بسم الله الرّحمن الرّحيم

الفن الأول من الطبيعيات فى السماع الطبيعى

وهو أربع مقالات (١) (٢) (٣)

وإذ قد (٤) فرغنا بتيسير الله وعونه مما وجب تقديمه فى كتابنا هذا ، وهو تعليم اللباب من صناعة المنطق ، فحرى بنا أن نفتتح الكلام فى تعليم العلم الطبيعى على النحو الذي تقرر عليه رأينا وانتهى إليه نظرنا ، وأن نجعل الترتيب فى ذلك المقام (٥) مقارنا (٦) للترتيب الذي تجرى عليه فلسفة المشائين ، فنشدد (٧) فيما هو أبعد عن (٨) البداية والنظر الأول (٩) ، والمخالف فيه أبعد من الجاحد (١٠) ؛ ونتساهل فيما (١١) نفس الحق تكشف عن صورته ، ونشهد (١٢) على المخالف (١٣) بمرائه وجحده ، وأن لا يذهب عمرنا فى مناقضة (١٤) كل مذهب أو العدول عن الاقتصاد فى مناقضته على البلاغ. فكثيرا ما نرى المتكلمين فى العلوم إذا تناولوا بنقضهم مقالة واهية ، أو أكبوا (١٥) ببيانهم على مسألة يلحظ الحق فيها عن كثب ،

__________________

(١) بسم ... مقالات : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلواته على نبيه محمد وآله أجمعين حسبنا الله وحده ونعم الوكيل سا ؛ بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن وتمم بفضلك م.

(٢) الفن ... مقالات : ساقطة من د.

(٣) وهو أربع مقالات : ساقطة من ب.

(٤) قد : ساقطة من م.

(٥) المقام : ساقطة من د ، سا ، م

(٦) مقارنا : مقاربا سا

(٧) فنشدد : وأن نشدد سا ، ط

(٨) عن : من د ، ط

(٩) والنظر الأول : والفطرة الأولى م.

(١٠) الجاحد : الجاهد ط

(١١) فيما : + هو ط.

(١٢) ونشهد : ويسهل ط

(١٣) المخالف : + فيه ط.

(١٤) مناقضته : مفاوضته سا ، م طا ؛ مقاومته ط.

(١٥) أو أكبوا : وأكبوا ط.


نفضوا كل قوة ، وحققوا كل قسمة ، وسردوا (١) كل حجة ، فإذا تلججوا فى المشكل وخلصوا إلى جانب (٢) المشتبه ، مروا عليه (٣) صفحا.

ونحن (٤) نرجو أن يكون وراء (٥) ذلك (٦) سبيل مقابلة (٧) لسبيلهم ، ونهج معارض لنهجهم ، ونجتهد ما أمكن فى أن ننشر عمن قبلنا الصواب ، ونعرض صفحا عما نظنهم سهوا فيه ، وهذا هو الذي صدنا عن شرح كتبهم وتفسير نصوصهم ؛ إذ لم نأمن الانتهاء إلى مواضع يظن أنهم سهوا فيها ، فنضطر إلى تكلف اعتذار عنهم ، أو اختلاق حجة وتمحلها لهم ، أو إلى مجاهرتهم (٨) بالنقض. وقد أغنانا الله عن ذلك ، ونصب له (٩) قوما بذلوا طوقهم فيه (١٠) وفسروا كتبهم ، فمن اشتهى الوقوف على ألفاظهم ، فشروحهم تهديه وتفاسيرهم تكفيه ، ومن نشط للعلم والمعانى (١١) ، فسيجدها فى تلك الكتب منثورة (١٢) وبعض ما أفاده (١٣) مقدار بحثنا مع قصر عمرنا فى هذا (١٤) ، الكتب التي (١٥) عملناها وسميناها كتاب الشفاء لى وتأييدنا ومجموعا. والله عصمتنا ، ومن هاهنا نشرع فى غرضنا متوكلين عليه.

__________________

(١) وسردوا : وسودوا ب ؛ وسوواسا ؛ وسوقوا م

(٢) جانب : ساقطة من ط.

(٣) عليه : ساقطة من سا.

(٤) ونحن : وإنا نحن م

(٥) وراه : ما وراء ط

(٦) ذلك : ساقطة من سا ، م

(٧) مقابلة : مقابل ط.

(٨) مجاهرتهم : مجاهدتهم ط

(٩) له : لهم ط.

(١٠) فيه : ساقطة من سا.

(١١) والمعانى : وللمعانى سا

(١٢) منثورة : مشهورة ط

(١٣) أفاده : أقدناه ب ، د ، سا ، طا ، م

(١٤) هذا : هذه سا ، م.

(١٥) التي : الذي ب ، د ، م.


المقالة الأولى (١)

فى الأسباب والمبادئ للطبيعيات

خمسة عشر فصلا(٢) (٣)

(ا) فى تعريف الطريق الذي يتوصل منه إلى العلم بالطبيعيات من مباديها.

(ب) فى تعديل البادى للطبيعيات على سبيل المصادرة والوضع.

(ج) فى كيفية كون هذه المبادئ مشتركة.

(د) فى تعقيب برمانيدس وماليسوس فى أمر مبادئ الوجود.

(ه) فى تعريف الطبيعة.

(و) فى نسبة الطبيعة إلى المادة والصورة والحركة.

(ز) فى ألفاظ مشتقة من الطبيعة وبيان أحكامها.

(ح) فى كيفية بحث العلم الطبيعى ومشاركاته بعلم آخر إن كان يشاركه.

(ط) فى تعريف أشد العلل اهتماما للطبيعى فى بحثه.

(ى) فى تعريف أصناف علة علة من الأربع. (٤)

__________________

(١) الأولى : + من الفن الأول ب ؛ + من الفن الأول وهو مقالتان د.

(٢) خمسة عشر فصلا : ساقطة من د ، سا.

(٣) المقالة .... فصلا : الفن الأول من صناعة الطبيعيات فى السماع الطبيعى وهو أربع مقالات المقالة الأولى من الفن الأول فى الأسباب والمبادئ للطبيعيات خمسة عشر فصلا م.

(٤) المقالة .... الأربع : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.


(ك) فى مناسبات العلل.

(ل) فى أقسام أحوال العلل.

(م) فى ذكر البخت والاتفاق والاختلاف فيهما وإيضاح حقيقة حالهما.

(ن) فى نقض حجج من أخطأ فى باب الاتفاق والبخت ونقض مذهبهم.

(س) فى أحوال العلل فى المباحث وطلب اللمّ والجواب عنه. (١)

__________________

(١) فى ... عنه ساقطة من ب د سا م


[الفصل الأول]

ا ـ فصل (١)

فى تعريف الطريق الذي يتوصل منه

الى العلم بالطبيعيات من مبادئها

قد علمتم من الفن الذي فيه علم البرهان ، الذي لخصناه ، أن العلوم منها كلية ، ومنها جزئية ، وعلمتم مقايسات بعضها إلى بعض ، فيجب أن تعلموا الآن أن العلم (٢) الذي نحن فى تعليمه هو العلم الطبيعى ، وهو علم جزئى بالقياس (٣) إلى ما نذكره فيما بعد ؛ وموضوعه ، إذ قد علمتم أن لكل علم موضوعا هو الجسم المحسوس من جهة ما هو واقع فى التغير (٤) ، والمبحوث عنه فيه هو الأعراض اللازمة له من جهة ما هو هكذا (٥) ، وهى (٦) الأعراض التي تسمى ذاتية ، وهى اللواحق التي تلحقه بما هو هو ، سواء (٧) كانت صورا أو أعراضا أو مشتقة منهما ، على ما فهمتم.

والأمور الطبيعية هى هذه الأجسام من هذه الجهة ، وما يعرض لها من حيث هى بهذه (٨) الجهة ، وتسمى كلها طبيعيا بالنسبة إلى القوة التي تسمى طبيعة ، التي ستعرفها بعد. فبعضها موضوعات لها ، وبعضها آثار وحركات وهيئات تصدر عنها. فإن كان للأمور الطبيعية مبادئ وأسباب وعلل ، ولم يتحقق العلم الطبيعى إلا منها (٩) ، فقد شرح فى تعليم البرهان ، أنه لا سبيل إلى تحقق معرفة الأمور ذوات المبادئ إلا بعد الوقوف على مبادئها والوقوف من مبادئها عليها وأن (١٠) هذا النحو (١١) من التعليم أو التعلم (١٢) هو الذي يتوصل منه إلى تحقق المعرفة بالأمور ذوات المبادئ.

وأيضا إن كانت الأمور الطبيعية ذوات مبادئ فلا يخلو إما أن تكون تلك المبادئ لجزئى جزئى منها ولا تشترك كافتها فى المبادئ ، فحينئذ لا يبعد أن يفيد العلم الطّبيعى إثبات إنية هذه المبادئ وتحقيق ماهيتها معا. (١٣)

__________________

(١) فصل : فصل آب ؛ الفصل الأول ط ، م. (٢) العلم : ساقطة من ط.

(٣) بالقياس .... بعد : ساقطة من سا ، م. (٤) التغير : التغيير ط

(٥) هكذا : كذا ط (٦) وهى : وهو سا ، م. (٧) سواء : ساقطة من ب ، سا ، م.

(٨) بهذه : هذه سا. (٩) منها : بها ط.

(١٠) وأن : فإن سا ، ط ، م (١١) النحو : النوع ط

(١٢) أو التعليم : والتعلم ط ، م. (١٣) الطبيعية ... معا : ساقطة من د.


وإن كانت الأمور الطبيعية تشترك فى مبادئ أوّل تعم جميعها ، وهى التي تكون مبادئ لموضوعها المشترك ولأحوالها المشتركة لا محالة ، فلا يكون إثبات (١) هذه المبادئ إن كانت محتاجة إلى الإثبات على (٢) صناعة الطبيعيين كما علم فى الفن المكتوب فى علم البرهان ، بل على (٣) صناعة أخرى. وأما قبول وجودها وضعا ، وتصور ماهيتها تحقيقا فيكون على الطبيعى.

وأيضا إن كانت الأمور الطبيعية ذوات مبادئ عامة لجميعها ، وذوات مبادئ أخص منها ، يكون مثلا لجنس من أجناسها ، مثل مبادئ النامية (٤) منها ذوات (٥) مبادئ أخص من الأخص تكون مثلا لنوع من أنواعها مثل مبادئ النوع الإنسانى منها ، وكانت (٦) أيضا ذوات عوارض ذاتية عامة لجميعها ، وأخرى عامة لجنس ، وأخرى عامة لنوع. فإن وجه التعليم والتعلم العقلى فيها (٧) أن يبتدأ (٨) بما هو أهم ، ونسلك إلى ما هو أخص. لأنك تعلم أن الجنس (٩) جزء حد النوع ، فتعرف الجنس بحب أن يكون أقدم من تعرف النوع لأن المعرفة بجزء الحد قبل المعرفة بالحد ، وتصوره قبل الوقوف على المحدود. وإذ (١٠) كنا نعنى (١١) بالحد ما يحقق ماهية المحدود ، فإذا كان كذلك فالمبادئ التي للأمور العامة بحب أن تعرف (١٢) أولا حتى تعرف الأمور العامة ، والأمور العامة يجب أن تعرف أولا حتى تعرف الأمور الخاصة.

فيجب أن نبتدئ فى التعليم من المبادئ التي للأمور العامة ، إذ الأمور العامة ، أعرف عند عقولنا ، وإن لم تكن أعرف عند الطبيعة ، أى لم تكن الأمور المقصودة فى الطباع لتتمة (١٣) الوجود بذاتها. فإن المقصود فى الطبيعة ليس أن يوجد حيوان مطلقا (١٤) ولا جسم مطلقا (١٥) ، بل أن توجد طبائع النوعيات ، والطبيعة النوعية إذا وجدت فى الأعيان كان (١٦) شخصا ما.

فالمقصود ـ إذن أن توجد طبائع النوعيات أشخاصا ما فى الأعيان ، وليس المقصود هو الشخص العين إلا فى الطبيعة الجزئية الخاصة بذلك الشخص. ولو كان المقصود هنا الشخص العين ، لكان الوجود ينتقص (١٧) نظامه بفساده وعدمه ، كما لو كان المقصود هو الطبيعة العامة والجنسية (١٨) ، لكان الوجود والنظام يتم بوجوده (١٩) (٢٠)

__________________

(١) إثبات : + إنية م. (٢) على : إلى سا ، م.

(٣) على : إلى م. (٤) النامية : السياسة سا. (٥) منها ذوات : منها وذوات سا ؛ وذوات م.

(٦) وكانت : فكانت م. (٧) فيها : منها سا ، م

(٨) يبتدأ : نبدأ ط. (٩) الجنس جزء : الجزء سا.

(١٠) وإذ : إذ سا ، م. (١١) نعنى : عنينا ط ؛ ساقطة من سا ، م.

(١٢) تعرف : + هى سا ، م. (١٣) لتتمه : ليتم ط.

(١٤) مطلقا (الأولى) : مطلق ط ، م. (١٥) مطلقا (الثانية) : مطلق ط ، م.

(١٦) كان : كانت م. (١٧) ينتقض : ينتقص م.

(١٨) والجنسية : الجنسية م (١٩) بوجوده : وجوده م. (٢٠) وإن ... بوجوده : ساقطة من د.


مثل وجود جسم كيف كان أو حيوان كيف كان. فما أقرب إلى (١) البيان أن المقصود هو طبيعة النوع (٢) لتوجد شخصا ، وإن لم يعين وهو الكامل ، وهو (٣) الغاية الكلية. فالأعرف عند الطبيعة هو هذا ، وليس هو أقدم بالطبع إن عنينا بالأقدم ما قيل فى قاطيغورياس ، ولم نعن بالأقدم الغاية. والناس كلهم كالمشتركين فى معرفة الطبائع العامة والجنسية ، وإنما يتميزون بأن بعضهم يعرف النوعيات وينتهى إليها ويمعن فى التفصيل ، فبعضهم (٤) يقف عند الجنسيات ، وبعضهم مثلا يعرف الحيوانية ، وبعضهم يعرف الإنسانية أيضا والفرسية.

وإذا انتهت المعرفة إلى الطبائع النوعية وما يعرض لها ، وقف البحث ولم ينل بما يفوتها من معرفة الشخصيات ولا مالت إليها نفوسنا (٥) البتة (٦). فبين أنا إذا قايسنا ما بين الأمور العامة والخاصة ، ثم قايسنا بينهما معا (٧) وبين العقل وجدنا الأمور العامة أعرف عند العقل. وإذا قايسنا بينهما معا وبين نظام الوجود والأمر المقصود فى الطبيعة الكلية ، وجدنا الأمور النوعية أعرف عند الطبيعة ، وإذا قايسنا بين الشخصيات المعينة وبين الأمور النوعية ونسبناها إلى العقل ، لم نجد للشخصيات المعينة عند العقل مكان تقدم وتأخر إلا أن تشترك القوة الخامسة التي (٨) فى الباطن.

فحينئذ تكون الشخصيات أعرف عندنا من الكليات ، فإن الشخصيات ترتسم فى القوة الحاسة التي فى الباطن ، ثم يقتبس منه العقل المشاركات والمباينات فينتزع طبائع العاميات النوعية. وإذا نسبناهما إلى الطبيعة وجدنا العامية (٩) النوعية أعرف وإن كان ابتداء فعلها من الشخصيات المعينة. فإن (١٠) الطبيعة إنما تقصد من وجود الجسم أن يتوصل به إلى وجود الإنسان وما يجانسه ، ويقصد من وجود الشخص المعين الكائن الفاسد ، أن تكون طبيعة النوع موجودة ، وإذا أمكنها حصول هذا الفرض فى شخص واحد وهو الذي تكون مادته غير مذعنة للتغير والفساد ، لم يحتج إلى أن يوجد للنوع شخص آخر كالشمس والقمر وغيرهما. على أن الحسّ (١١) والتخيل فى إدراكهما للجزئيات أيضا يبتدئان أول شيء من تصور شخص هو أكثر مناسبة للمعنى العامى حتى يبلغ تصور الشخص الذي هو شخص صرف (١٢) من كل وجه.

وأما بيان كيفية هذا ، فهو أن الجسم معنى عام ، وله بما هو جسم أن يتشخص ، فيكون هذا الجسم (١٣)

__________________

(١) إلى : من سا ، م. (٢) النوع : للنوع م.

(٣) هو (الثانية) : ساقطة من سا ، م. (٤) فبعضهم : وبعضهم ط.

(٥) نفوسنا : ساقطة من سا. (٦) نفوسنا البتة : ساقطة من م.

(٧) وبين ...... معا : ساقطة من سا.

(٨) التي : ساقطة من سا ، م.

(٩) العامية : العامة ب

(١٠) فإن : فإنما ب.

(١١) أن الحس : الجنس م.

(١٢) صرف : ساقطة من ط.

(١٣) مثل .... هذا الجسم : ساقطة من د.


والحيوان أيضا معنى (١) عام وأخص (٢) من الجسم ، وله بما هو حيوان أن يتشخص ، فيكون هذا الحيوان والإنسان أيضا معنى عام (٣) وأخص من الحيوان ، وله بما هو إنسان (٤) أن يتشخص ، فيكون هذا الإنسان.

فإذا نسبنا هذه المراتب إلى القوة المدركة ، وراعينا فى ذلك نوعين من الترتيب ، وجدنا ما هو أشبه بالعام وأقرب مناسبة له هو أعرف. فإنه ليس يمكن أن يدرك بالحس والتخيل أن هذا هو هذا (٥) الحيوان ، إلا وأدرك أنه (٦) هذا الجسم ، وأن يدرك أنه هو هذا الإنسان إلا وأدرك أنه هذا الحيوان وهذا الجسم ، وقد يدرك أنه هذا الجسم إذا لمحه من بعيد ولا يدرك أنه هذا الإنسان.

فقد بان ووضح أن حال الحس أيضا من هذه الجهة كحال العقل ، وأن ما يناسب العام أعرف فى ذاته أيضا عند الحس. وأما فى الزمان ، فإن التخيل إنما يستفيد من الحس شخصا (٧) من النوع غير محدود بخاصيته. فأول ما يرتسم فى خيال الطفل من الصور التي يحسها على سبيل تأثر من تلك الصور فى الخيال (٨) هو صورة شخص رجل أو شخص امرأة (٩) من أن يتميز رجل هو أبوه عن رجل ليس هو أباه ، وامرأة هى أمه عن امرأة ليست هى بأمه ، ثم يتميز عنده رجل هو أبوه ورجل ليس هو أباه ، وامرأة (١٠) هى أمه وامرأة ليست هى أمه (١١) ، ثم لا يزال تنفصل الأشخاص عنده يسيرا يسيرا. وهذا الخيال الذي يرتسم فيه مثلا من الشخص الإنسانى مطلقا غير مخصص ، هو خيال المعنى الذي يسمى منتشرا وإذا قيل شخص منتشر لهذا ، وقيل شخص منتشر لما ينطبع فى الحس من شخص لا محالة من بعيد إذا ارتسم أنه جسم من غير إدراك حيوانية أو إنسانية (١٢) فإنما يقع عليهما (١٣) اسم الشخص المنتشر باشتراك الاسم. وذلك أن المفهوم من لفظ الشخص المنتشر بالمعنى الأول هو أنه شخص ما من أشخاص (١٤) النوع الذي ينسب إليه ، غير معين كيف كان وأى شخص كان ، وكذلك رجل ما (١٥) وامرأة ما. فيكون كأن معنى الشخص وهو كونه غير منقسم إلى عدة من يشاركه فى الحد قد انضم إلى معنى الطبيعة الموضوعة للنوعية (١٦) أو للصنفية (١٧) وحصل منهما معنى واحد يسمى شخصا منتشرا غير معين ، (١٨)

__________________

(١) معنى : بمعنى م. (٢) وأخص : أخص سا.

(٣) وأخص ... عام : ساقطة من م. (٤) بما هو إنسان : ساقطة من سا.

(٥) هذا (الثانية) : ساقطة من سا. (٦) وأدرك أنه : + هو سا ، ط ، م.

(٧) شخصا : شخصيات م. (٨) فى الخيال : ساقطة من ط.

(٩) أو شخص امرأة : أو صورة شخص امرأة سا ، م. (١٠) وامرأة (الثانية) : عن امرأة سا.

(١١) أمه : بأمه سا ، ط ، م. (١٢) حيوانية أو إنسانية : حيوانيته أو إنسانيته ط.

(١٣) عليها : عليها ط. (١٤) أشخاص : الأشخاص ط.

(١٥) ما (الأولى) : ساقطة من سا ، م. (١٦) للنوعية : النوعية م

(١٧) للصنفية : الصنفية ط. (١٨) والحيوان .... معين : ساقطة من د.


كأنه ما يدل عليه قولنا حيوان ناطق مائت هو واحد ، ولا يقال (١) على كثرة ويحد (٢) بهذا (٣) الحد فيكون حد الشخصية مضافا إلى حد طبيعة (٤) النوعية. وبالجملة هذا هو شخص غير معين. وأما الآخر فهو هذا الشخص الجسمانى المعين ولا يصلح أن يكون غيره ، إلا أنه يصلح عند الذهن أن يضاف إليه معنى الحيوانية أو معنى الجمادية لشك الذهن ، لا لأن (٥) الأمر فى نفسه صالح لأن يضاف إلى تلك الجسمية ، أى المعنيين منهما كان.

فالشخص المنتشر بالمعنى الأول ، يصلح عند الذهن أن يكون فى الوجود أى شخص كان من ذلك الجنس أو النوع الواحد. وبالمعنى (٦) التالى ليس يصلح فى الذهن أن يكون أى شخص كان من ذلك (٧) النوع ، بل لا يكون غير هذا الواحد المعين لكنه (٨) يصلح عند الذهن صلوح الشك والتجويز أن يتعين (٩) بحيوانية معينة مثلا دون جمادية (١٠) معنه أو جمادية دون حيوانية (١١) ، تعينا (١٢) بالقياس إليه بعد حكمه أنه فى نفسه لا يجوز أن يكون صالحا للأمرين بل هو أحدهما متعينا (١٣). هذا (١٤) وهاهنا مقايسة أيضا بين العلل والمعلولات ، ومقايسة بين الأجزاء البسيطة والمركبات.

فإذا كانت العلل داخلة فى قوام المعلولات وكالأجزاء لها ، مثل حال الخشب والشكل بالقياس إلى السرير ، فإن نسبتهما (١٥) إلى المعلولات نسبة البسائط إلى المركبات. وأما إذا كانت العلل مباينة للمعلولات ، مثل النجار للسرير ، فهناك (١٦) نظر آخر ، ولكلتا المقايستين نسبة إلى الحس وإلى العقل وإلى الطبيعة. فأما المقايسة ما بين الحس وبين العلل والمعلولات على أن العلل مباينة ، فإن كانت العلل والمعلولات محسوسة ، فلا كثير تقدم وتأخر لأحدهما على (١٧) الآخر حسا ، وإن كانت (١٨) غير محسوسة فلا نسبة لأحدهما إلى الحس وكذلك حكم الخيال.

وأما عند العقل ، فإن العقل ربما وصلت إليه العلة قبل المعلول. فسلك من العلة إلى المعلول ، كما إذا رأى الإنسان القمر مقارنا لكوكب (١٩) درجته عند الجوزهر ، وكانت الشمس فى الطرف (٢٠) الآخر من القطر فحكم (٢١) العقل بالكسوف ، وكما إذا علم أن المادة متحركة إلى عفن فيعلم (٢٢) أن الحمى كائنة. وربما وصل إليه المعلول

__________________

(١) ولا يقال : لا يقال سا ، ط. (٢) ويحد : ويحده ب

(٣) بهذا : لهذا ط. (٤) طبيعة : الطبيعة ط.

(٥) لأن : أن سا ، م. (٦) وبالمعنى : بالمعنى م

(٧) ذلك : + الجنس أو ط. (٨) لكنه : لكن ط.

(٩) يتعين : يعين ط. (١٠) جمادية : + معينة ط

(١١) حيوانية : + معين ط. (١٢) تعينا : يقينا م.

(١٣) متعينا : معينا ط. (١٤) هذا : فهذا ط ؛ وهذا م.

(١٥) نسبتهما : نسبتها من سا ، ط ، م. (١٦) فهناك : فههنا ط.

(١٧) على : عند ط ، م. (١٨) كانه .... كانت : ساقطة من د.

(١٩) لكوكب : لكواكب م. (٢٠) الطرف : الطريق د

(٢١) فحكم : فيحكم ط. (٢٢) فيعلم : فعلم د.


قبل العلة فسلك المعلول إلى العلة. وقد يعرف المعلول من (١) قبل العلة تارة من طريق الاستدلال ، وتارة من طريق الحس ، وربما عرف أولا معلولا فسلك (٢) منه (٣) إلى العلة ثم سلك من العلة إلى معلول (٤) آخر ، وكأنا قد أوضحنا هذه المعانى فى تعليمنا لصناعة البرهان.

وأما مناسبة هذه العلل المفارقة للمعلولات بحسب القياس إلى الطبيعة ، فإن ما كان منها علة على أنه (٥) غاية فهو أعرف عند الطبيعة ، وما كان منها علة على أنه فاعل وكان فاعلا لا على أن وجوده ليكون فاعلا لما يفعله فإنه أعرف عند الطبيعة من المعلول ، وما كان وجوده فى الطبيعة ليس لذاته بل ليفعل (٦) ما يكون عنه حيّ يكون المفعول غاية لا له فى فعله فقط بل له فى وجود ذاته إن كان ما فى الطبيعة شيء هذا صفته ، فليس هو أعرف من المعلول ، بل المعلول أعرف فى (٧) الطبيعة منه.

وأما نسبة أجزاء المركبات إلى المركبات منها فإن المركب أعرف بحسب (٨) الحس ، إذ (٩) الحس يتناول أولا الجملة ويدركها ثم يفصل ، وإذا تناول الجملة تناولها بالمعنى الأعم أى أنه جسم أو حيوان ثم يفصلها. وأما عند العقل فإن البسيط أقدم من المركب ، فإنه لا يعرف طبيعة المركب إلا بعد (١٠) أن يعرف بسائطه ، فإن لم يعرف بسائطه فقد (١١) عرفه بعرض من أعراضه أو جنس من أجناسه ولم يصل إلى ذاته ، كأنه عرفه مثلا جسما مستديرا أو نقيلا وما أشبه (١٢) ذلك ولم يعرف ماهية جوهره. (١٣)

وأما عند الطبيعة ، فإن المركب هو المقصود فيها (١٤) فى أكثر الأشياء والأجزاء ، يقصدها (١٥) ليحصل فيها (١٦) قوام المركب ، فالأعرف عند العقل من الأمور العامة والخاصة من الأمور البسيطة والمركبة هو العامة والبسيطة وعند الطبيعة هو الخاصة النوعية والمركبة. لكنه كما أن (١٧) الطبيعة تبتدئ فى الإيجاد (١٨) بالعوام (١٩) والبسائط ، ومنها توجد ذوات المفصلات النوعية وذوات المركبات. فكذلك (٢٠) التعلم (٢١) يبتدئ من العوام والبسائط ، ومنها يوجد العلم بالنوعيات والمركبات ، وكلاهما يقف قصده (٢٢) الأول عند حصول النوعيات والمركبات.

__________________

(١) من (الاولى) : ساقطة من. (٢) فسلك : فيسلك م

(٣) منه : فيه سا (٤) معلول : المعلول ط. (٥) أنه : أنها ب ، ط. (٦) ليفعل : لمنفعل ب.

(٧) فى : عند طا. (٨) بحسب : عند ط

(٩) إذ : فإن ط ؛ ساقطة من م. (١٠) بعد : ساقطة من سا.

(١١) فقد : قدم. (١٢) وما أشبه : أو ما أشبه سا ، م.

(١٣) ماهية جوهزه : ماهيته وجوهره ط. (١٤) فيها : منها ط

(١٥) يقصدها : بقصد د ، سا ، م. (١٦) فيها : منها سا ، م.

(١٧) أن : كان د ، ط (١٨) فى الإيجاد : بالايجاد سا

(١٩) بالعوام : بالقوام ط. (٢٠) فكذلك : وكذلك م (٢١) التعلم : المتعلم ط ؛ التعليم م.

(٢٢) قصده : قصد ط.


[الفصل الثاني] (١)

ب ـ فصل

فى تعديد (٢) المبادئ للطبيعيات على سبيل المصادرة والوضع

(٣) ثم إن للأمور (٤) الطباعية مبادئ ، وسنعدها ونضعها وضعا على ما هو الواجب فيها ، ونعطى ماهياتها. فنقول.

إن الجسم الطبيعى هو الجوهر الذي يمكن أن يفرض فيه امتداد ، وامتداد (٥) آخر مقاطع له على قوائم ، وامتداد ثالث مقاطع لهما جميعا (٦) على قوائم. وكونه بهذه الصفة هو الصورة التي بها صار (٧) جسما. وليس الجسم جسما بأنه ذو (٨) امتدادات ثلاثة مفروضة ، فإن الجسم يكون موجودا جسما وثابتا وإن غيرت (٩) الامتدادات (١٠) الموجودة فيه بالفعل فإن الشمعة أو قطعة من الماء قد تحصل فيها أبعاد بالفعل طولا وعرضا وعمقا محدودة (١١) بأطرافها ، ثم إذا استبدل شكلا بطل كل واحد من أعيان تلك الأبعاد المحدودة وحصلت أبعاد وامتدادات أخرى ، والجسم باق بجسميته لم يفسد (١٢) ولم يتبدل ، والصورة التي أوجبناها له وهى أنه بحيث يمكن أن تفرض فيه تلك الامتدادات ثابتة لا تبطل.

وقد أشير لك (١٣) إلى هذا فى غير هذا الموضع ، وعلمت أن هذه الامتدادات المعينة هى كمية أقطاره وهى تلحقه وتتبدل ، وصورته وجوهره لا تتبدل ، وهذه الكمية ربما تبعت تبدل أعراض فيه أو صور ، كالماء يسخن فيزداد حجما. لكن هذا الجسم الطبيعى من حيث هو جسم طبيعى له مبادئ ومن حيث هو كائن فاسد (١٤) بل متغير بالجملة له زيادة فى المبادئ. فالمبادئ (١٥) التي بها تحصل جسميته ، منها ما هو أجزاء من وجوده وحاصلة فى ذاته ، وهذه أولى عندهم بأن تسمى مبادئ ، وهى اثنان (١٦) : أحدهما قائم منه مقام الخشب من السرير ، والآخر قائم منه مقام صورة السريرية وشكلها (١٧) من السرير. فالقائم منه مقام الخشب من السرير (١٨) يسمى هيولى وموضوعا

__________________

(١) فصل : فصل ب ب ، الفصل الثاني ط ، م. (٢) تعديد : تعديل د ؛ تقدمة سا

(٣) والوضع : والمواضع د. (٤) للأمور : الأمور سا.

(٥) وامتداد : فامتداد د. (٦) جميعا : ساقطة من سا

(٧) صار : + الجسم سا ، م

(٨) ذو : ذوات سا.

(٩) غيرت : غير د

(١٠) الامتدادات : الأبعاد والامتدادات م.

(١١) محدودة : محدودم.

(١٢) يفسد : يعدسا.

(١٣) لك : ساقطة من م.

(١٤) فاسد : وفاسد د ، ط.

(١٥) فالمبادئ : ساقطة من ط.

(١٦) اثنان : اثنتان ط.

(١٧) السريرية وشكلها : السرير وشكل ط ،

(١٨). الآخر ... الخشب من السرير : ساقطة من سا.


ومادة وعنصرا واسطقسا بحسب اعتبارات مختلفة ، والقائم منها مقام صورة السريرية (١) يسمى صورة. فإذن (٢) صورة الجسمية إما متقدمة لسائر الصور (٣) التي للطبيعيات وأجناسها (٤) وأنواعها ، وإما مقارنة لها لا تنفك هى عنها. (٥) فيكون هذا الذي هو للجسم كالخشب للسرير ، هو أيضا لسائر ذوات تلك الصور (٦) لهذه (٧) المنزلة ، إذ كلها متقررة الوجود مع الجسمية فيه ، فيكون ذلك جوهرا إذا نظر إلى ذاته غير مضاف إلى شيء وجد (٨) خاليا فى نفسه عن (٩) هذه الصور (١٠) بالفعل ، ويكون من شأنه أن يقبل هذه الصورة (١١) أو يقترن بها (١٢). أما من شأن طبيعته (١٣) المطلقة الكلية كأنها جنس لنوعين : للمتقدمة (١٤) وللمقارنة (١٥) ، وكل واحد منهما (١٦) يختص بقبول بعض (١٧) الصور دون بعض بعد الجسمية وأما من شأن طبيعة (١٨) هى بعينها مشتركة للجميع ، فتكون بكليتها من شأنها أن تقبل كل هذه الصور بعضها مجتمعة تتعاقب (١٩) ، وبعضها متعاقبة فقط ، فيكون فى طبيعتها مناسبة ما مع الصور على أنه قابل لها وتكون هذه المناسبة كأنها (٢٠) رسم فيها وظل خيال من الصورة (٢١) ، وتكون الصورة هى التي تكمل هذا الجوهر بالفعل.

فليوضع (٢٢) أن للجسم بما هو هيولى (٢٣) ، ومبدأ هو صورة ، إن شئت صورة جسمية مطلقة أو شئت (٢٤) صورة نوعية من صور الأجسام ، وإن شئت صورة عرضية ، إذا أخذت الجسم من حيث هو كالأبيض أو القوى أو الصحيح. وليوضع له أن (٢٥) هذا الذي هو هيولى لا يتجرد (٢٦) عن الصورة قائما بنفسه (٢٧) البتة ، ولا يكون موجودا (٢٨) بالفعل إلا بأن تحصل الصورة فيوجد (٢٩) بها بالفعل ، وتكون الصورة التي تزول عنه (٣٠) ، لو لا أن زوالها إنما هو مع حصول صورة أخرى تنوب عنها وتقوم مقامها ، تفسد (٣١) منها الهيولى بالفعل. وهذه (٣٢) الهيولى من جهة أنها بالقوة قابلة (٣٣) لصورة أو لصور (٣٤) فتسمى (٣٥) هيولى لها ، ومن جهة أنها بالفعل حاملة لصورة فتسمى فى هذا الموضع موضوعا لها. وليس معنى الموضوع هاهنا معنى الموضوع الذي أخذناه فى المنطق جزء رسم الجوهر (٣٦) ، فإن الهيولى

__________________

(١) السريرية : السرير ط (٢) فاذن : والصورة سا. (٣) الصور : الصورة ط (٤) وأجناسها : أجناسهام

(٥) عنها : عنه سا ، م. (٦) الصور : الصورة م (٧) لهذه : فهذه د ، سا. (٨) وجد : واحد م

(٩) عن : من د. (١٠) الصور : الصورة م (١١) الصورة : الصور سا (١٢) بها : به م

(١٣) طبيعته. الطبيعة م. (١٤) للمتقدمة : المتقدمة سا ، ط (١٥) وللمقارنة : وللمقارنة م ؛ ساقطة من ط (١٦) منهما : منها ط (١٧) بعض : ساقطة من سا. (١٨) طبيعة : الطبيعة ط. (١٩) تتعاقب : ومتعاقبة ط. (٢٠) كأنها : كأنه سا ، ط (٢١) الصورة (الأولى) : الصور د ، ط ، م. (٢٢) فليوضع : + للطبيعى سا ، م

(٢٣) هيولى : الهيولى ط (٢٤) أو شئت : وإن شئت ط. (٢٥) له أن : لأن د (٢٦) لا يتجرد : ألا يتجرد سا

(٢٧) قائما بنفسه : قائمة بنفسها سا ، ط ، م (٢٨) موجودا : موجودة سا ، ط ، م

(٢٩) فيوجد : فيؤخذ سا (٣٠) عنه : عنها سا ، م ؛ ساقطة من ط. (٣١) تفسد : لتسد سا ، م

(٣٢) وهذه : وهذا ط. (٣٣) قابلة : قابل ط (٣٤) أو اصور : ساقطة من د (٣٥) فتسمى : يسمى ط.

(٣٦) الجوهر : للجوهر سا ، م.


لا تكون موضوعا بذلك المعنى البتة ، هذا ومن جهة أنها مشتركة للصور كلها تسمى مادة وطينة ، ولأنها تنحل (١) إليها بالتحليل (٢). فتكون (٣) هى الجزء (٤) البسيط القابل للصورة من جملة المركب تسمى اسطقسا ، وكذلك كل ما يجرى فى ذلك مجراها ، ولأنها يبتدئ منها التركيب فى هذا المعنى بعينه تسمى عنصرا ، وكذلك كل ما يجرى فى ذلك مجراها (٥) وكأنها (٦) إذا ابتدئ منها تسمى عنصرا وإذا ابتدئ من المركب وانتهى إليها تسمى اسطقسا ، إذ الاسطقس هو أبسط أجزاء المركب.

فهذه هى المبادئ (٧) الداخلة فى قوام الجسم. وللجسم مبادئ فاعلة (٨) وغائبة.

والفاعلة (٩) هى التي طبعت الصورة التي للأجسام فى مادتها ، فقومت المادة بالصورة وقومت منهما (١٠) المركب (١١) يفعل بصورته وينفعل بمادته.

والغائية هى التي لأجلها ما طبعت هذه الصور فى المواد (١٢).

ولما كان كلامنا هاهنا فى المبادئ المشتركة ، فيكون (١٣) الفاعل المأخوذ هاهنا هو المشترك ، والغاية المعبرة (١٤) هاهنا هى المشترك (١٥) فيها. والمشترك (١٦) فيه هاهنا يعقل على نحوين : أحدهما أن يكون الفاعل مشتركا فيه على أنه يفعل الفعل الأول الذي يترتب عليه سائر الأفاعيل ، كالذى يفيد المادة الأولى الصورة (١٧) الجسمية الأولى إن كان شيء كذلك على ما نعلمه فى موضعه فيكون يفيد (١٨) الأصل الأول ، ثم من بعد ذلك يتم كون ما بعده ، وتكون الغاية مشتركا فيها بأنها الغاية التي يؤمها (١٩) جميع الأمور الطبيعية إن كانت غاية لذلك (٢٠) (٢١) ، على ما نعلمه فى موضعه. وهذا نحو.

والنحو الآخر أن يكون المشترك (٢٢) فيه (٢٣) بنحو العموم كالفاعل الكلى المقول على كل واحدة من الفاعلات الجزئية للأمور الجزئية والغاية الكلية المقولة على كل واحدة (٢٤) من الغايات الجزئية للأمور الجزئية.

__________________

(١) تنحل : منحل ط ، م. (٢) بالتحليل : التحليل د (٣) فتكون : فكون د

(٤) الجزء : آخر م. (٥) ولأنها ..... مجراها : ساقطة من سا. (٦) وكأنها : فكأنها ط ، م.

(٧) المبادئ : + أيضا سا ، م (٨) فاعلة : فاعلية ط ، م. (٩) والفاعلة : والفاعلية ط ، م

(١٠) منهما : منها ط (١١) المركب : بالمركب ط.

(١٢) المواد : المراد د. (١٣) فيكون : فكون م

(١٤) المعبرة : المعتبرة سا ، م. (١٥) المشترك : لمشتركة د

(١٦) والمشترك : المشتركة د.

(١٧) الصورة : والصورة ط.

(١٨) فيكون يفيد : ليكون يفيد د ؛ فيفيد ط.

(١٩) يؤمها : يؤامها ط

(٢٠) غاية لذلك : غاية كذلك د ، سا ؛ غايته كذلك ط

(٢١) إن كانت غايته لذلك : ساقطة من م.

(٢٢) المشترك : المشتركة د ؛ مستتركا ط

(٢٣) فيه : + مشتركا فيه سا ، م.

(٢٤) واحدة : واحد ب ، سا.


والفرق بين الأمرين أن المشترك بحسب المعنى الأول يكون فى الوجود ذاتا واحدة بالعدد (١) يشير العقل إليها بأنها (٢) هى ، من غير أن يجوز فيها قولا على كثيرين ، والمشترك بحسب المعنى الثاني لا يكون فى الوجود ذاتا واحدة ، بل أمرا معقولا يتناول ذواتا كثيرة تشترك عند العقل فى أنها فاعلة أو غاية ، فيكون هذا المشترك مقولا على كثيرين :

فالمبدأ الفاعلى (٣) المشترك للجميع بالنحو الأول إن كان للطبيعيات مبدأ فاعلى من هذا النحو ، فلا يكون طبيعيا ، إذ كان كل طبيعى فهو بعد هذا المبدأ ، وهو منسوب إلى جميعها بأنه مبدؤه لأنه (٤) طبيعى. فلو كان المبدأ طبيعيا لكان حينئذ مبدأ (٥) لنفسه ، وهذا محال ، أو يكون المبدأ (٦) الفاعلى (٧) غيره ، وهذا خلف. فإذا كان كذلك لم يكن للطبيعى بحث (٨) عنه بوجه إذا (٩) كان لا يخالط (١٠) الطبيعيات بوجه (١١) ، وعساه أن (١٢) يكون مبدأ للطبيعيات ولموجودات غير الطبيعيات ، فتكون عليته أعم وجودا من علية (١٣) ما هو علة للأمور الطبيعية خاصة ، ومن الأمور التي لها نسبة خاصة إلى الطبيعيات إن كان (١٤) شيء كذلك.

نعم ، قد يجوز أن تكون فى جملة الأمور الطبيعية ما هو مبدأ فاعلى لجميع الطبيعيات غير نفسه ، لا مبدأ فاعلى لجميع الطبيعيات مطلقا ، والمبدأ الفاعلى المشترك بالنحو الآخر. فلا عجب لو بحث الطبيعى عن حاله ، ووجه ذلك البحث أن يتعرف (١٥) حال كل ما هو مبدأ فاعلى لأمر من أمور الطبيعية (١٦) أنه كيف قوته وكيف تكون (١٧) نسبته إلى معلوله فى القرب والبعد والموازاة والملاقاة وغير ذلك ، وأن يبرهن عليه. فإذا فعل ذلك ، فقد عرف طبيعة الفاعل العام المشترك للطبيعيات بهذا (١٨) النحو ، إذ (١٩) عرف الحال التي تخص ما هو فاعل فى الطبيعيات (٢٠) وعلى هذا القياس فاعرف حال المبدأ الغائى.

وأما أن المبادئ هى هذه الأربعة وسيفصل (٢١) الكلام فيها بعد ، فهو موضوع للطبيعى مبرهن (٢٢) عليه فى الفلسفة الأولى. هذا ، وأما الجسم من جهة ما هو متغير أو مستكمل أو حادث كائن ، فإن له زيادة مبدأ ، وكونه

__________________

(١) بالعدد : ساقطة من سا. (٢) بأنها : أنها د ، سا ، م.

(٣) الفاعل : الفاعل د. (٤) لأنه : لا أنه سا م.

(٥) مبدأ : يبتدأ سا (٦) المبدأ : + الأول د ، سا ، م

(٧) الفاعلى : + على م. (٨) يحت : يبحث ب

(٩) إذا : إذ د ، سا ، م (١٠) لا يخالط : لا يخلطه ط

(١١) أن : ساقطة من سا (١٢) بوجه ... الطبيعات : ساقطة من د.

(١٣) علية : عليته ط. (١٤) كان : + كل ط.

(١٥) يتعرف : يعرف ط (١٦) أمور الطبيعة : أمور الطبيعية سا ؛ الأمور الطبيعية ط ، م

(١٧) تكون : ساقطة من سا. (١٨) بهذا : لهذا سا

(١٩) إذ : إذا سا (٢٠) فى الطبيعات : للطبيعيات د ، ط من الطبييات : ساقطة من م.

(٢١) وسيفصل : فسنفصل سا : فنفضل ط ؛؟؟؟ مر سنفصل م (٢٢) مبرهن : يبرهن سا.


متغيرا هو (١) غير كونه مستكملا. والمفهوم من كونه حادثا وكائنا هو غير المفهوم من كليهما جميعا. فإن المفهوم من كونه متغيرا هو (٢) أنه كان بصفة حاصلة بطلت (٣) وحدثت له صفة أخرى فيكون هناك شىء ثابت هو المتغير وحالة كانت موجودة فعدمت وحالة كانت معدومة فوجدت.

فبين أنه لا بد له من حيث هو متغير من أن يكون له أمر قابل لما تغير عنه ولما تغير (٤) إليه ، وصورة حاصلة وعدم لها كان مع الصورة الزائلة ، كالثوب الذي اسود (٥) والبياض والسواد ، وقد كان السواد معدوما إذ (٦) كان البياض موجودا. والمفهوم من كونه مستكملا ، هو أن يحدث له أمر لم يكن فيه من غير زوال شىء عنه مثل الساكن يتحرك ، فإنه حين ما كان ساكنا لم يكن إلا عادما للحركة التي هى موجودة له بالإمكان والقوة فلما تحرك لم يزل منه شىء إلا العدم فقط ، ومثل اللوح الساذج كتب فيه. والمستكمل لا بد أن يكون له ذات وجدت ناقصة ، ثم كملت ، وأمر حصل فيه وعدم تقدمه ، فإن العدم شرط فى أن يكون الشىء متغيرا أو مستكملا ، فإنه لو لم يكن هناك عدم لاستحال أن يكون مستكملا أو متغيرا بل كان يكون الكمال والصورة حاصلة له دائما. فإذن المتغير والمستكمل يحتاج إلى أن يكون قبله عدم حتى يتحقق كونه متغيرا أو مستكملا. والعدم ليس يحتاج (٧) فى أن يكون عدما إلى أن يحصل تغير أو استكمال. فرفع العدم (٨) يوجب رفع المتغير

والمستكمل من حيث هو متغير ومستكمل ورفع المتغير والمستكمل لا يوجب رفع العدم. فالعدم من هذا الوجه أقدم ، فهو مبدأ إن كان كل ما كان (٩) لا بد من وجوده أى وجود كان ليوجد شىء آخر من غير انعكاس مبدأ وإن كان ذلك لا يكفى فى كون الشىء مبدأ. ولا يكون المبدأ كل ما لا بد من وجوده للأمر (١٠) أى وجود (١١) كان ، بل ما لا بد من وجوده مع الأمر الذي هو له (١٢) مبدأ من غير تقدم ولا تأخر. فليس العدم مبدأ (١٣) ، ولا فائدة لنا فى أن نناقش فى التسمية ، فلنستعمل بدل المبدأ المحتاج إليه من غير انعكاس ، فنجد القابل للتغير والاستكمال ونجد العدم ونجد (١٤) الصورة كلها ، محتاجا إليه (١٥) فى أن يكون الجسم متغيرا أو مستكملا. وهذا يتضح لنا بأدنى تأمل.

والمفهوم من كون الجسم كائنا وحادثا يضطرنا إلى إثبات أمر حدث وإلى عدم سبق. وأما أن (١٦) هذا الحادث وهذا الكائن هل يحتاج إلى (١٧) أن يتقدم كونه وحدوثه وجود جوهر كان مقارنا لعدم الصورة الكائنة

__________________

(١) هو : ساقطة من م. (٢) هو : ساقطة من سا ، م

(٣) بطلت : فبطلت د ، ط ، م. (٤) تغير (الثانية) : تعين سا.

(٥) أسود : + وأبيض ط (٦) إذ : إذا ط.

(٧) يحتاج : محتاج ، ط ، م (٨) العدم : ساقطة من د.

(٩) ما كان : ما سا ، م. (١٠) للأمر : لأمر ط

(١١) وجود : وجوده م. (١٢) له : ساقطة من سا

(١٣) مبدأ (الثانية) : بمبدإ سا. (١٤) ونجد (الثانية) : أو نجدد

(١٥) إليه : إليها م. (١٦) أن : ساقطة من ب ، د ط.

(١٧) إلى : ساقطة من سا ،.


ثم فارقه وبطل عنها العدم ، فهو أمر ليس ييسر (١) لنا عن قريب بيان ذلك ، بل يجب أن نضعه للطبيعى (٢) وضعا ونقنعه بالاستقراء ونبرهن عليه فى الفلسفة الأولى (٣).

ووبما قامت (٤) صناعة الجدل فى إفادة نفس المتعلم طرفا صالحا من السكون إليه (٥). إلا أن الصنائع البرهانية لا تخلط بالجدل. فالجسم له من المبادئ التي ليست مفارقة له ولما فيه بالقوام ، وإياها (٦) نخص باسم المبادئ. أما من حيث أنه (٧) جسم مطلقا فالهيولى والصورة الجسمية المذكورة التي يلزمها الكميات العرضية أو الصورة (٨) النوعية التي تكمله ، وأما (٩) من حيث هو متغير أو مستكمل أو كائن فقد زيد له نسبة (١٠) العدم (١١) المقارن (١٢) لهيولاه قبل كونه ويكون مبدأ على ما قيل. فإن أخذنا ما يعم المتغير والمستكمل والكائن كانت المبادئ هيولى وهيأة وعدما (١٣) ، وإن خصصنا المتغير كانت المبادئ (١٤) هيولى ومضادة. فإن المتوسط إنما يتغير عنه وإليه من حيث فيه ضدية ما ، ويشبه أن يكون الفرق بين المضادة والهيئة والعدم مما قد عرفته ، ويحصل لك بما علمت (١٥). والجوهر من حيث هو جوهر فهيئة (١٦) صورة ، وقد عرفناك الفرق بين الصورة والعرض. وأما المتغيرات والمستكملات لا فى الجوهرية فهيئاتها عرض ، وقد جرت العادة أن تسمى كل هيئة فى هذا الموضع صورة. فلنسم كل هيئة صورة ونعنى ونعنى به كل أمر يحدث (١٧) فى قابل يصير له موصوفا بصفة مخصوصة ، والهيولى تفارق كل واحد منهما بأن (١٨) توجد مع كل واحد منهما بحالها (١٩) ، والصورة تفارق العدم بأن الصورة ماهية (٢٠) بنفسها زائدة الوجود على الوجود الذي للهيولى ، والعدم لا يزيد وجودا على الوجود الذي للهيولى (٢١) ، بل تصحبه حال مقايسته إلى هذه الصورة إذا لم تكن موجودة ، وكانت القوة على قبولها موجودة. وهذا العدم ليس هو العدم المطلق ، بل عدم له نحو من الوجود ، فإنه عدم شىء مع تهيؤ واستعداد له فى مادة معينة ، فإنه ليس الإنسان يكون عن كل لا إنسانية (٢٢) بل عن لا إنسانية فى قابل للإنسانية. فالكون (٢٣) بالصورة لا بالعدم ، والفساد بالعدم لا بالصورة. وقد يقال إن

__________________

(١) ييسر : يبين ب ، د ، سا ، يتبين م (٢) للطبيعى : الطبيعى ط.

(٣) الأولى : ساقطة من سا. (٤) قامت : أقامت د

(٥) إليه : ساقطة من م. (٦) وإياها : ساقطة من سا.

(٧) أنه : هو سا ، م (٨) أو الصورة : والصورة ط.

(٩) وأما : ساقطة من م (١٠) نسبة : نسبية سا ، م ، بسلبه ط

(١١) العدم : لعدم ط (١٢) المقارن : المفارق م.

(١٣) عدما : ساقطة من سا. (١٤) المبادئ : ساقطة من سا.

(١٥) بما علمت : فيما علمت د ، فيما علمته سا ، م ، بما قد علمته ط.

(١٦) فهيئة : فهيئته سا ، م. (١٧) يحدث : محدث سا

(١٨) بأن : بأنها سا ، ط ، م. (١٩) بحالها : مخالفا م

(٢٠) ماهية : + ما سا ، م الوجود : لوجود د.

(٢١) والعدم ... للهيولى : ساقطة من سا.

(٢٢) لا إنسانية : الإنسانية ط.

(٢٣) فالكون : والكون سا ، ط ، م.


الشيء كان عن الهيولى وعن العدم ، ولا يقال إنه (١) كان عن الصورة ، فيقال إن السرير كان عن الهيولى أى عن الخشب ويقال كان عن اللاسرير ، وفي كثير من المواضع يصح أن يقال إنه كان عن الهيولى ، وفي كثير منها لا يصح ودائما يقال إنه (٢) كان عن العدم ، فإنه لا يقال كان عن الإنسان (٣) كاتب ، بل يقال إن الإنسان كان كاتبا ، ويقال عن النطفة كان إنسان ، ويقال عن الخشب كان سرير ، والسبب في ذلك اما في النطفة فلأنها خلعت صورة (٤) النطفية فيكون هاهنا لفظة «عن» تدل على معنى بعد كما تدل في قولهم «كان» عن العدم ، كما يقال إنه كان عن اللاإنسان (٥) إنسان (٦) أى بعد اللاإنسانية (٧) وأما في الخشب فحيث يقال أيضا عن الخشب كان سرير فكان (٨) الخشب ، وإن لم يخل عن صورة الخشب فقد خلا عن صورة ما إذا الخشب ما لم يتغير في صفة من الصفات وشكل من الأشكال بالنحت والنجر لا يكون عنه السرير ولا يتشكل بشكله ، فيشبه النطفة من وجه ، إذ كل منهما قد تغير عن حال فيستعمل فيه أيضا لفظة «عن».

