والثالث ، قال الزلمي : «لأنهم قاسوا في ذلك على علة الأخذ بمراسيل الصحابة وهي العدالة ، ونظرا لوجود العدالة في التابعين وتابعيهم اقتضى الأمر قبول مراسيلهم» (٢).

وقد صرح عبد العزيز البخاري الحنفي بذلك قائلا عن هذا النوع من المرسل بأنه : «حجة عندنا ، وهو فوق المسند» (٣).

وقد نسب الحاكم الاحتجاج بتلك المراسيل إلى جماعة أئمة أهل الكوفة ، كإبراهيم بن يزيد النخعي ، وحماد بن سليمان ، وأبي حنيفة النعمان ابن ثابت ، وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي ، ومحمد بن الحسن ، ومن بعدهم من أئمتهم ، ثم قال : «ومنهم من قال أنه أصح من المتصل المسند ، فإن التابعي إذا روى الحديث من الذي سمعه أحال الرواية عليه ، وإذا قال : [قال] رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، فإنه لا يقوله إلا بعد اجتهاده في معرفة صحته» (٤).

__________________

(١) راجع : تفسير الطبري ٢٢ / ١٤٤ و ١٤٥ في تفسير سورة فاطر ٣٥ : الآية ٤١ ستجد ذلك التكذيب الصريح.

(٢) أسباب اختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية : ٣٢٢ ـ ٣٢٣.

(٣) كشف الأسرار عن أصول البزدوي ٣ / ٢.

(٤) المدخل ـ للحاكم النيسابوري ـ : ١٥٥.


وهذا مما يقتضي العجب ، لأن في مسانيد التابعين وتابعيهم ما لا يمكن تصديقه لمخالفته للواقع ، مع وجود الكثير جدا من التناقض والتضاد في مروياتهم لا سيما التفسيرية كما يظهر من تفسير الطبري بلا أدنى تأمل ، فكيف الحال مع مراسيلهم إذن؟!

وهكذا هو شأن القياس في جميع أحواله ، فكيف لو كان المقيس عليه (وهو عدالة الصحابة) سرابا لا عين له ولا أثر؟!

وربما قد يتمسك بعضهم بحديث : «خيركم قرني ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ...» (١) ، وهو على فرض صحته لا يدل على أكثر من المدح المتوجه لمن قرب من عصر الرسالة وكان تقيا مؤمنا كما يدل عليه حديث : «خيركم في المائتين المؤمن» (٢) مع ما فيه من دلالة على ندرة المؤمنين وقتئذ.

أو كحديث : «أكرموا أصحابي ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يظهر الكذب» وهو ما احتج به الشافعي في رسالته (٣).

وفيه : إن هذا مرسل رواه سليمان بن يسار ، عن عمر ، وسليمان هذا وإن كان من التابعين إلا أنه لم يدرك عمر حتى يروي عنه لأنه مات سنة ١٠٧ ه عن ثلاث وسبعين سنة (٤) فتكون ولادته سنة ٣٤ ه بينما قتل عمر سنة ٢٣ ه.

__________________

(١) صحيح البخاري ٣ / ٢٢٤ باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد ، من كتاب الشهادات ، و ٨ / ١١٣ باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها ، من كتاب الدعوات ، وص ١٧٦ باب إثم من لا يفي بالنذر ، من كتاب الأيمان والنذور ، سنن أبي داود ٤ / ٢١٣ ـ ٢١٤ ح ٤٦٥٧.

(٢) أخرجه في موسوعة أطراف الحديث الشريف ٤ / ٦٦٢ ، عن أربعة مصادر.

(٣) الرسالة ـ للشافعي ـ : ٤٧٤ ـ ٤٧٥ رقم ١٣١٥.

(٤) تهذيب التهذيب ٤ / ٢٠٠ رقم ٣٩١.


والغريب في هذا حقا ، عدم التفات أولئك إلى ما في تلك الفترة بالذات من كثرة المنافقين الذين شهد رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) عليهم بالنفاق والمروق من الدين كما في الحديث المشهور الذي وسم مبغضي أمير المؤمنين (عليه‌السلام) بذلك (١) ، وما أكثرهم في ذلك الحين.

ثم لو تركنا منافقي تلك الفترة جانبا وتفحصنا رواة الحديث من القرنين الثاني والثالث لوجدنا الكثير منهم من اتهم بالكذب والتدليس ووضع الحديث فضلا عن الضعفاء والمتروكين ، ناهيك عن كثرة المجاهيل.

وقد بين الشيخ المظفر في دلائل الصدق من هؤلاء وأولئك الكثير (٢).

وهذا يعني أن القول بقبول مراسيل القرنين الثاني والثالث مطلقا ، قول بقبول مراسيل حتى حثالة الرواة في تلك الفترة ، لأنهم من العدول في لغة القياس!

ثالثا : ما أرسله العدل في كل عصر :

اختلف علماء العامة في قبول مرسل العدل في كل عصر على عدة أقوال أشهرها ـ وهو ما ينسب إلى الأحناف ـ ثلاثة ، هي :

١ ـ قبول مرسل العدل في كل عصر مطلقا ، وهو قول أبي الحسن الكرخي.

٢ ـ قبوله إذا كان المرسل العدل من أئمة النقل ، وهو قول عيسى بن

__________________

(١) راجع حديث : «لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق».

في : مسند أحمد ١ / ٩٥ وص ١٢٨ ، سنن الترمذي ٥ / ٦٤٣ ح ٣٧٣٦ ، سنن النسائي ٨ / ١١٦.

(٢) راجع : رجال السنة في الميزان ، طبع القاهرة ، بحث مستل من «دلائل الصدق» للشيخ المظفر.


أبان.

٣ ـ قبوله إن كان العدل مشتهرا بأنه لا يروي إلا عمن هو ثقة عدل ، وهو قول أبي بكر الجصاص ، واختاره السرخسي (١).

وجميع هذه الأقوال لا تخلو من مناقشة :

أما القول الأول : فهو مبتني على أساس القياس ـ الباطل في نفسه ـ على علة قبول مراسيل الصحابة وهي العدالة ، ونظرا لتحققها في رواة القرنين الثاني والثالث ـ بزعمهم ـ فلا بد من قبول مراسيلهم إذن!

وقد مر انتفاء المقيس عليه بنص القرآن الكريم والسنة الثابتة ، مع سيرة الصحابة وتاريخهم.

وأما القولين الآخرين : ففيهما مخالفة واضحة لمباني أربابهما في القياس ، لأن العدالة عندهم ملكة لا تتبعض ، وهي نفسها العلة التامة في قبولهم مراسيل من تقدم بلا قيد أو شرط ، ومع إيمانهم باطراد تلك العلة ، لم يلزموا أنفسهم بقبول مرسل العدل في كل عصر إلا بشرط!!

ولكن حتى مع تجاهل ذلك ، فإن في قبول مرسل أئمة النقل العدول توثيق لعين مجهول.

نعم ، أقرب الأقوال إلى الصواب هو القول الثالث ، ونظيره القول بقبول مراسيل العدول الثلاثة ـ ابن أبي عمير ، وصفوان ، والبزنطي ـ عند الشيعة الإمامية ، لتصريح الشيخ بأنهم لا يرسلون إلا عن ثقة (٢).

هذا ، على فرض أن مفهوم العدالة واحد عند الفريقين ، وأنه لا حصر

__________________

(١) راجع الأقوال المذكورة في : كشف الأسرار عن أصول البزدوي ٢ / ٢ وص ٧ ، أسباب اختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية : ٣٢٢ ـ ٣٢٣.

(٢) العدة في أصول الفقه ـ للشيخ الطوسي ـ ١ / ١٥٤.


للعدالة بفئة معينة في الواقع ، وإلا فهناك جملة من الأحاديث المتفق على صحتها قد حصرت العدالة بفرقة واحدة ، كحديث : «لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم» (١) ، وحديث : «الفرقة الناجية» (٢) ، و «يا علي إنك ستقدم على الله وشيعتك راضين مرضيين ، ويقدم على الله أعداؤك غضابا مقمحين» (٣) وغيرها.

وعليه ، فالعمل بمرسل من لم يثبت كونه من الفرقة الناجية ، لا يعتبر عملا بمرسل العدل وإن وصف بذلك ، بل يكون عملا بخبر فاسد العقيدة بعد انجباره بالشهرة ونحوها. ومن هنا يتبين أن البحث عن مراسيل العدول لا يتم قبل تشخيص من هم العدول حقا وذلك باستخدام الميزان النبوي في تمييز المحق من المبطل.

رابعا : ما أرسل من وجه واتصل من وجه آخر :

اتصال الحديث المرسل يكون ـ عادة ـ من وجهين ، هما :

الوجه الأول : أن يسنده من أرسله.

الوجه الثاني : أن يسنده غير من أرسله.

وقد وقع الكلام في كلا الوجهين :

أما الوجه الأول : فمن رد المرسل مطلقا ، رده معتبرا عدم ذكر الراوي خيانة ، لأنه تستر على ضعفه بحذف اسمه.

وفيه : أنه إذا كان المرسل ثقة مأمونا فلا خيانة ، لاستحالة أن يكون

__________________

(١) مسند أحمد ٤ / ١٠١ ، صحيح مسلم ٣ / ١٥٢٣ ح ١٧٤ باب ٥٣ من كتاب الإمارة ، ونحوه عدة أحاديث في الباب المذكور.

(٢) مسند أحمد ٢ / ٣٣٢.

(٣) ينابيع المودة ـ للقندوزي ـ ٢ / ٤٤٥ ح ٢٢٦ ، الصواعق المحرقة ـ لابن حجر ـ : ١٥٤ باب ١١ فصل ١.


الشخص ثقة مأمونا وخائنا في حال واحدة ، وهي رواية الحديث.

وتمادى بعضهم فلم يقبل حتى مسانيد ذلك المرسل ، واعتبره ساقط الحديث بالإرسال! وهو رأي شاذ لا يعبأ به عند الفريقين ، زيادة على ما فيه من خطورة وتفريط ، إذ لا تكاد تجد مكثرا من الرواية إلا وفي رواياته بعض المراسيل ، فإن أسقطنا المسانيد بتلك الحجة فقدنا معظم الأحاديث ، ولم يسلم منها إلا النزر اليسير.

والصواب في ذلك قبول ذلك المسند وغيره من المسانيد الصحيحة للمرسل ، لعدم قدح المرسل بالمسند إذا كان راويهما ثقة ، فقد يكون سمع الحديث مرسلا ، أو وجده في كتاب معتبر هكذا فأورده كما هو ، كما يحتمل سماعه له مسندا ، ولكنه نسي أن يرويه كذلك فأرسله ، ثم تذكر ـ بعد ذلك ـ ما غفل عنه ، فأورده مسندا.

وأما الوجه الثاني : ففيه أكثر من قول ، نذكر أهمها :

منها : إن من أسند حديثا قد أرسله حافظ ، فإرسال الحافظ قادح في عدالة وأهلية من أسنده.

ونوقش : بأن الذي أسنده إذا كان ضابطا عدلا قبل خبره ، وإن خالفه غيره ، سواء كان المخالف له واحدا أو جماعة ، وهذا ما اختاره ابن الصلاح ووافقه عليه غيره ، قال عبد العزيز البخاري : «وهو المأخوذ في الفقه وأصوله» (١).

ومنها : إن الإرسال نوع قدح في الحديث ـ بناء على رد المرسل ـ فيرجح على الموصول ، كما يقدم الجرح على التعديل عند تعارضهما ،

__________________

(١) كشف الأسرار ٣ / ٨.


وهو ما ذكره الشهيد (قدس‌سره) في درايته ، وناقشه بمنع الملازمة بين قاعدة تقديم الجرح على التعديل ، وبين تقديم الإرسال على الوصل ، بل استفاد من القاعدة المذكورة تقديم الوصل على الإرسال ، لأن تقديم الجرح على التعديل إنما تم بسبب زيادة علم الجارح بالجرح مع جهل المعدل به ، فكذلك الحال مع من وصل الحديث بعد أن اطلع على سائر وسائطه ، بخلاف من جهل بعضها فأرسله «وذلك يقتضي ترجيح من وصل على من أرسل كما يقدم الجارح على المعدل ، بقلب الدليل» (١).

ومنها : تقديم الأحفظ على غيره في الوصل أو الإرسال.

إطلاق لفظ (الصحيح) على (المرسل) :

لا شك أن الحديث المرسل يتقوى بغيره ويرتفع إلى درجة الحسن أو الصحيح أحيانا ، لا سيما مع اشتهار عمل الفقهاء بمضمونه ـ بناء على انجبار ضعف الإسناد بالشهرة الفتوائية ـ فيكون حجة ، لكشف عملهم بمؤداه عن قرينة قوية دالة على صدقه ، وصدوره عن المعصوم (عليه‌السلام).

وقد ينكشف اعتباره من غير طريق الشهرة أيضا ، كما لو وافقه حديث صحيح أو حسن أو موثق ، ولكن هل يمكننا أن نطلق عليه ـ بعد ذلك ـ لفظ (الصحيح)؟!

وفي معرض الجواب يمكن القول ابتداء : إن الآراء في الحديث المرسل مختلفة أشد الاختلاف ، ولهذا تجد بعضهم من يسمي المرسل صحيحا بلا قيد أو شرط ، بل وكثير منهم قدموه على الصحيح المسند!

__________________

(١) شرح البداية : ٤٢ ـ ٤٣.


وشعارهم في ذلك : إن من أسند إليك فقد أحالك ، ومن أرسل فقد تكفل لك (١) ، وأطلق بعضهم عليه لفظ الصحيح عند توفر بعض الشروط.

فمن الأول : ما نجده عند الحاكم النيسابوري في (ذكر معرفة أنواع الصحيح) إذ عد المرسل من جملة أنواع الحديث الصحيح ، فقال في بيان تلك الأنواع : «والصحيح من الحديث منقسم إلى عشرة أقسام : خمسة منها متفق عليها ، وخمسة مختلف فيها» ثم ذكر المرسل في أول أقسام الصحيح المختلف فيها (٢).

ويظهر من كلامه أن المرسل صحيح عند قوم بلا قيد أو شرط ، وسيأتي ما يدل عليه صراحة في بيان الموقف الإسلامي العام من المرسل.

ومن الثاني : أقوال جملة من علماء العامة وفقهائهم وأرباب درايتهم ، منهم الشافعي ، فقد ذكر في الرسالة بعض ما يتصل بالمرسل ، واعتبره صحيحا فيما لو وافق جملة من الدلالات ، منها أن يعضده مرسل من طريق آخر بمعناه (٣) ، واحتج النواوي في التقريب بكلام الشافعي ، ووافقه السيوطي في شرحه على التقريب (٤). وأورد الأخير عن أحمد بن حنبل قوله : «مرسلات سعيد بن المسيب أصح المرسلات» وعن ابن المديني أنه قال : «مرسلات الحسن البصري التي رواها عنه الثقات صحاح» كما نقل عن الماوردي ما يدل على أنه كان لا يرى بأسا في تسمية المرسل بالصحيح إذا ما وافق قول الصحابي ، أو أفتى أكثر العلماء بمضمونه ، أو وافق القياس ،

__________________

(١) قواعد التحديث : ١٣٤.

(٢) المدخل : ١٥٥.

(٣) أنظر : الرسالة : ٤٦٢ رقم ١٢٦٥ ـ ١٢٧٢.

(٤) تدريب الراوي ١ / ١٠٤.


أو كان له شاهد آخر سواء كان مسندا أو مرسلا من طريق آخر (١).

وبالجملة فإن الماوردي يسمي المرسل المقبول عندهم ـ وهو المؤيد بواحد من الأمور المذكورة ـ صحيحا! وأكثر ما مر لا يخلو من مناقشة :

أما كلام الشافعي ، ففيه : أن المرسل ـ بناء على اختصاصه بالضعيف ـ فلا معنى لأن يكون صحيحا فيما لو أخرج من طريق مرسل آخر ، لأن الضعيف لا يتقوى بمثله ، بل بما هو أعلى درجة منه كالحسن ، أو الصحيح ، ليرتفع إلى درجته لا أن يسمى باسمه ، وغاية ما يفيده المرسل الآخر أنه يزيل الضعف المحتمل بحفظ الراوي الثقة الذي أرسل أولا ، ويعلم من خلال الطريق الثاني المرسل أنه لم يختل حفظ المرسل الأول ، وأين هذا من عد المرسل ـ من طريقين ـ صحيحا؟!

وأما عن كلام أحمد فلا يمكن حمله على إطلاقه حتى مع فرض أن سعيد بن المسيب لا يروي إلا عن ثقة ، لأنهم قسموا المراسيل على أقسام وجعلوا أعلاها رتبة مراسيل الصحابة ، ثم تليها مراسيل التابعين لا سيما مراسيل سعيد بن المسيب ، ولو صح قول أحمد لجاء على تقسيمهم من القواعد.

وأما عن كلام ابن المديني فهو لا يرجع إلى محصل ، لأن المعروف عن مراسيل الحسن البصري أنها شبه الريح على حد تعبيرهم في كتب الدراية ، ولهذا قال عنه ابن سيرين : «الحسن لا يبالي عمن سمع» (٢) ، وقال أيضا لعاصم الأحول : «لا تحدثني عن الحسن ولا عن أبي العالية بشئ ، فإنهما لا يباليان عمن أخذا الحديث» (٣).

__________________

(١) تدريب الراوي ١ / ١٠٧.

(٢) آفة أصحاب الحديث ـ لابن الجوزي ـ : ٩٠.

(٣) الكفاية : ٣٩٢.


وقال أحمد بن حنبل : «وليس في المرسلات شئ أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح ، فإنهما يأخذان عن كل أحد» (١) ، وقال ابن سعد في طبقاته عن الحسن البصري : «وما أرسل من الحديث فليس بحجة» (٢) ، وهذه الأقوال مطلقة في تضعيف سائر مراسيل الحسن البصري ، هذا زيادة على كونه معروفا بالتدليس.

ولو قال أن رواية الثقات عن الشخص المدلس تعديلا له ، لكان له وجه ، أما جعل روايتهم عنه مصححا لمراسيله فهو أكبر من المصادرة.

وأما كلام الماوردي ، فأول ما فيه أنه لم ينقح الأمور التي تجعل المرسل مقبولا عندهم ، فقفز إلى النتيجة على مقدمات خاوية!

فلا الصحابي قوله حجة على التحقيق ، ولا أساس في واقع الشريعة للقياس ، ولا للشاهد المرسل ذلك التأثير المدعى ، هذا إن لم نقل إن إفتاء أكثر علمائهم بمضمونه لا يجدي فتيلا أحيانا ، فقد أفتى علماء الأحناف بأن القهقهة من نواقض الوضوء (٣) ـ وهم أكثر فقهاء العامة ـ ومستندهم في ذلك مرسل أبي العالية لا غيره (٤).

فهل يوافق الماوردي الشافعي على تصحيح مرسل أبي العالية لإفتاء أكثر العلماء بموجبه ولا يرده كما رده الجمهور ، وعلى رأسهم ابن رشد في

__________________

(١) الكفاية : ٣٨٦.

(٢) الطبقات الكبرى ٧ / ١٥٧ ـ ١٥٨.

(٣) الفتاوى الهندية للشيخ نظام الحنفي وجماعته ١ / ١٣ ، فتاوي قاضي خان الحنفي ١ / ٣٨ ، مطبوع بهامش الفتاوى الهندية.

(٤) سنن الدارقطني ١ / ١٢٣ ح ٥٩١ وما بعده ، باب أحاديث القهقهة في الصلاة وعللها من كتاب الطهارة ، وفي الباب أخرج الحديث موصولا من وجوه كلها موضوعة لا تصح بتصريح الدارقطني نفسه.


بداية المجتهد (١)؟

وبهذا يتبين السر في عدم مناقشة معرفة أنواع الصحيح عند الحاكم ، لأنها خاوية على عروشها.

وكما أطلق لفظ الصحيح على المرسل بكتب الدراية عند العامة ، فقد أطلق كذلك في كتب الدراية الشيعية ، فقد قال الشهيد الثاني في بحث الخبر الصحيح : أنه قد يطلق الصحيح على سليم الطريق من الطعن بما ينافي الاتصال بالعدل الإمامي وإن اعتراه ـ مع ذلك ـ إرسال أو قطع (٢).

ولا شك أن هذا تساهل في الاصطلاح ، ونقض للغرض المطلوب من تقسيم الأخبار وإفراد كل قسم منها باسم خاص ليتميز عن غيره من الأقسام ، وهذا هو عين ما اعترض به الشيخ حسن نجل الشهيد الثاني على والده (رحمهما‌الله) ، ثم قال : «والأصل فيه على ما ظهر لي : أن بعض المتقدمين من المتأخرين أطلق الصحيح على ما فيه إرسال أو قطع نظرا منه إلى ما اشتهر بينهم من قبول المراسيل التي لا يروي مرسلها إلا عن ثقة ، فلم ير إرسالها منافيا لوصف الصحة» (٣).

الموقف الإسلامي العام من الحديث المرسل :

اختلفت مواقف المذاهب الإسلامية من الحديث المرسل اختلافا واسعا ، ويظهر من خلاصة الأقوال في المرسل ـ كما سيأتي بعد ذلك ـ

__________________

(١) بداية المجتهد ونهاية المقتصد ١ / ٤١ ، المسألة السادسة من نواقض الوضوء ، معترفا بأن أصل حديث القهقهة هو مرسل أبي العالية.

(٢) شرح البداية : ٢٢.

(٣) منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان ـ للشيخ حسن ـ ١ / ١٣.


انحصار تلك المواقف بثلاثة آراء لا غير. ولما كانت تلك الآراء الثلاثة منطبقة تمام الانطباق مع ما تقوله الشيعة الإمامية بشأن أهم المراسيل عندهم ـ وهي مراسيل الشيخ الصدوق في الفقيه ـ لذا كانت مناقشتنا تلك الآراء ـ في مواقع سردها ـ محدودة بالقدر الذي يكفل عدم التكرار مع ما سيأتي من تطبيق مفصل لتلك الخلاصة في البحث عن مراسيل الصدوق ، لما ذكرنا من عدم الفرق بين الشيعة الإمامية وغيرهم في خصوص تعدد المذاهب العلمية في المرسل ، وإن اختلفت من جهة بيان المصداق الفعلي لكل رأي من تلك الآراء كما سيأتي مفصلا بعد هذا الإجمال.

موقف الحنفية من المرسل :

ذكرنا في ما تقدم جملة من الأقوال الصريحة باحتجاج الأحناف بالحديث المرسل ، كاحتجاجهم بمراسيل الصحابة مطلقا ، وكذلك بشأن مراسيل القرنين الثاني والثالث ، ومرسل العدل في كل عصر ، والمرسل المروي من وجه آخر ، وجعله بعضهم أقوى من المسند ورجحه عليه عند التعارض ، وقد نسب الاحتجاج بالمرسل إلى أبي حنيفة نفسه وأصحابه ابن رجب الحنبلي في شرح علل الترمذي (١).

وقال الحاكم ـ بعد تعريف المراسيل ـ : «فهذه الأحاديث صحيحة عند جماعة أهل الكوفة كإبراهيم بن يزيد النخعي ، وحماد بن سليمان ، وأبي حنيفة ابن ثابت ، وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي ، ومحمد بن الحسن ، ومن بعدهم ، يحتج بها عند جماعتهم» (٢).

__________________

(١) شرح علل الترمذي : ١٨١.

(٢) المدخل : ١٥٥.


كما اعترف النواوي بأن أبا حنيفة قال عن المرسل بأنه «صحيح» (١).

وقد لخص لنا الدكتور الخن موقف الأحناف من المرسل فقال : «واحتج الحنفية بالمرسل ، بل جعله بعضهم أقوى من المسند ورجحه عليه عند التعارض ، وفريق منهم يقف في الاحتجاج عند القرن الثالث فلا يحتج بما وراءه ، وبعضهم يطرد القول في كل مرسل» (٢).

هذا ، وقد نقل ابن حجر عن أبي بكر الرازي الحنفي أنه قال : «إذا كان الراوي يرسل عن الثقات وغيرهم ، فلا يقبل مرسله اتفاقا» (٣).

وقال عبد العزيز البخاري : «وأبو بكر الرازي لا يقبل إرسال من بعد القرون الثلاثة إلا إذا اشتهر بأنه لا يروي إلا عمن هو عدل ثقة» (٤).

موقف المالكية من المرسل :

من مراجعة كتاب الموطأ لمؤسس المذهب المالكي ـ مالك بن أنس (ت ١٧٩ ه) ـ يعلم أنه كان يحتج بالحديث المرسل والمنقطع والبلاغات ، ومن هنا قال ابن القيم : «وأما مالك ، فإنه يقدم الحديث المرسل والمنقطع والبلاغات ، وقول الصحابي على القياس» (٥).

وكان مالك يرى المرسل صحيحا (٦) ويحتج به (٧) وكذلك أصحابه (٨) ،

__________________

(١) تقريب النواوي ١ / ١٠٣.

(٢) أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء : ٤٠١ ـ ٤٠٢.

(٣) نخبة الفكر ـ لابن حجر ـ مخطوط ، ورقة : ٣٥ / أ ، ونسخته المصورة عندي.

(٤) كشف الأسرار عن أصول البزدوي ٣ / ٧.

(٥) أعلام الموقعين ـ لابن القيم ـ ١ / ٣١ ـ ٣٢ ، أسباب اختلاف الفقهاء : ٣٢٣.

(٦) تقريب النواوي ١ / ١٠٣.

(٧) أثر الاختلاف في القواعد الأصولية : ٤٠٢.

(٨) شرح علل الترمذي : ١٨١.


وقد نسب ابن حجر لمالك وأصحابه قبول مراسيل الصحابة ، ومراسيل التابعين كبارا كانوا أو صغارا (١) ، ونقل السيوطي وابن عبد البر عن ابن جرير ما يدل على ذلك أيضا (٢).

وفي رسالة أبي داود السجستاني إلى أهل مكة : «وأما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء في ما مضى ، مثل : سفيان ، ومالك ...» (٣).

وقد نسب إليه الاحتجاج بالمرسل مطلقا (٤).

هذا ، وقد فصل ابن عبد البر النمري المالكي موقف المالكية من المرسل على ثلاث طوائف :

طائفة جعلت مراسيل الثقات أولى من المسندات ، واعتلوا بأن من أسند لك فقد أحالك على البحث عن أحوال من سماه لك ، ومن أرسل من الأئمة حديث مع علمه ودينه وثقته فقد قطع لك على صحته وكفاك النظر.

وطائفة منهم لم تفرق بين المرسل والمسند وجعلتهما سواء في وجوب الحجة والاستعمال ، واعتلوا بأن السلف أرسلوا ووصلوا فلم يعب واحد منهم على صاحبه شيئا من ذلك ، ومن أعلام هذه الطائفة أبو الفرج عمرو بن محمد المالكي ، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن صالح الأبهري المالكي ، وهو قول أبي جعفر محمد بن جرير الطبري.

وطائفة فرقت بين المسند والمرسل على أساس أن للأول مزية فضل على الثاني لمزية الاتفاق عليه ، وإن كان المرسل يجب الاحتجاج به أيضا ،

__________________

(١) النكت على كتاب ابن الصلاح : ٢٠٢.

(٢) تدريب الراوي ١ / ١٠٤ ، التمهيد ١ / ٤.

(٣) توجيه النظر ـ للجزائري ـ : ١٥٢.

(٤) قواعد التحديث : ١٣٣ ، مقباس الهداية ١ / ٣٤١ ، مستدركات مقباس الهداية ٥ / ٣٥٧.


وممن كان يقول بهذا ، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إسحاق بن خوازبنداذ البصري المالكي (١).

موقف الشافعية من المرسل :

اختلفوا في بيان مذهب الشافعي بشأن المرسل ، فعن أبي داود السجستاني في رسالته إلى أهل مكة ، أن الشافعي أول من تكلم في المراسيل بعد أن كان الاحتجاج بها سائدا بين أهل العلم (٢).

واحتمل ابن عبد البر المالكي في كلام ابن جرير : «أجمع التابعون بأسرهم على قبول المرسل ، ولم يأت عنهم إنكاره ، ولا عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المائتين» أنه يعني بذلك أن الشافعي أول من رد المرسل (٣).

ويفهم من كلام ابن عبد البر أنه كان يرى الشافعي كذلك.

واستظهر القرافي أن مذهب الشافعي رد المراسيل كما في قول أصحاب الحديث (٤).

وصرح بعضهم بأن الأحاديث المرسلة ضعيفة عند الشافعي (٥). بل واهية (٦). وأنه من القائلين بعدم حجيتها (٧). مطلقا (٨).

__________________

(١) التمهيد ١ / ٣ ـ ٦.

(٢) شرح علل الترمذي : ١٨١ ، توجيه النظر : ١٥٢.

(٣) التمهيد ١ / ٤.

(٤) شرح تنقيح الفصول : ٣٨٠ ، عن أسباب اختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية : ٣٢٣.

(٥) تدريب الراوي ١ / ١٠٣.

(٦) المدخل : ١٥٥.

(٧) مقباس الهداية ١ / ٣٤١.

(٨) أصول الحديث ، د. محمد عجاج الخطيب : ٣٣٨ ـ ٣٣٩.


بينما نجد من صرح بخلاف ذلك ، وزعم : «أن في كلام الشافعي ما يقتضي صحة المرسل» (١).

وذهب آخرون إلى القول بحجية بعض المراسيل عند الشافعي كمراسيل سعيد بن المسيب (٢) ، وأنه لا يقبل غيرها من المراسيل (٣).

وقيل : إنه اشتهر بقبول مراسيل الصحابة ، ومراسيل سعيد بن المسيب (٤).

ومن أصحاب الشافعي من يقول أن مذهبه قبول مراسيل سعيد بن المسيب والحسن البصري (٥).

هذا ، وقد بين قسم منهم شرط الشافعي في قبول المرسل ، فقال : «وقول الشافعي : يقبل [أي : المرسل] إن اعتضد بمجيئه من وجه آخر تباين الطريق الأولى مسندا كان أو مرسلا ، ليترجح كون احتمال المحذوف ثقة في نفس الأمر» (٦) ، أي : في الإسناد الأول.

وزاد بعضهم على هذا الشرط شروطا أخر ، إن توفر واحد منها في المرسل قبله الشافعي (٧).

وقيد آخرون شروط الشافعي لقبول المرسل بمراسيل كبار التابعين فقط لا كل مرسل (٨).

__________________

(١) شرح علل الترمذي : ١٨٢.

(٢) تقريب النواوي كما في شرحه تدريب الراوي ١ / ١٠٤.

(٣) شرح تنقيح الفصول : ٣٨٠ ، عن أسباب اختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية : ٣٢٣.

(٤) مستدركات مقباس الهداية ٥ / ٣٥٧.

(٥) توجيه النظر إلى أصول الأثر / الجزائري : ١٥٢ ، وشرح علل الترمذي : ١٨١.

(٦) نخبة الفكر ـ مخطوط ـ ورقة : ٣٥ / أ.

(٧) الإحكام في أصول الأحكام ـ الآمدي ـ ١ / ٢٩٩ ، فتح المغيث : ٣٨ ، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية : ٣٩٨ ، أسباب اختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية : ٣٢٤.

(٨) قواعد التحديث : ١٣٤.


والصواب من بين هذه الأقوال هو القول الأخير ، وهو ما تجده صريحا في رسالة الشافعي ، فقد ذكر فيها ستة شروط لقبول مراسيل كبار التابعين ، وهي باختصار :

١ ـ إذا أسند المرسل أحد الحفاظ إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) فهو صحيح (١).

وهذا الشرط اعترض عليه الرازي بأنه يجب أن يكون العاضد غير منتهض الإسناد ، ليكون الاحتجاج بالمجموع ، وإلا فالاحتجاج يكون بالمسند (٢).

وأجيب عنه «بأنه بالمسند تبين صحة الإسناد الذي فيه الإرسال حتى يحكم له مع إرساله بأنه إسناد صحيح تقوم به الحجة ، وتظهر الفائدة في صيرورتهما دليلين يترجح بهما عند معارضة دليل واحد» (٣).

٢ ـ أن يرسل من طريق آخر غير الأول (٤).

٣ ـ أن يوافق قولا للصحابة حتى ولو كان ذلك القول اجتهادا! (٥).

ويؤخذ عليه : أن قول الصحابة ليس حجة كما مر ، وعلى أية حال ، فإنه إذا كانت آراء وأقوال الصحابة بهذه المثابة عند الشافعي ، فمما لا شك فيه أن تكون مراسيلهم حجة عنده.

٤ ـ أن يفتي أهل العلم بمضمون الحديث المرسل (٦) ، وهذا ما يعبر عنه عند الإمامية باعتضاد المرسل بالشهرة الفتوائية.

__________________

(١) رسالة الشافعي : ٤٦٢ رقم ١٢٦٥.

(٢) تدريب الراوي ١ / ١٠٦.

(٣) نقل جوابهم الشهيد الثاني في شرح البداية : ٥١.

(٤) رسالة الشافعي : ٤٦٢ رقم ١٢٦٦ و ١٢٦٧ و ١٢٦٨.

(٥) رسالة الشافعي : ٤٦٢ ـ ٤٦٣ رقم ١٢٦٩.

(٦) رسالة الشافعي : ٤٦٣ رقم ١٢٧٠.


٥ ـ أن يكون من أرسله غير معروف بالرواية عن المجهولين ، ولا عمن لا رغبة في رواياتهم (١).

وفي هذا الشرط رد لمن زعم أن التابعين الكبار لا يروون ولا يرسلون إلا عن الصحابة ، لما قد عرفت بأن الشافعي وغيره من فقهاء العامة ومحدثيهم لا يرون في الصحابة مجهولا ، ولا من لا رغبة في رواياته! مع أن التحقيق أثبت اختلاق مجموعة كبيرة من الصحابة (٢).

٦ ـ أن يكون المرسل لو اشترك مع أحد الحفاظ في رواية حديث ما ، لم يخالفه (٣) ، بمعنى أنه لو روى ذلك المرسل حافظ ، لرواه مرسلا أيضا ، لما يعلم من طريقة مرسله بعدم مخالفته لما يرويه الحفاظ في شئ اشترك معهم بروايته.

وقد طبقوا ذلك على الحديث المنفرد ، وقبلوه إذا ما كان راويه مشاركا للثقات من أهل العلم والحفظ في بعض ما رووه وموافقا لهم ، فإن ذلك يشفع له فيما لو جاء بزيادة غير معروفة عندهم ، فتقبل.

ومع عدم تحقق الشرط المذكور في المرسل ، فهو مرسل ومنكر في آن واحد ، قال النووي في شرحه على صحيح مسلم عن علامة المنكر من الحديث بأنه : «إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايتهم ، أو لم تكد توافقها ، فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك ، كان مهجور الحديث غير مقبوله ولا مستعمله» (٤).

__________________

(١) رسالة الشافعي : ٤٦٣ رقم ١٢٧١.

(٢) راجع : كتاب مائة وخمسون صحابي مختلق ـ للسيد العسكري ـ.

(٣) رسالة الشافعي : ٤٦٣ رقم ١٢٧٢.

(٤) صحيح مسلم بشرح النووي ١ / ١٧٢.


هذا ، وقد اعتبر الشافعي في الشروط الستة المذكورة دلائل تشهد بصحة الحديث المرسل (١) وأما مع مخالفته لها فلا يقبله (٢).

ولكن الشافعي مع تصريحه بصحة المرسل عند توفر الشروط اللازمة فيه ، لم يجعله مساويا للموصول من الحديث ، لأن الحجة لا تثبت به ثبوتها بالمتصل (٣) وأما مراسيل صغار التابعين فقد ردها بثلاثة أمور ، هي :

١ ـ أنهم أشد تجوزا في من يروون عنه.

٢ ـ ضعف مخرج حديثهم.

٣ ـ احتمال تعدد الواسطة بينهم وبين من يرسلون عنه ، وقد عبر عنها ب (كثرة الإحالة) (٤).

كما رد الشافعي مراسيل الفقهاء والثقات من غير كبار التابعين (٥) مصرحا بأن «من نظر في العلم بخبرة وقلة غفلة استوحش من مرسل كل من دون كبار التابعين بدلائل ظاهرة فيها» (٦).

هذا ، ومن الجدير بالإشارة أن الشيخ أحمد محمد شاكر محقق رسالة الشافعي ، قد رد على الشافعي في المرسل صراحة ، وذلك في هوامش تحقيق الموارد المذكورة.

ويظهر من رسالة الشافعي أنه لا فرق عنده بين مراسيل سعيد بن المسيب أو مراسيل الحسن البصري ، وغيرها ، وعليه فما اشتهر عنه من

__________________

(١) رسالة الشافعي : ٤٦٤ رقم ١٣٧٤.

(٢) رسالة الشافعي : ٤٦٤ رقم ١٣٧٣.

(٣) رسالة الشافعي : ٤٦٤ رقم ١٢٧٥ و ١٢٧٦.

(٤) رسالة الشافعي : ٤٦٥ رقم ١٢٧٧.

(٥) رسالة الشافعي : ٤٦٧ رقم ١٢٨٧ و ١٢٨٩.

(٦) رسالة الشافعي : ٤٦٧ رقم ١٢٨٤.


قبول مراسيل سعيد بن المسيب مطلقا غير صحيح ، وكذلك ما نقل عنه بأنه لا يحتج بالمراسيل مطلقا.

هذا ، وقد نسب بعضهم إلى بعض علماء الشافعية كعضد الدين الإيجي ، والبيضاوي ، وابن كثير ، عدم الاحتجاج بالمرسل (١) وهو ما اختاره الخطيب البغدادي (٢) ، وكان قد استثنى من ذلك مراسيل الصحابة (٣).

موقف الحنابلة من المرسل :

نسبت إلى أحمد بن حنبل ثلاثة أقوال بشأن الحديث المرسل ، هي :

١ ـ الأخذ بها مطلقا.

٢ ـ ردها مطلقا.

٣ ـ قبول مراسيل القرون الثلاثة فقط (٤).

وقد صرح بالقول الأول القاسمي (٥) ، ونسبه بعضهم إلى أحمد في قول (٦) ، كما صرح ابن القيم بأن الأصل الرابع من أصول أحمد بن حنبل ، هو «الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شئ يدفعه ، وهو الذي رجحه على القياس» (٧).

وقال ابن رجب الحنبلي : «وقد استدل كثير من الفقهاء بالمرسل ،

__________________

(١) مقباس الهداية ١ / ٣٤١.

(٢) الكفاية : ٣٨٧.

(٣) الكفاية : ٣٨٥.

(٤) أسباب اختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية : ٣٢٤.

(٥) قواعد التحديث : ١٣٣.

(٦) أصول الحديث ـ للخطيب ـ : ٣٣٨ ، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية : ٤٠٢.

(٧) أعلام الموقعين ١ / ٣١ ـ ٣٢.


والذي ذكره أصحابنا أنه الصحيح عن أحمد» (١).

ويؤيد الثاني ما قاله ابن حجر : «فإن عرف من عادة التابعي أنه لا يرسل إلا عن ثقة ، فذهب جمهور المحدثين إلى التوقف ... وهو أحد قولي أحمد» (٢).

وقد مر عن أبي داود السجستاني في رسالته إلى أهل مكة بأن أول من تكلم في المراسيل هو الشافعي ، وتابعه أحمد بن حنبل على ذلك ، والتكلم لا يعني الرد مطلقا كما بيناه في موقف الشافعي من الحديث المرسل ، بل هو أقرب إلى القول بالتفصيل ، وهو ما يؤيد القول الثالث.

موقف الشيعة الإمامية من الحديث المرسل :

للشيعة الإمامية ثلاثة أقوال بشأن المرسل ، هي :

١ ـ القبول مطلقا ، ذهب إليه أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، وأبوه (٣) ، ونسبه الغضائري إلى ابنه أحمد (٤).

٢ ـ الرد مطلقا ، ونسبه الشيخ المامقاني إلى الشيخ الطوسي ، والمحقق الحلي ، والعلامة الحلي ، والشهيدين الأول والثاني.

والظاهر أن ما نسبه للشيخ الطوسي وللشهيدين الأول والثاني غير صحيح ، ولعله لقول نسب إليهم ، ولكنا لم نقف عليه ، بل وجدنا خلافه.

أما الشيخ ، فقد احتج بالمراسيل في سائر كتبه الروائية ما لم يكن لها

__________________

(١) شرح علل الترمذي : ١٨١.

(٢) نخبة الفكر ، مخطوط ، ورقة : ٣٤ / ب.

(٣) مقباس الهداية ١ / ٣٤١.

(٤) قوانين الأصول : ٤٧٨ ، من الباب السادس.


معارض أقوى ، بل في عدة الأصول التصريح بقبول مراسيل ابن أبي عمير وصفوان والبزنطي وغيرهم من الثقات الذين لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة (١).

وأما الشهيد الأول ، فالظاهر أن موقفه من المرسل هو موقف الشيخ ـ أعني التفصيل ـ إذ نقل عنه السيد الحكيم في (المستمسك) ذلك فقال عن مرسلة ابن مسكان في صلاة العاري : «إن المراسيل حجة إذا كانت مجبورة بعمل المشهور ، ولذا قال في الذكرى في المقام : وأما المراسيل فإذا تأيدت بالشهرة صارت في قوة المسانيد» (٢).

وأما الشهيد الثاني فهو وإن صرح بذلك في شرح البداية (٣) ، إلا أنه اعتمد على مرسلة أيوب بن نوح ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) في مسألة «صلاة العاري الذي ليس له ثوب» وقد نقل عنه ذلك السيد الحكيم أيضا (٤).

ولا يبعد القول بأن المرسل الذي يعتضد بشهرة الفتوى يكون حجة عند جميع من نسب إليهم القول الثاني ، وأنهم غير قائلين بالرد مطلقا وإنما من القائلين بالقول الثالث ، وهو التفصيل.

٣ ـ التفصيل بين أن يكون المرسل معروفا بأنه لا يرسل إلا مع عدالة الواسطة كمراسيل ابن أبي عمير ، وبين من لم يعرف بذلك ، فيقبل الأول وكذلك الثاني بشرط أن لا يكون له معارض من المسانيد الصحيحة ، وهو

__________________

(١) العدة في أصول الفقه ١ / ١٥٤.

(٢) مستمسك العروة الوثقى ٥ / ٣٩٦.

(٣) شرح البداية : ٥٠.

(٤) مستمسك العروة الوثقى ٥ / ٣٩٨.


قول الشيخ الطوسي (١) ، واختاره صاحب القوانين (٢).

وكذلك فصلوا بين مراسيل أصحاب الإجماع وبين مراسيل غيرهم ، وبين المرسل الذي لم يذكر فيه الإسناد أصلا وينسب إلى المعصوم (عليه‌السلام) رأسا وبين المرسل الذي ذكر فيه بعض الإسناد ، وكذلك بين المرسل المأخوذ من كتاب معتبر وبين غيره.

كما فصلوا بين المرسل المعتضد بقرينة كالشهرة الفتوائية ، أو الموافق للصحيح الثابت ، أو المعبر عن ضرورة من ضرورات المذهب ، وبين الفاقد لذلك.

وبالجملة فإن أصحاب هذا القول لا يقبلون المرسل إلا بعد تحقق الشروط المطلوبة فيه على طبق ما قرروه ، ونظرا لسعة البحث في أدلتهم فسنكتفي ـ في آخر المطاف ـ بالبحث عن مراسيل الصدوق (قدس‌سره) كنموذج تطبيقي يشتمل على أهم الأقوال بشأن الحديث المرسل.

مواقف أخرى من المرسل :

ومن المواقف الأخرى إزاء المرسل هو موقف المذهب الظاهري ، فقد ذهب قادة مذهبهم إلى رد المرسل مطلقا.

قال ابن حزم : «وهو غير مقبول ولا تقوم به حجة لأنه عن مجهول ، وقد قدمنا إن من جهلنا حاله ففرض علينا التوقف عن قبول خبره ، وعن قبول شهادته حتى نعلم حاله ، وسواء قال الراوي العدل حدثنا الثقة أو لم يقل لا يجب أن يلتفت إلى ذلك ، إذ قد يكون عنده ثقة من لا يعلم من

__________________

(١) العدة في أصول الفقه ١ / ١٥٥.

(٢) قوانين الأصول : ٤٧٨ ، من الباب السادس.


جرحته ما يعلم غيره ، وقد قدمنا أن الجرح مقدم على التعديل ... ومرسل سعيد بن المسيب ومرسل الحسن البصري وغيرهما سواء " (١).

ثم قال : «إن التابعي إذا قال حدثنا صحابي ولم يسمه لا يقبل ما لم يسم ذلك الصحابي بعينه ، لأن من الصحابة منافقين ومرتدين عن الإسلام مثل عيينة بن حصن ، والأشعث بن قيس و ...» (٢).

هذا ، وقد نسب القول بعدم حجية المرسل إلى بعض الأشاعرة كأبي إسحاق الإسفراييني ، وأبي بكر الباقلاني (٣).

كما نسب القول بحجية المرسل مطلقا مهما كان نوع المرسل إلى أبي هاشم وأتباعه من المعتزلة (٤).

خلاصة الأقوال في المرسل :

مهما تعددت الأقوال في المرسل ، فهي لا تتجاوز ثلاثة أقوال : الحجية مطلقا ، ونفيها ، والتفصيل.

أما الأول ـ الحجية مطلقا ـ : فقد ذهب إليه :

من الإمامية ـ كما مر ـ : البرقي ، وأبوه (٥) ، وابن الغضائري (٦).

ومن العامة : أكثر أهل الكوفة (٧) ، وأهل العراق (٨) ، وبعض أهل

__________________

(١) الإحكام في أصول الأحكام ـ لابن حزم الأندلسي الظاهري ـ ٢ / ١٤٣.

(٢) الإحكام في أصول الأحكام ـ لابن حزم الأندلسي الظاهري ـ ٢ / ١٤٤.

(٣) النكت على كتاب ابن الصلاح : ١ ـ ٢.

(٤) مقباس الهداية ١ / ٣٤١.

(٥) مقباس الهداية ١ / ٣٤١ ، قوانين الأصول : ٤٧٨ من الباب السادس.

(٦) قوانين الأصول : ٤٧٨ من الباب السادس.

(٧) معرفة علوم الحديث : ٢٦ ، شرح علل الترمذي : ١٨١ ، نخبة الفكر ، ورقة : ٣٤ / ب.

(٨) شرح علل الترمذي : ١٨١.


العلم (١) ، وكثير من الفقهاء (٢) ، وأبو داود السجستاني (٣) ، والآمدي (٤) ، ومالك ابن أنس (٥) ، وأحمد بن حنبل في الصحيح عنه (٦) ، وأبو حنيفة (٧) ، وصاحباه : أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي ، ومحمد بن الحسن الشيباني (٨).

كما ذهب إليه أيضا : أصحاب مالك بن أنس (٩) ، وأكثر العامة من أهل الحديث وفقهاء الحجاز (١٠) ، وأبو هاشم وأتباعه من المعتزلة (١١) ، وإبراهيم النخعي (١٢) ، وحماد بن سليمان (١٣) ، وسفيان الثوري (١٤) ، والأوزاعي (١٥) ، وابن جرير الطبري (١٦) ، وأبي الحسن الكرخي الحنفي (١٧) ، وهو ما عليه إجماع التابعين (١٨).

__________________

(١) شرح علل الترمذي : ١٧٣.

(٢) شرح علل الترمذي : ١٨١.

(٣) توجيه النظر : ١٥٢.

(٤) أثر الاختلاف في القواعد الأصولية : ٤٠٢ ، مقباس الهداية ١ / ٣٤١.

(٥) قواعد التحديث : ١٣٣.

(٦) أعلام الموقعين ١ / ٣١ ـ ٣٢.

(٧) المدخل : ١٥٥ ، شرح علل الترمذي : ١٨١ ، تقريب النواوي ١ / ١٠٣ ، قواعد التحديث : ١٣٣.

(٨) المدخل : ١٥٥ ، شرح علل الترمذي : ١٨١.

(٩) نخبة الفكر ، ورقة : ٣٤ / ب ، شرح علل الترمذي : ١٨١ ، التمهيد ١ / ٤.

(١٠) مستدركات مقباس الهداية ٥ / ٣٥٧ رقم ١٢٦.

(١١) مقباس الهداية ١ / ٣٤١.

(١٢) المدخل : ١٥٥ ، شرح علل الترمذي : ١٨١.

(١٣) المدخل : ١٥٥ ، وشرح علل الترمذي : ١٨١.

(١٤) توجيه النظر : ١٥٢.

(١٥) توجيه النظر : ١٥٢.

(١٦) تدريب الراوي ١ / ١٠٤.

(١٧) كشف الأسرار عن أصول البزدوي ٣ / ٧.

(١٨) تدريب الراوي ١ / ١٠٤.


وقد غالى بعضهم بالمرسل واحتج به حتى لو لم يكن مرسله ثقة! (١) ، وقدمه عيسى بن آبان الحنفي على المتصل عند التعارض! (٢) ، وقالوا : من أسند لك فقد أحالك ، ومن أرسل فقد تكفل لك (٣) واستدلوا عليه بأن سكوت المرسل عن الواسطة الساقطة مع عدالته وعلمه بما يترتب على روايته من الشرع العام ، يقتضي أنه كان جازما بعدالة المسكوت عنه ، فكأن السكوت عنه كالإخبار عن عدالته (٤).

وفيه : إنه لو ساغ أن يقال : إن السكوت عن الجرح تعديل ، لساغ أن يقال : أن الإمساك عن التعديل جرح!

وربما قد يترك العدل الرواية عمن يعرف عدالته وجلالته لأسباب كثيرة كعدم التلاقي مثلا ، وتركه هذا لا يكون جرحا ، وربما قد يروي الجليل عمن عرف جرحه ويسكت عنه ، لنظره إلى توفر أسباب أخرى في الرواية غير الوثاقة في الراوي ، ومثل هذا السكوت لا يسمى تعديلا.

وقد يكون سكوته عنه بسبب عدم علمه بحال من أرسل عنه من عدالة أو جرح فسكت عن الأمرين للجهل بهما (٥).

نعم ، يقبل تعديله في حالتين :

إحداهما : لو ذكره باسمه ولم نقف على جارح له.

والأخرى : لو شهد عدل بأنه لا يروي إلا عن ثقة ، ووافقت تلك الشهادة قبول العلماء الآخرين وعملهم بمرويات ذلك الشخص على الرغم

__________________

(١) وصول الأخيار : ١٠٧ ، نهاية الدراية : ١٩٣.

(٢) كشف الأسرار عن أصول البزدوي ٣ / ٥.

(٣) تدريب الراوي ١ / ١٠٤.

(٤) قواعد التحديث : ١٣٤.

(٥) راجع : الكفاية ـ للخطيب البغدادي ـ : ٣٨٨.


من إرسالها ، لأن أقل ما يكون في تلك الشهادة هو نوع تثبت إجمالي إن لم تكن شهادة في تعديل من يرسل عنه.

واحتجوا أيضا : بأن رواية الثقة العدل توثيق لمن يروي عنهم ، إذ لو روى عن غير الثقة ولم يبين حاله ، لكان ذلك غشا ، وهو منفي بالعدالة.

ونوقش : «بأن هذا إنما يتم لو انحصر أمر العدل في روايته عن العدل أو الموثوق بصدقه ، وهو ممنوع» (١).

وأما الثاني ـ عدم الحجية ـ :

فهو القول المشهور (٢) ، وقد عده الشهيد الثاني من أصح الأقوال للأصوليين والمحدثين (٣) ، كما نسب إلى أصحاب الحديث (٤) ، بل إلى أكثر أهل الحديث (٥) ، وأهل العلم بالأخبار (٦) ، وأكثر العلماء (٧) ، وجماهير الحفاظ ونقاد الأثر (٨) ، وكثير من الفقهاء وأصحاب الأصول (٩) ، وجماعة أهل الحديث من فقهاء الحجاز ومن بعدهم من فقهاء المدينة (١٠) ، وكثير من العامة والخاصة (١١). وقد ذهب إليه :

__________________

(١) أصول الحديث ، د. الفضلي : ١٧٧ ، أصول الحديث ـ للسبحاني ـ : ٩٦.

(٢) قواعد التحديث : ١٣٣.

(٣) الرعاية : ١٣٧.

(٤) التمهيد ١ / ٥.

(٥) شرح علل الترمذي : ١٧٣.

(٦) صحيح مسلم بشرح النووي ١ / ٢٤٧.

(٧) آفة أصحاب الحديث : ٨٩.

(٨) مقدمة ابن الصلاح : ١٤٠ ، علوم الحديث ومصطلحه : ١٦٨.

(٩) تقريب النواوي ١ / ١٠٣ ، قواعد التحديث : ١٣٣.

(١٠) المدخل : ١٥٥ ، شرح علل الترمذي : ١٧٣.

(١١) مستدركات مقباس الهداية ـ للشيخ محمد رضا المامقاني ـ ٥ / ٣٥٧ رقم ١٢٦.


من علماء الإمامية ـ على قول ـ : الشيخ الطوسي ، والمحقق الحلي ، والشهيد الأول ، والشهيد الثاني ، والعلامة الحلي ، وقد مر أن ذلك لم يثبت عن أكثرهم.

واختاره من العامة : من المالكية : ابن الحاجب ، وقيل ابن عبد البر! وهو غير صحيح (١).

ومن الشافعية : الشافعي ـ على قول ـ وعضد الدين الإيجي ، والبيضاوي ، والخطيب البغدادي مستثنيا مراسيل الصحابة.

ومن الأشاعرة : الباقلاني ، والإسفراييني.

ومن الظاهرية : ابن حزم الأندلسي.

ومن المحدثين : الحاكم النيسابوري ، وابن كثير ، وهو الظاهر من ابن حجر في شرح النخبة.

وهو المحكي عن سعيد بن المسيب ، ومحمد بن مسلم الزهري ، ومالك بن أنس الأصبحي ، وعبد الرحمن الأوزاعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسماعيل القاضي (٢) ، ولم يثبت عن بعض هؤلاء كما تقدم ، كما حكاه الخطيب عن عبد الله بن الزبير الحميدي (٣).

__________________

(١) راجع : التمهيد ١ / ١٧ ، ستعلم أنه من القائلين بالتفصيل.

(٢) لخصنا الأسماء المذكورة ، من الصفحات المتقدمة ، وبعضها من المصادر الآتية : الإحكام في أصول الأحكام ـ لابن حزم ـ ٢ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ، النكت على كتاب ابن الصلاح : ١ ـ ٢ ، ألفية الحديث ـ للحافظ العراقي ـ : ١١ ، فتح المغيث ـ للحافظ العراقي ـ : ٦٥ ، تدريب الراوي ١ / ١٠٦ ، وصول الأخيار : ١٠٧ ، مقباس الهداية ١ / ٣٤١ ، قوانين الأصول : ٤٧٨ ، نهاية الدراية : ١٩٣ ـ ١٩٤ ، قواعد الحديث : ٦٧ ، أصول الحديث ـ للسبحاني ـ : ٩٦ ـ ٩٧ ، أصول الحديث ـ للفضلي ـ : ١٧٧.

(٣) الكفاية : ٣٩٠ ـ ٣٩١.


هذا ، وقد نسب رد المرسل إلى مسلم بن الحجاج النيسابوري صاحب الصحيح في جملة من المراجع الحديثة (١) ، ووجدت هذه النسبة أيضا عند الحافظ العراقي ، إذ قال في ألفيته عن المرسل :

ورده جماهر النقاد

للجهل بالساقط في الإسناد

وصاحب التمهيد عنهم نقله

ومسلم صدر الكتاب أصله (٢)

ونسبه إليه أيضا السيوطي (٣) وابن الصلاح (٤) إذ زعموا أنه قال في مقدمة الصحيح : «والمرسل من الروايات في أصل قولنا : وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة».

وهذه النسبة باطلة ، وإن ورد ذلك فعلا في صحيح مسلم (٥) ، لأنه إنما أورده على لسان خصمه الذي زعم عدم صحة الحديث المعنعن ما لم يثبت السماع!

وقد رأيت ـ بعد ذلك ـ الحافظ العراقي معتذرا عن ابن الصلاح في ما نسبه إلى مسلم ، بأن مسلما لما أورد هذا الكلام على لسان خصمه ولم يرد عليه ـ حين رد كلامه ـ كان كأنه قائل به ، قال : فلهذا نسبه ابن الصلاح إليه (٦).

أقول : وهذا الاعتذار غير صحيح أيضا ، إذ يلزم من صحته اعتقاد

__________________

(١) أنظر : علوم الحديث ومصطلحه : ١٦٨ ، أصول الحديث ـ للخطيب ـ : ٣٢٩ ، مستدركات مقباس الهداية ٥ / ٣٦٣ مستدرك رقم ١٢٦.

(٢) ألفية الحديث : ١١.

(٣) تدريب الراوي ١ / ١٠٨.

(٤) مقدمة ابن الصلاح : ١٤١.

(٥) صحيح مسلم بشرح النووي ١ / ٢٤٧.

(٦) فتح المغيث : ٦٥ ـ ٦٦.


مسلم بن الحجاج بعدم صلاحية المرسل للاحتجاج ، مع أنه قد احتج قبل ذلك بحديث مرسل عن عائشة ، فقال : «وقد ذكر عن عائشة أنها قالت : أمر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) أن ننزل الناس منازلهم» (١).

وهذا الحديث وإن أخرجه أبو داود في سننه مسندا إلى ميمون بن أبي شبيب ، عن عائشة ، إلا أنه قال في ذيله : «قال أبو داود : ميمون لم يدرك عائشة» (٢).

ولا يمكن الاعتذار عن مسلم بأنه أورده في خطبة الكتاب لا في أبوابه حتى يكون محتجا به ، لأنا وجدناه قد بين منهجه في خطبة الكتاب مستدلا عليه بالحديث ، ولهذا نجده قد أسند جميع ما ذكره من الأحاديث في خطبته سوى حديث عائشة وهو علامة الاحتجاج.

على أن محقق الكتاب قد اضطر إلى تخطئة أبي داود على ما قال ، لكي يسلم الصحيح من الإرسال!! مع أن نفي المراسيل عن صحيح مسلم مما لا وجه له خصوصا بعد احتجاجه بمرسل أبي العلاء ابن الشخير في صلب كتابه ، وقد صرح السيوطي بأن هذا المرسل لم يرو موصولا في صحيح مسلم ، ولا موصولا عن الصحابة من وجه يصح (٣).

والخلاصة : إن مسلما وإن لم يرد على خصمه بشأن ما قاله عن المرسل ، إلا أنه لا يعد بمثابة قوله ما لم يثبت عدم احتجاجه بالمرسل مطلقا ، والثابت خلافه.

هذا ، وقد احتج من رد المرسل مطلقا ، بأن الخبر إنما يكون حجة

__________________

(١) صحيح مسلم بشرح النووي ١ / ١٧٠.

(٢) سنن أبي داود ٤ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣ ح ٤٨٤٢ من كتاب الأدب.

(٣) تدريب الراوي ١ / ١٠٨.


باعتبار أوصاف في الراوي ، ولا طريق لمعرفة تلك الأوصاف في الراوي إذا كان غير معلوم ، والعلم به إنما يحصل بذكر اسمه ونسبه لكي يفتش عن حاله ، فإذا لم يذكر ذلك لم يحصل العلم به ولا بأوصافه فيتحقق انقطاع الخبر عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) فلا يكون حجة (١).

وقد أشار السيوطي إلى ذلك بأنه : إذا كانت رواية المجهول المسمى لا تقبل لجهالة حاله ، فرواية المرسل أولى بأن لا تقبل ، لأن المروي عنه محذوف مجهول العين والحال (٢).

وقال ابن حجر عن الحديث المرسل : «وإنما ذكر في قسم المردود للجهل بحال المحذوف ، لأنه يحتمل أن يكون صحابيا ، ويحتمل أن يكون تابعيا ، وعلى الثاني يحتمل أن يكون ضعيفا ، ويحتمل أن يكون ثقة ، وعلى الثاني يحتمل أن يكون حمل عن صحابي ويحتمل أن يكون حمله عن تابعي آخر ، وعلى الثاني يعود الاحتمال السابق ويتعدد» (٣) وهو احتمال أن يكون ذلك التابعي ضعيفا أو ثقة.

وخلاصة الدليلين الأول والثاني ، إن المرسل رواية عن مجهول فلا يقبل.

وفيه : إن هذا يصدق على المرسل المحض الذي لم يعتضد بأية قرينة دالة على صدقه ، ولا بشهادة معتبرة على أن مرسله لا يروي إلا عن ثقة ، وأيدها الاستقرار ، أو شبهه (٤).

__________________

(١) كشف الأسرار عن أصول البزدوي ٣ / ٣.

(٢) تدريب الراوي ١ / ١٠٣ ، قواعد التحديث : ١٣٣.

(٣) نخبة الفكر ، مخطوط ، ورقة : ٣٤ / ب.

(٤) إذا كانت هناك شهادة معتبرة بحق شخص بأنه لا يروي ولا يرسل إلا عن ثقة ، فإن كانت تلك الشهادة عن استقراء فهي ، وإلا فلا ينتفي اعتبارها عند وجود رواية له عن


وأما ما ذكره ابن حجر في شرح النخبة ، فهو لا يختلف عما سبقه إلا بمقدار حجية ما ترجح إسناده إلى الصحابة عنده كما يفهم من احتماله الأول!

والصحيح : أنه حتى مع تحقق احتمال كون المحذوف ـ في مرسل التابعي ـ من الصحابة ، فلا اعتبار له أصلا ما لم يعرف حال الصحابي ، أو يحتف خبره بما يدل على صدقه ، وإلا فمعرفة اسم الصحابي المحذوف أولى بكثير من معرفة اسم المحذوف من غير الصحابة ، لأن في الصحابة منافقين ومرتدين عن الإسلام ، وليس المنافق في عصر النبوة والمرتد كالمجهول من الرواة الآخرين ، فالإنصاف يقتضي التدقيق في أحوال سائر الصحابة أكثر من غيرهم سواء في الحديث المرسل أو المتصل.

وأما القول الثالث ـ التفصيل ـ :

فقد ذهب إليه جمع كثير من الفريقين ، وهو القول الأشهر والأكثر قبولا ـ ولكن ليس بجميع فروعه ـ لما في القولين المتقدمين من إفراط وتفريط إزاء الحديث الشريف.

إن القائلين بالتفصيل لم يتفقوا على شرط معين في قبول المرسل ، نظرا لتعدد أنواعه ، ومن هنا كان لهم في كل نوع قول ، وبعضهم قد علم شرطه ، وآخر لم يعلم وإن أمكن تشخيصه في الجملة وقد بلغت أقوالهم

__________________

غير الثقة ، لأن تلك الشهادة إنما هي بمثابة مجموعة شهادات متناسبة مع عدد رواياته ، بمعنى أن تكون لكل رواية منها شهادة واحدة من مجموع تلك الشهادات ، وهذا ما يفهم من عبارة (لا يروي ولا يرسل إلا عن ثقة).

وعليه فإذا ما خرجت رواية واحدة أو أكثر عن الوصف المذكور فإنما يسقط ما يقابلها من الشهادات ، لا أن تسقط جميع الشهادات ، لأنها بمثابة الفرد الخارج عن القاعدة ، وهذا هو ما اختاره الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس‌سره) في «بحوث في شرح العروة الوثقى» ولا يحضرني مورده بالضبط لتمادي المدة في قراءته.


زهاء الأربعين قولا ، وكان قسم منها متداخلا إذ يمكن ضم بعضه إلى بعض ، وقد حاولت الجمع بينها ما أمكن ، وهي :

١ ـ قبول مراسيل الصحابة ، ورد ما عداها (١) ، قاله بعض من ذهب إلى القول بعدم حجية المرسل مطلقا ، وهو الأشبه بالصواب عند الخطيب البغدادي (٢).

٢ ـ قبول مراسيل الصحابة وكبار التابعين (٣) ، لتحقق العدالة فيهم ، مع كون التابعي الكبير لا يكاد يروي إلا عن الصحابة (٤) ، وأما إذا روى عن غيرهم فينبه عليه ، ولهذا كانت لمراسيلهم مزية على مراسيل غيرهم (٥).

٣ ـ قبول مراسيل الصحابة مطلقا وبلا قيد أو شرط ، وقبول مراسيل التابعين الكبار بشروط معينة ، ورد ما عداها ، ذهب إليه الشافعي ـ كما مر في موقفه من الحديث المرسل ـ.

٤ ـ حجية مراسيل أهل القرون الثلاثة كلهم (٦) ، لعدالتهم!! وقد نسبوا إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) جملة من الأحاديث في عدالتهم! وهو قول مالك بن أنس (٧) ، واختاره بعض محققي الأحناف (٨).

__________________

(١) نهاية الدراية : ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٢) الكفاية : ٣٨٥.

(٣) النكت على كتاب ابن الصلاح : ٢٠٢ ، نهاية الدراية : ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٤) الكفاية : ٤٠٤.

(٥) الكفاية : ٤٠٤.

(٦) نهاية الدراية : ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٧) النكت على كتاب ابن الصلاح : ٢٠٢.

(٨) كشف الأسرار عن أصول البزدوي ٣ / ٣.


٥ ـ لا يحتج بمرسل الصحابي ، ويكون حكمه كحكم غيره من المراسيل إلا أن يتبين أن ذلك الصحابي لا يرسل إلا ما سمعه من النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، نسب إلى أبي إسحاق الإسفراييني (١).

٦ ـ قبول مراسيل التابعين (كبارا كانوا أم صغارا) مع قبول مراسيل غيرهم بشرط الاستواء في العدالة (٢).

٧ ـ الاحتجاج بمراسيل سعيد بن المسيب فقط من بين مراسيل التابعين (٣) ، لأن مراسيله وجدت كلها مسندة من جهة غيره (٤) ، هذا مع أن «في مراسيل سعيد ما لم يوجد مسندا بحال من وجه يصح» باعترافهم! (٥).

٨ ـ قبول مراسيل أهل القرون الثلاثة بشرط أن تعتضد بغيرها (٦).

٩ ـ يقبل المرسل ويجب العمل به إذا كان المرسل ثقة عدلا ، وهو قول مالك ، وأهل المدينة ، وأبي حنيفة ، وأهل العراق ، وغيرهم (٧).

١٠ ـ قبول مراسيل من عرف منه النظر في أحوال شيوخه والتحري في الرواية عنهم ، دون من لم يعرف بذلك (٨) ، وقد مثلوا بمراسيل الشعبي ومجاهد! هذا مع أن في مراسيلهما احتمال الأخذ عن كعب الأحبار من جهة أبي هريرة ، فلاحظ.

__________________

(١) قواعد التحديث : ١٤٣.

(٢) الكفاية : ٣٨٦.

(٣) نهاية الدراية : ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٤) تدريب الراوي ١ / ١٠٦.

(٥) الكفاية : ٤٠٤.

(٦) النكت على كتاب ابن الصلاح : ٢٠٢.

(٧) الكفاية : ٣٨٤.

(٨) نهاية الدراية : ١٩٣ ـ ١٩٤.


وأما تمثيل بعضهم لهذا بمراسيل الزهري ، فهو واه لا دليل عليه ، بل الواقع خلافه ، قال يحيى بن سعيد «مرسل الزهري شبه لا شئ» ، وقال الشافعي : «إرسال الزهري ليس بشئ ، وذلك أنا وجدناه يروي عن سليمان بن أرقم» (١).

١١ ـ قبول المرسل مع الاعتضاد ، وإلا فلا (٢) ، وهو كالقول الثامن إلا من جهة الإطلاق والتقييد.

١٢ ـ قبول المرسل الذي عرف أن مرسله متحرز عن الرواية عن غير الثقة كابن أبي عمير من الإمامية ، حكاه الشيخ المامقاني (رحمه‌الله) عن جملة من علمائنا رضي‌الله‌عنهم (٣) ، وقواه المحقق الكاظمي في تكملة الرجال (٤) والمحقق الميرزا القمي في القوانين (٥) ، وهو مختار الشيخ المامقاني أيضا (٦).

كما اختاره بعض العامة بشأن من عرف من رواتهم بذلك كسعيد بن المسيب عندهم ، وإليه ذهب ابن عبد البر في التمهيد كما مر.

هذا فيما إذا لم يكن للمرسل معارض أقوى ، وإلا فالعمل بالأقوى إن لم يتيسر الجمع بينهما.

وأما لو عرف المرسل بأنه يرسل عن الثقات وغيرهم ، قال ابن حجر في نخبة الفكر : «فإنه لا يقبل اتفاقا» ونسبه إلى أبي بكر الرازي من

__________________

(١) الكفاية : ٣٨٦.

(٢) نهاية الدراية : ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٣) مقباس الهداية ١ / ٣٤٨.

(٤) تكملة الرجال ١ / ٥١.

(٥) قوانين الأصول : ٤٧٨.

(٦) مقباس الهداية ١ / ٣٥٦.


الأحناف ، وأبي الوليد الباجي من المالكية (١).

١٣ ـ قبول مراسيل أصحاب الإجماع ، وهم ثمانية عشر رجلا من فقهاء الإمامية ، ستة منهم من أصحاب الإمامين الباقر والصادق (عليهما‌السلام) (٢) ، وستة من أصحاب الإمام الصادق (عليه‌السلام) (٣) ، وستة من أصحاب الإمامين الكاظم والرضا (عليهما‌السلام) (٤) ، بشرط أن يصح الإسناد إليهم وإن رووه هم مرسلا ، اعتمادا على شهادة الكشي بأن الطائفة قد أجمعت على تصحيح ما يصح عنهم ، وقد اختاره جماعة ، منهم : الحر العاملي في خاتمة الوسائل (٥) ، والعلامة النوري في خاتمة المستدرك (٦).

١٤ ـ قبول بعض العامة مراسيل أئمة النقل المرجوع إليهم في التعديل ، وإلا فلا (٧) ، ويظهر أن الشهيد الأول كان يعمل بمراسيل أعاظم العلماء ، كما يستفاد من كلامه في محكي الذكرى ، قال بعد أن نقل مرسلا لابن الجنيد : «... إلا أنه ثقة ، وإرساله في قوة المسند ، لأنه من أعاظم العلماء».

قال الشيخ المامقاني ـ بعد حكاية ما في الذكرى ـ «.. مقتضى العلة التي ذكرها : حجية مراسيل جميع أعاظم العلماء» (٨).

١٥ ـ يحتج بالمرسل إذا كان معتضدا بفحوى الكتاب ، أو بالسنة

__________________

(١) نخبة الفكر ، مخطوط ، ورقة : ٣٥ / أ.

(٢) رجال الكشي : ٢٣٨ رقم ٤٣١.

(٣) رجال الكشي : ٣٧٥ رقم ٧٠٥.

(٤) رجال الكشي : ٥٥٦ رقم ١٠٥٠.

(٥) خاتمة وسائل الشيعة ٣٠ / ٢٢١ ـ ٢٢٤ من الفائدة السابعة.

(٦) خصص العلامة النوري لأصحاب الإجماع الفائدة السابعة ـ كلها ـ من فوائد خاتمة مستدرك الوسائل.

(٧) النكت على كتاب ابن الصلاح : ٢٠٢.

(٨) مقباس الهداية ١ / ٣٦٢.


المتواترة ، أو بعموم السنة ، أو بالدليل العقلي ، أو كان مقبولا بين الأصحاب ، أو انضم إليه ما يؤكده ، كأن جاء من وجه آخر مسندا (١) ، وقد جعل بعضهم هذا القول أقوالا بعدد تلك القرائن!

١٦ ـ يحتج بالمرسل إذا لم يكن بالباب سواه (٢) ، سيما إذا كان دالا على أمر محضور (٣).

١٧ ـ يحتج بالمرسل ـ عند الاعتضاد ـ ندبا لا وجوبا (٤).

١٨ ـ التفريق في المرسل بين حذف الواسطة وإسقاطها مع العلم بها ، وبين ذكره مبهما ، فيقبل في الأولى دون الثانية (٥).

١٩ ـ قبول مرسل العدل المنسوب إلى المعصوم (عليه‌السلام) رأسا بإسقاط كافة الوسائط ، وأما مع ذكر الواسطة ، فلا (٦).

٢٠ ـ قبول مراسيل العدل إذا صرح بصحتها مثل مراسيل الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه ، إذ صرح بمقدمته بصحة جميع ما يورده فيه ، وسيأتي مفصلا في هذا البحث.

هذه هي أهم تفريعات القول الثالث عند الفريقين وهي بمعظمها تدور حول أربعة محاور ، هي :

١ ـ عدالة المرسل ووثاقته تارة ، وتحريه في ما يرويه أخرى ، وتصحيح ما يصح عنه ثالثة.

__________________

(١) وصول الأخيار : ١٠٧.

(٢) تدريب الراوي ١ / ١٠٦.

(٣) نهاية الدراية : ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٤) تدريب الراوي ١ / ١٠٦ ، نهاية الدراية : ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٥) أصول الحديث ـ للسبحاني ـ : ٩٥ ـ ٩٦ ، ولم ينسبه لأحد ، ولم أجده عند غيره.

(٦) مقباس الهداية ١ / ٣٥٩.


٢ ـ الشهادة بأنه لا يروي ولا يرسل إلا عن ثقة.

٣ ـ اعتضاد المرسل بغيره.

٤ ـ تصريح العدل بصحة ما يرويه وإن كان مرسلا.

ولا يخفى أن كل واحد من هذه المحاور ينهض ببحث مستقل ، ولما كان استيفاؤها متعذرا في هذه العجالة ، اخترت الحديث عن المحور الرابع بعنوان «مراسيل الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه» ، وذلك لأمرين :

الأول : اشتمال هذا المحور على بعض الانعكاسات من المحاور الأخرى في الاحتجاج بالمرسل ، كعدالة المرسل ووثاقته ، أو اعتضاد المرسل بغيره.

الثاني : حصول الاختلاف في مراسيل الصدوق بما يماثل الاختلاف المتقدم في بيان الموقف الإسلامي العام من المرسل ، كما تم التنبيه عليه في محله.

زيادة على أهمية مراسيل الصدوق في كتابه الفقيه باعتباره أحد الكتب الأربعة المشهورة في الحديث عند الشيعة الإمامية. وهذا ما يكفي لتبرير تناول مراسيله ضمن دراسة الحديث المرسل بإطاره الإسلامي العام.

وقد يحسن اختتام ذلك الإطار ـ قبل تناول مراسيل الصدوق ـ بعدد من الملاحظات التي لم نعرج إليها فيه ، وهي :

١ ـ لا يشترط في الحديث المعنعن تحقق السماع بأكثر من الظن بصدق العادل في قوله (عن فلان) وهو ما عليه جميع المحدثين سوى البخاري الذي اشترط تحققه بين الراوي العدل والمروي عنه! وإلا فهو من قبيل المرسل بتقديره!

لقد خالف البخاري بشرطه إجماع المحدثين وأهل الدراية ، ومن هنا


رد عليه مسلم بن الحجاج النيسابوري صاحب الصحيح في خطبة كتابه ردا عنيفا ، واتهمه بالجهل وإن لم يصرح باسمه ، وقد ذكر بعض علمائهم أنه لم يقصد أحدا سوى البخاري وعلي بن المديني! (١).

والغريب أن البخاري أورد في صحيحه الشئ الكثير من المعنعنات ، ولا دليل عنده على ذلك سوى مخالفة شرطه في الاكتفاء بالظن الحاصل من صدق العادل بسماع ما أورده معنعنا. وهذا يكشف عن تهافت بين بين شرطه وصحيحه.

٢ ـ الظاهر عدم اختصاص المرسل بالعدل ، فلو أرسل غير العادل خبرا كان من المرسل أيضا (٢).

نعم ، يجمع الخبر في تلك الصورة بين ضعفين في إسناد واحد ، أحدهما الإرسال ـ بناء على اختصاص المرسل بالضعيف ـ والآخر ضعف المرسل.

٣ ـ الحديث الذي في إسناده واسطة مبهمة مثل (عن رجل) ، ونحو ذلك لا يكون مرسلا عند بعضهم ، بل يسمونه مجهولا بناء على اختصاص المرسل بما أسند إلى المعصوم (عليهم‌السلام) بإسقاط الواسطة (٣) ، والمشهور أن الكل من المرسل ، وقد تقدم ما يدل عليه في تعريفه.

٤ ـ إن كل ما ثبت صدوره عن أهل البيت (عليهم‌السلام) بسند متصل إليهم ، لا يكون من المرسل في شئ البتة ، وحكمه حكم الموصول إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، لا كما يدعيه بعض الجهلاء من خصوم الشيعة بأن

__________________

(١) راجع : سير أعلام النبلاء ـ للذهبي ـ ١٢ / ٥٧٣ رقم ٢١٧ في ترجمة مسلم.

(٢) نهاية الدراية : ١٩٠.

(٣) نهاية الدراية : ١٩١ ـ ١٩٢.


أحاديث الشيعة ليس فيها إسناد بل كلها أو أغلبها من المرسل!

وإذا عدنا إلى تعريف المرسل عندهم فإنا نجده على جميع قواعدهم المحررة لا يكون مرسلا إلا بإسقاط الواسطة مع جهالة حالها ، أما لو عرف المحذوف من الإسناد باسمه ووصفه وحاله ، فلا يكون حينئذ من المرسل باتفاقهم أجمع ، وأحاديث أهل البيت (عليه‌السلام) التي لم ترفع إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) كلها من هذا النوع الذي عرف فيه المحذوف ، وقد ورد عنهم (عليهم‌السلام) التصريح متواترا بأن كل حديثهم إنما هو عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) بتوسط آبائهم (عليهم‌السلام) ، وقد أورد السيد البروجردي (قدس‌سره) الكثير من تلك التصريحات ونظائرها (١).

ونكتفي بهذا القدر لنعود إلى ما ذكرناه آنفا من ضرورة البحث في مراسيل الشيخ الصدوق في كتابه الشهير من لا يحضره الفقيه ، فنقول :

مراسيل الصدوق في كتاب «من لا يحضره الفقيه»

يعد كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (رضي‌الله‌عنه) المشتهر بالصدوق (ت ٣٨١ ه) ثاني أصولنا الحديثية الأربعة المعروفة وهي الكافي ، من لا يحضره الفقيه ، التهذيب ، والاستبصار.

وقد يعبر عن كتاب الصدوق ب : الفقيه اختصارا ، وقد صنفه بناء على طلب الشريف نعمة كما جاء في مقدمته التي ذكر فيها ما حاصله :

١ ـ حذف الأسانيد من الكتاب لئلا يثقل حمله.

٢ ـ الحكم بصحة جميع ما أورد فيه من الأحاديث.

__________________

(١) راجع : جامع أحاديث الشيعة ـ للسيد البروجردي ـ ١ / ١٧٩ ـ ٢٦٨ الأحاديث من رقم ١١٢ إلى رقم ٣٢٠ من الباب الرابع.


٣ ـ استخراج تلك الأحاديث من الكتب التي إليها المرجع وعليها المعول.

٤ ـ تفصيل ما حذفه من الأسانيد في آخر الكتاب ، وهو ما يعرف ب : مشيخة الصدوق ، أو : مشيخة الفقيه أيضا.

ولما لم تكن تلك المشيخة مستوفية لسائر طرق المصنف إلى من ذكرهم في متن الكتاب ، إذ ترك الكثير منهم ، كما أنه أكثر من إيراد الأحاديث فيه مع نسبتها إلى المعصوم (عليه‌السلام) رأسا بلا أدنى واسطة ، ولا علاقة للمشيخة بذلك ، لذا وقع الكلام في مراسيل الصدوق (قدس‌سره) ، واختلفوا فيها على ثلاثة أقوال ، هي :

القول الأول : الأخذ بها مطلقا.

القول الثاني : عدم اعتبارها مطلقا.

القول الثالث : التفصيل.

أدلة القول الأول (١) :

إن دليل اعتبار مراسيل الفقيه مطلقا يقوم على أساس تفسير شهادة الصدوق (رحمه‌الله) بصحة أخباره بنحو مطلق ، إذ صرح في مقدمة الكتاب بأنه لم يقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه ، بل قصد إيراد ما يفتي به ويحكم بصحته ويعتقد أنه حجة فيما بينه وبين الله عزوجل.

ويرى القائل باعتبار مرسلات الصدوق مطلقا اعتماده (رحمه‌الله) في تلك

__________________

(١) نود التذكير بأنا حاولنا تتبع ما يصلح كدليل للأقوال الثلاثة المذكورة ـ لا سيما أولها ـ في سائر كتب الصدوق (رحمه‌الله) وغيرها ، وأما مناقشاتها فهي وإن لم يذكر أغلبها في غير هذا البحث إلا أنها لا تعبر عن رأينا النهائي في مراسيل الصدوق (رحمه‌الله) إلا بالقدر الذي ينسجم مع ما سنذكره بعنوان : «مناقشة وتقويم».


الشهادة على وثاقة رواة الأخبار التي أفتى بموجبها وحكم بصحتها واعتقد بحجيتها ، لا على القرائن المحتفة بالخبر على ما هو المشهور ، ومع إقامة الدليل على هذا التفسير تكون تلك الشهادة شهادة حسية معتبرة ، لأنه بتصريح مشايخ الفن : «كان جليلا ، حافظا للأحاديث ، بصيرا بالرجال ، ناقدا للأخبار» (١).

ولا يخفى أن من شؤون الرجل الفقيه الحافظ ، البصير الناقد ، النظر في أحوال الرواة لا سيما من كان مثل الصدوق (رحمه‌الله) الذي يعد من متقدمي المصنفين في علم الرجال (٢).

وعليه ، فإن لم يكن قوله مقدما على أقوال الرجاليين ، فلا أقل من مساواته لها ، ويدل عليه الأمور الآتية :

١ ـ ملاحظة الصدوق (رحمه‌الله) للقوي والأقوى إسنادا : كما في قوله عن خبر الحسن بن محبوب ، عن وهب بن عبد ربه ، عن الإمام الصادق (عليه‌السلام) في باب ميراث المماليك : «جاء هذا الخبر هكذا ، فسقته لقوة إسناده» (٣).

ومفاد الخبر : إن الأصل في ميراث المماليك الرقية ، وهو يخالف رأي الصدوق (رحمه‌الله) صراحة ، لكون الأصل عنده : تبعية الولد للأشراف كما في سائر أحاديث الباب المذكور ، ومع هذا فقد أورد ما يخالف الأصل عنده لقوة إسناده ، فكأنه أراد التنبيه على هذا الخبر لكي لا يشتبه بقوة إسناده لمخالفته الأصل المشهور ، وهذه العناية من الصدوق (رحمه‌الله) تدل على أن

__________________

(١) فهرست الشيخ : ١٥٧ رقم ٦٩٥.

(٢) راجع : رجال النجاشي : ٣٩٢ رقم ١٠٤٩ ، فهرست الشيخ : ١٥٧ رقم ٦٩٥ ، معالم العلماء : ١١٢ رقم ٧٦٤.

(٣) الفقيه ٤ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧ ح ٧٩٥ باب ١٧٢.


ما حكم بصحته وأفتى بموجبه واعتقد حجيته لا يمكن أن يكون ضعيفا أو لا سند له بعد ظهور تقديمه للأقوى على القوي إسنادا.

ولهذا قال التقي المجلسي في شرح هذه العبارة : «لقوة إسناده : يدل على أن القدماء كانوا يلاحظون الإسناد على نهج المتأخرين» (١).

ويرد عليه : إن تصريحه بقوة إسناد خبر لم يفت بموجبه لا يدل على أن ما أفتى به أقوى سندا منه ، لافتقار هذا التصريح إلى آخر يبين فيه سبب اعتماده على ما خالف الخبر المذكور ، فهل كان لأجل رجحانه سندا ، أو لأجل احتفافه بالقرائن التي يكون معها الخبر حجة ، فقدمها على قوة الإسناد؟

ولهذا نجد الشارح نفسه قد قال عقيب كلامه المتقدم ـ وبلا فصل ـ : «ويمكن أن تكون قوته على نهجهم بأن كان في أصل ابن محبوب وغيره من الأصول ، أو لأن ابن محبوب ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم ، ووجوده في أصله كاف في الحكم بالصحة ، فإذا اجتمع توثيق وهب فهو كنور على نور» (٢).

ومع وجود مثل هذا الاحتمال ـ أعني : اعتماد القرائن في تصحيح الأخبار ـ يبطل الاستدلال.

٢ ـ اختيار ما صح من طريق الرواية : ويدل عليه قوله في زيارة قبر سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه‌السلام) : «وقد أخرجت في كتاب الزيارات ، وفي كتاب مقتل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما‌السلام) أنواعا من الزيارات ، واخترت هذه لهذا الكتاب ، لأنها أصح الروايات عندي من

__________________

(١) روضة المتقين ١١ / ٣٩٣.

(٢) روضة المتقين ١١ / ٣٩٣.


طريق الرواية ، وفيها بلاغ وكفاية» (١).

هذا ، وقد ذكر قبل هذا ـ بفاصل قريب ـ بأن تلك الزيارة هي من رواية الحسن بن راشد ، عن الحسين بن ثوير ، عن الصادق (عليه‌السلام) (٢).

ولهذا نجد من اعتبر قوله المذكور مؤيدا على وثاقة القاسم بن يحيى (٣) الذي وقع في طريقي الصدوق (رحمه‌الله) إلى الحسن بن راشد في مشيخة الفقيه (٤) ، ولو لم يكن قوله ظاهرا في اعتماد الوثاقة في الراوي لما كان لهذا الاعتبار معنى.

ويرد عليه : بأن هذا وإن كان تاما ، ولكنه في مورده لا في كل مورد ، لوجود ما لا يدل على العموم في بعض الموارد الأخرى كما في اعتماده على الأخبار المرسلة في مصادرها كما يظهر من بعض مرسلاته عند مقارنتها مع الكافي ، إذ أرسلت فيه أيضا ، ومن البعيد جدا أن تكون تلك المرسلات قد رويت بإسناد متصل معتبر ولم يطلع عليه ثقة الإسلام واطلع عليه الصدوق ثم اختصره ، مما يحتمل قويا أخذه من الكافي ، وقد قطع بذلك التقي المجلسي مرارا في روضة المتقين كما سنشير إليه في محله ، هذا فضلا عن اعتماده على بعض الأخبار الضعيفة سندا كما سيأتي في محله أيضا.

٣ ـ ملاحظة الانقطاع والاتصال في الأسانيد : كقوله في باب إحرام الحائض والمستحاضة عن حديث محمد بن مسلم وتقديمه له على حديث

__________________

(١) الفقيه ٢ / ٣٦٠ ـ ٣٦١ ذيل ح ١٦١٥ باب ٢١٨ ، كما صرح بصحة بعض الأخبار في كتبه الأخرى كما في علل الشرائع ٢ / ٥٢٥ ح ١ باب ٣٠٣ ، وإكمال الدين ٢ / ٥٤٣ ح ٩ باب ٥٠.

(٢) الفقيه ٢ / ٣٦٠ ذيل ح ١٦١٤ باب ٢١٨.

(٣) أنظر : معجم رجال الحديث ١٤ / ٦٦ رقم ٩٥٦٦ في ترجمة القاسم بن يحيى.

(٤) الفقيه ٤ / ٨٣ ، من المشيخة.


ابن مسكان : «وبهذا الحديث أفتي دون الحديث الذي رواه ابن مسكان ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عمن سأل أبا عبد الله (عليه‌السلام) ... لأن هذا الحديث إسناده منقطع ، والحديث الأول رخصة ورحمة وإسناده متصل» (١).

وهذا يعني مراعاة الصدوق (رحمه‌الله) للأسانيد ، فيأخذ بالمتصل دون غيره.

ويرد عليه : إن مراعاة الإسناد المتصل هنا ، إنما جاءت لأجل الترجيح بين خبرين متعارضين ، أحدهما يقضي بسعي الحائض ـ التي حاضت قبل الإحرام ـ بين الصفا والمروة ، والآخر بخلافه.

ولما كان الصدوق يفتي بقضاء الحائض ـ التي حاضت قبل الإحرام ـ مناسك الحج بعد طهارتها ، فلا بد له من الترجيح بين الخبرين بأي نحو من أنحاء الترجيح ، فالتجأ إلى الترجيح بالإسناد بعد أن لم يجد بدا منه ، لوجود كلا الخبرين في الكتب المعتبرة كما هو صريح قوله في مقدمة الفقيه : «وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة ، عليها المعول وإليها المرجع».

وهذا يعني إمكان احتجاجه بالمنقطع أو المرسل الموجود في الكتب المعتبرة في حالة عدم وجود المعارض له فيها ، وعلى ذلك جرت سيرة الشيخ في التهذيب (٢).

ونظيره : قوله عن حديث أخرجه في باب ميراث ذوي الأرحام مع الموالي : «فهو حديث منقطع ، إنما هو عن عبد الله بن شداد ، عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، وهو مرسل» (٣).

__________________

(١) الفقيه ٢ / ٢٤١ ـ ٢٤٢ ذيل ح ١١٥٥ باب ١٢٢.

(٢) راجع ـ مثلا ـ : تهذيب الأحكام ١ / ١١ ح ٢١ باب ١ وص ٣٢٨ ح ٩٦٠ باب ١٣ ، ٢ / ٢٧ ح ٧٥ وص ٣٣ ح ١٠٠ باب ٤ ، ٣ / ٢٣ ح ٨١ باب ١ ، ٤ / ٤٣ ح ١٠٩ باب ١٠.

(٣) الفقيه ٤ / ٢٢٤ ح ٧١١ باب ١٥٠.


وهذا يدل أيضا على أن العبرة ـ عند الصدوق (رحمه‌الله) ـ بالاتصال لا بالانقطاع والإرسال.

ويرد عليه : ما أوردناه على سابقه ، على أن مضمون حديث ابن شداد يقضي بتقسيم تركة الميت بين أولاده ومواليه بالتساوي! وهو كما ترى مخالف لكتاب الله عزوجل ، قال تعالى : (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) (١) ، وإذا كان حكم ذوي الأرحام هو هذا في كتاب الله عزوجل ، فكيف يتساوى أقربهم مع الموالي في الميراث؟! فالحكم إذن لكتاب الله دون الخبر المذكور سواء كان مرسلا أو مسندا ، ضعيفا أو صحيحا ، والصدوق (رحمه‌الله) عمل بالموافق للكتاب العزيز وطرح ما خالفه ، ولولا احتجاج المخالفين بمضمونه لما نقله عنهم لأجل الرد عليهم بضعف إسناده ، حتى أنه رحمه‌الله تعالى نقل في ذيل الخبر عن إبراهيم النخعي ـ وهو أحد فقهائهم من التابعين (ت ٩٥ ه) ـ أنه كان ينكر هذا الحديث ، ولولا النكتة المذكورة لما أورده عن المخالفين أصلا.

