كلمة المكتبة الأدبيّة

الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطيّبين الطاهرين ، وبعد ..

جرت الفصاحة والبلاغة على لسان العرب قبل الإسلام على سجيّتهم عفواً من غير تكلّف ، مع احتفاظ قبائلهم بلهجاتها اللغويّة المميّزة بعضها عن بعض ، وكان لقبيلة قريش السهم الأوفر في ذلك مع هيبتها في نفوس العرب وزعامتها ، وصار لقريش موقع الصدارة في كلّ شيء ، وقويت شوكتها أكثر وأكثر بالدين الجديد الذي حاربته ، حيث اختار الله عزّوجلّ خاتم رسله (صلى الله عليه وآله) منهم ، وأوحى إليه الكتاب العزيز بلغتهم ، حتّى آمنوا به بعد لأيٍّ مطيعين وراغمين! ولعلمه تعالى بعتوّ المشركين وجبروتهم ، وخسّة المنافقين وقبيح أفعالهم ، وتحريف جيرانهم من أهل الكتاب توراتهم وإنجيلهم ، وما يفعله مرضى القلوب في نواديهم; تكفّل سبحانه بحفظ كتابه ، وأمر رسوله بتدوينه وتبيينه وترتيله ، وسخّر القلوب لحفظه ، وهدى الناس لتلاوته آناء الليل وأطراف النهار ، وهكذا تهيّأت الأسباب الكفيلة لحفظه وصيانته من عبث تلك الأصناف والزعانف المنتشرة حوله ، فشقّ طريقه إلينا عبر القرون تتناقله الملايين من المسلمين عمّن سبقهم وصولاً إلى عصره الأوّل. وكما وحّد القرآنُ العربَ في غضون مسيرته ، وجذبهم إلى الدين الجديد بسماحته وهديه; وحّد لغتهم كذلك; إذ حثَّهم على تدبّره ، فسعوا إلى تدبّر لغته والتبحّر فيها لأجل فهم مراد الكتاب ومراميه ، فتقلّصت بذلك لهجاتهم شيئاً فشيئاً ثمّ تلاشت تدريجيّاً ، وانحصر ذكرها في معاجم اللغة وقواميسها ، وسادت بفضله لغة قريش فشمخ أهلها من جديد بلهجتهم على سائر العرب. وهكذا كان للقرآن الفضل الأكبر والنصيب الأوفر في تماسك لغة العرب ، والحفاظ عليها ، وتطوير مبانيها على ضوء ما اكتشفه العرب من إيجاز القرآن وإعجازه ، وحلاوة لفظه وصفائه ، وصوره الفنيّة الرائعة ، وبيانه الرشيق الساحر ، وأدبه الجمّ ، ومعناه المفخّم. وكان من المفترض في الرعيل الأوّل أن يحفظوا كيفيّة قراءة النبيّ (صلى الله عليه وآله) للنصّ


القرآني كما سمعوه منه ، إلاّ أنّ سذاجة بعضهم حالت دون ذلك ، فتعدّدت قراءاتهم واختلفوا فيها أيّما اختلاف! وتمّ تداولها في زمن أبي بكر وعمر على أنّها قراءات صحيحة منسوبة إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله)! حتّى إذا ما وصل الأمر إلى عثمان خشي الصحابة وضجّوا من خطورة تلك القراءات التي أخذ بعض أصحابها يكفّر من خالفه ، أو يسخر من قراءته ويستهجنها ، أو يغلّطه عليها ، وينفّر الناس عمّا خالف قراءته كما شهد بذلك حذيفة وغيره من الصحابة الذين أوقفوا عثمانَ على كلّ هذا وطالبوه بأن يجمع الأُمّة على مصحف واحد وقراءة واحدة ، وآزروه على ذلك ، ولم يعترض أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) على ذلك بل أمضاه. وقد تمّ الأمر على ما أرادوا ، وأُحرقت المصاحف القديمة! وأُرسلت نسخ المصحف الموحّد المسمّى بالمصحف الإمام أو المصحف العثماني إلى الأمصار الإسلاميّة. والسؤال هنا هل سلمت المصاحف العثمانيّة من تعدّد القراءات واختلافها؟ لا شكّ أنّ أهل تلك الأمصار كانوا يقرأون القرآن بالقراءات السابقة قبل وصول المصاحف العثمانيّة إليهم بنحو ثلاثين سنة ، ومن الصعب تغيير قناعاتهم وتبديل قراءاتهم الشائعة في زمان أبي بكر وعمر ، وحملهم على قراءة واحدة في زمن عثمان ، خصوصاً وأنّ المصحف الموحّد لم يكن منقّطاً ولا مشكولاً ولم تكن هناك ثمة تسجيلات صوتيّة بقراءة المصاحف العثمانيّة حتّى يجتمعوا عليها ، ممّا أدّى ذلك إلى بقاء مشكلة الاختلاف في القراءة على حالها حتّى اشتدّت حاجتهم إلى إعجام المصاحف ، ولم تقم بهذا العمل لجنة علميّة رسميّة ، بل تُرك الأمر للقادرين عليه في شتّى بلاد الإسلام! ومن هنا زاد اختلافهم في قراءته. لقد أدّت ظاهرة اختلاف القراءات إلى الاختلاف في تفسير الكتاب العزيز ، حيث وصل الأمر بها إلى مستوى التغيير في معنى اللفظ ومؤدّاه ، ونجم عن بعضه اختلافهم في الحكم الشرعي المستنبط من القرآن الكريم على ضوء تلك القراءات كما في آية الوضوء والإيلاء وغيرهما. ومع كلّ هذا الاختلاف والتضادّ في القراءات وُجد من يدّعي تواتر القراءات السبع أو العشر إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله)! ولم يلتفت إلى أنّ اختلافها الواصل إلى درجة التباين أحياناً دليل قاطع على


عدم تواترها ، وإلاّ لتناقض التواتر مع نفسه ، ثمّ كيف تكون هذه متواترة ـ كما ذهب إليه العامّة وبعض أصحابنا ـ ونحن نرى ترك البسملة في الصلاة في قراءة أبي عمرو ، وحمزة ، وابن عامر ، وورش عن نافع ، وكلُّهم من القرّاء السبعة ، وخالفهم بذلك ابن كثير ، والكسائي ، وعاصم ، وقالون عن نافع ، وهؤلاء كلّهم من السبعة أيضاً ، والإجماع قائم على بطلان من ترك البسملة في صلاته. وهناك جملة من الدراسات العلميّة الرصينة أثبتت عدم تواتر القراءات السبع أو العشر وغيرها إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، بل عدم تواترها إلينا عن القرّاء السبعة أنفسهم ، إذ نقلها عنهم نفرٌ يسير من تلامذتهم لا يتحقّق التواتر بنقلهم ، ثمّ شاعت وانتشرت بعد ذلك. وقد روى العامّة أخباراً نسبوها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأنّه قال : «نزل القرآن على سبعة أحرف كلّها شاف واف» وزعموا تواترها عنه (صلى الله عليه وآله) ، واختلفوا في معناها على أربعين قولاً لا حاجة لنا فيها ، ومن بينها الحمل على القراءات السبع ، وهو حملٌ باطل جزماً; لأنّ أوّل من جمع القراءات السبع هو ابن مجاهد (ت / ٣٢٤ هـ) في كتابه (قراءة السبعة) وما بين نزول القرآن وابن مجاهد أكثر من ثلاثة قرون ، ولم يوحِ الله عزّوجلّ إلى ابن مجاهد بانتقاء تلك القراءات السبع من بين أكثر من مئة قراءة في زمانه ، ولهذا انتقده علماء العامّة كثيراً ، إذ صار عمله هذا مدعاة لاشتباه الناس بأنّ المقصود بالأحرف السبعة هو تلك القراءات السبع. نعم القراءات السبع هي من جملة القراءات المعتدّ بها في الجملة وإن اشتمل بعضها على الشواذ ، وأمّا أخبار الأحرف السبعة فهي أخبار مكذوبة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكأنّ هدفها تمرير خطأ الرعيل الأوّل في تلفّظ كلمات الله عزّوجلّ في كتابه المبجّل ، وقد حكم أهل البيت (عليهم السلام) بكذب تلك الأخبار صراحة. ففي خبر زرارة في الكافي الشريف عن الإمام الباقر (عليه السلام) : «إنّ القرآن واحد نزل من عند الواحد ، ولكنّ الاختلاف يجيء من قبل الرواة» ، وفيه في الصحيح عن فضيل بن يسار الثقة ، قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : إنّ الناس يقولون : نزل القرآن على سبعة أحرف؟ فقال : كذبوا أعداء الله ، ولكنّه نزل على حرف واحد من عند الواحد». والذي يهوّن الخطب هو أنّ أكثر ألفاظ القرآن الكريم متّفقٌ عليها بين القراء


المشهورين وليس مورداً لاختلافهم ، وأمّا ما اختلفوا فيه فهو أقلّ ممّا اتّفقوا عليه ، وهو لا يرجع إلى اختلاف في الكتاب العزيز من جهة النزول ، بل يرجع إلى مسائل لغويّة ونحويّة وصرفيّة ، واجتهادات خاصّة بالقرّاء ، كما يرجع بعضه إلى موروث قراءاتي فيه الغثّ والسمين ، ومن هنا لم تسلم القراءات المشهورة من الشواذ التي أُبعدت ـ بحمد الله ـ عن المصاحف المطبوعة. ومهما يكن فإنّ اختلاف القراءات لا يمسّ قداسة القرآن الكريم ولا تواتره; لأنّ الاختلاف في قراءة الكلمة القرآنيّة لا ينافي الاتّفاق على أصلها ما دام باقياً بهيئته ومادّته. نعم لو طالت القراءة إلى هيئة الكلمة ومادّتها وغيّرت من صورتها ، فلا عبرة حينئذ بها; لأنّها ستكون من التحريف لا من القراءة التي تمثّل في جميع حالاتها خصوصيّة القارئ في كيفيّة النطق بالكلمة القرآنيّة ، وطريقته في ضبطها ، وأدائها صوتيّاً ، وما يرافق ذلك من حركة أو سكون أو تخفيف أو تشديد أو مدّ أو إدغام أو إمالة ونحو ذلك. وهذه الأُمور المكتوبة والمُعَلَّمَة في مصاحفنا اليوم لم تكن ـ كما نبّهنا عليه ـ موجودة آنذاك ، بل كانت مصاحفهم خالية منها وبلا إعجام ، ولهذا اختلفوا فيها. ومع هذا فإنّ القراءات المشهورة في زمان أهل البيت (عليهم السلام) مجزية بحمد الله ، لا من جهة تواترها ، بل من جهة رخصة أهل البيت (عليهم السلام) ، حيث أجازوا القراءة بها وكرهوا تجريد قراءة بعينها ، ففي الكافي الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) وقد سمع رجلاً يقرأ القرآن على غير ما يقرأه الناس ، فقال له (عليه السلام) : «كُفّ عن هذه القراءة ، اقرأ كما يقرأ الناس حتّى يقوم القائم» وفيه أيضاً عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) قال في جواب من سأله عن القراءات القرآنيّة في زمانه : «اقرأوا كما علمتم ، فسيجيء من يُعَلِّمُكم». والقراءات السبع المعروفة عاش أصحابها كلّهم في القرن الثاني الهجري ، لأنّ أوّلها لابن عامر (ت / ١١٨ هـ) ، وآخرها للكسائي (ت / ١٨٩ هـ) ممّا يعني هذا معاصرتهم للإمام الصادق والكاظم (عليهما السلام) فتكون قراءاتهم من أظهر المصاديق المشمولة بتلك الرخصة. وأجود تلك القراءات هي قراءة عاصم بن أبي النجود من رواية أبي بكر بن عيّاش ورواية أبي عمرو بن العلاء ، إذ خلت من التكلّف في المدّ والإدغام


والإمالة الموجود في غيرها ، كما نبّه على ذلك العلاّمة الحلّي في المنتهى ، ومصاحف المسلمين اليوم هي بقراءة عاصم ، وهي القراءة المنسوبة إلى الإمام عليّ (عليه السلام).

والحقّ أنّ القراءات القرآنيّة الصحيحة والمشهورة والشاذّة أيضاً قد فتحت آفاقاً رحبة واسعة للدرس اللغوي ، لما فيها من محاسن علوم اللغة العربيّة وآدابها نحواً وصرفاً ونثراً وشعراً ، وتجلية غوامضها بصورة لا تكاد تجتمع في كتاب إلاّ في كتب الاحتجاج لتلك القراءات ، ويأتي كتاب المُحْتَسَب لابن جنّي في طليعتها ، فقد صنّفه ابن جنّي (ت / ٣٩٢ هـ) في أواخر حياته ، وغرضه منه الاحتجاج للقراءات الشاذّة ، ويقصد بالشاذّ ما سوى القراءات السبع وإن كان صحيحاً أو مشهوراً ، ونهج فيه على غرار احتجاج شيخه أبي عليّ الفارسي (ت / ٣٧٧ هـ) للقراءات السبع في كتابه (الحجّة في علل القراءات السبع) ، وكان ابن جنّي في المُحْتَسَب كما يصفه تلميذه الشريف الرضي (ت / ٤٠٦ هـ) في حقائق التأويل بأنّه : «يعلو بالتغلغل في استنباط المعاني ، والتولّج في غامضاتها ، والغوص في قراراتها» ، وهو كما يقول الرضيّ أيضاً : «وهو في هذا العلم ـ يعني علم القراءات ـ السابق المسوم ، والأوّل المقوم ، والبحر الجموم ، والدليل المأموم» ، والحقّ مع الشريف الرضيّ كما يبدو جليّاً من كتاب المُحْتَسَب الذي هو كنزٌ في النحو والصرف والبلاغة والأدب والشواهد الشعريّة ، بل مأثرةٌ من مآثر الشيعة في القرن الرابع الهجري كما بيّنته هذه الدراسة الفريدة بأحسن صورة. وإذ يسرّ المكتبة الأدبيّة أن تتقدّم بشكرها الجزيل للاُستاذ الدكتور حازم الحلّي على ما بذله من جهود مضنية بهذا الكتاب ; تتقدّم أيضاً بشكرها الجزيل للدكتور السيّد ثامر العميدي على ما بذله من جهد واسع في الإشراف على طباعة هذا الكتاب وتصحيحه وفهرسته.

والحمد لله أوّلاً وآخراً عليه توكّلنا وهو أرحم الراحمين.

المكتبة الأدبيّة


شكر

عندما يُنشرُ كتابٌ في بلد ما ويكونُ المؤلِّفُ أو الُمحَقِّقُ أو المُشرِفُ على نشرِهِ في بلد آخر ، وتحصل أَثناءَ الطبعِ أمورٌ تحتاجُ إلى النَّظرِ فيها ، ومعالجتِها ، فإذا لم تُعالجْ ستبقى عالقةً بالكتاب ، ويخرجُ وهي ملازمةٌ له ، كما حَصَلَ ذلكَ لكثير من الكتب. غير أنَّ اللهَ سبحانَهُ وتَعالى قَيَّضَ لهذا الكتابِ المبارك (أَثر المحتسب) رَجُلاً عَالِماً مُحَقّقاً ـ تابعَ مُتَبَرِّعاً ـ نَشرَهُ وَوَاكَبَ مَرَاحِلَ طبعِهِ وهو الأستاذ الدكتور السيد ثامر العميدي الذي أَشرَفَ على طبع الكتاب وعَالَجَ مَا حَصَلَ فِيهِ وقرأهُ بعد عمل الطبّاعين قراءةَ العَالِمِ الُمحَقِّقِ المُدَقِّقِ الحريصِ على تنزيهِ الكتابِ من الهِنَاتِ التي تلحق بِهِ ، أثناءَ الطِّباعةِ ، وللأمانةِ أقولُ أنَّهُ ما كان لِيَبِتُّ في قضيَّة قبلَ أنْ يكتبَ إليَّ عنها ، ويعرِضَها عليَّ ، ونتداولَ فيها ونخرجَ على رأيّ جميع.

ومعلومٌ أنَّ الكتاب فيه قراءات وروايات وأحاديث ولغة ونحو ورجال ، وكلّها تحتاج إلى دقّة متناهية ، وحَذَر وَوَعْي ، وأمانَة.

وقد أخذتْ متابعةُ طِبَاعَةِ الكتَابِ منهُ وقتاً طويلاً وَسَهَراً ، وبَذْلَ متاعبَ لا يعرفُها غير من عانى من التأليف والنشر والطباعة ، وحَاوَلَ بِرَغْبَةِ الحَريص أَنْ يَخرُجَ الكتابُ كما أرادَهُ المؤلِّفُ ، وقريباً منَ الكمالِ ، فَلَهُ منّي الشكر على جهودِهِ التي بَذَلَها ، وجزاهُ اللهُ كلَّ خير على حُسْنِ صَنيعِهِ ، وأخذ اللهُ بيدِهِ نحو مدارج العزّ ، وَوَفَّقَهُ لتقديم المزيدِ من عطائِهِ العلمي.

ولا يفوتني هنا أنْ أُنَوِّهَ بكرمِ السيد الجواد الشهرستاني الذي تبنّى نَشْرَ الكتابِ في مؤسَّسةِ آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث فله الشكر ، وجزاه الله كلّ خير.

الدكتور حازم الحلّي

ألمانيا / ١٤٣٤ هـ ـ ٢٠١٣ م


المقدمة

في مدينة الموصل في العراق وُلِدَ أَبو الفتح عثمان بن جنّي حوالي سنة (٣٢٠ هـ) من أَبوين روميين ، وفيها نشأ ومن شيوخها اكتسب علومه ثمّ تصدّى للتدريس في مسجدها.

وفي عام (٣٣٧ هـ) قَدِمَ الموصلَ أَبو علي الفارسي (ت / ٣٧٧ هـ) فوقف على حلقة درسه وناقشه في مسألة صرفية ، فقصّر أبو الفتح ابن جنِّي في الجواب ، فقال له أبو علي الفارسي : زبَّبتَ قبلَ أنْ تُحصرِمَ.

كان ذلك اللقاء والحوار بينهما سبباً للصلة التي عقدها أَبو الفتح مع أَبي علي فاكتسب منه علماً جمًّا ولازَمَه أربعينَ سنةً لم يفترقا إلاّ بموت أَبي علي عام (٣٧٧ هـ) فَحلّ التلميذ مكان شيخه في مجلس الدرس في بغداد.

وتشهد آثار أبي الفتح بن جنِّي على سَعَة باعه وعلوِّ كعبهِ في اللغة والنحو والصرف والأدب والقراءات القرآنية.

فقد كان أَحدَ نوابغِ العراقِ في القرن الرابعِ الهجريِ. جمعَ بينَ العلمِ والأدبِ من غير أنْ يجورَ أَحدَهُما على الآخر.

فالمتصفّح لآثارِهِ يجده عالماً عميقَ الثقافةِ واسعَ الاطلاع جمَّ المعرفة وقد اكتسبَ ذلك من مصاحبته جملةً من العلماءِ فانتفعَ بهم ، فقد قرأَ على أبي بكر محمّد بن الحسن بن يعقوب بن مُقَسِّم (ت / ٣٥٤ هـ) ، كما قرأَ على


أبي الفرجِ الأَصبهاني (ت / ٣٥٦ هـ) صاحب كتاب الأَغاني ، والتقى بأبي الطيب المتنبّي (ت / ٣٥٤ هـ) شاعر العربية الكبير فتصاحبا دهراً طويلا وكان كلٌّ منهما معجباً بالآخر.

فالمتنبّي يقول إذا رأى أَبا الفتح بن جنِّي : هذا رجلٌ لا يعرفُ قدرَهُ كثيرٌ من الناسِ ، ويقولُ : ابنُ جنّي أَعرفُ بشعري مِنّي. وإذا سُئِلَ عن شيء في شعره يقول : سلوا صاحبنا ابنَ جِنِّي.

وكانَ ابنُ جنِّي معجباً بالمتنبّي يذكرُهُ في كتبهِ ويُثني عليه ويسمّيه شاعرنا ، لكن العلم الغزير الذي أخذَه أَبو الفتحَ كانَ عن شيخه أبي علي الفارسي وكان يكثر من الاستشهاد به في مصنّفاتِهِ.

كانت منزلةُ أَبي الفتح من أَبي علي الفارسي منزلةَ سيبويه (ت / ١٨٠ هـ) من الخليل (ت / ١٧٥ هـ).

وكما كان سيبويه صادقاً وأميناً فيما نَقَلَ عن الخليل فقد كان ابنُ جِنِّي صادقاً وأَميناً فيما نَقَلَ عن شيخِهِ أَبي علي الفارسي ، وقد اتَّبَعَ ابنُ جِنِّي في بعضِ مصنّفاتِهِ خُطَى أُستاذِه أبي علي ، فبعد أنْ ألَّفَ أحمدُ بن موسى بنُ مجاهد (ت / ٣٢٤ هـ) كتاب (السبعة) الذي جمع فيه قراءة القرّاء السبعة ، ألّف أبو بكر ابنُ السّرَّاج (ت / ٣١٦ هـ) كتاباً يحتجُّ فيه للقراءات السبع التي جمعها ابن مجاهد (ت / ٣٢٤ هـ) فأنجزَ ما في سورة الفاتحة وبعض سورة البقرة ثمّ أَدركتْهُ المنيةُ دونَ قَصْدِهِ ، فَتصدَّى تلميذُهُ أَبو علي الفارسي (ت / ٣٧٧ هـ) لإِكمال العمل ، فأَ لّف كتابَ (الحُجَّة) يحتجُّ فيه لقراءة القرَّاءِ السَّبعَةِ التي جمعها ابنُ مجاهد (ت / ٣٢٤ هـ) ، ثمّ همَّ أنْ يضعَ يدَهُ في كتاب يحتجُّ فيه للقراءات الشاذَّة فاعترضتِ المنيةُ طريقَهُ وتُوفي ولم يُحقّقْ ذلك.


فانبرى تلميذُهُ أبوالفتح عثمان بنُ جِنّي (ت / ٣٩٢ هـ) وحقَّقَ رغبةَ شيخهِ ، فأَ لَّفَ في آخر حياته كتابَ (الُمحتَسَب) محتجًّا فيه للقراءات الشاذَّة ، وقالَ في مقدّمته : (وأنا بإِذْنِ اللهِ بادئ بكتاب أذكر فيه أَحوالَ ما شذَّ عن السبعةِ وقائلٌ في معناه ممّا يَمُنُّ بهِ اللهُ عزَّ اسمُه).

والمحتَسَبُ واحدٌ من الكتب التي تركها لنا أبو الفتح عثمان بن جِنِّي فقد ترك لنا كتباً مهمَّةً ذكرها من ترجم له جاوز عددها الستين كتاباً بعضها مطبوع وبعضها ما يزال مخطوطاً وبعضُها الآخر مفقود.

ومن المطبوع : الخصائصُ وسرُّ صناعة الإِعراب والمنصف واللُّمَعُ والفسْرُ والتَّـمَـامُ والفتح الوهبي والمبهج وغيرُهَا.

لقد باركَ اللهُ في عمر ابن جِنِّي حتّى قاربَ السَّبعينَ وَبارَكَ في مؤلّفاته حتّى قاربتِ السَّبعينَ.

وفي آخر حياتِهِ ألَّفَ الُمحتَسَب وأرادَ أنّ يَحْتَسِبَه عندَ اللهِ.

قال الشريف الرضي (ت / ٤٠٦ هـ) : كان شيخُنا أبو الفتح النحوي عمل في آخر عمره كتاباً يشتمِلُ على الاحتجاج لقراءة الشواذ.

ولم يَخرُجْ أبو الفتح في نهجه في الُمحتَسَب عن نهج شيخه أَبي علي الفارسي في الحُجَّة إلاّ بمقدار ما يقتضي الاختلاف بين القراءة السَّبعِيَّةِ والقراءةِ الشاذّةِ فهو يعرِضُ القراءةَ ويذكرُ من قرأَ بها ثُمَّ يبحثُ لها عن قاعدة نحويّة يخرّجُها عليها أو شاهد فيرويهِ أو لهجة فيردّها إليها أو يذهب إلى التأويل والتوجيه حتَّى يوحي إليك أنَّ القراءةَ الشاذّةَ مُقَدّمةُ على القراءة السَّبعيَّةِ.

ويملك أبو الفتح ثروةً هائلةً من الشواهد ولذلك فهي تنهال عليه انهيالا


وأكثرها من الشّعر وقليل من الحديث النبوي الشريف وهو ينسِبُ بعضَ الشِّعر إِلى أصحابه ولا يَنسِبُ بعضَه الآخر.

لقد اغترفَ ابن جِنّي في الُمحتَسَب من جملة صالحة من المصادر وذكر في مقدّمته أنّه انتفعَ من كتاب محمّد بن المُستنير قطرب (ت / ٢٠٦ هـ) ويريد به معاني القرآن كما ذكر أنّه أخذ من معاني القرآن للفرّاء (ت / ٢٠٧ هـ) ومن كتاب أبي حاتِم سهل بن محمد بن عثمان السجستانيّ (ت / ٢٥٥ هـ) كما انتفعَ بكتاب معاني القرآن وإعرابه للزّجَّاج (ت / ٣١١ هـ) وبكتاب أَحمد بن موسى بن مُجاهد الذي يذكر فيه القراءات الشاذَّة.

كما رجع إلى عدد من علماء اللغَة فأخذ عنهم كالخليل (ت / ١٧٥ هـ) وسيبويه (ت / ١٨٠ هـ) ويُونُس بن حبيب البصريّ (ت / ١٨٣ هـ) وأَبي جعفر الرُّؤاسي (ت / ١٨٧ هـ) والكِسائي (ت / ١٨٩ هـ) والأَصمعيّ (ت / ٢١٦ هـ) وأبي عُثمانَ أبي بكر بن محمّد المازنيّ (ت / ٢٤٧ هـ) ومحمّد بن يزيد المبرِّد (ت / ٢٨٥ هـ) وأبي العبَّاس ثعلب (ت / ٢٩١ هـ) وأبي بكر بن السراج (ت / ٣١٦ هـ) ومحمّد بن الحسن بن دُرَيد (ت / ٣٢١ هـ) وغيرهم وفي مقدّمتِهم شيخُه أَبو علي الفارسيّ (ت / ٣٧٧ هـ) الذي نَقَلَ عنه الكثيرَ.

والذي وثَّق العلاقة بيني وبين فخر علماء اللغة العربيَّةِ في القرن الرابع الهجري أبي الفتح عثمان بن جنِّي عِلمُهُ الغزيرُ الذي اطَّلعتُ عليهِ في آثارِهِ وعلى وجهِ الخصوص ما اشتمل عليه كتابه الخصائص وكتاب سرّ صناعة الإعراب ، ووجدتُهُ في المحتسب قد حشدَ طاقةً علميَّةً كبيرةً لغويَّةً ونحويَّةً وصرفيَّةً ، وأثرى الحديث في القراءات القرآنيِّة ، فَخَصَصْتُهُ بهذه الدراسة ، وأسميتُ الكتاب (أثر المحتسب في الدراسات النحويَّة).


وقع الكتاب في مقدّمة هي التي بين يديك عزيزي القارئ وتمهيد واثني عشر باباً وخاتمة ، واشتمل التمهيد على نشأة القراءات والاحتجاج لها ومن أَلَّفَ فيها إِلى عهد أَبي الفتح بن جنِّي واختلاف القراءات وأَسباب الاختلاف وفي التمهيد شيء عن ابن مجاهد (ت / ٣٢٤ هـ) والقرّاء السبعة وعن اختياره القراءات وذكر القرّاء السبعة والعشرة والأربعة عشر وسبب اختيار ابن مجاهد للقرّاء السبعة وفي التمهيد شيء عن القراءة الشاذّة وغير الشاذّة ومعنى الشذوذ في القراءات وموقف الفقهاء من القراءات الشاذّة وموقف اللغة من القراءات الشاذّة وموقف النحاة منها وفي التمهيد أيضاً حديث موجز عن أبي علي الفارسي وعن تلميذه ابن جنِّي مُؤَلّفِ المحتسب وعن أثر أبي علي الفارسي في ابن جنِّي وموقف ابن جنِّي من ابن مجاهد وأسباب تأثير أبي علي الفارسي في ابن جنِّي ومقارنة بين الحُجَّةِ والُمحتَسَب في المنهج وأنَّ الُمحتَسَبَ كالحُجَّةِ من ذخائر النحو والصرف واللغة وتداخل المسائل في الُمحتَسَب لتعدُّدِ مصادرها في القرآن.

واشتملَ الباب الأوّل على الأسماء الستة والمثنى والجمع السالم والتنوين ، والباب الثاني اشتمل على النكرة والمعرفة والفرق بينهما ، واشتمل الباب الثالث على المبتدأ والخبر ونواسخهما ، واشتمل الباب الرابع على الفاعل ونائبه ، بينما اشتمل الباب الخامس على المنصوبات كالمفعول به وباب التنازع وباب الاشتغال وظرفي الزمان والمكان والحال والتمييز ، وفي الباب السادس ذكرت المجرورات ، وفي الباب السابع المصدر والمشتقّات وإعمالها وبناؤها وأحكامها ، وفي الباب الثامن نِعْمَ وبئْسَ ، وفي الباب التاسع التوابع ثمّ المنادى والندبة والترخيم ، وفي الباب العاشر


أسماء الأفعال والأصوات والعدد والحكاية وجمع التكسير والنسب ، وفي الباب الحادي عشر عوامل الفعل المضارع من نواصب وجوازم ونون التوكيد والفعل المعتلّ ، وفي الباب الثاني عشر القَسَم والاستفهام وبعض الحروف واشتملتِ الخاتمةُ على أَهمّ النتائج.

وكان لأستاذي العلاّمة علي النجدي ناصف ، طَيَّبَ اللهُ ثراه دور في توثيق العلاقة بيني وبين ابن جنِّي ، عندما أشار عليَّ بدراسة كتاب المحتسب فجزاه الله عنِّي وعن العلم خيراً وتغمّدَهُ في واسع رحمتِهِ.

وعن طريق المحتسب توثّقت علاقتي أيضاً بالقراءات القرآنية وإذ أضع هذا الكتاب بين أيدي القرّاء أرجو أن أكونَ قد قَدَّمتُ شيئاً أخدم فيه لُغةَ القرآنِ الكريم واللهُ مِن وراءِ القَصدِ.

الدكتور حازم سليمان الحلي

العراق / الحلّة

في ٢٣ / شهر رمضان المبارك / ١٤٣١ هـ

٢ / ٩ / ٢٠١٠ م


التمهيد

نشأة الاحتجاج للقراءات وتطوره

بدأَ الاحتجاج للقراءات في أَولِ أمره على صورة تخريجات لبعض القراءات والاحتكام فيها إِلى اللغة وحمل قراءة على قراءة.

فقد رُوي أَنَّ عمر بن الخطاب (ت / ٢٣ هـ) قرأ : (وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء) (١) بفتحِ الرّاءِ. وقرأَ بعض من عنده من الصحابة : (ضَيِّقاً حَرِجاً) (٢) بكَسْرِ الرَّاءِ.

فقال عمر : أبغوني رجلا من كنانة واجعلوه (٣) راعياً ولْيَكنْ مُدلجيًّا (٤).

فَأتَوهُ بهِ فقالَ عمر : يا فتى ما الحَرَجَةُ؟ قال : الحَرَجَةُ فينا الشَجَرةُ تكونُ بينَ الأشجار ، لا تصل إِليها راعيةٌ ولا وحشيةٌ ولا شيء.

__________________

(١) سورة الأنعام : ٦ / ١٢٥.

(٢) قرأ نافع وأبو بكر حَرِجاً بالكسر وباقي السبعة بالفتح.

انظر : التيسير : ١٠٦ والكشف عن وجوه القراءات : ١ / ٤٥٠ والجامع لأحكام القرآن : ٧ / ١٨ والبحر المحيط : ٤ / ٢١٨.

(٣) أي التسموه وليكنْ راعياً.

(٤) قبيلة من بني مرّة بن كنانة هم القافة المشهورون ، وأرض مرعاهم كثيرة الشجر.


فقال عمر : كذلك قلبُ المنافِقِ لا يَصلُ إِليه شيء من الخير (١).

وَرُوي عن ابن عباس (ت / ٦٨ هـ) أَنَّه قرأَ (نُنْشِرُهَا) (٢) بالنون المضمومة والراء من قوله تعالى : (وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا) (٣) ، واحتجَّ بقولِهِ تعالى : (ثُمَّ إِذَا شَاءَ أنْشَرَهُ) (٤).

وَنَجد سيبويه (ت / ١٨٠ هـ) يحتج لبعض القراءاتِ وَيُفْضِّلُ بعضَها على بعض أحياناً. قال في الكتاب : وزَعَمُوا أَنَّ في قراءة ابن مسعود (ت / ٣٢ هـ) : (وأَنزَلَ المَلاَئِكَةَ تَنْزِيَلا) (٥) لأَنَّ معنى أنزل ونزَّلَ واحد ، وَقَالَ القطامي :

وَخَيْرُ الأَمـرِ ما استقبلْتَ مِنهُ

وَلَيْسَ بِأَنْ تَتّبِعَهُ اتّباعـا (٦)

لأَنَّ تَتَبَّعْتَ واتَّبَعْتَ واحدٌ (٧).

ومضى الاحتجاج على هذه الصورة الغضَّةِ حيناً ثُمَّ قوى واشتدَّ وأُ لِّفَتْ

__________________

(١) أُنظر : الكشف عن علل القراءات : ١ / ٤٥٠ وجامع البيان : ٢ / ١٠٤ والبحر المحيط :

٤ / ٢١٨.

(٢) انظر : معاني القرآن للفرّاء : ١ / ١٧٣ وجامع البيان : ٥ / ٤٧٩ غير أنّ الذي في الجامع لأَحكام القرآن : ٣ / ٢٩٥ والبحر المحيط : ٢ / ٢٩٣ أنَّ ابنَ عباس قرأ بالنون المفتوحة والراء في حين نُسِبَتْ هذه القراءة إلى الحسن. لسان العرب : ٧ / ٦١ وتاج العروس : ٣ / ٥٦٥ وإتحاف فضلاء البشر : ٦٨ وقال ابن خالويه في مختصر شواذّ القرآن : ١٦ ، (إنَّها قراءة أبان عن عاصم). وقال عنها الطبري في جامع البيان : ٥ / ٤٧٩ (غير جائزة عندي لشذوذها عن قراءة المسلمين وخروجها عن الصحيح الفصيح).

(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢٥٩.

(٤) سورة عبس : ٨٠ / ٢٢.

(٥) من قوله تعالى من سورة الفرقان : ٢٥ / ٢٥ : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلاَئِكَةُ تَنْزِيلا).

(٦) انظر : الديوان : ٤٠.

(٧) الكتاب : ٢ / ٢٤٤.


فِيهِ كتبٌ اعتمدَتْ في الاحتجاجِ مؤلّفات جَمَعتِ القراءاتِ منها كتاب القراءة ليحيى بن يَعْمَر (١) (ت / ٨٩ هـ) (٢) وتوالتِ المؤلّفاتُ ، ففي القرن الثاني أُ لّفَ عددٌ من الكتب من هذا النوع ، منها كتب أبان بن تغلب (٣) (ت / ١٤١ هـ) (٤) ومقاتل بن سليمان (٥) (ت / ١٥٠ هـ) (٦) وهارون الأَعور (٧) (ت / ١٧٠ هـ) الذي قال عنه أبو حاتِم السجستاني (٨) (ت / ٢٥٥ هـ) : إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سمعَ بالبصرةِ وجوهَ القراءاتِ وأَلفها وتتبّع الشاذّ منها فبحث عن إسناده (٩).

__________________

(١) هو أبو سليمان يحيى بن يَعْمَر العدواني البصري عرض على ابن عمر وابن عبّاس وأبي الأسود الدؤلي وعرض عليه أَبو عمرو بن العلاء توفي (سنة / ٨٣ هـ) وقيل : (٨٩ هـ) وقيل : (١٢٩ هـ). اُنظر : غاية النهاية : ٢ / ٣٨١ وبغية الوعاة : ٤١٧ ونور القبس : ٢١.

(٢) المحكم : ٦ وتاريخ التراث العربي : ١ / ١٤٦ ومقدّمتان في علوم القرآن : ٢٧٦.

(٣) هو أبان بن تغلب الربعي الكوفي النَّحوي قرأ على عاصم ، له كتاب معاني القرآن وكتاب القراءات. اُنظر : الفهرست : ٢٢٠ وغاية النهاية : ١ / ٤.

(٤) الفهرست : ٢٢٠.

(٥) هو مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي الخراساني.

اُنظر : الأشباه والنظائر في القرآن الكريم : ٥ وتهذيب التهذيب : ١٠ / ٢٧٩.

(٦) الفهرست : ٣٧ ، ١٧٩.

(٧) هو هارون بن موسى الأَعور العتكي الأَزدي مولاهم أحد القرّاء بالبصرة قال ابن الجزري : توفّي قبل المئتين ، وقال السيوطي : توفّي بحدود (سنة / ١٧٠ هـ).

اُنظر : غاية النهاية : ٢ / ٣٤٨ وبغية الوعاة : ٤٠٦.

(٨) هو سهل بن محمّد بن عثمان أَبو حاتِم السَّجستاني إمام البصريين في النحو والقراءة واللغة والعروض. اُنظر : طبقات النحويين : ٩٤ ومراتب النحويين : ١٣٠ وغاية النهاية : ١ / ٣٢٠.

(٩) اُنظر : غاية النهاية : ٢ / ٣٤٨.


وتطوَّرَ الاحتجاجُ للقراءات في القرن الثالث (١) وَكَثَرَتِ المؤلّفاتُ فيه ، ويُعدُّ أبو عبيد القاسم بن سلاّم (٢) (ت / ٢٢٤ هـ) أَوَّلَ إِمام مُعتبر جمع القراءات وقد جعلها خمساً وعشرين قراءة (٣).

ويرى ابن الجزري (٤) (ت / ٨٣٣ هـ) أَنَّ أَبا حاتِم السَّجستاني (ت / ٢٥٥ هـ) أَوَّلَ من صنّفَ في القراءات (٥) ، لكنْ يرى بعضُ الباحثين المعاصرين أنَّ هارونَ (ت / ١٧٠ هـ) يُعَدُّ الخطوة الأُولى في تأْ لِيف القراءاتِ والاحتجاج لها (٦).

ونرى أَنَّ يحيى بن يَعْمَر (ت / ٨٩ هـ) وعيسى بن عُمر (٧) (ت / ١٤٩ هـ) قد أَلّفا في القراءات (٨) وهما أقدمُ من هارون الأَعور.

__________________

(١) رصد بعضُ الباحثين الكتب التي أُ لّفت في هذا المجال.

انظر : مثلاً قراءة ابن كثير وأثرها في الدراسات النحوية : ٦٠ وما بعدها.

(٢) هو أبو عبيد القاسم بن سلاّم الخراساني أحد أعلام المجتهدين وصاحب التصانيف في القراءات والفقه والشعر. انظر : مراتب النحويين : ٤٨ وطبقات النحويين : ١٩٩ ونزهة الالباء : ١٠٩ وغاية النهاية : ٢ / ١٨.

(٣) النشر : ١ / ٣٣ وكشف الظنون : ٢ / ١٧٣٠.

(٤) هو محمّد بن محمّد بن محمّد بن علي ابن الجزري ولد (سنة / ٧٥١ هـ) في دمشق ومن أشهر مؤلّفاتِه النشر في القراءات العشر وغاية النهاية في طبقات القرّاء ومنجد المقرئين وغيرها. انظر : غاية النهاية : ٢ / ٢٤٧.

(٥) غاية النهاية : ١ / ٣٢٠.

(٦) أبو علي الفارسي : ١٥٥.

(٧) هو عيسى بن عمر الثقفي مولاهم من أعلام نحاة البصرة أَلّف كتباً كثيرةً منها الإكمال والجامع. انظر : مراتب النحويين : ٤٣ وطبقات النحويين : ٤٠ وغاية النهاية : ١ / ٦١٣.

(٨) تاريخ التراث العربي : ١ / ١٤٨.


وقد أُ لِّفَتْ كتب عديدة باسم (معاني القرآن) لعدد من اللغويين والنحاة والقرّاء.

ومن أَقدم مَنْ أَلّف في ذلك ، على ما نعلم ، أَبو جعفر الرؤاسي (١) وزَعَمَ صاحب إنباه الرواة (٢) أنَّ أوّل من صنّفَ في ذلك من أَهل اللغة أَبو عبيدة مَعْمَر ابن المثنى (٣) (ت / ٢١٠ هـ) ، وردَّدَ هذا الزَّعْمَ محقِّقاً كتاب معاني القرآن للفرّاء (٤) غير أَنَّ أَبا عبيدةَ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ في غريب القرآن (٥) ، ومع ذلك فإنَّ الرؤاسي أسبقُ منه (٦).

ومِمَّن ألّف في (معاني القرآن) قُطرُب (٧) (ت / ٢٠٦ هـ) والفرّاء (٨)

__________________

(١) هو أبو جعفر محمّد بن الحسن بن أبي سارة الرؤاسي النحوي شيخ الكسائي والفرّاء وفي نزهة الألباء وبغية الوعاة ما يشير إلى أنَّهُ أَلَّفَ في معاني القرآن. مراتب النحويين : ٤٨ ونزهة الألباء : ٥٠ وبغية الوعاة : ٣٣.

(٢) إنباه الرواة : ٣ / ١٤.

(٣) هو أَبو عبيدة مَعْمَرُ بنُ المُثنَّى اللغوي البصري مولى بني تميم أَخذ عن يُونُسَ وأَبي عمرو وأَخذ عنه أَبو عبيد وأَبو حاتِم والمازني مات (سنة / ٢١٠ هـ). طبقات النحويين : ١٧٥ وإنباه الرواة : ٣ / ٣٨ وبغية الوعاة : ٣٩٥.

(٤) معاني القرآن للفرّاء : ١ / ١٢ المقدّمة.

(٥) القرآن الكريم وأثره في الدراسات النحويَّة : ٢٥٠.

(٦) لأنَّ الرؤاسي شيخُ الكسائي كما في نزهة الألباء : ٥٠ والكسائي كما في بغية الوعاة : ٣٣٧ وأَبو عبيدة توفي (سنة / ٢١٠ هـ) كما في بغية الوعاة : ٣٩٥ مِمَّا يؤكِّدُ تقدُّمَ الرؤاسي على أبي عبيدة.

(٧) هو أَبو علي محمّد بن المستنير النحوي صاحب سيبويه وهو الذي لقَّبَهُ بقُطرُب.

انظر : طبقات النحويين : ٩٩ وطبقات النحاة : ٢٩٩.

(٨) هو أبو زكريا يحيى بن زياد الفرّاء الديلمي كان أَعلم أهل الكوفة في النحو بعد الكسائي توفي (سنة / ٢٠٧ هـ). مراتب النحويين : ١٣٩ وطبقات النحويين : ١٣١ وبغية الوعاة : ٤١١ واقرأ عنه كتاب (أبو زكريا الفرّاء).


(ت / ٢٠٧ هـ) والأَخفش الأوسط (١) (ت / ٢١٥ هـ) وغيرهم ولم يبقَ من هذه الكتب إلاّ القليل (٢) ، فكتاب الفرّاء مطبوعٌ ولدي صورة من مخطوطة معاني القرآن للأخفش (٣) وقد حقّق أخيراً ونشر.

واستمرّتْ حركة التأليف في الاحتجاج للقراءات ، فَأ لَّفَ المبرِّد (٤) (ت / ٢٨٥ هـ) كتاب الاحتجاج للقراءات (٥) ثمّ جاء مُحمَّد بن جرير الطبري (٦) (ت / ٣١٠ هـ) فأ لّف كتابه جامع البيان ، فيه نَيِّفٌ وعشرون قراءة (٧) وهو كتاب أثنى عليه الناس (٨) ولم يُصَنَّفْ في معناه مثله (٩).

وجاء ابن مجاهد (١٠) (ت / ٣٢٤ هـ) فجمعَ القراءاتِ السَّبْع في كتاب

__________________

(١) هو سعيد بن مُسعِدَةَ المُجَاشِعِي مولاهم.

طبقات النحويين : ٧٢ وبغية الوعاة : ٢٥٨ واقرأ عنه (منهج الأخفش الأوسط).

(٢) القرآن الكريم وأثره في الدراسات النحوية : ٢٥١.

(٣) صورتها على مصورة الأستاذ عبد الأمير الورد الذي صورها عن مخطوطة مكتبة مشهد في إيران وحقَّقَهُ عليها كما حقَّقَهُ الدكتور فائز فارس في الكويت وأحمد راتب النفاخ في سورية.

(٤) هو أَبو العباس محمّد بن يزيد المبرد الأزدي البصري إمام العربية في زمانه ببغداد أخذ النحو عن الجرمي والمازني. اُنظر : طبقات النحويين : ١٠١ وطبقات النحاة : ٢٨٠ واقرأ عنه : أبو العباس المبرد وأثره في علوم العربية والمبرد سيرته ومؤلّفاته.

(٥) الفهرست : ٥٩.

(٦) هو أبو جعفر محمّد بن جرير بن يزيد الطبري صاحب التفسير والتاريخ والتصانيف الأخرى. انظر : غاية النهاية : ٢ / ١٠٦.

(٧) النشر : ١ / ٣٣.

(٨) غاية النهاية : ١ / ١٠٧.

(٩) معجم الأدباء : ١٨ / ٦٦.

(١٠) هو أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي شيخ الصَّنعةِ كان يحضر حلقتَهُ نحو ثلاثمائة من طلبة العلم. انظر : غاية النهاية : ١ / ١٣٩.


(قراءة السبعة) فكان أوَّل مَنْ سَبَّعَ القراءات السبع (١) وتوَّج بعمله جهود السَّلفِ. ونشطتْ حركة المؤلّفين في زمان ابن مجاهد وبعده (٢) ، فأَ لّف أبو بكر ابن السرّاج (٣) (ت / ٣١٦ هـ) كتاباً يحتجُّ فيه للقراءات الواردةِ في كتاب السَّبعةِ لابن مجاهد ، فاحتجَّ لِمَا وردَ في سورة الفاتحة من قراءات وجزء من سورة البقرة ومات قبل أنْ يُتِمَّ هذا العمل (٤).

وقد ألّف ابنُ مُقَسِّم (٥) (ت / ٣٥٤ هـ) في هذا العلم أربعةَ كتب (٦) ، وأَ لّفَ ابن خالويه (٧) (ت / ٣٧٠ هـ) كتاب الحجّة (٨) والمختصر في شواذ القرآن (٩).

ثمّ جاء أَبو علي الفارسي (ت / ٣٧٧ هـ) فَأَ لّف كتاب الحجّة محتجّاً فيه

__________________

(١) الحجّة : ١ / ٤ وغاية النهاية : ١ / ١٣٩ والنشر : ١ / ٢٤ والبيان في تفسير القرآن : ١ / ١١٤ وتاريخ التراث العربي : ١٦٤.

(٢) النشر : ١ / ٣٤.

(٣) هو أبو بكر محمّد بن السري السرّاج تلميذ المبرِّد وشيخ أَبي علي الفارسي وإليه انتهتِ الرئاسةُ في النحو بعد الزجّاج. توفي (سنة / ٣١٦ هـ). نور القبس : ٣٤٢ وإنباه الرواة : ٣ / ١٤٥ وغاية النهاية : ٢ / ١٤٢.

(٤) الحجّة : ١ / ٤.

(٥) هو أبو بكر محمّد بن الحسن بن مقسم أَحد القرّاء ببغداد. انظر الفهرست : ٣٣ وغاية النهاية : ٢ / ١٢٥.

(٦) الفهرست : ٣٣.

(٧) هو أَبو عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه ، قرأ على أبي سعيد السيرافي وغيره توفي في حلب. الفهرست : ٨٤ وبغية الوعاة : ٢٣١.

(٨) حقّقه عام ١٩٧١ م الدكتور عبد العال سالم مكرم.

(٩) نشره براجشتراسر سنة ١٩٣٤ م.


للقراءات السبع التي جمعها ابن مجاهد ، وجاء أَبو الفتح بن جني (ت / ٣٩٢ هـ) فَأَ لّف المحتسب في الاحتجاج للقراءات الشاذّة.

ولا يسعنا أَن نذكر هنا أَمثلةً من الاحتجاج للقراءات في هذه المؤلّفات ، إِنّما نكتفي بشاهد من احتجاج الفرّاء للقراءات في كتابه (معاني القرآن). فقد قال في قوله تعالى : (وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِك) (١) : في الحق النصب والرفع (٢). إِنْ جعلتَ (هو) اسماً رَفعتَ (الحقَّ) بـ (هو) وإِنْ جعلتَها عِماداً بمنزلةِ الصِّلةِ نصبتَ (الحَق) (٣).

__________________

(١) سورة الأنفال : ٨ / ٣٢.

(٢) النصب على قراءة العامّة والرفع قراءة زيد بن علي (عليهما السلام) والمطوَّعي عن الأعمش. مختصر في شواذ القرآن : ٤٩ والبحر المحيط : ٤ / ٤٨٨.

(٣) معاني القرآن للفرّاء : ١ / ٤٠٩.


اختلاف القراءات

إِنَّ أَوجه الاختلاف في القراءات هي (١) :

١ ـ الاختلاف في حركة الكلمة من غير تغيير المعنى والصورة نحو : (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) (٢) قُرِئَتِ الآيَة بضمّ القاف وفتحها (٣).

٢ ـ الاختلاف في الحركات مع تغيير المعنى لا الصورة نحو : (رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) (٤) فقد قرئ (٥) : (فَقَالُوا رَبُّنَا بَاعَدَ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) (٦) بضمّ الباء وفتح الدال.

__________________

(١) اُنظر : تأويل مشكل القرآن : ٣٦ ـ ٣٩ والنشر : ١ / ٢٦ والقراءات واللهجات : ١٤ وتاريخ القرآن للأبياري : ١٢٧ وقراءة ابن كثير وأثرها في الدراسات النحوية : ١١٦.

(٢) سورة آل عمران : ٣ / ١٤٠ وبعدها (فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ).

(٣) قرأ أبو بكر والكسائي وخلف بضمّ القاف ووافقهم الأعمش وقرأ الباقون بالفتح.

انظر : النشر : ١ / ١٠٨.

(٤) سورة سبأ : ٣٤ / ١٩ ، وعلى هذه القراءة تكون الآية جملة إنشائية ، و (رَبَّنَا) منادى منصوب ، و (بَاعِدْ) فعل أمر مبني على السكون.

(٥) الثانية قراءَة يعقوب والأُولى قراءة الباقين. انظر : إتحاف فضلاء البشر : ٣٥٩ وبالثانية قرأ يحيى بن يعمر. انظر : مختصر في شواذ القرآن : ١٢١.

(٦) على هذه القراءة تكون الآية جملة خبرية باُسلوب الشكوى ، و (رَبُّنا) مبتدأ مرفوع ، و (بَاعَدَ) فعلُ ماض مبني على الفتح وفاعله ضميرٌ مُستَتِرٌ ، و (بين) على القراءتين مفعولٌ به لا ظرف وجملة (بَاعَدَ بين أسفارنا) خبر المبتدأ.


٣ ـ الاختلاف في الحروف مع تغيير المعنى من غير تغيير الصورة نحو : (وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا) (١) قُرِئ بالنون المضمومة وبالزاي وقرئ بالنون المضمومة وبالراء (٢).

٤ ـ الاختلاف في الحروف مع تغيير الصورة لا المعنى نحو : (كَالعِهْنِ المَنْفُوشِ) (٣) قرئ (كالصوفِ المنفوش) (٤).

٥ ـ الاختـلاف في الحروف مع تغيير المعنى والصورة نحو : (وطَلْح مَنْضُود) (٥) قُرِئت (وَطَلْع) بالعين (٦) وقد عدَّ ابنُ الجزري (٧) من هذا الباب قراءة : (فامضوا إِلى ذِكْرِ اللهِ) (٨) في قوله تعالى : (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) (٩) ، وعدَّ الأُستاذ عبد الوهاب حمودة (١٠) من هذا الباب أَيضاً قراءة : (كالصَّوفِ

__________________

(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٥٩.

(٢) قرأَ ابنُ عامر وعاصم وحمزة وخلف والكسائي بالزاي والباقون بالراء وعن الحسن أَنَّهُ قرأ بالنون المفتوحة والشين المضمومة والراء. اُنظر : إتحاف فضلاء البشر : ١٦٢.

(٣) سورة القارعة : ١٠١ / ٥ ، وقبلها : (وَتَكُونُ الجِبَالُ).

(٤) قراءة ابن مسعود. انظر : مختصر في شواذ القرآن : ١٧٨ ومفاتيح الغيب (تفسير الرازي) : ٨ / ١٦٥.

(٥) سورة الواقعة : ٥٦ / ٢٩.

(٦) قراءة الجمهور بالحاء وعلي وجعفر بن محمّد (عليهم السلام) وعبد الله بالعين.

انظر : مختصر في شواذ القرآن : ١٥١ والبحر المحيط : ٨ / ٢٠٦ والكشاف : ٤ / ٥٨.

(٧) النشر : ١ / ٢٦.

(٨) قراءة ابنِ مسعود وعمرَ بنِ الخطابِ وابنِ الزبيرِ.

اُنظر : مختصر في شواذ القرآن : ١٥٦ والتبيان : ١٠ / ٨.

(٩) سورة الجمعة : ٦٢ / ٩.

(١٠) القراءات واللهجات : ١٥.


المنفوشِ) (١) بدلاً من : (كَالعِهْنِ المَنْفُوشِ) (٢) ويبدو أَنَّ هذين المثالين يدخلان في الباب الرابع.

٦ ـ الاختلاف بالتقديم والتأخِير نحو : (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الموتِ بالحَقِّ) (٣) حيث قُرِئ فيها : (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الحَقِّ بالمَوْتِ) (٤).

٧ ـ الاختلاف بالزيادة والنقصان نحو : (إِنَّ اللهَ هُوَ الغَنِيُ الحَمِيدُ) (٥) فقد قُرِئ فيها (إِن الله الغَنِيُ الحَمِيدُ) (٦).

هذِا هو الاختلاف الجوهري في القراءات وقد ذَكَرَه كلٌّ من ابن قتيبة (٧) وأبو الفضل الرازي وابن الجَزري (٨) ، وأسبقهم ابن قتيبة.

وأَمَّا نحو اختلاف الإظهار والإدغام والروم والإشمام والتفخيم والترقيق والنقل مِمَّا يُعبَّر عنه بالأُصول فهذا ليس من الاختلاف الذي يتنوع فيه اللفظ والمعنى لأنَّ هذهِ الصفات المتنوعة في أداء اللفظ لاتخرجه عن أنْ يكونَ لفظاً واحداً ، وَلَئِن فرض فيكون في الوجه الأَوّل وهو الذي لا تتغير فيه الصورة والمعنى (٩). وهذا الاختلاف جعله الرازي أَحدَ الوجوه في تقسيمه (١٠).

__________________

(١) قراءة ابن مسعود. اُنظر : مختصر في شواذ القرآن : ١٧٨ ومفاتيح الغيب (تفسيرالرازي) : ٨ / ١٦٥.

(٢) سورة القارعة : ٥٦ / ٥ ، وقبلها : (وَتَكُونُ الجِبَالُ).

(٣) سورة ق : ٥٠ / ١٩.

(٤) قراءة أبي بكر وابن مسعود. انظر : الكشاف : ٤ / ٢١.

(٥) سورة لقمان : ٣١ / ٢٦.

(٦) كما ثبت في مصحف أُبَيّ بن كعب. انظر : البحر المحيط : ٥ / ٥٤٤.

(٧) تأويل مشكل القرآن : ٣٦ ـ ٣٩.

(٨) النشر : ١ / ٢٦ ـ ٢٨.

(٩) النشر : ١ / ٢٦.

(١٠) النشر : ١ / ٢٧ والقرآن والنحو : ١٥.


أسباب اختلاف القراءات

إنّ العربَ يومَ بُعِثَ بينَهم النبيُّ محمّدٌ صلّى الله عليه وآله كانتْ لَهُم لهجات مختلفة ، وما زالوا على لهجات شتّى ، وقد نزلَ القرآنُ بلهجةِ قريش فشقَّ على غيرِهم أَنْ يقرؤوا باللهجة التي نَزَلَ بِهَا ، لذلك زعم بعضهم أن النبي صلّى الله عليه وآله أذن لهم أنْ يقرؤا القرآن بلحونهم ولهجاتِهم ، تَسْهِيلاً عَليْهم وتيسيراً لقراءةِ القرآن وتلاوتِهِ (١).

ولذلك نسبوا إلى النبي صلّى الله عليه وآله بناء على حديث موضوع أنّه قال : «إِنَّ هَذا القرآن أُنزل على سبعةِ أَحرف فاقرؤوا ما تيسّر منه» (٢). وقالوا إِنَّ المقصودَ بالسبعةِ التوسعةُ على القارئ ولم يقصد الحصر (٣).

وأهم ما يذكر من الأسباب التي دعت إلى تعدِّد القراءات :

١ ـ زعمهم اختلاف قراءة النبيّ صلّى الله عليه وآله واستدلّوا على ذلك باختلاف عمر وهشام بن حكيم بن حزام حول قراءة سورة الفرقان وزعموا أَنَّ كلاًّ منهما سمعَ ما قرأ من النبيّ صلّى الله عليه وآله ، وأنّهما

__________________

(١) انظر : أطوار الثقافة والفكر : ٧٨.

(٢) صحيح البخاري : ١ / ١٧٥ وتأويل مشكل القرآن : ٣٣ ونص الحديث أخذناه عن البخاري وهو في تأويل مشكل القرآن بلفظ يختلف قليلاً.

(٣) البرهان : ١ / ٢١٢.


رجعا إليه صلّى الله عليه وآله فقال : لكلّ منهما : كذلك أنزلت (١).

٢ ـ تقرير النبي صلّى الله عليه وآله لقراءات المسلمين المختلفة.

قال عبد الله بن مسعود : ولقد رأَيتنا نتنازع عِندَ رَسولِ اللهِ صلّى الله عليه وآله فيأمرنا فنقرأ عليه فيخبرنا أَنَّ كُلَّنَا محسن (٢).

٣ ـ ومن أخطر ما زعموه اختلاف النزول فيما ذهب إِليه صاحب المباني (٣) حيث يرى أَنَّ سبب اختلاف القراءات هو اختلاف النزول (٤).

وكلّ ما ذكروه إن لم يغيّر صورة اللفظ ومعناه وحروفه من غير تقديم ولا تأخير ولا زيادة ولا نقصان واقتصر على القراءة المقبولة بشروطها فهو مقبول ، وإلاّ فهو باطل لا نقبله ، فعن الإمام الصادق عليه السّلام في رواية سفيان بن السمط قال :

«سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن تنزيل القرآن ، فقال : اقرؤوا كما علمتم» (٥). وهذا إمضاء للقراءات الصحيحة الثابتة المشتملة على سائر الشروط المطلوبة والتي لا تتعدّى ـ في الأعم الأغلب ـ الوجه الأول من وجوه الاختلاف في القراءات الذي مرّ سابقاً.

وفي رواية الفضيل بن يسار قال : «قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : إنّ الناس يقولون : إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف ، فقال : كذبوا أعداء الله ،

__________________

(١) انظر : صحيح البخاري : ٥ / ١٨٥.

(٢) إعجاز القرآن : ٤٩.

(٣) هو مؤلف مجهول ألّف كتاب المباني في نظم المعاني (سنة / ٤٢٥ هـ) ويرجح المستشرق آرثر جفري إنّه من علماء المغرب.

(٤) مقدّمتان : ١٧٠ ـ ١٧١.

(٥) أصول الكافي : ٢ / ٦٣١ / ١٥ باب النوادر من كتاب فضل القرآن.


ولكنّه نزل على حرف واحد من عند الواحد» (١).

وهذا يناسب اختلاف القراءة من الوجه الأول المذكور ، ولا يناسب الوجوه الأخرى ، ولا قولهم إنّ القرآن إنّما هو من قبيل : هلم ، وتعال ، وأقبل ، بل رواية الفضيل فيها تكذيب صريح لذلك.

والأسباب الثلاثة المتقدّمة معتمدة على روايات موضوعة.

٤ ـ اختلاف نسخ المصاحف العثمانية.

وقد تبنّى الزمخشري هذا الرأي وفي المحتسب ما يشير إلى وجود اختلاف في نسخ المصاحف (٢).

قال في الكشاف عند قوله تعالى : (وَكَذَلِك زَيَّنَ لِكَثِير مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكآؤُهُمْ) (٣).

وأما قراءة ابن عامر (٤) برفعِ القتلِ ونصبِ الأولادِ وجرِّ الشركاءِ على إِضافةِ القتلِ إِلى الشركاءِ والفصل بينهما بغيرِ الظرفِ ، فالذي حَمَلَهُ على ذَلِك أنْ رَأى في بعضِ المصاحفِ (شُرَكَائِهمْ) مكتوباً بالياءِ (٥) ويذهبُ هذا المذهب من المستشرقين آرثر جفري إِذْ يقول : «وَجَدَ القرَّاءُ في المصاحفِ التي بعثَها عثمانُ إلى الأقطارِ اختلافاً في بعضِ الحروف» (٦).

__________________

(١) أصول الكافي : ١ / ٦٠٣ / ١٣ من الباب السابق.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٠٩.

(٣) سورة الأنعام : ٦ / ١٣٧.

(٤) هو عبد الله بن عامر اليحصبي إمام أهل الشام في القراءة قِيْلَ أَنّهُ عَرَضَ على عثمانَ.

توفي (سنة / ١١٨ هـ). غاية النهاية : ١ / ٤٢٥.

(٥) الكشاف : ٢ / ٤١.

(٦) المصاحف : ٧.


وقد عَلَّلَ أبو عمرو الداني (ت / ٤٤٤ هـ) ذلك بِأَنَّ عثمانَ لمَّا جمَعَ القرآنَ في المصاحفِ ونسخَها على صورة واحدة فَرَّقَ الحروفَ المختلفةُ في المصاحفِ لكي تحفظَها الأُمّة كَما نَزَلَتْ مِنْ عِنْدِ اللهِ (١) وكيفَ يكونُ اختلافُ المصاحفِ سبباً لاختلافِ القراءةِ ، والقراءةُ أَسبقُ مِنْ نسخِ المصاحفِ العثمانيةِ؟ فلا يمكن أَنْ يكون نسخُ المصاحفِ علّةً لاختلافِ القراءاتِ بلِ العكس. وَلِهذا يُقَالُ : إِنَّ «أَسبَابَ اختلافِ المصاحفِ العثمانية فيما بينَها يرجعُ في الأغلبِ إلى القراءاتِ» (٢).

٥ ـ وَيعُدُّ المستشرقُ آرثر جفري (٣) أنَّ مِنْ أَسباب اختلاف القراءةِ هو اعتمادُ مصاحفِ الصحابةِ (٤) غير المصحف العثماني.

ولا إِشكالَ في أنَّ الصحابةَ كانوا قد كتبوا مصاحفَ لَهُم خاصّة ومصحف عثمان يخالفُها بعَض المخالفة (٥) وهو الذي جمع عثمان الناس عليه ، وأمر بكلّ ماسواه أنْ يُحرَقَ (٦) ، وقد كانَ بعضُ الصحابةِ يكتبُ التفسيرَ في مصحفهِ مع الأصلِ (٧) ، فليَس كُلُّ مافي مصاحفِ الصحابةِ قرآناً. إِنَّما القرآنُ هُوَ المنزلُ على رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وآله المنقول عنه نقلاً متواتراً بلا شبهة (٨).

__________________

(١) المقنع : ١٢٣ ـ ١٢٤.

(٢) القراءات واللهجات : ١١٢.

(٣) المصاحف : (المقدّمة) : ٧.

(٤) انظر : ما كتبه الدكتور عبد الصبور شاهين في كتابه تاريخ القرآن : ١٢٥ عن آرثر جفري وغيره من المستشرقين.

(٥) القراءات واللهجات : ٩٧.

(٦) النشر : ١ / ٧.

(٧) النشر : ١ / ٣١.

(٨) القراءات واللهجات : ٩٩.


وَإنَّ هَذا الَّذِي يُقَرِّرُهُ آرثر جفري سببُه جهلُ المستشرقينَ بأسلوبِ تلقّي المسلمينَ القرآنَ ، إذا أردنا إِحسان الظنِّ بهم ، (فإنّ الاعتماد في نقل القرآنِ على حفظِ القلوبِ والصدورِ لا على حفظِ المصاحفِ والكتبِ) (١).

٦ ـ اختلاف الروايةِ عن الصحابةِ والتابعينَ.

يقولُ ابنُ مجاهد (ت / ٣٢٤ هـ) : ورويتِ الآثارُ بالاختلافِ عن الصحابةِ والتابعينَ توسعةً ورحمةً بالمسلمين (٢).

وَقَد ذَهَبَ إلى هذا الرأي ابن أَبي هاشم (٣) (ت / ٣٤٩ هـ) (٤).

وَيَرى السيدُ أبو القاسمِ الخوئي ـ تبعاً لما ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) ـ أنَّ اختلافَ القراءةِ قد جاءَ مِنْ قِبَلِ الرواةِ (٥).

٧ ـ اختلاف اللغاتِ واللهجاتِ.

قال بهذا ابن قتيبة (ت / ٢٧٦ هـ) (٦) وابن الجَزَري (ت / ٨٣٣ هـ) (٧) وتبنّى هذا الرأي بعضُ المُعاصرين (٨).

__________________

(١) النشر : ١ / ٦.

(٢) السبعة : ٤٥.

(٣) هو عبد الواحد بن عمر بن محمّد بن أبي هاشم أبو طاهر البغدادي البزار ، أخذ القراءة عن ابن مجاهد وغيره. وهو والد محمّد بن أبي عمر الزاهد غلام ثعلب.

انظر : غاية النهاية : ١ / ٤٧٥.

(٤) البيان في تفسير القرآن : ١ / ١١٦.

(٥) البيان في تفسير القرآن : ١ / ١٣٥.

(٦) تأويل مشكل القرآن : ٣٩.

(٧) النشر : ١ / ٢١ ـ ٢٢.

(٨) انظر : الشعر الجاهلي : ٣٤ وفي الأدب الجاهلي : ١١٩ وأطوار الثقافة والفكر : ١ / ٨٠ وتاريخ القرآن لإبراهيم الأبياري : ١١٨ و ١٣٠.


وَأَرجع بعضُ الباحثينَ الصفاتِ الصوتيةَ كالفَتْحِ والإِمالةِ والإِدغامِ والهمز إلى اختلاف اللهجات (١).

وجاؤوا بأحاديثَ زَعَموا أنَّ هدفَها التَّيْسيرُ (٢) على المسلمينَ والتَّوسِعَةُ ، وقالوا ماأَرادَ الرَّسُولُ (صلى الله عليه وآله) أنْ يأخذَ المسلمينَ بالشدّةِ ويثقلَ عليهم.

٨ ـ عدم نَقْطِ المصاحفِ الأئمّةِ وَشَكْلِها واجتهادُ القراءِ في القراءَةِ وقَدْ ذَهَبَ إِلى هذا المستشرقونَ نولدكه (٣) وجولد تسيهر (٤) وآرثر جفري وبلاشير (٥). وقد تصدّى عدد من الباحثين للردّ على جولد تسيهر (٦) وذهب إلى هذا الرأي أيضاً السيّد أبوالقاسم الخوئي (٧) وغيره (٨).

__________________

(١) في اللهجات العربية : ٥٨ وتاريخ التراث العربي : ١ / ١٤٥.

(٢) مناهل العرفان : ١ / ٢٣٨.

(٣) تاريخ القرآن للدكتور عبد الصبور شاهين : ٨٢ ـ ٨٤ والمصحف المرتّل : ٢٠٠.

(٤) مذاهب التفسير الإسلامي : ٨.

(٥) مقدّمتان : ٢٧٤ ومقدّمة كتاب المصاحف : ٤ وتاريخ القرآن للدكتور عبد الصبور شاهين : ٨٤ والمصحف المرتّل : ٢٠٠ والقرآن نزوله وتدوينه : ٣٣.

(٦) انظر على سبيل المثال ما كتبه :

عبد الوهاب حمودة : القراءات واللهجات : ١٨٢ وما بعدها.

والدكتور لبيب سعيد : المصحف المرتّل : ٢٠٠ وما بعدها.

والدكتور عبد الرحمن السيّد : مجلة المربد : ١ / ٨٧ السنة الأولى.

والدكتور عبد الصبور شاهين : تاريخ القرآن : ٨٢ وما بعدها.

والدكتور عبد العال سالم مكرم : القرآن الكريم وأثره : ٢٣ وما بعدها.

ومحمّد طاهر الكردي في كتابه : تاريخ القرآن : ١١٣ وما بعدها.

(٧) البيان في تفسير القرآن : ١ / ١١٦.

(٨) انظر : ما كتبه جواد علي في مجلة المجمع العلمي العراقي المجلد / ٣ الجزء / ٤


٩ ـ القراءة بالمعنى.

يقول بهذا المستشرق بلاشير وغيره وقد تصدّى للردّ عليهم بعض الباحثين (١).

ولعلّ أَقوى سبب عندهم هوَ اختلافُ اللهجاتِ ولكن لا على أَساسِ أَنَّ القرآنَ تتقاسَمُهُ اللهجاتُ حسبَ الهوى وَلَكنّ اللهجاتِ المختلفةَ كانت سبباً ـ كما يرون ـ في صدور الرُّخْصَة ـ على زعمهم ـ بقراءة القرآن قراءات متعدِّدة ومعيَّنَة زعموا أنَّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قرأ بها ، أو أقرَّ القراءةَ بِهَا تَسهيلاً على المسلمين لأنَّ القراءَةَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ (٢).

ابن مجاهد والقرّاء السبعة

فاقَ ابنُ مجاهد في عصرهِ سائرَ نظرائهِ مِن أَهلِ صناعتِهِ معَ اتساعِ علمهِ وبراعةِ فهمهِ وصدق لهَجته وظهور نسكه (٣).

وقال ابن جني وَهوَ يصفُ كتابَهُ في الشواذِّ : «هوَ أثبتُ في النفسِ من كثير مِنَ الشواذِّ المحكيةِ عَمَّنْ لَيْسَتْ لَهْ روايتُهُ ، ولا توفيقه

__________________

الصفحة ٨٩ وما كتبه الدكتور إبراهيم السامرائي في كتابه مباحث لغوية : ١٨٩ ـ ١٩١ وما كتبه عبد المتعال الصعيدي في مجلة الرسالة العدد : ٤٨٨ نوفمبر ١٩٤٢ م صفحة ١٠٥١ وقد ردّ عليه محمّد عزت عرفة في مجلة الرسالة العدد : ٤٨٩ في ١٦ من نوفمبر ١٩٤٢ م الصفحة ١٠٧١.

(١) انظر : آراء المستشرقين والردّ عليهم في : تاريخ القرآن للدكتور عبد الصبور شاهين : ٨٢ وما بعدها.

(٢) الكتاب ـ بولاق ـ : ١ / ٧٤ والكتاب ـ تحقيق هارون ـ : ١ / ١٤٨ والحُجَّة : ٥٠ ، ٥١ ، ٥٢ وإعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم : ٢٤ و ٤٢ و ٥٤ والمحتسب : ١ / ٢٣٣ و ٢٩٢ والإتقان : ١ / ٢٦٠ والقراءات القرآنية بين المستشرقين والنحاة : ٤١.

(٣) قراءة ابن كثير وأثرها : ٧٠.


ولا هدايته» (١).

اختيارُ ابن مجاهد للقراءات

لقد تَعَدَّدَ القراءُ الذينَ أَخذوا عنِ الصحابةِ والتابعينَ حتى بَلَغُوا حَدّاً لا يحصى وانتشروا في الآفاق وظهر في كُلّ مصر مِنَ الأمصارِ عددٌ مِنَ القُرَّاءِ ، كانَ الناسُ يقرأون بقراءاتِهم. وفي المائة الثالثة اتسع الخرق وقلّ الضبط فتصدّى بعضُ الأئمّة لضبط ما رواه من القراءات فكان أوَّلُ إمام معتبر جمع القراءات في كتاب هو أبو عبيد القاسم بن سلام (ت / ٢٢٤ هـ) ثمّ أحمد بن جبير الأنطاكي (ت / ٢٥٨ هـ) وجمع الطبري (ت / ٣١٠ هـ) نيّفاً وعشرين قراءةً ثُمَ جاءَ ابنُ مجاهد (ت / ٣٢٤ هـ) فاقتصر على قراءة القرّاء السبعة (٢).

القُرَّاء والقِراء السبعة

من هم القرّاءُ السبعةُ الذينَ اختارَ ابنُ مجاهد قراءاتِهم؟ إِنّهم :

١ ـ عبد الله بن عامر اليحصبي الدمشقي (ت / ١١٨ هـ) (٣).

٢ ـ عبد الله بن كثير بن عمرو المكي (ت / ١٢٠ هـ) (٤).

٣ ـ أبو بكر عاصم بن بهدلة الكوفي (ت / ١٢٧ هـ) (٥).

٤ ـ أبو عمرو بن العلاء البصري (ت / ١٥٤ هـ) (٦).

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٣٥.

(٢) النشر : ٢٤ ، ٣٣ ـ ٣٤.

(٣) انظر : ترجمته في غاية النهاية : ١ / ٤٢٤.

(٤) انظر : ترجمته في غاية النهاية : ١ / ٤٤٣ والبيان : ١ / ٩٤.

(٥) انظر : ترجمته في غاية النهاية : ١ / ٣٤٦ والبيان : ١ / ٩٥.

(٦) انظر : ترجمته في غاية النهاية : ١ / ٢٨٨.


٥ ـ حمزة بن حبيب الزيات (ت / ١٥٦ هـ) (١).

٦ ـ نافع بن عبد الرحمن بن أبي نُعَيم المدني (ت / ١٦٩ هـ) (٢).

٧ ـ علي بن حمزة الكسائي (ت / ١٨٩ هـ) (٣).

وقد أَلحق المحقّقون بهؤلاء السبعة ثلاثة قرّاء هم : (٤)

٨ ـ خلف بن هاشم البزار البغدادي (ت / ١٢٩ هـ) (٥).

٩ ـ يزيد بن القعقاع المدني (ت / ٢٣٠ هـ) (٦).

١٠ ـ يعقوب بن إسحاق الحضرمي البصري (ت / ٢٠٥ هـ) (٧).

ثمّ أضاف بعضهم أربعةً من القراء فأصبح عددهم أربعةً عشر قارئاً (٨) أما الأربعة الذيَن أُلحِقُوا فهم :

١١ ـ الحسن البصري (ت / ١١٠ هـ) (٩).

١٢ ـ محمّد بن محيصن (ت / ١٢٣ هـ) (١٠).

١٣ ـ يحيى بن المبارك اليزيدي (ت / ٢٠٢ هـ) (١١).

__________________

(١) انظر : ترجمته في غاية النهاية : ١ / ٢٦١ والبيان : ١ / ٩٩.

(٢) انظر : ترجمته في غاية النهاية : ٢ / ٣٣٠ والبيان : ١ / ١٠٠.

(٣) انظر : ترجمته في مراتب النحويين : ١٢٠ وغاية النهاية : ١ / ٣٣٥.

(٤) مناهل العرفان : ١ / ٤٥٦.

(٥) انظر : ترجمته في غاية النهاية : ١ / ٢٧٢ والبيان : ١ / ١٠٣.

(٦) انظر : ترجمته في غاية النهاية : ٢ / ٣٨٢ والبيان : ١ / ١٠٢.

(٧) انظر : ترجمته في إنباه الرواة : ٤ / ٤٥ وغاية النهاية : ٢ / ٣٨٦.

(٨) مناهل العرفان : ١ / ٤٥٧.

(٩) انظر : ترجمته في غاية النهاية : ١ / ٢٣٥ ومناهل العرفان : ١ / ٤٦٥.

(١٠) انظر : ترجمته في غاية النهاية : ٢ / ٢٦٧ ومناهل العرفان : ١ / ٤٦٥.

(١١) انظر : ترجمته في غاية النهاية : ٢ / ٣٧٥ ومناهل العرفان : ١ / ٤٦٥.


١٤ ـ سليمان بن مهران الأعمش (ت / ١٤٨ هـ) (١).

ووضع بعضهم مكانه محمد بن أحمد بن إبراهيم الشنبوذي (ت / ٣٨٨ هـ) تلميذ ابن شنبوذ (٢) ، وليست القراءة مقتصرة على هؤلاء الذين ذكرنا ، انَّمَا هؤلاء المشهورون منهم (٣).

نقد اختيار ابن مجاهد للقراءات

وَلاَ نَجِدُ عِنْدَ ابن مجاهد ما يُبَيّنُ سر اختيارهِ للسبعة الذين اختارهم.

ويرى الدكتور شوقي ضيف «أَنّ أَحداً لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُرَاجِعَ ابنَ مجاهد في مَنْ رَأْى تقديمَهُ على القراءِ مِنْ هؤلاءِ السبعة ، فقد ارتضوهم جميعاً ومعنى ذلك انهم ارتضوا اجتهاده في تقديمهم» (٤).

غير أنّنا وجدنا أنّ عَدَداً من العلماءِ قد راجعَ ابنَ مجاهد فيهم.

يقول مكي بن أبي طالب القيسي (٥) (ت / ٤٣٧ هـ) : «ذكر الناسُ من الأئمّة أَكثر من سبعين مِمَّنْ هو أعلى رُتبةً وأجلّ قدراً من هؤلاء السبعة على أنَّهُ ترك جماعة من العلماء في كتبهم في القراءات ذكر بعض هؤلاء السبعة واطَّرَحَهُمْ ، فقد ترك أَبو حاتِم (٦) (ت / ٢٥٥ هـ) ذكر حمزة والكسائي

__________________

(١) انظر : ترجمته في غاية النهاية : ٢ / ٥٠ وإتحاف فضلاء البشر : ٧.

(٢) مناهل العرفان : ١ / ٤١٧ ومباحث في علوم القرآن للدكتور صبحي الصالح : ٢٥٠.

(٣) النشر : ١ / ٣٣.

(٤) السبعة : المقدّمة : ٢٠.

(٥) هو أبو محمد مكي بن أبي طالب بن حموش القيسي شيخ القراءات والمجوِّدِين وُلد (سنة / ٣٥٥ هـ) بالقيروان. إنباه الرواة : ٣ / ١١٥ وغاية النهاية : ٢ / ٣٠٩ وبغية الوعاة : ٣٩٦.

(٦) تقدّمت ترجمته في الحاشية الثامنة ، ص : ١٧.


وابن عامر وزادوا نحو عشرين رجلاً من الأئمّة مِمَّنْ فوق هؤلاء السبعة» (١).

ومثله فعل أبو حيان الأندلسي (٢) (ت / ٧٤٥ هـ) (٣).

ويعتقد مكي بن أبي طالب (ت / ٤٣٧ هـ) أنَّ ابنَ مجاهد إنِّمَا جعلَ عددَ القراء سبعة لسببين :

١ ـ إنَّه جعلَ عددَ القراء على عدد المصاحف العثمانية.

٢ ـ إنَّهُ جعلَ عددَهم على عددِ الحروفِ التي نزلَ بها القرآن وهي ـ بزعمه ـ سبعة (٤).

ولم يسلم عمل ابن مجاهد من النقد فقد كَرِهَ كثيرٌ من العلماء المتقدمين اقتصارهُ على سبعة من القراءِ وخطّؤوه في ذلك وقالوا : ألاَ اقتصرَ على ما دونَ هذا العَدَدِ أو زادَهُ (٥)؟!!

وإِنَّمَا كَرِهُوا ذلِك لأَنَّ بَعضَهم اعتقدَ بصحَّةِ نزولِ القرآن على سبعةِ أحرف وَلأَنَّ بعضَ من لا عِلمَ لَهُ اعتقدُ أَنَّ القراءاتِ الصحيحةَ هي التي عن هؤلاءِ السبعة ، وأَنَّ الأَحرفَ السبعةَ التي أَشار إليها النبيّ (صلى الله عليه وآله) ـ فيما نسبوا إليه ـ هي قراءة هؤلاءِ السبعة (٦) وهذا مجرّد وهم.

قال المهدوي (٧) (ت / ٤٣٠ هـ) : «لقد فعل مُسَبّعُ هؤلاءِ السبعة ما لا ينبغي

__________________

(١) الإبانة : ٦ ـ ٧ والنشر : ٣٦ ـ ٣٧.

(٢) هو محمّد بن يوسف أثير الدين أبو حيَّان النحوي الأَندلسي شيخ العربية والأَدب والقراءات. غاية النهاية : ٢ / ٢٨٥ وأبو حيَّان النحوي : ٢١.

(٣) النشر : ١ / ٤٠ ـ ٤١ والإتقان : ١ / ٢٧٤.

(٤) الإبانة : ٥١ ومنجد المقرئين : ٧٣.

(٥) النشر : ١ / ٣٦.

(٦) النشر : ١ / ٣٥.

(٧) هو أحمد بن عمار المهدوي نسبة إلى المهدية في المغرب أستاذ مشهور ألّفَ تفسيراً


أن يفعله وأشكلَ على العامةِ حتى جهلوا ما لم يسعهم جهله وأوهم كُلَّ من قلَ نظرُهُ أَنَّ هذهِ هي المذكورةُ في الخبر النبوي (١) لا غير وأَكّد وَهْمَ السابقِ اللاحقُ وَلَيْتَهُ إذْ اقتصرَ نَقَّصَ عَنَ السبعةِ أو زادَ ليزيلَ هذهِ الشبهةَ» (٢).

وإِنَّ الناس إنما ثَمَّنوا القراءاتِ وعشرُوهَا أَو زادُوا على عَدَدِ السبعةِ الذين اقتصَرَ عليهم ابنُ مجاهد لإزالة هذهِ الشبهة (٣).

واتُّهِم ابنُ مجاهد بأ نّهُ ادّعى ما ليس عندَهُ ، فأخطأ بسبب ذلك الناس ، لاِ نّهُ قال في ديباجةِ كتابهِ : «ومخبر عن القراءةِ التي عليها الناس بالحجازِ والعراقِ والشامِ» (٤) ، وليس كذلك ، بل ترك كثيراً مِمَّا عليه الناسُ في هذهِ الأمصار في زمانهِ (٥) ولم يَشأ بعضُ العلماءِ أنْ يسكتَ عنْ صنيع اِبن مجاهد فأ لّفَ مِثلَهُ في قراءاتِ بعضِ الأئمّةِ وَلَكنّهُ لم يتقيّد بالعددِ الذي تقيّدَ به بل زادَ عليهِ أو نقص منه (٦). فأ لّف بعضُهم في القراءات الست (٧) وبعضهم في القراءات الثمان (٨) وبعضهم في القراءات العشر (٩) وغير

__________________

وأَ لّفَ كتابَ الهدايةِ في القراءات السبع. غاية النهاية : ١ / ١٦٠.

(١) وقد بيّنا فيما سبق كذب هذا الخبر واختلاقه ، وإنّ القرآن الكريم لم ينزل إلاّ على حرف واحد.

(٢) النشر : ١ / ٣٦ ومنجد المقرئين : ٧١ والإتقان : ١ / ٢٧٤.

(٣) النشر : ١ / ٤٣.

(٤) السبعة : ٤٥.

(٥) منجد المقرئين : ٧٢.

(٦) انظر : بحث أستاذنا علي النجدي ناصف (بين القرّاء والنحاة) في مجلة مجمع اللغة العربية الجزء : ١٧ السنة ١٩٦٤ م ص : ٤٢.

(٧) النشر : ١ / ٨٤.

(٨) النشر : ٧٢ و ٩٢.

(٩) مثل كتاب النشر في القراءات العشر.


ذلك (١). ومع كُلّ ما يُوجَّهُ إلى ابنِ مجاهد من نقد ، يجب الاعترافُ بأ نَّهُ فَتَحَ باباً جديداً للدراسات القرآنيَّة ثمَّ تَوَسَّعَتْ بعدَ ذلك دراساتُ الاحتجاجِ للقراءاتِ بعدِ أنْ جُمِعَتِ القراءاتُ ورَأينا فيَما سَبَقَ (٢) كَيْفَ نشطتْ حَرَكةُ التأليفِ في زمانِهِ وَبَعْدَهُ في الاحتجاجِ للقراءاتِ إِلى أَنْ أَلّفَ أَبو علي الفارسيّ (ت / ٣٧٧ هـ) كتابَ الحُجَّة محتجّاً للقراءاتِ التي جمعها ابنُ مجاهد ثم ألّفَ ابنُ جِنِّي (ت / ٣٩٢ هـ) كتاب المُحتَسَب في شواذِّ القراءاتِ ، وبهذا يُعدُّ ابنُ مجاهد من أَهم العوامل في تَنشيطِ حركةِ التألِيف في القراءات.

القراءة الشاذّة وغير الشاذّة

لقد قسّم علماءُ العامّة القراءاتِ على أقسام والذي يهمّنا هنا القراءَة الشاذة ، وَقَبْلَ أنْ نعرف القراءة الشاذة ينبغي أَنْ نعرف ما هو ضابط القراءة المقبولة عندهم؟ وهي : ١ ـ موافقتها العربيةَ وَلَوْ بوجه. ٢ ـ موافقتها أَحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً. ٣ ـ صحّة سندها (٣). ويرد على الأوّل : أنّ أكثر القراءات الشاذّة موافقة للعربيّة بوجه أو أكثر. وأمّا الثاني ، فهو شرطٌ عجيب إذ لا يُبنى الاستدلال على مجرّد الاحتمال. ويرد على الثالث : أنّ صحّة السند لا تخرج القراءة عن حيّز الخبر الواحد إلى التواتر المطلوب ، ولا إلى الشهرة المعتبرة المستلزمة لحجّيّة القراءة.

هذا هو الضابط الذي تُقبل به القراءة عندهم سواء أكانت عن السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من القرّاء المقبولين ، ومتى اختلَّ ركنٌ من هذهِ

__________________

(١) النشر : ٧٣ و ٩٠.

(٢) انظر : ص : ١٨.

(٣) النشر : ١ / ٩ والإتحاف : ٣.


الأركان الثلاثة أُطلِقَ عليها ضعيفة أَوْ شاذة أَوْ باطلة سواء أكانت عن السبعة أم عمَّن هو أكبرُ مِنهم (١) وَقَد شَرَطَ بَعْضُهُم التواتر ولم يكتفِ بصحّةِ السند (٢) ، ولكنَّ مكيّاً (ت / ٤٣٧ هـ) وابن الجَزَري (ت / ٨٣٣ هـ) وَتَبِعَهُم كَثيرٌ منَ القُرّاءِ اتّفقوا على أَنّهُ لاَ يلْزُم التواتُر (٣) وقد أكّدُوا صحّةَ السند فقالوا : الشرط واحدٌ وهو صحّةُ النقلِ ويلزمُ الآخرانِ (٤) وهذا هو رأي ابنِ جِنِّي الذي يقول بصريح العبارة : فإِنّ وَجْهَ القراءةِ المطابقِ للمصحف لا يُقْدَمُ عليه إلاَّ أنْ يَرِدَ بِهِ أَثَرٌ وإنْ كانَ في العربيةِ سائغاً (٥).

مَعْنَى الشذوذ في القراءات

عندما نستفتي المراجعَ اللغويةَ في مَعْنَى شذَّ يشذُّ نَجِد اللغويينَ يقولونَ : شَذَّ عَنّهُ يَشُذُّ وَيَشِذُّ ، بضمّ الشينِ وكسرِهَا شذوذاً ، انْفَردَ عَنِ الجُمهورِ فهوَ شاذٌّ وأَشذَّهُ غَيْرُهُ (٦). والقراءاتُ الشاذَّةُ يُعَبِّرُ عَنْهَا العلماء تعابير لا نستطيع أَنْ نَعُدَّها تعريفاً فَنِّيًّا وهم مختلفونَ. فلنستعرضْ تحديدهم لَها.

١ ـ أطلقَ ابنُ جنِّي وصفَ الشاذِّ على ما عدا القراءاتِ السبعِ ، وَزَعَمَ انها تسميةٌ شاعت عِندَ أَهلِ زمانِهِ فَقَالَ : «وضرباً تَعدَّى ذَلِك فسـمَّـاهُ أهلُ زمانِنا

__________________

(١) تأويل مشكل القرآن : ٤٢ والنشر ١ / ٩ و ١ / ١٣ ومنجد المقرئين : ١٥ والإبانة : ١٨ والمصاحف : ٨ والإتحاف : ٣ والإتقان : ١ / ٢٥٨.

(٢) القراءة في الشواذ : ٧٠ والإتقان : ١ / ٢٦١ ومنجد المقرئين : ١٧.

(٣) القراءة في الشواذ : ٧١.

(٤) النشر : ١ / ١٣ والإتقان : ١ / ٢٦٢.

(٥) المحتسب : ١ / ٣٠٨.

(٦) الصحاح ـ شذذ ـ : ٢ / ٥٦٤ ولسان العرب : ٥ / ٢٨ ومختارات القاموس : ٣٢٦.


شاذًّا أي : خارجاً عن قراءةِ القرَّاءِ السَّبعةِ المقدَّم ذِكرُهُم» (١) ، وقالَ : «وأَنَا بإِذنِ اللهِ بادئٌ بكتاب أذكرُ فيهِ أحوالَ ما شذَّ عن السّبْعِ» (٢). ونَسَبَ أبو عمرو الداني (ت / ٤٤٤ هـ) هذا القولَ إلى ابن مُجاهد (٣) الذي اختارَ السبعةَ وَدَعَا قراءةَ مَنْ سواهم شاذّة (٤).

٢ ـ وأطلقوا القراءة الشاذّةَ على ما وراءِ العشرةِ (٥).

٣ ـ وذهب القاضي عياض (٦) (ت / ٥٤٤ هـ) إِلى أنَّ القراءة الشاذة هي المخالِفة لرسم المصحف وبهذا قال ابنُ الجزري (٧) وأبو حيَّان النحوي (٨) (ت / ٧٥٤ هـ).

٤ ـ وقال الكواشي (٩) (ت / ٦٨٠ هـ) : القراءة الشاذَّة ما فقدت واحداً من الشروط الثلاثة : صحّة السند ، والاستقامة في العربية ، وموافقة خط المصحف (١٠) الإمام وقال به ابن الجزري (١١).

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٣٢.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٤.

(٣) منجد المقرئين : ٥٢.

(٤) السبعة : ١٩.

(٥) منجد المقرئين : ١٦ وغيث النفع : ٧ والبرهان : ١ / ٣٣١ والقراءة في الشواذ : ٦٩.

(٦) هو عِياض بن موسى بن عِياض اليحصُبي عالم المغرب وإمام أهل الحديث في زمانه توفي بمراكش. انظر : وفيات الأعيان : ٣ / ٤٨٣ والأَعلام : ٥ / ٢٨٢.

(٧) النشر : ١ / ١١ ومنجد المقرئين : ١٦ ـ ١٧ وغاية النهاية : ٢ / ٥٤.

(٨) البحر المحيط : ٧ / ٢٦٨.

(٩) هو الشيخ أحمد بن يوسف بن الحسن بن رافع الشيباني الموصلي من فقهاء الشافعيّة.

انظر : شذرات الذهب : ٥ / ٣٦٥.

(١٠) النشر : ١ / ٤٣ والإتقان : ١ / ٢٧٦.

(١١) النشر : ١ / ٩.


ويُؤخذ على هذا القول أَنَّهُ إذا فُقِدَ رُكْنُ النقلِ لا تُسَمّى القراءةُ شاذّة بلْ مردودة (١) أو مكذوبة (٢).

٥ ـ وقالوا : الشاذّ من القراءاتِ مَا لمْ يصحْ سَنَدُهُ (٣).

وَيُؤْخَذُ عَلَيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ في سَابِقِهِ.

٦ ـ وَقَالوا : إنَّ الشواذَّ ما نُقِلتْ نقلَ آحاد (٤).

٧ ـ والشَّاذُّ مايقابِلُ الُمجْمَعَ عليه سواءً أكان منسوباً إلى السبعةِ أمْ غيرهم (٥).

والحقيقة أَنَّ القراءات القرآنية سواءً أَكانَتْ من السَّبعةِ أَمْ من غيرها منقسمةٌ على المجمعِ عليهِ والشاذِّ غير أَنَّ هؤلاءِ السبعةَ لشهرتِهم تَرْكُن النَّفس إلى ما نُقِلَ عنهم (٦).

وليستْ مهمتُنَا المُقَارَنَةُ بينَ هذهِ الأَقوالِ إنَّمَا مَجَالُ بحثِنَا كِتَابُ الُمحتَسَب لابن جِنِّي ، وَلِذلك فَإِنَّ القراءَةَ الشاذَّةَ التي نختارُها هي التي يراها ابن جِنِّي شاذَّةً وهي ما عدا القراءات السبع.

موقف الفقهاء من القراءات الشاذَّةِ

كما تعدَّدَتِ الأقوال في تَحديدِ القراءاتِ الشاذَّةِ تَعدَّدتْ آراءُ الفقهاءِ في موقف الدين منها :

__________________

(١) النشر : ١ / ١٧ والإتقان : ١ / ٢٦٣.

(٢) منجد المقرئين : ١٧.

(٣) الإتقان : ١ / ٢٦٥.

(٤) النشر : ١ / ١٥.

(٥) المحتسب : ١ / ٣٤ والنشر : ١ / ٩ ـ ١٠ ومنجد المقرئين : ٦٣ وإتحاف فضلاء البشر : ٣.

(٦) النشر : ١ / ٩ ومنجد المقرئين : ٦٣.


١ ـ إدَّعى ابنُ عبد البر (١) إجماعَ المسلمين على أنَّهُ لا تجوز القراءة بالشواذّ ولا يصلّى خلف من يصلّي بها (٢) ، وقد قال النويري (٣) ذلك (٤) ، وردَّ بعضُهُم إدِّعاءَ الإجماع لوجود من لا يقول بالمنع (٥) ، وقالوا : إِنَّ الجمهورَ على تحريم القراءة بِمَا زادَ على العشرةِ المشهورة (٦).

٢ ـ وقد اتَّفقَ فقهاءُ بغدادَ على استتابةِ من قرأ بالقراءةِ الشاذَّةِ وتعزيرِهِ وحبسهِ إنْ لَمْ ينتهِ ، وهو منعُ تحريم لا منعُ كراهية (٧).

٣ ـ والشافعية في أَحد قولين (٨) يوجبون الإِنكار على القارئ بالشواذّ في الصَّلاةِ وغيرِها (٩).

٤ ـ والذي أفتَى بهِ علماءُ الحنفية بطلان الصلاة إنْ غيرت القراءَةُ المعنى فإنْ لَمْ تُغير فَلا (١٠).

__________________

(١) هو يوسف بن عبد الله بن عبد البر القرطبي المالكي صاحب كتاب الاستيعاب. أحد كبار العلماء. انظر : شذرات الذهب : ٣ / ٣١٤.

(٢) منجد المقرئين : ١٧ والإتقان : ١ / ٢٨٠ والبرهان : ١ / ٣٣ وغيث النفع : ٦ ومناهل العرفان : ١ / ٤٦١ وسفينة الراغب : ٦٦ و ٦٧.

(٣) هو محمد بن محمّد بن محمّد أبو القاسم النويري فقيه مالكي عالم بالقراءات ولد في مصر ومات في دمشق سنة ٨٥٧ هـ. انظر : شذرات الذهب : ٧ / ٢٩٢.

(٤) القراءة في الشواذ : ٦٧ وسفينة الراغب : ٦٧.

(٥) القراءة في الشواذ : ٧٠.

(٦) إتحاف فضلاء البشر : ٣.

(٧) القراءة في الشواذ : ٦٧ والبرهان : ١ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣.

(٨) النشر : ١ / ١٤.

(٩) القراءة في الشواذ : ٦٧ والبرهان : ١ / ٣٣٣ ومنجد المقرئين : ١٦ و ١٧ و ٤٨ وغيث النفع : ٧ والنشر : ١ / ٤٣ ومناهل العرفان : ١ / ٤٦٠.

(١٠) القراءة في الشواذ : ٦٧.


٥ ـ ونقل عن مالك أَنهُ قال : إذا قرأَ بالقراءات الشاذَّةِ لزمه ومَنْ اقتدى بهِ الإعادة (١).

٦ ـ وعن أَحمد بن حنبل روايتان : إحداهما تجيز القراءَةَ بالشَّاذِّ والثانية لا تجيزها (٢).

٧ ـ ورأي الشيعة أنَّ الواجبَ في الصلاة قراءَةَ القرآن فلا يكفي قراءة شيء لَمْ يُحرَزْ كونهُ قرآناً ، ويُعتَبر في الجوازِ أَلاَّ تكون القراءَةُ شاذّةً غير ثابتة بنقل الثقات عند علماءِ أَهل السنّة ولا موضوعة (٣) ، والروايات عن الأئمّةِ مِنْ أَهلِ البيتِ تَقولُ : (اقرؤوا كما يقرأ الناس ، واقرؤوا كما عُلِّمتُم) (٤).

أما ما عدا السبعة من القراءات فإنَّ الرأي فيها كالآتي :

١ ـ فتوى بجوازِ القراءة بالقراءات السبع ورفض الشاذِّ (٥) والمنع من الصلاة به (٦).

٢ ـ ويقول ابن تيمية (٧) : يجوز أَنْ يقرأ بقراءة القرّاء الآخرين من غير السبعة (٨).

__________________

(١) القراءة في الشواذ : ٦٧. وانظر : رأي المالكية في : منجد المقرئين : ١٧ وغيث النفع : ٧.

(٢) الإبانة : ١٩ والنشر : ١ / ١٤ والجمع الصوتي للقرآن : ٢٨٦.

(٣) البيان في تفسير القرآن : ١ / ١١٨.

(٤) البيان في تفسير القرآن : ١ / ١١٨.

(٥) منجد المقرئين : ٥٢.

(٦) مقدّمتان : ٢٧٤.

(٧) هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام النميري الحرّاني الحنبلي تقي الدين بن تيمية مات معتقلاً في قلعة دمشق سنة ٧٢٨ هـ. شذرات الذهب : ٦ / ٨٠.

(٨) النشر : ١ / ٣٩.


٣ ـ هناك من يُحرِّم قراءة حمزة وهو من القراء السبعة (١) ومعلوم أنَّ ابنَ جنِّي يرى أَنَّ الذي تعدَّى قراءَةَ القراء السبعة وَسَـمّـاهُ أَهلُ زَمانِهِ شاذًّا مع خروجهِ عنها ، نازعٌ بالثقةِ إِلى قرائه ، محفوف بالروايات من أمامِهِ وورائِهِ (٢).

والذي أرجِّحُه أَنَّ القراءة سنّة ، فما صحّ سنده قبل ، ورفض ما سواه.

والقرآن حجّة على العربية ولا عكس ، وليس اتِّباعُ خطِّ المصحف بمجرّده واجباً ما لم يعضده نقل (٣).

موقف اللغويين والنحاة من القراءة الشاذّة

وقف اللغويون والنحاة من القراءات موقفهم من سائر النصوص اللغوية ، فالبصريون ـ إلاّ مَنْ خَالَفَ مِنْهُم ـ جَعلوا الأقيسةَ النحويةَ ، والقواعدَ والأصولَ التي وضعوها مقياساً على مايرد من قراءات شاذَّة أو غير شاذّة (٤) ، إذ لا بدَّ لِكُلّ نَصّ عندَهم من أَنْ يخضعَ لِهَذا التقعيدِ والتنظيم (٥) ، فما وافقَ منها أقيستَهُم وقواعدهم قبلوه ، وما أَباها رفضوه (٦) ، ووصفوه بالقبحِ (٧)

__________________

(١) فقد كان ابنُ عُيينة يرى لمن قرأ في صلاته بحرف حمزة أو صلّى خلفَ امام قرأ بها أنْ يعيد ، ووافقه على ذلك كثير من الفقهاء منهم بشر بن الحارث المعروف بالحافي (ت / ٢٢٧ هـ) وأحمد بن حنبل. تأويل مشكل القرآن : ٥٩ والقرطبي : ٢ / ١٥.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٢.

(٣) إبراز المعاني : ٤٠٦.

(٤) مدرسة الكوفة : ٣٨٨ ومدرسة البصرة : ٢٣٠ ـ ٢٣١ واللهجات العربية في القراءات القرآنية : ٨٥ ـ ٨٦ وسيبويه والقراءات : ٣٥ والدفاع عن القرآن ـ المقدّمة ـ : ج ـ ي.

(٥) اللهجات العربية في القراءات القرآنية : ٨٦ والدفاع عن القرآن : هـ.

(٦) سنورد في الصفحات التالية قراءات رفضها نحاة بصريون ومن تابعهم.

(٧) معاني القرآن للأخفش الأوسط ـ مخطوط ـ : ٨٠ / أ ـ ب ومنهج الأخفش الأوسط : ٤٧ والمحتسب : ٢ / ٣٧٢.


والشذوذِ (١) أَو الضعفِ (٢) والرداءة (٣) ونسبوا القراء إلى التوهّم والغلط (٤) على أَنَّ نقدَ النحاةِ للقراءات إنَّما هوَ نقد للروايةِ وليسَ نقداً للقراءةِ بعدَ صحَّةِ سندِهَا ، فالتخطئة موجّهةٌ إلى القارئ كأَنْ تكونَ فيه غفلةٌ أَو سهو ، وفرق بين القراءة والعربية. وربما كانتِ القراءة الشاذة عندَ بعضِ النحاةِ أقوى منزلةً مِن غير الشاذةِ. يقولُ سيبويه : «وقد قرأ أُناس (والسَّارِقَ والسَّارِقَةَ) (٥) و (الزَّانِيَةَ والزَّانِيَ) (٦) وهو في العربيةِ على ما ذكرتُ لَك مِنَ القوّة (٧) ولَكِنْ أَبتِ العامّةُ إلاَّ القراءةَ بالرفعِ. وإنَّما كَانَ الوجهُ في الأمرِ والنهي النصب لأنَّ حدَّ الكلامِ تقديمُ الفعل وهو فيه أوجب» (٨).

ولكنَّ الكوفيينَ ـ إلاَّ مَنْ خالفَ منهم ـ قبلوا القراءات كلَّها ـ شاذَّةً أَو

__________________

(١) البحر المحيط : ٥ / ٤١٩ والإنصاف : ٣٨٢ مسألة ١٠٢ والقراءات القرآنية بين المستشرقين والنحاة : ٤٠.

(٢) كتاب سيبويه تحقيق عبد السلام هارون : ٢ / ٣٩٦ ـ ٣٩٧ و ٣ / ٤٠ والمحتسب : ١ / ٣٢٥ و ٢ / ٣٧١.

(٣) معاني القرآن للأخفش : ١٣٠ / ب ومنهج الأخفش الأوسط : ١٨٥.

(٤) معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٧٦ وتأويل مشكل القرآن : ٥٩ والبيان والتبيين : ٢ / ٢١٩ والبحر المحيط : ٧ / ٤٦.

(٥) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٣٨ : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) والنصب قراءة عيسى ابن عُمر وابن أبي عبلة. اُنظر : مختصر في شواذ القرآن : ٣٢ والبحر المحيط : ٣ / ٤٦٧ وعيسى ابن عُمر الثقفي : ١١١.

(٦) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٢ : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) والنصب قراءة عيسى بن عُمر ويحيى بن يَعمَر وعَمرو بن فائد وأبي جعفر وشيبة وأبي السَّمَّال ورويس. المحتسب : ٢ / ١٠٠ والبحر المحيط : ٦ / ٤٢٧ وعيسى بن عُمر الثقفي : ١٤٢.

(٧) يعترض الفخر الرازي على رأي سيبويه ، ويردُّ عليه أبو حيان ولا مجال للتفصيل هنا.

انظر : البحر المحيط : ٣ / ٤٧٦ وما بعدها.

(٨) الكتاب : ١ / ٧٢.


غيرَ شاذّة ـ واحتجُّوا بها ، وعقدوا على ما جاءَ بِها كثيراً من أحكامِهِم (١).

والقرّاء أهلُ تلقّ وعرض ، فهم أَدقُّ في نقلِهِم اللغة (٢) والفارقُ بينَ منهج اللغويين ومنهج القرّاءِ كبيرٌ ، فمنهجُ القراءِ أوثقُ وأصحُّ من الأقيسةِ والقواعدِ التي وضعها اللغويونَ والنحاةُ وأرادوا أَنْ تخضع لها كُلُّ النصوصِ العربيةِ (٣).

وعلى هذه السُّنَنِ مضى النحاةُ يختلفون في نظرتِهم إلى القراءاتِ والاحتجاج بها.

يقول سيبويه (ت / ١٨٠ هـ) : «إنَّ القراءة لا تخالف لأِ نَّها السنّةُ» (٤) ويقول الزجّاج : «القراءة بخلاف مافي المصحف لاتجوزلأنَّ المصحف مجمع عليه» (٥).

ويقول ابن خالويه (ت / ٣٧٠ هـ) : «إنّي تدبّرت قراءات الأئمّة السَّبعة من أهل الأمصار الخمسة المعروفين بصحّة النقل وإتقان الحفظ ... فرأيت كلاًّ منهم قد ذهب في إعراب ما انفردَ بهِ من حرفهِ مذهباً من مذاهب العربية لا يُدفَعُ ، وقصد من القياس وجهاً لا يمنعُ» (٦).

ويقول ابن خالويه أيضاً : «القراءة سنّة يأخذُها آخر عن أوَّل ولا تُحمَلُ على قياسِ العربيةِ» (٧) ويقول ابن جنّي (ت / ٣٩٢ هـ) عن الشاذِّ من القراءاتِ : «والعلَّةُ أو كثيراً منه مساو في الفصاحةِ للمجمع عليه ... ولسنا نقول ذلك

__________________

(١) مدرسة الكوفة : ٣٨٩.

(٢ و ٣) اللهجات العربية في القراءات القرآنية : ٨٦.

(٤) الكتاب ـ بولاق ـ : ١ / ٧٤ وطبعة هارون : ١ / ١٤٨ والقراءات القرآنية بين المستشرقين والنحاة : ٥٩.

(٥) معاني القرآن وإعرابه : ١ / ٣٧٤.

(٦) الحُجَّة لابن خالويه : ٣٧ ـ ٣٨.

(٧) إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم : ٢٤ و ٤٢ و ٥٤.


فسحاً بخلاف القرّاء ، لكنْ غرضُنا منه أنْ نُري وجهَ قوّةِ ما يسمّى الآن شاذًّا وأَ نّهُ ضاربٌ في صحَّةِ الروايةِ بجرانهِ لئلاّ يُرَى مُرَى أنَّ العُدُولَ عنهُ هو غضٌّ منه أو تُهمَةٌ لَهُ ... فإنّا نعتقد قوّةَ هذا المُسَمَّى شاذًّا» (١).

ويقول أيضاً : «وَلَوْ قَرَأَ قارئ : إِنَّ الحمدَ للهِ بكسرِ الهمزةِ على الحكايةِ التي للفظ بعينه لكان جائزاً ، لَكِنْ لا يُقْدَمُ على ذلِك إِلاَّ أَنْ يَرِدَ بهِ أَثَرٌ وإِن كانَ في العربية سائغاً» (٢).

ويقول أيضاً : «فيجوزُ على هَذَا في العربيةِ لا في القراءَة لأِ نَّهَا سُنَّةٌ لا تُـخَالَفُ ، (وَالسَّمَـاوَاتُ مَطْوِيَّات بِيَمِيْنِهِ) (٣)» (٤).

ويقول السُّيوطي (ت / ٩١١ هـ) : «أمَّا القرآنُ فكلُّ ما ورد أَنَّه قُرِئ بهِ جاز الاحتجاج به في العربية سواءً أكان متواتراً أم آحاداً أم شاذًّا» (٥).

ويقول ابنُ علان (٦) (ت / ١٠٥٧ هـ) : «وقد أطبقَ الناسُ من علماءِ العربيةِ على الاحتجاج للقواعدِ العربيةِ بالقراءاتِ الشاذَّةِ الخارجةِ عن الجادَّةِ في العربيةِ» (٧).

لقد اختلف النحاة في حُجيَّةِ القراءات الشَّاذَّةِ بلْ اختلفُوا في حُجِيَّةِ

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٣٢ ـ ٣٣.

(٢) انظر : ص : ١٨٤ والمحتسب : ١ / ٣٠٨.

(٣) من قوله تعالى من سورة الزمر : ٣٩ / ٦٧ : (وَالاْرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ).

(٤) المحتسب : ٢ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣.

(٥) الاقتراح : ١٤ ـ ١٥.

(٦) هو محمّد بن علي بن محمّد بن علان الشافعي مُفَسِّرٌ عالمٌ بالحديث من أهل مكّة.

اُنظر : الكنى والألقاب : ١ / ٣٦١ والأعلام : ٧ / ١٨٧ وفهرست المكتبة الأزهرية : ٤ / ٤٦٨.

(٧) داعي الفلاح : ٥١ أ.


القراءات السبع (١).

فالكوفيونَ إذا رَجَّحُوا القراءاتِ التي يُجمعُ القراءُ عَليها فلا يَرفضونَ غَيرهَا ولا يغلّطونَها لأِ نَّها صوابٌ عِندَهم أيضاً (٢).

أَمَّا البصريونَ وَمَنْ تَابَعهم مِنَ الكوفيينَ فَإنّ القراءة إنْ لَمْ تتّفق مع قياسهِم وقواعدِهم وأُصولِهم التي أصلوها فهي عندَهم قبيحةٌ شاذّة (٣) ، وإنْ قرأ بها ابن كثير وأبو عمرو بن العلاء (٤) ، ولابدّ من إحسان الظنّ بأبي عمرو ، وما أبعدَهُ عن الزيغ والبهتان (٥)! أو هي شيءٌ مَعيبٌ في الإعراب مَعِيبٌ في الأسماع (٦) ، وإنْ كانتْ تلك قراءة عاصم (٧) ، أو هي لغة مرذولة (٨) أو مرفوضة وغلط (٩).

قال أبو عبيد (١٠) (ت / ٢٢٤ هـ) : لا أُحِبُّ قراءة ابنِ عامر (١١) لما فيها من

__________________

(١) انظر : ما كتب عن ذلك أستاذنا علي النجدي ناصف في مجلة المجمع العلمي اللغوي الجزء ١٧ سنة ١٩٦٤ م وما كتبه الدكتور أحمد مكّي الأنصاري في :

أ ـ مجلة مجمع اللغة العربية الجزء ٣١ عدد صفر ١٣٩٣ هـ مارس ١٩٧٣ م.

ب ـ كتاب سيبويه والقراءات.

ج ـ كتاب الدفاع عن القرآن ضد النحويين والمستشرقين.

(٢) مدرسة الكوفة : ٣٨٩.

(٣) معاني القرآن للأخفش : ٨٠ / أ ـ ب ومنهج الأخفش الأوسط : ٤٧.

(٤) مختصر في شواذِّ القرآن : ١٨ والبحر المحيط : ٢ / ٣٥٥.

(٥) المحتسب : ٢ / ٢٧٢.

(٦) الخصائص : ١ / ٩٤.

(٧) الحُجَّة لابن خالويه : ٣٣٠.

(٨) المحتسب : ١ / ١٠٦.

(٩) المحتسب : ١ / ١١٧ والقراءات القرآنية بين المستشرقين والنحاة : ٤٠.

(١٠) تقدّمت ترجمته في : ص : ١٨.

(١١) يقصد قراءة ابن عامر قوله تعالى في سورة الأنعام : ٦ / ١٣٧ : (وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِير مِنَ


الاستكراه ، ووصفها الزمخشري (١) (ت / ٥٣٨ هـ) بأ نّها شيءٌ لو كانَ في مكان الضرورة لكان سَمِجاً مردوداً (٢).

وقال المازنيُّ (٣) (ت / ٢٤٩ هـ) : «أَصل هذه القراءة عن نافع ولم يكن يدري ما العربية» (٤).

لقد كثر النيل من القرّاء حَتَّى سَمعنا ابن قتيبة (ت / ٢٧٦ هـ) يقول : «كان الناس قديماً يقرؤون بلغاتهم ... ثمّ خلفَ قوم من أبناءِ العجم ليس لهم طبعُ اللغةِ ولا علم التكلّف فهفوا في كثير من الحروف وزلّوا وقرؤوا بالشاذِّ وأضلّوا ، منهم رجل ستر الله عليه عند العوام وَقَرَّبَهُ من القلوب بالدين ، ولم أرَ فيمن تتبعتُ وجوه قراءته أَكثرَ تخليطاً ولا أشدَّ خطراً منه (٥) ... وما أقلَّ من سلم من هذه الطبقة في حرفه من الغلط والوهم ، فقد قرأَ بعضُ المتقدّمين (٦) : (مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَأْتُكُمْ

__________________

الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ) بنصب أولادهم وجرّ شركائهم على الإضافة.

(١) انظر : رأي الزمخشري في الخزانة : ٤ / ٤٢٣.

(٢) البحر المحيط : ٢ / ٣٦٢.

(٣) هو أبو بكر بن محمّد أبو عثمان المازني من بني مازن وقيل : هو مولى بني سدوس نزل في بني مازن فنسب إليهم نحوي بصري روى عن أبي عبيدة والأصمعي وغيرهما.

انظر : طبقات النحويين : ٨٧ وإنباه الرواة : ١ / ١٧٨ وبغية الوعاة : ٢١٦.

(٤) البحر المحيط : ٢ / ٣٦٢.

(٥) يقصد حمزة الزيّات. قال ابن مطرف الكناني في القرطين : ٢ / ١٥ : وباقي الباب لم أكتبه لما فيه من الطعن على حمزة.

(٦) يقصد الحسن البصري. قال ابن خالويه : (ولا أدرأتكم به) بالهمز والتاء. الحسن مختصر في شواذ القرآن : ٥٦ وفي البحر المحيط : ٥ / ١٣٣ قرأ ابن عباس وابن سيرين والحسن وأبو رجاء : (ولا أدرأتكم به) بهمزة ساكنة. انظر : الكشاف : ٢ / ١٨٤.


بِهِ) (١) فَهمزَ. وإنَّما هُوَ مِنْ دَريتُ بكذا وكذا. وقرأَ (٢) (وَمَاْ تَنَزَّلَتْ بِهِ الشيَّاطُونَ) (٣) توهّم أنَّه جمع بالواو والنون (٤).

قال الفرّاء (٥) : حدّثني شريك بن عبد الرحمن عن الأعمش عن إبراهيم أنّهُ خفض (الأرحامَ) ، قال : هو كقولهم : بالله والرحم وفيه قبحٌ لأنّ العربَ لا تَردُّ مخفوضاً على مخفوض وقد كُنّي عنه.

وبلغت الجرأةُ بالمبرّد ٢١٠ ـ ٢٨٥ هـ أَنَّهُ قَالَ : «إنَّ قراءةَ حمزة : (وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامِ) (٦) ـ بِجَرِّ الأرحامِ (٧) ـ لا تحلّ القراءة بها (٨)».

وقال الزجّاج (ت / ٣١١ هـ) : أَمَّا الخفضُ في (الأرحام) فخطأ في العربية لا يجوز إلاّ في الشعر وخطأ أيضاً في أمر الدين (٩) ، وبهذه القِرَاءَةِ قرأ حمزة أحَدُ القرّاءِ السبعة. وهكذا كانَ القارئ يُتَّهمُ بالغلطِ والوهمِ والجهلِ وإنْ كانَ من القرّاءِ السبعةِ.

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة يونس : ١٠ / ١٦ : (قُلْ لَّوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ) بالألف وبلا تاء.

(٢) يقصد الحسن أيضاً. انظر : مختصر في شواذ القرآن : ١٠٨ والكشاف : ٣ / ١٢٩ والبحر المحيط : ٧ / ٤٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة الشعراء : ٢٦ / ٢١٠ : (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَياطِينُ).

(٤) تأويل مشكل القرآن : ٥٩.

(٥) معاني القرآن للفرّاء : ١ / ٢٥٢.

(٦) سورة النساء : ٤ / ١.

(٧) في البحر المحيط : ٣ / ١٥٧. قرأ حمزة بجرّها وهي قراءة النَّخعي وقتادة والأعمش.

وانظر : النشر : ٢ / ٢٣٩ والإتحاف : ١١١.

(٨) شرح المفصل لابن يعيش : ٣ / ٧٨.

(٩) إعراب القرآن ومعانيه للزجّاج ـ دراسة وتحقيق : ٤٥٥.


١ ـ خطَّأَ الفرّاءُ الحسنَ البصريَ إذْ يقولُ : «ومِمَّا أُوهموا فيهِ (وما تَنَزَّلتْ بهِ الشَّياطونَ) (١)» (٢).

وقال الجاحظ (١٥٠ ـ ٢٥٥ هـ) : «وغلط الحسن في حرفين من القرآن مثل قوله : (ص وَالقُرآنَ) (٣) والحرف الآخر : وما تنزلت به الشياطون» (٤).

وقال أَبو حاتِم (ت / ٢٥٥ هـ) هي غلطٌ منه ، وقالَ النَّحَّاس (٥) (ت / ٦٩٨ هـ) هي غلط عند جميع النحويين (٦).

٢ ـ والفرَّاءُ هُوَ الذي فَتَحَ بابَ القَدحِ عَلى قراءةِ ابنِ عامر أَعلى القُرّاءِ السبعةِ سنداً (٧). العربي الصُّرَاحُ الذي أخذَ القرآن عن عثمانَ قبل ظهورِ اللحنِ (٨).

قالَ الفرّاءُ : «ليسَ قولُ مَنْ قَالَ (مُخْلِفَ وَعْدَهُ رُسُلِهِ) (٩) ، ولا (زُيِّنَ لِكَثِير

__________________

(١) سورة الشعراء : ٢٦ / ٢١٠. وهذه قراءة الحسن. انظر : مختصر في شواذ القرآن : ١٠٨ والكشاف : ٣ / ١٢٩ والبحر المحيط : ٧ / ٤٦.

(٢) معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٧٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة ص : ٣٨ / ١ : (ص وَالقُرَآنِ) بمدّ الصاد ، وهي قراءة الحسن وأبي السمال وابن أبي إسحاق. اُنظر : مختصر في شواذ القرآن : ١٢٩.

(٤) البيان والتبيين : ٢ / ٢١٩.

(٥) هو محمّد بن إبراهيم بن بهاء الدين النَّحَّاس ، الشيخ أبي حيان.

طبقات النحاة : ٢٨ وغاية النهاية : ٢ / ٤٦.

(٦) البحر المحيط : ٧ / ٤٦.

(٧) خزانة الأدب : ٤ / ٤٢٢.

(٨) البحر المحيط : ٤ / ٢٧.

(٩) من قوله تعالى في سورة إِبراهيم : ١٤ / ٤٧ : (فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ).

قرأ الجمهور بإضافة مخلف إلى وعده ونصب رسله وقرأت فرقة بنصب وعده وإضافة مخلف إلى رسله والفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول. البحر المحيط : ٥ / ٤٣٩.


مِنَ المُشْرِكِينَ قَتْلُ أَولاَدَهُمْ شُرَكائِهمْ) (١) بشيء» (٢) ، وَقالَ : هذا باطل (٣) والقراءة الاُولى قيل عَنْها : هيَ شَاذَّةٌ رديئة (٤) ، أَما القراءة الثانية ، فهي قراءة ابن عامر (٥).

وقال أَبو علي الفارسي (ت / ٣٧٧ هـ) عن قراءة ابن عامر : هذا قبيح قليل الاستعمال ولو عدل عنها كان أَولى (٦) وَقَدْ مَرَّ بنا قبل هذا قول أبي عبيد (ت / ٢٢٤ هـ) وقول الزمخشري (ت / ٥٣٨ هـ) في هذه القراءة (٧). فَهُوجِمَ الزمخشري حَتَّى قِيلَ عنه : «إنّه ركبَ متَن عمياء وتاهَ في تيهاء» (٨) ، وردَّ عليه أَبو حيان (ت / ٧٤٥ هـ) بقوله : «أعجب لِعَجَمِيّ ضعيف في النحوِّ ، يردُّ على عربيّ صريح محضَ قراءة متواترة موجوداً نظيرها في لسان العرب ، في غير مابيت» (٩).

ويقول ابن الأنباري (١٠) (٥١٣ ـ ٥٧٧ هـ) : «والبصريون يذهبون إلى

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الأَنعام : ٦ / ١٣٧ : (وَكَذَلِك زَيَّنَ لِكَثِير مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكآ ؤُهُمْ) بنصب (القتل) على المفعولية ، وجرّ (الأولاد) على الإضافة ، ورفع (الشركاء) على الفاعلية.

(٢ و ٣) معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٨١ وخزانة الأدب : ٤ / ٤٢١.

(٤) التبيان : ٦ / ٣٠٨.

(٥) سراج القارئ : ٢٠٦ والبحر المحيط : ٤ / ٢٢٩.

(٦) الحُجَّة ـ نسخة البلدية ـ : ٤ / ١٠١ وخزانة الأدب : ٤ / ٤٢٣.

(٧) انظر ما مرَّ في : ص : ٤٨ ـ ٤٩.

(٨) الانتصاف ـ بذيل الكاشف ـ : ٢ / ٤١.

(٩) البحر المحيط : ٤ / ٢٢٩.

(١٠) هو أبو البركات عبد الرحمن بن أبي الوفاء بن محمّد بن كمال الدين الأنباري تتلمذ على أبي السعادات ، من أشهر مؤلّفاته الإنصاف ونزهة الألباء.

اُنظر : إنباه الرواة : ٢ / ١٦٩ وبغية الوعاة : ٣٠١ وروضات الجنّات : ٤٢٥.


وَهْيِّ هذه القراءة وَوَهْمِ القارئ» (١).

والذي حَمَلَ النحاةَ على تخطئة ابن عامر هو زَعْمُهُم : أَنَّ الإجماعَ واقعٌ على امتناع الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول ، في غير ضرورة الشعر ، والقرآن ليس فيه ضرورة (٢).

قال صاحب الخزانة : هذه الأقوال كلُّهَا لا ينبغي أَنْ يُلتَفَتُ إليها ، لأ نَّها طعنٌ في التواتر ، وإنْ كانت صادرةً من أئمّة أكابر (٣).

أمَّا الكوفيون (٤) فقد أَجازوا هذهِ القراءَةَ (٥) واحتجّوا بِها وعقدوا عليها الحكم بجواز الفصلِ بينَ المضافِ والمضافِ إليه بغيرِ الظرف (٦).

٣ ـ ذهبَ الكوفيونَ إلى إعراب (أيّهم) واحتجُّوا بقراءَةِ مَنْ قرأ (٧) : (ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَة أَيَّهُمْ) (٨) بالنصبِ. وردَّ البصريونَ احتجاجهم بِهَا

__________________

(١) الإنصاف : ٢٢٨ مسألة ٦٠ وخزانة الأدب : ٤ / ٤٢٣.

(٢) الإنصاف : ٢٢٧ مسألة ٦٠ وخزانة الأدب : ٤ / ٤٢٤.

(٣) خزانة الأدب : ٤ / ٤٢٣.

(٤) وممّن شذَّ منهم الفرّاء كما مَرّ بنا في ص : ٥١.

(٥) الإنصاف : ٢٢٧ مسألة ٦٠ والبيان في غريب إعراب القرآن : ١ / ٣٤٢.

(٦) مدرسة الكوفة : ٣٣٧.

(٧) هي قراءة طلحة بن مصرف ومعاذ بن مسلم الهَرَّاء شيخ الفرّاء وقراءة زائدة عن الأعمش وقرأ الجمهور (ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَة أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً) بالضَّمِّ وهي حركة بناء على مذهب سيبويه وحركة إعراب على مذهب الخليل ويونس. قال أَبو عمرو الجَرْمِي خرجتُ من البصرةِ فلم أَسمعْ منذُ فارقتُ الخندقَ إلى مكّة أَحداً يقول : لأضربنّ أَيُّهم قائمٌ بالضمِّ بل ينصبُها. وقال النحاس : ما علمتُ أَحداً من النحويين إلاّ وقد خطّأ سيبويه. وسمعتُ الزَّجَّاجَ يقولُ ما تبيَّنَ أنَّ سيبويه غلطَ في كتابه إلاّ في موضعين هذا أحدُهما. الكتاب : ١ / ٣٩٧ ومختصر في شواذّ القرآن : ٨٦ والبحر المحيط : ٦ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩.

(٨) من قوله تعالى من سورة مريم : ١٩ / ٦٩ : (ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَة أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى


وَوَصَفُوا هَذِهِ القراءَةَ بالشذوذِ (١).

٤ ـ جوّز الأَخفش الأوسط (٢) (ت / ٢١٥ هـ) وقوعَ ضمير الفصلِ بينَ الحالِ وصَاحِبِها اعتماداً على قراءةِ : (هَؤلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرَ لَكُمْ) (٣) بنصبِ (أَطْهَرُ) وهي قراءةٌ قرأَ بِهِا سعيد بن جبير (٤) والحسن بخلاف ومحمّد بن مروان (٥) وعيسى الثقفي وابن أَبي إسحاق (٦).

وقد ذكر سيبويه هذه القراءة وَنقل تضعيفها عن يونس (ت / ١٨٢ هـ) فَقال : وزَعَمَ يونس (٧) أَنَّ أَبا عمرو (ت / ١٥٤ هـ) رآه لحناً وقال : احتبى ابنُ مروانَ في ذِهْ في اللحن. يقول : لحنَ وهو رجل من أهل المدينة ، كما تقول : اشتملَ بالخطأ ، وذلك أنَّهُ قَرَأ : (هَؤلاءِ بَنَاتِي هُنّ أطهَرَ لَكُم) فنصب (٨) والقراءة

__________________

الرَّحْمَنِ عِتِيّاً).

(١) الإنصاف : ٣٨٢ والبيان : ٢ / ١٣٠.

(٢) معاني القرآن للأَخفش : ١٣٤ / أوالهمع : ١ / ٦٨.

(٣) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ٧٨ : (يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ).

(٤) هو سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي مولاهم الكوفي التابعي الجليل عرض على ابن عباس وعرض عليه أبو عمرو بن العلاء ، قتله الحجّاج سنة ٩٥ هـ. انظر : غاية النهاية : ٢ / ٣٠٥.

(٥) هو محمّد بن مروان المدني القارئ وردت عنه القراءة في حروف القرآن. انظر : غاية النهاية : ٢ / ٢٦١.

(٦) معاني القرآن للأخفش : ١٣٤ / أوالمحتسب : ١ / ٣٢٥. وقال في البحر المحيط : ٥ / ٢٧٤ رويت هذه القراءة عن مروان بن الحكم ، ولعلّه اشتباه.

(٧) هو يونس بن حبيب الضبي مولاهم البصري من أصحاب أبي عمرو بن العلاء روى عنه سيبويه وكان بارعاً في النحو. انظر : مراتب النحويين : ٤٤ وطبقات النحويين : ٥٤ وإنباه الرواة : ٤ / ٦٨ والبغية : ٤٢٦.

(٨) كتاب سيبويه ـ تحقيق عبد السلام هارون : ٢ / ٣٩٦ ـ ٣٩٧ ولم تذكر الآية في طبعة بولاق : ١ / ٣٩٧ وانظر : المحتسب : ١ / ٣٢٥ وغاية النهاية : ٢ / ٢٦١.


ليست في طبعة بولاق من كتاب سيبويه ووجدتُها في نشرة هارون المحقّقة ، ومع ذلك فسيبويه ناقل رأي يونس وأبي عمرو.

٥ ـ جوّز أبو علي الفارسي (ت / ٣٧٧ هـ) جمعَ (أب) على (أبون) ولكي يعزّز رأيه قال : «وقد قُرِئَ (قالوا نعبد إلهك وإله أبيك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً) (١) فقد يكونُ قولُهُ أبيك على الجمع الذي هو حدُّ التثنية اعتباراً لقراءة من قرأ : (وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيْمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ...) (٢)» (٣).

وَأَبو علي الفارسي في استشهاداتِه بالقراءاتِ إمَّا أَنْ يقوّي رأيّاً أو معنًى يريد إثباتَهُ ، أو يقوي رأياً أو معنى طُرِحَ قبله (٤).

وهذا الذي ذهب إليهِ هو ما ذهبَ إليه سيبويه الذي قال : «سألت (٥) الخليل (٦) (ت / ١٧٥ هـ) عن أب ، فقال : إن لحقتْ بهِ النونُ والزيادة التي قبلها ، قلت : أَبون ، وكذلك أَخ ، تقول : أخون لا تُغيّر البناء» (٧).

__________________

(١) هذه قراءة ابن عباس والحسن ويحيى بن يَعْمَر وعاصم الجَحْدَريّ وأبي رجاء بخلاف.

انظر : مختصر في شواذ القرآن : ٩ والمحتسب : ١ / ١١٢ والكشاف : ١ / ٢٣٥ وإتحاف فضلاء البشر : ٩٠.

(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٣٣.

(٣) المسائل الشيرازيات : تأليف أبي علي الفارسي مخطوطة مصورة في معهد المخطوطات في الأمانة العامة للجامعة العربية برقم ٩٣٢ : ٩٠ / أ ـ مسألة ٢٤.

(٤) المسائل الشيرازيات لأبي علي الفارسي ـ دراسة وتحقيق ـ : ١١٧.

(٥) في الكتاب طبعة بولاق : ٢ / ١٠١ : (سألته).

(٦) هو أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي نابغة زمانه واضع علم العروض ومؤلّف العين ، أوّل معجم عربي ، وصاحب النحو واللغة ، وشيخ سيبويه. انظر : مراتب النحويين : ٥٤ وطبقات النحويين : ٤٧ وإنباه الرواة : ١ / ٣٤٣ والبغية : ٢٤٣ واقرأ عنه كتاب عبقري من البصرة.

(٧) كتاب سيبويه ـ تحقيق عبد السلام هارون ـ : ٣ / ٤٠٥.


واحتجّ بهذه القراءة ابن جني للردّ على ابن مجاهد (١).

٦ ـ احتج الكوفيون (٢) بقراءة (٣) الحسن البصري ويعقوب (٤) (ت / ٢٠٥ هـ) وَقَتَادَة (٥) (ت / ١١٧ هـ) قوله تعالى : (أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) (٦) على جوازِ وقوعِ الماضي حالاً وهو مجردٌ من (قَدْ) وقد وافقهم من البصريين الأخفش (٧) ، وهو رأي وصفه أبو حيان (ت / ٧٤٥ هـ) بأ نَّهُ هو الصحيح (٨). وقال المبرّد (٩) (ت / ٢٨٥ هـ) : «فأمَّا القراءة الصحيحة فَإِنَّمَا هي (أو جَاؤوكُمْ حَصِرَةً صُدُورُهُمْ) (١٠)» ومفهوم كلام المبرّد إن قراءة : (حَصِرَتْ) بالتاء المفتوحة ليست صحيحةً مع أنّ القرّاءَ السبعةَ اتّفقوا عليها (١١) ، وقال الزجّاج (ت / ٣١١ هـ) : قال النحويون : إنَّ (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) معناه : أو

__________________

(١) المحتسب : ١ / ١١٢ ـ ١١٣.

(٢) الإنصاف : ١٤٤ مسألة ٣٢.

(٣) قرأ الجمهور (حصرتْ) وقرأ الحسن وقتادة ويعقوب (حصرة) بالتاء المربوطة.

انظر : مختصر في شواذِّ القرآن : ٢٨ والكشاف : ١ / ٢٨٨ والنشر : ٢ / ٢٥١ والبحر المحيط : ٣ / ٣١٧ والإتحاف : ١١٦ وفي الإنصاف : ١٤٤ جعل معهم الفضل عن عاصم.

(٤) هو يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي أحد القرّاء العشرة.

انظر : غاية النهاية : ٢ / ٣٨٦ وإنباه الرواة : ٤ / ٤٥ والبغية : ٤١٨.

(٥) هو قتادة بن دعامة أبو الخطاب السدوسي البصري روى القراءة عن أبي العالية وأنس ابن مالك. انظر : غاية النهاية : ٢ / ٢٥.

(٦) سورة النساء : ٤ / ٩٠.

(٧) الإنصاف : ١٤٤ مسألة ٣٢.

(٨) البحر المحيط : ٧ / ٤٩٣.

(٩) تقدّمت ترجمته في : ص : ٢٠.

(١٠) المقتضب : ٤ / ١٢٥ وأصول النحو لابن السرّاج : ١ / ٣٠٩.

(١١) النشر : ٢ / ٢٥١ والبحر المحيط : ٣ / ٣١٧.


جاؤوكم قد حصرت صُدُورُهم ، لأنَّ (حَصِرَتْ) لا يكون حالاً إلاَّ بـ (قد) (١).

ولكنَّ البصريينَ أَوّلَوا هذهِ القراءةَ لأِ نَّهم يمنعون مجيءَ الفعلِ الماضي حالاً وهو مجرّدٌ مِنْ (قَدْ) (٢).

٧ ـ جَوَّز ابن مالك (٣) (٦٠١ ـ ٦٧٢ هـ) مجيءَ اسم التفضيل من الخيرِ والشَّرَّ على أصله بصيغة أفْعَل (٤) استدلالاً بقراءةِ (٥) أبي قِلابة (٦) : (سَيَعْلَمُون غَداً مَنِ الكَذَّابُ الأشَرُّ) (٧).

ويُعَدُّ ابن مالك من أكثر النحاة استشهاداً بالشاذّ مِنَ القراءات (٨).

هذا هو موقفُ النحاةِ من القراءاتِ سواء أكانت شاذّةً أَم غيرَ شاذّة ، فأصحابُ القياسِ والتّقْعيد منهم يَقبلونَ القِراءاتِ التي تتّفق معَ قياسِهم وقواعدهم وَكُلُّ قِراءة لا تتّفقُ مع ما أصَّلُوا من أُصول وَقَعّدُوا مِنْ قواعد وَوَضَعُوا مِنْ قِياس فهي عِنْدَهُم شاذّةٌ سواء أكانت للقراء السبعةِ أم لِغَيرِهم.

__________________

(١) معاني القرآن وإعرابه للزجّاج : ٢ / ٩٥.

(٢) الإنصاف : ١٤٦ مسألة ٣٢ والبيان : ١ / ٢٦٣.

(٣) هو محمّد بن عبد الله بن مالك الطائي الجيَّاني الأندلسي أَشهر نحاة القرن السابع صاحب الألفية في النحو والمؤلّفات الكثيرة. طبقات النحاة : ١ / ١٣٣ وبغية الوعاة : ٢ / ٥٣ وشذرات الذهب : ٥ / ٣٣٩.

(٤) شرح التسهيل : ١٣٤.

(٥) مختصر في شواذ القرآن : ١٤٧ والمحتسب : ٢ / ٢٩٩ وشواذ القراءات واختلاف المصاحف : ٣١٨.

(٦) هو محمّد بن أحمد بن أبي دارة أبو قِلابة مقرئ معروف روى القراءة عن الحسن بن داود النقار وغيره. غاية النهاية : ٢ / ٦٢.

(٧) من قوله تعالى من سورة القمر : ٥٤ / ٢٦ : (سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الْكَذَّابُ الاْشِرُ).

(٨) انظر : كتاب شرح التسهيل ، وخذ على سبيل المثال الصفحات : ٦ ، ١٠ ، ١٣ ، ٤٠ ، ٦٣ ، ١٢٨ ، ١٢٩ ، ١٣٤ ، ١٣٥ ، ١٥٢. وانظر : أصول التفكير النحوي : ١٣٢.


وَقَدْ وَجَدْنَا فريقاً مِنَ النحاةِ وهم غالبية الكوفيين وَمَنْ تَبِعَهُم يأخذُ بِكُلّ قراءة بشرطِ صحَّةِ سندِها ، وَرُبما فَضَّلوا قراءةً على أخرى (١).

على أنَّ علماءَ القراءاتِ لم يدَّعُوا أَنَّ كُلَّ ما في القراءاتِ على أرفعِ الدرجاتِ في الفصاحةِ (٢) ، لَكِنْ إذَا ثَبَتَ عن الرسولِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يلزمنا الأخذُ بها جميعاً.

يقول أبو عمرو الدَّاني (ت / ٤٤٤ هـ) : إنَّ أئمّة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية بل على الأَثبت في الأثر والأصحِّ في النقل والرواية (٣).

إنَّ أكبرَ عيب يوجَّهُ إلى النحاةِ عدمُ استيعابهم القراءاتِ وإضاعتهم على أنفسِهم ونحوهِم مئات من الشواهد المُحْتَجِّ بها ، ولو فعلوا لكانت قواعدُهم أكثرَ إحكاماً (٤).

لكنَّ أصحابَ القياس من النحاة كانَ همُّهم البرهنة على صِحَّةِ القياسِ واطِّرادِهِ (٥) لكنَّ القياسَ لا يقف في وجه السَّـمَـاع (٦).

والذي أرجِّحُهُ أنَّ ما يسمّيه العلماءُ بالقراءاتِ الشاذّة يصحُّ الاحتجاجُ به في النحو بشرط صحّة السند (٧).

__________________

(١) معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ١٤٣.

(٢) منجد المقرئين : ٦٥ والإتقان : ١ / ٢٥٩.

(٣) منجد المقرئين : ٦٥ والإتقان : ١ / ٢٥٩.

(٤) في أصول النحو : ٤٠ والدفاع عن القرآن : (المقدمة) : هـ.

(٥) أُصول التفكير النحوي : ١٣٥.

(٦) في أصول النحو : ٣٦.

(٧) الاقتراح : ١٤ ـ ١٥ والقرآن والنحو : ٣٧.


وقد احتجَّ أَبو علي الفارسي (ت / ٣٧٧ هـ) بقراءة عبد الله بن مسعود (ت / ٣٢ هـ) المخالفة لرسم المصحف العثماني (١).

بقـيَ أنْ نَقُولَ كلمةً عن كُلّ مِنْ أبي عليّ الفارسي وابن جِنِّي ، إذْ كَانَ الفارسيُّ أستاذَ ابنِ جِنِّي وإمامَهُ ، وبِهِ اقتدى ابنُ جِنِّي في كتابِ الُمحْتَسَبِ ، فَأَ لَّفَهُ عَلى مِثَالِ الحُجَّةِ ، فهي في الاحتجاجِ للقراءات السَّبع ، والُمحتَسَبُ في الاحتجاج لشواذّ القراءات.

أبو علي الفارسي (٢)

هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن محمّد بن سليمان بن أبان أبو علي الفارسي (٣) على الأرجح (٤). ولد (سنة / ٢٨٨ هـ) (٥) في مدينة فسا (٦)

__________________

(١) قال في التكملة : قال تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَا قْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا) المائدة : ٥ / ٣٨ ، وزَعَمُوا أنَّ في حرف عبد الله (فاقطعوا أيمَانَهُمَا). وهذا بمنزلة نحن فعلنا إذ كانا اثنين.

التكملة ـ لأبي علي الفارسي ـ دراسة وتحقيق ـ آلة كاتبة : ٢٣٥.

(٢) ترجمته في : طبقات النحويين واللغويين : ١٢٠ ، والفهرست : ٦٤ ، وتاريخ بغداد : ٧ / ٢٧٥ ، ونزهة الألباء : ٢٣٢ ، ومعجم الأُدباء : ٧ / ٢٣٢ ، وإنباه الرواة : ١ / ٢٧٣ ، ووفيّات الأعيان : ٢ / ٨٠ ، وتاريخ أبي الفداء : ٢ / ١٢٤ ، وغاية النهاية : ١ / ٢٠٦ ، ولسان الميزان ط حيدرآباد : ٢ / ١٩٥ ، وشذرات الذهب : ٣ / ٨٨ ، وكشف الظنون : ١٣١ ، ٢١١ ، ٣٨٤ ، ٤٧٠ ، ١٠٦٨ ، ١٢٦٨ ، ١٦٦٧ ، ١٦٧٠ ، وأعيان الشيعة : ٢١ / ١١ ، وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان : ٢ / ١٩٠ ، واقرأ عنه كتاب (أبو علي الفارسي) للدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي.

(٣) معجم الأُدباء : ٧ / ٢٣٢ ووفيّات الأعيان : ٢ / ٨٠ وغاية النهاية : ١ / ٢٠٦.

(٤) تضطرب سلسلة نسبه في بعض المصادر كما في شذرات الذهب : ٣ / ٨٨ وهو تارة (حسن) واُخرى (الحسن) بأسلوب المدح. انظر : أبو علي الفارسي : ٤٥.

(٥) وفيّات الأعيان : ٢ / ٨٠.

(٦) فسا : مدينة قريبة من شيراز بفارس. انظر : معجم البلدن : ٦ / ٣٧٦.


وَقَدِمَ بَغدادَ وأَخذَ علَم النحوِ على أَبي إسحاق الزجّاج (١) (ت / ٣١٦ هـ) وأَبي بكر محمّد بن السَّري بن السراج (ت / ٣١٦ هـ) وأبي بكر بن الخيَّاط (٢) (ت / ٣٢٠ هـ) وأبي بكر مبرمان (٣) (ت / ٣٢٧ هـ).

وقد روى القراءة عرضاً على أَبي بكر بن مجاهد (٤) أمُّهُ سدوسيَّة من شيبان (٥). وقد تنقَّل بينَ شيرازَ (٦) وبغدادَ (٧) والموصلِ (٨) وحلب (٩) ودمشقَ (١٠).

صنَّف أَبو علي كتباً عجيبةً لَمْ يسبقْ إلى مثلها (١١) ، منها الحُجَّة والإغفال والشيرازيات والحلبيات (١٢) وغيرها ، وفي كتاب الإغفال تَتَبَّعَ اُستاذَهُ الزَّجَّاجَ

__________________

(١) هو إبراهيم بن السري بن سهل أبو إسحاق الزجّاج تلميذ المبرد وشيخ أَبي علي الفارسي توفي (سنة / ٣١٦ هـ) وقيل : (٣١١ هـ) انظر : طبقات النحويين واللغويين : ١١١ وإنباه الرواة : ١ / ١٥٩ وبغية الوعاة : ١٧٩.

(٢) هو محمّد بن أحمد بن منصور الخيَّاط النَّحوي أصله من سمرقند وقدِم بغدادَ وكان يخلط نحو البصريين بنحو الكوفيين. انظر : بغية الوعاة : ١٩.

(٣) هو محمّد بن علي بن إسماعيل العسكري نسبة إلى عسكر مصر ، لقَّبَهُ المبرِّدُ (مبرمان) لكثرة سؤاله وملازمته له. انظر : طبقات النحاة : ١ / ١٩٤ وطبقات النحويين : ١١٤ وإنباه الرواة : ٣ / ١٨٩ والبغية : ٧٤.

(٤) انظر : غاية النهاية : ١ / ٢٠٧ وأبو علي الفارسي : ١٢٥ ومعجم الأُدباء : ٧ / ٢٣٣ وبغية الوعاة : ٢١٦.

(٥) معجم الأُدباء : ٧ / ٢٣٤ وإنباه الرواة : ١ / ٢٧٣.

(٦ و ٧) طبقات النحويين : ١٢٠.

(٨) الخصائص : ١ / ١٧ والمحتسب : ١ / ٨٦ وبغية الوعاة : ٣٢٢.

(٩) الخصائص : ٢ / ٨٨ و ٣ / ٢٧ والمحتسب : ٢ / ٢٣٥ والمنصف : ١ / ٦ ومعجم الأُدباء : ٧ / ٢٣٣.

(١٠) معجم الأُدباء : ٧ / ٢١٤.

(١١) إنباه الرواة : ١ / ٢٧٣.

(١٢) بغية الوعاة : ٢١٦.


(ت / ٣١٦ هـ) وردّ عليه في كثير من المسائل النحوية واللغوية ، ولذلك بنى لنفسه بهذا الكتاب ـ فضلاً عن سائر كتبه ـ مكانة ومجداً (١) ، ومن أشهر تلاميذه ابنُ جِنِّي (٢) (ت / ٣٩٢ هـ) ، وقد توفّي أبو علي في بغداد (سنة / ٣٧٧ هـ) (٣) ودفن عند قبر أبي بكر الرازي (٤) (ت / ٣١١ هـ) (٥).

كان أبو علي الفارسي بصرياً في مذهبِهِ النحويِّ (٦) ، والأدلّة تؤكّد أنّه شيعي في نحلته (٧) وهناك من يشكِّك في ذلك ، يرى أَنَّ الأدِلَّةَ لم تنهضْ بهذا الادعاء (٨) ويتطرّف آخرون فينفون عنه التشيّع (٩) والله أعْلم بسريرة الرجل الذي شايع أهل البيت (عليهم السلام) ووالاهم.

ابن جنّي

لَيسَ مِنْ مهمةِ هذا الكتاب أن يُحيطَ بِأخبارِ أبي الفتح عثمان بن جني ، فموضوعُهُ موضوعٌ آخر ، ولم يَعُد هَذا العالِمُ العَلَمُ بحاجة إلى التعريف. إنَّهُ صارَ في حياتِنا الثقافيَّة والعلميَّة أشهرَ من أنْ يُعَرَّفَ ، فَبينَ أيدينا مِنْ كتبهِ

__________________

(١) معاني القرآن وإعرابه للزجّاج : (المقدمة) : ق.

(٢) معجم الأُدباء : ٧ / ٢٣٤ وإنباه الرواة : ١ / ٢٧٤.

(٣) بغية الوعاة : ٢١٦.

(٤) هو أبو بكر محمّد بن زكريا الطبيب العلاّمة صاحب كتاب الحاوي في الطِّبِّ وصاحبُ المصنّفاتِ الأُخرى في الطِّبِّ والفلسفة. شذرات الذهب : ٢ / ٢٦٣.

(٥) أعيان الشيعة : ٢١ / ١٦.

(٦) الفهرست : ٦٤ والمسائل الشيرازيات : ١٩١ والحُجَّة ـ المقدّمة : ١٠ ـ ١١ وطبقات النحويين : ١٢٠.

(٧) أبو علي الفارسي : ٨٢ ـ ٨٧.

(٨) الحُجَّة : ـ المقدّمة ـ : ٧ ـ ٩.

(٩) سرّ صناعة الإعراب : ـ المقدّمة ـ : ١ / ٣٤.


الخصائصُ ، والمحتسبُ ، وسرُّ صناعِة الإعراب والمنصف واللُّمَعُ والفسْرُ والتـَّمـَامُ والفتح الوهبي والمبهج وغيرُها (١) ، وَلَولا أَنَّهُ مؤلّفُ المحتَسب الذي يدُور البحثُ في هذا الكتاب عليهِ لما عرضنا لَهُ بحديث.

كان جِنِّي ـ بكسر الجيم والنون المشددة (٢) ـ مملوكاً روميًّا لسليمانَ بنِ فهد الأزدي (٣) وزير شرف الدولة قرواش صاحب الموصل ، وتتعدّد الروايات في تاريخ مولد صاحبنا أَبي الفتح ابن جنّي ، فبعضهم يذكر أَنَّهُ وُلِدَ سنةَ ثلاثمائة للهجرة (٤) ، وبعضهم يذكر أَنَّهُ وُلِدَ سنةَ اثنتين وثلاثمائة (٥) ، وبعض آخر يذكر أَنَّهُ وُلِدَ سنةَ ثلاثين وثلاثمائة (٦).

وقد رجَّحَ عددٌ من الباحثين أَنَّهُ وُلِدَ سنةَ اثنتين وعشرين وثلاثمائة (٧) وكانت ولادته في الموصل وهو بلد حَسَنُ البناءِ طيبُ الهواءِ صحيحُ الماءِ ولا يخلو من أستاذ عال أَو فقيه مذكور (٨). وانصرفَ مُنْذُ صباهُ إلى طلبِ العلمِ ، وَقَد دَفَعَهُ طُمُوحُهُ إلى أنْ يتصدَّرَ مبكراً مجلسَ التدريس في جامعِ الموصل ، وقبل أن يتمَّ نضجُهُ ، وفي (عام / ٣٣٧ هـ) على الأرجح (٩) كان

__________________

(١) الخصائص : ١ / ٦٥ وما بعدها ، وابن جني النحوي : ٩٣ والمحتسب : ١ / ٧.

(٢) الخصائص : ١ / ٨.

(٣) معجم الأُدباء : ١٢ / ٨١ ، وشذرات الذهب : ٣ / ١٤٠.

(٤) تاريخ الموصل : ٢ / ٦٣ وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان : ٢ / ٢٤٤.

(٥) تاريخ أبي الفداء : ٤ / ٢٩.

(٦) الفهرست : ٨٧ ، ومعجم الأُدباء : ١٢ / ٨٣ ، ووفيّات الأعيان : ٣ / ٢٤٦ وبغية الوعاة : ٣٢٢ ، وروضات الجنّات : ٥ / ١٧٨.

(٧) الخصائص : ١ / ١٠ والمحتسب : ١ / ٦ وابن جني النحوي : ٣٧.

(٨) أحسن التقاسيم : ١٣٨.

(٩) انظر : الخصائص : ١ / ١٠ و ١٨ وابن جِنِّي النِّحوي : ٣٧.


ابنُ جنِّي يُدَرِّسُ مَسْأَ لةَ قلبِ الواوِ ألِفاً في نحو قالَ وقامَ فَمَرَّ بهِ شيخٌ وَسَمِعَ حديثَهُ ثمّ اعترضَ عليهِ فَقَصَّرَ ابنُ جنِّي في الجوابِ فقالَ له الشيخُ (تزببْتَ وأَنْتَ حصرم) (١) ، ويبدو أَنَّهُ وَجَدَ عِنْدَ الشيخِ عِلْماً غزيراً ، وهو يحاورُهُ ، فسألَ عنهُ ، فقيلَ لَهُ : هذا أَبو عليّ الفارسي (٢) فلَزِمَهُ ، وصاحَبَهُ إلى أنْ ماتَ أَبو علي (٣) ، وقالوا : إنَّ مدّةَ هذهِ الصحبة أربعَونَ سنة (٤) لم يفترقا بعدها إلاَّ بموتِ أبي علي (٥).

أثر أبي علي الفارسي في ابن جنّي

تأثَّرَ ابنُ جِنِّي باُستاذِهِ أبي عليّ الفارسي في كثير من الأُمور ، في الفِكرِ (٦) وفي المذهبِ النحوي (٧) وفي القراءات أَيضاً.

فقد كان احتجاج ابن جِنِّي للقراءات الشاذَّة بوحيّ من شيخِهِ وتوجيهه. فإنَّ الشيخَ الفارسي بعد أنْ أَلَّفَ الحُجَّةَ في عِللِ القراءاتِ السَّبعِ فكر أنْ يؤلِّفَ

__________________

وقد رجَّحنا ذلك ولم نأخذ بقول من قال إِنَّ هذا الحادث كان (عام / ٣٤١ هـ) لأسباب منها أنَّ الرواة تروي أنَّ ابنَ جِنِّي صاحبَ أبا علي أربعين سنة وأَنَّ أبا علي توفي (سنة / ٣٧٧ هـ). وأَنَّ معز الدولة غزا الموصل (عام / ٣٣٧ هـ) ويُحتَمَلُ أنْ يكونَ أبو علي بصحبتِهِ لأنّه يلازمُهُ. انظر : الكامل : ٦ / ٣٢٩ وأبو علي الفارسي : ٣٢٧.

(١) نزهة الألباء : ٢٤٥.

(٢) نزهة الألباء : ٢٤٥ ، ومعجم الأُدباء : ١٢ / ٩١.

(٣) انظر : نزهة الألباء : ٢٤٥ ، ومعجم الأُدباء : ١٢ / ٩١ ، وبغية الوعاة : ٣٢٢.

(٤) نزهة الألباء : ٢٤٥ ، ومعجم الأُدباء : ١٢ / ٩١ ، وبغية الوعاة : ٣٢٢.

(٥) سرّ صناعة الإعراب : ٣٤.

(٦) المزهر : ١ / ١٠ والأشباه والنظائر : ١ / ٣٠٣.

(٧) الخصائص : ١ / ٤٤ وطبقات النحويين : ١٢٠ وسرّ صناعة الإعراب : ٣٤ والمسائل الشيرازيات : ١٩١ وأبو علي الفارسي : ١٧٥.


كتاباً يحتجُّ فيهِ للقراءاتِ الشاذَّةِ ، بل إنَّهُ (قد همَّ أَنْ يضعَ يدَهُ فيهِ ويبدأ بهِ فاعترضتْ خوالجُ هذا الدهرِ دونَهُ وحالتْ كبواتُه بينه وبينه) (١) ولذلك تَقَدَّم أَبو الفتح بن جنّي فحقّق رغبة أُستاذِهِ حينَ أَلَّف كتابه الُمحتَسَب مُحتَجًّا للقراءاتِ الشاذَّةِ متّخذًّا من شيخِهِ قدوةً في هذا العمل.

وَلَعَلَّ من الأَسباب التي حملته على تأليفِ المحتسب أَنَّهُ لم يجدْ كتاباً خاصّاً بالاحتجاج للشاذِّ من القراءاتِ وتوضيح عللها وتخريجها (٢).

وسبب آخر هو أَنَّه أراد أنْ يؤكّد أَنَّه لا موجبَ لهذا الموقف الصلب من شواذ القراءات (٣) ، وأراد أَنْ يتصدَّى للدفاع عنه إذ كان يرى أنَّ ذلك واجب (لأِ نَّه مما أمر الله تعالى بتقبله وأراد منا العمل بموجبه) (٤).

ويبدو أثر أَبي عليّ الفارسي في تلميذه ابن جنّي في المحتسب واضحاً فهو يستشهد به كثيراً (٥) ، وربما كان يختبره أبو عليّ الفارسي كأنْ يقول : «سألني يوماً أبو عليّ فقال : أيُّ شيء مثلُ غَوغاءَ وغَوَغاء؟ فقلت له : قولهم للمنخوبِ (٦) هو هَوْهٌ وَهَوْهَاءَةٌ» (٧) وربَّمَا وصفَ شيخَهُ أَباعليّ بالتَّعَسُّفِ ، نحو

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٣٣ ـ ٣٤.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٣ ـ ٣٤.

(٣) غاية النهاية : ٢ / ٥٢ و ٢ / ١٢٣.

(٤) المحتسب : ١ / ٣٣ ـ ٣٤.

(٥) المحتسب : ١ / ٨٨ ، ٩٥ ، ١٣٧ ، ١٧٤ ، ٢٥٨ ، ٣٤٠ و ٢ / ٢٥ ، ٥٤ ، ١٥٢ ، ١٥٥ ، ١٧١ ، ٢٣٩ ، ٣٣٠ وغيرها.

(٦) المنخوب : الجبّان ، من لا فؤاد له.

اُنظر : أساس البلاغة ـ نخب ـ : ٢ / ٤٢٩.

(٧) المحتسب : ٢ / ٩٤.


قوله : «فأمَّا مَا أنشدنا أبو علي عن الكسائي (ت / ١٨٩ هـ) من قول الشاعر :

أَخو الذّيبِ يَعوي والغُرابِ وَمَنْ يَكُنْ

شَرِيكَيهِ تَطْمَعْ نَفْسُهُ كُلَّ مَطْمَعِ (١)

ففيه نظر. وكان قياسه ومن يكنْ شريكيها أو من يكونَا شريكيه وقد كان أبو عليّ يتعسَّفُ هذا» (٢).

وربما وَجَدَ شَيخَهُ يتأوّل في بعضِ المسائلِ فَيُنَبّه على ذلك (٣) وإذا وَجَدَ رأياً راجحاً على رأي شيخِهِ أَخَذَ بِهِ (٤) وَقَد يهجُرُ رأي شيخِهِ ويأتي بما يراه أَحسنَ (٥) ، وقد يختلف معه (٦).

وقد تأ ثّر ابنُ جنِّي بأُستاذِهِ أَبي عليّ الفارسي باستعمالِ المنطقِ في احتجاجه (٧) ، ولكنَّهُ لا يبالغ في ذلك مبالغة أُستاذه الذي كان أُسلوبُهُ غَامِضاً أَحياناً ، أَمَّا أسلوبُ ابنِ جِنِّي فهو سلسٌ خال مِنَ التعقيدِ ، وكما كان أبو عليّ لا يطلق القول من غير تثبُّت ، ولكنّه يحتاطُ أحياناً كقوله : (... فيما أَظن) (٨) أو (أحسبني فقد سمعت) (٩) فقد تأثّر ابن جنّي بهذا فكان يقول لتثبّته : (فيما

__________________

(١) البيت لغضوب امرأة من رهط ربيعة بن مالك. انظر : النوادر : ١١٩ والخصائص : ٢ / ٤٢٣.

(٢) المحتسب : ٢ / ١٨٠.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٣٩.

(٤) المحتسب : ٢ / ٢٢٨.

(٥) التمام : ٢١٨.

(٦) ابن جني النحوي : ٣١٨.

(٧) المحتسب : ١ / ٩٥ ـ ٩٦ و ١ / ٣٢٦.

(٨) الشيرازيات : ١ / ١٠ / أ.

(٩) الشيرازيات : مسألة ٣٨ / ١٥.


أظن ...) (١) و (أظنّني سمعت) (٢) و (أظنّني قد ذكرت) (٣) و (أَحسبني سمعت) (٤) وغير ذلك (٥).

موقف ابن جنّي من ابن مجاهد

لقد تعقّب ابنُ جنّي ابنَ مجاهد في عدّة مواضع من المحتسب ، مع اعترافه بفضله وإكباره إيَّاهُ (٦) ، ذلك لأَن أَبا بكر بن مجاهد كان يقول بشذوذ ما خرج عن قراءات الأئمّة السبعة (٧) ، ورأي ابن جنّي كما سبق لا يتّفق معه (٨). فكان يُخطِّئهُ في تعليقاتهِ على القراءات الشَّاذَّة ، من حيثُ التفسيرُ اللغويُّ (٩) والتوجيهُ الإعرابيُّ من المسائل النحويَّةِ (١٠) أو الصرفيَّةِ (١١) ، وابنُ جِنِّي في هذا الجانب أوسَعُ علماً من ابنِ مجاهد وأطولُ باعاً وأعلى كعباً.

يقف ابنُ مجاهد عند بعض القراءات عاجزاً عن تخريجها فيقول : «ما أدري مَا هذا» (١٢) فيعلِّقُ ابنُ جِنِّي قائلاً : «رحمَ اللهُ ابنَ مجاهد فلقد كانَ كبيراً

__________________

(١) المحتسب : ١ / ١٢٩ و ٢ / ١٥.

(٢) المحتسب : ١ / ٦٥.

(٣) المحتسب : ١ / ٢٢٩.

(٤) المحتسب : ١ / ١٥٣.

(٥) المحتسب : ٢ / ٨٦.

(٦) انظر : المحتسب : ١ / ٣٠ ، ٣٥ ، ٣٠٤ ، ٢ / ٣٢٩ وغيرها.

(٧) أبو علي الفارسي : ٣٧٦.

(٨) انظر : المحتسب : ١ / ٣٢.

(٩) انظر : على سبيل المثال : المحتسب : ١ / ١٢١.

(١٠) المحتسب : ١ / ١١٢ ، ١٢٥ ، ١٦٣ ، ١٨٠ ، ٢١١ ، ٢٣٦ ، ٣٢٦ و ٢ / ٢٠٥ ، ٣٢٨.

(١١) المحتسب : ١ / ٧١ و ٩٥.

(١٢) المحتسب : ٢ / ٣٢٨.


في موضعهِ مسلّماً فيما لم يَمْـهَرْ بِه» (١).

ويقولُ في مكان آخرَ : «رَحِمَ الله أَبا بكر إنَّه لَم يألُ فيما عَلمَهُ نصحاً ولا يُلزِمُهُ أَنْ يُرِي غيرَهْ ما لم يُرِهِ اللهُ تعالى إيَّاه» (٢).

وقال : «هذا الذي أَنْكَرُهَ ابنُ مجاهد عندي مستقيمٌ جائزٌ» (٣).

وقال : «خَلَّطَ ابنُ مجاهد في هذا التفسير تخليطاً ظاهراً غيرَ لائق بِمَن يُعتَبَرُ إماماً في روايتِهِ وإنْ كانَ مضعوفاً في فقاهتِه» (٤).

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٣٢٩.

(٢) المحتسب : ١ / ٧١.

(٣) المحتسب : ١ / ١٢٥.

(٤) المحتسب : ١ / ١٣٠.


أسباب تأثير أبي عليّ الفارسي في ابن جنّي

لقد ترك الشيخُ في تلميذِهِ أثراً واضحاً بلْ انَّ التلميذَ صارَ صورةً منقحةً من شيخِهِ بعدَ الصحبةِ الطويلةِ لَقَدْ أَحبَّ التلميذُ الشيخَ ، كحُبِّ الشيخِ للتلميذِ ، ومن مظاهر هذا الحب المتبادل :

١ ـ إنهما لم يفترقا طوال مدّة أربعين سنة (١) ، ولولا المودّةُ بينَهما لَمَا دامت هذه الصُّحبةُ كُلَّ هذه المدّة ، ولصرفَ أبو علي أبا عثمان بن جني كما صرفَ تلميذَهُ الآخرَ علي بن عيسى الربعي (٢) (ت / ٤٢٠ هـ) بعد أنْ لازمَهُ عشر سنين (٣).

٢ ـ إِنَّهُمَا من مدرسة نحوية واحدة هي مدرسة البصرة (٤).

قال ابن جنّي : «مذهب أصحابنا في كلّ شيء من هذا النحو مِمَّا فيه حرفٌ حلقيٌّ ساكنٌ بعد حرف مفتوح : أنّه لا يُحرَّك إلاَّ على أَنَّه لغةٌ فيهِ ....

__________________

(١) سرّ صناعة الإعراب : ١ / ٣٤.

(٢) هو علي بن عيسى بن الفرج الربعي أَحدُ أَئمّة النحو وحُذَّاقِهِ ، أَخذَ عن السيرافي ورحل إلى شيرازَ ولازمَ أبا علي الفارسي عشرَ سنينَ حتَّى قالَ له ما بقي شيءٌ تَحتَاجُ إليه .. انظر : معجم الأُدباء : ١٤ / ٧٨ وإنباه الرواة : ٢ / ٢٩٧ وبغية الوعاة : ٣ / ٤٤.

(٣) بغية الوعاة : ٣ / ٤٤.

(٤) الفهرست : ٦٤ وطبقات النحويين : ١٢٠ والخصائص : ١ / ٤٤ وسرّ صناعة الإعراب : ١ / ٣٤ والمحتسب : ٢ / ٢٣٨.


ومذهبُ الكوفيينَ فيهِ أَنَّهُ يُحَرَّك الثاني .... وما أَرى القولَ من بعدُ إلاَّ معهم» (١).

وقال : «تقدَّمَ القولُ على حديثِ فتحةِ الحرفِ الحلقيِّ إذا كانَ ساكنَ الأَصل تالياً للفتح وذكر الفرق بين قولنا وقول البغداديين (٢) فيه. وإنّني أرى فيه رَأيهم لا رأي أصحابِنَا» (٣). فلا نحسبُهُ يعني بكلمةِ أصحابنا غيرَ البصريينَ (٤) ، بل نقطعُ بذلك إذا كان منهم سيبويه (٥) وقطرب (٦) وأبو علي الفارسي (٧) ، بل يقول بصريح العبارة : «وغرضنا نحن مذهب سيبويه لا غيره» (٨).

٣ ـ الاتفاق الفكري بين التلميذ والأستاذ ، فإذا كانَ أبو علي الفارسي شيعياً حقاً ، وهو الحقُّ ، في غير مواربة ولا مصانعة (٩) ، فإنَّ الأدلّةَ التي

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٨٤.

(٢) زَعَمَ الدكتورُ شوقي ضيف في كتابه المدارس النحوية : ٢٤٦ وجود مذهب نحوي بغدادي ونسب إليه أبا علي الفارسي وابن جني ولكن هذا النص صريح بأن ابن جني ليس من البغداديين ، وإنّ البغداديين ليسوا إلاَّ الكوفيينَ.

وممن فنّد وجود مذهب بغدادي الدكتور مهدي المخزومي في كتابه الدرس النحوي في بغداد : ٢٣٠ ومابعدها والدكتور فاضل السامرائي في كتابه ابن جنِّي النحوي : ٢٤٧ وما بعدها.

(٣) المحتسب : ٢ / ١٦٦.

(٤) اُنظر : المحتسب : ١ / ١٠٨ ، ٢٣٤ ، ٣٤٩ والخصائص : ٣ / ١٦٣ وابن جني النحوي : ٢٥٥.

(٥) المحتسب : ٢ / ٣٤٠.

(٦) المحتسب : ٢ / ٣٤٨.

(٧) المحتسب : ٢ / ٣٤٣.

(٨) التمام : ٢٠١.

(٩) أبو علي الفارسي : ٨٧.


وردت في الخصائص (١) وسرّ صناعة الإعراب (٢) والأدلّة الواردة في كتاب ابن جِنِّي النِّحوي (٣) تشهدُ بكلِّ وضوح على ثبوت التشيّع عندَ ابنِ جِنِّي (٤).

٤ ـ كان ابنُ جِنِّي ينظرُ إلى كتبِ شَيخِهِ وكأ نَّها كتبُهُ ، يقول : «وهذه الأبيات قد شرحها أبو علي رحمه اللهُ! في البغداديات فلا وجه لإعادة ذلك هنا» (٥) ، ويقول : «وقد تُقصِّيَ هذا في عدّة أماكن من كلام أبي علي وكلامي فتركت الإطالة بذكره» (٦).

٥ ـ كان ابن جِنِّي يذكرُ أستاذَهُ بالإجلال والتقدير فيقول عنه مثلاً : «وللهِ هو وعليهِ رحمتُهُ! فما كان أَقوى قياسه وأَشدّ بهذا العلم اللطيف الشريف أُنسه! فكأَ نَّهُ إنَّمَا كانَ مخلوقاً لهُ ، وكيفَ لا يكونُ كذلك وقد قام على هذه الطريقة مع جِلَّةِ أصحابِها سبعينَ سنةً زائحةً عللُهُ ساقطةً عنهُ كِلَفَةُ وجعله هَمَّهُ وَسَدَمَهُ (٧)؟» (٨).

وإذا ذكره قال (رضي الله عنه) (٩). وكان أبو علي قد سَمِعَ كُتُبَ ابنِ جنِّي

__________________

(١) الخصائص : ٣٧ وما بعدها.

(٢) سرّ صناعة الإعراب : ٤١ ـ ٤٢.

(٣) ابن جني النحوي : ٥٥ ـ ٦١.

(٤) أبو علي الفارسي : ٨٧.

(٥) الخصائص : ١ / ٣٣١.

(٦) التمام : ٢١١.

(٧) السدمُ : الهَمُّ : انظر : لسان العرب (سدم) : ١٥ / ١٧٥ وأساس البلاغة : ١ / ٤٣١ ومختار الصحاح : ٢٩٢ ومختارات القاموس : ٢٩٥.

(٨) الخصائص : ١ / ٢٧٦ ـ ٢٧٧.

(٩) الخصائص : ١ / ٢٧٧.


واستجادَها (١).

٦ ـ امتدتْ رعايةُ الشيخِ بعدَ وفاتِهِ لتلميذِهِ فقد أَوصَى أَبو علي بثلثَ مالهِ لنحاة بغدادَ فكان ثلاثين أَلفَ دينار (٢) ، ومن يمثّل نحاةَ بغدادَ ويتوجَّهُ القصدُ إليهِ ، إلاّ الصاحبُ ابنُ جنّي خليفة الشيخ في مجلسِ درسِهِ (٣)؟

__________________

(١) سرّ صناعة الاعراب : ١ / ٣٤.

(٢) غاية النهاية : ١ / ٢٠٧.

(٣) أبو علي الفارسي : ٣٢٨.


بين الحجّة والمحتسب في المنهج

يُجمِلُ أبو علي الفارسي منهجَهُ في أَوَّلِ كتابِ الحُجَّةِ حينَ يقولُ : «إنَّ هذا كتابٌ نذكرُ فيه وجوهَ قراءاتِ القُرَّاءِ الذين تثبت قراءتُهم في كتاب أبي بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد المترجَم بمعرفةِ قراءاتِ أهلِ الأمصارِ بالحجازِ والعراقِ والشامِ ، بعد أنْ تقدَّمَ ذِكْرُ كُلِّ حرف من ذلك حسب ما رواه وأخذناهُ عنهُ. وقد كان أبو بكر محمّد بن السري شرع في تفسير صدر من ذلك في كتاب كان ابتدأ بإملائه وارتفعَ منهُ تبييضُ مَا في سورةِ البقرةِ من وجوهِ الاختلاف عنهم وَأَنا أَسند إِليهِ ما فسَّرَ من ذلك في كتابي هذا» (١).

ويُلخِّصُ ابنُ جِنِّي منهجَهُ في مقدّمةِ كتابِهِ الُمحتَسَب بقولِهِ : «وأنا بإذن اللهِ بادئ بكتاب أَذكرُ فيهِ أَحوالَ ما شذَّ عن السبعةِ وقائلٌ في معناهُ مِمَّا يَمُنُّ بِهِ اللهُ عزَّ اسمُه» (٢).

يُفهَمُ من هذين النَّصَينِ أَنَّ الكتابين لهما موضوعانِ مختلفانِ وليسَ موضوعهما واحداً كما يذهب إليهِ الأساتذة محقّقو المحتسب (٣).

صحيح إنّهما كتابان في الاحتجاج للقراءات ولكن (الحجّة) موضوعهُ

__________________

(١) الحُجَّة : ١ / ٣ ـ ٤.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٤.

(٣) المحتسب : ١ / ١٣.


قراءة القراء السبعة ، (والمحتسب) موضوعه القراءات الشاذّة أو بالأحرى بعض القراءات الشاذّة ، لأنّ المحتسب ليس موضوعاً على جميع القراءات الشاذّة عن قراءة السبعة ، انما الغرض منه إبانة ما لطفتْ صنعتُهُ وغربت طريقتُهُ ، أمَّا ما كان عارياً من الصنعةِ فلا وجهَ للتشاغلِ بِهِ (١).

وأبو علي في الحُجَّة كانَ يعرِضُ خلافَ القُرَّاءِ في القِراءةِ التي يريدُ الاحتجاج لها نقلاً عن ابن مجاهد ثمَّ يأتِي بكلام ابن السَّرَّاج ويضيف إليهِ ما عنده ، وهكذا كان في سورة الفاتحة وآيتين من سورة البقرة ، ثمّ انفردَ بَعْدَ ذَلِك وهو يُعرِبُ ويفسّر ويدقّق ويستطرد ويُطيلُ الاستطرادَ ويستشهدُ بالقرآن والحديثِ والشِّعرِ والأمثالِ ، ويناقش ويعترض ، ثمّ يخرج برأي يراه ، ولا يترك المسأَلةَ إِلاَّ وَقَدْ أَشبعها بحثاً ، وقلَّبها على كُلِّ الوجوهِ وتكثر في أسلْوبهِ الجملُ الاعتراضية ، وفي عبارتِهِ غموض مِمَّا جَعَلَ كتابَهُ لا يُقبِلُ عليهِ إلاَّ خاصَّةُ العُلمَاءِ الذينَ يطيقون فهمه ويحسنون الانتفاع به (٢).

ويدلّك على ذلك قول ابن جنِّي فيه : «وقد كان شيخُنَا أبو علي عمل كتاب الحجّة فأغمضَه وأطالَهُ حتَّى مَنَعَ كثيراً مِمّن يدَّعِي العربيةَ ـ فضلاً عن القراءة ـ منه وأجفاهم عنه» (٣).

وأمَّا ابنُ جِنِّي فكانَ في الُمحتسَبِ يحتجُّ للقراءات الشاذَّةِ بعبارة واضحة سلسة خالية من الغموض ويستشهد بقراءة على قراءة (٤) ،

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٣٥.

(٢) الحُجَّة : ١ / ٣١.

(٣) المحتسب : ١ / ٢٣٦ ، وله قول قريب من هذا في الكتاب نفسه : ١ / ١٩٧.

(٤) المحتسب : ١ / ١١٨ و ٣١٦.


وبالحديث (١) والشعر (٢) والأمثال (٣) من غير إِسهاب ولا استطراد ، ويصرِّحُ أَنَّهُ يَكرهُ ويَتَحَامَى «الإطالة لا سيّما في الدقيق لأ نّه مِمَّا يجفو على أهلِ القرآن» (٤) ويقول عن المحتسب : «إنَّه كتاب سُئِلنَا اختصارَهُ .... فأوجبتِ الحالُ الإجابة إلى ذلك» (٥).

وللتخلُّصِ من الإطالة (٦) يحيلك ابنُ جِنِّي في المحتسب على مؤلفاتِهِ الأخرى (٧).

كان ابنُ جِنِّي يميل إلى الاختصار (٨) في المحتسب ولا يذكر من الشواهد إلاّ ما يستوجب المقام ذكره وكانَ أَبو علي الفارسي في الحُجَّةِ يستطرد ويُكثِرُ منَ الشواهد وكأ نَّها كانت تتزاحم عليه فيُدلِي بها ولا يكتفي منها بالقليل ، ويُلاحَظ على ابنِ جِنِّي أَنَّهُ كانَ يستشهدُ بشعر المولدين (٩) فقد استشهد بشعر أَبي تمام (١٠) وأبي العتاهية (١١)

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٣٥١ و ٢ / ٤٥ و ٢٤٦.

(٢) تطالعك الشواهد الشعرية في أكثر صفحات الكتاب.

(٣) المحتسب : ١ / ١٣٨ و ١٨٤ و ٢ / ٧٠ و ٧٨.

(٤) المحتسب : ١ / ١٩٧.

(٥) المحتسب : ٢ / ٢٣١.

(٦) المحتسب : ١ / ٤٩.

(٧) المحتسب : ١ / ٧٠ و ٩١ وغيرها.

(٨) انظر : المحتسب : ١ / ٢٦٣ و ٢ / ٣٠٣.

(٩) المحتسب : ١ / ٤٣ و ١٤١ و ٢ / ١٩٠ و ٢٩٥.

(١٠) المحتسب : ١ / ٢٢٩ و ٢ / ١٢٨ و ١٤٤ و ٢٣٤.

وأبو تمام هو حبيب بن أوس الطائي شاعرٌ مشهورٌ من شعراء العصر العباسي ، توفي (سنة / ٢٣١ هـ). انظر : الأغاني : ١٥ / ١٠٠ وبروكلمان : ٢ / ٧١.

(١١) المحتسب : ١ / ١٥٣ والاستشهاد هنا في غير اللغة والنحو.


والمتنبي (١) ، لكنَّهُ استشهاد للمعاني أو لزيادة البيان وتقريب المسلك ، ويستشهدُ ابنُ جنّي باللهجات (٢) العربية أكثر من شيخه. لقد استفاد ابنُ جِنِّي من تجربةِ أُستاذِهِ فتجنَّبَ كلَّ ما كان يؤخذُ على أبي علي من إبهام وغموض واستطراد ، واستعان به في المسائل والأصول والتفسير اللغوي. أحسن الله لهما وجزاهما خيراً بما خدما القرآنَ واللغةَ.

__________________

وأبو العتاهية هو إسماعيل بن القاسم مولى بن عنزة شاعر الزهد المشهور ، توفي (سنة / ٢١١ هـ).

انظر : الأغاني : ٣ / ١٢٦ وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان : ٢ / ٣٤.

(١) المحتسب : ١ / ١٤٠ ، ٢٩٥ ، و ٢ / ١٩ و ١٥٣ و ٢٠١.

(٢) انظر : فهرس اللهجات في المحتسب : ٢ / ٤٧٤.


المحتسب من ذخائر النحو والصرف

كالحجّة للفارسي

كما يُعدُّ كتابُ الحُجَّةِ مصدراً جليلاً من مصادر تُراثِنا في اللغة والنحو والصرف ومسائل الخلاف والشواهد والأصوات ولهجات القبائل (١) فإنَّ المحتسبَ يعدُّ من ذخائر النحو والصرفِ واللهجاتِ بما اشتملَ من مسائل لغويَّة ونحويَّة وصرفيَّة وبمَا حوى من الإعراب وما فيه من لهجات القبائل ، لأنَّ ابنَ جِنِّي كانَ ذَا ملاحظة دقيقة وبصر نافذ ومهارة في تأليفِ عدد من الكتبِ القيمةِ ، وفي المحتسب إشاراتٌ إلى بعضِهَا مثل سرِّ صناعةِ الإعرابِ (٢) والمنصف (٣) والتمام (٤) والمحاسن (٥) والتنبيه (٦) والمعرب (٧) والخطيب (٨) وشرح ديوان المتنبي (٩) والخصائص (١٠) وفي كتاب الخصائص

__________________

(١) الحُجَّة : ١ / ٣١.

(٢) المحتسب : ١ / ٦٢ ، ١٢١ ، ١٨١ ، ٢ / ١٣٥ ، ١٦٢ ، ٢٦٦.

(٣) المحتسب : ١ / ٩٢ ، ١٢١ ، ١٨٢ و ٢ / ١٣٥ ، ٢١٨.

(٤) المحتسب : ٢ / ١٣٥.

(٥) المحتسب : ١ / ٢٠٥.

(٦) المحتسب : ١ / ١٩٣.

(٧) المحتسب : ٢ / ٤٤.

(٨) المحتسب : ٢ / ١٦٢ و ٢١٧.

(٩) المحتسب : ١ / ١١٣ و ٢٩٥ و ٢ / ١٥٣.

(١٠) المحتسب : ١ / ٤٧ و ٥٥ و ٧٠ و ٩١ و ٩٣ و ١٠٦ و ١٠٨ و ٣٢٢ و ٣٢٩ و ٢ / ١٣٥ و ١٦٢ و ٣١٧ وغيرها.


ـ فضلاً عن غيره ـ مسائل نافعة في أُصول اللغة وفقه اللغة ، بل أن الخصائص أجدر الكتب أنْ يسمّى بفقه اللغة (١). والإشارة إلى هذه الكتب في المحتسب دليلٌ على أَنَّهُ أُ لِّفَ بعدها ، بل هناك أدلّة أخرى على أَنَّ ابنَ جِنِّي أَلَّفَ المحتسب في آخر حياته (٢) عندما شعر أنَّ منيتَهُ قد دَنَتْ وأنَّ حياتَهُ قد آذَ نَتْ بِزَوال (٣) ، وفي مُقدِّمَةِ المحتسبِ نفسِهِ من كلامِ ابنِ جِنِّي ما يشيرُ إلى ذلك (٤).

أريد أن أرتّب على هذا أنَّ ابنَ جِنِّي أَلَّفَ المحتسبَ وهو يحملُ علماً غزيراً فأودع ذلك العلمَ هذا الكتابَ.

__________________

(١) دراسات في فقه اللغة : ٨.

(٢) المحتسب : ١ / ١٣ وأبو علي الفارسي : ٣٣١ ـ ٣٣٢.

(٣) المحتسب : ١ / ١٢.

(٤) المحتسب : ١ / ٣١.


تداخل المسائل في المحتسب

لتعدّد مصادرها في القرآن

لقد تداخلتِ المسائلُ في المحتسبِ لتعدُّدِ مصادرِها في القرآن ، فتراه يشرح مسأَلةً نحويَّةً وينتقلُ إلى أخرى صرفيَّة أو لُغَويَّة ويعودُ إلى مسألة نحويَّة وهكذا حسب ورودِ المسائلِ في القرآن الكريمِ ، وهو في كُلِّ ذلك غزيرٌ متدفّقٌ يُقَلِّبُ النظرَ في المسائل ، ويشرحُ بأسلوب واضح خال من الغموض والتعقيد بعيد عن الإسهاب ، وقد أعانَهُ على ذلك علمٌ غزيرٌ في النحو والصرفِ واللغة وتجربةٌ طويلةٌ من صحبته لشيخِهِ أَبي علي الفارسي ، وملاحظةٌ دقيقةٌ ، وبصرٌ نافذٌ ، وفطانةٌ واعيةٌ في عُمْق فقد سَبَقَ أنْ نظر في خصائص اللغة وأحوالها (١) عندما ألّف كتبه الخصائص ، والمنصف ، وسرّ صناعة الإعراب ، والتي كان يشير إليها كثيراً في المحتسب ، فاستغلَّ كلَّ ذلك في الاحتجاج للقراءات. وسنعود ـ إن شاء اللهُ ـ لدراسة هذه المسائل في صلب بحثنا الذي خصّصناه للدراسات النحوية.

__________________

(١) أبو علي الفارسي : ٣٨٠.


الباب الأوّل

الأسماء الستّة ، المثنّى ،

الجمع السالم ، التنوين



الأسماء الستّة

جمع أَب على (أبون وأبين)

قرأ ابن عباس والحسن ويحيى بن يَعمَر وعاصم الجَحْدَري وأبو رجاء بخلاف (وَإلَه أبيك) (١) بالتوحيد (٢).

قال أبو الفتح : بالتّوحيدِ لا وَجْهَ لهُ ، وذلكَ أنَّ أكثرَ القُرَّاء : (وَإِلَهَ آبَائِكَ) جَمْعاً كما ترى ، فإذا كانَ أبيكَ واحداً كانَ مُخالِفاً لِقرَاءةِ الجَمَاعَةِ فَتَحْتَاجُ حينئذ إلى أنْ يَكونَ أبيكَ هنا واحداً في معنى الجَمَاعَةِ ، فإذا أمكَنَ أنْ يَكُونَ جَمْعاً كانَ كقراءَةِ الجَمَاعَةِ ، ولم يَحْتَجْ فيهِ إلى التَّأويل لِوُقُوعِ الوَاحِدِ مَوقِعَ الجَمَاعَةِ. طريقُ ذلك أنْ يَكُونَ (أبيكَ) جَمْعَ أَب على الصِّحَّةِ ، على قوْلِكَ لِلجَمَاعَةِ : هؤلاءِ أَبُون أحرارٌ ، أَي آباءٌ أحرارٌ وقد اتَّسَعَ ذلك عنهم (٣).

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٣٣ : (قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ).

(٢) هذه عبارة ابن مجاهد بدليل قول أبي الفتح بعدها : (قول ابن مجاهد بالتوحيد لا وجه له) وهكذا نجد ابن جنِّي يقدِّم غالباً عبارةَ ابنِ مجاهد ثمّ يعقِّبُ عليها مبتدئاً بقوله : قال أبو الفتح وقد حذفنا عبارة (من ذلك قراءة) واقتصرنا على (قرأ) تحاشياً للتكرار المُمِل.

(٣) قال سيبويه : وسألته ـ يعني الخليل ـ عن أَب فقالَ : إنْ ألحقتَ بهِ النُّونَ والزيادةَ التي قبلَها قلتَ : أبون ، وكذلك أخٌ تقول : أخون لا تغير البناءَ إلاّ أنْ تحذف العربُ شيئاً ، كما تقول : دمون.


ومن أبيات الكتاب :

فَلَـمَّا تَبَيَّنَّ أصواتَنا

بَكينَ وَفَدَّيْنَنَا بالأبِينا (١)

وقال أبو طالب :

ألَمْ ترَ أَنِّي بَعدَ هَمّ هَمَمْتُهُ

لفرقةِ حُرّ مِنْ أبينَ كِرَامِ (٢)

وقال الآخر (٣) :

فَهْـوَ يُفَـدَّى بِالأبِيـنَ والخــالْ (٤)

ويؤكّدُ أَنَّ المرادَ بهِ الجماعة ما جاءَ بعدَهُ مِنْ قولهِ : (إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ) (٥) ، فأبدل الجماعة من أبيك فهو جماعة لا محالةَ لاستحالة إبدال الأكثر من الأقلّ فيصير قوله : (وإِلَهَ أَبِيكَ) كقوله : وإله ذويك (٦).

__________________

وقال الأعلم الشنتري : جمعُ أب جمع سلامةً غريبٌ ، إذ حَقُّهُ لِلأعلام والصِّفاتِ الجاريةِ على فعلها كمسلمين. انظر : الكتاب : ٢ / ١٠. نقل ذلك البغدادي في الخزانة : ٤ / ٤٧٥.

(١) البيت لزياد بن واصل السُّلمي. اُنظر : الكتاب : ٢ / ١٠١ والمحتسب : ١ / ١١٢ واللسان : ١٨ / ٦ والخزانة : ٤ / ٤٧٤.

(٢) ديوانه : ١٠ والخزانة : ٤ / ٤٧٥.

(٣) أورد البغدادي في الخزانة هذه الشواهد نقلاً عن المحتسب. اُنظر : الخزانة : ٤ / ٤٧٥.

(٤) قبله :

أَقبـلَ يَهْـوَى مـن دويـنِ الطِّربَـالْ

هكذا ورد في اللسان : ١٨ / ٧ غير منسوب لأحد. واُنظر : الخزانة : ٤ / ٤٧٥.

(٥) سورة البقرة : ٢ / ١٣٣.

(٦) المحتسب : ١ / ١١٢.


المثنّى

المثنّى يراد به الجمع

قرأ زيد بن ثابت وابن مسعود والحسن ـ بخلاف ـ وعاصم الجَحدَري : (فَأصلِحُوا بينَ إخْوانِكُمْ) (١).

قال أبو الفتح : هذه القراءَة تَدُلُّ على أَنَّ القراءَة العامّة التي هي : (بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) (٢) لفظُها لفظُ التثنية ، ومعنَاها الجماعة ، أَيْ : كل اثنين فصاعداً من المسلمين اقتتلا فأصلحوا بينَهما. أَلا ترى أَنَّ هذا حكمٌ عامٌّ في الجماعة وليسَ يختصّ بهِ مِنْهم اثنان مقصودان؟ ففيه إذاً شَيئان :

أحدُهُما : لفظ التثنيةِ يراد به الجماعة.

والآخر : لفظُ الإضافة لمعنى الجنس ، وكلاهما قد جاء منه قولهم : لَبَّيك

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الحجرات : ٤٩ / ١٠ : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).

(٢) قال سيبويه عن حنانيك : «وزَعَمَ الخليل (رحمه الله)! أَنَّ معنى التثنيةِ أنَّهُ أرادَ تحنّناً بعد تحنّن كأ نَّهُ قال : كلَّما كنت في رحمة وخير منك فلا ينقطعنَّ وليكنْ موصولاً بآخر من رحمتك» وعن لبيك يقول سيبويه : «كما أَنَّهُ أراد بقولِهِ لَبّيك وسعديك : إجابةً بعدَ إجابة. كأ نَّهُ قالَ : كلّما أجبتُك في أمر ، فأنا في الأمر الآخر مُجِيبٌ». انظر : الكتاب : ١ / ٧٤ ـ ٧٥.

وفي عبارة ابن جِنِّي التبس قولُ الخليل بقول سيبويهِ وعَلَّلَهُ الأساتذة محقّقو المحتسب بأنَّ أبا الفتح ينقل من حفظه. انظر : المحتسب : ٢ / ٢٧٩.


وسَعْدَيْك ، فليس المراد هنا إجابتين ثنتين ولا إسعادين اثنين ألا ترى أَن الخليل فسره فقال : معناه كلما كنت في أمر فدعوتني له أجبتك إليه ساعدتك عليه. فقوله : كلّما يؤيد ما نحن عليه ومنه قولهم :

فَلَوْ كُنْتَ مَوْلَى العزّ أَوْ فِي ظِلاَلِهِ

ظَلَمتَ ولكنْ لاَ يَدَى لَك بالظُلْمِ (١)

ألا تَراهُ لاَ يَنْفِي قوتين ثنتين وإنَّما يَنْفِي جَميَعَ قُواهُ؟ وكذلِك قولُ اللهِ تعالى : (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) (٢) ، وَنِعَمُ اللهِ تَعالى أكْثَرُ مِنْ أنْ تحصى ، وكذلك قوله :

إذَا شُقَّ بُرْدٌ شُقَّ بِالبُرْدِ مِثْلُهُ

دَوَالَيْك حَتَّى لَيْسَ لِلْبُردِ لاَبِسُ (٣)

أَيْ : مداولة بعد مداولة ، وَكَقُولِ العَجَّاجِ :

ضَرْبَا هَذَا ذَيك وَطَعْنَا وَخَضَا (٤)

أَيْ هَذَّا بعدَ هذّ ، لا هَذَّين اثنين ليسَ غيرُ ، ونظائِرُهُ كثيرةٌ ، وأمَّا إفادةُ المضافِ لِمَعنى الجنسيَّةِ ، فقولُهُم : منعتِ العراقُ قَفِيزَها (٥) ودرهمها ، أي

__________________

(١) البيت للفرزدق. انظر : ديوانه : ٨٢٥ والمحتسب : ٢ / ٢٧٩.

(٢) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٦٤ : (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ).

(٣) البيت لسحيم عبد بني الحسحاس. انظر : الديوان : ١٦ والكتاب : ١ / ١٧٥ والخزانة : ٢ / ١٠٠ وشرح الشواهد للعيني : ٢ / ٢٥٢.

(٤) من أرجوزة في مدح الحجَّاج. انظر : الديوان : ٣٥ والكتاب : ١ / ١٧٥ والخزانة ٢ / ١٠٦ وشرح الشواهد للعيني : ٢ / ٢٥٢.

(٥) القفيز : مكيال كان يكال به قديماً ويختلف مقدارُهُ في البلاد ويعادل بالتقدير العراقي والمصري الحديث نحو ستة عشر كيلو غراماً. وقال في اللسان : هو مكيال لأهل العراق وجمعه أقفزة وقفزان. انظر : اللسان : ٧ / ٢٦٢ والمعجم الوسيط : ٥ / ٧٥٠.


قُفزَانَها ودَرَاهِمَها ، ومنعتْ مِصرُ إِردبَها (١) ، أَي أرادبها ، ومنه قوله تعالى : (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) (٢) ، ومنه قولهم : نِعْمَ الرجلانِ الزيدانِ وله أشباه (٣).

جمع المذَكّر السالم

جمع أفعل فعلاء جمع سلامة

قَرأ الحَسَن : (الأَعجَمِيِّين) (٤) منسوب إلى العَجَم.

قال أبو الفتح : هذه القراءَة عذر في القراءة المجتمع عليها. وتفسير للغرض فيها وهي قوله (عَلَى بَعْضِ الاْعْجَمِينَ) ، وذلك أَنَّ ما كان من الصفات فإنّ أفعل وأُنثاه فعلاء لا يُجمع بالواو والنون وَلا مؤنثه بالألف والتاء (٥).

ألا تراك لا تَقول في أَحمر : أحمرون ولا في حمراء : حمراوات؟ فكان قياسهُ ألاَّ يجوزَ فيه الأعجمون ، لأَنَّ مؤنَّثَه عجماء (٦).

__________________

(١) الأردب : مكيال لأهل مصر وقيل غير هذا. اللسان : ١ / ٤٠١.

(٢) سورة المائدة : ٥ / ٦٤.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٧٨ ـ ٢٨٠.

(٤) من قوله تعالى من سورة الشعراء : ٢٦ / ١٩٨ : (وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الاَعْجَمِينَ).

(٥) هذا هو رأي البصريين وأَجَازَهُ الفرّاء وهو قياس قول الكوفيين ومحل الخلاف ما دام (افعل وفعلاء) باقيين على الوصفية فإن سمّي بهما جمعا جمعَ سلامة. همع الهوامع : ١ / ٢٢ و ٤٣.

(٦) المحتسب : ٢ / ١٣٢.


وقرأ الحسن (وَمَاَ تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطُونَ) (١).

قال أبو الفتح : هذا مما يعرض مثله للفصيح ، لتداخل الجمعين عليه ، وتشابههما عنده ، ونحو منه قولهم : مَسِيل فيمن أَخَذَهُ مِنَ السيل ، وعليهِ المعنى ، ثمّ قَالُوا فيهِ : مُسْلاَن وأمسِلَة وَمَعِينٌ (٢) وأقوى المعنى فيه أن يَكُون من العيون ثمّ قالوا : سَالتْ مُعْنَانُهُ (٣).

فإنْ قُلتَ : فَقَد حَكى يعقوب (٤) وغيرُهُ فِي واحده : مَسَل وَمَسْل ، قيل : يُشْبِه أَنْ يَكونَ ذَلِك لِقولِهم : مُسْلان. فلما سمعوا مُسْلاناً جاءوا بواحِدِهِ على فعْل ، كَبَطْن وَبطْنَان وَظَهر وَظُهرَان ، وعلى فَعَل كَحَمَل وَحُمْلان وأخ وأُخْوَان ـ فيمن ضم ـ. كما قال أبو بكر : إنَّ مَنْ قَالَ ضَفَنَ يَضِفَن فَإنَّما حمله على ذلك الشبهةُ عليهم في قولهم : ضَيْفَن ، إذ كان ضَيْفَن ظاهر لفظِهِ بأنْ يكون فَيْعَلاً لا فَعْلَناً ، وعلى كُلّ حال فـ (الشياطون) غلط ، لكن يُشبِهُهُ ، كما أَنَّ مَن هَمَزَ مصائب كَذَلِك عَنْهُم (٥).

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الشعراء : ٢٦ / ٢١٠ : (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ) ، وانظر القراءة المذكورة : ص ٤٨.

(٢) مَعين الماءِ : الظاهر الجاري وقيل الماءُ العذبُ. انظر : اللسان : ١٧ / ٢٩٨.

(٣) المُعنان : جمع مَعين وهو الماء الظاهر. يقال : مياه مُعنان وماءٌ معين ، أي جار.

انظر : اللسان : ١٧ / ٢٩٨ والمحتسب : ٢ / ٦٩.

(٤) عبارة يعقوب بن السكيت : وتقول : هو مَسِيل الماء والجمع أمْسِلَة ومُسُل وَمُسْلان ومسائِل. ويقال للمسيل : مَسَل.

انظر : إصلاح المنطق : ٣٧١.

(٥) المحتسب : ٢ / ١٣٣.


جمع المؤَنّث السالم

تحويل فَعَل إلى فَعُل وجمعه جمع مؤنث سالماً

قرأ أبان بن تغلب : (ثُمُرات) (١) بضمّتين.

قال أبو الفتح : الواحدة ثَمَرَة ، كَخَشَبَة ، وثُمُر كَخُشُب. ومثله أَكَمَه وأُكُم ثمّ ضُمّت الميمُ إشْبَاعاً وتمكيناً ، كقولِهم في بُرْد : بُرُد ، وفي قُفْل قُفُل. ثمّ جمع ثُمُر على ثُمُرات جمع التأنيث ، لأِ نَّه لَمّا لَمْ يَعْقِل جَرَى مجرى المؤنث. وذَلِك عندنا لَتخَضُّعِ (٢) ما لا عقل له ، فلحق بذلك بِضَعْفِهِ التأنيث ، فعليه قالوا : يالثاراتِ فلان : جمع ثار لما لم يكن من ذوي العلم. ونحوه قول أبي طالب :

أُسْدٌ تَهُدُّ بالزَّئيراتِ الصَّفَا (٣)

جمع زئير والعلّة واحدة ، وقد ذكرنا هذا مُسْتَقْصىً فِي تَفسِيرِ ديوانِ المتنبي عند قوله :

 ......

فَفِي النَّاسِ بُوقَاتٌ لَها وَطُبولُ (٤)

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة القصص : ٢٨ / ٥٧ : (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْء).

(٢) التّخَضُّع : التَطامُن والتواضُع. اُنظر : لسان العرب : ٩ / ٤٢٥ ومختار الصحاح : ١٧٩.

(٣) ديوانه : ٦.

(٤) صدره :

إذا كان بعض الناس سيفاً لدولة

 ......

والبيت من قصيدة للمتنبّي يمدح فيها سيف الدولة. اُنظر : الديوان : ٢ / ٨٧.


ومنه مَا أَنشَدَهُ الأَصْمَعي من قولِ الراجز :

وَارْدُدْ إِلى حُوَراتِ حُور شِقَّةُ

فَجَمَعَ حُوراً عَلى حُورات لَمَا ذَكَرْنَا (١).

تنوين ألف الإلحاق

حكى ابن سلام قال : قال سيبويه : كان عيسى بن عُمَر يقرأ (٢) (عَلَى تَقْوىً مِنَ اللهِ) (٣) قُلْتُ : على أَيّ شيء نوَّنَ؟ قالَ : لا أدري ، ولا أعرفُ.

قلت : فَهَلْ نوَّنَ أَحدٌ غَيرُهُ؟ قال : لا.

قال أَبو الفتح : أَخبَرَنَا بهذهِ الحكاية أبو بكر جعفر بن علي بن الحَجَّاج ، عن أَبي خليفة الفضل بن الحُبَابِ ، عن محمّد بن سلام. فأمَّا التنوينُ فَإنَّهُ وَإنْ كَانَ غيرَ مسموع إلاَّ في هذه القراءَة فَإنَّ قِيَاسَهُ أَنْ تَكُونَ أَلِفُه لِلإلحاقِ لا للتأنيث كَتَترَىً (٤) فيمن نوّن (٥) وَجَعَلَها ملحقة بجعفر.

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١٥٣.

(٢) انظر : مختصر في شواذ القرآن : ٥٥ والبحر المحيط : ٥ / ١٠٠ وعيسى بن عُمَر الثقفي : ١١٩ و ١٩٥.

(٣) من قوله تعالى من سورة التوبة : ٩ / ١٠٩ : (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَان خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُف هَار).

(٤) منَ قولهِ تعالى من سورة المؤمنون : ٢٣ / ٤٤ : (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ).

(٥) قرأ بالتنوين أبو عَمرو وابن كثير وأبو جعفر. ينظر : الكشف عن وجوه القراءات : ٢ / ١٢٨ وإتحاف فضلاء البشر : ١٩٥.


وَكَان الأشبَه بقدرِ سيبويه أَلاَّ يقفَ في قياس ذلك وألاَّ يقول : لا أدري.

ولولا أَنَّ هَذه الحكاية رواها ابنُ مجاهد ورويناها عن شيخنا أبي بكر لتوقّفتُ فيها. فأمّا أَنْ يقولَ سيبويه : لَم يقرأ بِها أَحَد فجائز. يعني فيما سَمِعَهُ ، لَكنْ لا عذرَ لَهُ في أَنْ يقولَ : لا أَدري ، لأنَّ قياسَ ذلك أخفُّ وأسهلُ على ما شرحنا من كونِ أَلِفه للإلحاق (١).

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٣٠٤.



الباب الثاني

النكرة وأنواع المعارف



النكرة والمعرفة

١ ـ الفرق بين النكرة والمعرفة

قرأ حِطَّانُ بن عبد الله : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ رُسُلٌ) (١) وكذلك هي في مصحف ابن مسعود.

قال أبو الفتح : هذه القراءةُ حسنة في معناها ، وذلِك أَنَّهُ موضع اقتصاد بالنبيّ صلّى الله عليه وآله وإعلام أَنَّهُ لا يلزم ذمّتَه مِمَنْ يُخالفه تبعةٌ ، لقولِهِ تعالى : (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ) (٢) ، فلما كان موضع اقتصاد به وفك لِيَد الذمِّ عن ذمّته ، وكان مَنْ مَضَى مِنَ الأنبياءِ عليهم السّلام في هذا المعنى مثله ، لاقَ بالحالِ تنكير ذكرهم بقوله : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ رُسُلٌ) (٣). وذلك أَنَّ التنكيرَ ضَربٌ مِنَ الكف والتصغير ، كما أَنَّ التعريفَ ضَربٌ مِنَ الإعلام والتشريفِ ، أَلا تَرى إلى قَوْلِهِ :

فَمَنْ أَنتُمُ إنَّا نَسِينَا مَنْ انتُمُ

وَرِيُحكُم مِنْ أَيِّ ريحِ الأَعاصِرِ (٤)

__________________

(١ و ٣) سورة آل عمران : ٣ / ١٤٤. وهي قراءة ابن عباس. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ١٥١. وقرأ الجمهور : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ) الرسل بالتعريف كما في المصحف. انظر : المحتسب : ١ / ١٦٨.

(٢) سورة العنكبوت : ٢٩ / ١٨.

(٤) البيت لزياد الأعجم. انظر : الخصائص : ٣ / ٨٩ و ١٦٧ وهمع الهوامع : ١ / ١٥٥ والدرر اللوامع : ١ / ١٣٧ وحاشية ياسين : ١ / ٢٥٣.


فَأينَ هَذا مِنْ قَولِهِ :

هَذا الذي تَعرِفُ البطحاءُ وَطْأتَهُ

والبيتُ يعرفُهُ والحلُّ والحَرَمُ (١)

ولهذا قال :

مِنْ حَدِيث نَمى إليَّ فَمَا أطْعَمُ

غُمضاً ولاَ أَلَذُّ شَرابي (٢)

فنكَّر الغُمْضَ احتقاراً لَهُ إذ كَانَ لا يعرِفُهُ ، وَعَرّف الشَّرَابَ إذ كَانَ لا بُدَّ أَنْ يشربَ وإن قل. قَالَ :

على كُلّ حال يأكلُ المرءُ زَادَهُ

مِنَ الضُّرِّ والبأسَاءِ وَالحَدَثَانِ (٣)

وِلأَجلِ ذَلِك لَم تندُبِ العربُ المبهمَ ولا النكرةَ لاحتقارها ، وإنَّما تندُب بأشهر أسماءِ المندوبِ ، ليكونَ ذلك عُذراً لَهَا في اختلاطها وتفجّعها (٤).

__________________

(١) نُسِبَ البيتُ في المحتسب إلى الحَزين الكناني في مدح عبد الله بن عبد الملك بن مروان وينسب إلى الفرزدق من قصيدة في مدح الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) وليست في ديوان الفرزدق والقصيدة التي منها هذا البيت منسوبة إلى الفرزدق في مدح الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) في أكثر من مصدر منها : أمالي المرتضى : ١ / ٦٧ والأغاني (ساسي) : ١٩ / ٤٠ ووفيات الأعيان : ٦ / ٩٥ وشرح شواهد المغني للسيوطي : ٢٤٩. كما ذكرها بروكلمان في تاريخ الأدب العربي : ١ / ٢١٤ فقال توجد قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين مخطوطة في جوتا : ١٤ و ٢٦ وليدن ٥٩٠ وباريس ٥٦ ، ١٢٠٥ و ٥ و ٤٢٦١ وبوهار ٤٣٦ وطبعت على الحجر في طهران سنة ١٢٧٥ هـ.

(٢) البيت لعلفاء بن الحارث. انظر : المحتسب : ١ / ١٦٩ ومعجم الشعراء : ٤٣٣.

(٣) ينسب البيت لأعرابية وهو في : مجالس ثعلب وربيع الأبرار.

(٤) هذا هو رأي البصريين ، أمَّا الكوفيون فذهبوا إلى جواز ندبةِ النكرةِ والأسماءِ الموصولة ، واستشهدوا بقول العرب : (وا من حفر بئر زمزم اهـ) وما أشبَهَ ذلك ، وردَّ البصريون ذلك.

انظر : الكتاب : ١ / ٣٢٤ والإنصاف في مسائل الخلاف : ٢ / ٢٠١ مسألة ٥١.


ويؤكّده أَيضا قولُهُ تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِك مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْك وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْك) (١) فجرى قولُهُ سبحانه : (وَمَا مُحَمَّد إلاَّ رَسول قَد خَلَتْ مِن قَبِلِهِ رُسُلٌ) (٢) مجرى قولك لصاحبك : أخدم كَمَا خَدَمَنَا غَيرُك مِن قَبلِك ولا تبعةَ عليك بَعْدَ ذَلِك ، فهذا إذاً موضع اسماح له فلابدّ إذن من إلانة ذكره.

وعليه جاء قولُهُ تعالى : (أَفئِنْ ماتَ أوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ) (٣) فَأضَافَ سبحانَهُ مِن عذرِهم وَأعْلَمَ أنْ لاَ متَعَلَّق عليه بشيء من أمرهم ، فلهذا حسن تنكير (رُسُل) هاهنا (٤).

٢ ـ مفاد نكرة الجنس مفاد معرفته

قرأ الأعمش : (آلحقُّ هو) (٥).

قال أَبو الفتح : اعلم أَنَّ الأجناسَ تتساوى فائِدتَا معرفتِها ونكرتِها في هذا ، تقول : ثِق بأمان مِنَ اللهِ ، وَثِق بالأمانِ من اللهِ ، وهذا حقٌّ وهذا الحقُّ ، وهذا صدقٌ ، وهذا الصدقُ ، ومِنهُ قَولُهُم : خَرَجْتُ فإذَا بالبابِ أسدٌ ، وإذا بالباب الأسد ، المعنى واحد ، ووَضْعُ اللَّفظِ مختلف ، وسببُ ذلك كونُ

__________________

(١) سورة غافر : ٤٠ / ٧٨.

(٢) سورة آل عمران : ٣ / ١٤٤ وفي المصحف الشريف (الرُّسُلُ).

(٣) سورة آل عمران : ٣ / ١٤٤.

(٤) المحتسب : ١ / ١٦٨ ـ ١٦٩.

(٥) من قوله تعالى من سورة يونس : ١٠ / ٥٣ : (وَيَسْتَنبِئُونَك أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ).


الموضعِ جِنساً (١).

وَقَرأَ الحسن : (اهْدِنَا صِراطاً مُسْتَقِيماً) (٢).

قال أَبو الفتح : ينبغي أَنْ يكونَ أَرادَ ـ واللهُ أَعلمُ ـ التذلُّلَ للهِ سبحانَهُ ، وإظهارَ الطاعةِ له ، أَي : قد رَضِينا منك يا ربَّنَا بِمَا يُقالُ لَهُ : صراط مستقيم ، ولسنا نريد المبالغة في قول من قرأَ : (الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) (٣) أي الصراط الذي قد شاعَت استقامته وَتَعُولِمَتْ في ذلك حالُهُ وطريقتُهُ : فإنَّ قليلَ هذا منك لنا زاك عِندَنا وكثيرٌ من نعمتِك عَلَينَا ، وَنَحنُ لَهُ مطيعون وإلى ما تأمرُ بِهِ وتنهى فيه صائرون.

وزادَ في حسن التنكير هنا ما دخله من المعنى ، وذلك أَنَّ تقديَرهُ أَدِم هِدَايتَك لَنَا ، فَإنَّك إذا فَعَلْتَ ذلك بنا فقد هديتنا إلى صراط مستقيم فجرى حينئذ مَجرى قولِك : لَئِن لقيتَ رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) لَتَلْقَيَنَّ مِنْهُ رَجُلاً مُتَنَاهِيًّا في الخيرِ ورسولاً جامعاً لِسُبُلِ الفَضْلِ.

فقد آلتْ بهِ الحالُ إِلى معنى التجريد ، كقولِ الأَخطل :

بنزوةِ لص بعدَ مَا مرّ مصعب

بِأشعثَ لا يُفلَي ولاَ هُوَ يَقمَلُ (٤)

ومصعب نفسهُ هو الأَشعثُ (٥) وعليهِ قولُ طَرَفَة :

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٣١٢.

(٢) من قوله تعالى من سورة الفاتحة : ١ / ٦ : (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ).

(٣) سورة الفاتحة : ١ / ٦.

(٤) ديوان الأخطل : ١٠ وإعراب القرآن المنسوب إلى الزجّاج : ٢ / ٦٦٦.

(٥) استشهد بهذا البيت مؤلّف كتاب إعراب القرآن المنسوب إلى الزجّاج : ٢ / ٦٦٦ ثمّ استشهد بهذه العبارة. وبهذا نضع علامة استفهام على نسبة مثل هذا الكتاب إلى الزجّاج المتقدّم على ابن جني زماناً.


جازتِ القومَ إلى أَرحُلِنَا

آخرَ الليلِ بيعفور خَدِر (١)

وهي نفسها عندَهُ اليعفورُ. أنشدنا أبو علي :

أفَاءَتْ بَنُو مروانَ أَمسِ دماءَنا

وفي اللهِ إنْ لَمْ يحكُمُوا حكمٌ عدلُ (٢)

وهو سبحانه أعرف المعارف ، وقد سمّاه الشاعر حَكَماً عدلاً ، فأخرجَ اللفظَ مخرجَ التنكيرِ ، فقد ترى كيف آلَ الكلامُ من لفظ التنكير إلى معنى التعريف ، وفيه مع ذلك لفظ الرضا باليسير. وعليه قولُ اللهِ عزّ اسمه : (وَلَهَدَيْنَاهُم صِراطاً مُسْتَقِيماً) (٣) أَي : هديناهم من نعمتنا عليهم ، ونَظَرِنا لَهُم صِراطاً مستقيماً ، وقال كُثَير :

أميرُ المؤمنينَ على صراط

إذا اعوجَّ الموارِدُ مستقيمُ (٤)

وهذا كقولك : أَمير المؤمنين على الصراطِ المستقيمِ ، لا فرقَ بينهما ، وذلك أَنَّ مَفادَ نكرةِ الجنسِ مفادُ معرفتِهِ من حيثُ كانَ في كُلُّ جزء منهُ معنى ما في جملتهِ ، ألا ترى إلى قوله :

وَأَعلَمُ أَنَّ تَسْلِيمَا وتَرْكَا

لَلاَ متشابهانِ وَلا سواءُ (٥)

__________________

(١) انظر : ديوان طرفة : ٦٨ والخصائص : ٢ / ١٧٧. واليعفور : ظبي تعلوه حمرة ، والخَدِر : الفاتر العظام البطئ عند القيام.

(٢) لأَبي الخطَّار الكلبي. انظر : معاهد التنصيص : ٣ / ١٦ وحماسة ابن الشجري : ٤ والخصائص : ٢ / ٤٧٥ وإعراب القرآن المنسوب إلى الزجّاج : ٢ / ٦٦٦.

(٣) سورة النساء : ٤ / ٦٨.

(٤) نسبه ابنُ جِنِّي لكثير وهو لجرير من قصيدة في مدح هشام بن عبد الملك. أُنظر : ديوان جرير : ٥٠٧ وتفسير القرطبي : ١ / ١٢٨ والمحتسب : ٢ / ٣٧٩.

(٥) البيت لأبي حزام غالب بن الحارث العكلي.

أُنظر : همع الهوامع : ١ / ٨٨ وخزانة الأدب. ط. بولاق : ١٢٩٩ هـ : ٤ / ٣٣١ وشرح الشواهد للعيني : ١ / ٢٨١ والمحتسب : ١ / ٤٣.


فهذا في المعنى كقولهِ : إنَّ التسليم والترك لا متشابهان ولا سواء (١).

رُويَ عن عاصم أنَّه قرأ : (وَمَا كَانَ صَلاَتَهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ) نصباً (إِلاَّ مُكَاءٌ وَتَصْدِيَةٌ) (٢) رفعاً. رواه عبيدالله ، عن سفيان ، عن الأعمش أَنّ عاصماً قرأ كذلك.

قال الأعمش : وَإنْ لَحَنَ عاصمٌ تلحن أَنت؟ وقد رُوِيَ هذا الحرف أَيضاً عن أبان ابن تغلب أَنَّهُ قرأ كذلك.

قال أبو الفتح : إعلم أَنَّ نكرةَ الجنسِ تفيد مفادَ معرفتِهِ أَلاَ تَرى أَنَّك تقول : خرجتُ فَإذَا أسَدٌ بالبابِ ، فتجد معناهُ معنى قولك خرجت فإذا الأسدُ بالبابِ لا فرق بينهما؟ وذلك أَنَّك في الموضعين لا تريد أَسداً واحداً معيناً ، وإنَّما تريد خرجتُ فإذا بالباب واحدٌ من هذا الجنس ، وَإذا كانَ كذلك جازَ هنا الرفع في (مُكاء وتصدية) جوازاً قريباً حَتَّى كَأ نَّهُ قالَ : وما كانَ صلاتُهم عند البيتِ إلاّ المكاءُ والتصديةُ ، أَي : إلاَّ هذا الجنس من الفعلِ ، فإذا كان كذلك لم يجرِ هذا مجرى قولك : كان قائمٌ أخاك وكان جالسٌ أباك ، لأِ نَّه ليَس في جالس وقائم معنى الجنسيَّةِ التي تلاقي معنيا نكرتها ومعرفتها على ما ذكرنا وقدمنا (٣).

إتباع لاحق لسابق في التنكير

قرأ ابن مسعود : (ومكراً سيئاً) (٤).

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٤١ ـ ٤٣.

(٢) من قوله من سورة الأَنفال : ٨ / ٣٥ : (وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً).

(٣) المحتسب : ١ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.

(٤) من قوله تعالى من سورة فاطر : ٣٥ / ٤٣ : (اسْتِكْبَاراً فِي الاَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ).


قال أَبو الفتح : يشهد لتنكيره تنكير ما قبله من قولِ اللهِ سبحانِهُ : (اسْتِكْبَاراً فِي الاَرْضِ) وقراءة العامة أقوى معنى وذلك أنَّ (المكر) فيها معرفةِ لإِضافته الى المعرفة ، أَعني (السّيء) فكأنَّه قالَ : والمكر السيء الذي هو عال مستكَره مستنكَر في النفوسِ. وعليه قال مِن بَعْدُ : (وَلاَ يَحيِقُ المَكْرُ السّيءُ إلاَّ بأَهْلِهِ) وأَبَدَلَ (استكباراً) وما بعدَهُ من النكرةِ مثله وهي هو من قوله : (مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً) (١) وَحَسُنَ تنكير الاستكبار لأ نَّهُ أدنى إلى (نفور) ممّا بَعْدَهُ ، وقد يَحسُنُ مع القُربِ فيه ما لا يَحسُنُ معَ البعد ، وأعتمد ذَلِك لقوةِ معناهُ بِتَعْرِيفهِ والإخبار عنه بِأ نَّهُ مثله لا يخفى لِعظَمِهِ وشناعته (٢).

الضمير

١ ـ حركات الضمير

أ ـ حركة الهاء وميم الجمع

قال تعالى : (أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) (٣) ذكر أَبو بكر أحمد بن موسى : أَنَّ فيها سبعَ قراءات :

الأولى : عليهُمُو (٤).

الثانية : وعليهُمُ. بضم الميم من غير إشباع إلى الواو (٥).

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة فاطر : ٣٥ / ٤٢ : (فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً).

(٢) المحتسب : ٢ / ٢٠٢.

(٣) سورة الفاتحة : ١ / ٧.

(٤) قراءة ابن أبي إسحاق ومسلم بن جندب والأعرج وعيسى الثقفي وعبد الله بن يزيد وأبي عمرو. انظر : المحتسب : ١ / ٤٢ والبحر المحيط : ١ / ٢٦.

(٥) قراءة ابن أبي إسحاق. مختصر في شواذ القرآن : ١ والمحتسب : ١ / ٤٤.


الثالثة : وعليهُمْ. بسكون الميم مع ضمَّة الهاء (١).

الرابعة : وعليهِمي (٢).

الخامسة : وعليهِمْو. بكسر الهاء وسكون الميم (٣).

السادسة : وعليهِمُو. بكسر الهاء وواو بعد الميم (٤).

السابعة : وعليهِمُ. مكسورة الهاءِ مضمومة الميم من غير واو (٥).

وزادَ أبو الحسن سعيد بن مُسْعِدَةَ الأخفش على ما قالَ أبو بكر ثلاث قراءات فصار الجميع عشر قراءات ، كالآتي :

الثامنة : عليهُمِي. بضم الهاء ، وميم مكسورة بعدها ياء (٦).