فهذان الصنفان من الموضوعات والهيوليات يقال فيهما «عن» بمعنى (٩) «بعد» ، وصنف من الموضوعات يستعمل فيه لفظة «عن» ولفظة «من» على معنى آخر. وبيان ذلك أنه إذا كانت موضوعات ما لصورة (١٠) من الصور إنما يوضع لها بالمزاج والتركيب ، فقد يقال إن الكائن يكون عنها ويدل بلفظة «عن» وبلفظة «من» على أن الكائن متقوم منها ، كقولنا كان (١١) عن الزاج والعفص كان المداد. ويشبه أيضا أن يكون الصنف الأول يقال فيه لفظة «عن» بمعنى مركب من البعدية وهذا المعنى ، فإن النطفة والخشب كان عنها ما كان بمعنى أنه كان بعد أن كانت على حال ثم استل منهما (١٢) شيء وقوم به الكائن الذي قيل إنه كان عنهما (١٣) فما كان مثل النطفة والزاج فلا يقال فيه أنه كان الشيء الكائن ، فلا يقال أن النطفة كانت (١٤) إنسانا أو الزاج كان حبرا ، كما يقال إن الإنسان كان كاتبا إلا بنوع من المجاز وبمعنى (١٥) صار أن تغير. وما كان مثل الخشب فقد يقال فيه كلا الوجهين فيقال عن الخشب كان سرير ، وأن الخشب كان سريرا ، وذلك لأن الخشب من حيث هو خشب لا يفسد (١٦) فساد النطفة ، فيشبه الإنسان من حيث يقبل الكتابة ، ولكنه ما لم يخل شكلا لم يقبل شكل السرير ، فيشبه النطفة

__________________

(١) إنه : ساقطة من د ، سا ، م. (٢) إنه : ساقطة من د ، سا

(٣) كان عند الإنسان : ساقطة من سا.

(٤) صورة : الصورة سا. (٥) اللاإنسان : إنسان سا ، م ، الإنسان ط

(٦) انسان : ساقطة من م

(٧) اللاإنسانية : الإنسانية سا ، ط ، م.

(٨) فكان : لأن بخ.

(٩) بمعنى : معنى سا.

(١٠) لصورة : لصور د ، سا.

(١١) كان (الأولى والثانية) : ساقطة من سا ، م.

(١٢) منهما : منها ط ، م

(١٣) عنهما : عنها د.

(١٤) كانت : كان ب ، د ، سا ، ط.

(١٥) وبمعنى : وبنوع سا ، م.

(١٦) لا يفسد : ولا يفسد م.


من حيث يستحيل إلى الإنسانية ، وحيث لا يصح من ذلك أن يقال فيه «عن» فإذا أضيف إليه العدم صح ، كما يقال عن الإنسان غير (١) الكاتب كان كاتب ، والعدم نفسه لا يصح فيه البتة أن يقال إلا مع لفظة «عن» فإنه لا يقال أن غير الكاتب (٢) كان كاتبا وإلا فيكون كاتبا غير كاتب. نعم إن لم يعن بغير الكاتب نفس غير الكاتب ، بل الموضوع الموصوف بأنه غير كاتب ، فربما قيل ذلك ، وأما لفظة «عن» فيصح استعمالها فيه دائما.

على أنى لا أتشدد في هذا وما أشبهه ، فعسى اللغات تختلف في إباحة هذه الاستعمالات وخطرها ، بل أقول إذا عنى بلفظة «عن» المعنيان اللذان ذكرناهما ، جازا حيث أجزنا ، ولم يجز حيث لم نجوز (٣). وقد يذكر في مثل هذا الموضع (٤) حال شوق الهيولى إلى الصورة وتشبهها (٥) بالأنثى وتشبه (٦) الصورة بالذكر ، وهذا شيء لست أفهمه.

أما الشوق النفسانى فلا يختلف في سلبه عن الهيولى ، وأما الشوق التسخيرى الطبيعى الذي يكون انبعاثه على سبيل الانسياق (٧) ، كما للحجر إلى التسفل (٨) ليستكمل (٩) بعد نقص له في أينه الطبيعى (١٠) ، فهذا الشوق أيضا بعيد عنه (١١). فلقد (١٢) كان يجوز أن تكون الهيولى مشتاقة إلى الصورة (١٣) ، لو كان هناك خلو عن الصور (١٤) كلها أو ملال (١٥) صورة مقارنة (١٦) أو فقدان القناعة بما يحصل من الصور المكملة إياها نوعا ، وكان لها أن تتحرك بنفسها إلى اكتساب الصورة (١٧) كما للحجر في اكتساب الأين ، إن كان فيها قوة محركة ، وليست خالية عن الصور كلها ، فلا يليق (١٨) بها الملال للصورة الحاصلة فيعمل في نقضها (١٩) ورفضها ، فإن حصول هذه الصورة إن كان موجبا للملال لنفس حصولها وجب أن لا يشتاق إليها وإن كان لمدة طالت ، فيكون الشوق عارضا لها بعد حين لا أمرا في جوهرها ويكون هناك سبب يوجبه (٢٠). ولا يجوز أيضا (٢١) أن تكون غير قنعة بما يحصل ، بل مشتاقة إلى اجتماع الأضداد فيها ، فإن هذا محال ، والمحال ربما ظن أنه يشتاق إليه الاشتياق النفسانى.

وأما الاشتياق التسخيرى فإنما يكون إلى غاية في الطبيعة المكملة (٢٢) ، والغايات الطبيعية غير محالة ، ومع هذا ، فكيف يجوز أن تكون الهيولى تتحرك إلى الصورة ، وإنما تأتيها الصورة الطارئة من سبب يبطل صورتها

__________________

(١) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط. (٢) غير الكاتب : عن الكاتب ط.

(٣) ولم يجز حيث لم نجوز : ولم يجوزوا حيث لم يجز سا ، م.

(٤) الموضع : المواضع ب ، د ، ط (٥) وتشبهها : وتشبيهها سا ، م

(٦) وتشبيه : وتشبه د ، سا ، ط ، م. (٧) الانسياق : انسياق ط ، الاشتياق بخ

(٨) التسفل : السفل د ، أسفل سا ، م ، الأسفل ط

(٩) ليستكمل : استكمل سا (١٠) الطبيعى : الطبيعية سا ، ط ، م.

(١١) عنه : عنها م (١٢) فلقد : لقد د ، ط

(١٣) الصورة : الصور سا. (١٤) الصور : الصورة م

(١٥) ملال : + فى ط. (١٦) مقارنة : قارنته سا ، م

(١٧) الصورة : الصور م. (١٨) فلا يليق : ولا يليق م.

(١٩) نقضها : بعضها ب. (٢٠) يوجبه : يومه م

(٢١) أيضا : ساقطة من سا. (٢٢) المكملة : المكمل د.


الموجودة لا أنها تكسبها (١) بحركتها. ولو لم يجعلوا هذا الشوق إلى الصور (٢) المقومة التي هى كمالات أولى. بل إلى الكمالات الثانية اللاحقة ، لكان تصور معنى هذا الشوق من المتعذر ، فكيف وقد جعلوا ذلك شوقا لها إلى الصورة المقومة؟

فمن هذه الأشياء يعسر على فهم هذا الكلام الذي هو أشبه بكلام الصوفية منه بكلام الفلاسفة ، وعسى أن يكون غيرى يفهم هذا الكلام حق الفهم ، فليرجع إليه فيه. ولو كان بدل الهيولى بالإطلاق هيولى ما (٣) تستكمل (٤) بالصورة الطبيعية (٥) حتى يحدث من الصورة الطبيعية التي فيها لها (٦) انبعاث نحو استكمالات تلك الصورة مثل الأرض في التسفل والنار في التصعد ، لكان لهذا الكلام وجه وإن (٧) كان مرجع (٨) ذلك الشوق إلى الصورة الفاعلة ، وأما هذا على (٩) الإطلاق فلست (١٠) أفهمه.

[الفصل الثالث (١١)]

ج ـ فصل

فى كيفية كون هذه المبادئ مشتركة (١٢)

لما كان نظرنا هذا إنما هو في المبادئ المشتركة ، فيحق علينا أن ننظر في هذه المبادئ الثلاثة المشتركة أنها على أى نحو من النحوين المذكورين تكون مشتركة. لكنه سيظهر لنا أن الأجسام منها ما هي قابلة للكون والفساد ، أى منها ماهيولاها (١٣) تستجد صورة وتخلى صورة ، ومنها ما ليست (١٤) قابلة للكون والفساد (١٥) ، بل وجودها

__________________

(١) تكسبها : تكتسبها د ، سا ، ط ، م ،

(٢) الصور : الصورة سا ، م.

(٣) ما : ساقطة من م

(٤) تستكمل : مستكمل سا

(٥) الطبيعية : ساقطة من م

(٦) لها : ساقطة من م.

(٧) وإن : إن م

(٨) مرجع : يرجع م.

(٩) هذا على : على هذا سا ، م

(١٠) فلست : فما لست د ، سا ، م.

(١١) فصل : فصل ج ب ، الفصل الثالث ط ، م.

(١٢) فى ... مشتركة : ساقطة من د.

(١٣) ما هيولاها : ما هيولياتها ط ، ماهية لأنها سا

(١٤) ما ليست : ما هى ليست ط

(١٥) أى منها ... الفساد : ساقطة من م.


بالإبداع ، فإذا كان كذلك لم يكن لها (١) هيولى مشتركة على النحو الأول (٢) من النحوين المذكورين ، فإنه لا يكون هيولى واحدة تارة تقبل صورة الكائنات الفاسدة ، وتارة تقبل صورة ما لا يفسد في طباعه (٣) ولا له كون هيولانى. فإن (٤) ذلك مستحيل ، بل ربما جاز أن تكون الهيولى المشتركة لمثل (٥) الأجسام الكائنة الفاسدة التي يفسد بعضها من (٦) بعض ، ويتكون بعضها من بعض ، كما سنبين من حال الأربعة التي (٧) تسمى الاسطقسات ، اللهم إلا أن تجعل طبيعة (٨) الموضوع التي لصورة (٩) ما لا يفسد والموضوع لصورة ما يفسد طبيعة واحدة في نفسها صالحة لقبول كل صورة.

إلا أن ما يفسد قد عرض أن قارنته الصورة التي لا ضد لها ، فيكون السبب في أنها لا تكون ولا تفسد من من جهة صورتها (١٠) المانعة لمادتها عما في طباعها إلا (١١) من جهة المادة المطاوعة. فإن كان كذلك ، وبعيد (١٢) أن يكون كذلك على ما سيتضح بعد فسيكون (١٣) حينئذ هيولى مشتركة بهذا الوجه. فالهيولى (١٤) المشتركة بهذا الوجه سواء كانت مشتركة للطبيعيات كلها أو للكائنات الفاسدة منها (١٥) فإنها متعلقة (١٦) بالإبداع ، وليست تكون من شيء (١٧) وتفسد (١٨) إلى (١٩) شيء (٢٠) ، وإلا كانت تحتاج إلى هيولى أخرى ، فتكون تلك مقدمة (٢١) عليها ومشتركة (٢٢).

وأما هل للطبيعيات مبدأ صورى مشترك بالنحو الأول ، فليس يوجد لها من الصور ما نتو همه (٢٣) أنه ذلك (٢٤) إلا الصورة (٢٥) الجسمية. فإن (٢٦) كان تصرف الأجسام (٢٧) في الكون والفساد إنما يكون فيما وراء الصورة الجسمية حتى تكون (٢٨) مثلا (٢٩) الصورة الجسمية التي في الماء ، إذا استحال هواء ، باقية بعينها في الماء ، فيكون (٣٠) للأجسام بعد مبدأ صورى على هذه الصفة مشترك لها بالعدد ووجد بعده (٣١) مبادئ صورية يخص (٣٢) كل واحد منها (٣٣) واحد (٣٤) منها ، وإن (٣٥) كان الأمر ليس كذلك ، بل إذا فسدت المائية فسدت الجسمية التي كانت لهيولاه في (٣٦) فساد المائية ، وحدثت

__________________

(١) لها : ساقطة من سا ، م (٢) الأول : الثاني بخ. (٣) فى طباعه : ساقطة من سا. (٤) فان : فانى م

(٥) لمثل : + هذا ط (٦) من : إلى ط ، م. (٧) التي : ساقطة من م. (٨) طبيعة : لهيئة ط (٩) لصورة (الثانية) : بصورة ط. (١٠) صورتها : صورة ط (١١) إلا : لا سا ، م (١٢) وبعيد : فبعيد م. (١٣) فسيكون : فيكون ط (١٤) فالهيولى : والهيولى م. (١٥) منها : ساقطة من د ، سا ، ط ، م (١٦) متعلقة : + الحصول ط

(١٧) من شيء : ساقطة من سا (١٨) وتفسد : أو تفسد ط (١٩) إلى : من ب. (٢٠) إلى شيء : ساقطة من د ، سا. (٢١) مقدمة : متقدمة سا (٢٢) ومشتركة : مشتركة م. (٢٣) ما نتوهمه : ما يتوهم د ، ط (٢٤) ذلك : ذاك سا. (٢٥) الصورة : ساقطة من سا ، م (٢٦) فان : وإن سا (٢٧) تصرف الأجسام : التصرف في لأجسام ط. (٢٨) حتى يكون : وتكون سا. (٢٩) مثلا : ساقطة من د ، سا (٣٠) فيكون : + وجد ط.(٣١) ووجد بعده : وبعده د ، سا ، م ؛ ووجد لها بعد أيضا ط (٣٢) يخص : يحصل م (٣٣) منها : + واحد م (٣٤) واحد (الثانية) واحدة ط. (٣٥) وإن : فإن ط (٣٦) في : مع م.


جسمية أخرى مخالفة (١) بالعدد موافقة بالنوع (٢). فلا يكون للأجسام مثل هذا المبدأ الصورى المشترك ، وسيظهر لك الحق من الأمرين في موضعه ، ولو كان للأجسام مبدأ صورى بهذا الصفة أو لطائفة (٣) من الأجسام أو لجسم واحد صورة لا تفارق ، لكان ذلك المبدأ الصورى (٤) يداوم (٥) الاقتران بالهيولى ، ولم يكن (٦) مما يكون ويفسد (٧) ، بل يتعلق أيضا بالإبداع.

وأما (٨) العدم فواضح من حاله أنه لا يجوز أن يكون من جملته عدم مشترك بهذا النحو الأول ، لأن هذا العدم هو عدم شيء من شأنه أن يكون ، وإذا (٩) كان من شأنه أن يكون ، لم يبعد أن يكون. فحينئذ لا يبقى هذا العدم ، فحينئذ لا يكون مشتركا : وأما المشترك على النحو الآخر من المعنيين (١٠) فإن المبادئ الثلاثة توجد مشتركة للكائنات والمتغيرات ، إذ تشترك كلها في أن لكل منها هيولى وصورة وعدما ، وهذا المشترك يقال إنه لا يكون ولا يفسد على نحو ما يقال للكليات إنها لا تكون ولا تفسد. (١١)

ويقال للكليات إنها لا تكون ولا تفسد على وجهين : فنعنى بأحد الوجهين أن الكلى لا يكون ولا يفسد أى أنه لا يكون وقت في العالم هو أول وقت وجد فيه أول شخص أو عدة أوائل أشخاص يحمل عليها ذلك الكلى وكان قبله وقت وليس ولا واحد منها موجودا فيه ، وفي الفساد ما يقابل هذا. فبهذا الوجه من الناس من يقول إن هذه المبادئ المشتركة لا تكون ولا تفسد ، وهم (١٢) القوم (١٣) الذين يوجبون في العالم دائما كونا وفسادا وحركة (١٤) ما دام العالم موجودا. والوجه الثاني أن ينظر إلى ماهية ما (١٥) كماهية الإنسان فننظر هل هو من حيث هو إنسان يكون ولا يفسد ، فيوجد معنى أنه يكون ومعنى أنه يفسد ليس معنى الإنسان من حيث هو (١٦) إنسان ، فيسلبان عن ماهية الإنسان من حيث هو إنسان ، لأنه أمر يلزمه (١٧) ليس داخلا فيه ، وكذلك (١٨) يقال في هذه المبادئ المشتركة بالنحو الثاني من نحوى (١٩) الاشتراك المذكور.

ونظرنا هاهنا في المبادئ هو من هذه الجهة ، وليس (٢٠) كلامنا هذا في الجهة الأولى (٢١). وأما إذا قصدنا إلى

__________________

(١) مخالفة : ساقطة من ب ، د ، سا ، م (٢) بالنوع : فى النوع سا.

(٣) لطائفة : لطبقة سا ط ، م. (٤) ذلك المبدأ الصورى : ساقطة من سا

(٥) يداوم : مداوم م (٦) ولم يكن. ولا يكون سا.

(٧) ويفسد : ولا يفسد ب ، سا.

(٨) وأما : فأما م. (٩) وإذا : فاذا ط.

(١٠) المعنيين : + فانه قد يوجد في كل صنف من المبادئ ما يكون مشتركا ط.

(١١) على نحو .... ولا تفسد : ساقطة من ب.

(١٢) وهم : فهم م (١٣) القوم : ساقطة من سا.

(١٤) وحركة : ساقطة من م

(١٥) ماهية ما : ماهيتها سا ، م.

(١٦) هو من حيث : الإنسان مثلا من حيث ط.

(١٧) يلزمه : + ليس يلزمه ط

(١٨) وكذلك : فكذلك د ،

(١٩) نحوى : النحوي م.

(٢٠) وليس : ليس م

(٢١) الأولى : + هذا ط.


الأعيان الموجودة منها ، فههنا هيولات تكون وتفسد كالخشب للسرير والعفص والزاج (١) للحبر. والهيولى الأولى التي أشرنا إليها لا تكون ولا تفسد ، إنما (٢) هى متعلقة الحصول بالإبداع. وأما الصور (٣) فبعضها يكون ويفسد ، وهى التي في الكائنة الفاسدة ، وبعضها لا يكون ولا يفسد وهى التي في المبدعات. وقد يقال لها إنها لا تكون ولا تفسد بمعنى آخر ، فإنه ربما (٤) قيل للصور التي في (٥) الكائنات (٦) الفاسدة إنها لا تكون ولا تفسد بمعنى إنها غير من هيولى وصورة حتى تكون وتفسد (٧) ، إذ يراد بالكون حينئذ حصول صورة لموضوع ويكون الكائن مجموعها (٨) وبالفساد ما يقابله. وأما العدم ، فإذا كان كونه ، إن كان له كون ، هو حصوله بعد ما لم يكن ، وكان حصول وجوده (٩) ليس وجود ما له ذات حاصلة (١٠) بنفسه (١١) ، بل كان وجوده بالعرض لأنه عدم شيء معين في شيء معين هو الذي فيه قوته ، فيكون له نحو من الكون أيضا بالعرض ومن الفساد بالعرض. فكونه هو أن تفسد الصورة عن المادة فيحصل عدم بهذه الصفة ، وفساده أن تحصل (١٢) الصورة فلا يكون حينئذ العدم الذي بهذه الصفة (١٣) موجودا ، ولهذا العدم عدم بالعرض ، كما أن له وجودا بالعرض ، وعدمه هو (١٤) الصورة لكن ليس قوام الصورة ووجودها هو بالقياس إليه ، بل ذلك يعرض له باعتبار ما. وقوام هذا العدم ووجوده هو بنفس القياس إلى هذه الصورة ، فكان (١٥) عدم العدم اعتبار ما يعرض (١٦) للصورة من الاعتبارات الإضافية التي ربما عرضت للشيء إلى غير نهاية ، والقوة على العدم هى بهذه المنزلة ، لأن القوة الحقيقية هى بالقياس إلى الفعل والاستكمال (١٧) ولا استكمال بالعدم ولا فعل حقيقيا له.

ويجب أن نعلم أيضا أن هذه المبادئ الثلاثة المشتركة على أى نحو يكون مشتركا فيها بالقياس إلى ما تحت كل واحد مما (١٨) فيه تكون الشركة (١٩) ، فإنه يعظم علينا ما يقولونه من أن اسم كل واحد منها مشترك ، فإنه إن (٢٠) كان كذلك فيكون سعى الجماعة مقصورا على أن يوجدوا للمبادئ الكثيرة ثلاثة أسماء يعم كل اسم منها طائفة من المبادئ ، وتحتوى الأسماء الثلاثة على الجميع. فإن هذا قد كان يكفى (٢١) أن يكون المهم (٢٢) فيه بأن يصطلح فيما بيننا

__________________

(١) والزاج : ساقطة من سا ، م. (٢) إنما : وإنما ط

(٣) الصور : الصورة سا ، م. (٤) فانه ربما : فربما سا

(٥) فى : من ط (٦) الكائنات : الكائنة ب ، د ، سا ،.

(٧) وتفسد : ساقطة من سا (٨) مجموعها : مجموعهما سا.

(٩) حصول وجوده : حصوله ووجوده د ، سا ، م.

(١٠) حاصلة : ساقحة من سا (١١) بنفسه : بنفسها ط.

(١٢) أن تحصل : أو تحصل د. (١٣) وفساده ..... الصفة : ساقطة من سا.

(١٤) هو : ساقطة من م. (١٥) فكان : وكان م

(١٦) ما يعرض : بالعرض ط. (١٧) والاستكمال : بالاستكمال ط.

(١٨) مما : منها سا ، ط ، م (١٩) الشركة : المشتركة د ، ط ، م

(٢٠) فإنه إن : وإن سا.

(٢١) يكفى : يكون ط

(٢٢) المهم : الهم ط.


على أسماء ويتواطأ عليها ، ولو فعلنا ذلك أولم نفعله ، بل قبلنا ما فعلوه ، لم يكن في أيدينا إلا أسماء ثلاثة ، وما كان يحصل لنا من معانى المبادئ شيء البتة ، وبئس ما فعل من رضى بهذا لنفسه.

وليس يمكننا أيضا أن نقول إن كل واحد منها يدل على ما يشمله بالتواطؤ الصرف (١) ، فكيف (٢) وقد وقع تحت كل واحد منها أصناف شتى من مقولات شتى تختلف (٣) في معنى المبدئية بالتقديم والتأخير ، وبالأخرى (٤) ، بل يجب أن تكون دلالتها دلالة التشكيك كدلالة الوجود والمبدأ والوحدة. وقد عرفنا الفرق بين المشكك (٥) وبين المتفق والمتواطئ في المنطق فلجميع ما يقال إنه هيولى طبيعة (٦) تشترك في معنى أنها أمر من شأنه أن يحصل له أمر آخر في ذاته ، بعد أن ليس (٧) له ، وهو الذي يكون منه (٨) الشيء وهو فيه لا بالعرض. فربما كان هو بسيطا ، وربما كان مركبا بعد البسيط كالخشب للسرير ، وربما كان الحاصل له صورة جوهرية أو هيئة عرضية. وجميع ما يقال له (٩) إنه صورة فهو الهيئة الحاصلة (١٠) لمثل هذا الأمر المذكور ، والذي (١١) يحصل منهما أمر من الأمور بهذا النحو من التركيب. وجميع ما يقال له عدم فهو لا وجود ، مثل هذا الشيء الذي سميناه صورة فيما من شأنه أن يحصل له. وجميع نظرنا في الصورة هاهنا واعتبارنا مبدئيتها (١٢) مصروف إلى كونه مبدأ بأنه أحد جزئى الكائن لا أنه فاعل ، وإن جاز أن يكون صورة فاعلا. وقد كنا بينا أن الطبيعى لا يشتغل بالمبدإ الفاعلى والغائى المشتركين (١٣) بالنحو الأول للأمور الطبيعية كلها ، فحرى بنا أن نشتغل بالمبدإ الفاعلى (١٤) المشترك للطبيعيات التي بعده.

وإذ (١٥) قد فرغ من المبادئ التي هى أحرى بأن (١٦) تسمى مبادئ أى (١٧) المقومة (١٨) للكائن أو للجسم الطبيعى ، فيجب أن نشتغل بالمبادئ التي هى أولى بأن (١٩) تسمى عللا ، ولنعرف منها المبدأ الفاعلى المشترك للطبيعيات وهو الطبيعة.

__________________

(١) الصرف : ساقطة من د ، سا

(٢) فكيف : وكيف ب ، سا.

(٣) تختلف .... وبالأخرى : ساقطة من سا

(٤) وبالأخرى : وبالأولى والأخرى ط ؛ والأخرى م.

(٥) كدلالة .... المشكك : ساقطة من د.

(٦) طبيعة : طبعية سا.

(٧) ليس : يكون بخ

(٨) منه : فيه د.

(٩) له : ساقطة من د

(١٠) الحاصلة : الحاصل د ؛ + الذي ط

(١١) والذي : الذي سا ، م.

(١٢) مبدئيتها : بمبدئيتها سا.

(١٣) الفاعلى والغائى المشتركين : الفاعلى المشترك والغائى المشترك ط.

(١٤) والغائى .... الفاعلى : ساقطة من د.

(١٥) وإذ : إن ب ؛ إذ د ، سا ، م

(١٦) بأن : أن سا

(١٧) أى : ساقطة من ب ، سا ، ط

(١٨) المقومة : المقدمة بخ.

(١٩) نسمى .... بأن : ساقطة من سا.


[الفصل الرابع]

د ـ فصل (١)

فى تعقب (٢) ما قاله برمانيدس وماليسوس (٣)

فى امر مبادئ الوجود(٤) (٥)

وإذ قد (٦) بلغنا هذا المبلغ فقد سألنا بعض أصحابنا أن نتكلم عن المذاهب المستفسدة التي للقدماء في مبادئ الطبيعيات قبل الكلام في الطبيعة. وتلك المذاهب مثل المنسوب إلى ماليسوس (٧) وبرمانيدس أن الموجود واحد غير متحرك ، ثم يقول ماليسوس (٨) إنه غير متناه ، ويقول (٩) برمانيدس إنه متناه ، ومثل مذهب من قال إنه واحد غير متناه قابل للحركة إما ماء أو هواء أو غير ذلك ، ومذهب من جعل المبادئ غير متناهية العدد ، وإما أجزاء (١٠) لا تتجزأ مبثوثة في الخلاء وإما أجساما صغارا (١١) مشابهة لما يكون عنها مائية (١٢) وهوائية وغير ذلك مخالطة (١٣) كلها (١٤) للكل ، وسائر المذاهب المذكورة في كتب المشائين. وأن نتكلم على النحو الذي نقضوا به مذاهبهم ، فنقول إن مذهب ماليسوس (١٥) وبرمانيدس فإنا غير محصلين له ، ولا يمكننا أن ننص على ما عرضهما فيه ، ولا نظنهما يبلغان من السفه والغباوة هذا (١٦) المبلغ الذي يدل عليه ظاهر كلامهما (١٧) ، فلهما كلام أيضا في الطبيعيات وعلى كثرة المبادئ لها مثل قول برمانيدس بالأرض والنار ، وعلى تركيب (١٨) الكائنات منهما ، فيكون وشيكا أن تكون إشارتهما إلى الموجود الواجب الوجود الذي هو بالحقيقة موجود ، كما تعلمه في موضعه ، وأنه غير متناه

__________________

(١) فصل : فصل د ب ؛ الفصل الرابع ط ، م.

(٢) تعقب : تعقيب ط

(٣) وما ليسوس : وما ليوس ط.

(٤) فصل ..... الوجود : ساقطة من د.

(٥) الوجود : الموجود ب ، سا.

(٦) وإذ قد : وإذا م.

(٧) ما ليسوس : ما ليوس ط.

(٨) ماليسوس : ما ليس سا ، م

(٩) ويقول برمانيدس : وبرمانيدس سا.

(١٠) وإما أجزاء : إما أجزاء سا ، م.

(١١) صغارا : ساقطة من ط

(١٢) مائية : + لحمية سا ، م ،

(١٣) مخالطة : مخالط سا ، م ،

(١٤) كلها : كل بخ.

(١٥) ماليسوس : ماليسس م.

(١٦) هذا : ساقطة من ط ، م

(١٧) الذي ... كلامهما : ساقطة من د ، سا.

(١٨) تركيب : التركيب م.

(١٩) هى : ساقطة من د.


ولا متحرك وأنه غير متناهى القوة أو أنه متناه (١) على معنى أنه غاية (٢) ينتهى إليها كل شيء ، والذي ينتهى إليه (٣) يتخيل أنه متناه من حيث أنه (٤) ينتهى إليه ، أو يشبه أن يكون غرضهما شيئا آخر وهو أن طبيعة الوجود (٥) معنى واحد بالحد والرسم (٦) ، وأن سائر الماهيات هى غير نفس طبيعة الوجود (٧) ، لأنها أشياء يعرض لها الوجود ويلزمها كالإنسانية. فإن الإنسانية ماهية وليست نفس الوجود ولا الوجود (٨) جزءا لها ، بل الوجود (٩) خارج عن حدهما (١٠) كما بينا في مواضع أخرى ، عارض لها. فيشبه أن يكون (١١) من قال إنه متناه عنى أنه محدود في نفسه (١٢) ليس طبائع ذاهبة في الكثرة ، ومن قال إنه غير متناه عنى أنه يعرض لأشياء غير متناهية. وليس يخفى عليك بما تعلمه في مواضع أخرى أن الإنسان بما (١٣) هو إنسان ليس هو الوجود (١٤) بما هو وجود (١٥) ، بل معناه خارج عنه ، وكذلك كل شيء من (١٦) الأمور الداخلة فى المقولات ، بل كل شيء منها موضوع للوجود (١٧) ويلزمه (١٨) الوجود (١٩).

فإن لم يذهبا إلى هذا وكابرا (٢٠) ، فليس يمكننى أن أناقضهما. وذلك لأن القياس الذي يناقض به مذهبهما يكون لا محالة مؤلفا من مقدمات ، ويجب أن تكون تلك المقدمات إما في أنفسها (٢١) أظهر من النتيجة ولا أجد شيئا يكون أظهر من هذه النتيجة (٢٢) أو تكون مسلمة (٢٣) عند الخصم. وليس يمكننى أن أعرف (٢٤) أى تلك المقدمات يسلمانها (٢٥) هذان ، فإنهما إن جوزا ارتكاب هذا المحال فمن (٢٦) يؤمننى إقدامهما على إنكار كل مقدمة من المقدمات المستعملة في القياس عليهما (٢٧). على أنى أجد كثيرا من المقدمات التي يناقضان بها أخفى من النتيجة التي يراد منها مثل ما يقال إنه إن كان الموجود جوهرا فقط فلا يكون (٢٨) متناهيا ولا غير متناه ، لأن هذين عارضان (٢٩) للكم ، والكم عارض للجوهر ، فيكون حينئذ جوهر موجود وكم موجود ، فيكون الموجود فوق اثنين (٣٠) كم وجوهر (٣١).

__________________

(١) متناه : ساقطة من م (٢) غاية : غايته ط

(٣) إليه : + كل شيء ط.(٤) أنه (الثانية) : ساقطة من م

(٥) الوجود : الموجود سا ، ط ، م. (٦) والرسم : أو الرسم سا ، ط ، م

(٧) الوجود (الأولى الثانية) : الموجود سا.

(٨) الوجود (الأولى) : الموجود سا (٩) الوجود (الثالثة) : الموجود سا ، م

(١٠) حدها : + لاحقة لماهيتها ط ؛ + لا حق لماهيتها م.

(١١) أن يكون : ساقطة من ط (١٢) فى نفسه : ساقطة من سا.

(١٣) بما : مما سا (١٤) الوجود : الموجود سا ، ط ، م»

(١٥) وجود : موجود سا ، ط ، م

(١٦) وكذلك كل شيء من : وكذلك حال كل واحد من بخ ، ط ، م.

(١٧) للوجود : للموجود د ، سا ، ط ، م ،

(١٨) ولمزمه : يلزمه سا ، م ،. (١٩) الوجود : الموجود سا ، م.

(٢٠) وكابرا : وتكابرا م. (٢١) أنفسها : نفسها سا.

(٢٢) ولا أجد ..... النتيجة : ساقطة من سا. (٢٣) مسلمة : مسلما ط

(٢٤) أعرف : + أن ط. (٢٥) يسلمانها : يسلمان ط ؛ يسلماها م

(٢٦) فمن : : فما ط. (٢٧) عليهما : + بل ط.

(٢٨) فلا يكون : ولا يكون د (٢٩) هذين عارضان : هذا عارض سا ، م.

(٣٠) جوهر .... اثنين : ساقطة من سا (٣١) كم وجوهر : ساقطة من د.


وأنت إذا تأملت وجدت التناهى وغير التناهى (١) يكفى في تحقق وجوده أن يكون (٢) كما متصلا وهو المقدار المشاهد (٣). وبنا حاجة شديدة إلى أن نبين أن المقدار المشاهد قائم في مادة وموضوع وليس (٤) موجودا إلا في موضوع فإن هذا ليس يبين بنفسه (٥) ، بل يحتاج في إبانته إلى تكلف يعتد به ، فكيف يؤخذ (٦) هذا مقدمة (٧) في إنتاج ما هو بين بنفسه ، وكذلك ما قالوا من أن المحدود متجزئا (٨) بأجزاء حده وغير ذلك.

وأما سائر القوم فلنشر إشارة خفيفة (٩) في هذا الموضع إلى فساد مذاهبهم (١٠) ، ثم لنا (١١) (١٢) في مستقبل ما نكتبه كلام يوقف منه على جلية (١٣) الحال في زيغهم (١٤) وقوفا شافيا. ونقول الآن (١٥) : أما القائلون منهم بأن المبدأ واحد فيتوجه إليهم النقض من وجهين : أحدهما من جهة أنهم قالوا : إن المبدأ واحد ، والثاني من جهة أنهم قالوا : إن ذلك المبدأ هو ماء أو هواء. فأما النقض عليهم من جهة أن ذلك المبدأ هو ماء أو هواء فالأخلق (١٦) به الموضع الذي نتكلم فيه على مبادئ الكائنات الفاسدات لا على المبادئ العامة ، فإنهم وضعوا ذلك المبدأ مبدأ للكائنات الفاسدات (١٧) أيضا. وأما الدلالة على فساد قولهم إن المبدأ واحد ، فهو أن مذهبهم (١٨) يجعل الأمور كلها متفقة في الجوهر مختلفة في الأعراض ، ويبطلون مخالفة الأجسام بالفصول المنوعة (١٩) ، وسيتضح لنا أن الأجسام يختلف بالفصول المنوعة (٢٠) وأما القائلون بأن المبادئ التي يتكون عنها (٢١) هذه الكائنات غير متناهية ، فقد اعترفوا أنهم لا علم لهم ، بالكائنات ، إذ مبادئها غير متناهية. فلا يحاط بها (٢٢) علما ، فلا يحاط بما (٢٣) يتكون عنها ؛ وإذ (٢٤) لا سبيل إلى معرفة الكائنات فكيف علموا أيضا أن مبادئها غير متناهية؟ وأما مناقضتهم من جهة تخصيصهم تلك الأمور غير المتناهية بأنها أجزاء لا تتجزأ مبثوثة في الخلاء أو مودعة في الخليط ، فالأحرى أن نشتغل (٢٥) به حيث ننظر في مبادئ الكائنات الفاسدة أيضا. وإذ بلغنا هذا المبلغ ، فلنختم هذا الفصل. وهذا (٢٦) الفصل داخل في كتابنا بالعرض فمن شاء أن يثبته أثبته ، ومن شاء أن لا يثبته لا يثبته.

__________________

(١) وغير التناهى : + فما ط تحقق : تحقيق د ، م

(٢) يكون : + يوجد ط (٣) المشاهد : والمشاهد ب : د ، ـ ط.

(٤) وليس : وأنه ليس ط (٥) بنفسه : فى نفسه ط

(٦) يؤخذ : يوجد ب (٧) مقدمة : متقدمة د.

(٨) متجزئا : يتجزى بخ. (٩) خفيفة : خفية طا

(١٠) مذاهبهم : مذهبهم ب ، د ، سا

(١١) ثم لنا : ساقطة : من د (١٢) لنا : ساقطة من سا ، م.

(١٣) جلية : عليه سا (١٤) زيغهم : زيفهم ط

(١٥) الآن : ساقطة من سا. (١٦) فالأخلق : فلا خلق ط.

(١٧) الفاسدات : والفاسدات سا ، ط ، م

(١٨) مذهبهم : مذاهبهم م. (١٩) المنوعة : الممنوعة ط.

(٢٠) المنوعة : الممنوعة ط (٢١) عنها : عنه سا ، ط.

(٢٢) بها : ساقطة من م (٢٣) علما فلا يحاط بما : ساقطة من د

(٢٤) وإذ : فإذا سا ، ط ، م. (٢٥) نشتغل : نشغل ط.

(٢٦) وهذا : فهذا سا.


[الفصل الخامس]

ه ـ فصل (١)

فى تعريف الطبيعة

نقول (٢) : إنه قد تقع عن الأجسام التي قبلنا أفعال وحركات ، فنجد بعضها صادرة عن أسباب خارجة عنها توجب فيها تلك الأفعال والحركات ، مثل تسخن (٣) الماء وصعود الحجر. ونجد بعضها يصدر عنها أفعال (٤) وحركات صدورا عن (٥) أنفسها (٦) من غير أن يستند صدورها عنها إلى سبب غريب ، كالماء ، فإنا إذا سخناه (٧) ثم خلينا عنه يبرد بطباعه ، والحجر إذا أصعدناه (٨) ثم خلينا عنه يهبط بطباعه ، وعسى أن يكون ظننا بالبذور في استحالتها نباتا والنطف في تكونها حيوانا (٩) قريبا (١٠) من هذا الظن ونجد أيضا الحيوانات تتصرف في أنواع حركتها بإرادتها ، ولا نرى أن قاسرا لها من خارج يصرفها تلك التصاريف ، فيرتسم في أنفسنا تخيل أن (١١) الحركات وبالجملة الأفعال والانفعالات الصادرة عن الأجسام قد يكون بسبب (١٢) خارج غريب ، وقد يكون عن ذاتها لا من خارج. ثم الذي يكون عن ذاتها لا من خارج (١٣) ، فحن في أول النظر نجوز أن يكون بعضه لازما طريقة واحدة لا ينحرف عنها ، ويكون بعضه مفنن (١٤) الطرائق (١٥) مختلفة (١٦) الوجوه. ومع ذلك فيجوز أن يكون كل واحد من الوجهين صادرا بإرادة وصادرا إلا عن إرادة ، بل كصدور الرض عن الحجر الهابط والإحراق (١٧) عن النار المشتعلة (١٨) ، فهذا ما يرتسم في أنفسنا.

__________________

(١) فصل : فصل ه ب ؛ ساقطة من د. الفصل الخامس ط. م.

(٢) نقول : فنقول سا ، ط.

(٣) تسخن : تسخين سا ، م.

(٤) أفعال ... عن : ساقطة من سا ، م.

(٥) عنها أفعال ... عن : ساقطة من د

(٦) عن أنفسها : لأنفسها د ، سا ، م

(٧) سخناه : أسخناه ط.

(٨) أصعدناه : صعدناه م.

(٩) حيوانا : حيوانات ب ، سا ، م

(١٠) قريبا : قريب سا.

(١١) أن (الثانية : + تلك ط.

(١٢) بسبب : لسبب ط.

(١٣) ثم ... خارج : ساقطة من سا.

(١٤) مفنن : متفننن ط

(١٥) الطرائق : الطلاق د

(١٦) مختلفة : مختلف سا ، م.

(١٧) والاحراق : والاحتراق سا.

(١٨) المشتعلة : المشعلة م.


ثم ما يدرينا أن تكون هذه الأجسام التي لا نجد لها محركات من خارج إنما تتحرك وتفعل (١) عن (٢) محرك من خارج لا ندركه ولا نصل اليه ، بل عساه أن يكون مفارقا غير محسوس ، أو عساه أن يكون (٣) محسوس الذات (٤) غير محسوس التأثير أى غير محسوس النسبة (٥) التي بينه وبين المنفعل عنه ، الدالة (٦) على أنها (٧) موجبة (٨) له ، كمن (٩) لم ير المغناطيس (١٠) يجذب الحديد حسا أو لم يعرف عقلا أنه جاذب للحديد ، إذ ذلك (١١) كالمتعذر إدراكه بطلب العقل (١٢) فإذا رأى الحديد يتحرك إليه لم يبعد أن يظن أنه متحرك إليه (١٣) عن ذاته على أنه (١٤) من الظاهر أن المحرك لا يصح أن يكون جسما بما هو جسم ، إنما يحرك بقوة فيه. لكنا نضع وضعا يتسلمه الطبيعى ويبرهن عليه الإلهى أن الأجسام المتحركة هذه (١٥) الحركات إنما تتحرك عن قوى فيها (١٦) هي مبادئ حركاتها وأفعالها ، فمنها قوة تحرك وتغير ويصدر عنها الفعل على نهج واحد من غير إرادة وقوة ، كذلك مع إرادة وقوة متفننة التحريك والفعل من غير إرادة قوة متفننة الفعل والتحريك (١٧) مع إرادة وكذلك القسمة في جانب السكون فالأول من الأقسام (١٨) كما للحجر في هبوطه ووقوفه (١٩) في الوسط ، ويسمى طبيعية (٢٠). والثاني كما للشمس في دورانها عند محصلى الفلاسفة ويسمى نفسا فلكية (٢١). والثالث كما للنباتات (٢٢) في تكونها ونشوها ووقوفها (٢٣) إذ (٢٤) تتحرك لا بالإرادة حركات إلى جهات شتى تفريعا وتشعيبا للأصول وتعريضا وتطويلا وتسمى نفسا نباتية. والرابع كما للحيوان ويسمى نفسا حيوانية وربما قيل اسم الطبيعة على كل قوة يصدر عنها فعلها. بلا إرادة فتسمى النفس النباتية طبيعة (٢٥) وربما قيل طبيعة (٢٦) لكل ما يصدر عنه فعله من غير روية (٢٧) واختيار حتى يكون العنكبوت إنما يشبك (٢٨) بالطباع (٢٩) وكذلك ما يشبههه (٣٠) من الحيوانات. لكن الطبيعة التي بها الأجسام الطبيعية طبيعية والتي نريد أن نفحص عنها هاهنا هى الطبيعة (٣١) بالمعنى الأول.

وما أعجب ما قيل (٣٢) إن الباحث عن إثباتها من حقه (٣٣) أن يهزأ به وأظن (٣٤) أن المراد بذلك أن الباحث عن إثباتها

__________________

(١) وتفعل : وتنفعل ط (٢) عن : + مبدأ ط. (٣) محسوس .... يكون : ساقطة من د. (٤) غير .... : الذات : ساقطة من م. (٥) النسبة : البتة سا (٦) الدالة : الدلالة م (٧) أنها : أنه سا (٨) موجبة : موجب بخ ، د (٩) كمن : لم يكن م. (١٠) المغناطيس : مغناطيس ب ، د (١١) ذلك : ذاك م (١٢) إدراكه بطلب العقل : ساقطة من سا. (١٣) متحرك إليه : يتحرك د ، سا ؛ يتحرك إليه م (١٤) أنه : أن م. (١٥) هذه : بهذه د ، ط. (١٦) فيها : منها سا.

(١٧) الفعل والتحريك : التحريك والفعل سا ، ط ، م. (١٨) الأقسام : + هو د

(١٩) وقوفه : وقوعه م (٢٠) طبيعية : طبيعة ب ، سا. (٢١) فلكية : ملكية بخ

(٢٢) النباتات : للنبات د ، سا ، ط ، م (٢٣) تكونها ونشوها ووقوفها : تكونه ونشوه ووقوفه ط ، م.

(٢٤) إذ : فانها ط. (٢٥) طبيعة : طبيعية ط.

(٢٦) طبيعة : ساقطة من ط (٢٧) فعلة من غير روية : فعل بلا روية ط.

(٢٨) يشبك : يشبة سا (٢٩) بالطباع : الطبائع د ، م.

(٣٠) ما يشبههه : ما يشبهها سا ، ط. (٣١) الطبيعة : الطبيعية ط.

(٣٢) ما قيل : + من د (٣٣) حقة : جهة م

(٣٤) وأظن : فأظن د.


وهو فاحص عن العلم الطبيعى يجب أن يستهزأ (١) به ، إذ (٢) يريد أن يبرهن من الصناعة نفسها على مبادئها. وأما إن لم يرد هذا أو تأويل آخر مناسب لهذا ، بل أريد أن وجود هذه القوة بين بنفسه ، فهو مما لا أصغى إليه ولا أقول به. وكيف وقد يلزمنا كلفة شاقة (٣) أن نثبت أن لكل متحرك محركا. وقد تجشم ذلك مفيدنا (٤) هذه الآراء تجشما يعتد به ، فكيف يستهزأ بمن يرى حركة ويلتمس الحجة على إثبات محرك لها فضلا عن أن يسلم محركا ويجعله خارجا. إلا أن الحق هو أن القول بوجود (٥) الطبيعة (٦) مبدأ للعلم الطبيعى ، وليس على الطبيعى أن يكلم (٧) من ينكرها (٨) وإنما إثباتها على صاحب الفلسفة الأولى ، وعلى الطبيعى تحقيق (٩) ماهيتها. وقد حدّت (١٠) الطبيعة بأنها مبدأ أول لحركة ما يكون فيه وسكونه بالذات لا بالعرض ليس على أنها يجب في كل شيء أن يكون مبدأ للحركة والسكون معا بل على أنها مبدأ لكل (١١) أمر ذاتى يكون للشيء (١٢) من الحركة إن كانت والسكون إن كان.

ثم بدا لبعض من ورد من بعد أن يستقصى (١٣) هذا الرسم ويوخى (١٤) أن يزيد عليه زيادة ، فقال : إن هذا إنما يدل على فعل الطبيعة لا على جوهرها (١٥) ، فإنه إنما يدل على نسبتها إلى ما يصدر عنها ويجب أن يزاد في حدها ، فيقال : إن للطبيعة (١٦) قوة سارية في الأجسام تفيد الصور والخلق (١٧) هى مبدأ لكذا وكذا. ونحن مبتدءون بأنه معنى الرسم المأخوذ عن الإمام الأول ثم نقبل على كفاية هذا المتكلف لزيادة كلفته موضحين (١٨) أن ما فعله ردى (١٩) فاسد غير محتاج إليه ولا إلى بدله فنقول : إن معنى قولنا : مبدأ للحركة ، أى مبدأ فاعلى (٢٠) يصدر عنه التحريك فى غيره وهو الجسم المتحرك. ومعنى قولنا : أول ، أى قريب لا واسطة بينه وبين التحريك ، فعسى أن تكون النفس مبدأ لبعض حركات الأجسام التي هى فيها (٢١) ولكن بوساطة (٢٢).

وقد ظن قوم أن النفس تفعل حركة الانتقال بتوسط الطبيعة ، ولا أرى الطبيعة تستحيل محركة للأعضاء خلاف ما توجبه ذاتها طاعة للنفس فلو استحالت الطبيعة كذلك لما حدث الإعياء عند تكليف النفس إياها غير مقتضاها ، ولما تجاذب مقتضى النفس ومقتضى الطبيعة. وإن (٢٣) عنى بذلك أن النفس تحدث ميلا وبالميل

__________________

(١) يستهزأ : يهزأ ط (٢) إذ : لأنه م.

(٣) شاقة : + فى سا ، م (٤) مفيدنا : يفيدنا سا.

(٥) بوجود : لوجود ط (٦) الطبيعة : + يعد ط

(٧) يكلم : يتكلم ط (٨) ينكرها : ينظرها م.

(٩) تحقيق : يتحقق ط (١٠) حدت : وجدت م.

(١١) لكل : الكل طا (١٢) للشيء : لشيء سا.

(١٣) يستقصى : استقصى ب ، استقصر بخ ، سا ، م ؛ استبعض د

(١٤) ويوخى : ويوحى سا. م. (١٥) لا على جوهوها : لا جوهرها سا. م.

(١٦) للطبيعة : الطبيعة سا ، م (١٧) الصور والخلق : الصورة والخلقة د ، ط.

(١٨) موضحين : موضحا د ، سا

(١٩) روى : رأى ب. (٢٠) فاعلى : ساقطة من سا.

(٢١) فيها : منها سا (٢٢) بواسطة : بوساطة د ، م.

(٢٣) وإن : فان ط ، م.


تحرك ، فالطبيعة تفعل ذلك أيضا ، على ما سيتضح لك. وكان مثل هذا الميل ليس هو المحرك (١) ، بل أمر به يحرك المحرك ، فإن كان للنفس متوسط في التحريك فذلك (٢) غير التحريكات المكانية ، بل في تحريك الكون والإنماء. وإذا أريد أن يكون (٣) هذا الحد عاما لكل تحريك ، زيد فيه الأول فإن النفس قد تكون في المتحرك وتحرك ما هى فيه تحريكها الإنماء والإحالة ولكن لا أولا ، بل باستخدام الطبائع والكيفيات ويبين (٤) هذا لك بعد ، وقوله :

ما يكون (٥) فيه ليفرق بين الطبيعة والصناعة والقاسرات. وأما قوله : بالذات فقد حمل على وجهين : أحدهما بالقياس إلى المحرك ، والآخر بالقياس إلى المتحرك. ووجه حمله على الوجه الأول أن الطبيعة يحرك لذاتها حين ما يكون بحال تحريك لا عن تسخير قاسر ، فيستحيل (٦) أن لا تحرك إن لم يكن مانع حركة مباينة للحركه القاسرة. وحمله على الوجه الثاني أن الطبيعة تحرك (٧) لما يتحرك عن ذاته لا عن خارج. وقوله لا بالعرض قد حمل أيضا على وجهين : أحدهما بالقياس إلى الطبيعة ، والآخر بالقياس إلى المتحرك. ووجه حمله بالقياس إلى الطبيعة

أن الطبيعة مبدأ لما كانت (٨) حركته (٩) بالحقيقة لا بالعرض ، والحركة بالعرض مثل حركة الساكن في السفينة بحركة السفينة. والوجه الآخر أنه إذا حركت الطبيعة صنما (١٠) فهى تحركه بالعرض ، لأن تحريكها (١١) بالذات للنحاس لا للصنم ، فليس الصنم من حيث هو صنم متحركا (١٢) بالطبيعة كالحجر (١٣). فلذلك (١٤) لا يكون الطب (١٥) طبيعة. إذا عالج الطبيب نفسه وحرك الطب (١٦) ما هو فيه ، لأنه فيه لا من حيث هو مريض ، بل من حيث هو طبيب ، فإن الطبيب إذا عالج نفسه فبرئ لم يكن برؤه لأنه طبيب ، ولكن (١٧) لأنه متعالج ، فإنه من حيث هو (١٨) معالج (١٩) شيء ومن حيث هو متعالج (٢٠) شيء فإنه (٢١) من حيث هو معالج صانع العلاج (٢٢) عالم به (٢٣) ، ومن حيث

هو متعالج قابل للعلاج مريض. فأما الزيادة التي رأى بعض اللاحقين بالأوائل (٢٤) أن يزيدها ، فقد فعل باطلا ، فإن القوة التي جعلها كالجنس فى رسم الطبيعة هو القوة الفاعلية ، واذا حدّت حدّت بأنها مبدأ الحركة من آخر في آخر بأنه آخر. وليس معنى القوة إلا مبدأ تحريك يكون من (٢٥) الشيء ، وليس معنى السريان إلا الكون في الشيء ، وليس معنى التخليق

__________________

(١) المحرك : المتحرك م. (٢) فذلك : بذلك سا.

(٣) يكون : لا يكون ط. (٤) ويبين : ويتبين سا ، ط.

(٥) ما يكون : ما هو د ، سا ، ط ، م. (٦) فيستحيل : ويستحيل ط.

(٧) تحرك : محرك د. (٨) كانت : كان ب ، د ، سا ، ط (٩) حركتة : + حركة ط.

(١٠) صنما : + من نحاس ط (١١) تحريكها : تحريكه سا ، ط.

(١٢) متحركا : متحركة. ط. (١٣) كالحجر : كما للحجرد (١٤) فلذلك : وكذلك ط.

(١٥) الطب : للطبيب سا ؛ الطبيب م. (١٦) الطب : الطبيب م.

(١٧) ولكن : بل د ، ط (١٨) هو : ساقطة من م

(١٩) معالج : متعالج ط. (٢٠) متعالج (الأولى) : معالج ط

(٢١) فانه : وذلك لأنه ط. (٢٢) العلاج : للعلاج ط

(٢٣) به : ساقطة من سا ، م. (٢٤) بالأوائل : الأوائل سا ، م.

(٢٥) من : فى سا ، م.


والتشكيل (١) إلا داخلا في معنى التحريك ، وليس معنى حفظ الخلق والأشكال إلا في التسكين.