ونظيره أيضا : قوله في باب ما يصلى فيه وما لا يصلى فيه من الثياب وجميع الأنواع : «فأما الحديث الذي روي عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) أنه قال : لا بأس أن يصلي الرجل ، والنار والسراج والصورة بين يديه ، لأن الذي يصلي له أقرب إليه من الذي بين يديه ، فهو حديث يروى عن ثلاثة من المجهولين بإسناد منقطع ، يرويه الحسن بن علي الكوفي ـ وهو معروف ـ عن الحسين بن عمرو ، عن أبيه ، عن عمرو بن إبراهيم الهمداني ـ وهم مجهولون ـ يرفع الحديث ، قال : قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) ... ولكنها رخصة

__________________

(١) سورة الأنفال ٨ : ٧٥.


اقترنت بها علة صدرت عن ثقات ثم اتصلت بالمجهولين والانقطاع " (١).

وهذا الكلام يدل على أن أسانيد الأخبار قد حظيت بعناية الصدوق (رحمه‌الله) على وفق مناهج المتأخرين ، وهو المطلوب.

ويرد عليه : إن الشيخ الصدوق (رحمه‌الله) نفسه جوز العمل بهذا الحديث على الرغم مما فيه من موهن بتصريحه ، إذ قال عن رخصته : «فمن أخذ بها لم يكن مخطئا ، بعد أن يعلم أن الأصل هو النهي ، وأن الإطلاق هو رخصة ، والرخصة رحمة» (٢).

وإذا كان العمل بالحديث الذي يرويه ثلاثة أنفس من المجاهيل ، مع انقطاع إسناده عملا صحيحا بنظر الصدوق (رحمه‌الله) ، فلا شك أن اعتبار الحديث لم يخضع إلى العناية بالإسناد بل لاعتبارات علمية أخرى كالاحتفاف بالقرائن الدالة على حجية الخبر ، وإلا اقتضى التنبيه على فساد العمل بموجبه لخلوه من تلك القرائن مع مجهولية رواته وانقطاع إسناده.

٤ ـ رد أخبار الضعفاء : مثل قوله في باب ما يجب به التعزير والحد والرجم والقتل والنفي في الزنا : «جاء هذا الحديث هكذا في رواية وهب ابن وهب وهو ضعيف ، والذي أفتي به وأعتمده في هذا المعنى ما رواه الحسن بن محبوب ...» (٣).

ويرد عليه : ما أوردناه على الاستدلال بقوله في باب إحرام الحائض المتقدم آنفا ، إذ لا يعد تجنب الصدوق (رحمه‌الله) روايات الضعفاء في حالات تعارضها مع ما هو أقوى منها دليلا على تجنبها في حالة عدم وجود

__________________

(١) الفقيه ١ / ١٦٢ ح ٧٦٤ باب ٣٩.

(٢) الفقيه ١ / ١٦٢ ذيل ح ٧٦٤ باب ٣٩.

(٣) الفقيه ٤ / ٢٥ ذيل ح ٥٨ باب ٤.


المعارض الأقوى.

بل وحتى هذا الترجيح لا يخضع لاعتبارات الإسناد في بعض الأحيان ، ومنه يعلم أن الصدوق (رحمه‌الله) إذا ما وجد ميزة لأحد الخبرين المتعارضين على الآخر ، قدمه عليه سواء كانت تلك الميزة من الإسناد كما مر أو من القرائن كما في ترجيحه بل تصريحه بصحة رواية سهل بن زياد وتقديمها على غيرها من الروايات في بيان موضع قبر سيدة نساء العالمين صلوات الله وسلامه عليها (١) مع أن سهل ضعيف عند مشايخ الصدوق (رحمه‌الله) كابن الوليد.

ونظيره : قوله عن خبر صلاة يوم غدير خم : «وأما خبر صلاة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه ، فإن شيخنا محمد بن الحسن (رضي‌الله‌عنه) كان لا يصححه ، ويقول : إنه من طريق محمد بن موسى الهمداني ، وكان غير ثقة ، وكل ما لم يصححه ذلك الشيخ قدس الله روحه ولم يحكم بصحته من الأخبار فهو عندنا متروك غير صحيح» (٢) ، وهذا يدل على اعتماد الوثاقة في الراوي.

ويرد عليه : إن هذا الكلام قد رجع عنه الشيخ الصدوق (رحمه‌الله) ، إذ ثبت عنه أنه عارض شيخه في عدة موارد في الفقيه نفسه كما سنبينه مفصلا في محله ، وهو لم يعتمد في معارضته على التوثيقات الرجالية ، وإنما اعتمد على وجود تلك الأخبار ـ التي خالف فيها شيخه ابن الوليد ـ في الكتب المعتبرة كما سنبرهن عليه أيضا في بيان أدلة القول الآخر الذي لا يعتبر

__________________

(١) أنظر : الفقيه ٢ / ٤٢٥ ح ١٥٧٦ باب ٢١٦ ، وهذا الحديث الذي لم يذكر راويه وصرح بأنه هو الصحيح عنده من بين أخبار الباب المذكور ، رواه عن سهل بن زياد في معاني الأخبار : ٢٦٨ ذيل ح ١.

(٢) الفقيه ٢ / ٥٥ ذيل ح ٢٤١ باب ٢٥.


مرسلات الفقيه.

٥ ـ التصريح بوثاقة رواة أخبار كتابه «المقنع» : جاء في مقدمة الصدوق (رحمه‌الله) لكتابه المقنع قوله : «ثم إني صنفت كتابي هذا وسميته كتاب المقنع لقنوع من يقرأه بما فيه ، وحذفت الأسانيد منه لئلا يثقل حمله ... إذ كان ما أبينه فيه ، في الكتب الأصولية موجودا ، مبينا عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقات رحمهم‌الله» (١).

وكتاب الفقيه أجل من المقنع اتفاقا ، وإذا كان ما في المقنع مبينا عن الثقات فيكون ما في الفقيه مبينا عنهم من باب أولى ، وهو المطلوب.

ويرد عليه : إن هذا الاستدلال يقوم على أساس كون المراد بعبارة «مبينا عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقات» هو التوثيق العام لجميع رواة أخبار المقنع التي أفتى بنصوصها وحذف منها الأسانيد ، وليس التوثيق الخاص بفئة معينة من الرواة كمشايخ الصدوق (رحمه‌الله) مثلا.

ولكن يمكن استفادة التوثيق الخاص من خلال بعض الأمور الآتية :

منها : تصريحه بوجود تلك الأخبار في الكتب الأصولية ـ أي كتب الأخبار المشهورة المعتمدة ـ وتقديم هذا التصريح على قوله : «مبينا عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقات» يشعر باهتمام الصدوق (رحمه‌الله) بأمر القرائن المحتفة بالأخبار ـ كوجودها في الكتب المعتبرة ـ أكثر من الاهتمام بالتوثيقات الرجالية ، لانحصارها بفئة معينة من المشايخ ، إذ لو كان هذا التوثيق عاما لجميع الرواة لقدمه على أي أمر آخر لأهميته.

ومنها : وصفه للمشايخ الذين رووا تلك الأخبار ب : «المشايخ العلماء

__________________

(١) المقنع : ٥ ، من المقدمة.


الفقهاء ...» يدل على إرادة التوثيق الخاص ، لأنا نعلم إجمالا أنه لا بد وأن يكون قد احتج بمرسلات ابن أبي عمير ونظرائه التي احتج بها في الفقيه وفي سائر كتبه الأخرى.

وإذا سلمنا بمعرفته وثاقة الساقط في تلك المراسيل ـ بناء على أن الثلاثة لا يرسلون إلا عن ثقة ـ فمن أين عرف كونهم من المشايخ «العلماء الفقهاء»؟

ومنها : إن تعميم هذا الوصف على جميع من وقع في أسانيد أخبار المقنع مبالغة ظاهرة ، لصعوبة تحقق الوصف المذكور في رواة أي كتاب حديثي في الإسلام ، على أن هذا الوصف لا ينطبق على جميع مشايخه ، بل على بعضهم.

وأما جعل الترحم عليهم بقوله «رحمهم‌الله» قرينة على إرادة الجميع لا خصوص مشايخه بدليل أن مشايخه لم يكونوا أمواتا كلهم وقت صدور الترحم! فهو ضعيف للغاية ، إذ كما يصح إطلاقه على الجميع ، يصح أيضا إطلاقه على البعض وهو الراجح بقرينة ما تقدم ، على أن طلب الرحمة أعم من اختصاصه بالأموات.

٦ ـ التنبيه على الانفراد بالرواية : كقوله في باب صوم الشك عن رواية عبد العظيم بن عبد الله الحسني : «وهذا حديث غريب لا أعرفه إلا من طريق عبد العظيم بن عبد الله الحسني» (١).

وتقريب الاستدلال بهذا على عناية الصدوق (رحمه‌الله) بالأسانيد ، هو أن

__________________

(١) الفقيه ٢ / ٨٠ ذيل ح ٣٥٥ باب ٣٦ ، وانظر : فضائل الأشهر الثلاثة ـ للصدوق ـ : ٦٣ ذيل ح ٤٥ ، فقد أخرجه مسندا إلى الإمام الرضا (عليه‌السلام) ، وسيأتي ما فيه في آخر دليل الانفراد ، فلاحظ.


التنبيه على الانفراد يعني المعرفة الواسعة بطرق الروايات وتتبع الأسانيد ، وبما أن الصدوق (رحمه‌الله) قد ضعف بعض الأخبار بسبب ضعف رواتها أو انقطاع أسانيدها ، كما نبه على بعض ما انفرد به الرواة كما في المورد المذكور وغيره ، فقد يستنتج من ذلك بأن ما سكت عنه الصدوق (رحمه‌الله) هو من الصحيح المشهور المروي بطرق كثيرة.

ويرد عليه : إن كون أخبار الفقيه مروية بطرق عديدة ، فهذا لا إشكال فيه ، لأن خبر الآحاد الذي لم يعتضد بقرينة تشهد على صدقه لا يوجب علما ولا عملا عند القدماء ، لا سيما الصدوق (رحمه‌الله) ، الذي أورد ذلك في احتجاجات ابن قبة الرازي في مقدمة إكمال الدين (١) ويظهر منه البناء عليه.

وأما كونها صحيحة الإسناد ، فهذا أول الكلام ، إذ تقدم القول ببطلان دعوى أن الصدوق (رحمه‌الله) لم يعتمد في الفقيه على أخبار الضعفاء ، وسيأتي البرهان عليه ، وهذا لا يتنافى مع حكمه بصحة أخبار الفقيه كما جاء في مقدمته ، لأنه يعني الاطمئنان بصدورها ، وبنحو يجوز له التصريح بصحتها واعتبارها حجة وإن كانت ضعيفة سندا ، ومن هنا قيل إن بين صحيح القدماء وصحيح المتأخرين العموم المطلق (٢).

واللطيف أن هذا المعنى يستفاد من تنبيه الصدوق (رحمه‌الله) على بعض الانفرادات الأخرى في الفقيه :

منها : قوله في باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ، عن رواية المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) : «لم أجد ذلك في شئ من الأصول ، وإنما تفرد بروايته علي بن إبراهيم بن

__________________

(١) إكمال الدين ١ / ١١٠ ، من المقدمة.

(٢) راجع : خاتمة مستدرك الوسائل ٣ / ٤٨٢ ، الفائدة الرابعة ، الطبعة المحققة.


هاشم» (١).

ومنها : قوله في باب الوصي يمنع الوارث ماله بعد البلوغ فيزني لعجزه عن التزويج ، عن خبر محمد بن قيس ، عمن رواه ، عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) : «ما وجدت هذا الحديث إلا في كتاب محمد بن يعقوب ، وما رويته إلا من طريقه ، حدثني به غير واحد ، منهم : محمد بن محمد بن عصام الكليني (رضي‌الله‌عنه) ، عن محمد بن يعقوب» (٢).

ويلاحظ على قوله الأول عن رواية المفضل بن عمر ، أنه مع وجود الموهن فيها إلا أنه لم يردها بل استظهر التقي المجلسي عمله بها لوجودها في أصل المفضل بن عمر ، ثم قال : «ذكر المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى أن هذه الرواية وإن كانت ضعيفة السند إلا أن أصحابنا ادعوا الإجماع على مضمونها مع ظهور العمل والقول بها ونسبة الفتوى إلى الأئمة (عليهم‌السلام).

وإذا عرف ذلك لم يعتد بالناقلين إذ تعلم أقوال أرباب المذاهب بنقل أتباعهم وإن أسندت في الأصل إلى الضعفاء والمجاهيل " (٣).

ويلاحظ على قوله الثاني : «ما وجدت هذا الحديث إلا في كتاب محمد بن يعقوب» أنه عمل بموجبه ولم يرده ، بل لم يذكر في الباب غير حديث الكافي ، ولو وجد اتفاق بعض الأصول والكتب المعتبرة على خلافه

__________________

(١) الفقيه ٢ / ٧٣ ح ٣١٣ باب ٣٣ ، وقد وقع اشتباه في تشخيص اسم من تفرد بروايته كما يظهر من الكافي ٤ / ١٠٣ ح ٩ باب ٢٢ من كتاب الصيام ، والتهذيب ٤ / ٢١٥ ح ٦٢٥ ، وقارن بما في روضة المتقين ٣ / ٣٢١ ، والوافي المجلد الثاني ٧ / ٤١.

(٢) الفقيه ٤ / ١٦٥ ح ٥٧٨ باب ١١٥.

(٣) روضة المتقين ٣ / ٣٢١.


لعد الانفراد موهنا كافيا لطرحه ، ولكنه لما لم يجد من ذلك شيئا عمل به ولم يأبه بإرساله (١) ، منبها على التفرد فقط.

ومن هنا اعترف المحدث النوري (رحمه‌الله) بهذا فقال : «ورأيناهم يطعنون في الخبر عند التعارض بما لا يطعنون فيه عند انفراده ، فكأن الخبر عندهم عند انفراده له حكم ، وعند ابتلائه بالمعارض له حكم آخر ، فربما كان فيه وهن لا يسقط الخبر عن الحجية ، فيغمضون عنه ويسترونه إذا انفرد ، ويظهرونه إذا ابتلي بالمعارض» (٢).

ويؤيده ما جاء في الفقيه في باب صوم يوم الشك ، قال : «سئل أمير المؤمنين (عليه‌السلام) عن اليوم المشكوك فيه ، فقال : لئن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من شهر رمضان» (٣).

ومع أن هذا الحديث قد تفرد به شيخه علي بن أحمد ، إلا أنه لم ينبه على الانفراد ، وستره لعدم الابتلاء بالمعارض ، ولكنه نبه عليه في كتاب آخر (٤).

ولكنه في كتاب الخصال أورد حديثين وطعن بهما بالانفراد لوجود

__________________

(١) الحديث مرسل في الكافي بعبارة «عمن رواه». راجع : الكافي ٧ / ٦٩ ح ٩ باب ٣٩ من كتاب الوصايا ، وقد نقله الصدوق مرسلا عنه مع اختلاف في بعض رجال السند.

(٢) خاتمة مستدرك الوسائل ٣ / ٤٩٩ الفائدة الرابعة من الطبعة المحققة.

(٣) الفقيه ٢ / ٧٩ ح ٣٤٨ وهو الحديث الأول من باب صوم يوم الشك.

(٤) أنظر : فضائل الأشهر الثلاثة : ٦٣ ذيل ح ٤٥ من فضائل شهر شعبان ، والحديث المذكور في الهامش السابق هو جزء من هذا الحديث ، وأما الجزء الآخر فقد أورده في الحديث الأخير من باب صوم يوم الشك منبها على ما فيه من الانفراد مع العمل به على الرغم من وقوع مجاهيل في إسناده كما يعلم من مراجعة فضائل الأشهر الثلاثة.


المعارض الصحيح الثابت (١).

٧ ـ الاستشهاد بكلام الشيخ والنجاشي على نظر الصدوق للوثاقة في الراوي : استدل القائل باعتبار مرسلات الصدوق (رحمه‌الله) في الفقيه مطلقا بأقوال المشايخ المتقدمين كالشيخ والنجاشي رضي‌الله‌عنهما ، وهي :

قول الشيخ في «عدة الأصول» : «إنا وجدنا الطائفة ميزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار ، فوثقت الثقات منهم ، وضعفت الضعفاء ، وفرقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته ومن لا يعتمد على خبره ، ومدحوا الممدوح منهم وذموا المذموم ، وقالوا : فلان متهم في حديثه ، وفلان كذاب ، وفلان مخلط ، وفلان مخالف في المذهب والاعتقاد ، وفلان واقفي ، وفلان فطحي ، وغير ذلك من الطعون التي ذكروها ، وصنفوا في ذلك الكتب» (٢).

ووجه الاستدلال بهذا الكلام ، أنه إذا كانت الطائفة قد ميزت كل هذا ـ وهو ما يشهد له تاريخهم في علوم الحديث رواية ودراية ـ فلا شك أن الصدوق (رحمه‌الله) يأتي في طليعة أعلام الطائفة ، لكونه من شيوخها البارزين ، ومن المصنفين في علم الرجال.

ويرد عليه : إن الاستدلال بكلام الشيخ على تفسير قول الصدوق (رحمه‌الله) : «وأحكم بصحته» ـ أي : بصحة إسناده بناء على وثاقة الناقلين ، فتكون مرسلاته حجة ـ غير صحيح ، لأنا لو سلمنا به كشهادة منه على ذلك ، فإن هناك الكثير من الشواهد الدالة في الفقيه على اعتماد القرائن في التصحيح وإهمال الإسناد ، وهذا وإن كان لا يلغي تلك الشهادة ـ على فرض اعتبارها ـ لكون تلك الشواهد من قبيل الفرد الخارج عن القاعدة ، إلا أنه يشكل الأمر

__________________

(١) الخصال ١ / ٨٣ ح ٩ باب الثلاثة ، و ٢ / ٤٠٣ ح ١١٣ باب السبعة.

(٢) العدة في أصول الفقه ١ / ١٤١.


على مرسلات الفقيه لاحتمال وجود مثل هذا الفرد فيها ، ويقوي هذا الاحتمال أن بعض مرسلات الفقيه لم يرو إلا مرسلا أو ضعيفا إما في الكافي أو في كتب الصدوق (رحمه‌الله) الأخرى ، وهذا يعني تطرق الاحتمال المذكور إلى أي مرسل من مرسلات الفقيه ما لم يعلم إسناده بطريق صحيح من مكان آخر.

قول الشيخ في «الفهرست» : في ترجمة سعد بن عبد الله القمي : «جليل القدر ، واسع الأخبار ، كثير التصانيف ، ثقة ، فمن كتبه : كتاب الرحمة ... وكتاب بصائر الدرجات أربعة أجزاء ، وكتاب المنتخبات نحو ألف ورقة ، وله فهرست كتاب ما رواه ، أخبرنا بجميع كتبه ورواياته عدة من أصحابنا ، عن محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، عن أبيه ، ومحمد بن الحسن ، عن سعد بن عبد الله عن رجاله.

قال ابن بابويه : إلا كتاب المنتخبات فإني لم أروها عن محمد بن الحسن إلا أجزاء قرأتها عليه ، وأعلمت على الأحاديث التي رواها محمد بن موسى الهمداني ، وقد رويت عنه كل ما في كتاب المنتخبات مما أعرف طريقه من الرجال الثقات» (١).

وبقرينة استثناء الصدوق (رحمه‌الله) روايات الهمداني من كتاب المنتخبات ، يعلم أن مراده بلفظ «الثقات» ليس مجرد مشايخه المباشرين وإنما جميع من نقل روايات ذلك الكتاب سوى من أعلم على أحاديثه.

وهذا يدل على أن ما اعتمده الصدوق (رحمه‌الله) في الفقيه ، واعتبره حجة ، وشهد بصحته ، إنما هو مما كان يعرف طريقه من الرجال الثقات.

__________________

(١) فهرست الشيخ : ٧٥ ـ ٧٦ رقم ٣٠٦.


وهذا يعني حجية مرسلاته مطلقا.

ويرد عليه : إن حجية الخبر عند الصدوق (رحمه‌الله) أعم من انحصارها بنقل الثقة ، وقد مر ما يدل عليه ، على أنه أخرج في الفقيه لمحمد بن موسى الهمداني محتجا به كما سنبينه في القول الآتي :

قول النجاشي : في ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري : «وكان محمد بن الحسن بن الوليد يستثني من رواية محمد بن أحمد بن يحيى ما رواه عن محمد بن موسى الهمداني ، أو ما رواه عن رجل ، أو يقول : بعض أصحابنا ، أو عن محمد بن يحيى المعاذي ، أو عن أبي عبد الله الرازي الجاموراني ...» (١) ثم عد جماعة ، منهم : أحمد بن هلال ، وجعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي ، وسهل بن زياد ، ومحمد بن عبد الله بن مهران ، ومحمد بن علي الهمداني ، وأبي يحيى الواسطي ، ومحمد بن هارون ، ومحمد بن عيسى بن عبيد.

ثم قال : «قال أبو العباس بن نوح : وقد أصاب شيخنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد في ذلك كله ، وتبعه أبو جعفر بن بابويه (رحمه‌الله) على ذلك إلا في محمد بن عيسى بن عبيد ـ فلا أدري ما رابه به ـ لأنه كان على ظاهر العدالة والثقة» (٢).

وهذا يعني مراعاة هؤلاء الثلاثة ـ ابن نوح ، وابن الوليد ، والصدوق ـ وثاقة الراوي ، كما هو ظاهر من عبارة ابن نوح.

ويرد عليه : إن الصدوق (رحمه‌الله) لم يلتزم بهذا الاستثناء إزاء روايات كتاب نوادر الحكمة لمحمد بن أحمد بن يحيى ، بل أخرج في الفقيه

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٤٨ رقم ٩٣٩.

(٢) رجال النجاشي : ٣٤٨ رقم ٩٣٩.


لبعض من استثناهم شيخه ابن الوليد محتجا بروايتهم ، كروايات أبي عبد الله الرازي الجاموراني الذي وقع في طريق الصدوق (رحمه‌الله) إلى عبد الله بن القاسم (١) والصدوق (رحمه‌الله) أخرج للأخير خبرا أو خبرين كما في روضة المتقين (٢) ، كما أخرج لأحمد بن هلال (٣) مع وقوعه في طريقه إلى أمية بن عمرو (٤) ، واعتمد أيضا على مرويات جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي (٥) ، وسهل بن زياد أبي سعيد الآدمي الرازي (٦) ، ومحمد بن عبد الله ابن مهران (٧) ، مع ذكر الطريق إليه في المشيخة (٨) ، ومحمد بن علي الهمداني ، فقد وقع في طريقه إلى وهيب بن حفص (٩) ، ووهيب هذا أخرج له الصدوق (رحمه‌الله) خمسة أو ستة أحاديث (١٠).

ولقد أكثر الصدوق (رحمه‌الله) من الرواية عن محمد بن عيسى بن عبيد أبي جعفر الثقة الجليل ، وقد علمت أنه تابع شيخه على استثناء مرويات ابن عبيد بشهادة ابن نوح.

وأخرج أيضا عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ،

__________________

(١) الفقيه ٤ / ١٠٦ ، من المشيخة.

(٢) روضة المتقين ١٤ / ٣٤٤.

(٣) الفقيه ٣ / ٨٥ ح ١١٣ باب ٥٣.

(٤) الفقيه ٤ / ١١٠ ، من المشيخة.

(٥) الفقيه ٤ / ٢٨٧ ح ٨٦٣ باب ١٧٦.

(٦) الفقيه ٢ / ١٢٢ ح ٥١٢ باب ٥٩ وص ١٢٧ ح ٤٥٦ باب ٦١ ، ٤ / ١٤٥ ح ٤٩٨ باب ٩١ وص ١٤٨ ح ٥١٥ باب ٩٦ وص ١٥٥ ح ٥٣٦ باب ١٠٣ وص ١٦٢ ح ٥٦٥ باب ١١٠ ، وغيرها.

(٧) الفقيه ٣ / ٢٣٥ ح ١١١٢ باب ٩٨.

(٨) الفقيه ٤ / ١٠٦ ، من المشيخة.

(٩) الفقيه ٤ / ٦٣ ، من المشيخة.

(١٠) روضة المتقين ١٤ / ٣٤٦.


عن محمد بن هارون ، عن أبي يحيى الواسطي (١).

وليس في الباب حديث غيره ، والظاهر أنه أخذ هذا المورد من كتاب نوادر الحكمة ، وقد استثنى ابن الوليد منه ما يرويه عن محمد بن هارون ، عن أبي يحيى الواسطي وكان قد تابعه الصدوق (رحمه‌الله) على ذلك كما مر.

وهذه الشواهد كافية في إثبات اعتماد الصدوق (رحمه‌الله) على القرائن المصححة للأخبار ، ومنه يعلم بطلان القول باعتبار مرسلات الصدوق (رحمه‌الله) مطلقا على فرض أنها لم تسند في كتاب آخر سواء كان ذلك في كتاب الكافي أو في كتب الصدوق (رحمه‌الله) الأخرى أو في التهذيبين ، بحجة التزامه بوثاقة الراوي ، وإن كان هذا لا ينافي شهادته بصحتها ، لما مر ويأتي من معنى الصحيح عند القدماء.

أدلة القول الثاني :

هناك جملة من الأدلة على أن حكم الصدوق (رحمه‌الله) بصحة أخبار الفقيه كان مبتنيا على أساس ما احتف بها من قرائن ، وأنه لم يعن التصحيح السندي المستلزم لوثاقة الناقلين ، ولا شك أن من يشترط في حجية الخبر وثاقة رواته لا يرى في مرسلات الصدوق (رحمه‌الله) في الفقيه ذلك الاعتبار الذي تقدم في القول الأول ، ومن تلك الحجج ما يأتي :

١ ـ اعتماد القرائن في التصحيح : ويدل عليه قوله في عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام) في ذيل خبر أخرجه عن المسمعي : «كان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي‌الله‌عنه) سيئ الرأي في محمد بن عبد الله المسمعي

__________________

(١) الفقيه ٤ / ١١٣ ح ٣٨٦ باب ٤٦.


راوي هذا الحديث ، وإنما أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب لأنه كان في كتاب الرحمة ، وقد قرأته عليه ، فلم ينكره ورواه لي» (١).

وكتاب الرحمة هو لسعد بن عبد الله ، وقد صرح الصدوق (رحمه‌الله) باعتماده في مقدمة الفقيه ، ويظهر من كلامه هنا أن وجود الخبر في كتاب معتبر ككتاب الرحمة قرينة على اعتباره وإن كان هنالك ثمة شئ في إسناده.

٢ ـ عدول الصدوق (رحمه‌الله) عما بنى عليه في الفقيه : ويدل عليه أنه صرح في أول الفقيه بأنه لم يقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه ، وإنما قصد إلى إيراد ما يفتي به ويحكم بصحته من الأخبار ، ولكنه أورد فيه أخبارا كثيرة عن الضعفاء ، بل أورد فيه الكثير من المتعارضات في الباب الواحد ولم يرجح بينها ، هذا فضلا عن اعتماده على روايات من استثناهم ابن الوليد من كتاب نوادر الحكمة كما مر ، على الرغم من متابعته ـ أول الأمر ـ لابن الوليد.

ولكن قد يناقش هذا الدليل على أساس أن مقدمة الفقيه قد وردت بصيغة الماضي كقوله «وصنفت له هذا الكتاب» ، وهذا يدل على أنه قد كتبها بعد الفراغ من تصنيف الفقيه ، وهو لا يتناسب ودعوى عدوله عما بنى عليه.

وفيه : إن التعبير بالماضي قد يراد منه أحيانا الحال أو الاستقبال كما قد يعبر عن الماضي بالمضارع ، وقد وقع كلا التعبيرين في القرآن الكريم ، ولهما شواهد كثيرة في لغة العرب كما لا يخفى.

٣ ـ لو كان المنهج المتبع في تصحيح أخبار الفقيه هو البناء على

__________________

(١) عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام) ٢ / ٢٤ ذيل ح ٤٥ باب ٣٠.


وثاقة الرواة ، لكان التصريح به أولى من غيره ، وفي روضة المتقين ، والوافي ـ باعتبارهما من أوسع الكتب التي تعرضت لأحاديث الفقيه ـ ما يدل على عدم اتباع ذلك المنهج في الفقيه ، بل جرى فيه على متعارف المتقدمين في إطلاق الصحيح على ما يركن إليه ويعتمد عليه ، فحكم بصحة ما أورده في كتابه من الأحاديث وإن لم يكن قسم منها صحيحا على مصطلح المتأخرين (١) ، وهذا لا يتنافى مع حكمه عليها بالصحة واعتبارها حجة ، لأنه أحرز صدورها عن المعصوم (عليه‌السلام) بطريق ما غير الوثاقة في الراوي.

وصفوة القول في مرسلات الصدوق (رحمه‌الله) ـ على الرأي الثاني ـ هو أن بعض ما أسنده في مشيخة الفقيه لم تراع فيه الوثاقة فكيف يكون الحال مع المرسلات التي كانت مرسلة في مصادرها ، أو مسندة ولا يعلم إسنادها من طريق آخر؟! هذا فضلا عن عدم الوقوف على القرائن التي اعتمدها في تصحيح الأخبار.

دليل القول الثالث :

القول الثالث كما مر هو القول بالتفصيل ، إذ ميز أرباب هذا القول بين مرسلات الفقيه على أساس حجية ما تصدر منها بعبارة «وقال (عليه‌السلام) :» عن غيرها من المرسلات الأخرى في الفقيه ، أي : التمييز بين ما أضيف إلى مطلق المعصوم (عليه‌السلام) رأسا بلا أدنى واسطة ، وبين ما أضيف إليه (عليه‌السلام) بالواسطة ، فاعتبروا الأول دون الثاني ، ودليلهم على ذلك ، أن إيراد الثقة العدل خبر عن المعصوم (عليه‌السلام) على نحو الجزم كما لو قال : قال الإمام الصادق (عليه‌السلام)

__________________

(١) أنظر : روضة المتقين ١ / ١٧ ، الوافي ١ / ٢٣.


كذا ، يختلف عن قوله : قال فلان ، عن فلان ، عن الإمام الصادق (عليه‌السلام).

ففي الأول لا تصح الإضافة من غير جزم بصدور الخبر عمن أضيف إليه ، وفي الثاني يكون من قبيل ما روي عن أمير المؤمنين علي (عليه‌السلام) : «إذا حدثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدثكم ، فإن كان حقا فلكم ، وإن كان كذبا فعليه» (١).

ويرد عليه : إن الخبر المحفوف بالقرائن يكون حجة بحق من اطلع على تلك القرائن ، ويحق له أن يسنده إلى المعصوم (عليه‌السلام) رأسا ، إذ يكفي الظن المعتبر الحاصل من تلك القرائن ، ولا يستلزم ذلك الجزم بالصدور ، إذ لا منافاة بين الظن المعتبر والقطع بالصدور من جهة نسبة الخبر إلى المعصوم (عليه‌السلام) رأسا فيما لو أحرز أي من الأمرين ، على أن بعض القرائن تستلزم القطع بالصدور.

* * *

__________________

(١) أصول الكافي ١ / ٥٢ ح ٧ باب ١٧ من كتاب فضل العلم.


مناقشة وتقويم

إن سيرة القدماء ـ كالشيخ الصدوق (رحمه‌الله) ـ في كيفية الاحتجاج بالخبر بعد تصحيحه ، لا يمكن حصرها بأدلة أي من القولين السابقين ، لا باعتبار الوثاقة في الراوي ، ولا باعتماد القرائن المحتفة بخبره وإن كان بعضها كاشفا عن صدقه في إخباره ومستلزما له كالقرائن الدالة على صحة الخبر في نفسه لا صحة متضمنه ، بل بهما معا.

ومدار عمل الصدوق (رحمه‌الله) ووالده في الفقه كان على طبق نصوص الأخبار كما هو واضح من كتب الصدوق (رحمه‌الله) ك : الفقيه والمقنع والهداية ، ومن رسالة أبيه إليه أيضا ، ولهذا لا تكاد تجد في فقههما تلك التفريعات التي فتح بابها شيخ الطائفة بمذاقه الفقهي وعقليته الجبارة في كتابه الرائع المبسوط (١) اللهم إلا بمقدار ما تشتمل عليه نصوص الأخبار من تلك التفريعات.

والأخبار التي احتج بها الصدوق (رحمه‌الله) هي الأخبار المشهورة والمستفيضة والمتواترة ، علما بأن التواتر عنده يتم بنقل ثلاثة أنفس فما فوقهم (٢).

وأما خبر الواحد الذي لم يصل إلى درجة الاستفاضة والشهرة ، ولم يحتف بقرينة تدل على صحته وكان من محض الآحاد ، فقد منع العمل به الشيخ المفيد ، والسيد المرتضى ، والشيخ الطوسي أيضا ـ مع اشتراطه عدم

__________________

(١) راجع مقدمة كتاب «المبسوط» ستجد التصريح بما ذكرناه.

(٢) إكمال الدين ١ / ٨٤.


الإجماع على نقله ـ لأنه لا يوجب علما ولا عملا في الدين عندهم (١).

وهذا الموقف الصريح من خبر الآحاد المحض تجده عند الشيخ الصدوق (رحمه‌الله) أيضا ، فقد صرح بأن خبر الواحد لا يوجب العلم ، لأنه يصدق ويكذب على حد تعبيره (٢).

وإذا كان حال خبر الواحد عند الصدوق (رحمه‌الله) هو ما عرفت على فرض اتصاله فكيف بحال مرسله؟! أفهل يجوز أن يحكم بصحته ويفتي بموجبه ويجزم بحجيته ، مع احتمال كذبه ، لو لم يتحقق من صحته ويتأكد من صدق مخبره؟!

وأما الخبر الذي يوجب العلم عند الصدوق (رحمه‌الله) فهو بنص كلامه : ما يكون «في طرقه وواسطته قوم يقطعون العذر إذا أخبروا» (٣) ، وهذا يعني عدم صحة الاحتجاج بالخبر عنده إلا مع إفادته العلم وبشرطين :

أحدهما : تعدد رواته كما يعلم من «قوم» و «يقطعون» و «أخبروا» ، كما لو كان الخبر مرويا بأكثر من طريق ، أو موجودا بأكثر من كتاب من الكتب المعتبرة كالأصول الأربعمائة والمصنفات المشهورة التي شاع العمل بموجبها في عصور الأئمة (عليهم‌السلام) بلا نكير من أحد.

ثانيهما : إحراز صدق المخبرين في ما أخبروا به ، ويدل عليه قوله : «يقطعون العذر إذا أخبروا» ، ومن البداهة أن هذا الوصف للخبر لا ينكشف عن كذب ، ولن ينقطع عذر أحد باتفاق ألف كاذب على رواية خبر ، لأنه

__________________

(١) راجع : «الثقلان ودعمهما لحجية السنة» بحث للسيد محسن الحائري الحسيني ، المنشور في مجلة «علوم الحديث» العدد ١ ، سنة ١٤١٨ / قم ، ص ٤١ هامش رقم ١ ففيه جملة من أقوال هؤلاء الأعلام بشأن خبر الآحاد.

(٢) إكمال الدين ١ / ١١٠.

(٣) إكمال الدين ١ / ١٠٤ ـ ١٠٥.


لا يعدل عند العقلاء في النقل ـ ولو ـ عن صادق واحد ..

وخلاصة الشرطين : إن الوصف المذكور لما يوجب العلم من الأخبار في نظر الصدوق (رحمه‌الله) لا ينحصر بمجرد تعدد الرواة ما لم يحرز صدقهم وأمانتهم في روايتها ، سواء عن طريق العلم بوثاقتهم ، أو اكتشاف صدقهم من طريق آخر وإن ضعف بعضهم بكتب الرجال ، كأن يكون العمل بخبرهم مقطوعا عليه من أرباب فقهاء المذهب الذين هم أدرى من غيرهم بصحة الأخبار ، فلا عبرة بالناقلين إذن مع تحقق الإجماع.

ومن هنا يعلم أن مراسيل الصدوق (رحمه‌الله) التي احتج بها في الفقيه لا يمكن سلخها عن هذه الحقيقة بحجة عدم العلم بأسانيدها ، إذ لا ضير في ذلك مع العلم بكيفية منهجه في اعتماد الأخبار وتصريحه بحذف أسانيدها لأجل الاختصار ، وهذا يعني وقوفه على أسانيدها ، وتحققه من خروجها عن إطار الآحاد ، وانطباقها مع مبناه في الاحتجاج بالخبر.

وأما عن احتمال كونها مرسلة في الأصل المنقول عنه ـ أي في مصادر الصدوق (رحمه‌الله) نفسه ـ مما يتعذر العلم معه بحال الواسطة المجهولة ، فلا يضر ذلك أيضا لما تقدم في أدلة القول الثاني من اعتماد القرائن المحتفة بالخبر ، والتي يجب أن تكون موافقة لمبنى الصدوق (رحمه‌الله) بمعنى أن تكون كاشفة عن صدق المخبر وإن كان ضعيفا أو مجهولا.

نعم ، يستثنى من ذلك الانفرادات التي نبه عليها الصدوق (رحمه‌الله) ، والأخبار الشاذة التي أوردها في كتابه ، وكذلك التي لم يعمل بها سواه ، ويلحق بها ما رد بسبب الإرسال ونحوه لوجود المعارض الأقوى.

وأما ما عدا ذلك فهو حجة ـ بتقديرنا ـ تمسكا بشهادة الصدوق عليها بالصحة نتيجة النظر إلى صدق الراوي مع القرائن الكاشفة عن سلامة خبره ،


وبهذا تنتفي الحاجة إلى مناقشة من قال بالتفصيل في مراسيل الصدوق (رحمه‌الله).

وأخيرا ، فلا بد من التذكير بأن النزاع المذكور بشأن مرسلات الفقيه لا ثمرة له في الواقع ، لابتنائه على فرض عدم العثور على إسناد لها في أي كتاب آخر ، ومعنى هذا : إنا لو وجدنا لها إسنادا سيكون النزاع ترفا فكريا لا تترتب عليه آثار واقعية.

وإذا اتضح هذا فاعلم أن مراسيل الفقيه البالغة أكثر من ألفي حديث مرسل ، قد استخرج التقي المجلسي (رحمه‌الله) أسانيدها من الكافي والتهذيبين وغيرها من كتب الحديث الأخرى وكان جل اعتماده على الكافي ، وقد تابعت كتابه روضة المتقين ، فوجدت ما لم يعثر الشارح على إسناد له قليلا جدا ، وربما لا يزيد ـ في أعلى تقدير ـ على عشرة أحاديث ، وقد قابلت أكثر مراسيل الجزء الأول من الفقيه ـ لكثرتها فيه ـ مع كتب الصدوق (رحمه‌الله) الأخرى فلم أجدها مسندة ولا مرسلة في تلك الكتب إلا القليل جدا على الرغم من الاستعانة بأكثر من عشرة فهارس للأحاديث ، ثم قابلتها مع أحاديث الكافي فوجدتها كما قال علماؤنا المتتبعون رضي‌الله‌عنهم : إن مرسلات الفقيه مسندات الكافي ، علما بأن التقي المجلسي قد قطع مرارا بنقلها مباشرة من الكافي ، كما بيناه مفصلا في بحث «مع الصدوق وكتابه الفقيه» (١).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين

محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.

__________________

(١) بحث نشر في مجلة «علوم الحديث» العدد ٢ ، سنة ١٤١٨ / قم.


فهرس المصادر والمراجع

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ نهج البلاغة ، بشرح ابن أبي الحديد ، ط ٢ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت / ١٣٨٧ ه.

٣ ـ أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء / الدكتور مصطفى سعيد الخن ، ط ٢ ، مؤسسة الرسالة ، بيروت / ١٤٠٢ ه.

٤ ـ الإحكام في أصول الأحكام / الآمدي ، ط ١ ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٤٠٥ ه.

٥ ـ الإحكام في أصول الأحكام / ابن حزم الأندلسي ، دار الجيل ، بيروت.

٦ ـ أسباب اختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية / الدكتور مصطفى إبراهيم الزلمي ، ط ١ ، الدار العربية للطباعة ، بغداد / ١٣٩٦ ه.

٧ ـ أصول الحديث / الدكتور عبد الهادي الفضلي ، ط ٢ ، مؤسسة أم القرى للتحقيق والنشر / ١٤١٦ ه.

٨ ـ أصول الحديث ، علومه ومصطلحه / الدكتور محمد عجاج الخطيب ، دار الفكر ، بيروت / ١٤٠٩ ه.

٩ ـ أصول الحديث وأحكامه / الشيخ جعفر السبحاني ، ط ١ ، مؤسسة النشر الإسلامي ، قم / ١٤١٢ ه.

١٠ ـ أصول الكافي / الشيخ الكليني ، تعليق علي أكبر الغفاري ، دار الأضواء ، بيروت / ١٤٠٥ ه.

١١ ـ أعلام الموقعين / ابن القيم ، دار الجيل / بيروت.

١٢ ـ آفة أصحاب الحديث / ابن الجوزي ، تحقيق السيد علي الحسيني الميلاني ، مطبعة الخيام ، قم.

١٣ ـ أقرب الموارد / سعيد الخوري ، مطبعة مرسلي اليسوعية ، بيروت / ١٨٨٩ م.


١٤ ـ إكمال الدين وإتمام النعمة (١) / الشيخ الصدوق ، تحقيق علي أكبر الغفاري ، جامعة المدرسين في الحوزة العلمية / قم.

١٥ ـ ألفية الحديث / الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي ، تحقيق أحمد محمد شاكر ، ط ٢ ، عالم الكتب ، بيروت / ١٤٠٨ ه.

١٦ ـ الباعث الحثيث / أحمد محمد شاكر ، ط ١ ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٤٠٣ ه.

١٧ ـ بداية المجتهد / ابن رشد ، نشر الشريف الرضي ، ط ١ ، قم / ١٤١٢ ه.

١٨ ـ تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي / جلال الدين السيوطي ، ط ١ ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٤١٧ ه.

١٩ ـ تفسير الطبري / ط ٣ ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي ، مصر / ١٣٨٨ ه.

٢٠ ـ تقريب النواوي / مطبوع مع شرحه المتقدم بعنوان (تدريب الراوي).

٢١ ـ التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد / لابن عبد البر ، تحقيق مصطفى أحمد العلوي ومحمد بن عبد الكبير البكري ، الرباط / ١٩٦٧ م ١٣٨٧ ه.

٢٢ ـ تهذيب الأحكام / الشيخ الطوسي ، تحقيق السيد حسن الخرسان ، ط ٣ ، دار الأضواء ، بيروت / ١٤٠٦ ه.

٢٣ ـ توجيه النظر إلى أصول الأثر / طاهر بن صالح بن أحمد الجزائري (ت / ١٣٣٨ ه) [المعلومات الأخرى لم تذكر].

٢٤ ـ الثقلان ودعمهما لحجية السنة / السيد محسن الحسيني الحائري ، بحث منشور في مجلة «علوم الحديث» الفصلية ، العدد الأول ، السنة الأولى / ١٤١٨ ه.

٢٥ ـ جامع أحاديث الشيعة / الشيخ إسماعيل المعزي الملايري ، قم / ١٤١٣ ه.

٢٦ ـ خاتمة مستدرك وسائل الشيعة / العلامة النوري ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت (عليهم‌السلام) لإحياء التراث ، ط ١ ، قم / ١٤١٥ ه.

٢٧ ـ الخصال / الشيخ الصدوق ، مؤسسة النشر الإسلامي ، ط ٤ ، قم / ١٤١٥ ه.

__________________

(١) اسمه في المطبوع (كمال الدين ..) والصواب (إكمال الدين) لتصريح مصنفه (قدس‌سره) بذلك ، راجع : من لا يحضره الفقيه ٤ / ١٣٣ ح ١٥٩ باب ٧٢ ، الخصال ١ / ١٨٧ ح ٢٥٧ باب الثلاثة ، علل الشرائع : ٢٤٦ ح ٩ باب ١٧٩.


٢٨ ـ رجال السنة في الميزان / الشيخ المظفر ، ط ١ ، دار العلم ، القاهرة / ١٣٩٦ ه.

٢٩ ـ رجال العلامة الحلي / ط ٢ ، المطبعة الحيدرية ، النجف / ١٣٨١ ه.

٣٠ ـ رجال الكشي / الشيخ الطوسي ، نشر جامعة مشهد.

٣١ ـ رجال النجاشي / ط ٤ ، جامعة المدرسين في الحوزة العلمية ، قم / ١٤١٣ ه.

٣٢ ـ الرسالة / الشافعي ، تحقيق أحمد محمد شاكر ، المكتبة العلمية ، بيروت.

٣٣ ـ الرعاية في علم الدراية / الشهيد الثاني ، تحقيق عبد الحسين محمد علي البقال ، منشورات مكتبة السيد المرعشي النجفي ، ط ١ ، قم / ١٤٠٨ ه.

٣٤ ـ الرواشح السماوية / المحقق الداماد ، المكتبة المرعشية ، قم / ١٤٠٥ ه.

٣٥ ـ روضة المتقين / المجلسي الأول ، ط ٢ ، المطبعة العلمية ، قم / ١٤٠٦ ه.

٣٦ ـ سنن أبي داود / دار الجيل ، بيروت / ١٤١٢ ه.

٣٧ ـ سنن الدارقطني / دار الفكر ، بيروت / ١٤١٤ ه.

٣٨ ـ شرح البداية في علم الدراية / الشهيد الثاني ، ضبط نصه السيد محمد رضا الحسيني الجلالي ، منشورات الفيروزآبادي ، قم / ١٤١٤ ه.

٣٩ ـ شرح علل الترمذي / ابن رجب الحنبلي ، تحقيق صبحي السامرائي ، ط ٣ ، دار الكتب ، بيروت / ١٤٠٥ ه.

٤٠ ـ صحيح البخاري ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٤١ ـ صحيح مسلم بشرح النووي / دار الكتاب العربي ، بيروت / ١٤٠٧ ه.

٤٢ ـ الطبقات الكبرى / ابن سعد ، دار صادر ، بيروت.

٤٣ ـ العدة في أصول الفقه / الشيخ الطوسي ، تحقيق الشيخ محمد رضا الأنصاري ، مؤسسة البعثة ، ط ١ ، قم / ١٤١٧ ه.

٤٤ ـ علل الشرائع / الشيخ الصدوق ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٤٥ ـ علوم الحديث ومصطلحه / الدكتور صبحي الصالح ، نشر مكتبة الحيدري ، ط ١ ، قم / ١٤١٧ ه.

٤٦ ـ عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام) / الصدوق ، ط ١ ، الأعلمي ، بيروت / ١٤٠٤ ه.

٤٧ ـ فتاوى قاضي خان الحنفي (مطبوع بهامش الفتاوى الهندية الآتي).

٤٨ ـ الفتاوى الهندية / الشيخ نظام الحنفي وجماعته ، ط ٤ ، دار إحياء التراث


العربي ، بيروت.

٤٩ ـ فتح المغيث بشرح ألفية الحديث / الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي ، تحقيق محمود ربيع ، (مطبوع في آخر ألفية الحديث المتقدم).

٥٠ ـ فروع الكافي / الشيخ الكليني ، دار الأضواء ، بيروت / ١٤٠٥ ه.

٥١ ـ فضائل الأشهر الثلاثة / الشيخ الصدوق ، ط ١ ، النجف / ١٣٩٦ ه.

٥٢ ـ الفهرست / الشيخ الطوسي ، تصحيح وتعليق السيد محمد صادق بحر العلوم ، نشر الشريف الرضي ، قم.

٥٣ ـ قواعد التحديث / محمد جمال الدين القاسمي ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

٥٤ ـ قوانين الأصول / الميرزا أبو القاسم القمي ، الطبعة الحجرية ، تبريز.

٥٥ ـ كتاب سليم بن قيس الهلالي / تحقيق الشيخ محمد باقر الأنصاري ، مؤسسة نشر الهادي ، ط ١ ، قم / ١٤١٥ ه.

٥٦ ـ كشف الأسرار عن أصول البزدوي / عبد العزيز البخاري ، دار الكتاب العربي ، بيروت.

٥٧ ـ الكفاية في علم الرواية / الخطيب البغدادي ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٤٠٩ ه.

٥٨ ـ لسان العرب / ابن منظور ، ط ١ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت / ١٤٠٨ ه.

٥٩ ـ المبسوط / الشيخ الطوسي ، ط ٢ ، المطبعة الحيدرية ، النجف / ١٣٨٧ ه.

٦٠ ـ المدخل في أصول الحديث / الحاكم النيسابوري (مطبوع في آخر المنار المنيف في الصحيح والضعيف لابن القيم) ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٤٠٨ ه.

٦١ ـ مستدركات مقباس الهداية / الشيخ محمد رضا المامقاني ، نشر مؤسسة آل البيت (عليهم‌السلام) لإحياء التراث ، ط ١ ، قم / ١٤١٣ ه.

٦٢ ـ مستمسك العروة الوثقى / السيد الحكيم ، دار التفسير ، قم / ١٤١٦ ه.

٦٣ ـ المصباح المنير / الفيومي ، نشر دار الهجرة ، ط ١ ، قم / ١٤٠٥ ه.

٦٤ ـ مع الصدوق وكتابه الفقيه / السيد ثامر هاشم العميدي ، بحث منشور في مجلة «علوم الحديث» الفصلية ، العدد الثاني ، السنة الأولى / ١٤١٨ ه.

٦٥ ـ معالم العلماء / ابن شهرآشوب ، المطبعة الحيدرية ، النجف / ١٣٨٠ ه.


٦٦ ـ معجم رجال الحديث / السيد الخوئي (قدس‌سره) ، ط ٣ ، بيروت / ١٤٠٣ ه.

٦٧ ـ معرفة علوم الحديث / الحاكم النيسابوري ، ط ٢ ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٣٩٧ ه.

٦٨ ـ مقباس الهداية / الشيخ عبد الله المامقاني ، تحقيق الشيخ محمد رضا المامقاني ، نشر مؤسسة آل البيت (عليهم‌السلام) لإحياء التراث ، ط ١ ، قم / ١٤١١ ه.

٦٩ ـ مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح / تحقيق الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) ، مطبعة دار الكتب ، مصر / ١٩٧٤ م.

٧٠ ـ المقنع / الشيخ الصدوق ، نشر مؤسسة الإمام الهادي (عليه‌السلام) ، قم / ١٤١٥ ه.

٧١ ـ من لا يحضره الفقيه / الشيخ الصدوق ، تحقيق السيد حسن الخرسان ، ط ٦ ، دار الأضواء ، بيروت / ١٤٠٥ ه.

٧٢ ـ منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان / الشيخ حسن بن زين الدين الشهيد الثاني ، جامعة المدرسين في الحوزة العلمية ، قم / ١٤٠٤ ه.

٧٣ ـ نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر / ابن حجر العسقلاني ، صورة عن نسخة مخطوطة ، كتبها أحد علماء الزيدية سنة ١٣٣٢ ه ، وهي بحوزتي.

٧٤ ـ النكت على كتاب ابن الصلاح / ابن حجر العسقلاني ، تحقيق مسعود عبد الحميد ومحمد فارسي ، ط ١ ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٤١٤ ه.

٧٥ ـ نهاية الدراية «شرح الوجيزة للشيخ البهائي» / السيد حسن الصدر ، تحقيق الشيخ ماجد الغرباوي ، نشر المشعر ، قم.

٧٦ ـ الوافي / الفيض الكاشاني ، نشر مكتبة الإمام أمير المؤمنين (عليه‌السلام) ، ط ١ ، أصفهان / ١٤٠٦ ه.

٧٧ ـ وجيزة في علم الرجال / المشكيني ، تحقيق زهير الأعرجي ، ط ١ ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت / ١٤١٠ ه.

٧٨ ـ وصول الأخيار إلى أصول الأخبار / الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي ، تحقيق السيد عبد اللطيف الكوهكمري ، نشر مجمع الذخائر الإسلامية ، قم / ١٤١٠ ه.


النصال الخارقة

لنحور المارقة

السيد حسن الحسيني

آل المجدد الشيرازي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله محيي الحق وناصره ، ومميت الباطل وقاهره ، وصلى الله وسلم على سيد أنبيائه ورسله ، محمد الهادي إلى أقوم محاجه وسبله ، وعلى آله المطهرين من الأدناس ، المنزهين عن الأقذار والأرجاس ، ولعنة الله على أعدائهم الغاشمين الغواة ، الضالين المضلين الفجرة العتاة.

أما بعد :

فإن طغاما من القوم المخالفين ، ولئاما من حثالات المعاصرين والسالفين ، قد تجرأوا على تصويب فعل يزيد ، في قتله أبا عبد الله الحسين السبط الشهيد (عليه‌السلام) ، فلا يرون جواز نسبة ذلك الفاجر إلى فسق أو كبيرة ، بل ينزهونه عن كل جرم وجريرة ، وهم مع ذلك يتولونه ويحظرون التكلم في عظائمه ، ويوجبون الإمساك عن لعنه والخوض في تفاصيل جرائمه ، مع ما تواتر عنه من هتك حرمات الشريعة المطهرة ، حتى كاد يلحق بالضروريات.


ويعتلون لذلك بنحو قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لا تسبوا الأموات ، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا» (١).

ويقولون ـ مضللين ـ : ما يجديكم التكلم في لعن يزيد وطرق هذا الباب ، وقد أفضى إلى ما قدم وهلك منذ قرون وأحقاب؟!

فيقال لهؤلاء المخذولين : إن الحديث محله في غير كافر ومتظاهر بفسق أو بدعة ، فلا يحرم سب هؤلاء ولا ذكرهم بشر ، بقصد التحذير من طريقتهم والاقتداء بآثارهم ـ كما قال المناوي الشافعي (٢) ـ.

وجرو معاوية لم ينفك عن واحدة من هذه الخصال .. (فماذا بعد الحق إلا الضلال) (٣) .. ولله در من قال :

ألعن اللعن إن لعنت يزيدا

إنما اللعن عين ذاك اللعين

وهذه رسالة ضمنتها الأدلة القاطعة ، والبراهين النيرة الساطعة ، الدالة على جواز لعن يزيد بن معاوية ، أسكنهما الله في قعر الهاوية ، والرد على من منع ذلك من جهلة المفتين ، لينقطع منهم الدابر والوتين ، إنه سبحانه خير ناصر ومعين.

وينبغي قبل الخوض في المقصود بيان أمور :

__________________

(١) أخرجه عن عائشة أحمد في مسنده ٦ / ١٨٠ ، والبخاري في صحيحه ٢ / ٢١٤ ح ١٤٨ ، والنسائي في سننه ٤ / ٥٣.

(٢) فيض القدير ٦ / ٣٢٩.

(٣) سورة يونس ١٠ : ٣٢.


* الأول :

قال الجوهري في الصحاح (١) : اللعن : الطرد والإبعاد من الخير.

وقال الزمخشري في أساس البلاغة (٢) : لعنه أهله : طردوه وأبعدوه ، وهو لعين طريد ، وقد لعن الله إبليس : طرده من الجنة وأبعده من جوار الملائكة ، ولعنت الكلب والذئب : طردتهما.

وقال الراغب (٣) : اللعن : الطرد والإبعاد على سبيل السخط ، وذلك من الله تعالى في الآخرة عقوبة ، وفي الدنيا انقطاع من قبول رحمته وتوفيقه ، ومن الإنسان دعاء على غيره.

وقال ابن سيدة في المحكم (٤) : لعنه الله يلعنه لعنا ، عذبه.

وقال المحقق الكركي (رحمه‌الله) في نفحات اللاهوت (٥) : إذا قيل : لعنه الله على طريق الدعاء كان معناه طرده الله وأبعده من رحمته.

قال : والمراد من الطرد والإبعاد هنا نزول العقوبة والعذاب به ، وحرمان الرحمة ، وهو لازم المعنى ، وليس معنى الغضب ببعيد عنه ، إذ المتعقل من غضب الله سبحانه فعل أثر الغضب ، لا حصول الغضب الحقيقي الذي هو من توابع الأجسام ، فإن ذلك محال عليه تعالى. انتهى.

__________________

(١) الصحاح ٦ / ٢١٩٦ مادة «لعن».

(٢) أساس البلاغة : ٥٦٧ مادة «لعن».

(٣) مفردات الراغب : ٤٧١ مادة «لعن».

(٤) المحكم :.

(٥) نفحات اللاهوت : ٤٢ ـ ٤٣.


* الثاني :

لا ريب في مشروعية اللعن في الجملة ، وإن اختلف العامة في جواز لعن المعين ، وسيأتي بيان الحق فيه إن شاء الله تعالى.

وقد دل الكتاب والسنة على ذلك ، قال الله تعالى : (أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) (١).

وقال سبحانه : (قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه) (٢) .. الآية.

وقال تبارك اسمه : (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) (٣).

وقال عز سلطانه : (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم) (٤).

وقال عز من قائل : (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين) (٥).

وقال جل وعلا : (وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين) (٦).

__________________

(١) سورة الرعد ١٣ : ٢٥.

(٢) سورة المائدة ٥ : ٦٠.

(٣) سورة محمد ٤٧ : ٢٣.

(٤) سورة التوبة ٩ : ٦٨.

(٥) سورة الأعراف ٧ : ٤٤.

(٦) سورة الحجر ١٥ : ٣٥.


وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها» ، رواه أبو داود والحاكم عن ابن عمر (١).

وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم» ، رواه أحمد والترمذي والحاكم عن أبي هريرة (٢) ، والطبراني في المعجم الكبير عن أم سلمة رضي‌الله‌عنها (٣).

وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لعن الله الربا وآكله وموكله وكاتبه وشاهده وهم يعلمون ، والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة» ، رواه الطبراني في المعجم الكبير عن ابن مسعود (٤).

وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لعن الله المحلل والمحلل له» ، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن علي (عليه‌السلام) (٥) ، والترمذي والنسائي عنه وعن ابن مسعود (٦) ، ورواه الترمذي أيضا عن جابر (٧).

__________________

(١) سنن أبي داود ٣ / ٣٢٤ ح ٣٦٧٤ ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٣٧ ح ٢٢٣٥.

(٢) مسند أحمد ٢ / ٣٨٧ ـ ٣٨٨ ، المستدرك على الصحيحين ٤ / ١١٥ ح ٧٠٦٧ ، سنن الترمذي ٣ / ٦٢٢ ح ١٣٣٦ ، وفيه : لعن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) الراشي والمرتشي في الحكم.

(٣) المعجم الكبير ٢٣ / ٣٩٨ ح ٩٥١.

(٤) الجامع الصغير ٢ : ٤٠٦ / ٧٢٥٦.

(٥) مسند أحمد ١ / ٧٨ مقتضب من الحديث ، وفيه : «لعن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ... الحديث» ، سنن أبي داود ٢ / ٢٣٤ ح ٢٠٧٦ و ٢٠٧٧ ، سنن الترمذي ٣ / ٤٢٧ ح ١١١٩ ، سنن ابن ماجة ١ / ٦٢٢ ح ١٩٣٥ ، وفيه : قال : «لعن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ... الحديث».

(٦) سنن الترمذي ٣ / ٤٢٨ ح ١١٢٠ ، سنن النسائي ٦ / ١٤٩ مقتضب من الحديث ، وفيه : «لعن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ... الحديث».

(٧) سنن الترمذي ٣ / ٤٢٨ ذيل ح ١١١٩.


وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لعن عبد الدينار ، لعن عبد الدرهم» ، رواه الترمذي عن أبي هريرة (١).

وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «ستة لعنتهم ، لعنهم الله وكل نبي مجاب : الزائد في كتاب الله ، والمكذب بقدر الله تعالى ، والمتسلط بالجبروت فيعز بذلك من أذل الله ويذل من أعز الله ، والمستحل لحرم الله ، والمستحل من عترتي ما حرم الله ، والتارك لسنتي» ، رواه الحاكم عن عائشة (٢).

وغير ذلك مما لا يحصى كثرة.

وبالجملة : فلا يرتاب ذو تحصيل في أن اللعن طاعة يستحق عليها الثواب إذا وقع على وجهه ، وهو أن يلعن مستحق اللعنة تقربا إلى الله تعالى لا للعصبية والهوى ، وقد يكون واجبا كما إذا قصد به البراءة من أعداء الله واقتصر عليه ، وسيأتي الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى.

هذا ، وإنك لخبير بأن تلك الأمور التي استحق فاعلها اللعن ليست بأعظم من قتل الحسين (عليه‌السلام) وأصحابه ، والرضا به ، واستباحة المدينة ، وهدم الكعبة وضربها بالمجانيق ، إن لم تكن دونه ، فإذا جاز اللعن هناك فليجز هنا أيضا.

بل الحق أن جوازه هنا بطريق أولى ، إذ لا رزية ولا مصيبة في الإسلام أعظم مما وقع يوم عاشوراء بكربلاء ، كما لا يخفى على من أنار الله بصيرته ، وطهر من الخبث سريرته.

فإن قال قائل : قد ورد النهي عن كون المؤمن لعانا في قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) :

__________________

(١) سنن الترمذي ٤ / ٥٠٧ ح ٢٣٧٥.

(٢) المستدرك على الصحيحين ١ / ٩١ ح ١٠٢ ،


«لا تكونوا لعانين» وقوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا» (١).

قلنا : هذا وارد في النهي عن اتخاذ اللعن خلقا بسبب المبالغة فيه والإفراط في ارتكابه بحيث ينجر إلى أن يلعن اللعان من لا يستحق اللعن ـ كما حكى ذلك ابن الجوزي عن خط القاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى بن الفراء (٢) ـ.

وليس فيه النهي عن لعن المستحقين ، وإلا لقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : لا تكونوا لاعنين ، ولا ينبغي لصديق أن يكون لاعنا ، فإن بينهما (٣) فرقا يعلمه من أحاط بدقائق تصاريف لسان العرب.

وأما نهي علي (عليه‌السلام) أصحابه عن لعن أهل الشام ، فإنه (عليه‌السلام) كان يرجو إسلامهم ورجوعهم إليه ، كما هو شأن الرئيس المشفق على الرعية ، ولذلك قال (عليه‌السلام) : «قولوا : اللهم أصلح ذات بيننا وبينهم».

وهذا قريب من قول الله تعالى في قصة فرعون : (فقولا له قولا لينا) (٤) ، كذا قال أصحابنا رحمهم‌الله تعالى (٥).

وقال ابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي في (شرح النهج) (٦) : الذي كرهه (عليه‌السلام) منهم أنهم كان يشتمون أهل الشام ، ولم يكن يكره منهم لعنهم

__________________

(١) صحيح مسلم باب النهي عن لعن الدواب وغيرها ٤ / ٢٠٠٥ ح ٢٠٩٧ ، سنن البيهقي ١٠ / ١٩٣.

(٢) الرد على المتعصب العنيد : ١٩.

(٣) أي بين وزن «فاعل» ووزن «فعال».

(٤) سورة طه ٢٠ : ٤٤.

(٥) نفحات اللاهوت : ٤٤ ، رياض السالكين : ٥٤٥ ، المحجة البيضاء ٥ / ٢٢٢.

(٦) شرح نهج البلاغة ١١ / ٢١.


إياهم والبذاءة منهم. انتهى.

وله في هذا المقام كلام ينبغي لرواد الحقائق الوقوف عليه (١) ، والله الموفق والمستعان.

* الثالث :

قال الغزالي في (الإحياء) (٢) : الصفات المقتضية للعن ثلاثة : الكفر والبدعة والفسق.

وقال الشيخ الإمام المحقق الكركي رحمه‌الله تعالى في (النفحات) (٣) : لا ريب أن اللعن من الله تعالى هو الطرد والإبعاد من الرحمة ، وإنزال العقوبة بالمكلف ، وكل فعل أو قول اقتضى نزول العقوبة بالمكلف من فسق أو كفر فهو مقتض لجواز اللعن ، ويدل عليه قوله تعالى في القاتل : (وغضب الله عليه ولعنه) (٤) ، وقوله تعالى : (والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين) (٥) رتب اللعن على الكذب ، وهو إنما يقتضي الفسق ، وكذا قوله تعالى : (والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) (٦) رتب الغضب على صدقه في كونها زنت ، والزنا ليس بكفر.

وقوله تعالى : (ألا لعنة الله على الظالمين) (٧) أي على كل ظالم ،

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١١ / ٢٢ ـ ٢٣.

(٢) إحياء علوم الدين ٣ / ١٠٦.

(٣) نفحات اللاهوت : ٤٤ ـ ٤٥.

(٤) سورة النساء ٤ : ٩٣.

(٥) سورة النور ٢٤ : ٧.

(٦) سورة النور ٢٤ : ٩.

(٧) سورة هود ١١ : ١٨.


لأن الجمع المعرف للعموم ، والفاسق ظالم لنفسه كما يرشد إليه قوله تعالى : (فمنهم ظالم لنفسه) (١) حيث جعله سبحانه قسيما للمقتصد وقسيما للسابق بالخيرات.

قال (رحمه‌الله) : ولا ريب أن الكبائر مجوزة للعن ، لأن الكبيرة مقتضية لاستحقاق الذم والعقاب في الدنيا والآخرة ، وهو معنى اللعن.

وأما الصغائر فإنها تقع مكفرة لقوله تعالى : (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم) (٢) فقد فسر بصغائر الذنوب ، فلهذا لا ينقص إيمان فاعلها ، ولا ترد شهادته ، ولا تسقط عدالته.

نعم ، لو أصر عليها ألحقت بالكبائر ، وصار اللعن بها سائغا. انتهى كلامه (رحمه‌الله).

إذا تمهد هذا فلنشرع في تقرير ما دل على جواز لعن يزيد بن معاوية ـ لعنهما الله تعالى ـ من الكتاب والسنة بحول الله وقوته.

* أما الكتاب العزيز :

١ ـ فقوله تعالى : (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله ..) (٣) .. الآية.

استدل به الإمام أحمد بن حنبل على لعن يزيد ، كما حكاه أبو الفرج ابن الجوزي في الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد ، عن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء ، إذ روى في كتابه المعتمد

__________________

(١) سورة فاطر ٣٥ : ٣٢.

(٢) سورة النجم ٥٣ : ٣٢.

(٣) سورة محمد ٤٧ : ٢٢ و ٢٣.


في الأصول بإسناده عن صالح بن أحمد ، قال : قلت لأبي : إن قوما ينسبوننا إلى توالي يزيد.

فقال : يا بني! وهل يتوالى يزيد أحد يؤمن بالله؟!

فقلت : لم لا تلعنه؟!

فقال : ومتى رأيتني ألعن شيئا؟! لم لا يلعن من لعنه الله في كتابه؟!

فقلت : وأين لعن الله يزيد في كتابه؟!

فقرأ : (فهل عسيتم ..) ـ الآية ، فهل يكون فساد أعظم من القتل (١)؟

وفي رواية : يا بني! ما أقول في رجل لعنه الله في كتابه؟!

٢ ـ وقوله تعالى : (والذين ... ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) (٢).

قال الإمام أحمد : وأي قطيعة أفظع من قطيعته (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) في ابن بنته الزهراء ـ كما حكاه الشبراوي في (الإتحاف) (٣) ـ.

٣ ـ وقوله تعالى : (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن) (٤).

أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في (الدلائل) وابن عساكر عن سعيد بن المسيب ، قال : رأى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) بني أمية على المنابر ، فساءه ذلك (٥).

__________________

(١) الرد على المتعصب العنيد : ١٦ ـ ١٧.

(٢) سورة الرعد ١٣ : ٢٥.

(٣) الإتحاف بحب الأشراف : ٦٤.

(٤) سورة الإسراء ١٧ : ٦٠.

(٥) الدر المنثور ٤ / ١٩١.


قال الفخر الرازي : وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء (١).

وأخرج ابن أبي حاتم عن يعلى بن مرة ، قال : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «أريت بني أمية على منابر الأرض ، وسيتملكونكم فتجدونهم أرباب سوء» ، واهتم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) لذلك ، فأنزل الله (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) (٢).

وأخرج ابن مردويه نحوه عن الحسين بن علي (عليهما‌السلام) (٣).

قلت : ولا ريب أن يزيد داخل في الملعونين من بني أمية دخولا أوليا.

قال ابن حجر الهيتمي المكي في تطهير الجنان واللسان (٤) : صح أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) رأي ثلاثة منهم ـ يعني بني الحكم بن أبي العاص ـ ينزون على منبره نزو القردة ، فغاظه ذلك وما ضحك بعده إلى أن توفاه الله سبحانه وتعالى.

قال : ولعله هؤلاء ويزيد بن معاوية ، فإنه من أقبحهم وأفسقهم ، بل قال جماعة من الأئمة بكفره. انتهى.

٤ ـ وقوله تعالى : (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) (٥).

فمن ذا الذي يشك في أن قتل الحسين (عليه‌السلام) وجماعة من آل الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، وسبي الذرية الطاهرة على أقتاب الجمال ، وضرب الثنايا الشريفة بالقضيب ، وغير ذلك مما يذوب الفؤاد بذكره ، إيذاء

__________________

(١) تفسير الفخر الرازي ١٠ / ٢٣٨.

(٢) الدر المنثور ٤ / ١٩١.

(٣) الدر المنثور ٤ / ١٩١.

(٤) تطهير الجنان واللسان : ٥٣.

(٥) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٧.


لرسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) وعلي وفاطمة (عليهما‌السلام) ومحاربة لهم؟! ـ مع ما قد فرض الله من مودتهم وأوجب على العباد من محبتهم ـ.

وما أحسن قول عمر الهيتي في ذلك (١) :

بأية آية يأتي يزيد

غداة صحائف الأعمال تتلا

وقام رسول رب العالمين يتلو

ـ وقد صمت جميع الخلق ـ : (قل لا)

يعني قوله تعالى : (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (٢).

أما النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) فالحسين (عليه‌السلام) منه ، كما قال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الأسباط» ، رواه الترمذي وابن ماجة ، والبخاري في الأدب المفرد ، وأحمد والحاكم (٣).

وأما علي وفاطمة (عليهما‌السلام) فذلك معلوم بالضرورة والوجدان ، وقد قال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «من آذى عليا فقد آذاني» ، رواه أحمد ، والبخاري في (تاريخه) وابن حبان في (صحيحه) ، وابن مندة ، والحاكم في (المستدرك) (٤).

وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) لفاطمة (عليها‌السلام) : «إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك» ،

__________________

(١) روح المعاني ٢٥ / ٣١.

(٢) سورة الشورى ٤٢ : ٢٣.

(٣) سنن الترمذي ٥ / ٦١٧ ح ٣٧٧٥ ، سنن ابن ماجة ١ / ٥١ ح ١٤٤ ، مسند أحمد ٤ / ١٧٢ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٩٤ ح ٤٨٢٠ ، الأدب المفرد : باب معانقة الصبي ، فضائل الخمسة ٣ / ٣٢١ ، الجامع الصغير بشرح المناوي ٣ / ٣٨٧.

(٤) مسند أحمد ٣ / ٤٨٣ ، تاريخ البخاري ٦ / ٣٠٦ رقم ٢٤٨٢ ، صحيح ابن حبان ٩ / ٣٩ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣١ ح ٤٦١٩.


رواه الحاكم عن علي (عليه‌السلام) وأبو يعلى والطبراني ، وأبو نعيم في فضائل الصحابة (١).

وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «فاطمة بضعة مني ، فمن أغضبها أغضبني» ، رواه البخاري ومسلم والترمذي والحاكم (٢).

قال الشريف السمهودي (٣) : ومعلوم أن أولادها بضعة منها ، فيكونون بواسطتها بضعة منه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم). انتهى.

وقال الحافظ ابن حجر (٤) : فيه تحريم أذى من يتأذى المصطفى (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) بتأذيه ، فكل من وقع منه في حق فاطمة (عليها‌السلام) شئ تأذت به فالنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) يتأذى به بشهادة هذا الخبر.

قال : ولا شئ أعظم من إدخال الأذى عليها من قبل ولدها ، ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة (ولعذاب الآخرة أشد) (٥). انتهى.

قلت :

ويلحق بذلك وجه إلزامي ، وهو أن يزيد ـ لعنه الله ـ آذى الصحابة بقتل الحسين (عليه‌السلام) ، وإيذاء كل واحد منهم إيذاء للنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ـ عند القوم ـ

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٦٧ ح ٤٧٣٠ ، المعجم الكبير ١ / ١٠٨ ح ١٨٢ و ٢٢ / ٤٠١ ح ١٠٠١ ، فضائل الصحابة.

(٢) صحيح البخاري ٥ / ٩٢ ح ٢٠٩ ، فتح الباري ٧ / ٩٨ ح ٣٧١٤ ، صحيح مسلم ٧ / ١٤١ ، سنن الترمذي ٥ / ٦٥٥ ح ٣٨٦٧ و ٦٥٦ ح ٣٨٦٩ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٧٢ و ١٧٣ ح ٤٧٤٧ و ٤٧٥٠ و ٤٧٥١.

(٣) فيض القدير ٤ / ٤٢١.

(٤) فيض القدير ٤ / ٤٢١.

(٥) سورة طه ٢٠ : ١٢٧.


ولا خلاف في أن إيذاءه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) موجب لاستحقاق اللعن.

أما الصغرى فظاهرة ، وأما الكبرى فقد أخرج الترمذي في (سننه) (١) عن عبد الله بن مغفل ، قال : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «الله الله في أصحابي ، الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضا بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه».

٥ ـ وقوله تعالى : (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم) (٢).

وقد كان اللعين منافقا ظاهر النفاق ، دلت على ذلك أقواله وأفعاله وأحواله.

فقد اشتهر عنه أنه لما جاءه رأس الحسين (عليه‌السلام) جمع أهل الشام وجعل ينكت رأسه بالخيزران وينشد أبيات ابن الزبعرى المشهورة :

ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

فأهلوا واستهلوا فرحا

ثم قالوا : يا يزيد لا تشل

قد قتلنا القرم من ساداتهم

وعدلناه ببدر فاعتدل (٣)

قال الإمام أحمد ـ في ما حكاه عنه القاضي أبو يعلى في كتاب

__________________

(١) سنن الترمذي ٥ / ٦٥٣ ح ٣٨٥٤.

(٢) سورة التوبة ٩ : ٦٨.

(٣) البداية والنهاية ٨ / ١٥٤ و ١٦٣ و ١٧٩ ، قال ابن كثير ـ بعد إيراد الأبيات ـ : فهذا إن قاله يزيد بن معاوية فلعنة الله عليه ولعنة اللاعنين ، تاريخ الطبري ٤ / ٥٣٧ و ٦٢٣ ، قال الطبري : فقال [يعني يزيد] مجاهرا بكفره ومظهرا لشركه : .. ، ثم قال الطبري ـ بعد ذكر الأبيات ـ : هذا هو المروق من الدين ، وقول من لا يرجع إلى الله ولا إلى دينه ولا إلى كتابه ولا إلى رسوله ، ولا يؤمن بالله ولا بما جاء من عند الله.


الوجهين والروايتين ـ : إن صح ذلك عن يزيد فقد فسق (١).

وزاد فيها بيتين مشتملين على صريح الكفر ، وهما قوله ـ فض الله فاه ـ :

لست من خندف إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

قال مجاهد (٢) : نافق.

وقال الزهري : لما جاءت الرؤوس كان يزيد في منظره على جيرون ، فأنشد لنفسه :

لما بدت تلك الحمول وأشرقت

تلك الشموس على ربى جيرون

نعب الغراب فقلت صح أو لا تصح

فلقد قضيت من الغريم ديوني (٣)

وإلى ذلك أشار عبد الباقي العمري في الباقيات الصالحات (٤) بقوله :

نقطع في تكفيره إن صح ما

قال للغراب لما نعبا

قال ابن عقيل ـ من الحنابلة ـ : ومما يدل على كفره وزندقته فضلا عن سبه ولعنه أشعاره التي أفصح بها بالإلحاد ، وأبان عن خبث الضمائر وسوء الاعتقاد ، فمنها قوله في قصيدته التي أولها :

علية هاتي أعلني وترنمي

بذلك أني لا أحب التناجيا

حديث أبي سفيان قدما سما بها

إلى أحد حتى أقام البواكيا

ألا هات فاسقيني على ذاك قهوة

تخيرها العنسي كرما وشاميا

__________________

(١) تذكرة الخواص : ٢٦١.

(٢) تذكرة الخواص : ٢٦١ ، البداية والنهاية ٨ / ١٥٤ ، الإتحاف بحب الأشراف : ٥٧.

(٣) تذكرة الخواص : ٢٣٥ و ٢٦١.

(٤) الباقيات الصالحات : ١٧.


إذا ما نظرنا في أمور قديمة

وجدنا حلالا شربها متواليا

وإن مت يا أم الأحيمر فانكحي

ولا تأملي بعد الفراق تلاقيا

فإن الذي حدثت عن يوم بعثنا

أحاديث طسم تجعل القلب ساهيا

ولا بد لي من أن أزور محمدا

بمشمولة صفراء تروي عظاميا (١)

ومما يعزي إليه ، قوله :

معشر الندمان قوموا

واسمعوا صوت الأغاني

واشربوا كأس مدام

واتركوا ذكر المغاني

أشغلتني نغمة العيدان

عن صوت الأذان

وتعوضت عن الحور

خمورا في الدنان

ومنها قوله :

ولو لم يمس الأرض فاضل بردها

لما كان عندي مسحة في التيمم

وذكر ابن أبي الدنيا أنه لما نكت بالقضيب ثنايا الحسين (عليه‌السلام) أنشد لحصين بن الحمام المري :

صبرنا وكان الصبر منا سجية

بأسيافنا تفرين هاما ومعصما

نفلقن هاما من رؤوس أحبة

إلينا وهم كانوا أعق وأظلما (٢)

قال مجاهد : نافق فيها ، ثم والله ما بقي في عسكره أحد إلا تركه ، أي عابه وسبه.

قال ابن أبي الدنيا : وكان عنده أبو برزة الأسلمي ، فقال له : يا يزيد! ارفع قضيبك ، فوالله لطالما رأيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) يقبل ثناياه (٣).

__________________

(١) تذكرة الخواص : ٢٩٠ ـ ٢٩١.

(٢) الرد على المتعصب العنيد : ٤٥ ـ ٤٧.

(٣) الرد على المتعصب العنيد : ٤٧ ـ ٤٨ ، تذكرة الخواص : ٢٦٢.


وهذا كله كفر بواح ، ونفاق صراح ، وإنكار للرسالة والبعث والمعاد ، وتناه في ضروب الزندقة والإلحاد.

وقد أجمع أصحابنا الإمامية ـ أعلى الله كلمتهم ـ تبعا لأئمة العترة الطاهرة على كفره وخروجه عن ربقة الإسلام ، وقطع بذلك بعض أئمة الجمهور ـ كما تقدم ويأتي إن شاء الله تعالى ـ.

٦ ـ وقوله تعالى : (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين) (١).

ويزيد ظالم غشوم بلا شبهة ، فيشمله اللعن الوارد في الآية ، بل هو من أتم مصاديق الظالم ، والله العالم.

وقد تبين لك ـ بما قررنا ـ أن الآيات بإطلاقها وعمومها تدل على جواز لعن هذا اللعين وأضرابه من الفاسقين ، كما ذهب إليه الإمام أحمد وغيره من جهابذة المحققين.

هذا ، وقد دلت السنة المطهرة أيضا على جواز لعنه يزيد ـ لعنه الله ـ وهي أحاديث :

منها : قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) لعلي وفاطمة والحسنين (عليهم‌السلام) : «أنا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم».

أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة (٢) ، وروى الترمذي عن زيد بن أرقم : «أنا حرب لمن حاربتم ، وسلم لمن سالمتم» (٣).

وقد دل الحديث على أن محاربة الحسين (عليه‌السلام) محاربة لجده

__________________

(١) سورة الأعراف ٧ : ٤٤.

(٢) مسند أحمد ٢ / ٤٤٢.

(٣) سنن الترمذي ٥ / ٦٥٦ ح ٣٨٧٠.


المصطفى (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، وهو كفر بالإجماع ، فيكون فاعله مستحقا للعن والعذاب الأليم.

ومنها : قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «ستة لعنتهم ، لعنهم الله وكل نبي مجاب : الزائد في كتاب الله ، والمكذب بقدر الله تعالى ، والمتسلط بالجبروت فيعز من أذل الله ويذل من أعز الله ، والمستحل لحرم الله ، والمستحل من عترتي ما حرم الله ، والتارك لسنتي» ، رواه الحاكم عن عائشة (١).

قال المناوي في قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) «والمستحل من عترتي ما حرم الله» : يعني من فعل بأقاربي ما لا يجوز فعله من إيذائهم أو ترك تعظيمهم ، فإن اعتقد حله فكافر ، وإلا فمذنب.

قال : وخص الحرم والعترة باللعن لتأكد حق الحرم والعترة وعظم قدرهما بإضافتهما إلى الله وإلى رسوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم). انتهى (٢).

قلت :

لا يرتاب من كان له مثقال حبة من خردل من إنصاف في أن يزيد ومن خرج لقتال الحسين (عليه‌السلام) إنما استحلوا منه ما حرم الله ، فهم كفرة بمقتضى هذا الحديث ، وعلى فرض التنزل فإنهم فسقة مذنبون ، فاللعن مسجل عليهم على كلا التقديرين ، والله تعالى أعلم.

ومنها : قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «من أخاف أهل المدينة أخافه الله عزوجل ، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٢ / ٥٧٢ ح ٣٩٤١ ، مجمع الزوائد ١ / ١٧٦ ، فضائل الخمسة ٣ / ٣٤٩ ـ ٣٥٠.

(٢) فيض القدير ٤ / ٩٦.


ولا عدلا» ، رواه أحمد ومسلم (١).

وأخرج الطبراني (٢) من حديث السائب بن خلاد عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، قال : «اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه ، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا» ، ورواه الطبراني أيضا في الأوسط والكبير عن عبادة بن الصامت بإسناد جيد ـ كما قال الحافظ المنذري (٣) ـ.

وأخرج الطبراني في المعجم الكبير عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) قال : «من آذى أهل المدينة آذاه الله ، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه صرف ولا عدل» (٤).

قال الإمام أحمد : أليس قد أخاف أهل المدينة؟! (٥).

قلت :

لا خلاف أن يزيد ـ لعنه الله ـ أخاف أهل المدينة وظلمهم وآذاهم ، وذلك في وقعة الحرة ، وما أدراك ما وقعة الحرة!

ذكرها الحسن البصري مرة فقال : والله ما كاد ينجو منهم ، قتل فيها خلق من الصحابة ومن غيرهم.

__________________

(١) مسند أحمد ٤ / ٥٥ و ٥٦ ، صحيح مسلم ٤ / ١١٤ و ١١٥ ، مجمع الزوائد ٣ / ٣٠٦.

(٢) المعجم الكبير ٧ / ١٤٤ ح ٦٦٣٦ ، مجمع الزوائد ٣ / ٣٠٧ ، كنز العمال ١٢ / ٢٤٦ ح ٣٤٨٨٤ ، علل الحديث ـ لأبي حاتم الرازي ـ : ٧٨٧ و ٢٦٠٥ ، الترغيب والترهيب ٢ / ٢٣٣ ـ ٢٣٥.

(٣) الترغيب والترهيب ٢ / ٢٣٢ ، المعجم الأوسط ح ٣٦١٣.

(٤) الترغيب والترهيب ٢ / ٢٤١.

(٥) الرد على المتعصب العنيد : ٦١.


وحكى المدائني في كتاب الحرة عن الزهري ، قال : كان القتلى يوم الحرة سبعمائة من وجوه الناس من قريش والأنصار والمهاجرين ووجوه الموالي ، وأما من لم يعرف من عبد أو حر أو امرأة فعشرة آلاف ، وخاض الناس في الدماء حتى وصلت الدماء إلى قبر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) وامتلأت الروضة والمسجد.

قال مجاهد : التجأ الناس إلى حجرة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ومنبره والسيف يعمل فيهم. انتهى (١).

وأبيحت المدينة أياما بأمر يزيد لعنه الله ـ كما قال الحافظ ابن حجر (٢) ـ وبطلت الجماعة من المسجد النبوي أياما ، واختفت أهل المدينة أياما ، فلم يمكن أحدا دخول مسجدها حتى دخلته الكلاب والذئاب وبالت على منبره (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، وافتض فيها نحو ألف بكر ، وحمل فيها من النساء اللاتي لا أزواج لهن نحو من ألف امرأة ، وقيل : عشرة آلاف امرأة ، وكان الرجل بعد ذلك إذا زوج ابنته لا يضمن بكارتها ، ويقول : لعلها افتضت في وقعة الحرة.

ولم يرض مسلم بن عقبة المري ـ أمير ذلك الجيش ـ إلا بأن يبايعوه ليزيد على أنهم خول له ، إن شاء باع وإن شاء أعتق ، فذكر له بعضهم البيعة على كتاب الله وسنة رسوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) فضرب عنقه.

ثم سار الجيش إلى قتال ابن الزبير ، فرموا الكعبة بالمنجنيق وأحرقوها بالنار.

فأي شئ أعظم من هذه العظائم الموبقة التي وقعت في إمرته ناشئة

__________________

(١) الرد على المتعصب العنيد : ٥٥ ، تذكرة الخواص : ٢٨٩.

(٢) فتح الباري ١٣ / ٧٥ ، تهذيب التهذيب ٦ / ٢٢٧ ، الإتحاف بحب الأشراف : ٦٥ ـ ٦٦.


عنه؟! (١) وهو الذي كان قد سير ذلك الجيش إلى أهل المدينة لما خرجوا عليه وخلعوه ، فأمرهم بقتالهم ثم المسير إلى مكة لقتال ابن الزبير.

أخرج أبو بكر بن أبي خيثمة بسند صحيح ـ كما قال الحافظ ابن حجر (٢) ـ إلى جويرية بن أسماء ، قال : سمعت أشياخ أهل المدينة يتحدثون أن معاوية لما احتضر دعا يزيد ، فقال له : إن لك من أهل المدينة يوما ، فإن فعلوا فارمهم بمسلم بن عقبة فإني عرفت نصيحته.

وأخرج الطبراني نحو ذلك عن محمد بن سعيد بن رمانة.

وقال ابن سعد في الطبقات : كان مروان بن الحكم ـ اللعين ابن اللعين ـ يحرض مسلم بن عقبة على أهل المدينة ، فبلغ يزيد فشكر مروان وقربه وأدناه ووصله (٣).

وقال المهنا بن يحيى : سألت أحمد عن يزيد بن معاوية ، فقال : هو الذي فعل بالمدينة ما فعل.

قلت : وما فعل؟

قال : قتل من أصحاب رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) وفعل.

قلت : وما فعل؟

قال : نهبها (٤).

قال العلامة البدخشاني (٥) : يظهر من هذه الطامة الكبرى من وقعة الحرة

__________________

(١) مجموع فتاوى ابن تيمية ٤ / ٤٨١ ، الصواعق المحرقة : ٢٢١.

(٢) فتح الباري ١٣ / ٧٦.

(٣) الرد على المتعصب العنيد : ٥٥ ، تذكرة الخواص : ٢٨٩.

(٤) الرد على المتعصب العنيد : ١٣ ، سؤال في يزيد بن معاوية : ١٢٧ ، رأس الحسين : ٢٠٥ ، الوصية الكبرى : ٥٤ ، قيد الشريد : ٧٥.

(٥) نزل الأبرار : ٩٨ ، قيد الشريد : ٥٣ ـ ٥٤.


التي وقعت بالمدينة في آخر إمرة يزيد ـ وهي مشهورة ـ مزيد شقاوته وخذلانه ، ويتحقق أنه لم يندم على ما صدر منه ـ يعني من قتل الحسين (عليه‌السلام) وأصحابه وسبي الذرية الطاهرة ـ بل كان مصرا على ذنبه ، مستمرا في طغيانه إلى أن أقاد منه المنتقم الجبار ، وأوصله إلى دركات النار. انتهى.

قلت : وكل واحد من هذه الأمور يقتضي ـ بانفراده ـ جواز اللعن فكيف إذا اجتمعن؟! فإن جوازه حينئذ يكون آكد ، غير مشوب بشبهة.

ولنعم قول الآلوسي (١) : لو سلم أن الخبيث كان مسلما فهو مسلم جمع من الكبائر ما لا يحيط به نطاق البيان.

قال : وأنا أذهب إلى جواز لعن مثله على التعيين ، ولو لم يتصور أن يكون له مثل من الفاسقين. انتهى.

هذا ، ومما يدل على جواز لعن هذا الفاسق الفاجر والمتهتك الماجن ، فسقه الذي لا يتصور له غاية ، وقد مر عن الغزالي أن الفسق من الصفات المقتضية للعن.

وليس على وجه البسيطة من ينكر فسق هذا اللعين وتماديه في الفجور إلا من كابر الحق والضرورة من أوليائه ، وهذا لا ينبغي التكلم معه ، بل حكى ابن حجر في الصواعق (٢) الاتفاق على فسقه.

وقال في الزواجر (٣) : إنه كان فاسقا سكيرا متهورا في الكبائر بل فواحشها.

__________________

(١) روح المعاني ٢٦ / ٧٣.

(٢) الصواعق المحرقة : ٢٢٢.

(٣) الزواجر عن اقتراف الكبائر ٢ / ٦٠.


وقال في (شرح الهمزية) (١) : إن يزيد قد بلغ من قبائح الفسق والانحلال عن التقوى مبلغا لا يستكثر عليه صدور تلك القبائح منه ، بل قال الإمام أحمد بن حنبل بكفره ، وناهيك به علما وورعا يقضيان بأنه لم يقل ذلك إلا لقضايا وقعت منه صريحة في ذلك. انتهى.

وأخرج الواقدي من طرق أن عبد الله بن الغسيل قال : والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء ، إنه رجل ينكح أمهات الأولاد والبنات والأخوات ، ويشرب الخمر ، ويدع الصلاة (٢).

وأنت إذا تأملت شهادات هؤلاء الأئمة ، لأذعنت بأن جواز اللعن لا ينبغي أن يكون مختلفا فيه بين الأمة ، لأن فسق هذا الوغد قد بلغ في الاشتهار مبلغ الشمس في رائعة النهار.

وإذا أحطت علما بما أسلفنا ، فحري أن نذكر طرفا من فتاوى أكابر العلماء والفقهاء في هذه المسألة ، ليرسخ الحق في قلبك رسوخا ، وتلفي الباطل زائلا منسوخا (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون) (٣) فنقول ـ والله المستعان ـ :

قال الكيا الهراسي ـ فيما حكاه الكمال الدميري (٤) ـ : إن لكل واحد من أبي حنيفة ومالك وأحمد في لعن يزيد قولين ، تصريح وتلويح.

وقال القاضي أبو الحسين محمد بن القاضي أبي يعلى بن الفراء الحنبلي ـ وقد صنف كتابا فيه بيان من يستحق اللعن وذكر فيهم يزيد ـ :

__________________

(١) المنح المكية في شرح الهمزية : ٢٢٠ ـ ٢٢١ ، الإتحاف بحب الأشراف : ٦٨.