التاسعة : وعليهُمِ. بضمة الهاء وكسرة الميم من غير إشباع إلى الياءِ (٧).

العاشرة : وعليهِمِ. بكسرة الهاء وكسرة الميم أَيضاً مِنْ غير بلوغِ ياء (٨).

فتلك عشرة أَوجه (٩) خمسة من ضم الهاءِ وخمسة من كسرها.

قال أَبو الفتح : أما (عليهُمُو) فهي الأصل لأِ نّها رَسِيلة عليهُما في التثنية : أَعني : ثبات الواو كثبات الألف (١٠) ، وينبغي أَنْ تعلمَ : أَنَّ أَصلَ هذا الاسم

__________________

(١) قراءة حمزة. البحر المحيط : ١ / ٢٦.

(٢) قراءة الحسن وعمرو بن فايد. مختصر في شواذ القرآن : ١ والمحتسب : ١ / ٤٤.

(٣) قراءة الجمهور. البحر المحيط : ١ / ٢٦.

(٤) قراءة ابن كثير. البحر المحيط : ١ / ٢٦.

(٥) قراءة الأعرج. المحتسب : ١ / ٤٤.

(٦ ـ ٨) لم يذكرها الأخفش في معاني القرآن.

(٩) وكلّها قد قرئ بها. أنظر : إملاء ما منّ به الرحمن : ١ / ٩.

(١٠) قال سيبويه : وإذا كانتِ الواو والياء بعد الميم التي هي علامة الإضمار كنتَ بالخيار : إنْ


المضمر الهاء ثمّ زيدت عليها الميم ، علامة لتجاوز الواحد من غير اختصاص بالجمع ، ألا ترى الميم موجودة في التثنية : (عليهُما)؟

وأَمَّا الواو فَلإخلاص الجمعية.

وأَمَّا (عليهِمِي) فطريقُهُ : أَنَّهُ كُسِرَتِ الهاءُ لوقوع الياءِ قبْلَهَا ساكنةً.

وضعف الهاء ، فأشبهت لذلك الألف ، لاسيما وهي تجاوزها في المخرج.

لا بل أبو الحسن يَدَّعي أَنَّ مخرج الأَلِفِ هو مخرجُ الهاءِ البتة. فَكَما أنَّ الياءَ الساكنة إذا وقعتْ قبلَ الألِفِ قلبتَها ياءً نحو قولِك في تصغير كتاب : كُتَيّب كذلك كُسِرتِ الهاءُ فكانَ انكسار الهاءِ للياءِ قبلها تغييراً لحقها لهما ، كما أَنَّ انقلابَ الألفِ ياءً لمكانها تغييرٌ لَحِقَهَا من أَجلِهَا ، فصارَ اللفظُ بها من بعدُ عليهِمُو ، فَكَرِهُوا الخروجَ من كسر الهاء إلى ضَمِّ الميمِ ثم الواو من بعدها فكسروا الميمَ لذلك فصارت عليهِمِو فانقلبتِ الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فصارت عليهِمِي.

ومن كسَر الهاءَ وضمَّ الميمَ وحذفَ الواوَ فقال : (عليهِمُ) فَإنَّهُ لما انتهتْ بهِ الصَّنعَةُ إلى كسرِ الهاءِ احتملَ الضَّمَّةَ بعدَ الكسرةِ لأِ نَّها ليستْ بلازمة إذ كانت أَلِفُ التثنية تفتحها ، لكنَّهُ حذفَ الواوَ تفادياً من ثقلها مع ثقل الضَّمَّةِ التي تجشَّمَها. ومن قرأ (عليهُمُ) بضم الهاء والميم فإنّه حذف الواوَ تخفيفاً

__________________

شِئتَ حَذَفْتَ ، وإنْ شِئتَ أثبَتَّ ، فَإنْ حَذَفْتَ أَسْكَنْتَّ الميمَ فالإثبات : عَليَكُمُو ، وأَنتُمو ذاهِبون ولديهمي مالٌ فأَثبتوا كما تثبتُ الألفَ في التثنية إذا قلت : عَليكُما وأَنَتما وَلَدَيْهما.

انظر : الكتاب : ٢ / ٢٩٢ وانظر : التكملة : ٣٦ وما بعدها.


واحتملَ الضَّمَّةَ قبلها دليلاً عليها.

لكن من قال : (عليهُمِي) بهاء مضمومة وياء بعد الميم ففيه نظر ، وذلك أَنَّهُ كَرِهَ ضمَّةَ الهاءِ وضَمَّةَ الميم ووقوع الواو من بعد ذلك كما كُرِهَ في الاسم المظهرِ وقوعُ الواو طَرَفاً بعدَ ضَمَّة ، وذلك في قولِهِمْ في دَلو وحَقو (١) : أدل وأَحق ، وأصلُها : أَفْعُل ادْلُو وَأحقُوٌ ، كَكَلْب وَأَكَلُب ، فأبدلوا من الضمّة كسرة تطرقا إلى قلبِ الواو ، فصارت في التقدير : أدْلِوٌ وأَحْقِوٌ فَقُلِبَتِ الواوُ ياءً بعذر قاطع وهو : وقوعُ الكسرةِ قبلها ، فصارتْ أدْلِيٌ ، وأحْقِيٌ ، وَكَذَلِك أبدلت ضمَّةُ الميمِ مَن (عليهُمُو) كسرةً فصارتْ عليهُمِو ، فأبدِلَتِ الواو ياء للكسرة قبلها فصارت عليُهِمي.

وأما (عليهُمِ) بكسرة الميم من غير ياء فانه لمَّا كانتِ الصفةُ فيه إنَّمَا طريقُهَا الاستخفافُ اكتُفِيَ بالكسرةِ من الياءِ ، وَكَذلك مَنْ قالَ : (عليهِمُ) بكسر الهاءِ مع ضمِّ الميمِ اكتفى بالضَّمَّةِ من الواوِ ، وقد ذكرناه.

وَمَنْ قالَ : (عليهِمِ) بكسرِ الهاءِ والميمِ من غيرِ ياء فإنَّهُ اكتفَى بالكسرةِ أيضاً من الياء استخفافاً ، فأَمَّا قولُ الشاعر ورويناه عن قطرب :

فهمو بِطانَتُهُم وهُمْ وزراؤهم

وَهُمِ القضاةُ ومنهمُ الحُكَّامُ (٢)

وروينا عنه أيضاً :

أَلا إنّ أصحابَ الكنيفِ وجدتُهُمْ

همِ الناسَ لما أَخصبوا وَتَمَوَّلُوا (٣)

__________________

(١) الحقو : الكشح وقيل معقد الإزار. لسان العرب : ١٨ / ٢٠٦.

(٢) في هذا البيت كما لا يخفى ميمٌ مضمومة وثانية ساكنة وثالثة مكسورة.

انظر : الخصائص : ٣ / ١٣٢ وشرح المفصل : ٣ / ١٣٢ والمحتسب : ١ / ٤٥.

(٣) البيت لعروة بن الورد. انظر : ديوان عروة بن الورد : ١٠٣ وشرح المفصل : ٣ / ١٣١.


فقوله : وَهُمِ القضاة ومنهمِ الحكام ، فيحتمل كسر الميم وجهين :

أحدهما : أنْ يكونَ حَرَّكَهُ لالتقاءِ الساكنين.

والآخر : أنْ يكونَ على لغةِ من قالَ عليهُمِي ، فحذفَ الياءَ ، لالتقاء الساكنين من اللفظ ، وهو ينويها في الوقف.

ووجهٌ ثالثٌ : أَنْ يكونَ على لغةِ مَن قالَ عليهُمِ بكسر الميم من غير ياء.

وقوله : (همِ الناس) يَحتَمِلُ أَيضاً هذه الأَوجهَ الثلاثةَ.

وروينا عن قطرب أَيضاً : عافاكمِ الله ، ففيه أيضاً مَا فِيَما قَبْلَهُ ، واللغات في هَذا وَنَحوِه كَثير (١).

وَقَرَأ عبد الله بن يزيد : (أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهُ رِجَالٌ) (٢) بكسرِ هاءِ (فيه) الأولى ، وَضَمِّ هاءِ (فيه) الآخرة مُخْتَلَسَتينِ.

قال أبو الفتح : أصلُ حركةِ هذهِ الهاءِ الضمُّ ، وإنَّما تكسَرُ إذَا وَقَعَ قبلَها كسرة أَو ياء ساكنة كقولِك : مررتُ بهِ ونزلت عليهِ. وقد يجوز الضَّمُّ مع الكسرة والياء ، وقد يجوز إشباعُ الكسرةِ والضَّمَّةِ ومطلها إلى أَنْ تحدثُ الواوُ والياءُ بعدهمَا نحو مررتُ بهِي وبهُو ، ونزلتُ عليهِي وعليهُو ، وهذا مشروح في أماكنه لكنَّ القولَ في كسر (فيه) الأولى وضم (فيه) الثانية.

والجواب : أَنَّهُ لو كسرهما جميعاً أَو ضمهما جميعاً لكان جميلاً حسناً

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٤٣ ـ ٤٦.

وأبو الفتح في تعليلاتِهِ هذه نظر إلى سيبويه في الكتاب : ٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٨ وإلى آراء شيخِهِ أبي علي الفارسي في التكملة : ٣٦ وما بعدها.

(٢) من قوله تعالى من سورة التوبة : ٩ / ١٠٨ : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَ ى مِنْ أَوَّلِ يَوْم أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ).


غير أَنَّ الذي سَوَّغَ الخِلافَ بينَهما عِنْدِي هوَ تكرير اللفظ بعينه ، لأِ نّهُ لو قالَ : (فيهِ فيهِ) أو (فيهُ فيهُ) لتكرر اللفظُ عينهُ البتة.

وقد عرفنا ما عليهم في استثقالهم تكرير اللفظ حتَّى أَنَّهم لا يتعاطونه إلاَّ فيما يتناهى عنايتهم بهِ ، فيجعلون ما ظهر مِنْ تَجَشُّمِهم إيَّاهُ دلالةً على قوةِ مراعاتِهم لَهُ ، نحو قولِهم : ضربتُ زيداً ضربتُ ، وضربتُ زيداً زيداً ، وقولهم قُمْ قائماً وقولهم فيما لا محالة في توكيدِهِ ، أَعني الأذان : الله أَكبر الله أكبر الله أكبر.

فإنْ قِيلَ : فَلِمَ كُسِرَ الأولُ وَضُم الآخر وهلا عُكس الأمرُ؟ ففيه قولان :

أحدهما : أنَّ الكسَر في نحو هذا أَفشى في اللغة فقُدِّمَ ، والضم أَقل استعمالاً فأُخِّرَ.

والثاني : ـ وهو أَغمض ـ وهو أَنَّ (فيه) الأولى ليست في موضع رفع ، بل هي منصوبة الموضع بقوله تعالى : (تَقُومَ) ، من قوله : (أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيْهِ).

و (فِيهِ) من قوله : (فِيهِ رِجَالٌ) في موضع الرفع ، لأِنه خبر مُبتَدَإ مقدَّم عليه ، والمبتدأ (رجال) ، (فيه) خبر عنه ، فهو مرفوع الموضع.

فلمَّا كانَ كذلك سبقتِ الضَّمَّة لتصور معنى الظرف.

ومعاذ الله أنْ نَقُول : إنَّ ضَمَّةَ الهاءِ من (فيه) عَلَمُ رفع ، كيفَ ذلك والهاءُ مجرورة الموضع بـ (في)؟ نعم وهي اسمٌ مضمرٌ ، والمضمرُ لا إعرابَ في شيء منه ، وهي أيضاً مكسورةٌ في أكثر اللغة. هل يجوز أنْ يظنَ أَحدٌ أنَّ الضَّمَّةَ فيها عَلَمُ رفع؟ لكنَّ الكلمةَ مرفوعةُ الموضع ، وتصور معنى الرفع فيها أسبق إلى اللفظ كما ذهب بعضُهُم في ضَمَّةِ تاءِ المُتَكَلِّمِ في نحو قمتُ وذهبتُ إلى أَنها إنّما بنيتْ على الضَّمِّ لمحاً لموضِعِها من الإعراب ، إذ هي


مرفوعةٌ وكانتْ أقوى من تاء المذكر والمؤنث في نحو قمتَ وقمتِ ، فكانت لذلك أحق بذلك (١).

وليسَ الظرفُ هنا وَصفاً لمسجد ، بل هو على الاستئناف. والوقف عندنا على قولهِ : (أَحقّ أنْ تَقُوَم فيهِ) ثُمَّ استؤنفَ الكلامُ فَقيِلَ : (فِيهِ رِجَالٌ) وهذا أولَى من أَنْ يَحمِلَ الظرفُ وصفاً (لمسجد) لما فيه من الفصل بين النكرة وصفتها بالخبر الذي هو (أحقُّ) ولأِ نّك إذَا استأنفتَ صار هناك كلامان ، فكان أَفخر مِنْ الوصفِ مِنْ حيث كانتِ الصفة مع موصوفها كالجزء الواحد (٢).

وقرأ أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد : (فَذَلِك نُجْزيهُ) (٣) برفعِ الهاء والنون. قال أبو الفتح : أُقِرَّتِ الهاءُ على ضَمَّتِها وهو الأصل ، كما قرأَ أَهلُ الحجاز : (فَخَسَفْنَا بِهُو وَبِدَارِهُو الأَرْضَ) (٤) وزاد في حُسنِ الضمةِ هنا أَنَّ

__________________

(١) قال ابن يعيش في شرح المفصل : ٣ / ٨٦ : «إنَّما خُصَّت التاء هنا بالضَّمِّ دونَ غيرِهِ ، لأمرين :

أحدُهما : أَنَّ المتكلم أول قبل غيره فأعطي أولَ الحركات وهي الضَّمَّةُ.

والأمرُ الآخر : أَنَّهم أرادوا الفرقَ بين ضميري المتكلم والمخاطَبِ فنزل المتكلم منزلةَ الفاعلِ ونزلوا المخاطبَ منزلةَ المفعول به من حيث كان هذا مخاطِباً وذاك مُخاطَباً فضمّوا تاء المتكلم لتكون حركتُها مجانِسَةً لحركةِ الفاعلِ وفتحوا تاءَ المُخَاطَبِ لتكونَ حركتُها جِنسَ حركة المفعول» والذي أراه أنَّ هذه فرعيات والفرعيات لا تُعَلَّلُ.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٠١ ـ ٣٠٣.

(٣) من قوله تعالى من سورة الأَنبياء : ٢١ / ٢٩ : (فَذَلِك نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِك نَجْزِي الظَّالِمِينَ).

(٤) لم أجد هذه القراءة منسوبة لأحد ـ بحدود تتبّعي ـ وربما أَخذها ابن جني عن سيبويه الذي قال في الكتاب : ٢ / ٢٩٤ : «وأهل الحجاز يقولون : (فَخَسَفْنَا بِهُو وَبِدَارِ هُو الأرض)».


الأَصَلَ الهمز ، والهاء مع الهمزة هنا مضمومة ، أيْ : نجزئه ، فلما أبدلتِ الهمزةُ على غير قياس صارتِ الهاء كأن لا ياءَ قبلها ، لأ نّهُ ليسَ هناك مُسَوِّغٌ للهمز لولا حملُهُ على قريت وبابهِ ، فبقيتِ الهاءُ على ضمّتِها تنبيهاً على أَنَّ الهمزَ ياءٌ في الحُكمِ ، وَأَنَّ ما عرضَ فيه مِنَ البدلِ لَمْ يكُن عن قويِّ عُذر ، فهذا طريق الصنعة (١).

وقرأ سلام : (نُؤتِهُ مِنها) (٢).

قال أبو الفتح : هذا على لغة أهل الحجاز ، ومثله قراءتهم : (فخسفنا بِهُو وَبدَارِ هُو الأرضَ) (٣) وقد تقدّم القول عليه (٤).

وحول قراءة ابن مُحَيْصِن : (من هذي الشجرة) (٥) ، انتهى أبو الفتح إلى أنّ (هذه) أصلها (هذي) (٦) وإذا وقفتَ قلتَ هذهْ فأسكنت الهاء. ثم قال : كما أَنَّ

__________________

والذي في سورة القصص : ٢٨ / ٨١ : (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الاَْرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَة يَنصُرُونَهُ).

(١) المحتسب : ٢ / ٦١ ـ ٦٢.

(٢) من قوله تعالى من سورة الشُّورى : ٤٢ / ٢٠ : (وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِـهِ مِنْـهَا).

(٣) تقدّم القول في هذه القراءة في تعليقتنا في الحاشية (٤) من الصفحة السابقة.

(٤) المحتسب : ٢ / ٢٤٩.

(٥) في سورة البقرة ٢ / ٣٥ وسورة الأعراف : ٧ / ١٩ : (وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) ولم أجد فيما فحصتُ من كتب القراءات : (من هذه الشجرة) اللّهمّ إلاّ إذا كان يقصد الآية التي بعدها في الأعراف : ٧ / ٢٠ : (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) ثمّ صُحِّفَتْ (عَنْ) إلى (من). وابن جني لم يتحدّث عن (من) ولو كانت القراءة الشاذّة بها لتحدَّثَ عنها.

(٦) المحتسب : ١ / ٢٤٤ وانظر : البيان : ١ / ٣٥٧.


مِنهم من يُسكَّن الهاءَ المضمرةَ إذا وصلها (١) فيقولُ : مررتُ بِهْ أمسِ ، وذكر أبو الحسن أنَّها لغة لأَزد السَّراة (٢) وأنشد هو وغيره :

فظلّت لدى البيتِ العتيقِ أخيله

ومِطْواي مشتاقانِ لَهْ أرِقان (٣)

وروينا من قُطرُب قول الآخر :

وأشربُ الماءَ ما بي نحوَهُ عَطَشٌ

إلاّ لأَنَّ عيونَهْ سَيْلُ وادِيها (٤)

وبعد ذكر قراءة ابن عباس فيما رواه سليمانُ بنُ أرقم ، عن أبي يزيد المدني ، عن ابنِ عباس (فَأَمِتعْهُ قليلاً ثُمَّ اضْطَرَّهُ) (٥) على الدعاء من إبراهيم صلّى الله عليه وآله.

قال أبو الفتح ويجوز في العربية : (ثم اضطَرِّهِي) بكسر الراءِ لالتقاءِ الساكنين ثم تُبيّنُ الهاءُ بياء بعدها.

ويجوز أيضا : (ثُمَّ اضطَرِّهِ) تَكِسرُ الهاء ولا تُتِمُّ الياءَ. ويجوزُ (اضْطَرِّهْ) بكسرِ الراءِ وفتحها والهاء الساكِنة. ويجوز (ثُمَّ اضْطَرُّ هُو) (٦) بضمّ الراء كما

__________________

(١) إسكان هذه الهاء لغة قليلة. قال ابنُ الحاجبِ : وبنو عُقيل وكِلاب يجوّزون تسكين الهاء.

وقال الأسترآباذي : وجاز إسكانُ الهاء إجراءً للوصلِ مَجرَى الوقفِ. اُنظر : شرح الكافية : ٢ / ١١.

(٢) انظر : الخصائص : ١ / ١٢٨.

(٣) البيت ليعلى الأحول وما في الخزانة : ٥ / ٢٦٩ (فبتُّ) مكان (فظلتُ) و (أريفه) مكان (أخيله) وانظر : الخصائص : ١ / ١٢٨ والمنصف : ٣ / ٨٤ والمحتسب : ١ / ٢٤٤.

(٤) انظر : الخصائص : ١ / ١٢٨ وهمع الهوامع : ١ / ٥٩ والمحتسب : ١ / ٢٤٤.

(٥) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٢٦ : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ).

(٦) قال سيبويه : «فإن كان الحرف الذي قبل الهاء متحرّكاً فالإثبات ليس إلاّ كـ : تثبيت الألف في التأنيث .... إلاّ أنْ يضطرَّ شاعرٌ فيحذفُ». الكتاب : ٢ / ٢٩١.


روينا عن قطرب أَنَّ بعضَهم يقولُ : شَمُّ يا رجل.

يجوز الضَّمُّ بلا واو.

ويجوزُ مع ضَمِّ الرَّاءِ وفتحِها تَسكينُ الهاءِ (١).

ب ـ حركة الواو

قرأ يحيى : (وَلَوُ اتَّبَعَ الحقُّ أهواءَهُمْ) (٢) بضم الواو قال : الضم في هذه الواو قليل ، وإنَّما بابُها الكسرُ كقراءة الجماعة ، غير أَنَّ مَنْ ضمَّهَا شبَّهَهَا ـ لسكونها وانفتاح ما قبلها ـ بواو الجمعِ ، كقول الله تعالى : (اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ) (٣) كما شَبَّه بعضُهم واوَ الجمعِ هذه بها فقرأ : (اشتَرَوِا الضلالة) (٤) وقرأ بعضهم : (اشترَوَا الضلالةَ) بفتح الواو (٥) ، كل كذلك لالتقاء الساكنين. فمن كسر فعلى أَصل حركة التقاء الساكنين ، ومن ضم فلأجل واو الجمع ، ومن فتح تبلَّغ بالفتحةِ لخفتها (٦).

وقرأَ يحيى بن يَعمَر وابن أَبي إسحاق وأَبو السَّمـَّال : (اشتَرَوا الضَّلالة) (٧)

__________________

(١) المحتسب : ١ / ١٠٤ ـ ١٠٥.

(٢) من قوله تعالى من سورة المؤمنون : ٢٣ / ٧١ : (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّموَاتُ وَالاَرْضُ).

(٣) سورة البقرة : ٢ / ١٦.

(٤) قراءة يحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق وأبي السمال كما سيذكره ابن جني بعد قليل.

(٥) قراءة أبي السمال. انظر مختصر في شواذ القرآن : ٢ وفي البحر المحيط : ١ / ٧١ أبو السماك قعنب العدوي وأحسبه تصحيفاً.

(٦) المحتسب : ٢ / ٩٧ ـ ٩٨.

(٧) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٦ : (أُوَلَئِك الّذِينَ اشْتَروا الضَّلاَلَةَ بِالهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ).


قال أَبو الفتح : في هذه الواو ثلاث لغات : الضَّمُّ (١) ، والكسرُ (٢) ، وحكى أبو الحسن فيها الفتحَ (٣) : (اشتروَا) ورويناه أَيضاً عن قُطرُب ، والحركة في جميعها لسكون الواو وما بعدها ، والضَّمُّ أَفشى ، ثم الكسرُ ، ثم الفتحُ.

وَإنَّما كَانَ الضَّمُّ أقوى لأ نَّها واوُ جمع فَأرادوا الفرقَ بينَها وبينَ واوِ (أو) و (لَو) لأنَّ تلك مكسورة ، نحو قول الله سبحانه : (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ) (٤).

ومنهم من يَضُمُّهَا (٥) فيقول (لوُ اطلعتَ) ، كما كسر أبو السَّمـَّال وغيرُهُ واوَ الجمعِ تشبيهاً لها بواو (لو) ، وأمَّا الفتحُ فأقلُّهَا ، والعذرُ فيهِ خفَّةُ الفتحةِ مع ثقل الواوِ ، وأَيضاً فَإنَّ الغرضَ في ذلك إنَّما هوَ التَّبلُّغُ بالحركةِ لاضطرار الساكنين إليها ، فإذا وقعتْ ـ مِنْ أَيّ أجناسها كانَت ـ أَقنَعَتْ في ذلك كما رَوَيْنا عن قطرب من قراءة بعضِهِم : (قُمَ الليلَ) (٦) بالفتحِ ، و (وَقُلَ الْحَقُّ مِن رَبَّكُمْ) (٧) وَبِعَ الثوبَ.

__________________

(١) قراءة الجمهور. البحر المحيط : ١ / ٧١.

(٢) ذكر من قرأ بهذه القراءة قبل قليل.

(٣) قراءة أبي السَّمَّال. انظر : الحاشية (٥) من الصفحة السابقة.

(٤) سورة الكهف : ١٨ / ١٨.

(٥) تلك قراءة المطوعي. إتحاف فضلاء البشر : ١٧٥.

(٦) من قوله تعالى من سورة المزّمّل : ٧٣ / ٢ : (قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً) قال ابن خالويه : (قُمُ اللَّيْلَ) بالضَّمِّ أبو السمّال. وعن آخر (قُمَ اللَّيْلَ) بالفتح مختصر في شواذ القرآن : ١٦٤ وفي البحر المحيط : ٨ / ٣٦٠ : «وقرأ الجمهور (قُمِ اللَّيْلَ) بكسر الميم على أصل التقاء الساكنين وأبو السمّال بضمّها إتباعاً للحركة من القاف ، وقُرِئ بفتحها طلباً للخفَّةِ».

(٧) هذه قراءة أبي السَّمَّال : انظر : مختصر في شواذ القرآن : ٧٩ والبحر المحيط : ٦ / ١٢٠ وفيه قال أبو حاتِم : وذلك ردئ في العربية.


قال : وقيس تقول (اشتَرَأَوا الضَّلالَةَ).

قال : وقال بعضُ العربِ : عَصَؤُوا اللهَ مهموزة.

قال أبو الفتح : ينبغي أنْ يكونَ ذلك على إجراءِ غيرِ اللازمِ مَجرَى اللازم ، وقد كتبنا في هذا باباً كاملاً في الخصائص (١) ، وذلك أنَّهُ شبه حركة التقاء الساكنين ـ وليست بلازمة ـ بالضمّة اللازمة في : أفتت وادؤر وأُجوه ، إلاّ أَنَّ همز نحو (اشترأَوا الضَّلالَةَ) من ضعيف ذلك (٢).

فأَنشأتَ بعدَها واوا ، كأنَّك تَسْتَذْكِر (الضلالة) أو نحوها فتمدّ الصوت إلى أنْ تذكر الحرف. ولو استذكرتَ وقد كَسَرْتَ لقلتَ : اشتروِي ، فأنشأتَ بعدَ الكسرةِ ياءً. ولو استذكرتَ وقد فتحتَ الواوَ لقلتَ اشترَوَا ، كما أَنَّك لَو استذكرتَ بعدَ من وأنت تريد الرجل ونحوه لقلت : مِنا ، لأَ نَّك أَشبَعْتَ فتحة (مِنَ) ، وفي منذ : منذو ، وفي هؤلاءِ هؤلائي.

وحكى صاحبُ الكتاب أَنَّ بعضَهم قال في الوقف : قالا ، وهو يريدُ قالَ.

وحكى أيضاً : (هذا سَيْفِنِي) كَأ نَّهُ استذكَرَ بعدَ التنوينِ ، فاضطرَّ إلى حركتِهِ فكسَرهُ ، فأحدث بعدَهُ ياءً. ولو استذكرتَ معَ الهمزِ لقلتَ اشرأوا ، فالواوُ بعدَ الهمزةِ واوُ مطل الضَّمَّةِ وليستْ كواوِ قولك : اجترأَوا ، وأنتَ تريد افتَعَلوا من الجرأة (٣) وَمِن ذلك قراءة الأعمش ويحيى : (وَأَنْ لَوُ

__________________

من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٢٩ : (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا).

(١) الخصائص : ٣ / ٨٧.

(٢) قال ابن خالويه : والهمزُ لغةٌ عند الكسائي وهو عند البصريين لحنٌ. مختصر في شواذ القرآن : ٢.

(٣) المحتسب : ١ / ٥٤ ـ ٥٥.


استَقَامُوُا) (١) بضَمِّ الواوِ.

قال أَبو الفتح : هذا على تشبيه هذه الواوِ بواوِ الجماعةِ نحو (اشْتَرَوُا الضَّلاَلَةَ) كما شبهت تلك أَيضاً بهذه فقرؤوا : (اشتَروِا الضلالة) (٢) وقد مضى ذلك (٣).

ج ـ حركة الياء

قرأَ الحسن وأَبو عمرو (٤) ـ بخلاف عنهما ـ : (هِيَ عَصَايِ) (٥) بكسرِ الياءِ مثل غلامي (٦).

وقرأ : (عَصَايْ) ابن أَبي إسحاق إيضاً (٧).

قال أَبو الفتح : كَسْرُ الياءِ في نحوِ هذا ضعيفٌ ، استثقالاً للكسرة فيها ، وهرباً إلى الفتحةِ كـ (هُدَايَ) (٨) و (يا بُشْرَايَ) (٩) إلاَّ أَنَّ للكَسْرَةِ وجهاً ما.

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الجن : ٧٢ / ١٦ : (وَأَلَّوِاسْتَقَامُواعَلَى الطَّرِيقَةِ لاَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقاً).

(٢) اُنظر : ص : ١٠٨.

(٣) المحتسب : ٢ / ٣٣٣.

(٤) الذي في المحتسب : ٢ / ٤٨ : (قراءة الحسن عمرو) وهو تحريفٌ وما أثبتناهُ عن البحر المحيط : ٦ / ٢٣٤. حيث قال أبو حيان : وقرأ الحسن عصايِ بكسر الياء وهي مروية عن ابن أبي إسحاق وأبي عمرو معاً.

(٥) من قوله تعالى من سورة طه : ٢٠ / ١٨ : (قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآ رِبُ أُخْرَى).

(٦) هذا التمثيل لابن مجاهد وسيردُّ عليه ابنُ جِنِّي قريباً.

(٧) وبها قرأ الجَحدري أيضاً. انظر : البحر المحيط : ٦ / ٢٣٤.

(٨) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٣٨ : (فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَهُمْ يَحْزَنُونَ).

(٩) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ١٩ : (يَا بُشْرَى هَذَا غُلاَمٌ) قال مكي بن أبي طالب : «قرأ الكوفيّون بغير ياء بعد الألف وقرأ الباقون بياء مفتوحة بعد الألف».


وذلك أَنَّهُ قد قرأ حمزة : (ما أَنَا بِمُصرِخِكُم وَمَا أَنتُمْ بِمُصِرخِيِّ) (١).

فَكَسَر الياء لالتقاء الساكنين (٢) معَ أَنَّ قبلها كسرة وياء ، والفتحة والأَلِف في (عصايِ) أَخَفُّ منَ الكسرةِ والياءِ في (مُصرِخِيِّ) ، وروينا عَنْ قُطرب وجماعة من أصحابنا :

قـالَ لَـهـا هَـلّ لَـك يَـا تَـا فِـيِّ (٣)

__________________

انظر : الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها : ٢ / ٧. وفي إتحاف فضلاء البشر : ١٥٩ إنَّها قراءة حمزة وعاصم والكسائي وخلف. واُنظر : المحتسب : ٢ / ٤٩.

(١) من قوله تعالى من سورة إِبراهيم : ١٤ / ٢٢ : (مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ).

(٢) للنحاة والمفسّرين وأصحابِ كتب القراءات نقاشٌ حولَ هذه القراءة : فقد قالَ الأخفشُ : هذا لحنٌ ، لم نسمعْ بها من أحد من العربِ ولا أهل النحو. معاني القرآن للأخفش : ١٤٠ / ب والبحر المحيط : ٥ / ٤١٩. وقال الفرّاء : ولعلّها من وهم القرّاءِ طبقة يحيى فإنَّهُ قلَّ مَنْ سلم منهم من الوهم. معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٧٥. وقال الزَّجَّاجُ : هذه القراءة عند جميع النحويين رديئةٌ مرذولةٌ ولا وجهَ لها إلاّ وجهٌ ضعيفٌ. البحر المحيط : ٥ / ٤١٩. وقال العُكبري : وهو ضعيفٌ. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٦٨. ووصف هذه القراءة بالقبحِ والرداءةِ والشذوذِ. البحر المحيط : ٥ / ٤١٩. وقد عدَّ بعضُ النحاةِ هذهِ القراءَةَ لحناً. انظر : الكشف عن وجوه القراءات : ٢ / ٦ وحاشية ياسين : ٢ / ٦٠. ومِمَّنْ دافعَ عنها : ابنُ الأنباري في البيان : ٢ / ٧٥ وأبو حيّان في البحر المحيط : ٥ / ٤١٩. والشيخ خالد الأزهري في شرح التصريح : ٢ / ٦٠ وغيرُهُم. وللاطلاع على مزيد من آراء النحاة في هذا ينظر : أبو زكريا الفرّاء : ٣٨٧ وما بعدها والدفاع عن القرآن : ٣٢ ـ ٤٥.

(٣) من أرجوزة للأغلب العجلي ، وبعده :

قالتْ لَهُ ما أنتَ بالمرضيِّ

ومعناه : قال لها هل لك يا هذه فيّ. وقال الزجاج : هذا الشعر ممّا لا يُلتَفَتُ إليهِ ولا هو مِمَّا يعرف قائله.

معاني القرآن للفراء : ٢ / ٧٦ والحُجَّة في القراءات السبع : ١٧٨ ومشكل إعراب القرآن : ١ / ٤٠٤ والخزانة : ٤ / ٤٣٠ وحاشية ياسين : ٢ / ٦٠.


أرادَ (فِيّ) ثم أشبع الكسرةَ للإطلاق وأنشاءَ ياء نحو : منزلي وحوملي (١) وروينَا عنه أيضاً :

عَلَيِّ لعمرو نعمةٌ بعدَ نعمة

لِوُالِدِهِ لَيْسَتْ بِذَاتِ عَقَارِب (٢)

وروينا عنه أيضاً :

إنَّ بنيِّ صِبيَةٌ صَيفيُّونْ

أفْلَحَ مَنْ كَانَ لَهُ رِبْعِيُّون (٣)

وقول ابن مجاهد : مثل غلاِمي لا وجهَ له ، لأَنَّ الكسرَةَ في ياءِ (عَصَايِ) لالتقاءِ الساكنين والكسرة في ميم (غلامِي) هِيَ التي تحدثها ياء المتكلم ، أفترى أَنَّ في (عَصَايِ) بعد ياء المتكلم ياء له أُخرى حَتّى يكون للمتكلم ياءان؟ وهذا مُحَالَ ، وإنِّمَا غرضُهُ أَنَّ الياءَ في (عَصَايِ) مكسورٌ ، كما أَنَ ميم غلامِي مكسورٌ ، وأَساءَ التمثيلَ على مَا تَرَى (٤).

٢ ـ حذف الضمير

قرأ الحرّ النَّحوي : (نُسْرِعُ لَهُمْ) (٥) ، وقرأ عبد الرحمن بن أبي

__________________

(١) أشار إلى قولِ امرئ القيس في مطلع قصيدته :

قفا نبك من ذِكرى حَبِيب ومنزلِ

بسقط اللوى بين الدَّخول فحومل

قال سيبويه : أمَّا إذا ترنّموا يلحقون الألف والياء والواو وما ينوّن وما لا ينوّن ، لأ نّهم أرادوا مَدَّ الصوت ـ ثمّ استشهد بقول امرئ القيس ـ الكتاب : ٢ / ٢٩٨.

(٢) البيت للنابغة الذبياني يمدح عمرو بن الحارث. انظر : ديوان النابغة : ٣ ولسان العرب : ٢ / ١١٥ وهمع الهوامع : ٢ / ٥٣ والدرر اللوامع : ٢ / ٦٨.

(٣) البيت لأَكثم بن صيفي ونسب لسعد بن مالك بن ضبيعة. اُنظر : خزانة الأدب : ٤ / ٤٣٧ والمحتسب : ٢ / ٤٩.

(٤) المحتسب : ٢ / ٤٨ ـ ٤٩.

(٥) من قوله تعالى من سورة المؤمنون : ٢٣ / ٥٦ : (نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لاَّ يَشْعُرُونَ) وانظر : البحر المحيط عن هذه القراءة : ٦ / ٤١٠.


بكرة (١) (يُسارِعُ لَهُمْ) ورُويَ عنه أيضاً : (يُسَارَعُ لَهُم) بفتح الراء ، والذي قبله بكسر الراء. وقرأ الناس (نُسَارَعُ) بالنون والألف.

قال أبو الفتح : هنا على قراءَةِ الكافة إلاَّ عبد الرحمن ضمير محذوف أي : أَيَحَسَبون أَنَّ ما نَمِدَّهم بهِ من مال وبنينَ نُسَارِعُ لَهم بهِ في الخيراتِ أو نسرع لهم به ، أو يسارع لهم به في الخيرات؟ فحذفت (به) للعلم بها كما حُذِفَ الضميرُ في قولِهم : السَّمْنُ مَنَوَان بدرهَم (٢) أي منوان منه بدرهم ، فكأنّ (به) المتقدّمة في الصلة من قوله : (نُمِدُّهُمْ بِهِ) (٣) صارتْ عِوَضاً من اللفظ بها ثانية (٤).

ومعناه إنَّا لا نُقدِّمُهُ لهم إرادةً للخير بلْ هو إملاءٌ واستخراجٌ لهم ، كقوله جلَّ وعزَّ : (وَلَوْلاَ أنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمةً وَاحِدَةً لَجَعْلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بالرَّحْمَنِ لِبُيوتِهِم سُقُفاً مِنْ فِضَّة) (٥) إلى آخر ذلِك وغيره من الآي في معناه.

وأَما قراءةَ عبد الرحمن بن أبي بكرة (يُسَارِع) بكسر الراء ، وبالياء فلا حاجةَ به إلى تقديرِ حذفِ الضمير لأنَّ في الفعل ضميراً يعودُ على (ما) من

__________________

(١) نسبت هذه القراءة في البحر المحيط : ٦ / ٤١٠ إلى عبد الرحمن بن أبي بكرة وإلى السلمي.

(٢) انظر : الأصول في النحو : ١ / ٧٦ و ٣١٦ والهمع : ١ / ٩٧ وشرح الكافية : ١ / ٩١ وشرح الأشموني : ١ / ٢٠٥.

(٣) من قوله تعالى من سورة المؤمنون : ٢٣ / ٥٥ : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَال وَبَنِينَ).

(٤) قال هشام بن معاوية الضرير المعنى : نُسَارع لهم فيهِ. انظر : مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٥٠٥ والبحر المحيط : ٦ / ٤٠٩ وأشار إلى ذلك ابن الأنباري في البيان : ٢ / ١٨٦ ولم يُنسبْ إلى هشام.

(٥) سورة الزخرف : ٤٣ / ٣٣.


قوله : (إنَّما نُمِدُّهُم بهِ) (١).

٣ ـ العطف على الضمير

قرأَ أبو عبد الرحمن والحسن وابن أبي إسحاق وعيسى الثقفي وسلام ويعقوب ورُوي عن أبي عمرو : (فَأَجمِعُوا أَمرَكُم وَشُرَكاؤُكم) (٢).

مكسورة الميم ورفع (شُرَكاؤكُم).

قال أبو الفتح : أَما (فَأَجمِعُوا أَمْرَكم وَشُركاؤكم) بالرفع ، فَرَفْعُهُ على العطفِ على الضمير (٣) في (أَجْمِعُوا) وساغ عطفه عليه من غير توكيد للضمير في (أجْمِعُوا) من أَجل طولِ الكلام بقوله : (أمرَكُم) (٤) وعلى نحو من هذا يجوز أَنْ نقول قمْ إلى أخيك وأبو محمّد ، واذهب مع عبدِ الله وأبو بكر ، فتعطف على الضمير من غير توكيد وإنْ كانَ مرفوعاً ومتصلاً لِما ذَكَرنَا من طولِ الكلام بالجار والمجرور.

وإذا جازَ قولُ اللهِ تعالى : (مَاأشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا) (٥) وأَنْ نكتفي بطولِ

__________________

(١) سورة المؤمنون : ٢٣ / ٥٥ وانظر : المحتسب : ٢ / ٩٤ ـ ٩٥.

(٢) من قوله تعالى من سورة يونس : ١٠ / ٧١ : (فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً).

(٣) قال ابن الأنباري : ذهب الكوفيون إلى أنَّهُ يجوز العطفُ على الضمير المرفوع المتّصل في اختيار الكلام. وذهب البصريون إلى أنّه إذا كان هناك توكيد أو فصل فإنّه يجوز معه العطف من غير قبح. انظر : الإنصاف : ٢ / ٢٥٢ مسألة : ٦٦.

(٤) جوّز ابن مالك الفصل بين الضمير وما عطف عليه بفاصل ما كالمفعول به.

انظر : شرح ابن عقيل : ٢ / ٢٣٧.

(٥) سورة الأنعام : ٦ / ١٤٨.


الكلام بـ (لا) (١) وَإنْ كانت بعد حرف العطف (٢) كان الاكتفاء من التوكيد بِمَا هو أطول مِنْ (لا) وهو أيضاً قبلَ الواو ، كما أنَّ التوكيدَ لو ظهر لكانَ قبلها أحرى.

وعلى ذلك فلو قال قائل : قم وزيدٌ : فَعَطَف على الضميرِ المرفوعِ من غير توكيد كانَ أقبحَ مِن قولِنا قمتُ وزيدٌ ، وذلك أنَّ المعطوف عليه في قم وزيدٌ ضمير لا لفظَ لَهُ فهو أَضعفُ مِن الضمير في قمتُ لأَنَّ لهُ لفظاً وهو التَّاءُ وقمتُ وزيدٌ أضعفُ من قمنا وزيدٌ ، لأَنَّ (نا) من قمنا أتمُّ لفظاً من التاءِ في قمتُ.

وعليهِ أيضاً تَعْلَم أَنّ قمتما وزيدٌ أشبَهُ شيئاً من قمنا وزيدٌ : لأَنَّ (تما) من قمتما أتمُّ مِن (نا) من قمنا. وكذلك أَيضاً قولك للنساء : ادخلنانِّ وزيدٌ أَمثل من قولك : دخلتن وزيدٌ ، لأنّ (نان) من ادخلنانِّ أَطول من (تن) من دخلتن ، فهذه مُصارفة وإنْ خَفِيَتْ ولطُفَتْ تُؤَثّر في أَنْفُسِ العارفينَ بِها وإلاّ تخطرُ على أَوهامِ الساهينَ عنها (٣).

وكذلك لو قلت : اضربنانِهِ وزيدٌ لَكَانَ أَمثل من ادخلنانِّ وزيدٌ ، لأنَّ (نانِّه) ستّة أحرف و (نانِّ) أَربعة أَحرف ، وكذلك اضربنانِّهما وزيدٌ أَمثل مِن اضربنانِّه وزيدٌ لأَنَّ (نانِّهما) سبعةُ أَحرف و (نانِّه) ستّة أَحرف ، وكذلِك

__________________

(١) قال سيبويه : «حَسُنَ العطفُ على الضَّمير من غير توكيد لمكان (لا)». الكتاب : ١ / ٣٩٠.

(٢) فإن قلت : إنَّ (لا) يقوم مقام التأكيد فقد قال أبو علي الفارسي في الجواب : إنَّمَا يقومُ (لا) مقامَ التَّأكيد إِنْ كانتْ قبلَ الواوِ فأمَّا إذا جاءتْ بعدَ الواو لم تقمْ مقامْ التَّأكيد.

وذهب بعضهم إلى أنَّ هذا استدراك من أبي علي على البصريين قاطبة.

انظر : إعراب القرآن المنسوب إلى الزجّاج : ٢ / ٦٠٠.

(٣) الظاهر ان كثرة حروف الضمير لا تعطيه امتيازات كما ذهب إليه أبو الفتح.


الزيدَين الثوبين اكسُونانِّهِمَا هما أمثلُ من قولك : الزيدينِ اكسونانِّهِمَا لأَنَّ (نانِّهماهما) عشرة أحرف و (نانِّهما) سبعة أحرف.

فهذا مبنىً يعاد عليه ، ويثنَى أَشباهه إلَيه. وجميعُهُ مِن بَعْدُ لَيْسَ في قوّةِ التوكيدِ نحو قُمْ أَنتَ وزيدٌ ، و (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) (١) وذلك أنَّ التوكيدَ وإنْ لَمْ يَكُنْ في طول هذه الفروق والفصول فإن فيهِ معنى ليس فيها وهو تثبيته معنى الإسمية للمضمر المتصل الذي قد شَعَّثَ الفعل فمازجه وصار كجزء منه ، فضعف عن العطف عليه ، كما لا يجوز العطف على جزء من الفعل ، فإذا وكِّدَ صار في حيِّزِ الأسماء ولَحِقَ بما يحسُنُ العطفُ عليه بعدَ توكيدِهِ كما حَسُنَ عليها (٢).

وقرأ ابنُ مسعود والضَّحَّاك وطلحةُ وابنُ السُّميفَع ويعقوب وسعيد بن أبي سعيد الأنصاري : (وأتباعُك) (٣).

قال أبو الفتح : تحتمل هذه القراءَة ضربين من القول مختلفي الطريق إلاّ أنَّهُمَا متّفقا المعنى.

أَحدهما : أنْ يكونَ أراد : أَنؤمنُ لك وإنَّمَا أتباعُك الأرذلون؟ فأتباعُك مرفوعٌ بالابتداءِ والأرذلون خبرٌ.

والآخر : أنْ يكونَ (وأتباعك) معطوف على الضمير في (نؤمِنُ) أي : أنؤمن لك نحن وأتباعك الأرذلون؟ فالأَرذلون إذاً وصفٌ لِلأَتباع ، وجازَ العطفُ على الضمير المرفوع المتصل من غير توكيد لِمَا وقعَ هناك من

__________________

(١) سورة البقرة : ٢ / ٣٥.

(٢) المحتسب : ١ / ٣١٤ ـ ٣١٥.

(٣) من قوله تعالى من سورة الشعراء : ٢٦ / ١١١ : (قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الاَرْذَلُونَ).


الفَصلِ. وهو قوله : (لَك) فصار طول الكلام به كالعوض من توكيد الضمير بقوله : نحن. وإذَا جاز قوله : (مَاأشرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا) (١) كان الأول من طريقِ الإعرابِ أَمثلَ وَذَلِك أنَّ العوضَ ينبغي أَن يكونَ في شقّ المعوَّض منهُ ، وأن يكون قبل حرف العطف ، وهذه صورة قوله (لك) ، وأمَّا (لا) من قوله تعالى : (وَلاَ آبَاؤُنَا) فإنها بعد حرف العطف فهي في شقّ المعطوفِ نفسهِ ، لا في شقّ المعطوف عليه. والجامِعُ بينَهُما طولُ الكلام بكلِّ واحد منهما ، والمعنى من بعدُ : أَنؤمنُ لك نحن وأَتباعُك الأرذَلُونَ فنعد في مِدَادِهم وهذا هو معنى القول الآخر : أَنؤمن لك وإِنَّما أَتباعك الأَرذَلُونَ فنساويهم في أَنْ نكونَ مرذولينَ مثلَهم (٢)؟

٤ ـ ضمير الفصل (٣)

قرأ سعيد بن جُبَير والحسن ـ بخلاف ـ ومحمّد بن مروان وعيسى الثقفي وابن أَبي إسحاق : (هُنَّ أَطْهَرَ لَكُمْ) (٤) بالنصب (٥).

قالَ أَبو الفتح : ذَكَرَ سيبويه هذهِ القراءَةَ وَضَعَّفَها وقالَ فيها : احتَبى ابنُ مروان في لحنه (٦) وإنَّما قبح ذلك عنده لأِ نَّهُ ذَهَبَ إلى أَنَّهُ جَعَلَ (هُنَّ) فصلاً ،

__________________

(١) سورة الأَنعام : ٦ / ١٤٨.

(٢) المحتسب : ٢ / ١٣١.

(٣) هذه تسمية البصريين ، وهو لا محلّ له من الإعراب عندهم ، وَلَهُ محلّ من الإعراب عند الكوفيين الذين يسمّونه عماداً ودعامة ، وهو عند الفرّاء ومن تابعه مبتدأ وما بعده خبر. انظر : الإنصاف : ٣٧٥ مسألة : ١٠٠ والمفصل : ١٣٣ والتسهيل : ٢٩ وشرح المفصل لابن يعيش : ٣ / ١١٠ وهمع الهوامع : ١ / ٦٨.

(٤) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ٧٨ : (هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ).

(٥) تنظر : آراء النحاة التي أثبتناها حول هذهِ القراءة في : ص : ٥٤.

(٦) قال الأساتذة محقّقو المحتسب في المحتسب : ١ / ٣٢٥ : «ليس في الكتاب ذكر للآية


وليست بينَ أحدِ الجزأين اللذين هما مبتدأ وخبر ونحو ذَلِك ، كقولك : ظَنَنْتُ زيداً هو خيراً مِنْك ، وكان زيدٌ هوَ القائمَ.

وَأَنَا مِنْ بَعْدُ أرَى أَنَّ لهذهِ القراءةِ وَجْهاً صحيحاً وهو أَنْ تجعلَ (هُنَّ) أحدَ جزأي الجملةِ ، وتجعلها خبراً لـ (بَنَاتِي) كقولِك زيدٌ أخوك هُو وتجعل (أطْهَرَ) حالاً مِنْ (هُنَّ) أوْ مِنْ (بَنَاتِي) والعامِلُ فيهِ معنى الإشارةِ ، كقولِك : هذا زيدٌ هُوَ قائماً أوْ جالِساً أَوْ نحو ذَلِك فَعَلى هذا مجازُهُ ، فَأَمَّا على ما ذهبَ إليهِ سيبويه (١) ففاسد كما قال (٢).

٥ ـ ضمير الشأنِ

قرأَ أُبَيّ بن كعب والحسنُ : (لَكِنْ أَنَا هُوَ اللهُ رَبِّي) (٣) وقرأ : (لكِنْ هُوَ اللهُ رَبِّي) ـ ساكنة النون من غير أَلِف ـ عيسى الثقفي. قال أبو الفتح : قراءة اُبيّ هذهِ هي أصل قراءة أَبي عمرو وغيرهِ : (لَكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) فخفَّفَ همزة (أَنَا) بِأَن حُذِفَتْ وألِقَيَتْ حركتُها على مَا قبلَها ، فصارتْ (لَكِنَّنَا) ثم التقت النونانِ متحرّكتينِ ، فَأُسْكِنَت الأُولى ، وأُدْغِمَتْ في الثانيةِ فصارتْ (لكنّ) في الإدراجِ. فَإِذَا وقفتَ أَلْحَقْتَ الألِفَ لبيانِ الحركةِ فقلتَ : (لَكِنَّا) ، فـ (أَنَا) على هذا مرفوعٌ بالابتداء وخبرُهُ الجملةُ وهي مركبة من مبتدأ وخبر ، فالمبتدأ (هو) وهو ضمير الشّأنِ والحديث (٤) ، والجملة بعدَه خبرٌ عنهُ ، وهي مركبة من مبتدأ وخبر ،

__________________

ولا للقراءة» ، وهي كما قالوا في طبعة بولاق لكنَّهَا مثبتة في كتاب سيبويه ـ تحقيق عبد السلام هارون : ٢ / ٣٩٧ غير أن سيبويه كان ناقلاً قول يُونُس.

(١) من وقوع ضمير الفصل بين الحال وصاحبها.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٣٨ : (لَكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي).

(٤) ويسمّى ضمير القصّة أيضاً : شرح المفصل : ٣ / ١١٤ وهمع الهوامع : ١ / ٦٧.


فالمبتدأُ (الله) والخبرُ (رَبّي) والجملةُ خبر عن (هُوَ) ، و (هُوَ) ومابعدَهُ من الجملةِ خبر عن (إنا) والعائد عليه من الجملة بعده الياء في (رَبّي) كقولِك : أنا قائم غلامي.

فَإن قُلْتَ : فما العائد على (هو) من الجملة بعده التي هي خبر عنه؟ فانه لاعائد على المبتدأ أبداً إذا كان ضميرالشأنِ والقصةِ ، كقوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ) (١).

فـ (اللهُ أَحَدٌ) خبر عَنْ هُوَ (٢) ، وهو ضميرُ الشَّأنِ والحديثِ ولا عائد عليه من الجملة بعدَهُ التي هي (اللهُ أَحَدٌ) وإنَّما كانَ كَذلِك من قِبَل أنَّ المبتدأَ إنَّما احتاج إلى العائدِ من الجملةِ بعدَهُ إذا كانَتْ خبراً عنهُ ، لأِ نَّهَا لَيْسَتْ هي المبتدأ ، فاحتاجَتْ إلى عودِ ضمير مِنْها عليهِ ، ليلتبسَ بذلك الضميرِ بجملته.

وأما (هُوَ) من قولنا : هو الله ربي ونحوه فهو الجملة نفسها ، أَلا تَرَاه ضَميرَ الشأنِ وقولنا الله رَبَّي شَأنٌ وَحَديثٌ في المعنى؟ فَلَمَّا كَانَتْ هَذهِ الجملةُ هي نفس المبتدأِ لَمْ يَحْتَجْ إلى عائد عنه مِنْها وليسَ كَذَلِك زيدٌ قام أخوه ، لأنّ زيداً ليسَ بقولك قام أَخوه في المعنى : فَلَمْ يكنْ لَهُ بدٌّ من أنْ يَعُودَ عليه ضمير منهُ ليلتبسَ بهِ ، فيصير خبراً عَنْهُ. وَمَنْ قَرأ : (لَكِنْ هُوَ اللهُ رَبّي) فـ (هُوَ) ضَمير الشأنِ والجملةُ بعدَهُ خبرٌ عَنْهُ عَلى مَا مَضَى آنِفَاً وَهَذا واضح (٣).

__________________

(١) سورة الإخلاص : ١١٢ / ١.

(٢) هذا رأي جماعة من البصريين والكسائي من الكوفيين. قال الفرّاء : «وقد قال الكسائي فيه قولاً لا أراه شيئاً. قال : هو عماد. مثل قولِهِ تعالى : (إنَّهُ أَنَا اللهُ) سورة النمل : ٢٧ / ٩ فجعلَ (أَحْد) مرفوعاً بالله وجعل هو بمنزلةِ الهاء في (إِنَّه) ولا يكون العِمَادُ مستأنفاً بِهِ حَتَّى يكونَ قبله (إنَّ) أوْ بعضُ أخواتِها أوْ (كانَ) أو الظن». انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ٢٩٩ وشرح المفصَّل لابن يعيش : ٣ / ١١٤.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٩ ـ ٣٠.


العَلَم

دخول لام التعريف على الأعلام

قَرَأَ ابنُ محيصن وعِكرِمة ـ بخلاف ـ والحسنُ وأَبو رجاء : (وَإنَّ الْيَاسَ) (١) بغير همز. (سَلاَمٌ عَلى الْيَاسِينَ) (٢) بغير همز.

قال أبو الفتح : أَمَّا (الْياسَ) موصولَ الألفِ فَإنَّ الاسم مِنْهُ (يَاسٌ) بمنزلة باب ودار ثمّ لحقه لامُ التعريفِ فصارَ (الياس) بمنزلة الباب والدار. ويشهد لوصل ألف (الْيَاس) قوله :

 ......

أُمَّهَتـيِ خِنْـدِفُ واْليَـاسُ أَبِـي (٣)

وتكونُ لام التعريفِ هُنَا ـ بمنزلتِها في اليسع (٤) ـ زائدة لأِنَّ الاسمَ علمٌ

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ١٢٣ : (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ).

(٢) سورة الصافّات : ٣٧ / ١٣٠ : (سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ).

(٣) لقصيّ بن كلاب جدِّ النبي (صلى الله عليه وآله) وقبله :

إنِّي لَدَى الحربِ رخِيُّ اللبَبِ

عندَ تنادِيهم بِهَال وَهَبِ

معتزمُ الصولةِ عالي النَّسَبِ

أمَّهَتِي خِنْدِفُ والياسُ أَبي

انظر : المحتسب : ٢ / ٢٢٤ وجمهرة أشعار العرب : ٣ / ٢٦٧.

(٤) اليسع : اسم أَعجمي معرفة والألف واللاّم فيه زائدتان وقيل هو فعل مستقبل سُمِّيَ بِهِ ونكر فدخله حرفا التعريف. انظر : مشكل إعراب القرآن : ١ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٥١ والبيان : ١ / ٣٣٠.


ولَيْسَ بصفة فيجري مجرى العباسِ والحارثِ (١).

قالَ أَبو عثمان (٢) : سَأَ لْتُ الأصمعيَّ عَنّ قَولِ الشاعِر :

وَلَقَد جَنَيتُك أَكموءاً وَعَسَاقِلاً

وَلَقْدَ نَهَيْتُك عَنْ بَنَاتِ الأوْبَرِ (٣)

فقالَ : الألِفُ واللاّمُ هُنَا زِيَادَةٌ. ولِذَلِك نظائر كثيرة ، ولو قيل : إنَّها لَحِقَتْ هنا لأِ نَّهُ مَصدَرٌ ، فَشُبِّهَ بالصفة ، كالعلاءِ والفَضْلِ لَكانَ وَجْهاً (٤).

دخول لام التعريف على الأعلام لغير المدح

قَرَأَ سعيد بن جُبَير : (ثُم أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسِي) (٥) يعني آدم (عليه السلام) لقوله تعالى : (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (٦).

قال أَبو الفتح : في هذهِ القراءةِ دلالة على فَسَادِ قولِ مَنْ قَالَ : إنَّ لامَ التعريفِ إنَّما تدخلُ عَلى الأعلامِ للمدحِ والتعظيم ، وذلك نحو العبَّاس والمظفّر ، وما جرى مجراهما. ووجه الدلالةِ مِنْ ذَلِك : أَنَّ قولَهُ (النَّاسِي) إنَّمَا

__________________

(١) دخول لام التعريف في مثل هذا المقام للمدح والتعظيم. قال سيبويه : زَعَمَ الخليل أَنَّ الذين قالوا : الحارث والحسن والعبّاس إنَّمَا أرادوا أَنْ يجعلوا الرجلَ هو الشيءُ ولم يجعلوه سُمِّيَ به ، ولكنَّهم جعلوه كأ نَّهُ وصفٌ له غلبَ عليهِ. الكتاب : ١ / ٢٦٧ والمحتسب : ١ / ١١٩.

(٢) اُنظر : المنصف : ٣ / ١٣٤.

(٣) العساقل : الكبار البيض الجياد من الكمأةِ ، وبنات أوبر : كمأة لها زغب وهي رديئة. اُنظر : المحتسب : ٢ / ٢٢٤ والخصائص : ٣ / ٥٨ والمنصف : ٣ / ١٣٤ وشرح المفصل لابن يعيش : ٥ / ٧١.

(٤) المحتسب : ٢ / ٢٢٣ ـ ٢٢٤.

(٥) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٩٩ : (ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

(٦) سورة طه : ٢٠ / ١١٥.


يُعْنَى بِهِ آدم عليه السلام فصارت صفة غالبة كالنابغة والصَّعِق ، وَكَذَلِك الحارث والعبّاس ، والحسن والحسين ، هي وإنْ كانِتْ أعلاماً فَإنَّها تَجري مجرى الصفات وَلِذَلِك قالَ الخليل (١) : إنَّهُم جعلوهُ الشَيءَ بِعَينِهِ أَيْ الذي حَرَثَ وَعَبَسَ ، فمحمولُ هَذَا أَنَّ في هذِه الأسماءِ الأَعلام التي أصْلُها الصفات معاني الأَفعالِ ، وَكَانتِ الأَفعالُ كما تَكونُ مَدْحاً فكذلك ما (٢) تَكَون ذمّاً فهي تُحقِّق في العلم مَعْنَى الصِّفَةِ ، مدحاً كانت الصِّفَةُ أوْ ذَمّاً.

فالمدحُ ما ذكرناه من نحو الحارث والمظفّر والحسين والحسن والذَّمُّ ما جاء من نحو قولهم : فلان بن الصَّعِق ، لأَنَّ ذلك داءٌ ناله فهي بلوى ، وأنْ يكون ذَمَّاً أَولى مِنْ أَنْ يَكُون مَدْحاً ، أَلاَ تَرَى أَنَّ المَدحَ ليسَ في مَقَامِ ذكر الأمراض والبلاوى ، وإنَّمَا يُقالَ فيه إنَّهُ كالأسدِ وإنَّهُ كَالسَّيفِ؟ وَمِنْهُ عمرو بن الحَمِقِ ، فَهذا ذَمٌّ لَهُ لا مدحٌ ، وعَلى أَنَّهُم قَد قَالُوا في الحَمِق ، إنَّهُ الصَّغيرُ اللحيةِ. والمعنى الآخر أَشيع فيه ألا ترى إلى قوله :

فَأَمَّا كَيِّسٌ فَنَجَا وَلَكِنْ

عَسَى يَغْتَرُّ بِي حَمِقٌ لَئِيمُ (٣)

وَمِنْهُ قُولُهُم : فلان بن الثعلَب فَدَخَلَته اللاّمُ ، وَهْوَ عَلَمٌ لِمَا فيهِ مِنْ معَنى الخِبِّ والخُبْثِ ، وذلك عيبٌ فيه لا ثناءٌ عليه.

والبابُ فيه فاش واسعٌ. فقد صحَّ إِذاً أنَّ ما جَاءَ من الأعلام وفيهِ لامُ

__________________

(١) انظر : الكتاب : ١ / ٢٦٧.

(٢) ما : زائدة.

(٣) هو من شواهد سيبويه التي سمّيت خطأً بالخمسين وهي أكثر والتي لم يعرف قائلها.

انظر : الكتاب : ١ / ٤٧٨ والمحتسب : ١ / ١١٩.


التعريفِ فَإنَّما ذَلِك لَمِا فيهِ مِنْ مَعنى الفعل والوصفيَّةِ ، ثناءً عليهِ كان ذلك أوْ ذَمّاً لَهُ.

وَإنَّما دَعَا الكتَّابَ وَنَحوَهُمْ إلى أنْ قَالوا : إنَّ دخولَ اللاّم هنا انَّما هو لِمَعنَى المدحِ أَنْ كان أَكثره كَذَلِك ، لأِ نَّهُ إنَّمَا العرف فيه أَنْ يُسمَّى من الأسماء الحاملةِ لمعاني الأفعالِ مِمَّا كانَ فيه مَعنَى المدحِ ، لا أَنَّ هذا مقصور على المدح دُونَ الذَّمِّ عندنا لما ذكرنا (١).

__________________

(١) المحتسب : ١ / ١١٩ ـ ١٢٠.


الممنوع من الصرف

قرأَ النبيُّ صلّى الله عليه وآله وعثمانُ ونصرُ بن علي والجَحدَري وأبو الجلْد ومالك بن دينار وأبو طعمة وابن مُحَيْصِن وزهير الفرقبي : (رَفَارِفَ خُضْر وَعَبَاقِريَّ حِسَان) (١).

قال أبو الفتح : أمَّا ترك صرفِ (عَبَاقِريَّ) فشاذٌّ في القياسِ ولا يستنكر شذوذُهُ في القياس ، مع استمراره في الاستعمال كما جاءَ عن الجماعة : (استحَوذَ عَلَيْهِمُ الشَّيطَانُ) (٢) وهو شاذٌّ في القياس مع استمرارِه في الاستعمالِ ، نعم وإذا كان قد جاء عنهم عنكبوت وعناكيب ، وتَخربُوت (٣) وتخاريب ، كانَ عَبَاقِريّ أَسهْلَ منه ، من حيث كانَ فيه حرف مشدَّدٌ ، يكادُ يجري مُجرى الحرفِ الواحِد ومع ذلك أنَّهُ في آخر الكلمة كيائي بُخَاتِيّ (٤) وزرابيّ وليس لَنَا أَنْ نتلقّى قراءَةَ رسول الله صلّى الله عليه وآله إلاّ بقبولها والاعتراف لها (٥).

إنَّهم منعوا صرفَ أَحمدَ وأصرم (٦) لَمَّا أشبهَا بالمثال نحو اركب

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الرحمن : ٥٥ / ٧٦ : (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَف خُضْر وَعَبْـقَرِيّ حِسَان).

(٢) سورة المجادلة : ٥٨ / ١٩.

(٣) التخربوت : الخيار الفارهة من الإبل.

(٤) البخاتيّ : الإبل الخراسانيّة الواحدة بختيّة : لسان العرب : ٢ / ٣١٣.

(٥) المحتسب : ٢ / ٣٠٦.

(٦) الأصرم : الفقير الكثير العيال. وفي الحديث أنَّهُ غيَّرَ اسمَ أصرم فجعله زُرعَة كراهةً لِمَا


واذهب (١).

أقول : لو صَحَّتْ نسبةُ هذه القراءة عن النَّبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليس لنا إلاّ قبُولُها لأنَّ القراءةَ سُنَّةٌ مُتَّبَعةٌ (٢) ; لكنَّ هذه القراءة عن الأرطباني ، عن عاصم الجحدري ، عن أبي بكرة ، قال : سمعتُ النَّبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقرأ : «رَفَارِفَ خُضْر وَعَبَاقِريَّ حِسَان» ولم يروِها غيرُهُ ، والأرطباني ضعيف ، قال أبو خيثمةَ لمَّا أُخبِرَ بهذه القراءةِ : (أَيش الأرطباني ، أيش الأرطباني ، أَحدٌ يسمعُ حديثَ الأرطباني!) (٣). وقال محمد بنُ يزيدَ الطَّبري (ت / ٣١٠ هـ) : (والقُرَّاءُ في جميع الأمصار على قراءةِ ذلكَ : «عَلَى رَفْرَف خُضْر وَعَبْقَرِيّ حِسَان» بغير أَلِف في كلا الحَرفينِ. وذُكِر عن النَّبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خبرٌ غيرُ محفُوظ ولا صحيحِ السَّندِ : «رَفَارِفَ خُضْر وَعَبَاقِريَّ حِسَان» (٤). ونَقَلَ ابنُ الجوزي قولَ الزَّجَّاج بشأنِ تلكَ القِرَاءةِ : (ولا وجهَ لهذهِ القراءةِ في العربيَّةِ) (٥). وقال الرَّازي (ت / ٦٦٦ هـ) : (وَقَرَأَ بعضُهُم : «وَعَبَاقِريَّ» ; وهو خطأ ; لأ نّهُ منسوبٌ لا يُجمَعُ مَعَ نسبتِهِ) (٦). وقالَ

__________________

فيه من معنى القطع. لسان العرب : ١٥ / ٢٣٢.

(١) المحتسب : ٢ / ٦٨.

(٢) الكتاب ـ بولاق ـ : ١ / ٧٤ والكتاب ـ تحقيق هارون ـ : ١ / ١٤٨ والحُجَّة : ٥٠ ، ٥١ ، ٥٢ وإعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم : ٢٤ و ٤٢ و ٥٤ والمحتسب : ١ / ٢٣٣ و ٢٩٢ والإتقان : ١ / ٢٦٠ والقراءات القرآنية بين المستشرقين والنحاة : ٤١.

(٣) تهذيب الكمال : ١٤ / ٤٢٥.

(٤) جامع البيان ٢٧ : ٢١٤ / ٢٥٧٣٩.

(٥) زاد المسير ٧ : ٢٧٤.

(٦) مختار الصحاح : ٢١٧ ـ عبقر ـ.


الشَّيخُ الطُّوسي (ت / ٤٦٠ هـ) : (ومَنَ قَرَأَ : «وَعَبَاقِريَّ» ; فقد غَلِطَ ; لأ نّه لا يكونُ بعدَ ألِفِ الجَمْعِ أربعةُ أحرف ولا ثلاثةٌ إلاّ أن يكونَ الثَّاني ليّناً نحو قناديل) (١).

عدم صرف ما ينصرف

قرأ الحسن : (مَكَانا سُوى) (٢) غير منوّن.

قال أَبو الفتح : ترك صرفِ (سُوى) ههُنَا مُشْكِلٌ ، وذلك أَنَّهُ وصفٌ على فُعَل ، وَذَلِك مَصْرُوفٌ عِنْدَهُمْ كَمال لُبَد (٣) ، وَرَجُل حُطَم (٤) ، ودليل خُتَع (٥) ، وسُكَع (٦) ، إلاَّ أَنَّهُ ينبَغي أَن يُحْمَلَ عليه أَنَّهُ محمول على الوقفِ عليهِ فجاءَ بترك التنوينِ ، فَإن وصل على ذلك فَعلى نحو من قولهِم : سَبسَبا (٧) وكلكلاً (٨) ، فجرى في الوصل مجراه في الوقف (٩).

__________________

(١) التبيان ٩ : ٤٨٦.

(٢) من قوله تعالى من سورة طه : ٢٠ / ٥٨ : (فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْر مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى).

(٣) مال لُبَد : كثير. انظر : لسان العرب : ٤ / ٣٩٢.

(٤) الحُطَم : الظَّلُوم. ورجل حُطَم وحُطُم لا يشبَع لأِ نَّه يأكُلُ كلَّ شيء.

انظر : لسان العرب : ٥ / ٢٨.

(٥) دليل خُتَع : حاذق وماهر بالدلالة. لسان العرب : ١٠ / ٢٣.

(٦) السُّكَع : المُتحيّر. انظر : لسان العرب : ١٠ / ٢٣.

(٧) السَّبسَبُ : الأرض القفر ، والسبسب شجر يتّخذ منه السهام. لسان العرب : ١ / ٤٤٣.

(٨) الكلكل من الفرس : ما بينَ محزمِهِ إلى ما مسَّ الأرضَ منهُ إذا رَبَضَ.

انظر : لسان العرب : ١٤ / ١١٧.

(٩) المحتسب : ٢ / ٥٢.


أسماء الإشارة

هذه أصلها هذي

قَرأ ابن مُحَيْصِن (١) : (مِنْ هَذِي الشَّجرةِ) (٢).

قال أبو الفتح : هَذا هو الأصل في هذه الكلمة ، وإنَّمَا الهاءُ في (ذه) بدل من الياء في (ذي) (٣) يدلُّ على الياءَ الأَصل قولهم : في المذكر (ذا) فالأَلِف في (ذا) بدلٌ من الياءِ في (ذي) وأَصل (ذَا) عندنا (ذِيٌّ) ، وهو مِنْ مضاعفِ الياء مثل (حيٌّ) فَحُذِفَتِ الياءُ الثانيةُ التي هي لامٌ تخفيفاً فبقيَ ذي.

قال لي أبو علي : فكرهوا أنْ يشبه آخرُهُ آخِرَ (كيْ) و (رأيْ) ، وأبدلوها أَلِفاً (٤) كما أبدِلَتْ في ياءَس

__________________

(١) نَسبَ ابنُ خالويه هذه القراءة في الآية : ٢ / ٣٥ : من سورة البقرة إلى ابن كثير ولم يتعرّض لهذه القراءة في الأعراف. انظر : مختصر في شواذّ القرآن : ٤ و ٤٢ وفي البحر المحيط : ١ / ١٥٨ نُسِبَتْ إلى ابنِ مُحَيْصِن في سورة البقرة ولم يذكرها في سورة الأعراف. وانظر ما ذكرناه عن هذه القراءة في : ص : ١٠٦.

(٢) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ١٩ : (وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ). وفي المحتسب : ١ / ٢٤٤ : (من هذه الشجرة) وهو تحريف. انظر : الحاشية (٥) وما ذكرناه في : ص : ١٠٦.

(٣) في الأصول في النحو لابن السراج : ٢ / ٤٠٢ : «تقول هذي أَمَةُ اللهِ ، فإذا وقفتَ قلتَ هذه فتكون الهاء عوضاً عن الياء».

(٤) البيان : ٣٥٧ وإِملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٣١ و ٢٧٠.


ويايَس (١) ويدلُّ على أنَّ أَصلَ ذا ذَيٌّ وَأ نَّهُ ثلاثيٌّ جَوَازُ تحقيرِهِ في قولِك : ذيَّا ، ولو كان ثنائيًّا لَمَا جازَ تحقيرُهُ كما لا تحقر (ما) و (مَنْ) لِذَلِك. فَأمَّا الياءُ اللاّحقةُ بعدَ الهاء في (هذهِي سبيلي) (٢) ونحوه فزائدة لحقت بعدَ الهاءِ تشبيهاً لَها بِهَا والإِضمار في نحو مررتُ بِهيِ ، ووجه الشَّبَهِ بينَهُما أَنَّ كُلَّ واحد مِنْ الاسمين معرفة مبهمة لا يجوز تنكيره ، وإذا وقفتَ قلتَ هذهْ فَأَسكَنتَ الهاءَ. ومنهم من يدعها على سكونها في الوصل كما يُسَكّنها عند الوقف عليها (٣) ، كما أن منهم مَن يُسَكِّنُ الهاءَ المضمرة إذا وصلها (٤).

الأسماء الموصولة وحذف الضمير العائد

١ ـ حمل اللفظ على المعنى

أ ـ التي

قرأ ابن هرمز : (التي أرْضَعْنَكُم) (٥) بلفظ الواحد.

__________________

(١) المنصف : ٣ / ٣٥.

(٢) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ١٠٨ : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَة أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي).

(٣) قال سيبويه : «ونحو ما ذكرنا قولُ بَني تَميم في الوقفِ : هذه فإذا وصلوا قالوا هذي فلانة ، لأنَّ الياءَ خفيَّةٌ فإذا سكتَّ عندها كان أخفى والكسرةُ مع الياء أَخفَى فإذا أَخفَيتَ الكسرةَ ازدادَتْ الياءُ خفاءً كما ازدادتِ الكسرةُ فأبدلوا مكانَها حرفاً من موضع أَكثر الحروف بها مشابهةً وتكون الكسرةُ معه أَبينَ. وأَمَّا أهلُ الحِجَازِ وغيرُهُم من قيس فألزموها الهاء في الوقف وغيره كما ألزمت طيء. اُنظر : الكتاب : ٢ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨.

(٤) المحتسب : ١ / ٢٤٤ واُنظر : ص : ١٠٦ ـ ١٠٧.

(٥) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ٢٣ : (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ).


قال أَبو الفتح : ينبغي أن تكونَ التي هنا جنساً فيعودُ الضَّميرُ عليه على معناه دونَ لفظهِ ، كما قال اللهُ سبحانَهُ : (وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) (١) ثمّ قال (أُوْلَئِك هُمُ الْمُتَّقُونَ) (٢) فهذا على مذهب الجنسية كقولك : الرجل أفضل من المرأة ، وهو أَمثل مِنْ أنْ يُعتَقَد فيهِ حذفُ النونِ من الذي كما حذفت في (اللذا) في قوله :

 ...... إنَّ عَمَّيّ اللذا

 ...... (٣)

ألا ترى ان قوله : (التي أرْضَعتكم) لا يجوز أن يعتقد فيه حذف النون لأ نّه لا يقال : اللتين ، والقول الآخر وجه إلاّ أَنَّ هذا أَقوى لهذه القراءة وعليه قول الأشهب بن رُمَيلَة :

وإنَّ الذي حانتْ بفلج دماؤُهم

همُ القوُم كل القوم يا أُمَّ خَالدِ (٤)

يحتمل المذهبين : حذف النون من الذين واعتقاد مذهب الجنسية على ما مضى (٥).

ب ـ مَـنْ

قَرأَ عمرو بن فائد الأسواري ، ورويت عن يعقوب : (يا نساء النبي من

__________________

(١ و ٢) سورة الزمر : ٣٩ / ٣٣.

(٣) من قول الأخطل :

أَبَنِي كُلَيْب إِنَّ عَمَّيَّ اللذا

قَتَـلا المُلـوك وَفـكَّـكَا الأَغْــلالا

انظر : ديوان الأخطل : ٤٤ والكتاب : ١ / ٩٦ والمحتسب : ١ / ١٨٥.

(٤) انظر : الكتاب : ١ / ٩٦ والخزانة طبعة بولاق : ٢ / ٥٠٧ وشواهد المغني للسيوطي : ١ / ١٧٥ والمحتسب : ١ / ١٨٥.

(٥) المحتسب : ١ / ١٨٥.


تأت منكنَّ) (١) بالتاء.

قال أبو الفتح : هذا حمل على المعنى ، كأَنَّ (مَنْ) هُنا امرأة في المعنى ، فكأ نّه قال : أيَّة امرأة أتتْ مِنُكنَّ بفاحشة ، أو تأتي بفاحشة ، وهو كثير في الكلام معناهُ للبيانِ كقولِ اللهِ سبحانَهُ : (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ) (٢) ، وقول الفرزدق :

تَعَشَ فَإنْ عَاهَدتَني لاَ تَخُونُنِي

نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يا ذئبُ يصطحبانِ (٣)

أي مثل اللذينِ يصطحبانِ ، أَو مثلَ اثنينِ يصطحبانِ وأَنْ يكونَ على الصّلةِ أَولى مِنْ أَنْ يكونَ على الصّفةِ. فكأنَّ الموضع في هذا الحمل على المعنى إنَّمَا بابهُ الصّلةُ ثمّ شابهت بها الصّفة ، ثمّ شُبِّهتِ الحالُ بالصّفةِ ، ثمّ شُبِّهَ الخبرُ بالحال ، كذا ينبغي أَنْ يُرَتَّبَ هذا البابُ مِنْ تنزيل ، ولا ينبغي أَنْ يؤخذَ باباً سرداً وطرحاً واحداً ، وذلك أَنَّ الصّلَةَ أذهبُ في بابِ التخصيص من الصّفةِ لإبهام الموصل فَلَمَّا قويتِ الحاجةُ إلى البيان في الصّلة جاء ضميرُها من الصّلةِ على معناها لأِ نَّهُ أَشدُّ إفصاحاً بالغرضِ وأَذهبُ في البيان المعتمدِ.

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الأحزاب : ٣٣ / ٣٠ : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة مُّبَيِّنَة يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ) والمراد بالفاحشة هنا الذنب الكبير.

(٢) من قوله تعالى من سورة يونس : ١٠ / ٤٢ (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ).

(٣) يروى (تعال) مكان (تعش) و (وَاثَقْتَنِي) مكان (عَاهَدْتَنِي). انظر : ديوان الفرزدق : ٨٧٠ والكتاب : ١ / ٤٠٤ والمقتضب : ٢ / ٢٩٥ والخصائص : ٢ / ٤٢٢ والمحتسب : ١ / ٢١٩ و ٢ / ١٧٩ وشرح المفصل : ٢ / ١٣٢ و ٤ / ١٣ والمغني : ٢ / ٤٠٤ والهمع : ١ / ٨٧ ـ ٨٨ وشرح الأشموني : ١ / ١٥٣.


فأمَّا ما أنشدَنَا أبو علي عن الكسائي من قول الشاعر :

أخُو الذِّئبِ يعوي والغُرابُ وَمَن يَكُنْ

شَرِيكَيهِ تَطْمَعْ نَفْسُهُ كُلَّ مَطْمَعِ (١)

ففيه نظر ، وكان قياسُه وَمَن يَكُنْ شريكيهما أوْ مَن يَكونا شَرِيكيهِ ، وَقَد كانَ أبو علي يتعسّف (٢) هذا وأقرب ما فيه أَنْ يكونَ تقديرُهُ : وَأيّ إِنسان يكونا شريكيه إلاَّ أَنَّهُ أعادَ إليهما معاً ضميراً واحداً ، وهو الضمير في (يَكُنْ) وساغَ ذلك إذ كانتِ (٣) الذئبُ والغرابُ في أكثر الأَحوال مصطحبين فجريا مجرى الشيء الواحد فعاد الضمير كذلك ، ومثله قوله :

لِمَنْ زُحلُوقــــةٌ زلُّ

بِهَا العينَانِ تنهـــلُّ (٤)

ولم يقل تنهلان لكونهما كالعضو الواحد. ومثله للفرزدق :

وَلوْ رَضِيَتْ يَدَايَ بِهَا وضَنَّتْ

لَكَانَ عليَّ لِلقَدَرِ الخيارُ (٥)

ولم يقل (٦) ضنتا (٧).

وَقَرأَ الحسنُ : (لَيَقولُنَّ) (٨) بضم اللاّم على الجمع.

__________________

(١) تقدّم الشاهد : ص : ٦٥.

(٢) انظر : ص : ٦٤.

(٣) كأ نّه ذهب بالذئب إلى معنى البهيمة.

(٤) البيت لامرئ القيس يصف القبر ويشبِّهُهُ بالزحلوقة وهي آثار تزلّج الصبيان من فوق التلِّ إلى أسفله. انظر : الديوان : ٧٤ والهمع : ١ / ٥٠ ولسان العرب : ١٣ / ٣٢٥.

(٥) روي (قرّت) مكان (ضنَّت) و (لها على القدر) مكان (علي للقدر) ، وضمير بها للنوار زوجه. انظر : الديوان : ٢٦٤ والخصائص : ١ / ٣٥٨ والمحتسب : ٢ / ١٨١.

(٦) في المحتسب رضيتا وما أثبتناه عن تصويب المحقّقين.

(٧) المحتسب : ٢ / ١٨١.

(٨) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ٧٣ : (وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً).


قال أبو الفتح : أعاد الضمير على معنى (مَنْ) لا على لفظها الذي هو قراءة الجماعة ، وذلك أنَّ قولَ اللهِ تعالى : (وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ) (١) لا يُعنى بهِ رجلٌ واحدٌ ، لكن معناه أنَّ هناك جماعة هذا وصفُ كلِّ واحد منهم ، فلمّا كان جمعاً في المعنى أعيد الضمير على معناه دون لفظهِ كقولهِ : (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْك) (٢) الحال فيها واحدٌ ، وَكَأنَّ الموضعَ لَحِقَهُ احتياطٌ في اللفظ خوفاً مِنْ إشْكَالِ معناه ، فضمَّ اللاّم من ليقولُن ليُعلم أَنَّ هذا حكمٌ سارِ في جماعة ، ولا يُرى أَنَّهُ واحدٌ لا أكثر منهُ ، فاعرفْهُ (٣).

ج ـ الذي

قرأ ابن يَعمَر (٤) : (تَمامَا عَلى الَّذِي أَحْسَنُ) (٥).

قال أبو الفتح : هذا مستضعَفُ الاِعرابِ (٦) عندنا (٧) ، لِحَذفِك المبتدأ العائد

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ٧٢ : (وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيداً).

(٢) من قوله تعالى من سورة يونس : ١٠ / ٤٢ : (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ).

(٣) المحتسب : ١ / ١٩٢.

(٤) ونسبت إلى ابن أبي إسحاق والحسن والأعمش. انظر : البحر المحيط : ٤ / ٢٥٥ وإتحاف فضلاء البشر : ١٣٢.

(٥) من قوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ١٥٤ : (تَمَاماً عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْء).

(٦) قال سيبويه : واعلم أنّه قبيح أنْ تقولَ هذا مَنْ منطلقٌ إذا جعلتَ المُنطلقَ حشواً : أو وصفاً ، فإنْ أطلتَ الكلامَ فقلتَ مَنْ خيرٌ منك حَسُنَ في الوصفِ والحَشوِ.

انظر : الكتاب : ١ / ٢٧٠ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٦٦.

(٧) لم يرَ الكوفيون في ذلك ضعفاً. انظر : همع الهوامع : ١ / ٩٠.


على الذي ، لأَنَّ تقديره : تماماً على الذي هو أَحسنُ ، وَحذفُ (هوَ) من هنا ضعيفٌ ، وذلك أنّه إنِّما يُحذَفُ من صلةِ الذي الهاء المنصوبة بالفعل الذي هو صلتها ، نحو مَرَرْتُ بالذي ضربتَ أي ضربتَهُ ، وأكرمتُ الذي أهنتَ أي أهنتَهُ فالهاءُ ضميرُ المفعولِ ومن المفعولِ بدٌ وطالَ الاسمُ بصلتِهِ فَحُذِفَتِ الهاءُ لذلك وليس المبتدأ بنيِّف ولا فضلة فيُحذَفُ تخفيفاً ، ولا سيّما وهو عائدُ الموصولِ وإِنَّ هذا قد جاءَ نحوهُ عَنْهُمْ.

حَكَى سيبويه عن الخليل : (ما أنا بالذي قائل لك شيئاً وسواءاً) (١) أي : بالذي هو قائل ، وقال :

لَمْ أَر مِثْلَ الفِتْيَان فِي غبن الـ

أيَّامِ يَنسونَ ما عواقِبُها (٢)

أي ينسونَ الذي هوَ عواقبُها.

ويجُوز أَنْ يكوَنَ (ينسونَ) معلقةً كما علقوا نقيضتَها التي هي يعلمون وتكون (ما) استفهاماً (٣) وعواقبُها خبرُ (ما) كقولِك : قد علمتُ مَنْ أَبوك وعرفتُ أَيَّهُم أَخوك ، وَعلى الوَجهِ الأول حمله أصحابنا (٤).

د ـ مـا

قرأَ رؤبة : (مَثَلاً مَا بَعُوضَةٌ) (٥) بالرفعِ.

__________________

(١) الذي في الكتاب : ١ / ٢٧٠ (ما أنا بالذي قائل لك سوءاً).

(٢) لعدي بن زيد. المحتسب : ١ / ٢٣٥ وخزانة الأدب : ٣ / ٣٥٣.

(٣) نقل ذلك البغدادي في الخزانة : ٣ / ٣٥٤.

(٤) المحتسب : ١ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥.

(٥) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٦ : (إِنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا).


قال أَبو الفتحِ : وَجْهُ ذَلِك أَنَّ (ما) هاهنا اسمٌ بمنزِلة الذي أَي : لا يستحي أنْ يضربَ الذي هو بعوضةٌ مثلاً فحذفَ الموصُول وهو مبتدأ.

ومثله قراءة بعضهم : (تَمَاماً عَلى الَّذِي أَحسنُ) (١).

أَيّ على الذي هُو أَحسنُ. وَحَكى صاحبُ الكتابِ عن الخليلِ : ما أنا بالذي قائلٌ لك شَيئاً (٢). أَي : الذي هوَ قائلٌ لك شيئاً وعليهِ قولُهُ :

لَمْ أَر مِثْلَ الفِتْيَان فِي غبن الـ

أيَّامِ يَنسونَ ما عواقِبُها (٣)

أَي : ينسونَ الذي هو عواقبها وحذفُ الضمير من هنا ضعيفٌ (٤) لأَ نَّهُ ليسَ فضل كالهاءِ في نحو ضربتُ الذي كلمتَ ، أَي كلمتَهُ ، وإنْ شئتَ كانَ تقديرُهُ : ينسونَ أَي شيء عواقُبها فتكون ما استفهاماً ، وعواقبُها خبراً عَنها ، والجملة في موضع نصب بينسون ، وجازَ فيها التعليقُ لأ نَّها ضدُّ يذكرونَ ويعلمونَ (٥) فيجري مجرى قولك لا تنسَ أَيَّنا أَحقُّ بكذا. وأَتذكرُ أَزيدٌ أَفضلُ أَم عمرٌو (٦)؟ وقرأَ أَبو رجاء : (لِمَا مَتَاعُ) (٧).

قالَ أَبو الفتح : ما هنا بمنزلةِ الذي ، والعائد إليها من صلتها محذوف

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الأَنعام : ٦ / ١٥٤ : (ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْء) وتنظر : ص : ١٣٣.

(٢) ينظر ما تقدّم في : ص : ١٣٤ والكتاب : ١ / ٢٧٠.

(٣) تقدّم الشاهد في : ص : ١٣٤.

(٤) تنظر ص : ١٣٤.

(٥) تنظر : ص : ١٣٤.

(٦) المحتسب : ١ / ٦٤.

(٧) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٣٥ : (وَإِن كُلُّ ذَلِك لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّك لِلْمُتَّقِينَ).


وتقديره : وإنْ كانَ ذلك لِلَّذي هُوَ متاعُ الحياةِ الدنيا ، فَكَأَ نَّهُ قالَ : وإنْ كلّ ذلك لِمَا يُتَمتَّعُ بهِ مِنْ أَحوالِ الدّنيا ، فجازَ حذفُ هَذا الضمير على انفصاله جوازاً قصداً لا مستحسناً ومثله على توسّطه قراءة من قرأ (١) : (مَثَلاً مَا بعُوضَةٌ) (٢) أَي : مَا هوَ بعوضةٌ ، وقوله :

لَمْ أَر مِثْلَ الفِتْيَان فِي غبن الـ

أيَّامِ يَنسونَ ما عواقِبُها (٣)

أي ينسون الذي هو عواقِبُها (٤).

هـ ـ ذو الطائية

قرأ محمّد بن علي وجعفر بن محمّد عليهما السّلام : (يَحكُمُ بِهِ ذُو عَدْل مِنْكُم) (٥).

__________________

(١) هي قراءة رؤبة انظر : ص : ١٣٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٦ : (إِنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحْيِيَ أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً).

(٣) تقدّم الشاهد : ص : ١٣٤.

(٤) المحتسب : ٢ / ٢٥٥.

(٥) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٩٥ (يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْل مِنْكُمْ).

والقراءة المذكورة أخرجها عن الإمام الصادق (عليه السلام) ثقة الإسلام الكليني في روضة الكافي ٨ : ٢٠٥ / ٢٤٧ بسند صحيح ، وأخرجها العياشي عن عبد الله بن سنان ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) كما في وسائل الشيعة ٢٩ : ٢٨٨ / ٣٥٦٣٨ (١٤) ضمن حديث طويل ، وصرّح العلاّمة الطبرسي في مجمع البيان ٣ : ٤٢٦ بأن هذه القراءة هي قراءة الإمام الباقر والإمام الصادق (عليهما السلام).

ونسب النحاس في معاني القرآن ٢ : ٣٧٦ / ١٦٧ هذه القراءة إلى أبي موسى الأشعري وابن عباس من الصحابة ، وإلى عبيدة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وشريح وابن سيرين والشعبي من التابعين.


قال أبو الفتح : لَمْ يوحّد ذو لاَِنَّ الواحدَ يكفي في الحكمِ ، لَكّنَهُ أَرادَ معنى مَنْ ، أَي يحكمُ بهِ مَنْ يعدِل ، ومن تكون للاثنين كما تكون للواحد نحو

قوله :

 ......

نكن مثل من يا ذئب يصطحبان (١)

وفي قراءة أبي السمال : (مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبُوْ) (٢) مضمومة الباء ساكنة الواو ، من الشذوذ وقوع الواو بعد الضمّة في آخر الاسم ، وهذا شيء لم يأتِ إلاّ في الفعلِ نحو يغزو ويدعو ويخلو ، فأما (ذو) الطائية التي بمعنى الذي نحو قوله :

 ......

لأَنْتَحِياً للعظمِ ذو أَنَا عارِقُهْ (٣)

فَشَاذٌّ ، وَعَلى أَنَّ مِنْهم من يغيِّرُ هذه الواو وإذا فارق الرفع فيقولُ : رأيتُ ذَا قامَ أَخوه ، ومررتُ بِذِي قامَ أَخوهُ ، وَسَأَلتُ أَبا علي عن حكايةِ أَبي زيد : (فَعْلْتُهُ مِنْ ذِي إلينا).

فقال : أَرادَ من الذي إلينا.

فقلت : فهذا يوجِبُ عليهِ أنْ يقولَ : من ذو إلينا.

فقال : ـ وهو كما قال ـ : قد تُغَيَّرُ هذه الواوُ في النصب والجرّ ، وعلى أَنَّ

__________________

(١) تقدّم الشاهد : ص : ١٣١.

(٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٧٨ : (اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَوآْ).

(٣) صدره : لَئِنْ لم تُغَيِّرْ بعضَ مَا قد صَنَعْتُمُ

والبيت لعارق الطائي واسمه قيس بن جروة بن عرقان ويروى (فإنْ) مكان (لَئِنْ) و (بَعدَمَا) مكانَ (بعضَ مَا) انتحاهُ قصدَهُ وذُو بمعنى الذي في لغةِ طئ والعارق مُنتَزِعُ اللحمِ منَ العظم. انظر : ديوان الحماسة : ٢ / ٣٥٠ والمحتسب : ١ / ١٤٢ ونوادر المخطوطات : ٢ / ٣٢٨ واللسان : ١٢ / ١٢١ والمزهر : ٢ / ٤٤٨.


(ذو) هذه لَمَّا كانت موصولةً وقعتْ واوُها حشواً فأشبهتْ واوَ طومار (١) ، كما أشبهتْ عند صاحب الكتاب ياءُ معديكرب ياء دردبيس (٢). (٣)

لام التعريف

دخول لام التعريف على الجملة

نقل أبو الفتح حكايةَ الفراء عن بعضهم ، وجرى ذكر رجل فقيلَ : ها هو ذا.

فقال مجيباً : الها هو ذا هو.

فإلحاقه لام المعرفة بالجملة المركبة من المبتدأِ والخبر أقوى دليل على تنزلها عندهم منزلة الجزء الواحد.

نعم وفي صدر هذه الجملة حرف التنبيه ، وهو يكاد يفصلها عن لام التعريف بعض الانفصال ، وهما مع ذلك كالمتلاقيتين المعتقبتين مع حجزه بينهما واعتراضه على كلّ واحد منهما (٤).

__________________

(١) الطومار : الصحيفة. قيل : هو دخيل. لسان العرب : ٦ / ١٧٥.

(٢) الدردبيس : الداهية والشيخ والعجوز الفانية والخرزة التي تتحبَّبُ بها المرأة إلى زوجها.

انظر : لسان العرب : ٧ / ٣٨٤.

(٣) المحتسب : ١ / ١٤٢.

(٤) المحتسب : ١ / ٣٩.


الباب الثالث

المبتدأُ والخبر ونواسخهما



المبتدأُ والخبر

قرأ إبراهيمُ فيما رواهُ المغيرةُ والأعمشُ عنه : (نَزَلَ عَلَيْك الْكِتَابُ بِالْحَقِّ) (١) خفيفة الزاي ، ورفع الباء من الكتاب.

قال أَبو الفتح : هذه القراءَة تَدُلُّ على استقلال الجملة التي هي قوله عزّ اسمه : (اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (٢).

ألاَ ترى أنَّهُ لاَ ضميرَ في قولِهِ : (نَزَلَ عليك الكتابُ) يعودُ على اسم الله تعالى؟ فعلى هذا ينبغي أنْ تكون جملة مستقلّة أيضاً في قولِ مَنْ شَدَّد الزاي ونَصبَ الكتابَ فيكون اسمُ اللهِ مرفوعاً بالابتداء ، وقوله : (لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ) خبر عنه ، ويكون (الحيُّ القيومُ) صفةً لَه وثناءً عليهِ.

وإِنْ شِئتَ جعلتَ قولَهُ : (لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ) خبراً عَنْهُ و (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) أيضاً خبرين عنه فيكون له ثلاثة أخبار.

وإن شئت أن تخبَر عَنْ المبتدأِ بعشرة أخبار أَو بِأكثر مِنْ ذَلِك جاز وحَسُنَ لِمَا يتضمّنه كُلُّ خبر مِنْها من الفائدةِ ، فكأ نّه أَخبَر عَنهُ وأَثنى عليهِ ،

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة آل عمران : ٣ / ٣ : (نَزَّلَ عَلَيْك الْكِتَابَ بِالْحَقِّ). البحر المحيط : ٢ / ٣٧٧.

(٢) سورة آل عمران : ٣ / ٢.


ثمّ أَخذَ يقصُّ الحديثَ فقالَ : (نَزَلَ عليك الكتابُ).

وَمَنْ شَدَّدَ الزاي ونصب (الكتابَ) جازَ أَنْ يكونَ على قولهِ خبراً رابعاً ، وجازَ أنْ يكونَ أَيضاً جميع ما قَيلْ نَزَلَ ثناءً وإعظاماً ويفرد قوله : نَزَلَ عليك الكتابُ فيُجعَلُ خبراً عنه كقولك : اللهُ سبحانَهُ ، وجَلَّ ثناؤهُ ، وتقدَّسَتْ أسماؤُهُ ، يأمر بالعدل وينهى عن السوء (١).

وقرأَ محمّد بن كعب القُرَظِيُّ : (وَلَهُمْ مَا يَدَّعونَ سَلْمٌ قَوْلاً) (٢).

قال أبو الفتح : الرفعُ على أوجه : أحدها : أنْ يكونَ مقطوعاً مستأنَفاً ، كأَ نَّهُ لَمَّا قالَ : (وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ) قال : (سلمٌ) أَي ذاك (سلمٌ) أَي : ثابتُ لا نِزَاعَ فيهِ ولا ضيم ولا اعتراض ، بل هو سلمٌ لَهُمْ.

ووجهٌ ثان : أَنْ يكونَ على : ما يَدَّعُونَ سلمٌ لَهُم ، أَي : مُسَلِّمٌ لَهُم فـ (لَهُمْ) على هذا متعلّقٌ بنفس (سَلْم) وليس بمصدر ، بل هو بمعنى اسم الفاعل أو المفعول ، أمَّا على مُسَالِمٌ لَهُم او مُسَلَّمٌ لَهُم.

وَلَمْ يَجُزْ بمعنى المصدر ، لا أَنَّهُ كَأنْ يكون في صلتهِ ، ومحال تقدُّمُ الصِّلةِ أو شيءٌ منها على الموصولِ.

ووجهٌ ثالثٌ : وهو أنْ يكونَ : (لَهُم خبراً) عن (مَا يَدّعُونَ) و (سِلْمٌ) بدل منه.

__________________

(١) المحتسب : ١ / ١٦٠ ـ ١٦١.

(٢) من سورة يس : ٣٦ / ٥٧ ـ ٥٨ : (لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ * سَلاَمٌ قَوْلاً مِن رَّبّ رَّحِيم).

قرأ أُبَيٌّ وعبدُ الله وعيسى والقنوي (سلاماً قولاً). انظر : المحتسب : ٢ / ٢١٥ والبحر المحيط : ٧ / ٣٤٣.


ووجهٌ رابعٌ : وهو أنْ يكونَ (لَهُمْ) خبراً عن : (مَا يدَّعون) و (سَلْمٌ) خبرٌ آخر كقولنا : زيدٌ جالسٌ متحدّثٌ ، كما جازَ أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ (لَهُمْ) فكذلك يجوزُ أَنْ يكونَ خبراً مَعَهُ آخر.

فَإنْ قلتَ : إذا كان لهم سلمٌ لا حربٌ لهم فما فيه من الفائدة؟ قيلَ : قد يكونُ الشيءُ لك لكن على خلاج (١) وبعد شواجر الخلاف ، وذلك كالشيء المتناهَب ، فقد يحصلُ لأَحدِ الفريقينِ لكنْ على أَغراض من النزاع باقية فيه ، وَلَمْ يَصْفُ صفاءَ مَا لا تَعَلُّقَ للمُتبِعِ به ، فمعلومٌ أنَّ هذه الثوابتَ لأَربابِها لا تتساوى أحوالها في انحسارِ الشُّبَهِ والزخارفِ عنها (٢).

حذف المبتدأِ

روى ابنُ طاوس عن أبيه أنَّهُ قرأ : (وَيَسْأَ لُونَك عَنِ الْيَتَامَى قُلْ أَصْلِحْ إِلَيْهِمْ خَيْرٌ) (٣).

قال أبو الفتح : خيرٌ مرفوعٌ ، لأَ نَّهُ خبرُ مبتدإ محذوف أَي : أَصلِحْ إِلَيْهم فذلك خيرٌ. وإذا جازَ حذفُ هَذهِ الفاءِ معَ مبتدئها في الشرطِ الصحيح نحو قولِهِ :

بني ثُعَل لاَ تَنْكَعُوا العَنْزَ شِربَها

بَنِي ثُعَل مَنْ يَنْكَعِ العَنْزَ ظالمُ (٤)

__________________

(١) الخلاج : النزع. انظر : لسان العرب : ٣ / ٨٠.

(٢) المحتسب : ٢ / ٢١٤ ـ ٢١٥.

(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢٢٠ : (وَيَسْأَ لُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ).

(٤) البيت لرجل من بني أَسد. ويروى (بنو) مكان (بني) لا تنكعوا : لا تمنعوا. الشرب : النصيب. انظر : الكتاب : ١ / ٤٣٦ ولسان العرب : ١٠ / ٢٤٢ وشرح الأشموني : ٤ / ٢١.


أَي : فهو ظالمُ ، كان حذفُ الفاءِ هنا ، وإنَّمَا الكلامُ بِمَعْنَى الشرطِ لاَ بصريحِ لَفظِهِ أَجدرُ وأحرَى بالجوازِ.

وقالَ : (إلَيْهِمْ) لَمَّا دخله معنى الإحسان إليهم (١).

وقرأ : نُعيمُ بنُ ميسرةَ والحَسنُ بخلاف (٢) :

(وَيَذَرُك) (٣).

قالَ أَبو الفتح : أَمَّا (وَيذرُك) بالرفعِ فَعَلى الاستئنافِ ، أَي : فهو يذرُك (٤).

وقرأَ : عيسى الثقفي (٥) : (وَلَكِنْ تَصْدِيق الذِي بينَ يَدَيهِ وَتَفْصِيلُ كُلِّ شيء وَهُدَىً ورحمةٌ) (٦) برفع الثلاثة الأحرف (٧).

__________________

(١) المحتسب : ١ / ١٢٢.

(٢) قال في البحر المحيط : ٤ / ٣٦٧. وقرأ نعيم بن ميسرة والحسن بخلاف عنه ويَذَرُك بالرفع عطفاً على أتذرُ بمعنى أتذرُهُ ويذرُك أَي أتطلقُ لهُ ذلك أو على الاستئناف أو على الحال على تقدير وهو يذرُك.

(٣) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ١٢٧ : (أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ).

(٤) المحتسب : ١ / ٢٥٥ ـ ٢٥٦.

(٥) وبهذه القراءة قرأ حمران بن أَعين وعيسى الكوفي (البحر المحيط : ٥ / ٣٥٦).

(٦) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ١١١ : (وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْء وَهُدىً وَرَحْمَةً لِّقَوْم يُؤْمِنُونَ).

(٧) شرطُ الإضافة عند البصريين تجريدُ المضافِ من التعريفِ ، وعندهم أنَّ ما أجازه الكوفيون من الثلاثة الأثواب وشبهه من العدد ضعيف. وقد يدخل حرف التعريف على المضاف والمضاف إليه معاً شذوذاً ، وعندَ الكوفيينَ هو القياسُ. وقال أبو حيان لا تعريف للتمييز خلافاً لبعض الكوفيين وأبي الحسين بن الطراوة وأوّلَ أصحابُنا ما حكاه أبو زيد الأنصاري من قول العرب : ما فعلتِ العشرون الدراهم وما جاء نحو هذا ممّا يدلُّ على التعريف. انظر : شرح الكافية : ١ / ٢٧٣ و ٢ / ١٥٦ والبحر المحيط : ١ / ١٩٩.


قال أبو الفتح : أَي : ولكن تصديقُ الذي بين يديه وتفصيلُ كلّ شيء وهدىً ورحمةٌ فحذف المبتدأ وبقي الخبرُ. ويجوز على هذا الرفع في قوله تعالى : (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالِكُم وَلَكِن رَسُولُ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبيِّينَ) (١) أَي : وَلَكِنْ هُوَ رسولُ اللهِ (٢).

وقرأَ جعفر بن محمّد (عليهما السلام) (٣) : (وَأَرسَلْنَاهُ إلى مئةِ أَلْف وَيزِيدونَ) (٤) هكذا هي ليس فيها (أو).

قال أَبو الفتح : في هذه الآية إِعراب حَسَنٌ ، وصنعةٌ صالحةٌ ، ذلك أَنْ يُقالَ : هل لِقولِهِ : (وَيَزَيِدونَ) موضعٌ من الإعراب ، أَو هو مرفوع اللفظ لوقوعِهِ موقِعَ الاسم حسب ، كقولك مبتدئاً : يزيدون؟ والجواب إِنَّ له موضعاً من الإعراب ، وهو الرفعُ لأَ نَّهُ خبرُ مبتدأ محذوف ، أَي : وَهُم يزيدونَ على المئةِ. والواو لعطف جملة على جملة ، وهو قولك : مررتُ برجل مثلِ الأسدِ ، وهو واللهِ أشجعُ. ولقيتُ رجلاً جواداً ، وهو واللهِ فوقَ الجودِ.

وَكَذلِك قراءة الجماعة : (أَوْ يَزيدونَ) (٥) وَتقديره : أو هم يزيدون فحذف المبتدأ بدلالة الموضع عليه كما مضى مع الواو.

__________________

(١) سورة الأَحزاب : ٣٣ / ٤٠. وهذه قراءة زيد بن علي (عليهما السلام) وابن أبي عبلة كما في البحر المحيط : ٧ / ٢٣٦.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٥٠.

(٣) انظر : البحر المحيط : ٧ / ٣٧٦. وهو ينسبها إلى الإمام جعفر بن محمد (عليهما السلام) أيضاً.

(٤) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ١٤٧ : (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ) أي : ويزيدون ; لأ نّهم كانوا أكثر من مئة ألف وهم قوم يونس (عليه السلام). ولم تثبت القراءة المذكورة عن الإمام الصادق (عليه السلام). ينظر : الحاشية (٣) ص : ٤٢١ ، والحاشية (٢) ص : ٤٢٢ ـ ٤٢٧ ففيهما تفصيل واسع حول تلك القراءة.

(٥) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ١٤٧ : (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ).


وعلى قراءة جعفر بن محمّد (عليهما السلام) : (وَيَزِيدونَ) إنَّمَا حذف اسم مفرد وهو هم (١) وقرأ سلمة فيما حكاه ورويته عنه أَبو حاتِم : (جميعاً مَنُّهُ) (٢).

قال أبو الفتح : أمَّا (مَنُّهُ) بالرفعِ فَحَمَلَهُ أَبو حاتِم على أَنَّهُ خبرُ مبتدأ محذوف أَي : ذَلِك ، أَوْ هُوَ (مَنُّهُ) (٣) ، كذلك قال.

ويجوز أيضاً عِنْدِي أَنْ يكونَ مرفوعاً بِفعلِه هذا الظاهر ، أَي سَخَّرَ لكُم ذَلِك (مَنَّهُ) كَقَولِك : أَحيَاني إقبالُك عليَّ وسدَّدَ أَمرِي حُسْنُ رأيِك فيَّ ، فَتُعمل فيه هذا اللفظ الظاهر ، ولا نحتاج إِلى إبعاد التناول ، واعتقاد ما ليس بظاهر (٤).

وقرأ الحسنُ وابنُ مُحَيْصِن : (الحقُّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٥).

قالَ أَبو الفتحِ : الوقف في هذه القراءة على قولهِ تعالى : (لاَ يَعْلَمُونَ) (٦) ثمّ يستأنِف : (الحقُّ) أَي : هذا الحقُّ أَوْ هُوَ الحقُّ فَيُحذَفُ المبتدأ ثمّ يُوقَف على (الحق) ثمّ يُسْتَأنف فَيُقال : فَهُمْ مُعْرِضُونَ ، أَي : فهم معرضون (٧) أَي أَكثَرُهُم لاَ يَعلَمُونَ (٨).

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧.

(٢) من قوله تعالى من سورة الجاثية : ٤٥ / ١٣ : (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاَْرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لَّقَوْم يَتَفَكَّرُونَ).

(٣) نقل ذلك صاحبُ البحر المحيط أيضاً : ٨ / ٤٥.

(٤) المحتسب : ٢ / ٢٦٢.

(٥ و ٦) من قوله تعالى من سورة الأنبياء : ٢١ / ٢٤ : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُّعْرِضُونَ).

(٧) هذا تكرار.

(٨) المحتسب : ٢ / ٦١.


قرأَ الأَعمش : (وهذا بعلي شيخ) (١).

قال أبو الفتح : الرفعُ في (شيخ) من أربَعةِ أوجه : أَحدُها : أَنْ يكونَ شيخ خبرَ مبتدإ محذوف ، كَأَ نَّهُ قَالَ : هذا شيخٌ ، والوقفُ إذا عَلى قولهِ : (هَذا بعلِي) لاِنَّ الجملةَ هناك قَد تمّت ، ثمّ استانف جملة ثانية فقالَ : (هذا شيخٌ).

والثانِي : أَنْ يَكونَ (بَعلِي) بدلاً من (هَذا) ، و (شَيخ) هو الخبر.

والثالثُ : أَنْ يكونَ (شيخ) بدلاً من بعلي وكأ نَّهُ قالَ : هذا شيخٌ كما كان التقدير فيما قَبْلَهُ : بعلي شيخٌ.

والرابعُ : أَنْ يكونَ (بعلي) و (شيخ) جميعاً خبراً عَنْ هذا كقولِك هذا حلوٌ حامضٌ ، أَي : قَد جَمَعَ الحلاوةَ والحموضَةَ وكذلِك هذا أَي : قد جمعَ البعولةَ والشيخوخةَ.

فإنْ قُلتَ : فهلْ تُجِيزُ أَنْ يكونَ (بعلي) وصفاً لِـ (هذا)؟ قيل : لا ، وذلك أَنَّ هذا ونحوَهُ من أسماءِ الإشارة لا يوصف بالمضاف. أَلاَ تَراهم لَمْ يجيزُوا مَرَرْتُ بهذا ذي المالِ. كَما أَجازوا مررتُ بهذَا الغُلامِ؟ وإذا لم يَجُزْ أنْ يَكونَ (بَعلي) وصفاً لـ (هذا) مِنْ حيثُ ذَكَرنَا لَم يَجُزْ أيضاً أنْ يكونَ عطفَ بيان لَهُ ، لأَنَّ صورة عطف البيانِ صورة الصفة ، فافهمْ ذلك.

وهناك وَجه خامسٌ لكنّه على قياس مذهب الِكسائي ، وَذَلِك أَنَّهُ يعتقد في خبر المبتدأ أَبداً أَنْ فيه ضميراً وإِنْ لم يَكُنْ مشتقّاً مِن الفعلِ (٢) نحو زيد

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ٧٢ : (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ).

(٢) نسب ابن الأنباري هذا القول إلى الكوفيين ، وإلى علي بن عيسى الرماني من متأخّري البصريين ونقل ذلك ابن يعيش. انظر : الإنصاف : ١ / ٤٠ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ١ / ٨٨.


أخوك ، وَهُوَ يريد النسب.

فَإذَا كانَ كَذَلِك فقياسُ مذهبهِ أَنْ يكونَ (شيخٌ) بدلاً من الضميرِ في (بعلي) لاَِ نَّه خبر عن (هذا).

فإن قلتَ : فإنَّ الكوفيين لا يجيزون إبدالَ النكرة من المعرفة (١) ، إلاّ إذا كان من لفظها ، نحو قولِ اللهِ تعالى : (لَنَسْفَعَاً بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَة كَاذِبَة خَاطِئَة) (٢) وَلَيْسَ قبل (شيخ) معرفة من لفظه ، قيلَ : أَجل ، إلاّ أَنَّ هذا اعتبار في الاسمين الملفوظ بكلّ واحد منهما ، فأمَّا الضميرُ فيه فعلى قياسِ قولِ مَنْ استودَعَهُ إيَّاهُ فلا لفظَ لهُ أَيضاً فيعتبر خلافُه أَوْ وفاقُه ، وإذا سقط ذلك ساغ ، وجازَ إبدالُ النكرةِ منه لِمَا ذكرنا من تقديم لفظهِ المخالفِ للفظِهَا (٣).

الخبــر

قَرأَ الحسنُ (٤) وأبو الأسود والجَحْدَري وسَلاّم والضَّحَّاك وابن عامر ـ بخلاف ـ : (أَعْجمِيٌّ) (٥). بهمزة واحدة مقصورة والعين ساكنة.

قال أبو الفتح : أمَّا (أعجمي) بقصر الهمزة وسكون العين فعلى أنَّه خبرٌ

__________________

(١) قال أبو حيَان : «قرأ الجمهورُ : (نَاصِيَة كَاذِبَة خَاطِئَة) العلق : ٩٦ / ١٦ بجرِّ الثلاثةِ على أنَّ ناصية بدلُ نكرة من معرفة. قال الزمخشري : لأ نَّها وُصِفَتْ فاستقلَّتْ بفائدة. وليس شرطاً في إبدال النكرةِ من المعرفةِ أنْ تُوصَفَ عندَ البصريين خلافاً لمن شَرَطَ ذلك من غيرهم ولا أَنْ يكونَ من لفظ الأَوَّلِ أيضاً خلافاً لزاعمه». البحر المحيط : ٨ / ٤٩٥.

(٢) سورة العلق : ٩٦ / ١٥ ـ ١٦.

(٣) المحتسب : ١ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥.

(٤) انظر : النشر : ١ / ٣٦٦.

(٥) من قوله تعالى من سورة فصلت : ٤١ / ٤٤ : (لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاْعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ).


لا استفهامٌ (١) ، أَي لقالوا : لولا فُصِّلتْ آياتُهُ ثمّ أخبر فقال : الكلام الذي جاء أعجمي (٢) أَي قرآن وكلام أعجمي ولم يخرج مخرجَ الاستفهام على معنى التعجّبِ والإنكار على قراءة الكافّةِ ، وهذا كقولِك للآمرِ بالمعروف التارك لاستعمالهِ : أراك تأمر بشيء ولا تفعله ، وعلى قراءة الكافّة : أتأمر بالبِرِّ وتتركه؟ (٣)

جواز تقديم الخبر على المبتدأِ

بِمنَاسبةِ ذكرِ قراءة ابن مسعود : (وباطلاً مَا كانُوا يَعْمَلُونَ) (٤).

قال أبو الفتح : استدلّ أبو علي بذلك على جواز تقديم خبر كان عليها (٥). وعلى نحو من ذلك مَا (٦) استَدَلَّ أَبو علي على جوازِ تقديمِ خبر المبتدأ عليه (٧) بقولِ الشماخِ (٨) :

__________________

(١) يريد أَنَّه خبر لا إنشاء.

(٢) وبهذا أَخذَ الرازي في اللوامع. وعلى تقدير الفرّاء أعجمي مبتدأ مؤخّر ، أَي هلاّ فُصِّلَتْ آياته منها عربي يعرفه العربي ، وأَعجمي يفهمه الأعجمي. معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ١٩ والبحر المحيط : ٧ / ٥٠٢.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٤٨.

(٤) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ١٦ : (وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) بالرفع.

(٥) سنذكر هذا الاستدلال مفصّلاً في باب النواسخ.

(٦) ما : زائدة.

(٧) جوّز البصريون تقديم الخبر على المبتدأِ ومنع ذلك الكوفيون. انظر : الإنصاف : ١ / ٤٦.

(٨) قال الجرجاني في المقتصد : ٢٤٧. قال الشيخ أبو علي : وقد يجوز أن تقدم خبر المبتدأ فتقول منطلقٌ زيدٌ وضربتُهُ عمروٌ وتريدُ عمروٌ ضربتُهُ. ويدلُّ على جوازِ تقديمِهِ قولُ الشَّمَّاخِ :

كلا يومَيْ طُوالةَ وصلُ أروى

ظُنُونٌ آنَ مُطَّرَحُ الظُّنُونِ


كِلاَ يومَيْ طُوَالةَ وصلُ أروى

ظَنُونٌ آنَ مُطَّرَحُ الظُّنُونِ (١)

فقال : (كِلاَ) ظرف لقوله (ظَنُونٌ) على (وصل أَروى) كَأَ نَّهُ قَالَ : ظَنُونٌ في كلا هذين اليومين وصلُ أَروى ، أَي : هومُتَّهَمٌ فيهما كليهمَا (٢).

حذف الخبر

قَرأَ الأعمشُ ـ وَقَد اختلف عنه ـ : (أَمَنْ خَلَقَ) (٣) خفيفة الميم.

قال أَبو الفتح : (مَنْ) هنا خبر (٤) بمنزلةِ الذي ، وليست باستفهام (٥) كقراءة الجماعة : (أَمَّنْ خَلَقَ) (٦) فكأ نّه قال : الذي خلَقَ السماواتِ والأرضَ وأَنزلَ لَكُم مِنَ السماءِ ماءً فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ، ما كان لكم أن تنبتوا شجرَها خيرٌ أَم ما تُشرِكُون؟ ثُمَّ حَذَفَ الخبرَ الذي هو خبرٌ أم ما

__________________

وقال في إعراب القرآن المنسوب إلى الزَّجَّاج : ١ / ٢٧٤ : إنَّ أبا علي خَيَّلَ إلى عَضُدِ الدَّولةِ أنَّهُ استنبط من الشعر ما يدلُّ على جواز ذلك ثمّ استشهدَ بيتِ الشَّمَّاخ .... قال : ولو كان أبو الحسن حاضراً لم يستدلَّ بقول الشَّمَّاخ وإنَّمَا يتبرَّك بقولِهِ عزَّ مِنْ قائِل : (وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) البقرة : ٢ / ٤ ، ألا ترى أنَّ (هم) مبتدأ و (يوقنون) في موضع خبره والجار من صلة يوقنون وقدَّمَهُ على المبتدَأ؟

(١) ديوان الشماخ : ٩٠ والمحتسب : ١ / ٣٢١ والمخصص : ١٥ / ٢١٠ والمقتصد : ٢٤٧ والإنصاف : ١ / ٤٧ وشرح المفصل لابن يعيش : ٣ / ١٠١ وطُوالةُ : بئرٌ لبني مُرَّةَ وغطفانَ في ديار فُزَارةَ والظَنُون كلّ ما لا يوثق به. إعراب القرآن للزجّاج : ١ / ٢٤٧ ولسان العرب : ـ طول ـ ١٧ / ١٤٦.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٢١.

(٣) من قوله تعالى من سورة النمل : ٢٧ / ٦٠ : (أَمَّنْ خَلَقَ السَّموَاتِ وَالاَْرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَة مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا).

(٤) يريد بالخبر ما يقابل الإنشاء ، حيث أنَّ (من) محلّها مبتدأ.

(٥) هذا رأي الأخفش. انظر : معاني القرآن للأخفش : ١٥٦ / أ.

(٦) سورة النمل : ٢٧ / ٦٠.


تشركون (١) ، لدلالة ما قبله عليه ، وهو قوله تعالى : (ءَآللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) (٢) وما يحذف خبره لِدَلالة ما هناك عَليه أَكثر مِن أَن يحصى (٣) وقرأ أبو عبد الرحمن عبدُ الله بنُ يزيدَ : (الذي تساءَلونَ بهِ والأرحامُ) (٤) رفعاً قراءةً ثالثةً.

قالَ أَبو الفتح : ينبغي أنْ يكونَ رفعُهُ على الابتداءِ وخبرُهُ محذوفٌ ، أَي : والأرحامُ مِمَّا يَجِبُ أَن تَتَّقُوهُ (٥) وأنْ تحتاطوا لأَنفِسِكُم فيه ، وحَسُنَ رفَعُهُ لأَ نَّه أوكدُ في مَعنَاهُ أَلاَ ترى أَنك إذا قلتَ ضربتُ زيداً فزيدٌ فضلةٌ على الجملةِ ، وإنَّمَا ذكر فيها مرّةً واحدةً؟ فإذا قلتَ : زيدٌ ضربتُهُ فزيدٌ رَبُّ الجملةِ ، فلا يُمكنُ حذفُهُ كَما يُحذَفُ المفعولُ على أَنَّهُ نيِّفٌ وفضلةٌ بعد استقلال الجملةِ ، نعمْ ولزِيد فيها ذِكْرَانِ : أَحدُهُما : اسمُهُ الظاهرُ.

والآخر : ضميرُهُ ، وهو الهاءُ ، ولَمَّا كانَتِ الأرحامُ فيما يُعنى بهِ ويقوى الأَمر في مراعاته جاءت بلفظ المبتدأ الذي هو أَقوى مِنَ المفعولِ.

__________________

(١) وهكذا قدره الزمخشري ، وقال ابن عطية تقديره : «يكفر بنعمتِهِ ويشرك» وهو تقدير لا يستقيم معه المعنى ، وقال الرَّازي : لا بدَّ من إضمار جملة معادلة والتقديرُ : أَمَنْ خَلقَ السماواتِ كَمَنْ لم يخلق؟ انظر : البحر المحيط : ٧ / ٨٩.

(٢) سورة النمل : ٢٧ / ٥٩.

(٣) المحتسب : ٢ / ١٤٢.

(٤) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالاَْرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً).

(٥) وقدَّرَهُ العكبري : والأرحامُ محترمة أو واجبٌ احترامها.

انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ١٦٥.


وإذا نُصِبَتِ (١) الأرحام أو جُرَّتْ (٢) فهي فضلة ، والفضلة متعرِّضَةٌ للحذف والبذلةِ.

فإنْ قلتَ : فَقَد حُذِفَ خبرُ الأرحامِ أَيضاً على قولك.

قيل : أَجل ، وَلَكِنَّهُ لم يحذف إلاّ بعدَ العلم بهِ ، ولو قد حُذفتِ الأرحامُ منصوبةً أو مجرورةً فقلت : (وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) لم يكن في الكلام دليل على الأرحام إنَّها مرادة أو مقدرة ، وكلَّمَا قويتْ الدَّلالةُ على المحذوف كان حذفه أسوغ ، ونحو من رفع الأَرحام هنا بعد النصب والجرِّ قول الفرزدق :

يَا أيَّها المُشتكِي عُكلاً ومَا جَرَمَتْ

إلى القبائِل من قتل وإِبْآسُ

إنَّا كَذَلَك إذ كانت هَمَرَّجَةٌ

نَسبِي وَنَقْتُلُ حَتَّى يُسْلَم الناسُ (٣)

__________________

(١) قراءة جمهور السبعة ما عدا حمزة. انظر : الحُجَّة لابن خالويه : ٩٤ والكشف عن وجوه القراءات السَّبْع : ١ / ٢٧٥ والبحر المحيط : ٣ / ١٥٧.

(٢) الجرّ قراءة حمزة. وهي قراءة ابن عباس والحسن والنَّخعي وقتادة والأعمش وغيرهم. وقد ردّ نحاة البصرة هذه القراءة ، وضعفوها وقالوا : لا تجوز ، لأ نَّه لا يُعطَفُ ظاهرٌ على مضمر مخفوض من غيرِ إعادةِ حرفِ الجرِّ. لكنْ أجازَ ذلك الكوفيونَ كما أجازَهُ منَ البصريين يُونُس وقُطرُب ونُسِبَ القولُ بإجازةِ ذلك إلى الأخفشِ ، ولا أدري أَي أخفش هو من الأخافش الأحد عشر ، لأنَّ سعيد بن مُسعدةَ الأخفش الأوسط قد ذهب إلى منع ذلك في (معاني القرآن) وممن يجوِّزَ ذلك أبو علي الشلوبين وابنُ مالك وأَبو حَيَّان. ويُخَرِّجُ أبو الفتح بنُ جنِّي قراءةَ حمزةَ على حذف الباء. الخصائص : ١ / ٢٨٥ والإنصاف : ٢ / ٢٤٦ المسألة : ٦٥ وشرح المفصل : ٣ / ٧٨ وشرح الكافية : ١ / ٣٢٠ وشواهد التوضيح والتصحيح : ٥٣ وما بعدَهَا والبحر المحيط : ٢ / ١٤٧ و ٣ / ١٥٧ ـ ١٥٩ وشرح ابن عقيل : ٢ / ٢٤٠ وهمع الهوامع : ٢ / ١٣٩ والمجيد في إعراب القرآن المجيد : ١ / ٥٥ والدفاع عن القرآن : ٢ ـ ٤.

(٣) ورد في لسان العرب صدر البيت الثاني غير منسوب و (بينا) مكان (إِنَّا) و (هاجت)


أَي : من قتل وإبآس أيضاً كذلك ، فقوى لفظه بالرفع لأَ نَّهُ أَذهبُ في شكواهُ إيّاهُ وعليه أيضاً قوله :

 ......

 ...... إلاَّ مُسْحَتاً أَو مُجَلَّفُ (١)

فيمن قال : أراد أو مجلفٌ كذلك.

ومن حمله على المعنى فرفعه وقال : إذا لم يدع إلاّ مسحتاً فقد بقي المسحتُ وبقي أَيضاً الُمجلَّفُ سَلَك فيهِ غيرَ الأولِ (٢).

وروى عمرو عن الحسن (٣) : (وأرجلُكُم) (٤) بالرفعِ.

قالَ أبو الفتحِ : ينبغي أَنْ يكونَ رفعُه بالابتداءِ ، والخبر محذوف (٥) دلَّ عليه ما تقدّمه من قوله سبحانه : (إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاَةِ فَاغسِلُوا وُجُوهَكُمْ) (٦) أَيّ : وأَرجُلُكم واجب غسلها أو مفروضٌ غسلُهَا ، أَوْ مغسولةٌ كَغيرِهَا ونحو ذلك وَقَدْ تَقَدَّمَ نحو هذا مِمَّا حُذِفَ خبرُهُ لدلالة ما هناك

__________________

مكان (كانت). والهَمَرَّجَةُ الاختلاط والالتباس ، والخفّة والسرعة. انظر : لسان العرب ـ بين ـ : ٣ / ٢١٧.

(١) تمام البيت :

وَعَضُّ زَمَان ياابنَ مروانَ لم يدعْ

مِنَ المَالِ إلاّ مُسْحَتاً أو مُجَلَّفُ

روى (مسحتٌ) بالرفع و (مجرّب) مكان (مجلف) والمسحتُ المبدّد ، والمُجَلَّفُ الذي أُخذ من جوانبِهِ وبقيتْ منهُ بقية. انظر : ديوان الفرزدق : ٥٥٦ والخصائص : ١ / ٩٩ ولسان العرب : ١٠ / ٣٧٥ وخزانة الأدب : ٥ / ١٤٤.

(٢) المحتسب : ١ / ١٧٩ ـ ١٨٠.

(٣) انظر : البحر المحيط : ٣ / ٤٣٨.

(٤) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٦ : (وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ).

(٥) كذلك في إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٠٩ والبحر المحيط : ٣ / ٤٣٨.

(٦) سورة المائدة : ٥ / ٦.


عليه (١) ، وكأ نَّهُ بالرفع أقوى معنى ، وذلك لأَ نَّهُ يستأنف فيرفعه على الابتداء فيصير صاحب الجملة. وإذا نصبَ (٢) أو جَر (٣) عطفه على ما قبله (٤) فصار لَحَقاً وتَبَعاً فاعرفْهُ (٥).

وقرأَ ابنُ مسعود (٦) : (وَبَحرٌ يُمِدُّهُ) (٧) وهي قراءة طلحة بن مصرِّف.

قال أَبو الفتح : أَما رفع (بحر) فالابتداءُ (٨) ، وخبرُهُ محذوفٌ ، أَي : وهناك بحر يُمِدُّهُ مِنْ بعدِهِ سبعةَ أَبحُر ولا يَجوزُ أَنْ يكونَ (بَحرٌ) مَعطوفاً عَلى (أقْلاَم) لأَنَّ البحر وما فيهِ مِنَ الماءِ ليسَ من حديثِ الشَّجَرِ والأقلامِ وإنَّمَا هو من

__________________

(١) تنظر : ص : ١٥١.

(٢) تلك قراءةُ نافع وابنَ عامر والكسائي وحفص عن عاصم. انظر : الكشف عن وجوه القراءات : ١ / ٤٠٦.

(٣) على قراءة عبد الله بن كثير وأبي عمرو بن العلاء وحمزة وأبي بكر وهي قراءة أنس وعِكرِمَةَ والشعبي والإمام الباقر (عليه السلام) : انظر : البحر المحيط : ٣ / ٤٣٧.

(٤) وقال الأخفشُ وأبو عبيدةَ : الخفض على الجوار. وقال الزجّاج : «من قرأ وأرجلِكُمْ بالجرِّ عطفَ على الرؤوس». وقال مكّي بن أبي طالب : «وحُجَّةُ من خفضَهُ أَنَّهُ حَمَلَهُ على العطف على الرؤوس لأ نّها أقربُ إلى الأرجل». وقال أبو حيان : «الظاهر من هذه القراءة اندراج الأرجلِ في المسح». انظر : معاني القرآن للأخفش : ١٠٢ / ب ومجاز القرآن : ١ / ١٥٥ ومعاني القرآن وإعرابه : ٢ / ١٦٧ والكشف عن وجوه القراءات السبع : ١ / ٤٠٦ والبحر المحيط : ٣ / ٤٣٧.

(٥) المحتسب : ١ / ٢٠٨.

(٦) انظر معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٢٩ والبحر المحيط : ٧ / ١٩١.

(٧) من قوله تعالى من سورة لقمان : ٣١ / ٢٧ : (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ).

(٨) والواو واو الحال. وقد ذكروا أَنَّ من مسوغات الابتداء بالنكرة أَن تكون واو الحال تقدّمته.

انظر : البحر المحيط : ٧ / ١٩١.


حديثِ المدادِ كما قَرَأَ جعفر بن محمّد عليهما السلام : (والبَحْرُ مِدَادُهُ) (١).

الضمير العائد في الجملة الخبرية

قَرأَ يَحيى وإبراهيم والسُّلَمِي : (أَفَحُكْمُ الجاهليةِ يَبغُونَ) (٢) بالياء ورفع الميم.

قال ابن مجاهد : وهو خَطأ.

قالَ : وقالَ الأعرجُ : لا أَعرِفُ فِي العربية أَفحكمُ ، وقرأَ (أَفحكمَ) ، نَصباً.

قال أَبو الفتح : قول ابن مجاهد إِنَّهُ خطأ فيه سَرَفٌ ، لَكنّهُ وَجهٌ غَيْرهُ أَقوى مِنْهُ ، وهو جَائز في الشعر (٣). قال أَبو النجم :

قَد أَصْبَحتْ أُمُّ الخيار تدَّعي

عليَّ ذَنباً كلُّهُ لَمْ أَصْنَعِ (٤)

أَي : لَمْ أَصنعْهُ ، فحذَفَ الهاءَ. نعم ولو نصبَ فقالَ (كلَّه) لَمْ ينكسِرْ الوزنُ ، فهذا يؤنسُك بِأَ نَّهُ ليسَ للضرورةِ مطلقة بل لأن له وجهاً من القياس ، وهو تشبيه عائد الخبر بعائد الحال أَو الصفة ، وهو إلى الحال أَقرب ، لأَ نَّها ضربٌ مِنَ الخبر.

فالصفة كقولِهم : الناسُ رجلان : رجلٌ أَكرمَتَ وَرَجَلٌ أَهنْتَ ، أَي : أكرمتَهُ وأَهنْتَهُ ، والحال كقولِهم : مررتُ بهند يضربُ زيدٌ ، أَي : يَضْرِبُها زَيْدٌ ، فَحَذَفَ عائِدَ الحالِ ، وهو في الصفة أمثلُ ، لِشَبهِ الصفةِ بالصلة في نحوِ قولهِم : أَكْرمْتُ

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١٦٩.

(٢) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٥٠ : (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ).

(٣) انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢١٨.

(٤) البيت لأبي النجم. انظر : الكتاب ١ / ٤٤ و ٦٤ و ٦٩. وإملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢١٨ وهمع الهوامع : ١ / ٩٧ وخزانة الأدب : ١ / ٣٥٩.


الذي أَهنتَ ، أَي : أَهنتَهُ ، وَمَررتُ بالتي لقيتُ ، أَي : لقيتُها ، فغيرُ بعيد أَن يكونَ قولُه : (أفحَكْمُ الجاهليةِ يَبْغُونَ) يرادُ بهِ يبغونَهُ ، ثُمَّ يُحذَف الضميرُ ، وهذا وإن كانت فيهِ صنعةٌ فإنَّهُ ليسَ بخطأ (١).

وفيهِ مِنْ بعدِ هذا شيئانِ نَذكرهُمَا : وهو أَنَّ قولَهُ : (كُلُّهُ لَم أَصنَعِ) وإنْ كانَ قَدْ حُذِفَ منهُ الضميرُ فإنَّه قَدْ خلفَهُ وأُعيضَ منه ما يقوم مقامه في اللفظ ، لأ نّهُ يُعاقِبُهُ ولا يجتمع معه ، وهو حرف الإطلاقِ ، أَعني الياءَ في (أَصنعي) فلمّا حضر ما يعاقب الهاء فلا يجتمع معها جازت لذلك ، كأ نَّها حاضرة غير محذوفة. فهذا وجهٌ.

والثاني : أَنَّ هناك همزة استفهام ، فهو أَشدّ لتسليط الفعل ، أَلاَ ترى انَّك تقول : زيدٌ ضربتُهُ فيُختارُ الرفعُ ، فإذا جاءَ همزةُ الاستفهام اخترتَ النصبَ البتّة ، فقلتَ : أزيداً ضربتَهُ ، فنصبتَهُ بفعل مضمر يكون هذا الظاهر تفسيراً له.

فَإذا قلتَ : أفحكمَ الجاهليةِ تَبغونَ ولم تُعِدْ ضميراً ولا عوضتَ منه ما يعاقبه ، وحرفُ الاستفهام الذي يُختار معه النصب والضمير ملفوظ به موجود معك فتناد الحال تختلف على فسادِ الرفعِ وبإزاءِ هذا أَنَّهُ لو نصب فقال : كُلَّهُ لَمْ أصنعِ لَمَا كَسَر وزناً ، فهذا يؤنسك بالرفعِ في القراءةِ.

__________________

(١) اختلف في جواز حذف الضمير العائد على المبتدأِ : فقد جوَّز الفراء حذفَهُ إذا كان منصوباً مفعولاً به وقيل إنَّه مذهبُ الكسائي. وقد ادَّعَى ابنُ مالك الإجماعَ على جواز ذلك وقد منعه البصريون وقال سيبويه : هو ضعيف. والصحيح كما ذهب إليه ابنُ جنِّي جوازُهُ بقلَّة. الكتاب : ١ / ٤٤ والتسهيل : ٤٨ وخزانة الأدب : ١ / ٣٥٩.


وَإن شِئتَ لَمْ تَجعلْ قولَهُ (يَبغونَ) خبراً ، بل تجعله صفةَ خبر موصوف محذوف ، فكأ نّهُ قالَ : أفحكمُ الجاهليةِ حكم يَبغُونَهُ ، ثُمَّ حذف الموصوف الذي هو حُكم وأَقام الجملة التي هي صفته مقامه ، أَعني يبغون ، كما قالَ اللهُ سبحانَهُ : (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ) (١).

أَي قوم يحرّفون ، فحذف الموصوف وأُقيمتِ الصفةُ مقامَهُ ، وعليه قوله :

وما الدهر إلاّ تارتان فمنهما

أموتُ وأُخرى أبتغي العيشَ أكدَحُ (٢)

أَي فمنهما تارةٌ أموتُ فيها ، فحذفَ تارة وأَقامَ الجملةَ التي هي صفتُها نائبة عنها فصار أَموت فيها ، ثمّ حذف حرف الجر فصار التقدير أَموتها ، ثمّ حذفَ الضميرَ فصارَ أموت. ومثله في الحذف من هذا الضرب بَل هو أَطول منهُ.

تروَّحي يا خَيرة الفسيلِ

تروَّحي أَجدرَ أَن تقيلي (٣)

أَصلُهُ : ائتي مكاناً أَجدرَ بِأَنْ تقيلي فيه ، فحذف الفعل الذي هو (ائتي) لدلالة تروّحي عليه ، فصار مكاناً أجدرَ بِأَنْ تقيلي فيه ، ثمّ حذف الموصوف الذي هو مكاناً فصار تقديره أَجدرَ بأنْ تقيلي فيه ، ثمّ حذف الباءَ أَيضاً تخفيفاً فصار أَجدرَ أَنْ تقيلي فيه ، ثمّ حذف حرف الجرِّ فصار أَجدر أَن

__________________

(١) سورة النساء : ٤ / ٤٦.

(٢) البيت لتميم بن مقبل. انظر : ديوانه : ٢٤ والكتاب : ١ / ٣٧٦ والمقتضب : ٢ / ١٣٨ وهمع الهوامع : ٢ / ١٢٠ والخزانة : ٥ / ٥٥.

(٣) الرجز لأحيحة بن الجلاخ. انظر : أمالي ابن الشجري : ١ / ٣٤٣ وشرح التصريح : ٢ / ١٠٣ والأشموني : ٣ / ٤٦.


تقيليه ، ثمّ حذف العائد المنصوب فصار أَجدر أنْ تقيلي.

ففيه إذاً خمسة أعمال ، وهي حذفُ الفعلِ الناصب ، ثُمَّ حذف الموصوف ، ثُمَّ حذف الباءِ ، ثمّ حذف (في) ، ثمّ حذف الهاء ، فتلك خمسة أَعمال. وهناك وجه سادس ، وهو أَنّ أَصْلَهُ ائتي مكاناً أَجدر بِأَن تقيلي فيهِ مِنْ غيرهِ ، كما تقول : مررتُ برجل أَحسنَ من فلان ، وأَنتَ أَكرمُ عليَّ من غَيرك. فَإذا جازَ في الكلام توالي هذه الحذوف ولم يكن معيباً ولا مشيناً ولا مستكرهاً كان حذفُ الهاءِ من قوله تعالى : (أَفَحُكْمُ الجَاهِلِيَةِ يَبغُونَ) ، والمراد به : حُكم يبغونَهُ ، ثمّ حَذفُ الموصوفِ وعائدهِ أسوغَ (١) وأسهلَ وأيسرَ (٢) وَقَرأَ زهيرُ الفُرقُبي : (يَومُ يَأتِي بَعضُ آياتِ رَبِّك) (٣) بالرَّفعِ.

قالَ أَبو الفتح : ينبغي أَن يكونَ ارتفاع اليوم بالابتداءِ ، والجملة التي هي قوله تعالى : (لاَ يَنْفَعُ نَفساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيراً) خبرٌ عَنْهُ ، والعائد من الجملة محذوف لطولِ الكلامِ والعلمِ بِه ، وإذا كانوا قَد قَالوا : السَّمْنُ منوانُ بدرهَم (٤) فَحَذَفُوا وَهُم يريدونَ (مِنه) مَعَ قصر الكلام كان حذف العائد هنا لطول الكلام أَسوغ ، وتقديره : لا ينفع فيه نفساً إيمانُها.

__________________

(١) خبر كان من قوله : كان حذفُ الهاء ....

(٢) المحتسب : ١ / ٢١١ ـ ٢١٢.

(٣) من قوله تعالى من سورة الأَنعام : ٦ / ١٥٨ : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً).

(٤) تنظر : ص : ١١٤.


وَمِثلهُ قَولُهُم : البُرُّ الكُرُّ (١) بستّين (٢). أَي الكُرُّ مِنْهُ.

وفي قَولهِ تعالى : (إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَن أَحْسَنَ عَمَلاً) (٣) ثلاثة أَقوال : أحدُها : أنَ يَكونَ على حذفِ العائدِ ، أَي إِنَّا لا نضيع أَجرَ مَنْ أَحْسَنَ عملاً مِنْهُم ، وله نظائر كثيرة (٤).

وَقَرأَ عِكرِمَة وعمرو بن فائد : (والأرضُ يمرّونَ عَلَيْهَا) (٥) بالرفع ، وقرأ السدي : (الأرضَ) نصباً ، وقراءة الناس : (والأرضِ).

قال أَبو الفتح : الوقفُ فِيمَن رفع أو نصب على السماوات ثمّ تبتدئ فتقول : (والأرضُ ، والأرضَ) فأمَّا الرفعُ (٦) فعلى الابتداءِ ، والجملة بعدَها خبرٌ عنها ، والعائد منها على الأرضِ (ها) من عليها و (ها) من عنها عائد على الآية (٧).

__________________

(١) الكرّ : مكيال لأهل العراق وهو ستّون قفيزاً أو أربعون أردبًّا.

انظر : لسان العرب : ٦ / ٤٥١.

(٢) انظر الحلبيات ـ المخطوط ـ : ٤١.

(٣) سورة الكهف : ١٨ / ٣٠.

(٤) المحتسب : ١ / ٢٣٦.

(٥) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ١٠٥ : (وَكَأَيِّن مِّن آيَة فِي السَّموَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ).

(٦) وأمَّا النصب : فسنذكره في موضوع حذف الفعل الناصب.

(٧) المحتسب : ١ / ٣٤٩.


النواسخ

من النواسخ التي ترفع المبتدأ وتنصب الخبر

١ ـ كـان

أ ـ تذكير كان مع تأنيث اسمها

قَرَأَ إبراهيم (١) : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ صَاحِبةً) (٢) بالياءِ قال أبو الفتح : يَحْتَمِلُ التذكيرُ هنا ثلاثةَ أَوجه :

أَحدها : أن يَكونَ في (يكن) ، ضمير اسم الله ، أَي : لم يكن الله له صاحبةٌ ، وتكون الجملة التي هي (له صاحبة) خبر كان.

والثاني : أَن يَكونَ في (يكنْ) ، ضمير الشأنِ (٣) والحديث على شريطة التفسيرِ وتكون الجملة بعده تفسيراً لَهُ وخبراً كقولِك كانَ زيد قائم أَي كان الحديث والشأن زيدٌ قائمٌ.

والثالث : أَنْ تكونَ (صاحبة) اسم (كان) وجازَ التذكير هنا للفصل بين الفاعل والفعل بالظرف الذي هو الخبر كقولنا : كان في الدار

__________________

(١) هو إبراهيم النَّخعي. انظر : البحر المحيط : ٤ / ١٩٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة الأَنعام : ٦ / ١٠١ : (بَدِيعُ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْء وهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ).

(٣) سنذكر هذا الوجه في مبحث اسم كان ضمير الشأن.


هندٌ (١).

ومثله ما حكاه صاحب الكتاب من قولهِم : حضَر القاضِي اليوم امرأة (٢) وَأَ نَا أرى أَنَّ تذكيرَ (كان) معَ تأِنيثِ اسمها أَسهل مِن تذكيرِ الأفعال سواها وسوى أَخواتها مع فاعليها (٣). وكان في الدار هندٌ أسوَّغَ من قامَ في الدار هندٌ ، وذلك أنَّهُ إِنَّمَا احتيجَ إلى تأنيثِ الفعلِ عند تأنيثِ فاعلهِ لأَنَّ الفعلَ انطبعَ بالفاعلِ حتَّى اكتسى لفظُه من تأنيثِهِ فقيلَ : قامتْ هند وانطلقت جُمْل ، من حيث كان الفعل والفاعل يَجرِيان مجرى الجزء الواحد ، وإنَّمَا كانَ ذلك كذلك لأَنَّ كُلَّ واحد منهما لا يستغني عن صاحبه ، فأنث الفعل إيذاناً بأَنَّ الفاعلَ الواقعَ بعدَهُ مؤنث ، وليس كذلك حديثُ كانَ وأَخواتها ، لأَ نَّهُ لَيسَتْ (كان) معَ اسمها كالجزءِ الواحدِ ، من قِبَـلِ أَنك لو حذفتَ (كان) لاستقلَّ ما بعدَها برأسهِ ، فقلت في قولِك : كانَ أَخوك جالساً : أخوك جالسٌ ، فَلَمَّا أَنْ قامَ ما بعدَها برأسِه وَلَم يحتجْ إليها لم يتّصلْ بهِ اتّصالَ الفاعلِ بفعلِهِ ، نحو قامَ جعفرٌ وجلسَ بِشْرٌ.

أَلاَ تراك لو حذفتَ الفعلَ هُنا لاتفردَ الفاعل جزءاً برأسهِ فَلم يستقلّ بنفسِه استقلاَلَ الجملةِ بعدَ (كانَ) بِنَفسِهَا؟ فَلَمَّا لَم تَقوَ حاجتُه إلى (كان) قوةَ حاجة الفاعل إلى الفعلِ انحطّتْ رتبتُهُ في حاجتِهِ إلى (كانَ) ، فامتازَ مِنْهَا

__________________

(١) ذكر هذه الوجوه العكبري مع تقديم وتأخير فيها كما ذكرها أبو حَيَّان.

انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٥٦ والبحر المحيط : ٤ / ١٩٤.

(٢) عبارة سيبويه : (حضر القاضي امرأة). الكتاب : ١ / ٢٣٥.

(٣) قالَ أَبو حيان : لا أعرف هذا عن النحويين ولم يفرّقوا بين كان وغيرها.

انظر : البحر المحيط : ٤ / ١٩٤.


امتيازاً قد أَحطنا به ، فساغ لذلك أَلاَّ يلزمَ تأنيثُ (كان) لاسمها إذا كانَ مؤنثاً تأنيثَ الفعلِ لفاعلِهِ إذا كان مؤنثاً ، ولم يذكر أَحدٌ من أصحابِنَا هذا (١) فأفهمْهُ ، فإِنَّ هذهِ حالهُ (٢).

ب ـ اسم كان أعرف من خبرها

قالَ أَبو الفتح : اختاروا : (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا) (٣) ، فَجعلوا اسم كان (أَنْ قَالوا) (٤) ، لأَ نَّهُ (٥) ضارَعَ المضمَرَ بالامتناع من وصفه كالامتناع من وصف المضمر (٦) والمضمر أعرف (٧) من (جواب قومهِ) وإذا كان أعرف كانَ بكونِه اسم (كان) أَجدَر (٨).

__________________

(١) يشهد بذلك قول أبي حيان في البحر المحيط : ٤ / ١٩٤.

ينظر الذي ذكر في : ص : ١٦١.

(٢) المحتسب : ١ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥.

(٣) سورة الأَعراف : ٧ / ٨٢. قراءة الجمهور بنصب (جوابَ) وقرأ الحسن برفعه.

انظر : البحر المحيط : ٤ / ٣٣٤ وسيذكر أبو الفتح ذلك قريباً.

(٤) الضمير يعود على المصدر المؤول من أن ومَا بعدَها.

(٥) قال سيبويه : (أَنْ) محمولة على (كانَ) ، كأ نَّهُ قالَ : فما كانَ جوابَ قومهِ إلاّ قوله كذا

وكذا.

وإن شِئتَ رفعتَ الجوابَ فكانت (أنْ) منصوبة. انظر : الكتاب : ١ / ٤٧٦.

(٦) قال ابن الحاجب : «والمضمر لا يوصف ولا يوصف به والموصوف أخصّ أو مساو» وقد علّل ذلك الرضي الأسترآباذي وأجاز الكسائي وصف ضمير الغائب.

انظر : شرح الكافية : ١ / ٣١١ وشرح اللمحة البدرية : ١ / ٢٩٥.

(٧) على اعتبار أنَّ المضمرَ أعرفُ المعارفِ على قولِ. انظر : اللمحة البدرية : ١ / ٢٩٥ وقد قال سيبويه تبتدئ بالأَعرف : الكتاب : ١ / ٢١.

(٨) المحتسب : ٢ / ٣١٤.


وقرأ الحسن : (فما كانَ جوابُ قومه) (١) برفع الباء.

قال أَبو الفتح : أَقوى من هذا (جوابَ قومهِ) بالنصبِ ، ويجعل اسم كان قوله : (أَنْ قَالوا أَخرجوا آل لُوط) لشبه أَنْ بالمضمر من حيثُ كانَتْ لا توصف كما لا يوصف ، والمضمر أَعرف من هذا المظهر وقد تقدّم القولُ في ذلك (٢).

وقَرَأَ عليٌّ (عليه السلام) والحسنُ ـ بخلاف ـ وابنُ أبي إسحاق : (إِنما كان قولُ المؤمنينَ) (٣) بالرفعِ.

قالَ أَبو الفتح : أَقوى القراءتين إِعراباً ما عليه الجماعة من نصب (القول) (٤) وذلك أَنَّ في شرطِ اسم كان وخبرها أَنْ يكونَ اسمُهَا أَعرفَ مِنْ خبرِهَا (٥) وقولُهُ تعالى : (أَنْ يقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) أَعرف من (قولَ المؤمنين) ، وذلك لشبه (أنْ) وصلتها بالمضمر من وحيثُ كان لا يجوز وصفها كما لا يجوز وصف المضمرِ والمضمرُ أَعرَفُ (٦) من قولِ المؤمنين ، فلذلك اختارت الجماعة أنْ تكون (أنْ) وصلتها اسم كان. ومثله (وَمَا كَانَ

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة النمل : ٢٧ / ٥٦ : (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوط مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ).

(٢) المحتسب : ٢ / ١٤١.

(٣) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٥١ : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

(٤) هي قراءةُ الجمهور. البحر المحيط : ٦ / ٤٦٨.

(٥) قال سيبويه عن اسم كان وخبرها : اعلم أَنَّهُ إِذَا وقعَ في هذا الباب نكرة ومعرفة فالذي تشغل به كانَ المعرفةِ لأَ نَّهُ حدُّ الكلام وليسَ بمنزلةِ قولك : ضربَ رجلٌ زيداً لأ نّهما شيئان مختلفان وهما في كان بمنزلتهما في الابتداء إذا قلتَ عبدُ الله منطلقٌ تبتدئ بالأعرف ثمّ تذكر الخبر وذلك قولك كانَ زيدٌ حَليماً. الكتاب : ١ / ٢٢.

(٦) انظر ما تقدّم في : ص : ١٦٢.


جَوابَ قَومِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا) (١).

أَي : إلاَّ قولُهم على ما مضى. فأما قولهم :

وَقَدْ عَلِمَ الأَقوامُ مَا كانَ دَاءَهَا

بِثَهْلاَنَ إِلاَّ الخِزْيُ مِمَنْ يَقُودُهَا (٢)

وَأَ نَّهُ إِنَّمَا اختيرَ فيه رفعُ الخزيّ وإِنْ كان مُظهَراً ومعرفةً كما أنَّ داءَها مُظهرٌ ومعرفةٌ ، من حيثُ أَذكرُهُ لك ، وذلك (أَنَّ إِلاّ إذا باشرتْ شيئاً بعدَها فَإِنَّمَا جِيءَ به لتثبيته وتوكيد معناه ، وذلك كقولِك : ما كانَ زيدٌ إلاَّ قائماً ، فزيدٌ غيرُ محتاج إلى تثبيته ، وإِنَّمَا يَثبتُ لهُ القيامُ دونَ غيرِهِ.

فإذا قُلْتَ : ما كانَ قائماً إلاّ زيدٌ فهناك قيامٌ لا محالةَ ، وإنِّمَا أَنتَ ناف أَنْ يكونَ صاحِبُهُ غيرَ زيد فعلى هذا جاء قولُه : ما كانَ داءَها بثهلان إلاّ الخزيُ ، برفعِ الخزي ، وذلك أَنَّهُ قد شاعَ وتعولِمَ أَنَّ هناك داءٌ ، وإِنَّمَا أَرادَ أَنْ يثبتَ أَنْ هذا الداءَ الذي لا شَك في كونِهِ ووقوعهِ لَمْ يَكنْ جانِيهُ ومُسَببُهُ إلاّ الخزيُ ممنْ يقُودُها ، فهذا أمرٌ الإِعراب فيه تابعٌ لمعناهُ ومحذوٌ على الغرضِ المرادِ فيه) (٣) وأَما قولُهُ :

وَلَيْسَ الذي يَجْرِي مِنَ العينِ ماءَهَا

وَلَكنَّها نَفْسٌ تَذُوبُ فَتَقْطُرُ (٤)

وَيرُوى (وَلَكِنَّه) فالوجهُ فيه نصبُ الماءِ وذلك أنَّهُ رأى ماءً يجري من العين فاستكثره واستنكره فقال : ليسَ هذا الذي أَراه جارياً من العين ماء

__________________

(١) سورة الأعراف : ٧ / ٨٢. وانظر : ص : ١٦٢.

(٢) يقول : لم يكن سبب انهزام هذه الكتيبة عند جبل ثهلان إلاّ جبن قائدِها والبيت لا يعرف قائله. انظر : الكتاب : ١ / ٢٤ والمحتسب : ٢ / ١١٦ وشرح المفصل : ٧ / ٩٦.

(٣) المحصور بين القوسين سنذكره في مبحث إلاّ ، ص : ٢٨٦.

(٤) البيت لأَبي حية النميري. انظر : سمط اللآلي : ٢٦٥ والمحتسب : ٢ / ١١٦.


للعين ، وإِنَّمَا هو هكذا ، وشيءٌ غيرُ مائِهَا.

هذا هو الذي عناه فعبَّرَ عنه بما تراه ، ولم يعنِـهِ الإخبارُ عن ماءِ العينِ فيخبر عنه بأ نَّهُ هذا الشيء الجاري من العين ، فلذلك اختار نصبَ الماءِ ، ولو رَفَعَهُ لجازَ ، لأَ نَّهُ كانَ يعودُ إلى هذا المعنى ، لكنَّهُ كانَ يعودُ بعدَ تعب بِهِ ، ومُسَامَحَة فيهِ ، وعلاج يريدُ حملَهُ عليهِ (١).

ج ـ اسم كان ضمير الشأْن (٢)

قَرَأَ أَبو سعيد الخدري : (وأَما الغُلاَمُ فَكَانَ أَبَواهُ مُؤمِنَانِ) (٣).

قال أَبو الفتحِ : يجوز في الرفع هنا تقديرانِ :

أحدُهُمَا : أَنْ يكونَ اسمُ كان ضميرَ الغلام ، أَي : فكان هو أَبَواهُ مُؤمِنَانِ ، والجملةُ بعدَهُ خبرُ كان.

الآخرُ : أَنْ يكون اسمُ كانَ مضمراً فيها ، وهو ضميرُ الشأنِ (٤) والحديث ، أَي : فكان الحديثُ أَو الشأْنُ أَبواهُ هو مؤمنانِ ، والجملةُ بعدَهُ خبرٌ لكان على ما مضى ، إِلاّ أَنَّهُ في الوجهِ الثاني لا ضميرَ عائداً على اسم (كان) لأَنَّ ضميرَ الأَمرِ والشأْنِ لا يحتاج من الجملة التي هي بعدَه خبرٌ عنه إلى ضمير عائد عليه منها ، من حيث كان هو الجملة في المعنى. وقد مضى ذلك آنفاً (٥).

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١١٥ ـ ١١٦.

(٢) انظر : ص : ١١٩ حول ضمير الشأن.

(٣) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٨٠ : (وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً).

(٤) قال بهذا القول العكبري. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٠٧.

(٥) ذكر ذلك في المحتسب : ٢ / ٣ ، وقد تقدّم في : ص : ١١٩ ـ ١٢٠.


ومثله قول النبيّ صلّى الله عليه وآله : «كُلُّ مولود يُولَدُ على الفطرةِ حَتَّى يكون أَبواه هما اللّذانِ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ» (١).

١ ـ إِنْ شِئْتَ كانَ ضميرُ المولوِد في (كانَ) اسماً لها وأبواه ابتداء و (هما) فصل لا موضع لها من الإعراب و (اللذان) خبرٌ (لكان) والعائدُ على اسم كان الضميرُ في (أبواه) لأ نَّهُ أقربُ إليهِ مَمَّا بَعْدَهُ.

٢ ـ وإِنْ شِئْتَ جعلتَ اسمَ (كان) على ما كانَ عليه ، وجعلتَ (أَبواه) ابتداء والجملة بعدهما خبراً عنها وهي مركبة من مبتدأ وخبر : فالمبتدأ (هما) ، وخبرهما اللّذانِ و (هما) وخبره خبرٌ عن (أَبواه) ، و (أَبواه) وما بَعْدَهُمَا خبرُ (كانَ).

٣ ـ وإنْ شئت كانَ في (كان) ضميرُ الشأْنِ والحديثِ ، وما بعدَهُ خبرٌ عَنْهُ (٢).

٤ ـ وإِنْ شَئْتَ رفعتَ (أَبواه) لأَ نَّها اسمُ كانَ وجعلتَ ما بعدهما الخبر على ما مضى من كونِ (هما) فصلا إِنْ شِئْتَ ، ومبتدأ إِنْ شِئْتَ (٣) ، ويجوز فيه هما اللّذين (٤).

__________________

(١) استشهد بهذا الحديث وبهذا النص سيبويه في الكتاب : ١ / ٣٩٦ ، وقد ورد بنص يختلف قليلاً في من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق : ٢ / ٤٩ / ١٦٦٨ برواية فضيل بن عثمان ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) ، وعنه في وسائل الشيعة : ١٥ / ١٢٥ / ٢٠١٣٠ (٣) باب (٤٨) شرائط الذمّة.

(٢) ذكر السيرافي هذا الوجه : الكتاب : ١ / ٣٩٦.

(٣) الوجوه الثلاثة : الأوّل والثاني والرابع ذكرها سيبويه ولم يذكر الثالث : وكذلك فعل الجرجاني. اُنظر : الكتاب : ١ / ٣٩٦ والمقتصد : ١ / ٣٥٦ ـ ٣٥٧.

(٤) المحتسب : ٢ / ٣٣ ـ ٣٤.


وقرأَ إِبراهيم : (وَلَم يَكُنْ لَهُ صَاحِبةٌ) (١) بالياء.

قال أبو الفتح : يَحْتَمِلُ التذكيرُ هنا ثلاَثة أَوجه :

أحدها : ...... (٢).

والثاني : أنْ يكون في (يكن) ضمير الشأن والحديث على شريطة التفسير وتكون الجملة بعده تفسيراً له وخبراً كقولك كانَ زيدٌ قائمٌ أَي كان الحديث والشأن زيدٌ قائمٌ (٣).

د ـ جواز جعل اسم كان نكرةً

رُويَ عن عاصم أَنَّهُ قرأَ : (وَمَا كانَ صلاتَهُمْ عِنْدَ البيتِ) نَصباً ، (إِلاَّ مكاءٌ وتصديةٌ) (٤) رَفْعاً. رواهُ عُبيد اللهِ عن سفيان عن الأعمش أَنَّ عاصماً قرأَ كَذَلِك.

قالَ الأعمش : وإِنْ لَحَنَ عَاصِمٌ تلحن أَنت؟ وقد رُويَ هذا الحرفُ أَيضاً عن أَبان بنِ تَغْلِب أَنَّهُ قَرَأَ كذلك.

قال أَبو الفتح : لسنا ندفع أَنْ جَعلَ اسم كانَ نكرة وخبرها معرفة قبيح (٥) فإنّما جاءت منه أبيات شاذّة (٦) وهو في ضرورة الشعر أعذر ، والوجه

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ١٠١ : (بَدِيعُ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْء وهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ).

(٢) تقدّم ذكر هذا الوجه وبقية الأوجه في : ص : ١٦٠.

(٣) انظر : المحتسب : ١ / ٢٢٤ وص : ١٦٠.

(٤) سورة الأنفال : ٨ / ٣٥ : (وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِنْدَ البَيتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصَدْيِةً).

(٥) لأ نّهم كرهوا أن يبدأوا بما فيه اللبس ويجعلوا المعرفة خبراً لما يكون فيه هذا اللبس.

انظر : الكتاب : ١ / ٢٢.

(٦) انظر : بعض الشواهد في الكتاب : ١ / ٢٣ ـ ٢٥.


اختيار الأفصح والأعذر ولكن من وراءِ ذلك ما أَذكرُهُ (١).

(اعلْم أَنَّ نكرةَ الجنسِ تفيد مفادَ معرفتهِ ، أَلا ترى أَنَّك تقولُ : خرجت فإذا أَسدٌ في الباب فتجد معناه معنى قولك : خرجتُ فَإِذا الأسد بالباب لا فرق بينهما ، وذلك أنّك في الموضعين لا تريد أَسداً واحداً معيناً وإنَّما تريد خرجت فإذا بالباب واحدٌ مِنْ هذا الجنس ، وإذا كانَ كذلك جازَ هنا الرفعُ في «مُكَاءً وَتَصْدِيَةً» جوازاً قريباً حَتَّى كَأَ نَّهُ قالَ : وَما كانَ صلاتَهم عندَ البيتِ إلاَّ المُكَاءُ والتَّصديةُ ، أَي : إِلاَّ هذا الجنس من الفعلِ ، وَإِذا كانَ كذلك لَمْ يجرِ هذا مجرى قولك : كان قائمٌ أَخَاك وكانَ جالسٌ أَباك ، لاَِنه ليسَ في جالس وقائم معنى الجنسية التي تلاقي معنيا نكرتها ومعرفتها على ما ذكرنا وقدّمنا) (٢). وأيضاً فَإِنَّه يجوزُ مع النفي مِنْ جعل اسم كان وأَخواتِها نكرة ما لا يجوز مع الإيجاب ، أَلاَ تَراك تَقولُ : ما كان إِنسان خيراً منك ، ولا تجيز : كان إنسان خيراً منك (٣)؟ فكذلك هذه القراءة أَيضاً لما دخلها النفي قوى وحسن جعل اسم كان الجنس لمعرفته ، ولهذا ذهب بعضهم في قول حسان :

كَأَنَّ سبيئةً مِنْ بيتِ رأس

يكونُ مزاجَها عسلٌ وماءُ (٤)

__________________

(١) نقل هذا الكلام الطبرسي عن أبي الفتح. انظر : مجمع البيان : ٩ / ١٤٢.

(٢) انظر : ص : ٩٨.

(٣) لأ نّك تلبس حيث لا يستنكر أن يكون في الدنيا إنسان هكذا لكن يجوز أَنْ تقول ما كان أَحد خيراً منك. انظر : الكتاب : ١ / ٢٢ و ٢٧.

(٤) السبيئة : الخمر ويروى مكانَها (سلافة) و (مدامة) وهي بمعنى واحد. انظر : ديوان حسّان : ٣ والكتاب : ١ / ٢٣ والمقتضب : ٤ / ٩٢ وشرح أبيات سيبويه للنحاس : ٤٢ وشرح المفصل : ٧ / ٩١ والخزانة ط. بولاق : ٤ / ٤٠ وهمع الهوامع : ١ / ١١٩ والدرر اللوامع : ١ / ٨٨.


أَنّه إِنَّما جازَ ذَلِك مِنْ حيثُ كانَ عسلٌ وماءٌ هما جنسين ، فكأَ نَّهُ قالَ : يَكونُ مزاجَها العسلُ والماءُ ، فبهذا تسهل هذا القراءة ولا يكون من القبحِ واللحنِ الذي ذهبَ إليهِ الأعمش على ما ظن (١).

هـ ـ تقديم خبر كان عليها

قَرَأَ أُبيّ وابن مسعود : (وَبَاطِلاً مَا كَانُوا يَعْمَلُون) (٢).

قالَ أَبو الفتح : (باطلاً) منصوب بـ (يعملون) ، و (ما) زائدة للتوكيد ، فَكَأَ نَّهُ قال : وباطلاً كانوا يعملون. ومن بعد ففي هذه القراءة دلالة على جواز تقديم خبر كان عليها (٣) ، كقولك : قائماً كان زيدٌ ، وواقفاً كان جعفر.

ووجه الدلالة من ذلك أَنّه إنَّما يجوز وقوع المعمول بحيث يجوز وقوع العامل ، و (باطلاً) منصوب (يعملون) والموضع إذا لـِ (يعملون) لوقوع معمولِه متقدّماً عليهِ ، فكأَ نَّهُ قال : ويعملونَ باطلاً كانوا.

ومثله قول الله تعالى : (أَهؤلاءِ إيّاكُم كَانُوا يَعْبُدون) (٤)؟ استدلّ أَبو علي بذلك على جوازِ تقديم خبر كان عَلَيْهَا ، لاِنَّ (إِياكُمْ) معمول (يعبدون) وهو خبر كان (٥) وإنَّمَا يجوزُ وقوعُ المعمولِ بحيثُ يجوزُ وقوعُ العاملِ على

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.

(٢) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ١٦ : (وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

(٣) انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ١٩٨.

(٤) سورة سبأ : ٣٤ / ٤٠.

(٥) المعروف أنَّ مسألةَ جوازِ تقديمِ خبرِ كان عليها مُتَّفَقٌ عليها بينَ النحاةِ لكنَّ الخلافَ في بعض أخوات كان. وعلى العموم فقد قسَّمَ النُّحَاةُ هذهِ النواسخَ على ثلاثةِ أقسام :

أ ـ كلّ ما ليس في أوّله (ما) يجوز تقديم أخبارها عليها وفي ليس خلاف.

ب ـ وأمَّا ما دام فلا خلافَ في امتناع تقديمِ خبرِهَا عليها.

ج ـ وأمَّا غيرُ ما دام مِمَّا في أوّلِهِ (ما) ففيها خلافٌ بينَ النُّحاةِ.

انظر : الكتاب : ١ / ٢٢ والتمام : ١٧٤ وشرح الكافية : ٢ / ٩٧ والتسهيل : ٥٤ وشرح المفصل : ٧ / ١١٣ وحاشية الصبَّان على شرح الأشموني : ١ / ٢٣٤.


ما قدّمناهُ.

وعلى نحو من ذلك ما (١) استدلَّ أَبو علي على جواز تقديم خبر المبتدأ (٢) عليهِ (٣).

و ـ كان التامّة

قَرَأَ : (كي لاَ تكونَ دُولَةٌ) (٤) بالتاءِ مرفوعة الدالِ والهاءِ ـ أَبو جعفر يزيد (٥).

قال أبو الفتح : (تكون) هنا هي التامّة ولاَ خبَرَ لَها ، أَي : كي لا تقعَ دُولَةً أَو تحدثُ دولةٌ بينَ الأَغنياءِ.

وإِنْ شِئْتَ كانَتْ (٦) صفةً لـ (دولة) وإِن شئتَ كانت متعلّقةً بنفسِ (دُولَة) تُداوَل بينَ الأغنياء ، وإنْ شئتَ عَلَّقْتَهَا بنفسِ (تكون) أَي : لا تحدث بين الأغنياءِ منكم وإنْ شئتَ جعلتَها (كان) الناقصةَ ، وجعلتَ (بَيْنَ)

__________________

(١) ما : زائدة.

(٢) انظر : ص : ١٤٩.

(٣) المحتسب : ١ / ٣٢٠ ـ ٣٢١.

(٤) من قوله تعالى من سورة الحشر : ٥٩ / ٧ : (كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الاَْغْنِيَاء مِنكُمْ).

(٥) قرأَ الجمهور كي لا يكون بالياء وعبد الله وأبو جعفر بالتاء والجمهور (دُولةً) بضمّ الدال ونصب التَّاء وأبو جعفر وأبو حيوة وهشام بضمّهما وعلي والسُّلَمِي بفتحها.

انظر : البحر المحيط : ٨ / ٢٤٥.

(٦) يقصد (بين الأغنياء) كما يتّضح فيما بعد.


خبرَهَا (١) ، والأوّلُ الوجهُ ، ومعناهُ : كي لا تقعَ دُولِةٌ فيه أَو عليهِ ، يعنِي على المُفَاءِ من عندِ اللهِ (٢).

٢ ـ ليس وزيادة الباء في اسمها

قَرَأَ أُبَيّ وابنُ مسعود : (لَيْسَ البِرّ بأَنْ تُولُوا وجُوهَكُمْ) (٣) قالَ ابنُ مجاهد : فإِذا كانَ هكذا لَمْ يَجُزْ أنْ يُنصَبَ الْبِرُّ.

قالَ أبو الفتح : الذي قالَهُ ابنُ مجاهد هُوَ الظاهرُ في هَذا ، لِكنْ قَدْ يَجوزُ أنْ يُنْصَبَ مع الباءِ ، وهو أنْ تَجْعَلَ الباءَ زائدةً كقولِهمْ : كَفى باللهِ ، أَي : كَفى اللهُ ، وكقولِهِ تعالى : (وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) (٤) أَي : كَفَيْنَا ، وكذلك ليس البِرَّ بِأَنْ تُوَلُوا بِنَصْبِ البِرِّ كما في قراءَةِ السبعةِ.

فإذا قُلْتَ : فَإِنَّ (كَفى باللّه) شَاذٌّ قَلِيلٌ فَكَيفَ قِسْتَ عَليهِ (لَيْسَ) وَلَمْ تُعْلَمْ الباء زيدتْ في اسم ليسَ إِنَّمَا زيدتْ فِي خَبرِهَا نَحو قولِهِ : (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ) (٥) قِيلَ لَوْ لَمْ يَكُنْ شاذّاً لما جَوَّزْنَا قياساً عليهِ ما جوّزناهُ ، وَلِكنَّا نُوجِبُ فيهِ البتة واجباً فاعْرِفْهُ (٦).

__________________

(١) واسمها ضمير مستتر.

(٢) المحتسب : ٢ / ٣١٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٧٧ : (لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ).

(٤) سورة الأنبياء : ٢١ / ٤٧.

(٥) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٢٣ : (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاَ أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ).

(٦) المحتسب : ١ / ١١٧ ـ ١١٨.


٣ ـ (إنْ) التي بِمَعْنَى (ما) وعملها

قَرَأَ سعيد بنُ جُبَيْر : (إِنِ الَّذِينَ تَدعونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَادَا) (١) نصبٌ (أمثالَكُمْ) نَصْبٌ (٢).

قَالَ أَبو الفتح : يَنْبَغِي ـ واللهُ أَعلمْ ـ أَنْ تَكُونَ إنْ هذه بمنزلِة مَا (٣) فَكَأَ نَّهُ قال : مَا الذين تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِباداً أَمثالكم. فأعمَلَ إنْ إعمَالَ (ما) (٤) وفيه ضعفٌ ، لأَنَّ (إِنْ) هذِه لَمْ تختصْ بنفي الحاضر اختصاصَ (ما) بِهِ فتجري مجرى ليسَ فِي العَمَل.

ويكون المعنى : إِنْ هؤلاءِ الذينَ تَدْعُونَ مِنْ دون الله إِنَّما هِيَ حِجَارَةٌ أَوْ خَشَبٌ فهم أَقلُّ مِنْكُم لأَ نَّكم أَنتم عُقلاءٌ ومخاطَبُونَ فكيفَ تعبدونَ ما هو دُوَنَكُمْ؟ فَإِن قُلْتَ : ما تصنع بقراءة الجماعة : (إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عبادٌ أَمْثَالُكُمْ) (٥)؟ فَكَيفَ يُثبِتُ في هذِه ما نَفَاهُ في هذه؟ قِيلَ : يكونُ تقديرهُ أَنَّهُم مخلوقون كما أَنتم أَيُّها العبادُ مخلوقون فسماهم عباداً على تشبيهِهِم في

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ١٩٤ : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ).

(٢) قال النحاس : «هذه قراءة لا ينبغي أن يقرأ بها لثلاث جهات» وقد ردّ قوله أبو حيان. انظر : البحر المحيط : ٤ / ٤٤٤.

(٣) يريد (ما) الحجازية التي تعمل عمل ليس فترفع المبتدأَ وتنصب الخبر.

(٤) في هذا خلاف. فقد منعه أَكثر البصريين وأَجازَهُ الكِسائي وأَكثر الكوفيين وابن السراج والفارسي واختلف النقل عن سيبويه والمبرد. انظر : الجنى الداني : ٢٢٩ والبحر المحيط : ٤٣ / ٤٤٤ ، وقال العُكبري : (إِن) بمعنى (ما) لا تعمل عند سيبويه وتعمل عند المبرد. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٩١.

(٥) سورة الأَعراف : ٧ / ١٩٤.


خلقهِم بالناس (١) ، كما قال : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ) (٢) وكما قالَ : (وَإِنْ مِنْ شَيء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) (٣) أَي : تَقُومُ الصنعةُ فيه مقامَ تسبيحِهِ (٤).

من الأحرف المشبّهة بالفعل

أ ـ إِنَّ

١ ـ فتح همزة إِنَّ

قَرَأَ أَبو جعفر والأَعمش وسهل بن شُعَيْب : (وَعْدَ اللهِ حَقا أَنَّهُ يبدأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ) (٥).

قال أبو الفتح : إِنْ شئتَ كانَ تقديرُهُ وعد الله حقّاً لأَ نَّهُ (٦) يبدأُ (٧) الخلقَ ثُمَّ يُعيدُهُ ، أَي : من قَدَرَ على هذا الأمر العظيم فإِنَّهُ غَنِيُّ عن إِخلافِ الوَعْدِ.

__________________

(١) وقد خرجها أبو حيان في شرح التسهيل ثمّ نقل ذلك في البحر المحيط تخريجاً يجعلُ القراءتين متطابقتين من دون تأويل وهو أَنَّهُ اعتبرَ (إن) مخفّفة من الثقيلة وأعملها عملَ المشدَّدةِ ونصبَ خبرَها على لغة من ينصبَ أخبارَ إن وأخواتِها أو على إِضمار فعل تقديرُهُ إنِ الذين تدعون من دون الله تدعون عباداً أمثالكم. البحر المحيط : ٤ / ٤٤٤.

(٢) سورة الرحمن : ٥٥ / ٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة الإِسراء : ١٧ / ٤٤ : (وَإِن مِّن شَيْء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ).

(٤) المحتسب : ١ / ٢٧٠.

(٥) من قوله تعالى من سورة يونس : ١٠ / ٤ (وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) بكسر همزة إنّ ، وهي قراءة السبعة.

(٦) وهكذا قدره العكبري. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٤.

(٧) ماضي الفعل يبدأُ : بدأَ ، وفيه لغة أخرى : أَبدأَ. إملاء مامنَّ به الرحمن : ٢ / ٢٤ والمعجم الوسيط : ٤٢.


وإِنْ شِئْتَ كانَ تقديرُهُ ، أَي : وَعَدَ اللهُ وَعْداً حَقّاً أَنّهُ يبدأُ الخَلقَ ثمّ يعيدُهُ فتكون (أَنَّهُ) منصوبةً بالفعلِ الناصبِ لِقَولِهِ : (وَعْداً) ولا يجوزُ أَنْ يكونَ (أَنَّهُ) منصوبَةَ الموضعِ بنفسِ (وَعْد) لأَ نَّهُ قَدْ وُصِفَ بقولهِ حقّاً والصِّفَةُ إذا جَرَتْ على موصوفِها أَذِنَتْ بتمامِهِ وانقضاءِ أَجزائِهِ فهي من صلتِهِ فكيفَ يُوصَفُ قبلَ تمامِهِ؟ فأمَّا قولُ الحُطَيئةِ :

أزمَعتُ يَأْساً مُبِيناً مِنْ نَوَالِكُمُ

وَلَنْ تَرى طارِداً للحُرِّ كالياسِ (١)

فَلا يكون قوله من نوالكم صلة يأسِ مِنْ حيثُ ذكرنا أَلا تراه قد وصفه بقوله (مبيناً)؟ وإِذا كان المعنى لَعَمرِي عليهِ وَمُنِعَ الإِعراب منه أُضمِرَ لهُ ما يتناولُ حرفَ الجرِّ ويكون يأْساً دليلاً عليه ، كأَ نَّهُ قالَ فيما بَعْدُ يَئِسْتُ من نوالكم (٢).

وقرأَ أُبَي : (وَلاَ تُكلِّمونِ أَنَّهُ) (٣) بِفَتحِ الأَلفِ. (٤)

قالَ هارون : كيف شئتَ (إِنَّه) و (أَنَّه).

وفي قراءة ابن مسعود (ولا تُكَلِّمونِ كانَ فريقٌ) بغيرِ (أَنَّه) وقال يُونُس عن هارون في حرف أُبي : (ولا تكلمون أَنْ كانَ فريقٌ).

قالَ أَبو الفتح : قراءة ابن مسعود (كان فريقٌ) بغير (أَنَّه) تشهد للكسر ،

__________________

(١) البيت من قصيدة للحطيئة في هجاء الزِّبرِقان بن بدر. يُروَى (مُريحاً) مكان (مُبيناً) و (لم تجدْ) مكان (لن ترى). الديوان : ٥٣ والخصائص : ٣ / ٢٥٨ والهمع : ٢ / ٩٣.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٠٧.

(٣) من قوله تعالى من سورة المؤمنون : ٢٣ / ١٠٨ ـ ١٠٩ : (قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَتُكَلِّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا).

(٤) وبها قرأ هارون والعتكي. انظر : البحر المحيط : ٦ / ٤٢٣.


لأ نَّهُ موضع استئناف ، والكسر أَحقُّ بذلك (١). والقراءة : (أَنْ كانَ فريقٌ) تشهد لـ (أَنَّهُ). أَلا ترى أَنَّ معناه ولا تكلّمونِ لأَ نَّهُ كانَ فريق كذا (٢).

٢ ـ حذف خبر إِنَّ

قرأَ أُبي : (أَئِنَّك أَوْ أَنْتَ يُوسُفُ) (٣).

قال أَبو الفتح : ينبغي أن يكونَ هذا على حذفِ خبر إِنَّ حَتَّى كَأَ نَّهُ قالَ : أَئِنَّك لَغَير يوسفُ (٤) أوْ أنْتَ يوسفُ (٥)؟ فَكَأَ نَّهُ قالَ : بَلْ أَنْتَ يوسفُ فَلَمَا خَرَجَ مَخْرَجَ التوثيقِ قال : أَنَا يوسفُ. وَقَدْ جَاءَ عَنَهْم حذفُ خبر إنّ ، قَالَ الأعشى :

إِنّ مَحَلاًّ وَإِنَّ مُرْتَحَلاً

وَإِنَّ في السَفْر إِذْ مَضَى مَهَلا (٦)

أَرادَ إِنَّ لَنَا محلاًّ وإنَّ لَنَا مُرْتحلاً فحذف الخبر.

والكوفيون لا يجيزون حذف خبر إِنَّ إِلاَّ إذا كان اسمُها نكرةً (٧) ولهذا

__________________

(١) الكسر : قراءة الجمهور. انظر : البحر المحيط : ٦ / ٤٢٣.

(٢) المحتسب : ٢ / ٩٨.

(٣) من قوله تعالى : من سورة يوسف : ١٢ / ٩٠ : (قَالُواْ أَءِنَّكَ لاََنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي).

(٤) نقل هذا أَبو حيان عن ابن جنِّي وفي نقله سهو. انظر : البحر المحيط : ٥ / ٣٤٢.

(٥) وقدره الزمخشري : أئنّك يوسف أو أنت يوسف ، فحذف الأَول لدلالة الثاني عليه.

انظر : الكشاف : ٢ / ٢٧٣ والبحر المحيط : ٥ / ٣٤٢.

(٦) البيت مطلع قصيدة لِلأَعشى. انظر : الديوان : ١٥٥ والكتاب : ١ / ٢٨٤ والمقتضب : ٤ / ١٣٠ والخصائص : ٢ / ٢٧٣.

(٧) ويشترط الفرّاء في جواز حذف أخبارها تكريرَ إِنَّ. واحتجَّ المبرِّدُ على الكوفيين ولا يَعتَبِرُ أبو علي الفارسي حُجَّةَ المُبَرِّدِ. انظر : المقتضب : ٤ / ١٣١ والخصائص : ٢ / ٣٧٤ وشرح الكافية : ٢ / ٣٦٢ وشرح المفصل : ١ / ١٠٤.


وجهٌ حسَن (١) وإِنْ كان أصحابُنا (٢) يجيزونه (٣) مع المعرفة (٤).

٣ ـ ما بعد إِنَّ لا يعمل فيما قبلها

من ذلك قراءة : (إِذا مُتْنَا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً إِنَّا) (٥) على الخبر كلاهما بلا استفهام. (٦)

قال أَبو الفتح : مَخْرَج هذا مِنْهُم على الهُزْء وهذا كما تقول لِمَنْ تهزأ به ، إذا نظرتَ إِليَّ مِتُّ مِنْك فَرَقاً وإِذا سألتك جَمَعْتَ لِي بحراً ، أَي : الأمْرُ بخلافِ ذَلِك ، وإِنَّمَا أَقولُهُ هازِئاً ويدلُّ على هذا شاهدُ الحالِ حِينَئذ ، ولولا شهودُ الحالِ لكانَ حقيقةً لا عَبَثاً ، فكأَ نَّهُ قالَ : إذا مِتنا وكنَّا تراباً بُعثنا. ودَلَّ قَوْلُهُ : (إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) على بُعثنا ، ولا يجوزُ أنْ يعمَلَ فيه (مبعوثونَ) لأَنَّ ما بَعْدَ إِنَّ لا يعملُ فيما قبلَها (٧).

__________________

(١) قال في الخصائص : وقد حُذِفَ خبرُ إنَّ مع النكرة خاصَّةً. انظر : الخصائص : ٢ / ٢٧٣.

(٢) يكشف ابن جنِّي عن مذهبه النحوي فإنّ أصحابَه هنا البصريون لأ نّهم الذين يجيزون ذلك كما سنرى.

(٣) فقد أجاز ذلك سيبويه والمُبَرِّدُ وهو قولٌ أخذَ بِهِ بعدَ ذلك عددٌ من النحاة منهم : الزَّمخشري وابنُ يعيش وابنُ الحاجب وابنُ مالك وابنُ عصفور والسيوطي.

انظر : الكتاب : ١ / ٢٨٤ والمقتضب : ٤ / ١٣٠ وشرح المفصل : ١ / ١٠٣ والكافية في النحو : ٢ / ٣٦٢ والتسهيل : ٦٢ والمقرب : ١ / ١٠٨ وهمع الهوامع : ١ / ١٣٦.

(٤) المحتسب : ١ / ٣٤٩.

(٥) من قوله تعالى من سورة الواقعة : ٥٦ / ٤٧ : (وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ).

(٦) لا أدري من الذي قرأَ بها ، ولم أعثر على هذه القراءة فيما بين يديَّ من مصادر.

(٧) المحتسب : ٢ / ٣٠٩.


٤ ـ إِنِ المُخفّفة مِنْ إِنَّ

قَرَأَ قتادة : (وَإِنْ مِنَ الحِجَارَةِ) (١) وَكَذلِك قراءَتُهُ : (وَإِنْ مِنْهَا) (٢) مخفّفة (٣).

قال ابن مجاهد : أحسبه أَرادَ بقولهِ مخفّفةً الميم ، لأنّي لا أَعرفُ لتخفيفِ النون معنى.

قال أبو الفتح : هذا الذي أَنكره ابنُ مجاهد صحيحٌ ، وذلك أَنَّ التخفيفَ في إِنَّ المكسورة شائعٌ عنهم أَلاَ ترى إلى قولِ اللهِ تعالى : (إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا) (٤) ، (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَك بِأَبْصَارِهِمْ) (٥) أَي : إنَّهُم على هذه الحال.

وهذه اللاّم (٦) لازمة مع تخفيف النون فرقاً بين إِنْ مخفّفة من الثقيلة

__________________

(١) و (٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٧٤ : (وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ).

(٣) قالَ أَبو حيان : يحتمل وجهين :

أحدُهما : أنْ تكون (إنِ المخفّفة من الثقيلة) معملة ويكون من الحجارة في موضع خبرها وما في موضع نصب بها وهو اسمها واللاّم لام الابتداء.

والوجه الثاني : أنْ لا تكونَ معملة بلْ تكون ملغاةً والمبتدأ والخبرُ في الجار والمجرور قبله. البحر المحيط : ١ / ٢٦٤.

(٤) سورة الفرقان : ٢٥ / ٤٢.

(٥) سورة القلم : ٥٤ / ٥١.

(٦) اللاّم في (لَمَا يَتَفَجَّرُ) مختلف فيها :

ذهب علي بن سليمان الأَخفش وجماعة إلى أنَّها لامُ الابتداء ، لزمتْ للفرقِ بينَ إنِ المذكورة وإنِ النافية ، وذهب أبو علي الفارسي وغيره إلى أنّها ليست لام الابتداء.

انظر : إعراب القرآن المنسوب إلى الزجّاج : ٧٥١ ـ ٧٥٥ والبحر المحيط : ١ / ٢٦٤.


وبين (١) إِنِ التي للنفي بمنزلة ما (٢) في قوله (سبحانه) : (إِنِ الكافِرُونَ إلاَّ في غُرور) (٣) وقوله :

فَمَا ان طبُّنا جُبْنٌ وَلَكِنْ

مَنَايَانَا وَدَولَةُ آخرينـا (٤)

وهذا واضح (٥).

وَقَرَأَ علي بن أَبي طالب (عليه السلام) وعمر بن الخطاب وابن عباس وابن مسعود ـ واختلف عنه ـ وأُبي بن كعب وأَبو إِسحاق السَّبِيعي : (وإِنْ كادَ) بالدال ـ (مَكْرُهُم لَتزُولُ) (٦) بفتح اللاّم الأُولى وضمّ الثانية : قال أَبو الفتح : هذه إنْ مخفّفة من الثقيلة ، واللاّمُ في قوله : (لَتَزُول) هي التي تَدْخُل بعدَ (إِنْ) هذهِ المخفّفة من الثقيلة ، فصلاً بينَها وبينَ (إِنِ) التي للنفي (٧) في قولِه تعالى : (إِنِ

__________________

(١) بين زائدة أفسدتِ الجملة وربما كانت من عمل النُّسَّاخ.

(٢) قال سيبويه : لمَّا خفَّفها ... ألزمها اللاّمَ لئلاّ تلتبس بإنِ التي بمنزلة ما.

انظر : الكتاب : ١ / ٢٨٣ ومعاني القرآن للأخفش : ٥٠ / ب والأزهية : ٣٥.

(٣) سورة الملك : ٦٧ / ٢٠.

(٤) البيت من أبيات لفروة بن مُسَيك المرادي وقد استشهد بها الإمام الحسين (عليه السلام) يوم الطفّ في واقعة كربلاء (عام / ٦١ هـ). الطَّبُّ : العادة ، والدولة بالفتح : الغلبة في الحرب. وروي (طعمة) مكان (دولة).

ينظر : الكتاب : ١ / ٤٧٥ و ٢ / ٣٠٥ والأُصول في النحو : ١ / ٢٨٦ ومعاني القرآن للأخفش : ٥٠ / ب والمقتضب : ١ / ٥١ و ٢ / ٣٦٤ والخصائص : ٣ / ١٠٨ وشرح الكافية : ١ / ٢٦٦ وتاريخ مدينة دمشق : ١٤ / ٢١٩ والجنى الداني : ٣٢٨ والمغني : ١ / ٢١ والخزانة : ٤ / ١١٢.

(٥) المحتسب : ١ / ٩١ ـ ٩٢.

(٦) من قوله تعالى من سورة إِبراهيم : ١٤ / ٤٦ : (وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ).

(٧) انظر : ص : ١٧٧ ـ ١٧٨.


الكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُور) (١) أَي ما الكافِرُونَ إلاَّ في غُرور ، فكأَ نَّهُ قال : وإنَّه كَادَ مَكْرُهُم تَزُولُ مِنْهُ الجبالُ.

وَدَخَلْتُ يَوماً على أَبي عليّ بُعَيدَ عَودَتِهِ من شيرازَ سنةَ تسع وستّينَ فقال لي : أَلاَ أُحدثُك؟

قلت له : قل! قال : دَخَلَ إِليَّ هذا الأَندَلُسِيّ فظننته قد تَعَلَّمَ فإِذا هو يظن أَنَّ اللاّمَ التي تصحب إنِ المخفّفة من الثقيلة هي لام الابتداء (٢).

قلت : لا تعجب فأكثر من ترى هكذا (٣).

وَقَرأَ ابنُ مسعود والأعمش (٤) : (إن كُلٌّ إِلاَّ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبّك) (٥).

قال أبو الفتح : معناه : ما كل إِلاَّ واللهُ ليوفينّهم ، كقولك : ما زيد إلاَّ لأضربنَّه أَي مَا زيدُ إلاَّ مستحقٌّ لأن يقال فيه هذا ، ويجوز فيه وجه ثان ، وهو أَنْ تكون (إِنْ) مخفّفةً من الثقيلة وتجعل (إِلاَّ) زائدة. وقد جاءَ عنهم ذلك. قال :

أرى الدَّهرَ إلاَّ مَنْجَنُوناً بِأهلِهِ

وما طالبُ الحاجاتِ إلاَّ مُعَلَّلا (٦)

__________________

(١) سورة الملك : ٦٧ / ٢٠.

(٢) هذا الرأي ذهب إليه علي بن سليمان الأخفش الصغير وأكثر نحاةِ بغداد وبِهِ قالَ من نحاةِ الأندَلُس ابنُ الأخضر. ويرى أبو علي الفارسي أَنَّها ليستْ لامَ ابتداء وتابَعَهُ من الأندلسيين ابن أبي العالية. انظر : البحر المحيط : ١ / ٢٦٤ وما مرَّ في : ص : ١٧٧ ـ ١٧٨.

(٣) المحتسب : ١ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦ ونقل ذلك ابن هشام في المغني : ١ / ٢٣١.

(٤) انظر : المحتسب : ١ / ٣٢٨ والبحر المحيط : ٥ / ٢٦٦.

(٥) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ١١١ : (وإنَّ كُلاًّ لَمّا لَيُوَفّيَنَّهُمْ رَبُّك أَعْمالَهُم إنَّهُ بِمَا يَعْمَلونَ خَبِيرٌ) والقراءة المذكورة موجودة في مصحف ابن مسعود ، والقرّاء السبعة يقرؤن (كلا) بالنصب كما في البحر المحيط : ٥ / ٢٦٦.

(٦) البيت لأحد بني سعد انفرد ابن جنِّي بروايتِهِ هكذا وفي المصادر الأخرى (معذباً) مكان


أَي : أَرى الدهر منجنوناً بأهله يتقلّب بهم ، فتارة يرفعهم وتارة يخفضهم ، وعلى ذلك تأوّلوا قول ذي الرمّة :

حَرَاجِيجُ مَا تنفكّ إِلاَّ مُنَاخَةً

على الخَسْفِ أَوْ تَرْمي بها بلداً قفرا (١)

أَي : ما تنفك مُنَاخَةً ، وإلاَّ زائدة (٢).

وَقَرَأَ أَبو رَجاء : (لِمَا مَتَاعُ) (٣).

قَالَ أبو الفتحِ : إِنَّ ابن مجاهد لم يذكر كيفَ إِعراب (كُل) في هذه الآية؟ هل هو مرفوعٌ أَو منصوب؟ وينبغي أنْ يكونَ منصوباً (٤) وذلك أَنَّ (إِنْ) هذه مخفّفة من الثقيلة ، ومتى خُفِّفَتْ مِنْها وأُبطل نصبُها (٥) لزمتها اللاّمُ (٦) في آخر الكلام للفرق بينها وبين (إِنِ) النافية بمعنى ما ، وذلك قولك : إنْ زيدٌ لَقَائِمٌ ، وقوله :

__________________

(معلّلاً). وفي بعضها (وما الدهر). والمنجنون : الدولاب الذي يُستَقَى عليه. مؤنّث. انظر : المحتسب : ١ / ٣٢٨ والجنى الداني : ٣٢٦ والمغني : ١ / ٧٣ وشرح التصريح : ١ / ١٩٧ وشرح شواهد المغني : ١ / ٢٢٠ وشرح الأشموني : ١ / ٢٤٨.

(١) انظر : الديوان : ١٧٣ والكتاب : ١ / ٤٢٨ والمحتسب : ١ / ٣٢٩ وشرح الكافية : ٢ / ٢٩٦ والجنى الداني : ٤٨٠ والمغني : ١ / ٧٣ والبحر المحيط : ١ / ٤٨٣.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٢٨ ـ ٣٢٩.

(٣) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٣٥ : (وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).

(٤) من قوله تعالى : (وَإِن كُلُّ ذَلِكَ) ، وهو لا يريدُ أَنَّ النصبَ قراءة وإنَّمَا هو الاستنباط. وليس في كتب القراءات ما يشير إلى قراءة بنصب (كل).

(٥) (إن) المخفّفة من الثقيلة فيها لغتان : الإعمالُ والإهمالُ. قُرِئ بإعمالِها في سورة هود : ١١ / ١١١ (إنْ كلاًّ لَمَا لَيُوفّيَـنَهم رَبَّكَ أَعَمَالَهُم). وَنَقَلَ سيبويه أنَّهُ سَمعَ قولَ العربِ : إنْ عمراً لمُنطَلِقٌ. انظر : الكتاب : ١ / ٢٨٣ واللاّمات : ١٢٨ والتيسير : ١٢٦ والجنى الداني : ٢٢٨ والمغني : ١ / ٢٣١ والبحر المحيط : ٥ / ٢٦٦ وشرح الكافية : ٢ / ٣٥٨.

(٦) انظر : ص : ١٧٧.


شُلَّتْ يَمِينُك إنْ قَتَلْتَ لَمُسْلِمَا

 ......(١)

أَي : إنَّك قتلَت مُسْلِماً ، وهذا موضح في بابه.

فلو كانت (كلّ) هنا رفعاً لم يكنْ بُدٌّ معها من اللاّم الفاصلة بين المخفَّفةِ والنافيَّةِ ، ولاَ لامَ معك لأَنَّ هذه الموجودةَ في اللفظ إنَّما هي الجَارَّةُ المكسورةُ ، ولو جاءَتْ معها لوجبَ أنْ تقولَ : وإنْ كُلَّ ذلك لَلِمَا مَتاع الحياة الدُّنيا كقولِك : إِنْ زيدٌ لَمِنَ الكِرَامِ.

فإنْ قلتَ : إنَّه قدْ يجوز أنْ يكونَ أرادَ اللاّمَ الفاصلةَ : لكنَّها جَفَتْ معَ اللاّمِ الجارةِ فَحُذِفَتْ وصارت هذه الجارةُ في اللفظِ كالعوضِ مِنْهَا.

قيل : فقد قال :

فَلاَ واللهِ لا يُلفَى لِمَا بِي

وَلاَ لِلِمَا بِهِمْ أَبداً دَوَاءُ (٢)

فجمع بين اللاّمين ، وكلتاهما جارة (٣). فإذا جازَ الجمع بين الجارَّتين

__________________

(١) عجز البيت :

 ......

حَلَّتْ عليك عُقُوبَةُ المُتَعَمِّدِ

وهو لعاتكة بنت زيد العَدَويِّةِ تَرثِي زوجها الزبير بن العَوَّام وتدعو على قاتله.

اُنظر : اللاّمات : ١٢١ والإنصاف : ٢ / ٣٣٦ وشرح المفصل لابن يعيش : ٨ / ٧٢ وشرح الكافية : ٣٥٩ والجنى الداني : ٢٢٩ وشرح ابن عقيل : ١ / ٣٨٢ وشرح التصريح : ١ / ٢٣١.

(٢) البيتُ لِمُسلم بن مِعبَد الوالبي.

انظر : معاني القرآن للفرّاء : ١ / ٦٨ وسرّ صناعة الإعراب : ١ / ٢٨٣ والخصائص : ٢ / ٢٨٢ وشرح المفصل : ٨ / ٤٣ وشرح الكافية : ١ / ١٤٦ و ٣٣١ و ٢ / ٣٢٩ والجنى الداني : ١٣١ و ٣٤١ والمغني : ١ / ١٨١ والخزانة : ٢ / ٣٠٨.

(٣) عدَّ ابنُ يعيش اللاّمَ الثانيةَ زائدةً وجوَّزَ الرَّضِيُّ أنْ تكونَ الثانية للتوكيد.

وكان المرادي قد قال بذلك. ومثله فعل ابن هشام. انظر : شرح الكافية : ٢ / ٣٢٩ وشرح المفصل : ٨ / ٤٣ والجنى الداني : ١٣١ والمغني : ١ / ١٨١.


وهما بلفظ واحد وعمل واحد فجمعُ المفتوحةِ مع المكسورةِ العاملةِ أَحرى بالجواز.

وبعدُ ، فالحقُّ أَحقُّ أنْ يُتَّبَعَ ، هذا بيتٌ لم يعرفْهُ أَصحابُنا ولا رووه ، والقياس من بعدُ على نهاية المجِّ لَهُ والإِعراضِ عنهُ ، لا سيّما وقد جاورَ بحرف الجرِّ حرفاً مثله لفظاً ومعنىً فلو وُجِدَ هذا البيت عُنوَاناً على كلِّ ورقة من مصحف أَبي عمرو لما جاز استعمال مثله في الشعر إِلاّ كَلاَ وَلاَ (١) فضلاً عن الأَخذِ به في كتابِ الله.

فإذا كانَ كذلك بطل رفعُ (كلّ) لما ذكرناه ووَجَبَ أَنْ يكونَ نصباً على لغة من نصبَ مع التخفيف فقالَ : إِنْ زيداً قائمٌ ، لأَ نَّهُ إِذا نصبَ زالَ الشك في أَنَّها ليستْ بالنافية ، لأنَّ تلك غيرُ ناصبة للمبتدأِ ، وترك ابن مجاهد ذكر الإعراب في (كلّ) يدعو إلى أَنْ يكونَ رَفْعاً ، إذْ لَوْ كانَ نَصْباً لذكَرهُ لِمَا فيهِ مِنَ الشذوذ الذي عليه وضع هذا الكتاب ، ففيه إِذاً ما تراه فَتَعْجَب منـهُ (٢).

٥ ـ أَنَّ أَصْلُ أَنِ المخفَّفَة

قَرَأَ ابن محيصن وبلال بن أَبي بُردة ، ويعقوب (٣) : (أَنَّ الحمدَ للّهِ) (٤) قال

__________________

(١) معناه : إِلاَّ قليلاً. والعربُ إذا أرادتْ تقليل مدّةِ فعل أوْ ظهورِ شيء خفيّ قالت كان فعل كَلاَ ، وربما كرّرت فقالت : كَلاَ ولاَ. انظر : اللسان : ٢٠ / ٣٥٧ والمحتسب : ٢ / ٢٥٦.

(٢) المحتسب : ٢ / ٢٥٥ ـ ٢٥٦.

(٣) وهي قراءة عكرمة ومجاهد وقتادة وابن يعمر وأبي مجلز وأبي حياة. انظر : البحر المحيط : ٥ / ١٢٧.

(٤) من قولـه تعالى من سورة يونس : ١٠ / ١٠ : (وَآخِـرُ دَعْوَاهُـمْ أَنِ الْحَـمْـدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).


أَبو الفتح : هذه القراءة تدلّ على أَنَّ قراءة الجماعة (١) : (أَنِ الحمدُ لِلَّهِ) على أَنَّ (أنْ) (٢) مخفّفة من أَنّ (٣) بمنزلة قول الأعشى :

في فتيةِ كسيوفِ الهندِ قَدْ عَلِمُوا

أَنْ هالك كُلُّ مَنْ يحفَى وَيَنْتَعِلُ (٤)

أَي أَنَّهُ هَالِك (٥) ، فَكَأَ نَّهُ على هذا : وآخر دعواهم انه الحمد لله (٦) ، وَعَلى أَنَّهُ لا يجوز أنْ يكونَ (أَنْ) هنا زائدةً (٧) كما زيدتْ في قولهِ :

ويوماً تُوافِينَا بِوَجه مُقَسَّم

كَأَنْ ظبية تعطو إلى وارفِ السَّلَمْ (٨)

__________________

(١) يعني الجمهور. البحر المحيط : ٥ / ١٢٧.

(٢) نقل ذلك أبو حيان عن ابن جنِّي. انظر : البحر المحيط : ٥ / ١٢٧.

(٣) اسمها ضمير الشأن لازم الحذف والجملة بعدها خبر أن وان وصلتها خبر قوله آخر.

انظر : البحر المحيط : ٥ / ١٢٧.

(٤) البيت عجزه في الديوان :

أنْ لَيْسَ يَدفَع عن ذِي الحيلةِ الحيلُ

انظر : الديوان : ٤٥ والكتاب : ١ / ٢٨٢ و ٤٤٠ و ٤٨٠ والأُصول في النحو : ١ / ٢٨٩ والخصائص : ٢ / ٤٤١ والمنصف : ٣ / ١٢٩ وشرح أبيات سيبويه للنحاس : ١٦٦ والإنصاف : ١ / ١١٣ والبحر المحيط : ٥ / ١٢٨ والخزانة ـ بولاق ـ : ٤ / ٢٥٦.

(٥) وفي البحر المحيط ان (ان) إذا خُفِّفَتْ لم تعملْ في غير ضمير محذوف وأجاز المُبَرِّدُ إعمالها كحالها مشدّدة. انظر : البحر المحيط : ٥ / ١٢٨.

(٦) قال العكبري : والتقدير : وآخر دَعواهم حَمْدُ اللهِ. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٤.

(٧) وهناك من يرى انها زائدة ، وليس هذا من محال زيادتها.

انظر : الجنى الداني : ٢٣٩ والبحر المحيط : ٥ / ١٢٨.

(٨) نسب هذا البيت إلى باعث أو باغث بن صريم اليشكري وإِلى أَرقم اليشكري وإلى زيد بن أَرقم اليشكري وكعب بن أرقم اليشكري وراشد بن شهاب اليشكري وعلباء بن أَرقم بن عوف من بكر بن وائل وروي (وارق) و (ناضر) مكان (وارف). المفضليات : ١٥٤ والكتاب : ١ / ٢٨١ والأُصول في النحو : ١ / ٢٩٧ والمنصف : ٣ / ١٢٨ والإنصاف : ١ / ١١٣ وشرح المفصل : ٨ / ٧٢ و ٨٣ والخزانة : ط ـ الخيرية : ٤ / ٣٦٤ وهمع الهوامع : ١ / ١٤٣ و ٢ / ١٨ وشرح الأشموني : ١ / ٢٩٣ و ٣ / ٢٨٦.


أَي : كَظبية (١) ، وَإذا لَم يَكُنْ ذلك كذلك لم يكنْ تقديره وآخر دعواهم الحمد لله. هو كقولك : أول ما أَقوله : زيدٌ منطلقٌ وَعَلى أَنَّ هذا مع ما ذكرناه جائز في العربية لكنَّ فيهِ خلافاً لتقدير قراءة الجماعة ، وفيه أَيضاً الحملُ على زيادةِ (أَنْ) وَلَيْسَ بالكثيرِ.

وَلَوْ قَرَأَ قارئ : إِنَّ الحمدَ للهِ بكسرِ الهمزةِ على الحكايةِ التي للفظ بعينه لكان جائزاً لَكِنْ لا يُقْدَمُ على ذلِك إِلاَّ أَنْ يَرِدَ بهِ أَثَرٌ وإِن كانَ في العربية سائغاً (٢).

وإذا فتح فقالَ : أَنَّ الحمدَ لله فلم يحكِ اللفظَ بعينهِ وإِنَّما جاءَ بمعنى الكلام كقولنا : بلغني أَنَّ زيداً منطلقٌ فليس هذا على حكاية ما سمع لفظاً.

ألا تراه إِذا قيلَ لهُ قَد انطلق زيدٌ فقال : بلغَني أَنَّ زيداً منطلقٌ كان صادقاً وإنْ لم يؤدِّ نفسَ اللفظ الذي سَمِعَهُ ، لَكِنَّهُ أدّى معناه؟ وإِن كَسَرَ فقالَ : إِنَ الحمدَ للهِ فهو مؤدّ لنفسِ اللفظِ وحاك لَهُ البتة (٣).

وقرأ الأَعرج بخلاف وأَبو رجاء وقتادة وعيسى وسلاّم وعمرو بن ميمون وروى عن عاصم : (أَنْ لَعْنَةُ اللهِ) (٤) و (أَنْ غَضَبُ اللهِ) (٥).

__________________

(١) على إعمال حرف الجرّ و (أنْ) زائدة : وقد روي البيت بالرفع وبالنصب أيضاً فالرفع على الخبر واسم كان محذوف مقدر والمعنى كأ نّها ظبية والنصب على انها اسمها والخبر محذوف منوي. كَأَ نّه قالَ : كَأَنْ ظبيةً هذه المرأة. انظر : شرح المفصل : ٨ / ٨٣.

(٢) لأَنّ القراءة سنّة لا تخالف. انظر : الكتاب : ١ / ٧٤.

(٣) المحتسب : ١ / ٣٠٨.

(٤) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٧ : (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ).

(٥) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٩ : (وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَاإِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ).


وقرأَ : (أنْ لَعْنَةُ اللهِ) رفعٌ وَخفّف النون ، و (أنَّ غَضَبَ اللهِ) نصبٌ يعقوب.

قال أبو الفتح : أما مَنْ خفَّفَ ورفعَ فإنَّها عِنْدَهُ مُخَفَّفَةٌ من الثقيلة (١) وفيها إضمارٌ محذوف للتخفيف ، أَي : أَنَّهُ لعنةُ اللهِ عليهِ وأَ نَّهُ غضبُ اللهِ عليها.

فلمّا خفّفت اضمر اسمها وحذف ، ولم يكنْ من إضمارِهِ بُدٌّ (٢) ، لأنَّ المفتوحَةَ إذا خُفِّفَتْ لم تصرْ بالتخفيفِ حرفَ ابتداءِ إنَّمَا تلك (إِنِ) المكسورةُ ، وعليه قول الشاعر :

في فتية كَسيوفِ الهندِ قَدْ عَلِمُوا

أنْ هَالِك كُلُّ مَنْ يَحْفَى وَيَنْتَعِلُ (٣)

أَي أنَّهُ هَالِكٌ كُلُّ مَنْ يَحفى وينتعل.

وسبب ذلك أنّ اتصال المكسورة باسمها وخبرها اتصال بالمعمول فيه واتصال المفتوحة باسمها وخبرها اتصالان :

أحدهما : اتصال العامل بالمعمول.

والآخر : اتصال الصلة بالموصول. أَلا تَرى أنَّ ما بعدَ المفتوحةِ صلةٌ لَهَا؟ فلمَّا قَوِيَ مَعَ الفتحِ اتصال أنْ بِمَا بَعْدَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا بدٌّ مِن اسم مقدر محذوف تعمل فيه ، ولمَّا ضعفَ اتصالُ المكسورة بما بعدها جاز إِذا خُفِّفَتْ أنْ تفارق العمل وخلُص حرفَ ابتداء (٤).

ب ـ لكنّ

روى عبد الوهاب عن أَبي عمرو : (وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ) (٥). نصبٌ.

__________________

(١) انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٥٤ والبحر المحيط : ٦ / ٤٣٤.

(٢) انظر : ص : ١٧٧ ـ ١٧٨ ، والجنى الداني : ٢٣٦.

(٣) تقدّم الشاهد في : ص : ١٨٣.

(٤) المحتسب : ٢ / ١٠٢ ـ ١٠٣.

(٥) من قوله تعالى من سورة الأَحزاب : ٣٣ / ٤٠ : (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِّن رِّجَالِكُمْ


قال أَبو الفتح : (رسول اللهِ) منصوبٌ على اسم (لكنَّ) والخبر محذوف ، أَي : ولكنَّ رسولَ اللهِ محمدٌ وعليه قول الفرزدق :

فَلَوْ كُنتَ ضَبِّيًّا عرفتَ قَرَابَتِي

وَلَكِنَّ زنجيّاً غَلِيظَ المشافِرِ (١)

أَي : وَلَكِنَّ زنجيّاً غليظَ المشافرِ لا يعرفُ قَرابتي ، فحذفَ الخبرَ لِدَلاَلةِ ما قبله عليه ، وهو قوله عرفت قرابتي ، كما أَنَّ قوله : (ما كانَ مُحَمَدٌ أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالِكُمْ) (٢) ، يدلُّ على أَنَّهُ مخالِفٌ لِهَذا الضَّرْبِ مِنَ الناسِ ونحو من ذلك قولُ طَرَفَة :

وَتَبْسِمُ عنْ أَلْمَى كَأَنَّ مُنَوّرا

تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمِلْ دِعْصٌ لَهُ نَدِي (٣)

قال أَبو الحسن علي بن سليمان لَمْ يأتِ لكان بخبر علما بمعرفة موضعه ، أَي : كَأنَّ ذَلِك المنورَ ثَغرُها ، فحذفه للعلمِ به ولطولِ الكلامِ (٤).

ج ـ لا النافية للجنس

قَرأَ ابنُ مسعود وابنُ عباس وعِكرِمَة وعطاء بن رباح [والأئمة] : أَبو جعفر محمّد بنُ علي وأبو عبد الله جعفر بن محمّد وعلي بن حسين

__________________

وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ).

(١) البيت للفرزدق ، ويروى (ولكن زنجيٌّ) على أن يكون (زنجي) خبر لكنَّ واسمها محذوف ، والتقدير : (ولكنّك).

انظر : الديوان : ٤٨١ والكتاب : ١ / ٢٨٢ والمحتسب : ٢ / ١٨٢ ومجالس ثعلب : ١٢٧ والمنصف : ٣ / ١٢٩ والمقرب : ١ / ١٠٨ وشرح المفصل : ٨ وهمع الهوامع : ١ / ٣٦.

(٢) من قوله تعالى من سورة الأَحزاب : ٣٣ / ٤٠ : (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ).

(٣) البيت من معلّقة طرفة. انظر : ديوانه : ٨ وشرح القصائد السبع الطوال للأنباري : ١٤٣.

(٤) المحتسب : ٢ / ١٨١ ـ ١٨٢.


(عليهم السلام) : (والشَّمْسُ تَجرِي لامُستقرَّ لَهَا) (١) بنصب الراء. (٢)

قال أَبو الفتح : ظاهرُ هذا الموضع ظاهرُ العموم ومعناهُ معنى الخصوصِ وذلك أنَّ (لا) هذه النافية الناصبة للنكرة لا تدخل إِلاَّ نفياً عاماً وذلك أَنَّها جوابُ سؤال عام ، فقولُك لا رجلَ عندك جوابُ هل من رجل عندك؟ فكما أَنَّ قولَك : هل من رجل عِندَك سؤال عامٌّ. أَي : هل عندك قليلٌ أو كثيرٌ من هذا الجنس الذي يقال لواحده رجل؟ فكذلك ظاهرُ قولِهِ : (لا مستقر لها) نفي أنْ تستقرَّ أبداً ، ونحن نعلمُ أَنَّ السماواتِ إذا زلنَ بَطُلَ سيرُ الشمس أصلاً ، فاستقرّتْ مِمَّا كانتْ عليهِ من السير. ونعوذُ بالله أنْ نقولَ : إِنَّ حركتها دائمةٌ كما يذهبُ مُحَبَّنوا (٣) المُلْحدة فهذا إذاً في لفظ العموم بمعنى الخصوص بمنزلة قوله :

أبكي لفقدك ما ناحتْ مُطَوَّقَةٌ

وما سَمَا فَنَنٌ يوماً على ساقِ (٤)

ونحن نعلم ان أقصى الأعمار الآنَ إنَّمَا هو مئة سنة ونحوها أَي لو عشتُ أَبداً بكيتك فكذلك (لا مستقرَّ لَهَا) ما دامتِ السنواتُ على ما هي

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة يس : ٣٦ / ٣٨ : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرّ لَّهَا ذَلِك تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ).

(٢) وهي قراءة الكسائي برواية الشيرازي عنه كما في زاد المسير : ٦ / ٢٧١.

(٣) أصل الحَبَن داء في البطن فيعظُم مِنهُ وَيَرِمُ والأَحبَن المستسقي من الحبنَ بالتحريك وهو عِظم البطن.

انظر : أساس البلاغة : ١ / ١٥١ واللسان : ١٦ / ٥٨.

(٤) البيت لأُمَّ عمرو أخت ربيعة بن المُكُدَّمِ في رثاء أخيها ربيعة ويروى (فسوف أبكيك) مكان (أبكي لفقدك) و (ما سريت مع الساري) مكان (وما سما فنن يوماً).

انظر : ذيل الأمالي : ١٣.


عليهِ (١).

التعليق والالغاء

قرأ الحسن : (إنَّ رَبَّك هو أَعلمُ مَنْ يُضِلُّ عن سبيلهِ) (٢) بضمّ الياء.

قالَ أَبو الفتحِ : يجوزُ (٣) أَنْ تكون (مَنْ) هذهِ مرفوعةً بالابتداء (٤) ، وَيُضِلُ بَعْدَهَا خبرٌ عَنْهَا ، و (أعلمُ) هذه معلّقةٌ عن الجملة ، حَتَّى كأَ نَّهُ قال : إنَّ رَبَّك هو أعلمُ أَيُّهُم يُضِلُّ عن سبيلِهِ ، كقولهِ تعالى : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً) (٥).

فَأَمَا الجرُّ فمدفوعٌ من حيثُ ذكرنا (٦) ، وإذا كان ذلك كَذَلِك علمتُ أنَّ (مَنْ) في قولِ الطائي (٧) :

غَدوتُ بِهِمْ أَمَدَّ ذويَّ ظِلاً

وَأَكْثَرَ مَنْ وَرائِي مَاءَ وَادِي (٨)

ولا يجوز أن تكون (من) في موضع جرّ بإضافة أكثر إليه إِذْ ليسَ واحداً مِمَّنْ وراءَهُ فهو إذاً منصوبُ الموضِعِ لا محالةَ بأكثرَ أوْ بما دلَّ عليه أكثرُ ، أَي

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢١٢.

(٢) من قوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ١١٧ : (إِنَّ رَبَّك هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).

(٣) ويجوز عنده أنْ تكونَ منصوبةً بنزع الخافض وسيأتي ذكر ذلك في موضعه المناسب.

(٤) انظر : معاني القرآن وإعرابه للزجّاج : ٢ / ٣١٤.

(٥) سورة الكهف : ١٨ / ١٢.

(٦) سنبيّن ذلك في مبحث المنصوب بنزع الخافض إِنْ شاءَ الله.

(٧) هو أَبو تمام حبيب بن أوس الطائي.

(٨) من قصيدة لأَبي تَمَّام في مدح أَحمد بن أَبي دؤاد. انظر : الديوان : ٧٢ والمحتسب : ١ / ٢٢٩.


كثرتُهم كنتُ أَكثرَهم ماءَ واد.

وَلاَ يجوزُ فيهِ الرفْعُ الذي جازَ معَ العلمِ ، لأَنَّ كثَرت ليسَ من الأفعالِ التي يجوز تعليقها إنَّما تلك ما كانَ من الأفعالِ داخلاً على المبتدأِ وخبرهِ (١).

التضمين

أوْ الذهاب إِلى المعنى

قَرأَ أَبو طالوت عبد السلام بن شدَّاد والجارودُ بنُ أَبي سَبرةَ : (وَمَا يُخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ) (٢) بِضَم الياءِ وفتح الدَّالِ.

قال أَبو الفتح : هذا على قولِك خدعتُ زيداً نفسَهُ ، ومعناهُ عن نفسهِ ، فَإنْ شِئْتَ قلتَ على هذا : حُذِفَ حرفُ الجرِّ فَوُصِلَ الفعلُ (٣).

وإنْ شئتَ قلتَ : حَمَلهُ على المعنى ، فاضمر له ما ينصبه. وذلك أَنَّ قَولَك : خدعتُ زيداً عن نفسِهِ يدخُلُهُ معنى : انتقصتُهُ نفسَهُ ، وملكتُ عليهِ نفسَهُ وهذا من أَسدِّ وأدمثِ مذاهبِ العربية ، وذلك أَنَّه موضعٌ يملك فيه المعنى عِنَانَ الكلام فيأخذُهُ إِليهِ ، ويصرفُهُ بحسبِ ما يؤثرهُ عليهِ.

وجملتُهُ : أَنَّهُ مَتَى كانَ فِعْلٌ مِنَ الأفعالِ في معنى فعل آخر فكثيراً ما يُجري أحدُهُمَا مُجرَى صاحبِهِ فيعدلُ في الاستعمالِ بهِ إليه ، ويحتذى في تصرُّفِهِ حذوَ صاحبِهِ ، وإِنْ كانَ طريقُ الاستعمالِ والعُرفِ ضدَّ مَأْخذِهِ. أَلا

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩.

(٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٩ : (يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ).

(٣) نؤجّل الحديث عن ذلك إلى مبحث النصب بنزع الخافض.


ترى إِلى قولِ اللهِ جلّ اسمه : (هَلْ لَك إِلى أَنْ تَزَكّى) (١) ، وأَنْتَ إِنَّما تقول : هَلْ لك في كذَا؟ لَكِنَّهُ لَمّا دَخَلَه معنى اجذبك إلى كذا وأدعوك إليه ، قال : (هَلْ لَك إِلى أَنْ تَزَكَّى)؟ وعليه قول الفرزدق :

كَيفَ تَراني قالياً مِجَنّي

قَدْ قَتَلَ اللهُ زياداً عَنِّي (٢)

فاستعمل (عن) هاهنا لِما دخله من معنى قد صرفه الله عني ، لاَِنه إِذا قتله فقد صرفه عنه ، وعليه قوله تعالى : (أُحِلَ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَتُ إِلَى نِسَائِكُمْ) (٣) وَأَنْتَ لا تَقول رَفَثْتُ إلى المرأةِ ، وإنَّما تَقَولُ رَفَثْتُ بِها وَمَعها ، لَمَّا كان الرفثُ بمعنى الإفضاءِ عُدّيَ بإلى (٤) كما يعدَّى أَفضيتُ بِإِلى ، نحو قولكَ أفضيت إِلى المرأةِ. وهو بابٌ واسعٌ (٥) ومنقاد وقد تقصّيناه في كتابنا الخصائص (٦) ، فكذلك قوله عزَّوجلَّ : (وَمَا يَخْدَعُونَ إلاَّ أَنْفُسَهم) جاءَ على خدعتُه نفسَهُ لَمَّا كان معناهُ مَعنى انتقصته نفسه ، أوْ تَخَوَّنتُه نفسه (٧) ورأيتُ

__________________

(١) سورة النازعات : ٧٩ / ١٨.