ولو كان هذا الرجل قال : إن الطبيعة هى مبدأ موجود في الأجسام لتحريكها إلى كمالاتها وتسكينها (٢) عليها هو مبدأ أول لحركة ما هو فيه وسكونها (٣) بالذات لا بالعرض ، لم يكن إلا مكررا لأشياء كثيرة من غير حاجة إليها فكذلك (٤) إذا أورد بدل طائفة من كلامه لفظا مفردا مواطئا لتلك الطائفة فيكون قد كرر أشياء كثيرة وهو لا يشعر. ومع ذلك فإن هذا المتدارك لخلل هذا الرسم بزعمه (٥) قد حسب (٦) أنه إذا قال قوة فقد (٧) دل على ذات غير مضافة إلى شيء وما فعل ، فإن المفهوم من القوة هو مبدأ التحريك والتسكين لا غير ، والقوة لا ترسم (٨) إلا من جهة النسبة الإضافية ، فلا يكون ما ظنه حقا من أنه قد هرب من ذلك بإيراد (٩) القوة فما عمله هذا الرجل باطل فاسد ، ثم معنى قول : الحاد الأول إنه مبدأ للحركة والسكون ليس يعنى المبدأ (١٠) الذي للحركة المكانية دون المبدأ الذي للحركة في الكيفية (١١) بل كان (١٢) مبدأ لأى (١٣) حركة كانت بالذات ، فهو طبيعة كالمبدإ للحركة التي في الكم والتي (١٤) في الكيف والتي في المكان ، وفي غير (١٥) ذلك إن كان (١٦) حركة وسيتضح لك بعد أصناف الحركات. فأما كونه مبدأ للحركة في الكم فهو حال الطبيعة الموجبة لزيادة تخلخل وانبساط في الحجم ، أو تكاثف وانقباض فى الحجم ، فإن هذا تحريك عن كمية ، وإن شئت أن تجعل النمو بالطبيعة ، وتطاق اسم الطبيعة على ذلك ، وتأخذ الطبيعة على أحد المعانى المذكورة ، فافعل.

وأما كونه مبدأ للحركة في الكيف فمثل حال طبيعة الماء إذا عرض للماء إن استفاد كيفية غريبة لم تكن مقتضى طبيعته لكون (١٧) البرودة مقتضى طبيعته. فإن العائق إذا زال ، ردته طبيعته إلى كيفية وأحالته إليها وحفظته عليها (١٨) ، وكذلك الأبدان إذا ساءت أمزجتها وقويت طبيعتها ردتها إلى المزاج الموافق.

وأما في المكان فظاهر ، وهو (١٩) حال طبيعة (٢٠) الحجر إذا حركته إلى أسفل وحال طبيعة النار إذا حركتها (٢١) إلى فوق

__________________

(١) والتشكيل : والتشكيك م. (٢) وتسكينها : وتسكنها ب ، د ، ط.

(٣) وسكونها : وسكونه سا ، م.

(٤) فكذلك : وكذلك م. (٥) بزعمه : لزعمه ط ؛ ساقطة من سا

(٦) حسب : حب ط (٧) فقد : ساقطة من ب.

(٨) لا ترسم : لا ترتسم سا ، م.

(٩) بايراد : بارادة م. (١٠) المبدأ (الأولى) : بالمبدإ ط.

(١١) الكيفية : الكيف ط ، م

(١٢) كان : كل سا ، م

(١٣) لأى : لأية م. (١٤) والتي : ساقطة من د

(١٥) وفي غير : وغير م.

(١٦) كان : كانت ط. (١٧) لكون : كون سا ؛ ككون ط.

(١٨) عليها : عنها م.

(١٩) وهو : + مثل ط

(٢٠) وحال طبيعة : وطبيعة سا ، م.

(٢١) حركتها : حركت النار د ، ط.


وأما كونه مبدأ للحركة فى الجواهر فمثل حال الطبيعة التي تحرك إلى الصورة معدة (١) بإصلاح الكم والكيف على ما تعلم (٢). وأما حصول الصورة فعسى أن (٣) لا تكون الطبيعة مفيدتها (٤) ، بل (٥) تكون مهيئة لها ، وتستفاد مواضع آخر. والأولى أن يعلم هذا من صناعة أخرى ، فهذا (٦) هو حد الطبيعة التي هى كالجنسية (٧) وتعطى كل واحدة (٨) من الطبائع التي تحتها معناها.

[الفصل السادس]

و ـ فصل (٩)

فى نسبة الطبيعة الى المادة والصورة والحركة

إن (١٠) لكل (١١) جسم طبيعة ومادة وصورة وأعراضا. وطبيعته (١٢) هى القوة التي يصدر عنها تحركه (١٣) أو تغيره الذي يتكون (١٤) عن ذاته ، وكذلك سكونه وثباته. وصورته هى ماهيته التي بها هو. ما هو ومادته هى المعنى الحامل (١٥) لماهيته والأعراض هى الأمور التي إذا تصورت مادته بصورته وتمت نوعيته لزمته أو عرضت له من خارج. وربما كانت طبيعة (١٦) الشىء هى بعينها صورته ، وربما لم تكن. أما فى البسائط فإن الطبيعة هى الصورة بعينها ، فإن طبيعة الماء (١٧) هى بعينها الماهية التي بها الماء هو ، ما هو لكنها إنما تكون طبيعة باعتبار وصورة باعتبار. فإذا الحركات قيست إلى الحركات والأفعال الصادرة عنها سميت طبيعة وإذا قيست إلى تقويمها لنوع الماء ، وإن لم يلتفت إلى ما يصدر عنها من الآثار والحركات سميت صورة. فصورة الماء مثلا قوة أقامت هيولى الماء نوعا ، وتلك

__________________

(١) معدة : بعده سا.

(٢) على ما تعلم : ساقطة من د ، سا

(٣) أن : ساقطة من د

(٤) مفيدتها : مفيدة إياها ط.

(٥) بل : قيل د.

(٦) فهذا : وهذا سا ، م

(٧) كالجنسية : كالجنس ط

(٨) واحدة : واحد ب ، سا.

(٩) فصل : فصل ب ؛ الفصل السادس ط ، م ؛ ساقطة من د.

(١٠) إن : ساقطة من د ، سا

(١١) إن لكل : اعلم أن لكل م

(١٢) وطبيعته : فطبيعته سا

(١٣) تحركه : تحرك د ؛ تحريكه م.

(١٤) يتكون : يكون م

(١٥) الحامل : الحاصل سا.

(١٦) طبيعة : طبيعتة م.

(١٧) الماء : + هو ط.


غير محسوسه وعنها تصدر الآثار المحسوسة من البرودة المحسوسه والثقل الذي هو (١) الميل بالفعل الذي لا يكون للجسم وهو فى حيزه الطبيعى ، فيكون فعلها (٢) مثلا فى جوهر الماء ، إما بالقياس إلى المتأثر عنه فالبرودة وإما بالقياس إلى المؤثر فيه المشكل له فالرطوبة ، وبالقياس إلى مكانه القريب (٣) فالتحريك وبالقياس (٤) إلى مكانه المناسب فالتسكين.

وهذه البرودة والرطوبة أعراض تلزم هذه الطبيعة ، إذا لم يكن هناك عائق. وليس كل الأعراض تتبع الصورة (٥) فى الجسم ، بل ربما كانت الصورة معدة للمادة لأن تنفعل عن سبب خارج يعرض ، كما يعد لقبول الأغراض الصناعية ولكثير (٦) من الأعراض الطبيعية ، وأما فى الأجسام المركبة فالطبيعة كشىء من الصورة ولا تكون كنه الصورة ، فإن الأجسام المركبة لا تصير هى ما هى بالقوة المحركة لها بالذات إلى جهة وحدها وإن كانت (٧) لا بد لها فى أن تكون هى ما هى من تلك القوة (٨) ، فكأن تلك القوة (٩) جزء من صورتها ، وكأن صورتها تجتمع من عدة معان فتتحد كالإنسانية فإنها تتضمن قوى الطبيعة وقوى النفس النباتية والحيوانية والنطق.

وإذا اجتمعت هذه كلها نوعا من الاجتماع أعطت (١٠) الماهية الإنسانية. وأما كيفية نحو هذا الاجتماع ، فالأولى أن (١١) يبين فى الفلسفة الأولى ، اللهم إلا أن يعنى الطبيعة لا هذا الذي حددناه (١٢) ، بل كل ما يصدر عنه أفاعيل الشىء على أى نحو كان على الشرط المذكور (١٣) فى الطبيعة أو لم يكن. فعسى أن تكون طبيعة كل شىء صورته.

ولكن غرضنا هاهنا في إطلاق اسم الطبيعة هو ما حددناه. ومن هذه الأعراض ما يعرض من خارج ، ومنها ما يعرض (١٤) من جوهر الشىء. وقد يتبع بعضها المادة كالسواد فى الزنجى وآثار القروح وانتصاب القامة ، وقد يتبع بعضها الصورة كالذكاء والفرح وغير ذلك فى الناس وقوة الضحك فإن هذه وإن لم يكن بد فى وجودها عن أن تكون (١٥) مادة موجودة ، فإن منبعثها (١٦) من الصورة ومبتدأها منها ، وستجد أعراضا تلزم الصورة (١٧) تنبعث عنها (١٨) أو تعرض لها بوجه آخر لا يحتاج إلى مشاركة المادة ، وذلك إذا حقق لك علم النفس وقد تكون أعراض مشتركة تبتدئ من الجهتين جميعا ، كالنوم واليقظة ، وإن كان قد يكون بعضها أقرب إلى الصورة

__________________

(١) الذي هو : هو الذي م.

(٢) فعلها : فعل الطبيعة بخ.

(٣) القريب : الغريب سا ، م

(٤) وبالقياس : وإما بالقياس ط.

(٥) الصورة (الأولى) : للصورة ط ؛ + التي م.

(٦) ولكثير : ولكنه سا. (٧) كانت : كان ط

(٨) القوة (الأولى والثانية) : القوى سا ، م

(٩) فكأن تلك القوة : ساقطة من د.

(١٠) أعطت : أعطيت د. (١١) أن : بأن ط.

(١٢) حددناه : حددنا ط. (١٣) الشرط المذكور : الشرط المشروط سا ، م ؛ الشروط لمشروط ط.

(١٤) من خارج ومنها ما يعرض : ساقطة من د.

(١٥) تكون : + فى سا.

(١٦) منبعثها : منبعها ط

(١٧) تلزم الصورة : للصورة م.

(١٨) عنها : منها؟؟؟ سا ، م.


مثل اليقظة ، وبعضها أقرب إلى المادة مثل النوم. والأعراض اللاحقة من جهة المادة قد تبقى (١) بعد الصورة كأنداب القروح وسواد الحبشى إذا مات. فالطبيعة الحقيقية هى التي أومأنا إليها (٢) ، والفرق بين الصورة وبينها ما أشرنا إليه ، والفرق بين الحركة وبينها أظهر بكثير ، لكن لفظ الطبيعة قد يستعمل على معان كثيرة أحق (٣) ما يذكر منها هو ثلاثة منها فيقال طبيعة للمبدإ الذي ذكرناه (٤) ، ويقال طبيعة لما يتقوم به جوهر كل شيء ، ويقال طبيعة لذات كل شيء. وإذا أريد بالطبيعة ما يتقوم (٥) به جوهر كل شيء حق أن يختلف فيها بحسب اختلاف المذاهب والآراء. فمن رأى أن يجعل الجزء الأحق (٦) من كل جوهر بأن يقومه هو عنصره وهيولاه ، قال : إن طبيعة كل (٧) شيء عنصره ومن رأى أن يجعل الصورة أحرى بذلك ، جعلها طبيعة الشيء. وعسى أن يكون فى أهل البحث قوم ظنوا أن الحركة هى المبدأ الأول لإفادة الجواهر قواماتها ، فجعلوها طبيعة كل شيء ، ومن جعل طبيعة كل شيء صورته جعلها في البسائط ماهيتها البسيطة وفي المركبات المزاج. وستعلم بعد (٨) أن المزاج ما هو ونرشدك الآن إليه يسيرا ، فنقول.

إن المزاج هو كيفية تحصل (٩) من تفاعل كيفيات متضادة في أجسام متجاورة ، وقد كان الأقدمون من الأوائل شديدى الشغف بتفضيل المادة والقول بها وتصيرها طبيعة ، ومنهم أنطيقون (١٠) الذي يذكره المعلم الأول ويحكى عنه أنه أصر على أن المادة هى الطبيعة ، وأنها هى المقومة للجواهر (١١) ، ويقول لو كانت الصورة هى الطبيعة في الشيء لكان السرير إذا عفن وصار بحيث يفرع غصنا وينبته فرع سرير ، أو ليس كذلك ، بل يرجع إلى طبيعة الخشبية (١٢) فينبت (١٣) خشبا. كأن هذا الرجل رأى أن الطبيعة هى المادة ، ولا كل مادة ، بل المحفوظ ذاتها في كل تغير ، وكأنه لم يفرق بين الصورة الصناعية وبين الطبيعية (١٤) ، بل لم يفرق بين العارض وبين الصورة ولم يعرف أن مقوم (١٥) الشيء يجب أن لا يكون منه بد عند وجود الشيء ، ليس أنه الذي لا بد منه عند عدم الشيء

__________________

(١) قد تبقى : قد بقيت بخ.

(٢) إليها : إليه م.

(٣) أحق : وأحق ط.

(٤) ذكرناه : ذكرنا ط.

(٥) ما بتقوم : ما ينفق ط.

(٦) الأحق : اللاحق م.

(٧) طبيعة كل : الطبيعة لكل م.

(٨) بعد : ساقطة من د.

(٩) تحصل : تحدث د.

(١٠) انطيقون : لانطيقون سا ؛ انطيغون ط.

(١١) للجواهر : للجوهر سا.

(١٢) الخشبية : الخشب ط

(١٣) فينبت : وينبت ط.

(١٤) الطبيعية : الطبيعة سا.

(١٥) مقوم : مفهوم د ؛ يقوم سا.


أو يكون ثابتا (١) عند عدم الشيء. وما يغنينا أن يكون الشيء ثابتا في الأحوال (٢) ، ووجوده لا يكفى في أن يحصل الشيء بالفعل مثل هذا الذي هو الهيولى التي لا تفيد وجود الشيء بالفعل ، بل إنما تفيد قوة وجوده ، بل (٣) الصورة هى التي تجعله بالفعل. ألا ترى (٤) أن الخشب واللبن إذا وجدا كان للبيت (٥) كون بالقوة ، ولكن كونه بالفعل مستفاد من صورته حتى لو جاز أن تقوم صورته لا في المادة لاستغنى عنها. وهذا الرجل ذهب عليه أيضا أن الخشبية صورة ، وأنها عند الإثبات محفوظة ، فإن (٦) كان الذي يهمنا (٧) في مراعاة شرائط كون الشيء طبيعة (٨) هو أن تكون مفيدة للشيء جوهريته ، فالصورة أولى بذلك.

ولما كانت الأجسام البسيطة هى ما هى بالفعل بصورتها (٩) ، ولم تكن هى ما هى بموادها وإلا لما اختلفت.

فبين أن الطبيعة ليست هى المادة ، وأنها (١٠) هى الصورة في البسائط ، وأنها في نفسها (١١) صورة من الصور ليست (١٢) مادة من المواد. أو ما في المركبات فغير خاف عليك أن الطبيعة المحدودة (١٣) وحدها لا تعطى ماهياتها ، بل هى مع زوائد ، إلا أن تسمى صورتها الكاملة طبيعة على سبيل الترادف ، فتكون الطبيعة تقال حينئذ على هذه (١٤) وعلى الأول بالاشتراك. وأما الحركة فهى أبعد من أن تكون طبيعة للأشياء ، فإنها كما يتضح طارئة في حالة النقص وغريبة عن (١٥) الجوهر.

__________________

(١) أو يكون ثابتا : ولا انفكاك ويكون ثبتا بخ ؛ ويكون ثابتا سا.

(٢) الأحوال : الأقوال د.

(٣) بل : قبل د.

(٤) ألا ترى : لا ترى د

(٥) للبيت : البيت سا ، م.

(٦) فان : وإن ط

(٧) يهمنا بيناب.

(٨) كون الشيء طبيعة : الطبيعة د ، سا ؛ طبيعة ط ؛ كون الشيء طبيعته م.

(٩) بصورتها : بصورها ط.

(١٠) وأنها : + هى ط

(١١) نفسها : أنفسها ط

(١٢) ليست : وليست م.

(١٣) المحدودة : ساقطة من سا.

(١٤) هذه : هذا ط.

(١٥) عن : من ط.


[الفصل السابع]

ز ـ فصل (١)

فى الفاظ مشتقة من الطبيعة وبيان احكامها

هاهنا (٢) ألفاظ تستعمل ، فيقال الطبيعة والطبيعى وماله الطبيعة وما بالطبيعة وما بالطبع وما يجرى المجرى الطبيعى (٣). فالطبيعة قد عرفتها ، وأما الطبيعى فهو كل منسوب إلى الطبيعة ، والمنسوب إلى الطبيعة هو إما ما فيه الطبيعة (٤) ، وإما ما عن الطبيعة. والذي فيه الطبيعة فالمتصور (٥) بالطبيعة أو الذي الطبيعة كالجزء من صورته ، وأما ما عن الطبيعة فالآثار (٦) والحركات وما يجانس (٧) ذلك من الزمان والمكان وغيره ، وأما ماله الطبيعة فهو (٨) الذي (٩) فى نفسه مثل هذا المبدأ وهو الجسم المتحرك بطباعه (١٠) ، وأما ما بالطبيعة فهو كل ما وجوده (١١) بالفعل من (١٢) الطبيعة أو قوامه بالفعل (١٣) عن (١٤) الطبيعة بالوجود الأول كالأشخاص الطبيعية أو بالوجود الثاني كالأنواع الطبيعة. وأما ما (١٥) بالطبع فهو كل ما يلزم الطبيعة كيف كان على مشاكلة القصد ، كالأشخاص والأنواع الجوهرية ، أو لازما لها ، كالأعراض اللازمة والحادثة. وأما ما يجرى مجرى (١٦) الطبيعى ، فمثل الحركات والسكونات التي توجبها الطبيعة بنفسها لذاتها لا خارجة عن مقتضاها ، والخارج عن مقتضاها (١٧) ربما كان بسبب غريب وربما كان عنها نفسها (١٨) بسبب (١٩) قابل فعلها وهو المادة ، فإن الرأس المسفط والأصبع الزائدة ليسا جاريين (٢٠) على (٢١) المجرى الطبيعى ، ولكنهما (٢٢) بالطبع وبالطبيعة إذ سببهما (٢٣) الطبيعة ، ولكن ليس لنفسها ، بل لعارض ، وهو كون المادة بحال في كيفيتها (٢٤) أو كميتها تقبل ذلك.

__________________

(١) فصل : فصل ز ب ؛ الفصل السابع م ؛ ساقطة من م. (٢) هاهنا : وهاهنا ط.

(٣) المجرى الطبيعى : مجرى الطبيعة ط. (٤) الطبيعة (الأولى) : ساقطة من ط

(٥) فالمتصور : والمتصور د. (٦) فالآثار : بالآثار سا

(٧) يجانس : يجالس م. (٨) فهو : وهو ط

(٩) الذي : + له سا. (١٠) بطباعه : + والساكن بطباعه سا ، م

(١١) ما وجوده : ما كان وجوده سا

(١٢) من : عن م. (١٣) بالفعل : ساقطة من د ، م

(١٤) عن : من ط (١٥) وأما ما : وما سا ؛ وأما م.

(١٦) مجرى : الجرى د ، سا ، م. (١٧) مقتضاها (الثانية) : مقتضاه ط.

(١٨) نفسها : ساقطة من د (١٩) بسبب : لسبب ط.

(٢٠) ليسا جاريين : ليس جاريا ب ، د سا ، م ؛ + ما ط

(٢١) على : ساقطة من د سا ، م.

(٢٢) ولكنهما : ولكنه د ، سا ، م

(٢٣) سببهما : سببه ب ، د ، سا ، م.

(٢٤) كيفيتها : كيفها د.


والطبيعة تقال على وجه جزئى ، وتقال على وجه كلى. فالتى (١) تقال على وجه جزئى هى الطبيعة الخاصة بشخص شخص (٢) ، والطبيعة التي تقال على وجه (٣) كلى فربما كانت كلية بحسب (٤) نوع ، وربما كانت كلية على الإطلاق ، وكلاهما لا وجود لهما في الأعيان ذواتا قائمة إلا في التصور ، بل لا وجود إلا للجزئى (٥). أما أحدهما فهو ما تعقله من مبدأ مقتضى (٦) التدبير الواجب في استحفاظ نوع نوع (٧) ، والثاني ما نعقله من مبدأ مقتضى (٨) التدبير الواجب في استحفاظ الكل على نظامه.

وقد ظن بعضهم أن كل واحد (٩) منهما قوة موجودة ، أما الأولى فسارية في أشخاص النوع ، وأما الأخرى (١٠) فسارية في الكل. وظن بعضهم أن كل واحد منهما هو (١١) في ذاته وفيضانه عن المبدأ الأول واحد ومنقسم (١٢) بانقسام الكل ويختلف (١٣) في القوابل. وليس من هذا شيء يجب أن يصغى إليه ، فإنه (١٤) لا وجود إلا للقوى المختلفة التي في القوابل ولم تكن البتة متحدة ثم انقسمت. نعم لها نسبة إلى شيء واحد ، والنسبة إلى الشيء الواحد الذي هو المبدأ لا يرفع الاختلاف الذاتى عن الأشياء ولا يقوّم المنسوبات (١٥) مجردة بأنفسها ، بل لا وجود للطبيعة (١٦) بهذا المعنى لا في ذات المبدأ الأول ، فإنه من المحال أن يكون في ذاته شيء (١٧) غير (١٨) ذاته كما تعلم بعد ، ولا في طريق السلوك إلى الأشياء كأنه فائض ، لكنه (١٩) بعد لم يصل ولا له وجود في الأشياء متحدا بلا اختلاف ، بل طبيعة كل شيء (٢٠) آخر بالنوع أو بالنوع أو بالعدد. ولا أيضا ما يمثلونه من شروق الشمس كذلك ، فإن الشمس لا ينفصل (٢١) عنها شيء يقوّم واحدا لا جسم ولا عرض ، بل إنما يحدث شعاعها (٢٢) في القابل ويحدث (٢٣) في كل قابل آخر بالعدد وليس لذلك الشعاع وجود في غير القابل ، ولا هو (٢٤) من جملة شعاع جوهر الشمس قد انحدر منه إلى المواد فغشيها. نعم لو لم يختلف القابل وكان واحدا ، لكان الأثر واحد بحسبه (٢٥) حينئذ ، ويتبين (٢٦) لك تحقيق هذا كله في غير هذه الصناعة.

__________________

(١) فالى : فالشيء د. (٢) شخص : ساقطة من د

(٣) على وجه : بوجه ب ، د ، سا ، م

(٤) بحسب .... كلية : ساقطة من د.

(٥) للجزئى : لجزئى ط. (٦) مقتضى : يقتضى ط

(٧) نوع نوع : نوع د ، سا ، م.

(٨) مقتضى : يقتضى ط. (٩) واحد : واحدة ط

(١٠) وأما الأخرى : والأخرى د ، سا ، م.

(١١) هو : ساقطة من د. (١٢) ومنقسم : وينقسم سا ، ط ، م.

(١٣) ويخلف : ساقطة من د.

(١٤) فإنه : وإنه م. (١٥) المنسوبات : النسوبات د.

(١٦) للطبيعة : لطبيعة م. (١٧) شيء : + غريب بخ ، ط ، م

(١٨) غير : عن ط ، م. (١٩) لكنه : ساقطة من سا.

(٢٠) شيء : + شيء ط. (٢١) لا ينفصل : لا يفصل سا.

(٢٢) شعاعها : شعاعا د ، سا ؛ شعاعهما ط

(٢٣) ويحدث : ويجذب م. (٢٤) ولا هو : + شيء ط.

(٢٥) بحسبه : يحسب سا

(٢٦) ويتبين : وتبين سا ، م.


لكن إن كانت طبيعة كلية (١) من هذا الجنس ، فلا تكون على أنها طبيعة ، بل على أنها (٢) أمر معقول عند الأوائل والمبادئ التي يفيض منها تدبير الكل أو على أنها طبيعة جرم أول من (٣) الأجرام (٤) السماوية التي بتوسطها يستحفظ (٥) النظام ولا يكون البتة طبيعة واحدة الماهية سارية في الأجسام الأخرى (٦).

فهكذا (٧) يجب أن تتصور الطبيعة الكلية والجزئية ، ثم تعلم أن كثيرا مما هو خارج عن مجرى الطبيعة الجزئية ليس بخارج عن مجرى الطبيعة الكلية (٨) ، فإن الموت وإن كان غير مقصود في الطبيعة الجزئية التي (٩) في زيد ، فهو مقصود في الطبيعة الكلية من وجوه : أحدها لتخلص النفس عن البدن للسعادة في السعداء ، وهى المقصودة ولها خلق البدن ، وإذا (١٠) أخلفت (١١) فليس (١٢) لسبب من الطباع ، بل لسوء الاختيار. وليكون لقوم آخرين حالهم في استحقاق الوجود حال هذا الشخص وجودا ، فإنه إن خلد هؤلاء لم يسع للآخرين (١٣) مكان ولا قوت. وفي قوة المادة فضل للآخرين وهم يستحقون مثل هذا الوجود ، وليسوا أولى بالعدم الدائم من هؤلاء بالخلود ، فهذه وغيرها (١٤) مقاصد في الطبيعة الكلية. وكذا الأصبع الزائدة فهى (١٥) مقصودة (١٦) الطبيعة الكلية التي يقتضى أن تكسى كل مادة ما يستعد لها من الصور (١٧) ولا تعطل ، فإذا فضلت (١٨) مادة تستحق الصورة (١٩) الإصبعية لم تحرم ولم تضيع.

__________________

(١) كلية : كلينه م

(٢) على أنها طبيعة بل : ساقطة من سا.

(٣) جرم أول من : جرم من أول من سا

(٤) الأجرام ط.

(٥) يستحفظ : استحفظ ط

(٦) الأخرى : الأخر ط.

(٧) فهكذا : فكذا سا ، هكذا م.

(٨) الكلية : ساقطة من ب ، د ، ط.

(٩) التي : ساقطة من م.

(١٠) وإذا : فإذا د ؛ وإذ سا ، ط ، م

(١١) أخلفت : اختلف د ؛ اختلفت سا ، ط ، م

(١٢) فليس : فليست ط ؛ وليست م.

(١٣) للآخرين : الآخرين سا ، م.

(١٤) وغيرها : ساقطة من د ، سا

(١٥) فهى : هو سا ؛ هى م

(١٦) مقصودة : مقصود في د ، سا ؛ مقصودة في م.

(١٧) الصور : الصورة د ، سا ، ط.

(١٨) فضلت : صلت سا ؛ فضلت م

(١٩) الصورة : الصور د ؛ للصورة ط.


[الفصل الثامن]

ز ـ فصل (١)

فى كيفية بحث العلم الطبيعى ومشاركاته

لعلم آخر (٢) ان كانت (٣) له مشاركة(٤)

وإذا (٥) قد (٦) عرفت الطبيعة ، وعرفت الأمور الطبيعية فقد اتضح لك فضل اتضاح (٧) أن العلم الطبيعى عن أى الأشياء يبحث ، ولما كان المقدار المحدود من لوازم هذا الجسم الطبيعى وعوارضه الذاتية أعنى الطول والعرض والعمق المشار إليها وكان الشكل من لوازم المقدار كان الشكل أيضا من عوارض الجسم الطبيعى. ولما كان المهندس موضوعه المقدار فموضوعه عارض (٨) من عوارض (٩) الطبيعى ، والعوارض التي يبحث عنها هى (١٠) من عوارض هذا العارض.

فمن هذه الجهة تصير الهندسة جزئية بوجه ما عند العلم الطبيعى ، ولكن (١١) الهندسة الصرفة لا تشارك (١٢) الطبيعى في المسائل. وأما علم الحساب فهو أبعد من (١٣) المشاركة وأشد بساطة ، بل هاهنا علوم أخرى تحتها (١٤) كعلم الأثقال وعلم الموسيقى وعلم الأكر المتحركة ، وعلم المناظر وعلم الهيئة. وهذه العلوم أقرب مناسبة إلى العلم الطبيعى ، وعلم الأكر المتحركة أبسطها ، وموضوعه كرة متحركة. والحركة شديدة المناسبة للمقادير لاتصالها وإن كان (١٥) اتصالها لا لذاتها ، بل لسبب (١٦) مسافة أو زمان ، كما نبين نحن من بعد. ثم البراهين الموردة (١٧) في علم الأكر المتحركة لا تستعمل فيها المقدمات الطبيعية البتة.

وأما علم الموسيقى فموضوعه النغم والأزمنة وله مبادئ من علم الطبيعى (١٨) ومبادئ من علم الحساب. وكذلك (١٩) علم الأثقال وعلم المناظر أيضا موضوعه مقادير منسوبة إلى وضع ما من البصر وله مبادئ من الطبيعيات ومن الهندسة.

__________________

(١) فصل : فصل ح ب ؛ الفصل الثامن ط ، م ؛ ساقطة من د.

(٢) لعلم آخر : لعلوم أخر م

(٣) كانت له مشاركة : كان د

(٤) له مشاركة : تشاركة سا ، م.

(٥) وإذ : فإذ م

(٦) قد : ساقطة من م

(٧) اتضاح : إيضاح سا ، م.

(٨) عارض : ساقطة من سا

(٩) عوارض : + الجسم ط

(١٠) هى : هو سا.

(١١) ولكن : لكن د ، ط ، م.

(١٢) لا تشارك : + العلم ط.

(١٣) من : + هذا ط

(١٤) تحتها : تحتهما م.

(١٥) كان : كانت ط (١٦) لسبب : بسبب ط

(١٧) الموردة : ساقطة من سا ، م.

(١٨) الطبيعى : الطبيعيين سا ، م.

(١٩) وكذلك : فكذلك م.


وهذه العلوم لا تشارك كلها (١) العلم الطبيعى في المسائل البتة ، وكلها ينظر في الأشياء التي لها من حيث هى ذوات كم ، ومن حيث لها عوارض الكم التي لا يوجب تصور عروضها للكم أن يجعلها (٢) كما في جسم طبيعى فيه مبدأ حركة وسكون لا يحتاج إلى ذلك.

وأما علم الهيئة فموضوعه أعظم أجزاء موضوع العلم (٣) الطبيعى ، ومبادئه طبيعية وهندسية. أما الطبيعية فمثل أن حركة الأجرام السماوية يجب أن تكون محفوظة على نظام واحد وما أشبه ذلك مما استعمل كثير منه فى أول المجسطى. وأما الهندسية فما (٤) لا يخفى ويخالف سائر تلك العلوم في أنه يشارك الطبيعى في المسائل أيضا ، فيكون موضوع مسائله شيئا من موضوعات مسائل العلم الطبيعى ، والمحمول فيه أيضا عارض من عوارض الجسم الطبيعى ومحمول في مسائل العلم الطبيعى ، مثل أن الأرض كرية والسماء كرية وما أشبه ذلك. فهذا العلم كأنه ممتزج من طبيعى ومن تعليمى ، فإن (٥) التعليمى المحض مجرد لا في مادة البتة ، وكان هذا موقع لذلك المجرد في مادة معينة. لكن المقدمات المبرهن بها على المسائل المشتركة لصاحب الهيئة والطبيعى مختلفة. أما مقدمات (٦) التعليمى فرصدية مناظرية أو هندسية ، وأما مقدمات الطبيعى فمأخوذة مما توجه طبيعة (٧) الجسم الطبيعى وربما خلط الطبيعى فأدخل (٨) المقدمات التعليمية (٩) في براهينه ، وخلط التعليمى فأدخل المقدمات الطبيعية في براهينه. وإذا (١٠) سمعت الطبيعى يقول : لو لم تكن الأرض كرية لم يكن فصل الكسوف القمرى هلاليا ، فاعلم أنه قد خلط (١١). وإذا سمعت التعليمى (١٢) يقول : وأشرف الأجرام له أشرف الأشكال وهو المستدير وأن أجزاء الأرض يتحرك إليها (١٣) على الاستقامة وما أشبه ذلك ، فاعلم أنه قد (١٤) خلط.

وانظر كيف يختلط الطبيعى والتعليمى في البرهان على أن جرما ممّا (١٥) من البسائط كرى. أما التعليمى فيستعمل فى بيان ذلك ما يجد عليه حال الكواكب (١٦) في شروقها وغروبها وارتفاعها عن الأفق وانخفاضها ، وان ذلك

__________________

(١) لا تشارك كلها : كلها لا تشارك سا ، م.

(٢) يجعلها : يجعله ط.

(٣) العلم : علم ط ، م.

(٤) فما : فمما ط.

(٥) فإن : كان ب د ، سا ، م.

(٦) مقدمات : ساقطة من د ، سا

(٧) طبيعة : ساقطة من م.

(٨) فأدخل : وأدخل د ، سا

(٩) التعليمية : الطبيعية سا.

(١٠) وإذا : فإذا ط.

(١١) خلط : خلطه ب

(١٢) التعليمى : الطبيعى م.

(١٣) إليها إليه سا. (١٤) قد : ساقطة من سا.

(١٥) ما : ساقطة من سا ، م.

(١٦) الكواكب : ساقطة من سا.


لا يمكن إلا أن تكون الأرض كرية. والطبيعى (١) يقول إن الأرض جرم (٢) بسيط ، فشكله الطبيعى الذي يجب ، طبيعة (٣) متشابهة يستحيل (٤) ان يكون مختلفا فيه ، فيكون في بعضه زاوية وفي بعضه خط مستقيم ، أو يكون بعضه على ضرب من الانحناء والآخر على خلافه ، فنجد الأول قد أتى بدلائل مأخوذة من مناسبة (٥) المقابلات والأوضاع والمحاذيات ، من غير أن تكون محتاجة (٦) إلى أن يكون فيها تعرض (٧) لقوة (٨) طبيعية موجبة فيها لمعنى. وتجد الثاني قد أتى بمقدمات مأخوذة من مقتضى طبيعة الجسم الطبيعى بما هو طبيعى ، والأول (٩) أن يكون قد أعطى الإنية ولم يعط العلة (١٠) والثاني (١١) العلة واللمية. والأعداد بما هى أعداد قد توجد في الموجودات الطبيعية ، إذ يوجد فيها واحد وواحد آخر. وكون كل واحد منهما (١٢) واحد ليس كونه (١٣) ذاته (١٤) من ماء أو نار أو أرض أو شجرة (١٥) أو غير ذلك ، بل الوحدة أمر لازم له خارج عن ماهية. واعتبار ذينك الواحدين من حيث هما في نحو من أنحاء الوجود معا هو صورة الاثنينية في ذلك (١٦) الوجود ، وكذلك في غير ذلك من الأعداد وهذا هو العدد المعدود.

وقد توجد في (١٧) الموجودات غير الطبيعية التي سيتضح أن (١٨) لها إنية وقواما فليس العدد داخلا في العلم الطبيعى ، لأنه لا هو جزء ولا هو نوع من موضوعه ، ولا هو (١٩) عارض خاص به ، فهويته لا تقتضى تعلقا لا بالطبيعيات (٢٠) ولا بغير الطبيعيات (٢١). ومعنى التعلق أن يكون وجوده خاصا بما قيل إنه متعلق به مقتضيا إياه ، بل هو مباين لكل واحد منهما بالقوام وبالحد ، ويتعلق إن كان ولا بد بالموجود (٢٢) العام فيكون من الأمور اللازمة له.

فطبيعة العدد بحيث (٢٣) تصلح أن تعقل مجردة عن المادة أصلا ، والنظر فيها من حيث هى طبيعة العدد وما يعرض لها من هذه الجهة نظر مجرد عن المادة ، ثم قد (٢٤) تعرض لها أحوال ينظر فيها الحاسب ، وتلك (٢٥) الأحوال لا تعرض لها إلا وقد وجب تعلقها (٢٦) بالقوام بالمادة ، وإن لم يجب تعلقها بها بالحد ، ولم تكن مما (٢٧) تخصها (٢٨) بمادة معينة

__________________

(١) والطبيعى : فالطبيعى م. (٢) جرم : حسم د ، ط.

(٣) طبيعة : طبيعته د ، ط (٤) يستحيل : مستحيل ب ، سا.

(٥) مناسبة : مناسبات ط. (٦) محتاجة : محتاجا م

(٧) يكون فيها تعرض : يتعرض فيها م

(٨) لقوة : بقوة ط. (٩) والأول : فالأول ط ، م.

(١٠) العلة (الأولى والثانية) : العلية ط ، م

(١١) والثاني : + أعطى سا ، م. (١٢) منهما : منها ب ، سا

(١٣) كونه : كون م (١٤) ذاته : ذاتا ط

(١٥) شجرة : شجر ط. (١٦) ذلك : + النحو من ط.

(١٧) فى (الأولى) : ساقطة من سا ، ط ، م

(١٨) أن : أنها د ، ط. (١٩) ولا هو : ولا سا ، م.

(٢٠) لا بالطبيعيات : إلا بالطبيعيات د ، ط.

(٢١) ولا بغير الطبيعيات : ساقطة من م.

(٢٢) بالموجود : بالوجود م. (٢٣) بحيث : ساقطة من ط.

(٢٤) قد : ساقطة من ط (٢٥) وتلك : تلك ب سا ، م.

(٢٦) تعلقها (الأولى والثانية) : تعليقها سا ، ط ، م.

(٢٧) مما : بما م (٢٨) تخصها : نخصصها ، ط ، م.


فيكون النظر في طبيعة العدد من حيث هى كذلك نظرا رياضيا ، وأما (١) المقادير فإنها تشارك المتعلقات بالمادة وتباينها (٢) ، أما مشاركتها للمتعلقات بالمادة فلأن المقادير هى من (٣) المعانى القائمة في المادة لا محالة ، وأما مباينها فمن جهات. من ذلك (٤) أن من الصور الطبيعية ما يظهر من أمره في أول الأمر أنه لا يصلح أن يكون عارضا لكل مادة اتفقت مثل الصورة التي للماء من حيث هى (٥) ماء ، فإنها مستحيلة (٦) أن توجد في المادة الحجرية من حيث هى على مزاجها لا كالتدوير الذي يصح (٧) أن يحل المادتين جميعا وأى مادة كانت ، والصورة (٨) الإنسانية وطبيعتها فإنها مستحيلة (٩) أن توجد في المادة الخشبية ، وهذا أمر لا يلزم الذهن في تحققه (١٠) كثير تكلف ، بل يقرب (١١) مناله (١٢) ، ومنها ما لا يستحيل في بادى النظر أن يعرض لأى مادة اتفقت مثل البياض والسواد وأشياء من هذا الجنس ، فإن الذهن لا يستوحش من إحلالها أية مادة اتفقت ، لكن العقل والنظر يوجبان من بعد أن طبيعة البياض والسواد (١٣) غير عارضة إلا لمزاج واستعداد مخصوص ، وأن المستعد للتسود بمعنى التلون لا بمعنى التصبغ ليس قابلا للبياض الذي بذلك المعنى لأمر في مزاجه وغريزته ، لكنهما وإن كانا (١٤) كذلك فلا يتصور ولا واحد منهما في الذهن إلا مقارنا لأمر ليس هو هو ، وذلك الأمر هو السطح أو المقدار المباين للون في المعقول. ثم قد يتشارك أيضا هذان القسمان المذكوران في أمر ، وهو أن الذهن لا يعقل (١٥) واحدا منهما إلا وقد (١٦) لحقه خاصية نسبة إلى أمر آخر يقارن (١٧) ذاته كالموضوع. فإن الذهن إذا أحضر صورة الإنسان (١٨) لزمه أن يحضر معها نسبة لها إلى مادة مخصوصة لا تتخيل إلا كذلك. والبياض أيضا إذا أحضره التصور أحضر معه انبساطا هو فيه ضرورة وأبى (١٩) أن يتصور بياضا (٢٠) إلا تصور (٢١) قدرا. ومعلوم أن البياضية غير القدرية ، ونجعل نسبة البياضية (٢٢) إلى القدرية شبيهة بنسبة شيء إلى أمر موضوع له. ثم المقدار يفارق هذين الصنفين فيما يشتركان فيه ، إذ الذهن يقبل (٢٣) المقدار على أنه مجرد ، وكيف لا يقبله (٢٤) وهو محتاج إلى استقصاء (٢٥) في البحث حتى ينكشف له أن المقدار لا يوجد إلا في مادة ويفارق القسم الأول (٢٦) بشيء يخصه ، وهو أن الذهن إذا تكلف نسبة المقدار إلى المادة لم يضطر إلى (٢٧) أن يعد له (٢٨) مادة مخصوصة

__________________

(١) وأما : أن ط. (٢) وتباينها : + له ب (٣) من : ساقطة من ط. (٤) ذلك : تلك ط.

(٥) هى (الأولى) : هو م (٦) مستحيلة : مستحيل م.

(٧) يصح : يصلح ط (٨) والصورة : والصور ب.

(٩) مستحيلة : مستحيل م (١٠) تحققه : تحقيقة ط

(١١) يقرب : يعرف د (١٢) مناله : تناوله ط.

(١٣) وأشياء .... والسواد : ساقطة من م. (١٤) كانا : كان ط.

(١٥) لا يعقل : لا يقبل ب ، سا ، م (١٦) إلا وقد : الآن قد سا.

(١٧) يقارن : ساقطة من سا (١٨) الإنسان : الإنسانية د ، سا ، ط ، م.

(١٩) وأبى : وإلى م. (٢٠) بياضا : بياض ط

(٢١) تصور : أن يتصور ط (٢٢) غير ... البياضية : ساقطة من ط.

(٢٣) يقبل : قبل م. (٢٤) لا يقبله : لا يقبل د

(٢٥) استقصاه : الاستقصا ط. (٢٦) القسم الأول : هذا القسم د ، ط

(٢٧) إلى (الثانية) : ساقطة من سا ، م (٢٨) له : لها سا


ويفارق القسم الثاني بأن (١) الذهن وإن لم يضطر في تصور المقدار إلى أن يجعل له مادة مخصوصة ، فالقياس والعقل لا يضطره إليها (٢) أيضا ، إذ الذهن يستغنى في نفس تصور المقدار عن (٣) تصوره في المادة. والقياس لا يوجب أيضا أن يكون للمقدار اختصاص بمادة نوعية معينة ، لأن المقدار لا يفارق شيئا من المواد ، فليس مما يكون خاصا بمادة (٤) ، ومع ذلك فهو مستغن في التوهم والتحديد (٥) عن المادة. وقد ظن (٦) أن البياض والسواد هذا حكمه (٧) أيضا ، وليس كذلك ، فإنه لا التصور التخيلى (٨) ولا الرسوم ولا الحدود المعطاة لها (٩) تغنى عن ذلك إذا حقق واستقصى ، وإنما يتجردان بمعنى آخر وهو أن المادة ليس (١٠) جزء قوامهما كما هو (١١) جزء قوام المركب (١٢) ، لكنه (١٣) جزء حديهما. وكثير من الأشياء يكون جزء حد الشيء ولا يكون جزءا من قوامه إذا كان حده يتضمن نسبة ما إلى شيء خارج عن وجود الشيء.

وقد شرح هذا المعنى (١٤) في كتاب البرهان ، فصناعة الحساب وصناعة الهندسة صناعتان لا تحتاجان في إقامتهما البراهين أن تتعرضا (١٥) للمادة الطبيعية أو تأخذا مقدمات تتعرض للمادة بوجه ، لكن صناعة الكرة (١٦) المتحركة وأشد منها صناعة الموسيقى ، وأشد منها صناعة المناظر ، وأشد من ذلك صناعة الهيئة تأخذ المادة أو شيئا (١٧) من عوارض المادة ، وذلك لأنها (١٨) تبحث عن أحوالها (١٩) ، فمن الضرورة أن (٢٠) تأخذها (٢١). وذلك لأن هذه الصناعات إما أن تبحث عن عدد لشيء (٢٢) أو مقدار (٢٣) أو شكل (٢٤) في شيء ، والعدد والمقدار والشكل عوارض لجميع الأمور الطبيعية. ويعرض مع العدد والمقدار (٢٥) اللواحق الذاتية أيضا بالعدد والمقدار ، فإذا أريد أن يبحث عما يعرض من أحوال العدد والمقدار في أمر من الأمور الطبيعية لزم ضرورة أن يلتفت (٢٦) إلى ذلك الأمر الطبيعى وكأن الصناعة الطبيعية (٢٧) صناعة بسيطة والصناعة (٢٨) التعليمية التي هى حساب صرف وهندسة صرفة صناعة بسيطة ويتولد ما بينهما صنايع موضوعاتها من صناعة ومحمولات المسائل فيها من صناعة. وإذا (٢٩) كان بعض العلوم

__________________

(١) بأن : فى سا. (٢) إليها : إليهما سا.

(٣) عن : عند م. (٤) مادة : + معينة ط

(٥) والتحديد : والتجديد بخ (٦) ظن : يظن م

(٧) حكمه : حكمها ط. (٨) التخيلى : التحيل ط

(٩) لها : لهما ط. (١٠) ليس : ليست ط

(١١) هو : هى ب ، ط (١٢) المركب : المركبات ط

(١٣) لكنه : لكنها م. (١٤) المعنى : ساقطة من سا.

(١٥) تتعرضا : تعرض ب (١٦) الكرة : الكثرة د.

(١٧) شيئا : شيء ط. (١٨) لأنها : لأنه سا

(١٩) أحوالها : أحواله سا (٢٠) أن : أنها ب ؛ أنه سا ، م

(٢١) تأخذها : تأخذه سا. (٢٢) لشيء : الشيء د ، ط

(٢٣) أو مقدار : أو عن مقدار ط (٢٤) أو شكل : وشكل م.

(٢٥) والمقدار (الأولى): + والشكل م.

(٢٦) يلتفت : ساقطة من م. (٢٧) الطبيعيه : المتبقية د

(٢٨) والصناعة : والصناعات ط.

(٢٩) وإذا : إذا م.


المنسوبه إلى الرياضة مما يحوج الذهن إلى التفات نحو المادة لمناسبة بينه وبين الطبيعيات ، فكيف ظنك بالعلم الطبيعى نفسه وما أفسد ظن من يظن أن الواجب أن يشتغل في العلم الطبيعى بالصورة ويخلى عن المادة أصلا.

[الفصل التاسع]

ط ـ فصل (١)

فى تعريف اشد العلل اهتماما للطبيعى في بحثه

قد رفض بعض الطبيعيين ومنهم أنطيقون (٢) مراعاة أمر الصورة رفضا كليا ، واعتقد أن المادة هى (٣) التي يجب أن تحصل وتعرف ، فاذا حصلت هى تحصيلا فما بعد ذلك أغراض ولواحق غير متناهية لا تضبط.

ويشبه أن تكون هذه المادة التي قصر عليها هؤلاء نظرهم هى المادة المتجسمة المنطبعة (٤) دون (٥) الأولى ، وكأنهم (٦) عن الأولى غافلون.

وربما احتج هؤلاء ببعض الصنائع ، وقايس بين الصناعة الطبيعية (٧) وبين الصناعة المهنية ، فقال : إن مستنبط (٨) الحديد وكده تحصيل الحديد وما عليه من صورته (٩) ، والغواص وكده تحصيل الدرة وما عليه من صورتها والذي يظهر لنا فساد هذا الرأى إفقاده إيانا الوقوف على خصائص الأمور الطبيعية ونوعياتها التي هى صورها (١٠) ومناقضة صاحب المذهب نفسه نفسه (١١) ، فإنه إن أقنعه الوقوف على الهيولى غير (١٢) المصورة ، فقد قنع من العلم بمعرفة شيء لا وجود له بالفعل ، بل كأنه أمر بالقوة. ثم من أى الطرق (١٣) يسلك إلى إدراكه ، إذ قد أعرض عن المصور والأعراض صفحا ، والصور (١٤) والأعراض هى التي تجر أذهاننا إلى إثباته ، فإن لم يقنعه الوقوف على الهيولى غير (١٥)

__________________

(١) فصل : فصل ط ب ، الفصل التاسع ط ، م.

(٢) انطيقون : انطيفون ط

(٣) هى : ساقطة من سا ، م.

(٤) المنطبعة : المنطبقة د

(٥) دون : + الحسبة د ، ط

(٦) وكأنهم : فكأنهم سا ، ط ، م.

(٧) الطبيعية : + النظرية ط

(٨) مستنبط : يستنبط سا.

(٩) صورته : صورة ط.

(١٠) صورها : صورتها م.

(١١) نفسه نفسه : نفسه ط

(١٢) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(١٣) الطرق : الطريق ط

(١٤) الصور : الصورة م.

(١٥) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.


المصورة ، ورام للهيولى صورة مثل صورة المائية أو الهوائية ، أو غير ذلك فما خرج (١) عن النظر في الصورة وظنه أن (٢) مستنبط الحديد غير مضطر إلى مراعاة أمر الصورة ظن فاسد. فإن مستنبط الحديد ليس موضوع صناعته (٣) هو الحديد ، بل هو غاية في صناعته وموضوعه (٤) الأجسام المعدنية التي يكب (٥) عليها بالحفر والتذويب. وفعله ذلك هو (٦) صورة صناعته ، ثم تحصيل الحديد غاية صناعته ، وهو موضوع لصنائع أخرى أربابها لا يعنيهم (٧) مصادقة الحديد عن التصرف فيه بإعطائه صورة أو عرضا.

وقد قام بإزاء هؤلاء طائفة أخرى من الناظرين في علم الطبيعة ، فاستخفوا (٨) بالمادة أصلا وقالوا : إنها إنما قصدت في الوجود لتظهر فيها الصورة بآثارها ، وأن المقصود الأول هو الصورة ، وأن من أحاط بالصورة علما فقد استغنى عن الالتفات إلى المادة إلا على سبيل شروع فيما لا يعنيه.

وهؤلاء أيضا مسرفون في جنبة اطراح (٩) المادة ، كما أولئك كانوا مسرفين في جنبة اطراح الصورة (١٠). وبعد تعذر ما يقولونه في علوم الطبيعة (١١) على ما أومأنا إليه قبل هذا الفصل ، فقد قنعوا بأن يجهلوا (١٢) المناسبات التي بين الصور وبين المواد ، إذ ليس (١٣) كل صورة مساعدة لكل مادة ، ولا كل مادة متمهدة لكل صورة ، بل تحتاج الصورة (١٤) النوعية الطبيعية في أن تحصل موجودة في الطباع إلى مواد نوعية متخصصة (١٥) بصور لأجلها ما استتم استعدادها لهذه الصورة (١٦) إلى وكم من عرض إنما يحصل عن الصورة بحسب مادتها (١٧) وإذا (١٨) كان العلم التام الحقيقى هو الإحاطة بالشيء كما هو وما يلزمه ، وكانت ماهية الصورة النوعية أنها مفتقرة إلى مادة معينة أو لازم لوجودها وجود مادة معينة ، فكيف يستكمل علمنا بالصورة ، إذ لم يكن هذا من حالها متحققا عندنا ، أو كيف (١٩) يكون هذا من حالها متحققا من عندنا ، ونحن لا نلتفت إلى المادة ولا مادة أعم اشتراكا فيها وأبعد عن الصورة (٢٠) من المادة الأولى. وفي علمنا بطبيعتها وأنها بالقوة كل شيء ، نكتسب علما بأن الصورة التي في مثل هذه المادة إما واجب زوالها بخلافة أخرى (٢١) غيرها أو ممكن غير موثوق به (٢٢). وأى معنى أشرف من هذه (٢٣) المعانى التي من

__________________

(١) خرج : يخرج سا. (٢) أن : أنه سا.

(٣) صناعته : صناعة ب ، د ، ط

(٤) وموضوعه : وموضوعها ط

(٥) يكب : يكتب م. (٦) هو : هى سا ، م

(٧) لا يعنيهم : لا يعنيها سا.

(٨) فاستخفوا : واستخفوا ط.

(٩) اطراح : اطواح د (١٠) الصورة : الصور ب ، د ، ط.

(١١) علوم الطبيعة : العلوم الطبيعية سا ، م

(١٢) يجهلوا : يجهل ط. (١٣) إذ ليس : وليس د ؛ ليس م.

(١٤) الصورة : الصور سا ، ط ، م (١٥) متخصصة : مخصصة سا.

(١٦) الصورة (الأولى) : الصور سا ، ط ، م

(١٧) مادتها : مادته سا ، م (١٨) وإذا : فإذا ط.

(١٩) أو كيف : وكيف م. (٢٠) الصورة : الصور د.

(٢١) أخرى : ساقطة من د (٢٢) به : ساقطة من د

(٢٣) هذه : ساقطة من سا ، م.