(٢) الرد على المتعصب العنيد : ٥٤ ، تاريخ الخلفاء : ٢٠٩.

(٣) سورة الأنبياء ٢١ : ١٨.

(٤) حياة الحيوان ٢ / ١٧٥.


الممتنع من لعن يزيد إما أن يكون غير عالم بجواز ذلك ، أو منافقا يريد أن يوهم بذلك ، وربما استفز الجهال بقوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «المؤمن لا يكون لعانا» ، وهذا محمول على من لا يستحق اللعن. انتهى (١).

وقال ناصر السنة أبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي في كتابه الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد (٢) : أجاز العلماء الورعون لعنه ، منهم الإمام أحمد بن حنبل ، وقد ذكر أحمد في حق يزيد ما يزيد على اللعنة. انتهى.

وهذا يدل على أن جواز لعن يزيد بن معاوية ـ لعنهما الله تعالى ـ هو المفتى به عند علماء المذاهب ، وينبغي أن يكون كذلك.

وقال أبو المعالي جمال الدين ابن الآلوسي الشافعي في (صب العذاب) (٣) : اتفق الأجلة على جواز لعنه ، لأفعاله القبيحة ، وتطاوله على العترة الطاهرة. انتهى.

فأما الحنفية :

فالذي وقفنا عليه من فتاوى أئمتهم جواز اللعن بالتخصيص والتنصيص.

قال في الوهبانية (٤) :

ولعن يزيد جوزوا لفجوره

وحجاج ، لكن ينبغي الكفر سطروا

وقال حافظ الدين الكردي الحنفي في (فتاواه) : لعن يزيد يجوز ، لكن ينبغي أن لا يفعل ، وكذا الحجاج. انتهى (٥).

__________________

(١) الرد على المتعصب العنيد : ١٩ ، تذكرة الخواص : ٢٨٧ ـ ٢٨٨.

(٢) الرد على المتعصب العنيد : ١٣.

(٣) صب العذاب على من سب الأصحاب : ٤٥٣ ـ ٤٥٥.

(٤) الدر المنتقى ـ المطبوع بهامش مجمع الأنهر ـ ١ / ٦٩٢.

(٥) فيض القدير ١ / ٢٠٥.


ولم يظهر لي وجه تركه ، ولعله بعض ما يأتي من شبه الشافعية ، لكنها مفندة كما ستعرف إن شاء الله تعالى.

وظاهر صنيع سبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرة الخواص جواز لعن يزيد ـ لعنه الله ـ حيث عقد في كتابه فصلا لذلك (١) ، ساق فيه شطرا مما في كتاب جده أبي الفرج ابن الجوزي وزاد عليه أشياء.

وقال العلامة البدخشاني الحنفي في نزل الأبرار (٢) : العجب من جماعة يتوقفون في أمره [يعني يزيد] ويتنزهون عن لعنه ، وقد أجازه كثير من الأئمة منهم ابن الجوزي ، وناهيك به علما وجلالة. انتهى.

وقال الشيخ العلامة أبو الثناء شهاب الدين محمود بن عبد الله الآلوسي الحنفي البغدادي ـ مفتي بغداد ـ : أنا أذهب إلى جواز لعن مثله على التعيين ، ولو لم يتصور أن يكون له مثل من الفاسقين ، والظاهر أنه لم يتب ، واحتمال توبته أضعف من إيمانه.

قال : ويلحق به ابن زياد وابن سعد وجماعة ، فلعنة الله عزوجل عليهم أجمعين وعلى أنصارهم وأعوانهم وشيعتهم ومن مال إليهم إلى يوم الدين ما دمعت عين على أبي عبد الله الحسين (عليه‌السلام).

قال : ويعجبني قول شاعر العصر ، ذي الفضل الجلي ، عبد الباقي أفندي العمري الموصلي ـ وقد سئل عن لعن يزيد اللعين ـ :

يزيد على لعني عريض جنابه

فأغدو به طول المدى ألعن اللعنا (٣)

قلت : ويعجبني قوله ـ ولله دره ـ في الباقيات الصالحات (٤) :

__________________

(١) راجع تذكرة الخواص : ٢٨٦ ـ ٢٩٢.

(٢) نزل الأبرار : ٩٨.

(٣) روح المعاني ٢٦ / ٧٣.

(٤) الباقيات الصالحات : ١٧.


يزيد غيظي كلما ذكرتهم

فألعن الذي لها قد أشعبا

إلى يزيد دون إبليس إذا

ما سئل اللعن انتمى وانتسبا

نقطع في تكفيره إن صح ما

قد قال للغراب لما نعبا

واحربا يا آل حرب منكم

يا آل حرب منكم واحربا

هذا ، ولم أقف على من خالف من الحنفية في جواز لعن ابن ميسون إلا ما حكاه الشيخ زين الدين قاسم بن قطلوبغا الحنفي في حاشية المسايرة (١) عن صاحب الخلاصة أنه قال : لا ينبغي اللعن عليه ولا على الحجاج ، لأن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) نهى عن لعن المصلين ومن كان من أهل القبلة.

قال : وما نقل من لعن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) لبعض من أهل القبلة فلما أنه يعلم من أحوال الناس ما لا يعلمه غيره. انتهى.

وفيه : أن النهي مقصور على من لم يتلبس من المصلين وأهل القبلة بما يوجب اللعن من بدعة أو فسق ، فهذا داخل في من نهي عن لعنه ، ولا يجوز لعنه بالاتفاق ، وأما المتدنس منهم بما يقتضي اللعن فلعنه سائغ ، وهذا هو القدر المتيقن من النهي ، وما زاد عليه يحتاج إلى دليل ، ولا دليل البتة.

على أنك قد عرفت في ما مضى أن يزيد لم يك من المصلين ولا من أهل القبلة فهو كافر ـ كما أفتى بذلك بعض العلماء ، وهو الحق الذي لا يعتريه ريب ـ فلا يكون داخلا في من نهي عن لعنه ، أي فهو خارج عن مورد النهي تخصصا ، والله أعلم.

وأما لعنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) لبعض من أهل القبلة فهو يقتضي جوازه لنا أيضا ،

__________________

(١) حاشية المسايرة : ٢٧٣ ، قيد الشريد : ٦٩.


لاشتراك سائر المكلفين معه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) في الأحكام بالإجماع ، إلا ما خرج بالدليل ، ولا دليل هنا على الاستثناء.

وما اعتل به صاحب الخلاصة للتفريق غير تام ، لأن الأحكام الشرعية إنما تترتب على موضوعاتها بعد إحرازها ظاهرا ، حتى حكمه وقضاؤه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، ولو كان العبرة في ترتب الأحكام بنفس الأمر لما ثبت حد ولا حق ، ولا استقر حجر على حجر ، لعدم الوقوف على الواقع دائما ـ كما لا يخفى على ذي فقه ، فتأمل.

وأما المالكية :

فقد مر عن الكيا الهراسي أن لمالك في المسألة قولين ، تصريح وتلويح.

وقال ابن عبد البر المالكي في التمهيد (١) : الأصح هو أن نقول : بأن يزيد لو أمر بقتل الحسين أو رضي به فإنه يجوز اللعن عليه ، وإلا فلا.

قلت : سيأتي إن شاء الله تعالى بيان أمر يزيد بقتل الحسين (عليه‌السلام) ورضاه بذلك.

وقال العلامة الأجهوري : اختار الإمام محمد بن عرفة والمحققون من أتباعه كفر الحجاج ، ولا شك أن جريمته كجريمة يزيد ، بل دونها (٢).

وقد أعظم أبو بكر بن العربي المالكي الفرية ، فزعم في كتابه العواصم من القواصم (٣) أن الحسين (عليه‌السلام) قتل بسيف جده (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم)!

__________________

(١) إتحاف السادة المتقين ٧ / ٤٩١.

(٢) الإتحاف بحب الأشراف : ٦٧.

(٣) العواصم من القواصم : ٢٣٢.


وله من الجهلة متابعون على ذلك (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) (١).

وقد أنكر العلماء عليه ذلك واستقبحوه منه ، وعدوه غضا على أهل البيت (عليهم‌السلام) ، فقال ابن خلدون : هو غلط حملته عليه الغفلة عن اشتراط الإمام العادل.

قال : ومن أعدل من الحسين (عليه‌السلام) في زمانه في إمامته وعدالته في قتال أهل الآراء. انتهى (٢).

وقال ابن حجر المكي في المنح المكية (٣) : قول بعضهم : لا ملام على قتلة الحسين (عليه‌السلام) ، لأنهم إنما قتلوه بسيف جده الآمر بسله على البغاة وقتالهم ، لا يعول عليه ، لأن يزيد لم تنعقد بيعته عند الحسين وغيره ممن لم يبايعوه ، والمبايعون له مكرهون على البيعة ـ كما هو معروف ـ. انتهى.

وقال الشوكاني في نيل الأوطار (٤) : ولقد أفرط بعض أهل العلم كالكرامية ومن وافقهم حتى حكموا بأن الحسين السبط رضي‌الله‌عنه وأرضاه باغ على الخمير السكير الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية لعنهم الله.

فيا لله العجب من مقالات تقشعر منها الجلود ، ويتصدع من سماعها كل جلمود. انتهى.

وقال العلامة الآلوسي (٥) : لهذا القاضي ـ يعني ابن العربي ـ حكم

__________________

(١) سورة الكهف ١٨ : ٥.

(٢) مقدمة ابن خلدون : ٢١٧.

(٣) المنح المكية في شرح الهمزية : ٢٢٢.

(٤) نيل الأوطار ٧ / ١٩٩.

(٥) روح المعاني ٢٢ / ٥٧.


مشهور في أمر الحسين رضي الله تعالى عنه ولعن من رضي بقتله ، لا يرتضيه إلا يزيد ، زاد الله عزوجل عليه عذابه الشديد.

وقال أيضا : ذلك لعمري هو الضلال البعيد ، الذي يكاد يزيد على ضلال يزيد (١).

وأما الشافعية :

فقد اختلفوا في لعن يزيد ، فذهب قوم إلى جوازه وصرحوا بلعنه ، وذهب آخرون إلى حظره ، وبالغوا في تحريمه ومنعه.

قال الشيخ الإمام الفقيه أبو الحسن عماد الدين علي بن محمد الطبري الشافعي المشهور بالكيا الهراسي ـ وكان من رؤوس معيدي إمام الحرمين الجويني ـ في جواب من سأله عن يزيد بن معاوية ، هل هو من الصحابة أم لا ، وهل يجوز لعنه أم لا؟ : إنه لم يكن من الصحابة ، لأنه ولد في أيام عثمان.

وأما قول السلف ، ففيه لكل واحد من أبي حنيفة ومالك وأحمد قولان ، تصريح وتلويح ، ولنا قول واحد التصريح دون التلويح.

قال : وكيف لا يكون كذلك وهو المتصيد بالفهد واللاعب بالنرد ومدمن الخمر ، ومن شعره في الخمر قوله :

أقول لصحب ضمت الكأس شملهم

وداعي صبابات الهوى يترنم

خذوا بنصيب من نعيم ولذة

فكل وإن طال المدى يتصرم

قال كمال الدين الدميري الشافعي (٢) ـ بعد حكاية ذلك عنه ـ : وكتب

__________________

(١) روح المعاني ٢٦ / ٧٤.

(٢) حياة الحيوان ٢ / ١٧٥ ـ ١٧٦.


فصلا طويلا أضربنا عن ذكره ، ثم قلب الورقة وكتب : ولو مددت ببياض لأطلقت العنان وبسطت الكلام في مخازي هذا الرجل. انتهى.

وقال العلامة سعد الدين التفتازاني الشافعي في شرح العقائد النسفية (١) : الحق أن رضا يزيد بقتل الحسين (عليه‌السلام) واستبشاره به ، وإهانته أهل بيت النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) مما تواتر معناه وإن كانت تفاصيله آحادا ، فنحن لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه ، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه. انتهى.

وقال في شرح المقاصد (٢) : وأما ما جرى بعدهم ـ يعني الصحابة ـ من الظلم على أهل بيت النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) فمن الظهور بحيث لا مجال للإخفاء ، ومن الشناعة بحيث لا اشتباه على الآراء ، إذ تكاد تشهد به الجماد والعجماء ، ويبكي له من في الأرض والسماء ، وتنهد منه الجبال ، وتنشق الصخور ، ويبقى سوء عمله على كر الشهور ومر الدهور ، فلعنة الله على من باشر ، أو رضي ، أو سعى ، (ولعذاب الآخرة أشد وأبقى) (٣).

فإن قيل : فمن علماء المذهب من لا يجوز اللعن على يزيد ، مع علمهم بأنه يستحق ما يربو على ذلك ويزيد.

قلنا : تحاميا عن أن يرتقى إلى الأعلى فالأعلى ، وإلا فمن يخفى عليه الجواز والاستحقاق ، وكيف لا يقع عليهما الاتفاق.

قال : وهذا هو السر في ما نقل عن السلف من المبالغة في مجانبة أهل الضلال ، وسد طريق لا يؤمن أن يجر إلى الغواية في المآل ، مع علمهم بحقيقة الحال وجلية المقال. انتهى.

__________________

(١) شرح العقائد النسفية : ١٨١.

(٢) شرح المقاصد ٥ / ٣١١.

(٣) سورة طه ٢٠ : ١٢٧.


وقد دل كلامه هذا على أن مذهب علماء الشافعية أيضا جواز لعن يزيد ـ لعنه الله ـ وإن منع منه بعضهم في الظاهر تشبثا بما هو أوهن من بيت العنكبوت.

وسئل الكمال ابن أبي شريف الشافعي عن لعن الحجاج ولعن يزيد ابن معاوية قاتل الحسين بن علي (عليهما‌السلام) ، فقال : الأولى الإمساك عن ذلك بالنسبة إلى من لم يثبت عنده ذلك قطعا ، إذ لا حظر في الإمساك عن لعن إبليس فضلا عن غيره (١). انتهى.

قلت :

أي فيجوز اللعن عليه بالنسبة لمن ثبت عنده ذلك ، وهذا قريب من قول ابن عبد البر ، وأما من لم يثبت عنده ذلك ، فظني أنه كالنادر المعدوم ، وسيأتي إثبات ذلك إن شاء الله تعالى.

وأما قوله : «إذ لا حظر في الإمساك عن لعن إبليس» فهي شبهة عرضت لقوم من الشافعية ، وسنبين لك ـ إن شاء الله ـ وهنها وسقوطها.

وصرح شيخ الإسلام جلال الدين السيوطي الشافعي بلعن يزيد ـ لعنه الله ـ فقال في تاريخ الخلفاء (٢) : لعن الله قاتله ـ يعني حسينا (عليه‌السلام) ـ وابن زياد معه ويزيد أيضا. انتهى.

ونقل شرف الدين المناوي الشافعي في فيض القدير (٣) عن ابن الكمال ، قال : حكي عن الإمام قوام الدين الصفاري : لا بأس بلعن يزيد.

__________________

(١) الإتحاف بحب الأشراف : ٦٧.

(٢) تاريخ الخلفاء : ٢٠٧.

(٣) فيض القدير ١ / ٢٠٥.


قال المناوي : ثم قال المولى ابن الكمال : والحق أن لعن يزيد ـ على اشتهار كفره وتواتر فظاعته وشره على ما عرف بتفاصيله ـ جائز. انتهى.

وصرح الشيخ العلامة أبو البركات شمس الدين محمد بن أحمد الدمشقي الباعوني الشافعي في كتابه جواهر المطالب (١) بلعن يزيد وشمر وسنان بن أبي أنس وخولي بن يزيد بن حمير لعنهم الله.

هذا ، وقد خالف في ذلك جمع من الشافعية ، منهم الغزالي وابن الصلاح الشهرزوري وابن حجر المكي وآخرون ، فينبغي أولا بيان حجتهم على ذلك ، ثم الخوض في دحضها ودفعها ، مستعينين بالله تعالى.

قال الغزالي في (الإحياء) (٢) : فإن قيل : هل يجوز لعن يزيد لأنه قاتل الحسين (عليه‌السلام) أو آمر به؟

قلنا : هذا لم يثبت أصلا ، فلا يجوز أن يقال إنه قتله أو أمر به ما لم يثبت ، فضلا عن اللعنة ، لأنه لا تجوز نسبة مسلم إلى كبيرة من غير تحقيق.

قال : وعلى الجملة ، ففي لعن الأشخاص خطر فليجتنب ، ولا خطر في السكوت عن لعن إبليس ـ مثلا ـ فضلا عن غيره. انتهى.

وقال أيضا في بعض فتاواه (٣) : لا يجوز لعن المسلم أصلا ، ومن لعن مسلما فهو الملعون ، ويزيد صح إسلامه وما صح قتله الحسين (عليه‌السلام) ولا أمر به ولا رضيه ، ومهما لا يصح ذلك منه لا يجوز أن يظن ذلك به ، فإن إساءة الظن بالمسلم حرام.

قال : ومن زعم أن يزيد أمر بقتل الحسين (رضي‌الله‌عنه) أو رضي به فينبغي أن

__________________

(١) جواهر المطالب ٢ / ٢٦٩ و ٢٧٠ و ٢٧١ و ٢٧٢ و ٢٨٨ و ٢٨٩ و ٢٩٠ و ٢٩٣.

(٢) إحياء علوم الدين ٣ / ١٠٨.

(٣) سؤال في يزيد بن معاوية : ٣٣ ـ ٣٥ ، حياة الحيوان ٢ / ١٧٦.


يعلم به غاية الحمق.

قال : وأما الترحم عليه فجائز ، بل هو مستحب ، بل داخل في قولنا في كل صلاة : اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، فإنه كان مؤمنا. انتهى.

قلت :

هذا كلام من لم يمعن نظره في أدلة السنة وآيات الكتاب ، ولم يقف على سيرة المسلمين في هذا الباب ، وإلا لما كبا مثل هذه الكبوة ، ولا هفا نحو هذه الهفوة (ومن يضلل الله فما له من هاد) (١).

فأما قوله : «ففي لعن الأشخاص خطر فليجتنب» فإنها كلمة حق أراد بها باطلا ، وذلك من عجائب تمويهاته ، وغرائب شطحاته ، إذ أن الخطر إنما يكون في لعن غير كافر أو فاسق أو مبتدع ومن سواهم ممن يستحق اللعن ـ كما لا يخفى ـ.

وقد قلده في ذلك جماعة ممن حظروا لعن يزيد بن معاوية ـ لعنهما الله تعالى ـ فلا بد من تنقيح الكلام في هذا المقام ، ليسفر الحق جليا كالبدر في ليلة التمام.

إعلم : أن العامة اختلفوا في جواز لعن من يستحق اللعن على التعيين ، فأجازه قوم ومنعه آخرون ، والأول هو الحق المؤيد بالأحاديث والآثار والسيرة.

فمما يتعلق به في ذلك حديث الصحيحين : «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت ، فبات غضبان عليها ، لعنتها الملائكة حتى تصبح» (٢).

__________________

(١) سورة الرعد ١٣ : ٣٣ ، سورة غافر ٤٠ : ٣٣.

(٢) صحيح البخاري ٤ / ١٤١ كتاب بدء الخلق باب ٧ ، صحيح مسلم ٢ / ١٠٦٠ ح ١٤٣٦ باب تحريم امتناع المرأة من فراش زوجها ، وفيه «فلم تأته» بدل «فأبت».


قال الحافظ شيخ الإسلام شهاب الدين أبو الفضل ابن حجر العسقلاني الشافعي في فتح الباري (١) : احتج به شيخنا الإمام البلقيني على جواز لعن المعين.

قال : وقد توقف فيه بعض من لقيناه بأن اللاعن لها الملائكة ، فيتوقف الاستدلال به على جواز التأسي بهم ، وعلى التسليم فليس في الخبر تسميتها.

قال ابن حجر : والذي قاله شيخنا أقوى ، فإن الملك معصوم ، والتأسي بالمعصوم مشروع ، والبحث في جواز لعن المعين وهو الموجود. انتهى.

قلت : وقد حكى الجواز أيضا عن المهلب بن أبي صفرة (٢).

وقال الإمام محيي الدين النووي الشافعي في الأذكار (٣) : وأما لعن الإنسان بعينه ممن اتصف بشئ من المعاصي كيهودي أو زان أو مصور أو سارق أو آكل ربا ، فظواهر الأحاديث أنه ليس بحرام. انتهى.

وقال ابن حجر الهيتمي المكي الشافعي في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر (٤) : لو استدل لذلك بخبر مسلم : أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) مر بحمار وسم في وجهه ، فقال : «لعن الله من فعل هذا» ، لكان أظهر ـ أي مما ذكره البلقيني ـ إذ الإشارة بقوله : «هذا» صريحة في لعن معين ، إلا أن يؤول بأن المراد جنس فاعل ذلك لا هذا المعين ، وفيه ما فيه. انتهى.

وقال العراقي في طرح التثريب (٥) : أما الدعاء على أهل المعاصي

__________________

(١) فتح الباري ١٢ / ٧٨ ، روح المعاني ١٨ / ١٢٨.

(٢) فتح الباري ٨ / ٢٠٦.

(٣) الأذكار : ٣٤٧ ، فتح الباري ١٢ / ٧٧ ، طرح التثريب ١ / ٢٩٢.

(٤) الزواجر عن اقتراف الكبائر ٢ / ٦٠.

(٥) طرح التثريب في شرح التقريب ١ / ٢٩٢.


ولعنهم من غير تعيين فلا خلاف في جوازه ، وأما مع التعيين فوقع كثيرا في الأحاديث كقوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «اللهم لا تغفر لمحكم بن جثامة» ، ثم ذكر قول النووي ، وقال : وقد يقال : هذا من خواصه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، لقوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «اللهم إني اتخذت عندك عهدا أيما مسلم سببته أو لعنته وليس لها بأهل فاجعلها له صلاة» .. الحديث ، وهذا ليس لغيره (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم). انتهى.

قلت : دعوى الخصوصية مدفوعة بأن الحديث من مرويات أبي هريرة الدوسي ، ذلك الدجال الوضاع ، وهذا كاف في سقوط الاحتجاج به.

وإذا الفرية في آفاقنا ذكرت

فإنما به فينا يضرب المثل

وأيضا : فإن لعن من لا يستحق اللعن ، وكذا الجلد والسب والإيذاء بالنسبة لمن لا يستحق ذلك مما لا يجوز على الأنبياء (عليهم‌السلام) مطلقا ، ولذا قال العلامة الحفني في حاشية الجامع الصغير (١) : هذا تواضع منه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، وإلا فهو معصوم ، فما وقع منه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) من لعن أو شتم أو جلد فهو لمستحق ذلك. انتهى.

وقد بسط سيدنا الإمام العلامة الشريف ابن شرف الدين العاملي رحمه‌الله تعالى في بعض كتبه (٢) الكلام في تفنيد هذا الحديث وتزييفه ، فحقيق ببغاة الحق الوقوف عليه ، والله المستعان.

ومما يدل على جواز لعن المعين ما ثبت عنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) من لعن طريده الحكم بن أبي العاص ـ والد مروان ـ وما ولد (٣) ولعن أبي سفيان ومعاوية

__________________

(١) حاشية الحفني على الجامع الصغير ١ / ٣٢٨ ، المطبوعة مع «السراج المنير» ـ للعزيزي ـ ط مكتبة البابي الحلبي ، الطبعة الثالثة سنة ١٣٧٧ ه.

(٢) أبو هريرة : ٩١ ـ ٩٩.

(٣) فتح الباري ١٣ / ١٣ ، حياة الحيوان ٢ / ٤٢٢ ، تاريخ الخلفاء : ٢٠٣ ، الإستيعاب


ابن أبي سفيان ، وسهيل بن عمرو ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة وأبي الأعور السلمي (١).

وهؤلاء قد ماتوا ـ عند القوم ـ على ظاهر الإسلام ومع ذلك فقد لعنوا على لسان سيد المرسلين وخاتم النبيين صلى الله وسلم عليه وعلى آله أجمعين ، فلنا التأسي به في ذلك ، والله أعلم.

وكان علي (عليه‌السلام) إذا صلى الغداة يقنت ، فيقول : «اللهم العن معاوية وعمرا وأبا الأعور وحبيبا وعبد الرحمن بن خالد والضحاك بن يزيد والوليد» ـ كما نقله ابن الأثير (٢) وغيره ـ.

وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي : أن عليا (عليه‌السلام) قنت في الوتر فدعا على ناس وعلى أشياعهم (٣).

ولعن علي (عليه‌السلام) عبد الله بن الزبير يوم قتل عثمان ، إذ لم يدافع عنه (٤).

وقد قال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «علي مع الحق والحق مع علي ، يدور معه حيثما دار» (٥).

__________________

١ / ٣١٧ ، أسد الغابة ٢ / ٣٨ ، الإصابة ١ / ٣٤٥ ـ ٣٤٦ ، فضائل الخمسة من الصحاح الستة ٣ / ٣٨٠ ـ ٣٨٥.

(١) النصائح الكافية : ٢٧ ـ ٣٠ ، السبعة من السلف من الصحاح الستة : ١٨٥ ـ ١٨٦.

(٢) الكامل في التاريخ ٣ / ٣٣٣.

(٣) النصائح الكافية : ٢٦.

(٤) النصائح الكافية : ٣٠.

(٥) سنن الترمذي ٥ / ٥٩٢ ذيل ح ٣٧١٤ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٤ ح ٤٦٢٩ ، مناقب المغازلي : ٢٢٠ ، تاريخ بغداد ١٤ / ٣٢١ ، تاريخ دمشق ٢٠ / ٣٦١ و ٣٢ / ٤٤٨ ح ٩٠٢٢ و ٤٤٩ ح ٩٠٢٥ ، الرياض النضرة ١ / ٢٤٣ ح ٨٧ ، مجمع الزوائد ٧ / ٢٣٥ ، تفسير الرازي ١ / ٢١٠ ، البداية والنهاية ٧ / ٢٨٨ ، كنز العمال ١١ / ٦٢١ ح ٣٣٠١٨ ، فرائد السمطين ١ / ١٧٧ ح ١٣٩ ، ينابيع المودة ١ / ٢٧٠ ح


وقال الفخر الرازي : من اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب (عليه‌السلام) فقد اهتدى (١).

وقال أيضا : من اتخذ عليا إماما لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه (٢).

ولعن عمر بن الخطاب خالد بن الوليد حين قتل مالك بن نويرة ، ولعن عبد الله بن عمر ابنه بلالا ثلاثا ـ كما ذكره ابن عبد البر في كتاب العلم (٣) ـ.

وروى الهيثمي في مجمع الزوائد (٤) : أن عبد الله بن عمر لعن رجلا.

وكان الحسن البصري يلعن الحجاج ويدعو عليه ، وقال أيضا : لعنة الله على الفاسق ابن يوسف ـ يعني الحجاج لعنه الله ـ (٥).

وقال محمد بن الحسن الشيباني ـ صاحب أبي حنيفة ـ : سمعت أبا حنيفة يقول : لعن الله عمرو بن عبيد (٦).

وصح عن الإمام مالك أنه قال : لعن الله عمرو بن عبيد (٧).

ونقل البخاري في خلق أفعال العباد (٨) قال : قال وكيع : على المريسي ـ يعني بشرا ـ لعنه الله ، يهودي أو نصراني ، فقال له رجل : كان أبوه يهوديا

__________________

٣ ، فضائل الخمسة من الصحاح الستة ٣ / ١٢٢ ـ ١٢٤.

(١) التفسير الكبير ١ / ٢١٠.

(٢) التفسير الكبير ١ / ٢١٢.

(٣) النصائح الكافية : ٣٠.

(٤) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ٨ / ٧٢.

(٥) الرد على المتعصب العنيد : ٦٤ و ٧٢ و ٧٤.

(٦) النصائح الكافية : ٣٠.

(٧) النصائح الكافية : ٣٠.

(٨) خلق أفعال العباد : ١٢ ، النصائح الكافية : ٣١.


أو نصرانيا ، قال وكيع : عليه وعلى أصحابه لعنة الله.

ولعن بكر بن حماد والقاضي أبو الطيب وأبو المظفر الإسفرائيني وكثير غيرهم عمران بن حطان في ردهم المشهور على أبياته التي امتدح بها أشقى الأولين والآخرين ابن ملجم لعنه الله.

ولعن يحيى بن معين الحسين بن علي الكرابيسي الشافعي البغدادي ـ كما ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب (١) ـ.

وصرح الإمام الفقيه بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي الشافعي بلعن مسلم بن عقبة المري ، فقال : هتك مسلم لعنه الله الإسلام هتكا (٢).

ونقل الحافظ شمس الدين السخاوي الشافعي في الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ (٣) : أن الحافظ الزاهد نور الدين الهيثمي الشافعي ـ صاحب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ـ كان يبالغ في الغض من الولوي ابن خلدون ـ قاضي المالكية ـ لكونه بلغه أنه ذكر الحسين بن علي رضي الله عنهما في تاريخه ، وقال : قتل بسيف جده (٤).

قال السخاوي : قال شيخنا ـ يعني ابن حجر ـ : ولما نطق شيخنا ـ يعني الهيثمي ـ بهذه الكلمة أردفها بلعن ابن خلدون وسبه ـ وهو يبكي ـ.

وبالجملة : فما زالت سيرة المتشرعين من المسلمين ـ على مر العصور وكر الدهور ـ قائمة على لعن من يستحق اللعن من دون نكير ، حتى ظهرت شرذمة قليلون قالوا برأيهم ، ولم يتدبروا كتاب ربهم وسنة

__________________

(١) تهذيب التهذيب ١ / ٥٣٥ ، النصائح الكافية : ٣١.

(٢) إعلام الساجد بأحكام المساجد : ١٧٢.

(٣) الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ : ٧١.

(٤) قد عرفت في ما تقدم أن هذا كلام ابن العربي ـ قبحه الله وأخزاه ـ وإنما حكاه عنه ابن خلدون ورده.


نبيهم (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، ولا نظروا في سيرة أكابر الصحابة والتابعين ، وصلحاء المؤمنين من هذه الأمة.

وأي وزن يقام لقول يعارض السنة القطعية والسيرة الشرعية؟! والفقيه إنما يؤخذ من قوله ما لم يخالف فيه قواطع الأدلة ومحكماتها ، وإلا لم يجز التعويل عليه ولا الرجوع إليه ، ولقد أجاد من قال :

العلم قال الله قال رسوله

إن صح والإجماع فاجهد فيه

وحذار من نصب الخلاف جهالة

بين الرسول وبين قول فقيه

وأما تجويزهم لعن المستحق بالوصف دون التعيين ففيه :

أولا : أن ما تعلق به اللعن لا يخلو من ثلاث صور :

الأولى : أن يكون بلفظ «من» و «الذي» ونحوهما مما هو نص في العموم ، كقولنا : لعن الله من قتل الحسين (عليه‌السلام) ، ولعن الله الذي قتله ، وهذا يفيد استغراق الأفراد فردا فردا ، فيجوز لعن كل من قتل الحسين (عليه‌السلام) بشخصه على التعيين.

الثانية : أن يكون مفردا أو جمعا محلين باللام ، أما الجمع فلا كلام في إفادته العموم ، وأما المفرد فذهب تاج ابن السبكي في (جمع الجوامع) (١) إلى إفادته العموم على سبيل الاستغراق ما لم يتحقق عهد.

الثالثة : أن يكون مفردا أو جمعا مضافين ، كقولنا : لعن الله قاتل الحسين (عليه‌السلام) ، أو قتلته ، والعموم في ذلك ظاهر.

وبالجملة : فكل من دخل تحت عموم اللعن وتشخص في الخارج كان لعنه على التعيين جائزا ـ كما هو الحال في سائر العمومات ـ.

__________________

(١) جمع الجوامع بشرح المحلي : ١ / ٤١٢ ، ط دار الكتب العربية ـ مصر.


وثانيا : أنه قد تقرر في علم الميزان أن الكلي الطبيعي لا استقلال له بالوجود ، وإنما وجوده في ضمن أفراده وبتبعها ، فليس معنى قولنا : لعنة الله على الكافر والفاسق والمبتدع و ... إلى آخره ، إلا لعن أفراد ذلك الكلي ومصاديقه ، وإلا فلا معنى للعن الكلي نفسه.

فتحصل من ذلك جواز لعن يزيد وابن زياد وعمر بن سعد وشمر وغيرهم ، لأن كلا منهم فرد من أفراد كلي الكافر والفاسق والظالم و ... إلى آخره.

فلا مناص من الإذعان لجواز لعن المعين ، إذ المانعون يجيزونه في نفس الأمر ، وإن كانوا ينكرونه بألسنتهم ، بل إن تجويزهم اللعن بصيغة ومنعه بأخرى سفسطة ظاهرة ، والعبرة بحقائق الأمور ، ومن ثم قال الآلوسي (١) : من كان يخشى القال والقيل من التصريح بلعن ذلك الضليل ، فليقل : لعن الله من رضي بقتل الحسين (عليه‌السلام) ومن آذى عترة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) بغير حق ومن غصبهم حقهم ، فإنه يكون لاعنا له ـ يعني يزيد لعنه الله ـ لدخوله تحت العموم دخولا أوليا في نفس الأمر. انتهى.

وثالثا : أن اللعن الوارد في شأن مستحقه من الكفار والمنافقين والفسقة والظالمين وغيرهم من قبيل القضايا الحملية الحقيقية ، وهي التي حكم فيها على أفراد الموضوع المقدرة الوجود في الخارج ، كقولنا : كل إنسان حيوان ، على معنى أن كل ما لو وجد كان إنسانا فهو بحيث لو وجد كان حيوانا ، فالحكم على الأفراد المقدرة الوجود في الخارج ، سواء كانت موجودة في الخارج أو معدومة.

__________________

(١) روح المعاني ٢٦ / ٧٣ ـ ٧٤.


إذا تقرر هذا فاعلم : أن كل من قدر وجوده في الخارج متصفا بكفر أو نفاق أو فسق أو ... إلى آخره ، يجوز لعنه ، سواء كان موجودا في الخارج أو معدوما.

وبالجملة : فكلام الغزالي ومن تبعه في جواز لعن الجنس دون الشخص مما لا محصل له ـ كما عرفت ـ.

وأما قوله : «لا خطر في السكوت عن لعن إبليس ـ مثلا ـ فضلا عن غيره» ، فاعلم : أن هذا كلام شيخه إمام الحرمين الجويني الشافعي في مسألة وجوب الكف عما شجر بين الصحابة ، فأخذه هو وبعض من اغتر به وقلدوه فيه ، وليس مما يجوز التعويل عليه ، لظهور فساده ، وذلك أن صاحب هذه المقالة قد غفل عن أن اللعن طاعة يستحق عليها الثواب إذا وقعت على وجهها ، وقد ورد الشرع بذلك في آية اللعان ، فلو لم يكن الله سبحانه وتعالى يريد أن يتلفظ عباده باللعنة وأنه قد تعبدهم بها لما جعلها من معالم الشرع ، ولما كررها في مواضع كثيرة من كتابه العزيز على وجه أفاد أنه من أحب العبادات إليه ، وكفى به شرفا أنه سبحانه جعله وسيلة إلى إثبات النبوة وحجة على الجاحدين لها في المباهلة لنصارى نجران ، حيث قال عز من قائل : (ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) (١) ولذلك انقطعوا ولجأوا إلى الصلح وبذل الجزية ، ولم يجدوا إلى ترداد القول سبيلا.

ثم إن الإمساك عن لعن إبليس إن كان لعدم اعتقاد وجوبه ، فقد قيل : إن هذا كفر (٢) ، وإن لم يكن لذلك فالممسك مخطئ.

على أن بين الإمساك عن لعن إبليس ـ لعنه الله ـ وبين ترك لعن

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ٦١.

(٢) شرح نهج البلاغة ٢٠ / ١٥.


رؤوس الضلال من هذه الأمة ـ ومنهم يزيد لعنه الله ـ فرقا بينا ، وذلك أن أحدا من المسلمين لا يورث عنده الإمساك عن لعن إبليس شبهة في أمر إبليس ، والإمساك عن لعن يزيد وأضرابه يثير شبهة عند كثير من المسلمين في أمرهم ، وتجنب ما يورث الشبهة في الدين واجب ، فلهذا لم يكن الإمساك عن لعن إبليس نظيرا للإمساك عن لعن غيره من رؤوس الضلال ، فتنبه.

بل قد يكون اللعن واجبا وجزءا للإيمان إذا قصد به اللاعن البراءة من أعداء الله واقتصر عليه ، فكيف يقال : إن المكلف لو سكت عن لعن من جاز لعنه لم يكن عاصيا بالإجماع (١) ، إن هذا ـ والله ـ لمن عمى البصيرة ، وخبث الطوية وسوء السريرة ، نسأل الله السلامة من الخذلان.

وقد بلغ الغزالي من حنقه وحمقه أن زعم : أن الترحم على يزيد ـ لا رحمه‌الله ـ جائز ، بل مستحب ، بل داخل في قولنا : اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، فإنه كان مؤمنا. انتهى.

سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم.

لكل داء دواء يستطب به

إلا الحماقة أعيت من يداويها

وبه قال المتولي وصاحب الأنوار وغيرهما (٢) ممن حرموا لعن يزيد اللعين ، وقال ابن الصلاح الشهرزوري الشافعي في (فتاويه) (٣) : سب يزيد ولعنه ليس من شأن المؤمنين.

وهؤلاء ينبغي أن ينظموا في سلسلة أنصار يزيد ـ كما قال الشهاب الآلوسي (٤) ـ حشرهم الله معه ، وأذاقهم ما أذاقه ، آمين.

__________________

(١) حياة الحيوان ٢ / ١٧٦.

(٢) الصواعق المحرقة : ٢٢٣ ، قيد الشريد : ٦٢.

(٣) فتاوى ابن الصلاح : ٣٨.

(٤) روح المعاني ٢٦ / ٧٣.


فكيف تهوى الحسين وقد

أراك في لعن من عاداه مفتكرا

كذبت والله في دعوى محبته

تبت يداك ستصلى في غد سقرا

وأما قوله : «لم يثبت أصلا أن يزيد أمر بقتل الحسين (عليه‌السلام) أو رضي به» ، فإنه ـ ورب الكعبة ـ لكلام من هو حري بلقب حجة بني أمية اللئام ، لا حجة الإسلام ، بل لو ذرفت العيون من مقال هذا الخؤون لما كان ذلك بكثير ، فما هو عندي إلا رجل أخزاه الله وأضله ، وأعماه وأذله.

فيا ويلاه! أينكر أمر يزيد ورضاه بقتل السبط الشهيد ، والأمر بمكان من الظهور والجلاء ، حتى كاد يلحق بالضروريات.

ومن هوان آل الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) على الناصبة اللئام أن يشككوا في قتل يزيد حسينا (عليه‌السلام) ، ويطالبوا المدعي لذلك بالدليل ، ويعدوا هذا المتواتر من الأمور التي لا تثبت إلا بحجة.

وليس يصح في الأذهان شئ

إذا أحتاج النهار إلى دليل

فإلى الله المشتكى من صنيع هؤلاء النوكى ، بل يزعمون أن من يعزو ذلك إلى يزيد ينبغي أن يعلم به غاية الحمق ـ كما مر في كلام الغزالي ـ وستعرف إن شاء الله أن أعيان الأئمة من أهل مذهبه نسبوا ذلك ليزيد جازمين.

ونحن نورد في هذه العجالة ذرءا من نقولهم في هذا الباب (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة) (١) فنقول ـ وعلى الله التوكل وبه الاعتصام ـ :

ذكر اليعقوبي في تاريخه وابن حجر في (الصواعق) (٢) : أن معاوية ابن يزيد بن معاوية لما ولي بعد أبيه صعد المنبر فقال : إن هذه الخلافة

__________________

(١) سورة الأنفال ٨ : ٤٢.

(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٥٤ ، الصواعق المحرقة : ٢٢٤.


حبل الله ، وإن جدي معاوية نازع الأمر أهله ومن هو أحق به منه علي ابن أبي طالب (عليه‌السلام) ، وركب بكم ما تعلمون ، حتى أتته منيته فصار في قبره رهينا بذنوبه ، ثم قلد أبي الأمر وكان غير أهل له ، ونازع ابن بنت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) فقصف عمره وانبتر عقبه وصار في قبره رهينا بذنوبه ، ثم بكى وقال : إن من أعظم الأمور علينا ، علمنا بسوء مصرعه وبئس منقلبه ، وقد قتل عترة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، وأباح الخمر ، وخرب الكعبة. انتهى.

وفي كتاب عبد الله بن عباس رضي‌الله‌عنهما إلى يزيد : لا تحسبني ـ لا أبالك ـ نسيت قتلك حسينا وفتيان بني عبد المطلب مصابيح الدجى ونجوم الأعلام.

وفيه أيضا : ثم إنك الكاتب إلى ابن مرجانة أن يستقبل حسينا بالرجال ، وأمرته بمعاجلته وترك مطاولته ، والإلحاح عليه حتى يقتله ومن معه من بني عبد المطلب ، أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (١). انتهى.

وذكر أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (٢) : أن من منكرات يزيد التي اقترفها غزو مكة ، ورمي الكعبة ، واستباحة المدينة ، وقتل الحسين (عليه‌السلام) في أكثر أهل بيته ، مصابيح الظلام ، وأوتاد الإسلام ، ونقر القضيب بين ثنيتي الحسين (عليه‌السلام) ، وحمل بنات رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) حواسر على الأقتاب العارية والإبل الصعاب ، والكشف عن عورة علي بن الحسين عند الشك في بلوغه على أنهم إن وجدوه وقد أنبت قتلوه ، وإن لم يكن أنبت حملوه ، كما يصنع أمير جيش المسلمين بذراري المشركين.

__________________

(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩.

(٢) رسائل الجاحظ ـ الرسالة الحادية عشرة في النابتة ٢ / ١٢ و ١٣ و ١٤.


قال : خبرونا على ما تدل هذه القسوة وهذه الغلظة ، بعد أن شفوا أنفسهم بقتلهم ، ونالوا ما أحبوا فيهم؟ أتدل على نصب وسوء رأي وحقد وبغضاء ونفاق ، وعلى يقين مدخول وإيمان ممزوج؟! أم تدل على الإخلاص وعلى حب النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) والحفظ له ، وعلى براءة الساحة وصحة السريرة؟!

قال : فإن كان على ما وصفنا لا يعدو الفسق والضلال ـ وذلك أدنى منازله ـ فالفاسق ملعون ، ومن نهى عن لعن الملعون فملعون. انتهى.

وقال سبط ابن الجوزي وغيره : المشهور أنه لما جاءه رأس الحسين (عليه‌السلام) جمع أهل الشام وجعل ينكت رأسه بالخيزران ، وينشد أبيات ابن الزبعرى : (ليت أشياخي ببدر شهدوا) .. الأبيات.

وقال أبو الفرج ابن الجوزي ـ في ما حكاه سبطه عنه ـ : ليس العجب من قتال ابن زياد للحسين (عليه‌السلام) ، وإنما العجب من خذلان يزيد وضربه بالقضيب ثنايا الحسين (عليه‌السلام) ، وحمله آل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) سبايا على أقتاب الجمال ، وذكر أشياء من قبيح ما اشتهر عنه ، ثم قال : وما كان المقصود إلا الفضيحة وإظهار الرأس ، فيجوز أن يفعل هذا بالخوارج؟ والبغاة يكفنون ويصلى عليهم ويدفنون ، ولو لم يكن في قلبه أحقاد جاهلية وأضغان بدرية لاحترم الرأس لما وصل إليه وكفنه ودفنه وأحسن إلى آل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (١). انتهى.

وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (٢) : كان يزيد بن معاوية ناصبيا ، فظا ، غليظا ، جلفا ، يتناول المسكر ، ويفعل المنكر ، افتتح دولته بمقتل

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ٢٢٠ ، الإتحاف بحب الأشراف : ٧٠.

(٢) سير أعلام النبلاء ٤ / ٣٧ ـ ٣٨ ، الروض الباسم ٢ / ٣٦.


الشهيد الحسين (عليه‌السلام) ، واختتمها بواقعة الحرة ، فمقته الناس ولم يبارك في عمره. انتهى.

وقال الحافظ جلال الدين السيوطي (١) : بعث أهل العراق إلى الحسين (عليه‌السلام) الرسل والكتب يدعونه إليهم ، فخرج من مكة إلى العراق في عشر ذي الحجة ومعه طائفة من آل بيته رجالا ونساء وصبيانا ، فكتب يزيد إلى واليه بالعراق عبيد الله بن زياد بقتاله ، فوجه إليه جيشا أربعة آلاف عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص ، فخذله أهل الكوفة كما هو شأنهم مع أبيه من قبله.

وقال أيضا (٢) : لما قتل ـ يعني الحسين (عليه‌السلام) ـ وبنو أبيه بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد فسر بقتلهم أولا ، ثم ندم لما مقته المسلمون على ذلك ، وأبغضه الناس ، وحق لهم أن يبغضوه. انتهى.

وقال شيخ الإسلام الشبراوي الشافعي في الإتحاف (٣) : لا ريب أن الله سبحانه قضى على يزيد بالشقاء ، فقد تعرض لآل البيت الشريف بالأذى ، فأرسل جنده لقتل الحسين ، وقتله وسبى حريمه وأولاده وهم أكرم أهل الأرض حينئذ على الله سبحانه. انتهى.

وقيل لابن الجوزي ـ وهو على كرسي الوعظ ـ : كيف يقال : يزيد قتل الحسين (عليه‌السلام) وهو بدمشق والحسين بالعراق ، فقال :

سهم أصاب وراميه بذي سلم

من بالعراق لقد أبعدت مرماكا (٤)

__________________

(١) تاريخ الخلفاء : ٢٠٧.

(٢) تاريخ الخلفاء : ٢٠٨ ، قيد الشريد : ٤٠.

(٣) الإتحاف بحب الأشراف : ٥٧.

(٤) فيض القدير ١ / ٢٠٩.


ومما يفصح لك عن رضا يزيد بقتل الحسين (عليه‌السلام) وإهانته آل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) الذي تواتر معناه ـ كما تقدم عن العلامة التفتازاني ـ ما نص عليه أهل السير والتواريخ من أن السبي لما ورد من العراق على يزيد خرج فلقي الأطفال والنساء من ذرية علي والحسين عليهما الصلاة والسلام ، والرؤوس على أطراف الرماح ، وقد أشرفوا على ثنية جيرون ، فلما رآهم نعب غراب فأنشأ يقول :

لما بدت تلك الحمول وأشرفت

تلك الرؤوس على شفا جيرون

نعب الغراب فقلت : قل أو لا تقل

فلقد قضيت من الرسول ديوني

كما ذكره ابن الوردي في تاريخه وابن شاكر الكتبي في الوافي بالوفيات (١).

وبالجملة : فلا يرتاب من جعل الله في قلبه مثقال حبة من خردل من إنصاف في أمر يزيد بقتل الحسين (عليه‌السلام) ورضاه بذلك ، وهتكه حرمة آل المصطفى (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، بل إن هؤلاء الأكابر وغيرهم من السلف والخلف قد أرسلوا ذلك إرسال المسلمات ، فالظاهر أن الإنكار لم يقع إلا من شذاذ النواصب أشياع بني أمية (والله المستعان على ما تصفون) (٢).

وحكى الشبراوي في الإتحاف (٣) عن الشريف السمهودي الشافعي أنه قال في كلام له : ولا شك عاقل أن يزيد بن معاوية هو القاتل للحسين (عليه‌السلام) ، لأنه الذي ندب عبيد الله بن زياد لقتل الحسين. انتهى.

__________________

(١) روح المعاني ٢٦ / ٧٢.

(٢) سورة يوسف ١٢ : ١٨.

(٣) الإتحاف بحب الأشراف : ٦٦.


وبهذا ، ظهر ما في قول ابن حجر المكي الشافعي في الفتاوى الحديثية (١) : إنه لا يجوز لعن يزيد لأنه قاتل الحسين أو أمر بقتله ، خلافا لمن تسامح في ذلك ورآه جائزا ممن لم يعتد به ولا بقوله في الأحكام الشرعية ، وذلك لأنه لم يثبت أنه قتله ولا أمر بقتله ولا رضي به إلا ما حكي عن بعض التواريخ مما لا تقوم بمثله حجة. انتهى.

فلعمرك إن فيه استطالة على أكابر الأئمة الفقهاء ، وإهانة لهم وإزراء عليهم أيما إزراء ، كالإمام أحمد والكيا الهراسي وغيرهما من محققي أئمة الشافعية وغيرهم من أهل المذاهب ، إذ كيف ساغ له أن يقول في آحاد هؤلاء إنه ممن لا يعتد به ولا بقوله في الأحكام الشرعية؟!

هذا مع ما حكاه شيخ الإسلام الشبراوي الشافعي في الإتحاف (٢) عنه في شرح الهمزية أنه قال : قال الإمام أحمد بكفره ـ يعني يزيد ـ وناهيك به علما وورعا يقضيان بأنه لم يقل ذلك إلا لقضايا وقعت منه صريحة في ذلك ، ثبتت عنده وإن لم تثبت عند غيره كالغزالي وابن العربي ، فإن كليهما قد بالغ في تحريم سبه ولعنه ، لكن كلاهما مردود ، لأنه مبني على صحة بيعة يزيد لسبقها ، والذي عليه المحققون خلاف ما قالاه. انتهى.

وأما قوله : «إلا ما حكي عن بعض التواريخ مما لا تقوم بمثله حجة» ، فمن مكابرة الحقيقة ، على أنا قد حكينا لك آنفا كلام معاوية بن يزيد في أبيه وجده عن كتابه الصواعق المحرقة ، وفيه التصريح بأن أباه ـ لعنه الله ـ قتل عترة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، وهو ممن حضر تلك الوقائع ، وأهل البيت أدرى بما فيه.

__________________

(١) الفتاوى الحديثية : ١٩٢ ـ ١٩٣.

(٢) الإتحاف بحب الأشراف : ٦٨.


فهل يستجيز هذا الناصب أن يقول في كتابه هذا الذي طار صيته عند قومه إنه مما لا تقوم بمثله حجة؟!

فلا يسمع له بعدئذ كلام ، كيف؟! وهو الذاب عن بني أمية وآل أبي سفيان ، ينشرح صدره لسفك دم من سب الشيخين (١) ـ مع أن ذلك ليس من مذهب الشافعية ـ ولا تطاوعه نفسه على تجويز لعن قاتل سبط سيد المرسلين (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) بالتعيين ، مضافا إلى أن هذه المسألة قد نهضت عليها الأدلة القاطعة الكثيرة من الكتاب والسنة ، وأقوال العلماء دون تلك ، لكن من هذا شأنه لا ينفع معه دليل ولا برهان ، ولا ينجع فيه سنة ولا قرآن (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم) (٢).

وأما الحنابلة :

فقد مر عليك في صدر هذا الإملاء نص الإمام أحمد بن حنبل على جواز لعن يزيد ـ لعنه الله ـ بعينه واستدلاله على ذلك بكتاب الله العظيم.

فما عن السفاريني الحنبلي من أن المحفوظ عن أحمد خلاف ذلك ، وما في الفروع ـ من كتب الحنابلة ـ من أن نص أحمد خلاف ذلك ، ليس بشئ ، إذ الجواز هو المحفوظ والمنصوص عن أحمد ، وقوله في المسألة مشهور.

وذكر ابن الجوزي (٣) : أن أبا بكر الخلال وصاحبه عبد العزيز والقاضي أبا يعلى وابنه أبا الحسين قد رووا عن أحمد واختاروا جواز لعن يزيد.

__________________

(١) أنظر خاتمة الصواعق المحرقة.

(٢) سورة البقرة ٢ : ٧.

(٣) الرد على المتعصب العنيد : ٦٤ ، وانظر : «دفع شبه من شبه وتمرد ونسب ذلك إلى الإمام أحمد» لتقي الدين الحصني : ٧ ، ط دار إحياء الكتب العربية ـ مصر / ١٣٥٠ ه.


وأما قول ابن تيمية : «ظاهر كلام أحمد الكراهة» فلا أدري من أين أخذ ذلك؟! وكلام الإمام أحمد ظاهر في الجواز من دون تقييد بالكراهة.

وصنف القاضي أبو الحسين ابن القاضي أبي يعلى ابن الفراء الحنبلي كتابا ذكر فيه من يستحق اللعن ، وذكر منهم يزيد بن معاوية.

كما صنف الشيخ الحافظ ناصر السنة أبو الفرج ابن الجوزي البغدادي الحنبلي في المسألة كتابا لطيفا سماه الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد رد فيه على عبد المغيث بن زهير بن علوي الحربي البغدادي الحنبلي الذي صنف جزءا في فضائل يزيد بن معاوية ـ لعنة الله عليهما ـ ، قال الذهبي ـ كما في (الشذرات) (١) ـ : أتى فيه بالموضوعات.

قلت :

ومثل هذا المخذول ، الأعرابي البوال على عقبيه ، الوهابي المدعو (هزاع الشمري) الذي صنف في هذا العصر كتابا في تبرئة اللعين بن اللعين يزيد بن معاوية عليه من الله ما يستحق ، ولقبه فيه بأمير المؤمنين.

يا ناعي الإسلام قم فانعه

قد مات عرف وبدا منكر

قال يحيى بن عبد الملك بن أبي عتبة : حدثنا نوفل بن أبي عقرب : كنت عند عمر بن عبد العزيز ، فذكر رجل يزيد بن معاوية فقال : أمير المؤمنين يزيد ، فقال له عمر : تقول : أمير المؤمنين؟!!! فأمر به فضرب عشرين سوطا (٢).

وذكر أبو المحاسن جمال الدين ابن تغري بردى الحنفي في النجوم

__________________

(١) شذرات الذهب ٤ / ٢٧٦.

(٢) لسان الميزان ٦ / ٢٩٤ ، الصواعق المحرقة : ٢٢١.


الزاهرة (١) : أنه أخذت فتاوى الفقهاء بتعزير أحمد بن إسماعيل بن يوسف أبي الخير القزويني الشافعي إذ قال على منبر النظامية يوم عاشوراء : يزيد إمام مجتهد ، ثم أخرج من بغداد إلى قزوين. انتهى.

هذا ، وقد مر عليك آنفا كلام ابن عقيل ـ من أئمة الحنابلة ـ في أشعار يزيد ، وكون سبه ولعنه مفروغا منه عنده.

واختار السفاريني الحنبلي ما ذهب إليه ابن الجوزي وأبو الحسين القاضي ومن وافقهما على جواز التخصيص باللعنة (٢).

وقال الشيخ عبد الكريم بن ولي الدين في كتاب مجمع الفوائد ومعدن الفرائد (٣) : معلوم أن يزيد اللعين وأتباعه كانوا من الذين أهانوا أهل بيت الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، فكانوا مستحقين للغضب والخذلان واللعنة من الملك الجبار المنتقم يوم القيامة ، فعليه وعلى من اتبعه وأحبه وأعانه ورضيه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. انتهى.

وقال الشيخ شهاب الدين أحمد بن أبي بكر الحموي الشهير بالرسام في كتاب عقد الدرر واللآلي في فضل الشهور والأيام والليالي ـ كما حكاه عنه البرسوي في روح البيان (٤) ـ : المستحب في ذلك اليوم ـ يعني يوم عاشوراء ـ فعل الخيرات من الصدقة والصوم والذكر وغيرهما ، ولا ينبغي أن يتشبه بيزيد الملعون في بعض الأفعال.

قال : فمن اكتحل يوم عاشوراء فقد تشبه بيزيد الملعون وقومه. انتهى.

__________________

(١) النجوم الزاهرة ٦ / ١٣٤.

(٢) روح المعاني ٢٦ / ٧٣.

(٣) مجمع الفوائد ومعدن الفرائد : ٢٠.

(٤) روح البيان ٤ / ١٤٢.


وممن صرح بلعن يزيد ـ لعنه الله ـ شيخنا العلامة المحدث الشريف أبو اليسر جمال الدين عبد العزيز بن محمد بن الصديق الحسني الغماري في كتابه الموسوم ب (التحذير) (١).

وكنا قد سألناه ـ أدام الله كلاءته ـ عن لعن يزيد وإكفاره ، فأجاب : إن من يشك في كفر يزيد اللعين فهو إلى الكفر أقرب ، وكيف يقول بإسلامه بعد ما ثبت عنه من الكفريات في القول والعمل ما يطول تتبعها وإحصاؤها ، وواحدة منها تكفي في الحكم عليه بالكفر ، فكيف بها كلها.

قال : فلهذا يجب أن يحكم على عدو الله بالكفر ، ويجب أن يتقرب إلى الله بلعنه ، ومن شك في هذا فلم يباشر الإيمان قلبه ـ والعياذ بالله ـ. انتهى.

قلت : وأيم الله لقد نطق الحق على لسان شيخنا الغماري ، فهل تبقى بعد ذلك شبهة للمجادل والمماري؟!

هذا ، واعلم أنه قد وردت أحاديث صريحة أو مؤولة في ذم يزيد ـ عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ـ وهي من أعلام نبوة المصطفى (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، فينبغي سردها هنا.

منها : ما أخرجه أبو يعلى في مسنده (٢) ، قال : حدثنا الحكم بن موسى ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن مكحول ، عن أبي عبيدة ، قال : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لا يزال أمر أمتي قائما بالقسط ، حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد» ، وذكره الحافظ ابن حجر

__________________

(١) التحذير من أخطاء النابلسي في التعبير : ٣١.

(٢) مسند أبي يعلى ٢ / ١٧٦ ح ٨٧١.


بترجمة يزيد من لسان الميزان (١) ، ورواه البيهقي وأبو نعيم وابن منيع (٢).

ومنها : ما أخرجه أبو يعلى أيضا في مسنده ، عن أبي ذر (رضي‌الله‌عنه) ، عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، قال : «أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية» (٣).

زاد الروياني في مسنده ، عن أبي الدرداء وابن عساكر : «يقال له يزيد» (٤).

وقال البيهقي في كلامه على الحديث : هو يزيد بن معاوية (٥).

ومنها : ما أخرجه ابن عساكر وأبو نعيم والديلمي ، عن سلمة بن الأكوع ، والطبراني عن معاذ بن جبل ، عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، قال : «ويح الفراخ فراخ آل محمد من خليفة مستخلف مترف» (٦).

ورواه السيوطي في الجامع الصغير (٧).

قال المناوي في الشرح (٨) : قالوا : المراد يزيد بن معاوية وأضرابه من خلفاء بني أمية. انتهى.

قلت : وفي لفظ آخر زيادة قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «يقتل خلفي وخلف الخلف» (٩).

__________________

(١) لسان الميزان ٦ / ٢٩٤ ، قيد الشريد : ٣٧ ـ ٣٨.

(٢) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٥ / ٢٤١.

(٣) الجامع الصغير ١ / ٤٣٥ ح ٢٨٤١.

(٤) فيض القدير ٣ / ٩٤.

(٥) فيض القدير ٣ / ٩٤.

(٦) كنز العمال ١٢ / ١١٦ ح ٣٤٢٧٠ ، فيض القدير ٦ / ٣٦٥ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٩٠ ، المعجم الكبير ٢٠ / ٣٨ ـ ٣٩.

(٧) الجامع الصغير ٢ / ٧١٨ ح ٩٦٣٩.

(٨) فيض القدير ٦ / ٣٦٥.

(٩) كنز العمال ١١ / ١٦٦ ح ٣١٠٦١ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٩٠ ، فضائل الخمسة من


وقوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : (خلفي) متأول على ما كان من يزيد بن معاوية ـ لعنه الله تعالى ـ إلى الحسين بن علي (عليه‌السلام) وأولاده والذين قتلوا معه.

ومنها : ما أخرجه البخاري ، عن عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو ابن سعيد ، قال : أخبرني جدي ، قال : كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) بالمدينة ومعنا مروان ، قال أبو هريرة : سمعت الصادق المصدوق (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) يقول : «هلكة أمتي على يدي غلمة من قريش» ، فقال مروان : لعنة الله عليهم غلمة ، فقال أبو هريرة : لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت ، فكنت أخرج مع جدي إلى بني مروان حين ملكوا بالشام ، فإذا رآهم غلمانا أحداثا قال لنا : عسى هؤلاء أن يكونوا منهم ، قلنا : أنت أعلم (١). انتهى.

قال ابن حجر المكي في تطهير الجنان واللسان (٢) : يزيد بن معاوية هو المراد بهذا الحديث.

وقال ابن بطال ـ كما حكاه عنه الحافظ ابن حجر في (الفتح) (٣) ـ : جاء المراد بالهلاك في رواية ابن أبي شيبة : أن أبا هريرة كان يمشي في السوق ويقول : اللهم لا تدركني سنة ستين ولا إمارة الصبيان.

قال : وفي هذا إشارة إلى أن أول الأغيلمة كان سنة ستين ، وهو كذلك ، فإن يزيد بن معاوية استخلف فيها ، وبقي إلى سنة أربع وستين

__________________

الصحاح الستة ٣ / ٣٨٨.

(١) صحيح البخاري ٩ / ٦٠ كتاب الفتن باب ٢ ، الجامع الصغير ٢ / ٧١٢ ح ٩٥٩٣ ، التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ـ للقرطبي ـ : ٥٦٢ ـ ط دار الفكر / ١٤١٠.

(٢) تطهير الجنان واللسان : ٥٣.

(٣) فتح الباري ١٣ / ١٢.


فمات. انتهى.

وقال الحافظ في شرح البخاري (١) : أولهم ـ يعني الأغيلمة ـ يزيد ، كما دل عليه قول أبي هريرة : «رأس الستين وإمارة الصبيان» فإن يزيد كان غالبا ينتزع الشيوخ من إمارة البلدان الكبار ويوليها الأصاغر من أقاربه. انتهى.

وقال جمع ـ منهم القرطبي (٢) ـ : منهم يزيد بن معاوية وأضرابه من أحداث بني أمية ، فقد كان منهم ما كان من قتل أهل البيت وخيار المهاجرين والأنصار بمكة والمدينة وسبي أهل البيت (عليهم‌السلام).

قال : وغير خاف ما صدر عن بني أمية وحجاجهم من سفك الدماء وإتلاف الأموال وإهلاك الناس بالحجاز والعراق وغيرهما.

وبالجملة : فبنو أمية قابلوا وصية المصطفى (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) في أهل بيته (عليهم‌السلام) وأمته بالمخالفة والعقوق ، فسفكوا دماءهم ، وسبوا نساءهم ، وأسروا صغارهم ، وخربوا ديارهم ، وجحدوا شرفهم وفضلهم ، واستباحوا نسلهم وسبيهم وسبهم ، فخالفوا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) في وصيته ، وقابلوه بنقيض قصده وأمنيته ، فيا خجلهم إذا التقوا بين يديه ، ويا فضيحتهم يوم يعرضون عليه. انتهى.

ومنها : ما أخرجه ابن عساكر عن ابن عمر ، والطبراني عن معاذ ـ من حديث ـ عنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، قال : «لا بارك الله في يزيد الطعان اللعان ، أما إنه نعي إلي حبيبي الحسين ، وأتيت بتربته ، ورأيت قاتله ، أما إنه لا يقتل بين

__________________

(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١٣ / ١٣.

(٢) التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ـ للقرطبي ـ : ٥٦٢ ـ ٥٦٣ ـ ط دار الفكر / ١٤١٠ ، فيض القدير ٦ / ٣٥٥.


ظهراني قوم فلا ينصروه إلا عمهم بعقاب» (١).

فإن قال قائل : إن ذلك معارض بما أخرجه البخاري في صحيحه (٢) عن أم حرام أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) قال : «أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم».

وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لتفتحن القسطنطينية ، ولنعم الأمير أميرها ، ولنعم الجيش ذلك الجيش» رواه أحمد والحاكم عن بشر الغنوي (٣).

واستدل المهلب بذلك على ثبوت خلافة يزيد ، وأنه من أهل الجنة لدخوله في عموم قوله «مغفور لهم» ، وهو أول من غزا مدينة قيصر (٤).

قلنا : غلط المهلب في حميته الجاهلية لجرو بني أمية ، فإن يزيد لم تثبت له خلافة ولم تنعقد له بيعة عند المحققين من أهل العلم ، لعدم أهليته لذلك.

وقد صرح العلماء بأنه لا يلزم من دخول يزيد بن معاوية في ذلك العموم عدم خروجه عنه بدليل خاص ، إذ لا يختلف أهل العلم في أن قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «مغفور لهم» مشروط بأن يكون من أهل المغفرة ، حتى لو ارتد واحد ممن غزاها بعد ذلك لم يدخل في ذلك العموم مطلقا اتفاقا ، فدل على أن المراد مغفور لمن وجد شرط المغفرة فيه منهم (٥) ، ويزيد

__________________

(١) فضائل الخمسة من الصحاح الستة ٣ / ٣٨٨ ـ ٣٨٩.

(٢) صحيح البخاري ـ كتاب الجهاد والسير ـ باب ما قيل في قتال الروم ٤ / ١١٤ ح ١٣٥ ـ ط المكتبة الثقافية / بيروت.

(٣) مسند أحمد ٤ / ٣٣٥ ، المستدرك على الصحيحين ٤ / ٤٦٨ ح ٨٣٠٠.

(٤) فتح الباري ٦ / ١٢٠ ، إرشاد الساري ٥ / ١٠٤ ، قيد الشريد : ٨٠.

(٥) فتح الباري ٦ / ١٢٠ ، إرشاد الساري ٥ / ١٠٤ ، قيد الشريد : ٨٠ ـ ٨١ ، فيض القدير ٣ / ٨٤ و ٥ / ٢٦٢.


ليس من أهل المغفرة ، بل قد ثبت كفره وارتداده عند الجهابذة المحققين ـ كما عرفت ـ فلا يدخل في ذلك العموم قطعا ، والله تعالى أعلم.

وبالجملة : فلا ينبغي لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، ويحب رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ويود آله (عليهم‌السلام) أن يتوقف في كفر يزيد بن معاوية فضلا عن لعنه ـ لعنه الله ـ وهذا هو الحق الذي أجمع عليه أهله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (١) وما أحسن قول بعض أصحابنا (٢) :

وسب عمرو ويزيد عندنا

ندب به نقول قولا معلنا

وإن من أنكره لمنكر

وجدانه والأمر فيه أظهر

من ذا الذي يمنع سب من سبى

آل النبي المصطفى واعجبا

سباهم سبي العبيد والإما

لكفره كما به ترنما

وفي العزم إن شاء الله تعالى أن أفرد رسالة لاستيفاء الكلام في بيان كفره وردته ، وبسط الأدلة على ضروب إلحاده وزندقته ، فالله المستعان وعليه التكلان.

اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد ، وآخر تابع له على ذلك ، اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت وبايعت وتابعت على قتله ، اللهم العنهم جميعا.

والحمد لله أولا وآخرا ، وباطنا وظاهرا ، وصلى الله على سيد الأولين والآخرين ، نبينا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين ، وصفوة صحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

__________________

(١) سورة الكهف ١٨ : ٢٩.

(٢) السهم الثاقب : ٢٦.


المصادر

١ ـ أبو هريرة ، للسيد الإمام عبد الحسين شرف الدين العاملي ـ ط المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف ، سنة ١٣٨٤ ه.

٢ ـ الإتحاف بحب الأشراف ، لشيخ الإسلام عبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي ـ ط المطبعة الأدبية ـ مصر ، سنة ١٣١٦ ه.

٣ ـ إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين ، لمحمد مرتضى الزبيدي ـ ط المطبعة الميمنية ، سنة ١٣١١ ه.

٤ ـ إحياء علوم الدين ، لأبي حامد الغزالي ـ أوفسيت عالم الكتب.

٥ ـ الأذكار المنتخب من كلام سيد الأبرار (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، لمحيي الدين النووي ، تحقيق عصام الدين سيد الصبابطي ـ ط دار الحديث ـ القاهرة.

٦ ـ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ، للقسطلاني ـ ط المطبعة الأميرية ـ مصر ، سنة ١٣٠٤ ه.

٧ ـ الإستيعاب في معرفة الأصحاب ، لابن عبد البر القرطبي ـ المطبوع بهامش «الإصابة» ـ الطبعة الأولى سنة ١٣٢٨ ه.

٨ ـ أسد الغابة في معرفة الصحابة ، لابن الأثير الجزري ـ ط دار الشعب ـ مصر ، سنة ١٣٩٣ ه.

٩ ـ الإصابة في تمييز الصحابة ، لابن حجر العسقلاني ، الطبعة الأولى سنة ١٣٢٨ ه.


١٠ ـ إعلام الساجد بأحكام المساجد ، للزركشي ، تحقيق الشيخ مصطفى المراغي ـ ط القاهرة ، الطبعة الثالثة سنة ١٤١٢ ه.

١١ ـ الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ ، لشمس الدين السخاوي ـ ط مطبعة الترقي ـ دمشق ، سنة ١٣٤٩ ه.

١٢ ـ الباقيات الصالحات ، لعبد الباقي العمري الموصلي ـ منشورات الشريف الرضي ـ قم ، سنة ١٤١٢ ه ، تصحيح أبو مصعب البصري.

١٣ ـ تاريخ الخلفاء ، لجلال الدين السيوطي ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ـ ط مطبعة السعادة ، سنة ١٣٧١ ه.

١٤ ـ تاريخ اليعقوبي ، لأحمد بن أبي يعقوب ابن واضح ـ ط دار صادر ـ بيروت.

١٥ ـ التحذير من أخطاء النابلسي في التعبير ، للسيد عبد العزيز بن محمد ابن الصديق الغماري ـ ط مطبعة دار التأليف ـ مصر ، الطبعة الأولى سنة ١٣٧٣ ه.

١٦ ـ تذكرة خواص الأمة في مناقب الأئمة (عليهم‌السلام) ، لأبي المظفر يوسف بن قزأوغلي المعروف بسبط ابن الجوزي ـ ط المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف.

١٧ ـ الترغيب والترهيب من الحديث الشريف ، للحافظ المنذري ـ ط مكتبة مصطفى البابي الحلبي ، سنة ١٣٨٨ ه.

١٨ ـ تطهير الجنان واللسان عن الخطور والتفوه بثلب معاوية بن أبي سفيان ، لأحمد بن حجر الهيتمي المكي ، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف ـ ط مكتبة القاهرة ، سنة ١٣٨٥ ه.

١٩ ـ التفسير الكبير ، لفخر الدين الرازي.

٢٠ ـ تهذيب التهذيب ، للحافظ ابن حجر العسقلاني ـ ط دار إحياء التراث


العربي ، سنة ١٤١٢ ه.

٢١ ـ حاشية المسايرة ، لزين الدين قاسم بن قطلوبغا ـ ط المطبعة الأميرية الكبرى ـ مصر ، سنة ١٣١٧ ه.

٢٢ ـ حياة الحيوان ، لكمال الدين محمد بن موسى الدميري ـ ط البابي الحلبي ـ مصر ، سنة ١٣٩٠ ه.

٢٣ ـ خلق أفعال العباد ، للبخاري ـ ط مؤسسة الرسالة ـ بيروت ، الطبعة الأولى سنة ١٤٠٤ ه.

٢٤ ـ الدر المنتقى في شرح الملتقى ، لعلاء الدين الحصكفي ـ المطبوع بهامش «مجمع الأنهر» ـ ط دار الطباعة العامرة ، إسطنبول سنة ١٣٢٨ ه.

٢٥ ـ الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، لجلال الدين السيوطي ـ ط المطبعة الميمنية ، سنة ١٣١٤ ه.

٢٦ ـ الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد ، لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي الشهير بابن الجوزي ، تحقيق الشيخ محمد كاظم المحمودي ، الطبعة الأولى سنة ١٤٠٣ ه.

٢٧ ـ رسائل الجاحظ ، لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، تحقيق عبد السلام محمد هارون ـ أوفسيت دار الجيل ـ بيروت ، سنة ١٤١١ ه.

٢٨ ـ روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني (تفسير الآلوسي) ، لمحمود بن عبد الله الآلوسي ـ ط دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

٢٩ ـ الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، لمحمد بن إبراهيم الوزير اليماني ـ أوفسيت دار المعرفة ـ بيروت ، سنة ١٣٩٩ ه.

٣٠ ـ رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (عليه‌السلام) ، لعلي بن


أحمد بن معصوم المدني ـ ط سنة ١٣٣٤ ه.

٣١ ـ الزواجر عن اقتراف الكبائر ، لابن حجر الهيتمي المكي ـ ط مطبعة البابي الحلبي ، الطبعة الثالثة سنة ١٣٩٨ ه.

٣٢ ـ سنن الترمذي (الجامع الصحيح) ، لأبي عيسى محمد بن سورة الترمذي ، تحقيق أحمد محمد شاكر ـ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت ، الطبعة الأولى سنة ١٤٠٨ ه.

٣٣ ـ السهم الثاقب في الرد على الناصب ، للسيد محمد باقر الحجة الطباطبائي ـ ط إيران ، سنة ١٣٧٨ ه.

٣٤ ـ سؤال في يزيد بن معاوية ، لأحمد بن تيمية ، تحقيق صلاح الدين المنجد ـ ط دار الكتاب الجديد ـ بيروت ، الطبعة الثالثة سنة ١٤٠٥ ه.

٣٥ ـ سير أعلام النبلاء ، لشمس الدين الذهبي ـ ط مؤسسة الرسالة ـ بيروت ، سنة ١٤٠٦ ه.

٣٦ ـ شذرات الذهب في أخبار من ذهب ، لابن العماد الحنبلي ـ ط القدسي ، سنة ١٣٥٠ ه.

٣٧ ـ شرح العقائد النسفية ، لسعد الدين التفتازاني ـ ط الآستانة ، سنة ١٣١٣ ه.

٣٨ ـ شرح المقاصد ، لسعد الدين التفتازاني ، تحقيق عبد الرحمن عميرة ، الطبعة الأولى المحققة سنة ١٤٠٩ ه.

٣٩ ـ شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد المعتزلي ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ـ ط سنة ١٣٨٥ ه.

٤٠ ـ الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة ، لأحمد بن


علي بن حجر الهيتمي المكي ، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف ـ ط مكتبة القاهرة ، سنة ١٣٨٥ ه.

٤١ ـ طرح التثريب في شرح التقريب ، للعراقي ـ أوفسيت دار التراث العربي.

٤٢ ـ العواصم من القواصم ، لأبي بكر ابن العربي المالكي ، تحقيق محب الدين الخطيب ـ ط المطبعة السلفية ، الطبعة الثانية سنة ١٣٧١ ه.

٤٣ ـ فتاوى ابن الصلاح ، لأبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري ـ ط المنيرية ـ مصر.

٤٤ ـ الفتاوى الحديثية ، لأحمد بن علي بن حجر الهيتمي المكي ، الطبعة الأولى سنة ١٣٥٣ ه.

٤٥ ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، للحافظ ابن حجر العسقلاني ـ ط دار الريان للتراث ـ مصر ، سنة ١٤٠٧ ه.

٤٦ ـ فضائل الخمسة من الصحاح الستة ، للعلامة الفيروزآبادي ـ ط مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ، سنة ١٤٠٢ ه.

٤٧ ـ فيض القدير في شرح الجامع الصغير ، لعبد الرؤوف المناوي ـ ط مصر ، سنة ١٣٥٧ ه.

٤٨ ـ قيد الشريد من أخبار يزيد ، لمحمد بن طولون الدمشقي ، تحقيق محمد زينهم محمد عزب ـ ط دار الصحوة ـ القاهرة ، الطبعة الأولى سنة ١٤٠٦ ه.

٤٩ ـ لسان الميزان ، للحافظ ابن حجر العسقلاني ـ ط حيدرآباد ، سنة ١٣٣١ ه.

٥٠ ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، لنور الدين الهيثمي ـ ط حسام الدين


القدسي ، سنة ١٣٥٢ ه.

٥١ ـ مجموع فتاوى ابن تيمية ، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي ـ الرياض ، سنة ١٣٨١ ه.

٥٢ ـ المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء ، لمحمد محسن الفيض الكاشاني ـ مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ، الطبعة الثانية سنة ١٤٠٣ ه.

٥٣ ـ مسند أحمد ، للإمام أحمد بن حنبل ـ ط المطبعة الميمنية ، سنة ١٣١٣ ه.

٥٤ ـ مقدمة ابن خلدون ، لعبد الرحمن بن خلدون الحضرمي ـ المكتبة التجارية ـ مصر ، الطبعة الأولى.

٥٥ ـ المنح المكية في شرح الهمزية ، لأحمد بن علي بن حجر الهيتمي المكي ـ ط المطبعة البهية المصرية ، سنة ١٣٠٩ ه.

٥٦ ـ النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ، لابن تغري بردى ـ ط دار الكتب ـ مصر.

٥٧ ـ نزل الأبرار بما صح من مناقب أهل البيت الأطهار ، لمحمد بن رستم البدخشاني ـ ط حجرية.

٥٨ ـ النصائح الكافية لمن يتولى معاوية ، لمحمد بن عقيل العلوي الحضرمي الشافعي ـ أوفسيت دار الثقافة للطباعة والنشر ـ قم ، سنة ١٤١٢ ه.

٥٩ ـ نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت ، للإمام المحقق علي ابن عبد العال الكركي ـ ط مكتبة نينوى الحديثة ـ طهران.

٦٠ ـ نيل الأوطار في شرح منتقى الأخبار ، لمحمد بن علي الشوكاني ـ ط مكتبة مصطفى البابي الحلبي ، سنة ١٣٩١ ه.


معجم شواهد التفسير

(١)

أسعد الطيّب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله ومن والاه.

وبعد :

فقد أُنزل القرآن الكريم بلسانٍ عربيٍّ مبين ، ودارت حول هذا الكتاب المجيد العلوم الاِسلامية من تفسير ولغة ونحو وصرف وبيان وبلاغة .. واعتمدت هذه العلوم في تأسيسها وإنشائها على كلام العرب من نثر وشعر ، ومن استقرائه وجد علم النحو وعلم الصرف وعلم اللغة ، وكان الشعر العربيّ المحتجّ به من أخطر أُسس هذه العلوم شأناً وأكثرها دوراناً على الاَلسنة وفي بطون الكتب.

وبدأت شواهد الشعر في تفسير معاني الكتاب الكريم تحتلّ مكانها المقدّر لها منذ العصر الاَوّل ، فكان ابن عبّاس يستدلّ لتفسيرِه معانيَ القرآن


بالشعر ، وكان يقول : «الشعر ديوان العرب ، فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب رجعنا إلى ديوانها فالتمسنا معرفة ذلك منه» ، كما في الاِتقان لعلوم القرآن للسيوطيّ ٢/٦٧ ، وقد بقيت لنا مجموعة من أسئلة عن معاني ألفاظ من القرآن الكريم سألها نافع بن الاَزرق ، أجابه عنها عبد الله بن عبّاس واستدلّ على معانيها كلّها بأشعار جاهليّة ، وقد استوعب جلّها السيوطي في إتقانه ، ثمّ نشرها الدكتور إبراهيم السامرائيّ.

واستمرّت شواهد الشعر تجري في ما أُلِّف حول القرآن الكريم في القرون التالية في كتب معاني القرآن ومجازه وبيانه وإعرابه وتفسيره ، وكثر استخراج العلماء لهذه الشواهد من ديوان العرب وتضخّم عددها حتّى كان أبو بكر محمّد بن القاسم ابن الاَنباريّ (٣٢٨ هـ) يحفظ ثلاثمائة ألف شاهد على ألفاظ القرآن كما في بُغية الوعاة ١/٢١٢ ، الترجمة ٣٧٩.

وهو مبلغ ضخم لو وصلنا لوصلتنا معه ثروة لغويّة وتفسيريّة لا تقدّر بثمن ، وحسبك أن تتصوّر ضخامة هذا العدد من النصّ التالي : «قال ثعلب : كان الاَحمر [قلت : هو عليّ بن الحسن ـ وقيل ابن المبارك ، وبه جزم الخطيب ـ المعروف بالاَحمر ، شيخ العربية ، وصاحب الكسائي (١٩٤ هـ) يحفظ أربعين ألف شاهد في النحو ، وكان مقدّماً على أفراد في حياة الكسائيّ ، وأملى الاَحمر شواهد في النحو ، فأراد الفرّاء أن يتمّمها فلم يجتمع له الناس كما اجتمعوا للاَحمر ، فقطع». بغية الوعاة ٢/١٥٩ ، الترجمة ١٦٩٤.

وهذا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يحيى بن المبارك البغداديّ اليزيديّ صنّف كتاباً في غريب القرآن استشهد فيه على كلّ كلمة من القرآن


بأبيات من الشعر ، وقد ملك الكتاب القفطي (٦٢٤) وهو في ستّة مجلّدات. إنباه الرواة على أنباه النحاة ٢/١٥١ ، الترجمة ٣٦٥.

وضاع ما ضاع من نفائس الكتب التي خدم بها مؤلّفوها كتاب العربيّة الاَكبر ، وبقي كثير منها حبيس الخزائن الخاصّة أو العامّة التي لا يصل إليها إلاّ المحظوظون.

هذا ، وقد سبق عملي هذا عملان قيّمان :

معجم شواهد العربية لمحمّد عبد السلام هارون.

ومعجم شواهد البلاغة لعراقيّ نشره في العراق العزيز ولم أره ، ولكن واصفه مدحه لي.

ورأيت أن أصنع معجماً لشواهد تفاسير القرآن الكريم ، واستقرأت جملة من التفاسير التي وصلت إليها يدي؛ فتبيّن لي أنّ جملة من تفاسير الكتاب المجيد تصلح لهذا العمل ، وأنّها قد اضطمّت جنباتها على معظم ما وصل إلينا من شواهد تفسير القرآن الكريم ، وهي مع ذلك تُمثّل مختلف نواحي التفسير وتستغرق مدّة طويلة من سنة ٢٠٧ هـ وهي سنة وفاة أبي زكريا يحيى بن زياد الفرّاء إلى سنة ٧٩١ هـ وهي سنة وفاة القاضي البيضاويّ.

وفي أوائل تدويني لهذا المعجم رأيت أن لا بدّ من منهج واضح أعمل على وفقه ، فقلّبت النظر في السبيل الذي يؤدّي بالقارىَ إلى تحصيل الشاهد من هذا المعجم الكبير بالسرعة المستطاعة ، وهذه السرعة إحدى غايات صنع الفهارس والمعاجم عامّة فرأيت أن أرجع إلى من سبقني في اقتحام هذا الميدان ، واخترت رجلين من رجالنا الكبار الّذين لهم القدم الراسخ في علوم العربية وفي التحقيق :


أوّلهما العلاّمة محمود محمّد شاكر ، وقد رجعت إلى فهرس الشعر في طبقات فحول الشعراء الذي أحياه بعد موات ، فوجدته قد رتّب الشعر على كلمة القافية فقط ، وأخّر الكلمة التي بعد حرف الرويّ فيها هاء وألف «ها» إلى آخر فهرس القافية ، ورتّب كلمات القوافي على البحور ، ورمز لها بما يأتي :

ط : الطويل ، م : المديد ، ب : البسيط ، ل : مُخلّع البسيط ، و : الوافر ، ك : الكامل ، هـ : الهزج ، ر : الرمل ، س : السريع ، ح : المنسرح ، خ : الخفيف ، ع : المضارع ، ض : المقتضب ، ث : المجثّث ، ق : المتقارب.

هذا كلّه في الشعر ، وأفرد الرجز بعد ذلك وحده.

ورتّب فهرسه هكذا :

(الهمزة)

و

الاِضاء

زهير

٣٤

الخلاء

زهير

٣٧

وهلمّ جرّاً إلى أن ينتهي بحر الوافر من قافية الهمزة.

ثمّ :

ك

الاِمساءُ

عبد الرحمن بن سويد المرّي

٦٧٧

إلى أن ينتهي بحر الكامل من قافية الهمزة.

وهكذا إلى انتهى من قافية الهمزة ، ثمّ سار في قافية الباء على هذا المنوال.

ورأيته أخّر قافية الاَلف الليّنة إلى آخر فهرس الشعر.

وهو عمل يصلح لفهرس الشعر في كتاب محقّق أو مؤلَّف قليلة أشعاره ، أمّا في معجم كبير فلا.


وثانيهما الاَُستاذ عبد السلام محمّد هارون رحمه الله في كتابه معجم شواهد العربية ، فتّشت كتابه فرأيته قد سلك سبيلاً وعراً لا يستطيع جَزْعَه إلاّ العارفون ببحور الشعر ، وما أقلّهم في أيامنا هذه! ولنقتطف نصّ كلامه :

قال : «ترتيب المعجم :

وقد جريت في ترتيب هذا المعجم على نظام دقيق روعي فيه ما يلي :

(القسم الاَوّل) : قسم الاَشعار ، وسرت فيه على هذا النسق :

١ ـ تقسيم القوافي إلى أبواب حروف الهجاء.

٢ ـ تقسيم كلّ حرف إلى ساكن ، ثمّ متحرّك بالفتحة ، فالضمّة ، فالكسرة : أربعة أقسام.

٣ ـ ورتّبت هذه الاَقسام الاَربعة على بحور الشعر القديمة والمحدَثة ، والفنون السبعة بترتيبها المألوف : الطويل ، المديد ، البسيط ، الوافر ، الكامل ، الهزج ، الرجز ، الرمل ، السريع ، المنسرح ، الخفيف ، المضارع ، المقتضب ، المجثّث ، المتقارب ، المتدارك ، مع مراعاة وضع المجزوّ من تلك البحور عقب التامّ منها.

وأمّا البحور المولّدة فموضعها بعد القديمة ، وهي : المستطيل ، الممتدّ ، المتوفّر ، المتّئِد ، المنسرد ، المطّرد.

وبعدها الفنون السبعة ، وهي : السلسلة ، الدوبيت ، القوما ، الموشّح ، الزجل ، كان وكان ، المواليا أو الموّال.

٤ ـ وفي كلّ بحرٍ من تلك البحور روعي نظام القافية ، فقسّم إلى فصولها من المتواتر ، المتدارك ، المتكاوس أو المتراكب ، المؤسّسة ، المردوفة بألف ، المردوفة بواو أو ياء ، مثل : أهل ، المعوّل ، سبل ، عواذل ، الخيال وأمثال ، تقول ، وسبيل.


٥ ـ وفي ظلّ هذا النظام رُتّب الشعراء أصحاب الشواهد على حروف الهجاء في جزء من أجزاء الفصل ، وما لم يعرف كان ترتيبه بعد ترتيب ما عرف قائله.

٦ ـ في تخريج الشواهد روعي الترتيب التأريخيّ للمراجع ، فيذكر بعد سيبويه مثلاً نوادرُ أبي زيد ، ثمّ المقتضب للمبرّد ، ثمّ مجالس ثعلب ، وهكذا.

و (القسم الثاني) : قسم الاَرجاز ، ويشمل مشطورات الاَبحر الثلاثة : الرجز ، السريع ، المنسرح ، وقد روعي في ترتيبه وتنسيقه ما روعي في قسم الاَشعار.

و (القسم الثالث) : أجزاء الاَبيات التي لم تعرف تتمّتها ، والاِحالات إلى القوافي ، وقد رتّبت جميعها على حروف الهجاء مع مراعاة الترتيب في الحرف الثاني وما بعده ، وأشرت إلى الاِحالات بالعلامة (=)». معجم شواهد العربية : ١٤ ـ ١٥.

هذا أَوّلاً.

وثانياً : فإنّه قد رمز للكتب التي بنى معجمه من شواهدها وهي ثلاثون كتاباً وفكّ رموزَها في مقدّمة الكتاب ، ولكن لم يرمز لمئات المراجع الثانوية.

قال : «فاستقرّ الاَمرُ على انتقاء ثلاثين مرجعاً جعلتها المِهادَ الاََوّل لهذا المعجم ، مضيفاً إليها مئات المراجع الاَُخرى الثانوية من كتب الاَدب والاختيارات والحماسات ، واللغة والبلدان ، والتاريخ والنسب ، والتفسير والحديث والسير ، ودواوين الشعر مطبوعها والمخطوط ، وقد أوضحتها في ثبت المراجع معيّناً طبعاتها.


أمّا المراجع الثلاثون فهي على هذا الترتيب التاريخيّ : ...». معجم شواهد العربيّة : ٦.

ثمّ ساق أسماء المراجع الثلاثين ورموزها.

وثالثاً : فإنّ شواهد معجمه الكثيرة قد رتّبت حسب الكلمة الاَخيرة من الشاهد فقط.

وهنا لي وقفة ، فإنّ الطالب لشاهد في هذا المعجم يجد أمامه آخر كلمة من البيت الذي يفتّش عنه ، تتطابق مع كلمة بعدها أو قبلها في الحروف ، فهو هنا ملزم بفكّ رموز بيتين ليَتَبَيّنَ له البيت الذي هو له طالب.

وانصرفت نفسي عن ترتيب معجم شواهد العربيّة ، لعسره.

وقيل لي : إنّ أحد المؤلّفين من غير العرب رتّب معجماً للشواهد على أوائل حروف الاَبيات ، فلم أُلقِ إليه بالاً لاَنّه مخالف لما ورثناه عن أسلافنا في فهرسة الشعر منذ دهرٍ طويل.

وطال تقليبي لظهر هذا الاَمر وبطنه ، لاَنّي أريد لمعجمي اليُسر والسهولة للباحثين والقرّاء ، إلى أن استقرّ رأيي على ترتيب الزمخشريّ في أساس البلاغة فوجدته من بين المعاجم ذا الترتيب الاَيسر الاَسهل ، وقد سارت على ترتيبه جميع المعاجم العربيّة الحديثة ، فرأيت اتّباع ترتيبه .. ولكن معكوساً!

أمّا الترتيب الكلّيّ لهذا المعجم فهو :

١ ـ الشعر.

٢ ـ الرجز.

٣ ـ أجزاء الاَبيات التي لم تعرف قافيتها.


وأمّا الترتيب الجزئي فكما يلي :

١ ـ يكتب البيت كاملاً.

٢ ـ تُرَتّب التفاسير ترتيباً تاريخيّاً حسب وفاة مصنّفيها.

٣ ـ ترتّب المعلومة الواحدة هكذا : اسم التفسير الحقيقيّ ، ثمّ اسمه السائر المعروف بين علامتي الحصر «ـ ـ» ، ثمّ رقم الجزء والصفحة «١/٢٠» ، ثمّ اسم السورة ورقمها ورقم الآية : «سورة الفاتحة ١ : ٤» ، ثمّ اسم الشاعر إن وجد ، ثمّ عجز البيت أو صدره أو قطعة منه إن عرفت القافية ، ثمّ الاختلاف في الرواية عن البيت المصدّر قبل ذكر التفاسير ، ثمّ الاِفادات والزيادات إن وجدت.

٤ ـ ترتّب الاَبواب على حروف الهجاء ، ثمّ تقسّم إلى أربعة فصول ، مثلاً :

الباب الاَول : قافية الهمزة.

الفصل الاَول : قافية الهمزة الساكنة.