(٢) قاله الفرزدق لما بلغه موت زياد بن أبيه. ويروى (قالباً) بالباء. انظر : الديوان : ٢ / ٨٨١ والخصائص : ٢ / ٣١٠ ، ٤٣٥ والمحتسب : ١ / ٥٢ والجنى الداني : ٢٦٢ والمغني : ٢ / ٦٨٦ وشرح الأشموني : ٢ / ٩٥.

(٣) سورة البقرة : ٢ / ١٨٧.

(٤) انظر : معاني القرآن للأخفش : ٥٨ / آ والتمام : ٢٠٥ و ٢٢٩.

(٥) قال أَبو الفتح : أحسب لو جُمِعَ ما جاءَ منهُ لجاءَ منهُ كتابٌ يكون مئين أَوراقاً وقال : والحمل على المعنى كثيرٌ جداً في الإيجاب وضدَّهُ وشواهدُ هذا في النثر والنظمأكثر من أنْ أحصيها. انظر : التمام : ١٦٦ و ١٨٨ والمغني : ٢ / ٦٨٦.

(٦) انظر : الخصائص : ٢ / ٣٠٨.

(٧) قال أبو حيان : انتصاب ما بعد إلاّ إمَّا على التمييز على مذهب الكوفيين ، وإمَّا على


أبا عَلَيِّ (رحمه الله) يذهبُ إلى استحسانِ مذهبِ الكسائي (١) في قوله :

إذا رَضِيَتْ عليَّ بَنو قُشَير

لَعَمْرُ اللهِ أَعْجَبَني رِضَاهَا (٢)

لأَ نّهُ قالَ : عُدِيَ رَضِيَتْ بعلي ، كما يُعدَّى نقيضُها وهي سَخِطَتْ بِهِ ، وكانَ قياسُهُ رَضَيتُ عَنّي ، وإذا أَجاز أنْ يجري الشيءُ مجرى نقيضِهِ ، فإجراؤه مجرى نظيره أَسوغُ فهذا مذهبُ الكسائي (٣) وما أَحْسَنَه! وفيهِ غيرهُ على سَمْتِ مَا كُنَّا بصددِهِ وذلك إذا رضي عنه فقد أَقبلَ عليهِ ، فكأَ نَّهُ قَالَ : إذا أَقبلَتْ عليَّ بنو قُشَير.

وهو غور من أَنحاء العربية طَرِيفٌ ولَطيفٌ ومصونٌ وبَطينٌ (٤).

وقرأَ علي بن أَبي طالب وأَبو جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام)

__________________

التشبيه بالمفعول بهِ ، على ما زَعَمَ بعضُهم ، وإمَّا على إسقاط حرف الجرِّ أي : في أنفسِهم ، أو عن أنفسهم ، أو ضمن الفعل معنى ينتقصون ويستلبون فينتصبُ على أنَّهُ مفعولٌ بِهِ ، كما ضُمِّنَ الرَّفَثُ معنى الإفضاء فَعُدِيَ بإلى في قوله : (إِلَى نِسَائِكُمْ) ولا يقال : رفث إلى كذا ، وكما ضُمِّنَ هَلْ لَك إِلَى أَنْ تَزَكَّى مَعنَى أجذبُك ولا يُقالُ إلا هل لك في كذا. انظر : البحر المحيط : ١ / ٥٨.

(١) انظر : الخصائص : ٢ / ٣١١.

(٢) البيت للقُحَيفِ العُقَيلِي يمدحَ حَكيم بنَ المُسَيَّب القُشَيري.

انظر : معاني القرآن للأخفش : ٥٩ / أوالمقتضب : ٢ / ٣٢٠ والخصائص : ٢ / ٣١١ والأُزهية : ٢ / ٢٨٧ والمخصص : ١٤ / ٦٥ و ١٧ / ١٦٤ ورصف المباني : ٣٧٢ وشرح الكافية : ٢ / ٣٢٤ والمغني : ١ / ١٤٣ وشرح ابن عقيل : ٢ / ٢٥ وشرح المفصل : ١ / ١٢٠ وهمع الهوامع : ٢ / ٢٨ والخزانة ـ بولاق ـ : ٤ / ٢٤٧ وشرح التصريح : ٢ / ١٤.

(٣) اُنظر : الخصائص : ٢ / ٣٠٠ والإنصاف : ٢ / ٣٣٠ والمغني : ١ / ١٤٣ وشرح التصريح : ٢ / ١٥.

(٤) المحتسب : ١ / ٥١ ـ ٥٣.


ومجاهد : (تهوَى إليهم) (١) بفتح الواو.

قال أَبو الفتح : قراءة علي (عليه السلام) : (تَهوَى إِلَيْهِم) بفتح الواو من هويتُ الشيء إذا أحببتُه إلاَّ أنَّهُ قالَ (إلَيْهِم) وأنت لا تقول هويت إلى فلان ، لكنّك تَقول : هَويْتُ فلاناً ، لأَ نَّهُ (عليه السلام) حمله على المعنى ، ألاَ تَرى أنَّ معنى هويت الشيءَ : ملت إليه؟ فقال : (تَهوِي إليْهِمْ) لأ نَّهُ لاَحظَ معنى تميل إِليهم ، وهذا بابٌ في العربية ذو غور.

ومنه قول الله تعالى : (أُحِلَ لَكُم ليلةَ الصيامِ الرَّفَثُ إلى نِسَائِكُم) (٢) عَدَّاهُ بإِلى وأَنْتَ لا تقول : رَفَثْتُ إِلى المرأةِ ، إِنَّمَا تقولُ : رَفَثْتُ بِهَا أوْ مَعَها ، لَكِنَّهُ لَمَّا كانَ معنى الرَّفَثِ مَعنَى الإفضاءِ عدَّاهُ بإِلى ملاحظة لمعنى ما هو مثله ، فكأ نَّهُ قالَ : الإِفْضَاءُ إِلى نِسَائِكم (٣) ، وَمِنْهُ قولُ اللهِ تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ) (٤) لَمَّا كانتِ التوبةُ سَبَباً للعفوِّ لاحظَ معناهُ فقالَ : عن عبادِهِ ، حَتَّى كَأَ نَّهُ قالَ : وَهْوَ الّذِي يَقْبَلُ سَبَبَ العفوِّ عَن عبادهِ (٥).

وَقَرأَ الحُرُّ النَّحوي : (يُسْرِعونَ) (٦) في كُلِّ القرآن.

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة إِبراهيم : ١٤ / ٣٧ : (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَاد غَيْرِ ذِي زَرْع عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ).

(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٨٧.

(٣) تقدّم هذا التخريج في : ص : ١٩٠ وذكره أبو الفتح في الخصائص : ٢ / ٣٠٨ والمحتسب : ١ / ٥٢ وتجده في إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٨٣ والبحر المحيط : ٢ / ٤٨ مأخوذاً عن أبي الفتح.

(٤) سورة التوبة : ٩ / ١٠٤.

(٥) المحتسب : ١ / ٣٦٤.

(٦) من قوله تعالى من سورة آل عمران : ٣ / ١٧٦ : (وَلاَ يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ


قال أَبو الفتح : معنى يُسارِعونَ في قراءة العامّةِ : أَي يسابِقُون (١) غيرَهُم ، فهو أَسْرع لَهُم وأظهر خُفُوفاً بِهِم ، وأما يُسرِعون فَأَضْعَف (٢) معنىً في السرعةِ من يُسارِعون ، لأَنَّ مَنْ سَابَقَ غيرَهُ أحرصُ على التقدُّمِ مِمَّنْ آثر الخُفوف وَحْدَهُ. وَأَمَّا سَرُعَ فعادةٌ وَنَحِيزَةٌ. أَي : صار سريعاً في نَفْسِهِ.

وَفَعلَ مِنْ لَفْظِ فَاعَلْتُ ضربان : متعدّ وغيرُ متعدّ.

فالمتعدّي كضربتُ زيداً وضارَبْتُهُ ، وغيرُ المتعدّي كقمتُ وقاومتُ زيداً. أمَّا أسرعَ وَسَرُعَ جميعاً فغيرُ متعدّيين ، لكنْ سَرُعَ غريزة وأَسْرَع كَلَّفَ نفسَهُ السرعةَ لكنْ سارع متعدّ (٣).

وقرأَ عِكرمة : (وَأَهُسُّ) (٤) بالسين.

قالَ أبو الفتح : أمَّا أَهسُّ بالسين غير معجمة فمعنُاه أَسوق. رجلٌ هَسَّاسٌ أَي : سَوَّاق ، فإن قلتَ : فكيفَ قالَ : أَهسُّ بِها على غَنَمي؟ وَهَلاَّ قالَ : أَهسَّ بِها غَنَمِي؟ كقولك أَسوقُ بِهَا غَنَمي؟ قيل : لَمَا دخلَ السَّوقَ معنى الانتحاءِ لَها والمَيل بها عليها استعمل مَعَها (عَلَى) حملاً على المعنى (٥) ، ومن ذَلِك قولُهم كفى باللهِ ، أَي كفى اللهُ ، إِلاَّ أَنَّهُم زادوا الباءَ حملاً على معناهُ إِذْ كان في معنى

__________________

إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللهَ شَيْئاً).

(١) فهو متعدّ لأَ نَّهُ أُريدَ بِهِ معنى المشاركةِ وهذا ما سيستنتجه في آخر كلامه.

(٢) قال في البحر المحيط : ٣ / ١٢١ : وقراءة الجماعة أَبلَغُ ، لأَنَّ مَنْ يسارع غيرَه أَشَدّ اجتهاداً من الذي يُسْرِعُ وَحْدَه.

(٣) المحتسب : ١ / ١٧٧.

(٤) من قوله تعالى من سورة طه : ٢٠ / ١٨ : (قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآ رِبُ أُخْرَى).

(٥) قال العكبري عدَّى بعلى لأَنَّ معناهُ : أقوم بها ، أو أهول. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٢٠.


أكتفِ باللّهِ ولذلك قالوا حسبك به ، لما دخله معنى اكتفِ به ، وَلِذَلِك أيضاً حذفوا خبرَهُ في قولهِم : حَسْبُك لَمَّا دَخَلَهُ معنى اكتفِ ، والفعلُ لاَ يُخْبَرُ عَنْهُ (١).

من الأفعال التي تنصب مفعولين

أ ـ ما يدخل على المبتدأِ والخبر

١ ـ رأى بمعنى اعتقد

قال تعالى : (لِتَحْكُمَ بينَ الناسِ بمَا أَرَاك اللهُ) (٢).

قال أبو الفتحِ : هذا ليسَ مِنْ رؤيةِ العينِ لأَ نَّهُ لا مدخل له في الأحكام ، ولا من العلم لأَنّ ذَلِك متعدّ إِلى مفعولينِ فإذا نقل الهمزة وجبَ أنْ يتعدَّى إلى ثلاثة ، والذي معنا في هذا الفعل إِنَّما هُوَ مفعولانِ :

أَحدهما : الكاف.

والآخرُ : الهاءُ المحذوفة (٣) العائدة على (مَا) ، أَي : (بِمَا) أراكهُ اللهُ.

فَثَبَتَ بَذَلِك أَنَّهُ مِنْ الرأيْ الذي هو الاعتقاد ، كقولِك : فلانٌ يَرَى رَأَي الخوارجِ ، وَيَرى رأيْ أَبي حنيفة ، ورأي مالك ، ونحو ذَلِك ، فرأيتَ هذه إِذاً قسمٌ ثالثٌ لَيْسَتْ من رؤيةِ العينِ ولا من يقينِ القلبِ (٤).

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٥١.

(٢) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٠٥ : (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآ ئِنِينَ خَصِيماً).

(٣) انظر : هذا أَيضاً في البيان في غريب إِعراب القرآن : ١ / ٢٦٦.

(٤) المحتسب : ١ / ١٧٦.


٢ ـ سَمعَ

أَمَّا قراءة الجماعة : (هَلْ يَسْمَعُونَكُم) (١) فَإنَّ سَمِعْتَ بابها أنْ تَتَعَدَّى إلى مَا كانَ صوتاً مَسمُوعاً ، كقولِك : سَمِعتُ كلامَك وسمِعْتُ حديثَ القومِ ، فَإِن وقعتْ على جوهر تعدّتْ إلى مفعولين ولا يكون الثاني إلاَّ صوتاً ، كَقُولِك سَمِعْتُ زيداً يقرأُ وَسَمِعْتُ محمداً يتحدَّثُ ولا يجوز سِمعْتُ زيداً يقومُ ، لأَنَّ القيامَ لَيسَ مِنْ المسموعات (٢).

ب ـ مَا يَدْخُلُ على غيرِ المبتدأِ والخبرِ (٣)

آتـى

قرأ الزهري ويعقوب : (ومن يؤتِ الحكمةَ) (٤) بِكَسْرِ التاءِ.

قال أبو الفتح : وجهُهُ على أَنَّ الفاعلَ فيه اسمُ الله تعالى أَي : وَمَنْ يؤتِ اللهُ الحكمةَ مَنْ منصوبة (٥) على أَنَّها المفعولُ الأَوَّلُ والحكمَةُ المفعولُ الثاني كقولِك : أَيَّهم تُعطِ دِرْهَماً يشكرْك (٦).

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الشعراء : ٢٦ / ٧٢ : (قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ).

(٢) المحتسب : ٢ / ١٢٩.

(٣) أَدخلنا آتى تبعاً لسابقتيها (رأى) و (سَمِعَ) لأَ نَّها أَفعال تنصب مفعولين بعضُها يدخُلُ على جملة أَصلُهَا مبتدأ وخبرٌ وبعضُها الآخرُ يدخلُ على غيرِ المبتدأِ والخبر.

(٤) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٦٩ : (يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً).

(٥) ونقل ذلك العكبري في إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ١١٥.

(٦) المحتسب : ١ / ١٤٣.



الباب الرّابِع

الفاعل ونائبه



١ ـ الفاعل الظاهر والمضمر

قَرَأَ الحسن (١) : (ذَكَّرَ رَحمَةَ رَبّك) (٢) قالَ أَبو الفتحِ : فاعل ذَكَّرَ ضميرُ ما تَقَدَّمَ ، أَي : هذا المتلو من القرآن الذي هذه الحروف (٣) أَولُه وفاتحتُهُ يُذَكِّرُ رحمةَ ربّك ، كقوله تعالى : (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (٤) وعلى هَذَا أَيضاً ، يرتفعُ قولُهُ : (ذِكُرُ رَحْمَةِ رَبِّك) (٥) أَي : هذا القرآنُ ذِكرُ رَحْمَةِ رَبّك ، وإِنْ شِئْتَ كانَ تقديرُهُ مِمَّا يُقَصُّ عليك أَو يُتلَى عليك (٦) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّك عبدَهُ

__________________

(١) وهي قراءة ابن يَعمَر وعنه أَيضاً قراءة (ذكِّرْ) بالأَمر. انظر : مختصر في شواذ القرآن : ٨٣ والبحر المحيط : ٦ / ١٧٢.

(٢) من قوله تعالى من سورة مريم : ١٩ / ٢ : (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا).

(٣) الحروف المقصودة هي قوله تعالى : (كهيعص) من أوّل سورة مريم : ١٩ / ١.

(٤) من قوله تعالى من سورة الإِسراء : ١٧ / ٩ : (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ).

(٥) من قوله تعالى من سورة مريم : ١٩ / ٢ : (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا).

(٦) على هذا التقدير يكون ذكرُ مرفوعاً على ثلاثةِ أوجه :

أَحدُها : لأَ نَّهُ خبرُ مبتدإ محذوف تقديرُهُ هذا ذكرُ رحمةِ ربِّك والآخرُ : ما ذهبَ إليهِ الفرَّاءُ وهو أَنَّ المبتدأ (كهيعص) ، وذكر رحمة ربك خبرٌ.

والثالث : لأَ نَّهُ مبتدأ محذوفُ الخبر. قَدَّرَهُ الأَخفشُ : مِمَّا نَقُصُّ عليك. وقَدَّرَهُ ابنُ جِنِّي ـ كما تَرَى ـ مِمَّا يُقَصُّ عَليك أو يُتلَى عَليك. انظر : معاني القرآن للأخفش : ١٤٨ / أومعاني القرآن للفرّاء : ٢ / ١٦١ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١١٠ والبيان في غريب إعراب القرآن : ٢ / ١١٨ والبحر المحيط : ٦ / ١٧٢.


زَكَرِيّا (١).

وقَرَأَ ابنُ عباس فيما رواه سليمان بن أَرقم عن أَبي يزيد المدني عن ابن عباس : (فأُمْتِعْهُ قَليلاً ثُمَّ أضْطَرُّهُ) (٢) على الدعاء من إبراهيم (عليه السلام) قال أَبو الفتح : أَمَّا على قراءةِ الجماعةِ (قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ) فإنَّ الفاعلَ في (قَالَ) هو اسم الله تعالى ، أَي : لَمَّا قالَ إِبراهيمُ : (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) (٣) قال الله : (وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ). وأَمَّا على قراءَةِ ابن عباس : (فَأَمْتِعْهُ قَليلاً ثم اضْطَرَّهُ إلى عَذِابِ النَّارِ) فيحتمل أَمرَين.

أَحدُهُمَا وهو الظاهر : أَنْ يكونَ الفاعلُ في (قَالَ) ضميرَ إبراهيم (عليه السلام) أَي : قال إبراهيمُ أَيضاً : ومن كَفَرَ فَأَمِتعْهُ يا ربِّ ثمَّ اضطَرَّهُ يا ربِّ. وحَسُنَ على هذا إعادة (قَالَ) لأَمرينِ :

أحدُهُمَا : طولُ الكلام ، فَلَمَّا تباعدَ آخرُهُ مِنْ أَوَّلِهِ أُعيدتْ (قَالَ) لِبُعْدِهَا كما قد يَجُوزُ معَ طولِ الكلامِ ما لا يجوزُ مع قِصَرِهِ.

والآخرُ : أَنَّهُ انتقلَ من الدُّعَاءِ لقوم إلى الدُّعاءِ على آخرينَ فكأنَّ ذلك أخذٌ في كلام آخرَ فاستُؤنِفَ معه لفظُ القولِ.

وأمَّا الآخر : فهو أَنْ يكونَ الفاعل في (قَالَ) ضمير اسم اللهِ تعالى ، أَي :

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٣٧.

(٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٢٦ : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).

(٣) سورة البقرة : ٢ / ١٢٦.


فأَمْتِعْهُ يا خالقُ ، أْو فأَمْتِعْهُ يا قادِرُ أو يا مالِك أو يا إلهُ ، يُخاطِبُ بذلك نَفسَهُ عَزَّوجلَّ فجرى هذا على ما تعتادُهُ العَرَبُ من أمر الإِنسانِ لنفسهِ ، كقراءَةِ مَنْ يقَرأَ : (قَالَ اعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ) (١) أَي : اعلَمْ يا إنسانُ. وكقولِ الأعشى :

 ......

وَهَلْ تُطِيقُ وَدَاعاً أيُّها الرَّجُلُ (٢)

وأَنشدنا أَبو علي :

أَفاءَتْ بَنُو مروانَ ظلماً دِمَاءَنَا

وَفي اللهِ إنْ لَمْ يَعْدِلُوا حَكَمٌ عَدْلُ (٣)

فجرى اللفظ على أنَّهُ جُرِّدَ (٤) منه شيءٌ يُسَمَّى حَكَماً عدلاً ، وهو مع التحصيل على حذفِ المضافِ ، أَي : وفي عدلِ الله حَكَمٌ عدلٌ (٥).

وَقَرأَ ابن مسعود والجَحْدَرِي وأَبو عِمران الجوفي وأبو نَهيك وأَبُو بَكْرَة وَعَمرو بن فائد : (وأَنْ يَحْشُرَ النَّاسَ ضُحىً) (٦).

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٥٩ : (قالَ أعْلَمُ أَنَّ اللهَ على كُلِّ شيء قَدَير) ، ونسب في البحر المحيط : ٢ / ٢٩٦ القراءة المذكورة إلى أَبي رجاء وحمزة والكسائي.

(٢) صدره :

وَدِّعْ هُرَيرَةَ إنَّ الرَّكْبَ مُرْتَحِلُ

 ......

أُنظر : الديوان : ٤١ والخصائص : ١ / ٤٣ و ٢ / ٤٧٤.

(٣) تقدّم الشاهد في : ص : ٩٧.

(٤) خصّص ابن جني باباً سمَّاهُ (باب في التجريد) في الخصائص : ٢ / ٤٧٣.

(٥) المحتسب : ١ / ١٠٤ ـ ١٠٦.

(٦) من قوله تعالى من سورة طه : ٢٠ / ٥٩ : (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً).

وقُرِئَ عنهم أيضاً (وأنْ تحشر) بالتاء. مختصر في شواذ القرآن : ٨٨ والبحر المحيط : ٦ / ٢٥٤.


قال أَبو الفتح : الفاعل هنا مضمر ، أَي : وأنْ يَحْشُرَ اللهُ (١) الناسَ فهذا كقولِه سبحانه : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) (٢) ، وجميعُ هذا يُرَادُ بِهِ العُمُومُ ، أَي : يحشرهم قاطبة وطُرّاً ولا يكونُ حالاً (٣) كقولهِ سبحانَهُ : (يَوْمَئِذ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ) (٤) ويَدُلُّ عليهِ (٥) أَيضاً قولُهُ : (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (٦)) (٧).

وَقَرَأَ الزهري : (وَلَقَدْ صَدَقَ) ـ مُخَفَّفَةً ـ (عَلَيْهم إبليسَ) ـ نصب ـ (ظَنُّهُ) ـ رفع ـ (إِلاَّ لِيُعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ) (٨).

وقالَ أَبو حاتِم : روى عُبَيد بن عُقَيل ، عن أَبي الورقاءِ ، قالَ : سمِعتُ أَبا (٩) الهَجْهَاج وكانَ فَصِيحاً يقرأُ : (إبليسَ) ـ بالنصبِ ـ (ظَنُّهُ) ، رفعٌ.

قال أَبو الفتح : معنى هذه القراءة أنَّ إبليسَ كانَ سَوَّلَ لَهُ ظَنُّهُ شيئاً فيهم ، فَصَدَقَهُ ظَنُّه فيما كان عَقَدَهُ عليهِ مَعَهُم من ذلك الشيءِ.

__________________

(١) وقدره في البحر المحيط (يحشر الحاشرُ الناسَ ضحىً) فحذفَ الفاعلَ للعلمِ بِهِ.

وقال : حَذْفُ الفاعِلِ في مثلِ هذا لا يجوزُ عندَ البصريين. البحر المحيط : ٦ / ٢٥٤.

(٢) سورة الأنعام : ٦ / ٢٢ وسورة يونس : ١٠ / ٢٨.

(٣) يريد (جميعاً) في الآية.

(٤) سورة الزلزلة : ٩٩ / ٦.

(٥) يَدُلُّ على أنَّ الفاعلَ مضمرٌ يعودُ على لفظِ الجلالةِ.

(٦) سورة الكهف : ١٨ / ٤٧.

(٧) المحتسب : ٢ / ٥٤ ـ ٥٥.

(٨) من قوله تعالى من سورة سبأ : ٣٤ / ٢٠ ـ ٢١ : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَـنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَان إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكّ).

(٩) الذي في المحتسب : ٢ / ١٩١ : (سمعت أَبي الهجهاج) ولا أعرف له وجهاً.


وأَمَّا قراءةُ العامَّةِ : (ولقد صَدَقَ (١) عَلَيْهم إبليسُ) ـ رفعٌ ـ (ظَنَّهُ) ـ نصبٌ ـ فَإنَّهُ كَانَ قَدَّرَ فيهم شَيئاً فبَلَغَهُ منهم ، فَصَدَقَ ما كان أودَعَهُ ظَنُّهُ في معناهُ. المعنيان مِنْ بَعْدُ مُتَراجِعانِ إلى موضع واحد ، لأَ نَّهُ قَدَّرَ تقديراً فَوَقَعَ ما كانَ مِن تقديرِهِ فيهم. و (عَلَى) متعلّقة بـ (صَدَقَ) كقولِك : صَدَقْتُ عليك فيَما ظننْتُهُ بِك ولا تكونُ متعلّقةً بالظنِّ ، لاستحالةِ جوازِ تقديمِ شيء من الصلةِ على الموصولِ. وذهب الفرّاءُ إلى أنَّهُ على معنى في ظَنّهِ (٢) ، وهذا تَمَحُّلٌ للإِعرابِ ، وَتَحَرُّفٌ عن المعنى.

أَلاَ تَرَى أَنَّ مَنْ رَفَعَ (ظنّه) فإنَّمَا جَعَلَهُ فاعلاً؟ فكذلك إذا نصبَهُ جعلَهُ مَفْعُولاً على ما مضى.

وكذلك أيضاً من شَدَّدَ فَقَالَ : (صَدَّقَ) فنصب (الظنَّ) على أَنَّهُ مفعولٌ به (٣).

وقرأَ الحسن : (فَتأْتِيَهم بَغْتَةً) (٤) ، بالتَّاء.

قالَ أَبو الفتح : الفاعل المضمر الساعة. أَي : (فَتَأتيهم) الساعة (بغتةً) فَأَضمَرهَا لِدَلالة العذابِ الواقع فيها عليها ، ولكثرة مَا تَردَّدَ في القرآنِ مِنْ ذِكِر إثباتها (٥).

__________________

(١) قرأ ابنُ عباس وقتادة وطلحة والأَعمشُ وزيد بنُ عليّ (عليه السلام) وعاصم وحمزة والكسائي وخلف (صَدَّقَ) بتشديد الدَّال وقرأَ باقي السبعة بالتخفيف. البحر المحيط : ٧ / ٢٧٣ وإتحاف فضلاء البشر : ٢٢١.

(٢) معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٦٠.

(٣) المحتسب : ٢ / ١٩١.

(٤) من قوله تعالى من سورة الشعراء : ٢٦ / ٢٠٢ : (فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ).

(٥) المحتسب : ٢ / ١٣٣.


وَقرأ مُجاهد : (زَيَّنَ للنَّاسِ حُبَّ الشَّهَوَاتِ) (١) بفتح الزاي والياءِ.

قالَ أَبو الفتح : فاعلُ هذا الفعل إبليس (٢) ودلَّ عليهِ ما يتردَّدَ في القرآن من ذكرِهِ. فهذا نحو قولِ اللهِ تعالى : (يَعِدُهُم ويُمَنِّيهم) (٣) وما جرى هذا المجرى (٤).

وَقَرَأَ الأعْمَش ، فيما رَواهُ القطعي ، عن أَبي زيد ، عن المفضل ، عن الأعمش : (وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا يُؤتِه مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ يُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) (٥) بالياءِ فيهمَا.

قالَ أَبو الفتحِ : وجهُهُ على إضمار الفاعِلِ لِدَلالةِ الحالِ عليه ، أَي : يُؤتِهِ اللهُ ، يدلُّ على ذلك قراءَةِ الجماعة : (نؤْتِهِ مِنْهَا) بالنون.

وَحَديثُ إضمار الفاعلِ للدلالةِ عليهِ واسعٌ فاش عَنْهُم ، مِنْهُ حكايةُ الكتابِ أَنَّهم يقولونَ : إذا كان غداً فأتِني (٦) ، أَي : إذا كانَ ما نحنُ فيه من البلاءِ في غد فَأْتِني ، وَمِثْلُهُ حكايتُه أيضاً : مَنْ كَذِبَ كانَ شَرّاً لَهُ ، أَي كانَ الكذبُ

__________________

(١) من سورة آل عمران : ٣ / ١٤ : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) وقراءة الجماعة (زُيِّنَ) على البناء للمفعول. انظر : البحر المحيط : ٢ / ٣٩٦.

(٢) هذا قول الحسن وهناك من يقول إنَّ الفاعلَ الله سبحانه وتعالى. البحر المحيط : ٢ / ٣٩٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٢٠ : (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً).

(٤) المحتسب : ١ / ١٥٥.

(٥) من قوله تعالى من سورة آل عمران : ٣ / ١٤٥ : (وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ).

(٦) الكتاب : ١ / ١١٤.


شَرّاً لَهُ (١) وعليه قول الآخر :

وَمُجَوَّفَات قَدْ عَلاَ أَلْوانُها

أَسْآرَ جُرد مُتْرَصَات كالنَّوَى (٢)

أَي : قَدْ عَلاَ التجويفُ ألوانَها ، وقول الآخر :

إذا نُهيَ السَّفِيهُ جَرَى إليهِ

وَخَالَفَ والسَّفيهُ إلى خِلاَف (٣)

وَكَما أَضْمَرَ المصدر مجروراً أَعْنِي الهاءَ في إليه ـ يعني إلى السفَهِ ـ كذلِك أيضاً أَضمَرهُ مرفوعاً بفعلِهِ (٤).

وقرأَ يَحيى وإبراهيم : (فَيَرى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) (٥) بالياء.

قالَ أَبو الفتح : فاعلُ يَرى مضمرٌ دَلَّتْ عليهِ الحال أَي : فَيَرى رائِيهم ، وَمُتَأَمِلُّهُمْ (٦). و (الَّذِينَ) فِي مَوْضِعِ نصب (٧) كقراءة الجماعةَ وَقَدْ كَثُرَ إضمارُ

__________________

(١) الكتاب : ١ / ٣٩٥.

(٢) المُجَوَّف مِنَ الخيل والنعام الذي ارتفع بياض بَلَقِه حتَّى يبلغَ البَطنَ ، أي علا التجويف ألوانها.

الأَسآر : جمع سُؤْر وهو بقيَّةُ الشَّيءِ. المُتْرَصُ : المُحكَمُ.

(٣) البيت لأبي قيس الأسلت الأنصاري. ويروى (زُجِرَ) مكان (نهي) و (فخالف) مكان (وخالف). انظر : مجالس ثعلب : ١ / ٦٠ والخصائص : ٣ / ٤٩ والتَّمام : ٦٩ وإعراب القرآن المنسوب إلى الزَّجاج : ٣ / ٩٠٢ والهمع : ١ / ٦٥ والخزانة : ٥ / ٦.

(٤) أَي أضمر المصدر مرفوعاً في البيت الأسبق بقوله : (قد علا أَلوانُها) أَي قد علا التجويفَ ألوانُها ، ولمْ يتنبه صاحب الخزانة إلى هذا عندما قال : (لم أفهم معنى قوله : أضمرهُ مرفوعاً بفعله). انظر : المحتسب : ١ / ١٧٠ والخزانة : ٥ / ٢٨.

(٥) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٥٢ : (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِـمْ).

(٦) أو يرى الله. البحر المحيط : ٣ / ٥٠٨.

(٧) واحتمل بعضهم أن يكون (الَّذِينَ) فاعل ترى في قراءة الجماعة ، والمعنى أَنْ


الفاعل لدلالَةِ الكلامِ عليهِ ، كَقَوْلِهم : إذا كانَ غداً فَأتِني ، أَي : إذا كانَ ما نَحْنُ عليهِ من البلاءِ في غد فَأَتِنِي (١) وهو كثير ، وَدَلَّ عليهِ أيضاً القراءةُ العامّةُ : أَي : فَتَرى أنتَ يَا محمدُ (٢) أَو يا حاضرَ الحالِ (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَسارِعونَ) يُسَارِعُونَ فِي ولاءِ المُشْرِكينَ ونصرهم (٣).

وَقَرَأَ الحسن ـ بخلاف ـ وقتادة وَأَبو المتوكّل : (فَرَّغَ) (٤) بفتح الفاء والراء وبالغين.

قال أبو الفتح : أَما (فَزَّعَ) (٥) وَ (فَرَّغ) فَفَاعِلاَهُما مُضْمَران : إنْ شِئْتَ كان اسم الله تعالى ، أَي : كشف الله عن قلوبِهم ، وإن شِئْتَ كانَ ما هناك من الحال ، أَي : فَرَّغَ أَو فَزَّعَ حاضرٌ الحال عن قلوبِهم ، وإضمارُ الفاعلِ لدلالةِ الحالِ عليهِ كثيرٌ واسعٌ منه ما حكاه سيبويه من قَوْلِهم : إذا كانَ غداً فَأتِني (٦).

وكذلك قولُ الشاعر :

فَإنْ كَانَ لاَ يُرضِيك حَتَّى تَرُدَّنِي

إلى قَطَرِيّ لاَ إِخَالُك رَاضِيَا (٧)

__________________

يسارعوا فحُذِفَتْ أنْ إيجازاً. قال أَبو حيَّان : وهذا ضعيفٌ لأنَّ حذفَ أَنْ من نحو هذا لا ينقاسُ. ينظر في : البحر المحيط : ٣ / ٥٠٨.

(١) انظر : ص : ٢٠٤.

(٢) انظر : البحر المحيط : ٣ / ٥٠٨.

(٣) المحتسب : ١ / ٢١٣.

(٤) من قوله تعالى من سورة سبأ : ٣٤ / ٢٣ : (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ).

(٥) لم يذكر أَبو الفتح هذه القراءة في المحتسب ، وهي قراءةَ ابن مسعود وابن عباس وطلحة وأبي المتوكّل الناجي وابن عامر. انظر : البحر المحيط : ٧ / ٢٧٨.

(٦) انظر : ص : ٢٠٤.

(٧) قال سوار بن المضرب حين هَرَبَ من الحَجَّاج. ويروى (فإن كنتَ لا يُرضيك). وتقول


أَي : إنْ كانَ لاَ يُرْضِيك مَا جَرى أوْ ما الحالُ عليه (١). وَقَرأ ابنُ عباس : (يَوْمَ تَكْشِفُ عَنْ) (٢) بالتاءِ ، والتاء منتصبة. قال أَبو الفتح : أَي : تَكْشِفُ الشِّدَّةُ والحالُ الحاضرةُ عَنْ ساق وهَذَا مَثَلٌ ، أَي : تأخُذُ في أَعْراضِها ثُمَّ شُبِّهَتْ بِمَنْ أرادَ أمراً وَتَأهَّبَ لَهُ كَيْفَ يَكْشِفُ عَنْ ساقِهِ؟ قال :

كَشَفَتْ لَكُمْ عَنْ سَاقِهَا

وَبَدَا مِنَ الشِّرِ الصَّرَاحُ (٣)

فَأَضْمَرَ الحال والشدّة لدلالةِ الموضعِ عليهِ.

وَنَظِيرُهُ مِنْ إِضْمَارِ الفاعلِ ودَلالةِ الحالِ عليهِ ، مسألةُ الكتابِ : إذَا كانَ غداً فَأتِني أَي : إذا كانَ ما نَحْنُ عليهِ من البلاءِ في غد فأتِني (٤) وَكَذلِك قَوْلُهُمْ مَنْ يكَذِبَ كَانَ شَرّاً لَهُ (٥) أَي كَانَ الكَذِبُ شرّاً فَأضْمَرَ المَصْدَرَ لِدلالةِ المِثالِ

__________________

إخال بالكسر وهو الأفصحُ وبنو أسد يقولون : أخال بالفتح وهو القياس والكسر أكثر استعمالاً.

انظر : الخصائص : ٢ / ٤٣٣ ولسان العرب : ١٣ / ٢٤٠ ، مختار الصحاح : ١٩٦ وشرح المفصل : ١ / ٨٠ والهمع : ١ / ١٨٢ وشرح الأشموني : ٢ / ١٩٢.

(١) المحتسب : ٢ / ١٩٢.

(٢) من قوله تعالى من سورة القلم : ٦٨ / ٤٢ : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاق وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِفَلاَيَسْتَطِيعُونَ).

(٣) البيت لسعد بن مالك. انظر : الخصائص : ٣ / ٢٥٢ والمحتسب : ٢ / ٣٢٦.

(٤) يلاحظ أن ابن جِنِّي عبّر عن كتاب سيبويه بـ : (أبيات الكتاب ، وبيت الكتاب ، وحكاية الكتاب ، وصاحب الكتاب ، ومسألة الكتاب) ، كالآتي :

١ ـ (أبيات الكتاب) ص : ٨٢ و ٥٠٩ و ٥٦٨.

٢ ـ (بيت الكتاب) ص : ٣٣٣ و ٣٤١ و ٤٢٨ و ٤٥٧ و ٤٧١ و ٥١١ و ٥٣٠ و ٥٣٩.

٣ ـ (حكاية الكتاب) ص : ٢٠٤.

٤ ـ (صاحب الكتاب) ص : ١١٠ و ١٣٥ و ١٣٨ و ١٦١ و ٢١٢ و ٢٧٥ و ٢٨٤ و ٣١٦ و ٣٤٥ و ٣٧٦ مرّتين و ٤٥٨ و ٤٩٩.

٥ ـ (مسألة الكتاب) ص : ٢٠٧ و ٢٩٥.

(٥) انظر : ص : ٢٠٤ و ٢٠٥ و ٢٠٦.


عليهِ (١).

وَقَرَأَ عِيْسَى بن عُمَرَ الكوفي : (يَوْمَ تُقَلِّبُ وُجُوهَهُم) (٢) نصب.

قَالَ أَبو الفتح : الفاعل في (تقلِّبُ) ضميرُ السَّعيرِ المقدّم الذّكر في قولِه تعالى : (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً) (٣) ثُمَّ قالَ (يَوْمَ تُقَلِّبُ) أَي تُقَلِّبُ السَّعيرُ وُجُوهَهُمْ في النارِ فنسب الفعل إلى النارِ.

وإنْ كانَ المُقَلِّبُ هو الله سبحانه ، بدلالةِ قراءةِ أَبي حَيْوَةَ : (يَوْمَ نُقَلِّبُ وُجُوهَهَمْ) لأَ نَّهُ إِذَا كانَ التَّقْلِيبُ فيها جاز أنْ يُنْسَبَ الفعلُ إليها للملابسةِ التي بينهما ، كما قالَ اللهُ : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) (٤) فَنَسَبَ المكَر إليهما لوقوعه فيهما (٥) ، وَعَلَيْهِ قَوْلُ رُؤبة :

فَنَامَ لَيْلي وَتَجَلَّى هَمِّي (٦)

أَي نِمتُ في ليلي وعليهِ نفى جرير الفعل الواقع فيه عنه فقال :

لَقَدْ لُمْتِنَا يَا أُمَّ غَيْلاَنَ في السُّرَى

وَنِمتُ وَمَا لَيْلُ المطِيّ بِنَائِمِ (٧)

فَهذَا نَفْي لِمَن قالَ : نَام ليلُ المطيّ وتطرّقوا مِنْ هذا الاتساع إلى ما هو

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٣٢٦.

(٢) من قوله تعالى من سورة الأحزاب : ٣٣ / ٦٦ : (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ).

(٣) سورة الأَحزاب : ٣٣ / ٦٤ ـ ٦٥.

(٤) سورة سبأ : ٣٤ / ٣٣.

(٥) إنَّما المعنى بَلْ مَكْركُم بالليلِ والنهارِ. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٦٣.

(٦) انظر : الديوان : ١٤٢ والمقتضب : ٣ / ١٠٥ و ٤ / ١٤٥ والخزانة : ١ / ٤٦٦.

(٧) أم غيلان بنت جرير. والسُّرى : سَيرُ الليل. انظر الديوان : ٥٥٤.

والكتاب : ١ / ٨٠ والمقتضب : ٣ / ١٠٥ والخزانة : ١ / ٤٦٥.


أعلى منه (١).

٢ ـ رفع الفاعل بفعل مضمر

قَرَأَ الحسن : (أُولئِك عَلَيْهِم لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئكِةُ والناسُ أَجمعُونَ) (٢).

قالَ أَبو الفتحِ : هَذَا عندَنا مَرفوعٌ بفعل مضمر يدلُّ عليه قولُه سبحانَهُ : (لعنةُ اللهِ) أَي : وَتَلْعَنَهُم الملائِكةُ والنَّاسُ أجْمَعُونَ ، لاِ نَّهُ إِذَا قَالَ : عليهم لعنة الله فَكَأ نَّهُ قالَ : يَلْعَنُهُم الله ، كما أنَّهُ لما قالَ :

تَذَكَّرتْ أَرْضاً بِها أَهْلُهَا

أَخْوَالَها فِيهَا وأَعْمَامَها (٣)

فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهَا إِذَا تَذَكَّرَتِ الأرضَ التي فيها أَخوالُها وأَعمامُها فَقَدْ دَخَلُوا في جميعِ مَا وَقَعَ الذّكُر عليهِ ، فقالَ بَعْدُ : تَذَكَّرَتْ أَخَوالَها وأَعَمامَهَا (٤).

وَكَأَ نَّهُ لَمَّا قالَ :

أَسْقَى الإلهُ عُدُواتِ الوادِي

وَجَوْفَهُ كُلَّ مِلثٍّ غَادِي

كُـلَّ أَجَـشّ حَالِـك السَّـوَادِ (٥)

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١٨٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٦١ : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَا تُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).

(٣) هذا البيت لعمرو بن قُمَيئَة. انظر الديوان : ٦٢ والكتاب : ١ / ١٤٤ والخصائص : ٢ / ٤٢٧ والمحتسب : ١ / ١١٦ وشرح المفصل : ١ / ١٢٦ والخزانة : ٤ / ٧.

(٤) قال سيبويه : لأَنَّ الأَخوالَ والأَعمامَ قد دخلوا في التذكّر وقد ردّ المُبَرِّدُ هذا وأشباهَهُ وذكرَ أنّ مثلَ هذا لا يجوز. انظر الكتاب : ١ / ١٤٤ وشرح المفصل : ١ / ١٢٦.

(٥) نسب العيني هذا الرجز إلى رؤبة وليس في ديوانه. والعُدُواتُ : شواطئُ الوادي. والمُلِثُّ :


فقد سقى الأَجش فَرَفَعَهُ بفعل مضمر ، أَي سقاها كُلّ أَجَش وهو كثير جدّاً (١).

وَقَرأ سعيد بن جبير : (بَلْ مَكَرُّ الليْلِ والنَّهَارِ) (٢) وهي قراءةُ أَبي رَزين أَيْضاً.

قال أَبو الفتح : أَما (المَكَرُّ) والكُرُورُ أَي : اختلاف الأَوْقَاتِ فَمَنْ رَفَعَهُ فَعَلَى وَجْهَينِ :

أحَدُهُمَا : بفعل مُضْمَر دَلَّ عليهِ قولُهُ : (أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ) (٣)؟ فقالوا في الجواب : بَلْ صَدَّنَا مَكَرُّ الليلِ والنَّهارِ ، أَي : كُرُورُهُما (٤).

والآخر : أن يكونَ مَرفُوعاً بالابتداء ، أَي مَكَرُّ الليلِ والنهارِ صَدَّنَا (٥).

وَقَرأَ طلحة بن مُصَرِّف : (وَأَخْذٌ مِنْ مَكان قَرِيب) (٦) منصوبة الأَلِف منونة.

قال أبو الفتح : لَك في رفعهِ ضربان :

إِن شئتَ رفعتَهُ بفعل مضمر يدلُّ عليه قولُهُ : (فَلاَ فَوْتَ). أَي : وأَحاطَ بِهِم

__________________

السَّحَابُ يدومُ أياماً فلا يقلعُ من اللإلثاثِ. والغادي : الذي يكون في الغداة والأجشُّ : الشديدُ الصوتِ ، والحالك : الشديد السواد. الكتاب : ١ / ١٤٦ والخصائص : ٢ / ٤٢٥ وشرح شواهد العيني : ٢ / ٥٠.

(١) المحتسب : ١ / ١١٦ ـ ١١٧.

(٢) سورة سبأ : ٣٤ / ٣٣ : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ).

(٣) سورة سبأ : ٣٤ / ٣٢.

(٤) نقل هذا العكبري في إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٩٨.

(٥) المحتسب : ٢ / ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٦) من قوله تعالى من سورة سبأ : ٣٤ / ٥١ : (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَان قَرِيب).


أَخذٌ مِنْ مَكَان قريب وذَكَرَ القُرْبَ لأ نَّهُ أحجَى بتحصِيلِهِم ، وإِحاطَتِهِ بِهِم.

وإِنْ شئتَ رفعتَهُ بالابتداءِ وخبرُهُ محذوفٌ ، أَي : وهناك أخذٌ لهم وإحاطةٌ بهم ودلَّ على هذا الخبرِ ما دلَّ على الفعلِ في القولِ الأَوَّلِ (١).

وقرأَ أَبو عبد الرحمن السُّلَمي (٢) : (وَكَذَلِك زُيّن لِكَثير مِنَ المُشْرِكِينَ قَتْلُ أولادِهم شُركاؤُهم) (٣).

قال أبو الفتح : يَحتَمل رفعُ شركاءِ تَأويلَينِ :

أَحَدُهَما : ـ وهو الوجهُ ـ : أَنْ يكونَ مرفوعاً بفعل مضمر دَلَّ عليهِ قَوْلُهُ : (زُيِّن) كَأَ نَّهُ لَمَّا قالَ : زُيِّنَ لكثير مِنَ المُشركينَ قَتْلُ أولادِهِم : قِيلَ مَنْ زَيَّنَهُ لَهُم؟ فقيل : زَيَّنَهُ لَهُم شركاؤُهم (٤) فارْتَفَعَ الشركاءُ بفعل مضمر دَلَّ عليهِ (زُيِّن) فهو إذاً كقولِك : أُكِلَ اللحمُ زَيدٌ ، وَركِبَ الفَرَسُ جعفرٌ ، وترفع زَيْداً وَجَعْفَراً دَلَّ عليهِ هذا الظاهِرُ. وَإِيَّاك أنْ تَقولَ : إِنَّهُ ارتفع بِهَذا الظاهرِ لأَ نَّهُ هُوَ في المعنى ، لأَمْرِينِ :

أَحدُهما : أَنَّ الفِعْلَ لا يَرْفَعُ إِلاَّ الواحدَ فاعلاً أَوْ مفعولاً أُقيمَ مقامَ الفاعِل ،

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١٩٦.

(٢) ومِمَّن قرأَ بها الحسن وأبو عبد الملك قاضي الجند صاحب ابن عامر. البحر المحيط : ٤ / ٢٢٩.

(٣) من قوله تعالى في سورة الأَنعام : ٦ / ١٣٧ : (وَكَذَلِك زَيَّنَ لِكَثِير مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكآ ؤُهُمْ).

(٤) على هذا التوجيه : الشركاء مزيّنون لا قاتلون وهو توجيهُ سيبويه وبه أَخَذَ المُبَرِّدُ والعُكبري. انظر : الكتاب : ١ / ١٤٦ والمقتضب : ٣ / ٢٨١ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٦٢ والبحر المحيط : ٤ / ٢٢٩.


وَقَدْ رَفَعَ هذَا الفعلُ ما أقِيمَ مقام فاعلهِ وهو (قَتْلُ أَولادِهِمْ) فلا سَبيلَ لَهُ إلى رَفِعِ اسم آخر على أَنَّهُ هو الفاعلُ في المعنَى لأَ نَّك إذا تَصَرَّفْتَ بالفعلِ نحو إسنادِك إيَّاهُ إلى المفعول لم يجزْ أنْ تَتَرَاجَعَ عنه فتسنده إلى الفاعل ، إذ كان لكلّ واحد منهما فعل يخصُّهُ دونَ صاحبِهِ ، كقولك : ضَرَبَ وضُرِبَ ، وَقَتَلَ وَقُتِلَ ، وَهَذا وَاضِحٌ.

والآخر : أَنَّ الفاعِلَ عِندَنَا ليسَ المرادُ به أَنْ يكونَ فاعلاً في المعنى دونَ ترتيب اللفظِ ، وأَنْ يكون اسماً ذكرته وأسندته وَنَسَبْتَهُ إلى الفاعلِ ، كَقَامَ زَيدٌ وَقَعَدَ عمروٌ ، وَلَوْ كانَ الفاعِلُ الصناعي هو الفاعلُ المعنوي لَلَزمك عليهِ أَنْ تَقُولَ : مررتُ برجلٌ يقرأُ ، فترفعهُ لأ نَّهُ قَدْ كانَ يفعلُ شيئاً وهو القراءة ، وأنْ تَقُولَ رأَيتُ رجلٌ يُحَدّثُ فترفعهُ بِحَدِيثهِ ، وأَنْ تَقَولَ في رفعِ زيد من قولك : زيدٌ قامَ إِنَّهُ مرفوعٌ بفعلهِ لأَ نَّهُ الفاعِلُ في المعنى ، لكنَّ طريقَ الرفعُ في (شُركاؤُهم) هو ما أَريتُك مِنْ إِضمارِ الفِعْل لَهُ لترفعه به.

وَنَحوه ما أَنْشَدَهُ صَاحبُ الكتابِ (١) مِنْ قولِ الشاعرِ :

لِيُبْك يَزيدُ ضَارِعٌ لِخصومة

وَمُخْتَبِطُ مما تُطِيحُ الطوائِحُ (٢)

كَأَ نَّهُ لَمَّا قالَ : لِيُبْك يَزيدٌ ، قِيلَ : مَنْ يبكيهِ؟ فَقَالَ : لِيَبْكِهِ ضارعٌ لخصومَة

__________________

(١) الكتاب : ١ / ١٤٥ و ١٨٣.

(٢) البيت لنهشل بن حري ، ويروى للحارث بن نهيك كما يُنسب إلى لبيد وإلى مِزْرَد وإلى الحارث بن ضرار النهشلي ويروى (ومستمنح) مكان (مختبط) ، وبالبناء للفاعل (لِيَبْك يزيد ضارع ....) والبيت موضع نقاش بين النحاة.

انظر : الكتاب : ١ / ١٤٥ و ١٨٣ والمقتضب : ٣ / ٢٨٢ والخصائص : ٢ / ٣ والمحتسب : ١ / ٢٣٠ وشرح الكافية : ١ / ٧٦ والهمع : ١ / ١٦٠ وشرح المفصل ١ / ٨٠ والأَشموني : ٢ / ٤٩ وشرح التصريح : ١ / ٢٧٤.


والحمْلُ عَلى المَعْنَى كثيرٌ جدّاً فهذَا هو الوجهُ المختارُ في رفعِ الشركاءِ وشاهِدُهُ في المعنى قراءةُ الكافّةِ (١) : (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِير مِنَ المُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ) أَلاَ تَرى أَنَّ الشركاءَ هُمْ المُزَيِّنُونَ (٢) لا محالة؟

وَأما الوجهُ الآخر فَأَجَازَهُ قُطْرُب (٣) وَهو أنْ يكونَ الشركاءُ ارتفعوا في صلةِ المصدر الذي هو القتلُ (٤) بفعلِهِم ، وَكَأَ نَّهُ : وَكَذَلِك زُيِّنَ لِكَثِير مِنَ المُشْرِكِينَ أنْ قَتَلَ شُركاؤُهم أَولادَهُم وَشَبَّهَهُ بقولِهِ : حُبّبَ إِليَّ ركوبُ الفرسِ زيدٌ ، أَي : أَنْ رَكبَ الفرسَ زيدٌ هذا ـ لَعَمْرِي ـ وَنَحْوُهُ صَحِيحُ المعنى ، فَأَمَّا الآيةُ فَلَيْسَتْ مِنهُ بدلالةِ القراءةِ المجتمعِ عَلَيْهَا وأنَّ المعنى أنَّ المُزَيِّنَ هم الشركاءُ وَأَنَّ القاتِلَ هم المُشْرِكُونَ وَهَذَا واضحٌ (٥).

٣ ـ فاعل تأنيث فعله ضعيف

أ ـ تأنيثُ الفعل والفاعلُ مُذَكَّرٌ أُضيفَ إلى مؤنَّث

قَرَأ أَبو العالية : (لاَ تَنْفَعُ نَفَساً إيمانُها) (٦) بالتَّاءِ.

قال ابنُ مجاهد : وهذا غلط.

__________________

(١) انظر : البحر المحيط : ٤ / ٢٢٩.

(٢) وهذا تخريج سيبويه : انظر : الكتاب : ١ / ١٤٦ والبحر المحيط : ٤ / ٢٢٩.

(٣) انظر : البحر المحيط : ٤ / ٢٢٩.

(٤) وعلى توجيه قطرب : الشركاء قاتلون وهو يتعارض مع القراءة المجمع عليها كما يتعارض مع توجيه سيبويه الذي اعتبرَهُ ابنَ جِنِّي ـ وهو على حقّ ـ أرجحَ.

(٥) المحتسب : ١ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠.

(٦) من قوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ١٥٨ : (لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُها لَمْ تَكُنْ آمنَتْ مِنْ قَبْلُ).


قال أَبو الفتح : ليسَ ينبغي أنْ يطلقَ على شيء لهُ وجهٌ من العربية قائم ـ وإِنْ كانَ غيرهُ أَقوى منه ـ أَنَّه غلط. وعلى الجملة فقد كثر عنهم تأنيثُ فعلِ المضافِ المذكّرِ إذا كانتْ إضافتُهُ إلى مؤنّث ، وكانَ المضافُ بعضَ المضافِ إليهِ أوْ مِنْهُ أوْ به. وأَنشدَنَا أَبو عليّ لابنِ مقبل :

قَدْ صَرَّحَ السيرُ عَنْ كُتْمَانَ وابْتُذِلَتْ

وَقْعُ المحاجِنَ بالمَهريَّةِ الذُّقُنُ (١)

فَأ نَّثَ (الوقع) وإنْ كانَ مُذَكَّراً لَمَّا كانَ مضافاً إِلى (المحاجِنِ) وَهيَ مُؤَنَّثَة ، إذ كانَ الوقع مِنْها. وَكَذلِك قول ذي الرمّة :

مَشِيْنَ كَما اهتزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ

أَعَاليَها مَرُّ الرِّيَاحِ النَّواسِمِ (٢)

فَأَ نَّثَ (المَرّ) لإضافتِه إِلى الرِّياحِ وهي مُؤَنَّثة ، إِذ كان (المَرُّ) من الرِّيَاحِ ، ونظائر ذلك كثيرة جدّاً (٣) لا وجهَ للإِطالةِ بذكرِهَا.

فَهَذا وجه يشْهَدُ لتأنيثِ الإيمان إذْ كانَ من النفسِ وَبِهَا.

وإنْ شِئتَ حَمَلْتَهُ على تأنيثِ المُذَكَّرِ لمَّا كان يُعبَّر عنه بالمؤنَّثِ ، أَلا تَرَى إلى قولِ الله سبحانَهُ : (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) (٤) فَتَأنِيثُ المِثْل لأَ نَّهُ في المعنى

__________________

(١) كُتمان : اسم موضع أَو جبل. المَحَاجِن : العِصيُّ. المَهْرِيَّة : يريد بها الإبل المنسوبة إلى مَهرة إحدى قبائل اليمن. وفي الكلام قلَب ، أَي : ابتذلت المَهريَّة بوقع المحاجن عليها. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ١ / ١٨٧ والخصائص : ٢ / ٤١٨ واللسان : ١٦ / ٤١٢.

(٢) رُوِي (رويداً) وكذلك (جَرَيْنَ) مَكَانَ (مَشِيْنَ) و (مرضي) مكان (مر) ، وتسفهت الريح الغصون حركتها واستخفتها. انظر : الديوان : ٦١٦ والكتاب : ١ / ٢٥ و ٣٢ والمقتضب : ٤ / ١٩٧ والخصائص : ٢ / ٤١٧ واللسان : ٣ / ٢٨٨ وشرح الشواهد للعيني : ٢ / ٢٤٨.

(٣) انظر : شواهد ذلك في الكتاب : ١ / ٢٥.

(٤) من قوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ١٦٠ : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ).


حَسَنة.

فَإِن قُلتَ : فَهلا حملتَهُ على حذفِ الموصوفِ فَكَأ نَّهُ قالَ : فَلَهُ عَشْرُ حسنات أمثالِها. قِيلَ : حذفُ الموصوفِ وإقَامَةُ الصفةِ مقامَهُ قَبْلُ ليسَ بِمُستَحْسَن في القياسِ ، وأَكثرُ مَأْتَاهُ إنَّما هو في الشّعرِ ، ولذلك ضَعُفَ حَمْلُ (دَانِيَةً) من قولهِ تعالى : (وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا) (١) على أَنَّهُ وَصْف (٢) جنّة ، أَي : وجَنَّة دانية عليهم ظلالها عطفاً على جنَّة من قوله : (وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) (٣) ، وجَنَّة دانية عليهم ظِلالُها لِمَا فيه من حذفِ الموصوفِ وإقامَةِ الصِّفَةِ مقامَهُ حتَّى عطفوها على قولِهِ : (مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الاَْرَائِك) (٤) ، ودانية عليهم ظلالُها فكانت حالاً معطوفة على حال قبلها ، فلهذا يضعف أَنْ يكونَ تقدير الآية على : فَلَهُ عَشْرُ حَسَنات أمثالِها بل تكون أمثالها غير صفة ، لكنَّهُ محمولٌ على المعنى ، إذ كنَّ حسنات كما ترى (٥).

وَعَليه قوله تعالى : (تَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ) (٦) ، لما كان ذلك

__________________

(١) سورة الإنسان : ٧٦ / ١٤.

(٢) وقد جوّز ذلك العُكبَري : (انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٧٦).

(٣) سورة الإنسان : ٧٦ / ١٢.

(٤) سورة الإنسان : ٧٦ / ١٣.

(٥) هذا رأَي الأخفش والزَّجَّاج وغيرهما ، وجوَّزَ بعضُهم أن تكونَ معطوفَةً على (مُتَّكِئِينَ) أو على (جَنَّة) أو مفعولاً ثانياً (لِجَزَاهُمْ). انظر : معاني القرآن للأخفش : ١٨٩ / أومعاني القرآن للفرَّاء : ٣ / ٢٧٦ ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٨٤ وإملاء ما منَّ به الرَّحمن : ٢ / ٢٧٦ والبيان : ٢ / ٤٨٢ والبحر المحيط : ٨ / ٣٩٦.

(٦) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ١٠ : (قَالَ قَآ ئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَ لْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ).


البعض (١) سَيَّارة في المعنى.

وحكى الأصمعي ، عن أبي عمرو ، قال : سمعتُ رَجُلاً مِنَ اليمنِ يقولُ : فلانٌ لَغوبٌ (٢) جاءتهُ كتابي فاحتقرهَا.

قالَ : فقلتُ لَهُ : أَتقول : جاءَتْهُ كِتابي؟

فقالَ : نَعَمْ ، أَليسَ بصحيفة (٣)؟ فلا تعْجَبْ إلاَّ مِنْ هذا الأَعرابي الجافي وهو يُعَلِّلُ هذا التَّعليلَ في تَأَنيثِ المُذَكَّرِ ، وَلَيسَ في شعر منظوم فَيُحتمَلُ ذَلِك لَهُ ، إنَّمَا هو في كلام منثور. فكذلك يكونُ تأنيثُ الإيمانِ ، أَلا تَراهُ طاعةً في المَعْنَى؟ فكأَ نَّهُ قالَ : لا تَنفَعُ نفساً طاعتُها. والشواهِدُ كثيرٌ لكنَّ الطريقَ التي

__________________

(١) يمنع بعض النحاة واللغويين دخول الألف واللاّم على كلّ وبعض لكن ابن جِنِّي أدخلهما عليهما. كما سيأتي في (إِيَّانَ لُغَةٌ في أيَّانَ) ص : ٢٨٠. وقد استعمل ذلك سيبويه والأخفش وأبو علي الفارسي وابن عقيل والأشموني. وغيرهم. قال أبو حاتِم : قلتُ للأَصمعي : رأيتُ في كتاب ابن المُقَفَّعِ : العلم كثيرٌ ولكن أَخذ (البعض) خيرٌ من ترك (الكلِّ) فأَنكرَهُ أَشدَّ الإنكار وقالَ : الألف واللاّم لا يدخلان في بعض وكلّ لأ نّهما معرفة بغير ألف ولام وفي القرآن العزيز : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ) سورة النمل : ٢٧ / ٨٧. قال أبو حاتِم : ولا تقول العربُ : (الكلُّ) ولا (البعضُ) وقد استعمله الناس حتّى سيبويه والأخفش في كتبهما لقلَّةِ علمِهِمَا بهذا النحو!! فاجتنبْ ذلك فإنَّهُ ليسَ مِنْ كلام العرب. وقال الأزهري : النحويون أجازوا الألفَ واللاّم في بعض وكلّ وإنْ أَباهُ الأصمعي. وفي كتاب ليس لابن خالويه : العوامُ وكثيرٌ منَ الخواصِّ يقولون الكلّ والبعض وإنَّمَا هو كلّ وبعض لا تدخلها الألف واللاّم لأ نَّهما معرفتان في نية إضافة. الكتاب : ١ / ٢٥ والحلبيات : ٤٠ والخصائص : ١ / ٢٨ و ٦٤ والمحتسب : ٢ / ٢٦٥ و ٢٨٨ و ٣٥١ واللسان : ٨ / ٣٨٧ ـ ٣٨٨ وشرح ابن عقيل : ١ / ٦١٦ والبسيط : ١ / ١١٩ والمزهر : ٢ / ١٥٨ وشرح الأشموني : ٣ / ٢٠٩ ولحن العامّة والتطوّر اللغوي : ١٤٣.

(٢) اللغوب : الضعيف الأحمقُ. اُنظر : لسان العرب : ٢ / ٢٣٩ ـ لغب ـ.

(٣) انظر : لسان العرب : ٢ / ٢٣٩ والبحر المحيط : ٧ / ٣١٥.


نحنُ عَلَيْهَا مختصرةٌ قليلةٌ قصيرةٌ (١).

ب ـ تأنيث الفعل والفاعل مؤنَّث مفصول بفاصل

قَرَأَ أَبو جعفر (٢) ومُعاذ بن الحارث : (إِنْ كَانَتْ إلاَّ صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ) (٣).

قالَ أَبو الفتحِ : في الرفع ضعفٌ ، لِتَأنيثِ الفعلِ ، وهو قولُهُ : (كَانَتْ) ، ولا يقوى أَنْ تَقُولَ : مَا قَامَتْ إلاَّ هندٌ ، وَإنَّما المختارُ من ذلك : ما قامَ إلاَّ هندٌ ، وذلِك أَنَّ الكلامَ محمولٌ على معناهُ ، أَي مَا قامُ أَحَدٌ إِلاَّ هندٌ ، فَلَمَّا كانَ هذا هو المرادُ المُعتَمَدُ ذكرَ لفظَ الفعل إرادةً لَهُ ، وإيذاناً بهِ ، وَحَمْلاً لظاهر اللفظِ عليهِ ، ومثلُهُ قراءةُ الحَسَنِ : (فَأَصْبَحُوا لا تُرَى إلاّ مَسَاكِنُهُمْ) (٤) بالتاء في (ترى) وعليه قول ذي الرُّمَّة :

بَرى النَّحزُ والأَجرَالُ مَا فِي غُرُوضِهَا

وَمَا بَقيِتْ إلاَّ الصُّدُورُ الجَرَاشِعُ (٥)

وأَقوى الإعرابينِ : فَمَا بَقيَ إِلاَّ الصدور ، لأَنَّ المرادَ ما بقي شيءٌ منها

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٢٣٦ ـ ٢٣٨.

(٢) المراد بأبي جعفر ، هو أبو جعفر بن القعقاع كما في زاد المسير ١٥ : ٢١.

(٣) من قوله تعالى من سورة يس : ٣٦ / ٢٩ : (إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ) بالنصب.

(٤) من قوله تعالى من سورة الأحقاف : ٤٦ / ٢٥ : (فَأَصْبَحُوا لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ).

(٥) يروى (طوى) مكان (بَرى) و (الأَجراز) مكان (الأَجرال) ، والنحز : الركل بالعقب وهو النخس والدفع ، والأجراز جمع جرز وهي أرضٌ لا نباتَ فيها والغروض جمع غرض وهو الحزام والجراشع : جمع جرشع وهو الغليظ ، ويروى هكذا :

ترى البحر والآجال يأتي عُروضها

فما بَقِيتْ إلاَّ الضلوعُ الجراشع

إعراب القرآن المنسوب إلى الزجّاج : ٣ / ٨٦٣ والمحتسب : ٢ / ٢٠٧ وشرح المفصل : ٢ / ٨٧ والبحر المحيط : ٨ / ٦٥ وشرح الشواهد للعيني : ٢ / ٢٢.


على ما مضى (١).

وَقَرَأَ الحسن وأبو رَجاء وقتادة وعَمرُو بن ميمون والسُّلَمِي ومالك بن دينار والأعمش وابنُ أَبي إسحاق واختلف عن الكل (٢) إلاَّ أَبَا رَجاء ومالك بن دينار : (لا تُرَى) بالتَّاءِ مضمومةً ، (إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ) (٣) بالرَّفع.

قال أَبو الفتح : أَمَّا (تُرَى) بالتَّاء ورفع المساكن فضعيفٌ في العربية (٤) والشعر أَوْلَى بِجَوازِهِ من القرآن ، وذلك أَنَّهُ مِنْ مواضِعِ العُمُومِ في التذكير ، فَكَأَ نَّهُ في المعنى لا يُرَى شيءٌ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ ، وإذا كَانَ المعنى هذا كان التَّذكِيرُ لإرادتِهِ هو الكلام.

فأمَّا (تُرَى) فَإنَّه في معاملةِ الظاهر والمساكن مُؤَنَّثَة ، فأ نَّثَ على ذلك. وإنَّمَا الصواب ما ضُرِبَ إلاَّ هندٌ ولسنا نُريدُ بقولِنَا إِنَّه على إِضمار أحد وإِن هنداً بدلٌ من أَحد المقدَّرِ هنا ، وإنَّما نُريدُ أَنَّ المعنى هذا ، فَلِذَلِك قَدَّمْنَا أمْرَ التَّذْكِير. وعلى التأنيث قالَ ذو الرمّة :

بَرَى النَّحْزُ وَالأَجْرَالُ مَا فِي غُرُوضِها

وما بقيت إلاّ الصُّدُورُ الجَرَاشِعُ (٥)

وهو ضعيف على ما مضى (٦).

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٠٦ ـ ٢٠٧.

(٢) انظر : ص : ٢١٧.

(٣) من قوله تعالى من سورة الأحقاف : ٤٦ / ٢٥ : (فَأَصْبَحُوا لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِك نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ).

(٤) قال العُكبري : هو ضعيف ، وقال أبو حيَّان : هذا لا يجيزه أصحابُنا إلاّ في الشِّعرِ وبعضُهُم يجيزُهُ في الكلام. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٣٤ والبحر المحيط : ٨ / ٦٥.

(٥) تقدّم الشاهد في : ص : ٢١٧.

(٦) المحتسب : ٢ / ٢٢٦.


وَقَرَأَ : (مَا تكُونُ مِنْ نَجوَى ثَلاثَة) (١) بالتَّاءِ ـ أَبو جعفر وأَبو حَيَّة.

قالَ أَبو الفتح : التذكير الذي عليه العامَّةُ هو الوجهُ (٢) ، لِمَا هُنَاك من الشّياع وعمومِ الجِنسِيَّةِ ، كقولِك : ما جاءنِي من امرأَة ، وما حضرني من جارية.

وأَمَّا (تكُونُ) بالتَّاء فلاعتزام لفظ التأنيثِ ، حتَّى كَأَ نَّهُ قالَ : ما تكون من نجوى ثلاثة ، كما تقول : ما قامتِ امرأَةٌ ، ولا حَضَرَتْ جَاريةٌ ، وَمَا تَكُونُ نَجْوَى ثلاثة (٣).

ج ـ تَأَنِيث الفعل وفاعله جمع تكسير

قَرَأ أُبَيُّ بن كعب والأَعرج والحسَن : (إِمَّا تَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) (٤) بالتَّاءِ.

قال أَبو الفتح : في هذه القراءة بعضُ الصَّنعة ، وذلك لقولِهِ فيما يليه : (يَقُصُّونَ عَلَيْكُم آيَاتِي) فالأَشبَهُ بتذكيرِ (يَقُصُّونَ) التذكير بالياء في قراءة الجماعة (يَأَتِيَنَّكُمْ) فَتَقُول على هذا قامتِ الزيودُ ، وقامَ الزيدون ، وَتُذَكِّر

لفظَ قامَ لِتَذْكِيرِ (الزيدون) وتؤنّث لفظ قامتْ لأَنَّ الزيودُ مُكَسَّرٌ

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة المجادلة : ٥٨ / ٧ : (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَة إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ). البحر المحيط : ٨ / ٢٣٤.

(٢) الظاهر هنا أَنَّ الوجهَ التأنيثُ لا التَّذكيرُ كما ذهبَ إليهِ أبو الفتح لاِنَّ (مِنْ) زائدةٌ فالفعل مسندٌ إِلى مؤنّث. قالَ تعالى : (وَمَا تَأْتِيْهِمْ مِنْ آيَة) سورة الأنعام : ٦ / ٤ وسورة يس : ٣٦ / ٤٦ و (مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّة أَجَلَهَا) سورة الحجر : ١٥ / ٥ وسورة المؤمنون : ٢٣ / ٤٣. البحر المحيط : ٨ / ٢٣٥.

(٣) المحتسب : ٢ / ٣١٥.

(٤) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ٣٥ : (يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي).


ولا يختصُّ بالتذكير ، لقولِك : الهنودُ. وقد يجوز قامتِ الزيدون إلاّ أنَّ قام أَحسن (١).

د ـ تأنيث الفعل والفاعل ضمير لجمع تكسير مذكَّر

قَرَأَ بديلُ بنُ ميسرة : (مَا إنَّ مَفَاتِحَهُ لَيَنُوءُ) (٢) بالياء.

قال أبو الفتح : ذَهَبَ في التَذْكِير إلى ذلك القدر والمبلغ فَلاحَظَ مَعنَى الواحدِ (٣) فَحَمَلَ عليهِ فقال : (لَيَنُوءُ). ونحو قول الرجز : مِثْلَ الفِرَاخِ نُتِفَتْ حَوَاصِلُهْ أَي : حواصل ذلك ، أَوْ حواصل ما ذكرنا.

وأَخبرنا شَيْخُنَا أَبو علي قالَ : قَالَ أَبو عبيدةَ لرؤبةَ في قولهِ :

فِيهَا خُطوطٌ مِنْ سواد وَبَلَقْ

كَأَ نَّهُ فِي الجلْدِ تَوْلِيعُ البَهَقْ (٤)

إِنْ كُنْتَ أَرَدْتَ الخطوطَ فَقُل : كَأَ نَّها ، وإنْ كُنْتَ أَرَدْتَ السَّوادَ والبَلَقَ فَقُلْ كَأَ نَّهُمَا ، فَقَالَ رُؤبة : أَرَدْتُ كَأَنَّ ذَلِك ، وَيْلَك!! هَذَا مجموع الحكاية ، وهي متلقاةٌ مقبولةٌ كما يجب في (ذاك).

وَلَو قَالَ قَائِلٌ : إنَّ الهاءَ فِي (كَأَ نَّه) عائدةٌ على (البَلَق) وَحْدَهُ لَكَانَ مصيباً لأَنَّ في البَلَقِ ما يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ تشبيهِهِ بالْبَهَقِ ، فَلاَ ضَرُورَةَ هُنَاك إلى إدخالِ السَّوَادِ مَعَهُ.

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٢٤٧.

(٢) من قوله تعالى من سورة القصص : ٢٨ / ٧٦ : (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ).

(٣) وقال أَبو حيَّان راعَى المضافَ المحذوفَ لتقدير ما إنْ حَمْلُ مفاتحِهِ أوْ مِقدَارها أو نحو ذلك. انظر : البحر المحيط : ٧ / ١٣٢.

(٤) البَلَقُ : سواد وبياض. والبَهَقُ : بياض دون البرص. والتَوليع : استطالة البَلَقَ. انظر : ديوان رؤبة : ١٠٤ والمحتسب : ٢ / ١٥٤ ولسان العرب : ١١ / ٣١١.


ونحو القراءة قول الآخر :

أَلا إنَّ جِيرَانِي العَشِيَّةَ رَائِحٌ (١)

 ......

فَأَ خْبَرَ عَنْهُ بلفظِ الواحدِ لأَ نَّهُ أَجْرَاهُ مجراه (٢).

٤ ـ الفاعل مؤنَّث وفعله مذكَّر

قَرَأَ ابنُ عَبَّاس : (وَلَوْ لَمْ يَمْسَسْهُ نَارٌ) (٣) بالياء.

قال أَبو الفتح : هَذا حَسَنٌ مُسْتَقيِمٌ ، وذلك لأَنَّ هُناك شَيْئَينِ حَسَّنَا التَّذْكِير هُنَا :

أَحدُهُمَا : الفَصْلُ بالهاءِ.

والآخر : أَنَّ التأَنِيثَ لَيْسَ بَحَقِيقيِّ ، فَهْوَ نظيرُ قولِ اللهِ سبحانَهُ : (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ) (٤) بَل إذَا جازَ تذكير فعلِ (الصَّيْحَةِ) مَعَ أَنَّ فِيهَا علامة تأنيث فَهْوَ مع النارِ التيِ لاَ علامةَ تأنيث فِيها أَمْثَل.

وأما مَا رَوَيْنَاهُ مِنْ قولِ جِرَانِ العَوْد :

أَلا لاَ يَغُرَّنَّ امْرَأً نَوْفَلِيَّةٌ

عَلَى الرَّأس بَعْدِي أوْ تَرَائِبُ وُضَّحُ (٥)

__________________

(١) عجز البيت :

 ......

دَعَتْهُـمْ دَواع مِنْ هَـوىً وَمَنَـادِحُ

والأَصْلُ مناديح لأَ نَّهُ جمعُ مَنْدُوحَة. وقد نَسَبَهُ أَبو زيد إلى لِحيانَ بنِ حلبة المحاربي أحد شعراء الجاهلية. انظر : النوادر : ١٥٧ والتكملة : ٢ / ٢٤٦ والمحتسب : ٢ / ١٥٤ والهمع : ٢ / ١٨٢ والدرر اللوامع : ٢ / ٢٢٨.

(٢) المحتسب : ١ / ١٥٣ ـ ١٥٤.

(٣) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٣٥ : (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِىءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ).

(٤) سورة هود : ١١ / ٦٧.

(٥) يروى (لا تغرَنَّ) مكان (لا يغرنَّ) وعلى ذلك لا شاهدَ في البيت ، كما يروى (والترائب) مكان (أو ترائب) وفي اللسان أَنَّ النوفلية شيءٌ تتَّخِذه نساء الأعراب من صوف يكونُ في


فَإِنَّ النَّوفَلِيَّة هُنَا لَيْسَتْ امرأة ، وَإِنَّما هِيَ مِشْطة تعرف بالنوفليّة.

وأَمَّا قولُهُ :

 ......

وَلاَ أَرْضَ أَبْقَلَ إبْقَالَـهَا (١)

ففيه شيئانِ يؤنسانِ وواحدٌ يُوحَشُ مِنْهُ : أَما المؤنسان :

فَأَحَدَهُمَا : أنّه تأنيثٌ لَفظِيُّ لا حقيقي.

والآخر : أَنَّهُ لا علامة تأنيث في لفظهِ.

وأَمَّا المُوحِش ، فَهْوَ أَنَّ الفاعِلَ مُضمَرٌ ، وإذا أُضْمِرُ الفاعِلُ في فِعْلِهِ وَكَانَ الفَاعِلُ مُؤنَّثاً لَمْ يَحْسُنْ تَذْكِيرُ فِعْلِهِ حُسْنَهُ إذَا كانَ مُظهراً ، وذلك أَنَّ قَوْلَك : قامَ هندٌ أَعذَرُ مِنْ قولِك هندٌ قامَ ، مِن قِبَل أَنَّ الفِعْلَ مُنصَبِغٌ بالفاعِلِ المُضمَرِ فيهِ أَشدُّ من انصباغِهِ بِهِ إذا كانَ مُظْهَراً بَعْدَهُ.

فَقَامَ هندٌ ـ على صبغة ـ أقْرَبُ مَأخَذاً مِنْ هندٌ قامَ لِمَا ذكرنَاهُ وَذَلِك أَنَّك إذا قُلْتَ : قامَ ، فإلى أَنْ تَقُولَ : هندٌ ، فاللفظُ الأَوَّلُ مقبولٌ غير محجوج لأَنَّ الفعلَ أصلُ وضعِهِ على التذكير ، فإذا قلت : هندٌ قام ، فالتذكير الآتي من بعدِهِ مُخالفٌ للتأنيثِ السابِق فيما قبلُ ، فالنَّفسُ تَعَافُهُ لأَوَّلِ استماعِهِ. وَقَوْلك : قامَ هِندٌ ، النفس يتَقْبَّلُ تَذْكِيرَ الفِعْلَ أَوَّلَ استماعِهِ إلى أَنْ يَأتي التَّأنيثُ فيما بعد.

وقد سبقَ تذكيرُ الفعل على لفظ غير مَأبيّ ولا مَرْذُول ، وَرَدُّ الغائب ليسَ

__________________

غلظ أقل من الساعد ثم يُحشَى ويُعطفُ فَتَضَعُهُ المرأةُ على رأسِها ثم تختمر عليه.

انظر : الخصائص : ٢ / ٤١٤ والمحتسب : ٢ / ١١٢ واللسان : ١٤ / ١٩٧.

(١) صدره :

فلا مُزنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَـهَــا

 ......

والبيت لعامر بن جُوَين الطائي. والمُزنَة : السَّحَابةُ. وَدَقَتْ : أمطرتْ.

أبقلت الأرضُ : نَبَتَ بَقلُهَا. انظر : الكتاب : ١ / ٢٤٠ والخصائص : ٢ / ٤١١ والمحتسب : ٢ / ١١٢ والكافية : ١ / ١٤ والخزانة : ١ / ٤٦.


كاستئنأفِ الحاضر ، فذلك فرق (١).

وَروَى هَارونُ ، عَنْ طُلَيْقِ المُعلّمِ ، قَالَ : سَمِعتُ أَشْيَاخُنَا يَقْرَؤون : (لَيَأتِيَنَّكم) (٢) بالياء.

قَالَ أَبو الفتح : جَازَ التذكيرُ هنا بَعْدَ قولهِ تعالى : (لاَ تَأْتِيْنَا السَّاعَةُ) لأَنَّ الَمخُوفَ منها إنَّما هو عِقَابُها ، والمأمُولُ ثوابُها ، فقلبَ معنى التذكير الذي هو مَرْجوٌّ أَو مَخُوفٌ ، فذكَّرَ على ذلك وإِذا جَازَ تأنيثُ المُذكَّر على ضرب من التأويلِ كانَ تذكيرُ المؤنَّثِ ـ لغلبة التذكير ـ أَحْرَى وأَجدرَ (٣).

ألا تَرى إلى قولِ اللهِ سبحانَه : (يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ) (٤) ، لأَنَّ بعضَها سَيَّارة أيضاً؟ وعليهِ قولُهُم : ذَهَبتْ بعضُ أصَابِعِهِ (٥) ، لأَنَّ بعضَهَا إصبَعٌ في المعنى.

وحكى الأَصمعيُّ عَنْ أَبي عَمرْو قال : سَمِعْتُ رَجُلاً مِنَ اليمنِ يقولُ فُلان لَغُوب ، جاءَتْهُ كِتابي فاحتقرَهَا.

فقلتُ لَهُ : أتقولُ : جاءتُهُ كِتَابي؟ فقالَ : نعم ، أَلَيْسَ بصحيفة؟ (٦) وَهَذا من أَعرَابِيِّ جَاف ، هو الَّذِي نَبَّهَ أصحابَنَا إلى انتزاع العِلَلِ (٧).

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١١١ و ١١٢.

(٢) من قوله تعالى من سورة سبأ : ٣٤ / ٣ : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ).

(٣) قال في الخصائص : وتذكير المؤنّث واسعٌ جداً ، لأ نّه فرعٌ إلى أصل ، لكنَّ تأنيثَ المُذكَّرِ أذهبُ في التَّنَاكُرِ والإِغرابِ. الخصائص : ٢ / ٤١٥.

(٤) سورة يوسف : ١٢ / ١٠.

(٥) الكتاب : ١ / ١٥.

(٦) انظر : ص : ٢١٦ والمحتسب : ١ / ٢٣٨.

(٧) المحتسب : ٢ / ١٨٦.


رُويَ عَنْ مُجاهد : (إِنْ تُعْفَ عَنْ طَائِفَة مِنْكُم) بالتاءِ المضمومة (تُعَذَّبْ طَائِفةٌ) (١).

قَال أَبو الفتح : الوَجْهُ يُعْفَ بالياءِ لِتَذْكِيرِ الظروف ، كقولك : سِيرَتِ الدابّةُ ، وَسِيرَ بالدابّةِ ، وَقُصِدَتْ هندٌ ، وقصد إلى هند ، لَكِنَّهُ حمله على المعنى فَأَ نَّثَ (تُعْفَ) حتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : إنْ تُسَامَحْ طَائِفةٌ أوْ إِنْ تُرْحَمْ طائِفَةٌ وَزادَ في الأُنْسِ بِذَلك مَجَيءُ التأنيثِ يليهِ ، وهو قولُهُ : (تُعذَّبْ طائِفَةٌ) والحَمْلُ على المعنى أَوسَعُ وأَفشى ، مِنْهُ مَا مضى وَمِنْهُ ما ستَرَى (٢).

٥ ـ الجمل لا تقوم مقام الفاعل

قَرَأ الزُّهرِي : (إِلاَّ لِيُعْلَم مَنْ يَتَّبِعُ الرسولَ) (٣) بياء مضمومة وفتح اللاّمِ.

قَالَ أبو الفتح : يَنبغي أَنْ يَكون (يُعلم) هُنَا بِمعنى يُعرف ، كقولهِ : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ) (٤) أَي : عرفتم ، وَتَكون (مَنْ) بمعنى الَّذِي ، أَي : لِيُعرفَ الَّذِي يِتَّبِعُ الرَّسُولَ. ولا تكون (مَنْ) هاهنا استفهاماً ، لئلاّ يكون الكلامُ جملةً ، والجُمَلُ لا تقوم مقامَ الفاعل ، ولذلك لم يُجِيزُوا أَنْ يكونَ قولُهُ (٥) : (هذا بابُ عِلْمُ ما الكلم) أَيْ : أَيُّ شيء الكلمُ ، وعِلْمُ في معنى :

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة التوبة : ٩ / ٦٦ : (إِن نَّعْفُ عَن طَآ ئِفَة مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَ نَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ).

(٢) المحتسب : ١ / ٢٩٨.

(٣) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٤٣ : (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ).

(٤) سورة البقرة : ٢ / ٦٥.

(٥) يريد سيبويه في الكتاب : ١ / ٢.


أنْ يُعْلَمَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا ذاك هُنَاك (١).

نائبُ الفاعلِ

١ ـ مِنْ أَسباب استعمالِ نائبِ الفاعِل العنايةُ بالمفعول

قَرَأَ يزيدُ البَرْبَرِي (٢) : (وَعُلِّمَ آدَمُ الأسماءَ كُلَّهَا) (٣).

قالَ أَبو الفتح : ينبغي أنْ يُعْلَمَ ما أَذْكُرُهُ هُنَا ، وذَلِك أَنْ أَصْلَ وضعِ المفعولِ أنْ يَكُون فضلةً وَبَعْدَ الفاعلِ ، كَضربَ زيدٌ عمراً ، فَإذَا عَنَاهُمْ ذِكرُ المفعولِ قَدَّمُوهُ عَلى الفاعلِ ، فَقَالوا : ضَرَبَ عمراً زيدٌ. فَإنْ ازدادتْ عنايتُهُمْ بهِ قدَّمُوهُ على الفعلِ النَّاصِبِهِ ، فقالوا : عمراً ضَرَبَ زيدٌ (٤). فإن تظاهرتِ العنايُة بهِ يعقَدُوهُ على أَنَّهُ ربُّ الجملةِ ، وَتَجَاوَزُوا بهِ حَدَّ كَونِهِ فضلة فقالوا : عمروٌ ضربَهُ زيدٌ فجاؤوا بهِ مجيئاً يُنافِي كونِهِ فضلةً ، ثُمَّ زادوهُ على هذه الرّتبَةِ فقالوا : عَمْروٌ ضَرَبَ زَيدٌ (٥) فَحَذَفُوا ضَمِيرَهُ وَنَوَوْهُ ، وَلَمْ يَنْصِبُوهُ على ظاهرِ

__________________

(١) المحتسب : ١ / ١١١ ـ ١١٢.

(٢) سمَّاهُ ابنُ خالويه وأبو حيَّان : يزيد اليزيدي.

انظر : مختصر في شواذ القرآن : ٤ والبحر المحيط : ١ / ١٤٥.

(٣) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٣١ : (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَءِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ).

(٤) لاَِنَّ الغرضَ هُنا ليسَ بذكرِ الفاعلِ وإنَّمَا هو بذكرِ المفعولِ.

انظر : المحتسب : ١ / ٣٦٢.

(٥) قال الصَّفَّار : أجازَ سيبويه في الشِّعر زيدٌ ضَرَبتُ بحذف العائدِ ورفع زيد وَمَنَعَ ذلك الكسائِي والفرّاءُ وأصحاب سيبويه. حكي عن أبي العَباس أنَّهُ قَالَ لا يُضطرُّ شاعرٌ إلى


أَمِرهِ رَغْبَةً بهِ عِنْ صورة الفَضْلَةِ وتحامياً لِنَصْبِهِ الدِّالَ عَلِى كونِ غيره صاحبَ الجملة ثم إنَّهُمْ لَمْ يِرضوا لَهُ بهذهِ المنزِلةِ حَتَّى صاغُوا الفِعْلَ لَهُ وَبَنَوه على أنَّهُ مَخصوصٌ بهِ وأَ لْغَوا ذِكُرَ الفاعلِ مُظهراً أَوْ مُضمَراً فَقَالوا : ضُرِبَ عمروٌ ، فَاطُّرِحَ ذِكُر الفاعِل البتة. نَعَمْ ، وأَسْنَدوا بعضَ الأَفعالِ إلى المفعولِ دونَ الفاعلِ البتةَ وَهْوَ قَولُهم : أُولِعتُ بالشيءِ وَلاَ يَقُولُونَ أَولعني بهِ كذا. وَقَالوا : ثُلِجَ فُؤادُ الرَّجلِ وَلَمْ يَقولُوا : ثَلَجَهُ كَذَا ، وامتُقِعَ لونُهُ وَلَمْ يَقُولُوا : امتقعه كذا.

ولهذا نظائر ، فرفضُ الفاعِل هُنَا البتة ، واعتمادُ المفعولِ به البتة دليلٌ على ما قُلنَاهُ فَاعرِفْهُ.

وأَظُنَّنِي سَمِعتُ : أَوْلَعنِي بهِ كذَا ، فإنْ كانَ كذلِك فَما أقلَّهُ أَيضاً! وهذا كُلُّهُ يَدُلُّ على شِدّةِ عِنَايَتِهم بالفضلةِ وإنَّما كانَتْ كذلِك لأَ نَّها تجلو الجملة ، وتجعلها تابعة المعنى لها.

أَلا تَرى أَنَّك إذَا قُلْتَ : رغبتُ في زيد أُفيدَ مِنْهُ إيثَارُك لَهُ ، وَعِنَايَتُك بهِ ، وَإِذَا قُلتْ : رَغبتُ عَنْ زيد ، أَفيْدُ منه إِطِّرَاحُك لَهُ وإعراضُك عَنْهُ ، وَرَغِبتُ فِي المَوْضِعينِ بلفظِ واحد ، والمَعْنَى مَا تَراهُ مِنْ استحالةِ مَعْنَى رغبتُ إلى مَعْنَى زَهدت ، وهذا الذي دعاهم إِلى تقديم الفضلاتِ في نحو قولِ اللهِ سبحانَهُ : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (١) وإنَّما موضع اللاّمِ التَأخِير ، وَلِذَلِك قَالَ سِيبوبه : إنَّ

__________________

هذا لأَنَّ وزنَ المرفوعِ والمنصوبِ واحدٌ ، ونُقِلَ عن هشام أَنَّهُ أَجاز زيدٌ ضربتُ في الاختيار.

هكذا نقل أَبو حيَّان ، ونقل ابنُ مالك عن البصريين الجوازَ في الاختيار وعن الكوفيين المنع إلاَّ في الشعر. همع الهوامع : ١ / ١٦٧.

(١) سورة الإخلاص : ١١٢ / ٤.


الجفاةَ مِمَّنْ لاَ يعلمُ كيفَ هِيَ في المُصحفِ يَقْرَؤُهَا : (وَلَمْ يَكْنْ كُفُواً لَهُ أَحَد) (١).

فَإنْ قُلْتَ : فَقَدْ قَالُوا : زيداً ضربتُهُ فَنَصَبُوهُ وإِنْ كَانُوا قَدْ أَعادُوا عليهِ ضميراً يشغل الفعلَ بَعْدَهُ عَنْهُ حَتَّى أَضْمَرُوا لَهُ فِعْلاً يَنْصِبُهُ ، وَمَعَ هَذَا فالرفُعُ فيه أَقْوى وأَعرب ، وهذا ضد ما ذكرته من جعلهم إِيَّاهُ رَبَّ الجملة ومبتدأها في قَوْلِهِم : زيدٌ ضربته.

قِيلَ : هذا وإن كَانَ عَلى مَا ذَكَرتَهُ فإنَّ فيهِ غَرَضاً مِن موضع آخر ، وَذَلِك أنَّهُ إِذَا نُصِبَ على ما ذكرتَ فَإنَّهُ لاَ يُعدَمُ دليلَ العنايةِ بهِ ، وهو تقديمُهُ في اللفظ منصوباً ، وهذه صورةُ انتصابِ الفضلةِ مقدمةً لِتَدُلَّ على قوّة العناية به ، لا سيّما والفعل الناصب له لا يظهر أَبداً مع تفسيرهِ فصارَ كَأَنَّ هذا الفعلَ الظاهرَ هو الذي نصبَهُ ، وكذلك يقولَ الكوفيون أيضاً.

فِإذا ثَبَتَ بِهَذا كلِّهِ قوّةُ عنايتِهِم بالفضلةِ حَتَّى أَلغوا حديثَ الفاعِلِ معها ، وَبنَوا الفعلَ لِمفعولهِ ، فَقَالُوا : ضُرِبَ زَيْدٌ حَسُنَ قَولَهُ تعالى : (وَعُلِّمَ آدِمُ الأسمَاءَ كُلَّهَا) (٢) لَمَّا كَانَ الغرضُ فيهِ أَنَّهُ قَدْ عَرَفَها وَعَلِمَها ، وآنَسَ أيضاً علمُ المُخاطَبينَ بأَنَّ الله سُبَحانه هو الذي عَلَّمَهُ إيَّاهَا بقراءة من قرأ (٣) (وَعَلَّمَ آدمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا) (٤) وَنَحْوَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (إِنَّ الاِْنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً) (٥) ، وقوله

__________________

(١) انظر : الكتاب : ١ / ٢٧.

(٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٣١ : (وَعَلَّمَ آدمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا).

(٣) هي قراءة الجمهور المثبتة في المصحف الإمام.

(٤) سورة البقرة : ٢ / ٣١.

(٥) سورة المعارج : ٧٠ / ١٩.


تعالى : (وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعيفاً) (١). هذا مع قَولِهِ : (خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَق) (٢) ، وَقَالَ سبحانه : (خَلَقَ الإنْسَانَ * عَلَّمَهُ البَيَانَ) (٣) ، وَقَالَ تباركَ اسمه : (خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَال كَالفَخَّار) (٤).

فقد عُلِم أَنّ الغرض بِذَلِك في جَمِيعهِ أَنَّ الإنْسَانَ مخلوقٌ وَمَضْعُوفٌ ، وَكَذَلِك قَوْلُهمْ : ضُرِبَ زيدٌ ، إنَّما الغرضُ مِنْهُ أنْ يُعْلَمَ أنَّهُ مُنْضَرِبٌ وَلَيْسَ الغَرضُ أَنْ يُعْلَمَ مَنْ الَّذَي ضَرَبَهُ ، فَإنْ أُريِدَ ذلك وَلَمْ يدلّ دليل عليه فلابدَّ أَنْ يُذْكَرَ الفاعلُ فَيُقَال ضَرَبَ فلانٌ زيداً فِإنْ لَمْ يُفْعَلْ ذلِك كَلَفَ عِلْمَ الغيبِ (٥).

٢ ـ قَدْ لاَ يُترَك ذِكْرُ الفاعلِ للجَهْلِ بِهِ

قَرَأَ ابنُ مسعود والحسنُ والأعمشُ : (يَوْمَ يُقَالُ لِجَهَنَّم) (٦).

قَالَ أَبو الفتح : هذا يدلُّ على أنَّ قَولَنَا : ضُرِبَ زيدٌ ونحوه لم يُترك ذكرُ الفاعِل للجهلِ بهِ ، بَلْ لأَنَّ العنايةَ انصرفتْ إِلى ذِكرِ وقوعِ الفعلِ بزيد ، عُرِفَ الفاعلُ بهِ ، أَوْ جُهِلَ لقراءَةِ الجماعةِ : (يَوْمَ نَقُولُ) (٧) ، وهذا يُؤَكِّدُ عِنْدَك قوّةَ العنايِة بالمفعولِ بِهِ.

وَفِيهِ شَاهدٌ وَتفْسيرٌ لِقَوْلِ سيبويه في الفاعلِ والمفعولِ : وإنْ كانَا جميعاً

__________________

(١) سورة النساء : ٤ / ٢٨.

(٢) سورة العلق : ٩٦ / ٢.

(٣) سورة الرحمن : ٥٥ / ٣ و ٤.

(٤) سورة الرحمن : ٥٥ / ١٤.

(٥) المحتسب : ١ / ٦٤ ـ ٦٦.

(٦ و ٧) من قوله تعالى من سورة ق : ٥٠ / ٣٠ : (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلاَْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيد).


يُهِمَانِهم وَيَعْنِيانِهِم (١) ، وَمِنْ شِدَّة قوّةِ العنايةِ بالمفعولِ أَنْ جاؤوا بأفعال مُسْنَدَة إلى المفعولِ ، وَلَمْ يَذْكُروا الفاعِلَ مَعَها أَصْلاً ، وهي نحو قولهِمِ : امْتُقِعَ لَوْنُ الرَّجُلِ ، وانْقُطِعَ بِهِ ، وَجُنَّ زيدٌ ، وَلَم يَقُولُوا : امْتُقِعَه ولا انقطعه ، ولا جَنَّهُ ، ولهذا نظائر فهذا كإسنادهم الفعلَ إلى الفاعل البتة فيما لا يَتَعَدّى ، نحو قامَ زيدٌ وَقَعَدَ جعفرٌ (٢).

وقرأ ابنُ مسعود : (فَإِذَا نُزِلَ بِسَاحَتِهِم) (٣).

قالَ أَبو الفتح : لَفظُ هذا الموضع على الاستفهام (٤) ، ومعناه الوضوح والاختصاص ، وذلك أن الغرض فيه إنّما هو : فإذا نَزَلَ العذابُ بساحَتِهم.

يَدُلُّ عليهِ قَوْلُهُ قَبْلَهُ مَعَهُ : (أفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ) (٥)؟ فإذا قال : (فَإذَا نُزِلَ بِسَاحَتِهِمْ) (٦) فَلاَ محالة أَنَّ معناهُ : فَإذا نَزَل عَذَابُنَا بِسَاحَتِهِم فَأبْهَمَ الفاعِلَ واعتمدَ ذِكْرَ المكانِ المنزل فيهِ.

وَمِثْلُهُ في المعنى قولُ اللهِ سبحانه : (وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفاً) (٧) وَنَحْنُ نَعْلمُ أنَّ اللهَ تعالى خالقه. وَكَذَلِك : (خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَل) (٨) ، ألاَ تَرَى إلى

__________________

(١) انظر : الكتاب : ١ / ١٥.

(٢) انظر : ص : ٢٢٥ ـ ٢٢٦ والمحتسب : ٢ / ٢٨٤.

(٣) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ١٧٧ : (فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ).

(٤) لأنّ الآية مكمّلة لآية الاستفهام السابقة ، سورة الصافّات : ٣٧ / ١٧٦ : (أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ)؟

(٥) سورة الصافّات : ٣٧ / ١٧٦.

(٦) سورة الصافّات : ٣٧ / ١٧٧.

(٧) سورة النساء : ٤ / ٢٨.

(٨) سورة الأنبياء : ٢١ / ٣٧.


قَوْلِهِ تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الاِْنسَانَ مِنْ عَلَق) (١) ، وقوله عزّ اسمه : (خَلَقَ الإنْسَانَ * عَلَّمَهُ البَيَانَ) (٢) ، وَقَوْلَهُ : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الاِْنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) (٣) ونظائرهُ كَثيِرةٌ.

فكذلك قوله : (فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ) (٤) على ما شرحناهُ مِن حالهِ ، وهذا أحَدُ ما يدلُّك على أنَّ إسنَادِ الفعلِ إِلى المفعولِ نحو ضُرِبَ زيدٌ لَمْ يَكُنْ لِجَهْلِ المتكلّم بِالفاعلِ مَنْ هُوَ؟ البتة ، لكن قَدْ يُسنَدُ إِلى المفعولِ ، ويطرح ذكر الفاعل لاَِنَّ الغرضَ إنَّما هُوَ الإعلامُ بوقوعِ الضربِ بزيد ، وَلا غرض معه في إبَانَةِ الفاعلِ مَنْ هُوَ؟ فاعرفه (٥).

٣ ـ يُترك ذكُر الفاعلِ لتجنّبِ التكرار

قَرَأَ الحسن (٦) : (لاَ يُقْضَى عَلَيْهِم فَيَمُوتُونَ) (٧) وَكَذَلِك الثقفيّ.

قالَ أبو الفتح : (يَمُوتُونَ) عَطفٌ على (يُقْضَى) أَي :

لا يُقْضَى عَلَيْهِم وَلاَ يَمُوتُونَ ، والمفعول محذوفٌ (٨) ، أَي :

__________________

(١) سورة العلق : ٩٦ / ١ ـ ٢.

(٢) سورة الرحمن : ٥٥ / ٣ ـ ٤.

(٣) سورة ق : ٥٠ / ١٦.

(٤) سورة الصافّات : ٣٧ / ١٧٧.

(٥) المحتسب : ٢ / ٢٢٩.

(٦) قال ابن عطية : وهي قراءة رديئة. انظر : البحر المحيط : ٧ / ٣١٦.

(٧) من قوله تعالى من سورة فاطر : ٣٥ / ٣٦ : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا).

(٨) لا أجد هنا حذف مفعول ، والأولى أنْ يقولَ : والفاعل لم يذكر. لأن (يُقْضَى) ـ كما ترى ـ مبني للمفعول.


لا [يَقْضِي] (١) عَلَيْهِم الموتُ ، وَحَسُنَ حذفُهُ هُنَا لأَ نّهُ لَوْ قِيلَ : لاَ يقضي عليهم الموتُ فيموتون كان تكريراً يغني عن جميعه بعضهُ ، ولا توكيدَ أَيضاً فيه فيحتمل لفظه. وعلى كلِّ حال فقد بَيَّنَا في كتابنا هذا (٢) وفي غيره حُسْنَ حذفِ المفعولِ لدلالةِ الكلامِ عليه ، وأ نّه لا يصدر إلاَّ عن فصاحة عذبة (٣).

٤ ـ لا يحسن الانصراف عن اللفظ والعود إليه

قَرَأَ قَتَادَة : (وَكأَيّ مِنْ نَبِي قُتِّلَ مَعَهُ رِبِّيونَ كَثِير) (٤) مُشَدَّدَةً.

قَالَ أَبو الفتح : فِي هذه القراءةِ دَلالةٌ على أَنَّ مَن قَرَأَ مِنَ السبعةِ قُتِلَ أو قَاتَل (٥) مَعَهُ رِبِّيُونَ فَإنَّ رِبِّيُونَ مَرْفُوعٌ في قراءتهِ بِقُتِلَ أَوْ قَاتَلَ وَلَيْسَ مرفوعاً بالابتداءِ وَلاَ بالظرفِ الَّذِي هُوَ مَعَهُ (٦) كَقَولِك : مَرَرْتُ برجل يقرأُ عليهِ سلاحٌ.

أَلا تَرَى أَنَّهُ لا يجوزُ كَمْ نبي قُتِّلَ بِتِشديدِ التاءِ ، على فُعِّل؟ فلا بُدَّ إذاً أَنْ يَكونَ رِبِّيونَ مرفوعاً بِقُتِّلَ وَهَذَا وَاضِحٌ.

__________________

(١) في المحتسب : ٢ / ٢٠٢ (يُقْضَى) بضمّ أوّله وفتح ما قبل الآخر ، لكن استقامة معنى الجملة تقتضي أنْ يكونَ (يَقضِي) بفتح أوّله وكسر ما قبل الآخر ـ بالبناء للفاعل ـ كما أثبتناه في المتن.

(٢) انظر : المحتسب : ١ / ٣٣٣ و ٣٦٣ و ٢ / ١١ و ٨٩ و ١٢٩ و ٣٥٦.

وسيرد ذلك في الصفحات التالية.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٠١ ـ ٢٠٢.

(٤) من قوله تعالى من سورة آل عمران : ٣ / ١٤٦ : (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيّ قَاتَلَ مَعَهُ رِ بِّيُّونَ كَثِيرٌ).

(٥) قرأ الحرميان وأَبو عمرو قُتِلَ مبنيّاً للمفعول ، وقتادة كذلك إِلاَّ أَنَّهُ شَدَّدَ التاء وباقي السبعة قاتل بألف فعلاً ماضياً. انظر : البحر المحيط : ٣ / ٧٢.

(٦) انظر : كُلَّ هذه الاحتمالاتِ في البحر المحيط : ٣ / ٧٢.


فَإنْ قُلْتَ : فَهَلا جازَ فُعِّلَ حَملاً على معنى كَمْ؟ قِيَل : لو انصُرِفَ عَنِ اللفظِ إلى المعنى لم يَحسُنْ العَودُ مِنْ بعدُ إلى اللفظِ ، وَقَدْ قَالَ تعالى كما تراه : (مَعَهُ) ولم يقلْ مَعَهُمْ (١).

٥ ـ البناء للمفعول بين تعدّي الفعل ولزومه

روى عبد الوهاب عن أَبي عمرو : (وَنُزِلَ المَلاَئِكَةُ) (٢) خَفِيفَةً.

قال أَبو الفتح : هذا غير معروف ، لأَنَّ (نَزَلَ) لا يتعدى إلى مفعول به فيبنى هنا للملائِكة. لأَنَّ هذا إنّما يجيء نَزَلتْ الملائكةَ ونُزِل الملائِكة. ونزلت غير متعدّ كما ترى.

فَإنْ قلت فَقَدْ جاءَ فُعِلَ مِمَّا لاَ يَتَعَدَّى فَعَل مِنهُ ، نحو زُكِمُ ، ولا يُقَالُ زَكَمَهُ الله. وَجُنَّ ولا يُقالُ جَنَّهُ اللهُ. وإنَّمَا يُقالُ أَزَكَمَهُ اللهُ وأَجَنَّه اللهُ ، فَإنَّ هَذَا شَاذٌّ ومحفوظٌ والقياسُ عليهِ مرذول.

فإمَّا أَنْ يكونَ ذَلِك لغةً طارقةً لَمْ تقعْ إلينا ، وإمَّا أنْ يَكونَ على حذفِ المضافِ ، يريد : وَنُزِلَ نُزولُ الملائكةِ ، ثمّ حُذِفَ المضافُ وأُقيمَ المُضَافُ إليهِ على ما مضى ، فَأَقامَ (المَلاَئِكَةُ) مَقامَ المصدرِ الذي كان مضافاً إليها كما فعل ذلك الأَعشى في قولهِ :

أَلَمْ تَغْتَمِضْ عَيْنَاك لَيْلَةَ أَرْمَدَا (٣)

 ......

__________________

(١) المحتسب : ١ / ١٧٣.

(٢) من قوله تعالى من سورة الفرقان : ٢٥ / ٢٥ : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً).

(٣) عجزه :

 ......

وبِـتَّ كـمَا بـاتَ السـليـمُ مُـسَـهَّدا


إِنَّما يُريدُ إِغماض ليلةَ أرمد ، فَنَصْبُ (ليلةَ) إذاً إِنَّما هو على المصدرِ لا على الظرفِ (١) لأَ نَّهُ لَمْ يُردْ ، أَلَمْ تَغْتمِضْ عيناك في ليلةِ أَرمد ، وإِنَّمَا أَرادَ أَلَمْ تَغْتَمِضْ عيناك مِنَ الشوقِ والأَسَفِ اغتماضاً مثل اغتماض ليلة رَمِد العين (٢).

وَكَذَلِك : (وَنُزِلَ الملائِكةُ) أَي : نُزِلَ نُزولُ الملائكةَ وَلَو سُمِيَ الفاعلُ على هذا التقديرِ لَقيلَ : نَزَلَ النازلُ الملائكةَ نَصَبَ الملائكةَ انتصابَ المصدرِ ، لأنَّ كُلَّ مضاف إليه يحْذَفُ مِن قبله ما كان مضافاً إِليه ، فَإنَّهُ يعرُب إعرابَه لازيادِة عليه ولا نقص منه (٣).

وَقَرَأَ يَحْيَى والنَّخَعِي : (ثُمَّ عُمُوا وَصُمّوا) (٤) بِضَمّ العينِ والصَّادِ.

قال أَبو الفتحِ : يَجبُ أَنْ يَكونَ هذا على تقدير فُعِلَ كقولِهم : زُكِمَ وَأَزْكَمَهُ اللهُ ، وَحُمَّ وَأَحَمَّهُ اللهُ ، فكذلك هذا أَيضاً جاءَ على عُمِيَ وَصُمَّ وأَعمَاهُ اللهُ

__________________

وهو مطلع قصيدة الأعشى ميمون في مدح الرسول (صلى الله عليه وآله). ويروى عجز البيت :

 ......

وَعـادَك مَـا عَـادَ السَّلِيمَ المُسَهَّـدا

انظر : سيرة ابن هشام : ١ / ٢٥٦ والأغاني ـ تحقيق المهنا ـ : ٩ / ١٤٧ والخصائص : ٣ / ٣٢٢ والمنصف : ٣ / ٨ وشرح المفصل : ١٠ / ١٠٢ والمغني : ٢ / ٦٢٤ وهمع الهوامع : ١ / ١٨٨ والدرر اللوامع : ١ / ١٦١ والروض الأنف : ٢ / ١٣٢ ـ ١٣٣ والنبي وآله في الشعر العربي : ٢٠.

(١) نقل أَبو الفتح هذا الرأي عن شيخه الفارسي. انظر : الخصائص : ٣ / ٣٢٢.

(٢) قال ابن هشام : حذف المضاف والمضاف إِليه وأَقام صفته مقامه. أَي : اغتماض ليلة رجل أرمد. انظر : المغني : ٢ / ٦٢٤.

(٣) المحتسب : ٢ / ١٢٠ ـ ١٢٢.

(٤) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٧١ : (وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ).


وأَصَمَّهُ اللهُ ، ولاَ يقال عَمَيْتُهُ ولا صَمَمْتُهُ (١) ، كما لاَ يُقَالُ : زَكَمَهُ اللهُ ، وَلاَحَمَّهُ ، فاعرفْ ذلك (٢).

وَقَرَأَ ابن عباس بخلاف ، وَقَتَادَة ، وَرُويَ عَنِ الحَسَنِ : (دُرِسَتْ) (٣) قالَ أَبو الفتح : أَمَّا (دُرِسَتْ) فَفَيهِ ضميرُ الآياتِ معناهُ : وَلْيَقُولُوا : دَرَسْتَهُا أَنتَ يا محمّد كالقراءةِ العامّةِ : (دَارَسْتَ) (٤) ويجوز أنْ يكونَ (دُرِسَتْ) أَي : عَفَتْ وَتِنُوسيِتْ (٥) لِقِراءَةِ ابنِ مسعود : (دَرَسْنَ) أَي : عَفَوْنَ فَيكون كقوله : (يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ) (٦) ونحو ذلك (٧).

وَقَرَأَ : (لانْخُسِفَ بِنَا) (٨) الأَعْمَش وَطَلْحَة وكذلك في قراءةِ ابن مسعود.

قال أَبو الفتح : (بِنَا) مِنْ هذهِ القراءة مرفوعة الموضع لإقامَتِها مقامَ الفاعل فهو كقولِك : انْقُطِعَ بَالرَّجُلِ وانْجُذِبَ إِلى ما يُريدُ وانْقِيدَ لَهُ إِلى هواهُ ،

__________________

(١) نقل ذلك العكبري في إملاءِ ما منَّ به الرَّحمن : ١ / ٢٢٢.

(٢) المحتسب : ١ / ٢١٧.

(٣) من قوله تعالى من سورة الأَنعام : ١٠٥ : (وَكَذَلِك نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْم يَعْلَمُونَ).

(٤) هي قراءة سبعية قرأ بها ابن كثير. انظر : البحر المحيط : ٤ / ١٩٧.

(٥) في البحر المحيط : ٤ / ١٩٧ قرأ ابن عامر وجماعة من غير السبعة (دُرِسَتْ) مبنيّاً للفاعل ـ هكذا ـ والصواب للمفعول مضمراً فيه أَي : دُرِسَتْ الآياتُ على أسماعِهِم حتَّى بَلِيَتْ وقَدُمَتْ في نفوسِهِم وأمْحِيَتْ.

(٦) سورة الأنعام : ٦ / ٢٥.

(٧) المحتسب : ١ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦.

(٨) من قوله تعالى من سورة القصص : ٢٨ / ٨٢ : (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالاَْمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاَ أَن مَّنَّ اللهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَ نَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ).


وانْفُعِلَ ـ وإنْ لَمْ يتعدَّ إلى مفعول بِه ـ فَإنَّهُ يَتعدَّى إلى حرف الجرِّ فيقام حرفُ الجرِّ مقامَ الفاعل (١) كقولهم سِيَر بزيد. وإن شِئْتَ أَضمرت المصدر (٢) لدلالةِ فعله عليه ، فكأ نَّه قال : لانخُسِفَ الانخساف بنا ، (فِينَا) على هذا منصوبة الموضع لقيام غيرِهَا وهو المصدرُ مقامَ الفاعل ولا يكونُ للفعلِ الواحد فاعلانِ قائمانِ مقامَهُ إلاَّ على وجه الإشراك (٣).

٦ ـ البناء للمفعول

من صور بناء الفعل المتعدِّي لاثنين إلى المفعول

قالَ ابنُ مجاهد : حدَّثنا الطَّبري ، عن العبَّاس بن الوليد ، عن عبد الحميد ابن بَكَّار ، عن أيّوب ، عن يحيى ، عن ابنِ عامر : (وَحُمِّلَتِ الأَرضُ) (٤) مُشَدَّدَة الميم.

قال ابنُ مجاهد : وَمَا أَدْرِي ما هذا؟ قال أَبو الفتح : هذا الَّذي تبشَّعَ ابن مجاهد حَتَّى أَنْكَره من هذه القراءة صحيحٌ وواضحٌ ، وذلك أنَّه أسْنَدَ الفعلَ إلى المفعولِ الثاني حَتَّى كَأَ نَّهُ في الأَصلِ وَحَمَّلْنَا قُدْرَتَنَا أَو مَلَكاً مِنْ ملائكِتنَا

__________________

(١) ذهب ابنُ مالك في شرح التسهيل إلى أنَّ النَّائِبَ عن الفاعل مجموعُ الجارِّ والمجرورِ وذهب البصريون إلى أنَّ النائبَ عن الفاعل هو المجرورُ لا حرف الجرِّ ولا المجموع.

وقول البصريين أرجحُ عندي لأَنَّ الفعل المُتعدِّي يقعُ على المفعولِ به مباشرة واللاّزم يقع على المجرور بواسطة حرف الجرّ نحو قولك : جلست على الأرض ، فالأَرضُ وقعَ عليها الفعل بواسطةِ حرفِ الجرِّ. شرح التسهيل : ٧٧ وشرح الأشموني : ٢ / ٦٧.

(٢) أخذَ بهذا القولِ ابنُ دُرُستُويه والسُّهَيْلِي وتلميذُهُ الرَّندِي. شرح الأشموني : ٢ / ٦٧.

(٣) المحتسب : ٢ / ١٥٧.

(٤) من قوله تعالى من سورة الحاقة : ٦٩ / ١٤ : (وَحُمِلَتِ الاَْرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً).


أَو نحو ذلك الأرضَ ، ثمّ أَسَنَدَ الفِعْلَ إِلى المفعولِ الثاني ، فبُنِيَ له فقيلَ : فَحُمِّلَتِ الأرضُ ، وَلَو جِئْتَ بالمفعول الأوّل لأسندْتَ الفِعلَ إليهِ فقلتَ : وَحُمِّلَتْ قُدْرَتُنَا الأرضَ وَهَذَا كقولك : ألْبَسْتُ زيداً الجُبَّةَ ، فإن أَقَـمْتَ الْمَفْعُولَ الأولَ مقام الفاعل قُلْتَ : أُ لْبِسَ زَيْدٌ الجُبَّةَ ، وإنْ حَذَفْتَ المفعولَ الأولَ أَقمتَ الثاني مقامَه ، فقلت : أُ لْبِسَتِ الجُبَّةُ (١).

نَعَم وَقَدْ كان أَيضاً يجوز مع استيفاءِ المفعول الأول أن يبني الفعل للمفعول الثاني فتقول : أُ لْبِسَتِ الجبَّةُ زيداً ، على طريق القلبِ ، للاتساع ، وارتفاع الشك. فإذا جازَ على هذا أنْ تقول : حُمِّلَتِ الأَرضُ المَلَك فَتُقيم الأرضَ مقامَ الفاعلِ معَ ذكرِ المفعولِ الأولِ ، فمَا ظَنُّك بجوازِ ذَلِك وَحُسْنِهِ بِل بوجوبِه إذا حُذِفَ المفعولُ الأَولُ؟ وَكَذَلِك أَطْعَمتُ زَيداً الخبزَ ، وَأُطْعِمَ زيدٌ الخبزَ ، وَتَتَّسِعُ فتقول : أُطْعِمَ الخبزُ زيداً ، ثُمَّ تَحذِف زيداً ، فَلا تَجِد بدّاً مِنْ إقامةِ الخبز مقام الفاعل فتقول : أُطْعِمَ الخبزُ ، ومثله أُركِبَ الفرسُ ، وَأُبِثَّ الحَديثُ ، وَكُسِيتِ الجُبَّةُ ، وَأُطْعِمَ الطعامُ ، وَسُقِيَ الشَّرَابُ ، وَلُقِيَ الخيرُ ، وَوُقِيَ الشَّرُّ.

ورحم اللهُ ابن مجاهد! فَلَقَدْ كانَ كَبيراً في موضِعِهِ ، مُسَلّماً فيما لم يَمْهَر بهِ (٢).

__________________

(١) إنّمَا جازتْ نيابةُ الثاني هنا لأَن مفعولي (أَلبَسَ) معرفتان وقد أُمِنَ اللبْسُ.

انظر : شرح التصريح : ١ / ٢٩٢ وشرح الأشموني : ٢ / ٦٨.

(٢) المحتسب : ٢ / ٣٢٨ ـ ٣٢٩.


الباب الخامس

المنصوبات



قَبْلَ أنْ نَدْخُلَ في المنْصُوبَاتِ نَودُّ أنْ نَذْكُرَ أَنَّ مِنَ المنصوباتِ خبرَ كانَ واسمَ إِن وأَخواتِهِمَا وحيثُ تقدَّمَ الكلام عليها فسوف لا نذكرها هنا.

وسندخل مع المنصوبات باب الاشتغال لغلبةِ النصبِ على معنى المشغولِ عَنْهُ.

أَمَّا الإغراءُ والتحذيرُ فَلَم نجدْ مِنْهُمَا في المحتسب شيئاً.

وحينَ نذكرُ الظَّرفَ سوفَ نأتِي على موضوعِهِ كُلِّهِ المُعرَبِ منهُ والمَبنِي وبحدودِ ما يردُ منهُ في المحتسب.

المفعول به

قَرَأَ أَبو رَجاء : (ما نَنْسخْ مِنْ آية أَوْ نُنَسِّهَا) (١) مُشَدَّدَةَ السِّينِ.

وقرأ سعدُ بن أَبي وَقَّاص والحَسَنُ وَيَحيى بن يَعْمَر : (أَو تَنْسَها) بتاء مفتوحة.

وقرأ سعيد بن المُسَيَّبِ والضَّحَّاك : (تُنْسَها) مضمومةَ التَّاءِ مفتوحةَ السِّينِ وفي حرف ابنِ مسعود : (ما نُنْسِك مِنْ آية أوْ نَنْسَخْهَا).

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٠٦ : (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَة أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْر مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ).


قال أبو الفتح : أما (نُنَسِّهَا) فَنُفَعّلُها من النسيان ، فيكون فَعَّلت في هذا كأَفعلت في قراءَة أَكثرِ القُرَّاء : (نُنْسِها). وهو في الموضِعَينِ على حذفِ المفعولِ الأول ، أَي : أوْ نُنْسِي أَحداً إيَّاهَا كقولِك : ما نَهَبُ مِن قرية أَو نُقْطِعُها ، أي : أو نُقطِعُ أَحَداً إيَّاهَا.

وَمَنْ قَرَأَ (تَنْسَها) أَرادَ أو تَنْسَها أَنْتَ يَا مُحمّدُ (١).

ومن قَرَأَ (تُنْسَها) مَرَّ أيضاً عَلَى تَنْسَها أَنْتَ ، إِلاَّ أنَّ الفاعِلَ هنا يَحتَمِلُ أمرين : أحدُهُمَا : أنْ يَكونَ المُنْسِي لَهَا هو الله تعالى.

والآخر : أنْ يَكونَ المُنْسِي لَهَا ما يَعتادُ بني آدمَ مِنْ أَعراضِ الدُّنْيَا غَمّاً أوْ هَمّاً أوْ عَداوة مِنْ إِنسان أوْ وَسوَسَة مِنْ شيطان (٢).

قرأَ إِبراهيم : (وَكَلَّمَ اللهَ موسى) (٣) اسمُ اللهِ نصبٌ.

قالَ أَبو الفتحِ : يَشْهَدُ لِهَذِهِ القراءةِ قولَهُ (جَلَّ وعزَّ) حكايةً عنْ موسى : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْك) (٤) وغيره من الآي التي فيها كلامُ اللهِ تعالى (٥).

وقرأَ مجاهد : (فَلاَ تَشْمِتْ بِيَ الأعدَاءَ) وَقَرَأَ أَيضاً (فَلاَ تَشْمَتْ بِيَ الأَعْدَاءُ) (٦).

__________________

(١) هذه القراءة باطلة حتماً ، لأ نّها مرتكزة على القول بعدم عصمة النبي (صلى الله عليه وآله) ، وجواز نسيانه (صلى الله عليه وآله) ما يؤمر بتبليغه ، وهو توهمٌ محضٌ ، ولقوله تعالى من سورة الأعلى : ٨٧ / ٦ : (سَنُقْرِؤُكَ فَلاَ تَنْسَى) ، وكل ما ترتب على هذا الوهم من الأثر فهو باطل ، لثبوت عصمة الأنبياء (عليهم السلام) مطلقاً.

(٢) المحتسب : ١ / ١٠٣ ـ ١٠٤.

(٣) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٦٤ : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيْماً).

(٤) سورة الأعراف : ٧ / ١٤٣.

(٥) المحتسب : ١ / ٢٠٤.

(٦) من قوله تعالى من سورة الأَعراف : ٧ / ١٥٠ : (فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الاَْعْدَاءَ).


قالَ أَبو الفتحِ : الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ قُطْرُب في هذا أَنَّ قِراءةَ مجاهد : (فَلا تَشْمَتْ بِيَ الأَعْدَاءُ) رفعٌ (١) ـ كما تَرَى ـ بِفِعْلِهِم ، فالظاهر أنَّ انصرافَهُ إِلى الأعداءِ ومحصوله : يا ربِّ لا تُشْمِتْ أَنْتَ بِي الأَعداءَ ، كقراءة الجماعة.

وأَمَّا مع النَّصْبِ فَإِ نَّهُ كأ نَّه قالَ : لا تشمَتْ بِي أَنْتَ يَا رب وجازَ هذا كما قال الله سبحانه : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) (٢) وَنَحوهُ مِمَّا يَجْرِي هَذا الَمجرَى ، ثُمَّ عادَ إلى المُرادِ فَأَضْمَرَ فِعْلاً نصبَ بهِ الأَعداءَ (٣). فَكَأَ نَّه قَالَ : لا تُشْمِتْ بِيَ الأعداءَ كقراءَةِ الجماعة (٤).

وَقَرأَ الحسنُ : (وَلاَ تُعْدِ عَيْنَيْك) (٥).

قال أَبو الفتح : هذا منقول من عَدَتْ عيناك ، أَي جاوزتا. من قولهم : جاء القوم عدَا زيداً ، أَي : جاوز بَعْضُهم زيداً ، ثُمَّ نقل إلى أعديتُ عينِي عَنْ كَذا ، أَي : صرفتها عنه ، قال :

حَتَّى لَحِقْنَا بِهِم تُعْدِي فَوَارِسُنَا

كَأنَّنَا رَعْنُ قُفّ يَرْفَعُ الآ لاَ (٦)

__________________

(١) كذلك في (مختصر في شواذ القرآن) : ٤٧.

(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٥.

(٣) قال أبو حيَّان : هذا خروج عن الظاهر وَتَكلُّفٌ في الإعراب وقد روى تعدى شَمَتَ لغة فلا يُتَكَلَّفُ أنَّها لازمةٌ مع نصب الأعداءِ ، وأَيضاً قولُهُ : (إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) سورة البقرة : ٢ / ١٤. إنَّمَا ذلك على سبيل المقابلة لقولِهِم : (إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) فقال : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) سورة البقرة : ٢ / ١٥. انظر : البحر المحيط : ٤ / ٣٩٦.

(٤) المحتسب : ١ / ٢٥٩.

(٥) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٢٨ : (وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَـا).

(٦) البيت للنابغة الجعدي. والرَّعْنُ أوَّلُ كُلِّ شيء ، والقفُّ : ما غَلُظَ من الأرض ولم يَبلُغْ أنْ


أَي : تُعْدِي فَوارِسنا خيلهم عن كذا ، فحذف المفعول بعد المفعول وَتُعْدِيَها مِنْ عَدَا الفرسُ كقولنا جرى ، وَعَلى أَنَّ أَصْلَها واحدٌ ، لأَنَّ الفرسَ إذَا عَدَا فَقَدْ جَاوَزَ مَكاناً إلى غيرهِ (١).

وَقَرَأَ الجماعةُ : (مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِك مِنْ أَوْلِيَاء) (٢) فَإنَّ قَوْلَهُ : (مِنْ أوْلِيَاء) في موضعِ المفعولِ بهِ ، أَي أولياء ، فهو كقولك ضربت رَجُلاً ، فَإنْ نفيتَ قُلْتَ مَا ضَرَبْتُ مِنْ رَجُل (٣).

المنصوب بفعل محذوف

قَرَأَ الحسن : (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْس أَوْ فَسَاداً فِي الأَرْضِ) (٤) بنصبِ الفسادِ.

قالَ أَبو الفتح : يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ ذَلِك على فعل محذوف يَدلُّ عليهِ أولُ الكلامِ ، وَذَلِك أَنَّ قَتْلَ النفسِ بغيرِ النفسِ مِنْ أَعْظَمِ الفَسادِ ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : أَوْ أَتى فَسَاداً ، أَوَ ركِبَ فَساداً ، أَو أَحْدَثَ فَسَاداً ، وَحَذْفَ الفِعْلِ النَّاصِبِ لِدلالةِ الكلام عليهِ ، وإبقاءِ عملِه ناطقاً بهِ وَدَلِيلاً عليهِ مِعَ ما يدلُّ مِنْ غيرِهِ عليهِ أَكْثَرُ مِنْ أنْ يُؤْتَى بشيء مِنْهُ مَعَ وُضُوحِ الحالِ بهِ ، إلاَّ أَنَّ مِنْهُ قولُ القطامي :

__________________

يكونَ جبلاً ، والآل : السَّرابُ. انظر : الخصائص : ١ / ١٣٤ والمحتسب : ٢ / ٢٧ والإنصافُ : ١ / ٩١ واللسان : ١٣ / ٧٨.

(١) المحتسب : ٢ / ٢٧.

(٢) سورة الفرقان : ٢٥ / ١٨.

(٣) المحتسب : ٢ / ١١٩ ـ ١٢٠.

(٤) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٣٢ : (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْس أَوْ فَسَاد فِي الأَرْضِ فَكَأَ نَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً).


فَكَرَّتْ تَبتَغِيهِ فوافقته

على دمهِ وَمَصْرَعه السّبَاعا (١)

فنصَب السباعا لأَ نَّها داخلةٌ في الموافقة (٢).

ألا تَرَاهَا إِذَا وَافَقَتِ السباعَا على دمِهِ فقد دخلتِ السباعُ في الموافقةِ ، فيصيرُ كَأَ نَّهُ قَالَ : وافقتِ السباعَ؟ وهو عندنا بَعْدُ على حذفِ المضافِ ، أَي : آثَارَ السباع لأَ نَّهَا لو صَادَفَتِ السباعَ هُنَاك لأَكَلَتْهَا أَيضاً (٣). وَهُنَاك مضافٌ آخر محذوفٌ أَي : صَادَفَتِ السباعَ على أَشلائِه وبقاياهُ لأَ نَّها إذَا وافقتْ آثارَ السباعِ على دَمِهِ ومصرعِهِ فَإنَّمَا وافقتْ بَقَايَاهُ لا جَمِيعَهُ.

وسمعتُ سنةَ خمس وخمسينَ غلاماً حَدَثاً مِنْ عُقيل ومعَهُ سيفٌ في يدهِ فَقَالَ له بعضُ الحاضرين ـ وكنا مُصحِرينَ ـ : يا أَعرابي ، سيفك هذا يقطعُ البِطِّيخَ؟ فقالَ : أَي واللهِ وغواربَ الرِّجَالِ ، فنصبَ الغواربَ على ذَلِك أَي

__________________

(١) يروى البيت :

فَكرَّتْ عِنْدَ فيقتيها إليهِ

فَألفتْ عِنْدَ مربضهِ السّباعا

ويروى أِيضاً :

فَكَرَّتْ ذاتَ يوم تبتغيه

فَأَلْفَتْ فوقَ مصرعهِ السّبِاعا

ورواية أَبي الفتح موافقة لروايةِ سيبويه غير أَنَّ المبرِّدَ يُخطئُ هذِه الرواية. ديوان القطامي : ٤٥ والكتاب : ١ / ١٤٢ ونوادر أَبي زيد : ٢٠٤ والخصائص : ٢ / ٤٢٦ والمحتسب : ١ / ٢١٠.

(٢) هذا هو رأي سيبويه وَقَدْ خَطَّأَهُ المبرِّدُ والأَعلم الشِّنتمرْي لأنَّ الحملَ إنَّما يكونُ بعد تَمام الكلام كقولِك وافقتُ عمراً وَعِنْدَهُ زيدٌ وبِشْراً تَريدَ وَوَافَقْتُ بشْراً ، لأنَّ المَعْنَى قَدْ تَمَّ بقولِهِ (وعنده زيد) ولو قلْتَ : وافقتُ عمراً وعندَهُ زيداً لَمْ يجزْ عِندَ المُبَرِّدِ لأَنَّ المعنى لم يتمّ.

اُنظر : الكتاب : ١ / ١٣٤ والمقتضب : ٣ / ٢٨٥ والخصائص : ٢ / ٤٢٦.

(٣) هذا قول أبي علي الفارسي وقد نقله أبو الفتح عنه. انظر : الخصائص : ٢ / ٤٢٦.


ويقطعُ غَوَارِبَ الرِّجَالِ (١).

وقرأ الأعرج والشعبي والحسنُ : (شَهادَةٌ بَيْنَكم) (٢) رفعٌ ، وعن الأَعرج بخلاف : (شَهَادَةً بَينَكم) نصبٌ.

قَال أَبو الفتح : أَمَّا الرفْعُ بالتَّنوين فعلى سمتِ قراءةِ العامّةِ (شهادةُ بَيْنِكُم) بالإضافةِ فحذفَ التنوين فانجرَّ الاسمُ.

وأمّا (شَهَادَةً بينَكم) بالنَّصْبِ والتنوينِ فنصبُها على فعل مضمر ، أَي : لِيُقِمْ شهادةً بَيْنَكم اثنانِ (٣) ذَوا عدل مِنْكُم ، كَما أنَّ مَنْ رَفَعَ فَنَوَّنَ أَوْ لَمْ يُنَوِّنْ فَهوَ عَلى نحو من هذا أَيّ : مقيمُ شهادةِ بَيْنِكُم أَوْ شَهَادَة بَيْنَكُم اثنان ذوا عَدْل مِنْكُم ، ثُمَّ حُذِفَ المضافُ ، وأُقيمَ المضافُ إليهِ مُقامَه ، وإِنْ شئتَ كانَ المضافُ محذوفاً مِنْ آخر الكَلامِ ، أَي : شهادةٌ بينَكُم شهادةُ اثنين ذَوَي عَدْل مِنْكُم ، أَي : ينبغي أن تَكونَ الشهادةُ المُعْتَمَدَةُ هكذا (٤) وقَرَأَ عِكْرِمَةُ وَعَمْروُ بنُ

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٢١٠.

(٢) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ١٠٦ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْل مِّنكُمْ).

(٣) قالَ أبو حَيَان : هَذا الَّذِي ذَكَرهُ ابنُ جِنِّي مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ أَصحابُنا ، قالوا : لا يجوزُ حذفُ الفعلِ وإبقاءَ فاعلِهِ إلاَّ إِنْ أشعر بالفعل ما قبله ... أو أُجيب به نفي ... أو أجيب به استفهامٌ ... وليس حذفُ الفعلِ الذي قدَّرَهُ ابنُ جِنِّي وتَبِعَهُ الزَّمخشري واحداً من هذه الأقسام الثلاثة. ثمّ خَرَّجَ أبو حيان القراءة الشاذَّة على أحد وجهين :

أ ـ أنْ يكونَ (شَهَادةً) منصوباً على المصدر الذي نابَ منابَ الفعل بمعنى الأَمر ، واثنان مرتفعٌ به ... فيكونُ من بَابِ قولِك : ضَرْباً زيداً ....

ب ـ أَنْ يكونَ أَيضاً مصدراً ليس بمعنى الأمر بل يكون خبراً نابَ منابَ الفعل ... كقولِك : أَفعل وكرامةً ومسرةً ، أَي أكْرَمُك وأسُرك. البحر المحيط : ٤ / ٢٣٩.

(٤) المحتسب : ١ / ٢٢٠.


فائد : (والأَرْضُ يَمرُّونَ عَلَيْهَا) (١) بالرفعِ ، وَقَرَأَ (وَالأَرْضَ) نصباً السُّدِّيُّ ، وقراءةُ الناسِ : (وَالأَرْضِ).

قالَ أَبو الفتح : الوقفُ فيمن رفع أَوْ نصبَ على السَّـمَـاواتِ ثُمَّ تَبْتَدِئُ فتقول : (وَالأَرَضُ ، وَالأَرضَ) ، فَأَمَّا الرفعُ فَعَلى الابتداءِ ، والجملة بَعْدَهَا خبرٌ عَنْهَا والعائدُ مِنْهَا عَلَى الأَرض (هَا) من (عَلَيْهَا) و (هَا) من (عَنْهَا) عائدٌ على الآية (٢).

وأَما من نصبَ فقالَ : (والأرضَ يمرونَ عَلَيْهَا) ، فَبِفِعْل مضمر ، أَي : يطئون الأَرضَ ، أَوْ يَدُسونَ الأَرضَ ونحو ذلك. وَعَلَيهِ قراءةُ ابنِ مسعود : (يَمْشُونَ عَلَيْهَا) فَلَمْا أضمر الفعلُ الناصبَ فَسَّرَهُ بقولهِ : يمرّونَ عَلَيْهَا ، والنصبُ هُنَا دليلُ جوازِ قولِنَا : زيدٌ عِنْدَك وعمراً مَرَرْتُ بِهِ ، فَهوَ كَقَولِك : زيداً مَرَرْتُ بهِ في الابتداءِ (٣).

وَقَرَأَ الحسَن : (وَتَقَلُّبَهُمْ) (٤) بفتحِ التاءِ والقافِ وَضَمّ اللاّمِ وفَتْحِ الباءِ.

قالَ أَبو الفتحِ : هَذَا منصوبٌ بفعل دَلَّ عليهِ مَا قَبْلَهُ مَنْ قولهِ تَعالى : (وَتَرَى الشَّمْسَ إذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عن كَهْفِهِمْ) (٥) وقوله : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ١٠٥ : (وَكَأَيِّن مِّن آيَة فِي السَّموَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ).

(٢) قال أَبو حَيان : «الضميرُ فِي (عَلَيْهَا) و (عَنْهَا) في هاتين القراءتينِ ـ الرَّفع والنَّصب ـ يعودُ عَلى الأرضِ» وما ذَهَبَ إليهِ أَبو الفتحِ أَسَدُّ.

(٣) المحتسب : ١ / ٣٤٩ ـ ٣٥٠.

(٤) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ١٨ : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ).

(٥) سورة الكهف : ١٨ / ١٧.


رُقُودٌ) (١) فَهَذِهِ أَحوالٌ مشاهدةٌ ، فكذلك (تَقَلُّبَهُم) دَاخلٌ في معناهُ فَكأَ نَّهُ قَالَ : وَتَرَى أَوْ تُشَاهد تَقَلُّبَهُمْ ذَاتَ اليمينِ وَذَاتُ الشمالِ. فَإِنْ قِيلَ : إنَّ التَّقَلُبَ حَرَكةٌ ، والحَرَكَةُ غيرُ مرئية قِيلَ : هذا غور آخر ليسَ مِنَ القراءةِ في شيء إلاَّ أَنَّك تَرَاهُمْ يتقلبون والمعنى مفهوم. وليسَ كُلَّ أَحد يَقُولُ : إنَّ الحَرَكةَ لا تُرى (٢).

وَقَرَأَ الحسن والجَحْدَري وَسَلاَّم وَيَعقوب : (وَلُؤْلُؤاً) (٣) بالنَّصب.

قال أَبو الفتح : هو محمولٌ على فِعْل يَدلُّ عليهِ قولُهُ : (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ) ، أَي : وَيُؤتَوْنَ لُؤلُؤا ، ويلبسونَ لؤلؤاً.

ومثله قراءةُ أُبَيّ (وحوراً عيناً) (٤) ، أَي : وَيُؤْتَونَ حوَراً عيناً ، وَيُزَوَّجُونَ حُوراً عيناً ، ومِثلُهُ مِمَّا نُصِبَ عَلى إضمارِ فعل يَدلُّ عليهِ ما قبلَهُ قولُهُ :

جِئني بِمِثْلِ بَنِي بَدْر لِقَوْمِهِمُ

أَوْ مِثْلَ أُسْرَةَ مَنْظُورِ بْنِ سَيَّارِ (٥)

__________________

(١) سورة الكهف : ١٨ / ١٨.

(٢) المحتسب : ٢ / ٢٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة الحج : ٢٢ / ٢٣ : (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَب وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ). قرأ عاصم ونافع وأبو جعفر ويعقوب بالنصب عطفاً على محل : (مِنْ أَسَاوِرَ) أو بتقدير فعل ، أي : يؤتون لؤْلؤاً ، وباقي الأربعة عشر بالجرّ عطفاً على : (أَسَاوِرَ). إتحاف فضلاء البشر ـ طبعة دار الندوة بيروت المصورة على نشرة علي محمد الضباع : ٣١٤.

وبالحديث عن هذه القراءة يكون ابن جني قد خرج عن منهجه في كتاب المحتسب الذي وضعه في الأصل (في تبيين وجوه القراءات الشاذة والإيضاح عنها) ، وقال في مقدّمته : (وأنَا بإذن الله بادئٌ بكتاب أذكرُ فيهِ أحوالَ ما شذَّ عن السبع) المحتسب : ١ / ٣٤ ، وهذه القراءة سبعية وليست شاذّة.

(٤) من قوله تعالى من سورة الواقعة : ٥٦ / ٢٢ : (وَحُوْرٌ عِيْنٌ).

(٥) البيت لجرير. ويروى (جيئوا) مكان (جئني).


فَكَأ نَّهُ قَالَ : أَوْ هاتِ مِثْلَ أُسْرَة ، وعليه قول الآخر :

بَيْنَا نَحْنُ نَرْقُبُهُ أتانَا

مُعَلّقَ وَفْضَة وَزِنَادَ رَاعِ (١)

فَكَأَ نَّهُ قَالَ : وحاملاً زِنَادَ رَاع ومعلقاً زِنَادَ راع وهو كثير (٢).

وَقَرأتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ وَعيسى الثقفي وعيسى الهمداني ورويت هذه القراءة عن عمر بن عبد العزيز : (سُورَةً) (٣) بالنصب (٤).

قال أَبو الفتح : هي منصوبةٌ بفعلِ مضمر وَلَك في ذلك طريقان :

أَحدُهُما : أَنْ يَكُونَ ذِلِك المضمر من لفظِ هذا المُظهَر ، وَيَكُونَ المُظْهَرُ تفسيراً لَهُ ، وتقديرُهُ أَنْزَلْنَا سُوَرةً فَلَمَّا أَضْمَرَهُ فَسَّرَهُ بقولِهِ : (أَنْزَلْنَاهُ).

كما قالَ :

__________________

اُنظر : ديوانه : ٣١٢ والكتاب : ١ / ٤٨ و ٨٦ والمقتضب : ٤ / ١٥٣ وشرح المفصل : ٦ / ٦٩.

(١) يروى (فبينا) فلا خَرَمَ فيه ويروى (نطلبه) مكان (نرقبه) و (زناد) بالكسر بدل الفتح.

والبيت ينسب لنصيب كما ينسب لرجل من قيس غيلان. اُنظر : الكتاب : ١ / ٨٧ وشرح المفصل : ٤ / ٨٧ و ٦ / ١١ والهمع : ١ / ٢١١.

(٢) المحتسب : ٢ / ٧٨.

(٣) من قوله تعالى من أَوَلِ سورةِ النور : ٢٤ / ١ : (سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَات بَيِّنَات لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).

(٤) يقول الفرّاء : «ولو نصبت السورة على قولك : أنزلناها (سُوَرةً) وفرضناها كما تقول : مجرّداً ضربته كان وجهاً. وما رأيتُ أَحداً قرأَ بِهَا» فهو يذهب إلى نصب سورة على الحال وينفي عن نفسه رؤية قارئ قرأ بها.

وقد رأينا انه قرئ بها في الشواذِ كِما روى هذهِ القراءة ابن خالويه أيضاً.

فلم يعد نفي الفرّاء حجّة لاَِنَّ مَنْ سَمِعَ حجّةٌ على مَنْ لَمْ يسمَعْ. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٢٤٤ ومختصر في شواذ القرآن : ١٠٠.


أَصبَحْتُ لا أَحْمِلُ السلاحَ وَلاَ

أَمْلِك رِأْسَ البعيرِ إنْ نَفَرَا

والذّئبَ أَخْشَاهُ إنْ مَرَرْتُ بهِ

وَحْدِيَ وَأَخْشَى الرِّيَاحَ والْمَطَرَا (١)

أَي : وَأَخْشَى الذِّئْبَ ، فلمَّا أَضمَرَهُ فَسَّرَهُ بقولِه : (أَخْشَاهُ).

والآخر : أَنْ يَكُونَ الفعلُ الناصبُ (سُورَةً) مِنْ غِيرِ لَفْظِ الفعلِ بَعْدَهَا ، لَكِنَّهُ على معنى التخصيص ، أَي : اقرَؤوا (سُورَةً) أوْ تَأَمَّلوا وَتَدبَّرُوا (سُورَةً) أَنزلناهَا ، كما قَالَ تَعَالى : (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا) (٢) أَي : احفظوا ناقةَ اللهِ ويُؤنِس بإضمارِ ذلك ظهورُهُ في قولِهِ تَعالى : (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوب أَقْفَالُهَا) (٣) فَإذَا كانَ تقديرُهُ هَذَا فَقَولُهُ : (أنْزَلْنَاهَا وَفَرضْنَاهَا) إلى آخر ذَلِك منصوبٌ الموضع لِكَوْنِهِ صفةً لـِ (سُورَةً) وإذَا جعلت أنزلناها تفسيراً للفعل الناصب المضمر فلا موضع لَهُ مِنْ الإعْرابِ (٤) أَصْلاً ، كَمَا أَنَّهُ لاَ مَوضِعَ مِنَ الإعرابِ لِقَوْلِهِ : أَنْزَلْنَا (سُورَةً) لأَ نَّهُ لَمْ يقع مَوْقِعَ المفردِ وَهَذا واضحٌ (٥).

وَقَرَأَ عِيسى الثَّقَفِي : (الزَّانِيَةَ وَالزَّانِيَ) (٦) بالنَّصْبِ.

قال أَبو الفتح : وَهَذا منصوبُ بفعل مُضمر أَيضاً أَي : اجلدوا الزَّانِيةَ

__________________

(١) للربيع بن ضَبُع الفُزاري وهو أحد المعمرين يقال إنَّه نَيَّفَ على مِئَتَي عام. الكتاب : ١ / ٤٦ والخزانة ـ بولاق : ٣ / ٣٠٨.

(٢) سورة الشمس : ٩١ / ١٣.

(٣) سورة محمد (صلى الله عليه وآله) : ٤٧ / ٢٤.

(٤) نقل ذَلِك العُكْبَري في إملاءِ ما منَّ بهِ الرحمن : ٢ / ١٥٣.

(٥) المحتسب : ٢ / ٩٩ ـ ١٠٠.

(٦) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٢ : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِد مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَة).


والزانَي (١) فَلَمّا أَضْمر الفعلَ الناصبَ فَسَّرَهُ بقولَهِ : (فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِد مِنْهُما مَائةَ جَلْدَة) (٢) وَقَرَأَ أُبي بنُ كعب وابن مسعود : (وَحُوراً عِيناً) (٣).

قال أبو الفتح : هذا على فعل مضمر أَي : وَيُؤتَونَ أو يَزوجُونَ حُوراً عِيناً كَمَا قالَ : (وَزَوَّجْنَاهُم بِحُور عِين) (٤) وهو كثير في القرآن والشعر (٥).

النصب على المدح

قَرَأَ الضَّحَّاك : (الحَمدُ لِلَّهِ فَطَرَ السَّماوات وَالأَرضَ) (٦).

قَالَ أَبو الفتح : هَذا على الثناءِ على اللهِ سُبحانه وذِكرِ النِّعْمَةِ التي استَحَقَّ بِهَا الحَمْدَ ، وأَفردَ ذلك في الجملةِ التي هي (جَعَلَ) بِمَا فيها من الضمير ، فكانَ أَذْهَبَ في معنى الثناءِ لأَ نَّهُ جملة بعد جملة. وكلّما زادَ الإسهابُ في الثناءِ أَوِ الذَّمِّ كانَ أبلغَ فيهما ، أَلاَ ترى إلى قولِ خِرْنِق :

لاَ يَبْعُدَنْ قَومِي الَّذينَ هُمُ

سُمُّ العُدَاةِ وآفَةُ الجُزْرِ

النَّازلِينَ بِكُلّ مُعْتَرَك

والطَّيَّبِينَ مَعَاقِدَ الأُزْرِ (٧)

__________________

(١) قال سيبويه : وقد قرأ أُناسٌ : (والسّارقَ والسَّارقةَ) ، و (الزانيةَ والزانِيَ) وهو في العربيةِ على ما ذكرتُ لَك من القوّةِ. وَلَكِنْ أبَتِ العامّةُ إلاّ الرَّفعَ. وإنَّما كان الوجهُ في الأمرِ والنهي النصبَ لأَنَّ حدَّ الكلامِ تقديمُ الفعلِ وهو فيه أَوْجَبَ. الكتاب : ١ / ٧٢.

(٢) المحتسب : ٢ / ١٠٠.

(٣) من قوله تعالى من سورة الواقعة : ٥٦ / ٢٢ : (وَحُورٌ عِينٌ).

(٤) سورة الدخان : ٤٤ / ٥٤.

(٥) المحتسب : ٢ / ٣٠٩.

(٦) من قوله تعالى من سورة فاطر : ٣٥ / ١ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ).

(٧) انظر : الكتاب : ١ / ١٠٤ و ٢٤٦ و ٢٤٩ و ٢٨٨ والهمع : ٢ / ١١٩ وشرح الأشموني : ٣ / ٨٦ و ٢١٤ وشرح التصريح : ٢ / ١١٦ والخزانة : ٥ / ٤١.


وَيَروى النازلونَ والطيبونَ ، والنازلينَ والطيبونَ ، والطيبينَ والنازلونَ ، والرفعُ على هُمْ والنَّصْب عَلَى أَعْنِي. فَكُلَّما اختلفتِ الجملُ كانَ الكلامُ أَفَانِينَ وَضُروباً ، فكانَ أَبلغَ مِنْهُ إذَا ألزمَ شَرْحاً واحِداً ، فقولُك : أُثِني على اللهِ ، أَعطانَا فَأَغْنَى أَبْلَغُ مِنْ قَوْلِك : أُثْنِي على اللهِ المُعْطينا والمُغْنِينا ، لأَنَّ معك هُنا جملة واحدة وهناك ثلاثُ جمل. ويدلّك على صِحَّةِ هذا المعنى قراءة الحسَن : (جَاعِلُ الملائكةِ) (١) بالرفعِ. فهذا على قولِك : هُوَ جاعلُ المَلاَئكةِ ، وَيَشْهَدُ به أَيْضاً قراءةُ خُلَيْد بن نُشَيْط : (جَعَلَ الملائكةَ).

قالَ أَبو عُبيدةَ : إذا طالَ الكلامُ خَرَجُوا مِنَ الرَّفعِ إلى النَّصْبِ وَمِنَ النَّصْبِ إلى الرَّفعِ ، يُريدُ ما نحن عليه ، لتختلف ضروبه وتتباين تراكيبه (٢).

حذف فعل القول

رَوى ابنُ مجاهد عن ابنِ عباس في مُصحَفِ ابنِ مسعود : (وَإذْ يَرْفَعُ إبراهيمُ القَواعِدَ مِنَ البيتِ وَإسْمَاعيلُ وَيَقُولانِ (٣) رَبَّنَا) (٤) وَفيهِ : (والَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونهِ أَولياءَ قَالوا (٥)

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة فاطر : ٣٥ / ١ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَة مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ).

(٢) المحتسب : ٢ / ١٩٨.

(٣) في تفسير القرطبي : ٢ / ١١٥ كما في المحتسب : (ويقولان) بالواو.

كتاب المصاحف لابن أبي داود : ٥٧ والكشاف : ١ / ٧٤ والبحر المحيط : ١ / ٣٨٨ : (يقولان) من غير واو.

(٤) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٢٧ : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّك أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) من غير (يقولان).

(٥) ذكر هذه القراءة الفرّاء وأَبو حيَّان ، ولم يذكرها ابنُ أبي داود عندما ذكر اختلاف


مَا نَعُبُدُهُمْ) (١) ، وفيهِ : (والملائِكَةُ بَاسِطوا أَيديِهِم يقولون أَخْرِجُوا) (٢).

قال أَبو الفتح : في هذا دليل على صحّة ما يذهب إِليه أَصحابُنا من أَنَّ القولَ مرادٌ مقدَّرٌ في نحو هذه الأَشياءِ وأَ نَّهُ لَيْسَ كما يَذْهَبُ إليهِ الكُوفِيون من أَنَّ الكلامَ محصولٌ على معناهُ دون أَنْ يكونَ القولُ مقدراً مَعَهُ ، وذلِك كقولَ الشاعر :

رَجْلانِ مِنْ ضُبَّةَ أَخْبَرَانَا

إنَّا رَأَيْنَا رَجُلاً عريانا (٣)

فهو عِندنا نَحنُ على قالا إِنَّا رأَيْنَا وعلى قولِهِم لا إضْمَارَ قول هناك (٤).

لكنَّهُ لَمَّا كانَ أَخبرَانا في معنى قالا لَنَا صارَ كأ نّهُ قَالا لَنا ، فأَمَّا على إِضمار قَالا في الحقيقةِ فَلاَ.

وقد رَأَيتَ إلى قراءة ابن مسعود كيف ظهر ما نقدره من القول فصار قاطعاً على أَنَّهُ مرادٌ فيما يجري مجراه. وكذلك قوله :

__________________

مُصحَفِ ابنِ مسعود. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٤١٤ والبحر المحيط : ٧ / ٤١٤ وكتاب المصاحف : ٦٩.

(١) من قوله تعالى من سورة الزمر : ٣٩ / ٣ : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُـقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى) من غير (قالوا).

(٢) من قوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ٩٣ : (وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ) من غير (يقولون).

(٣) يروى (من مكَّة) مكان (من ضبَّة). ولم ينسب لأَحد. انظر : الخصائص : ٢ / ٣٣٨ والمحتسب : ١ / ١٠٩ و ٢٥٠ والخزانة ـ ط ـ بولاق : ٤ / ٢٣ والمغني : ٢ / ٤١٣.

(٤) هذه الجُمَل في محل نصب اتفاقاً ، ثمّ قال البصريونَ والفرّاءُ : النَّصبُ بقول مُقَدَّر ، وقال الكوفيون بالفعل المذكور. انظر : معاني القرآن للفرّاءِ : ٢ / ٦٢ و ٤١٤ والمغني : ٢ / ٤١٣ ، وفي هذا تأكيد على أنَّ أبا الفتح بن جِنِّي بصري المذهب النحوي.


يَدْعُونَ عَنْتَرُ والرماحُ كَأَ نَّهَا (١)

 ......

فيمن ضَمَّ الرَّاءَ مِنْ عنتُر ، أَي : يَقُولونَ : يَا عَنْتَرُ ، وَكَذَلِك مَنْ فَتَحَ الرَّاءَ وَهوَ يُريدُ : يَا عَنتَرَةُ.

وكذلِك (وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَاب * سَلاَمٌ عَلَيْكُم) (٢) أَي : يقولونَ (٣).

وَقَدْ كَثُرَ حَذْفُ القولِ جداً (٤).

وَقَرأ عِكرِمَةُ : (لاَ يَنَالُهُمُ اللهُ برحمة دَخَلُوا الجَنَّةَ) (٥) وقرأَ طلحة بن مصرف : (برَحْمَة أَدْخِلُوا الجَنَّةَ) أَي فُعِلَ ذَلِك بِهِم.

قال أَبو الفتح : الَّذي في هاتين القراءتين خطابهم بقوله سبحانه : لا خوفٌ عَلَيْهِم وَلاَ هُمْ يَحْزَنونَ ، وطريقُ ذَلِك أَنَّ قَوْلَهُ : (أَهَؤلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللهُ برحمة) (٦) الوقف هنا ، ثُمَّ يُسْتَأَ نَفُ فَيُقال دَخَلوا الجَنَّةَ أَوْ أَدْخِلُوا الجَنَّةَ ، أَي : فقد دَخَلُوا الجَنَّةَ فَقَال لَهُمْ : (لاَ خَوفٌ عَلَيكُمْ وَلاَ أَنْتُم تَحْزَنُونَ) (٧) وَقَدْ

__________________

(١) البيتُ لعنترة العبسي من قصيدته التي عرفت بالمعلقة وعجزهُ :

 ......

أَشطانُ بئر في لُبانِ الأدْهَمِ

انظر : الكتاب : ١ / ٣٣٢ وشرح أَبيات سيبويه : ١٨٧ وشرح المعلّقات السبع : ١٥٢ والمغني : ٢ / ٤١٤ وهمع الهوامع : ١ / ١٨٤ والدرر اللوامع : ١ / ١٦٠.

(٢) سورة الرعد : ١٣ / ٢٣ ـ ٢٤.

(٣) قال الفرّاء : وقوله : (وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَاب * سَلاَمٌ عَلَيْكُم) يقولون : سلام عليكم ، القول مضمر كقوله : (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا) سورة السجدة : ٣٢ / ١٢ ، أَي : يقولون ربّنا. معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٦٢.

(٤) المحتسب : ١ / ١٠٨ ـ ١٠٩.

(٥ ـ ٧) من قوله تعالى من سورة الأَعراف : ٧ / ٤٩ : (أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَة ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ).


اتَّسعَ عَنْهُم حذفُ القولِ كقولهِ تَعالى : (يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَاب * سَلاَمٌ عَلَيْكُم) أَيّ : يَقُولُونَ لَهُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ.

وَقَالَ الشاعرُ :

رَجْلاَنِ مِنْ ضبَّةَ أَخبرانا

إنَّا رأَيْنَا رَجُلاً عريانا (١)

أَي : قالاَ : إنَّا رَأَيْنَا وَلِذَلِك كَسَر.

هَكَذا مَذْهَبُ أَصحابِنا فِي نَحوِ هَذَا مِنْ إضْمَارِ القولِ (٢) فَقَوْلُهُ عَلَى هَذَا : (لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ) جملة منصوبة الموضع على الحالِ (٣) أَي : دَخَلوا الجنّة أَوْ أُدْخِلوا الجَنَّةَ مَقُولاً لَهُمْ هَذَا الكلام الذي هو لا خوفٌ عَلَيْكُمْ ، وَحُذِفَ القولُ وَهْوَ مَنْصُوبٌ عَلى الحالِ ، وأُقِيمَ مقامه قَوْلُهُ : (لاَ خوفٌ عَلَيْكُمْ) فانتصب انتصابه ، كما أَنَّ قولهم : كَلَّمْتُهُ فاهُ إلى فِيَّ ، منصوبٌ على الحالِ ، لاَِ نَّهُ نَابَ عن جاعلاً فَاهُ إلى فِيَّ ، أَوْ لأَ نَّهُ وَقَعَ مَوْقِعَ مشافهةً التي هي نائبة عن مشافِهاً له (٤).

وَقَرأَ عبد الله بن مسلم بن يَسَار وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ : (قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلاَ تَتَّقُونَ) (٥) بالتاءِ.

قالَ أَبو الفتحِ : هو عِنْدَنَا عَلى إضمَـار القولِ فيهِ ، وإِيْضَاحُهُ : (وَإِذْ نَادَى

__________________

(١) تقدّم الشاهد في : ص : ٢٥١.

(٢) تنظر : ص : ٢٥١.

(٣) قال العكبري : إذا قرئ (ادخُلُوا) على الأمر كانت الجملة حالاً أَي : ادخُلُوا آمنين ، وإذا قرئ على الخبر كان رجوعاً من الغيبَة إلى الخطاب. إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٧٥.

(٤) المحتسب : ١ / ٢٤٩ ـ ٢٥٠.

(٥) من قوله تعالى من سورة الشعراء : ٢٦ / ١٠ ـ ١١ : (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلاَ يَتَّـقُونَ).


رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ) فقلْ لَهُمْ : (أَلاَ تَتَّقُونَ) (١)؟ وَقَدْ كَثُرَ حَذْفُ القولِ عَنْهُم ، مِنْ ذَلِك قولُ اللهِ تَعالى : (وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيهِم مِنْ كُلِّ بَاب * سَلاَمٌ عَلَيكُم) (٢) ، أَي : يَقُولُونَ (٣) ، سلامٌ عَلَيْكُم (٤).

قَرَأَ ابنُ مسعود (٥) : (هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا قَالَ هودٌ بَلْ هُوَ ما اسْتَعْجَلْتُمْ بِـهِ) (٦).

قالَ أَبو الفتح : قد كَثر عنهم حذفُ القولِ ، لدلالةِ ما يله عليهِ ، كَقَولِ اللهِ تعالى : (وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيهِم مِنْ كُلِّ بَاب * سَلاَمٌ عَلَيكُم) أَي يقولون (٧) : سَلاَمٌ عَلَيْكُم ، وَكَذَلِك هذهِ القراءَة مُفَسِّرةٌ لقراءة الجماعة : (بَلْ هُوَ مَا

__________________

(١) قال الفرّاء : فقوله : (أَلاَ يَتَّـقُونَ) لو كانَ مكانَهَا (ألا تَتَّقُونَ) كَانَ صَواباً لأَنَّ موسى أُمِرَ أَنْ يقولَ لَهُمْ : أَلا تَتَّقونَ؟ فكانت التاء تجوز لِخطَابِ موسى إيَّاهم ... وهو بمنزلة قوله : (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ) و (سيغلبون).

انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٢٧٨.

(٢) سورة الرعد : ١٣ / ٢٣ ـ ٢٤.

(٣) تنظر : ص : ٢٥٢.

(٤) المحتسب : ٢ / ١٢٧.

(٥) في مختصر شواذّ القرآن : ١٣٩ «(قُلْ بَلْ ما اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ هِيَ رِيحٌ) ابن مسعود» وقال الفرّاء : قال الله : قل لهم بلْ هو ما استعجلتم به من العذاب. وفي قراءة ابن مسعود : قل بل ما استعجلتم بِهِ هي ريح فيها عذاب أليم. وقال العكبري : أَي ليس كما ظننتهم بل هو ما استعجلتم به. وقال أبو حيّان : قال لهم : هو ذلك أَي : بل هو العذابُ الذي استعجلتم به.

انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ٥٥ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٣٥ والبحر المحيط : ٨ / ٦٤.

(٦) من قوله تعالى من سورة الأحقاف : ٤٦ / ٢٤ : (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) ، من غير : (قال هود).

(٧) تنظر : ص : ٢٥٢.


اسْتَعْجَلْتُمْ بهِ) (١) وَلَوْ لَمْ تأتِ قراءةُ عبدِ اللهِ هذهِ لَمَا كانَ المعنى إلاَّ عَلَيْهَا فكيفَ وَقَدْ جاءَتْ ناصرةً لتفسِيرِهَا (٢)؟

حذف المفعول به

قَرَأَ : (يُرْتِعْ وَيَلْعَبْ) (٣) أَبو رَجَاء.

قَال أَبو الفتح : أَمَّا (يُرْتِعْ وَيَلْعَبْ) فَهُوَ عَلى حذفِ المفْعُولِ ، أَي : يُرتْعِ مطيتَهُ فَحذَفَ المفعولَ.

وَعَلى ذكرِ حَذْفِ المفعول فَمَا أَعربَهُ وأعذَبَهُ في الكلام! ألاَ تَرى إلى قولِهِ تعالى : (وَوَجَدَ مِنْ دُوُنِهمُ امْرَأَتَينِ تَذُودَانِ) (٤) أَي : تذودانِ إبلهما.

وَلَوْ نُطِقَ بالمفعولِ لَمَا كانَ في عذوبة حذفهِ وَلاَ في علوهِ ، وَأَنْشَدَنَا أَبو علي للحطيئة :

مُنَعَّمَةٌ تَصُونُ إليك مِنْهَا

كَصَوْنِك مِنْ رِدَاء شَرْعَبيّ (٥)

أَي : تَصُونُ الحديثَ وَتخزنه ، فهو كقولِ الشَّنْفَري :

كَأَنَّ لَهَا فِي الأَرضِ نِسْياً تَقُصُّهُ

عَلى أَمِها وَإنْ تُخَاطِبْك تَبْلِتِ (٦)

__________________

(١) سورة الأحقاف : ٤٦ / ٢٤.

(٢) المحتسب : ٢ / ٢٦٥.

(٣) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ١٢ : (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُـونَ).

(٤) سورة القصص : ٢٨ / ٢٣.

(٥) الشَّرعَبيُّ : ضربٌ مِنَ البُرودِ. انظر : ديوان الحطيئة : ٣٥ والخصائص : ٢ / ٧٢ ولسان العرب : ١ / ٤٧٦.

(٦) النِسي : الشيءُ المَنسِي الَّذي لا يُذْكَر ، وتقصُّهُ : تَتَّبِعُ أَثَرَهُ لِتَجِدَهُ. وَعَلى أمَّها : (بفتح الهمزة)


أَي : تقطع حديثها حياءً وخفراً ، واعتدل في هذا الموضع ذُو الرُّمة ، قال :

لَهَا بَشَرٌ مِثْل الحرير ومنطقٌ

رَخِيمُ الحَوَاشِي لاَ هُراءٌ وَلاَ نَزْرُ (١)

وَمَا أَطْرَفَ قولِهِ : رخيم الحواشي ، أَي : لا تنتشر حواشيه فتهرأُ فِيهِ ، ولاَ يضِيقُ عَمَّا يُحتاجُ مِنْ مِثْلِها إلَيْهِ للسماعِ والفكاهة ، لَكِنَّهُ على اعتدال ، وكما يُستَحْسَن ويستعذَبُ من الثقال (٢) أَلاَ تَرى إلى قولِ الآخر :

وَلَمّا قَضَيْنَا مِنْ مِنى كُلَّ حَاجَة

وَمَسَّحَ بالأَرْكانِ مَنْ هُوَ مَاسِحُ (٣)

أَخَذْنَا بِأَطَرافِ الأحادِيثَ بِيْنَنَا

وَسَالَتْ بأعناقِ المَطيّ الأباطِحُ (٤)

وروى أَبو عبد الرحمن السُّلَمِي عن علي بنِ أَبي طالب عليه السلام :

__________________

أَي : على سَمْتها. وتبلِتْ ـ بكسر اللاّم ـ : تقطع الكلام من الحياء. وبفتح اللاّم تنقطع وتسكَت ، يُريدُ شدّة استحيائها فهي لا ترفع رأسَها كأ نَّها تطلب شيئاً في الأرض. ويروى : (تحَدّثْك) مكان (تخَاطِبْك).

المفضليات : ١٠٩ والخصائص : ١ / ٢٨.

(١) انظر : الديوان : ٢١٢ والخصائص : ١ / ٢٩.

(٢) في المحتسب : ١ / ٣٣٤ التقال. وما أثبتناه عن المحقّقين الذين ظهرَ لهم أَنَّ التَّقال تحريف عن الثَّقال كسحاب وهي المرأَة الرَّزانُ.

(٣) يُنْسَبُ البيتان إلى كُثَيرْ عَزَّة وإلى المُضَرَّب بنِ كعبِ بنِ زُهَير وإلى يزيدَ بنِ الطَّثرِيَةِ ويُروَى بينَهما البَيتِ التالي :

وَشُدَّتْ عَلى دُهْم المِهَارى رِحَالُنَا

وَلَمْ يَنْظُرِ الغادِيِ الَّذي هُوَ رائِحُ

انظر : الشعر والشعراء : ١ / ٦٦ والخصائص : ١ / ٢٨ والمحتسب : ١ / ٣٣٤ والوساطة : ٥٨ وأمالي المرتضى : ١ / ٤٥٧ ـ ٤٥٨ ولسان العرب : ١١ / ١٢١ ومعجم شواهد العربية : ١ / ٨٤ ونقد النصِّ عند ابن جِنِّي بحث للدكتور حازم الحلي منشور في مجلة كلية الفقه العدد ٣ لسنة ١٩٨٦ م.

(٤) المحتسب : ١ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤.


(والَّذِينَ يَتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ) (١) بفتح الياء.

قَالَ ابنُ مجاهد : وَلاَيقرأُ بِهَا (٢).

قالَ أَبو الفتحِ : هذا الَّذِي أَنكره ابنُ مجاهد عِندِي مُستَقيمٌ جائزٌ وذَلك أَنَّهُ على حذفِ المفعولِ ، أَي : والَّذِينَ يَتَوَفَّوْنَ أَيَّامَهُم أَوْ أَعْمَارَهُم أَوْ آجَالَهُمْ كَما قَالَ سبحانه : (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ ...) (٣) و (الَّذِيَنَ تَتَوَفَّاهُمُ الملائِكةُ) (٤) وَحَذْفُ المفعولِ كَثيِرٌ في القرآنِ وَفَصِيحِ الكلامِ ، وَذَلِك إذا كانَ هُنَاك دَلِيلٌ عليهِ. قَالَ اللهُ تَعَالَى : (وَأُوُتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيء) (٥).

أَي : شَيْئاً. وأَنْشَدَ أَبُو عليّ للحطيئة :

مُنَعَّمَةٌ تَصُونُ إليك مِنْهَا

كَصَوْنِك مِنْ رِدَاء شَرْعَبِيِّ (٦)

أَي : تَصونُ الكلامَ مِنْهَا ، وَهْوَ كَثيرٌ جداً (٧).

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٣٤ : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُر وَعَشْراً).

(٢) لم يُجَوِّزْ أحمدُ بن موسى بن مجاهد (ت / ٣٢٤ هـ) القراءةَ بها ; لأَ نَّها لا سند موثوقاً لها ، وابن جني (ت / ٣٩٢ هـ) بَحَثَ عن وجهِ تخريجها النَّحوي ، وما كان في صَدَدِ سندِها ، وقد خرّجها نحوياً ، وممن أشار إلى هذه القراءة التي لم تثبت نسبتها إلى الإمام علي عليه السلام ، أبو جعفر أحمد النَّحَّاس (ت / ٣٣٨ هـ) في كتابه معاني القرآن ١ : ٢٢٢ / ١٤٦.

(٣) سورة المائدة : ٥ / ١١٧.

(٤) سورة النحل : ١٦ / ٢٨ و ٣٢.

(٥) سورة النمل : ٢٧ / ٢٣.

(٦) تقدَّم الشاهد في : ص : ٢٥٥.

(٧) المحتسب : ١ / ١٢٥.


وَقَرأَ عِكْرِمةَ : (المُزَمِّل) (١) و (المُدَثِّر) (٢) خفيفة الزَّاي والدَّال ، مُشَدَّدَة الميم والثَّاءِ.

قال أبو الفتح : هَذا على حذفِ المفعولِ ، يريدُ : يَا أَيُّها المُزَمِّلُ نَفْسَهُ ، والمُدَثِّرُ نَفْسَهُ ، فَحَذَفَهُ فِيهما جَميعاً ، وَحَذْفُ المَفْعُولِ كَثيرٌ ، وَفَصيحٌ ، وَعَذبٌ ، ولا يركبه إلاّ مَنْ قَوِيَ طبعُهُ وَعَذُبَ وَصْفُهُ ، قَالَ اللهُ سبحانه : (أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيء) (٣) أَي : أَوْتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيء شَيْئاً (٤).

وأَنْشَدَنَا أَبو علي لِلْحُطَيْئَة :

مُنَعَّمَةٌ تَصُونُ إليك مِنْهَا

كَصَوْنِك مِنْ رِدَاء شَرْعَبِيِّ (٥)

أَي : تَصُونُ حَدِيثَها وَتَخزُنُهُ كَقَوْلِ الشَّنْفَرَي (٦) :

كَأَنَّ لَهَا فِي الأرضِ نِسيا تَقُصُّهُ

عَلى أَمِّها وإن تُخَاطِبْك تَبْلِتِ (٧)

وَقَرَأَ ابن عبَّاس والحَسَن والضَّحَّاك وَمُحَمَّدُ بنُ عليّ وجعفرُ بنُ مُحَمَّد (عليهم السلام) وعمروُ بنُ فائد ويعقوب : (مِنْ كُلّ مَا سَأَ لْـتُمُوهُ) (٨) بالتنوين.

قَالَ أَبو الفتح : أَمَّا على هذه القراءةِ فالمفعولُ ملفوظٌ بِهِ ، أي : وآتاكُم مَا

__________________

(١) من قوله تعالى من أوّل سورة المزّمّل : ٧٣ / ١ : (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ).

(٢) من قوله تعالى من أوّل سورة المدّثّر : ٧٤ / ١ : (يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ).

(٣) سورة النمل : ٢٧ / ٢٣.

(٤) تنظر : ص : ٢٥٧.

(٥) تقدَّم الشاهد في : ص : ٢٥٥.

(٦) تقدَّم الشاهد في : ص : ٢٥٥.

(٧) المحتسب : ٢ / ٣٣٥.

(٨) من قولِهِ تعالى من سورةِ إبراهيم : ١٤ / ٣٤ : (وَآتَاكُمْ مِّنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ).


سَأَ لتُمُوهُ أَن يُؤتِيَكُم مِنهُ وأَمَّا على قراءةِ الجَمَاعِةِ : (مِن كُلِّ مَا سَأَلتُمُوهُ) على الإضَافةِ فالمفعولُ محذوفٌ ، أي : وآتَاكُم سُؤلكُم مِن كُلّ شيء : أي وآتَاكُمْ مَا سَاغَ إيتاؤهُ إيَّاكُمْ إيَّاهُ مِنهُ. فَهُوَ كَقَولِهِ عَزَّوَجَلَّ : (وَأُوتِيَت مِن كُلّ شيء) (١) أي : أوتِيَتْ مِن كُلّ شَيء شَيئاً (٢) وَقَد سَبَقَ ذِكرُنَا حَذفُ المفعولِ بِهِ (٣) ، وَأَ نَّهُ مَعَ ذَلِك عَذْبٌ عَال فِي اللُّغَةِ (٤).

وَقَرأَ الحَسنُ : (أَن يُؤتِيَ أَحَدٌ مِثلَ مَا أُوتيِتُمْ) (٥).

قال أحمد بن صالح : كَذَا قالَ : قالَ ابنُ مجاهد : وَعَلى هَذَا يَنْبَغِي أن يَكُونَ أن يُوتِي أحداً.

قَالَ أَبو الفتح : لا وَجهَ لاِِنكَارِ ابنِ مجاهد رفعَ أَحد مع قولهِ (يُؤتيَ) مُسَمَّى الفاعل ، وذلك أَنَّ مَعنَاهُ أن يُؤتِيَ أَحدٌ أحداً (٦) مِثلَ ما أُوتِيتُم كَقَولِك : أَن يُحسِنَ أَحَدٌ مِثل مَا أُحسِنَ إِلَيكُم ، أي : أنْ يُحْسِنَ أَحَدٌ إلَى أحد مِثلَ مَا أُحسِنَ إلَيكُم فَتَحذِف المفعولَ وَيَكون معناهُ ومفادُهُ أَنَّ نِعمَةَ اللهِ سُبِحَانَهُ لا تُقَاسُ بِها نِعمَةٌ. وَهَذا مَعَ أَدنى تَأَمُّل واضحٌ (٧).

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة النمل : ٢٧ / ٢٣ : (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْء وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ).

(٢) تنظر : ص : ٢٥٧.

(٣) تنظر : ص : ٢٥٥.

(٤) المحتسب : ١ / ٣٦٣.

(٥) من قوله تعالى من سورة آل عمران : ٣ / ٧٣ : (قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللهِ أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآ جُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْ تِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).

(٦) وكذلك قال في البحر المحيط : ٢ / ٤٩٧.

(٧) المحتسب : ١ / ١٦٣.


قال أبو الفتح : مَن قَرَأَ (١) : (تُنبِتُ بالدُّهْنِ) (٢) قَد حَذَفَ مَفعُولَها أيّ : تُنبِتُ مَا تُنبِتُهُ وَدُهُنها فِيها (٣). وَذَهَبُوا إلى قولِ زُهير :

 ......

 ...... حتَى إذا أَنبَتَ البَقْلُ (٤)

إلى أَنَّهُ فِي مَعنَى تَنبَتَ وأَ نَّها لُغَةٌ (٥) : فَعَلْت وَأَفعلت ، وقد يجوز أَنْ يكونَ على هَذا أي : محذوف المفعول ، أي : حَتَّى إذا أَنبَتَ البَقلُ ثَمَرَهُ ، وَنَحنُ نَعلَمُ أَيضاً أَنَّ الدُّهْنَ لاَ يُنْبِتُ الشَّجَرةَ وإنَّما يُنبِتُها الماءُ ، وَيُؤَكِّدُ ذَلِك أَيضاً قِرَاءَةُ عبد الله : (تَخرُجُ بالدُّهِنِ) أي : تَخرُجُ مِنَ الأرضِ وَدُهنُهَا فِيهَا.

فَأمَّا مَن ذَهَبَ إلى زِيَادَةِ الباءِ (٦) أي : تُنبِتُ الدُّهنَ فمضعوفُ المَذهَبِ ،

__________________

(١) هو الحسن البصري. اُنظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٢٣٢.

(٢) من قوله تعالى من سورة المؤمنون : ٢٣ / ٢٠ : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْـنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغ لِّلآكِلِينَ).

(٣) وكذلك وَرد في مُشكِل إعراب القرآن : ٢ / ٤٩٩ وإملاء ما منَّ به الرَّحمن : ١٤٨ والبحر المحيط : ٦ / ٤١٠.

(٤) البيت من قصيدة لزهير بن أبي سلمى المازني وهو بتمامه :

رَأيت ذَوي الحاجاتِ حَولَ بُيُوتِهِم

قَطِيناً لَهُم حَتَّى إذا أَنبَتَ البَقلُ

وَيُرْوَى نَبَتَ مَكانَ أَنبَتَ. يُريدُ أَنَّ النَّاسَ يُقِيمُونَ بَينَهُم زَمَنَ الجَدبِ حَتَّى يُخصِبوا.

الديوان : ١١١ والمحتسب : ٢ / ٨٩ والمغني : ١ / ١٠٢ ولسان العرب : ٢ / ٤٠١.

(٥) قال الفرّاء : «هما لغتان نَبَتَ وَأَنْبَتَ ... كَقَولِك مَطَرتِ السماءُ وَأمطَرِتْ» وفي اللسانَ : قيل : أنبَتَ لازِم كَنَبَتَ فَتَكُون الباءُ للحَالِ وَكَانَ الأَصمَعِيُّ يُنكِر ذَلِك وَيتَّهِم مَن رَوى في بيتِ زهير : (أَنبَتَ البقلُ). انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٢٣٢ ولسان العرب : ٢ / ٤٠١ والبحر المحيط : ٦ / ٤٠١.

(٦) مِمَّن قال بزيادة الباءِ ابنُ قتيبةَ ومكي بنُ أَبِي طالب والعُكبري وابنُ هشام وأَبو حيَّان.

انظر : تأويل مشكل القرآن : ٢٤٨ ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٤٩٩ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٤٨ والمغني : ١ / ١٠٢ والبحر المحيط : ٦ / ٤٠١.


وَزَائد حرفاً لاَ حاجة بهِ إلى اعتقادِ زِيَادَتِهِ (١) مَعَ مَا ذَكَرنَاهُ مِن صِحَّةِ القَولِ عليهِ ، وَكَذَلِك قَولُ عَنتَرَةَ :

شرِبَتْ بِمَاءِ الدَّحرُضينِ (٢) ......

 ......

لَيسَ عِندَنَا عَلى زِيَادَةِ الباءِ ، وإنَّمَا هُوَ عَلى شَرِبَت فِي هَذا الموضِعِ ماءً ، فَمحذُوفُ المفعولِ ، وما أكثَر وأَعذَبَ وَأَعرَبَ حذف المفعول! وأَدَلَّهُ على قُوَّةِ الناطِق بِهِ (٣).

وقرأَ ابن عباس وسعيد بن جُبَير ومجاهد : (آتَينَا طائِعِينَ) (٤).

قالَ أَبو الفتح : يَنبَغِي أَن يكونَ (آتَينَا) هُنا فَاعَلنَا ، كَقولِك : سَارَعْنَا وَسَابَقنَا ولا يكون أَفعَلنَا لأنَّ ذَلِك متعدّ إلى مَفعُولينِ وَفَاعَلْنَا متعدّ إلى مفعول

__________________

(١) وقيل إنَّ الباء دخلتْ لتدلَّ على لزوم الإنبات ومداومته كقوله : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك الَّذِي خَلَقَ) سورة العلق : ٩٦ / ١ ، وقيل : إِنَّ الباءَ في (الدُّهنِ) إنَّمَا دَخَلَتْ على مفعول ثان هو في موضعِ الحالِ والأوّلُ محذوفٌ تقديرُهُ تنبتْ جناهَا بالدُّهنِ أي : وفيه الدُّهْنُ. مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٤٩٩.

(٢) البيت بتمامه :

شَربَتْ بِمَاءِ الدَّحرُضَينِ فَأصبَحَت

زوراءَ تَنَفُرُ عَن حِياض الدَّيلَم

والدُّحرُضَان تثنية دُحرُضَ وهو ماءٌ بقربِهِ ماءٌ يِقِالَ لَهُ وُسَيع وقَد ثَنَاهُما الشاعر على سبيل التغليب كما تقول : القَمرانِ للشمس والقَمِر. وقال الجوهري : الدُّحرُضَانِ اسم موضع.

والزوراء : المائلة. والديلَم : الأعداء. وقيل الظلمة وقيل ماءٌ من مياه بني سعد.

انظر : المحتسب : ٢ / ٨٩ وشرح المفصل : ٢ / ١١٥ والصحاح ـ دحرض ـ ولسان العرب : ـ دحرض ـ ٩ / ٨.

(٣) المحتسب : ٢ / ٨٩.

(٤) من قوله تعالى من سورة فصلت : ٤١ / ١١ : (ثُمَّ اسْتَوَ ى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلاَْرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ).


واحد.

وحذفُ الواحِدِ أَسهلُ من حذفِ الاثنين ، لأ نَّهُ كلَّمَا قَلَّ الحذفُ كَانَ أَمثَلَ مِن كَثَرتِهِ. نعم وَلِـمَـا في سَارَعنَا من معنى أَسرَعنَا.

ومثل (آتينا) في أَنَّهُ فَاعَلْنَا لا أَفعَلْنَا القراءةُ الأخرى : (وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّة مِّنْ خَرْدَل أَتَيْنَا بِهَا) (١) أي : سَاَرعنَا بِهَا. وقد تقدّم ذِكره (٢).

وقرأ تمام بن عباس بن عبد المطلب : (إنَّما يُبَايِعُونَ لِلَّهِ) (٣).

قال أَبو الفتح : هو على حذفِ المفعولِ ، لدلالة ما قبله عليه ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : إنَّ الَّذِينَ يُبَايعونَك ، إنَّما يُبَايعونَك لِلَّهِ ، فَحَذَفَ المفعولَ الثاني لقربه مِنَ الأوّل وأَ نّه أَيضاً بلفظهِ وعلى وضعهِ وهَذَا المعنى هو راجعٌ إلى مَعنَى القراءةِ العامّةِ : (إنَّمَا يُبَايعُونَ اللهَ) أي : إنَّمَا يَفْعَلُونَ ذَلِك لِلَّهِ ، إلاَّ أَنَّها أَفخَم معنىً مِن قَولهِ (للَّهِ) أي : إنَّمَا المعاملةُ فِي ذَلِك منه فَهوَ أَعلى لها وأَرجح بِهَا (٤).

وَقَرأَ الضَّحَّاك وَيَعقُوب : (لاَ تَقَدِّموا بَينَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) (٥) قالَ أَبو الفتح : أي : لاَ تَفعَلوا مَا تُؤْثِرُونَهُ وتتركوا ما أَمركم اللهُ وَرَسُولُهُ بهِ.

وَهَذا هو معنى القراءةِ العامّة : (لاَ تُقَدِّمُوا بَينَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) أيّ : لا تُقَدِّموا أَمراً على ما أَمَرَكُم اللهُ بهِ ، فالمَفعولُ هُنَا محذوفٌ كَمَا تَرَى (٦).

__________________

(١) سورة الأَنبياء : ٢١ / ٤٧.

(٢) المحتسب : ٢ / ٢٤٥.

(٣) من قوله تعالى من سورة الفتح : ٤٨ / ١٠ : (إِنَّ الَّذِينَ يُبـَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبـَايِعُونَ اللهَ).

(٤) المحتسب : ٢ / ٢٧٥.

(٥) من قوله تعالى من سورة الحجرات : ٤٩ / ١ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).

(٦) المحتسب : ٢ / ٢٧٨.


وَقَرأ ابنُ عَبَّاس : (لِتَعرفوا) (١).

قَال أبو الفتح : المفعول هنا محذوف ، أي : لِتَعرفوا ما أَنتُم محتاجون إلى معرفتِهِ مِن هَذا الوجهِ ، وهو كَقَولِهِ :

 ......

وَمَا عُلّمَ الإنَسانُ إلاَّ لِيَعلَمَا (٢)

أي : لِيَعلَمَ مَا عُلّمَهُ أَو لِيَعلَمَ ما يدعو إلى علمه ما عُلِّمَهُ وَحَذفُ المفعولِ كَثيرٌ جِداً وَمَا أَغرَبَهُ وأَعذَبَهُ! لِمَن يَعرِفُ مَذهَبَهم (٣).

وَقَرَأَ ابنُ مسعود وعلقمة ويحيى ومجاهد وطلحة : (أَيْنَمَا يُوَجِّه) (٤).

قال أَبو الفتح : أَمَّا (يُوجِّه) بكسرِ الجيم فَعَلَى حذفِ المفعولِ ، أي : أَينَما يُوجِّه وَجهَهُ ، فَحُذِفَ لِلعِلم بِه (٥).

وَقَرَأَ قَتَادَة : (هَل يُسمِعُوَنَكُم) (٦).

قالَ أَبو الفتح : المَفعُول هُنَا محذوف ، أي : هَل يُسمِعُونَكُم إذ تَدعُونَ جَواباً عَن دُعَائِكُم؟ يُقَالُ : دَعاني فأَسَمَعتُهُ ، أَيْ أَسْمَعْتُهُ جَوابَ دُعَائِهِ (٧).

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الحجرات : ٤٩ / ١٣ : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).

(٢) هو للمتلمس وصدره :

لِذي الحِلم قَبلَ اليومِ مَا تُقْرَعُ العَصَا

 ......

اُنظر : لِسانَ العَرب : ١٠ / ١٣٥.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٨٠.

(٤) من قوله تعالى من سورة النحل : ١٦ / ٧٦ : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْء وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاَهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لاَ يَأْتِ بِخَيْر).

(٥) المحتسب : ٢ / ١١.

(٦) من قوله تعالى من سورة الشعراء : ٢٦ / ٧٢ : (قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ).

(٧) المحتسب : ٢ / ١٢٩.


وَقَرَأَ الأَعرج وشيبة ومجاهد وعاصم في رواية أَبان والحَجَّاج بن أُرطاة والحسَنُ وأَبو رَجَاء وسلاَم ويعقوبُ وَحَسنُ بن حيّ وَعَطية بن سعد وعبد الله بن يزيد : (لَخَسَفَ بِنَا) (١).

قالَ أَبو الفتح : الفاعِل اسمُ اللهِ والمفعولُ محذوفٌ ، أي : لَخَسَفَ اللهُ بِنَا الأَرضَ ، وَقَد كَرّرنَا (٢) ذِكرَ حُسنِ حَذفَ المفعُولِ بهِ (٣).

وَقَرَأَ عَليُّ بنُ أَبي طالب (عليه السلام) : (إلَى الإبِلِ كَيفَ خَلَقتُ وإلَى السَّماءِ كَيفَ رَفَعتُ وَإلَى الجِبَالِ كَيفَ نَصَبتُ وَإلَى الأرضِ كَيفَ سَطَحْتُ) (٤) بِفَتحِ أَوَائِلِ هذهِ الحُروفِ كُلِّهَا ، وَضمِّ التَّاءِ.

قَالَ أَبو الفتح : الَمفْعُولُ هُنَا محذوفٌ لِدَلالةِ المَعنَى عليه ، أي : كيفَ خلقتُها وَرَفَعْتُهَا ، ونَصَبتُهَا وَسَطَحتُهَا؟ وَقَد تَقَدَّمَ القَولُ عَلَى حُسنِ حَذفِ المفعول بِهِ (٥) ، وَأَن ذَلِك أَقوى دَليل عَلَى قوّةِ عَربيةِ النَّاطِقِ بِهِ (٦).

وَقَرأَ ابنُ عَبَّاس وَعِكْرِمَة وَعَطاء : (يُخَوّفُكُم أَولِيَاءَهُ) (٧).

__________________

(١) سورة القصص : ٢٨ / ٨٢. قرأ حفص عن عاصم ويعقوب بفتح الخاء والسين مبنيّاً للفاعل ووافقهما الحسن ، وباقي الأربعةَ عشر بضمّ الخاء وكسر السين مبنيّاً للمفعول. إتحاف فضلاء البشر طبعة دار الندوة ـ بيروت المصورة على نشرة علي محمد الضباع : ٣٤٤.

(٢) تنظر : ص : ٢٥٤ ـ ٢٦٤.

(٣) المحتسب : ٢ / ١٥٦ ـ ١٥٧.

(٤) من قوله تعالى من سورة الغاشية : ٨٨ / ١٧ ـ ٢٠ : (أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الاِْبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الاْرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ).

(٥) ينظر ما تَقَدَّمَ في : ص : ٢٥٤ ـ ٢٦٤.

(٦) المحتسب : ٢ / ٣٥٦.

(٧) من قوله تعالى من سورة آل عمران : ٣ / ١٧٥ : (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ).


قَالَ أَبو الفتح : في هذهِ القراءة دلالةٌ على إرادَةَ المفعولِ في يخوّفُ وحذفِهِ في قراءةِ أَكثرِ الناسِ : (يُخَوِّفُ أَولياءَهُ). وَلَيسَ هذا كَقَولِنَا فلانٌ يُخَوّفُ غُلاَمَهُ ويُخَوّفُ جاريتَهُ من ضربهِ إيّاهُما وإساءَتِهِ إليْهِمَا ، فالمحذُوفُ هُنَا هُوَ المَفعُولُ الثاني وهو في الآية المَفْعُولُ الأوّلُ (١) على ما قدَّمْنا (٢).

حذف المفعولين

قَرَأَ الحَسَنُ : (يُورِثُ كَلاَلَةً) (٣). وَقَرَأَ عِيسى بن عُمَرَ الثقفي : (يُوَرِّثُ كَلاَلَةً).

قالَ أَبو الفتح : يُورِثُ وَيُورِّثُ كلاهما منقولٌ مِن وَرِثَ ، فَهَذَا (٤) مِن أَوْرَثَ وَهَذَا (٥) مِن وَرِثَ.

فَورَثَ وأَورَثَتُهُ كَوَغِرَ صَدرُهُ وَأَوْغَرْتُهُ ، وَوَرِثَ وَوَرَّثْتُهُ كَوَرِمَ وَوَرَّمتُهُ. قالَ الأعشَى :

مُورِّثَه مالاً وفيِ المَجْدِ رِفعة

لِمَا ضَاعَ فيِهَا مِن قُروءِ نَسِائِكَا (٦)

__________________

(١) وهكذا قال الزجَّاج : وقال أَبو البركات ابنُ الأنباري : يُخَوّفُكَم بِأَوليَائِهِ ، فَحَذَفَ المفعولَ الأوَّلَ والبَاءَ مِن المَفعُولِ الثاني كَقولِهِ تَعَالَى : (لِيُنذِرَ بَأْساً شَدِيْداً مِن لَّدُنْهُ) سورة الكهف : ١٨ / ٢ وَتَقَدِيرُهُ لِينذِرَكُم ببأس شَديد مِن لَّدُنْهُ.

اُنظر : معاني القرآن وإعرابه : ١ / ٥٠٦ ـ ٥٠٧ والبيان في غريب إعراب القرآن : ١ / ٢٣١.

(٢) المحتسب : ١ / ١٧٧.

(٣) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٢ : (وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً).

(٤) يعني (يُورِّثُ).

(٥) يعنى (يُوْرِثُ). والتناظر يقتضي أن يَقُولَ : هَذَا من وَرِثَ وهذا من أَورَثَ.

(٦) من قصيدة يمدح بها هوذَة بن علي الحنفي. ويروى (الحَمْد) مكان (المَجد) كما يروى بنصب (مورثة) و (رفعة). أُنظر : الديوان : ٦٧ والمحتسب : ١ / ١٨٣ واللسان : ١ / ١٢٦ والهمع : ٢ / ١٤١ والدرر اللوامع : ٢ / ١٩٤.


وَفي كِلَتا القِرَاءَتينِ هُنَاك المفعولانِ مَحذُوفَانِ كَأَ نَّهُ قَالَ : يُورِثُ وَارِثَه مَالَهُ أو يُوَرِّثُ وَارِثَهُ مالَهُ.

وَقَد جَاءِ حذفُ المَفْعُولَينِ جَمِيعاً ، قالَ الكُمَيت :

بأيِّ كَتِاب أم بأيّةِ سُنَّة

تَرَى حُبَّهُم عَاراً عَلَيَّ وَتَحسَبُ (١)

فَلم يُعَدِّ تحسَبَ (٢). و (كَلالَةً) عَلَى نَصبِهَا (٣) فِي جميعِ القراءاتِ (٤).

النصب على نزع الخافض

قَرَأَ أَبو طَالُوت عبدُ السلام بن شَدَّاد ، والجارودُ بنُ أَبِي سبرة : (وَمَا يُخْدَعُونَ إلاَّ أَنفُسَهُمْ) (٥) بِضَمّ الياءِ وَفَتح الدَّالِ.

قَالَ أبُو الفتح : هَذَا عَلَى قَولِك خدعتُ زَيداً نَفسَهُ ، وَمَعنَاهُ عَن نَفسِهِ ،

فَإن شِئتَ قُلتَ عَلَى هَذَا : حُذِفَ حَرفُ الجَرِّ فوصَلَ الفعلُ. كقولهِ

عزَّ اسمه (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) (٦) أي : من قَومِهِ ، وَقولِه :

أَمرتُك الخَيرَ (٧) ......

 ......

__________________

(١) انظر : المقرب : ١ / ١١٦ والخزانة ـ بولاق ـ ٤ / ٥ والهمع : ١ / ١٥٢ وشرح التصريح : ١ / ٢٥٩ والدرر اللوامع : ١ / ١٣٤.

(٢) أيّ : حَذَفَ المفعولين ولو ذَكَرَهُمَا لَقَالَ : تحسب حُبَّهُم عَاراً عليَّ يعني حبّ أهل البيت (عليهم السلام).

(٣) أيّ : حال من الضمير في يورث. انظر : إملاء ما منَّ به الرَّحمن : ١ / ١٦٩.

(٤) المحتسب : ١ / ١٨٢ ـ ١٨٣.

(٥) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٩ : (يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) بالبناءِ لِلفَاعِلِ.

(٦) سورة الأعراف : ٧ / ١٥٥.

(٧) البيت بتمامه :


أي : بالخَيرِ. وإنْ شِئتَ قُلتَ حَمَلَهُ عَلَى المعنى فَأَضمَرَ لَهُ مَا يَنصِبُهُ ، وَذَلِك أَنَّ قَولَك خدعتُ زَيداً نَفسَهُ يدخله معنى : انتقصتُه نَفسَهُ وَمَلَكْتُ عَلَيهِ نَفسَهُ (١).

وَقَرَأَ أَبو عبدُ الرَّحمن الأَعرج : (أَنْ تَكُونُوا تَأ لَمُونَ) (٢) بِفَتحِ الألِفِ.

قَالَ أَبو الفتح : (أَنْ) محمولةٌ على قولِهِ تعالى : (وَلاَ تَهِنُوا فِي ابتِغَاءِ الْقَومِ) (٣) أي : لاَ تَهِنُوا لأ نَّكُم تَأ لَمُونَ ، كقولِك لاَ تَجبُن عَن قَرنِك لخوفِك مِنهُ ، فَمَن اعتَقَدَ نصبَ أنْ بَعْدَ حذفِ الجرِّ عَنهَا ، فَـ (أَنْ) هُنَا منصوبَةُ الموضعِ (٤) ، وَهيَ عَلَى مَذهَبِ الخَلِيلِ مجرورةُ الموضعِ باللاّمِ (٥) المرادةِ وَصَارَتْ (أَنْ) لِكَونِهَا حَرفاً كَالعِوَضِ في اللَّفظِ من اللاّمِ (٦).

وَقَرَأَ الحَسنُ : (إنَّ رَبَّك هُوَ أَعلَمُ مَن يُضِلُّ عَن سَبِيلِهِ) (٧) بضمّ الياءِ.

__________________

أمرتُك الخَير فَافعَلْ مَا أُمِرْتَ بِـهِ

فَقَد تَرَكْتُـك ذَا مَـال وَذَا نَشَـبِ

ويروى (الرُّشدَ) مكانَ (الخيرَ) و (نَسَبِ) مكان (نَشَبِ) والبيتُ ورد في شِعرَينِ أَحدُهُمَا شعر أَعشى طَرُود والثاني شعرٌ اختُلِفَ في قائِلِهِ نُسِبَ إلى عمرو بن معديكرب وللعباس ابن مرداس ولزُرعَةَ بن سائب ولخُفَاف بن ندبة. الكتاب : ١ / ١٧ والمقتضب : ٢ / ٣٦ والأصول في النحو : ١ / ٢١٣ والمحتسب : ١ / ٥١ والهمع : ٢ / ٨٢ والخزانة : ١ / ٣٣٩.

(١) المحتسب : ١ / ٥١ ـ ٥٢.

(٢ و ٣) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٠٤ : (وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُواْ تَأْ لَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْ لَمُونَ كَمَا تَأْ لَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ).

(٤) على المفعول من أجله. انظر : البحر المحيط : ٣ / ٣٤٣.

(٥) انظر : الكتاب : ١ / ٤٦٤.

(٦) المحتسب : ١ / ١٩٧.

(٧) من قوله تعالى من سورة الأَنعام : ٦ / ١١٧ : (إِنَّ رَبَّك هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).


قال أَبو الفتح : لاَ يَجُوزُ أَن تَكُونَ (مَن) فِي مَوضِعِ جرٍّ (١) بإِضافة (أَعلَمُ) إِليها ، لا فِيمَنْ ضَمَّ يَاءَ يُضِلُّ ، ولا فِيمَن فَتَحَها ، مِن حَيثُ كَانَتْ (أَعْلَم) أَفعَل ، وَأَفعَل هذه متى أُضِيفَتْ إلَى شيء فَهْوَ بَعْضُهُ (٢) ، كَقَوْلِهِم : زيد أفضَل عَشيِرَتِهِ ، لأَ نَّهُ واحدٌ منهم ، ولا نقولُ زيدٌ أفضلُ إِخوتِهِ لأ نّه ليس منهم (٣). ولا نقول أيضاً : النبي صلّى الله عليه وآله أفضلُ بني تميم على هذا لأَ نَّهُ ليسَ مِنهُم ، لكنْ نقولُ : محمّد صلّى الله عليه وآله أَفضل بني هاشم لأَ نَّهُ مِنهُم ، والله يتعالى علواً عظيماً أنْ يَكونَ بَعضَ المُضِلِّينَ أو بعضَ الضّالِينَ (٤). فَأمَّا قولُهُ تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْم) (٥) فليس من هذا وإنَّمَا تَأويلُ ذلك ـ والله أَعلمُ ـ وجدته ضَالاًّ كقولهِ : (وَوَجَدَك ضَالاًّ فَهَدَى) (٦) ، وَذَلِك مشروح في مَوضِعِهِ فِقُولُهُ أَيضاً : (أعلَمُ مَن يُضِلُّ عَن سَبِيلِهِ) (٧) أي : يُجيرُهُ عَنِ الحقِّ وَيَصدّ عنه.

__________________

(١) قال العكبري : «يجوز أنَ يَكون (مَن) في موضع جرّ أَمَّا على معنى هو أَعلمُ المُضلِّينَ ، أي : من يجد الضَّلالَ ، وهو من أَضَلَلتُهُ ، أي : وَجَدتُهُ ضَالاًّ ، مِثل أَحمَدتُهُ ، وَجَدتُهُ مَحمُوداً ، أَو بَمِعنَى أَنَّه يضلّ عن الهدى». وهو قول لم أجده عند غيره فيما قرأت. إملاء ما منَّ به الرَّحمن : ١ / ٢٥٩.

(٢) اقتصر العكبري في منع جواز الجرّ على قراءة من فتح (يَضِلُ) وعلَّلَ تعليل أَبي الفتح نفسَهُ. وذهبَ ابنُ الأنباري إلى ذلك أَيضاً وَلَم يتعرّضْ لقراءةِ الضَّمِّ.

انظر : إملاء ما منَّ به الرَّحمن : ١ / ٢٥٩ والبيان في غريب إعراب القرآن : ١ / ٣٣٦.

(٣) لأ نَّهُ يستلزم اجتماع النقيضين بأنْ يكونَ داخلاً مع إخوتِهِ وخارجاً عنهم.

ينظر : الأُصول لابن السَّرَّاج : ١ / ٢٧٢ والبغداديات : ٥٨٧ والبسيط : ٢ / ٩٣٧.

(٤) انظر : البيان : ١ / ٣٣٦ ـ ٣٣٧.

(٥) سورة الجاثية : ٤٥ / ٢٣.

(٦) سورة الضُّحَى : ٩٢ / ٧.

(٧) من قوله تعالى من سورة الأَنعام : ٦ / ١١٧ : (أعلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبيلِهِ).


كما أَنَّ قراءةَ مَن قَرَأ (١) : (أعلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبيلِهِ) مَنّ يَجُوزُ عَنهُ ، أَلا ترى إلى قَولِهِ قبل ذَلِك : (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوك عَن سَبِيلِ اللّهِ) (٢) فلا محالة أَنَّه سبحانَهُ أَرادَ بِمَن يُضلّ عَنّ سَبيلِهِ ، فَحَذَفَ الباءَ وأَوصلَ (أعلَمُ)

هذه بنفسها (٣) أَو أَضمر فعلاً واصِلاً تدلّ هذهِ الظاهرةُ عليهِ (٤) ، حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ يَعْلَمُ ، أَو عَلِمَ مَن (مَن يَضِلُّ عَن سَبيلِهِ). وَيُؤكِدُ ذَلِك ظُهورُ الباءِ بَعْدَهُ مَعَهُ في قولِهِ : (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِيْنَ) (٥). وَقولِهِ بَعدَهُ : (إنَّ رَبَّك هُوَ أَعْلَمُ بِالمُعتَدِيْنَ) (٦) وَقَد يَجُوزُ أَن تَكُونَ (مَن) هذه مرفوعةً بالابتداءِ (٧) وَيُضِلُّ بَعْدَهُا خبرٌ عنها ، و (أعلَمُ) هذه معلقة عن الجملة ، حتّى كَأَ نَّهُ قَالَ : (إنَّ رَبَّك هُوَ أَعلَمُ) أَيُّهُم (يُضِلُّ عَن سَبِيلِهِ) ، كَقَولِهِ تَعَالَى : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً) (٨).

فَأمَّا الجَرُّ فَمَدفوعٌ مِن حيثُ ذَكَرنَا ، وإذا كانَ ذَلِك كَذَلِك علمتَ أَنَّ (مَنْ) في قَولِ الطائِي (٩) :

__________________

(١) هي قراءة الجمهور.

(٢) سورة الأَنعام : ٦ / ١١٦.

(٣) قال في البحر المحيط : ٤ / ٢١٠ : قال أَبو الفتح : في موضع نصب بأَعلم بعد حذف حرف الجرّ وهذا ليسَ بجيد لأَنَّ أَفعل التفضيل لا يعمل النصب في المفعول به. والكوفيون يجيزون إعمال أفعل التفضيل في المفعول به.

(٤) هذا قول أَبي علي الفارسي انظر : البحر المحيط : ٤ / ٢١٠.

(٥) سورة الأَنعام : ٦ / ١١٧.

(٦) سورة الأنعام : ٦ / ١١٩.

(٧) انظر : معاني القرآن وإعرابه للزَّجَّاج : ٢ / ٣١٤ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٥٩ والبيان في غريب إعراب القرآن : ١ / ٣٣٦ والبحر المحيط : ٤ / ٢١٠.

(٨) سورة الكهف : ١٨ / ١٢.

(٩) هو أَبو تمام حبيب بن أَوس الطائي.


غَدَوتُ بِهِم أَمَدَّ ذَوِيَّ ظِلاًّ

وَأَكْثَرَ مَنْ وَرَائِي ماءَ وَادِي (١)

لا يجوز أَن تَكونَ (مَن) في موضِعِ جرّ بإضافةِ أَكثَر إليهِ ، إذ لَيْسَ واحِداً مِمَّنْ وراءَهُ فَهوَ إذاً منصوبُ الموضعِ لا مَحَالَة بأكثر أو بما دلّ عليه أكثر ، أي : كثرتُهم : كُنت أكَثَرَهُم ماءَ واد.

ولا يجوز فيه الرفع الذي جاز مع العِلْمِ لأنَّ كَثَرت ليسَ مِن الأَفعال التي يجوزُ تعليقها ، إِنَّمَا تِلك مَا كانَ من الأفعالِ داخلاً على المبتدأِ وخبره (٢).

وَقَرأ ابنُ مسعود وسعد بن أَبي وقّاص و [الأئمّة] : عليّ بن الحسين وأَبو جعفر محمّد بن علي وجعفر بن محمّد (عليهم السلام) ، وطلحة بن مُصرِّف : (يسألونك الأنفال) (٣).

قال أبو الفتح : هذهِ القراءة بالنصب مؤدّية عن السبب للقراءة الأخرى التي هي : (عَنِ الأَنْفَالِ) (٤) وَذَلِك أَنَّهُم إنَّما سَأَ لَوهُ عَنهَا تَعَرُّضاً لِطَلَبِهَا ، واستعلاماً لِحَالِها : هل يسوغ طلبُها؟ وهذه القراءة بالنصب أَصرَحَ بالتماسِ الأَنفالِ وبيانٌ عن الغرض في السؤال عنها (٥) ، فَإن قُلتَ : فَهَل يَحَسُنُ أَنَ

__________________

(١) من قصيدة له في مدح أَحمد بن أبي دؤاد. ويروى (أجَلَّ الناسِ قدراً) مكان (أمدَّ ذويَّ ظِلاًّ). انظر : الديوان : ٧٢ والمحتسب : ١ / ٢٢٩.

(٢) المحتسب : ١ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩.

(٣ و ٤) من قوله تعالى من سورة الأنفال : ٨ / ١ : (يَسْأَ لُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ).

(٤) أكَّدَ نسبة هذه القراءة إلى أهل البيت (عليهم السلام) الشيخ المفيد في المسائل السروية : ٨٣ ، والشيخ الطوسي في التبيان ٥ : ٧٢ ، والشيخ الطبرسي في مجمع البيان : ٤ / ٤٣٤ لأنَّ الأنفال ليست الغنائم التي غنمها النبيُّ (صلى الله عليه وآله) في الحروب بل هي كلّ ما أخذ من غير المسلمين بغير قتال وكلّ أرض انجلى عنها أهلها سلماً ، وميراثُ مَنْ لا وارثَ لهُ وغير ذلك ممَّا هو مذكور في مواضعِهِ من كتبِ الفقهِ وهي للهِ وللرَّسُول (صلى الله عليه وآله) وبعدَهُ لمَنْ يقومُ


تَحمِلَهَا على حذفِ حرف الجرّ حتى كَأَ نّه قَالَ : يَسأَ لُونَك عَنِ الأَنفال ، فَلَمَّا حَذَفَ (عَن) نَصَبَ المفعولَ ، كَقَولِهِ :

أَمَرتُك الخيَر فَافْعَل مَاأُمِرتَ بِهِ (١)

 ......

قِيلَ : هَذَا شاذٌّ إنّما يحمله الشعر ، فأَمَّا القرآنُ فَيُختَارُ لَهُ أَفصَحُ اللغاتِ وإن كان قَد جاءَ : (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) (٢) (وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَد) (٣) فإنَّ الأَظهر ما قدّمناه (٤).

وَقَرأَ أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد : (فذلك نُجزيهُ) (٥) برفع الهاء والنون.

قال ابن مجاهد : لا أدري ما ضَمُّ النُّونِ؟ لا يُقَالُ : جزيتُ كما قال : (ذَلِك جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ) (٦).

قال أَبو الفتح : هُوَ لعمري غريبٌ عَنِ الاستعمالِ إلاَّ أَنَّ لَهُ وَجهاً أنا أَذكُرُهُ.

وَذَلِك أَنَّهُ يُقال : أَجزأَنِي الشيءُ : كَفَانِي وَهَذا يُجزئني مِن كَذَا ، أَي : يَكفِيني مِنهُ ، فَكَأَ نّهُ في الأصلِ نُجزِئُ به جهنَّم. أَيّ : نكفيها به ، وَمَعنَاهُ :

__________________

مقامَهُ يصرفها حيث يشاء من المصالح وليس لغيرهِ فيها شيءٌ ، وهذه القراءة تؤيد ذلك ، وقوله تعالى من سورة الأنفال : ٨ / ١ : (قُلِ الأنْفَالُ ِللَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ) بيّن لمن تكون الأنفال ، ولو كان لِمَنْ سأَلوا فيها حقٌّ لم يقل سبحانه : (فَاتَّقُوا اللَّهَ).

(١) تقدّم الشاهد في : ص : ٢٦٦.

(٢) سورة الأَعراف : ٧ / ١٥٥.

(٣) سورة التَّوبة : ٩ / ٥.

(٤) المحتسب : ١ / ٢٧٢.

(٥) من قَولِه تعالى مِن سورة الأَنبياء : ٢١ / ٢٩ : (وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِك نَجْزِي الظَّالِمِينَ).

(٦) سورة سَبَأ : ٣٤ / ١٧.


نُمَكِّـنُهَا منه ، فَتَأتِي عَلَيهِ كَأَ نَّها تطلب باستيفائِها إِيَّاهُ الاكتفاء بذلك. ثُمَّ حُذِفَ حرفُ الجرِّ.

فصارَ نُجزِئُهُ جهنَّمَ ، أَيّ : نُطعمُهُ جَهَنَّمَ ، كَمَا حُذِفَ الحرفُ في قولِهِ : (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) (١).

أَيّ : مِن قَومِهِ. ثمّ أَبدلت الهمزة من نجزئه ياء على حد أَخطَيت فصارت ياء ساكنة ، وأُقرتِ الهاءُ على ضمّتها وهو الأصل كما قرأ أَهلَ الحجاز : (فَخَسَفنَا بهُو وَبِدَارِهُو (٢) الأرضَ) (٣).

وقرأت عائشة وابن عباس وابن يَعْمَر وعثمان الثقفي : (إذ تَلِقُونَهُ) (٤).

قال أبو الفتح : أمَّا (تَلِقُونَهُ) فتسرعون فيه ، وَتَخفُّونَ إِليهِ.

قالَ الراجزُ :

جاءَت بِهِ عَنْسٌ مِنَ الشَّامِ تَلِقْ (٥)

أيّ : تَخِف وتُسْرِعُ. وَأَصلُهُ تَلِقُونَ فيهِ أَو إليهِ ، فَحَذَفَ حَرفَ الجرِّ وأَوْصَلَ الفِعْلَ إلى المَفْعُول (٦) كقولهِ تَعَالَى : (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ

__________________

(١) سورة الأَعراف : ٧ / ١٥٥.

(٢) من قوله تعالى من سورة القصص : ٢٨ / ٨١ : (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الاَْرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَة يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ).

(٣) المحتسب : ٢ / ٦١ ـ ٦٢.

(٤) من قوله تعالى من سورة النُّور : ٢٤ / ١٥ : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ).

(٥) يروى هذا الرجزُ للقلاخ بن حزَن المنقري يهجو جَلَيداً الكلابي ويُروى للشَّمَّاخِ. ويُروى (عيسٌ) مكان (عَنْسٌ). انظر : الخصائص : ١ / ٩ و ٣ / ٢٩١ والمخصّص : ٣ / ٥٤ و ٧ / ١٠٩ وشرح المفصل : ٩ / ١٤٥ ولسان العرب : ١١ / ٢٩٠ و ١٢ / ١١ و ٢٦٤.

(٦) ادَّعَى أبو حَيَّانَ هذا القولَ لنفسِهِ فقالَ : «وعندي أنَّهُ أرادَ يلقون فيه فحذفَ الحرفَ


رَجُلاً) (١) أي : مِن قَومِهِ والهاءُ (٢) ضمير الإفك (٣) الذي تقدّم ذكره (٤).

وَقَرأَ بِلالُ بنُ أَبي بُردَةَ : (وَلاَ تَخْسَرُوا) (٥) بِفَتحِ التَّاءِ والسين.

قَالَ أَبو الفتح : ينبغي أَن يكونَ عَلى حذفِ الجرِّ ، أَي : تَخسَروا في الميزان ، فَلَمَّا حَذَفَ الجرَّ أَفضَى إليه الفِعل قبله ، فَنَصَبَهُ كقولِه تعالى : (واقعُدُوا لَهُم كُلَّ مُرصَد) (٦) ، أَيّ : في كُلِّ مَرصَد ، وَعَلَى كُلّ مرصَد وَكَقُولِه :

بِأَسرَعَ الشَّدِّ مِنِّي يَومَ لاَنِيَةٌ

لَمّا لَقِيتُهُمُ واهتِّزتِ اللِّمَمُ (٧)

أرادَ بِأسرَعَ فِي الشَّدِّ فَحَذَفَ الحرفَ وَأَوصْلَ (أسْرَعَ) (٨) ، أَو فِعلاً دَلَّ عَلَيهِ أَسرَعَ هَذِهِ (٩).

__________________

وَوَصَلَ الفِعلَ للضَّمِيرِ». انظر : البحر المحيط : ٦ / ٤٣٨.

(١) سورة الأعراف : ٧ / ١٥٥.

(٢) من قوله : (تلقونه).

(٣) من قوله تعالى من سورة النُّور : ٢٤ / ١١ : (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالاِْفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ).

(٤) المحتسب : ٢ / ١٠٤.

(٥) من قوله تعالى من سورة الرَّحمن : ٥٥ / ٩ : (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيـزَانَ).

(٦) سورة التوبة : ٩ / ٥.

(٧) البيت لمالك بن خالد الخناعي. وفي المحتسب كما في لسان العرب برفع (لانيةٌ) على أنَّ النية الفترةُ والتعبُ والكلال مصدر من وني تقول فلان لا يني في أمره أي لا يفتر ولا يعجز. ووَرَدَ بالجَرِّ في مجالس ثعلب. انظر : مجالس ثعلب : ١ / ١٢٤ والمحتسب : ٢ / ٣٠٣ ولسان العرب : ٤ / ٢٢٠.

(٨) جاءَ في مجالس ثعلب : ١ / ١٢٤ : (يُريد عِندَ الشدِّ). وَفي لِسان العرب : ٤ / ٢٢٠ : (يريد بأسرَعَ شدًّا منّي فَزادَ اللاّمَ كزيادَتِها في بَناتِ الأوبر وقد يجوز أنْ يُريدَ بأسرَعَ في الشدِّ فحذف الجارَّ وأوصل الفعلَ).

(٩) المحتسب : ٢ / ٣٠٣.


وَقَرَأَ : (مِن كُلِّ جَانِب دَحُوراً) (١) السُّلِمَي ، قَالَ أَبو الفتح : في فتح هذه الدَّال وَجهَانِ :

١ ـ إنْ شِئتَ كَانَ على مَا جاءَ مِنَ المصادِرِ عَلى فَعُول ـ بِفَتحِ الفاءِ ـ عَلى مَا فيه من خلافِ أَبي بكر فيهِ وَقَد بَينَاهُ فيما مَضَى من هذا الكتاب (٢) وغيره.

٢ ـ وَإنْ شِئتَ أَرادَ وَيَقذَفُونَ مِن كُلّ جَانِب بِدَاحر أَو بِمَا يَدحَرُ. وَهَذَا كَأَ نَّهُ الثاني من الوَجهَينِ ، لِمَا فيهِ مِن حَذْفِ حرفِ الجرّ وإِرادَتِهِ (٣).

وَأَكثر ما يأتِي في الشّعرِ ، كَمَا قَالَ :

نُغَالي اللَّحمَ لِلأَضيافِ نِيئاً

وَنُرخِصُهُ إذَا نَضِجَ القَدِيرُ (٤)

أي : باللَّحمِ ، وَمِثلُهُ : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ) (٥) أَي : أَعلَم به فيمن قَدَّرَ ذَلك (٦).

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ٨ ـ ٩ : (وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِب * دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ).

(٢) ذكر ذلك في المحتسب : ١ / ٦٣.

(٣) قال الفرّاء : «مَن فَتَحَها جعلها اسماً ، كما أَنّهُ قال : يقذفون بداحر وبِمَا يَدْحَرُ. وَلَستُ أشتهيها ، لأَ نَّها لو وُجّهَتْ على ذلك على صحّة لكانتْ فيها الباءُ ، كما تقول : يقذفون بالحجارة ولا تقولُ يقذفون الحجارةَ وهو جائزٌ. وقال العكبري : ويجوز أن يكون جمع داحر مثل قاعد وَقُعُود.

اُنظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٨٣ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٠٥.

(٤) يروى (القدور) مكان (القدير). يريد نشتري اللحم غالياً ونبذله للضِّيفانِ إذا ينضجُ سماحةً. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٨٣ والمحتسب : ٢ / ٢١٩ واللسان : ١٩ / ٣٦٨.

(٥) سورة الأنعام : ٦ / ١١٧ ، وانظر ما ذكر عن هذه الآية في ص : ١٨٨ و ٢٦٧ و ٢٦٨.

(٦) المحتسب : ٢ / ٢١٩.


باب التنازع

قَالَ تَعالَى : (أَن جَاءَهُ الأَعْمَى) (١) قال أَبو الفتح : أَمَّا (أنْ) على القراءَةِ العامّةَ فَمنصوبةٌ بـ (تَوَلَّى) لأَ نَّهُ الفعل الأَقرب منهَ ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : تَوَلَّى لَِمجِيءِ الأعمى ، وَمَن أَعمَلَ الأوّلَ (٢) نصبَ (أنْ) بـ (عَبَس) ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : عَبَسَ أن جاءَهُ الأَعمَى وَتَوَلَّى لِذَلِك ، فَحَذَفَ مَفعُولَ (تَوَلَّى) كَمَا تَقُولُ ضَرَبتُ فأوجعتُهُ زيداً إذا أعملتَ الأوَلَ ، وإنْ شِئتَ لَم تَأتِ بمفعولِ أَوْجَعْتَ ، فَقُلتَ : ضربتُ فَأَوجَعتُ زيداً ، أي : وأنتَ تُريدُ أُوجَعتُهُ ، إلاَّ أَنَّك حَذَفتَهُ تَخفِيفاً ، وَلِلعِلْمِ بِهِ ، وَالوجهُ إعمَالُ الثانِي لِقُربِهِ ، فَأمَّا أَنْ تَنصِبَهُ بِمَجمُوعِ الفِعلَينِ فَلاَ ، وهذا واضحٌ (٣).

باب الاشتغال

قرأ أَبو السَّـمَّـال : (إنّا كُلُّ شيء خَلَقْنَاهُ) (٤) بالرفعِ.