حقها أن تعلم من معنى حال الشيء في وجود نفسه وأنه وثيق أو قلق ، بل الطبيعى مفتقر في براهينه ومحتاج فى استتمام صناعته إلى أن يكون محصلا للإحاطة بالصورة (١) والمادة جميعا. لكن الصورة تكسبه علما بما هو به (٢) الشيء بالفعل (٣) أكثر من المادة ، والمادة تكسبه العلم بقوة وجوده في أكثر الأحوال ، ومنهما جميعا يستتم العلم بجوهر الشيء.

[الفصل العاشر]

ى ـ فصل (٤)

فى تعريف (٥) اصناف علة علة من الأربع

قد استعملنا (٦) فيما تقدم (٧) إشارات دلت على أن الجسم (٨) الطبيعى علة عنصرية وعلة فاعلية ، وعلة صورية ، وعلة غائية. فحرى بنا الآن أن نعرف أحوال هذه العلل فنستفيد منها سهولة سلوك السبيل إلى معرفة المعلولات الطبيعية. أما أن لكل كائن فاسد أو لكل واقع في الحركة أو لكل ما هو مؤلف من مادة وصورة عللا موجودة وأنها هذه الأربع لا غير ، فأمر لا يتكلفه (٩) نظر الطبيعى (١٠) ، وهو إلى الإلهى. وأما تحقيق ماهيتها والدلالة على أصولها وضعا ، فأمر لا يستغنى عنه الطبيعى.

فنقول : إن العلل الذاتية للأمور الطبيعية أربع : الفاعل ، والمادة ، والصورة ، والغاية.

والفاعل في الأمور الطبيعية قد يقال لمبدإ الحركة في آخر غيره من جهة ما هو آخر. ونعنى بالحركة هاهنا كل خروج من قوة إلى فعل في مادة. وهذا المبدأ هو الذي يكون سببا لإحالة غيره وتحريكه عن قوة إلى فعل والطبيب أيضا إذا عالج نفسه فإنه مبدأ حركة في آخر بأنه آخر ، لأنه إنما يحرك العليل ، والعليل غير الطبيب من جهة ما هو عليل ، وهو إنما (١١) يعالج من جهة ما هو هو ، أعنى من جهة ما هو طبيب. وأما (١٢) تعالجه وقبوله

__________________

(١) بالصورة : بالصور د ، ط.

(٢) علما بما هو به : علم هو به سا ، م ؛ علما بهوية. (٢) ط

(٣) بالفضل : بالعقل د.

(٤) فصل : فصل ى ب ؛ : الفصل العاشر ط ، م.

(٥) تعريف : ساقطة من ب.

(٦) استعملنا : استعملها د

(٧) تقدم : سلف ب ، سا ، م

(٨) للجسم. الجسم م.

(٩) لا يتكلفه : يتكلفه بخ.

(١٠) الطبيعى : الطبيعيين د ، سا ، م.

(١١) إنما (الثانية) : ساقطة من د

(١٢) وأما : فأما د ، سا.


العلاج وتحركه بالعلاج ، فليس من جهة (١) ما هو طبيب ، بل من جهة ما هو عليل. ومبدأ الحركة إما مهيئ وإما متمم ، والمهيئ هو الذي يصلح المادة كمحرك (٢) النطفة (٣) في الإحالات المعدة ، والمتمم هو الذي يعطى الصورة ويشبه أن يكون (٤) الذي يعطى الصورة المقومة للأنواع الطبيعية خارجا عن الطبيعيات. وليس (٥) على الطبيعى أن يتحقق ذلك بعد أن يضع أن هاهنا مهيئا وهاهنا معطى صورة. ولا شك أن المهيئ مبدأ حركة ، والمتمم أيضا هو مبدأ الحركة لأنه المخرج بالحقيقة (٦) من القوة إلى الفعل ، وقد يعد المعين والمسير في مبادئ الحركة. أما المعين فيشبه أن يكون جزءا من مبدأ الحركة ، كأن مبدأ الحركة جملة الأصل والمعين ، إلا أن الفرق بين المعين والأصل أن الأصل يحرك لغاية له ، والمعين يحرك لغاية ليست له ، بل للأصل (٧) أو لغاية ليست نفس غاية الأصل الحاصلة بالتحريك ، بل غاية أخرى كشكر أو أجر أو بر. وأما المشير فهو مبدأ الحركة بتوسط ، فإنه سبب الصورة (٨) النفسانية التي هى مبدأ الحركة (٩) الأولى (١٠) لأمر إرادى ، فهو مبدأ المبدأ. فهذا هو الفاعلى بحسب (١١) الأمور الطبيعية.

فأما (١٢) إذا أخذ المبدأ الفاعلى لا بحسب الأمور الطبيعية ، بل بحسب الوجود نفسه ، كان معنى أعم من هذا ، وكان كل ما هو سبب لوجود مباين لذاته من حيث هو مباين ومن حيث ليس ذلك الوجود لأجله علة فاعلية.

ولنقل الآن في المبدأ المادى ، فنقول : إن المبادئ المادية تشترك في معنى ، وهى (١٣) أنها في طبائعها حاملة (١٤) لأمور غريبة عنها ، ولها نسبة إلى المركب منها ومن تلك الماهيات (١٥) ، ولها نسبة إلى تلك الماهيات نفسها (١٦). مثلا أن الجسم له نسبة إلى المركب ، أى إلى الأبيض ، ونسبة البسيط (١٧) أى إلى البياض. ونسبته إلى المركب نسبة (١٨) علية (١٩) أبدا ، لأنه جزء من قوام (٢٠) المركب ، والجزء في ذاته أقدم من الكل (٢١) ومقوم لذاته. وأما (٢٢) نسبته إلى تلك الأمور فلا تعقل إلا على أجسام ثلاثة : إما أن يكون لا يتقدمها في الوجود ولا يتأخر عنها ، أعنى لا هى محتاجة إلى الأمر الآخر في التقوم (٢٣) ولا ذلك الأمر محتاج (٢٤) إليها في التقوم. والقسم الثاني أن تكون المادة محتاجة إلى مثل

__________________

(١) جهة : + ما هو هو أعنى من جهة ط ، م.

(٢) كمحرك : كمتحرك د (٣) النطفة : النطف ط.

(٤) يكون : + هو ط. (٥) وليس : إذ ليس سا ، ط ، م.

(٦) بالحقيقة : ساقطة من سا. (٧) للأصل : الأصل م.

(٨) الصورة : للصورة د (٩) الحركة : + التي هى ط ، م

(١٠) الأولى : العلة الأولى م (١١) بحسب د ، م. (١٢) فأما : وأما سا ، م.

(١٣) وهى : وهو م (١٤) حاملة : حاصلة سا.

(١٥) الماهيات : الهيئات ط (١٦) نفسها : أنفسها سا.

(١٧) إلى البسيط أى : ساقطة من سا (١٨) نسبة : نسبته م.

(١٩) علية : علة ، م سا. (٢٠) قوام : ساقطة من م

(٢١) الكل : الكل سا (٢٢) وأما : فأما ط.

(٢٣) التقوم (الأولى والثانية) : التقويم سا ، ط ، م

(٢٤) محتاج : يحتاج م.


ذلك الأمر في التقوم (١) بالفعل ، والأمر (٢) يكون مقدما (٣) عليها في الوجود الذاتى ، كأن وجوده ليس متعلقا بالمادة بل بمبادئ أخرى ، ولكنه يلزمه إذا وجد أن يقوم مادتها (٤) ويحصلها (٥) بالفعل ، كما أن كثيرا من الأشياء تكون مقومة (٦) بشيء ويلزمها (٧) بعد تقومها (٨) أن يقوم شيئا آخر ، ربما كان ما يقومه بمفارقة (٩) لذاتها (١٠) ، وربما كان تقومها (١١) بمخالطة من ذاته ، ومثل هذا الأمر يسمى صورة ، وله قسط في تقويم المادة بمقارنة ذاته ، وهو (١٢) كل المقوم القريب وبيان ذلك في الصناعة الأولى (١٣).

والقسم الثالث هو أن تكون المادة متقومة في ذاتها وحاصلة بالفعل ، وأقدم من ذلك الشيء ، ويقوم (١٤) ذلك الشيء. وهذا الشيء هو الذي نسميه عرضا بالتخصيص وإن كنا ربما سمينا جميع هذه الهيئات أعراضا.

فيكون القسم الأول يوجب إضافة المعية ، والقسمان الآخران إضافة تقدم وتأخر. لكن في الأول منهما التقدم لما في المادة ، وفي الثاني منهما التقدم (١٥) للمادة. والقسم الأول ليس بظاهر الوجود ، وكأنه إن كان له مثال فهو النفس (١٦) والمادة الأولى إذا اجتمعا في تقويم الإنسان. وأما (١٧) القسمان الآخران فقد أخبرنا عنهما مرارا :

وللمادة (١٨) مع المتكون عنها التي (١٩) هى جزء من وجوده (٢٠) نوع آخر من اعتبار المناسبة ، ويصلح أيضا أن تنقل (٢١) هذه المناسبة إلى الصورة ، فإن المادة قد تكفى وحدها في أن تكون هى الجزء المادى لما هو ذو مادة (٢٢) ، وذلك فى (٢٣) صنف من الأشياء ، وقد لا تكفى ما لم تنضم إليها مادة أخرى ، فتجتمع منها (٢٤) ومن الأخرى ، كالمادة الواحدة (٢٥) لتمامية صورة الشيء ، وذلك في صنف من الأشياء ، كالعقاقير للمعجون والكيموسات للبدن. وإذا كانت المادة إنما يحصل منها الشيء بأن يكون معها غيرها ، فإما أن يكون بحسب الاجتماع فقط (٢٦) كأشخاص الناس للعسكرية والمنازل للمدينة ، وإما بحسب الاجتماع والتركيب معا فقط كاللبن والخشب للبيت ، وإما بحسب الاجتماع والتركيب والاستحالة كالأسطقسات (٢٧) للكائنات. فإن الاسطقسات (٢٨) لا يكفى نفس اجتماعها ولا نفس

__________________

(١) التقوم : التقويم د ، سا ، ط ، م (٢) والأمر : فالأمر ط.

(٣) مقدما : متقدما سا ، ط ، م. (٤) مادتها : + مادة ما طا

(٥) ويحصلها : ويجعلها سا ، ط ، م. (٦) مقومة : تقومه سا ، ط ، م

(٧) ويلزمها : ويلزم سا ؛ ويلزم ط ، م (٨) تقومها : تقومه سا ، ط ، م ؛ + لكنه د ، سا ، ط ، م.

(٩) بمفارقة : بمفارقته سا ، ط ، م (١٠) لذاتها : لذاته سا ، ط ، م ،

(١١) تقومها : تقويمها د ؛ تقويمه سا ، ط ، م (١٢) وهو : أو هو د ، سا ، ط ، م.

(١٣) الصناعة الأولى : صناعة الأولى د ، ط ؛ صناعة الفلسفة الأولى طا.

(١٤) ويقوم : + بها ط. (١٥) التقدم (الثانية) : المقدم د.

(١٦) فهو النفس : فالنفس سا. (١٧) وأما : أما سا. (١٨) وللمادة : ساده دزسا (١٩) التي : الذي م

(٢٠) وجوده : وجوه م. (٢١) تنقل : تنتقل ط. (٢٢) مادة : عدة ط. (٢٣) فى : ساقطة من سا.

(٢٤) منها : منه سا (٢٥) الواحدة : الواحد د.

(٢٦) فقط : ساقطة من ط. (٢٧) كالأسطقات : كالأستقصات سا

(٢٨) الأسطقسات : الأستقصات سا.


تركيبها بالتماس والتلاقى وقبول الشكل ، لأن تكون منها الكائنات ، بل بأن يفعل بعضها في بعض ، وينفعل بعضها من بعض (١) ، وتستقر للجملة كيفية متشابهة تسمى (٢) مزاجا ، فحينئذ تستعد للصورة النوعية. ولهذا ما كان الترياق وما أشبهه إذا خلطت أخلاطه واجتمعت وتركبت ، لم يكن ترياقا بعد ولا له صورة الترياقية ، إلى أن يأتى عليها (٣) مدة في مثلها بفعل بعضها في بعض بكيفياتها فتستقر لها كيفية واحدة كالمتشابهة (٤) في جميعها فيصدر عنها فعل المشاركة. فهذه (٥) ، فإن صورتها (٦) الذاتية تكون ثابتة محفوظة ، والأعراض التي (٧) بها يتفاعل التفاعل الاستحالى فيعتبر ويستحيل استحالة بأن ينتقص كل إفراط يكون في كل مفرد منها إلى أن تستقر فيها كيفية الغالبات أنقص مما في الغالب. وقد جرت العادة بأن يقال إن المقدمات نسبتها إلى النتيجة مشاكلة لمناسبة المواد والصور والأشبه أن تكون صورة المقدمات شكلها ، وتكون (٨) المقدمات بشكلها تشاكل (٩) السبب الفاعل (١٠) ، فإنها كسبب (١١) فاعل (١٢) للنتيجة (١٣) ، والنتيجة من حيث هى نتيجة شيء خارج عنها.

لكنهم لما وجدوا الحد الأصغر والحد الأكبر إذا التأما حصلت النتيجة ، وقد كانا قبل ذلك في القياس وقع الظن بأن (١٤) في القياس موضوع النتيجة. فيخطى (١٥) ذلك إلى (١٦) أن ظن أن القياس نفسه موضوع النتيجة. لكن الحد الأصغر والحد الأكبر طبيعتا هما موضوعتان لصور ، فإنهما موضوعتان (١٧) لصورة (١٨) النتيجة ، وليستا حينئذ الحد الأصغر والحد الأكبر ، وموضوعتان لأن تكونا حدا أصغر وحدا أكبر ، وليستا حينئذ موضوعتين للنتيجة لأن كل واحد منهما إذا كان على نمط من النسبة إلى الآخر كان حدا أصغر وحدا أكبر ، وذلك النمط هو أن ينسب (١٩) معا بالفعل نسبة معينة إلى الأوسط ، وأن يكون لهما إلى النتيجة نسبة إلى شيء بالقوة. وإذا كانا على نمط آخر كانا موضوعين للنتيجة بالفعل ، وذلك النمط (٢٠) هو أن ينسب كل واحد منهما إلى الآخر نسبة الحمل والوضع أو التلو والتقديم (٢١) ، بعد نسبة كانت لهما. ومع ذلك فليس أيضا عين (٢٢) ما هو في القياس حدا أكبر أو أصغر (٢٣) هو بالقوة موضوع النتيجة ، بل آخر من نوعه. فليس يمكن أن نقول إن شيئا واحدا بالعدد يعرض له أن يكون موضوعا لكونه حدا أكبر وحدا أصغر ، وموضوعا (٢٤) لكونه جزء (٢٥) النتيجة.

__________________

(١) من بعض : ساقطة من م (٢) تسمى : فتسمى سا.

(٣) عليها : عليه سا ، ط ، م (٤) كالمتشابهة : كالمشابهة م.

(٥) فهذه : هذه د ، سا ، ط ، م (٦) صورتها : صورها سا ، م

(٧) الى : ساقطة من د. (٨) وتكون : وقد تكون د

(٩) تشاكل : تتشاكل ط (١٠) الفاعل : الفاعل د ، ط.

(١١) كسبب : ساقطة من سا (١٢) فاعل : فاعل ب ، د ، م

(١٣) للنتيجة : ذاتية ط. (١٤) بأن : + الحدود ط

(١٥) فيخطى : + من ط (١٦) إلى : ساقطة من ط.

(١٧) الصور فإنهما موضوعتان : ساقطة من سا (١٨) الصورة : الصور د.

(١٩) ينسبا : ينسبها د. (٢٠) النمط : نمط د.

(٢١) والتقديم : والتقدم د. (٢٢) عين : غير سا.

(٢٣) أو أصغر : وأصغر سا. (٢٤) وموضوعا : وموضوعها د

(٢٥) جزء : حد سا.


فلست أفهم كيف ينبغى أن تجعل المقدمات موضوعة للنتيجة ، فإذا قسنا (١) المادة إلى ما عنها يحدث فقط فقد تكون المادة مادة لقبول الكون ، وقد تكون لقبول الاستحالة ، وقد تكون لقبول الاجتماع والتركيب ، وقد تكون لقبول التركيب والاستحالة معا.

فهذا ما نقوله في العلة المادية (٢). وأما الصورة فقد تقال للماهية التي إذا حصلت في المادة قومتها نوعا. ويقال صورة لنفس النوع ، ويقال صورة للشكل والتخطيط خاصة ، ويقال صورة لهيئة الاجتماع كصورة (٣) العسكر وصورة المقدمات المقترنة ، ويقال صورة للنظام المستحفظ كالشريعة ، ويقال صورة لكل هيئة كيف كانت ، ويقال صورة لحقيقة كل شيء كان جوهرا أو عرضا ويفارق النوع ، فإن هذا قد يقال للجنس الأعلى ، وربما قيل صورة للمعقولات (٤) المفارقة للمادة والصورة المأخوذة إحدى (٥) المبادئ (٦) هى بالقياس إلى المركب منها ومن المادة أنها جزء له (٧) يوجبه (٨) بالفعل في مثله ، والمادة جزء لا يوجبه (٩) بالفعل. فإن وجود المادة لا يكفى في كون الشيء بالفعل ، بل في كون الشيء بالقوة ، فليس الشيء هو ما هو بمادته (١٠) ، بل بوجود الصورة يصير الشيء بالفعل. وأما تقويم الصورة للمادة فعلى نوع آخر ، والعلة الصورية قد (١١) تكون بالقياس إلى جنس أو نوع وهو الصورة التي تقوم المادة ، وقد تكون بالقياس إلى الصنف ، وهو الصورة التي قد قامت المادة دونها نوعا وهو طارئ (١٢) عليها كصورة الشكل للسرير ، والبياض بالقياس إلى جسم أبيض.

وأما الغاية فهى المعنى الذي لأجله تحصل الصورة في المادة ، وهو الخير الحقيقى (١٣) أو الخير المظنون. فإن كل تحريك يصدر عن فاعل لا بالعرض ، بل بالذات فإنه يروم به ما هو خير بالقياس إليه. فربما كان بالحقيقة (١٤) ، وربما كان بالظن ، فإنه إما أن يكون كذلك ، أو يظن به ذلك (١٥) ظنا.

__________________

(١) قسنا : نسبنا سا.

(٢) المادية : المادة م.

(٣) كصورة : كهيئة ط.

(٤) المقولات : المقولات م

(٥) إحدى : أحد سا ، ط ، م

(٦) المبادئ : + التي سا.

(٧) جزء له : حركة د

(٨) يوجبه : يوجه م

(٩) لا يوجبه : ولا يوجبه د.

(١٠) بمادته : بمادة سا.

(١١) قد : ساقطة من سا ، م.

(١٢) وهو طارئ : وهى طارئة ط.

(١٣) الحقيقى : ساقطة من م.

(١٤) أو الخير ... بالحقيقة : ساقطة من م.

(١٥) ذلك : ساقطة من سا.


[الفصل الحادى عشر]

ك ـ فصل (١)

فى مناسبات (٢) العلل

الفاعل من جهة سبب للغاية. وكيف لا يكون كذلك ، والفاعل هو الذي يحصل الغاية موجودة. والغاية من جهة هى سبب الفاعل ، وكيف لا تكون كذلك وإنما يفعل الفاعل لأجلها وإلا لما كان يفعل. فالغاية تحرك الفاعل إلى أن يكون فاعلا ، ولهذا إذا قيل : لم ترتاض؟ فيقول لأصح (٣) ، فيكون هذا جوابا ، كما إذا قيل : لم صححت؟ فيقول لأنى ارتضت ، ويكون جوابا. والرياضة سبب فاعلى للصحة (٤) ، والصحة سبب غائى للرياضة. ثم إن قيل : لم تطلب الصحة فقيل (٥) : لأرتاض ، لم يكن جوابا صحيحا عن صادق الاختيار (٦) ثم إن قيل : لم تطلب الرياضة ، فقيل (٧) لكى أصح ، كان الجواب صحيحا.

والفاعل ليس علة لصيرورة الغاية غاية ، ولا لماهية الغاية في نفسها ، ولكن علة لوجود ماهية الغاية فى الأعيان : وفرق بين الماهية والوجود كما علمته (٨). والغاية علة لكون الفاعل فاعلا ، فهى (٩) علة له في كونه علة ، وليس الفاعل علة للغاية في كونها علة. وهذا سيتضح في الفلسفة الأولى.

ثم الفاعل والغاية كأنهما مبدءان غير قريبين من المركب المعلول ، فإن الفاعل إما أن يكون مهيئا للمادة فيكون سببا لإيجاد المادة القريبة من المعلول ، لا سببا قريبا من المعلول ، أو يكون معطيا للصورة. فيكون سببا لإيجاد (١٠) الصورة القريبة.

والغاية سبب للفاعل في أنه فاعل ، وسبب للصورة (١١) والمادة بتوسط (١٢) تحريكها (١٣) للفاعل المركب (١٤). فالمبادئ

__________________

(١) فصل : فصل ك ب ؛ الفصل الحادى عشر ط ، م ؛ ساقطة من د.

(٢) مناسبات : مناسب د.

(٣) لأصح : ليصح ب ، د ، سا ، م.

(٤) للصحة : الصحة سا.

(٥) فقيل : فقال م.

(٦) ثم ان ... الاختبار : ساقطة من سا

(٧) فقيل : فقال م.

(٨) علمته : علمت د

(٩) فهى : فهو سا.

(١٠) لإيجاد : لاتحاد م.

(١١) للصورة : الصورة د

(١٢) بتوسط : بسبب م

(١٣) تحريكها : تحريكه سا.

(١٤) المركب : للمركب ب ، د ، ط.


القريبة من الشيء هى الهيولى والصورة ، ولا واسطة بينهما وبين الشيء ، بل هما علتاه (١) ، على أنهما جزءان يقومانه بلا واسطة ، وإن اختلف تقويم كل واحدة (٢) منهما ، وكان (٣) هذا علة غير العلة التي هى ذاك.

لكنه ربما عرض أن كانت المادة علة بواسطة وبغير واسطة معا من وجهين (٤) ، والصورة علة بواسطة وبغير واسطة معا من وجهين (٥). أما المادة ، فإذا كان المركب ليس نوعا ، بل صنفا ، وكانت الصورة لا التي تخص (٦) باسم الصورة ، بل هيئة عرضية ، فحينئذ تكون المادة مقومة لذات ذلك العرض الذي يقوم ذلك الصنف من حيث (٧) هو صنف ، فتكون علة ما للعلة. لكن وإن كان كذلك فمن حيث المادة جزء من المركب وعلة مادية فلا واسطة (٨) بينهما ، وأما الصورة ، فإذا كانت الصورة صورة (٩) حقيقية ومن مقولة الجوهر وكانت تقوم المادة بالفعل والمادة علة للمركب ، فتكون هذه الصورة علة لعلة المركب. لكنه وإن كان كذلك فمن حيث الصورة جزء من المركب وعلة صورية فلا واسطة بينهما. فالمادة إذا كانت علة علة المركب فليس من حيث هى علة مادية للمركب ، والصورة ، إذا كانت علة علة المركب فليس من حيث هى علة صورية للمركب. وقد يتفق أن تكون ماهية الفاعل والصورة والغاية ماهية واحدة ، فتكون هى التي تعرض لها إما (١٠) أن تكون فاعلا (١١) وصورة وغاية فإن في الأب (١٢) مبدأ لتكون الصورة الإنسانية من النطفة وليس ذلك كل شيء من الأب ، بل صورته (١٣) الإنسانية ، وليس الحاصل في النطفة إلا الصورة الإنسانية ، وليست الغاية التي تتحرك إليها النطفة إلا (١٤) الصورة الإنسانية ، لكنها من حيث تقوم مع المادة (١٥) نوع الإنسان (١٦) فهى صورة ، ومن حيث تنتهى إليها حركة (١٧) النطفة فهى غاية ، ومن حيث يبتدئ منه (١٨) تركيبها (١٩) فاعلة. فإذا (٢٠) قيست إلى المادة والمركب كانت صورة. وإذا قيست إلى الحركة كانت غاية مرة وفاعلة مرة ، إما غاية فباعتبار انتهاء الحركة وهى الصورة التي في الابن ، وإما فاعلة فباعتبار ابتداء الحركة وهى الصورة التي في الأب.

__________________

(١) علتاه : قلناه م. (٢) واحدة : ساقطة من سا ، م

(٣) وكان : فكان ط.

(٤) المادة ... وجهين : للمادة وللصورة علة بواسطة وبغير واسطة معا من وجهين ولذلك الصورة بما عرض ذلك م.

(٥) والصورة ... ووجهين : ساقطة من ب ، د ، سا (٦) تخص : تختص ط.

(٧) حيث : + أن ط. (٨) فلا واسطة : بلا واسطة سا

(٩) صورة : ساقطة من م. (١٠) إما : ساقطة من سا ، م

(١١) فاعلا : للفاعلة ط. (١٢) الأب (الأولى) : الآن م

(١٣) صورته : صورة سا. (١٤) إلا : + أن م.

(١٥) مع المادة : بالمادة سا (١٦) الإنسان : للإنسان م.

(١٧) حركة : الحركة م.

(١٨) منه : ساقطة من سا ، ط ، م

(١٩) تركيبها : تركبها ط ؛ + منه سا ؛ + منها ط ، م

(٢٠) فإذا : وإذا ب د ، سا.


[الفصل الثاني عشر]

ل ـ فصل (١)

فى اقسام احوال العلل

إن كل واحد من العلل قد يكون بالذات وقد يكون بالعرض ، وقد يكون قريبا وقد يكون بعيدا (٢) ، وقد يكون خاصا ، وقد يكون عاما ، وقد يكون جزئيا ، وقد يكون كليا ، وقد يكون بسيطا ، وقد يكون مركبا وقد يكون بالقوة ، وقد يكون بالفعل ؛ وقد يتركب (٣) بعض هذه مع بعض.

ولنصور هذه الأحوال أولا في العلة الفاعلية ، فنقول : إن العلة الفاعلة (٤) بالذات هى (٥) مثل الطبيب إذا عالج والنار إذا سخنت ، وهو أن تكون العلة مبدأ لذات الفعل وأخذت (٦) من حيث هى مبدأ له. والعلة الفاعلة (٧) بالعرض ما خالف ذلك. وهو على أصناف : من ذلك أن يكون الفاعل يفعل فعلا ، فيكون (٨) ذلك الفعل مزيلا لضد ممانع ضده ، فيقوى الضد الآخر فينسب إليه فعل الضد الآخر ، مثل السقمونيا إذا برد بإسهال الصفراء ، أو يكون الفاعل مزيلا لمانع شيئا عن فعله الطبيعى ، وإن لم يكن يوجب مع المنع ضدا مثل مزيل الدعامة عن هدف فإنه يقال إنه هو هادم الهدف (٩). ومنه أن يكون الشيء الواحد معتبرا باعتبارات لأنه ذو صفات ، ويكون من حيث له واحدة منها مبدأ بالذات لفعل (١٠) فلا ينسب إليها ، بل إلى بعض المقارنة لها ، كما يقال : إن الطبيب يبنى ، أى الموضوع الذي للطبيب هو بناء ، فيبنى لأنه بناء لا لأنه طبيب. أو يؤخذ (١١) الموضوع وحده غير مقرون (١٢) بتلك الصفة ، فيقال : إن الإنسان يبنى ، ومن ذلك أن يكون الفاعل بالطبع أو الإرادة متوجها إلى غاية ما (١٣)

__________________

(١) فصل : فصل ل ب ؛ الفصل الثاني عشر م.

(٢) وقد يكون بعيدا : ساقطة من م.

(٣) يتركب : تركب م.

(٤) الفاعلة : الفاعلية ، م.

(٥) هى : هو د ، سا.

(٦) وأخذت : وأخذ سا ، ط ، م

(٧) الفاعلة : الفاعلية ط.

(٨) فيكون : ويكون سا ، ط ، م.

(٩) الهدف : + وإنما انهدم لنقله بالذات ط.

(١٠) لفعل : + فعلا ط.

(١١) يؤخذ : يوجد سا ، م

(١٢) مقرون : مقترن سا ، ط ، م.

(١٣) ما : ساقطة من سا.


فبلغها أولا يبلغها ، لكن يعرض معها غاية أخرى مثل الحجر ليشج (١) ، وإنما عرض (٢) له ذلك لأنه بذاته يهبط (٣) فاتفق (٤) أن وقعت (٥) هامة في ممره فأتى (٦) عليها بثقله (٧) فشجها.

وقد يقال للشيء إنه فاعل بالعرض ، وإن كان ذلك الشيء لم يفعل أصلا ، إلا أنه يتفق أن يكون في أكثر الأمور (٨) يتبع حضوره أمر محمود أو مذموم (٩) ، فيعرف بذلك ، فيستحب قربه إن كان يتبعه أمر ، محمود ويتيامن (١٠) به أو يستحب بعده إن كان يتبعه أمر محذور ، ويتطير منه ويظن أن حضوره سبب لذلك الخير أو لذلك الشر.

وأما الفاعل القريب ، فهو الذي لا واسطة بينه وبين المفعول ، مثل الوتر لتحريك الأعضاء.

والبعيد هو الذي بينه وبين المفعول واسطة ، مثل النفس لتحريك الأعضاء.

وأما الفاعل الخاص فهو الذي إنما ينفعل عن الواحد منه وحده شيء بعينه ، مثل الدواء الذي يتناوله زيد في بدنه. والفاعل العام فهو (١١) الذي يشترك في الانفعال عنه أشياء كثيرة ، مثل الهواء المغير لأشياء كثيرة ، وإن كان بلا واسطة.

وأما الجزئى فهو إما العلة الشخصية لمعلول (١٢) شخصى ، كهذا الطبيب لهذا العلاج ، أو العلة (١٣) النوعية لمعلول (١٤) نوعى مساو له في مرتبة (١٥) العموم والخصوص ، مثل الطبيب للعلاج. وأما الكلى فأن (١٦) تكون تلك الطبيعة غير موازية (١٧) لما بإزائها من المعلول ، بل (١٨) أعم ، مثل الطبيب لهذا العلاج أو الصانع للعلاج. وأما البسيط (١٩) فأن (٢٠) يكون صدور الفعل عن قوة فاعلية واحدة ، مثل الجذب والدفع في (٢١) القوى البدنية. وأما المركب فأن يكون صدور الفعل عن عدة قوى ، إما متفقة النوع كعدة يحركون سفينة ، أو مختلفة النوع كالجوع الكائن عن القوة الجاذبة والحاسة (٢٢). وأما الذي بالفعل فمثل النار بالقياس إلى ما اشتعلت فيه. وأما الذي بالقوة ، فمثل النار بالقياس إلى ما لم يشتعل فيه ويصح اشتعالها فيه.

والقوة قد تكون قريبة ، وقد تكون بعيدة ، والبعيدة كقوة الصبى على الكتابة ، والقريبة كقوة الكاتب

__________________

(١) ليشج : يشج سا ، م (٢) عرض : يعرض ط

(٣) يهبط : انهبط سا. (٤) فاتفق : فيتفق ط

(٥) وقعت : رفعت سا ؛ وقع على ط (٦) فأتى : فأنحى سا ، طا

(٧) بثقله : بثقلها سا. (٨) الأمور : الأمر سا ، ط ، م

(٩) مذموم : محذور سا ، م.

(١٠) ويتيامن : ويتيمن د. (١١) فهو : هو م.

(١٢) لمعلول : بمعلول م (١٣) أو العلة : والعلة د.

(١٤) لمعلول : بمعلول م. (١٥) مرتبة : رتبة ط

(١٦) فأن : فإنه سا ؛ فبأن ط. (١٧) موازية : موازنة سا ، م

(١٨) بل : بلاد (١٩) البسيط : البسيطة ط

(٢٠) فأن : بأن سا ؛ فبأن ط.

(٢١) أعم ... والدفع في : ساقطه من م.

(٢٢) والحاسة : والحساسة ط.


المقتنى للملكة الكتابية (١) على الكتابة. وقد يمكنك أن تركب (٢) بعض هذه مع بعض ، وقد وكلناه إلى ذهنك.

ولنورد هذه الاعتبارات أيضا في المبدأ المادى ، فأما المادة التي (٣) بالذات ، فهى (٤) التي لأجل نفسها تقبل الشيء مثل الدهن للاشتعال. وأما التي (٥) بالعرض ، فعلى أصناف من ذلك أن تؤخذ (٦) المادة مع صورة مضادة لصورة وتزول بحلولها ، فتؤخذ (٧) مع الصورة الزائلة (٨) مادة الصورة الحاصلة ، كما يقال إن الماء موضوع للهواء والنطفة موضوعة للإنسان والنطفة (٩) ليست موضوعة بما هى نطفة ، لأن النطفة تبطل عند كون الإنسان. أو يؤخذ (١٠) الموضوع مع صورة ليست داخلة في كون الموضوع موضوعا وإن لم يكن ضدا للصورة الأخرى المقصودة ، فيجعل موضوعا مثل قولنا (١١) : إن الطبيب يتعالج ، فإنه ليس إنما يتعالج من حيث هو طبيب ، ولكن من حيث هو عليل ، فالموضوع (١٢) للعلاج هو العليل (١٣) لا الطبيب.

وأما الموضوع القريب ، فمثل الأعضاء للبدن (١٤) ، والبعيد مثل الأخلاط بل الأركان. والموضوع الخاص فمثل جسم الإنسان بمزاجه لصورته ، والعام ، مثل الخشب للسرير والكرسى ولغير هما (١٥). وفرق بين القريب والخاص ، فقد يكون السبب المادى قريبا وعاما مثل الخشب للسرير (١٦). والموضوع الجزئى مثل هذا الخشب لهذا الكرسى أو هذا (١٧) الجوهر لهذا الكرسى ، والكلى (١٨) مثل الخشب لهذا والجوهر (١٩) للكرسى. والموضوع البسيط فمثل الهيولى للأشياء كلها والخشب عند الحس للخشبيات ، والمركب مثل الأخلاط للبدن ومثل العقاقير للترياق. والموضوع بالفعل مثل بدن الإنسان لصورته ، وبالقوة مثل النطفة لها أو الخشب غير (٢٠) المصور بالصناعة لهذا الكرسى. وهاهنا أيضا قد تكون القوة قريبة وقد تكون بعيدة.

وأما هذه الاعتبارات من جهة الصورة ، فالصورة التي بالذات مثل شكل الكرسى للكرسى والذي (٢١) بالعرض فمثل (٢٢) البياض أو السواد (٢٣) له. وربما كان نافعا في الذي (٢٤) بالذات مثل صلابة الخشب لقبول (٢٥) شكل الكرسى

__________________

(١) لملكة الكتابية : لملكة الكاتبية ط ؛ لملكة الكتابة م

(٢) تركب : يتركب ط. (٣) التي (الأولى) : ساقطة من سا ، م

(٤) فهى : فهو م. (٥) التي : الذي ط

(٦) تؤخذ : توجد م. (٧) فتؤخذ : فيوجد سا

(٨) الزائلة : النائلة د. (٩) النطفة : النطفية سا ، م

(١٠) يؤخذ : يوجد سا ، م. (١١) مثل قولنا : كقولنا م.

(١٢) فالموضوع : بالموضوع سا (١٣) العليل : العلل م.

(١٤) للبدن : البدل د. (١٥) ولغيرهما : ولغيره ب ، د ، م.

(١٦) والكرسى ... للسرير : ساقطة من سا. (١٧) أو هذا : وهذا م

(١٨) والكلى : العام بخ ، سا (١٩) لهذا الجوهر : لهذا الكرسى أو الجوهر ط ، م ، أو الجوهر لهذا سا.

(٢٠) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(٢١) والذي : والتي سا ، م. (٢٢) فمثل : مثل م

(٢٣) أو السواد : والسواد ط

(٢٤) الذي : التي ط ، م.

(٢٥) لقبول : لقبوله سا ، ط ، م.


وربما كانت الصورة بالعرض وبسبب (١) المجاورة كحركة الساكن في السفينة ، فإنه يقال للساكن في السفينة (٢) متحرك ومنتقل (٣) بالعرض ، والصورة القريبة فمثل (٤) التربيع لهذا المربع ، والبعيدة (٥) مثل (٦) ذى الزاوية له ، والصورة الخاصة لا تخالف الجزئية ، وهو مثل حد الشيء أو فصل (٧) الشيء أو خاصة الشيء والعامة فلا يفارق الكلية ، وهو (٨) مثل الجنس للخاصة. والصورة البسيطة فمثل (٩) صورة الماء والنار التي (١٠) هى (١١) صورة لم تتقوم من عدة صور مجتمعة ، والمركبة مثل صورة الإنسان (١٢) التي تحصل من عدة قوى وصورة (١٣) تجتمع. والصورة بالفعل معروفة والصورة بالقوة من وجه ما فهى (١٤) القوة مع العدم.

وأما اعتبار هذه المعانى من جهة الغاية ، فالغاية بالذات هى التي تنحوها الحركة الطبيعية (١٥) أو الإرادية لأجل نفسها لا غيرها ، مثل الصحة للدواء. والغاية بالعرض على (١٦) أصناف.

فمن ذلك ما يقصد ، ولكن لا لأجله ، مثل دق الدواء لأجل شرب الدواء لأجل (١٧) الصحة (١٨). وهذا هو النافع أو المظنون نافعا ، والأول هو الخير أو المظنون خيرا.

ومن ذلك ما يلزم الغاية أو يعرض لها. أما ما يلزم الغاية فمثل الأكل غايته التغوط ، وذلك لازم للغاية لا غاية ، بل الغاية هى (١٩) كف الجوع. وأما ما يعرض للغاية فمثل الجمال للرياضة ، فإن الصحة قد يعرض لها (٢٠) الجمال ، وليس الجمال هو المقصود بالرياضة.

ومن ذلك ما تكون الحركة متوجهة لا إليه فيعارضها هو ، مثل الشجة للحجر الهابط ومثل من يرمى طيرا (٢١) فيصيب إنسانا. وربما كانت الغاية الذاتية موجودة معها وربما لم يوجد.

وأما الغاية القريبة فكالصحة للدواء ، والبعيدة فكالسعادة للدواء.

وأما الغاية الخاصة فمثل لقاء زيد صديقه فلانا. وأما العامة فكإسهال الصفراء لشرب الترنجبين ، فإنه غاية له ، ولشرب البنفسج أيضا.

__________________

(١) وبسبب : ولسبب ط (٢) للساكن في السفينة : لساكن السفينة ب ، د ، سا.

(٣). (١ ـ ٢) متحرك ومنتقل : ينتقل ويتحرك سا.

(٤) فمثل : مثل م (٥) والبعيدة : والبعيد د

(٦) مثل : فمثل ط. (٧) أو فصل : وفصل م

(٨) وهو : وهى م. (٩) فمثل : مثل م

(١٠) التي : الذي سا ، م (١١) هى : هو سا ، م.

(١٢) الإنسان : الإنسلية ط

(١٣) صورة : وصور ط ، م.

(١٤) فهى : فهو سا.

(١٥) الطبيعية : للطبيعية م.

(١٦) للدواء ... على : ساقطة من م.

(١٧) لأجل (الثانية) : لأجل ط.

(١٨) أصناف ... الصحة : ساقطة من م.

(١٩) هى : هو ب ، د.

(٢٠) لها : له م.

(٢١) طيرا : طائرا م.


وأما الغاية الجزئية فكقبض زيد على فلان الغريم المقصود كان في سفره.

وأما الكلية فكانتصافه (١) من الظالم مطلقا.

وأما الغاية البسيطة فمثل الأكل للشبع. والمركبة مثل لبس الحرير (٢) للجمال ولقتل القمّل (٣). وهما بالحقيقة غايتان.

وأما الغاية بالفعل والغاية بالقوة ، فمثل الصورة بالفعل والصورة بالقوة.

واعلم أن العلة والغاية بالقوة (٤) ، بإزاء المعلول بالقوة ، فما دام العلة (٥) بالقوة علة ، فالمعلول بالقوة معلول. ويجوز (٦) أن يكون كل واحد منهما بالفعل ذاتا أخرى ، مثل أن تكون العلة إنسانا والمعلول خشبا ، فيكون الإنسان نجارا بالقوة ، والخشب منجورا بالقوة. ولا يجوز أن تكون ذات المعلول موجودة (٧) والعلة معدومة البتة. والذي يشكل في هذا من أمر (٨) البناء وبقائه بعد البانى ، فيجب أن يعلم أن البناء ليس يبقى بعد البانى ، على أن البناء معلول البانى ، فإن معلول البانى هو (٩) تحريك أجزاء (١٠) البناء إلى الاجتماع وهو لا يتأخر عنه. وأما ثبات (١١) الاجتماع وحصول الشكل فيثبت عن (١٢) علل موجودة ، إذا فسدت فسد (١٣) البناء. وتحقيق هذا المعنى وما يجرى مجراه مما سلف (١٤) موكول إلى الفلسفة الأولى ، فليتربص به إلى ما هناك.

__________________

(١) فكانتصافه : فانتصافه م.

(٢) الحرير : الحرب سا

(٣) القمل : العمل سا.

(٤) بالقوة (الأولى) : ساقطة من م

(٥) العلة (الثانية) : للعلة د

(٦) ويجوز : فيجوز ط.

(٧) موجودة : موجودا ب ، د ، سا.

(٨) أمر : ساقطة من م.

(٩) هو : ساقطة من ط

(١٠) أجزاء : آخر م.

(١١) ثبات : إثبات م.

(١٢) عن : + عدة ط

(١٣) فسد : فسدت م.

(١٤) مما سلف : ساقطة من ط.


[الفصل الثالث عشر]

م ـ فصل (١)

فى ذكر البخت والاتفاق والاختلاف فيهما

وايضاح حقيقة حالهما

وإذ قد تكلمنا عن الأسباب ، وكان البخت والاتفاق وما يكون من تلقاء (٢) نفسه قد (٣) ظن (٤) بها أنها من الأسباب فحرى بنا أن لا نغفل أمر النظر في هذه المعانى ، وأنها هل هى في الأسباب أو ليست في الأسباب (٥) ، وإن كانت فكيف هى في الأسباب.

وأما القدماء الأقدمون فقد كانوا اختلفوا في أمر البخت والاتفاق. ففرقة أنكرت أن يكون للبخت والاتفاق مدخل في العلل ، بل أنكرت أن يكون لهما معنى في (٦) الوجود البتة. وقالت : إنه من المحال أن نجد للأشياء أسبابا موجبة (٧) ونشاهدها فنعدل عنها ونعزلها عن أن تكون عللا ونرتاد لها عللا مجهولة من البخت والاتفاق ، فإن الحافر بئرا إذا عثر على كنز ، جزم أهل الغباوة القول بأن البخت السعيد قد لحقه ، وإن زلق فيه (٨) فانكسر رجله (٩) ، جزموا القول بأن البخت الشقى قد (١٠) لحقه. ولم يلحقه هناك بخت البتة ، بل كان من يحفر إلى الدفين يناله ، ومن (١١) يميل على زلق في شفير يزلق عنه. ويقولون إن فلانا لما خرج إلى السوق ليقعد في دكانه لمح غريما له فظفر بحقه ، فذلك من فعل البخت وليس كذلك ، بل ذلك لأنه قد توجه إلى مكان به غريمه وله حس بصر (١٢) فرآه (١٣). قالوا : وليس (١٤) وإن كان غايته في خروجه غير هذه الغاية ، يجب أن لا يكون الخروج إلى السوق سببا حقيقيا للظفر بالغريم ، فإنه يجوز أن يكون لفعل واحد غايات شتى ، بل أكثر الأفعال كذلك لكنه يعرض أن يجعل المستعمل لذلك الفعل أحد (١٥) تلك الغايات غاية ، فتتعطل (١٦) الأخرى بوضعه (١٧) لا في نفس الأمر

__________________

(١) فصل : فصل م ب ؛ الفصل الثالث عشر م.

(٢) تلقاء : لقاء م (٣) قد : فقد سا

(٤) قد ظن : يظن د. (٥) أو ليست في الأسباب : ساقطة من م.

(٦) في (الثانية) : من سا ، م.

(٧) موجبة : موجدة ط.

(٨) فيه : فيها د ، ط ، م

(٩) رجلة : ساقطة من سا ، م

(١٠) الشقى قد : ساقطة من م.

(١١) يناله ومن : يناوله من ط.

(١٢) بصر : نظر سا

(١٣) فرآه : نراه ب ، د ، ط

(١٤) وليس : ساقطة من م.

(١٥) أحد : إحدى ط

(١٦) فتتعطل : فتعطل سا ، م

(١٧) بوضعه : موضعه سا.


وهو (١) في نفس الأمر غاية يصلح أن ينصبها غاية ويرفض (٢) ماسواها. أليس لو كان هذا الإنسان (٣) شاعرا بمقام (٤) الغريم هناك ، فخرج يرومه (٥) فظفر به ، لم يقل (٦) إن ذلك واقع منه بالبخت ، بل قيل لما عداه إنه بالبخت أو بالاتفاق فيرى (٧) أن (٨) جعله أحد الأمور التي يؤدى إليها خروجه غاية تصرف الخروج عن أن يكون في نفسه سببا لما هو سببه فكيف (٩) يظن أن ذلك يتغير بجعل جاعل (١٠).

فهؤلاء طائفة ، وقد قام بإزائهم طائفة أخرى عظموا أمر البخت جدا وتشعبوا فرقا. فقال قائل (١١) منهم : إن البخت سبب إلهى مستور يرتفع عن أن تدركه العقول ، حتى أن بعض من يرى رأى هذا القائل أحل البخت محل الشيء يتقرب إليه أو إلى الله تعالى (١٢) بعبادته ، وأمر فبنى له هيكل واتخذ باسمه صنم يعبد على نحو ما تعبد عليه (١٣) الأصنام.

وفرقة قدمت البخت من وجه على الأسباب الطبيعية ، فجعلت كون العالم بالبخت. وهذا هو ديمقراطيس وشيعته فإنهم يرون أن مبادئ الكل هى أجرام صغار لا تتجزأ لصلابتها ولعدمها الخلاء ، وأنها غير متناهية بالعدد (١٤) ومبثوثة في خلاء غير متناهى القدر ، وأن جوهرها في طباعه (١٥) متشاكل وبأشكالها مختلف ، وأنها دائمة الحركة في الخلاء فيتفق أن يتصادم منها جملة فتجتمع على هيئة فيكون منه عالم ، وأن في الوجود عوالم مثل هذا العالم غير متناهية بالعدد مترتبة في خلاء غير متناه ، ومع ذلك فيرى أن الأمور الجزئية مثل الحيوانات والنباتات (١٦) كافية (١٧) لا بحسب الاتفاق.

وفرقة أخرى لم تقدم (١٨) على أن تجعل العالم بكليته كائنا بالاتفاق ، ولكنها جعلت الكائنات متكونة عن المبادئ الاسطقسية بالاتفاق ، فما اتفق أن كان هيئة اجتماعه على نمط يصلح للبقاء ـ ـ والنسل بقى (١٩) ونسل ، وما اتفق أن لم يكن كذلك لم ينسل ، وأنه قد كان في ابتداء النشوء ربما تتولد حيوانات مختلطة (٢٠) الأعضاء من أنواع مختلفة وكان يكون حينئذ (٢١) حيوان نصفه أيّل ونصفه عنز ، وأن أعضاء الحيوان ليست هى على ما هى عليه من

__________________

(١) وهو : وهى ط (٢) ويرفض : فيرفض سا

(٣) الإنسان : إنسان د (٤) بمقام : مقام سا.

(٥) يرومه : ليرومه ط (٦) يقل : يقبل د.

(٧) فيرى : لترى م (٨) أن : بأن سا.

(٩) فكيف : وكيف د ، سا ، ط ، م.

(١٠) جاعل : عاجل سا.

(١١) فقال قائل : فقائل ب ، د م ؛ فقال سا.

(١٢) تعالى : ساقطة من د ، سا ، ط ، م.

(١٣) عليه : ساقطة من ط. (١٤) بالعدد : ساقطة من م.

(١٥) طباعه : طباعها ط. (١٦) والنباتات : والنبات سا ، م

(١٧) كافية : كائنة سا ، م. (١٨) تقدم : تقدر م.

(١٩) بقى : وبقى م.

(٢٠) مختلطة : مخلفة م.

(٢١) حينئذ : ساقطة من سا ، ط ، م.


المقادير والخلق والكيفيات لأغراض ، بل اتفقت كذلك ، مثلا قالوا : ليست الثنايا حادة لتقطع ، ولا الأضراس (١) عريضة لتطحن ، بل اتفق (٢) أن كانت (٣) المادة تجتمع على هذه الصورة ، واتفق أن كانت هذه الصورة نافعة في مصالح البقاء (٤) ، فاستفاد (٥) الشخص بذلك بقاء ، وربما (٦) اتفق له من آلات النسل نسل (٧) لا ليستحفظ (٨) به النوع بل اتفاق (٩).

فنقول : إن الأمور منها ما هى دائمة ، ومنها ما هى في أكثر الأمر (١٠) ، مثل أن النار في أكثر الأمر تحرق الحطب إذا لاقته ، وأن الخارج من بيته إلى بستانه في أكثر الأمر يصل إليه ، ومنها ما ليس دائما ولا في أكثر الأمر (١١) ، والأمور التي تكون في أكثر (١٢) الأمر (١٣) هى التي لا تكون في أقل الأمر. وكونها (١٤) إذا كانت لا تخلو إما أن يكون عن اطراد في طبيعة السبب إليها وحده أو لا يكون كذلك. فإن لم يكن كذلك ، فإما أن يحتاج السبب إلى قرين من سبب أو شريك أو زوال مانع أو لا يحتاج ، فإن لم يكن كذلك ولم يحتج السبب إلى قرين ، فليس كونها عن السبب أولى من لا كونها ، إذ ليس في نفس الأمر لا فيه وحده ، ولا فيه وفي مقارن له ، ما يرجح الكون على اللاكون ، فيكون كون هذا الشيء عن الشيء ليس أولى من لا كونه ، فليس كائنا على الأكثر. فإذن إن (١٥) لم يحتج إلى الشريك المذكور ، فيجب أن يكون مطردا بنفسه إليه إلا أن يعوق عائق ويعارض معارض ولمعارضنه ما تخلف (١٦) في الأقل. ويجب من ذلك أنه إذا لم يعق عائق ولم يعارض معارض وسلمت طبيعته أن يستمر إلى ما ينحوه ، فحينئذ يكون الفرق بين الدائم والأكثرى أن الدائم لا يعارضه معارض البتة وأن الأكثرى يعارضه معارض (١٧) هو يتبع (١٨) ذلك (١٩). إن الأكثرى بشرط دفع الموانع وإماطة العوارض واجب ، وذلك في الأمور الطبيعية ظاهر وفي الأمور الإرادية أيضا. فإن الإرادة إذا صحت وتمت وواتت (٢٠) الأعضاء للحركة والطاعة ، ولم يقع سبب مانع أو سبب ناقص للعزيمة. وكان المقصود من شأنه أن يوصل إليه فبين (٢١) أنه يستحيل أن لا يوصل إليه.

وإذا كان الدائم من حيث هو دائم لا يقال إنه كائن بالبخت ، فالأكثرى (٢٢) أيضا لا يقال إنه كائن بالبخت ،

__________________

(١) ولا الأضراس : والأضراس د. (٢) اتفق : اتفقت ب ، د

(٣) كانت (الأولى) : كان د. (٤) البقاء : البقايا م

(٥) فاستفاد : واستفاد سا (٦) وريما : وبما د ؛ ربما سا ، ط ، م

(٧) نسل : نسلا سا ، ط ، م (٨) لهستخفظ : استحفظ سا.

(٩) اتفاق : اتفاقا د ، سا ، م. (١٠) الأمر (الأولى) : الأمور د.

(١١) الأمر ... دائما ولا في أكثر الأمر : ساقطة من سا.

(١٢) أكثر (الأولى) : الأكثر د

(١٣) والأمور ... أكثر الأمر : ساقطة من م

(١٤) وكونها : فكونها سا ، ط ، م. (١٥) إن : ساقطة من م.

(١٦) ما تخلف : ما يختلف د. (١٧) معارض : ساقطة من م

(١٨) هو يتبع : ويتبع د ، سا ، ط ، م (١٩) ذلك : + على ط.

(٢٠) وواتت : واتت د. (٢١) فبين : من سا ؛ فتبين ط.

(٢٢) فالأكثرى : والأكثر ط.


فإنه من جنسه وفي مثل حكمه. نعم إذا عورض فصرف (١) ، فربما قيل إن انصرافه عن وجهه كائن بالبخت أو بالاتفاق ، وأنت تعلم أن الناس لا يقولون لما يكون كثيرا عن سبب واحد بعينه أو دائما (٢) أنه كائن اتفاقا أو بالبخت (٣).