الفصل الثاني : قافية الهمزة المفتوحة.

الفصل الثالث : قافية الهمزة المضمومة.

الفصل الرابع : قافية الهمزة المكسورة.

الباب الثاني : قافية الباء.

وهكذا ...

٥ ـ ترتّب القوافي على حرف الرويّ ، ثمّ الحرف الذي يسبقه ، ثمّ الاَسبق وهكذا رجوعاً إلى أن يتميّز أحد البيتين عمّا قبله أو بعده ، وهو ما قلتُه من قبل : ترتيب أساس البلاغة معكوساً.


وهاك عدّة أمثلة من هذه القوافي ، في قافية الهمزة :

الفصل الثاني : قافية الهمزة المضمومة :

الاِباءُ ، يُستباءُ ، الظِباءُ.

هباءُ ، أهباءُ ، الشتاءُ ، الفتاءُ.

٦ ـ كثيراً ما يستشهد المفسّر ببيتين أو ثلاثة أبيات أو أكثر ، فالترتيب في هذا المعجم يكون للبيت الاََوّل ، أمّا الاَبيات الباقية فأصنع لها إحالات توضع في مكانها ضمن الترتيب المذكور في الفقرة الخامسة ، وإليك مثلاً من ذلك :

أَرأَيتِ إِن أَعطيتُك الودّ كلّه

ولم يك عندي إِن أَبيتِ إِباءُ

أَمسلمتي للموت أنتِ فميّت

وهل للنفوس المسلّماتٍ بقاءُ

فالبيت الاََوّل يرتّب مع التفاسير التي استشهدت به أو بالبيتين جميعاً أو بجزء من أحدهما حسب كلمة «إباءُ».

وأمّا البيت الثاني فأحيله على البيت الاََوّل ، هكذا :

وهل للنفوسِ المسلَمات بقاءُ

ولم يكُ عندي إن أَبيت إباءُ

٧ ـ إذا استشهد أحد المفسّرين بجزء بيت ، صدر أو قطعةٍ منه أو كلمةٍ ولم يكن البيت من الاَبيات التي عرفت قوافيها ، يؤخّر هذا الجزء المستشهَد به إلى آخر قسم في الكتاب وهو القسم الثالث : أجزاء الاَبيات التي لم تُعرف قوافيها.

وأمّا إذا استشهد بعجز بيت ، فإنّه يأخذ مكانه كما في الفقرة الخامسة ،


وتوضع في مكان الصدر الذي لم نعرفه عدّة نقاط ، فإن عرفنا الصدر وضعناه ، وأشرنا إلى أنّ المفسّر استشهد بعجز البيت فقط ، كما في الفقرة الخامسة أيضاً.

وكان في نيّتي أن أقسّم العمل في الشاهد الواحد إلى خمسة أقسام :

١ ـ البيت مضبوطاً مشكولاً.

٢ ـ كتب التفسير.

٣ ـ تعضيد الشاهد من دواوين الشعر وكتب الاَدب والاختيارات والحماسات واللغة والبلدان والتاريخ والنسب وغريب الحديث والسير.

٤ ـ شرح الشاهد شرحاً موجزاً بلا إخلال.

٥ ـ ترجمة الشاعر في أَوّل شاهد يرد له في الكتاب.

وقد سرت في هذه الاَعمال سيراً لم يبلغ الغاية ، وإن كان قد وصل إلى جملة صالحة من الطريق نحوها ، ولكنّي رأيت أنّ ذلك يطول فعزمت على إخراجه مقصوراً على العملين الاَوّلين الآن ، وأنا ماضٍ في إكماله وسيتمّ قريباً إن شاء الله تعالى.

وإليك قائمة بأسماء التفاسير المعتمدة في هذا الكتاب ، مع تعريف مفصّل بها :

١ ـ معاني القرآن ، لاَبي زكريّا يحيى بن زياد الفرّاء (٢٠٧).

ثلاثة أجزاء : الجزء الاَوّل بتحقيق أحمد يوسف نجاتي ومحمّد علي النجّار ، والجزء الثاني بتحقيق محمّد علي النجّار ، والجزء الثالث بتحقيق الدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي ومراجعة علي النجدي ناصف ، طبع في مطابع دار الكتب المصريّة ونشر في سلسلة «تراثنا» ، والنسخة التي بيدي طبعت بطريقة الاَُوفست وليس فيها تأريخ الطبع ولكن في آخر الجزء الثالث


عند ذكر رقم الاِيداع وجدت ذكر سنة ١٩٧٢ م.

٢ ـ مجاز القرآن ، لاَبي عبيدة معمر بن المثنّى التيميّ بالولاء (٢١٠).

عارضه بأُصوله وعلّق عليه الدكتور محمّد فؤاد سزكين ، نشر مكتبة الخانجي بالقاهرة ، في آخر الجزء الاَوّل جاء ما يلي «مطبعة السعادة بجواز محافظة مصر ١٩٥٤» ، مجلّدان.

٣ ـ معاني القرآن ، لسعيد بن مسعدة المجاشعيّ البلخيّ ، المعروف بـ «الاَخفش» (٢١٥).

دراسة وتحقيق الدكتور عبد الاَمير محمّد أمين الورد ، طبع عالم الكتب ١٤٠٥ الطبعة الاَُولى ، مجلّد واحد.

٤ ـ تأويل مشكل القرآن ، لاَبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (٢١٣ ـ ٢٧٦).

شرحه ونشره السيّد أحمد صقر ، نشر المكتبة العلمية في المدينة المنوّرة على ساكنها السلام وصاحب المكتبة هو محمّد سلطان النمنكاني ، الطبعة الثالثة ١٤٠١ بمصر ، مجلّد واحد.

٥ ـ تفسير غريب القرآن ، لاَبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (٢١٣ ـ ٢٧٦).

تحقيق السيّد أحمد صقر ، أُوفست دار الكتب العلمية ببيروت ١٣٩٨ وهي طبعة مسروقة محيت منها آثار تأريخ ومكان ومطبعة الطبعة الاَُولى ولكن تاريخ مقدّمة الكتاب ١٣٧٨ ، مجلّد واحد.

٦ ـ جامع البيان عن وجوه تأويل القرآن ، لاَبي جعفر محمّد بن جرير الطبري (٢٢٤ ـ ٣١٠).


وقد اعتمدت منه على طبعتين :

الطبعة الاَُولى : وهي المطبوعة بمطبعة بولاق بمصر ، التي بُدىَ بطبعها سنة ١٣٢٣ وانتهي منه سنة ١٣٣٠ ، وقد بذل نفقة طبعه عمر حسين الخشّاب صاحب المكتبة والمطبعة الخيرية بجوار الاَزهر ، وطبع بهامشه تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان لنظام الدين الحسن بن محمّد بن حسين القمّيّ النيشابوريّ من رجال القرن الثامن ، وهذه الطبعة في ثلاثين جزءاً جمعت في اثنتي عشر مجلّداً.

والطبعة الثانية : وهي التي حقّق فيها الكتاب وعلّق حواشيه محمود محمّد شاكر وراجعه وخرّج أحاديثه أحمد محمّد شاكر ، وطبعت في دار المعارف بمصر ، وهي أَوّل كتاب في سلسلة «تراث الاِسلام» ، لم تذكر فيها سنة الطبع غير أنّ مقدّمة المحقّق مؤرّخة في ٤ جمادى الآخرة ١٣٧٤ وهذه الطبعة في ستّة عشر مجلّداً تنتهي إلى نهاية الآية ٢٧ من سورة إبراهيم ، وتتّفق مع ١٣/١٤٥ من طبعة بولاق ، ولو تمّت لاَهملتُ طبعة بولاق فإنّ تحقيقها وتخريج أحاديثها من أجود ما رأيت ولكن للضرورة أحكام.

٧ ـ معاني القرآن وإعرابه ، لاَبي إسحاق إبراهيم بن السَريّ الزجّاج (٣١١) ، خمسة أجزاء.

شرح وتحقيق الدكتور عبد الجليل عبده شلبي ، طبع عالم الكتب ببيروت ، الطبعة الاَُولى ١٤٠٨ خمسة أجزاء.

٨ ـ مسألة سبحان ، صنعة أبي عبد الله إبراهيم بن محمّد بن عرفة النحويّ المعروف بـ «نفطويه» (٢٤٤ ـ ٣٢٣).

تحقيق ياسين محمّد السوّاس ، طبعت في مجلّة مجمع اللغة العربية بدمشق في المجلّد ٦٤ في الجزء الثالث منه ص ٣٦١ ـ ٣٩١.


٩ ـ إعراب ثلاثين سورة ، لاَبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذانيّ النحويّ الشافعيّ (٣٧٠).

أُوفست عالم الكتب ١٤٠٦ ، وقد ضيّعت على الباحثين ميزات الطبعة من اسم المحقّق واسم المطبعة وسنة الطبع.

١٠ ـ إعراب القراءات السبع وعللها ، لاَبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذانيّ النحويّ الشافعيّ (٣٧٠).

حقّقه وقدّم له الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين ، نشر مكتبة الخانجي بالقاهرة ، وطبع مطبعة المدني فيها ، الطبعة الاَُولى ١٤١٣ ، مجلّدان.

١١ ـ الحجّة للقرّاء السبعة (أئمة الاَمصار بالحجاز والعراق والشام الّذين ذكرهم أبو بكر بن مجاهد) ، لاَبي علي الحسن بن أحمد عبد الغفّار الفارسيّ (٢٨٨ ـ ٣٧٧).

حقّقه بدر الدين قهوجي وبشير حويجاتي وراجعه ودقّقه عبد العزيز رباح وأحمد يوسف الدقّاق ، نشر دار المأمون للتراث بدمشق ، الطبعة الاَُولى ١٤٠٤ ، ستّة مجلّدات بدون فهارس.

١٢ ـ حجّة القراءات ، لاَبي زرعة عبد الرحمن بن محمّد بن زنجلة (كان حيّاً في ٣٨٢).

تحقيق سعيد الاَفغاني ، طبع مؤسّسة الرسالة ببيروت ، الطبعة الرابعة ١٤٠٤ ، مجلّد واحد.

١٣ ـ المحتسب ، في تبيين وجوه شواذّ القراءات والاِيضاح عنها ، لاَبي الفتح عثمان بن جنّي (٣٩٢).

تحقيق علي النجدي ناصف والدكتور عبد الحليم النجّار والدكتور


عبد الفتاح إسماعيل شلبي ، المجلس الاَعلى للشؤون الاِسلامية ـ لجنة إحياء التراث الاِسلامي بالقاهرة ، سلسلة يشرف على إصدارها محمّد توفيق عويضة ، طبع بالقاهرة ١٣٨٦ ، مجلّدان.

١٤ ـ حقائق التأويل في متشابه التنزيل ، لمحمّد بن الحسن الموسوي المعروف بـ «الشريف الرضي» ، جامع نهج البلاغة (٤٠٦).

شرحه محمّد رضا كاشف الغطاء وترجم لمؤلّفه عبد الحسين الحلّيّ ، الطبعة الاَُولى الصادرة عن منتدى النشر بالنجف ، مجلّد واحد.

١٥ ـ النكت والعيون ، لاَبي الحسن علي بن محمّد بن حبيب البصريّ الماورديّ (٣٦٤ ـ ٤٥٠).

راجعه وعلّق عليه السيّد بن عبـد المقصود بن عبـد الرحيم ، نشر دار الكتب العلمية ببيروت ومؤسّسة الكتاب الثقافية ، الطبعة الاَُولى ١٤١٢ ، في ستّ مجلّدات.

وهي طبعة سقيمة التحقيق والتعليق والضبط وخاصّة في الشعر فقد صُحّف وحُرّف بأعجب ما يكون من التصحيف والتحريف.

وقد تبيّن لي أنّها طبعة مسروقة فقد وجدت أثناءَ عملي إحالات إلى هذا الكتاب لا تتّفق مع أجزائه وصفحاته.

١٦ ـ كتاب القرطين ، لمحمّـد بن أحمد بن مطرف ، أبي عبـد الله الكتّانيّ الكنانيّ القرطبيّ الطرفيّ (٤٥٤).

وهو جمع بين مشكل القرآن وغريب القرآن لابن قتيبة ، والطبعة التي بيدي أُوفست دار المعرفة ببيروت ، بلا تاريخ ولا ... ، جزءان في مجلّد واحد.

١٧ ـ التبيان ، لاَبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠).


تحقيق أحمد حبيب قصير العاملي ، أُوفست دار إحياء التراث العربي ببيروت ، بلا تاريخ ، عشر مجلّدات.

١٨ ـ الكشّاف عن حقائق التنزيل وعيون الاَقاويل في وجوه التأويل ، لاَبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي (٤٦٧ ـ ٥٣٨).

أُوفست دار الفكر ببيروت ، وقد طمست معالم الطبعة التي صوّرت عنها طبعتها ، وهي طبعة في حاشيتها حاشية علي بن محمّـد الجرجاني ، وكتاب الاِنصاف في مـا تضمّنـه الكشّاف من الاعتـزال لاَحمد بن محمّـد ابن المنير الاسكندري وبآخرها تنزيل الآيات على الشواهد من الاَبيات لمحبّ الدين أفندي ، وهي كما يظهر لي من طبعات البابي الحلبي ، أربع مجلّدات.

١٩ ـ أحكـام القـرآن ، لاَبـي بكـر محمّـد بـن عبـد الله المعـروف بـ «ابن العربي» (٤٦٨ ـ ٥٤٣).

تحقيق علي محمّـد البجاوي ، الطبعة الثالثة ١٣٩٢ ، أربع مجلّدات.

٢٠ ـ المحرّر الوجيـز في تفسير كتاب الله العزيـز ، لاَبـي محمّـد عبـد الحقّ بن غالب بن عطية الاَندلسي (٤٨١ ـ ٥٤٦).

تحقيق المجلس العلميّ بفاس وبقية المجالس العلميّة في مدن المغرب العربيّ الاَقصى ، بدىَ بطبعه في ١٣٩٥ وانتهي منه في ١٤١١ ، في ستّـة عشر مجلّداً.

٢١ ـ مجمع البيان في تفسير القرآن ، لاَبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (٥٤٨).

طبع في مطبعة العرفان بصيدا ، بدىَ بطبعه في سنة ١٣٣٣ وانتهي في سنة ١٣٥٧ كما يتبيّن من صفحة العنوان للمجلّد الاََوّل وخاتمـة الكتاب ،


عشرة أجزاء في خمس مجلّدات وكلّ مجلّد متسلسل أرقام الصفحات.

٢٢ ـ البيان في غريب إعراب القرآن ، لاَبي البركات كمال الدين عبـد الرحمن بن محمّـد بن عبيـد الله بن مصعب بن أبي سعيد ، المعروف بـ «ابن الاَنباري» (ربيع الآخر ٥١٣ ـ ليلة الجمعة ١٩ شعبان ٥٧٧).

تحقيق الدكتور طـه عبـد الحميد طـه ومراجعة مصطفى السقّا ، أُوفست دار الهجرة في قم بإيران ١٤٠٣ عن طبعة مصرية طمس منها اسم المطبعة والتاريخ ولم يبق إلاّ رقم الاِيداع وتأريخه في آخر صفحة ، وتأريخه هو ١٩٧٠ م ، مجلّدان.

٢٣ ـ الجامـع لاَحكـام القـرآن ، لاَبي عبـد الله محمّـد بن أحمـد الاَنصاري القرطبيّ (٦٧١).

طبع بمطبعة دار الكتب والوثائق القوميّة بالقاهرة ١٣٨٦ الطبعة الثانية ، في عشرين مجلّداً.

٢٤ ـ البحـر المحيـط ، لاَبي حيّان محمّـد بن يوسف الاَندلسيّ الغرناطيّ (٦٥٤ ـ ٧٥٤).

مطبعة السعادة بمصر ١٣٢٩ ، وبهامشه النهر المادّ من البحر وهو مختصر للبحر المحيط اختصره المؤلّف نفسه ، والدرّ اللقيط من البحر المحيط لتلميذ المؤلّف تاج الدين الحنفيّ النحويّ (٦٨٢ ـ ٧٤٩) ، ثمان مجلّدات كبار.

٢٥ ـ الدرّ المصـون في علـوم الكتاب المكنـون ، لاَبي العبّاس شهاب الدين أحمـد بن يوسف بن محمّـد بن إبراهيـم الحلبـي ، المعروف بـ «السميـن» (٧٥٦).

ولهذا الكتاب معي قصّة حيث استخرجت شواهد الاَجزاء السبعة من


تحقيق الدكتور أحمد محمّـد الخرّاط وهي الطبعة الاَُولى طبعتها دار القلم في دمشق وبيروت ١٤٠٦ و ١٤١١ ، ولكنّ الاَجزاء السبعة لا تفي بالكتاب كاملاً ، وجاءتني الطبعة الكاملة بتحقيق الشيخ علي محمّـد معوض والشيخ عادل أحمـد عبـد الموجـود والدكتور جاد مخلـوف جاد والدكتور زكريّا عبـد المجيد النوتي ، وقدّم له وقرّظه الدكتور أحمد محمّـد صبرة من كلية أصول الدين بجامعة الاَزهر ، وطبعته دار الكتب العلميّة في بيروت وكتبت عليه الطبعة الاَُولى ١٤١٤ وهي في ستّ مجلّدات كبار ، فصحّحت أرقام الصفحات على هذه الطبعة.

ثمّ وقع بيدي كتاب تحقيق المخطوطات بين الواقع والنهج الاَمثل للدكتور عبـد الله بن عبـد الرحيم عسيلان فوجدته يقول في ص ٧٥ :

«وما أكثر ما نجده من أمثلة على عبث بعض أدعياء التحقيق والمتاجرين به في ما يقدمون عليه من إعادة نشر كتب سبق أن خرجت محقّقة بعناية وجهد واضح ، غير أنّه لا يطيب لهم إلاّ أن تخرج مرّة أُخرى مشوّهة على أيدٍ مجهولة الهوية في ميدان التحقيق ، وهدفهم الواضح هو المتاجرة وكسب المال ممّـا يفقدهم الاِحساس الصادق بقيمة العمل الذي يخرجونه وما يتطلّبه من بذل الجهد والدراية والمعرفة والصبر ليخرج على الصورة الصحيحة ، ولا يتورّع بعضهم عن السطو على جهد من سبقه في وضح النهار وتكاد تغصّ الساحة بغُثاء هؤلاء وسطو بعضهم على جهود غيره ، وأقرب شاهد على ذلك يتمثّل في الطبعة الاَخيرة من الدرّ المصون في علوم الكتاب المكنون ... وقد فوجىَ المحقّق منذ شهور بصدور الطبعة المذكورة ، وبعد أن تفحّصها ودقّق النظر فيها تبيّن له بالدليل والبرهان الساطع أن المدّعين لتحقيقها قد سطوا على جهده السابق المتمثّل في


الاَجزاء السبعة التي تمكّنوا من الاطّلاع عليها حيث أخذوا عنه المتن بحذافيره وجلّ الحواشي وما لهم إلاّ التقديم والتأخير والتمويه والاِفساد».

وقد انتقد الدكتور الخرّاط تلك الطبعة في مقاله : «سلام على التراث ـ قراءة في أوراق فضيحة علمية» المنشور في ملحق التراث بجريدة المدينة المنوّرة يوم الخميس ١٢ شوّال ١٤١٤ في العدد ١١٣٥.

٢٦ ـ أنـوار التنـزيل وأسـرار التأويـل ، لناصـر الدين أبـي سعيـد عبـد الله بن عمر بن محمّـد الشيرازي البيضاوي (٧٩١).

أُوفست دار الكتب العلمية ببيروت كتب عليها الطبعة االأولى ١٤٠٨ وجميع الحقوق محفوظة للدار المذكورة ، والطبعة كما أرى من طبعات البابي الحلبي طمست دار الكتب العلمية آثار مُشَخِّصاتِها ، مجلّدان.

* * *


مصادر المقدّمـة

١ ـ إنباه الرواة على أنباه النحاة ، لجمال الدين أبي الحسن عليّ بن يوسف القفطي (٦٤٢) ، تحقيق : محمّـد أبو الفضل إبراهيم ، نشر : دار الفكر العربي بالقاهرة ومؤسّسة الكتب الثقافية ببيروت ، الطبعة الاَُولى ١٤٠٦ ، ٤ مجلدات.

٢ ـ بغيـة الوعـاة في طبقات اللغوييـن والنحـاة ، لجلال الديـن عبـد الرحمن السيوطي (٩١١) ، تحقيق : محمّـد أبو الفضل إبراهيم ، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه بمصر ، الطبعة الاَُولى ١٣٨٤ ، مجلّدان.

٣ ـ طبقات فحـول الشعـراء ، لمحمّـد بن سلام الجمحي (١٩٣ ـ ٢٣١) ، قرأه وشرحه أبو فهر محمود محمد شاكر ، مطبعة المدني ، بدون تأريخ ، ولكن تاريخ الاِيداع ١٩٧٤ م ، الطبعة الثانية ، مجلّدان.

٣ ـ معجم شواهد العربية ، لعبد السلام محمّـد هارون ، نشر : مكتبة الخانجي بمصر ، الطبعة الاَُولى ١٣٩٢ ، جزءان في مجلّد واحد.

هـذا وأسأل الله تعالـى الرحمـة والمغفـرة بخدمـة كتابـه العزيـز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم.

وأعتذر من القرّاء عن الهفوات والخطأ والنسيان التي هي جبلّة فينا معشر بني آدم ، والله مـن وراء القصد.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

أسعـد الطيّـب


الباب الاَوّل

قافيـة الهمـزة

الفصل الاَوّل

قـافيـة الهمـزة المفتوحـة

إنّ مَن يدخل الكنيسة يوماً

يَلقَ فيها جآذِراً وظِباءَ

المحرّر الوجيز ٨/٧٣ ، سورة الاَنفال ٨ : ٤١ ، صدره.

مجمع البيان ٤/١٦ ، سورة طـه ٢٠ : ٦٣ ـ الحجّة والاِعراب.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١١/٢٢٦ ، سورة طـه ٢٠ : ٧٤.

الدرّ المصون ٢/١٩٣ ، سورة آل عمران ٣ : ١١٧.

وكرّره ٣/٤١٩ ، سورة الاَنفال ٨ : ٤١.

وكرّره ٥/٣٦ ، سورة طـه ٢٠ : ٦٣.

ملكتُ بها كفّي فأَنهَرْتُ فَتْقَها

يرى قائمٌ من دونها ما وراءها

تأويل مشكل القرآن : ١٧٤ ، باب الاستعارة ، قيس بن الخطيم يصف طعنة.

تفسير غريب القرآن : ٤٣٥ ، سورة القمر ٥٤ : ٥٤ ، قيس بن الخطيم.

الحجّة للقرّاء السبعة ١/١٣ ، سورة الفاتحة ١ : ٤.

وكرّر في ١/١٧ ، سورة الفاتحة ١ : ٤ ، «ملكت بها كفّي» فقط.

النكت والعيون ١/٥٦ ، سورة الفاتحة ١ : ٤.

القرطين ٢/٧٥ ، غريب سورة الاَحزاب ومشكلها ، قيس بن الخطيم.

وكرّره ٢/١٤٧ ، غريب سورة القمر ومشكلها ، قيس بن الخطيم.

التبيان ١/٣٤ ، سورة الفاتحة ١ : ٤ ، وفيه «وأنهرت».

وكرّره ٢/٥٧ ، سورة البقرة ٢ : ١٦٤.

وكرّره ٢/٣٤٢ ، سورة البقرة ٢ :


٢٦٦.

المحرّر الوجيز ١/٦٨ ، سورة الفاتحة ١ : ٤ ، صدره.

وكرّر البيت ١/١٤٧ ، سورة البقرة ٢ : ٢٥ ، قيس بن الخطيم.

وكرّره ٢/٣٤ ، سورة البقرة ٢ : ١٦٤.

وكرّره ١٥/٣١٧ ، سورة القمر ٥٤ : ٥٤ ، قيس بن الخطيم.

مجمع البيان ١/٢٤ ، سورة الفاتحة ١ : ٤ ـ اللغة.

وكرّره ١/٢٤٥ ، سورة البقرة ٢ : ١٦٤ ـ اللغة.

وكرّر صدره ٣/٢٩٦ ، سورة الرعد ١٣ : ٣٥ ـ اللغة.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١/٢٣٩ ، سورة البقرة ٢ : ٢٥ ، قيس ابن الخطيم.

وكرّره ٢/١٩٤ ، سورة البقرة ٢ : ١٦٤.

وكرّره ١٧/١٤٩ ، سورة القمر ٥٤ : ٥٤.

البحر المحيط ١/٢٠ ، سورة الفاتحة ١ : ٤ ، قيس بن الخطيم ، وفيه : «يرى قائماً».

وكرّره ٨/١٨٤ ، سورة القمر ٥٤ : ٥٤ ، قيس بن الخطيم.

الدرّ المصون ١/٦٩ ، سورة الفاتحة ١ : ٣.

وكرّر صدره ١/١٥٩ ، سورة البقرة ٢ : ٢٥.

وكرّر البيت ٦/٢٣٤ ، سورة القمر ٥٤ : ٥٤ ، قيس بن الخطيم.

كيف تركتَ الاِبْلَ والشاءا

حتّى تجيءَ خلفَه الماءا

أبقيتَ لي سُقماً يُمازِجُ مُهجَتي

من ذا يَلَذُّ مع السَقامِ بَقاءا

إعراب القراءات السبع ١/٧٤ ، سورة البقرة ٢ : ٢٢.

لا تُدخِلَنْ حلْقَكَ شيئاً ترى

حتّى تَجيءَ خلفَه الماءا

جئتَ من البَدوِ أبا خالدٍ

كيف تركتَ الاِبْلَ والشاءا

إعراب القراءات السبع ١/٧٤ ، سورة البقرة ٢ : ٢٢.

وكرّر البيت الثاني ٢/١٣٥ ، سورة الشعراء ٢٦ : ٦١ ، وصدره هنا :

يا راكباً أقبل من ثَهْمَـدٍ

كيف تركتَ الاِبْلَ والشاءا


ذرِ الآكلينَ الماءَ لوما فما أرى

ينالونَ خَيراً بعدَ أكلِهمُ الماءا

النكت والعيون ٢/٣٥٧ ، سورة التوبة ٩ : ٣٤.

التبيان ٥/٢١٠ ، سورة التوبة ٩ : ٣٤.

مجمع البيان ٣/٢٥ ، سورة التوبة ٩ : ٣٤ ـ المعنى.

حياتك أنفاس تعدّ فكلمّا

مضى نَفَسٌ منك انتقصت به جزءا

يُميتك ما يحييك في كل ليلة

ويحدوك حادٍ ما يريد بك الهُزءا

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١١/١٥٠ ، سورة مريم ١٩ : ٨٤.

البحر المحيط ٧/٣٠٤ ، سورة فاطر ٣٥ : ١١ ، البيت الاَوّل.

الدرّ المصون ٥/٤٦٢ ، سورة فاطر ٣٥ : ١١ ، البيت الاَوّل.

ويحدوك حادٍ ما يريد بك الهزءا

مضى نفس منك انتقصت به جزءا

فأبلِغ إياداً إن عرضتَ وطَيِّئاً

وأبلِغ حليفَينا ومن قد تَسَوَّءا

الحجّة للقرّاء السبعة ١/٢٥٣ ، سورة البقرة ٢ : ٦.

* * *


الفصل الثاني

قافية الهمـزة المضمومة

مستودعاتٌ وللاَبناء آباءُ

مستودعات وللآباء أبناءُ

أَرَأَيْتِ إذْ أَعْطَيتُكِ الودَّ كُلَّهُ

ولم يَكُ عندي إن أَبَيْتِ إباءُ

أمُسْلِمَتي للمَوتٍ أنتِ فميّتٌ

وهل للنُفوسِ المُسْلَماتِ بَقاءُ

جامع البيان ـ للطبري ـ ٢٢/٢٦ ، سورة الاَحزاب ٣٣ : ٥٣.

الحجّة للقرّاء السبعة ١/١٦١ ، سورة الفاتحة ١ : ٧ ، البيت الثاني.

واما أن يقولوا قد أَبَيْنا

وشَرُّ مَواطِنِ الحَسَبِ الاِباءُ

البحر المحيط ١/١٥١ ، سورة البقرة ٢ : ٣٤.

الدرّ المصون ١/١٨٨ ، سورة البقرة ٢ : ٣٤.

فلم أرَ مَعْشَراً أَسَرُوا هَدِيّاً

ولم أَرَ جارَ بَيتٍ يُسْتَباءُ

جامع البيان ـ للطبري ـ ٢/١٢٨ بولاق (شاكر ٤/٣٥) ، سورة البقرة ٢ : ١٩٦ ، زهير.

البحر المحيط ٢/٦٠ ، سورة البقرة ٢ : ١٩٦ ، زهير.

ظاهراتُ الجَمالِ والحُسْنِ يَنْظُرْ

نَ كما تَنْظُرُ الاََراكَ الظِباءُ

معاني القرآن ـ للاَخفش ـ ١/٤٤٩ ، سورة النساء ٤ : ٤٦.

جامع البيان ـ للطبري ـ ٥/٧٧ بولاق (شاكر ٨/٤٣٨) ، سورة النساء ٤ : ٤٦ ، عبد الله بن قيس الرقيّات.

الحجّة للقرّاء السبعة ٦/٢٧٠ ، سورة الحديد ٥٧ : ١٣ ، أنشده أبو الحسن.

المحرّر الوجيز ٤/١٤٠ ، سورة النساء ٤ : ٤٦ ، ابن قيس الرقيّات.

وكرّره ١٠/١٨١ ، سورة النحل ١٦ : ٣٣.

مجمع البيان ٥/٢٣٣ ، سورة الحديد ٥٧ : ١٣ ـ الحجّة ، أنشده أبو الحسن.


الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٢/٦٠ ، سورة البقرة ٢ : ١٠٤.

البحر المحيط ١/٣٣٩ ، سورة البقرة ٢ : ١٠٤.

وكرّره ٣/٢٦٤ ، سورة النساء ٤ : ٦٤ ، ابن قيس الرقيّات.

فَلَمّا أن تَفَرّقَ آلُ ليلى

جرَتْ بيني وبيْنَهمُ ظِباءُ

جَرَتْ سُنُحاً فقُلتُ لها مَروعاً

نَوًى مَشْمولةً فمتى اللِقاءُ

الحجّة للقرّاء السبعة ٢/٢٥٤ ، سورة البقرة ٢ : ١٦٤ ، زهير ، البيت الثاني.

وكرّر البيتين ٥/٨٨ ، سورة الاِسراء ١٧ : ١٣ ، زهير.

مجمع البيان ١/٢٤٦ ، سورة البقرة ٢ : ١٦٤ ـ اللغة ، زهير ، البيت الثاني.

وكرّر البيتين ٣/٤٠٣ ، سورة الاِسراء ١٧ : ١٢ ـ اللغة ، زهير.

يقابله صداءٌ والهباءُ

عطاشاً ما تبلّهم السماءُ

لا يَكونُ المَقالُ إلاّ بفِعْلٍ

كلُّ قَولٍ بلا فِعالٍ هَباءُ

إنّ قَولاً بلا فِعالٍ جَميلٍ

ونِكاحاً بلا وَليٍّ سَواءُ

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٤/٣٢٩ ، سورة فاطر ٣٥ : ١٠.

بادَتْ وغَيَّرَ آيَهُنُّ مع البِلى

إلاّ رَواكِدَ جَمْرُهنَّ هَباءُ

ومُشَجَّجٌ أَمّا سَواءُ قَذالِه

ِفبدا وغَيَّبَ سارَهُ المَعْزاءُ

معاني القرآن ـ للزجّاج ـ ١/٢٥٤ ، سورة البقرة ٢ : ١٨٥ ، وفيه : «فبدا وغيره» وهو تحريف.

وكرّرهما ٥/١١١ ، سورة الواقعة ٥٦ : ٢٢ ، وفي البيت الثاني : «فبدا وغيّر».

الحجّة للقرّاء السبعة ٣/٥ ، سورة المائدة ٥ : ٤٥ ، «بادت .. رواكد» فقط.

وكرّر عجز البيت الاَوّل ٥/٣١٣ ، سورة النور ٢٤ : ٨.

وكرّر البيت الاَوّل ٦/١٨٧ ، سورة الاَحقاف ٤٦ : ٢٥ و ٣٣.

وكرّر في ٦/٥٦ ، سورة الواقعة ٥٦ : ٢٢ ، «بادت .. رواكد» «ومشجج .. فبدا» فقط.

التبيان ٢/١٢٥ ، سورة البقرة ٢ :


١٨٥.

وكرّرهما ١٠/٤٠ ، سورة الطلاق ٦٥ : ١١.

الكشّاف ٤/٥٤ ، سورة الواقعة ٥٦ : ٢١ ، عجز البيت الاَوّل وكلمة «مشجج» من البيت الثاني.

المحرّر الوجيز ١١/٢٧٤ ، سورة النور ٢٤ : ٧.

مجمع البيان ١/٢٧٦ ، سورة البقرة ٢ : ١٨٥ الاِعراب ، وفيه : «ياربّ» بدل : «بادت» وهو تحريف.

وكرّرهما ٢/١٩٩ ، سورة المائدة ٥ : ٤٥ ـ الاِعراب.

وكرّر البيت الاَوّل ٥/٩٣ ، سورة الاَحقاف ٤٦ : ٣٣ ـ الحجّة.

وكرّرهما ٥/٢١٦ ، سورة الواقعة ٥٦ : ٢٢ ـ الحجّة.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٢/٣٠٦ ، سورة البقرة ٢ : ١٨٥.

الدرّ المصون ٦/٢٥٧ ، سورة الواقعة ٥٦ : ٢٢ ، عجز البيت الاَوّل وكلمة «مشجج» من البيت الثاني.

فتَرى خَلْفَها من الرَجْعِ والوَقْـ

ـعِ مَنيناً كأنّهُ أَهْباءُ

المحرّر الوجيز ١٢/١٨ ، سورة الفرقان ٢٥ : ٢٣ ، وفيه : «من الربع».

وكرّره ١٦/٢٦٦ ، سورة الانشقاق ٨٤ : ٢٥ ، الحارث بن حِلِّزة اليشْكُريّ ، وفيه : «فترى خلفهنّ من شدّة الرجع منيناً كأنّي».

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٣/٢٢ ، سورة الفرقان ٢٥ : ٢٣ ، الحارث بن حِلِّزة.

وكرّره ١٥/٣٤١ ، سورة فصّلت ٤١ : ٨.

وكرّره ١٩/٢٨٢ ، سورة الانشقاق ٨٤ : ٢٥ ، أخو يشْكُر ، وفيه : «فترى خلفهن من سرعة الرجع منيناً».

إذا كان الشِتاءُ فأَدْفِئُوني

فإنّ الشَيخَ يُهْرِمُهُ الشِتاءُ

حقائق التأويل : ٢١٦ ، سورة آل عمران ٣ : ١١٠ ، المسألة ٢٣.

مجمع البيان ٣/٥١٠ ، سورة مريم ١٩ : ٢٩ ـ الاِعراب.

البيان في غريب إعراب القرآن ١/١٨١ ، سورة البقرة ٢ : ٢٨٠ ، صدره.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٥/٦٤ ، سورة النساء ٤ : ١١.


اذا عاش الفتى مائتين عاماً

فقد ذهب اللذاذة والفتاء

مجمـع البيـان ٣/٤٦٣ ، سورة الكهف ١٨ : ٢٥ ـ الحجّة ، الربيع بن ضبع الفزاري.

الدرّ المصون ٤/٤٤٧ ، سورة الكهف ١٨ : ٢٥.

وإنّي لاََرْجوكُمْ على بُطْءِ سَعْيكُمْ

كما في بُطونِ الحامِلاتِ رَجاءُ

حقائق التأويل : ٩٦ ، سورة آل عمران ٣ : ٤٥ ، المسألة ١٠.

وجارٍ سارَ مُعْتَمِداً إلَيْكُمْ

أجاءَتْهُ المَخافةُ والرَجاءُ

مجاز القرآن ٢/٤ ، سورة مريم ١٩ : ٢٣ ، زهير.

جامع البيان ـ للطبري ـ ١٦/٤٨ ، سورة مريم ١٩ : ٢٣ ، زهير.

معاني القرآن ـ للزجّاج ـ ٣/٣٢٤ ، سورة مريم ١٩ : ٢٣ ، زهير.

النكت والعيون ٣/٣٦٣ ، سورة مريم ١٩ : ٢٣ ، زهير.

التبيان ٧/١١٧ ، سورة مريم ١٩ : ٢٣ ، زهير.

المحرّر الوجيز ١١/٢١ ، سورة المحرر الوجيز ١١/ ٢١ ، سورة مريم ١٩ : ٢٣ ، زهير.

مجمع البيان ٣/٥١٠ ، سورة مريم ١٩ : ٢٣ ـ اللغة ، وفيه : «معتمداً علينا .. المخاوِفُ».

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١١/٩٢ ، سورة مريم ١٩ : ٢٣ ، زهير ، وفيه : «إلينا».

البحر المحيط ٦/١٨٢ ، سورة مريم ١٩ : ٢٣.

الدرّ المصون ٤/٤٩٨ ، سورة مريم ١٩ : ٢٣.

على الله التوكّل والرجاءُ

عطاشاً ما تبلّهم السماءُ

أنا المَوْتُ الذي حُدِّثْتَ عَنْه

ُفليسَ لهارِبٍ منّي نَجاءُ

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٢/٢٥٨ ، سورة البقرة ٢ : ١٨٠ ، جرير.

البحر المحيط ٢/١٦ ، سورة البقرة ٢ : ١٨٠ ، جرير.

لم يَغُرّوكُم غُروراً ولكن

يَرْفَعُ الآلُ جَمْعَهُمْ والضَحاءُ


التبيان ٨/٣٢٢ ، سورة الاَحزاب ٣٣ : ١٢ ، الحارث بن حِلِّزة.

وكرّره ١٠/٢٩١ ، سورة الانفطار ٨٢ : ٦ ، الحارث بن حِلِّزة ، وفيه : «رفع».

مجمع البيان ٤/٣٤٦ ، سورة الاَحزاب ٣٣ : ١٢ ـ اللغة ، الحارث بن حِلِّزة.

وكرّره ٥/٤٤٨ ، سورة الانفطار ٨٢ : ٦ ـ اللغة ، الحارث بن حِلِّزة ، وفيه : «رفع».

ألم أكُ جارَكُمْ ويَكونُ بيْني

وبينكم المَوَدَّةُ والاِخاءُ

الكشّاف ١/٥٧٣ ، سورة النساء ٤ : ١٤١ ، الحطيئة.

وكرّره ٢/١٠٤ ، سورة الاَعراف ٧ : ١٢٧ ، الحطيئة.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١/٢٧٥ ، سورة البقرة ٢ : ٣٠.

البحر المحيط ٣/٣٧٥ ، سورة النساء ٤ : ١٤١ ، الحطيئة.

الدرّ المصون ٢/٤٤٥ ، سورة النساء ٤ : ١٤١ ، الحطيئة.

وكرّره ٣/٣٢٥ ، سورة الاَعراف ٧ : ١٢٧ ، الحطيئة.

أنوار التنزيل ـ للبيضاوي ـ ١/٣٥٥ ، سورة الاَعراف ٧ : ١٢٧ ، الحطيئة.

أُنيخُها ما بَدا لي ثُمَّ أَبْعَثُها

كأنّها كاسِرٌ في الجَوِّ فَتْخاءُ

البحر المحيط ١/٢٠٥ ، سورة البقرة ٢ : ٥٦.

فَدَعَوْتُ رَبّي بالسَلامَةِ جاهِداً

لِيُصِحَّني فإذا السَلامةُ داءُ

الكشّاف ٣/٣٤٤ ، سورة الصافّات ٣٧ : ٨٩ ، لبيد.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٥/٩٣ ، سورة الصافّات ٣٧ : ٨٩ ، لبيد.

البحر المحيط ٧/٣٦٦ ، سورة الصافّات ٣٧ : ٨٩.

أنوار التنزيل ـ للبيضاوي ـ ٢/٢٩٧ ، سورة الصافّات ٣٧ : ٨٩ ، لبيد.

تُلَجْلِجُ مُضْغَةً فيها أَنِيضٌ

أَصَلَّتْ فهيَ تحتَ الكَشْحِ داءُ

المحتسب ٢/٢٧٤ ، سورة السجدة ٣٢ : ١٠ ، زهير.

البحر المحيط ٧/٢٠٠ ، سورة السجدة ٣٢ : ١٠.


الدرّ المصون ٥/٢٩٦ ، سورة السجدة ٣٢ : ١٠.

فصَحَوْتُ عنها بَعدَ حُبٍّ داخِلٍ

والحُبُّ يُشْرَبُهُ فُؤادُكَ داءُ

جامع البيان ـ للطبري ـ ١/٣٣٥ بولاق (شاكر ٢/٣٥٩) ، سورة البقرة ٢ : ٩٣ ، زهير.

النكت والعيون ١/١٦٠ ، سورة البقرة ٢ : ٩٣ ، زهير.

التبيان ١/٣٥٤ ، سورة البقرة ٢ : ٩٣ ، زهير.

مجمع البيان ١/١٦٢ ، سورة البقرة ٢ : ٩٣ ـ اللغة ، زهير.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٢/٣١ ، سورة البقرة ٢ : ٩٣ ، زهير.

وشرب المرء فوق الريِّ داءُ

وستّ حين يدركني العشاءُ

ضَوَامِنُ ما جارَ الدَليلُ ضُحَى غَدٍ

مِنَ البُعْدِ ما يَضْمَنَّ فَهْوَ أَداءُ

الحجّة للقرّاء السبعة ٢/٦٠ ، سورة البقرة ٢ : ٥١ ، أنشده محمّد بن يحيى.

لَعَلَّكَ والمَوْعودُ حَقٌّ لِقاؤهُ

بدا لكَ منْ تلكَ القَلُوصِ بَداءُ

الحجّة للقرّاء السبعة ٢/٥٨ ، سورة البقرة ٢ : ٥١.

مجمع البيان ٣/٢٣٠ ، سورة يوسف ١٢ : ٣٥ ـ الاِعراب.

البيان في غريب إعراب القرآن ٢/٤١ ، سورة يوسف ١٢ : ٣٥ ، عجزه.

البحر المحيط ٥/٣٠٧ ، سورة يوسف ١٢ : ٣٥ ، عجزه.

الدرّ المصون ١/١٨٥ ، سورة البقرة ٢ : ٣٣ ، عجزه.

وكرّر عجزه ٤/١٨١ ، سورة يوسف ١٢ : ٣٥.

فَصَرِّمْ حَبْلَها إذْ صَرَّمَتْهُ

وعادَكَ أن تُلاقِيَها عَداءُ

الكشّاف ٢/٥٣٤ ، سورة طـه ٢٠ : ٢١ ، زهير ، عجزه.

البحر المحيط ٦/٢٣٦ ، سورة طـه ٢٠ : ٢١ ، زهير ، عجزه.

الدرّ المصون ٥/١٥ ، سورة طـه ٢٠ : ٢١ ، زهير ، عجزه.


والجاهلون لاَهل العلم أعداء

ابوُهم آدم والاَُمّ حوّاءُ

فبُورِكَ في بَنيكَ وفي بَنيهِمْ

إذا ذُكِروا ونحنُ لكَ الفِداءُ

النكت والعيون ٤/١٩٥ ، سورة النمل ٢٧ : ٨ ، عبـد الله بن الزَبير.

البحر المحيط ٧/٥٥ ، سورة النمل ٢٧ : ٨ ، عبـد الله بن الزَبير.

الدرّ المصون ٥/٢٩٧ ، سورة النمل ٢٧ : ٨ ، عبـد الله بن الزَبير.

عَدِمنا خَيْلَنا إن لم تَرَوْها

تُثيرُ النَقْعَ مَوْعِدُها كَداءُ

الدرّ المصون ٦/٥٥٩ ، سورة العاديات ١٠٠ : ٤ ، ابن رواحة ، وفيه : «عزمت بنيّتي إن ..» وهو محرّف : «عَدِمت».

فحقّ لكلّ محصنة هداءُ

أقوم آل حصنٍ أم نساءُ

فإنّ أباكُمُ ضُلّ بن ضُلّ

وإنّا مِن إيادِكم بَراءُ

مجاز القرآن ٢/٢٠٣ ، سورة الزخرف ٤٣ : ٢٦ ، أُمَيَّة بن أبي الصلت.

أَمْ جَنايا بني عَتيقٍ فمَن يَغْـ

ـدِر فإنّا مِن حَرْبِهمْ لَبُراءُ

المحتسب ٢/٣١٩ ، سورة الممتحنة ٦٠ : ٤ ، الحارث ، «فإنّا .. لبراء» فقط.

مجمع البيان ٥/٢٦٨ ، سورة الممتحنة ٦٠ : ٤ ـ الحجّة ، الحارث بن حِلِّزة ، «فإنّا .. لبراء» فقط ، وفيه : «من قتلِهم».

نهـارُهــم ....... صِـيــامٌ

وليلُهــم صَلاةٌ واقْتِراءُ

المحتسب ٢/١٩٦ ، سورة سبـأ ٣٤ : ٤٤ ، والكلمة الساقطة : «هنا بياض في النسختين وقد كتب في هامش الصفحة كلمة (وافتقار) لاِكمال البيت ، ولكن بقلم ومداد مخالفين ، وتبدو الكلمة غريبة في البيت».

عن خدام العقيلة العذراءُ

تشمل الشام غارة شعواءُ

صَفْراء لا تَنْزِلُ الاََحْزانُ ساحَتَها

لو مَسَّها حَجَرٌ مَسَّتْهُ سَرّاءُ


البحر المحيط ٧/٣٥٩ ، سورة الصافّات ٣٧ : ٤٦ ، بعض المولّدين.

الدرّ المصون ٥/٥٠١ ، سورة الصافّات ٣٧ : ٤٦ ، بعض المولّدين.

مِن سَمومٍ كأَنَّها حَرُّ نار

ٍسَفَعَتْها ظَهيرةٌ غَرَّاءُ

مجاز القرآن ٢/١٥٤ ، سورة فاطر ٣٥ : ٢١.

تُؤَمِّلُ رَجْعَةً مِنّي وفيها

كِتابٌ مثلَ ما لَصِقَ الغِراءُ

جامع البيان ـ للطبري ـ ١/٣٣ بولاق (شاكـر ١/٩٧) ، مقدّمـة التفسير ـ القول في تأويل أسماء القرآن.

وكرّر في ١/٣٤ بولاق (شاكر ١/٩٩) ، «وفيها .. الغراء» فقط.

النكت والعيون ١/٢٤ ، أسماء القرآن.

التبيان ١/١٨ ، مقدّمة المؤلّف.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١/١٥٩ ، سورة البقرة ٢ : ٢.

الدرّ المصون ١/٩١ ، سورة البقرة ٢ : ٢.

إذا أَنا لم أُومِنْ عليك ولم يَكُن

ْلِقاؤكَ إلاّ من وَراءُ وَراءُ

معاني القرآن ـ للفرّاء ـ ٢/٣٢٠ سورة الروم ٣٠ : ٤.

الحجّة للقرّاء السبعة ٥/١٩٠ ، سورة مريم ١٩ : ٥ ، وفيه : «فلم يكن كلامك إلاّ».

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٢/٢٩ ، سورة البقرة ٢ : ٩١.

الدرّ المصون ١/٣٠٣ ، سورة البقرة ٢ : ٩١.

ولولا يَومُ يَومٍ ما أَرَدْنا

جَزاءَكَ والقُروضُ لها جَزاءُ

الحجّة للقرّاء السبعة ١/١٦٦ ، سورة الفاتحة ١ : ٧.

وكرّر في ٢/٦٦ ، سورة البقرة ٢ : ٥١ ، «ولولا .. يومٍ» فقط.

هَجَوْتَ مُحمّـداً فأجَبْتُ عَنْهُ

وعندَ اللهِ في ذاكَ الجَزاءُ

وإنّ أَبي ووالِدَتي وعِرْضي

لِعِرْضِ مُحمّـدٍ منكم وِقاءُ

أَتَشْتِمُهُ ولستَ لهُ بكُفءٍ؟!

فشَرُّكما لِخَيرِكُما الفِداءُ


لساني صارِمٌ لا عَيْبَ فيه

وبَحْري لا تُكَدِّرُهُ الدِلاءُ

مجاز القرآن ١/٣٤ ، سورة البقرة ٢ : ٢٢ ، حسّان ، البيت الثالث ، وفيه : «أتهجوه ولست له بندٍّ».

وكرّره ٢/١٤٩، سورة سبـأ ٣٤ : ٣٣، حسّان بن ثابت، البيت الثالث، بالرواية السابقة.

جامع البيان ـ للطبري ـ ١/١٢٧ بولاق (شاكر ١/٣٦٨) ، سورة البقرة ٢ : ٢٢ ، حسّان ، البيت الثالث ، وروايته كرواية مجاز القرآن.

وكرّر الاَبيات الاَربعة ١٨/٧٠ ، سورة النور ٢٤ : ١١ ، حسّان ، وفي البيت الثاني : «أبي ووالده».

التبيان ١/١٠١ ، سورة البقرة ٢ : ٢٢ ، حسّان بن ثابت ، البيت الثالث ، وروايته كرواية مجاز القرآن.

وكرّر عجزه ٢/١٩٣ ، سورة البقرة ٢ : ٢١٢ ، حسّان.

الكشّاف ٣/٢٠٩ ، سورة العنكبوت ٢٩ : ٥٢ ، حسّان ، البيت الثالث ، وروايته كرواية مجاز القرآن.

وكرّره ٣/٢٨٩ ، سورة سبـأ ٣٤ : ٢٤ ، حسّان ، البيت الثالث.

مجمع البيان ١/٦١ ، سورة البقرة ٢ : ٢٢ ـ اللغة ، حسّان ، البيت الثالث ، وروايته كرواية مجاز القرآن.

وكرّر عجزه ١/٣٠٥ ، سورة البقرة ٢ : ٢١١ ـ المعنى ، حسّان.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١/٢٣٠ ، سورة البقرة ٢ : ٢٢ ، حسّان ، البيت الثالث ، وروايته كرواية مجاز القرآن.

وكرّر عجزه ١٣/٩ ، سورة الفرقان ٢٥ : ١٥.

وكرّر البيت الاَوّل ١٣/١٤٦ ، سورة الشعراء ٢٦ : ٢٢٤ ، حسّان.

وكرّر الاَبيات الاَربعة ١٣/١٥٣ ، سورة الشعراء ٢٦ : ٢٢٧ ، حسّان ، برواية المتن.

وكرّر البيت الثالث ١٣/٢٢٠ ، سورة النمل ٢٧ : ٥٩ ، وروايته كرواية مجاز القرآن.

البحر المحيط ١/٤١٤ ، سورة البقرة ٢ : ١٤٠ ، حسّان ، عجز البيت الثالث.

وكرّر عجزه ٤/٢٢٦ ، سورة الاَنعام ٦ : ١٣٥.

وكرّر عجزه ٥/٢١ ، سورة التوبة ٩ : ٢٠ ، حسّان.

وكرّر عجزه ٦/٤٨٦ ، سورة الفرقان ٢٥ : ١٥.


وكرّر البيت الثالث ٧/٢٧٩ ، سورة سبـأ ٣٤ : ٢٤ ، حسّان ، وفيه : «أتهجوه ولست له بكفءٍ».

الدرّ المصون ١/١٥٠ ، سورة البقرة ٢ : ٢٢ ، حسّان ، البيت الثالث ، وروايته كرواية مجاز القرآن.

وكرّره ١/٣٩١ ، سورة البقرة ٢ : ١٤٠ ، وفيه : «أتهجوه .. بكفءٍ».

أنوار التنزيل ـ للبيضاوي ـ ٢/٢٦١ ، سورة سبـأ ٣٤ : ٢٤ ، حسّان ، البيت الثالث ، وفيه : «بكفءٍ».

فبدا وغيّب ساره المعزاءُ

إلاّ رواكد جمرهنّ هباءُ

وإنّ كَنائِني لَنِساءُ صِدْقٍ

فما ألّى بَنِيَّ ولا أَساءوا

الدرّ المصون ٢/١٩٤ ، سورة آل عمران ٣ : ١١٨.

هُمُ الآسونَ أُمَّ الرَأْسِ لَمّا

تَواكَلَها الاََطِبَّةُ والاَُساءُ

الحجّة للقرّاء السبعة ٤/٤٣٥ ، سورة يوسف ١٢ : ١١٠ ، الحطيئة ، «الاَطبّة والاَساء» فقط.

برديهِ صباحٌ يعتاده ومساءُ

وعفته الاَرواح والاَنواءُ

وقد خُضْنَ الهَجيرَ وعُمْنَ حتّى

يُفَرِّجُ ذاكَ عَنْهُنَّ المَساءُ

معاني القرآن ـ للفرّاء ـ ١/١٣٤ ، سورة البقرة ٢ : ٢١٤ ، أنشدني الكسائيّ.

آنَسَتْ نَبْأَةً وأَفْزَعها القُـ

ـنّاصُ عَصْراً وقد دَنا الاِمْساءُ

المحرّر الوجيز ٤/٢٢ ، سورة النساء ٤ : ٦.

وكرّره ١١/٦٦ ، سورة طـه ٢٠ : ١٠ ، الحارث بن حِلِّزة ، وفيه : «القُنّاص ليلاً وقد ...».

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٢/٢١٣ ، سورة النور ٢٤ : ٢٧.

وكرّره ١٣/١٥٦ ، سورة النمل ٢٧ : ٧ ، الحارث بن حِلِّزة.

البحر المحيط ٣/١٥٢ ، سورة النساء ٤ : ٦.

وكرّره ٦/٢٢٢ ، سورة طـه ٢٠ : ١٠ ، الحارث بن حِلِّزة ، وفيه : «ورَوّعها


القنّاص»

الدرّ المصون ٢/٣١٢ ، سورة النساء ٤ : ٦.

وكرّره ٥/٩ ، سورة طـه ٢٠ : ١٠ ، الحارث بن حِلِّزة.

وما أدْري وسَوف إخالُ أدْري

أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أم نِساءُ

فإن تَكُن النِساءُ مُخَبَّـآتٍ

فَحُقَّ لكُلِّ مُحْصَنَةٍ هِداءُ

مجاز القرآن ٢/١٥٨ ، سورة يـس ٣٦ : ١٠ ، زهير ، البيت الاَوّل.

إعراب القراءات السبع ٢/٢٠٤ ، سورة الاَحزاب ٣٣ : ٥٢ ، البيت الثاني.

النكت والعيون ٥/٣٣٢ ، سورة الحُجرات ٤٩ : ١١ ، البيت الاَوّل.

الكشّاف ٣/٥٦٥ ، سورة الحُجرات ٤٩ : ١١ ، زهير ، عجز الاَوّل.

أحكام القرآن ـ لابن العربي ـ ٤/١٦٨١ ، الآية ٢ من آيات أحكام سورة الزخرف ، سورة الزخرف ٤٣ : ٢٨ ، المسألة ٤ ، اللفظ العاشر.

المحرّر الوجيز ٧/١٤٩ ، سورة الاَعراف ٧ : ١٣٨ ، زهير ، البيت الاَوّل ، وفيه تصحيف.

وكرّره ١٥/١٤٤ ، سورة الحُجرات ٤٩ : ١١ ، زهير.

مجمع البيان ٥/١٣٦ ، سورة الحُجرات ٤٩ : ١١ ـ المعنى ، زهير.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١/٤٠٠ ، سورة البقرة ٢ : ٥٤ ، زهير ، البيت الاَوّل.

وكرّره ١٦/٨٢ ، سورة الزخرف ٤٣ : ٢٨.

وكرّره ١٦/٣٢٥ ، سورة الحُجرات ٤٩ : ١١ ، زهير.

البحر المحيط ١/٢٠٣ ، سورة البقرة ٢ : ٥٤ ، زهير ، عجز البيت الاَوّل.

وكرّر البيتين ٥/٨٣ ، سورة التوبة ٩ : ٨٧.

وكرّر البيت الاَوّل ٨/١١٢ ، سورة الحُجرات ٤٩ : ١١ ، زهير.

الـدرّ المصون ١/٢٢٦ ، سورة البقرة ٢ : ٥٤ ، البيت الاَوّل.

وكرّر البيتين ٣/٤٩٠ ، سورة التوبة ٩ : ٨٧ ، زهير.

خلال مروجها نعم وشاءُ

إلى عذراء منزلُها خلاءُ

فشَجَّ بها الاََماعِزَ وهي تَهوي

هَوِى الدَلْو أَسْلَمها الرشاءُ


المحرّر الوجيز ١١/٩٤ ، سورة طـه ٢٠ : ٨١ ، عجزه.

وكرّر عجزه ١٥/٢٥٦ ، سورة النجم ٥٣ : ١ ، زهير.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٧/٨٣ ، سورة النجم ٥٣ : ١ ، زهير.

البحر المحيط ٨/١٥٧ ، سورة النجم ٥٣ : ١ ، عجزه.

الدرّ المصون ٦/٢٠٤ ، سورة النجم ٥٣ : ١.

ثلاث بالغَداةِ فهُنَّ حَسْبي

وسِتٌّ حينَ يُدْرِكُني العِشاءُ

فذلكَ تسعةٌ في اليومِ رِيِّي

وشُرْبُ المَرْءِ فَوقَ الرِيِّ داءُ

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٢/٤٠٣ ، سورة البقرة ٢ : ١٩٦ ، وفيه : «بالغداة فذاك حسبي».

البحر المحيط ٢/٧٩ ، سورة البقرة ٢ : ١٩٦ ، الاَعشى ، وفيه : «بالغداة فهي حسبي».

الدرّ المصون ١/٤٨٨ ، سورة البقرة ٢ : ١٩٦.

يؤرقني إذا ذهب العشاءُ

إلى عذراء منزلها خلاءُ

وقد أَغْدو على ثُبَةٍ كِرامٍ

نَشاوى واجِدينَ لِما نَشاءُ

مجاز القرآن ١/١٣٢ ، سورة النساء ٤ : ٧١ ، زهير بن أبي سُلمى.

جامع البيان ـ للطبري ـ ٥/١٠٤ بولاق (شاكر ٨/٥٣٦) ، سورة النساء ٤ : ٧١ ، زهير.

معاني القرآن ـ للزجّاج ـ ٢/٧٥ ، سورة النساء ٤ : ٧١ ، زهير.

النكت والعيون ١/٥٠٥ ، سورة النساء ٤ : ٧١ ، زهير.

التبيان ٣/٢٥٣ ، سورة النساء ٤ : ٧١ ، زهير.

الدرّ المصون ٦/٣٥٥ ، سورة القلم ٦٨ : ٢٢.

وأعْظُمٌ خلقت فيهم وأعضاءُ

أبوهم آدم والاَُمُّ حوّاءُ

أَجْمَعوا أمْرَهُم بلَيلٍ فلَمّا

أصبَحوا أصْبَحَتْ لهم ضَوْضاءُ

تفسير غريب القرآن : ١٣١ ، سورة النساء ٤ : ٨١ ، الحارث بن حِلِّزة.

إعراب القراءات السبع ١/٢٧٢ ، سورة يونس ١٠ : ٧١.


الحجّة للقرّاء السبعة ٤/٢٨٧ ، سورة يونس ١٠ : ٦١.

القرطين ١/١٢٧ ، غريب سورة النساء ومشكلها ، الحارث بن حِلِّزة.

المحرّر الوجيز ٩/٦٨ ، سورة يونس ١٠ : ٧١.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٥/٢٨٩ ، سورة النساء ٤ : ٨١.

البحر المحيط ٥/١٧٨ ، سورة يونس ١٠ : ٧١.

الدرّ المصون ٤/٥٣ ، سورة يونس ١٠ : ٧١ ، الحارث بن حِلِّزة.

تَرى السَفيهَ بهِ عنْ كُلِّ مُحْكَمةٍ

زَيْغٌ وفيهِ إلى التَشْبيهِ إصْغاءُ

جامع البيان ـ للطبري ـ ٨/٦ بولاق (شاكر ١٢/٥٨) ، سورة الاَنعام ٦ : ١١٣.

النكت والعيون ٢/١٥٩ ، سورة الاَنعام ٦ : ١١٣.

التبيان ٤/٢٤٣ ، سورة الاَنعام ٦ : ١١٣.

مجمع البيان ٢/٣٥٢ ، سورة الاَنعام ٦ : ١١٣ ـ اللغة.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٧/٦٩ ، سورة الاَنعام ٦ : ١١٣.

البحر المحيط ٤/٢٠٥ ، سورة الاَنعام ٦ : ١١٣.

الدرّ المصون ٣/١٦٣ ، سورة الاَنعام ٦ : ١١٣.

عَليٌّ والثلاثةُ مِن بَنيهِ

هُمُ الاَسْباطُ ليسَ بِهمْ خَفاءُ

فسِبْطٌ سِبطُ إيمانٍ وبِرٍّ

وسِبطٌ غَيّبَتْهُ كَرْبَلاءُ

التبيان ٥/٨ ، سورة الاَعراف ٧ : ١٦٠.

أَذلك أَمْ أَقَبُّ البَطْنِ جَأْبٌ

عليهِ من عَقيقَتِهِ عِفاءُ

البحر المحيط ١/١٩٧ ، سورة البقرة ٢ : ٥٢ ، عجزه.

الدرّ المصون ٣/٣٠٧ ، سورة الاَعراف ٧ : ٩٥ ، زهير.

تَحمَّلَ أهْلُها عَنها فَبانوا

على آثارِ مَن ذَهَبَ العَفاءُ

التبيان ١/٢٣٩ ، سورة البقرة ٢ : ٥٢ ، زهير ، عجزه.

المحرّر الوجيز ٧/١١٨ ، سورة الاَعراف ٧ : ٩٥ ، زهير ، عجزه.

مجمع البيان ١/١١٠ ، سورة البقرة


٢ : ٥٢ ـ اللغة ، زهير ، عجزه.

البحر المحيط ١/١٩٧ ، سورة البقرة ٢ : ٥٢ ، عجزه.

وجِبْريلٌ رَسولُ اللهِ فينا

وروحُ القُدْسِ ليس لهُ كِفاءُ

معاني القرآن ـ للزجّاج ـ ١/١٨٠ ، سورة البقرة ٢ : ٩٧ ، وفيه : «رسول الله منّا».

الحجّة للقرّاء السبعة ٢/١٦٨ ، سورة البقرة ٢ : ٩٨ ، وفيه : «رسول الله منّا».

وكرّره ٦/٤٦٣ ، سورة الاِخلاص ١١٢ : ٤ ، حسّان ، وفيه : «رسول الله منّا».

حجّة القراءات : ١٠٥ ، سورة البقرة ٢ : ٨٧.

وكرّره : ١٠٧ ، سورة البقرة ٢ : ٩٨.

مجمع البيان ١/١٦٦ ، سورة البقرة ٢ : ٩٧ ـ الحجّة ، حسّان ، وفيه : «رسول الله منّا».

وكرّره ٥/٥٦٣ ، سورة الاِخلاص ١١٢ : ٤ ، حسّان ، وفيه : «رسول الله منّا».

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٢/٢٤ ، سورة البقرة ٢ : ٨٧ ، حسّان ، وفيه : «به خفاءُ».

وكرّر صدره ٢/٣٧ ، سورة البقرة ٢ : ٩٨ ، حسّان.

البحر المحيط ١/٢٩٩ ، سورة البقرة ٢ : ٨٧ ، حسّان.

وكرّره ١/٣١٨ ، سورة البقرة ٢ : ٩٧ ، حسّان.

الدرّ المصون ١/ ، سورة البقرة ٢ : ٨٧.

وكرّره ١/٣١٣ ، سورة البقرة ٢ : ٩٧.

فإنّي لو أُلاقيكَ اجْتَهَدْنا

وكان لِكُلِّ مُنْكَرةٍ كِفاءُ

وأُبرىَُ مُوضحاتِ الرأسِ منه

وقد يُبْري مِنَ الجَرَبِ الهِناءُ

معاني القرآن ـ للاَخفش ـ ١/٣١٥ ، سورة البقرة ٢ : ٨٣ ، زهير ، وفيه : «فأُبرىَُ .. وقد يشفى ..».

التبيان ١/٣٢٧ ، سورة البقرة ٢ : ٨٣ ، زهير.

لَدَدْتُهُمُ النَصيحَةَ كُلَّ لَدٍّ

فمَجُّوا النُصحَ ثمّ ثَنَوا فقاءوا

فلا واللهِ لا يُلْفى لِما بي

ولا لِلِما بِهمْ أَبَداً دَواءُ


معاني القرآن ـ للفرّاء ـ ١/٦٨ ، سورة البقرة ٢ : ١٠٢.

المحتسب ٢/٢٥٦ ، سورة الزخرف ٤٣ : ٣٥ ، البيت الثاني.

البحر المحيط ٣/٢٨٤ ، سورة النساء ٤ : ٦٥ ، البيت الثاني.

وكرّر عجز البيت الثاني ٧/٦٩ ، سورة النمل ٢٧ : ٢٥.

الدرّ المصون ٢/١٨٣ ، سورة آل عمران ٣ : ١٠٧ ، البيت الثاني.

وكرّره ٢/٣٨٥ ، سورة النساء ٤ : ٦٥.

وكرّر عجزه ٤/١٧٦ ، سورة يوسف ١٢ : ٣١.

وكرّر البيت الثاني ٥/٣٠٧ ، سورة النمل ٢٧ : ٢٥.

وكرّره ٦/٤٣٧ ، سورة الاِنسان ٧٦ : ١.

وبينكم بني حصنٍ بقاءُ

يسوّي بيننا فيها السواءُ

وهل للنفوس المسلمات بقاءُ

ولم يك عندي إن أبيت إباءُ

ايها الشامِتُ المُقَرِّشُ عنّا

عندَ عَمْرٍو فهَلْ لهُ إبْقاءُ

النكت والعيون ٦/٣٤٦ ، سورة قريش ١٠٦ : ١.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٢٠/٢٠٣ ، سورة قريش ١٠٦ : ١.

البحر المحيط ٨/٥١٣ ، مفردات سورة قريش ، وفيه : «أيّها الناطق».

الدرّ المصون ٦/٥٧٢ ، سورة قريش ١٠٦ : ١ ، وفيه : «أيّها الناطق».

ونَشْرَبُها فَتَتْرُكُنا مُلوكاً

وأُسْداً ما يُنَهْنِهُنا اللِقاءُ

جامع البيان ـ للطبري ـ ٢/٢١٠ بولاق (شاكر ٤/٣٢٧) ، سورة البقرة ٢ : ٢١٩ ، حسّان ، وفيه : «فنشربها».

النكت والعيون ١/٢٧٧ ، سورة البقرة ٢ : ٢١٩ ، حسّان بن ثابت.

المحرّر الوجيز ٢/١٧٠ ، سورة البقرة ٢ : ٢١٩ ، حسّان بن ثابت.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٣/٥٧ ، سورة البقرة ٢ : ٢١٩ ، حسّان.

وكرّر صدره ٥/٢٠٣ ، سورة النساء


٤ : ٤٣ ، حسّان.

وقالَ اللهُ قد يَسَّرْتُ جُنْداً

هُمُ الاَنصارُ عُرْضَتُها اللِقاءُ

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٣/٩٨ ، سورة البقرة ٢ : ٢٢٤ ، عجزه.

البحر المحيط ٢/١٧٤ ، سورة البقرة ٢ : ٢٢٤ ، حسّان.

الدرّ المصون ١/٥٤٨ ، سورة البقرة ٢ : ٢٢٤.

ليْتَ شِعْري هلْ للمُحِبِّ شِفاءُ

مِنْ جَوى حُبِّهِنَّ إنّ اللِقاءُ

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١١/٢١٨ ، سورة طـه ٢٠ : ٦٣.

نويً مشمولـةٌ فمتـى اللقـاءُ

جرت بينـي وبينهـم ظِبـاءُ

يُفَضِّلُـهُ إذا اجْتَهَـدا عَليـهِ

تَمامُ السِنّ منْهُ والذَكاءُ

معاني القرآن ـ للزجّاج ـ ٢/١٤٦ ، سورة المائدة ٥ : ٣ ، زهير.

التبيان ٣/٤٣٣ ، سورة المائدة ٥ : ٣.

مجمع البيان ٢/١٥٦ ، سورة المائدة ٥ : ٣ ـ اللغة ، زهير.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٦/٥٢ ، سورة المائدة ٥ : ٣.

وما أَخَّرْتَ مِن دُنْياكَ نَقْصّ

وإنْ قَدَّمْتَ عادَ لكَ الزَكاءُ

النكت والعيون ٣/٣٢٩ ، سورة الكهف ١٨ : ٧٤ ، النابغة الذُبياني.

وهوَ الرَبُّ والشَهيدُ على يَـو

مِ الحِيارَينِ والبَلاءُ بَلاءُ

حقائق التأويل : ١٢٣ ، سورة آل عمران ٣ : ٦٤ ، المسألة ١٣ ، الحارث ابن حِلِّزة.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١/١٣٦ ، سورة الفاتحة ١ : ٢ ، الحارث بن حِلِّزة.

الدرّ المصون ١/٦٧ ، سورة الفاتحة ١ : ٢ ، الحارث بن حِلِّزة.

وإنّ بَلاءَ هُمْ ما قد عَلِمْتُم

على الاَيّام إنْ نَفَعَ البَلاءُ

النكت والعيون ٥/٦٢ ، سورة الصافّات ٣٧ : ١٠٦ ، الحطيئة.


وسبط غيّبته كربلاءُ

هم الاَسباطُ ليس بهم خفاءُ

فإنَّ الحَقَّ مَقْطَعُهُ ثَلاثٌ

يَمينٌ أو نِفارٌ أو جَلاءُ

المحرّر الوجيز ٧/٢٢٠ ، سورة الاَعراف ٧ : ١٨٧ ، زهير ، عجزه.

عَفَتْ ذاتُ الاَصابِع فالجِواءُ

إلى عَذْراءَ مَنْزِلُها خَلاءُ

دِيارٌ من بني الحَسْحاسِ قَفْرٌ

تُعَفّيها الرَوامِسُ والسَماءُ

وكانتْ لا يَزالُ بها أنيسٌ

خِلالَ مُروجِها نَعَمٌ وشاءُ

فَدَعْ هذا ولكنْ مَن لِطَيْفٍ

يُؤَرِّقُني إذا ذَهَبَ العِشاءُ

أحكام القرآن ـ لابن العربي ـ ٣/١٣٩٨ ، الآية ٢٤ من آيات أحكام سورة النور ، سورة النور ٢٤ : ٥٨ ، المسألة ٦ ، حسّان ، البيتان الثالث والرابع.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١/٢١٦ ، سورة البقرة ٢ : ١٩ ، حسّان ، البيت الثاني.

وكرّر البيت الثالث ٤/٣٥ ، سورة آل عمران ٣ : ١٤ ، حسّان.

وكرّر البيت الرابع ٧/٣٥٠ ، سورة الاَعراف ٧ : ٢٠١ ، حسّان.

وكرّر الاَبيات ١ و ٢ و ٣ في ١٠/٦٩ ، سورة النحل ١٦ : ٥ ، حسّان.

وكرّر البيتين ٣ و ٤ في ١٢/٣٠٧ ، سورة النور ٢٤ : ٥٨ ، حسّان.

بِآرِزَةٍ الفَقارَةِ لم يَخُنْها

قِطافٌ في الرِكابِ ولا خِلاءُ

التبيان ٥/١٠٥ ، سورة الاَنفال ٨ : ٢٧ ، زهير.

مجمع البيان ٢/٥٣٥ ، سورة الاَنفال ٨ : ٢٧ ـ اللغة ، زهير.

البحر المحيط ٢/٢٨ ، سورة البقرة ٢ : ١٨٧ ، زهير.

الدرّ المصون ١/٤٧٤ ، سورة البقرة ٢ : ١٨٧.

تَرَفَّعْ للعِيان وكُلُّ فَجٍّ

طَباه الدَعي منه والخَلاءُ

البحر المحيط ٨/٣٣٥ ، سورة المعارج ٧٠ : ١٧.


حَشـا رَهْطِ النَبيّ فإنَّ مِنْهُمْ

بُحوراً لا تُكَدِّرُها الدِلاءُ

التبيان ٦/١٣٠ ، سورة يوسف ١٢ : ٣١.

مجمع البيان ٣/٢٢٩ ، سورة يوسف ١٢ : ٣١ ـ الحجّة.

الدرّ المصون ٤/١٧٥ ، سورة يوسف ١٢ : ٣١.

وكرّر في ٤/١٧٨ ، سورة يوسف ١٢ : ٣١ ، «حشا .. النبيّ» فقط.

على الهدى لمن استهدى أدلاءُ

أبوهم آدم والاَُمُّ حوّاءُ

فَتَنَوَّرْتُ نارَها مِن بَعيدٍ

بِخَزازى هَيْهاتَ مِنكَ الصِلاءُ

التبيان ٩/٥٠٧ ، سورة الواقعة ٥٦ : ٧١ ، الحارث بن حِلّـِزة.

مجمع البيان ٥/٢٢٢ ، سورة الواقعة ٥٦ : ٧١ ـ اللغة ، الحارث.

إنْ مَنَعْتُمْ ما تُسْألونَ فَمَنْ حُدِّ

ثْتُموهُ لهُ عَلَيْنا العَلاءُ

البحر المحيط ١/٢٦٩ ، سورة البقرة ٢ : ٧٦ ، الحارث بن حِلّـِزة.

عليكِ السلامُ لا مُلِلْتِ قَريبَةً

وما لكِ عِندي إنْ نَأَيْتِ قَلاءُ

مجمع البيان ٥/٥٠٤ ، سورة الضحى ٩٣ : ٣ ـ اللغة.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٣/١٣٣ ، سورة الشعراء ٢٦ : ١٦٨.

زَعَموا أنَّ كُلَّ مَن ضَرَبَ العـَيْـ

ـرَ مَوالٍ لنا وأنّا الوَلاءُ

تأويل مشكل القرآن : ٩٦ ، باب المتشابه ، الحارث بن حِلّـِزة.

القرطين ١/٩٤ ، غريب سورة آل عمران ومشكلها ، الحارث بن حِلّـِزة.

 ......................

وأَوْلـى أنْ يكـونَ لـهُ الـوَلاءُ

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٩/١١٦ ، سورة القيامة ٧٥ : ٣٤ و ٣٥.

كأنَّ سُلافَةَ مِن بَيْتِ رَأْسٍ

يكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وماءُ

معاني القرآن ـ للفرّاء ـ ٣/٢١٥ ، سورة الاِنسان ٧٦ : ٥ ، حسّان ، وفيه : «كأنّ خبيئةً».

إعراب القراءات السبع ١/٢٢٧ ،


سورة الاَنفال ٨ : ٣٥.

وكرّره ٢/١٣٩ ، سورة الشعراء ٢٦ : ١٩٧ ، حسّان.

المحتسب ١/٢٧٩ ، سورة الاَنفال ٨ : ٣٥ ، حسّان ، وفيه : «كأنّ سَبيئةً».

التبيان ٨/٦١ ، سورة الشعراء ٢٦ : ١٩٧ ، حسّان ، وفيه : «كأنّ سبيئةً».

الكشّاف ٢/٢٢٤ ، سورة يونس ١٠ : ٢ ، عجزه.

المحرّر الوجيز ٨/٥٦ ، سورة الاَنفال ٨ : ٣٥ ، حسّان ، وفيه : «كأنّ سبيئةً».

وكرّر عجزه ٩/٥ ، سورة يونس ١٠ : ٢ ، حسّان.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٩/١٢٥ ، سورة الاِنسان ٧٦ : ٥ ، حسّان ، وفيه : «كأنّ سبيئة».

البحر المحيط ٤/٤٩٢ ، سورة الاَنفال ٨ : ٣٥ ، عجزه.

وكرّر عجزه ٥/١٢٢ ، سورة يونس ١٠ : ٢.

وكرّر البيت ٨/٣٩٢ ، مفردات سورة الاِنسان ، وفيه : «كأنّ سبيئةً».

الدرّ المصون ٢/٦٣٤ ، سورة المائدة ٥ : ١٠٧ ، عجزه.

وكرّر البيت ٣/٤١٧ ، سورة الاَنفال ٨ : ٣٥ ، حسّان ، وفيه : «كأنّ سبيئةً».

وكرّر عجزه ٤/٤ ، سورة يونس ١٠ : ٢.

وكرّر عجزه ٤/٧ ، سورة يونس ١٠ : ٤.

وكرّر عجزه ٤/٥٠٣ ، سورة مريم ١٩ : ٢٨.

وكرّر عجزه ٥/٢٨٧ ، سورة الشعراء ٢٦ : ١٩٧.

وكرّر عجزه ٦/٤٤٠ ، سورة الاِنسان ٧٦ : ٥ ، حسّان ، وفيه : «كأنّ سبيئةً».

أيْنَ المَفَرُّ ولا مَفَرَّ لِهارِب

ٍولهُ البَسيطانِ الثَرى والماءُ

البحر المحيط ١/٣٦٢ ، سورة البقرة ٢ : ١١٥.

يفاخرون به فالطين والمـاءُ

أبوهم آدم والاَُمُّ حوّاءُ

فتُجْمَعُ أَيْمُنٌ مِنّا ومِنْكُم

بمُقْسَمَةٍ تَمورُ بها الدِماءُ

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٣/١٠٢ ، سورة البقرة ٢ : ٢٢٥ ، زهير ، صدره.

وكرّر صدره ٦/٢٤٦ ، سورة المائدة


٥ : ٨٩ ، زهير.

وشَهْرِ بني أُمَيَّةَ والهَدايا

إذا سيقَتْ مُضرِّجها الدِماءُ

المحرّر الوجيز ٥/١٢ ، سورة المائدة ٥ : ٢ ، عوف بن الاََحوص ، وفيه : «إذا حُبست».

وكرّره ٥/٢٠٤ ، سورة المائدة ٥ : ٩٧ ، عوف بن الاََحوص.

وكرّر صدره ٨/١٧٦ ، سورة التوبة ٩ : ٣٦.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٦/٣٢٦ ، سورة المائدة ٥ : ٩٧ ، عوف ابن الاََحوص.

البحر المحيط ٤/٢٦ ، سورة المائدة ٥ : ٩٧ ، عوف بن الاََحوص.

عَصَتْ عادٌ رسولَهُمُ فَأَضْحَوا

عِطاشاً ما تُبِلُّهُمُ السَماءُ

لهُمْ صَنَمٌ يُقالُ لهُ صمودٌ

يُقابِلُهُ صداء والهباءُ

فَبَصَّرَنا الرسولُ سَبيلَ رُشْدٍ

فأبْصَرْنا الهُدى وجُلِيَ العَماءُ

وإنّ إلـه هودٍ هُوَ إلـهي

على اللهِ التَوَكُّلُ والرَجاءُ

البحر المحيط ٤/٣٢٦ ، سورة الاَعراف ٧ : ٧١ ، مرثد بن سعد.

تعفيها الروامس والسماءُ

إلى عذراء منزلها خلاء

فأبصرنا الهدى وجُلي العَماءُ

عطاشاً ما تبلّهم السماءُ

وللرجال على الاَفعال سيماءُ

أبوهم آدم والاُِمُّ حوّاءُ

وآنَيْتُ العَشاءَ إلى سُهَيْلٍ

أو الشِعْرى فطالَ بيَ الاََناءُ

جامع البيان ـ للطبري ـ ٢٢/٢٥ ، سورة الاَحزاب ٣٣ : ٥٣ ، الحطيئة.

التبيان ٨/٣٥٧ ، سورة الاَحزاب ٣٣ : ٥٣ ، الحطيئة ، وفيه : «وأخّرت العشاء».

مجمع البيان ٤/٣٦٦ ، سورة الاَحزاب ٣٣ : ٥٣ ـ اللغة ، الحطيئة.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٤/٢٢٦ ، سورة الاَحزاب ٣٣ : ٥٣ ، الحطيئة.

ولا تُكْثِرَنْ تَخْذَ العِشارِ فإنّها

تُريدُ مَباءاتٍ فَسيحاً بِناؤها


البحر المحيط ١/١٩٧ ، سورة البقرة ٢ : ٥١.

فإنّما أُمَّهاتُ الناسِ أَوْعِيَةٌ

مُسْتَوْدَعاتٌ ولِلآباء أَبْناءُ

الكشّاف ١/٣٧٠ ، سورة البقرة ٢ : ٢٣٣ ، المأمون بن الرشيد.

البحر المحيط ٢/٢١٤ ، سورة البقرة ٢ : ٢٣٣ ، وفيه : «وللاَبناء آباءُ».

ليتَ شِعْري وأيْنَ مِنّيَ لَيْتٌ

إنّ لَيْتـاً وإنَّ لَـوّاً عَنـاءُ

إعراب القراءات السبع ١/٧٨ ، سورة البقرة ٢ : ٢٩ ، عجزه.

البحر المحيط ١/٣٦٢ ، سورة البقرة ٢ : ١١٥.

أَيُّها المُبْتَغي فَناءَ قُرَيْـشٍ

بِيَدِ اللهِ عُمْرُها والفَنـاءُ

معاني القرآن ـ للفرّاء ـ ٢/٤١٢ ، سورة ص ٣٨ : ٧٠.

التبيـان ٨/٥٨١ ، سورة ص ٣٨ : ٧٥.

وقد يبري من الجرب الهناءُ

وكان لكلّ منكرة كفاءُ

وجارةُ جَسّاسٍ أَبَأْنا بنابِها

كُلَيْباً غَلَتْ نابٌ كُلَيْبٌ بَواؤُها

الكشّاف ٣/٨٨ ، سورة الفرقان ٢٥ : ٢١.

وكرّر «غلت ... بواؤها» ٤/٩٧ ، سورة الصفّ ٦١ : ٣.

البحر المحيط ٦/٤٩٢ ، سورة الفرقان ٢٥ : ٢١.

وكرّر «غلت ... بواؤها» ٨/٢٦١ ، سورة الصفّ ٦١ : ٣.

الدرّ المصون ٦/٣٠٩ ، سورة الصفّ ٦١ : ٣ ، وفيه : «غلت .. بواؤها» فقط.

أنوار التنزيل ـ للبيضاوي ـ ٢/١٣٨ ، سورة الفرقان ٢٥ : ٢١.

آذَنَتْنا بِبَيْنِها أَسْماءُ

رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ منهُ الثَواءُ

تأويل مشكل القرآن : ١٨٣ ، باب الاستعارة ، صدره.

جامع البيان ـ للطبري ـ ١٣/١٢٤ بولاق (شاكر ١٦/٥٢٦) ، سورة إبراهيم ١٤ : ٧ ، الحارث بن حِلّـِزة.

القرطيـن ١/١٩٧ ، غريب سورة التوبة ومشكلها ، صدره.

التبيان ١/٣٨٠ ، سورة البقرة ٢ :


١٠٢ ، الحارث بن حِلّـِزة ، صدره.

وكرّر صدره ٢/١٩٦ ، سورة البقرة ٢ : ٢١٣ ، الحارث بن حِلّـِزة.

وكرّر البيت ٦/٢٧٦ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٨ ، الحارث بن حِلّـِزة.

الكشّاف ٢/٥٨٦ ، سورة الاَنبياء ٢١ : ١٠٩ ، ابن حِلّـِزة ، صدره.

مجمع البيان ١/٣٠٧ ، سورة البقرة ٢ : ٢١٢ ـ المعنى ، الحارث بن حِلّـِزة ، صدره.

وكرّر البيت ٣/٣٠٤ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٧ ـ اللغة ، الحارث بن حِلّـِزة.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٥/٣٧١ ، سورة فصّلت ٤١ : ٤٧.

البحر المحيط ٧/٥٠٤ ، سورة فصّلت ٤١ : ٤٧.

الـدرّ المصـون ١/٦٦٦ ، سـورة البقرة ٢ : ٢٧٩.

وكرّر صدره ٥/١١٨ ، سورة الاَنبياء ٢١ : ١٠٩ ، ابن حِلّـِزة.

وكرّر صدره ٦/٧١ ، سورة فصّلت ٤١ : ٤٧.

الناسُ مِن جِهَةِ التَمْثيلِ أَكْفاءُ

أَبوهُمُ آدَمٌ والاَُمُّ حَوّاءُ

نَفْسٌ كَنَفْسٍ وأَرْواحٌ مُشاكَلَةٌ

وأَعْظُمٌ خُلِقَتْ فيهِمْ وأعْضاءُ

فإنْ يَكُنْ لَهُمُ مِن أَصْلِهِمْ حَسَبٌ

يُفاخِرونَ بهِ فالطينُ والماءُ

ما الفَضْلُ إلاّ لاَهْلِ العِلْمِ إنَّهُمُ

على الهُدى لِمَنْ اسْتَهْدى أَدِلاّء

وقَدْرُ كُلِّ امْرىٍَ ما كان يُحْسِنُهُ

وللرجالِ على الاَفْعال سيماءُ

وضِدُّ كُلِّ امْرىٍَ ما كان يَجْهَلُهُ

والجاهِلونَ لاَهْلِ العِلْمِ أَعْداءُ

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٦/٣٤٢ ، سورة الحُجرات ٤٩ : ٣ ، عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

البحر المحيط ٣/٢٢٢ ، سورة النساء ٤ : ٢٥ ، عليّ عليه السلام ، البيت الاَوّل.

الدرّ المصون ٦/٢٣٣ ، سورة القمر ٥٤ : ٥٢ ، عجز البيت السادس.

ولا لِلِما بهمْ أبداً دواءُ

فمجّوا النصحَ ثمّ ثنوا فقاءوا

فَهَلاّ سَعَيْتُمْ سَعْيَ عُصْبَةٍ مازِنٍ

وهلْ كُفَلائي في الوَفاءِ سَواءُ

مجمع البيان ٥/٥١٧ ، سورة القدر


٩٧ : ٣ ـ الاِعراب.

وأعْلَمُ أنَّ تَسْليماً وتَرْكاً

لَلا مُتَشابِهانِ ولا سَواءُ

المحتسب ١/٤٣ ، سورة الفاتحة ١ : ٦.

وجارُ البَيْتِ والرَجُلُ المُنادي

أَمامَ الحَيِّ عَقْدُهُما سَواءُ

إعراب ثلاثين سورة : ١٤١ ، سورة العلق ٩٦ : ١٧ ، زهير.

إعراب القراءات السبع ٢/٢٢ ، سورة مريم ١٩ : ٧٣ ، زهير ، وفيه : «وجار المَيْت .. عهدهما».

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٢٠/١٢٧ ، سورة العلق ٩٦ : ١٧ ، زهير.

أَمَنْ يَهْجو رَسولَ اللهِ مِنْكُم

ويَمْدَحُهُ ويَنْصُرُهُ سَواءُ

معاني القرآن ـ للفرّاء ـ ٢/٣١٥ ، سورة العنكبوت ٢٩ : ٢٢ ، حسّان.

جامع البيان ـ للطبري ـ ٢٠/٩٠ ، سورة العنكبوت ٢٩ : ٢٢ ، حسّان بن ثابت.

التبيان ١/٤١٠ ، سورة البقرة ٢ : ١١١ ، حسّان بن ثابت.

وكرّره ٨/١٩٨ ، سورة العنكبوت ٢٩ : ٢١ ، حسّان.

وكرّره ٩/٥٣٦ ، سورة الحديد ٥٧ : ٢٧ ، حسّان.

الكشّاف ٣/٢٠٣ ، سورة العنكبوت ٢٩ : ٢٢ ، حسّان.

المحرّر الوجيز ١٢/٢١٢ ، سورة العنكبوت ٢٩ : ٢٢ ، حسّان.

مجمع البيان ١/١٨٦ ، سورة البقرة ٢ : ١١١ ـ المعنى ، حسّان.

وكرّره ٤/٢٧٩ ، سورة العنكبوت ٢٩ : ٢٢ ـ المعنى ، حسّان.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٣/٣٣٧ ، سورة العنكبوت ٢٩ : ٢٢ ، حسّان.

البحر المحيط ١/٤٦٦ ، سورة البقرة ٢ : ١٦٤ ، حسّان.

وكرّره ٢/٣٢٢ ، سورة البقرة ٢ : ٢٧٠.

وكرّره ٢/٣٦٧ ، سورة البقرة ٢ : ٢٨٦ ، حسّان.

وكرّره ٧/١٤٧ ، سورة العنكبوت ٢٩ : ٢٢ ، حسّان.

وكرّره ٨/٢٢٣ ، سورة الحديد ٥٧ : ١٨.

وكرّره ٨/٣٩٩ ، سورة الاِنسان


٧٦ : ٢٠.

الدرّ المصون ١/٤٢٣ ، سورة البقرة ٢ : ١٦٤.

وكرّره ١/٦٩٦ ، سورة البقرة ٢ : ٢٨٦.

وكرّره ٥/٣٦٢ ، سورة العنكبوت ٢٩ : ٢٢.

وكرّره ٦/٢٧٨ ، سورة الحديد ٥٧ : ٨.

أنوار التنزيل ـ للبيضاوي ـ ٢/٢٠٧ ، سورة العنكبوت ٢٩ : ٢٢ ، حسّان.

ونكاحاً بلا وليٍّ سواءُ

كلّ قول بلا فعال هباءُ

أَروني خُطّةً لا ضَيْمَ فيه

يُسَوّي بَيْنَنا فيها السَواءُ

فإنْ تُرِكَ السَواءُ فليس بَيْني

وبَيْنَكُمُ بَني حِصْنٍ بَقاءُ

معاني القرآن ـ للزجّاج ـ ١/٤٢٥ ، سورة آل عمران ٣ : ٦٤ ، زهير.

الحجّة للقرّاء السبعة ١/٢٤٦ ، سورة البقرة ٢ : ٦ ، زهير ، البيت الاَوّل ، وفيه : «أرونا خطّة لا خسفَ».

مجمع البيان ١/٤١ ، سورة البقرة ٢ : ٦ ـ اللغة ، زهير ، البيت الاَوّل ، وفيه : «لا خسفَ فيها».

وكرّر البيتين ١/٤٥٤ ، سورة آل عمران ٣ : ٦٤ ـ اللغة ، زهير.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٤/١٠٦ ، سورة آل عمران ٣ : ٦٤ ، زهير ، البيت الاَوّل.

وكرّره ١١/٢١٢ ، سورة طـه ٢٠ : ٥٨ ، زهير.

البحر المحيط ١/٤٤ ، سورة البقرة ٢ : ٦ ، زهير ، عجز البيت الاَوّل.

وكرّر البيت الاَوّل ١/٣٤٧ ، سورة البقـرة ٢ : ١٠٨ ، زهيـر ، وفيـه : «لا عيب».

وكرّره ٢/٤٨٣ ، سورة آل عمران ٣ : ٦٤ ، زهير.

الدرّ المصون ١/١٠٤ ، سورة البقرة ٢ : ٦ ، زهير ، البيت الاَوّل.