قال أَبو الفتح : الرفع هَنَا أقوى من النَّصبِ وإنْ كَانَتِ الجماعةُ على النَّصبِ ، وَذَلِك أَنَّهُ مِنْ مَواضِعِ الابتداءِ ، فَهُوَ كَقولِك زيدٌ ضربتُهُ ، وهو مذهبُ صاحبِ الكتابِ (٥) والجماعة (٦) وَذَلِك لأَ نَّها جُملةٌ وقعتْ في الأَصل خبراً عَن مبتدأ في قَولِك : نَحْنُ كُلُّ شيء خلقناهُ بِقَدَر ، فهو كقولك : هندٌ زيدٌ

__________________

(١) سورة عبس : ٨٠ / ٢.

(٢) الأوّل : (عبس) والثاني : (توَلَّى).

(٣) المحتسب : ٢ / ٣٢٥.

(٤) من قوله تعالى من سورة القمر : ٥٤ / ٤٩ : (إِنَّا كُلَّ شَيْء خَلَقْنَاهُ بِقَدَر).

(٥) انظر : الكتاب : ١ / ٧٤.

(٦) أراد بالجماعة البصريين لأَنَّ هذا مذهبُهم. أُنظر : مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٠٢.


ضَرَبَها ، ثم تُدخِلُ إنَّ فَتَنصِبُ الاسمَ ، وَبقِيَ الخبرُ على تركيبهِ الّذي كان عليه من كونِهِ جملةً مِنْ مبتدأ وخبر. واختار محمّد بن يزيد هُنا النصب (١) وَقَالَ : لأَنَّ تقديرَهُ إنَّا فَعَلنَاهُ كذا. قَالَ : فالفِعلُ منتظرٌ بعد إنّا فَلَمَّا دَلَّ ما قبلهُ عليهِ حَسُنَ إضْمَارُهُ. وَلَيسَ هذا شيئاً لأن أَصلَ خبرِ المبتدأِ أَنْ يَكونَ اسماً لا فعلاً جُزءاً منفرداً فما معنى توقع الفعلِ هُنا وخبرُ إنَّ وأخواتِها كأخبارِ المبتدأ؟ وعليه قولُ اللهِ سبحانَهُ : (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ) (٢) فَهَذِهِ الجملة التي هي (وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ) في موضعِ المفعول الثاني لرأَيتَ وهو في الأصل خَبَرُ المبتدأِ ، وَقَد ذَكَرنَا هذا في غير موضِعِ من كتبنا والتعليق عَنَّا (٣).

الظــرف

قَرَأَ ابن يَعْمر والجارودُ بن أَبي سَبْرَة وابنُ أَبي إسحاق ونوح القاري ورُويَ عَن أَبي رَجاء : (مِن قُبُلُ) (٤) و (مِن دُبُرُ) (٥) بِثَلاَثِ ضـمّـات مِن غيرِ تنوين. قَال أَبو الفتح : يَنبَغي أَنْ يَكونَا غايتين ، كقولِ اللهِ سبحانَهُ : (لِلَّهِ الاَْمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ) (٦) كَأَ نَّهُ يريد : وَقَدَّتْ قَميصهُ مِن دُبُرِهِ وَإن كَانَ قَميصُهُ قُدّ

__________________

(١) انظر : رأي محمد بن يزيد المُبَرَّدِ في زاد المسير : ٦ / ٤.

(٢) سورة الزمر : ٣٩ / ٦٠.

(٣) المحتسب : ٢ / ٣٠٠.

(٤) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ٢٦ : (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُل فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ).

(٥) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ٢٧ : (وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُر فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ).

(٦) سورة الروم : ٣٠ / ٤.


مِن قُبُلِهِ. فَلَمّا حَذَفَ المضافَ إليه ـ أعني الهاءَ وهي مرادَه ـ صار المضاف غاية نفسه بعد ما كان المضاف إليه غاية له ، وهذا حديثٌ مَفْهُومٌ في قولِ اللهِ سبحانَهُ : (مِن قَبلُ وَمِن بَعْدُ) فَبُنِيَ هُنا كَمَا بُنِي هُنَاك عَلَى الضَّمِّ. وَوكَّدَ البِنَاءَ أَنَّ قُبُلَ وَدُبُرَ يَكُونَانِ ظَرفَينِ ، أَلا تَرى إلى قول الفرَزدَق :

يُطاعِنُ قُبْلَ الخَيلِ وَهوَ أَمَامَهَا

وَيَطعَنُ عَن أَدبَارِهَا إنْ تَوَلَّتِ (١)

وَقَال اللهُ سبحَانَهُ : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) (٢) فَنَصَبَهُ عَلَى الظَرفِ وَهوَ جَمْعُ دُبُر (٣).

ظرف الزمان

قَرَأَ الحسن والأعمش والثقفي وروي عن أبي عمرو : (يَومَ الزِّينَةِ) (٤) بالنَّصبِ.

قالَ أبو الفتح : أمَّا نصبُ (يومَ الزِّينَة) فَعَلَى الظرفِ (٥) ، كَقَولِنَا : قيامُك يَومَ الجمعةِ فالموعدُ إذاً ههنا مصدرٌ ، والظرفُ بَعدَهُ خبرٌ عَنهُ. وَهوَ عِندِي عَلَى حذف المُضافِ ، أَي : إنجازُ مَوعِدِنَا إيَّاكُم في ذَلِك اليومِ.

__________________

(١) نسبه الأخفش في كتاب القوافي : ٤ إلى الفرزدق والبيتُ ليس في ديوانه.

(٢) سورة الطور : ٥٢ / ٤٩ ، وفتح همزة وإدبار مروي عن الأَعمش والمطوعي.

اُنظر : مختصر في شواذ القرآن : ١٤٦ وإتحاف فضلاء البشر : ٢٤٨.

(٣) المحتسب : ١ / ٣٣٨.

(٤) من قوله تعالى من سورة طه : ٢٠ / ٥٩ : (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحـىً).

(٥) وتابعه في ذلك مكّي بن أَبي طالب والعكبري وقال ابنُ الأنباري : لا يجوزُ أنْ يكونَ (يوم) ظرفاً. انظر : مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٤٦٥ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٢٣ والبيان : ٢ / ١٤٤.


أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لا يُرادُ أَنَّهُ في ذَلِك اليومِ نَعِدُكُم؟ كَيف ذا والوعدُ قَد وَقَعَ الآنَ ، إنَّما يُتوقّع إِنجازُهُ فِي ذَلِك اليومِ ، لَكن فِي قَولِهِ : (وَأَن يُحْشَرَ الناسُ ضُحَىً) النَّظَر ، فَظَاهِرُ حالِهِ أَنْ يَكُونَ مَجرورَ المَوضِعِ ، كَأَ نَّهُ قَالَ : مَوعِدُكُم يَومَ الزينَةِ وَحَشرِ الناسِ ضُحىً. أَي يومَ هذا وهذا ، فَيَكُونُ (أَنْ يُحشَرَ) مَعطُوفاً عَلَى الزِّينَةِ.

وَقَدْ يَجوزُ أَن يَكُونَ مَرفوعَ الموضِعِ (١) عَطَفاً عَلَى المَوعِدِ ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : إنجَازُ مَوعِدِكُم وَحَشرُ الناسِ ضحىً فِي يومِ الزّينَةِ (٢).

وَأَمّا مَن رَفَعَ فَقَالَ : (يَومُ الزِّينَةِ) فَإنَّ المَوعِدَ عَندَهُ ينبَغي أَن يَكُونَ زماناً ، فَكَأ نَّهُ قَالَ : وَقتُ وَعَدِي يَومُ الزّينَةِ كَقَولِنَا مَبعَثُ الجيوشِ شَهرُ كذَا ، أي : وَقتُ بَعثِها حَينَئذ وَالعَطفُ عَلَيهِ بِقولِه : (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحَىً) يُؤكِّدُ الرفعَ ، لأِنَّ (أَنْ) لاَ تَكُونُ ظَرفاً ، أَلاَ تَرى أَنَّ مَنْ قَالَ : زيارَتُك إيَّايَ مَقدِمَ الحاج ، لا يقولُ : زِيارَتُك إيَّايَ أنْ يَقْدِمَ الحاجُّ؟ وَذَلِك أَنَّ لَفظَ المصدرِ الصريحِ أشبه بالظرف من (أَنْ) وَصِلَتِهَا التي بِمَعْنَى المَصدَرِ إذا كانَ اسماً لحدث والظرف اسم للوقتِ ، والوقتُ يِكادُ يكونُ حَدَثاً ، وعَلَى كُلّ حال فَلَستَ تَحصَلُ مِن ظرفِ الزمانِ عَلَى أَكثرِ مِن الحَدَثِ الّذي هو حركاتُ الفَلَك ، فَلمَّا تَدَانيا هذا التّدَانِي ساغَ وُقُوعُ أحدِهِمَا مَوقِعَ صَاحِبِهِ.

__________________

(١) وقد ذهب الفرَّاء إلى جواز هذين الوجهين وتابعه مكي بن أَبي طالب ثمّ أضاف إليهما جواز الرَّفع على تقدير موعدكم وقت حشر الناس. وقد جوَّزَ العُكبري وجهي الجرّ والرفع فقط بينما اقتصر ابن الأَنباري على الرفع دون غيره. معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ١٨٣ ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٤٦٤ وإملاء ما منَّ به الرَّحمن : ٢ / ١٢٣ والبيان : ٢ / ١٤٤.

(٢) نرجئ الحديث عن ذلك إلى باب العطف.


وَأَمَّا (أَنْ) فَحَرفٌ مَوْصُول جُعل بَدَلَ لَفظِهِ في مَعْنَى المصدر وَمَا أبعَد هذا عَنِ الظَّرفيةِ ، وَقَدْ استقصينا القولَ عَلَى ذَلِك فِي كتابِنَا الخصائص (١) ، وغيرِهِ من مصنّفاتِنَا ، وينبغي أيضاً أنْ يكونَ على حذفِ المضافِ ، أَي : وَقت وعدِكُم يومُ الزِّينَةِ (٢) وَوَقتُ حَشرِ الناسِ لاَِنَّ الحَشْرَ في الحقيقةِ لَيْسَ وَقْتَاً ، كَمَا أَنَّ قَولَك : ورودك مَقدِمَ الحاجِّ إنّمَا هو على حذفِ المضافِ ، أي : وقتَ مَقَدمِ الحاجِّ ، وَكَذَلِك خُفوقَ النَجمِ وَخِلاَفةَ فلان ، فاعرفْ ذَلِك (٣).

وَقَرَأ : (بَل مَكرٌ الليلَ والنهارَ) (٤) قتادة.

قال أَبو حاتِم : وَقَرَأَ راشد الَّذي كانَ نَظَرَ في مصاحفِ الحَجَّاجِ : (بَلْ مَكَرَّ) بالنصبَ.

قال أبو الفتح : الظرفُ هُنَا صفةٌ للحدثِ ، أَي : مَكرٌ كائِن فِي الليلِ والنهارِ ، وإنْ شِئتَ عَلَّقْتَهَا بنفسِ (مَكرٌ) كقولِك عجبتُ لك مِن ضرب زيداً ، وكقولِ اللهِ : (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْم ذِي مَسْغَبَة * يَتِيماً ذَا مَقْرَبَة) (٥) وأَمَّا (مَكَرَّ) بالنصبِ فَعَلى الظرفِ (٦) ، كَقَولِك : زرتُك خُفوقَ النَّجمِ ، وصِيَاحَ الدَّجَاجِ ، وَهوَ مُعَلَّقٌ بفعل محذوف ، أَي : صَدَّدتُمونَا فِي هذهِ الأوقاتِ على هذهِ

__________________

(١) انظر : الخصائص : ٣ / ٩٨.

(٢) على هذا التقدير جعل موعداً مصدراً. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٢٣ بينما قدَّرَهُ ابنُ الأنباري في البيان : ٢ / ١٤٤. موعدُكُم وقت يوم الزينة ، موعدكم وقت حشر الناس.

(٣) المحتسب : ٢ / ٥٣ ـ ٥٤.

(٤) من قوله تعالى في سورة سبأ : ٣٤ / ٣٣ : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ).

(٥) سورة البلد : ٩٠ / ١٤ ـ ١٥.

(٦) على تقدير مدّة كرورهما.

اُنظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٩٩.


الأحوالِ (١).

إيَّانَ لُغَةٌ فِي أيَّانَ

قَرَأَ السُّلَمَي : (إِيَّانَ يَومَ القِيَامَةِ) (٢).

قَالَ أَبو الفتح : هذه لُغَةٌ فِي (أَيَّانَ) وَيَنبَغِي أَنْ يَكُونَ (أَيَّانَ) من لفظ أَي ، لاَ مِن لَفظِ أَينَ ، لاَِمرَيْنِ :

أَحَدُهُما : أَنَّ أَينَ مكان ، و (أَيَّانَ) زَمان.

والآخر : أَن يَكونَ قِلَّةُ فَعَّال في الأسماءِ مع كثيرةِ فَعلان. فلو سَمَّيْتَ رَجُلاً بِأَ يَّان لَم تَصرِفهُ كَحَمدَان ، وَلَسْنَا نَدّعِي أَنَّ أينَ مِمَّا يَحسُنُ اشتقاقُها ، والاشتقاق منها ، لأَ نَّها مبنيَّةٌ كالحرفِ ، إلاَّ أَنَّهَا مَعَ هَذَا اسمٌ وهيَ أُختُ أَنَّى وَقَد جَاءَتْ فِيها الإِمَالة التي لا حظّ للإِمالة فيها ، وإنَّما الإِمَالةُ لِلأَفعال والأَسماء إذْ كانتْ ضرباً منَ التصرُّفِ والحروفُ لا تصرُّفَ فِيهَا. وَمَعَنَى أَي : أَنَّها بعضُ من كل فهي تصلح للأزمنة ، صلاحَهَا لغيرهَا ، إذ كانَ البعض (٣) شاملاً لِذَلِك كُلّهِ.

قَالَ أُمية :

والناسُ راثَ عليهِم أَمْرُ يَومِهِمُ

فَكُلُّهُم قَائِلٌ أَيَّانَ أَيَّانَا (٤)

فَإن سَمَّيتَ بـ (أَيَّان) سقط الكلام في حُسنِ تَصرِيفهما للحاقِها

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة القيامة : ٧٥ / ٦ : (يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ).

(٣) تنظر : ص : ٢١٦ الحاشية رقم (١).

(٤) انظر : ديوان أُميّة بن أبي الصلت : ٦٢ ، ومعنى راث : أبطأ وتأخّرَ.


ـ بالتسميةِ بِهَا ـ ببقية الأسماءِ المنصرفة (١).

ظرف المكان

قَرَأَ ابنُ عَبّاس ومحمّد بن علي بن الحنفية وابنُ يَعْمَر بخلاف والكلبي وعمرو بن فائد : (رَبُّنَا) ـ رَفْعٌ ـ (بَعَّدَ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) (٢) رَفَعَ الباءَ على الخبر وَفَتَحَ الباءَ مِن (بَعَّدَ) والعينَ وَنَصَبَ النَّونَ مِن (بَينَ).

وَقَرَأَ : (رَبَّنَا بَعُدَ) بِفَتحِ الباءِ والدَّالِ ، وَضَمّ العَينِ (بَيْنُ أَسفَارِنَا) ـ ابنُ يَعمَر وَسَعيدُ بنُ أَبي الحَسَنْ وَمُحمّد بن السُّمَيْفَع وَسُفيان بن حُسَين ـ بخلاف ـ والكلبي ـ بخلاف ـ.

وَقَرَأَ : (رَبُنَا بَاعَدَ بَينَ أَسْفَارِنَا) ابنُ عباس وابنُ يَعمَر ومحمّد بن علي (عليه السلام) وأَبو رَجاء والحسن ـ بخلاف ـ وأَبو صالح وسلاَّم ويَعقوب وابنُ أَبي لَيْلَى والكلبي.

قَالَ أَبو الفتح : أَمّا (بَعَّدَ) و (بَاعَدَ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) فَإنَّ (بَيْنَ) فيهِ منصوبٌ نَصْبَ المفعولِ بِهِ ، كَقَوْلِك : بَعَّدَ وَباعَدَ مسافة أَسفارِنَا ، وَلَيْسَ نصبهُ على الظرفِ.

يَدُلُّك على ذَلِك قراءَةُ مَنْ قَرَأَ : (بَعُدَ بَين أَسفَارِنَا) ، كَقَولِك : بَعُدَ مَدَى أسفَارِنَا فَرَفْعُهُ دليلُ كونِهِ اسماً وعليه قَولُهُ :

كَأَنَّ رِمَاحَهُم أَشطَانُ بِئر

بَعِيد بينَ جَاليها حَرورِ (٣)

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٨٨.

(٢) من قوله تعالى من سورة سبأ : ٣٤ / ١٩ : (فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا).

(٣) البيت لمهلهل بن ربيعة ، ويُروى (رماحَنا) مكان (رماحَهم) وفي اللسان (بَينُ) بالضَّم


أَي : بعيد مدى جالِيها ، أو مَسَافة جاليها وَيُؤَكِّدُ كَونَ (بَيْنَ) هُنَا اسماً لا ظرفاً أنَّ بَعَّدَ وباعدَ فعلانِ متعدّيانِ فمفعولهما معهما ، وليسَ (بينَ) هاهنا مثلها في قَولِك : جلست بينَ القومِ لاِنَّ معناهُ جلستُ في ذَلِك الموضِعِ ، وَلَيْسَ يريدُ هُنَا بَعَّدَ أو بَاعِد فيما بينَ أَسفَارنَا شيئاً.

قالَ أَبو حاتم : وَزَعَمُوا أَنَّ العِمَارةَ اتصلت ببلادِهِم : فَأَرادوا أَنْ يسيروا على رواحِلِهِم في الفيافي ، فدعوا على أَنفُسِهِم ، فهو قوله سبحانَهُ : (وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُم) (١) وَكَانَ شيخُنَا أَبو علي يَذْهَبُ إلى أَنَّ أصل (بَينَ) أَنَّها مصدرُ بانَ يبينُ بَينَا ثُمَّ استعملتْ ظَرفاً اتساعاً وَتَجَوُّزاً كَمقْدَم الحاج وخِلافة فُلان. قَالَ : ثُمَّ استعمِلَتْ واصلةً بينَ الشَيئَينِ وإنْ كَانَتْ في الأصلِ فَاصِلةً.

وَذَلِك لاَِنَّ جهتيها وَصَلَتَا ما يجاورهما بِهَا ، فَصَارتْ واصلةً بينَ الشَّيئَينِ ، هذا معنى قَولِهِ وجِمَاعُ مرادِهِ فيهِ ، وَعَلَيْهِ قراءةُ مَنْ قَرَأَ : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنُكُمْ) (٢) بالرفع (٣) أي : وصلكم (٤).

وأَجَازَ أَبو الحسن في قولِهِ تعالى : (لَقَدْ تَقَطَّع بِيْنَكُم) بالفتحِ (٥) أنْ يَكونَ في موضعِ رَفع إلاَّ أَنَّ فتحَةَ الظرفِ لزمتْهُ والمُرَادُ الرَّفْعُ (٦). وَيُمكن عِندِي أنْ

__________________

وهو الصحيح. والأَشطان : الحِبَالُ ، والجَالُ : الجانبُ ، والبئرُ الحرورُ : البعيدةُ. انظر : مجالس العلماء للزجّاجي : ١٤٣ ولسان العرب : ١٦ / ٢٠٩ ومعجم شواهد العربية : ١ / ١٨٥.

(١) سورة سبأ : ٣٤ / ١٩ وقد ذكرنا الآية في الصفحة السابقة : ص : ٢٨١.

(٢) من سورة الأنعام : ٦ / ٩٤ : (لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ).

(٣) قرأَ بِها السبعة باستثناءِ نافع والكِسائي. انظر : الكشف عن وجوه القراءات السبع : ١ / ٤٤٠.

(٤) نقل ذلك أَبو حيَّان عن أَبي الفتح : انظر : البحر المحيط : ٤ / ١٨٢.

(٥) قراءة نافع والكسائي وحفص. انظر : الكشف عن علل القراءات السبع : ١ / ٤٤٠.

(٦) انظر : مشكل إعراب القرآن : ١ / ٢٦٢ والكشف عن علل القراءات : ١ / ٤٤١ والجامع لأحكام القرآن : ٧ / ٤٣ وزاد المسير : ٣ / ٨٩.


يَكُونَ قَولُهُ :

وَإنَي وَقَفتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَهُ

بِبَابِك حَتَّى كَادَتِ الشَّمسُ تَغْرُبُ (١)

والمراد فيه وأمسِ ، إلاَّ أَنَّهُ أدْخَلَ اللاَّمَ عليه فَعَرّفَهُ بِهَا وتَرَكَهُ على مَا كَانَ عَلَيهِ مِن كَسرِهِ المعتادِ فيهِ (٢) وَإنْ كَانَ قَد أَعَرَبَهُ في المعنى بإبراز لام التعريفِ ، إلى لَفظِهِ الّذي كانَ إنَّما يُبْنى لتضمنها. وإنْ حملته على زيادة لام التعريفِ مثلها في الآية فمذهب آخر. ونظر بعضُ المُوَلَدينَ إلى حديث (بَين) فَقَالَ :

انتَصَرَ البَيْنُ مِنَ البَينِ

واشتفت العَينُ مِنَ العَينِ

والبَينُ الأَولُ الوصلُ ، والثاني القَطِيعةُ والهجرُ ، والعينُ الأولى هذا الناظر ، والثانية الرقيب ، أي : رأت فيهِ ما أَحَبَتْ (٣).

مــــع

قَرَأَ يَحيى بن يَعمَر وَطَلحَة بنُ مُصَرِّف : (هَذَا ذِكْرٌ مِن مَّعِيَ وَذِكْرٌ مِن قَبْلِي) (٤) بالتنوين فِي (ذِكر) ، وكسر الميم من (مِن).

قال أَبو الفتح : هذا أَحَدُ مَا يدُلُّ على أَنَّ (مَعَ) اسم وَهو دخولُ مِن عَليهَا.

__________________

(١) البيت لنصيب : انظر : الخصائص : ١ / ٣٩٤ و ٣ / ٥٧ وشرح المفصل : ٢ / ٢٦٠ والهمع : ١ / ٢٠٩ والدرر اللوامع : ١ / ١٧٥ واللسان : ٧ / ٣٠٤.

(٢) قال ابن الأعرابي : روى الأَمسِ والأَمسَ جرّاً ونصباً. الخصائص : ١ / ٣٩٤ واللسان : ٧ / ٣٠٤.

(٣) المحتسب : ٢ / ١٨٩ ـ ١٩١.

(٤) من قوله تعالى من سورة الأنبياء : ٢١ / ٢٤ : (هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ).


حَكى صاحبُ الكتابِ (١) وأبو زَيد ذَلِك عَنهُم : جِئتُ مِنْ مَعِهِم ، أَي : مِنْ عِنْدِهِم ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : هَذا ذِكرٌ مِن عِندِي وَمِن قَبْلِي ، أي : جِئتُ أَنَا بِهِ ، كَمَا جاءَ بِهِ الأنبياءُ من قَبْلِي ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالى : (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْك كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوح وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ) (٢). (٣)

تجريد الظرف من معنى الظرفية

قَرَأَ طلحة : (لَيْسَ لَهَا مِمَّا يَدعُونَ مِن دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ وَهْيَ عَلَى الظالمينَ ساءَتِ الغَاشِية) (٦).

قَالَ أَبو الفتح : هَذِه القراءة على تقديرِ : (دُونِ اللهِ) اسماً هُنا لاَ ظرفاً لأَنَّ الإِضَافة تسلبُهُ معنى الظرفيَّة التي فيه ، كقولهم :

يَا سَـارقَ الليلـةِ أَهـلَ الـدارِ (٥)

وَتِلك عَادَةُ سيبويه (٦) إذا أَرادَ تجريدَ الظرفِ مِنْ مَعْنَى الظرفيةِ فَإنَّهُ يُمَثّلُه

__________________

(١) قال سيبويه في الكتاب : ١ / ٢٠٩ : ذَهَبَ مِن مَعَهُ.

(٢) سورة النساء : ٤ / ١٦٣.

(٣) المحتسب : ٢ / ٦١.

(٤) من قوله تعالى من سورة النجم : ٥٣ / ٥٨ : (لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ).

(٥) انظر : الكتاب : ١ / ٨٩ والأمالي لابن الشجري : ٢ / ٢٥٠ وشرح المفصل : ٢ / ٤٦ وهمع الهوامع : ١ / ٢٠٣ والخزانة : ٣ / ١٠٨ و ٤ / ٢٣٣ والدرر اللوامع : ١ / ٧٢.

قَالَ الفرّاء : أَضَافَ سَارِقاً إلى الليلةِ وَنَصَبَ (أَهلَ الدارِ) وكانَ بَعضُ النحويينَ ينصب الليلةَ ويخفض (أهلَ) فيقول :

يا سـارق الليلـةَ أَهـلِ الــدارِ

وكناحتِ يوماً صخرة ، وَلَيْسَ ذَلِك حَسَناً في الفِعلِ ، وَلَوْ كَانَ اسماً لَكَانَ الّذي قالوا أَجوز.

انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٨٠.

(٦) انظر : الكتاب : ١ / ٨٩.


بالإضَافَةِ إلَيْهِ. وذلك مِمّا يُنافي تقديرَ حرفِ الجرِّ معهُ ، لأَنَّ حرفَ الجرِّ يَسقُطُ. فلا يعترضُ بَيْنَ المضافِ وَالمُضَافِ إليهِ (١).

الاستثناء

الاستثناء المنقطع

قَرَأَ ابنُ عباس وسعيد بن جُبَير والضَّحَّاك بنُ مُزاحِم وَزَيدُ بنُ أَسْلَم وعبدُ الأَعلَى بن عبد الله بن مسلم بن يسار ، وَعَطاء بن السائب وابن يَسار : (إلاَّ من ظَلَمَ) (٢) بفتح الظاء واللاّم.

قال أبو الفتح : ظَلَمَ وَظُلِمَ جَمِيعاً عَلَى الاستثناءِ المُنْقَطِع ، أي : لكن مَنْ ظلم فَإنَّ اللهَ لاَ يَخْفَى عليهِ أَمرُهُ ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِك قَوْلُهُ : (وَكَانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً) (٣).

ومن ذَلِك القراءَةُ الفاشية : (إلاَّ مَنْ ظَلَمَ) (٤) و (مَنْ) هنا منصوبة على الاستثناء وهو منقطع ، بمعنى لكن ، فقوله تعالى : (إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ * إِلاَّ مَن ظَلَمَ) (٥) مَعْنَاهُ : لَكِن مَنْ ظَلَمَ كَانَ كَذَا. وَلَعَمْرِي إنَّ

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٩٥.

(٢) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٤٨ : (لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيْماً).

(٣) المحتسب : ١ / ٢٠٣.

(٤) من قوله تعالى من سورة النمل : ٢٧ / ١١ : (إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوء فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

(٥) سورة النمل : ٢٧ / ١٠ ـ ١١.


الاستثناءَ المُنقطع فاش في القرآنِ وغيره ، إلاَّ أَنَّهُ ـ مَعَ ذَلِك ـ محوج إلى التأويل وإعمَالِ القياسِ والَتمَحُّلِ (١).

إِلاَّ

إنَّ إلاَّ إذَا بَاشَرَتْ شَيئاً بَعْدَها فَإِنَّمَا جِيءَ بهِ لِتَثبِيتِهِ وَتَوكِيد معنَاهُ وَذَلِك كَقُولِك : مَا كَانَ زيدٌ إلاَّ قائماً ، فزيد غير محتاج إلى تَثبِيتهِ ، وإنَّما يُثبَّتْ لَهُ القيامُ دُونَ غَيرِهِ.

فَإذَا قُلْتَ ما كانَ قَائِماً إلاَّ زَيْدٌ ، فَهُنَاك قيام لاَ محالةَ ، وَإنَّمَا أَنْتَ ناف أَنْ يَكُونَ صَاحبه غير زيد ، فَعَلى هذا جاءَ قَولُهُ :

 ...... ما كان داءَهَا

بِثَهلانَ إلاّ الخِزْيُ ...... (٢)

بِرَفْعِ الخزي ، وَذَلِك أَنَّهُ قَدْ شَاعَ وَتُعُولِمَ أَنَّ هناك داءٌ ، وإنَّمَا أَرادَ أَنْ يُثبِّتَ أَنَّ هَذَا الداءَ الَّذِي لاَ شَكَّ فِي كَونِهِ وَوُقُوعِهِ لَم يَكُنْ جَانِيهُ وَمُسَبِّبُهُ إلاَّ الخزيُ مِمَّنْ يقودُها ، فهذا أَمرُ الإعرابِ فيهِ تَابعٌ لِمَعْنَاهُ ، وَمَحْذُوٌ عَلَى الغَرَضِ المُرادِ فِيهِ (٣).

الحـــــال

قَرَأَ ابنُ عباس ، وعِكرمة والضَّحَّاك : (الْفُرْقَانَ ضِيَاءً) (٤) بغيرِ وَاو.

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١٣٦.

(٢) مرّ الشاهد في : ص : ١٦٤.

(٣) ذكرنا هذا سابقاً في ص : ١٦٤ وينظر : المحتسب : ٢ / ١١٦.

(٤) من قوله تعالى من سورة الأَنبياء : ٢١ / ٤٨ : (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ).


قَالَ أَبوُ الفتحِ : ينبغي أَنْ يَكونَ (ضِيَاءً) ، هُنَا حَالاً (١) ، كَقَولِك : دَفَعتُ إلَيك زيداً مُجَمِّلاً لَك وَمسدِّداً مِن أَمرِك ، وَأَصحَبتُك القُرآنَ دَافِعاً عَنْكَ مُؤنِساً لَك.

فَأَمَّا فِي قراءَةَ الجماعةِ : (وَضِياءً) بالواو ، فإِنَّهُ عَطْفٌ عَلى (الْفُرْقَانَ) فهو مفعول بهِ على ذَلِك (٢) وأَمَا (مَدَداً) (٣) فَمنصوب على الحالِ (٤) ، كَقَولِك : جئتُك بزيد عوناً لَك ويداً مَعَك ، وإنْ شِئتَ نَصَبْتَهُ على المصدرِ بِفِعْل مُضْمَر يَدُلُّ عَلَيْهِقَوْلُهُ : (جِئنَا بِمِثْلهِ) كَأَ نَّهُ قَالَ : وَلَو أَمدَدْنَاهُ إمداداً ثمَّ وضع مدداً موضِعَ إمدَاداً ، ولهذا نظائرُ كَثِيرِةٌ (٥).

وَقَرأ عيسى الثقفي : (وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ سلاماً قَولاً) (٦) نَصْباً جَمْيعاً.

قال أبو الفتح : أمَّا سَلاماً بالنَّصبِ فحالٌ مِمَّا قبلَهُ (٧) ، أي : ذلك لَهُمْ مُسَلَّماً أو مُسَالِماً ، أي : ذا سلام وسلامة. ونصب قولاً على المصدر (٨).

__________________

(١) قال الفرّاء : ومعَناهُ : آتينا موسى وهارون الفرقان ضياءً وذكراً. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٢٠٥ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٣٤.

(٢) المحتسب : ٢ / ٦٤.

(٣) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ١٠٩ : (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً).

(٤) هو عند العكبري وأَبي حيان منصوبٌ على التمييز. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٠٩ والبحر المحيط : ٦ / ١٦٩.

(٥) المحتسب : ٢ / ٣٥.

(٦) سورة يس : ٣٦ / ٥٧ ـ ٥٨ : (لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ * سَلاَمٌ قَوْلاً مِن رَّبّ رَّحِيـم).

(٧) يجوز أنْ يَكونَ حالاً من (ما) أَوْ مِن الهاءِ المحذوفةِ. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٠٤.

(٨) المحتسب : ٢ / ٢١٤ ـ ٢١٥.


الحال من الضمير

قَرَأَ أَبُو المَهلَّب مُحارِب بن دِثار : (شُهَدَاءَ لِلَّهِ) (١) مَضمُومَةَ الشَّين مفتوحَةَ الهاءِ ممدودةً على فُعَلاء.

قالَ أَبو الفتح : هُو منْصُوبٌ على الحالِ مِن الضَّميرِ في المُستَغْفِرِينَ (٢) ، أَيْ : يَستَغْفِرُونَهُ شُهَدَاءَ لِلَّهِ أَنَّهُ لاَ إلهَ إِلاَّ هُوَ (٣).

وقرأ أَبُو السَّـمَّـال : (أَبشرٌ مِنَّا) ـ بالرفع ـ (واحداً نَتَّبِعُهُ) (٤) بالنَّصب ، قال أبو الفتح : أَمَّا انتصابُ (واحداً) فإنْ شِئْتَ جعلتَهُ حالاً من الضَّمِيرِ في (مِنَّا) (٥) ، أي أيُنَبَّأُ بشرٌ كائن مِنَّا؟ والنَّاصبُ لهذا الحال الظرفُ (٦) كقولك : زيدٌ في الدار جالساً.

وإنْ شِئْتَ جعلتَهُ حالاً من الضَّمير في قولِهِ : (نتَّبِعُهُ) ، أي : نتَّبِعُهُ واحداً منفرداً لا ناصرَ له ، ويؤكِّدُهُ قولُهُ : (وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ) (٧) وَنَظَائِرُهُ في

__________________

(١) من قوله تعالى مِن سورة آل عمران : ٣ / ١٨ : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآ ئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(٢) من قوله تعالى من سورة آل عمران : ٣ / ١٧ : (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالاَْسْحَارِ).

(٣) المحتسب : ١ / ١٥٥ ـ ١٥٦.

(٤) من قوله تعالى من سورة القمر : ٥٤ / ٢٤ : (فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّـتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَّفِي ضَلاَل وَسُعُر).

(٥) أي الضمير المستقرّ في متعلّقه.

(٦) يطلق أبو الفتح : الظرفَ على الجارِّ والمجرورِ وهو بذلك يقلِّدُ سيبويه الذي يرى أنّ الجار والمجرور بمنزلة الظرف. انظر : الكتاب : ١ / ٢٠٣.

(٧) سورة القمر : ٥٤ / ٩.


القرآن كَثِيرةٌ ، وَنَحوه قَوْلُهُ تَعَالَى : (قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَك وَاتَّبَعَك الاَْرْذَلُونَ) (١) وَقَوْلُهُ : (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّك فِينَا وَلِيداً) (٢) ونحو ذلك (٣).

وَقَرأ أبو عِياض : (لِتَرْكَبُوهَا زِينَةً) (٤) ، بلا واو.

قالَ أَبو الفتح : لَك فِي نَصْبِ (زِينة) وجهانِ :

١ ـ إنْ شَئْتَ كَانَ مُعَلَّقاً بِمَا قَبْلَهُ ، أي : خَلَقَهَا زِينَةً لِتَرْكَبُوهَا.

٢ ـ وإنْ شِئْتَ كَانَ عَلَى قَولِك : تَرْكَبُوهَا زِينةً فزينة هنا حال من (هَا) في (لِتَرْكَبُوهَا) وَمَعْناهُ : كقوله تعالى : (وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ) (٥). (٦)

وَقَرأ الحَسَنُ : (أَيْـمَـانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةَ) (٧) بالنَّصْبِ.

قَالَ أَبو الفتحِ : يجوزُ أَنْ يَكُونَ (بالغةً) حالاً (٨) من الضمير في (لَكُمْ) لأَ نَّهُ خبرٌ عَن (أَيْمَان) فَفِيهِ ضميرٌ مِنْهُ.

وَإنْ شِئْتَ جَعلته حالاً من الضَّمير في (علينا) إذا جعلتَ (علينا) وصفاً

__________________

(١) سورة الشعراء : ٢٦ / ١١١.

(٢) سورة الشعراء : ٢٦ / ١٨.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٩٨ ـ ٢٩٩.

(٤) من قوله تعالى من سورة النحل : ١٦ / ٨ : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ).

(٥) من قوله تعالى من سورة النحل : ١٦ / ٦ : (وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ).

(٦) المحتسب : ٢ / ٨.

(٧) من قوله تعالى من سورة القلم : ٦٨ / ٣٩ : (أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ).

(٨) وَذَهَبَ الفرّاء إلى أنّ الحَسَنَ نَصَبَها علَى مذَهبِ المَصْدَر. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ١٧٦.


لأَيمان لا متعلقاً بنفس الأيمان لأَنَّ فيه ضميراً كما يكونُ فيه ضميرٌ منه إذا كانَ خبراً عنه.

ويجوزُ أَنْ يكونَ حالاً من نفس (أَيمان) وإنْ كانت نكرةً ، كما أَجاز أَبو عمرو في قوله سبحانَه : (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) (١) أَنْ يَكُونَ (حَقَّاً) حالاً (٢) مِنْ مَتاع (٣).

وَقَرَأَ الحسَن : (أشِدَّاءَ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءَ بَينَهُمْ) (٤).

قال أَبو الفتح : نصبَهُ على الحال ، أَيْ : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ) فـ (مَعَهُ) خَبَرٌ عَن الَّذين آمنوا (٥) ، كَقولِك : محمّدٌ رسولُ اللهِ عليٌّ مَعَهُ ، ثمَ نَصَبَ

(أَشدَّاءَ) و (رَحمَاءَ) عَلَى الحالِ ، أيْ : هُمْ مَعَهُ عَلَى هذِه الحالِ ، كقولِك : زَيْدٌ مَعَ هند جالساً فَتَجعَلَهُ حالاً من الضميرِ في مَعَهُ لأَمرَين :

أَحدُهما : قربُهُ مِنْهُ وَبعدُه عن زَيد.

والآخر : لِيكُونَ العامل في الحال ـ أعني الضميرَ ـ هو العامل في صاحبِ الحالِ أَعنِي الظَّرفَ.

__________________

(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٤١.

(٢) وعند سائر النحاة (حقّاً) نصب على المصدر. انظر : معاني القرآن للأخفش : ٧٧ / أوإملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٩٩ والبيان : ١ / ١٦٢ والبحر المحيط : ٢ / ٢٣٤ و ٢٤٦.

(٣) المحتسب : ٢ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦.

(٤) من قوله تعالى من سورة الفتح : ٤٨ / ٢٩ : (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءَ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءَ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ) ، ولم يختص الحسن بهذه القراءة ، بل هي قراءة الجمهور.

(٥) أراد أَبو الفَتح تخصيص الأشداء على الكفّار ، والرحماء بينهم الذين هم مع النبي (صلى الله عليه وآله) بالمؤمنين ، وهذا هو الرأي الحقّ ، إذ ليس كلّ من كان مع النبي يستحقّ تلك الأوصاف.


وَلَوْ جَعَلْتَهُ حَالاً مِنَ الّذينَ كانَ العامل في الحال غير العامِل فِي صاحَبِها وإنْ كَانَ ذَلِك جائزاً ، كَقولِهِ تَعَالَى : (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) (١) ، إلاَّ أَنَّ الأَوّلَأوجَهُ.

وإن شِئْتَ نَصَبْتَ (أَشِدَّاءَ) و (رُحَمَاءَ) عَلَى المدحِ ، وَأَصِفُ وَأَزَكّي أَشِدَّاء وَرُحَمَاءَ (٢).

وقوع المصدر حالاً

قَرَأَ ابنُ السَّمَيْفَع : (الرّيَاحَ بُشْرَى) (٣) مِثل حُبلَى.

قَالَ أَبو الفتح : (بُشْرَى) ، مصدرْ وَقَعَ مَوقعَ الحالِ ، أيْ : مُبَشّرَةً ، فَهْوَ كَقَوْلِهِمْ : جاءَ زيْد ركضاً ، أَيْ : رَاكِضاً وَهَلُمَّ جَرّاً ، أَيْ : جَاراً أَو مُنجَرَّاً ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى : (ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَك سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٤) أَيْ : سَاعِيات. وَمثِلهُ قَولُهُ :

فَأَقْبَلْتُ زَحْفاً عَلَى الرُّكْبَتَينِ

فَثَوْباً نَسِيتُ وَثَوباً أَجُرُّ (٥)

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٩١ : (قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللهِ مِن قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ).

(٢) المحتسب : ٢ / ٢٧٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة الفرقان : ٢٥ / ٤٨ : (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَـتِهِ).

(٤) سورة البقرة : ٢ / ٢٦٠.

(٥) البِيت لاِمرِئ القيس : ويروى الصدر هكذا :

فَلَمَّا دَنَـوتُ تَسدَّيْتـهَا

 ......

ويروى (فثوب علي) مكان (فثوباً نسيت) و (لبست) مكان (نسِيت).


أي : أَقبلتُ زاحِفاً ، ومَا أَكْثَرَ نظائِرَهُ (١)!

تَعَدُّدُ الحال

قَرَأَ الحسنُ واليزيديُّ والثَّقفيُّ وأَبو حيوةَ : (خافضةً رافعةً) (٢) بالنصب.

قال أَبو الفتح : هذا منصوب على الحال (٣) ، وقوله : (لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كاذِبة) (٤) حينئذ حال أخْرى قَبْلَهَا ، أَي : إذا وَقَعتِ الواقعةُ ، صَادِقَةُ الواقعةِ خافضةً ، رافعةً فهذهِ ثلاثةُ أحوال ، أُولاهنَّ الجملةُ التي هي قولُهُ : (لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كاذِبَة) وَمِثْلُهُ :

مررتُ بزيد ، جالساً ، متكئاً ، ضَاحِكاً ، وإنْ شِئتَ أنْ تَأتِيَ بعشرِ أحوال إلى أضْعَافِ ذَلك لَجَازَ (٥) وَحَسُنَ ، كَمَا لَك أنْ تَأتِي للمبتدأ مِنَ الأخبَارِ بِمَا شِئتَ كَقْولِك : زيدٌ عَالِمٌ جميلٌ ، جوادٌ ، فارسٌ ، بصريٌّ ، بَزَّازٌ ، وَنَحْوَ ذَلِك.

أَلا ترى أَنَّ الحالَ زِيادَةْ في الخبرِ وَضَرْبٌ مِنْهُ؟ وَعَلى ذَلِك امتنَعَ أَبو الحسن أَن يَقول : لولا هندٌ جَالِسةً لَقمتُ وَنَحو ذَلِك (٦) ، قَالَ : لأَنَّ هَذَا

__________________

اُنظر : الديوان : ١٥٩ وكتاب سيبويه : ١ / ٤٤ وأَمالي ابن الشجري : ١ / ٩٣ والمحتسب : ٢ / ١٢٤.

(١) المحتسب : ٢ / ١٢٣ ـ ١٢٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة الواقعة : ٥٦ / ٣ : (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ).

(٣) هما حال من الضمير في كاذبة أو في الواقعة. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٥٣.

(٤) سورة الواقعة : ٥٦ / ٢.

(٥) اقتران جواب (إنْ) باللاّم غير عربي لأَنَّ لام الجواب تقترن بجواب الشرط وجواب لو واجب لولا حسب. انظر : معاني الحروف للرماني : ٥٥ وكتاب اللاّمات للزجّاجي : ١٣٦ ـ ١٤٠ وشرح المفصل : ٩ / ٢٢ ـ ٢٤ والجنى الداني : ١٦٩ ـ ١٧٠ والمغني : ١ / ٢٣٤.

(٦) انظر : الجنى الداني : ٥٤٣.


موضعَ قَدْ امتَنَعَتِ العربُ أَنْ تَسْتَعْمِلَ فيهِ الخَبَرَ ، والحالُ ضَربٌ مِنَ الخَبر فلا يجوز استعمالُها فِيهِ لِذَلِك (١).

رَوى عُبَيد عَنْ شِبْل عَنْ ابنِ كَثير : (عاملةً نَاصِبَةً تَصْلَى) (٢) قَالَ أَبو الفتح : يَنْبَغِي أَنْ يَكونَ النصب على الشَّتَم ، أَي : أَذْكرهَا عاملةً (٣) ناصبةً في الدُّنيا على حَالِها هُنَاك ، فَهَذَا كَقَولِهِ تَعَالَى : (يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَات) (٤) وَذَلِك أَنَّهَمُ لَمْ يخلصوها لوجهه ، بل أَشركوا به معبودات غَيرُه ، وَلَهُ نظائِر في القرآن وَمأْثُورِ الأَخبار (٥).

تقديم الحال على صاحبها

قَرَأَ ابن عباس بخلاف والأَعرج وقتادة وسُفيان بن حُسين : (خالصةً) (٦) وقَرَأَ :

(خالصاً) سَعيد بن جُبير.

قال أَبو الفتح : الكلام في نصب (خالصاً) و (خالصةً) ، وفيه جوابان :

أَحدُهما : أَنْ يكونَ حالاً من الضمير في الظرف (٧) الجاري صلة على (مَا) كقولِنَا : الذي في الدار قائماً زيدٌ.

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٣٠٧.

(٢) من قوله تعالى من سورة الغاشية : ٨٨ / ٣ ـ ٤ : (عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً).

(٣) هي على هذا التقدير حال لا مفعول.

(٤) سورة البقرة : ٢ / ١٦٧.

(٥) المحتسب : ٢ / ٣٥٦.

(٦) من قوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ١٣٩ : (وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا).

(٧) يريد بالظرف الجار والمجرور من قوله تعالى : (فِي بُطَونِ هذِهِ الأَنْعَامِ).


والآخر : أَنْ يكونَ حالاً من (مَا) على مذهب أَبي الحسن في إِجازَتِهِ تقديم الحالِ على العامل فيها (١) إذا كانَ معنى بعد أَنْ يتقدّم صاحبُ الحالِ عليها كقولِنا : زيدٌ قائماً في الدَارِ. واحتجَّ في ذلك بقولِه تَعالى : (وَالاَْرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (٢) ، فيجوزُ على هَذَا في العربيةِ لا في القراءَة لأَ نَّهَا سُنَّةٌ لا تُـخَالَفُ ، (والسَّماوات مَطويات بيمينِهِ) (٣).

فَإنْ قُلتَ : فَهَلْ يجوزُ أنْ يَكونَ (خالصاً) و (خالصةً) حالاً مِنْ الضميرِ في لنا (٤)؟ قِيلَ : هَذا غير جائز وَذَلِك أَنَّهُ تَقَدَّمَ عَلى العاملِ فيهِ وَهْوَ مَعنَى وَعَلى صاحبِ الحالِ ، وَهَذا ليسَ على ما بيَّنا. وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكونَ (خالصةً) حالاً من الأنعامِ لأَنَّ المَعْنَى لَيْسَ عَلَيهِ ، ولعزَّةِ الحال من المضاف إلَيْهِ (٥).

مجيء الحال شبه جملة وجملة

قَرَأَ عثمانُ وزيدُ بنُ ثابت وابنُ عباس وسعيدُ بنُ العاص وابنُ يَعمَر وسعيدُ بنُ جُبَير و [الإمامان] عليُّ بنُ الحُسَين ومحمّد بن علي (عليهما السلام) ، وشُبَيل بن عَزْرَة : (خَفَّتِ المَوَالي) (٦) بِفَتْح الخاءِ والتاء مكسورة.

__________________

(١) انظر : منهج الأخفش الأوسط : ٤٤٠.

(٢) سورة الزمر : ٣٩ / ٦٧.

(٣) من قوله تعالى من سورة الزمر : ٣٩ / ٦٧ : (وَالاَْرْضُ جَمِيْعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِيْنِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ).

(٤) الآية (لِذُكُورِنَا).

(٥) المحتسب : ١ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣.

(٦) من قوله تعالى من سورة مريم : ١٩ / ٥ ـ ٦ : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنك وَلِيـًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً).


قال أَبو الفتح : أيْ : قَلَّ بنو عَمّي وَأَهْلي ، وَمَعْنَى قولهِ ـ واللهُ أَعلم ـ (مِنْ وَرائي) ، أَيْ : مَنْ أُخلِّفه بَعْدِي.

قَوْلُهُ (مِنْ وَرَائِي) حالٌ متوقعة محكية ، أَيْ : خَفُّوا مُتَوَقَّعَا مُتَصَوَّراً كَوْنُهُمْ بَعْدي. ومثله مسألةُ الكتابِ : مررتُ برجل مَعَه صَقْرٌ صائداً (١) ، أيْ : مُتَصَوَّراً صَيْدُهُ بِه غداً ، وَمْثِلُهُ قولُ اللهِ تعالى : (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ) (٢) أَيْ : مُتَصَوَّراً خلودُهم فيها مدّة دوام السَّماواتِ والأرضِ. فَإذَا أشفقت من ذلك فارزقني وَلَداً يَخلُفني (٣).

وَقَرأَ الزُّهْرِي والحَسن والأعرج : (تُنْبِتُ) (٤) ، بِرَفْعِ التاءِ ونصبِ الباءِ.

قَالَ أَبو الفتح : الباء هُنا في مَعْنَى الحالِ ، أيْ : تُنْبِتُ وَفَيهَا دُهْنُهَا ، فَهو كقولِك : خَرَجَ بثيابِه ، أَيْ : وثيابُهُ عليهِ ، وسار الأمير في غلمانِهِ أيْ وغلمانُهُ مَعَهُ ، وكأَ نَّهُ قَالَ : خَرَجَ لابساً ثيابَهُ وسَارَ مُسْتَصْحِباً غلمانَهُ وَكَذَلِك قَوْلُ الهُذَليّ :

يَعْثُرْنَ فِي حَدّ الظُّباتِ كَأَ نَّما

كُسِيَتْ برودَ بِنَي تَزيدَ الأذْرُعُ (٥)

أيْ : يَعْثُرْنَ كَابِيَات فِي حَدّ الظُّبَاتِ ، أوْ مَجْرُرات فِي حَدِّ الظُّبَاتِ.

__________________

(١) عبارة سيبويه في الكتاب : ١ / ٢٤١ (مررت برجل معه صقر صائداً به).

(٢) سورة هود : ١١ / ١٠٧ و ١٠٨.

(٣) المحتسب : ٢ / ٨٧.

(٤) من قوله تعالى من سورة المؤمنون : ٢٣ / ٢٠ : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغ لِّلآكِلِينَ).

(٥) البيتُ لأبي ذؤيب الهُذَلي. ويروى (علق النجيع) مكان (حد الظبات) و (أبي يزيد) مكان (بَني تزيد). انظر : ديوان الهذليين : ١ / ١٠ والخصائص : ٢ / ٣١٤ والمنصف : ١ / ٢٧٩ والمحتسب : ٢ / ٨٨.


وَمِثْلُهُ ما أَنشَدَهُ الأصمَعيُّ مِنْ قَوْله :

وَمُسْتَّنة كَاسْتِنَانِ الخَرُو

فِ قَد قَطَعَ الحَبْلَ بالْمِرْوَدِ (١)

أيْ : قَطَعَ الحَبْلَ وَمِرْوَدُ فِيهِ ، أيْ : مُتَّصِلاً بِهِ مَرْوَدُهُ ، فكذلِك قَولُهُ : (تُنبِتُ بِالدُّهْنِ) أيْ : تُنْبِتُ وَدُهْنُهَا فِيهَا ، وَكَذَلِك مَنْ قَرَأَ (٢) : (تنْبُتُ) أيْ : تَنْبُتُ عَلَى هَذِهِ الحالِ (٣).

وَقَرَأَ زيدُ بنُ ثابت وأبو الدرداء وأَبو جعفر ومجاهد ـ بخلاف ـ ونصر بن علقمة ومكحول وزيد بن علي وأَبو رجاء والحسن ـ واخْتُلِفَ عَنْهُمَا ـ وحفص بن حميد وأبو عبد الله محمّد بن علي : (نُتَّخَذَ) (٤) بِضَمّ النونِ.

قَالَ أَبو الفَتْحِ : أَمَّا إذَا ضُمَّتِ النُّونُ ، فَإنَّ قَوْلَهُ : (مِنْ أَولِيَاءَ) فِي مَوْضِعِ الحالِ ، أيْ : مَا كَانَ يَنْبَغي لَنَا أنْ نتّخذ مِنْ دُونِك أوْلِياءً (٥).

وَقَرأ الجَحْدَرِي وابنُ السُّمَيّفَع وأبو حَيوَة : (أثَر رحمةِ اللهِ) (٦) (كَيْفَ تُحْيي).

__________________

(١) البيت لرجل من بني الحارث. والخروف : ولد الفرس إذا بلغ ستّة أشهر أو سبعة. والمرود : الوتد. انظر : المحتسب : ٢ / ٨٨ والمخصّص : ٦ / ١٣٧ و ٩ / ١٤٢ ولسان العرب : ١٠ / ٤١٣.

(٢) هي قراءة الجمهور. البحر المحيط : ٦ / ٤٠١.

(٣) المحتسب : ٢ / ٨٨ ـ ٨٩.

(٤) مِن قوله تعالى من سورة الفرقان : ٢٥ / ١٨ : (قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ).

(٥) المحتسب : ٢ / ١١٩ ـ ١٢٠.

(٦) من قوله تعالى من سورة الرُّوم : ٣٠ / ٥٠ : (فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الاَْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا).


قَالَ أَبو الفتح : قوله : (كَيْفَ تُحيي) جُمْلَةٌ مَنْصُوبةُ المُوضِعِ عَلى الحالِ ، حَملاً على المَعْنَى لاَ عَلَى اللفظ ، وَذَلِك أنَّ اللفْظَ استفَهامٌ والحالُ ضَرْبٌ مِنَ الخَبَرِ ، والاستفهام والخبر معنيانِ متدافعانِ ، وتلخيص كونَهمَا حالاً أَنَّهُ كَأَ نّهُ قَالَ : فانظر إلى أَثَرِ رحمة اللهِ محييةً الأرضَ بعدَ مَوْتَهَا ، كَمَا قَالَ :

مَا زِلْتُ أَسْعَى مَعَهُمْ وَأَخْتَبِطْ

حَتَّى إذَا جَاءَ الظَّلامُ المُخْتلَط

جاؤوا بضيح هَل رأيْتَ الذِّئبَ قَطْ؟ (١)

فَقَوْلُهُ : هَلْ رَأَيْتَ الذئبَ قَط؟ جُمْلَةٌ استفهاميِّةُ ، إلاَّ أنَّها فِي مَوْضِعِ وصف (الضيح) حَمْلاً عَلى مَعْنَاهَا دُونَ لَفْظِهَا ، لأَنَّ الصِّفَةَ ضربٌ مِنَ الخبر فَكَأَ نَّهُ قَالَ : جاءُوا بضيح يُشبه لونُهُ لونَ الذئبِ. والضيح : هو اللَّبنَ الَمخْلُوط بالماءِ ، فَهْوَ يَضْرِبُ إلى الخُضرَةِ والطُلْسَةِ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الآخر :

إلَى اللهِ أَشكُو بالمدينةِ حَاجَةً

وبالشَّامِ أُخرَى كَيْفَ تَلْتَقِيانَ (٢)

فَقَوْلُهُ : كَيْفَ تَلْتَقِيانِ جملةٌ فِي موضعِ نَصب بَدَلاً مِنْ (حاجةً) وَحَاجَةً فَكَأ نَّهُ قَالَ إلى اللهِ أشْكُو هَاتَينِ الحالتين تعذر التقائِهِمَا هَذا أَحْسَنُ مِنْ أَنْ تقتطع قوله : كيف تلتقيان مستأنفاً لأنَّ هذا ضربٌ من هُجنةِ الأعرابِ لأَ نّهُ إنَّمَا يَشكُو تَعذُّرَ التقائِهمَا وَلاَ يُريدُ استقبالَ الاستفهامِ عَنْهُمَا (٣).

__________________

(١) من رجز للعجاج. ويروى (بينهم) مكان (معهم) و (التبط) مكان (اختبط) و (كاد) مكان (جاء) و (يختلط) مكان (المختلط) ، و (مذق) مكان (ضيح). ملحقات الديوان : ٨١ والمحتسب : ٢ / ١٦٥ وشرح المفصل : ٣ / ٥٣ والخزانة : ٢ / ١٠٩ وشرح التصريح : ٢ / ١١٢ والدرر اللوامع : ٢ / ١٤٨.

(٢) البيت ينسب للفرزدق وليسَ فِي ديوانه. انظر : المحتسب : ٢ / ١٦٥ والدرر اللوامع : ٢ / ١٦٦.

(٣) المحتسب : ٢ / ١٦٥ ـ ١٦٦.


حذف الضمير العائد

قَرَأَ حُمَيدُ : (يَغْشَى) (١) بفتح الياءِ والشّينِ وَنَصبِ (الليلِ) وَرَفعِ (النهار).

قَالَ أَبو الفتح : اتصال قولهِ تَعَالى : (يَغْشَى الليلَ النهارُ) (٢) بقولهِ : (ثُمَّ استوى عَلَى العَرشِ) (٣) اتصال الحالِ بِمَا قَبْلَهَا ويكونُ هُنَاك عائدٌ مِنْهَا إلى صَاحِبِهَا وَهوَ اللهُ تَعالَى ، أيْ : يَغشَى الليلَ النهارُ بِأَمرِهِ ، أوْ بِإذنِهِ ، وَحُذِفَ العائِدُ كَما يُحذَفُ مِن خَبَر المبتدأ في نَحْوِ قَوْلِهِمْ : السَّمَنُ مَنَوانِ بِدِرْهَم ، أيْ : مَنَوانِ مِنْهُ بِدِرْهَم.

وَدَعَانَا إلى إضمار هَذَا العائِدِ أنْ تَتَّفِقَ القراءَتانِ عَلى مَعْنَى وَاحد أَلا تَرَى إلى قراءةِ الجماعِة (يُغشِي الليلَ النهارَ) وأَنَّ هذِهِ الجملة في موضعِ الحالِ ، أي : استوى عَلَى العرشِ مَغْشِياً الليلَ النهارَ ، أيْ : استَوَى عليهِ فِي هذهِ الحالِ.

فَقَوْلُهُ إذاً (يَطْلُبُهُ حَثِيِثاً) بدل مِنْ قَولِهِ (يَغْشَى الليلَ النهارُ) للتوكيد ، وهو على قراءةِ الجماعة (يُغشِي) أَوْ (يُغشِّي) حالٌ مِنَ الليلِ (٤) أيْ : يُغَشِّي الليلَ النهارَ طالباً لَهُ حَثِيثاً ، وَحَثِيثَاً بَدَلٌ من طالب أَو صفة لَهُ (٥) ، لأن طالباً لَو كَانَ منطوقاً بِهِ ، حالَ هناك والحالُ عِنْدَنَا فوصفٌ (٦) مِن حيثُ كَانَتْ في المعنى

__________________

(١ ـ ٣) من قوله تعالى من سورة الأَعراف : ٧ / ٥٤ : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّموَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً).

(٤) ويجوز أن يكون حالاً من النهارِ فيكونُ التقديرُ : يطلبُ الليلُ النهارَ محثوثاً. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٧٦.

(٥) وَرَجَّحَ العكْبَرِي أَنْ يكونَ صفةً. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٧٦.

(٦) يجيز الأخفش زيادةَ الفاءِ في خبر المبتدأِ. انظر : المحتسب : ١ / ٢٣٥ وشرح الكافية : ١ / ١٠٢.


خبرا والأخبار توصف لَكنَّ الصّفَاتُ عِنَدنَا لاَ توصف.

وإن شِئتَ يَكُونَ (حثيثاً) حالاً من الضميرِ في يَطْلِبُهُ وفيهِ مِنْ بَعْدِ هذا ما أذكُرُهُ. وذلك أَنَّ الفاعلَ في المعنى من أَحَدِ المَفعُولَينِ في قراءِةِ الجماعة هو الليلُ ، لاَِ نَّهُ المفعول الأوّل ، كَقَوْلِك : أَعطيتُ زَيْداً عمراً ، فزيدٌ هو الآخذُ وعمرو هو المأخوذ ، وأَغشيتُ جعفراً خالداً ، فالغاشي جعفر والمَغشيُّ هو خَالِدٌ ، والفاعِل في قراءة حُميد هو النهار لاِ نَّهُ مَرفُوعٌ (يَغشَى الليلَ النهارُ) فالفاعِلانِ والمَفْعُولانِ جميعاً مختلفانِ عَلى مَا تَرى ووجه صحةِ القراءتينِ جميعاً والتقاءُ معنييهما أنَّ الليلَ والنهارَ يتعاقبانِ وَكُلَّ واحد مِنْهُما وإنْ أزالَ صاحِبَه فَإنَّ صاحِبَهُ أيضاً مُزيلْ لَهُ ، فكلُّ واحد مِنهُمَا عَلَى هذا فاعلٌ ، وإنْ كانَ مَفعولاً ومفعولٌ وإنْ كَان فَاعلاً. على أنَّ الظاهر في الاستحثاثِ هنا إنَّما هو النَّهارُ ، لأَ نّهُ بسفورهِ وشروقِهِ قَد أَظهَرَ أَثراً في الاستحثاثِ من الليلِ.

وَبَعْدُ ، فَلَيْسَ النهارُ إلاّ ضوءَ الشمسِ والشمسُ كائِنَةٌ محدثه ولا ضوءَ قَبْلَ أنْ يَخلِقَهَا اللهُ جَلَّ وَعَزَّ فالضوءُ إذاً هو الهاجِمُ عَلَى الظُّلمَةِ ، وَيَطلبِهُ حَثيثاً عَلَى هذا الحالِ مِنَ النَّهارِ لأَ نَّهُ هُوَ الحالُ مِنهُمَا.

ويجوزُ في قراءةِ الجماعةِ أَنْ يَكونَ يطلبهُ حالاً مِنَ النهارِ ، وإنْ كَانَ مفْعُولاً ، كَقَوْلِك : ضَرَبتْ هِنْدٌ زيداً مؤلمةً لَهُ ، فقد يكونُ مؤلمةً حالاً لزيد ، كَمَا قَدْ يجوزُ أنَ يَكُونَ حالاً مِنْ هِنْد ، وَذَلك أنَّ لِكُلّ واحد مِنهُمَا في الحالِ ضميراً ، وَمِثْلُهُ قولُ اللهِ تَعالَى : (فَأَتَتْ بهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ) (١) فَقَد يجوزُ أَنْ يَكُونَ (تَحْمِلُهُ) حالاً مِنْهَا وَيَجَوزُ أَنْ يَكُونَ حالاً مِنْهُ ، وَقَدْ يَجُوزُ أيضاً أَنْ يَكُونَ

__________________

(١) سورة مريم : ١٩ / ٢٧.


مِنْهُمَا جَميِعاً عَلَى قولهِ :

فَلَئِنْ لَقِيتُك خَالِيينِ لَتَعْلَما

أَيِّ وَأيُّك فارِسَا الأَحزابِ؟ (١)

وَيَجُوزُ أيِّ وأَ يُّك فارسُ الأَحزابِ ، أيْ. أَيُّنَا فارسُ الأَحزابِ ، فكذلِك يَكُونُ قَوْلُهُ يَطلُبُهُ حَثِيثاً حالاً مِنهُما جَميعاً عَلَى مَا مَضى لأَنَّ لَهُمَا جَميعاً فيهِ ضميراً. وَلَوْ كَانَتْ الآية (فأتتْ بهِ قَوْمَهَا تَحمِلهُ إليهِم) ، لَجَاز أَنْ يَكُونَ ذَلِك حالاً مِنْهَا ، وَمِنْهُ وَمِنْهُمْ جَميعاً ، لِحصولِ ضميرِ كُلِّ واحد مِنهُم في الجملةِ التي هي حال فاعرفْ ذلك.

وَلَعَمرِي إنَّك إذا قلتَ : غشيتُ زَيداً عمراً فَإنَّ العُرْفَ أَنْ يَكُونَ زيدٌ هُوَ الغاشي وعمروٌ هو المَغْشِي ، إلاَّ أنَّهُ قَد يجوزُ فيه قَلْبُ ذَلك ، لَكِنْ معَ قِيامِ الدلالةِ عليهِ ، أَلاَ تَرَى إلى قولهِ :

فَدَعْ ذَا وَلَكِنْ مَن يَنَالُك خَيْرُهُ

وَمَنْ كَانَ يُعْطِي حَقَّهُنَّ القَصَائِدا

أرادَ يُعطِي القصائِدَ حَقَّهُنَّ ، ثُمَّ قَدَّمَ المفعولَ الثانِي فَجَعَلَهُ قَبْلَ الأوّلِ ، مِنْ حيثُ كَانَتْ القصائدُ هُنَا هِيَ الآخِذَةُ فِي المَعْنَى وَنَحْوَهُ : كَسَوْتُ ثوباً زيداً ساغَ تَقْدِيمُهُ لارْتِفَاعِ الشك فِيهِ ، وَلَيْسَ كَذلِك يُغشي الليلَ النهارَ ، مِنْ حيثُ كَانَا متساويي الحالَينِ في الغشيانِ وعلى كُلِّ حال فَكُلُّ وَاحِد مِنهمَا غاشِ لصاحِبِهِ (٢).

__________________

(١) ويُروَى (فارس) مكان (فارسَا).

انظر : همع الهوامع : ٢ / ٥١ وشرح شواهد العيني : ٢ / ٢٦١ وشرح التصريح : ٢ / ١٣٨ والدرر اللوامع : ٢ / ٦٣.

(٢) المحتسب : ١ / ٢٥٣ ـ ٢٥٥.


التمييـز

قَرَأَ ابنُ عباس وابنُ مسعود والأَعمش ـ بخلاف ـ ومجاهد وسليمان التيمي : (وَلَوْ جِئنَا بِمِثْلِهِ مِدَاداً) (١).

قَالَ أَبو الفتحِ : (مِدَاداً) منصوبٌ على التمييز ، أيْ : بِمِثْلِهِ مِنَ المِدَادِ فَهوَ كَقَوْلِك : لِي مثله عبداً ، أَيْ : مِنَ العبيد ، وعلى الَتمْرَةِ مِثلُهَا زُبْداً ، أي : من الزُبدِ (٢).

وقَرَأَ عِكرِمَة : (جَدَّا رَبُّنَا) (٣).

قال أبو الفتح : أَمَّا انتصابُ (جَدَّا) فَعَلَى التمييزِ ، أيْ : تَعالَى رَبُّنَا جَدا ، ثُمَّ قُدِّمَ المُمَيز عَلى قَولِك : حَسُنَ وَجْهَا زَيْدٌ (٤).

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ١٠٩ : (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً).

(٢) المحتسب : ٢ / ٣٥.

(٣) من قوله تعالى من سورة الجن : ٧٢ / ٣ : (وَأَ نَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنـَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً).

(٤) المحتسب : ٢ / ٣٣٢.



الباب السادس

المجرورات



ينقسم الجرّ على المجرور بالحروف والمجرور بالإضافة.

أ ـ حروف الجـرّ

البـاء

قَرَأ أبو بكر عند خروج نفسه : (وَجَاءَت سَكْرَةُ الحَقِّ بِاْلمَوتِ) (١) وقَرَأَ بِهَا سَعيد بن جُبَير وطلحة.

قَالَ أبو الفَتحِ : لَك فِي هَذِهِ الباء ضَرْبانِ مِنَ التقديرِ :

أوّلاً : إنْ شِئْتَ عَلَّقْتَها بِنفس (جَاءَتْ) كَقَوْلِك : جِئتُ بزيد ، أيْ : أحضرتُهُ وَأجَأَتُهُ.

ثانياً : وإِنْ شِئْتَ عَلَّقتَها بمحذوف وَجَعَلْتَها حالاً ، أيْ : وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الحقِّ وَمَعَهَا الموتُ ، كَقَوْلِنَا : خَرَجَ بثيابهِ ، أيْ : وَثَيِابُهُ عَلَيْهِ ، وَمِثْلُهُ قولُ اللهِ تَعالى : (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) (٢) ، أيْ : وَزِينتُهُ عليهِ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الهُذَلِي :

يَعْثُرْنَ فِي حَدِّ الظُبَاتِ كَأَ نَّهَا

كُسِيَتْ بُرَوَدَ بَني يَزِيدَ الأَذْرُعُ (٣)

أَيْ : يَعْثُرْنَ وَهُنَّ فِي حَدّ الظُّبَاتِ ، وَكَقَولِهِ ـ أنْشَدَهُ الأصْمَعِي ـ :

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة ق : ٥٠ / ١٩ : (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالحَقِّ).

(٢) سورة القصص : ٢٨ / ٧٩.

(٣) تقدّم الشاهد في : ص : ٢٩٥ ، والبيت في : ٢ / ٢٨٤ من المحتسب على هذه الصورة ، وفي : ٢ / ٨٨ منه : (كأنما) مكان (كأنها) ، و (تزيد) مكان (يزيد).


وَمسْتَنَّة كَاستِنَانِ الخَرُو

فُ قَدْ قَطَعَ الحَبْلَ بِالْمِرْوَدِ (١)

أيْ : قَطَعَهُ وَفيِهِ مِرْوَدُهُ وَكَذَلِك الِقَراءَةُ العامةُ : (وَجَاءَتْ سَكَرةُ المَوْتِ بالحَقِّ) إنْ شِئْتَ عَلَّقْتَ البَاءَ بِنَفْسِ (جَاءَتْ) عَلَى مَا مَضى.

وَإنْ شِئتَ عَلَّقتَها بِمَحْذُف وَجَعَلْتَهَا حالاً ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : وَجَاءَتْ سَكْرةُ المَوْتِ وَمَعَها الحَقُّ.

فَإنْ قُلْتَ : فَكَيفَ يجوُز أنْ تَقُولَ : جَاءتْ سَكْرَةُ الحقِّ بالموتِ وأَنتَ تُريدُ بِهِ وجاءَتْ سَكْرَةُ الموتِ بالحقِّ ، فَيَا لَيْتَ شِعرِي أَيَّتُهُما الجائيةُ بِصَاحِبَتِهَا؟ قِيلَ : لاِشتراكهما في الحالِ ، وَقُربِ إحدَاهُمَا من صَاحِبَتهَا صَارَ كَأَنَّ كُلَّ واحدة مِنُهمَا جائيةٌ بالأُخرى ، لأَ نَّهُما ازدحمتا في الحالِ ، واشتبكتا حَتَّى صارَتْ كُلَّ واحدة مِنهُمَا جائيةً بِصَاحِبَتِها ، كَمَا يَقُولُ الرجلانِ المتوافيانِ فِي الوقت الواحدِ إلى المَكَانِ ـ كُلُّ واحد مِنهُمَا لصاحِبِهِ ـ لا أَدري (٢) أَأَنا سَبَقْتُك ، أَم أَنْتَ سبقتني (٣).

وَقَرَأَ ابنُ الزَّبير وابنُ عباس والفضل بن عباس وعبد الله بن يزيد وقتادة : (وَأَنْزَلْنَا بِالْمُعْصِرَاتِ) (٤).

قَالَ أَبو الفتح : إذَا أَنْزَلَ مِنْهَا فَقَدْ أَنْزَلَ بِهَا ، كَقَوْلِهِمْ : أَعْطَيْتُهُ مِنْ يدي دِرْهَمَا ، وَبيَدي دِرْهَماً (٥). المعنى واحدٌ وليستْ (مِنْ) ها هنا مثلها في قولهم

__________________

(١) تقدّم الشاهد في : ص : ٢٩٥.

(٢) الّذي في المحتسب : ٢ / ٢٨٤ (لا أرى) وما أثبتناه يقتضيه سياق الجملة.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٨٤.

(٤) من قوله تعالى من سورة النبأ : ٧٨ / ١٤ : (وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً).

(٥) نسب أَبو حيَّان في البحر المحيط : ٨ / ٤١٣ هذا التَّخريج للزَّمخشري وفاتَه أَن أَبا الفتحِ سَبَقَ إليهِ.


أعطيتُهُ مِنْ الدِّرْهَمِ ، لأنَّ هذَا مَعْنَاهُ بَعْضُهَا ، وَلَيْسَ يريدُ أنَّ الدرْهَمَ بعضُ اليد ، لكن معنى (مِنْ) هنا ابتداء الغاية ، أيْ : كَانَ ابتداءُ العطية مِن يَدِهِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ : أَعْطَاهُ بَعضَ يَدِهِ (١).

الباء الزائدة

قَرَأ يحيى وإِبراهيمُ : (مِمَنْ كَذَبَ بآيَاتِ الله) (٢) خفيفة الذَّالِ قَالَ أَبو الفتح : يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ دُخُولُ الباءِ هُنَا حَمْلاً عَلَى الَمَعْنى (٣) وَذَلِك لأَ نَّهُ فِي معنى مَكَرَ بِهَا ، وَمَا أَكْثَرَ هَذَا النَحُو في هَذهِ اللغة! وَقَدْ ذَكْرنَاهُ فِيَما مَضَى (٤) وَمِنْهُ قَوْلُهُ :

أَلَمْ يَأَتِيك والأنباءُ تَنمِي

بِمَا لاَقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيَادِ (٥)

زَادَ الباءَ فِي (بِمَا لاقَتْ) لَمَّا كَانَ مَعْنَاهُ أَلَمْ تَسْمَعْ بِمَا لاَقَتْ لَبُونُهُمْ ، وَفيِهِ

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٣٤٧ ـ ٣٤٨.

(٢) من قوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ١٥٧ : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآ ياتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْهَا).

(٣) فيكون (بِآيَاتِ) مفعولاً ويجوز أنْ يكونَ حالاً ، أي : كَذَبَ وَمَعَهُ (بِآيَاتِ اللهِ).

انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٦٦.

(٤) تنظر : ص : ١٨٩.

(٥) البيت لقيس بن زهير العبسي ، ويروى (يبلغك) مكان (يأتيك). انظر : الكتاب ٢ / ٥٩ ونوادر أبي زيد : ٢٠٣ والخصائص : ١ / ٣٣٣ و ٣٣٧ والمنصف : ٢ / ٨١ والمحتسب : ١ / ٦٧ وشرح المفصل : ٨ / ٢٤ و ١٠ / ١٠٤ وشواهد التوضيح والتصحيح : ٢١ والمقرب : ١ / ٥٠ و ٢٠٣ ورصف المباني : ١٤٩ والجنى الداني : ١١٢ والمغني : ١ / ١٠٨ و ٢ / ٣٨٧ والهمع : ١ / ٥٢ والخزانة : ـ بولاق ـ ٣ / ٥٣٤ وشرح التصريح : ١ / ٨٧ وشرح الأشموني : ١ / ١٠٣ و ٢ / ٤٤ والدرر اللوامع : ١ / ١٢٨.


مَا أَنْشَدَنَا أَبو علي :

أم كَيْفَ يَنْفَعُ مَا تُعْطِي العَلُوقُ بِهِ

رِئْمانَ أَنف إذَا ما ضُنّ بِاللَّبَنِ (١)

أَلْحَقَ البَاءَ فِي بهِ لَمَّا كَانَ تُعُطِي فِي مَعْنَى تَسمَّحَ بهِ ، أَلاَ تَرَاهُ قَالَ فِي آخِرِ البَيْتِ : إذا مَا ضُنَّ بِاللَّبَنِ؟ فالضَّنُ نَقيضُ السَّماحَة والبَذل (٢) وَقَرَأَ الحسَن وأَبو الحُويِرِثِ الحَنَفِي : (مَا هَذَا بِشِرىً) (٣) بِكَسرِ الباءِ والشّين.

قَالَ أَبو الفتح : تَحْتَمِلُ هَذِهِ الِقَراءَةُ وَجْهَينِ :

أَحَدُهُمَا : أنْ يَكُونَ أَرادَ مَا هَذا بَشْرِيّ ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالى : (وَشَرَوْهُ بِثَمَن بَخْس) (٤) ، أَيْ : بَاعُوهُ ، أيْ : مَا يَنبَغِي لِمِثْلِ هَذَا أَنْ يُباعَ فَوَضَعَ المَصدَرَ مَوْضِعَ اسمِ المَفْعُولِ ، كَقَولِ اللهِ سُبْحَانَهُ : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ) (٥) ، أيْ : مَصِيدُهُ ، وَكَقْوْلِهِ تَعَالَى : (وَهْوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلقَ ثُّم يعِيدُهُ) (٦) ، أيْ : الَمخْلَوقُ ، وَكَقُولِ النبيُّ صلّى الله عليه وآله : (الرَّاجِعُ فِي هِبَتِهِ) ، أيْ : فِي مَوْهِبَتِهِ ، وَهَذَا الثوبُ نَسِيجُالَيمَنْ ، أيْ : مَنْسُوجُهُ ، وَذَلك أَنَّ الأَفْعَالَ لا يُمْكنُنَا إعادَتُهَا. ومِنهُ قَوْلُهُمْ : غَفَرَ اللهُ لَك عَلْمَهُ فِيك ، أيْ : مَعْلُومَهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : هَذَا الدّرْهَمُ ضَرْبُ الأَميرِ ،

__________________

(١) البيت لأفنون التغلبي ويروى (تأتي) مكان (تعطي). انظر : شرح المفصل : ٤ / ١٨ واللسان : ١٢ / ١٤٠ و ١٥ / ١١٤ والمغني : ١ / ٤٥ والهمع : ٢ / ٣٣ وخزانة الأدب ـ بولاق ـ ٤ / ٤٥٥ و ٥١٩ والدرر اللوامع : ٢ / ١٧٩.

(٢) المحتسب : ١ / ٢٣٥.

(٣) مِنْ قَولِهِ تَعَالَى مِنْ سورة يوسف : ١٢ / ٣١ : (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيْمٌ).

(٤) سورة يوسف : ١٢ / ٢٠ وَبَعْدَهَا : (دَرَاهِمَ مَعدُوَدَة وَكَانُوا فِيْهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ).

(٥) سورة المائدة : ٥ / ٩٦.

(٦) سورة الروم : ٣٠ / ٢٧.


أيْ : مَضرُوبُهُ.

والآخر : أنْ تَكونَ الباءُ غَيرَ زائدة للتوكيدِ عَلَى الوجهِ الأوَّلِ لَكنّهَا كَالَّتِي فِي قَولِك : هَذا الثوبُ بمائِة دِرْهَم ، وَهَذَا العَبْدُ بِأَ لْفِ دِرهَم ، أَيْ : هَذَا بِهَذَا ، فيكونُ مَعْنَاهُ : مَا هَذَا بِثَمَن ، أَيْ : مِثْلُهُ لاَ يُقَوَّمُ وَلاَ يُثَمَّنُ فَيَكُونُ (الشرِيُّ) هُنَا يُرادُ بِهِ المفْعُولُ بِهِ ، أَيْ : الَّثمَنُ المُشْتَرَى بِهِ ، كَقَوْلِك : مَا هَذَا بِأَ لْف ، وَهْوَ نَفْيُ قَوْلِك هَذَا بأَلفْ ، فَالباءُ إذاً مُتَعَلِّقُةٌ بِمَحْذُف هُوَ الخبرُ ، مَثَلُهَا كَقَوْلِك : كُرُّ (١) البُرّ بِسِتّينَ ، وَمَنَوا السَّمْنِ بِدِرْهَم (٢).

وَقَرَأَ أَبو جعفر يزيد : (يُذْهِبُ) (٣) بِضَمّ الياء.

قَالَ أَبو الفتح : الباءُ زَائدةٌ ، أَيْ : يُذْهِبُ الأَبْصَارَ وَمِثْلُهُ فِي زِيادَةِ الباءِ فِي نَحْوِ هَذَا قَوْلُهُ : (وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيِكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ) (٤). وَقَولُ الهُذَلِي :

شَرِبْنَ بِمَاءِ البَحْرِ ثم تَرَفَّعَتْ

مَتَى لُجَج خُضْر لَهُنَّ نَئيِـجُ (٥)

أيْ : شَرِبْنَ مَاءَ البَحْرِ ، وَإنْ كَانَ قَدْ قِيلَ : إنَّ الباءَ هُنا بِمَعْنَى في ، أَيْ : في لجج البحر ، وَالمَفْعُول مَحْذُوف ، مَعْنَاهُ شَرِبْنَ الماءَ في جملةِ ماءِ البحرِ ، وفي هَذَا التأويلِ ضربٌ من الإِطَالة والبُعْدِ ، وأَعْلَمُ مِنْ بَعدُ أَنَّ هَذَهِ الباء إِنَّما تُزادُ

__________________

(١) الكُرُّ : مِكيال لأهلِ العِراق. تنظر : ص : ١٥٩ الحاشية الأولى.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٤٢ ـ ٣٤٣.

(٣) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٤٣ : (يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالاَْبْصَارِ).

(٤) سورة البقرة : ٢ / ١٩٥.

(٥) البيت لأبي كبير الهذلي ، ويروى (ترَوَّتْ) مكان (شَرِبْنَ) و (تنصَّبَتْ) مكان (ترَفَّعَتْ) و (على حبشيات) مكان (متى لجج). والبيت في وصف السحاب ، ومتى حرف جرّ بلغة هذيل. انظر : ديوان الهذليين : ١ / ٥١ وتهذيب اللغة : ١٤ / ٣٤٥ والخصائص : ٢ / ٨٥ وسر صناعة الإعراب : ١ / ١٥٢ والجنى الداني : ١٠٧ وشرح ابن عقيل : ٢ / ٦ والبحر : ٨ / ٣٩٥.


فِي هَذَا النَّحو كَقَولهِ : (يَذْهَبُ بِالأَبصارِ) (١) ، (وَلاَ تُلْقُوا بَأَيدِيكُم إلى التَّهْلَكَةِ) لِتَوكِيدِ مَعنى التعدّي ، كَمَا زِيدَتِ اللاّم لِتَوكِيد مَعْنى الإضافِة في قَولِهِمْ :

 ......

يَا بُؤسَ لِلْجَهلِ ضَرَّاراً لأَقْوَامِ (٢)

وَكَما زِيدَتِ الياءات لِتوكيد معنى الصفةِ في أَشقريّ ودواريّ وكلاّبيّ (٣) وكما زيدتِ التاء لتوكيدِ مَعنى التأَنيثِ في فرسة وعجوزة (٤) ، فاعرفْ ذَلِك ، ولا تُرَيَنَّ الباءِ في : (يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ) مَزِيدة زيادة ساذجة.

وإن شِئْتَ حملتَهُ على المعنى (٥) حَتَّى كَأَ نَّه قالَ يُكادُ سنابرقه يلوي بالأبصارِ أوْ يستأثر بالأبصار على ما مضى من قوله تعالى : (الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) (٦).

__________________

(١) سورة النور : ٢٤ / ٤٣.

(٢) صدره :

قالتْ بنو عامر خالوا بني أسد

 ......

والبيت للنابغة الذبياني. انظر : الديوان : ٧١ والكتاب : ١ / ٣٤٦ والمقتضب : ٤ / ٢٥٣ والخصائص : ٣ / ١٠٦ والهمع : ١ / ٧٣ والخزانة : ٢ / ١٣٠.

(٣) من قول العَجَّاج :

الدهـر بالإنسـان دواريّ

وقوله :

غُضْـفٌ طَـواهَا الأمـسِ كـلابيُّ

انظر : الخصائص : ٣ / ١٠٤ والمحتسب : ١ / ٣١٠ و ٣١١ وشرح الكافية : ٢ / ١٦٣.

(٤) قال الرضي الأسترآباذي : وتجيء التاء لتوكيد الصفة فهذه تفيد مبالغة في الوصف كما يفيدها ما هو كياء النسب نحو أحمريّ ودواريّ. انظر : شرح الكافية : ٢ / ١٦٣.

(٥) تنظر : ص : ١٨٩ وما بعدها.

(٦) سورة البقرة : ٢ / ١٨٧.


اللاّم

قَرَأَ ابنُ عباس وَسعيد بن جُبَير : (مِنْ بَعْدِ إكْرَاهِهِنَّ لَهُنَّ غَفُورٌ رَحيْمٌ) (١).

قَال أبو الفتح : اللاّمُ في (لَهُنَّ) مُتَعَلِّقَة بـ (غَفُورٌ) لأَ نّها أدنى إِليها وَلأنَّ فَعُولاً أقعدُ في التَّعدِّي مِنْ فَعِيل ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : فإِنَّ اللهَ من بَعْدِ إكْراهِهِنَّ غَفُورٌ لَهُنَّ ـ ويجوزُ أنْ تَكُونَ أيضاً مُتَعَلِّقَةً بـ (رَحيْمٌ) ، وَذَلِك أَنَّ ما لا يتعدّى قد يتعدّى بحرف الجرّ ، ألا تراك تقول : هذا مارٌّ بزيد أَمسِ فَتُعْمِل اسمَ الفاعلِ وهوَ لِمَا مضى ، لأَنَّ هُنَاك حرفُ الجرِّ وإنْ كُنْتَ لا تُعدِّيهِ فَتَنصِب بهِ وَهْوَ لِمَا مَضَى؟ فَكَذَلِك يَجوزُ تَعَلَّقُ اللاَّمِ في (لَهُنَّ) بنفسِ (رَحيْمٌ) وَإنْ كُنْتَ لا تُجيز : هَذَا رحيم زيداً على مذهب الجماعة (٢) غير سيبويه وَلأَجْلِ اللاّمِ فِي (لَهُنَّ).

فَإنْ قُلْتَ : فَإِذَا كَانَتِ اللاّمُ في (لَهُنَّ) متعلّقةً بـ (رَحيْمٌ) وإنَّما يجوزُ أَنْ يَقَعَ المَعْمُولُ بحيثُ يجوزُ وقوعُ العامِلِ أفَتُقَدّم رحيماً على غفور وهو تابعٌ لَهُ؟ قِيلَ : اتِّبَاعُهُ إيَّاهُ لفظاً لا يمنعُ مِن جوازِ تقديمِ (رَحيْمٌ) على غفور وذلك أَنّهما جميعاً خبران ، لـ (إِنَّ) ، وجاز تَقديم أَحدِ الخبرينِ على صاحبهِ فتقولُ : هَذا حلوٌ حامضٌ ويجوز : هَذَا حامضٌ حلوٌ ، فَلَك إذاً أَنْ تَقُولَ : فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعدِ إكراهِهِنَّ غفُورٌ رحيمٌ وإنْ شئتَ رحيمٌ غفورٌ.

وَيُحسِّنُ ذَلِك هُنَا أَيضاً شيءٌ آخرُ وهْوَ أَنَّ الرَّحْـمَـةَ كأَ نَّها أَسبَقُ رُتبَةً مِنَ

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة النُّور : ٢٤ / ٣٣ : (وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُّنَّ فَإِنَّ اللهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

(٢) قال المبرد : «فأَما ما كانَ على (فَعِيل) نَحو رحيم وعليم فقد أجاز سيبويه النصب فيه ولا أراهُ جائزاً». انظر : المقتضب : ٢ / ١١٤.


المَغفرةِ ، وذلك أَنَّهُ سبحانَه إنَّما يرحمُ فيغفرُ ، فَكَأَنَّ رتبَة الرحمةِ أَسْبَقُ في النفسِ مِنْ رُتبَةِ المغفرةِ ، فَلِذَلِك جازَ بَلْ حَسُنَ تَعْلِيقُ اللاَّمِ في (لَهُنَّ) بنفسِ (رَحيْمٌ) وإنْ كانَ بعيداً عنْها لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَونِ الرَّحْـمَـة سَبَباً للمَغفرةِ ، فَإذَا كانَتْ في الرَّتبَةِ قَبلَهَا معنىً حَسُنَ أَنْ تَكونَ قَبْلَهَا لَفْظاً أَيضاً. فَإنْ جَعَلْتَ (رَحيْمٌ) صِفَةً لـ (غَفُورٌ) لَمْ يجزْ أَنْ تُعَلِّقَ في (١) لهن بنفس (رَحيْمٌ) لاِمتناعِ تَقديمِ الصِّفةِ عَلَى مَوصُوفِهَا.

وإذَا لَمْ يجْز أَنْ يُنْوَى تقديمُها عليه لم يجزْ أَنْ تضع ما تعلَّقَ بِهَا قبلَهُ لأَ نَّهُ إنَّما يجوزُ أَنْ يقعَ المعمولُ بحيثُ يجوزُ أَنْ يَقَعَ العاملُ فيهِ ، وأَنْتَ إذا جعلتَ رحيماً صِفَةً لـ (غَفُورٌ) لَمْ يَجُزْ أَنْ تُقَدِّمَهُ عليهِ لامتناعِ جوازِ تَقْدِيمِ الصفةِ على مَوصُوفِهَا ، وَإذا كانَتْ حَالَّةً مِنهُ مَحَلَّ آخرِ أجزاءِ الكلمةِ مِنْ أوَّلِهَا فاعرفْ ذلك (٢).

مِـن

قَرَأَ علي بن أَبي طالب (عليه السلام) : (مِنْ بَعْثِنَا) (٣).

قال أَبو الفتح : أيْ يَا وَيْلَنَا مِنْ بَعْثِنَا مِن مَّرْقَدِنَا ، كَقَولِك : يَا ويلي مِنْ أَخْذك مِنّي مَالِي فـ (مِنْ) الأُولَى مُتَعَلِّقَةٌ بالوَيلِ ، كَقَوْلِك : يَا تَأَ لُّمِي مِنْك.

وإنْ شِئْتَ كَانَتْ حَالاً مِنْ (وَيْلِنَا) فَتَعَلَّقَتْ بمحذوف حَتَّى كأَ نّهُ قَالَ :

يا ويلنا كائناً مِنْ بَعْثِنَا ، وجازَ أَنْ يكونَ حالاً مِنْهُ كَما يجوزُ أَنْ يَكُونَ

__________________

(١) لا محل لـ (في) هنا.

(٢) المحتسب : ٢ / ١٠٨ ـ ١٠٩.

(٣) من قوله تعالى من سورة يس : ٣٦ / ٥٢ : (قَالُوا يَا وَيْلَـنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ).


خبراً عَنْهُ.

كَقَولِ الأَعشى :

 ......

وَيِلِي عَلَيْك وَوَيْلي مِنْك يَارَجُلُ (١)

وَذَلِك أَنَّ الحَالَ ضَرْبٌ مِنَ الخَبَرِ.

وَأَمَّا (مِنْ) فِي قولِهِ تَعَالَى : (مِنْ مَرْقَدِنَا) فَإِنَّهَا مُتَعَلّقَةٌ بِنَفسْ البعثِ ، كَقَوْلِك : سَرَّنِي بَعْثُك مِنْ بَلَدِك إلَيَّ (٢).

مِن الزَّائدة

قَرَأَ زيد بن ثابت وأَبو الدَّرداء وأَبو جعفر ومجاهد ـ بخلاف ـ ونصرُ بنُ علقمةَ ومكحولٌ وزيدُ بن علي وأبو رجاء والحسنُ ـ واختلف عنهما ـ وحفصُ بنُ حميد وأبو عبد الله محمّد بن عليّ : (نُتَّخَذَ) (٣) بِضَمِّ النون.

قالَ أَبو الفتح : أَمّا إذَا ضُمَّتِ النونُ فَإِنَّ قَوْلَهُ : (مِنْ أَوْلِياءَ) فِي موضعِ الحالِ (٤) وَدَخَلَتْ (مِنْ) زائدةً لِمَكَانِ النَّفِي ، كقولِك : اتّخذت زيداً وكيلاً فإن نفيت قلت : ما اتّخذت زيداً من وكيل ، وكذلك أعطيتُهُ دِرْهَماً ، وَمَا أَعطيتُهُ مِنْ دِرْهَم وَهَذا في المفعول (٥).

__________________

(١) صدره :

قَالَتْ هُرَيرَةُ لَمَّا جئتُ زَائِرَهَا

 ......

انظر : الديوان : ٤٣.

(٢) المحتسب : ٢ / ٢١٣.

(٣) من قوله تعالى من سورة الفرقان : ٢٥ / ١٨ : (قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ).

(٤) أَخذنا مسألةَ الحال في ص : ٢٩٦.

(٥) المحتسب : ٢ / ١١٩ ـ ١٢٠.


إلى

قَرَأَ طَلْحَة : (وهو يَدَّعِي إلى الإسلامِ) (١).

قالَ أَبو الفتح : ظاهرُ هذا أَنْ يُقَالَ : يَدَّعِي الإسلام ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَدَّعِي الإسلام يَنْتَسبُ إِليهِ قالَ : يَدَّعي إِلى الإِسلام حَمَلاً على معناهُ ، كَقولِ الله تَعَالى : (هَلْ لَك إلَى أَنْ تَزَّكّى) (٢) وعادة الاستعمال هل لَك في كَذَا لَكِنّهُ لَمَّا كَانَ معناهُ أدعوك إلى أَنْ تَزَّكَّى استعملَ (إلَى) هُنَا تَطَاولاً نحو المَعْنَى (٣) وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا (٤) وَهْوَ غورٌ عظيمٌ (٥).

حاشا

قَرَأ (حاشا اللَّهِ) (٦) : ابنُ مسعود وأُبَيُّ بنُ كعب ، وَقَرأَ (حاشَ الإلَه) : الحَسنُ ، وَقَرأَ : (حَاشْ للَّهِ) جَزْمٌ الحسَنْ بخِلاف.

قَالَ أَبو الفتح : أمَّا (حَاشَا الله) فَعَلَى أَصْلِ اللفظة وهي حرفُ جرّ (٧) ، قال :

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الصفّ : ٦١ / ٧ : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الاِْسْلاَمِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).

(٢) سورة النازعات : ٧٩ / ١٨ : وتشديد الزاي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو ـ بخلاف عنه ـ وأبي جعفر ويعقوب. انظر : البحر المحيط : ٨ / ٤٢١ والإتحاف : ٢٦٧.

(٣) قال أَبو حَيَّان : تقولُ العربُ : هل لك في كذا وهل لك إلى كذا ، فيحذفون القيدَ الَّذي تَتَعَلَّقُ بهِ (إلى) ، أي : هل لك رغبةٌ أو حاجَةٌ إلى كذا أو سبيلٌ إلى كذا. انظر : البحر المحيط : ٨ / ٤٢١.

(٤) انظر : ص : ١٩٠ وما بعدها.

(٥) المحتسب : ٢ / ٣٢١.

(٦) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ٥١ : (قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوء).

(٧) وهذا مذهبُ سيبويه حيثُ يَرى أَنَّها حرفٌ خَافِضٌ دَالٌّ عَلَى الاستثناءِ ولا يجيزُ النصبَ


حاشَا أبي ثَوْبَانَ إنَّ بِهِ

ضِنّا عَلَى المَلْحَاةِ والشَّتْمِ (٧)

وَأَمَّا (حاشَ الإله) فَمحذوف من حاشَا تخفيفاً ، وهو كَقوْلِك : حاشَا الربّ وحاشَا المَعْبود ، وَلَيس (الإلَه) هَكَذا بالهَمْزِ هُوَ الاسمُ العلَم ، إنَّما ذَلِك اللهُ ـ كَمَا تَرى ـ المحذوف الهمزة على هذا استعملوه لَما وإنْ كانَ لَعمْرِي أَصْلُهُ لإلَهُ مكان الله فَإنّهُ كاستعمالِهِمْ فِي مَكَانَه المعبود والرّبّ. وَمِنْهُ قَولُهُ :

لَعَنَ الإلهُ وَزَوْجَها مَعَـهَـا

هِندَ الهُنُودِ طَويلة الفَعْـلِ (١)

وأَما (حاشْ لله) بسكون الشِّين فضعيفٌ من موضعين :

أَحدُهُمَا : التقاء الساكنين : الألف والشِّين ، وَلَيْسَتْ الشينُ مُدْغَمَةً.

والآخَر : إِسكانُ الشين بعد حذفِ الألفِ ولا مُوجِبَ لِذَلِك.

لَكنَّ السؤالَ من هذا عَنْ إِدخَالِ لامِ الجرِّ عَلى (لله) وَقَبْلَهَا (حاشْ)

__________________

بِهَا. قالَ أَبو علي الفارسي إنَّ حاشَ حرفُ استثناء وقد أَجازَ النَّصبَ والجرَّ بها الجرمي والزَّجَّاجُ والمُبَرِّدُ وقالَ الكوفيونَ إنّها فعلٌ. انظر : الكتاب : ١ / ٣٧٧ و ٣٩٥ والمقتضب : ٤ / ٣٩١ وأصول النحو : ١ / ٢٥٢ والبيان : ٢ / ٣٩ والإنصاف : ١ / ١٦١ المسألة : ٣٧ والجنى الداني : ٥١٣ والبحر المحيط : ٥ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.

(١) البيت للجميح وهو منقذ بن الطماح بن قيس بن طريف الأسدي وينسب إلى سبرة بن عمرو الأسدي. ويروى (أبا) مكان (أبي) والبيتَ ملفّق من بيتين هما :

حاشَ أبي ثوبان إن أبا

ثوبانَ لَيسَ بِبُكمَة فَدَمِ

عمرو بن عبد الله إِن به

ضِناً عَن الملَحاةِ والشَّتْمِ

انظر : المفضليات : ٣٦٧ والمحتسب : ١ / ٢٤١ والمفصل : ١٣٤ والكشاف : ٢ / ٤٦٥ والإنصاف : ١ / ١٦٢ والبيان : ٢ / ٤٠ وشرح المفصل : ٨ / ٤٧ واللسان : ١٤ / ١٨٢ والجنى الداني : ٣ / ٥ والمغني : ١ / ١٢٢ والبحر المحيط : ٥ / ٣٠٠.

(٢) البيت لحسان بن ثابت. وروايته (البَظْرِ) مَكَانَ (الفَعْلِ) وَيُكَنَّى بالفَعلِ عن حياء الأُنثى.

انظر : الديوان : ٢٢٩ والمحتسب : ١ / ٣٤١ والمقرب : ١ / ٢٣٤ وهمع الهوامع : ٢ / ١٤١ والدرر اللوامع : ٢ / ١٩٤ ومعجم شواهد العربية : ١ / ١٨٦.


و (حاشَى) (١) وهو حرف جرّ ، كيف جَاز التقاء حرفي الجرّ (٢)؟ فالقول أَنَّ (حاشْ) و (حاشى) فِعلان فَلِذَلِك وَقَعَ حرفُ الجرِّ بعدَهَا.

حَكى أَبو عثمان المازِنِي عَنْ أَبي زيد قَالَ : سَمِعْتَ أَعرابيّاً يَقُولُ : اللَّهمَّ اغفر لي وَلِمَن سَمِعَ حاشَى الشَّيطانَ وأَبا الأَصبع (٣) ، فنصبَ بِحَاشَى.

وَهَذَا دليلُ الفعليةِ. فعليهِ وَقَعتْ بَعْدَهُ لامُ الجرّ (٤).

حذف الجارِّ والمجرور

قَرَأَ عِكْرِمة : (حيناً تُمسونَ) (٥) قال أبو الفتحِ : أَرادَ حيناً تمسون فيهِ ، فحذَفَ (فيه) تخفيفاً.

هَذا مذهبُ صاحبِ الكتاب (٦) في نحوه ، وهو قولُهُ سبحانَهُ : (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْس شَيْئاً) (٧) ، أَيْ : لاَ تَجزي (فيه) ثُمَّ حَذَفَ (فيه) مُعْتَبِطاً لِحَرْفِ الجرِّ والضَّميرِ لدلالةِ الفعلِ عَلَيْهِمَا.

__________________

(١) لم يذكر (حاشى لله) فيما ذَكَرَ من قراءات الآية.

(٢) لأَنَّ حرفَ الجرّ لا يدخلُ على حرفِ الجرِّ ـ كما يقول أَبو حيان ـ انظر : البحر المحيط : ٥ / ٣٠٣.

(٣) اُنظر : أُصول النحو : ١ / ٣٥١ وشرح المفصل : ٢ / ٨٥ وشرح الكافية : ١ / ٢٤٤ والجَنَى الدَّاني : ٥١٣ والمغني : ١ / ١٢٢ وشرح ابن عقيل : ١ / ٦٢١. وقد رويت أَيضاً عن أَبي عمرو وإسحاق ابن مَرَّار الكوفي المتوفّى (سنة / ٢٠٥ هـ).

(٤) المحتسب : ١ / ٣٤١ ـ ٣٤٢.

(٥) من قوله تعالى من سورة الروم : ٣٠ / ١٧ : (فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ).

(٦) انظر : الكتاب : ١ / ١٩٣.

(٧) سورة البقرة : ٢ / ٤٨ و ١٢٣.


وَقَالَ أَبو الحسن حذف (في) فبقى (تجزيه) (١) ، لأَ نَّهُ أَوْصَلَ إِليْهِ الفِعْلُ ثُمَّ حَذَفَ الضَّمِيرَ مِنْ بَعدُ فَفَيهِ حَذْفَانِ مُتَتَالِيانِ شيئاً عَلَى شيء وَهَذا أَرفْقُ والنَّفْسُ بهِ أَبْسَأُ (٢) مِنْ أَنْ يُعْتَبَطَ الحَرْفَانِ مَعاً في وقت وَاحد. وَقَرَأَ أَيضاً : (وَحِيناً تُصبِحُونَ) والطريق واحد (٣).

شبه الجار والمجرور بالفعل

قَرَأَ أَبو جعفر يزيد : (لَعِبرَةً تَسْقِيكُمْ) (٤) قَالَ أَبو الفتح : لَيْسَ قَوْلُهُ : (تَسْقِيكُمْ) صفةً لِعبِرة كَقَوْلِك : لَعِبرَةٌ سَاقِيةٌ.

أَلا تَرَى أنّهُ لَيْسَتِ العِبْرَةُ الساقية ، وإِنَّمَا هُنَاك حَضُّ وَبَعْثٌ عَلَى الاعتبارِ بِسُقْيَاهَا لَنا أَوْ بِسُقْيَا اللهِ سُبْحَانَهُ إِيَّانَا مِنْهَا؟ فَالَوقْفُ إذاً على قولهِ : (لَعِبْرَةً) ثُمَّ استَأنَفَ تَعالَى تَفْسِيرَ العِبْرَة ، فَقَالَ : (تَسقِيكُم) هي ، أوْ (نُسْقِيكُمْ) نَحْنُ (مِمَّا فِي بطونِها) وَقَوْلُهُ (وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كثيرةٌ) أَحَدُ ما يدلّ على قوّة شَبَهِ الظرفِ بالفعلِ.

ألاَ تَراهُ معطوفاً عَلَى قولِه : (نُسْقِيكُمْ)؟ والعطفُ نظيرُ التثنية ، والتثنية تَقْتَضِي تساوي حال الاسمين وتشابههما وَمِثْلُهُ في ذَلِك قولُ الآخر أَخبَرَنا بهِ أَبو بَكر محمّد بن الحسن عن أَبي العبَّاس أَحمد بن يحيى ثَعْلَب :

__________________

(١) انظر : معاني القرآن للأخفش : ٣٩ / أ.

(٢) أبسأ : آنس. انظر : مختار الصحاح ـ بسأ ـ : ٥١.

(٣) المحتسب : ٢ / ١٦٣ ـ ١٦٤.

(٤) من قوله تعالى من سورة المؤمنون : ٢٣ / ٢١ : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقيِكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ).


زَمَانَ عَليَّ غُرابٌ غُدافٌ

فَطَيـَّرَهُ الشيبُ عَنِّي فَطَارَا (١)

فَعَطَفَ (طَيَّرَه) على (عليّ) وهو ظرفٌ (٢).

وَمِنْهُ قَولُهُ تَعَالى : (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَة فَمِنَ اللهِ) (٣) فوجود معنى الشرط في الظرفِ أقوى دَلِيل عَلَى قوّةِ شَبَهِهِ بالفِعْلِ ، لأَنَّ الشَّرطَ لاَ يَصحّ إِلاَّ بِهِ ، وَسَوَّغَ ذَلِك أَيْضاً أَنَّ قَوْلَهُ : (نُسْقِيكُمْ مِمّا فِي بُطُونِهَا) (٤) فِي مَعنَى قَولِهِ : لَكُمْ فِي بُطونِها سُقْيَا ، وَلَكُمْ فِيَها مَنَافِعُ (٥).

إِنَّ أبا الحسَن : يَرفَعُ زيداً مِنْ قولِك : في الدارِ زَيْدٌ بالظرفِ (٦) ، أَيْ : يَرْفَعهُ بالفعل (٧) ، وَمِن غَريب شبه الظرف بالفعل أَنهم يجيزونَ في قَولِهِمْ : فِيْك يُرغَبُ ، أَنْ يكُونَ فِيك مرفوعاً في الابتداءِ ، وَفي (يُرْغَبُ) ضميرُهُ كَقَولِك : زَيْدٌ يُضْرَبُ مِنْ مَوْضِعَينِ :

أَحَدُهُمَا : أَنَّ الفِعْلَ لا يَرْتَفعُ بالابتداءِ فَكَذَلِك الظرف.

والآخر : أنَّ الظَّرفَ لاَ ضَمِيرَ لَهُ ، كَمَا أَنَّ الفِعْلَ لاَ ضَمِيرَ لَهُ.

__________________

(١) لأَبي حيَةَ النميري. والغدَافُ : الأَسود. أوْ بالأحرى الشعرُ الأسود.

انظر : الخصائص : ١ / ١٠٧ و ٣ / ٣٢٠ والمحتسب : ٢ / ٩٠ واللسان : ٢ / ١٣٨.

(٢) أبو الفتح : يُسَمّي الجار والمجرور ظرفاً.

تنظر : ص : ٢٨٨.

(٣) سورة النحل : ١٦ / ٥٣.

(٤) من قوله تعالى من سورة : المؤمنون ٢٣ / ٢١ : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الاَْنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ).

(٥) المحتسب : ٢ / ٩٠.

(٦) تنظر : ص : ٢٨٨.

(٧) انظر : تفصيل ذلك في كتاب الإعراب عن قواعد الإعراب : ٩٠.


ومن ذلك أيضاً قوله :

زَمانَ عَليَّ غُرابٌ غُدَافٌ

فَطَيَّرهُ الشَّيبُ عنّي فَطَارا

فَعَطْفُهُ عَلى الظِّرفِ من أقوى دليل على شَبَهِهِ بهِ (١).

الجرّ بالمجاورة

قَرَأَ يَحْيَى والأَعْمَش : (ذُو القُوَّةِ المَتينِ) (٢).

قَالَ أَبو الفتح : يَحْتَمِلُ أمرين :

أَحدُهُمَا : أَنْ يكونَ وصفاً للقوّةِ كرَّه عَلَى مَعْنَى الحَبْلِ ، يُريدُ قَوي الحَبلِ ، لِقَولِهِ : (فَقَدِ اسْتَمْسَك بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا) (٣).

والآخر : أَنْ يَكُونَ أَرادَ الرفعَ وصفاً للرَّزَّاقِ. إِلاَّ أَنَّهُ جاءَ عَلَى لفظِ القوّةِ لجوارِها إِيّاه. عَلَى قَوْلِهِمْ هَذَا جحرُ ضَبّ خَرِب (٤) ، وَعَلَى أنَّ هَذَا في النكرة ـ على ما فيه ـ أَسْهَل مِنْهُ في المعرفةِ وذَلك أَنَّ النَّكِرَةَ أشدُّ حَاجَة إلى الصِّفَةِ ، فبقدرِ قوّةِ حَاجَتِهَا إليها تتشبّثُ بالأَقرَبِ إلَيهَا فَيَجَوزُ : هَذَا جُحْرُ ضَبّ خَرِب لِقُوّةِ حاجةِ النَّكِرَةِ إلَى الصِّفَةِ.

فَأمَّا المَعرِفَةُ فَتَقِلُّ حاجتُها إلى الصفةِ ، فَبِقَدرِ ذَلِك لا يَسوغُ التَّشَبُّثُ بِمَا يقربُ مِنْهَا لاستغنائِها فِي غَالِبِ الأَمرِ عَنْهَا.

أَلاَ تَرَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَجِبُ ألاَّ تُوَصَفَ المَعْرِفَةُ لَكِنَّها لَـمـَّا كَثُرتِ المعرفةُ

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٤٤.

(٢) من قولهِ تعالى من سورة الذاريات : ٥١ / ٥٨ : (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ).

(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢٥٦.

(٤) الكتاب : ١ / ٣٤ و ٢١٧.


تَداخَلَتْ فِيَما بعدُ ، فجازَ وصْفُهَا وَلَيْسَ كَذَلِك النَّكِرَةُ ، لأ نَّهَا فِي أَوَّلِ وَصْفِهَا مُحْتَاجِةٌ ـ لإبهَامِهَا ـ إلى وَصْفِهَا.

فَإِنْ قلْتَ إِنَّ القوّةَ مؤنَّثَةٌ والَمتينُ مُذَكَّرٌ فَكَيفَ جازَ أَنْ يُجرِيها عَلَيْهَا عَلَى الخِلافِ بَيْنَهُمَا؟ ألاَ تَرىَ أنَّ مَنْ قَالَ : هذا جُحر ضَبّ خَرِب لاَ يقولُ هذانِ جُحرا ضَبّ خَرِبينِ لُِمخَالَفَةِ الاثنينِ الواحدَ (١)؟ قِيلَ : قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ القوّةَ هُنا إنَّما المَفهُومُ مِنْهَا الحَبْلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَكَأَ نَّهُ قَالَ : إنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاق ذُو الحَبْلِ المَتينِ ، وَهَذَا وَاضِحٌ.

وأَيضاً فَإنَّ المتين فَعِيل ، وَقَد كَثُرَ مجيء فَعيل مذكراً وَصْفاً للمؤنّث (٢) ، كَقَوْلِهم حلّة خَصِيف (٣) ، ومِلْحَفَةٌ جَديد (٤) ، وناقُة حَسير وسديس ، وريح خريق (٥).

__________________

(١) قال الخليل : لا يقولون : إِلاّ هذان جحرا ضبّ خربان ، من قِبَلِ أَنَّ الضَّبَّ واحدٌ والجحرُ جُحران. وقَال سيبويه : لا نرى هذا الأوَّلَ إلاّ سواء ، لأَ نَّهُ إذا قالَ : هذا جحرُ ضَبّ منهدم ففيه من البيان أنَّهُ لَيسَ بالضبِّ مثل ما في التثنية من البيان إِنَّه ليس بالضَّبِّ. انظر : الكتاب : ١ / ٢١٧.

(٢) إذا كان فعيل بمعنى فاعل مثل كريم لحقته التاء في التأنيث فتقول : امرأة كريمة وقد حذفت منه قليلاً. وإنْ كانَ بِمعنى مفعول ولم يتبع موصوفه لحقته التاء نحو هذه ذبيحة ونطيحة. وإنْ تبع موصوفه حُذِفَتْ منه التَّاءُ غَالباً نحو مَرَرْتُ بامرأة جريح. انظر : قال ابن مالك :

وَمِنْ فَعِيل كَقَتِيل إِنْ تَبِعْ

مَوْصُوفَهُ غَالِباً التَّا تَمْتَنِعْ

شرح ابن عقيل : ٢ / ٤٣٢.

(٣) وَيُقَالُ أَيْضاً كتيبةٌ خصيفةٌ لِمَا فيها مِنْ صدإ الحَديد وبياضِهِ. انظر : اللسان : ١٠ / ٤٢٠.

(٤) انظر : مختار الصحاح : ٩٥.

(٥) المحتسب : ٢ / ٢٨٩.


التخلّص من التقاء الساكنين

١ ـ بالكسر

حَكَى أَبو عمرو : أَنَّ أَهلَ نجران (١) يقولون : (بَرَاءَةٌ مِنِ اللهِ) (٢) يجرّون الميم والنون.

قَال أَبو الفتح : حَكَاهَا سِيَبوَيه (٣) وهي أوّل القياسِ ، تَكْسِرُهَا لالتقاء الساكنين غَيرَ أَنَّهُ كَثَرَ استعمالُ (مِنْ) مَعَ لامِ المعرفة فَهَرَبُوا مِنْ تَوَالِي كَسرتين إلى الفَتْحِ (٤) وإذَا كَانُوا قَدْ قَالُوا : (قُمَ الليْلَ) (٥) (وَقُلَ الحَقُّ) (٦) ففتحوا وَلَمْ تَلْتَقِ هُنَاك كَسْرَتَانِ ، فالفتحُ في (مِنَ اللهِ) لِتَوَالِي الَكسْرَتَيْنِ أَوْلَى (٧).

٢ ـ بالكسر وغيره

قَرَأ أُبَيُّ بنُ كَعْب والحسَنُ وابنُ أَبي إسحاقَ : (صَادِ) (٨) بكسر الدَّالِ.

__________________

(١) انظر : مختصر في شواذّ القرآن : ٥١.

(٢) من قوله تعالى من سورة التَّوبة : ٩ / ١ : (بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).

(٣) قال سيبويه : وقد اختلفتِ العرب في (مِنْ) إذا كان بعدَهَا ألِفُ وصل غير ألفِ اللاّمِ فكَسَرَهُ قَومٌ على القياسِ ، وهي أكثرُ في كلامِهِم ، وهي الجيدةُ. الكتاب : ١ / ٢٧٥.

(٤) هذا ملخّص رأي سيبويه. انظر : الكتاب : ١ / ٢٧٥.

(٥) من قوله تعالى من سورة المزمّل : ٧٣ / ٢ : (قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيْلاً). والفتح حكاهُ قُطْرُب. اُنظر : هذه القراءة في مختصر في شواذّ القرآن : ١٦٤ والمحتسب : ٢ / ٣٣٦ والبحر المحيط : ٨ / ٣٦٠.

(٦) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٢٩ : (وَقُلِ الحَقَّ مِن رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ). والفتح قراءة أبي السَّمَّال. انظر : مختصر في شواذّ القرآن : ٧٩.

(٧) المحتسب : ١ / ٢٨٣.

(٨) من قوله تعالى من سورة ص : ٣٨ / ١ : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ).


وَقَرَأَ : (صَادَ والقُرآنِ) ـ بفتحِ الدَّالِ ـ الثقفي.

قَالَ أَبو الفتح : المَأْثُورُ عَنِ الحسَن أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَكْسِرُ الدَّالَ مِنْ (صاد) لأَ نَّهُ عندَهُ أمرٌ مِنَ المُصَادَاةِ ، أي : عارضْ عَمَلَك بالقرآنِ.

قَالَ أبو علي : هو فاعلٌ من الصَّد وَهْوَ ما يعارِضُ الصَّوتَ فِي الأماكِن الخالية من الأجسامِ الصلبةِ ، قَالَ : وَلَيْسَ فيهِ أكثر مِنْ جَعْلِ (الواو) بمعنى الباءِ فِي غير القَسَمْ ، وَقَدْ يُـمْكِنُ أَنْ تَكُونَ كَسْرَة الدّالِ لاِلتقاءِ الساكِنَينِ كَمَا أَنَّ فَتْحَها فَتحٌ لِذَلِك ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْ فَتَحَ جَعَلَ صاد عَلَماً للسورةِ فَلَمْ يصرفْ ، فالفتحُ عَلى هَذا فتحةُ إعراب (١).

وَقَرأَ : (ياسينَ والقرآن) (٢) بفتحِ النونِ ابنُ أَبي إسحاقَ ـ بخلاف ـ والثقفي.

وَقَرأَ : (ياسينِ) بكسرِ النونِ أَبُو السَّـمَّـال وابنُ أَبي إسحاقَ بخلاف. وَهَارُونُ عَنْ أَبي بَكْر الهُذَلِي عَنْ الكَلْبِي : (ياسينُ) بالرَّفْعِ.

قَالَ : فَلَقِيتُ الكَلْبِي فَسَأَ لْتُهُ فَقَالَ : هي بلغةِ طئ يَا إنْسَانُ.

قَال أَبو الفَتْح : أمَّا الكسرُ والفتحُ جميعاً فكلاهما لالتقاءِ الساكنين وَذَلِك أَنَّهُ بَنى الكلامَ عَلى الإدراج لا على وقف حروف المعجمَ فَحَّرَّك فيهِ لِذَلِك.

وَمَنْ فَتَحَ هَرَبَ إِلى خفّةِ الفتحةِ لأَجلِ ثِقَلِ الياءِ قبلَها والكَسْرَة.

وَمَنْ كَسَرَ جَاءَ بهِ عَلَى أَصْلِ حركةِ التقاءِ السَّاكِنينِ ونظيرُهُ قَوْلُهُمْ : جَيْرِ (٣) وهَيْتِ (٤) لَك وَإيِهِ ، وسيبويهِ ، وَعَمْرَوَيْهِ ، وَبَابهما.

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٣٠.

(٢) من قوله تعالى من يس : ٣٦ / ١ و ٢ : (يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ).

(٣) جير : نعم.

(٤) هيت : هلم.


وَمَنْ ضَمَّ احتمل أَمْرينِ :

أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ أَيْضاً لالتقاءِ الساكِنَينِ كَحَوْبُ (١) في الزَّجْرِ ، ونحنُ ، وَهَيْتُ لك.

الآخر : أنْ يكونَ على ما ذهبَ إليهِ الكلبي وروينَاهُ عَن قُطْرُب :

فَيا لَيْتَني مِن بَعْدِ فَاطَا وَأَهْلِهَا

هَلَكْتُ وَلَمْ أَسْمَعْ بِهَا صوتَ إيسانِ (٢)

ورواه أيضاً : مِنْ بعدِ مَا طافَ أهْلُهَا وَقَالَ مَعْناهُ : صوت إنْسَان.

ويَحتَمِلُ ذلك عندي وجهاً آخرَ ثالثاً ، وهو أنْ يَكُونَ أَرادَ يا إنسانُ إلاَّ أَنَّهُ اكتفى من جميع الاسم بالسين ، فقالَ : يا سينُ فـ (يَا) فيه الآن حرفُ نداء كقولِك يا رجلُ ، وَنَظيرُ حذفِ بعضِ الاسم قولُ النبي صلّى الله عليه وآله : «كفى بالسيف شا» (٣) أي : شاهداً ، فحذفَ العينَ واللاَّمَ.

__________________

(١) الحَوبُ : في الأصلِ الجَمَلُ ثمّ صارَ زَجْراً لهُ.

(٢) البيت لعامر بن جوين الطائي. ويروى (ما طاف) مكان (فاطا و).

انظر : المحتسب : ٢ / ٢٠٣ والمقرب : ٢ / ١٧٠ واللسان : ٧ / ٣٠٩ ومعجم شواهد العربية : ١ / ٣٩٧.

(٣) أصل الحديث أنَّ بعضَ الصحابة قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : «يا رسول الله أرأيت إنْ وجدتُ مع امرأتي رجلاً أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟! قال : نعم». وفي بعض طرق الحديث : «قال : يا رسول الله أأقتله؟ قال : كفى بالسيف شا».

أراد (صلى الله عليه وآله) أن يقولَ : شاهداً ثمّ توقَّفَ ، فقالَ : «لا».

ورُوي الحديثُ بلفظِ «كفى بالسيف شاهداً» أيضاً : ولا شاهدَ فيه على هذه الرواية.

ينظر في : المصنّف لعبد الرزاق الصنعاني : ٩ / ٤٣٤ / ١٧٩١٨ ، وسنن ابن ماجة : ٢ / ٨٦٨ ـ ٨٦٩ / ٢٦٠٦ باب (٣٤) ، وسنن أبي داود : ٢ / ٣٤٢ ـ ٣٤٣ / ٤٤١٧ باب (٢٣) ، والمبسوط للشيخ الطوسي : ٧ / ٤٨ و ٨ / ١٧١ كتاب الشهادات ، والنهاية في غريب الحديث / ابن الأثير : ١ / ١٩٧ (باب التاء مع الياء).


وَكَذَلِك حَذَفَ من إنسان الفاءَ والعَينَ غيرَ أَنَّهُ جَعَلَ مَا بِقَي مِنهُ اسماً قائماً بِرَأسِهِ ، وَهو السِّينُ فقيلَ : يا سينُ ، كَقَوْلِك لَوْ قَسْتَ عَلَيهِ نداءَ زيد : يا دال.

وَيُؤَكِّدُ ذَلِك مَا ذَهَبَ إليهِ ابنُ عبَّاس في (حم * عسق) (١) ونحوه أنَّهَا حروف من جملة أَسماءِ اللهِ (٢) (عَزَّوجلَّ) وَهيَ : رَحيمٌ ، وعليمٌ ، وَسَمِيعٌ ، وَقَدِيرٌ ، وَنَحو ذَلِك. وشبيههِ بهِ قَوْلُهُ :

قُلْنَا لَهَا قِفي لَنَا قَالَتْ قَافْ (٣)

أي : وقفتُ ، فاكتفتْ بالحرفِ مِنَ الكلمةِ (٤).

وَقَرَأ الثقفي : (قافَ) (٥) بفتح الفاء. وَقَرَأَ : (قافِ) ـ بالكسر ـ الحسنُ وابنُ أَبي إسحاقَ.

قالَ أَبو الفتح : يَحتَمِلُ (قَافَ) بالفتح أَمرين :

أحَدُهُمَا : أنْ تَكُونَ حَرَكَتَه لالتقاء الساكنين ، كما أَنَّ مَنْ يَقْرَأُ (قَافِ) بالكسر كَذَلِك ، غَيرَ أَنَّ مَنْ فَتَحَ أَتْبَعَ الفتحَةَ صوتَ الأَلفِ لأَ نَّها مِنْهَا ، وَمَنْ كَسَرَ فَعَلَى أصْلِ التقاءِ الساكِنَينِ.

والآخر : أنْ يَكْونَ (قافَ) منصوبةَ الموضِع بفعل مُضْمَر غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ

__________________

(١) سورة الشورى : ٤٢ / ١ و ٢.

(٢) معاني القرآن وإعرابه للزجّاج : ١ / ٢٠ والبحر المحيط : ١ / ٣٤.

(٣) هذا الرجز للوليد بن عقبة. ويروى : قلت لها قفي فقالت قاف.

ويروى :

قلت لها قفي فقالت لي قاف.

أراد : فقالت قد وقفت. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ٧٥ وتأويل مشكل القرآن : ٣٠٨ والخصائص : ١ / ٣٠ و ٨٠ و ٢٤٦ و ٢ / ٣٦١ والأغاني : ٥ / ١٨١ واللسان : ١١ / ٢٧٥.

(٤) المحتسب : ٢ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤.

(٥) من قوله تعالى من سورة ق : ٥٠ / ١ : (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ).


يَصْرِفْهَا لاجتماع التعريف والتأنيثِ في معنى السورة (١).

وأما قراءة الحسن (صادِ) (٢) بالكسر فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّه يُريدُ بِهَا مِثَال الأمر من صادَيِتُ ، أيْ : عارضْ عَمَلَك بالقرآن ، فَلا وَجه لاعادتِهِ. وقيل (قاف) جبل محيط بالأرض (٣) فكانَ قياسُه الرفعُ ، أيْ : هُوَ (قاف) وقد تَمَحَّل الفرّاء في هذا فقال (٤) : جاء ببعض الاسم كقوله : قَلْنَا لَهَا قِفي لَنَا قَالَتْ قَافْ وَفيِ هذا ضعفٌ ، ألاَ تَرَى إلى الفتحِ والكَسْرِ فيهِ (٥)؟

٣ ـ التبلغ بالحركة

قَرَأَ أَبو السَّـمـَّال : (قُمُ الليلَ) (٦) وَرَوح ـ عَنْ أبي اليقظان ـ قال : سَمِعْتُ أَعرابياً من بلعنبر يَقْرَأُ كَذَلِك.

قال أَبو الفتح : عِلَّةُ جوازِ ذَلِك أَنَّ الغَرَضَ فِي هَذِهِ الحركةِ إنَّمَا التبلُّغُ بِهَا هَرباً مِنْ اجتماعِ الساكنين فَبَأَيّ الحركات حَرَّكْتَ أَحدَهُمَا فَقَدْ وقعَ الغرضُ (٧) ، وَلَعَمْرِي إِنَّ الكسر أكثرُ ، فأَمَّا أَلاَّ يَجُوزُ غَيْرُهُ فَلاَ.

__________________

(١) نسب الزجّاج هذا القول إلى الأَخفش. معاني القرآن وإعرابه للزجّاج : ١ / ٢٧.

(٢) ينظر : ما تقدّم في : ص : ٣٢١ والمحتسب : ٢ / ٢٣٠.

(٣) هذا قول الفرّاء. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ٧٥.

(٤) ينظر : معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ٧٥.

(٥) المحتسب : ٢ / ٢٨١.

(٦) من قوله تعالى من سورة المزمّل : ٧٣ / ٢ : (قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً).

(٧) هذَا قولَ سيبويه في الكتاب : ٢ / ١٦٠ ، وقال أبو حيَّان : قرأ الجمهور (قُمِ اللَّيلَ) بكسر الميم على أصل التقاء الساكنين ، وأبو السمَّال بضمِّها إتباعاً للحركة من القاف ، وقرئ بفتحها طلباً لتخفيفِ ، قال ابن جني : الغرض بالحركةِ الهُرُوبُ من التقاء الساكنين فبأي حركة تحرَّكَ الحرفُ حَصَلَ الغرض. ينظر : البحر المحيط : ٨ / ٣٥٣.


حَكَى قُطربُ عَنْهُم (قُمَ الليلَ) ، (وَقُلَ الحقَّ) (١) وبعَ الثوبَ فَمَنْ كَسَرَهُ فَعَلَى أصل البابِ وَمَنْ ضَمَّ أوْ كَسَر أَيضاً اتَّبَعَ ، ومن فَتَحَ فجنوحاً إلى خفّةِ الفتح (٢).

رُوِيَ عن الحسن وأبي عمرو ـ واختُلِفَ عنهما ـ أَنَّهُما هَمَزَا : (لَتَرَؤُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا) (٣).

قالَ أَبو الفتح : هَذَا عَلَى إجراءِ غَيرِ اللاّزم مجرى اللاّزِم ، وله باب في كتابنا الخصائص (٤).

غَيَر أَنَّهُ هُنَا ضَعيفٌ مَرْذُولٌ ، وَذَلِك أَنَّ الحركَة فيهِ لالتقاءِ الساكنينِ ، وَقَدْ كَرَّرْنَا فِي كَلامِنَا أَنَّ أَعراض التقاء الساكنين غير محفول بِهَا ، هَذَا إذا كَانَا في كلمتين إلاّ أَنَّ الساكنينِ هُنا مِمّا هو جار مجرى الكلمة الواحدة. ألا تَرى أنَّ النون تُبنَى معَ الفعل كَخَمْسَةَ عَشَرَ وَذَلِك فِي قَوْلِك : لأَفْعَلنَّ كَذا؟ فَمِنْ ها هنا ضَارَعَتْ حركةَ نونِ أَينَ وَفَاء كَيْفَ ، وسين أَمسِ ، وهمزة هؤلاءِ ، وذال منذُ. وَكلُّ واحدة مِنْ هذه الحركات معتدَّةٌ وإنْ كانَتْ لالتقاءِ الساكنين.

ألا تَرَى أَنَّهم احتَسَبُوها وَأَثبتوها وَجَعَلُوا مَا هي فيهِ مَبْنيّاً عَلَيْهَا؟ وَهَذِهِ الحركاتُ ـ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ كَونِهَا في كلمة وَاحِدَة ـ أَقوى مِنْ حركاتِ التقائِهما في المنفصلين. ألا تَرَى إلى اجتماعهم على أَنَّهُ لمْ يبنَ فعلٌ على الكسرِ ، هذا

__________________

(١) سورة الكَهف : ١٨ / ٢٩ وتنظر : ص : ٣٢١.

(٢) المحتسب : ٢ / ٣٣٥ ـ ٣٣٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة التكاثر : ١٠٢ / ٦ ـ ٧ : (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيـَقِينِ).

(٤) الخصائص : ٣ / ٨٧.


على كثرةِ مَا جاءَ عَنْهُمْ في نَحْوِ (قُمَ اللَّيْلَ) (١) (وقُلَ الحقَّ) (٢) ، وقولِ الشاعرِ :

زِيَادَتُنَا نُعْمَانُ لاَ تَحْرِمَنَّنَا

تَقِ اللهَ فِينَا والكتابَ الَّذِي تَتْلُو (٣)

وَسَبَبُ تَرك اعتدَادِهِم بِهَا كَون الساكنينِ من كلمتينِ ، كَذَلِك أَيْضَا قَوْلُهُمْ : لاَ ضَمّ فِي الفِعلِ وَقَدْ قُرِئَ (قَمُ الليلَ) (٤) وَهَذا واضح. فإذا ثَبَتَ بَذَلِك الفرقُ بَينَ حَرَكَتَي التقاءِ الساكنينِ وَهُمَا مُتَّصِلانِ ، وَبَيْنَهُمَا وَهُمَا مُنفَصِلانِ سكنتَ إلى همز الواو من قولهِ : (وَلَتَرَؤُنَّ الجَحِيم) ، و (لَتَرَؤُنَّهَا) فَاعْرِفْ ذَلِك فَإنَّ جَمَيعَ أَصْحَابِنَا تَلقَّوا همزةَ هَذِهِ الواوِ بالفَسَادِ وَجَمَعُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ هَمْزِ الواوِ مِنْ قَوْلِهِ : (اشْتَرَؤُا الضَّلالَة) (٥) فِيمَنْ هَمَزَ الواوَ (٦) وَهَذِهِ لَعَمْرِي قَبِيحةٌ ، لأَنَّ الساكنينِ مِنْ كَلِمَتَينِ ، فَلِذَلِك فُرِّقَ مَا بَيْنَ

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة المزمّل : ٧٣ / ٢ : (قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً) وحكى الفتح قطرب. تنظر : ص : ٣٢١ و ٣٢٦.

(٢) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٢٩ : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) والفتح قراءة أبي السَّمَّال. تنظر : ص : ٣٢١ و ٣٢٦.

(٣) لعبد الله بن همَّام السلولي. ويروى (تنسينها) مكان (تحرمننا) و (خفِ) مكان (تقِ). انظر : نوادر أبي زيد : ٤ و ٢٧ والخصائص : ٢ / ٢٨٦ و ٣ / ٨٩ والمحتسب : ٢ / ٣٧٢ واللسان : (وقى) ٢٠ / ٢٨٢.

(٤) من قوله تعالى من سورة المزّمّل : ٧٣ / ٢ : (قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً) وينظر : البحر المحيط : ٨ / ٣٦٠. وتنظر : ص : ٣٢٥ و ٣٢٦.

(٥) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٦ : (أُوْلَئِك الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ).

(٦) قال الزَّجَّاجُ : أمَّا مَنْ يبدل من الضَّمَةِ همزةً فيقولُ : (اشترؤا الضلالةَ فغلطٌ). وقال ابن خالويه : (هي عند البصريين لحنٌ) وقالَ ابنُ الأنباري : (أجازَ الكسائي همزَها لانضمامها وهو ضعيفٌ). معاني القرآن وإعرابه للزجّاج : ١ / ٥٧ ومختصر في شواذّ القرآن : ٢ والبيان في غريب إعراب القرآن : ١ / ٥٩.


الموضِعَينِ (١).

ب ـ الإضافة

وَصْلُ المضاف بالمضافِ إليهِ

رَوَى مُبَارك ، عن الحسن أَنَّه كان يقرأ : (بثلاثه آلاف) (٢) ، و (بِخَمْسَةِ آلاَف) (٣) وقف ولا يجري واحداً مِنْهُمَا.

قَالَ أَبو الفتح : وَجْهُهُ فِي العربيةِ ضَعيفٌ وَذَلِك أنَّ ثلاَثَةَ وَخَمْسَةَ مضافانِ إلى مَا بَعْدَهُمَا والإضافَة تقتضي وَصلَ المضافِ بالمضافِ إليه ، لأَنَّ الثانِي تَمَامُ الأَوّلِ ، وَهُوَ مَعَهُ فِي أكْثرِ الأَحْوَالِ كالجزءِ الوَاحِدِ. وإذَا وَصَلْتَ هذهِ العلامة للتأنيث فهي تاء لا محالة ، وَذَلِك أنَّ أصْلَهَا التاء وإنَّمَا يُبْدَلُ مِنْهَا في الوقفِ الهاء ، وإذَا كانَ كَذَلِك ـ وَهْوَ كَذَلِك ـ فَلاَ وَجْهَ للهاءِ لأَ نَّهَا مِنْ أماراتِ الوَقْفِ ، والموضع على ما ذكرناهُ مُتقاض للوصل غَيرَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْهُمْ نَحْوَ هَذَا ، حَكَى الفراءُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ أَكَلْتُ لَحْمَا شاة (٤) ، يريدون لَحْمَ شاة

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٣٧١ ـ ٣٧٢.

(٢) من قوله تعالى من سورة آل عمران : ٣ / ١٢٤ : (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّ كُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَف مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ) وبعد هذا قوله تعالى : (مِنَ الْمَلآئِكَةِ مُنْزَلِينَ) وفي المحتسب : بثلاثة بالتاء لكن القراءة (بثلاثه) بالهاء كما سيبيّن ذلك ابن جنِّي فيما بعد. وكما في البحر المحيط : ٣ / ٥٠.

(٣) من قوله تعالى من سورة آل عمران : ٣ / ١٢٥ : (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَف مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ).

(٤) البحر المحيط : ٣ / ٥٠.


فَيَمطلون الفتحة فَينشئُونَ عَنهَا ألِفاً ، كَمَا يَقُولَونَ في الوقف : قالا ، يريدون : قالَ ، ثُمَّ يمطلون الفتحة فتنشأ عَنْهَا الألِفُ وَهَذَا المطل لا يكون مع الإسراع والاستحثاث وإنَّمَا يَكُونُ مَعَ الروية والتثبت.

وأَنشدَ أبو زيد : مَحْضٌ نِجَارِي طَيـَّبٌ عُنْصُرِّي (١).

يُريد : عُنْصرِي بتخفيف الرَّاء غير أنّه ثَقَّلَها كَما يَفْعَلُ في الوقف نحو خالدّ وجعفرّ.

وَإذَا جَازَ أَنْ ينوي الوقفُ دونَ المُضمَرِ المجرور ـ وهو على غاية الحاجة للطفه عن الانفصال إلى ما قبله ـ جاز أَيضاً أنْ يَعْتَرِضَ هَذَا التَّلوُّمُ والتَّمَكُّثُ دُونَ المُظهَر المضاف إليه ، أعني قوله (آلاف) بل إذا جازَ أنْ يَعتَرِضَ هَذَا الفتورُ والتمادِي بيَن أثناءِ الحروفِ مِنَ المِثَالِ الواحدِ نَحْوَ قَوْلِهِ :

أقول إذْ خَرَّتْ عَلَى الكَلْكالِ

يَا نَاقَتَا مَا جُلْتِ مِنْ مَجَالِ (٢)

وَقَوْلُهُ فِيَما أَنْشَدَنَاهُ :

يَنْبَاعُ مِنْ ذِفْري غَضَوب جَسْرة (٣)

 ......

__________________

(١) يروى (ضخم) و (غض) مكان (محض) ، والنَّجَار : الأصل. الخصائص : ٣ / ٢١١ والمحتسب : ١ / ٧٩ و ١٦٥ والتمام : ٢١٩ وخزانة الأدب : ٢ / ٦٤.

(٢) انظر الإنصاف : ١ / ١٦ و ٢ / ٤٠٣ ولسان العرب : ١٤ / ١١٧ والبحر المحيط : ٣ / ٥٠ وشرح الأشموني : ٣ / ١٩٧.

(٣) عجزه :

 ......

زَيَّافَة مِيْل الفَنِيـقِ المُكْــدَمِ

والبيت لعنترة. انظر : الديوان : ٨٢ والمحتسب : ١ / ٧٨ و ١٦٦ والإنصاف : ١ / ١٦ ولسان العرب : ١٠ / ٢٢٢ والبحر المحيط : ٣ / ٥٠ والخزانة : ١ / ١٢٢ وتاج العروس ـ غضب ـ و ـ نبع ـ ٣ / ٤٨٦ و ٢٢ / ٢٢٩.


يُريِدُ : يَنْبُعُ ، وَقَوْلُهُ فِيَما أُنشِدَنَاهُ :

وَأَنت من الغوائِل حِينَ تُرْمَى

وَمِنْ ذَمِّ الرِّجالِ بِمُنْتَزَاحِ (١)

يريد : منتزح ، مُفْتَعَل مِنْ نَزَحَ ـ كان (٢) التَأَ نّي والـتَّمادي بالمدّ بَيْنَ المُضَافِ والمُضَافِ إليهِ ، لأ نَّهُمَا فِي الحقيقةِ اسمان لا اسم واحد أَمثلَ (٣).

وَنَحوهُ قَرِاءة الأعرج عن ابن أَبِي الزّنَادِ : (بثلاثه آلاف) (٤) بسكون الهاءِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فيما قَبْلُ ، فَهَذَا تقويةٌ وعذرٌ لِقِرَاءَةِ أَبي سَعيد وَقَدْ أَفْردَنَاهُ في الخصائص (٥) باباً قائماً بِرَأسِهِ وَذَكَرْنَاهُ أَيضاً في هذا الباب (٦).

وَقَرَأَ الحسن : (غَيْرَ مَضارِ وَصِيَّة) (٧) مضاف.

قَالَ أَبو الفتح : أيْ : غير مضارّ من جهةِ الوصيَّةِ أَو عندَ الوصيَّةِ كَمَا قَالَ طرفة :

__________________

(١) البيت لإبراهيم بن هَرِمة. ويروى (حيث) مكان (حين) و (تنمى) مكان (ترمى). انظر : الخصائص : ٢ / ٣١٦ و ٣ / ١٢١ وأمالي الشجري : ١ / ١٢٢ و ٢٢١ والإنصاف : ١ / ١٦ والبحر المحيط : ٣ / ٥٠.

(٢) جواب (إذا جازَ) في الصفحة السابقة.

(٣) يُوَهِّنُ أبو حيانَ هذا التخريج ويقول : الذي يناسب توجيه هذه القراءة الشاذّة أنّها من إجراء الوصف مجرى الوقف ، أبدلها هاء في الوصل كما أبدلها هاء في الوقف. انظر : البحر المحيط : ٣ / ٥٠.

(٤) من قوله تعالى من سورة آل عمران : ٣ / ١٢٤ : (أنْ يُمِدَّ كُمَ رَبُّكُمْ بِثَلاَثِةِ آلاَف مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُنْزَلِينَ).

(٥) الخصائص : ٣ / ١٢١ ـ ١٢٤.

(٦) المحتسب : ١ / ١٦٥ ـ ١٦٦.

(٧) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٢ : (غَيْرَ مُضَآ رّ وَصِيَّةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ).


 ......

 ...... بَضَّةُ المُتَجَرِّدِ (١)

أيْ : بَضَّةٌ عِندَ تَجَرُّدِهَا ، وهو كقولِك فُلانٌ شجاعُ حرب ، وكريمُ مسألة أيْ : شجاعٌ عندَ الحربِ وكريمٌ عندَ المسأَلةِ ، وعليه قولهم : مِدْرُهُ حرب أَيْ : مِدْرَهٌ عندَ الحربِ فهوَ راجعْ إلى مَعْنى قَوْلِهِمْ :

يا سارقَ الليلةِ أهلَ الدارِ (٢)

الإضافة تفيد ما تفيده الصِّفة

قَرَأَ عِكْرِمَة : (وَزَوّجْنَاهُمْ بِحورِ عِين) (٣).

قال أبو الفتح : هَذِهِ الإضافة تُفيد ما تفيده الصِّفة ، لأنَّ حورَ العينِ حورٌ عينٌ في المعنى. إلاَّ أَنَّ لَفظَ الصفةِ أَوفَى مِنْ لَفْظِ الإضافةِ إذ كانَ المضافُ والمضافُ إليهِ جاريينِ مَجرَى المفردِ. والصِّفة تَأَتِي مع الاختصاصِ المستفادِ مِنْهَا مَأَتَى الزيادةِ المُسهَب بِها ، وهيَ معَ ذَلِك أَشدُّ إصراحاً بالمعنى من المضافِ.

ألا تَرى أَنَّك إذا قلتَ : مررتُ بظريفِ كريمِ جازَ أَنْ يَكُونَ ذَلِك الظريفُ كريماً وَجازَ أَنْ يَكونَ مَنسُوباً إلَيْهِمْ ِلاتصالِهِ بِهِمْ ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ كَرِيماً مِثْلَهُمْ؟

__________________

(١) هو قولهِ من معلّقته :

رَحيبٌ قِطَابُ الجَيبِ مِنْهَا رَفيقةٌ

بجس الندا من بضة المتجـرّد

قطاب الجيب : مخرج الرأس منه. وبضة : ناعمة الجلد رقيقة ممتلئة الجسد. الديوان : ٤٨ والمحتسب : ١ / ١٨٣ واللسان : ٢ / ١٧٥ والخزانة ـ بولاق ـ ٢ / ٢٠٣ و ٣ / ٤٨١.

(٢) تقدّم الرَّجزُ في : ص : ٢٨٤ وانظر المحتسب : ١ / ١٨٣.

(٣) من قوله تعالى من سورة الدخان : ٤٤ / ٥٣ ـ ٥٤ : (يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُس وَإِسْتَبْرَق مُّتـَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُور عِين).


وإذا قُلْتَ مررتُ بظريف كريم فَقْد أثبتَّ لَهُ مذهبَ الكرمِ البتة (١).

حذف النون تخفيفاً

قَرَأَ ابنَ أَبي إسحاق وَرَويَ عَنْ أَبي عمرو : (المُقِيمِي الصَّلاةَ) (٢) بالنصب.

قالَ أَبو الفتح : أَرادَ (المُقيمينَ) فحذفَ النونَ تخفيفاً. لاَ لِتعَاقُبِهَا الإِضافة. وَشَبَّه ذَلِك باللَّذَيْنِ والَّذِينَ في قوله :

فَإنَّ الَّذي حانَتْ بِفَلْج دِمَاؤُهُمْ

هُمُ القومُ كُلُّ القومِ يَا أُمَّ خَالِدِ (٣)

حَذَفَ النونَ مِنْ الذين تخفيفاً لِطُولِ الاسمِ ، فَأَما الإِضافة فَسَاقِطَةٌ هُنَا وَعَلَيْهِ قَوْلُ الأَخْطَلِ :

أبني كُلَيْب إنَّ عَمَّيَّ اللَّذَا

قَتَلاَ المُلوك وَفَكَّـكَا الأَغْلاَلاَ (٤)

حذف نونَ (اللّذان) لِمَا ذَكرنا ، لَكنَّ الغريب مِنْ ذَلِك ما حكاهُ أَبو زيد عَنَ أَبِي السَّـمَّـالِ أَو غيرهِ أَنَّهُ قَرَأَ : (غَيْرَ مُعْجِزِي اللهَ) (٥) بالنَّصبِ.

فهذا يكادُ يكونُ لَحْناً لأَ نَّهُ لَيْسَتْ مَعَهُ لامُ التعريفِ المشابهةِ للَّذي ونحوهِ ، غيرَ أَنَّهُ شَبَّه (مُعْجِزِي) بالمعجزي ، وسوَّغَ لَهُ ذَلِك عِلْمُهُ بِأَنَّ (مُعْجِزِي) هذه لا تتعرَّفُ بإضافتِها إِلى اسمِ الله تعالى كما لا يتعرَّفُ بِهَا ما فيه

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٦١.

(٢) من قوله تعالى من سورة الحج : ٢٢ / ٣٥ : (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمـُقِيمِي الصَّلاَةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ).

(٣) تقدّمَ الشاهد في : ص : ١٣٠.

(٤) تقدّم الشاهد في : ص : ١٣٠.

(٥) من قوله تعالى من سورة التَّوبة : ٩ / ٣ : (وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَاب أَلِيم).


الأَلف واللاّمُ ، وَهْوَ (المُقيمِي الصَّلاةَ) (١) فَكَمَا جَازَ النَّصْبُ فِي (المُقِيمي الصَّلاَةَ) كَذَلِك شَبَّهْ بِه (غَيرُ مُعْجزِي اللهَ) ونحو (المُقيمي الصلاةَ) بيتُ الكتابِ :

الحَافِظُو عَوْرَةَ العَشِيرةِ لاَ

يَأْتِيهِمُ مِنْ وَرَائِهِمْ نَطَفُ (٢)

بِنَصْبِ (العَوْرَة) على ما ذكرتُ لَك ، وَقَالَ آخرُ :

قَتَلْنَا نَاجِياً بقتيلِ عَمْرو

وَخَيْرُ الطَّالِبي التِّرةَ الغَشُومُ (٣)

ومثل قراءة من قرأَ (غيرُ مُعجزِي اللهَ) بالنَّصبِ قولُ سويد :

ومساميحُ بِمَا ضُنَّ بِهِ

حابِسُو الأَنْفُسَ عَنْ سُوءِ الطَّمَعْ (٤)

وَقَدْ قَرَأَ بعضُ الأعرابِ : (إِنَّكُمْ لَذَائِقُوا الْعَذَابَ الاَْلِيمِ) (٥) بالنصب (٦).

وَأَخبرنَا أَبو عليّ عن أَبي بكر عن أَبي العَبَّاسِ قالَ : سَمِعتُ عُمارَةَ يقرأ : (وَلاَ اللَّيْلُ سابقُ النهارَ) (٧) ، فَقُلْتُ لَهُ : ما أَردْتَ؟ فقالَ : أردتُ سابقٌ النهارَ.

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الحج : ٢٢ / ٣٥ : (الَّذِينَ إِذَا ذُ كِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمـُقِيمِي الصَّلاَةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ).

(٢) لقيس بن الخطيم أو عمرو بن امرئ القيس ويروى (من ورائنا) مكان (من ورائهم) و (وَكفَ) مكان (نطفُ). انظر : الكتاب : ١ / ٩٥ والمقتضب : ٤ / ١٤٥ والمنصف : ١ / ٥٧ والبيان : ٢ / ١٧٥ والخزانة : ٢ / ١٨٨ و ٣٥٧ و ٣٨٣ و ٣ / ٤٠٠ و ٤٧٣ والدُّرر اللوامع : ١ / ٢٣.

(٣) انظر : لسان العرب : ـ غشم ـ ١٥ / ٣٣٤.

(٤) هو لسعيد بن أَبي كاهِل ويروى (حاسرو) مكان (حابسو). انظر : المفضليات : ١٩٤ والمحتسب : ٢ / ٨٠ ومعجم شواهد العربية : ١ / ٢٠٨.

(٥) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ٣٨ : (إِنَّكُمْ لَذَائِقُوا الْعَذَابِ الاَْلِيمِ).

(٦) هي قراءة أبي السَّمَّال. انظر : مختصر في شواذ القرآن : ١٢٧.

(٧) من قوله تعالى من سورة يس : ٣٦ / ٤٠ : (لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ


فقلتَ لَهُ : فَهَلا قُلتَهُ.

فقالَ : لَو قُلْتُهُ لَكَانَ أَوْزَن (١). يُريدُ أَقوى وَأَقيس. وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا وَنَحَوَهُ فِي كتابِنَا الخصائص (٢) وغيرهِ مِن كُتُبِنَا (٣).

حذف المضاف

قَرَأَ سعيد بن جُبَير ومحمّد بن السُّمَيفَع : (أَو كَإسْوتِهم) (٤) من الإسوة.

قَالَ أَبو الفتح : كَأَ نَّهُ ـ واللهُ أَعلم ـ قَالَ : أَو كما يكفي مثلهم فهو على حذف

مضاف ، أو ككفايةِ إسوتِهم ، وإنْ شِئْتَ جَعَلْتَ الإسوة هيَ الكفاية وَلَمْ تحتج إلى حذفِ مضاف (٥).

وَقَرَأَ جعفر بن محمّد (عليهما السلام) والعلاء بن سيَّابة ، ورواه حسين الجعفي عن أبي عَمرو : (وَأُتْبِعَ الذينَ ظَلَمُوا) (٦) بضمّ الهمزة وإسكان التاء وكسر الباء.

قال أبو الفتح : هو عندنا على حذف المضاف ، أَيْ : أُتْبِعَ الذينَ ظَلَمُوا

__________________

النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَك يَسْبَحُونَ). وانظر القراءة التي ذكرت في : مختصر في شواذ القرآن : ١٢٥ والبحر المحيط : ٧ / ٣٣٨.

(١) انظر : الخصائص : ١ / ١٢٥ والبحر المحيط : ٧ / ٣٣٨.

(٢) الخصائص : ١ / ١٢٥.

(٣) المحتسب : ٢ / ٨٠ ـ ٨١.

(٤) من قوله تَعالى من سورة المائدة : ٥ / ٨٩ : (إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَة).

(٥) المحتسب : ١ / ٢١٨.

(٦) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ١١٦ : (وَا تَّبَعَ الَّذينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ).


جزاء ما أُترِفوا فيهِ وَكَانُوا مجرمينَ ، أَيْ : جزاء ما أَتْرِفُوا فيهِ وأَجرموا فَلَمْ يَشْكُروا ، بَلْ أُتْرِفُوا فيهِ مجرمينَ ظَالِمينَ (١).

وقرأ السَّلمِي : (شَيْئاً أدَّا) (٢) بالفتحِ.

قَالَ أَبو الفتح : الأَدُّ ، بالفتح : القوة. قالَ :

نَضَوْنَ عَنّي شِرَّةً وَأَدَّا

مِن بَعْدِ مَا كُنْتُ صَمُلاً نَهْدَا (٣)

فَهْوَ إذا على حذف المضاف ، فَكَأنه قالَ : لَقَدْ جِئتم شَيئاً ذا أدّ ، أَيْ : ذا قوّة.

فهو كَقَوْلِهم : رَجُلٌ زَوْرٌ ، وَعَدّلٌ ، وَضَيف ، تصفه بالمَصدر إنْ شئَت على حذفِ المضافِ وَإنْ شِئْتَ على وَجْه آخر أَصْنَعَ مِنْ هَذَا وَأَ لْطَف ، وَذَلِك أَنْ تَجْعَلَهُ نَفْسَه هُوَ المصدر للمبالغةِ ، كَقَولِ الخَنْسَاءِ :

تَرتَعُ مَا غَفَلَتْ حَتَّى إذا ادَّكَرَت

فَإنَّمَا هِيَ إقَبالٌ وَإدْبَارُ (٤)

إنْ شِئْتَ على ذاتِ إقبال وإدبار وإنْ شِئْتَ جعلتها نفسها هي الإقبال والإدْ بَار (٥) ، أَيْ : مخلوقة مِنها ، وَيَدلُّك عَلَى أَنَّ هذا معنىً عِنْدَهُمْ لاَ عَلَى

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٣٣١.

(٢) من قوله تعالى من سورة مريم : ١٩ / ٨٩ : (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّ اً).

(٣) الشرّة : النشاط والحدّة. والصَّمُلُّ : الشديد الخُلُقِ. والنهد : المشرف الجسيم. انظر : اللسان : ٤ / ٣٧.

(٤) تصف الخنساءُ ناقةً فقدت فصيلها فهي ترتع وتأكل حتَّى إذا تذكرته صارت تقبل وتدبر باحثةً عنه وكأ نّها هي الإقبال والإدبار ، ومن فسّره بأ نَّها ذات إقبال وإدبار فقد أفسد الشعر ، كما يقول الجرجاني. انظر : الديوان : ٤٨ والكتاب : ١ / ١٦٩ والمقتضب : ٣ / ٢٣٠ و ٤ / ٣٠٥ والخصائص : ٢ / ٢٠٣ و ٣ / ١٨٩ والمنصف : ١ / ١٩٧ وشرح المفصل : ١ / ١٤٤ والخزانة : ١ / ٤٣١.

(٥) على هذين الوجهين حمل المُبَرِّدُ البيتَ أَيضاً. انظر : المقتضب : ٣ / ٢٣٠.


حذفِ المضافِ بَلَّ لأَ نَّهم جَعَلُوهُ الحدثَ نَفْسَهُ ، قولهم ، أَنشدناه أَبو علي :

أَلاَ أَصْبَحَتْ أَسمَاءُ جاذِمَةَ الحَبْلِ

وَضَنَّتْ عَلَيْنَا وَالضَّنينُ مِنَ البُخْلِ (١)

أَيْ : هو مخلوقٌ مِنَ البُخْلِ ، ولاَ تَحْمِلْهُ عَلَى القلبِ ، أَيْ : والبُخْلُ مِنَ الضَّنيِن لصغر معناهُ إلى المعنى الآخر ، وَلأَ نَّهُ مَعَ ذَلِك أَيْضاً نُزُولٌ عَنِ الظَّاهرِ ، وأَنشَدَنَاهُ أَيضاً :

 ......

وَهُنَّ مِنَ الإخلافِ قَبْلَك وَالْمَطْلِ (٢)

وَأَنْشَدَنَا أَيضاً :

 ......

وَهُـنَّ مِنَ الإخـلافِ وَالْوَلَعَـانِ (٣)

وَيَكْفِي مِنْ هَذَا كُلّهِ قَوْلُ اللهِ سُبْحَانَهُ : (خُلِقَ الاْنسَانُ مِنْ عَجَل) (٤) أَي : مِنَ العَجَلَةِ ، لاَ مِنَ الطينِ كَمَا يقولُ قومٌ ، لِقَوْلِهِ : (سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ) (٥). (٦)

__________________

(١) البيت للبعيث. والجذمُ : سرعةُ القطع. انظر : الخصائص : ٢ / ٢٠٢ و ٣ / ٢٥٩ وأَمالي الشجري : ١ / ٧٢ ولسان العرب : ١٧ / ١٣٠ والمغني : ١ / ٣١١ ومعجم شواهد العربية :

١ / ٢٩٩.

(٢) نُسِبَ البيتُ للبعيثِ. وَيُروى (بَعْدَك) مكانَ (قَبْلَك). انظر : التمام : ١٤٣ والخصائص : ٢ / ٢٠٣ واللسان : ١٠ / ٢٩٢ وشواهد العربية : ١ / ٣٠٠.

(٣) صدره :

لِخِلاَّبةِ العَيْنِينِ كَذَّابةِ المُنَى

 ......

انظر : إصلاح المنطق : ٢٩٨ والخصائص : ٢ / ٢٠٣ واللسان : ١٠ / ٢٩٢.

(٤) سورة الأنبياء : ٢١ / ٣٧.

(٥) سورة الأنبياء : ٢١ / ٣٧.

(٦) المحتسب : ٢ / ٤٥ ـ ٤٦.


وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ وابنُ أَبي عبلة وأبو حَيْوةَ : (بِدَعاً مِّنْ الرُّسُلِ) (١).

قَالَ أَبُو الفَتْحِ : هُوَ عَلَى حَذْفِ المُضَافِ ، أيْ : مَا كُنْتُ صَاحِبَ بِدَع ، وَلاَ معروفةً مِنْي البِدَعُ. قَالَ :

وَكَيْفَ تُوَاصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ

خلاَلَتُهُ كَأَبِي مَرْحَبِ (٢)

أَيْ : كَخَلاَلَةِ أَبِي مَرْحَب. وَمَا أَكثر هذا المضاف في القرآن وفصيح الكلام (٣) وَقَرَأَ الحسَن بخلاف ومجاهد وطلحة بن مُصَرّف وعيسى الهمداني : (وُقُودِهَا الناسُ) (٤).

قَالَ أبو الفتح : هذا عندنا على حذف المضاف ، أي : ذو وَقُودِهَا أو أصحاب وقُودِها الناسُ ، وذلك أَنَّ الوُقودَ بالضَّمِّ هو المَصدَرُ ليسَ بالناس لكنْ قد جاءَ عنهم الوَقُودُ بالفتحِ في المصدر لِقولِهِم وَقَدَتِ النَّارُ وَقُوداً وَمِثلَهُ أَولِعتُ بهِ وَلَوعاً وهو حسنُ القَبولِ مِنْك (٥) كلّه شاذّ والبابُ هُوَ

__________________

(١) مِن قوله تعالى من سورة الأحقاف : ٤٦ / ٩ : (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ).

(٢) البيت للنابغة الجعدي. والخلالة مثلثة الخاء : الصداقة. وأبو مرحب : كنية الظلّ أو كنية عرقوب ، وجعل الأعلم الشنتمري أبا مرحب رجلاً. انظر : الكتاب : ١ / ١١٠ والمقتضب : ٣ / ٢٣١ والمحتسب : ٢ / ٢٦٤ وأمالي المرتضى : ١ / ٢٠٢ وسمط اللآلي : ٤٦٥.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥.

(٤) من قولهِ تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٤ : (فَإِنْ لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَنْ تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) ومن قوله تعالى من سورة التحريم : ٦٦ / ٦ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيْكُمْ نَاراً وَقُوْدُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ).

(٥) قال الزَّجَّاجُ : يُقالُ : قد وَقَدَتِ النَّارُ وُقوداً فالمصدرُ مَضمُومٌ ويجوزُ فيه الفتح


الضم (١).

وَقَرَأَ عليّ (عليه السلام) وابن عباس وروي عن النبي صلّى الله عليه وآله : (وَتَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (٢).

قَالَ أَبو الفتح : هو حذف المضاف ، أَيْ : تَفعلونَ بَدل شكركم ، ومكان شكركم التكذيب. ومثله قوله العجاج :

ربَيْتُهُ حَتَّى إذَا تَمَعْدَدَا

كَانَ جَزائِي بِالعَصَا أَنْ أُجْلَدَا (٣)

أيْ : كانَ مَكان جزائي الجلد بالعصا (٤).

وَقَرَأَ سِـمَـاك بنُ حرب : (وَغرَّكم بِاللهِ الغُرُورُ) (٥) بِضَمِّ الغين.

__________________

وذهب مكّي ابن أبي طالب إلى أنّ (الوَقُودَ بالفتح الحَطَبُ وبالضمّ المصدر وهو التوقّد).

انظر : معاني القرآن وإعرابه للزجّاج : ١ / ٦٧ ومشكل إعراب القرآن : ١ / ٨٣.

(١) المحتسب : ١ / ٦٣ و ٢ / ٣٢٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة الواقعة : ٥٦ / ٨٢ : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ).

ونُسِبَتْ من قوله تعالى من سورة الواقعة : ٥٦ / ٨٢ : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) ، ونُسِبَتِ القراءة التي ذكرها أبو الفتح هنا بأسناد صحيحة إلى النّبي (صلى الله عليه وآله) في جامع البيان : ٢٧ / ٢٧٠ ـ ٢٧١ / ٢٥٩٧٥ والدُّرّ المنثور : ٦ / ١٦٢ ورُويت في تفسير القمّي : ٢ / ٣٤٩ عن أبي عبد الرّحمن السُّلمي عن علي (عليه السلام) وعن أبي بصير عن الإمام الصّادق عن آبائه عن علي (عليهم السلام) أنّه سَمِعَ النّبيَّ (صلى الله عليه وآله) يقرأ بها والسند صحيح ، ونُسِبَت إلى علي (عليه السلام) وإلى ابن عباس في جامع البيان ٢٧ : ٢٧٠ ـ ٢٧١ / ٢٥٩٧٤ وذيل ٢٥٩٧٥ ، ومجمع البيان : ٩ / ٣٧٤ وزاد المسير : ٧ / ٢٩٤.

(٣) انظر : الديوان : ٧٦ والمنصف : ١ / ١٢٩ و ٣ / ٢٠ والمخصص : ١٤ / ١٧٥ وشرح المفصل : ٩ / ١٥١ والخزانة ـ بولاق ـ ٣ / ٥٦٣ وشواهد العيني : ٣ / ٢٨٤.

(٤) المحتسب : ٢ / ٣١٠.

(٥) من قوله تعالى من سورة الحديد : ٥٧ / ١٤ : (وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ).


قالَ أَبو الفتح : هُوَ كقولِهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الاغتِرَارُ ، وتقديرهُ على حذف المضاف ، أيْ : وغرَّكم بالله سلامة الاغترار ، ومعناه سلامتُكُم مِنْهُ معَ اغترارِكُمْ (١) وَقَرَأَ الحَسن : (اتَّخَذُوا إيمَانَهُمْ) (٢) بكسر الهمزة.

قالَ أَبو الفتح : هَذَا علَى حَذْفِ المضافِ ، أَيْ : (اتَّخَذُوا) إظهارَ (إيمَانهِم جُنَّةً فَصَدّوا عَن سَبيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مهِينْ) (٣) ، وهذا حديث المنافقين المعروف (٤).

وَقَرَأَ الأعمش : (أَفَحَكَمَ الجَاهِلِيةِ) (٥) بِفَتْحِ الحاءِ والكافِ والميمِ.

قال أبو الفتح : أَما قَوْلُهُ : (أَفَحَكَمُ الجاهِلِيَّةِ يَبْغونَ) فِيْمَنْ قَرَأَه كَذَلِك ، فَأمرُهُ ظاهر في إعرابه ، غير أن (حَكَما) هُنا ليْسَ مقصوداً بهِ قصد حاكم بعينهِ ، وإنّما هو بمعنى الشياعِ والجنس ، أيْ : أَفَحُكامَ الجَاهِليِةِ يَبْغُونَ (٦)؟ وَجَازَ للمضافِ أَنْ يَقَعَ جنساً كما جاءَ عنهم في الحديث من قولهم : مَنَعَتِ العراقُ قَفيزَهَا وَدِرْهَمَهَا وَمَنَعَتِ مِصْرُ إردبها (٧) وله نظائر.

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٣١١ ـ ٣١٢.

(٢ و ٣) من قوله تعالى من سورة المجادلة : ٥٨ / ١٦ : (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ).

(٤) المحتسب : ٢ / ٣١٥ و ٣٢٢.

(٥) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٥٠ : (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِّقَوْم يُوقِنُونَ).

(٦) قال أبو حَيَّان : وهو جنس لا يراد به واحد كأ نَّهُ قبل أحكام الجاهلية وهي إشارة إلى الكُهَّانِ الذين كانوا يأخذون الحلوان وهي رِشَا الكُهَّانِ ويحكمون لهم بحسبه وبحسب الشهوات. انظر : البحر المحيط : ٣ / ٥٠٥.

(٧) انظر : ص : ٨٥.


ثم يرجع المعنى مِنْ بَعْدُ إلى أنّ معناه معنى : (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) لأَ نَّهُ ليس المراد والمبغي هنا نفس الحكام ، فإنّما المبغي نفس الحكم ، فهو إذاً على حذف المضاف ، أي : أفحكم حكم الجاهلية يبغون؟ وهذا هو الأوّل في المعنى فاعرف ذلك (١).

١ ـ حذف المضاف بدليل

قَالَ أَبو الفتح : فَأَمَّا قولُهُ تعالى : (هَلْ يَسْمَعَونَكُم إذْ تَدْعُونَ) (٢) فَإنَّهُ على حذفِ المضافِ وتقديُرهُ : هَلْ يَسْمَعونَ دُعَاءَكُمْ؟ وَدَلَّ عليهِ قَوْلُهُ : (إذْ تَدْعُونَ) ، وَيَقُولُ القائِلُ لِصَاحِبِهِ : هَلْ تَسمَعُ حديث أَحَد؟ فَيَقُولُ : مجيباً لَهُ : نَعَمْ أَسْمَعُ زيداً ، أَيْ : حديثَ زيد. وَدَلَّ قَوْلُهُ : حديثَ أحد عليه ، فَإنْ لَمْ تدلَّ عليه دلالةٌ لم يَجُزْ الاقتصارُ على المفعولِ الواحدِ.

لو قلتَ : سمعتُ الطائرَ لَمْ يَجُزْ ، لأَ نَّهُ لا يُعْلَمُ ، أَسَمِعْتَ جَرْسَ طيرانِهِ أو سمعتَ صياحَهُ على اختلاف أنواع الصياح؟ فهذا مِثَالٌ يُقَتَاسُ عَلَيهِ وَيُرَدُّ نحوُهُ ـ إذا أشكلَ ـ عليهِ (٣).

٢ ـ حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه

قَرَأ ابن جَمَّاز : (واللهُ يُريدُ الآخرةِ) (٤) يَحْمِلُهَا عَلَى عَرَضَ الآخرة.

قَالَ أَبو الفتح : وَجْهُ جوازِ ذَلِك على عِزَّتِهِ وَقَلَةِ نظيرهِ أَنَّهُ لَـمَّـا قَالَ :

__________________

(٣) المحتسب : ١ / ٢١١ ـ ٢١٣.

(٤) سورة الشعراء : ٢٦ / ٧٢.

(١) المحتسب : ٢ / ١٣٠.

(٢) من قوله تعالى من سورة الأنفال : ٨ / ٦٧ : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ).


(تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا) فَجَريَ ذَلِك العَرَضُ فصار كَأ نَّهُ أَعادَهُ ثانياً فَقَالَ : عَرَضَ الآخرةِ ، وَلاَ يُنْكَر نحو ذَلِك (١) ألا ترى إلى بيتِ الكِتَابِ :

أَكُلَّ امرئ تَحْسَبِينَ امرأً

وَنَار تَوَقَّدُ بالليلِ نَارَا (٢)

تَقْدِيرُهُ وَكُلّ نار؟ فناب ذِكْرُهُ (كُلاَّ) فِي أَولِ الكَلاَمِ عَنْ إعادَتِهَا فِي الآخر حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : وَكُلَّ نار هَرَبَا مِنَ العَطْفِ عَلَى عاملين (٣) وَهُما كُل وَتَحْسَبِينَ.

وَعَلَيهِ بِيتُهُ (٤) أَيضاً :

إنَّ الكريـمَ وأبيـك يَعتَمِل

إنْ لَمْ يَجِدْ يَوْماً عَلَى مَنْ يَتَّكِلْ (٥)

أرادَ مَنْ يَتَّكِل عَلَيهِ ، فَحَذَفَ (عَلَيه) مِنْ آخرِ الكلامِ استغناءً عَنهَا

__________________

(١) قال سيبويه : وَتَقُولُ : مَا كُلَّ سوداءَ تمرةً ولا بيضاءَ شحمة وإنْ شئتَ نصبتَ شحمَةٌ.

وبيضاء في موضع جرّ كأ نَّك أظهرتَ كَلَّ فقلتَ ولا كلَّ بيضاء. الكتاب : ١ / ٣٣.

(٢) لأَبي دؤاد الإيادي وَيُنْسَبُ لِعَدِي بن زيد العِبادي. انظر : الكتاب : ١ / ٣٣ والأصول في النحو : ٢ / ٧١ والتمام : ٧٨ وشرح المفصل : ٣ / ٢٦ والمقرب : ١ / ٢٣٧ والمغني : ١ / ٢٩٠ وَهَمْع الهوامع : ٢ / ٥٢ ومعجم شواهد العربية : ١ / ١٤٧.

(٣) يذهب ابن جني إلى ما يذهب إليه سيبويه مِنْ مَنْع العطف على معمولي عاملين مختلفين وبه قالَ المُبَرِّدُ وابنُ السَّرَّاجِ وهشام والزمخشَري. وعن الأَخفش الإجازة وبه قَالَ الكسائي والفَرَّاء والزَّجَّاج وابن هشام. وَفَصَّلَ قوم منهم الأعلمُ الشنتمري تفصيلاً مذكوراً في (تحصيل عين الذهب) وقد سبق لأَبي الفتح أنْ ذكرَ هذا في كتابه التمَّام. ولِزيادةِ التفصيلِ في الحديثِ يُرْجَع إلى : الكتاب : ١ / ٣٣ والمقتضب : ٤ / ١٩٥ والأصُول في النحو : ٢ / ٧٠ والتمَّام : ٧٨ وشرح الكافية : ١ / ٢٩٩ ـ ٣٠١ والمغني : ٢ / ٤٨٦ وشرح المفصل : ٣ / ٢٧ ـ ٢٨.

(٤) يقصد بيت الكتاب.

(٥) يعتمل : يعمل لنفسه ويحترف. انظر : الكتاب : ١ / ٤٤٣ والخصائص : ٢ / ٣٠٥ والخزانة (بولاق) : ٤ / ٢٥٢.


بِزيادَتِهَا فِي قَوْلِهِ : (عَلَى مَنْ يَتَّكِل) ، إنَّما يريد : إنْ لَمْ يَجِدْ من يتّكل عليهِ.

وعليهِ قولُهُ :

أَتَدْفَعُ عَنْ نَفس أَتَاهَا حِمَامُها

فَهَلاَّ التي عَنْ بَينَ جَنْبِيك تَدْفَعُ (١)

أرادَ فَهَلاَّ عَنِ الَّتي بينَ جَنْبِيك تَدْفَعُ (٢) فَزادَ (عَنْ) فِي قَوْلِهِ : (عَنْ بينَ جنبيك) وَجَعَلها عوضاً من (عَنْ) التي حَذَفَهَا وهو يُرِيدُهَا في قوِلِه : فَهَلاَّ الَّتي ، وَمَعْنَاهَا : فَهَلاَّ عَنِ الَّتِي ، وَلَهُ نَظَائِر.

فَعَلَى هَذَا جَازَتْ هذه القِرَاءةُ ، أَعنِي قَوْلَهُ : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةِ) (٣) فِي مَعْنَى عرضَ الآخرةِ ، وَعَلَى تقديرِهِ. وَلَعَمْريِ إنَّه إذَا نَصَبَ فَقَالَ عَلَى قَرِاءَةِ الجماعة : (وَاللهُ يُريدُ الآخِرَةَ) فَإنَّمَا يُريدُ عَرَضَ الآخرةِ إِلاَّ أَنَّهُ يحذف المضافَ ويقيمُ المضافَ إليهِ مقامه ، وإذا جرَّ فَقَالَ : يُريدُ الآخِرَةِ صارَ كَأَنَّ العَرَضَ في اللّفْظِ موجود لَمْ يُحْذَفْ ، فاحتمل ضعفَ الإعراب تجريداً للمعنى ، وإزَالةً للشَّك أَنْ يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ إِرادَةً مُرسلَةً هَكَذَا. هذا إلى مَا قَدّمْنَاهُ مِنْ حذفِ لَفْظ لَِمجيئِهِ فَيما قَبْلُ أَو بَعْدُ (٤).

__________________

(١) البيت لزيد بن رزين بن الملوح المحاربي ، ويروى (أتجزعُ) مكان (أتدفع) ويروى عجز البيت هكذا :

 ......

فهل أَنْتَ عما بينَ جنبيك تَدْفَعُ؟

انظر : المحتسب : ١ / ٨١ والمغني : ١ / ١٤٩ والهمع : ٢ / ٢٢ وشرح التصريح : ٢ / ١٦ والدرر اللوامع : ٢ / ١٥.

(٢) نقل هذه العبارة عن ابنِ جِنِّي ابنُ هشام في المغني : ١ / ١٤٩.

(٣) من قوله تعالى من سورة الأنفال : ٨ / ٦٧ : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ).

(٤) المحتسب : ١ / ٢٨١ ـ ٢٨٢.


وَجَاءَ عَنهُمْ حَذْفُ الاسمِ ومعه حذف العطف ، وذلك ، قَوْلَهمْ : فِي مَا رَوَينَاه عَن أَبِي بَكْر محمّد بن الحَسن عَنْ أحمْدَ بن يحيى : راكب الناقة طليحان (١) ، أيْ : راكبُ الناقةِ والناقةُ طَلِيحَانِ ، فحذف الناقة وحرف العطف معها.

وعلى أَنّه قَد يَحتَمِلُ ذلك تأويلاً آخرَ وهو أنْ يكونَ أرادَ راكبُ الناقةِ أحدُ طليحينِ فحذفَ المضافَ وأَقامَ المضاف إليهِ مقامه.

والّذي عندي في قوله :

ألا فَاْلِبثَا شهرينِ أو نصفَ ثالث (٢)

 ......

أَنّ يَكُونَ على حذفِ المضافِ ، أيْ : ألاَ فَالْبِثَا شهرينِ أو شَهْرَيْ نصف ثالث ، أَي : والشهرينِ الَّذَينِ يَتَبعُهُمَا نصفُ ثَالِثِهُمَا ، لأ نّه لَيْسَ كُلَّ شهرينِ يُؤمَرُ بِلَبثِهِمَا لاَ بُدَّ أَنْ يَصْحَبَهُمَا نصفُ ثالثهما ، لكنْ البثا أنتما شهرين ، أو

__________________

(١) الطليح الذي أجهده السفر وأصابه الهزال. انظر : الخصائص : ١ / ٢٨٩ ولسان العرب ـ طلح ـ وشرح التصريح : ٢ / ١٥٤ والأشموني : ٣ / ١١٦.

(٢) عجزه :

 ......

إلى ذا كَما مَا غَيَّبتني غيابيا

والبيت لِعَمرو بن أَحمر الباهلي الكناني وهو شاعر مخضرم عاشَ فِي الجاهلية ثُمَّ أَدرَكَ الإسلام وَعُمرهُ تسعونَ سنةً وَكَانَ أَعورَ. جمع ديوان شعره الدكتور حسين عطوان ، ونشره مجمع اللغة العربية بدمشق عام ١٩٧٠ م ، وكتب عنه محمد محيي الدين مينو رسالة ماجستير في جامعة دمشق ، درس في القسم الأوَّل منها حياته وشعره وفي القسم الثاني جمع ديوانه وحقّقه. انظر : الخصائص : ٢ / ٤٦٠ والمحتسب : ٢ / ٢٢٧ و ٢٢٨ والأَزهية : ١٢٠ وأمَالي الشجري : ٢ / ٣١٧ والإنصاف : ٢ / ٢٥٦ والخزانة ـ بولاق ـ : ٣ / ٣٨ ـ ٣٩ و ٤ / ٣٠٠.


الشهرين اللَّذِينَ يتبعهما في اللَّبثِ نصفُ ثَالِثهما وصحتِ الإضافةُ فيهمَا هذا القدر من الوصلة بينهما. وَقَدْ أَضافَتِ العربُ الأولَ إلى الثاني لأَقلِ وأخفضِ مِنْ هَذِهِ الشَّبْكَةِ بَيْنَهُمُا ، أَنْشَدَنَا أَبو علي :

إذَا كَوكَبُ الخَرقَاءِ لاَحَ بِسُحرَة

سُهَيْلٌ أذَاعَتْ غَزْلَهَا فِي الغَرَائِبِ (١)

قَالَ : فَأَضَافَ سُهَيْلاً إلَيْهَا لجدها في عملها عند طلوعه ، وقريب من هذا قولُ الرَّجُلَينِ يحملانِ الخشبةَ ـ أَحدُهُمَا لِصَاحِبِهِ ـ : خَذْ أَنْتَ طَرَفَك وَلآخُذْ أَنَا طَرَفِي. وإنَّمَا الطرفُ للخشبة ، لا لِحَامِلِهَا ، فَاعْرِفْ كَلاَمَ القومِ تَرَ العجبَ مِنْهُ والحكمةَ البالغَة فيهِ بإذنِ اللهِ (٢).

٣ ـ حذف المضاف ضرب من التوسّع

قَرَأَ الحَسن والأَعمش : (رُكُوبُهُمْ) (٣) برفع الرَّاءِ قَالَ أَبوُ الفتحِ : أَمَّا الرُّكوبُ بِضّمِّ الرَّاءِ فَمَصْدَر ، والكلامُ مَحمُولٌ عَلَى حذفِ المُضافِ مُقَدَّماً أوْ مُؤَخَّراً.

فِإن شِئتَ كَانَ التَّقدِيرُ فِيهَا ذُو رُكُوبِهِم ، وَذُو الرَّكُوبِ هُنَا هُوَ المَرْكُوبُ ، فيرجِعُ المَعْنَى بَعْدُ إلى مَعنَى قراءَةِ مَنْ قَرَأَ (رَكُوبُهُمْ) (٤) بفتح الراء و (ركوبتهم) (٥).

__________________

(١) البيت غير منسوب لأَحد. ويروى (القرائب) مكان (الغرائب). شرح المفصل : ٣ / ٨ والمقرب : ١ / ٢١٣ واللسان : ٢ / ١٣١ والخزانة : ٣ / ١١٤.

(٢) المحتسب : ٢ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨.

(٣) مِنْ قَوله تعالى من سورة يس : ٣٦ / ٧٢ : (وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ).

(٤) هي قراءة الجمهور. انظر : البحر المحيط : ٧ / ٣٤٧.

(٥) قراءة أُبَي وَعَائشة. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ٣٨١ ومختصر في شواذ القرآن : ١٢٦ والبحر المحيط : ٧ / ٣٤٧.


وإنْ شِئْتَ كَانَ التَقْدِيرُ فَمِنْ مَنَافِعها أَوْ مِنْ أغرَاضِها رُكُوبهم ، كما تقولُ لِصَاحِبِك : مِنْ مَنَافِعِك إعطاؤُك لِي ، وَمِنْ بركاتِك وُصُولُ الخيرِ إليَّ عَلَى يَدِك. ومِثْلُهُ تَقْدِيرُ حذفِ المُضافِ مِنْ جِهَتَينِ ، أَيَّ الجهتينِ شِئتَ قولُ اللهِ سبحانَهُ : (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى) (١) إنْ شِئتَ كَاَنَ عَلَى تَقْدِيرِ وَلَكِنَّ البِرَّ بِرُّ مَنْ اتَّقَى ، وَإن شِئْتَ كَانَ تَقْدِيرُهُ ، وَلَكِنَّ ذَا البِرِّ مِنْ اتَّقَى.

والتقدير الأولُ في هذا أجودُ عندنا ، وذلك أنَّ تقديرَهُ حذف المضاف من الخبر أَعني بِرَّ مَن اتَّقَى ، والخبرُ أَولَى بِذَلِك مِنْ المبتدأِ ، وَذَلِك أَنَّ حذف المضافِ ضربٌ مِنَ التوسُّعِ ، والتوسّعُ آخر الكلام أَولى بهِ من أَوَّلِهِ ، كما أَنَّ الحذْفَ والبَدَلَ كُلَّمَا تَأَخَّرا كَانَ أَمْثَلَ مِنْ حَيْثُ كَانَتِ الصُّدُورُ أَوْلَى بالحقائقِ مِنَ الأعجازِ ، وَهَذَا وَاضح ، وَلِذَلِك اعتَمَدَهُ عِندَنَا صاحبُ الكِتابِ فَحَمَلَهُ عَلَى أنَّ التَقْدِيرَ : وَلَكَنَّ البِرَّ بِرُّ مَنِ اتّقَى (٢).

أَجَازَ أَبوُ الَعبّاسِ (٣) أَنْ يَكونَ الحذفُ مِنَ الأولِ على مَا مَضى وَهوَ لَعَمْرِي جائزٌ إلاَّ أنَّ الوَجْهَ ما قَدّمْنَا ذِكْرَهُ ، لَكِنَّ الحَذْفَينِ فِي قَوْلِهِ : (فَمِنْهَا رُكُوبُهُم) ـ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ ـ متساويان ، وَذَلَك إنْ قَدّرتَهُ عَلَى أَنَّهُ : فَمِنْ

__________________

(١) سورة البقرة : ٢ / ١٨٩.

(٢) لم يذكر سيبويه هذه الآية التي خرجناها في الحاشية السابقة ، وإنَّمَا ذكرَ آيةً أخرى شبيهةً بها من سورة البقرة : ٢ / ١٧٧ ، فقال : «وقال عزَّوجَلَّ : (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) وإنَّمَا هو ولكِنّ البِرَّ برُّ مَنْ آمَنَ باللهِ واليومِ الآخرِ». ويبدو أَنَ أبا الفتح ينقل من حفظه. انظر : الكتاب : ١ / ١٠٨.

(٣) قال في المقتضب : ٣ / ٢٣١ : الوجه : وَلَكنّ البِرَّ برُّ مِنْ آمَنَ بِاللهِ وَيجوز أن يوضَعَ البِرّ فِي موضِعِ البَارِّ. وهَذَا الوَجهَ سبَقَ أنَ ذَهبَ إليهِ الأخْفَشُ. انظر : معاني القرآن للأَخْفَش : ٦٨ / أ.


مَنَافِعِهَا رَكُوبُهُم فَإنَّمَا حذفتَ منَ الخبرِ لأَنَّ تَقْدِيرَهُ فَرَكَوبُهم مِنْهَا ، فَهْوَ ـ وإنْ كانَ مُقدّماً فِي اللَّفظِ ـ مُؤَخَّرٌ في المعنى. وإن قَدَّرْتَهُ عَلَى مَعْنَى فَمِنْهَا ذوُ ركُوبِهم فَحَسَنٌ أيضاً وإنْ كَانَ مقدماً في المعنى فإنّه مؤخّرٌ في اللفظِ فاعرفْ ذلك (١).

٤ ـ حذف المضاف بعد مضاف

قَرَأَ طَلْحَةُ : (لَيسَ لَهَا ممّا يَدعوُنَ مِنْ دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ وَهْيَ عَلَى الظَّالِميِنَ سَاءَتِ الغَاشِية) (٢).

قَالَ أَبو الفتح : هَذِهِ القراءةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ المُرَادَ بقراءةِ الجماعة : (لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ) ـ حذفُ مُضَاف بعدَ مُضَاف ، ألاَ تَرَى أَنَّ تَقْدِيرَهُ : لَيْسَ لَهَا مِنْ جزاءِ عبادةِ معبود دونَ الله كاشفة؟ فالعبادة على هذا مصدر مضاف إلى المفعولِ. كقولِهِ : (بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ) (٣) و (لاَ يَسْأَمُ الاْنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ) (٤) ثُمَّ حُذِفَ المضافُ الأَول فصارَ تقديرُهُ لَيْسَ لَهَا مِنْ عبادَةِ معبود دُونَ اللهِ كَاشِفَةٌ ، ثُمَّ حُذِفَ المضافُ الثاني الذي هُوَ (عِبَادَةِ) فصار تقديره : ليس لها من معبود دُونَ اللهَ كَاشِفَةٌ ، ثُمَّ حُذِفَ المضافُ الثالثُ ، فَصَارَ إلى قوله : لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ.

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢١٦ ـ ٢١٧.

(٢) من قوله تعالى من سورة النجم : ٥٣ / ٥٨ : (لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ) ، والزيادة في قراءة طلحة بعد كلمة (كاشفة) تدخل في إطار التحريف ، إذ لا وجود لها في المصحف الشريف.

(٣) من قوله تعالى من سورة ص : ٣٨ / ٢٤ : (قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ).

(٤) سورة فصلت : ٤١ / ٤٩.


وهَذَا عَلَى تَقْدِيرِك : (دُونِ الله) اسماً هُنا ، لا ظَرْفاً لأَنَّ الإضافة إليهِ تسلبُهُ معنى الظرفيَّةِ. ولا تستكثر كثرةَ المضافاتِ المحذوفةُ هَناك ، فإنّ المعنى إذا دَلَّ عَلَى شيء وَقَبْلَهُ القياسُ أَمِضيَ عَلَى ذَلِك وَلَمْ يُسْتَوحَشْ مِنْهُ أَلاَ تَرىَ إلَى قَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ : (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) (١).

أَلاَ تَرَاهُ أنَّ مَعناهُ : مِن ترابِ أرض أَثَرِ وطءِ حافِرِ فرسِ الرَّسُولِ ، أيْ : مِن تُرابِ الأرضِ الحاملةِ لأثرِ وطءِ فرسِ الرسولِ ، المَعْنَى عَلَى هَذَا لأَ نَّهُ في تَصْحِيحِهِ لاستيفاءِ معانيهِ ، وإذا دَلَّ الدَّلِيلُ كَانَ التّعَجُبُ مِن حِيلَةِ العاجِزِ الذَّلِيلِ (٢).

وَرُويَ عَنْ سَعيد بِن جُبَير : (يَا أَيُّهَا الاْنسَانُ مَا أَغَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيمِ) (٣) ممدودة على التعجب.

قال أَبو الفتح : هَذَا كَقَولِ الله سبحانه : (فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) (٤).

أَيْ عَلَى أفْعَالِ أَهْلِ النَّارِ فَفَيه حَذفُ مُضَافَينِ شَيئاً عَلَى شيء كَمَا قَدّمنَا (٥) فِي قولهِ : (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) وَغَيرِ ذَلِك.

وَقِيلَ في قَولِهِ : (فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) أي : ما الَّذِي دَعَاهُمْ إلَى الصَّبْرِ عَلَى مُوجِبَاتِ النَّار (٦)؟ فَكَذَلِك يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ أَيضاً : (ما أَغَرَك بِرَبّك

__________________

(١) سورة طه : ٢٠ / ٩٦.

(٢) المحتسب : ٢ / ٢٩٥ ـ ٢٩٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة الانفطار : ٨٢ / ٦ : (يَا أَيُّهَا الاِْنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ).

(٤) سورة البقرة : ٢ / ١٧٥.

(٥) تنظر : ص : ٣٤٦.

(٦) وقد ذكر مثل هذا الأخفش قال : وقال بعضُهم : (فَمَا أَصْبَرَهُمْ) أيْ : ما أصبَرَهُم وَمَا الذي صَبَّرَهُمْ. أنظر : معاني القرآن للأخفش : ٦٧ / ب.


الكَرِيِم) أيْ : مَا الّذِي دَعَاك إلَى الاغترارِ بِهِ (١)؟

٥ ـ الفصل بين المضاف والمضاف إليه

قَرَأَ الأَعمش : (وَمَا همْ بِضَارِّي بِهِ مِن أحَد) (٢) قَالَ أبو الفتح : هَذَا مِنْ أَبْعَدِ الشاذ أَعْنِي حذفَ النُّونِ هَا هُنا ، وأمثل ما يُقالُ فِيهِ : أنْ يَكُونَ أَرادَ : وَمَا هُمْ بِضَارِّي أَحَد ثُمَّ فَصَل بينَ المُضَافِ والمَضَافِ إليه بِحَرْفِ الجَرِّ.

وَفيِهِ شيءٌ آخر ، وَهوَ أَنَّ هُناك أَيْضاً (مِنْ) فِي (مِنْ أَحد) غير أَنّهُ أجرَى الجارَّ مَجَرى جزء من المجرورِ (٣) ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : وَمَا هُمْ بضاريِّ به أَحد ، وفيه ما ذكرنا (٤).

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٠٢ : (وَمَا هُمْ بِضَآ رِّينَ بِهِ مِنْ أَحَد).

(٣) قال أبو حَيَّان : «وَهَذَا التخريج ليسَ بجيّد لأَنَّ الفصلَ بينَ المضافِ والمضافِ إليهِ بالظرفِ والجارِّ والمجرور من ظرائرِ الشعر ، وأقبحُ من ذلك ألا يكونَ ثَمَّ مُضافٌ إليهِ لأَ نّهُ مَشغُولٌ بعاملِ جرّ فهوَ المؤثِّرُ فيه لا الإضافة ، وأمَّا جعل حرف الجرِّ جزءاً من المجرور فهذا ليس بشيء لأَ نَّهُ مؤثِر فيهِ وجزءُ الشيء لا يؤثرُ في الشيء».

وقد رجَّحَ أنْ يكونَ حذفُ النُّونْ تخفيفاً. انظر : البحر المحيط : ١ / ٣٣٢.

(٤) المحتسب : ١ / ١٠٣.


الباب السابع

المصدر والمشتقّات

إعمالها وبناؤها وأحكامها



إعمال المصدر

قَرَأَ أبو عبد الرحمن : (فَجَزاءٌ) (١) رفَعٌ مَنَوّنٌ (مِثْلَ) ، بالنَّصْبِ.

قَالَ أبو الفتِح : (مِثْلَ) منصوبة بنفسِ الجزاءِ ، أيْ : فَعَلَيهِ أَنْ يَجزِي مثَل ما قَتَلَ فـ (مِثْلَ) إذا فِي صلةِ الجزاءِ ، والجزاءُ مرفوعٌ بالابتداءِ وخبره محذوفْ أيْ : فعليِه جزاءٌ مثلما قتل ، أو فالواجب عليه جزاءٌ مثلَ ما قَتَلَ ، فَلَمَّا نَوَّنَ المَصْدَرَ أعملَهُ ، كقولِهِ (٢) :

بضرب بالسيوفِ رؤوسَ قَوْم

أَزَلْنَا هَامَهُنَّ عَنِ المَقِيلِ (٣)

مجيء المصدر في موضع اسم الفاعل

قَرَأَ : (مِنْ كُلِّ امِرْئ سَلاَمٌ) (٤) ابن عَبّاس وعِكرِمَة والكلبي.

قَالَ أَبو الفتح : قالَ قطرب : معناه : هي سلامٌ مِنُ كُلِّ أمر وامْرِئ وَيَلْزَمُ عَلَى قولِ قطرب أَنْ يُقالَ فَكَيفَ جَازَ أنْ يُقَدَّمَ معمولُ المصدرِ الذي هو (سَلاَمٌ) عليهِ ، وَقَدْ عَرفنا امتناع جواز تقديم صلة الموصول أو شيء مِنهَا

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٩٥ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنْكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْل مِّنكُمْ).

(٢) البيت للمرّار بن منقذ. الكتاب : ١ / ٦٠ ، ٩٧ والمحتسب : ١ / ٢١٩ و ٢ / ٣٨٠ وشرح المفصل : ٦ / ٦١ وشرح الشواهد للعيني : ٢ / ٢٨٤.

(٣) المحتسب : ١ / ٢١٨ ـ ٢١٩.

(٤) من قوله تعالى من سورة القدر : ٩٧ / ٤ ـ ٥ : (تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).


عليهِ (١)؟ والجوابُ : أَنَّ (سَلاماً) في الأصل ـ لَعَمرِي ـ مصدرٌ ، فَأَمَّا هُنَا فَإنَّمَا هو موضوعٌ موضِعَ اسمِ الفاعلِ الَّذِي هو سالمة أو المفعول الَّذِي هُوَ مُسَلَّمَةٌ (٢) فَكَأَ نَّه قال : مِنْ كُلّ امرئ سالمةُ ، أو مُسَلَّمَةٌ هِيَ أَيْ : سَالِـمَـةٌ فَهَذَا طريقُ هَذَا (٣).

إعمال اسم الفاعل

قالَ تعالى : (وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بالوَصِيدِ) (٤) أَعْمَلَ اسم الفاعِل وَإن كانَ لَمَا مَضى (٥) لَمَّا أرَاد الحال ، فَكَأ نَّها حَاضِرةٌ. واسم الفاعل يَعَملُ كَما يَعْملُ فِي الاستقبالِ (٦).

من أبنية المصدر

قَرَأ : الحَسن : (خَطَاءً) (٧) ، بخلاف.

وَقَرَأ : (خَطاً) غَيرَ ممدود والخاءُ منصوبةٌ خفيفةُ ، الحسنُ ، بخلاف.

__________________

(١) انظر : الكتاب : ١ / ٦٦ والمقتضب : ٤ / ٨٩ والأُصول في النحو : ١ / ١٦٢ والبحر المحيط : ٨ / ٤٩٧ والمغني : ٢ / ٤٣٥ ـ ٤٣٦.

(٢) قال الأخفشُ : (أَيْ هِي سَلاَمٌ : تريد مَسلَّمة). انظر : معاني القرآن للأخفش : ١٨٤ / أ.

(٣) المحتسب : ٢ / ٣٦٨.

(٤) سورة الكهف : ١٨ / ١٨.

(٥) قال ابنُ الأَنباري : (إنَّمَا أَعمل اسم الفاعل وإنْ كَانَ للماضِي لأَ نَّهُ أرادَ بِهِ حكايةَ الحالِ).

وقال العكبري : (وإنَّمَا أعمل اسمَ الفاعلِ هُنَا وإنْ كانَ للماضي لأَ نَّهُ حالٌ مَحكيَّةٌ). انظر : البيان : ٢ / ١٠٣ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٠٠.

(٦) المحتسب : ٢ / ٣٢٧.

(٧) من قوله تعالى من سورة الإِسراء : ١٧ / ٣١ : (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاق نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْأً كَبِيْراً).


وَقَرَأ : (خِطاً) بِكَسْرِ الخَاءِ غَيرَ ممدود ، أَبو رَجَاء والزُّهْرِي.

وَقَرَأَ : (خَطْئا) ـ في وزن خَطْعا ـ ابنُ عامر ، بِخَلاف.

قَالَ أَبو الفتح : أَمَّا (خَطَاءً) فاسم بِمَعْنَى المَصْدَر ، وَالمَصدَرُ مِن أخطأت : إخطَاء ، وَالْخَطَاءُ مِنْ أَخْطَأْت كالعَطَاءِ مِنْ أعْطَيْت. وَيُقَالُ خَطِئ يَخْطَأُ خِطْئا وَخَطَأً ، هَذَا في الدَّينِ وأَخطأتُ الغَرَضَ وَنَحْوَهُ (١).

وَقَدْ يتَدَاخَلاَنِ فَيُقَالُ : أَخْطَأتُ فِي الدّينَ وَخَطِئتُ فِي الرّأْيَ وَنَحوه. قَالَ :

ذَرِينِي إنَّمَا خَطَئِي وَصَوْبِي (٢)

عَلَيَّ وَإنَّ مَا أَهلَكْتُ مَالُ (٣)

وَقَالَ عَبِيدُ :

والناسُ يُلْحُونَ الأميرَ إذَا هُمُ

خَطِئُوا الصوابَ وَلاَ يُلاَمُ المُرْشِدُ (٤)

وقَالَ في الدِّين أميةُ :

عِبادُك يُخْطِئُونَ وَأَ نْتَ رَبُّ

بِكَفَيْك المَنَايَا وَالْحُتُومُ (٥)

__________________

(١) يقال : لإِنْ تُخطِئ في العلم أَيسِر مِن أنِ تَخْطَأ في الدين.

وَيَقولُ الفرّاء : خَطِئ السهمُ وَخَطَأَ. وقال أَبو عبيد : أخطأَ وَخَطِئ لُغَتَانِ وَيُقالُ مع الخواطئ سهم صائب ، يُضْرَبُ لِلّذي يكثر الخطأ ويأتي بعض الأحيانَ بالصواب.

انظر : إصلاِح المنطق : ٢١٣ ، ٢٩٣ ، ٢٩٤.

(٢) يقال : إنْ أَصَبْتُ فَصَوَّبَني وَإنْ أخْطَأتُ فَخَطّئْنِي. انظر : إصلاِح المنطق : ١٥١ و ٢٩٣.

(٣) البيت لاَِوس بن غلفاء. يرى أبو زيد الأنصاري إن معنى البيت : أَنَّ الذي أَهلكتُهُ مالٌ لاَ عِرْضٌ. ويرى السيوطي : أَنَّ معناهُ : أَهلكتُ مالِي. انظر : أمالي الزجاجي : ٦١ والمحتسب : ٢ / ٢٠ ولسان العرب : ٢ / ٢٣ والهمع : ٢ / ٥٣ والدرر اللوامع : ٢ / ٦٩ ومعجم شواهد العربية : ١ / ٢٩٥.

(٤) انظر : لسان العرب : ٥ / ٨٦ وَمُعْجم شواهد العربية : ١ / ١٠٧.

(٥) يروى العجز :

 ......

كَريم لاَ تَلِيقُ بك الذمُـوُمُ

أُنظر : ديوان أمية بن أَبي الصلت : ٥٤ والكتاب : ١ / ١٦٤ واللسان : ١ / ٦٠.


وأَما (خَطاً) وَ (خِطاً) فتخفيف خَطْئاً وَخِطْئاً عَلَى القياسِ (١).

وَقَرَأَ السُّلَمِي وزيد بن علي : (وَتَخَلَّقُونَ إفكا) (٢).

وَقَرَأَ فُضيل بن مَرزَوق وابن الزُبير : (وَتَخْلُقُونَ أَفِكَا) بِفَتْحِ الهمزةِ وَكَسر الفاء.

قَالَ أبو الفتح : أَمَّا (تَخَلَّقُونَ) فَعَلَى وزنِ تَكَذَّبُونَ وَمَعْنَاهُ (٣). وَأَمَّا (أَفِكَا) فَإمَّا أنْ يَكُونَ مَصْدَراً كَالكَذِبِ وَالضّحِك ، وأمَّا أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَصدَر مَحذُوف ، أيْ : تَكذِبُونَ كَذِباً أفِكاً ثُمّ حُذِفَ المَصْدَرُ وَأقِيمَتْ صِفَتُهُ مَقَامَهُ ، كَقَولِك : قمتُ مِثْلَ مَا قَامَ زَيدٌ ، أيْ : قِياماً مِثْلَ قِيَام زَيْد وأذهبُ فِي الحَذفَ عَلَى هذا الحدِّ مِنهُ قَولُ اللهِ تَعَالى : (فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) (٤) أَيْ : شُرْباً مِثلَ شَرُبِ الهيم ، لأَ نَّهُ حُذِفَ فيه مع الموصوف المضاف وأقيم المضافُ إليهِ مقامه. وَأفِكٌ عَلَى هَذَا صِفَةٌ كَبَطِرَ وَأَشِرَ. وَيَجُوزُ أَنَ يَكُونَ مَحْذُوفاً مِنْ آفِك وهو اسمُ الفاعلِ مِنْ أفَكَ يَأفِكُ إفْكَاً إذا كذب وأَفكته إِفكَاً إذَا صَرفْتُهُ عَنِ الشيءِ وَهْوَ مَأفُوكٌ. قَالَ :

إنْ تَك عَنْ أَحْسَنِ المُروءَةِ مَأْ

فُوكاً فَفِي آخَرِينَ قَد أَفِكُوا (٥)

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١٩ ـ ٢٠.

(٢) من قَوله تعالى من سورة العنكبوت : ٢٩ / ١٧ : (إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً).

(٣) قال في البحر المحيط : ٧ / ١٤٥ (أَصْلُ تَخْلُقُونَ. تَتَخَلَّقُونَ فَحُذِفَتْ إحدى التائين).

(٤) سورة الواقعة : ٥٦ / ٥٥.

(٥) البيت لعروة بن أَذينة. وَنَسبَهُ صاحب اللسان إلى عمرو بن أَذينة.

ويروى (أَفضل) مكان (أَحسن) و (الصَّنيعة) و (الخليقة) مكان (المروءة).

أُنظر : إصلاح المنطق : ٢٣ والمحتسب : ٢ / ١٦١ و ٢٦٧ ولسان العرب : ١٢ / ٢٧٠.


إلاَّ أَنَّ الألِفَ حُذِفَتْ كَمَا حُذِفَتْ في بَرِد وَعَرِد ، يُريدُ : بَارِداً وَعَارِداً (١) وَقَدْ مَضَى (٢) ذِكْرُهُ (٣).

بينَ فَعْل وفَعَل

قَرَأَ الحَسَنُ وَعِيسَى الثقفي وَأَبوُ حَيْوَة : (رَتَقاً) (٤) بِفتِحِ التَّاءِ.

قَالَ أَبُو الفَتحِ : قَدْ كَثُرَ عَنّهُم مجيءُ المَصدَرِ عَلَى فَعْل ، سَاكِنَ العَيْنِ ، وَاسم المفعول منه عَلَى فَعَل مَفْتُوحَهَا ، وَذَلِك قَولُهُم : النَّفْضُ للمصدر والنَّفَضَ لِلمنفوظي ، والْخَبْط للمَصْدَر ، والخَبَط الشيءُ المخبوط (٥) ، والطَّرْدُ المَصْدَرُ ، والطَّرَدُ (٦) المَطْرُود ، وإن كَانَ قَد يُسْتَعْمَلُ مَصْدَراً نَحو : الحَلْب والحَلَب (٧).

فقراءة الجماعة : (كانتا رَتْقاً) كَأَ نَّهُ مِمَّا وُضِعَ مِنَ المَصادِرِ مَوضِعَ اسم المفعُولِ كَالصَّيدِ في معنى المَصيدِ والخَلْقِ فِي مَعنَى الَمخلُوق.

وَأَمَّا (رَتَقَا) بِفَتْحِ التَّاءِ فَهو المرتوقُ ، أي : كَانَتَا شيئاً وَاحِداً مَرتُوقاً فهوَ إذاً

__________________

(١) يشير إلى قولِ الرَّاجز :

أصبـحَ قلبـي صَـرِدَا

لاَ يَشـتـَهـي أنْ يَــرِدَا

إلاّ عَــرَاداً عَــرِدَا

وَصَـلَيـانَا بَــرِدَا

انظر : المحتسب : ١ / ١٧١ و ٢ / ١٦١ ولسان العرب : ـ عرد ـ ٤ / ٢٨٠.

(٢) انظر : المحتسب : ١ / ١٧١.

(٣) المحتسب : ٢ / ١٦٠ ـ ١٦١.

(٤) من قوله تعالى من سورة الأنبياء : ٢١ / ٣٠ : (أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّموَاتِ وَالاَْرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْء حَيّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ).

(٥) انظر : إصلاح المنطق : ٣٢٩.

(٦) قال ابن السكّيت : يقال في المصادر : الظَّعْن والظَّعَن ، والعَذْل والعَذَل ، والدَّأْب والدَّأَب ، والطَّردْ ، الطَّردَ. إصلاح المنطق : ٩٧.

(٧) قَالَ الفَارابي : الحَلَبُ : اللَّبَنُ المَحْلُوبُ. اُنظر : ديوان الأَدب : ١ / ٢٠٣.


كالنَّفَضَ والخَبَط ، بمعنى المنفوضِ والمخبوطِ. وَنَحوٌ مِنْ ذَلِك مَجِيئُهم بالمصدر عَلَى فَعْل مَفْتُوح الفاءِ واسم المفعول فِعْل بكسرها نَحَوَ رَعيتُ رَعياً والرِّعْيُ : المَرْعَى (١) ، وَطَحَنتُ الشيءَ طَحْناً ، والطِّحْنُ : المطحون (٢) وَنَقَضْتُ الشَّيءَ نقضاً والنَّقْضُ : التَّعَبُ.

فكأ نّه منقوض (٣) وسَوَّغَ الانحرافَ عَنِ المصدرِ تارةً إلى فَعَل والأخرَى إلى فِعْل تَعَاقُبُ فِعْل وَفَعَل في أَمَاكِنَ صالِحَة عَلَى المَعْنَى الوَاحِدِ وَهوَ المِثْل والمَثَل والبِدْل والبَدَل ، والشِّبْه والشَّبَه (٤) ، وَمِنَ المُعْتَلِّ القِيلُ والقَالُ (٥) ، والرِّيرُ والرَّارُ (٦) ، والكِيحُ والكَاحُ (٧) ، والقِيرُ والقَارُ (٨) وَقَالُوا أيضْاً صِغْوُهُ (٩) مَعَك وَصَغَاةُ مَعَك. وَكَذَلِك عِنْدِي مَا عَدَلُوا بِفعل تارة إلى فِعْل وَأَخْرَى إلى فُعْل ، وَذَلِك قَوْلُهُمْ : بِنْت عَلَى فِعْل وَأُخْت على فُعْل وَأَصْلُ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فَعَل : بَنَوٌ وَأَخَوٌ فَلَمَّا مَالُوا إلى التَّأنِيثِ جَاءوا (بِبِنْت) عَلَى فِعْل ، و (أُخت) عَلى فُعْل فَصَارَا في التقدير بَنْوٌ وأخْوٌ ثم أَبْدَلُوا الواوَ تَاءً كَتُجَاه وَتُرَاث ، فَصَارَتَا بِنْتَاً وَأُخْتَا.

__________________

(١) قال ابن السَكّيت : الرَّعْيُ : مصدرُ رَعَيتُ والرِّعْيُ : الكلا ، مقصور. انظر : إصلاح المنطق : ٧.

(٢) في إصلاح المنطق : ٧ : الطَّحْنُ مصدرُ طَحَنْتُ ، والطِّحْنُ : الدَّقِيقُ نَفْسُهُ.

(٣) انظر : إصلاح المنطق : ١٧.

(٤) إصلاح المنطق : ٩٨ ومختار الصحاح : ٤٤ و ٦١٤.

(٥) القِيلُ والقَال : اسمان لا مصدران. انظر : إصلاح المنطق : ٨٩.

(٦) الرِّير : المخّ الرَّقيقُ يَدُقُّ عِندَ الهُزَالِ. إصلاح المنطق : ٨٩.

(٧) الكِيحُ : عُرْضَ الجَبَلِ إصلاح المنطق : ٨٩.

(٨) انظر : إصلاح المنطق : ٨٩.

(٩) صَغَا : مال. مختار الصَّحاح : ٣٦٤.


وَقَدْ مَالوا ببعضِهِ إلى فَعْل فَقَالوا هَنْتٌ وأصله فَعُل : هَنَوٌ : فَأَصَارَوهُ إلى هَنَوٌ ، ثُمَّ أبدَلُوا الواوَ تَاءً ، فَقَالوا : هَنْتٌ. وَقَابَلَ ذَلِك أَيضاً مِن كَلاَمِهِم مَا كَانَ فيهِ ثَلاَثُ لُغَات ، نَحْو الشَّرْبُ والشِّرْبُ والشُّرْبُ (١) وَالزَّعْم وَالزِّعْمُ والزُّعْمُ (٢). وَقَالُوا : شَنِئتُهُ شَنْئاً وشِنْئاً وَشُنْئاً (٣).

وَقَالَ أَبو عبيدة : هو قُطْبُ الرَّحَى وقِطْبُ وَقَطْبُ (٤).

فَهَذَا طريقُ مُقَابَلَةِ صنعةِ اللُّغَةِ ولفظةٌ واحِدَةٌ مِنهُ في هَذَا الحدِّ ، وَعَلى هَذَا التَّنَييُّهِ وَتَدَارُك الوَضْعِ يَقُومُ مَقَامَ كتابِ لغَة يُحفَظُ هَكَذا سَرداً. وَلاَ تبُلُّ النَّفْسُ بِنَحْوِ ذَلِك مِنْ لَطِيفِ الصنعةِ فِيهِ يداً (٥).

صيغة فعيل

قَرَأ ابنُ مسعود : (الكِبَرِ عَتِيّا) (٦) بِفَتْحِ العَينِ.

وَكَذَلِك قَرَأَ أَيضاً (أوْلَى بِهَا صَلِيّا) (٧) بفتح الصَّادِ.

قَالَ ابنُ مُجاهد : لاَ أَعْرِفُ لَهُمَا في العربية أصلاً ، قَالَ ابنُ مُجاهد ويقرأ مع ذلك (بُكيا) (٨) بضمّ الباء.

__________________

(١) انظر : إصلاح المنطق : ٨٤.

(٢) إصلاح المنطق : ٨٥.

(٣) انظر : إصلاح المنطق : ٨٤.

(٤) إصلاح المنطق : ٨٥.

(٥) المحتسب : ٢ / ٦٣.

(٦) من قوله تعالى من سورة مريم : ١٩ / ٨ : (أَنَّي يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً).

(٧) من قوله تعالى من سورة مريم : ١٩ / ٧٠ : (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً).

(٨) من قوله تعالى من سورة مريم : ١٩ / ٥٨ : (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِـيّاً).


قال أبو الفتح : لاَ وَجْهَ لإِنكَارِ ابنِ مُجَاهد ذَلِك لأَنَّ لَهُ في العربيةِ أَصْلاً مَاضِياً وَهْوَ مَا جَاءَ مِنَ المصادِرِ عَلى فَعِيل ، نَحوَ : الحَوِيل (١) وَالزَّويِلِ (٢) والشَّخِيرِ والنَّخِيرِ.

فَأمَّا (البُكيُّ) فَجماعة وهي فعول. كَالحُثِيِّ (٣) ، والدُّنِيِّ ، والفُلِيِّ ، جَمع فلاة ، والحُلِيِّ (٤).

بَيْنَ فَعُول وَفُعُول

قَرَأَ عَلي عليه السّلام : (فيها لَغُوبٌ) (٥) بِفَتْحِ اللاّمِ. وهي قراءة السُّلَمِي.

قَالَ أبو الفتح : لَك فِيهِ وَجْهَانِ : إِن شئت حملته على ما جاء من المصادر على الفَعُولِ ، نَحْوَ : الوَضُوءِ (٦) والوَلُوعِ (٧) والوَقُودِ (٨) ، وإن شِئْتَ حَمَلْتَهُ عَلىَ أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَصْدَر مَحْذُوف أَيْ : لا يمسنا فِيهَا لُغُوبٌ (٩) لَغُوبٌ عَلَى قَوْلِهِم : هَذَا شِعْرٌ شَاعِرٌ (١٠) وَمَوتٌ مَائِتٌ كَأَ نَّهُ يَصِفُ (اللُّغُوب) بِأَ نَّهُ قَدْ لَغَبَ أَيْ : أَعْيَا

__________________

(١) الحَويل : الحِذْقُ وجودةُ النظر والقدرة على التصرّف. لسان العرب : ١٣ / ١٩٦.

(٢) الزويل : هو الزوال أي الذّهاب والاستحالة والاضمحلال ، لسان العرب : ١٣ / ٣٣٢.

(٣) الحُثِيُّ : جمعُ حاث ، من حَثَى يَحثُو التُّرَاب.

(٤) المحتسب : ٢ / ٣٩.

(٥) مِنْ قَوْلِهِ تعالى من سورة فاطر : ٣٥ / ٣٥ : (لاَ يَمَسُّنَا فِيْهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيْهَا لُغُوبٌ).

(٦) قال في مختار الصحاح : ـ وضأ ـ ٧٢٦ : وقيل المصدر الوُضوء بالضمّ.

(٧) وقيل الوَلُوعُ والقَبُولَ مصدران شاذّان وما سواهما من المصادر مضموم ، وقيل ما سوى القَبُولِ من المصادر مضمومٌ. انظر : مختار الصحاح : ـ ولع ـ ٧٢٦.

(٨) الوَقود : بالفتح الحطب وبالضمّ الاتّقاد. انظر : مختار الصحاح : ـ وقد ـ ٧٣١.

(٩) اللُّغُوب : بضمّتين التَّعبُ والإعياءُ. مختار الصحاح : ـ لغب ـ ٦٠٠.

(١٠) انظر : التَّمَام : ٩٢.


وَتَعب (١).

وَهَذَا ضَرْبٌ مِنَ المُبَالَغَةِ كَقَوْلِ الآخر :

إذَا نَاقةٌ شُدَّتْ بِرَحْل وَنُمْرُق

إلى حَكَم بَعْدِي فَضَلَّ ضَلاَلُهَا (٢)

وَعَليهِ قَالُوا : جُنَّ جُنُونُهُ ، وَخَرَجَتْ خَوَارِجُه (٣).

وَمِن طَريفَ ما مَرَّ بِنَا لِمُولَّدِينَ فِي هَذَا قولُ شَاعِرِنَا :

 ......

وجُبْتُ هَجِيراً يَتْرُكُ الماءَ صَادِيا (٤)

فَهَذَا مَعَ ما فيهِ من المبالَغَةِ حلو وواصل إلى الفكِر. وَعَلى هَذَا حَمَل أَبو بكر قَوْلَهُم (٥) تَوضأت وَضُوءا ، أَنَّهُ وَصْفٌ لِمَصْدَر مَحْذوف ، أيْ : وُضُوءاً وَضُوءا كَقَولِك وُضُوءا وَضِيئا ، أيْ : كَامِلاً حَسَنا.

وَحَكَى أَبو زيد : رَجلٌ ساكوت بَيّنُ الساكوتة (٦) ، فَلَمَّا قَرَأْتُ هَذَا الموضع على أَبي عليّ حمله على قياسِ قولِ أَبي بكر هَذَا ، فَقَالَ : تقديرهُ بَيّنُ السَّكتةِ السَّاكوتةِ ، فَجَعلَهُ صِفَةً لِمَصْدَر مَحْذُوف ، وَحَسَّنَ ذَلِك عِنْدِي شَيئا

__________________

(١) قال الفرَّاء : كأَ نَّهُ جعلهُ ما يلغب. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٧٠.

(٢) البيت لأَوس بن حجر. انظر : ديوانه : ١٠٠ واللسان : ١٣ / ٤١٥.

(٣) انظر : التَّمَام : ٩٢.

(٤) هو عجز بيت للمتنبي وصدره :

لقيت المرورى والشناخيب دونه

 ......

والمرورى جمع مروراة وهي الفلاة الواسعة والشناخيب جمع الشنخوب بضمّ الشين وهو رأس الجبل وضمير دونه لكافور الإخشيدي. انظر : الديوان : ٢ / ٤٦٨ ومختارات القاموس : ٣٤٠.

(٥) انظر : المحتسب : ١ / ٦٣.

(٦) قال الفارابي : يقال رجل ساكوت. وقال في اللسان : رجل سكت : بين الساكوتة. ديوان الأدب : ١ / ٣٧١ واللسان : ٢ / ٣٤٨.


أَنَّهُ مِنْ لَفظِهِ ، فكأن أحدهما صاحبه البتة.

وَحَكَى الأَصْمَعِيُّ : لَيْسَ عليك في ذلك تَضُرَّةٌ ، وَلاَ ضَارُوَرةٌ ، فَضَارُورَة ـ عَلَى قياسِ قَولِ أَبِي بَكر ـ كَالساكُوتِةِ ، أَيْ : ضَرَّةٌ ضارُوَرة (١).

وَقَرَأَ الحَسن بخلاف ومجاهد وَطَلْحة بن مُصَرف وَعيسى الهمداني : (وُقُودِهَا الناسُ) (٢).

قال أبو الفتح : هذا عِنْدَنا على حَذْفِ المُضاف ، أيْ : ذُو وُقُودِهَا أو أصحابُ وُقُودِهَا ، وَذَلِك أَنَّ الوُقُودُ بالضَّمِّ هُوَ المَصْدَرُ ، والمَصْدَرُ لَيْسَ بالناسِ. لَكِنْ قَدْ جَاءَ عَنْهُم الوَقُودُ بالفتحِ في المْصدَرِ ، لِقَوْلِهِمْ : وَقَدَتِ النارُ وَقُودا ومِثلُهُ : أُولِعتُ بهِ وَلُوعاً وَهو حسنُ القَبول مِنْك كُلُهُ شاذٌّ والبابُ هو الضمُّ (٣).

وكانَ أَبو بَكر يَقُول في قَوْلِهِم : تَوضَأتُ وَضُوءاً : إنَّ هَذَا المَفْتُوحَ لَيسَ مصدراً وإنَّما هُوَ صفةُ مصدر محذوف.

قَالَ : وَتَقديرُهُ : تَوضَأتُ وُضُوءاً وَضُوءاً لِقَوْلِكَ : تَوَضَأتُ وُضُوءاً حَسَناً لأَنَّ الوَضُوءُ عِنْدَهُ صِفَةٌ مِنْ الوَضَاءَةِ (٤).

وَقَرأتُ عَلَى أَبِي عَليّ فِي نَوَادِرِ أَبِي زَيد : رجلٌ ساكوتٌ بَيَّنُ السَّاكُوتَةِ.

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٠٠ ـ ٢٠١.

(٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٤ : (فَإِنْ لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَنْ تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ).

ومن قوله تعالى من سورة التحريم : ٦٦ / ٦ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ).

(٣) تنظر : ص : ٣٣٧ و ٣٣٨.

(٤) تنظر : ص : ٣٥٩.


فَقَالَ قِياسُهُ مَذْهَبُ أَبي بكر فيِ الوَضُوءِ أَن يَكُونَ هَذَا عَلَى أَنَّه أَرادَ رَجُلٌ ساكوتٌ بَيّنُ السكتِةِ الساكوتةِ (١).

وَعَليهِ قَوْلُهْم فِيَما حَكَاهُ الأَصْمَعِي : رَجُلٌ بَيّنُ الضَّارُورةِ ، أَيْ : بَيّنُ الضَّرَّةِ أَوْ المَضَرَّةِ الضّارُورة (٢).

وَأَمّا قَوْلُهُمْ : لُصٌّ بَيّنُ اللُّصُوصيَّةِ ، وَحَرٌّ بَيّنُ الحَروريِّةِ ، وخصَصْتُه ، بالشيءِ خُصُوصِيَّة فَإنْ شِئتَ قُلتَ : هُوَ عَلَى مَذهَبِ أَبي بَكْر لَصٌ بَيّنُ اللصَّةِ اللصُوصِيَّةِ ، والخَصة الخُصوصيِّة والحَرِّية الحَروُرِيِّة.