وقد بقى لنا ما يكون بالتساوى وما يكون على الأقل ، والأمر مشتبه في الكائن بالتساوى أنه (٤) يقال فيه إنه اتفق اتفاقا وكان بالبخت أو لا يقال. قد اشترط (٥) متأخر والمشائين أن ما يكون بالاتفاق والبخت فإنما يكون فى الأمور الأقلية الكون عن أسبابها والذي رسم لهم هذا النهج (٦) لم يشترط ذلك ، بل اشترط أن لا يكون دائما ولا أكثريا ، وإن ما دعا المتأخرين إلى أن جعلوا الاتفاق متعلقا (٧) بالأمور الأقلية دون المتساوية صورة (٨) الحال فى الأمور الإرادية. فإن هؤلاء المتأخرين يقولون إن الأكل واللاأكل والمشي واللامشى وما أشبه ذلك هى من الأمور المتساوية الصدور عن مبادئها ، ثم إذا مشى ماش أو أكل آكل بإرادته لم يقل إنه اتفق ذلك. وأما نحن فلا نستصوب زيادة اشتراط (٩) على ما اشترطه معلمهم ، ونبين بطلان قولهم بشيء يسير وهو أن الشيء الواحد قد يكون بقياس واعتبار أكثريا ، بل (١٠) واجبا ، وبقياس آخر واعتبار آخر متساويا ، بل الأقلى إذا اشترطت فيه شرائط واعتبرت أحوال صار واجبا ، مثل أن يشترط أن المادة في كون (١١) كف الجنين فضلت عن المصروف منها إلى الأصابع الخمس ، والقوة الإلهية الفائضة في الأجسام صادفت استعدادا تاما في مادة طبيعية لصورة (١٢) مستحقة ، وهى إذا (١٣) صادفت ذلك لم تعطلها (١٤) عنها ، فيجب هناك أن يتخلق إصبع زائدة ، فيكون هذا الباب وإن كان هو (١٥) أقلى الوجود (١٦) ونادرا بالقياس إلى الطبيعة الكلية فليس أقليا ونادرا بالقياس إلى الأسباب التي ذكرناها بل هو واجب.

ولعل الاستقصاء في البحث (١٧) يتبين لنا أن الشيء ما لم يجب أن يوجد من أسبابه ولم يخرج عن طبيعة الإمكان لم يوجد عنها. ولكن بيان هذا وأمثاله مؤخر إلى الفلسفة الأولى. وإذا (١٨) كان الأمر على هذا فغير بعيد أن تكون طبيعة

__________________

(١) فصرف : وصرف سا ، ط ، م.

(٢) دائما : + عنه م.

(٣) أو بالبخت : وبالبخت د.

(٤) أنه : + هل ط.

(٥) اشترط : أشرط م ؛ ساقطة من سا.

(٦) النهج : المنهج ب. (٧) متعلقا : معلقا ب

(٨) صورة : صور سا. (٩) اشتراط : إشراط سا.

(١٠) بل : ساقطة من م.

(١١) كون : تكون ط. (١٢) لصورة : بصورة ط.

(١٣) إذا : أيضا ب

(١٤) تعطلها : يعطلى ط.

(١٥) هو : ساقطة م

(١٦) الوجود : الإمكان سا ، ط ، م.

(١٧) فى البحث : بالحث م.

(١٨) وإذا : فإذا د ، سا ، ط ، م.


واحدة بالقياس إلى شيء أكثرية (١) وبالقياس إلى شيء آخر متساوية (٢). فإن البعد بين الأكثرى والمتساوى أقرب من البعد ما بين الواجب والأقلى. ثم الأكل والمشي إذا قيسا إلى الإرادة ، وفرضت الإرادة حاصلة ، خرجا عن حد الإمكان المتساوى إلى الأكثرى ، وإذا خرجا من ذلك لم يصح (٣) البتة أن يقال إنهما اتفقا أو كانا بالبخت وأما إذا لم يضافا إلى الإرادة ونظر إليهما (٤) في وقت يتساوى كون (٥) الأكل ولا كونه ، فصحيح أن يقال دخلت عليه واتفق (٦) أن كان يأكل ، وذلك بالقياس إلى الدخول لا إلى الإرادة. وكذلك قول القائل : صادفته واتفق أن كان يمشى ، ولقيته (٧) واتفق أن كان قاعدا ، فإن هذا كله متعارف مقبول ، ومع ذلك صحيح. وبالجملة إذا كان الأمر الكائن في نفسه غير متطلع ولا متوقع إذ ليس دائما ولا أكثريا ، فصالح (٨) أن يقال للسبب المؤدى إليه أنه اتفاق أو بخت ، وذلك إذا كان من شأنه أن يؤدى إليه وليس مؤديا إليه (٩) لا دائما ولا أكثريا. وأما إذا لم يكن مؤديا إليه (١٠) البتة ولا موجبا له مثل قعود فلان عند كسوف القمر ، فلا يقال إن قعود فلان اتفق أن كان سببا لكسوف القمر ، بل يصلح أن يقال اتفق إن كان معه ، فيكون القعود لا سببا للكسوف ، بل سببا بالعرض للكون مع الكسوف وليس الكون مع الكسوف هو (١١) الكسوف وبالجملة إذا كان الشيء ليس من شأنه أن يؤدى إلى شيء (١٢) البتة ، فليس سببا اتفاقيا (١٣) له ، إنما يكون سببا اتفاقيا له إذا كان من شأنه أن يؤدى إليه وليس دائما ولا في أكثر الأمر حتى لو فطن الفاعل بما تجرى عليه (١٤) حركات الكل وصح أن يريد ويختار لصح أن يجعله غاية.

كما لو فطن الخارج إلى السوق أن الغريم في الطريق لصح أن (١٥) يجعله غاية وكان حينئذ خارجا عن حد التساوى والأقلى ، لأن خروج العارف بحصول الغريم في جهة مخرجه يؤدى في أكثر الأمر إلى مصادفته ، وأما خروج غير (١٦) العارف من حيث هو غير عارف فربما ادى وربما لم يؤد وانما يكون اتفاقيا (١٧) بالقياس الى الخروج لا بشرط (١٨) زائد ويكون غير اتفاقى (١٩) بالإضافة إلى خروج بشرط زائد.

__________________

(١) أكثرية : أكثر به ب. (٢) متساوية : متساو به ب.

(٣) يصح : + ذلك م.

(٤) إليهما : + نفسيهما سا ، م ؛ + نفسها ط

(٥) كون : وكون ط. (٦) واتفق : فاتفق سا ، ط ، م.

(٧) ولقيته : لقيته ب ، م ؛ وكذلك لقيته د. (٨) فصالح : وصالح سا.

(٩) إليه (الثالثة) : ساقطة من م. (١٠) لا دائما .... إليه : ساقطة من د.

(١١) هو : + سبب ط. (١٢) شيء : الشيء سا ، م.

(١٣) اتفاقيا (الأولى): + بل ط ، م. (١٤) عليه : + من ط.

(١٥) أن (الثانية) : وأن م.

(١٦) غير (الأولى) : الغير سا.

(١٧) اتفاقيا : اتفاقا سا ، ط ، م

(١٨) لا بشرط : لا يشترط م.

(١٩) اتفاقى : ب ، ، اتفاق ، م د.


وتبين من (١) هذا أن الأسباب الاتفاقية تكون من حيث (٢) يكون من أجل شيء إلا أنها أسباب فاعلية لها بالعرض والغايات غايات بالعرض فهى داخلة في جملة الأسباب التي بالعرض. فالاتفاق سبب من الأمور الطبيعية والإرادية بالعرض ليس دائم الإيجاب ولا أكثرى الإيجاب (٣) ، وهو فيما يكون من أجل شيء وليس (٤) له سبب أوجبه بالذات. وقد تعرض أمور لا بقصد وليست بالاتفاق مثل تخطيط القدم على الأرض عند الخروج إلى أخذ الغريم ، فإن ذلك وإن لم يقصد فضرورى في المقصود.

لكن لقائل أن يقول : إنا ربما قلنا إن كذا كان بالاتفاق وإن كان الأمر أكثريا ، كقول القائل إن فلانا قصدته لحاجة كذ ا فاتفق أن وجدته في البيت ، ولا يمنعه (٥) عن هذا القول كون زيد في أكثر الأمر في البيت.

فالجواب أن هذا القائل إنما يقول ذلك لا بحسب الأمر في نفسه ، بل بحسب اعتقاده فيه. فإنه (٦) إذا كان أغلب ظنه أن زيدا ينبغى أن يكون في البيت ، فلا يقول إن (٧) ذلك اتفق ، بل إن لم يجده يقول إن ذلك اتفق ، ولكن إنما يقول هذا إذا كان يتساوى عنده في ظنه وفي ذلك الوقت وفي (٨) تلك الحالة أنه كائن في البيت يقول هذا إذا كان يتساوى عنده في ظنه وفي ذلك الوقت وفي تلك الحالة (٩) أنه كان في البيت أو غير كائن.

فيكون ظنه في ذلك الوقت يحكم بالتساوى دون الأكثرى والواجب ، وإن كان بالقياس إلى الوقت المطلق أكثريا.

وقد ظن (١٠) في كثير من الأمور الطبيعية النادرة الوجود مثل الذهب الثابت على وزن من الأوزان أو الياقوتة المجاوزة للمقدار المعهود أنه موجود بالاتفاق لأنه أقلى وليس كذلك. فإن كون الشيء في الأقل إنما يدخل الشيء في الاتفاق ، لا إذا قيس إلى الوجود المطلق ، بل إذا قيس إلى السبب الفاعل (١١) له ، فكان (١٢) وجوده عنه أقليا والسبب الفاعل (١٣) لهذا الذهب والياقوت إنما صدر عنه ذلك لقوته ووجدان (١٤) المادة الوافرة. وإذا كان كذلك فيصدر عنه (١٥) مثل هذا الفعل عن ذاته (١٦) دائما أو في الأكثر صدورا طبيعيا. ويقول إن السبب الاتفاقى قد يجوز أن يتأدى إلى غايته الذاتية ، وقد يجوز أن لا يتأدى ، مثل أن الرجل إذا خرج متوجها إلى متجره فلقى غريمه اتفاقا فربما انقطع بذلك عن غايته الذاتية ، وربما لم ينقطع ، بل توجه نحوها ووصل إليها ، والحجر الهابط إذا شج رأسا فربما (١٧) وقف (١٨) وربما هبط إلى مهبطه ، فإن وصل إلى غايته الطبيعية فيكون بالقياس إليها سببا ذاتيا وبالقياس إلى الغاية العرضية

__________________

(١) من (الأولى) : ساقطة من ب ، سا

(٢) من حيت : حتى م. (٣) ولا أكثرى الإيجاب : والأكثرى للإيجاب م

(٤) وليس : سا ، م. (٥) ولا يمنعه : ولم يمنعه ط.

(٦) فإنه : بأنه سا.

(٧) إن (الأولى) : ساقطة من ب ، د ، ط

(٨) وفي : فى سا ، ط. (٩) الحالة : الحال سا ، م.

(١٠) ظن : نظن سا ، ط ، م. (١١) الفاعل : الفاعل ط

(١٢) فكان : وكان وجوده : وجود م. (١٣) الفاعل : الفاعل ط

(١٤) ووجدان : ولوجدان سا ، ط ، م. (١٥) عنه : ساقطة من سا ، م

(١٦) ذاته : ذات د. (١٧) فربما : ساقطة من م

(١٨) وقف : وقعت د ؛ فوقف م.


سببا اتفاقيا ، وأما إن (١) لم يصل إليها فيكون (٢) بالقياس إلى الغاية العرضية سببا اتفاقيا وبالقياس إلى الغاية الذاتية باطلا كقولهم شرب الدواء ليسهل فلم يسهل (٣) ، فكان شربه باطلا. والغاية العرضية بالقياس إليها تكون اتفاقيا. وقد يظن أنه قد يكون وتحدث أمور لا لغاية ، بل على سبيل العبث ، ولا يكون (٤) اتفاقا كالولوع (٥) باللحية وما أشبه ذلك ، وليس كذلك (٦). وسنبين (٧) في الفلسفة الأولى حقيقة الأمر فيها.

ثم الاتفاق أعم من البخت في لغتنا هذه ، فإن كل بخت اتفاق ، وليس كل اتفاق بختا. فكانهم لا يقولون بخت إلا لما يؤدى إلى شيء يعتد به ، ومبدؤه إرادة عن ذى اختيار من الناطقين البالغين. فإن قالوا لغير ذلك كما يقال للعود الذي يشق (٨) نصفه لمسجد ونصفه لكنيف ، إن نصفا منه سعيد ونصفا منه شقى ، فهو مجاز وأما ما بدؤه طبيعى فلا يقال إنه كائن بالبخت ، بل عسى أن يخص باسم الكائن من تلقاء نفسه إلا إذا قيس إلى مبدأ آخر إرادى ، فإن الأمور الاتفاقية تجرى على مصادمات تحصل بين شيئين أو أشياء ، وكل مصادمة (٩) فإما أن يكون فيها (١٠) كلا المتصادمين متحركين إلى أن يتصادما ، أو يكون أحدهما ساكنا والآخر متحركا إليه ، فإنه إذا سكن كلاهما على حال غير التصادم الذي كانا عليها لم ينتج (١١) ما بينهما تصادم. وإذا كان كذلك فجائز أن تتفق حركتان من مبدئين ، أحدهما طبيعى والآخر إرادى يتصادمان عند غاية واحدة تكون بالقياس إلى الإرادى خيرا يعتد به أو شرا (١٢) يعتد به ، فيكون حينئذ بختا له لا محالة (١٣) ، ولا يكون بالقياس إلى حركة (١٤) الطبيعى بختا.

وفرق بين رداءة البخت وسوء التدبير فإن سوء التدبير (١٥) هو اختيار سبب في أكثر (١٦) الأمور (١٧) يؤدى إلى غاية مذمومة ، ورداءة البخت هى (١٨) أن يكون السبب في أكثر الأمر غير مؤد (١٩) إلى غاية مذمومة ، ولكن يكون عند متولّيها السيّئ البخت يؤدى إليها (٢٠). والشيء الميمون هو الذي (٢١) تكرر حصول أسباب مسعدة بالبخت عند حصوله ، والشيء المشئوم هو الذي تكرر حصول أسباب مشقية بالبخت عند حصوله ، فيستشعر من حصول (٢٢) الأول عود ما اعتيد تكرره من

__________________

(١) وأما إن : وإن د ؛ وأما إذا سا ، ط ، م (٢) فيكون : فإنه يكون سا ، ط ، م.

(٣) فلم يسهل : ساقطة من م. (٤) ولا يكون : فلا يكن ا

(٥) كالولوع : لولوع د (٦) وليس كذلك : ساقطة من سا.

(٧) وسنبين : + ذلك سا. (٨) يشق : شق ط.

(٩) مصادمة : مصادفة م. (١٠) فيها : ساقطة من سا.

(١١) ينتج : يسنح ط. (١٢) أو شرا : وشراب ، د ، ط

(١٣) لا محالة : ساقطة من سا ، م

(١٤) حركة : الحركة ط. (١٥) فإن سوء التدبير : ساقطة من م

(١٦) أكثر : الأكثر د (١٧) الأمور : الأمر سا ، م.

(١٨) هى : هو سا ، م (١٩) مؤد : مؤدية ط.

(٢٠) إليها : إليه ط (٢١) الذي : + قد ط.

(٢٢) حصول (الثانية) : حضور سا ، م.


الخير ، ومن حصول (١) الثاني عود ما اعتيد تكرره من الشر. وقد يكون للسبب (٢) الواحد الاتفاقى غايات اتفاقية غير محددة ، ولذلك (٣) لا يتحرز عن الاتفاق التحرز عن الأسباب الذاتية ونستعيذ (٤) بالله من الشقاوة.

[الفصل (٥) الرابع عشر]

ن ـ فصل

فى نقض حجج من اخطا فى باب الاتفاق

والبخت ونقض مذاهبهم

وإذ قد بينا ماهية الاتفاق ووجوده ، فحرى بنا أن نشير إلى نقض حجج المذاهب الفاسدة فى باب (٦) لاتفاق وإن كان الأحرى أن نؤخر هذا البيان إلى ما بعد الطبيعة وإلى الفلسفة الأولى. وإن المقدمات التي نأخذها فى هذا البيان أكثرها مصادرات. لكنا ساعدنا فى هذا الواحد ، وفى (٧) بعض الأشياء الأخرى (٨) مجرى العادة.

فنقول أما المذهب المبطل للاتفاق أصلا ، المحتج بأن كل شيء يوجد (٩) له سبب معلوم. ولا نضطر إلى اختلاف سبب هو الاتفاق ، فإن احتجاجه ليس ينتج المطلوب (١٠) ، لأنه ليس إذا وجد لكل شيء سبب ، لم يكن للاتفاق وجود ، بل كان السبب الموجب (١١) للشيء الذي لا توجبه على الدوام أو الأكثر هو السبب الاتفاقى نفسه من حيث هو كذلك. وأما قوله إنه قد يكون لشيء واحد غايات كثيرة (١٢) معا ، فإن المغالطة فيه لاشتراك الاسم فى الغاية ، فإن الغاية تقال لما ينتهى إليه الشيء كيف كان. ويقال لما يقصد بالفعل والمقصود بالحركة الطبيعية

__________________

(١) حصول : حضور سا ، م

(٢) للسبب : السبب سا.

(٣) ولذلك : فلذلك ط

(٤) ونستعيذ : ونستعاذ بخ ؛ ويستعاذ سا ، ط ، م.

(٥) فصل : فصل ن ب ؛ الفصل الرابع عشر م.

(٦) فى باب : ساقطة من م.

(٧) وفى : فى د

(٨) الأخرى : الأخر سا ؛ الآخر م.

(٩) يوجد : فيوجد ط.

(١٠) المطلوب : للمطلوب م.

(١١) الموجب : الموجود سا ، م.

(١٢) كثيرة : كبيرة ب.


محدود ، والمقصود بالإرادة أيضا محدود ، ونحن نعنى بالغاية الذاتية هاهنا هذا. وقوله : إنه ليس يجب أن تصير الغاية غير غاية (١) بالجعل ، حتى إذا جعل الظفر بالغريم غاية صار الأمر غير بختى ، وإن جعل الوصول (٢) إلى المكان غاية صار الأمر بختيا. فإن الجواب عنه أن قوله : إن الجعل لا يغير الحال فى هذا الباب ، هو (٣) غير مسلم. ألا ترى أن الجعل يجعل الأمر فى أحدهما أكثريا وفى الآخر أقليا؟ فإن الشاعر بمقام الغريم الخارج إليه (٤) ليغفر به من حيث هو كذلك ، فإنه فى أكثر الأمر يظفر به ، وغير الشاعر الخارج إلى الدكان من حيث هو كذلك (٥) ، فإنه فى أكثر الأمر يظفر بغريمه. فإن كان الجعل المختلف يختلف له حكم الأمر فى أكثريته وغير أكثريته فكذلك يختلف له حكم الأمر فى أنه اتفاقى أو غير اتفاقى.

وأما ديمقراطيس الذي يجعل تكون العالم بالاتفاق ، ويرى أن الكائنات تكون بالطبيعة ، فمما يكشف فساد رأيه هو أن نبين له ماهية الاتفاق وأنه (٦) غاية عرضية لأمر طبيعى أو إرادى بل أو لقمرى (٧) ، ولقمر (٨) ينتهى إلى طبيعة أو إرادة ، فإنه سيظهر أنه لا يستمر قسر على قسر إلى غير النهاية فتكون الطبيعة والإرادة ذاتهما (٩) أقدم من الاتفاق ، فيكون السبب الأول للعالم طبيعة أو إرادة (١٠). على أن الأجرام التي يقول بها (١١) ويراها صلبة ويراها متفقة الجواهر (١٢) مختلفة بالأشكال ويراها متحركة بذاتها فى الخلاء إذا اجتمعت وتماست ، ولا قوة عنده ولا صورة إلا الشكل فقط ، فإن اجتماعها (١٣) ومقتضى أشكالها لا يلصق بعضها ببعض ، بل يجوز لها الانفصال واستمرار حركتها التي لها بذاتها ، فيجب لذاتها أن تتحرك فتنفصل ولا يبقى لها الاتصال. ولو كان ذلك (١٤) لما وجدت (١٥) السماء مستمرة الوجود على هيئة واحدة فى أرصاد متتابعة بين طرفى زمان طويل. ولو كان يقول إن فى هذه الأجرام قوى مختلفة فى جواهرها يتفق لها أن تتصادم ، ويضغط ما بينها (١٦) ، ويقف الضعيف (١٧) منها بين الضاغطين ويتكافأ ميل الضاغطين بحسب القوتين فيبقى كذلك ، لكان ربما أوهم أنه يقول شيئا إلى أن نبين أن هذا لا يكون (١٨) ولا يتفق ، وسنشير إليه بعد. والعجب أنه يجعل الأمر الدائم الذي لا يقع فيه خروج عن نظام واحد ولا أمر حادث كائن ببخت أو اتفاق فيه البتة (١٩) اتفاقيا ، ويجعل الأمور الجزئية لغاية (٢٠) ، وفيها ما يرى بالاتفاق (٢١).

__________________

(١) غاية : ساقطة من سا (٢) الوصول : الحصول سا ، ط.

(٣) هو : فهو ط. (٤) الخارج إليه : ساقطة من م.

(٥) فإنه ... كذلك : ساقطة من م.

(٦) وأنه : ساقطة من م. (٧) لقسرى : قسرى ط

(٨) والقسر : والقسرى ط. (٩) ذاتهما : ذاتها د ، سا ، م

(١٠) أو إرادة : وإرادة م

(١١) بها : + فى ذاتها أقدم من الاتفاق ط.

(١٢) الجواهر : أو يراها ط. (١٣) اجتماعها : اجتماعهما م.

(١٤) ذلك : كذلك سا ، ط ، م. (١٥) لما وجدت : ساقطة من م.

(١٦) ما بينها : ما بينهما ط (١٧) الضعيف : الضعف م.

(١٨) لكان ... لا يكون ، ساقطة من م. (١٩) البتة : ساقطة من د

(٢٠) لغاية : كفاية سا (٢١) بالاتفاق : الاتفاق سا ، م.


وأما أنبادقليس ومن جرى مجراه فإنهم جعلوا الجزئيات تكون بالاتفاق ، بل خلطوا الاتفاق بالضرورة (١) فجعلوا حصول المادة بالاتفاق وتصورها بصورتها بالضرورة لا لغاية. مثلا قالوا : إن الثنايا لم تستحد للقطع بل اتفق أن حصلت هناك مادة لا تقبل إلا هذه الصورة ، فاستحدت بالضرورة ، وقد أخلدوا فى هذا الباب إلى حجج واهية ، وقالوا : كيف تكون الطبيعة تفعل لأجل شيء وليس لها روية ، ولو كانت الطبيعة تفعل لأجل شيء (٢) لما كانت التشويهات (٣) والزوائد والموت فى الطبيعة البتة ، فإن هذه الأحوال ليست بقصد ، ولكن يتفق أن تكون المادة بحالة (٤) تتبعها هذه الأحوال. فكذلك الحكم فى سائر الأمور الطبيعية التي اتفقت أن كانت على وجه يتضمن المصلحة ، فلم ينسب إلى الاتفاق ، وإلى ضرورة المادة ، بل ظن أنها إنما (٥) تصدر عن فاعل يفعل لأجل شيء. ولو كان كذلك لما كان إلا أبدا ودائما (٦) لا يختلف. وهذا كالمطر الذي يعلم يقينا (٧) أنه كائن لضرورة المادة ، لأن الشمس إذا بخرت فخلص البخار إلى الجو البارد برد فصار ماء ثقيلا ، فنزل ضرورة فاتفق أن يقع (٨) فى مصالح ، فظن أن الأمطار مقصودة فى الطبيعة لتلك المصالح. قالوا (٩) : ولم يلتفت إلى إفسادها للبيادر (١٠). وقالوا (١١) : وقد عرض (١٢) فى هذا الباب أمر آخر وهو النظام الموجود فى تكون الأمور الطبيعية وسلوكها إلى ما توجبه الضرورة التي فى المواد. وليس ذلك مما يجب أن يغتر به (١٣) ، فإنه وإن سلم أن لنشو (١٤) والتكون نظاما فإن للرجوع والسلوك إلى الفساد نظاما ليس دون ذلك النظام (١٥) ، وهو نظام الذبول من أوله إلى آخره بعكس من نظام النشو. فكان (١٦) يجب أيضا أن يظن أن (١٧) الذبول لأجل شيء هو الموت ، ثم إن كانت الطبيعة تفعل لأجل شيء فالسؤال (١٨) ثابت فى ذلك الشيء نفسه وأنه لم فعل فى الطبيعة على ما هو عليه وتستمر المطالبة إلى غير النهاية.

قالوا : وكيف تكون الطبيعة فاعلة لأجل شيء ، والطبيعة الواحدة يختلف أفعالها لاختلاف المواد ، كالحرارة تحل شيئا كالشمع (١٩) ، وتعقد شيئا كالبيض والملح ، ومن العجائب أن تكون الحرارة تفعل الإحراق لأجل شيء ، بل إنما يلزمها ذلك بالضرورة ، لأن المادة بحال يجب فيها عند مماسة الحار الاحتراق ، فكذلك (٢٠) حكم سائر القوى الطبيعية (٢١).

__________________

(١) بالضرورة : + وكذلك الأضراس فى أنها عريضة لا للطحن ط.

(٢) تفعل لأجل شيء : ساقطة من م.

(٣) التشويهات : التشويات م.

(٤) بحالة : محالة م. (٥) إنما : ساقطة من م.

(٦) ودائما : دائما سا ، م (٧) يقينا : بيننا سا.

(٨) أن يقع : أو يقع سا (٩) قالوا : وقالوا سا ، ط ، م.

(١٠) للبيادر : للتبادر م (١١) وقالوا : قالوا سا ، ط ، م

(١٢) عرض : عن سا. (١٣) به : ساقطة من م

(١٤) للنشو : المنشو سا. (١٥) النظام : ساقطة من سا ، ط ، م.

(١٦) فكان : وكان سا ، ط (١٧) أن (الثانية) : ساقطة من م.

(١٨) فالسؤال : بالسؤال سا.

(١٩) كالشمع : كالشمس م.

(٢٠) فكذلك : وكذلك د

(٢١) القوى الطبيعية : قوى الطبيعة ط.


والذي يجب علينا أن نقوله فى هذا الباب ونعتقده هو أنه لا كثير مناقشة الآن فى أن للاتفاق. مدخلا فى أن تكون الأمور الطبيعية ، وذلك (١) بالقياس إلى أفرادها. فإنه ليس حصول هذه المدرة عند هذا الجزء من الأرض ولا حصول هذه الحبة من البر فى هذه البقعة من الأرض ، ولا حصول هذه النطفة فى هذه الرحم أمرا دائما ولا أكثريا ، بل لتسامح أنه وما يجرى (٢) مجراه اتفاقى ، ولنمعن (٣) النظر فى مثل تكون السنبلة عن البرة (٤) باستمداد المادة من الأرض والجنين عن (٥) النطفة باستمداد المادة عن الرحم ، هل هذا بالاتفاق (٦). فنجده (٧) ليس باتفاقى (٨) بل أمرا توجبه الطبيعة وتستدعيه قوة ، وكذلك لتساعدوا أيضا على قولهم إن المادة التي للثنايا لا تقبل إلا هذه الصورة (٩) ، لكنا نعلم أنها لم يحصل (١٠) لهذه المادة هذه الصورة لأنها لا تقبل إلا هذه الصورة ، بل حصلت هذه المادة لهذه الصورة لأنها لا تقبل إلا هذه الصورة ، فإنه ليس البيت إنما رسب فيه الحجر وطفا الخشب لأن الحجر أثقل والخشب أخف ، بل هناك صنعة صانع لم يصلح لها (١١) إلا أن تكون بسبب (١٢) مواد ما تفعله هذه النسبة فجاء بها على هذه النسبة. والتأمل الصادق يظهر صدق ما قلناه وهو أن البقعة الواحدة إذا سقط فيها حبة برة أنبتت سنبلة برة أو حبة شعير أنبتت سنبلة شعير. ويستحيل أن يقال إن الأجزاء الأرضية والمائية تتحرك بذاتها وتنفذ فى جوهر البرة وتربيه فإنه سيظهر أن تحركهما (١٣) عن مواضعهما (١٤) ليس لذاتهما (١٥) والحركات التي لذاتهما معاومة فيجب أن يكون تحركهما (١٦) إنما هو لجذب (١٧) قوى مستكنة فى الحبات جاذبة بإذن الله. ثم لا يخاو إما أن تكون فى تلك البقعة أجزاء تصلح لتكون البرة وأخرى صالحة (١٨) لتكون (١٩) الشعيرة (٢٠) ، أو يكون (٢١) الصالح لتكون البرة صالحا لتكون الشعيرة (٢٢). فإن كان الصالح لهما أجزاء واحدة فقط (٢٣) ، سقطت (٢٤) الضرورة المنسوبة إلى المادة ، ورجع الأمر إلى أن الصورة (٢٥) طارئة على المادة من مصور يخصها بتلك الصورة ويحركها إلى تلك الصورة ، وأنه دائما أو فى (٢٦) أكثر الأمر يفعل ذلك. فقد (٢٧) بان أن ما كان كذلك فهو فعل يصدر عن ذات الأمر متوجها إليه (٢٨) ، إما دائم (٢٩) فلا يعاق ، وإما أكثرى (٣٠) فيعاق ، وهذا هو مرادنا بالغاية فى الأمور الطبيعية. وإن كانت الأجزاء مختلفة ، فلمناسبة ما بين القوة التي فى البرة وبين تلك المادة ما يجذب (٣١)

__________________

(١) وذلك : وتلك ط. (٢) وما يجرى : وما جرى سا ؛ ما جرى م. (٣) ولنمعن : ولنعين ب ، د ، سا ، م (٤) البرة : البر ط. (٥) عن : من سا ، م (٦) بالاتفاق : بالاتفاقى د (٧) فنجده : ونجده ط (٨) فنجده ليس باتفاقى : ساقطة من د. (٩) الصورة (الأولى) : ساقطة من ب (١٠) تحصل : تصل سا. (١١) لها : ساقطة من سا ، م (١٢) بسبب : نسب ب ، د ، سا ، ط. (١٣) تحركهما : تحركها سا ، ط (١٤) مواضعها : مواضعها سا ، ط (١٥) لذاتهما (الأولى والثانية) : لذاتها ط. (١٦) تحركهما : تحركها ط ، م (١٧) لجذب : يجذب سا ، م ؛ مجذب ط. (١٨) صالحة : تصلح ب ، د ، سا (١٩) البرة وأخرى صالحة لتكون : ساقطة من م (٢٠) الشعيرة (الأولى) : الشعير سا ، م (٢١) أو يكون : ويكون ط (٢٢) أو يكون ... الشعيرة : ساقطة من سا. (٢٣) فقط : فقد سا ، م (٢٤) سقطت : سقط ط (٢٥) الصورة : الضرورة سا. (٢٦) أو فى : وفى سا. (٢٧) فقد : وقدم. (٢٨) إليه : ساقطة من م (٢٩) دائم : دائما م

(٣٠) أكثرى : أكثريا م.

(٣١) ما يجذب : ما يحدث م.


تلك المادة بعينها ويحركها إلى حيز مخصوص فى الدوام أو الأكثر (١). فهناك (٢) تكسبها صورة ما ، فتكون أيضا القوة التي فى البرة تحرك بذاتها هذه المادة إلى تلك الصورة من الجوهر والكيف والشكل والأين ، ولا يكون ذلك لضرورة المادة ، وإن كان لا بد من أن تكون تلك (٣) المادة على تلك الصفة لتنقل (٤) إلى تلك الصورة. فلنضع أن طباع المادة صالحة لهذه الصورة أو غير قابلة لغيرها مثلا ، فهل بدمن أن يكون انتقالها إلى حيث تكسب هذه الصورة بعد ما لم تكن لها ليس (٥) لضرورة (٦) فيها (٧) ، بل عن سبب آخر يحركها إليه (٨) ، فيحصل لها ما هى صالحة لقبوله أو لا يصلح لقبول غيره. فبين (٩) من هذا كله أن تحريكات الطبيعة للمواد هى على سبيل قصد طبيعى منها إلى حد محدود ، وأن ذلك مستمر على الدوام أو على الأكثر ، وذلك ما نعنيه بلفظة (١٠) الغاية ..

ثم (١١) من الظاهر أن الغايات الصادرة عن الطبيعة حال ما تكون الطبيعة (١٢) غير معارضة ، ولا معوقة كلها خيرات وكمالات ، وأنه إذا تأدت إلى غاية ضارة كان ذلك التأدى ليس عنها دائما (١٣) ولا أكثريا ، بل فى حال تتفقد النفس منافيها (١٤) سببا عارضا ، فيقال ما ذا (١٥) أصاب هذا الغسيل حتى ذوى ، وما ذا أصاب هذه المرأة حتى أسقطت.

وإذا كان كذلك ، فالطبيعة تتحرك لأجل الخيرية ، وليس هذا فى نشو (١٦) الحيوان والنبات (١٧) فقط ، بل وفى (١٨) حركات الأجرام البسيطة وأفعالها التي تصدر عنها بالطبع ، فإنها تنحو نحو غايات تتوجه إليها دائما ما لم (١٩) يعق توجها (٢٠) على (٢١).

نظام محدود ولا يخرج عنه إلا بسبب معارض. وكذلك الإلهامات التي للأنفس الحيوانية البانية والناسجة والمدخرة (٢٢) فإنها تشبه الأمور الطبيعية ، وهى (٢٣) لغاية ، وإن كانت الأمور تجرى اتفاقا ، فلم لا تنبت البرة شعيرة ، ولم لا تتولد شجرة مركبة من تين وزيتون كما يتولد عندهم بالاتفاق عنز أيل ، ولم لا تتكرر هذه النوادر ، بل تبقى الأنواع محفوظة على الأكثر.

ومما يدل على أن الأمور الطبيعية لغاية ، أنا إذا أحسسنا بمعارض أو قصور من الطبيعة (٢٤) أعنا الطبيعة بالصناعة

__________________

(١) الدوام أو الأكثر : الدوم أو الأكثر ب ، د ؛ الدوام والأكثر ط

(٢) فهناك : فهنالك ط ، م. (٣) تلك (الأولى) : ساقطة من سا ، م

(٤) لتنقل : لتنتقل د ، سا ، ط ، م. (٥) لها ليس : ليس لها ط

(٦) لضرورة : بضرورة ، د ، سا ، م (٧) فيها : منها سا

(٨) إليه : إليها ط. (٩) فبين : فيستبين م.

(١٠) بلفظة : بلفظ سا ، ط. (١١) ثم : + إن د ، ط

(١٢) الطبيعية : + فى د ، ط. (١٣) دائما : دائميا ط.

(١٤) منافيها : فيها د ؛ منها ط (١٥) ما ذا (الأولى) : ماذى ب ، د ، سا ، ما إذا م.

(١٦) نشو : نش. م (١٧) الحيوان والنبات : الحيوانات والنباتات ط

(١٨) وفى : فى سا. (١٩) ما لم : لم م

(٢٠) توجها : توجهها سا (٢١) على : إلى ط.

(٢٢) والمدخرة : والمعقرة ط. (٢٣) وهى : هى د.

(٢٤) من الطبيعة : ساقطة من م.


على الأكثر (١) كما يفعله الطبيب معتقدا أنه إذا زال العارض المعارض أو اشتدت (٢) القوة توجهت الطبيعة إلى الصحة والخير. وليس إذا عدمت (٣) الطبيعة الرؤية وجب من ذلك (٤) أن يحكم بأن الفعل الصادر عنها غير متوجه إلى غاية فإن الرؤية ليست لتجعل الفعل ذا غاية ، بل لتعين الفعل الذي (٥) يختاره (٦) من بين سائر الأفعال (٧) جايز اختيارها لكل واحد منها غاية تخصه ، فالرؤية لأجل تخصيص الفعل لا لجعله ذا غاية. ولو كانت (٨) النفس مسلمة عن النوازع المختلفة والمعارضات المتفننة (٩) ، لكان يصدر عنها فعل يتشابه (١٠) على نهج واحد من غير روية ، وإن شئت أن تستظهر فى هذا الباب ، فتأمل حال الصناعة ، فإن الصناعة لا نشك (١١) فى (١٢) أنها لغاية (١٣) ، والصناعة إذا صارت ملكة لم يحتج فى استعمالها إلى الروية وصارت بحيث إذا أحضرت الروية تعددت (١٤) وتبلد الماهر فيها عن النفاذ فيما يزاوله كمن يكتب أو يضرب بالعود فإنه إذا أخذ يروى (١٥) فى اختيار حرف حرف أو نغمة نغمة وأراد أن يقف على عدده تبلد وتعطل. وإنما يستمر على نهج واحد فيما يفعله بلا روية فى كل واحد واحد (١٦) مما يستمر فيه ، وإن كان ابتداء ذلك الفعل وقصده (١٧) إنما وقع بالروية. وأما المبنى على ذلك الأول والابتداء فلا يروى فيه (١٨). وكذلك حال اعتصام الزالق بما يعصمه ومبادرة اليد إلى حك (١٩) العضو المستحك من غير فكرة (٢٠) ولا روية ولا استحصار لصورة ما يفعله فى الخيال.

وأوضح من هذه القوة النفسانية إذا حركت عضوا ظاهرا يختار تحريكه وتشعر بتحريكه (٢١). فليس تحريكه (٢٢) بالذات وبلا واسطة ، بل إنما يحرك بالحقيقة الوتر والعضل (٢٣) فيتبعه تحريك ذلك العضو. والنفس لا يشعر بتحريكها للعضلة (٢٤) ، مع أن ذلك الفعل اختيارى وأول. وأما حديث التشويهات وما يجرى مجراها ، فإن بعضها هو نقص وقبح وقصور عن المجرى الطبيعى ، وبعضها زيادة. وما كان نقصا وقبحا فهو عدم فعل لعصيان المادة. ونحن لم نضمن أن الطبيعة يمكنها أن يحرك كل مادة إلى الغاية ، ولا ضمنا أن لإعدام أفعالها غايات ، بل (٢٥)

__________________

(١) على الأكثر : ساقطة من سا ، م (٢) اشتدت : استدت سا.

(٣) عدمت : عدت سا. (٤) وجب من ذلك : ومن ذلك م.

(٥) الذي : ساقطة من م (٦) يختاره : يجتا ب ، د ، سا ، م

(٧) الأفعال : أفعال سا. (٨) ولو كانت : وإن كانت سا.

(٩) المتفننة : المعينة سا (١٠) يتشابه : متشابهة ط ، م.

(١١) لا نشك : لا شك ط (١٢) فى (الثانية) : فيها ط

(١٣) لغاية : الغاية م. (١٤) تعددت : تعذرت سا ، م.

(١٥) يروى : روى سا. (١٦) واحد واحد : واحد د ، م.

(١٧) وقصده : وقصد م (١٨) فيه : ساقطة من سا.

(١٩) حك : + فليس تحريكه د (٢٠) فكرة م.

(٢١) بتحريكه : تحريكه م. (٢٢) فليس تحريكه : ساقطة من د.

(٢٣) الوتر والعضل : العضو والوتر م. (٢٤) للعضلة : العضلة د ، ط ، م.

(٢٥) بل : + إنما ط.


ضمنا أن أفعالها فى المواد (١) المطيعة التي (٢) لها هى لغايات ، وهذا لا يزاحم ذلك. والموت والذبول هو لقصور الطبيعة البدنية عن إلزام (٣) المادة صورتها وحفظها إياها عليها بإدخال بدل ما يتحلل ، ونظام الذوبل ليس أيضا غير متأد إلى غاية البتة. فإن لنظام الذبول سببا غير الطبيعة الموكلة بالبدن (٤) ، وذلك السبب هو الحرارة وسببا هو الطبيعة ولكن (٥) بالعرض. ولكل واحد منهما (٦) غاية. فالحرارة (٧) غايتها تحليل (٨) الرطوبة وإحالتها. فتسوق المادة إليه على النظام ، وذلك غاية. فالطبيعة التي فى البدن غايتها حفظ البدن ما أمكن بإمداد بعد إمداد ، لكن كل مدد (٩) يأتى فإن الاستمداد منه أخيرا يقع أقل من الاستمداد منه بديا لعلل نذكرها فى العلوم الجزئية ، فيكون ذلك الإمداد بالعرض سببا لنظام الذبول. فإذن الذبول من حيث هو ذو نظام ومتوجه إلى غاية فهو فعل الطبيعة (١٠). وإن لم يكن فعل طبيعة البدنى (١١). ونحن لم نضمن أن كل حال للأمور الطبيعية يجب أن يكون غاية للطبيعة التي فيها بل قلنا إن كل طبيعة تفعل فعلها (١٢) لغاية لها. وأما فعل غيرها فقد لا يكون لغاية لها والموت والتحليل والذبول وكل ذلك إن لم يكن غاية نافعة بالقياس إلى بدن زيد فهى غاية واجبة فى نظام الكل.

وقد أومأنا إلى ذلك فيما سلف ، وعلمك بحال النفس سينبهك على غاية فى الموت واجبة ، وغايات فى تناسب الضعف واجبة. وأما الزيادات فهى أيضا كائنة (١٣) لغاية ما. فإن المادة إذا فضلت (١٤) حركت الطبيعة فضلها (١٥) إلى الصورة التي (١٦) تستحقها بالاستعداد (١٧) الذي فيها ولا تعطلها ، فيكون فعل الطبيعة فيها لغاية ، وإن كان المستدعى إلى تلك الغاية اتفاق سبب غير طبيعى.

وأما أمر المطر (١٨) وما قيل فيه فليس ينبغى أن نسلم (١٩) ما قيل فيه ، بل نقول إن قرب الشمس وبعدها وحدوث السخونة بقربها والبرودة ببعدها ، على ما تعلمه بعد ، سبب ذو نظام لأمور كثيرة من الغايات الجزئية (٢٠) فى الطبيعة ، ووقوع الشمس مقربة فى حركاتها المائلة (٢١) يصدر عن ذاته (٢٢) التبخر (٢٣) المصعد إلى حيث (٢٤) تبرد فيهبط (٢٥) للضرورة. وليس يكفى في ذلك ضرورة المادة ، بل هذا الفعل الإلهى المستعمل للمادة إلى أن ينتهى إلى ضرورتها فيلزمها الغاية ،

__________________

(١) المواد : الطبيعية ط (٢) التي : ساقطة من ط ، م.

(٣) إلزام : التزام سا. (٤) بالبدن : للبدن ط.

(٥) ولكن : لكن سا (٦) منهما : ساقطة من سا

(٧) فالحرارة : والحرارة ط (٨) تحليل : لتحليل د ، ط.

(٩) مدد : + ثان سا ، ط. (١٠) الطبيعة : لطبيعة سا ، م.

(١١) البدنى : البدن سا ، م. (١٢) فعلها : + فإنما تفعله ط.

(١٣) كائنة : كانت ط (١٤) فضلت : فصلت سا ، م.

(١٥) فضلها : فصلها سا ، م. (١٦) التي : إلى م

(١٧) بالاستعداد : الاستعداد م.

(١٨) المطر : النظر سا (١٩) نسلم : + له ط.

(٢٠) الجزئية : الخيرية سا. (٢١) المائلة : + سبب ط

(٢٢) عن ذاته : لذاته سا (٢٣) التبخر : التبخير ط ، م

(٢٤) حيث : بحيث سا (٢٥) فيهبط : فهبط ط.


فإن كل غاية أوجل الغايات يلزم ضرورة فى مادة ، ولكن العلة المحركة ترتاد (١) المادة وتجعلها بحيث تتصل بالضرورة (٢) التي فيها إن كانت بما (٣) هو الغاية المقصودة ، تأمل ذلك فى الصناعات كلها. ونقول لهم أيضا وليس (٤) إذا كانت الحركة غاية وللفعل غاية وجب أن يكون لكل غاية غاية (٥). وأن لا تقف المسألة عن لم ، فإن الغاية فى الحقيقة تكون (٦) مقصودة لذاتها وسائر الأشياء يقصد لها وما يقصد لأجل شيء آخر ، فحرى أن يسأل عنه باللم المقتضى (٧) للجواب بالغاية. وأما ما يقصد لذاته ، فإنه لا يليق به السؤال عن أنه لم قصد ، ولهذا لا يقال لم طلبت الصحة ، ولم طلبت الخيرية ، ولم هربت عن المرض ، ولم نفرت عن الشر. ولو كانت الحركة والإمالة (٨) تقتضى الغاية لأنها موجودة أو لأنها غاية ، لكان يجب أن تكون لكل غاية غاية (٩) ، لكنها تقتضى ذلك من حيث هناك زوال وتجدد صادر عن سبب طبيعى أو إرادى. وليس يجب أن يتعجب من أن الحرارة تفعل لإحراق (١٠) شيء بل حقا أن الحرارة تفعل لتحرق وتفنى المحترق (١١) ويحيله إلى مشاكلتها أو مشاكلة (١٢) الجوهر الذي فيها (١٣). إنما (١٤) يكون الاتفاق والغاية العرضية فى مثل أن يحرق ثوب فقير وذلك (١٥) ليس له بغاية (١٦) ذاتية ، فإنها (١٧) ليست (١٨) يحرقه لأجل أنه ثوب فقير ولا فى النار هذه القوة المحرقة لأجل هذا الشأن ، بل لكى يحيل ما يماسه إلى جوهرها (١٩) ، ولكى (٢٠) يحل ما يكون بحال وتقعد ما يكون بحال. وقد اتفق الآن أن ماسها (٢١) هذا الثوب فلفعل النار فى الطبيعة غاية ، وإن لم يكن مصادفتها (٢٢) هذا المشتعل (٢٣) إلا بالعرض ، ووجود الغاية بالعرض لا يمنع وجود الغاية بالذات ، بل الغاية بالذات متقدمة على الغاية بالعرض (٢٤) (٢٥).

فبين من هذا كله أن المادة لأجل الصورة ، وأنها (٢٦) تتوخى لتحصل ، فتحصل فيها الصورة ، وليست الصورة

__________________

(١) ترتاد : بزيادة د ؛ زياد سا.

(٢) تتصل بالضرورة : تتصل بالصورة د ؛ تتصل بالضرورة بالصورة ط.

(٣) بما : مما ط (٤) وليس : + أيضا ط.

(٥) غاية غاية : غاية د ، م. (٦) تكون : ساقطة من سا.

(٧) المقتضى : المقضى م. (٨) والإمالة : والإحالة سا ، ط ، م.

(٩) غاية غاية : + يجب د. (١٠) لإحراق : الإحراق م.

(١١) المحترق : المحرق ب ، سا ، م ؛ المحروق د (١٢) أو مشاكلة : ومشاكلة : ومشاكلة م

(١٣) الذي فيها : التي فيه ب ، د ، سا ؛ الذي فيه م

(١٤) إنما : وإنما ط. (١٥) وذلك : ذلك م

(١٦) له بغاية : له لغاية سا ؛ لها لغاية ط

(١٧) فإنها : سا ، م (١٨) ليست : ليس د ، سا ، م.

(١٩) جوهرها : جوهر ، سا ، م (٢٠) ولكى : ولكن سا ، ط.

(٢١) ما سها : ما سه سا ، م. (٢٢) مصادفتها : مصادفته سا ، م

(٢٣) المشتعل : المنفعل ط. (٢٤) لا يمنع ... بالعرض : ساقطة من سا.

(٢٥) بالعرض : + لا يمنع وجود م. (٢٦) وأنها : فإنها سا.


لأجل المادة ، وإن كان (١) لا بد من المادة حتى توجد فيها الصورة. ومن تأمل منافع أعضاء الحيوان وأجزاء النبات لم يبق له شك فى أن الأمور الطبيعية لغاية ، وستشم من ذلك شيئا فى آخر كلامنا فى الطبيعيات. ومع هذا كله (٢) فلا ينكر أن يكون فى الأمور الطبيعية أمور ضرورية بعضها يحتاج إليها للغاية ، وبعضها يلزم الغاية.

[الفصل (٣) الخامس عشر]

س ـ فصل

فى (٤) دخول العلل فى المباحث

وطلب اللم والجواب عنه

وإذ قد بان لنا عدة الأسباب وأحوالها ، فنقول إنه يجب أن يكون الطبيعى متعينا (٥) بالإحاطة بكليتها وخصوصا بالصورة حتى يتم احاطته بالمعلول وأما الأمور التعليمية فلا يدخل فيها مبدأ حركة ، إذ لا حركة لها. وكذلك لا يدخل فيها غاية حركة ولا مادة البتة ، بل يتأمل فيها العلل الصورية فقط.

واعلم أن السؤال عن الأمور المادية باللم ربما تضمن (٦) علة من العلل ، فإن تضمن الفاعل كقولهم : لم قاتل فلان فلانا ، فيجوز أن يكون جوابه الغاية ، كقولهم : لكى ينتقم منه. ويجوز أن يكون جوابه المشير والفاعل (٧) المتقدم للفاعل ، وهو الداعى إلى الفعل (٨) ، مثل أن يقال : لأن فلانا أشار عليه أو لأنه غصبه حقه ، وهذا هو الفاعل لصورة الاختيار الذي ينبعث (٩) منه الفعل الأخير (١٠). وما أنه هل يجيب (١١) بالصورة أو هل (١٢) يجبب بالمادة ففيه (١٣)

__________________

(١) كان : كانت ب.

(٢) كله : ساقطة من سا ، م.

(٣) فصل : فصل س آ ب ؛ الفصل الخامس عشر ط ، م.

(٤) فى : + كيفية ط.

(٥) متعينا : معينا سا ، م.

(٦) تضمن (الأولى) : يتضمن ط.

(٧) والفاعل : أو الفاعل ط.

(٨) الفعل : العمل د.

(٩) ينبعث : نبعث م

(١٠) الأخير : الآخر م

(١١) يجيب (الأولى) : يجب م

(١٢) أو هل : وهل د ، سا

(١٣) ففيه : ومنه م.


نظر. أما الصورة فإنها صورة الفعل وهو القتال ، وليس السؤال إلا عن علة وجودها عن الفاعل فلا يصلح أن يجاب لها ، فإنها ليست علة لوجود نفسها عن الفاعل إلا أن تكون تلك الصورة هى غاية الغايات ، كالخير ملا ، فتكون لذاتها لا لسبب ما هى محركة للفاعل إلى أن يكون فاعلا (١) على النحو (٢) الذي أومأنا إليه فى بيان نسبة ما بين الفاعل والغاية ، ومع ذلك فلا تكون علة قريبة لوجودها فى تلك المادة عن الفاعل بل علة لوجود الفاعل فاعلا فلا تكون من حيث هى موجودة فى المادة علة للفاعل ، بل من حيث هى (٣) معنى وماهية. فإذا كان السؤال عن كونها موجودة لم يصلح الجواب بها من حيث هى موجودة ، بل من حيث هى معنى وماهية ، وربما كانت الصورة (٤) المسئول عنها ذات معنى داخل فيها أو عارض لها ذاهب مذهبها ، فيكون يصلح أن يكون ذلك المعنى جوابا ، لما يقال : لم عدل فلان ، فيقال : لأن العدل حس ، فيكون الحسن معنى فى العدل وجاريا مجرى الصورة ، ولا تكون الصورة المسئول عنها جوابا ، بل صورة غيرها ، فإن الحسن هو جزء حد أو عارض لها ، فإن (٥) الحسن معنى أعم من العدل إما عارض لازم وإما جزء حد له مقوم. وإذا صلحت الصورة أن يجاب بها هاهنا فقد دخلت من حيث هى كذلك فى جملة الداعى المحرك للاختيار وحكم المادة هذا الحكم بعينه. فإنه إذا قيل : لم نجر فلان هذا الخشب سريرا ، فقيل : لأنه كان عنده خشب ، لم يكن مقنعا ، إلا أن يزاد فيقال : كان عنده خشب صلب صالح لأن ينجر منه سرير ، وكان لا يحتاج إليه فى أمر آخر. لكن الأمور الإرادية يصعب أن تؤدى بعلة (٦) بتمامها فيها ، فإن الإرادة تنبعث بعد توافى أمور لا يسهل إحصاؤها ، وربما لم يشعر بكثير منها فيخبر عنها (٧). وأما الأمور الطبيعية فيكفى فيها من المادة الاستعداد والملاقاة للقوة الفاعلة فيكون حصول نسبة المادة فيها جوابا وحده إذا ذكر فى السؤال حضور الفاعل ، وأما إذا تضمن السؤال الغاية كما يقال : لم صح فلان؟ فيصلح أن يجاب بالمبدإ الفاعلى فيقال : لأنه شرب الدواء. ويصلح أن يجاب بالمبدإ المادى مضافا إلى الفاعل : فيقال : لأن مزاج بدنه قوى الطبيعة. ولا يكفى ذكر المادة وحدها ، وأما الصورة فقلما يقنع ويقطع السؤال بذكرها (٨) وحدها بأن يقال : لأن مزاجه اعتدل : بل يحوج إلى سؤال آخر يؤدى (٩) إلى مادة أو فاعل. وأما إذا كان السؤال عن المادة واستعدادها بأن يقال مثلا : لم بدن الإنسان قابل للموت؟ فقد يجوز أن يجاب بالعلة الغائية ، فيقال : جعل ذلك لتتخلص النفس عند الاستكمال عن البدن. وقد يجوز أن يجاب بالعلة المادية ، فيقال : لأنه مركب من الأضداد ، ولا يجوز أن يجاب بالفاعل فى الاستعداد الذي ليس كالصورة ، لأن الفاعل لا يجوز أن يعطى المادة الاستعداد ، كأنه إن لم يعط لم تكن مستعدة (١٠) اللهم إلا أن يعنى

__________________

(١) فاعلا : مفاعلا د (٢) النحو : ساقطة من د.