وكرّره ١/٣٤١ ، سورة البقرة ٢ : ١٠٨ ، وفيه : «خطّة لا عيب».

وكرّره ٢/١٢٥ ، سورة آل عمران ٣ : ٦٤ ، زهير.

كيفَ نَوْمي على الفِراشِ ولَمّا

تَشْمَلِ الشامَ غارَةٌ شَعْواءُ

تُذْهِلُ الشَيْخَ عَن بَنيهِ وتُبْدي

عَن خِدامِ العَقيلةُِ العَذْراء


معاني القرآن ـ للفرّاء ـ ١/٤٣٢ ، سورة التوبة ٩ : ٣٠.

وكرّرهما ٣/٣٠٠ ، سورة الاِخلاص ١١٢ : ٤.

جامع البيان ـ للطبري ـ ٣٠/٢٢٢ ، سورة الاِخلاص ١١٢ : ٤.

الحجّة للقرّاء السبعة ٤/١٨٦ ، سورة التوبة ٩ : ٣٠ ، البيت الثاني ، وفيه : «العقيلةُ العذراءُ».

وكرّر البيت الثاني ٦/٤٥٧ ، سورة الاِخلاص ١١٢ : ١ ، وفيه : «العقيلةِ العذراءُ».

الكشّاف ٤/١٤٦ ، سورة القلم ٦٨ : ٢ ، ابن الرقيّات ، البيت الثاني.

مجمع البيان ١/٤٧١ ، سورة آل عمران ٣ : ٨٦ ـ الاِعراب ، البيت الاَوّل ، وفيه : «كيف نوماً .. يشمل».

وكرّر البيتيـن ٥/٥٦٢ ، سورة الاِخلاص ١١٢ : ١ ـ الحجّة.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٤/١٢٩ ، سورة آل عمران ٣ : ٨٦ ، البيت الاَوّل ، وفيه : «يشمل القوم».

البحر المحيط ٢/٥١٨ ، سورة آل عمران ٣ : ٨٦ ، البيت الاَوّل.

الدرّ المصون ٢/١٦٠ ، سورة آل عمران ٣ : ٨٦ ، البيتان.

وكرّر البيت الثاني ٦/٣٥٩ ، سورة القلم ٦٨ : ٤٢ ، ابن قيس الرقيّات.

فجاءَتْ بهِ سَبطَ العِظامِ كأنَّما

عِمامَتُه بينَ الرِجالِ لِواءُ

البحر المحيط ٢/٢٥٨ ، سورة البقرة ٢ : ٢٤٧.

الـدرّ المصـون ٤/٤٥٦ ، سورة الكهف ١٨ : ٣٧.

رَبْعُ دارٍ مَحَّهُ الاِقْواءُ

وعَفَتْهُ الاََرْواحُ والاَنْواءُ

كَرَّ فيهِ البِلى فأخْلَقَ بُرْد

َيْهِ صَباحٌ يَعْتادُهُ ومَساءُ

إعراب القراءات السبع ١/٣٣١ ، سورة الرعد ١٣ : ٣٩.

كأنَّ الرَحْلَ مِنها فَوقَ صَعْلٍ

مِن الظِلْمانِ جُؤجُؤُهُ هَواءُ

تفسير غريب القرآن : ٢٣٤ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ، «جؤجؤه هواء» فقط.

معاني القرآن ـ للزجّاج ـ ٣/١٦٦ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣.

الحجّة للقرّاء السبعة ١/٣٠٤ ، سورة البقرة ٢ : ٧ ، «جؤجؤه هواء» فقط.


القرطين ١/٢٣٧ ، غريب سورة إبراهيم ومشكلها ، «جؤجؤه هواء» فقط.

التبيان ٦/٣٠٤ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ، زهير.

الكشّاف ٢/٣٨٢ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ، زهير ، عجزه.

المحرّر الوجيز ١٠/٩٨ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ، زهير.

مجمع البيان ٣/٣٢٠ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ـ اللغة ، زهير.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٩/٣٧٨ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ، زهير.

البحر المحيط ٥/٤٣٠ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣.

الدرّ المصون ٤/٢٧٨ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ، زهير.

أنوار التنزيل ـ للبيضاوي ـ ١/٥٢٢ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ، زهير.

أَلا أَبْلِغْ أبا سُفْيانَ عَنّي

وأنْتَ مُجَوَّفٌ نَخْبٌ هَواءُ

مجاز القرآن ١/٣٤٤ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ، حسّان بن ثابت ، وفيه : «فأنت».

جامع البيان ـ للطبري ـ ١٣/١٥٩ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ، حسّان بن ثابت.

النكت والعيون ٣/١٤١ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ، حسّان ، وفيه : «فأنت».

التبيان ٦/٣٠٤ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ، حسّان بن ثابت ، وفيه : «فأنت».

الكشّاف ٢/٣٨٢ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ، حسّان ، عجزه.

وكرّر البيت ٣/١٦٧ ، سورة القصص ٢٨ : ١٠ ، حسّان.

المحرّر الوجيز ١٠/٩٨ ، سورة إبراهيـم ١٤ : ٤٣ ، حسّان ، وفيـه : «فأنت».

مجمع البيان ٣/٣٢٠ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ـ اللغة ، حسّان ، وفيه : «فأنت».

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٩/٣٧٧ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ، حسّان ، وفيه : «فأنت».

الـدرّ المصـون ٤/٢٧٨ ، سورة إبراهيم ١٤ : ٤٣ ، وفيه : «فأنت».

أَفي غَيْرِ المُخَلَّقَةِ البُكاءُ

فأيْنَ العَزْمُ وَيْحَكَ والحَياءُ


النكت والعيون ٤/٧ ، سورة الحجّ ٢٢ : ٥.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٢/٩ ، سورة الحجّ ٢٢ : ٥ ، وفيه : «الحزم».

مَوْتُ التَقيّ حَياةٌ لا فَناءَ لها

قد ماتَ قَوْمٌ وهُمْ في الناسِ أَحْياءُ

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٤/٢٦٩ ، سورة آل عمران ٣ : ١٦٩ ـ ١٧٠.

وكرّر عجزه ١٣/١١٣ ، سورة الشعراء ٢٦ : ٨٤.

مُلْكُهُ مُلْكُ رَأْفَةٍ ليس فيه

جَبَروتٌ مِنهُ ولا كِبْرياءُ

الكشّاف ٢/٢٤٧ ، سورة يونس ١٠ : ٧٨ ، ابن الرقيّات.

البحـر المحيـط ٥/١٨٢ ، سـورة يونس ١٠ : ٧٨ ، ابن الرقيّات.

الدرّ المصون ٤/٥٨ ، سورة يونس ١٠ : ٧٨.

سُؤْدَداً غَيْرَ فاحِشٍ لا يُدا

نيهِ تَجْبارَةٌ ولا كِبْرياءُ

جامع البيان ـ للطبري ـ ١١/١٠١ بولاق (شاكر ١٥/١٥٨) ، سورة يونس ١٠ : ٧٨ ، ابن الرِقاع.

المحرّر الوجيز ٩/٧٤ ، سورة يونس ١٠ : ٧٨.

البحر المحيط ٥/١٨٢ ، سورة يونس ١٠ : ٧٨ ، ابن الرِقاع.

الدرّ المصون ٤/٥٨ ، سورة يونس ١٠ : ٧٨ ، عديّ بن الرِقاع.

ونَذيمُهُمْ وبِهِمْ عَرَفْنا فَضْلَهُ

وبِضِدِّها تَتَبَيَّنُ الاََشْياءُ

الكشّاف ٣/١٧٨ ، سورة القصص ٢٨ : ٣٧ ، عجزه.

وإذا خَفيتُ على الغَبيّ فَعاذِرٌ

أنْ لا تَراني مُقْلَةٌ عَمْياءُ

البحر المحيط ٥/١٦١ ، سورة يونس ١٠ : ٤٣.

يَدَعُ الحَيَّ بالعَشيِّ رُغاها

وهُمُ عَن رَغيفِهِمْ أَغْنياءُ

الحجّة للقرّاء السبعة ٢/٤٥٩ ، سورة البقرة ٢ : ٢٨٥ ، عديّ بن الرِقاع.

المحرّر الوجيز ٢/٣٨٧ ، سورة


البقرة ٢ : ٢٨٥ ، ابن الرِقاع

إنّ سُلَيْمى واللهُ يَكْلَؤها

ضَنّت بِشَيءٍ ما كانَ يَرْزَؤها

مجاز القرآن ٢/٣٩ ، سورة الاَنبياء ٢١ : ٤٢ ، ابن هرمة.

جامع البيان ـ للطبري ـ ١٧/٢٢ ، سورة الاَنبياء ٢١ : ٤٢ ، ابن هرمة.

النكت والعيون ٣/٤٤٨ ، سورة الاَنبياء ٢١ : ٤٢ ، ابن هرمة.

التبيان ٧/٢٥١ ، سورة الاَنبياء ٢١ : ٤٢ ، ابن هرمة.

مجمع البيان ٤/٤٩ ، سورة الاَنبياء ٢١ : ٤٢ ـ اللغة ، ابن هرمة.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١١/٢٩١ ، سورة الاَنبياء ٢١ : ٤٢ ، ابن هرمة.

البحر المحيط ٦/٢٩٤ ، سورة الاَنبياء ٢١ : ٤٢ ، ابن هرمة.

الدرّ المصون ٥/٨٧ ، سورة الاَنبياء ٢١ : ٤٢ ، ابن هرمة.

ولا أَراها تَزالُ ظالِمَةً

تُحْدِثُ لي نَكْبَةً وتَنْكَؤُها

معاني القرآن ـ للفرّاء ـ ٢/٥٧ ، سورة الرعد ١٣ : ٢.

جامع البيان ـ للطبري ـ ١٣/٦٢ بولاق (شاكر ١٦/٣٢٤) ، سورة الرعد ١٣ : ٢.

الحجّة للقرّاء السبعة ٤/٣٢٠ ، سـورة هـود ١١ : ٨٧ ، وفيـه : «وما أراها .. لي قرحةً».

أَرْنـا إداوَةَ عَبْـدِ اللهِ نَمْلَـؤُهـا

من ماءِ زَمْزَمَ إنَّ القَوْمَ قد ظَمِئُوا

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٢/١٢٨ ، سورة البقرة ٢ : ١٢٨.

البحر المحيط ١/٣٩١ ، سورة البقرة ٢ : ١٢٨.

الدرّ المصون ١/٣٧٢ ، سورة البقرة ٢ : ١٢٨.

وبُوِّئَتْ في صَميمِ مَعْشَرِها

فتَمَّ في قَوْمِها مُبَوَّؤُها

مجـاز القرآن ١/٢١٨ ، سورة الاَعراف ٧ : ٧٣ ، ابن هرمة.

وكرّره ٢/٤٩ ، سورة الحجّ ٢٢ : ٢٦ ، ابن هرمة.

معاني القرآن ـ للزجّاج ـ ٢/٣٥٠ ، سورة الاَعراف ٧ : ٧٤.

الحجّة للقرّاء السبعة ٤/٣١٠ ، سورة يونس ١٠ : ٨٧ ، وفيه : «فصَحَّ


في قومها».

وكرّره ٤/٣١٤ ، سورة يونس ١٠ : ٨٧ ، بالرواية السابقة.

النكت والعيون ٢/٢٣٥ ، سورة الاَعراف ٧ : ٧٤.

التبيان ٤/٤٥٠ ، سورة الاَعراف ٧ : ٧٤.

مجمـع البيـان ٢/٤٣٩ ، سـورة الاَعراف ٧ : ٧٤ ـ اللغة.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١/٣٢ ، باب : ما جاء من الوعيد في تفسير القرآن بالرأي.

* * *


الفصـل الثالـث

قافيـة الهمـزة المكسـورة

لم يَهَبْ حُرْمَةَ النَديمِ وحُقَّت

ْيا لَقَوْمي لِلسَّوْأَةِ السَوْآء

الكشّاف ١/٦٠٨ ، سورة المائدة ٥ : ٣١ ، عجزه ، وفيه : «يالقومِ».

البحـر المحيـط ٣/٤٦٦ ، سـورة المائدة ٥ : ٣١ ، عجزه.

الـدرّ المصـون ٢/٥١٣ ، سـورة المائدة ٥ : ٣١ ، عجزه.

غافِلاً تَعْرِضُ المَنِيَّةُ لِلْمَرْ

ءِ فيُدْعى ولاتَ حينَ إِباءِ

البحر المحيط ٧/٢٨١ ، سورة سبـأ ٣٤ : ٢٨.

الدرّ المصون ٣/٨٦ ، سورة الاَنعام ٦ : ٦٦.

وكرّره ٤/١٦٣ ، سورة يوسف ١٢ : ١٨.

وكرّره ٥/٤٤٧ ، سورة سبأ ٣٤ : ٢٨.

شَهِدَ العَوالِمُ أَنَّها لَنَفيسَةٌ

بدَليلِ ما وَلَدَتْ مِن النُجَباءِ

البحر المحيط ٤/٥٢ ، سورة المائدة ٥ : ١١٠.

كأنَّ قُلوبَ أدِلاّئِها

مُعَلَّقَةٌ بقُرونِ الظِباءِ

تأويل مشكل القرآن : ١٧٢ ، باب الاستعارة.

القرطين ٢/٧٤ ، غريب سورة الاَحزاب ومشكلها ، وفيه تصحيف شديد.

يوحونَ بالخُطَبِ الطِوالِ وتارَةً

وَحْيَ المُلاحِظِ خِيفَةَ الرُقَباءِ

الكشّاف ١/٢٠٧ ، سورة البقرة ٢ : ١٨.

تُحِبّينَ الطَلاقَ وأَنتِ عِندي

بعَيْشٍ مِثْلِ مُشْرِقَةِ الشِتاءِ

التبيان ١/٤٢١ ، سورة البقرة ٢ : ١١٥.

كاسفاً بالُه قليلَ الرجاءِ

إنّما الميت ميّت الاَحياءِ


إذا ما كُنْتَ مُتَّخِذاً خَليلاً

فلا تَثِقَنْ بكُلِّ أخي إخاءِ

فإنْ خُيِّرْتَ بَيْنَهُمُ فأَلْصِقْ

بأهْلِ العَقْلِ مِنْهُم والحَياءِ

فإنّ العَقْلَ ليس لهُ إذا ما

تَفاضَلَتِ الفَضائِلُ مِن كِفاء

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٥/٤٠١ ، سورة النساء ٤ : ١٢٥.

أَشْمَتّ بيَ الاَعْداءَ حينَ هَجَرْتَني

والمَوْتُ دونَ شَماتَةِ الاَعْداءِ

البحر المحيط ٢/٣٦٩ ، سورة البقرة ٢ : ٢٨٦.

وكرّر عجـزه ٤/٣٩٦ ، سـورة الاَعراف ٧ : ١٥٠.

الدرّ المصون ١/٦٩٨ ، سورة البقرة ٢ : ٢٨٦.

وكرّر عجـزه ٣/٣٤٩ ، سورة الاَعراف ٧ : ١٥٠.

عَدِمْتُ بُنَيَّتي إن لم تَرَوْها

تُثيرُ النَقْعَ مِن كَنَفَي كَداءِ

النكت والعيون ٦/٣٢٥ ، سورة العاديات ١٠٠ : ٤ ، عبد الله بن رواحة.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٢٠/١٥٨ ، سورة العاديات ١٠٠ : ٤ ، عبـد الله بن رواحة.

البحر المحيط ٨/٥٠٣ ، مفردات سورة العاديات ، ابن رواحة.

يا قَومِ قَلْبي عندَ زَهْراءِ

يَعْرِفُهُ السامِعُ والرائي

لا تَدْعُني إلاّ بياعَبْدَها

فإنَّهُ أشْرَفُ أسْمائي

أحكام القرآن ـ لابن العربي ـ ٣/١١٣٩ ، الآية ١٠ من آيات أحكام سورة الحجر ، سورة الحجر ١٥ : ٩٩ ، المسألة ٣.

وكرّرهما ٣/١١٩٢ ، الآية ١ من آيات أحكام سورة الاِسراء ، سورة الاِسراء ١٧ : ١ ، المسألة ٣.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١/٢٣٢ ، سورة البقرة ٢ : ٢٣.

وكرّرهما ١٠/٢٠٥ ، سورة الاِسراء ١٧ : ١.

البحر المحيط ١/١٠٤ ، سورة البقرة ٢ : ٢٣ ، البيت الثاني.

وكرّره ٦/٥ ، سورة الاِسراء ١٧ : ١.

الدرّ المصون ١/١٥٢ ، سورة البقرة ٢ : ٢٣ ، البيتان.

وكرّر البيت الثاني ٦/٣٣٨ ، سورة


التحريم ٦٦ : ١٠.

لقدْ طارَتْ شَعاعاً كُلَّ وَجْهٍ

خَفارَةُ ما أجارَ أبو بَراء

بني أُمِّ البَنينِ أما سَمِعْتُمْ

دُعاءَ المُستَغيثِ مع النِساءِ

وتَنْويهَ الصَريخِ بلى ولـكنْ

عَرَفْتُمْ أنَّه صِدْقُ اللِقاءِ

مجمع البيان ١/٥٣٦ ، سورة آل عمران ٣ : ١٦٩ ـ ١٧٠ ـ النزول ، كعب ابن مالك.

يومـاً تصيـرُ إلـى الثَـرىْ

ويَفـوزُ غَيْـرُكَ بالثَـراءِْ

الدرّ المصون ٥/٨ ، سورة طـه ٢٠ : ٦ ، ابن دريد.

بيْضاءَ تصْطادُ القُلوبَ وتَسْتَبيْ

بالحُسنِ قَلْبَ المُسْلِمِ القَرّاءِْ

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٨/٣٠٦ ، سورة نوح ٧١ : ٢٢.

البحر المحيط ٨/٣٤١ ، سورة نوح ٧١ : ٢٢.

الدرّ المصون ٦/٣٨٥ ، سورة نوح ٧١ : ٢٢.

ألا أيُّهـذا النابِحُ السِيدَ إنَّنيْ

على نَأْيِها مُسْتَبْسِلٌ من وَرائِهاْ

الدرّ المصون ١/١٤٥ ، سورة البقرة ٢ : ٢١.

دعاءَ المستغيث مع النساءْ

خفارة ما أجار أبو براءِْ

أحْسَنُ النَجْمِ في السَماءِ الثُرَيّاْ

والثُرَيّا في الاَرْضِ زَيْنُ النِساءِْ

النكـت والعيـون ٥/٣٨٩ ، سـورة النجم ٥٣ : ١ ، عمر بن أبي ربيعة.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٧/٨٢ ، سورة النجم ٥٣ : ١ ، عمر ابن أبي ربيعة.

أمّا الخِيامُ فإنّها كخِيامِهِمْ

وأرى نِساءَ الحَيِّ غَيْرَ نِسائِهِْ

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٧/١٩٦ ، سورة الاَعراف ٧ : ٣٢ ، الشبلي الصوفي.

والمَرْءُ يُلْحِقُهُ بفِتْيانِ النَدىْ

خُلُقُ الكَريمِ وليس بالوُضّاءِْ


المحتسـب ٢/٢٣٠ ، سورة ص ٣٨ : ٥.

المحرّر الوجيز ١٦/١٢٦ ، سورة نوح ٧١ : ٢٢.

مجمع البيان ٤/٤٦٤ ، سورة ص ٣٨ : ٥ ـ الحجّة.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٨/٣٠٧ ، سورة نوح ٧١ : ٢٢.

البحر المحيط ٨/٣٤١ ، سورة نوح ٧١ : ٢٢.

الدرّ المصون ٦/٣٨٥ ، سورة نوح ٧١ : ٢٢.

فكأنَّ بَهْجَتَها وبَهْجَةَ كَأْسِهاْ

نارٌ ونورٌ قُيّدا بوِعاءِْ

النكـت والعيون ٥/٤٧ ، سـورة الصافّات ٣٧ : ٤٦.

يُقالُ بهِ داءُ الهُيامِ أصابَهُْ

وقد عَلِمَتْ نفْسي مكانَ شِفائِها

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٧/٢١٥ ، سورة الواقعة ٥٦ : ٥٥ ، قيس بن المُلَوَّح.

تفاضلت الفضائل من كفاءِْ

فلا تثقن بكلّ أخي إخاءِْ

طَلَبـوا صُلْحَنـا ولاتَ أوانٍْ

فأجَبْنا أنْ ليس حينَ بَقاءِ

معاني القرآن ـ للفرّاء ـ ٢/٣٩ ، سورة ص ٣٨ : ٣

. معاني القرآن ـللاَخفش ـ ٢/٦٧٠ ، سورة ص ٣٨ : ٣.

تأويل مشكل القرآن : ٥٢٩ ، باب : تفسيـر حـروف المعـانـي ومـا شاكلهـا مـن الاَفعـال التـي لا تنصرف (لات) ، أبو زبيد الطائيّ.

جامع البيان ـ للطبري ـ ٢٣/٧٧ ، سورة ص ٣٨ : ٣.

وكرّره ٢٣/٧٨ ، الآية نفسها.

معاني القرآن ـ للزجّاج ـ ٤/٣٢٠ ، سورة ص ٣٨ : ٣ ، أبو زبيد.

القرطين ٢/٩٨ ، غريب سورة ص ومشكلها ٣٨ : ٣ ، أبو زبيد.

التبيان ٨/٥٤٣ ، سورة ص ٣٨ : ٣.

الكشّاف ٣/٣٥٩ ، سورة ص ٣٨ : ٣ ، أبو زبيد الطائيّ ، وفيه : «لات حين بقاءِ».

المحرّر الوجيز ١٤/٨ ، سورة ص ٣٨ : ٣.

مجمع البيان ٤/٤٦٥ ، سورة ص ٣٨ : ٣ ـ الاِعراب ، أبو زبيد.


الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ

١٥/١٤٧ ، سورة ص ٣٨ : ٣ ، أبو زبيد الطائيّ.

البحر المحيط ٧/٣٨٤ ، سورة ص ٣٨ : ٣.

الدرّ المصون ٥/٥٢١ ، سورة ص ٣٨ : ٣.

وكرّره ٥/٥٢٣ ، الآية نفسها.

أنوار التنزيل ـ للبيضاوي ـ ٢/٣٠٦ ، سورة ص ٣٨ : ٣ ، وفيه : «لات حين».

ثمّ لَمّا رَآهُ رانَتْ بهِ الخـَمْـ

ــرُ وأنْ لا تَرينَـهُ باتِّقـاءِ

مجاز القرآن ٢/٢٨٩ ، سورة المطفّفين ٨٣ : ١٤ ، أبو زبيد الطائيّ.

جامع البيان ـ للطبري ـ ٣٠/٦٢ ، سورة المطفّفين ٨٣ : ١٤ ، أبو زبيد.

الحجّة للقرّاء السبعة ٦/٣٨٦ ، سورة المطفّفين ٨٣ : ١٤ ، أبو زبيد.

التبيان ١٠/٢٩٩ ، سورة المطفّفين ٨٣ : ١٤ ، أبو زبيد الطائيّ.

المحرّر الوجيز ١٦/٢٥٤ ، سورة المطفّفين ٨٣ : ١٤.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٩/٢٦٠ ، سورة المطفّفين ٨٣ : ١٤ ، أبو زبيد الطائيّ.

البحر المحيط ٨/٤٣٨ ، مفردات سورة المطفّفِين ، أبو زبيد.

عرفتم أنه صدق اللقاءِ

خفارة ما أجار أبو براءِ

 ......................

 ............ كُشُفِ اللِقاءِ

الحجّة للقرّاء السبعة ٢/٢٠ ، سورة البقرة ٢ : ٣٦ ، أوس.

لا تَسْقِني ماءَ المَلامِ فإنّني

صَبٌّ قد اسْتَعْذَبْتُ ماءَ بُكائي

البحـر المحيـط ٦/٢٨ ، سـورة الاِسراء ١٧ : ٢٤ ، أبو تمّام.

الـدرّ المصـون ٧/٣٤٣ ، ســورة الاِسراء ١٧ : ٢٤ ، أبو تمّام.

رُبَما ضَرْبَةٍ بسَيْفٍ صَقيلٍ

بين بُصْرى وطَعْنَةٍ نَجْلاءِ

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٤/٦ ، سورة آل عمران ٣ : ٣.

وكـرّره ١٠/١ ، سورة الحجـر ١٥ : ٢.

إنّي إذا شَغَلَتْ قَوْماً فُروجُهُمُ

رَحْبُ المَسالِكِ نَهّاضٌ ببَزْلاءِ


الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٩/٢٤ ، سورة الجنّ ٧٢ : ١٩.

تَجيءُ بِمِلْئِها طَوْراً وطَوْراًً

تَجيءُ بِحَمْـأةٍ وقَليلِ ماءًِ

مجاز القرآن ١/٤١٣ ، سورة الكهف ١٨ : ٨٦ ، وفيه : «بملئها يوماً ويوماً».

إعراب القراءات السبع ١/٤١٤ ، سورة الكهف ١٨ : ٨٦ ، وفيه : «تجئك بملِئها .. تجئك بحمأةٍ».

التبيان ٧/٨٥ ، سورة الكهف ١٨ : ٨٦ ، أبو الاَسود الدؤليّ.

وكرّره ٧/٨٦ ، الآية نفسها ، أبو الاَسود الدؤليّ.

مجمـع البيـان ٣/٤٨٩ ، ســورة الكهف ١٨ : ٨٦ ـ اللغة ، أبو الاَسود.

البحر المحيط ٥/٤٤٣ ، سورة الحجر ١٥ : ٢٦ ، «تجئك بمِلئها».

الـدرّ المصـون ٤/٢٩٥ ، ســورة الحجر ١٥ : ٢٦ ، أبو الاَسود.

 .....................

رَجَعْتُ بما أبْغي ووَجْهي بمائِهِ

المحرّر الوجيز ٢/٩ ، سورة البقرة ٢ : ١٤٤.

البحـر المحيـط ١/٤٢٨ ، ســورة البقرة ٢ : ١٤٤.

فلا أَسْقي ولا يَسْقي شَريبي

ويُرْويهِ إذا أَوْرَدْتُ مائي

الحجّة للقرّاء السبعة ٤/٢٩٤ ، سورة يونس ١٠ : ٨٩.

مجمـع البيـان ٣/١٢٨ ، ســورة يونس ١٠ : ٨٩ ـ الحجّة.

أَقامَ يُعْمِلُ أيّاماً رَوِيَّتَهُ

وشَبَّهَ الماءَ بعدَ الجُهدِ بالماءِ

البحر المحيط ٦/٤٦١ ، سورة النور ٢٤ : ٣٩ ، عجزه.

لَيَكونَنَّ بالبِطاحِ قُرَيْـشٌ

فَقَعْةَ القاعِ في أكُفِّ الاِماءِ

البحر المحيط ٦/٢٧٠ ، سورة طـه ٢٠ : ١٠٦ ، ضرار بن الخطّاب.

الدرّ المصون ٥/٥٥ ، سورة طـه ٢٠ : ١٠٦ ، ضرار بن الخطّاب.

فَأَوِّهْ مِن الذِكْرى إذا ما ذَكَرْتُها

ومن بُعْدِ أَرْضٍ بَيْنَنا وسَماءِ

معاني القرآن ـ للفرّاء ـ ٢/٢٣ ، سورة هود ١١ : ٧٥.

جامع البيان ـ للطبري ـ ١١/٣٨


بولاق (شاكر ١٤/٥٣٥) ، سورة التوبة ٩ : ١١٤.

إعراب ثلاثين سورة : ٣٥ ، سورة الفاتحة ١ : آمين.

المحتسب ١/٣٩ ، سورة الفاتحة ١ : ٥ ، صدره ، وفيه : «فأَوِّ لذكراها».

التبيان ٥/٣١٠ ، سورة التوبة ٩ : ١١٤ ، وفيه : «فأوّه لذكراها .. أرض دوننا».

الكشّاف ١/٢١٤ ، سورة البقرة ٢ : ١٩ ، عجزه.

المحرّر الوجيز ٨/٢٩١ ، سورة التوبة ٩ : ١١٤ ، وفيه : «فأوّه لذكراها».

مجمع البيان ٣/٧٦ ، سورة التوبة ٩ : ١١٤ ـ اللغة ، وفيه : «فأوّه بذكراها .. أرض دونها».

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٨/٢٧٦ ، سورة التوبة ٩ : ١١٤ ، وفيه : «فأوّه».

البحـر المـحيـط ١/٢٣ ، سـورة الفاتحـة ١ : ٥ ، صدره ، وفيـه : «فـأوِّ لذكراهـا».

الدرّ المصون ١/٧٣ ، سورة الفاتحة ١ : ٤ ، وفيه : «فأوِّ لذكراها».

أنوار التنزيل ـ للبيضاوي ـ ١/٣٢ ، سورة البقرة ٢ : ١٩ ، عجزه.

 ......................

كالاَُقْحُوانِ غَداةَ غِبِّ سَمائِه

المحرّر الوجيز ١٦/٢٧٤ ، سورة الطارق ٨٦ : ١ ، النابغة.

ويَصْعَدُ حتّى يَظُنَّ الجَهُول

ُبأنّ لهُ حاجَةً في السَماءِ

الكشّاف ١/٢٠٦ ، سورة البقرة ٢ : ١٨ ، أبو تمّام.

أنوار التنزيل ـ للبيضاوي ـ ١/٣٢ ، سورة البقرة ٢ : ١٨ ، أبو تمّام الطائيّ.

فإنّه أشرف أسمائي

يعرفه السامع والرائي

أُدْعى بأسْماءَ نَبْزاً في قَبائلِها

كأنَّ أسْماءَ أضْحَتْ بعضَ أسْمائي

الكشّاف ٢/٣٠ ، سورة الاَنعام ٦ : ٧٤ ، بعض المحدَثين.

البحر المحيط ٤/١٦٣ ، سورة الاَنعام ٦ : ٧٤ ، بعض المحدثين.

الدرّ المصون ٣/١٠٠ ، سورة الاَنعام ٦ : ٧٤.

قُلْ ما بَدا لكَ مِن زورٍ ومِن كَذِبٍ

حِلْمي أصَمُّ وأُذْني غَيْرُ صَمّاءِ


مجمع البيان ٢/٢٤٩ ، سورة المائدة ٥ : ١٠١ ـ اللغة.

قِفا نَسْألْ مَنازِلَ آلِ لَيْلى

على عِوَجٍ إليها وانْثِناءِ

جامع البيان ـ للطبري ـ ٨/١٣٦ بولاق (شاكر ١٢/٤٤٨) ، سورة الاَعراف ٧ : ٤٥.

التبيان ٤/٥٠٩ ، سورة الاَعراف ٧ : ٤٥.

فلا يُرْمى بِيَ الرَجَوانِ إنّي

أَقَلُّ القَوْمِ مَن يُغْني غَنائي

الحجّة للقرّاء السبعة ٥/٢٧٧ ، سورة الحجّ ٢٢ : ٣١.

ألا يا حَمْزُ للشُرُفِ النَواءِ

فهُنَّ مُعَقَّلاتٌ بالفِناءِ

المحرّر الوجيز ٥/١٤٥ ، سورة المائدة ٥ : ٦٠ ، قينة.

الـدرّ المصـون ٢/٥٦٠ ، ســورة المائدة ٥ : ٦٠.

وكرّر صدره ٤/٣٣١ ، سورة النحل ١٦ : ٦٢.

هَلاّ كَوَصْلِ ابنِ عَمّارٍ تُواصِلُني

ليس الرجالُ وإنْ سُوُّوا بأَسْواءِ

الحجّة للقرّاء السبعة ١/٢٤٧ ، سورة البقرة ٢ : ٦.

لا يَني الخِبُّ شِيمةَ الخِبِّ ما دا

مَ فلا تَحْسَبَنَّـهُ ذا ارْعِواءِ

البحر المحيط ٦/٢٤٣ ، سورة طـه ٢٠ : ٤٢ ، أنشده ابن مالك.

الدرّ المصون ٥/٢٢ ، سورة طه ٢٠ : ٤٢ ، أنشده الشيخ جمالالدين بن مالك.

بأهل العقل منهم والحياء

فلا تثقن بكلّ أخي إخاء

مِنّا الذي رَبَعَ الجُيوشَ لِصُلْبِهِ

عِشْرونَ وهْوَ يُعَدُّ في الاَحْياءِ

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٨/١٣ ، سورة الاَنفال ٨ : ٤١.

ليس مَن ماتَ فاسْتَراحَ بِمَيْتٍ

إنَّما المَيْتُ مَيِّتُ الاَحْياءِ

إنَّما المَيْتُ مَن يَعيشُ كَئيباً

كاسِفاً بالُهُ قَليلَ الرَجاءِ

مجاز القرآن ١/١٤٩ ، سورة المائدة ٥ : ٣ ، ابن الرعلاء ، وفيه : «من يعيش ذليلاً .. سيِّئاً بالُه».

وكرّرهمـا ٢/١٦١ ، سورة يـس ٣٦ : ٣٣ ، الرعلاء الغسّانيّ.


معاني القرآن ـ للاَخفش ـ ١/٣٤٧ ، سورة البقرة ٢ : ١٧٣ ، البيت الاَوّل.

جامع البيان ـ للطبري ـ ٢/٥٠ بولاق (شاكر ٣/٣١٨) ، سورة البقرة ٢ : ١٧٣ ، البيت الاَوّل.

معاني القرآن ـ للزجّاج ـ ٢/١٤٤ ، سورة المائدة ٥ : ٣.

الحجّة للقرّاء السبعة ٣/٢٧ ، سورة آل عمران ٣ : ٢٧ ، البيت الاَوّل.

وكرّر البيتين ٣/٣٩٨ ، سورة الاَنعام ٦ : ١٢٢ ، ابن الرعلاء الغسّانيّ.

وكرّر البيت الاَوّل ٦/٢١٢ ، سورة الحُجرات ٤٩ : ١٨.

حجّة القراءات : ١٥٩ ، سورة آل عمران ٣ : ٢٧ ، البيت الاَوّل.

وكرّره : ٦٧٧ ، سورة الحُجرات ٤٩ : ١٢.

النكت والعيون ١/٣٨٥ ، سورة آل عمران ٣ : ٢٧ ، ابن الرعلاء الغسّانيّ ، البيت الاَوّل والثاني.

التبيان ٢/٨٤ ، سورة البقرة ٢ : ١٧٣ ، البيت الاَوّل.

وكرّر البيتين ٢/٤٣٢ ، سورة آل عمران ٣ : ٢٧ ، ابن الرعلاء الغسّانيّ.

وكرّر البيت الاَوّل ٣/٤٢٨ ، سورة المائدة ٥ : ٣.

وكرّر البيتين ٤/٢٥٨ ، سورة الاَنعام ٦ : ١٢٢ ، ابن الرعلاء الغسّانيّ.

المحرّر الوجيز ٢/٤٨ ، سورة البقرة ٢ : ١٧٣ ، البيت الاَوّل.

وكرّره ٥/٢٠ ، سورة المائدة ٥ : ٣.

مجمع البيان ١/٤٢٦ ، سورة آل عمران ٣ : ٢٧ ـ الحجّة ، ابن الرعلاء الغسّانيّ ، البيت الاَوّل والثاني.

وكرّرهما ٢/٣٥٩ ، سورة الاَنعام ٦ : ١٢٢ ـ الحجّة ، ابن الرعلاء الغسّانيّ.

البيان في غريب إعراب القرآن ١/١٩٨ ، سورة آل عمران ٣ : ٢٧ ، عديّ بن رَعلاء.

الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٢/١٦ ، سورة البقرة ٢ : ١٧٣ ، البيت الاَوّل.

وكرّر البيتين ١٤/٣٢٦ ، سورة فاطر ٣٥ : ٩.

البحر المحيط ١/٢٠٩ ، سورة البقرة ٢ : ٥٤ ، البيت الاَوّل والثاني.

وكرّرهما ١/٤٨٦ ، سورة البقرة ٢ : ١٧٣.

الدرّ المصون ٢/٥٧ ، سورة آل عمران ٣ : ٢٧ ، البيت الاَوّل والثاني.

للبحـث صلــة ...


فهرس مخطوطات مكتبة القائيني

(٢)

الشيخ عليّ الفاضل القائيني النجفي

(١٠٣)

الحاشية على الحاشية القديمة الدوّانية على الشرح الجديد للتجريد

(كلام ـ عربي)

تأليف : حبيب الله ميرزا جان الباغنوي الشيرازي (ت ٩٩٤).

حاشية على أوّل الحواشي الثلاث التي علّقها المولى جلال الدين محمّـد الدوّاني (ت ٩٠٧) على الشرح الجديد على التجريد للقوشجي.

أوّله : قال المصنّف رحمه الله : أمّا بعد حمد واجب الوجود على نعمائه ...

* تاريخ الكتابة :؟ ، عليها تملّك سنة ١٠٧٣ ، وتملّك محمّـد شفيع المحسني ، ومحمّـد جعفر البيدكلي وابنه أحمد ، وللمؤلّف حواش كثيرة على هوامش حاشيته ، وعليها أيضاً تملّك يحيى بن عبـد الله بن يحيى بن أحمد علي سنة ١٠٧٨.

* * *


(١٠٤)

حاشية على الشرائع

(فقه ـ عربي)

تأليف : المحقّق نور الدين عليّ بن عبـد العالي الكركي (ت ٩٤٠).

النسخة تشتمل على كتاب الطهارة إلى كتاب التجارة.

أوّلها : إذ لا يجب عليها الاَخذ لمجامع الاحتياط بل ترجع إلى الروايات مع فقد التميّز ...

آخرها : لاَنّ الشيء قد يكون معاملة ، وبملاحظة شيء آخر يكون عبادة.

تمّت هذه الحاشية الشريفة.

* تاريخ الكتابة : ١١ شهر ربيع الآخر سنة ٩٩٣ في دار الخلافة «فتحبور» سلّمها الله من الآفات.

(١٠٥)

* نسخة ثانية تشتمل على كتاب الجهاد ، تاريخ كتابتها : سنة ٩٧١ ، رمز الناسخ عن اسمه : ح س ن.

(١٠٦)

حاشية على شرح الاِشارات

(فلسفة ـ عربي)

تأليف : حبيب الله ميرزا جان الباغنوي الشيرازي (ت ٩٩٤).

الاِشارات للشيخ الرئيس ابن سينا البخاري (ت ٤٢٨) ، وشرحه للخواجة نصير الدين الطوسي (ت ٦٧٣)؛ وعليه حواش ، منها هذه الحاشية.


أوّلها : المح بل يكفي في إثباته إمّا مجرّد ملاحظة تصوّراته أو النظر السابق.

أقول : لا يذهب على من تتبّع ...

* الناسخ : محسن بن عبـد الكريم التنكابني ، سنة ١٢٣٨ ، وللناسخ حواش على هذه الحاشية.

(١٠٧)

حاشية على شرح العقائد لملاّ سعد الدين التفتازاني

(عقائد ـ عربي)

 تأليف : عصام الدين إبراهيم بن محمّـد الاِسفرائيني (ت ٩٤٣).

العقـائـد تأليـف : نجـم الدين أبي حفـص عمر بن محمّـد النسفـي (ت ٥٣٧) ، والشرح لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت ٧١٩).

* تاريخ الكتابة :؟ ، عليها حواش لعبد الدين ملاّ صالح كلاشي ، وعليها آثار البلاغ والمقابلة.

(١٠٨)

حاشية على طبيعيات الشفاء

(فلسفة ـ عربي)

تأليف : المحقّق الخوانساري ، الآقا جمال الدين محمّـد بن الحسين (ت ١١٢٥).

الشفاء في الحكمة والمنطق لاَبي عليّ الحسين بن عبـد الله ابن سينا (ت ٤٢٨) ، وهذه الحاشية على قسم الطبيعيات منه.

أوّله : وأخرجوا منها أي من الحركة التي هي الكيف السيّال ...


*الناسخ : عليّ بن عزيز الله ، سنة ١١١٨ ، المذكور في طبقات أعلام الشيعة ـ ق ١٢ ـ : ٥٤٤.

(١٠٩)

حاشية على العروة الوثقى

(فقه ـ عربي)

تأليـف : الشيـخ محمّـد بـن عبـد الكريـم الفاضـل القـائينـي النجفـي (ت ١٤٠٥).

العروة الوثقى : فقه حافل بالمسائل الفرعيّة للسيّـد محمّـد كاظم اليزدي (ت ١٣٣٧).

* النسخة : بخطّ المؤلّف.

(١١٠)

حاشية على مختصر ابن الحاجب العضدية

(أُصول ـ عربي)

تأليف : المحقّق الخوانساري ، الآقا جمال الدين محمّـد بن الحسين (ت ١١٢٥).

الاَصل هو مختصر منتهى السؤال والاَمل في علمي الاَُصول والجدل شرحه القاضي عضد الدين عبـد الرحمن بن أحمد الاِيجي (ت ٧٥٦) وعليها حواش ، منها لهذا المحقّق.

أوّلها : الحمد لله ربّ العالمين والصلاة على خير خلقه ..

* الناسخ : محمّـد بن عزيز الله ، سنة ١١١٨ ، المذكور في طبقات أعلام الشيعة ـ ق ١٢ ـ : ٥٤٤ ، وعليها حواش للمؤلّف ، والنسخة مصحّحة وعليها بلاغات.


(١١١)

حاشية على المعالم

(أُصول ـ عربي)

تأليف : الوحيـد البهبهانـي ، الآقا محمّـد باقر بن محمّـد أكمل (ت ١٢٠٦).

المعالم للشيخ حسن بن زين الدين العاملي (ت ١٠١١) في علم أُصول الفقه ، عليه شروح وحواش ، منها هذه الحاشية.

أوّلها : قوله : وبالاَفعال .. إن قلت من جملة الاَفعال فعل المعصوم ..

* الناسخ : هو الذي كان مسمّاه بأحد أسماء الله تعالى وكان عدد حروفه بمثابة هذه الاَعداد.

(١١٢)

حاشية على معالم الاَصول

(أُصول ـ عربي)

تأليف : حسام الدين محمّـد صالح بن أحمد المازندراني (ت ١٠٨٦).

كتاب المعالم للشيخ حسن بن زين الدين العاملي (ت ١٠١١) في علم أُصول الفقه ، عليه شروح وحواش ، منها هذه الحاشية.

أوّلها : نحمدك اللّهمّ يا من خلقنا ولم نك شيئاً ...

* تاريخ الكتابة :؟ ، عليها تملّك صاحب جواهر الكلام الفقيه الشيخ محمّـد حسن النجفي (ت ١٢٦٦) ، وكذلك مكتـوب أنّـه : من متملّكات والدي دام ظلّـه العالي وأنا الاَقلّ عبد الحسين بن الشيخ محمّـد حسن بن الشيخ باقر قدس سره ، وتملّك محمّـد بن محمّـد هادي سنة ١٣١٨ ، وعليها آثار البلاغ والمقابلة.


(١١٣)

الحبل المتين في إحكام أحكام الدين

(حديث ـ عربي)

تأليف : الشيخ البهائي ، محمّـد بن الحسين العاملي (ت ١٠٣١).

جمع فيه الاَحاديث الصحاح والحسان والموثّقات ، مع الشرح والبيان والتوفيق بين متنافياتها.

أوّله : الحمد لله الذي دلّنا على الطريق القويم ..

وهو مرتّب على أربعة مناهج ، خرج منه أبواب الطهارة والصلاة إلى آخر التعقيبات.

* الناسخ : خالد بن نعمة ، سنة ١٠٣٧ ، وذكر في آخرها : إنّها قوبلت ثلاث مرّات ، وعليها آثار البلاغ والمقابلة.

(١١٤)

حجّية الاِجماع

(أُصول ـ عربي)

تأليف : الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي (ت ١٢٤١).

مرتّب على مقدّمة في تعريف الاِجماع ، وسبعة فصول وخاتمة ، فرغ منه سنة ١٢١٥.

أوّله : الحمد لله ربّ العالمين .. إنّي رأيت كثرة الاختلاف بين علمائنا في أكثر طرق الاستدلال ، وكيفيّة استنباط الحرام والحلال ..

* تاريخ الكتابة :؟


(١١٥)

حدائق الصالحين

(حديث ـ عربي)

تأليف : الشيخ البهائي ، محمّـد بن الحسين العاملي (ت ١٠٣١).

فـي شـرح الصحيفـة السجّـاديـة للاِمـام زيـن العـابديـن علـيّ بن الحسيـن عليهما السلام ؛ جعل شرح كـلّ دعاء في حديقـة ، وقـد خرج شرح عدّة من حدائقه.

الموجود في نسختنا الحديقة الهلالية؛ في شرح دعائه عليه السلام عند رؤية الهلال ، الذي هو الدعاء الثالث والاَربعون.

أوّله : نحمدك يا من أطْلع في فلك الهداية شمس النبوّة ..

* الناسخ : حاجي بابا بن محمّـد تقي ، سنة ١١٣٢ ، وذكر أنّه استنسخها على نسخة المؤلّف.

(١١٦)

الحدائق الناضرة في فقه العترة الطاهرة

(فقه ـ عربي)

تأليف : المحدّث الفقيه الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم الدرازي البحراني (١١٠٧ ـ ١١٨٦).

في أحكام العترة الطاهرة ، فقه استدلالي كبير لم يتجاوز كتاب الوصيّة.

* الناسخ : محمّـد بن صفر الفخار الشيرازي ، سنة ١٢٤٣ ، ويوجد أيضاً بخطّـه كتاب الطهارة من الحدائق في مكتبة الفيض المهدوي في كرمانشاه ، كما في مجلّة تراثنا العدد الرابع [٩] ج لسنة ١٤٠٧ ص ٣٠ ، تشتمل النسخة على كتاب الصلاة.


(١١٧)

حديقة الشيعة

(عقائد ـ فارسي)

تأليف : المولى المقدّس المحقّق الملاّ أحمد بن محمّـد الاَردبيلي (ت ٩٩٣).

في إثبات النبوّة الخاصّة والاِمامة ، فيه إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام وفضائله ومناقبه ، وإثبات إمامة سائر الاَئمّة الطاهرين عليهم السلام.

أوّله : زيب وآرايش آغاز وانجام نعوت وصفات انبياى عظام واوصياى گرام.

* الناسخ : الواعظ اليزدي ، سنة ١٢٥٣ ، تشتمل على قسمٍ من أوّل الكتاب.

(١١٨)

* نسخة ثانية كاملة ، بخطّ فارسي جيّد ، قريبة من عصر المؤلّف.

(١١٩)

* نسخة ثالثة جيّدة ، فيها نقص من أوّلها وآخرها.

(١٢٠)

الحسنية

(عقائد ـ فارسي)

تأليف : الشيخ أبي الفتوح الحسين بن عليّ الرازي الخزاعي


النيسابوري (شيخ منتجب الدين ، ت ٥٨٥).

رسالة في الاِمامة فيها مناظرات مع علماء المخالفين؛ تنسب إلى الشيخ أبي الفتوح ، كما تنسب إلى بعض الجواري من بنات الشيعة.

* الناسخ : عبـد الرحيم بن عبـد الكريم ، سنة ١١٠٠.

(١٢١)

الحكمة العرشية

(فلسفة ـ فارسي)

تأليف : المولى صدر الدين محمّد بن إبراهيم الشيرازي (ت ١٠٥٠).

في مباحث مهمّة في الفلسفة.

أوّله : الحمد لله الذي جعلنا ممّن شرح صدره للاِسلام فهو على نور من ربّه ...

* الناسخ : محسن بن عبـد الكريم التنكابني ـ تلميذ المحقّق الاَصفهاني ـ في مدرسة ميرزا حسين في أصفهان حين قراءته عليه سنة ١٢٣٨.

(١٢٢)

حلّ مشكلات الاِشارات

(منطق ـ عربي)

تأليف : الخواجة نصير الدين محمّـد بن محمّـد الطوسي (ت ٦٧٢).

الاِشارات والتنبيهات في المنطق والفلسفة ، تصنيف الشيخ الرئيس أبي عليّ ابن سينا ، والشرح للخواجة نصير الدين الطوسي.

أوّله : الحمد لله الذي وفّقنا لافتتاح المقال بتحميده وهدانا إلى تصدير الكلام بتمجيده ...


* تاريخ الكتابة :؟ ، عليها آثار البلاغ والمقابلة وتملّك جماعة من العلماء ، تملّك محمّد عليّ بن أبو القاسم الحسيني.

(١٢٣)

حياة القلوب

(أخلاق ـ فارسي)

تأليف : العلاّمة المجلسي ، محمّـد باقر بن محمّـد تقي (ت ١١١١).

في ثلاثة مجلّدات في أحوال الاَنبياء والاَئمّة عليهم السلام الاَوّل في أحوال أنبياء السلف ، الثاني في أحوال نبيّنا محمّـد صلى الله عليه وآله وسلم ، الثالث في أحوال الاَئمّة عليهم السلام.

* الناسخ : ابن المرحوم محمّـد المدعو بالحسن ، النسخة تشتمل على المجلّد الاَوّل.

(١٢٤)

حياة النفس في حظيرة القدس

(عقائد ـ عربي)

تأليف : الشيخ أحمد بن زين الدين الاَحسائي (ت ١٢٤١).

في أُصول الدين؛ مرتّب على مقدّمة وخاتمة بينهما خمسة أبواب ، وفي كلّ باب عدّة فصول.

أوّله بعد الخطبة : إنّه قد التمس منّي بعض الاِخوان الّذين يجب عليَّ طاعتهم أن أكتب لهم رسالة في بعض ما يجب على المكلّفين من معرفة أُصول الدين.

* تاريخ الكتابة :؟


(١٢٥)

خرقـة بخيـة

(طبّ ـ فارسي)

تأليف : مرتضى قلي خان شاملو بن حسن خان (كان حياً سنة ١٠٨٩).

في بيان الآلام والاَسقام التناسلية في الرجال والنساء ، وذكر علاجها ، وذكر الاَدوية المقوّية للباه ، وحفظ صحّة الرحم والاَولاد قبل الولادة وبعدها إلى أن يتغذّى الطفل؛ مرتّبة على ثلاثين بخيـة.

* تاريخ الكتابة : سنة ١٠٢٥.

(١٢٦)

خلاصة منهج الصادقين

(تفسير ـ فارسي)

تأليف : ملاّ فتح الله بن شكر الله الكاشاني (ت ٩٩٧).

تفسير للقرآن الكريم ، يشير لاَقوال المفسّرين والمسائل الاَدبية ، ذكر في خطبته أنّه أورد كثيراً من أخبار العامّة إلزاماً لهم.

أوّله : حمدى كه چون كلمات ربانى بى غايت شايسته لطيفى است.

* الناسخ : رحيم علي بن برك علي ، سنة ١١١٩ ، والنسخة تشتمل على تفسير سورة يـس إلى آخر القرآن المجيد.

(١٢٧)

الخلل في الصلاة

(فقه ـ عربي)

تأليف : نور الدين عليّ بن الحسين بن عبـد العالي الكركي العاملي


(ت ٩٤٠).

مرتّب على قسمين؛ الاَوّل في السهو ، الثاني في الشكّ في الصلاة وأجزائها وشرائطها.

أوّله : الحمد لله الذي فطر السمـوات ... وبعد ، فقد سألتني أيّها الاَخ العزيز أعانك الله على طاعته وهيّأك لعبادته أن أورد لك باب الخلل الواقع في الصلاة.

آخره : إنّه وليّ القدرة ومقبل العثرة.

* تاريخ الكتابة :؟ ، ضمن مجموعة كتابتها سنة ١٠٦٥.

(١٢٨)

الدرّ الثمين

(كلام ـ فارسي)

تأليف : الشيخ محمّـد بن عبـد الكريم الفاضل القائيني النجفـي (ت ١٤٠٥).

في أُصول الدين ، مرتّب على مقدّمة وثلاثة مقاصد ، والمقدّمة تشتمل على أُمور ، الاَوّل في معرفة الله ، الثاني أنّ الاَطفال لم يتّصفوا بالكفر والاِسلام ، الثالث في حكم معلوم الاِسلام ومجهول الاَمر ، الرابع في بيان دين الاِسلام.

أوّله : حمد براى خدائى است جلّ شأنه كه تمام موجودات گواهى دهندة صانعيت ...

آخره : اسلام سه چيز است نماز وزكاة وولايت ، وصحيح نيست هيچ كدام از اين سه تا بدون دوتاى ديگر.

* النسخة : بخطّ المؤلّف سنة ١٣٦٦.


(١٢٩)

الدرّة المنظومة

(فقه ـ عربي)

نظم : العلاّمة بحر العلوم ، محمّـد مهدي بن مرتضى الطباطبائي البروجردي (ت ١٢١٢).

منظومة في الفقه ، خرج منها تمام الطهارة ، والصلاة إلى صلاة الطواف.

أوّلها :

افتح المقال بعد البسمله

بحمد خير منعم والشكر له

آخرها :

وادع عقيب الفرض بالمأثور

من الدعاء الموجز المشهور

* تاريخ الكتابة : سنة ١٢٣٠.

(١٣٠)

الدرر النجفيّة

(فقه ـ عربي)

تأليف : الشيخ محمّـد بن عبـد الكريم الفاضل القائيني النجفـي (ت ١٤٠٥).

في الفقه الاستدلالي ، خرج منه كتب : الطهارة ، الصلاة ، الحج ، التجارة في مجلّدين ، القضاء ، النكاح ، الاِرث ، الوصيّة ، القرض ، والرهن.

طبع منه الخمس والزكاة في النجف الاَشرف سنة ١٣٥٤.

* النسخة : بخطّ المؤلّف.


(١٣١)

ديوان ليلى ومجنون

(شعر ـ عربي)

جمع وتدوين : أبو بكر الوالبي ، مع شرح وتفسير.

أوّله : الحمد لله ربّ العالمين .. حدّث أبو بكر الوالبي ، قال حدّثني أبو جعونة الذبعلي ، عن أبي العالية ، عن رجل ، عن بني عجل.

آخره : قال أبو بكر الوالبي : هذه جملة ما تناهت إلينا من أخبار المجنون وأشعاره خارجاً عمّا لم نكتبه ، وما كان منحولاً عن قصيدة أو خبر عرضنا عن كتابته.

* تاريخ الكتابة :؟

(١٣٢)

ذخيرة العباد في شرح الاِرشاد

(فقه ـ عربي)

تأليف : المحقّق السبزواري ، محمّـد باقر بن محمّـد مؤمن (١٠١٧ ـ ١٠٩٠).

فقه استدلالي؛ والنسخة تشتمل على كتاب الصلاة.

* الناسخ : محمّـد مقيم بن محمّـد باقر الاَصفهاني ، ذكر أنّه استنسخه من نسخة المؤلّف سنة ١٠٧٩ ، وهو من تلامذة المؤلّف والمولى محمّـد تقي المجلسي ، وله ترجمة في طبقات أعلام الشيعة ـ ق ١١ ـ : ٥٨٠ ، عليها تملّك محمّـد حسين النيسابوري ، ومحمّـد عليّ المدرّس ، ومحمّـد الرضوي.


(١٣٣)

* نسخـة ثانيـة تشتمـل علـى كتاب الطهـارة ، عليهـا تملّك نور الدين الموسوي الجزائري ابن السيّـد نعمة الله (١٠٨٨ ـ ١١٥٨) ، المذكور في الذريعة ٣/٤٢٢ ، وتملّك السيّد محمّـد الجزائري.

(١٣٤)

رسائل

(فقه وأُصول ـ عربي)

تأليف : عبد الرضا الكرماني البردسيري الهندي.

مجموعة رسائل في مبحث حجيّة ظنّ المتجزّي وعدمه ، وأحكام المعاطاة والبيع الفضولي ، وأحكام الخيارات ، ويشير إلى مباني أُستاذه الآخوند ملاّ باقر الفشاركي الاَصفهاني.

أوّلها : الحمد لله ... والكلام في حجيّة ظنّ المتجزّي وعدمها ، وتوضيح الكلام يتوقّف على رسم مقدّمات ومشارق ، المقدّمة الاَُولى في بيان معنى الاجتهاد لغة وعرفاً ...

آخرها : تمّ الكلام إلى هنا بيد مصنّفه الفاني عبد الرضا الكرماني في ليلة السبت غرّة شهر محرّم الحرام في دار السلطنة أصفهان في المدرسة المشهورة بالصدر.

* النسخة : بخطّ المؤلّف ، سنة ١٣٠٢.


(١٣٥)

رسالة في آداب الصلاة

(فقه ـ فارسي)

تأليف : العلاّمة المجلسي محمّد باقر بن محمّد تقي (ت ١١١١).

رسالة مختصرة في آداب الصلاة وبيان فضلها ، وذكر التعقيبات.

أوّلهـا : الحمـد لله ... چنين گويـد احقـر عباد الله محمّـد باقر بن محمّـد تقي كه چون نماز عمده اركان نماز است ...

آخرها : وعمده از جميع عبادات واذكار حضور قلب است در جميع عبادات. تمّت.

* تاريخ الكتابة :؟ ، النسخة كتبت في حياة المؤلّف إذ يعبّر عنه بـ «دام ظلّه».

(١٣٦)

رسالة في أحوال عدّة من أصحاب الاَئمّة عليهم السلام

(رجال ـ عربي)

تأليف : السيّـد محمّـد باقر بن نقي الموسوي الشفتي (ت ١٢٦٠).

في بيان أحوال أبان بن عثمان ، إبراهيم بن هاشم ، عبـد الحميد بن سالم وابنه محمّـد ، محمّـد بن عيسى اليقطيني ، وإرشاد الخبير في أحوال أبي بصير.

* الناسخ : محسن بن عبـد الكريم التنكابني ، سنة ١٢٣٨.

(١٣٧)

رسالة في الاِرث

(فقه ـ فارسي)

تأليف : محمّـد تقي الگنجوي (كان حياً سنة ١٣٤٠).


في بيـان مسائـل الميـراث ، عليهـا تقريظ لشيخ الشريعة الاَصفهانـي (ت ١٣٣٩) : اين رسالـه شريفـه بتمامها ملاحظة شد ، انصاف آن است كه تا بحال احدى از علماء مسائل ميراث را باينطور واضح ومشروح ومحرّر كه بفهم هركس نزديك باشد ننوشته ..

وله حواشٍ أيضاً على الرسالة؛ وفّقت بحمد الله تعالى لطبعها مع حواشٍ للسيّـد الخميني قدس سره.

* النسخة : بخطّ المؤلّف.

(١٣٨)

رسالة اندر قسمت موجودات

(فلسفه ـ فارسي)

تأليف : الخواجة نصير الدين الطوسي محمّـد بن محمّـد (ت ٦٧٣).

في تقسيم الموجود إلى الحادث والقديم ، وإلى الواجب والممكن ، ثمّ ذكر خصوصيات الموجود الممكن ، والاَعراض الثمانية ، والحركة والسكون.

أوّلها : موجودات بنزديك علما از دو گونه است ، يا اولى دارد يا ندارد ...

آخرها : خارج بود از اين قسمت وبر تقدير تسليم حصر فساد لازم بيايد والله اعلم.

* تاريخ الكتابة : سنة ٨٧٩.

(١٣٩)

رسالة في بيان إطلاقات الاَُصول المتداولة بين الفقهاء

(أُصول ـ عربي)

تأليف :؟


رسالة مفصلّة في ذكر موارد الاَصل ، وبيان المراد منه في الموارد المختلفة التي يستعملها الفقهاء.

أوّله : ثمّ اعلم أنّ جماعة من الفقهاء كثيراً ما يستعملون الاَصل المحمول عليه العدم ... والغرض من نقل جملة من مواضع استعمال الاَصل أن تمتحن نفسك في المعرفة لتشهد ذهنك ، وتحقيق الاَصل على هذا الوجه ممّا لا تجده في غير هذه الرسالة ...

* الناسخ : المؤلّف ، ويذكر أقوال الفاضل الكلباسي من كتاب إشارات الاَُصول.

(١٤٠)

رسالة في جواب السيّـد باقر الرشتي

(عقائد ـ عربي)

تأليف : الشيخ أحمد بن زين الدين الاَحسائي (ت ١٢٤١).

رسالة مختصرة في توضيح القضاء والقدر ، وتوضيح عبارة شارح المواقف في المقام ، سألها السيّـد باقر الموسوي الرشتي.

* الناسخ : أبو القاسم الواعظ الحسيني اليزدي ، سنة ١٢٥٣.

(١٤١)

رسالة في جواب جعفر بن أحمد نوّاب

(كلام ـ عربي)

تأليف : الشيخ أحمد بن زين الدين الاَحسائي (ت ١٢٤١).

قال في أوّل الرسالة : قال سلّمه الله ووفّقه الله : أن يفيد لنا معنى


الكشف وأنّ المكشوف له هل يرشح على النفس من حاق حقيقة ذاتها وتعانيه منها ، أو من كتاب آخر؟

* الناسخ : أبو القاسم الواعظ الحسيني اليزدي ، سنة ١٢٥٣.

(١٤٢)

رسالة جواب وسؤال

(عقائد ـ فارسي)

تأليف : الشيخ محمّـد بن عبـد الكريم الفاضل القائيني النجفـي (ت ١٤٠٥).

في بيان أُصول وفروع الدين بنحو من الاختصار.

أوّله : سؤال دين اسلام چه چيز است؟ جواب تمام جيز هائى كه خداوند عالم توسط پيغمبر ما محمّـد بن عبـد الله صلى الله عليه وآله وسلم براى بنى نوع انسان فرستاد.

آخره : وتوفيق كرامت كند براى كسب معارف إلـهيّه وأحكام شرعيّه بمحمّـد وآله الاَمجاد.

* النسخة : بخطّ المؤلّف ، سنة ١٣٦٦.

(١٤٣)

رسالة في جواب السؤال عن اللوح المحفوظ

(كلام ـ عربي)

تأليف : الشيخ أحمد بن زين الدين الاَحسائي (ت ١٢٤١).

الرسالة في جواب السؤال عن : أنّه إذا كان كلّ شيء فقد كتب في اللوح المحفوظ قبل خلق الخلق ، ومنه إيمان المؤمن وكفر الكافر ، فكيف


يجوز أن يأمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بإيمان من يعلم أنّه لا يؤمن وأنّه قد كتب أنّه كافر في اللوح المحفوظ؟!

* الناسخ : أبو القاسم الواعظ الحسيني اليزدي ، سنة ١٢٥٣.

(١٤٤)

رسالة في جواب سؤال عن المعاد الجسماني

(كلام ـ عربي)

تأليف : الشيخ أحمد بن زين الدين الاَحسائي (ت ١٢٤١).

السؤال ذكر في أوّل الرسالة : نستدعي من رئيس المشايخ وقطب الاَفاضل أن يبيّن لنا توضيح ما اعترض على بعض الاَجوبة المنسوبة إلى جنابكم عن سؤال المعاد الجسماني ، فقد ذكرتم في الجواب أنّ للاِنسان جسمين وجسدين؛ والجسد الثاني مركّب من العناصر الاَربعة الموجودة في عالم الطبيعة المحسوسة ، وفي المعاد بعد الموت لا تعود الروح إلى هذا البدن العنصري الطبيعي المركّب ...

* الناسخ : أبو القاسم الواعظ الحسيني اليزدي ، سنة ١٢٥٣.

(١٤٥)

رسالة في جواب الشيخ صالح بن يوسف

(حديث ـ عربي)

تأليف : الشيخ أحمد بن زين الدين الاَحسائي (ت ١٢٤١).

السؤال عن حديث في الكافي للشيخ الكليني في باب حدوث الاَسماء .. عن أبي عبـد الله عليه السلام ، قال : إنّ الله تبارك وتعالى خلق اسماً


بالحروف غير متصوّت ، وباللفظ غير منطق ، وبالشخص غير مجدّ ، وبالتشبيه غير موصوف ، وباللون غير مصبوغ ، منفيّ عنه الاَقطار ، مبعّد عنه الحدود ، محجوب عنه حسّ كلّ متوهّم.

* الناسخ : أبو القاسم الواعظ الحسيني اليزدي ، سنة ١٢٥٣.

(١٤٦)

رسالة في جواب عبـد الوهّاب القزويني

(مقتل ـ عربي)

تأليف : السيّـد كاظم بن القاسم الحسيني الرشتي (ت ١٢٥٩).

في بيان وقعة الطفّ على مشرب العرفان.

قال في مقدّمته : قد أمرني أن أُملي كلمات أظهرها ستر الحقيقة في وقعة الطفوف ، وحقيقة الاَمر فيها على ما عند أصحاب الحقائق والكشوف.

آخره : هذا ما سنح به خاطري الفاتر في هذا المقام مع تكثّر الاَمراض وتوفّر الاَعراض ، واختلال البال بمعافاة الحلّ والارتحال .. وبهذا القدر كفاية لاَهل الدراية.

* الناسخ : أبو القاسم الواعظ الحسيني اليزدي ، سنة ١٢٥٣ ، في بلدة لاهيجان. لاهجان.

(١٤٧)

رسالة في الجواب عن المقصود في (إيّاك نعبد)

(تفسير ـ عربي)

تأليف : الشيخ أحمد بن زين الدين الاَحسائي (ت ١٢٤١).

أوّله : أنّه قد أرسل إليّ بعض الاِخوان .. بمسألتين ..


قال سلّمه الله : إنّ المصلّي حين يقول : (إيّاك نعبد وإيّاك نستعين) كيف يقصد المخاطب بخطابه؟ وأيّ معنىً يعقد قلبه عليه؟ هل يقصد الذات الغير المدرك بصفة من صفاته الجمالية والجلالية؟ أم يقصد شيئاً آخر؟

* الناسخ : أبو القاسم الواعظ الحسيني اليزدي ، سنة ١٢٥٣.

(١٤٨)

رسالة في جواب كيفيّة استنزال الوحي ، والبَداء

(كلام ـ عربي)

تأليف : الشيخ أحمد بن زين الدين الاَحسائي (ت ١٢٤١).

في أجوبة أسئلة مختلفة مثل كيفية استنزال الاَنبياء للوحي والعذاب ، والفرق بين المعجزة والسحر ، وكيف يتأتّى للكاهن الاِخبار عن الغائبات ، وما هي حقيقة البَداء ، وما معنى الحسبان ، وكيفية تولّد عيسى عليه السلام ومسائل أُخرى.

* الناسخ : أبو القاسم الواعظ الحسيني اليزدي ، سنة ١٢٥٣.

(١٤٩)

رسالة في جواب الملاّ رشيد

(عرفان ـ عربي)

تأليف : الشيخ أحمد بن زين الدين الاَحسائي (ت ١٢٤١).

السؤال عـن : أنّ محمّـداً وآلـه صلى الله عليه وآله وسلم هـل هـم من الوجـود المطلق أو المقيّد ، أم هم في مرتبة أُخرى غيرهما؟ فإن كانوا من الوجود المقيّد


فكيف التوفيق بينه وبين قولهم : وروح القدس في جنان الصاقورة ، ذاق من حدائقنا الباكورة؟ وهو أوّل الوجود المقيّد.

ثمّ أجاب المؤلّف عن هذا السؤال.

* الناسخ : أبو القاسم الواعظ الحسيني اليزدي ، سنة ١٢٥٣.

(١٥٠)

رسالة في جواب الملاّ عليّ بن ميرزا خان الجيلاني

(عقائد ـ عربي)

تأليف : الشيخ أحمد بن زين الدين الاَحسائي (ت ١٢٤١).

السؤال عـن : أنّ المريـد يقطـع الطريـق بمقتضـى الرفيق ، ثمّ الطريق لا بُدّ له من رفيق للاِيصال ومراد للاِكمال ، ولا يتيسّـر الوصول من دونه غالباً ، أهو شيء تفوّهوا به وتقوّلوا على الله ربّ العالمين وأسّسوا من الاَساس في مقابل المعصومين عليهم السلام من وجوب إطاعة المريدين ، أو له أصل في الحقيقة ، وإن اختلط في الآخرين الغثّ بالسمين؟

* الناسخ : أبو القاسم الواعظ الحسيني اليزدي ، سنة ١٢٥٣.

(١٥١)

رسالة في جواب ملاّ مصطفى الخوئي

(عرفان ـ عربي)

تأليف : الشيخ أحمد بن زين الدين الاَحسائي (ت ١٢٤١).

الرسالة في شرح سؤال عن معنى الشعلة المرئية السراجية النار الغيبية وفعلها وأثر فعلها ومفعولها.


* الناسخ : أبو القاسم الواعظ الحسيني اليزدي ، سنة ١٢٥٣.

(١٥٢)

رسالة في حكم «شير بهاء»

(فقه ـ عربي)

تأليف : الميرزا أبو القاسم بن الحسن القمّي (ت ١٢٣١).

الرسالة في حكم ما تعارف بين أولياء المرأة من أخذ شيء للمسامحة في تزويجهـا ، ويقال في عرف العجـم : «شير بهاء» ، ويبحث فيها عن أنّه هل يجوز أخذه أم لا؟ وهل يجوز استرداده ولو مع التلف أم لا؟

آخره : هذا ما اقتضاه الحال في بيان هذه المسألة وأسأل الله العفو عن الزلل ، والاستقامة في القول والعمل.

* الناسخ : چراغ علي بن علي أكبر ، سنة ١٢٦٠.

(١٥٣)

رسالة في الرجعة

(عقائد ـ فارسي)

تأليف : العلاّمة المجلسي ، محمّـد باقر بن محمّـد تقي (ت ١١١١).

يذكر فيها الاَحاديث المتعلّقة برجعة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والاَئمّة عليهم السلام وترجمتها وشرحها ، وقد ألّف هذه الرسالة لشاه سليمان الصفوي.

أوّلها : الحمد لله ربّ العالمين .. چون بر كافة ارباب فطنت وذكا ، وعامة ارباب بصيرت واعتلا ...

*تاريخ الكتابة : سنة ١٠٨٩.


(١٥٤)

رسالة في الرجعة

(عقائد ـ فارسي)

تأليف :؟

موضوع البحث عن الرجعة إلى هذا العالم من البرزخ ، وهل يجب الاعتقاد بذلك أم لا؟

أوّله : ... الله على الصراط المستقيم كه اعتقاد فرقة ناجيه اماميه رضوان الله عليهم در رجعت ...

آخره : كه در ايّام دولت او ظاهر خواهد شد كه ذكر آنها مفضى بتطويل است ، من أراد الاطّلاع عليها فليرجع إلى كتب الحديث ، والسلام على من اتّبع الهدى ، تمّ الحديث.

* تاريخ الكتابة :؟

(١٥٥)

رسالة في رواية عمّار الساباطي

(كلام ـ عربي)

تأليف : الشيخ أحمد بن زين الدين الاَحسائي (ت ١٢٤١).

شرح وتفسير عن أنّ الميّت هل يبلى جسده؟ أجاب عن السؤال : إنّ للاِنسان جسمان أحدهما الحامل للعقل والروح ، وهو الذي يقع عليه التكليف في عالم الذرّ ، وبه يدخل الجنّة أو النار ، وهو موجود الآن في غيب الاِنسان ، وهو الباقي الذي لا يجري عليه الفناء ، والجسم الثاني ، وهو الذي يعبّر عنه في الروايات بأنّه هيكل ...

* الناسخ : أبو القاسم الواعظ الحسيني اليزدي ، سنة


١٢٥٣.

(١٥٦)

رسالة في زوال العذر وعدم جواز تولّي الغير في الوضوء

(فقه ـ عربي)

تأليف : الشيخ محمّـد بن عبـد الكريم الفاضل القائيني النجفـي (ت ١٤٠٥).

تقريراً لاَبحاث أُستاذه المحقّق العراقي الشيخ ضياء الدين (ت ١٣٦١) في تحقيق الحقّ في مسألتي زوال العذر وعدم جواز تولّي الغير في الوضوء في حال الاختيار ، وما بعدهما.

* النسخة : بخطّ المؤلّف ، سنة ١٣٥١ في النجف الاَشرف.

(١٥٧)

رسالة في السير والسلوك

(عرفان ـ عربي)

تأليف : السيّـد كاظم بن قاسم الرشتي (ت ١٢٥٩).

قال في أوّله : إنّ جماعة من الاَحباب وخالصي الاَصحاب ، الّذين ميّزوا الماء من السراب ، قد طلبوا من الفقير الحقير أن أكتب كلمات في كيفيّة السلوك إلى الله وطلب قربه ورضاه ، وما ينبغي أن يكون السالك الطالب الراغب إلى قربه ونجواه عليه في الاَحوال والاَخلاق والحركات والسكنات وسائر مجاري الحالات ...

* الناسخ : أبو القاسم الواعظ الحسيني اليزدي ، سنة ١٢٥٣.


(١٥٨)

رسالة في صلاة الجمعة

(فقه ـ عربي)

تأليف : المحقّق السبزواري ، محمّـد باقر بن محمّـد مؤمن (١٠١٧ ـ ١٠٩٠).

اختار القول بالوجوب العيني.

أوّلها : الحمد لله الذي فرض على عباده المؤمنين السعي إلى ذكره ، لينالوا به الرحمة ...

آخرها : والاَخبار في هذا الباب كثيرة وفي ما ذكرناه كفاية .. وعليها.

* تاريخ الكتابة :؟ ، عليها تملّك السيّد حسين بن عبد الغني الحسيني ، وعليها آثار البلاغ منه ، وهو المذكور في الذريعة ٦/٣٦ ، وذكر أنّه كان حيّاً سنة ١٠٧٥.

(١٥٩)

رسالة في الصوم

(فقه ـ عربي)

تأليف : الشيخ محمّـد بن عبـد الكريم الفاضل القائيني النجفـي (ت ١٤٠٥).

رسالة استدلالية مختصرة في بيان مسائل الصوم.

أوّلها : البحث في الصوم والكلام فيه يكون في مقامات ، الاَوّل : الصوم في اللغة يكون بمعنى الاِمساك ...

آخرها : لاندراجه تحت عنوان التعمّد على البقاء على الجنابة.

* النسخة : بخطّ المؤلّف سنة ١٣٦٦.


(١٦٠)

رسالة في العقل

(فلسفة ـ عربي)

تأليف : حسين التنكابني (ت ١١٠٥).

في بيان أقسام العقل وأنّها أربعة : العقل الهيولاني ، والعقل بالملكة ، والعقل بالفعل ، والعقل المستفاد.

والمؤلّف من أعظم تلامذة ملاّ صدرا الشيرازي ، وله ترجمة في رياض العلماء ٢/٣٤.

* الناسخ : حفيد المؤلّف ، محسن بن عبد الكريم التنكابني سنة ١٢٣٨.

(١٦١)

رسالة في العلوم الغريبة

(العلوم الغريبة ـ فارسي)

تأليف : مرتضى بن أحمد الكرمانشاهي الرشيدي.

تشتمل على طلاسم وأحراز وأدعية ، وخواصّ بعض الآيات.

* النسخة : بخطّ المؤلّف ، سنة ١٣٤١ هـ ش.

(١٦٢)

رسالة في المعراج الجسماني

(كلام ـ عربي)

تأليف : السيّـد كاظم بن قاسم الرشتي (ت ١٢٥٩).

رسالة في بيان إثبات المعراج الجسماني ، قال : إنّ مسألة المعراج الجسماني لنبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم ممّا لا ينكرها إلاّ الملحدون ولا يجحدها إلاّ


المعاندون ، وهي من أركان الدين .. وأثبت العروج الجسدي الجسمي في جميع الحالات شيخنا ومولانا وأُستاذنا وسنادنا ومعتمدنا (يقصد الشيخ أحمد الاَحسائي).

آخرها : إنّ مولانا وأُستاذنا ما خالف المعروف بين الفرقة المحقّة فضلاً عن المعروف بين المسلمين قدر شعرة وذرّة.

* الناسخ : أبو القاسم الواعظ الحسيني اليزدي ، سنة ١٢٥٣.

(١٦٣)

رسالة في مهمّات مسائل الاَُصول

(أُصول ـ عربي)

تأليف : محمّـد جعفر الاسترآبادي (ت ١٢٦٣).

رسالة جامعة لاَهمّ المسائل التي يتوقّف عليها الاستنباط.

قال في أوّلها : إنّ هذه رسالة في بيان كيفية الاستدلال والاستنباط للاَحكام الشرعية الفرعية والنظرية من أدلّتها التفصيلية المعهودة ، أنهيتها تسهيلاً لاَمر المحصّلين ، وعدم المشي على العميا في أمر الدين ، إذ لم أجد من تعرّص لبيانها مع أنّه من أهمّ المهمّات ، ورتّبتها على مقاصد خمسة ...

* الناسخ : السيّد ميرزا الحسيني ، سنة ١٢٥٩.

(١٦٤)

رسالة في المواعظ

(حديث ـ فارسي)

تأليف :؟

في بيان ٥٠ موعظة و ٥٠ موقف ، وفي الخاتمة يذكر أحوال القيامة والموت.


أوّلها : الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على محمّـد وآله أجمعين ، أمّا بعد :

بدانكه اين رساله ايست كه ابتداء بآن شروع مى شود به بيان پنجاه موعظه از احاديث قدسيه ...

* الناسخ : حسن بن محمّـد عليّ الطباطبائي ، سنة ١٢٥٢.

(١٦٥)

الرواشح السماوية في شرح الاَحاديث الاِماميّة

(حديث ـ عربي)

تأليف : المحقّق الداماد ، المير محمّـد باقر بن محمّـد الحسينـي (ت ١٠٤٠).

شرح كتاب الكافي للشيخ الكليني ، خرج منه شرح الخطبة ، ثمّ عقد ٣٩ راشحة في مسائل علم دراية الحديث ، وأحوال بعض الرواة ، والراشحة الاَخيرة في مباحث علم أُصول الفقه.

* تاريخ الكتابة :؟ ، عليها حواش للمؤلّف ، إذ عبّر الناسخ بـ «منه دام ظلّه».

(١٦٦)

الروضة البهيّـة في شرح اللمعـة الدمشقيّـة

(فقه ـ عربي)

تأليف : الشهيد الثانـي ، الشيخ زين الدين علـيّ بن أحمـد العاملـي (ت ٩٦٥).

شرح مزجيّ استدلالي مختصر ، وقع مورداً للعناية في الاَوساط العلميّة


منذ تأليفه حتّى اليوم ، فأقبل العلماء على درسه وشرحه والتعليق عليه.

يشتمل على جميع أبواب الفقه من الطهارة إلى الديات.

* الناسخ : أحمد بن محمّـد تقي الدارابي ، سنة ١٢٥١ ، المترجم في طبقات أعلام الشيعة ـ ق ١٣ ـ : ٧٨ ، عليها تملّك محمّـد صادق بن محمّـد تقي جار الله.

(١٦٧)

* نسخـة ثانيـة تشتمـل علـى المجلّـد الثانـي ، ناسخها : محمّـد رضي بن محمّـد كريم الاشتهاردي ، سنة ١٢٦١ ، عليها حواش لمحمّـد الاَصفهاني ، وحسن شعبان كردي.

 (١٦٨)

* نسخـة ثالثـة تشتمـل علـى المجلّـد الثانـي ، ناسـخها : عبـد الصمد نفثه ، سنة ١٢٥٨ ، كثيرة الحواشي.

(١٦٩)

* نسخـة رابعـة تشتمل على المجلّد الاَول ، عليها تملّك عليّ بن حسن الرشتي ، والسيّـد حسين الشرموطي.

(١٧٠)

رياض الاِنشاء

(أدب ـ فارسي)

تأليف : عماد الدين محمود بن محمّـد الگيلاني (٨٨٦ ـ؟).


مجموعة منشآت ، رسائل ومكتوبات إلى الملوك والشخصيات العلمية ، ومكتوب السلطان محمّـد شاه البهمني إلى محمود شاه الكجراتي.

أوّله : يا من توحّد ببدايع الاِبداع والاِنشاء ..

آخره : وعرايس مراد در عناق وفاق ووداد بزيور وصال محلّى مآلا والاَولياء.

* الناسخ : محمّـد حياة الله خان.

(١٧١)

رياض المسائل

(فقه ـ عربي)

تأليف : السيّـد عليّ بن محمّـد عليّ الطباطبائي (١١٦١ ـ ١٢٣١).

شرح المختصر النافع للمحقّق الحلّي ، شرح مزجيّ دقيق متين.

* تاريخ الكتابة : سنة ١٢٦٥ ، تشتمل على كتاب الزكاة وكتاب السبق.

(١٧٢)

* نسخة ثانية تشتمل على كتاب الطهارة والصلاة ، تاريخ كتابتها : سنة ١٢٦٥.

(١٧٣)

* نسخة ثالثة تشتمل على كتاب القضاء والديات والشهـادات والاِرث ، ناسـخها : إسماعيل بن رفيع الاشكوري سنة ١٢٤٧.


(١٧٤)

زاد المعاد

(أدعية ـ فارسي)

تأليف : العلاّمة المجلسي ، محمّـد باقر بن محمّـد تقي (ت ١١١١).

في أعمال السنة ، كتبه باسم السلطان حسين الصفوي سنة ١١٠٧ ، مرتّب على أربعة عشر باباً وخاتمة.

أوّله : الحمد لله الذي جعل العبادة وسيلة لنيل السعادة ...

* تاريخ الكتابة : سنة ١١٣٧.

(١٧٥)

* نسخة ثانية مجدولة ، ناسخها : محمّد تقي بن محمّد هاشم الخوانساري سنة ١٢١٨.

(١٧٦)

زبدة الاَُصول

(أُصول ـ عربي)

تأليف : الشيخ البهائي ، محمّـد بن الحسين العاملي (ت ١٠٣٠).

وجيزة مشتملة على جلّ قواعد علم أُصول الفقه.

أوّله : أبهى أصل يبنى عليه الخطاب ، وأَوْلى قول فصل يمنّ إليه أُولو الاَلباب ، حمد من ينزّه ...

* الناسخ : عبّاس بن عليّ الكزازي ، سنة ١٢٠٤ وهو مؤلّف كتاب أحكام المخالفين ، تاريخ تأليفه سنة ١٢٣٧ ، الموجود في مكتبة المهدوي بكرمانشاه ، راجع مجلّة تراثنا العدد الرابع [٩] ج لسنة ١٤٠٧ ، ص ٥١.


(١٧٧)

زبدة البيان

(فقه القرآن ـ عربي)

تأليف : المولى المقدّس أحمد بن محمّـد الاَردبيلي (ت ٩٩٣).

في براهين أحكام القرآن وتفسير آيات أحكام القرآن.

أوّله : بعد الحمد ، اعلم : أنّ هنا فائدة لا بُدّ قبل الشروع في المقصود من الاِشارة إليها ...

* تاريخ الكتابة :؟ ، عليها تملّك السيّـد محمّـد باقر الشفتي وخاتمه ، وعليها آثار البلاغ والمقابلة.

(١٧٨)

الزهرات الزوية في شرح الروضة البهيّة

(فقه ـ عربي)

تأليف : عليّ بن محمّـد بن الحسن بن الشهيد الثاني (١٠١٤ ـ ١١٠٤).

حاشية وشرح على اللمعة بعنوان (قوله .. قوله) مبسوطة في مجلّدين.

أوّله : الحمد لله الذي نوّر روضة الدين البهيّة الزاهرة ، وأوضح مسالك ...

* النسخة : بخطّ المؤلّف ، فرغ منها سنة ١٠٩٠ ، عليها آثار البلاغ والمقابلة ، تشتمل على كتاب الجهاد إلى آخر الحدود ، وعليها تملّك محمّـد شاه القاجار ونقش خاتمه ، وكذلك بعض الاَُمراء.


(١٧٩)

* نسخة ثانية تشتمل على المجلّد الاَوّل ، تاريخ تأليفه سنة ١٠٧٣ ، عليهـا حـواش : «مـنـه دام ظلّـه» ، وفـي آخـر كتـاب الطهارة : هذه صورة خطّـه أطال الله بقاه وأدام فضله وعلاه ، عليها تملّك ابن ملاّ يعقوب محمّـد صالح المازندراني سنة ١١٦٦ ، ونقش خاتم آخر : لا إله إلاّ الله الملك الحقّ المبين ، محمّـد باقر.

(١٨٠)

السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي

(فقه ـ عربي)

تأليف : الشيخ الفقيه أبي جعفر محمّـد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلّي (ت ٥٩٨).

فقه مبسوط ، استدلالي ، مبتكر في آرائه الجديدة.

أوّله : الحمد لله الذي خلق الاِنسان فعدّله ، وعلّمه البيان ففضّله ، وألبسه الاِيمان فجلّله ، وألهمه الاِحسان ...

* الناسخ : محمّـد جعفر بن محمّـد حسين الخوانساري ، أحـد الخطّاطين ، سنة ١٢٢٩ ، وفي آخرها تملّك عليّ بن الحاجّ عبـد الله.

(١٨١)

سراج العباد

(فقه ـ فارسي)

تأليف : الشيخ الاَنصاري ، مرتضى بن محمّـد أمين (ت ١٢٨١).


رسالة عملية تشتمل على مسائل في أبواب الطهارة والصلاة والصوم.

* الناسخ : حسين الهروي ، سنة ١٢٧٠.

(١٨٢)

سرور المؤمنين

(تاريخ ـ فارسي)

تأليف : الميرزا هادي النائيني (ت قبل ١٢٦٥).

في أحوال المختار بن أبي عبيدة الثقفي وأخباره.

* تاريخ الكتابة :؟

(١٨٣)

سفينة النجاة

(أدعية ـ فارسي)

تأليف : عليّ أصغر بن محمّـد يوسف القزويني (كان حياً سنة ١١١٠).

سفينة النجاة المعروفة بالمقال ، مرتّبة على خمسة مقالات : في أعمال اليوم والليلة ، في الاَسابيع ، في الشهور والسنين ، في الزيارات ، في الاَدعية والاَوراد والاَحراز والاَعواذ المطلقات في كلّ وقت.

أوّلها : مقال چهارم در اعمال متفرّقه كه مخصوص بوقتى نيست ...

المؤلّف تلميذ الخليل القزويني (ت ١٠٨٩) ، وذكره في طبقات أعلام الشيعة ـ ق ١١ ـ : ٣٧٤.

* تاريخ الكتابة :؟ ، عليها تاريخ سنة ١١٢٧ ، وصيغة وقف بإمضاء رضي الحسيني سنة ١١٩٨.


(١٨٤)

شرائع الاِسلام في مسائل الحلال والحرام

(فقه ـ عربي)

تأليف : المحقّق الحلّي ، أبي القاسم جعفر بن الحسن (ت ٦٧٦).

يقـع فـي أقسام أربعة : عبادات ، وعقود ، وإيقاعات ، وأحكام؛ وهو من أحسن المتون الفقهيّة ترتيباً وأجمعها فروعاً.

* تاريخ الكتابة : سنة ١٠٦٠ ، عليها تملّك حسن بن عليّ نقي الطغائي ، المترجم والده في روضات الجنّات ٤/٣٨٢ ، وعليها حواش كثيرة منها حاشية زين الدين العاملي.

(١٨٥)

* نسخة ثانية مصحّحة وعليها آثار البلاغ والمقابلة.

(١٨٦)

* نسخة ثالثة تشتمل على المجلّد الثاني ، من النكاح إلى آخر الكتاب ، عليها تملّك محمّـد حسين الصادقي سنة ١٣٠٨ ، يرجع تاريخ كتابتها إلى القرن العاشر.

(١٨٧)

شرح أُصول الكافي

(حديث ـ عربي)

تأليف : المولى محمّـد صالح بن أحمد المازندراني (ت ١٠٨٦).

الكافي للشيخ الكليني (ت ٣٢٩) أحد الكتب الاَربعة عند الاِمامية.

* الناسخ : محمّـد قاسم بن إسماعيل المازندراني ، سنة


١٠٦٤ ، تشتمل على كتاب التوحيد ، عليها آثار البلاغ والمقابلة ، وتملّك عبّاس بن حسن البلاغي (ت ١١٧٠) مؤلّف بغية الطالب.

(١٨٨)

* نسخة ثانية تشتمل على كتاب التوحيد ، وباب حدوث العالم إلى آخر كتاب الحجّة ، عليها تملّك فرهنگ سنة ١٣٥٨.

(١٨٩)

شرح الاِيساغوجي

(منطق ـ عربي)

تأليف : عماد الدين محمّد بن يحيى بن عليّ الفارسي (كان حياً سنة ٨٦٦).

الاِيساغوجي لاَثير الدين مفضّل بن عمر الاَبهري (ق ٧) والمقصـود من الاِيساغوجي الكلّيات الخمس : الجنس والفصل والنوع والعرض العامّ والخاصّ.

أوّل الشرح : نحمدك يا من بالحمد حقيق ، ونشكرك يا ملهم التصوّر والتصديق ...

آخره : ولنختم كتابنا على اليقين ، جعلنا الله تعالى من أهل اليقين ، ووفّقنا لتحصيل الحقّ المبين.

وقـد فرغ مـن تأليفـه يوم الاَربعـاء ثالث شهـر رمضان المبارك سنـة ستّ وستّين وثمانمائة.

* الناسخ : محمّـد محسن ، سنة ١١١٠.


(١٩٠)

شرح البهجة المرضيّة

(نحو ـ فارسي)

تأليف :؟

شرح وترجمة لكتاب البهجة المرضيّة في شرح الاَلفيّة لجلالالدين عبـد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت ٩١١).

النسخة تشتمل على مبحث أعمال : لا ، وإلى آخر الكتاب.

آخره : پس بدرستى كه التزام كرده شده در او ادغام.

* الناسخ : محمّـد بن أحمد الدهقي ، سنة ١٢٧٣.

(١٩١)

شرح تبصرة المتعلّمين

(فقه ـ عربي)

تأليـف : الشيـخ محمّـد بـن عبـد الكريـم الفاضـل القـائينـي النجفـي (ت ١٤٠٥).

تبصرة المتعلّمين ، للعلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦) ، من الكتب الفقهيّة على نحو الفتوى ، يشمل جميع أبواب الفقه؛ والشرح بنحو من الاختصار.

أوّله : قوله : في (م ١) أو يعمل بالاحتياط ... والاََوْلى بل الاَحوط ..

آخره : ولاَنّ الاَصل عدم ولوج الروح فيه.

* النسخة : بخطّ المؤلّف.

(١٩٢)

شرح التجريد

(كلام ـ عربي)

تأليف : علاء الدين عليّ بن محمّـد القوشجي (ت ٨٧٩).


التجريد للخواجة نصير الدين محمّد بن محمّد الطوسي (ت ٦٧٢) ، وهو أجلّ كتاب في عقائد الشيعة الاِماميّة.

والعلاّمة القوشجي ـ شارح الكتاب ـ من علماء أهل السُنّة ، وقد قال فيه : إنّه مخزون بالعجائب ، مشحون بالغرائب ، صغير الحجم ، وجيز النظم ، كثير العلم ، جليل الشأن ، حسن النظام ، مقبول الاَئمّة العظام.

* النسخة تشتمل على القسم الاَوّل ، فيها نقص.

(١٩٣)

* نسخة ثانية تشمل على المقصد الثاني في الجواهر والاَعراض.

(١٩٤)

شرح التصريف

(صرف ـ عربي)

تأليف : سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت ٧٩٢).