وَإن شِئْتَ قُلتَ غَيرَ هَذَا وَذَلَك أَنَّ مَا لاَ يجيءُ مِنْ الأَمثِلَة بِنَفسِهِ قَدْ يجيءُ إذا اتّصَلَتْ ياءُ الإضَافةِ بهِ وَذَلِكَ كَقَولِ الأعْشَى :

وَمَا أيْبُليُّ عَلَى هَيّكَل

بَنَاهُ وَصَلَّبَ فِيهِ وَصَارَا (٣)

فأَيُبِليّ ـ كَمَا تَرَى ـ فَيْعُلِيّ ، وَلَولاَ يَاءُ الإضَافَةِ لَمْ يَجُزْ ذَلِك ألاَ تَرَى أَنَّهُ لَمْ يأتِ عَنْهُم فيعل؟ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُم فِي الإضَافةِ إلى تَحِيَّة تَحَوَي ، وَمِثَالُهُ : تَفَلِيّ.

وليس في كلامهم اسمٌ على تفل فَكَذَلِك جَازَ خصوصيَّة واختاها هَذَا مَعَ مَا حُكِي عَنْهم من القَبولِ والوَضُوءِ والوَلُوعِ والوَقُودِ (٤) فإذا جَاءَ هَذَا

__________________

(١) تنظر : ص : ٣٥٩.

(٢) تنظر : ص : ٣٦٠.

(٣) أيبلي : صاحب أيبل وهي العَصَا التي يُدَقُّ بِهَا النَّاقُوسُ. صَلَّبَ : صَوَّرَ الصليبَ. صَارَ : سكن.

ديوان الأعشى : ٤٠ والمنصف : ١ / ١٦٣.

(٤) تنظر : ص : ٣٥٨.


المِثَالُ فِي المَصْدَر من غير أَن تصحبه ياء الإضافة فهو بان يأتي معها أجدر (١).

وَقَرَأَ أَبو عبِد الرَّحْمنِ السُّلَمي وَطْلَحة : (وَمَا مَسَّنَا مِنْ لَغُوب) (٢) بفتح اللاّمِ.

قال أَبو الفتح : قَدْ تَقَدَّمَ القولُ عَلَى ذَلِكَ (٣) ، وَذَكَرْنَا رأيَ أبي بكر ونحوه من المصادر التي جاءت على فَعُول بِفَتْحِ الفاءِ كالوَضُوء والوَلُوعِ والطَّهُورِ (٤) والوَزوعِ (٥) والقَبُولِ ، وأَ نَّها صِفَاتُ مصادر محذوفة أَيْ : تَوَضَأتُ وُضُوءا وَضُوءا أيْ : وُضُوءا حَسَنا. وَكَذَلِكَ هَذَا أَيْ : مَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب ، فَيَصِفُ اللُّغُوبَ بِأَ نَّهُ لَغُوبٌ أَيْ : لَغَبَ مُلْغِبٌ (٦).

وَقَرَأَ : (مِنْ كُلّ جانب دَحُورا) (٧) السَّلَمِي.

قَالَ أَبو الفتحِ : في فتح هذه الدَّالِ وَجْهَانِ :

١ ـ إنْ شِئْتَ كَانَ عَلَى مَا جَاءَ مَنْ المَصَادِرِ عَلَى فَعُول ـ بِفَتح الفاءِ ـ

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٦٣ و ٢ / ٣٢٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة ق : ٥٠ / ٣٨ (وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب).

(٣) انظر : ص : ٣٥٨ وما بعدها والمحتسب : ٢ / ٢٠١.

(٤) قال في مختار الصّحِاحِ : الطَّهُورُ بفتحِ الطاءِ مَا يُتَطهَّرُ بِهِ كالفَطُورِ والسَّحُورِ والوَقُودِ ، وَنَقَلِ المُطرِزِي في المُغرب أنَّ الطّهُورَ مَصدرٌ بمعنى التَّطَهّرَ واسم لما يُتَطَهَّر به. انظر : مختار الصحاح : ٣٩٩.

(٥) قال ابن السّكُيتِ : أزِعتُ بهِ مِثلُ ألِعْتُ بِهِ. وفي مُختار الصَّحَاحِ أوْزَرعَهُ بالشيءِ أَغراهُ بهِ. انظر : اصلاح المنطق : ٣٣٣ ومختار الصحاح : ٧١٩.

(٦) المحتسب : ٢ / ٢٨٥.

(٧) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ٨ ـ ٩ : (وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِب * دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ).


عَلَى مَا فيهِ مِنْ خلافِ أَبي بكر فيهِ وَقَدْ بِيّنّاهُ فِيَما مَضَى مِنْ هَذَا الكتابِ (١) وغيره.

٢ ـ وإنْ شِئتَ (٢) أرادَ ويُقذفَونَ مِنْ كلِّ جَانِب بِداحر (٣).

مَفْعَـل

قَرَأَ الأعْمَش : (إِلاَّ مَسْكَـنُهُمْ) (٤) وَكَذِلَك يُرْوَى عَنِ الثَّقَفَي وَنَصْرِ بنِ عاصم.

قَالَ أبو الفتح : أَمَّا (مَسْكَـنُهُمْ) فَإنْ شِئْتَ قُلْتَ : واحد كفى عن جماعته ، وَإنْ شِئْتَ جعلتَهُ مَصْدَراً وَقَدَّرْتَ حذفَ المضافِ ، أيْ لا تُرَى إلاّ آثار مَسْكَنِهِم. فَلَّمَا كَانَ مَصْدَراً لَمْ يَلِقْ لَفْظُ الجَمْعِيِّةِ بهِ كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَةِ :

تَقَولُ عَجُوزٌ مَدْرَجِي مُتَرَوِّحاً

عَلَى بَابِهَا مِنْ عِنْدِ أَهْلِي وَمَالِيَا (٥)

فَالمَدْرَجُ هُنا مَصْدَرٌ ، أَلا تَرَاهُ قَدْ نَصَبَ الحالَ؟ وَلَوْ كَانَ مَكَاناً لَـمـَا عمِلَ كما أَنَّ المُغَارَ من قولهِ :

وَمَا هِيَ إلاّ فِي إزار وَعِلْقَة

مُغَارَ ابنِ هَمَّام عَلَى حَيِّ خَثْعَمَا (٦)

__________________

(١) تنظر : ص : ٢٧٤ ، والمحتسب : ١ / ٦٣.

(٢) مرَّ ذلك في باب النصب بنزع الخافض.

تنظر : ص : ٢٧٤.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢١٩.

(٤) من قوله تعالى من سورة الأحقاف : ٤٦ / ٢٥ : (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْء بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِك نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ).

(٥) روى (بيت) مكان (عند) و (غاديَا) مَكان (ماليا).

انظر : الديوان : ٦٥٣ وأمالي الزّجَّاجي : ٨٩ والمحتسب : ٢ / ٢٦٦.

(٦) نسبه سيبويه إلى حُمَيد بن ثور وليسَ في ديوانِهِ وينسب إلى الطماح بن عامر بن الأعلم


مَصْدَرٌ أَيضاً.

أَلاَ تَرَاهُ قَدْ عَلَّقَ بِهِ حَرْفَ الجَرِّ؟ وَهَذَا واضِحٌ.

وَحَسَنٌ أَيْضاً أَنْ يُريدَ بـ (مَسْكَنهم) هُنَا الجَمَاعة ، وإنْ كَانَ قَد جَاءَ بِلَفْظِ الواحدِ ، لِقِلَّتِهِ عَنْ الجماعةِ ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ : (ثُمَّ نُخْرِجكُمْ طِفلاً) (١) ، أيْ : أطفَالاً.

وَحَسنٌ لَفْظُ الواحدِ هُنا لاِ نَّهُ مَوضِعُ تَصغير لِشَأَنِ الإِنْسَانِ وَتَحْقير لاَِمرِهِ فَلاقَ بِهِ ذَكْرُ الواحدِ لِذَلِك لِقلُّتِهِ عَنِ الجَمَاعةِ (٢) ، وَلأَنَّ مَعْنَاهُ أَيضاً نُخْرِجُ كُلَّ وَاحِد مِنْكُم طفْلاً.

وَقَدْ ذَكَرنَا نَحْوَ هَذَا (٣). وَهَذَا مِمَّا إذا سُئِلَ الناسُ عَنْهُ قَالُوا : وضع الواحد موضع الجماعة اتساعا في اللُّغَةِ ، وَأُنْسُوا حِفْظَ المَعْنَى وَمُقَابَلَةَ اللفظِ بِهِ ، لتقوى دلالته عليه وتنظم بالشَّبَه إليْهِ (٤).

فُعْلَى

قَرَأَ : (بِطُغْوَاهَا) (٥) الحسَن.

__________________

ابن خُويلد العقيلي ، والعِلْقَةُ : ثوبٌ قَصِيرٌ بِلا كُمَين تَلْبَسُهُ الجاريةُ ، وَقيلَ أول ثوب يلبسْهُ المولودُ ، ينعت امرأةً بِأَ نَّها كانَت صَغيرةً إلى وقتِ إغارةِ ابنِ هَمَّام على هذا الحيِّ من اليمنِ.

الكتاب : ١ / ١٢٠ والمقتضَب : ٢ / ١٢١ والخصائص : ٢ / ٢٠٨.

(١) سورة الحج : ٢٢ / ٥.

(٢) انظر : بحث أُستاذنا علي النجدي ناصر في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق ج ٢ م ٤٩ لسنة ١٣٩٤ هـ ـ ١٩٧٤ م بعنوان من أسرار القرآن.

(٣) انظر : المحتسب : ٢ / ٨٧.

(٤) المحتسب : ٢ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧.

(٥) من قوله تعالى من سورة الشمس : ٩١ / ١١ : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا).


قالَ أَبُو الفتح : هذا مصدر على فُعْلَى ، كَأَخَوَاتِهِ مِنَ الرُّجْعَى ، والحُسْنَى والبُؤسَى والنُّعْمَى وَعَلَيهِ مَا حَكَاهُ أَبو الحَسَنِ (١) من قراءَةِ بَعْضِهِم (٢) : (وَقُولُوا للناسِ حُسْنَى) (٣). كقولك عُرْفَا (٤).

فاعلـة

قَرَأ ابنُ مسعود : (وَإنْ خِفْتُم عَائِلَةً) (٥) قَالَ أَبو الفتح : هَذَا مِن المصادِرِ التي جاءت على فاعلة ، كالعَاقِبَة ، والعَافِيَة ، وَذَهَب الخليلُ في قولِهِم (٦) : مَا بَالَيتُ بَالةً أَنَّهَا فِي الأصلِ بالية ، فَحُذِفَتْ لاَمُها تخفيفاً ، ومِنْهُ قَولُهُ سبحانَه : (لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً) (٧) ، أيْ : لَغْوَا.

ومِنْهُ قَوْلهُمْ : مَرَرْتُ بِهِ خاصَّةً ، أيْ : خُصوصاً ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَآئِنَة مِّنْهُمْ) (٨) فيجوز فِيهِ أَنْ يكونَ مصدراً ، أَيْ : خيانَةً مِنْهُم ، ويجوزُ أنْ يكون على أَنَّ معناهُ على نِيَّة خائِنَة ، أَو عقيدة خائنة ، وكذلك أَيضاً يجوزُ أَنْ يَكُونَ لاَ تَسْمَعُ فِيها كلمةً لاَغِيَةً ، وَكَذَلِك الآخر على

__________________

(١) انظر : معاني القرآن للأخفش : ٥٧ / أ.

(٢) هو الحَسن كما في إتحاف فضلاء البشر : ٨٦ وقال الأخفش : الحَسن لا يتكلَّمُ بِهَا إلاَّ بالألفِ واللاّم كما لا يتكلّم بتذكيرها إلاَّ بالألِف واللاّم. لو قلت جاءني أَحسنُ وأطولُ لَمْ يَحْسُنْ حَتَّى تقولَ جاءني الأَحسنُ والأطولُ ، وكذلِك هَذَا ، تقولُ جَاءني الحُسْنَى والطُولَى. معاني القرآن للأخفش : ٥٧ / أ.

(٣) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٨٣ : (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً).

(٤) المحتسب : ٢ / ٣٦٣.

(٥) من قوله تعالى من سورة التَّوبة : ٩ / ٢٨ : (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيْكُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).

(٦) الكتاب : ٢ / ٣٩٢.

(٧) سورة الغاشية : ٨٨ / ١١.

(٨) سورة المائدة : ٥ / ١٣.


أَنَّ خِفْتُم حالاً عائلةً.

فالمصدرُ هُنَا أعذبُ وأَعلى (١).

جمع المصدر

قَرَأَ النبيّ صلّى الله عليه وآله وأبو هُرَيرَة وأَبو الدَّردَاء وابنُ مسعود وعونُ العُقَيلي : (قُرَّاتِ أَعْيُن) (٢).

قَالَ أَبو الفتح : القُرَّةُ المصدر ، وكانَ قياسُهُ أَلاَّ يُجمع ، لأَنَّ المصدَر اسمُ

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٢٨٧.

(٢) من قوله تعالى من سورة السجدة : ٣٢ / ١٧ : (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُمْ مِّن قُرَّةِ أَعْيُن جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

وقراءة : (قُرَّاتِ أَعْيُن) لم تثبت عن النَّبيِّ (صلّى الله عليه وآله) بطريق صحيح ، وأصلُها ، ما رواه أبو أُسامةَ ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرةَ ، عن النَّبيَّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قرأ (قرّات أعين) وأخرجه النَّحَّاس في معاني القرآن : ٥ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦. وقد اختُلِفَ عن الأعمش في روايته. إذ أخرجها ابنُ أبي شيبة في المصنف : ١٢ / ٦٦ / ٣٤٩٧٠ و ٧٢ / ٣٤٩٩١ ، وليس في الموضعين أنَّ النَّبي (صلى الله عليه وآله) قرأ (قرَّات أعين) بل روى عنه أبو هريرة أنَّه قرأَ : (مِن قُرَّةِ أَعْيُن) ولكنَّ أبا هريرة هو مَنْ قرأَ (قرَّات أعين) وأخرجها ابنُ ماجة في سننه ٢ : ١٤٤٧ / ٤٣٢٨ عن أبي معاويةَ ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة موقوفة. وأخرجها الطَّبري في جامع البيان : ٢١ / ١٢٧ في ذيل الحديث : ٢١٥٢٤ عن أبي معاوية وابنِ نمير كلاهما ; عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة موقوفة. وقد صرَّح الدَّارقُطني في عِلَلِهِ : ١٠ / ١٢٣ بأنَّ أصحابَ الأعمش رووها عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة موقوفة عليه. على أنَّ أبا صالح ضعيفٌ لاشتراكه بين مجاهيل من تلامذة أبي هريرة. وقد أغرب القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ١٤ / ١٠٣ ـ ١٠٤ في الدِّفاع عن قراءة أبي هريرة قائلاً : ولا يُستَنْكرُ سقوطُ الألفِ من (قرّات) في الخطِّ وهو موجود في اللفظ ، كما لم يُستَنكَرْ سقوطُ الألفِ من (السَّموات) وهي ثابتة في اللسان والخطِّ!!


جنس ، والأجناسُ أَبعدُ شيء عَنِ الجمعيَّةِ لاستحالةِ المَعْنَى فِي ذَلِك ، لَكِنْ جُعِلتِ القُرَّةُ هُنا نوعاً ، فجَازَ جمعُها ، كَما تَقولُ : نحنُ في أَشغال ، وبيننا حروب ، وهناك أَحزانٌ وأمراضٌ ، وَحَسَّنَ لَفْظَ الجَمْعِ هُنَا أيْضاً إضافةُ (القُرَّاتِ) إلى لَفْظِ الجماعةِ ، أعْنِي (الأعين). فقولنا إذاً : أشغالُ القومِ أشبهُ لَفظاً مِنْ أشغالِ زيد ، وَكِلاَهُما صحيحٌ غيرَ أنَّ فيهِ مَا ذَكْرتُهُ.

وَلَيسَ ينبغي أَنّ يُحتَقَرَ في هذهِ اللغةِ الشريفةِ تَجَانُسُ الألفاظِ ، فإنَّ أَكْثَرَهَا دائرٌ عليهِ في أَكثَرِ الوقتِ (١).

إضافة المصدر

قَرَأَ الأعرجُ وَرُويَ عَن أَبي قِلابة وعن مجاهد أيضاً : (وَقيِلُهُ) (٢) رَفْعاً ، وَقَرَأ يَعْقُوبُ القارئ : (وَقِيلَهُ) نصباً (٣).

قَالَ أَبو الفتح : إنَّ المَصْدرَ الذي هو (قِيل) مضاف إلى الهاءِ وهي مفعولةٌ

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١٧٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٨٨ : (وَقِيْلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ).

(٣) قراءة النَّصب قراءة سبعية كما في : البحر المحيط : ٨ / ٣٠ ، وفي إتحاف فضلاء البشر طبعة دار الندوة الجديدة : ٣٨٧ : قرأ عاصم وحمزة بخفض اللاّم وكسر الهاء مع الصلة بياء عطفاً على الساعة ، أي وعنده علم قِيلِهِ أَي قول محمد صلّى الله عليه وآله أو عيسى عليه السلام والقِيلُ والقَالُ اسما مصدر ، والقَولُ مصدَرٌ وهي بمعنى واحد ، ووافقهما الأعمش والباقونَ بفتح اللاّم وضمِّ الهاءِ وصلتها بواو عطفاً على محلِّ السَّاعَةِ ، أي : وعندَهُ أنْ يعلمَ السَّاعَةَ ويعلمَ قيلَهُ كذا أو عطفاً على سرّهم ونجواهم أو على مفعول يكتبون أي يكتبون ذلك ويكتبون قيلَهُ كذا أيضاً أو على مفعول يعلمون المحذوف أي : يعلمون ذلك وقيلَهُ ، أو على أنَّهُ مصدرٌ أي : قال قيلَهُ ، أو بإِضمارِ فعل أي : اللهُ يعلم قيلَ رسولِهِ محمد صلّى الله عليه وآله.


في المعنى لاَ فَاعلة ، وَذَلِك أَنَّ (وَعِنْدَهُ) (١) عطفاً على أنْ يُقَالَ لَهُ : (يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ) ، فالمصدر هُنا مضافٌ إلى المَفعولِ لا إلى الفاعلِ ، وإنَّما هُوَ مِنْ بابِ قَولِ اللهِ سبحانَهُ : (لَقَدْ ظَلَمَك بِسُؤَالِ نَعْجَتِك إِلَى نِعَاجِهِ) (٢) أيْ : بِسُؤالِهِ إيَّاك نعجتك.

ومثله قوله تعالى : (لاَ يَسْأَمُ الاِْنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ) (٣) ، أيْ : مِنْ دُعَائِهِ الخير ، لا بدَّ من هذا التقدير.

أَلا تَرَى أَنَّهُ لاَ يَجوز أَنْ تُقَدِّرَهُ عَلَى أَنَّهُ : (وَعِندَهُ عِلْمُ) أَنْ يَقُولَ اللهُ : (وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ)؟ لأَنَّ هَذَا إنَّما يُقَالُ للهِ تعالى دُونَ أنْ يَكُونَ سبحانَه يقول : يا ربِّ إِنَّ هؤلاءِ كَذا (٤).

إضمار المصدر

قَرَأَ : (فَوَسَّطْنَ بِهِ) (٥) مُشَدَّدَة علي بن أَبي طالب (عليه السلام) وابن أَبي لَيْلَى وَقَتَادَة.

قَالَ أَبو الفتح : أَيْ (أَثَّرْنَ) (٦) باليد نقعاً ، وَوَسَّطْنَ بالعَدو جَمْعاً. وأَضمرَ المصدرَ لِدلالةِ اسم الفاعلِ عليهِ ، كما أضمر لدلالة الفعل عليه في قوله : منْ

__________________

(٤) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٨٥ : (وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).

(١) سورة ص : ٣٨ / ٢٤.

(٢) سورة فصلت : ٤١ / ٤٩.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩.

(٤) من قوله تعالى من سورةِ العاديات : ١٠٠ / ٥ : (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً).

(٥) مَن قوله تعالى من سورةِ العاديات : ١٠٠ / ٤ : (فَأَ ثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) وقراءة : (أَثَّرْنَ) بالتشديد قَرَأَ بِهَا أَبو حَيْوَة. انظر : المحتسب : ٢ / ٣٧٠.


كَذِبَ كَانَ شرّاً لَهُ ، أَيْ : كَانَ الكَذِبُ شَرّاً لَهُ (١) ، وَقَول الآخر :

إذَا نُهِيَ السَّفِيهُ جَرَى إلَيْهِ

وَخَالَفَ وَالسَّفِيهُ إلَى خِلاَفِ (٢)

أَيْ : جَرَى إلى السَّفَهِ ، وَأَضمَرَهُ لدلالة السَّفِيهِ عَلَيهِ. فَأَمَّا (وَسَّطْنَ) بالتَشْدِيدِ فَعَلَى مَعْنَى مَيَّزْنَ بهِ جَمعاً ، أَيْ : جَعَلْنَهُ شَطْرينِ : قِسمَينِ : أيْ : شِقَّينِ ومعنى وَسَطنَهُ : صِرْنَ فِي وسطه ، وإنْ كَانَ المعنيانِ مُتلاقِيَينِ ، فَإنَّ الطريقينِ مُخْتَلَفِانِ : وَمَعْنَى (وَسَطْنَ) خَفيفة كمعنى تَوَسَّطْنَ ، أَلاَ تَرَى إلى قَوْلِهِ :

فَتَوَسَطَا عُرْضَ السَّرِيِّ وَصَدَّعَا

مَسْجُورَةً مُتَجَاوِراً قُلاَّمُهَا (٣)

وَوَسَّطْنَهُ ـ مُشَدَّدَةً ـ أَقوى مَعْنَىً مِنْ وَسَطْنَهُ مُخَفَّفَا لِمَا مَعَ التَّشْدِيدِ مِنْ معنى التكثيِرِ وَالتَّكْرِيرِ (٤).

بين المصدر واسم الفاعل

قَرَأَ : (سَالَ سَيْلٌ) (٥) ابنُ عباس.

قَالَ أَبو الفتح : السَّيلُ هُنَا : الماءُ السَّائِل ، وَأَصْلُهُ المَصْدَر مِنْ قَوْلِك : سَالَ

__________________

(١) انظر : الكتاب : ١ / ٣٩٥ والتمام : ٦٩.

(٢) تقدّم الشاهد في : ص : ٢٠٥.

(٣) البيت للبيد بن ربيعة من قصيدته المطولة التي أَسموها المعلّقة ، وروى (فرمى بها) مكان (فتوسَّطا) وضمير توسَّطا يعود على العَيرِ والأتان ، والعَرْضُ : الناحية ، والسّري : النهر الصغير ، والتَصْدِّيعُ : التشقِّيق ، وَالسَّجر : المَلْئُ ، أي : عيناً مسجورةً ، حذف الموصوف لَمَّا دلّتْ عليه الصِّفَةُ. القُلام : ضربٌ من النبتِ. أي : إنَّهُمَا قد وردا عيناً ممتلئةً ماءً فَدَخَلا فيها من عرض نهرِهَا وقد تجاور نبتها. انظر : ديوان لبيد : ٣٠٧ وشرح المعلّقات للزوزني : ١٠٢ ومعجم شواهد العربية : ١ / ٣٥٧.

(٤) المحتسب : ٢ / ٣٧٠ ـ ٣٧١.

(٥) من قوله تعالى من سورة المعارج : ٧٠ / ١ : (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَاب وَاقِع).


الماءُ سَيْلاً ، إلاَّ أَنَّهُ أُوقِعَ عَلَى الفاعل كَقَوْلِهِ : (إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً) (١) ، أَيْ : غَائِراً. يُؤكِّدُ ذَلِك عِنْدَك مَا أَنْشَدَنَاهُ أَبو عَلِيّ مِنْ قَوْلِهِ :

فَلَيْتَكَ حَالَ البَحْرُ دُونَك كُلَّهُ

فَكُنْتَ لَقىً تجرْي عَلَيْك السَّوَائِلُ (٢)

قال أَبو عليّ : فَتَكسيِرهُ سيلاً على ما يكسر عليه سائل ، وهو قَوْلُكَ ، السوائِل ، يشهد بِمَا ذَكَرْنَاهُ.

وَمِثْلُ ذَلِك مِمَّا كُسِّرَ من المصادر تكسيرَ اسم الفاعل لكونِهِ في معناهُ ما أَنشدنَاهُ أيضاً من قَوْلِهِ :

وَإنَّك يَا عَامِ بنَ فارِسِ قُرزُل

مُعِيدٌ عَلَى قِيلِ الخَنَا والهَوَاجِرِ (٣)

فَكَسَّرَ الهُجر وَهْوَ الفُحْشُ على الهَوَاجِرِ حَتَّى كَأَ نَّهُ إنَّما كَسَّرَ هَاجِراً لا هُجْرَا.

فَاعرفْ ذَلِك إلى غيره مِمَّا يَدلُّ على مُشَابَهَةِ المصدرِ لاسمِ الفاعلِ (٤).

والمصدر قوي الشبه باسم الفاعل الَّذي هو صفة ، وَيَدُلَّكَ عَلَى قوّةِ شَبَهِ المصدرِ بالصفةِ وقوعُ كُلِّ واحد مِنْهُمَا موقع صاحبه ، وَذَلِك نَحوَ قولِ اللهِ تَعالَى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً) أَيْ : غائراً ، وَقَوْلُهُم : قُمْ قَائِماً ، أيْ :

__________________

(١) سورة الملك : ٦٧ / ٣٠.

(٢) البيت لِلأعشى. واللّقَى بالفتحِ : الشيءُ المَلقي المطروح.

انظر : ديوان الأعشى : ١٢٨ والخصائص : ٢ / ٤٨٩.

(٣) البيت لِسَلَمَةَ بنِ الخُرْشُب يُخَاطِبُ عامر بن الطُّفيل. قُرزُل بالضَّمِّ : اسمُ فرس ويُقالُ إِنَّهَا فرسُ عامر بنِ الطفيل. المفضليات : ٣٨ ولسان العرب : ٧ / ١١٤ و ١٤ / ٧٣ وتاج العروس ـ خرش ـ ٢ / ٣٥٠.

(٤) المحتسب : ٢ / ٣٣٠.


قياماً ، وَعَلَيهِ قَولُ الفرزدق :

أَلَمْ تَرَني عاهَدْتُ رَبِّي وإنَّنِي

لَبَيْنَ رتاج قَائِماً ومَقام

عَلَى حَلْفَة لاَ أَشْتُمُ الدَّهْرَ مُسلِماً

وَلاَ خَارجاً مِنْ فِيَّ زُورُ كَلاَمِ (١)

أَيْ : وَلاَ يَخْرُجُ خُرُوجاً. وَعَلَيهِ أَيْضاً كسّروا المَصْدَر ، وَهوَ فَعْلٌ عَلَى مَا يُكَسَّر عليهِ فاعل في الوصف وهو فواعل. أنشدنا أَبو عليّ :

وَإنَّك يا عام بنَ فارسِ قُرْزُل

معيدٌ عَلَى قيلِ الخَنَا والهواجِرِ (٢)

وَأَنْشَدَنَا أَيضاً :

فَلَيْتَك حَالَ البَحْرُ دُونَك كُلُّهُ

وَكُنْتَ لَقىً تَجْرِي عليه السَّوائِلُ (٣)

يُريدُ السيول جمع سيل ، وهو كثير جدّاً (٤).

النَّصب على المصدر

رَوَى قَتَادَة عَنِ الحسَن : (وَقُولُوا حِطَّةً) (٥) بالنصب.

قَالَ أَبو الفتح : هَذَا منصوبٌ عِنْدَنَا عَلَى المصدرِ بفعل مُقَدَّر ، أيْ : احطُطْ عَنَّا ذنوبنا حِطَّةً. قَالَ :

__________________

(١) روى (واقفاً) مكان (قائماً) والرَّتاج : الباب. انظر : الديوان : ٧٦٩ والكتاب : ١ / ١٧٣ والمقتضب : ٣ / ٢٦٩ و ٤ / ٣١٣ وشرح المفصل : ٢ / ٥٩ وخزانة الأدب : ١ / ٢٢٣.

(٢) تقدّم الشاهد في : ص : ٣٧٠.

(٣) تقدّم الشاهد في : ص : ٣٧٠.

(٤) المحتسب : ١ / ٥٧.

(٥) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ١٦١ : (وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ) وقرأَ إبراهيمُ ابنُ أَبي عَبْلةَ (حِطَّةً) بالنصبِ في سورة البقرة : ٢ / ٥٨. انظر : البحر المحيط : ١ / ٢٢٢.


 ......

واحطُطْ إلَهي بِفَضْل مِنْك أوْزَارِي

وَلاَ يكونُ (حِطَّةً) منصوباً بنفسِ قُولُوا (١) لأَنَّ قلت وبابَها لا ينصب المفردَ ، إلاَّ أَنْ يَكُونَ تَرْجَـمَةَ الجملةِ ، وَذَلِك كَأَنْ يقول إنسانْ : لا إلهَ إلاَّ الله فتقول أَنْتَ قُلْتَ : حقّا ، لأَنَّ قَوْلَهُ : لا إِلهَ إِلاَّ الله حقٌ ، ولا تقول : قُلْتَ زيداً ولاَ عمراً ، ولاَ قلتَ قياماً وَلاَ قعوداً عَلَى أنْ تَنْصِبَ هَذَينِ المَصَدَرِينِ بِنَفْسِ قُلتَ لَمَا ذَكَرْتُهُ (٢).

وَقَرَأ أَبُو نَهِيك : (كَلاًّ سَيَكْفُروْنَ) (٣) بالتنوينِ (٤).

قَالَ أَبو الفتح : ينبغي أنْ تكونَ (كَلاًّ) هَذِهِ مَصْدَراً ، كَقَوْلِك : كَلَّ السيفُ كَلاً ، فَهوَ إذاً منصوبٌ بفعل مُضْمَر ، فَكَأَ نَّهُ لَمَّا قَالَ سبحانه : (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً) (٥) ، قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ رَادا عَلَيْهِم : (كَلاًّ) أَيْ : كَلَّ هَذَا الرَّأيُ (٦) والاعتقادُ كَلاًّ وَرأَوا مِنْهُ رَأَياً كَلاًّ ، كَمَا يُقَالُ ضعفاً لِهَذَا الرأي

__________________

(٥) قال الزمخشري : فإنْ قلتَ هل يجوزُ أنْ يُنصبَ (حِطَّةً) في قراءة من نصبَها بقولوا على معنى قولوا هذه الكلمة؟ قلتُ : لا يبعد. وما جوّزه الزَّمخشري ليس بجائز لأنَّ القولَ لا يعمل في المفرداتِ إنّمَا يدخلُ على الجُمَلِ. الكشاف : ـ ط ـ بيروت : ١ / ١٤٣ والبحر المحيط : ١ / ٢٢٢.

(١) المحتسب : ١ / ٢٦٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة مريم : ١٩ / ٨٢ : (كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ

ضِدّاً).

(٣) حرّك ابن خالويه الكافَ بالضَّمِّ فقال : (كُلاً) بالتنوين أبو نهيك. مختصر في شواذ القرآن : ٨٦.

(٤) سورة مريم : ١٩ / ٨١.

(٥) وقدره أبو حيَّان : كَلَّوا عَنْ عِبَادَةِ اللهِ كَلاًّ. انظر : البحر المحيط ٦ / ٢١٣.


وفيالةً (١). فتمّ الكلام ثمّ قال (تعالى) مستأنفاً القول : (سَيَكْفُرُونَ بِعَبادَتِهم وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضِدّاً) (٢) والوقفُ إذا على عزّا ثُمَّ استأ نَفَ فَقَالَ : كَلَّ رَأَيُهُم كَلاً ، وَوَقَفَ ثُمَّ قَالَ مِن بَعْدُ (سَيَكْفُرُونَ) فَهُنَاك إذاً وَقْفَانِ : أحدهما (عِزّاً) ، الآخر (كلاً) مِنْ حيثُ كَانَ منصوباً بِفِعل مُضْمَر ، لا مِنْ حيثُ كَانَ زجراً وَرَدّاً وردعاً (٣).

وَرَوى عبد الوَهاب عَنْ أَبي عمرو : (وَنُزِلَ الملائكةُ) (٤) خَفِيفَةً.

قَالَ أَبو الفتح : هَذا غيرُ معروف ، لأنَّ (نَزَلَ) لاَ يَتَعَدَّى إلى مفعول بِهِ فيبنى هُنَا لِلْمَلاَئِكة ، لأَنَّ هَذَا إنَّما يجيءُ على نَزَلْتُ الملائكَة ، وَنُزِلَ الملائِكَةُ وَنَزَلْت غَير متعدّ كَمَا تَرَى.

فَإنْ قُلْتَ : فَقَدْ جَاَء فُعِلَ مِمَّا لاَ يَتَعَدَّى فَعَلَ مِنْهُ ، نَحوَ زُكِمَ وَلاَ يُقَالُ زَكَمَهُ اللهُ. وَجُنَّ ، وَلاَ يُقَالُ جَنَّهُ اللهُ. وَإنَّمَا يُقَالَ أَزْكَمُهُ اللهُ ، وأَجَنَّهُ اللهُ فَإنَّ هَذَا شَاذٌّ ومحفوظٌ ، والقياسُ عليهِ مردودٌ وَمَرْذُولٌ. فَإمَّا أنْ يكونَ ذَلَك لغَةً طارقةً إليْنَا ، وإما أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ المُضَافِ ، يُريدُ : وَنُزِلَ نزولُ الملائكة ثُمَّ حُذِفَ المضافُ وَأُقِيمَ المضافُ إليهِ مقامَهُ على ما مضى ، فأقَامَ (الملائكةَ)

__________________

(١) فال الرجل فيل فِيَالةً فَهو فِيل الرأي ، أي : ضعيف الرأي. قال الكميت :

بَنِي رَبِّ الجَوادِ فَلا تَفِيلُـوا

فَمَا أَنْتُمْ فَنَعذِرَكُـم لفِـيــل

لسان العرب ـ فيل ـ ١٤ / ٢٥١.

(٢) سورة مريم : ١٩ / ٨٢.

(٣) المحتسب : ٢ / ٤٥.

(٤) من قوله تعالى من سورة الفرقان : ٢٥ / ٢٥ : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالَغمامِ وَنُزِّلَ المَلائكةُ تَنْزيِلاً).


مقام المصدر الذي كانَ مُضافاً إليْهَا كَمَا فَعَل ذَلِكَ الأعشْى فِي قَوْلِهِ :

أَلَم تَغْتَمِضْ عَيْنَاك لَيْلَةَ أَرْمَدَا (١)

 ......

إنَّمَا يُرِيد اغتماض ليلة أَرْمدَ ، فَنَصْبُ لَيلَة إذا إنّما هُوَ عَلَى المَصْدَرِ لاَ عَلَى الظرفِ ، لأَ نَّهُ لَمْ يُردْ : أَلَمْ تَغْتَمِضْ عَيْنَاك فِي لَيْلَةِ أَرْمَد ، وإنَّمَا أرادَ أَلَمْ تَغْتَمِضْ عَيْنَاك مِنَ الشوقِ والأسَفِ اغتماضَ ليلة رَمِدِ العينِ (٢). وَمِثْلُهُ قَوْلُ العَجاجِ :

حَتَّى إذَا صَفُّـوا لَـهُ جِـــدَارَا (٣)

(فجدارا) الآن منصُوبَ نصبَ المصدرِ ، وَلَيْسَ منصوباً على أَنّه مفعولٌ بِهِ ، كَقَولِك : صففتَ قَدمَك إنَّمَا يريدُ : اصطفوا لَهُ اصطفافَ جِدار ، فحذفَ الاصطفاف ، وأَقامَ (الجدار) مقامه فنصبه عَلَى المَصْدرِ ، كُمَا ينصب الاصطفاف لو ظهر ، وَكَذَلِك ما رويناهُ عن محمّد بن الحسن عن ابن الأعرابي مِنْ قوله :

وَطَعْنَةِ مُسْتَبْسِـل ثَائِرِ

يَرُدُّ الكَتِيبَةَ نِصْفَ النَّهَارِ (٤)

أيْ : رَدَّ نصفِ النهارِ. ألاَ تَرَى. أنَّ ابنَ الأعرابي فَسَّرَهُ فَقَالَ : يردُّ الكتيبة مقدارَ نصفِ يوم ، فَهذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَراَدَ يَردُّ الكتيبةَ ردّ نصفِ النهارِ ، أَيْ :

__________________

(٣) تقدّم الشاهد : ص : ٢٣٢.

(١) تنظر : ص : ٢٣٣.

(٢) من أرجوزة له يمدح فيها الحجَّاج ويذكر إيقاعه بالخوارج. ويروى (اصطفوا) مكان (صفوا). انظر : ديوانه : ٢٤ والخصائص : ٣ / ٣٢٢ ومعجم شواهد العربية : ٢ / ٤٧٥.

(٣) لسبرة بن عمرو الفقعسي. وروى (حاسر) مكان (ثائر) و (ترد) مكان (يرد).

النوادر : ١٥٥ والخصائص : ٣ / ٣٢٢ وسر صناعة الإعراب : ٢٤٩.


الردَّ الذي يمتدّ وقته بقياس ما بين أَوَّلِ النَّهَار إلى نصفِهِ ، وذلكَ نصفُ يوَمِ. وَلَيسَ يريدُ أنَّهُ يردُّها في هَذَا الوقتِ البتةَ. وإنَّما يُريدُ أَنَّه يردُّها مقدارَ نصفِ النَّهَارِ كَانَ ابتداءُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ أوْ غيرِهِ مِن نهار أو ليل ، وَكَأَ نَّهُ قالَ : يردُّ الكتيبَةَ سِتَّ ساعات فَهَذَا لا يخصُّ نَهَاراً من ليل في هذا يُعْلَمُ أَنَّهُ لا يُريدُ : يَرُدُّهَا فِي وَقتِ انتصافِ النهار دون ما سواهُ مِنْ الأوَقاتِ.

وَكَذلِكَ : (وَنُزِلَ المَلائِكةُ) أَيْ : نُزِلَ نزولُ الملائكة ولو سُمِّيَ الفاعلُ على هذا التقدير : لقيلَ : نَزَلَ النَّازِلُ الملائكةَ ، فَنَصبَ الملائكةَ انتصابَ المصدرِ ، كما نصبَ الجدارَ انتصابَ المصدرِ لأَنَّ كُلَّ مضاف إليه يُحْذَفُ مِن قَبْله مَا كَانَ مضافاً إليه ، فَإنَّهُ يُعرَبُ إعرابَه لا زيادَةَ عليهِ وَلاَ نقص مِنْهُ (١).

فَإنْ قِيلَ : فَمَا مَعْنَى نُزِل نُزولَ الملائكة حتَّى يصحَّ لك تَقْدِيرُهُ مُثبَتاً ثُمَّ تَحْذفه؟ فَإنَّهُ عَلَى قَوْلِكَ : هَذَا نُزولٌ مَنْزُولٌ ، وَهَذَا صعودٌ مَصْعُودٌ ، وَهَذَا ضَرْبٌ مَضرُوبٌ ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَولُهُمْ : قدْ قِيلِ فيهِ قولٌ وقد خِيفَ منه خوفٌ ، فاعرفْ ذلك فَإنَّهُ أَمْثَلُ ما يحتجُّ بِهِ لِقَرَاءَةِ مَن قَرَأ : (وَنُزِلَ الملائكةُ) بتخفيف الزاي فاعرفه (٢).

وَقَرأَ محمّد بن السُّمَيفَع : (فَتَبَسَّمَ ضَحِكاً مِن قَوْلِهَا) (٣) بفتح الضَّاد بغيرِ أَلف.

__________________

(١) مرَّ ذلك في : ص : ٢٣٣.

(٢) المحتسب : ٢ / ١٢٠ ـ ١٢٢.

(٣) من قوله تعالى من سورة النمل : ٢٧ / ١٩ (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ).


قَالَ أَبو الفتح : (ضَحِكاً) مَنصوبٌ على المصدر بفعل محذوف يَدلُّ عليهِ تَبَسَّم كَأَ نَّهُ قَالَ : ضَحِك ضَحِكاً. هذا مذهبُ صَاحبِ الكتابِ وقياسُ قولِ أَبي عثمانَ في قَوْلِهِم : تَبَسّمتُ وَمِيضَ البرقِ ، أَنَّهُ منصوبٌ بنفسِ (تبَسَّمْتُ) لأَ نَّهُ فِي مَعْنَى أَومَضْتُ وَيَكُونُ (ضَحِكاً) مَنْصُوباً بنفسِ تَبَسَّمَ لأ نَّهُ فِي مَعنَى ضَحِكَ.

وَيَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِ صاحب الكتابِ أَنَّهُ قَدْ ثَبتَ أَنَّ المَاضِي والمُضَارِعِ واسمَ الفاعِلِ والمصدرَ يجري كُلَّ واحد مِنْهَا مجرى صاحبهِ. حَتَّى كَأ نَّهُ هو.

ويجب أن تَكُونَ كُلّها من لفظ وَاحد ، كَضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْبَا وَهُوَ ضَاربُ ، فَكَمَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ : قَعَدَ يجلسُ وإنْ كانَا في معنى واحِد دونَ أَنْ يكونَا مِنْ لَفْظ وَاحد وَهُوَ قَعَدَ يَقْعُدُ ولا يجوزُ تَبَسَّمَ يُومِضُ لاختلافِ لَفظِيهِمَا وَإنْ كانَ مَعْنَيَاهُمَا وَاحِداً ، فَكَذلِك لاَ يَجُوزُ تَبَسَّمْتُ وَمَيضَ البرقِ لاختلافِ لَفْظِيهِمَا كَمَا لاَ يجوُزُ تَبَسَّمتُ أُومِض لَكنْ دلَّ تَبَسَّمْتُ على أومضتُ ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : أَومَضْتُ وَمِيضَ البرقِ فاعرف ذَلِكَ وَقِسْهُ بإذنِ اللهِ (١).

وَقَرَأَ محمّد بن كَعْب القُرظَيّ : (وَلَهُم مَا يَدَّعُونَ سِلْمٌ قَوْلاً) (٢).

وَقَرَأَ عيسى الثقفي : (سَلاَماً قولاً) نَصْباً جَميعاً.

قَالَ أَبو الفتح : نَصبَ (قولاً) عَلَى المصدرِ ، أيْ : قالَ اللهُ ذَلِكَ قولاً أَوْ يُقَالُ ذَلِكَ قَوْلاً وَدَلَّ عَلَى الفعلِ المحذوفِ لَفْظُ مصدرِهِ وإنَّمَا القُرآنُ هُوَ أَقوالٌ

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١٣٩.

(٢) من قوله تعالى من سورة يس : ٣٦ / ٥٧ ـ ٥٨ : (وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ * سَلاَمٌ قَـوْلاً مِن رَّبّ رَّحِيم).


متابَعةٌ (١).

وَقَرَأَ الحسَن وأَبو رجاء وطلحة ، بخلاف : (يوم نُبْطِشُ) (٢) مَضْمُومَةَ النونِ ، مكسورةَ الطَّاءِ.

قال أَبو الفتح : مَعْنَى نُبْطِشْ أَيْ : نُسَلِّط عَلَيْهِمْ مَنْ يَبطِشُ بِهِم فَهَذَا مِنْ بطش هو ، وَأَبْطشْتُهُ أَنَا ، كَقَوْلِكَ : قَدَرَ وَأَقدَرْتُهُ ، وَخَرَجَ وَأَخْرَجْتُهُ. وإلى هذا ذهب أَبو حاتِم فِي هَذِهِ الآية فِيما رَوَيْنَاهُ عَنْهَ.

وَأَمَّا انْتِصَابُ (البطْشَة) بِفِعْل آخر غَير هَذَا الظاهر ، إلاَّ أَنَّ هَذَا دَلَّ عَلَيْهِ فَكَأَ نَّهُ قَالَ : يومَ نَبْطُشُ مَنْ نَبْطِشُهُ فَيَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى فيجري نحواً مِنْ قَوْلِهِم : أعْلَمْتُ زيداً عمراً العِلْمَ اليقينَ إعلاماً ، فاعلاماً منصوبٌ باعلمتُ.

وأمَّا العلم اليقين فمنصوبٌ بِمَا دَلَّ عليهِ أَعلمْتُ وهو عَلِمَ العلمَ اليقينَ ، وعليهِ قَوْلُهُ :

 ......

وَرُضْتُ فَذَلَّتْ صَعْبَةً أَيَّ إذلالِ (٣)

فأيَّ إذَّلاَلِ منصوبٌ بِمَا دَلَّ عليهِ قَوْلُهُ (رُضْتُ) ، لأَنَّ رُضْتُها وأذلَلْـتُها بمعنىً واحد.

ولك أنْ تَنْصِبَ البَطْشَةَ لاَ عَلَى المصدر وَلَكِنْ عَلَى أَنَّهَا مفعولٌ بهِ فكأ نَّهُ قالَ : يَوْمَ نُقَوّي البَطْشَةَ الكُبْرَى عَلَيْهِم ، وَنُمَكِّـنُها مِنْهُم ، كَقَوْلِكَ يَومَ نُسَلّطُ

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢١٤ ـ ٢١٥.

(٢) من قوله تعالى من سورة الدخان : ٤٤ / ١٦ (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ).

(٣) لامرئ القيس وصدره :

وَصِرْنا إلى الحُسَنى وَرقَّ كَلاَمُنَا

 ......

انظر : الديوان : ٣٢ والمقتضب : ١ / ٧٤ والخزانة ـ بولاق ـ ٤ / ٢٤.


القَتْلَ عَلَيْهِمْ وَنُوَسّعُ الأخذَ مِنْهم (١).

وَقَرأَ ابنُ عباس وعبدُ الله بن عمرو والجَحدَري وعبد الله بنُ عبيد بن عُمَير : (جَمِيعاً مِنَّةً) (٢) مَنْصُوبة مُنَوَّنَة.

قَالَ أَبو الفتح : أمَّا (مِنَّة) فَمَنْصوبٌ عَلَى المصدرِ بِمَا دَلَّ عليهِ قَوُلُهُ تَعَالى : (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاْرْضِ جَمِيعاً) لأَنَّ ذَلِك مِنْهُ عزَّ اسمهُ مِنَّةٌ مَنَّهَا عَلَيْهِمْ ، فَكأَ نَّهُ قَالَ : مَنَّ عَلَيْهِمْ مِنَّةً. وَمَنْ نَصَبَ وَمِيضَ البَرْقِ مِنْ قَوْلِهِم : تَبَسّمْتُ وَمِيضَ البَرْقِ بِنَفْسِ تَبَسَّمْتُ ، لِكَوْنِهِ فِي مَعْنَى أَومَضْتُ نَصبَ أَيضاً (مِنَّةً) بِنَفْسِ سَخَّرَ لَكُمْ عَلَى مَا مَضَى (٣).

وَقَرأ الحَسَنُ وَعِيْسَى الثَقَفِي : (مِنْ نَهَار بلاغاً) (٤).

قَالَ أبو الفتح : هُوَ عَلَى فِعْل مُضْمَر ، أَيْ بَلَغُوا أوْ بُلِّغُوا (٥) بَلاَغاً كَمَا أَنَّ مَنْ رَفَع فَقَالَ : (بلاغٌ) فَإنَّمَا رَفَعَ عَلَى إضْـمَـارِ المُبْتَدأِ ، أَيْ : ذَلِك بَلاَغٌ أَوْ هَذَا بَلاَغٌ (٦).

وَقَرَأَ الحَسَن والجَحْدَرِي وابنُ أبي بَكْرةَ ، بخلاف (٧) : (أنْ لَنْ

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٦٠ ـ ٢٦١.

(٢) من قوله تعالى من سورة الجاثية : ٤٥ / ١٣ (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّموَاتِ وَمَا فِي الاَْرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لَّقَوْم يَتَفَكَّرُونَ).

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٦٢.

(٤) من قوله تعالى من سورة الأحقاف : ٤٦ / ٣٥ (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَ نَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَار بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ).

(٥) وعلى تقدير العكبري : بلغ بلاغاً. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٣٦.

(٦) المحتسب : ٢ / ٢٦٨.

(٧) وبها قرأَ يعقوب كما في مجمع البيان : ٢٩ / ٧٧.


تَقَوَّلَ) (١).

قَالَ أَبو الفتح : (كَذِباً) في هذه القراءة منصوب على المصدر من غير حذف موصوف معه ، وذلك أَنَّ (تَقَوَّلَ) في معنى تَكَذَّبَ فجرى مجرى تَبَسَّمْتُ وميضَ البرقِ ، أَيْ : أَنَّهُ منصوب بِفعل مضمر ودَلَّتْ عليهِ تبسمتُ ، أَيْ : أَومضتُ (٢).

فَعَلَى هَذَا كَأَ نَّهُ قَالَ : أَنْ لَنْ يَكْذِبَ الإنسُ والجنُّ عَلَى الله كَذِباً.

ومن (٣) رأي أنْ يَنْصِبَ (وميضَ البرقِ) بنفس تَبسمتُ (٤) لأ نّه بمعنى أومضتُ نَصَبَ أيضاً (كَذِبا) بنفس تَقَوَّلَ لأَ نَّهُ بمعنى كَذِبَ.

وأَمَّا مَنْ قَرَأَ : (أنْ لَنْ تَقُولَ) بِوزْنِ تَقُوم فَإنَّهُ وصْفُ مصدر محذوف أيْ : أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنسُ والجِنُّ على اللهِ قولاً كَذِباً ، فَكَذِباً هُنَا وصفٌ لا مصدرٌ ، كقولِهِ تعالى : (وَجَآءُوا عَلَى قَمِيصِـهِ بِـدَم كَذِب) (٥).

أيْ : كَاذب فَإنْ جعلتَهُ هُنَا مَصْدَراً نصبتَهُ نَصْبَ المَفعولِ بِهِ (٦) ، أيْ : لَنْ تقولَ كَذِباً كَقَولِك قُلتَ حَقاً ، وقلتَ باطلاً ، وقلتَ شعراً ، وقلتَ سَجْعاً

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الجن : ٧٢ / ٥ : (وَأَ نَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الاِْنسُ وَالْجِـنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً).

(٢) تنظر : ص : ٣٧٦.

(٣) من هنا إلى آخر القراءة التالية ، نقله الطبرسي عن ابن جِنِّي في مجمع البيان : ٢٩ / ٧٨ ـ ٧٩.

(٤) وهذا قولُ أبي عثمان المازني ، وقد تقدّم في : ص : ٣٧٦.

(٥) سورة يوسف : ١٢ / ١٨.

(٦) وفي البحر المحيط : ٨ / ٣٤٨ : «وانتصبَ كذباً في قراءة الجمهور بِتَقُول لأنّ الكَذِبَ نوعٌ منَ القَولِ أو على أنَّهُ صِفَةٌ لمصدر مَحْذُوف ، أي : قولاً كَذِباً ، أي : مَكْذُوباً فيه».


ولا يَحْسُنُ أن تجعَلَهُ معَ (تَقَوَّلَ) وصفاً (١) ، أيْ : تَقَوُّلاً كَذِباً ، لأَنَّ التقُّولَ لا يكون إِلاَّ كَذِباً ، فَلاَ فائدةَ إذاً فيهِ (٢).

جريان المصدر مجرى الفعل

روى ابنُ مجاهد عن روح عن أَبي السَّـمَّـال : أَنَّهُ قَرَأَ : (أو كُلَّمَا عَهِدُوا عَهدَا) (٣).

قَالَ أَبو الفتح : كَأَ نَّهُ أَشْبَهَ بِجَرِيَانِ المَصْدَرِ على فعلِه لأنَّ عهدتُ عهداً في العادة من عاهدتُ عَهْداً ومِنْ ذَلِك الحديثُ المأثور : «مَنْ وعَدَ وعْداً فَكَأ نَّمَا عَهِدَ عَهْدَا» (٤) وقراءة الكافّة : (عَاهَدُواْ عَهْداً) عَلَى معنى أعْطَوا عَهْداً عَلَى مَذْهَبِ الجماعةِ كَأَ نَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ.

وعَلى قراءة أبي السّـمَـالِ هُو منصوب نصبَ المصدرِ ، وقَدْ يجوزُ أنْ ينتصبَ على قراءةِ الكافَّةِ على المصدر إِلاَّ أَنَّهُ مصدرٌ محذوفُ الزيادة أَيْ :

__________________

(١) ذهب العُكبَري إلى جواز أنْ يكونَ (كَذِباً) مفعولاً ونعتاً. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٧٠.

(٢) المحتسب : ٢ / ٣٣٣.

(٣) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٠٠ : (أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ).

(٤) الحديث ذكره ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ١٩ / ٢٤٨ في شرح الحكم رقم (٣٤١) قال : «وفي الحديث المرفوع : مَنْ وَعَدَ وَعْدَاً فَكَأَ نَّمَا عَهَدَ عَهْدَاً». وذكره المناوي (ت / ١٠٣١ هـ) في فيض القدير شرح الجامع الصغير للسيوطي : ٤ / ٤٩٧ في شرح الحديث (٥٦٨٤) ، قال : «وفي الحديث : مَنْ وَعَدَ وَعْدَاً فَقَدْ عَهَدَ عَهْداً. كذا في شرح الشهاب للعامري».

والحديث ضعيف لأ نّه مرسل لا سند له ، ولم تذكره سائر كتب الحديث».


عَاهَدُوا مُعَاهَدةً أو عِهَاداً ، كَقَاتَلْتُ مُقَاتَلَةً أو قِتَالاً ، إِلاَّ أنَّهُ جَاءَ عَلَى حَذْفِ الزِّيَادَةِ كقوله :

عَمْركِ اللهَ سَاعةً حدّثينَا

ودَعِينَا مَنْ قَولِ مَنْ يُؤذِينَا (١)

إنَّما هو : عَمَّرتُكِ اللهَ تعميراً ـ دعاءٌ لها ـ فَحُذِفَتْ زيادةُ التَّاءِ والياءِ. وعَلَيهِ : جاءَ زيدٌ وحْدَهُ ، أيْ : أُحِدَ بِهَذَهِ الحالِ إيْحَاداً. ومَرَرْتُ بِهِ وحْدَهُ أَيْ : أوحَدْتُهُ بِمُرورِي إيْحَاداً. وقَدْ يُمكِنُ أنْ يَكُونَ وحْدَهُ مَصدرَ هُو يَحِدُ وحِداً فهو واحدٌ.

والمصدرُ على حذف زيادتِهِ كثيرٌ جداً ، إِلاَّ أَنَّهُ لَيسَ مِن قولِهِم : سَلَّمْتُ عليهِ سَلاَماً وإنْ كَانَ فِي مَعْنَى تَسْلِيماً مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَو أُرِيدَ مَجِيؤُهُ عَلَى حذفِ الزيادةِ لَـمَـا أُقِرَّ عليهِ شيءٌ مِنْ الزيادِةِ وفيهِ أَلِفُ سلام زائدة.

ومثله : كَلَّمْتُهُ كَلاَماً والسلامُ والكلامُ لَيْسَا عَلَى حَذْفِ الزيادَةِ لكِنَّهُما اسمانِ عَلَى فَعَال بِمَعنى المَصْدَرِ ، فَاعرفْ ذَلِك (٢).

قيام الفعل مقام المصدر

قَرَأَ عبد الله والأَعمش : (يُرِيدُ لِيُنْقَضَ) (٣) قَالَ أَبُو الفتحِ : إنْ شِئتَ قُلْتَ : إنَّ اللاَّمَ زَائِدةٌ ، واحتججتَ فيهِ بقراءَةِ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) (٤) وإنْ شِئْتَ

__________________

(١) انظر : لسان العرب : ٦ / ٢٧٩.

(٢) المحتسب : ١ / ١٠٠.

(٣) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٧٧ : (فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ).

(٤) القراءة المنسوبة في بعض الروايات الشاذّة إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله) كما في المحتسب : ٢ / ٣١ هي بضمّ الياء وفتح الضاد من غير تشديد في (يُنْقَضَ) من قوله تعالى المتقدّم آنفاً : (فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ).


قُلْتَ : تقديره إرَادَتُهُ لِكَذَا ، كَقَولِك قيامُهُ لِكَذَا وجلوسُهُ لكذا ، ثُمَّ وضِعِ الفِعْلُ مَوضِعَ مَصْدَرِه كَمَا أَنْشَدَ أَبُو زَيْد :

فَقالُوا : مَا تَشاءُ؟ فَقُلْتُ : أَلْهُو

إلى الإصباح آثِرَ ذِي أَثِيرِ (١)

أيْ : اللهو ، فَوضَع (ألْهُو) مَوضِعَ مَصْدَرِهِ. وأَنشدَ أَيْضاً :

وأَهْلَكَنِي لَكُم فِي كُلِّ يوم

تَعَوّجُكُمْ عَلَيَّ وأَسْتَقِيمُ (٢)

فَيَحْتَمِلُ اللاَّمُ هُنَا الوجْهَينِ اللَّذَينِ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُما (٣).

الاسم بمكان المصدر

قَرَأ النَّاسُ : (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) (٤) بالباء ، ورُوِيَ عَنْ عليّ (عليه السلام) (لَنَثْويَنَّهُمْ) ، بالثاءِ.

قال أَبو الفتح : نصْبُ الحَسَنَةِ هُنَا ، أيْ : يُحسِنُ إليهم إحساناً ، وَوَضَعَ حَسَنَةً مَوضِعَ إحسان ، كانَّهُ واحدٌ منَ الحَسَن دَالٌ عليهِ ، ودَلّ قولُهُ تعالى : (لَنُبَوئَنَّهُم) عَلَى ذَلِكَ الفعلِ ، لأَ نَّهُ إذَا أَقَرَّهُمْ فِي الأرضِ بإطالةِ مُدّتِهِم ومُدّةِ خَلَفِهِم فقد أَحْسَنَ إلَيْهِم ، كَمَا قَالَ سبحانَهُ : (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الاْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) (٥) وذَلِك ضِدُّ مَا يعمل بالعاصين الذين

__________________

(١) البيت لعروة بن الورد. وآثر ذي أثير : أيّ أَوَّلُ كلَّ شيء. انظر : الديوان : ٨٩ والأغاني ـ بولاق : ٢ / ١٩٢ والخصائص : ٢ / ٤٣٣ ومجمع البيان : ٢٩ / ١٠٥ وشرح المفصل : ٢ / ٩٥ والهمع : ١ / ٦ والدرر اللوامع : ١ / ٣.

(٢) البيت لعلي بن الطفيل السعدي. انظر : النوادر : ١٦١.

(٣) المحتسب : ٢ / ٣٢ ـ ٣٣.

(٤) سورة النحل : ١٦ / ٤١.

(٥) سورة النور : ٢٤ / ٥٥ ، ذَكَرَ ابن جني القراءة السَّبْعِيَّة أوّلاً ثمَّ جاءَ بالشَّاذَّة المنسوبة إلى


يَسْحَتُ (١) أَعمارَهُم ويَصطَلِمُهم (٢) بِذنُوبِهم وجَرَائِم أَفْعَالِهِم (٣).

صِفة على فُعَال ودلالتُها

قَرَأَ السُّلَمِي : (لَشْيءٌ عُجَّابٌ) (٤).

__________________

الإِمام علي (عليه السلام) ، وراح يفصّل في نصبِ كلمة (حَسَنَةً) الموجودة في القراءتين السبعية والشَّاذَّة ، وكان المفروض ، حسب منهجِهِ ، أنْ يبسط القول في (لَنَثْويَنَّهُمْ) بالثَّاء المثلّثة التي زعمُوا أنَّ عليًّا (عليه السلام) قرأ بها. وهي لم تثبت عن أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) بطريق صحيح ، وإنَّما نُسِبَتْ إليه (عليه السلام) بلا سند في : مجمع البيان : ٦ / ١٥٨ بلفظ (وَرُوِيَ عن علي عليه السلام) والظاهر أخذها من المحتسب ، إذ غالباً ما نجدصاحب مجمع البيان يعتمد في القراءات على كتابي الحجة لأبي علي الفارسي والمحتسب لابن جني. ومع ذلك فهي قراءة صحيحة مشهورة قرأ بها عبد الله بن مسعود ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف ، والأعمش ، ويحيى بن وثاب ، والربيع بن خثيم والكوفي الثوري وعامة قراء أهل الكوفة سوى عاصم. وقد جوّز الطبري القراءة بها صراحة فقال بعد ذكر القرائتين ـ بالباء والثاء ـ : «والصواب من القول في ذلك عندي أنَّهما قراءتان مشهورتان في قراء الأمصار ، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء ، متقاربتا المعنى ، فبأيّهما قرأ القارئ فمصيب ، وذلك أنَّ قولَهُ (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) : من بوّأته منزلاً ، أي : أنزلته ، وكذلك (نَثْويَنَّهُمْ) إنَّما هو أثويتُه مَسكَناً ، إذا أنزلته منزلاً ، من الثَّواء وهو المقام». وقال في مجمع البيان : «ومن قرأ (لَنَثْوِيَنَّهُمْ) حجتُهُ : قَولُهُ تعالى : (وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ) سورة القصص : ٢٨ / ٤٥ أي : مقيماً نازلاً فيهم. ينظر في : جامع البيان : ٢١ / ١٤ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٥ / ٢٣٥ / ٣٧ ، وغريب الحديث لأبي عبيد القاسم ابن سلام الهروي : ٣ / ٣٢٦ ، والتبيان : ٨ / ٢٢٠ ، ومجمع البيان : ٨ / ٣٦ و : ٦ / ١٥٨ ، والجامع لأحكام القرآن : ١٣ / ٣٥٩ ، وزاد المسير : ٦ / ١٣٨ ، وتفسير الثعالبي : ٣ / ٤١٩ ، و : ٤ / ٣٠٢ ، والدر المنثور : ٤ / ١١٨.

(١) سحته وأسحته أيضاً : استأصلهُ. مختار الصحاح : ٢٨٨.

(٢) الاصطلام : الاستئصال : مختار الصحاح : ٣٦٨.

(٣) المحتسب : ٢ / ٩ ـ ١٠.

(٤) من قوله تعالى من سورة ص : ٣٨ / ٥ (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ). وقَالَ مُقاتِل عُجَّاب


قَالَ أَبو الفتح : قَدْ كَثُر عَنْهُم مَجيءُ الصِّفِةَ على فَعِيل وفُعَال ـ بالتخفيف ـ وفُعَّال (١) بالتشديد ، قَالوا : رَجُلٌ وضيء ووضَّاءٌ ، وأَنْشَدوا :

والمَرْءُ يُلْحِقُهُ بِفْتيانِ النَّدَى

خُلقُ الكريمِ وليسَ بالوُضَّاءِ (٢)

أيْ : لَيسَ بالوضيءِ ، وقَالَ :

نَحْنُ بَذَلْنَا دُونَها الضّرابَا

إنا وَجَدْنَا مَاءَها طُيَّابا (٣)

وقال :

جاؤوا بِصَيْد عَجَب مِنَ العَجَبْ

أزيَرِق العَينِ وطُوَّالِ الذَّنَبْ (٤)

ومثله : رجلُ كَرِيم وكُرَام (٥) وكُرَّام ، وزادوا مبالغةً فِيهِ بالحاق التاءِ فَقَالُوا : كُرّامة (٦) والشواهدُ كثيرةٌ ، إلاَّ أَنَّهُ كتابٌ سئلنا اختصارَهُ لِئلاّ يطول على كاتبه فأوجبتِ الحالُ الإجابةَ إلى ذلك (٧).

__________________

لغة أزد شنوءَة. انظر : البحر المحيط : ٧ / ٣٨٥.

(١) كالدّوَّاج لضرب من الثياب ، والعُوَّار ، للجبان ، ويقال بعينه عُوَّار أيْ قذىً والعُوَّار : الخُطَّاف ، ومِثل : قومٌ صُيَّابٌ ، أيْ خيار. انظر : ديوان الأدب : ٣ / ٣٦٠.

(٢) البيت لأَبي صَدَقة الدُّبَيري. انظر : الخصائص : ٣ / ٢٦٦ والمخصص : ١٥ / ٨٥ واللسان : ١ / ١٩٠.

(٣) يروى (أَجَدْنَا) مكان (بَذَلْنَا). انظر : معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٩٨ وديوان الأدب : ٣ / ٣٦٠ واللسان : ٢ / ٥٤ وتاج العروس (طبعة الكويت) ٣ / ٢٨٢.

(٤) ذكره الفرَّاء غير معزو. انظر : معاني القرآن للفراء ٢ : ٣٩٩.

(٥) معاني القرآن للفراء ٢ : ٣٩٨.

(٦) ومثله : قوم صُيّابه أَيْ خيار. انظر : ديوان الأدب ٣ : ٣٦٠.

(٧) المحتسب : ٢ / ٢٣٠ ـ ٢٣١.


الصفة المشبّهة

قَرَأَ أَبو جعفر يزيد : (بَلْدَةً مَيِّتاً) (١) بالتَّشدِّيدِ.

قَالَ أبو الفتح : التذكير مع التَّشديد ليسَ في حُسْنِ التذكير معَ التخفيفِ وذَلِك أَنَّ (مَيِّتَا) بالتَّشدِيدِ يَكادُ يجري مَجرَى فاعل فَكَأَ نَّهُ مَائِت ، ولَذِلِك اعْتَقَبَا على المَوضِع الواحدِ فَقَالُوا : رَجلٌ سائِد وسَيّد ، وبائِع وبَيّع ، وقَائم بالأمرِ وقَيّم.

وقُرِئَ : (إنَّك مَائِتٌ) (٢) و (مَيِّتٌ).

وعَلَيِهِ أَيضاً حُذِفَتْ عينُ فَيْعِل مِمِّا اعتلّتْ عَيْنُهُ كَمَا حُذِفَتْ عَيْنُ فَاعِل مِنْهُ فَصَارَ مَيْت ، وهَيْن ولَيْسَ ـ كشاك وهَار ولاَث (٣) ، وإذَا جَرَيَا مَجْرَى

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ١١ : (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَر فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِك تُخْرَجُونَ).

(٢) سورة الزمر : ٣٩ / ٣٠ : (إِنَّك مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ). و (مائِت) قراءة ابن الزبير وابن أَبي إسحاق وابن مُحيصن وعيسى واليماني وابن أَبي غوث وابن أَبي عبلة. انظر : مختصر في شواذ القرآن : ١٣١ والكشاف ٤ : ١٢٧ والبحر المحيط ٧ : ٤٢٥ وإتحاف فضلاء البشر : ٢٣١ وروح المعاني : ٢٣ ، ٢٣٨ وعيسى بن عمر الثقفي / الدكتور صباح عباس سالم : ١٥٩.

(٣) شاك السلاحِ : أي : حديده. وأصله شائِك. ومنه قول مرحب اليهودي في غزوة خيبر :

قد علمتْ خيبرُ أَنّي مَرْحَبُ

شـاكِ السلاحِ بطلٌ مُجَـرَّبُ

وقولُ طريف بن تميم :

فتعرفوني أنَّني أَنَا ذَاكُمُ

شـاك سلاحي في الحوادثِ مُعْلِمُ

وهار : أصله هائِر ، من هارَ البناءَ إذا هَدَمَهُ.

ولاث : أصله لائِث من لاث يلوث فهو لائث ووزنه فاعل ، وصفٌ من لاثَ الشجر إذا


المِثَالِ الواحد ـ لما ذَكَرنَاهُ ولَمَا اسَتَطْلنَاهُ فَتَرْكنَاهُ ـ ضَعُفَ (بَلْدَةً مَيِّتاً) بالتّثْقِيلِ ، كَمَا ضَعُفَتِ امرأَة مَائِتٌ وبَائِعٌ.

ولَيْسَ المَوتُ أَيْضاً مِمَّا يَخْتَصُّ بالتأْنِيثِ فِيُحْمَلُ عَلَى تَذْكِيرِ طَالِق وطَامِث وبَابِهِ ، وهو إذا خُفِّفَ فَقيلَ مَيْت أَشبه لفظ المَصْدَرِ ، نَحو البَيع والضَرْب والمَوت والقَتل ، وتذكير المصدر إذا جرى وصفاً على المؤنَّثِ ليس بمستنكر نحو : امرأةٌ عَدْلٌ وصَومٌ ورِضاً ، وخَصْمٌ ، فَهَذَا فرق ـ كَمَا تَرى ـ لَطِيفٌ (١).

الاْسمُ بينَ المصدرِ والصفة

قَرَأَ علي (عليه السلام) وأَبو عبد الرحمن السُّلَمِي : (بِوالِديهِ حَسَناً) (٢) قَالَ أَبو الفتح : تَحْتَمِلُ اللُّغَةُ أَنْ يَكُونَ (حَسَناً) هُنَا مصدراً ، كالمصادِرِ التي اعتقبَ

__________________

كثر والتَفَّ ، ومِنْهُ قولُ العجاج يصف أيكاً : لاث بهِ الأشاءُ والعُبْرِيّ والقول بحذف العين في الأوصاف الثلاثة هو الأكثر ويرى الخليل والأخفش أنَّ فيها قلباً مكانيًّا بجعل العين مكان اللاَّم. الكتاب ٢ : ١٢٩ و ٣٧٨ ومعاني القرآن للأخفش : ١٢٨ / ب والخصائص ٢ : ١٢٩ و ٤٧٧ و ٤٩٣ ولسان العرب ـ لوث ـ.

(١) المحتسب ٢ : ٢٣٥.

(٢) من قوله تعالى من سورة الأحقاف : ٤٦ / ١٥ : (وَوَصَّيْنَا الاِْنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً). ولم تثبت القراءة التي ذُكِرت عن أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) بسند صحيح ، وإنّما نُسِبَتْ إليه (عليه السلام) بلا سند في مجمع البيان : ٩ / ١٤١ قال : «وقرأ أهل الكوفة (إحْسَاناً) ، والباقون (حُسْناً) ، وروي عن علي (عليه السلام) وأبي عبد الرحمن السلمي (حَسَناً) بفتح الحاء والسين». والأصل كما يظهر هو المحتسب ، ولم نقف على تلك النسبة في غيره.


عليها الفُعْلُ والفَعَل نَحو الشُّغْل والشَّغَل والبُخْل والبَخَل وهو واضحٌ.

وتَحْتَمِل أنْ يكونَ (الحَسَن) هُنَا اسماً صِفَةً لاَ مصدراً لَكِنَّه رَسيلُ القبيح كَقَولِنَا الحَسَنُ مِنَ اللهِ والقبيحُ مِنَ الشَّيطانِ ، أي : وصَيّنَاهُ بِوالِدِهِ فِعْلاً حَسَنَا ونَصَبَهُ وصَّينَاهُ بهِ لأَ نّهُ يُفيدُ مُفَادَ أَلزَمَنْاهُ الحَسَن في أبويهِ. وإنْ شِئتَ قُلْتَ : هُو مَنصُوبٌ بِفِعْل غَير هَذَا لا بنفسِ هَذَا فَيكونُ مَنْصوباً بنفسِ أَلزمناهُ ، لا بنفسِ وصّيْنَاهُ لأَ نَّهُ فِي مَعْنَاهُ (١).

اسم المكان

قَرَأَ عبدُ اللهِ بن مسلم بن يَسَار : (مَجْمِعَ البَحْرَيْنِ) (٢) قَالَ أَبو الفتح : المصدرُ مِن فَعَلَ يَفْعَلُ والمكانُ والزَّمَانُ كُلُّهُنَّ على مَفْعَل بالفتح : كقولِكَ : ذَهَبْتُ مَذهَباً ، أَيْ : ذَهَاباً ومَذْهباً ، أي : مَكاناً يُذهَبُ فِيهِ وهذا مَذهَبُكَ ، أي : زمان ذهابِكَ وكذلكَ سأَلَ يَسْألُ مَسألاً فَهو مَصدَرٌ ومكانٌ وزَمانٌ ، وبعثَ يبعثُ مَبْعَثاً. هو مصدرٌ وَمَكانٌ وزَمانٌ ، وَمِنهُ مَبعثُ الجيوشِ ، هوَ زَمانُ بَعْثِهَا إلاَّ أَنَّهُ جَاءَ المَفْعِل بِكَسرِ العينِ موضعَ المَفْتُوحِ مِنْهُ : المَشرِق ، والمَغرِب والمَنسِك ، والمَطلِع وبابه فَتْحُ عَيْنِهِ لأَ نَّهُ مِنْ يَفْعُل (٣).

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٦٥.

(٢) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٦٠ : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً). وقراءة عبد الله بن مسلم قرأ بها الضحّاك أيضاً كما في : البحر المحيط : ٦ / ١٤٤.

(٣) قال الفرّاء : إذا كانَ يفعُل مضمومَ العين مِثلَ يدخُل ويخرُج آثَرَتِ العربُ في الاسم منه


يَشْرُق ويَغْرُب وينْسُك ويَطْلُع فعلى نحو من هذا يكون (مَجْمِع البحرين) وهو مكان كما ترى من جَمَع يجمَع فقياسه مَجْمَع لَولاَ ما ذكرنا من الحمل على نظيره (١).

وقَرَأَ ابنُ عباس وعِكرمة وأيوب السختياني والحسنُ : (المَفِرُّ) (٢) قال أبو الفتح : (الـمَفَرّ) بفتح الميم ، والفاء ـ المصدر أَين الفِرار.

و (الـمَفِرّ) بفتح الميم وكسر الفاء (٣) الموضع الذي يُفَرُّ إليهِ (٤).

__________________

والمصدر فتحِ العين ، إلاّ أَحرُفاً مِن الأَسماءِ أَلزَمُوهَا كسرَ العينِ في مفعل. من ذلك : المَسجِد والمَطلِع والمَغرِب والمَشرِق والمَسقِط والمَفرِق والمَجزِر والمَسكِن والمرَفِق من رَفَقَ يَرفُقُ والمَنْسِك مِنْ نَسَك يَنسُك والمَنبِتَ ، فجعلوا الكسرَ علامةَ للاسم والفتحَ علامةً للمصدرِ وربَّمَا فتحَهُ بعضُ العربِ في الاسم وقد قُرِئ (مَسْكِن) و (مَسْكَن) من سورة سبأ : ٣٤ / ١٥ وقد سَمعنا المَسجِد والمَسْجَد وهم يريدون الاسم والمَطلِع والمَطلَع والنصبُ في كلّهِ جائز وإنْ لم تسمعْهُ فَلاَ تَنْكُرنّهَ إنْ أتى. معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ١٤٨ ـ ١٤٩ ، وبخصوص القراءة انظر : الإتحاف : ٣٥٨ ـ ٣٥٩.

(١) المحتسب : ٢ / ٣٠.

(٢) من قوله تعالى من سورة القيامة : ٧٥ / ١٠ (يَقُولُ الإنْسَانُ يَومِئذ أَيْنَ المَفَرُّ).

(٣) قال الفَرّاء : هما لغتان : المَفِرُّ والمَفَرُّ والمَدِبُّ والمَدَبُّ ومَا كانَ يَفْعِل فيه مكسوراً مثل : يَدِبُّ ويِصِحَّ فَالعَرَبُ تقولُ مَفِر ومَفَر ومَصِح ومَصَح ومدِب ومَدَب.

انشدني بعضُهُم :

كَأَنَّ بَقَايَا الأثْرِ فَوقَ متونهِم

مَدِبَّ الدَّبَى فوقَ النَّقَا وهو سارِحُ

ينْشدونه مَدَب وهو أكثرُ من مَدِب ويقال : جاء في مَدَبِّ السَّيلِ ومَدِبِّ السيلِ ومَا في قميصه مِصَحٌّ ولاَ مَصَحٌّ.

معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ٢١٠.

(٤) المحتسب : ٢ / ٣٤١ ـ ٣٤٢.


صِيَغُ المبالغة

قَرَأَ عُمرُ بنُ الخطاب وعثمانُ بنُ عفّانَ وابنُ مسعود وإبراهيمُ النَّخعِي والأعمشُ ، وأصحابُ عبدِ الله وزيدُ بنُ عليّ وجعفر بنُ محمّد عليهما السلام وأبو رجاء بخلاف ، ورويت عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : (الحيُّ القَيَّام) (١) قَرَأَ عَلْقَمَةَ : (الحَيُّ القَيِّمُ).

قَالَ أَبو الفتحِ : أَمَّا (القَيَّام) فَفَيْعَال من قَامَ يَقُومُ لأَنَّ اللهَ تَعالى هو القَيِّمُ على كلّ نفس ، ومِثْلَهُ مِنَ الصِّفَةِ عَلَى فَيْعال (الغَيْدَاقُ) (٢) ، والبَيْطَارُ أَصله

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة آل عمران : ٣ / ٢ : (اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ). ولم أجد ـ بحدود تتبّعي ـ رواية صحيحة بنسبة قراءة : «الحيُّ القَيَّام» إلى زيد الشهيد ولا إلى جعفر ابن محمد الصادق (عليهم السلام) ، ولم ترد في تفسير غريب القرآن المجيد للإمام زيد (عليه السلام) ، أما القراءة العامة : (اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) ، كما في المصحف ، فهي مرويّة عن النبي وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام). كما في : تفسير غريب القرآن المجيد للإمام زيد الشهيد تحقيق الدكتور محمد يوسف الدين : ٦٨ ، وأصول الكافي : ١ / ١١٢ / ١ باب حدوث الأسماء من كتاب التوحيد ، وفروع الكافي ٣ / ٤٤٥ / ١٢ باب صلاة النوافل من كتاب الصلاة ، والصحيفة السجادية : ٥٠ دعاؤه (عليه السلام) إذا أصبح ، والأمالي للشيخ الطوسي : ٥٠٩ / ١١٩٢ (١٩) مجلس (١٨) ، ومكارم الأخلاق : ٢٨٢ و ٣٣٦ وغيرها ، وأمَّا ما نُسِبَ إلى علقمة ، فقد أخرج الطبري بسند صحيح عن أبي معمر عن علقمة بخلاف ما ذُكر وهو أنّه قرأها «الحيُّ القَيَّام» كما في جامع البيان للطبري ٣ : ٢٢٣ ، وفي مصحف ابن مسعود «الحَيُّ القَيِّمُ» ، كما في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٤ : ١.

(٢) من معاني الغَيداق : الكريم ، والواسع ، والرَّخص الناعم.

انظر : اللسان : ٢ / ١٥٦.


القيُّوام ، فَلَمَّا التقتِ الواو والياءُ وسُبَقتِ الأولَى بالسُّكونِ قُلِبَتِ الواو ياءً ، وأُدْغِمَتْ فيها الياءُ فَصَارَتْ القَيَّام ، ومثله قولهم : (ما بالدار ديَّار) وهو فَيْعَال مِن يدار يدور وأصلُهُ دَيْوارٌ ، وأَهْلُ الحِجاز يقولون للصّواغ الصيّاغ فَعَلَى هَذَا ينبغي أنْ يُحمَلَ لا عَلَى فعَّال لأَ نَّهُ كانَ يَجبُ أَنْ يَكُونَ صَوَّاغاً.

هَذَا هُو البابُ. وأَمَّا القَيِّم فَفَيعل مِنْ قَامَ يَقُومُ ، وهو مِن لَفْظِ قَيَّام مَعْنَاهُ ، قَالَ :

اللهُ بيني وبينَ قَيِّمِهَا

يَفرُّ مِنِّي بِهَا وأَتَّبِعُ (١)

لَـمَّـا قَالَ الشَّاعِرُ هَذَا قِيلَ لَهُ : لاَ ، بَلْ اللهُ بينَ قَيِّمِهَا وبَيْنَكَ ، والقَيُّومُ قراءةُ الجَمَاعةِ ، فَيْعُول مِنْ هَذَا أَيْضاً ، ومِثْلُهُ الدَيُّورَ فِي مَعْنَى الدَّيَّارُ (٢).

وقَرَأَ مَالِكُ بنُ دِينار والجَحدري والأعمش : (إنَّ رَبَّكَ هُو الخَالِقُ) (٣) قَالَ أَبو الفَتْحِ : فِي هَذِهِ القراءةِ دَليلٌ عَلَى أَنَّ فَعَل الخفيفة فِيها مَعْنَى الكثرةِ كَفَعَّلَ الثّقِيلةِ ، أَلاَ تَرَى إلى قراءةِ الجماعة : (الخَلاَّق)؟ وهذه لِلْكَثْرَةِ لاَ محالة. نَعَمْ وقد قُرنَ بِهِ العَليم وفَعِيلٌ للكثرةِ. وكَأَنَّ الخَلاَّق الموضوعُ للكثرةِ أَشبهُ بعليم لأَ نَّهُ مَوضوعٌ لَهَا ، فَلَولا أَنَّ فِي خَلَقَ مَعْنَى الكثرةِ لَـمَـا غُيِّرَ بِخَالق عَنْ مَعْنَى خَلاَّق. ومنه قولُهُ : (غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ) (٤). أَلا تَرَاهَا فِي مَعْنَى غَفَّار وقَبَّال؟ وعَلَيْهِ مَا أَنْشَدَ أَبو الحَسَن :

__________________

(١) البيت للأَحْوص. انظر : الأَغاني ـ بولاق ـ ٤ / ٤٩ والخصائص : ٢ / ١٢٨ ومعجم شواهد العربية : ١ / ٢٢٩.

(٢) المحتسب : ١ / ١٥١ ـ ١٥٢.

(٣) من قوله تعالى من سورة الحجر : ١٥ / ٨٦ : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ).

(٤) من قوله تعالى من سورة غافر : ٤٠ / ٣ : (غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ).


أَنْتَ الفِدَاءُ لِقِبلَة هَدَّمْتُهَا

ونَقَرْتَها بِيِدَيْكَ كُل مُنَقَّرِ (١)

فوضعَ (نَقَرْتَ) مَوضِعَ نَقَّرْتَ وعَلَيهِ جاءَ بالمَصْدَرِ ، فَقَالَ : كُلَّ مُنَقَّرِ. وعِلَّةُ هَذَا هُو مَا تَعلم من وقوع المصدر دالاًّ على الجنس وإذا أَفْضَتْ بِك الحالُ إلى عمومِ الجنسيَّةِ فَقَدْ اغتَرَقْتَ (٢) وتَجَاوزْتَ حَدّ الشِّياعِ والكثرةِ (٣).

وقَرأ مُعَاذُ بنُ جَبَل على المِنبر : (إلاَ سَبِيلَ الرّشَّادِ) (٤) ، أَيْ : سبيل الله.

قَالَ أَبو الفتح : يَنْبَغي أَنْ يكونَ هَذَا من قَولِهِم : رَشِدَ يَرْشَدُ ، كَعَلاَّم مِنْ عَلِمَ يَعْلَم ، أَو مَنْ رَشَدَ يَرْشُدُ ، كَعَبَّاد مِنْ عَبَدَ يَعْبُدُ ، ولاَ يَنْبَغِي أَنْ يُحمَل عَلَى أَنَّه مِنْ أرْشَدَ يُرشِدُ لأَنَّ فَعَّالاً لَمْ يَأتِ إلاّ فِي أحرف مَحْفوظة ، وهي أَجبَرَ فَهْو جَبَّار وأسأَرَ فَهْو سَآر ، وأَقْصَرَ فَهْو قَصَّار ، وأَدْرَك فَهْو دَرَّاك ، وأَنشدوا للأخطل :

وشارب مُربح بالكَأَسِ نَادَمَنِي

لاَ بالحصورِ ولاَ فِيَها بسآر (٥)

وأجود الروايتين (بِسُوَّارِ) ، أيْ : بِمعرَّبِد. وأنشدَ ابنُ الأعرابي : (غيرَ قَصَّارِ).

وعَلَى أَنَّهم قَد قَالوا : جَبَرَهُ على الأمر وقَصر عن الأمر فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَبَّار وقَصَّار مِن فَعَل ، هذينِ الحرفينِ ، وكَذا يَنبغي أنْ يُعتقد أيْضاً فِي سآر ودرَّاك عَلى أَنَّهُمَا خَرَجَا بِحَرْفِ الزّيادةِ ، فَصَارَا إلى سَآر ودَرَّك تَقْدِيراً ، وإنْ

__________________

(١) يروى (لكعبة) مكان (لقبلة). انظر : معاني القرآن للأخفش : ١٤٥ / أ.

(٢) اغترق النازُع في القوسَ أَيْ : اسْتَوفَى مَدُّهَا. انظر : مختار الصحاح : ٤٧٢.

(٣) المحتسب : ٢ / ٦.

(٤) من قوله تعالى من سورة غافر : ٤٠ / ٢٩ (وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ).

(٥) يروى (بِسَوَّار) مكان (بِسَآر). انظر : الديوان : ١١٦ ومعجم شواهد العربية : ١ / ١٨٠.


يلَم يَخْرُجَا إلى اللَّفْظِ استعمالاً ، كَمَا قَالوا : أَبْقَلَ المَكَانُ فَهو باقِل ، وأَورَسَ الرِّمْثُ (١) فَهو وارِسٌ ، وأَيْفَع الغُلاَم فَهو يَافِع ، وأغْضَى الليلُ فهو غَاض ، قَالَ :

يَخْرُجْنَ مِنْ أَجواز لَيْل غَاضِ (٢)

أَيْ مُغْض (٣) ، وقَالوا أَيْضا القحتِ الرّيحُ السَّحَابَ ، فهو لاَقِحٌ (٤) ، فَهَذَا عَلَى حذفِ همزةِ أَفْعَل ، وإنَّما قِياسُهُ مُلْقِح ، فَعَلى ذَلِك خَرَجَ (الرَّشَّاد) أَيْ : رَشَدَ بِمَعْنَى أَرْشَدَ تَقْدِيراً لا استعمالاً كَمَا قَالَ الآخر :

إذا ما اسْتَحَمَّتْ أَرضُهُ مِنْ سَمَائِهِ

جَرَى وهْو مَودُوعٌ وواعِدُ مُصْدَقِ (٥)

وكَانَ قَياسُهُ أَنْ يَكونَ مُودَع لاِ نَّهُ مِنْ أَودَعْتَه ، فَودَعَ يَدَعُ وهو وادِع ، ولا يُقالُ ودَعْتُه فِي هَذَا المعنى فيُقَالُ مَودُعٌ كَوضَعْتُهُ فَهو مَوضُوعٌ.

فَإنْ قِيلَ : فَإنَّ المَعنَى إنَّمَا هُو عَلَى أَرشَدَ ، فَكَيفَ أَجَزْتَ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا

__________________

(٢) الرمث : شجر يشبه الغضى لا يطول ولكن ينبسط ورقه وهو شبيه بالأشنان.

انظر : تاج العروس : طبع الكويت ـ ٥ / ٢٦٤.

(٣) الرجز لرؤبة من شعر : يمدح به بلال بن أَبي بردة وبعده : نَضْو قِداح النابِلِ النواضي.

انظر : الديوان : ٨٢ وإصلاح المنطق : ٢٧٥ والمقتضب : ٤ / ١٧٩ والكامل : ١ / ٩٦ والتمام : ١٥٢ والمخصص : ٩ / ٣٩ ولسان العرب : ـ غضا ـ ١٩ / ٣٦٥.

(٤) في إصلاح المنطق : ٢٧٥ غض الليل فهو غاض ومُغْض إذا أظلم. وفي المُخَصِّص : ٩ / ٣٩ قال الفارسي : قال أبو العباس : أغضَى الليل ولا يقال غَضَا .... وفي اللسان : ـ غضَا ـ ١٩ / ٣٦٤ : ليل مَغض لغة قليلة وأَكثر مَا يُقالُ : ليل غاض.

(٥) في المخصص : ١١ / ١٠٩ «زَعَم أَبو العبَّاس أَنّهُ عَلَى طرح الزوائد ، قال أَبو عليّ : قال أحمد ابن يحيى : ليسَ على حذف الزوائد ولكنَّهُ يُقالُ ريحٌ لاقحٌ كما يُقالُ ريحٌ عقيمٌ».

(١) البيت لخُفاف بن نُدبة يصف فرسَه. واستحمَّتْ أَرضُهُ مِنْ سَمَائِهِ عرق فابتلَّ أسفله من أعلاه والمُصدَق : الصدق في كلّ شيء. يقول : إذَا عَرقَ وابتَلّتْ حوافِرُه مِنْ عَرَقِ أعاليه جَرَى في دعة لا يُضْرَبُ ولا يزُجَرُ ، ويصدقك فيما يعدك البلوغ إلى الغاية. انظر : الأصمعيات : ٢٤ والخصائص : ٢ / ٢١٦ والهمع : ٢ / ٨٤ والدرر اللوامع : ٢ / ١٠٨.


مجيؤهُ مِن رشِد أَو رشَدَ فِي معنى رشِد ، وأَ نَّهُ لَيْسَ مِن لَفْظِ أَرْشَدَ؟ قِيلَ : المَعْنَى رَاجِعٌ فيما بَعد إلى أَنَّهُ مُرْشِدٌ ، وذَلِك لأَ نَّهُ إذا رَشِدَ أَرْشَدَ ، لأَنَّ الإرشَادَ مِنْ الرَّشَد ، فَكَأ نَّهُ مِنْ بابِ الاكتفاءِ بِذِكْرِ السَّبَبِ مِنَ المسبب.

وعليه قالوا : في قول الله سبحانه : (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ) (١) إنَّهَا مِنْ لَقِحَتْ هيَ ، فَإذَا لَقِحَتْ أَلْقَحَتْ غَيرَهَا ، فَهُو كَقَولِكَ إنَّها زاكية ، فإذا زكتْ في نَفْسِها أَزْكَتْ غَيْرَهَا ، فَهَذَا المَذْهَبُ لَيْسَ هُو الأولُ الذي عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الزّيادَةِ مِنْ أَلْقَحَ (٢) ولِكُلّ طريقٌ (٣).

وقَرَأَ ابنُ قُطيْب : (عَطَاءً حُسَّابا) (٤) قَالَ أَبو الفتح : طَرِيقُهُ عِندِي ـ واللهُ أَعْلَم ـ عطاءً مُحْسِبا ، أَيْ : كَافِياً (٥) يُقالُ أَعطَيتْهُ ما أَحْسَبَهُ ، أيْ : كَفَاهُ إلاَّ أنَّهُ جَاءَ بالاسمِ مِنْ أفْعلَ عَلَى فَعَّال وقَدْ جَاءَتْ مِنْهُ أَحْرفٌ ، قَالُوا : أَجْبَرَ فهو جَبَّارٌ ، وأَدْرَك فَهْو دَرّاك وأَسْأرَ منْ شَرَابهِ فَهْو سآرٌ ، وأقْصَرَ عَنِ الشيءِ فَهْو قَصَّارٌ وقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ (٦). وأَ نَا أَذْهَبُ فِي قَولِهِم أَحْسَبَهُ من العطية ، ـ أي : كَفَاهُ ـ إلى أَنَّه مِنْ قَولِهِم : حَسْبُك كَذَا ، أَيْ : أَعطَاهُ حَتَّى قَالَ : حَسْبُ كَمَا أَنَّ قَولَهُم : بَجَّلْتُ الرَّجُلَ ، ورَجُلٌ بَجِيلٌ وبَجَال كَأَ نَّهُ مِنْ قَولِهِم بِجَلْ ، أَيْ : حَسْبُ ، فَكَأَ نَّهُ انتهى مِنَ الفَضْلِ والشَّرَفِ إلى أَنَّهُ مَتَى جرى ذِكْرُهُ قِيلَ : بَجَلْ ، قِفْ حَيْثُ أَنْتَ فَلاَ غَايةَ ورَاءَهُ. وذَلِك عِنْدِي أَصْلُ تَصَرُّفِ النِّعمَةَ والنَّعيم والإنْعَام

__________________

(١) سورة الحجر : ١٥ / ٢٢.

(٢) تنظر : الحاشية الرابعة ، ص : ٣٩٢.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٤١ ـ ٢٤٢.

(٤) من قوله تعالى من سورة النبأ : ٧٨ / ٣٦ (جَزَاءً مِّن رَّبِّك عَطَاءً حِسَاباً).

(٥) وكذلك حمله أبو حَيَّان في البحر المحيط : ٨ / ٤١٥.

(٦) انظر : ص : ٣٩١ والمحتسب : ٢ / ٢٤١.


وجَميعِ مَا في هَذَا الحرفِ إنَّمَا هُو مِنْ قَولِنَا : نَعَمْ ، وذَلِكَ أَنَّ (نَعَمْ) مَحْبُوبةٌ مُسْتَلَذَّةٌ وهي ضَدُّ (لاَ) الكَزَّة (١) المُسْتَكرَهَة.

فَإنْ قِيَل فَكَيفَ يَجُوزُ الاشتقاقُ مِنْ الحرفِ؟ قَيلَ قَدْ اشتقَّ منها في غير موضع ، قَالوا : سَأَ لَنِي حَاجةً فَلاَ لَيتُ لَهُ ، أَيْ : قُلْتُ لَهُ : لاَ. وسَألتُكَ حاجةً فَلَو لَيتَ لِي. أيْ : قُلْتَ لَولاَ ، وقَالوا : حاحيتُ وعاعيتُ وهاهيتُ ، فاشتقّوا من حاء وعاء وهاء (٢) ، وهُنَّ أصواتٌ ، والأصواتَ للحروف أَخَواتَ ، وما أَكثَرَ ذَلِكَ (٣)!! وقَالَ ابنُ مجاهد وأَبو حاتِم عَنْ يَعقوب قَالَ : سَمِعْتُ أَعرابياً يُكَنَّى أَبَا الدينار عند الكسائي يَقْرَأُ : (القَدُّوس) (٤) بِفَتحِ القافِ.

__________________

(١) الكزَّة : القبيحة. وشتانَ بينَ (نَعَمْ) و (لا) قَالَ ربيعةُ الرِّقي :

قُولِي : نَعَمْ وَنَعَمْ إِنْ قُلتِ واجِبَةٌ

قَالَتْ : عَسَى وَعَسَى جِسْرٌ إِلَى نَعَمِ

فترى لها رقّةً ولطفاً وخِلابةً وحُسْناً ، وقالَ المُثَقبُ العَبدِي :

لاَ تَقُولَنَّ إذَا مَا لَمْ تُرِدْ

أَنْ تُتِمَّ الوَعْدَ في شَيْء (نَعَمْ)

حَسَنٌ قولٌ (نَعَمْ) مِنْ بَعْدِ (لاَ)

وَقَبِيحٌ قَولُ (لاَ) بَعْدَ (نَعَمْ)

إِنَّ (لاَ) بَعْدَ (نَعَمْ) فَاحِشَةٌ

فَبِلاَ ابْدَأ إِذَا خفْتَ النَّدَمْ

وَإِذَا قُلْتَ (نَعَمْ) فَاصْبِرْ لَهَا

بَنَجَازِ الوَعْد إنَّ الخُلْفَ ذَمْ

وقال الفرزدق مادحاً الإمام علي زين العابدين (عليه السلام) :

مَا قَالَ : (لاَ) قّطُّ إلاَّ فِي تَشَهُّدِهِ

لولا التَّشَهُّدُ كَانَتْ لاؤُهُ (نَعَمُ)

ينظر في : دلائل الإِعجاز : ٧٥ ، والنبي وآله (عليهم السلام) في الشعر العربي : ٤٤.

(٢) قال سيبويه : «... وكذلِك ياء دَهْدَيتُ فيمَا زَعَم الخليلُ لأَنَّ الياءَ شَبيهةٌ بالهاءِ في خِفّتِها وخَفَائِها والدَلِيلُ عَلَى ذَلِك قَولُهمُ : دَهْدَهَتُ فَصَارت الياءُ كالهاءِ. ومِثِلُه عَاعَيتُ وحَاحَيتَ وهَاهَيتُ ...». الكتاب : ٢ / ٣٤٧.

(٣) المحتسب : ٢ / ٣٤٩.

(٤) من قوله تعالى من سورة الحشر : ٥٩ / ٢٣ : (هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ).


قَالَ أَبو الفتحِ : فَعُّول فِي الصِّفَةِ قَلِيل ، وذكر سيبويه في الصِّفَةِ السَّبُّوح والقَدُّسُ (١) وحَكَى فِي الصِّفَةِ أَيضاً السُّبُوح والقُدُّس بالضَّمِّ. وإثباتِ الفَعُّول كَشَبُّوط وسَمُّور وتنُّور وسَفّود وهَبُّود ـ لِجَبل باليمامة ـ وعَبُّود (٢).

أَفْعَل التفضيل

قَرَأَ أَبو قِلابَة : (الكَذَّابُ الأشَرُّ) (٣) قَالَ أَبو الفَتْحِ : (الأشَرَّ) بتشديدِ الرَّاءِ هُو الأصلُ المرفوضُ (٤) لاِنَّ أصْلَ قَولِهِم : هَذَا خيرٌ مِنْهُ ، وهَذَا شَرُّ مِنْهُ : هَذَا أَخْيرُ مِنْهُ ، وأَشَرُّ مِنْهُ (٥).

فَكَثَرَ استعمالُ هَاتَينِ الكَلِمَتينِ فَحَذَفَ الهمزةَ مِنْهُمَا ، ويَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَولُهُم : الخَورى والشُّرَى تَأنيثُ الأخيرِ ، والأشَرِّ. وقَالَ رُؤبَة :

بـلالُ خيرُ النـاسِ وابنُ الأخيَرِ (٦)

فَعَلَى هَذَا جَاءَتْ هَذِهِ القِرَاءَةَ (٧).

__________________

(١) الَّذِي في كتاب سيبويه. السُّبوح والقُدوسُ. بِضَمّ السين والقاف. انظر : الكتاب ـ طبعة بولاق ١ / ١٦٤ و ١٦٥ وكتاب سيبويه ـ تحقيق عبد السلام هارون ـ ١ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧.

وقال ابن السكِّيت : يُقال : سُبَّوحٌ قُدُّوسٌ وسَبُّوحٌ قَدّسٌ. إصلاح المنطق : ١٣٢.

(٢) المحتسب : ٢ / ٣١٧ ـ ٣١٨.

(٣) من قوله تعالى من سورة القمر : ٥٤ / ٢٦ : (سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الْكَذَّابُ الاَْشِرُ).

(٤) جوّز ابن مالك مجيء اسم التفضيل من الخَير والشَّرِّ على أصله في صيغة أفعل مُحْتَجًّا بهذِه القراءة. انظر : شرح التسهيل : ١٣٤.

(٥) قال في المصباح المنير : ١٩٩ أخْيَر وأَشَرُّ بالأَلف لغةُ بِنَي عَامِر.

(٦) هذا الرجز ليس في الديوان. ومنع (بلال) من الصرف للضرورة. انظر : البحر المحيط : ٨ / ١٨١ وهمع الهوامع : ٢ / ١٦٦ وشرح التصريح : ٢ / ١٠١ والدرر اللوامع : ٢ / ٢٢٤ والأشموني : ٣ / ٤٣.

(٧) المحتسب : ٢ / ٢٩٩.



الباب الثامن

نِعْمَ وبِئسَ



نِعْمَ ولُغاتُهَا

قَرَأَ يحيى بنَ وثّاب : (فَنَعْم عُقْبَى الدَّارِ) (١).

قَالَ أَبو الفتح : أَصلُ قَولِنَا : نِعْمَ الرجلُ ونحوهُ نَعِمَ كَعَلِمُ وكُلُّ مَا كَانَ عَلَى فَعِل وثَانيهِ حرفٌ حَلْقِيُّ (٢) فَلَهُم فِيهِ أَربعُ لُغات ، وذَلِك نَحو فَخِذ ومَحِك (٣) ونَغِر (٤) ، بِفَتحِ الأولِ وكَسْرِ الثانِي عَلَى الأصل. وإنْ شِئْتَ أسكَنْتَ الثاني وأَقررتَ الأولَ عَلَى فتْحِهِ فَقُلْتَ : فَخْذ ، ومَحْك ، ونَغْر.

وإنّ شِئْتَ أتبعتَ الكَسْرَ الكَسْرَ ، فَقُلْتَ فِخِذِ ومِحِك ونِغِر وكَذَلِك الفعل نَحُو ضَحِك ، وإنْ شِئْتَ ضَحْك وإنْ شئتَ ضِحِك.

فَعَلَى هَذَا تقولُ : نَعِمَ الرَّجُلُ ، وإنْ شِئْتَ نَعْمَ ، وإنْ شِئتَ نِعْمَ (٥) وإنْ شِئْتَ نِعِمَ (٦) ، فَعَلَيهِ جاءَ (فَنَعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) ، وأَنشَدَنَا أَبَو عليّ لِطَرَفَة :

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الرعد : ١٣ / ٢٤ : (سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْـمَ عُقْبَى الدَّارِ).

(٢) حروف الحلق ستّة : الهمزَةُ والهاءُ وهما أَقصاهُ ، والعينُ والحاءُ وهُمَا من أوسطه ، والغينُ والخاءُ وهُما من أَولِهِ مما يَلِي اللسانَ. انظر : المُقَتَضَب : ٢ / ١٤٠.

(٣) المَحك : التمادي في اللجاجة عند المساومة. انظر : اللسان : ١٢ / ٣٧٥.

(٤) النَّغِر : بوزن الكتف هو الّذي يغلي جوفه من الغيض. انظر : مختار الصحاح : ٦٧٠.

(٥) قالَ المُبَرّدُ : وقد ذكر هذه الوجوه الأَربعة : «كلَّ ذلِكَ جائزٌ حَسَنٌ إذا اثرت استعماله أَعني الوجوهَ الأربَعَةَ». انظر : المقتضب : ٢ / ١٤٠.

(٦) قال أَبو الخطاب الأخفش إنّها لُغَةُ هُذَيل. الكتاب : ٢ / ٤٠٨.


فَفِدَاء لِبَنِي قَيْس عَلَى

مَا أَصَابَ الناسَ مِنْ سُرّ وضُرْ

مِا أَقلَّتْ قَدَمِي إنَّهُمُ

نَعِمَ الساعونَ فِي الأمرِ المُبِر (١)

ورَويْنَا عَنْ قطرب : نَعِيم الرجلُ زيدٌ ، بإشباعِ كسرةِ العينِ ، وإنشاءِ ياء بَعْدَهَا كالمطافِيلِ والمسَاجِيدِ ، ولاَ بُدَّ مِنْ أنْ يَكونَ الأَمرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا لأَ نَّهُ ليسَ في أَمثِلَةِ الأفعالِ فَعيل البتة (٢).

قَالَ أَبو الفتح : أَمَّا قَولُهم : نِعْمَ المرأَةُ هندٌ بالتَّذْكِيرِ (٣) فَإنَّمَا جَازَ ـ وإنْ كَانَ التأنيثُ حَقيقيًّا ولا فَصْلَ هُناكَ ـ مِن قِبَلِ أَنَّ المرأَةَ هُنَا لَيْسَتْ مَقَصوداً قَصْدها وإنّما هي جنس لاَِ نَّهَا فاعل نِعمَ والأَجَنَاس عِنْدَنَا إلى الشياع والتنكير (٤).

__________________

(١) يروى : (ناعلها) مكان (إنَّهُمُ) و (الحي الشَّطر) مكان (الأمر المُبِر) والإقلال : الرفع.

الديوان : ٧٢ والكتاب : ٢ / ٤٠٨ والمقتضب : ٢ / ١٤٠ والخصائص : ٢ / ٢٢٨ وأَمالي الشجري : ٢ / ٥٥ و ١٥٧ والهمع : ٢ / ٨٤ والدرر اللوامع : ٢ / ١٠٨ وخزانة الأدب ـ بولاق ـ : ٤ / ١٠١.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٥٦ ـ ٣٥٧.

(٣) قال سيبويه : «إعلم أَنَّ نِعْمَ تؤنِث وتذكر وذلك قولك نِعْمَتِ المرأةُ وإنْ شئتَ قلتَ نِعْمَ المرأَةُ كَما قالوا ذَهَبَ المرأَةُ والحذفُ في نِعْمَتْ أَكثر». وعلل السيرافي ذَلك بقوله : «لِنُقْصَانِ تَمُكَّنِهِما في الأفعَال وبطلان استعمال المستقبل منهما ، فإن قيلَ : لِمَ لمْ يكنْ لهما مستقبل والأفعالُ لا تمتنِع من الاستقبال إذا أُريدَ بها الاستقبال؟ قيل المانع من الاستقبال أَنَّهُما وصفٌ للمدح والذمِّ وهما لا يكونان إلاَّ بما قد وجد وثبتَ في الممدوح والمذموم». وقَالَ المُبَرد : «ومن قال نِعمَ المرأَةُ وما أَشبهه فلأَ نَّهُمَا فعلان قد كثرا وصارا في المدح والذمّ أَصلا الحذف موجود في كلّ ما كثر استعمالهم إيّاه». الكتاب : ١ / ٣٠١ والمقتضب : ٢ / ١٤٦.

(٤) المحتسب : ٢ / ١١١.


الباب التاسع

التوابع : الصفة ، العطف ، البدل

المنادى ، الندبة ، الترخيم



حول الصفة

قَرَأَ عليُّ بنُ أَبي طالب وزَيدُ بنُ عليّ وجعفرُ بنُ محمد عليهم السلام وابنُ عباس رضي الله عنه وعِكْرِمة : (يَحْفَظُونَهُ بِأَمرِ اللهِ) (١).

قَالَ أَبو الفتح : المفعول هُنَا محذوفٌ ، أَيْ : يحفظونَهُ مِمَّا يحاذره بأَمر اللهِ.

وأَمَّا (٢) قراءة الجماعة : (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) فَلَيسَ معناهُ أَنَّهُم يَحْفَظونهُ مِنْ أَمرِ اللهِ أَنْ ينزِلَ بهِ ، لَكِنْ تقديره : لَهُ مُعَقّبَاتٌ مِنْ أَمرِ اللهِ يَحْفَظُونَهُ مِمَّا يَخافُهُ (٣) فـ (مِنْ) عَلَى هَذَا مرفوعة الموضع لأَ نَّها صِفَةٌ للمرفوعِ الَّذِي هُو (مُعَقَّباتٌ) ، ولَو كَانَتْ ـ كَمَا يُظَنُّ ـ أَنَّهُمْ يَحفَظُونَهُ مِنْ أَمرِ اللهِ أَنْ يَنْزِلَ بهِ لَكَانَتْ منصوبةَ الموضِعِ ، كَقَولِكَ : حَفِظْتُ زَيْداً مِنَ الأسدِ ، فَقَولُكَ : مِنَ الأسدِ منصوبُ الموضعِ لاِ نّهُ مفعولُ حَفِظْتُ.

والّذي ذكرناهُ في هذا رأي أَبي الحَسَن ومَا أَحسنه!! فَإن قلتَ : فَهلاّ كانَ

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الرعد : ١٣ / ١١ (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ). والقراءة التي ذكرها ابن جني نسبها الشيخ الطوسي في التبيان : ٦ / ٢٢٨ إلى أهل البيت (عليهم السلام) ، ونُسِبَتْ إلى الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير القمي : ١ / ١٠ ، وتفسير العياشي : ٢ / ٢٠٥ / ١٥ و ١٦ ، أمّا عكرمة فهو مولى ابن عباس وعنه أخذ القراءة فهي قراءة ابن عباس. ينظر في : غاية النهاية : ١ / ٤٥٧.

(٢) مِنْ هنا إلى آخَر هذه المسألة نَقَلَهُ الطَّبَرْسِي في مجمع البيان : ١٣ / ١٤٨.

(٣) يرى الفرّاء أَنَّ في الكلام تقديماً وتأخيراً ، أيْ : له معقباتٌ من أمر الله يحفظونهُ من بينِ يديه ومن خلفِهِ. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٦٠ والبحر المحيط : ٥ / ٣٧٢.


تقديرُهُ يحفظونَهُ مِنْ أَمرِ اللهِ ، أَيْ : بأمرِ اللهِ (١) ، ويُستَدَلُّ على إرادةِ الباءِ هُنا بقراءَةِ علي عليه السّلام (يَحْفَظُونَهُ بِأَمرِ اللهِ) ، لاَِنَّ هذِه المصائب كلّها في علم الله باقدارِهِ فاعلِيهَا عليها ، فيكون هذا كقول القائل : هربْتُ مِنْ قضاءِ الله بقضاءِ اللهِ ، قيلَ : تَأويلُ أبي الحَسَنِ أذْهَبُ في الاعتدادِ عَلَيهم ، وذَلِك أَنَّهُ سبحانَهُ وكَّلَ بِهِم مَنْ يَحْفَظُهُم مِنْ حوادثِ الدهرِ ومخاوفهِ التي لا يُعْتَدَّ عَلَيْهِم بتَسْلِيطِها عليهم ، وهذا أَسهلُ طريقاً ، وأَرسخُ في الاعتدادِ بالنِّعمَةِ عَلَيْهِم عروقاً (٢).

وقَرأَ الجماعة : (التَّائِبُونَ العَابِدُونَ) (٣) وقَرَأَ أُبي وعبد الله بن مسعود ويروى أَيضاً عن الأعمش : (التائبينَ العابدينَ).

قال أَبو الفتح : أَمَّا رفعُ (التائبونَ العابدونَ) فعلى قطع واستئناف ، أَي : هم التائبونَ العابدونَ.

وأَمَّا (التائبينَ العابدينَ) فَيحتَمِل أنْ يكونَ جرًّا وأَنْ يَكُونَ نَصْباً.

أمَّا الجَرُّ فَعَلَى أنْ يَكُونَ وصْفاً للمؤمنين فِي قَولهِ تَعالَى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ) (٤) (التائبينَ العابدينَ). وأمَّا

__________________

(١) قال المُبَرِّدُ : أي : بأمر الله ، وهو قول الحسن البصري وقتادة وبهِ قالَ ابنُ قتيبة والسرخسي في المبسوط وكذلك قال العُكبري ثمّ قال : وقيلَ : بمعنى (عن). ينظر : الكامل : ٣ / ٩٨ ، وتأويل مشكل القرآن : ٥٧٤ ، والمبسوط للسرخسي : ١٨ / ٨ ، والتبيان : ٦ / ٢٢٨ ، وإملاء ما مَنَّ بِهِ الرحمن : ٢ / ٦٣.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦.

(٣) سورة التوبة : ٩ / ١١٢.

(٤) سورة التوبة : ٩ / ١١١.


النَّصْبُ فَعَلَى إضمَـارِ فعل لِمَعنَى المدحِ كأ نَّهُ قَالَ : أَعنِي أَو أَمدَحُ (التَّائِبِينَ العَابِديِنَ) كَمَا أَنَّك مَعَ الرفعِ أَضْمَرْتَ الرافِعَ لِمَعْنَى المدحِ (١).

وقَرَأَ مُعَاذٌ : (وتَصِفُ ألْسِنَتُهُم الكُذُبُ) (٢) بِضَمّ الكَافِ والذَّالِ والبَاءِ.

قَالَ أَبو الفتحِ : هُو وصْفُ الأَلسنةِ جمع كاذب أو كذوب. ومفعول تصف قوله تعالى : (أَنَّ لَهُمُ الحُسْنَى) (٣) وهو على قراءةِ الجماعةِ (الكَذِب) مَفْعولُ تَصِف ، و (أَنَّ لَهُمُ الحُسْنَى) بَدَلٌ مِنَ الكَذِبِ لاِ نَّهُ في المَعْنَى كَذِبٌ (٤).

وقَرَأَ الزُّهْرِي : (أُشْهِدُوا) (٥) بغير استفهام.

قال أَبو الفتح : أَمَّا حذف همزةِ الاستفهام تخفيفاً كَأَ نَّهُ قَالَ : أَشَهِدُوا خَلقَهُم؟ كَقِراءَةِ الجماعةِ فضعيف (٦) لاَِنَّ الحَذْفَ في هذا الحرف أَمرٌ مَوضِعِهُ الشعر ، ولَكِنْ طَرِيقُهُ غيرُ هَذَا. وهُو أَنْ يَكُونَ قَولُهُ : (أَشْهِدُوا خَلْقَهم) صفة لـ (إنَاث) حتّى كَأَ نَّهُ قَالَ : وجَعَلوا المَلائِكةَ الّذِينَ هم عباد الرحمن إنَاثَاً مُشْهِداً خلقَهم هم.

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥.

(٢) من قوله تعالى من سورة النحل : ١٦ / ٦٢ : (وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى).

(٣) من قوله تعالى من سورة النحل : ١٦ / ٦٢ : (وتَصِفُ ألْسِنَتُهُمُ الكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الحُسْنَى).

(٤) المحتسب : ٢ / ١١.

(٥) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ١٩ (وَجَعَلُوا الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَ لُونَ).

(٦) قال الفرّاء : قرؤوا بغيَر همز يريدون الاستفهام. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ٣٠ وفي البحر المحيط : ٨ / ١٠ : «المعنى على الاستفهام وحذفت الهمزة لدلالة المعنى عليها».


فَإنْ قُلْتَ : فَإنَّ المشركينَ لَمْ يَدَّعُوا أَنَّهُمْ أُشْهِدُوا خَلَقَ ذَلِك ، ولاَ حَضَرُوهُ.

قيلَ : اجتراؤهم على ذلكَ ، ومجاهرتُهُم بِهِ ، واعتقادهم إيَّاهُ وانطواؤهم عليهِ فِعلَ مَنْ شاهدَهُ وعاينَ مُعْتقَدَ مَا يَدَّعِيهِ فيهِ ، لا من هو شاك ومُرجِمٌ ومُتظن ، إنْ لم يكنْ معانِداً ومُتَخَرِّصاً لِمَا لا يَعتقدُهُ أصلاً.

فلما بلغوا هذه الغاية ، صارُوا كالمُدَّعِينَ أنّهم قد شهدوا ما تشهروا بِهِ وأَعصمُوا باعتقادِهِ.

وهذا كقولِكَ لِمَنْ يزكي نفسه وينفي الخبائث عنها أو شيئاً من الرذائِلِ أنْ تتمّ عليها : وأنتَ إذا تقولُ إنَّكَ معصومٌ ، وهو لمْ يلفظ بادعائِهِ العِصْمَةَ ، لكنَّهُ لَمّا ذهبَ بنفسِهِ ذلك المَذْهَبَ صَاَرَ بمنزلةِ مَنْ قَالَ : أنا معصومٌ ومثله أنْ يقولَ الإنسانُ : القرآنُ ليسَ بمعجز ، والنبيُّ صلّى الله عليه وآله ليس بِمُرْسَل ، فتقول أنت : هذا الّذيتقولُ الحقَّ باطلٌ ، وهو لَمْ يلفظْ بِذَلِكَ ، لَكنَّ صورَتَهُ صورةُ مَنْ لَفَظَ بهِ.

وعَليهِ قولُ اللهِ سبحانه : (يَدْعُواْ لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ) (١) إذا تأوّلتَ ذَلِك عَلَى أَنَّهُ كَأَ نَّهُ قَالَ : يَقولُ لِمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ إله (٢) ، ثُمَّ حَذَفْتَ

__________________

(١) سورة الحج : ٢٢ / ١٣.

(٢) قال الأخفش : يدعو بمنزلة يقول ، ومَنْ رَفَعَ وأَضمَرَ الخبَرَ كأ نّه يدعو لمن ضرُّهُ أَقرَبُ من نفعِهَ إله. يقول : لمن ضَرُّهُ أقربُ من نفعِهِ إلهٌ.

ويقول الفرّاء : جاء التفسير : يدعو من ضَرُّهُ أقربُ من نفعِهِ وقد حالتِ اللاّم بينهما ... ولم نجد العرب تقول : ضربتُ لأخاك ولا رأيت لزيداً أفضلَ منك ، ويرى أبو علي الفارسي أنْ يدعو شُبِّهَ بأفعالِ القلوبِ لاَِنَّ الدعاءَ لا يصدر إلاَّ عَن اعتقاد ، والأَحسن أَنْ يضمن مَعَنى يَزْعُمُ ويقدر لمن خبره والجملة في موضع نصب ليدعو.


خَبَر المبتدأ ، وإنْ كانَ هُو لَمْ يَقُلْ ذَلِك بَل هُو يعتقد أَنَّ نَفْعَهُ أَقربُ مِنْ ضَرّهِ ، لَكَّنِكَ أَخْبَرْتَ عنه أَنَّ صُورَتَهُ مَعَ تحصيلها صورةُ مَنْ يَقُولُ : ذَلِكَ (١).

الأَصل في الصِّفة أنْ تكونَ اسماً مفرداً

قَرَأَ أَنَسُ بنُ مَالِكَ : (كَشَجَرَة طيّبة ثَابت أَصلُها) (٢).

قالَ أَبو الفتح : إنَّ لقراءةِ أنس هذه وجهاً مِنَ القياس حَسَناً ، وذَلِكَ أَنَّ قَولَهُ : (ثَابت أَصْلُهَا) صفة لِشَجَرة ، وأَصْلُ الصفةِ أنْ تَكونَ اسماً مفرداً لا جملة ، يدلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الجملة إذَا جَرتْ صفةً للنكرةِ حُكِمَ على موضعها بِإعرابِ المُفردِ الَّذِي هيَ واقعةٌ مَوقِعَهُ.

فَإذَا قَالَ : (ثابِت أَصْلُهَا) فَقَدْ جَرَى لفظُ المَفرِدِ صفةً على النكرةِ وإذا قَالَ : (أصلُها ثابِتٌ) فَقَدْ وضَعَ الجملةَ مَوضِعَ المفرِدِ فالموضِعُ إذاً لهُ لا لها.

فَإنْ قُلتَ : فَلَيسَ اللفظ مفرداً ألا تَرَى أنَّهُ ثابت أصلها؟ قِيلَ هَذَا لاَ يبلغُ بهِ صورةَ الجُملَةِ لاِنَّ ثابتاً جار في اللفظِ عَلَى مَا قَبْلُهُ وإنَّمَا فيهِ أَنَّهُ وُضِعَ أَصْلُها لِتضَمُّنِهِ لِفظَ الضّمِير مَوضِعَ الضميرِ الخاصِّ بالأوَّلِ ، ولَيسَ كَذلِكَ أصْلُهَا ثابتٌ لاَِنَّ معكَ صورة الجملةِ البتَةَ ، فَهذَا تقويةٌ لِقَولِ أنَس.

وكَانَ أَبو عليّ يعتذرُ مِنْ إجازتِهم مَرَرتُ برجل قائم أبوهُ ، ويقولُ إنَّمَا

__________________

والرأي الّذي اختارَهُ أَبو الفتح هو رأي الأخفش المتقدِّمُ أولاً وقيلَ : هو فاسدٌ لاَِنَّ الكافرَ لم يعتقدْ قط أنَّ الأوثانَ ضَرُّها أقربُ من نفعِهَا. معاني القرآن للأخفش : ١٥١ / ب ومعاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٢١٧ والبحر المحيط : ٦ / ٣٥٦ ومجمع البيان : ١٧ / ٨٣.

(١) المحتسب : ٢ / ٢٥٤ ـ ٢٥٥.

(٢) من قوله تعالى من سورة إبراهيم : ١٤ / ٢٤ : (كَشَجَرة طَيِّبَة أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ).


ذَلِكَ لاَِنَّ الجُملَةَ نكرةٌ ، كما أنَّ المفردَ هنا لو وقعَ لم يكنْ إِلاَّ نكرةً لاَِنَّ موصوفَهُ نكرةٌ (١).

بين الصفة وموصوفها

قَرَأَ عيسى الثقفي (٢) : (الزانيةَ والزانِيَ) (٣) بالنصب.

قَالَ أَبو الفتح : وهذا منصوبٌ بفعل مُضمَر أَيضاً .... ولاَ مَوضِعَ لِقولِهِ تَعالى : (فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِد مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَة) لاَِ نَّهُ تفسيرٌ ولاَ يكونَ وصَفاً لـ (الزَّانِيَةَ وَالزَّانِيَ) مِنْ حَيْثُ كانَتِ المعرفةُ لا تُوصَفُ بالنَّكِرَةِ وكلُّ جُملَة فهي نَكِرةٌ.

وأَيضاً فَإنّ الأمرَ لا يُوصفُ بهِ كَما لا يُوصفُ بالنَّهي ، ولا بالاستفهام (٤) لاستبهامِ كُلِّ واحد منْ ذلك لعدمِ الخبرِ مِنْهُ.

وأَيضاً فَإنَّ المَوْصُوفَ لا تَعرِضَ بَينَهُ وبَينَ صِفتِهِ الفاءُ. لا تقول مَرْرتُ برجل فَيضربُ زيداً ، وذَلِكَ لاَِنَّ الصّفَةَ تَجري مَجرَى الجزءِ مِنَ الموصوفِ

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٣٦٢ ـ ٣٦٣.

(٢) وتنسب لغيره : انظر : مختصر في شواذ القرآن : ١٠٠ وإعراب القرآن المنسوب إلى الزَّجَّاج : ٣ / ٩٣٧ ـ ٩٣٨ وزاد المسير : ٦ / ٥ والبحر المحيط : ٦ / ٤٢٧ وروح المعاني : ١٨ / ٦٨.

(٣) من قوله تعالى من سورة النُّور : ٢٤ / ٢ : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِد مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَة).

(٤) وقَد يَردُ ما ظِاهرُهُ أنّهُ نعتٌ بالجملةِ الطلبيةِ فيخرجُ على إضمارِ القولِ ويكونُ المُضمَرُ صِفَةً والجملةُ الطلبيَّةُ معمولَ المُضْمَرِ كقولِهِ :

حَتى إذا جَنَّ الظَّلاَمُ واختلطْ

جاؤُوا بِمَذق هَلْ رأيتَ الذَئبَ قَطْ؟

والتقدير : بِمَذْق مقول فيه : رأيتَ الذِّئبَ قطْ؟ شرح ابن عقيل : ٢ / ١٩٩ ـ ٢٠٠.


وجُزءُ الشيءِ لا يُعطَفُ عَلَى مَا مَضَى مِنهُ. فَإنْ قُلتَ : فَقَدْ أَقولُ : مَرَرْتُ بِرَجل قامَ فَضَربَ زَيداً فَكَيْفَ جَازَ العطفُ هُنَا؟ قِيلَ : إنَّمَا عَطفتَ صفةً على صفة ولَمْ تَعطِفْ الصِّفَةَ عَلى المَوصُوفِ مِنَ حَيْثُ كَانَ الشيءُ لاَ يُعطْفُ عَلَى نَفسِهِ لِفَسادِهِ (١).

الصفة تتم الموصوف

قَرَأَ أَبو جعفر والأَعمشُ وسَهلُ بنُ شُعيب : (وَعْدَ اللهِ حَقّاً أَنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (٢).

قَالَ أَبو الفَتح : إنْ شِئْتَ كَانَ تَقديِرُهُ (٣) : أَيْ وَعَدَ اللهُ وَعْداً حَقّاً أَنَّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمّ يعيدهُ ، فتكون (أَنَّهُ) منصوبةً بالفعلِ النَّاصِبِ لِقُولِهِ : (وعْداً) ولا يجوزُ أَنْ يكونَ (أَنَّهُ) منصوبةَ الموضِعِ بِنفسِ (وعْد) لاَِ نَّهُ قَدْ وُصِفَ بقولِهِ حقّاً ، والصّفَةُ إذَا جَرَتْ عَلَى مَوصُوفِها أَذِنَتْ بِتََمامِهِ وانقضاءِ أَجزَائِهِ ، فَهْيَ فِي صِلَتِهِ ، فِكَيفَ يوصَفُ قَبْلَ تَمَامِهِ؟ فَأَمَّا قَولُ الحُطَيئَة :

أزمعتُ يَأساً مُبيناً مِنْ نَوالِكُمُ

ولَن تَرى طَارِداً للحُرِّ كَالياسِ (٤)

فَلاَ يَكُونُ قَولَهُ : (مِنْ نَوالِكُمُ) مِنْ صِلَةِ يَاس مِنْ حيثُ ذَكَرْنَا.

ألا تَرَاهُ قَدْ وصَفَهُ بقولِهِ : (مُبِيناً)؟ وإذا كَانَ المُعْنَى لَعَمْرِي عَلَيهِ ومنع الإعراب منه أَضْمَر لَهُ ما يَتنَاوَلُ حرفَ الجَرِّ ، ويَكونُ يَأساً دَلَيلاً عَلَيهِ ، كَأَنَّهُ

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١٠٠ ـ ١٠١.

(٢) من قوله تعالى من سورة يونس : ١٠ / ٤ : (وَعْدَ اللهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ).

(٣) ولَهُ تقديرُ آخر تقدّم في : ص : ١٧٣ وذكره أَبو الفتح في المحتسب : ١ / ٣٠٧.

(٤) تقدّم الشاهد في : ص : ١٧٤.


قَالَ فِيما بَعدُ : يَئِستُ مِنْ نَوالِكُمُ (١).

تفاوتُ أَحوالِ الصفاتِ

قَرأ عبدُ الله بنُ مسلم بِنُ يَسار وأَبو زُرعَة بن عمرو بنُ جرير : (بأربَعَة شُهَداء) (٢) بالتنوين.

قَالَ أَبو الفتحِ : هَذَا حَسَنٌ فِي مَعنَاهُ ، وذَلِك أَنَّ أَسماءَ العَدَدِ مِنَ الثلاثةِ إلى العشرةِ لا تضاف إلى الأوصافِ. لاَ يُقَال عِندِي ثَلاَثةُ ظَرِيفينَ إلاَّ فِي ضَرُورة إلى إقامِة الصِّفَةِ مقام الموصوف ، ولَيسَ في حسن وضع الاسم هناكَ ، والوجهُ عِندِي ثلاثةٌ ظَريفون ، وكَذَلِك قَولُهُ : (بِأَربَعَة شُهَدَاءَ) لِتَجري (شُهَدَاءَ) عَلَى (أَربْعَة) وصفاً فَهَذَا هَذَا.

واعلمُ مِن بَعدُ أَنَّ الصّفاتِ لا تَتَسَاوى أحوالُها فِي قَيامِهَا مقامَ موصوفاتِها بَلْ بعضُها فِي ذَلِكَ أَحسنُ مِنْ بَعض فَمَتى دَلَّتِ الصِّفَةُ عَلَى مَوصوفِها حَسُنَتْ إقَامتُهَا مقامَهُ ، ومَتى لَم تَدل عَلَى مَوصوفِهَا قَبُحَتْ إقامَتُها مقامَـهُ.

فَمِنْ ذَلِك قَولَكَ : مَرَرتُ بِظَريف ، فَهَذَا أَحسَنُ مِنْ قَولِكَ مررتُ بطويل وذَلك أَن الظريفَ لا يكون إلاَّ إنسَانَاً مُذَكراً ورَجلاً أَيضاً ، وذَلِكَ أَنَّ الظَّرفَ إنّما هو حُسْنُ العِبَارَة وأَ نّه أمرٌ يَخُصُّ اللِّسانَ ، فَظَريفٌ إذاً مِمَّا يَخُصُّ الرِّجَالَ دُونَ الصِّبيان لاَِنَّ الصَّبِيَّ فِي غَالِبِ الأمرِ لاَ تَصِحُ لَهُ صِفَةُ الظَّريفِ ولَيسَ

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٣٠٧.

(٢) من قوله تعالى من سورة النُّور : ٢٤ / ٤ : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً).


كَذَلِك قَولنَا : مَرَرتُ بِطَويل ، لاَِنَّ الطَّويلَ قَد يجوز أَنَّ يكونَ رَجُلاً وأَن يَكونَ رُمْحاً ، وأَنْ يَكُونَ حَبلاً وجِذْعاً ، ونَحو ذَلِك. فَهَذَا هُو الذِي يقبُح ، والأوَّلُ هو الذي يَحسُنُ ، فَإنْ قَامَ دَليل مِن وجه آخر عَلى إرادَةِ المَوصُوفِ سَاغَ وضعُ صفتِهِ مَوضِعَهُ ، فاعْرفْ ذَلِك واعتَبِرْهُ بما ذَكَرْنَا.

وإنّما قَبحَ حذفُ الموصوفِ مِن مَوضِعينِ :

أحدهما : أَنَّ الصِّفَةَ إنَّمَا لَحِقَتِ الموصوفَ إمَّا للتَخصِيصِ والبَيَانِ ، وإمَّا لِلإسْهَابِ والإِطنَابِ ، وكلَّ واحد مِنْ هذينِ لا يليق بِهِ الحذفُ ، بَل هَو مِن أَماكِنِ الإطنَابِ والهَضبِ (١). واعلم أنَّ الصِّفَةَ كَمَا تُفيدُ فِي المَوصُوفِ ، فَكَذَلِك قَد يُفيدُ المُوصُوفُ فِي صِفَتِهِ ، أَلا ترَاكَ إذا قُلتُ مَرَرْتُ بِغُلام طويل فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ طويلاً هُنَا إنسانٌ؟ ولو لَمْ يتقَدَّم ذِكرُ الغُلامِ لَم يُعْلَمْ أَنَّهُ لإنسان أَو غيرِهِ مِنْ الرمحِ أَو الجذع ونحوهما وكذلك قَدْ عُلِمَ بقَولِك : طويل ، أَنَّ الرَّجُلَ طويلٌ وليسَ بربعة ولاَ قصير وهَذَا أَحَدُ مَا خلط الموصوف بصفته حَتَّى صارتْ مَعَهُ كالجزءِ مِنْه وذَلِكَ لِتَساويهما فِي إفادَةِ كُلِّ واحد منْهُمَا فِي صاحِبهِ ما لولا مكانُهُ لم يُفِد فِيهِ (٢).

الوصف بالمصدر يفيد المبالغة

قَرَأَ مجاهد وأَبو رَوق : (يَوْمَئِذ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الحَقُّ) (٣) ، رفعاً قال

__________________

(١) الهَضُبُ : الاندفاع في الحديث ، يُقالُ : هَضَبَ وأَهضَبَ في الحديثِ إذا انَدفَعَ فِيهِ.

لسان العرب : ـ هضب ـ ٢ / ٣٨٤.

(٢) المحتسب : ٢ / ١٠١ ـ ١٠٢.

(٣) من قوله تعالى من سورة النُّور : ٢٤ / ٢٥ : (يَوْمَئِذ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ).


أَبو الفتح : (الحَقُّ) هُنا وصفٌ للهِ سبحانهُ ، أَيْ : يَومئذ يوفّيهم اللهُ الحقُّ دِينَهُمُ وجَازَ وصْفُهُ تَعالى بالحقّ لِمَا في ذَلِك مِنَ المبالغةِ ، حَتَّى كَأَ نَّهُ يجعلهُ هو هو عَلَى المبَالَغَةِ فَهْو كَقَولِنَا رَجُلٌ خَصمٌ وقَومٌ زُورٌ وقَولُهُ :

 ......

فَهْمٌ رِضـاً وهُـمُ عَـدْلُ (١)

وعليهِ قولهُ تَعَالَى : (ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ) (٢) (٣).

وصف الصفة

قَرَأَ (فِي يَوم ذَا مَسْغَبَة) (٤) الحَسنُ وأَبو رجاء.

قَالَ أَبو الفتح : هو منصوبٌ ، ويَحتَمِلُ نَصبُهُ أَمرين : أَظهَرُهُما أَنْ يكونَ مفعولَ (إطْعَام) ، أَيْ : وأَن تطعموا ذا مَسْغَبة ، (ويَتِيْماً) بدلٌ منهُ ، كَقَولِكَ : رَأَيتُ كَرِيماً رَجُلاً. ويجوزُ أنْ يكونَ يتيماً وصفاً لِـ (ذَا مَسْغَبَة) ، كَقَولِكَ : رَأَيْتُ كِريماً عَاقِلاً ، وجَازَ وصْفُ الصِّفَةِ الّذي هو كريمٌ ، لاَِ نَّهُ لَـمـّا لَمْ يَجْرِ على موصوف أَشبَهَ الاسمَ كقولِ الأعشَى :

وبَيـداءَ تَحسِبُ آرامَـها

رَجَـالَ إيـاد بَأَجيْـادِهَـا (٥)

فقولُهُ (تحسِبُ) صِفَة لبيداء ، وإنْ كَانَتْ في الأصلِ صِفَةً. وكَذَلِك

__________________

(١) من قول زهير في مدح هرم بن سنان والحارث بن عوف والبيت بتمامه :

مَتَى يشتجرْ قومٌ يَقلْ سَرَواتُهم

هُمُ بَيْنَنَا فَهُمْ رضاً وهُمُ عَدْلُ

سرواتُهم : جمع سراة وسراة جمع سرى. وهم بَيننا : أي هم الحاكمون بيننا ، كما تقول : الله بيني وبينك. الديوان : ١٠٧ والخصائص : ٢ / ٢٠٢.

(٢) سورة الأنعام : ٦ / ٦٢.

(٣) المحتسب : ٢ / ١٠٧.

(٤) من قوله تعالى من سورة البلد : ٩٠ / ١٤ : (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْم ذِي مَسْغَبَة).

(٥) ويروى (بأجلادها) مكان (بأجيادها). انظر : الديوان : ٥٣.


قولُ رؤبة :

وقَاتِم الأعْمَاقِ خَاوي الُمخْتَرَق (١)

فَقَولُهُ خَاوي المختَرَق صفةٌ لِقَولِهِ : قَاتِمِ الأَعماقِ ، وهُو صِفةٌ لِموصوف محذوف أيْ وبلد قَاتمِ الأَعماقِ ، كَمَا أَنَّ قَولَهُ : وبَيداء ، ورُبَّ بَيداءَ ، ورُبَّ بلدة بيداءَ. فاعرفْ ذَلِك ، فَهَذَا أَحَدُ وجهَي قولِهِ : (ذَا مَسْغَبَة).

الصفة للموضع لا للّفظ

والآخر : أَنْ يَكونَ أَيضاً صفةً إلاّ أَنَّهُ صفةٌ لِمَوضِعِ الجارِّ والَمجرُورِ جميعاً ، وذلك أَنَّ قَولَهُ : (فِي يَوْم) ظرفٌ ، وهو مَنْصُوبُ الموضعِ ، فيكون وصفاً لَهُ عَلَى مَعْنَاهُ دُونَ لفظِهِ كَمَا جَازَ أنْ يُعطَفَ عَليهِ فِي مَعنَاهُ دُونَ لَفظِهِ في قوله :

أَلا حَيّ نَدْمَانِي عُمَيرَ بنَ عامر

إذَا مَا تَلاَفِيَنا مِنَ اليومِ أَو غَدَا (٢)

كَأَ نَّهُ قَالَ : اليومَ أَو غداً. وكَذَلِك قَولُ الآخر :

كَشْحاً طَوَى مِنْ بَلَد مُخْتَارا

مِنْ يَأسِهِ اليَائسِ أو حِذَارا (٣)

ونظائره كثيرة ، فَلِذَلِك يكون قولُهُ : (فِي يَوم ذَا مَسْغَبَة) عَلَى أنَّ مسغبة

__________________

(١) عُمْقُ كلّ شيء قعرُهُ ومنتهاهُ ، والمُخترقُ : مكان الاختراق وبعده ، مُشْتَبِهِ الأعْلاَمِ لَمَّاعِ الخَفَق.

انظر : الديوان : ١٠٤ والكتاب : ٢ / ٣٠١ والخصائص : ١ / ٢٢٨ ، ٢٦٠ ، ٢٦٤ والمنصف : ٢ / ٣ وخزانة الأدب : ١ / ٧٨ والأشموني : ١ / ٣٢.

(٢) البيت لكعب بن جعيل ، والندْمَان : الجليس على الشَّراب للواحد والجمع. انظر : الكتاب : ١ / ٣٤ والمقتضب : ٤ / ١١٢.

(٣) الرجزُ للعجاج ويروى (عن) مكان (من). يصف ثوراً يقولُ طوى كشحَهُ على ما نَوَى.

الديوان : ٢١ والكتاب : ١ / ٣٥.


صِفَةٌ لِيومِ عَلَى معناهُ ، دُونَ لَفْظِهِ (١).

حذفُ الموصوفِ وإقامة الصفةِ مقامه

قَرَأ عمرو بنُ فائد : (بِسُورةِ مثلِهِ) (٢) بالإضَافُةِ.

قال أَبو الفتح : هُو عِنْدِي عَلَى حَذِفِ الموصوفِ وإقامةِ الصفةِ مقامَهُ ، أَيْ : بسورة كلام مثلِهِ أو حديث مثلِهِ أو ذكر مثلِهِ ، وقد ذَكرنَا حذفَ الموصوف (٣) وإقامة الصفة مقامه (٤).

وقَرَأَ ابنُ أَبي إسحاق وإبراهيم بن أَبي بُكَير : (فِي يَوْمِ عَاصِف) (٥) بالإضَافةِ قَالَ أَبو الفتح : هَذَا على حذفِ الموصوفِ وإقامَةِ الصِّفةِ مَقَامَه ، أَيْ : فِي يَوْمِ ريح عاصف ، وحَسُنَ حذفُ الموصُوفِ هُنَا شيئاً ; لاَِ نّهُ قَد أَلِفَ حَذْفُهُ فِي قَرِاءةِ الجماعة : (فِي يَوم عاصف) ، فَإنْ قِيلَ : فَإذَا كَانَ (عَاصِف) قَدْ جَرَى وصْفاً عَلَى (يوم) فَكَيْفَ جَازَ إضَافَةُ (يَوم) إليهِ ، والمَوصُوفُ لاَ يُضافُ إلى صِفَتِهِ ، إِذ كانت هي هو فِي المَعْنَى والشيءُ لاَ يُضَافُ إلى نفسِهِ؟ أَلاَ تَرَاك لاَ تقول : هَذَا رَجُلُ عَاقِل ، ولاَ غلامُ ظريف ، وأَنْتَ تُريدُ الصفةَ؟ قِيْلَ : جَازَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ كَانَ (اليوم) غير العاصف في المعنى.

وإنْ كَانَ إيّاهُ في اللفظ لاَِنَّ العَاصِفَ فِي الحقيقةِ إنَّما هو الريحُ

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٣٦٢ ـ ٣٦٣.

(٢) من قوله تعالى من سورة يونس : ١٠ / ٣٨ : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَة مِّثْلِهِ).

(٣) انظر : المحتسب : ١ / ٣٦٠.

(٤) المحتسب : ١ / ٣١٢.

(٥) من قوله تعالى من سورة إِبراهيم : ١٤ / ١٨ : (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَاد اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْم عَاصِف).


لاَ اليوم (١) وليس كَذَلِك هَذَا رجلُ عاقل لاَِنَّ الرَّجُلَ هُو العاقلُ في الحقيقة والشيء لا يضاف إلى نفسه ، فهذا فرق (٢).

التوكيد

قَرَأَ أَبو إياس جؤبَةُ بنُ عائذ : (بِمَا آتَيَتَهُنَّ كُلَّهُنَّ) (٣) بِنَصبِ اللاّم.

قال أَبو الفتح : نصبه على أَنّه توكيد لـ (هُنَّ) مِنْ قولهِ : (آتيتَهُنَّ) وهو راجعٌ إلى معنى قراءة العامّة : (كُلُّهُنَّ) بِضَمِّ اللاّم وذَلِكَ أَنَّ رضاهُنَّ كلّهنَّ بِمَا أُوتينَ كلُّهُنَّ عَلَى انفرادِهنَّ واجتماعهِنَّ ، فالمعنيانِ إذاً واحدٌ ، إلاّ أَنَّ الرَّفْعَ أَقوى مَعْنَى (٤) وذَلِك أَن فيهِ إِصراحاً مِنَ اللَّفْظِ بِأَنْ يَرضين كلّهن ، والإصراحُ في القراءة الشاذّة ـ أعني النصبَ ـ إنَّما هُو بإيتائِهِنَّ كُلّهن وإنْ كَانَ محصولُ الحَالِ فِيهَما مَعَ التَّأْويِل واحداً (٥).

__________________

(١) قال الفَرّاء : إنَّ العُصُوفَ وإنْ كانَ للرِيَح فَإنَّ اليومَ يوصفُ بهِ لأَنَّ الريحَ فيهِ تَكونُ ، فجازَ أنْ تقولَ يومٌ عاصفٌ كما تقولُ يَومٌ بَارِدٌ ، ويومٌ حَاَرٌّ. معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٧٣.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٦٠.

(٣) من قوله تعالى من سورة الأحزاب : ٣٣ / ٥١ : (تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً).

(٤) قال الفرّاءُ : «(وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ) رفعٌ لاَ غَيْرَ لاَِنَّ المَعْنَى وتَرْضَى كلُّ واحِدَة ولا يجوز أَنْ تَجْعَلَ (كُلُّهُنَّ) نعتاً للهاءِ فِي الإيتاء لاَِ نَّهُ لاَ مَعنىً لَهُ». وقَالَ العُكبَري : «الرَّفْعَ عَلَى توكيدِ الضميرِ فِي (وَيَرْضَيْنَ) والنَّصْبُ عَلَى توكيدِ المنصوب في (آتَيْتَهُنَّ)». وقَال ابنُ الأَنباري عن النصب في القراءة الشاذة : «وهو على خلاف ظاهر ما تعطيه الآية من المعنى». معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٤٦ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٩٤ والبيان في غريب إعراب القرآن : ٢ / ٢٧١.

(٥) المحتسب : ٢ / ١٨٢ ـ ١٨٣.


العطف

قَرَأَ مَكحُول عَنْ أَبي رَافع ، قَالَ : حفظتُ عن رسولِ الله صلّى الله عليه وآله : (فَيُمَتَّعُوا فسَوفَ يَعْلَمُونَ) (١) بالياءِ.

قالَ أَبو الفتح : هُو معطوفٌ على الفعل المنصوبِ قبلَهُ ، أيْ : (لِيَكْفُرُوا بِمَا آتينَاهُم فَيُمَتَّعُوا) ثُمَّ قَالَ مِنْ بعدُ : (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٢).

وقَرَأَ أَبو العالية : (فَيُتَمَتَّعُوا فَسَوفَ يَعْلَمُونَ) (٣).

قَالَ أَبو الفتح : (يُمَتَّعُوا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَولِهِ : (لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَيُمَتَّعُوا) (٤) أَيْ : فَتَطُولُ أَعْمَارُهُمْ عَلَى كُفْرِهِم فَسَوفَ يَعْلمون تَهدداً عَلَى ذَلِك (٥).

وقَرَأَ مَالِك بن دينار وعيسى الثقفي وعاصم الجَحْدَرِي : (والمقيمون) (٦) بواو.

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة النحل : ١٦ / ٥٥ (لِيَكْفُرُواْ بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ).

(٢) المحتسب : ٢ / ١١.

(٣) من قوله تعالى من سورة الرُّوم : ٣٠ / ٣٤ (لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ).

(٤) قال هارون : في مصحف عبد الله يُمَتَّعُوا. انظر : البحر المحيط : ٧ / ١٧٣.

(٥) المحتسب : ٢ / ١٦٤ وقد مضى إعراب الآية وأعادها ابن جِنِّي لأ نّها ذكرت مرّة في النحل وأُخرى في الروم وقد تابعناه على ذلك.

(٦) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٦٢ : (لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيك وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِك وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِك سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً).


قَالَ أَبو الفَتْحِ : ارتفاعُ هذا على الظاهرِ الّذي لا نظر فيه (١) وإنَّمَا الكلام في المقيمين بالياء ، واختلاف الناسِ فيه معروف (٢) ، فَلاَ وجه للتشاغلِ بإِعادَتِهِ ، لَكن رَفعَهُ في هذهِ القراءةِ يمنعُ من توَهُّمِهِ معَ الياءِ مجروراً ، أي : يؤمنونُ بِمَا أُنزِلَ إليكَ وَبِالْمُقِيْمِيْنَ الصَّلاةَ. وهَذَا واضِحٌ (٣).

وقَرَأَ عُثمانُ وأُبَي بنُ كعب وعائشة وسَعِيد بن جُبَير والجَحْدَري : (والصابِيين) (٤) بياء.

قَالَ أَبو الفتح : الخَطْبُ أَيسرُ من الصابِيونَ بالرفعِ ، لأَنَّ النَّصْبَ عَلَى ظاهرهِ وإنَّما الرفعُ يحَتَاجُ إلى أَنْ يُقَالَ : إنّه مقدّمٌ فِي اللفظ موخّرٌ في المَعْنَى

__________________

(١) ارتفاعه بالعطف على المرفوع.

(٢) قالوا في إعراب المقيمين : فيه وجهان : النصبُ والجرُّ فالنصبُ على المدح بتقدير أعني وأمدح كقول الخِرْنِق ، امرأَة من العرب :

لاَ يَبْعُدَنْ قَومي الَّذِينَ هُـمُ

سَـمَّ العُـدَاةِ وآفـةُ الجُــزْرِ

النازلينَ بِكُلِّ معُتَرَك

والطيبـونَ مَعَاقِـدَ الأُزْرِ

فَنَصَبَ النازَليَنَ عَلَى المَدْحِ.

وأما الجرّ فيجوز من ثلاثة أوجه :

(أ) أَنْ يكونَ معطوفاً عَلَى مَا ، بتقدير يؤمنون بِمَا أُنزِلَ إليك وبالمقيمين الصلاةَ مِنَ الأَنبياءِ.

(ب) أنْ يكونَ معطوفاً على الكاف في إليك وتقديرُهُ بما أُنزلَ إِليك وإِلى المُقيمينَ.

(ج) أنْ يكونَ معطوفاً على الكافِ في قبلك وتقديرُهُ من قبلِكَ وقبلِ المقيمينَ الصلاةَ ، والعطف على الكاف في الوجهين الأَخيرين لا يجوز عند البصريين وأجازَهُ الكوفيون.

البيان في غريب إعراب القرآن : ١ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦.

(٣) المحتسب : ١ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤.

(٤) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٦٩ : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ).


عَلَى مَا يُقال في هذا (١) ، حتّى كَأَ نَّهُ قَالَ : لاَ خوفٌ عَلَيْهِم ولاَ هُم يَحزَنُونَ والصابِئُونَ كَذَلِك (٢).

وقَرَأَ عُمرُ بنُ الخَطَّابِ والحَسَنُ وقَتَادَة وسَلام وسَعيِد بنُ أَسْعَد ويَعقوب ابن طلحة وعيسى الكوفي : (مِنَ المُهَاجِرينَ والأنْصَارُ) (٣).

قَالَ أَبو الفتح : الأنصارُ معطوفٌ عَلَى قَولِهِ : (والسَّابِقُونَ الأولُونَ مِنَ المُهَاجِرينَ والأنصار).

فَأَمَّا قَولُهُ : (والَّذِينَ اتَّبَعُوهم بِإِحْسَان) فيجوزُ أَنْ يَكونَ مَعْطُوفاً عَلَى (الأنْصَارِ) فِي رَفَعِهِ وجَرِّهِ ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مْعطُوفاً عَلَى (السابِقينَ) وأَنْ يَكُونَ مَعْطُوفاً عَلَى الأنْصَارِ لِقُربهِ مِنهُ (٤).

وقَرأَ الحَسَن وابنُ مُحَيْصِن : (وأَذِنَ فِي النَاسِ) (٥) بالتخفيف.

قَالَ أَبو الفتح : (أُذِنَ) مَعْطوفٌ على (بَوّأنا) فَكَأَ نَّهُ قَالَ : (وَإِذْ بَوَّأْنَا لاِِبْرَاهِيمَ

__________________

(١) قالوا : إنّما رفع الصابئون لوجهين :

أَحدُهُما : أَنْ يكونَ في الآيةِ تقديمٌ وتأخيرٌ ، والتقدير : إنَّ الَّذينَ آمَنُوا والَّذينَ هَادُوا مَنْ آمَنَ بالله واليومِ الآخِر لا خوفٌ عَلَيْهِم ولاَ هُمْ يَحزَنُونَ والصَّابئونَ والنَّصَارَى كَذَلِك.

والآخَر : أنْ تَجعلَ قولهَ تعالى : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ واليومِ الآخرِ) خبراً للصَّابِئِينَ والنصارى. وقيل إنَّ (إِنَّ) بمعنى نَعَمْ فَلاَ تكون عاملَةً. وقيِلَ غَير ذَلك.

البيان في غريب إعراب القرآن : ١ / ٢٩٩ ـ ٣٠١.

(٢) المحتسب : ١ / ٢١٧.

(٣) من قوله تعالى من سورة التَّوبة : ٩ / ١٠٠ : (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَان رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ).

(٤) المحتسب : ١ / ٣٠٠ ـ ٣٠١.

(٥) من قوله تعالى من سورة الحج : ٢٢ / ٢٧ : (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِر يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجّ عَمِيق).


مَكَانَ الْبَيْتِ) (١) وأُذِنَ. فَأمَّا قَولُهُ عَلَى هَذَا : (يَأْتُوك رِجَالاً) فَإنّهُ انجزمَ لاَِ نَّهُ جوابُ قولِهِ : (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ) ، وهُو عَلَى قراءةِ الجماعةِ جوابُ قولهِ : (وأَذِّنْ فِي الناسِ بِالحَجِّ) (٢).

يُسأَلُ مِنَ قَراءةِ العامة : (وَأُخِذُوا مِنْ مَّكَان قَرِيب) (٣) : عَلاَمَ عُطِفَ هَذَا الفعلَ؟ ويَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفاً عَلَى قَولِهِ تَعَالَى : (فَزِعُوا) وهْو بالواو لأ نّه لا يُرَاد : ولَو تَرَى وقْتَ فزعهم وأَخْذِهِمْ وإنَّما المُرَادُ ـ واللهُ أَعلَمُ ـ : ولَو تَرى إِذ فَزِعُوا فَلَم يَفُوتُوا (٤) وأُخِذُوا فَعَطَفَ (أُخِذُوا) عَلَى مَا فِيهِ الفاءُ المُعْلِّقَة الأَوّل بالآخِر عَلَى وجه التَّسبيبِ لَهُ عَنْهُ ، وإِذا كَانَ مَعطُوفاً عَلَى مَا فيهِ الفاءُ فَكأنَّ فاءً (٥) فَيَؤولُ الحديثُ إِلى أَنّهُ كَأ نّهُ قَالَ : ولَو تَرَى إذْ فَزِعُوا فَأُخِذُوا ، هذا إذا كَانَتْ فيه فَاءٌ ، وأَمَّا وفِيهِ الواو فلا يَحْسُنُ عطفُهُ على (فُزِعُوا) بلْ يكونُ معطوفاً على ما فيه الفاءُ (٦).

وقَرأَ الأعرج ورُويَ عَنْ أَبي قِلابَة وعَنْ مُجَاهِد أَيضاً : (وقِيلُهُ) (٧) رفعاً.

قَالَ أَبو الفتحِ : يَنْبغي أن يكونَ ارتفاعُهُ عَطْفاً عَلَى (عِلْم) مِنْ قَولِهِ : (وعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) (٨) ، و (قِيلُهُ) ، أَيْ : وعلْمُ قِيلِهِ فَجَاءَ عَلَى حَذْفِ

__________________

(١) سورة الحج : ٢٢ / ٢٦.

(٢) المحتسب : ٢ / ٧٨.

(٣) سورة سبأ : ٣٤ / ٥١.

(٤) وفسّره الطَبَرْسِي عَلَى أَنْ معناهُ : فَلا يفوتُنِي مِنْهُم أَحدٌ. مجمع البيان : ٢٢ / ٢٢١.

(٥) أَيْ : فكان فَاءً موجودةٌ.

(٦) المحتسب : ٢ / ١٩٦ ـ ١٩٧.

(٧) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٨٨ : (وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاَء قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ).

(٨) سورة الزخرف : ٤٣ / ٨٥.


المُضَاف ، كَمَا أَنَّ مَن جَرَّ (قيلِهِ) فهو معطوفٌ عِندَهُ عَلَى (السَّاعَةِ) فالمعنيان كَمَا تَراهُ واحدٌ والإعرابان مختلفانِ.

فَمَنْ نَصَبَ فَقَالَ : (وقِيلَهُ) كَانَ مَعطُوفاً عَلَى (السَّاعَةِ) في المعنى (١) ، إذ كانتْ مفعولاً في المعنى ، أَيْ : عِنْدَهُ أَنْ يَعْلَمَ السَّاعَةَ وقيلَهُ ، وهَذا كَقَولِك عجبت مِنْ أَكل الخُبْزِ والـتَّـمْرِ ، أَيْ : مِنْ أَنْ أَكَلْتَ هَذَا وهَذَا. ورَوينَا عَن أَبي حَاتِم قَالَ : (وقِيلَهُ) نصبٌ معطوفٌ عَلَى (يَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُم) (٢) ، و (قِيلَهُ) ، قال : قال ذَلِكَ جماعةٌ (٣) مِنْهُم يعقوب القارئ (٤).

قَرَأَ أَبو جعفر يَزِيد : (وكُلُّ أَمْر مُسْتَقِرٍّ) (٥).

قَالَ أَبُو الفتح : رَفْعُهُ عِنْدِي عطفٌ (٦) عَلَى الساعةِ (٧) أيْ : اقتربتِ الساعةُ وكُلَّ أَمْر ، أيْ : قَدْ اقتَرَبَ استقرارُ الاُمورِ فِي يومِ القيامةِ ، مِنْ حصولِ أهلِ الجنّةِ في الجنّةِ وحُصولِ أَهْلِ النارِ في النارِ. هَذَا وجْهُ رَفْعِهِ واللهُ

__________________

(١) قال الفرّاء : من نصبَها أَضَمَرَ معها قَولاً كَأَ نّهُ قَالَ : وقال قَولَهُ وشَكَا شكواهُ إلى رَبّهِ ، ونصبها أيضاً يجوز من قوله : (نَسْمَعُ سِرَّهُمْ ونَجْواهُم) ونَسْمَعُ قيلَهُ. ولو قالَ قائِلٌ : وقيلُهُ رفعاً كَان جائزاً. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ٣٨.

(٢) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٨٠ : (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم).

(٣) وهو رأي الفرّاء كما مرَّ قبل قليل.

(٤) المحتسب : ٢ / ٢٥٨.

(٥) من قوله تعالى من سورة القمر : ٥٤ / ٣ : (وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْر مُّسْتَقِرٌّ).

(٦) من قوله تعالى من أوَّلِ سورة القمر : ٥٤ / ١ : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ).

(٧) وبهذا الرأي أخذ العكبري والزمخشري واستبعَدَهُ أبو حيَّان ، لطول الفصل بِجُمَل ثلاث واستبعدَ أنْ يوجدَ مثلُ هذا التركيبِ في كلام العرب. إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٤٩ والبحر المحيط : ٨ / ١٧٤.


أعْلَم (١).

وقَرأَ جعفر بنُ مُحمّد عليهما السلام : (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْف وَيَزِيدُونَ) (٢) هكذا هي ، لَيْسَ فيها (أو). (٣)

قَالَ أَبُو الفتح : فَإنْ قُلتَ : فَقَدْ تَقُولُ : لقيتُ مِن زيد رَجلاً كالأَسَدِ وأَشْجَع منْهُ ، فَهَلْ يجوزُ عَلَى هَذَا أنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ : وأَرْسَلْنَاهُ إلى مَئة أَلْف ويَزِيدُون ، فيعطف يزيدون على مئة؟ قيل : يَفْسدُ هَذَا ، لاَِنَّ (إِلَى) لا تعمل في (يَزِيدُونَ) فَلاَ يجوزُ أَنْ يُعطف على ما تَعْمَلَ فِيهِ (إِلَى) فَكَمَا لاَ تَقُولُ : مَرَرْتُ بيزيدون عَلَى المئةِ فَكَذَلِكَ لاَ تَقُولُ ذَلِكَ.

فَإِنْ قُلْتَ : فَقَدْ يجوزُ فِي المَعْطُوفِ مَا لاَ يَجُوزُ فِي المعطوفِ عَلَيهِ ، كَقَولِنَا : رُبَّ رَجُل وأَخيهِ وكلُّ شاة وسَخْلَتِها (٤) ومَرَرْتُ بِرَجُل صَالح أَبواه لا طالحينِ ، ومررتُ بزيد القائمِ أبواه لا القاعدين ، ونَحو ذلك.

قِيلَ : قَدْرُ المُتَجَوّزِ في هذا ونحوهِ لاَ يَبْلُغُ ما رُمْتَهُ مِنْ تَقْدِيرِ حرفِ الجَرِّ

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٩٧.

(٢) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ١٤٧ : (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ).

(٣) تقدّمت هذه القراءة في ص : ١٤٥ وهي قراءة موضوعة ، لا سند لها عن الإمام الصادق (عليه السلام) ، نسبها ابن جني إليه (عليه السلام) وعنه أخذ أبو حيان في البحر المحيط : ٧ / ٣٧٦ وغيره ، بل الصحيح أَنَّه (عليه السلام) قرأ الآية كما في المصحف : (أَوَ يَزِيدُونَ) كما في : أصول الكافي : ١ / ١٧٤ ـ ١٧٥ / ١ باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام) من كتاب الحجّة ، ونسب الصفار القمي في بصائر الدرجات : ٣٩٣ ـ ٣٩٤ / ٢٠ باب في الفرق بين الأنبياء والرسل والأئمّة (عليهم السلام) ، قراءة (أَوَ يَزِيدُونَ) بسند صحيح إلى الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) ، وكذلك نسبها القطب الراوندي في الخرائج والجرائح : ٢ / ٨٤٦ ـ ٨٤٧ إلى الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام) ، وسيأتي الكلام عن هذه القراءة تفصيلاً في الحاشية الثانية من الصفحة اللاحقة.

(٤) قال سيبويه : إنَّمَا جُرَّ لأ نّه أراد وكلُّ سخلتِها. انظر : الكتاب : ١ / ٣٠٥.


مُبَاشِراً لِلفِعلِ. أَلاَ تَرَاك لا تُجيزُ مَرَرْتُ بقائم ويقعدُ وأنت تُريدُ مَرَرْتُ بقائم وبقاعد؟ فَإن قِيلَ : فَقَدِّر هُنَاكَ موصوفاً مَحْذُوفاً مجروراً لِيكونَ تَقْدِيرُهُ وأرْسَلْنَاهُ إِلى مِئةِ ألف وجمع يزيدونَ ، عَلَى قولِ الراجز :

جادت بكفي كانَ مِنْ أرْمَى البَشَرْ (١)

أيْ : بِكَفَي إنْسَان كَانَ مِن أرْمَى البَشَرِ.

قَيل : تَقديرُ مباشرةِ حرف الجرِّ للفعلِ أشَدُّ مِنْ تَقْدِيرِ الإضافةِ إليهِ.

أَلاَ تَرَى أَنَّهُ عَلَى كُلّ حال قَدْ يُضَافُ إلى الفَعْلِ ظروفُ الزمانِ وغيره على كثرة ذلك في أسماءِ الزمان؟ وينضاف إلى ذَلِكَ إفسادُ المعنى وذَلِكَ أَنَّهُ يصير كأ نَّهُ قال : وأرسلناهُ إِلى جَمْعَينِ : أَحَدُهُمَا مِئةُ أَلْف ، والآخر زائدٌ علَى مِئةِ ألْف.

ولَيْسَ الغرضُ والمُرادُ هُنَا هَذَا ، وإنّما الغَرَضُ ـ واللهُ أعْلَمُ ـ وأَرْسَلْنَاهُ إلى جمع لَو رأيتُموهُمْ لقلتُمْ أَنتُم : هؤلاءِ مئةُ أَلْفِ وهم أَيضاً يَزِيدونَ. فَالْجَمْعُ إذاً واحدٌ لا جمعان اثنان. وكَذَلِك قراءةُ الجماعةِ : (أَوْ يَزِيدُونَ) وتَقدِيرُهْ : أو هُمْ يَزِيدونَ فَحَذَفَ المُبتدَأُ لدلالةِ الموضعِ عليهِ كَما مَضَى مَعَ الواو (٢).

__________________

(١) هو من مشطور الرَّجز لأ نَّهُ قائمٌ على ثلاث تفعيلات ويُعَدُّ شطراً منَ التَّامِّ.

ويروى (ترمي) مكان (جادت). والشاهدُ فيه حذفُ الموصوفِ والتقديرُ : بكفي رجل أو إنسان. وقال في الخِزَانة : الأَوْلَى تقدير رام للقرينة. انظر : المقتضب : ٢ / ١٣٩ والخصائص : ٢ / ٣٦٧ وشرح المفصل : ٣ / ٥٩ ، ٦٢ والمقرب : ٢ / ٢٢٧ والهمع : ٢ / ١٢٠ والدُّرر اللوامع : ٢ / ١٥٢ والأشموني : ٣ / ٧ والخزانة : ٥ / ٦٥ وموسيقى الشعر العربي : ١٢٢.

(٢) في : (أَوْ) الوَارِدَةِ في الآيةِ المباركةِ (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مائَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ) أقوال وهي :


__________________

الأوّل منها : انَّها للشكِّ مصروفاً إلى الناظر لهم فهو لا يدري أَهم مئة ألف أمْ يزيدونَ؟ فيقول : هم مئةُ أَلف أَو يزيدون ، أَو أنَّ أصدقَ الحادسين لا يدري أهم مئةُ أَلف أم يزيدون كقولِهِ تعالى : (أَوْ كَصَيِّب مِّنَ السَّمَاءِ) [سورة البقرة : ٢ / ١٩].

والثاني : أنَّها للتخيير. أَي إذا رآهم الرائي تخير بينَ أنْ يقولَ : هم مئة ألف أو يقولَ : هم أَكثَرُ ، ولا يصحُّ التخيير في شيئين الواقع أحدهما.

والثالث : قيل هي للإبهام ، أَي بعضُ الناس يحسبهم مئةَ أَلف وبعضهم يحسبهم أكثر.

الرابع : قيل إنَّها للإباحة. أي لك أن تعدَهم مئة ألف ولك أنْ تعدهم أكثر. ينظر في : أمالي المرتضى : ٢ / ٥٤ ـ ٥٥ ، والتبيان في إعراب القرآن للعكبري : ٣٤ و ١٩٣ ، وإعراب القرآن للدكتور محيي الدين الدرويش : ٦ / ٤٢٣.

الخامس : وتأتي (أَوْ) بمعنى (الواو) ، وبمعنى (بل) وهي للعطف فقط لا للإضراب عن الأوّل. ينظر : مجمع البيان : ٨ / ٣٣٣. وقال أَحمد أبو العباس ثعلب (ت / ٢٩١ هـ) : (أَوْ) تكونُ تخييراً ، وتكونُ شَكَّا ، وتكونُ بمعنى (بل) ، وتكون بمعنى (متى) ، وتكون بمعنى (الواو) وقال الكسائي وحدَهُ : وتكونُ شَرْطاً. تهذيب اللغة : ١٥ / ٦٥٧. والقول بأنَّ (أَوْ) لا تُحمَلُ على (الواو) جنوحٌ إلى قول أكثر البصريين. التبيان في إعراب القرآن : ٣٤. وقول البصريين هذا هو الذي أخذ به ابن جني ، ليس موضع إجماع عندهم ، بل هناك من خالفه منهم. هذا شيخ المدرستين مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة ، وإمامُهُمَا الخليلُ بنُ أحمدَ الفراهيدي (ت / ١٧٥ هـ) يخالف هذا القول ، فيقول : «يقال (أَوْ) تكون بمعنى (الواو) ، وتكون بمعنى (بل) ، وتفسير هذه الآية : (إِلَى مائَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ) ، أي : بل يَزِيدُونَ ، ومعناه : ويزيدون ، والألف زائدة ، وتقول للرجلِ : احذرِ البِئرَ لا تقع فيها. فيقول : أو يُعَافِي اللهُ ، أي : بَلْ يُعافي الله» كما في العين (أو) ٨ / ٤٣٨ والعين ترتيب الدكتور هنداوي : ١ / ١٠٣ ، ونقل الشيخ الطوسي (ت / ٤٦٠ هـ) في التبيان : ٩ / ٧٠ عن ابن خالويه (ت / ٣٧٠ هـ) قوله : «إذا كانت (أو) إباحة كانتِ الواوُ بمعناها ، لأنَّ قولَكَ جالسِ الحسنَ أو ابنَ سيرين بمنزلةِ الإباحة ، وكذلك قوله تعالى : (وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) [سورة الإنسان : ٧٦ / ٢٤] لأنَّ معناه : ولا كَفُوراً». وخالف هذا الرأيَ أيضاً أَبو زيد سعيد بن أوس


__________________

الأنصاري (ت / ٢١٥ هـ) ، على ما سيرد ، وهو من أعلام مدرسة البصرة.

قال الأزهري (ت / ٣٧٠ هـ) : و (أَو) : تكون للشَّكِّ والتَّخيير. قال الجوهري في الصحاح : ٦ / ٢٢٧٥ ونقله عنه ابن منظور في لسان العرب (أَوى) ١٤ / ٥٤ : (أَو) حرف إِذا دخل الخبر دلَّ على الشك والإِبهام ، وإِذا دخل الأَمر والنّهي دلَّ على التّخيير والإباحة ، فأَمَّا الشَّكُّ فقولُكَ : رأَيتُ زيداً أو عمراً ، والإِبهام كقوله تعالى : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَل مُّبِين) [سورة سبأ : ٣٤ / ٢٤] ; والتخيير كقولك : كُلِ السَّمَكَ أَو اشربِ اللبنَ أَي لا تجمعْ بينهما ، والإِباحة كقولك : جالسِ الحسنَ أَو ابنَ سيرين ، وقد تكون بمعنى (إِلى أَن) ، تقول : لأَضربنَّهُ أَو يتوبَ ، وتكونُ بمعنى (بل) في تَوَسُّعِ الكلامِ.

قَالَ ذُو الرُّمَّة :

بَدَتْ مِثْلَ قَرْنِ الشَّمْسِ في رَوْنَقِ الضُّحَى

وَصُورَتِها ، أَو أَنتِ فِي العَينِ أَمْلَحُ

كما في ديوانه ـ الملحق ـ تحقيق الدكتور عبد القدوس صالح : ٣ / ١٨٥٧ ، ومعاني القرآن للفراء : ١ / ٧٢ ، والخصائص : ٢ / ٤٥٧ ، وأمالي المرتضى : ٢ / ٥٦. قال الفراء (ت / ٢٠٧ هـ) : يريد : بل أَنت. وقولُهُ تعالى : (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مائَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ) ; قال أبو العباس ثعلب (ت / ٢٩١ هـ) : قال الفَرَّاءُ : (أَوْ) هاهنا في معنى (بل). معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٩٣ ، ومجالس ثعلب : ١٣٥ ، قال الفراء : كذلك جاء في التفسير مع صحته في العربية مشيراً إلى تفسير ابنِ عباس للآيةِ كما نَقَلَهُ عنهُ الطبري في : جامع البيان : ٢٣ / ١٢٤ / ٢٢٧٤٣ ، وقال ابن عباس : (أَوْ) بمعنى (بل) وقيل بمعنى (الواو). البحر المحيط : ٧ / ٣٧٦. وقيل : معناه إِلى مئةِ أَلف عند النَّاس أَو يزيدونَ عندَهم ، وقيل : أَو يزيدون عندكم فيجعل معناها للمخاطبين أَي هم أَصحاب شارَة وزِيّ وجمال رائع ، فإِذا رآهم النَّاسُ قَالوا هؤلاءِ مئتا أَلف. وقال أَبو العباس المبرد (ت / ٢٨٥ هـ) : إِلى مئة أَلف فهم فَرْضُهُ الذي عليه أَن يؤَدّيه ; وقولُهُ : (أَوْ يَزِيدُونَ) ، يقول : فإِن زادوا بالأَولاد قبل أَنْ يُسْلموا فادْعُ الأَولادَ أَيضاً فيكونُ دعاْؤكَ لِلأَولادِ نافلةً لكَ لا يكونُ فرضاً ; وقد عالجها المبرد في المقتضب ، آخذاً برأي أكثر البصريين في المسألة. ينظر في : المقتضب : ٣ / ٣٠٤ ، والكافية شرح الرضي : ٢ / ٣٤٣ والبحر المحيط : ٧ / ٣٧٦ ، والمغني : ١ / ٦٣ ، وخزانة


__________________

الأدب : ١١ / ٦٩. قال ابنُ بِرِّي : (أَوْ) في قوله : (أَوْ يَزِيدُونَ) للإِبهام ، على حدّ قولِ الشَّاعِر :

تَمَنَّى ابنَتَايَ أَنْ يَعِيشَ أَبُوهُمَا

وَهَلْ أَنَا إِلاَّ مِنْ رَبِيعَةَ أَوْ مُضَرْ؟

البيتُ للبيد بن ربيعة وهو في ديوانه : ٢١٣ ، وأمالي المرتضى : ٢ / ٥٥ والأُزهية : ١١٧ ، والأغاني : ٢ / ٥٥ ، و ١٥ / ٣٠٥ ، وخِزانةِ الأدب : ٤ / ٣٤٠. وقيل : معناه وأَرسلناه إِلى جمع لو رأَيتُمُوهُم لقلتم هم مئة أَلف أَو يزيدون ، وإِنَّما الكلامُ على حكايةِ قولِ المخلوقين لأنَّ الخالقَ جلَّ جلالُهُ لايَعتَرِضُهُ الشَّكُّ في شَيء مِن خبرِهِ ، وهذا أَلطفُ مِمَّا يُقَدَّرُ فيه. وقال أَبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت / ٢١٥ هـ) : في قوله تعالى : (أَوْ يَزِيدُونَ) : إِنَّمَا هي ويزيدون ، وكذلك قال في قوله تعالى : (أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء) [سورة هود : ١١ / ٨٧] ; قال : تقديره : وأَنْ نَفْعَلَ. وعقب أَبو منصور الأزهري على قوله فقال : وأَمَّا قول الله تعالى في آية الطهارة : (وَإِنْ كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآ ئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء) [سورة النساء : ٤ / ٤٣]. فإِنَّ (أَوْ) فيها بمعنى (الواو) التي تعرف بواو الحال ; المعنى : (وجَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ) أَي في هذه الحال ، ولا يجوز أَنْ يكونِ تخييراً ، وأَمَّا قولُهُ : (أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء) ، فهي معطوفة على ما قبلها بمعناها ; وأَما قول الله عزّوجلّ : (وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) [سورة الإنسان : ٧٦ / ٢٤] ; فهي معطوفة على ما قبلها فإِن الزَّجَّاجَ (ت / ٣١١ هـ) قال : (أَوْ) ههنا أَوكد من (الواو) ، لأَن (الواو) ، إِذا قلتَ لا تطع زيداً وعمراً فأَطاع أَحَدَهُمَا كان غيرَ عاص ، لأَ نَّهُ أَمرهُ أَن لا يطيعَ الاثنينِ ، فإِذا قالَ : (وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) ، فأَوْ قد دلّتْ على أَنّ كلَّ واحد منهما أَهلٌ أَنْ يُعْصَى. ينظر في : تهذيب اللغة : ١٥ / ٦٥٨ ، وعنه ما في لسان العرب : ١٤ / ٥٤ مادة (أَوى) ، أَمَّا الأَولُ في قوله : (أَوْ عَلَى سَفَر) ، فهو تخيير ، وأَمَّا قوله : (أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآ ئِطِ) ، فـ : (أَوَ) هنا بمعنى (واو) الحال. وقال الجصَّاصُ في أحكام القرآن : ١ / ٥١٨ : «ومعناه : ويزيدون ، فهذا موجود في اللغة ، وهي للنفي أظهر في دخولها عليه أنها بمعنى الواو ، منه ما قدمناه من قوله تعالى : (وَلاَتُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) معناه : ولا كفوراً ، لدخولها على النفي».


__________________

وقال الشريف المرتضى (ت / ٤٣٦ هـ) في أماليه : ٢ / ٥٦ : «تكون (أَوْ) بمعنى (بل) ، كقوله تعالى : (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مائَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ) معناه : بل يزيدون. وأنشد الفراء :

بَدَتْ مِثْلَ قَرْنِ الشَّمْسِ فِي رَوْنَقِ الضُّحَى

وَصُورتِهَا أَوْ أَنْتِ فِي العَينِ أَمْلَحُ

أي : بل أنت في العين أملح. وقال الرضي في : الكافية شرح الرضي : ٢ / ٣٤٣ : «و (أوْ) بمعنى (بل) كما يجيء في حروف العطف كما في قوله تعالى : (إِلَى مائَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ) ، أي : بل هم يزيدون». وقال يحيى بن الحسين بن القاسم (ت / ٢٩٨ هـ) في الأحكام في الحلال والحرام : ١ / ٢٣٤ عن الآية المذكورة : «فقال : (إِلَى مائَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ) فخرج لفظُها لفظَ شَكّ وإِنَّمَا معناها معنى إيجاب وخبر ، أرادَ : وأَرْسَلْنَاهُ إلى مئة ألف ويزيدون فقال : (أَوْ يَزِيدُونَ) فأثبتها وهو لا يريدها ، فعلى ذلك يخرج معنى قول الله سبحانه : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين) [سورة البقرة : ٢ / ١٨٤] يريد : وعلى الذين لا يطيقون الصيام مِمَّنْ كانِ ذا ضَعْف وهلاك مِنَ الأنام فديةٌ طعامُ مساكين». وفي المجموع للنووي : ١٣ / ٢٠٥ : «وقد جاءت (أَوْ) بمعنى (الواو) ، قال تعالى : (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مائَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ) ، و (وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) [سورة الإنسان : ٧٦ / ٢٤]».

والشعر الذي هو ديوان العرب فيه شواهدُ وردتْ فيها (أَو) والمرادُ بها الواوُ منها قولُ جرير :

جَاءَ الخِلافَةَ أَوْ كَانَتْ لَهُ قَدَراً

كَمَا أَتَى رَبَّهُ مُوسَى عَلَى قَدَرِ

كما في : ديوانه ، تحقيق نعمان أمين طه : ٤١٦ ، وشرح الديوان للصاوي : ٢٧٥ ، وأمالي المرتضى : ٢ / ٥٧ ، والأُزْهِيَة : ١١٤ ، وخِزَانة الأدب : ١١ / ٦٩ ، وشرح التصريح : ١ / ٢٨٣ ، وشرح شواهد المغني : ١ / ١٩٦ ، والجنى الداني : ٢٣٠ ، وشرح الأشموني : ١ / ١٧٨ ، وشرح ابن عقيل : ٢ / ٤٩٩ ، وشرح عمدة الحافظ : ٦٢٧ ، وشرح قطر الندى : ١٨٤. ومِثلُهُما أنشده أبو زيد الأنصاري لِتَويَهَ بنِ الحُمَيِّر شاهداً على مجيء (أَوْ) بمعنى (الواو) :

وَقَدْ زَعَمَتْ لَيلَى بَأَ نِّي فَاجِرٌ

لِنَفْسِي تُقَاهَا أَوْ عَلَيْهَا فُجُورُهَا

معناهُ وعليها. ديوانه : ٣٧ ، واستُشْهِدَ بالبيتِ على أَنَّ (أَوْ) بمعنى (الواو) في : تهذيب


حذف الاسم وحرف العطف

وأَمَّا قَولُ الآخر :

ألا فَالْبِثَا شَهْرَينِ أو نَصِفَ ثَالِث

إلى ذَاكُمَا مَا غَيَّبَتْنِي غَيابيا (١)

فَقَالُوا : مَعْنَاهُ أو شَهرين ونِصفَ ثَالث ، وذَلِك أَنَّ قَولَهُ : أو نِصْفَ ثالث لاَ يَكُونَ ثالثاً حَتَّى يَتَقَدَّمَهُ شَهرانِ (٢) ، إِلاَّ أَنَّهُ هُنَا حَذَف المعطوفَ عليهِ مَعَ حَرْفِ العطفِ جَمِيعاً.

__________________

اللغة : ١٥ / ٦٥٧ ، وأمالي القالي : ١ / ١٣١ ، والأزهية : ١١٤ ، وأمالي المرتضى : ٢ / ٥٧ ، وخِزانةِ الأدب : ١١ / ٦٨ ، ولسان العرب : ١٤ / ٥٥ مادة (أَوى) ، وغيرها. كما جاء ذلك في القرآن الكريم أيضاً منه ما قدَّمناه ، وكقوله تعالى : (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ) [سورة النور : ٢٤ / ٣١] ، راجع : التبيان للشيخ الطوسي : ١ / ٣٠٧. وقال الشيخ الطوسي في التبيان : ١ / ٣٠٧ في قوله تعالى : (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مائَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ) «أي : بل يزيدون ، ولا تكونُ (بل) للإضراب عن الأوّل بل مجرّد العطف». وذكر الآية في مكان آخر من التبيان : ٩ / ٧٠ وقال : «أي : ويزيدون ، أو بل يزيدون». وسَيَأتِي في هذا البابِ من هذا الكتاب ، ص : ٤٤٥ عنوان : «(أو) بمعنى : (بل)».

ونقل القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ١٥ / ١٣٢ عن المبرد أنه قال : «المعنى : وأرسلناه إلى جماعة لو رأيتموهم لقلتم : هم مئةُ ألف أو أكثر ، وإنَّمَا خُوطِبَ العِبَادُ على ما يعرفون.

وقال الأخفش الأوسط (ت / ٢١٥ هـ) والزجاج (ت / ٣١١ هـ) : أي : أو يزيدون في تقديركم.

قال ابنُ عباس : زادوا على مئة ألف عشرين ألفاً ، ورواه أبي بن كعب مرفوعاً».

(١) تقدَّمَ الشاهدُ في : ص : ٣٤٣.

(٢) في كتاب الأزهية : ١٢١ : يريد : البثا شهرين ونصفَ ثالث ، لأَنَّ لبْثَ نصفِ الثالثِ لا يكونُ إلاّ بعدَ لَبْثِ الشهرينِ.


وفي قولِهِ سبحانَهُ : (أوْ يَزِيدُونَ) وعَلى قراءَةِ جعفر بن محمّد عليهما السلام : (ويَزِيدُونَ) إنَّما حُذِفَ اسمٌ مفردٌ وهو هُمْ. وعلى أَنَّهُ قد جاءَ عنهم حذفُ الاسم ومَعَهُ حرفُ العطفِ وذلك قَولُهُم فيما رويَناهُ عَنْ أَبِي بكر محمّد ابن الحسن ، عن أَحمد بن يحيى : راكبُ الناقةِ طليحانِ ، أيْ : راكبُ الناقةِ والناقةُ طليحانِ (١) ، فحَذفَ الناقةَ وحرف العطف معها (٢).

العطف على الموضع

قَرَأ أَبو نَهِيك وأبو مِجلِز : (وبِرّا) (٣) بكسر الباءِ.

قال أَبو الفتح : هو معطوف على موضع الجارّ والمجرور من قوله : (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ) (٤) كَأ نَّهُ قَالَ : وأ لْزَمَنِي بِرّا ، وأشعرني بِرّا بِوالِدَتِي لاَِ نَّهُ إذا أوصاهُ بهِ فَقَدْ ألْزَمَهُ إيَّاهُ وعَلَيهِ بيتُ الكتابِ :

يَذْهَبْـنَ في نَجْـد وغَـوراً غَائِـرا (٥)

أَيْ : ويَسْلُكْنَ غوراً ، وبيتُه أَيضاً :

فَإِن لَمْ تَجِدْ مِنْ دونِ عدنانَ والِداً

حو ودونِ مَعَدّ فَلْتَزَعْكَ العَواذِلُ (٦)

__________________

(١) الطليح الذي أجهده السفر وأصابه الهُزَالُ. ينظر في : ص : ٣٤٣ والمحتسب : ٢ / ٢٢٧ والخصائص : ١ / ٢٨٩ ولسان العرب ـ طلح ـ والتصريح : ٢ / ١٥٤ والأشموني : ٣ / ١١٦.

(٢) المحتسب : ٢ / ٢٢٦ ـ ٢٢٨.

(٣) من قوله تعالى من سورة مريم : ١٩ / ٣٢ : (وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً).

(٤) سورة مريم : ١٩ / ٣١.

(٥) يُروَى هذا الرَّجَزُ للعجَّاج كما يُروَى لرؤبة. يصف ضعائن يأتين مرّة نجداً ومرّة الغورَ.

انظر : الكتاب : ١ / ٢٤٩ والخصائص : ٢ / ٤٣٢.

(٦) البيت للبيد بن ربيعة من قصيدة في رثاء النُّعمان بنِ المُنذرِ. ورُوِيَ (باقياً) مكان (والداً).


عطفَ دونَ الثانية عَلَى موضِعِ (من دون) الأَولَى ، ونظائره ، كثيرةٌ جدّاً (١) ، وإنْ شِئْتَ حَمَلْتَهُ عَلَى حذفِ المضافِ ، أيْ : وجَعَلَنِي ذَا بِرّ ، وإنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ إيَّاهُ على المُبَالَغَةِ كَقَولِهَا :

 ......

فَأ نَّـمَـا هِيَ إِقْبَـالٌ وإِدْبَـــارُ (٢)

عَلَى غَير حذفِ المُضافِ (٣).

ويُروى عَنْ أَبان بن تَغْلِب : (وَنَحْشُرْهُ يَومَ القِيَامَةِ أَعْمَى) (٤) بالجَزْمِ.

قَالَ أَبُو الفتحِ : هُو مَعْطُوفٌ عَلَى مَوضِعِ قولِهِ عَزَّوجَلَّ : (فَإنَّ لَهُ مَعِيْشَةً ضَنْكَاً) ومَوضِعُ ذَلِك جزمٌ لِكَونِهِ جوابَ الشرطِ الذي هُو قَولُهُ : (ومَنْ أَعْرَضَ عنْ ذِكْرِي) فَكَأَ نّهُ قَالَ : ومَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكري يعشْ عِيشةً ضَنْكاً ونَحْشُرْهُ ، كَمَا تَقُولُ : مَنْ يَزرْنِي فَلَهُ دِرْهَمٌ وأزِدْهُ عَلَى ذَلِكَ ، أَيْ : مَنْ يَزُرنِي يجُبُ لَهُ دِرْهَمٌ عليَّ وأَزدْهُ عَلَيهِ.

وعَلَيهِ قِراءَةُ أبِي عَمرو بنِ العَلاءِ : (فَأَصَّدَّقُ وأَكُونَ مِنَ

__________________

تزعْك : تكفك والوَزْعُ : كفّ النفس عن هواها وهو من وَزَعَ بمعنى كفَّ وهو غير أوزع الذي بمعنى أغْرَى ، وفي التنزيل : (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَك الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ) سورة النمل : ٢٧ / ١٩ أي : ألهمْني. انظر : الديوان : ٢٥٥ والكتاب : ١ / ٣٤ والمقتضب : ٤ / ١٥٢ ولسان العرب ـ وزع ـ والخزانة : ٢ / ٢٥٣.

(١) قال ابن هشام في المغني : شرط العطف على المحلّ : إمكان ظهوره في الفصيح. انظر : المغني : ٢ / ٤٧٣.

(٢) البيت للخنساء وقد تقدّم الشاهد في : ص : ٣٣٥.

(٣) المحتسب : ٢ / ٤٢ ـ ٤٣.

(٤) من قوله تعالى من سورة طه : ٢٠ / ١٢٤ : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى).


الصَّالِحينَ) (١) (٢).

وقَرَأَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّد عليهما السلام : (والبَحْرُ مِدَادُهُ) (٣).

قَالَ أَبو الفتحِ : أَمَّا رَفَعُ (البَحْرُ) فَإِنْ شِئْتَ كَانَ مَعْطوفاً عَلَى مَوضِعِ (أَنَّ) واسمها وإِنْ كَانَتْ مَفْتُوحةً ، كَمَا عُطِفَ عَلَى مَوضِعِهَا فِي قَولِهِ سُبحَانَهُ : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) (٤) وقَدْ ذَكَرْنَا ما فِي ذَلِكَ وكَيفَ يَسْقُطُ

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة المنافقون : ٦٣ / ١٠ : (لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَل قَرِيب فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) على قراءة الجماعة ، قرأ عاصم ، ومعه خمسة من القراء السبعة ، وغيرهم من غير السبعة ، وعلى قراءته ما في المصحف : (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) بالجزم ، عَطَفاً على موضع (فَأصّدَّقَ) لاَِنَّ مَوضِعَهُ قَبلَ دخولِ الفاءَ عليه جزمٌ. لكونِهِ جوابَ التَّمَنِّي ، أو كأ نَّهُ قيلَ : إِنْ أَخَّرْتَنِي أَصَّدَّقْ ، وقرأ أبو عمر بن العلاء ، وعلى رواية ، وعاصم من السبعة (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُونَ مِنَ الصَّالِحِينَ) ، بالواو بعد الكاف ونصب النون عطفاً على (فَأَصَّدَّقَ) المنصوبِ بأنْ بعدَ جواب التمنّي وهو (لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي) ، ووافقه الحسن ، واليزيدي يحيى بن المبارك ، ومحمد بن عبد الرحمن بن مُحَيْصِن ، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي ، وسليمان بن مهران الأعمش ، من القراء الأربعة عشر ، وهي قراءة قرأ بها عبد الله بن عباس ، وابن جبير ، ومالك بن دينار ، وأبو رجاء وعبد الله بن سلمة ، وعبد الله ابن الحسن العنبري ، وكذا هي في مصحف عبد الله بن مسعود ، وأُبيّ بن كعب. معاني القرآن للفراء : ١٦٠ / ٣ ، وجامع البيان : ٢٨ / ١٥٠ ، والكشف عن وجوه القراءات السبع : ٢٠ / ٣٢٣ ، والبيان في غريب إعرابِ القرآن : ٢ / ٤٤١ ، ومجمع البيان : ١٨ / ٨٤ ، والجامع لاَِحكام القرآن : ١٨ / ١٣١ ، والنشر : ٢ / ٢٩٠ ، والبحر المحيط : ٨ / ٢٧٥ ، والدر المنثور تحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي : ١٤ / ٥٠٩ ، وإتحاف فضلاء البشر ، نشرة دار الندوة : ٤١٧.

(٢) المحتسب : ٢ / ٦٠.

(٣) من قوله تعالى من سورة لقمان : ٣١ / ٢٧ : (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الاَْرْضِ مِن شَجَرَة أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

(٤) سورة التَّوبة : ٩ / ٣.


اعتراضُ مَنْ تَعَقَّبَ فِيهِ فِيما مَضَى. ويَدُلُّ عَلَى صحّةِ العَطْفِ هُنَا ، وأَنَّ الواو لَيْسَتْ بواو حال قراءةُ أَبِي عَمْرو وغَيرِهِ (والبَحْرَ يَمُدُّهُ) بالنَّصْبِ فَهذَا عَطْفٌ عَلَى (مَا) لاَ محالةَ ، ويَشْهَدُ بجوازِ كَونِ الواو حَالاً هُنَا قراءةُ طلحة بن مُصَرِّف : (وبَحْرٌ يَمُدُّهُ) أيْ : وهُنَاكَ بحرٌ يَمُدُّهُ مِنْ بَعدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر ، فَهَذِه واو حال لاَ محالة (١).

عَطْفُ الجُمَلِ

قَرَأَ الحسنُ ويزيدُ النَّحوي : (يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزُ فَوزاً عَظِيْماً) (٢) بِالرَّفْعِ.

قَالَ رَوح : لَمْ يَجْعَلْ لِلمَيْت جَواباً.

قَال أَبو الفتح : مَحْصُولُ ذَلِك أَنَّهُ يتمنّى الفوزَ فَكَأَ نّهُ قَالَ : يَا لَيْتَنِي أَفُوزُ فَوزاً عَظيماً ، ولَو جَعَلَهُ جواباً لَنَصَبَهُ ، أَيْ : إِنْ أَكُنْ مَعَهُمْ أَفُزْ ، هَذَا إذَا أَصْرَحْتَ بالشرطِ ، إلاَّ أَنَّ الفاءَ إنْ دَخَلْتْ جَواباً للتمنّي نُصبَ الفعل بَعْدَهَا بِإِضمار أَنْ ، وعُطِفَ أَفوز على كنتُ مَعَهُمْ لاَِ نَّهَما جَمِيعاً مُتَمَنَّيَانِ ، إِلاَّ أَنَّهُ عطف جملة عَلَى جملة لا الفعل على انفرادِهِ عَلَى الفِعْلِ إذْ كَانَ الأَوَّلُ ماضِياً والثاني مستقبلاً.

وذَهَبَ أَبُو الحَسَن في قولهِ عَزَّوجَلَّ : (يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ ولاَ نُكَذِّبَ بآياتِ رَبِّنَا ونَكُونَ مِنَ المُؤمِنينَ) (٣) بِرَفْعِ (نَكُونُ) إلَى أَنَّهُ عطف على اللفظ ، ومعناهُ

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١٦٩.

(٢) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ٧٣ : (يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) بالنَّصب عَلَى قِرَاءَةِ الجماعة.

(٣) سورة الأنعام : ٦ / ٢٧ قرأ ابن عامر وحمزة بن حبيب الزيّات وحفص عن عاصم بن


مَعَنَى الجوابِ (١).

قَالَ : لاَِ نَّهُمْ لَمْ يَتَمَنّوا إلاّ يكذبوا ، وإنَّمَا تمنَّوا الردَّ وضمِنُوا أنَّهُم إنْ رُدُّوا لِمْ يَكْذِبُوا (٢) ، وعَليهِ جَاءَ قَولُه تعالى : (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ) (٣). وعَلَيهِ قَولُ الآخر :

__________________

أبي النجود (ولا نُكَذِّبَ ونكُونَ) بنصب الفعلين على إِضمار (أَنْ) بعد (واو) المعية في جواب التمنّي ، عند جمهور البصريين ، والمصدرُ المُنْسَبِكُ من (أنْ) والفعل بعدها مرفوعٌ معطوفٌ بالواو على مصدر مُتَوَهَّم من الجملة السابقة ، التقدير (يا ليتَ يكون لنا رَدٌّ ، وانتفاءُ تكذيب وكونٌ مِنَ المؤمنين) ، أَي يا ليت لنا ردٌّ مع هذين الأمرين ، ووافقهم على هذه القراءة سليمان بن مهران الأعمشُ ، وقرأ (وَلا نُكَذِّبُ ونكُونُ) ، برفعهما ، عبدُ اللهِ بنِ كثير وأبو عمرو بنِ العَلاء ونافع بن أبي نُعَيم المدني وعلي بن حمزة الكسائي من السبعة ، وتابعهم من القراء الأربعةَ عَشَرَ أبو جعفر يزيد بن القعقاع ويعقوب بن إسحاق الحضرمي وخلف بن هشام البزار ومحمد بن عبد الرحمن بن محيصن ويحيى بن المبارك البزي والحسن البصري ، والرفع عطفٌ على (نُرَدُّ) أي يا ليتنا نُرَدُّ ونوفَّقُ للتصديقِ والإيمانِ ، أو (الواو) للحالِ والفعلُ المضارعُ وفاعِلُهُ خبرٌ لمحذوف والجملةُ حالٌ من مرفوعِ (نُرَدُّ) ، أَي نُرَدُّ غيرَ مُكذِّبِين وكائنين مِنَ المؤمنين ، فيكونُ تمنّي الرَّدِّ مُقيَّداً بهذين الحالين ، بينما أبو الحسن الأخفش يرى لاَِ نَّهُمْ لَمْ يَتَمَنوا إلاّ يكذبوا ، وإنَّمَا تمنَّوا الردَّ ولو رُدّوا لم يكذِّبُوا. الكشف عن وجوه القراءات السبع : ١ / ٤٢٧ ، ومجمع البيان : ٣٨ / ٧ ، وإتحاف فضلاء البشر : ٢٠٦ ، نشر دار الندوة.

انظر : الكشف عن وجوه القراءات السبع : ١ / ٤٢٧ ومجمع البيان : ٧ / ٣٨.

(١) قال في التنبيه : ٤٥٧ هو في اللفظ معطوف ، وفي المعنى جواب.

(٢) عبارة أبي الحسن الأَخفش : (إنْ شئتَ رفعتَ وجَعَلْتَهُ على مثل اليمين كَأَ نَّهُمْ قالوا لا نُكَذَّبُ والله بآياتِ رَبِّنا ونكون والله من المؤمنين هذا إذا كان ذا الوجه منقطعاً من الأَوّلِ والرَّفعِ وجهُ الكلام وبه نقرأ الآية ، إذا نصبَ جَعَلَها واوَ عطف فَكأ نَّهم قد تَمَنَّوا ألاَّ يكذِّبُوا وأَنْ يكونُوا وهذا ـ والله أعلم ـ لا يكونُ لاَِ نّهُم لم يتمنَّوا الإيمانَ إنّمَا تمنَّوا الردَّ وأخبروا أنَّهُم لا يُكَذِّبُون ويكونون من المؤمنين). معاني القرآن للأخفش : ١٠٧ / ب.

(٣) سورة الأَنعام : ٦ / ٢٨.


فلقد تركتِ صبِيَّةً مَرحُومَةً

لَمْ تَدرِ مَا جَزَعٌ عليكِ فَتَجزَعُ (١)

والقوافي مرفوعة. أي : هِيَ تَجْزَعُ (٢). ولَو كَانَ جَواباً لَقَالَ : فَتَجْزَعَا (٣).

وقَرأَ ابنُ عَبَّاس وابنُ مَسْعود : (والسَّلاسِلَ يَسحَبُونَ) (٤) بفتح اللاّم.

قال أبو الفتح : التقدير فيه إذِ الأغلالُ في أعناقهم ، ويَسحَبُون السَّلاسِلَ ، فعطفَ الجملةَ من الفعل والفاعل على التي من المبتدأِ والخبر ، كما عُودِلَتْ إحَدَاهُمَا بالأَخرَى فِي نحو قَولِهِ :

أَقيسَ بنَ مَسعودِ بنِ قيسِ بنِ خالدِ

أَمُوف بِأَذْرَاعِ ابنِ ظَبْيَةَ أَمْ تُذَمْ (٥)

أَيْ : أأنتَ مُوف بِهَا أَمْ تُذم؟ فَقَابَل بالمبتدأِ والخبرِ التي مِنَ الفِعْلِ الـمَفعُول الجارِي مجرى الفَاعِل ، وقَالَ تَعَالى : (سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ) (٦) ، أَيْ أَصَمَتُمْ؟ وعَلَى أَنّه لَو كان إذْ فِي أعناقهم الأغلال والسَّلاسِلَ يَسْحَبُونَ لَكانَ أمْثَلَ قَليلاً ، مِنْ قِبَل أَنَّ قَولهُ : فِي أَعناقهم الأغلال يُشبِهُ في اللفظِ تركيبَ الجُمْلَةِ من الفعل والفاعل لتقدُّمِ الظَّرفِ على المُبتدَأِ كَتَقَدُّمِ الفعل على الفاعل ، مع قوّةِ شبهِ الظَّرفِ بالفعلِ (٧).

__________________

(١) لمويلك المزموم من أَبيات يرثي بها امرأتَهُ أُم العلاء ويروى (صغيرة) مكان (صَبِيَّة). انظر : ديوان الحماسة : ١ / ٣٧٤ والتنبيه : ٤٥٨ والخزانة ـ بولاق ـ ٣ / ٦٠٤.

(٢) انظر : التنبيه : ٤٥٨.

(٣) المحتسب : ١ / ١٩٢ ـ ١٩٣.

(٤) من قوله تعالى من سورة غافر : ٤٠ / ٧١ : (إِذِ الاْغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ).

(٥) البيتُ لراشِد بن شِهاب اليشكري. انظر : المفضليّات : ٣٠٩.

(٦) سورة الأَعراف : ٧ / ١٩٣.

(٧) المحتسب : ٢ / ٢٤٤.


وقَرأَ عبدُ الله بنُ الزُّبَير وأَبانُ بنُ عُثَمانَ : (والظَّالِمُونَ أَعَدَّ) (١) بالواو.

قَالَ أَبو الفتحِ : هَذَا عَلَى ارتِجَالِ جملة مستأنَفَة ، كَأَ نَّهُ قَالَ : الظَّالِمُونَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ، ثُمَّ إنَّهُ عَطَفَ الجُمْلَةَ عَلَى مَا قَبْلَها. وقَد سَبَقَ الرفْعُ إلى مبتدئها غير أَنَّ الّذي عليه الجماعة أَسبق وهو النصبُ ، ألاَ تَرَى أَنَّ مَعْنَاهُ يَدخِل مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ ويُعَذَّبُ الظَّالِمينَ؟ فَلَمَّا أَضْمَرَ هَذَا الفعل فَسَّرَهُ بِقَولِهِ : (أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً) وهَذَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُؤتى له بشاهد (٢).

وقَرَأَ الحَسن وعَمرو بنُ عبيد : (والجِبَالُ أَرْسَاها) (٣) بالرَّفِع.

قَالَ أَبو الفتح : هَذَا كَقِراءةِ عبدِ الله بن الزبير وأبان بن عثمان : (والظَّالِمُونَ أَعدَّ لَهُم عَذَاباً أَلِيماً) (٤) وقد ذكرناه (٥) هناك (٦).

وقَرَأَ طلحة بنُ سليمانَ : (ثُمَّ يُدْرِكُهُ المَوتُ) (٧) برفعِ الكاف.

قال أَبو الفتح : ظاهِرُ هذا الأمر أَنَّ (يُدْرِكُهُ) رُفِعَ على أَنَّهُ خَبرُ ابتداء محذوف ، أَيْ : ثُمَّ هو يُدْرِكُهُ الموتُ فَعَطَفَ الجُمْلَةَ التي هي من المبتدأِ والخبر على الفعلِ المجزومِ بفاعلهِ فهما إذاً جملة ، فكأَ نَّهُ عَطَف جملةٌ عَلَى

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الإنسان : ٧٦ / ٣١ : (يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً).

(٢) المحتسب : ٢ / ٣٤٤.

(٣) سورة النَّازعات : ٧٩ / ٣٢ : (والجِبَالَ أَرْسَاهَا) بالنصب.

(٤) من قوله تعالى من سورة الإنسان : ٧٦ / ٣١ : (وَالظَّالِمِينَ أَعدَّ لَهُم عَذَاباً أَلِيماً).

(٥) المحتسب : ٢ / ٣٤٤.

(٦) المحتسب : ٢ / ٣٥٠.

(٧) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٠٠ : (وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً).


جملة.

وجَازَ العطفُ هَاهُنا أَيضاً لِمَا بينَ الشرطِ والابتداءِ مِنَ المشابهات ، فمنها أَنَّ حرفَ الشرطِ يجزمُ الفعلَ ، ثُمَّ يعتورُ الفِعْلُ المجزومُ معَ الحرفِ الجَازِمِ على جزمِ الجوابِ ، كما أَنَّ الابتداءَ يرفعُ الاسمَ المبتدأَ ، ثُمَّ يعتورُ الابتداءُ والمبتدأُ جَمِيعاً عَلَى رَفْعِ الخبرِ (١) ، ولِذَلِك قال يُونُس في قولِ الأعشَى :

إنْ تَرْكَبُوا فَركُوبُ الخيلِ عَادَتَنا

أو تَنْزِلُونَ فَإِنَّا مَعْشَرٌ نُزُلُ (٢)

إنَّما أرادَ أَو أَنْتَمْ تَنزلونَ (٣) ، أفلا تَرَاهُ كَيْفَ عَطَفَ المبتدأ والخَبَرَ عَلَى فِعْلِ الشَّرْطِ الَّذي هو تَرْكَبُوا وعَليِهِ قَولُ الآخر :

إن تَذْنِبُوا ثُمَّ تَأتِينِي بَقِيَّتُكُم

فَمَا عَلَيَّ بذنب مِنْكُمُ فَوتُ (٤)

فَكَأَ نَّهُ قَالَ : إِنْ تَذْنِبُوا ثُمّ أنْتُمْ تَأْتِيني بَقَيتُكُم. هَذَا أَوجَهُ مِنْ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَ سكونَ الياءِ فِي تَأتِيني عَلَمَ الجزمِ عَلَى إجراءِ المعتلِّ مَجرَى الصحيحِ نَحْو قَولِهِ :

__________________

(١) هذا رأي البصريين ، وذهب الكوفيون إلى أنَّ المبتدأَ رفعَ الخبرَ والخبرُ رفعَ المبتدأَ. انظر : المقتضب : ٢ / ٤٩ و ٤ / ١٢ و ١٢٦ والأصول في النحو : ١ / ٦٣ والإنصاف : ١ / ٣٠ والهمع : ١ / ٩٤.

(٢) يروى :

قالوا الرُّكُوبُ فقلنا تلك عادتُنَا

 ......

ونُزُل جمعُ نازل. وكانوا ينزلونَ عن الخيلِ عندَ ضيقِ المعركةِ فيقاتلون على أقدامِهِم.

انظر : الديوان : ٤٨ والكتاب : ١ / ٤٢٩ والخزانة ـ بولاق ـ ٣ / ٦١٢.

(٣) رأي الخليل أنّ الكلام على قولك يكون كذا أو يكون كذا ...... وأما يُونُس فقال أرفعه على الابتداء كأنّه قال : أو أنتم نازلون. الكتاب : ١ / ٩.

(٤) يروى (نَعَيّكُمُ) مكان (بقيّتكم) و (يأتيني) مكان (تأتيني).

اُنظر : لسان العرب : ١٨ / ٨٧ والبحر المحيط : ٣ / ٣٣٦.


أَلَمْ يَأتِيكَ والأَنَباءُ تَنمِي

 ...... (١)

فَهَذَا جوابُ كَمَا تَراهُ.

وإن شِئْتَ ذَهَبْتَ فِيهِ مَذْهَباً آخرَ غَيْرَهُ ، إِلاَّ أنَّ فيهِ فَنّاً وصنعةً ، وهو أَنْ يَكُونَ أَرَادَ ثُمَّ يُدرِكْهُ الموتُ جَزْماً غَيرَ أَنَّهُ نَوى الوقفَ عَلَى الكلمةِ فَنَقَلَ الحَرَكَةَ مِنَ الهَاءِ إلى الكافِ فَصَارَ يُدرِكُه ، عَلَى قولهِ :

 ......

مِنْ عَنَزيِّ سَبَّنيِ لَمْ أَضْرِبُهْ (٢)

أرادَ لَمْ أَضْرِبْهُ ثُمَّ نَقَلَ الضَّمَّةَ إلى الباءِ لِمَا ذَكَرنَاهُ ، كَقَولِهِ :

أَلهى خَلِيلِي عَنْ فِراشِي مَسجِدُه

يَا أيها القاضِي الرَّشيِدُ أَرْشِدُهْ

أيْ أَرْشِدْهُ ثُمَّ نَقَلَ الضمّةَ فَلَمَّا (٣) صَارَ يدركْه إلى يدركُهْ حَرَّك الهاءَ بالضمّ عَلَى أَوَّلِ حَالِها ثُمَّ لَمْ يُعِدْ إليْهَا الضَّمَّةُ الَّتي كَانَ نَقَلَهَا إلى الكافِ عَنْهَا بَلْ أَقَرَّ الكافَ عَلَى ضَمِّهَا ، فَقَالَ : (ثُمَّ يُدْرِكُهُ المَوتُ) وقَدْ جَاءَ ذَلِك عَنْهُمْ.

أَخْبَرَنَا أَبو بكر محمّد بنُ الحسن بقول الشاعر :

إِنّ ابن أحوصَ معروفاً فَبلِّغُهُ

فِي سَاعِدَيْه إذَا رَامَ العُلا قِصَرُ

أَرادَ فَبَلَّغْهُ ثُمَّ نَقَلَ الضَّمَّةَ مِنَ الهَاءِ إلى الغينِ ثُمَّ حَرَّك الهَاءَ بالضَّمِّ وأَقَرَّ ضَمَّةَ الغَينِ عَلَيْهَا بِحالِهَا ، فَقَالَ : فَبَلّغُهُ ، وذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ كَثُرَ النَّقْلُ عَنْهم لِهذِهِ الضَّمَّةِ عن هذهِ الهاءِ ، فَإِذا نُقِلَتْ إلى موضِع قَرَّتْ عَلَيْهِ وثَبَتَ ثباتَ الوَاجِبِ

__________________

(١) تقدّم الشاهد في : ص : ٣٠٧.

(٢) الرجز لزياد الأعجم ، وقبله :

عَجِبْتُ والدَّهْرُ كثيرٌ عَجَبُهْ

 ......

انظر : الكتاب : ٢ / ٢٨٧ واللسان : ـ لمم ـ : ١٦ / ٢٨ والبحر المحيط : ٣ / ٣٣٧ والهمع : ٢ / ٢٠٨ والأشموني : ٤ / ٢١٠.

(٣) أشار أبو حيَّان إلى هذين الرأَيين في البحر المحيط : ٣ / ٣٣٦ ـ ٣٣٧.


فيهِ.

وفي إقرارِ الحركةِ بحالِهَا مَعَ تَحْرِيكِ مَا بَعْدَهَا دلالةٌ عَلَى صِحَّةِ قولِ سيبويه بِإقرارِ الحركةِ التي يحرَّك بِهَا السُّاكِنُ عِنْدَ الحَذفِ إذَا رُدَّ إلى الكلمةِ مَا كانَ حُذِفَ مِنْهَا فِي نحو قَولِهِ فِي النسبِ إلى شَيه : شَويّ وهَذَا مشروح هُنَاكَ فِي مَوضِعِهِ. فَهَذَا وجهٌ ثان كَمَا تَراهُ فِي قولِهِ : (ثُمَّ يُدْرِكُهُ الموتُ) بِضَمّ الكافِ (١) ، فَاعِرفْهُ (٢).

وقَرأَ أبُو السَّـمّـالِ : (وَالسَّـمَـاءُ رَفَعَهَا) (٣) رفع.

قَالَ أبو الفتحِ : الرَّفْعُ هُنَا أَظهر (٤) من قراءةِ الجماعةِ ، وذَلِكَ أَنَّهُ صَرَفَهُ إلى الابتداءِ لاَِ نَّهُ عَطَفَهُ عَلَى الجملةِ الكَبِيرَةِ الَّتي هِيَ قولُهُ تَعَالَى : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ) (٥) فَكَمَا أَنَّ هذهِ الجملة مُرَكَّبَةٌ من مبتدأ وخبر فكذلك قوله تعالى : (وَالسَّـمَـاءُ رَفَعَهَا) جملةٌ مِنْ مبتدأ وخَبَر معطوفةٌ على قوله : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ).

وأَمَّا قَراءَةُ العامّة بالنصبِ : (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا) فَإِنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى

__________________

(١) في هذا التخريجِ تَمَحُّلٌ والشَّوَاهِدُ الَّتي استشهدَ بها أبو الفتح لتعزيز الرأي الذي ذهبَ إليهِ واحدٌ منها لِزِياد الأعجم والآخران مجهولا القائل وكلُّهَا من الشِّعْر وللشِّعر ضَرُورَاتُهُ المعروفةُ وبعضُها لم يستشهدْ بها أحدٌ من النحاةِ غيرِهِ.

(٢) المحتسب : ١ / ١٩٥ ـ ١٩٧.

(٣) من قوله تعالى من سورة الرَّحمن : ٥٥ / ٧ : (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ).

(٤) قال العكبري : (النَّصبُ أَولَى مِنَ الرَّفعِ لاَِ نَّهُ معطوفٌ على اسم قَدْ عَمِلَ فيهِ الفعلُ وهو الضَّميرُ في يسجدانِ وهو معطوف على الاِنسانِ).

وقول أَبي الفتح أسَدْ لاَِنَّ العطفَ هُنَا عطفُ جُمَل ولَيْسَ عطفَ مفردات.

والعطفُ يَقتضِي التماثل في تركيبِ الجُمَلِ. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٥٠.

(٥) سورة الرحمن : ٥٥ / ٦.


(يَسْجُدَانِ) وهي جملةٌ مِنْ فعل وفَاعِل ، والعطفُ يَقتِضي الَتمَاثُلَ فِي تَركِيبِ الجُمَلِ ، فيصيرُ تقديرُهُ : يسجدان ورفع السماءَ ، فَلَمَّا أضْمَرَ (رَفَعَ) وفَسَّرَهُ بِقْولِهِ : (رَفَعَهَا) كَقَولِكَ قَامَ زيدٌ وعَمراً ضربْتُهُ ، أي وضَرَبْتُ عمراً ، لِتَعْطِف جملةً مِنْ فِعْلِ وفَاعِل عَلَى أُخْرَى مِثلها (١).

وفي نصبِ (السَّماء) عَلَى قراءَةِ الجماعةِ ردٌّ عَلَى أَبِي الحَسَن فِي امتناعِهِ أنْ يَقُولَ زيدٌ ضَرَبْتُهُ وعمراً كَلَّمْتَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ وكَلَّمْتُ عَمراً عَطْفاً عَلَى ضَرَبْتُهُ. قَالَ : لاَِنَّ قَولَكَ : ضَرَبْتُهُ جملة ذات موضعِ مِنَ الإعراب ، لِكَونِها خبر مبتدأ ، وقَولُك وكَلَّمْتُ عَمْراً لاَ مَوضِعَ لَهَا مِنَ الإعراب ، لاَِ نَّها لَيْسَتْ خبراً عَنْ زيد لِخلوها مِنْ ضميرهِ ، قَالَ : فلا يُعطَفُ جملة غير ذات موضع على جملة ذاتِ موضع ، إِذْ العطفُ نظيرُ التثنيةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَناسَبَ المَعْطوفُ والمَعْطُوفُ عَلَيهِ (٢).

وهَذَا سَاقِطٌ عِنْدَ سيبويه (٣) وذَلَك أَنَّ ذَلِكَ المَوضِع مِن الإعراب لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ إِلى اللفظِ سَقَطَ حُكُمه وجَرَتْ الجمْلَةُ ذاتُ الموضِعِ كَغَيرِهَا مِنَ الجملة غير ذاتِ الموضِعِ (٤) ، كما أَنَّ الضَّميرَ في اسمِ الفاعلِ لَمَّا لَمْ يَظْهَرْ إلى

__________________

(١) نقل الطبرَسِي كلامَ ابن جِني هَذا فِي مَجمَع البيان : ٢٧ / ٨٣.

(٢) عبارة الأخفش كَما رَواهَا الرضِي : (لا يجوز عطَفُ جملة لا محلّ لها على جملة لَهَا مَحلٌّ).

اُنظر : شرح الرضي على الكافية : ١ / ١٧٦.

(٣) مثال سيبويه : عمروٌ لقيته وزيدٌ كلّمتُهُ إنْ حَمَلْتَ الكلام على الأَوَّلِ ـ إنْ حملته على الاسم الَّذي بني عليه الفعل ـ وعمروٌ لقيتُه وزيداً كلّمتُه إنْ حَمَلْتَهَ عَلَى الآخر ـ على الاسم الذي بُني على الفعل ـ. انظر : الكتاب : ١ / ٤٧.

(٤) هذه إجابَة أَبي علي الفارسي أَخَذَهَا أَبو الفتح عِن شِيخِهِ وصُورتُها كَمَا في شرح الرَّضِي


اللفْظِ جَرَى مَجْرَى مَا لاَ ضَمِيرَ فِيهِ فَقِيلَ فِي تَثْنِيَتهِ : قَائمانِ كَمَا قِيلَ فَرَسَانِ ورَجُلانِ ، بَلْ إِذا كَان اسمٌ قَدْ يَظْهَرُ ضميرُهُ إذا جرى عَلَى غَيرِ مَنْ هُو لَهُ ثُمَّ أجرِيَ مع ذلك مجرى مَا لاَ ضميرَ فيهِ لَمْ يَظْهَرْ في بعضِ المواضع كانَ مَا لاَ يَظْهرُ فيهِ الإعرابُ أَصلاً أَحرَى أَنْ يَسقُطَ الاعتداد (١) بهِ ، والكلام هنا فيه طول (٢) ...

وقَرَأَ ابنُ عَبَّاس ومُجاهدٌ وابنُ مُحيْصِن : (واسْتَفْتِحُوا) (٣).

قَالَ أَبو الفتح : هُو مَعطُوفٌ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ قَولِهِ تَعَالى : (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ) (٤) ، أَيْ : قَالَ لَهُمْ : اسْتَفتِحُوا ، ومَعْنَاهُ : استنْصِروا اللهَ عَلَيْهِم ، واستَحْكِمُوهُ بينَكُم وبِينَهُم ، والقاضِي اسمُهُ الفَتَّاحُ (٥).

عطف شبه الجملة

قَرَأَ : (بَيْنَ أَيْدِيهِم وبِإِيمَانِهِم) (٦) ، بِكَسرِ الهمزةِ ، سهل بن شُعَيب النَّهمِي.

__________________

على الكافية : ١ / ١٧٦ : «إنَّ الإعرابَ لَمَّا لَمْ يَظْهَرْ في المعطوفِ عليهِ جازَ أنْ يُعطَفَ عليه جملة لا إعرابَ لَها».

(١) وقد ظنَّ السيرافي أنّ سيبويه إنَّما يعني بالجواز إذا اشتملتِ الجملةُ على الضَّميرِ بأنْ قيلَ زيدٌ لقيتُهُ وعمروٌ كلَّمْتُهُ عِنْدَه وإنّما سَكتَ سيبويه عن هذا اعتماداً على علمِ السامِعِ أنّهُ لا بُدَّ للخبر إذا كان جملةً من ضمير فيصحّح المثال إذا أراد.

انظر : الكتاب : ١ / ٤٧ وشرح الرضي على الكافية : ١ / ١٧٦.

(٢) المحتسب : ٢ / ٣٠٢ ـ ٣٠٣.

(٣) من قوله تعالى من سورة إِبراهيم : ١٤ / ١٥ : (وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّار عَنِيد).

(٤) سورة إبراهيم : ١٤ / ١٣.

(٥) المحتسب : ١ / ٣٥٩ ـ ٣٦٠.

(٦) من قوله تعالى من سورة الحديد : ٥٧ / ١٢ : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم).


قَالَ أَبَو الفتح : قولُهُ : (بِإِيمانِهِم) معطوف على قوله : (بَيْنَ أَيْدِيِهم).

فَإنْ قُلْتَ : فَإنَّ قَولِهِ : (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) ظَرفٌ ، وقَوله : (بِإِيْمَانِهِم) لَيْسَ ظَرْفاً.

أَلاّ تَرَى أَنَّهُ لَيْسَ معَناهُ يَسْعَى فِي أَيمَانِهِم (١)؟ فَكَيفَ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَفَ

عَلَى الظرفِ مَا ليسَ ظرفاً وقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ العَطْفَ بالواو نَظِيرُ التثنيةِ والتثنيةُ تُوجِبُ تَمَاثُلَ الشَّيءِ؟ قِيلَ : الظَّرْفُ الَّذِي هُو (بَيْنَ أَيْديِهم) مَعْنَاهُ الحالُ وهْو مَتَعَلّقٌ بِمَحْذُوف ، أَيْ : يَسْعَى كَائِنَاً بينَ أَيْدِيِهم ، ولَيسَ (بَيْنَ أَيْدِيِهم) متعلّقاً بِنَفْسِ يَسْعَى ، كَقَولِكَ : سَعَيْتُ بينَ القومِ وسَعَيْتُ فِي حاجَتِي.

وإذَا كَانَ الظَّرْفُ هُنَا فِي موضعِ الحالِ جَازَ أَنْ يُعطفَ عَلَيْهِ الباءُ ومَا جَرَّته حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : يَسْعَى كَائِنَاً بَيْنَ أَيْدِيِهم ، وكَائِناً بِإِيمانِهِم ، أَيْ : إِنَّمَا حَدَثَ السَّعْيُّ كَائِناً بِإِيْمَانِهِم ، كَقَولِ اللهِ تَعَالى : (ذَلِك بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ) (٢) ، أَيْ : ذَلِك كَائِنٌ بِذَلِكَ.

فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَولُهُ : (وبِإِيمَانِهِم) فَأَمَّا أَنْ يُعَلَّقَ (بَيْنَ) بِنَفسِ (يَسْعَى) ويُعْطَفَ عَلَيهِ (بِإِيمَانِهِم) فَلا ، لِمَا تَقَدَّمَ (٣).

ومِنْ ذَلِك قرِاءةُ سَهْلِ بنِ شُعَيب : (بِإِيمَانِهم) (٤) مَكْسُورة الهمزة.

قَالَ أَبو الفتح : قَدْ تَقَدَّمَ القولُ عَلَى ذَلِكَ وأَ نّه مَعْطُوفٌ عَلَى الظرفِ عَلَى أَنَّ الظَّرْفَ حَالٌ (٥).

__________________

(١) قَالَ الأَخْفَش : (يُريدُ عَنْ أَيمانهم) ، وقَال الفرَّاءُ : الباء في (بِأيمانِهم في معني في).

معاني القرآن للأخفش : ١٧٣ / آ ومعاني القرآن للفرّاء : ٣ / ١٣٢.

(٢) سورة الحج : ٢٢ / ١٠.

(٣) المحتسب : ٢ / ٣١١.

(٤) من قوله تعالى من سورة التحريم : ٦٦ / ٨ : (نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ).

(٥) المحتسب : ٢ / ٣٢٤.


الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه

قَرَأَ مُسْلِم بن جُنْدَب : (وأَنَّ الظَّالِمينَ لَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ) (١) نصبٌ.

قَالَ أَبو الفَتْحِ : هُو معطوفٌ عَلَى (كَلِمَةِ الفَصْل) أَيْ : ولَولاَ كَلِمَةُ الفَصْلِ ، وأَنَّ الظَّالِمينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ ، ولَولاَ أَنَّ الظَّالِمِينَ قَدْ عَلِمَ مِنْهُمْ أنَّهُمْ سَيَخْتَارُونَ ما يوجِبُ عَلَيْهِم العذاب لهم لَقُضيَ بَيْنَهُمْ.

وجَازَ الفَصْلُ بَيْنَ الَمعْطُوفِ والَمعْطوفِ عَليهِ بجوابِ (لَوْلاَ) ، الَّذِي هُو قَولُهُ : (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) لاَِنَّ ذَلِك شَايِعٌ وكَثيرٌ عَنْهُم.

قَالَ لَبِيد :

فَصَلْقنَا فِي مُرَاد صَلْقَةً

وصُدَاء أَلْحَقَتْهُمْ بِالثَّلَلْ (٢)

أيْ : فَصَلَقْنَا فِي مُرَاد وصُدَاء صَلْقَةً.

وفيهِ أَيضاً فَصْلٌ بَيْنَ الموصوفِ الَّذِي هُو صَلْقَةٌ والصِّفَة الَّتِي هِيَ قَولُهُ : أَلْحَقَتْهُم بِالثَّلَلْ ، بالمَعْطُوفِ الَّذِي هُو قَولُهُ : (وصُدَاء) ، والْمَوصوفُ مَعَ ذَلِكَ نَكِرةٌ. ومَا أَقْوى حَاجَتَها إِلَى الصفَةِ! ومِثْلُهُ مَا أنشَدَنُاهُ أَبو علي مِنْ قـولِ الآخر :

أمَرَّتْ مِنَ الكَتَّانِ خَيْطَاً وأَرْسَلَتْ

رَسُولاً إلَى أُخْرَى جَرِيًّا يُعِينُهَا (٣)

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الشورى : ٤٢ / ٢١ : (وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

(٢) فصلقنا : فصحنا. الثلل : الهلاك ، ومراد وصُدَاء قبيلتان. الديوان : ١٩٣ والمحتسب : ٢ / ٢٥٠ ولسان العرب : ـ ثلل ـ و ـ صلق ـ ١٢ / ٧٤ و ١٣ / ٩٥ ومعجم شواهد العربية : ٢ / ٢٦١.

(٣) الجَرِيْ : الوكيل ، ويريدُ بهِ الشاعرُ الرسولَ لاَِ نَّهُ يَجْري في إداءِ رِسَالته.

أراد : وأرسلت إلى أُخرى رسولاً جرياً. انظر : التمام : ٩٣ والخصائص : ٢ / ٣٩٦.


فَفَصَلَ بَيْنَ قَولِهِ : (رَسُولاً) وبَيْنَ صِفَتِهِ الَّتِي هِيَ (جَرِيًّا) بِقَولِهِ : إلى أُخْرَى ، وهَو معمولُ أَرْسَلَتْ. عَلَى هَذَا حَمَلَه أبو عَلَيّ وإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنّ يَكُونَ صِفَةً لـِ (رَسُول) متعلّقة بمحذوف وأَنْ يَكُونَ أَيضاً مُتَعلّقاً بِنَفْسِ (رسول).

وقَدْ يجوزُ في (أنَّ) أَنْ تَكونَ مَرْفُوعةً بفعل مُضْمَر حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : ووجَبَ ، أَو وحَقَّ أَنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. يُونسكَ بانقطاعهِ عَنِ الأوَّلِ إلى هُنا قِرَاءَةُ الجماعةِ بالكَسْرِ و (إِنَّ) (١).

زِيَادَةُ الوَاوِ عِنْدَ الكُوفِيينَ

قَرَأَ طلحة ـ رواهُ عبدُ الرحمنِ بن محمّد بن طلحة عَنْ أَبيه عَنْ جَدِّهِ ـ : (نَخْتِمُ عَلَى أَفْواهِهِمُ وَلِتُكَلِّمُنَا أَيْدِيِهم ولِتَشْهَدَ أَرُجُلُهُمْ) (٢).

قَالَ أبو الفتح : مَنْ ذَهَبَ إلَى زِيادَةِ الواو نَحْو قَولِ اللهِ سُبْحَانَهُ : (حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) (٣) جَازَ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فِي هَذَا المَوضِعَ (٤) فَكأَ نَّهُ اليومَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْواهِهِم لِتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِم ، فأَمَّا الواو فِي قَولِهِ تعالى : (ولِتَشْهَدَ) فَعَطَفَ عَلَى مَا قبلها وهْو (لِتُكَلِّمَنَا) وعَلى أنَّ زِيادةَ الواو

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٥٠ ـ ٢٥١.

(٢) من قوله تعالى من سورة يس : ٣٦ / ٦٥ : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).

(٣) سورة الزمر : ٣٩ / ٧٣.

(٤) ذهب إلى زيادة واو العطف الكوفيون والأخفش والمُبَرِّدُ من البصريين. انظر : معاني القرآن للأخفش : ١٦٣ / أومعاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٨١ والمقتضب : ٢ / ٨٠ والإِنصاف : ١ / ٢٤٣ والمغني : ٢ / ٣٦٢.


لاَ يَعْرِفُها البصريونَ ، وإنَّمَا هُو لِلْكُوفِيينَ خَاصّة (١).

أَو

قَرَأَ ابنُ أبِي إِسحاق : (أَو نُرَدَّ) (٢) بِنَصبِ الدَّالِ.

قَالَ أَبو الفتح : الَّذِي قَبْلهُ مِمَّا هُو مُتَعَلَّقٌ بهِ قَولُهُ : (فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا) ، ثُمَّ قَالَ : (أَوْ نُرَدَّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) (٣) ، فَعَطَفَ (نُرَدَّ) عَلَى (يَشْفَعُوا) وهَلْ مَنْصُوبٌ لاَِ نَّهُ جوابُ الاستفهامِ وفيهِ مَعْنَى الـتَّـمَنِّي ، وذلِكَ أَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ لاَ شَفِيعَ لَهُمْ وإِنَّما يتمنّونَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ هُنَاكَ شُفَعَاءَ فَيُردَوا بِشَفَاعَتهِم فَيَعْمَلُوا مَا كَانُوا لا يعملون مِنَ الطاعةِ فَيصَيرُ بهِ المعنى إِلى أَنَّهُ كَأَ نَّهُمْ قَالُوا : إِنْ نُرْزَقَ شُفَعَاءَ يشفعوا لنا أَو نُرْدَدْ (٤).

بَـلْ

قَرَأَ سعيد بن جُبَير : (بَلْ مَكَرُّ اللَّيلِ والنَّهَارِ) (٥) وهْيَ قِراءَةُ أَبي رَزِين أَيْضاً.

وقَرَأ : (بَلْ مَكْرٌ اللَّيلَ والنَّهَارَ) قَتَادَة.

قَالَ أَبو حَاتِم : وقَرَأَ رَاشِد الَّذِي كَانَ نَظَر فِي مَصَاحفِ الحَجَّاحِ : (بَلّ مَكَرَّ) بالنصب.

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢١٦.

(٢ و ٣) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ٥٣ : (فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَو نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الّذِي كُنَّا نَعْمَلُ).

(٤) المحتسب : ١ / ٢٥١ ـ ٢٥٢.

(٥) من قوله تعالى من سورة سبأ : ٣٤ / ٣٣ : (وقَالَ الَّذِينَ استُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَروا بَلْ مَكْرُ الليلِ والنَّهَارِ إذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ باللهِ ونَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادَاً).


قَالَ أَبو الفَتْحِ : فَإنْ قِيلَ فَمَا مَعْنَى دخول (بل) هنا ، وإنَّمَا هيَ جوابِ الاستفهامِ؟ وأَنتَ لا تقولُ لِمَنْ قَالَ لَك : أَزيد عِنْدَك؟ : بَلْ هُو عِنْدِي ، وإنَّمَا تَقُولُ : نَعَمْ ، أو لاَ.

قِيلَ : الكلاُم مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَاهُ ، وذَلِك فِي قَولِهِم : (أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم) (١) مَعْنَاهُ الإِنكارُ لَهُ ، والرَّدُّ عليهم في قولِ المُسْتَضْعَفِينَ لَهُمْ : (لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) (٢) فَكَأَ نَّهُم قَالُوا لَهُمْ فِي الجوابِ : مَا صَدَدْنَاكُم ، فَرَدُّوه ثَانِيةً عَلَيْهِم ، فَقَالُوا : بَلْ صَدَّنَا عَنْهُ تَصَرَّمُ الزَّمانِ عَلَينا وأَنْتُم تَأْمرونَنَا أَنْ نَكْفُرَ باللّهِ.

وقَدْ كَثُرَ عَنْهُمْ تَأَويلُ مَعْنَى النَّفِي وإنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِراً إِلى بادئ اللفظ قَالَ اللهُ تَعَالَى : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) (٣) أيْ مَا حَرَّمَ إِلاَّ الفَواحِشَ ، وعَليهِ بيتُ الفرزدق :

أنا الدَّافِعُ الحَامِي الذِّمَارَ وإنَّما

يُدَافِعُ عَنْ أَحْسَابِكُم أَنَا أَو مِثْلي (٤)

أَيْ : مَا يُدَافِعُ عَنْ أَحْسَابِكُم إِلاّ أَنَا. ولِذَلِك عِنْدَنَا ما (٥) فَصَلَ الضَّميرَ

__________________

(١) سورة سبأ : ٣٤ / ٣٢.

(٢) سورة سبأ : ٣٤ / ٣١.

(٣) سورة الأَعراف : ٧ / ٣٣.

(٤) يروى صدر البيت :

أَنا الضامِنُ الرَّاعي عَلَيْهم وَإنَّمَا

 ......

كما يروى (أَحسابهم) مكان (أَحسابكم). الديوان : ٧١٢ وشرح المفصل : ٢ / ٩٥ و ٨ / ٩٦ والمغني : ١ / ٣٠٨ والهمع : ١ / ٦٢ وشرح التصريح : ١ / ١٠٦ وشرح الأشموني : ١ / ١١٦ والدرر اللوامع : ١ / ٣٩.

(٥) ما زائدة.


فَقَالَ : أَنَا وأَنْتَ. لا تقول : يقوم أَنَا ، ولا نقعدُ نحنُ ، ولَوْلاَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ إِرادَةِ النَّفِيِّ لَقَبُحَ الفصلُ ، وأَنْشَدَنَا أَبو عَليّ :

فَاذْهَبْ فَأَيُّ فَتىً فِي الناسِ أَحْرَزَهُ

مِنْ يَومِه ظُلَمٌ دُعْجٌ ولاَ جَبَلُ (١)

أَيْ مَا أَحَدٌ أَحْرَزَهُ هَذَا مِنَ المَوتِ ، ونَظائِرهُ كَثِيرة (٢).

أَو بمعنى بَلْ

روى ابنُ مجاهد عن روح عن أَبي السَّـمَّـال : أَنَّهُ قَرَأَ : (أَوْ كُلَّـمـَا عَهِدُوا) (٣) ساكنة الواو.

قَالَ أَبو الفتح : لاَ يجوزُ أَنْ يَكُونَ سكونُ الواو فِي (أَوْ) هذهِ على أَنَّها في الأَصل حرفُ عطف كَقِراءَةِ الكافّةِ (أَوَ كُلَّمَا) من قبل أَنَّ واوَ العطف لم تُسَكَّنْ في موضع علمناهُ ، وإنَّما يُسَكَّنُ بَعْدَها مِمَّا يُخْلَط مَعَهَا فَيَكُونَانِ كالحرفِ الواحدِ ، نَحو قولِ اللهِ تَعَالى : (وَهُوَ اللهُ) (٤) وقوله سبحانه : (وَهُوَ وَلِيَّهُم) (٥) بِسكُونِ الهاءِ ، فِأَمَّا واو العطف فلا تُسَكَّنُ من موضعين :

أَحَدُهُمَا : أَنَّها في أَوَّلِ الكلمِةِ والسَّاكُن لا يُبتدأ بِه.

والآخر : أَنَّها هُنَا وإِنْ اعَتَمَدتْ عَلَى هَمْزَةِ الاستفَهامِ قَبْلَهَا فَإنَّهَا مَفْتُوحَةٌ

__________________

(١) البيت للمتنخل الهُذَلي يرثي ابنه أُثَيْلَة. ويُروَى (حتفه) مكان (يومه) و (حيل) مكان (جَبل). ديوان الهذليين : ٢ / ٣٥ ، ومعاني القرآن للفرّاء : ١ / ١٦٤ والخصائص : ٢ / ٤٣٣ وأمالي الشجري : ١ / ٧٧ و ٢ / ٣٢ والمغني : ٢ / ٣٥٥.

(٢) المحتسب : ٢ / ١٩٣ ـ ١٩٥.

(٣) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٩٩ ـ ١٠٠ : (وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَات بَيِّنـَات وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ * أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ).

(٤) سورة الأنعام : ٦ / ٣.

(٥) سورة الأنعام : ٦ / ١٢٧.


والمفتوحُ لا يُسَكَّنُ استخفافاً ، وأ نَّـمَـا ذَلِك فِي المَضْمُومِ والمَكْسُورِ نَحو كَرْمُ زيد وعِلْم اللهِ. فَإِذَا كَانَ كَذلِك كَانَتْ (أَو) هَذِهِ حَرْفاً واحداً ، إِلاَّ أَنَّ مَعَنَاهَا مَعْنَى بَلْ لِلتَّرْكِ والتَّحَوُّلِ ، بمنزلةِ أَمْ المنقطعة ، نحو قولِ العَرَبِ : إنَّها لاَبِلٌ أَمْ شَاءٌ (١) ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : بَلْ أَهْيَ شَاءٌ؟ فَكَذَلِك مَعْنَى (أو) ها هنا حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : (وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ) بَلْ (كَلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدَاً نَبَذَهُ فَريقٌ مِنهم). يؤكّد ذَلِكَ قَولُهُ تَعَالَى بَعْدَهُ : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) ، فكأ نَّهُ قال : بل كُلَّمَا عاهدُوا عَهْداً بَلْ أكثرهم لا يؤمنون.

و (أَو) هَذِه التي بِمَعَنى أَمِ المنقطعة ـ وكِلْتَاهُمَا بِمَعْنَى بَلْ ـ مَوجُودَة فِي الكَلامِ كثيراً ، يَقُولُ الرَّجُلُ لِمَنْ يَتَهَدَّدُهُ : واللهِ لاََفْعَلَنَّ بِكَ كَذَا ، فَيَقُولُ لَهُ صَاحِبُهُ : أَو يُحْسِنُ اللهُ رَأَيْكَ ، أو يُغَيِّرُ اللهُ مَا فِي نَفْسِك. مَعْنَاهُ : بَلْ يُحْسِنَ اللهُ رَأَيَكَ ، بَلْ يُغيِّرُ اللهُ مَا فِي نَفْسِكَ. وإلى نحو هَذَا ذَهَب الفرَّاءُ (٢) فِي قَولِ ذِي الرِّمَّة :

بَدَتْ مِثْلَ قَرْنِ الشَّمسِ فِي رَونَقِ الضْحَى

وصورَتِها أَو أَنْتِ فِي العَيْنِ أَمْلَحُ (٣)

قَالَ : مَعْنَاهُ : بَلْ أَنتِ فِي العينِ أَمْلَحُ (٤) ، وكَذَلِك قَالَ في قَولِ اللهِ تعالى :

__________________

(١) انظر : الكتاب : ١ / ٤٨٤ ومعاني الحروف : ٧٠ والأُزهية : ١٣٦ ورصف المباني : ٩٥ والمغني : ١ / ٤٥ وشرح المفصل : ٨ / ٩٧.

(٢) قال أبو الفتح : (أو إنَّمَا أصْلُ وضْعِها أنْ تَكُونَ لاَِحَدِ الشَّيئَينِ أَينَ كَنتْ وكَيفَ تَصَرَّفَت. فَهْيَ عِنْدَنَا عَلَى ذَلِكَ وإنْ كَانَ بَعضُهُم قَدْ خَفِيَ عَلَيهِ هَذَا مِنْ حَالِهَا فِي بعضِ الأحْوال حَتَّى دَعَاهُ إلى نَقلهَا عَنْ أَصلِ بِابِهَا وذَلكَ أَنْ الفرَّاءَ قَالَ : قَدْ تأتِي بِمَعنَى بِلْ). الخصائص : ٢ / ٤٥٧.

(٣) اُنظر : معاني القرآن للفرّاء : ١ / ٧٢ والخصائص : ٢ / ٤٥٨ والأُزهية : ١٢٨ والخزانة

ـ بولاق ـ ٤ / ٤٢٣. وليس في ديوان ذي الرِّمَّة.

(٤) انظر : معاني القرآن للفرّاء : ١ / ٧٢.


(وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِاْئَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ) (١) ، قَالَ : مَعُنَاهُ : بَلْ يَزِيِدونَ (٢) وإِنْ كَانَ مَذْهَبُنَا نَحْنُ فِي هَذَا غيرُ هَذَا (٣) فَإِنَّ هَذَا طريقٌ مَذْهُوبٌ فيهِ عَلَى هَذَا الوجْهِ (٤).

أَمْ بِمَعنَى بَلْ

قَرَأَ الناسُ : (أَمْ هُمْ قومٌ طَاغُونَ) (٥) وقَرَأَ مُجَاهِد : (بَلْ هُمْ قَومٌ طَاغُونَ) فِي الطُّورِ (٦).

قَالَ أَبو الفتح : هَذَا هُو المَوضِعُ الَّذِي يقولُ أَصْحابُنَا فِيه : إنَّ أَمِ المنقطعة بمعنى بَلْ (٧) ، للتَّركِ والتَّحَوُّلِ ، إلاَّ أَنَّ مَا بَعْدَ بَلْ مُتَيَقَّنٌ ومَا بَعْدَ أَمْ مَشْكُوكٌ

__________________

(١) سورة الصافّات : ٣٧ / ١٤٧.

(٢) اُنظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٩٣.

(٣) قال في الخصائص : (أَمَّا قولُ الله سبحانه : (وَأَرْسَلنَاهُ إِلى مِاْئَةِ أَلف أَو يَزِيدُونَ) فَلاَ يكونَ فِيه (أو) عَلَى مَذهبِ الفرّاءِ بمعنى (بَلْ) وَلا على مذهَبِ قُطرب في أَنَّها بِمَعنَى الواو ولَكنَّهَا عِندَنَا عَلى بابِها في كونِهَا شَكّاً ، وهَذَا هو رأي البصريينَ. وقال الأخفش في قوله تعالى : (وأَرْسَلْنَاهُ إلى مِاْئَةِ أَلف أَو يَزِيدُونَ) يقول : كانوا كذلك عندكم.

اُنظر : معاني القرآن للأخفش : ١٦٢ / أوالخصائص : ٢ / ٤٦١ والإنصاف : ٢ / ٢٥٤.

(٤) المحتسب : ١ / ٩٩ ـ ١٠٠ ، وقد ذهب إلى مجيء (أو) بمعنى (بل) عبد الله بن عباس ، والخليل ، والمبرّد ، والفرّاء ، وثعلب ، والطبري ، والأزهري ، والجوهري ، وابن جني ، والشريف المرتضى ، والرضي الأسترآباذي ، وأبو حيّان النحوي الأندلسي ، وابن هشام الأنصاري ، وابن منظور ، وغيرهم ممن بيّناه في حاشية من قرأ : (وَأَرْسَلْنَاهُ إلى مِئَةِ أَلْف ويزيدون) في آخر موضوع العطف : ص : ٤٢٢ ، فراجع.

(٥) سورة الطور : ٥٢ / ٣٢.

(٦) آية الطور كما تقدّم : (أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ) وأما قوله تعالى (بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ) فهو في سورة الذاريات : ٥١ / ٥٣.

(٧) أصحابُهُ يعني بهم البَصْريينَ وهَذَا قَولُهُمْ. معاني الحروف : ٧٠ والأُزهية : ١٣٥ ورصف المباني : ٩٥ والجنى الداني : ٢٢٥ والمغني : ١ / ٤٥.


فيهِ مَسؤولٌ عَنْهُ ، وذَلِكَ كَقَولِ عَلقَمةَ بن عَبدَةَ :

هَلْ مَا عَلِمْتَ ومَا استودِعْتَ مَكْتُومُ

أَمْ حَبْلُهَا إذْ نَأَتَكَ اليومَ مَصْرُومُ (١)

كَأَ نَّهُ قَالَ : بَلْ أَحَبْلُهَا إِذْ نَأَتْكَ اليوم مَصْرومُ؟ ويُؤكِّدُهُ قَولُهُ بَعْدَهُ :

أَمْ هَلْ كَبير بَكَى لَمْ يقضِ عَبرَتَهُ

إِثْرَ الأحِبَةِ يَومَ البَينِ مَشْكُومُ (٢)

أَلاَ تَرَى إلى ظهورِ حرفِ الاستفهامِ ، وهْو (هَلْ) فِي قولهِ : أمْ هَلْ كَبِيرٌ بَكَى حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : بَلْ هُو كَبيرٌ؟ تَرَك الكلامَ الأَولَ وأَخَذَ في استفهام مُسْتَأ نَف.

وقَدْ تَوالَتْ (أَمْ) هذه في هذا الموضع من هذه السورة : قال تعالى : (أَم يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ) (٣) ، أَي : بَلْ أيقولون ذلك؟ (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُم بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُون) (٤) أَي : بَلْ أَهُمْ قومٌ طَاغُونَ؟ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الاستفهامِ ، وإنْ كَانُوا عِنْدَهُ تعالى قوماً طاغينَ ، تَلَعُّبَاً بِهِم وتَهَكُّمَاً عَلَيْهِم. وهَذَا كقولِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِه الَّذِي لاَ يَشكُّ في جَهْلِهِ : أَجَاهِلٌ أَنْتَ؟ تَوبِيخاً لَهُ ، وتَقبِيحاً عَلَيه. ومَعْنَاهُ إنّي قَدْ نَبَّهْتُك عَلَى حالِكَ فانتبه لَها ، واحْتَطْ لِنَفْسِكَ مِنْهَا.

قَالَ صخر الغيّ :

أرائحٌ أَنْتَ يَومَ اثنينِ أَمْ غَادِي

ولَمْ تُسَلِّم عَلَى رَيْحَانَةِ الوادِي (٥)

__________________

(١) الديوان : ٥٠ والكتاب : ١ / ٤٨٧ وأمالي الشجري : ٢ / ٣٣٤ ولسان العرب : ـ أمم ـ ١٤ / ٣٠٣ وشرح المفصل : ٨ / ١٥٣ ورصف المباني : ٩٤ والخزانة ـ بولاق ـ ٤ / ٥١٦.

(٢) الديوان : ٥٠ والكتاب : ١ / ٤٨٧ ولسان العرب : ١٤ / ٣٠٣.

(٣) سورة الطور : ٥٢ / ٣٠.

(٤) سورة الطور : ٥٢ / ٣٢.

(٥) اللسان : ١٨ / ١٢٨ ومعجم شواهد العربية : ١ / ١٢٠.


لَيْسَ يستفهم نفسه عَمَّا هو أَعلم به. ولكنّه يقبح هذا الرأَي وينعاهُ عليها هكذا معتادُ كلامِ العَرَبِ ، فَاعْرِفْهُ وأْ نَسْ بهِ (١).

البدل

١ ـ بدل الاسم من الاسم

قَرَأَ عِكْرِمة : (جَدّا رَبُّنَا) (٢) ورُويَ عَنْهُ : (جَدٌّ رَبُّنَا) وَغَلِّط (٣) الَّذِي رَواهُ.

قَالَ أَبو الفتح : فأمَّا (جَدٌّ رَبُّنَا) فَإِنَّهُ عَلَى إنكارِ ابنِ مجاهد صحيحٌ وذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ : وأَ نَّهُ تَعَالَى جَدٌّ جَدٌّ رَبُّنَا عَلَى البَدَلِ (٤) ، ثُمَّ حَذَفَ الثانِي وأَقامَ المُضَاف إِليهِ مقامَهُ وهَذَا عَلَى قَولِهِ سُبْحَانَهُ : (إِنَّا زَيَّنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينة الكَوَاكِبِ) (٥) ، أَيْ : زينةِ الكواكبِ ، فَـ (الكَوَاكِب) إذاً بدلٌ مِن (زِينَة).

فَإِنْ قُلْتَ : فَإِنَّ الكَواكِبَ قَد تُسَمَّى زِينة ، والرَّبُّ تَعَالى لاَ يُسَمَّى جَدًّا.

قِيل : الكواكبُ في الحقيقةِ ليْسَتْ زينَةً لَكِنَّهَا ذَاتُ الزِّينةِ ، أَلاَ تَرىَ إِلى القَرِاءَةِ بالإِضافِة وهْيَ قَولُهُ : (بزينةِ الكواكبِ) (٦)؟ وأَنْتَ أَيْضاً تَقُولُ : تَعَالَى

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٢.

(٢) من قوله تعالى من سورة الجنّ : ٧٢ / ٣ : (وَأَ نَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنـَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً).

(٣) يريد أَنَّ ابنَ مجاهدَ قَد غَلَّطَ الّذي روى هذا الحرف. كما يفهم من كلامِه الآتي.

(٤) وبَهَذا القولِ أَخَذَ أَبو حَيَّان في البحر المحيط : ٨ / ٣٤٧.

(٥) سورة الصافّات : ٣٧ / ٦.

(٦) قرأَ عاصم وحمزة (بزينة) بالتنوين وقَرأَ باقي السبعة بغيرِ تنوين وقرأَ عاصم (الكواكبَ) بالنصب وقرأ الباقونَ بالخفضِ. الكشف عن وجوه القراءات : ٢ / ٢٢١ ومجمع البيان : ٢٣ / ٤٥ والبحر المحيط : ١٧ / ٣٥٢ وإتحاف فضلاء البشر : ٢٢٦.


رَبُنا كَمَا تَقَولُ تعالى جَدُّ رَبِّنَا ، فالتعالي مستعمل مَعَهُمَا جَمِيعاً ، كَمَا يُقَالُ يَسُرُّنِي زَيْدٌ قِيامُهُ ، وأنت تقول : يَسُرُّنِي زَيدٌ ، ويَسُرُّنِي قِيَامُهُ. وهَذَا بيانُ مَا أَنْكَرَهُ ابنُ مُجَاهِد (١).

وقَرأَ الأَعرج وابنُ يَعْمَر والحَسن ـ بخلاف ـ وابنُ أبي إِسحاق وعمرو ونُعَيم بن مَيْسَرة : (أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبِ) (٢).

قَالَ أَبُو الفَتْحِ : أَمَّا (الكَذِب) بِالجَرِّ فَبَدَلٌ مِنْ (مَا) فِي قَولِهِ : (وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُم) أَيْ : لاَ تَقُولُوا لِلْكَذِبِ الَّذِي تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ (٣).

٢ ـ بدل الفعل من الفعل

رَوى الأَعمش قَالَ : في قراءة ابنِ مسعود : (يُحَاسِبْكُمْ بهِ اللهُ يَغْفرْ لِمَنْ يَشَاءُ ويعذّبْ مَنْ يَشَاءُ) (٤) جزمٌ بغير فاء.

قَالَ أَبو الفتح : جَزْم هذا على البدل (٥) من (يُحَاسِبُكُم) عَلَى وجهِ التفصيلِ لجملةِ الحسابِ ، ولاَ محالةَ إنَّ التفصيلَ أوضحُ منَ الـمُـفَصَّل فَجَرى مجرى بَدلِ البعضِ أو الاشتمال. والبعضُ : كضربتُ زيداً رأسَهُ والاشتمالُ : كأُحِبُّ زيداً عَقْلَهُ.

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣.

(٢) من قوله تعالى من سورة النحل : ١٦ / ١١٦ : (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّـتَفْـتَرُواْ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ).

(٣) المحتسب : ٢ / ١٢.

(٤) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٨٤ : (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ).

(٥) قال ابنُ الأَنباري : الجزم بالعطف على (يُحَاسِبْكم). انظر : البيان في غريب إعراب القرآن : ١ / ١٨٦.


وهَذَا البَدَلُ ونَحُوهُ واقِعٌ فِي الأَفعالِ وقوعَهُ فِي الأَسماءِ لِحاجَةِ القَبيلَينِ إلَى البيانِ ، فَمِنْ ذَلِك قولُ اللهِ سُبْحَانَهُ : (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِك يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً) (١) لاَِنَّ مُضَاعَفَةَ العَذَابِ هُو لُقُيُّ الأَثَامِ.

وعَليهِ قَولُهُ :

رُويداً بَنِي شَيْبَانَ بَعَضَ وعَيدِكُمْ

تُلاَقُوا غداً خَيْلِي عَلَى سَفَوَانِ

تُلاَقُوا جِياداً لاَ تَحيدُ عَنِ الوَغى

إذَا مَا غَدَتْ فِي المَأزِقِ المُتَدَانِي

تُلاقُوهُمُ فَتَعْرِفُوا كَيْفَ صَبْرُهُمْ

عَلَى ما جَنَتْ فِيهم يَدَا الحَدَثَانِ (٢)

فَأَبْدَلَ تُلاقُوا جياداً مِنْ قَوْلِهِ : تُلاَقُوا غداً خَيْلِي ، وَجَازَ إِبْدَالُهُ مِنْهُ للبيان وإِنْ كَانَ مِنْ لفظه وعلى مثالهِ لما اتّصل بالثاني من قوله جياداً لا تحيدُ عن الوغَى ، وأبدلَ تُلاقُوهم من تلاقُوا جياداً لِمَا اتَّصَلَ بِهِ من المعطوفِ عليهِ وهو قولُهُ : (فَتَعْلَمُوا (٣) كَيفَ صَبْرُهُمُ) وإِذا حصلتْ فائدةُ البيانِ لم تُبلْ أَمِنْ نَفْسِ المُبْدَلِ كَانَتْ أُمْ مِمَّا اتَّصَلَ بهِ فضلةً عليهِ أُمْ مِنْ مَعْطُوف مَضْمُوم إِليهِ ، فَإِنَّ أكثر الفوائد إِنَّما تُجْتَنَى من الألحاقِ وَالفَضلات ، نَعَمْ وَمَا أَكثَر مَا تُصْلحُ الجُملَ وَتُتَمِّمُها ، وَلَوْلا مَكَانُها لَوَهنتْ فَلَمْ تستمسك.

أَلاَ تَرَاك لَوْ قُلْتَ : زيدٌ قامتْ هندٌ لَمْ تتمّ الجملة؟ فلو وصلت بِهَا فَضْلَة ما لَتَـمَّـتْ ، وَذَلِك كَأَنْ تَقُول : زيدٌ قَامتْ هندٌ فِي دارهِ أوْ مَعَهُ أو بسببهِ أَو لِتُكرِمَهُ أَوْ

__________________

(١) سورة الفرقان : ٢٥ / ٦٨ ـ ٦٩.

(٢) الأبيات لِوَدَّاك بن ثُمَيل المازني ويروى (رويدَ بني شيبان) بالإضافةِ وَسَفَوان اسمُ ماء على أميال من البصرة هي اليوم المنطقة الحدودية بين العراق والكويت. ديوان الحماسة : ١ / ٣٢.

(٣) في البيت (فتعرفوا).


فَأكرَمْتهُ أو نحو ذلك ، فَصَحَّتِ المسألةُ لِعَودِ الضميرِ عَلَى المبتدأِ مِنَ الجُمْلَةِ.

وَعَلَيهِ قَوْلُ كُثيِّر فيما أَظُنُّ :

وَإِنْسَانُ عَيْني يَحْسُرُ الماءُ تارةً

فَيبدُو ، وَتَارات يَجُمُّ فَيَغْرَقُ (١)

فَبِالمَعَطُوفِ عَلَى يَحْسُر الماءُ ما (٢) تَمَّتِ الجملةُ. وفي هَذَا بيانٌ (٣) وقَرَأَ الجماعة : (خَسِرَ الدُّنيا وَالآخِرَةَ) (٤) قَالَ أَبو الفتح : تَكُونُ هَذِهِ الجُمْلَة بدلاً مِنْ قَولِهِ : (انقلبَ عَلَى وجْهِه) (٥) فَكَأَ نَّهُ قَالَ : وإنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ خَسِرَ الدَّنيَا والآخِرَةَ ومِثْلُه ، من الجُمَلِ التِي تَقَعُ وهْيَ مِنْ فِعْل وفَاعل بَدَلاً مِنْ جَوابِ الشرطِ قَولُهُ تَعَالى : (ومَنْ يَفْعَلْ ذَلِك يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ) (٦) ، وذَلِك لاَِنَّ مُضَاعَفَةَ العَذَابِ هِيَ لُقِيُّ الأَثَامِ. وعَليهِ قَولُ الآخر :

إِنْ يَجْبُنُـوا أَو يَغْـدُرُوا

أَو يَبْخَلُـوا لاَ يَحْفِـلُـوا

يَغْدُوا عَلَيـك مُرَجّـلـِـ

ــيـنَ كَأَ نَّهُـمْ لَمْ يَفْعَلُـوا (٧)

__________________

(١) البيت لذي الرِّمَّة وَلَمْ يَكُنْ أبو الفتح متأكِّداً من نسبته إلى كُثير لِذَلِكَ احترزَ بقولهِ : فيما أظنّ. انظر : ديوان ذي الرِّمَّة : ٣٩٥ والمقرب : ١ / ٨٣ والمغني : ٢ / ٥٠١ والهمع : ١ / ٨٩ والدرر اللوامع : ١ / ٧٤ وشرح الأشموني : ١ / ١٩٦ و ٣ / ٩٦.

(٢) ما : زائدة.

(٣) المحتسب : ١ / ١٤٩ ـ ١٥٠.

(٤ ـ ٥) من قوله تعالى من سورة الحجّ : ٢٢ / ١١ : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْف فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ).

(٦) سورة الفرقان : ٢٥ / ٦٨ ، ٦٩.

(٧) يروى البيت الأوّل :

إن يغـدروا أو يكذبـوا

أو يختـروا لا يحفِلـوا

وختر : غدر وخدع. انظر : الكتاب : ١ / ٤٤٦ والحيوان : ٣ / ٤٧٧ والبيان والتبيين : ٣ / ٣٣٣ والانصاف : ٢ / ٣٠٩ وشرح المفصل : ١ / ٣٦ وخزانة الأدب ـ بولاق ـ ٣ / ٦٦٠.


وقَولُهُ يَغْدُوا عَلَيك مُرَجّلِينَ بَدلٌ مِنْ قَولِهِ لاَ يَحفِلُوا (١).

وقَرَأَ الحَسَن : (ولاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ) (٢) جزماً.

قَالَ أَبو الفتح : أَمَّا الجزمُ فَيَحْتَمِلُ أَمرِينِ :

أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ بدلاً مِنْ قَولِهِ : (تَمْنُنْ) حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : لا تستكثرْ فَإنْ قَالَ : فعبرةُ البدل أَنْ يَصْلُحَ لإقامةَ الثانِي مقام الأَوّل ، نَحو ضربتُ أَخَاكَ زَيْداً ، فَكَأ نَّك قُلْتَ : ضربتُ زيداً ، وأَنْتَ لَو قُلْتَ : لاَ تَسْتَكْثِرْ لَمْ يَدْلُلْكَ النَّهيُ عَنْ المَنِّ لِلاستكثار ، وإنَّمَا كَأَنْ يكونُ فيه النَّهيُ عن الاستكثارِ مُرسَلاً ، ولَيسَ هَذَا هُو المَعْنَى ، وإِنَّما المَعْنَى لاَ تمنُنْ مَنَّ مُسْتَكْثِر ، أيْ امنُنْ مَنَّ مَنْ لا يُريدُ عِوضاً ولاَ يطلبُ الكثيرَ عَنِ القليلِ.

قِيلَ : قَدْ يَكونُ البدلُ على حذفِ الأَوَّل وكَذَلِكَ أَيْضاً قَدْ يَكُونُ عَلَى نيةِ إثباتِهِ. وذَلِكَ كَقَولِكَ : زَيدٌ مَرَرْتُ بِهِ أَبي محمّد فتبدلُ أَبا محمّد مِنَ الهاءِ ، ولَو قُلْتَ زيدٌ مَرَرتُ بِأَبي محمّد ، عَلَى حذفِ الهاءِ كَانَ قبيحاً ، فقولُهُ تَعَالَى : (وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ) مِنْ هَذَا القَبِيلِ لاَ مِنْ الأوَّلِ.

وأَنْكَر أَبو حاتِم الجزمَ عَلَى البَدَلِ ، وقَالَ : لاَِنَّ المَنَّ لَيْسَ بالاسْتِكثَارِ ، فَيُبْدَلَ مِنهُ ، وبَيْنَهُمَا مِنَ النسبةِ مَا ذَكَرتُه لَكَ.

وأَما الوجه الآخر : فَأَنْ يَكُونَ أَرادَ : (تَسْتَكثُرُ) فَأَسكنَ الرَّاءَ لِثِقَل الضَّمَّةِ مَعَ كثرةِ الحَرَكاتِ (٣) كَمَا حَكَاهُ أَبو زَيد مِنْ قَولِهم : (بَلَى وَرُسُلْنَا لَدَيْهِم

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٧٥ ـ ٧٦.

(٢) من قوله تعالى من سورة المدثّر : ٧٤ / ٦ : (وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ).

(٣) يذهب الأَخفش إلى جزم تستكثرْ عَلَى أَنَّها جواب النهي وهذا وجه ثالث.

انظر : معاني القرآن للأخفش : ١٧٧ / أ.


يَكتُبُونَ) (١) بِإِسكانِ اللاَّم (٢).

٣ ـ بدل الظاهر من الضمير

قَرَأَ الحَسَن والثقفي : (تُخَيَّلُ) (٣) بِالتاءِ.

قَالَ أَبُو الفتح : هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَولَهُ تَعَالَى : (أَنَّهَا تَسْعَى) بَدَلُ مِنَ الضَّمِير فِي (تُخَيَّل) وهو عَائِد عَلَى الحِبَالِ والعصي ، كقولكَ : إِخوتكَ يُعجبونَني أَحوالهم. فَأَحوالهم بَدَلٌ مِنَ الضَّميرِ العائدِ عَلَيْهِم بدل الاشتمال. ومنهُ قولُه تَعَالى : (جَنَّاتِ عَدْن مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الاَْبْوَابُ) (٤) فِيمَن جَعَلَ (الأَبُوابَ) بَدَلاً مِنْ الضَّميرِ فِي (مُفَتَّحَة) ، وهَذَا أَمْثَلُ مِنْ أَن يعتقد خلو (تُخَيَّلُ) مِنْ ضمير يَكُونُ مَا بَعْدَه بَدَلاً مِنْهُ ، لَكِنْ يُؤنَّثَ الفِعْل لِتَضَمُّنِ ما بَعَدَ أَنْ لفظ التأنيث ، كَقِرَاءةِ مَنْ قَرَأَ : (لاَ تَنْفَعُ نَفْسَا إيْمَانُها) (٥) ، لاَِ نَّهُ أَسهَلُ وأسرَعُ مِنْ إِتعابِ الإِعرابِ والتَّعَسّفِ بِهِ (٦) مِنْ باب ...

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٨٠ : (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ).

(٢) المحتسب : ٢ / ٣٣٧ ـ ٣٣٨.

(٣) من قوله تعالى من سورة طه : ٢٠ / ٦٦ : (فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى).

(٤) سورة ص : ٣٨ / ٥٠.

(٥) من قوله تعالى من سورة الأَنعام : ٦ / ١٥٨ : (لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا) ، والقراءة المذكورة هي قراءة أَبي العالية. تنظر : ص : ٢١٣ والمحتسب : ١ / ٢٣٦.

(٦) قال الفرّاء : «ومن قرأ (تُخَيَّل) أو (تَخَيَّل) فإنّها في موضع نصب لاَِنَّ المعنى تتخيّل بالسعي لهم وتَخيّل كذلك ، فإذا ألقيتَ الباءَ نصبتَ ، كما تقولُ : أردتُ بأنْ أقومَ ومعناه أردتَ القيامَ ، فإذا ألقيتَ الباء نصبت. قال الله : (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَاد بِظُلْم نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب


... إلىَ باب (١).

٤ ـ بدل كل من كل

قَرَأَ يعقوب : (كُلَّ أُمَّة تُدْعَى) (٢) بفتح اللاّمِ.

قالَ أَبو الفتحِ : (كُلَّ أَمَّة تُدْعَى) بدلٌ مِنْ قُولِهِ : (وَتَرَى كُلَّ أُمَّة جَاثِيَةً) وجَازَ إبدَالُ الثَّانيةَ مِنَ الأُولَى لِمَا فِي الثَّانيةِ مِنَ الإيضَاحِ الَّذِي لَيْسَ فِي الأولَى لاَِنَّ جُثُوهَا لَيْسَ فِيهِ شَيءٌ مِنْ شَرْحِ حَالِ الجِثُوِ والثانيةُ فِيَها ذِكْرُ السّبَبِ الدَّاعِي إِلَى جِثُوِّهَا وهَو اسْتَدعَاؤهَا إِلَى مَا فِي كِتَابِهَا فَهْيَ أَشْرَحُ مِنَ الأُولَى ، فَلِذَلِكَ أَفادَ إبدَالُها مِنْهَا.

ونَحْو ذَلِكَ رَأَيتُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ ، رَجُلاً مِن الكَلاَّءِ (٣).

فَإنْ قُلْتَ : فَلَو قَالَ : وتَرَى كُلَّ أُمَّة جاثية تُدْعَى إلى كِتَابِهَا لاََغْنَى عَنِ الإطَالَةِ.

قِيلَ : الغَرَضَ هُنَا هُو الإسهابُ لاَِ نَّهُ مَوضِعُ إِغْلاظ ووعيد ، فَإِذَا أُعيدَ لَفْظُ (كُلَّ أُمَّة) كَانَ أَفْخَم مِنَ الاقتصارِ عَلَى الذّكْرِ الأولِ (٤).

__________________

أَلِيم) سورة الحجّ : ٢٢ / ٢٥ ولو ألقيتَ الباء نصبتَ فقلتَ ومن يُريدْ فيه إلحاداً بظلم». معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ١٨٦.

(١) المحتسب : ٢ / ٥٥.

(٢) من قوله تعالى من سورة الجاثية : ٤٥ / ٢٨ : (وَتَرَى كُلَّ أُمَّة جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّة تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).

(٣) الكَلاّء : مرفأ السفن وإكلاء محلّة وسوق مشهور في البصرةِ. تاج العروس ، طبعة الكويت : ١ / ٤٠٦ (كلاء).

(٤) المحتسب : ٢ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣.


٥ ـ بدل الاشتمال

قَوْلُهُ تَعَالَى : (إِذْ هُمَا فِي الغَارِ) (١) بَدَلٌ مِنْ قَولِهِ جَلَّ وعَزَّ : (إذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) (٢).

فَإنْ قُلْتَ : فَإنَّ وقْتَ إخراجِ الَّذِينَ كَفَروا لَهُ قَبْلَ حصولِهِ صلّى الله عليه وآله في الغَارِ فَكَيْفَ يُبْدَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ هُوَ هُوَ ، وَلاَ هُوَ أَيْضاً بَعْضُهُ ، وَلاَ هُوَ أَيضاً مِنْ بَدَلِ الاشتمالِ (٣) ، ومَعَاذَ اللهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَدَلِ الغَلَطِ؟ قِيلَ : إذَا تَقَارَبَ الزَّمَانَانِ وضع أَحَدُهُمَا مَوضِعَ صَاحِبِهِ ، أَلاَ تَرَاك تَقولُ : شَكَرتُك إذ أَحْسَنْتَ إلَيَّ ، وأَ نَّـمـا كَانَ الشُّكْرُ سَبَبَاً عَنِ الإِحْسَانِ ، فَزَمانُ الإِحْسَانِ قَبلَ زَمَانِ الشُّكْرِ ، فَأَعْمَلتَ شكرتُ في زمان لَمْ يَقَعْ الشكرُ فِيهِ.

ومِنْ شَرْطِ الظَّرْفِ العامِلِ فِيهِ الفِعْلُ أَنْ يَكونَ ذَلِكَ الفِعْلُ وَاقِعَاً فِي ذَلِك الزَّمَانِ كَزُرْتُكَ فِي يومِ الجُمُعَةِ ، وجَلَستُ عِنْدَكَ يَومَ السَّبْتِ ولَكِنَّهُ لَمَّا تَجَاورَ الزَّمَانَانِ جازَ عَملُ الفعلِ فِي زمان لَمْ يَقَع فِيهِ لَكِنَّهُ قَرِيبٌ مِنْهُ ، وقد مَرَّ بِنَا هَذَا الحُكْمُ فِي المواضِع أَيْضاً ، قَالَ زِياد بن منقذ :

وهُمْ إِذَا الخَيْلُ جَالُوا فِي كَواثِبِها

فَوارسُ الخَيلِ لاَ مِيلٌ ولاَ قَزَمُ (٤)

__________________

(١ ـ ٢) من قوله تعالى من سورة التوبة : ٩ / ٤٠ : (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ).

(٣) قال ابنُ الأنباري : إذْ هُمَا فِي الغَارِ ، منصوبٌ على البَدَلِ مِن قَولِهِ تَعَالى : (إذْ أخْرَجَهُ الَّذينَ كَفَرُوا) وهو بَدَلُ الاشتمالِ.

وقال العكبري : (إِذْ هُمَا) ظرف لِنَصَرَهُ لاَِ نَّهُ بَدَلُ مِنْ إذْ الأُولى.

البيان في غريب إعراب القرآن : ١ / ٤٠٠ وإملاء ما منَّ به الرَّحمن : ٢ / ١٥.

(٤) الكواثب : جمع كاثبة ، وهي من الفرس ما بين أَصل العُنُقِ والكتفين والمِيلُ : جمع الأَميل ، وهو الجبان. والقَزَمُ : أرذل الناس. لسان العرب : ١٥ / ٣٧٧.


وإنَّمَا مَقْعَدُ الفارسِ في صَهْوةِ الفَرَسِ لاَ فِي كاثبَتِهِ لاَِنَّ المَكَانَينِ لَـمَّـا تَجَاورَا استعْمَل أَحَدَهُمَا مَوضِعِ الآخر.

أَلا تَرىَ إِلى قَولِ النّابِغَةِ :

 ......

إِذَا عَرَضُوا الخِطِّي فَوقَ الكَواثِبِ (١)

ومُحَال أَنْ يَجلسَ الفَارِسُ مَوضِعَ عرضِ الرمِح مِنْ أَدْنَى مَعْرِفَةِ الفَرَسِ فَافْهَم بِمَا ذَكَرنَا مَا مَضَى (٢).

المنادى

قَرَأَ أُبَي وابنُ عَبَّاس والحسَنُ ومُجَاهِدٌ والضَّحَّاك وابنُ يزيدَ المدني ويَعقُوبُ ورُويَ عَنْ سُلَيْـمَـانَ التَّيَميِّ : (لاَِبِيهِ آزَرُ) (٣).

قَالَ أبو الفتح : أَمَّا (آزرُ) فَنِدَاءٌ (٤).

ومِنْ تَرْكِ كَلاَم إِلَى كَلام آخَر بيتُ الكِتَابِ ، وهو قَولُهُ :

ألاَ يَا بيتُ فِي العَلْيَـاءِ بِيـتُ

 ...... (٥)

__________________

(١) صدره :

لَهُنَّ عَلَيْهِـم عَـادَةٌ قَدْ عَرفْنَـها

 ......

ويروى (عَرض) مكان (عرضوا). انظر : أساس البلاغة : ٢ / ٢٩٦ واللسان : ٢ / ١٩٨.

(٢) المحتسب : ١ / ٢٩١.

(٣) من قوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ٧٤ : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاك وَقَوْمَك فِي ضَلاَل مُّبِين).

(٤) المحتسب : ١ / ٢٢٣.

(٥) البيت لعَمرو بن قعناس وسمّاه الشنتمري عَمرو بن قنعاس. انظر : الكتاب ـ طبعة بولاق ـ : ٣١٢ وكتاب سيبويه ـ تحقيق عبد السلام هارون ـ ٢ / ٢٠٠ ولسان العرب : ٢ / ٣١٩.


أَلاَ تَرَاهُ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ نَادَى البيتَ ثُمَّ تَرَك خِطَابَهُ وَأَقْبَلَ عَلَى صَاحِبِهِ فَقَالَ : بِالعَلْياءِ بَيْتُ ، ثُمَّ رجعَ إِلى خِطَابِ البيتِ فَقَالَ :

 ......

وَلَـوْلاَ حُبُّ أَهْلِـك مَـا أَتَيْـتُ (١)

وَسَأَلَنِي قَدِيماً بَعْضُ مَنْ كَانَ يَأخُذُ عَنِّي ، فَقَالَ : لِمَ لاَ يَكُونُ (بَيْتُ) الثانِي تَكْرِيراً عَلَى الأَوْلِ كَمَا كَانَ قَوْلُ النَابِغَةِ :

يَا دَارَ مَيَةَ بالعَليَاءِ ......

 ...... (٢)

قَولُه : (بالعلياءِ) فِي موضعِ الحَالِ ، أَيْ : يا دارَ ميةَ عَالِيةً مُرْتَفِعَةً ، فَيكُونُ كَقَولِهِ :

 ......

يَا بُؤْسَ للجهلِ ضَرَّاراً لاَِقْوامِ (٣)

هَذَا مَعْنَى ما أَورَدَهُ بَعْدَ أَنْ سَدَّدْتُ السُّؤالَ ومَكَّنْتُهُ فَقُلْتُ : لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ هُنَا ، وذَلِكَ أَنَّهُ لَو كَانَ البيتُ تَكْرِيراً عَلَى الأوَّلِ لَقَالَ : لَوْلاَ حُبُّ أَهْلِكَ مَا أتَيْتُ فيكونُ كَقَولِكَ : يَا زيدُ لَولاَ مكانُكَ ما فَعَلْتُ كَذَا ، وأَنْتَ لاَ تَقُولُ : يا زيد ولَوْلاَ مكانُكَ لَمْ أَفْعَلَ كَذَا (٤) ، فَإِذَا بَطلَ هَذَا ثَبتَ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الكِتاب (٥) مِنْ

__________________

(١) البيت لعَمرو بن قعناس وسمّاه الشنتمري عَمرو بن قنعاس. انظر : الكتاب ـ طبعة بولاق ـ : ٣١٢ وكتاب سيبويه ـ تحقيق عبد السلام هارون ـ ٢ / ٢٠٠ ولسان العرب : ٢ / ٣١٩.

(٢) البيت بتمامِهِ :

يا دارَ مَيَّةَ بالعلياءِ فالسَّنَدِ

أقوتْ وَطَالَ عَلَيْهَا سَالِفُ الأَمَدِ

الكتاب : ١ / ٣٦٤ وشرح القصائد العشر : ٣٩٣ وأمالي الشجري : ١ / ٢٧٤ وشرح التصريح : ١ / ١٤٠ و ٢ / ٢٤٣ والأشموني : ١ / ٢١٠.

(٣) تنظر : ص : ٣١٠.

(٤) أي : وقد قال الشاعر : ولولا حُبُّ أهلِكَ مَا أتيتُ.

(٥) عبارة سيبويه : لم يجعل بالعلياء وصفاً ولكنَّهُ قال : بالعلياء لي بيتٌ ، وإِنَّمَا تَركتُهُ لك أيّها البيتُ لِحُبِّ أهلِهِ. الكتاب : ١ / ٣١٣.


كَونِهِ كَلاَماً بَعْدَ كَلاَم وجُمْلَةً تتلو جملةً. وهَذَا واضح.

فَقَولُهُ عَلَى هَذَا : (لاَ خَوفٌ عَلَيْكُم) (١) جملةٌ لاَ موضع لها من الإعراب مِنْ حيثُ كَانت مُرتجلَةً ، وهي في القول الأَول منصوبة الموضعِ عَلَى الحالِ ، أَي : دَخلوا الجنّةَ ، أَو أُدْخِلوا الجنّة ، مقولاً لَهمْ هَذَا الكلام الذي هو لا خوفٌ عليكم ، وحُذِفَ القولُ ، وهو منصوبٌ على الحالِ ، وأقيمَ مقامَه قولُهُ : (لاَ خَوفٌ عَلَيْكُم) فانتصب انتصابه ، كما أَنَّ قَولَهُمْ : كلمتُهُ فاهُ إليَّ في منصوب على الحال لاَِنه نَابُ عَنْ جاعلاً فاهُ إِلى فيَّ ، أَوْ لاَِ نَّهُ وَقَعَ موقِعَ مُشَافَهةً التي هِيَ نَائِهةٌ عَنْ مُشافِهَاً لَهُ (٢).

وقَرَأَ أَبُو جَعْفَر : (قُل رَبُّ احْكُمْ) (٣) بِضَمِّ الباءِ والأَلِف ساقطة على أَنَّهُ نداءٌ مفردٌ.

قَالَ أَبو الفتح : هَذَا عِنْدَ أَصْحَابِنَا ضَعيفٌ ، أَعني حذفَ حرفِ النداءِ معَ الاسم الّذي يجوز أنْ يكونَ وصفاً لاِيّ (٤).

أَلاَ تَرَاك لاَ تَقُولُ : رَجُلٌ أَقْبِلْ لاَِ نَّهُ يمكنك أنْ تجعلَ الرَّجلَ وصفاً لاَِيّ فَتَقُولُ : يَا أيُّها الرَّجُلُ؟ ولِهَذَا ضَعُفَ عِنْدَنَا قَولُ مَنْ قَالَ فِي قَولِهِ تَعَالى :

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ٤٩ : (ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَخَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَأَنتُمْ تَحْزَنُونَ).

(٢) المحتسب : ١ / ٢٥٠ ـ ٢٥١.

(٣) من قوله تعالى من سورة الأنبياء : ٢١ / ١١٢ : (قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ).

(٤) أَصحابه البصريّون لاَِنَّ هذا رأيّهم. انظر : مجمع البيان : ١٧ / ٦٥ وهمع الهوامع : ١ / ١٧٣ وضياء السالك إلى أوضح المسالك : ٣ / ٢٤٠ وما بعدها.


(هؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) (١) إنَّهُ أَرادَ يَا هؤلاءِ ، وحذَفَ حَرْفَ النداءِ مِنْ حيثُ كان (هؤلاءِ) مِنْ أسماءِ الإِشارةِ.

وهو جائز أَنْ يكونَ وصفاً لأيّ في نحو قولِهِ :

ألا أَيَّهذا المنزلُ الدارسُ الّذي

كَأَ نَّك لَمْ يَعْهَدْ بِكَ الحَيَّ عَاهِدُ (٢)

و (ربُّ) مِمَّا يَجُوز أَنْ يَكُونَ وصْفاً (لاَِيّ) أَلاَ تَرَاكَ تجيزُ يَا أَيُّهَا الربُّ؟ قال أَصحابُنا : فلم يكونوا ليَجمَعُوا عليه حذفَ موصوفِهِ وهو (أَي) وحَذْفَ حرف النداءِ جميعاً.

وعَلَى أَنَّ هَذَا قَدْ جَاءَ فِي المَثَلِ وهْو قَولُهُمْ : افْتَدِ مَخْنُوق (٣) ، وأَصْبِحْ لَيْل (٤) ، وأَطْرِقْ كَرَا (٥).

__________________

(١) سورة هود : ١١ / ٧٨. وقرأ بنصب أطهرَ سعيد بن جبير والحسن بخلاف ومحمّد بن مروان وعيسى الثقفي وابن أبي إسحاق وقد ذكر سيبويه هذه القراءة وضعَّفها ، وقال : احتبى ابن مروان في ذه في اللحن. تنظر : ص : ٥٤ و ١١٨ وكتاب سيبويه ـ تحقيق عبد السلام هارون ـ ٢ / ٣٩٧ والمحتسب : ١ / ٣٢٥.

(٢) البيت لذي الرِّمَّة ويروى صدره :

ألا أيُّها الرَّبْعُ الذي غَيَّرَ البِلَى

 ......

ديوان ذي الرِّمَّة : ١٢٢ والكتاب : ١ / ٣٠٨ والمقتضب : ٤ / ٢١٩ و ٢٥٩ وأمالي الشجري : ٢ / ١٥٢ وشرح المفصل : ٢ / ٧.

(٣) مثلْ يُضْرَبُ لِكُلِّ مَشْفُوق عَلَيْه مضطرّ. ويروى (افتدى مخنوق). انظر : مجَمع الأَمثال : ٢ / ٧٨.

(٤) أصل هذا المثل كما يروى ، أنَّ امرئَ القيسِ بن حُجْر الكِنْدِي كَانَ رَجُلاً مُفَرّكاً لا تُحبّه النساءِ ، ولا تكادُ امرأةٌ تصبر مَعَهُ ، فتزوّج امرأةً من طيء فأبغضتهُ ، وكرِهَتْ مَكَانَها معهُ فجعلت تقول : يا خيرَ الفتيانِ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ ، فيرفَعُ رأسَهُ فينظر فإذا الليل كما هو فتقول : أَصْبِحْ لَيْلُ. والمَثل يقال في الليلة الشديدة التي يطول فيها الشرّ.

انظر : مجمع الأمثال : ١ / ٤٠٣.

(٥) بقية هذا المثل : إنَّ النعامَةَ في القُرىَ. ويُضْرَبُ لِلَّذِي لا غِناء عِندَهُ ويتكلّمُ ، فيقالُ لَهُ :


يُرِيدُ : يَا مخنوق ويا ليلُ ، ويا كروانُ. وعَلَى أَنَّ الأمثَالَ عِنْدَنَا وإنْ كانتْ مَنْثُورةً فَإنَّهَا تَجري فِي تَحَمُّلِ الضرورةِ لها مجرى المنظوم فِي ذَلِكَ.

قَالَ أَبو عَليّ : لاَِنَّ الغَرَضَ فِي الأَمثال إِنَّمَا هُو التسيير ، كَمَا أَنَّ الشّعْرَ كَذَلِكَ فَجَرى المَثَلُ مجرى الشّعْرِ فِي تَجَوُّزِ الضَّرُورةِ فِيهِ ومِنَ الشّعْرِ قَولُهُ :

عجبتُ لِعَطَار أتَانَا يَسُومُنَا

بِدَسْكَرَةِ المَرَانِ دُهْنَ البَنَفْسَجِ

فَقْلْتُ لَهُ عَطَارُ هَلاّ أَتَيْتَنَا

بِنَورِ الخُزَامَى أَو بِخُوصةِ عَرفَجِ (١)

أَرَادَ يَا عَطَّارُ.

وقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِي غيرِ موضع من كُتُبِنَا ، وإنَّمَا قَالَ ابنُ مُجَاهد والألِفِ ساقطةٌ لاَِجْلِ قِرَاءةِ ابنِ عَبَّاسَ وعَكْرِمَةَ ويحيى بن يعْمَر والجَحْدَرِي والضَّحَّاك وابنِ مُحَيصِن : (رَبِّي أَحْكَمُ بالحَقّ) (٢) بياء ثَابتة ، وفَتْحِ الألفِ والكافِ ، ورَفْعِ الميم (٣).

__________________

اسكتْ وتَوقَّ انتشارَ ما تلفظ بهِ كَراهَةَ ما يتعقّبهُ. والكرا : الكروان ، ويقال أنّه مرخّم الكروان ، ويقال لَهُ : اطرقْ كَرَا إ نَّكَ لاَ تَرى ، فيصيدونه بهذه الكلمة.

اُنظر : مجمع الأمثال : ١ / ٤٣١ وخزانة الأدب : ٢ / ٣٧٤.

(١) العَرْفَج : ضربٌ مِنَ النباتِ سهْلِيٌّ طيبُ الريح أَغبرُ اللَّونِ إِلى الخُضرةِ. انظر : مجمع البيان : ١٧ / ٦٥ وتاج العروس ـ طبعة الكويت ـ ٦ / ١٠٠.

(٢) قال أَبو حيَّان : وقرأ ابن عباس وعِكْرمة والجَحْدَرِي وابنُ مُحيْصِن : (رَبَّيْ) بإسكان الياء (أَحْكَمُ) جعله أفعلَ التفضيل. فَرَبي أَحْكَمُ مبتدأ وخبر.

البحر المحيط : ٦ / ٣٤٥.

(٣) المحتسب : ٢ / ٦٩ ـ ٧١.


النَّدْبَة

قَرَأَ : (ابْنَاهُ) (١) ممدودة الألف السُّديّ عَلَى النداءِ ، وبَلَغَنِي أَنّه عَلَى التَّرثِّي.

قَالَ أبو الفتح : قراءة السُّدْيّ : (ابْنَاهُ) يريدُ بِهَا النُّدبة ، وهْو قَولهِمِ : التَّرثِّي.

وهْو عَلَى الحكايةِ : أَيْ قَالَ لَهُ : يَا ابْنَاهُ ، على النداءِ ولو أرادَ حقيقة الندبةِ لم يكنْ بُدٌّ مِن أحِد الحرفين يا ابناه أو وابناه كَقَولِك فِيهَا : وازَيْدَاهُ ويَا زَيدَاهُ (٢).

التَّرْخِيم

قَرَأَ عَليّ بنُ أَبِي طَالِب (عليه السلام) وابنُ مَسْعُود (رضي الله عنه) ويَحْيَى والأعْمَش (يَا مَالِ) (٣).

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ٤٢ : (وَنَادَى نُوْحٌ ابْنَهُ).

(٢) المحتسب : ١ / ٣٢٢.

(٣) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٧٧ : (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ).

وقراءَة : (يَا مَالِ) ، على الترخيم الذي هو لترقيق الأسماء وتليينها وتسهيل النُّطقِ بها بحذف أواخرها ، ولأنَّ أهل النار في شُغُل شَاغِل عن التَّرخيم ، حملَهُ ابنُ جنَّي على الضَّعفَ الذي لحِقَهم من العذاب فاختصروا بحذف بعض حروف الاسم المنادى.

ونسبةُ هذه القراءة إلى الإمام علي عليه السلام ، لم تثبت بسند صحيح ، وإنَّما نُسِبَتْ إليه من غير إسناد في : القراءات الشاذة لابن خالويه (ت / ٣٧٠ هـ) ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ، تحقيق الدكتور التركي : ١٩ / ٨٤ ، ومجمع البيان : ٩ / ٩٥ ، والبحر المحيط : ٨ / ٢٧ ، ولعلّ الأصل فيها هو ابن خالويه الذي لم يذكرْ عَمَّن أخذها ، إذ لم نجد أحداً أَخرجها عنه عليه السلام بطريق معتبر ، ولا غير معتبر. بل لم يسبقِ ابنَ خالويه أَحدٌ


...

__________________

إلى تلكَ النسبة ، بحدود تتبعي. والمرويُّ عنه عليه السلام أنَّهُ قَرَأَ الآيةَ بلفظ : (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنـَا رَبُّكَ) ، كما في المُصحَفِ. روى ذلك القمي في تفسيرِهِ كما في البحار : ٨ / ٢٩٢ / ٣٤ ، وكذلك عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى : ٦٠ ، في وصيته عليه السلام الرائعة إلى كميل بن زياد النَّخَعي ، وفي مناقب ابن شهرآشوب أورد قراءة الآية كما في المصحف عن الإمام الحسن بن علي عليهما السلام وعنه في بحار الأنوار ٢٤ / ٣١٦ ـ ٣١٧ / ٢١. ثم إن القرّاء السَّبعَةَ أجمعُوا على قراءة : (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنـَا رَبُّكَ).

فهذا عاصم بن أبي النَّجُود شيخ القراء في الكوفة ، وعلى قراءته قراءة المسلمين اليوم في عموم المشرق العربي ، وأواسط آسيا والهند ، وبلاد الغرب ، وهو أخذَ القراءة عن أبي عبد الرَّحمن السُّلَمِي ، وعن زُر بن حَبيش ، وكُلٌّ منهما أخذ عن علي بن أبي طالب عليه السلام. ينظر في : السبعة : ٧٠ ، وغاية النهاية : ١ / ٣١٥ ، وأصول التلاوة : ٢٢.

ونافع بن عبد الرَّحمن بن أبي نعيم المدني ، قارئ المدينة ، الذي على قراءته اليوم عموم المسلمين في المغرب العربي ، قرأَ على أبي جعفر يزيد بن القعقاع وعبد الرحمن ابن هرمز الأعرج ، وكل منهما أخذها عن عبد الله بن عباس ، عن علي عليه السلام. السبعة : ٥٤ ، و ٥٦ وغاية النهاية : ٢ / ٢٧٨ ، وأصول التلاوة : ٢٥.

وعبد الله بن كثير ، قارئ مكّة ، أخذ القراءةَ عن مجاهد بن جبر ، عن عبد الله بن عباس ، عن علي عليه السلام. السبعة : ٦٥ ، وغاية النهاية : ١ / ٣٩٦ ، وأصول التلاوة : ٢١.

وأبو عمرو بن العلاء قارئ البصرة وعالمها أخذ القراءة عن عاصم ، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمِي ، عن علي عليه السلام ، وعن مُجاهد بن جبر ، وعن سعيد بن جُبَير ، ويحيى بن يَعْمَر ; وكُلٌّ منهم أخذَها عن عبدِ اللهِ بن عباس ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام. السَّبْعة : ٨٣ ، وغاية النهاية : ١ / ٢٦٢ ، وأصول التلاوة : ٢٣.

وحمزة بن حبيب الزيات ، قارئ الكوفة ، أخذ القراءة عن الإمام جعفر الصادق ، عن أبيه محمد الباقر ، عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين ، عن الحسين الشهيد ، عن علي عليهم السلام ، وأخذها عن الأعمش ، عن عاصم ، عن أبي عبد الرَّحمن السُّلَمِي ،


قَالَ أَبو الفتح : هَذَا المَذْهَبُ المَألُوفُ في الترخيمِ إلاَّ أَنَّ فِيهِ فِي هذَا الموضع سرًّا جديداً ، وذَلِك أَنَّهُم لِعُظْمِ مَا هُمْ عَلَيهِ ضَعُفَتْ قواهم وذَ لَّتْ أَنفُسُهم ، وصَغُر كَلاَمُهْمُ ، فَكَانَ هَذَا مِنْ مَواضِعِ الاختصار ضرورةً عَلَيهِ ، ووقُوفاً دُونَ تَجَاوزِهِ إِلى مَا يُسْتَعْمِلُهُ المَالِك لِقَولِهِ ، القَادِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَنْطِقِهِ (١).

__________________

عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. السبعة : ٧٤ ، وغاية النهاية : ١ / ١٧٩ ، و ٢٣٦ ، وأصول التلاوة : ٢٤.

وهذا علي بن حمزة الكسائي الذي صارت إليه رئاسةُ الإِقراء في الكوفة بعد حمزة ، وهو زعيم مدرستها النحويَّة ، واللغوية ، هو ومن ذكرتُهم قبله من القراء السبعة ، أخذَ القراءة عن حمزة الزيات ، وحمزة أخذها عن الإمام جعفر الصادق ، عن أبيه الإمام الباقر ، عن أبيه الإمام زين العابدين ، عن أبيه الإمام الحسين ، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام. السبعة : ٧٥ ، و ٧٨ ، وغاية النهاية : ١ / ٤٧٤ ، وأصول التلاوة : ٢٦.

كلّ هؤلاء قرأوا : (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنـَا رَبُّكَ) وقد أخذوها عن الإمام علي عليه السلام.

(١) المحتسب : ٢ / ٢٥٧.


الباب العاشر

أسماء الأفعال والأصوات ، العدد ،

الحكاية ، التذكير والتأنيث ،

جمع التكسير ، النسب ،

تحقيق في لفظ كل ومعناها



من أسماء الأَفعال

١ ـ عَلَيْكَ ٢ ـ دُونَكَ ٣ ـ عِنْدَكَ

قَرَأَ محمّد بن السُّمَيْفَع : (كَتَبَ اللهُ عَلَيْكُم) (١) ، مفتوحة الكافِ ، ولَيْسَ بَعْدَ التاءِ أَلفٌ ، والياءُ نصبٌ.

قَالَ أَبو الفَتْحِ : فِي هَذِهِ القراءةِ دَليلٌ عَلَى أَنَّ قَولِهِ : (عَلَيْكُمْ) مِنْ (كِتَابَ اللهِ عَلَيكُمْ) في قراءة الجماعة مُعَلَّقَةٌ بِنَفْسِ كتاب ، كَمَا تَعَلَّقَتْ فِي (كَتَبَ اللهُ عَلَيكُمْ) بِنَفْسِ كَتَبَ ، وانّه لَيْسَ (عَلَيْكُمْ) مِنْ (كِتَابَ اللهِ عَلْيكُم) اسماً سُمِّيَ بِهِ الفِعْلُ (٢).

كَقَولِهِم عَلَيْكَ زيداً إذا أَرَدْتَ خُذْ زَيْداً ، وذَلِك أَنَّ عَلَيْك ودُونَك وعِنْدَك إذَا جُعِلْنَ اسماً لِلْفِعْلِ لَسْنَ منصوبات المواضع ، ولاَ هُنَّ مُتَعَلَّقَات بالفعلِ مُظْهَرَاً ولاَ مُضْمَراً ولاَ الفتحة فِي نحو دُونَكَ زيداً فتحة إعراب كفتحة الظرفِ فِي قَولِك : جَلَسْتُ دُونَكَ ، بَلْ هِيَ فتحة بناء لاَِنَّ الاسم الذِي هُو عنْدَك زيداً

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ٢٤ : (كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ).

(٢) ذَهَبَ البصريّونَ والفرّاءُ إلى أنَّ (عَلَيْكَ ودْونَكَ وعِنْدَكَ) لا يجوز تقديم معمولاتِها عَلَيْهَا لاَِ نَّها لَيْسَتْ كالأفعال في قوّتِها ، وذَهَب الكوفيّون إلى جواز ذلك. المقتضب : ٣ / ٢٠٤ والمقتصد في شرح الإيضاح : ١ / ٥٢٤ والإنْصَاف : ١ / ١٢٦ مسألة ٢٧ والبيان : ١ / ٢٤٨ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ١٧ والبحر المحيط : ٣ / ٢١٤ وضياء السالك إلى أوضح المسالك : ٣ / ٣٢٤.


بمنزلة صَه ومَه ولاَ إِعرابَ فِيهِ كَما لاَ إعرَابَ في صه وَمَه وحَيْهَلْ ، غَيرَ أَنَّهُ بُنِي عَلَى الحَرَكَةِ الَّتِي كَانَتْ لَهُ فِي حالِ الظرفيّةِ ، كَمَا أَنَّ فَتْحَةَ لامِ رَجُل من قولِكَ : لاَ رَجُلَ في الدارِ ، وهي الحركةُ التي تُحْدِثُها (لا) إعراباً فِي المُضَافِ والمَمْطُولِ نَحْو لاَ غلامَ رَجُل عِنْدَكَ ولاَ خيراً مِنْكَ فِيهَا ، وكَذَلِكَ قولُ اللهِ تعَالَى : (مَكَانَكُم أَنْتُم وشُرَكَاؤكُم) (١) ، الفَتْحَةِ فِي نونِ مَكَانِكُمْ فتحة بناء ، لاَِ نَّهُ اسمٌ لِقَولِكَ : اثبتوا ، ولَيْسَتْ كَفَتْحَةِ النُّونِ مِنْ قَولِكَ : الزَموا مَكَانَكُم هَذَه إِعرابٌ ، وتِلْكَ في الآيةِ بناءٌ. وهَذَا مَوضِعٌ فيهِ لِطيفٌ فتفهمْهُ.

ولَما دَخَلَ شيخُنَا أَبو عليّ الموصلَ سنةَ إحْدَى وأَربعين ، قَالَ لَنَا : لَو عرفتُ فِي هَذَا البلدِ مَنْ يعرف الكلاَم عَنْ قَولِكَ : دُونَكَ زيداً لغدوتُ إلى بابِهِ ورُحتُ ، وكَذَلِكَ قَولُهُ تَعَالى : (كَتَبَ اللهُ عَلَيْكُم) و (كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُم) (٢) (عَلَيْكُم) فِي المَوْضِعينِ مَنْصُوبةُ الموضِعِ بنفسِ كَتَبَ وكتاب ولَو قُلْتَ : عَلَيْكُم كتابَ اللهِ لَـمَـا كَانَ لِقَولِك عَلَيْكُم مِنَ الإعراب أَصلاً ولاَ كَانَتْ مُتَعِلّقَةً بشيء ظاهر ولاَ محذوف ولاَ مُضْمَر عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، فاعْرِفْهُ (٣).

٤ ـ هيـت

قَرَأَ : (هَيْتِ لَكَ) (٤) بِفَتْحِ الهاءِ وكَسْرِ التَّاءِ ابنُ عَبَّاس ـ بِخِلاف ـ وابنُ

__________________

(١) سورة يونس : ١٠ / ٢٨.

(٢) سورة النساء : ٤ / ٢٤.

(٣) المحتسب : ١ / ١٨٥ ـ ١٨٦.

(٤) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ٢٣ : (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ).


مُحَيْصن وابنُ أَبِي إسْحَاق وأَبو الأسود وعيسى الثقفي.

قَالَ أَبُو الفَتْحِ : فِيها لُغاتٌ : هَيْتَ لَك ، وهِيْتَ لَك ، وهَيْتُ لَك. وكُلُّهَا أَسْـمَـاءٌ سُمِّيَ بِهَا الفِعْلُ بِمُنْزلَةِ صَهْ ومَهْ وإيه فِي ذَلِكَ.

ومَعْنَى (هَيْتَ) وبقية أخواتها : أَسْرِعْ وبَادِر (١) ، قَالَ :

أَبْلِغْ أَمِيرَ المُؤمِـ

ـنينَ أَخَا العِرَاقِ إذَا أَتَيْتَا

إنَّ العِرَاقَ وأَهْلَهُ

عُنقٌ إلَيْكَ فَهَيْتَ هَيْتَا (٢)

وقَالَ طَرَفَة :

لَيْسَ قَومِي بالأبعْدِينَ إذَا مَا

قَال دَاع مِنَ العَشِيرةِ : هَيْتُ

هُمْ يُجِيبُونَ وا هلُمَّ سِرَاعاً

كالأبابيلِ لا يغادرُ بَيْتُ (٣)

والحركات في أواخرها لالتقاء الساكنين ، واللاّمُ مُتَعَلَّقة بنفسِ هَيْتَ وهَيْتِ وهِيْتَ وهَيتُ كَتَعَلُّقِهَا بنفس هَلُمَّ مِنْ قَولِهِم : هَلُمْ لَكَ. وإنْ شِئْتَ كَانَتْ خبَر مبتدأ محذوف ، أيْ : إرادَتي لِذَلِكَ (٤).

__________________

(١) قال أُحَيحَةُ الأنصاري :

به أَحمي المضافَ إِذا دعاني

إِذا ما قيلَ للأبطـالِ هيتـا

انظر : الإتقان : ٢ / ٧٨.

(٢) البيتان لشاعر قالهِما فِي الإمام عليِّ (عليه السلام). ويروي (إنَّ العراقَ) بكسرِ الهمزةِ مَكان فَتحها. و (سَلّمٌ عَلَيه) و (سَلْمٌ إليْكَ) مَكان (عُنُقٌ إليْكَ). معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٤٠ والخصائص : ١ / ٢٧٩ ومجمع البيان : ١٢ / ٣٧ وشرح المفصل : ٤ / ٣٢ واللسان : ٢ / ٤١١.

(٣) ويروى (لا تغادر بيتاً) مكان (لا يغادر بيت) وبذلك لا يكون هذان البيتان شاهداً على ضمِّ التَّاءِ وإنّمَا يكونانِ شاهداً على فتحها. انظر : مجمع البيان : ١٢ / ٣٧ وليسا في ديوان طرفة.

(٤) المحتسب : ١ / ٣٣٧ ـ ٣٣٨.


٥ ـ ويْ

قَرَأَ يَعْقُوب : (ويْكَ) (١) يَقِفُ عَلَيْهَا ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ فَيَقُولُ : (أَنَّهُ) ، وكَذَلِكَ الحرفُ الآخر (٢) مثله.

قَالَ أَبُو الفَتْحِ : فِي (ويْكَأَ نَّهُ) ثَلاثَةُ أَقْوال :

١ ـ مِنْهُم مَنْ جَعَلَهَا كَلَمَةً واحِدَةً ، فَقَالَ : (ويْكَأَ نَّهُ) ، فَلَمْ يَقِفْ عَلَى (ويْ).

٢ ـ ومِنْهُم مَنْ يَقِفُ عَلَى (ويْ).

٣ ـ ويَعْقُوب (٣) على ما مضى يقولُ : (ويْكَ) وهْو مَذْهَب أَبِي الحَسَن (٤).

والوجْهُ فِيهِ عِنْدَنَا قَولُ الخَلِيلِ وسيِبَويه (٥) ، وهْو أَنَّ (ويْ) عَلَى قِياسِ مَذْهَبِهِمَا اسمٌ سُمّي به الفعل فِي الخَبَر فَكَأَ نَّه اسمُ أَعجب ، ثمّ ابتدأَ فَقَالَ : (كَأَ نَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكَافِرُون) و (ويْ كَأَنَّ الله يَبُسطُ الرّزقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ). فـ (كَأَنَّ) هُنَا إخْبَارٌ عار مِنْ مَعْنَى التَّشبِيهِ ، ومَعْنَاهُ أَنَّ اللهَ يَبْبُسطُ الرّزْقَ لِمَنْ

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة القصص : ٢٨ / ٨٢ (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالاَْمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاَ أَن مَّنَّ اللهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَ نَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ).

(٢) أيْ أَنَّ يعقوب يقف على ويك ويبتدئ : (أَنّهُ لاَ يُفْلِحُ الكَافِرُونَ) كَمَا في المحتسب : ٢ / ١٥٥ وشرح المفصل : ٤ / ٧٧.

(٣) أيْ أَنَّ يعقوب يقف على ويك ويبتدئ : (أَنّهُ لاَ يُفْلِحُ الكَافِرُونَ) كَمَا في المحتسب : ٢ / ١٥٥ وشرح المفصل : ٤ / ٧٧.

(٤) انظر : شرح المفصل : ٤ / ٧٧ والبيان في غريب إعراب القرآن : ٢ / ٢٣٧.

(٥) قَالَ سيبويه في الكتاب : ١ / ٢٩٠ ، وسَألْتُ الخَليلَ عَنْ قَولِهِ : (أَنّهُ لاَ يُفْلِحُ الكَافِرُونَ) وعن قولِهِ : (وَيْكَأَنَّ الله) فَزَعَمَ أنَّها مفصولَة من (كَأَن). والمَعْنَى على أنَّ القومَ تَنَبَّهُوا فَتَكَلَّمُوا على قَدْرِ عِلمِهِم أو نُبِّهُوا فقيلَ لَهُمْ : أما يشبه أَنْ يكونَ ذا عندكم هكذا؟


يَشَاءُ. و (ويْ) مُنفَصِلَةٌ مِنْ (كَأَنَّ) وعَلَيْهِ بيتُ الكِتَاب :

ويْ كَأَنْ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَبٌ يُحـ

ـبَبْ ومَن يَفَتِقرْ يَعْشْ عَيْشَ ضُرِّ (١)

ومما جاء فيه (كَأَنْ) عاريةً من معنى التشبيه ما أَنشدَهُ أبو عليّ :

كأَ نَّنِي حِينَ أُمسي لا تُكَلِّمُنِي

مُتَيَّمٌ يَشتَهي مَا ليس موجودا (٢)

أَيْ : أَنَا حِينَ أُمْسِي (مُتَيَّمَ) مِنْ حَالِي كَذَا وكَذَا.

ومَنْ قَالَ : إنَّها (وَيْك) فَكَأَ نَّهُ قَالَ : أَعْجَبُ لأَ نَّهُ لا يُفْلُحُ الكَافِرُونَ ، وأَعجبُ لاَِنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرَّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وهْو قَولُ أَبِي الحَسَنِ (٣).

ويَنْبَغِي أَنْ تَكونَ الكَافُ هُنَا حرفُ خِطَاب لا اسماً ، بلْ هِيَ بِمَنزِلَةِ الكافِ فِي ذَلِكَ وأولئك ، وذَلِكَ أَنَّ (ويْ) لَيْسَتْ مِمَّا يُضَافُ.

ومَنْ وقَفَ عَلَى (ويْكَ) ثمّ استأْ نَفَ فَيَنْبَغِي أنْ يَكُونَ أرادَ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الكافَ مِنْ جملةِ (وَيْ) ولَيْسَتْ بالتي فِي صَدْرِ (كَأَنَّ) ، فَوقَفَ شَيئاً لبيانِ هَذَا المَعْنَى. ويَشْهَدُ لِهَذا المَذْهبِ قَولُ عَنْتَرةَ :

__________________

(١) البيت لزيد بن عمرو بن نَفيل ويُنْسَب لِنَبِيه بنِ الحَجَّاج السَّهْمِي ولِسَعيد بنِ زيد بن عمرو بن نفيل. انظر : الكتاب : ١ / ٢٩٠ ومعاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣١٢ وَتَأويلِ مُشْكِل القرآن : ٥٢٦ والخصائص : ٣ / ٤١ و ١٦٩ والكشاف : ٢ / ١٥١ ومجمع البيان : ٢٠ / ٣١٩ واللسان : ٢٠ / ٣٠١ والبحر المحيط : ٧ / ١٣٥ والخزانة ـ بولاق ـ ٣ / ٩٧ ومعجم شواهد العربية : ١ / ١٩٢.

(٢) ينسب هذا البيت إلى عمر بن أبي ربيعة كما ينسب إلى يزيد بن الحكم. وهو في ديوان عمر بن أبي ربيعة. ويروى (ذو بغية) مكان (متيم). انظر : الديوان : ٣١٢ ومجمع البيان : ٢٠ / ٣١٩ ولسان العرب : ٤ / ٣١٣ وشرح المفصل : ٤ / ٧٧ والمغني : ٢ / ٣٦٩.

(٣) انظر : البحر المحيط : ٧ / ١٣٥ والمغني : ٢ / ٣٦٩.


ولَقَدْ شَفَى نَفْسِي وأَبْرأَ سُقْمَهَا

قِيلُ الفَوارِسِ وَيْك عَنْتَرَ أَقْدِمِ (١)

قَالَ الكِسَائِي (٢) ـ فيَما أَظُنُّ ـ أَرَادَ ويْلَكَ (٣) ثُمَّ حَذَفَ اللاّم ، وهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى خَبرِ نَبيّ لِيُقْبَلَ. وقَولُ مَنْ قَالَ : إنَّ (وَيْكَأَ نَّهُ) كَلِمَةٌ واحِدَةٌ إنَّما يُريدُ بِهِ أَنَّهُ لا يَفْصَلُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْض (٤).

٦ ـ أُف

قَرَأَ أَبو السَّـمَّـال : (أُفٌ) (٥) مَضْمُومَةً غيرَ منوّنة ، وقَرَأَ : (أَفَ) خفيفة ابنُ عَبَّاس.

قَالَ هَارُونُ النَّحوي : ويُقرأُ : (أُفٌّ) ، ولَو قُرِئَتْ (أَفًّا) لَكَانَ جَائِزاً ولَكِنْ لَيْسَ فِي الكتابِ أَلِفٌ.

قَالَ أَبو الفتح : فِيها ثَمَانِي لغات : أُفِّ ، وأُفّ ، وأُفَّ ، وأُفّا ، أُفُّ ، أُفٌّ ، وأُفي مُمَال ، وهَيَ الَّتِي يَقُولُ لَهَا العامَّةُ : أُفِّي ، بالياءِ ، وأُفْ ، خفيفة ساكنة. وأَمَّا (أُفَ) خفيفةً مفتوحةً فقياسُهَا قِياسُ رُبَ خفيفة مفتوحةً ، وكَانَ قياسُها إِذَا خُفِّفَتْ

__________________

(١) هذا من قصيدته المسمّاة بالمعلّقة. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣١٢ وشرح المعلّقات السبع : ١٥٢ وشرح القصائد العشر : ٢٧٨.

(٢) انظر : شرح المفصل : ٤ / ٧٨ والبحر المحيط : ٧ / ١٣٥ والمغني : ٢ / ٦٩.

(٣) قال الخطيب التبريزي : قال بعضُ النحويينَ : معناهُ ويْحَكَ وقَالَ بَعْضُهُم : مَعْنَاهُ ويْلَكَ وكِلاَ القَوْلَينِ خَطأ. ورُويَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ التَّفْسير أَنَّ المعنى ويْكَ أَلَمْ تَرَ وأمَا تَرَى ، والأحْسَن في هذا ما رُويَ عن سيبويهِ عن الخليلِ ، وهو أَنَّ ويْ منفصلةٌ وهِيَ كلمةٌ يقُولُهَا المُتَنَدّم إذا تَنَبَّه على ما كانَ مِنْهُ. شرح القصائد العشر : ٢٧٨.

(٤) المحتسب : ٢ / ١٥٥ ـ ١٥٦.

(٥) من قوله تعالى من سورة الإسراء : ١٧ / ٢٣ : (فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً).


أَنْ يُسَكَّنْ آخِرُهَا لاَِ نَّهُ لَمْ يَلْتَقِ فِيهْا سَاكِنَانِ فتحرك ، لَكِنّهُمْ بِقَّوا الحركَة مَعَ التخفيفِ أَمَارةً ودلالةً عَلَى أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ مُثقلة مَفْتُوحةً.

كَمَا قَالَ : لاَ أَكلّمُكَ حِيْريْ دَهْر (١) ، فَأسكنَ الياءَ في موضع النَّصبِ في غير ضرورة شعر ، لاَِ نَّهُ أَرَادَ التَّشديدَ فِي حِيريَّ دَهر ، فَكَمَا أَنَّهُ لَو أَدْغَمَ الياءَ الأَولى فِي الثَّانِيةِ لَمْ تَكُنْ إِلاّ سَاكِنَةً فَكَذَلِك إذَا حَذَفَ الثانية تخفيفاً أَقَرَّ الأولى عَلَى سكونها دلالة وتنبيها عَلى إرادَة الإدْغَامِ الَّذي لاَبُدّ مَعَهُ مِنْ سكونِ الأُولَى (٢).

٧ ـ ما كان على وزن فَعَالِ

مساسِ

قَرَأَ أَبو حَيْوَةَ : (لاَ مَسَاسِ) (٣) قَالَ أَبو الفتح : أَمَّا قِراءَةُ الجماعةِ : (لاَ مِسَاسِ) فَوَاضِحَةٌ لاَِ نَّهُ المماسَّة : مَاسَسْتُهُ مِسَاساً كَضَارَبْتُهُ ضِرَاباً ، لَكِنَّ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ : (لاَ مَسَاسِ) نظراً ، وذَلِكَ انَّ (مَسَاسِ) هَذِهِ كَنَزَالِ ودَرَاكِ وحَذَارِ ، ولَيْسَ هَذَا الضربُ مِنَ الكلامِ ـ أَعْنِي ما سُمِّي بِهِ الفِعْلُ ـ مِمَّا تَدْخُلُ (لا) النافيةُ للنكرةِ عَلَيْهِ ، نَحْو لاَ رَجُلَ عِنْدَك ولاَ غُلاَمَ لَك ، فـَ (لاَ) إذا فِي

__________________

(١) قالَ ابنُ الأَعرابيَ ، حِيْريْ الدَّهْرِ أيْ : طولَ الدَّهْرِ. وقَالَ أَبو الحَسَنِ الحِيْرِيُّ الدَّهرُ كُلَّهُ. وحَيْري تُروى بفتح الحاء وتشديد الياء الثانية وفتحها حَيْريَّ. وقال ابن الأَثير : ويروى حيريْ بياء ساكنة. وحيريَ دهر بياء مخفّفة. انظر : لسان العرب : ٥ / ٣٠٧ وتاج العروس ـ ط ـ الكويت ١١ / ١١٧.

(٢) المحتسب : ٢ / ١٨.

(٣) من قوله تعالى من سورة طه : ٢٠ / ٩٧ : (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَك فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَك مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ).


قَولِهِ (لاَ مَسَاسِ) نَفْي لِلْفِعْلِ كَقَولِكَ : لاَ أَمسَّكَ ولاَ أَقْرَبُ مِنْك فَكَأَ نَّهُ حِكَايَةُ قَولِ القائِلِ : مَسَاسِ كَدَرَاكِ ونَزالِ فَقَالَ : لاَ مَسَاسِ (١) ، أَيْ : لا أَقولُ : مَسَاسِ ، وكَان أَبُو عَليّ ينعم التأَمّل لهذا الموضِعِ لِمَا ذَكَرْتُهُ لك (٢).

وقَالَ الكميت :

 ......

 ...... لاَ هَمَامِ لِي لاَ هَمَامِ (٣)

أيْ لاَ أَقول هَمَامِ فَكَأَ نَّهُ مِنْ بَعْدُ لاَ أَهِمَّ بِذَلِك ولاَ بُدَّ مِنْ الحِكَايةِ أَنْ تَكُونَ مقدرةً ، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لاَ يجوزُ أَنْ تَقُولَ : لاَ اضربْ ، فتنفي بـ (لا) لفظَ الأمر ، لتنافي اجتماع الأمرِ والنَّهي. فالحكايَةُ إِذاً مُقَدَّرَةٌ مُعْتَقَدَةٌ.

فَإنْ قَالَ قَائِلٌ : فَأَنْتَ لاَ تَقَولُ : مَسَاسِ فِي مَعْنَى امسس ، فيا ليت شعري ما الَّذي بنيت؟ قِيلَ : لَيْسَ هَذَا أَولَ معتقد مُعتَزَم تقديراً ، وإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى اللَّفظِ استعمالاً ، ألاَ تَرَى إلَى مَلاَمِح وليال فِي قَولِ سيبويه ومَذَاكير ومَشَابِه (٤) لا آحَادَ لَهَا مُسْتَعْمَلة وإنَّما هِيَ مُرادَةٌ مَتْصُورَةٌ مُعْتَقَدَةُ ، فَكَأَنَّ

__________________

(١) أَخَذَ صاحبُ اللسانِ هَذَا التخريج عن ابن جِنِّي. انظر : اللسان : ١٦ / ١٠٣.

(٢) قال سيبويه : العرب تقول : أَنتَ لاَ مَسَاسِ ، ومَعنَاهُ لاَ تَمُسَّني ، ولا أمَسُّكَ ، دَعْنِي كِفافِ فَهَذَا مَعْدُولٌ عَنْ مُؤنّث وإنْ كَانُوا لَم يَسْتَعْمِلوا فِي كَلاَمِهِم ذَلِكَ المَؤنَّثَ الّذي عُدِلَ عَنهُ. انظر : الكتاب : ٢ / ٣٩.

(٣) البيت بتمامه :

عادلاً غيرَهُـمْ مِنَ الناسِ طُـرا

بِهُمُ ، لا هَمَام لِي لاَ هَمَـامِ

وضمير (غَيرَهُمْ) يَعُودَ عَلَى آلِ البيَتِ الذينَ يَمدَحُهُم بهَذَا البيتِ.

انظر : أساس البلاغة : ٢ / ٥٥٣ واللسان : ١٦ / ١٠٣.

(٤) قال سيبويه : «جَاءَ بعضُ الجمعِ عَلَى غير مَا يُسْتَعْمَل واحداً في الكلامِ نحو : مَذَاكير


الواحد مَلْمَحَة ، ومَشْبَه ، ولَيْلاَة ، ومِذْكَار أو مِذْكِير أَو نحو ذَلِكَ ، فَكَذَلِكَ (لاَ مَسَاسِ) جَاءَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ استُعمِلَ منه في الأمر مساس فنفي عَلَى تصور الحِكايةِ والقولِ وإنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ مَسْمُوع ونَظَائِرُهُ كَثِيرةٌ ، وكَذلِك القولُ فِي (هَمَامِ) مِنْ بيِت الكميت (١).

٨ ـ هيهات

قَرَأَ أَبو جَعْفَر والثَّقَفِي : (هَيْهَاتِ هَيْهَاتِ) (٢) بكسر التاءِ غَيْرَ منوّنة.

وقَرَأَ : (هَيْهَات هَيْهَات) عيسى بن عمر.

وقَرَأَ : (هَيْهَاتٌ هَيْهَاتٌ) رَفْعُ مُنَوّنٌ ـ أَبُو حَيْوة.

وقَرَأَ : (هَيْهَاتْ هَيْهَاتْ) مُرْسَلَة التاءِ عِيسى الهَمَدَانِي وَرُويَتْ عَنْ أَبِي عمرو.

قَالَ أَبو الفتح : أَمَّا الفتح ـ وهي قِراءَة العَامَّةِ ـ فَعَلَى أَنَّهُ واحَد ، وهُو اسمٌ سُمِّيَ بِهِ الفِعْلُ فِي الخَبَر ، وهُو اسمُ (بَعُدَ). كَمَا أَنَّ شتَّانَ اسمُ (افتَرقَ) ، وأُواهُ اسمُ (أَتَأَ لَّمُ) ، وَأُفّ اسم (أَتَضَجَّر) وقَدْ ذَكَرْنَا فِي (أُفٌّ) طرفاً صَالِحاً مِنْ هَذَا الحَديثِ (٣) ، ومَنْ كَسَرَ فَقَالَ : (هَيْهَات) منوّناً أَو غَيْرَ منوّن فَهُو جَمْعُ هَيْهَات ، وأَصْلُهُ هَيْهيَات : إلاّ أَنَّهُ حذف الألِف لاَِ نَّهَا فِي آخر اسم غيرِ مُتَمَكّنْ كما حُذِفَتْ يَاءُ الذِي في التثنية إذَا قُلْتَ : اللَّذَانِ وأَلِف ذَا إذَا قُلْتَ : ذانِ ، ومَنْ نَوّنَ

__________________

ومَلامِح» وقَالَ : قَالُوا مَلاَمِح ومَشَابِه ولَيال فَجَاءَ جَمْعُهُ عَلَى حَدِّ مَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي الكلامِ لا يقولون ولا مَلْمَحَة ولا ليلاة. الكتاب : ٢ / ٣٠ و ٣٩.

(١) المحتسب : ٢ / ٥٦ ـ ٥٧.

(٢) من قوله تعالى من سورة المؤمنون : ٢٣ / ٣٦ : (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ).

(٣) تنظر : ص : ٤٧٢ والمحتسب : ٢ / ١٨.


ذَهَبَ إلى التَّنْكِيرِ ، أَيْ : بُعْداً بعداً.

ومَنْ لَمْ يَنُوَّنْ ذَهَبَ إِلى التعريف ، أَرَادَ : البُعْدَ البُعْدَ.

وَمَنْ فَتَحَ وَقَفَ بالهاءِ لاَِ نَّهَا كهاءِ أَرْطَاة وَسِعْلاَة وَمَنْ كَسَرَ كَتَبَها بالتاءِ لاَِ نَّها جَمَاعةٌ ، والكَسْرُ فِي الجماعة بمنزلة الفتحة في الواحد كما أَنَّ سقوط النون من ضَرَبَا بمنزلةِ الفَتْحَةِ فِي ضرب طرداً عَلَى سقوطِ النُّونِ فِي لَنْ يَضْرِبَا بمنزلةِ الفتحةِ فِي أَنْ يَضْرِبَ. فَلَفْظُ البِنَاءِ في هذا كَلَفْظِ الإعراب.

ومَن قَالَ : هيْهاةٌ هيْهاةٌ فَإِنَّهُ يَكْتُـبُهَا بِالهَاء (١) لاَِنَّ أَكْثَرَ القِرَاءةِ (هَيْهَاةَ) بالفَتْحِ ، والفَتْحُ يَدُلُّ عَلَى الإفراد والإفراد بالهاءِ كَهَاءِ أَرْطَاة وعَلقَاةِ ، غَيرَ أَنَّ مَنْ رَفَعَ فَقَالَ (هَيْهَاةٌ) فَإنَّهُ يَحْتَمِلُ أَمْرَينِ : أَحَدُهُما : أَنْ يَكونَ أَخْلَصَهَا اسماً مُعْرَباً فِيهِ مَعْنَى البُعْدِ ولَمْ يَجْعَلْهُ اسماً للفِعْلِ فَيبنيهِ كَمَا بَنَى الناسُ غَيْرَهُ ، وقَولُهُ : (لِمَا تُوعَدُونَ) خَبَرٌ عَنْهُ ، كَأَ نَّهُ قَالَ : البُعْدُ لِوعْدِكُمْ ، كَمَا يَقُولُ القَائِلُ : الخُلْفُ لِمَوعِدِكَ ، والضَّلاَلُ لاِِرشَادِكَ ، والخَيبَةُ لانتجاعِكَ.

والآخر : أَنْ تَكُونَ مبنيّةً عَلَى الضَّمِّ ، كَمَا بُنِيَتْ نَحْنُ عَلَيهِ ، وكَمَا بُنيتْ حَوبُ (٢) عَلَيهِ فِي الزَّجْرِ ، ثُمَّ اعتَقَد فِيهِ التَنْكِير ، فلحقه التنوين عَلَى مَا مَضَى.

ونَحْوٌ مِنْ ذَلِكَ مَا حُكِي عَنْ بَعضِهِم مِنْ ضمّةِ نونِ التثنية في الزَّيْدَانُ والعُمْرَانُ (٣).

__________________

(١) مذهب أَبي عليّ أَنَّها تُكتَبُ بالتَّاءِ. انظر : شرح الأِشموني : ٣ / ١٩٩.

(٢) الحَوْبُ : الجَمَلُ. ثمّ كَثُرَ حَتَّى صارَ زجراً له.

(٣) وهو من الشُّذُوذ بحيثُ لا يقاسُ عليه. وقال الشَّيْبَانِي : ضَمُّ النُّونِ في التثنية لغةٌ ، قال أبو حيَّانَ : يعني مع الأَلف لا مع الياء لأ نَّها شُبِّهَتْ بألفِ غضبانَ وعُثمَانَ وأنشدَ المطرزي


وأَمَّا (هَيْهَاتْ هَيْهَاتْ) ، سَاكِنَةً بالتاءِ فينبغي أَنْ يَكونَ جَمَاعةً ، وتكتب بالتاءِ ، وذَلِكَ أَنَّهَا لَو كَانَتْ هاءً كهاءِ عَلْقَاة وسُـمَـانَاة (١) للزمَ في الوقفِ عَلَيْهَا أَنْ يلفظ بالهاءِ كَمَا يوقف مع الفتح ، فيقال : هَيْهَاه هَيْهَاه ، فَبقاءُ التَّاءِ فِي الوقْفِ مَعَ السُّكُونِ دَليلٌ عَلَى أَنَّهَا تَاءٌ ، وإِذَا كَانَتْ تاءً فهيَ للجَمَاعَةِ ، وهْو أَمْثَل مِنْ أَنْ يعتقد فيها أَنَّهَا أُجْرِيَتْ فِي الوقْفِ مجراها في الوصلِ مَعَ كَونِهَا تاءً ، كَقْولِنَا : عَلَيهِ السلام والرحمت ، وقوله :

بَلْ جَوزِ تَيْهَاءَ كَظَهْرِ الحَجَفَتْ (٢)

لقلّةِ هَذَا وكثرةِ الأول ، وكَذَلِكَ يَقِفُ الكِسَائِي عَلَيْهَا (٣) وهْو عِنْدِي حَسَنٌ لِمَا ذَكَرْتُهُ. وعُذْرُ مَنْ وقَفَ بالتَّاءِ كونُهَا فِي أَكْثرِ الأمْرِ مُصَاحِبةَ لِلأُخرى مِنْ بَعْدِها ، ولأَ نَّهَا أَيضاً تشبه الفعلَ ، والفعلُ أَبداً متطاولٌ إِلَى الفاعِل ، وهَذَا طريقُ الوصلِ ، ولاَِنَّ الضَّميرَ فيها لَمْ يُوكدْ قَط فَأشبهتِ الفعلَ الَّذي لاَ ضَميرَ فيهِ ، فَكَانَ ذَلِكَ أَدْعَى فِي اللَّفظِ إلَى إدْرَاجها بالتوقِع لَهُ.

__________________

في اليواقيت :

يا أَبَتَا أَرَّقَنِي القِــدَانُ

فالنُّومُ لا تُطْعَمُهُ العَيْنَانُ

والقِدان بالدالِ والذال : البَراغيثُ. انظر : همع الهوامع : ١ / ٤٩ وضياء السالك : ١ / ٧٩.

(١) السُّمَانَاةُ : طائرٌ.

(٢) البيت لِسُؤرِ الذئب. وقوله : (بل جوز تيهاء) أي ربَّ جوزِ تيهاءَ. وجوز التيهاء : وسط المفازة ، والحجفة : الترس من جلد ، وقوله : كظهر الحجفة : أي في الاستواء. انظر : الخصائص : ١ / ٣٠٤ و ٢ / ٩٨ والمخصص : ٩ / ٧ ، ١٦ / ٨٤ ، ٩٦ ، ١٢٠ والإنصاف : ٢٣٢ وشرح المفصل : ٢ / ١١٨ ، ٤ / ٦٧ و ٨ / ١٠٥ ، ٩ / ٨٠ ، ٨١ و ١٠ / ٤٥ ولسان العرب : ١٠ / ٣٨٣ و ١٣ / ٧٤ وشرح شواهد الشافية : ٤ / ٢٠٠.

(٣) انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٢٣٦ والإرشادات الجلية : ٣١٨.


والَّذي حَسَّن الوقوفَ عَلَيْهَا حَتَّى نَطَقَ بِالهاءِ فِيها ما أَذْكُرُهُ لَكَ وهُو أَنَّ هيهاة جاريةٌ مَجرَى الفعلِ فِي اقتضائِها الفاعل ، فَإذَا قَالَ : هَيْهَاتَ فَكَأَ نَّهُ قَالَ : بَعُدَ بَعْثُكُمْ ، بَعُدَ إنْشَاؤكُم ، بَعُدَ إخْراجُكُم ، فَإذَا وقَفَ عَلَيهِ أَعْلَمَ أَنّ فِيهِ فَاعلاً مَضْمَراً وأَنَّ الكلمةَ قَدِ اسْتَقَلَّتْ بالضميرِ الذِي فِيهَا ، وإذا وصَلَهَا بالأُخْرَى أَوهم حاجةَ الأولى إلى الآخِرَةِ ، فَأَذِنَ بالوقُوفِ عَلَيْهَا باسْتِقْلاَلِهَا ، وغنائِها عَنْ الأُخْرَى مِنْ بَعْدِهَا ، فَافْهَمْ ذَلِكَ.

ولاَ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ قَولُهُ : (لِمَا تُوعَدُونَ) هو الفاعلُ ، لاِنَّ حرفَ الجرِّ لا يكونُ فاعلاً ، ولا يَحْسُنُ اعتقادُ زِيَادَةِ اللاَّمِ هُنَا ، حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : بَعُدَ ما تُوعَدُونَ ، لاَِ نَّهُ لَمْ تُؤلَّفْ زِيَادَةُ اللاَّمِ فِي نَحو هَذَا ، وإنَّمَا زِيدَتْ فِي المَوضِعِ الَّذي الغرض بزيادتِها فِيهِ تَمْكينُ مَعْنَى الإضَافةِ ، كَقَولِهِ :

يَا بُؤسَ لِلحَرْبِ الَّتي

وضَعْتَ أراذِلَ فَاسْتَرَاحُوا (١)

وكَقْولِهِ :

 ......

يَا بؤسَ لِلْجَهْلِ ضَرَّاراً لاَِقْوَامِ (٢)

وإذا لَمْ يَكُنْ لها بُدٌّ مِنَ الفاعلِ ولَمْ يَكُنْ الظَّاهِرُ بَعْدَهَا فَاعِلاً لَهَا فَفَيها ضميرُ فَاعل لاَ محالة ، وهو ما قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ.

ومِمَّا نُوِّنَ وهو مَبنيّ عَلَى الضمِّ قَولُهُ :

__________________

(١) البيتُ لِسَعْد بن مالك بن ضبيعة البكري ، جد طَرَفَةَ بن العَبْد البكري والبيت من قصيدة لَهُ في الحربِ التي نشبت بين بكر وتَغلِب لمقتل كليب وقوله : وضعتْ أَراهِط أَيْ : حَطت قوماً بالقعود عنها وأسقطتهم عن مرتبة الشرف والضمير يعود على الحرب. الخصائص : ٣ / ١٠٦ والتمام : ١٢٠ وديوان الحماسة : ١ / ١٩٢ والمغني : ١ / ٢١٦.

(٢) تقدَّم الشاهد في : ص : ٣١٠.


سلامُ اللهِ يَا مَطَرٌ عَلَيْهَا

ولَيْسَ عَلَيْك يَا مَطَرُ السَّلاَمُ (١)

ومِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الضَّجَرِ : أُفٌّ فِيمَنْ ضَمَّ ونَوّنَ ، ويُؤنُسُكَ باسْتعْمَالِهِم مِنْ هَذَا اللَّفظِ اسماً مُعْرَباً قولُ رؤبة :

هَيْهَاتَ مِنْ مُنْخَرِق هَيْهَـأوهُ (٢)

فَكَأَ نَّهُ قَالَ : بَعُدَ بُعْدُهُ وهْو كَقَولِهِم : جُنَّ جُنُونُهُ ، وضَلَّ ضَلاَلُهُ ، وقَولُهُمْ موتٌ مَائِتٌ ، وشِعْرٌ شَاعِرٌ عَلَى طريقةِ المُبالَغةِ. وهَيْهَاؤهُ إذا فَعْلاَلُهُ ، كَزَلْزَالِهِ ، وقَلْقَالِهِ والهَمْزَةُ فِيهِ مَنْقِلَبِةٌ عَنْ يَاء لاَِ نَّه مِنْ بَابِ حَاحَيْتُ وعَاعَيْتُ (٣).

أسماء الأصوات

وقريب من لفظه ومَعْنَاهُ ما أنْشَدَنَاهُ أَبو عليِّ مِنْ قولِ بَعْضِهِم :

 ......

فَأَرفَعُ الجَفْنَةَ بالهَيْهِ الرَّثِع (٤)

__________________

(١) البِيتِ للأحوص الأنصاري وكَانَ يهوى امرأة ويشبب بهَا ولا يُفصِحُ عَنْهَا فَتَزَوّجَهَا رَجُلٌ اسمه مَطَر فغلب الوَجْدُ والعِشق عَلَى الأحوْص فَقَالَ هَذَا الشّعْر.

انظر : ديوانه : ١٧٣ والكتاب : ١ / ٣١٣ والمقتضب : ٤ / ٢١٤ و ٢٢٤ ومجالس ثعلب : ٧٤ وأمالي الزجاجي : ٥٣ وأمالي الشجري : ١ / ٣٤١ وشرح شذور الذهب : ١٥٣ وشرح ابن عقيل : ٢ / ٢٦٢ والمغني : ٢ / ٣٤٣ والهمع : ٢ / ٨٠ والدرر اللوامع : ٢ / ١٠٥ وشرح الأشموني : ٣ / ١٤٤ والخزانة : ٢ / ١٥٠.

(٢) وفي ديوانه (في) مكان (من). انظر : الديوان : ٤ والخصائص : ٣ / ٤٣.

(٣) قال سيبويه : أما يستعور فالياء فيه بمنزلةِ عضرفوط لأَنَّ الحروفَ الزوائَد لاَ تَلْحَقُ بناتِ الأَربْعَةِ أولاً إِلاّ الميم التي فِي الاسِم الَّذي يَكُونُ عَلَى فِعِله فَصَارَ كفعل بَنَاتِ الثلاثةِ المَزيد ..... ومِثلُهُ عاعَيتُ وحَاحَيتُ وهاهَيْتُ لاَِ نَّك تَقَولُ الهاهاةُ والحَاحَاةُ والحَيْحَاءُ كالزلزلةِ والزَّلزال وقَدْ قَالُوا : معاعاة. انظر : الكتاب : ٢ / ٣٤٧.

(٤) يُروَى (وأَرقع) بالقاف مكان (فأَرفع) بالفاء ، فقد أَنْشَدَ الأزهري عن ابن الأعرابي بلا عُزو :


فَالهَيهُ المُرَقَّع مِنَ الناس المَرْذُولُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ في إبعادِهِ : هَيْه ، فَسُمِّي بالصوتِ الَّذي يُقَال ، كَمَا قَالَ الآخر :

إذَا حَملتُ بِزَّتي عَلَى عَدَس

فَمَا أُبَالِي مَنْ مَضَى ومَنْ جَلَسْ (١)

يَعْنِي : البَغْلَ ، لاَِ نَّهُ يَقَالُ لَهُ في الزَّجْرِ : عَدَسْ. قَالَ :

عَدَسْ مَا لِعَبَّاد عليك إِمارَةٌ

نجوتِ وهَذَا تَحْمِلينَ طَليقُ (٢)

فالهَيْهَةُ ـ كَمَا تَرَى ـ ثُلاَثِي وهَيْهَاتَ ـ عَلَى مَا مَضى ـ رُبَاعِيّ ، فاللّفْظَانِ أَخَوانِ ، والمعنيانِ مُتَقَارِبانِ ، لاَِنّ هَيْهَات اسم بَعُدَ ، وهَيْه زجرٌ وإبعادٌ ، ونظير هَيْه وهَيْهات قَولُهُم : سَلِسَ وسَلْسَلَ ، وقَلِقَ وقَلْقَلَ ،

__________________

قَدَ أَخْصِمُ الخَصْمَ وآتِي بِالرُّبُعْ

وَأَرْقَـعُ الجَفْنَـةَ بِالهَيْـهِ الرَّثِـعْ

أَخْصِمُ الخَصْمَ : أَغلبُهُ في الخُصُومَةِ ، والرُّبُعُ بضم الباء يريد بِهِ رُبُع الغنيمة ، وروي بفتحها (الرَّبَع) ، وهو فصيل النَّاقة تَضَعُهُ في الربيع ، وهو أول النتاج ، ومعنى آتي بالرَّبَع أقتاده أو أسوقه. والرَّثِع بالرَّاء والثاء المثلثة المكسورة ، وبالعين المهملة الدنئُ الشَّرِهُ الحريصُ الذي لا يبالي ما يأكل وما يفعل ويُقالُ لهُ الهُيْه ، يُريدُ أنَّهُ يُدنيه ويُطعِمَهُ على حالِهِ تلكَ ، ودناءتِهِ. نَقَلَ الأزهري عن ابن الأَعرابي أن الهَيْهَ هو الذي يُزجَرُ فيُقالُ له هِيهِ هِيْهِ ، لدَنَسِ ثِيابِهِ. الرَّثَعُ ، محركة : الدَّناءةُ والشَّرَهُ والحِرْص الشديد ومَيْلُ النفس إِلى دَنيء المَطامِع ، والراثع من يرضى بالطفيف من العطية ، ومن يخادن أخدان السوء ، وفيه دناءة. ينظر في : تهذيب اللغة : ٢ / ٣٢٧ ، و ٤٨١ ـ ٤٨٤ ، ولسان العرب ـ رثع ـ و ـ هيه ـ : ٩ / ٤٧١ ، و ١٧ / ٤٥ ، وتاج العروس : ٢١ / ٦٤ ، و ٣٦ / ٥٥٦.

(١) البِزَّةُ : السِّلاحُ. ويروى (فلا) مكان (فما) و (أو من) مكان (ومن). المخصص : ٦ / ١٨٣ وشرح المفصل : ٤ / ٢٤ ، ٧٩ واللسان : ٨ / ٧.

(٢) البيتُ لِيزيد بن مُفرِغ الحميري قاله بعد أن خرج من سجن عبيد الله بن زياد ، وعباد هو عباد بن زياد بن أبي سفيان وكان يزيد قد هجاه. أمالي الشجري : ٢ / ١٧٠ وشرح المفصل : ٢ / ١٦ و ٤ / ٢٣ و ٢٤ وشرح شذور الذهب : ١٩١ والمغني : ٢ / ٤٦٢ والهمع : ١ / ٨٤ وشرح الأشموني : ١ / ١٦٠ و ٣ / ٢٠٨ وخزانة الأدب ـ بولاق ـ : ٢ / ٥١٤ و ٣ / ٨٩.


وجَرجَ (١) وجَرْجَرَ.

وسَأَ لَنِي أَبو عليّ يوماً فَقَالَ : أَيُّ شيء مِثْلَ غَوْغَاءَ وغُوغَاء؟ فَقُلْتُ لَهُ : قَولُهُم لِلْمَنْخُوبِ (٢) : هُوهٌ وهَوهَاءَةٌ ، ويَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ ما ذَكَرْنَاهُ الآنَ مِنْ قَولِهِمْ هَيْه وهَيْهَاتْ (٣).

العـدد

حول عشر وعشرة

قَرَأ الناسُ : (أَحَدَ عَشَرَ) (٤) بِفَتْحِ العَيْنِ ، وأَسْكَنَها أَبُو جَعْفَر ونَافِع بِخِلاَف وطَلْحَة بن سليمان.

قَالَ أَبُو الفتح : سَبَبُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ الاسمينِ لَـمّـا جُعِلاَ كالاسِم الواحدِ ـ وبُنِي الأولُ مِنْهُما لاَِ نَّهُ كصدرِ الاسمِ ، والثاني منهما لِتَضَمُّنِهِ معنى حرفِ العطفِ ـ لَم يَجُزْ الوقفُ عَلَى الأولِ لاَِ نَّهُ كَصَدْرِ الاسمِ مِنْ عَجْزِهِ ، فَجُعِلَ تسكين أَولِ الثاني دَليلاً عَلَى أَنَّهُما قَدْ صَارَا كالاسمِ الواحدِ ، وكَذَلِكَ بقيةُ العَدَدِ إلى تسعَة عَشَر إلاّ اثنا عَشَرَ واثني عَشَرَ ، فَإنَّهُ لا يُسَكَّنُ العَين لِسُكُونِ الألِفِ والياءِ قَبْلَهمَا.

ومَمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الاسْمَينِ إذَا جَرَيَا مجرى الاسمِ الواحدِ بالتركيب

__________________

(١) جَرجَ الخاتم في إصْبَعِهِ جالَ لسعتِهِ.

(٢) رجَل منخوب : جبان.

(٣) المحتسب : ٢ / ٩٠ ـ ٩٤.

(٤) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ٤ : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ).


عُومِلاَ فِي مَواضَعَ معاملتِهِ ما حكاهُ أبو عمرو الشيباني من قَولِهِم في حَضْرَمَوت : حَضْرَمُوتْ بضمّ المِيمِ ، لِيَكونَ كَحَذْرَفُوت (١) وتَرْنَمُوت (٢)

وعَنْكَبُوت وهَذَا واضِحٌ (٣).

وقَرَأَ يحيى والأَعْمَش وطلحة بن سليمان : (عَشِرةَ) (٤).

وقُرِئَ (عَشَرَة) بفتح الشين بخلاف.

قَالَ أَبُو الفتح : أَمَّا (عَشِرَةَ) بِكَسْرِ الشين فَتَمِيمية ، وأَمَّا إسكَانُها فَحِجَازِيةٌ.

واعْلَمْ أَنَّ هَذَا مَوضِعٌ طريفٌ : وذَلِكَ أَنَّ المَشْهُورَ عَنْ الحِجَازِيِينَ تحريك الثَّاني مِنَ الثّلاثي إذَا كَانَ مَضْمُوماً أو مكسوراً نحو الرُّسُل والطُّنُب والكَبِدِ والفَخِذ ونَحو ظَرُفَ وشَرُفَ وعَلِمَ وقَدِمَ ، وأَمَّا بَنُو تمِيم فَيُسَكِّنُونَ الثَّانِي مِنْ هَذَا ونحوه ، فيقولونَ : رُسْل وكُتْب ، وكَبْد ، وفَخْذ ، وقد ظَرْفَ ، وقَدْ عَلْمَ لَكِنَّ القبيلتينِ جَمَيعاً فَارَقَتَا فِي هَذَا المَوضِعِ مِن العَدَدِ مُعْتَادَ لُغَتِهَما ، وَأَخَذَتْ كُلُّ وَاحِدَة مِنْهُمَا لُغَةَ صَاحِبَتِهَا ، وَتَرَكَتْ مَأْ لُوفَ اللغة السائرةِ عَنْهَا ، فَقَالَ أَهْلُ الحِجازِ : اِثْنتَا عَشْرَةَ بالإسْكَانِ ، والتميمون : عَشِرَةَ بالكسرِ.

وسَبَبُ ذَلِكَ ما اذْكُرُهُ ، وذَلِكَ أَنَّ العَدَدَ مَوضِعٌ يَحدثُ مَعَهُ تَرْكُ الأصول وتُضَمُّ فِيهِ الكلم بَعْضُهُ إلِى بَعْض ، وذَلِك من أَحَدَ عَشَرَ إلى تِسْعَةَ عَشَرَ.

فَلَمَّا فارقوا أُصولَ الكلامِ مِنَ الإفرادِ وصَارُوا إلَى الضَّمِّ فَارَقُوا أَيْضاً

__________________

(١) حذرفوت : قلامة الظفر. لسان العرب : ٢ / ٣٢٨.

(٢) قوس ترنموت : لها حنين عند الرَّمِي. لسان العرب : ١٥ / ١٤٩.

(٣) المحتسب : ١ / ٣٣٢.

(٤) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ١٦٠ : (وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً).


أَصُولَ أَوضَاعِهِم ، ومَأ لُوفَ لُغَاتِهِم فَاسكنَ مَنْ كَانَ يُحَرَّكُ وحرَّكَ مَنْ كَانَ يُسكن.

أَمَّا (اثنتا عشَرَةَ) بفتحِ الشّينِ فَعَلَى وجْه طَرِيف ، وذَلِكَ أَنَّ قَولَهُ (اثْنَتَيْ) يَخْتَصُّ بالتَّأنِيثِ و (عَشَرة) بِفَتْحِ الشّينِ تَخْتَصُّ بِالتَّذْكِيرِ وكُلَّ واحد مِنْ هَذينِ يَدْفَعُ صَاحِبَهُ وأَقْرَبُ ما تُصْرَفُ هَذِهِ القراءةُ إليهِ أَنْ يَكُونَ شبه اثنتي عشرة بالعقود ما بين العشرين إلى المئة.

أَلاَ تَرَاكَ تَقُولُ عِشْرُونَ وثَلاثُونَ فَتَجد فيه لفظ التَّذكِير ولَفْظ التَّأْنِيثِ.

أَمَّا التَّذْكِير فَالواو والنون ، وأَمَا التَّأْنِيثُ فَقَولُكَ ثَلاَث مِنْ (ثَلاَثُونَ) لِذَلِكَ صَلُحَتْ ثلاثون إلى التسعين لِلمُذَكَّرِ والمُؤنَّثِ فَقُلتَ : ثَلاَثُونَ رَجُلاً وثلاثونَ امرأةً ، وتسعونَ غلاماً وتسعونَ جَاريةً ، فكذلِكَ أَيْضاً هَذَا المَوضِع.

أَلاَ تَرَاهُ قَالَ تَعَالى : (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً) (١) فـَ (أَسْبَاطاً) يُؤذِنُ بالتَّذْكِير ، و (أُمَم) يُؤذِنُ بالتَّأْنِيثِ. وهَذَا واضِحٌ.

وحَسُنَ تَشْبِيهُ (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) برؤوسِ العقودِ دونَ المائةِ مِنْ حَيثُ كَانَ إعرابُ كُلّ واحد مِنْهُمَا بالحرفِ لاَ بالحَرَكَةِ ، وذَلِكَ اثنتا عشْرَةَ واثنتي عشْرةَ فَهَذَا نَحْوٌ مِنْ قَولِهِم عِشْرُون وعِشْرِينَ ، وخَمْسُونَ وخَمْسِينَ وتِسْعُونَ وتِسْعِينَ فَافْهَمْهُ.

وممَّا يَدُلُّكَ أَنَّ ضَمَّ أسماءِ العَدَدِ بَعْضها إلى بَعْض يَدْعُو إلى تحريفِهَا عَنْ عَادَةِ استعمَالِهَا قولُهُم : أَحَدَ عشرَ رَجُلاً ، وإِحْدَى عَشرة امرأَةً ، وكَانَ قيِاسُ أربع وأَربعة وخمس وخمسة أَنْ يَكُونَ هَذَا أَحَد وأَحَدَة أَفَلاَ تَرَى إلى إحْدَى ـ وهي فِعْلَى وأَصْلها وحْدَى ـ كَيْفَ عَاقَبَتْ فِي المُذَكَّرِ فَعَلاً وهو أَحدَ وأَصلُهُ

__________________

(١) سورة الاعراف : ٧ / ١٦٠.


وحَدٌ ، فَأَمَّا إِحْدَى وعشرونَ إلى التّسْعِينَ فَإنَّهُ لَـمَّـا سبَقَ التحريفُ إليها فِي إحْدَى عشرةَ ثَبَتَ فِيهَا فِيَما بَعْدُ (٢) وقَرَأَ الأعَمَشَ : (اثنَتا عَشَرَةَ) (١) بِفَتحِ الشين.

قَالَ أَبُو الفَتْح : القِراءة في ذلك (عَشْرة) و (عَشِرةَ) ، فَأَمَّا (عَشَرَةَ) فَشَاذُّ ، وهِيَ قِرَاءة الأعْمَش.

وعَلى الجُمْلَةِ فِيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَم أَنَّ ألفاظَ العَدَدِ قَدْ كَثُرَ فِيهَا الانحرَافَاتُ والتخليَطاتُ ، ونُقِضَتْ فِي كثير مِنْهَا العاداتُ وذَلِكَ أَنَّ لُغَةَ أَهلِ الحجازِ في غيرِ العَددِ نظير عَشْرة : عَشِرَة وأَهل الحجاز يكسرون الثاني وبنو تميم يسكنونه فيقول الحجازيون : نَبِقَه وفَخِذ ، وبنو تميم تقول : نَبْقَه وفَخْذ فَلَمَّا رُكِّبَ الاسمان استحالَ الوضْعُ فَقَالَ بَنُو تَمِيم إحْدَى عَشِرةَ وثِنتَا عَشِرةَ إلى تسع عَشِرةَ بكسر الشّين ، وقَال أَهْلُ الحِجَازِ : عَشْرة بِسكونِها. ومِنْهُ قَولُهُم فِي الواحِدِ : واحد وأَحد ، فَلَمَّا صاروا إلى العَدَدِ قالَوا : إحْدَى عَشر ، فبنوه عَلَى فِعْلَى ، ومنه قَولُهُمْ : عَشْر وعَشرةٌ ، فَلَمَا صَاغُوا مِنْهُ اسماً لِلْعَدَدِ بِمَنْزِلَةِ (ثلاثونَ) و (أَربْعَونَ) قَالُوا : عِشْرونَ ، فَكَسَرُوا أولَهُ. ومِنْهُ قَولُهُم : ثَلاَثُونَ وأَرْبَعُونَ إلى (التسعون) فجمعوا فِيهِ بَيْنَ لَفْظَينِ ضِدَّينِ أَحَدُهُما يَخْتَصُّ بالتّذْكِيرِ والآخر بالتَّأْنِيثِ ، أَما الُمخْتَصُّ بالتَّذْكِير فَهْو الواو والنونُ ، وأما المختصّ بالتأنيث فهو قولهم : ثلاث وأربع وتسع في صدر (ثلاثون) و (أربعون) و (تسعون) وكلّ واحد من ثلاث وأربع وخمس وستّ إلى تسع

__________________

(٢) المحتسب : ١ / ٢٦١ ـ ٢٦٤.

(٣) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٦٠ : (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْـناً).


هَكَذَا بِغَيْرِ هاءِ مَخْتَصّ بالتأْنِيثِ. ولَمَّا جمعوا في هذه الأَعداد ـ من عشرين إلَى تِسْعيِنَ ـ بينَ لَفْظَي التَّذكِيرِ والتأنيثِ صَلُحَتْ لَهَا جَميعاً ، فَقيلَ : ثَلاثُونَ رَجُلاً وثلاثونَ امرأةً وخَمْسونَ جاريةً وخمسونَ غُلاماً ، وكَذلِكَ إلى التّسعِينَ.

ومِنهُ أَيضاً اختصارُهم من ثلثمائة إلى تسعمائة على أَنْ أَضَافُوهُ إلَى الواحد ، ولَمْ يَقُولُوا : ثَلاَثَ مَئين ، ولا أربع مئات إلاّ مستكرهاً وشاذّاً فكما شاع هذا وغيرُهُ في أسماء العدد قالوا أيضاً : (ثِنْتَا عَشَرةَ) فِي قِرَاءَةِ الأعمش هَذِهِ وينبغي أنْ يَكونَ قد رَوى ذَلِكَ روايةً ولَمْ يَرَهُ رأيّاً لِنَفْسِهِ.

ومِنْ تَحريفِ أَلْفَاظِ العَدَدِ مَا أَنْشَدَهُ أَبو زَيد في نوادِرِهِ :

عَلاَمَ قَتْلُ مُسلم تَعَمُّدَا

مُذْ سَنَةٌ وخَمِسُونَ عَدَدا (١)

بِكَسْرِ الميم مِن خَمِسونَ ، وعذره وعلّته عِنْدِي أَنَّه احتاجَ إلى حَرَكةِ الميم لاِِقامةِ الوزنِ فَلَمْ يَرَ أَنْ يَفْتَحَها فَيَقُولُ : خَمَسونَ ، لاَِ نَّه كَانَ يكون بين أَمْرِين : إمَّا أَنْ يُظَنَّ أَنَّه كَانَ الأصلُ فَتْحَهَا ثُمَّ أُسْكِنَتْ وهَذَا غَيْرُ مَأ لُوف ، لاَِنَّ المَفتُوحَ لا يُسَكَّنُ لِخِفَّةِ الفَتْحَةِ. وأمَّا أنْ يُقَالَ إنَّ الأصْلَ السكونُ فاضْطُرَّ فَفَتَحَها وهَذَا ضَرُورةٌ ، إنَّمَا جَاءَ في الشعر ، نحو قَولِهِ :

مُشْتَبِـهِ الأعْـلاَمِ لَمَّـاعِ الخَفَـق (٢)

أَيْ : الخَفْق. ومِنْهُ قَولُ زُهَير :

__________________

(١) يُرْوَى (تعَبَّدَا) و (تعَبُّدَا) مكان (تعَمُّدَا) و (خَمْسَة) مَكَان (سَنَة). نوادر أبي زيد : ١٦٥ والخصائص : ٢ / ٧٧ ولسان العرب : ١٦ / ١٣٨.

(٢) من رجز لرؤبة وقبله : وقاتم الأعماق خاوي المخترق. تنظر : ص : ٤١٣. والديوان : ١٠٤ والخصائص : ١ / ٢٢٨ و ٢٦٠ و ٢٦٢ والمنصف : ٢ / ٣١٨.


ثُمَّ استَمَرّوا وقَالوا إنَّ مشرَبُكم

ماءٌ بِشَرْقِيّ سَلمى فَيْدُ أَو رَكَكَ (١)

قَالَ أَبو عُثَْمانَ : قَالَ الأصمعي سألتُ أَعرَابياً ـ ونَحْنُ فِي الموضعِ الَّذي ذَكَرهُ زُهَيْر ـ يعني هذا البيت فقلتُ لَهُ هَلْ تَعْرِفْ رَكَكا؟ فَقَالَ : قَدْ كَانَ هُنَا ماءٌ يُسَمَّى رَكًّا.

قَالَ الأصمعي : فَقْلْتُ : إِنَّ زهيراً احتاجَ إليهِ فَحَرَّكَهُ. فَعَدَلَ عَنِ الفتحِ (٢) لِئَلاَّ يعرف بأثر الضرورة فَعَدَلَه إلى موضع آخر فَكَسَر المِيمَ فكأ نَّهُ راجَعَ بِذَلِكَ أَصلاً حَتَّى كأ نَّهُ كَانَ خَمِسون ثُمَّ أُسْكِنَ تخفيفاً فَلَـمَّـا اضطرَّ إلَى الحَرَكَةِ كَسَرَ ، فَكَانَ بِذَلِك كَمُراجع أَصْلاً لاَ مُسْتَكَرَهاً عَلَى أَنْ يُرَى مُضْطرّاً.

وأَ نَّسَهُ أَيضاً بِذَلِكَ مَا جَاءَ عَنْهُمْ مِنْ قَولهِمِ : إحْدَى عَشْرَةَ وعَشِرَةَ فَصَارَ خَمِس من (خَمِسُونَ) بمنزلة عَشِرة وصَار خَمْسون بمنزلة عَشْر (٣).

وقَرَأَ أَبو جَعْفَر يَزيد وطلحة بن سليمان : (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عْشَرَ) بإسكان العين (٤) وقَرَأَ أَنَس بِن مَالِك : (تِسْعَةَ أَعْشُرَ).

ورُويَ عَنْهُ : (تِسْعَةُ وعْشَرَ).

ورُويَ عَنْهُ (تِسْعَةُ عَشَرَ).

ورُويَ عَنْهُ : (تِسْعَةُ وعَشُرَ).

ورُويَ عَنِ ابنِ عَبّاس (تِسْعَةُ عَشَرَ) بِرَفْعِ تسعةُ.

__________________

(١) سلمي هو أحد جبلي طيء وهما أجا وسلمى شرقي المدينة. وفيد وركك ماءان في البادية. الديوان : ١٤٢ والخصائص : ٢ / ٣٣٤ والمنصف : ٢ / ٣٠٩.

(٢) عاد إلى الحديث عن (خمسون) في بيت النوادر.

(٣) المحتسب : ١ / ٨٥ ـ ٨٧.

(٤) من قوله تعالى من سورة المدثّر : ٧٤ / ٣٠ : (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ).


قَالَ أَبو الفتح : أَمَّا (تِسْعَةَ عْشَرَ) ، بِفَتْحِ هَاءِ تسعةَ ، وسكون عَينِ عْشَرَ ، فَلأجْلِ كَثْرَةِ الحَرَكَاتِ ، وأَنَّ الاسمينِ جُعِلاَ كاسم واحد فَلَمْ يوقفْ عَلَى الأولِ مِنْهُمَا فَيحتاج إلى الابتداءِ بالثاني ، فَلَمَّا أُمِنَ ذَلِكَ أُسْكِن أَولُهُ وجُعِلَ ذَلِكَ أَمَارةً لقوةِ اتصالِ أَحَد الاسْميَنِ بصاحبِهِ (١).

قَالَ أَبو الحَسَن (٢) : ولاَ يَجُوزُ ذَلِك مَعَ اثنا عَشَرَ ولا اثني عَشَرَ ، لِسكون الأول مِنَ الحَرفيِنِ ، أَعْنِي الألِف والياء ، فيلتقي ساكنان في الوصل ليس أولهما حرف لين والثاني مُدْغماً.

وعَلى أَنَّه قَدْ رُويَ عَنْ ابنِ جَمَّاز عَنْ أَبِي جعفر اثنا عْشَر ، بسكونِ العينِ وفيهِ ما ذَكَرْنَاهُ.

وقَال أَبو حاتِم في (تِسْعَةَ أَعْشرَ) لاَ وجْهَ لَهُ نَعْرِفُهُ ، إلاَّ أنْ يَعْنِي تِسْعَةَ أَعْشُر جمع العَشر أو شَيئاً غَيرَ الَّذي وقَعِ فِي قُلُوبِنَا.

وأَمَّا (تِسْعَةُ وعْشَرَ) فَطَرِيقُهُ أَنَّهُ فَكّ التركيب وعَطَفَ على تسعة عَشَرَ عَلَى أصل مَا كَان عَلَيهِ الاسمان قَبْلَ التَركِيبِ مِنَ العَطْفِ. أَلاَ تَرَى أَنَّ أَصْلَهُ تِسْعَةٌ وعَشَرةَ؟ كقولِكَ تسعةٌ وعشرونَ إلاَّ أَنَّهُ حَذَفَ التَنْوينَ مِن تسعة لكثرةِ استعماله كما حَكَى أَبو الحسنِ عَنْهُم من قولهم : سلامُ عَلَيكم ، بحذِف تنوين (سَلامٌ) ، قَالَ : وذَلِكَ لِكثْرَةِ استعمَالِهِم إيَّاهُ.

__________________

(١) هَذَا رأي أَبي الحسن الأخْفَش كَمَا سَيَتَّضِحُ.

(٢) نص عبارة أبي الحسن الأخْفَش : «قَالَ بَعْضُهُم : أَحَدَ عْشَرَ وأَسْكَنَ العَينَ وكَذلِكَ تسعَة عْشَرَ إلى العشرين لَمَا طَالَ الاسمُ وكَثُرتَ مُتَحَرّكَاتُهُ اسْكَنُوا ولَمْ يَسْكِنُوا فِي قَولِهِم اثني عَشَر واثنا عَشَرَ للحرفِ السَّاكِن الَّذي قَبْلَ العينِ وحركة العين في هذا كُلِّهِ هو الأصل». معاني القرآن للأخفش : ١٣٦ / أ.


وأَما (تِسْعَةُ عْشَرَ) بِضَمِّ هاءِ (تسعةُ) ، وسكونِ عينِ عْشَرَةَ فَلأ نَّهُ وإن لَمْ يَكُنْ مُرَكَّباً فَإنَّ العَطفَ فِيهِ واجبٌ لِتَكميلِ العِدَّةَ ، وقَدْ كَانَ سُمِعَ فِيهِ سَكُونُ العينِ فِي قولِ مَن قالَ : (تِسعَة عْشَر) فَلاَحَظَ سكونَهَا هُنَاك فَأقَرَّهُ بِحَالِهِ.

وأَما (تِسْعَةُ وعْشُرَ) فَطَريقُهُ أَنَّهُ أَرادَ : تِسْعَةُ أَعْشُر بِهمزة كَمَا تَرَى ، كالرُوايةِ الأخْرىَ (تِسْعَةُ أَعشرَ) فَخَفَّفَ الهمزةَ بِأَنْ قلبها واواً خالصةً فِي اللَّفظ ، لاَِ نَّهَا مَفْتُوحةٌ وقبلها ضَمَّةً ، فَجَرتْ مجرى تخفيفِ جؤن إذا قلت جون. وعلى أَنَّ هذهِ الهمزة هَا هُنَا منكرة غير معروفة عِنْدَ أَصحَابِنَا ولِذَلِكَ قَالَ سيبويه (١) فِي هَذَا هِيَ : أَحَدَ عَشَرَ بِلاَ أَلِف كقولِكَ أَحَد جَمَل تحايداً عَنْ هذه الهَمزة واستنكاراً لَهَا والعامَّةُ تَقُولُ ذَلِكَ مولعةً بِهَا (٢).

خَمْسَة وخَمَسَة

لَمْ يَقْرَأ أَحَد (خَمَسَةَ) (٣) بِفَتْحِ الميم إلاّ ابنُ كَثير وحْدَهُ فِي روايةِ حسن ابن محمّد عن شبل.

قَالَ أبو الفتح : لَمْ يُحَركْ مِيمُ خمسة إلاّ عَنْ سَـمَـاع ويَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أُتْبِعَتْ عَشَرَةً ، ولَيْسَ يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ : إنَّهُ اتبعَ الفتحَ الفتحَ كقولِ رؤبة :

مُشْتَبِـهِ الأعـلامِ لَـمَّـاعِ الخَفَـقْ (٤)

__________________

(١) عبارة سيبويه : «فَإذا جاوز المذكرُ العشرة فزاد عليها واحداً قلت : أَحَدَ عَشَرَ كَأَ نَّكَ قلت أَحَدَ جَمَلَ. وليستْ فِي عَشَرَةَ ألِف». الكتاب : ٢ / ١٧١.

(٢) المحتسب : ٢ / ٣٣٨ ـ ٣٤٠.

(٣) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٢٢ : (وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ).

(٤) تقدّم الشاهد في : ص : ٤٨٥.


وهْو يُريدُ (الخَفْق) لاَِنَّ هَذَا أَمْرُ يَخْتَصُّ بِهِ ضرورةُ الشِّعْرِ (١).

تِسْعٌ وتَسْعٌ

قَرَأ الحَسَن بِخلاَف : (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تَسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) (٢) قَالَ أَبُو الفَتْح : قَد كَثُرَ عَنْهُمْ مَجِيءُ الفَعْل والفِعْل عَلَى المَعْنَى الواحِدِ نَحو البَزْر والبِزْر والنَّفْط والنِّفْط والسَّكْر والسِّكْر ، والحَبّر والحِبْر والسَّبْر والسِّبر فلا يُنْكَر عَلَى ذَلِكَ ، (التَّسْع) بِمَعْنَى التِّسْع لاَ سيما وهي تجاور العَشَرَة بفتح الفاء (٣).

إِضافة العدد

قَرَأَ عبد الله بن مسلم بن يَسَار وأَبو زُرعَة بن عمرو بن جرير : (بِأَرْبَعَة شُهَدَاءَ) (٤) بالتنوين.

قَالَ أَبُو الفَتْحِ : هَذَا حَسَنٌ في معناهُ وذلك أَنَّ أسماءَ العَدَدِ مِنْ الثلاثةِ إلى العَشَرَةِ لاَ تُضَافُ إلى الأوصافِ ، لا يُقَالُ : عندي ثلاثةُ ظريفين إلاّ في ضرورة إلى إقامةِ الصفةِ مقامَ الموصوفِ ، وليسَ ذَلِكَ فِي حُسْنِ وضْعِ الاسمِ هُنَاكَ.

والوجُهُ عِندِي : ثلاثةٌ ظريفونَ وكَذَلِكَ قَولُهُ : (بِأَرْبَعَة شُهَدَاءَ) لتجري (شهداءَ) عَلَى (أربعة) وصْفاً ، فَهَذَا هذا.

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٧.

(٢) من قوله تعالى من سورة ص : ٣٨ / ٢٣ : (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ).

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٣١.

(٤) من قوله تعالى من سورة النُّور : ٢٤ / ٤ : (والَّذينَ يَرْمُونَ المَحْصَنَاتِ ثُمَّ لَم يَأ تُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً).


فَأَمَّا وجْهَ قِرَاءَةِ الجَمَاعَة : (بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ) بالإضَافَةِ فَإنَّمَا سَاغَ ذَلِكَ لاَِ نَّهم قَدْ اسْتَعْمَلُوا (الشُّهَدَاءَ) استعمالَ الأسماءِ ، وذَلِكَ كَقَولِهِم : إذَا دُفِنَ الشَّهِيدُ صَلَّتْ عَلَيهِ المَلاَئِكَةُ ، وعُدَّ الشَّهداءُ يَومئذ فَكَانُوا كَذا وكذا ، ومنْزلَةُ الشهيد عِندَ اللهِ مَكيِنَةٌ.

فَلَمَّا أتْسع ذلكَ عَنْهُم جَرَى عِنْدَهُم مجرى الاسمِ فحسنت إضافة اسم العدد إليهِ حُسْنَها إذا أُضيفَ إلى الاسم الصريحِ أَو قَريباً مِنْ ذَلِكَ (١).

الحكايـة

١ ـ حكاية الحال

قَرَأَ طلحة : (ومَا يَسْتَغفرُ إبراهِيمُ لاَِبِيهِ) ورُويَتْ عَنْهُ أَيْضاً : (ومَا استَغْفَرَ إبراهيمُ لاَِبِيهِ) (٢).

قَالَ أَبُو الفَتْحِ : أَمَّا (يَسْتَغْفِر) فَعَلى حِكَايةِ الحَالِ كَقَولِكَ : كَانَ زَيْدٌ سَيَقُومُ إنْ كان متوقّعاً منهُ القيام. وحكاية الحالِ فاشيةٌ في اللغةِ ، مِنْهَا قولُ اللهِ عِزَّوجلَّ : (فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ) (٣) ولَمْ يَقُلْ أَحَدُهُمَا مِنْ شِيعتهِ والآخر مِنْ عَدُوهِ.

وذَلِك أَنَّهُ تَعَالى لَـمّـا حَكَى الحالَ الماضيةَ صارَ النبيُّ صلّى الله عليه وآله ومَنْ يسمعُ مِنْ بعدُ كالحاضرين للحالِ ، فقالَ : هَذَا وهَذَا. وقَالَ تَعَالَى : (وَإِنَّ

__________________

(١) تنظر : ص : ٤١٠. والمحتسب : ٢ / ١٠١.

(٢) من قوله تعالى من سورة التوبة : ٩ / ١١٤ : (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لاَِبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَة وَعَدَهَا إِيَّاهُ).

(٣) سورة القصص : ٢٨ / ١٥.


رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (١) وهَذِهِ اللاَّمُ إنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى فعلِ الحَالِ الحَاضِرَةِ ، فَحَكَى الحالُ المُسْتَأ نَفَةَ كَمَا حَكَى السَّالِفَةَ (٢).

٢ ـ حكاية الجملة

قَرَأَ ابنُ مُحَيْصِن : (مِنْ سُنْدُس واسْتَبْرَقَ) (٣) بوصلِ الأ لَف.

قَالَ أَبو الفتح : هَذَا عِنْدَنَا سهوٌ أَو كَالسَّهو وسنذكُرُهُ فِي سورةِ الرحمن (٤) بِإذنِ اللهِ (٥).

وعَنْ قراءة ابن محيصن : (مِنَ اسْتَبرَقَ) (٦) بالوصلِ (٧).

قَالَ أَبُو الفتحِ : هَذِه صورةُ الفِعْلِ البتة ، بِمَنْزِلَةِ اسْتَخرَجَ ، وكَأ نَّهُ سُمَّي بِالفِعْلِ وفِيهِ ضَميرُ الفاعلِ فَحُكِيَ كَأَ نَّهُ جملة ، وهَذَا باب إنَّما طريقة في الأعْلاَم ، كَتَأَ بَّطَ شَرّا وذَرَّى حَبّا ، وشَابَ قَرْنَاهَا ، ولَيْسَ الإستبرق عَلَما يُسَمَّى بالجملةِ ، إنَّمَا هُو قَولُكَ بِزْيونُ (٨) ، وعَلَى أَنَّهُ إنَّمَا اسْتَبْرَقَ إذَا بَلَغَ فَدَعا

__________________

(١) سورة النحل : ١٦ / ١٢٤.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٠٥.

(٣) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٣١ : (وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُس وَإِسْتَبْرَق).

(٤) أحال على متأخّر والإحالة تكون عادةً على المتقدّم.

(٥) المحتسب : ٢ / ٢٩.

(٦) من قوله تعالى من سورة الرحمن : ٥٥ / ٥٤ : (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُش بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَق وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَان).

(٧) انظر : المحتَسب : ٢ / ٣٤٤ حيث قال عن قراءة ابنِ محيصن : (واسْتَبْرَقَ) من سورة الإنسان : ٧٦ / ٢١ قد تقدّم القول على هَذَا عِنْدَ قَولِهِ تعالى : (بَطَائِنُهَا مِنَ اسْتَبْرَق).

(٨) البزيون : السندس. لسان العرب : ١٦ / ١٩٧.


البَصَرَ إلى البَرقِ وقَالَ :

تَسْتَبْرِقُ الأُفُقَ الأقْصَى إذا ابْتَسَمَتْ

لاَحَ السُّيوفُ سِوى أَغْمَادِهَا القُضُبُ (١)

هَذَا إنْ شئت قُلْتَ : مَعْنَاهُ تَسْتَبْرِقُ أَبْصَار أَهل الأْفُق ، وإِنْ شِئْتَ قُلْتَ : تُبْرِقُهُ ، أَيْ : تَأَتِي بالبَرق مِنْهُ.

وأَمَّا البزْيُون فَبَعيدٌ عَنْ هَذَا ، اللّهمَّ إلاَّ أَنْ نَقُولَ : إنَّهُ لِمَائِهِ ، وصَنْعَتهِ تَسَتْبرقُ ، أَيْ : تَبْرَقُ ، فيكون كَقَرَّ واسْتَقَرَّ ، ولَسْتُ أَدْفَعُ أَنْ تَكُونَ قَرَاءَة ابنِ مُحَيْصِنِ بهذا ، لاَِ نَّهُ تَوهُمٌ فِعْلاً إذ كَانَ عَلَى وزْنِهِ ، فَتَرَكهُ مَفْتُوحاً عَلَى حَالِهِ ، كَمَا تَوهَّمَ الآخر أَنَّ مَلَكَ الموتِ مِنْ مَعْنَى المِلْكِ حَتَّى قَالَ :

فَمَـالِكُ مَوت بِالقَضَاءِ دَهَانِي

فَبَنَى مِنْهُ صورَة فاعل منِ المِلْكِ وهذا أَسْبَقُ مَا فيهِ إليَّ (٢) وقَرَأَ أَبو جعفر : (إنْ يُوحَى إلَيَّ إلاَّ إنَّمَا) (٣) ، بكسرِ الألفِ.

قَالَ أَبو الفتح : هَذَا عَلَى الحكايةِ ، حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : إِن يُوحَى ، أَيْ : إنْ يُقَالَ لِي : إلاّ أنْتَ نَذِيرٌ مُبينٌ.

فَإنْ قيلَ : فَإذا كَانَ حكاية فقدْ كَانَ يجبُ أَنْ يَردَ اللفظُ عَينهُ ، وهو لم يَقُلْ لَهُ : أَنَا نَذِيرٌ مبينٌ ، فَهَلاَّ أَعادَهُ البتّةَ ، فقال : إنْ يُوحَى إِليَّ إلاّ أَنتَ نَذِيرٌ مُبينٌ؟ قِيلَ : هَذَا أَرَادَ ، إِلاَّ أَنَّهُ إذَا قَالَ : إلاّ أَنَّـمَـا أَنَا نَذِيرٌ مُبينٌ فَكَأ نَّهُ قَدْ قَالَ : أَنْتَ نَذيِرٌ مُبيُن ، أَلا تَراكَ تقولُ لِصَاحِبكَ : أَنْتَ قُلْتَ : إنَّكَ شجاعٌ فِزدْتَ الحرفَ ، وهُو لَمْ

__________________

(١) يروى البيت في اللسان : ١١ / ٢٩٥ هكذا :

يَسْتَبرِقُ الأُفُقُ الأقصى إذا ابتَسَمَتْ

لَمْعَ السّيوفِ سوى أَغمادِها القُضُبُ

(٢) المحتسب : ٢ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥.

(٣) من قوله تعالى من سورة ص : ٣٨ / ٧٠ : (إِن يُوحَى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ).


يَقُلْ : إنَّكَ شجاعٌ ، وإنَّمَا قَالَ : أَنَا شَجَاعٌ ، فَلَمَّا أَرَدْتَ قَولَهُ حَاكِياً لَهُ أُوقَعتَ موقع (أَنَا) إنَّكَ.

وعِلَّةُ تحريفِ هَذَا الحرفِ الواحدِ مِنْ الجُمْلَةِ الَمحْكِيَّةِ أَنَّكَ مُخَاطِبٌ لَهُ فَقَلَبَ لَفْظُ الخِطَابِ الحاضِرُ اللفظ المنقضي لِقُوّةِ الحاضِرِ عَلَى الغَائِب.

هَذَا أَيْضاً مَعَ ارتفاعِ الشُّبهَةِ والإِشكالِ فِي أَنَّ الغَرَضَ بِهِمَا جَمِيعاً شيءٌ واحِدٌ. ونَحو مِنْ هَذَا بعضُ الانحرافِ عَنْ الَمحْكِي لِلدلالِةِ عَلَيهِ قَولُ الشَّاعِر :

تَنَـادَوا بالرَّحِـيـلِ غَـدَا

وفِي تَرحَـالِــهِم نَفْسِي (١)

أَجازَ لِي فيهِ أَبو عليّ بحلب سنة سبع وأربعينَ ثلاثَة أَضرب مِنَ الإعرابِ : بالرَّحِيلِ ، والرحيلَ ، والرحيلُ : رَفْعاً ، ونَصْباً ، وجَرًّا.

فَمَنْ رَفَعَ أَو نَصَبَ فَقَدَّرَ فِي الحِكَاية اللفظ المقولَ البتّةَ فَكَأ نَّهُم قالَوا : الرَّحيلَ غداً ، والرَّحيلُ غداً.

فَأَمَّا الجَرُّ فَعَلَى إعمالِ الباءِ فيه (٢) ، وهو معنى ما قالوهُ لكن حكيت منه قولك : غَداً وحْدَهُ ، وهْو خبرُ المبتدأ ، وفي موضعِ رفع لأَ نَّهُ خبرُ المبتدأ.

ولا يكونُ ظرفاً لِقَولِهِ : تَنَادَوا ، لاَِنَّ الفِعْلَ المَاضِي لاَ يَعْمَلُ فِي الزَّمانِ الآتي.

وإذَا قَالَ : تَنَادَوا بالرَّحيلِ غَداً فَنَصَبَ الرَّحِيلَ فَإنَّ (غداً) يجوزُ أَنْ يَكُونَ ظرفاً لِنَفْس الرَّحيلِ فَكَأَ نَّهُم قَالوا : أجمعنا الرَّحِيلَ غداً ، ويجوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفاً لِفِعْل نَصَبَ الرَّحيلَ آخرَ ، أَيْ : نُحْدِثُ الرَّحِيلَ غَداً.

__________________

(١) انظر : المقرب : ١ / ٢٩٣ والخزانة : ـ بولاق ـ ٤ / ٢٣.

(٢) قال ابنُ عصفور : لا يجوزُ أَنْ تُدخِلَ الجَرَّ على الجملةِ المَحكيَّةِ ، وعُدَّ هذا الشاهد ضرورة وأنّه قبيح. المقرب : ١ / ٢٩٣.


فَأَمَّا أَنْ يكُونَ ظَرفاً لِتَنَادَوا مُحالٌ ، لِمَا قَدَّمْنَا (١).

٣ ـ حكاية الجملة الاستفهامية

قَالَ أَبُو الفَتْح : إنَّ العَرَب قد تَحْمِل عَلَى ألْفَاظِهَا لِمَعَانِيهَا حَتَّى تُفْسد الإعرابَ لِصَّحَةِ المَعْنَى. ألاَ تَرَى إلى أَنَّ أقْوى اللَّغَتَينِ ـ وهِيَ الحجازيِّةُ ـ في الاستْفَهَامِ عَنْ الأعلام نَحو قَولِهِم : فِيمَنْ قَالَ : مَرَرْتُ بزيد : مَنْ زيد؟ فالجرُّ حكايةٌ لجرِّ المسئول عنه ، فهذا مِمّا احتُمِلَ فيه أضعافُ الإِعراب لتقويةِ المعنى. ألا تَرَى أَنَّهُ لَو ركِبَ اللغة التميميَّةَ طَلَباً لاِصَابَةِ الإعرابِ فَقَالَ : مَنْ زيدٌ (٢)؟ لَمْ يَصِحْ مِنْ ظَاهِرِ اللَّفظِ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْأَلُ عَنْ زيد هذا المذكور آنفاً ولَمْ يؤمنْ أَنْ يُظَنَّ بِهِ أَنَّهُ إنَّمَا ارتْجَلَ سؤالاً عن زيد آخر مُسْتَأ نَفاً (٣).

التذكير والتأنيث

حذفُ تاءِ التأنيثِ وإقامةُ الضمير مقامها

روى ابنُ وهب عن حرملةَ بنِ عِمرانَ أنَّهُ سَمِعَ محمّد بن عبد الملك يَقْرأ : (لاََعدّوا لَهُ عُدَّهُ) (٤).

قَالَ أَبُو الفتح : المُسْتَعمَلُ في هَذَا المعنى العُدَّةُ بالتَّاءِ ولَمْ يَمْرُرْ بِنَا في هذا

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥.

(٢) قال سيبويه : اعلم أَنَّ أهلَ الحِجَازِ يقولون إذا قال الرَّجُلُ : رأيتُ زيداً : مَنْ زيداً؟ وإذا قالَ : مررتُ بزيد قالوا مَنْ زيد ، وإذا قال : هذا زيدٌ قالوا : من زيدٌ؟ وأما بنو تميم فيرفعونَ عَلَى كلِّ حال وهو أَقيسُ القَولَينِ. الكتاب : ١ / ٤٠٣.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢١١.

(٤) من قوله تعالى من سورة التوبة : ٩ / ٤٦ : (وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً).


المَوضِع العُدَّ ، إنَّمَا العُدُّ البَثْرُ يَخرجُ فِي الوجهِ.

وطريقُهُ أَنْ يَكُونَ أَرادَ : ولَوْ أَرادُوا الخروجَ لأَعدوا لَهُ عُدَّتَهُ : أَيْ : تَأَهَّبُوا لَهُ ، إلاَّ أَنَّهُ حَذَف تاءَ التَّأنِيث وجَعَلَ هَاءَ الضميرِ كالعوضِ مِنْهَا. هَذَا عِندِي أَحْسَنُ مِمَّا ذَهَبَ إليهِ الفرّاءُ فِي مَعْنَاهُ ، وذَلِكَ أنَّهُ ذَهَبَ فِي قولِ اللهِ تَعَالى : (وإقامِ الصَّلاَةِ) (١) إلى أَنَّهُ أَرَادَ إقامةِ الصلاةِ ، إلاَّ أَنَّهُ حَذَفَ هاءَ الإقامةِ لاِِضافةِ الاسمِ إلى الصلاةِ (٢).

وإنَّمَا صار ما ذهبت إليه أقوى لاَِ نِّي أَقْمتُ الضَّمِيرَ المجرورَ مقامَ تاءِ التأْنيثِ ، والمُضْمرُ المجرورُ شديدُ الحاجةِ إلى ما جرَّهُ من موضعين :

أَحَدُهُمَا : حاجةُ الَمجْرور إلى مَا جَرّهُ ، أَلاَ تَرَاهُ لاَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا ، وَلاَ يُقَدَّمُ الَمجْرُورَ عَلَى مَا جَرَّهُ؟

والآخر : أَنَّ الَمجْرُورَ فِي (عُدَّهُ) مُضْمَر ، والمُضْمَر الَمجْرُورُ أَضْعَفُ مِنَ المُظْهَرِ الَمجْرورِ لِلُطفِ الضميرِ عَنْ قِيامِهِ بِنَفْسِهِ ، ولَيْستْ الصَّلاةُ بِمُضْمَرة فتضعفُ ضَعْفَ هاءِ (عُدَّهُ) فَبِقَدرِ ضعف الشيءِ وحَاجِتِهِ إلى مَا قَبْلَهُ مَا (٣) يكادُ يَعْتَد جزءاً مِنْهُ ، فيخلف جزءاً محذوفاً مِنْ جملتِهِ (٤) ، فافْهَمْ ذَلِكَ.

وأَمَّا أَصْحَابُنَا فَعِنْدَهُم أَنَّ الإقَام مصدرُ أَقمتُ كالإِقامَةِ ، ولَيْسَ مَذْهَبُنا

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٣٧ : (رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ).

(٢) انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٢٥٤.

(٣) ما : زائدة.

(٤) قال سيبويه : هذا بابُ ما لحقتْهُ هاءُ التأنيثِ عوضاً لِمَا ذهبَ وذلك قولك أقمتُهُ إقامَةً ، وإِنْ شِئتَ لم تعوِّضْ وتركتَ الحرفَ على الأَصلِ قالَ الله عزَّوجلَّ : (رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ). الكتاب : ٢ / ٢٤٤.


فِيه كَمَا ظَنَّهُ الفَرَّاءُ (١).

جمع التكسير

جمع القلّة والكثرة

قَرَأَ طَلحة : (فَالصَّوالح قوانِتُ حَوافِظُ لِلْغَيبِ) (٢).

قَالَ أَبو الفتح : التّكْسيرُ هُنَا أَشْبَهُ لَفْظَاً بالمَعْنَى ، وذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا يُرَادُ هُنَا مَعْنَى الكثرةِ ، لاَ صالحات مِن الثلاثِ إلى العَشْرِ ، ولَفْظُ الكثرةِ أَشْبَهُ بِمَعنَى الكثرةِ مِنْ لَفْظِ القِلَّةِ بِمَعْنَى الكَثْرَةِ ، والألِفُ والتَّاءُ مَوضوعَتَانِ لِلْقِلَّةِ ، فَهُمَا عَلَى حدّ التَّثنيةِ بمنزلةِ (الزيدون) من الواحد إذا كان على حدّ (الزيدانِ).

هَذَا موجب اللغة عَلَى أَوضَاعِهَا غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ لفظ الصِّحةِ والمَعْنَى الكثرة ، كَقَولِهِ تَعَالَى : (إنَّ المُسْلِمينَ والمُسْلِمَاتِ) إلَى قَولِهِ تَعَالَى : (والذَّاكِرين اللهَ كَثيراً والذَّاكِرَاتِ) (٣) والغَرَضُ فِي جَمِيعِهِ الكَثْرَةُ لاَ مَا هُو لِمَا بَيْنَ الثَلاثَةِ إلَى العَشَرةِ.

وكانَ أَبو عَليِّ يُنْكِر الحكايةَ المروية عَنِ النَابِغَة وقَدْ عَرَضَ عَلَيهِ حَسَّانُ شِعرَهُ ، وأَ نَّهُ لما صارَ إلى قَولِهِ :

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣.

(٢) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ٣٤ (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ).

(٣) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٣٥.


لَنَا الجَفَنَاتُ الغُرُّ يَلْمَعْنَ بالضُّحَى

وأَسْيَافُنَا يقطُرنَ مِنْ نَجْدَة دَمَا (١)

قال له النابغة : لَقَدْ قَلَّلتَ جِفانَك وسيوفَك.

قال أَبو عليّ : هذا خبرٌ مجهولٌ لا أصلَ له ، لاَِنّ اللهَ تَعَالى يقول : (وهُمْ فِي الغَرَفَاتِ آمِنُونَ) (٢) وَلاَ يجوز أَنْ تَكونَ الغُرَفُ كُلُّهَا التي فِي الجنّةِ من الثلاثِ إلى العَشْرِ.

وعُذْرُ ذَلِك عِنْدِي أَنَّهُ قَدْ كَثُرَ عَنْهُمْ وقُوعُ الواحدِ عَلَى مَعْنَى الجَمِيعِ جِنْساً كَقَولِنَا : أَهلَك الناسَ الدينارُ والدّرْهَمُ ، وذَهَبَ الناسُ بالشاةِ والبَعيرِ.

فَلّمَا كَثُرَ ذَلِك جاؤوا فِي مَوضِعهِ بِلَفْظِ الجمعِ الّذِي هُو أدْنَى إلى الواحدِ أَيْضَاً ، أعنِي الجمعَ بالواو والنُّونِ والألَفِ والتَّاءِ. نَعَمْ وعُلِمَ أَيْضاً أَنَّهُ إذَا جِيءَ فِي هَذَا المَوضِعِ بِلَفظِ جمعِ الكَثْرَةِ ـ لاَ يُتَدارَك مَعْنَى الجنسية ـ فلهوا عنه ، وأقامُوا على لفظِ الواحدِ ولفظ الجمع المقارب للواحِد تارةً أَخرى ، إراحةً لاَِنْفُسِهم مِن طَلَبِ ما لاَ يُدْرَكُ ويأساً مِنْهُ وتوقّفاً دونَهُ. فيكونُ هَذَا كَقَولِهِ :

رَأي الأمرَ يُفْضِي إلَى آخر

فَصَيَّرَ آخَرهُ أَوْلاَ (٣)

ومِثْلُ الجمعِ بالواو والنونِ والألِفِ والتَّاءِ مجيؤهُمُ فِي هَذَا المَوضِعِ

__________________

(١) البيت لحسّان بن ثابت. ونقد النَّابغة هذا ورد في عدد من المصادر ، ونسب بعضهم النقدَ إلى الخنساء. اُنظر : ديوان حسّان : ٣٧١ والكتاب : ٢ / ١٨١ والمقتضب : ٢ / ١٨٨ والكامل : ٢ / ١٩٢ والخصائص : ٢ / ٢١٦ وشرح المفصل : ٥ / ١٠ والخزانة ـ بولاق ـ ٣ / ٤٣٠ وشرح الأشموني : ٤ / ١٢١ وبلوغ الإِرب : ١ / ٢٥.

(٢) سورة سبأ : ٣٤ / ٣٧.

(٣) يروى (غايته) مكان (آخره). انظر : الخصائص : ١ / ٢٠٩ و ٢ / ٣١ و ١٧٠ وشرح المفصل : ٥ / ١٢١.


بِتَكْسِيرِ القلّةِ ، كَقَولِهِ تَعَالَى : (وَأَعْيُنُهُمْ تَفيضُ مِنَ الدَّمْعِ) (١) وقول حسّان :

 ......

وأَسْيَافُنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْدَة دَمَا (٢)

ولَمْ يَقُلْ عيونُهم ولاَ سُيُوفُنَا وقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا ونَحوهُ فِي كتَابِنَا الخصائص (٣).

النسب

قالَ ابن رومي : حدّثني أحمد بن موسى ، وحَدَّثَني الثّقةَ عنه أَنَّهُ قَرَأَ : (النبيّ الأَمّيَّ) (٤) بِفَتحِ الهمزة ، يقول : يَأتم بهِ مَنْ قَبْلَهُ.

قَالَ أَبو الفتح : هَذَا مَنْسوبٌ إلى مصدر أَمَمْت الشيءَ أَمّا كقولِك قَصَدتُهُ قَصْداً ، ثُمَّ أُضِيفَ إليهِ (عليه السلام) عَلَى هَذَا التفسيرِ الَّذي سَبَقَ ذِكْرُهُ.

وقَدْ يَجُوزُ مَعَ هَذَا أنْ يَكونَ أَرادَ الأُمِّي بِضَمِّ الهَمْزَةِ كَقِرَاءةِ الجماعة ثُمَّ لَحِقَهُ تغييرُ النَّسَبِ ، كَقَولِهم فِي الإِضافة إلى أُميَّة أَموي ، بفتحِ الهمزة ، وكقولهم في الدَّهر ، دُهَّرِيّ وفي الأمْس إِمْسيّ ، وفِي الأفُقِ أَفَقِيّ بِفَتْحِ الهمزة ، وهو بابٌ كَبيرٌ واسعٌ عَنهُم (٥).

وقَرأَ ابن مُحَيصِن وعِكرِمَة ـ بخلاف ـ والحسن ـ بخلاف ـ وأبو رجاء :

__________________

(١) سورة التوبة : ٩ / ٩٢.

(٢) تقدَّم الشاهد في : ص : ٤٩٧.

(٣) انظر : الخصائص : ٢ / ٢٠٦ والمحتسب : ١ / ١٨٧ ـ ١٨٨.

(٤) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ١٥٧ : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ).

(٥) المحتسب : ١ / ٢٦٠.


(سلامٌ عَلَى اليَاسِينَ) (١) ، بغير همز.

قَالَ أَبو الفتح : الياسين على هذا كَأَ نَّهُ عَلَى إرادَةِ يـاءِ النَّسَبِ ، كَأَ نَّـهُ الياسيين كما حكى عنهم صاحب الكتاب (٢) : الأَشعرونَ والنميرونَ ، يريد : الأشعريينَ والنميريينَ ، ورويناهُ عَن قُطرُب عنهم : هؤلاءِ زيدونَ منسوبٌ إلى زيد بغير ياء النسبة وقال أَبو عمرو هَلَكَ اليَزِيدُونَ ، يريد : ثلاثـة يزيديين (٣).

كـلّ

لفظها ومعناها

قرأ قتادة : (وَكُلٌّ أَتَاهُ دَاخِريِنَ) (٤) قَالَ أَبُو الفتحِ : حَمَلَ (أَتَاهُ) عَلَى لَفْظِ (كُل) إذْ كَانَ مفرداً و (دَاخِريِنَ) عَلَى مَعْنَاهُ (٥) ولَو قَلَبَ ذَلِك لَمْ يَحسُنْ ، لَو قَالَ : وكُلُّ أَتَوهُ داخراً قَبُحَ وضَعُفَ ، وذَلِكَ أَنَّكَ لَـمَّـا قُلْتَ : (وَكُلٌّ) فَقَدْ جِئتَ بلفظ مفرد ، فَإذَا قُلتَ (أَتَوهُ) فَقَدْ حَمَلْتَ عَلَى المَعْنَى وانْصَرَفْتَ عَنِ اللْفظِ ، ثُمَّ إذَا قُلْتَ مِنْ بَعْدُ دَاخِراً فَأفْرَدْتَ فَقَدْ تَرَاجَعْتَ إلى مَا انصرفْتَ عنه فكان

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ١٣٠ : (سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ).

(٢) انظر : الكتاب : ٢ / ١٠٣.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٢٣.

(٤) من قوله تعالى من سورة النمل : ٢٧ / ٨٧ : (وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الاَْرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ).

(٥) في أَمثلةِ سيبويهِ في الكتاب مراعاة لمعنى كلّ مثل الآية السابقة ، وكمثاله : كلٌّ ذاهبٌ. وقومُك كُلُّهُم ذاهبٌ. والمُبَرِّدُ مَثَّلَ لـ (وَكُل) في الآية السابقة ، وبقوله تعالى : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً) سورة مريم : ١٩ / ٩٥ ثمَّ عقَّبَ قائلاً فهذا على اللفظ والأوّل على المعنى. الكتاب : ١ / ٢٧٣ و ٢٧٤ و ٢ / ٢٨ والمقتضب : ٢ / ٢٩٨.


ذلك قلقاً في الصَّنْعَةِ وانتكاثاً عن الحُجَّةِ ، المصير إليها المُعْتَزَمَة.

وعَلى ذلكَ قولُ اللهِ سبحانه : (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) (١) فَلَو قَالَ مِن بَعْدُ : حَتَّى إذَا خَرَجَ مَنْ عِنْدِكَ لَمْ يَحْسُنْ وذَلِكَ لاَِ نَّهُ قَدْ تَرَكَ لَفْظَ (مَنْ) إلى مَعْنَاهَا بقولِهِ : يَستَمِعُونَ ، فَلَو عادَ إليه بَعْدَ انصِرَافِهِ عَنهُ قَالَ : خَرَجَ عادَ إلَى مَا كَانَ قَدْ رغِبَ عَنْهُ ، واعتزَم غَيْرَهُ عِوَضاً مِنْهُ. وكَذَلِكَ قولُ الفَرَزْدَقِ :

تَعَشَّ فَانْ عَاهَدْتَنِي لاَ تخونُني

نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يَا ذِئبُ يَصطَحِبَانِ (٢)

ولَو قَالَ بعدَ يَصْطَحِبانِ : فَلاَ تُنْكِر صُحْبَتَه ، أو فَلاَ تذمّ عشرته عوداً إلى لَفْظِ (مَنْ) وإفرَادِهِ لَكَانَ فيه مَا ذَكَرْنَا من كَرَاهِيتِهِ.

وأَعلَم أَنَّ مَفَادَ الاستعمَالِ في (كُلٍّ) أَنَّها إذا كَانَتْ مُفْردَةً أُخْبِرَ عَنْهَا بالجَمْعِ نَحو قَولِهِ تَعَالَى : (وكُلٌّ فِي فَلَك يَسْبَحُونَ) (٣) و (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) (٤) ، (وَكُلٌّ أَتَوهُ دَاخِرِيِنَ) (٥) فِي قِرَاءَةِ الكافَةِ.

فَإنْ كَانَتْ مضافةً إلِى الجماعةِ أتى الخَبَرُ عَنْهَا مُفْرَداً كَقَولِهِ تَعَالَى : (وكُلُّهُمْ آتِيهِ يَومَ القِيَامَةِ فَرْداً) (٦) ، وذَلِكَ أَنَّ أحدَ عَلَمَي الجمع كاف عندَهُم من صَاحِبِهِ ، وابنِ على ذلكَ (٧).

__________________

(١) سورة يونس : ١٠ / ٤٢.

(٢) تقدَّم الشاهد في : ص : ١٣١.

(٣) سورة يس : ٣٦ / ٤٠.

(٤) سورة البقرة : ٢ / ١١٦.

(٥) سورة النمل : ٢٧ / ٨٧.

(٦) سورة مريم : ١٩ / ٩٥.

(٧) المحتسب : ٢ / ١٤٦.


الباب الحادي عشر

عوامل الفعل المضارع ،

نون التوكيد ، الفعل المعتل



نصب الفعل المضارع

لام كـي (١)

قَرَأَ الحَسَنُ وابنُ شَرَف : (وَلْتَصْغَى ، ولْيَرْضَوه ، ولْيَقْتَرِفُوا) (٢) جزمِ اللاّمِ فِي جميعِ ذَلِكَ.

قَال أَبو الفتح : هَذِهِ اللاّمُ هِيَ الجَارَّةُ ، أَعنِي لامُ كَي (٣) ، وهِي مَعْطُوفَةٌ عَلَى الغرور مِنْ قَولِ اللهِ تَعَالى : (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْض زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) (٤) أَيْ : لِلْغَرور (٥) ، (وَلِتَصْغَى إلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ) (٦) ، إلاَّ أَنَّ إسْكَانَ هَذه اللاَّمِ شَاذُّ فِي الاستعمالِ عَلَى قوّتِهِ في القياسِ وذلِكَ لاَِنَّ هذا الإسكان إنّما كثُرَ عنهم في لام الأمر نحو قَولِهِ تعالى : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ

__________________

(١) لام كي : هي لامُ التَّعليل ، وسُمِّيَتْ لامَ كي لاِ نّها تفيد ما تُفيدُ كي مع التَّعليلِ.

انظر : الجنى الداني : ١٥٦.

(٢) من قوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ١١٣ : (وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّـقْتَرِفُونَ).

(٣) قال الزجّاج : أما لامُ كي في قولك جئت لتقومَ يا هذا فهي لامُ الإِضافةِ التي في قولك : (المالُ لزيد) وإنّما نَصَبَتْ لاِ نّها تقومُ بإضمار (أَنْ) أَو (كي) التي في معنى (أَنْ) فالمعنى جئت لقيامِكَ. معاني القرآن وإعرابه للزجّاج : ١ / ٤.

(٤) سورة الأنعام : ٦ / ١١٢.

(٥) وعلى هذا حمله ابنُ الأنباري. انظر : البيان : ١ / ٣٣٥.

(٦) سورة الأنعام : ٦ / ١١٣.


الْعَتِيقِ) (١) وإنّمَا أُسْكِنَتْ تَخْفِيفاً لِثِقَلِ الكَسْرَةِ فِيهَا ، وفرقوا بينها وبين لام كي بَأَنْ لَمْ يُسكنوها ، فَكَأَ نَّهُمْ إنَّمَا اختاروا السُّكُونَ لِلاَمِ الأمْرِ ، والتحريك لِلاَم كَي مِنْ حَيْثُ كَانَتْ لامُ كَي نائبَةً فِي أَكْثَرِ الأمِرْ عَنْ أَنْ (٢) ، وهِي أَيضاً فِي جوابِ كَان سيفعلُ إذا قُلْتَ : مَا كَان ليفعل ، محذوفة مع اللاّم البتّة ، فلمَّا نابتْ عنها قوَّوها بإِقرار حركتِها فيها ، لاَِنَّ الحرفَ المُتَحَرِّكَ أَقْوى مِنَ السَّاكِنِ ، والأَقْوى أَشْبَهُ بِأَنْ يَنُوبَ عَنْ غيرِهِ مِنْ الأضْعَفِ.

نَعَمْ وقَدْ رَأَيْنَاهُم ، إذَا أَسكنُوا بعضَ الحروفِ أَنابوهُ عنْ حركتِهِ وعاقبُوا بينَهُ وبينَهَا ، وذلك نحو الجواري والغواشي صارتِ الياءُ فِي موضع الرَّفْعِ والجَرِّ معاقِبَةً لضَمَّتِها وكسرتِها في قولِكَ : هؤلاءِ الجواري ومررتُ بالجواري ، فكأنَّ لامَ كي على هذا إذَا أُسْكِنَتْ معاقِبَةً لاَِنْ ، وكَالمُعَاقِبَة أَيضاً لِكسرتِها ، فَلِذَلِكَ أَقَرُّوهَا عَلَى كَسْرتِها ولَمْ يَجْمَعُوا عَلَيْهَا مَنَابَها فِي أَكثرِ الأَمرِ عَن أَنْ وقَدْ ابتزّتْ حَرَكَةَ نَفْسِهَا أَيضاً.

وأَيضاً فَإنَّ الأمرَ مَوضِعُ إيجاز واستغناء ، أَلاَ تَرَاهُمْ قَالَوا : صَه ومَه ، فأَنابُوهُمَا عَنِ الفِعْلِ المُتَصَرِّفِ وكَذَلِكَ حَاءِ (٣) وعَاءِ (٤)

__________________

(١) سورة الحجِّ : ٢٢ / ٢٩.

(٢) قال أبو القاسم الزجّاجي : ينتصب الفعل بَعْدَ لام كي عند البصريين بإضمار (أَنْ) وعند الكوفيين اللاّم بنفسها ناصبة ، وهي في كلا المذهبين مُتَضَمِّنَةٌ مَعنَى كي وهذه اللاّم عند البصريين هي الخافضة للأَسماء. كتاب اللاّمات : ٥٣.

(٣) حاحا : اسم صوت لدعاء الضَّان والفعل منه حَاحَيتُ. شرح التصريح : ٢ / ٢٠١.

(٤) عَاعَا : اسم صوت لزجر الإِبِلِ ، وَيُروَى أَنَّهُ لِدُعَاءِ المعزّ والفعل منه عاعيتُ. حاشية الصَّبَّان على شرح الأَشموني : ٣ / ٢٠٨.


وهَاءِ (١). (٢)

وقَرَأَ الناس : (مَاءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ) (٣) وقَرَأَ الشعبي : (مَا لِيُطَهّركُم بِهِ) عَلَى مَعْنَى الَّذي بِهِ.

قال أَبو الفتح : (مَا) هَا هُنَا موصولةٌ ، وصِلَتُها حَرفُ الجَرِّ بِمَا جَرَّهُ ، وكَأَ نَّهُ قَالَ : ما للطَّهُورِ ، كقولِكَ : كسوتُهُ الثوبَ الَّذي لِدَفِعِ البَردِ ، ودفعتُ إليهِ المالَ الَّذي للجهادِ ، واشتريتُ الغلامَ الَّذي لِلقِتَالِ (٤).

ألا ترى أَنْ تقديره : ويُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِنَ السَّـمَـاءِ الماءَ الَّذي لاَِنْ يُطَهِّرَكُمْ بِهِ ، أيْ : الماءَ الَّذي لِطهَارَتِكم أَو لِتَطْهِيرِكُم بِهِ. وهَذِهِ اللاّمُ في قراءةِ الجَمَاعَةِ : (مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) هِيَ لاَمُ المَفْعُولِ لَهُ (٥) ، كَقَولِهِ : زرِتك لتكرمني ، وهي متعلّقة بزرتك ، وَلاَ ضميرَ فِيها لِتَعَلُّقِهَا بالظاهِر.

فهي كقوله تعالى : (إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيغْفِرَ لَكَ اللهُ) (٦) فهي ـ كما ترى ـ متعلّقةٌ بنفس (فَتَحْنَا) تَعَلُّقَ حرفِ الجَرِّ بالفعلِ قبلَهُ.

وأَمّا اللاّمُ فِي قراءةِ مَنْ قَرَأَ : (مَا لِيُطَهّرُكُم بِهِ) أَيْ : الَّذي لِلْطّهَارَةِ بِهِ ،

__________________

(١) في شرح التصريح : ٢ / ٢٠١ : يُقالُ للإِبِلِ إذا دُعِيَتْ لِلعَلَفِ هَأهَأ والاسم الهيء.

(٢) المحتسب : ١ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨.

(٣) من قوله تعالى من سورة الأنفال : ٨ / ١١ : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ).

(٤) قال أَبو حَيَّان : وظَاهِرُ هَذَا التَّخريج فَاسِدٌ لاَِنَّ لامَ كَي لا تكونُ صِلَةً وَيُمكِنُ تَخريجُ هذهِ القِرَاءَةِ عَلَى وجْه آخَر وهُو أَنَّ (مَا) لَيْسَ مَوصْولاً بِمَعْنَى الّذِي وأَ نَّهُ بِمعنَى (مَاء) الممدود وذلك أنّهم حكوا عن العرب حذف هذه الهمزة. البحر المحيط : ٤ / ٤٦٨.

(٥) قال العكبري : الجُمهُورُ على المَدِّ والجَارِّ صفة له. إِملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٤.

(٦) سورة الفتح : ٤٨ / ١ ـ ٢.


فمتعلّقةٌ بِمَحذوف ، كَقَولِك : دَفَعْتُ إليهِ المَالَ الَّذي لَهُ ، أَيْ : اسْتَقَرَّ أو ثَبَتَ لَهُ ، وفِيهَا ضَميرٌ لِتَعَلُّقِهَا بِالَمحْذُفِ. وأَمّا لاَمُ المَفْعُولِ لَهُ فَلاَ تَكُونُ إلاَّ مُتَعَلّقَةً بالظَّاهِرِ نَحو زِرْتُهُ لِيُكْرِمَنِي وأعطيْتُهُ لِيَشْكُرَنِي ، أو بظاهر يقومُ مقامَ الفعلِ كقولِكَ : المالُ لِزيد لِيَنْتَفِعَ بهِ ، فالَّلاَم في لِزيد متعلّقةٌ بمحذوف عَلَى ما مضى ، والتي في قولك : لينتفعَ بِهِ هي لامُ المفعولِ لهُ وهي متعلّقةٌ بنفس قولك : لزيد تعلّقَهَا بالظَّرفِ النَّائِبِ عن المحذوفِ في نحو قولِكَ : أَزَيدٌ عِنْدَكَ لتنتفعَ بحضورِهِ؟ وأَزيد بين يديك لِيُؤنِسَك؟ فاللاّم هُنَا متعلّقة بنفسِ الظرفين اللّذين هُمَا عِنْدَكَ وبينَ يَديكَ.

وعَلَى كُلِّ حَال فَمَعْنَى القِرَاءَةِ بقَولِهِ : (ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ).

والقراءِة : (مَا لِيُطَهِرَكم بِهِ) يِرجَعان إلى شيء واحد ، إلاّ أَنَّ أَشدَّهُمَا إفْصَاحاً بِأَنَّ المَاءَ أُ نْزِلَ للتَّطهُّرِ بهِ هي قراءة مَنْ قَرَأَ : (ماءً لِيُطَهّركُمْ بِهِ) لاَِنَّ فِيهِ تَصْرِيحاً بِأَنَّ الماءَ أُ نْزِلَ للطّهارَةِ ، وتْلِك القراءة الشاذَّةُ ، إنَّمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ أُنْزِلَ للطّهَارَةِ بِهِ فالقراءة الأُخرى وبِغَيرِهَا ، مِمَّا فيهِ إصْراحٌ بِذَلِكَ.

وعَلَى كُلِّ حال فَلاَمُ المفعولِ لَهُ لاَ تَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوف أَبداً إِنَّمَا تَعَلُّقُهَا بالظَّاهِرِ ، فِعْلاً كَانَ أَو غَيْرهُ مِمَّا يُقامُ مقامه (١).

وقَرَأَ سعيد بن جُبَير ورُويَ عَنِ الحَسَنِ ومُجَاهِد : (أَخْفِيهَا) (٢) بفتحِ الأَلِفِ.

قَالَ أَبُو الَفْتحِ : أَخْفَيتُ الشَّيءَ : كَتُمْتُهُ وأَظْهَرْتُهُ جَمِيعاً. وخَفَيْتُهُ بِلاَ أَلِف :

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٢٧٤ ـ ٢٧٥.

(٢) من قوله تعالى من سورة طه : ٢٠ / ١٥ : (إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا).


أَظْهَرْتُهُ البتة (١).

فَأَمَّا (أَخْفِيهَا) بِفَتْحِ الألفِ فَإِنَّهُ أُظْهِرُها. فَإذَا كَانَ (أَخْفِيهَا) بَالفَتْحِ أَو (أُخْفِيهَا) بِمَعْنَى أُظْهِرُهَا فاللاّمُ فِي قُولِهِ : (لِتُجْزَى) (٢) معلّقة بنفسِ (أَخفيها) ولاَ يَحسن الوقفُ دونَها.

وإِذَا كَانَ مِنْ مَعْنَى الإخفاءِ والسَّتر فاللاّم متعلّقةٌ بنفس (آتِيَة) أَيْ : إنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لِتُجْزى كُلَّ نفس بِمَا تَسْعَى ، أَكَادُ أُخفِيهَا.

فالوجْهُ أَنْ تَقِفَ بَعْدَ أُخفِيها وقْفَةً قَصيِرَةً. أَمَّا الوقْفَة فَلِئَلاَّ يُظَنُّ أَنَّ اللاّمَ مُعَلَّقَةٌ بنفسِ (أُخفيها) وهذا ضدُّ المعنى. لاَِ نَّها إذَا لَمْ تَظْهَرْ لم يكنْ هناكَ جزاء ، إنَّمَا الجَزَاءُ مَعَ ظِهُورِهَا. فَأَمَّا قِصَرُ الوقْفَةِ فَلاَِنَّ اللاَّمَ مُتَعَلّقَةٌ بنفسِ (آتيةٌ) فَلاَ يحسنُ إتْمَامُ الوقفِ دونَهَا ، لاتّصال العاملِ بالمعمولِ فيه. وهذه الوقفةُ القصيرةُ ذكرَهَا أَبو الحَسَنِ ومَا أَحْسَنَها وأَ لْطَفَ الصنعةِ فيها (٣)!! وَقَرَأَ الحَسَنُ : (لَيْلاَ يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ) (٤) بنصِب اللاّمِ ، وبجزمِ الياءِ ولا يهمز.

قَالَ أَبو الفتح : حكاها قُطرُب ـ فِيَما رويناهُ عَنْهُ ـ (لِيْلاَ) بكسر اللاّم ، وسكون الياء ، وَقَالَ : حَذَفَ همزةَ (أَنْ) وَأَبْدَلَ (النُّونَ) ياءً ، هَكَذَا قالَ.

وَالَّذي حكاه ابنُ مُجَاهِد : بفتح اللاَّمِ وسكونِ الياءِ. وَمَا ذَكَرَهُ قُطرُب مِنَ

__________________

(١) قال أبو عبيدة : خَفَيتُ وأَخْفيَتُ بمعنى واحد وقَدْ حَكَاهُ أَبُو الخَطَّابِ.

البحر المحيط : ٦ / ٢٣٣.

(٢) سورة طه : ٢٠ / ١٥.

(٣) المحتسب : ٢ / ٤٧ ـ ٤٨.

(٤) من قوله تعالى من سورة الحديد : ٥٧ / ٢٩ : (لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْء مِّن فَضْلِ اللَّهِ).


الكَسْرِ أَقْرَبُ.

وَأَمَّا فَتْحُ اللاَّم مِنْ (لَيْلاَ) فجائزٌ هُوَ والبَدَلُ جَمِيعاً ، وَذَلِكَ مَنْهُمْ مَنْ يَفْتَحُ لامَ الجَرِّ مَعَ الظَاهِرِ.

حَكَى أَبو الحسنِ عَنْ أَبي عبيدة أَنَّ بَعْضَهم قَرَأَ (١) : (وَإنْ كَانَ مَكْرِهُمْ لَتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ) (٢) ، وحسنُ ذَلِكَ مَعَ (أَنْ) لِمُشَابَهَتِهِمَا المضمر ، كما يُشبِهُ المُضمَرُ الحرفَ ، فيبنى.

فَاْجْتَمعَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ صَارَ اللفظُ إلى (لَيْلاَ) وَعَلَيهِ قَال الخَلِيلُ (٣) في لن : أنّ أَصْلَهَا لاَ أَنْ فحذف الهَمْزَةَ تَخْفِيفاً والألِف لالتقاء الساكنين (٤).

اللاَّم الزائدة

قَرَأَ عبدُ اللهِ والأَعمشُ : (يُرِيدُ لِيُنْقَضَ) (٥) إنْ شِئْتَ قُلْتَ : إنَّ اللاَّمَ زَائِدَةٌ ، واحتَجَجْتَ فِيه بقراءة النبيّ صلّى الله عليه وآله (٦) ، وإنْ شِئْتَ قُلْتَ : تَقْدِيرُهُ

إرادَتُهُ لِكَذَا كَقَوْلِكَ قيامُهُ لِكَذَا وَجُلُوسُهُ لِكَذَا (٧).

__________________

(١) رصف المباني : ٢٥٢ والبحر المحيط : ٥ / ٤٣٨.

(٢) من قوله تعالى من سورة إبراهيم : ١٤ / ٤٦ : (وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) وقد عقد الزَّجاجي فصلاً خاصّاً للحديث عن اللاّم في هذه الآية. اللاَّمات : ١٧٩.

(٣) انظر : الكتاب : ١ / ٤٠٧.

(٤) المحتسب : ٢ / ٣١٣ ـ ٣١٤.

(٥) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٧٧ : (فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَة اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّـفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَـضَّ فَـأَ قَامَهُ).

(٦) تقدّم ذلك في الباب السابع في (نصب الفعل المضارع) مورد : قيام الفعل مقام المصدر : ص : ٣٨١ ، الحاشية الرابعة ، فلينظر هناك.

(٧) المحتسب : ٢ / ٣٢.


النصب بِأَنْ المقدّرة

قَرَأَ الحَسَنُ والجراح : (ثَمَّ يُدرِكَهُ الموتُ) (١) بنصبِ الكافِ.

قَالَ أَبُو الفتحِ : أَمَّا قراءةُ الحَسَنِ : (ثُمَّ يُدْرِكَهُ الموتُ) بالنَّصْبِ ، فَعَلَى إضْـمَـارِ (أَنْ) كَقَولِ الأعْشَى :

لَنَا هَضْبَةُ لا يَنْزِلُ الذلُّ وَسْطَهَا

وَيَأوي إلَيْهَا المُسْتَجيرُ فَيُعْصَمَا (٢)

أَرادَ فَأَنْ يُعْصَـمَـا. وَهَذَا لَيْسَ بالسَّهْلِ وَإنَّما بابه الشعر لا القرآن.

وَمِنْ أَبياتِ الكِتَابِ :

سَأَتْرُكُ مَنْزِلي لِبَني تَمِيم

وَأَلْحَقُ بالحِجَازِ فَأسْتَرِيحا (٣)

والآيةُ عَلَى كُلِّ حَال أَقوى مِنْ ذَلِكَ لِتَقَدُّمِ الشرطِ قَبْلَ المَعْطُوفِ وَلَيْسَ بواجب وَهَذَا واضحٌ (٤).

وَقَرَأَ الأعْرَج وابنُ أَبي إسْحَاق وَعيِسَى الثَّقَفِي وعمرو بنُ عُبَيد ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عمرو : (وَيَتُوبَ اللهُ) (٥) بالنَّصبِ.

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٠٠ : (وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْـتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ).

(٢) البيت لطرفة. ويروى : (يدخل) مكان (ينزل) و (ليعصما) مكان (فيعصما). الديوان : ١٣٩ والكتاب : ١ / ٤٢٣ والمقتضب : ٢ / ٢٤ والخصائص : ١ / ٣٨٩ واللسان : ١٢ / ٣١٠ ورصف المباني : ٢٢٦ والجنى الداني : ١٦٢.

(٣) البيت للمغيرة بن حبناء. الكتاب : ١ / ٤٢٣ والمقتضب : ٢ / ٢٤ ومعاني القرآن وإعرابه المنسوب للزجّاج : ١ / ٣٥٥ والمقرب : ٢٦٣ ورصف المباني : ٣٧٩ والهمع : ١ / ٥١ وشرح الأشموني : ٣ / ٣٠٥ والخزانة ـ بولاق ـ ٣ / ٦٠٠.

(٤) المحتسب : ١ / ١٩٧.

(٥) من قوله تعالى من سورة التوبة : ٩ / ١٤ ـ ١٥ : (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ


قَالَ أَبو الفتح : إذا نصبَ فالتوبةُ داخلةٌ في جوابِ الشَّرُطِ مَعْنىً ، وَإذَا رَفَعَ كَقَرِاءَةِ الجماعةِ فَقالَ : (ويتوبُ اللهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ) فَهْوَ اسئناف ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ : (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْم مُّؤْمِنِينَ) (١) فَهْوَ كقولِكَ : إنْ تَزُرْنِي أُحْسِنُ إليَكَ وأُعطيَ زيداً درهماً فتنصبُهُ على إضمارِ أَنْ ، أي : إنْ تَزُرْنِي أَجْمَعْ بينَ الإِحسانِ إليكَ والإِعطاءِ لِزيد.

وَالوَجْهُ قِرَاءَةُ الجَمَاعة عَلَى الاستئنافِ ، لاَِ نَّهُ تَمَّ الكلامُ عَلَى قولِهِ تَعَالى : (وَيُذْهِبُ غَيظَ قُلوبِهِم) ثُمَّ استَأ نَفَ فَقَالَ : (ويَتوبُ اللهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ) فالتوبةُ مِنْهُ سبحانَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ لَيْسَتْ مسبّبة عن قتالهم ، هذا هو الظاهر ، لاَِنَّ هذهِ حالٌ موجودةٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى قاتَلُوهم أَوْ لَمْ يُقَاتِلوهم ، فَلاَ وَجْهَ لتعليقها بقاتِلُوهُمْ. فَإنْ ذَهَبْتَ تعلّق هذه التوبة بقتالهم إيّاهُم كَانَ فيهِ ضربٌ من التَّعَسُّفِ بالمَعْنَى (٢).

رَوى الحَلَوانِي ، عَنْ قَالُونَ عَنْ شيبةَ : (أَوْ آوِيَ) (٣) بفتح الياءِ. وروى أَيْضاً عَنْ أَبِي جعفر مِثْلَهُ.

قَالَ ابنُ مُجَاهد : ولا يجوزُ تحريك الياءِ هَا هُنَا.

__________________

وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْم مُّؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).

(١) من قوله تعالى من سورة التوبة : ٩ / ١٤ ـ ١٥ : (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْم مُّؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).

(٢) المحتسب : ١ / ٢٨٤ ـ ٢٨٥.

(٣) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ٨٠ : (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْن شَدِيد).


قَالَ أَبو الفتح : هَذَا الَّذي أَنْكَرَهُ ابنُ مُجاهد عِنْدِي سَائِغٌ جائزٌ ، وَهُوَ أَنْ تَعْطِفَ (آوي) عَلى (قُوّة) فَكَأَ نَّهُ (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ) آوِياً (إِلَى رُكْن شَدِيد).

فَإذَا صرتَ إلى اعتقادِ المَصْدَرِ ، فَقَدْ وَجَبَ إضْـمَـارُ أَنْ وَنَصْب الفِعلِ بِهَا ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ مَيْسُونُ بِنْتُ بَجْدَل الكُلَيْبِيَّة (١) :

لَلُبْسُ عَبَاءَة وَتَقَرَّ عَيْنِي

أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوفِ (٢)

فَكَأَ نَّها قَالَتْ : لَلْبْسُ عَبَاءَة وأَنْ تَقَرَّ عَيْنِي ، أَيْ : لإِنْ أَلْبَسُ عَبَاءَةً وَتَقَرَّ عَيْنِي أَحَبُ إلَيَّ مِنْ كَذَا ، وَعَليْهِ بَيْتُ الكِتَابِ أَيْضاً :

فَلَوْلاَ رِجَالٌ مِنْ رِزَام اعِزّةٌ

وَآل سُبَيْع أَوْ أَسَوءَكَ عَلْقَماً (٣)

أَيْ : أَوْ أَنْ أَسوءَكَ ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : أَوْ مَسَاءَتِي إِيَّاكَ فَكَذَلِكَ هَذِهِ القراءة : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ) آوِياً ، أَيْ : أَوْ أَنْ آوِيَ إلَى رُكْن شديد وَهَذَا واضحٌ (٤).

وَقَرَأَ الأعمش : (وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرَ) (٥) نَصْباً.

__________________

(١) هكذا وردتْ بصيغةِ التَّصغير.

(٢) يُروى (وَلُبْسَ) مكان (لَلُبسُ). انظر : الكتاب : ١ / ٤٢٦ والمقتضب : ٢ / ٢٧ وشرح المفصل : ٧ / ٢٥ وشرح شواهد المغني : ٢ / ٦٥٣ ـ ٦٥٤ والهمع : ٢ / ١٧ والدرر اللوامع : ٢ / ١٠ وشرح الأشموني : ٣ / ٣١٣ والخزانة ـ بولاق ـ ٣ / ٥٩٢.

(٣) البيت للحُصَين بن الحِمَام المُريِّ (رزام بن مالك) و (رزام بن مازن) ومالك هو ابن رزام ابن مازن بن ثعلبةَ بنُ مُسعَد بنُ ذبيان.

الكتاب : ١ / ٤٢٩ والمفضليات : ٦٦ والهمع : ٢ / ١٠ وشرح التصريح : ٢ / ٢٤٤ وشرح الأَشموني : ٣ / ٢٩٦.

(٤) المحتسب : ١ / ٣٢٦ ـ ٣٢٧.

(٥) من قوله تعالى من سورة المدّثّر : ٧٤ / ٦ : (وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ).


قَالَ أَبُو الفتحِ : أَمَّا (تَسْتَكْثِرَ) بالنَّصبِ فَبِأَنْ مُضْمَرَة عَلَى مَا أَذْكُرُهُ لَكَ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بدلاً مِنْ قَوْلِهِ : (وَلاَ تَمنُنْ) عَلَى المَعْنَى. أَلاَ تَرَى أَنَّ مَعْنَاهُ لاَ يَكُنْ مِنْكَ مَنُّ واستِكثَارُ؟ فَكَأَ نَّهُ قَالَ : لاَ يَكُنْ مِنْكَ مَنُّ أَنْ تَسْتَكْثِرَ فَتُضْمر أَنْ لتكونَ مَعَ الفِعْلِ المَنْصُوبِ بِهَا بَدَلاً مِنْ المَنِّ فِي المَعنَى الَّذي دَلَّ عَلَيهِ الفِعْلُ ، وَنَظِيرُ اعتِقَادِ المَصْدَرِ مغروماً (١) عَنْ الفِعْل فِي نَحوِ هَذَا قَوْلُهُمْ : لا تَشْتُمهُ فَيَشْتِمَكَ ، أَيْ : لاَ يَكُنْ مِنْكَ شتمٌ لَهُ ، وَلاَ مِنْهُ أنْ يشتمَكَ فَكَما ساغَ هُنَاكَ تقديرُ المَصْدَرِ ، فَكَذَلِكَ سَاغَ هُنَا تَقديرُهُ أَيضاً. وَمِمَّا وَقَعَ فِيهِ الفِعْلُ مُوقِعَ المَصْدَرِ مَا أَنْشَدَهُ أَبُو زيد مِنْ قَوْلَهِ :

فَقَالُوا مَا تَشَاءُ فَقُلْتُ أَلْهُو

إِلَى الإِصْبَاحِ آثِرَ ذِي أَثِيرِ (٢)

أَرَادَ اللهوَ مَوْضِعَ أَلْهُو وَهَذَا وَاضِحٌ (٣).

المَصْدَرُ المُؤَوَّلُ

قَرَأَ المَاجشُونُ (٤) : (أَنْ ذُكّرْتُمْ) (٥) بهمزة وَاحِدَة مَفْتُوحة مقصورة وَلاَ يَاءَ بَعْدَهَا.

قَالَ أَبو الفتح : أَمَّا (أَنْ ذُكّرْتُم) فَمَنْصُوبَةُ الموضِعِ بِقَوْلِهِ سُبَحَانَهُ : (طَائِرُكُمْ

__________________

(١) مغروماً : مؤدّى ومأخوذ من قولهم : غرم الدية.

(٢) تنظر : ص : ٣٨٢.

(٣) المحتسب : ٢ / ٣٣٧ ـ ٣٣٨.

(٤) هو يوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمى المدني أخذ القراءةَ عن أبيهِ تُوفي سنة أربع أو خمس وثمانين ومئة. غاية النهاية : ٢ / ٤٠٥ والبحر المحيط : ٧ / ٣٢٧.

(٥) من قوله تعالى من سورة يس : ٣٦ / ١٩ : (قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ).


مَعَكُمْ) وَذَلِكَ أَنَّهُم لَـمَّـا قَالُوا لَهُم : (إنَّا تَطَيْرَنَا بِكُمْ) أَيْ : تَشَاءَمْنَا ، قَالُوا لَهُمْ جَواباً عَنْ ذَلِكَ بَلْ (طائِرُكُم مَعَكُم) أَيْ : بَلْ شُؤْمُكُمْ مَعَكُم (أَنْ ذُكِّرْتُمْ) ، أَيْ : هُوَ مَعَكُمْ لاَِنْ ذُكِّرتُم فَلَم تذكروا ، وَلَمْ تَنْتَهُوا فَاكْتَفَى بالسَّبَبِ الَّذي هُوَ التَذْكِيرُ مِنَ المُسَبِّبِ الذي هُوَ الانْتِهَاءُ على مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ إقَامَتِهِم كُلَّ وَاحِد مِنَ المُسَبِّبِ والسَّبَبِ مقامَ صاحِبِهِ وَمَنْ رأى أَنَّ (أَنْ) قَدْ حُذِفَ الجارُ عَنْ لَفْظِهَا وإرادَتِهِ فِيهَا مَجرورةً رأى ذَلِكَ هُنَا فِيهَا وَهُوَ (١) الخَليِلُ (٢).

جواب الجزاء بالواو

قَرَأَ عُبيدُ اللهِ بن موسى وطلحة بن سليمان : (وَيَجْعَلَ لَكَ) (٣) بالنَّصبِ قَالَ أَبو الفتح : نَصَبَهُ عَلَى أَنَّهُ جوابُ الجزاءِ بالواوِ ، كَقَوْلِكَ إنْ تَأْتِنِي آتِكَ وَأُحسنَ إلَيكَ. وَجَازَتْ إجَابَتُه بِالنَّصْبِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ وَاجِباً إِلاَّ بُوقُوع الشَّرْطِ مِنْ قَبْلِهِ وَلَيْسَ قويّاً مَعَ ذَلِكَ ، أَلاَ تَرَاهُ بِمَعْنَى قَوْلِكَ أَفْعَل كَذَا إنْ شَاءَ اللهُ (٤)؟

أَصْلُ لَنْ

قَالَ الخَليل : في (لَنْ) : إِنَّ أَصْلَهَا (٥) (لاَ أَنْ) فحذف الهمزة تخفيفاً والألف

__________________

(١) للخليل رأيٌ حولَ حذفِ اللاّمِ قَبلَ (أَنَّ) قَالَ سيبويه : وسألتُ الخليلَ عن قولِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ : (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَ نَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) سورة الأنبياء : ٢١ / ٩٢ ، فقال : إنّما هي على حذف اللاّم. وقالَ سيبويه : واعلم ان اللاّمَ ونحوها من حروف الجَرِّ قد تُحذَفُ من ان. كما حذفت من أَنْ. انظر : الكتاب : ١ / ٤٦٤ و ٤٦٧.

(٢) المحتسب : ٢ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة الفرقان : ٢٥ / ١٠ : (تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذَلِكَ جَنَّات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَّكَ قُصُوراً).

(٤) المحتسب : ٢ / ١١٨.

(٥) وذهب هذا المذهب الكسائي. ويرى سيبويه والجمهور أنّ (لن) بسيطة.


لالتقاء الساكنين (١).

جزم الفعل المضارع

لمّا

قَرَأ الأعرج فيما يروى عنه : (لَـمَّـا آتيناكم) (٢) بِفَتحِ اللاّم وتشديد الميم ، آتيناكم بِأَلف قبلَ الكافِ.

قال أَبو الفتح : في هذه القراءة إغراب وَلَيْستْ لَـمَّـا هَا هُنَا بمعروفَة في اللغة (٣) ، وَذَلِك انّها عَلَى أوجْه (٤) :

١ ـ تكونُ حَرفاً جازماً (٥) كقولِ الله تعالى : (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ) (٦).

__________________

انظر : الكتاب : ١ / ٤٠٧ وتهذيب اللغة : ١٥ / ٣٣٢ والجنى الداني : ٢٨٤.

(١) انظر : ص : ٥٠٩. والكتاب : ١ / ٤٠٧ والمحتسب : ٢ / ٣١٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة آل عمران : ٣ / ٨١ : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْـتُكُم مِّن كِتَاب وَحِكْمَة). قرأَ حمزة وحدَهُ (لِمَا آتَيتُكُمْ) بِكَسر اللاّم والباقون بفَتحِها وقَرَأَ نافع آتيناكم على الجمع وباقي السبعة آتيتكَم. انظر : الكشف عن وجوه القراءات السبع : ١ / ٣٥١ ومجمع البيان : ٣ / ١٢٨.

(٣) كان الكسائي يقول : لا أَعرفُ وَجْهَ لَمّا بالتَّشديدِ. اللسان : ١٦ / ٢٧.

(٤) انظر هذه الأوجه في : معاني الحروف : ١٣٢ والأُزهية : ٢٠٦ وشرح المفصل : ٨ / ١٠٩ ورصف المباني : ٢٨١ والجَنَى الدَّاني : ٥٣٧ والمغني : ٣٠٨.

(٥) تجزمُ الفعلَ المضارعَ وتصرفُ معناهُ إلى المُضِيّ. واختُلِفَ في لمّا فقيلَ مُرَكَّبَةٌ من (لم) و (ما) وهو مذهبُ الجمهور وقِيلَ بسيطة. الجنى الداني : ٥٣٧.

(٦) سورة آل عمران : ٣ / ١٤٢.


٢ ـ وَتَكُونَ ظرفاً (١) في نحو قولهِ : (وَلَمَّا تَوَجّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ) (٢).

٣ ـ وَتَكُونُ بَمعْنَى إِلاَّ (٣) في نَحوِ قَولِهِم : أَقسمْتُ عَلَيكَ لَمَّا فَعَلْتَ ، أي : إِلاَّ فَعَلْتَ ، وَلاَ وَجَه لواحدة مِنْهُنَّ فِي هَذِهِ الآيةِ.

٤ ـ وَأَقرَبُ ما فَيهِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ) لِمَنْ مَا آتَيناكُم وَهُوَ يريدُ القراءةَ العامةَ : (لَمَا آتَيْنَاكُمْ) فَزَادَ مِنْ عَلَى مَذْهَبِ أَبي الحَسَن (٤) في الواجب فصارت (لَمِمَّا) فَلَمَّا التقتْ ثلاثُ مِيَمات فثقلنَ حُذِفَتِ الأَولى مِنْهُنَّ فَبَقِيَ (لَمَّا) مُشَدَّداً كما تَرَى. وَلَو فُكّتْ لصارتْ لَْنمَا ، غيرَ أَنَّ النُّونَ أُدْغِمَتْ في المِيمِ كَمَا يجبُ فِي ذَلِكَ ، فَصَارَتْ (لَمَّا) هَذَا أَوْجَهُ مَا فِيهَا إنْ صَحَّتِ الروايةُ بِهَا (٥).

__________________

(١) على مذهب أبي عليّ الفارسي وذَهَبَ سيبويه إلى أَنّها حرف بمنزلة (لو). الكتاب : ٢ / ٣١٢ والبحر المحيط : ١ / ٧٥ و ٢٦٥ و ٣ / ١٠٦ و ٧ / ١١ والجنى الداني : ٥٣٨ والمغني : ١ / ٣١٠.

(٢) سورة القصص : ٢٨ / ٢٢.

(٣) حَكاهَا الخليلُ وسيبويه والكسائي وهي قليلةٌ في كلامِ العَرَبِ ويُروَى أَنَّها في لغةِ هُذَيل يجعلونَ (لمّا) بمعنى (إِلاَّ) ويَرى بعضُ النُّحَاةِ أَنَّهُ ينبغي التَّوَقُّفُ في إِجازةِ ذلك حَتَّى يردَ في كلام العربِ ما يشهدُ بصحّتِهِ. الكتاب : ١ / ٤٥٥ وتهذيب اللغة : ١٥ / ٣٤٥ واللسان : ١٦ / ٢٧ والجنى الداني : ٥٣٨.

(٤) (من) لا تُزَاد عند سيبويه وجمهور البصريين إلاّ بشرطين ، وذهب الأخفش والكسائي وهشام إلى زيادتِها بلا شرط بينما ذهبَ سائرُ الكوفيين إلى زيادتها بشرط واحد وهو تنكيرُ مجرورِها. البيان في غريب إعراب القرآن : ١ / ٣٢٠ وإِملاء ما من به الرَّحمن : ١ / ٧٥ و ١١٣ و ١١٦ و ٢٤٠ و ٢ / ١٠٢ و ١٤٠ وشرح المفصل : ٨ / ١٣ وتسهيل الفوائد : ١٤٤ والبحر المحيط : ٤ / ١١٣ وشرح الكافية : ٢ / ٥٨ و ٣١٩ و ٣٢٢ والجنى الداني : ٣٢١ والمغني : ١ / ٣٦٠ وشرح التصريح : ٢ / ٨.

(٥) المحتسب : ١ / ١٦٤.


وَقَرَأ الحَسَن : (أَلَـمَّـا يَأَنِ لِلَّذِينَ) (١) مُثَقَّلة.

قَالَ أَبو الفتح : أَصْلُ (لَمَّا) لَمْ ، زِيدَ عَلَيْهَا مَا (٢) ، فَصَارَتْ نفياً لقولِهِ : قَدْ كَانَ كَذَا ، وَ (لَمْ) نَفْيُ فَعَلَ. تَقُولُ : قَامَ زيد ، فيقولُ الُمجيبُ بِالنَّفِي : لَمْ يَقُمْ. فَإنْ قَالَ : قَدْ قَامَ. قُلْتَ : لَمَّا يَقُمْ ، لَمَّا زَادَ فِي الإثباتِ (قَدْ) زَادَ فِي النَّفِي (مَا) ، إِلاَّ أَنَّهَم لَمَّا ركبوا (لَمْ) مَعَ (مَا) حَدَثَ لَهَا مَعْنَى وَلَفظٌ.

أَمَّا المَعْنَى فإِنَّهَا صارتْ في بعض المواضع ظرفاً ، فقالوا : لَمَّا قمتَ قام زيدٌ ، أي : وقت قيامِكَ قامَ زيدٌ.

وَأَمَّا اللَّفْظُ فَلاَِ نَّها جَازَ أَنْ يَقفَ عَلَيْهَا دون مَجْزُومِهَا. كَقَولِكَ : جِئْتَ وَلَمَّا ، أَيْ : وَلَمَّا تجئ. وَلَوْ قُلْتَ : جِئْتَ وَلَمْ ، لَمْ يَجُزْ.

فَإنْ قُلْتَ : فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَصْل لَـمَّـا ـ عَلَى مَا وَصَفْتَ ـ (لَمْ) و (مَا) وَهُمَا حرفانِ ، وَأَمَّا الظرفُ ، فاسمٌ ، فكيفَ جازَ للحرفِ أنْ يستحيلَ فيصير اسماً؟ قِيلَ : كَمَا استحالَ الاسمُ لمَّا رُكِّبَ مَعَ الحرفِ ، فَاعتُدَّ مجموعهما حرفاً في قَوْلِهِم : إذْ مَا تَقُمْ أَقَمْ. أَلا تَرَى أَنَّ سِيبَويه (٣) ذكر (إذْ مَا) في الحرفِ وَقَرنَهَا بِـ (إِنّ) فِي الشَّرْطِ؟ وَذَلِكَ أَنَّ التركيبَ يُحدِثُ لِلمُرَكَّبَينِ حُكماً مُسْتَأَنَفاً ، ويخلقُهُ خَلْقاً مُرْتَجَلاً.

أَلاَ تَرَى إلى قَوْلِهِم : بَأبَأتُ الصبي : إذَا قُلْتُ لَهُ : بِأَبِي أَنْتَ والبَاءُ في أَوَّلِهِ مَزِيدَةٌ للجرّ ، والثانية أَيضاً قَدْ يُمْكنُ أَنْ تَكونَ للجرِّ كمُرِّرَتْ إِلاَّ أَنَّكَ إذَا مَثَّلْتَ

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الحديد : ٥٧ / ١٦ : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ).

(٢) تنظر : ص : ٥١٤. الحاشية (٥).

(٣) الكتاب : ١ / ٤٣٢.


قُلْتَ : هوَ فَعْلَلْتُ ، فَجَعَلْتَ البَاءَ الزَّائِدَةَ للجرّ مُقَابلَة للفاءِ؟ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُم : بَسْمَلْتُ ، فالباءُ مِنْ قَوْلِهِم : (بِسْمِ اللهِ) زَائِدَة ، والسين فَاءُ (اسم) واللاّمُ عينُ إِله ، ثُمَّ إِنَّكَ إذَا قُلْتَ بَسْمَلْتُ قُلْتَ : هوَ فَعْلَلْتُ ، وَمِثلُهُ حَوْقَلْتُ : إذَا قُلْتَ : لاَ حولَ وَلاَ قوّةَ إِلاَّ باللهِ ، ومِثَالُ حَوْقَلْتُ : فَوْعَلْتُ والواو ـ كما تَرَى ـ زائدةٌ وَهِيَ عينُ حولَ فِي الأصلِ.

أَفَلا تَرَى إلى استحالةِ أَحوال الحروف مِنَ الزّيادَةِ إلى الأصْلِ وَمِنَ الأصْلِ إلى الزيادةِ ، وَهَذَا كقولِ اللهِ سبحانَهُ : (ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ) (١). (٢)

لام الأمر

قَرَأَ الحَسَنُ : (فَلِيَتَوَكَّلِ المُؤمِنُونَ) (٣) قَالَ أَبو الفتح : هَذَا لَعَمْرِي الأصلُ فِي لامِ الأمْرِ : أَنْ تَكُونَ مَكْسُورةً إِلاَّ أَنَّهُمْ أَقَرُّوا إسْكَانَها تخفيفاً (٤).

وَإذَا كانُوا يَقُولُونَ مَرْهُ فَلْيَقُمْ فَيُسْكِنُونَهَا مَعَ قِلَّةِ الحروفِ وَالحَرَكَاتِ فَإسَّكَانُها مَعَ كَثْرةِ الحروفِ أَمْثَل ، وَتِلْكَ حَالُهَا فِي قَوْلِهِ : (فَلِيَتَوكَّلِ المُؤمِنُونَ) لا سيّما وقبلها كسرةُ الهاءِ ، فاعرفْ ذَلِك فَإنَّ مصارفةَ الألفاظِ بابٌ مُعْتَّمدٌ في الاستثقالِ والاسْتِخْفَافِ (٥).

وَقَرَأ أُبَي بن كَعْب : (وَلِنَسُوءاً) (٦) بالتنوين.

__________________

(١) سورة المؤمنون : ٢٣ / ١٤.

(٢) المحتسب : ٢ / ٣١٢ ـ ٣١٣.

(٣) من قوله تعالى من سورة إبراهيم : ١٤ / ١١ : (وَعلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).

(٤) الأصل في لام الأمر أنَّهَا مكسورةٌ ، إلاّ أَنَّها لِشِدَّةِ اتِّصالِها بما بعدَها حتَّى صارتْ كبعضِ حروفِهِ جازَ فيها التسكينُ. شرح المفصل : ٩ / ١٣٩ ورصف المباني : ٢٢٨.

(٥) المحتسب : ١ / ٣٥٩.

(٦) من قوله تعالى من سورة الإسراء : ١٧ / ٧ : (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُئُواْ وُجُوهَكُمْ


قَالَ أَبُو الفتح : لَمْ يَذْكرْ أَبُو حَاتِم التنوينَ لَكِنّهُ قَالَ : وَبَلَغَني أَنَّهَا فِي مُصْحَفِ أُبي (لِيُسيءَ) بالياءِ مَضْمُومَةً بغيرِ وَاو ، فَأَمّا التنوينُ فِي (فَلْنَسُوءاً وُجُوهَكُم) عَلَى لَفْظِ الأَمرِ كما تقولُ : إذَا سألتني فَلاُْعْطِيَنَكَ ، كَأَنْكَ تَأمُرُ نَفْسَكَ وَمَعْنَاهُ فَلاُْعْطِيَنَّكَ واللاّمَانِ بَعْدَهُ لِلأَمرِ أَيضاً ، وَهُمَا : (وَلْيَدْخُلُوا المَسْجِدَ ... وَلْيُتبِّروُّا) (١) وَيَقُوِّي ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لـ (إِذَا) جوابٌ فِيَما بَعْد ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ تَقْدِيرهُ فلنسوءاً وجوهَكُمْ ، أَيْ : فَلْتَسُؤَنَّ وجوهَكُمْ (٢).

دخول لام الأمر على المضارع المبدوء بتاء الخطاب

قَرَأَ النبيُّ صلّى الله عليه وآله وعثمانُ بن عفان وَأُبي بن كَعب والحَسَن وأَبو رَجاء ومحمّد بن سيرين والأعرج وَأَبو جعفر بِخِلاَف وَالسُّلَمِي وَقَتَادَةَ والجَحْدَرِي وَهِلالُ بُن يَسَاف والأَعْمَش بِخِلاَف وَعَبَّاس بنُ الفَضْلِ وَعَمرو ابن فَائد : (فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا) (٣) بالتاءِ.

قَالَ أَبُو الفتح : خُرِّجَتْ قِرَاءَة : (فَلْتَفْرَحُوا) (٤) بالتَّاءِ عَلَى

__________________

وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّة وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً).

(١) من قوله تعالى من سورة الإسراء : ١٧ / ٧ : (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّة وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً).

(٢) المحتسب : ٢ / ١٥.

(٣) من قوله تعالى من سورة يونس : ١٠ / ٥٨ : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ).