(٣) موجودة ... هى : ساقطة من د.

(٤) الصورة : للصورة ط. (٥) فإن : وإن م.

(٦) بعلة : العلة سا ، م. (٧) عنها : عنه د ، سا ، م.

(٨) يذكرها : ذكرها سا ، م (٩) يؤدى : مؤدى ب ، د ، ط.

(١٠) ستعدة : مستعدا م.


بالاستعداد التهيؤ التام ، فقد يعطيه الفاعل ، كما يقال للمرآة إذا سئل عنها (١) لم تقبل الشبح ، فيقال (٢) : لأن الصاقل صقلها (٣) ، وأما الاستعداد الأصلى فلازم للمادة ويجوز (٤) أن يجاب بالصورة إذا كانت هى المتممة للاستعداد ، فيقال فى المرآة مثلا لأنها ملساء صقيلة (٥). وبالجملة السؤال لا يتوجه إلى المادة إلا وقد أخذت مع صورة فيسأل عن علة وجود الصورة فى المادة. وأما إذا تضمن السؤال الصورة ، فالمادة (٦) وحدها لا يكفى أن يجاب بها ، بل يجب أن يضاف إليها استعداد وينسب إلى الفاعل والغاية يجاب بها ، والفاعل يجاب به. فإذا (٧) شئت أن ترفض ما يقال على سبيل المجاز وتذكر الأمر الحقيقى ، فإن الجواب الحقيقى (٨) أن تذكر جميع العلل التي لم تتضمنها المسألة فإذا ذكرت وختمت بالغاية الحقيقية وقف السؤال (٩).

__________________

(١) عنها : أنها د ، سا

(٢) فيقال : يقال د ، سا ، م.

(٣) صقلها : صقلة سا

(٤) ويجوز : وقد يجوز ط.

(٥) صقيلة : صيقلية ط.

(٦) فالمادة : والمادة سا.

(٧) فإذا : وإذا د ، سا ، م.

(٨) فإن الجواب الحقيقى : ساقطة من سا ، م.

(٩) السؤال : + تم الفن الأول من الطبيعيات والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله أجمعين د ؛ تمت المقالة الأولى من الفن الأول بحمد الله وعونه والحمد لله وحده والصلاة على من لا نبى بعده م.



المقالة الثانية

من الفن الأول (١) (٢)

فى الحركة وما يجرى معها

وهى (٣) ثلاثة عشر فصلا (٤)

الأول فى الحركة الثاني فى نسبة الحركة إلى المقولات الثالث فى بيان المقولات التي تقع الحركة وحدها لا غيرها.

الرابع فى تحقيق تقابل الحركة والسكون.

الخامس فى ابتداء القول فى المكان وإيراد حجج مبطليه ومثبتيه.

السادس فى ذكر مذاهب الناس فى المكان وإيراد حججهم.

السابع نقض مذاهب من ظن أن المكان هيولى أو صورة أو سطح كان أو بعد.

الثامن فى مناقضة القائلين بالخلاء.

التاسع فى تحقيق القول فى المكان وبعض حجج مبطليه والمخطئين فيه (٥).

__________________

(١) من الفن الأول : ساقطة من م

(٢) الأول : + من الطبيعيات م.

(٣) وهى : ساقطة من م

(٤) وهى ثلاثة عشر فصلا : ساقطة من د.

(٥) الأول ... فيه : ساقطة من د ، ب ، سا ، م.


العاشر فى ابتداء القول فى الزمان واختلاف الناس فيه ومناقضة المخطئين فيه.

الحادى عشر فى تحقيق ماهية الزمان وإثباتها.

الثاني عشر فى بيان أمر الآن.

الثالث عشر فى حل الشكوك المقولة فى الزمان وإتمام القول فى مباحث زمانية مثل الكون فى الزمان ، والكون لا فى الزمان ، وفى الدهر والسرمد وتعينه ، وهو ذا وقبيل وبعيد والقديم (١).

__________________

(١) العاشر ... والقديم : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.


[الفصل الأول]

ا ـ فصل (١)

فى الحركة

لقد (٢) ختمنا الكلام فى المبادئ العامة للأمور الطبيعية. فحرى بنا أن ننتقل إلى الكلام فى العوارض العامة لها ، ولا أعم لها من الحركة والسكون. والسكون كما سنبين من حاله عدم الحركة ، فحرى بنا أن نقدم الكلام فى (٣) الحركة.

فنقول : إن الموجودات بعضها بالفعل (٤) من كل وجه ، وبعضها من جهة بالفعل ، ومن جهة القوة ويستحيل أن يكون شيء من الأشياء بالقوة من كل جهة ، لا ذات له بالفعل البتة. ليسلم (٥) هذا وليوضع وضعا مع قرب تناول (٦) الوقوف عليه. ثم من شأن كل ذى قوة أن يخرج منها إلى بالفعل (٧) المقابل لها ، وما امتنع الخروج إليه بالفعل فلا قوة عليه. والخروج إلى الفعل عن القوة قد يكون دفعة ، وقد يكون لا دفعة ، وهو أعم من الأمرين جميعا وهو بما هو أعم أمر يعرض لجميع المقولات ، فإنه لا مقولة (٨) إلا وفيها خروج عن قوة لها إلى فعل لها. أما (٩) فى الجوهر فكخروج (١٠) الإنسان إلى الفعل (١١) بعد كونه بالقوة. وفى الكم (١٢) فكخروج (١٣) النامى (١٤) إلى الفعل عن القوة. وفى الكيف فكخروج (١٥) السواد إلى الفعل عن القوة. وفى (١٦) المضاف فكخروج الأب إلى الفعل عن القوة. وفى الأين فكالحصول فوق بالفعل بعد القوة (١٧). وفى متى فكخروج الغد (١٨) إلى الفعل عن القوة. وفى الوضع فكخروج المنتصب إلى الفعل عن القوة. وكذلك فى الجدة (١٩). وكذلك فى الفعل والانفعال. لكن المعنى المتصالح عليه عند القدماء فى استعمال لفظة الحركة ليس ما يشرك فيه (٢٠) جميع أصناف هذه الخروجات عن القوة إلى الفعل ، بل ما كان خروجا

__________________

(١) فصل : فصل أب ؛ الفصل الأول ط ، م.

(٢) لقد : فقد سا. (٣) فى : على سا ، م.

(٤) بالفعل (الأولى) : بل لفعل د.

(٥) ليسلم : ولنسلم ط.

(٦) تناول : يتناول ط (٧) بالفعل : الفعل م.

(٨) لا معقولة : لا مقول له م

(٩) أما : وأما ط. (١٠) فكخروج : فلخروج سا

(١١) الفعل : فعل سا.

(١٢) الكم : الكلم م

(١٣) فكخروج (الثانية) : كخروج ط

(١٤) النامى : النابى ط

(١٥) فكخروج (الأولى) : كخروج سا.

(١٦) وفى (الأولى) : فى م.

(١٧) وفى الوضع ... القوة : ساقطة من سا.

(١٨) الغد : العشى ب ، د ، م.

(١٩) الجدة : + كخروجه إلى أن يكون منتقلا أو متسلما عن القوة م.

(٢٠) ما يشرك : ما يشترك سا ، م.


لا دفعة بل متدرجا. وهذا ليس يتأتى إلا فى مقولات معدودة مثلا كالكيف ، فإن ذا الكيف بالقوة يجوز أن يتوجه إلى الفعل يسيرا يسيرا إلى أن ينتهى إليه ، وكذلك ذو الكم بالقوة.

ونحن سنبين من بعد أن أى المقولات يجوز أن يقع فيه هذا الخروج من القوة إلى الفعل ، وأيها لا يجوز أن يقع فيه ذلك. ولو لا أن الزمان مما نضطر فى تحديده إلى أن تؤخذ (١) الحركة فى حده ، وأن الاتصال والتدريج قد يؤخذ (٢) الزمان فى حدهما ، والدفعة أيضا فإنها قد يؤخذ (٣) الآن فى حدها ، فيقال هو ما يكون فى آن ، والآن يؤخذ الزمان فى حده ، لأنه طرفه ، الحركة يؤخذ الزمان فى حدها (٤) ليسهل (٥) علينا أن نقول : إن الحركة خروج عن القوة إلى الفعل فى زمان (٦) أو على (٧) الاتصال أو لا دفعة. لكن جميع هذه الرسوم يتضمن بيانا دوريا خفيا ، فاضطر مفيدنا (٨) هذه الصناعة إلى أن (٩) سلك فى ذلك نهجا آخر فنظر إلى حال المتحرك عند ما يكون متحركا فى نفسه ، ونظر فى النحو من الوجود الذي يخص الحركة فى نفسها فوجد الحركة فى نفسها كمالا وفعلا أى كونا بالفعل إذ كان بإزائها قوة إذ الشيء قد يكون متحركا بالقوة ، وقد يكون متحركا بالفعل وبالكمال ، وفعله وكماله هو الحركة. فالحركة تشارك سائر الكمالات من هذه الجهة ، وتفارق سائر الكمالات من جهة أن سائر الكمالات (١٠) (١١) إذا حصلت صار الشيء بها بالفعل ولم يكن بعد فيه مما يتعلق بذلك الفعل شيء بالقوة. فإن الأسود إذا صار بالفعل أسود لم يبق (١٢) بالقوة أسود من جملة (١٣) الأسود الذي له : والمربع إذا صار بالفعل مربعا لم يبق بالقوة مربعا من جملة المربع الذي له ، والمتحرك إذا صار متحركا بالفعل فيظن أنه يكون بعد بالقوة متحركا من جملة الحركة المتصلة التي هو بها متحرك. ويوجد (١٤) أيضا بالقوة شيئا آخر غير أنه متحرك ، فإن ذات المتحرك ما لم يكن بالقوة شيئا ما يتحرك إليه وأنه بالحركة يصل إليه ، فإنه لا تكون حاله وقياسه عند الحركة إلى ذلك الشيء الذي هو له بالقوة ، كما كان قبل الحركة. فإنه فى حال السكون قبل الحركة يكون هو ذلك الشيء بالقوة المطلقة بل يكون ذا (١٥) قوتين إحداهما على الأمر والأخرى على التوجه إليه ، فيكون له فى ذلك الوقت كمالان وله عليهما قوتان. ثم يحصل له كمال إحدى القويتين ، ويكون قد بقى بعد بالقوة فى ذلك الشيء الذي هو المقصود بالقوتين ، بل فى كليهما ، وإن كان أحدهما قد (١٦) حصل بالفعل الذي هو أحد الكمالين وأو لهما

__________________

(١) تؤخذ : يوجد م. (٢) يؤخذ (الأولى) : يوجد سا ، م

(٣) يؤخذ (الثانية) : يوجد م.

(٤) حدها : حده ب ، د ، ط

(٥) ليسهل : فسهل سا. (٦) زمان : الرمان ط

(٧) أو على : وعلى سا. (٨) مفيدنا : يفيدنا سا

(٩) إلى أن : فى د ؛ أن سا. (١٠) من هذه .... الكمالات : ساقطة من سا

(١١) من جهة أن سائر الكمالات : ساقطة من م.

(١٢) بالقوة أسود .... يبق : ساقطة من م

(١٣) جملة (الأولى) : جهة بخ. (١٤) ويوجد : وقد يوجد ط.

(١٥) ذا : ساقطة من سا. (١٦) قد : ساقطة من سا ، م.


فهو بعد لم (١) يتبرأ عما هو (٢) بالقوة فى الأمرين جميعا ، أحدهما المتوجه إليه بالحركة والآخر فى الحركة. فإن الحركة فى ظاهر الأمر لا تحصل له بحيث لا تبقى قوتها إليه (٣) ، فتكون الحركة هى الكمال الأول لما بالقوة لا من كل جهة ، فإنه يمكن أن يكون لما (٤) بالقوة كمال آخر ككمال إنسانية أو فرسية لا يتعلق ذلك بكونه بالقوة بما هو بالقوة. وكيف يتعلق وهو لا ينافى القوة ما دامت موجودة ، ولا الكمال إذا حصل.

فالحركة كمال أول لما هو بالقوة (٥) من جهة ما هو بالقوة. وقد حدث (٦) بحدود مختلفة مشتبهة ، وذلك لاشتباه (٧) الأمر فى طبيعتها إذ كانت طبيعة لا توجد أحوالها ثابتة بالفعل ووجودها فيما يرى أن يكون قبلها شيء قد بطل وشيء مستأنف الوجود. فبعضهم حدها بالغيرية إذ كانت توجب (٨) تغيرا للحال (٩) وإفادة لغير (١٠) ما كان. ولم يعلم أنه ليس يجب أن يكون ما يوجب إفادة الغيرية فهو فى نفسه غيرية ، فإنه ليس كل ما يفيد (١١) شيئا يكون هو إياه (١٢) ولو كانت (١٣) الغيرية حركة لكان كل غير متحركا ، ولكن ليس كذلك. وقال قوم إنها طبيعة غير محدودة ، والأحرى (١٤) أن يكون هذا إن كان صفة (١٥) لها صفة غير خاصة. فغير الحركة ما هو كذلك كاللانهاية والزمان ، وقيل إنها خروج عن المساواة كأن الثبات على صفة واحدة مساواة للأمر (١٦) بالقياس إلى كل وقت يمر عليه. وأن (١٧) الحركة لا تتساوى نسبة أجزائها وأحوالها إلى الشيء فى أزمنة مختلفة ، فإن المتحرك فى كل آن له أين آخر. والمستحيل له فى كل آن كيف آخر. وهذه رسوم إنما دعا اليها (١٨) الاضطرار وضيق (١٩) المجال ولا حاجة بنا إلى التطويل فى إبطالها ومناقضتها (٢٠) ، فإن الذهن السليم يكفيه فى تزييفها (٢١) ما قلناه (٢٢). وأما ما قيل فى حد الحركة أنها زوال من حال إلى حال ، أو سلوك قوة إلى فعل ، فذلك غلط ، لأن نسبة الزوال والسلوك إلى الحركة لبس كنسبة الجنس أو ما يشبه الجنس (٢٣) ، بل كنسبة الألفاظ المرادفة (٢٤) إياها (٢٥). إذ هاتان اللفظتان ولفظة الحركة وضعت أولا لاستبدال (٢٦) المكان ، ثم نقلت إلى الأحوال.

ومما يجب أن تعلم فى هذا الموضع أن الحركة إذا حصل من أمرها ما يجب أن يفهم ، كان مفهومها اسما لمعنيين : أحدهما لا يجوز أن يحصل بالفعل قائما فى الأعيان ، والآخر يجوز أن يحصل فى الأعيان ، فإن الحركة

__________________

(١) لم : ما لم ط (٢) هو : ساقطة من سا.

(٣) إليه : البتة سا ، م. (٤) بالقوة ... لما : ساقطة من سا.

(٥) لما هو بالقوة : لما بالقوة سا ، م (٦) حدت : حددت سا ؛ حدث م

(٧) لاشتباه : الاشتباه ط. (٨) توجب : ساقطة من م

(٩) تغيرا للحال : تغير الحال سا ، ط ، م

(١٠) لغير : تغير ط. (١١) كل ما يفيد : كلها يفيد د ؛ كلما يفيد سا.

(١٢) إياه : ساقطة من سا ، م (١٣) كانت : كان ط.

(١٤) والأحرى : الأخرى د (١٥) صفة : ساقطة من سا ، م.

(١٦) للأمر : لأمر ب ، د ، سا ؛ الأمر م

(١٧) وأن : فإن د. (١٨) إليها : إليه سا

(١٩) وضيق : ويضيق سا. (٢٠) ومناقضتها : أو مناقضتها م

(٢١) تزييفها : ترتيبها ط (٢٢) ما قلناه : ما قلنا ط. (٢٣) أو ما يشبه الجنس : ساقطة من سا ، م

(٢٤) المرادفة : المترادفة ط (٢٥) إياها : إياه سا ، م. (٢٦) لاستبدال : لاستدلال م.


إن عنى بها الأمر المتصل المعقول للتحرك (١) من (٢) المبدأ والمنتهى فذلك لا يحصل البتة للمتحرك ، وهو بين المبدأ والمنتهى ، بل إنما يظن أنه قد حصل نحوا من الحصول إذا كان المتحرك عند المنتهى. وهناك يكون هذا المتصل المعقول قد بطل من حيث الوجود ، فكيف يكون له حصول حقيقى فى الوجود ، بل هذا (٣) الأمر بالحقيقة مما لا ذات له (٤) قائمة فى الأعيان. وإنما ترتسم فى الخيال لأن (٥) صورته قائمة فى الذهن بسبب نسبة المتحرك إلى مكانين : مكان تركه (٦) ومكان إدراكه (٧) ، أو يرتسم فى الخيال لأن صورة المتحرك وله حصول فى مكان وقرب وبعد من الأجسام تكون (٨) قد انطبعت فيه ، ثم تلحقها من جهة الحس صورة أخرى بحصول له (٩) آخر فى مكان آخر وقرب وبعد آخرين (١٠) ، فيشعر بالصورتين معا على أنهما (١١) صورة واحدة لحركة (١٢) ، ولا يكون لها فى الوجود حصول قائم كما فى الذهن. إذ الطرفان لا يحصل فيهما المتحرك فى الوجود معا ولا الحالة التي بينهما (١٣) لها وجود (١٤) قائم.

وأما المعنى الموجود بالفعل الذي بالحرى أن يكون الاسم واقعا عليه ، وأن تكون الحركة التي توجد فى المتحرك فهى حالته المتوسطة حين يكون ليس فى الطرف الأول من المسافة ولم يحصل عند الغاية ، بل هو فى حد متوسط بحيث ليس يوجد ولا فى آن من الآنات التي يقع فى مدة خروجه إلى الفعل حاصلا فى ذلك الحد ، فيكون حصوله فى أى وقت فرضته قاطعا لمسافة ما ، وهو (١٥) بعد فى القطع. وهذا هو صورة الحركة الموجودة فى المتحرك ، وهو توسط بين المبدأ المفروض والنهاية بحيث أى حد يفرض فيه لا يوجد (١٦) قبله ولا بعده فيه (١٧) لا كحدي الطرفين فهذا التوسط هو صورة الحركة وهو صفة واحدة تلزم المتحرك ولا تتغير (١٨) البتة ما دام متحركا.

نعم قد تتغير حدود التوسط بالفرض ، وليس المتحرك متوسطا ، لأنه فى حد دون حد (١٩) ، بل هو متوسط لأنه بالصفة المذكورة ، وهو (٢٠) أنه بحيث (٢١) أى حد تفرضه لا يكون قبله ولا بعده فيه. وكونه بهذه الصفة أمر واحد يلزمه دائما فى أى حد كان ليس يوصف بذلك فى حد دون حد. وهذا بالحقيقة ، هو الكمال الأول ، وأما إذا قطع فذلك الحصول هو الكمال الثاني. وهذه الصورة توجد فى المتحرك ، وهو فى آن لأنه يصح أن يقال له فى كل آن يفرض أنه فى حد وسط لم يكن قبله فيه ولا بعده يكون فيه (٢٢). والذي يقال من أن كل حركة ففى

__________________

(١) المتحرك : المتحرك ب ، د ، م (٢) من : بين سا ، ط ، م.

(٣) هذا : وهذا سا ، م. (٤) لا ذات له : لا له ذات ط

(٥) فى الخيال لأن : ساقطة من سا ، ط.

(٦) تركه : أو تركه د (٧) إدراكه : أدركه سا. (٨) المتحرك .... تكون : ساقطة من م.

(٩) بحصول له : بحصوله م. (١٠) آخرين : آخر م

(١١) أنهما : أنها ب ، د ، سا (١٢) لحركة : تحركة ط.

(١٣) بينهما : فيهما م (١٤) لها وجود : إما وجود سا.

(١٥) وهو : هو م. (١٦) لا يوجد : ولا يوجد سا(١٧) فيه : ساقطة من م.

(١٨) ولا تتغير : ولا تتحرك د. (١٩) دون حد : ساقطة من م.

(٢٠) وهو : وهى ب ، د ، سا ، م (٢١) بحيث : يحدث ب.

(٢٢) ولا بعده يكون فيه : ولا يكون بعده فيه ط.


زمان ، فإما أن يعنى بالحركة الحالة التي للشيء بين مبدأ ومنتهى وصل إليه فتقف عنده أو لا تقف عنده (١) ، فتلك الحالة الممتدة هى فى زمان ، وهذه الحالة فوجودها على سبيل وجود الأمور فى الماضى وتباينها بوجه آخر. لأن الأمور الموجودة فى الماضى قد كان لها وجود فى آن من الماضى كان حاضرا ، ولا كذلك (٢) هذا ، فتكون هذه الحركة يعنى بها القطع.

وأما أن يعنى بالحركة الكمال الأول الذي ذكرناه فيكون كونه فى زمان لا على معنى أنه يلزمه مطابقة الزمان (٣) ، على أنه لا تخلو من حصول قطع ذلك القطع مطابق للزمان فلا يخلو (٤) من حدوث زمان ، لا أنه (٥) كان ثابتا فى كل آن من ذلك الزمان مستمرا فيه (٦).

فإن قال (٧) : إن الكون فى المكان ولم يكن قبله ولا بعده فيه ، وكذلك (٨) الإضافة إليه ، والأمر الذي يجعلونه آنا هو أمر كلى معقول وليس بموجود بالفعل ، بل إنما الموجود بالفعل الكون فى هذا المكان لم (٩) يكن قبله ولا بعده فيه ، وكذلك الإضافة إلى هذا الكون ، والأمر الكلى إنما يثبت بأشخاصه ولا يكون شيئا واحدا موجودا يعينه كما اتفق عليه أهل الصناعة.

فنقول : أما الكون (١٠) فى المكان من حيث يقال على متمكنات كثيرين ، فلا شك أن الحال فيه على ما قد وصفت (١١) وأما من حيث يقال على متمكن واحد ولكن لا معا فالأمر فيه مشكل ، فإنه لا يبعد أن يكون معنى جنسى يقال على موضوع واحد فى وقتين ، ويكون لم يثبت واحدا بعينه مثل الجسم الأسود إذا ابيض. فإن الجسم إذا كان أسود فقد كان فيه سواد وكان السواد لونا وكان اللون كالجزء من السواد مثلا وبتخصيص (١٢) قارنه ما كان (١٣) سوادا ، فلما ابيض فلا يمكننا أن نقول إن ذات الشيء الذي كان عرض له مقارنة التخصيص باقية وقارنه تخصيص آخر ، مثل الخشبة (١٤) موجودة فى بيت على تخصيص أنها جزء حائط (١٥) ثم صارت هى بعينها جزء سقف ولها إضافة أخرى وتخصيص آخر أنه (١٦) جزء من سقف ، فإن ذلك ليس كذلك ، بل مثله مثل أن يعدم (١٧) الحائط والخشبة التي فيه ثم يحدث فى البيت حائط (١٨) وفيه خشبة أخرى مثل تلك الخشبة. وذلك لأن السواد

__________________

(١) عنده (الثانية) : ساقطة من م.

(٢) كذلك : لذلك م. (٣) الزمان : + بل سا ، م.

(٤) فلا يخلو : ولا يخلو سا

(٥) لا أنه د ؛ ولأنه ط.

(٦) فيه : + فيكون ثانيا فى هذه ط.

(٧) قال : + قائل سا ، م

(٨) وكذلك سا ، م. (٩) لم : ولم سا ، م.

(١٠) الكون : الكون م. (١١) وصفت : وصف د.

(١٢) وبتخصيص : ويتخصص م.

(١٣) قارنه ما كان : ما كان ب ؛ قارنه ثم ما كان سا ؛ ما قارنه كان ط.

(١٤) مثل الخشبة : مثلا كخشبة سا ، ط

(١٥) حائط : حافظ د.

(١٦) أنه : أنها ط.

(١٧) يعدم : يعده م

(١٨) حائط : حائطا د ، سا.


لا يبطل فصله وتبقى حصته (١) من طبيعة الجنس التي كانت مقارنة لها بعينها ، وإلا فليس بفصل منوع ، بل هو عارض لا منوع (٢). قد علم هذا من (٣) مواضع أخرى ، فإذا كان الأمر على هذا ، فلينظر هل حكم لكون فى المتمكن تارة مقارنا لتخصيص أنه فى هذا المكان وتارة مقارنا لتخصيص آخر حكمه حكم اللون أو ليس كذلك ، بل حكمه حكم حرارة تارة يفعل فى هذا وتارة فى هذا ، أو رطوبة تارة تنفعل عن هذا وتارة عن ذلك وهى واحدة بعينها ، أو عرض من آخر (٤) (٥) الأعراض يبقى (٦) واحد بعينه ويلحقه تخصيص بعد تخصيص.

فنقول أولا إن هذا التخصيص بهذا أو بذاك (٧) فى أمر المكان ليس أمرا موجودا بالفعل نفسه ، كما يظهر لك بعد. إذ المتصل لأجزاء له بالفعل ، بل يعرض أن يتجزى لأسباب تقسم المسافة فتجعلها بالفعل مسافات على أحد أنواع القسمة ، وما بين حدود تلك القسمة أيضا مسافات لا يشتمل عليها آن وحركة على النحو الذي قلنا إنها تكون فى آن ، بل الحركة التي على نحو القطع ، ويكون الزمان مطابقا لها ولا يكون المعنى الذي سميناه آنا هو متكثر فيها بالفعل. لأن ذلك لا يتكثر بالفعل إلا بتكثر المسافة بالفعل (٨) ، وإذا لم يكن متكثرا بالفعل وكانت الحركة على الموضوع الواحد ، أعنى المسافة حقا موجودة ولم تكن كثيرة بالعدد كانت بالضرورة واحدة بالعدد ، ولم يكن على النمط الذي يكون عليه الحال فى اللون (٩) ، ووجوده فى الموضوع فى حال سواده وفى حال بياضه وحال النسبة التي تخصص كلا إلى الموضوع بالفعل ، أن الحركة لا توجب بالفعل انفصالا بل يستمر الاتصال استمرار لا يجب معه تغير هذه الحال بالقياس إلى الموضوع حتى يعدم منه أمر ثابت بالشخص.

فإنه إنما تختلف النسبة بالفعل إلى مختلف بالفعل ، وإنما تكثر الواحد بالفعل تكثرا (١٠) من قبل النسبة إذا كانت النسبة متكثرة بالفعل. وإذا (١١) كانت المسافة واحدة بالاتصال لا اختلاف (١٢) فيها ، لم تختلف إليها نسبة (١٣). فلم يختلف بسبب (١٤) ذلك عدد شىء واحد. ثم بعد ذلك إذا عرض للمسافة (١٥) قسمة ما واختلاف ، ولم يكن ذلك مما يتعلق بالحركة ولا الحركة تتعلق به ولا أحدهما موجب (١٦) للآخر (١٧) ولا موجبه ، كانت الاثنينية التي تعرض (١٨) غير متكثرة (١٩) بالذات ، بل بالعرض ومن طريق نسبة الواحد إلى كثير (٢٠) ، وتكون النسبة خارجية غير داخلة فى ذات الشىء

__________________

(١) حصته : حصة ط. (٢) لا منوع : لا بنوع سا ، م

(٣) من : فى ط. (٤) آخر : ساقطة من م

(٥) من آخر : آخر من سا (٦) يبقى : فيبقى ط.

(٧) أو بذاك : أو بذلك ط. (٨) لأن ذلك ... المسافة بالفعل : ساقطة من سا.

(٩) اللون : الكون م.

(١٠) تكثر الواحد بالفعل تكثرا : تكثر الواحد بالفعل بتكثر د ، سا ؛ يتكثر الواحد بالفعل بتكثر له ط.

(١١) وإذا : فإذا ط (١٢) لا اختلاف : لا اختلف م

(١٣) نسبة : نسبة سا. (١٤) بسبب : لسبب ط

(١٥) للمسافة : المسافة م. (١٦) موجب : موجبا د ، سا

(١٧) للآخر : لآخر سا (١٨) تعرض : + به ط.

(١٩) متكثرة : متكثر سا. (٢٠) كثير : الكثير ط.


وبالجملة لا تكون هذه الحال حال (١) اللون الذي هو بالحقيقة لا بالقياس إلى أمر خارج يختلف بمقارنة فصلى (٢) السواد والبياض (٣) ، ولا كون المتحرك فى مكان (٤) مطلقا يصير كثيرا بكونه كثيرا فى هذا المكان وذلك المكان ، لأنه ليس فى مسافة الحركة انفصال بالفعل ومكان معين دون مكان حتى يجوز أن يكون هناك كون فى المكان مطلقا جنسيا أو نوعيا يتنوع أو يتشخص بسبب نسبته إلى أمكنة كثيرة بالفعل.

واعلم (٥) أن الحركة قد تتعلق بأمور ستة هى (٦) : المتحرك ، والمحرك ، وما فيه ، وما منه ، وما إليه ، والزمان. أما تعلقها بالمتحرك فأمر لا شبهة فيه. وأما تعلقها بالمحرك فلأن الحركة إما أن تكون للمتحرك عن ذاته من حيث هو جسم طبيعى أو تكون صادرة عن سبب. ولو كانت (٧) الحركة له لذاته لا لسبب (٨) أصلا ، لكانت الحركة لا تعدم البتة ما دام ذات الجسم الطبيعي المتحرك بها موجودة. لكن الحركة تعدم عن كثير من الأجسام وذاته موجودة ، ولو كانت ذات (٩) المتحرك سببا للحركة حتى يكون محركا ومتحركا لكانت الحركة تجب عن ذاته ، لكن لا تجب عن ذاته إذ توجد ذات الجسم الطبيعى ، وهو غير متحرك. فإن وجد جسم طبيعى يتحرك دائما فهو لصفة له زائدة على جسميته الطبيعية ، إما فيه إن (١٠) كانت الحركة ليست من خارج ، وإما خارجا عنه إن كانت عن خارج. وبالجملة لا يجوز أن تكون ذات الشيء سببا لحركته ، فإنه لا يكون شيء واحد محركا ومتحركا إلا أن يكون محركا بصورته ومتحركا بموضوعه (١١) ، أو محركا وهو مأخوذ مع شيء (١٢) ، ومتحركا وهو مأخوذ مع شيء آخر. ومما يبين لك أن الشيء (١٣) لا يحرك ذاته أن المحرك (١٤) إذا حرك لم يخل إما أن يكون يحرك لا بأن يتحرك وإما أن يكون يحرك بأن يتحرك. فإن كان المحرك يحرك لا بأن يتحرك فمحال أن يكون المحرك هو المتحرك بل يكون غيره. وإن (١٥) كان يحرك بأن يتحرك وبالحركة (١٦) التي فيه بالفعل يحرك. ومعنى يحرك أنه يوجد فى شيء متحرك بالقوة حركة بالفعل ، فيكون حينئذ إنما يخرج شيئا من القوة إلى الفعل بشيء فيه بالفعل وهو الحركة ومحال أن يكون ذلك الشيء فيه بالفعل وهو بعينه فيه بالقوة ، فيحتاج أن يكتسبه ، مثلا إن كان حارا فكيف يسخن نفسه بحرارته ، أى إن كان حارا بالفعل (١٧) فكيف يكون حارا بالقوة (١٨) حتى يكتسب من ذى قبل (١٩) حرارة عن نفسه فيكون بالفعل وبالقوة معا. وبالجملة طبيعة (٢٠) الجسمية طبيعة جوهر له طول وعرض وعمق ، وهذا

__________________

(١) حال : ساقطة من م. (٢) فصل : فصل د ، سا ، م.

(٣) والبياض : ساقطة من د

(٤) مكان : زمان م. (٥) واعلم : فاعلم م

(٦) هى : وهى سا ، م. (٧) كانت : كان ب ، د ، سا ، ط

(٨) لسبب : بسبب ط. (٩) ذات : ساقطة من م.

(١٠) إن : وإن م. (١١) بموضوعه : لموضوعه م

(١٢) ومتحركا .... شيء : ساقطة من سا.

(١٣) الشيء : + محركا وهو مأخوذ مع شيء آخر سا

(١٤) المحرك : المتحر ك د. (١٥) وإن : فإن ط

(١٦) وبالحركة : بالحركة ط. (١٧) بالفعل : بالقوة م

(١٨) بالقوة : بالفعل م. (١٩) قبل : فعل ط.

(٢٠) طبيعة : فطبيعة ط.


القدر مشترك (١) فيه لا يوجب حركة وإلا لاشترك (٢) فيها بعينها ، فإن زيد على هذا القدر معنى آخر حتى يلزم الجسم حركة ، وحتى تكون جوهرا ذا طول وعرض (٣) وعمق وخاصة (٤) أخرى مع المذكور يتحرك بسبب ذلك فيكون فيه مبدأ حركة زائد على الشرط الذي إذا وجد كان به جسما ، وإن كان من خارج فذلك فيه أظهر. وقد قيل فى إثبات أن لكل متحرك محركا قول (٥) جدلى (٦) ، وأحسن العبارة عنه ما نقوله إن كل متحرك كما (٧) يتبين (٨) من بعد منقسم وله أجزاء لا يمنع من (٩) توهمها ساكنة طبيعة الجسمية التي لها ، بل إن منع منع (١٠) أمر زائد عليها. وكل توهم بشيء (١١) لا تمنعه طبيعته (١٢) ، فهو من التوهم الممكن من حيث تلك الطبيعة ، فتوهم جزء المتحرك ساكنا من حيث هو جسم توهم لا يستحيل إلا بشرط ، وذلك الجزء ليس هو ذلك الكل ، وكل ما هو متحرك (١٣) لذاته ففرض ما ليس هو ، بل هو غيره ساكنا ، وخصوصا إذا كان غير (١٤) محال فى نفسه لا يوجب فى الوهم (١٥) سكونه وكل جسم فإن فرض سكون الجزء منه يوجب سكون الكل إيجاب العلة للمعلول ، لأن السكون الذي للكل هو كما تبين لك مجموع سكونات الأجزاء إذا حصلت (١٦) أجزاء بفرض أو غير ذلك ، فإذن ليس ولا شيء من الأجسام متحركا لذاته.

فإن قال قائل : إن قولكم إن المتحرك لذاته لا يسكن إذا فرض غيره ساكنا إنما يصح (١٧) إذا كان فرض (١٨) سكون ذلك الغير ممكنا غير مستحيل ، فيدل ذلك على أن سكون ما يلزم أن يسكن معه جائز غير مستحيل.

وأما إذا كان سكونه مستحيلا فيجوز أن يكون فرضه ساكنا يلزم عنه سكون المتحرك لذاته مع أنه محال كما أن كثيرا من المحالات يلزمها محالات (١٩). فحق أن سكون المتحرك لذاته محال ، لكنه إذا فرض محال آخر جاز أن يلزمه سكونه المحال ، فإنه إنما يستحيل سكونه (٢٠) فى الوجود. وأما لزوم القول بسكونه عند فرض محال لا يمكن (٢١) ، بل عند فرض ما (٢٢) يسقط عنه كونه متحركا لذاته فأمر غير مناقض لذلك الحق ، لأن ذلك حملى

__________________

(١) مشترك : المشترك م (٢) لاشترك : لاشتركت ط.

(٣) وعرض : ساقطة من د ، سا

(٤) وخاصة : وخاصته سا ، ط ؛ وحتى تكون خاصته م.

(٥) قول : قولى م (٦) جدلى : ساقطة من م.

(٧) كما : لما سا ، م (٨) يتبين : يبين د.

(٩) من (الثانية) : عن سا ، م (١٠) منع منع : منع منيع م.

(١١) بشيء : شيء د ، سا ، م (١٢) طبيعته : طبيعة م.

(١٣) متحرك : يتحرك م. (١٤) غير : ساقطة من م

(١٥) الوهم : التوهم م. (١٦) حصلت : اتصلت ط.

(١٧) غيره ساكنا إنما يصح : ساقطة من د (١٨) إذا كان فرض : ساقطة من د.

(١٩) محالات : محالا م. (٢٠) سكونه (الأولى) : السكون هامش ب.

(٢١) لا يمكن : ساقطة من سا (٢٢) عند فرض ما : عند ما سا.


وذلك شرطى (١). وهذا كما لو فرضت (٢) المائة جزء للعشرة ، أليست العشرة تكون حينئذ مائة وشيئا ، وذلك ما لا يكون. وليس يلزم لذلك ، أن يكون قولنا إن العشرة ليست أكثر من مائة باطلا ، وكذلك (٣) فعسى أن المتحرك بذاته (٤) وإن أمكن توهم سكون جزئه من حيث هو جسم فليس يمكن (٥) من حيث هو جزء المتحرك لذاته وعلى طبيعته (٦) ، أى وإن كان يمكن ذلك له (٧) من حيث طبيعة جنسه فليس يمكن ذلك له من حيث طبيعته الخاصة ، بل يستحيل فرضه. كما أن الإنسان من حيث هو حيوان لا يمتنع أن يكون طائرا ويمتنع (٨) من حيث هو إنسان فإذا كان (٩) ممتنعا فقد لزم فرض المحال من فرض (١٠) المحال (١١). ونحن إنما نسلم أن ما هو متحرك لذاته فلا يمكن بسكون غيره إذا حصل سكون غيره فى الوجود ، أو توهم المتوهم (١٢) أى الممكن. وأما على وجه آخر فإنا نقول إنه قد يلزم أن يسكن المتحرك بذاته (١٣) إذا فرض سكون محال فى غيره. فنقول فى (١٤) جواب ذلك إن جزء الجسم من حيث هو جسم لا يمتنع عليه السكون ، فإن امتنع (١٥) السكون يكون بمعنى (١٦) عارض عليه غير الجسمية ، فإذا كان كذلك فتكون علة (١٧) الحركة فى كل جسم أمرا زائدا على الجسمية وهذا نسلمه (١٨) ، لكن بالحرى أن يقول لنا قائل : فما اضطركم إلى أن اشتغلتم بالجزء وإن (١٩) كان مأخذا لاحتجاج ، هو (٢٠) هذا ، ولم تنصوا (٢١) فى أول الأمر على الكل أنه إذا توهم ساكنا من حيث هو جسم لم يستحل ، فقد عرض له معنى (٢٢) أزيد من الجسمية ، به صار متحرك الذات (٢٣) واجب الحركة مستحيل فرض السكون. وإن (٢٤) كان ذلك الاحتجاج يكفيكم فهذا (٢٥) أكفى (٢٦) ، وإن كان الغرض فى هذا الاحتجاج غير هذا الغرض وكان لم يذهب إليه القائل الأول ولا أراده بوجه وإنما هو تحصين منكم لكلامه وهو نفسه لم يذهب إلى إمكان هذا الغرض فيه من حيث هو جسم ـ ـ ولا اعتبر الإمكان ، بل قال إن كل ما توهم غيره ساكنا يوجب كونه ساكنا فليس متحركا لذاته ، فليس (٢٧) هذا مسلما ، بل الأمر على ما أوضحناه فى التقرير الأول للشك (٢٨) ، فإنه يجوز أن يكون الشيء متحركا لذاته ، ثم يتوهم محال فيعرض من توهمه أن يصير

__________________

(١) وذلك شرطى : وذاك شرطى د ، سا. (٢) فرضت : فرضنا سا ، ط ، م.

(٣) وكذلك : ولذلك م. (٤) بذاته : لذاته ط

(٥) يمكن : + ذلك له د ؛ + ذلك سا ، ط ، م.

(٦) طبيعته : طبيعة م (٧) له (الأولى) : ساقطة من م.

(٨) ويمتنع : وممتنع سا ، ط. (٩) كان : + ذلك ط

(١٠) فرض (الثانية) : ساقطة من د (١١) من فرض المحال : ساقطة من م.

(١٢) المتوهم : فى توهمه للتوهم ط.

(١٣) بذاته : لذاته ط. (١٤) فى (الثانية) : ساقطة من م.

(١٥) امتنع : + عليه ط (١٦) بمعنى : لمعنى ط ، م.

(١٧) علة : عليته د (١٨) نسلمه : + به ط.

(١٩) وإن : إن سا ، ط ، م (٢٠) هو : وهو ط

(٢١) تنصوا : تنصبوا سا. (٢٢) معنى : + ما ط.

(٢٣) متحرك الذات : متحركا للذات د.

(٢٤) وإن (الأولى) : فإن ط (٢٥) فهذا : وهذا م

(٢٦) أكفى : كفى ط. (٢٧) فليس (الثانية) : وليس سا ، م.

(٢٨) الشك : لشك د.


هو غير متحرك لذاته ، ولا يلزم ذلك (١) المحال أن يتغير حكمه بمحال يلزمه (٢) ذلك المحال ، بل يجوز أن لا يكون المتحرك لذاته بحيث إذا توهم جزءه ساكنا سكن ، لكنه يجب حينئذ عدمه. فإن قيل : إن هذا محال (٣) ، قيل نعم ، وقد لزم محال محالا فرض قبله. فهذا القول ليس مما (٤) يحضرنى له جواب أقنع به ، ولا يبعد أن يكون عند غيرى له جواب. وأظن أن مأخذ (٥) الاحتجاج لا يلجئ إلى هذا كل الإلجاء ، وذلك إن كانت هذه المقدمة مسلمة كان التسكين محالا أو غير محال ، ثم الاحتجاج ، أعنى بالمقدمة قولنا كل ما تمتنع حركته لفرض سكون (٦) فى غيره فليس متحركا لذاته ، وهذا (٧) غير قولنا كل ما تمتنع حركته (٨) لفرض سكون فى غيره محال أو غير محال ، حتى لو قلنا كل ما يمتنع أن يتحرك لفرض محال فى غيره لم يكن متحركا لذاته ، فسلم ذلك ، فصح لنا القول والقياس. ولكن الشأن فى صحة (٩) هذه المقدمة فليجتهد غيرنا من (١٠) المتعصبين لهذا الاحتجاج فى تصحيح هذه المقدمة فربما تيسرت له هذه المتعسرة علينا. وعلى هذا الاحتجاج شك آخر ، وهو أن المتصل وإن كان يمكن أن تفرض له أجزاء فلا يمكن أن تتوهم تلك الأجزاء ساكنة أو متحركة إلا بالفرض (١١) لأنها غير ذات (١٢) أين ما دامت أجزاء المتصل إلا بالفرض (١٣) (١٤) ولا ذات وضع ، وهذا شيء سيبين بعد. فإذا كان توهم السكون فى الجزء مما لا يتحقق توهما إلا وينفصل بالفعل (١٥) ، لم يكن لهذا الاحتجاج مأخذ سديد (١٦) أو يدعى توهم فصل ثم إسكان معا.

ولو أنت توهمت فى الجزء المفروض سكونا وهو متصل ، فقد توهمت معنى مشاركا للسكون فى الاسم.

وأما السكون بحده فلا يمكن أن يتوهم فى ذلك الجزء ، كما لا يمكن أن تتوهم الأمور المحالة فى الفعل والخيال جميعا ، فليكن هذا المأخذ مما يسئل غيرنا ممن (١٧) يقف على تحقيقه أن ينوب عنا فيه. وأما تعلق الحركة بما منه (١٨) وبما إليه فيستنبط من حدها ، لأنها أول كمال يحصل لشيء له كمال ثان ينتهى به إليه ، وله (١٩) حالة القوة التي قبل الكمالين ، وهى الحالة التي الكمال الأول تركها وتوجه (٢٠) إلى الكمال الثاني وربما كان ما منه وما إليه ضدين

__________________

(١) ولا يلزم ذلك : ولا يلزمه ط ؛ ولا يلزمه ذلك م

(٢) يلزمه : يلزم ط ، م. (٣) محال : ساقطة من ب ، د.

(٤) ليس مما : مما ليس سا ، م.

(٥) مأخذ : تأخذ سا. (٦) سكون : السكون سا ، ط.

(٧) وهذا : وهذه سا ، ط. (٨) لفرض .... حركته : ساقطة من سا.

(٩) صحة : صحته د ، ط (١٠) غيرنا من : غير تام د.

(١١) بالغرض : بالعرض ط

(١٢) ذات : ذوات م. (١٣) غير ذات ..... بالفرض : ساقطة من د.

(١٤) بالفرض : بالعرض ط. (١٥) بالفعل : بالعدد م

(١٦) سديد : شديد سا ، م. (١٧) ممن : ساقطة من ب

(١٨) منه : فيه سا. (١٩) له : لها ط.

(٢٠) وتوجه : والتوجه د ، سا ، م.


وربما كانا بين الضدين ، لكن الواحد أقرب من ضد ، والآخر أقرب من ضد ، وربما لم (١) يكونا ضدين ولا بين ضدين ، ولكن كانا من جملة أمور لها نسبة إلى الأضداد وأمور متقابلة بوجه ما فلا تجتمع معا كالأحوال التي للفلك ، فإنه (٢) لا يضاد (٣) مبدأ حركة منه لمنتهاها لكنها لا تجتمع معا (٤). وربما كان ما منه وما إليه مما يثبت الحصولان (٥) فيهما زمانا ، حتى يكون عند الطرفين سكون ، وربما لم يكن الحصول فيه إذا فرض كأنه حد بالفعل إلا (٦) آنا كما للفلك ، فإن فى حركته ترك مبدأ وتوجها إلى غاية ، لكن لا وقوف له عند أحدهما.

ثم لقائل أن يقول : إن الحدود فى المتصل على مذهبكم ليست موجودة بالفعل ، بل بالقوة ، وإنما يصير بالفعل إما بقطع وإما بموافاة (٧) محدودة كماسة أو موازاة أو بفرض أو بعرض كما سنذكره ، فيكون إذن ما لم يكن أحد هذه الأسباب بالفعل لا يكون مبدأ ولا منتهى وما لم يكن مبدأ ولا نهاية معنيين ، عنه تبتدئ الحركة وتنتهى إليه (٨) لا يكون حركة : فالفلك ما لم يكن له سبب محدد (٩) لا يكون متحركا ، وهذا محال. فالذى (١٠) نقول (١١) فى جوابه أن النهاية والمبدأ تكون للحركة بضرب (١٢) فعل وبضرب قوة (١٣) ، والقوة تكون على وجهين : وجه قريب من الفعل ، ووجه بعيد من الفعل. مثال ذلك أن المتحرك فى حال ما يتحرك ، له بالقوة القريبة حد ، ولك أن تفرضه ، وقد وصل إليه فى آن ، تفرضه فيكون ذلك له فى نفسه بالحقيقة بالقوة وإنما يصير بالفعل حدا لحصول (١٤) الفرض بالفعل والقطع بالفعل ، ومع ذلك لا يقف بل يستمر ، وحد مستقبل لا يمكن من حيث هو حد حركة (١٥) أن يجعل بالفعل حد حركة بفرض أو بسبب (١٦) محدد بالفعل بل يحتاج أن يستوفى المسافة إليه حتى بصير بهذه الصفة ، أعنى أن يكون هناك ما يمكنك أن تفرضه مبدأ أو يمكنك أن تفرضه منتهى ، وبالجملة حدا تفرضه (١٧) من الحركة. فكل (١٨) حركة من حركات الفلك تشير إليها فى وقت معين ويحصلها ، فإنها يفترض (١٩) لها ذلك فتارة يفترض (٢٠) المبدأ (٢١) والمنتهى متباينين أى نقطتين مختلفتين (٢٢) هما حدا ذلك المفروض من الحركة فى ذلك الوقت الذي تعينه ، وتارة تكون نقطة (٢٣) واحدة هى بعينها مبدأ ومنتهى. أما مبدأ ، فلأن الحركة عنها ، وأما منتهى فلأن الحركة

__________________

(١) لم : ساقطة من سا. (٢) فإنه : وإنه م

(٣) لا يضاد : لا يتضاد سا ، م (٤) كالأحوال .... فعا : ساقطة من سا.

(٥) الحصولان : الحصول م. (٦) إلا : ساقطة من سا.

(٧) وإما بموافاة : أو بموافاة ط (٨) وتنتهى إليه : أو إليه ب ، د ، سا ، م

(٩) محدد : محدود ب ؛ مجزى م ؛ + محرك ط

(١٠) فالذى : بالذى سا (١١) نقول : نقوله سا.

(١٢) وبضرب : وضرب ط

(١٣) وبضرب قوة : وهذا ظاهر وقد يكونان بضرب وضرب قوم ة.

(١٤) لحصول : محصول م. (١٥) حركة : + بالفعل سا ، ط ، م

(١٦) بسبب : سبب سا ، م.

(١٧) حدا تفرضه : حدا لقطع لما تفرضه ط.

(١٨) فكل : وكل د (١٩) يفترض : يفرض ط. (٢٠) يفترض : يفرض ط

(٢١) المبدأ : من المبدأ م (٢٢) مختلفتين : ساقطة من م.

(٢٣) نقطة : لفظة ط.


إليها ويكون ذلك لها فى زمانين. فالحركة (١) المكانية أو الوضعية تعلقها (٢) بالمبدإ والمنتهى هو أنك ، إذا عينت حركة ومسافة تعين مع ذلك مبدأ ومنتهى قائم بنفسه ، والمتحرك تعلقه بالمبدإ والمنتهى هو أن يكون ذلك له بالفعل أو بالقوة (٣) القريبة من الفعل ، ذلك على أى وجه كان منهما جاز. فإنا لم نشترط الوجه المعين فيه منهما. وبالجملة (٤) فإنها تتعلق (٥) بالمبدإ والمنتهى على هذه الصورة والشرط المذكور ، لا من حيث هما بالفعل. ثم من المشهور أن الحركة والتحرك والتحريك ذات واحدة ، فإذا أخذت باعتبار نفسها فحسب كانت حركة ، وإن أخذت بالقياس إلى ما فيه سميت تحركا ، وإن أخذت بالقياس إلى ما عنه سميت تحريكا.

ويجب أن نحقق هذا الموضع (٦) ونتأمله تأملا أدق من المشهور فنقول : إن الأمر بخلاف هذه الصورة وذلك لأن التحرك حال للمتحرك (٧) ، وكون الحركة منسوبة إلى المتحرك بأنها (٨) فيه حال للحركة لا للمتحرك ، فإن نسبه ، الحركة (٩) إلى لمادة فى المعنى غير نسبة المادة إلى الحركة وإن تلازما فى الوجود. وكذلك التحريك حال للمحرك لا للحركة ، ونسبة الحركة إلى المحرك حال للحركة لا للمحرك (١٠). فإذا كان كذلك ، كان التحرك (١١) نسبة المادة إلى الحركة لا الحركة منسوبة (١٢) إلى المادة ، ولم يكن التحرك هو الحركة (١٣) بالموضوع ، وكذلك لم يكن التحريك هو الحركة فى الموضوع. ولا تناقش فى أن يكون كون الحركة. منسوبة إلى المادة معنى معقولا ، وكذلك إلى المحرك لكن هذين المعنيين لا يدل عليهما بهذين الاسمين. وأما تعلق الحركة بما فيه الحركة من المقولات فليس يعنى (١٤) بالموضوع (١٥) لها ، بل الأمر الذي هو المقصود حصوله فى الحركة. فإن المتحرك عند ما يتحرك موصوف بالتوسط بين أمرين (١٦) ، أمر متروك وأمر مقصود ، إما أين ، وإما كيف (١٧) ، أو غير ذلك إذ (١٨) كانت الحركة تغير الشيء لا دفعة. فإذن يكون متوسط بين حدين ولهما مقولة إما أين وإما كيف (١٩) وإما غير (٢٠) ذلك ، فيقال إن الحركة فى تلك المقولة. وقد تزداد لهذا (٢١) بيانا ، بعد أن نعرف نسبة الحركة إلى المقولات (٢٢).

__________________

(١) فالحركة : فللحركة ط (٢) تعلقها : تعلقها ط.

(٣) بالقوة : ساقطة من سا (٤) وبالجملة : ساقطة من د.

(٥) تتعلق : تعلق ط.

(٦) تحقق هذا الموضع : نتحقق بهذا الوضع د.

(٧) للمتحرك : المتحرك د

(٨) بأنها : فإنها سا. (٩) الحركة : المتحرك م.

(١٠) لا للمحرك : لا للمتحرك م

(١١) التحرك : المتحرك ب. (١٢) منسوبة : بمنسوبة ط.

(١٣) هو الحركة : والحركة م.

(١٤) يعنى : معنى م. (١٥) بالموضوع : به الموضوع سا ، م.

(١٦) أمريين : الأمرين ط (١٧) وإما كيف : أو كيف ط

(١٨) إذ : إذا م. (١٩) وإما كيف : أو كيف ط

(٢٠) وإما غير : أو غير ط. (٢١) لهذا : هذا سا ، ط ، م

(٢٢) المقولات المعقولات د.