هو شرح لكتاب التصريف للاِمام عزّ الدين إبراهيم الزنجاني ، مختصر ينطوي على مباحث شريفة في علم التصريف.

* تاريخ الكتابة : سنة ١٢٠٥.

(١٩٥)

شرح تهذيب المنطق

(منطق ـ عربي)

تأليف : شيخ الاِسلام أحمد بن محمّـد المعروف بحفيد سعد الدين.

التهذيب تأليف العلاّمة التفتازاني (ت ٧٩٢) ، وهو أحسن وأدقّ


وأمتن ما صُنّف في المنطق.

فرغ الشارح من كتابته سنة ٩٥٥.

* الناسخ : مقصود فضل الله الموسوي ، سنة ٩٥٧.

(١٩٦)

شرح حديث الرؤية من كتاب الكافي

(حديث ـ عربي)

تأليف : صدر الدين محمّـد بن محمّـد صادق الحسيني القزويني (كان حياً سنة ١١٠٣) ، المذكور في طبقات أعلام الشيعة ـ ق ١٢ ـ : ٣٨١.

الحديث عن الاِمام الرضا عليه السلام في إبطال الرؤية ، أي رؤية الله تعالى ، وامتناع ذلك في الدنيا والآخرة ، وللحديث شرحٌ للملاّ خليل القزويني وللمؤلّف حاشية عليه.

* النسخـة : بخـطّ المؤلّف ، سنـة ١١٠٩ ، والمؤلّف تلميـذ آقـا رضـي القـزوينـي ، المذكـور فـي طبقات أعـلام الشيعـة ـ ق ١٢ ـ : ٣٨١.

(١٩٧)

شرح حكمة العين

(فلسفة ـ عربي)

تأليف : محمّـد بن مبارك شاه البخاري ، المشهور بـ «ميرك» (ق ٨).

حكمة العين تأليف عليّ بن عمر الكاتبي القزويني (ت ٦٧٥).

أوّله : أمّا بعد حمد الله فاطر ذوات العقول النورية .. محمّـد المبعوث إلى الاَسود والاَحمر من البريّة ، وآله التابعين للآيات والبيّنات الجليّة.


* تاريخ الكتابة :؟ ، عليها تملّك سنة ١٠٧١ لمحمّد حسين ، وحواشي : (س) قدّس سرّه ، وعدد ٩٩٩ بعد الحاشية.

(١٩٨)

شرح العروة الوثقى

(فقه ـ عربي)

تأليف : الشيخ محمّـد بن عبـد الكريم الفاضل القائيني النجفـي (ت ١٤٠٥).

المتن للسيّـد محمّـد كاظم اليزدي (ت ١٣٣٧) ، والشرح بنحو من الاختصار.

أوّله : قوله في (م ٤) ولو كان مستلزماً للتكرار .. إذا كان العمل عبادياً فالاََوْلى بل الاَحوط أن يقلّد فيه.

آخره : بألطافه تعالى وحسن توفيقه قد تمّ ما تيسّر لنا من الحواشي والتعاليق على كتاب العروة الوثقى.

* النسخة : بخطّ المؤلّف.

(١٩٩)

شرح عوامل منظوم

(صرف ـ فارسي)

تأليف : محمّـد جعفر الشريف.

نظم العوامل ثمّ شرحها.

أوّلها : الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة على محمّـد وآله أجمعين ، وبعد : چنين گويد مصنّف اين رساله محمّـد جعفر الشريف ...


آخره : اينجا كلام را انجام شد بتوفيق حق مفيد.

* تاريخ الكتابة : سنة ١٢٤٤ ، والظاهر أنّها بخطّ المؤلّف.

(٢٠٠)

شرح الفرائض النصيرية

(فقه ـ عربي)

تأليف : أبو الحسن ابن أحمد الشريف القائيني (كان حياً سنة ٩٦٢).

الفرائض للمحقّق الطوسي ، والشرح عليه للشريف؛ أُلِّف في عصر الشاه طهماسب الصفوي.

أوّله : أهمّ الفرائض ، وأوجب واجب ، وألزم فرض ، حمد الله وارث السماوات والاَرض ..

* النسخة : ضمن مجموعة كتابتها سنة ١٠٢٩ ، عليها تملّك محمّـد جعفر البيدكلي ، ومحمّـد شفيع المحسني ، وأبو الحسن ابن أحمد.

(٢٠١)

شرح فصوص الحكم

(عرفان ـ عربي)

تأليف : كمال الدين عبد الرزاق بن أبي الغنائم بن أحمد الكاشاني (ت ٧٣٥).

فصوص الحكم تأليف محي الدين ابن العربي ، كتبه لشمس الدين محمّد ابن مصلح التبريري ، مرتّبة على ثلاث مقدّمات : الاَُولى في تحقيق حقيقة الذات الاَحدية ، الثانية في حقيقة الاَسماء وعدم تناهيها ، الثالثة في بيان الشأن الاِلـهي.


أوّلها : الحمد لله الاَحد بذاته وكبريائه ، الواحد بصفاته وأسمائه المتعالي عن أن يتكثّر بكثرة النسب والتعيّنات ...

* الناسخ : علي رضا ابن ميرزا نظر علي ، سنة ١٢٥٩ ، عليها تملّك وخاتم أبو الحسن عارف الحقّ ، في أوّل النسخة لوح مذهّب ، ومجدولة بالذهب ، عليها آثار البلاغ والمقابلة.

(٢٠٢)

شرح الفوائد الحكمية الاثني عشرية

(فلسفة ـ عربي)

تأليف : الشيخ أحمد بن زين الدين الاَحسائي (ت ١٢٤١).

ألَّف المتن سنة ١٢١١ ، وكان تأليفه للشرح بالتماس ملاّ مشهد بن ملاّ حسين علي الشبستري.

أوّله : إنّ جناب الموفّق المسدّد ، المكرّم الممجّد ، جناب الآخوند الاَوحد ، جناب الآخوند الملاّ مشهد الشبستري المقدّس بن المعلّى المبرور حسين علي ...

آخره : قد فرغ من تحرير هذه الرسالة الشريفة المسمّاة بشرح الفوائد فـي يـوم السبت ، العبـد الاَقـلّ محمّـد علـي بن علـي محمّـد الكـزاري ، اللّهمّ اغفر له ولوالديه ولاَُستاذه.

* الناسخ : محمّـد علي بن علي محمّـد الكزاري ، تلميذ المؤلّف.

(٢٠٣)

شرح القصائد السبع العلويّات

(شعر ـ عربي)

القصائد السبع من نظم ابن أبي الحديد المعتزلي (ت ٦٥٥) في مدح


أمير المؤمنين الاِمام عليّ عليه السلام.

والشارح : الفقيه السيّد شمس الدين محمّـد ابن أبي الرضا (كان حياً سنة ٧٣٦) ، واسم الشرح : التنبيهات على معاني السبع العلويّات.

أوّله : بواجب الوجود استعين وبإرشاد سبيل الحقّ استبين ...

* تاريخ الكتابة :؟ ، الاَبيات كتبت بخطّ أحمر والشرح بخطّ أسود جيّد ، عليها حواش لفتح علي بن محمّد سنة ١٣٤٢ ، والنسخة ناقصة في أوّلها وآخرها.

وفي شرح : «ورأيت دين الاعتزال وإنّني» ، قال : والذي سمعته من الشيخ الصدوق فخر الدين علي بن محمّد البرقي.

(٢٠٤)

شرح القصيدة العينية

(فلسفة ـ فارسي)

تأليف :؟

القصيدة في بيان أحوال النفس الناطقة ، وتعلّقها بالبدن وفراقها عنه ، للشيخ الرئيس أبي عليّ ابن سينا (ت ٤٢٨) ، وهي ثلاثون بيتاً من بحر الكامل.

أوّلها :

هبطت إليك من المحلّ الاَرفع

ورقـاء ذات تعـزّز وتمـنّـع

هبوط فرود آمدن بود ، ورقاء نام كبوترى است ، تعزّز عزيزى نمودن بود ...

* تاريخ الكتابة : سنة ٨٧٩.


(٢٠٥)

شرح قوانين الاَُصول

(أُصول ـ عربي)

تأليف :؟

المتن للمحقّق القمّي الميرزا أبي القاسم الجيلاني (ت ١٢٣١) ، والشارح من تلامذته.

يشتمل الشرح على مبحث النواهي إلى آخر مبحث الاِجماع.

قال في مقدّمة الكتاب : ثمّ بعد التشرّف بشرف حضوره اشتغلت ... وصرفت تمام فكري في حفظ ما استفدته فألفيت أنّ دقائق ما في كتاب قوانينه المحكمة ...

وذكر في أوّل بحث النواهي : أنّ هذا الشرح هو في مجلّدين ، قال : وما يغنيك عن هذا الاِجمال من التفصيل ما قرأناه عندك في مبحث الاَمر في الجلد الاَوّل من الحاشية على القوانين المحكمة ...

ويذكر الشارح ما لصاحب المتن من حواشٍ على مسائل كتابه.

* النسخة : بخطّ المؤلّف.

(٢٠٦)

شرح المغني

(نحو ـ عربي)

تأليف : محمّد بن عبد الرحيم العمري الميلاني (كان حياً سنة ٨٠١).

المغني تأليف أحمد بن الحسين الجابردي ، والشرح لتلميذه ، فرغ منه سنة ٨٠١ ، وهذا غير المغني لابن هشام.

أوّله : الحمد لله الفاعل الحكيم ، القادر العليم القديم ، منشىَ العالي


العظيم ، محيي بال الرميم.

* الناسخ : محمّـد بن مصطفى ، سنة ١١٨٧ ، وللناسخ حواشٍ على الكتاب.

(٢٠٧)

شرح نصاب الصبيان

(لغة ـ فارسي)

تأليف : عبـد الصمد بن كمال بن أمير الحاج.

منظومة فارسية فيها ترجمة ألف ومائتي كلمة عربية إلى الفارسية.

لاَبي نصر بدر الدين محمّد ـ أو محمود أو مسعود ـ بن أبي بكر الفراهي (ت ٦٤٠) ، والشرح كتبه المؤلّف لابن أُستاذه ضياء الدين محمّد بن كمال الدين سلطان محمّـد الاسترآبادي.

أوّله : حمد بى غايت وثنايى بى نهايت سخن آفرينى راست ...

آخره : الحوّا بفتح الحاء المهملة وتشديد الواو وبالاَلف الممدودة ، نام مادر آدميان ، تمّت.

* تاريخ الكتابة : ١٠٤٤.

(٢٠٨)

شرح الهداية

(فقه ـ عربي)

تأليف : برهان الدين المرغيناني (ت ٥٩٣).

الهداية للقدوري ، في فقه أهل السُنّة ، دورة كاملة.

أوّله : الحمد لله الذي أعلى معالم العلم وأعلامه ، وأظهر شعائر الشرع وأحكامه ...


* الناسخ : محمّـد بن محمّـد حسن الساغري ، سنة ١٢٢٤.

(٢٠٩)

شرح الهداية

(فلسفة ـ عربي)

تأليف : ملاّ صدرا الشيرازي محمّـد بن إبراهيم (ت ١٠٥٠).

هدايـة الحكمـة في ثلاثـة أقسام : المنطق ، الطبيعي. الاِلهي؛ ألّفه أثير الدين مفضّل بن عمر الاَبهري (ت ٦٦٣) ، والشرح لملاّ صدرا الشيرازي.

أوّله : الحمد لله مخترع العقل الفعّال ، ومبدع النفس الكمال.

* الناسخ : محسن بن عبـد الكريم التنكابني ، سنة ١٢٣٨.

(٢١٠)

شرح الهداية

(فلسفة ـ عربي)

تأليف : السيّـد الاَمير فخر الدين محمّـد بن الحسين الحسيني (كان حياً سنة ٩٢٨).

هداية الحكمة في ثلاثة أقسام : المنطق ، الطبيعي ، الاِلـهي؛ لاَثير الدين مفضّل بن عمر الاَبهري (ت ٦٦٣).

أوّلهـا : الحمـد لله العليـم الحكيـم ، والصلاة على محمّـد المنعوت بالخلق العظيم ...

وتعرف بـ : الحاشية الفخرية ، وهي إلى آخر الفلكيّات ، فرغ من تأليفها في تبريز في رابع عشر شعبان سنة ٩٢٨.

* تاريـخ الكتـابـة :؟ ، عليهـا حـواشٍ لشمـا الجيـلانـي وعبـدالغفّار.


(٢١١)

شوارق الاِلهام

(كلام ـ عربي)

تأليف : عبـد الرزّاق بن علي بن الحسين اللاهيجـي القمّـي (ت ١٠٥١).

في مقصدين : أحدهما في الاَُمور العامّة ، والآخر في الجواهر والاَعراض.

أوّله : ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ ، وأنت خير الفاتحين ...

* تاريخ الكتابة : سنة ١٢٦٠ ، والنسخة تشتمل على المجلّد الاَوّل.

(٢١٢)

* نسخة ثانية تشتمل على المجلّد الثاني ، عليها حواشٍ للمؤلّف ، وحواشٍ لمولانا محمّـد عليّ النوري ، تاريخ الكتابة : سنة ١٢٢٢.

(٢١٣)

الصحيفة السجّـاديـة

(أدعية ـ عربي)

تأليف : الاِمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام (ت ٩٥).

ويقال لها : الصحيفة الكاملة ، وهي أدعيته عليه السلام التي كان يناجي بها ربّه.

أوّلها : حدّثنا السيّـد الاَجلّ نجم الدين بهاء الشرف ...


آخرها : وتتمّ إحسانك في ما بقي من عمري كما أحسنت في ما مضى منه يا أرحم الراحمين.

* الناسخ : محمّـد مهدي بن رضي الدين الاَنصاري ، سنة ١٠٢٧ ، مجدولة بالذهب ومترجمة بالفارسية.

(٢١٤)

* نسخة ثانية ، ناسخها : علي قلي بن أبي القاسم ، سنة ١٠٢٧ ، مجدولة بالذهب ، كتبها بأصفهان ، وهبها للمولى الفاضل العالم الكامل محمّـد فاضل الهمداني.

(٢١٥)

* نسخة ثالثة قديمة ، عليها تاريخ ولادة سنة ١١٤٧.

(٢١٦)

كتاب الصلاة

(فقه ـ عربي)

تأليف : الميرزا أبو القاسم شيخ العراقين الكلباسي (ت ١٣٠٨).

النسخة تشتمل على مسائل من كتاب الصلاة ، وقسماً من مصابيح الاَُصول ، ومتفرّقات أُخرى.

* النسخة : بخطّ المؤلّف.

(٢١٧)

الصمدية

(نحو ـ عربي)

تأليف : الشيخ البهائي ، محمّـد بن الحسين العاملي (ت ١٠٣١).


متن لطيف ظريف في مسائل النحو.

أوّله : أحسن كلمة يبتدأ بها الكلام ...

آخره : وكان الفراغ من تسويد الاَصل ضحوة نهار ..

* الناسخ : محمّـد كريم بن قاسم عليّ ، سنة ١١٨٣.

(٢١٨)

* نسخة ثانية ، ناسخها : عليّ الذورقي ، سنة ١٢٧٨.

(٢١٩)

كتاب الصوم

(فقه ـ فارسي)

تأليف : الميرزا أبو القاسم بن الحسن القمّي (ت ١٢٣١).

مسألة فقهية ، مرتّبة على ثلاثة أبواب ، وكلّ باب يتضمّن مطالب.

أوّلها : الحمد لله ، والصلاة على أولياء الله ، محمّـد وآله أجمعين ، كتاب الصوم ، وگفتار در مسائل روزه ...

آخرها : وكفّاره واجب نميشود بلكه بايد بنذر خود عمل كند.

* تاريخ الكتابة : سنة ١٢١٨.

(٢٢٠)

صيغ العقود

(فقه ـ عربي)

تأليف : الشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين بن علي بن أحمـد العاملـي (ت ٩٦٥).

في بيان صيغ العقود والاِيقاعات ، وصيغ العقود : كالبيع والقرض ،


والاِيقاعات : كالطلاق والرجعة.

أوّلهـا : الحمد لله حمداً كثيراً كما هو أهله ...

آخرها : وجميع ذلك مذكور في معادنه من كتب الاَصحاب رحمهم الله فليطلب من هناك وليكن هذا آخر الرسالة.

* الناسخ : عبـد الغني بن زين العابدين البيدكلي ، سنة ٩٨٠ ، عليها تملّك محمّـد شفيع المحسني ، ومحمّـد جعفر البيدكلي.

(٢٢١)

صيغ العقود

(فقه ـ عربي)

تأليف : محمّـد جعفر الاسترآبادي (ت ١٢٦٣).

رسالة في صيغ العقود والاِيقاعات.

قال في أوّله : فهذه رسالة في بيان صيغ العقود والاِيقاعات ، لتحصيل التمكّن من الاِتيان بها على الوجه المعتبر المثمر لنقل الملكيّة ومنفعته ، وإباحة الفرج ، وقطع سلطنة النكاح ، وإلزام الذمّة وإبرائها.

* الناسخ : الميرزا الحسيني ، سنة ١٢٥٩.

(٢٢٢)

صيغ العقود

(فقه ـ فارسي)

تأليف : العلاّمة المجلسي ، محمّـد باقر بن محمّـد تقي (ت ١١١١).

ذكر فيها أنحاء إجراء الصيغة وأنواع تغييراته على نحو الاحتياط ، في ثلاث عشرة صورة.


أوّلها : الحمد لله الذي أحلّ النكاح وندب إليه ..

آخرهـا : وكيل مرد ميگويد : هي على ذلك طالق.

* الناسخ : عبـد الرحيم بن ملاّ عبـد الكريم ، سنة ١١٠١ ، وفي آخرها إجازة بخطّ العلاّمة المجلسي لعلي نقي الخوئي المذكور في طبقات أعلام الشيعة ـ ق ١٢ ـ : ٥٦١ ، وفي كتاب تلامذة العلاّمة المجلسي : ٤٦ رقم ٦١.

(٢٢٣)

* نسخة ثانية ، ناسخها : صدرالدين محمّد بن محمّد صادق الحسيني القزويني ، سنة ١١٠٩ ، المذكور في طبقات أعلام الشيعة ـ ق ١٢ ـ : ٣٨١.

(٢٢٤)

ضياء القلب

(عرفان ـ عربي)

تأليف : المحدّث المحقّق الفيض الكاشاني ، محمّـد بن مرتضى ، المدعو بـ «المحسن» (ت ١٠٩١).

بيّـن فيهـا الاَحكـام الخمسـة التي تحكـم علـى الاِنسـان في باطنـه وما يتعلّق بها من ترجيح بعضها على بعض ، والاستعانة ببعضها على بعض.

أوّله : الحمد لله الذي جعل مراسم الشرائع مطابقة لمقتضى عقول الكاملين ، وسخّر لتلك العقول ...

آخره : ولقد عجبت لمن نجا ، هذا آخر ما أردنا ذكره في هذه المقالة ، مرتّبة على ثمانية أبواب.

* جاء في آخر النسخة : انتهى كلامه دام ظلّه ، وقد كان


الفراغ من تأليفها في شهر جمادى الاَُولى سنة ١٠٥٩ ، ثمّ تحريرها سنة ١٠٦٥.

(٢٢٥)

عدّة الداعي ونجاح الساعي

(أدعية ـ عربي)

تأليف : جمال الدين أحمد بن فهد الحلّي (ت ٨٤١).

رتّبه على مقدّمة في تعريف الدعاء ، وستّة أبواب ، وخاتمة في الاَسماء الحسنى.

أوّله : الحمد لله سامع الدعاء ، دافع البلاء ...

آخره : ما اختلف الصباح والمساء ، واعتقب الظلام والضياء.

* الناسخ : محمّـد بن عبـد الله الاَصفهاني ، سنة ٩٥٢ ، عليها تملّك سنة ٩٥٢ ، وتملّك محمّـد جعفر البيدكلي ، وصُحّحت النسخة في كاشان ـ كما في الصفحة الاَُولى ـ سنة ٩٥٣.

(٢٢٦)

العقائد الجامعة

(عقائد ـ فارسي)

تأليف : المحقّق السبزواري ، محمّـد باقر بن محمّـد مؤمن (١٠١٧ ـ ١٠٩٠).

رسالة في أُصول الدين ، والاَحكام الضرورية الشرعية ، ألّفها لشاه عبّاس الثاني الصفوي.

أوّلها بعد الحمد : در اين اوان سعادت نشان كه از ميامن اشراقات انوار ...


آخرها : زياده از اين تكليف نباشد ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

* الناسخ : مظفّر عليّ بن صادق اللاهوري ، سنة ١٢٠٠.

(٢٢٧)

العقل الاَوّل

(حديث ـ عربي)

تأليـف : الشيـخ محمّـد بـن عبـد الكريـم الفاضـل القـائينـي النجفـي (ت ١٤٠٥).

في شأن الاَنوار الاَربعة عشر عليهم السلام وأنّهم سبب لخلق هذا العالم.

قـال بعـد الحـمـد : إن هـذا المختصـر يكـون فـي شـأن الاَنـوار الاَربعـة عشـر عليهم السلام ، يـعنـي منـوّر أرواح الخلائـق والسبـب لوجـود الموجودات ... كانوا في عالم الذرّ قبل خلقة العالم روحاً قارداً وعقلاً واحداً ، ولمّا جاءوا إلى هذا العالم السفلي افترقوا وصاروا متعدّدين ، ولذلك سمّينا هذا المختصر العقل الاَوّل ..

* النسخة : بخطّ المؤلّف ، سنة ١٤٠٤.

(٢٢٨)

عين الحياة

(حديث ـ فارسي)

تأليف : العلاّمة المجلسي ، محمّـد باقر بن محمّـد تقي (ت ١١١١).

في شرح وصيّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لاَبي ذرّ الغفاري الجامعة للمواعظ والنصائح.

أوّله : لآلىَ حمد وجواهر ثنا تحفة بارگاه ...


آخره : كه باعث نجات دارين شيعيان على بن ابى طالب شود.

* تاريخ الكتابة : جمادى الاَُولى سنة ١٢٤٨.

(٢٢٩)

عيون أخبار الرضا عليه السلام

(حديث ـ عربي)

تأليف : الشيخ الصدوق ، أبي جعفر محمّـد بن علي بن بابويه القمّي (ت ٣٨١).

في أحوال الاِمام الرضا عليه السلام ، في ١٣٩ باباً ، كتبه للوزير الصاحب إسماعيل بن عبّاد الديلمي.

أوّله : الحمد لله الواحد القهّار ، العزيز الجبّار ...

* تاريخ الكتابة :؟ ، عليها تملّك بتاريخ سنة ١٠٦٩ ، وتملّك السيّـد جلال الدين المحدّث الاَُرموي ، تشتمل على الجزء الاَوّل.

(٢٣٠)

* نسخة ثانية ، تاريخ كتابتها : سنة ١٠٨٥ ، تختلف مقدّمة الكتاب عن بقيّة النسخ ، عليها تملّك محمّـد شفيع المحسني ، ومحمّـد جعفر البيدكلي ، وحواش لمجذوب.

(٢٣١)

غرر الحكم ودُرر الكلم

(حديث ـ عربي)

تأليف : عبـد الرحمن بن محمّـد الآمدي التميمي (ت ٥١٠).

جمع فيـه كلمـات وحكـم ومواعـظ أمير المؤمنين علـيّ بن أبي


طالب عليه السلام على حروف المعجم.

أوّله : الحمد لله الذي هدانا بتوفيقه إلى جادّة طريقه ...

* تاريخ الكتابة :؟ ، بالخطّ الجيّد ، عليها خاتم تاريخه ١٢٣٥.

(٢٣٢)

غنائم الاَيّام في ما يتعلّق بالحلال والحرام

(فقه ـ عربي)

تأليف : المحقّق القمي ، الميرزا أبو القاسم بن محمّـد حسن الگيلاني (ت ١٢٣١).

فقه استدلالي ، مرتّب على أربعة أقسام ، لكنّه لم يخرج من قلمه الشريف إلاّ القسم الاَوّل في العبادات ، من الطهارة والصلاة والزكاة والخمس والصوم والاعتكاف.

* تاريخ الكتابة :؟ ، تشتمل النسخة على كتاب الطهارة والصلاة ، وعليها حواش للمؤلّف.

(٢٣٣)

نسخة ثانية تشتمل على كتاب الصلاة ، عليها حواش للمؤلّف ، وعليها آثار البلاغ والتصحيح.

(٢٣٤)

نسخة ثالثة تشتمل على كتاب الحجّ عليها آثار البلاغ وحواش للمؤلّف ولم يتعرّض في الذريعة لكتاب الحجّ ، وليس


في ضمن المطبوع من الغنائم ، وذكره في جامع الشتات.

(٢٣٥)

غنية الاَنام

(حديث ـ عربي)

تأليف : المحدّث المحقّق الفيض الكاشاني ، محمّـد بن مرتضى ، المدعو بـ «المحسن» (ت ١٠٩١).

رسالة في معرفة الساعات والاَيّام من أخبار أهل البيت عليهم السلام ، وتسمّى أيضاً من لا يحضره التقويم.

أوّلها : الحمد لله الذي كوّر الليل على النهار ، وكوّر النهار على الليل .. مرتّبة على مقدّمة ومقالتين وخاتمة.

آخرها : فرغ مؤلّفها أقلّ عباد الله عملاً وأكثرهم زللاً ، وأعظمهم رجاءً وأملاً محمّـد بن مرتضى المشتهر بـ «محسن» سقاه الله شراباً رحيقاً ، وجعله في بحار مغفرته غريقاً ، في أوائل شهر ذي قعدة الحرام.

* الناسخ :؟

(٢٣٦)

فرائد الاُصول

(أُصول ـ عربي)

تأليف : الشيخ الاَنصاري ، مرتضى بن محمّـد أمين (ت ١٢٨١).

ويعرف بـ : الرسائل ، يحتوي على خمس رسائل : القطع ، الظنّ ، البراءة ، الاستصحاب ، التعادل والترجيح.

أوّله ـ بعد الحمد ـ : فاعلم إنّ المكلّف إذا الْتفت إلى حكم شرعي ..

* الناسخ : أحمد بن محمّـد جعفر البيدكلي الكاشاني ، سنة


١٣٠٦ ، ترجمته في نقباء البشر من طبقات أعلام الشيعة ١/١٢٠.

(٢٣٧)

فرائد الفوائد

(تجويد ـ فارسي)

تأليف : عليّ بن الحسين الزوارهإي ، كان حياً سنة ٩٥٤.

في شرح وترجمة المنظومة الجزرية في التجويد ، مرتّباً على مقدّمات ثلاث ومائة وعشرة فوائد.

أوّلها : سپاس بى قياس متكلمى را سزاست كه عقائد لآلى الفاظ قرآنيه را در سمط نظم ...

آخرها : وبر آل نيكو خصال پس ختم آن حاصل شد بر بهترين مقال بعد از سپاس ملك متعال.

* الناسخ : حسن بن غياث الدين الاسترآبادي ، سنة ٩٢٦ ، المذكور في طبقات أعلام الشيعة ـ ق ١٠ ـ : ٤٨ ، عليها تملّك محمّـد شفيع المحسني ، ومحمّـد جعفر البيدكلي.

(٢٣٨)

فقه شاهى در احكام إلـهى

(فقه ـ فارسي)

تأليف : محمّـد قاسم الساوجي المعروف بـ «خدابخش» (كان حيـاً سنـة ١٠٣٣).

رسالة في أحكام الطهارة والصلاة ، تشتمل على مقدّمة وبابين وخاتمة.

أوّلها : سپاس متواتر وثنائى متكاثر شايسته معبوديست ...

ذكر في المقدّمة أنّه كتبها لسلطان وقته.


* الناسخ :؟ ، النسخة مع كتاب تحفة رفيعي للمؤلّف ، وهما بخطّ واحد ، وتاريخ كتابة التحفة سنة ١٢٣٠.

(٢٣٩)

الفلاحة الرومية

(فلاحة ـ عربي)

تأليف : الحكيم فسطوس بن اسكسواسكنـه ، وترجمة سركس بن هلبا الرومي.

في أجزاء ، والنسخة تشتمل على قسم من الجزء الثالث ، وتمام الجزء الرابع ، وقسمٍ من الجزء الخامس.

وقال في أوّل الجزء الرابع : قصدنا أن نذكر في هذا الجزء من الكرم ..

ويقع في ثلاثة وسبعين باباً.

* تاريخ الكتابة :؟

(٢٤٠)

الفوائد الاَُصولية

(أُصول ـ عربي)

تأليف : السيّـد بحر العلوم ، محمّـد مهدي بن مرتضى الطباطبائي النجفي (ت ١٢١٢).

أوّله : فائدة : قد جرت عادة الاَُصوليّين بتعريف أُصول الفقه بكِلا معنييه؛ الاِضافي والعلمي ..

فيـه خمس وأربعين فائـدة؛ وآخرها في تحقيـق حال كتاب فقـه الرضا عليه السلام واعتباره.


* تاريخ الكتابة : سنة ١٢٥٥.

(٢٤١)

الفوائد الضيائية

(نحو ـ عربي)

تأليف : عبـد الرحمن الجامي (ت ٨٩٨).

وهو شرح على الكافية ـ لابن الحاجب ـ ألَّفها لابنه ضياء الدين في ١١ رمضان سنة ٨٩٧.

* الناسخ : بابا احمد السرپلي ، سنة ٩٠١ ، عليها حواشٍ بعنوان «منه» ، وتملّكات متعدّدة.

(٢٤٢)

* نسخة ثانية ، ناسخها : أبو طالب ابن حسين قلي القهورخي الفريدني ، سنة ١٢٣٠ ، عليها حواش للسيّد نعمة الله الجزائري ، ومحسن القهورخي.

(٢٤٣)

الفوائد الملية في شرح الاَلفية

(فقه ـ عربي)

تأليف : الشهيد الثانـي ، الشيخ زين الدين بن علـي بن أحمـد العاملـي (ت ٩٦٥).

الاَلفية : في بيان واجبات الصلاة ، مرتّبة على مقدّمة وثلاثة فصول وخاتمة؛ وعليها شروح منها هذا.

أوّله : الحمد لله الذي شرع لنا معالم دينه الفرضية والنفلية ، وشرح صدورنا بلمعة ...


* تاريخ الكتابة :؟ ، عليها آثار البلاغ والمقابلة ، وتملّك وخاتم الشيخ فضل الله النوري سنة ١٣١١.

(٢٤٤)

القاموس المحيط

(لغة ـ عربي)

تأليف : مجد الدين محمّـد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت ٨١٧).

في اللغة ، يشتمل على ٢٨ باباً على ترتيب وعدد حروف المعجم ، غير أنّه قدّم باب الهاء على باب الواو والياء.

* تاريخ الكتابة :؟ ، النسخة قديمة ترجع كتابتها إلى القرن العاشر ، وفي حاشية أواخر الكتاب هكذا : «لمحررّه وليّ الله لطيفي» ، وتشتمل على فصل الهمزة والباء من باب الضاد ، وسقطت صفحة من آخرها.

(٢٤٥)

القبلة

(هيئة ـ عربي)

تأليف :؟

يشتمل على مقدّمة في بيان ما يتحقّق به الاستقبال ، وفصلين؛ الاَوّل في ذكر ما يعوَّل عليه في القبلة ، والثاني في تحقيق قبلة «طوس».

أوّله : الحمد لله الذي جعل الكعبة البيت الحرام ...

وقال في ضمن نقل كلام العلاّمة الحلّي : وتنظر فيه والدي رحمه الله.

يحتمل أن تكون الرسالة للشيخ البهائي ، إذ إنّ لوالده رسالة في القبلة ، ذكرت في فهرس مكتبة المرعشي ٦/٢٤٨.


(٢٤٦)

قصص الاَنبياء

(تاريخ ـ فارسي)

تأليف :؟

تشتمل النسخة على قصّة موسى ، الخضر وموسى ، قتل يحيى ، سليمان وبلقيس ، ذهاب ملك سليمان ، بناء بيت المقدس ، قصّة بلعام ، موت هارون ، شعيب ، أصحاب الكهف ، زكريا ، يونس ، جرجيس ، دقيانوس ، أيوب ، داود ، جالوت ، هدهد لقمان ، ذو القرنين ، يونس ، شيث ، إدريس ، نوح ، قارون ، يوسف ، محمّـد ، نزول الوحي ، معجزات الرسول ، الهجرة.

* الناسخ :؟ ، ينقل من كتاب المستبين ، يعبّر كثيراً بـ : «قال الاِمام المفسّر» ، ويذكر ولاية الاِمام أمير المؤمنين ، والاِمام المنتظر.

والمؤلّف من علماء الشيعة ، حيث ذكر خلافة أمير المؤمنين ، وسائر معتقدات الشيعة ، والنسخة ترتبط بعهد الصفوية.

للموضوع صلـة ...


مـصطلحـات نحـويّـة

(٨)

السيّـد علي حسـن مطر

سادس عشر ـ مصطلح المفرد

المفرد في اللغة اسم مفعول من أَفردَهُ إذا عزله وجعله واحداً.

قال ابن فارس : «الفاء والراء والدال أصل صحيح يدلّ على وحدة»(١).

وقال ابن منظور : «أفردته : جعلته واحداً ... عزلته»(٢).

وقد استعمل النحاة هذا اللفظ في ثلاثة معانٍ اصطلاحيّة ، هي :

أوّلاً : المفرد في مقابل المثنّى والجمع.

ثانياً : المفرد في مقابل المضاف والمشبّه به.

ثالثاً : المفرد في مقابل الجملة.

قال الاِشبيلي : «ومتى أطلقوا المفرد في باب المبتدأ ، فإنّما يريدون به مـا ليس بجملـة ، ومتـى أطلقوا المفـرد في باب النـداء ، فإنّمـا يريدون به

____________

(١) مقاييس اللغة ، ابن فارس ، تحقيق عبد السلام هارون ، مادّة (فَرَدَ).

(٢) لسان العرب ، ابن منظور ، مادّة (فَرَدَ).


ما ليس بمضاف ولا مشبّه بالمضاف ، ومتى أطلقوا المفرد في باب الاِعراب ، فإنّما يريدون به ما ليس بتثنية ولا جمع»(١).

وقال ابن الحاجب : «المفرد يطلق باعتبارات ثلاثة ... المفرد ضد المركّب ، والمفرد ضد المضاف ، والمفرد ضد المثنّى والجمع ... والمراد بالمركّب : كلمتان فصاعداً ، أُسندت إحداهما إلى الاَُخرى إسناداً يفيد المخاطب ما لم يكن عنده»(٢) ، أي أن المراد بالمركّب هنا خصوص المركّب التام أو الجملة.

أمّا المفرد بالمعنى المقابل للمثنّى والجمع ، فقد عبّروا عنه في البداية اللمعه بكلمة (الواحد) ، كما نجد ذلك لدى سيبويه (ت ١٨٠ هـ) والمبرّد (ت ٢٨٥ هـ) ، وغيرهما(٣).

قال سيبويه : «واعلم أنّك إذا ثنيّت الواحد لحقته زيادتان»(٤).

وقال المبرّد : «إنّ التثنية لا تخطىَ الواحد ، فاذا قيل لك : ثَنّهِ ، وجب عليك أن تأتي بالواحد ، ثمّ تزيد في الرفع ألفاً ونوناً ، وفي الخفض

____________

(١) البسيط في شرح جمل الزجّاجي ، ابن أبي الربيع الاِشبيلي ، تحقيق عيّاد الثبيتي ١/٥٣٥ ـ ٥٣٦.

(٢) الاَمالي النحويّة ، ابن الحاجب ، تحقيق هادي حسن حمّودي ٣/١٠٢.

(٣) أ ـ الموجز في النحو ، ابن السرّاج ، تحقيق مصطفى الشويمي وابن سالم دامرجي : ٢٩ و ٩٩ و ١٠٢.

ب ـ الاِيضاح في علل النحو ، الزجّاجي ، تحقيق مازن المبارك : ١٣٢ و ١٣٤.

ج ـ شرح كتاب سيبويـه ، السيرافـي ، الجزء الاَوّل ، تحقيق رمضان عبـد التوّاب ، ومحمود حجازي ، ومحمّـد هاشم عبـد الدائم : ٢١٥ و ٢٢٥ و ٢٢٨.

د ـ الواضح في علم العربيّة ، الزبيدي ، تحقيق أمين علي السيّد : ١٥٤ و ٢٠٦.

هـ ـ اللمع في علم العربيّة ، ابن جني ، تحقيق فائز فارس : ١٢ و ١٩ ٢٠ ٠

(٤)الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون ١ / ٧ وأنظر ص ٢٢ و ٢١٠ وغيرهما.


والنصب ياءً ونوناً»(١).

وعبّر السيرافي (ت ٣٦٨ هـ) وعبـد القاهر الجرجاني (ت ٤٧١ هـ) ومن بعدهما(٢) ، بلفظ «المفرد» حتّى استقرّ عنواناً للمعنى الاصطلاحي.

قال ابن بابشاذ : من الاَسماء «نوع يدخله الرفع والنصب والجرّ والتنوين ، وذلك كلّ اسم مفرد صحيح منصرف ، وقولنا : (مفرد) احتراز من التثنية والجمع ... ما خلا جمع التكسير؛ فإنّ إعرابه كإعراب الاَسماء المفردة»(٣).

وقال الجرجاني : «والاَعداد تميّز على ثلاثة أوجه ، أحدها : أن تضاف ... إلى مفرد ، نحو : مئة درهم»(٤).

ويلاحظ أنّ النحاة لم يعنـوا بتعريف المفرد بهذا المعنى ، وأنّه ما دلّ على واحد أو واحدة ، ولعلّه لكونه واضحاً ، بقرينة مقابلته للمثنّى والجمع.

وأمّا المفرد بالمعنى المقابل للمضاف والشبيه به ، فهو شامل للمفرد بالمعنى الاَوّل ولِما يقابله من المثنّى والجمع ، ومن موارد استعمالهم له بهذا المعنى قول سيبويه : «إذا لقّبت المفرد بمضاف والمضاف بمفرد ، جرى أحدهما على الآخر كالوصف ... وذلك قولك : هذا زيدٌ وزن سبعةٍ ، وهذا عبدالله بطةُ»(٥).

____________

(١) المقتضب ، المبرّد ، تحقيق محمّـد عبـد الخالق عضيمة ١/١٩٣.

(٢) أ ـ أسرار العربيّة ، ابن الاَنباري ، تحقيق فخر صالح قدّارة : ٥٣ و ٦٥.

ب ـ الفصول الخمسون ، ابن معطي ، تحقيق محمود الطناحي : ١٥٥.

ج ـ شرح جمل الزجّاجي ، ابن عصفور ، تحقيق صاحب أبو جناح ٢/٤٤٤.

(٣) شرح المقدّمة المحسبة ، ابن بابشاذ ، تحقيق خالد عبـد الكريم ١/١٠٠.

(٤) الجمل ، عبـد القاهر الجرجاني ، تحقيق علي حيدر : ٣٠.

(٥) كتاب سيبويه ٣/٢٩٥.


ونجد بعض النحاة يجعلون (المفرد) بهذا المعنى مقابلاً للمركّب الناقص الشامل للمركّب الاِسنادي والمركّب المزجي.

قال الزمخشري : العلم «مفرد ومركّب ... فالمفرد نحو : زيد وعمرو ، والمـركّب إمّـا جملـة نحـو : بَرَقَ نحرُه ... وأمّا غير جملة؛ اسمان جعلا اسمـاً واحـداً ، نحـو : معد يكرب ، وبعلبك ... أو مضاف ومضاف إليـه كعبدِ مناف»(١).

وأمّا المفرد بالمعنى المقابل للجملة أو الكلام ، فهو شامل للمفرد بالمعنيين المتقدّمين ، ولِما يقابلهما.

قال ابن جنّي : «خبر المبتدأ على ضربين ... مفرد وجملة»(٢).

وقال الجرجاني «والجملة تقع موقع المفرد في ستّة مواضع أحدها خبر المبتدأ»(٣).

ويلاحظ أنّه ليس للنحاة تعريف للمفرد بالمعنى المقابل للمركّب الناقص ، وآخر للمفرد بالمعنى المقابل للمركّب التامّ (الجملة) ، بل طرحوا تعريفاً للمفرد بالمعنى المقابل للمركّب ، بنحو يشمل ما يقابل الجملة ، وبعض أفراد ما يقابل المركّب الناقص.

ولعلّ أقدم تعريف من هذا النوع هو ما طرحه الشلوبين (ت ٦٤٥ هـ) من أنّ المفرد هو اللفظ «الدالّ على معنى ، بشرط أن لا يكون جزء من أجزاء ذلك اللفظ يدلّ على جزء من أجزاء ذلك المعنى»(٤)

____________

(١) المفصّل في علم العربيّة ، الزمخشري : ٧٠٦ ، وانظر : المقتصد في شرح الاِيضاح ، عبـد القاهر الجرجاني ، تحقيق كاظم بحر المرجان ٢/١٠٣٥.

(٢) اللمع في العربيّة ، ابن جنّي : ٢٦.

(٣) الجمل ، الجرجاني : ٤٠.

(٤) شرح المقدّمة الجزولية الكبير ، الشلوبين ، تحقيق تركي العتيبي ١/١٩٧.


وقام الرضي الاسترآبادي (ت ٦٨٦ هـ) بتشذيب هذا الحدّ ، فقال : «المفـرد لفـظ لا يدلّ جزؤه علـى جزء معنـاه»(١) ، وأخذ به نحاة اَ كابن هشام (ت ٧٦١ هـ)(٢) ، والسيوطي (ت ٩١١ هـ).(٣)

قال ابن هشام : «والمراد بالمفرد ما لا يدلّ جزؤه على جزء معناه ، وذلك نحو (زيـد)؛ فإنّ أجزاءه ـ وهـي : الزاي واليـاء والدال ـ إذا أفردت لا تدلّ على شيء ممّا يدلّ هو عليه ، بخلاف قولك : (غلامُ زيدٍ)؛ فإنّ كلاًّ من جزءَيـه ـ وهمـا : الغلام وزيد ـ دالّ على جزء معناه ، فهذا يسمّى مركّباً لا مفرداً».(٤)

وعرّفه ابن يعيش (ت ٦٤٣ هـ) بقوله : المفرد «أن يدلّ مجموع اللفظ على معنىً ، ولا يدلّ جزؤه على جزء من معناه ، ولا على غيره ، من حيث هو جزء له»(٥).

وميزةُ هذا الحدّ عن سابقه احتواؤه على قيد احترازيّ يتمثّل في عبارة (من حيث هو جزء له) ، وقد تابعه عليه ابن هشام مبيّناً فائدة القيد ، فقال : «وقولي (حين هو جزؤه) مُدخِل لنحو خمسةَ عشرَ؛ فإنّ كلاًّ منهما والحالة هذه لا يدلّ على معنىً ، وإن كان في وقت آخر يدلّ على جزء هذا العدد ،

____________

(١) شرح كافية ابن الحاجب ، الرضي ، تحقيق يوسف حسن عمر ١/٢٢.

(٢) أ ـ شرح قطر الندى وبلّ الصدى ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبـد الحميد : ١١.

ب ـ شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبـد الحميد : ١١.

(٣) همع الهوامـع في شرح جمـع الجوامع ، السيوطـي ، الجزء الاَوّل ، تحقيـق عبـد السلام هارون وعبـد العال سالم مكرم : ٤.

(٤) شرح قطر الندى : ١١.

(٥) شرح المفصّل ، ابن يعيش ١/١٩.


وكذلك عبـد الله عَلَماً».(١)

وقد لاحظ بعض متأخّري النحاة أنّ تعريف المفرد بهذا النحو هو «اصطلاح للمناطقة ، ذكره النحاة في كتبهم ، وخلطوه باصطلاحهم ، وأكثر النحاة على أن المفرد ما تلفّظ به مرّة واحدة ، كزيد ، والمركّب ما تلفّظَ به مرّتين بحسب العرف ، فعبـدُ الله عَلَماً على هذا القول مركّب ، وعلى القول الاَوّل مفرد ، ويرجّح القول الثاني أنّهم يقولون في مثلِ (عبـد الله) أنّه مركّب تركيباً إضافياً ، ويعربون كلاًّ من جزءَيه بإعراب ، ولو كان مفرداً لاَُعرب بإعراب واحد».(٢)

وبهذا التعريف يكون المفرد شاملاً لجميع أفراد ما يقابل المركّب مطلقاً ، تامّاً وغير تامّ.

* * *

____________

(١) شرح اللمحة البدرية ، ابن هشام ، تحقيق هادي نهر ١/٢٠٥.

(٢) حاشية الشيخ حسن العطّار على شرح الاَزهرية : ٢٤.


سابع عشر ـ مصطلح التمييز

التمييز في اللغة : مصدرُ ميّزَ إذا خلّص شيئاً من شيء وفرّق بين متشابهين.(١)

قال ابن منظور : «مِزْتُ الشيءَ أَميزُهُ مَيْزاً : عزلته وفرزته ، وكذلك مَيَّزْتُهُ تمييزاً».(٢)

وقد استعمل (التمييز) في المعنى الاصطلاحي مجازاً من إطلاق المصدر على اسم الفاعل(٣) ، ثمّ صار حقيقة عرفية فيه.(٤)

وسوف يتّضح من خلال البحث أنّ مناسبة المعنى الاصطلاحي للغوي تتمثّل في تعيينه المراد من كلام يصلح للانطباق على عدّة معانٍ ، قال الحريري : «يسمّى تمييزاً؛ لاَنّه يميّز الجنس الذي تريده ، ويفرده من الاَجناس التي يحتملها الكلام».(٥)

وقبل أن يستعمل لفظ التمييز عنواناً للمعنى الاصطلاحي ، طرح في كتاب سيبويـه (ت ١٨٠ هـ) عنوانان لهذا المعنى هما : التفسير والتبيين ، (٦)

____________

(١) أ ـ شرح التصريح على التوضيح ، الاَزهري ١/٣٩٣.

ب ـ حاشية الملوي على شرح المكودي : ٨٣.

(٢) لسان العرب ، ابن منظور ، مادّة (مَيَزَ).

(٣) أ ـ حاشية الخضري على شرح ابن عقيل ١/٢٢١.

ب ـ شرح التصريح على التوضيح ١/٣٩٣ ـ ٣٩٤.

(٤) حاشية الخضري على شرح ابن عقيل ١/٢٢١.

(٥) شرح ملحة الاِعراب ، الحريري : ٣٦.

(٦) الكتاب ، سيبويه ١/٢٩٨ و ٣٠٢.


وعبّر عنه الفرّاء (ت ٢٠٧ هـ) بالمفسّر(١) ، ويبدو أنّ أوّل مَنْ عبّر بكلمة (التمييز) هو المبرّد (ت ٢٨٥ هـ).(٢)

وقد ظلّ النحاة يستعملون بعض هذه العناوين(٣) ، أو يشيرون ‎‎‎‎إليها (٤) حتى بعد أن استقرّ (التمييز) عنواناً للمعنى الاصطلاحي.

وقد قال المبرّد في بيان المضمون النحوي للتمييز : «إنّ التمييز يعمل فيه الفعل أو ما يشبهه ، ومعناه في الانتصاب واحد ... [وهو] أن يأتي مبيّناً عن نوعه ، وذلك قولك : عندي عشرون درهماً»(٥)

فكأنّه عرّف التمييز بأنّه : اسم منصوب بفعلٍ أو شبهه مبينٌ لنوعه.

وقال ابن السرّاج (ت ٣١٦ هـ) : «الاَسماء التي تنتصبُ بالتمييز والعامل فيها فعل أو معنى فعل ، والمفعول هو فاعل في المعنى ، وذلك قولك ، تفقّأَ زيدٌ شحماً ، وتصبّبَ عَرَقاً»(٦)؛ اِذْ المعنى تفقّأَ شحمُهُ وتصبّبَ عَرَقُه.

ويلاحظ على هذا وسابقه افتقادهما للعناصر الفنيّة في التعريف ، فهما

____________

(١) معاني القرآن ، الفرّاء ، تحقيق أحمد نجاتي ومحمّـد علي النجّار ١/٧٩ و ٢٥٦ ، ٢/٣١٥ ـ ٣١٦.

(٢) المقتضب ، المبرّد ، تحقيق عبـد الخالق عضيمة ٣/٣٢.

(٣) أ ـ الاَُصول في النحو ، ابن السرّاج ، تحقيق عبـد الحسين الفتلي ١/٢٧٢.

ب ـ التفاحة في النحو ، ابن النحّاس ، تحقيق گوركيس عوّاد : ٢٤.

(٤) أ ـ شرح المقدّمة المحسبة ، ابن بابشاذ ، تحقيق خالد عبد الكريم ٢/٣١٥ ـ ٣١٦.

ب ـ المفصّل في علم العربيّة ، الزمخشري : ٦٥.

ج ـ شرح ابن الناظم على الاَلفية : ١٣٦.

د ـ شرح اللمحة البدريّة في علم العربّية ، ابن هشام ، تحقيق هادي نهر ٢/١٤٥.

هـ ـ شرح الاشموني على الالفية ١ / ٢٦١ ٠

(٥) القتضب ٣ / ٣٢

(٦)الاصول في النحو ١ / ٢٦٨ ٠


أقرب إلى شرح يحاول إعطاء صورة للمعنى الاصطلاحي.

وقال أبو علي الفارسي (ت ٣٧٧ هـ) : «جملة التمييز أن يحتمل الشيء وجوها ، فتُبيّنُه بأحدها».(١)

وكلامه أقرب إلى شرح التمييز بوصفه عملاً يزاوله المتكلّم ، منه إلى بيانه بوصفه لفظاً يؤدّي وظيفة معيّنة في الكلام.

وعرّفه الرمّاني (ت ٣٨٤ هـ) بقوله : «التمييز : تبيين النكرة المفسِّرة للمبهم»(٢) ، وتابعه عليه ابن الاَنباري (ت ٥٧٧ هـ).(٣)

ويمتاز هذا التعريف باختصاره وإشارته إلى كون التمييز اسم نكرة ، وسوف نرى أنّه قريب من الصياغة النهائية التي استقرّ عليها تعريف التمييز ، ولكن كان ينبغي أن يقتصر على عبارة (النكرة المفسّرة للمبهم) أو المبيّنة له.

وعرّفه ابن جنّي (ت ٣٩٢ هـ) بأنّه : «اسم نكرة يأتي بعد الكلام التامّ ، يراد به تبيين الجنس».(٤)

وذكره مجيء التمييز بعد الكلام التامّ يفضّل إرجاؤه لشرح التعريف؛ لاَنّه ليس من ذاتيّات التمييز ، هذا وقد ذهب بعض النحاة إلى جواز تقديمه على عامله إذا كان فعلاً متصرّفاً ، إلاّ أنّه قليلٌ(٥) ، ويمكن حمل ما ذكروه له من الشواهد على ضرورة الشعر.(٦)

____________

(١) الاِيضاح العضدي ، أبو علي الفارسي ، تحقيق حسن شاذلي فرهود : ٣٠٢.

(٢) الحدود في النحو ، الرمّاني ، ضمن «رسائل في النحو واللغة» ، تحقيق مصطفى جواد ويوسف مسكوني : ٣٩.

(٣) أسرار العربيّة ، ابن الاَنباري ، تحقيق محمّـد بهجة البيطار : ١٩٦.

(٤) اللمع في العربّية ، ابن جنّي ، تحقيق فائز فارس : ٦٤.

(٥) ألفيّة ابن مالك وشروحها عند الكلام على آخر بيت في باب التمييز.

(٦) شرح ابن الناظم على الاَلفيّة : ١٣٩.


والمستفاد من كلام ابن بابشاذ (ت ٤٦٩ هـ) تعريفه التمييز بأنّه : «اسم جنس نكرة مفرد مقدّر بـ : مِنْ ، مفسّر لمقدارٍ أو شيء مبهم»(١).

والجديد في هذه الصياغة :

أولاً : إشارته إلى تقدير التمييز بـ (من) احترازاً من دخول (الحال) في التعريف؛ فإنّها كالتمييز من حيث كونها نكرة منصوبة مبيّنة ، إلاّ أنّها لا يصحّ تقديرها بـ : من.

ثانيـاً : تقسيمـه للمفسَّر بالتمييـز إلى مقـدارٍ (أي : معـدود أو مكيل أو موزون أو مذروع) وشيء مبهم ، ولا يريد بالثاني سوى تمييز النسبة في نحو : (واشتعلَ الرأسُ شيباً)(٢).

وكان بإمكانه الاكتفاء بقوله : (نكرة) عن (اسم الجنس)؛ إذ ليس للنكرة مدلول سوى ما يدلّ عليه اسم الجنس من العموم وعدم الاختصاص بأحد أفرادهِ دون غيره(٣).

وعرّفـه الزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) بأنّـه : «رفع الاِبهام في جملـة أو مفرد»(٤).

وعقّب عليه ابن الحاجب بقوله : «ليس التمييز في الحقيقة رفعاً؛ لاَنّه اللفظ الذي حصل عنه هذا الرفع المراد ، وإنّما يغتفر النحويّون مثل ذلك

____________

(١) شرح المقدّمة المحسبة ٢/٣١٥ ـ ٣١٦.

(٢) سورة مريـم ١٩ : ٤.

(٣) أ ـ المقتضب ٤/٢٧٦.

ب ـ الاَُصول في النحو ١/١٧٥.

ج ـ الحدود في النحو : ٣٩.

د ـ اللمع في العربية : ٩٨.

(٤) المفصّل : ٦٥.


لكونـه معلومـاً ، إمّـا على معنى (لفظ رفع الاِبهـام) ... أو لاَنّ الغرض ذكر مـا يتميّز به باعتبار المدلولات؛ إذ كان هو المقصود في التحقيق»(١)

أقول :

ومع ذلك يظلّ التسامحُ في التعبير غير مستساغ في صياغة الحدود.

وأمّا جعله (الجملة) في مقابل المفرد ، فكان «الاََوْلى أن يقول (نسبة)؛ ليشمل تمييز النسبة في غير الجملة كالتي في : عجبتُ من طيبِ زيدٍ نفساً».(٢)

ولا بُدّ من الاِشارة إلى أنّ ابن الحاجب في شرحه على المفصّل أورد تعريف الزمخشري للتمييز بنحو مغاير لما هو موجود في النسخة المطبوعة للمفصّل ، وهو : «ما يرفع الاِبهام المستقرّ عن ذات مذكورة أو مقدورة»(٣) وعليه لا يرد التعقيب المذكور لابن الحاجب.

وعرّفه ابن معطي (ت ٦٢٨ هـ) قائلاً : «التمييز هو تفسير مبهم بجنس نكرة منصوبة مقدّرة بـ : من ، وينصبُ عن تمام الكلام وعن تمام الاسم».(٤)

وعبارته تجمع بين التمييز بوصفه عملاً يمارسه المتكلّم ، وبينه بوصفه لفظاً موضوعاً للمعنى الاصطلاحي ، وبفرزهما يتحصّل أنّه يعرّف الثاني بأنّه : (اسم جنس نكرة منصوبة مقدّرة بـ : من) ، وهو مماثل تقريباً

____________

(١) الاَمالي النحوية ، ابن الحاجب ، تحقيق هادي حسن حمّودي ٢/١٦٨.

(٢) حاشية الصبّان على شرح الاَُشموني ٢/١٩٤.

(٣) الاِيضاح في شرح المفصّل ، ابن الحاجب ، تحقيق موسى بنّاي العليلي ١/٣٤٨.

(٤) الفصول الخمسون ، ابن معطي ، تحقيق محمود الطناحي : ١٨٨.


لتعريف ابن بابشاذ ، لولا أنّه أدخل فيه نصب التمييز وهو من أحكامه لا من ذاتيّاته.

ولا حاجة للاحتراز هنا من دخول الحال؛ لكونها خارجة بقوله : (مقدرة بـ : من).

وأمّا قوله : «وينصب عن تمام الكلام وعن تمام الاسم» فهو إشارة إلى تقسيم التمييز إلى تمييز نسبة ، وتمييز مفرد ، وينبغي عدّه خارجاً عن متن التعريف.

وعرّفه ابن الحاجب (ت ٦٤٦ هـ) بأنّه : «ما يرفع الاِبهام المستقرّ عن ذات مذكورة أو مقدّرة».(١)

ومراده بالاِبهام المستقرّ ما كان ناشئاً من الوضع ، احترازاً من الاِبهام في اللفظ المشترك في نحو : (رأيتُ عيناً جارية)؛ فإنّ (جارية) ترفع الاِبهام عن (عيناً) ، لكنّ إبهامها ليس مستقرّاً بحسب الوضع ، بل هو عارض بسبب تعدّد الموضوع لها.(٢)

وأشكل عليه الرضيّ بأنّ «معنى (المستقرّ) في اللغة هو الثابت ، ورُبَّ عارض ثابت لازم ، والاِبهام في المشترك ثابت لازم مع عدم القرينة ... ومع القرينة ينتفي ... فلا فرق بينهما من جهة الاِبهام ، ولا يدلّ لفظ المستقرّ على أنّه وضعيّ كما فُسِّر».(٣)

وردّه الشريف الجرجاني بأنّ (المستقرّ) وان كان بحسب اللغة هو

____________

(١) شرح الرضي على الكافية ٢/٥٣.

(٢) أ ـ شرح الرضيّ على الكافية ٢/٥٤.

ب ـ الفوائد الضيائيّة ، عبـد الرحمن الجامي ، تحقيق أُسامة الرفاعي ١/٣٩٨.

(٣) شرح الرضيّ على الكافية ٢/٥٤.


الثابت مطلقاً ، لكنّه «ينصرف إلى الكامل عرفاً. وهو الوضعي»(١) ، الجامي على ذلك.(٢)

وقوله : (عن ذات) احتراز من الحال والنعت؛ فإنّهما لا يرفعان الاِبهام عن الذات ، بل عن هيئتها(٣) أو صفتها.(٤)

وقوله : (ذات مذكورة أو مقدّرة) تنويع للتمييز ، «فالمذكورة نحو : (رطلٌ زيتاً) والمقدّرة نحو (طابَ زيدٌ نفساً)؛ فإنّه في قوّة قولنا : (طابَ شيء منسوب إلى زيدٍ) ، ونفساً يرفع الاِبهام عن ذلك الشيء المقدّر فيه»(٥).

ومنه يتّضح أنّ ابن الحاجب يرى أنّ التمييز لا يبيّن إلاّ الذات.

غاية الاَمر أنّ الذات مقدّرة في تمييز النسبة؛ إذ لا إبهام في تعلّق الطيب بزيد مثلاً الذي هو النسبة ، بل الاِبهام في المتعلّق الذي ينسب إليه الطيب ، فيحتمل كونه داره أو علمه ، فالتمييز في الواقع إنّما هو لاَمر يتعلّق بزيد ، وإنّما عبّر عنه بتمييز النسبة نظراً للظاهر.(٦)

وقال ابن عصفور (ت ٦٦٩ هـ) : التمييز «اسم نكرة منصوب مفسّر لما انبهم من الذوات»(٧).

____________

(١) حاشية الجرجاني على شرح الرضيّ (طبعة شركة الصحافة العثمانية) ١/٢١٦.

(٢) الفوائد الضيائيّة ١/٣٩٨.

(٣) شرح الرضيّ على الكافية ٢/٥٣.

(٤) الفوائد الضيائيّة ١/٣٩٩.

(٥) الفوائد الضيائيّة ١/٤٠٠.

(٦) أ ـ حاشية الخضري على شرح ابن عقيل ١/٢٢٢.

ب ـ حاشية الصبّان على شرح الاَُشموني ٢/١٩٤ ـ ١٩٥.

(٧) المقرّب ، ابن عصفور ، تحقيق أحمد الجواري وعبـد الله الجبوري ١/١٦٣.


وعرّفه ابن مالك (ت ٦٧٢ هـ) بأنّه : «ما فيه معنى (من) الجنسيّة من نكرة منصوبة فضلة غير تابع».(١)

وقيّدَ (مـن) بكونها (جنسيّـة) لاِخراج ثاني منصوبي نحو : (استغفر الله ذنباً) فهو بمعنى من ، لكنّها ليست جنسيّـة.

وقوله : (منصوبة) احتراز من التمييز المضاف إليه ، نحو : (رطلُ زيتٍ) ، فهو بمعنى (من) الجنسيّـة لكنّه لا يعرب تمييزاً.

وقوله : (فضلة) احتراز من اسم (لا) في نحو : (لا خيراً من زيدٍ فيها).

وقولـه : (غير تابـع) مخـرج لصفـةِ اسم (لا) المنصوبـة في نحـو : (لا رجلَ ظريفاً)؛ فإنّها نكرة فضلة منصوبة بمعنى (من) الجنسيّـة ، لكنّها تابعة ، ففارقت التمييز.(٢)

ولا ضرورة لتكثير القيود بهذا النحو؛ إذ لا يخطر لاَحدٍ من الدارسين إعراب نحو : (زيتٍ) في المثال تمييزاً ليحترز عنه بقيد النصب ، وأمّا بقيّة القيود ـ أي كون التمييز فضلة غير تابع بمعنى (من) الجنسيّـة ـ ، فيمكن الاستغناء عنها بقيد واحد هو كون التمييز مبيّناً للاِبهام.

هذا ولا بُدّ من التنبيه إلى الدقّة في قوله : (ما فيه معنى من) ، وأنّه أفضل من قول مَن سبقه : (مقدّرة بـ : مِن)؛ ذلك أنّ المراد كون التمييز مفيداً معنى (من) البيانيّة ، وهو بيان ما قبله ، وليس المراد أنّ (من) مقدّرة في نظم الكلام؛ إذ قد لا يصلح لتقديرها(٣) ، ففي نحو : عندي عشرون

____________

(١) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمّد كامل بركات : ١١٤.

(٢) شفاء العليل في إيضاح التسهيل ، السلسيلي ، تحقيق عبد الله البركاتي ٢/٥٥٣.

(٣) أ ـ شرح التصريح على التوضيح ١/٣٩٥.


ديناراً ، وطاب زيدٌ نفساً ، لا يصحّ التقدير بـ : عشرون من دينارٍ ، أو طاب من نفسٍ.

وعرّفه ابن الناظم (ت ٦٨٦ هـ) بأنّه : «اسم نكرة مضمّن معنى مِن لبيان ما قبله من إبهامٍ في اسم مجمل الحقيقة ، أو إجمال في نسبة العامل إلى فاعله أو مفعوله».(١)

وعُقّب عليه بأنّ قوله : «في اسم مجمل الحقيقة ...» بيان لنوعَيْ التمييز(٢) ، فليسا داخلين في الحدّ.

وبهذا يصل التعريف لاََفضل صياغاته وأخصرها ، وتابعه عليه المكودي (ت ٨٠٧ هـ) بنصّه(٣) ، وابن عقيل (ت ٩٦٧ هـ)(٤) بتفاوت قليل في العبارة.

وعرّفه أبو حيّان (ت ٧٤٥ هـ) بقوله : «التمييز اسم يبيّن الذات».(٥)

وعلّق عليه ابن هشام بأنّه «تلَقّفَ تعريف ابن عصفور ... وأسقط منه قوله (نكرة منصوبة) فأفسده».(٦)

وطرح ابن هشام (ت ٧٦١ هـ) ثلاث صياغات لتعريف التمييز :

أوّلهـا : «اسم فضلة نكرة جامد مفسِّر لِما انبهم من الذوات»(٧).

____________

ب ـ حاشية الصبّان على شرح الاَُشموني ٢/١٩٤.

(١) شرح ابن الناظم على الاَلفيّة : ١٣٦ ـ ١٣٧.

(٢) شرح ابن الناظم على الاَلفيّة : ١٣٦ ـ ١٣٧.

(٣) شرح المكودي على الاَلفية : ٨٣.

(٤) شرح ابن عقيل على الاَلفية ، تحقيق محيي الدين عبـد الحميد ١/٦٦٣.

(٥) شرح اللمحة البدرية في علم العربية ٢/١٤٥.

(٦) شرح اللمحة البدرية في علم العربية ٢/١٤٥.

(٧) شرح قطر الندى وبلّ الصدى ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد : ٣٣٣.


وفيـه :

١ ـ أنّه لا داعي لاِثبات كلمة (فضلة)؛ إذ لا يراد بها إلاّ الاحتراز عن اسم (لا) في نحو (لا خيراً من زيد فيها) ، وهو خارج بقوله : (مفسِّر لما انبهم من الذوات).

٢ ـ الاَوْلى حذف كلمة (جامد) أيضاً؛ لمجيء التمييز أحياناً بالصفات المشتقّة ، كقولهم : للهِ درّهُ فارساً ، وللهِ درّهُ راكباً.(١)

٣ ـ قوله : (مفسّر للذوات) غير ظاهر في شمول تمييز النسبة.

وثانيها : «اسم نكرة فضلة يرفع إبهام اسم أو إجمال نسبة».(٢)

ولا يرد عليه سوى الملاحظة الاَُولى على تعريفه الاَوّل.

وثالثها : «اسم نكرة بمعنى (من) مبيّن لاِبهام اسم أو نسبة».(٣)

وهي صياغة مماثلة لتعريف ابن الناظم ، إلاّ أنّ ابن هشام أضاف الاِبهام للاسم أو النسبة ، وأدخلهما بذلك في متن التعريف ، وقد تابعه عليها الشيخ خالد الاَزهري (ت ٩٠٥ هـ).(٥)

* * *

____________

(١) شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبـد الحميد : ٢٥٥.

(٢) شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبـد الحميد : ٢٥٤.

(٣) أوضح المسالك إلى ألفيّة ابن مالك ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبـد الحميد ٢/١٠٨.


من ذخائر التراث :





مقدّمة التحقيق :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي عطف على أوليائه وخاصّته ، ولطف بهم بما أراهم من أسرار ملكوته ومملكته ، وكشف الحجب بينهم وبين عظمة ربوبيّته ، فأشرقت على سرائر قلوبهم شموس إقباله ، وتحقّقت بصائرهم بما شاء من مقدّس جلاله ، فعصمهم بتلك الهيبة أن يقع في حضرته الاشتغال عنه منهم ، واشتغلوا بمراقبته جلّ جلاله عنهم.

والصلاة والسلام على نبيّه محمّـد ، أعظم واعٍ لمراده ومقصوده ، وأكمل داعٍ إلى الوقوف عند حدوده.

وعلى أخيه ووزيره أمير المؤمنين ، ويعسوب الدين.

وعلى أهل بيته الطيّبين الطاهرين.

وبعـد :

فإنّه ليس من العجيب أن نرى كثيراً من علماء سلفنا الصالح يغتنمون فرصة الاتّصال بإمام زمانهم ، ويطلبون منه أن يملي عليهم ممّا زاده الله من علمٍ وفضلٍ ، فحينها يوصيهم بوصايا يعدّونها أغلى شيء عندهم لا لشيء سوى أنّهم يجدونها إكمال نقصٍ ، وتوجيهاً للخير والسعادة ، لا سيّما كان الموصي شخصيّة إسلاميّة قد جبلت على الخير والعطاء ، فهو يتوخّى لهم


السعادة ، ويقيم لهم الحجج الواضحة ، والبراهين اللائحة.

والاَئمّة عليهم السلام من أهل بيت لا تجهل منزلتهم ، ولا تنكر مكانتهم ، وهم أَولى بتبليغ الاَحكام ، وهداية الاَنام إلى سواء السبيل ، مهما كثرت عوامل المعارضة في طريق الوصول إلى الغاية المتوخّاة.

والاِمام الكاظم عليه السلام واحد من هـؤلاء الاَفذاذ ، والثمرة المباركة من تلك الشجرة النبويّة المطهّرة ، إمام الصبر على التقوى والعبادة(١) ، الحائز لقصب السبـق في ميـدان سيـادة الولايـة ، وولايـة السيادة ، لا يلحـق أثره ولا يبلغ شأوه ، فلذلك نرى كثيراً من علماء زمانه يغتنمون فرصة الحضور عنده للنهل من عطائه وتعاليمه ، وحرصهم على الظفر ببعض الوصايا الثمينة والدرر القيّمة التي يبوح بها لينتفعوا بها ، فهم يطلبون الخير لاَنفسهم وللاَُمّة.

ولم يكن هناك منهج معيّن للمسائل التي يسألونه عنها ، بل كان تارة يُسأل عن مختلف العلوم والمسائل المشكلة فيحلّها ، ويبتدىَ تارة فيهدي قلوباً متنكّبة ضلّت طريقها ، وتارة يجتمعون حواليه فيحدّثهم عن آبائه فيما

____________

(١) قال عمّار بن أبان : حبس أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عند السنديّ ، فسألته أُخته أن تتولّى حبسه ـ وكانت تتديّن ـ ففعل ، فكانت تلي خدمته ، فحكي لنا أنّها قالت :

كان إذا صلّى العتمة حمد الله ومجّده ودعاه ، فلم يزل كذلك حتّى يزول الليل ، فإذا زال الليل قام يصلّي حتّى يصلّي الصبح ، ثمّ يذكر قليلاً حتّى تطلع الشمس ، ثمّ يقعد إلى ارتفاع الضحى ، ثمّ يتهيّأ ويستاك ويأكل ، ثمّ يرقد إلى قبل الزوال ، ثمّ يتوضّأ ويصلّي حتّى يصلّي العصر ، ثمّ يذكر في القبلة حتّى يصلّي المغرب ، ثمّ يصلّي ما بين المغرب والعتمة ، فكان هذا دأبه.

فكانت أُخت السندي إذا نظرت إليه قالت : خاب قوم تعرّضوا لهذا الرجل.

تاريخ بغداد ١٣/٣١ ، سير أعلام النبلاء ٦/٢٧٣ ، الكامل في التاريخ ٦/١٦٤.


يصلح لمعادهم ومعاشهم(١) ، وربّما يملي ويكتب الكتاب في أهمّ مسائل علم الكلام والحديث مجسّداً حرصه على هداية الاَُمّة ، يواصل جهاده في مكافحة الاَوضاع الشاذّة ، ويعلن آراءه ضدّ نظام ذلك الحكم الجائر(٢).

ولقد كان عليه السلام صوت إصلاح داوٍ ، وصرخة إرشاد عالية ، يدعو الناس إلى التمسّك بمبادىَ الاِسلام الحنيف ، وهدي القرآن الكريم ، وقد عرف

____________

(١‍) قال أبو حنيفة : رأيت موسى بن جعفر وهو صغير السنّ في دهليز أبيه ، فقلت : أين يحدث الغريب منكم إذا أراد ذلك؟

فنظر إليّ ثمّ قال : يتوارى خلف الجدار ، ويتوقّى أعين الجار ، ويتجنّب شطوط الاَنهار ، ومساقط الثمار ، وأفنية الدور ، والطرق النافذة ، والمساجد ، ولا يستقبل القبلة ، ولا يستدبرها ، ويرفع ، ويضع بعد ذلك حيث شاء.

قال : فلمّا سمعت هذا القول منه نبل في عيني ، وعظم في قلبي ، فقلت له : جعلت فداك ، ممّن المعصية؟

فنظر إليّ ، ثمّ قال : إجلس حتّى أخبرك ، فجلست فقال : إنّ المعصية لا بُدّ أن تكون من العبد ، أو من ربّه ، أو منهما جميعاً.

فإن كانت من الله تعالى فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما يفعله ، وإن كانت منهما فهو شريكه ، والقويّ أَولى بإنصاف عبده الضعيف ، وإن كانت من العبد وحده فعليه وقع الاَمر ، وإليه توجّه النهي ، وله حقّ الثواب والعقاب ، ووجبت الجنّة والنار.

فقلت : (ذرّيّة بعضها من بعضٍ) الآية [سورة آل عمران ٣ : ٣٤].

مناقب ابن شهرآشوب ٤/٣١٤ ، أمالي المرتضى ١/١٥١ ، الفصول المختارة ١/٤٣ ، إعلام الورى : ٢٩٧ ، تحف العقول : ٤١١ ، الاحتجاج ٢/٣٨٧ ، روضة الواعظين : ٣٩.

(٢) كان في سنيّ إمامته بقيّة ملك المنصور ، ثمّ ملك المهدي عشرة سنين وشهراً وأيّاماً ، ثمّ ملك الهادي سنة وخمسة عشر يوماً ، ثمّ ملك الرشيد ثلاث وعشرين سنة وشهرين وسبعة عشر يوماً.

وبعد مضيّ خمس عشرة سنة من ملك الرشيد استشهد مسموماً في حبس الرشيد على يدي السنديّ بن شاهك يوم الجمعة.

مناقب ابن شهرآشوب ٤/٣٢٣.


أوضاع الاَُمّة ، وما أصابها من تفكّك وهوان ، ورأى أنّ الداء وراء تحكّم النزعات في النفوس ، وأنّ الدواء هو الالتزام بمبادئ وأحكام الدين ، وأنّ رسوخ العقيدة في القلوب قوّة لاَفراد الاَُمّة ، ومنعة لكيان المجتمع من تحكّم النزعات ، وانتشار الرذيلة ، كما أنّها سلاح فاتك يرهب ولاة الجور.

فكان عليه السلام لا تفوته فرصة دون أن يدعو إلى اعتناق الفضائل ، ومحاربة الرذيلة ، ليصبح المجتمع متماسكاً يستطيع أن يوحّد كلمته في مقابلة الظالمين الّذين استبدّوا بالحكم ، وابتعدوا عن الاِسلام ، وإنّ الثورة الدمويّة ضدّهم لا تعود على المجتمع إلاّ بالضرر لاَنّهم أُناس عرفوا بالقسوة وسوء الانتقام ، ولهم أعوان يشدّون أزرهم ، وأنصار يدافعون دونهم ، فالاِمام عليه السلام كان يُعنى بإصلاح الوضع الداخلي ، فكان يرسل وصاياه عامّة شاملة ، وينطق بالحكمة عن إخلاص وصفاء نفس ، وحبّ للصالح العامّ ليعالج المشاكل الاجتماعيّة ، وكان يدعو الناس إلى الورع عن محارم الله ، والخوف منه تعالى ، والامتثال لاَوامره ، والشعور بالمسؤوليّة أمام الله تعالى ، وجعل يوم الحساب ماثلاً أمام أعينهم ، مع حثّهم على التكسّب وطلب الرزق كما كان يحثّ على العمل ويعمل بنفسه(١) ، وينهى عن الكسل

____________

(١) روى الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، قال : رأيت أبا الحسن عليه السلام يعمل في أرضٍ له ، قد استنقعت قدماه في العرق ، فقلت : جعلت فداك ، أين الرجال؟!

فقال : يا علي ، قد عمل باليد من هو خير منّي في أرضه ، ومن أبي.

فقلت : ومن هو؟

فقال : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام ، وآبائي كلّهم كانوا قد عملوا بأيديهم ، وهو من عمل النبيّين والمرسلين والاَوصياء والصالحين.

الكافي ٥/٧٥ ح ١٠ ، من لا يحضره الفقيه ٣/١٦٢ ح ٣٥٩٣ ، بحار الاَنوار


والبطالة ، ويأمر بطلب الرزق كما أمر الله تعالى.

ولم يكن عليه السلام أوّل من دارت عليه الرحى ، فقد كان آباؤه الماضون عليهم السلام ينابيع الحكم ، ومعدن الرسالة ، وله خير أُسوة بأبيه الصادق عليه السلام ، فريد عصره ، ووحيد زمانه ، فإليه كانت تشدّ الرحال ، وينهل من علمه المخالف والمؤالف ، وكانت مدرسته موضع عناية المفكّرين يقصدها زعماء المذاهب ، فكان الاِمام عليه السلام يناظرهم ، وقد اجتمع بكثير منهم في العراق ومكّة فكانوا يخضعون لعذوبة منطقه ، وحسن بيانه ، وقوّة حجّته ، وقدرته الفائقة في التوجيه لاتّساع عمله ، وساطع برهانه ، وقد حضر عنده كثير من أهل الآراء والمعتقدات المنحرفة عن طريق الصواب ، فهدى الله به بعضاً منهم وتعنّت آخرون.

فهذا سفيان الثوري ، وهو من علماء الاَُمّة يختلف إلى الاِمام ، ويطلب منه أن يوصيه بما ينفعه ، ثمّ يستزيده مرّة بعد أُخرى ، وقد أكثر سفيان مِنْ ذِكر تلك الوصايا ونشرها للملاَ ، ولا يستبعد أن يكون ذلك هو السبب في مطاردته من قبل السلطات بعد أن فشلت في محاولتها لاستمالته حتّى مات مغضوباً عليه من قبل ولاة الجور(١).

وهذا أبو حنيفة يغتنم الحضور عنده ويصغي لوصاياه عندما قدم إلى المدينة ، وكذلك في الكوفة يوم دخلها الاِمام الصادق عليه السلام ، كما تحدّثت بذلك كتب مناقب أبي حنيفة(٢) ، وغيرها.

____________

= ٤٨/١١٥ ح ٢٧ ، وسائل الشيعة ١٢/٢٣ ح ٦.

(١) انظر : تفسير فرات الكوفي : ١١٥ ح ١١٧.

(٢) انظر : مناقب أبي حنيفة ـ للخوارزمي ـ : ٤٠ و ٤٩ و ١١٥ و ١٤٨ ، ومناقب أبي حنيفة ـ للكردري ـ : ٨٣ و ١٩٣.


وهذا الاِمام مالك يلازم صحبته ويرافقه ويتزوّد منه(١).

وكان حفص بن غياث ـ وهو أحد الاَعلام ـ وكذا عبد الله بن جندب يطلبان من الاِمام أن يوجّههما ويزوّدهما بوصايا ، وقد احتفظ التاريخ بالكثير من أمثال ذلك(٢).

أمّا من جهة الاَبناء ، فهذا حفيده الجواد عليه السلام أصغر الاَئمّة سنّاً ، وقد رجعت إليه الشيعة وقالت بإمامته بعد وفاة أبيه الرضا عليه السلام وكان عمره الشريف لا يتجاوز السبع سنين ، وقد عقد له المأمون مؤتمراً علميّاً ، وعهد إلى كبار الفقهاء والعلماء أن يمتحنوه بأخطر المسائل وأكثرها غموضاً وتعقيداً ، فتقدّموا إليه وسألوه ، فأسرع بالجواب عنها ، وخاضوا معه مختلف العلوم والفنون ، وقد أجاب عن كلّ ما سئل عنه وخرج منها ظافراً منتصراً ، وقد ملك قلوبهم إعجاباً به ، وقد دان شطر منهم بإمامته.

المنهجية المتّبعة في تحقيق الرسالـة :

رويت هذه الوصيّة النافعة والمترصّعة بمكارم الاَخلاق بروايتين :

١ ـ في تحف العقول عن آل الرسول عليهم السلام تأليف الشيخ الثقة الجليل الاَقدم أبي محمّد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحرّاني رحمه الله ، من أعلام القرن الرابع.

وهذه الرواية مرسلة ، وبما أنّها هي الاَطول لذا جعلناها في المتن.

٢ ـ في الاَصول من الكافي تأليف ثقة الاِسلام أبي جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي رحمه الله ، المتوفّى سنة ٣٢٩ هـ.

____________

(١) انظر : الخصال : ١٦٧ ح ٢١٩ ، علل الشرائع : ٢٣٤ ح ٤ ، أمالي الصدوق : ١٤٣ ح ٣.

(٢) انظر : الكافي ٢/٨٨ ح ٣ ، تحف العقول : ٣٠١ ، بحار الاَنوار ٧١/٦٠ ح ١.


وهذه الرواية أقصر من رواية التحف ، وفيما بينهما اختلافات أشرنا لها في محالّها. وما أضفناه من الكافي جعلناه بين [ ] ، وما ليس في الكافي جعلناه بين ( ).

ومن ثمّ استخرجنا الآيات الشريفة من القرآن الكريم وضبطناها طبق القرآن.

وطابقنا الوصيّة مع بحار الاَنوار ، وعلى الرغم من ندرة الاختلافات فقد أشرنا لها في الهامش.

وبعد ذلك قمنا بضبط هذه الوصيّة ضبطاً صحيحاً قدر المستطاع.

ومن ثمّ زيّنّا الهوامش بشروحات مفيدة كان الشرحان القيّمان للكافي هما المنبع الرئيسي لها ، وهذان الشرحان هما :

١ ـ كتاب الوافي للمحدّث الفاضل ، والحكيم العارف الكامل محمّد محسن ، المشتهر بـ «الفيض الكاشاني» قدس سره ، المتوفّى سنة ١٠٩١ هـ.

٢ ـ مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول عليهم السلام تأليف العلاّمة شيخ الاِسلام المولى محمّد باقر المجلسي قدس سره ، المتوفّى سنة ١١١٠ هـ.

إضافة إلى بيانات الشيخ المجلسي رحمه الله في موسوعته بحار الاَنوار.

والحمد لله ربّ العالمين.

فارس حسّون كريم

قم المقدّسة

٢٥ رجب سنة ١٤١٦ هـ. ق


[متن الوصيّة](١)

[أبو عبد الله الاَشعري(٢) ، عن بعض أصحابنا ، رفعه ، عن هشام الحكم(٣).

____________

(١) أضفناها لتوضيح بداية الرسالة.

(٢) صُدِّرت بعض نسخ الكافي بـ «بعض أصحابنا».

وأبو عبد الله الاَشعري هو : الحسين بن محمّد بن عامر بن عمران بن أبي بكر الاَشعري القمّي ، له كتاب النوادر.

انظر ترجمته في : رجال النجاشي : ٦٦ رقم ١٥٦ ، جامع الرواة ١/٢٥٢ رقم ١٩٦٤ ، معجم رجال الحديث ٦/٧٢ رقم ٣٦٠١ و ٧٣ رقم ٣٦٠٢ و ٧٦ رقم ٣٦١٥ و ٧٩ رقم ٣٦٢٠ ، و ٢١/٢١٧ رقم ١٤٤٦٣.

(٣) هو أبو محمّد؛ وقيل : أبو الحكم هشام بن الحكم البغدادي الكندي ، مولى بني شيبان ، ممّن اتّفق الاَصحاب على وثاقته ، وعظم قدره ، ورفعة منزلته عند الاَئمّة عليهم السلام ، كانت له مباحثات كثيرة مع المخالفين في الاَُصول وغيرها ، صحب أبا عبد الله وبعده أبا الحسن موسى عليهما السلام ، وكان من أجلّة أصحاب أبي عبد الله عليه السلام وبلغت مرتبة علوّه عنده أنّه دخل عليه بمنى وهو غلام أوّل ما اختطّ عارضاه وفي مجلسه شيوخ الشيعة كحمران بن أعين وقيس الماصر ويونس بن يعقوب وأبي جعفر الاَحول وغيرهم فرفعه على جماعتهم وليس فيهم إلاّ من هو أكبر سنّاً منه ، فلمّا رأى أبو عبد الله عليه السلام أنّ ذلك الفعل كبر على أصحابه قال : هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده.

وكان له أصل ، وله كتب كثيرة ، وأنّ الاَصحاب كانوا يأخذون عنه.

مولده بالكوفة ، ومنشأه بواسط ، وتجارته ببغداد ، وكان يبيع الكرابيس ، وينزل الكرخ من مدينة السلام بغداد في درب الجنب ، ثمّ انتقل إلى الكوفة في أواخر عمره ، ونزل قصر وضّاح ، وتوفّي في أيّام الرشيد مستتراً ، وكان لاستتاره قصّة مشهورة في المناظرات ، وترحّم عليه الرضا عليه السلام.

قال ابن النديم في «الفهرست» في شأنه : إنّه من متكلّمي الشيعة وبطائنهم ، ومن دعا له الصادق عليه السلام ، فقال : أقول لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحسّان : لا تزل مؤيّداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك. وهو الذي فتق الكلام في الاِمامة ، وهذّب


قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام (١)].

[يا هشام!](٢) اِنّ الله تبارك وتعالى بشّر أهل العقل والفهم في ك فقال : (فبشّر عباد * الّذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه أُولئك الّذين هداهم الله وأُولئك هم أُولوا الاَلباب)(٣).

____________

المذهب ، وسهل طريق الحِجاج فيه ، وكان حاذقاً بصناعة الكلام ، حاضر الجواب. وكان أوّلاً من أصحاب الجهم بن صفوان ، ثمّ انتقل إلى القول بالاِمامة بالدلائل والنظر ، وكان منقطعاً إلى البرامكة ملازماً ليحيى بن خالد ، وكان القيّم بمجالس كلامه ونظره ، ثمّ تبع الصادق عليه السلام وانقطع إليه ، وتوفّي بعد نكبة البرامكة بمدّة يسيرة؛ وقيل : بل في خلافة المأمون.

وإنّ العامّة طعنوا فيه كثيراً ، ونسبوا إليه القول بالتجسّم ، وأنّ الاَصحاب أخذوا في الذبّ عنه تنزيهاً لساحته عن ذلك ، وخير دليل على مدحه هذه الوصيّة الجامعة لاَبواب الخير والفلاح.

انظر ترجمته في : الفهرست ـ لابن النديم ـ : ٢٤٩ ، رجال النجاشي : ٤٣٣ رقم ١١٦٤ ، رجال الطوسي : ٣٢٩ رقم ١٨ و ٣٦٢ رقم ١ ، فهرست الطوسي : ٢٠٣ رقم ٧٨٣ ، رجال الكشّي : ٢٥٥ ـ ٢٨٠ ، الملل والنحل ١/١٦٤ ، معالم العلماء : ١٢٨ رقم ٨٦٢ ، رجال العلاّمة الحلّي : ١٧٨ رقم ١ ، سير أعلام النبلاء : ٢/٣١٣ رقم ٢٢٣٧ ، لسان الميزان ٦/١٩٤ رقم ٦٩١ ، جامع الرواة ٢/٣١٣ رقم ٢٢٣٧ ، فلاسفة الشيعة : ٦٣٣ ، معجم رجال الحديث ١٩/٢٧١ رقم ١٣٣٢٩ ، الاِمام الصادق والمذاهب الاَربعة ١/٣٩٩ ، و ٢/٧٨ ، أعلام الزركلي ٨/٨٥.

(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من الكافي.

(٢) من الكافي.

(٣) سورة الزمر ٣٩ : ١٧ ـ ١٨.

استدلّ الاِمام عليه السلام بهذه الآية الشريفة على تقديم ذوي العقول والبصائر السليمة على غيرهم ، كما دلّت الآية على وجوب النظر والفحص والاستدلال في تمييز الصحيح من الفاسد ، ولا يحصل ذلك إلاّ بإقامة الدليل والحجّة.

(فيتّبعون أحسنه) مثلما يستمعون أنّ الله عزّ وجلّ أرسل إلى عباده رسولاً ليهديهم إلى الحقّ وإلى صراط مستقيم ، ثمّ يستمعون ما يخالف ذلك وأنّه سبحانه وكّلهم إلى عقولهم المتباينة الناقصة ، لا شكّ هنا أنّ أصحاب العقول السليمة يتّبعون


يا هشام! (بن الحكم)(١) اِنّ الله عزّ وجلّ أكمل للناس الحجج بالعقول ، وأفضى إليهم بالبيان(٢) ، ودلّهم على ربوبيّته بالاَدلاّء(٣) ، فقال (وإلـهكم إلـه واحد لا إلـه إلاّ هو الرحمن الرحيم)(٤).

____________

= أحسن القولين وهو الاَوّل قطعاً.

كذا الحال فيما يستمعون أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أوصى إلى معصوم من أهل بيته بأن يخلفه في أُمّته بعد رحلته ، ثمّ يستمعون أنّه صلى الله عليه وآله وسلم أهمل ذلك وترك الاَُمّة في حيرة وضلالة.

(أُولئك الّذين هداهم الله) من المسلّم به أنّ كلّ عارض لا بُدّ له من موجد ، كما لا بُدّ من قابل ، وهنا دلّت هذه الآية الشريفة أنّ موجد الهداية هو الله تعالى ، ولذلك نسبها إليه.

أمّا القابلون لها فـ (هم أُولوا الاَلباب) أهل العقول المستقيمة المتكاملة.

(١) ليس في الكافي.

(٢) «أكمل للناس الحجج بالعقول» أي أكمل حججه على الناس بما آتاهم من العقول.

وقيل : «الحجج» البراهين.

«أفضى إليهم بالبيان» الباء في «بالبيان» أي بعدما أكمل عقلهم ألقى إليهم بيان ما يلزمهم علمه ومعرفته.

وقيل : أي ببيانه البراهين لهم للرشد والاِرشاد.

في الكافي : «ونصر النبيّين بالبيان» أي ببيان الحقّ وآيات الصدق ، ليكونوا حججاً على عباده ، وهداة لهم إلى طريق الخير والنجاة ، ولو لم يمنحهم ذلك لَما صلحوا لقيادة أُممهم وهدايتها فإنّ الناقص لا يكون مكمّلاً لغيره.

(٣) في الكافي : «ودلّهم على ربوبيّته بالاَدلّة» أي علّمهم طريق معرفته ، وتوحيده بأدلّة حاسمة تشهد على وجوده ، وتدلّ على وحدانيّته.

(٤) سورة البقرة ٢ : ١٦٣.

وقد تضمّنت الآية الشريفة جملة من هذه الاَدلّة والآثار العظيمة التي تعجز جميع العقول عن الاِحاطة بعشر معشارها ، والتي تشهد على كون صانعها حكيماً ، عليماً ، قادراً ، رحيماً بعباده ، لذا فهو المستحقّ للعبادة ، إذ العقل يحكم بديهياً بأنّه الكامل من جميع الجهات ، العاري من جميع النقائض والآفات ، القادر على إيصال جميع الخيرات والمضرّات ، هو أحقّ بالعبوديّة.

وفي الآية دلالة على لزوم النظر في خواصّ مصنوعاته سبحانه ، والاستدلال بها


يا هشام! قد جعل الله عزّ وجلّ ذلك دليلاً على معرفته بأنّ لهم مدبّراً ، فقال : (وسخّر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخّرات بأمره إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون)(١).

وقال : (هو الذي خلقكم من ترابٍ ثمّ من نطفةٍ ثمّ من علقة ثمّ يخرجكم طفلاً ثمّ لتبلغوا أشدّكم ثمّ لتكونوا شيوخاً ومنكم من يُتوفّى من قبل ولتبلغوا أجلاً مسمّىً ولعلّكم تعقلون)(٢).

وقال : (إنّ في اختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الاَرض بعد موتها وتصريف الرياح والسحاب المسخّر بين السماء والاَرض لآياتٍ لقوم يعقلون)(٣).

____________

= على وجوده ووحدته وعلمه وقدرته وحكمته وسائر صفاته.

وقد روي عنه ٩ : «ويلٌ لمن قرأ هذه الآية فمجّ بها» أي : لم يتفكّر بها.

(١) سورة النحل ١٦ : ١٢.

«وسخّر لكم» أي : هيّأها لمنافعكم.

(٢) سورة غافر ٤٠ : ٦٧.