(٤) قال الفراء : كان الكسائي يعيب قولهم : فلتفرحوا ، لأ نّه وجده قليلاً فجعله عيباً ، وقَال الأَخَفشُ عن هذه القراءة : إِنَّها لُغَةٌ للعربِ ردِيئَةٌ ، وقال الجوهري : لامُ الأمر تأمرُ بها الغائبَ ، وربما أمروا بها المخاطب ، وقرئَ : (فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا) ، بينمَا استدلّ بهذه القراءة عددٌ من النُّحاة على جوازِ دُخولِ لامِ الأمرِ على الفعلِ المضارعِ المبدوءِ بتاءِ الخطابِ ،


أَصْلِهَا (١) ، وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ الأَمرِ أَنْ يَكونَ بحرفِ الأمرِ وَهُوَ اللاّمُ فَأَصلُ اضربْ لِتضربْ ، وَأَصلُقُمْ لِتَقُمْ. كَمَا تَقُولُ لِلْغَائِبِ : لِيَقُمْ زَيْدٌ ، وَلْتَضربْ هندٌ ، لَكنْ لَمَّا كَثُرَ أَمْرُ الحَاضِرِ نَحْوَ قُمْ واقعُدْ وادْخُلْ واخرجْ وَخُذْ وَدَعْ حَذُفوا حَرْفَ المُضَارعَة تَخْفيفاً ، بَقِي مَا بَعْدَهُ ، وَدَلَّ حاضرُ الحالِ عَلَى ان المأمور

__________________

ومنهم : الزَّمخشري وابنُ يعيش وابنُ مالك وابنُ هشام والسّيُوطي. ينظر في : معاني القرآن للفراء : ١ / ٤٦٩ ، ومعاني القرآن للأخفش : ١٣ / ب ، وشرح المفصل : ٦١ / ٧ ، وشرح التسهيل : ١٣٤ ، والاقتراح : ١٥ ، ولسان العرب : ١٢ / ٥٦٠ (لوم) ، ومنهج الأخفش الأوسط : ١٨٥.

(١) قَدَّمنَا وأَخْرَنَا فِي عِبَارةِ ابنَ جني ليستقيمَ المعنى ، على أنَّ هذه القراءة المنسوبة إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) أوردها أحمد بن حنبل في مسنده : ٥ / ٢٢ وأبو داود في سننه : ٢ / ٢٤٥ / ١٩٨١ ، والطيالسي وأبو الفرج بن الجوزي في زاد المسير : ٤ / ٤١ ، والحاكم وابن مردويه ـ كما في الدر المنثور تحقيق الدكتور التركي : ٧ / ٦٦٦ ـ ٦٦٧ عن ابن عُمرَ عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) مرفوعة ، وأخرجها ـ كما في الدر المنثور أيضاً ـ الطبري وابن أبي عُمرَ العدني والطبراني وابن مردويه ، مرفوعة ، وفي زاد المسير : ٤ / ٤١ : قرأَ أُبَيّ بنُ كعب وأبو مجلِز وقتادة وأبو العالية ، ورويس عن يعقوب (فَلْيَفْرَحُوا) وقرأَ الحسن ومُعاذُ القارِئُ مثلَ ذلكَ ، إلاّ أَنَّهم كَسَرُوا اللاّمَ ، ونُقِلَتْ عن ابن عُمرَ عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) مرفوعةً ، وبعضُ من ذكرناهم هنا لم يذكرهم أبو الفتح بن جني ، وأغلب الروايات مرفوعة ، وفي طرق بعضها مدلسون ، ومن لم يحتج بحديثه ، وذكرها أبو جعفر النَّحَّاس في معاني القرآن : ٣ / ٣٠٠ ، وابن الجزري في النشر : ٢ / ٢٨٥ ، ورفعها أبو حيان في البحر المحيط : ٥ / ١٧٢ ، فقال : رُوِيَتْ هذه القراءة عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) ، وهي قراءة جماعة من السلف ، والجمهورُ على الياء ، ولم تثبت هذه القراءة عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) ، ولو ثبتت عنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) لما جعلها الكسائي عيباً ، ولما قَال الأَخَفشُ عنها : إِنَّها لُغَةٌ للعربِ ردِيئَةٌ ، ولما رفضَ أبو الفتح بن جني أن يقاس عليها بقوله في المحتسب : ١ / ٣١٤ : (وَلاَ تَقُلْ قِياساً عَلَى ذَلِكَ : فَبِذَلِكَ فَلْتَحْزنُوا) ، وعلّله بقوله : (لاَِنَّ الحُزْنَ لاَ تَقْبَلْهُ النَّفْسُ قَبُولَ الفَرَحِ ، إِلاَّ أَنْ


هو الحاضر المخاطب ، فلمَّا حُذِفَ حرفُ المضارعة بقِيَ ما بعدَهُ في أكثرِ الأمرِ ساكناً فاحتيجَ إلى همزةِ الوَصلِ ليقعَ الابتداءُ بِهَا فَقِيلَ : اضربْ ، اذهبْ ونحوَ ذَلِكَ.

فَإنْ قِيلَ : وَلِمَ كَانَ أَمْرُ الحاضِرِ أَكْثَرَ حَتَّى دَعَتِ الحالُ إلَى تخفيفهِ لكثرتِهِ؟ قِيلَ : لاَِنَّ الغائبَ بعيدٌ عَنْكَ فَإذَا أَردْتَ أَنْ تَأْمُرَهُ احتجتَ إلى أَنْ تَأْمُرَ الحَاضِرَ لِتُؤَدّي إليهِ أَنَّكَ تَأْمرُهُ ، فَقُلْتَ : يَا زَيدُ قُلْ لِعَمرو : قُمْ. وَيَا محمّد ، قُلْ لِجَعفر : اذهبْ ، فَلاَ تَصِلُ إلَى أَمرِ الغَائِبِ إِلاَّ بَعْدَ أَنْ تَأْمُرَ الحاضِرَ أَنْ يؤدِّيَ إليهِ أَمرَكَ إيَّاهُ ، والحَاضِرُ لاَ يَحْتَاجُ إلى ذَلِكَ لاَِنَّ خِطَابَكَ إيَّاهُ قَدْ أَغْنَى عَنْ تَكْليفِكَ غَيْرَهُ أَنْ يَتحَمَّلَ إليهِ أَمْرَكَ لَهُ.

وَيَدُلُّك عَلَى تَمَكّنِ أَمْرِ الحَاضِرِ أَنَّكَ لاَ تَأْمرُ الغائِبَ بالأَسماءِ المُسَمَّي بِهَا الفِعْلُ فِي الأَمر نَحوَ : صَه ، وَمَه ، وَإِيه ، وإِيهاً وَحَيَّهلْ وَدُونَكَ وَعِنْدَكَ وَنَحوَ ذَلِكَ وَلاَ تَقُول : دُونَهُ زيداً وَلاَ عَلَيهِ جعفراً كَقَوْلِكَ : دُونَكَ زيداً وَعَليكَ سعداً ، وَقَدْ شَذَّ حرفٌ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا : عَلِيهِ رَجُلاً لَيْسَنِي (١) ، وَلِهذَا المَعْنَى قَوِي ضَمِيرُ الحَاضِر عَلَى ضَمِيرِ الغَائِبِ فقالوا : أَنْتَ وَهُوَ فَلَمَّا صاغُوا لَهُمَا اسماً وَاحِداً صَاغُوهُ عَلَى لفظِ الحُضُورِ لاَ لَفْظِ الغَيْبةِ فَقَالُوا : أَنْـتُـمـا ، فَضَمُّوا الغَائِبَ

__________________

تريد إصْغَارَهُم وإرْغَامَهُم ، فَتُؤكِّد ذَلِكَ بالتَّاءِ) ، وكما سيرد بعد قليل في آخر كلامِهِ عن هذهِ القراءةِ ، لذلك لم ترد منسوبة إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) عند الإمامية ولم يقبلها الشيخ الطوسي وانتقدها وروى أنَّ الكسائي كان يراها معيبة كما في : معاني القرآن للفراء : ١ / ٤٦٩.

(١) وَقَد سُمِعَ اسمُ الفِعلِ مَعَ غيرِ ضميرِ المُخَاطب شُذوذاً نحو (عليه رجلاً غَيري) أي لِيلزمه و (عَلَيَّ الشيءَ) أي : لأَلزمه. انظر : محاضرات أُستاذنا علي النجدي ناصف في طلاب الماجستير قسم النحو والصرف والعروض ـ كلية دار العلوم ـ ٩٧٥ ـ ٩٧٦ صفحة ٢٨.


إلَى الحَاضِرِ ، وَلَمْ يَقُولُوا : هُمَا فَيَضُمُّوا الحَاضِرَ إلَى الغائِبِ ، فَهَذَا كُلُّهُ يُرِيكَ استغْنَاءَهُمْ بقُمْ عَنْ لِتَقُمْ وَنَحْوَهُ.

وَكَانَ الّذِي حَسَّنَ التَّاءَ هُنَا أَنَّهُ أَمْرٌ لَهُمْ بِالفَرَحِ فَخُوطِبُوا بالتَّاءِ لاَِ نَّها أَذْهَبُ فِي قُوّةِ الخِطَابِ ، فَاعْرِفْهُ وَلاَ تَقُلْ قِياساً عَلَى ذَلِكَ : فَبِذَلِكَ فَلْتَحْزنُوا ، لاَِنَّ الحُزْنَ لاَ تَقْبَلْهُ النَّفْسُ قَبُولَ الفَرَحِ ، إِلاَّ أَنْ تُريدَ إصْغَارَهُم وإرْغَامَهُم ، فَتُؤكِّد ذَلِكَ بالتَّاءِ عَلَى مَا مَضَى (١).

وَيُرْوَى عَنْ النَّبِي صلّى الله عليه وآله : (وَلْتَعْفُوا وَلْتَصْفحُوا) (٢) بالتاء ، وَرُوِيَ عَنْهُ باليَاءِ.

قَالَ أَبُو الفتحِ : هَذِهِ القِرَاءَةُ بالتَّاءِ كَالأُخْرَى المَأْثُورَةِ عَنْهُ (عَلَيهِ السَّلاَمُ) : (فَبِذَلِك فَلْتَفْرَحُوا) (٣) وَقَدْ ذَكَرْنَا ذلِكَ ، وَأَ نَّهُ هُوَ الأصْلُ إِلاَّ أَنَّهُ أَصْلٌ مَرْفُوضٌ (٤) استغنَاءً عَنهُ بِقَوْلِهِم : اعفُوا واصْفَحُوا وافْرَحُوا ، وَلاَ وَجْهَ لإِعَادَتِهِ (٥).

وَقَرَأَ أَبُو جعفر يزيد : (وَلْتُصنَعْ عَلَى) (٦) بجزمِ اللاّمِ والعينِ.

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٣١٣ ـ ٣١٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٢٢ : (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

(٣) من قوله تعالى من سورة يونس : ١٠ / ٥٨ : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ).

(٤) تنظر : ص : ٥١٩ و ٥٢٠. والمحتسب : ١ / ٣١٣.

(٥) المحتسب : ٢ / ١٠٦.

(٦) من قوله تعالى من سورة طه : ٢٠ / ٣٩ : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْك مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْـنِي).


قَالَ أَبو الفتح : لَيْسَ دُخولُ لامِ الأمر هُنَا كدخولها في قراءة النبيّ صلّى الله عليه وآله وَغَيرِهِ مِمَّن قَرأَهَا مَعَهُ : (فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا) بالتاءِ وفرقُ بيْنَهُمَا أَنَّ الَمأمُورَ فِي (فَلْتَفْرَحَوا) مُخَاطَبٌ ، وَعُرْفُ ذلِكَ وَعَادَتُهُ أَن يُحْذَفَ حرفُ المُضَارِعة فِيهِ كَقَوْلِنَا : قُمْ واقْعُدْ ، وَخُذْ ، وَسِرْ ، وَبِعْ. وَأَمَّا (وَلْتُصْنَعْ) فَإنَّ المأمورَ غائبٌ غير مُخَاطَب فَإنَّمَا هو كقولنا : وَلْتُعْنَ بِحَاجَتِي ، وَلْتُوضَعْ (١) فِي تِجَارتِك لاَِنَّ العانِي بِهَا والواضِع فِيها غَيرُهُمَا ، وَهُمَا الُمخَاطَبَانِ ، فَهَذَا كَقَوْلِكَ : لِيُضْرَبْ زَيدٌ وَلْتُضْرَبْ هندٌ. وَأَمَّا قَوْلُ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ خُذْ طَرَفَكَ وَلآخُذْ طَرَفِي (٢) وَقَوْلُهُم : لَِنمْشِ كُلُّنَا ، وَلْنَقُمْ إلى فَلان وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإنَّمَا جَاءَ باللاّمِ لاَِ نَّهُ لَمْ يَكْثُرْ أَمْرُ الإنسانِ نَفْسَهُ ، فَلَمَّا قَلَّ استعَمالُهُ لَمْ يخفّفْ بِحَذْفِ اللاّمِ كَمَا يَكْثُر أَمرُ المَأمورِ الحاضِر فَخُفِّفَ نَحو قُمْ ، وَسِرْ ، وَبِعْ ، وخفْ ، ونمْ (٣).

لا الناهية

قرأ الحسن : (لاَ يَضُرْكُمْ) (٤) وَقِراءة إبراهيم : (لاَ يَضِرْكُمْ) قَالَ أَبُو الفتح : جَزَمَ يَضُرْكُم وَيَضِرْكُمْ لاَِ نَّهُ جُعِلَ جَوابَ الأمرِ ، أَعْنِي قَوْلَهُ (عَلْيكمْ أَنْفُسُكُمْ) (٥) ويجوزُ أَنْ تَكُونَ (لاَ) هُنَا

__________________

(١) وَضَعَ في تِجَارتِهِ وأَوضعَ خسرَ.

(٢) تنظر : ص : ٣٤٤.

(٣) المحتسب : ٢ / ٥١ و ٥٢.

(٤) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ١٠٥ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ).

(٥) (عليكم) : اسم فعل وبه انتصبَ (أنْفُسَكُمْ) والتقديرُ : احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ والكاف والميم في


نَهْياً (١) كَقَولِكَ : لا تقمْ إذا قامَ غيرُكَ والأَولُ أَجودُ (٢).

وَقَرَأَ الأعْرَجُ وَأبَانُ بنُ عثمانَ : (فَيَطْمَعِ الَّذي) (٣) بِكَسرِ العينِ.

قَالَ أَبو الفتح : هو معطوفٌ على قولِ الله تعالى : (فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) أَيْ : فَلاَ يَطْمَع الّذي فِي قَلبه مَرَضٌ ، فَكِلاهُمَا مِنْهِيٌّ عنهُ ، إلاَّ أَنَّ النصبَ أَقْوىَ مَعْنَىً ، وَأَشَدُّ إصَابَةً للعذرِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا نَصَبَ كَانَ معناهُ أَنَّ طمَعَهُ إنَّمَا هوَ مُسَبَّبٌ عَنْ خضوعِهِنَّ بالقولِ. فالأصلُ فِي ذَلِك مَنْهِيٌّ عَنْهُ ، وَالمَنْهِيّ مُسَبَّبٌ عَنْ فِعْلِهِنَّ ، وَإِذَا عَطَفَهُ كَانَ نهياً لَهُنَّ وَلَهُ ، وَلَيْسَ فِيه دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّمَعَ رَاجِعُ في الأَصل إلَيْهِنَّ ، وَوَاقِعٌ مِنْ أَجْلِهِنَّ ، وَعَلَيْهِ بيتُ امرئ القيس :

فَقُلْتُ لَهُ صَوّبْ وَلاَ تُجْهِدَنَّهُ

فَيُذْرِكَ مِنْ أُخْرى القَطَاةِ فَتَزْلَقِ (٤)

فَهَذَا نَهْيُّ بَعْدَ نَهيّ كَالِقَراءَةِ الشَّاذَةِ (٥).

__________________

موضع جرّ لأنّ اسم الفعل هو الجار والمجرور وعلى وَحْدَهَم لم تستعمل اسماً للفعل. إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٢٨.

(١) نقل الطبرسِي هذه العبارة في مجمع البيان : ٧ / ٢١٦.

(٢) المحتسب : ١ / ٢٢٠.

(٣) من قوله تعالى من سورة الأحزاب : ٣٣ / ٣٢ : (يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَد مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْـتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ).

(٤) البيت لامرئ القيس وهو في ديوانه وينسب لعمرو بن عمّار الطائي. يروى (فيدنك) مكان (فيذرك) و (أَعلى) مكان (أُخرى) ويروى (فتزلق) بالرفع ، والشاعر يخاطب غلامه وقد حمله على فرسه ليصيد له. ديوان امرئ القيس : ١٧٤ وفي نسخة السندوبي : ٩١ والكتاب : ١ / ٤٥٢ والمقتضب : ٢ / ٢٣ واللسان : ١٨ / ٣٠٩.

(٥) المحتسب : ٢ / ١٨١.


العطف على المجزوم

قَرأَ الأَعرج : (ثُمَّ نُتْبِعْهُمْ) (١) بالجزمِ.

قالَ أَبو الفتح : يَحتَمِلُ جزمُهُ أَمرين :

أَحدهما : أَنْ يكونَ أَرادَ معنى قراءةِ الجماعةِ : (نُتْبِعُهُمْ) بالرَّفِع فأَسكنَ العينَ استثقالاً لتوالي الحَرَكَاتِ عَلَى مَا مَضَى فِي غيرِ موضع مَنْ هذا الكتاب (٢).

والآخر : أَنْ يَكُونَ جزماً فَيَعْطِفُهُ (٢) على قولِهِ : (نُهْلِكْ) (٤) فيجري مجرَى قولِكَ : أَلَمْ تَزُرْنِي ثُمَّ أُعطكَ؟ كقولِكَ (٥) : فَأُعطِكَ أَلَمْ أَحْسِنْ إليكَ ثمَّ أُوالي ذَلِكَ عَلَيْكَ؟ فيكون مَعْنَى هَذِهِ القراءةِ أَنَّهُ يريدُ قوماً أَهلكهم اللهُ سبحانَهُ بعدَ قوم قَبْلَهُم عَلَى اختلافِ أَوقَاتِ المُرْسَلينَ شيئاً بعدَ شيء ، فَلمَّا ذَكَر مَا تقَّضى على اختلاف الأوقاتِ فيهِ ، قَالَ تَعَالَى مُسْتَأنِفاً : (كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالمُجْرِمِينَ) (٦) فَيكونُ (الُمجْرِمُونَ) هُنَا مِنْ نُهْلِك مِنْ بَعْدُ.

وَقَدْ يَجَوزُ أَنْ يَعْنِي بِالِْمجْرِمينَ مَنْ مَضَى مِنْهُم وَمَنْ يَأَتِي فِيَما بَعْدُ ، المعنيان جميعاً متوجّهَانِ (٧).

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة المرسلات : ٧٧ / ١٧ : (ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ).

(٢) المحتسب : ١ / ١٠٩ و ٢ / ٣٣٨.

(٣) هذا الوجه ذَكَرَهُ الأَخفشُ والفرَّاءُ. معاني القرآن للأَخفش : ١٧٩ / أومعاني القرآن للفرَّاء : ٣ / ٢٢٣.

(٤) من قوله تعالى من سورة المرسلات : ٧٧ / ١٦ : (أَلَمْ نُهْلِكِ الاَْوَّلِينَ).

(٥) يبدو أنَّ في العبارِة تقديماً وتأخيراً وَقَدْ نَبَّهْ عَلَى ذَلِك محقّقو المحتسب.

(٦) سورة المرسلات : ٧٧ / ١٨.

(٧) المحتسب : ٢ / ٣٤٦.


جزم المضارع المعتل الآخر

قَرَأَ السَّلَمِي : (أَلَمْ تَرْ أَنَّ اللهَ) (١) سَاكِنَةَ الرَّاءِ.

قَالَ أَبو الفتح : فِيها ضَعْفٌ لاَِ نَّهُ حذفُ الأَلف للجزم فقد وجب إِبقاؤهُ للحركة قبلها دليلاً عَلَيْهَا ، كالعوضِ منها ، لا سيما وهيَ خفيفةٌ ، إِلاَّ أَنَّهُ شَبَّهَ الفتحةَ بالكسرةِ المحذوفةِ في نحو هذا استخفافاً. أَنْشَدَ أَبو زيد :

قَالتْ سُلَيمَى اشترْ لَنَا دقيقاً (٢)

 ......

وأَنشدَ أيضاً :

قالتْ سليمى كِلْمَةً تَلجْلَجَا

لَوْ طُبِخَ النَّيءُ بِهَا لاَُنْضِجَا

يَا شيخُ لا بُدَّ لَنَا أَنْ نَحْجُجَا

قد حَجَّ فِي ذَا العامِ مَنْ كَانَ رَجَا

فاكْتَرْ لَنَا كَرِيَّ صِدْق فَالنَّجَا

واحذَرْ فَلاَ تَكْتَرْ كَرَيًّا أعوَجَا

عِلْجَا إذَا سَاقَ بِنَا عَفَنْجَجَا (٣)

فَأَسْكَنَ الرَّاءَ مِنْ (اشترْ) و (اكتَرْ) استخفافاً واجراءً للوصلِ عَلَى حَدِّ الوَقْفِ ، وَرَوَيْنَا عَنْ أَبي بكر محمّد بنِ الحسنِ عَنْ أَحمدَ بن يحيى قولَ الشاعر :

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة إبراهيم : ١٤ / ١٩ : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّموَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْق جَدِيد).

(٢) للعذافر الكندي وبعده : وَهَاتِ خبزَ البُرَّ أو سُويْقا.

المحتسب : ١ / ٣٦١.

(٣) يروى (قالت له كليمة تلجلجا). ويروى (من تَحَرَّجا) مكان (من كانَ رَجَا) و (فاحذرْ ولا) مكان (واحذرْ فلا) والعلج : الرجل الشديد ، الغليظ والعَفَنْجَج : الضَّخْمُ الأَحمق. المنصف : ٣ / ٩ ولسان العرب : ٣ / ١٢٥.


وَمَنْ يَتَّقْ فَإنَّ اللهَ مَعْهُ

وَرزْقُ اللهِ مَؤْتَابٌ وَغَادِي (١)

فَأَسْكَنَ قافَ (يَتَّقْ) لِمَا ذكرنَا وكذلَكَ شَبَّه السُّلَمِي (أَلَمْ تَرْ) بِذَلِكَ ، إذْ كَانَتْ الكسرةُ أَثقلَ ، أو لاَِ نَّهُ أَجرى الوصلَ مَجرَى الوقفِ (٢).

قَرأ أبو عبدِ الرَّحمن : (أَلَم تَرْ كَيْفَ) (٣) ساكنةَ الرَّاء.

قالَ أَبو الفتح : هذا السكون إنَّما بابه الشعر ، لا القرآنُ ، لِمَا فيهِ مِن استهلاك الحرفِ والحركةِ قَبْلَهُ ، يَعْنِي الألف والفتحة مِنْ (ترى) (٤) أَنشَدَ أَبُو زَيد في نَوادِرِهِ :

قَالَتْ سليمى اشترْ لَنَا سُوَيْقاً (٥)

 ......

يريدُ اشترِ فحذف الياءَ من يشتري والكسرةَ ، وَفِيهَا أَيضاً :

قالت لَهُ كُلَيْمَةً تَلجْلَجَا

لَوْ طُبِخَ النَّيءُ بِهَا لاَُنْضِجَا

يَا شيخُ لابُدَّ لَنَا أَنْ نَحْجُجَا

قد حَجَّ فِي ذَا العام مَنْ كَانَ رَجَا

فاكْتَرْ لَنَا كَرِيَّ صدق فالنَّجَا

واحذَرْ فَلاَ تَكْتَرْ كَرَيَّا أعوجَا

عِلْجَا إذَا سَاقَ بِنَا عَفَنْجَجَا (٦)

فَحَذَفَ كَسْرَةَ (اكترِ) في الموضعين كَمَا تَرى.

__________________

(١) مؤتاب : راجع. انظر : الخصائص : ١ / ٣٠٦ و ٢ / ٣١٧ و ٣٣٩ واللسان : ٢٠ / ٢٨٢.

(٢) المحتسب : ١ / ٣٦٠.

(٣) من قوله تعالى من سورة الفيل : ١٠٥ / ١ : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ).

(٤) في المحتسب (ترا) بالألف الممدودة ، ولا أرى لهُ وجهاً.

(٥) تقدَّمَ الشاهد في : ص : ٥٢٥. وهناك (دقيقا) مكان (سويقا) وهذا الشاهد مع الشواهد التالية كرّرها أبو الفتح هنا وقد تابعناهُ على ذلكَ.

(٦) تقدَّمَ الشاهد في : ص : ٥٢٥.


وروينا عن أَبِي بكر محمّد بن الحسن بن يعقوبَ بنِ مُقَسَّم :

وَمَنْ يَتَّقْ فَإنَّ اللهَ مَعْهُ

وَرِزْقُ اللهِ مُؤْتَابٌ وَغَادِي (١)

يريد (يَتَّقِ) فحذفَ الكسرةَ بعدَ الياءِ (٢).

جزم المضعّف

روى هارون عن أَسِيد عن الأعرج : أنَّه قرأَ : (لاَ تُضَارْ وَالِدَةٌ) (٣) جزمٌ ، كَذَا قَالَ جزم.

قال أبو الفتح : إذا صح سكون الرَّاءِ في (تُضَارْ) فينبغي أَنْ يكونَ أَرادَ : لا تضارَرْ كَقِراءَة ، أَبِي عمرو ، إِلاَّ أَنَّهُ حذَفَ إحْدَى الرَّائين تخفيفاً. وَيَنبْغِي أَنْ تَكُونَ الَمحْذُوفَة الثانية ، لاَِ نَّهَا أضعفُ وبتكريرها وقع الاستثقال.

فَأَمَّا قولُ اللهِ تعالى : (ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً) (٤) فِإِنَّ الَمحْذُوفَ هي الأُولَى ، وَذَلِكَ أَنَّهُم شَبَّهُوا المُضَعَّفَ بِالمُعْتَلِّ العَينِ ، فَكَمَا قَالُوا : لستَ قالوا : ضَلْتَ. وَمِثلُهُ مَسْتَ في مَسِسْتَ ، وَأحَسْتَ فِي أَحْسَسْتَ (٥). قَالَ أَبُو زَبِيد :

خَلاَ أَنَّ العِتاقَ من المَطايا

أَحْسن بِهِ فَهُنَّ إليهِ شُوسُ (٦)

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٣٦٠.

(٢) المحتسب : ٢ / ٣٧٣.

(٣) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٣٣ : (لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآ رَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ).

(٤) سورة طه : ٢٠ / ٩٧.

(٥) قال الفرّاء : تقول العرب : قَدْ مَسْتُ ذلِكَ وَمَستُه ، وَهَمَمْتُ بِذَلِكَ وَهَمْتُ ... وَهَلْ أَحْسَسْتَ صَاحِبَكَ وأَحْسَتَ. معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ١٩١.

(٦) يروى (سوى) مكان (خلا) و (حَسِينَ) مكان (أحْسن) وشوسٌ : جمعُ أَشوس وهو الذي


فَإنْ قُلْتَ : فَهَلاَّ كَانَتِ الأُولَى هِيَ الَمحْذُوفَة مَنْ تُضَارِرْ كَمَا حُذِفَتْ الأُولى مِنْ ظَلِلْتُ وَمَسِسْت وَأَحْسَسْتُ؟ قِيلَ : هذِهِ الأَحرفُ إنَّما حُذِفْنَ لاَِ نَّهُنَّ شُبِّهْنَ بحروفِ اللّين ، وحروفُ اللينِ تَصِحُّ بعدَ هَذِهِ الألفِ نَحْوَ عاوَدَ وَطَاوَلَ وَبايَعَ وَسايَرَ ، والثانيةُ في موضعِ اللاّمِ المحذوفةِ ، نحوَ لا تُرام.

فإن قِيلَ : فكانَ يجبُ على هذا (لا تُضارِ) لاَِنَّ الأولَى مكسورة في الأَصلِ فيجب ان تُقَرَّ عَلَى كَسْرِهَا.

قِيلَ : لاَ ، بَلْ لَمَّا حُذِفَتْ الثانيةِ وَقَدْ كَانَتْ الأُولَى ساكنةً لاَِ نَّهَا كانتْ مُدْغَمَةً في الثانيةِ أُقِرَّتْ على سُكُونِهَا ليكونَ ذَلِكَ دَلِيلاً عَلَى أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ مُدَغَمةً قَبْلَ الحذفِ ، وِلِذَلِكَ نَظَائِر مِنْهَا قَوْلُهُ :

وَكَحَّـلَ العَيْنَـيـنِ بالعَـــوَاوِرِ (١)

... وَلِذَلِكَ نظائر كثيرةُ ، فَكَذَلِكَ تَرْكُ الرَّاءِ مِن (تضارْ) سَاكِنَةً كَمَا كَانَتْ تَكُونُ سَاكِنَةً لَوْ خرجتْ عَلَى الإدغَامِ المُرَاد فِيها. نَعَمْ ، وَإذَا كانَ نَافِعٌ قَدْ قَرَأَ : (وَمَحْيايْ وَمَمَاتِي) (٢) ساكنَ الياءِ مِنْ (مَحْيَايَ) ولا تقديرَ إدغام هُنَاكَ كَانَ سُكُونُ الرَّاءِ مِنْ لاَ تُضَارْ ـ وَهُوَ يُريدُ تُضَارَّ ـ أَجْدَرَ. وبعدَ هَذَا كلِّهِ ففيهِ ضعفٌ ، أَلاَ تَرَى أَنَّكَ لَوْ رَخَّمْتَ قاصّاً ـ اسمَ رجل ـ على قولِكَ يا حَارِ لقلتَ :

__________________

ينظر بمؤخّر العين. المقتضب : ١ / ٢٤٥ والخصائص : ٢ / ٤٣٨ والمنصف : ٣ / ٨٤ وأمالي الشجري : ١ / ٩٧ ومجمع البيان : ٦ / ١٤٠ وشرح المفصل : ١٠ / ١٥٤ واللسان : ٧ / ٣٤٩ و ١٨ / ١٩٣.

(١) الرَّجزُ لجندل بنِ المثنى الطَّهوي التَّميمي ونَسَبَهُ ابنُ جِنِّي في الخصائص للعجاج. الكتاب : ٢ / ٣٧٤ والمنصف : ٢ / ٤٩ والخصائص : ١ / ١٩٥ و ٣ / ١٦٤ و ٣٢٦.

(٢) من قوله تعالى من سورة الأَنعام : ٦ / ١٦٢ : (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).


يا قاصِ ، فَرَدَدْتَ عينَ الفِعْلِ إلِى الكَسْرِ لاَِ نَّهُ فاعلٌ ، وَأَصْلُهُ قَاصِصْ ، فَمِنْ هُنَا ضَعُفَتْ هذه القراءَةُ وإنْ كَانَ فِيها من الاعتذارِ والاعتلالِ ما قَدَّمنا ذِكْرَهُ (١).

الشرط والجزاء

من أدوات الشرط

١ ـ إنْ

قَرَأَ ابنُ مَسْعُود : (وَلاَ يُجْرِمَنَّكُم) ـ بَضَمّ الياءِ ـ (شَنَآنُ قَوْم إِنْ يَصُدّوكُمْ) (٢) بكسر الأَلف.

قالَ أَبو الفتح : في هذه القراءة ضعفٌ ، وذلك لاَِ نَّهُ جَزَمَ بِإِنْ وَلَمْ يأتِ لَهَا بجواب مَجْزُوم أَوْ بالفاءِ (٣) ، كَقَوْلِكَ : إِنْ تَزُرْنِي أَعطيكَ دِرْهَماً ، أَوْ فَلَكَ دِرْهَمٌ ، وَلَوْ قُلْتَ : إنْ تزُرْنِي أَعْطَيْتُكَ دِرْهَماً قَبُحَ (٤) لِمَا ذَكَرْنَا وَإنَّمَا بَابُهُ الشعر :

__________________

(١) المحتسب : ١ / ١٢٣ ـ ١٢٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٢ : (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآ نُ قَوْم أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ). قَرَأ أبو عمرو وابنُ كثير بكسر الهمزة ، وقرأ باقي السبعة بالفتح.

وَلَمْ أَجدْ فيما بينَ يَدَيَّ مِنْ مصادِر (يَصُدُّكُمْ) بالمضارع ، والموجود (صَدّوكُمْ) بالماضي ، وَصَرَّحَ أَبو حيَّانَ فقالَ : قرأَ أَبو عمرو وابنُ كثير : (إِنْ صَدُّوكُمْ) بِكَسْر الهمزةِ عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ ويؤيّدُ قراءَةَ ابنِ مَسعُود إنْ صَدُّوكُمْ ... انظر : الكشف عن وجوه القراءات السبع : ١ / ٤٠٥ ومجمع البيان : ٦ / ١٠ والبحرالمحيط : ٣ / ٤٢٢ وإِتحاف فضلاء البشر : ١١٩.

(٣) أَنْكَر ابن جرير والنحاس قراءة كسر (إِنْ) وقال ابنُ الأَنباري : فَمَنْ قَرَأَ بالكسرِ كانَتْ شرطيَّةً و (وَلاَ يُجْرِمَنَّكُم) سَدَّ مَسَدَّ الجوابِ. ينظر : البيان في غَريب إِعراب القرآن : ١ / ٢٨٣.

(٤) قالَ المُبَرّدَ : «أَمّا إنْ تَأْتِنِي أَتَيْتُكَ فَإنَّ بِعْضَهُمْ قَدْ يجيزهُ في غيرِ الشعرِ». وَيَرى ابنُ مالك


إنْ يَسْمَعُوا رِيبَةً طَارُوا بِهَا فَرَحاً

يوماً وَمَا سَمِعُوا مِنْ صالِح دَفَنُوا (١)

وَقَرَأَ أَبَان بن تَغْلِب : (خَطَايَانَا إِنْ كُنَّا) (٢) بالكسر.

قَالَ أَبُو الفتح : هَذَا كلام يعتادُهُ المستظهر المُدِلِّ بِمَا عِنْدَهُ ، يقولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ : أَنَا أَحْفَظُ عَلَيْكَ إنْ كُنْتَ وافياً ، وَلاَ يَضِيعُ لَكَ جَمِيلٌ عِنْدِي إنْ كُنْتَ شاكراً ، أَيْ : ابنِ هَذَا عَلَى هَذَا ، فَإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ ، أَنّي شاكرٌ وَاف فَلَنْ يضيعَ لَكَ عِنْدِي جَمِيلٌ ، أَيْ فَكَمَا تَعْلم أَنَّ هَذَا مَعْرُوفٌ مِنْ حَالِي فَثِقْ بِوَفَائِي وَزَكاءِ صَنِيعكَ عِنْدِي وَمِثْلُهُ بَيتُ الكِتَاب :

__________________

جوازَ ذَلِكَ في الاختيار ، قَالَ : والصحيحُ الحُكْمُ بِجَوازِهِ مطلقاً لِثبُوتِهِ فِي كلامِ أفصحِ الفُصَحَاءِ ، وكثرةِ صُدُورِهِ عن فُحُولِ الشُّعَرَاءِ. ثمّ استشهد :

١ ـ بالحديث الشريف : مَنْ يَقمْ لَيْلَةَ القدر غُفِرَ لَهُ.

٢ ـ وقول عائشة : إنَّ أَبَا بكر رَجُلٌ أَسيفٌ متَى يَقُمْ مَقَامَك رَق.

٣ ـ وذكر شواهد من الشعر.

وقال الرضيُّ الأسترآباذي : «وَمِثله قليلٌ لم يأتِ في الكتاب العزيز وقال بعضُهُم : لا يجيء إِلاَّ في ضَرُورَةِ الشِّعرِ» وقال المَالِقِي عن (إنْ) : قَدْ تَدْخُلُ عَلَى مضارع وماض فتعملُ في الأوْلِ لاَِ نَّهُ مضارعٌ ولا تعملُ فِي الثاني لاَِ نَّهُ مبنيٌّ وَذَلِكَ أَيضاً قليلٌ. وَقَالَ ابنُ هِشَام ولا يجوزُ (إنْ يَقُمْ زَيْدٌ قَامَ عمروٌ) فِي الأصَحِّ إلاّ في الشعرِ. إذ لا يكون في النثر فعل الشرط مضارعاً والجوابُ ماضياً. المقتضب : ٢ / ٧١ وشَوَاهِد التَّوضِيح والتَّصحيح : ١٤ ـ ١٦ وشرح الكافية : ٢ / ٢٣٢ ورصف المباني : ١٠٥ والمغني : ٢ / ٦٩٢.

(١) البيت لقعنب بنِ أُمِّ صاحب واسمُهُ ضمرة أَحدُ بني عبد الله بن غطفان. ويروى (سبة) مكان : (ريبة) ويُروَى : (مني) و (عني) مكان : (يوما).

انظر : ديوان الحماسة : ٢ / ١٨٧ والمحتسب : ١ / ٢٠٦ وشواهد التوضيح والتصحيح : ١٦ والمغني : ٢ / ٢٩٢ وشرح الأشموني : ٤ / ١٧.

(٢) من قوله تعالى من سورة الشعراء : ٢٦ / ٥١ : (إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ).


أَتَغْضَبُ إنْ أُذْ نَا قُتَيْبَةَ حُزَّتَا

جهَاراً وَلَمْ تَغْضَبْ لِقَتْلِ ابنِ خَازِمِ (١)

فَشَرَطَ بِذَلِكَ وَقَدْ كَانَ وَقَعَ قَبَلَ ذَلِكَ. وَمِثْلُهُ ما أَنْشَدَنَاهُ أَبُو علي :

فَإِنْ تَقْتُلُونَا يَومَ حَرَّةِ وَاقِم

فَلَسْنَا عَلَى الإسلاَمِ أَوْلَ مَنْ قُتِلْ (٢)

وَقَدْ كَانَ القتلُ من قبلُ وقع وعلم وجاءَ به الطائي الكبير فقال :

وَمَكَارماً عُتُقَ النِّجَار تليدةً

إِنْ كَانَ هَضْبُ عِمَايَتينِ تَلَيدَا (٣)

أَيْ : فَكَمَا أَنَّ هضب عمايتين تليدٌ لا محالةَ فكذلكَ هذهِ المَكَارِمُ تَلِيدةٌ (٤).

وَقَرَأَ الحَسَنُ وَعمرو بن عُبيد وَمُوسى الأَسَوَارِي : (وَإنْ يُسْتَعْتَبُوا ـ بِضَمّ الياء ـ فَمَا هُمْ مِنَ المُعْتِبِيِنَ) (٥) بكسر التاء.

قَالَ أَبُو الفَتْحِ : أَيْ : لَوْ استَعْتَبُوا لَمَا اعْتَبُوا ، كَقَولِكَ لَوْ اسْتُعْطِفُوا لَمَا

__________________

(١) يروى (ليوم) مكان (لقتل). يفتخر الفرزدق على قيس لاَِنَّ تميماً قتلتْ قُتَيبَةَ بنَ مسلم الباهلي ، وباهلةُ من قيس وقتلتْ عبدَ الله بنَ خَازِم السُّلَمِي أَمير خُرَاسانَ من قِبَلِ ابنِ الزُّبير وسُلَيم من قيس. ففخر الفرزدق عليهم وزَعَمَ أنَّ قيساً غَضِبَتْ لقتلِ قتيبةَ ولم تغضبْ لقتلِ ابنِ خازم. انظر : الديوان : ٨٥٥ والكتاب : ٤٧٩ والمغني : ١ / ٢٦ و ٣٥ و ٣٦ والخزانة : ٤ / ٢٠.

(٢) الحرة : أَرضٌ بظاهر المدينةِ تحتَ واقم ولذا تعرف بحرة واقم وبها كانت وقعة الحرة أيام يزيد بن معاوية في ذي الحجة سنة ثلاث وستين من الهجرة.

تاج العروس ـ طبعة الكويت ـ : ١٠ / ٥٨٠.

(٣) البيت من قصيدة لأبي تمام يمدح فيها خالد بن يزيد الشيباني.

الديوان : ٨١ ومجمع البيان : ٩ / ١٥٢.

(٤) المحتسب : ٢ / ١٢٧ ـ ١٢٨.

(٥) من قوله تعالى من سورة فصلت : ٤١ / ٢٤ : (فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ).


عَطَفُوا ، لأ نَّهُ لا غَنَاءَ عِنْدَهُمْ ، ولا خيرَ فيهم ، فيجيبوا إِلى جميلِ أو يُدعوا إلَى حَسَن.

وإذَا جَازَ للشاعرِ أنْ يَقُولَ :

لَهَا حَافِرٌ مِثْلُ قَعْبِ الوَلِيدِ

تَتَّخِذُ الفَأرُ فِيهِ مَغَارَا (١)

ومعناه لو اتخذتْ فِيهِ مَغَارا لَوسعها ، جاز أَيْضاً أَنْ يُقَالَ : (وَإِنْ يُسْتَعْتَبُوا) لاِنَّ الشرط لَيْسَ بصريح إِيجاب ، وَلاَ بُدَّ فِيهِ مِنْ مَعْنَى الشَّكِّ ، وتتّخذُ الَفأْرُ فِيهِ لفظُ التَّصْرِيحِ بِهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ وَلاَ يَقَعُ.

فَهَذَا طَرِيقُ قَوْلِهِ تَعَالَى : (وَإنْ يُسْتَعْتَبُوا فَمَا هُمْ مِنَ المُعْتِبِينَ) لاَِنَّ لَفْظَ الشَّكِّ ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ استعتابٌ لَهُمْ أَصْلاً أَلاَ تَرَى إلَى قَوْلِهِ فِي الآيةِ الأُخْرَى : (فَاليَومَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (٢)؟ (٣) وَقَرَأَ أَهْلُ مَكّةَ ـ فيما حكاهُ أَبو جعفر الرؤاسي ـ : (إنْ تَأْتِهِمُ) (٤) بَكَسِرِ الألِف من غيرِ ياء.

قَالَ أَبُو الفَتْحِ : هَذَا عَلَى استئنافِ شرط ، لاَِ نَّهُ وَقَفَ عَلَى قَوْلِهِ : (هَلْ ينظرونَ إِلاَّ الساعةَ) ثُمَّ قَالَ : (إنْ تَأْتِهِم بَغْتَةً فَقَدُ جَاءَ أَشْرَاطُهَا) فَأَجَابَ الشرط بقولهِ : (فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا).

فَإنْ قُلْتَ : فَإنَّ الشَّرْطَ لا بُدَّ فِيهِ مِنَ الشَّكِّ ، وَهَذَا مَوْضِعٌ محذوفٌ عنهُ

__________________

(١) البيت لِعَوف بِن عطية بن الخرع من بني تيم من عبد مناة.

انظر : الكامل للمبرد : ٣ / ١١١.

(٢) سورة الجاثية : ٤٥ / ٣٥.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦.

(٤) من قوله تعالى من سورة محمّد (صلى الله عليه وآله) : ٤٧ / ١٨ : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءِ أَشْرَاطُهَا).


الشَّكُّ البتةَ. أَلاَ تَرَى إلى قَوْلِهِ تَعَالَى : (إنَّ السَّاعَةَ لاَتِيَةٌ لاَ ريبَ فِيها) (١) وَغَيرِ ذَلِكَ مِنَ الآي القَاطِعَة بإتيانِهَا؟ قِيلَ : لفظ الشَّكِّ مِنَ اللهِ (سبحانَه) ، وَمَعْنَاهُ مِنّا ، أَيْ : إنْ شَكّوا في مجيئها بغتة فَقَدْ جَاءَ أشراطُها ، أَيْ : أَعلامُها ، فهلا توقعوها وَتَأَهبوا لوقوعها معَ دواعيالعلمِ بذلكَ لَهُمْ إلى حالِ وقوعِهِا.

فَنَظِيرهُ مِمَّا اللفظُ فِيهِ مِنْ اللهِ تعالى ، وَمَعْنَاهُ مِنَّا ، قُوْلُهُ تَعَالى : (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِاْئَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ) (٢) أيْ : يَزِيدُونَ عِنْدَكُمْ أَنْتُم ، لاَِ نَّكُم لَوْ رأَيْتُم جَمْعَهُم لَقُلْتُمْ أَنْتُمْ : هؤلاءِ مَئةُ أَلْف أَوْ يَزيِدُونَ (٣).

روى الحُلْوَانِيُّ عَنْ أَبي مَعْمَر عَنْ عَبِد الوارثِ عَنْ أَبِي عمرو : (وَيُخْرِجُ أَضْغَانَكُمْ) (٤) مَرْفُوعةَ الجيم.

قالَ أَبو الفتح : هو من القطع تقديره : (إنْ يَسْأَ لْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا) تَمَّ الكلام هنا ثمَّ استأنف فقال : وهو (يُخْرِجُ أَضْغَانَكُمْ) على كلّ حال ، أي : هذا مِمَّا يصحُّ فيه ، فاحذرُوهُ أَنْ يَتُمَّ منهُ عليكُم ، فهو راجعٌ بالمعنى إلى معنى الجزم.

وهذا كقولك : إذا زرتني فأنا مِمَّنْ يُحْسِنُ إِليكَ ، أي : فحريٌّ بي أَنْ أُحسِنَ إليكَ. وَلَوْ جاءَ بالفعلِ مُصَارِحاً بهِ فَقَالَ : إِذَا زُرْتَنِي أَحسنْتُ إِلَيْكَ لَمْ يَكُنْ فِي لَفظْهِ ذكر عَادَتِهِ الَّتِي يستعملها من الإحسانِ إلى زائره. وَجَازَ أَيْضاً أَنْ يُظَنَّ بِهِ

__________________

(١) سورة غافر : ٤٠ / ٥٩.

(٢) سورة الصافات : ٣٧ / ١٤٧. تنظر : ص : ٤٢٢. والمحتسب : ٢ / ٢٢٧.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٧٠ ـ ٢٧١.

(٤) من قوله تعالى من سورة محمّد (صلى الله عليه وآله) : ٤٧ / ٣٧ : (إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ).


عَجْزٌ عَنْهُ ، أَو وُنِيٌّ وَفتورٌ دونَهُ. فَإذَا ذكر أَنَّ ذَلِكَ عَادَتُهُ ، وَمَظَنَةٌ مِنهُ كَانَتِ النفسُ إلَى وقوعهِ أسكنَ وبِهِ أَوثَقَ (١).

٢ ـ لوْ وحركتها

قَرَأَ يَحيى : (وَلَوُ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ) (٢) بضمّ الواو.

قَالَ أَبو الفتح : الضمُّ في هذِه الواو قليلٌ ، وَإنَّمَا بَابُهَا الكَسْرُ كقراءةِ الجماعةِ غَير أَنَّ مَنْ ضَمَّهَا شَبَّهَهَا ـ لسكونِها وانفتاح ما قبلهَا ـ بواوِ الجمعِ ، كقولِ اللهِ تَعَالى : (اشْتَرَوُا الضلالةَ) (٣) كَمَا شَبَّهَ بعضُهُم واوَ الجمعِ هَذِهِ بِها فَقَرأ : (اشْتَرَوِا الضَّلاَلَةَ) (٤). (٥)

٣ ـ أَينَ

قَرَأَ : (أَيْنَ) بهمزة بعدَها ياءٌ ساكنةٌ ، والنونُ مَفْتُوحةٌ (ذُكِرْتُمْ) (٦) مضمومة الذَّالِ خفيفة الكافِ الأعمش وأَبُو جعفر يزيد.

قال أَبو الفتح : معناهُ : أَيْنَ حَلَلْتُم ، وكنتم ، وَوُجِدْتُم ، فذكرتم ، فاكتفى

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٧٣ ـ ٢٧٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة المؤمنون : ٢٣ / ٧١ : (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّموَاتُ وَالاَْرْضُ وَمَن فِيهِنَّ).

(٣) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٦ : (أُوْلَئِك الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ).

(٤) تنظر : ص : ١٠٨ و ١٠٩. والمحتسب : ١ / ٥٤.

(٥) المحتسب : ٢ / ٩٧.

(٦) من قوله تعالى من سورة يس : ٣٦ / ١٩ : (قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ).


بالمسبب الَّذي هو الذكر من السبب الَّذي هو الوجود ، وَأَينَ هُنَا شرطُ وجوابِها محذوفٌ (١) لدلالة (طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ) عليهِ فَكَأَ نّهُ قَالَ : أَيْنَ ذُكِرْتُمْ ، أَوْ أَينَ وُجِدْتُم وُجِدَ شُؤْمُكُم مَعَكَمْ.

وَهَذَا كَقَوْلِكَ سَيْفُكَ مَعَكَ أَيْنَ حَلَلْتَ ، وجودُكَ مَعَكَ مَتَى سُئِلْتَ كُنْتَ جواداً ، وكقولك : أَنتَ ظالمٌ إنْ فَعَلْتَ ، أيْ : إنْ فَعَلْتَ ظَلَمت.

وَلاَ يَجوزُ الوقُوفُ فِي هَاتَينِ القَرِاءَتينِ عَلَى (مَعَكُمْ) لاتصالِ (أَنْ) (٢) و (أَيْنَ) بِهَا (٣).

٤ ـ إذَا والعامل فيها

حَوْلَ قولهِ تَعَالى : (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ) (٤).

قَالَ أَبو الفتح : العَامِلُ فِي (إذَا) مَحْذُوفٌ لِدلالةِ المَكَانِ عَلَيهِ كَأَ نَّهُ قَالَ : إذَا وَقَعَتِ الواقعةُ كَذَلِكَ فَازَ المؤمنونَ وَخَابَ الكافِرُونَ ، وَنَحو ذَلِكَ ويجوز أَنْ

__________________

(١) قال الأخفش : (طائركم مَعَكم أَيْنَ ذُكِرتُم) أَيْ : إن ذُكِرْتُمْ فَمَعَكُم طَائِرُكُمْ. وَقَالَ الفَرَاءُ : طائِرُكُم مَعَكُمْ حَيْثُمَا كُنْتُم. وَقَالَ أَبو حيَان : حذف الجزاء للدلالة عليهِ وتقديره أَيِن ذُكِرْتُم صحبكم طائركم وَيَدُلُّ عَلَيهِ قَوْلُهُ طائِرُكُم مَعَكُم وَمَنْ جَوَّزَ تقديمَ الجزاءِ عَلَى الشرطِ وَهم الكوفيون وأبو زيدِ والمُبرِّد يجوز أن يكون الجواب طائركم معكم ، وكان أصله أَين ذُكِرتُم فطائركُم مَعَكُم فلما قُدِّمَ حْذِفَتِ الفاءُ. معاني القرآن للأَخفش : ١٦١ / أومعاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٧٤ والبحر المحيط : ٧ / ٣٢٨.

(٢) قرأ أبو سلمة يوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أَبي سلمى الماجشون المدني : (أَنْ ذُكِّرْتُم) بهمزة واحدة مفتوحة مقصورة ولا ياءَ بَعدَهَا. المحتسب : ٢ / ٢٠٥ والبحر المحيط : ٧ / ٣٢٨.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦.

(٤) سورة الواقعة : ٥٦ / ١.


تَكُونَ (إذَا) الثانيةَ وهْيَ قولُهُ : (إِذَا رُجَّتِ الاَْرْضُ رَجّاً) (١) خبراً عَنْ (إذا) الأُولى ، وَنَظِيرُهُ إذَا تزورُنِي إذاً يقومُ زيدٌ ، أَيْ : وقتُ زيارتِك إيَّاي وَقْتَ قيامِ زيد.

وَجَازَ لـ (إِذا) أَنْ تُفَارِقَ الظَّرْفِيةَ ، وَترتفع بالابتداء (٢) كما جازَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ بحرفِ الجرِّ عَنِ الظَّرفيةِ (٣) ، كَقَوْلِهِ :

حَتَّى إذا أَلقتْ يَدا في كافر

وَأَجَنَّ عَوراتِ الثُغور ظَلاَمُهَا (٤)

وَقَالَ سبحانَهُ : (حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْك) (٥) وإذا مجرورةٌ عِندَ أَبِي الحَسَنِ (٦) ، وَذَلِكَ يخرجها من الظرفية كَمَا تَرى (٧).

الفاءُ الرابطة لجوابِ الشَّرْطِ

قَرَأَ ابنُ عبَّاس وزيد بنُ أَسْلَم وَقَتَادَة وزيدٌ بن علي : (ألاَ مَنْ تَوَلَّى) (٨)

__________________

(١) سورة الواقعة : ٥٦ / ٤.

(٢) يرى جمهور النحاةِ أَنَّ (إِذَا) لا تَخرُجُ عن الظرفية. انظر : المغني : ١ / ٩٤ وهمع الهوامع : ١ / ٢٢٦.

(٣) أي : بدخول حرف الجرّ عليها. وسَبق لأَبي الفتح أَنْ قَالَ : «وتلك عادةُ سيبويه إذَا أراد تجريدَ الظرفِ مِن معنى الظرفيّة فَإنَّهُ يمثله بالإضافَةِ إليه ، وذلك مِمّا يُنافي تقدير حرف الجرِّ مَعَه». تنظر : ص : ٢٨٤. والكتاب : ١ / ٨٩ والمحتسب : ٢ / ٢٩٥ ـ ٢٩٦.

(٤) ضمير أَلقت يعود على الشمس ، والكافر الليل ، يريد أن يقول حتَّى إذا غَرُبَتِ الشمسُ واظلمَّ الليلُ والبيت للبيد. انظر : شرح المعلّقات السبع : ٩١.

(٥) سورة يونس : ١٠ / ٢٢.

(٦) انظر : المغني : ١ / ٩٤.

(٧) المحتسب : ٤ / ٣٠٧ ـ ٣٠٨.

(٨) من قوله تعالى من سورة الغاشية : ٨٨ / ٢٣ ـ ٢٤ : (إِلاَّ مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذَابَ الاَْكْبَرَ).


بالتخفيف.

قَالَ أَبو الفتح : (أَلاَ) افتتاحُ كلام ، و (مَنْ) هُنَا شرطٌ ، وَجَوابُهُ (فَيُعَذِّبُهُ اللهُ) كقولِكَ : مَنْ قَامَ فيضربُهُ زَيدٌ. وَكَذلِكَ الآية ، أَيْ : مَنْ يَتَولَّ وَيَكفر فَهُوَ يُعذّبهُ اللهُ ، لاَ بُدَّ مِن تَقْديرِ المُبتدأِ هُنَا ، وَذَلِكَ أَنَّ الفَاءَ إنَّما يُؤْتَى بِهَا فِي جوابِ الجَزَاءِ بَدَلاً مِنْ الفِعْلِ الَّذىِ يُجَابُ بِهِ ، فَإذَا رَأَيْتَ الفَاءَ مَعَ الفِعْلِ الَّذي يَصْلُحُ أَنْ يكونَ جواباً للجزاءِ فَلا بُدَّ مِنْ تَقْدير مُبتدأ محذوف (١) هُنَاكَ لاَِ نَّهُ لَو أُريدَ الجوابُ عَلَى الظَّاهِر لَكانَ هُنَاكَ فِعْلٌ يَصلُحُ لَهُ ، فَكَانَ يُقالُ : أَلاَ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ يُعَذّبُهُ اللهُ ، كَقَوْلِكَ : مَنْ يَقُمْ أُعْطِهِ دِرْهَمَا. وَلَوْ دخلتِ الفَاءُ لَقُلْتَ : مَنْ يقمْ فَأُعطيهِ دِرْهَماً ، فَهُوَ كقولِ الله سبحانه : (وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) (٢) أَيْ : فَهْوَ يَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ (٣).

قَرَأَ عِيسى الثَّقَفِي : (الزَّانِيَةَ وَالزَّانِي ـ بِالنَّصْبِ ـ فَاجلِدُوا كُلَّ وَاحِد مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَة) (٤).

قَالَ أَبو الفتح : جَازَ دُخُولُ الفاءِ فِي هَذَا الوَجهِ لاَِ نَّهُ موضعُ أَمر ، ولا يجوزُ زيداً فضربتُه ، لاَِ نَّهُ خبرٌ. وساغتِ الفَاءُ مَعَ الأمْرِ لِمُضَارَعَتِهِ

__________________

(١) قال سيبويه : إنْ تَأَتِني فَأُكْرمُكَ ، أَيْ فَأَ نَا أَكْرِمُكَ فَلاَ بُدَّ مِنْ رَفْع أُكْرِمُكَ إِذَا سَكَتَ عَلَيهِ لاَِ نَّهُ جوابٌ ، وَأَنمَا اَرْتَفَعَ لاَِ نَّهُ مَبْني عَلَى مبتدأ. وَمْثِلُ ذَلِكَ قَولْهُ عَزَّوَجَلَّ : (وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام). الكتاب : ١ / ٤٣٧.

(٢) سورة المائدة : ٥ / ٩٥.

(٣) المحتسب : ٢ / ٣٥٧.

(٤) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٢ : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِد مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَة وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ).


الشرط (١) أَلاَ تَرَاهُ دَالاًّ عَلَى الشَّرْطِ وَلِذَلِكَ انْجَزَمَ جوابُهُ فِي قَوْلِكَ : زُرْنِي أَزُرْكَ لاِنَّ مَعْنَاهُ : زُرْنِي ، فَأَ نَّكَ إنْ تَزُرْنِي أَزُرْكَ ، فَلَمَّا آلَ مَعْنَاهُ إلى الشَّرطِ جَازَ دُخُولُ الفاءِ فِي الفِعْلِ المُفَسّر لِلْمُضْمَرِ ، فَعَلَيهِ تَقُولُ : بزيد فَامْرُرْ وَعَلَى جعفر فانْزِلْ (٢).

وَقَرَأَ الحَسَنُ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنُوا فَصَلُّوا عَلَيهِ) (٣).

قَالَ أَبو الفتح : دُخولُ الفاءِ إنَّمَا هُوَ لِمَا ضُمّنَه الحَدِيثُ مِنْ مَعْنَى الشرطِ وَذَلِك أَنَّهُ إِنَّما وَجَبَتْ عَلَيهِ الصلاةُ مِنَّا لاَِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ قَدْ صَلَّى عَلَيْهِ ، فَجَرَى ذَلِك مجرى قولِهم : قَدْ أَعطيتُك فَخُذْ أَيْ : إنَّمَا وَجَبَ عَليك الأخذُ مِنْ أَجْلِ العطيةِ. وَإذَا قَالَ أعطيتُك خُذْ فَالوقوفُ عَلَى أعطيتكَ ، ثُمَّ استأنَفَ الأمرَ لَهُ بالأَخْذِ فَهُوَ أَعْلَى مَعْنَى وأَقْوَمُ قيلاً.

وَذَلِك أَنّهُ إِذَا عَلّلَ الأخذ فَجَعَلَهُ وَاجِباً عَنْ العَطِيةِ فَجَائزٌ أَنْ يُعَارِضَهُ المَأَمور بالأَخذِ ، بِأَنْ يَقُولَ : قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الأخْذَ لاَ يَجِبُ بِعَطِيتِكَ ، فَإِنْ كَانَ أَخْذِي لغير ذَلِكَ فعلتُ. وهو إذْ ارتجَلَ قَولَه : خُذْ لَمْ يُسْرِعِ المعارضةَ لَهُ فِي أَمْرهِ إيَّاهُ ، لاستبهامِ مَعْنَى موجبِ الأَخْذِ ، كَمَا قَدْ تَقعُ المُعَارَضةُ إذَا ذَكَرَ العِلَّةَ فِي ذَلِكَ.

فَإِنْ قُلْتَ : فَقَدْ يجوزُ أنْ يُعارِضَ أَمَرَهُ بالأخذِ مرسلاً ، كَمَا قَدْ يُعَارِضُهُ

__________________

(١) قال المُبَرِّدُ : إنَمَا وَجَبَ الجلدُ للزنى فَهَذَا مجازاةٌ ومن ثمَّ جَازَ : الَّذي يأتيني فَلُه دِرْهَمٌ فدخلتِ الفاءُ لاَِ نَّهُ استحقَّ الدّرْهَمَ بالإتيانِ. الكامل : ٢ / ٢٦٥.

(٢) المحتسب : ٢ / ١٠٠.

(٣) من قوله تعالى من سورة الأحزاب : ٣٣ / ٥٦ : (إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).


مُعَلَّلاً.

أَلاَ تَرَاهُ قَدْ يَقولُ لَهُ : اذكْر لِي علَة الأخذِ لاَِرَى فيه رأيي فتوقّفَ عَنِ الأَخْذِ إِلى أَنْ يَعْرِفَ عَلَّةَ الأَمْرِ لَهُ بِذَلِكَ؟ قيل : على كلِّ حال الأمرُ المحتومُ بِهِ على حالاتِهِ أثبتَ في النفسِ من المعلّل بما يجوز أَن يعارض. وَإِذَا رَاجَعْتَ نَظَرَكَ وَأَعْمَلْتَ فِكرَتَكَ وَجْدَتَ الحالَ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ ، فَلِذَلِكَ كَانَ قولُهُ تَعَالَى : (صَلَّوا عَلَيهِ) أَقْوَى مَعْنَى (١).

وَقَرَأَ طلحة بن سليمان : (أَيْنَـمَـا تَكُونُواْ يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ) (٢) برفع الكافين قَالَ ابن مَجَاهِد : وهَذَا مردودٌ فِي العربيةِ.

قَالَ أَبو الفتحِ : هُوَ لعَمري ضَعيفٌ فِي العربية وبَابُهُ الشِّعْرُ والضَّرُورَةُ إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ بمردود لاَِ نَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْهُم وَلَوْ قَالَ مَردودٌ في القرآن لَكَانَ أَصْحَ معنى ، وذلك أَنَّهُ عَلَى حذف الفاءِ كَأَ نَّهُ قَالَ : فيدركُكُمُ المَوتُ. وَمِثْلُهُ بيتُ الكتابِ :

مَنْ يفعلِ الحسناتِ اللهُ يَشْكُرُهَا

والشَّرُّ بالشَّرِّ عِنْدَ اللهِ مثلانِ (٣)

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١٨٣.

(٢) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ٧٨ : (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوج مُّشَيَّدَة).

(٣) البيت لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت وينسب لحسان بن ثابت وليس في ديوان حسان. ويروي الأَصمعي أَنَّ صَدْرَ البيتِ :

مَنْ يفعلِ الخيرَ فالرّحمنُ يَشْكُرُهُ

 ......

وأنَّ الروايَةَ الأخرَى صَنَعَهَا النحاةُ. انظر : الكتاب : ٤٣٥ ونوادر أَبي زيد : ٣١ والخصائص : ٢ / ٢٨١ والمنصف : ٣ / ١١٨ وأمالي الشّجَري : ١ / ٨٤ و ٢٩٠ و ٣٧١ وشرح المفصل : ٩ / ٢ ـ ٣ والخزانة : ٣ / ٦٤٤ و ٦٥٥ و ٤ / ٥٤٧ والمغني : ١ / ٥٦ و ١٦٥.

(٤) تقدَّمَ الشاهد في : ص : ١٤٣ على رواية : بَني ثُعَل .. إلخ.


أيْ : فاللهُ يَشْكُرُهَا. ومثله بيتُهُ أَيضاً :

بَنُو ثُعَل لاَ تَنْكَعُوا العَنْزَ شِربِهَا

بَني ثُعَل مَنْ يَنْكَع العَنْزَ ظالمُ (١)

فَكَأَ نَّهُ قَالَ : فَهْوَ ظَالمٌ فَحَذَفَ الفاءَ والمبتدأَ جَمِيعاً إِلاَّ أَنَّهُ لَـمَـا تَرَكَ هناكَ اسمَ الفاعلِ فَهْوَ لِشَبهه بِالفِعلِ كَأَ نَّهُ هُوَ الفِعْلُ ، فيصيرُ إِلى أَنَّهُ كَأَ نَّهُ قَالَ : مَنْ يَنْكَعِ العنزَ يَظْلِمُ ، وَشَبَهُ الفِعْلِ فِي هَذِهِ اللُّغَةِ أَفْشَى مِنْ الشَّمْسِ حَتَّى أَنَّهُم

استجازُوا لِذَلِكَ أَنْ يُولُوهُ نُونَ التَّوكِيدِ الُمخْتَّصة بالفعلِ فَقَالُوا :

أَريتَ إنْ جِئتُ بِهِ أُملودا

مُرَجَلاً وَيَلْبَسُ البُرُودا

أَقَائِلُـنَّ أَحْضِـرِي الشُّهُـودَا (٢)

فَكَأَ نَّهُ قَالَ : أَيقولُنَّ والنظائرُ فيهِ كثيرةٌ جِدًّا (٣).

جواب الطلب

قَرَأَ العَلاءُ بنُ سَيَّابة : (يَرْتَعِ) (٤) بالياءِ وَكَسْرِ العَينِ ، (وَيَلْعبُ) رَفْعاً وَقَرأَ : (يُرْتِعْ وَيَلْعَبْ) أَبُو رَجَاء.

قَالَ أَبُو الفَتْحِ : أَمَّا (يَرْتَع) فجزم لاَِ نَّهُ جوابُ (أَرْسِلْهُ) (٥) ، وَ (وَيَلْعبُ)

__________________

(١) من قصَّة هذا الرَّجَز أنّ رَجُلاً من العربِ أتَى أَمَةً لهُ فلمَّا حَبَلَتْ جَحَدَهَا وَزَعَمَ أنّه لم يقربها فقالت هذا الرجز. ويروى (جاءت) مكان (جئت) و (احضروا) و (اعجلي) مكان (احضري) وينسب هذا الرجز إلى رؤبة كما ينسب إلى رجل من هذيل. الخصائص : ١ / ١٣٦ والتمام : ٤٢ والخزانة ـ بولاق ـ ٤ / ٥٧٤.

(٢) المحتسب : ١ / ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٣) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ١٢ : (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).

(٤) وحذفت الياء من الفعل (يَرْتَعي) علامة للجزم ، فصار : (يَرْتَع).


مرفوْعٌ لاَِ نَّهُ جَعَلَهُ استئنافاً ، أَيْ : هُوَ مِمَّنْ يَلْعَبُ كقولِكَ : زُرنِي أَحْسِنُ إلَيْكَ ، أَيْ : أَنَا مِمَّنْ يُحْسِنُ إليكَ إِلاَّ أنَّ الرفعَ فِي (أُحْسِنُ) هُنَا يُضْعِفُ الضَّـمَـان ، أَلاَ تَرَى أَنَّ مَعْنَاهُ : أَنَا كَذَلِكَ وَلَيْسَ فيهِ قُوَّةُ مَعْنَى الإحسان إليه مَعَ الجزمِ؟ وَأَمَّا (يُرْتِعْ وَيَلْعَبْ) فَمَجْزُومَانِ لاَِ نَّهُمَا جَوَابانِ : أَحَدُهُمَا مَعْطُوفٌ عَلَى صَاحِبِهِ ، وَهُوَ عَلَى حَذفِ المَفْعُولِ ، أَيْ : يُرتِعْ مَطيتَهُ فحذَفَ المَفْعُولَ (١).

وقرأَ الحَسنُ وابنُ مُحَيْصِن : (وَأَذِنَ فِي الناسِ) (٢) ، بالتَّخفيف.

قَالَ أَبو الفتح : (أَذِنَ) معطوفٌ عَلَى (بَوَّأَ نَا) فَكَأَ نَّهُ قَالَ : (وَإِذْ بَوَّأْ نَا لاِِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ) ، وأَذِن ، فَأمَّا قَوْلُهُ عَلَى هَذَا : (يَأْتُوكَ رِجَالاً) فَإنَّهُ انْجَزَمَ لاَِ نَّهُ جوابُ قَولِهِ : (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ) ، وَهُوَ عَلَى قِرَاءَةِ الجَمَاعةِ جَوابُ قَوْلِهِ : (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ) (٣).

رَفع الفعلِ المضارع

إسكان المرفوع تخفيفاً

قَرَأَ : (وَيَذَرْكَ) (٤) بِإسْكَانِ الرَّاءِ الأَشْهَبُ.

__________________

(١) تنظر : ص : ٢٥٥. والمحتسب : ١ / ٣٣٣ و ٣٦٣ و ٢ / ١١ و ٨٩ و ١٢٩ و ٣٥٦.

(٢) من قوله تعالى من سورة الحج : ٢٢ / ٢٦ ـ ٢٧ : (وَإِذْ بَوَّأْ نَا لاِِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِك بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوك رِجَالاً وَعَلَى كُـلِّ ضَامِر يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجّ عَمِيق).

(٣) المحتسب : ٢ / ٧٨.

(٤) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ١٢٧ : (وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ).


قَالَ أَبُو الفتحِ : أَمَّا (وَيَذْركَ) بالإِسْكَانِ فَمِنْ يَذَرُكَ كَقِراءَةِ أَبِي عَمرو (إِنَّ اللهَ يَأمُرْكُمْ) (١).

وَحَكَى أَبُو زَيد : (رُسُلْنَا) (٢) بِاسكانِ اللاّمِ استثقالاً للضَّمَّةِ معَ توالي الحركاتِ وَلَمْ يُسْكِنْ أَبو عمرو (يَأَمُرُهُمْ) (٣). كَمَا أَسْكَنَ (يَأَمُرُكُمْ) وَذَلِك لِخَفاءِ الهاءِ وَخِفَّتِها فَجَاءَ الرَّفْعُ عَلَى وَاجِبِهِ وَلَيْسَتِ الكافُ فِي (يَأمُرْكُم) بخفية وَلاَ خفيفةَ خفّة الهاءِ ولا خفاءَهَا. فَثَقُلَ النُّطْقُ بِهَا فَحَذَفَ ضَمَّتَها (٤).

وَقَرَأَ الحَسَنُ وأبُو رَجاء وقَتَادة وَسَلاَّم وَيَعقوبُ وعبدُ اللهِ بنُ يزيدَ والأعمشُ والهمذاني : (وَيَذَرْهُمْ) (٥) بالياءِ وَجزمِ الراءِ.

قَالَ أبو الفتح : قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ إِسكانِ المرفوعِ تخفيفاً (٦) ، وَعَليهِ قراءة من قرأ أَيْضاً : (وَمَا يُشْعِرْكُمْ) (٧) بِإسْكَانِ الرَّاءِ وَكَأَنَّ (يشعْركُمْ) أَعذر من (يَذَرْهُم)

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ٥٨ : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ).

(٢) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٨٠ : (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُـنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) وسكون اللاّم رواية أَبي زيد. المحتسب : ١ / ١٩٩.

(٣) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ١٥٧ : (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُـمْ عَـنِ الْمُنكَرِ).

(٤) انظر : المحتسب : ١ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧.

(٥) من قوله تعالى من سورة الانعام : ٦ / ١١٠ : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّة وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ).

(٦) اُنظر : المحتسب : ١ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧.

(٧) من قوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ١٠٩ : (قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ) ، والقِرَاءَةُ المُشَارُ إلَيهَا هِيَ قِرَاءَةُ أَبِي عمرو. إتحاف فضلاءِ البشر : ١٢٩.


لاَِنَّ فيه خروجاً من كسرِ إِلى ضَمّ ، وهو في (يَذَرْهُم) خُرُوجٌ مِنْ فَتْح إلَى ضَمّ (١).

وَقَرَأَ مَسْلَمة بنُ مُحارب : (وَإِذْ يَعِدْكُمُ اللهُ) (٢) بإسكان الدَّالِ.

قَالَ أَبُو الفتح : أَسْكَنَ ذَلِكَ لِتَوَالِي الحَرَكَاتِ وَثِقلِ الضمّة (٣).

قَالَ حَمَّاد بن شُعَيب : قُلْتُ لِلأَعْمَش : (يَعِدُهُم وَيُمَنِّيهم وَمَا يعدُهُم) (٤) فَقَالَ : أَيعدُهُم؟ إنَّمَا هُوَ : (يَعِدْهُم وَيُمَنّيهم وَمَا يَعِدْهُم) ، ساكنة.

قالَ أَبو الفتح : قَدْ تَقَدَّمَ القولُ عَلَى نحوِ هَذَا ممَّا أُسْكِنَ فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ تخفيفاً لِثقلِ الضَّمَّةِ. قَالَ أَبُو زيد فِيما حَكَاهُ عَنْهُم : (بَلَى وَرُسُلْنا لَدَيْهِم يَكتُبُونَ) (٥) بِسكُونِ اللاّمِ تخفيفاً عَلى هَذَا (٦).

وَقَرَأَ مَسْلَمَة : (فَسَيُحْشُرْهُم) (٧) (فَيُعَذّبْهُمُ) (٨) ساكنة الرَّاءِ والباءِ.

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٢٢٧.

(٢) من قوله تعالى من سورة الأنفال : ٨ / ٧ : (وَإِذْ يَعِدُ كُـمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ).

(٣) المحتسب : ١ / ٢٧٣.

(٤) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٢٠ : (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُـمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً).

(٥) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٨٠ : (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُـنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ).

(٦) المحتسب : ١ / ١٩٩.

(٧) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٧٢ : (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إلَيْهِ جَمِيْعاً).

(٨) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٧٣ : (وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً).


قَالَ أَبُو الفَتحِ : قَدْ سَبَقَ نحو هذا وأَ نَّهُ إنَّمَا يُسَكَّنُ استثقالاً للضَّمَّةِ ، نَعَمْ وربما كَانَ العمَلُ خَلْساً فَظُنَّ سُكُوناً وَقَدْ سَبَقَتْ شَوَاهِدُ السُّكُونِ بِمَا فِيهِ (١).

قد التَّحقِيقِيَّة

قَرَأَ حُذيفَةُ : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَقَدِ انْشَقَّ القَمَرُ) (٢).

قَالَ أَبُو الفتحِ : هَذَا يَجْرِي مجرى المُوافقة عَلَى إسقاطِ العُذرِ ورَفعِ التَّشَاك ، أيْ : قَدْ كَانَ انشقاقُ القَمَرِ مُتَوَقَّعاً دلالةً عَلَى قُرْبِ السَّاعَةِ فَإذَا كَانَ قَدْ انْشَقَّ ـ وانْشِقَاقُهُ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَأَحَدِ أَدِلَّة قُربِهَا ـ فَقَدْ تَوَكَّدَ الأمرُ فِي قربِ وُقُوعِهَا وَذَلِكَ أَنَّ (قَدْ) إنَّمَا هِيَ جوابُ وقوعِ أَمر كانَ متوقّعاً.

يقولُ القائلُ : انظر أَقَامَ زَيدٌ وَهَلْ قَامَ زَيدٌ؟ وَأَرجُو أَلاَّ يَتَأَخَّر زَيَدٌ فَيَقُولُ الُمجيبُ : قَدْ قَامَ. أَيْ : قَدْ وَقَعَ مَا كَانَ مُتَوَقَّعاً (٣).

نونا التوكيد

١ ـ الثقيلة

قَرَأَ لاحق بن حُمَيد : (فَلاَ يَنْزِعَنَّك) (٤) قَالَ أَبُو الفَتح : ظَاهِرُ هَذَا فَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ عن دِينِكَ إلى أَدْيَانِهِم ، فَيَكُونُ بصورةِ المَنْزُوعِ عَنْ شَيء إلَى غيره.

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٢٠٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة القمر : ٥٤ / ١ : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ).

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٩٧.

(٤) من قوله تعالى من سورة الحج : ٢٢ / ٦٧ : (لِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي الاَْمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيم).


وَمِنْهُ قَولُ اللهِ : (وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّك الَّذِينَ لاَ يُوْقِنُونَ) (١) ونحوه قول يونس (٢) في قولِ اللهِ تَعَالى : (ثُمّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلَّ شِيعَة أَيَّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عُتِيا) (٣) أَلاَ تَرَاه كَيفَ ذَهَبَ إلى تعليقِ ينزع في هَذَا الموضعِ؟ وَلَوْ كَانَ بمنزلةِ نَزَعَ الرَّجُلُ الرِّجْلَ مِنَ الخُفِّ أَو المِسْـمَـارَ مِنَ الجِذْعِ ونحوه ، لَمَا جَازَ تعليقُهُ.

قَالَ أَبُو عَلِيّ : فَإنَّمَا هُوَ إذاً كقولك لَـنُـمَيِّزَنَّهُمْ بالاعتقادِ والعِلْمِ فَنَخُّصُّهُمْ باسْتْحِقَاقِ الذَّمِّ بِمَا يَجِبُ اعتقادُهُ فِي مِثْلِهِم.

هَذَا مَحْصُولُ ما كَانَ يقولُهُ أَبُو عَلِيّ وَإنْ لَمْ يَحضرنِي الآنَ صورةُ لفظِهِ.

فَكَذَلِكَ إذاً قولُهُ : (لِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يَنَزِعَنَّكَ فِي الاَْمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيم). أَيْ : فَاثْبُت عَلَى دينك ولا يمل بكَ هواكَ إلى اعتقاد دينِ غيركَ.

وَأَما قراءة العامّة : (فَلاَ يُنَازِعُنَّك فِي الاَْمْرِ) أي : فاثبت على يقينكَ في صحَّةِ دينكَ ولا تلتفت إِلى فسادِ أَقوالِهِم حَتَّى إِذَا رأَوك كَذَلِكَ أَمْسَكُوا عَنْكَ وَلَمْ يُنَازِعُوكَ ، فَلفَظُ النَّهي لَهُم وَمَعناهُ لَهُ صلّى الله عليه وآله. ومثله قولهم : لا أَرينَّكَ هَاهُنّا.

أَلاَ تَرَى أَنَّ مَعْنَاهُ : لاَ تَكُنْ هُنَا فَأَراكَ؟ فالنَّهيُّ فِي اللّفْظِ لِنَفْسِهِ ، وَمَحْصُولُ مَعْنَاهُ لِلْمُخَاطَبِ. وَمِثْلُهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ :

__________________

(١) سورة الروم : ٣٠ / ٦٠.

(٢) الكتاب : ١ / ٣٩٨.

(٣) سورة مريم : ١٩ / ٦٩ وتنظر : ص : ٥٣ و ٥٤. و (عُتِيّا) بضمّ العين قراءة غير الكسائي وحمزة والأعمش وحفص. كما في : إتحاف فضلاء البشر : ١٨١ وقرأ عبد الله بن مسعود (عَتِيّا) بفتح العين. انظر : ص : ٣٥٧. والمحتسب : ٢ / ٣٩.


لاَ أَعرِفا رَبْرَبا حُوراً مَدَامِعُهَا

كَأَنَّ أَبْكَارَها نِعَاجُ دَوَّار (١)

أي : لا تدنُ مِنّي كَذَلِكَ فاعرفها (٢).

وَقَرأَ علي بن أَبي طالب (كرّم الله وجهه وعليه السلام) وَمسلَمَة بن

مُحَارِب : (فَدَمِّرانِّهم تَدْمِيراً) (٣).

قال أَبو الفتح : أَلْحَقَ نُونَ التَّوكيدِ أَلِفَ التَّثْنِيةِ ، كَمَا تَقُولُ اضربانِّ زيداً ، وَلاَ تقتلانِّ جعفراً (٤).

وَقَرَأَ ابنُ عَبَّاس وأَبو سراج وابنُ أبي عمّار عبدُ الرَّحمن ـ ويُقالُ عمّار ابن أبي عمَّار ـ وأبو عمرو ـ بخلاف ـ وابن محيصن : (هَلْ أَنْتُمْ مُطْلِعُونَ فَأَطْلِعَ) (٥).

__________________

(١) روى لا أَعرفا وروى العجز :

 ......

كَأَ نَّهُنَّ نِعَاجٌ حَولَ دَوَّارِ

الرَّبرَب : قطيع بقر الوحش وأَبْكَارها : صغارها والدوَّار : ما استدار من الرَّمل. الديوان : ٤٢ والكتاب : ٢ / ١٥٠.

(٢) المحتسب : ٢ / ٨٥ ـ ٨٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة الفرقان : ٢٥ / ٣٦ : (فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآ يَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً). والقراءة التي ذكرها أبو الفتح بن جني مَنسُوبَةً إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لم أقف لها على سند لا صحيح ولا ضعيف ، وقد نسبها إليه عليه السلام أيضاً الطبرسي في مجمع البيان : ٧ / ٢٩٤ ووصفها بأنها من الشواذ ، ومثله في جوامع الجامع : ٢ / ٦٥٢. وكذلك فعل ابن حجر العسقلاني في فتح الباري : ٩ / ٢٨ ، وأبو حيان الأندلسي في البحر المحيط ـ تحقيق الدكتور التركي : ٦ / ٤٥٧ ويبدو أَنَّ الأصلَ في تلك النسبة هو المحتسب إذ لا أثر ولا عين لها عند أحد قبله ، بحدود تتبعي ، وربما أخذها من مصادر لم أطلع عليها.

(٤) المحتسب : ٢ / ١٢٢ ـ ١٢٣.

(٥) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ٥٤ ـ ٥٥ : (قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي


قَالَ أَبُو الفَتْحِ : قَالَ أَبُو حَاتِم : لاَ يجوزُ إِلاَّ فتح النون من (مُطّلِعُونَ) مُشَدَّدَةَ الطَّاءِ كانت أَو مخفّفة.

قَالَ : وقد شكلها بعضُ الجُهَّالِ بالحضرةِ مَكْسُورةَ النُّونِ.

قالَ : وهذَا خَطأٌ. لو كانَ كَذَلكَ لَكَانَ : مُطْلِعِيِّ ، تقلب واو مُطْلِعُونَ ياءً ، يَعني لوقوع ياءِ المتكلم بعدَهَا والأمرُ عَلَى ما ذهبَ إليهِ أَبو حاتِم إلاَّ أنْ يكونَ عَلَى لُغَة ضعيفة وَهْوَ أَنْ يَجْرِي اسمُ الفاعلِ مُجرى الفِعْلِ المضارعِ ، لقربهِ مِنْهُ ، فَيُجْرَى مُطْلِعُونَ مُجْرَى يُطْلِعُونَ. وَعَليهِ قَوُلُ بَعْضَهِم :

أَرَيْتَ إِنْ جِئْتُ بهِ أَمْلُودَا

مُرَجَلاً وَيَلْبَسُ البُرُودَا

أقائِلُـنَّ أَحْضِـرِي الشُّهُــودَا (١)

فَوَكَّدَ اسمَ الفاعِلِ بالنُّونِ وإنَّمَا بَابُهَا الفِعْل كَقَولِ اللهِ تعالى : (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) (٢) ، وقوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَق) (٣) ، وَنَحو ذَلِكَ. وَمِنْهُ قَولُ الآخر :

وَمَا أدْرِي وَظَنّي كُلُّ ظنّ

أَمُسْلِمُنِي إِلى قَومِي شَرَاحِي (٤)

يُريدُ : أَمسلميّ ، وهذا شاذ كما ترى ، فلا وجه للقياس عليه (٥).

__________________

سَوَاءِ الْجَحِيمِ).

(١) تقدّم الشاهد في : ص : ٥٤٠.

(٢) سورة التكاثر : ١٠٢ / ٦.

(٣) سورة الانشقاق : ٨٤ / ١٩.

(٤) البيت ليزيد بن محمّد الحارثي. وشراحي مرخم من شراحيل على غير نداء.

المقرب : ١ / ١٢٥ والبحر المحيط : ٧ / ٣٦١ والمغني : ٢ / ٣٤٥ والهمع : ١ / ٦٥ والدرر اللوامع : ١ / ٦٣ وحاشية يس : ١ / ٤٢.

(٥) المحتسب : ٢ / ٢١٩ ـ ٢٢٠.


٢ ـ الخفيفة

قَرَأَ الحَسَن : (أَلْقياً فِي جَهَنَّم) (١) بالنُّون الخفيفة.

قَالَ أَبو الفتح : هَذَا يُؤَكِّدُ قَوْلَ أصحابِنَا فِي (أَلْقِيَا) إِنَّهُ أَرَادَ (أَلْقِياً) وَأجرى الوصل فيه مُجْرَى الوقف (٢) كَقَوْلِهِ : يَا حَرَسْي (٣) أضربَا عُنُقَهُ (٤).

الخليل بن أَسد النوشجاني قَالَ : حَدَّثَنَا أَبو العَبَّاس العَرُوضِي قَالَ : سَمِعتُ أَبا جعفر المنصور يَقرأ : (أَلَمْ نَشْرَحَ لَك صَدْرَك) (٥) قَالَ ابنُ مجاهد : هذا غير جائز أَصلاً وَإنَّمَا ذَكَرُتُهُ لِتَعْرِفَهُ.

قَالَ أَبُو الفتح : ظَاهِرُ الأمرِ ومألوفُ الاستعمال ما ذَكَرهُ ابنُ مجاهد ، غيرَ أَنَّه قَدْ جاءَ مِثْلُ هَذَا سواء في الشعر.

قَرَأَتُ عَلَى أَبِي عَليّ في نوادرِ أَبي زيد :

مِن أَيِّ يَوْميَّ مِنَ المَوْتِ أَفِرْ

يَوْمَ لَمْ يُقْدَرَ أمْ يَوْمَ قُدِرْ (٦)

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة ق : ٥٠ / ٢٤ : (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّار عَنِيد).

(٢) وصف ابن الأنباري هذا الوجه بِأَ نَّه ضعيفٌ ، لاَِنَّ إِجراءَ الوصلِ مجرى الوقفِ ضعيف في القياس. البيان في غريب إعراب القرآن : ٢ / ٣٨٧.

(٣) كان الحجّاج يقولُ : يَا حَرَسِيُّ اضربَا عُنُقَهُ. مجمع البيان : ٢٦ / ١٠٩.

(٤) المحتسب : ٢ / ٢٨٤.

(٥) من قوله تعالى من سورة الشرح : ٩٤ / ١ : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ).

(٦) ينسب البيت إلى الإمام علي (عليه السلام) ويروى أَنَّهُ كانَ يقفُ يوَم صفّينَ بينَ الصفّينِ ويقولُ :

أَيَّ يَوْميَّ مِنَ المَوْتِ أَفِرْ

يَومَ لاَ يُقدرُ أَوْ يوَم قُدِرْ

يومَ لاَ يُقْدَرُ لاَ أَرْهَبُهُ

وَمِنَ المَقْدُورِ لاَ يُنْجِي الحَذَرْ


قِيلَ : أَرَادَ : لَمْ يُقْدَرَا بالنُّون الخفيفة وَحَذَفَهَا.

وَهَذَا عِنْدَنَا غير جَائِزٌ وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ النُّونُ للتَّوكِيدِ والتَّوْكِيدُ أَشْبَهُ شيء بهِ الإِسهابُ والإِطْنَابُ لا الإِيجاز والاختصار لكن فيه قولٌ ذُو مَنْعَة وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي كتابي الموسومِ بِسرّ الصِّنَاعَة (١).

وفي نوادرِ أَبي زيد أَيضاً بيت آخر ويقال : إنّه مصنوع ، وهو قوله :

إِضْرِبَ عَنْكَ الهُمُومَ طَارِقَهَا

ضَرْبَكَ بِالسيفِ قَوْنَسَ الفَرَسِ

فَقَالُوا : أَرَادَ اضرباً بالنُّون الخفيفة ، وَحَذَفَهَا (٢).

حركة المعتل الآخر

قَرَأَ الحسن : (أَوْ يَعْفُوْ الَّذي) (٣) ساكنة الواو.

__________________

كما ينسب إلى الحارث بن المنذر الجَرمي. ويروى (في أي يومي) مكان (من أي يومي). انظر : النوادر : ١٣ والعقد الفريد : ١ / ١٠٥ والخصائص : ٣ / ٩٤ والمغني : ١ / ٢٧٧ والأشموني : ٤ / ٨ ومعجم شواهد العربية : ٢ / ٤٦٨.

(١) قال الزَّمخشري ـ وقد عزا هذه القراءة إلى أَبي جعفر المنصور ـ : «لعلّه بَيّنَ الحاءَ وأَشبعها في مخرجها فظنَّ السامعُ أَنَّهُ فَتَحَهَا» وَيقولُ أَبُو حَيَّانَ : وَلِهذِهِ القراءة تخريجٌ أَحْسَنُ من هذا كلّهِ وهو أَنَّهُ لغةٌ لبعضِ العربِ ، حكاها اللحياني في نوادره وهي الجزم بلن والنصب بلم عكسَ المعروف عند الناس. وقالت نهى حازم الحلي : «والذي أراه أنَّ لم حرف جزم وليست ناصبةً والذي قرأ بفتح الحاء ضغطَ على الحاء بعض الشيء فجاءت حركته مناسبة لحركة الرَّاء قبله وحركة اللاّم بعده فظنَّ السَّامِعُ أنَّهُ نصبَ بلم خصوصاً وأنَّ أبا جعفر المنصور لم يُحسبْ من القرَّاء وقد تنبَّه إلى هذا النسق الصوتي العبقري اللغوي أبو الفتح عثمان بن جنِّي المعروف بعبقريته الوقَّادة ولا أعرف أحداً سبقه إلى هذه اللفتة». المحتسب : ٢ / ٣٦٦ والخصائص : ٣ / ٩٥ وسر صناعة الإعراب : ١ / ٨٥ و ٨٦ والكشاف : ٢ / ٥٥١ والبحر المحيط : ٨ / ٤٨٨ وأثر اللهجات العربية في الدراسات النحوية والقراءات القرآنية : ٣١٥.

(٢) المحتسب : ٢ / ٣٦٦.

(٣) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٣٧ : (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ


قَالَ أَبو الفتح : سكُون الواو مِنَ المضارعِ فِي موضعِ النَّصْبِ قَليلٌ وَسَكونُ الياءِ فِيهِ أَكْثرُ. وَأَصْلُ السكونِ في هَذَا إنَّمَا هُوَ لِلألِفِ لاَِ نَّهَا لاَ تُحرَّك أَبداً ، وذلكَ كقولكَ : أُريدُ أَنْ تَحْيَا وَأَحِبُّ أَنْ تَسْعَى ، ثُمَّ شُبِّهَتِ اليَاءُ بالألِفِ لِقُرْبِهَا ، فَجَاءَ عَنْهُم مُجِيئاً كَالمُسْتَمِر ، نَحوَ قولِهِ :

كَأَنَّ أَيْدِيِهِنَّ بالموماةِ

أيْدِي جوار بِتْنَ نَاعِمَاتِ (١)

وَقَالَ الآخرِ :

كَأَنَّ أَيدِيِهِنَّ بالقاعِ القَرِقْ

أيْدِي جَوار يَتَعَاطَيْنَ الوَرِقْ (٢)

وقَالَ الأعشى :

إذَا كَانَ هَادِي الفَتَى في البلادِ

صَدْرُ القَنَاةِ أَطَاعَ الأمِيرا (٣)

فِيمَنْ رَواهُ بِرَفْعِ الصدر. وَقَالَ الآخر :

حُدْبا حَدَابير مِنَ الْوَخْشَنِّ

تَرَكْنَ رَاعِيهِنَّ مِثْلَ الشِّنِّ (٤)

__________________

فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَافَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ).

(١) شَبَّهَ إخفَافَ الإبلِ وقد تخضّبتَ بالدماء بأيدي الجواري التي زينها الخضاب.

انظر : مجمع البيان : ٢ / ٢٥٨.

(٢) الرجز لرؤبة : والضمير في (أيديـهن) يعود للإبل والقرق : الأملس والمكان المستوي والورق : الدراهم.

الديوان : ١٧٩ والخصائص : ١ / ٣٠٦ وأمالي الشجري : ١ / ١٠٥ واللسان : ١٢ / ١٩٧.

(٣) صدر القناة أعلى العصا التي يمسك بها الأعمى والأمير يريد به هنا الذي يأمره بالسير والوقوف ويقوده.

انظر : الديوان : ٦٩.

(٤) يصف نوقاً بأ نّها نحيفة قد انحفت ظهورها من الهزال. والحدابير : جمع حدبار ، أو حدبير


وَقَال الآخر :

يَا دَارَ هند عفتْ إلاّ أَثافِيَها

 ...... (١)

وَقَالَ رؤبَة :

سَوَّى مَسَاحِيهِنَّ تقطيطَ الحُقَقْ

تَفْليلُ مَا قارعْنَ من سُمْرِ الطُّرَقْ (٢)

وَكَان أَبو العَبَّاسِ يَذْهب إلى أنّ إِسْكَانَ هَذِهِ الياءِ فِي موضعِ النَّصْبِ مِنْ أَحْسَنِ الضَّرُورِاتِ (٣) وَذَلِكَ لاَِنَّ الألِفَ سَاكِنَةُ فِي الأَحَوالِ كُلِّهَا ، فَكَذَلِكَ

__________________

وهي من النوق الضامرة التي ذهب لحمها وسنامُها من الهزال. والوخشن : رذالة الناس وغيرهم للواحد والجمع والمذكر والمؤنث.

لسان العرب : ٨ / ٢٦٥ وتاج العروس ـ ط ـ الكويت : ١٠ / ٥٦٤.

(١) صدر بيت للحطيئة وعجزه :

 ......

بَيْنَ الطَّوىْ فَصَارات فَوَادِيهَا

عَفَتْ : دَرَسَتْ ، والأثافي : جمع أُثفية وهي الحجارة تنصب عليها القدر.

والطَّويُّ : البئرُ المطويَّةُ بالحجارة. (فصارات) من وضع الجمع مكان المفرد يريد (اصارة) وهو جبل بين تيماء ووادي القرى ، والصَّارة أيضاً : رأس الجبل. انظر : الكتاب : ٢ / ٥٥ والخصائص : ١ / ٣٠٧ والمنصف : ٢ / ١٨٥ وأمالي الشَّجَري : ٢ / ٢٩٦ وشرح المفصل : ١٠ / ١٠٠ و ١٠٢.

(٢) الرجز لرؤبة. استعيرتِ المساحي هنا لحوافرِ الحمير التي يعود الضمير عليها. أي : سوى مساحيهن تكسير ما قارعت من الطرق جمع طرقة وهي حجارة بعضها فوق بعض. ويروى (سم) مكان (سمر). الديوان : ١٠٦ والمنصف : ٢ / ١١٤ واللسان : ٩ / ٢٥٦ و ١٩ / ٩٣.

(٣) وأجازه أَبو حاتم السجستاني في الاختيار وقال : إنَّهُ لغةٌ فصيحةٌ وَقَالَ في حاشية الصَّبْانِي على شرح الأشموني : والأصح جوازه في السَّعَةِ بدليلِ قراءةِ جعفر الصادق (عليه السلام) : (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْالِيكُمْ) المائدة : ٥ / ٨٩ بسكون الياء. انظر : همع


جعلت هذه ، ثُمَّ شُبَّهتِ الواو في ذلك بالياء فَقَالَ الأخْطَلُ :

إذَا شِئْتَ أَنْ تَلْهُو ببعضِ حَدِيثِهَا

رَفَعْنَ وَأَنْزَلْنَ القَطِينَ المُوَلَّدَا (١)

وَقَالَ الآخر :

فَمَا سَوَّدَتْنِيَ عامِرٌ عَنْ وِراثة

أَبَى اللهُ أَنْ أَسْمُو بأُمّ وَلاَ أَبِ (٢)

فَعَلَى ذَلِكَ يَنْبغِي أَنْ نحمِلَ قراءةَ الحَسَنِ : (أَوْ يَعْفُوْ الّذِي) فَقَالَ ابنُ مجاهد : وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الوَقْفِ ، فَأَمَّا فِي الوَصْلِ فَلاَ يَكُونُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِيهِ. وَعَلَى كُلِّ حَال فالفتح أَعرَبُ : (أَوْ يَعْفُوَ الَّذي) (٣).

وَقَرأَ طَلْحَة بن سليمان : (فَأُوَارِيْ سَوْءَةَ أَخِي) (٤) بِسكون الياءِ فِي (أُوَارِيْ).

قَالَ أَبو الفتح : قَدْ سَبَق القولُ عَلَى سُكُونِ هَذِهِ الياءِ فِي موضعِ النَّصْبِ فِي نحوِ قَوْلِهِ :

كَأَنَّ أَيْدِيِهِنَّ بالموماةِ

أَيْدِي جوار بِتْنَ نَاعِمَاتِ (٥)

__________________

الهوامع : ١ / ٥٣ وحاشية الصباني على شرح الاشموني : ١ / ١٠١ وحاشية ياسين على شرح التصريح : ١ / ٩٠.

(١) يروى (نزلن) مكان (رفعن) ، والقطين : الخدم. الديوان : ٩١ والخصائص : ٢ / ٣٤٢ والمنصف : ٢ / ١١٥.

(٢) البيت لعامر بن الطفيل. شرح المفصل : ١٠ / ١٠٠ و ١٠١ والمغني : ٢ / ٦٧٧ وشرح الأَشموني : ١ / ٢٤٢ وخزانة الأدب ـ بولاق ـ ٣ / ٣٢٧.

(٣) المحتسب : ١ / ١٢٥ ـ ١٢٧.

(٤) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٣١ : (قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ).

(٥) تقدّم الشاهد في : ص : ٥٥٠.


وَقولُ أَبِي العَبَّاسِ : إنَّها مِنْ أَحْسَنِ الضَّرُوَراتِ (١).

روى أَيوبَ عَنْ يَحْيَى عن ابنِ عامر أَنه قَرأَ : (وَإنْ أَدْرِيَ لَعَلّهُ) (٢) (وَإنْ أَدْرِيَ أَقَرِيبٌ) (٣) بفتحِ الياءِ فِيهِمَا جميعاً.

قَالَ أَبُو الفَتْحِ : أَنْكَر ابنُ مُجاهد تحريكَ هاتين اليائينِ وظاهرُ الأمر لَعَمْرِي كَذَلِكَ لاَِ نَّهَا لام الفِعل بمنزلةِ ياءِ أَرمي وَأَقْضِي ، إِلاَّ أَنَّ تحريكَها بالفَتْحِ فِي هَذِينِ المَوْضِعَينِ لِشُبْهَة عَرَضَتْ هُناكَ وَلَيسَ خطأً ساذَجاً بَحْتاً.

وَذَلِكَ أَنَّكَ إذَا قُلْتَ : أَدْرِي فَلَكَ هُنَاكَ ضميرٌ وإنْ كَانَ فاعلاً فَأَشْبَهَ آخِرُهُ آخِرَ مَالكَ فِيهِ ضَميرٌ وَإن كَانَ مُضَافاً إليهِ ، كَقَولِكَ : غُلامِيَ ودارِيَ فلمَّا تَشَابَهَ الآخِرانِ بكونِهِمَا ياءَين وهناكَ أَيضاً للمتكلم ضميرانِ وَهُمَا المرفوع في (أدري) والمجرور في (داري) و (غُلاَمِي) أَشْبَهَ آخِرُ (أَدْرِي) ـ لِمَا ذَكَرْنَا ـ آخِر (دارِي) و (صاحِبي) ففتحتِ الياءُ فِي (أَدْرِي) كَمَا تُفْتَح فِي نحو (دَارِيَ) وَ (غُلامِيَ) (٤).

وَروَى يَحيى عَنِ ابن عامر : (أَدْرِيَ أَقَرِيبٌ) (٥) وَهَذَا لا يجوز.

قَالَ أَبو الفتح : طريقُ هَذَا أَنَّه أَشْبَهَ آخرَ فعلِ المتكلمِ بيائِهِ كقولِكَ : هَذَا

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٢٠٩.

(٢) من قوله تعالى من سورة الأنبياء : ٢١ / ١١١ : (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَـاعٌ إِلَى حِين).

(٣) من قوله تعالى من سورة الأنبياء : ٢١ / ١٠٩ : (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيـدٌ مَّـا تُوعَدُونَ).

(٤) المحتسب : ٢ / ٦٨.

(٥) من قوله تعالى من سورة الجن : ٧٢ / ٢٥ : (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً).


غُلامِيَ وَصَاحِبيَ ، وَأَ نَّسَهُ بِذَلِكَ أَنَّ لِلْمُتكَلِّم فِي (أَدْرِي) حُصَّةٌ ، وهي همزةُ المُضَارِعة ، كَمَا أَنَّ لَهُ حُصَّةً في اللَّفْظِ ، وَهي ياؤُهُ. وَعَلَى كُلِّ حَال فَهَذِهِ شُبْهَةُ السهو فيهِ ، لا علة الصحة له ، كما أَن ياءَ مصيبة أشبهتْ في اللفظ ياءَ صَحِيفَة حَتَّى قالوا : مصائِب سهواً كَما قَالوا صحائف (١).

وَقَرأَ طلحة بن سليمان : (أَنْ يُحْيِيْ المَوْتَى) (٢) ساكنة.

قال أبو الفتح : معنى قول ابن مجاهد : أَنَّهُ قَرَأَهُ عَلَى سكونِ الياءِ مِنْ (يُحْيِيْ) عَلَى لغةِ مَنْ قَالَ :

يا دارَ هند عفتْ إِلاَّ أثافيها

 ...... (٣)

فَأَسْكَنَ الياءَ من موضعِ النَّصب لاَ أَنَّ الياءَ فِي قولِهِ : (يُحيي المَوْتَى) ساكنة ، وَذلِكَ أَنَّه لا ياءَ هناكَ في اللَّفْظِ أَصلاً لا ساكنة ولا متحركة ، لاَِ نَّهَا قَدْ حُذِفَتْ لِسْكُونِها وسكونِ اللاّم في الموتى.

قَالَ أَبو العبَّاس : إِسكانْ هذهِ الياء في موضعِ النَّصْب مِنْ أَحْسَنِ الضَّرورَاتِ حتى أَنَّهُ لو جاءَ بِهِ جاء فِي النثرِ لَكَانَ جائزاً (٤). وشواهدُ ذَلِكَ في الشعر أَكَثر مِنْ أَنْ يؤتَى بِهَا.

وَمِمَّا جَاءَ في النثر قَوْلُهُم : لاَ أُكَلِّمُكَ حِيْرِي دَهر (٥) فَأَسْكَنَ الياء مِنْ

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٣٣٤.

(٢) من قوله تعالى من سورة القيامة : ٧٥ / ٤٠ : (أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِر عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى).

(٣) تقدَّمَ الشاهد في : ص : ٥٥١.

(٤) ينظر في : ص : ٥٥١.

(٥) تُنظر : ص : ٤٧٣.


(حِيرِي) وَهِيَ فِي موضعِ نَصْب.

وَفِيهِ عِنْدِي شيءٌ لَمْ يَذْكُرُه أَبو عَليّ وَلاَ غيرُهُ مِنْ أَصحابِنَا (١) وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَهُ (حِيرِيّ دَهْر) ، مَعْنَاهُ مُدَّةَ الدهرِ فَكَأَ نَّهُ مُدَّةَ تَحيرِ الدَّهْرِ وبقائِهِ ، فَلَمَّا حُذِفَتْ أُخرى اليائين بقيتْ الياءُ ساكنَةً كَمَا كانتْ قَبْلَ الحَذْفِ دلالةً عَلَى أنَّ هَذَا الَمحْذُوفَ مِنْ ذَلِكَ الَّذي لو لم يحذفْ لمَا كانَتْ يَاؤُه إِلاّ ساكنةً ، وَمِثْلُ ذَلِكَ عِنْدِي قولُ الهُذَلِي :

 ......

رُبْ هَيْضَل لَجِب لَفَفْتُ بِهَيْضَلِ (٢)

أَرَادَ رُبَّ فَحَذَف إحْدَى الياءين وَبَقَّى الثانيَةَ مجزومةً ، كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الحذفِ ، وإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ موجبٌ للحركةِ لالتقاءِ الساكنينِ ، ولولا ذلك لوجب تسكين باء رب كتسكين لام هَلْ وَبَلْ ، وَدَال قَدْ إذْ لا ساكنينِ هُنَاكَ فتجبُ الحَرَكةُ لاِلتقائِهما.

وَلِهَذَا نظائر كثيرة فِي المجيء باللفظ على حكم لفظ آخر لاَِ نَّهُ فِي مَعْنَاهُ وَإِنْ عَرِي هَذَا مِنْ مُوجِبِ اللَّفْظِ فِي ذَلِكَ (٣).

__________________

(١) نقل ذلك الزبيدي في تاج العروس ـ ط ـ الكويت ١١ / ١١٧.

(٢) عجز بيت لاَِبِي كبير الهُذَلِي وصدرُهُ :

أزهيرُ إنْ يَشِبِ القُذَالُ فَإِنَّنِي

 ......

ويريد بزهير زهيرة. ويروى (مرس) مكان (لجب) و (إِنَّه) مكان (إِنَّنِي) والهيضل : جماعة مُسلحة أمرُهم في الحرب واحدٌ. ديوان الهذليين : ٢ / ٨٨ وأمالي الشجري : ٢ / ٤ و ٣٠٢ وشرح المفصل : ٥ / ١١٩ و ٨ / ٣١ والمقرّب : ١ / ٢٠٠ والخزانة ـ بولاق ـ ٤ / ١٦٥ ورصف المباني : ٥٢ و ١٩٢.

(٣) المحتسب : ٢ / ٣٤٢ ـ ٣٤٤.


حذف اللاّم من (فَعَل) المعتل الآخر تخفيفاً

قَرَأَ الحَسَنُ فيَِما رَواهُ عَنْهُ قَتادَة : (تَعَالُوا) (١) بضمّ اللاّم.

قَالَ أَبو الفتح : وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَذَفَ اللاَّمَ مِنْ تَعَالَيْتَ استحساناً وَتَخْفِيفاً ، فَلَمَّا زَالَتِ اللاَّمُ مِنْ (تَعَالَى) ضُمَّت لامُ تَعَال لِوقُوُعِ واوِ الجمعِ بعدَهَا كقولِكَ تَقدَّمُوا وتأخَّرُوا ، ونظير ذلك في حذفِ اللاّم اسْتِخْفَافاً قولهم ، ما باليتُ بالةً وأَصلها باليَة كالعافية والعاقبة ثمَّ حُذِفَتِ اللاّمُ كَمَا تَرى ... وَلَو كانَتْ إنَّمَا حُذِفَتْ لاَمُ (تَعَالُوا) لالتقاءِ الساكِنَينَ كَمَا حُذِفَتْ لِذَلِكَ فِي قَوْلِكَ للجماعة آمِراً : تَرَامَوا وَتَغَازَوا لَبَقِيتْ العين مفتوحةً دلالةً على الألفِ المحذوفةِ ، وكنحو قولِكَ : اخشَوا واسعَوا إذَا أَمَرْتَ الجماعة.

وَنَظيرُ حَذْفِ اللاّمِ استحساناً فِي هَذِهِ القراءَةِ قراءَة الحسن أَيضاً : (إِلاَّ مَنْ هُوَ صالُ الجَحِيم) (٢).

حَدَّثَنا بِذَلِكَ أَبُو عَليّ ، وَذَهَبَ إلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَذفِ اللاَّمِ استخفَافاً وَإلَى أنَّه يَجوزُ أنْ يَكُونَ أرادَ إلاَّ مَنْ هُو صَالُونَ الجحيمَ فحذفَ النُّونَ للإضَافَةِ وحذفَ الواوَ التي هي علم الجمع لفظاً لالتقاءِ الساكنين ، واستعمَل لفظَ الجَمْعِ حَمْلاً عَلَى المَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ ، كَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى : (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) (٣) وَلَه نظائرُ ، إلاّ أنَّ الظَاهِرَ ما ذَهَب إِليهِ

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ٦١ : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنـكَ صُـدُوداً).

(٢) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ١٦٣ : (إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ).

(٣) سورة يونس : ١٠ / ٤٢.


أَبُو عَليّ (١).

المعتل الأَوّل

قَرَأَ عبد الله بن يزيد : (يَزِفُونَ) (٢) خَفِيفَة.

قَالَ أَبو الفتح : المسموع في هذا زَفَّ القُومَ يزِفُّونَ زَفِيفاً ، وَقَالُوا أَيْضاً : أَزَفُّوا يُزِفُّونَ كَمَا قَالُوا : زَفَفْتُ العَرْوسَ ، وَقَالُوا أَزْفَفْتُها أَيْضاً.

فَأَمَّا (يَزِفُونَ) بالتخفيف فَذَهَبَ قُطرب إِلى أَنَّهَا تخفيف يَزِفُّون ، كما قال الله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) (٣) أَيْ : اقْرَرْنَ. قَالَ الهُذَلِي :

وَزَفَّتِ الشولُ مِنْ بَرْدِ العَشِيِّ كَمَا

زَفَّ النَّعَامُ إِلَى خَفَّانِهِ الرُّوحُ (٤)

إلاَّ أَنَّ ظاهر يَزِفُون أَنْ يكونَ مِن وَزَفَ (٥) كَيَعِدُونَ مِنْ وَعَدَ وَيُؤَنِّس بِذَلِكَ قُربُهُ مِنْ لَفْظِ الوَفْز (٦) ، وَهُوَ أَحَدُ الأَوْفَازِ مِنْ قَوْلِهِم : أنا على أَوفاز. وَإِذا كَانَ كذلك فهو قريب من لفظ وَزَفَ ، أَيْ : أَسرَعَ وَقَرِيبٌ مِنْ مَعْنَاهُ.

وَلَمْ يُثبِتِ الكسائِي وَلاَ الفرَّاءُ (وَزَفَ) إِلاَّ أَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ ، مقتض لَهَا

__________________

(١) المحتسب : ١ / ١٩١.

(٢) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ٩٤ : (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ).

(٣) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٣٣.

(٤) البيت لأبي ذؤيب الهذلي. وزَفَّتْ : أَسرعتْ. والشُّولُ : الإبلُ التي خَفَّ لبنُها وأتى على نتاجها سبعةُ أشهر أوْ ثمانيةٌ. وخفانه : صغاره ، والروح : جمع روحاء وكلّ نعامة روحاء أي بها روح وهو انفتاح في الرجل يميل إلى الشقّ الوحشي. انظر : ديوان الهذليين : ١ / ١٠٦ واللسان : ٣ / ٢٩٤.

(٥) وَزَفَ : أَسرَعَ. مختار الصحاح : ٧١٩.

(٦) الوَفْزُ : العَجَلَةُ. مختار الصحاح : ٧٣٠.


عَلَى مَا مَضَى. وعلى أَنَّ أَحمد بن يحيى قد أَثْبَتَ وَزَفَ : إذا أَسرع وَشَاهِدُه عندَهُ هذه القراءة : (يَزِفُونَ) أَيْ يُسْرِعُونَ (١).

وَقَرأَ : (مَا وَدَعَك) (٢) ـ خفيفة ـ النبيُّ صلّى الله عليه وآله (٣) وعروةُ بنُ الزُّبير (٤).

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٢١ ـ ٢٢٢.

(٢) من قوله تعالى من سورة الضحى : ٩٣ / ٣ : (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى).

(٣) لم أقفْ على ما يُصَحِّحُ نسبة هذه القراءة الشاذَّة إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) ، بل لا يُعلَمُ أَصلُ تلكَ النِّسبة ، وإنْ تَرَدَّدَتْ في غير المحتسب ، كالصِّحاح للجوهري ـ ودع ـ والنِّهاية لابن الأثير : ٥ / ١٦٦ ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي تحقيق الدكتور التركي : ٢٢ / ٣٣٩ ، والعُباب للصاغاني ـ ودع ـ والبحر المحيط : ٨ / ٧٨٧ ، ولسان العرب : ٨ / ٣٨٤ ـ ودع ـ وتاج العروس : ٢٢ / ٣٠٤ إلاّ من جهة الرواية عن ابن عباس ، عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) أنَّه قرأ (ما وَدَعَكَ) مخفّفة. نقل ذلك رضي الدين الأسترآباذي في شرح الشافية لابن الحاجب : ٤ / ٥١ ، ولكن بلا سند إلى ابن عباس. وما لم تثبت القراءة بطريق صحيح مع شذوذها لا يمكن نسبتها إلى النبي صلّى الله عليه وآله وإنْ جازت في اللغة فما كل ما يجوز في اللغة يُقرأُ به فالقراءة سنة كما يقول سيبويه ، وقال ابن خالويه : القراءة سنة يأخذها آخر عن أول ولا تُحمَل على قياس العربية. ينظر في : كتاب سيبويه طبعة بولاق : ١ / ٧٤ ، وإعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم : ٢٤ و ٤٢ و ٥٢ ، والقراءات القرآنية بين المستشرقين والنحاة : ٤١ ، وقال أبو عمرو بن العلاء : ولولا أنْ ليس لِي أنْ أقرأ إلاّ بما قُرِئَ لَقَرَأْتُ كَذا كذا وكذا كذا. غاية النهاية : ١ / ٣٩٠ ، والقراءات القرآنية بين المستشرقين والنحاة : ٤٩.

(٤) نسبت هذه القراءة إلى بعض الصحابة والتابعين وغيرهم ، كأنس بن مالك ، وعمر بن الخطاب ، وعروة بن الزبير وابنه هشام ومقاتل وأبي حيوة وإبي البَرَهْسَم عِمران بن عثمان ، وهو في تاج العروس طبعة بنغازي محرفاً أبو إبراهيم ، وأبي بحرية عبد الله بن قيس ، ويحيى بن يعمر ، وابن أبي عبلة ، وأبي حاتِم عن يعقوب ، وأبي العالية رفيع بن


قال أَبو الفتح : هَذِهِ قليلةُ الاستعَمالِ. قَال سيبويه : استغنوا عن وَذَرَ وَودَعَ بقولِهِم : تَرَكَ (١) ، وَعَلى أَنَّهَا قَدْ جاءَتْ فِي شِعْرِ أَبِي الأسودِ ، قَالَ وأنشدناه أبو علي :

لَيْتَ شِعْرِي عَنْ خَلِيلي مَا الَّذي

غَالَهُ فِي الحُبّ حَتَّى وَدَعَهْ (٢)

إلاّ أَنَّهُمْ قَدْ استعملوا مضارِعَه فَقَالُوا : يَدَعَ ، وَيُروى بيتُ الفرزدق :

وَعَضُّ زَمان يا بنَ مَروانَ لَمْ يَدَعُ

مِنَ المالِ إلاّ مُسْحَتاً أَوْ مَجَلَّفُ (٣)

عَلَى ثلاثةِ أَضرب :

١ ـ لَمْ يَدَعْ.

٢ ـ وَلَم يَدِعْ ـ بكسر الدال ، وفتح الياء ـ.

٣ ـ ولم يُدَعْ ، بِضَمِّ الياءِ.

__________________

مهران الرياحي ، ومجاهد بن جبر ، ويزيد النحوي ، ولا أعرف بين القراء من عرف بيزيد النحوي. ينظر : زاد المسير : ٨ / ٢٦٨ ، والمجموع في شرح المهذب للنووي تحقيق محمد نجيب المطيعي : ١٥ / ٣ ـ كتاب الوديعة ـ ، وشرح الشافية لابن الحاجب. رضي الدين الأسترآباذي : ٥١ / ٤ ، وفتح الباري لابن حجر العسقلاني تحقيق عبد القادر رشيد الحمد : ٨ / ٥٩٤ ، والطبعة الأولى الميمونية : ٨ / ٥٤٦ ، ولسان العرب : ٨ / ٣٨٤ ـ ودع ـ ، وشرح شواهد الشافية للبغدادي على شرح الشافية : ٤ / ٥١ ، وتاج العروس : ٢٢ / ٣٠٥.

(١) عبارة سيبويه : «كما انَّ يَدَعُ ويَذَرُ على ودعت ووذرت وإِنْ لم يُستَعمَلْ». الكتاب : ٢ / ٢٥٦.

(٢) البيتُ لاَِبي الأسود. وروى الأزهري عن ابن أخي الأصمعي عن عَمِّهِ أنشدَهُ لاَِنس بنِ زنيم الليثي :

لَيْتَ شِعري عن أميري مَا الَّذِي

غَالَهُ في الحُبّ حتى وَدَعَه

ديوان أبي الأسود : ٣٦ ومجمع البيان : ٣٠ / ١٦٣ واللسان : ١٠ / ٢٦٣.

(٣) تقدَّم الشاهد في : ص : ١٥٣.


فأما يَدَعْ ـ بفتح الياء والدَّالِ ـ فهو المشهورُ ، وإعرابُهُ أَنَّهُ لَـمَّـا قَالَ : لَمْ يَدَعْ مِنَ المَالِ إلاّ مسحتاً دَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ بَقِي ، فَأضْمَرَ ما يَدُلُّ عَلَيهِ القَولُ (١). فَكَأَ نَّهُ قَالَ : وَبَقِي مُجَلَّفٌ.

وَأَمَّا يَدِعْ ـ بفتح الياء وكسر الدَّالِ ـ فهو من الاتِّدَّاع ، كَقَولِكَ : قَدْ استراحَ وَوَدِع وهو وَادِع من تَعَبِهِ.

فالمسحت ـ على هذه الرواية ـ مرفوع بفعله ، ومجلف معطوفٌ عليه ، وهذا ما لا نظر فيه لوضوحه.

وأما يُدَعْ ـ بِضمّ الياءِ ـ فَقِياسُهُ يُودَع ، كقولِ اللهِ تعالى : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) (٢) ومثله يُوضَع ، والحديدُ يُوقَع ، أي : يُطْرَقُ مِنْ قَوْلِهِم : وَقَعْتُ الحَديدةَ ، أَيْ : طَرَقْـتُهَا.

قَالُوا : إِلاَّ أَنَّ هَذَا الحرفَ كَأَ نَّهُ ـ لِكَثْرَةِ استْعَمالِهِ ـ جَاءَ شَاذًّا (٣) فَحُذِفَتْ واوهُ تخفيفاً فَقِيلَ : لَمْ يُدَعْ أَيْ : لَمْ يُتْرَكْ ، وَالمُسْحَتُ والُمجَلَّفُ جميعاً مرفوعانِ (٤) أَيضاً ، كَمَا يَجِبُ (٥).

__________________

(١) رأي أبي الفتح هذا نقله عنه البغدادي في الخزانة : ٥ / ١٤٧.

(٢) سورة الإخلاص : ١١٢ / ٣.

(٣) لا أدري كيف تكون كثرة الاستعمال شذوذاً. ربما قصد ـ لقلّة استعماله ـ.

(٤) قد كثر الحديث حول إعرابِ بيتِ الفرزدق هذا حتَّى قال الزَّمخشري هذا البيت لا تزال الرُّكَبُ تَصْطَكُّ في تسويةِ إِعرابِهِ. ويرى ابنُ قتيبةَ أَنَّهُ أَتعبَ أَهلَ الإعرابِ في طلب الحيلة. ويكفي أن نعلم أَنّ عبد الله بن أبي إسحاقَ سألَ الفرزدقَ : بمَ رفعتَ : أَو مجلف؟ فقال : بما يسؤك وينوؤك ، علينا أَنْ نَقولَ وعليكُم أَنْ تتأوّلوا ، ثمّ هجاهُ وللعلماء عدّة توجيهات فيه. اُنظر : تلك الآراء في خزانة الأدب : ٥ / ١٤٦.

(٥) المحتسب : ٢ / ٣٦٤ ـ ٣٦٥.


سكون الياء المكسور ما قبلها

قَرَأَ الحَسَنُ : (اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيْ مِنَ الرِّبَا) (١) بكسرِ القافِ وسكونِ الياءِ.

قَالَ أَبُو الفتح : قَدْ سَبَقَ ما فِي سكونِ هذِه الياءِ المكسور ما قبلها في موضع النَّصبِ والفتح بشواهدِهِ (٢) ، ومنه قول جرير :

هُوَ الخليفةُ فارضَوْا ما رَضِي لَكُمُ

مَاضِي العزيمةِ مَا فِي حُكَمِهِ جَنَفُ (٣)

وَقَرَأَ الأعمش : (فَنَسِيْ وَلَمْ) (٤) لا ينصبُ الياء.

قَالَ أَبو الفتح : قَدْ قَدَّمْنَا القولَ عَلَى سكونِ هذِهِ الياءِ (٥) في موضعِ النَّصْبِ والفتح وَأَ نَّهُ عِنْدَ أَبِي العبَّاسِ مِنْ أَحسنِ الضرورات (٦) حَتَّى أَنَّهُ لو جاءَ بِهِ جَاء بالنثرِ لكانَ قياساً (٧).

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٧٨ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَو آْ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ).

(٢) تُنظر ، ص : ٥٥٤. والمحتسب : ١ / ١٢٥ ـ ١٢٦.

(٣) ويروى البيت هكذا :

هو الخليفة فارضوا ما قضى لكم

بالحقّ يصدَعُ مَا في قَولِهِ جَنَفُ

ديوان جرير : ٣٩٠ والبحر المحيط : ٢ / ٣٣٧ ، والمحتسب : ١ / ١٤١.

(٤) من قوله تعالى من سورة طه : ٢٠ / ١١٥ : (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً).

(٥) تُنظر ، ص : ٥٥٤. والمحتسب : ١ / ١٢٦.

(٦) تُنظر ، ص : ٥٥٤.

(٧) المحتسب : ٢ / ٦٠.



الباب الثاني عشر

القَسَمُ ، الاستفهام ، بعض الحروف



القَسَمُ

قَرَأَ الحَسَن والثَّقفي : (فَلاَءُ قْسِمُ) (١) بغيرِ أَلِف.

قَالَ أبو الفتح : هَذَا فعلُ الحَالِ ، وَهُنَاك مبتدأٌ مَحْذُوفٌ ، أَيْ : لاََ نَا أُقْسِمُ فَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي القرآنِ من الأقْسَامِ إنَّمَا هُوَ عَلَى حاضرِ الحالِ ، لا وعد الأقسام ، كَقَولِهِ سبحانه : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) (٢) (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) (٣) وَكَذَلِكَ حُمِلَتْ (لاَ) عَلَى الزيادَةِ فِي قَوْلِهِ : (فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) (٤) وَنَحْوَهِ. نَعَمْ لَوْ أُريدَ الفعلُ المستقبلُ لَلِزِمَتْ فِيهِ النونُ ، فَقيلَ : لاَُقْسِمَنَّ ، وَحَذْفُ هَذِهِ النون هُنَا ضعيفٌ جِدًّا (٥).

وَقَرأ الحَسَن : (لاَُقْسِمُ) (٦) بغير ألف.

قَالَ أَبو الفتح : يِنْبَغِي أنْ تكونَ هَذِهِ اللاّمُ لامَ الابتداءِ ، أيْ : لاََ نَا أُقْسِمُ بيومِ القيامةِ ، وحذفُ المبتدأ لِلْعِلْمِ بِهِ عَلَى غِرَّةِ حَالِ الحَذْفِ والتَّوكيدِ. فَهَذَا هو الذي يَنبِغِي أَنْ تُحَمَلَ عَلَيهِ هَذِهِ القراءَة ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَرادَ النَّونَ

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة الواقعة : ٥٦ / ٧٥ : (فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ).

(٢) سورة التين : ٩٥ / ١.

(٣) سورة الشمس : ٩١ / ١.

(٤) سورة الواقعة : ٥٦ / ٧٥.

(٥) المحتسب : ٢ / ٣٠٩.

(٦) من قوله تعالى من سورة القيامة : ٧٥ / ١ : (لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ).


للتَّوكِيدِ لاَِنَّ تِلْكَ تختصُّ بالمُسْتَقْبَلِ لاَِنَّ الغَرَضَ إنَّمَا هُوَ الآن مُقْسِم لاَ أَنَّهُ سَيُقْسمُ فِيَما بَعْدُ ، وَلِذَلِكَ حَمَلُوهُ عَلَى زيادَةِ (لاَ) وقالوا معناه : أقسم بيوم القيامة أَيْ : أَنَا مَقْسِمٌ الآن ، وَلاَِنَّ حذفَ النُّونِ هُنَا ضَعيفٌ خبيثٌ (١).

الاستفهام

حذف همزة الاستفهام

قَرَأَ أَبو جعفر : (آسْتَغْفَرْتَ) (٢) بِالمَدِّ وَرُويَ عَنْهُ : (استَغْفَرتَ) بالوصلِ.

قَالَ أَبو الفتح : هَاتَانِ القِرَاءَتانِ كِلْتَاهُمَا مَضْعُوفَتَانِ.

أَمَّا (آسْتَغْفَرَتَ) بالمدّ فَلاَِ نَّهُ أَثْبَتَ هَمْزَةَ الوصلِ ، وَقَدْ استغني عنها بهمزة الاستفهام من قبلها ، وليس كذلك طريق العربية ، ألا تَرَى إلَى قولِ ذِي الرُّمَة :

أسْتَحْدَثَ الرَّكْبُ عَنْ أَشْيَاعِهِم خَبَراً

أَمْ عَاوَدَ القَلْبَ مِنْ أَطْرَابِهِ طَرَبُ؟ (٣)

وَأَمّا (اسْتَغْفَرْتَ) بالوصل ففي الطَّرف الآخر منَ الضَّعْفِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ حَذَفَ همزَة الاستفهام وهو يريدها (٤). وَهَذَا مِمَّا يَخْتَصُّ بالتجوُّز فيهِ الشِّعْرُ

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٣٤١.

(٢) من قوله تعالي من سورة المنافقون : ٦٣ / ٦ : (سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ).

(٣) يروى (راجع) مكان (عاود) يقول أبكاؤك وحزنك لخبر حدثَ ، أَم راجَعَ قلبَك طَربٌ؟ الديوان : ١ والخصائص : ١ / ٥٩٥ والخزانة : ١ / ٣٨٠.

(٤) ذهب بعض النحاة إلى أنَّ حذفَ همزةِ الاستفهامِ من ضروراتِ الشعرِ وهو ظاهرُ كلامِ


لا القرآنُ نحو قولِهِ :

لَعَمْرُك مَا أدري وَإنْ كُنْتُ دَارياً

شُعَيْثُ ابنُ سَهْم أَمْ شُعَيثُ ابنُ مِنْقَرِ (١)

وَقَرأَ : (أَنْذَرْتَهُمْ) (٢) بهمزة وَاحِدَة مِنْ غَيرِ مَدّ (٣).

قَالَ أَبو الفتح : هذا مِمَّا لاَ بُدَّ فِيهِ أَنْ يكونَ تقديرُهُ : (أَأَنذَرْتَهُمْ) ثُمَّ حَذَفَ همزةَ الاستفهامِ تخفيفاً لِكرَاهةِ الهمزتينِ وَلاَِنَّ قَوْلَهُ : (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ) (٤) لاَ بُدَّ أَنْ يكونَ التسوية فِيهِ بينَ شيئينِ أوْ أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ وَلِِمجيءِ أَمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ أَيضاً.

وَقَدْ حُذِفَتْ هَذِهِ الهَمْزَة في غيرِ مَوضِع مِنْ هَذَا الضرب. قَالَ :

فَأَصْبَحْتُ فِيهِم آمِنَا لاَ كَمَعْشَر

أَتَوني فقالُوا : مِنْ رُبِيعةَ أَمْ مُضَرْ (٥)؟

__________________

سيبويه ، وذهبَ الأخفشُ إلى جوازِ حذفِها في الاختيارِ وإنْ لَمْ يَكُنْ بَعدَهَا أَمْ. الكتاب : ١ / ٤٨٥ وشرح الكافية : ٢ / ٢٧٣ والبحر المحيط : ٧ / ١١ والجنى الداني : ١٠٠ والمغني : ١ / ٧ و ١٥.

(١) البيت للأسود بن يعفر التميمي ونسب إلى اللعين المنقري التميمي. وشعيثُ اسمُ رجل وحُذِفَ تنوينُهُ للضرورة. وابنُ خبرُهُ ، يقول ما أدري أي النسبين هو الصحيح. الكتاب : ١ / ٤٨٥ والمقتضب : ٣ / ٢٩٤ والكامل : ٣ / ١٧٨ والمغني : ١ / ١٤ والهمع : ٢ / ١٣٢ وشرح التصريح : ٢ / ١٤٣ وشرح الأشموني : ٣ / ١٠١ ، ١٠٢ وخزانة الأدب ـ بولاق ـ ٤ / ٤٥٠ والمحتسب : ٢ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣.

(٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٦ : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ).

(٣) هي قراءَة ابن مُحَيصِن. المحتسب : ٢ / ٣٨١ ومختصر في شواذ القرآن : ٢ وشواهد التوضيح والتصحيح : ٨٨.

(٤) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٦ : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ).

(٥) البيت لِعِمْرَانَ بنِ حِطَّان الخارجي : ويروى (أو) مكان (أَم). الخصائص : ١ / ١٨١ وأمالي الشجري : ١ / ٢٦٧ و ٣١٧ وشواهد التوضيح والتصحيح : ٨٨.


فيمن قَالَ : أَمْ ، أيْ : أمِنْ ربيعةَ أَمْ مضر؟ وَمِنْ أَبيات الكتاب :

لَعَمْرُكَ مَا أدري وَإنْ كُنْتُ دَاريا

شُعَيْثُ ابنُ سَهْم أَمْ شُعَيثُ ابنُ مِنْقَرِ (١)

وقَالَ الكُمَيتُ :

طَربتُ وما شوقاً إلى البيضِ أَطْرَبُ

وَلاَ لَعِباً مِنّي وَذُو الشَّيبِ يَلْعَبُ (٢)

قِيلَ أَرادَ أَوَ ذُو الشيبِ يَلْعَبُ؟ وَقَالُوا فِي قولِ اللهِ سبحانه : (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ) (٣) أرادَ : أَوَ تِلْكَ نعمةُ؟ (٤) قَالَ :

لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِيَ وَإنْ كُنْتُ دَارياً

بِسَبْع رَمينَ الجمْرَ أَمْ بِثَمَانِ (٥)

يُريدُ : أَبِسَبْع؟ وَعَلَى كُلِّ حال ، فَأَخبَرَنَا أَبو عَلِيّ ، قَالَ : قالَ أبو بكر : حذفُ الحرفِ لَيسَ به قياسٌ وَذَلِكَ أنَّ الحرفَ نائبٌ عن الفِعْلِ وَفَاعِلِهِ. أَلاَ تَرىَ أَنَّكَ إذَا قُلْتَ : مَا قَامَ زيدٌ ، فَقَدْ نَابَتْ (مَا) عَنْ (أَنْفِي) كَمَا نَابَتْ (إِلاَّ) عَنْ (أَستثني) وَكَمَا نَابَتْ الهمزةُ وَهَلْ عَنْ (أَسْتَفْهِم) ، وَكَمَا نَابَتْ حروفُ العَطفِ

__________________

(١) تقدَّمَ الشاهد في : ص : ٥٦٧.

(٢) البيت مطلع إحدى هاشميات الكميت بن زيد الأسدي. الهاشميات : ٣٦ والكامل في اللغة ـ تحقيق محمد الدَّالي : ٢ / ٩٠ والأغاني تحقيق المُهنا : ١٧ / ٣٠ ـ ٣١ وأخبار شعراء الشِّيعة : ٦٥ والخصائص : ٢ / ٢٨١ وأمالي الشَّجري : ١ / ٢٦٧ وشواهد التَّوضيح والتَّصحيح : ٨٨ والمغني : ١ / ١٤ وأعيان الشيعة : ٩ / ٣٥ وشرح الهاشميات : ٣٩ والنبي وآله (عليهم السلام) في الشعر العربي : ٤٧.

(٣) سورة الشعراء : ٢٦ / ٢٢.

(٤) القول بحذف الهمزة يرجع لغير أبي الفتح كما يتّضح مِن صدرِ عبارته لكن ابن مالك نسب هذا القول إلى أَبي الفتح ، حيثُ قَالَ : قَالَ أبو الفتح وغيرهُ أراد : أو تلك نعمة. شواهد التوضيح والتصحيح : ٨٧.

(٥) البيت لعُمرَ بنِ أَبي ربيعةَ. ويُروَى (رميتُ) مكانَ (رمينَ). الديوان : ٢٥٨ والكتاب : ١ / ٤٨٥ والمقتضب : ٣ / ٣٩٤ وخزانة الأَدب ـ بولاق ـ ٤ / ٤٤٧.


عَنْ (أَعطْفُ) ، وَنَحو ذَلِكَ. فَلَوْ ذَهَبْتَ تَحْذِفُ الحرفَ لَكَانَ ذَلِكَ اختصاراً ، واختصارُ الُمختَصر إِجْحَافٌ بِهِ ، إِلاَّ أَنَّه إذَا صَحَّ التَّوجّهُ إِليهِ جَازَ في بعضِ الأَحوال حذفُهُ لقوةِ الدّلالةِ عليه.

فإن قِيلَ : فَلَعَلَّه حَذَف هَمْزَةَ (أَنْذَرْتَهم) لَِمجِيءِ همزة الاستفهام فكانَ الحُكم الطارئ على ما يشبه هذا من تعاقب ما لا يجمع بينه.

قِيلَ : قَدْ ثَبَتَ جَوازُ حذفِ همزةِ الاستفهامِ عَلَى مَا رَأَيْنَا فِي غَيرِ هَذَا ، فَيَجُبُ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَيهِ أَيضاً.

وَأَمَّا همزةُ أَفْعَل فِي المَاضِي فَمَا أَبْعَد حَذَفَهَا فَلْيَكُنْ العَمَلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِإذْنِ اللهِ (١).

وَقَرَأَ ابنُ مُحَيْصِنْ والزُّهري : (أَنذَرْتَهُم) (٢) بِهَمْزة وَاحِدَة عَلَى الخَبرِ.

قَالَ أَبوُ الفتح : الَّذي يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَدَ فِي هذا أَنْ يكونَ أَرادَ همزةَ الاستفهام كَقِراءَةِ العامّة : (ءَأَنْذَرْتَهُمْ) إلاّ أَنَّهُ حَذَفَ الهَمْزَةَ تَخْفِيفاً وَهوَ يُريدهَا (٣) ، كَمَا قَالَ الكُمَيتُ :

طَرِبْتُ وَما شَوْقاً إلَى البِيضِ أَطْرَبُ

وَلاَ لَعِبَا مِنِّي وَذُو الشَّيْبِ يَلْعَبُ (٤)

قَالُوا مَعْنَاهُ : أَو ذو الشَّيبِ يَلْعَبُ؟ تناكُراً لِذَلِكَ وتعجُّباً. وكبيتِ الكتابِ :

لَعْمركَ مَا أَدْرِيَ وَإنْ كُنْتُ دَاريا

شُعَيثُ ابنُ سَهْم أَمْ شُعَيثُ ابنُ مِنْقَرِ (٥)

__________________

(١) المحتسب : ١ / ٥٠ ـ ٥١.

(٢) من قوله تعالى من سورة يس : ٣٦ / ١٠ : (وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُـم لاَ يُؤمِنُونَ).

(٣) تنظر : ص : ٥٦٧.

(٤) تقدّم الشاهد في : ص : ٥٦٨.

(٥) تقدَّمَ الشاهد في : ص : ٥٦٧.


يريدُ : أَشعيثُ بن سَهم أَم شعيثُ بن مِنْقَر؟ وَيَدَلُّ عَلَى إرادة هذه القراءة الهمزةَ وأَ نَّها إنَّما حُذِفَتْ لِمَا ذَكَرْنَا بقاءُ (أَمْ) بَعْدَهَا ولو أَرَاد الخبر لقالَ : أَو لم تنذرْهم. فَإن قِيلَ : تكون (أَمْ) هَذِهِ منقطعة كَقَوْلِهِم : إنَّهَا لإِبِلٌ أَمْ شاءٌ (١) ، قِيلَ : إذَا قَدَّرْتَ ذلكَ بَقِي قولُهُ تَعَالى : (وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ) منقطعاً لا ثانِيَ لَهُ ، وَأَقلَّ مَا يَكُونُ خبرُ سواءٌ اثنان. فَقَد عَلِمْتَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَ ابنِ مُجَاهد عَلَى الخَبَرِ لاَ وَجْهَ لَهُ ، اللّهمَّ إِلاَّ أنْ يُتَمَحَّلَ لَهُ ، فَيُقَالُ : أَرَادَ بِلَفْظِ الخَبَرِ الإخبارَ ، وَفِيهِ مِنَ الصنعةِ مَا تَرَاهُ (٢).

وقرأ يحيى والأَعرجُ وشيبةُ وأَبو جعفر وَصَفوانُ بنُ عمرو : (إِذَا مِتْنَا) (٣) بغيرِ استفهام.

قَالَ أَبو الفتح : يَحْتَمِلُ هَذَا أَمْرَينِ :

أَحَدُهُمَا : حذفُ همزةِ الاستفهامِ عَلى القراءةِ العامّة ، فَحَذَفَهَا تَخْفِيفاً ، وَقَدْ مَضَى نَحوُ هَذَا وَذَكَرنَا ضعفَهُ (٤).

والآخرُ : أَنْ يَكُونَ غَيرَ مُريد لِلْهَمْزَةِ ، فكأ نَّهُ قَالَ : إذَا مِتنا وكُنَّا تُرَاباً بَعُدَ رَجْعُنَا وَنُشُورُنَا (٥).

__________________

يلاحظ هنا إن أبا الفتح كرّر الشواهد في أكثر من موضع وقد تابعناه على ذلك حسب ورودها.

(١) مثل بهذا المثال سيبويه في الكتاب : ١ / ٤٨٥.

(٢) المحتسب : ٢ / ٢٠٥.

(٣) من قوله تعالى من سورة ق : ٥٠ / ٣ : (أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ).

(٤) تنظر : ص : ٥٦٦ ـ ٥٦٩. والمحتسب : ١ / ٥٠ و ٢ / ٢٠٥ و ٣٢٢.

(٥) المحتسب : ٢ / ٢٨١ ـ ٢٨٢.


ما الاستفهامية

قَرَأ عِكْرَمة وعيسى : (عَمَّا يَتَسَاءَلُونَ) (١) قَالَ أَبو الفتح : هَذَا أَضْعفُ اللغتين ، أَعْنِي إثبات الألف فِي (مَا) الاستفهامية إذا دَخَلَ عَلَيْهَا حرف جَرّ.

وَرَوَيْنَا عَنْ قُطْرُب لِحَسَّان :

عَلَى مَا قَامَ يَشْتُمُنِي لَئِيمٌ

كَخِنْزِير تَمَرَّغَ فِي دَمَانِ (٢)

فَأَثْبَتَ الأَلِف مَعَ حَرْفِ الجَرِّ (٣).

التنبيه بـ (أَلا)

قَرَأَ زيد بن علي عليه السلام : (أَلا الَّذِينَ ظَلَمُواْ) (٤) بِفَتح الهمزة خفيفة.

قال أَبو الفتح : وَجهُهُ أَنَّ الوقوفَ فِي هَذَهِ القراءة على قوله تعالى : (لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) (٥) ، ثمّ استأنفَ منبّهاً فقال : (أَلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُم

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة النبأ : ٧٨ / ١ : (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ).

(٢) ينسب البيت لحسّان بن ثابت كما ينسب إلى حسّان بن المنذر وينسب إلى الفرزدق. ويروى (في دمال) و (في رماد) مكان (دمان) و (ففيم تقوم) مكان (على ما قام) ومن نسبه إلى حسّان بن ثابت قال : هو من قصيدة يهجو بها بني عابد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم. والدَّمان بالفتح والدِّمن بالكسر السرقين المتلبّد والبعر.

أمالي الشجري : ٢ / ٢٣٣ والبيان : ٢ / ٢٩٣ وشرح المفصل : ٤ / ٩ وشرح الكافية : ٢ / ٥٤ وشواهد العيني على شرح الأشموني : ٤ / ٢١٦ والهمع : ٢ / ٢١٧ والدرر اللوامع : ٢ / ٢٣٨ والخزانة ـ بولاق ـ ٢ / ٥٣٧ وتاج العروس ـ دمن ـ.

(٣) المحتسب : ٢ / ٣٤٧.

(٤) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٥٠ : (لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي).

(٥) سورة البقرة : ٢ / ١٥٠.


فَلاَ تَخْشَوهُم واخْشَوْنِي) (١) كقولَكَ مُبْتَدِئاً : ألا زيدٌ فاعرضْ عَنْهُ وَأَقبْلِ علَيَّ (٢).

إِضمار قَدْ

قَرَأَ عِكْرِمة : (لاَ يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَة دَخَلُواْ الْجَنَّةَ) (٣). وَقَرَأ طلحة بن مُصَرّف : (بِرَحْمة أدْخِلُوا الجنّة) أَيْ : فُعِلَ ذَلِكَ بِهِم.

قَالَ أَبو الفتح : الذي في هاتين القراءَتين خطابُهُم بقولِهِ سبحانه : (لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) ، وطريق ذلِكَ أَنَّ قوله : (أَهَؤلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُم لاَ يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَة) الوقف هنا ، ثُمَّ يُستَأَ نَف فَيُقال : دَخَلُوا الجنّة أَوْ أُدْخِلُواالجَنَّةَ ، أَيْ : قَدْ دَخَلُوا أَوْ أُدْخِلوُا ، وإضمار (قَدْ) موجود في الكلام ، نحو قَوْلِهِ : (أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُم) (٤) أي : قد حَصِرَتْ صُدُورُهُم ، أي : فَقَد دَخَلُوا الجَنَّةَ فَقَال لَهُم : (لاَ خَوْفٌ عَلَيكُم وَلاَ أَنْتُم تَحزَنُونَ) (٥).

(لا) النافية

قَرَأ ابنُ مُحَيصِن : (وَلاَ يُضَارُّ) (٦) رَفْعٌ.

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٥٠ : (إلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُم فَلاَ تَخْشَوهُـم واخْشَوْنِي).

(٢) المحتسب : ١ / ١١٤ ـ ١١٥.

(٣) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ٤٩ : (أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَة ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ).

(٤) سورة النساء : ٤ / ٩٠ : وتنظر : ص : ٥٦. لملاحظة الآراء حولَ هذه الآية.

(٥) المحتسب : ١ / ٢٤٩ ـ ٢٥٠.

(٦) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٨٢ : (وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِـبٌ وَلاَ شَهِيدٌ).


قَالَ ابنُ مجاهد : لاَ أَدرِي ما هي؟ قَالَ أَبو الفتح : هذا الذي أَنكره ابنَ مجاهد معروفٌ ، وذلكَ على أنْ تَجْعَلَ (لا) نفياً أي : وليس ينبغي أنْ يُضَارَّ كقوله :

عَلَى الحَكِمِ المَأتِي يَوماً إذَا قَضَى

قَضِيَّتَهُ أَلا يَجُورَ وَيَقْصِدُ (١)

فَرَفَع (يقصدُ) على أَنَّهُ أَرادَ : وينبغي لَهُ أَنْ يقْصدَ فَرَفَعَ يَقْصِدُ كَمَا يرتفعُ ينبغي (٢) فكذا هذا أي : وينبغي (ألاَ يُضَار). وَإنْ شِئْتَ كَانَ لفظْ الخَبر عَلَى مَعْنَى النَّهي حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : وَلاَ يُضَارِرْ ، كَقْولِهِم في الدُّعَاءِ : يرحمُهُ اللهُ أيْ : لِيَرْحَمْهُ اللهُ ويغفرُ اللهُ لَكَ أَيْ : لِيَغفرَ اللهُ لَكَ ، وَلاَ يرحمُ اللهُ قَاتِلَكَ فرُفِعَ عَلَى لَفْظِ الخَبَرِ وَأَنْتَ تُرِيدُ : لاَ يَرحمْهُ اللهُ جزماً فَتأتِي بِلَفْظ الخَبَرِ وَأَنْتَ تُريدُ مَعْنَى الأمْرِ والنَّهي عَلَى مَا ذَكَرْنَا (٣).

قَرَأ أَبو مُسلم صاحبُ الدولة : (فَلاَ يُسْرِفُ فِي القَتْلِ) (٤).

قَالَ أبو الفتح : رفع هذا على لفظ الخبر بمعنى الأَمر كقولِهِم : يرحمُ اللهُ زيداً ، فهَذا لفظ الخبر ، وَمَعْنَاهُ الدعاءُ. أَيْ : لِيَرْحَمْهُ اللهُ ومثله قوله :

__________________

(١) البيت لعبد الرَّحمن بن أُمِّ الحَكَمِ ويُنسَبُ إلى أَبِي اللحَّام التَّغلبي واسمُهُ حُرَيث.

ويروى (حق) مكان (يوم). انظر : الكتاب : ١ / ٤٣١ وشرح المفصل : ٧ / ٣٨ واللسان : ٤ / ٣٥٣ والخزانة ـ بولاق ـ ٣ / ٦١٣.

(٢) قال الأخفشُ : أرادَ فينبغي أَنْ يقصدَ فلمَّا حذفه وأوقع يقصد موقع ينبغي رَفَعَهُ لوقوعِهِ موقع المرفوع. وقال الفرَّاء : رفعه للمخالفةِ لاَِنَّ معناهُ مُخَالِفٌ لِمَا قبلهُ.

لسان العرب : ٤ / ٣٥٣.

(٣) المحتسب : ١ / ١٤٨ ـ ١٤٩.

(٤) من قوله تعالى من سورة الإسراء : ١٧ / ٣٣ : (وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِفْ فِّي الْقَتْلِ).


(وَالمُطَلّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ) (١) أي : لِيَتَرَبَّصْنَّ ، وَإنْ شِئْتَ كَانَ معناهَا دونَ الأمر ، أَيْ : يَنْبَغِي أَلاَّ يُسْرِفَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَربَّصْنَ. وَعَلِيهِ قولُهُ :

عَلَى الحَكَمِ المَأَتِي يوماً إذَا قَضَى

قضيتَهُ أَلاَّ يجورَ ويَقْصِدُ (٢)

فَرَفَعَهُ عَلَى الاستئنافِ وَمَعْنَاهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ (٣).

(لا) الزائدة

قَرَأَ علي عليه السلام وابن عباس رضي اللهُ عنه بِخِلاَف وَسعيدُ بنُ جُبَيرْ وأَنسُ بنُ مالك ومحمّد بن سيرين وأَبَي بن كعب وابنُ مسعود وميمون بن مهران : (ألاَّ يَطَّوَّفَ بِهما) (٤).

__________________

(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٢٨.

(٢) تقدَّمَ الشاهد في : ص : ٥٧٣.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٠ ـ ٢١.

(٤) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٥٨ : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا). على أَنَّ نسبة هذه القراءة إلى الإمام علي عليه السلام لم تثبتْ بوجه صحيح البتة ، والثابتْ عن أهلِ البيت عليهم السلام قراءة الآية كما في المصحف ، فقد سئل الإمـام الباقر عليه السلام عن قوله تعالى : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآ ئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا) ، فقال عليه السلام : «الطواف بهما واجب مفروض ، وفي قول الله عزّوجلّ هذا بيان ذلك ، ولو كان في ترك الطواف بهما جُنَاحاً ، وكذلك في ترك الطواف بهما رخصة ; لقال : فلا جناح عليه ألاّ يطوف بهما ، ولكنّه لما قال : (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا) ، عُلم أنَّهم كانُوا يَرون في التَّطوّفِ بهما جُناحاً ، وكذلك كان الأمر ، كان الأنصار يُهِلّونَ لِمَناة ، وكان مَنَاةُ حذوَ قديد ، فكانوا يتحرّجُون أنْ يطوفوا بين الصفا والمروة ، فلمّا جاء الإسلام سألوا رسول الله صلّى الله عليه وآله عن ذلك ، فأنزل الله : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا)» ، نقله البحار : ٩٦ / ٢٣٨ ـ


...

__________________

٢٣٩ / ١٧ عن : دعائم الإسلام للقاضي النعمان بن محمد (ت / ٣٦٣ هـ) : ١ / ٣١٥ ـ ٣١٦. وفي الجامع لأحكام القرآن تحقيق الدكتور التركي : قال أنس بن مالك كنَّا نرى أنَّها من أمر الجاهلية فلما كان الإسلام أمسكنا عنها ، فأنزلَ الله عزَّوجلَّ : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآ ئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا) ، ويُفهم من لسان حديث الإمام الباقر عليه السلام وجود من لم يرَ وجوب الطواف بسببِ الفَهْمِ الخَاطِئ لتلكَ الآية ، وهو كذلك ، فهذا عروة بن الزبير (ت / ٩٣ هـ) كان لا يرى على أَحد جُناحاً في ترك الطواف ، حتّى قال لعائشة : ما أُبالي أنْ لا أطوَّفَ بينهما. فقالت له : بئس ما قلتَ يا ابنَ أختي ، طافَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وطافَ المسلمون ، فلو كانتْ كما تقولُ ، لكانت فلا جناح عليه ألا يطَّوَفَ بهما ، فقد سنَّ النبيُّ صلّى الله عليه وآله الطواف بينهما فليس لأحد أَنْ يَترُكَ الطوافَ بينهما فتبيّنَ له الخطأ. ينظر : السنن الكبرى : ٦ / ٢٩٣ / ١١٠٠٩ ، و ٦ / ٤٧٥ / ١١٥٤٨ ، والجامع لأحكام القرآن : ٢ / ٤٧٠ والبحر المحيط تحقيق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض : ١ / ٦٢٧ ، والدرّ المنثور تحقيق الدكتور التركي : ٢ / ٨٧ ، و ٩١ ، وقال القرطبي : روى عطاء عن ابن عباس انه قرأ : (ألا يَطَّوفَ بهما) ثمّ قال : وهي قراءة ابن مسعود ، ويروى أنَّها في مُصحَفِ أُبَي ، ويُروى عن أنس مثل هذا ، وهذا خلاف المصحف فلا يترك ما قد ثبتَ في المُصحَف إلى ما لا يُدرَى أصحتْ أم لا؟ ثم قال القرطبي : وكان عطاء يكثر الإرسال عن ابن عباس من غير سماع ، والرواية عن أنس قد قيل : إنّها ليستْ بالمضبوطةِ أو تكون (لا) زائدة للتوكيد ، ولم ينسبْها القرطبي ولا أبو حيَّان ولا ابن الجوزي ولا السيوطي إلى الإمام علي عليه السلام ، وقد اعتاد هؤلاء أن يذكروا أَسماءَ القُرَّاءِ ولا سيما أَبي حيانَ ولكنَّهم كلّهم لم يذكروا أَنَّ الإمام علي عليه السلام قرأ بها مع من قرأ هذه القراءة ممّا يُثيرُ الشكَّ في كون إقحام اسمه عليه السلام من عملِ النُّسَّاخ ، ويُعزِّزُ هذا الشكَّ قول النّاسِخ قرأ علي وابن عباس (كرّم الله وجوههما) المحتسب : ١ / ١١٩ وهذه ليست لغة أبي الفتح الرصينة ، فلو كانت منه لقال (كرّم الله وجهيهما) ، ثمّ إذا كان بعضُهم يقول عن أمير المؤمنين علي عليه السلام : كرّم الله وجهه لأ نَّه امتازَ عن غيره بأ نَّه ما سجد لصنم


قَالَ أَبُو الفتح : ظاهرهُ أَنَّهُ مَفْسُوحٌ في تَركِ ذَلِكَ. وَقَد يمكن أيضاً أنْ تكونَ (لا) على هذه القراءة زائدة.

فيصير تأويلهُ وتأويل قراءة الكافّة واحداً حتَّى كأَ نَّهُ قال : فَلاَ جُنَاحَ عَلَيهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بهما ، وزاد (لا) كما زيدت في قوله تعالى : (لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَىْء مِّن فَضْلِ اللَّهِ) (١) أَيْ لِيَعْلَمَ (٢).

وَكَقَوْلِهِ :

مِنْ غِيرِ لاَ عصْـف وَلاَ اصـطـرافِ (٣)

__________________

قط ، ولم يخالطِ الشِّرْكُ وعيَهُ طرفةَ عين ، فما معنى أنْ يُقال ذلكَ عن ابنِ عباس الذي وُلِدَ بعدَ البعثة بعشر سنوات ، وقد أسلمت أُمّه بعد إسلام خديجة عليها السلام!! الجامع لأحكام القرآن : ٢ / ٤٧٧ ، وزاد المسير : ١ / ١٦٣ ، والبحر المحيط : ١ / ٦٢٧ ، والدر المنثور : ٢ / ٨٧ ، و ٩٢ ، ولهذا جاء حديث الإمام الباقر عليه السلام مُوَضّحاً أنَّ الذي يُستعمل للدلالة على عدم الوجوبِ عيناً هو رفعُ الإثمِ عن التَّرْكِ ، وأمَّا رفعُ الإثم عن الفعل فقد يُستعمل في المُبَاح كما يُستعمَل في المَندُوب والواجب أيضاً. وحيث أَنَّ بعضَ المُخاطَبين كانُوا يفهمون الإثم في الطواف بين الصفا والمروة للسبب المذكور ، فخُوطِبُوا بنفي الإثم وإنْ كان الفعل في نفسه واجباً. فالآية الشريفة جاءتْ لنفي زعم الإثم في الطواف بين الصفا والمروة ، لا لإفادة أنَّ الطواف بينهما مباح أو ليس بواجب. وظاهر القراءة المذكورة دالٌّ على عدم وجوب الطواف ، ولكن لم يأخذ أحدٌ بذلك الظاهر ، وصَرّحُوا باحتمال زيادة (لا) في تلك القراءة للتوكيد. كما في : مجمع البيان : ١ / ٤٤٢ ، والجامع لأحكام القرآن : ٢ / ٤٧٧ ، وقد شكّك الأخير ، كما مرَّ ، بنسبة تلك القراءة إلى الصحابة.

(١) سورة الحديد : ٥٧ / ٢٩.

(٢) مضى على ذلك أئمّة اللغة : انظر : الكتاب : ٢ / ٣٠٦ والحُجَّة : ١ / ١٢٢ والمقتضب : ١ / ٤٧ والتَّمام : ١٢٠ والكشاف : ٢ / ٨٩ و ٤ / ٤٨٣ وأَمالي الشجري : ٢ / ٢٢١ و ٢٣١ والجنى الداني : ٣٠٨ والبحر المحيط : ٤ / ٢٧٢.

(٣) للعجاج. ويروى (بغير) مكان (من غير) والعصف : الكسب ، والاصطراف : التصرّف في وجوه الكسب. انظر : الديوان : ٤٠ والخصائص : ٢ / ٢٨٣ واللسان : ١١ / ١٥٥.


أي : مِنْ غَيرِ عَصْف ، وَهُوَ كَثيرٌ (١).

وروى الـمُـفَضَّلُ عَنِ الأَعمش عن يحيى وإبراهيم وأصحابِهِ : (أَلاَّ تَقْسِطُوا) (٢) بفتح التاء.

قَال ابنُ مجاهد : ولا أَصلَ لهُ.

قَالَ أَبو الفتح : هذا الذي أنكره ابن مجاهد مستقيم غير منكر ، وَذَلِكَ عَلَى زيادةِ (لاَ) حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : وَإنْ خِفْتُمْ أَنْ تَقْسِطُوا في اليتامى أي : تجوروا.

يُقال قسط إذا جَارَ وَأَقسط إذا عَدَلَ.

قَالَ اللهُ جلَّ وَعَلا : (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) (٣) وَزِيَادةُ (لا) قد شاعتْ عَنْهُم واتّسعتْ ، مِنْهُ قُوْلُهُ تَعَالَى : (لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ) (٤) وقوله : (وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ) (٥) وَعَلَيه قَوْلُ الراجز :

وَمَا أَلوم البِيضَ أَلاَّ تَسْخَرَا

إذَا رَأَينَ الشَّمَطَ القَفَنْدَرَا (٦)

__________________

(١) المحتسب : ١ / ١١٥ ـ ١١٦.

(٢) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ٣ : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ).

(٣) سورة الجن : ٧٢ / ١٥.

(٤) سورة الحديد : ٥٧ / ٢٩.

(٥) سورة الأنعام : ٦ / ١٠٩.

(٦) ينسب هذا الرجز إلى رؤبة وينسب لأبي النَّجم. الشَمَط : الشَّيبُ.

والقفندر : القبيح المنظر : وفسَّرَهُ ثعلب بالشيب في القفا. المقتضب : ١ / ٤٧ ومجالس ثعلب : ١ / ١٦٥ والخصائص : ٢ / ٢٨٣ وأمالي الشجري : ٢ / ٢٣١ والمخصص : ٢ / ١٥٧ والجمهرة : ٣ / ٣٣٤ واللسان : ٦ / ٤٢٥.


أي : أنْ تَسْخَرَ ، والأمر فيهِ أوْسَعُ فبهذا يُعْلَمُ صحةُ هَذِهِ القراءَة (١).

(إِنْ) النافية

قَرَأَ الحَسَن : (سُبْحَانَهُ إِنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ) (٢) بكسر الأَلف.

قَالَ أَبَو الفتح : هذه القراءة توجبُ رَفْعَ (يكونُ) وَلَم يذكر ابنُ مجاهد إعرابَ يكونُ وإنَّما يجبُ رفعُهُ لاَِنَّ (إنْ) هُنَا نَفي (٣) كَقَوْلِكَ : مَا يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَهَذَا قَاطع (٤).

وَقَرأَ ابنُ مَسْعُود وَالأَعْمَشُ : (إِنْ كُلٌّ إِلاّ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ) (٥).

قَالَ أَبو الفتح : مَعْنَاهُ : مَا كُلٌّ إلاَّ واللهُ لَيُوَفِّيَنَّهم كَقَوْلِكَ : مَا زيدٌ إلاّ لأِضربَنَّهُ ، أَيْ : مَا زيدٌ إلاّ مُسْتَحِقٌ لاَِنْ يُقَالَ فِيهِ هَذَا وفيهِ وَجْهٌ (٦) ثَان (٧).

وَقَال اللهُ تَعَالى : (قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَ نَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) (٨) قَالَ أَبُو الفتح : وَهُوَ أَنْ تَكُون (إنْ) بِمَعْنَى مَا ، أَيْ : مَا كَانَ للرحمن ولدٌ (٩) ، فَأَنَا

__________________

(١) المحتسب : ١ / ١٨٠ ـ ١٨١.

(٢) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٧١ : (إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ).

(٣) (إِنِ) النافيةُ ضَربَانِ : عاملةٌ وغيرُ عاملة ، فالعامِلَةُ تَرفَعُ الاسمَ وتنصبُ الخبرَ وفي هذا خلاف. وغير العاملة كثيرٌ وجودها في الكلام. الجنى الداني : ٢٢٩ ـ ٢٣١.

(٤) المحتسب : ١ / ٢٠٤.

(٥) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ١١١ : (وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).

(٦) الوجه الثاني هو أن تكون (أَنْ) مُخفَّفَة من الثقيلة وإلاّ زائدة.

(٧) المحتسب : ١ / ٣٢٨.

(٨) سورة الزخرف : ٤٣ / ٨١.

(٩) البيان في غريب إعراب القرآن : ٢ / ٣٥٥.


أَوَّلُ العَابِدِينَ لَهُ ، لاَِ نَّهُ لا وَلَدَ لَهُ (١).

أَنْ بمعنى أَيْ

قَرَأَ الأَعْرَج بِخِلاف وَأَبو رَجاء وَقَتَادَة وعيسى وَسلاَّم وعمرو بن ميمون وَرُوِيَ عَنْ عَاصم : (أَنْ لَعْنةُ اللهِ) (٢) (وَأَنْ غَضَبُ اللهِ) (٣).

قَالَ أَبو الفتح : لاَ يَجوزُ أَنْ تَكُونَ (أَنْ) هُنَا بِمَنْزِلَةِ أَيْ لِلْعِبَارَةِ كَالَّتي فِي قَوْلِ اللهِ سبحانه : (وَانطَلَقَ الْمَلاَُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا) (٤) مَعْنَاهُ : أَيْ امْشُوا.

قال سيبويه : لاَِ نَّهَا لا تَأَتِي إلاَّ بَعْدَ كَلام تَام (٥) ، وَقولُهُ : (وَانطَلَقَ الْمَلاَُ) كلامٌ تامٌّ وَلَيْسَتْ (الْخَامِسَةَ) وَحْدَهَا كلاماً تامّاً فتكون (أَنْ) بمعنى أَيْ ، ولا تكونُ (أَنْ) هُنَا زائدةً كالتي فِي قَوْلِهِ :

وَيَوْماً تُوَافِينَا بِوَجْه مُقَسَّم

كَأَنْ ظَبية تَعْطُو إلى وَارِقِ السَّلَمْ (٦)

لاَِنَّ مَعْنَاهُ والخامسة أَنَّ الحالَ كَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قِراءَة الكافَّةِ : (أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ) و (أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ) (٧).

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٢٥٨.

(٢) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٧ : (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ).

(٣) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٩ : (وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ).

(٤) سورة ص : ٣٨ / ٦.

(٥) عبارة سيبويه : «لأَن أي إنّما تجيء بعد كلام مستغن».

الكتاب : ١ / ٤٨٠.

(٦) تقدَّم الشاهد في : ص : ١٨٣.

(٧) المحتسب : ٢ / ١٠٣.


حذفُ أَحدِ الحرفينِ الزائدينِ

مِنْ ذَلِكَ قراءة السُّلَمِي والحَسَنِ وابنِ مُحيصن وَسَلاَّم وَقَتَادَة : (يَوَقَّدُ) (١).

قَالَ أَبُو الفتح : المُشْكِل مِنْ هَذَا (يَوَقَّدُ) وَذَلِكَ أَنَّ أَصلَهُ يَتَوقَّدُ فَحَذَفَ التاءَ لاجتماعِ حرفينِ زائدينِ فِي أَوَّلِ الفِعْلِ وَهُمَا : الياءُ والتاءُ الَمحْذُوفَة. والعرفُ فِي هَذَا أَنَّهُ إنَّمَا تُحْذَفُ التاءُ إذَا كَانَ حَرفُ المُضَارعة قَبْلَها تاء نحو : (تَفَكَّرُونَ) و (تَذَكَّرُونَ) (٢) والأصْلُ تَتَفَكَّرُونَ فيكونُ اجتماعُ المِثْلَينِ زَائِدَينِ ، فَيُحْذَفُ الثاني مِنْهُمَا طلباً لِلخِفَّةِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ فِي يَتَوَقَّد مِثلانِ فيحذف أَحَدَهُمَا لَكِنَّهُ شَبَّهَ حَرْفَ مُضَارَعَة بحرفِ مُضَارَعَة أَعنِي شَبَّهْ اليَاءَ فِي يَتَوَقَّد بالتَّاء الأُولَى فِي تَتَوَقَّد إذ كَانَا زائدين كَمَا شُبَّهَتِ التَّاءُ والنُّونُ في تَعِدُ وَنَعِدُ بِالياءِ فِي يَعدُ فَحُذِفَتِ الواوُ مَعَهُمَا كَمَا حُذِفَتْ مَعَ الياءِ فِي يَعِد.

وَقِياسُ مَنْ قَالَ (يَوَقَّدُ) ـ عَلَى مَا مَضَى ـ أَنْ يَقُولَ أَيضاً : أَنَا أوقَدُ وَنَحْنُ نَوَقَّدُ فَيُشَبه النُّون والهمزة بالتَّاءِ كما شَبَّه الياءَ بِهَا فَيَما مَضَى.

وَنَحوٌ مِنْ هَذَا قِراءَةُ مَنْ قَرأَ : (نُجِّي المؤْمِنينَ) (٣) وَهُوَ يُريدُ نُنْجِي المُؤمنين ، فَحَذَفَ النَّونَ الثَّانيةَ وَإنْ كَانَتْ أَصليةً وَشَبَّهَهَا ـ لاجتماعِ المِثْلين ـ بالزائدةِ. فَهَذَا تَشْبِيه أَصل بِزائد لاتفاقِ اللَّفظين ، والأول تشبيه حرف

__________________

(١) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٣٥ : (يُوقَدُ مِن شَجَرَة مُّبَارَكَة زَيْتُونِة لاَّ شَرْقِيَّة وَلاَ غَرْبِيَّة).

(٢) كقوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ١٥٢ : (ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) وغيرها ، أصلها : لعلّكم تتذكّرون فحذفت التاء الثانية من التاءين الزائدتين في ذَكَرَ.

(٣) من قوله تعالى من سورة يونس : ١٠ / ١٠٣ : (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِك حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ).


مضارعة بحرف مضارعة لاَ لاتفاق اللفظين بَلْ لاَِ نَّهُمَا جميعاً زائدان (١).

وَرُويَ عَنِ ابن كَثير وَأَهلِ مَكَّةَ : (وَنُزِّلُ المَلاَئِكَةُ) (٢) وَكَذَلِكَ رَوَى خَارِجَةُ عَن أَبي عمرو.

قَالَ أَبو الفتح : يَنْبَغِي أَنْ يكونَ محمولاً عَلَى أَنَّهُ أَرادَ : وَنُنَزِّلُ المَلاَئِكةَ إِلاَّ أَنّهُ حذَفَ النُّونَ التي هِيَ فاءُ فِعْلِ نَزَّلَ لاِلتقاءِ النُّونَين استخفافاً ، وَشَبَّهَهَا بِمَا حَذَفَ مِنْ أَحدِ المِثْلين الزَّائِدينِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِم : أَنْتُمْ تَفَكّرُونَ وَتَطَّهرُونَ ، وَأَنْتَ تُريدَ تَتَفَكَّروُنَ وَتَتَطَّهَّرُونَ ، وَنَحو قراءةِ مَنْ قَرَأَ : (وَكَذَلِكَ نُجِّي المُؤمِنينَ) (٣) ألا تَرَاهُ يُريدُ نُنَجّي فَحَذَفَ النُّونَ الثانيةَ وَإنْ كَانَتْ أَصْلاً لِمَا ذَكَرْنَا؟ وَقَدْ تَقَدَّمَ القولُ عَلَى ذَلِكَ (٤) فِي سورةِ النور (٥).

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ١١٠ ـ ١١١.

(٢) مِنْ قوله تعالى من سورة الفرقان : ٢٥ / ٢٥ : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً).

(٣) سورة يونس : ١٠ / ١٠٣.

(٤) المحتسب : ٢ / ١١١.

(٥) المحتسب : ٢ / ١٢٠ ـ ١٢١.



الخاتمـة



بَعدَ هذهِ الجولة الطويلة والرحلة الممتعة مع ابن جِنّي في (المحتسب) وتبويب المسائل النحوية فيه ، لا بدّ لنا من الخروج بنتائج من هذا البحث.

وسأذكر أَهمَّ النتائج بغايةِ الإيجاز.

١ ـ تَسَامَحُ بعضُ القرّاءِ في التلاوةِ فاستجازَ وضعَ مَرادفِ الكلمةِ القرآنية في موضعِ تلكَ الكلمة ، بلا رواية (١).

٢ ـ صلةُ القراءاتِ الشَّاذَّة بالعربيةِ موصولةٌ ، فَلَيستْ تُعْدم سَنَداً لَهَا مِن لغاتِ العربِ (٢) وأشعارِها (٣) وتخريجاتِ العلماءِ لَهَا (٤) ، انتزاعاً من روح اللغة وأَصولِها المقرّرة إلاّ في النادر جدّاً.

٣ ـ لَمْ يستطع أَبو الفتحِ تخريجَ كُلَّ القراءاتِ الشاذَّة بَلْ وَقَفَ عِنْدَ بَعْضِها وَقالَ عنهُ : إنّه ضعيف (٥) أو لغةٌ مرذولةُ (٦).

__________________

(١) انظر : المحتسب : ١ / ٢٩٦ و ٢ / ١٥ و ٣٣٦ و ٣٦٧.

(٢) المحتسب : ١ / ٧٤ و ٨٤ و ١٦٧ و ٣٣٤.

(٣) المحتسب زاخر بالشواهد الشعرية. انظر : مثلاً ١ / ١١٢ و ١٩٥ و ٢ / ٨٨ و ١٧٩.

(٤) كتاب المحتسب مخصّص لهذه الغاية.

(٥) انظر : الصفحات : ١٧٢ و ٢١٥ و ٢١٧ و ٤٥٩ والمحتسب : ١ / ٨٣ و ١٢٤ و ١٦٥ و ١٩٣ و ٢٠٦ و ٢٧٠ و ٢٧٢ و ٢ / ٤٢ و ٦٩ و ١٥٨ و ١٦٣ و ٢٦٦ و ٣٢٢ وغيرها.

(٦) المحتسب : ١ / ١٠٦.


أَوْ مرفوض أَوْ غَلَط (١) أو سهو (٢) أو مشكل (٣) أو هي قراءةٌ فاسدةٌ (٤) أو قبيحة (٥).

وهو إذا وَهَّنَ قراءةً أَو ضَعَّفَهَا فليسَ نقدُه موجّهاً إلى القراءةِ بعدَ صحّةِ سَنَدَهَا وإنّما النقد يوجّه إلى القارئ كأن تكون فيه غفلة أَو سهو (٦) أَو وهـم (٧).

٤ ـ كانت الثقة متبادلةً بين التلاميذِ والشيوخ وكانت العلاقة بينهم علاقة مودة واحترام ولكن هذا لم يمنعِ التلميذَ من الخروج على آراء شيخه فلا يعدُّ الشيخُ ذلك تطاولاً عليه ، فلم يمنع أَبا الفتح احترامُهُ لشيخِهِ أَبي علي وثناؤه عليهِ (٨) في المحتسب وغيره ، من مخالفته في بعض المسائل (٩).

٥ ـ البغداديون هم الكوفيون ، نسبوا إلى بغداد للتفرقة بينهم وبين الكوفيين الذين لم يقدر لهم الإقامة في بغداد.

قَالَ أَبو الفتح : قد تقدّم القول على حديث فتحة الحرف الحلقي إذا كان ساكن الأصل تالياً للفتح وذكر الفرق بين قولنا وقولِ البغداديين (١٠) فيه

__________________

(١) المحتسب : ١ / ١١٧.

(٢) انظر : ص : ٤٩١ والمحتسب : ٢ / ٢٩ و ٣٠٤ و ٣٤٤.

(٣) انظر : ص : ١٢٧ والمحتسب : ٢ / ٥٢.

(٤) المحتسب : ١ / ٢٤٣.

(٥) المحتسب : ٢ / ٣٧٢ والصفحة : ٣٢٧ من هذا البحث.

(٦) المحتسب : ٢ / ٣٧٢.

(٧) انظر : ص : ٤٩٢ والمحتسب : ٢ / ٢٩ و ٣٤٠ و ٣٤٤.

(٨) المحتسب : ١ / ٣٢٠.

(٩) انظر : ص : ٦٩.

(١٠) انظر : ص : ٦٩ والمحتسب : ٢ / ٦٤ و ٩١ وشرح الأشموني : ٣ / ١٩٩.


وإنّني أَرى فيه رأَيَّهُم لا رأَيَ أَصحابنا (١) وقال : أَمَّا أَصحابُنَا فعندهم أَن الإقام مصدر أَقمت كالإقامة وليس مذهبنا كما ظَنَّهُ الفرّاء (٢).

ويذكر أَبو الفتح أَصحابه فإذا منهم : أَبو عمرو بن العلاء (٣) وسيبويه (٤) والأخفش (٥) والمازني (٦) والمبرد (٧) ، وهؤلاء زعماء مدرسة البصرة النحوية. إذ ليس للنحو سوى مدرستين اثنتين هما مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة (٨).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

__________________

(١) سمّاهم أبو الفتح الكوفيين. انظر : ص : ٦٩ والمحتسب : ١ / ٨٤.

(٢) المحتسب : ٢ / ١٦٦.

(٣) انظر ص : ٥٢٧ والمحتسب : ١ / ٢٩٣.

(٤) سرّ صناعة الإعراب : ١ / ٦٧.

(٥) المحتسب : ٢ / ٣٤٠.

(٦) المنصف : ٢ / ١٦٠.

(٧) المحتسب : ٢ / ٣٤٠.

(٨) المحتسب : ٢ / ١٤٨ وسر صناعة الاعراب : ١ / ٦٧.



الفهارس الفنيّـة

١ ـ فهرس الآيات

٢ ـ فهرس الأحاديث

٣ ـ فهرس الأمثال والحكم

٤ ـ فهرس الشعر والرجز

٥ ـ فهرس أنصاف الأبيات

٦ ـ فهرس الأعلام

٧ ـ فهرس المصادر والمراجع

٨ ـ فهرس مواد الكتاب



١ ـ فهرس الآيات

الآية

القراءة

الصفحة

(١) سورة الفاتحة

١ ـ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

 ......

٥

٦ ـ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)

(صِراطاً مُسْتَقِيماً)

٩٦

٧ ـ (أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)

(عليهُمُو) وغيرها

٩٩ ، ١٠٠

(٢) سورة البقرة

٢ ـ (أَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)

 (القَيَّام) و (القَيِّمُ)

 ٣٨٩

٤ ـ (وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)

 ......

١٥٠

٦ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَيُؤْمِنُونَ)

 (أَنْذَرْتَهُمْ)

 ٥٦٦

٩ ـ (يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ)

 (يُخْدَعُونَ)

١٨٩ ، ١٩٠ ، ٢٦٦

١٤ ـ (إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)

 ......

 ٢٤١

١٥ ـ (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)

 ......

 ٢٤١

١٦ ـ (أُوَلَئِك الّذِينَ اشْتَروا الضَّلاَلَةَ بِالهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ)

(اشتَرَواالضَّلالة)

 ١٠٨ ، ١١١

(اشترْؤا)

 ٣٢٧

 ......

 ٥٣٤

١٩ ـ (أَوْ كَصَيِّب مِّنَ السَّمَاءِ)

 ......

 ٤٢٣

٢٤ ـ (فَإِنْ لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَنْ تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)

 (وُقُودِهَا)

 ٣٣٧ ، ٣٦٠


٢٦ ـ (إِنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا)

(مَثَلاً مَا بَعُوضَةٌ)

١٣٤

(بَعُوضَةٌ)

 ١٣٦

٢٩ ـ (فَذَلِك نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِك نَجْزِي الظَّالِمِينَ)

(فَذَلِك نُجْزيهُ)

 ١٠٥

٣١ ـ (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَءِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ)

(آدَمُ)

٢٢٥

(وَعُلِّمَ آدِمُ)

 ٢٢٧

٣٥ ـ (وَقُلْنَا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)

 (من هذي الشجرة)

 ١٠٦ ، ١١٧

٣٨ ـ (فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَخَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)

 ......

 ١١١

٤٨ ـ (وَاتَّقُوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْس شَيْئاً)

 ......

 ٣١٦

٦٠ ـ (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْـناً)

 (عَشَرَةَ)

٦٥ ـ (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ)

 ......

 ٢٢٤

٧٤ ـ (وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ)

 (وَإنْ مِنَ الحِجَارَةِ)

و (وَإِنْ مِنْهَا)

 ١٧٧

٨٣ ـ (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)

 (حُسْنَى)

 ٣٦٥

٩١ ـ (قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللهِ مِن قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ)

 ......

 ٢٩١

٩٩ ـ (وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ)

 ......

 ٤٤٥ ، ٤٤٦

١٠٠ ـ (أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَيُؤْمِنُونَ)

 (عَهِدُوا)

 ٣٨٠

(أوْ كُلَّمَا عَهِدُوا)

 ٤٤٥ ، ٤٤٦

١٠٢ ـ (وَمَا هُمْ بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَد)

 (بِضَارِّي)

 ٣٤٨


١٠٦ ـ (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَة أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْر مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ)

 (نُنَسِّهَا) و (تَنْسَها) و (تُنْسَها) و (مانُنْسِك من آية أونَنْسَخْهَا)

 ٢٣٩

١١٦ ـ (كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ)

 ......

 ٥٠٠

١٢٣ ـ (وَاتَّقُوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْس شَيْئاً)

 ......

 ٣١٦

١٢٦ ـ (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ)

(فأُمْتِعْهُ) و (فَأَمْتِعْهُ)

٢٠٠

(ثُمَّ اضْطَرَّهُ)

 ١٠٧ ، ٢٠٠

١٢٧ ـ (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّك أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)

 (وَيَقُولانِ رَبّنَا)

 ٢٥٠

١٣٣ ـ (وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيْمَ وَإِسْمَاعِيلَ)

 (وإله أبيك)

 ٥٥ ، ٨١ ، ٨٢

١٤٣ ـ (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ)

 (لِيُعْلَم)

 ٢٢٤

١٥٠ ـ (لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ)

 (أَلا الَّذِينَ)

 ٥٧٠ ، ٥٧١

١٥٥ ـ (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)

 ......

١٢٢

١٥٨ ـ (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)

 (أَلاَّ يَطَّوَّفَ)

 ٥٧٣ ، ٥٧٤

١٦١ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)

 (وَالمَلاَئكِةُ والناسُ أَجمعوُنَ)

 ٢٠٩

١٦٧ ـ (يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَات)

 ......

 ٢٩٣

١٧٥ ـ (فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)

 ......

٣٤٧

١٧٧ ـ (لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)

(بأَنْ)

١٧١ ، ٣٤٥

١٨٤ ـ (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين)

 ......

٤٢٦


١٨٧ ـ (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ)

 ......

١٩٠ ، ١٩٢ ، ٣١٠

١٨٩ ـ (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى)

 ......

 ٣٤٥

١٩٥ ـ (وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى الْتَّهْلُكَةِ)

 ......

 ٣٠٩ ، ٣١٠

١٩٩ ـ (ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)

 (النَّاسِي)

 ١٢٢

٢٢٠ ـ (وَيَسْأَ لُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ)

(قُلْ أَصْلِحْ إِلَيْهِمْ خَيْرٌ)

 ١٤٣

٢٢٨ ـ (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ)

 ......

 ٥٧٣

٢٣٣ ـ (لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ)

 (لا تُضَارْ)

 ٥٢٧

٢٣٤ ـ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُر وَعَشْراً)

(يَتَوَفَّوْنَ)

 ٢٥٧

٢٣٧ ـ (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ)

 (يَعْفُوْ)

 ٥٤٩ ، ٥٥٢

٢٤١ ـ (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ)

 ......

 ٢٩٠

٢٥٦ ـ (فَقَدِ اسْتَمْسَك بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا)

 ......

 ٣١٩

٢٥٩ ـ (وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا)

 (نُنْشِرُهَا)

 ١٦ ، ٢٤

٢٥٩ ـ (قالَ أعْلَمُ أَنَّ اللهَ على كُلِّ شيء قَدَير)

 (اعْلَمْ)

 ٢٠١

٢٦٠ ـ (ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَك سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)

 ......

٢٩١

٢٦٩ ـ (يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)

 (ومن يؤتِ)

 ١٩٥

٢٧٨ ـ (اتَّقُوا اللهُ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَو آْ)

 (مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبُوْ)

 ١٣٧

٢٧٨ ـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَو آْ)

 (بَقِيْ)

 ٥٦١


٢٨٢ ـ (وَأشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ)

 (يُضَارُّ)

 ٥٧١

٢٨٤ ـ (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ)

(يَغْفِرْ ... ويعذّبْ)

 ٤٥٠

(٣) سورة آل عمران

٢ ـ (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)

 ......

 ١٤١

٣ ـ (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ)

 (نَزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابُ)

 ١٤١

١٤ ـ (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ)

(زَيَّنَ .. حُبَّ)

 ٢٠٤

١٧ ـ (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالاَْسْحَارِ)

 ......

 ٢٨٨

١٨ ـ (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

(شُهَدَاءَ لِلَّهِ)

 ٢٨٨

٧٣ ـ (قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللهِ أَن يُؤْ تَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَاأُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْ تِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)

 (يُؤتِيَ)

 ٢٥٩

٨١ ـ (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَاب وَحِكْمَة)

 (لَمَّا آتيناكم)

٥١٤

و (لِمَا آتَيتُكُمْ)

٥١٥

١٢٤ ـ (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّ كُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَف مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ)

(بثلاثه)

 ٣٢٨ ، ٣٣٠

١٢٥ ـ (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّ كُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَف مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ)

 ......

 ٣٢٨

١٤٠ ـ (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ)

 (قُرْحٌ)

 ٢٣

١٤٢ ـ (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ اَلَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ)

 ......

 ٥١٤

١٤٤ ـ (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ)

 (رُسُلٌ)

 ٩٣


١٤٤ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِك مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْك وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْك)

 ......

 ٩٥

١٤٤ ـ (أَفئِنْ ماتَ أوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ)

 ......

 ٩٥

١٤٥ ـ (وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)

 (يُؤْتِه)

 ٢٠٤

١٤٦ ـ (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيّ قَاتَلَ مَعَهُ رِ بِّيُّونَ كَثِيرٌ)

 (وَكأَيٍّ من نبي قُتِّلَ)

 ٢٣١

١٧٥ ـ (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ)

 (يُخَوّفُكُم)

 ٢٦٤ ، ٢٦٥

 (٤) سورة النساء

١ ـ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالاَْرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)

 (والأرحامُ)

١٥١ ، ١٥٢

٣ ـ (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ)

(تَقْسِطُوا)

٥٧٧

١٢ ـ (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً)

(يُورِث) و (يُوَرِّثُ)

٢٦٥

١٢ ـ (غَيْرَ مُضَآرّ وَصِيَّةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ)

(مَضارِ وَصيَّة)

 ٣٣٠

٢٣ ـ (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ)

(التي أرْضَعْنَكُم)

 ١٢٩ ، ١٣٠

٢٤ ـ (كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ)

(كَتَبَ اللهُ)

 ٤٦٧ ، ٤٦٨

٢٨ ـ (وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعيفاً)

 ......

 ٢٢٨

٣٤ ـ (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ)

(فَالصَّوالح قوانِتُ حَوافِظُ)

 ٤٩٦

٤٣ ـ (وَإِنْ كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء)

 ......

 ٤٢٥


٤٦ ـ (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ)

 ......

١٥٧

٥٨ ـ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ)

(يَأْمُرْكُمْ)

٥٤٢

٦١ ـ (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنـكَ صُـدُوداً)

(تَعَالُوا)

 ٥٥٦

٦٣ ـ (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْك كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوح وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ)

 ......

 ٢٨٤

٦٨ ـ (وَلَهَدَيْنَاهُم صِراطاً مُسْتَقِيماً)

 ......

 ٩٧

٧٢ ـ (وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ)

 ......

 ١٣٣

٧٣ ـ (وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً)

(لَيَقولُنَّ)

 ١٣٢

 (فَأَفُوزُ)

 ٤٣١

٧٨ ـ (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوج مُّشَيَّدَة)

(يُدْرِكُكُمُ)

 ٥٤٠

٩٠ ـ (أو جَاؤوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ)

(حَصِرَةً)

 ٥٦

 ......

 ٥٧١

١٠٠ ـ (وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً)

(يُدْرِكُهُ)

٤٣٤ ، ٤٣٦ ، ٤٣٧

(ثَمَّ يُدرِكَهُ)

٥٠٩

١٠٤ ـ (وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُواْ تَأْ لَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْ لَمُونَ كَمَا تَأْ لَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ)

(أَنْ تَكُونُوا)

 ٢٦٧

١٠٥ ـ (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ)

 ......

 ١٩٤

١٢٠ ـ (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً)

 ......

 ٢٠٤

(يَعِدْهُم ... وَمَا يَعِدْهُم)

 ٥٤٣

١٢٣ ـ (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاَأَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ)

 ......

١٧١


١٦٢ ـ (لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيك وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِك وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِك سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً)

 (والمقيمون)

 ٤١٦

١٦٤ ـ (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً)

 (اللهَ)

 ٢٤٠

١٧١ ـ (إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ)

 (إِنْ يَكُونَ)

 ٥٧٧

١٧٢ ـ (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً)

 (فَسَيُحْشُرْهُم)

 ٥٤٣

١٧٣ ـ (وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً)

 (فَيُعَذّبْهُمُ)

 ٥٤٣

١٨٤ ـ (لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيْماً)

 (ظَلَمَ)

 ٢٨٥

 (٥) سورة المائدة

٢ ـ (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْم أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)

 (يُجْرِمَنَّكُم) (إِنْ يَصُدّوكُمْ)

 ٥٢٩

و (صَدُّوكُمْ)

٦ ـ (وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ)

(وأرجلُكُم)

 ١٥٣

١٣ ـ (وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَة مِنْهُمْ)

 ......

 ٣٦٥

٣١ ـ (قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ)

(فَأُوَارِيْ)

 ٥٥٢

٣٢ ـ (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْس أَوْ فَسَاد فِي الأَرْضِ فَكَأَ نَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً)

 (فَسَاداً)

 ٢٤٢

٣٨ ـ (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا)

(والسَّارِقَ والسَّارِقَةَ)

 ٤٥

(فاقطعوا أيمَانَهُمَا)

 ٥٩

٥٠ ـ (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ)

(أَفَحُكْمُ)

١٥٥ ، ١٥٦ ، ١٥٨

(أَفَحَكَمَ) و (أَفَحَكَمُ)

 ٣٣٩

٥٢ ـ (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ)

(يَسارِعُونَ)

٢٠٦


٦٤ ـ (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)

 ......

٨٤

٦٩ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَخَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَهُمْ يَحْزَنُونَ)

(والصابِيين)

٤١٧ ، ٤١٨

٧١ ـ (وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ)

(ثم عُمُوا وَصُمّوا)

٢٣٣

٨٩ ـ (إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَة)

(أَهْالِيكُمْ) (أو كَاسوتِهم)

٣٣٤ ، ٥٥١

٩٥ ـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنْكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْل مِّنكُمْ)

 (مِثْلَ)

 ٣٥١

(يَحكُمُ بِهِ ذُو عَدْل)

 ١٣٦

 ......

 ٥٣٧

٩٦ ـ (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ)

 ......

 ٣٠٨

١٠٥ ـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)

(لاَ يَضُرْكُمْ) و (لاَ يَضِرْكُمْ)

 ٥٢٢

١٠٦ ـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْل مِّنكُمْ)

(شَهادَةٌ) و (شَهَادَةً)

 ٢٤٤

١١٧ ـ (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ ...)

 ......

 ٢٥٧

(٦) سورة الأنعام

٣ ـ (وَهُوَ اللَّهُ)

 ......

٤٤٥

٤ ـ (وَمَا تَأْتِيْهِمْ مِنْ آيَة)

 ......

٢١٩

٢٢ ـ (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً)

 ......

 ٢٠٢

٢٥ ـ (يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ)

 ......

 ٢٣٤


٢٧ ـ (يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَنُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المُؤمِنينَ)

(تَكُونُ)

 ٤٣١ ، ٤٣٢

(ولانُكَذِّبَ) و (ونكُونَ)

 ٤٣٢

(ولانُكَذِّبُ) و (ونكُونُ)

 ٤٣٢

٦٢ ـ (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ)

 ......

 ٤١٢

٧٤ ـ (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاك وَقَوْمَك فِي ضَلاَل مُّبِين)

(آزَرُ)

 ٤٥٧

٩٣ ـ (وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ)

(يقولون أخْرِجُوا)

٢٥١

٩٤ ـ (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)

(بَيْنُكُمْ)

 ٢٨٢

١٠١ ـ (بَدِيعُ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْء وهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ)

(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ صَاحِبةً)

 ١٦٠ ، ١٦٧

١٠٥ ـ (وَكَذَلِك نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْم يَعْلَمُونَ)

(دُرِسَتْ) و (دَارَسْتَ) و (دَرَسْنَ)

 ٢٣٤

١٠٩ ـ (قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ)

(يُشْعِرْكُمْ)

 ٥٤٢

 ......

 ٥٧٦

١١٠ ـ (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّة وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)

(وَيَذَرْهُمْ)

 ٥٤٢

١١٢ ـ (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْض زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً)

 ......

 ٥٠٣

١١٣ ـ (وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ)

(وَلْتَصْغَى) و (ولْيَرْضَوه ولْيَقْتَرِفُوا)

 ٥٠٣

١١٦ ـ (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوك عَن سَبِيلِ اللّهِ)

 ......

 ٢٦٩


١١٧ ـ (إِنَّ رَبَّك هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)

(يُضِلُّ)

١٨٨ ، ٢٦٧ ، ٢٦٨

 ......

٢٦٩ ، ٢٧٤

١١٩ ـ (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ)

 ......

 ٢٦٩

١٢٥ ـ (وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء)

 (ضَيِّقاً حَرِجاً)

١٥

١٢٧ ـ (وَهُوَ وَلِيُّهُمْ)

 ......

 ٤٤٥

١٣٧ ـ (وَكَذَلِك زَيَّنَ لِكَثِير مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكآؤُهُمْ)

(قَتْلُ أوْلاَدَهُمْ شُرَكَائِهِمْ)

 ٢٨ ، ٥١ ، ٥٢

(زُيّن .. قَتْلُ)

 ٢١١ ، ٢١٢

١٣٩ ـ (وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا)

(خالصةً) و (خالصاً)

٢٩٣

١٤٨ ـ (مَا أشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا)

 ......

 ١١٥ ، ١١٨

١٥٤ ـ (ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْء)

(أَحسنُ)

 ١٣٣ ، ١٣٥

١٥٧ ـ (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا)

(كَذَبَ)

 ٣٠٧

١٥٨ ـ (لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً)

 (يَومُ يَأتِي بَعضُ آياتِ رَبِّك)

١٥٨

(لاَتَنْفَعُ)

٢١٣ ، ٤٥٤

١٦٠ ـ (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)

 ......

٢١٤

١٦٢ ـ (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

(وَمَحْيايْ)

 ٥٢٨

(٧) سورة الأعراف

٧ ـ (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً)

 ......

 ٢٦٦ ، ٢٧١ ، ٢٧٢


١٩ ـ (وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)

(مِنْ هَذِي الشَّجرةِ)

 ١٢٨

٢٠ ـ (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)

 ......

 ١٠٦

٣٣ ـ (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)

 ......

٤٤٤

٣٥ ـ (يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي)

(تَأْتِيَنَّكُمْ)

 ٢١٩

٤٩ ـ (أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَة ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ)

(دَخَلُوا) و (أدْخِلُوا)

 ٢٥٢ ، ٢٥٣ ، ٥٧١

 ......

٤٥٩

٥٣ ـ (فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَو نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الّذِي كُنَّا نَعْمَلُ)

 (أو نُرَدَّ)

٤٤٣

٥٤ ـ (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّموَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً)

 (يَغْشى .. النهارُ)

 ٢٩٨ ، ٢٩٩

٨٢ ـ (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوط مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)

 ......

 ١٦٣ ، ١٦٤

١٢٧ ـ (أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الاَْرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ)

(وَيَذَرُك)

 ١٤٤

(وَيَذَرْكَ)

٥٤١

١٤٣ ـ (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ)

 ......

 ٢٤٠

١٥٠ ـ (فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الاَْعْدَاءَ)

 (تَشْمِتْ)

 و (تَشْمَتْ بي الأعداءُ)

٢٤٠ ، ٢٤١

١٥٧ ـ (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الاُْمِّيَّ)

 (الأَمّيَّ)

 ٤٩٨

١٥٧ ـ (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ)

(يَأَمُرُهُمْ)

٥٤٢

١٦٠ ـ (وَقَطَّعْنَاهُمْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً)

(عَشِرَةَ) و (عَشَرَة)

 ٤٨٢ ، ٤٨٣

١٦١ ـ (وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ)

(حِطَّةً)

 ٣٧١

١٩٣ ـ (سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ)

 ......

 ٤٣٣


١٩٤ ـ (إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عبادٌ أَمْثَالُكُمْ)

(عِبَاداً أمثالَكُمْ)

١٧٢

(٨) سورة الأنفعال

١ ـ (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الاَْنْفَالِ)

(يسألونك الأنفال)

 ٢٧٠ ، ٢٧١

٧ ـ (وَإِذْ يَعِدُ كُـمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَالْكَافِرِينَ)

 (يَعِدْكُمُ)

 ٥٤٣

١١ ـ (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ)

(مَا لِيُطَهّركُم)

 ٥٠٥ ، ٥٠٦

٣٢ ـ (وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِك)

 ......

 ٢٢

٣٥ ـ (وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصَدْيِةً)

(صَلاَتَهُمْ)

 ٩٨

(مكاءٌ وتصديةٌ)

١٦٧

٦٧ ـ (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا واللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ)

(الآخرةِ)

٣٤٠ ، ٣٤١ ، ٣٤٢

(٩) سورة التوبة

١ ـ (بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)

 ......

 ٣٢١

٣ ـ (أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ)

 ......

 ٤٣٠

٣ ـ (وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَاب أَلِيم)

(غَيْرَ مُعْجِزي اللهَ)

٣٣٢ ، ٣٣٣

٥ ـ (وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَد)

 ......

 ٢٧١ ، ٢٧٣

١٤ ـ (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْم مُّؤْمِنِينَ)

 ......

 ٥٠٩ ، ٥١٠

١٥ ـ (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)

 (وَيَتُوبَ)

 ٥٠٩ ، ٥١٠

٢٨ ـ (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيْكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)

 (عَائِلَةً)

 ٣٦٥


٤٠ ـ (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ)

 ......

 ٤٥٦

٤٦ ـ (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لاََعَدُّوا لَهُ عُدَّةً)

(لَهُ عُدَّهُ)

 ٤٩٤

٦٦ ـ (إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَة مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَ نَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ)

(تُعْفَ) و (تُعَذَّبْ)

 ٢٢٤

٩٢ ـ (وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ)

 ......

 ٤٩٨

١٠٠ ـ (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَان رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ)

(والأنْصَارُ)

 ٤١٨ ، ٤١٩

١٠٤ ـ (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ)

 ......

 ١٩٢

١٠٨ ـ (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَ ى مِنْ أَوَّلِ يَوْم أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)

 (فِيهُ رِجَالٌ)

 ١٠٣ ، ١٠٥

١٠٩ ـ (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَان خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُف هَار)

(على تَقْوَىً)

 ٨٨

١١١ ـ (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ)

 ......

٤٠٤

١١٢ ـ (أَلتَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ)

 (التائبينَ العابدينَ)

 ٤٠٤ ، ٤٠٥

١١٤ ـ (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لاَِبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَة وَعَدَهَا إِيَّاهُ)

(ومَا يَسْتَغفرُ إبراهِيمُ)

٤٩٠

(ومَا استَغْفَرَ إبراهيمُ)

 (١٠) سورة يونس

٤ ـ (وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ)

(أَنَّهُ)

 ١٧٣

(حَقّاً أَنَّهُ)

٤٠٩

١٠ ـ (وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

(أَنَّ الحمدَ)

 ١٨٢ ، ١٨٣

١٦ ـ (قُلْ لَّوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ)

(أَدْرَأْتُكُمْ)

٤٩ ، ٥٠

٢٨ ـ (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً)

 ......

 ٢٠٢

٣٨ ـ (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَة مِّثْلِهِ)

(بِسُورةِ)

 ٤١٤


٤٢ ـ (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَيَعْقِلُونَ)

 ......

 ١٣١ ، ١٣٣ ، ٥٠٠ ، ٥٥٦

٥٣ ـ (وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ)

(آلحقُّ هو)

 ٩٥

٥٨ ـ (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)

(فَلْتَفْرَحُوا)

 ٥١٨ ، ٥٢١ ، ٥٢٢

٧١ ـ (فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً)

(وَشُرَكاؤُكم)

 ١١٥

١٠٣ ـ (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ)

(نُجِّي المؤْمِنينَ)

 ٥٧٩

(وَكَذَلِكَ نُجِّي المؤْمِنينَ)

٥٨٠

 (١١) سورة هود

١٦ ـ (وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)

(وَبَاطِلاً)

 ١٤٩ ، ١٦٩

٢٨ ـ (مَكَانَكُم أَنْتُم وشُرَكَاؤكُم)

 ......

 ٤٦٨

٤٢ ـ (وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ)

(ابْنَاهُ)

 ٤٦٢

٦٧ ـ (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ)

 ......

 ٢٢١

٧٢ ـ (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ)

(وهذا بعلي شيخ)

 ١٤٧

٧٨ ـ (يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ)

(أَطْهَرَ لَكُمْ)

 ٥٤ ، ١١٨ ، ٤٦٠

٨٠ ـ (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْن شَدِيد)

(أَوْ آوِيَ)

 ٥١٠ ، ٥١١

٨٧ ـ (أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء)

 ......

٤٢٥

١٠٧ ـ (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّموَاتُ وَالأرْضُ)

 ......

 ٢٩٥

١٠٨ ـ (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأرْضُ)

 ......

 ٢٩٥

١١١ ـ (وإنَّ كُلاًّ لَمّا لَيُوَفّيَنَّهُمْ رَبُّك أَعْمالَهُم إنَّهُ بِمَا يَعْمَلونَ خَبِيرٌ)

(إِنْ كُلُّ إِلاّ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ)

 ١٧٩ ، ١٨٠ ، ٥٧٧

١١٦ ـ (وَا تَّبَعَ الَّذينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ)

 (وَأُتْبِعَ)

 ٣٣٤


(١٢) سورة يوسف

٤ ـ (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَعَشَرَكَوْكَباًوَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَرَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ)

(عْشَرَ)

٤٨١

١٠ ـ (قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَ لْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ)

(تَلْتَقِطْهُ)

 ٢١٥

 ......

٢٢٣

١٢ ـ (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)

(يُرْتِعْ)

٢٥٥ ، ٥٤٠

(يَرْتَعِ وَيَلْعَبُ)

٥٤٠

١٨ ـ (وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَم كَذِب)

 ......

 ٣٧٩

١٩ ـ (يَا بُشْرَى هَذَا غُلاَمٌ)

(يا بُشْرَايَ)

 ١١١

٢٠ ـ (وَشَرَوْهُ بِثَمَن بَخْس دَرَاهِمَ مَعدُوَدَة وَكَانُوا فِيْهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ)

 ......

٣٠٨

٢٣ ـ (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ)

(هَيْت)

 ٤٦٨

٢٦ ـ (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُل فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ)

(قُبُلُ)

 ٢٧٦

٢٧ ـ (وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُر فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ)

(دُبُرُ)

 ٢٧٦

٣١ ـ (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيْمٌ)

(بِشِرىً)

 ٣٠٨

٥١ ـ (قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوء)

(حاشا اللهِ) و (حاشَ الإلهَ) و (حَاشْ للهِ)

 ٣١٤ ، ٣١٥

٩٠ ـ (قَالُواْ أَءِنَّكَ لاََنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي)

(أَوْ أَنْتَ)

 ١٧٥

١٠٥ ـ (وَكَأَيِّن مِّن آيَة فِي السَّموَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ)

 (والأَرْضُ) و (والأرْضَ)

 ١٥٩ ، ٢٤٥

و (يَمْشُونَ عَلَيْهَا)

٢٤٥


١٠٨ ـ (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَة أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي)

(هذهِي)

 ١٢٩

١١١ ـ (وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْء وَهُدىً وَرَحْمَةً لِّقَوْم يُؤْمِنُونَ)

(ورحمةٌ)

١٤٤

 (١٣) سورة الرعد

١١ ـ (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ)

(بِأَمرِ اللهِ)

٤٠٣ ، ٤٠٤

٢٣ ـ (وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَاب)

 ......

 ٢٥٢ ، ٢٥٣ ، ٢٥٤

٢٤ ـ (سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)

 ......

٢٥٢ ، ٢٥٣ ، ٢٥٤

(فَنَعْم)

٣٩٩

 (١٤) سورة إبراهيم

١١ ـ (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)

 (فَلِيَتَوَكَّلِ)

 ٥١٧

١٣ ـ (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ)

 ......

 ٤٣٩

١٥ ـ (وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّار عَنِيد)

(واسْتَفْتِحُوا)

 ٤٣٩

١٨ ـ (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَاد اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْم عَاصِف)

(يَوْمِ)

٤١٤

١٩ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّموَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْق جَدِيد)

(أَلَمْ تَرْ)

 ٥٢٥

٢٢ ـ (مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ)

(بِمُصِرخِيِّ)

 ١١٢

٢٤ ـ (كَشَجَرة طَيِّبَة أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ)

 (ثَابت أصلُها)

 ٤٠٧

٣٤ ـ (وَآتَاكُمْ مِّنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)

 (كُلٍّ)

 ٢٥٨ ، ٢٥٩

٣٧ ـ (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَاد غَيْرِ ذِي زَرْع عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)

 (تَهوَى)

 ١٩٢


٤٦ ـ (وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ)

 (وإِنْ كادَ) و (لَتزُولُ)

 ١٧٨

(مَكْرِهُمْ لَتَزُولَ)

٥٠٨

٤٧ ـ (فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ)

(وَعْدَهُ رُسُلِهِ)

 ٥١

 (١٥) سورة الحجر

٥ ـ (مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّة أَجَلَهَا)

 ......

 ٢١٩

٢٢ ـ (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ)

 ......

 ٣٩٣

٨٦ ـ (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ)

(الخَالِقُ)

 ٣٩٠

 (١٦) سورة النحل

٦ ـ (وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ)

 ......

 ٢٨٩

٨ ـ (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَتَعْلَمُونَ)

 (لِتَرْكَبُوهَا زِينَةً)

 ٢٨٩

٢٨ ـ (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ)

 ......

٢٥٧

٣٢ ـ (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ)

 ......

 ٢٥٧

٤١ ـ (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً)

(لَنَثْويَنَّهُمْ)

 ٣٨٢

٥٣ ـ (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَة فَمِنَ اللَّهِ)

 ......

 ٣١٨

٥٥ ـ (لِيَكْفُرُواْ بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)

(فَيُمَتَّعُوا) و (يَعْلَمُونَ)

 ٤١٦

٦٢ ـ (وَيَجْعَلُونَ ِللَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الحُسْنَى)

(الكُذُبُ)

٤٠٥

٧٦ ـ (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْء وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاَهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لاَ يَأْتِ بِخَيْر)

 (يُوَجِّه)

 ٢٦٣

١١٦ ـ (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ)

(الكَذِبِ)

 ٤٥٠


١٢٤ ـ (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)

 ......

٤٩١

(١٧) سورة الإسراء

٧ ـ (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُئُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّة وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً)

(وَلِنَسُوءاً)

 ٥١٧ ، ٥١٨

٩ ـ (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ)

 ......

١٩٩

٢٣ ـ (فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً)

(أُفٌ) و (أَفَ) و (أُفٌّ)

 ٤٧٢

٣١ ـ (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاق نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْأً كَبِيْراً)

(خَطَاءً) و (خَطاً) و (خِطاً) و (خِطئا)

 ٣٥٢ ، ٣٥٣

٣٣ ـ (وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَيُسْرِفْ فِّي الْقَتْلِ)

(يُسْرِفُ)

٥٧٢

٤٤ ـ (وَإِن مِّن شَيْء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)

 ......

١٧٣

 (١٨) سورة الكهف

٢ ـ (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ)

 ......

٢٦٥

١٢ ـ (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً)

 ......

 ١٨٨ ، ٢٦٩

١٧ ـ (وَتَرَى الشَّمْسَ إذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عن كَهْفِهِمْ)

 ......

 ٢٤٥

١٨ ـ (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ)

 ......

 ١٠٩

(وَتَقَلُّبَهُمْ)

٢٤٥

 ......

٣٥٢

٢٢ ـ (وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ)

(خَمَسَةَ)

 ٤٨٨

٢٨ ـ (وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)

(تُعْدِ عَيْنَيْك)

 ٢٤١

٢٩ ـ (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)

 (وَقُلَ الحَقُّ)

 ٣٢١ ، ٣٢٦ ، ٣٢٧


٣٠ ـ (إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَن أَحْسَنَ عَمَلاً)

 ......

١٥٩

٣١ ـ (وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُس وَإِسْتَبْرَق)

(واسْتَبْرَقَ) و (مِنَ اسْتَبْرَقَ)

 ٤٩١

٣٨ ـ (لَكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي)

(لَكِنْ أَنَا هُوَ اللهُ رَبِّي) و (لكِنْ هُوَ اللهُ رَبِّي)

 ١١٩ ، ١٢٠

٤٧ ـ (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)

 ......

 ٢٠٢

٦٠ ـ (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً)

 (مَجْمِعَ)

 ٣٨٧ ، ٣٨٨

٧٧ ـ (فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَة اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّـفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَـضَّ فَـأَ قَامَهُ)

(يُرِيدُ لِيُنْقَضَ)

٣٨١ ، ٥٠٨

٨٠ ـ (وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً)

(مُؤمِنَانِ)

١٦٥

٨٩ ـ (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا)

(رَبَّكُمْ)

 ١٠٩ ، ١١٠

١٠٩ ـ (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً)

 ......

 ٢٨٧

 (مِدَاداً)

٣٠١

 (١٩) سورة مريم

٥ ـ (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنك وَلِيـًّا)

(خَفَّتِ)

٢٩٤

٦ ـ (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً)

 ......

٢٩٤

٨ ـ (أَنَّي يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً)

(عَتِيّا)

٣٥٧


٢٧ ـ (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ)

 ......

٢٩٩

٣١ ـ (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاة)

 ......

٤٢٨

٣٢ ـ (وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً)

 (وبِرّا)

 ٤٢٨

٥٨ ـ (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِـيّاً)

(بُكيا)

 ٣٥٧

٦٩ ـ (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَة أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً)

(أَيَّهُمْ)

 ٥٣

(عُتِياً)

٥٤٥

٧٠ ـ (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً)

(صَلِيّا)

 ٣٥٧

٨٢ ـ (كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا)

(كَلاًّ) و (كُلاً)

 ٣٧٢ ، ٣٧٣

٨٩ ـ (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً)

(أدَّا)

 ٣٣٥

٩٥ ـ (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً)

 ......

 ٤٩٩ ، ٥٠٠

(٢٠) سورة طه

١٥ ـ (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا)

(أَخْفِيهَا)

 ٥٠٦ ، ٥٠٧

١٨ ـ (قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى)

 (هِيَ عَصَايِ)

١١١

(وَأَهُسُّ)

١٩٣

٣٩ ـ (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي)

(وَلْتُصنَعْ)

 ٥٢١

٥٩ ـ (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً)

(يَحْشُرَ النَّاسَ) و (تحشر)

 ٢٠١

(يَومَ)

٢٧٧ ، ٢٧٨

٦٦ ـ (فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى)

(تُخَيَّلُ)

 ٤٥٤

٩٦ ـ (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ)

 ......

 ٣٤٧

٩٧ ـ (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَك فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَك مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً)

(لاَمَسَاسِ)

 ٤٧٣ ، ٤٧٤ ، ٤٧٥

 ......

٥٢٧


١١٥ ـ (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)

 (فَنَسِيْ)

٥٦١

١٢٤ ـ (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)

 (وَنَحْشُرْهُ)

٤٢٩

 (٢١) سورة الأنبياء

٢٤ ـ (هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ)

(ذِكْرٌ مِن مَّعِيَ وَذِكْرٌ مِن)

 ٢٨٣

 (الحقُّ فَهُمْ)

١٤٦

٢٩ ـ (وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ الظَّالِمِينَ)

(نُجزيهُ)

 ٢٧١

٣٠ ـ (أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّموَاتِ وَالاَْرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْء حَيّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ)

(رَتَقاً)

 ٣٥٥

٣٧ ـ (خُلِقَ الإِْنْسَانُ مِنْ عَجَل)

 ......

٢٢٩ ، ٣٣٦

٤٧ ـ (وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّة مِنْ خَرْدَل أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)

 ......

١٧١ ، ٢٦٢

٤٨ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ)

(الفُرْقَانَ ضِيَاءً)

 ٢٨٦

١٠٩ ـ (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ)

(أَدْرِيَ)

 ٥٥٣

١١١ ـ (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين)

(أدْرِيَ)

 ٥٥٣

١١٢ ـ (قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّوَرَبُّنَاالرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَاتَصِفُونَ)

(قُل رَبُّ)

 ٤٥٩

(رَبِّي أَحْكَمُ)

٤٦١

(٢٢) سورة الحج

٥ ـ (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً)

 ......

 ٣٦٤

١٠ ـ (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ)

 ......

 ٤٤٠

١١ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْف فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)

 ......

٤٥٢


١٣ ـ (يَدْعُواْ لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ)

 ......

 ٤٠٦

٢٣ ـ (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَب وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ)

 ......

٢٤٦

٢٥ ـ (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَاد بِظُلْم نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيم)

 ......

 ٤٥٤

٢٦ ـ (وَإِذْ بَوَّأْ نَا لاِِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِك بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)

 ......

 ٤١٨ ، ٤١٩ ، ٥٤١

٢٧ ـ (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوك رِجَالاً وَعَلَى كُـلِّ ضَامِر يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجّ عَمِيق)

(وَأَذِنَ)

٤١٨ ، ٤١٩ ، ٥٤١

٢٩ ـ (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)

 ......

٥٠٣

٦٧ ـ (لِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يَنَزِعَنَّكَ فِي الاَْمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيم)

(يَنْزِعَنَّك)

 ٥٤٤ ، ٥٤٥

(٢٣) سورة المؤمنون

١٤ ـ (ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ)

 ......

 ٥١٧

٢٠ ـ (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغ لِّلآكِلِينَ)

(تُنبِتُ) و (تَخْرُجُ بالدُّهِنِ)

 ٢٦٠ ، ٢٩٥ ، ٢٩٦

٢١ ـ (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقيِكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)

(تَسْقِيكُمْ)

 ٣١٧ ، ٣١٨

٣٥ ـ (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمـُقِيمِي الصَّلاَةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)

(الصَّلاةَ)

 ٣٣٢ ، ٣٣٣

٣٦ ـ (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ)

(هَيْهَاتِ هَيْهَاتِ) و (هَيْهَات هَيْهَات) و (هَيْهَاتٌ هَيْهَاتٌ) و (هَيْهَاتْ هَيْهَاتْ)

 ٤٧٥ ، ٤٧٦

٤٣ ـ (مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّة أَجَلَهَا)

 ......

 ٢١٩

٤٤ ـ (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ)

 (تَترَىً)

 ٨٨

٥٥ ـ (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَال وَبَنِينَ)

 ......

 ١١٤ ، ١١٥


٥٦ ـ (نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لاَّ يَشْعُرُونَ)

(نُسْرِعُ لَهُمْ) و (يُسَارَعُ)

 ١١٣ ، ١١٤

٧١ ـ (وَلَوِاتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّموَاتُوَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ)

(وَلَوُ اتَّبَعَ)

 ١٠٨ ، ٥٣٤

١٠٨ ـ (قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَتُكَلِّمُونِ)

 ......

 ١٧٤

١٠٩ ـ (إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي)

(إِ نَّهُ) و (أَنَّهُ) و (ولا تُكَلِّمونِ كانَ فريقٌ) و (أَن كَانَ فَرِيقٌ)

١٧٤

(٢٤) سورة النور

١ ـ (سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَاوَفَرَضْنَاهَاوَأَنزَلْنَافِيهَا آيَات بَيِّنَات لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)

(سُورَةً)

 ٢٤٧ ، ٢٤٨

٢ ـ (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِد مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَة وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ)

(الزَّانِيَةَ وَالزَّانِيَ)

 ٤٥ ، ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، ٤٠٨ ، ٥٣٧

٤ ـ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً)

(بِأَرْبَعَة)

 ٤١٠ ، ٤٨٩ ، ٤٩٠

٧ ـ (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)

(أَنْ لَعْنةُ)

 ٥٧٨ ، ١٨٤ ، ١٨٥

٩ ـ (وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)

 (أَنْ غَضَبُ)

 ٥٧٨ ، ١٨٤ ، ١٨٥

١١ ـ (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِْفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ)

 ......

٢٧٣

١٥ ـ (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ)

(تَلِقُونَهُ)

 ٢٧٢

٢٢ ـ (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)

(وَلْتَعْفُوا وَلْتَصْفحُوا)

 ٥٢١

٢٥ ـ (يَوْمَئِذيُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَالْحَقُّ الْمُبِينُ)

(الحَقُّ)

 ٤١١

٣١ ـ (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ)

 ......

 ٤٢٧


٣٣ ـ (وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبـْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُّنَّ فَإِنَّ اللهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)

 (إكْرَاهِهِنَّ لَهُنَّ غَفُورٌ)

٣١١

٣٥ ـ (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبَارَكَة زَيْتُونَة لاَ شَرْقِيَّة وَلاَ غَرْبِيَّة يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ)

(يَوَقَّدُ)

 ٥٧٩

(يَمْسَسْهُ)

٢٢١

٣٧ ـ (رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاة)

 ......

٤٩٥

٤٣ ـ (يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالاَْبْصَارِ)

 (يُذْهِبُ)

 ٣٠٩ ، ٣١٠

٥١ ـ (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

(قولُ)

 ١٦٣

٥٥ ـ (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الاَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ)

 ......

٣٨٢

 (٢٥) سورة الفرقان

١٠ ـ (تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذَلِكَ جَنَّات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَّكَ قُصُوراً)

(وَيَجْعَلَ)

٥١٣

١٨ ـ (قَالُواسُبْحَانَكَ مَاكَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ)

 ......

٢٤٢

(نُتَّخَذَ)

٢٩٦ ، ٣١٣

٢٥ ـ (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلاَئِكَةُ تَنْزِيلاً)

(وَنُزِلَ)

 ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، ٣٧٣ ، ٣٧٥

٣٦ ـ (فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً)

(فَدَمِّرانِّهم)

 ٥٤٦

٤٢ ـ (إِنْ كَادَ لِيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا)

 ......

 ١٧٧

٤٨ ـ (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ)

(بُشْرَى)

 ٢٩١

٦٨ ـ (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً)

 ......

 ٤٥١ ، ٤٥٢

٦٩ ـ (يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً)

 ......

 ٤٥١ ، ٤٥٢


(٢٦) سورة الشعراء

١٠ ـ (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)

 ......

٢٥٣ ، ٢٥٤

١١ ـ (قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلاَ يَتَّقُونَ)

(تَتَّقُونَ)

 ٢٥٣ ، ٢٥٤

١٨ ـ (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً)

 ......

 ٢٨٩

٢٢ ـ (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ)

 ......

 ٥٦٨

٢٤ ـ (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ)

 (مُمْطِرُنَا قَالَ هودٌ بَلْ)

 ٢٥٤

٥١ ـ (إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ أَلْمُؤْمِنِينَ)

(إن كُنَّا)

 ٥٣٠

٧٢ ـ (قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ)

 ......

 ١٩٥ ، ٣٤٠

(يُسمِعُوَنَكُم)

٢٦٣

١١١ ـ (قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الاَْرْذَلُونَ)

(وأتباعُك)

 ١١٧

 ......

٢٨٩

١٩٨ ـ (وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الاَْعْجَمِينَ)

(الأَعجَمِيِّين)

 ٨٥

٢٠٢ ـ (فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ)

(فَتأْتِيَهم)

٢٠٣

٢١٠ ـ (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ)

(الشيَّاطُونَ)

 ٥٠ ، ٥١ ، ٨٦

(٢٧) سورة النمل

٩ ـ (إنَّهُ أَنَا اللهُ)

 ......

 ١٢٠

١٠ ـ (إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ)

 ......

 ٢٨٥

١١ ـ (إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوء)

 ......

٢٨٥

١٩ ـ (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ)

(ضَحِكاً)

 ٣٧٥

٢٣ ـ (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْء وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ)

 ......

 ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، ٢٥٩


٥٩ ـ (ءَآللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ)

 ......

 ١٥١

٦٠ ـ (أَمَّنْ خَلَقَ السَّموَاتِ وَالاَْرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَة مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا)

(أَمَنْ خَلَقَ)

 ١٥٠

٦٥ ـ (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوط مِّن قَرْيَتِكُمْؤ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)

(جوابُ)

 ١٦٢ ، ١٦٣

٨٧ ـ (وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الاَْرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ)

 ......

٢١٦

(أَتَاهُ)

 ٤٩٩ ، ٥٠٠

(٢٨) سورة القصص

١٥ ـ (فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ)

 ......