[الفصل الثاني]

ب ـ فصل (١)

فى نسبة الحركة إلى المقولات

إنه قد اختلف فى نسبة الحركة إلى المقولات ، فقال (٢) بعضهم (٣) : إن الحركة هى مقولة أن ينفعل ، وقال بعضهم : إن لفظة الحركة تقع على الأصناف التي تحتها بالاشتراك البحت : وقال بعضهم : بل لفظة (٤) الحركة لفظة مشككة مثل لفظة الوجود (٥) ، تتناول أشياء (٦) كثيرة لا بتواطؤ ولا باشتراك بحت ، بل بالتشكيك لكن الأصناف المدخلة تحت لفظة الوجود والعرض دخولا أوليا هى المقولات وأما الأصناف الداخلة تحت لفظة الحركة فهى أنواع أو أصناف من المقولات. فالأين (٧) منه قار ومنه سيال هو (٨) الحركة فى المكان ، ولكيف قار ومنه (٩) سيال هو (١٠) الحركة فى الكيف أى الاستحالة ، والكم منه قار ومنه سيال وهو الحركة (١١) فى الكم أى النمو والذبول. وربما تمادى بعضهم فى مذهبه حتى قال والجوهر منه قار ومنه سيال هو (١٢) الحركة فى الجوهر أى الكون (١٣) والفساد ، وقال (١٤) إن الكم السيال نوع من أنواع الكم المتصل لإمكان وجود الحد المشترك فيه ، إلا أنه يفارقه بأنه لا وضع له وللمتصل وضع واستقرار. قال والتسود والسواد من جنس واحد ، إلا أن السواد قار (١٥) والتسود غير قار. وبالجملة فإن السيال فى كل جنس هو الحركة. فقال بعض هؤلاء لكنها إذا نسيت إلى لعلة التي هى فيها كانت مقولة أن ينفعل أو إلى العلة (١٦) التي هى (١٧) عنها صارت مقولة أن يفعل. وقوم خصوا هذا لاعتبار بالكيف السيال وأخرجوا (١٨) منها (١٩) مقولتى يفعل وينفعل (٢٠). واختلف أصحاب هذا المذهب أعنى القول بالسيال ، فمنهم من جعل لافتراق

__________________

(١) فصل : فصل ب ب ؛ الفصل الثاني م.

(٢) فقال : يقال سا. (٣) بعضهم (الأولى) : بعض د.

(٤) لفظة (الثانية) : لفظ ط.

(٥) الوجود : + والعرض ط

(٦) أشياء : أجزاء م.

(٧) فالأين : والأين د.

(٨) هو (الأولى) : وهو ط

(٩) ومنه : + أين سا ، م

(١٠) هو (الثانية) : وهو د ، ط.

(١١) فى الكيف ... وهو الحركة : ساقطة من د.

(١٢) هو : وهو ط

(١٣) أى الكون : أو الكون ط

(١٤) وقال : وقالوا سا ، م.

(١٥) قار : قارة ط.

(١٦) التي ... العلة : ساقطة من م.

(١٧) هى : ساقطة من سا ، م

(١٨) وأخرجوا : وأخرج ط. (١٩) منها : منه م

(٢٠) وينفعل : أو ينفعل م.


الذي بين السواد والتسود افتراقا فصليا منوعا ، ومنهم من جعله (١) افترقا بمعنى غير فصلى (٢) ، إذ كان (٣) هو كزيادة تعرض على خط فيسير خطا أكبر ولا يخرج (٤) به من نوعه. وقال الأولون : بل التسود بما هو تسود هو سواد (٥) سيال ، وليس (٦) أمر خارجا عن هويته بما هو تسود ، فهو إذن تمايز السواد الثابت بفصل. ويمكن أن يبين بطلان الحجتين جميعا. أما الأولى فتنتقض بالعدد ، وأما الثانية فبالبياض وكونه أمرا غير خارج عن هوية الأبيض بما هو أبيض من غير أن يكون فصلا. وهاهنا مذهب ثالث وهو مذهب من يقول (٧) إن لفظة (٨) الحركة وإن كانت مشككة كما قيل ، فإن الأصناف الواقعة تحتها ليست أنواعا من المقولات على السبيل المذكورة (٩) ، فلا التسود نوع من الكيف ، ولا النقلة (١٠) نوع من الأين. فإن وقوع الحركة فى الكيف ليس على أن الكيف جنس لها ولا أيضا موضوع لها ، فإن جميع الحركات إنما هى فى الجواهر (١١) من حيث هى فى موضوع لا غير ولا تمايز (١٢) بينها (١٣) فى هذا المعنى. ولكن إذا تبدلت جوهريته سمى ذلك التبدل ، ما دام فى السلوك حركة فى الجوهر ، وإن كان فى الأين ، سمى حركة فى الأين. وبالجملة إن كان ما عنه وما إليه كيفا فالحركة (١٤) فى الكيف. وإن (١٥) كان كما فالحركة فى الكم ويقال الحركة على هذه لا بالتواطؤ ، فإن الكمال المأخوذ فى رسمها أخذ الجنس هو من الألفاظ المجانسة (١٦) للوجود والوحدة. وأنت تعلم أن الكم والكيف والأين ليست داخلات تحت جنس واحد ، وإذا لم تكن هذه المقولات داخلة تحت جنس واحد ولا نسبة الكمال الأول إليها أمرا أيضا (١٧) حاصرا إياها حصر الجنس ، لم يكن (١٨) سبيل إلى أن نجعل الحركة معنى جنسيا ، بل هو الرسم يتناول معنى إنما يدل على مثله لفظ (١٩) مشكك (٢٠) لا غير.

والمذاهب الملتفت إليها فى هذا المطلوب هى هذه الثلاثة ، وليس يعجبنى المذهب الأوسط أولا ، بل استكره ما يقال فيه (٢١) من أن التسود كيفية ، وأن (٢٢) النمو كمية (٢٣). وبالحرى أن لا يكون التسود سوادا اشتد (٢٤) ، بل اشتداد الموضوع فى سواده ، وذلك لأنه لا يخلو إذا فرضنا سوادا اشد إما أن يكون ذلك السواد بعينه موجودا وقد عرضت له عند الاشتداد زيادة ، أو لا يكون موجودا. فإن لم يكن موجودا فمحال أن يقال إن ما قد عدم

__________________

(١) جعله : جعلوه ط (٢) فصلى : فصل سا ، م

(٣) كان : ساقطة من سا ، م. (٤) ولا يخرج : فلا يخرج سا

(٥) سواد : ساقطة من سا.

(٦) وليس : + هذا ، سا ، ط ، م.

(٧) يقول : قال ط (٨) لفظة : لفظ ط.

(٩) المذكورة : المذكور ط. (١٠) النقلة : لنقلة د.

(١١) الجواهر : الجوهر سا ، م (١٢) ولا تمايز : فلا تمايز م.

(١٣) بينها : بينهما ط. (١٤) فالحركة : بالحركة سا

(١٥) وإن : فإن ط. (١٦) المجانسة : المتجانسة م.

(١٧) أيضا : ساقطة من م. (١٨) يكن : + لنا سا ، م

(١٩) لفظ : لفظة ب ، د (٢٠) مشكك : مشكل م.

(٢١) فيه : به سا ، م (٢٢) وأن : أو أن سا

(٢٣) كمية : كيفية د ؛ كميته ط (٢٤) اشتد : يشتد سا ، م.


وبطل هو ذا يشتد ، فإن (١) الموصوف بصفة موجودة بحب أن يكون أمرا موجودا ثابت بالذات ، وإن كان السواد ثابت الذات (٢) ، فليس بسيال كما زعموا من أنها كيفية سيالة ، بل هو (٣) ثابت على الدوم (٤) يعرض عليه زيادة لا يثبت مبلغها ، بل يكون فى كل آن مبلغ آخر ، فتكون هذه الزيادة المتصلة هى الحركة إلى (٥) السواد فاشتداد (٦) السواد وسيلانه ، أو اشتداد (٧) الموضوع فى السواد (٨) وسيلانه فيه ، هو الحركة (٩) لا السواد المشتد. ويظهر من هذا أن اشتداد السواد يخرجه عن نوعه الأول ، إذ يستحيل (١٠) أن يشير إلى موجود (١١) منه وزيادة عليه مضافة إليه بل كل ما يبلغه من الحدود فكيفية (١٢) بسيطة واحدة (١٣). لكن الناس يسمون جميع الحدود المشابهة لحد واحد سوادا ، وجميع المشابهة للبياض أى (١٤) المقاربة له بياضا. والسواد المطلق هو واحد ، وهو طرف خفى ، والبياض كذلك وما سوى ذلك كالممتزج. والممتزج ليس (١٥) أحد الطرفين ، ولا يشاركه فى حقيقة المعنى ، بل فى الاسم وإنما تتكون الأنواع المختلفة فى الوسط ، لكنه يعرض لما يقرب من أحد الطرفين أن ينسب إليه ، والحس (١٦) ربما لم يميز بينهما فظنهما (١٧) نوعا واحدا وليس كذلك ، وتحقيق هذا فى العلوم الكلية. وأما المذهب الآخر (١٨) فهو أحصف من المذهب الأول (١٩) ، ولا يلزمه إلا أمر مشترك يلزم المذهبين ، ومبناه على أن الواضعين لعدد المقولات هذا العدد يلزمهم أحد أمرين (٢٠) : إما أنهم (٢١) يجوزوا أن (٢٢) تكون الحركة جنسا من الأجناس العالية وإما أن يزيدوا فى عدد المقولات زيادة ضرورية إذ (٢٣) كانت أصناف الحركة لا تدخل فى جنس منها ولا فى مقولة أن ينفعل (٢٤) ، وهى معان كلية مقولة على كثيرين قول الأجناس ، فإن تشددوا فى عشرية المقولات ، فواجب أن يسامحوا ويجعلوا مقولة أن ينفعل هى (٢٥) الحركة ، وأن لا يطلبوا فى مقولة أن ينفعل من صريح التواطؤ ما أراهم يتعصبون فيه ولا يحفظونه ، فإنهم قد فعلوا فى مقولة الجدة (٢٦) بين المسامحة ما يحملهم (٢٧) على أكثر من ذلك فى الحركة. على أنه لا يبعد أن تكون لفظة الكمال والفعل وإن كان وقوعهما (٢٨) على الجوهر والتسعة الباقية وقوعا بالتشكيك ،

__________________

(١) فإن : وإن سا. (٢) الذات : ساقطة من د

(٣) هو : + أمرط (٤) الدوم : الدوام ط.

(٥) إلى : لا ط ، م. (٦) فاشتداد : فاشتداد سا

(٧) أو اشتداد : واشتداد د

(٨) فى السواد : ساقطة من د ، ط

(٩) الحركة ساقطة من د. (١٠) إذ يستحيل : ويستحيل د.

(١١) موجود : الموجود ط.

(١٢) فكيفية : فهو كيفية م

(١٣) واحدة : ساقطة من سا.

(١٤) أى : إلى سا. (١٥) ليس : + هود.

(١٦) والحس : فالحس سا ، ط ، م. (١٧) فظنهما : وظنهما د ، ط

(١٨) الآخر : الأخير سا ، ط. (١٩) المذهب الأول : هذا المذهب ط.

(٢٠) أمرين : الأمرين ط (٢١) أنهم : أن سا ، م

(٢٢) أن (الأولى) : ساقطة من م.

(٢٣) إذ : إذا م (٢٤) أن ينفعل : ينفعل ب ، سا ؛ ط.

(٢٥) هى : وهى سا. (٢٦) الجدة : الجد م

(٢٧) ما يحملهم : ما يحمله ط. (٢٨) وقوعهما : وقوعها سا.


فإن وقوعهما (١) على أصناف الحركة لا يكون بالتشكيك الصريح. وذلك لأن التشكيك هو أن يكون اللفظ واحد المفهوم ، لكن الأمور التي يتناولها ذلك المفهوم يختلف (٢) بالتقدم والتأخر فيه ، كالوجود فإنه للجوهر أولا وللأعواض ثانيا. وأما مفهوم الحركة وهو الكمال الأول لما بالقوة من حيث هو بالقوة ، فليس بما (٣) يستفيده بعض ما يسمى باسم الحركة من بعض ، فليس كون النقلة بهذه الصفة (٤) علة لكون الاستحالة بهذه الصفة ، بل يجوز أن يكون وجود النقلة سببا لوجود الاستحالة ، فيكون التقدم والتأخر فى المفهوم من لفظة الوجود لا فى المفهوم من لفظة (٥) (٦) الحركة ، كما أن الاثنينية قبل الثلاثية فى مفهوم الوجود. وليس قبله فى مفهوم العددية. فإن (٧) العددية لهما معا ليست العددية للثلاثية (٨) من جهة العددية للثنائية ، كما أن الوجود للثلاثية يتعلق بالوجود فى الثنائية. ومفهوم الوجود غير المفهوم من العدد. وأنت قد عرفت هذا المعنى فى مواضع أخرى ، فلا يبعد أن يكون الكمال ، وإن كان مشككا بالقياس إلى أشياء أخرى هو متواطئ بالقياس إلى هذه كما (٩) لا يبعد أن يكون مشتركا بالقياس إلى أشياء ومتواطئا (١٠) بالقياس إلى ما تحت بعضها.

ونرجع إلى ما كنا فيه ونقول للطائفتين جميعا ما قولكم فى مقولة أن ينفعل ، أهي نفس الحركة أم نسبة للحركة إلى الموضوع كما يقولون؟ فإن كانت نفس الحركة أفهى نفس الحركة المطلقة (١١) أم نفس حركة ما (١٢)؟ فإن كانت نفس الحركة المطلقة فالحركة أحد الأجناس ، وإن كانت نفس (١٣) حركة ما مثلا نفس النقلة أو نفس الاستحالة ، فيجب أن يزاد (١٤) فى عدد الأجناس ، فإنه إن كانت النقلة جنسا فالاستحالة أيضا جنس والحركة فى الكم جنس ، فإن كل واحدة (١٥) من هؤلاء (١٦) تستحق ما تستحقه الأخرى (١٧) ، وإن كانت النقلة (١٨) ليست جنسا ، بل اسما مشككا ، فيوجد (١٩) تحته معنى هو جنس ، وإن كان أخص من عمومه ، وإن لم تكن مقولة أن ينفعل هى (٢٠) الحركة مطلقة ، بل كانت نسبة للحركة (٢١) إلى المادة ، فلا يخاو إما أن تكون للحركة المطلقة أو لحركة ما. فإن كانت للحركة المطلقة (٢٢) ، فلا يخاو إما أن تكون الحركة المطلقة مقولة على أصنافها بالتواطؤ أو بالتشكيك (٢٣) ، فإن كانت مقولة بالتواطؤ ،

__________________

(١) وقوعهما : وقوعها سا. (٢) تختلف : لمختلف ط.

(٣) بما : مما سا ، م. (٤) الصفة : ساقطة من سا.

(٥) الوجود ... لفظة : ساقطة من م. (٦) لفظة (الثانية) : لفظ ط

(٧) فإن : بأن سا ؛ وإن ط. (٨) للثلاثية : لثلاثية ط ؛ ساقطة من سا.

(٩) كما : + أنه ط. (١٠) ومتواطئا : متواطئا د ، م.

(١١) المطلقة : ساقطة من د (١٢) ما : ساقطة من د ، سا.

(١٣) نفس (الثانية) : كنفس ط (١٤) يزاد : يزداد د.

(١٥) واحدة : واحد ب ، د ، سا ، م (١٦) هؤلاء : هذه المقولات بخ ؛ هذه ط ، م

(١٧) الأخرى : الآخر ب ، د ، م

(١٨) النقلة : النقطة سا. (١٩) فيوجد : فهو حد د

(٢٠) هى : + نفس ط. (٢١) للحركة (الأولى) : الحركة م

(٢٢) المطلقة (الثانية) : مطلقة ط. (٢٣) أو بالتشكيك : وبالتشكيك م.


فالحركة باعتبار ذاتها جنس ، فصارت الأجناس أكثر من عشرة ولأن تكون (١) بذاتها جنسا ، أولى من أن تكون نسبتها إلى موضوعها جنسا ، وإن لم يكن أولى فليس دونه (٢) فى الاستحقاق ، وإن كانت مقولة بالتشكيك وكذلك (٣) مقولة أن ينفعل التي هى نسبة هذا المشكك اسمه إلى موضوعه مقولة بالتشكيك ، فليس (٤) بجنس ، وإن كانت المقولة هى النسبة لصنف (٥) من الحركة إلى الموضوع (٦) فيستحق (٧) مثله سائر الأصناف ، ومع ذلك فيكون بنفسه جنسا وبالقياس إلى الموضوع (٨) ، جنسا آخر ، وبتزيد (٩) الأجناس تزيدا (١٠) كثيرا. وكذلك (١١) يلزم أن يطالبوا بالسبب الذي جعلوا له نفس الكيفية جنسا ، ولم يجعلوا نسبتها إلى الموضوع جنسا ، وهناك أخذوا النسبة (١٢) الحركة المطلقة أو حركة ما فجعلوها جنسا ولم يجعلوا الحركة نفسها جنسا ، وإن كان مأخوذهم طبائع الأمور وذواتها مجردة الماهيات ، لا مع عوارض لها من نسب وغير ذلك ، فيجب من ذلك (١٣) أن يجعلوا مقولة أن ينفعل هى نفس حالة الانفعال ، لا ما هو نسبة لها إلى شيء. وهذا (١٤) الكلام إنما يتحقق كله بعد أن تعرف ما قلناه (١٥) قديما من حال الفعل والانفعال بالتحريك (١٦) والتحرك. والأولى (١٧) بهم أن يجعلوا مقولة أن ينفعل والحركة من بابه واحدة ، وأما نحن فإنا لا نتشدد (١٨) كل التشدد (١٩) فى حفظ القانون المشهور من (٢٠) أن الأجناس عشرة ، وأن كل واحد منها (٢١) حقيقى الجنسية ولا شيء خارج منها. ويمكنك أن نبين هذا البيان بعينه لمن جعل الحركة اسما مشتركا على الإطلاق ، فإذا انفسخت المذاهب التي أثبتناها (٢٢) ، ولم نقبلها بعى الحق واحدا ، وهو المذهب الأول. فإذ قد بينا وجه نسبة الحركة إلى المقولات وأوضحنا معنى قولنا إن الحركة فى المقولة ما هو ، فلنبين الآن أن الحركة فى كم مقولة تقع.

__________________

(١) ولأن تكون : ولا تكون م.

(٢) دونه : عنده سا. (٣) وكذلك : فكذلك م

(٤) فليس : فليست م. (٥) لصنف : بصنف ط

(٦) إلى الموضوع : ساقطة من سا ، م

(٧) فيستحق : تستحق سا.

(٨) الموضوع : موضوعه ط

(٩) وبتزيد : وتتزايد د ، ط

(١٠) تزيدا : تزيدا ط

(١١) وكذلك : ولذلك م.

(١٢) النسبة : نسبة سا ؛ نسبته م.

(١٣) من ذلك : ساقطة من سا ، م.

(١٤) وهذا : فهذا ط

(١٥) ما قلناه : ما قلنا ب ، د ، سا.

(١٦) بالتحريك : والتحريك د ، ط

(١٧) والأولى : فالأولى ط ، م.

(١٨) فإنا لا نتشدد : فلا نتشدد سا ، ط

(١٩) التشدد : التشديد سا.

(٢٠) من : ومن سا (٢١) منها : منهما م.

(٢٢) أثبتناها : أتيناها سا ، ط ، م.


[الفصل الثالث]

ج ـ فصل (١)

فى بيان المقولات التي تقع الحركة فيها

وحدها لا غيرها (٢) (٣)

إنا لنضع أصلا ، وإن كان ربما اشتمل على تكرار بعض ما قيل ، فنقول إن قولنا إن مقولة كذا فيها حركة قد يمكن أن يفهم منه أربعة معان : أحدها أن المقولة موضوع حقيقى لها قائم بذاته (٤) ، والثاني أن المقولة وإن لم تكن الموضوع الجوهرى لها فبتوسطها تحصل للجوهر ، إذ هى موجودة فيها أولا ، كما أن الملاسة إنما هى للجوهر بتوسط السطح ، والثالث أن المقولة جنس لها وهى نوع لها ، والرابع أن الجوهر يتحرك من نوع لتلك المقولة إلى نوع آخر ومن صنف إلى صنف. والمعنى الذي نذهب إليه هو هذا الأخير ، فنقول أما الجوهر فإن قولنا إن فيه حركة هو قول مجازى ، فإن هذه المقولة لا تعرض فيها الحركة ، وذلك لأن الطبيعة الجوهرية إذا فسدت تفسد دفعة (٥) ، وإذا حدثت تحدث دفعة ، فلا يوجد بين قوتها الصرفة وفعلها الصرف كمال متوسط ، وذلك لأن الصورة الجوهرية لا تقبل الاشتداد والتنقص ، وذلك لأنها إذا قبلت الاشتداد والتنقص لم يخل إما أن يكون الجوهر وهو فى وسط الاشتداد والتنقص يبقى نوعه أو لا يبقى ، فإن كان يبقى نوعه فما تغيرت الصورة الجوهرية البتة ، بل إنما تغير عارض للصورة فقط ، فيكون الذي كان ناقصا واشتد (٦) قد عدم والجوهر لم يعدم ، فيكون هذا استحالة أو غيرها (٧) لا كونا ، وإن كان الجوهر لا يبقى مع الاشتداد فيكون الاشتداد (٨) قد جلب جوهرا آخر. وكذلك فى كل آن يفرض (٩) للاشتداد يحدث جوهر (١٠) آخر ، ويكون الأول قد بطل ، ويكون بين جوهر وجوهر. إمكان أنواع جوهرية غير متناهية بالقوة كما فى الكيفيات. وقد علم أن الأمر بخلاف هذا فالصورة (١١) الجوهرية إذن تبطل وتحدث دفعة ، وما كان هذا وصفه فلا يكون بين قوته وفعله واسطة هى الحركة. ونقول أيضا إن

__________________

(١) فصل : فصل جب ؛ فصل ٣ د ؛ الفصل الثالث م.

(٢) فى .... لا غيرها : ساقطة من م.

(٣) لا غيرها : لا غير سا.

(٤) بذاته : بذاتها طا.

(٥) دفعة (الأولى): + فيها م.

(٦) واشتد : فاشتد سا ، ط ، م.

(٧) أو غيرها : وغيرها م

(٨) فيكون الاشتداد : ساقطة من م.

(٩) يفرض : يعرض سا

(١٠) جوهر : جوهرا سا.

(١١) فالصورة : بالصورة سا.


موضوع الصورة الجوهرية لا يقوم بالفعل إلا بقبول الصورة كما علمت (١) ، وهى في نفسها (٢) لا توجد الأشياء (٣) إلا بالقوة. والذات غير (٤) المحصلة (٥) بالفعل يستحيل أن تتحرك من شيء إلى شيء ، فإن كانت الحركة الجوهرية موجودة فلها (٦) متحرك موجود ، وذلك المتحرك يكون له صورة هو بها بالفعل ، ويكون جوهرا قائما بالفعل ، فإن كان هو الجوهر الذي قبل (٧) ، فهو حاصل موجود إلى وقت حصول (٨) الجوهر الثاني لم يفسد ولم يتغير فى جوهريته بل فى أحواله ، وإن كان جوهرا غير الجوهر الذي فرضت الحركة (٩) عنه ، والذي إليه ، فيكون قد فسد الجوهر أولا (١٠) إلى (١١) الجوهر الوسط ، وتميز إذن (١٢) جوهران بالفعل. والكلام فيه كالكلام فى الجوهر الذي (١٣) فرضت الحركة منه (١٤) ، فإنه إما أن يكون فى تلك (١٥) المدة كلها على طبيعة الجوهر المتغير إليه أولا ، فيكون التغير إلى الثاني دفعة وإما أن يكون فى بعض تلك المدة حافظا لنوعه الأول ، وفى بعضها الآخر واقعا فى النوع الآخر (١٦) بلا توسط ، فيلزم فيه ما قيل من الانتقال من نوع إلى نوع دفعة ، فتكون تلك المدة مطابقة لحركات غير حركات نوعية الجوهر ، إذ (١٧) كانت الانتقالات فى الجوهرية لا فى مدة وزمان.

ولا يمكن أن يقال إن هذا القول يلزم أيضا على حركة الاستحالة ، وذلك لأن (١٨) الهيولى فيما نحن (١٩) فيه محتاجة فى قوامها (٢٠) إلى وجود صورة بالفعل والصورة إذا وجدت (٢١) حصلت نوعا بالفعل ، فوجب أن يكون الجوهر الذي بين الجوهرين أمرا محصلا بالفعل ليس بالفرض (٢٢) ولا كذلك فى الأعراض التي تتوهم بين كيفيتين مثلا ، فإنها (٢٣) مستغنى عنها فى قوام الموضوع بالفعل. وقد يثبتون أن الجوهر لا حركة فيه لأن طبيعته لا ضد لها ، وإذا لم يكن لطبيعته (٢٤) ضد ، استحال أن ينتقل (٢٥) عن طبيعة إلى طبيعة أخرى على سبيل التنقص (٢٦) والاشتداد ، حتى تكون الحالة التي وفيها عند الحركة حالة متوسطة بين طرفين لا يجتمعان وبينهما غاية البعد وهما الضدان.

ويجب أن نتأمل نحن هذه القضية فنقول : إنه لا بد من أخذ المادة أو الموضوع فى حد التضاد ، فإن عنى بالموضوع (٢٧) الموضوع الحقيقى القائم بالفعل نوعا القابل للأعراض التي لذلك النوع ، فلا تكون الصور (٢٨) الجوهرية

__________________

(١) علمت : + كالهيولى هامش ب (٢) وهى فى نفسها : وهو فى نفسه م.

(٣) الأشياء : شيئا ط. (٤) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط ،

(٥) المحصلة : المتحصلة ط. (٦) فلها : فلهذا م. (٧) قبل : + أن يصير متحركا ط.

(٨) حصول : ساقطة من ب ، سا ، م. (٩) فرضت الحركة : ساقطة من د ، سا ، م.

(١٠) أولا : الأول طا (١١) إلى : وإلى ط ؛ ساقطة من م

(١٢) إذن : ساقطة من م (١٣) الذي : ساقطة من سا.

(١٤) منه : فيه د (١٥) تلك : ساقطة من م. (١٦) الآخر (الثانية) : الأخير ط ، م.

(١٧) إذ : إذا سا ، م. (١٨) لأن : أن م (١٩) نحن : هى سا. (٢٠) قوامها : قولها سا

(٢١) وجدت : + بالفعل ط. (٢٢) بالفرض : بالعرض سا ، م.

(٢٣) فإنها : فإنه م (٢٤) لطبيعته : لطبيعة سا (٢٥) ينتقل : ينفصل سا ، م

(٢٦) التنقص : النقص سا ، ط ، م.

(٢٧) بالموضوع : الموضوع م

(٢٨) الصور : ساقطة من د.


متضادة لأنها فى هيولى لا فى موضوع ، وإن عنى بذلك أى محل كان ، فيشبه أن تكون الصورة النارية مضادة للصورة (١) المائية لا كيفيتاهما فقط ، فذلك لا شك فيه ، بل الصور (٢) التي عنها (٣) تصدر الكيفيات التي لهما. وذلك لأن الصورتين مشتركتان (٤) فى محل ومتعاقبتان (٥) عليه وبينهما غاية الخلاف. ولهذا من الشأن ما اشتغل من بين أن الفلك لا يتكون لأنه (٦) لا ضد لصورته ، كأنه (٧) وضع أن كل متكون فلصورته ضد وإليه يكون انتقاله ، فيجعل النار والهواء (٨) والماء والأرض متضادة الصور. فلم أنكر أن يكون للصورة (٩) الجوهرية ضد البتة ، فيشبه (١٠) أن يكون الضد الذي ذكر (١١) هاهنا هو الذي بينه وبين شيء آخر غاية الخلاف وإنما يكون بينه وبين ذلك غاية خلاف إذا (١٢) كان لشيء ثالث معه خلاف دونه وهو الواسطة ، بحيث يحتمل استمرارا فيه كالاستمرار فى بعد بين شيئين (١٣) وليس بين الصور (١٤) الجوهرية التي فيها الاستحالة الأولية واسطة بهذه الصفة ، كما ليس بين النار والهواء واسطة. أو يشبه أن يكون يرى أن التعاقب المأخوذ فى حد الضد ، هو تعاقب بين شيئين (١٥) بينهما غاية الخلاف. وهذا (١٦) على ما قلنا يصح أن يكون بلا واسطة ، فيصح أن يرتفع هذا الضد ويعقبه (١٧) الآخر من غير أن يتخلل بينهما عاقب آخر. وإن كان قد يصح أيضا أن يكون بتعقب المتوسط ، إن كان هناك متوسط فيكون الانتقال مستمرا من (١٨) الطرفين على الاتصال ، ثم لا يرى أن المحل يقبل الصورة النارية عقيب المائية من غير أن يقبل أولا صورة الهواء المتوسط لا على استمرار متصل ، بل وجب أن يسكن (١٩) لا محالة على الصورة الهوائية ، فلا تكون الصورة المائية مضادة للنارية (٢٠) إذا لا يستمر الانتقال من إحداهما إلى الأخرى (٢١) إلا من النارية إلى الهوائية ، ولا الصورة النارية مضادة للصورة (٢٢) الهوائية ، إذ لا يستمر (٢٣) بينهما غاية الخلاف فإن كان القصد هذا القصد كان التعبير (٢٤) عنه يرده إلى البيان الأول الذي حاولناه نحن وهو أن طبيعة (٢٥) الجوهرية لا تنسلخ يسيرا يسيرا (٢٦) إذ لا تقبل الشدة والضعف قبولا يكون لاشتداده ولضعفه طرفان يخصان فى هذا النظر باسم الضدية.

وسنبين لك أيضا فى الفلسفة الأولى أن الصورة الجوهرية لا تقبل الاشتداد والضعف ببيان أشرح ، لكنه

__________________

(١) للصورة : الصورة م. (٢) الصور : الصورة د ، سا ؛ الصورتان م

(٣) التي عنها : اللتان عنهما م. (٤) مشتركتان : مشتركان د

(٥) ومتعاقبتان : ويتعاقبان د. (٦) لأنه : بأنه سا ، م ؛ فإنه ط

(٧) كأنه : كافة ط. (٨) والهواء : ساقطة من د ، سا.

(٩) للصورة : للصور د (١٠) فيشبه : فيشتبه د.

(١١) ذكر : ذكرنا سا ؛ ينكره ط ؛ ذكره م (١٢) إذا : وإذا م.

(١٣) شيئين : الشيئين م (١٤) الصور : الصورة م. (١٥) وهذا : ساقطة من سا.

(١٦) شيئين : الشيئين م. (١٧) ويعقبه : + ضد ط.

(١٨) من : بين ط. (١٩) يسكن : يشكر د.

(٢٠) للنارية : + ولا الصورة النارية مضادة للصورة الهوائية سا ، م

(٢١) الأخرى : الآخر سا. (٢٢) الهوائية ... للصورة : ساقطة من سا ، م.

(٢٣) لا يستمر : ليس ط ، م (٢٤) التعبير : التفتيش بخ ، ط ؛ التغير م. (٢٥) طبيعة : الطبيعة د ، سا ، ط

(٢٦) يسيرا يسيرا : يسيرا م.


لما رأى (١) أن المنى يتكون حيوانا يسيرا يسيرا ، والبذر (٢) يتكون نباتا يسيرا يسيرا (٣) ، توهم من ذلك أن هناك حركة والذي يجب أن يعلم هو أن المنى إلى أن يتكون حيوانا ، تعرض له تكونات أخرى تصل (٤) ما بينها (٥) استحالات فى الكيف والكم ، فيكون المنى لا يزال يستحيل يسيرا يسيرا ، وهو بعد منى ، إلى أن تنخلع (٦) عنه صورة المنوية ، ويصير علقة ، وكذلك (٧) حالها إلى أن تستحيل مضغة ، وبعدها عظاما وعصبا وعروقا وأمورا (٨) أخر لا ندركها ، وكذلك إلى أن يقبل صورة الحياة ، ثم كذلك يستحيل ويتغير إلى أن يشتد فينفصل (٩). لكن ظاهر الحال توهم أن هذا سلوك واحد من صورة جوهرية إلى صورة جوهرية أخرى ، ويظن لذلك (١٠) أن فى الجوهر حركة وليس كذلك ، بل هناك حركات وسكونات كثيرة. وأما كون الحركة فى الكيف فذلك ظاهر لكن فى الناس من لم ير الحركة فى أنواع الكيف كلها إلا فى الصنف المنسوب إلى الحواس ، فقال (١١) : أما نوع الحال والملكة فهو متعلق (١٢) بالنفس ، وليس موضوعه الجسم الطبيعى ، وأما القوة واللاقوة والصلابة واللين وما أشبه ذلك فإنها تتبع أعراضا تعرض للموضوع ، ويصير (١٣) الموضوع مع بعض تلك الأعراض موضوعا لها ، فلا يكون حينئذ الموضوع للقوة هو بعينه الموضوع لعدم القوة ، وكذلك الحال فى الصلابة واللين. وأما الأشكال وما يشبهها (١٤) فإنها إنما (١٥) توجد فى المادة التي تقبلها دفعة إذ لا تقبل التشدد والتضعف.

ولا أدرى ما ذا يقولون فى الانحناء والاستقامة وغير ذلك ، وعندى أن الأمر ليس على ما يقولون ، فإن (١٦) موضوع الحال والملكة ، كان نفسا أو بدنا أو هما معا بحال الشركة ، فإنه يوجد فيه كمال ما بالقوة من جهة ما هو بالقوة لجوهر (١٧) ما. والذين (١٨) قالوا : إن الموضوع ليس واحد للصلابة واللين أو القوة (١٩) والضعف ، فينتقض عليهم فى النمو والذبول ، وكان يجب على قولهم أن لا تكونا حركتين بل إنما نعنى بالموضوع فى هذه (٢٠) الأشياء طبيعة النوع الحاملة للأعراض ، فما دامت تلك الطبيعة باقية لم (٢١) يتغير النوع ، ولم تفسد الصورة الجوهرية. فإن

__________________

(١) رأى : روعى د ، ط ؛ رؤى سا ؛ رءى م

(٢) والبذر : والبزر د ، ط ؛ أو البذر سا.

(٣) والبذر يتكون نباتا يسيرا يسيرا : ساقطة من م.

(٤) تصل : فضل سا (٥) ما بينها : ما بينهما د ، سا ، ط ، م.

(٦) تنخلع : تنسلخ طا.

(٧) وكذلك : فلذلك سا

(٨) وأمورا : أو أمورا د. (٩) فينفصل : وينفصل سا.

(١٠) ويظن لذلك : ونظن كذلك م.

(١١) فقال : فيقال م. (١٢) متعلق : يتعلق سا ، م.

(١٣) ويصير : فيه فصير سا ؛ يصير م.

(١٤) وما يشبهها : وما يشبهها م

(١٥) إنما : لما سا. (١٦) فإن : وإن ب ، د ، سا ، م.

(١٧) لجوهر يجوهر م (١٨) والذين : والذي ب ، سا ، م.

(١٩) أو القوة : والقوة ب ، سا ، م.

(٢٠) فى هذه : فلهذه ط.

(٢١) لم : ولم ط ، م.


الموضوع ثابت من غير أن يبالى أنه لعارض يعرض له أو زيادة تنضاف (١) إليه ، يصير موضوعا قريبا للحالة التي فيها الحركة (٢) أو لذاته. نعم الأشكال يشبه أن لا يكون حكمها حكم سائر الكيفيات فى وقوع الاستحالة فيها ، لأنها تكون دفعة ، وأما الكم (٣) ففيه أيضا حركة وذلك على وجهين : أحدهما بزيادة مضافة فينمو (٤) لها الموضوع ، أو نقصان نفع (٥) بالتحلل فينقص له (٦) الموضوع ، وصورته فى الأمرين باقية ، وهذا ما يسمى (٧) ذبولا ونموا. وقد يكون لا بزيادة تزاد (٨) عليه أو نقصان (٩) ينقص منه ، بل بأن (١٠) يقبل الموضوع نفسه مقدارا (١١) أكبر أو أصغر (١٢) بتخلخل أو تكاثف من غير انفصال فى أجزائه ، وهذا وإن كان يلزمه استحالة قوام وهى من الكيف فتلك (١٣) غير (١٤) ازدياده فى الكم أو نقصانه (١٥) فيه. ولأن هذه الحالة سلوك من قوة إلى فعل يسيرا يسيرا ، فهو كمال ما بالقوة ، فهو حركة.

لكنه قد يتشكك فيقال : إن الصغير والكبير ليسا بمتضادين ، والحركات كلها بين المتضادات. فنقول : أما أولا فلسنا نحن ممن يتشدد كل التشدد فى إيجاب كون الحركات كلها بين المتضادات لا غير ، بل إذا كانت أشياء متقابلة لا تجتمع معا ، وسلك الشيء من أحدهما إلى الآخر يسيرا يسيرا ، سمينا الشيء متحركا ، وإن كان لا تضاد هناك. على أن الصغير والكبير اللذين يتحرك فيما بينهما النامى والذابل ، ليسا الصغير والكبير الإضافى المطلق ، بل كأن الطبيعة (١٦) جعلت للأنواع الحيوانية والنباتية حدودا فى الصغير (١٧) وحدودا فى الكبير (١٨) لا يتعداهما (١٩) ويتحرك فيما بينهما ، فيكون العظيم هناك عظيما على الإطلاق ، لا يصير (٢٠) صغيرا بالقياس إلى عظيم آخر فى ذلك النوع ، فكذلك (٢١) الصغير يكون صغيرا بالإطلاق. وإذا كان كذلك لم يبعد أن تشاكل المتضادات (٢٢) ، بل تكون متضادة. فإن قال قائل : إن النمو حركة فى المكان ، لأن المكان (٢٣) يتبدل به (٢٤) ، فالجواب أنه ليس إذا قلنا : إن النمو حركة فى الكم فإن ذلك يمنع فيه أن تكون معه حركة فى المكان ، فإنه لا يمتنع أن يكون فى موضوع النمو تبدلان : تبدل كم ، وتبدل أين ، فتكون فيه حركتان معا. وأما مقولة المضاف ، فيشبه أن يكون جل الانتقال فيها (٢٥) إنما هو (٢٦) من حال إلى حال دفعة ، وإن اختلف (٢٧) فى بعض المواضع ، فيكون التغير بالحقيقة وأولا

__________________

(١) تنضاف : فيضاف سا ، ط ، م. (٢) الحركة : ساقطة من م.

(٣) وأما الكم : والكم ب ، د سا ، م (٤) فينمو : فينمى م.

(٥) نفع : تقطيع سا ؛ يقطع م (٦) له : لها سا (٧) ما يسمى : يسمى سا ، م. (٨) تزاد : تزداد ط

(٩) أو نقصان : ونقصان ط (١٠) بأن : أن د

(١١) مقدارا : + هو ط (١٢) أو أصغر : وأصغر ط.

(١٣) وهى من الكيف فعلك : وتلك سا. (١٤) غير : عن سا (١٥) أو نقصانه : ونقصانه ط.

(١٦) الطبيعة : بالطبيعة ط (١٧) الصغير : الصغر سا ، م

(١٨) الكبير : الكبر ب ، م. (١٩) لا يتعداهما : لا يتأديهما ط

(٢٠) لا يصير : ولا يصير ط. (٢١) فكذلك : وكذلك د ، ط ، م

(٢٢) المتضادات : المضادات ط. (٢٣) لأن المكان : ساقطة من م.

(٢٤) به : فيه ط. (٢٥) فيها : فيهما م (٢٦) إنما هو : ساقطة من سا

(٢٧) وإن اختلف : أو إن أخلف ب ؛ وإن أخلف د ؛ فإن اختلفت ط.


فى مقولة أخرى (١) عرضت لها الإضافة ، إذ الإضافة من شأنها أن تلحق مقولات أخرى ولا تتحقق بذاتها. فإذا كانت (٢) المقولة مما يقبل الأشد والأضعف عرض للإضافة مثل ذلك ، فإنه لما كانت السخونة مما (٣) يقبل الأشد والأضعف (٤) كان الأسخن يقبل الأشد والأضعف ، فيكون موضوع الإضافة يقبل ويلزمه (٥) ذلك قبولا أوليا فتكون الحركة فى الأمر العارض له الإضافة بالذات وأولا ، وللإضافة (٦) بالعرض وثانيا (٧). وأما مقولة الأين فإن وجود الحركة فيها واضح بين. وأما مقولة متى (٨) فيشبه أن يكون الانتقال من متى إلى متى آخر (٩) أمرا واقعا دفعة كالانتقال من سنة إلى سنة أو من شهر ، إلى شهر أو يشبه (١٠) أن يكون حال متى كحال (١١) الإضافة فى أن نفس (١٢) متى لا ينتقل فيه عن شيء إلى شيء ، بل يكون الانتقال الأول فى كيف أو كم ، ويكون الزمان لازما لذلك التغير فيعرض بسببه فيه التبدل. وأما ما لا تغير (١٣) فيه (١٤) ، فستعلم أنه ليس فى الزمان ، فكيف تكون له حركة فيه. وأما مقولة الوضع فقد قيل إنها لا حركة فيها البتة ، إذ لا تضاد فى الوضع. وأنه (١٥) إذا انتقل الشيء (١٦) من قيام إلى قعود ، فإنه لا يزال فى (١٧) حكم القائم (١٨) إلى أن يصير قاعدا دفعة ، وكذلك إذا انتقل من قعود إلى قيام ، فإنه لا يزال فى حكم القاعد حتى يصير قائما دفعة. والحق يوجب أن يكون (١٩) فى الوضع حركة ، وأنه لا كثير حاجة إلى التضاد الحقيقى فى طرفى الحركة (٢٠) ، تبين (٢١) لك ذلك (٢٢) بتأمل حركة الفلك. على أن الوضع (٢٣) لا يبعد أن يكون فيه تضاد ، حتى يكون المستلقى (٢٤) مضادا (٢٥) للمنبطح (٢٦). والذي قيل من أن (٢٧) الانتقال (٢٨) إلى القعود (٢٩) يكون (٣٠) دفعة إن عنى به أن القعود الذي هو الطرف يحصل دفعة فهو صادق وكذلك (٣١) السواد الذي هو الطرف ، والأين الذي (٣٢) هو الطرف يحصل دفعة (٣٣). وإن عنى به (٣٤) أن كل وضع ينتقل (٣٥) عنه إلى القعود يكون ذلك الانتقال دفعة ، فهو كذب ، لأن الانتقال عن القيام

__________________

(١) أخرى : آخر ط (٢) فإذا كانت : وإذا كانت ب ؛ فإذا كان د ، ط.

(٣) مما (الثانية) : ساقطة من د ، م. (٤) عرض ..... والأضعف : ساقطة من سا.

(٥) ويلزمه : ويلزم م. (٦) وللإضافة : للإضافة م

(٧) وثانيا : زمانيا سا. (٨) متى : هى م

(٩) آخر : ساقطة من د ، سا. (١٠) متى إلى متى ... نفس : ساقطة من م.

(١١) أو يشبه : ويشبه د (١٢) كحال : + أمر ط ، م.

(١٣) ما لا تغير : لا تغير د (١٤) فيه : ساقطة من د ، سا.

(١٥) وأنه : فإنه د (١٦) الشيء : شيء د.

(١٧) فى (الأولى) : ساقطة من م (١٨) القائم : القائل م.

(١٩) يكون : يوجد د ، سا ، م. (٢٠) الحركة : الحركية ط

(٢١) تبين : يتبين ط (٢٢) ذلك : ساقطة من سا ، م

(٢٣) الوضع : الموضع م. (٢٤) المستلقى : الملقى د

(٢٥) مضادا : يضاد م (٢٦) للمنبطح : المنبطح م.

(٢٧) أن (الأولى) : ساقطة من سا ، م (٢٨) الانتقال ، + من القيام ط

(٢٩) القعود (الأولى) : ط قعود ب (٣٠) يكون : أنه يكون م.

(٣١) وكذلك : فكذلك ط ، م (٣٢) الذي (الثانية) : بالذى م

(٣٣) يحصل دفعة : ساقطة من م. (٣٤) به : ساقطة من سا ، م

(٣٥) ينتقل : ينقل ب.


إلى القعود يكون قليلا قليلا ، حتى يوافى النهاية التي هى القعود. كالحال فى الانتقال من السفل إلى العلو بعينه. وأما كيفية وجود الحركة فى الوضع فهو أن كل مستبدل (١) وضع من غير أن يفارق بكليته المكان ، بل بأن تتبدل نسبة أجزائه إلى أجزاء مكانه وإلى جهاته ، فهو متحرك فى الوضع لا محالة. لأن مكانه لم يتبدل ، بل يتبدل (٢) وضعه فى مكانه ، والمكان هو الأول بعينه. وإذا كان التبدل فى الوضع وكان مع ذلك متدرجا (٣) يسيرا يسيرا ، كان ذلك التبدل حركة فى الوضع ، إذ كانت كل حركة هى تبدل حال بهذه الصفة وبالعكس ، وتكون (٤) منسوبة (٥) إلى الحالة التي تبدلت (٦) ، لا إلى شيء آخر لم يتبدل.

ولست أعنى بهذا (٧) أن كل متحرك فى وضع فهو ثابت في مكانه ، فليس يجب من قولى إن كل ثابت فى مكانه يستبدل وضعه بالتدريج فهو متحرك فى الوضع ، أن كل متحرك فى الوضع كذلك بل لا أمنع أن يكون الشيء لا بتغير وضعه إلا وقد تغير مكانه ، كما لا أمنع أن يكون شيء لا يتغير كمه إلا وقد تغير مكانه ، بل الغرض هو أن يثبت وجود المتحرك (٨) فى الوضع بإثبات متحرك ما فى الوضع. وأما أنه هل يمكن أن يكون الشيء يتبدل وضعه وحده ولا يتبدل مكانه ، فلنعلم إمكانه (٩) من حركة الفلك ، فإنه إما أن يكون كالفلك الأعلى الذي ليس فى مكان بمعنى نهاية الحاوى (١٠) الشامل المساوى الذي إياه نعنى بالمكان ، وإما أن يكون فى مكان لكنه لا يفارق كلية مكانه ، بل إنما تتغير عليه نسبة أجزائه إلى أجزاء مكانه الذي تلقاها. وإذا لم يكن هناك إلا هذا التغير والمكان ثابت ، وهذا التغير تغير هذه النسبة وهذه النسبة هى الوضع ، فهذا التغير هو تغير (١١) فى (١٢) الوضع ، وليس هناك غير هذا التغير ، فليس هناك غير هذه الحركة التي فى الوضع. وأما كون حركة الفلك الأعلى غير مكانية ، فواضح عندهم بين ، ثم (١٣) ليس تحركه فى كيفية ولا كمية (١٤) ولا جوهرية ولا فى (١٥) مقولة غير الوضع ، فإنك إذا تعقبت مقولة مقولة (١٦) لم تجد هذه الحركة تلائمها ما خلا الوضع أو الأين (١٧) ، ولا أين نبقى الوضع.

فإن قال قائل : إن (١٨) الفلك كل جزء منه متحرك فى المكان ، وكل ما كان جزء منه متحرك فى المكان فالكل منه متحرك فى المكان ، فالجواب عن هذا أن الأمر بخلاف ذلك. أما الفلك فلا جزء له بالفعل حتى (١٩) يتحرك

__________________

(١) مستبدل : متبدل ط. (٢) بل يتبدل : بل تبدل م ؛ ساقطة من سا.

(٣) متدرجا : مدرجا سا ، م. (٤) وتكون : فيكون ط

(٥) منسوبة : منسوبا ط ، م (٦) تبدلت : تبدل م.

(٧) بهذا : ساقطة من م. (٨) المتحرك : الحركة طا.

(٩) إمكانه : مكانه د (١٠) الحاوى : ساقطة من م.

(١١) تغير (الثانية) : تغيره د ، سا ، ط

(١٢) الوضع ..... فهذا فى : ساقطة من سا.

(١٣) بين ثم : ثم بين م (١٤) ولا كمية : ولا من كمية سا ، م.

(١٥) فى ، من سا ، م (١٦) مقولة مقولة : مقولة م.

(١٧) أو الأين : والأين د ، ط. (١٨) إن : إن م.

(١٩) حتى : حق م.


فى المكان (١) ، ولو فرضنا له أجزاء فليست تفارق أمكنتها ، بل يفارق كل جزء منها جزءا من مكان الكل إن كان كله فى مكان : وليس مكان الجزء جزء مكان الكل ، بل عسى أن يكون جزء مكان الكل جزء مكان الجزء. وذلك لأن جزء مكان الكل لا يحيط بالجزء والمكان كما يعلم محيط ، بل عسى أن يكون (٢) المتصل ليست (٣) أجزاؤه فى مكان إلا بالقوة ، بل قد صرح لهم بهذا فى كتبهم. وبعد هذا ، فليس إذا كان كل جزء يفارق مكان نفسه ، فالكل يفارق مكان نفسه ، لأنه فرق بين قولنا كل جزء ، وبين قولنا (٤) كل الأجزاء ، وذلك أن كل جزء (٥) قد يكون بصفة ، والكل لا يكون بتلك الصفة ، لأن للكلية حقيقة خاصة (٦) مباينة لحقيقة كل واحد من الأجزاء. ألا ترى أول شيء أن (٧) كل جزء هو جزء الكل (٨). والكل ليس بجزء ، وكل جزء من العشرة واحد ، والعشرة ليست بواحدة (٩).

بل نرجع إلى مسألتنا فنقول : إنه يجوز أن يكون مكان يشتمل (١٠) على شيء ذى أجزاء بالفعل كالرمل وغير ذلك ، ثم كل جزء منه يفارق مكانه ، والكل لا يفارق مكانه ، بل ما نحن بسبيله (١١) لا شك أنا وإن سلمنا فيه أن كل جزء منه يفارق مكانه الخاص ، فالكل لا يفارق (١٢) مكانه الخاص ، فلم يقع الشك فى أن الكل غير متحرك فى المكان ، وإن كان كل جزء متحركا ، وعندى أن كل من يتأمل ما قلناه ، ثم ينصف ، سيعتقد (١٣) يقينا أن الوضع فيه حركة. ولعل قائلا (١٤) يقول : إن معنى الحركة فى المكان ليس هو أن يكون المتحرك يفارق المكان ، بل أن يكون متحركا وهو فى مكان ، وإن لم يفارقه. فيقال له حينئذ يجب أن يكون لكونه متحركا ومتغيرا معنى ، فإن (١٥) كل كونه متحركا ومتغيرا غير متعلق بأمر يفارقه وأمر يوجد له ، فلا حركة فى الحقيقة ولا تغير ، بل الحركة والتغير المذكوران هما باشتراك الاسم ، وإن كان يتعلق بأمر متغير (١٦) ، وهو غير المكان ، فهناك حالة تتبدل

__________________

(١) فى المكان : ساقطة من د ، سا ، ط.

(٢) يكون : ساقطة من م.

(٣) الجزء وذلك ..... ليست : ساقطة من م

(٤) وبين قولنا : ساقطة من م.

(٥) كل الأجزاء وذلك أن كل جزء : ساقطة من م.

(٦) خاصة : خاصية م.

(٧) أن : بأن ط

(٨) جزء الكل : جزء سا ، جزء للكل م.

(٩) بواحدة : بواحد سا ، م.

(١٠) يشتمل : يشمل د ، ط.

(١١) بسبيله : فسبيله سا.

(١٢) مكانه .... لا يفارق : ساقطة من م.

(١٣) سيعتقد : سيعقد م.

(١٤) قائلا : + أن ط ، م.

(١٥) فإن : وإن م.

(١٦) متغير : يتغير سا ، م.


وفيها الحركة الخاصة ، وإن كان الشيء فى مكان كون الشيء مستحيلا ، وهو فى مكان ، فذلك (١) لا يوجب أن تكون الاستحالة استحالة مكانية ، وإن كانت فى مكان ولا غرضنا فى أن الحركة فى كذا معناه ، والمتحرك فى كذا (٢) ، بل على ما علمت.

وأما مقولة الجدة ، فإنى إلى هذه الغاية لم أتحققها. والذي يقال إن هذه المقولة تدل على نسبة الجسم إلى ما يشمله ويلزمه فى الانتقال ، فيكون تبدل هذه النسبة على الوجه الأول إنما (٣) هو فى السطح الحاوى وفى المكان فلا يكون فيها ـ على ما أظن لذاتها ـ وأولا حركة.