(خلقكم من ترابٍ) إذ خلق أوّل أفراد هذا النوع وآباءَهم منه ، أو لاَنّ الغذاء الذي يتكوّن منه المنيّ يحصل منه ، ويمكن أن يكون المراد التراب الذي يطرحه المَلَك في المني.

(ثمّ يخرجكم طفلاً) أي أطفالاً. ولفظ المفرد لاِرادة الجنس أو على تأويل : يخرج من كلّ واحد منكم ، (ثمّ لتبلغوا) أي يبقيكم لتبلغوا ، وكذا في قوله : (ثمّ لتكونوا شيوخاً).

(أشدّكم) أي : كمال قوّتكم وأوان عقلكم.

(من قبل) أي من الشيخوخة أو بلوغ الاَشدّ.

(أجلاً مسمّىً) أي يفعل ذلك لتبلغوا أجلاً مسمّىً هو وقت الموت أو يوم القيامة.

(٣) كذا في جميع نسخ الكافي ، والتصحيف فيها ظاهر.

وهي إمّا أن تكون الآية : ١٦٤ من سورة البقرة (إنّ في خلق السماوات واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله


وقال : (يحي الاَرض بعد موتها قد بيّنّا لكم الآيات لعلّكم تعقلون)(١).

وقال : (وجنّات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوانٍ يسقى بماء واحد ونفضّل بعضها على بعض في الاَُكل إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون)(٢).

وقال : (ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينزّل من السَماء ماءً فيحي به الاَرض بعد موتها إنّ في ذلك لآياتٍ لقوم يعقلون)(٣).

وقال : (قل تعالوا أتل ما حرّم ربّكم عليكم ألاّ تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإيّاهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرّم

____________

= من السماء من ماء فأحيا به الاَرض بعد موتها وبثّ فيها من كلّ دابّة وتصريف الرياح والسحاب المسخّر بين السماء والاَرض لآياتٍ لقوم يعقلون) أو الآية : ٥ من سورة الجاثية ٤٥ : (واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الاَرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون).

(من رزق) هو الماء لاَنّه رزق أو سبب للرزق ، ويحتمل تأويل الاَرض بالقلب والرزق بالعلم تشبيهاً له بالماء ، لاَنّه سبب حياة الروح كما أنّ الماء سبب حياة البدن.

(١) سورة الحديد ٥٧ : ١٧.

(٢) سورة الرعد ١٣ : ٤.

(صنوان) نخلات أصلها واحد ، وفي حديث العبّاس : «عمّ الرجل صنو أبيه».

(غير صنوان) أي متفرّقات مختلفة الاَُصول.

(في الاَُكل) أي في الثمر شكلاً وقدراً ورائحة وطعماً ، ودلالتها على الصانع الحكيم ظاهر ، فإنّ اختلافها مع اتّحاد الاَُصول والاَسباب لا يكون إلاّ بتخصيص قادر مختار.

(٣) سورة الروم ٣٠ : ٢٤.

(يريكم البرق) أي آية يريكم بها البرق خوفاً من الصاعقة أو تخريب المنازل والزروع ، أو للمسافر (وطمعاً) أي في الغيث والنبات وسقي الزروع.


الله إلاّ بالحقّ ذلكم وصّاكم به لعلّكم تعقلون)(١).

وقال : (هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصّل الآيات لقومٍ يعقلون)(٣)(٢).

____________

(١) سورة الاَنعام ٦ : ١٥١.

(قل تعالوا) أمر من التعالي ، وأصله أن يقوله من كان في علوّ لمن كان في سفل فاتّسع بالتعميم.

(ألاّ تشركوا) لمّا أوجب ترك الشرك والاِحسان إلى الوالدين فقد حرّم الشرك والاِساءة إليهما ، لاَنّ إيجاب الشيء نهي عن ضدّه ، فيصحّ أنّ يقع تفصيلاً لِما حرّم.

(وبالوالدين إحساناً) أي وأحسنوا بهما إحساناً ، وضعه موضع النهي على الاِساءة إليهما ، للمبالغة والدلالة على أنّ ترك الاِساءة في شأنهما غير كافٍ بخلاف غيرهما.

(من إملاقٍ) أي من أجل فقر ومن خشيته ، وصرّح بذكر الخوف في قوله تعالى : (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) سورة الاِسراء ١٧ : ٣١.

(ولا تقربوا الفواحش) أي الزنا والكبائر أو جميع المعاصي.

وقوله : (ما ظهر منها وما بطن) أي سرّاً وعلانية ، والفسوق الظاهرة والباطنة ، أو ما ظهر تحريمه من ظهر القرآن ، وما ظهر تحريمه من بطنه كما ورد في بعض الاَخبار.

وعن عليّ بن الحسين عليهما السلام (ما ظهر) نكاح امرأة الاَب و (ما بطن) الزنا.

(إلاّ بالحقّ) كالقود ، وقتل المرتدّ ، ورجم المحصن.

(ذلكم وصّاكم به) أي بحفظه.

(لعلّكـم تعقلون) فيـه إشارة إلى أنّ الغرض الاَصلي والغايـة الذاتيـة من فعل الواجبات وترك المحرّمـات إنّمـا هو حصول العقل والعاقل بما هو عاقل ، وأنّ لتكميل القوّة العمليّة مدخلاً في ذلك ، كما أنّ لتكميل القوّة النظريّة مدخلاً ، وأنّ أحدهما لا يستغني عن الآخر.

(٢) سورة الروم ٣٠ : ٢٨.

(٣) كذا في الكافي ، وفي التحف : يا هشام! قد جعل الله ... (... مسخّرات بأمره إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعلقون).


يا هشام! ثمّ وعَظ أهل العقل ورغّبهم في الآخرة فقال : (وما الحياة الدنيا إلاّ لعبٌ ولهو وللدار الآخرة خير للّذين يتّقون أفلا تعقلون)(١).

وقال : (وما أُوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خيرٌ وأبقى أفلا تعقلون)(٢).

يا هشام! ثمّ خوّف الّذين لا يعقلون عذابه(٣) فقال عزّ وجلّ : (ثمّ دمّرنا الآخرين* وإنّكم لتمرّون عليهم مصبحين* وبالليل أفلا تعقلون)(٤).

[وقال : (إنّا منزلون على أهل هذه القرية رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون* ولقد تركنا منها آية بيّنة لقومٍ يعقلون)(٥)].

____________

وقال : (حمَ* والكتاب المبين* إنّا جعلناه قرآناً عربيّاً لعلّكم تعقلون) سورة الزخرف ٤٣ : ١ ـ ٣.

وقال : (ومن آياته يريكم البرق خوفاً ... يعقلون).

(١) سورة الاَنعام ٦ : ٣٢.

(ومـا الحياة الدنيـا) أي أعمالها (إلاّ لعب ولهـو) لقلّـة نفعهـا وانقطاعها ، أو لاَنّها تلهي الناس وتشغلهم عمّا يعقب منفعة دائمة (وللدار الآخرة خير) لدوامها وخلوص منافعها ولذّاتها (للّذين يتّقون) فيه تنبيه على أنّ ما ليس من أعمال المتّقين لعب ولهو (أفلا تعقلون) أو ليس عقل كامل حيث تركتم الاَعلى للاَدنى مع العلم بالتفاوت بينهما.

(٢) سورة القصص ٢٨ : ٦٠ ، وهذه الآية ليست في الكافي.

(٣) في الكافي : عقابه.

(٤) سورة الصافات ٣٧ : ١٣٦ ـ ١٣٨.

التدمير : الاِهلاك ، (ثمّ دمّرنا الآخرين) أهلكناهم ، إشارة إلى قصّة قوم لوط (وإنّكم) يا أهل مكّة (لتمرّون عليهم) أي على منازلهم في متاجركم إلى الشام ، فإنّ سدوم ـ قرية قوم لوط ـ التي هي بلدتكم في طريقه (مصبحين) أي داخلين في الصباح (وبالليل) أي : ومساءً ، أو نهاراً وليلاً فليس فيكم عقل تعتبرون به.

(٥) سورة العنكبوت ٢٩ : ٣٤ و ٣٥. وما بين المعقوفتين أثبتناه من الكافي.


يا هشام! ثمّ بيّن أنّ العقل مع العلم(١) فقال : (وتلك الاَمثال نضربها للناس وما يعقلها إلاّ العالمون)(٢).

يا هشام! ثمّ ذمّ الّذين لا يعقلون فقال : (وإذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتّبع ما ألفينا عليه آباءَنا أَوَلو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون)(٣).

(وقال : (إنّ شرّ الدوابّ عند الله الصمّ البكم الّذين لا

____________

= (على أهل هذه القرية) أي قرية قوم لوط (رجزاً من السماء) أي عذاباً منهم ، واختلفوا فيه؛ فقيل : إنّه كان حجارة من سجّيل؛ وقيل : كان ناراً؛ وقيل : هـو تقليب الاَرض ، وقد يوجّـه هذا بأنّ المراد إنـزال مبدئـه والقضاء بـه من السماء لا عينه وهو تكلّف مستغنىً عنه.

(بما كانوا يفسقون) أي بسبب استمرارهم على الفسق.

(ولقد تركنا منها آية بيّنة) أي من القرية آية بيّنة دالّة على سوء حالهم وعاقبتهم؛ فقيل : هي قصّتها الشائعة؛ وقيل : هي آثار الديار الخربة؛ وقيل : هي الحجارة الممطورة بعد تقليب الاَرض ، فإنّها كانت باقية بعده؛ وقيل : هي الماء الاَسود فإنّ أنهارها صارت مسودّة.

(لقوم يعقلون) أي يستعملون عقولهم في الاستبصار والاعتبار.

(١) في الكافي : يا هشام! إنّ العقل مع العلم.

(٢) سورة العنكبوت ٢٩ : ٤٣.

والظاهر أنّ المراد بالعقل هنا التدبّر في خلق الله وصنعه ، والاستدلال به على وجوده وصفاته الكاملة.

(٣) سورة البقرة ٢ : ١٧٠.

(وإذا قيل لهم) أي للناس الّذين سبق ذكرهم.

(ألفينا) وجدنا ، وفي الآية دلالة على وجوب إعمال البصيرة ولو في معرفة من يقلّده.

(أَوَلو كان) أي لو كان آباؤهم جهلة.

(لا يعقلون) أي من المعقولات ، من العلم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وإن فهموا كثيراً من أُمور الدنيا.

(ولا يهتدون) أي إلى طريق اكتسابه.


يعقلون)(١).

وقال : (ولئن سألتهم من خلق السموات والاَرض ليقولنّ الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون)(٢).

[وقال : (ومثل الّذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلاّ دعاءً ونداءً صمّ بكم عمي فهم لا يعقلون)(٣).

(ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تُسمِعُ الصمّ ولو كانوا لا يعقلون)(٤).

____________

(١) سورة الاَنفال ٨ : ٢٢.

(٢) سورة لقمان ٣١ : ٢٥.

(قل الحمد لله) المحامد كلّها راجعة إليه لاَنّ المنعم الحقيقي هو الله.

(بـل أكثرهـم لا يعلمـون) ـ وفي رواية التحف : لا يعقلون ـ أي لا يفهمـون ما يقولون وإنّما يقولونه تقليداً ، أو لا يفهمون أنّ المحامد لله عزّ وجلّ ، وذلك لاَنّ فهم ذلك موقوف على العلم بتوحيد الاَفعال وأنّ لا مؤثّر في الوجود إلاّ الله وهذا علم غامض شريف حرم عنه الاَكثرون ، وورد (الحمد لله ملء الميزان). وما بين القوسين ليس في الكافي ..

(٣) سورة البقرة ٢ : ١٧١.

(ومثل الّذين كفروا) أي مثل داعيهم ، أو مثل دعوتهم لاَصنامهم أو مثلهم في عبادتهم لها في قلّة عقولهم أو في اتّباعهم لآبائهم في عدم الفائدة ، والنعق مأخوذ من نعق الراعي بالغنم إذا صاح بها.

(صمّ بكم عمي) أي الكفّار صمّ بكم عمي عن الحقّ فهم لا يعقلون ، للاِخلال بالنظر الموجب للعلم.

(٤) سورة يونس ١٠ : ٤٢ ، وفي المصدر : من يستمع إليك.

(ومنهم من يستمعون إليك) أي إذا قرأت القرآن وعلمت الشرائع ولكن لا يطيعونك فيها كالأصم الذي لا يسمع أصلاً.

(أفأنت تسمع الصمّ) وتقدر على إسماعه ، ولو انضمّ على صممه عدم تعقّله شيئاً من الحقّ لقساوة قلبه.


(ومنهـم مـن يستمعـون إليك) أي إذا قـرأت القـرآن وعلمـت الشرائـع ولكن لا يطيعونك فيها كالاَصمّ الذي لا يسمع أصلاً.

(أفأنت تسمع الصمّ) وتقدر على إسماعه ، ولو انضمّ على صممه عدم تعقّله شيئاً من الحقّ لقساوة قلبه.

وقال : (أم تحسب أنّ أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلاّ كالاَنعام بل هم أضلّ سبيلاً)(١).

وقال : (لا يقاتلونكم جميعاً إلاّ في قرىً محصّنةٍ أو من وراء جُدُرٍ بأسهم بينهم شديدٌ تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى ذلك بأنّهم قوم لا يعقلون)(٢).

____________

(١) سورة الفرقان ٢٥ : ٤٤.

(أم تحسب) أي : بل أتحسب أنّ أكثرهم يسمعون سماعاً ينتفعون به أو يعقلون أي يتدبّرون في ما تلوت عليهم.

(إن هم إلاّ كالاَنعام) لعدم انتفاعهم بما قرع آذانهم.

(بل هم أضلّ سبيلاً) وجه الاَضلّية أنّ البهائم معذورة لعدم القابليّة والشعور ، وكانت لهم تلك القابليّة فضيّعوها ونزّلوا أنفسهم منزلة البهائم ، أو أنّ الاَنعام أُلهمت منافعها ومضارّها ، وهي لا تفعل ما يضرّها ، وهـؤلاء عرفوا طريق الهلاك والنجاة ، وسعوا في هلاك أنفسهم ، وأيضاً تنقاد لمن يتعهّدها وتميّز من يحسن إليها ممّن يسيء إليهـا ، وهـؤلاء لا ينقادون لربّهـم ولا يعرفون إحسانـه من إساءة الشيطان ، ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع ، ولا يتّقون العقاب الذي هو أشدّ المضارّ ، ولاَنّها إن لم تعتقد حقّاً ولم تكتسب خيراً لم تعتقد باطلاً ولم تكتسب شرّاً ، بخلاف هـؤلاء ، ولاَنّ جهالتها لا تضرّ بأحدٍ ، وجهالة هـؤلاء تؤدّي إلى هيج الفتن ، وصدّ الناس عن الحقّ.

وأضاف المجلسي : أقول : أو لاَنّها تعرف ربّها ولها تسبيح وتقديس كما وردت به الاَخبار؛ وقيل : المراد إن شئت شبّهتهم بالاَنعام فلك ذلك ، بل لك أن تشبّههم بأضلّ منها كالسباع.

(٢) سورة الحشر ٥٩ : ١٤.

(لا يقاتلونكم) نزلت في بني النضير من اليهود والّذين وافقوهم وراسلوهم من منافقي المدينة.

(جميعاً) أي مجتمعين.

(إلاّ في قرىً محصّنة) أي بالدروب والخنادق.

(أو من وراء جُدُرٍ) أي لفرط رهبتهم.

(بأسهم بينهم شديد) أي ليس ذلك لضعفهم وجبنهم فإنّه يشتدّ بأسهم إذا


وقـال : (وتنسـون أنفسكـم وأنتـم تتلـون الكتـاب أفـلا تعقلـون) (١)] (٢). ثمّ ذمّ الكثرة فقال : (وإن تطع أكثر من في الاَرض يضلّوك عن سبيل الله)(٣).

وقال : (ولكنّ أكثرهم لا يعلمون)(٤) وأكثرهم لا يشعرون(٥).

____________

= حارب بعضهم بعضاً ، بل لقذف الله الرعب في قلوبهم ، ولاَنّ الشجاع يجبن ، والعزيز يذلّ إذا حارب الله ورسوله.

(تحسبهم جميعاً) أي مجتمعين متّفقين غير متفرّقين.

(وقلوبهم شتّى) أي متفرّقة لافتراق عقائدهم واختلاف مقاصدهم.

(ذلك بأنّهم قوم لا يعقلون) أي ما فيه صلاحهم ، وأنّ تشتّت القلوب يوهن قواهم.

(١) سورة البقرة ٢ : ٤٤.

(وتنسون أنفسكم) صدر الآية (أتامرون الناس بالبرّ وتنسون أنفسكم).

والمراد بالكتاب القرآن على تقدير أن يكون الخطاب لطائفة من المسلمين ، فإنّ فيه الوعيد على ترك البرّ والصلاح ومخالفة القول العمل ، مثل قوله تعالى : (يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) [سورة الصفّ ٦١ : ٢] أو التوراة على تقدير أن يكون الخطاب لاَحبار اليهود ، فإنّ الوعيد المذكور موجود في التوراة أيضاً كما قيل.

(٢) ما بين المعقوفتين أثبتناه من الكافي.

(٣) سورة الاَنعام ٦ : ١١٦.

«ثمّ ذمّ الكثرة» أي الكثير إطلاقاً ، وإنّما ذكر عليه السلام ذلك ردّاً ممّا يتوهّم أكثر الخلق من أنّ كثرة من يذهب إلى مذهب من شواهد حقيّته ، أو لاَنّه عليه السلام لمّا بيّن أنّ العقلاء الكاملين يتّبعون الحقّ فربّما يتوهّم منه أنّه إذا ذهب أكثر الناس إلى مذهب فيكون ذلك المذهب حقّاً لوجود العقلاء فيهم ، ويلزم من ذلك بطلان ما ذهب إليه الاَقلّ كالفرقة الناجية ، فأزال عليه السلام ذلك التوهّم بأنّه لا يلزم من الكثرة وجود العقلاء فيهم ، فإنّ أكثر الناس لا يعقلون.

(عن سبيل الله) أي عن دينه وشرعه في الاَُصول والفروع.

(٤) سورة الاَنعام ٦ : ٣٧.

(٥) اقتباس بالمعنى من آي القرآن الكريم.


يا هشام! ثمّ مدح القلّة فقال : (وقليل من عبادي الشكور)(١). وقال : (وقليلٌ ما هم)(٢).

وقال : (وما آمن معه إلاّ قليلٌ)(٣)(٤).

____________

= «ثمّ مدح القلّة» استدلّ عليه السلام بالآيات الكريمة على مدحه قلّة المؤمنين وندرة وجودهـم ، وقـد صـرّحت الاَخبـار الـواردة عـن أهـل البيت عليهم السلام بذلك ، فقـد قال أبو عبدالله عليه السلام : «المؤمنة أعزّ من المؤمن ، والمؤمن أعزّ من الكبريت الاَحمر ، فمن رأى منكم الكبريت الاَحمر؟!».

ويعود السبب في هذه القلّة إلى أنّ الاِيمان الحقيقي بالله من أعظم مراتب الكمال التي يصل إليها الاِنسان ، وهناك موانع كثيرة تحول دون الوصول إلى هذا الاِيمان كانحطاط التربية وسوء البيئة وغيرهما من الحواجز التي تؤدّي إلى حجب الاِنسان عن خالقه ، وتماديه في الاِثم.

(١) سورة سبأ ٣٤ : ١٣.

(٢) سورة ص ٣٨ : ٢٤.

(٣) سورة هود ١١ : ٤٠.

(٤) نظراً لشدّة الاختلاف بين روايتي التحف والكافي في هاتين القطعتين نورد ما في الكافي كاملاً :

يا هشام! ثمّ ذمّ الله الكثرة فقال : (وإن تطع أكثر مَنْ في الاَرض يضلّوك عن سبيل الله).

وقال : (ولئن سألتهم مَنْ خلق السموات والاَرض ليقولنّ الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون) [سورة لقمان ٣١ : ٢٥].

وقـال : (ولئن سألتهـم مـن نـزل مـن السمـاء مـاءً فأحيـا بـه الاَرض مـن بعد موتهـا ليقولنّ الله قـل الحمد لله بـل أكثرهـم لا يعقلون) [سورة العنكبوت ٢٩ : ٦٣].

يا هشام! ثمّ مدح القلّة فقال : (وقليل من عبادي الشَكور).

وقال : (وقليلٌ ما هم).

وقال : (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلاً أن يقول ربّي الله) [سورة غافر ٤٠ : ٢٨].

وقال : (ومن آمن وما آمن معه إلاّ قليلٌ).


يا هشام! ثمّ ذكر أُولي الاَلباب بأحسن الذكر ، وحلاّهم بأحسن الحلية ، فقال : (يُؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أُوتي خيراً كثيراً وما يذكّر إلاّ أُولوا الاَلباب)(١).

____________

= وقال : (ولكنّ أكثرهم لا يعلمون).

وقال : (وأكثرهم لا يعقلون). [سورة المائدة ٥ : ١٠٣].

وقال : «وأكثرهم لا يشعرون». (اقتباس بالمعنى من آي القرآن الكريم).

أقول : قوله تعالى (ولئن سألتهم) الضمير راجع إلى كفّار قريش وهم كانوا قائلين بأنّ خالق السماوات والاَرض هو الله تعالى ، لكنّهم كانوا يشركون الاَصنام معه تعالى في العبادة.

(قل الحمد لله) أي على إلزامهم وإلجائهم إلى الاعتراف بما يوجب بطلان معتقدهـم ، إذ لا يستحقّ العبادة إلاّ الموجـد المنعـم بأُصول النعم وفروعها.

(بل أكثرهـم لا يعقلـون) أي أنّهم لا يعلمون أنّـه يلزمهم من القول بالتوحيد في العبادة ، أو لا يعلمون مـا اعترفـوا بـه ببرهان عقليّ ودليل قطعيّ ، لاَنّ كونه تعالى خالق السماوات والاَرض نظريّ لا يُعلم إلاّ ببرهان ، وهم معزولون عن إدراكه ، وإنّما اعترفوا به اضطراراً ، أو لا علم لهم أصلاً حتّى يقرّوا بالتوحيد بعدما أقرّوا بموجبه.

(أن يقول) أي لاَن يقول ، أو وقت أن يقول.

(١) سورة البقرة ٢ : ٢٦٩.

(أُولي الاَلباب) اللبّ : العقل ، وأُريد به هنا ذوي العقول الكاملة.

(ومن يؤت الحكمة) الحكمة : هي من أعظم المواهب ، ومن أجلّ الصفات؛ فقد قيل في تعريفها : إنّها العلم الذي تعظم منفعته ، وتجلّ فائدته.

وروي عن الصادق عليه السلام أنّها طاعة الله ومعرفة الاِمام.

وفي رواية أُخرى عنه عليه السلام أنّها معرفة الاِمام واجتناب الكبائر التي أوجب الله تعالى عليها النار.

وفي رواية أُخرى عنه عليه السلام أنّها المعرفة والفقه في الدين ، فمن فقه منكم فهو حكيم.

وعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : رأس الحكمة مخافة الله.

وقال في المغرّب : الحكمة ما يمنع من الجهل.

وقال ابن دريد : كلّ ما يؤدي إلى مكرمة أو يمنع من قبيح.


وقال : (والراسخون في العلم يقولون آمنّا به كلّ من عند ربّنا وما يذّكّر إلاّ أُولوا الاَلباب)(١).

وقال : (إنّ في خلق السمـوات والاَرض واختلاف الليل والنهار لآياتٍ لاَُولي الاَلباب)(٢).

وقال : (أفمن يعلم أنّما أُنزل إليك من ربّك الحقّ كمن هو أعمى إنّما يتذكّر أُولوا الاَلباب)(٣).

____________

= وقال الشيخ البهائي قدس سره : الحكمة ما يتضمّن صلاح النشأتين أو صلاح النشأة الاَُخرى ، وأمّا ما تضمّن صلاح الحال في الدنيا فقط ، فليس من الحكمة في شيء.

(فقد أُوتي خيراً كثيراً) أي يدّخر له خير كثير في الدارين.

(ما يذّكّر) أي وما يتّعض بما قصّ من الآيات أو ما يتفكّر ، فإنّ المتفكّر كالمتذكّر لما أودع الله في قلبه من العلوم بالقوّة ، أو ما يتنبّه بين من أُوتي الحكمة ومن لم يؤت إلاّ أُولو العقول الخالصة عن شوائب الوهم ومتابعة الهوى.

(١) سورة آل عمران ٣ : ٧.

(والراسخون في العلم) أي الّذين ثبتوا وتمكّنوا فيه ، من قولهم : رسخ الشيء رسوخاً ثبت ، والمراد بهم النبيّ والاَئمّة عليهم السلام.

(يقولون آمنّا به) أي هـؤلاء الراسخون العالمون بالتأويل يقولون : آمنّا بالمتشابه أو بكلّ القرآن محكمه ومتشابهه على التفصيل لعلمهم معانيه ، وغيرهم إنّمـا يؤمنـون بـه إجمـالاً ، وفـي بعض الـروايات أنّ القائليـن هـم الشيعة المؤمنون بالاَئمّة عليهم السلام المسلمون لهم.

(كلّ من عند ربّنا) تأكيد للسابق ، أي كلّ من المحكم والمتشابه من عنده تعالى.

(ومـا يذّكّر إلاّ أُولـوا الاَلباب) أي وما يعلم المتشابه ، أو لا يتدبّر في القرآن إلاّ الكاملون في العقول ، أو ما يعرف الراسخين في العلم يعني النبيّ والاَئمّة عليهم السلام ومـا يذّكّر حالهم إلاّ أُولو الاَلباب يعني شيعتهم ، وقد ورد عنهم عليهم السلام : أن شيعتنا أُولو الاَلباب.

(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٩٠.

(٣) سورة الرعد ١٣ : ١٩.

=


وقال : (أمّن هو قانتٌ آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجوا رحمـة ربّـه قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون إنّما يتذكّر أُولوا الاَلباب)(١).

وقال : (كتابٌ أنزلناه إليك مبارك ليدّبّروا آياته وليتذكّر أُولوا الاَلباب)(٢).

وقال : (ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب * هدىً وذكرى لاَُولي الاَلباب)(٣).

____________

= (كمن هو أعمى) أي أعمى القلب ، فاقد البصيرة ، لا يهتدي إلى الحقّ.

وقد دلّت الآية الشريفة على التعجّب والاِنكار على من يدّعي المساواة بين العالِم بأحكام القرآن وبين غيره مع أنّ الفرق بينهما كالفرق بين الاَعمى والبصير ، والحيّ والميّت!

(١) سورة الزمر ٣٩ : ٩.

(أمّن هو قانت) قائم بما يجب عليه من الطاعة.

(إنّما يتذكّر أُولوا الاَلباب)أي إنّما يعلم كلّ الشريعة والمعارف الاِلـهيّة ومعارف القرآن كما هي أُولو العقول الكاملة البالغة إلى أعلى درجات الكمال وهم الاَئمّة عليهم السلام ، أو إنّما يتذكّر ويعلم الفرق بين العالِم المذكور والجاهل ذوو العقول الصافية ، وهم شيعتهم ، وقد ورد في أخبار كثيرة : أنّ الاَئمّة عليهم السلام هم الّذين يعلمون ، وأعداءهم الّذين لا يعلمون ، وشيعتهم أُولو الاَلباب.

وقد دلّت الآية الشريفة على التفاوت بين من يسهر ليله في طاعة الله وبين غيره الذي يقضي أوقاته بالملاهي والملذّات وهو معرِض عن ذِكر الله ، فكيف يكونان متساويين؟!

(٢) سورة ص ٣٨ : ٢٩.

(ليدّبّروا آياته) فيعرفوا معاني المحكمات ، ثمّ يعرفوا بدلالتها على أهل الذكر : معاني المتشابهات بوساطتهم بالسماع منهم.

(وليتذكّر) ويعلم جميع معانيه من محكماته ومتشابهاته بتوفيق الله تعالى.

(٣) سورة غافر ٤٠ : ٥٣ و ٥٤.


وقال : (وذكّر فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين)(١).

يا هشام! إنّ الله تعالى يقول في [كتابه] : (٢) (اِنَّ في ذلك لمن كان له قلبٌ)(٣) يعني : عقلٌ.

وقال : (ولقد آتينا لقمان الحكمة)(٤) قال : الفهم والعقل.

يا هشام! إنّ لقمان قال لابنه : «تواضع للحقِّ تكن أعقل الناس [وإنّ

____________

= (ولقد آتينا موسى الهدى)أي ما يهتدي به في الدين من المعجزات والتوراة والشرائع.

(وأورثنا بني إسرائيل الكتاب) أي وتركنا عليهم بعده التوراة.

(ذكرى) أي تذكرة أو مذكِّراً.

(لاَُولـي الاَلبـاب) أي لذوي العقول السليمـة عن اتّباع الهوى فإنّهم المنتفعون بـه.

(١) سورة الذاريات ٥١ : ٥٥.

وقد خاطب الله تعالى في هذه الآية نبيّه صلى الله عليه وآله بالاستمرار في الذكر وعدم الاعتناء بالجاهلين الّذين لا يعون ولا يتدبّرون دعوته ، فإنّ شأنه صلى الله عليه وآله الاِفاضة ونشر التعليم وبسط القوى الروحية ولم ينتفع بذلك إلاّ المؤمنون.

(٢) من الكافي.

(٣) سورة ق ٥٠ : ٣٧.

ذكر عليه السلام أنّه ليس المراد بالقلب هو العضو الصنوبري الخاصّ الموجود في جوف الاِنسان وسائر البهائم ، بل المراد منه هو العقل الذي يدرك المعاني الكلّية والجزئية ، ويتوصّل إلى معرفة حقائق الاَشياء ، وهو في الحقيقة الكيان المعنوي للاِنسان.

(٤) سورة لقمان ٣١ : ١٢.

أشارت الآية إلى نعمته تعالى على لقمان فقد وهبه الحكمة وهي من أفضل النعم وأجلّها.

«الفهم والعقل» يعني إعطاء الله الفهم والعقل ، وعليها مدار الحكمة ، فكان إعطاؤهما إعطاؤها.


الكيّس لدى الحقّ يسيرٌ](١).

يا بنيّ! إنّ الدنيا بحرٌ عميقٌ ، قد غرق فيه عالم كثير ، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله ، وحشوها الاِيمان ، وشراعها التوكّل ، وقيّمها العقل ، ودليلها العلم ، وسكّانها الصبر»(٢).

____________

(١) من الكافي.

(٢) «تواضع للحقّ» التواضع للحقّ هو أن لا يرى الاِنسان لنفسه وجوداً إلاّ بالحقّ ولا قوّة له ولا لغيره إلاّ بالله ، والتواضع من أفضل الاَعمال ، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : من تكبّر وضعه الله ، ومن تواضع لله رفعه الله. وإنّ الاِنسان كلّما تجرّد عن الاَنانيّة ومحا عن نفسه التكبّر زاده الله شرفاً وفضلاً.

«أعقل الناس» هم الاَنبياء والاَولياء ، ثمّ الاَمثل فالاَمثل.

«وإنّ الكيّس لدى الحقّ يسير» إنّ كياسة الاِنسان ـ وهي عقله وفطانته ـ يسير عند الحقّ لا قدر له ، وإنّما الذي له قدر عند الله هو التواضع والمسكنة والخضوع والافتقار إليه ، فكلّ علم وكمال لا يؤدّي بصاحبه إلى مزيد فقر وحاجة إليه تعالى يصير وبالاً عليه وكان الجهل والنقيصة أَوْلى به ، ولذلك قيل : غاية مجهود العابدين تصحيح جهة الاِمكان والفقر إليه تعالى.

«إنّ الدنيا بحر عميق» شبّه لقمان الدنيا بالبحر ، ووجه الشبه تغيّر الدنيا وتغيّر أشكالها وصورها في كلّ لحظة ، فالكائنات التي فيها كالاَمواج التي تكون في البحر معرضاً للزوال والفناء ، ويحتمل أن يكون وجه الشبه أنّ الدنيا كالبحر الذي يعبر عليه الناس ، فكذلك الدنيا يعبر عليها الناس إلى دار الآخرة وتكون النفوس فيها كالمسافرين.

«قد غرق فيه عالم كبير» من الناس في هذه الدنيا ، وإنّما غرقوا لتهالكهم على الشهوات. وفي رواية الكافي : «فيها» بدل «فيه».

«فلتكن سفينتك فيها تقوى الله» وإذا كانت الدنيا بحراً توجب الغرق والهلاك ، فلا نجاة ولا سلامة إلاّ بسفينة التقوى والصلاح.

«وحشوها الاِيمان» أي ما يحشى فيها وتملاَ منها.

«وشراعها التوكّل» على الله والاعتماد عليه في جميع الاَُمور لا على الاَسباب.

«وقيّمها العقل» قيّم السفينة ربّانها الذي نسبته إليها نسبة النفس إلى البدن.

«ودليلها العلم» والعقل دليله العلم فإنّ نسبته إليه كنسبة النور من السراج والرؤية


يا هشام! لكلّ شيءٍ دليلٌ(١) ، ودليل العقل(٢) التفكّر ، ودليل التفكّر الصمت ، ولكلّ شيءٍ مطيّة ، ومطيّة العقل التواضع ، وكفى بك جهلاً أن تركب ما نُهيت عنه(٣).

(يا هشام! لو كان في يدك جوزةٌ وقال الناس في يدك لؤلؤة ما كان ينفعك وأنت تعلم أنّها جوزةٌ ، ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس : إنّها جوزةٌ ما ضرّك وأنت تعلم أنّها لؤلؤة)(٤).

يا هشام! ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلاّ ليعقلوا عن الله ، فأحسنهم استجابةً أحسنهم معرفةً (لله)(٥) ، وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلاً ،

____________

= من البصر.

«وسكّانها الصبر» ومع هذه الخصال لا بُدّ من الصبر فإنّ ارتقاء الاِنسان وقربه من ربّه لا يحصل إلاّ بمجاهدات قويّة للنفس.

(١) في الكافي : يا هشام! إنّ لكلّ شيءٍ دليلاً.

(٢) وفي رواية التحف : «العاقل» بدل «العقل» ، وكذا في الموضع الآتي.

(٣) «ودليل العقل» أي التفكّر في الاِنسان يدلّ على عقله ، كما أنّ صمته يدلّ على تفكّره ، أو أنّ التفكّر يوصل العقل إلى مطلوبه ، وما يحصل له من المعارف والكمالات ، وكذا الصمت دليل للتفكّر فإنّ التفكّر به يتمّ ويكمل.

«ومطيّة العقل التواضع» أي التذلّل والانقياد لله تعالى في أوامره ونواهيه ، أو الاَعمّ من التواضع لله تعالى أو للخلق ، فإنّ من لم يتواضع يبقى عقله بلا مطيّة ، فيصير إلى الجهل ، أو لا يبلغ عقله إلى درجات الكمال.

والمطيّة : الدابّة المركوبة التي تمطو في سيرها ـ أي تسرع ـ.

«أن تركب ما نُهيت عنه» لاَنّ اشتغال النفس بالمحسوسات يوجب تقيّدها وتصوّرها بصورها الحسّية وهي حاجبة لها لا محالة عن المعقولات ، والحجاب عن المعقولات عين الجهل.

(٤) «لو كان في يدك جوزة ...» حاصله عدم الاغترار بمدح الناس والافتخار بثنائهم. وما بين القوسين ليس في الكافي.

(٥) ما بين القوسين ليس في الكافي.


وأعقلهم أرفعهم(١) درجةً في الدنيا والاَخرة(٢)

(يا هشام! ما من عبدٍ إلاّ وملك آخذ بناصيته ، فلا يتواضع إلاّ رفعه الله ولا يتعاظم إلاّ وضعه الله)(٣).

يا هشام! إنّ لله على الناس حجّتين ، حجّة ظاهرةً ، وحجّة باطنة ، فأمّا الظاهرة فالرسل(٤) والاَنبياء والاَئمّة عليهم السلام ، وأمّا الباطنة فالعقول(٥).

يا هشام! إنّ العاقل الذي لا يشغل الحلالُ شكرَه ، ولا يغلب الحرامُ صبرَه(٦).

____________

(١) في الكافي : أحسنهم عقلاً ، وأكملهم عقلاً أرفعهم.

(٢) أخرج هذه القطعة في عوالم العلوم ٢/٢٣ ح ٥٤ عن التحف والكافي.

«إلاّ ليعقلوا» أي ليعلم العباد علوم الدين أُصولاً وفروعاً عنه تعالى بواسطة الاَنبياء والاَوصياء عليهم السلام ، فالعقل هنا بمعنى العلم ، أو لتصير عقولهم كاملة بحسب الكسب بهداية الله تعالى.

«فأحسنهم استجابة» لقبول الدعوة وانقياد الرسالة.

«أحسنهم معرفة» بالله وآياته وكلماته.

«وأعلمهم بأمر الله» بأحكامه وشرائعه أو بأفعاله سبحانه.

«أحسنهم عقلاً» لاَنّ حسن العقل إنّما يكون بالعلم والعمل ، وقبول العمل إنّما يكون بإصابة السُنّة ، وهي إنّما تكون بالعلم بالسُنّة وهو العلم بأمر الله بالمعنى الاَوّل.

أو أنّ حسن العقل إنّما يكون بتعلّم الحكمة ، وهي العلم بأفعال الله عزّ وجلّ على ما هي عليه ، وهو العلم بأمر الله بالمعنى الثاني.

(٣) ما بين القوسين ليس في الكافي.

(٤) في بحار الاَنوار : فالرسول.

(٥) أخرج هذه القطعة في عوالم العلوم ٢/٢٥ ح ١ عن التحف.

«وأمّا الباطنة فالعقول» لعلّ المراد بها ها هنا هي التي مناط التكليف وبها يميّز بين الحقّ والباطل ، والحسن والقبيح.

(٦) «إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره ...» أي أنّ العقلاء لا تمنعهم كثرة نِعَم الله عليهم من شكره تعالى كما لا تزيل صبرهم النوائب والكوارث.


يا هشام! من سلّط ثلاثاً على ثلاثٍ فكأنّما أعان (هواه)(١) على هدم عقله : من أظلم نور فكره(٢) بطول أمله ، ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه ، وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه ، فكأنّما أعان هواه على هدم عقله ، ومن هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه(٣).

يا هشام! كيف يزكو عند الله عملك وأنت قد شغلت عقلك(٤) عن أمر ربّك ، وأطعت هواك على غلبة عقلك(٥)؟

يا هشام! الصبـر علـى الوحـدة علامـة قوّة العقـل ، فمـن عقل عن الله تبارك وتعالى اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها ، ورغب في ما عند

____________

(١) ليس في الكافي.

(٢) في الكافي : تفكّره.

(٣) «بطول أمله» فإنّ طول العمل في الدنيا يمنع التفكّر في الاَُمور الاِلهيّة النوريّة ، لاَنّه يحمل النفس على التفكّر في الاَُمور العاجلة وتحصيل أسبابها الظلمانية ، فمن بدّل تفكّره في الاَنوار الاَُخرويّة والباقيات الصالحات بتفكّره في الظلمات الدنيويّة الناشئة عن طول أمله وحبّه للفانيات فقد أظلم نور تفكّره بطول أمله.

«بفضول كلامه» لاَنّ للكلام حلاوة ولذّة وسكراً ، يشغل النفس عن جهة الباطن ويجعل همّها مصروفاً إلى تحسين العبارات وتحريك القلوب بالنكات والاِشارات ، فيمحو به طرائف الحكمة عن قلبه.

«بشهوات نفسه» لاَنّ حبّ الشيء يعمي ويصمّ عن إدراك غيره ، فحبّ الشهوات يعمي القلب ويذهب بنور عبرته.

والخلاصة : إنّ في الاِنسان قوّتين متباينتين؛ وهما : العقل والهوى ، ولكلّ واحدة منهما صفات ثلاث تضادّ الصفات الاَُخرى ، فصفات العقل : التفكّر والحكمة والاعتبار ، وصفات الهوى : طول الاَمل وفضول الكلام والانغماس في الشهوات ، فمن سلّط هذه الخصال الشريرة على نفسه فقد أعان على هدم عقله ، ومن هدم عقله فقد أفسد دينه ودنياه.

(٤) في الكافي : قلبك.

(٥) «كيف يزكو» يطهر ويخلص وينمو.

«وأنت قد شغلت» بالاَُمور الثلاثة المتقدّمة ـ صفات الهوى ـ.


ربّه(١) وكان الله آنسه في الوحشة ، وصاحبه في الوحدة ، وغناه ، في العيلة ، ومعزّه في(٢) غير عشيرةٍ.(٣)

يا هشام! نُصِبَ الخلق(٤) لطاعة الله ، ولا نجاة اِلاّ بالطاعة ، والطاعة بالعلم ، والعلم بالتعلُّم ، والتعلُّم بالعقل يُعْتَقد ، ولا علم إلاّ من عالمٍ ربّانيّ ، ومعرفة العالم(٥) بالعقل(٦).

____________

(١) في الكافي : الله.

(٢) في الكافي : من.

(٣) «فمن عقل عن الله» بلغ عقله إلى حدّ يأخذ العلم عن الله من غير تعليم بشر في كلّ أمر أمر.

«اعتزل أهل الدنيا» إذ لم يبق له رغبة في الدنيا وأهلها وإنّما يرغب في ما عند الله من الخيرات الحقيقيّة ، والاَنوار الاِلهيّة ، والاِشراقات العقليّة ، والابتهاجات الذوقيّة ، والسكينات الروحيّة.

«كان الله آنسه» مؤنسه ، إذ موجب الوحشة فقد المألوف وخلوّ الذات من الفضيلة والله تعالى مألوفه وهو منبع كلّ خير وفضيلة.

«في العيلة» في الفاقة.

(٤) في الكافي : الحقّ.

(٥) في الكافي : «العلم» بدل «العالم».

(٦) «ونصب الحقّ [برواية الكافي]» يعنـي بالحقّ دين الحقّ ، أي أُقيـم الدين بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ليطاع الله في أوامره ونواهيه.

«والطاعة بالعلم» أي العلم بكيفيّة الطاعة.

«والتعلُّم بالعقل يُعْتَقد» أي يشتدّ ويستحكم ، أو من الاعتقاد : بمعنى التصديق والاِذعان.

«ولا علم» أي بكيفيّة الطاعة.

«إلاّ من عالم ربّاني» أي بالتعلُّم منه دون الاجتهاد والرأي.

«ومعرفة العالم بالعقل» المراد هنا علم العالم ، والغرض أنّ احتياج العلم إلى العقل من جهتين لفهم ما يلقيه العالم ، ولمعرفة العالم الذي ينبغي أخذ العلم عنه ، ويحتمل أن يكون المعنى أنّ العقل هو المميّز الفارق بين العلم اليقيني ، وما يشبهه من الاَوهام الفاسدة والدعاوى الكاذبة ، أو من الظنّ والجهل المركّب والتقليد.


يا هشام! قليل العمل من العالم(١) مقبول مضاعف ، وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردودٌ(٢).

يا هشام! إنّ العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة ، ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا ، فلذلك ربحت تجارتهم(٣).

(يا هشام! إنّ كان يغنيك ما يكفيك فأدنى ما في الدنيا يكفيك ، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شيءٌ من الدنيا يغنيك)(٤).

يا هشام! إنّ العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب؟! وترك الدنيا من الفضل ، وترك الذنوب من الفرض(٥).

[يا هشام! إنّ العاقل نظر إلى الدنيا وإلى أهلها فعلم أنّها لا تُنال إلاّ

____________

(١) في التحف : العاقل.

(٢) «قليل العمل ...» مراده عليه السلام أنّ قليل العمل من العالم مقبول ، وسببه أنّ بالعلم صفاء القلوب ، وطهارة النفوس ، والتوصّل إلى معرفة الله عزّ شأنه.

وفضيلة كلّ عمل إنّما هي بقدر تأثيرها في صفاء القلب وإزالة الحُجُب والظلمة عن النفس ، وهي تختلف بحسب الاَشخاص ، فربّ إنسان يكفيه قليل العمل في صفاء نفسه نظراً للطافة طبعه ، ورقة حجابه ، وربّ إنسان لا يؤثّر العمل الطيّب الذي يصدر منه في صفاء ذاته ، نظراً لكثافة طبعه ، وكثرة الحُجُب على نفسه.

(٣) «رضي بالدون من الدنيا» أي القليل واليسير منها ، وهو قدر البلغة.

«مع الدنيا» وإن كانت وافية ولذتها كاملة.

«ربحت تجارتهم» إذ بدّلوا أمراً خسيساً فانياً بأمر شريف باقٍ.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام : «لو كانت الدنيا من ذهب والآخرة من خزف لاختار العاقل الخزف الباقي على الذهب الفاني» كيف والاَمر على العكس من ذلك!

(٤) ما بين القوسين ليس في الكافي.

(٥) «تركوا فضول الدنيا» وإن كانت مباحة لاَنّها تمنع عن مزيد الكرامة وكمال القرب من الله سبحانه ، فكيف الذنوب المورثة لاستحقاق المقت والعقوبة!


بالمشقّة ، ونظر إلى الآخرة فعلم أنّها لا تُنال إلاّ بالمشقّة ، فطلب بالمشقّة أبقاهما](١).

يا هشام! إنّ العقلاء زهدوا في الدنيا ، ورغبوا في الآخرة ، لاَنّهم علموا أنّ الدنيا طالبةٌ ومطلوبةٌ ، والآخرة طالبةٌ ومطلوبة ، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتّى يستوفي منها رزقه ، ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت ، فيفسد عليه دنياه وآخرته(٢).

يا هشام! من أراد الغنى بلا مالٍ ، وراحة القلب من الحسد ، والسلامة فـي الدين ، فليتضرّع إلى الله عزّ وجلّ في مسألتـه بأن يُكملَ عقله ، فمن عقل قنع بما يكفيه ، ومن قنع بما يكفيه استغنى ، ومن لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبداً.

يا هشام! إنّ الله جلّ وعزّ حكى عن قومٍ صالحين أنّهـم قالوا : (ربّنـا لا تزغ قلوبنـا بعد إذْ هديتنـا وهب لنـا مـن لدنك رحمـةً إنّك أنـت الـوهّــاب)(٣) حيـن علمـوا أنّ القلـوب تـزيـغ وتعـود اِلـى عمـاه

____________

(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من الكافي.

(٢) «إنّ الدنيا طالبة» طالبية الدنيا عبارة عن إيصالها الرزق المقدّر إلى من هو فيها ليكونوا فيها إلى الاَجل المقرّر ، ومطلوبيّتها عبارة عن سعي أبنائها لها ليكونوا على أحسن أحوالها ، وطالبية الآخرة عبارة عن بلوغ الاَجل وحلول الموت لمن هو في الدنيا ليكونوا فيها ، ومطلوبيّتها عبارة عن سعي أبنائها لها ليكونوا على أحسن أحوالها.

ولا يخفى أنّ الدنيا طالبة بالمعنى المذكور ، لاَنّ الرزق فيها مقدّر مضمون يصل إلى الاِنسان لا محالة ، طلبه أو لا (وما من دابةٍ في الاَرض إلاّ على الله رزقها) [سورة هود ١١ : ٦].

وإنّ الآخرة طالبة أيضاً ، لاَنّ الاَجل مقدّر كالرزق مكتوب (قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذاً لا تمتّعون إلاّ قليلاً) [سورة الاَحزاب ٣٣ : ١٦].

(٣) سورة آل عمران ٣ : ٨.


ورداها(١).

إنّه لم يَخَفِ الله من لم يعقل عن الله ، ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه ، ولا يكون أحد كذلك إلاّ من كان قوله لفعله مصدّقاً ، وسرّه لعلانيته موافقاً ، لاَنّ الله تبارك اسمه لم يدلّ على الباطن الخفي من العقل إلاّ بظاهر منه ، وناطق عنه(٢).

____________

= (لا تزغ) الزيغ : الميل والعدول عن الحقّ.

(١)«رداها» الردى : الهلاك والضلال.

(٢)«لم يخف الله من لم يعقل عن الله» أي من لم يأخذ علمه عن الله كالاَنبياء والاَوصياء وكلّ من اقتبس من أنوارهم ، وذلك لاَنّ غيرهم إمّا مقلّد محض كالعامي ، أو جدليّ ظانّ كالكلامي ، وكلّ منهما لم يعرف أنّ الذي يصل إليه يوم القيامة إنّما هو من نتائج أخلاقه وتبعات أعماله التي لا تنفكّ عنها للعلاقة الذاتيّة بين الاَشياء وأسبابها فلم يخش الله حقّ خشيته.

(إنّما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ) [سورة فاطر ٣٥ : ٢٨] أهل اليقين والبرهان وأهل الكشف والعيان ، فإنّهم العارفون بأنّ الآخرة إنّما تنشأ من الدنيا على الاِيجاب واللزوم علماً قطعيّاً من غير تخمين وجزاف ، فهؤلاء هم الّذين عقدت قلوبهم على معرفة ثابتة غير قابلة للزوال.

«ولا يكون أحد كذلك» أي عالماً ربّانيّاً عاقلاً من الله.

«إلاّ من كان قوله لفعله مصدّقاً» أي لا يدلّ قوله على خلاف ما يدلّ عليه فعله.

«لاَنّ الله تبارك اسمه لم يدلّ ...» إنّه عليه السلام ادّعى أوّلاً أنّ الخوف من الله تعالى خوفـاً واقعيّـاً يصير سببـاً لترك الذنوب في جميع الاَحوال ، لا يكون إلاّ بأن يرزق العبد من الله تعالى عقلاً موهبيّاً يبصر حقيقة الخير والشرّ كما هي.

ثمّ بيّن عليه السلام ذلك بأنّ من لم يكن بهذه الدرجة من العقل لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة للخير والشرّ يبصرها ويجد حقيقة تلك المعرفة في قلبه.

ثمّ بيّن أنّ تلك المعرفة الثابتة يلزمها أن يكون قول العبد موافقاً لفعله ، وفعله موافقاً لسرّه وضميره ، لاَنّ الله تعالى جعل ما يظهر على الجوارح دليلاً على ما في القلب ، ويفضح المتصنّع بما يظهر من سوء قوله وفعله ، فثبت بتلك المقدّمات ما ادّعى عليه السلام من أنّ الخوف الواقعي لا يكون إلاّ بالعقل عن الله.


يا هشام! كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : ما من شيءٍ عُبِدَ الله به أفضل من العقل(٢)(١).

وما تمّ عقل امرىٍَ حتّى يكون فيه خصالٌ شتّى : الكفر والشرّ منه مأمونان ، والرشد والخير منه مأمولان ، وفضل ماله مبذول ، وفضل قوله مكفوف ، ونصيبه من الدنيا القوت ، ولا يشبع من العلم دهره.

الذلّ أحبّ إليه مع الله من العزّ مع غيره ، والتواضع أحبّ إليه من الشرف ، يستكثر قليل المعروف من غيره ، ويستقلّ كثير المعروف من نفسه ، ويرى الناس كلّهم خيراً منه ، وأنّه شرّهم في نفسه ، وهو تمام الاَمر(٣).

____________

(١) في رواية الكافي : «ما عُبِدَ الله بشيءٍ أفضل من العقل» أي أفضل ما يتقرّب به العبد إلى الله هو تكميل العقل باكتساب العلوم الحقيقيّة الاَُخرويّة والمعارف اليقينيّة الباقية المأخوذة من الله سبحانه دون غيره من الطاعات والعبادات البدنيّة والماليّة والنفسيّة كما ورد عن النبي ٩ : يا علي! إذا تقرّب الناس إلى خالقهم بأنواع البرّ فتقرّب أنت إليه بالعقل حتّى تسبقهم.

(٢) أخرج هذه القطعة في عوالم العلوم ٢/٣١ ح ١٠ عن التحف.

(٣) «وما تمّ عقل امرىٍَ» يحتمل أن يكون من كلام أمير المؤمنين وأن يكون من كلام أبي الحسن الكاظم عليهما السلام وعلى التقديرين فالمنبع واحد ، ذرّيّة بعضها من بعض.

«الكفر والشرّ منه مأمونان» الكفر في الاعتقاد ، والشرّ في القول والفعل ، والكلّ ينشأ من الجهل المنافي للعقل.

«والرشد والخير منه مأمولان» كذلك لكونه مهتدياً صالحاً وهادياً للخلق مصلحاً لهم ، والكلّ ناشىَ من العقل.

«وفضل ماله مبذول» لاستغنائه بالحقّ عن كلّ شيء.

«وفضل قوله مكفوف» لمنافاته طرائف الحكمة.

«نصيبه من الدنيا القوت» لاَنّ الدنيا فانية داثرة مستعارة لا تأتي بخير.

«لا يشبع من العلم دهره» إذ لا نهاية له ، وفيه إشارة إلى أنّ العلم غذاء الروح ، به يتقوّى ويكمل ، وبه حياته.

«الذلّ أحبّ إليـه مـع الله من العزّ مع غيـره» لعلمـه بأنّ العزّة لله جميعاً بالذات


(يا هشام ، من صدق لسانه زكا عمله ، ومن حسنت نيّتـه زيد في رزقه ، ومن حسن برّه بإخوانه وأهله مُدّ في عمره.

يا هشام! لا تمنحوا الجهّال الحكمة فتظلموها ، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم.

يا هشام! كما تركوا لكم الحكمة فاتركوا لهم الدنيا)(١).

[يا هشام! إنّ العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه](٢).

يا هشام! لا دين لمن لا مروّة له ، ولا مروّة لمن لا عقل له ، وإنّ أعظم الناس قدراً الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطراً ، أما إنّ أبدانكم ليس لها

____________

= ولمـا سواه بالعرض ، فالعزيز مـن أعزّه الله ، فمـن كان مع الله بالفنـاء عن نفسـه كان عزيزاً بعزّة الله فضلاً عن كونه عزيزاً بإعزازه ، ومن كان مع غيره كان ذليلاً مثله.

«والتواضع أحبّ إليه من الشرف» لاَنّه أنسب إلى العبوديّة وأدخل في تصحيح تلك السُنّة والتحقّق بها.

«يستكثر قليل المعروف من غيره» تخلّقاً بأخلاق الله في تضعيفه لحسنات العباد.

«ويستقلّ كثير المعروف من نفسه» لكرامة نفسه واتّصاله بمنبع الجود والخير.

«ويرى الناس كلّهم خيراً منه» لحسن ظنّه بعباد الله وحمله ما صدر منهم على المحمل الصحيح لسلامـة صدره ، ولِمـا رأى من محاسن ظواهرهـم ، دون مـا خفي من بواطنهم ، فيراهم أحوالاً منه.

«وأنّه شرّهم في نفسه» لاطّلاعه على دقائق عيوب نفسه.

«وهو تمام الاَمر» أي رؤية الناس خيراً ونفسه شرّاً تمام الاَمر لاَنّها موجبة للاستكانة والتضرّع التامّ إلى الله تعالى والخروج إليه بالفناء عن هذا الوجود المجازي الذي كلّه ذنب وشرّ كما قيل : وجودك ذنب لا يقاس به ذنب.

(١) ما بين القوسين ليس في الكافي.

«لا تمنحوا الجهّال الحكمة» المنحة : العطاء ، أي لا تعطوهم ولا تعلّموهم.

(٢) ما بين المعقوفتين أثبتناه من الكافي.


ثمن إلاّ الجنّة ، فلا تبيعوها بغيرها(١).

يا هشام! إنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول : «إنّ من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصالٍ : يجيب إذا سُئل ، وينطق إذا عجز القوم عن الكلام ، ويشير بالرأي الذي يكون فيه صلاح أهله ، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شيء فهو أحمق».

إنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال : «لا يجلس في صدر المجلس إلاّ رجلٌ

____________

(١) «لا دين لمن لا مروّة له» المروّة : الاِنسانيّة وكمال الرجوليّة ، وهي الصفة الجامعة لمكارم الاَخلاق ومحاسن الآداب.

«ولا مروّة لمن لا عقل له» لاَنّ من لا عقل له لا يكون عارفاً بما ينبغي أن يفعله ويليق به وما لا ينبغي ولا يليق ، فربّما يترك اللائق ويأتي بما لا ينبغي ، ومن كان كذلك لا يكون ذا مروّة ولا دين.

«خطراً» الخطر : الحظ والنصيب والقدر والمنزلة ، والسبق الذي يتراهن عليه.

«أما إنّ أبدانكم ...» أي ما يليق أن يكون ثمناً لها ، شبّه استعمال البدن في المكتسبات الباقية ببيعها بها ، وذلك لاَنّ الاَبدان في التناقص يوماً فيوماً لتوجّه النّفس منها إلى عالم آخر ، فإن كانت النفس سعيدة كانت غاية سعيه في هذه الدنيا وانقطاع حياته الدنيّة إلى الله سبحانه ، وإلى نعيم الجنّة ، لكونـه على منهج الهداية والاستقامة فكأنّه باع بدنه بثمن الجنّة معاملة مع الله تعالى ، ولهذا خلقه الله عزّ وجلّ.

وإن كانت شقيّة كانت غاية سعيه وانقطاع أجله وعمره إلى مقارنة الشيطان وعذاب النيران لكونه على طريق الضلالة ، فكأنّه باع بدنه بثمن الشهوات الفانية واللذّات الحيوانية التي ستصير نيراناً محرقة مؤلمة وهي اليوم كامنة مستورة عن حواسّ أهل الدنيا ، وستبرز يوم القيامة (وبرّزت الجحيم لمن يرى)[سورة النازعات ٧٩ : ٣٦] معاملة مع الشيطان (وخسر هنالك المبطلون) [سورة غافر ٤٠ : ٧٨].

وقيل : جعل الجنّة ثمن البدن إشارة إلى أنّ ثمن النفس المجرّدة والاَرواح القدسيّة هو الله سبحانه ، والفناء المطلق فيه وفي مشاهدة نور وجهه الكريم وفي إضافة البدن إلى ضمير الخطاب دلالة على أنّ النفس الناطقة التي هي الاِنسان حقيقة ، جوهر آخر وراء البدن.


فيه هذه الخصال الثلاث أو واحدة منهنّ ، فمن لم يكن فيه شيءٌ منهنّ فجلس فهو أحمق»(١) (٢).

وقال الحسن بن عليّ عليهما السلام : «إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها».

قيل : يا ابن رسول الله ، ومن أهلها؟

قال : «الّذين قصّ الله(٣) في كتابه وذكرهم ، فقال : (اِنّما يتذكّر أُولوا الاَلباب) (٤) قال : هم اُولو العقول(٥).

وقال عليّ بن الحسين عليهماالسلام : «مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح ،

____________

(١) في التحف : يا هشام! إنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول : «لا يجلس في صدر المجلس إلاّ رجلٌ فيه ثلاث خصالٍ : يجيب إذا سُئل ، وينطق إذا عجز القوم عن الكلام ، ويشير بالرأي الذي فيه صلاح أهله ، فمن لم يكن فيه شيءٌ منهنّ فجلس فهو أحمق».

(٢) «يجيب إذا سُئل» أي يجيب في نفس الوقت ، ويكون قادراً على الجواب عمّا يسأل.

«وينطق إذا عجز القوم عن الكلام» أي ينطق في محلّه ولا يعجز عنه.

«ويشير بالرأي الذي يكون فيه صلاح أهله» أي يكون مشيراً بالرأي الذي فيه صلاح القوم ، وعارفاً بصلاحهم وآمراً به.

«فمن لم يكن ...» إشارة إلى أنّ العاقل حازم لا يتكلّم إلاّ إذا دعته ضرورة إلى الكلام ، لاَنّ مواضع الكلام الضروري تنحصر في هذه الثلاثة إذا كان لمصلحة الغير.

«صدر المجلس» المراد إمّا معناه المعروف ، أو مكان من يراجع الناس إليه لحوائجهم فيستحقّ أن يعظّموه ويوقّروه.

(٣) في بعض نسخ الكافي : نصّ الله.

(٤) سورة الزمر ٣٩ : ٩.

(٥) «إذا طلبتـم الحوائج» أي الدينيّـة والدنيويّـة ، واختصاص الاَُولـى بأُولـي العقول ظاهر ، وأمّا الثانية فللذلّ الذي يكون في رفع الحاجة إلى الناقص في الدين ، ولعدم الاَمن من حمقه ، فربّما يمنعه أو يأتي بما ضرّه أكثر من نفعه.


وأدب العلماء(١) زيادةٌ في العقل ، وطاعة ولاة العدل تمام العزّ ، واستثمار المال تمام المروّة ، وإرشاد المستشير قضاء لحقّ النعمة ، وكفّ الاَذى من كمال العقل ، وفيه راحة البدن عاجلاً وآجلاً»(٢).

يا هشام! إنّ العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه ، ولا يسأل من يخاف منعـه ، ولا يَعـدُ ما لا يقـدر عليـه ، ولا يرجـو مـا يعنّف برجائـه ،

____________

(١) وفي رواية الكافي : وآداب العلماء.

(٢) «مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح» كلامه عليه السلام هذا ترغيب المعاشرة مع الناس ، والمؤانسة بهم ، واستفادة كلّ فضيلة من أهلها ، وزجر عن الاعتزال والانقطاع اللذَين هما منبت النفاق ، ومغرس الوسواس ، والحرمان عن المشرب الاَتمّ المحمّدي ، والمقام المحمود الجمعي ، والكأس الاَوفى ، والقدح المعلّى الموجب لترك كثير من الفضائل والخيرات وفوت السنن الشرعيّة وآداب الجمعة والجماعات وانسداد أبواب مكارم الاَخلاق والحسنات ، والتعرّي عن حلية الكمالات النفسانيّة الحاصلة بالسياسات والتعطّل عن اكتساب العلوم ، واستيضاح المبهمات ، واستكشاف المشكلات ، وحلّ الشبهات ، والتبرّك بصحبة العلماء ، وخدمة المشايخ والكبراء للمبتدىَ والمتوسّط ، والفوز بسعادة الشيخوخة والتأديب والاِصلاح للمنتهـي والكامل ، إلى غير ذلك.

«وأدب العلماء» أي مجالستهم ، وتعلّم آدابهم ، والنظر إلى أفعالهم ، والتخلّق بأخلاقهم موجبة لزيادة العقل ، والحمل على رعاية الآداب في مجالسة العلماء لا يخلو من بعد.

«واستثمار المال» أي استنماؤه بالتجارة والمكاسب دليل تمام الاِنسانيّة ، وموجب له أيضاً ، لاَنّه لا يحتاج إلى غيره ويتمكّن من أن يأتي بما يليق به.

«قضاء» أي شكر لحقّ نعمة أخيه عليه ، حيث جعله موضع مشورته ، أو شكر لنعمة العقل وهي من أعظم النعم.

«وكفّ الاَذى» سواء كان أذى نفسه أو أذى غيره ، فيشمل التنزّه عن مساوىَ الاَخلاق كلّها ، وصاحبه أفضل أصناف البشر ، لجمعه بين الرئاستين العلميّة بقوّة البصيرة ، والعمليّة بكمال القدرة ، ولهذا عدّه من كمال العقل.

«وفيه راحة البدن» بدن نفسه وبدن غيره.

أخرج هذه القطعة في بحار الاَنوار ٧٨/١٤١ ح ٣٥ عن التّحف.


ولا يتقدّم على ما يخاف العجز عنه(٢) (١).

وكان أمير المؤمنين عليه السلام يوصي أصحابه يقول : أُوصيكم بالخشية من الله في السرّ والعلانية ، والعدل في الرضا والغضب ، والاكتساب في الفقر والغنى ، وأن تصلوا من قطعكم ، وتعفوا عمّن ظلمكم ، وتعطفوا(٣) على من حرمكم ، وليكن نظركم عبراً ، وصمتكم فكراً ، وقولكم ذِكراً ، وطبيعتكم السخاء ، فإنّه لا يدخل الجنة بخيلٌ ، ولا يدخل النار سخي»(٤).

يا هشام! رحم الله من استحيى من الله حقّ الحياء ، فحفظ الرأس وما حوى ، والبطن وما وعى ، وذكر الموت والبلى(٥) ، وعلم أنّ الجنّة محفوفة

____________

(١) «ولا يَعدُ ما لا يقدر عليه» الاَظهر فيه التخفيف من الوعد ، وإن قرىَ بالتشديد من الاِعداد ، فمعناه لا يمهّد أمراً من الاَُمور حتّى يعلم أنّه قادر على إتمامه والبلوغ إلى غايته.

«ولا يرجو ما يعنّف برجائه» التعنيف : التوبيخ والتقريع واللوم ، أي العاقل لا يرجو فوق ما يستحقّه ، ولا يتطلّع إلى ما لم يستعدّه.

في رواية الكافي : ولا يقدم على ما يخاف فوته بالعجز عنه.

«ولا يتقدّم على ما يخاف» أي لا يفعل فعلاً قبل أوانه مبادراً إليه خوفاً من أن يفوته في وقته بسبب عجزه عنه ، بل يفوّض أمره إلى الله.

وبهذا فقد أشار الاِمام عليه السلام إلى حزم العاقل واحتياطه في أقواله وتحفّظه على شرفه ومنزلته ، وتوقّفه من الاِقدام على ما لا يثق بحصوله.

(٢) إلى هنا تنتهي الوصيّة في الكافي ١/١٣ ـ ٢٠ ح ١٢ ، الوافي ١/٨٦ ـ ١٠٦ ح ١٦ ، مرآة العقول ١/٣٨ ـ ٦٤ ح ١٢.

(٣) في بعض النسخ وبحار الاَنوار : وتعطوا.

(٤) «في السرّ والعلانية» بالنظر إلى الخلق.

«في الرضا والغضب» أي سواء كان راضيّاً عمّن يعدل فيه أو ساخطاً عليه ، والحاصل أن لا يصير رضاه عن أحد أو سخطه عليه سبباً للخروج عن الحقّ.

«والاكتساب» يحتمل اكتساب الدنيا والآخرة.

(٥) «وما حوى» أي ما حواه الرأس ، من العين والاَُذن واللسان وسائر المشاعر بأن يحفظها عمّا يحرم عليه.


بالمكاره ، والنار محفوفة بالشهوات(١).

يا هشام! من كفّ نفسه عن أعراض الناس أقاله الله عثرته يوم القيامة ، ومن كفّ غضبه عن الناس كفّ الله عنه غضبه يوم القيامة(٢).

يا هشام! إنّ العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه.

يا هشام! وُجِدَ في ذؤابة سيف رسول الله صلى الله عليه وآله : إنّ أعتى الناس على

____________

«والبطن وما وعى» أي ما جمعه من الطعام والشراب بأن لا يكونا من حرام.

«البلى» الاندراس والاضمحلال في القبر.

قال في النهاية ٥/٢٠٧ : الاستحياء من الله حقّ الحياء : أن لا تنسوا المقابر والبلى ، والجوف وما وعى : أي ما جمع من الطعام والشراب حتّى يكونا من حلّهما.

(١) «محفوفة بالمكاره» المحفوفة : المحيطة. والمكاره : جمع مكرهة ، ما يكرهه الاِنسان ويشقّ عليه. والمراد أنّ الجنّة محفوفة بما تكره النفس من الاَقوال والاَفعال فتعمل بها ، فمن عمل بها دخل الجنّة.

«والنار محفوفة بالشهوات» أي محفوفة بلذّات النفس وشهواتها ، فمن أعطى نفسه لذّاتها وشهوتها دخل النار.

أشار عليه السلام إلى الحديث المتواتر المشهور «حفّت الجنّة بالمكاره (بالشهوات) ، وحفّت النار بالشهوات (بالمكاره)» والمرويّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والاَئمّة من آله عليهم السلام ، انظر :

الزهد ـ لابن المبارك ـ : ٣٢٥/٩٢٥ ، مسند أحمد بن حنبل ٢/٢٦٠ و ٣٨٠ ، و ٣/١٥٣ و ٢٥٤ و ٢٨٤ ، سنن الدارمي ٢/٣٣٩ ، الجامع الصحيح للترمذي ٤/٦٩٣ ح ٢٥٥٩ ، الشريعة ـ للآجري ـ : ٣٩٠ ، الكامل في ضعفاء الرجال ٥/١٧٩٦ ، و ٧/٢٦٦١ ، تاريخ بغداد ٤/٢٥٥ ، و ٨/١٨٤ ، شرح السُنّة : ٥١٦ ، الجامع لاَحكام القرآن ٤/٢٨ ، البداية والنهاية ١٢/١٣ (صدره) ، المغني عن حمل الاَسفار ٤/٥٧ (المطبوع مع إحياء علوم الدين) ، الدرر المنتثرة في الاَحاديث المنتشرة ٦٦/١٩٣ ، كنز العمّال ٣/٣٣٢ ح ٦٨٠٥ ، كشف الخفاء ومزيل الاِلباس ١/٤١٦ ح ١١٠٧ و ٤٣٤ ح ١١٥٢ ، إتحاف السادة المتّقين ٨/٦٢٦.

(٢) «أقاله الله عثرته» العثرة : الزلّة ، والمراد المعاصي ، والاِقالة في الاَصل فسخ البيع بطلب المشتري : والاستقالة طلب ذلك ، والمراد هنا تجاوز الله وترك العقاب الذي اكتسبه العبد بسوء فعله فكأنّه اشترى العقوبة وندم فاستقال.


الله من ضرب غير ضاربه ، وقتل غير قاتله ، ومن تولّى غير مواليه فهو كافر بما أنزل الله على نبيّه محمّد صلى الله عليه وآله ، ومن أحدث حدثاً ، أو آوى محدثاً لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً(١).

يا هشام! أفضل ما يتقرّب به العبد إلى الله بعد المعرفة به : الصلاة ، وبرّ الوالدين ، وترك الحسد والعُجُب والفخر(٢).

يا هشام! أصلح أيّامك الذي هو أمامك ، فانظر أيّ يوم هو؟ وأعدّ له الجواب ، فإنّك موقوف ومسؤول ، وخذ موعظتك من الدهر وأهله ، فإنّ الدهر طويلة قصيرة ، فاعمل كأنّك ترى ثواب عملك لتكون أطمع في ذلك ، واعقل عن الله وانظر في تصرّف الدهر وأحواله ، فإنّ ما هو آتٍ من

____________

(١) «ذؤابة السيف» ما يعلّق عليه لحفظ الضروريّات.

«أعتى الناس» من العتوّ ، وهو البغي والتجاوز عن الحقّ والتكبّر.

«غير قاتله» أي مريد قتله ، أو قاتل مورّثه.

«ومن تولّى غير مواليه» أي المعتق الذي انتسب إلى غير معتقه ، أو ذو النسب الذي تبرّأ عن نسبه ، أو الموالي في الدين من الاَئمّة المؤمنين ، بأن يجعل غيرهم وليّاً له ويتّخذه إماماً.

«من أحدث حدثاً ...» قال في النهاية ١/٣٥١ : من أحدث فيها حدثاً ، أو آوى محدثاً ، الحدث : الاَمر الحادث المنكَر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السُنّة ، والمحدث يروي بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول ، فمعنى الكسر : من نصر جانياً وآواه وأجازه من خصمه ، وحال بينه وبين أن يُقتصّ منه؛ والفتح : هو الاَمر المبتدع نفسه ، ويكون معنى الاِيواء فيه الرضا به والصبر عليه ، فإنّه إذا رضي بالبدعة وأقرّ فاعلها ولم ينكرها عليه فقد آواه.

«صرفاً ولا عدلاً» قال الفيرزآبادي في القاموس المحيط ٣/١٦١ : الصرف في الحديث : التوبة؛ والعدل : الفدية أو النافلة ، والعدل : الفريضة ، أو بالعكس ، أو هو الوزن ، والعدل : الكيل. أو هو الاكتساب ، والعدل : الفدية أو الحيلة. انتهى.

(٢) «أفضل ما يتقرّب به العبد ..» يمكن إدخال جميع العقائد الضروريّة في المعرفة لا سيّما مع عدم الظرف كما ورد في الاَخبار الكثيرة بدونه.


الدنيا ، كما ولّى منها ، فاعتبر بها(١).

وقال عليّ بن الحسين عليهما السلام : «إنّ جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الاَرض ومغاربها ، بحرها وبرها ، وسهلها وجبلها ، عند وليّ من أولياء الله وأهل المعرفة بحقّ الله كفيء الظلال»(٢).

ثـمّ قال عليه السلام : «أوَلا حُـرٌّ يدع هذه اللماظـة لاَهلهـا ـ يعني الدُنيـا ـ؟! فليس لاَنفسكم ثمن إلاّ الجنة فلا تبيعوها بغيرها ، فإنّه من رضي من الله بالدنيا فقد رضي بالخسيس»(٣).

يا هشام! إنّ كلّ الناس يبصر النجوم ، ولكن لا يهتدي بها إلاّ من يعرف مجاريها ومنازلها ، وكذلك أنتم تدرسون الحكمة ، ولكن لا يهتدي بها منكم إلاّ من عمل بها(٤).

____________

(١) «أصلح أيّامك ...» طول الدهر في نفسه لا ينافي قصره بالنسبة إلى كلّ شخص ، أي خذ موعظتك من الدهور الماضية ، والاَزمان الخالية ، ويحتمل أن يكون عمر كلّ شخص باعتبارين.

(٢) «كفيء الظلال» يحتمل أن يكون في الاَشياء ذوات الاَظلال ، كالشجر والجدار ونحوهما ، أو المراد التشبيه بالفيء الذي هو نوع من الظلال ، فإنّ الفيء لحدوثه أشبه بالدنيا من سائر الظلال ، أو لما فيه من الاِشعار بالتفيّؤ والتحوّل والانتقال أي الظلال المتفيَّأة المتحوّلة.

(٣) «اللماظة» ما يبقى في الفم من الطعام ، ومنه قول الشاعر يصف الدنيا : لماظة أيّام كأحلام نائم.

لا يخفى حسن هذا التشبيه إذ كلّ ما يتيسّر لك من الدنيا فهو لماظة من قد أكلها قبلك ، وانتفع بها غيرك أكثر من انتفاعك ، وترك فاسدها لك.

(٤) «إنّ كلّ الناس يبصر بالنجوم ...» لمّا كان من معظم الانتفاع بالنجوم معرفة الاَوقات ، وجهة الطريق في الاَسفار وأمثالها ، ولا تتمّ معرفة تلك الاَُمور إلاّ بكثرة تعاهد النجوم لتعرف مجاريها ومنازلها ومطالعها ومغاربها ومقدار سيرها ، كذلك الحكمة لا ينتفع بها إلاّ بكثرة تعاهدها واستعمالها لتُعرف فوائدها وآثارها.


يا هشام! إنّ المسيح عليه السلام قال للحواريّين : «يا عبيد السوء! يهولكم طول النخلة ، وتذكرون شوكها ومؤونة مراقيها ، وتنسون طيب ثمرها ومرافقها ، كذلك تذكرون مؤونة عمل الآخرة فيطول عليكم أمده ، وتنسون ما تفضون إليه من نعيمها ونورها وثمرها(١).

يا عبيد السوء! نقّوا القمح وطيّبوه وأدقّوا طحنه تجدوا طعمه ويهنئكم أكله ، كذلك فأخلصوا الاِيمان وأكملوه تجدوا حلاوته وينفعكم غبّـه(٢).

بحقّ أقول لكم : لو وجدتم سراجاً يتوقّد بالقطران في ليلةٍ مظلمةٍ لاستضأتم به ولم يمنعكم منه ريح نتنه ، كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممّن وجدتموها معه ولا يمنعكم منه سوء رغبته فيها(٣).

يا عبيد الدنيـا! بحقّ أقول لكـم : لا تدركون شرف الآخـرة إلاّ بترك مـا تحبّون ، فلا تنظروا بالتوبـة غداً ، فإنّ دون غـدٍ يومـاً وليلـة وقضاء الله فيهما يغدو ويروح(٤).

____________

(١) «يهولكم» أي يفزعكم ويعظم عليكم.

«ومؤونة مراقيها» أي شدّة الارتقاء عليها.

«ومرافقها» المنافع ، وهي جمع مرفق ـ بالفتح ـ : ما انتفع به.

«أمده» الاَمد : الغاية ومنتهى الشيء ، يقال : طال عليهم الاَمد ، أي الاَجل.

«ما تفضون إليه» يقال : أفضى إليه ، أي وصل.

«ونورها» النور : الزهرة.

(٢) «ويهنئكم أكله» أي لا يعقب أكله مضرّة.

«غبّه» غبّ كلّ شيء : عاقبته.

(٣) «بالقطران» القطران ـ بفتح القاف وكسرها وسكون الطاء ، وبفتح القاف وكسر الطاء ـ : دهن منتن يستجلب من شجر الاَبهل فيهنأ به الاِبل الجربيّ ـ وهو داء يحدث في الجلد بثوراً صغاراً لها حكّة شديدة ـ ، ويسرع فيه إشتعال النار.

«سوء رغبته» أي ترك عمله بتلك الحكمة.

(٤) «فلا تنظروا بالتوبة غداً» الاِنظار : التأخير.


بحقّ أقول لكم : إنّ من ليس عليه دَين من الناس أروح وأقل همّـاً ممّن عليه الدَين وإنْ أحسن القضاء ، وكذلك من لم يعمل الخطيئة أروح(١) همّـاً ممّن عمل الخطيئة وإنْ أخلص التوبة وأناب ، وإنّ صغار الذنوب ومحقّراتها(٢) من مكائد ‎إبليس ، يحقّرها ويصغّرها في أعينكم فتجتمع وتكثر فتحبط بكم.

بحقّ أقول لكم : إنّ الناس في الحكمة رجلان : فرجل أتقنها بقوله وصدّقها بفعله ، ورجل أتقنها بقوله وضيّعها بسوء فعله ، فشتّان بينهما ، فطوبى للعلماء بالفعل ، وويل للعلماء بالقول.

يا عبيد السوء! اتّخذوا مساجد ربّكم سجوناً لاَجسادكم وجباهكم ، واجعلوا قلوبكم بيوتاً للتقوى ، ولا تجعلوا قلوبكم مأوىً للشهوات ، إنّ أجزعكم عند البلاء لاَشدّكم حبّاً للدنيا ، وإنّ أصبركم على البلاء لاَزهدكم في الدنيا.

يا عبيد السوء! لا تكونوا شبيهاً بالحداء الخاطفة ، ولا بالثعالب الخادعة ، ولا بالذئاب الغادرة ، ولا بالاَُسد العاتية ، كما تفعل بالفرائس(٣) ، كذلك تفعلون بالناس ، فريقاً تخطفون ، وفريقاً تخدعون ، وفريقاً تغدرون بهم(٤)

____________

«يغدو» أي ينزل أوّل النهار ، «ويروح» أي ينزل آخر النهار ، وهو كناية عن الموت فإنّه يأتي في الغداة والرواح.

(١) «أروح» أي أكثر راحة.

(٢) في بعض النسخ : ومحقّرتها.

(٣) في بحار الاَنوار : بالفراس.

(٤) «لا تكونوا شبيهاً بالحداء الخاطفة» الحداء : جمع الحدأة : نوع من الجوارح يخطف الاَشياء بسرعة.


بحقّ أقول لكم : لا يغني عن الجسد أن يكون ظاهره صحيحاً وباطنه فاسداً ، كذلك لا تغني أجسادكم التي قد أعجبتكم وقد فسدت قلوبكم ، وما يغني عنكم أن تنقّوا جلودكم وقلوبكم دنسة(١).

لا تكونوا كالمنخل يخرج منه الدقيق الطيّب ويمسك النخالة ، كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى الغلّ في صدوركم(٢).

يا عبيد الدنيا! إنّما مثلكم مثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه.

يا بني إسرائيل! زاحموا العلماء في مجالسهم ولو جثواً على الركب ، فإنّ الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الاَرض الميتة بوابل المطر(٣).

يا هشـام! مكتوب فـي الاِنجيـل : «طوبـى للمتراحمين ، أُولـئك هـم المرحومون يوم القيامة ، طوبى للمصلحين بين الناس ، أُولـئك هم المقرّبون يوم القيامة ، طوبى للمطهّرة قلوبهم ، أُولـئك هم المتّقون يوم القيامة ، طوبى للمتواضعين في الدنيا ، أُولـئك يرتقون منابر الملك يوم القيامة»(٤).

____________

= «ولا بالاَُسد العاتية» الاَُسد : جمع أسد. والعاتية : أي الظالمة الطاغية المتكبّرة.

«كما يفعل» أي الاَُسد أو جميع ما تقدّم.

«فريقاً تخطفون ...» على سبيل اللفّ والنشر ، ولمّا ذكر الافتراس أوّلاً لم يذكر آخراً.

(١) «لا يغني عن الجسد» أي لا ينفعه ، ولا يدفع عنه سوءاً.

(٢) «المنخل» ـ بضمّ الميم والخاء ، وقد تفتح خاؤه ـ : ما ينخل به.

و «النخالة» ما بقي في المنخل من القشر ونحوه.

(٣) «زاحموا العلماء في مجالسهم» أي ضايقوهم وادخلوا في زحامهم.

«جثواً على الرُكب» جثا يجثو ، وجثى يجثي : جلس على ركبتيه ، أو قام على أطراف الاَصابع.

وفي بعض النسخ : حبواً : أي زحفاً على الرُكب ، وحبا يحبو ، وحبى يحبي : إذا مشى على أربع.

«بوابل المطر» الوابل : المطر الشديد الضخم القطر.

(٤) «أُولئك هم المتّقون يوم القيامة» تخصيص كونهم من المتّقين بيوم القيامة ، لاَنّ


يا هشام! : قلّة المنطق حكم عظيم ، فعليكم بالصمت ، فإنّه دعة حسنة ، وقلّة وزرٍ ، وخفّة من الذنوب ، فحصّنوا باب الحلم ، فإنّ بابه الصبر ، وإنّ الله عزّ وجلّ يبغض الضحّاك من غير عجبٍ والمشّاء إلى غير إربٍ ، ويجب على الوالي أن يكون كالراعي لا يغفل عن رعيّته ولا يتكبّر عليهم ، فاستحيوا من الله في سرائركم كما تستحيون من الناس في علانيتكم ، واعلموا أنّ الكلمة من الحكمة ضالّة المؤمن ، فعليكم بالعلم قبل أن يرفع ، ورفعه غيبة عالِمكم بين أظهركم(١)(٢).

يا هشام! تعلّم من العلم ما جهلت ، وعلّم الجاهل ممّا عُلّمت ، عظّم العالِم لعلمه ، ودع منازعته ، وصغّر الجاهل لجهله ، ولا تطرده(٢) ، ولكن

____________

= في ذلك اليوم يتبيّن المتّقون واقعاً ، ويمتازون عن المجرمين ، ويحشرون إلى الرحمن وفداً ، وأمّا في الدنيا فكثيراً ما يشبّه غيرهم بهم.

(١) «حكم عظيم» الحكم : الحكمة.

«فإنّه دعة حسنة» الدعة : السكون والراحة.

«والمشّاء إلى غير إربٍ» المشّاء : الكثير المشي ، والاِرب : الحاجة.

«واعلموا أنّ الكلمة من الحكمة ضالّة المؤمن» المراد أنّ المؤمن يأخذ الحكمة من كلّ من وجدها عنده ، وإن كان كافراً أو فاسقاً ، كما أنّ صاحب الضالّة يأخذها حيث وجدها؛ وقيل : المراد أنّ من كان عنده حكمة لا يفهمها ولا يستحقّها يجب أن يطلب من يأخذها بحقّها كما يجب تعريف الضالّة ، وإذا وجد من يستحقّها وجب أن لا يبخل في البذل كالضالّة.

«بين أظهركم» قال ابن الاَثير في النهاية ٣/١٦٦ : في الحديث «فأقاموا بين ظهرانيّهم وبين أظهرهم ... والمراد بها أنّهم أقاموا بينهم على سبيل الاستظهار ، والاستناد إليهم ، وزيدت فيه ألف ونون مفتوحة تأكيداً ، ومعناه أنّ ظهراً منهم قدّامه وظهراً وراءه ، فهو مكنوف من جانبيه ، ومن جوانبه إذا قيل : بين أظهرهم ، ثمّ كثر حتّى استعمل في الاِقامة بين القوم مطلقاً.

(٢) أخرج هذه القطعة في عوالم العلوم ٣/٢٠٥ ح ١٠ عن التحف.

(٣) «ولا تطرده» ولا تبعده.


قرّبه وعلّمه.

يا هشام! إنّ كلّ نعمةٍ عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها.

وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : «إنّ لله عباداً كسرت قلوبهم خشيته فأسكتتهم عن المنطق وإنّهم لفصحاء عقلاء ، يستبقون إلى الله بالاَعمال الزكية ، لا يستكثرون له الكثير ، ولا يرضون لهم من أنفسهم بالقليل ، يرون في أنفسهم أنّهم أشرارٌ وإنّهم لاَكياسٌ وأبرارٌ»(١).

يا هشام! الحياء من الاِيمان ، والاِيمان في الجنّة ، والبذاء من الجفاء ، والجفاء في النار(٢).

يا هشام! المتكلّمون ثلاثة : فرابح وسالم وشاجب ، فأمّا الرابح فالذاكر لله ، وأمّا السالم فالساكت ، وأمّا الشاجب فالذي يخوض في الباطل ، إنّ الله حرّم الجنّة على كلّ فاحش بذيء ، قليل الحياء ، لا يبالي ما قال ولا ما قيل فيه(٣).

____________

(١) «عجزت عـن شكرهـا» المراد بالعجـز الترك وتعجيز النفس والكسل ، لا عدم القدرة ، أي إنّ الله يؤاخذ بترك شكر النعمة كما يؤاخذ بفعل السيئة ولو في الدنيا بزوال النعمة.

«يستبقون إلى الله بالاَعمال الزكية» أي يسبق بعضهم بعضاً في التقرّب إلى الله بالاَعمال الطاهرة من آفاتها ، أو النامية.

«لاَكياس» الاَكياس : جمع كيّس : الفطن ، الظريف ، الحسن الفهم والاَدب.

(٢) «والبذاء من الجفاء» البذاء : الفحش ، وكلّ كلام قبيح. والجفاء : خلاف البرّ والصلة ، وقد يطلق على البعد عن الآداب ، وقال المطرّزي : الجفاء : الغلظ في العشرة ، والخرق في المعاملة ، وترك الرفق.

(٣) «المتكلّمون ثلاثة» المراد بالمتكلّمين القادرون على التكلّم ، أو المتكلّمون والمجالسون معهم تغليباً ، والحاصل أنّ الناس في أمر الكلام على ثلاثة أصناف.

«وشاجب» الشجب : الهلاك والحزن والعيب.

قال ابن الاَثير في النهاية ٢/٤٤٥ : في حديث الحسن : المجالس ثلاثة : فسالم


وكان أبو ذرّ رحمه الله يقول : «يا مبتغي العلم إنّ هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شرّ ، فاختم على فيك كما تختم على ذهبك ووَرِقِك».

يا هشام! بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين ، يطري أخاه إذا شاهده ، ويأكله إذا غاب عنه ، إن أُعطي حسده ، وإن ابتُلي خذله ، إنّ أسرع الخير ثواباً البرّ ، وأسرع الشرّ عقوبةً البغي ، وإنّ شرّ عباد الله من تكره مجالسته لفحشه ، وهل يكبّ الناس على مناخرهم في النار إلاّ حصائد ألسنتهم ، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه(١).

يا هشام! لا يكون الرجل مؤمناً حتّى يكون خائفاً راجياً ، ولا يكون خائفاً راجياً حتّى يكون عاملاً لما يخاف ويرجو.

يا هشام! قال الله جلّ وعزّ : وعزّتي وجلالي وعظمتي وقدرتي وبهائي وعلوّي في مكاني ، لا يؤثر عبد هواي على هواه إلاّ جعلت الغنى في نفسه ، وهمّه في آخرته ، وكففت عليه في ضيعته(٢) ، وضمنت السماوات

____________

= وغانم وشاجب أي هالك؛ يقال : شجب يشجب فهو شاجب ، وشجب يشجب فهو شجب ، أي إمّا سالم من الاِثم ، أو غانم للاَجر ، وإمّا هالك آثم.

(١) «يطري أخاه إذا شاهده ، ويأكله إذا غاب عنه» أي يحسن الثناء ويبالغ في مدحه إذا شاهده ، ويعيبه بالسوء ويذمّه إذا غاب.

«خذله» أي ترك نصرته.

«البغي» التعدّي والاستطالة والظلم ، وكلّ مجاوزة عن الحدّ.

«وهل يكبّ الناس على مناخرهم في النار إلاّ حصائد ألسنتهم» أي ما يقطعونه من الكلام الذي لا خير فيه ، واحدتها حصيدة تشبيهاً بما يحصد من الزرع ، وتشبيهاً للّسان وما يقطعه من القول بحدّ المنجل الذي يحصد به. النهاية لابن الاَثير ١/٣٩٤.

«ومـن حسن إسـلام المـرء تركـه مـا لا يعنيـه» يقـال : هذا أمـر لا يعنيني ، أي لا يشغلني ولا يهمّني.

(٢) في بعض النسخ : صنعته.


والاَرض رزقه ، وكنت له من وراء تجارة كلّ تاجرٍ(١).

يا هشام! الغضب مفتاح الشرّ ، وأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ، وإن خالطت الناس فإن استطعت أن لا تخالط أحداً منهم إلاّ من كانت يدك عليه العليا فافعل(٢).

يا هشام! عليك بالرفق ، فإنّ الرفق يمن ، والخرق شؤم ، إنّ الرفق والبرّ وحسن الخلق يعمّر الديار ، ويزيد في الرزق(٣).

يا هشام! قول الله : (هل جزاء الاِحسان إلاّ الاِحسان)(٤) جرت في المؤمن والكافر ، والبرّ والفاجر ، من صُنع إليه معروف فعليه أن يكافىَ

____________

(١) «في مكاني» أي في منزلتي ودرجة رفعتي.

«وكففت عليه في ضيعته» يقال : كففته عنه أي صرّفته ودفعته ، والضيعة : الضياع والفساد ، وما هو في معرض الضياع من الاَهل والمال وغيرهما.

وقال في النهاية ٣/١٠٨ : ضيعة الرجل ما يكون منه معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغيرها ، ومنه الحديث : «أفشى الله ضيعته» أي أكثر عليه معاشه. انتهى.

فيحتمل أن يكون المـراد صرّفت عنـه ضياعه وهلاكه ، أو صرّفت عنه كسبه بأن لا يحتاج إليه ، أو جمعت عليه معيشته أو ما كان منه في معرض الضياع ، كما قال في النهاية ٤/١٩٠ : لا يكفّها أي لا يجمعها ولا يضمّها ، ومنه الحديث «المؤمن أخ المؤمن يكفّ عليه ضيعته» أي يجمع عليه معيشته ويضمّها إليه.

«وكنت له من وراء تجارة كلّ تاجر» يحتمل وجوهاً :

الاَوّل : أن يكون المراد كنت له عقب تجارة التجّار لاَسوقها إليه.