٤٩٠

٢٢ ـ (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ)

 ......

 ٥١٥

٢٣ ـ (وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ)

 ......

 ٢٥٥

٤٥ ـ (وَمَا كُنْتَ ثَاوِياً فِى أَهْلِ مَدْيَنَ)

 ......

 ٣٨٣

٥٧ ـ (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْء)

 (ثُمُرات)

 ٨٧

٧٦ ـ (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ)

(لَيَنُوءُ)

 ٢٢٠

٧٩ ـ (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِى زِينَتِهِ)

 ......

 ٣٠٥

٨١ ـ (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الاَْرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَة يَنصُرُونَهُ)

(بهُو وَبِدَارِ هُو)

 ١٠٥ ، ١٠٦ ، ٢٧٢

٨٢ ـ (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالاَْمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاَ أَن مَّنَّ اللهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَ نَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ)

(لانْخُسِفَ) و (لخُسِف)

٢٣٤ ، ٢٦٤

(ويْكَ أَنَّهُ)

٤٧٠


(٢٩) سورة العنكبوت

١٧ ـ (إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً)

(تَخَلَّـقُونَ) و (أَفِكَا)

 ٣٥٤

١٨ ـ (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ)

 ......

 ٩٣

 (٣٠) سورة الرُّوم

٤ ـ (لِلَّهِ الاَْمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)

 ......

 ٢٧٦ ، ٢٧٧

١٧ ـ (فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)

(حيناً)

 ٣١٦

٢٧ ـ (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُاْ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ)

 ......

٣٠٨

٥٠ ـ (فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الاَْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)

(أَثَر رحمة الله كَيْفَ تُحْيي)

 ٢٩٦ ، ٢٩٧

٦٠ ـ (وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ)

 ......

٥٤٥

 (٣١) سورة لقمان

٢٦ ـ (إِنَّ اللهَ هُوَ الغَنِيُ الحَمِيدُ)

(الله الغَنِيُ)

 ٢٥

٢٧ ـ (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ)

(وَبَحرٌ يُمِدُّهُ)

 ١٥٤

(والبَحْرُ مِدَادُهُ)

 ١٥٥ ، ٤٣٠

(والبَحْرَ يَمُدُّهُ) و (بَحْرٌ يَمُدُّهُ)

 ٤٣١

(٣٢) سورة السجدة

١٧ ـ (فَلاَتَعْلَمُ نَفْسٌ مَّاأُخْفِيَ لَهُمْ مِّن قُرَّةِ أَعْيُن جَزَاءً بِمَا كَانُوايَعْمَلُونَ)

(قُرَّاتِ)

٣٦٦

(٣٣) سورة الأحزاب

٣٠ ـ (يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة مُّبَيِّنَة يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ)

(من تأت)

١٣٠ ، ١٣١


٣٢ ـ (يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَد مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْـتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ)

(فَيَطْمَعِ)

 ٥٢٣

٣٣ ـ (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)

 ......

 ٥٥٧

٣٥ ـ (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ)

 ......

 ٤٩٦

٤٠ ـ (مَاكَانَ مُحَمَّدٌأَبَاأَحَدمِنْ رِجَالِكُم وَلَكِن رَسُولُ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبيِّينَ)

 ......

١٤٥

 (وَلَكِنَّ رَسُولَ)

١٨٥ ، ١٨٦

٥١ ـ (تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَاآتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ يَعْلَمُ مَافِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً)

(كُلَّهُنَّ)

 ٤١٥

٥٦ ـ (إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)

(فَصَلُّوا)

 ٥٣٨

٦٤ ـ (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً)

 ......

 ٢٠٨

٦٥ ـ (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)

 ......

 ٢٠٨

٦٦ ـ (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ)

 (تُقَلِّبُ وُجُوهَهُم)

٢٠٨

 (نُقَلِّبُ وُجُوهَهَمْ)

٢٠٨

(٣٤) سورة سبأ

٣ ـ (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ)

 (لَيَأتِيَنَّكم)

٢٢٣

١٧ ـ (ذَلِك جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ)

 ......

 ٢٧١

١٩ ـ (رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا)

(رَبُّنَا بَاعَدَ)

 ٢٣

(رَبُّنَا بَعَّدَ) و (رَبَّنَا بَعُدَ) و (رَبُنَا بَاعَدَ)

٢٨١


٢٠ ـ (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَـنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ)

(صَدَقَ عَلَيْهم إبليسَ ظَنُّهُ)

 ٢٠٢ ، ٢٠٣

٢١ ـ (وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَان إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكّ)

(لِيُعْلَمَ)

 ٢٠٢

٢٣ ـ (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)

(فَرَّغَ) و (فَزَّعَ)

٢٠٦

٢٤ ـ (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلاَل مُّبِين)

 ......

٤٢٤

٣١ ـ (لَوْلاَ أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ)

 ......

 ٤٤٤

٣٢ ـ (أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُّجْرِمِينَ)

 ......

٢١٠ ، ٤٤٤

٣٣ ـ (وقَالَ الَّذِينَ استُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَروا بَلْ مَكْرُ الليلِ والنَّهَارِ إذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ باللهِ ونَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادَاً)

(مَكَرُّ)

 ٢١٠ ، ٤٤٣

(مَكْرٌ اللَّيلَ والنَّهارَ) و (مَكَرَّ) و (بَلّ) مَكَرَّ

٢٧٩ ، ٤٤٣

٣٧ ـ (فَأُوْلئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَاعَمِلُواوَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ)

 ......

٤٩٧

٤٠ ـ (أَهؤلاءِ إيّاكُم كَانُوا يَعْبُدون)

 ......

 ١٦٩

٥١ ـ (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَان قَرِيب)

(وَأَخْذٌ)

 ٢١٠ ، ٤١٩

(٣٥) سورة فاطر

١ ـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَة مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ)

(فَطَرَ)

 ٢٤٩

(جَاعِلُ) و (جَعَلَ الملائكةَ)

٢٥٠

٣٥ ـ (لاَ يَمَسُّنَا فِيْهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيْهَا لُغُوبٌ)

(لَغُوبٌ)

 ٣٥٨

٣٦ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا)

(فَيَمُوتُونَ)

 ٢٣٠


٤٢ ـ (فَلَمَّا جَاءهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً)

 ......

 ٩٩

٤٣ ـ (اسْتِكْبَاراً فِي الاَْرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ)

(ومكراً سيئاً)

٩٨ ، ٩٩

 (٣٦) سورة يس

١ ـ (يس)

(ياسينَ) و (ياسينِ) و (ياسينُ)

 ٣٢٢

٢ ـ (وَالقُرْءَانِ الحَكِيمِ)

 ......

 ٣٢٢

١٠ ـ (وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ)

(أَنذَرْتَهُم)

 ٥٦٩

١٨ ـ (إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ)

 ......

 ٥١٣

١٩ ـ (قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ)

 (أَنْ ذُكرْتُمْ)

 ٥١٢ ، ٥١٣

(أَيْنَ ذُكِرْتُمْ)

٥٣٤ ، ٥٣٥

٢٩ ـ (إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ)

(صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ)

 ٢١٧

٣٨ ـ (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرّ لَّهَا ذَلِك تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)

(لا مُستقرَّ لَهَا)

 ١٨٧

٤٠ ـ (لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَك يَسْبَحُونَ)

(النهارَ)

 ٣٣٣

 ......

٥٠٠

٤٦ ـ (وَمَا تَأْتِيْهِمْ مِنْ آيَة)

 ......

 ٢١٩

٥٢ ـ (يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ)

(بَعْثِنَا)

 ٣١٢

٥٧ ـ (لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ)

 ......

 ١٤٢ ، ٣٧٦ ، ٢٨٧

٥٨ ـ (سَلاَمٌ قَوْلاً مِن رَّبّ رَّحِيم)

(سَلْمٌ) و (سِلْمٌ)

 ١٤٢ ، ٣٧٦

(سَلاَماً)

٢٨٧ ، ٣٧٦

٦٥ ـ (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)

 (أفْواهِهِمُ وَلِتُكَلِّمُنَا أَيْدِيِهم ولِتََشْهَدَ أرُجُلُهُمْ)

 ٤٤٢


٧٢ ـ (وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ)

(رُكوبُهُمْ) و (ركوبتهم)

 ٣٤٤ ، ٣٤٥

 (٣٧) سورة الصافّات

٦ ـ (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَة الْكَوَاكِبِ)

(بزِيِنةِ) و (الكواكبَ)

 ٤٤٩

٨ ـ (وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِب)

 ......

 ٢٧٤ ، ٣٦٢

٩ ـ (دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ)

(دَحُوراً)

 ٢٧٤ ، ٣٦٢

٣٨ ـ (إِنَّكُمْ لَذَائِقُوا الْعَذَابِ الاَْلِيمِ)

(العَذَابَ)

 ٣٣٣

٥٤ ـ (قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ)

(مُطْلِعُونَ)

 ٥٤٦

٥٥ ـ (فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ)

(فَأَطْلِعَ)

 ٥٤٦

٩٤ ـ (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ)

(يَزِفُونَ)

 ٥٥٧

١٢٣ ـ (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ)

(وَإنَّ الْيَاسَ)

١٢١

١٣٠ ـ (سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ)

(الْيَاسِينَ)

 ١٢١ ، ٤٩٩

١٤٧ ـ (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ)

(أَلفوَيَزِيدُونَ)

 ١٤٥ ، ١٤٦ ، ٤٢١ ، ٤٢٢ ، ٤٢٣ ، ٤٢٤ ، ٤٢٥ ، ٤٢٦ ، ٤٢٧ ، ٤٤٧ ، ٥٣٣

١٦٣ ـ (إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ)

(صالُ)

 ٥٥٦

١٧٦ ـ (أفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ)

 ......

 ٢٢٩

١٧٧ ـ (فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ)

(نُزِلَ)

 ٢٢٩ ، ٢٣٠

(٣٨) سورة ص

١ ـ (ص وَالْقُرْءَانِ ذِي الذِّكْرِ)

(وَالقُرآنَ)

 ٥١

(صَادِ)

 ٣٢١ ، ٣٢٥

(صَادَ)

٣٢٢


٥ ـ (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)

(عُجَّابٌ)

 ٣٨٣

٦ ـ (وَانْطَلَقَ الْمَلاَُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا)

 ......

 ٥٧٨

٢٣ ـ (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً)

(تَسْعٌ)

 ٤٨٩

٢٤ ـ (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ)

 ......

٣٤٦ ، ٣٦٨

٥٠ ـ (جَنَّاتِ عَدْن مُفَتَّحَةً لَهُمُ الاَْبْوَابُ)

 ......

٤٥٤

٧٠ ـ (إِن يُوحَى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ)

(إلاّ إِنَّمَا)

 ٤٩٢

٥ ـ (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)

(عُجَّابٌ)

 ٣٨٣

٦ ـ (وَانْطَلَقَ الْمَلاَُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا)

 ......

 ٥٧٨

٢٣ ـ (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً)

(تَسْعٌ)

 ٤٨٩

(٣٩) سورة الزُّمر

٣ ـ (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُـقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى)

 (قَالوا مَا نَعُبُدُهُمْ)

 ٢٥٠

٣٠ ـ (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)

(مَائِتٌ)

 ٣٨٥

٣٣ ـ (وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ)

 ......

 ١٣٠

٦٠ ـ (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا)

 ......

 ٢٧٦

٦٧ ـ (وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِيْنِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)

(مَطْوِيَّات)

 ٤٧ ، ٢٩٤

٧٣ ـ (حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا)

 ......

 ٤٤٢

 (٤٠) سورة غافر

٣ ـ (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ)

 ......

٣٩٠

٢٨ ـ (وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفاً)

 ......

 ٢٢٩

٢٩ ـ (ومَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ)

(إلاَ سَبِيلَ)

 ٣٩١

٥٩ ـ (إِنَّ السَّاعَةَ َلآتِيَةٌ لاَ رَيْبَ فِيهَا)

 ......

 ٥٣٣

٧١ ـ (إِذِ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ)

(والسَّلاسِلَ)

 ٤٣٣


(٤١) سورة فصلت

١١ ـ (قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)

 (آتَينَا)

 ٢٦١

٢٤ ـ (وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ)

(يُسْتَعْتَبُوا ... المُعْتِبِيِنَ)

 ٥٣١ ، ٥٣٢

٤٤ ـ (فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاْعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ)

 (أَعْجمِيٌّ)

 ١٤٨

٤٩ ـ (لاَ يَسْأَمُ الإِْنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ)

 ......

 ٣٤٦ ، ٣٦٨

 (٤٢) سورة الشورى

١ ـ (حم)

 ......

 ٣٢٤

٢ ـ (عسق)

 ......

 ٣٢٤

٢١ ـ (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)

(وأَنَّ الظَّالمِينَ)

 ٤٤١

 (٤٣) سورة الزخرف

١١ ـ (فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً)

(مَيِّتاً)

 ٣٨٥ ، ٣٨٦

١٩ ـ (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَ لُونَ)

(أُشْهِدُوا)

 ٤٠٥

٢٠ ـ (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ ..)

(نُؤتِهُ)

 ١٠٦

٣٣ ـ (وَلَوْلاَ أنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمةً وَاحِدَةً)

 ......

 ١١٤

٣٥ ـ (وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)

(لِمَا مَتَاعُ)

 ١٣٥ ، ١٨٠

٧٧ ـ (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ)

(يَا مَالِ)

٤٦٢ ، ٤٦٣ ، ٤٦٤

٨٠ ـ (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)

(يَسْمَعُ)

٤٢٠

(رُسُلْنَا)

٤٥٤ ، ٥٤٢ ، ٥٤٣

٨١ ـ (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ)

 ......

 ٥٧٧

٨٥ ـ (وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)

 ......

٣٦٨ ، ٤١٩


٨٨ ـ (وَقِيْلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ)

(وَقيِلُهُ) و (وَقيِلَهُ)

 ٣٦٧ ، ٣٦٨ ، ٤١٩ ، ٤٢٠

(٤٤) سورة الدّخان

٥٣ ـ (يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُس وَإِسْتَبْرَق)

 ......

 ٣٣١

١٦ ـ (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى)

 (نُبْطِشُ)

 ٣٧٧

٥٤ ـ (وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُور عِين)

(بِحورِ)

 ٣٣١ ، ٢٤٩

(٤٥) سورة الجاثية

١٣ ـ (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّموَاتِ وَمَا فِي الاَْرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لَّقَوْم يَتَفَكَّرُونَ)

(مَنُّهُ) و (مَنَّهُ) و (مِنَّةً)

 ١٤٦ ، ٣٧٨

٢٣ ـ (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ)

 ......

 ٢٦٨

٢٨ ـ (كُلُّ أُمَّة تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا)

(كُلَّ)

 ٤٥٥

٣٥ ـ (فَالْيَوْمَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ)

 ......

 ٥٣٢

(٤٦) سورة الأحقاف

٩ ـ (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ)

(بِدَعاً)

 ٣٣٧

١٥ ـ (وَوَصَّيْنَا الإِْنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً)

(حَسَناً) و (حُسْناً)

 ٣٨٦

٢٥ ـ (فَأَصْبَحُوا لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ)

(لا تُرَى) و (مَسْكَنُهُمْ)

 ٢١٧ ، ٢١٨ ، ٣٦٣

٣٥ ـ (لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَار بَلاَغٌ)

(بلاغاً)

 ٣٧٨

(٤٧) سورة محمّد ٩

١٨ ـ (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً)

(إنْ تَأْتِهِمْ)

 ٥٣٢


٢٤ ـ (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوب أَقْفَالُهَا)

 ......

 ٢٤٨

٣٧ ـ (إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ)

(وَيُخْرِجُ)

 ٥٣٣

 (٤٨) سورة الفتح

١ ـ (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِيناً)

 ......

 ٥٠٥

٢ ـ (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ)

 ......

 ٥٠٥

١٠ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يُبـَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبـَايِعُونَ اللهَ)

(لله)

 ٢٦٢

٢٩ ـ (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)

 ......

 ٢٩٠

(٤٩) سورة الحجرات

١ ـ (لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)

(تَقَدِّموا)

 ٢٦٣

١٠ ـ (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)

 ......

 ٨٣

١٣ ـ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)

(لِتَعرفوا)

 ٢٦٣

 (٥٠) سورة ق

١ ـ (ق وَالْقُرْآنِ الَْمجِيدِ)

(قافَ) و (قافِ)

 ٣٢٤

٣ ـ (أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ)

(إِذَا متنا)

 ٥٧٠

١٦ ـ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الاِْنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ)

 ......

 ٢٣٠

١٩ ـ (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الموتِ بالحَقِّ)

(الحَقِّ بالمَوْتِ)

 ٢٥ ، ٣٠٥ ، ٣٠٦

٢٤ ـ (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّار عَنِيد)

(أَلْقياً)

 ٥٤٨

٣٠ ـ (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلاَْتِ)

(يُقَالُ)

٢٢٨

٣٨ ـ (وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب)

(لَغُوب)

٣٦٢


(٥١) سورة الذاريات

٥٨ ـ (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)

(المَتينِ)

٣١٩

 (٥٢) سورة الطُّور

٣٠ ـ (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ)

 ......

 ٤٤٨

٣٢ ـ (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ)

(بَلْ هُمْ)

 ٤٤٧ ، ٤٤٨

٤٩ ـ (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ)

 ......

 ٢٧٧

 (٥٣) سورة النجم

٥٨ ـ (لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ)

(لَيْسَ لَهَا مِمَّا يَدُعونَ مِن دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ وَهْيَ عَلَى الظَّالميِنَ سَاءَتِ الغَاشِية)

 ٢٨٤ ، ٣٤٦

 (٥٤) سورة القمر

١ ـ (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)

(وَقَدِ انْشَقَّ)

 ٤٢٠ ، ٥٤٤

٣ ـ (وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْر مُّسْتَقِرٌّ)

(مُسْتَقِرٍّ)

 ٤٢٠

٩ ـ (وقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ)

 ......

 ٢٨٨

٢٤ ـ (أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ)

(أبشرٌ)

 ٢٨٨

٢٦ ـ (سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الْكَذَّابُ الاَْشِرُ)

(الأشَرُّ)

 ٥٧ ، ٣٩٥

٤٩ ـ (إِنَّا كُلَّ شَيْء خَلَقْنَاهُ بِقَدَر)

(كُلُّ)

 ٢٧٥

٥١ ـ (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ)

 ......

 ١٧٧

(٥٥) سورة الرَّحمن

٣ ـ (خَلَقَ الإنْسَانَ)

 ......

 ٢٢٨ ، ٢٣٠

٤ ـ (عَلَّمَهُ البَيَانَ)

 ......

 ٢٢٨ ، ٢٣٠


٦ ـ (والنَّجْمُ والشَّجَرُ يَسْجُدَانِ)

 ......

 ١٧٣ ، ٤٣٧

٧ ـ (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ)

(وَالسَّمَاءُ)

 ٤٣٧

٩ ـ (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ)

(تَخْسَرُوا)

 ٢٧٣

١٤ ـ (خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَال كَالفَخَّار)

 ......

 ٢٢٨

٥٤ ـ (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُش بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَق وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَان)

(مِنَ اسْتَبْرَقَ)

 ٤٩١

٧٦ ـ (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَف خُضْر وَعَبْـقَرِيّ حِسَان)

(وَعَبَاقِريَّ)

 ١٢٥

 (٥٦) سورة الواقعة

١ ـ (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ)

 ......

 ٥٣٥

٢ ـ (لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ)

 ......

 ٢٩٢

٣ ـ (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ)

(خافصةً رافعةً)

 ٢٩٢

٤ ـ (إِذَا رُجَّتِ الاَْرْضُ رَجًّا)

 ......

 ٥٣٦

٢٢ ـ (وَحُورٌ عِينٌ)

 (وحوراً عيناً)

 ٢٤٦ ، ٢٤٩

٢٩ ـ (وَطَلْح مَنْضُود)

(وَطَلْع)

 ٢٤

٤٧ ـ (أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ)

(إِذا) و (إِنَّا)

 ١٧٦

٥٥ ـ (فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ)

 ......

 ٣٥٤

٧٥ ـ (فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ)

(فَلاَءُ قْسِمُ)

٥٦٥

٨٢ ـ (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)

(شُكْرَكُمْ أنَّكُمْ)

 ٣٣٨

(٥٧) سورة الحديد

١٢ ـ (يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ)

(وبِإِيمَانِهِم)

 ٤٣٩ ، ٤٤٠

١٤ ـ (وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)

(الغُرُورُ)

 ٣٣٨

١٦ ـ (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ)

(أَلَمَّا يَأَنِ)

 ٥١٦

٢٩ ـ (لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْء)

(لَيْلاَ) و (لِيْلاَ)

 ٥٠٧ ، ٥٧٦ ، ٥٧٧


(٥٨) سورة المجادلة

٧ ـ (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَة)

(تكُونُ)

 ٢١٩

١٦ ـ (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ)

(إِيَمانَهُمْ)

 ٣٣٩

١٩ ـ (استحَوذَ عَلَيْهِمُ الشَّيطَانُ)

 ......

 ١٢٥

 (٥٩) سورة الحشر

٧ ـ (كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ بَيْنَ الاَْغْنِيَاءِ مِنكُمْ)

 (كي لاَتكونَ دُولَةٌ)

 ١٧٠

٢٣ ـ (الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ)

(القَدُّوس)

 ٣٩٤

(٦١) سورة الصَّف

٧ ـ (وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِْسْلاَمِ)

(يَدَّعِي)

 ٣١٤

 (٦٢) سورة الجمعة

٩ ـ (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)

(فامضوا إِلى ذِكْرِ اللهِ)

٢٤

(٦٣) سورة المنافِقون

٦ ـ (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ)

(آسْتَغْفَرْتَ) و (استَغْفَرتَ)

 ٥٦٦

١٠ ـ (لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَل قَرِيب فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ)

(وأكُونَ)

 ٤٣٠

 (٦٦) سورة التحريم

٦ ـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُوْدُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)

(وُقُودِهَا)

٣٣٧ ، ٣٦٠

٨ ـ (نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ)

 (بِإيمَانِهم)

 ٤٤٠


(٦٧) سورة المُلْك

٢٠ ـ (إِنِ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُور)

 ......

 ١٧٨ ، ١٧٩

٣٠ ـ (إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً)

 ......

 ٣٧٠

 (٦٨) سورة القَلَم

٣٩ ـ (أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ)

(بَالِغَـةَ)

 ٢٨٩

٤٢ ـ (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاق)

(تَكْشِفُ)

 ٢٠٧

(٦٩) سورة الحاقّة

١٤ ـ (وَحُمِلَتِ الاَْرْضُ وَالْجِبَالُ)

(وَحُمِّلَتِ)

 ٢٣٥

 (٧٠) سورة المعارج

١ ـ (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَاب وَاقِع)

 (سَالَ سَيْلٌ)

 ٣٦٩

١٩ ـ (إِنَّ الاِْنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً)

 ......

 ٢٢٧

 (٧٢) سورة الجنّ

٣ ـ (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً)

(جَدّا رَبُّنَا) و (جَدٌّ رَبُّنَا) و (جَدَّا رَبُّنَا)

 ٣٠١ ، ٤٤٩

٥ ـ (وَأَ نَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الاِْنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً)

(تَقَوَّلَ)

 ٣٧٩

١٥ ـ (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً)

 ......

 ٥٧٦

١٦ ـ (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ)

(وَأَنْ لَوُ)

 ١١١ ، ١١٢

٢٥ ـ (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ)

(أدْرِيَ)

 ٥٥٣


(٧٣) سورة المزّمّل

١ ـ (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ)

 (المُزَمِّل)

 ٢٥٨

٢ ـ (قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً)

(قُمَ)

 ١٠٩ ، ٣٢١ ، ٣٣٦ ، ٣٢٧

(قُمُ) و (قَمُ)

٣٢٥ ، ٣٢٧

 (٧٤) سورة المدّثّر

١ ـ (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ)

(المُدَثِّر)

 ٢٥٨

٦ ـ (وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)

(تَسْتَكْثِرْ) و (تَسْتَكْثِرَ)

 ٤٥٣ ، ٥١١

٣٠ ـ (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ)

(تِسْعَةَ عْشَرَ) و (تِسْعَةَ أَعْشُرَ) و (تِسْعَةُ وعْشَرَ) و (تِسْعَةُ عَشَرَ) و (تِسْعَةُ وعَشُرَ) و (تِسْعَةُ عَشَرَ)

 ٤٨٦

(٧٥) سورة القيامة

١ ـ (لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ)

 (لاَُقْسِمُ)

 ٥٦٥

٦ ـ (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ)

 (إِيَّانَ)

 ٢٨٠

١٠ ـ (يَقُولُ الإِْنْسَانُ يَوْمَئِذ أَيْنَ الْمَفَرُّ)

(المَفِرُّ)

 ٣٨٨

٤٠ ـ (أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِر عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى)

 (يُحْيِيْ)

 ٥٥٤

(٧٦) سورة الإنسان

١٢ ـ (وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً)

 ......

 ٢١٥

١٣ ـ (مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الاَْرَائِك)

 ......

 ٢١٥

١٤ ـ (وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا)

 ......

 ٢١٥


٢٤ ـ (وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً)

 ......

 ٤٢٣ ، ٤٢٥ ، ٤٢٦

٣١ ـ (وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً)

 (والظَّالمِوُنَ)

 ٤٣٤

 (٧٧) سورة المرسلات

١٦ ـ (أَلَمْ نُهْلِكِ الاَْوَّلِينَ)

(نُهْلِكْ)

 ٥٢٤

١٧ ـ (ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ)

(نُتْبِعْهُمْ)

 ٥٢٤

١٨ ـ (كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالُْمجْرِمِينَ)

 ......

 ٥٢٤

 (٧٨) سورة النبأ

١ ـ (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ)

(عَمَّا)

 ٥٧١

١٤ ـ (وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً)

 (بِالمُعْصِرَاتِ)

 ٣٠٦

٣٦ ـ (جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً)

(حُسَّابا)

 ٣٩٣

(٧٩) سورة النازعات

١٨ ـ (هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى)

 ......

 ١٩٠ ، ٣١٤

٣٢ ـ (وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا)

(والجِبَالُ)

 ٤٣٤

 (٨٠) سورة عبس

٢ ـ (أَنْ جَاءَهُ الاَْعْمَى)

 ......

 ٢٧٥

٢٢ ـ (ثُمَّ إِذَا شَاءَ أنْشَرَهُ)

 ......

 ١٦

 (٨٢) سورة الانفطار

٦ ـ (يَا أَيُّهَا الإِْنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)

(أَغَرَّك)

 ٣٤٧


(٨٤) سورة الانشقاق

١٩ ـ (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَق)

 ......

٥٤٧

 (٨٧) سورة الأعلى

٦ ـ (سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى)

 ......

 ٢٤٠

(٨٨) سورة الغاشية

٣ ـ (عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ)

(عاملةً نَاصِبَةً)

 ٢٩٣

٤ ـ (تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً)

 ......

٢٩٣

١١ ـ (لاَ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً)

 ......

 ٣٦٥

١٧ ـ (أَفَلاَ يَنْظُرُونَ إِلَى الإِْبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)

(خَلَقتُ)

 ٢٦٤

١٨ ـ (وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ)

(رَفَعتُ)

 ٢٦٤

١٩ ـ (وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ)

(نَصَبتُ)

 ٢٦٤

٢٠ ـ (وَإِلَى الاَْرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)

(سَطَحْتُ)

 ٢٦٤

٢٣ ـ (إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ)

(ألاَ مَنْ)

 ٥٣٦

٢٤ ـ (فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الاَْكْبَرَ)

 ......

 ٥٣٦

(٩٠) سورة البلد

١٤ ـ (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْم ذِي مَسْغَبَة)

 ......

 ٢٧٩

(ذَا مَسْغَبَة)

٤١٢ ، ٤١٣

١٥ ـ (يَتِيماً ذَا مَقْرَبَة)

 ......

 ٢٧٩

 (٩١) سورة الشمس

١ ـ (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا)

 ......

 ٥٦٥


١١ ـ (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا)

(بِطُغْوَاهَا)

 ٣٦٤

١٣ ـ (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا)

 ......

 ٢٤٨

 (٩٣) سورة الضحى

٣ ـ (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)

(وَدَعَك)

 ٥٥٨

٧ ـ (وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى)

 ......

 ٢٦٨

 (٩٤) سورة الشرح

١ ـ (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)

(نَشْرَحَ)

 ٥٤٨

 (٩٥) سورة التين

١ ـ (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)

 ......

 ٥٦٥

(٩٦) سورة العلق

١ ـ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك الَّذِي خَلَقَ)

 ......

 ٢٣٠ ، ٢٦١

٢ ـ (خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَق)

 ......

 ٢٢٨ ، ٢٣٠

١٥ ـ (لَنَسْفَعَاً بالنَّاصيةِ)

 ......

 ١٤٨

١٦ ـ (نَاصِيَة كَاذِبَة خَاطِئَة)

 ......

 ١٤٨

(٩٧) سورة القدر

٤ ـ (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر)

(امِرْىء)

 ٣٥١

٥ ـ (سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)

 ......

٣٥١

 (٩٩) سورة الزلزلة

٦ ـ (يَوْمَئِذ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ)

 ......

 ٢٠٢


(١٠٠) سورة العاديات

٤ ـ (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً)

(أَثَّرْنَ)

 ٣٦٨

٥ ـ (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً)

(فَوَسَّطْنَ)

 ٣٦٨

 (١٠١) سورة القارعة

٥ ـ (كَالعِهْنِ المَنْفُوشِ)

(كالصّوفِ المنفوش)

 ٢٤

(١٠٢) سورة التكاثر

٦ ـ (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ)

(لَتَرؤُنَّ)

 ٣٢٦ ، ٣٢٧ ، ٥٤٧

٧ ـ (ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ)

 ......

٣٢٦

(١٠٥) سورة الفيل

١ ـ (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ)

(أَلَم تَرْ)

 ٥٢٦

(١١٢) سورة الإخلاص

١ ـ (قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ)

 ......

 ١٢٠

٣ ـ (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ)

 ......

 ٥٦٠

٤ ـ (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)

 ......

 ٢٢٦

(كُفُواً لَهُ)

٢٢٧


٢ ـ فهرس الأحاديث

اقرؤوا كما علمتم.......................................................... ٢٧

اقرؤوا كما يقرأ الناس ، واقرؤوا كما علّمتم..................................... ٤٣

إنَّ هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسّر منه (موضوع)............. ٢٦

الراجع في هبته.......................................................... ٣٠٨

كذلك أُنزلت (موضوع)................................................... ٢٧

كذبوا أعداء الله ولكنّه نزل على حرف واحد من عند الواحد.................... ٢٧

كفى بالسيف شا....................................................... ٣٢٣

كلّ مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هُمَا اللّذان يهودانه أو ينصرانه...... ١٦٦

من وعد وعداً فكأنّما عهد عهداً........................................... ٣٨٠

من يقم ليلة القدر غُفِرَ لَهُ................................................ ٥٢٩

ولقد رأيتنا نتنازه عند رسول الله صلّى الله عليه وآله فيأمرنا فنقرأ عليه فيخبرنا أنّ كلّنا محسن (موضوع)   ٢٧


٣ ـ فهرس الأمثال والحكم

أصبح ليلُ.............................................................. ٤٦٠

أطرق كرا............................................................... ٤٦٠

إفتد مخنوق............................................................. ٤٦٠

تزبّبت وأنت حصرم....................................................... ٦٣

زبّبت قبل أن تحصرم........................................................ ٩

ما كلّ سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة........................................ ٣٤١

مع الخواطئ سهم صائب................................................. ٣٥٣

٤ ـ فهرس الشعر والرجز

أوّل البيت

آخرالبيت البحر

القائل

الصفحة

ـ الألف الليّنة ـ

أُسد

 الصفا

 رجز

أبوطالب

 ٨٧

ومجوفات

 النوى

 كامل

 ــ

٢٠٥

ـ أ ـ

فلا والله

 دواءُ

وافر

مسلم بن معبدالوالبي

١٨١

وأَعلم

سواءُ

وافر

غالب بن الحارث العكلي

 ٩٧

كأنَّ سبيئة

 ماء

وافر

حسان بن ثابت

 ١٦٨

مورثة

نسائكا

 طويل

 الأعشى

 ٢٦٥

والمرء

 بالوضاءِ

 كامل

 أبوصدقة الدبيري

 ٣٨٤


ـ ب ـ

طربت

يلعبُ

طويل

الكميت

٥٦٨ ، ٥٦٩

بأي كتاب

وتحسبُ

طويل

الكميت

٢٦٦

فما سودتني

ولا أبُ

طويل

عامر بن الطفيل

٥٥٢

وإِني

تغربُ

طويل

نصيب

٢٨٣

أستحدث

طَرَبُ

بسيط

ذو الرمّة

٥٦٥

تستبرق

القضبُ

بسيط

ــ

٤٩٢

قد علمت

مجربُ

رجز

مرحب اليهودي

٤١٥

من عنزيّ

لم أضرُبه

رجز

زياد الأعجم

٤٣٦

لم أرَ

عواقبُها

منسرح

عدي بن زيد

١٣٤ ، ١٣٥ ، ١٣٦

لهن عليهم

الكواثبِ

طويل

النابغة

٤٥٧

إذا كوكب

الغرائبِ

طويل

ــ

٣٤٤

أمرتك

نشبِ

بسيط

أعشى طرود

٢٦٦ ، ٢٧١

علي

عقاب

النابغة

 ١١٣

نحن

 طيابا

 

٣٨٤

هم

 بيت

 خفيف

 طرفة

 ٤٦٩

فلئن

 الأحزابِ

كامل

 ــ

 ٣٠٠

اني لدى

 وَهَبِ

رجز

 قصي بن كلاب

 ١١٥

معتزم

 أبي

رجز

قصي بن كلاب

 ١٢١

من حديث

 شرابي

 خفيف

 علفاء بن الحارث

٩٤

وكيف

مرحب

 متقارب

النابغة الجعدي

 ٣٣٧

جاؤوا

 العجب

 رجز

 ــ

٣٨٤

أزيرق

 الذنب

 رجز

 ــ

٣٨٤


ـ ت ـ

أبلغ

 أتيتا

 مجزوءالكامل

 ــ

٤٦٩

إن العراق

 هيتا

مجزوء الكامل

 ــ

٤٦٩

إن تذنبوا

فوت

 بسيط

 ــ

٤٣٥

ألا يابيت

 ما أَتيت

 وافر

 عمرو بن ثعناس

 ٤٥٧ ، ٤٥٨

ليس قومي

هيتُ

 خفيف

 طرفة

 ٤٦٩

كان لها

تبلتِ

طويل

 الشنفري

 ٢٥٥ ، ٢٥٨

يطاعن

تولتِ

 طويل

 الفرزدق

 ٢٧٧

كأن

بالموماةِ

رجز

 ــ

 ٥٥٠ ، ٥٥٢

أيدي

 ناعماتِ

رجز

 ــ

٥٥٠ ، ٥٥٢

بل جوز

الحجفتِ

 رجز

سؤرالذئب

 ٤٧٧

ـ ج ـ

قالت

 تلجلجا

 رجز

 ــ

 ٥٢٥ ، ٥٢٦

لو طبخ

 لأنضجا

 رجز

 ــ

٥٢٥ ، ٥٢٦

يا شيخ

تحججا

 رجز

 ـ

ـ ٥٢٥ ، ٥٢٦

قد مج

 رجا

 رجز

 ــ

 ٥٢٥ ، ٥٢٦

فاكتر

فالنجا

 رجز

 ــ

 ٥٢٥ ، ٥٢٦

واحذر

 أعوجا

 رجز

 ــ

 ٥٢٥ ، ٥٢٦

علجا

 عفنججا

 رجز

 ــ

 ٥٢٥ ، ٥٢٦

شربن

 نئيجُ

 طويل

 أبوكبيرالهذلي

 ٣٠٩

عجبت

 البنفسجِ

 طويل

 ــ

 ٤٦١

فقلت

 عرفجِ

طويل

 ــ

 ٤٦١

ـ ح ـ

سأترك

 فأستريحا

وافر

المغيرة بن حبناء

 ٥٠٩


وما الدهر

 أكدحُ

طويل

تميم بن مقبل

 ١٥٧

بدت

 أملحُ

طويل

ذوالرمّة

 ٤٤٦

ألا لايغرن

 وضحُ

 طويل

جران العود

 ٢٢١

ألا إن

منادحُ

طويل

لحيان المحاربي

 ٢٢١

ولما قضينا

ماسحُ

 طويل

 كثيرعزة

 ٢٥٦

وشدت

رائحُ

 طويل

 كثيرعزة

أخذنا

الأباطحُ

 طويل

 كثيرعزة

 ٢٥٦

ليبك

الطوائحُ

 طويل

 نهشل بن حري

 ٢١٢

وزفت

 الروحُ

بسيط

أبوذؤيب الهذلي

 ٥٥٧

كشفت

 الصراحُ

 كامل

سعدبن مالك

 ٢٠٧

يابؤس

 فاستراحوا

 مجزوءالكامل

سعدبن مالك

 ٤٧٨

وما أدري

شراحي

 طويل

 يزيدبن محمدالحارثي

 ٥٤٧

وأنت

 بمنتزاحِ

 وافر

 ــ

 ٣٣٠

ـ د ـ

ألم تغتمض

 مسهدا

 طويل

الأعشى ميمون

٢٣٢ ، ٣٧٤

ألا حي

أوفدا

 طويل

كعب بن جعيل

 ٤١٣

فدع

القصائدا

 ــ

 ــ

٣٠٠

إذا شئت

المولدا

طويل

 الأخطل

 ٥٥٢

كأنني

موجودا

 بسيط

عمربن أبي ربيعة

 ٤٧١

عَلامَ

عددا

 رجز

 ــ

٤٨٥

ربيته

أن أجلدا

 رجز

العجاج

 ٣٣٨

أريت

 أملودا

رجز

رؤبة

 ٥٤٠ ، ٥٤٧

مرجلاً

البرودا

 رجز

 رؤبة

 ٥٤٠ ، ٥٤٧

أقائلن

 الشهودا

 رجز

رؤبة

٥٤٠ ، ٥٤٧


نضون

 نهدا

 رجز

 ــ

 ٣٣٥

الناس

 المرشدُ

 طويل

عبيدبن الأبرص

 ٣٥٣

على الحكم

ويقصدُ

طويل

عبدالرحمن بن أم الحكم

 ٥٧٣ ، ٥٧٤

ألا أيّهذا

 عاهد

 طويل

 ــ

٤٦٠

وقد علم

 يقودها

 طويل

 ــ

 ١٦٤ ، ٢٨٦

ألهى

 مسجده

 رجز

 ــ

٤٣٦

ياأيّهاالقاضي

 أرشده

 رجز

 ــ

 ٤٣٦

رحيب

 المتجرّد

 طويل

 طرفة

 ٣٣١

وتبسم

 ندي

 طويل

 طرفة

 ١٨٦

وإن الذي

 خالدِ

 طويل

 الأشهب بن رميلة

١٣٠ ، ٣٣٢

يادار

 الأمد

 بسيط

 النابغة

 ٤٥٨

أرائح

 الوادي

 بسيط

 صخرالغي

 ٤٤٨

ومن يتق

وغادي

 وافر

 ــ

 ٥٢٦ ، ٥٢٧

غدوت

 وادي

 وافر

 أبوتمام

١٨٨ ، ٢٧٠

ألم يأتيك

 زياد

 وافر

قيس بن زهيرالعبسي

 ٣٠٧ ، ٤٣٦

شلت

 المتعمد

 كامل

عاتكة بنت زيدالعدوية

١٨١

أسقى

 الوادي

 رجز

 رؤبة

 ٢٠٩

وجوفه

 غادي

 رجز

 رؤبة

 ٢٠٩

كل أجش

 السوادِ

 رجز

 رؤبة

 ٢٠٩

ومستنّة

 بالمرود

 متقارب

 رجل من بني الحارث

 ٢٩٦ ، ٣٠٦

ومكارماً

تليدا

 ــ

أبوتمام

 ٥٣١

وبيداء

 بأجيادها

 متقارب

 الأعشى

 ٤١٢

ـ ر ـ

حراجيج

 قفرا

طويل

 ذوالرمّة

 ١٨٠


وما ألوم

 تسخرا

رجز

رؤبة

٥٧٦

إذا رأين

القفندرا

رجز

رؤبة

 ٥٧٦

حتى إذا

جدارا

رجز

 العجاج

 ٣٧٤

كشحاً

أوحذارا

رجز

 العجاج

 ٤١٣

يذهبن

غائرا

رجز

 العجاج

 ٤٢٨

أصبحت

نفرا

منسرح

الربيع بن ضبع الفزاري

 ٢٤٨

والذئب

 والمطرا

منسرح

الربيع بن ضبع الفزاري

 ٢٤٨

لها حافر

 مغارا

متقارب

عوف بن عطية

 ٥٣٢

وما أيبليّ

وصارا

متقارب

 الأعشى

 ٣٦١

زمان علي

فطارا

متقارب

 أبوحية النميري

 ٣١٨ ، ٣١٩

إذا كان

 الأميرا

متقارب

الأعشى

 ٥٥٠

وليس الذي

فتقطرُ

طويل

أبوحية النميري

 ١٦٤

لها بشر

 نزرُ

طويل

ذوالرمّة

 ٢٥٦

ترتع

إدبارُ

بسيط

الخنساء

 ٣٣٥ ، ٤٢٩

إن ابن

قصرُ

 بسيط

 ــ

 ٤٣٦

كأن

حرورُ

وافر

مهلهل بن ربيعة

 ٢٨١

نغالي

القديرُ

وافر

 مهلهل بن ربيعة

٢٧٤

ولو رضيت

الخيار

 وافر

الفرزدق

 ١٣٢

فمن أنتم

 الأعاصر

 طويل

 زيادالأعجم

 ٩٣

وإنّك ياعام

 الهواجرِ

 طويل

سلمة بن الخرشب

 ٣٧٠ ، ٣٧١

فلو كنت

المشافرِ

طويل

 الفرزدق

 ١٨٦

لعمرك

منقرِ

طويل

ذوالرمّة

 ٥٦٧ ، ٥٦٨ ، ٥٦٩

جئني

سيار

بسيط

 جرير

 ٢٤٦

وشارب

 بسآر

بسيط

الأخطل

 ٣٩١


فقالوا

أثير

وافر

عروة بن الورد

 ٣٨٢ ، ٥١٢

لايبعدن

 الجزرِ

كامل

خرنق

 ٢٤٩

النازلين

 الأزرِ

 كامل

خرنق

 ٢٤٩

أنت الفداء

 كلّ منقرِ

 كامل

 ــ

 ٣٩١

يا سارق

 الدارِ

رجز

 ــ

 ٢٨٤

بلال

الأخيرِ

رجز

رؤبة

 ٣٩٥

وكحل

 بالعواورِ

رجز

جندل بن المثنّى الطهوي

 ٥٢٨

وي كأنّ

عيش ضرِ

خفيف

زيد بن عمرو بن نفيل

 ٤٧١

لاأعرفا

دوّار

 ــ

 النابغة

 ٥٤٦

أكل

نارا

 ــ

أبودؤاد الأيادي

 ٣٤١

وطعنة مستبسل

 النهارِ

متقارب

 سبرة بن عمرو

 ٣٧٤

فأصبحت

 أم مضرْ

طويل

 عمران بن حطان

 ٥٦٧

ففداء

وضرْ

 رمل

 طرفة

 ٤٠٠

ماأقلت

 المبرْ

رمل

 طرفة

 ٤٠٠

جازت

خَدِرْ

رمل

 طرفة

 ٩٧

من أي يومي

قدر

رجز

 الإمام علي (عليه السلام)

 ٥٤٨

جادت

 البشر

 مشطورالرجز

 ــ

٤٢٢

فأقبلت

 أجر

متقارب

 امرؤالقيس

 ٢٩١

ـ س ـ

ياأيّها المشتكي

 وأبآسُ

بسيط

الفرزدق

 ١٥٢

إنا كذلك

 الناسُ

 بسيط

 الفرزدق

 ١٥٢

خلا

شوش

 وافر

 ــ

 ٥٢٧

أزمعت

 كالياس

 بسيط

 الحطيئة

 ١٧٤ ، ٤٠٩

تنادوا

 نفسي

 مجزوءالوافر

 ــ

 ٤٩٣


اضرب

 الفرس

 منسرح

 ــ

 ٥٤٩

إذاشُقَّ

لابس

ــ

ــ

٨٤

إذاحملت

ومن جلسْ

 رجز

 ــ

٤٨٠

ـ ض ـ

ضربا

وخضا

 رجز

العجاج

 ٨٤

يخرجن

غاض

رجز

رؤبة

٣٩٢

ـ ط ـ

مازلتُ

أختبط

رجز

العجاج

٢٩٧

حتّى إذا

المختلط

رجز

العجاج

٢٩٧

جاؤوا

قط

رجز

العجاج

٢٩٧

ـ ع ـ

فكرت

السباعا

 طويل

 القطامي

 ٢٤٣

وخير

 اتباعاً

 وافر

القطامي

 ١٦

ليتَ شعري

وَدَعَه

رمل

أبوالأسودالدؤلي

 ٥٥٩

برى

 الجراشع

طويل

 ذوالرمّة

 ٢١٧ ، ٢١٨

أتدفع

 تدفع

طويل

 زيدبن رزين

 ٣٤٢

يعثرن

 الأذرع

 طويل

 أبوذؤيب الهذلي

 ٢٩٥ ، ٣٠٥

فلقد

 فتجزع

كامل

مويلك المزموم

 ٤٣٣

الله بيني

 واتبع

 منسرح

 الأحوص

 ٣٩٠

أخوالذئب

 مطمع

طويل

غضوب

 ٦٥ ، ١٣٢

بينا

راعِ

 وافر

 نصيب

 ٢٤٧

قد أصبحت

 اصنعِ

رجز

 أبوالنجم

 ١٥٥

ومساميح

 الطمع

 رمل

 سعيد بن أبي كاهل

 ٣٣٣

فارفع

 الرثع

رجز

 ــ

 ٤٧٩


ـ ف ـ

وعض

 مُجَلَّفُ

 طويل

 الفرزدق

 ١٥٣ ، ٥٥٩

هوالخليفة

 جنفُ

 بسيط

 جرير

 ٥٦١

الحافظو عورة

 نطفُ

 منسرح

 قيس بن الخطيم

 ٣٣٣

إذا نهي

 خلافِ

 وافر

 الأسلت الأنصاري

 ٢٠٥ ، ٣٦٩

للبس عباءة

 الشفوف

 وافر

 ميسون

 ٥١١

من غير

 اصطرافِ

 رجز

 العجاج

 ٥٧٦

قلنالها

 قافْ

 رجز

 الوليد بن عقبة

 ٣٢٤

ـ ق ـ

قالت

سويقا

 رجز

 العذافر الكندي

 ٥٢٥ ، ٥٢٦

عدس

 طليقُ

 طويل

 يزيد بن مفرغ الحميري

 ٤٨٠

وإنسان

 فيغرقُ

 طويل

ذوالرمّة

 ٤٥٢

إذاما

 مصدقُ

 طويل

خفاف بن ندبة

 ٣٩٢

فقلت له

 فتزلقُ

 طويل

 امروءالقيس

 ٥٢٣

أبكي

 ساق

 بسيط

 أم عمرو

 ١٨٧

سوى

 الحقق

 رجز

 رؤبة

 ٥٥١

تفليل

 الطرق

 رجز

 رؤبة

 ٥٥١

كأن

 القرق

 رجز

 رؤبة

 ٥٥٠

أيدي

 الورق

 رجز

 رؤبة

٥٥٠

فيها

 البَهَقْ

 رجز

 رؤبة

 ٢٢٠

وقاتم

 المخترق

 رجز

 رؤبة

 ٤١٣ ،

مشتبه

 الخفق

 رجز

 رؤبة

 ٤٨٥ ، ٤٨٨

جاءت

 تلق

 رجز

 القلاخ

 ٢٧٢

لئن لم

 عارقه

 ــ

عارق الطائي

 ١٣٧


ـ ك ـ

ثم استمروا

 ركك

 بسيط

زهيربن أبي سلمى

 ٤٨٦

إن تك

 افكوا

 منسرح

 عروة بن أذينة

 ٣٥٤

ـ ل ـ

أرى

معللا

طويل

 لأحدبني سعد

 ١٧٩

حتى لحقنا

 الآلاَ

بسيط

 النابغة الجعدي

 ٢٤١

أبني كليب

 الأغلالا

 كامل

الأخطل

 ٣٣٢

إن محلاً

 مهلا

منسرح

 الأعشى

 ١٧٥

رأي الأمر

 أولا

 متقارب

 ــ

٤٩٧

إذا ناقة

 ضلالها

طويل

 أوس بن حجر

 ٣٥٩

فلا مزنة

 إبقالها

 متقارب

 عامر بن جوين الطائي

 ٢٢٢

فإن لم تجد

 العواذلُ

 طويل

 لبيد

 ٤٢٨

فليتك

 السوائلُ

طويل

 الأعشى

 ٣٧٠ ، ٣٧١

زيادتنا

 تتلو

 طويل

 عبدالله همام السلولي

 ٣٢٧

إذاكان

 طبولُ

 طويل

 المتنبي

٨٧

بنزوة

 يقملُ

طويل

 الأخطل

 ٩٦

متى يشتجر

 عدلُ

 طويل

 زهيربن أبي سلمى

 ٤١٢

أفاءت

 عدلُ

 طويل

أبوالخطارالكلبي

 ٩٧ ، ٢٠١

ألا إن

 وتموّلوا

 طويل

 عروة بن الورد

 ١٠٢

قالت

 يارجلُ

بسيط

 الأعشى

 ٣١٣

ودع

الرجلُ

 بسيط

 الأعشى

 ٢٠١

فاذهب

 ولاجَبَلُ

 بسيط

 المتنخل الهذلي

 ٤٤٥

إن تركبوا

 نزلُ

 بسيط

 الأعشى

 ٤٣٥

في فتية

 ينتعلُ

بسيط

 الأعشى

 ١٨٣ ، ١٨٥

ذريني

 مالُ

 وافر

أوس بن غلفاء

 ٣٥٣


لمن زحلوقة

 تنهل

 هزج

امرؤ القيس

 ١٣٢

إن يجبنوا

 لايحفلوا

 رجز

 ــ

٤٥٢

يغدوا

 يفعلوا

 ــ

 ــ

 ٤٥٢

وصرنا

إذلالِ

 طويل

 امرؤ القيس

 ٣٧٧

أناالدافع

 أومثلي

 طويل

 الفرزدق

 ٤٤٤

ألاأصبحت

 البخلِ

 طويل

 البعيث

 ٣٣٦

بضرب

 المقيلِ

وافر

المرار بن منقذ

 ٣٥١

أزهير

 بهيضلِ

 كامل

 أبوكبير الهذلي

 ٥٥٥

لعن الإله

 الفَعْلِ

 كامل

 حسان بن ثابت

 ٣١٥

تروحي

تقيلي

 رجز

 أحيحة بن الجلاخ

 ١٥٧

أقول إذ خرت

الكلكال

 رجز

 ــ

 ٣٢٩

ياناقتا

 مجال

 رجز

 ــ

٣٢٩

فإن تقتلونا

من قُتِلْ

 طويل

 ــ

 ٥٣١

رأيت

 البقل

 ــ

 زهير

 ٢٦٠

فصلقنا

 بالثلل

 رمل

 لبيد

 ٤٤١

أقبل

 الطربال

 رجز

 ــ

 ٨٢

فهو

 والخال

 رجز

 ــ

 ٨٢

إنّ الكريم

 يعتمل

 رجز

 ــ

٣٤١

إن لم

يتكل

 رجز

 ــ

 ٣٤١

ـ م ـ

لنا هضبة

 فيعصما

 طويل

 طرفة

٥٠٩

لذي الحلم

 ليعلما

 طويل

 المتلمس

 ٢٦٣

وما هي إلاّ

 خثعما

 طويل

 حميدبن ثور

 ٣٦٣

فلولا رجالٌ

 علقما

 طويل

 الحصين بن الحُمام المري

 ٥١١

لنا الجفنات

 دما

طويل

 حسان بن ثابت

 ٤٩٧ ، ٤٩٨


بني ثعل

 ظالمُ

طويل

 رجل من بني أسد

 ١٤٣ ، ٥٤٠

هذا

والحرمُ

بسيط

 الفرزدق

 ٩٤

بأسرع

 اللممُ

بسيط

 مالك بن خالدالخناعي

 ٢٧٣

وهم إذا

ولاقزمُ

بسيط

 زيادبن منقذ

 ٤٥٦

هل ماعلمت

 مصرومُ

 بسيط

 علقمة

 ٤٤٨

أم هل

 مشكومُ

بسيط

 علقمة

٤٤٨

وأهلكني

 استقيمُ

وافر

علي بن الطفيل السعدي

 ٣٨٢

سلام الله

 السلامُ

 وافر

 الأحوص

٤٧٩

قتلنا

الغشومُ

 وافر

 ــ

٣٣٣

عبادك

 الحتومُ

 وافر

 أمية بن أبي الصلت

 ٣٥٣

أميرالمؤمنين

 مستقيمُ

 وافر

 كثيرعزة

 ٩٧

فأمَّاكيّس

 لئيم

 وافر

 ــ

١٢٣

فهمو

 الحكام

كامل

 ــ

 ١٠٢

فتوسطا

 قلامها

 كامل

لبيد

 ٣٦٩

تذكرت

 وأعمامها

 بسيط

 عمروبن قميئة

 ٢٠٩

ألم تر

كرامِ

طويل

 أبوطالب

 ٨٢

لقدلمتنا

 بنائمِ

 طويل

 جرير

 ٢٠٨

مشين

النواسمِ

 طويل

 ذوالرمّة

 ٢١٤

فلوكنت

 بالظلمِ

 طويل

 الفرزدق

 ٨٤

ألم تر

ومقام

 طويل

 الفرزدق

 ٣٧١

على حلفة

زور كلامِ

 طويل

 الفرزدق

 ٣٧١

ولقدشفى

 أقدمِ

طويل

 عنترة

 ٤٧٢

أتغضب

 ابن خازمِ

 طويل

 الفرزدق

 ٥٣١

قالت بنو

 لأقوامِ

 بسيط

 النابغة الذبياني

 ٣١٠ ، ٤٥٨


حتّى

ظلامها

 ــ

لبيد

 ٥٣٦ ، ٤٧٨

شربت

 الديلم

كامل

 عنترة العبسي

 ٢٦١

ينباع

 المكدم

كامل

 عنترة العبسي

 ٣٢٩

يدعون

 الأدهم

 كامل

عنترة العبسي

 ٢٥٢

فنام

 همي

 رجز

رؤبة

 ٢٠٨

حاشا

 والشتم

 سريع

الجميح

 ٣١٥

عادلاً

لا همام

 خفيف

 الكميت

 ٤٧٤

ويوماً

 السلم

طويل

 باعث اليشكري

 ١٨٣ ، ٥٧٩

أقيس

 أمُ تَذمُ

 طويل

 راشد بن شهاب

 ٤٣٣

ـ ن ـ

والناس

 أيانا

 بسيط

 أمية بن أبي الصلت

 ٢٨٠

فما ان

آخرينا

 وافر

فروة بن مسيك المرادي

 ١٧٨

رجلان

 عريانا

 رجز

 ــ

٢٥١ ، ٢٥٣

عمرك الله

يؤذينا

خفيف

 ــ

 ٣٨١

فلما

 بالا بينا

 متقارب

 زيادبن واصل السلمي

 ٨٢

إنْ يسمعوا

 دفنوا

 بسيط

 قعنب

 ٥٣٠

ياأبتا

 العينان

 رجز

 ــ

٥٠٨

أمرت

 يعينها

 طويل

 ــ

٤٤١

تعش

يصطحبان

 طويل

 الفرزدق

 ١٣١ ، ١٣٧ ، ٥٠٠

على

 الحدثان

طويل

 ــ

٩٤

فظلت

 أرقان

 طويل

 يعلى الأحول

 ١٠٧

لخلابة

 والولعان

طويل

 ــ

٩٤

لعمرك

 بثمان

 طويل

 عمر بن أبي ربيعة

 ٥٦٨


إلى الله

 تلتقيانِ

 طويل

 ــ

٣٩٧

رويداً

سَفَوانِ

 طويل

 وداك بن ثميل

 ٤٥١

تلاقوا

 المتداني

طويل

 وداك بن ثميل

 ٤٥١

تلاقوهم

 الحدثانِ

 طويل

 وداك بن ثميل

 ٤٥١

على ما

 قام دَمَان

 طويل

حسان بن ثابت

 ٥٧١

فيا ليتني

 إيسان

 طويل

 عامر بن جوين الطائي

 ٣٢٣

قد صرح

 الذقن

 بسيط

 ابن مقبل

 ٢١٤

من يفعل

 مثلان

 بسيط

 عبد الرحمن بن حسان

 ٥٣٩

أم كيف

 باللبن

بسيط

أفنون التغلبي

 ٣٠٨

كلا يومي

 الظنون

 وافر

 الشماخ

 ١٥٠

حدبا

 الشن

 رجز

 ــ

٥٥٠

كيف تراني

 مجني

 رجز

الفرزدق

 ١٩٠

قد قتل

 عني

 رجز

الفرزدق

 ١٩٠

انتصر

العين

 سريع

 بعض المولدين

 ٢٨٣

ـ ي ـ

ألا فالبثا

 غيابيا

طويل

 عمرو بن أحمر الباهلي

 ٣٤٣ ، ٤٢٧

تقول

 وماليا

طويل

 ذوالرمّة

 ٣٦٣

فإن كان

 راضياً

طويل

سوار بن المضرب

 ٢٠٦

لقيت

صاديا

 طويل

 المتنبي

 ٣٥٩

منعمة

شرعبي

 وافر

 الحطيئة

 ٢٥٥ ، ٢٥٧ ، ٢٥٨

قال

 فيّ

رجز

 الأغلب العجلي

 ١٠٥

محض

 عنصري

 رجز

 ــ

 ٣٢٩

وأشرب

 واديها

 بسيط

 ــ

 ١٠٧

يادار هند

 فواديها

 بسيط

 الحطيئة

 ٥٥١ ، ٥٥٤


٥ ـ فهرس أنصاف الأبيات

وَهُنَّ مِنَ الإخلافِ قَبْلَك وَالْمَطْلِ

طويل

 البعيث

 ٣٣٦

وهن من الأخلاف والولعان

 طويل

 البعيث

 ٣٣٦

واحطُطْ إلَهي بِفَضْل مِنْك أوْزَارِي

بسيط

 ــ

٣٧٢

هَيْهَاتَ مِنْ مُنْخَرِق هَيْهَأوهُ

رجز

 رؤبة

 ٤٧٩

فَمَـالِكُ مَوت بِالقَضَاءِ دَهَانِي

طويل

 ــ

٤٩٢

وَارْدُدْ إِلى حُوَراتِ حُور شِقَّةُ

رجز

 ــ

 ٨٨


٦ ـ فهرس الأعـلام

آدم (عليه السلام) : ١١٧ ، ١٢٢ ، ١٢٣ ، ٢٢٥ ، ٢٢٧.

أبان بن تغلب : ١٦ ، ١٧ ، ٨٧ ، ٩٨ ، ١٦٧ ، ٢٦٤ ، ٤٢٩ ، ٤٣٤ ، ٥٣٠.

أبان بن عثمان : ٥٢٣.

إبراهيم (عليه السلام) : ٥٥ ، ٨٢ ، ١٠٧ ، ٢٠٠ ، ٢٥٠ ، ٤١٨ ، ٤٩٠ ، ٥٤١.

إبراهيم : ٥٠ ، ١٤١ ، ٢٠٥ ، ٥٢٢ ، ٥٧٧.

إبراهيم بن أبي بكير : ٤١٤.

إبراهيم السامرائي : ٣٢.

إبراهيم بن السري بن سهل الزجاج : ١٢ ، ٢١ ، ٤٦ ، ٥٠ ، ٥٣ ، ٥٦ ، ٥٧ ، ٦٠ ، ٦١ ، ١٢٦ ، ٣٠٧.

إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي : ٥٠ ، ١٤١ ، ١٦٠ ، ١٦٧ ، ٢٤٠ ، ٣٨٩.

أُبي بن كعب : ٢٥ ، ١١٩ ، ١٦٩ ، ١٧١ ، ١٧٤ ، ١٧٥ ، ١٧٨ ، ٢١٩ ، ٢٤٦ ، ٢٤٩ ، ٣١٤ ، ٣٢١ ، ٤٠٤ ، ٤١٧ ، ٤٥٧ ، ٥١٧ ، ٥١٨ ، ٥٧٤.

أحمد بن جبير الأنطاكي : ٣٣.

أحمد بن الحسين أبو الطيّب المتنبّي : ١٠ ، ٧٥ ، ٧٦ ، ٨٧.

أحمد بن حنبل : ٤٣ ، ٤٤.

أحمد راتب النفاخ : ٢٠.

أحمد بن صالح : ٢٥٩.

أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية : ٤٣.

أحمد بن عمار = المهدوي.

أحمد بن محمد أبو جعفر النحاس : ٥٣.

أحمد مكي الأنصاري : ٤٨.

أحمد بن موسى بن مجاهد : ١٠ ، ١٢ ، ١٣ ، ٢٠ ، ٢١ ، ٢٢ ، ٣٠ ، ٣٢ ، ٣٣ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٧ ، ٤٠ ، ٥٦ ، ٦٠ ،


٦٦ ، ٦٧ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٨١ ، ٨٩ ، ٩٩ ، ١٠٠ ، ١١١ ، ١١٣ ، ١٥٥ ، ١٧١ ، ١٧٧ ، ١٨٠ ، ١٨٢ ، ٢١٣ ، ٢٣٥ ، ٢٣٦ ، ٢٥٠ ، ٢٥٧ ، ٢٥٩ ، ٢٧١ ، ٣٥٧ ، ٣٥٨ ، ٣٨٠ ، ٣٩٤ ، ٤١٩ ، ٤٤٥ ، ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، ٤٦١ ، ٤٩٨ ، ٥٠٧ ، ٥١٠ ، ٥١١ ، ٥٣٩ ، ٥٤٨ ، ٥٥٢ ، ٥٥٣ ، ٥٥٤ ، ٥٧٣ ، ٥٧٧ ، ٥٧٨.

أحمد بن يحيى (ثعلب) : ١٢ ، ٣٠ ، ٣١٧ ، ٣٤٣ ، ٤٢٨ ، ٥٢٥ ، ٥٥٨.

أحمد بن يوسف بن الحسن الكواشي : ٤٠.

ابن الأحوص : ٤٣٦.

الأخطل : ٩٦ ، ٣٣٢ ، ٣٩١ ، ٥٥٢.

آرثر جفري : ٢٧ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣١.

الأرطباني : ١٢٦.

إسحاق (عليه السلام) : ٥٥ ، ٨٢.

ابن أبي إسحاق : ٥١ ، ٥٤ ، ٩٩ ، ١٠٨ ، ١١١ ، ١١٥ ، ١١٨ ، ١٦٣ ، ٢١٨ ، ٢٧٦ ، ٣٢١ ، ٣٢٢ ، ٣٢٤ ، ٣٣٢ ، ٤١٤ ، ٤٤٣ ، ٤٥٠ ، ٤٦٩ ، ٥٠٩.

أبو إسحاق السبيعي : ١٧٨.

إسماعيل (عليه السلام) : ٥٥ ، ٨٢ ، ٢٥٠.

إسماعيل بن القاسم = أبو العتاهية.

أبو الأسود الدؤلي : ١٧ ، ١٤٨ ، ٤٦٩ ، ٥٥٩.

أُسيد بن سيد : ٥٢٧.

الأشهب بن رُمَيلة : ١٣٠ ، ٥٤١.

ابن الأعرابي : ٣٧٤ ، ٣٩١.

الأعشى ميمون : ١٧٥ ، ١٧٣ ، ٢٠١ ، ٢٣٢ ، ٢٦٥ ، ٣١٣ ، ٣٦١ ، ٣٧٤ ، ٤١٢ ، ٤٣٥ ، ٥٠٩ ، ٥٥٠.

الأعلم الشنتمري : ٨٢.

الأغلب العجلي : ١١٢.

أكثم بن صيفي : ١١٣.

إلياس (عليه السلام) : ١٢١.


امرؤ القيس بن حجر الكندي : ٥٢٣ ، ١١٣.

أُمية بن أبي الصلت : ٣٠٠ ، ٣٥٣.

أنس بن مالك : ٤٠٧ ، ٤٨٦ ، ٥٧٤.

أيوب : ٢٣٥.

أيوب السختياني : ٣٨٨ ، ٥٥٣.

البخاري : ٢٦.

بديل بن ميسرة : ٢٢٠.

براجشتراسر : ٢١.

بروكلمان : ٥٩ ، ٦٢ ، ٧٥ ، ٩٤.

بشر بن الحارث الحافي : ٤٤.

بكر بن محمد أبو عثمان المازني : ١٢ ، ٤٩ ، ٣١٦ ، ٥٨٦.

أبو بكر : ١٥ ، ٢٣ ، ٢٥ ، ٨٩ ، ٢٧٤ ، ٣٣٣ ، ٣٥٩ ، ٣٦٠ ، ٣٦١ ، ٣٦٢ ، ٣٦٣ ، ٥٦٨.

أبو بكر (عبد الله بن أبي قحافة) : ٣٠٥.

أبو بكر الهذلي : ٣٢٢.

أبو بكرة : ١٢٦ ، ٢٠١.

ابن أبي بكرة : ٣٧٨.

بلاشير : ٣١.

بلال : ٣٩٥.

بلال بن أبي بردة : ١٨٢ ، ٢٧٣.

تمام بن عباس بن عبد المطلب : ٢٦٢.

ثامر العميدي : ٥.

ثعلب = أحمد بن يحيى.

الجارود بن أبي سبرة : ١٨٩ ، ٢٦٦ ، ٢٧٦.

الجحدري = عاصم الجحدري.


الجراح : ٥٠٩.

جران العود : ٢٢١.

جرير : ٩٧ ، ٥٦١.

جعفر بن علي بن الحجاج : ٨٨.

جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) : ٢٤ ، ٢٧ ، ١٣٦ ، ١٤٥ ، ١٤٦ ، ١٥٥ ، ١٨٦ ، ٢٥٨ ، ٢٧٠ ، ٣٣٤ ، ٣٨٩ ، ٤٠٣ ، ٤٢١ ، ٤٢٨ ، ٤٣٠.

أبو الجلد : ١٢٥.

ابن جماز : ٣٤٠ ، ٤٨٧.

جني الرومي : ٦٢.

جواد الشهرستاني : ٦.

جواد علي : ٣١.

جؤبة بن عائذ أبو إياس : ٤١٥.

جولد تسيهر : ٣١.

ابن الجوزي : ١٢٦.

ابن الحاجب : ١٠٧.

حبيب بن أوس الطائي (أبو تمام) : ٧٤ ، ١٨٨ ، ٢٦٩.

الحجاج بن أرطاة : ٢٦٤.

الحجاج بن يوسف الثقفي : ٥٤ ، ٨٤ ، ٢٧٩ ، ٤٤٣.

حذيفة : ٥٤٤.

الحر النحوي : ١١٣ ، ١٩٢.

حرملة بن عمران : ٤٩٤.

الحزين الكناني : ٩٤.

حسّان بن ثابت : ١٦٨ ، ٤٩٦ ، ٤٩٨ ، ٥٧١.

أبو الحسن : ١٠٧ ، ١٠٩ ، ٢٨٢ ، ٢٩٢ ، ٢٩٤ ، ٣١٧ ، ٣١٨ ، ٣٦٥ ، ٣٩٠ ، ٤٠٣ ، ٤٣١ ، ٤٣٨ ، ٤٧٠ ، ٤٨٧ ،


٥٠٧ ، ٥٠٨ ، ٥١٥ ، ٥٣٦.

الحسن بن أحمد (أبو علي الفارسي) : ٩ ، ١٠ ، ١١ ، ١٢ ، ١٣ ، ١٨ ، ٢١ ، ٣٨ ، ٥٢ ، ٥٥ ، ٥٩ ، ٦٠ ، ٦١ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٦٥ ، ٦٨ ، ٦٩ ، ٧٠ ، ٧١ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٧٤ ، ٧٥ ، ٧٦ ، ٧٨ ، ٩٧ ، ١٠٣ ، ١١٦ ، ١٢٨ ، ١٣٢ ، ١٤٩ ، ١٦٩ ، ١٧٠ ، ١٧٩ ، ١٩١ ، ٢٠١ ، ٢١٤ ، ٢٢٠ ، ٢٥٥ ، ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، ٢٨٢ ، ٣٠٨ ، ٣٢٢ ، ٣٣٣ ، ٣٣٦ ، ٣٤٤ ، ٣٥٩ ، ٣٧٠ ، ٣٧١ ، ٣٩٩ ، ٤٠٧ ، ٤٤١ ، ٤٤٢ ، ٤٤٥ ، ٤٦١ ، ٤٧١ ، ٤٧٤ ، ٤٧٩ ، ٤٨١ ، ٤٩٣ ، ٤٩٦ ، ٤٩٧ ، ٥٠٣ ، ٥٣١ ، ٥٤٥ ، ٥٤٨ ، ٥٥٥ ، ٥٥٦ ، ٥٥٧ ، ٥٥٩ ، ٥٦٨ ، ٥٨٦.

الحسن البصري : ١٦ ، ٢٤ ، ٣٤ ، ٤٩ ، ٥٠ ، ٥١ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٥٦ ، ٨١ ، ٨٣ ، ٨٥ ، ٨٦ ، ٩٦ ، ١٠٠ ، ١١١ ، ١١٥ ، ١١٨ ، ١١٩ ، ١٢١ ، ١٢٧ ، ١٣٢ ، ١٤٤ ، ١٤٦ ، ١٤٨ ، ١٥٣ ، ١٦٣ ، ١٨٨ ، ١٩٩ ، ٢٠٣ ، ٢٠٦ ، ٢٠٦ ، ٢٠٩ ، ٢١٧ ، ٢١٨ ، ٢١٩ ، ٢٢٨ ، ٢٣٠ ، ٢٣٤ ، ٢٣٩ ، ٢٤١ ، ٢٤٢ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٢٤٦ ، ٢٥٠ ، ٢٥٨ ، ٢٥٩ ، ٢٦٢ ، ٢٦٤ ، ٢٦٥ ، ٢٦٧ ، ٢٧٧ ، ٢٨١ ، ٢٨٩ ، ٢٩٠ ، ٢٩٢ ، ٢٩٥ ، ٢٩٦ ، ٣٠٨ ، ٣١٣ ، ٣١٤ ، ٣١٩ ، ٣٢١ ، ٣٢٢ ، ٣٢٤ ، ٣٢٥ ، ٣٢٦ ، ٣٢٨ ، ٣٣٠ ، ٣٣٧ ، ٣٣٩ ، ٣٤٤ ، ٣٥٢ ، ٣٥٥ ، ٣٦٠ ، ٣٦٤ ، ٣٧١ ، ٣٧٧ ، ٣٧٨ ، ٣٨٨ ، ٤١٢ ، ٤١٨ ، ٤٣١ ، ٤٣٤ ، ٤٥٠ ، ٤٥٣ ، ٤٥٤ ، ٤٥٧ ، ٤٦٨ ، ٤٨٩ ، ٤٩٨ ، ٥٠٦ ، ٥٠٧ ، ٥٠٩ ، ٥١٦ ، ٥١٧ ، ٥١٨ ، ٥٢٢ ، ٥٣١ ، ٥٣٨ ، ٥٤١ ، ٥٤٢ ، ٥٤٨ ، ٥٤٩ ، ٥٥٢ ، ٥٥٦ ، ٥٦١ ، ٥٦٥ ، ٥٧٨ ، ٥٨٠.

حسن بن حي : ٢٦٤.

الحسن بن محمد : ٤٨٨.

الحسين بن أحمد بن خالويه : ٢١ ، ٤٦ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ١٠٩ ، ١١٠.

حسين الجعفي : ٣٣٤.

حطّان بن عبد الله : ٩٣.

الحطيئة : ١٧٤ ، ٢٥٥ ، ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، ٤٠٩.

حفص بن حميد : ٢٩٦ ، ٣١٣.

الحلواني : ٥١٠ ، ٥٣٣.

حماد بن سلمة : ٢٥٣.

حماد بن شعيب : ٥٤٣.

حمزة بن حبيب الزيّات : ٢٤ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٤٤ ، ٤٩ ، ٥٠ ، ١٠٠ ، ١١٢.


حميد بن قيس الأعرج : ٢٩٨.

أبو حنيفة : ١٩٤.

أبو الحويرث الحنفي : ٣٠٨.

أبو حيان الأندلسي (محمد بن يوسف) : ٣٦ ، ٤٠ ، ٥٢ ، ٥٦ ، ١١١ ، ١١٢.

أبو حية النميري : ٢١٩.

أبو حيوة : ٢٠٨ ، ٢٩٢ ، ٢٩٦ ، ٣٣٧ ، ٣٥٥ ، ٤٧٣ ، ٤٧٥.

خارجة : ٥٨١.

ابن خازم = عبد الله بن خازم.

خالد الأزهري : ١١٢.

أم خالد : ١٣٠ ، ٣٣٢.

خرنق : ٢٤٩.

خلف بن هشام البزار : ٢٣ ، ٢٤ ، ٣٤ ، ١١٢.

خليد بن نشيط : ٢٥٠.

الخليل بن أحمد الفراهيدي : ١٠ ، ١٢ ، ٥٣ ، ٥٥ ، ٨١ ، ٨٣ ، ٨٤ ، ١٢٢ ، ١٢٣ ، ١٣٤ ، ١٣٥ ، ٢٦٧ ، ٣٦٥ ، ٤٧٠ ، ٥٠٨ ، ٥١٣.

الخليل بن أسد النوشجاني : ٥٤٨.

خندف بنت عمران بن الحارث : ١٢١.

الخنساء (تماضر بنت عمرو بن الرشيد) : ٣٣٥.

أبو خيثمة : ١٢٦.

أبو الدرداء : ٢٩٦ ، ٣١٣ ، ٣٦٦.

أُم الدرداء : ٢٤٧.

أبو الدينار : ٣٩٤.

ذو الرمّة (غيلان) : ١٨٠ ، ٢١٤ ، ٢١٧ ، ٢١٨ ، ٢٥٦ ، ٣٦٣ ، ٤٤٦ ، ٥٦٧.

أبو ذؤيب الهذلي : ٢٩٥ ، ٣٠٥ ، ٥٥٧.


رؤبة : ١٣٤ ، ٢٠٨ ، ٢٢٠ ، ٣٩٥ ، ٤١٣ ، ٤٧٩ ، ٤٨٨ ، ٥٥١.

راشد بن شهاب اليشكري : ٢٧٩ ، ٤٤٣.

أبو رافع : ٤١٦.

ربيعة : ٥٦٦ ، ٥٦٨.

ربيعة بن مالك : ٦٥.

أبو رجاء : ٤٩ ، ٥٥ ، ٨١ ، ١٢١ ، ١٣٥ ، ١٨٠ ، ١٨٤ ، ٢١٨ ، ٢٣٩ ، ٢٥٥ ، ٢٦٤ ، ٢٧٦ ، ٢٨١ ، ٢٩٦ ، ٣١٣ ، ٣٥٣ ، ٣٧٧ ، ٣٨٩ ، ٤١٢ ، ٤٩٨ ، ٥١٨ ، ٥٤٠ ، ٥٤٢ ، ٥٧٩.

رزام بن مازن بن ثعلبة بن مسعد بن ذبيان : ٥١١.

أبو رزين : ٢١٠ ، ٤٤٣.

الرضي الأسترآباذي : ١٠٧ ، ١٦٢ ، ٣١٠ ، ٤٤٧ ، ٥٢٩.

رفيع بن مهران ـ أبو العالية : ٢١٣ ، ٤١٦.

أبو الرقاء : ٢٠٢.

روح بن قرة البصري : ٣٨٠ ، ٤١٣.

أبو روق : ٤١١.

ابن رومي : ٤٩٨.

رويس : ٤٥.

زائدة بن قدامة : ٥٣.

أبو زبيد الطائي : ٥٢٧.

أبو زرعة بن عمرو بن جرير : ٤١٠ ، ٤٨٩.

زكريّا (عليه السلام) : ٢٠٠.

ابن أبي الزناد : ٣٣٠.

الزّهري : ١٩٥ ، ٢٠٢ ، ٢٢٤ ، ٢٩٥ ، ٣٥٣ ، ٤٠٥ ، ٥٦٩.

زهير بن أبي سُلمى المازني : ٢٦٠ ، ٤٨٥ ، ٤٨٦.

زهير الفرقبي : ١٢٥ ، ١٥٨.


زياد الأعجم : ٩٣.

زياد بن منقذ : ٤٥٦.

زيد بن أسلم : ٢٨٥ ، ٥٣٦.

أبو زيد الأنصاري : ٢٠٤ ، ٢٨٤ ، ٣١٦ ، ٣٢٩ ، ٣٣٢ ، ٣٥٩ ، ٣٦٠ ، ٣٨٢ ، ٤٥٣ ، ٥١٢ ، ٥٢٥ ، ٥٢٦ ، ٥٤٢ ، ٥٤٣ ، ٥٤٨ ، ٥٤٩.

زيد بن ثابت : ٨٣ ، ٢٩٤ ، ٢٩٦ ، ٣١٣.

زيد بن عليّ (عليه السلام) : ٢٢ ، ٢٩٦ ، ٣١٣ ، ٣٥٤ ، ٣٨٩ ، ٤٠٣ ، ٥٣٦ ، ٥٧١.

سحيم عبد بني الحسحاس : ٨٤.

سدوسية : ٦٠.

السدي : ١٥٩ ، ٢٤٥ ، ٤٦٢.

أبو سراج : ٥٤٦.

أبو السعادات : ٥٢.

سعد بن مالك بن ضبيعة البكري : ١١٣.

سعد بن أبي وقّاص : ٢٣٩ ، ٢٧٠.

أبو سعيد : ٣٣٠.

سعيد بن أسعد : ٤١٨.

سعيد بن جبير : ٥٤ ، ١١٨ ، ١٢٢ ، ١٧٢ ، ٢١٠ ، ٢٦١ ، ٢٨٥ ، ٢٩٣ ، ٢٩٤ ، ٣٠٥ ، ٣١١ ، ٣٣٤ ، ٣٤٧ ، ٤١٧ ، ٤٤٣ ، ٥٠٦ ، ٥٧٤.

سعيد بن أبي الحسن : ٢٨١.

أبو سعيد الخدري : ١٦٥.

سعيد بن أبي سعيد الأنصاري : ١١٧.

أبو سعيد السيرافي : ٢١.

سعيد بن العاص : ٢٩٤.

سعيد بن مسعدة الأخفش الأوسط : ٢٠ ، ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٨ ، ٥٤ ، ٥٦ ، ١٠٠ ، ١٠١ ، ١١٢ ، ٥٨٧.


سعيد بن المسيب : ٢٣٩.

سفيان بن حسين : ٢٨١ ، ٢٩٣.

سفيان بن سعيد الثوري : ٩٨ ، ١٦٧.

سفيان بن السمط : ٢٧.

سلاّم : ١٠٦ ، ١١٥ ، ١٤٨ ، ١٨٤ ، ٢٤٦ ، ٢٦٤ ، ٤١٨ ، ٥٤٢ ، ٥٧٩ ، ٥٨٠.

سلمة بن عاصم : ١٤٦.

السلمي : ١١٤ ، ١٥٥ ، ٢١٨ ، ٢٧٤ ، ٢٨٠ ، ٣٣٥ ، ٣٥٤ ، ٣٥٨ ، ٣٦٢ ، ٣٨٣ ، ٥١٨ ، ٥٢٥ ، ٥٢٦ ، ٥٨٠.

سليمان بن أرقم : ١٠٧ ، ٢٠٠.

سليمان الأعمش : ٢٢ ، ٢٣ ، ٣٥ ، ٥٠ ، ٥٣ ، ٩٥ ، ٩٨ ، ١١٠ ، ١٤١ ، ١٤٧ ، ١٥٠ ، ١٦٧ ، ١٦٩ ، ١٧٩ ، ٢٠٤ ، ٢١٨ ، ٢٢٨ ، ٢٣٤ ، ٢٧٧ ، ٣٠١ ، ٣١٩ ، ٣٣٩ ، ٣٤٤ ، ٣٤٨ ، ٣٦٣ ، ٣٨١ ، ٣٨٩ ، ٣٩٠ ، ٤٠٤ ، ٤٠٩ ، ٤٥٠ ، ٤٦٢ ، ٤٨٢ ، ٤٨٤ ، ٤٨٥ ، ٥٠٨ ، ٥١١ ، ٥١٨ ، ٥٣٤ ، ٥٤٢ ، ٥٤٣ ، ٥٦١ ، ٥٧٧ ، ٥٧٨.

سليمان التيمي : ٣٠١ ، ٤٥٧.

سليمان بن فهد الأزدي : ٦٢.

سليمى : ٥٢٥ ، ٥٢٦.

سماك بن حرب : ٣٣٨.

أبو السمال : ٤٥ ، ٥١ ، ١٠٨ ، ١٠٩ ، ١٣٧ ، ٢٧٥ ، ٢٨٨ ، ٣٢٢ ، ٣٢٥ ، ٣٣٢ ، ٣٨٠ ، ٤٣٧ ، ٤٤٥ ، ٤٧٢.

سهل بن شُعيب : ١٧٣ ، ٤٠٩ ، ٤٣٩ ، ٤٤٠.

سهل بن محمد بن عثمان (أبو حاتم السجستاني) : ١٢ ، ١٧ ، ١٨ ، ٣٥ ، ٥١ ، ١٠٩ ، ١٤٦ ، ٢٠٢ ، ٢٧٩ ، ٢٨٢ ، ٣٧٧ ، ٣٩٤ ، ٤٢٠ ، ٤٤٣ ، ٤٥٣ ، ٤٨٧ ، ٥١٨ ، ٥٤٧.

سويد بن أبي كاهل : ٣٣٣.

سيبويه = عمرو بن عثمان بن قنبر.

السيرافي (أبو سعيد) : ٦٨.

ابن سيرين : ٤٩.

سيف الدولة : ٨٧.


السيوطي = عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد.

شبل : ٢٩٣ ، ٤٨٨.

شبيل بن عزرة : ٢٩٤.

ابن شرف : ٥٠٣.

الشريف الرضي : ١١.

الشعبي : ٢٤٤ ، ٥٠٥.

شعيث بن سهم : ٥٦٧ ، ٥٦٨ ، ٥٦٩ ، ٥٧٠.

شعيث بن منقر : ٥٦٧ ، ٥٦٨ ، ٥٦٩ ، ٥٧٠.

الشماخ : ١٤٩.

الشنفري : ٢٥٥ ، ٢٥٨.

شوقي ضيف : ٣٥ ، ٦٩.

شيبان : ٦٠.

شيبة : ٤٥ ، ٢٦٤ ، ٥١٠ ، ٥٦٧٠.

أبو صالح : ٢٨١.

صالح بن إسحاق الجرمي : ٢٠.

صبحي الصالح : ٣٥.

صخر الغي : ٤٤٨.

صفوان بن عمرو : ٥٧٠.

الضحاك : ١١٧ ، ١٤٨ ، ٢٣٩ ، ٢٤٩ ، ٢٥٨ ، ٢٦٢ ، ٢٨٦ ، ٤٥٧ ، ٤٦١.

الضحاك بن مزاحم : ٢٨٥.

الطائي الكبير : ٥٣١.

أبو طالب : ٨٢ ، ٨٧.

ابن طاوس : ١٤٣.

طرفة بن العبد البكري : ٩٦ ، ١٨٦ ، ٣٣٠ ، ٣٩٩ ، ٤٦٩.


أبو طعمة : ١٢٥.

طلحة بن سليمان : ٤٣٤ ، ٤٨١ ، ٤٨٢ ، ٤٨٦ ، ٥١٣ ، ٥٣٩ ، ٥٥٢ ، ٥٥٤.

طلحة بن مصرِّف : ٥٣ ، ١١٧ ، ١٥٤ ، ٢١٠ ، ٢٣٤ ، ٢٥٢ ، ٢٦٣ ، ٢٧٠ ، ٢٨٣ ، ٢٨٤ ، ٣٠٥ ، ٣١٤ ، ٣٣٧ ، ٣٤٦ ، ٣٦٠ ، ٣٦٢ ، ٣٧٧ ، ٣٤١ ، ٤٤٢ ، ٤٩٠ ، ٤٩٦ ، ٥٧٢.

عائشة بنت أبي بكر (أم المؤمنين) : ٢٧٢ ، ٤١٧.

عاصم : ١٦ ، ١٧ ، ٢٤ ، ٥٦ ، ١١٢.

عاصم بن بهدلة الكوفي : ٣٣ ، ٤٨ ، ٩٨ ، ١٦٧ ، ١٨٤ ، ٢٦٤ ، ٥٧٩.

عاصم الجحدري : ١٦ ، ٥٥ ، ٨١ ، ٨٣ ، ١١١ ، ١٢٥ ، ١٢٦ ، ١٤٨ ، ٢٠١ ، ٢٤٦ ، ٢٩٦ ، ٣٧٨ ، ٣٩٠ ، ٤١٦ ، ٤١٧ ، ٤٦١ ، ٥١٨.

عامر : ٥٥٢.

ابن عامر : ٢٤ ، ٤٨ ، ٣٥٣ ، ٥٥٣.

عامر بن الطفيل : ٣٧٠ ، ٣٧١.

أبو العباس : ٣٣٣ ، ٣٤٥ ، ٥٥١ ، ٥٥٣ ، ٥٥٤ ، ٥٦١.

أبو العباس العروضي : ٥٤٨.

عباس بن الفضل : ٥١٨.

العباس بن الوليد : ٢٣٥.

عبد الأعلى بن عبد الله بن مسلم بن يسار : ٢٨٥.

عبد الأمير الورد : ٢٠.

عبد الحميد بن بكار : ٢٣٥.

عبد الرحمن : ١١٤.

أبو عبد الرحمن : ١١٥ ، ٣٥١ ، ٥٢٦.

أبو عبد الرحمن الأعرج : ٢٦٧.

عبد الرحمن بن الأنباري : ٥٢ ، ١١٢ ، ١١٤ ، ١١٥.


عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي : ٤٧ ، ٩٤.

عبد الرحمن بن أبي بكرة : ١١٣ ، ١١٤.

عبد الرحمن السيد : ٣١.

أبو عبد الرحمن السلمي : ٢١١ ، ٢٥٦ ، ٣٦٢ ، ٣٨٦.

عبد الرحمن بن أبي عمار : ٥٤٦

عبد الرحمن بن محمد بن طلحة : ٤٤٢.

عبد الرحمن بن هرمز الأعرج : ٩٩ ، ١٠٠ ، ١٥٥ ، ١٨٤ ، ٢١٩ ، ٢٤٤ ، ٢٦٤ ، ٢٩٣ ، ٢٩٥ ، ٣٣٠ ، ٣٦٧ ، ٤١٩ ، ٤٥٠ ، ٥٠٩ ، ٥١٤ ، ٥١٨ ، ٥٢٣ ، ٥٢٤ ، ٥٢٧ ، ٥٧٠ ، ٥٧٩.

عبد السلام بن شداد أبو طالوت : ١٨٩ ، ٢٦٦.

عبد السلام هارون : ٥٥ ، ١١٩.

عبد الصبور شاهين : ٢٩ ، ٣١ ، ٣٢.

عبد العال سالم مكرم : ٢١ ، ٣١.

عبد الفتاح بن إسماعيل شلبي : ٥٩.

عبد الله : ٢٤ ، ٢٦٠ ، ٣٨١ ، ٣٨٩ ، ٥٠٨.

عبد الله بن الحسين بن عبد الله أبو البقاء العكبري : ١١٢.

عبد الله بن خازم : ٥٣١.

عبد الله بن الزبير : ٢٤ ، ٣٠٦ ، ٣٥٤ ، ٤٣٤.

عبد الله بن عامر اليحصبي : ٢٨ ، ٣٣ ، ٣٦ ، ٤٨ ، ٥١ ، ٥٢ ، ٥٣ ، ١٤٨ ، ٢٣٥.

عبد الله بن عباس : ١٦ ، ١٧ ، ٤٩ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٨١ ، ١٠٧ ، ١٧٨ ، ١٨٦ ، ٢٠٠ ، ٢٠٧ ، ٢٢١ ، ٢٣٤ ، ٢٥٠ ، ٢٥٨ ، ٢٦١ ، ٢٦٣ ، ٢٦٤ ، ٢٧٢ ، ٢٨١ ، ٢٨٥ ، ٢٨٦ ، ٢٩٣ ، ٢٩٤ ، ٣٠١ ، ٣٠٦ ، ٣١١ ، ٣٢٤ ، ٣٣٨ ، ٣٥١ ، ٣٦٩ ، ٣٧٨ ، ٣٨٨ ، ٤٠٣ ، ٤٣٣ ، ٤٣٩ ، ٤٥٧ ، ٤٦١ ، ٤٦٨ ، ٤٧٢ ، ٤٨٦ ، ٥٣٦ ، ٥٤٦ ، ٥٧٤.

عبد الله بن عبد الملك بن مروان : ٩٤.

عبد الله بن عبيد بن عمير : ٣٧٨.

عبد الله بن عمر بن الخطاب : ١٧.


عبد الله بن عمرو بن العاص : ٣٧٨.

عبد الله بن كثير : ٣٣.

عبد الله بن مسعود : ١٦ ، ٢٤ ، ٢٥ ، ٢٧ ، ٥٩ ، ٨٣ ، ٩٣ ، ٩٨ ، ١١٧ ، ١٤٩ ، ١٥٤ ، ١٦٩ ، ١٧١ ، ١٧٤ ، ١٧٨ ، ١٧٩ ، ١٨٦ ، ٢٠١ ، ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، ٢٣٤ ، ٢٣٩ ، ٢٤٥ ، ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، ٢٥١ ، ٢٥٤ ، ٢٥٥ ، ٢٦٣ ، ٢٧٠ ، ٣٠١ ، ٣١٤ ، ٣٥٧ ، ٣٦٥ ، ٣٦٦ ، ٣٨٩ ، ٤٠٤ ، ٤٣٣ ، ٤٥٠ ، ٤٦٢ ، ٥٢٩ ، ٥٧٤ ، ٥٧٨.

عبد الله بن مسلم بن قتيبة : ٢٥ ، ٣٠ ، ٤٩.

عبد الله بن مسلم بن يسار : ٢٥٣ ، ٣٨٧ ، ٤١٠ ، ٤٨٩.

عبد الله بن يزيد المدني ـ أبو عبد الرحمن ـ : ٩٩ ، ١٠٣ ، ١٠٥ ، ١٥١ ، ٢٦٤ ، ٢٧١ ، ٣٠٦ ، ٥٤٢ ، ٥٥٧.

عبد المتعال الصعيدي : ٣٢.

عبد الملك بن قريب (الأصمعي) : ١٢ ، ٤٩ ، ٨٨ ، ١٢٢ ، ٢١٦ ، ٢٢٣ ، ٢٩٦ ، ٣٠٥ ، ٣٦٠ ، ٣٦١ ، ٤٨٦.

عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم : ٣٠.

عبد الوارث : ٥٣٣.

عبد الوهاب : ١٨٥ ، ٢٣٢ ، ٣٧٣.

عبد الوهاب حمودة : ٢٤ ، ٣١.

عبيد : ٢٩٣.

أبو عبيد : ١٩.

عبيد بن الأبرص : ٣٥٣.

عبيد بن عقيل : ٢٠٢.

عبيد الله : ٩٨ ، ١٦٧.

عبيد الله بن موسى بن باذان : ٥١٣.

أبو عبيدة : ١٩ ، ٤٩ ، ٢٢٠ ، ٢٥٠ ، ٣٥٧ ، ٥٠٨.

ابن أبي عبلة : ٤٥ ، ٣٣٧.

أبو العتاهية : ٧٤ ، ٧٥.

أبو عثمان : ١٢٢ ، ٣٧٦ ، ٤٨٦.


عثمان الثقفي : ٢٧٢.

أبو الفتح عثمان بن جني : ٩ ، ١٠ ، ١١ ، ١٢ ، ١٣ ، ١٤ ، ٢٢ ، ٣٢ ، ٣٨ ، ٣٩ ، ٤١ ، ٤٤ ، ٤٦ ، ٥٦ ، ٥٩ ، ٦١ ، ٦٢ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٦٥ ، ٦٦ ، ٦٨ ، ٦٩ ، ٧٠ ، ٧١ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٧٤ ، ٧٥ ، ٧٧ ، ٨١ ، ٨٣ ، ٨٥ ، ٨٦ ، ٨٧ ، ٨٨ ، ٩٣ ، ٩٥ ، ٩٦ ، ٩٧ ، ٩٨ ، ٩٩ ، ١٠٣ ، ١٠٥ ، ١٠٦ ، ١٠٧ ، ١٠٨ ، ١٠٩ ، ١١٠ ، ١١١ ، ١١٤ ، ١١٥ ، ١١٦ ، ١١٧ ، ١١٨ ، ١١٩ ، ١٢١ ، ١٢٢ ، ١٢٥ ، ١٢٧ ، ١٢٨ ، ١٣٠ ، ١٣١ ، ١٣٣ ، ١٣٥ ، ١٣٧ ، ١٣٨ ، ١٤١ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٤ ، ١٤٥ ، ١٤٦ ، ١٤٧ ، ١٤٨ ، ١٤٩ ، ١٥٠ ، ١٥١ ، ١٥٣ ، ١٥٤ ، ١٥٥ ، ١٥٨ ، ١٥٩ ، ١٦٠ ، ١٦٢ ، ١٦٣ ، ١٦٥ ، ١٦٧ ، ١٦٩ ، ١٧٠ ، ١٧١ ، ١٧٢ ، ١٧٣ ، ١٧٤ ، ١٧٥ ، ١٧٦ ، ١٧٧ ، ١٧٨ ، ١٧٩ ، ١٨٠ ، ١٨٣ ، ١٨٥ ، ١٨٦ ، ١٨٧ ، ١٨٨ ، ١٨٩ ، ١٩٢ ، ١٩٣ ، ١٩٤ ، ١٩٥ ، ١٩٩ ، ٢٠٠ ، ٢٠٢ ، ٢٠٣ ، ٢٠٤ ، ٢٠٥ ، ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، ٢٠٨ ، ٢٠٩ ، ٢١٠ ، ٢١١ ، ٢١٤ ، ٢١٧ ، ٢١٨ ، ٢١٩ ، ٢٢٠ ، ٢٢١ ، ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٤٠ ، ٢٤١ ، ٢٤٢ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، ٢٥١ ، ٢٥٢ ، ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، ٢٥٥ ، ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، ٢٥٩ ، ٢٦٠ ، ٢٦١ ، ٢٦٣ ، ٢٦٤ ، ٢٦٥ ، ٢٦٦ ، ٢٦٧ ، ٢٦٨ ، ٢٧٠ ، ٢٧١ ، ٢٧٢ ، ٢٧٣ ، ٢٧٤ ، ٢٧٥ ، ٢٧٦ ، ٢٧٧ ، ٢٧٩ ، ٢٨٠ ، ٢٨١ ، ٢٨٣ ، ٢٨٤ ، ٢٨٥ ، ٢٨٧ ، ٢٨٨ ، ٢٨٩ ، ٢٩٠ ، ٢٩١ ، ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، ٢٩٥ ، ٢٩٦ ، ٢٩٧ ، ٢٩٨ ، ٣٠١ ، ٣٠٥ ، ٣٠٦ ، ٣٠٧ ، ٣٠٨ ، ٣٠٩ ، ٣١١ ، ٣١٢ ، ٣١٣ ، ٣١٤ ، ٣١٦ ، ٣١٧ ، ٣١٩ ، ٣٢١ ، ٣٢٢ ، ٣٢٤ ، ٣٢٥ ، ٣٢٦ ، ٣٢٨ ، ٣٣٠ ، ٣٣١ ، ٣٣٢ ، ٣٣٤ ، ٣٣٥ ، ٣٣٧ ، ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، ٣٤٤ ، ٣٤٦ ، ٣٤٧ ، ٣٤٨ ، ٣٥١ ، ٣٥٣ ، ٣٥٤ ، ٣٥٥ ، ٣٥٨ ، ٣٦٠ ، ٣٦٢ ، ٣٦٣ ، ٣٦٥ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧ ، ٣٦٨ ، ٣٦٩ ، ٣٧١ ، ٣٧٢ ، ٣٧٣ ، ٣٧٦ ، ٣٧٧ ، ٣٧٨ ، ٣٧٩ ، ٣٨٠ ، ٣٨١ ، ٣٨٢ ، ٣٨٤ ، ٣٨٥ ، ٣٨٧ ، ٣٨٨ ، ٣٨٩ ، ٣٩٠ ، ٣٩١ ، ٣٩٣ ، ٣٩٥ ، ٣٩٩ ، ٤٠٠ ، ٤٠٣ ، ٤٠٤ ، ٤٠٥ ، ٤٠٧ ، ٤٠٨ ، ٤٠٩ ، ٤١٠ ، ٤١٢ ، ٤١٤ ، ٤١٥ ، ٤١٦ ، ٤١٧ ، ٤١٨ ، ٤١٩ ، ٤٢٠ ، ٤٢١ ، ٤٢٨ ، ٤٢٩ ، ٤٣٠ ، ٤٣١ ، ٤٣٣ ، ٤٣٤ ، ٤٣٧ ، ٤٣٩ ، ٤٤٠ ، ٤٤١ ، ٤٤٢ ، ٤٤٣ ، ٤٤٤ ، ٤٤٥ ، ٤٤٧ ، ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، ٤٥٢ ، ٤٥٣ ، ٤٥٤ ، ٤٥٥ ، ٤٥٧ ، ٤٥٩ ، ٤٦٢ ، ٤٦٤ ، ٤٦٧ ، ٤٦٩ ، ٤٧٠ ، ٤٧٢ ، ٤٧٣ ، ٤٧٥ ، ٤٨١ ، ٤٨٤ ، ٤٨٧ ، ٤٨٨ ، ٤٨٩ ، ٤٩٠ ، ٤٩١ ، ٤٩٢ ، ٤٩٤ ، ٤٩٦ ، ٤٩٩ ، ٥٠٣ ، ٥٠٥ ، ٥٠٦ ، ٥٠٩ ، ٥١٠ ، ٥١١ ، ٥١٢ ، ٥١٣ ، ٥١٤ ، ٥١٦ ، ٥١٧ ، ٥١٨ ، ٥٢١ ، ٥٢٢ ، ٥٢٣ ، ٥٢٤ ، ٥٢٥ ، ٥٢٦ ، ٥٢٧ ، ٥٢٩ ، ٥٣٠ ، ٥٣١ ، ٥٣٢ ، ٥٣٣ ، ٥٣٤ ، ٥٣٥ ، ٥٣٧ ، ٥٣٨ ، ٥٣٩ ، ٥٤٠ ، ٥٤١ ، ٥٤٢ ، ٥٤٣ ، ٥٤٤ ، ٥٤٦ ، ٥٤٧ ، ٥٤٨ ، ٥٥٠ ، ٥٥٢ ، ٥٥٣ ، ٥٥٤ ، ٥٥٦ ، ٥٥٧ ، ٥٥٩ ، ٥٦١ ، ٥٦٥ ، ٥٦٦ ، ٥٦٧ ، ٥٦٩ ، ٥٧٠ ، ٥٧١ ، ٥٧٢ ، ٥٧٣ ، ٥٧٦ ، ٥٧٧ ، ٥٧٨ ، ٥٧٩ ، ٥٨٠ ، ٥٨١.


عثمان بن سعيد أبو عمرو الداني : ٢٩ ، ٤٠ ، ٥٨.

عثمان بن عفان : ٢٨ ، ٢٩ ، ١٢٥ ، ٢٩٤ ، ٣٨٩ ، ٤١٧ ، ٥١٨.

العجاج : ٨٤ ، ٣٣٨ ، ٣٧٤.

عروة بن الزبير : ٥٥٨.

عروة بن الورد : ١٠٢.

عطاء بن رباح : ١٨٦ ، ٢٦٤.

عطاء بن السائب : ٢٨٥.

عطية بن سعد : ٢٦٤.

العكبري = عبد الله بن الحسين بن عبد الله.

عكرمة : ١٢١ ، ١٥٩ ، ١٨٦ ، ١٩٣ ، ٢٤٤ ، ٢٥٢ ، ٢٦٤ ، ٢٨٦ ، ٣٠١ ، ٣١٦ ، ٣٣١ ، ٣٣٧ ، ٣٥١ ، ٣٨٨ ، ٤٠٣ ، ٤٤٩ ، ٤٦١ ، ٤٩٨ ، ٥٧١ ، ٥٧٢.

العلاء بن سيابة : ٣٣٤ ، ٥٤٠.

علفاء بن الحارث : ٩٤.

علقمة : ٢٦٣ ، ٣٨٩.

علقمة بن عبدة : ٤٤٨.

علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) : ٩٤ ، ١٨٦ ، ٢٧٠ ، ٢٩٤.

علي بن حمزة الكسائي : ١٢ ، ١٩ ، ٢٣ ، ٢٤ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٦٥ ، ١١٠ ، ١١٢ ، ١٢٠ ، ١٣٢ ، ١٤٧ ، ١٩١ ، ٣٩٤ ، ٤٧٢ ، ٤٧٧ ، ٥٥٧.

علي بن سليمان الأخفش الصغير : ١٨٦.

علي بن أبي طالب (عليه السلام) : ١٦٣ ، ١٧٨ ، ١٩١ ، ١٩٢ ، ٢٥٦ ، ٢٦٤ ، ٢٩٠ ، ٣١٢ ، ٣٣٨ ، ٣٥٨ ، ٣٦٨ ، ٣٨٢ ، ٣٨٦ ، ٤٠٣ ، ٤٠٤ ، ٤٦٢ ، ٥٤٦ ، ٥٧٤.

علي بن عيسى الربعي : ٦٨.

علي النجدي ناصف : ١٤ ، ٤٨ ، ٣٧٢.

عمارة القارئ : ٣٣٣.


عمر بن الخطاب : ١٥ ، ١٦ ، ٢٤ ، ٢٦ ، ١٧٨ ، ٣٨٩ ، ٤١٨.

عمر بن عبد العزيز : ٢٤٧.

أبو عمران الحوفي : ٢٠١.

عمرو : ١١٣ ، ١٥٣ ، ٣٣٣ ، ٤٥٠.

أبو عمرو : ١٩ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٨٨ ، ٩٩ ، ١١١ ، ١١٩ ، ١٨٢ ، ١٨٥ ، ٢١٦ ، ٢٢٣ ، ٢٣٢ ، ٢٧٧ ، ٢٩٠ ، ٣٢١ ، ٣٢٦ ، ٣٣٢ ، ٣٣٤ ، ٣٧٣ ، ٤٣١ ، ٤٧٥ ، ٤٩٩ ، ٥٠٩ ، ٥٢٧ ، ٥٣٣ ، ٥٤٢ ، ٥٤٦ ، ٥٨١.

عمرو بن بحر الجاحظ : ٥١.

أبو عمرو الجرمي : ٥٣.

عمرو بن حريث : ١١٣.

عمرو بن الحَمِق : ١٢٣.

أبو عمرو الشيباني : ٤٨٢.

عمرو بن عبيد : ٤٣٤ ، ٥٠٩ ، ٥٣١.

عمرو بن عثمان بن قنبر (سيبويه) : ١٠ ، ١٢ ، ١٦ ، ١٩ ، ٤٥ ، ٤٦ ، ٥٣ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٦٩ ، ٨١ ، ٨٣ ، ٨٨ ، ٨٩ ، ١٠٠ ، ١٠٣ ، ١٠٥ ، ١٠٦ ، ١٠٧ ، ١١٣ ، ١١٦ ، ١١٩ ، ١٢٢ ، ١٢٣ ، ١٣٤ ، ٢٠٦ ، ٢٢٦ ، ٢٢٨ ، ٢٨٤ ، ٣٢١ ، ٤٣٧ ، ٤٣٨ ، ٤٧٠ ، ٤٨٨ ، ٥١٦ ، ٥٥٩ ، ٥٧٩ ، ٥٨٦.

أبو عمرو بن العلاء (زيّان بن العلاء) : ١٧ ، ٣٣ ، ٤٨ ، ٥٤ ، ١١١ ، ١١٥ ، ٤٢٩ ، ٥٨٦.

عمرو بن فائد الأسواري : ٤٥ ، ١٠٠ ، ١٣٠ ، ١٥٩ ، ٢٠١ ، ٢٤٤ ، ٢٥٨ ، ٢٨١ ، ٤١٤ ، ٥١٨.

عمرو بن ميمون : ١٨٤ ، ٢١٨ ، ٥٧٩.

عنترة العبسي : ٢٥٢ ، ٢٦١ ، ٤٧١.

عون العقيلي : ٣٦٦.

أبو عياض : ٢٨٩.

عياض بن موسى (القاضي عياض) : ٤٠.

عيسى بن عمر الثقفي : ١٨ ، ٤٥ ، ٥٤ ، ٨٨ ، ٩٩ ، ١١٥ ، ١١٨ ، ١١٩ ، ١٤٤ ، ١٨٤ ، ٢٠٨ ، ٢٣٠ ، ٢٤٧ ، ٢٤٨ ، ٢٦٥ ، ٢٧٧ ، ٢٨٧ ، ٣٢٢ ، ٣٢٤ ، ٣٥٥ ، ٣٦٣ ، ٣٧٦ ، ٣٧٨ ، ٤٠٨ ، ٤١٦ ، ٤٥٤ ، ٤٦٩ ، ٤٧٥ ، ٥٠٩ ،


٥٣٧ ، ٥٦٥ ، ٥٧١ ، ٥٧٩.

عيسى الكوفي : ٤١٨.

عيسى الهمداني : ٢٤٧ ، ٣٣٧ ، ٣٦٠ ، ٤٧٥.

ابن عيينة : ٤٤.

غالب بن الحارث العكلي : ٩٧.

غضوب : ٦٥.

أم غيلان بنت جرير : ٢٠٨.

فائز فارس : ٢٠.

فاضل السامرائي : ٦٩.

أبو الفرج الاصبهاني : ٩.

الفرزدق : ٨٤ ، ٩٤ ، ١٣١ ، ١٣٢ ، ١٥٢ ، ١٨٦ ، ١٩٠ ، ٣٧١ ، ٤٤٤ ، ٥٠٠ ، ٥٥٩.

فرعون : ٢٥٣ ، ٢٥٤.

الفضل : ٥٦.

الفضل بن الحباب : ٨٨.

أبو الفضل الرازي : ٢٥.

الفضل بن العباس : ٣٠٦.

فضيل بن مرزوق : ٣٥٤.

الفضيل بن يسار : ٢٧ ، ٢٨.

أبو القاسم الخوئي : ٣٠ ، ٣١.

أبو عبيد القاسم بن سلام : ١٨ ، ٣٣ ، ٤٨ ، ٥٢ ، ٨٨.

قالون : ٥١٠.

قتادة : ٥٠ ، ٥٦ ، ١٧٧ ، ١٨٤ ، ٢٠٦ ، ٢١٨ ، ٢٣١ ، ٢٣٤ ، ٢٦٣ ، ٢٧٧ ، ٢٧٩ ، ٢٩٣ ، ٣٠٦ ، ٣٦٨ ، ٣٧١ ، ٤١٨ ، ٤٤٣ ، ٤٩٩ ، ٥١٨ ، ٥٤٢ ، ٥٥١ ، ٥٧٩ ، ٥٨٠.

قتيبة بن مسلم الباهلي : ٥٣١.


القرطبي = محمد بن أحمد بن عبد الله القرطبي.

شرف الدولة قرواش : ٦٣.

قصي بن كلاب : ١٢١.

القطامي : ١٦ ، ٢٤٢.

قطرب = محمد بن المستنير.

القطعي : ٢٠٤.

ابن قطيب : ٣٩٣.

قعنب العدوي أبو السماك : ١٠٨.

أبو قِلابَة = محمد بن أحمد بن أبي دارة.

قيس بن مسعود : ٤٣٣.

أبو كبير الهذلي : ٣٠٩ ، ٥٥٥.

ابن كثير : ١٨ ، ٢٣ ، ٤٨ ، ٨٨ ، ١٠٠ ، ٢٩٣ ، ٤٨٨ ، ٥٨١.

كثير عزة : ٩٧ ، ٤٥٢.

الكلبي : ٢٨١ ، ٣٢٢ ، ٣٥١.

الكميت بن زيد : ٢٦٦ ، ٤٧٤ ، ٤٧٥ ، ٥٦٨ ، ٥٦٩.

لاحق بن حميد : ٥٤٤.

لبيد بن ربيعة : ٤٤١.

لوط : ١٦٣.

ابن أبي ليلى : ٢٨١ ، ٣٦٨.

الماجشون : يوسف بن يعقوب.

المازني = أبو بكر بن محمد.

مالك بن أنس : ١٩٤.

مالك بن دينار : ١٢٥ ، ٢١٨ ، ٣٩٠ ، ٤١٦.

مبارك : ٣٢٨.


المبرد = محمد بن يزيد.

مبرمان = محمد بن علي بن إسماعيل.

المتنبي = أحمد بن الحسين.

أبو المتوكل : ٢٠٦.

مجاهد : ١٩٢ ، ٢٠٤ ، ٢٢٤ ، ٢٤٠ ، ٢٤١ ، ٢٦١ ، ٢٦٣ ، ٢٦٤ ، ٢٩٦ ، ٣٠١ ، ٣١٣ ، ٣٣٧ ، ٣٦٠ ، ٣٦٧ ، ٤١١ ، ٤٣٩ ، ٤٤٧ ، ٤٥٧ ، ٥٠٦.

ابن مجاهد = أحمد بن موسى بن مجاهد.

أبو مجلز : ٤٢٨.

محارب بن دثار : ٢٨٨.

محمد ـ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ : ٢٦ ، ٢٧ ، ٢٩ ، ٣١ ، ٣٢ ، ٣٦ ، ٥٨ ، ٩٣ ، ٩٥ ، ٩٦ ، ١٢١ ، ١٢٥ ، ١٢٦ ، ١٣٠ ، ١٤٥ ، ١٦٦ ، ١٨٥ ، ٢٣٤ ، ٢٤٠ ، ٢٦٨ ، ٢٩٠ ، ٣٠٨ ، ٣٢٣ ، ٣٣٨ ، ٣٦٦ ، ٣٨١ ، ٣٨٩ ، ٤٠٦ ، ٤١٦ ، ٤٩٠ ، ٤٩٨ ، ٥٠٨ ، ٥١٨ ، ٥٢١ ، ٥٢٢ ، ٥٥٨.

محمد بن إبراهيم النحاس : ٥١.

محمد بن أحمد بن إبراهيم الشنبوذي : ٣٥.

محمد بن أحمد بن أبي دارة ـ أبو قلابة ـ : ٧٥ ، ٣٦٧ ، ٣٩٥ ، ٤١٩.

محمد بن أحمد بن منصور الخياط : ٦٠.

محمد بن جرير الطبري : ٢٠ ، ٣٣ ، ٢٣٥.

محمد بن الحسن : ٣٧٤.

محمد بن الحسن بن دريد : ١٢.

محمد بن الحسن بن أبي سارة ـ أبو جعفر الرؤاسي : ١٢ ، ١٩ ، ٥٣٢.

محمد بن الحسن الطوسي : ١٢٧.

محمد بن الحسن بن يعقوب بن مقسم أبو بكر : ٩ ، ١٠ ، ١٢ ، ٢١ ، ٣١٧ ، ٣٤٣ ، ٤٢٨ ، ٤٣٦ ، ٥٢٥ ، ٥٢٧.

محمد بن زكريا أبو بكر الفخر الرازي : ٤٥ ، ٦١ ، ١٢٦.


محمد بن السري بن السراج : ١٠ ، ٢١ ، ٥٦ ، ٦٠ ، ٧٢ ، ٧٣.

محمد بن سلام : ٨٨.

محمد بن سيرين : ٥١٨ ، ٥٧٣.

محمد طاهر الكردي : ٣١.

محمد بن عبد الرحمن بن السميفع : ١١٧ ، ٢٨١ ، ٢٩١ ، ٢٩٦ ، ٣٣٤ ، ٣٧٥ ، ٤٦٧.

محمد بن عبد الله بن مالك : ٥٧ ، ١١٥.

محمد بن عبد الملك : ٤٩٤.

محمد عزت عرفة : ٣٢.

محمد بن علي بن إسماعيل مبرمان : ٦٠.

محمد بن علي الباقر (عليه السلام) : ١٣٦ ، ١٨٦ ، ١٩١ ، ٢٥٨ ، ٢٧٠ ، ٢٨١ ، ٢٩٤.

محمد بن علي بن أبي طالب (ابن الحنفية) : ٢٨١.

محمد بن علي بن علان : ٤٧.

محمد بن كعب القرظي : ١٤٢ ، ٣٧٦.

محمد بن محمد بن محمد بن الجزري : ١٧ ، ١٨ ، ٢٤ ، ٢٥ ، ٣٠ ، ٣٩ ، ٤٠.

محمد بن محيصن : ٣٤ ، ١٠٦ ، ١٢١ ، ١٢٥ ، ١٢٨ ، ١٤٦ ، ١٨٢ ، ٤١٨ ، ٤٣٩ ، ٤٦١ ، ٤٦٩ ، ٤٩١ ، ٤٩٢ ، ٤٩٨ ، ٥٤١ ، ٥٤٦ ، ٥٦٩ ، ٥٧٢ ، ٥٨٠.

محمد بن مروان : ٥٤ ، ١١٨.

محمد بن المستنير (قطرب) : ١٢ ، ١٩ ، ٦٩ ، ١٠٢ ، ١٠٣ ، ١٠٧ ، ١٠٨ ، ١٠٩ ، ١١٢ ، ٢٤١ ، ٣٢٣ ، ٣٢٦ ، ٣٥١ ، ٤٠٠ ، ٤٩٩ ، ٥٠٧ ، ٥٥٧ ، ٥٧١.

محمد بن يزيد الطبري : ١٢٦.

محمد بن يزيد المبرد : ١٢ ، ٢٠ ، ٥٠ ، ٥٦ ، ٦٠ ، ٢٧٦ ، ٥٨٦.

محمود جار الله الزمخشري : ٢٨ ، ٤٩ ، ٥٢.

أبو مرحب : ٣٣٧.


ابن مروان : ٥٤.

مروان بن الحكم : ٥٤ ، ٩٧.

ابن مسعود = عبد الله بن مسعود.

أبو مسلم : ٥٧٢.

مسلم بن جندب : ٩٩ ، ٤٤١.

مسلمة بن محارب : ٥٤٣ ، ٥٤٦.

مصعب بن الزبير : ٩٦.

مضر : ٥٦٧ ، ٥٦٨.

ابن مطرف الكناني : ٤٩.

المطوعي : ٢٢ ، ١٠٩.

معاذ بن جبل : ٣٩١ ، ٤٠٥.

معاذ بن الحارث : ٢١٧.

معاذ بن مسلم الهراء : ٥٣.

معز الدولة : ٦٣.

أبو معمر : ٥٣٣.

أبو عبيدة معمر بن المثنى : ١٩.

المغيرة : ١٤١.

المفضل : ٢٠٤ ، ٥٧٧.

مقاتل بن سليمان بن بشر : ١٧.

ابن مقبل : ٢١٤.

مكحول : ٢٩٦ ، ٣١٣ ، ٤١٦.

مكي بن أبي طالب : ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٩ ، ١١١.

أبو جعفر المنصور : ٥٤٨.

منظور بن سيار : ٢٤٦.


المهدوي (أحمد بن عمار) : ٣٦.

مهدي المخزومي : ٦٩.

موسى (عليه السلام) : ٢٤٠ ، ٢٥٤ ، ٢٧١ ، ٢٧٢.

موسى الأسواري : ٥٣١.

ميسون بنت بجدل الكلبيّة : ٥١١.

ميمون بن مهران : ٥٧٣.

النابغة : ٤٥٧ ، ٤٥٨ ، ٤٩٦ ، ٤٩٧ ، ٥٤٥.

النابغة الذبياني : ١١٣.

نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني : ١٥ ، ٣٤ ، ٤٩ ، ٤٨١.

أبو النجم العجلي : ١٥٥.

النحّاس = أحمد بن محمد النحّاس ومحمد بن إبراهيم.

النّخعي : ٢٣٣.

نصر بن عاصم : ٣٦٣.

نصر بن علقمة : ٢٩٦ ، ٣١٣.

نصر بن علي : ١٢٥.

نعيم بن ميسرة : ١٤٤ ، ٤٥٠.

أبو نهيك : ٢٠١ ، ٣٧٢ ، ٤٢٨.

نوح (عليه السلام) : ٢٨٤.

نوح القاري : ٢٧٦.

نولدكه : ٣١.

هارون : ٥٥ ، ١٢٦.

هارون بن موسى الأعور : ١٧ ، ١٨ ، ١٧٤ ، ٢٢٣ ، ٣٢٢ ، ٥٢٧.

هارون النحوي : ٤٧٢.

أبو الهجهاج : ٢٠٢.


ابن هرمز : ١٢٩.

أبو هريرة : ٣٦٦.

هشام بن الحكم : ٢٦.

هشام بن عبد الملك : ٩٧.

هشام بن معاوية الضرير : ١١٤.

هلال بن يساف : ٥١٨.

الهمذاني : ٥٤٢.

ابن وهب : ٤٩٤.

يحيى بن زياد الفراء : ١٢ ، ١٩ ، ٤٥ ، ٥٠ ، ٥١ ، ٥٢ ، ٥٣ ، ٥٨ ، ٨٥ ، ١١٢ ، ١٢٠ ، ١٣٨ ، ٣٠٧ ، ٣١٩ ، ٣٢٥ ، ٣٢٨ ، ٤٤٦ ، ٤٩٥ ، ٤٩٦ ، ٥٥٧ ، ٥٨٧.

يحيى بن المبارك اليزيدي : ٣٤ ، ٢٩٢.

يحيى بن وثاب : ٣٩٩.

يحيى بن يعمر : ١٧ ، ١٨ ، ٢٣ ، ٤٥ ، ٥٥ ، ٨١ ، ١٠٨ ، ١١٠ ، ١٣٣ ، ٢٣٩ ، ٢٧٢ ، ٢٧٦ ، ٢٨١ ، ٢٨٣ ، ٢٩٤ ، ٤٥٠ ، ٤٦١ ، ٤٦٣ ، ٤٨٢ ، ٥٣٤ ، ٥٥٣ ، ٥٧٠ ، ٥٧٧.

يزيد البربري : ٢٢٥.

يزيد بن القعقاع (أبو جعفر) : ٣٤ ، ٤٥ ، ٨٨ ، ١٧٠ ، ١٧٣ ، ٢١٧ ، ٢١٩ ، ٢٩٦ ، ٣٠٩ ، ٣١٣ ، ٣١٧ ، ٣٨٥ ، ٤٠٩ ، ٤٢٠ ، ٤٥٩ ، ٤٧٥ ، ٤٨١ ، ٤٨٦ ، ٤٨٧ ، ٤٩٢ ، ٥١٠ ، ٥١٨ ، ٥٢١ ، ٥٣٤ ، ٥٦٦ ، ٥٧٠.

ابن يزيد المدني : ٤٥٧.

أبو يزيد المدني : ١٠٧ ، ٢٠٠.

يزيد النحوي : ٤٣١.

ابن يسار : ٢٨٥.

يعقوب : ٢٣ ، ٥٦ ، ١١٥ ، ١١٧ ، ١٣٠ ، ١٨٢ ، ١٨٥ ، ١٩٥ ، ٢٤٦ ، ٢٥٨ ، ٢٦٢ ، ٢٦٤ ، ٢٨١ ، ٣٩٤ ، ٤٥٥ ، ٤٥٧ ، ٤٧٠ ، ٥٤٢.

يعقوب بن إسحاق الحضرمي : ٣٤ ، ٥٦.


يعقوب بن السكيت : ٨٦.

يعقوب بن طلحة : ٤١٨.

يعقوب القارئ : ٣٦٧ ، ٤٢٠.

يعلى الأحول : ١٠٧.

يعيش بن يعيش النحوي : ٥٠ ، ١٠٥ ، ١١٨ ، ١٢٠ ، ١٢٢.

أبو اليقظان : ٣٢٥.

يوسف (عليه السلام) : ١٧٥.

يوسف بن عبد الله بن عبد البر : ٤٢.

يوسف بن يعقوب الماجشون : ٥١٢.

يونس بن حبيب البصري : ١٢ ، ١٩ ، ٥٣ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ١١٩ ، ١٧٤ ، ٤٣٥ ، ٥٤٥.


٧ ـ فهرس المـصادر والمراجـع

أ ـ المصادر والمراجع المخطوطة

١. الاستشهاد في النحو العربي. رسالة ماجستير ، تأليف عثمان الفلكي ، مكتبة جامعة القاهرة ، برقم ، ٧٧٣.

٢. إعراب القراءات الشاذَّة. تأليف أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري (ت / ٦١٦ هـ) ، مخطوطة بدار الكتب المصرية ، برقم ١١١٩ تفسير.

٣. إعراب القرآن ومعانيه. للزجّاج (ت / ٣١١ هـ) تحقيق ودراسة ، لهدى محمود فراعة ، رسالة دكتوراه ، كلية الآداب ، جامعة القاهرة ، آلة كاتبة ، مكتبة جامعة القاهرة.

٤. التذييل والتكميل. لأثير الدين محمد بن يوسف بن علي أبي حيّان الأندَلُسي (ت / ٧٤٥ هـ) مخطوطة دار الكتب المصرية.

٥. التكملة. للحسن بن أحمد بن عبد الغفار أبي علي الفارسي (ت / ٣٧٧ هـ) تحقيق الدكتور كاظم بحر المرجان ، آلة كاتبة ، مكتبة جامعة القاهرة ، برقم : ١٠٢٢ ، وفي مكتبة محقق هذا الكتاب نسخة منه.

٦. التنبيه على شرح مشكلات الحماسة. لأبي الفتح عثمان بن جني (ت / ٣٩٢ هـ) رسالة ماجستير ، قدمها عبد المحسن خلوصي الناصري ، كلية الآداب جامعة القاهرة ، المكتبة المركزية لجامعة بغداد ، ج / ٥ / ٨١١ / ج / ن.

٧. الحجّة في علل القراءات السبع. لأبي علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي (ت / ٣٧٧ هـ) مكتبة مراد ملا ، استنبول ، برقم : ٦ ـ ٩. منها نسخة مصورة في مكتبة معهد المخطوطات التابع للجامعة العربية ، القاهرة ، برقم : ٦ ونسخة في مكتبة جامعة القاهرة برقم : ٢٤٠١٢ لغة.

٨. داعي الفلاح. لمحمد بن علي بن محمد بن علان (ت / ١٠٥٧ هـ) ، في مكتبة الأزهر ، القاهرة ، برقم : ٩٥ نحو : ٩٤٩.


٩. ديوان أبي طالب. دار الكتب المصرية ، برقم ٣٨ ش.

١٠. شرح التسهيل. لمحمد بن عبد الله بن مالك (ت / ٦٧٢ هـ) ، دار الكتب المصرية ، القاهرة ، برقم : ١٠ نحو / ش.

١١. شواذ القراءات واختلاف المصاحف. لمحمود بن عبد الله الكرماني (ت / ١١٤٠ هـ) مكتبة الأزهر ، القاهرة ، برقم : ٤٣٦ نحو / ٢٤٤ / قراءات.

١٢. القراءات الشاذّة. لمحمد بن محمد بن الجزري (ت / ٨٣٣ هـ) دار الكتب المصرية ، رقم : ٢٣٣١٤ / ب.

١٣. قراءة ابن كثير وأثرها في الدراسات النحوية. رسالة دكتوراه ، للدكتور عبد الهادي الفضلي ، آلة كاتبة ، مكتبة دار العلوم جامعة القاهرة ، ٧٦ / ٨٥.

١٤. القراءة في الشواذ. للشهاب الخفاجي ، دار الكتب المصرية ، القاهرة ، برقم : ٣٣١ مجاميع تيمور.

١٥. المجيد في إعراب القرآن المجيد. لإبراهيم محمد الصفاقصي ، (ت / ٧٤٢ هـ) دار الكتب المصرية ، القاهرة ، رقم ٣١٦ / تفسير.

١٦. محاضرات في الدراسات النحويّة. للأستاذ علي النجدي ناصف لطلاب الدراسات العليا في كلية دار العلوم جامعة القاهرة قسم النحو والصرف والعروض للعام الدراسي ، ١٩٧٥ ـ ١٩٧٦ م ، مكتبة المحقّق.

١٧. المسائل الشيرازيات. للحسن بن أحمد بن عبد الغفار أبي علي الفارسي (ت / ٣٧٧ هـ) دار الكتب المصرية ، برقم : ٥ / ش / نحو.

١٨. المسائل الشيرازيات. للحسن بن أحمد بن عبد الغفار أبي علي الفارسي (ت / ٣٧٧ هـ) بتحقيق الدكتور علي جابر المنصوري ، رسالة دكتوراه ، جامعة عين شمس ، القاهرة ، آلة كاتبة ، مكتبة المحقّق.

١٩. معاني القرآن. لسعيد بن مسعدة المجاشعي الأخفش الأوسط (ت / ٢١٥ هـ) مصورة الدكتور عبد الأمير الورد المصورة على نسخة مكتبة مشهد الإمام الرضا (عليه السلام) في إيران ، منها نسخة مصورة في مكتبة المحقق.


٢٠. المقتصد في شرح الإيضاح. لعبد القاهر الجرجاني (ت / ٤٧١ هـ) تحقيق الدكتور كاظم بحر المرجان ، رسالة دكتوراه في كلية الآداب جامعة القاهرة ، عام ١٩٧٥ م. آلة كاتبة مكتبة جامعة القاهرة ومنها نسخة في مكتبة المحقق.

٢١. وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي لأصول النحو البصري وفروعه. رسالة ماجستير تقدّم بها جعفر نايف إلى كلية الآداب ، جامعة القاهرة ، مكتبة جامعة القاهرة. برقم : ٨١١.

ب ـ المصادر والمراجع المطبوعة

وخير ما نبتدئ به : (القرآن الكريم).

٢٢. الإبانة عن معاني القراءات. لمكي بن أبي طالب حموش القيسي (ت / ٤٣٧ هـ) تحقيق الدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي ، دار نهضة مصر للطبع والنشر ، القاهرة ، ١٩٧٧ م.

٢٣. إبراز المعاني من حرز الأماني. لأبي شامة عبد الرحمن بن إسماعيل (ت / ٦٦٥ هـ) ، مطبعة البابي الحلبي ، القاهرة ١٣٩٤ هـ.

٢٤. ابن جني النحوي. للدكتور فاضل صالح السامرائي ، دار النذير ، بغداد ، ١٣٨٩ هـ / ١٩٦٩ م.

٢٥. أبو حيَّان النحوي. للدكتورة خديجة الحديثي ، ط١ ، دار التضامن ، بغداد ، ١٣٨٥ هـ / ١٩٦٦ م.

٢٦. أبو زكريا الفراء ومذهبه في النحو واللغة. للدكتور أحمد مكي الأنصاري مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب ، القاهرة ، ١٣٨٤ هـ / ١٩٦٤ م.

٢٧. أبو العباس المبرد وأثره في علوم العربية. لمحمد عبد الخالق عضيمة ، ط١ ، مكتبة الرشيد ، الرياض ، ١٤٠٥ هـ / ١٩٨٥ م.

٢٨. أبو علي الفارسي. للدكتور عبد الفتَّاح إسماعيل شلبي ، مطبعة نهضة مصر ١٣٧٧ هـ.

٢٩. إتحاف فضلاء البشر في قراءة القرَّاء الأربعة عشر. للشيخ أحمد بن محمد بن أحمد ابن محمد بن عبد الغني الدمياطي (ت / ١١١٧ هـ) المطبعة الميمونية بمصر ، ١٣١٧ هـ.


٣٠. الإتقان في علوم القرآن. لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت / ٩١١ هـ) تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٤ م.

٣١. أثر اللهجات العربية في الدراسات النحوية والقراءات القرآنية. لنهى حازم الحلّي ، دار الفرات ، الحلّة ، العراق ، ١٤٣١ هـ / ٢٠١٠ م.

٣٢. أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم. لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد أبي بكر البناء الشامي المقدسي (ت / ٣٩٠ هـ / ١٠٠٠ م) ، تحقيق دي جويه ط٢ ، ليدن ١٩٠٦ م.

٣٣. الأحكام في الحلال والحرام. ليحيى بن الحسين بن القاسم (ت / ٢٩٨ هـ) ط١ ، ١٤١٠ هـ ـ ١٩٩٠ م. بلا ذكر مكان النشر ولا تاريخه.

٣٤. أحكام القرآن. لأبي بكر أحمد بن علي الرازي الجصّاص الحنفي (ت / ٣٧٠ هـ) ، دار الفكر ، ١٤١٤ هـ.

٣٥. أخبار شعراء الشيعة. لمحمد بن عِمران المرزبانِي (ت / ٣٨٤ هـ) ، تلخيص السيد محسن الأمين العاملي (ت / ١٣٧١ هـ) ط١ ، المطبعة الحيدرية النجف ١٣٨٨ هـ / ١٩٦٨ م.

٣٦. الإرشادات الجلية في القراءات السبع من طريق الشاطبية. لمحمد محمد محمد سالم محيسن ، مطبعة الفجالة ، القاهرة ، ١٣٩٤ هـ / ١٩٧٤ م.

٣٧. الأُزهية في علم الحروف. لعلي بن محمد النحوي الهُروي (ت / ٤١٥ هـ) تحقيق عبد المعين الملوحي ، دمشق ١٣٩١ هـ / ١٩٧١ م.

٣٨. أساس البلاغة. لجار الله أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري (ت / ٥٣٨ هـ) ط٢ مطبعة دار الكتب المصرية ، القاهرة ١٩٧٣ م.

٣٩. الأشباه والنظائر في القرآن الكريم. لمقاتل بن سليمان البلخي (ت / ١٥٠ هـ) ، تحقيق الدكتور عبد الله محمود شحاتة ، نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٥ م.

٤٠. الأشباه والنظائر في النحو. لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت / ٩١١ هـ)


تحقيق طه عبد الرؤوف سعيد ، شركة الطباعة الفنية المتحدة ، القاهرة ، ١٣٩٥ هـ / ١٩٧٥ م.

٤١. إصلاح المنطق. ليعقوب بن إسحاق المعروف بابن السكِّيت (ت / ٢٤٤ هـ) تحقيق أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون ، ط١ ، القاهرة ، ١٩٥٦ م.

٤٢. الأصمعيات. اختيار أبي سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعي (ت / ٢١٦ هـ) ، تحقيق أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون ، ط٣ ، مطبعة دار المعارف بمصر ، ١٣٨٧ هـ / ١٩٦٧ م.

٤٣. أصول التفكير النحوي. للدكتور علي أبي المكارم ، منشورات الجامعة الليبية ، طبع بيروت ، ١٣٩٣ هـ / ١٩٧٣ م.

٤٤. أُصول التلاوة. للدكتور حازم سليمان الحلّي ، ط١ ، مطبعة الآداب ، النجف الأشرف ، ١٤١٠ هـ ـ ١٩٩٠ م.

٤٥. الأُصول العامَّة للفقه المقارن. للسيد محمد تقي الحكيم (ت / ١٤٢٣ هـ) ، ط٤ ، دار الأندلس ، بيروت ، ١٩٦٣ م.

٤٦. الأصول في النحو. لأَبي بكر محمد بن سهل بن السراج النحوي البغدادي (ت / ٣١٦ هـ) ، تحقيق الدكتور عبد الحسين الفتلي ، مطبعة النعمان ، النجف الأشرف ، ومطبعة الأعظمي ، بغداد ، ١٣٩٣ هـ / ١٩٧٣ م.

٤٧. أُصول الكافي. لأبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني (ت / ٣٢٩ هـ) دار الكتب الإسلامية ، طهران ، ١٣٨٨ هـ.

٤٨. أطوار الثقافة والفكر. لمحمد أبي الفضل إبراهيم وجماعته ، ط١ ، نشر مكتبة الأنجلو المصرية ، ١٩٥٩ م.

٤٩. إعجاز القرآن والبلاغة النبويّة. لمصطفى صادق عبد الرزاق الرافعي (١٢٩٨ ١٣٥٦ هـ / ١٨٨١ ـ ١٩٣٧ م) ط٥ ، مطبعة الاستقامة ، القاهرة ١٣٧٢ هـ / ١٩٥٢ م.

٥٠. إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم. لأبي عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه (ت / ٣٧٠ هـ) ط١ ، دار الهلال ، بيروت ، ١٩٨٨ م.


٥١. إعراب القرآن. لأبي جعفر أحمد بن محمد النَّحَّاس (ت / ٣٣٨ هـ) تحقيق الدكتور زهير غازي زاهد ، ط١ ، مطبعة العاني ، بغداد ، ١٣٩٧ هـ / ١٩٧٧ م.

٥٢. إعراب القرآن. المنسوب للزجاج (ت / ٣١١ هـ) تحقيق إبراهيم الإبياري ، المؤسسة المصرية للتأليف والترجمة والنشر ، ١٣٨٤ هـ / ١٩٦٥ م.

٥٣. إعراب القرآن وبيانه. للدكتور محيي الدين الدرويش ، ط٧ ، دار ابن كثير ، الحلبوني ، دمشق ، بيروت ، ١٤٢٠ هـ ـ ١٩٩٩ م.

٥٤. الأعلام. لخير الدين الزركلي (ت / ١٣٩٦ هـ / ١٩٧٦ م) ط٣ ، بيروت ، ١٩٦٨ م.

٥٥. أعيان الشيعة. للسيد محسن الأمين (ت / ١٣٧١ هـ) ، ط١ ، دمشق.

٥٦. الأغاني. لأبي الفرج الإصبهاني (ت / ٣٥٦ هـ) ، طبعة بيروت المصورة عن طبعة بولاق ، ١٣٩٠ هـ / ١٩٧٠ م.

٥٧. الاقتراح. لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت / ٩١١ هـ) ، ط٢ ، مطبعة دار المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن ، ١٣٥٩ م.

٥٨. الألف المختارة من صحيح البخاري. اختيار عبد السلام هارون ، طبعة دار المعارف بمصر ، ١٣٧٨ هـ.

٥٩. الأمالي. لأبي علي القالي (ت / ٣٥٦ هـ) المطبعة الأميرية ، دار الكتب المصرية ، ١٣٤٤ هـ / ١٩٢٦ م.

٦٠. أمالي الشيخ الطوسي. لمحمد بن الحسن الطوسي (ت / ٤٦٠ هـ) ، ط١ ، مؤسسة البعثة ، قم.

٦١. أمالي المرتضى (غرر الفوائد ودرر القلائد). للشريف المرتضى علم الهدى علي ابن الحسين الموسوي (ت / ٤٣٦ هـ) تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم ، ط٢ بيروت ، ١٣٨٧ هـ / ١٩٦٧ م.

٦٢. إملاء ما من به الرحمن. لأبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري (ت / ٦١٦ هـ) القاهرة ، ١٣٠٣ هـ.

٦٣. إنباه الرواة على إنباه النحاة. لجمال الدين أبي الحسن علي بن يوسف القفطي


(ت / ٦٤٦ هـ) تحقيق محمد أَبي الفضل إبراهيم ، ط١ ، مطبعة دار الكتب ، القاهرة ، ١٣٦٩ هـ / ١٩٥٠ م.

٦٤. الانتصاف فيما تضمّنه الكشّاف من الاعتزال. لناصر الدين أحمد بن محمد بن المنير المالكي الإسكندري (ت / ٦٨٣ هـ) ، بحاشية الكشاف ، مطبعة مصطفى محمد البابي الحلبي ، القاهرة ، ١٣٥٤ هـ.

٦٥. بحار الأنوار. للشيخ محمد باقر المجلسي (ت / ١١١١ هـ) ، ط٣ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ١٤٠٣ هـ ـ ١٩٨٤ م.

٦٦. البحر المحيط. لأثير الدين محمد بن يوسف بن علي أبي حيَّان الأندلسي (ت / ٧٤٥ هـ) ط١ ، مطابع النصر الحديثة ، الرياض ، ب. ت.

٦٧. البرهان في علوم القرآن. لبدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي (ت / ٧٩٤ هـ) تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم ، ط٣ ، مطبعة عيسى البابي الحلبي ، القاهرة ، ١٣٧٦ هـ / ١٩٥٧ م.

٦٨. البسيط في شرح الكافية. لركن الدين الحسن بن محمد الأسترآباذي (ت / ٧١٥ هـ) ، تحقيق الدكتور حازم سليمان الحلي ، نشر المكتبة الأدبية المتخصصة ، قم ، ١٤٢٧ هـ / ٢٠٠٧ م.

٦٩. بشارة المصطفى لشيعة المرتضى. لعماد الدين محمد بن أبي القاسم علي الطبري (توفي بعد ٥٥٣ هـ) ، تحقيق جواد القيومي الأصفهاني ، مؤسسة النشر الإسلامي ، التابعة لجماعة المدرسين بقم ، ١٤١٩ م.

٧٠. بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمد (عليهم السلام). لأبي جعفر محمد بن الحسن بن فروخ الصفار (ت / ٢٩٠ هـ) ، تقديم محمد مرزا محسن كوجة باغي ، مطبعة الأحمدي ، مؤسسة الأعلمي ، طهران ، ١٤٠٤ هـ.

٧١. بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس. لأبي جعفر أحمد بن يحيى بن أحمد ابن عُميرة الضبي (ت / ٥٩٩ هـ) ، طبع مدريد ، ١٨٨٤ م.

٧٢. بُغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة. لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي


(ت / ٩١١ هـ) ط١ ، دار المعرفة ، بيروت ، ب. ت.

٧٣. بلوغ الأَرب في معرفة أَحوال العرب. للسيد محمود شكري الآلوسي البغدادي (ت / ١٣٤٢ هـ) ، تحقيق محمد بهجت الاثري ، ط٢ ، المطبعة الرحمانية بمصر ، ١٣٤٣ هـ / ١٩٢٤ م.

٧٤. البيان في تفسير القرآن. للسيد أبي القاسم الخوئي (ت / ١٤١٣ هـ / ١٩٩٢ م) المطبعة العلمية ، النجف ، ١٣٧٥ هـ.

٧٥. البيان في غريب إعراب القرآن. لأبي البركات عبد الرحمن بن الأنباري (ت / ٥٧٧ هـ) تحقيق الدكتور طه عبد الحميد ، مراجعة مصطفى السقا ، نشر المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب ، القاهرة ، ١٣٨٩ هـ / ١٩٦٩ م.

٧٦. البيان والتبيين. لعمرو بن بحر الجاحظ (ت / ٢٥٥ هـ) تحقيق عبد السلام هارون ، ط٣ ، نشر مكتبة الخانجي ، القاهرة ، ١٣٨٨ هـ / ١٩٦٨ م.

٧٧. تاج العروس من جواهر القاموس. للسيِّد محمد مرتضى الحسيني الزَّبيدي (ت / ١٢٠٥ هـ) طبع ليبيا ، ١٩٦٦ م.

٧٨. تاريخ الأدب العربي. لكارل بروكلمان (ت / ١٩٥٦ م) ترجمة الدكتور عبد الحليم النَّجَّار والدكتور رمضان عبد التَّوَّاب وجماعتهما ، ط٣ ، دار المعارف بمصر ، ١٩٦٢ م.

٧٩. تاريخ بغداد. للحافظ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت / ٤٦٣ هـ) مطبعة السعادة ، القاهرة ، ١٣٤٣ هـ / ١٩٣١ م.

٨٠. تاريخ التراث العربي. للدكتور فؤاد سزكين ، ترجمة الدكتور فهمي أبي الفضل ، مراجعة الدكتور محمود فهمي حجازي ، الهيئة المصرية العامَّة للتأليف والنشر ، القاهرة ، ١٩٧١ م.

٨١. تاريخ القرآن. لإبراهيم الإبياري ، طبع دار القلم ، بيروت. ب. ت.

٨٢. تاريخ القرآن. للدكتور عبد الصبور شاهين ، دار القلم ، بيروت ، ١٩٦٦ م.

٨٣. تاريخ القرآن. لأبي عبد الله المرزا الزنجاني (ت / ١٢٦٠ هـ) لجنة التأليف والترجمة


والنشر ، القاهرة ، ١٣٥٤ هـ / ١٩٣٥ م.

٨٤. تاريخ القرآن وغرائب رسمه وحكمه. لمحمد ظاهر بن عبد القادر الكردي المكي الخطاط كاتب مصحف مكة ، ط٢ ، ١٣٧٢ هـ / ١٩٥٣ م.

٨٥. تاريخ قضاة الأندلس. للشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن محمد بن الحسن الجذامي المالقي توفي أواخر القرن الثامن الهجري ، أ. ليفي بروفنال ، طبع دار الكاتب المصري ، ١٩٤٨ م.

٨٦. تاريخ مدينة دمشق. لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعي المعروف بابن عساكر (٤٩٩ ـ ٥٧١ هـ) ، تحقيق عمر بن عرامة العمري ، دار الفكر للنشر والتوزيع ، بيروت ، ١٤١٥ هـ / ١٩٩٥ م.

٨٧. تاريخ الموصل. للقس سليمان صائغ الموصلي ، المطبعة السلفية بمصر ، ١٣٤٢ هـ / ١٩٢٣ م.

٨٨. تأويل مشكل القرآن. لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت / ٢٧٦ هـ) ، تحقيق السيد أحمد صقر ، ط٢ ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة ، ١٣٩٣ هـ / ١٩٧٣ م.

٨٩. التبيان في إعراب القرآن. لأبي البقاء عبد الله بن الحسن العكبري (ت / ٦١٦ هـ) ، تحقيق علي محمد البجاوي ، مطبعة عيسى البابي الحلبي ، القاهرة ، ١٩٧٦ م.

٩٠. التبيان في تفسير القرآن. لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت / ٤٦٠ هـ) المطبعة العلمية ، النجف ، ١٣٧٦ هـ / ١٩٥٧ م.

٩١. تحصيل عين الذهب من معادن جواهر الأدب في علم مجازات العرب. لأبي الحجّاج يوسف بن سليمان بن عيسى المعروف بالأعلم الشنتمري (ت / ٤٧٦ هـ) بهامش كتاب سيبويه ، ط١ ، بولاق ، ١٣١٦ / ١٣١٧ هـ.

٩٢. تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد. لمحمد ابن مالك (ت / ٦٧٢ هـ) تحقيق محمد كامل بركات ، دار الكتاب للطباعة والنشر ١٣٨٧ هـ / ١٩٦٧ م.

٩٣. تفسير زيد الشهيد المسمى تفسير غريب القرآن. لزيد بن علي (عليهما السلام) ، تحقيق الدكتور حسن محمد تقي الحكيم ، الدار العالمية ، بيروت ، ١٤١٢ هـ / ١٩٩٩ م.


٩٤. تفسير العياشي. لأبي النضر محمد بن مسعود بن محمد بن عياش السلمي التميمي السمرقندي (ت / ٣٢٠ هـ) ، تحقيق السيد هاشم الرسولي ، المكتبة العلمية الإسلامية ، طهران ، ب. ت.

٩٥. تفسير غريب القرآن المجيد. لأَبي الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب العلوي الهاشمي القرشي (ت / ١٢٢ هـ) تحقيق الدكتور محمد يوسف الدين ، حيدر آباد ، ط١ ، ١٤٢٢ هـ / ٢٠٠١ م.

٩٦. تفسير القمي. لعلي بن إبراهيم القمي (ت / بعد سنة ٣٠٧ هـ) النجف الأشرف ، ١٣٨٧ هـ.

٩٧. التفسير ورجاله. لمحمد الفاضل بن عاشور ، نشر وتوزيع دار الكتب الشرقية.

٩٨. التمام في تفسير أشعار هذيل. لأبي الفتح عثمان بن جني (ت / ٣٩٢ هـ) ، تحقيق الدكتور أحمد ناجي القيسي وغيره ، بغداد ، ١٩٦٢ م.

٩٩. تهذيب الكمال في أسماء الرِّجال. لأبي الحجاج يوسف بن عبد الرَّحمن بن يوسف المزي الدِّمشقي (ت / ٧٤٢ هـ) ، تحقيق بشَّار عوَّاد معروف ، ط١ ، مؤسَّسة الرِّسالة ، بيروت ، ١٤٠٣ هـ / ١٩٨٣ م.

١٠٠. تهذيب اللغة. لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت / ٣٧٠ هـ) ، تحقيق عبدالسلام محمد هارون وجماعته ، نشر المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر ، ١٣٨٤ هـ / ١٩٦٤ م.

١٠١. التيسير في القراءات. لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت / ٤٤٤ هـ) ، طبعة بالأوفست ، مكتبة المثنى ، بغداد ، عن طبعة استانبول ، ١٩٢٠ م.

١٠٢. جامع البيان. لمحمد بن جرير الطبري (ت / ٣١٠ هـ) تحقيق محمود محمد شاكر ، مراجعة أحمد محمد شاكر ، دار المعارف بمصر ، ١٩٥٧ م.

١٠٣. الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمّن من السنّة وأحكام الفرقان. لمحمد بن أحمد بن عبد الله الأنصاري القرطبي (ت / ٦٧١ هـ) دار الكتب المصرية ، القاهرة ، ١٩٤٢ م.


١٠٤. جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأَندَلُس. لأبي عبد الله محمد بن فتوح بن عبد الله الحميدي (ت / ٤٨٨ هـ) مطبعة السعادة بمصر ، ١٣٧٢ هـ / ١٩٥٢ م.

١٠٥. الجمع الصوتي الأوّل للقرآن الكريم. للدكتور لبيب سعيد ، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر ، القاهرة ، ب. ت.

١٠٦. جمهرة أشعار العرب في الجاهلية والإسلام. لأبي زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي (ت / ١٧٠ هـ) مطبعة بولاق ، القاهرة ، ١٣٠٨ هـ.

١٠٧. الجنى الداني في حروف المعاني. لحسن بن قاسم المرادي (ت / ٧٤٩ هـ) تحقيق الدكتور فخر الدين قباوه ومحمد نديم فاضل ، ط١ ، الموصل ، ١٣٩٦ هـ / ١٩٧٦ م.

١٠٨. جوامع الجامع. لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت / ٥٤٨ هـ) ، تحقيق مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم ، ١٤١٨ هـ.

١٠٩. حاشية الصبان على شرح الأشموني. لمحمد بن علي الصبّان (ت / ١٢٠٦ هـ) مطبعة عيسى البابي الحلبي ، القاهرة. ب. ت.

١١٠. حاشية ياسين على شرح التصريح على التوضيح. للشيخ ياسين بن زين الدين العليمي الحمصي (ت / ١٠٦١ هـ) مطبعة عيسى البابي الحلبي ، القاهرة ، ب. ت.

١١١. الحجّة في علل القراءات السبع. لأبي علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي (ت / ٣٧٧ هـ) تحقيق علي النجدي ناصف وجماعته ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٦٥ م.

١١٢. الحجّة في القراءات السبع. للحسين بن أحمد المعروب بابن خالويه (ت / ٣٧٠ هـ) تحقيق الدكتور عبد العال سالم مكرم ، ط٢ ، دار الشروق ، بيروت ، ١٣٧١ هـ / ١٩٧١ م.

١١٣. حسن المحاضرة. لجلال الدين عبد الرحمن بن محمّد السيوطي (ت / ٩١١ هـ) ، مطبعة الوطن ، ١٢٩٩ هـ.

١١٤. الحماسة. لأبي السعادات هبة الله بن علي بن حمزة العلوي الحسيني المعروف بابن الشجري (ت / ٥٤٢ هـ) ، حيدر آباد ، ١٣٤٥ هـ.


١١٥. الحماسة البصرية. لصدر الدين علي بن أبي الفرج بن الحسين البصري (ت / ٦٥٩ هـ) ، تحقيق مختار الدين أحمد ، عالم الكتب ، بيروت ١٩٨٣ م.

١١٦. حياة الحيوان الكبرى. لكمال الدين محمد بن موسى بن عيسى الدميري (ت / ٨٠٨ هـ) المطبعة الأدبية بمصر ، ١٣١٩ هـ.

١١٧. الحيوان. لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت / ٢٥٥ هـ) تحقيق عبد السلام هارون ، مطبعة عيسى البابي الحلبي ، القاهرة ، ١٣٥٦ هـ / ١٩٣٨ م.

١١٨. خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب. لعبد القادر بن عمر البغدادي (ت / ١٠٩٣ هـ). تحقيق عبد السلام هارون ، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر ، القاهِرَة ، ط١ ، ١٣٨٧ هـ ـ ١٤٠٦ هـ / ١٩٦٧ ـ ١٩٨٦ م.

١١٩. الخصائص. لأبي الفتح عثمان بن جني (ت / ٣٩٢ هـ). تحقيق محمد علي النجار ، طبعة دار الكتب المصريّة ، القاهرة ، ١٣٧١ ـ ١٣٧٤ هـ / ١٩٥٢ ـ ١٩٥٦ م.

١٢٠. الخليل رائد علم الصوت. بحث للدكتور حازم سليمان الحلي مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق ، ٦٨ ج٢ ، مطبعة الصباح ، دمشق ، ١٤١٣ هـ / ١٩٩٣ م.

١٢١. دراسات في فقه اللغة. للدكتور صبحي الصالح ، ط٢ ، منشورات المكتبة الأهلية ، بيروت ، ١٣٨٢ هـ / ١٩٦٢ م.

١٢٢. دراسات في القرآن. للدكتور السيد أحمد خليل ، دار النهضة المصرية ، بيروت ، ١٩٦٩ م.

١٢٣. الدرر الكامنة. تأليف أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت / ٨٥٢ هـ) ط١ ، الهند ، ١٣٥٠ هـ.

١٢٤. الدرر اللوامع. لأحمد بن أمين الشنقيطي (ت / ١٣٣١ هـ) ، الجمالية ، القاهرة ١٣٢٨ هـ.

١٢٥. دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام. للقاضي النعمان بن محمد بن منصور المغربي (ت / ٣٦٣ هـ) ، تحقيق آصف بن أصغر فيض ، دار المعارف بمصر ، ١٣٨٣ هـ ـ ١٩٦٣ م.

١٢٦. الدِّفاع عن القرآن ضد النحويين والمستشرقين. للدكتور أحمد مكي الأنصاري ،


مطبوعات جامعة القاهرة بالخرطوم ، دار الاتحاد العربي للطباعة ، القاهرة ، ١٣٩٣ هـ / ١٩٧٣ م.

١٢٧. دلائل الإعجاز. لعبد القاهر الجُرجَانِي (ت / ٤٧١ هـ) ، تحقيق الدكتور محمد التنجي ، ط١ ، دار الكتاب العربي بيروت ، ١٩٩٥ م.

١٢٨. ديوان أبي تمام حبيب بن أوس الطائي (ت / ٢٣٢ هـ). شرح الدكتور شاهين عطية ، ط١ ، مكتبة الطلاب وشركة الكتاب اللبناني ، ط١ ، بيروت ، ١٣٨٧ هـ / ١٩٦٨ م.

١٢٩. ديوان الأحوص أو شعر الأحوص. تحقيق إبراهيم السامرائي ، مطبعة النعمان ، النجف ، ١٣٨٨ هـ.

١٣٠. ديوان الأخطل. تحقيق إنطوان صالحاني ، مطبعة الآباء اليسوعيين ، بيروت ١٨٩١ م.

١٣١. ديوان الأدب. لأبي إبراهيم إسحاق بن إبراهيم الفارابي (ت / ٣٥٠ هـ) ، تحقيق الدكتور أحمد مختار عمر ، الهيئة المصرية العامة لشؤون المطابع الأميرية ، القاهرة ، ١٣٩٤ هـ / ١٩٧٤ م.

١٣٢. ديوان الأعشى. تحقيق رودلف جاير ، فينا ، ١٩٢٧ م.

١٣٣. ديوان امرئ القيس. تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم ، دار المعارف بمصر ، القاهرة ، ١٩٥٨ م.

١٣٤. ديوان أميَّة بن أبي الصَّلت. بيروت ، ١٣٥٣ هـ.

١٣٥. ديوان أوس بن حجر. تحقيق الدكتور محمد يوسف نجم ، بيروت ، ١٣٨٠ هـ.

١٣٦. ديوان تميم بن مقبل. تحقيق الدكتور عزة حسن ، دمشق ، ١٣٨١ هـ.

١٣٧. ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب. تحقيق الدكتور نعمان محمد أَمين طه ، دار المعارف بمصر ، القاهرة ، ١٩٦٩ م.

١٣٨. ديوان حسان بن ثابت. شرح عبد الرحمن البرقوقي ، المطبعة الرحمانية ، ١٣٤٧ هـ.

١٣٩. ديوان الحطيئة. شرح أَبي سعيد الحسن بن الحسن السكري البصري (ت / ٢٧٥ هـ) ، مطبعة التقدم ، القاهرة ، ١٣٢٣ هـ.

١٤٠. ديوان الخنساء. دار صادر ، بيروت ، ١٣٨٣ هـ.


١٤١. ديوان ذي الرمّة. تحقيق كارليل هنري هيس ، كمبرج ، ١٩١٩ م.

١٤٢. ديوان رؤبة بن العجّاج. جمع وليم بن آلورد ، لايبسك ، ١٩٠٣ م.

١٤٣. ديوان طرفة. شرح أحمد بن الأمين الشنقيطي ، قازان ، ١٩٠٩ م.

١٤٤. ديوان العجاج. بعناية وليم أبن الورد لايبسك ١٩٠٣ م.

١٤٥. ديوان عروة بن الورد. المطبعة الوهبيَّة ، ١٢٩٣ هـ.

١٤٦. ديوان علقمة الفحل. تحقيق الصقال الخطيب ، حلب ، ١٣٨٩ هـ / ١٩٦٩ م.

١٤٧. ديوان عمر بن أبي ربيعة. تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، مطبعة السعادة ، القاهرة ، ١٣٧١ هـ.

١٤٨. ديوان عمرو بن قُمَيئة. تحقيق شارل ليال ، كمبرج ، ١٩١٩ م.

١٤٩. ديوان القطامي. تحقيق ياكوب بارث ، ليدن ، ١٩٠٢ م.

١٥٠. ديوان لبيد بن ربيعة. تحقيق الدكتور إحسان عباس ، الكويت ، ١٩٦٢ م.

١٥١. ديوان الهذليين. دار الكتب المصرية ، القاهرة ، ١٣٦٩ هـ / ١٩٥٠ م.

١٥٢. ذيل الأمالي. مطبوع مع الأمالي لأبي علي القالي (ت / ٣٥٦ هـ) ، ط١ ، طبعة دار الكتب المصرية ، ١٣٤٤ هـ / ١٩٢٦ م.

١٥٣. ربيع الأبرار ونصوص الأخبار. لمحمود بن عمر الزمخشري (ت / ٥٣٨ هـ) تحقيق الدكتور سليم النعيمي ، ط١ ، مطبعة العاني ، بغداد ، ١٩٧٦ م.

١٥٤. روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني. لأبي الفضل شهاب الدين السيد محمود الألوسي (ت / ١٢٧٠ هـ / ١٨٥٤ م) مطبعة بولاق ، القاهرة ، ١٣١٠ هـ.

١٥٥. الروض الأنف. لعبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن الحسين ، السهيلي (ت / ٥٨١ هـ) ، دار المعرفة ، بيروت ، ١٣٩٨ هـ / ١٩٧٨ م.

١٥٦. روضات الجنّات في أحوال العلماء والسادات. لمحمد باقر الخونساري (ت / ١٣١٣ هـ) ، طهران ، ١٣٠٧ هـ.

١٥٧. زاد المسير في علم التَّفسير. لأبي فرج عبد الرَّحمن بن علي الجوزي (ت / ٥٩٧ هـ) ، دار الكتب العلميَّة ، ١٤١٤ هـ.


١٥٨. السبعة في القراءات. لأحمد بن موسى بن مجاهد (ت / ٣٩٢ هـ) ، تحقيق الدكتور شوقي ضيف ، ط٢ ، دار المعارف بمصر ، القاهرة ، ١٩٧٢ م.

١٥٩. سراج القاري. لعلي بن القاصح البغدادي (ت / ٨٠١ هـ) المطبعة الأزهريَّة ، القاهرة ، ١٣١٧ هـ.

١٦٠. سرّ صناعة الإعراب. لأبي الفتح عثمان بن جِنِّي النَّحوي (ت / ٣٩٢ هـ) ، تحقيق مصطفى السقا وجماعته ، ط١ ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي ، القاهرة ، ١٣٧٤ هـ / ١٩٥٤ م.

١٦١. سفينة الراغب. لمحمد راغب (ت / ١٣٧٠ هـ) المطبعة الخديويَّة ، القاهرة ، ١٢٨٢ هـ.

١٦٢. سمط اللآلي. لأبي عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري (ت / ٤٨٧ هـ) ، تحقيق عبد العزيز الميمني ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة ، ١٣٥٤ هـ / ١٩٣٦ م.

١٦٣. سنن ابن ماجه. لمحمد بن يزيد القزويني (ت / ٢٧٣ هـ) دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ١٣٩٥ هـ / ١٩٧٥ م.

١٦٤. سنن أبي داود. لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي (ت / ٢٧٥ هـ) تحقيق عزت عبيد الدَّعَّاس وصاحبه ، ط١ ، دار ابن حزم بيروت ، ١٤١٨ هـ / ١٩٩٧ م.

١٦٥. سيبويه والقراءات. للدكتور أحمد مكي الأنصاري ، دار المعارف بمصر ، ١٣٩٢ هـ / ١٩٧٢ م.

١٦٦. سير أعلام النبلاء. لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت / ٧٤٨ هـ) ، ط١١ ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ١٩٩٦ م.

١٦٧. السيرة النبويّة. لعبد الملك بن هشام (ت / ٢١٨ هـ) تحقيق محمد فهمي السرحان ، المكتبة التوفيقية ، القاهرة ، ب. ت.

١٦٨. شذرات الذهب في أخبار من ذهب. لعبد الحي بن العماد الحنبلي (ت / ١٠٨٩ هـ) ، طبعة مكتبة القدسي ، القاهرة ، ١٣٥٠ هـ.


١٦٩. شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك. تأليف بهاء الدين عبد الله بن عقيل (ت / ٧٦٩ هـ) ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، ط١٤ ، مطبعة السعادة ، القاهرة ، ١٣٨٤ هـ / ١٩٦٤ م.

١٧٠. شرح أبيات سيبويه. لأبي جعفر أحمد بن محمد النَّحَّاس (ت / ٣٣٨ هـ) ، تحقيق الدكتور زهير غازي زاهد ، ط١ ، مطبعة الغري الحديثة ، النجف الأشرف ، ١٩٧٤ م.

١٧١. شرح أبيات مغني اللبيب. لعبد القادر البغدادي (ت / ١٠٩٣ هـ) ، ط٢ ، تحقيق عبد العزيز رباح وأحمد يوسف دقَّاق ، دار المأمون للتراث ، دمشق ، ١٩٧٨ م.

١٧٢. شرح أبيات مغني اللبيب. لعبد القادر البغدادي (ت / ١٠٩٣ هـ) ، تحقيق محمد نور الحسن وصاحبيه ، مطبوع على حاشية شرح شافية ابن الحاجب ، مطبعة حجازي ، القاهرة ، ١٣٥٦ هـ.

١٧٣. شرح الأشموني على ألفيَّة ابن مالك. لأبي الحسن علي نور الدين بن محمد بن عيسى الأشموني (ت / ٩٢٩ هـ) ، مطبعة عيسى البابي الحلبي ، القاهرة. ب. ت.

١٧٤. شرح التصريح. للشيخ خالد بن زين الدين الأزهري (ت / ٩٠٥ هـ) ، مطبعة عيسى البابي الحلبي ب. ت.

١٧٥. شرح ديوان جرير. جمع وتحقيق وشرح محمد إسماعيل عبد الله الصاوي ، ط١ ، مطبعة الصاوي ، القاهرة ، ١٣٥٣ هـ.

١٧٦. شرح ديوان زهير بن أبي سلمى. صنعة أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب (ت / ٢٩١ هـ) نسخة مصورة من طبعة دار الكتب ، ١٣٦٣ هـ / ١٩٤٤ م ، الدار القومية للطباعة والنشر ، القاهرة.

١٧٧. شرح ديوان الفرزدق. طبعة عبد الله الصاوي ، ط١ ، ١٣٥٤ هـ / ١٩٣٦ م.

١٧٨. شرح شافية ابن الحاجب. لرضي الدين محمد بن الحسن الأسترآباذي (ت / ٦٨٦ هـ) مع شرح شواهدها لعبد القادر البغدادي (ت / ١٠٩٣ هـ). حقّقهما محمد نور الحسن ومحمد الزفزاف ومحمد محيي الدين عبد الحميد ، دار الكتب العلمية ،


بيروت ، ١٣٩٥ هـ ـ ١٩٧٥ م.

١٧٩. شرح شواهد الألفيّة المسمّى بالمقاصد النّحويّة. لمحمود بن أحمد العيني (ت / ٨٥٥ هـ) مطبوع على حاشية الصبان ، مطبعة عيسى البابي الحلبي ، القاهرة ، ب. ت.

١٨٠. شرح شواهد شافية ابن الحاجب. لعبدِ القادر البغدادي (ت / ١٠٩٣ هـ) ، مطبوع على حاشية شافية ابن الحاجب ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ١٣٩٥ هـ / ١٩٧٥ م.

١٨١. شرح شواهد المغني. لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت / ٩١١ هـ) ، تعليق الشنقيطي ، تحقيق أحمد ظافر كوجان ، طبع لجنة التراث العربي ، ١٣٨٦ هـ / ١٩٦٦ م.

١٨٢. شرح عمدة الحافظ وعدَّة اللاقط. لجمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك (ت / ٦٧٢ هـ) تحقيق عبد المنعم أحمد هريدي ، ط١ ، مطبعة الأمانة ، القاهرة ، ١٩٧٥ م.

١٨٣. شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات. لأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري (ت / ٣٢٨ هـ) ، تحقيق عبد السلام محمد هارون ، دار المعارف بمصر ، ١٩٦٣ م.

١٨٤. شرح القصائد العشر. لأبي زكريا يحيى بن علي بن محمد المعروف بالخطيب التبريزي (ت / ٥٠٢ هـ) ، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد ، ط١ ، مطبعة المدني ، القاهرة ، ١٣٨٣ هـ / ١٩٦٢ م.

١٨٥. شرح قطر الندى وبل الصدى. لجمال الدين عبد الله بن هشام الأنصاري (ت / ٧٦١ هـ) ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ١٣٨٣ هـ ـ ١٩٦٣ م ، عن طبعة مطبعة السعادة بمصر.

١٨٦. شرح اللمحة البدرية في علم العربية. لأبي محمد عبد الله جمال الدين بن يوسف ابن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري المصري (ت / ٧٦١ هـ) ، تحقيق الدكتور هادي نهر ، مطبعة الجامعة ، بغداد ، ١٣٩٧ هـ / ١٩٧٧ م.

١٨٧. شرح المفصل. ليعيش بن علي بن يعيش (ت / ٦٤٣ هـ) ، إدارة الطباعة المنيرية ،


القاهرة ، ١٩٢٨ ـ ١٩٣٠ م.

١٨٨. شرح نهج البلاغة. لعبد الحميد بن أبي الحديد (ت / ٦٥٥ هـ) ، تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم ، ط٢ ، دار إحياء التراث العربي ، ١٣٨٥ هـ / ١٩٦٥ م.

١٨٩. شرح الهاشميات. للشاعر الكميت بن زيد الأسدي (ت / ١٢٦ هـ) شرح محمد محمود الرافعي ، ط٣ ، مطبعة شركة التمدن ، ١٣٣٠ هـ.

١٩٠. الشعر والشعراء. لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت / ٢٧٦ هـ) تحقيق أحمد محمد شاكر ، دار المعارف بمصر ، القاهرة ، ١٩٧٧ م.

١٩١. شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح. لمحمد بن مالك (ت / ٦٧٢ هـ) تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، مطبعة البيان العربي ، القاهرة. ب. ت.

١٩٢. الصحاح تاج اللغة. لإسماعيل بن حماد الجوهري (ت / ٣٩٣ هـ) ، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار ، دار الكتاب ، القاهرة ، ١٣٧٦ هـ / ١٩٥٦ م.

١٩٣. صحيح البخاري المعروف بالجامع الصحيح. لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت / ٢٥٦ هـ) ، ط١ ، بولاق ، ١٣١٢ هـ.

١٩٤. صحيح مسلم بشرح النووي. لمسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت / ٢٦١ هـ) شرح محيي الدين يحيى بن شرف بن مري الحوراني الشافعي النووي (ت / ٦٧٦ هـ) ، ط١ ، المطبعة المصرية في الأزهر ، القاهرة ، ١٣٤٧ هـ / ١٩٢٩ م.

١٩٥. الصحيفة السجّاديّة الجامعة لأدعية الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام). ط٣ مؤسسة الإمام المهدي (عجلَّ الله فرجه) ، قم ، ١٤١٨ هـ.

١٩٦. الصلة. لأبي القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال (ت / ٥٧٨ هـ) ، طبع مدريد ، ١٨٨٢ ـ ١٨٨٣ م.

١٩٧. الضوء اللاّمع في أخبار أهل القرن التاسع. لمحمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت / ٩٠٢ هـ) نشر القدسي ، ١٣٥٣ هـ.

١٩٨. طبقات النحاة واللغويين. لتقي الدين ابن قاضي شهبة (ت / ٨٥١ هـ) تحقيق الدكتور محسن غيَّاض ، مطبعة النعمان ، النجف الأشرف ، ١٩٧٣ ـ ١٩٧٤ م.


١٩٩. طبقات النحويين واللغويين. لأبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي الأندلسي (ت / ٣٧٩ هـ) تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم ، دار المعارف بمصر ، ١٩٧٣ م.

٢٠٠. العباب الزاخر واللباب الفاخر. للحسن بن محمد الصاغاني ، (ت / ٦٥٠ هـ) ، تحقيق محمد حسن آل ياسين ، بغداد ، ١٣٩٧ هـ ـ ١٩٧٧ م.

٢٠١. عبقري من البصرة. للدكتور مهدي المخزومي ، نشر وزارة الإعلام العراقية ، دار الحرية ، بغداد ، ١٣٩٢ هـ / ١٩٧٢ م.

٢٠٢. العلل الواردة في الأحاديث النَّبويّة. لعلي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدَّارقُطني (٣٠٦ ـ ٣٨٥ هـ) ، تحقيق محفوظ الرَّحمن زين الله السَّلفي ، نشر دار طيبة ، الرياض ، ١٤١٥ هـ / ١٩٩٤ م.

٢٠٣. عون المعبود شرح سنن أبي داود. لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي ، (ت / ١٣٢٩ هـ) ، مع شرح ابن قيم الجوزية (ت / ٧٥١ هـ) ، تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان ، المكتبة السلفية في المدينة المنورة ، ب. ت.

٢٠٤. عيسى بن عمر الثّقفي. للدكتور صباح عبّاس سالم مؤسسة الأعلمي ، بيروت ، ١٣٩٥ هـ / ١٩٧٥ م.

٢٠٥. العين. لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت / ١٧٥ هـ) تحقيق الدكتور مهدي المخزومي والدكتور إبراهيم السامرائي ، دار الرشيد ، بغداد ، ١٩٨٠ ـ ١٩٨٥ م.

وكذلك بترتيب وتحقيق الدكتور عبد الحميد هنداوي ، منشورات محمد علي بيضون ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ١٤٢٤ هـ ـ ٢٠٠٣ م.

٢٠٦. غاية النهاية في طبقات القراء. لمحمد بن محمد بن محمد ابن الجزري (ت / ٨٣٣ هـ) تحقيق ج. براجشتراسر ، مكتبة الخانجي ، القاهرة ، ١٣٥٢ هـ / ١٩٣٣ م.

٢٠٧. غيث النفع في القراءات السبع. لعلي بن محمد بن سالم ، أبو الحسن النوري الصفاقسي (ت / ١١١٨ هـ) مطبوع على هامش سراج القاري ، طبع المطبعة العثمانية ، القاهرة ، ١٣٠٤ هـ.


٢٠٨. الفائق في غريب الحديث. لجار الله محمود بن عمر الزمخشري ، مطبعة عيسى البابي الحلبي ، القاهرة ، ١٣٦٤ هـ / ١٩٤٥ م.

٢٠٩. فتح الباري شرح صحيح البخاري. لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت / ٨٥٢ هـ) ، تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي (ت / ١٣٨٨ هـ) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت ١٤١٠ هـ ـ ١٩٨٩ م.

٢١٠. الفرقان. لمحمد محمد عبد اللطيف بن الخطيب ، ط١ ، مطبعة دار الكتب المصرية ، ١٣٦٧ هـ / ١٩٤٨ م.

٢١١. فروع الكافي. لأبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي (ت / ٣٢٩ هـ) ، تصحيح الشيخ علي أكبر الغفاري ، ط٢ ، المطبعة الحيدرية ، دار الكتب الإسلامية ـ المكتبة الإسلامية ، طهران ، ١٣٨٨ هـ.

٢١٢. فضائل القرآن. لأبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي (ت / ٧٧٤ هـ) مطبعة المنار ، القاهرة ، ١٣٤٧ هـ.

٢١٣. الفهرست. لمحمد بن إسحاق المعروف بابن النديم (ت / ٣٨٥ هـ) المطبعة الرحمانيِّة القاهرة ، ١٣٤٨ هـ.

٢١٤. فهرس المخطوطات المصورة في معهد إحياء المخطوطات بجامعة الدول العربية في القاهرة. تصنيف فؤاد سيد ، طبع دار الرياض للطباعة والنشر ، القاهرة ، ١٩٥٤ م.

٢١٥. في الأدب الجاهلي. للدكتور طه حسين (ت / ١٣٩٣ هـ) ، ط٩ ، دار المعارف بمصر ، ١٩٦٨ م.

٢١٦. في أصول النحو. لسعيد الأفغاني ، مطبعة الجامعة السورية ، دمشق ، ١٣٧٦ هـ / ١٩٥٧ م.

٢١٧. في الشعر الجاهلي. للدكتور طه حسين (ت / ١٣٩٣ هـ) ، ط١ ، مطبعة دار الكتب المصرية ، القاهرة ، ١٣٤٤ هـ / ١٩٢٦ م.

٢١٨. في اللهجات العربية. للدكتور إبراهيم أنيس ، ط٨ ، مكتبة الأنجلو المصرية ، القاهرة ، ١٩٩٢ م.


٢١٩. فيض القدير شرح الجامع الصغير. لزين الدين محمد بن عبد الرؤوف المناوي (٩٥٢ ـ ١٠٣١ هـ) ، تحقيق أحمد عبدالسلام ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ١٤١٥ هـ / ١٩٩٥ م.

٢٢٠. القرآن الكريم وأثره في الدراسات النحوية. للدكتور عبد العال سالم مكرم ، دار المعارف بمصر ، القاهرة ، ١٩٦٨ م.

٢٢١. القرآن ـ نزوله ـ تدوينه ـ ترجمته ـ وتأثيره. للمستشرق بلاشير ، ترجمة رضا سعادة ، ط١ ، دار الكتاب العربي اللبناني ، بيروت ، ١٩٧٤ م.

٢٢٢. القراءات الشاذّة. للحسين بن أحمد المعروف بابن خالويه (ت / ٣٧٠ هـ) ، تحقيق ، ج. براجشتراسر ، مكتبة المتنبي ، القاهرة ، ب. ت.

٢٢٣. القراءات القرآنية بين المستشرقين والنحاة. للدكتور حازم سليمان الحلّي ، ط١ ، مطبعة القضاء ، النجف ، ١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م.

٢٢٤. القراءات واللهجات. للدكتور عبد الوهاب حمودة ، ط١ ، مطبعة السعادة ، القاهرة ، ١٣٦٨ هـ / ١٩٤٨ م.

٢٢٥. قراءة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم). تحقيق الدكتور حكمت بشير ياسين ، مكتبة الدار ، المدينة المنورة ، ب. ت.

٢٢٦. القرطين أو كتابا مشكل القرآن وغريبه لابن قتيبة. تأليف أبي عبد الله محمد بن أحمد بن مطرف الكناني القرطبي (ت / ٤٥٤ هـ) ، مكتبة الخانجي ، القاهرة ، ١٣٥٥ هـ.

٢٢٧. الكافية شرح الرضي. لمحمد بن الحسن نجم الدين الرضي الأسترآباذي (ت / ٦٨٦ هـ) مصورة بالأفست عن طبعة شركة الصحافة العثمانية ، استنبول ، ١٣١٠ هـ.

٢٢٨. الكافية في النحو. لأبي عمرو عثمان بن عمر بن الحاجب (ت / ٥٤٦ هـ) شرح محمد ابن الحسن رضي الدين الأسترآباذي (ت / ٦٨٦ هـ) ، مصورة بالأفست عن طبعة شركة الصحافة العثمانية ، إستنبول ، ١٣١٠ هـ.


٢٢٩. الكامل في التاريخ. لعز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري المعروف بابن الأثير (ت / ٦٣٠ هـ) دار الطباعة بالمنيرية ، القاهرة ، ١٣٥٣ هـ.

٢٣٠. الكامل في اللغة. لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد (ت / ٢٨٥ هـ) تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم والسيد شحاتة ، دار نهضة مصر للطبع والنشر. ب. ت.

٢٣١. الكتاب. لسيبويه أبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر (ت / ١٨٠ هـ) ، بولاق ، القاهرة ، ١٣١٦ هـ.

٢٣٢. كتاب سيبويه. لأبي بشر عَمرو بن عثمان بن قنبر سيبويه (ت / ١٨٠ هـ) تحقيق عبد السلام هارون ، دار القلم ، والهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٣٨٥ ـ ١٣٩٥ هـ / ١٩٦٦ ـ ١٩٧٥ م.

٢٣٣. كتاب القوافي. لسعيد بن مُسعدة الأخفش الأوسط (ت / ٢١٥ هـ) تحقيق الدكتور عزة حسن ، وزارة الثقافة والإرشاد القومي السورية ، دمشق ، ١٩٧٠ م.

٢٣٤. الكشّاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل. لأبي القاسم جار الله الزّمخشري الخوارزمي (ت / ٥٣٨ هـ) مصورة عن طبعة مطبعة مصطفى محمد ، القاهرة ، ١٣٥٤ هـ.

٢٣٥. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون. لمصطفى بن عبد الله بن إسماعيل الشهير بحاجي خليفة (ت / ١٠٦٧ هـ) ط٣ ، طهران ، ١٣٧٨ هـ / ١٩٤٧ م.

٢٣٦. الكشف عن وجوه القراءات. لمكي بن أبي طالب حموش القيسي (ت / ٤٣٧ هـ) تحقيق الدكتور محيي الدين عبد الرحمن رمضان ، دمشق ، ١٣٩٤ هـ / ١٩٧٤ م.

٢٣٧. الكنى والألقاب. للشيخ عباس القمي (ت / ١٣٥٩ هـ) ط٣ ، المطبعة الحيدرية ، النجف ، ١٣٨٩ هـ / ١٩٦٩ م.

٢٣٨. لحن العامَّة والتطور اللغوي. للدكتور رمضان عبد التَّوَّاب ، ط١ ، القاهرة ، ١٩٦٧ م.

٢٣٩. لسان العرب. لمحمد بن مكرَّم بن منظور الأنصاري (ت / ٧١١ هـ) ، مطبعة بولاق ، القاهرة ، ١٣٠٠ هـ.


٢٤٠. لسان الميزان. لشهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت / ٨٥٢ هـ) ، نشر مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت ، ١٤٠٦ هـ.

٢٤١. اللهجات العربية في القراءات القرآنية. للدكتور عبده الراجحي ، دار المعارف بمصر ، ١٩٦٨ م.

٢٤٢. مباحث لغويّة. للدكتور إبراهيم السامرائي ، مطبعة الآداب ، النجف الأشرف ، ١٣٩١ هـ / ١٩٧١ م.

٢٤٣. المبرد سيرته ومؤلفاته. للدكتورة خديجة عبد الرزاق الحديثي ، دار الشؤون الثقافية ، بغداد ، ١٩٩٠ م.

٢٤٤. المبسوط. للسرخسي (ت / ٤٨٣ هـ) ، دار المعرفة ، بيروت ، ١٤٠٩ هـ.

٢٤٥. المبسوط. للشيخ الطوسي محمد بن الحسن (٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ) منشورات المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية ، ط٢ ، طهران ، ١٣٨٧ هـ.

٢٤٦. مجاز القرآن. لأبي عبيدة مَعْمَر بن المثنى التيمي (ت / ٢١٠ هـ) تحقيق الدكتور فؤاد سزگين ، ط١ ، القاهرة ، ١٣٧٤ هـ / ١٩٥٤ م.

٢٤٧. مجالس ثعلب. لأبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب (ت / ٢٩١ هـ). تحقيق عبد السلام هارون ، دار المعارف بمصر ، القاهرة ، ١٣٨٠ هـ / ١٩٦٠ م.

٢٤٨. مجلة الرسالة. العدد : ٤٨٨ نوفمبر١٩٤٢ م والعدد : ٤٨٩ فبراير ١٩٤٣ م.

٢٤٩. مجلة المجمع العلمي العراقي. المجلد : ٣ الجزء : ٢.

٢٥٠. مجلة مجمع اللغة العربية في القاهرة. الجزء : ١٧ والجزء : ٣١ صفر ١٩٧٣ م. بحث بعنوان : دراسات في النحو والقراءات ، للدكتور أحمد مكي الأنصاري.

٢٥١. مجلة المربد. تصدر عن جامعة البصرة ، العدد الأول ، السنة الأولى ، ١٩٦٨ م.

٢٥٢. مجلة المقتطف. المجلد ١١١ السنة ١٩٤٧ م.

٢٥٣. مجمع البيان في تفسير القرآن. لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت / ٥٤٨ هـ) ، دار الحياة ، بيروت ، ١٣٨٠ هـ ـ ١٩٦١ م.

٢٥٤. المجموع شرح المهذب. لمحيي الدين بن شرف النووي (٦٣١ ـ ٦٧٦ هـ) ، ط٢ ،


تحقيق محمد نجيب المطيعي ، مكتبة الإرشاد ، جدة ، بلا تاريخ لكن المحقق قدّمه للطبع عام ١٣٩٧ هـ ـ ١٩٧٧ م.

٢٥٥. محاسن التأويل. لمحمد جمال الدين القاسمي (ت / ١٣٣٢ هـ) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، مطبعة عيسى البابي الحلبي ، ١٣٣٧ هـ / ١٩٥٧ م.

٢٥٦. المحتسب في تبيين وجوه القراءات الشاذّة والإيضاح عنها. لأبي الفتح عثمان بن جنّي (ت / ٣٩٢ هـ) تحقيق علي النجدي ناصف وصاحبيه ، المجلس الأعلى للشؤون الإسلاميّة ، القاهرة ، ١٣٨٦ ـ ١٣٨٩ هـ.

٢٥٧. المحكم في نقط المصحف. لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت / ٤٤٤ هـ) تحقيق الدكتور عزَّة حسن ـ دمشق ، ١٣٧٩ هـ / ١٩٦٠ م.

٢٥٨. مختار الصحاح. لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي (ت / ٦٦٦ هـ) دار الكتاب العربي ، بيروت ، ١٩٦٧ م.

٢٥٩. مختارات القاموس. للطاهر أحمد الزاوي (ت / ١٩٨٦ م) الدار العربية للكتاب; ليبيا ـ تونس; ١٩٧٩ ـ ١٩٨٠ م.

٢٦٠. مختصر في شواذ القرآن. للحسين بن أحمد بن خالويه (ت / ٣٧٠ هـ) تحقيق ج. براجشتراسر ، المطبعة الرحمانية ، القاهرة ، ١٩٣٤ م.

٢٦١. المخصّص. لأبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده الأندلسي (ت / ٤٥٨ هـ) ط١ ، بولاق ، القاهرة ، ١٣١٦ ـ ١٣١٨ هـ.

٢٦٢. مدرسة البصرة النحويّة. للدكتور عبد الرحمن السيد ، ط١ ، دار المعارف بمصر ، ١٣٨٨ هـ / ١٩٦٨ م.

٢٦٣. مدرسة الكوفة ومنهجها فى دراسة اللغة والنحو. للدكتور مهدي المخزومي ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي ، القاهرة ، ١٩٥٨ م.

٢٦٤. مذاهب التفسير الإسلامي. لجولد تسيهر ترجمة عبد الحميد النَّجَّار ، المطبعة المحمديَّة ، القاهرة ، ١٣٧٤ هـ / ١٩٥٥ م.

٢٦٥. مرآة الجَنان وعِبرة اليقظان في معرفة ما يُعتَبَرُ من حوادثِ الزَّمان. لأبي محمد


عبد الله بن سعد بن علي بن سليمان اليافعي اليمني المكي (ت / ٧٦٨ هـ) حيدر آباد الدكن ، ١٣٣٧ هـ.

٢٦٦. مراتب النحويين. لعبد الواحد بن علي أبي الطيب النحوي (ت / ٣٥١ هـ) تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم ، دار نهضة مصر للطباعة والنشر ، ط٢ ، ١٣٩٤ هـ / ١٩٧٤ م.

٢٦٧. المزهر. لعبد الرحمن جلال الدين السيوطي (ت / ٩١١ هـ) تحقيق محمد أحمد جاد المولى وصاحبيه ، مطبعة عيسى البابي الحلبي ، القاهرة ، ب. ت.

٢٦٨. المسائل السّروية. للشَّيخ المفيد محمَّد بن محمَّد بن النّعمان (ت / ٤١٣ هـ) تحقيق صائب عبد الحميد ، ط٢ ، نشر مؤسَّسة آل البيت (عليهم السَّلام) لإحياء التراث ، دار المفيد للطباعة والنشر ، بيروت ، ١٤١٤ هـ / ١٩٩٣ م.

٢٦٩. المسائل المشكلة المعروفة بالبغداديات. للحسن بن أحمد بن عبد الغفار أبي علي النحوي (ت / ٣٧٧ هـ) تحقيق صلاح الدين عبد الله السنكاوي ، مطبعة العاني ، بغداد ، ١٩٨٣ م.

٢٧٠. المصاحف. لأبي بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت / ٣١٦ هـ) تحقيق الدكتور آرثر جفري ، ط١ ، المطبعة الرحمانية ، القاهرة ، ١٣٥٥ هـ / ١٩٣٦ م.

٢٧١. المصنَّف. لأبي بكر عبد الله بن محمَّد بن إبراهيم بن أبي شيبة (١٥٩ ـ ٢٣٥ هـ) تحقيق حمد بن عبد الله الجمعة وعبد الله بن إبراهيم اللحيدان ، ط١ ، مكتبة الرَّشيد ، ١٤١٥ هـ ـ ٢٠٠٤ م.

٢٧٢. المصنَّف. لعبد الرَّزاق بن همَّام الصَّنعاني (١٢٦٢١١ هـ) بيروت ، ١٣٩٠ هـ.

٢٧٣. معاني الحروف. لأبي الحسن علي بن عيسى الرماني النحوي ، تحقيق الدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي ، مطبعة دار العالم العربي ، القاهرة ، ١٩٧٣ م.

٢٧٤. معاني القرآن. لأبي جعفر أحمد بن محمد النَّحاس (ت / ٣٣٨ هـ) ، تحقيق محمد علي الصابوني ، ط١ ، ١٤١٠ هـ / ١٩٨٩ م.


٢٧٥. معاني القرآن. لأبي زكريا يحيى بن زياد الفرَّاء (ت / ٢٠٧ هـ) ، تحقيق أحمد يوسف نجاتي وجماعته ، مطبعة دار الكتب المصرية ، ١٣٧٤ هـ / ١٩٥٥ م.

٢٧٦. معاني القرآن وإعرابه. للزجّاج (ت / ٣١٦ هـ) ، تحقيق الدكتور عبد الجليل عبدة شلبي ، منشورات المكتبة العصرية ، صيدا ، ١٩٧٣ م.

٢٧٧. معاهد التنصيص على شواهد التلخيص. لعبد الرحيم بن عبد الرحمن بن أَحمد العباسي (ت / ٩٦٣ هـ) ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، مطبعة السعادة ، القاهرة ، ١٩٤٧ م.

٢٧٨. المعجزة الكبرى ـ القرآن. لمحمد أبي زهرة (ت / ١٣٩٤ هـ) ، نشر دار الفكر العربي. ب. ت.

٢٧٩. معجم الأدباء ويسمّى إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب. لياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي (ت / ٦٢٦ هـ) ، تحقيق د. س. مرجليوث ، ط٢ ، مطبعة هندية بالموسكي ، القاهرة ، ١٩٢٣ م.

٢٨٠. معجم البلدان. لياقوت بن عبد الله الحموي (ت / ٦٢٦ هـ) ، مطبعة السعادة ، القاهرة ، ١٣٢٣ هـ.

٢٨١. معجم الشعراء. لأبي عبد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني (ت / ٣٨٤ هـ) نشر مكتبة القدس ، ١٣٥٤ هـ.

٢٨٢. معجم شواهد العربية. لعبد السلام هارون ، ط١ ، مكتبة الخانجي ، القاهرة ، ١٣٩٢ هـ / ١٩٧٢ م.

٢٨٣. المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي. وضع : أ. ي. ونستك وجماعته ، مطبعة برايل ، ليدن ، ١٩٣٦ م.

٢٨٤. المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم. وضع محمد فؤاد عبدالباقي (ت / ١٣٨٨ هـ) ، مطابع الشعب ، القاهرة ، ١٣٧٨ هـ.

٢٨٥. معجم المؤلفين. لعمر رضا كحالة ، دمشق ، ١٩٥٧ م.

٢٨٦. المعجم الوسيط. إخراج إبراهيم مصطفى وجماعته ، مجمع اللغة العربية ، القاهرة ،


١٣٨٠ ـ ١٣٨١ هـ / ١٩٦٠ ـ ١٩٦١ م.

٢٨٧. مغني اللبيب عن كتب الأعاريب. لأبي محمد عبد الله جمال الدين بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري المصري (ت / ٧٦١ هـ) ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، مطبعة المدني ، القاهرة ، ب. ت.

٢٨٨. مفاتيح الغيب (تفسير الفخر الرازي). لمحمد بن ضياء الدين عمر الرازي (ت / ٦٠٦ هـ) المطبعة الميمونية ، القاهرة ، ١٢٨٩ هـ.

٢٨٩. مفتاح السعادة. لأحمد مصطفى طاش كبرى زاده (ت / ٩٦٢ هـ) ، تحقيق كامل بكري وعبد الوهاب أبو النور ، دار الكتب الحديثة ، ب. ت.

٢٩٠. المفصل في علم اللغة. لأبي القاسم محمود بن عمر الزّمخشري (ت / ٥٣٨ هـ) ط١ ، مكتبة الخانجي ، مطبعة التقدم ، القاهرة ، ١٣٢٣ هـ.

٢٩١. المفضليات. للمفضَّل بن يعلى الضَّبِّي (ت / ١٦٨ هـ) تحقيق أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون ، دار المعارف بمصر ، القاهرة ، ١٣٧١ هـ.

٢٩٢. مقاييس اللغة. لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا (ت / ٣٩٥ هـ) ، تحقيق عبد السلام هارون ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي ، القاهرة ، ١٩٦٧ ـ ١٩٧٢ م.

٢٩٣. المقتضب. لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد (ت / ٢٨٥ هـ) تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة ، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ، القاهرة ، ١٣٨٦ هـ.

٢٩٤. مقدمتان في علوم القرآن مقدمة كتاب المباني ومقدمة عبد الحق بن عطية (ت / ٣٨٣ هـ). تحقيق الدكتور آرثر فري ، مكتبة الخانجي ، ١٩٥٤ م.

٢٩٥. المقرب. لعلي بن محمد المعروف بابن عصفور (ت / ٦٦٩ هـ) ، تحقيق أحمد عبد الستَّار الجواري وعبد الله الجبوري ، ط١ ، مطبعة العاني ، بغداد ، ١٣٩١ هـ / ١٩٧١ م.

٢٩٦. المقنع. لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت / ٤٤٤ هـ) تحقيق أوتوبروتزل ، مطبعة الدولة ، استنبول ، ١٩٣٢ م.

٢٩٧. مكارم الأخلاق. لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت / ٥٤٨ هـ) ، منشورات


الشريف الرضي ، قم ، ١٣٩٢ هـ / ١٩٧٢ م.

٢٩٨. من أسرار القرآن. بحث الإستاذ علي النجدي ناصف ، في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق ، ج٢ ، المجلد : ٤٩ لسنة : ١٣٩٤ هـ / ١٩٧٤ م.

٢٩٩. مناقب آل أبي طالب. لأبي جعفر محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني (ت / ٥٨٨ هـ) ، بعناية مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، بيروت ، لمطبعة الحيدرية ، النجف ، ١٣٧٦ هـ ـ ١٩٥٦ م.

٣٠٠. مناهل العرفان. لمحمد عبد العظيم الزرقاني (ت / ١٣٦٧ هـ) ، دار إحياء الكتب العربية ، مطبعة عيسى البابي الحلبي ، القاهرة. ب. ت.

٣٠١. منجد المقرئين. لشمس الدين محمد بن محمد ابن الجزري (ت / ٨٣٣ هـ) نشر مكتبة القدسي المطبعة الوطنية ، القاهرة ، ١٣٥٠ هـ.

٣٠٢. المنصف شرح تصريف المازني. لأبي الفتح عثمان بن جِنِّي (ت / ٣٩٢ هـ) ، تحقيق إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين ، ط٢ ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي ، القاهرة ، ١٣٧٣ هـ / ١٩٥٤ م.

٣٠٣. منهج الأخفش الأوسط في الدراسات النحوية. للدكتور عبد الأمير الورد ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت ، ط١ ، ١٣٩٥ هـ / ١٩٧٥ م.

٣٠٤. المهذب في القراءات العشر وتوجيهها من طريق الشاطبية. لمحمد محمد محمد سالم محيسن ، مطبعة النهضة الجديدة ، القاهرة ، ١٣٨٩ هـ / ١٩٦٩ م.

٣٠٥. موسيقى الشعر العربي. للدكتور سليمان حازم الحلي ، دار الفرات ، الحلة العراق ، ١٤٣١ هـ / ٢٠١٠ م.

٣٠٦. الموطأ. لمالك بن أنس (ت / ١٧٩ هـ) تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء الكتب العربية ، عيسى البابي الحلبي ، القاهرة ، ١٣٧٠ هـ / ١٩٥١ م.

٣٠٧. النبي وآله عليهم السلام في الشعر العربي. للدكتور حازم سليمان الحلّي ، ط١ ، مؤسسة البلاغ ، بيروت ، ١٤٢٨ هـ / ٢٠٠٧ م.

٣٠٨. نزهة الألباء في طبقات الأدباء. لأبي البركات كمال الدين عبد الرحمن ابن الأنباري


(ت / ٥٧٧ هـ) تحقيق الدكتور إبراهيم السامرائي ، ط٢ ، مكتبة الأندلس ، بغداد ، ١٩٧٠ م.

٣٠٩. النشر في القراءات العشر. لمحمد بن محمد ابن الجزري (ت / ٨٣٣ هـ) تصحيح محمد الضباع ، مطبعة التوفيق ، دمشق ، ١٣٤٠ هـ.

٣١٠. النقط. لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت / ٤٤٤ هـ) ، تحقيق أوتوبرتزل ، مطبعة الدولة ، استنبول ، ١٩٣٢ م.

٣١١. النهاية في غريب الحديث. لمجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد المعروف بابن الأثير الجزري (ت / ٦٠٦ هـ) ، تحقيق الطَّاهر الزَّاوي ومحمود محمد الطَّنَّاحي ، المكتبة الإسلامية ، مطبعة عيسى البابي الحلبي ، القاهرة ، ١٣٨٣ هـ / ١٩٦٣ م.

٣١٢. النوادر في اللغة. لأبي زيد سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري (ت / ٢١٥ هـ) تحقيق سعيد الخوري الشرتوني اللبناني ، المطبعة الكاثوليكية للآباء المرسلين اليسوعيين ، بيروت ، ١٨٩٤ م.

٣١٣. نور القبس المختصر من كتاب المقتبس. لليغموري يوسف بن أحمد بن محمود ، أبي المحاسن (ت / ٦٧٣ هـ) ، تحقيق رودليف زلهايم ، نشر دار النشر فرانش شتايز بفيسيادن ١٩٦٤ م ، والقبس للمرزباني أبي عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني (ت / ٣٨٤ هـ) صاحب معجم الشعراء وغيره.

٣١٤. الهاشميات. للكميت بن زيد الأسدي (ت / ١٢٦ هـ) ، تحقيق الدكتور داود سلوم ، النجف الاشرف ، ١٩٦٨ م.

٣١٥. همع الهوامع شرح جمع الجوامع في علم العربية. لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت / ٩١١ هـ) ، عني بتصحيحه السيد محمد بدر الدين النعساني ، دار المعرفة للطباعة والنشر ، بيروت ، لبنان ب. ت.

٣١٦. الوساطة بين المتنبي وخصومه. للقاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني (ت / ٣٩٢ هـ) ط٣ ، تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم ، وعلي البجاوي ، دار إحياء الكتب


العربية ، القاهرة. ب. ت.

٣١٧. وسائل الشِّيعة إلى تحصيل مسائل الشَّريعة. للشَّيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (ت / ١١٠٤ هـ) ، مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التُّراث قم ، ١٤١١ هـ.

٣١٨. وفيات الأعيان. لأبي بكر شمس الدّين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان (ت / ٦٨١ هـ) تحقيق الدكتور إحسان عباس ، دار الثقافة ، بيروت. ب. ت.

٣١٩. يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر. لأبي منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي (ت / ٤٢٩ هـ) تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، مطبعة السعادة بمصر ، ١٩٥٤ م.


٨ ـ فهرس مواد الكتاب

كلمة المكتبة الأدبيّة.......................................................... ٥

شكر........................................................................ ٨

المقدّمة..................................................................... ٩

التمهيد.................................................................... ١٥

نشأة الاحتجاج للقراءات وتطوره............................................ ١٥

اختلاف القراءات......................................................... ٢٣

أسباب اختلاف القراءات.................................................. ٢٦

ابن مجاهد والقرّاء السبعة................................................. ٣٢

اختيارُ ابن مجاهد للقراءات............................................... ٣٣

القُرَّاء والقِراء السبعة..................................................... ٣٣

نقد اختيار ابن مجاهد للقراءات........................................... ٣٥

القراءة الشاذّة وغير الشاذّة............................................... ٣٨

مَعْنَى الشذوذ في القراءات................................................ ٣٩

موقف الفقهاء من القراءات الشاذَّةِ....................................... ٤١

موقف اللغويين والنحاة من القراءة الشاذّة.................................. ٤٤

أبو علي الفارسي....................................................... ٥٩

ابن جنّي............................................................... ٦١

أثر أبي علي الفارسي في ابن جنّي......................................... ٦٣

موقف ابن جنّي من ابن مجاهد............................................ ٦٦

أسباب تأثير أبي علي الفارسي في ابن جني.................................... ٦٨

بين الحجّة والمحتسب في المنهج.............................................. ٧٢


المحتسب من ذخائر النحو والصرف كالحجّة للفارسي........................... ٧٦

تداخل المسائل في المحتسب لتعدّد مصادرها في القرآن.......................... ٧٨

الباب الأوّل

الأسماء الستّة ، المثنى ، الجمع السالم ، التنوين............................. ٧٩

الأسماء الستّة............................................................. ٨١

جمع أَب على (أبون وأبين).............................................. ٨١

المثنّى.................................................................... ٨٣

المثنّى يراد به الجمع...................................................... ٨٣

جمع المذَكّر السالم......................................................... ٨٥

جمع أفعل فعلاء جمع سلامة............................................. ٨٥

جمع المؤَنّث السالم......................................................... ٨٧

تحويل فَعَل إلى فَعُل وجمعه جمع مؤنث سالماً................................ ٨٧

تنوين ألف الإلحاق........................................................ ٨٨

الباب الثاني

النكرة وأنواع المعارف...................................................... ٩١

النكرة والمعرفة............................................................. ٩٣

١ ـ الفرق بين النكرة والمعرفة............................................. ٩٣

٢ ـ مفاد نكرة الجنس مفاد معرفته......................................... ٩٥

إتباع لاحق لسابق في التنكير............................................ ٩٨

الضمير.................................................................. ٩٩

١ ـ حركات الضمير..................................................... ٩٩

أ ـ حركة الهاء وميم الجمع................................................ ٩٩

ب ـ حركة الواو....................................................... ١٠٨

ج ـ حركة الياء........................................................ ١١١


٢ ـ حذف الضمير.................................................... ١١٣

٣ ـ العطف على الضمير.............................................. ١١٥

٤ ـ ضمير الفصل..................................................... ١١٨

٥ ـ ضمير الشأنِ..................................................... ١١٩

العَلَم.................................................................. ١٢١

دخول لام التعريف على الأعلام........................................ ١٢١

دخول لام التعريف على الأعلام لغير المدح............................... ١٢٢

الممنوع من الصرف................................................... ١٢٥

عدم صرف ما ينصرف................................................ ١٢٧

أسماء الإشارة............................................................ ١٢٨

هذه أصلها هذي........................................................ ١٢٨

الأسماء الموصولة وحذف الضمير العائد..................................... ١٢٩

١ ـ حمل اللفظ على المعنى.............................................. ١٢٩

أ ـ التي.............................................................. ١٢٩

ب ـ مَـنْ............................................................. ١٣٠

ج ـ الذي............................................................ ١٣٣

د ـ مـا............................................................... ١٣٤

هـ ـ ذو الطائية........................................................ ١٣٦

لام التعريف............................................................ ١٣٨

دخول لام التعريف على الجملة......................................... ١٣٨

الباب الثالث

المبتدأُ والخبر ونواسخهما................................................. ١٣٩

المبتدأُ والخبر............................................................ ١٤١

حذف المبتدأِ......................................................... ١٤٣


الخبـر.................................................................. ١٤٨

جواز تقديم الخبر على المبتدأِ............................................ ١٤٩

حذف الخبر.......................................................... ١٥٠

الضمير العائد في الجملة الخبرية......................................... ١٥٥

النواسخ................................................................ ١٦٠

من النواسخ التي ترفع المبتدأ وتنصب الخبر................................ ١٦٠

١ ـ كـان............................................................. ١٦٠

أ ـ تذكير كان مع تأنيث اسمها.......................................... ١٦٠

ب ـ اسم كان أعرف من خبرها......................................... ١٦٢

ج ـ اسم كان ضمير الشأْن............................................. ١٦٥

د ـ جواز جعل اسم كان نكرةً........................................... ١٦٧

هـ ـ تقديم خبر كان عليها.............................................. ١٦٩

و ـ كان التامّة........................................................ ١٧٠

٢ ـ ليس وزيادة الباء في اسمها........................................... ١٧١

٣ ـ (إنْ) التي بِمَعْنَى (ما) وعملها........................................ ١٧٢

من الأحرف المشبّهة بالفعل............................................... ١٧٣

أ ـ إِنَّ............................................................... ١٧٣

١ ـ فتح همزة إِنَّ...................................................... ١٧٣

٢ ـ حذف خبر إَِنَّ.................................................. ١٧٥

٣ ـ ما بعد إِنَّ لا يعمل فيما قبلها....................................... ١٧٦

٤ ـ إِنِ المُخفّفة مِنْ إِنَّ................................................. ١٧٧

٥ ـ أَنَّ أَصْلُ أَنِ المخفَّفَة............................................... ١٨٢

ب ـ لكنّ............................................................ ١٨٥

ج ـ لا النافية للجنس.................................................. ١٨٦


التعليق والالغاء....................................................... ١٨٨

التضمين أوْ الذهاب إِلى المعنى............................................ ١٨٩

من الأفعال التي تنصب مفعولين........................................... ١٩٤

أ ـ ما يدخل على المبتدأِ والخبر.......................................... ١٩٤

١ ـ رأى بمعنى اعتقد................................................... ١٩٤

٢ ـ سَمعَ............................................................. ١٩٥

ب ـ مَا يَدْخُلُ على غيرِ المبتدأِ والخبرِ..................................... ١٩٥

آتـى................................................................. ١٩٥

الباب الرابع

الفاعل ونائبه............................................................. ١٩٧

١ ـ الفاعل الظاهر والمضمر............................................... ١٩٩

٢ ـ رفع الفاعل بفعل مضمر.............................................. ٢٠٩

٣ ـ فاعل تأنيث فعله ضعيف............................................. ٢١٣

أ ـ تأنيثُ الفعل والفاعلُ مُذَكَّرٌ أُضيفَ إلى مؤنَّث.......................... ٢١٣

ب ـ تأنيث الفعل والفاعل مؤنَّث مفصول بفاصل......................... ٢١٧

ج ـ تَأَنِيث الفعل وفاعله جمع تكسير.................................... ٢١٩

د ـ تأنيث الفعل والفاعل ضمير لجمع تكسير مذكَّر........................ ٢٢٠

٤ ـ الفاعل مؤنَّث وفعله مذكَّر............................................. ٢٢١

٥ ـ الجمل لا تقوم مقام الفاعل............................................ ٢٢٤

نائبُ الفاعلِ............................................................ ٢٢٥

١ ـ مِنْ أَسباب استعمالِ نائبِ الفاعِل العنايةُ بالمفعول...................... ٢٢٥

٢ ـ قَدْ لاَ يُترَك ذِكْرُ الفاعلِ للجَهْلِ بِهِ................................... ٢٢٨

٣ ـ يُترك ذكُر الفاعلِ لتجنّبِ التكرار.................................... ٢٣٠


٤ ـ لا يحسن الانصراف عن اللفظ والعود إليه............................ ٢٣١

٥ ـ البناء للمفعول بين تعدّي الفعل ولزومه............................... ٢٣٢

٦ ـ البناء للمفعول.................................................... ٢٣٥

من صور بناء الفعل المتعدِّي لاثنين إلى المفعول............................ ٢٣٥

الباب الخامس

المنصوبات.............................................................. ٢٣٧

المفعول به.............................................................. ٢٣٩

المنصوب بفعل محذوف................................................ ٢٤٢

النصب على المدح.................................................... ٢٤٩

حذف فعل القول..................................................... ٢٥٠

حذف المفعول به..................................................... ٢٥٥

حذف المفعولين...................................................... ٢٦٥

النصب على نزع الخافض.............................................. ٢٦٦

باب التنازع.......................................................... ٢٧٥

باب الاشتغال........................................................ ٢٧٥

الظـرف................................................................ ٢٧٦

ظرف الزمان......................................................... ٢٧٧

إيَّانَ لُغَةٌ فِي أيَّانَ...................................................... ٢٨٠

ظرف المكان......................................................... ٢٨١

مـع................................................................. ٢٨٣

تجريد الظرف من معنى الظرفية.......................................... ٢٨٤

الاستثناء............................................................... ٢٨٥

الاستثناء المنقطع...................................................... ٢٨٥

إِلاَّ.................................................................. ٢٨٦


الحـال.................................................................. ٢٨٦

الحال من الضمير..................................................... ٢٨٨

وقوع المصدر حالاً.................................................... ٢٩١

تَعَدُّدُ الحال.......................................................... ٢٩٢

تقديم الحال على صاحبها.............................................. ٢٩٣

مجيء الحال شبه جملة وجملة............................................ ٢٩٤

حذف الضمير العائد................................................. ٢٩٨

التمييـز................................................................. ٣٠١

الباب السادس

المجرورات.............................................................. ٣٠٣

أ ـ حروف الجـرّ.......................................................... ٣٠٥

البـاء................................................................ ٣٠٥

الباء الزائدة.......................................................... ٣٠٧

اللاّم................................................................ ٣١١

مِـن................................................................. ٣١٢

مِن الزَّائدة........................................................... ٣١٣

إلى................................................................. ٣١٤

حاشا............................................................... ٣١٤

حذف الجارِّ والمجرور................................................... ٣١٦

شبه الجار والمجرور بالفعل............................................... ٣١٧

الجرّ بالمجاورة.......................................................... ٣١٩

التخلّص من التقاء الساكنين........................................... ٣٢١

١ ـ بالكسر.......................................................... ٣٢١

٢ ـ بالكسر وغيره.................................................... ٣٢١


٣ ـ التبلغ بالحركة..................................................... ٣٢٥

ب ـ الإضافة............................................................ ٣٢٨

وَصْلُ المضاف بالمضافِ إليهِ........................................... ٣٢٨

الإضافة تفيد ما تفيده الصِّفة........................................... ٣٣١

حذف النون تخفيفاً................................................... ٣٣٢

حذف المضاف....................................................... ٣٣٤

١ ـ حذف المضاف بدليل............................................. ٣٤٠

٢ ـ حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه............................ ٣٤٠

٣ ـ حذف المضاف ضرب من التوسّع................................... ٣٤٤

٤ ـ حذف المضاف بعد مضاف........................................ ٣٤٦

٥ ـ الفصل بين المضاف والمضاف إليه................................... ٣٤٨

الباب السابع

المصدر والمشتقّات

إعمالها وبناؤها وأحكامها.................................................. ٣٤٩

إعمال المصدر........................................................ ٣٥١

مجيء المصدر في موضع اسم الفاعل..................................... ٣٥١

إعمال اسم الفاعل.................................................... ٣٥٢

من أبنية المصدر...................................................... ٣٥٢

بينَ فَعْل وفَعَل....................................................... ٣٥٥

صيغة فعيل.......................................................... ٣٥٧

بَيْنَ فَعُول وَفُعُول..................................................... ٣٥٨

مَفْعَـل............................................................... ٣٦٣

فُعْلَى................................................................ ٣٦٤

فاعلـة............................................................... ٣٦٥


جمع المصدر.......................................................... ٣٦٦

إضافة المصدر........................................................ ٣٦٧

إضمار المصدر....................................................... ٣٦٨

بين المصدر واسم الفاعل............................................... ٣٦٩

النَّصب على المصدر.................................................. ٣٧١

جريان المصدر مجرى الفعل............................................. ٣٨٠

قيام الفعل مقام المصدر................................................ ٣٨١

الاسم بمكان المصدر.................................................. ٣٨٢

صِفة على فُعَال ودلالتُها............................................... ٣٨٣

الصفة المشبّهة........................................................ ٣٨٥

الاْسمُ بينَ المصدرِ والصفة............................................. ٣٨٦

اسم المكان.......................................................... ٣٨٧

صِيَغُ المبالغة.......................................................... ٣٨٩

أَفْعَل التفضيل........................................................ ٣٩٥

الباب الثامن

نِعْمَ وبِئسَ................................................................ ٣٩٧

نِعْمَ ولُغاتُهَا............................................................. ٣٩٩

الباب التاسع

التوابع : الصفة ، العطف ، البدل ، المنادى ، الندبة ، الترخيم................ ٤٠١

حول الصفة............................................................ ٤٠٣


الأَصل في الصِّفة أنْ تكونَ اسماً مفرداً.................................... ٤٠٧

بين الصفة وموصوفها................................................. ٤٠٨

الصفة تتم الموصوف.................................................. ٤٠٩

تفاوتُ أَحوالِ الصفاتِ................................................ ٤١٠

الوصف بالمصدر يفيد المبالغة........................................... ٤١١

وصف الصفة........................................................ ٤١٢

الصفة للموضع لا للّفظ............................................... ٤١٣

حذفُ الموصوفِ وإقامة الصفةِ مقامه.................................... ٤١٤

التوكيد................................................................. ٤١٥

العطف................................................................ ٤١٦

حذف الاسم وحرف العطف........................................... ٤٢٧

العطف على الموضع................................................... ٤٢٨

عَطْفُ الجُمَلِ......................................................... ٤٣١

عطف شبه الجملة.................................................... ٤٣٩

الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه.................................... ٤٤١

زِيَادَةُ الوَاوِ عِنْدَ الكُوفِيينَ............................................... ٤٤٢

أَو.................................................................. ٤٤٣

بَـلْ.................................................................. ٤٤٣

أَو بمعنى بَلْ.......................................................... ٤٤٥

أَمْ بِمَعنَى بَلْ.......................................................... ٤٤٧

البدل.................................................................. ٤٤٩


١ ـ بدل الاسم من الاسم.............................................. ٤٤٩

٢ ـ بدل الفعل من الفعل............................................... ٤٥٠

٣ ـ بدل الظاهر من الضمير............................................ ٤٥٤

٤ ـ بدل كل من كل................................................... ٤٥٥

٥ ـ بدل الاشتمال.................................................... ٤٥٦

المنادى................................................................. ٤٥٧

النَّدْبَة.................................................................. ٤٦٢

التَّرْخِيم................................................................ ٤٦٢

الباب العاشر

أسماء الأفعال والأصوات ، العدد ، الحكاية ، التذكير والتأنيث ، جمع التكسير ، النسب ، تحقيق في لفظ كل ومعناها......................................................................... ٤٦٥

من أسماء الأَفعال........................................................ ٤٦٧

١ ـ عَلَيْكَ ٢ ـ دُونَكَ ٣ ـ عِنْدَكَ......................................... ٤٦٧

٤ ـ هيـت............................................................ ٤٦٨

٥ ـ ويْ.............................................................. ٤٧٠

٦ ـ أُف............................................................. ٤٧٢

٧ ـ ما كان على وزن فَعَالِ............................................. ٤٧٣

مساسِ.............................................................. ٤٧٣

٨ ـ هيهات.......................................................... ٤٧٥

أسماء الأصوات.......................................................... ٤٧٩

العـدد.................................................................. ٤٨١


حول عشر وعشرة.................................................... ٤٨١

خَمْسَة وخَمَسَة......................................................... ٤٨٨

تِسْعٌ وتَسْعٌ.......................................................... ٤٨٩

إِضافة العدد......................................................... ٤٨٩

الحكايـة................................................................ ٤٩٠

١ ـ حكاية الحال...................................................... ٤٩٠

٢ ـ حكاية الجملة..................................................... ٤٩١

٣ ـ حكاية الجملة الاستفهامية.......................................... ٤٩٤

التذكير والتأنيث........................................................ ٤٩٤

حذفُ تاءِ التأنيثِ وإقامةُ الضمير مقامها................................ ٤٩٤

جمع التكسير......................................................... ٤٩٦

جمع القلّة والكثرة..................................................... ٤٩٦

النسب................................................................ ٤٩٨

كـلّ................................................................... ٤٩٩

لفظها ومعناها........................................................ ٤٩٩

الباب الحادي عشر

عوامل الفعل المضارع ، نون التوكيد ، الفعل المعتل......................... ٥٠١

نصب الفعل المضارع..................................................... ٥٠٣

لام كـي............................................................. ٥٠٣

اللاَّم الزائدة.......................................................... ٥٠٨

النصب بِأَنْ المقدّرة.................................................... ٥٠٩


المَصْدَرُ المُؤَوَّلُ........................................................ ٥١٢

جواب الجزاء بالواو.................................................... ٥١٣

أَصْلُ لَنْ............................................................. ٥١٣

جزم الفع ل المضارع..................................................... ٥١٤

لمّا.................................................................. ٥١٤

لام الأمر............................................................ ٥١٧

دخول لام الأمر على المضارع المبدوء بتاء الخطاب......................... ٥١٨

لا الناهية............................................................ ٥٢٢

العطف على المجزوم................................................... ٥٢٤

جزم المضارع المعتل الآخر.............................................. ٥٢٥

جزم المضعّف......................................................... ٥٢٧

الشرط والجزاء........................................................ ٥٢٩

من أدوات الشرط..................................................... ٥٢٩

١ ـ إنْ.............................................................. ٥٢٩

٢ ـ لوْ وحركتها....................................................... ٥٣٤

٣ ـ أَينَ.............................................................. ٥٣٤

٤ ـ إذَا والعامل فيها................................................... ٥٣٥

الفاءُ الرابطة لجوابِ الشَّرْطِ............................................. ٥٣٦

جواب الطلب........................................................ ٥٤٠

رَفع الفعلِ المضارع....................................................... ٥٤١

إسكان المرفوع تخفيفاً.................................................. ٥٤١


قد التَّحقِيقِيَّة......................................................... ٥٤٤

نونا التوكيد.......................................................... ٥٤٤

١ ـ الثقيلة........................................................... ٥٤٤

٢ ـ الخفيفة........................................................... ٥٤٨

حركة المعتل الآخر....................................................... ٥٤٩

حذف اللاّم من (فَعَل) المعتل الآخر تخفيفاً............................... ٥٥٦

المعتل الأَوّل............................................................. ٥٥٧

سكون الياء المكسور ما قبلها............................................. ٥٦١

الباب الثاني عشر

القَسَمُ ، الاستفهام ، بعض الحروف........................................ ٥٦٣

القَسَمُ................................................................. ٥٦٥

الاستفهام.............................................................. ٥٦٦

حذف همزة الاستفهام................................................. ٥٦٦

ما الاستفهامية....................................................... ٥٧١

التنبيه بـ (أَلا)........................................................ ٥٧١

إِضمار قَدْ........................................................... ٥٧٢

(لا) النافية.......................................................... ٥٧٢

(لا) الزائدة.......................................................... ٥٧٤

(إِنْ) النافية.......................................................... ٥٧٨

أَنْ بمعنى أَيْ......................................................... ٥٧٩

حذفُ أَحدِ الحرفينِ الزائدينِ............................................ ٥٨٠


الخاتمة

الفهارس الفنيّة............................................................ ٥٨٩

١ ـ فهرس الآيات....................................................... ٥٩١

٢ ـ فهرس الأحاديث.................................................... ٦٣٦

٣ ـ فهرس الأمثال والحكم................................................ ٦٣٧

٤ ـ فهرس الشعر والرجز.................................................. ٦٣٧

٥ ـ فهرس أنصاف الأبيات............................................... ٦٥١

٦ ـ فهرس الأعلام....................................................... ٦٥٢

٧ ـ فهرس المصادر والمراجع................................................ ٦٧٦

المصادر والمراجع المخطوطة............................................. ٦٧٦

المصادر والمراجع المطبوعة............................................... ٦٧٨

٨ ـ فهرس مواد الكتاب.................................................. ٧٠٦

أثر المحتسب في الدراسات النحوية

المؤلف:
الصفحات: 720