الثاني : أن يكون المراد أنّي أكفي مهمّاته سوى ما أسوق إليه من تجارة التاجرين.

الثالث : أن يكون معناه : أنا له عوضاً عمّا فاته من منافع تجارة التاجرين.

(٢) «من كانت يدك عليه العليا» اليد العليا : المعطية أو المتعفّفة.

(٣) «والخرق شؤم» الخرق : ضدّ الرفق ، وأن لا يحسن العمل ، والتصرّف في الاَُمور ، والحمق.

(٤) سورة الرحمن ٥٥ : ٦٠.


به ، وليست المكافأة أن تصنع كما صُنع حتّى ترى فضلك ، فإن صنعت كما صنع فله الفضل بالابتداء(١).

يا هشام! إنّ مثل الدنيا مثل الحيّة مسّها ليّن ، وفي جوفها السمّ القاتل ، يحذرها الرجال ذوو العقول ، ويهوي إليها الصبيان بأيديهم.

يا هشام! اصبر على طاعة الله ، واصبر عن معاصي الله ، فإنّما الدنيا ساعة ، فما مضى منها فليس تجد له سروراً ولا حزناً ، وما لم يأت منها فليس تعرفه ، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنّك قد اغتبطت(٢).

يا هشام! مثل الدنيا مثل ماء البحر كلّما شرب منه العطشان ازداد عطشاً حتّى يقتله.

يا هشام! إيّاك والكبر ، فإنّه لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال حبّـةٍ من كِبـر ، الكبر رداء الله ، فمن نازعـه رداءه أكبّـه الله في النار علـى وجهـه(٣)

____________

(١) «وليست المكافأة أن تصنع ...» أي له الفضيلة بسبب ابتدائه بالاِحسان فهو أفضل منك.

(٢) في بعض النسخ : احتبطت ، وفي بحار الاَنوار : اعتبطت.

قال ابن الاَثير في النهاية ٣/١٧٢ : كلّ من مات بغير علّة فقد اعتُبِط ، ومات فلان عبطةً أي شابّـاً صحيحـاً.

و «قد اغتبطت» أي إن صبرت فعن قريب تصير مغبوطاً في الآخرة يتمنّى الناس منزلتك.

(٣) «الكبر رداء الله» قال ابن الاَثير في النهاية ١/٤٤ : في الحديث «قال الله تبارك وتعالى : العظمة إزاري ، والكبرياء ردائي»؛ ضرب الرداء والاِزار مثلاً في انفراده بصفة العظمة والكبرياء ، أي ليستا كسائر الصفات التي قد يتّصف بها الخلق مجازاً كالرحمة والكرم وغيرهما ، وشبّههما بالاِزار والرداء لاَنّ المتّصف بهما يشملانه كما يشمـل الـرداء الاِنسـان؛ ولاَنّـه لا يشاركـه في إزاره وردائـه أحد ، فكذلك الله تعالى لا ينبغي أن يشركه فيهما أحد.


يا هشام! ليس منّا من لم يحاسب نفسه كلّ يومٍ ، فإن عمل حسناً استزاد منه ، وإن عمل سيّئاً استغفر الله منه وتاب إليه.

يا هشام! تمثّلت الدنيا للمسيح عليه السلام في صورة امرأةٍ زرقاء فقال لها : كم تزوّجت؟

فقالت : كثيراً.

قال : فكلّ طلّقك؟

قالت : لا ، بل كلاًّ قتلت.

قـال المسيـح عليه السلام : فـويـح لاَزواجـك البـاقيـن ، كيـف لا يعتبـرون بالمـاضيـن؟!(١).

يا هشام! إنّ ضوء الجسد في عينه ، فإن كان البصر مضيئاً استضاء الجسد كلّه ، وإنّ ضوء الروح العقل ، فإذا كان العبد عاقلاً كان عالِماً بربّه وإذا كان عالِمـاً بربّـه أبصر دينـه ، وإن كان جاهلاً بربّه لم يقم له دين ، وكما لا يقوم الجسد إلاّ بالنفس الحية ، فكذلك لا يقوم الدين إلاّ بالنيّة الصادقة ، ولا تثبت النيّة الصادقة إلاّ بالعقل.

يا هشام! إنّ الزرع ينبت فى السهل ولا ينبت في الصفا ، فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ، ولا تعمر في قلب المتكبّر الجبّار ، لاَنّ

____________

= ومثله الحديث الآخر : «تأزّر بالعظمة ، وتردّى بالكبرياء ، وتسربل بالعزم».

(١) «امرأة زرقاء» الزرقة فى العين معروفة ، وقد تطلق على العمى؛ ويقال : زرقت عينه نحوي : انقلبت وظهر بياضها ، فعلى الاَوّل : لعلّ المراد بيان شؤمتها فإنّ العرب تتشأّم بزرقة العين أو قبح منظرها ، وعلى الثاني ظاهر ، وعلى الثالث كناية عن شدّة الغضب.

«فويـح لاَزواجـك البـاقيـن» ويـح : كلمـة تـرحّـم تقـال لمـن وقـع فـي هلكـة لا يستحقّها ، وقد تقال بمعنى المدح والتعجّب.


الله جعل التواضع آلة العقل ، وجعل التكبّر من آلة الجهل ، ألم تعلم أنّ من شمخ إلى السقف برأسه شجّه ، ومن خفض رأسه استظلّ تحته وأكنّه؟! وكذلك من لم يتواضع لله خفضه الله ، ومن تواضع لله رفعه(١).

يا هشام! ما أقبح الفقر بعد الغنى ، وأقبح الخطيئة بعد النُسك ، وأقبح من ذلك العابد لله ثمّ يترك عبادته(٢).

يا هشام! لا خير في العيش إلاّ لرجلين : لمستمعٍ واعٍ ، وعالم ناطق(٣).

يا هشام! ما قُسّم بين العباد أفضل من العقل(٤) ، نوم العاقل أفضل من سهر الجاهل ، وما بعث الله نبيّاً إلاّ عاقلاً حتّى يكون عقله أفضل من جميع جهد المجتهدين(٥) ، وما أدّى العبد فريضةً من فرائض الله حتّى عقل

____________

(١) «من شمخ» أي طال وعلا.

«شجّه» أي كسره أو جرحه.

«ومن خفض» الخفض : ضدّ الرفع.

(٢) «ما أقبح الفقر بعد الغنى» المراد بالفقر إمّا الفقر المعنوي ، أي ما أقبح للرجل أن تكون له فضائل نفسيّة وخلق كريمة ، أو عقائد حقّة وملّة مَرْضِيّة ، ثمّ يتركها ويستخلف منها الخصال المذمومة والاَخلاق الرذيلة أو العقائد الباطلة فيكون مآل أمره إلى الخسران ومرجعه إلى الفناء.

أو المراد المادّي أي ما أقبح للرجل أن يكون ذا ثروة ومال ، ثمّ يترفها ويسرفها ويصرفها في ما لا يصلح به دنياه ، ولا يثاب في عقباه ، فيصير فقيراً ويصبح إلى أقرانه محتاجاً.

«وأقبح الخطيئة بعد النسك» النسك : الحجّ أو مطلق العبادة.

(٣) «لا خير في العيش» العيش : الحياة.

«لمستمعٍ واعٍ» يقال : وعاه أي حفظه.

(٤) أخرج هذه القطعة في عوالم العلوم ٢/٢٩ ح ٤ عن التحف.

(٥) «جهد المجتهدين» الاجتهاد : بذل الجهد في الطاعات.

أخرج قوله : «وما بعث الله نبيّاً ... جهد المجتهدين» في عوالم العلوم ٢/٢٨ ح ٢ عن التحف والكافي.


عنه(١).

يا هشام! قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم : اذا رأيتم المؤمن صموتاً(٢) فادانوا منه ، فإنّه يلقي الحكمة ، والمؤمن قليل الكلام كثير العمل ، والمنافق كثير الكلام قليل العمل.

يا هشام! أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام : قل لعبادي لا يجعلوا بيني وبينهم عالماً مفتوناً بالدنيا فيصدّهم عن ذِكري ، وعن طريق محبّتي ومناجاتي ، أُولئك قطّاع الطريق من عبادي(٣) ، اِنّ أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة محبّتي(٤) ومناجاتي من قلوبهم.

يا هشام! من تعظّم في نفسه لعنته ملائكة السماء وملائكة الاَرض ، ومن تكبّر على إخوانه واستطال عليهم فقد ضادّ الله ، ومن ادّعى ما ليس له فهو أعنى لغير رشده(٥).

يا هشام! أوّحى الله تعالى إلى داود عليه السلام : يا داود حذّر وأنذر أصحابك عن حبّ الشهوات ، فإنّ المعلّقة قلوبهم بشهوات الدنيا قلوبهم

____________

(١) «عقل عنه» أي عرفه إلى حدّ التعقّل.

أخرج قوله : «يا هشام! ما قُسّم بين العباد ... عقل عنه» في عوالم العلوم ٢/٢٣ ح ٥٣ عن التحف والكافي ، وفي ٣١ ح ١١ عن التحف.

(٢) «إذا رأيتم المؤمن صموتاً» أي الكثير الصمت.

(٣) في بعض الاَخبار : قطّاع طريق عبادي.

(٤) في بعض النسخ : عبادتي.

(٥) «من تعظّم في نفسه» أي عدّ نفسه عظيماً.

«واستطال عليهم» أي تفضّل عليهم.

«أعنى لغير رشده» عنى بالاَمر : كلّف ما يشقّ عليه ، وفي بعض النسخ : «أعنى لغيره» أي يدخل غيره في العناء والتعب ممّن يشتبه عليه أمره أكثر ممّا يصيبه من ذلك ، ويحتمل يكون «أعتى لغيره» من العتوّ وهو الطغيان والتجبّر.

هذا ويحتمل أن يكون الاَصل : فهو لغيٌّ لغير رشدةٍ.


محجوبةٌ عنّي(١).

يا هشام! إيّاك والكبر على أوليائي والاستطالة بعلمك فيمقتك الله ، فلا تنفعك بعد مقته دنياك ولا آخرتك ، وكن في الدنيا كساكن دارٍ ليست له ، إنّما ينتظر الرحيل.

يا هشام! مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة ، ومشاورة العاقل الناصح يمنٌ وبركةٌ ورشدٌ وتوفيقٌ من الله ، فإذا أشار(٢) عليك العاقل الناصح فإيّاك والخلاف فإنّ في ذلك العطب(٣).

يا هشام! إيّاك ومخالطة الناس والاَُنس بهم إلاّ أن تجد منهم عاقلاً ومأموناً فآنس به ، واهرب من سائرهم كهربك من السباع الضارية ، وينبغي للعاقل إذا عمل عملاً أن يستحيي من الله ، وإذا تفرّد له(٤) بالنعم أن يشارك في عمله أحداً غيره ، وإذا مرّ بك(٥) أمران لا تدري أيّهما خير وأصوب ، فانظر أيّهما أقرب إلى هواك فخالفه ، فإنّ كثير الصواب في مخالفة هواك ، وإيّاك أن تغلب الحكمة وتضعها في أهل الجهالة(٧)(٦).

____________

(١) «قلوبهم محجوبة عنّي» أي قلوبهم مستورة عن كشف سبحات وجهي وجلالي وإشراق أنوار عظمتي وعرفان دلائل أَلوهيّتي وجمالي ، وممنوعة عن حصول العلوم الحقيقيّة فيها ، لحلول محبّة زخارف الدنيا فيها وتعلّقها بها.

(٢) في بعض النسخ : فإذا استشار. تصحيف.

(٣) «مجالسة أهل الدين» أهل الدين هم العالمون بشرائع الدين العاملون بها.

«فإنّ في ذلك العطب» العطب : الهلاك.

(٤) في بعض النسخ : إذ تفرّد له.

(٥) في بعض النسخ : وإذا خرّ بك ، وفي بعضها : وإذا حزّ بك.

و «خرّ به أمر» أو «حزّ به أمر» أي نزل به وأهمّه.

(٦) في بعض النسخ : وإيّاك أن تطلب الحكمة وتضعها في الجهّال ، وفي بحار الاَنوار : وتضعها في الجهالة.

(٧) «السباع الضارية» أي المولعة بالافتراس المعتادة له.


قال هشام : فقلت له : فإن وجدت رجلاً طالباً له غير أنّ عقله لا يتّسع لضبط ما أُلقي إليه؟

قال عليه السلام : فتلطّف له في النصيحة ، فإن ضاق قلبه فلا تعرّضن نفسك للفتنة ، واحذر ردّ المتكبّرين ، فإنّ العلم يدلّ على أن يملى على(١) من لا يفيق(٢).

قلت : فإن لم أجد من يعقل السؤال عنها؟

قال عليه السلام : فاغتنم جهله عن السؤال حتّى تسلم من فتنة القول وعظيم فتنة الردّ ، واعلم أنّ الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم ولكن رفعهم بقدر عظمته ومجده ، ولم يؤمن الخائفين بقدر خوفهم ولكن آمنهم بقدر كرمه وجوده ، ولم يفرج(٣) المحزونين بقدر حزنهم ولكن بقدر رأفته ورحمته ، فما ظنّك بالرؤوف الرحيم الذي يتودّد إلى من يؤذيه بأوليائه ، فكيف بمن يؤذى فيه؟! وما ظنّك بالتوّاب الرحيم الذي يتوب على من يعاديه ، فكيف بمن يترضّاه ويختار عداوة الخلق فيه؟!(٤).

____________

= «وإذا تفرّد له بالنعم أن يشارك في عمله أحداً غيره» أي إذا اختصّ العاقل بنعمة ينبغي له أن يشارك غيره في هذه النعمة بأن يعطيه منها.

«وإيّاك أن تغلب الحكمة» لعلّ فيه حذفاً وإيصالاً ، أي تغلب على الحكمة ، أي يـأخذهـا منـك قهـراً مـن لا يستحقّهـا ، أو تغلب علـى الحكمـة فإنّهـا تأبـى عمّـن لا يستحقّها ، ويحتمل أن يكون بالفاء والتاء من الاِفلات بمعنى الاطلاق ، فإنّهم يقولون : انفلت منّي كلام أي صدر بغير رويّة.

(١) في بعض النسخ وبحار الاَنوار : فإنّ العلم يذلّ على أن يحمل (يجلى) على.

(٢) «فتلطّف له في النصيحة» أي تذكر له شيئاً من تلك الحكمة بلطف على وجه الامتحان.

«من لا يفيق» الاِفاقة : الرجوع عن السكر والاِغماء والغفلة إلى حال الاستقامة.

(٣) في بعض النسخ : لم يفرح.

(٤) «يؤذيه بأوليائه» أي بسبب إيذائهم.


يا هشام! من أحبّ الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه ، وما أُوتي عبدٌ علماً فازداد للدنيا حبّاً إلاّ ازداد من الله بعداً ، وازداد الله عليه غضباً.

يا هشام! إنّ العاقل اللبيب من ترك ما لا طاقة له به ، وأكثر الصواب في خلاف الهوى ، ومن طال أمله ساء عمله(١).

يا هشام! لو رأيت مسير الاَجل لاَلهاك(٢) عن الاَمل.

يا هشام! إيّاك والطمع ، وعليك باليأس ممّا في أيدي الناس ، وأمت الطمع من المخلوقين ، فإنّ الطمع مفتاح للذلّ(٣) ، واختلاس العقل(٤) واختلاق(٥) المروّات ، وتنديس العرض (٦) ، والذهاب بالعلم ‎‎‎‎؛ وعليك بالاعتصام بربّك والتوكّل عليه ، وجاهد نفسك لتردّها عن هواها ، فإنّه واجب عليك كجهاد عدوّك.

قال هشام : فقلت له : فأيّ الاَعداء أوجبهم مجاهدةً؟

قال عليه السلام : أقربهم إليك ، وأعداهم لك ، وأضرّهم بك ، وأعظمهم لك عـداوةً ، وأخفاهـم لك شخصاً مـع دنـوّه منك ، ومن يحرّض(٧) أعداءك

____________

= «بمن يترضّاه» أي بمن يطلب رضاه.

(١) «العاقل اللبيب» اللبّ : العقل الخالص من الشوائب ، أو ما ذكا من العقل ، فكلّ لبّ عقل ولا يعكس ، واللبيب من كان ذا لبّ ، فكلّ لبيب عاقل ولا يعكس.

(٢) «لاَلهاك» أي أغفلك.

(٣) في بعض النسخ : الذلّ.

(٤) «واختلاس العقل» الاختلاس : الاستلاب.

(٥) في بعض النسخ : وإخلاق.

والاختلاق : الافتراء. وأخلاق : الظاهر أنّه جمع خلق ـ بالتحريك ـ : أي البالي.

(٦) «وتدنيس العرض» الدنس : الوسخ ، والعرض : النفس والخليقة المحمودة ، وأيضاً : ما يفتخر [به] الاِنسان من حسب وشرف.

(٧) في بعض النسخ : ومن يحرض ، وفي بعضها : ويحرص من.

«ومن يحرّض» أي ومن يحثّ ويرغّب ، كما قال تعالى : (حرِّض المؤمنين


عليك ، وهو إبليس الموكّل بوسواس من القلوب ، فله فلتشتدَّ(١) عداوتك ، ولا يكوننَّ أصبر على مجاهدته(٢) لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته ، فإنّه أضعف منك ركناً(٣) في قوّته ، وأقلّ منك ضرراً في كثرة شرّه ، اِذا أنت اعتصمت بالله فقد هُديتَ إلى صراطٍ مستقيمٍ.

يا هشام! من أكرمه الله بثلاثٍ فقد لطف له : عقلٌ يكفيه مؤونة هواه ، وعلمٌ يكفيه مؤونة جهله ، وغنىً يكفيه مخافة الفقر.

يا هشام! احذر هذه الدنيا واحذر أهلها ، فإنّ الناس فيها على أربعة أصنافٍ : رجلٍ متردٍّ(٤) معانقٍ لهواه ، ومتعلّمٍ مقرىَ(٥) كلّما ازداد علماً ازد كبراً ، يستعلي(٦) بقراءته وعلمه على من هو دونه ، وعابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته ، يحبّ أن يُعظّم ويُوقّر ، وذي بصيرة عالم عارف بطريق الحقّ يحبّ القيام به ، فهو عاجز أو مغلوب ولا يقدر على القيام بما يعرفه فهو محزون مغموم بذلك ، فهو أمثل أهل زمانه ، وأوجههم عقلاً(٧).

____________

على القتال) [سورة الاَنفال ٨ : ٦٥].

(١) في بعض النسخ : فلتشدّ.

(٢) في بحار الاَنوار : مجاهدتك.

(٣) «أضعف منك ركناً» الركن : العزّ والمنعة ، وأيضاً : ما يقوى به ، وأيضاً : الاَمر العظيم ، والمراد : أي لا يكن صبره في المجاهدة أقوى منك ، فإنّك إذا كنـت على الاستقامة في مخالفته يكون مع قوّته أضعف منك ركناً وضرراً.

(٤) «رجل متردٍّ» المتردّي : أي الواقع في المهالك التي يعسر التخلّص منها.

(٥) في بعض النسخ وبحار الاَنوار : متقرّىَ.

والمتقرّىَ : الناسك المتعبّد أو المتفقّه أي متعلّم القراءة.

(٦) في بعض النسخ وبحار الاَنوار : يستعلن.

ويستعلن بقراءتـه : كأنّـه كان يستعلي ، ويمكن أن يضمّن فيه معناه.

(٧) «أمثل أهل زمانه» الاَمثل : الاَفضل.

«وأوجههم عقلاً» لعلّ المراد أنّ عقلهم أوجه عند الله من عقول غيرهم ، أو هم


يا هشام! اعرف العقل وجنده ، والجهل وجنده ، تكن من المهتدين.

قال هشام : فقلت : جعلت فداك ، لا نعرف إلاّ ما عرّفتنا.

فقال عليه السلام : يا هشام! إنّ الله خلق العقل وهو أوّل خلق خلقه الله من الروحانيّين(١) عن يمين العرش من نوره (٢) ، فقال له : أبر فأدبر.

ثمّ قال له : أقبِل ، فأقبَل.

فقال الله جلّ وعزّ : خلقتك خلقاً عظيماً وكرّمتك على جميع خلقي.

ثمّ خلق الجهل من البحر الاَُجاج الظلماني ، فقال له : أدبِر ، فأدبَر.

ثمّ قال له : أقبِل ، فلم يُقبِل.

فقال له : استكبرت؛ فلعنه ، ثمّ جعل للعقل خمسةً وسبعين جنداً ، فلمّا رأى الجهل ما كرّم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة.

____________

أوجه الناس للعقل.

(١) «وهو أوّل خلق خلقه الله من الروحانيّين» أي هو أوّل مخلوق من المنسوبين إلى الروح في مدينة بنية الاِنسان المتمركزين بأمر الربّ والسلطان في مقرّ الحكومة العقليّة ، فهو أوّلها ورأسها ، ثمّ يوجد بعده وبسببه جنداً فجنداً إلى أن يكمل للاِنسان جودة العقل.

قال المجلسي رحمه الله في بحار الاَنوار ٥٧/٣٠٩ : هذا لا يدلّ على تقدّم العقل على جميع الموجودات ، بل على خلق الروحانيّين ، ويمكن أن يكون خلقها متأخّر عن خلق الماء والهواء ، وأمّا خبر «أوّل ما خلق الله العقل» فلم أجده في طرقنا ، وإنّما هو في طرق العامّة ، وعلى تقديره يمكن أن يراد به نفس الرسول صلىالله عليه وآله وسلم لاَنّه أحد إطلاقات العقل ، على أنّه يمكن حمل العقل على التقدير في بعض تلك الاَخبار ، كما هو أحد معانيه ، وكذا حديث «أوّل ما خلق الله القلم» يمكن حمله على الاَوّليّة الاِضافية بالنسبة إلى جنسه من الملائكة ، أو بعض المخلوقات.

(٢) «يمين العرش» أي أقوى جانبيه وأشرفهما.

«من نوره» أي من نور ذاته.

أخرج هذه القطعة في عوالم العلوم ٢/٤١ ح ٦ عن التحف.


فقال الجهل : يا ربّ! هذا خلق مثلي خلقته وكرّمته وقوّيته وأنا ضدّه ولا قوّة لي به ، أعطني من الجند مثل ما أعطيته.

فقال تبارك وتعالى : نعم ، فإن عصيتني بعد ذلك أخرجتك وجندك من جواري ، ومن رحمتي.

فقال : قد رضيت ، فأعطاه الله خمسةً وسبعين جنداً ، فكان ممّا أعطى العقل من الخمسة والسبعين جنداً : الخير ، وهو وزير العقل ، وجعل ضدّه الشرّ ، وهو وزير الجهل(١).

* * *

____________

(١) «خلقتك خلقاً عظيماً وكرّمتك على جميع خلقي» أي فلا يكون خلقاً أعظم منه إذ به يقوم كلّ شيء فيكون أكرم من كلّ مخلوق.

«ثمّ خلق الجهل» وهو منبع الشرور ، فله قابليّة لكلّ شرّ.

أخرج الفقرات الاَخيرة في عوالم العلوم ٢/٤٥ ح ١٠ عن التحف والكافي.


*جنود العقل والجهل*

الاِيمان ـ الكفر ، التصديق ـ التكذيب ، الاِخلاص ـ النفاق ، الرجاء ـ القنوط ، العدل ـ الجور ، الرضى ـ السخط ، الشُكر ـ الكفران ، اليأس ـ الطمع ، التوكّل ـ الحرص ، الرأفة ـ الغلظة ، العلم ـ الجهل ، العفّة ـ التهتّك ، الزهد ـ الرغبة ، الرفق ـ الخرق ، الرهبة ـ الجرأة ، التواضع ـ الكبر ، التؤدة(١) ـ العجلة ، الحلم ـ السفه ، الصمت ـ الهذر(٢) ، الاستسلام ـ الاستكبار ، التسليم ـ التجبّر ، العفو ـ الحقد ، الرحمة ـ القسوة ، اليقين ـ الشكّ ، الصبر ـ الجزع ، الصفح ـ الانتقام ، الغنى ـ الفقر ، التفكّر ـ السهو ، الحفظ ـ النسيان ، التواصل ـ القطيعة ، القناعة ـ الشره(٣) ، المواساة ـ المنع ، المودّة ـ العداوة ، الوفاء ـ الغدر ، الطاعة ـ المعصية ، الخضوع ـ التطاول(٤) ، السلامة ـ البلاء ، الفهم ـ الغباوة(٥) ، المعرفة ـ الانكار ، المدارأة ـ المكاشفة ، سلامة الغيب ـ المماكرة(٦) الكتمان ـ الافشاء ، البر ـ العقوق ، الحقيقة ـ التسويف(٨) المعروف ـ المنكر ، التقيّة ـ الاِذاعة ، الاِنصاف ـ الظلم ، التقى(٨) ـ الحسد ،

____________

(١) «التؤدة» الرزانة والتأنّي؛ يقال : توأّد في الاَمر : أي تأنّى وتمهّل.

(٢) «الهذر» الهذيان والكلام الذي لا يعبأ به؛ يقال : هذر فلان في منطقه : أي خلط وتكلّم بما لا ينبغي.

(٣) «الشـره» الحرص؛ يقال : شره إلى الطعام أي اشتدّ ميلـه إليه ، ويمكن أن يكون كما في بعض النسخ الشِرَّة ـ بالكسر فالتشديد ـ أي الحدّة والحرص.

(٤) «التطاول» التكبّر والترفّع.

(٥) «الغباوة» الغفلة وقلّة الفطنة.

(٦) «المماكرة» المخادعة.

(٧) «التسويف» المطل والتأخير.

(٨) في بعض النسخ وبحار الاَنوار : النفي ، ولعلّ المراد نفي الحسد عن النفس.


النظافة ـ القذر ، الحياء ـ القحة(١) ، القصد ـ الاِسراف ، الراحة ـ التعب ، السهولة ـ الصعوبة ، العافية ـ البلوى ، القوام(٢)ـ المكاثرة(٣) ، الحكمة الهوى ، الوقار ـ الخفّة ، السعادة ـ الشقاء ، التوبة ـ الاِصرار ، المحافظة ـ التهاون(٤) الدعاء ـ الاستنكاف ، النشاط ـ الكسل ، الفرج ـ الحزن ، الالفة ـ الفرقة ، السخاء ـ البخل ، الخشوع ـ العُجُب ، صون الحديث(٥)ـ النميمة ، الاستغفار ـ الاغترار ، الكياسة ـ الحمق(٦).

يا هشام! لا تجمع(٧) هذه الخصال اِلاّ لنبيٍّ أو وصيٍّ أو مؤمنٍ امتحن الله قلبـه للاِيمـان ، وأمّـا سائـر ذلك مـن المؤمنين فإنّ أحدهـم لا يخلو من أن يكون فيـه بعض هـذه الجنود من أجنـاد العقل حتّى يستكمـل العقل ويتخلّص من جنـود الجهـل ، فعند ذلك يكون في الدرجـة العليا مع الاَنبياء والاَوصيـاء عليهما السلام.

وفّقنا الله وإيّاكم لطاعته(٨).

____________

(١) «القحة» الوقاحة وقلّة الحياء.

(٢) «القوام» العدل والاعتدال.

(٣) «المكاثرة» المغالبة في الكثرة بالمال أو العدد ، أي تحصيل متاع الدنيا.

(٤) في بعض النسخ : المخالفة.

(٥) في بعض النسخ : صدق الحديث.

(٦) لا يخفى أنّ ما ذكره هنا من جنود العقل والجهل أقلّ من ٧٥ لكلّ منهما.

(٧) في بعض النسخ : لا تجتمع.

(٨) تحف العقول : ٣٨٣ ـ ٤٠٢ ، عنه بحار الاَنوار ١/١٣٢ ـ ١٥٩ ح ٣٠ ، و ٧٨/٢٩٦ ـ ٣١٩ ح ١ ، وعوالم العلوم ٢/٨٠ ـ ١٠٦ ح ٦٧.

وأخرج ذيل الوصيّة في الوافي (الطبعة الحجرية) : الجزء ٣ ـ روضة الوافي ـ الباب ٢٠ «مواعظ سائر الاَئمّة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين».

وروى البرقي في المحاسن ١/١٩٦ ح ٢٢ بإسناده عن علي بن حديد ، عن سماعة بن مهران ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده عدّة من مواليه فجرى ذكر


..............................................

____________

= العقل والجهل ، فقال عليه السلام : اعرفوا العقل وجنده ، واعرفوا الجهل وجنده تهتدوا.

قال سماعة : فقلت : جعلت فداك ، لا نعرف إلاّ ما عرّفتنا.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : إنّ الله خلق العقل وهو أوّل خلق خلقه من الروحانيّين ... وساق الحديث باختلاف عمّا روي عن الكاظم عليه السلام.

والكليني في الكافي ١/٢١ ح ١٤ بإسناده عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّـد ـ كما في المحاسن ـ.

والصدوق في الخصال : ٥٨٨ ح ١٣ بإسناده عن أبيه رضي الله عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبد الله؛ وعبد الله بن جعفر الحميري ، قالا : حدّثنا أحمد بن محمّـد بن خالد البرقي ، عن علي بن حديد ـ كما في المحاسن ـ.

والصدوق أيضاً في علل الشرائع : ١١٣ ح ١٠ بإسناده عن محمّـد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدّثنا محمّـد بن الحسن الصفّار ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله البرقي ، عن علي بن حديد ـ كما في المحاسن ـ.

وأخرجه في بحار الاَنوار ١/١٠٩ ح ٧ عن الخصال والعلل والمحاسن ، وفي ٥٧/٣٠٩ عن الكليني وغيره (قطعة).

وفي عوالم العلوم ٢/٤٠ ح ٥ و ٤٥ ح ٩ و ٧٢ ح ٦٣ عن الخصال والمحاسن وعلل الشرائع (قطعات).


من أنبـاء التـراث

كتب صدرت محقّقة

* مختلف الشيعة في أحكام الشريعة ، ج ٥ ـ ٩.

تأليف : العلاّمة الحلّي ، الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الاَسدي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ).

موسوعـة فقهيـة مقـارنـة كاملـة ، من الطهارة إلى الديات ، جمع فيـه العلاّمة قدّس سرّه الآراء الفقهيـة لعلمـاء الشيعـة الاِماميـة إلى عصره رحمه الله ، مختصّاً بإيراد أوجـه الاختلاف فـي الـرأي عنـدهـم ـ وبالتحديـد المـوارد الخلافيـة الفرعيـة ـ مـع ذكر أدلّتهـم ، ومـا يرجّحـه هو في المقام.

يشتمـل الكتاب علـى فتـاوى الشيخين ابـن الجنيـد الاسكافـي وابـن أبـي عقيـل العماني قدس سرهما إذ هي منحصرة فيـه ، وكلّ من نقل عنهما بعد العلاّمة فإنّما ينقل عن هذا الكتاب.

تـمّ التحقيـق اعتمـاداً علـى ١١ نسخـة مخطوطـة ذكرت مواصفاتهـا في المقدّمـة ، اشتملت الاَجزاء الخمسـة هذه على كتب المتـاجـر والـديـون ، الاَمـانـات والاِجـارة والهبات ، النكاح والطلاق ، العتق والاَيْمان والصيـد والقضـاء ، الفـرائـض والحـدود والقصاص والديات.

صدرت الاَجزاء ٥ و ٦ سنة ١٤١٦ هـ ، و ٧ و ٨ سنة ١٤١٧ هـ ، و ٩ سنة ١٤١٨ هـ.

سبق أن طبع الكتاب بتحقيق ونشر مؤسّسة النشر الاِسلامـي التابعـة لجماعـة المدرّسين في الحوزة العلمية في قـم.

تحقيـق : مركـز الاَبحـاث والـدراسـات الاِسلامية.


نشر : مركز النشر التابع لمكتب الاِعلام الاِسلامي في الحوزة العلمية ـ قم.

* مستند الشيعة في أحكام الشريعة ، ج ١٢ و ١٣.

تأليف : العلاّمـة الشيخ أحمـد النراقـي (١١٨٥ ـ ١٢٤٥ هـ).

من أهمّ الكتب المصنّفة في الفقه الاستدلالي ، لواحد من كبار علماء الاِمامية في تلك الفترة؛ يشتمل على أُمّهات المسائل الفقهيّة ، وأهمّ الاَحكام الفرعية ، بذكر أدلّة كلّ مسألة ثمّ إيراد الاِشكال والردّ على المخالف منه ، مع بيان تعارض الآراء والاَقوال المختلفة للعلماء فيها.

يمتاز الكتاب بالدقّة البالغة والاَُسلوب العميق ، وكثرة التفريعات إلى غاية ما يمكن لكلّ مسألـة ، بعد تحقيق أصلهـا ، وإثبات حجّيّتهـا عند المصنّف رحمه الله.

تمّ تحقيق الكتاب اعتماداً على ٨ نسخ مخطوطة لاَبواب الكتاب المختلفة ، منها نسخـة بخطّ المصنّف ، من أوّل كتاب المطاعم والمشارب إلى آخر كتاب النكاح ، يعود تاريخها إلى سنة ١٢٤٥ هـ ، وأُخرى كتبت عن الاَصل في عهده رحمه الله سنة ١٢٣٥ هـ ، واثنتين أُخريين لم يدوّن عليهما تاريخ الكتابة ، احتوت إحداهما على قرائن تفيد أنّها كُتبت في عهد المؤلّف ، أمّا باقي النسخ فقد كُتبت في السنين ١٢٤٨ ، ١٢٥٣ ، ١٢٥٨ ، ١٢٦٤ هـ.

واعتُمد أيضاً في التحقيق على نسختين مطبوعتين على الحجر ، طبعت الاَُولى سنة ١٢٧٣ هـ على نسخة المصنّف ، والثانية مصحّحة في سنة ١٣٣٥ هـ.

اشتمل الجزءان على تكملة كتاب الحجّ والعُمرة ، ومن المؤمّل أن يصدر الكتاب في ٢٠ جزءاً.

تحقيق : مؤسّـسة آل البيت عليهم السلام لاِحياء التراث ـ مشهد.

نشر : مؤسّـسة آل البيت عليهم السلام لاِحياء التراث ـ قم / ١٤١٧ هـ.

* تواريخ النبيّ صلي الله عليه وآله والآل عليهما السلام

تأليف : الشيخ محمّـد تقي التستري (١٣٢٠ ـ ١٤١٥ هـ).

كتاب في ٩ فصول ، يعرض ويبحث في بعض ما يتعلّق بأحوال المعصومين الاَربعة عشر : عليهم السلام الرسول الاَكرم صلي الله عليه وآله وبضعته الزهراء فاطمة عليها السلام وبعلها الاِمام أمير المؤمنين عليه السلام والاَئمّة الاَحد عشر من ولده عليهم السلام ، إذ يتعرّض إلى تاريخ مواليدهم ووفيّاتهـم ، أماكن ولادتهـم ومدفنهـم ، أُمّهاتهم ، أزواجهم ، أولادهم ، الممدوحين والمقدوحين من ولدهم وأحفادهم ، ونبذة


من مكارم أخلاقهم وعُلُوّ مقامهم.

تمّ تحقيق الكتاب ـ الذي يصدر لاَوّل مرّة ـ اعتماداً على النسخـة الاَصليّـة بخطّ المصنّف.

تحقيق : الشيخ محمود الشريفي وعلي الشكرچـي.

صدر في قـم سنة ١٤١٦ هـ.

* التقليد.

تأليف : الشيخ الاَعظم ، مرتضى بن محمّـد الاَنصاري (١٢١٤ ـ ١٢٨١ هـ).

رسالة فقهية في التقليد ، تعريفه وحُكمه وأدلّته ، تضمّنت البحث في المقلِّد والمقلَّـد والمقلَّـد فيـه من حيث النوع والصنف والشخص ، وما تعلّق بها من مناقشات واستدلالات وتنبيهات.

تحقيق : لجنة تحقيق تراث الشيخ الاَعظم.

نشر : المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى السنويـة الثانيـة لمولد الشيخ الاَنصاري ـ قم/١٤١٥ هـ.

* خلاصة الاَقوال في معرفة الرجال.

تأليف : العلاّمة الحلّي ، الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الاَسدي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ).

أحد المصادر الرجالية المعروفة ، مرتّب حسب حروف المعجم في قسمين وخاتمة ، يذكر المصنّف في القسم الاََوّل الرواة الّذين اعتمد روايتهم وترجّح عنده قبول قولهم ، فيما خصّص القسم الثاني لذِكر من ترك روايته ، أو توقّف فيه ، كما تضمّنت الخاتمة عشرة فوائد رجالية.

تمّ التحقيق اعتماداً على ثلاث نسخ؛ مخطوطتين ومطبوعة ، ذكرت مواصفاتها في المقدّمة.

تحقيق : جواد القيّومي الاَصفهاني.

نشـر : مؤسّـسة نشر الفقاهة ـ قم/ ١٤١٧ هـ.

* الدرّة الثمينة في أدعية مناسك الحجّ.

تأليف : الشيخ محمّـد صالح آل طعّان القطيفي البحريني (١٢٨١ ـ ١٣٣٣ هـ).

كتاب يضمّ جملة من الآثار والروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام ، الواردة بخصوص آداب وأعمال وأدعية مناسك الحجّ ، إذ تضمّن أوّلاً ما ينبغي للمسافر من الآداب الشرعية ، ثمّ الاَدعية الواردة في الاِحرام وما يتبعه من أفعال العمرة والحجّ ، وعمل يوم الغدير ، وأخيراً بعض أعمال المدينة المنوّرة وزيارة النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وبضعتـه الزهراء عليها السلام وأئمّـة


البقيع عليهم السلام ، وأعمال مساجدها.

تمّ التحقيق اعتماداً على مخطوطتين ذكرت مواصفاتها في المقدّمة.

تحقيق ونشر : دار المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لاِحياء التراث ـ قم/١٩٩٧ م.

* تسلية المَجالس وزينة المُجالس. أو مقتل الحسين.

تأليف : السيّد محمّـد بن أبي طالب الحسيني الكركي ، من أعلام القرن العاشر الهجري.

كتاب قيّم في مقدّمة تضمنّت بعض فضائل أهل البيت عليهم السلام ، وعشرة مجالس جلّهـا في أحـوال الاِمـام السبط الشهيـد أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، ووقائع ثورته المباركة؛ مسيره من المدينة إلى مكّة ثمّ إلى العراق ، استشهاده مع أصحابه ، وسبي عياله ، وثواب البكاء وإظهار الجزع لمصابه ومصاب أهل بيته ، وفضل زيارته واستجابة الدعاء عند تربته الشريفة ، بالاِضافة إلى ذكر نبذة من أحوال سيد المرسلين وخاتم النبيين المصطفى صلي الله عليه وآله ، وما ناله من الاَذى من أعداء الدين ، وظلامة أهل بيته الطاهرين ، وذكر شيء من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وأدلّة إمامته ، ومظلومية الزهراء ٣ ووفاتها ، وفضائل الاِمام الحسن المجتبى عليه السلام التي تختصّ به ، والتي يشترك فيها مع جدّه وأبيه وأُمّه وأخيه صلوات الله عليهم أجمعين.

كما تضمّن الكتاب تعزية المؤلّف المسمّاة بـ : مجرية العبرة ومحزنة العترة.

تمّ تحقيق الكتاب ـ الذي يصدر لاَوّل مرّة ـ اعتماداً على نسخة نفيسة مكتوبة في عصر المؤلّف ، ذكرت مواصفاتها في مقدّمة التحقيق.

تحقيق : فارس حسّون كريم.

نشر : مؤسّسة المعارف الاِسلامية ـ قم/١٤١٨ هـ.

* خصائص الوحـي المبين فـي مناقب أميـر المؤمنين عليه السلام.

تأليف : الحافظ ابن البطريق ، يحيى بن الحسن الاَسدي الحلي (٥٣٣ ـ ٦٠٠ هـ).

من كتب المناقب المعتبرة ، يجمع ويعرض الآيات القرآنيـة الكريمـة النازلـة فـي شأن أميـر المؤمنين الاِمـام علـيّ بن أبي طالب عليه السلام؛ وما ورد في تفسيرها وأسباب نزولها من الاَحاديث النبوية الشريفة والروايات والاَخبار الصحيحة ، اعتماداً على الصحاح والسنن والمسانيد المعروفة.

الكتاب في ٢٥ فصلاً تضمنت ٢٠٢


من أحاديث وروايات مناقب الاِمام عليه السلام المستخرجـة من كتب العامّـة فقط.

كما يورد المصنّف طرقه وأسانيده إلى مؤلّفي الكتب التي اعتمدها في كتابه هذا.

تمّ التحقيق اعتماداً على طبعة الكتاب الحجريّة المطبوعة سنة ١٣١١ هـ ، إضافة إلى الطبعة المحقّقة الصادرة بتحقيق الشيخ محمّـد باقر المحمودي سنة ١٤٠٧ هـ.

تحقيق : الشيخ مالك المحمودي.

نشـر : دار القـرآن الكريـم ـ قم/ ١٤١٧ هـ.

* موجز في أُصول الدين.

تأليف : السيّـد محمّـد باقر الصدر (١٣٥٣ ـ ١٤٠٠ هـ).

من الآثار العقائدية المهمّة للمؤلّف ، كتبه كمقدّمة لرسالته العملية الفتاوى الواضحة ، يشتمل على البحث في المُرسِل والرسول والرسالة؛ المبنيّ على الاستدلال العلمي وفق منهج الدليل العلمي الاستقرائي القائم على حساب الاحتمالات والدليل الفلسفي لاِثبات الصانع تعالى ووحدانيّته ، ولاِثبات نبوّة الرسول صلي الله عليه وآله ، وعرض بعض خصائص وسمات الرسالة الاِسلامية التي ميّزتها عن سائر الرسالات السماوية.

يحتوي الكتاب على مقدّمة للتعريف بمنهج المؤلّف في تدوين أُصول الدين ، بعنوان «المدلول الاجتماعي لاَُصول الدين عند الشهيد الصدر» ، منشورة ـ كمقال ـ في مجلّة قضايا إسلامية ، العدد ٣ لسنة ١٩٩٦ م ، وملاحق تضمّنت محاضرتين للمؤلّف بعنوان «التغيير والتجديد في النبوّة» و «الوحي» مطبوعة سابقاً ، مستقلّة تارة وضمن مجموعة محاضرات للمؤلّف تارة أُخرى ، وفصلاً بعنوان «نظرة عامّة في العبـادات» كتبه كخاتمـة لرسالتـه الفتاوى الواضحـة.

تحقيق : عبـد الجبّار الرفاعي.

نشر : حبيب ـ قم/١٤١٧ هـ.

* الفهرست.

تأليف : شيخ الطائفة ، أبي جعفر محمّد ابن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ).

مـن كتب الاَُصول الرجاليـة الاَربعـة المعتمدة في علم رجال الحديث عند الشيعـة الاِمامية ، خصّصـه الشيخ لذِكر مَن لـه كتاب أو أصل من المصنّفين وأرباب الاَُصول ممّن اتّصل إسناده إليهم ، وذِكْر الطـرق إليهـا غالبـاً ، مـع ذِكْر المؤلّفـات وأحوال بعض المؤلّفين استطراداً ، والاِشارة إلى مكانتهم من الوثاقة والاعتماد أحياناً ،


مرتّب على حروف المعجم.

يشتمل الكتاب على فصل للبحث في طرق الشيخ إلى الاَصحاب وبيان درجة اعتبارها وحجّيتها.

تمّ التحقيق اعتماداً على نسختين ، مخطوطـة ومطبوعـة ، ذكرت مواصفـات النسختين في المقدّمة.

تحقيق : جواد القيّومـي الاَصفهاني.

نشـر : مؤسّسـة نشر الفقاهـة ـ قم/ ١٤١٧ هـ.

* الهداية في الاَُصول ، ج ١ ـ ٣.

تأليف : الشيخ حسن الصافي الاَصفهاني ، المتوفّى سنة ١٤١٦ هـ.

تقريـرات المصنّـف لاَبحـاث أُستـاذه آية الله العظمى السيّد أبو القاسم الخوئي ومحاضراتـه في علم أُصول الفقـه ، التي اشتملت على جميع مباحث الاَُصول.

ضمّت الاَجزاء الثلاثة : مباحث العلم ، المشتـق وتنبيهـاتـه ، الاَوامـر ، مبـاحث الـواجب ، النواهـي ، مفاهيـم : الشرط ، الـوصف ، الغـايـة ، الاستثنـاء ، ثـمّ العامّ والخاصّ ، والمطلـق والمقيّـد ، القطع وأحكامـه وتنبيهاتـه ، العلم الاِجمالـي ، الظنّ ، البراءة وتنبيهـاتهـا ، التخييـر ، الاشتغال ، وأخيراً قاعدة «لا ضرر».

تمّ تحقيق الكتاب ـ الذي يصدر لاَوّل مرّة ـ اعتماداً على النسخة الاَصليّة بخطّ المصنّف.

تحقيق ونشر : مؤسّسة صاحب الاَمر عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ قم/ ١٤١٧ و ١٤١٨ هـ.

* الحسين بن عليّ عليهما السلام نحو معرفة أفضل.

تأليف : الشيخ محمّـد اليزدي.

كتاب يتناول جوانب عديدة من قضية الاِمام الشهيـد أبي عبـد الله الحسين عليه السلام ، والاَسباب الواقعية لثورته المباركة ، مع الاِشارة إلى بعض مواقفه عليه السلام ومواقف أعدائه ومناوئيه ، وإلى مواطن العِبَر في نهضـة الاِمام ، مستهدفـاً التعرّف علـى شخصيّتـه عليه السلام مـن خـلال واقعـة كربـلاء ومـن خلال هدفـه المقدّس والنتائج التي أفرزتها تلك الواقعـة ، إذ يتعرّض لمسيره المبارك ، وما جرى في الكوفة وكربلاء من أحداث ، ومسيـر السبايـا إلـى الشام ودور العقيلـة زينب عليها السلام ، ثمّ عودة القافلـة إلى المدينـة.

تعريب المؤسّسة الاِسلامية للترجمة.

نشرعليهم السلام مؤسّسة النشر الاِسلامي التابعة لجماعة المدرّسين في الحوزة العلمية =


قم/١٤١٦ هـ.

* إعـلام الـورى بأعـلام الهـدى ، ج ١ و ٢.

تأليف : أمين الاِسلام ، الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي ، صاحب تفسير مجمع البيان ، المتوفّى سنة ٥٤٨ هـ.

من الاَسفار القيّمة ، والكتب التأريخية المهمّة ، يعرض سيرة وحياة أهل بيت العصمة عليهم السلام ، وفضائلهم ومناقبهم ، بشكل مرتّب وتنسيق جميل ، مرتّب على أربعة أركان تتفرّع عنها أبواب وفصول متعددة ، متناولاً فيها بالتفصيل مجمل ما يخصّ تاريخ المعصومين عليهم السلام؛ أسماء الاَئمّة الهداة ، تواريخ مواليدهم وأعمارهم ، وطرف من أخبارهم ، ومحاسن آثارهم ، والنصوص الدالّة على صحّـة إمامتهم.

اختصّ الركن الاََوّل بذكر سيرة الرسول الاَكرم صلي الله عليه وآله من مولده إلى وفاته ، وبضعته الزهراء عليها السلام ، فيما اختصّ الثاني بذكر الاِمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ، وخصائصه ومقاماته في الجهاد مع النبيّ صلي الله عليه وآله ، والثالث بذكر الاَئمّة من أبنائه من الاِمام الحسن المجتبى عليه السلام وإلى الاِمام العاشر الحسن العسكري عليه السلام ، في حين كان الركن الرابع خاصّاً بإمامة الاَئمّة الاثني عشر وذكر الاِمام الثاني عشر الحجّة المنتظر عجّل الله تعالى فرجـه الشريف ، وعلامات خروجـه عليه السلام وسيرته عند قيامه ووصف زمانه.

تمّ تحقيق الكتاب ـ الذي تعدّدت طبعاته في إيران ولبنان ، ويصدر محقّقاً لاَوّل مرّة ـ اعتماداً على ثلاث نسخ؛ مخطوطتين ، الاَُولى نسخـة ثمينـة مصوّرة محفوظة في مكتبة العلاّمة المحقّق السيّد عبـد العزيز الطباطبائي قدس سره ، يعود تاريخها إلى القرن السابع الهجري ، والثانية محفوظة في مكتبة ملك في طهران برقم ١٩٠٢ ، يعود تاريخها إلى سنة ٩٦٧ هـ ، ومطبوعة في بيروت سنة ١٩٨٥ م ، كما اعتُمدت في التحقيق موسوعة بحار الاَنوار للعلاّمة المجلسي ، إذ الكتاب من مصادر هذه الموسوعة ، وأنّ النسخة التي اعتمدها العلاّمة كانت بخطّ المصنّف.

تحقيق ونشرعليهم السلام مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لاِحياء التراث ـ قم/١٤١٧ هـ.

* المكاسب المحرّمة ، ج ١.

تأليف : الشيخ الاَعظم ، مرتضى بن محمّـد الاَنصاري (١٢١٤ ـ ١٢٨١ هـ).

المكاسب من كتب الفقه المعروفة ، يبحث في المكاسب المحرّمة أَوّلاً والبيع ثانياً والخيارات ثالثاً ، متناولاً المسائل


الفقهيـة المتعلّقـة ببيان أحكام الكسب ، وما يُكتسب به ، طُبع مراراً وفي أماكن متعدّدة ، ولاَهمّيته في موضوعه ، كُتبت عليه شروح وحواشٍ كثيرة لعددٍ كبير من العلماء والفقهاء ، وعليه مدار التدريس والبحث في الحوزات العلمية إلى الآن.

تضمّن هذا الجزء بداية الكتاب وأنواع الاكتساب المحرّم إلى آخر مبحث الغناء.

تمّ التحقيق اعتماداً على ١٢ نسخة مطبوعة على الحجر ، و ٤ نسخ مخطوطة ، ذكرت مواصفاتها في المقدّمة.

تحقيق : الشيخ محمّـد حسين أمراللّهي والشيخ محمّـد رضا فاكر.

نشر : مؤسّسة النشر الاِسلامي التابعة لجماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم/١٤١٨ هـ.

* كشف اللثـام عن قواعـد الاَحكـام ، ج ١ ـ ٦.

تأليف : الشيخ محمّـد بن الحسن الاَصفهاني (الفاضل الهندي) (١٠٦٢ ـ ١١٣٧ هـ).

متن فقهي ، يعدّ من الشروح المهمّة لكتاب قواعد الاَحكام للعلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف بن المطهّر (٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ) ، وهو موسوعة فقهية شاملة ومستوعبة ـ باختصار ـ لآراء أغلب فقهاء الاِمامية ، المتقدّمين منهم والمتأخّرين ، إذ ينقل المؤلّف الكثير من أقوالهم من كتبهم الفقهية مباشرة وبلا واسطة.

تضمّن الكتاب شرح كتب الطهارة ، والصلاة ـ إلى أحكام قواطع السفر ـ ثمّ الحجّ ، النكاح ... إلى بقيّة أبواب الفقه المعروفة.

تمّ تحقيق الكتاب ـ الذي يصدر لاَوّل مـرّة ـ اعتمـاداً على ١٢ نسخـة مخطوطة ، ٤ منها لكتاب الطهارة ، و ٢ لكتاب الصلاة ، والبقيّة للاَبواب الاَُخرى ، إضافة إلى نسخة واحدة مطبوعة على الحجر.

اشتملت الاَجزاء ١ و ٢ على كتاب الطهارة ، ٣ و ٤ على ما تمّ شرحه من كتاب الصلاة ، و ٥ و ٦ على كتاب الحجّ.

صدرت الاَجزاء ١ و ٣ و ٤ و ٥ سنة ١٤١٦ هـ ، فيما صدر الجزء ٦ سنة ١٤١٧ ، والجزء ٢ سنة ١٤١٨ هـ.

تحقيق ونشر : مؤسّسة النشر الاِسلامي التابعة لجماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم.

* الذِكْر.

تأليف : محمّـد بن منصور المرادي ، المتوفّى حوالي سنة ٢٩٠ هـ.


كتابٌ جامعٌ للاَذكار والاَدعية وفضائلها ، وما يرتبط ويتعلّق بها؛ مثل آداب الدعاء والاِخلاص في العبادة ، والاَدعية المستحبّ قراءتها في أوقات اليوم والليلة ، وفضل كلمة لا إلـه إلاّ الله وفضل قراءة سورة التوحيد ، وبعض الاَدعية المأثورة.

يشتمل على ١٧ باباً متضمّنةً لـ ٥٣٦ نصّاً من الاَحاديث النبوية الشريفة والآثار الواردة عن الاَنبياء والصحابة والتابعين وأقوال المفسّرين ، وما وقف عليه المصنّف ممّا له صلة بالدعاء وذِكْر الله سبحانه وتعالى؛ بغضّ النظر عن الصحّة والضعف.

تمّ تحقيق الكتاب ـ الذي يصدر لاَوّل مرّة ـ اعتماداً على ٣ نسخ مخطوطة ذكرت مواصفاتها في مقدّمة التحقيق.

تحقيق : محمّـد يحيى سالم عزّان.

نشر : مكتبة بدر ـ صنعاء/١٤١٧ هـ.

* كتاب الخُمسْ.

تأليف : الشيخ مرتضى الحائري (١٣٣٤ ـ ١٤٠٦ هـ).

كتاب مشتمل على مباحث فقهية تخصّ موضوع الخُمْس والاَنفال ، كان قد بحثها المؤلّف في محاضراته على طلبته من سنة ١٣٩٤ هـ إلى سنة ١٤٠٠ هـ؛ تناول الكتاب : ما يجب فيه الخمس ، ومصرفه ، وما يعدّ من الاَنفال ، وأحكامها ، ثمّ خاتمة تضمّ مسائل متفرقة.

اشتمل الكتاب على متن وشرح ، يثبت المؤلّف في المتن ما ورد في كتب فقهاء الاِمامية عن الموضوع ، ثمّ يتعرّض لشرحه وتوضيح مستنده فقهياً بنحو من الاختصار.

تمّ التحقيق اعتماداً على نسخة الاَصل بخطّ المؤلّف.

تحقيق : الشيخ محمّد حسين أمراللّهي.

نشر : مؤسسة النشر الاِسلامي التابعة لجماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم/١٤١٨ هـ.

* الوجيـز في تفسير القـرآن العزيز ، ج ٢ و ٣.

تأليف : الشيخ علي بن الحسين بن محيي الدين بن أبي جامع العاملي الحارثي الهمداني (١٠٧٠ ـ ١١٣٥ هـ).

تفسير مهم ، امتاز بوضوح الفكرة وجزالة العبارة وقوّة الاَداء ، استوعب كلّ جوانب القراءات ، وأسباب النزول ، واللغة ، والنحو ، والبلاغة ، والاَحكام الفقهية ، والمسائل الكلاميّة ، والتاريخ القصصـي ، وقـد ذكـر فيـه مؤلّفـه الآراء


المختلفة للمفسّرين ، ثمّ يذكر ما يذهب هو إليه بالدليل المقنع.

طبع الكتاب لاَوّل مرّة بتحقيق الدكتور عبـد الرزّاق محيي الدين في بغداد سنة ١٣٧٣ هـ طبعة ناقصة ، إذ اشتملت على أقلّ من نصف التفسير فقط ـ حتّى سورة النحل ـ فيما اشتملت الطبعة المحقّقة هذه على جميع التفسير من أوّله إلى آخره.

تـمّ التحقيـق اعتمـاداً علـى ٣ نسخ مخطوطـة إضافة إلى المطبوعـة المحقّقـة ، ذكرت مواصفات النسخ في المقدّمة.

اشتمل الجزء ٢ على تفسير السور المباركة من (التوبة) إلى (السجدة) ، فيما اشتمل الجزء ٣ على تفسير السور المباركة من (الاَحزاب) إلى آخر القرآن الكريم.

تحقيق : الشيخ مالك المحمودي.

نشـر : دار القـرآن الكـريـم ـ قـم/ ١٤١٧ هـ.

* الدرّة الثمينة في زيارة المعصومين في المدينة.

تأليف : الشيخ محمّـد صالح آل طعّان القطيفي البحريني (١٢٨١ ـ ١٣٣٣ هـ).

كتاب مخصّص لبيان زيارة رسول الله المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وبضعتـه الزهراء عليها السلام ، والاَئمّة من أهل بيته المدفونين في البقيع ، الحسن المجتبى وعليّ السجّاد ومحمّـد الباقر وجعفر الصادق عليهما السلام ، مع بيان فضل هذه الزيارة ، وذكر نبذة من أحوالهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

كما اشتمل على ذكر فضيلة المدينة ، وزيارة إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وزيارة فاطمة بنت أسد أُمّ أمير المؤمنين الاِمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام وبيان قبرها رضوان الله تعالى عليها.

تمّ التحقيق اعتماداً على مخطوطة واحدة عليها تملّك المصنّف ، ذكرت مواصفاتها في المقدّمة.

تحقيق ونشرعليهم السلام دار المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لاِحياء التراث ـ قم/١٩٩٧ م.

* العُدّة في أُصول الفقه ، ج ١ و ٢.

تأليف : شيخ الطائفة ، أبي جعفر محمّد ابن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ).

من مصنّفات الاِمامية القديمة في أُصول الفقه، يشتمل على ١٢ باباً وكُلّ باب في فصول عديدة.

يعرض الشيخ في كتابه هذا أقوال وآراء جُـلّ الاَُصولييـن وأربـاب المـذاهب ـ من الخاصّة والعامّة ـ المعاصرين له والمتقدّمين عليه ، ويناقش أدلّتهم داعماً رأيه ومذهبه بالكتاب والسُنّة واللغة وأدلّة


العقل ، ويحاول تحديد بعض المفاهيم اللغوية والاصطلاحات الكلامية ومباحث الاَلفاظ.

يتعرّض فيه إلى ماهيّة أُصول الفقه ، وبيان حقيقة العلم وأقسامه ، وحقيقة الكلام وأقسامه ، ثمّ الكلام في الاَخبار ، وحجيّة خبر الواحد ، والاَوامر ، والنواهي ، والعموم والخصوص ، والبيان والمجمل ، والناسخ والمنسوخ ، والاَفعال ، والاِجماع ، والقياس ، والاجتهاد ، والحَظْر والاِباحة.

يشتمل الكتاب على مقدّمة عن حياة وآثار وتراث الشيخ الطوسي في خراسان وبغداد والنجف.

تمّ تحقيق الكتاب اعتماداً على نسخة مخطوطة نفيسة ، هي أقرب النُسخ الموجودة إلى عصر المؤلّف ، إضافة إلى الطبعة الحجريّة الثانية المطبوعة في طهران سنة ١٣١٤ هـ ، ذكرت مواصفات النسخ في المقدّمة.

تحقيق : الشيخ محمّـد رضا الاَنصاري القمّيّ.

صدر في قم سنة ١٤١٧ هـ.

* * *

طبعات جديدة

لمطبوعات سابقـة

* الرسائـل العشـر في الاَحاديـث الموضوعة في كتب السُنّـة.

تأليف : السيّد علي الحسيني الميلاني.

رسائل تتناول عشرة من الاَحاديث النبوية الشريفة والاَخبار البارزة المطروحة فـي علم الكلام والعقائـد ، والمستند إليها في مسألـة الاِمامـة عند العامّـة ، تـمّ نقلها بأسانيدها عن الصحاح والمسانيد المعتبرة عندهـم ، وإيراد مـا قالـه الاَئمّـة عن متونها ومداليلهـا ، ثـمّ بعد مناقشتهـا والبحث فـي استدلالاتهـا وتحقيق حال رجالها في ضوء القواعـد العلميـة المسلّمـة وكلمـات أئمّـة الجرح والتعديل ، تـمّ إثبات أنّهـا موضوعة ولا يجوز الاحتجاج بهـا والاعتماد عليهـا.

سبق أن نشر مجمع الذخائر الاِسلامية فـي قم الرسالـة الاَُولى مـن هذه الرسائل سنـة ١٣٩٦ هـ ، فيمـا نُشرت البقيـة على صفحات نشرتنا هذه تراثنـا ضمن سلسلة : «مـن الاَحاديث الموضوعـة» ، في الاَعداد ٢٠ سنـة ١٤١٠ و ٢٣ ـ ٢٥ سنـة ١٤١١ و ٢٦ ـ ٢٩ سنـة ١٤١٣ و ٣٠ ـ ٣١ سنـة ١٤١٣ هـ ، والرسائل هي :


١ ـ رسالة في حديث «أصحابي كالنجوم ...».

٢ ـ رسالة في حديث الاقتداء بالشيخين.

٣ ـ رسالة في حديث «عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين».

٤ ـ رسالة في صلاة أبي بكر.

٥ ـ رسالة في المتعتين.

٦ ـ رسالة في حديث خطبة عليّ عليه السلام بنت أبي جهل.

٧ ـ رسالة في الاَحاديث المقلوبة في مناقب الصحابة.

٨ ـ رسالة في خبر تزويج أُمّ كلثوم من عمر.

٩ ـ رسالة في الاَحاديث الواردة في الخلفاء على ترتيب الخلافة.

١٠ ـ رسالة في حديث الوصية بالثقلين الكتاب والسُنّة.

صدر في قم سنة ١٤١٨ هـ.

* جهاد الاِمام السجّاد زين العابدين عليه السلام.

تأليف : السيّـد محمّـد رضا الحسيني الجلالي.

دراسة مشتملة على فصول خمسة وخاتمة ، تناولت بالبحث والتحليل دور الاِمام عليّ بن الحسين عليه السلام (٣٨ ـ ٩٥ هـ) بعد فاجعة الطفّ في شتّى المجالات ، الفكرية والعقائدية والعلمية ، والاجتماعية والسياسية وغيرها ، كما تناولت بشكل خاصّ مواقفه الجريئة والحاسمة أمام الحكّام الظلمة وأعوانهم ، وكذا مواقفه من الثورات والحركات المناهضة للاَُمويين التي عاصرت فترة إمامته عليه السلام ، فأوضحت ما كان خافياً ـ غفلة أو تغافلاً ـ على كثير من الباحثين والكتّاب ممّا التبس عليهم من أُسلوب عمل الاِمام السجّاد عليه السلام في ظلّ الظروف التي عايشها ، وردّت كلّ الشبهات التي حيكت حول ذلك ، كما مهّد المؤلّف لفصول الكتاب بمبحث عن الاِمامة ومستلزماتها ، وإمامة الاِمام السجّاد عليه السلام.

سبق أن صدر الكتاب في قم سنة ١٤١٤ هـ ، وأعادت طبعه بصفّ جديد دار الحديث في قم سنة ١٤١٨ هـ ، بعد مزيد من التدقيق والتنقيح.

* الغدير والمعارضون.

تأليف : السيّـد جعفر مرتضى العاملي.

بحث موجز ، يعالج أحد الجوانب المرتبطة بقضية «الغدير» ، التي تعدّ من أخطر قضايا تاريخ الاِسلام وأشدّها حساسية؛ وهو أنّ التهديد الاِلـهي في آية التبليغ الكريمة (سورة المائدة ٥ : ٦٧) لم


يكن موجّهاً إلى الرسول الكريم صلي الله عليه وآله مباشرة ، وإنّما للحاقدين المتآمرين من قومه وأصحابه ، المعارضين لتنصيب الاِمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام إماماً وخليفةً من بعده صلي الله عليه وآله.

سبق أن نُشر البحث كمقال بعنوان «الغدير في ظلّ التهديدات الاِلـهية للمعارضة» في نشرتنا هذه تراثنا ، العدد ٢١ الصادر في شوال ١٤١٠ هـ ، وأعادت طبعه دار الاَمير في بيروت بصفّ جديد سنة ١٤١٢ هـ.

ثمّ أعادت طبعه دار السيرة في بيروت وقم ، سنة ١٤١٧ هـ.

* تـشيـيـد المـراجـعـات وتـفنـيـدالمكـابـرات ، ج ١.

تأليف : السيّد علي الحسيني الميلاني.

كتاب المراجعات للسيّد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي (١٢٩٠ ـ ١٣٧٧) عبارة عن مجموعة مناظرات علمية ـ راقية المستوى ـ جرت بين مؤلّفه ١ وبين الشيخ سليم البشري من أعلام مشايخ الاَزهر بالقاهرة ، تلخّصت في ١١٢ مراجعة؛ تركّزت في محورين :

الاَوّل في إمامة المذهب أُصولاً وفروعاً ، والثاني في الاِمامة العامة ، وهي الخلافة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو مطبوع عدّة طبعات في بغداد وبيروت والقاهرة ومترجم إلى عدّة لغات.

وهذا الكتاب يشتمل على بحوث وضعت تشييداً للمراجعات ، بتوضيح أو تعليق أو تذييل ، وتفنيداً لما كان ـ وما يكون ـ بشأنهـا من مكابرات عن تعصّب أو جهل أو تضليل ، صدرت من أحد الاَشخاص؛ أراد منها التشكيك في أصل وبحوث المراجعات.

سبق أن نشرت هذه البحوث على صفحات نشرتنا هذه تراثنا من العدد ٣٥ ـ ٣٦ لسنة ١٤١٤ هـ إلى العدد ٤٧ ـ ٤٨ لسنة ١٤١٧ هـ.

صدر في قم سنة ١٤١٨ هـ.

كتب صدرت حديثاً

* أهل البيت عليهم السلام في الكتاب المقدّس.

تاليف : أحمد الواسطي.

كتاب مخصّص لاستقصاء النصوص الواردة في «الكتاب المقدّس» المشتمل على العهدين القديم ـ أسفار الديانة اليهودية ـ والجديد ـ أسفار الديانة النصرانية ـ الخاصّة ببشارة الاَنبياء والكتب السماوية بالرسول الاَكرم محمّـد صلي الله عليه وآله ،


والاَئمّة الاثني عشرعليهم السلام.

إذ تناول ـ مترجماً ومحـلّلاً ـ نصوصاً باللغة العبرية ، لغة الكتاب المقدّس ، المؤكّدة لهذه البشارة ، كما أورد نصوصاً تخبر عن مذبحة كربلاء واستشهاد الاِمام أبي عبـد الله الحسين عليه السلام ، ونصوصاً أُخر تبشّر بظهور الاِمام المهديّ المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف في آخر الزمان ، وأنّـه يملاَ الاَرض قسطـاً وعـدلاً بعـد أن تملاَ ظلماً وجوْراً.

كذلك ألقى الكتاب ضوءاً على أسفار الكتاب المقدّس ولغات العهد القديم وإنجيل برنـابـا ومظاهر الانحراف والتفرقـة العنصرية في أسفار اليهود.

صدر في قم سنة ١٩٩٧ م.

* منع تدوين الحديث. أسباب ونتائج.

تأليف : علي الشهرستاني.

دراسة علمية نقدية لقضية منع تدوين أحاديث الرسول الاَكرم صلي الله عليه وآله عقيب وفاته ، والنهي الذي فرضـه الشيخان ـ ومن سار على نهجهما من الخلفاء بعدهما ـ على كتابته ، وامتدّ إلى بداية القرن الثاني الهجري.

اشتملت الدراسة على البحث في مراحل المنع ، والاَسباب السبعة المعلّلة والمبرّرة له ، موضّحة بطلان ستّـة منها ، وعدم تماميّة سابعها ، ثمّ بيّنت سبباً منطقياً آخر معضّداً بالنصوص والوقائع والاَخبار بعد مناقشتها والوقوف على مدلولاتها الصريحة الواضحة؛ خلاصته أنّه إضافة إلى محاولة طمس فضائل أهل البيت عليهم السلام والتعتيم على إمامتهم السياسية والدينية ، فإنّ السبب هو خلق جوّ فقهي جديد مبنيّ على الرأي والاجتهاد ـ حتّى قبال النصّ ـ للمصلحة ، ليتمكّن الخليفة من خلاله أن يتكيّف لسدّ عجزه الفقهي الناتج عن افتقاره المقدرة العلمية المطلوبة لبيان حكم الشرع الصحيح.

كما أوضحت الدراسة النتائج والآثار الخطيرة التي ترتّبت على المنع والتي انعكست على واقع التشريع الاِسلامي ، وأفضت إلى افتراق المسلمين وتعدّد مناهجهم في الاَُصول والمباني التشريعية ، وإلى اليوم.

نشر : مؤسّسة الاِمام عليّ عليه السلام ـ قم/ ١٤١٨ هـ.

* الميراث ، أُصوله ومسائله ج ١ و ٢.

تأليف : علي المبارك.

كتاب مخصّص لتوضيح وبيان كيفية


حلّ مسائل الاِرث وتقسيم فرائضه (أي أسهمه) مع عرض مبسّط لاَُصوله وفروعه ، وشرح لمصطلحاته وقواعده.

تناول في فصول ستّة : تعريف الميراث ، معنى الفرائض ، موجبات الاِرث ، النسب ومراتبه وتقسيماته ، وموانع الاِرث ولواحقها ، كما تناول : مسائل المرتبة الاَُولى من مراتب النسب الخاصّة بالاَبوين والاَولاد ، فالثانية الخاصّة بالاَجداد والاِخوة ، فالثالثة الخاصّة بالاَعمام والاَخوال ، ثمّ إرث الولاء وأقسامه ، ولواحق الميراث ، ومختتماً بملحق في معرفة بعض مسائل الحساب.

صدر سنة ١٤١٧ هـ.

* شبهات وردود / ١ و ٢.

تأليف : السيّـد سامي البدري.

كتاب في حلقتين ، مخصّص للردّ على الشبهات والشكوك التي أثارها أحمد الكاتب في نشرته الشورى بشأن الشيعة والتشيّع ، والتي لم يأت فيها بجديد ، إذ هي تكرار واجترار لِما سبقها وأخذٌ منها.

فقد تناولت الاَُولى شبهات إنكار ولادة الاِمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف وغيبته ، ونفي صحّة الاَحاديث النبوية الشريفة في الاَئمّة الاثني عشر ، والادّعاء بأنّ عقيدة الاثني عشر إماماً وليدة القرن الرابع الهجري ، ونفي القول بأصل الوصية والنصّ على الاَئمّة المعصومين بعد النبيّ صلي الله عليه وآله وربط ذلك بعبـد الله بن سبأ.

أمّـا الثـانيـة فتنـاولت شبهـات عـدم وجود نصّ على الاِمام عليّ عليه السلام بالخلافة ، وأنّ الصحـابـة أكبـر من أنّهـم يخـالفـون الرسول صلي الله عليه وآله ، وأنّـه لـو وجد النصّ فلماذا بايع الاِمام عليه السلام الخلفاء الثلاثة برضاه.

صدرت الحلقتـان فـي قـم/١٤١٧ هـ ، الاَُولى من قبل حبيب للنشر.

* الاَمر بين الاَمرين.

إصدار : مركز الرسالة.

بحث يعالج مسألة أفعال الاِنسان وسلوكه ، وكيفية ارتباطها بخالقه عزّ وجلّ ، يعرض إتجاهاتهـا الثلاثـة : الجبر ، الاختيار ـ التفويض ـ والمنزلة التي بينهما ، ويذكر أدلّتها ، ويناقشها في ضوء النصوص القرآنية والسنّة النبوية المطهَّرة ودليل العقل ، معتمداً المصادر المهمّة والموثّقة.

مقسّم إلى فصول يتناول فيها : الحتمية التأريخية والحتمية الكونية ، موقف القرآن الكريم من مسألة الحتمية واستقلال الاِنسان؛ إذ يقرّر مبدأيْ حرّية إرادته واختياره ، وعدم استقلاله في الاِرادة


واتّخاذ القرار ، ثمّ مذهب أهل البيت عليهم السلام : الاَمر بين الاَمرين؛ متناولاً جبهات الصراع العقائدي في الموضوع ، ودورهم عليهم السلام في مواجهة التيّارات المنحرفة ، وفي الدفاع عن التوحيد والعدل من خلال تقديم أُصول متعدّدة عن القضاء والقدر في الكون وحرية الاختيار لدى الاِنسان داخل الدائرة الحتمية للقضاء والقدر.

صدر ضمـن : سلـسلـة المـعـارف الاِسلاميـة برقم ٥.

نشر : مركز الرسالة قم/١٤١٧ هـ.

* الاَسمـاء الثلاثـة. الاِلـه والربّ والعبادة.

تأليف : الشيخ جعفر السبحاني.

رسالة موجزة في تفسير وتحليل الاَسماء الثلاثة ، التي تدور حولها ـ ربّما ـ معظم تعاليم القرآن الكريم الخاصّة بالتوحيد والشرك والتنزيه والتشبيه.

إذ تناولت عبر فصولها الاَربعة : الاِلـه والربّ في اللغة والكتاب العزيز مع بيان مراتب التوحيد ، ثمّ تحديد مفهوم العبادة من خلال تعاريف وتفاسير المسلمين المختلفـة لها ، ثمّ إجابات لاَسئلـة تخصّ الموضوع باستعراض آراء بعض العلماء الاَعـلام ، وأخيراً معنـى حصر الاستعانـة بالله سبحانه وتعالى وحُكم الاستعانة بغيره عزّ وجلّ ، موضحّة أنّ التوسّل إلى الله بالاَنبياء والاَولياء والصالحين وطلب الشفاعـة منهـم على أنّهـم عباد مكرمون ليس بشرك.

نشر : مؤسّسة الاِمام الصادق عليه السلام قم/ ١٤١٧ هـ.

* التقية في فقه أهل البيت عليهم السلام ، ج ١.

تأليف : محمّـد علي صالح المعلّم.

تقرير المؤلّف لاَبحاث أُستاذه الشيخ مسلم الداوري ، وهو بحث فقهي استدلالي لاِحدى المسائل المهمّة التي يكثر الابتلاء بها ، إذ يتعرّض لموارد التقية في أبواب الفقـه الاِمامي المختلفة ، مع بيان مـا يجوز ومـا لا يجوز فيـه التقية ، باعتماد مـا ورد مـن هـذه المـوارد في روايات أهل البيت عليهم السلام.

تناول في مقدّمتـه موضوع التقيـة عبر التاريـخ ، وفـي حياة الاَنبيـاء والاَوليـاء والمصلحين ، والتقيـة قبل ظهور الاِسلام ، وفي زمان النبيّ صلي الله عليه وآله وبعد وفاته ، ثمّ تناول فـي مدخلـه المعنى اللغوي والاصطلاحي للتقية ، والاستدلال على مشروعيّتهـا بل وجوبها بالاَدلّة الاَربعة.

تضمّن منهج الكتاب بيان أصل الحكم


الاََوّلي والدليل عليه في المسألة المبحوث عنها والاِشارة إلى جهات الاختلاف فيها ، وذكر ما عليه العامّة واختلافهم مع الاِمامية ، ثمّ بيان الحكم عند اقتضاء التقية والآثار المترتّبة عليها تكليفاً ووضعاً.

شمل هذا الجزء موضوع التقية في أُصول الدين وفي فروع الطهارة والصلاة والصوم والحجّ والزكاة.

صدر في قم سنة ١٤١٨ هـ.

* معجم المحاسن والمساوىَ ، ج ١.

تأليف : الشيخ أبو طالب التجليل التبريزي.

موسوعـة علميـة أخلاقيـة ، لاستقصاء وإحصاء ما يرتبط بشتّى شؤون الاِنسان ، الشخصية والاجتماعية والاقتصادية ، من التحسين والتقبيـح الوارد في الشريعـة الاِسلاميـة السمحـاء؛ والـذي جـاء لينظّـم حياته في مجتمعه ليكون مؤهّلاً لخلافة الله سبحانه وتعالى في أرضه.

تثبت هذه الموسوعة محاسن الاَخلاق والاَعمال التي أمرت بها شريعة الاِسلام ، وحثّت على الاَخذ بها ، ومساوئها التي نهت عنها وحثّت على تركها ، ذاكرة في كلّ موضوع ما يخصّه من الآيات القرآنية الكريمة ، ثمّ أحاديث النبيّ الاَكرم صلي الله عليه وآله وأوصيائه الاَئمة الاثني عشر عليهم السلام ، الواردة في كتب الاِمامية ، وتذييلها بما جاء في كتب العامّـة.

أحصتْ الموسوعة أوّلاً ٢٩٩ عنواناً للمحاسن ، ثمّ ٢٠٦ عناوين للمساوىَ ، مرتّبة حسب حروف المعجم ، بعد مقدّمة لبيان مآخذ ومصادر الموسوعة ، وطريقة تنظيم العناوين الواردة فيها.

اشتمل هذا الجزء على ٨٣ عنواناً ـ مع تفرّعاتها ـ من عناوين المحاسن الواقعة ضمن حرف الاَلف.

نشر : مؤسّسة النشر الاِسلامي التابعة لجماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم/١٤١٧ هـ.

* فوائد الاَسفار في وصف مخطوطات علماء البحرين الاَبرار ، ج ١.

تأليف : محمّـد عيسى آل مكباس البحراني.

كتاب مخصّص لاِحصاء مخطوطات مصنّفات علماء البحرين ، يشتمل على وصف المخطوط وذكر أماكن وجوده في المكتبات العامّة والخاصّة ، مرتّب على حروف المعجم ، مع فهارس لاَسماء الكتب المخطوطـة ، وللمؤلّفيـن والناسخيـن ، والمكتبـات.


صدر في قم سنة ١٤١٨ هـ.

* المعين على معجم رجال الحديث ، القسم ٢.

تأليف : السيّـد محمّـد جواد الحسيني البغدادي.

كتاب يتناول ـ باختصار ـ ما يرتبط بالشؤون الرجالية للرواة المذكورين في كتاب معجم رواة الحديث ، لمصنّفه آية الله العظمى السيّـد أبو القاسم الخوئي قدس سره ، المتوفّى سنة ١٤١٣ هـ.

يختصّ هذا القسم من الكتاب بعناوين الرواة في غير الكتب الاَربعة ، التي أختصّ بها القسم الاَوّل.

نشر : مؤسّسة الاِمامة للنشر ـ مشهد/ ١٤١٧ هـ.

* المصطفى والعترة ، ج ١ ـ ٣ وج ٨ ـ ١٠.

تأليف : حسين الشاكري.

تدويـن لسيـرة وحيـاة الرسـول صلي الله عليه وآله والاَئمّة الاَطهار من أهل بيته عليهم السلام بأُسلوب بسيط وخالٍ من التعقيد ، يشمل أبحاثاً علمية وتأريخية متعدّدة.

اعتمد المؤلّف في تدوين هذه السيرة على أُمّهات مصادر التاريخ والحديث والسيرة النبوية الشريفة.

اشتمل الجزء ١ على مختصر لسيرة وحيـاة الـرسـول الاَعظـم صلي الله عليه وآله ومواقفـه ومغازيه ، فيما اشتمل الجزءان ٢ و ٣ على سيرة وحياة الاِمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام؛ اختصّ أوّلهما بحياته عليه السلام من ولادته في الكعبة المشرّفة إلى يوم التحاق المصطفى صلي الله عليه وآله بالرفيق الاَعلى ، وثانيهما بحياته من يوم السقيفة إلى يوم استشهاده عليه السلام في محرابه بمسجد الكوفة.

كما اشتمل الجزء ٨ على سيرة وحياة الاِمام الباقر محمّد بن علي عليه السلام ، والجزءان ٩ و ١٠ على سيرة وحياة الاِمام الصادق جعفر بن محمّـد عليه السلام.

نشر : الهادي ـ قم/ ١٤١٥ و ١٤١٦ و ١٤١٧ هـ.

* حياة أمير المؤمنين عليه السلام عن لسانه.

تأليف : الشيخ محمّـد محمّـديان.

جمع وترتيب لبيانات وخطب ورسائل أمير المؤمنين الاِمام عليّ عليه السلام ، وما أُثر عنه من كلمات؛ التي تحكي لمحات من سيرة حياته الشريفة ، المليئة بالحوادث ، المعبّرة عن صورة مشرقة ناصعة للاِسلام المحمّدي الاَصيل ، والتي تعكس الظروف والمشاكل والاحتياجات والكثير من


المسائل التي عاصرها وواجهها الاِمام عليه السلام ، وتبيّن مواقفه منها والتدابير التي اتّخذها قبالها ، إذ تعدّ هذه البيانات من أوثق المصادر وأقواها اعتماداً لمعرفة تفاصيل حياة الاِمام المباركة.

كما أُضيفت «تكملة» لبعض فصول الكتاب ، تمّ اختيارها من البيانات الواردة ضمن فصوله الاَُخرى ، ترتبط بما ورد في الفصل ، بالاِشارة إلى الرقم المسلسل للحديث ومحلّ الاستشهاد منه فقط.

اشتمل هذا الكتاب على حياة الاِمام أمير المؤمنين عليه السلام في عصر الرسول صلي الله عليه وآله.

نشر : مؤسّسة النشر الاِسلامي التابعة لجماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم/١٤١٧ هـ.

* الحقوق الاجتماعية في الاِسلام.

إصدار : مركز الرسالة.

بحث يتناول نظرة الاِسلام الشمولية ، وما يفرضه من عناية ورعاية لحقوق الاِنسان والمجتمع ، وحفظها وصيانتها لكلّ منهما ، ولِما يترتّب لهما إثر العلاقة المترابطة بينهما.

اشتملت فصوله الثلاثة على مباحث متعدّدة ، تناول فيها الحقوق العامّة للاِنسان وأهمّ أنواعها ، والحقوق الاجتماعية ذات الصبغة القانونية ، وذات الصبغة الاَخلاقية ، مـع شيء مـن التفصيل في موضوع حقّ الجوار.

ومحور البحث كان بخصوص الحقوق العائلية لاَهمّيتها الاجتماعية الكبيرة ، بتقدير أنّ الاَُسرة هي اللبنة الاَساسية في البناء الاجتماعي ، مشيراً إلى ما يفرضه الاِسلام من حقوق وواجبات للاَبوين ، وللاَولاد ، ثمّ الحقوق المتبادلة بين الزوجين.

اعتمد البحث على النصوص القرآنية وأحاديث السُنّة النبوية المطهّرة ، وما ورد عن أهل البيت الطاهرين عليهم السلام ، خصوصاً رسالـة الحقـوق للاِمـام السجّـاد علـيّ بن الحسين عليهما السلام التي تعدّ لائحة قانونية مهمّة ووثيقة تاريخية قيّمة.

صدر ضمن : سلسلـة المعارف الاِسلامية برقم ٤.

نشر : مركز الرسالة ـ قم/١٤١٧ هـ.

* هذه هي الشيعة.

تأليف : باقر شريف القرشي.

دراسة مختصرة للتعريف بالشيعة الاِمامية ، وما تلتزم به في إطارها العقائدي وغيره من سائر شؤونها الدينية والسياسية والاَخلاقية ، وماتفرّدت به في مجال التطوّر والاِبداع والاجتهاد.


تناولت بحوث الدراسة بداية التشيّـع وتأسيس الشيعة ، وأحقّية أمير المؤمنين الاِمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ـ والاَئمّة من ولده عليهم السلام من بعده ـ بالخلافة بنصٍّ من الله تعالى ورسوله المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، متعرّضة إلى أحداث الفتنة الكبرى ومؤتمر السقيفة ، ورأي الشيعة في الصحابة وتصنيفهم إلى مخلصين ومنافقين ومرتدّين ، بعد الاِقرار بأنّ الصحبة منزلة جليلة القدر.

كما تطرّقت إلى ذكر بعض ما مرّت به الشيعة من ألوان المحن والخطوب من القتل والتنكيل والتشريد على أيدي الاَُمويين والعبّاسيين ، وعلى أيدي حكّام الجور في العصور المتأخّرة ، وردّت بعض الاتّهامات الرخيصة الموجّهة إلى الشيعة وولائهم لاَهل بيت النبيّ عليهم السلام.

صدر في قم سنة ١٤١٨ هـ.

* ظلامات فاطمة الزهراء في السُنّة والآراء.

تأليف : الشيخ عبـد الكريم العقيلي.

جمع وعرض لِما ورد في كتب وتاريخ المسلمين من روايات وأخبـار ووقائـع ثابتة ، بيّنت أنّ بضعة المصطفى صلى الله عليه وآله فاطمة الزهراء سلام الله عليها قد غُصِبَ حَقُّهـا وظُلمت بعد وفاة أبيها صلي الله عليه وآله ، وماتت وهي غاضبة على من ظلمها وآذاها.

يشتمل الكتاب على ٩ أبواب ، وأشعار ، وأقوال لعلماء وفقهاء ـ متقدّمين ومعاصرين ـ في مظلوميّتها عليها السلام والمصائب التي جرت عليها ، من بعد وفاة الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وحتّى استشهادها صلوات الله وسلامه عليها.

* حياة الاِمام محمّـد المهدي عليه السلام.

تأليف : باقر شريف القرشي.

صورة موجزة عن حياة الاِمام الثاني عشر الحجّة بن الحسن العسكري عليه السلام المهدي المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، والاَخبار الواردة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأوصيائه أئمّة الهدى عليهم السلام المبشّرة بظهوره وقيامه بالاَمر آخر الزمان ، وأسباب غيبته وما طرح من تساؤلات بشأنها.

تضمّن الكتاب لمحة عن حياته عليه السلام : ولادته ، ألقابه ، كنيته ، صفاته ، عناصره النفسية ، سيرته ، المأثور عنه من أدعيته ورسائله ، وأُجوبته على ما رفع إليه من مسائل شرعية على يد سفرائه الاَزكياء.

ثمّ عرضاً لاَحداث ومجريات غيبته الصغرى من بعد استشهاد أبيه عليه السلام ، وإقامته السفراء الاَربعة وكلاء ونوّاب عن


أثنائها ، وغيبته الكبرى من بعد وفاة رابعهم حتّى ظهوره المقدّس.

ويتعرّض لذكر : بعض من ادّعى أنّه المنتظر الموعود ، المنحرفين المدّعين نيابته ، كلمات الاَعلام من علماء العامّة فيه ، أشعار الشعراء المؤمنين بوجوده وحتميّة ظهوره ، والكتب المؤلّفة عنه عليه السلام.

وتطرّق أخيراً إلى ذكر علامات ومكان وزمان ظهوره ، وما يسبقه ويرافقه من أحداث.

صدر في قم سنـة ١٤١٧ هـ.

* الشفاعة ، حقيقة إسلامية.

إصدار : مركز الرسالة.

دراسة عن إحدى الحقائق الاِسلامية المهمّة ، وهي مسألة الشفاعة وما يتعلّق بها من أُمور ، تكفّلت بإيضاح الاَدلّة عليها ، ومناقشة شبهات أُثيرت بشأنها ، استناداً الى الآيات القرآنية الكريمة والاَحاديث النبويّة الشريفة.

تناولت عبر فصولها الاَربعة : مفهوم الشفاعة وحقيقتها في القرآن الكريم والسُنّة النبوية المطهّرة ، وآراء علماء المسلمين في الشفاعة ، ومناقشة بعض الاِشكالات والردّ عليها ، ثمّ أثر الشفاعة في المصالح الدنيوية ، وأخيراً مَنْ هم الشفعاء ومَن هم المشمولين بالشفاعة وغير المشمولين بها.

صدر ضمـن : سلـسلـة المـعـارف الاِسلامية برقم ٧.

نشر : مركز الرسالة ـ قم/١٤١٨ هـ.

* الوهّابيّة في الميزان.

تأليف : الشيخ جعفر السبحاني.

بحث ـ في ٢٠ فصلاً ـ عن الوهّابيّة ، يعرض ويناقش معتقدات وآراء هذه الفرقة الضالّـة ، وأدلّـة أصحابهـا الواهيـة لتحريم ما أحلّه الله سبحانه ورسوله الكريم صلي الله عليه وآله؛ موضّحاً ومبيّناً فسادها وبطلانها في ضوء الآيات القرآنية الكريمة والاَحاديث النبوية الشريفة ، بعد إعطاء لمحة عن حياة مؤسّس هذه الفرقة محمّد بن عبـد الوهّاب النجدي (١١١٥ ـ ١٢٠٦ هـ).

اشتمل البحث على بيان رأي القرآن الكريم والسُنّة النبوية المطهّرة في : زيارة القبور ، البناء على قبور أولياء الله ، بناء المساجد بجوار مراقدهم الشريفة ، إقامة الصلاة والدعاء عندها ، التوسّل بهم ، تكريم مواليدهم ووفيّاتهم ، التبرّك والاستشفاء بآثارهم ، الاستعانة بهم في حياتهم وبعد مماتهم ، جواز طلب الشفاعة منهم ، الاستغاثة بهم ، الاعتقاد بالقدرة الغيبية لديهم ، والحلف على الله بحقّهم.


كمـا تعرّض لفريضـة الحجّ ـ كعبـادة أوّلاً ـ وأبعادها الاجتماعية والسياسية في القرآن والسُنّـة وسيرة السلف وأقوال العلماء ، مشيراً في الختام إلى جواز البكاء على الميّت ، وجواز إضافة لفظ «العبد» إلى المخلوق.

نشر : مؤسّسـة الفكـر الاِسلامـي ـ طهران/١٤١٧ هـ.

* الفائق في رواة وأصحاب الاِمام الصادق عليه السلام ، ج ١ و ٢.

تأليف : عبـد الحسين الشبستري.

إحصاء وجمع لاَسماء من صحب الاِمام الصادق عليه السلام ومن روى عنه ، مع الاِشارة إلى مواضع ترجمتهم في كتب الرجال والتراجم القديمة والحديثة.

أحصى الكتاب ٣٧٥٩ شخصاً ، رتّبت أسماؤهم على حروف المعجم.

احتوى الجزء ١ على الحروف من الاَلف إلى الزاي ، فيما احتوى الجزء ٢ على الحروف من السين إلى اللام.

نشر : مؤسّسة النشر الاِسلامي التابعة لجماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم/١٤١٨ هـ.

كتب قيـد التحقيق

* عجائب أحكام أمير المؤمنين عليه السلام.

تأليف : السيّد محسن الاَمين العاملي (١٢٨٤ ـ ١٣٧١ هـ).

كتاب يتناول جملة من القضايا العجيبة التي مرّت بالاِمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، مرتّبة حسب تسلسلها الزمني؛ إذ يتعرّض لقضاياه في حياة الرسول الكريم صلي الله عليه وآله ، ثمّ في زمن خلافة أبي بكر ، ثمّ عمر ، ثمّ عثمان ، ثمّ في زمن خلافته عليه السلام ، وأخيراً المسائل العويصة التي سئل عنها الاِمام عليه السلام ، مرتّبة أيضاً حسب تسلسلها الزمني.

والكتاب يتضمّن كتاب عجائب أحكام أمير المؤمنين عليه السلام لاِبراهيم بن هاشم القمّي الكوفي ـ من أصحاب الاِمام الرضا عليه السلام ـ برواية محمّـد بن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جدّه.

يقوم بتحقيقه فارس حسّون كريم معتمداً على نسختين مطبوعتين في طهران وبيروت ، ومخطوطة من كتاب إبراهيم بن هاشم القمّي.

تراثنا ـ العددان [ 50 و 51 ] - ٥٠ - ٥١

المؤلف:
الصفحات: 478