وأما مقولة أن (٤) يفعل وأن (٥) ينفعل ، فربما ظن أن (٦) فيهما حركة من وجوه. من ذلك أن الشيء يكون لا يفعل (٧) ولا ينفعل (٨) ، ثم يتدرج يسيرا يسيرا إلى أن يصير يفعل أو ينفعل ، فيكون أن يفعل وأن ينفعل غاية لذلك التدرج ، مثل السواد فإنه غاية للتسود (٩) ، فظن (١٠) أن فى هاتين المقولتين حركة وأيضا فإنه قد يتغير الشيء من أن لا يكون ينفعل (١١) بالجزء أو يفعله إلى أن ينفعل بالجزء أو يفعله ، ويكون ذلك قليلا قليلا فيظن أن ذلك حركة. وايضا فإن الانفعال قد (١٢) يكون بطيئا فيتدرج (١٣) يسيرا يسيرا إلى أن يسرع ويشتد وبالعكس فيظن أن ذلك حركة إلى السرعة. فأقول. أما الوجه الأول فلا تكون الحركة فيه فى الفعل (١٤) والانفعال ، بل فى اكتساب الهيئة والصورة التي بها يصح (١٥) أن يصدر الفعل أو الانفعال (١٦). وأما الوجه الثاني فيحله (١٧) ما سنبين بعد ، من (١٨) أنه لا سبيل إلى أن يتصل السبيل من تبرد إلى تسخن أو تبريد إلى تسخين إلا بانقطاع (١٩) وتخلل وقفه (٢٠). وأما الوجه الثالث فلا أعنف (٢١) من يجعل الاستحالة من السرعة بالقوة إلى سرعة (٢٢) بالفعل يسيرا يسيرا حركة ، وهو استكمال لما بالقوة من حيث هو القوة. لكن ذلك فى السرعة والبطء ، وليسا (٢٣) بحركتين ولا فعلين ولا انفعالين ، بل عارضين وكيفيتين وهيئتين لها أو لفعل (٢٤) أو لانفعال (٢٥). وبالجملة لا يجوز أن يكون فى طبيعة أن ينفعل وأن يفعل حركة على سبيل ما تقال الحركة فى المقولة ، فإنه إن جاز أن يكون انتقال من التبرد إلى التسخن يسيرا يسيرا ، فلا يخلو إما أن يكون ذلك

__________________

(١) فذلك : وذلك سا ، م. (٢) معناه .... كذا : ساقطة من م.

(٣) إنما : أما سا. (٤) أن : ساقطة من سا ، م و

(٥) أن : ساقطة من ب ، د ، سا ، م (٦) أن (الأولى) : ساقطة من م

(٧) لا يفعل : يفعل سا. (٨) ولا ينفعل : أو لا ينفعل سا ، ط ، م.

(٩) للتسود : التسود سا ، م (١٠) فظن : فيظن د ، ط ، م.

(١١) ينفعل (الأولى) : يفعل سا. (١٢) قد : ساقطة من سا

(١٣) فيتدرج : فيندرج م. (١٤) فى الفعل : بالفعل م.

(١٥) يصح : ساقطة من سا (١٦) أو الانفعال : والانفعال م

(١٧) فيحله : ساقطة من سا (١٨) من : ساقطة من د.

(١٩) بانقطاع : بالانقطاع ط (٢٠) وقفه : ونقة ط

(٢١) أعنف : أعرف بخ. (٢٢) سرعة : السرعة د ، ط.

(٢٣) وليسا : وليستا م. (٢٤) أو لفعل : ولفعل ب ؛ أو يفعل م

(٢٥) أو لانفعال : وانفعال ب ؛ أو انفعال د ، سا م.


والتبرد (١) تبردا أو عند ما (٢) ينتهى التبرد. فإن كان عند ما التبرد بعد تبرد ، ومعلوم أن الانتقال إلى التسخن أخذ من طبيعة التسخن (٣) وفى طبيعة التسخن أخذ من طبيعة السخونة ، فيكون عند ما يقصد الحر يقصد البرد معا ، وهذا محال. وإن كان عند منتهى البرد (٤) فهو بعد الوقوف على البرد وبعد الانتهاء ، كما ستعلم ، ومع ذلك فحينئذ لا يخلو إما أن يكون ذلك الانتقال نفس التسخن (٥) أو انتقالا من التسخن ، فإن كان نفس التسخن فليس بين التبرد (٦) والتسخن إلا زمان سكون أو أن لا حركة فيه ولا سكون كما تعلمه ، وإن كان المصير إلى (٧) التسخن فلا يخلو إما أن يكون فى المصير إلى التسخن أخذ من طبيعة التسخن أو لا يكون. فإن (٨) لم يكن ، فليس ذلك استحالة البتة ، وإن كان ، فهناك أخذ لا محالة من طبيعة السخونة ، والأخذ من طبيعة (٩) السخونة (١٠) هو تسخن فيكون عند الانتقال إلى التسخن ، والتوجه إليه تسخن موجود ، اللهم إلا أن يفرض التسخن ما هو فى الغاية تسخن ويكون الانتقال إليه مما (١١) هو أضعف منه. ثم التسخن نفسه وكل حركة فإنه ينقسم (١٢) بالزمان على ما ستعرف (١٣) ، وحينئذ (١٤) يستكمل السخونة فى آن ، فلا يكون تسخن ، فإن كان تسخنا فهو منقسم إلى أجزاء ويكون كل جزء من التسخن (١٥) يفرض تسخنا ، ويكون الجزء المتقدم منه أضعف ، فلا يكون بالغاية فلا يكون تسخنا بهذا المعنى وفرض تسخنا (١٦) ، هذا خلف. وإما (١٧) أن يكون التسخن (١٨) غير منقسم البتة فلا يكون حركة ، بل سخونة وإما أن يكون منقسما فلا يكون من التسخن ما هو (١٩) غاية. فليس إذن من شرط التسخن هو أن يكون فى الغاية ، بل أن يكون أخذا فى (٢٠) السخونة ولا يتسخن فى الغاية.

وإذ قد عرفت الكلام فى التسخن ، عرفت فى التسخين. ويجب أن يكون هذا القدر كافيا ونرفض جميع ما يذنّب (٢١) به هذا الموضوع فقد ظهر لك من هذه الجملة أن الحركة إنما تقع فى المقولات الأربع التي هى الكيف والكم والأين والوضع ، فقد وتفت على نسبة الحركة إلى المقولات ، وإذ قد عرفنا طبيعة الحركة فحرى بنا أن نعرف السكون.

__________________

(١) والتبرد : + عّد ط

(٢) عند ما : وعند ما د ؛ عندنا ط.

(٣) التسخن (الأولى) : التسخين م.

(٤) البرد : التبرد ط.

(٥) التسخن (الأولى) : التسخين م

(٦) التبرد : التبدد د.

(٧) إلى : فى د (٨) فإن : وإن ط.

(٩) والأخذ من طبيعة : ساقطة من م.

(١٠) السخونة : ساقطة من م.

(١١) مما : ما م (١٢) ينقسم : منقسم سا ، م

(١٣) ما ستعرف : ما ستعرفه ط

(١٤) وحينئذ : فحينئذ ط.

(١٥) التسخن : التسخين م. (١٦) وفرض تسخنا : + بهذا المعنى د ، ط

(١٧) وإما : فإما سا ، م (١٨) التسخن : التسخين م.

(١٩) هو : ساقطة من سا ، م. (٢٠) فى (الأولى) : من م.

(٢١) ما يذنب : ما يذب م.


[الفصل (١) الرابع]

د ـ فصل

فى تحقيق تقابل (٢) الحركة والسكون (٣)

إن أمر السكون فيه إشكال أيضا (٤) ، لأن المشهور من مذهب الطبيعيين أن السكون مقابلته للحركة (٥) هى مقابلة العدم للقنية ، لا مقابلة الضد. ثم من (٦) البين أنه لا يصلح (٧) أن يفرض بينهما مقابلة إلا إحدى هاتين المقابلتين (٨) ، أعنى العدمية والضدية. وقد جعلنا لفظة (٩) الحركة واقعا على معنى صورى ، ليس عدميا (١٠) ، إذ قلنا إنها كمال أول (١١). فإن كانت المقابلة (١٢) مقابلة العدم للملكة (١٣) ، لم يمكن أن تكون الحركة منهما هى العدم ، بل نقول إن الجسم إذا كان عادما للحركة ، وكان من شأنه أن يتحرك ، قيل له (١٤) ساكن. ومعنى قولنا من شأنه أن يتحرك ، أن يكون ما تتعلق به الحركة موجودا ، وهو أن يكون مثلا فى مكان وزمان (١٥). وأيضا إذا كان له حصول فى مكان واحد زمانا ، فيقال له إنه ساكن. فههنا معنيان موجودان (١٦) فى الساكن : أحدهما عدم الحركة ، ومن شأنه أن يتحرك ، والآخر أين (١٧) له موجود (١٨) زمانا. فإن كان السكون منهما هو الأول وهذا لازم له ، كان السكون عدما (١٩) ، وإن كان السكون هو الثاني منهما ، والأول (٢٠) لازم له ، لم يكن السكون أمرا عدميا (٢١).

فلنضع أن السكون المقابل للحركة هو المعنى الصورى منهما ، وأن حده هو الدال على كونه صوريا منهما ، فإذا أردنا أن نقايس (٢٢) بين هذا الحد وحد الحركة ، وجب أن يكون لنا أن نقتضب إما (٢٣) حد الحركة من هذا الحد

__________________

(١) فصل : الفصل الرابع ب ، د ، م. (٢) تقابل : مقابل سا

(٣) والسكون : فالسكون د. (٤) أيضا : + وذلك سا ، م

(٥) للحركة : + إنما ط. (٦) من : بين م

(٧) لا يصلح : لا يصح ط (٨) المقابلتين : المقدمتين سا.

(٩) لفظة : لفظ سا ، م (١٠) عدميا : بعدى ط

(١١) أول : ساقطة من د ، سا ، م.

(١٢) المقابلة : + بينهما ط

(١٣) الملكة : والملكة ط.

(١٤) له : + إنه ط. (١٥) وزمان : مدتان سا.

(١٦) موجودان : موجودا م.

(١٧) أين : أن م

(١٨) موجود : موجودا ب.

(١٩) عدما : معنى عدميا ط ، م.

(٢٠) والأول : فالأول ط.

(٢١) أمرا عدميا : معنى عدما سا ؛ معنى عدميا م.

(٢٢) نقايس : يقاس م.

(٢٣) إما : + من ط ؛ ساقطة من م.


أو نقتضب (١) هذا الحد من حد الحركة ، على ما يوجبه القانون الامتحانى فى اقتضاب حد الضد من حد ضده. لست أقول : إن سبيل التحديد للضد أن نقتضب من حد ضده ، فهذا شيء منعنا عنه (٢) فى تعليم البرهان ، ودحضنا (٣) فيه بوجه ما (٤) فى تعليم (٥) الجدل. بل نقول : إن ذلك وإن لم يكن واجبا ولم يكن (٦) طريقا لاقتناص (٧) الحد ، فهو ممكن.

أعنى أن يكون حد الضد يوازى به حد ضده ، ويكون للامتحان (٨) سبيل إليه. فإن كان (٩) الحدان متضادين (١٠) ويتقابلان (١١) جاز حينئذ أن يكون السكون قنية (١٢). وإن كان الحدان لا يتقابلان ، لم يكن حينئذ هذا المعنى هو السكون ، لأن السكون مقابل (١٣) الحركة ، بل يكون معنى يلزم معنى السكون ، والسكون (١٤) هو الذي يدل عليه الحد العدمى.

فنقول : أما أولا فإن (١٥) هذا الرسم لا يقابل الرسم المقول للحركة الذي هو باصطلاحنا مفهوم لفظة الحركة فإن قولنا كمال أول لما بالقوة ، إذا أردنا أن نخصصه بالحركة المكانية صار هكذا ، وهو (١٦) أنه كمال أول (١٧) فى الأين لما هو بالقوة ، ذو (١٨) أين (١٩) من حيث هو بالقوة ، وهذا الحد ليس بمقابل لحد السكون الذي حددناه ، بل عسى أن يلزم ما يقابل ذلك. وهذا مما لا نمنعه ، فإنا (٢٠) نسلم أن معنى كل واحد من الرسمين المفروضين لسكون يلزم الآخر وليس هو هو ، فإن شئنا أن نقتضب (٢١) من حد الحركة حد السكون ، على أن السكون معنى صورى ، لم نجد إلا أن نقول : إنه (٢٢) كمال أول لما هو بالفعل (٢٣) أين من حيث هو بالفعل أين ، أو نقول : إنه كمال ثان لما هو بالقوة (٢٤) أين ، من حيث هو بالقوة ، فيكون الأول من هذين ليس حدا لازما للسكون ، فإن السكون من حيث هو سكون ليس يحتاج أن يكون كمالا أول ، حتى يكون للشيء كمال ثان ، فإنه يجوز أن يعقل السكون سكونا والشيء لا كمال فيه غير ما فيه. وأما الحد الثاني (٢٥) فإنه يجعل من شروط ماهية كون السكون (٢٦) سكونا أن يكون قد تقدمه الحركة ، وهذا ليس بواجب. فإن حذفنا لفظ (٢٧) الأول والثاني ، لم نكن قد حفظنا شرط التقابل

__________________

(١) أو نقتضب : ونقتضب م.

(٢) عنه : منه ط (٣) ودحضنا : ورخصنا سا ؛ وخضنا م.

(٤) ما : ساقطة من د ، ط

(٥) تعليم : التعليم م (٦) ولم يكن : وإن لم يكن م

(٧) الاقتناص : لا مناص سا. (٨) للامتحان : الامتحان سا

(٩) كان : كانت م (١٠) متضادين : يتضادان ط

(١١) ويتقابلان : ويقابلان سا.

(١٢) قنية : تحته سا ، م ؛ ملكة ط.

(١٣) مقابل : يقابل م (١٤) والسكون : ساقطة من م.

(١٥) فإن : فلأن م. (١٦) هو : ساقطة من سا.

(١٧) أول : أولى م (١٨) ذو : ساقطة من م

(١٩) ذو أين : ساقطة من سا. (٢٠) فإنا : وإنا ب ، د.

(٢١) نقتضب : نقتضبه سا. (٢٢) إنه (الأولى) : بأنه ب ، د

(٢٣) بالفعل (الأولى والثانية): + ذو ط.

(٢٤) بالقوة : + ذو ط. (٢٥) فإنه .... الثاني : ساقطة من د.

(٢٦) السكون : الشيء م.

(٢٧) لفظ : للفظ د ، لفظة ط.


فى الحد وإن غيرنا تغييرا (١) آخر ، لم يكن له مفهوم صادق أصلا ، وإن أردنا أن تأتى بمقابل الكمال كان القوة ، فالتحق السكون حينئذ بالعدميات. فقد بان أنه ليس يمكن أن نقتضب من حد الحركة حدا يطابق حد السكون ، ويكون السكون مقابلا لها ، ويكون السكون مع ذلك قنية. فإن جعلنا الأصل حد السكون الذي ذكرناه ، دخل فيه أول شيء الزمان ، أو ما يتعلق بالزمان. والزمان يتحدد بالحركة فيكون (٢) السكون يتحدد بالحركة ، والأضداد ليس بعضها جزء (٣) رسم البعض ، ويكون الزمان يدخل أيضا فى حد الحركة ، لأنه داخل فيما يدخل فى حده (٤) ، والحركة قبل الزمان فى التصور ، فلا يجوز (٥) أن تكون الحركة حينئذ عدما (٦) ، إن كان السكون قنية ، لأن العدم لا يدخل فى مفهوم القنية ، بل الأمر بالعكس ، فإن الحركة داخلة فى حد الزمان الداخل فى حد السكون المذكور بالمعنى الصورى. فتبين (٧) إذن أنه (٨) لا يجوز أن نقول فى هذا الاقتضاب : إن الحركة هى أن لا يكون للجسم أين واحد زمانا فينظر هل يمكن أن يكون هذا الاقتضاب على وجه آخر فنقول : إن أحسن ما يمكن أن يقال حينئذ هو أن السكون كون فى أين واحد وقتا ، والشيء قبله وبعده فيه ، والحركة كون فى أين واحد ، من غير أن يكون (٩) قبله أو بعده فيه. فنكون قد استعملنا فى تفهيمهما (١٠) القبل الزمانى والبعد الزمانى ، وهما متحددان بالزمان ، والزمان متحدد بالحركة ، فيكون قد صارت الحركة مأخوذة فى مفهوم نفسها. فظاهر أن الحركة لا تفهم من هذه الجهة فليس هذا رسما ، وأضعف من هذا أن يؤخذ (١١) متوسعا فيه فيقال : إن السكون كون فى أين واحد زمانا والحركة كون (١٢) فى أين واحد لا فى زمان (١٣). فإن هذا (١٤) يلزمه ما قيل هناك ، ويشركه حال المتحرك فى ابتداء الحركة وانتهائها. فذلك كون فى مكان واحد (١٥) لا زمانا ، وليس بحركة ولا سكون.

فقد تبين واتضح أنه لا وجه لتصحيح تقابل (١٦) حد الحركة بحد السكون ، والسكون حده المعنى القينى ، فبقى أن يكون (١٧) السكون حده المعنى العدمى. واعلم أن فى كل صنف من أصناف الحركة سكونا يقابله ، فللنمو سكون يقابله ، وللاستحالة كذلك ، وكما أن السكون المقابل للاستحالة ليس هو الكيف الموجود زمانا ، بل سكون فى الكيف ؛ وكذلك (١٨) السكون المقابل للنقلة ليس هو الأين الواحد الموجود زمانا بل هو سكون فى ذلك الأين ،

__________________

(١) تغييرا : تغير ا ب ، د.

(٢) فيكون ... بالحركة : ساقطة من سا.

(٣) جزء : حدد (٤) حده : حدها ط ؛ وحدة م.

(٥) فلا يجوز : ولا يجوز ط ، م (٦) عدما : عدميا ط.

(٧) فتبين : فبين سا ، م. (٨) أنه : ساقطة من م.

(٩) قبله ... يكون : ساقطة من سا.

(١٠) تفهيمها : تفهيمها د. (١١) يؤخذ : يوجد م.

(١٢) والحركة كون : + الشيء ط (١٣) لا فى زمان : لا زمانا ب ، سا ، م.

(١٤) هذا : ساقطة من د. (١٥) واحد : ساقطة من سا ، م.

(١٦) تقابل : مقابل سا. (١٧) يكون : ساقطة من سا.

(١٨) وكذلك : فكذلك م.


فالسكون عدم الحركة. وإذ قد (١) تكلمنا فى الحركة والسكون ، فحرى بنا أن نعرف حقيقة (٢) المعنى المسمى مكانا والمعنى المسمى زمانا ، إذ هما من الأمور السديدة المناسبة للحركة.

[الفصل (٣) الخامس]

ه ـ فصل

فى ابتداء القول فى المكان

وايراد حجج مبطليه ومثبتيه

أول ما يجب أن نفحص عنه من أمر المكان وجوده ، وأنه هل هاهنا مكان أم لا مكان البتة. على أنا نحن إنما نفهم بعد من اسم المكان لا ذاته ، بل نسبة إلى الجسم ، بأنه يسكن فيه ، ومنقل عنه وإليه بالحركة. فإن الفحص عن وجود الشيء قد يكون بعد تحقق ماهيته (٤) ، وقد يكون قبل تحقق ماهيته ، إذ (٥) كان قد وقف على عارض له مثلا قد وقف على أن هاهنا شيئا له النسبة المذكورة ، ولم يعلم ما ذلك الشيء وحينئذ (٦) يحتاج إذا فهمت تلك الماهية أن نبين وجودها (٧) ، ثم إن لم يكن وجود النسبة بينا لها احتيج إلى أن نبين أنها هى الماهية التي تخصها تلك النسبة. وهذا شيء قد بان لك فى موضع آخر.

فنقول : إن من الناس من نفى (٨) أن يكون (٩) للمكان وجود أصلا ، ومنهم من أوجب وجوده. فأما النفاة منهم ، فلهم أن يحتجوا بحجج ، منها ما تقرب منه عبارتنا هذه ، وهو أن (١٠) المكان إذا كان موجودا فلا يخلو (١١) من أن يكون جوهرا أو عرضا. فإن كان جوهرا ، فإما أن يكون (١٢) محسوسا أو جوهرا معقولا ، فإن كان جوهرا محسوسا

__________________

(١) وإذ قد : وقد د ؛ قد سا ، م

(٢) حقيقة : ساقطة من د ، سا ، م.

(٣) فصل : فصل ه ب ؛ الفصل الخامس م.

(٤) ماهيته (الأولى والثانية) : ماهية ط.

(٥) إذ : إذا ط ، م.

(٦) وحينئذ : حينئذ م.

(٧) وجود : + تلك ط.

(٨) نفى : تقر م

(٩) يكون : ساقطة من سا.

(١٠) وهو أن : وإن م

(١١) فلا يخلو : + إما ط.

(١٢) يكون : + جوهرا م.


وكل (١) جوهر محسوس فله مكان ، فللمكان مكان إلى غير نهاية ، وإن كان جوهرا معقولا فيستحيل أن يقال : إن الجوهر المحسوس يفارقه ويقارنه ، لأن المعقولات لا إشارة إليها ولا وضع لها ، وكل ما يقارنه (٢) الجوهر المحسوس أو يفارقه فهو ذو إشارة إليه ووضع له (٣) ، وإن كان عرضا (٤) فالذى يحله هذا العرض هو كالذى يحله البياض ، والذي يحله البياض يشتق (٥) له منه الاسم ، فيقال مبيض وأبيض فالجوهر الذي يحله المكان يجب أن يشتق له منه الاسم فيكون هو المتمكن (٦) فيكون مكان المتمكن عرضا فيه ، فيلزم أن يلزمه فى النقلة ، ويصير معه حيث صار. وإذا (٧) كان (٨) كذلك كان منتقلا (٩) معه. والمكان كما تزعمون ليس هو المنتقل معه ، بل (١٠) المنتقل فيه (١١) ، وأيضا فإن المكان لا يخلو إما أن يكون جسما وإما أن يكون غير جسم ، فإن كان جسما والمتمكن يكون فيه فالمتمكن مداخل له ، ومداخلة الأجسام بعضها بعضا محال. ثم كيف يكون جسما ولا هو بسيط من الأجسام ولا مركب منها ، وإن كان غير جسم فكيف يقولون إنه يطابق الجسم ويساويه ، ومساوى الجسم جسم. وأيضا فإن الانتقال ليس إلا الاستبدال لقرب وبعد وكما أن هذا الاستبدال قد (١٢) يقع للجسم فكذلك (١٣) قد يقع للسطح وللخط وللنقطة (١٤).

فإن كان الانتقال يوجب للمنتقل مكانا ، فيجب أن يكون للسطح (١٥) مكان ، وللخط مكان ، بل وللنقطة مكان.

ومعلوم أن مكان النقطة يجب أن يكون مساويا لها. إذ جعلتم المكان مساويا للتمكن (١٦) حتى لا يسعه غيره ، وما يساوى النقطة نقطة. فمكان (١٧) النقطة نقطة ، فلم صارت إحدى النقطتين مكانا والأخرى متمكنة : بل عسى أن تكون كل واحدة (١٨) منهما مكانا ومتمكنا ، فتكون بالقياس الأخذ منها إلى الأخرى (١٩) متمكنة ، وبالقياس الآخذ من الأخرى إليها مكانا. وهذا مما حظرتموه حين أبيتم أن يكون المكان متمكنا فى المتمكن فيه (٢٠). وزادوا فقالوا : إن كان للنقطة مكان فبالحرى أن يجعلوا لها (٢١) ثقلا وخفة (٢٢). قال ذلك خصوصا القوم الذين نفوا الحركة ، فقالوا لا معنى يوجب للجسم مكانا وحركة إلا ومثله يوجب للنقطة مكانا وحركة. فإن جوزتم فى النقطة حركة ، فقد أعطيتموها ميلا إلى جهة (٢٣) ، وجعلتم لها خفة وثقلا ، وهذا مشهور البطلان. على أن النقطة ليست إلا فناء الخط وفناء الخط

__________________

(١) وكل : فكل م. (٢) ما يقارنه : ما يفارقه م.

(٣) إشارة إليه ووضع له : وضع وإليه إشارة ط

(٤) عرضا : عارضا م. (٥) يشتق : فيشتق د ، ط.

(٦) فيكون هو المتمكن : ساقطة من سا ، م. (٧) وإذا : فإذا ط (٨) كان : لم يكن ط

(٩) منتقلا : + عنه بل منتقلا ط (١٠) المنتقل معه بل : ساقطة من د ، م

(١١) فيه : عنه ط. (١٢) قد : فقد م

(١٣) فكذلك سا. م (١٤) وللخط وللنقطة : والنقطة والخط ط.

(١٥) للسطح : السطح م. (١٦) للتمكن : للمتمكن سا ، م.

(١٧) فمكان : فكأن ب ، د ، ط. (١٨) واحدة : واحد سا

(١٩) الأخرى : الآخر بخ. (٢٠) فيه : ساقطة من م.

(٢١) يجعلوا لها : يجعلوها م (٢٢) وخفة : أو خفة سا ، ط.

(٢٣) إلى جهة : ساقطة من د ، سا ، ط ، م.


معنى (١) عدمى ، فكيف (٢) يكون للمعنى العدمى مكان أو حركة. فأما أن النقطة فناء الخط فلأنها نهاية (٣) ، والنهاية (٤) هى أن يفنى الشيء فلا يبقى منه شيء. وإذا لم يكن للنقطة (٥) مكان لم يكن للجسم مكان إذ كان ما يوجب للجسم مكانا يوجب للنقطة مكانا (٦) وأيضا فإن المكان عندكم (٧) أمر لا بد منه للحركة إذ تجعلون الحركة محتاجة إليه فهو (٨) إحدى علل الحركة لكنه ليس بفاعل للحركة. وكيف (٩) ولكل حركة يجعلونها فى المكان مبدأ فاعلى معلوم غير المكان ، ولا هو أيضا مبدأ عنصرى له (١٠) ، إذ الحركة إنما قوامها فى المتحرك لا فى المكان ، ولا أيضا مبدأ صورى له لأن المكان ليس هو (١١) صورة الحركة ، ولا أيضا مبدأ غائى له ، وذلك لأنه مما يحتاج (١٢) عندكم إليه قبل الوصول إلى الغاية والتمام كما يحتاج إليه عند الوصول. فإن كان المكان غاية فليس لأنه مكان ، بل لأنه مكان لحال (١٣) لحركة بحال ، وكلامنا فى المكان من حيث هو مكان مطلقا. ولو كان المكان كمالا لأنه يشتاق إليه المتحرك إما طبعا وإما إرادة ، لكان من كمالات الإنسان أيضا أن (١٤) يحصل فى أمكنة يشتاق إليها. على أن التمام منه خاص ومنه مشترك والخاص (١٥) هو صورة الشيء ، والمكان ليس هو صورة المتحرك ولا صورة الحركة. وأما المشترك فإنه (١٦) يكون للشيء ولغيره والمكان عندكم خاص ولو كان الجسم فى مكان (١٧) لكانت الأجسام النامية فى مكان ، ولو كانت (١٨) فى مكان لكان مكانها أيضا (١٩) ينمو (٢٠) معها ، ولو كان (٢١) مكانها ينمو معها لكان مكانها يتحرك معها ولكان لمكانها مكان ، وأنتم تمنعون هذا كله (٢٢). وأما مثبتو المكان قد احتجوا بوجود النقلة ، وذكروا أن النقلة لا محالة مفارقة شيء لشيء إلى شيء (٢٣) ، وليس (٢٤) ذلك (٢٥) مفارقة (٢٦) جوهر ولا كيف ولا كم فى ذاته ولا غير ذلك من المعانى ، إذ جميع هذه يبقى مع النقلة ، بل إنما كان (٢٧) ذلك مفارقة شيء كان الجسم فيه ثم استبدل به ، وهذا هو (٢٨) الشيء (٢٩) الذي نسميه مكانا. واحتجوا أيضا بوجود التعاقب ، فإنا نشاهد هذا (٣٠) الجسم يكون حاضرا ، ثم نراه غائبا (٣١) ، ونرى (٣٢) جسما آخر حضر حيث هو ، مثلا قد كانت جرة فيها ماء ثم حصل بعد (٣٣) فيها هواء أو دهن ، والبديهة توجب أن هذا المعاقب (٣٤) عاقب هذا الشيء

__________________

(١) معنى : ساقطة من م (٢) فكيف : وكيف سا (٣) فلأنها نهاية : فلا نهاية م (٤) والنهاية : ساقطة من م.

(٥) للنقطة : النقطة م. (٦) يوجب للنقطة مكانا : ساقطة من سا

(٧) عندكم : عندهم م (٨) فهو : فهذا ط. (٩) وكيف : كيف ط. (١٠) له (الأولى والثانية) : لها ط.

(١١) هو : له م (١٢) مما يحتاج : ما يحتاج سا. (١٣) لحال : يحال سا ، م. (١٤) أن (الأولى) : لأن د

(١٥) والخاص : فالخاص د ، ط. (١٦) فإنه : فأن م.

(١٧) مكان : المكان سا (١٨) كانت : + الأجسام النامية ط.

(١٩) أيضا : ساقطة بين سا ، م (٢٠) ينمو : ينمى م

(٢١) ولو كان : ولكان سا ، م. (٢٢) كله : كلها سا

(٢٣) إلى شيء : ساقطة من م (٢٤) وليس : فليس ط ؛ ساقطة من م.

(٢٥) ذلك م (٢٦) مفارقة : بمفارقة ط. (٢٧) كان (الأولى) : ساقطة من سا ، م

(٢٨) هو : ساقطة من سا (٢٩) الشيء : ساقطة من سا ، م.

(٣٠) هذا : ساقطة من سا ، م. (٣١) غائبا : غاب ب ، سا ، م

(٣٢) ونرى : ونراه سا.

(٣٣) بعد : بعده سا : م

(٣٤) المعاقب : التعاقب سا.


وخلفه (١) ، فى أمر كان لذلك (٢) الشيء أولا وكان الأول مختصا به ، والآن فقد فاته (٣) وذلك لا كيف ولا كم فى ذات أحدهما ولا جوهر ، بل الحيز الذي كان الأول فيه ثم صار الآخر فيه ، ولأن الناس كلهم يعقلون أن هاهنا فوقا ، وأن هاهنا أسفل ، وليس (٤) يصير الشيء فوقا وأسفل بجوهر له أو كيف (٥) أو كم فيه أو غير ذلك ، بل المعنى (٦) الذي يسمى مكانا. وحتى أن الأشكال التعليمية لا تتوهم إلا أن تتخصص (٧) بوضع (٨) وحيز ، ولو لا أن المكان موجود مع وجود (٩) له تنوع وفصول وخواص ، لما كان بعض الأجسام يتحرك طبعا إلى فوق وبعضها إلى أسفل. قالوا : وقد بلغ من قوة أمر المكان أن التخيل العامى بمنع (١٠) وجود شيء (١١) لا فى مكان ، ويوجب أن المكان أمر قائم بنفسه يحتاج (١٢) أن يكون معدا حتى توجد فيه الأجسام. ولما أراد استودوس الشاعر أن يقول شعرا يحدث فيه عن ترتيب الخلقة لم ير أن يقدم على وجود المكان شيئا ، فقال : إن أول ما خلق (١٣) الله تعالى (١٤) المكان ثم الأرض الواسعة. فأما حل (١٥) الشكوك التي أوردها (١٦) نفاة المكان (١٧) ، فسيتأخر (١٨) إلى وقت إحاطتنا (١٩) بماهية المكان ، فلنعرف (٢٠) أولا ماهية المكان (٢١).

[الفصل السادس]

و ـ فصل (٢٢)

فى ذكر مذاهب الناس فى المكان وايراد حججهم

إن لفظة المكان قد يستعملها العامة على وجهين ، فربما عنوا بالمكان ما يكون الشيء مستقرا عليه ، ثم لا يتميز لهم أنه هو الجسم الأسفل (٢٣) أو السطح الأعلى من الجسم الأسفل (٢٤) ، إلا أن يتزعزعوا يسيرا عن العامية ، فيتخيل

__________________

(١) وخلفه : وخلف م (٢) لذلك : كذلك د ، ط

(٣) فاته : فارقة طا. (٤) وليس : فليس ط

(٥) أو كيف : وكيف د (٦) المعنى : بالمعنى سا.

(٧) تتخصص : تخصص م. (٨) بوضع : بموضع ط.

(٩) وجود : وجوده سا ، م. (١٠) بمنع : يمتنع ط

(١١) شيء : الشيء ط (١٢) يحتاج : محتاج م.

(١٣) خلق : خلقه سا ، م (١٤) تعالى : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.

(١٥) حل : حد م. (١٦) أوردها : أوردوها ط

(١٧) المكان : ساقطة من سا

(١٨) قسيتأخر : فستأخر د ، ط ، م.

(١٩) إحاطتنا : احتياطنا م

(٢٠) فلنعرف : فليتعرف م

(٢١) المكان : ساقطة من م.

(٢٢) فصل : فصل د ب ، الفصل السادس م.

(٢٣) الأسفل (الأولى) : ساقطة من م

(٢٤) أو السطح .... الأسفل : ساقطة من سا.


بعضهم أنه هو السطح الأعلى من الجسم الأسفل دون سائره ، وربما عنوا بالمكان الشيء الحاوى للشيء كالدن (١) للشراب والبيت للناس. وبالجملة ما يكون فيه الشيء ، وإن لم يستقر عليه (٢) ، وهذا هو الأغلب عندهم وإن لم يشعروا به. إذ الجمهور منهم يجعلون السهم ينقذ فى مكان ، وأن السماء والأرض عند من فهم (٣) صورة العالم منهم مستقرة فى مكان ، وإن لم تعتمد على شيء. لكن الحكماء وجدوا للشيء الذي يقع عليه اسم المكان بالمعنى الثاني أوصافا ، مثل أن يكون فيه الشيء ، ويفارقه بالحركة ، ولا يسعه معه غيره ، ويقبل المنتقلات إليه ، ثم تدرجوا قليلا (٤) إلى أن توهموا أنه حاو. وإذ (٥) كان المتمكن موصوفا بأنه فيه ، فلما أرادوا أن يعرفوا ماهية هذا الشيء وجوهره ، فكأنهم قسموا فى أنفسهم ، فقالوا إن كل ما يكون خاصا بالشيء ولا يكون (٦) لغيره ، فلا يخلو إما أن يكون داخلا فى ذاته ، أو يكون خارجا عن ذاته ، فإن كان داخلا فى ذاته ، فإما ان يكون هيولاه ، وإما أن يكون صورته ، وإن كان خارجا عن ذاته (٧) ، ويكون مع ذلك يساويه ويخصه ، فهو إما نهاية سطح يلاقيه ويشغل (٨) بمماسته ولا يماسه غيره ، إما محيط وإما محاط (٩) مستقر عليه أيهما اتفق وإما أن يكون بعدا يساوى أقطاره ، فهو يشغله بالاندساس فيه. فمنهم من زعم أن المكان هو الهيولى ، وكيف (١٠) لا والهيولى (١١) قابل للتعاقب ، ومنهم من زعم أن المكان هو الصورة وكيف لا وهو أول خاو محدود (١٢) ، ومنهم من قال إن المكان هو الأبعاد ، فقال إن بين غايات الإناء (١٣) الحاوى للماء أبعادا مقطورة ثابتة ، وأنها يتعاقب عليها الأجسام المحصورة فى الإناء (١٤). وبلغ بهم الأمر إلى أن قالوا إن (١٥) هذا مشهور (١٦) مفطور عليه البديهة ، فإن الناس كلهم يحكون (١٧) أن الماء فيما بين أطراف الإناء ، وأن الماء يزول ويفارق ويحصل الهواء فى ذلك البعد بعينه ، واحتجوا أيضا بضروب من الحجج ، فقالوا وهم يخاطبون خاصة أصحاب السطوح (١٨) أنه إن (١٩) كان المكان سطحا يلقى سطح الشيء ، فتكون الحركة هى مفارقة سطح متوجها إلى سطح آخر فالطائر الواقف فى الهواء ، والحجر الواقف فى الماء (٢٠) ، وهما يتبدلان عليه ، وهو يفارق سطحا إلى سطح ، يجب أن

__________________

(١) كالدن : كالزق م. (٢) عليه : + الشيء سا.

(٣) فهم : ساقطة من سا. (٤) قليلا : + قليلا ط

(٥) وإذ : إذا سا ، م. (٦) ولا يكون : فلا يكون م.

(٧) فإن كان ... عن ذاته : ساقطة من سا.

(٨) ويشغل : ويشتغل سا ، م.

(٩) محاط : محاطة ط. (١٠) وكيف : فكيف سا

(١١) والهيولى : الهيولى م.

(١٢) خاو محدود : حاو محدد سا ، م

(١٣) الإناء : إناء ط ؛ الآناء م.

(١٤) الإناء : الآناء سا ، م (١٥) إن : ساقطة من سا ، م.

(١٦) مشهور : + بل ط (١٧) يحكون : يحكمون سا ، م.

(١٨) السطوح : السطح ط (١٩) أنه إن : أن ط.

(٢٠) فى الماء : ساقطة من سا.


يكون متحركا. وذلك لأن ما يجعلونه مكانه (١) يتبدل عليه ، فإن كان ساكنا فسكونه فى أى مكان ، إذ من (٢) شرط الساكن أن يلزم مكانه زمانا ، إذ الساكن قد يصدق عليه هذا القول ، فإذ ليس يلزمه السطح ، فما الذي (٣) يلزمه سوى البعد الذي شغله الذي لا ينزعج ولا يتبدل ، بل يكون دائما واحدا بعينه. وقالوا أيضا إن الأمور البسيطة إنما يؤدى إليها التحليل ، وتوهم رفع شيء شيء (٤) من الأشياء المجتمعة معا وهما ، فالذى يبقى بعد رفع غيره فى الوهم هو البسيط الموجود فى نفسه ، وإن كان لا ينفرد له قوام ، وبهذا (٥) السبب عرفنا الهيولى والصورة والبسائط التي هى آحاد فى أشياء مجتمعة. ثم إذا توهمنا الماء أو غيره (٦) من الأجسام مرفوعا غير موجود فى الإناء (٧) لزم من ذلك أن يكون البعد الثابت بين أطرافه موجودا وذلك (٨) أيضا موجود عند ما تكون هذه موجودة معه. وقالوا أيضا إن كون الجسم فى مكان ليس بسطحه (٩) ، بل بحجمه (١٠) وكميته ، فيجب أن يكون ما فيه (١١) بجسميته مساويا له ، فيكون بعد أو لأن المكان مساو (١٢) للمتمكن (١٣) ، والتمكن جسم ذو ثلاثة أقطار ، فالمكان أيضا ذو ثلاثة أقطار. وقالوا أيضا (١٤) إن المكان يجب أن يكون شيئا لا يتحرك بوجه ولا يزول ، ونهايات المحيط قد تتحرك بوجه ما وتزول. وقالوا أيضا إن الناس (١٥) قد يقولون إن المكان قد يكون (١٦) فارغا ، وقد يكون (١٧) ممتلئا ، ولا يقولون إن البسيط يكون فارغا ، ويكون ممتلئا. قالوا والقول بالأبعاد يجعل كل جسم فى مكان ، ومذهب أصحاب البسيط الحاوى يوجب أن يكون من الأجسام ما لا مكان له. وقالوا (١٨) أيضا إن النار فى حركتها إلى فوق ، والأرض فى حركتها إلى أسفل يطلبان مكانا لكلتيهما (١٩) ، ومحال أن يطلبا نهاية الجسم الذي فوقه (٢٠) أو تحته ، فإن النهاية محال أن يلاقيها كلية جسم ، فإذن يطلب الترتيب فى البعد. فهذه (٢١) حجج أصحاب البعد (٢٢) مطلقا.

لكن أصحاب البعد على مذهبين : منهم من (٢٣) يحيل أن يكون هذا البعد يبقى فارغا لا مالئ له ، بل يوجب أن لا يتخلى عن مالئ إلا عند لحوق مالئ (٢٤) ، ومنهم من لا يحيل (٢٥) ذلك ، بل يجوز أن يكون هذا البعد خاليا تارة ومملوا تارة ، وهم أصحاب الخلاء. وبعض القائلين بالخلاء يظن أن الخلاء (٢٦) ليس هو بعدا ، بل هو لا شيء ، كأن الشيء هو

__________________

(١) مكانه : فكان سا (٢) إذ من : أو من ط. (٣) يلزمه السطح فما الذي : ساقطة من م.

(٤) شيء شيء : شيء سا ، م. (٥) وبهذا : بهذا م.

(٦) أو غيره : وغيره سا ، م (٧) الإناء : الآناه سا ، م.

(٨) وذلك : فذلك سا ، م ، فذلك البعد ط. (٩) بسطحه : لسطحة م. (١٠) بججمه : لحجمه م

(١١) ما فيه : ما يكون فيه ط. (١٢) مساو : مساويا سا

(١٣) للمتمكن : للتمكن ط (١٤) أيضا : ساقطة من م.

(١٥) الناس : + فيه د ، ط (١٦) قد يكون : ساقطة من م

(١٧) وقد يكون : ويكون سا. (١٨) قالوا : وقالوا م.

(١٩) لكلتيهما : بكلتيهما سا ، ط ، م (٢٠) فوقة : فوق سا ، م.

(٢١) فهذه : وهذه ط (٢٢) فهذه حجج أصحاب البعد : ساقطة من م.

(٢٣) من : ساقطة من د. (٢٤) مالئ (الثانية): + البته سا

(٢٥) لا يحيل : لا يخيل سا.

(٢٦) يظن أن الخلاء : ساقطة من م.


الجسم وأول شيء خيل اعتقاد الخلاء هو الهواء ، وذلك لأن الظن العامى الأول هو أن ما ليس بجسم ولا فى جسم فليس بموجود. ثم ظنهم (١) الأول فى أمر (٢) الأجسام الموجودة ، هو أن تكون (٣) محسوسة بالبصر ، وما لا يحس بالبصر (٤) يظن أنه ليس بجسم ، ثم يوجب أنه ليس لشيء (٥). فكذلك (٦) يتخيل من أمر الهواء أنه ليس بملاء ، بل لا شيء ، فكان (٧) الإناء الذي فيه هواء (٨) لا يتخيل (٩) عندهم من أمره فى أول الأمر أن فيه شيئا ، بل يخيل أن هناك أبعادا خالية ، فأول من نبههم نبههم (١٠) بأن أراهم (١١) الأزقاق (١٢) المنفوخة تقاوم المس (١٣) ، فأظهر لهم بالمس أن الهواء جسم كسائر الأجسام فى أنه جسم. فمن الذين أراهم (١٤) ذلك من رجع ، فلم ير أن هاهنا خلاء موجودا ، إذ (١٥) صار الشيء الذي كان يظنه خلاء ، هو الملاء (١٦) ، ومنهم من سلم أن الهواء ليس بخلاء صرف ، بل ملاء ، ويخالطه (١٧) خلاء ، ولم يخل من الخلاء ، إذ قد وجد حججا وقياسات أنتجت أن الخلاء موجود. فمن الحجج على ذلك أنا نرى أن الأجسام تتخلخل وتتكاثف من (١٨) غير دخول شيء (١٩) أو خروجه. فالتخلخل إذن تباعد الأجزاء تباعدا يترك ما بينها (٢٠) خاليا والتكاثف رجوع من الأجزاء إلى ملاء الخلاء المتخلخل

قالوا : ونحن نرى إناء مملوا من رماد يسع ملاؤه ماء فلو لا أن هناك خلاء لاستحال (٢١) أن يسع ملاؤه ماء. وقالوا (٢٢) أيضا : والدن يملأ شرابا ، ثم يجعل ذلك الشراب بعينه فى زق (٢٣) ، ثم يجعلان فى ذلك الدن بعينه ، فيسع (٢٤) الدن الزق (٢٥) والشراب معا. فلو لا أن فى الشراب خلاء قد انحصر فيه مقدار مساحة الزق ، لاستحال أن يسع الزق والشراب معا ما كان يملأه الشراب وحده. وقالوا (٢٦) : إن النامى أيضا إنما ينمو بنفوذ شيء فيه فلا شك أن ذلك الشيء ينفذ لا فى الملاء ، ولكن فى الخلاء. وبعضهم جعل هذا الاحتجاج كليا فقال : إن المتحرك لا يخلو إما أن يتحرك فى خلاء أو يتحرك فى ملاء ، لكنه إن تحرك (٢٧) فى الملاء (٢٨) دخل ملاء فى ملاء ، فبقى أن يتحرك فى الخلاء. ومن ذلك احتجاجهم بالقارورة التي تمص ثم تكب على الماء ، ولو كانت مملوة لما وسعت شيئا آخر يدخل فيها. وقالوا أيضا : إن المتحرك إذا تحرك (٢٩) فلا يخلو إما أن يدفع الملاء فيحركه ، وإما أن يداخله ، لكن

__________________

(١) ظنهم : ظنها سا (٢) فى أمر : أن سا

(٣) هو أن تكون : كلها سا (٤) وما لا يحس بالبصر : ساقطة من سا.

(٥) لشيء : بشيء سا ، م (٦) فكذلك : فلذلك سا ، م.

(٧) فكان : مكان ب ، د (٨) هواء : الهواء م

(٩) يخيل : يتخيل سا ، م. (١٠) نبههم نبههم : نبههم سا ، ط ، م

(١١) أراهم : آراءهم ط (١٢) الأزقاق : الأزقانى ط

(١٣) المس : أملس م. (١٤) أراهم : آراهم ط ، أرويتم م

(١٥) إذ : إذا سا. (١٦) هو الملاء : وهو الهواء الملاء ط ، وهو الهواء ملاء سا

(١٧) ويخالطه : يخالطه ط. (١٨) من : عن سا ، م

(١٩) شيء : + ط (٢٠) ما بينهما : ما بينها د.

(٢١) لاستحال : استحال ط. (٢٢) وقالوا : قالوا سا

(٢٣) زق : ذق ط (٢٤) بعينه فيسع : ساقطة من م.

(٢٥) الزق : الذق ط. (٢٦) وقالوا : + أيضا ط. (٢٧) تحرك : يتحرك ط

(٢٨) الملاء : ملاء سا ، م. (٢٩) تحرك : ساقطة من سا.


المداخلة محالة (١) ، فبقى أن يدفعه فيحركه. وكذلك حال المدفوع فيما يتحرك فيه ، فيلزم إذا تحرك متحرك أن يتحرك العالم ، وأن يكون إذا تحرك متحرك بعنف أن يتموج العالم تموجا بعنف ومضاهيا (٢) لتموجه. وأما القائلون بأن المكان ما يكون الشيء عليه فيأخذون ذلك من العامة إذ يسمون مجالسهم أمكنة (٣) لهم.

ونحن لا نبالى أن يسمى مسم هذا مكانا ، لكنا لا نشتغل بتحقيق هذا المكان الذي يكون المتمكن عليه ، بل الذي قيل إنه حاو مساو (٤) ، ولا بد منه لكل منتقل حيث كان ، وإن لم يكن مستقرا على مستند.

وأما القائلون بأن المكان هو البسيط كيف كان ، فهم يقولون إنه كما أن سطح الجرة مكان للماء ، كذلك سطح الماء مكان للجرة ، لأنه سطح مماس لجملة بسيط متصل به. ويقولون إن الفلك الأعلى متحرك ، وكل متحرك فله مكان ، فالفلك الأعلى له مكان لكن ليس له نهاية حاوية من محيط ، فليس كل مكان هو النهاية الحاوية من المحيط ، بل مكانه هو السطح الظاهر من الفلك الذي تحته. وأما (٥) القائلون بأن المكان هو السطح الحاوى فسنذكر مذهبهم ونحققه ، فيجب أن نبدأ أول شيء بإبطال هذه المذاهب ، ثم نتبعها بكشف المغالطات فى قياساتهم ،

[الفصل السابع]

ز ـ فصل (٦)

فى نقض مذهب من ظن أن المكان هيولى

او صورة أو أى (٧) سطح ملاق كان أو بعدا (٨)

أما بيان فساد قول من يرى أن الهيولى أو الصورة مكان ، فبأن يعلم أن المكان يفارق عند الحركة ، والهيولى والصورة لا يفارقان (٩) ، والمكان تكون الحركة فيه ، والهيولى والصورة لا تكون الحركة فيهما ، بل معهما والمكان تكون إليه الحركة ، والهيولى (١٠) والصورة لا تكون إليهما حركة (١١) البتة. والمتكون إذا تكون استبدل مكانه الطبيعى

__________________

(١) محالة : محال م.

(٢) ومضاهيا : أو مضاهيا ط.

(٣) أمكنة : أمكنته ط.

(٤) مساو : ومساو ط.

(٥) وأما : فأما ط.

(٦) فصل : فصل ز ب ، الفصل السابع م.

(٧) أى : ساقطة من سا

(٨) بعدا : بعده سا ، م.

(٩) لا يفارقان : لا يفارق م.

(١٠) والصورة ... الهيولى : ساقطة من ذ.

(١١) حركة : الحركة سا.


كالماء إذا صار هواء ، ولا يستبدل هيولاه (١) الطبيعية (٢). وفى ابتداء الكون يكون فى المكان الأول ، ولا يكون فى صورته. ويقال إن الخشب كان (٣) سريرا ، ويقال عن الماء كان بخارا ، وعن النطفة كان إنسانا ولا يقال إن المكان كان جسم كذا ولا عن المكان كان جسم كذا ، والقائلون بأن المكان كل بسيط ، ملاق لبسيط (٤) تام ، كان محيطا أو كان محاطا ، فيلزمهم أن يجعلوا للجسم الواحد مكانين ، وأنه (٥) يلزم على مذهبهم أن يكون للجرة مكانان : مكان هو سطح (٦) الماء الذي فيها ، ومكان هو سطح الهواء المحيطة (٧) بها. وقد علم أن الجسم الواحد لا يكون فى مكانين وأن للمتمكن الواحد مكانا واحدا ، وإنما اضطروا إلى هذا القول بسبب جهلهم بحركة الفلك الأعظم (٨) فظنهم (٩) أنها مكانية ، ووجودهم (١٠) الجرم الأقصى لا فى مكان حاو من خارج ، وهو متحرك حركة مكانية. وإذا علم مذهبنا فى الحركة الوضعية استغنى عن هذه الكلفة وتخلص عن هذه الضرورة.

وأما القائلون بأن المكان هو البعد الثابت بين أطراف الحاوى فنخص الدين يحيلون منهم خلو هذا البعد عن المتمكن ، أن هذا البعد لا يخلو إما أن يكون موجودا مع البعد الذي للجسم المحوى ، أولا يكون موجودا فإن لم يكن موجودا ، فليس مع وجود المتمكن فى المكان مكان ، لأن المتمكن هو هذا الجسم المحوى ، والمكان هو هذا البعد الذي لا يوجد مع (١١) بعد الجسم. وإن كان موجودا معه ، فلا يخلو إما أن يكون له وجود هو غير وجود بعد الجسم المحوى بالعدد ، فهو ممايز له (١٢) يقبل خواص وأعراضا هى (١٣) بالعدد أعراضا له (١٤) من دون (١٥) التي (١٦) لبعد الجسم المحوى. وإما أن لا يكون غيره بل يتحد به. فيصير هو هو. وإن كان غيره ، فهناك بعد بين أطراف الحاوى وهو (١٧) مكان وبعد آخر فى المتمكن أيضا هو بين أطراف الحاوى (١٨) غير ذلك بالعدد. لكن (١٩) معنى قولنا البعد الشخصى (٢٠) الذي بين هذين (٢١) الشيئين ، هو (٢٢) أنه هذا الأمر المتصل بينهما الذي يقبل القسمة الواحدة المشار إليها ، فكل ما بين هذا الطرف وهذا الطرف (٢٣) هو هذا البعد الذي بين الطرفين ، فكل ما هو هذا البعد الذي بين

__________________

(١) هيولاء : ساقطة من سا (٢) الطبيعية : الطبيعة سا ، م.

(٣) كان إنسانا : إنسان سا. (٤) لبسيط : بسيط سا.

(٥) وأنه : فإنه م. (٦) سطح : ساقطة من سا

(٧) المحيطة : المحيط سا ، م. (٨) الأعظم : ساقطة من سا ، م

(٩) فظنهم : وظنهم سا ، م. (١٠) ووجودهم : وجودهم د.

(١١) مع : ساقطة من م. (١٢) ممايز له : مما يراه م

(١٣) هى : ساقطة من م (١٤) له (الثانية) : لها سا ، م

(١٥) دون : ساقطة من سا

(١٦) أعراضا ... التي : غير أمثالها من التي أعراض لها ط.

(١٧) وهو : هو سا ، ط. (١٨) وهو مكان ... الحاوى : ساقطة من سا.

(١٩) لكن : ولكن سا ، ط ، م. (٢٠) الشخصى : + هو سا ، م

(٢١) هذين : ساقطة من م (٢٢) هو : وهو ط.

(٢٣) وهذا الطرف : ساقطة من سا.


الطرفين المحدودين (١) فهو لا محالة واحد شخصى لا غير (٢) ، فيكون كل ما بين هذا الطرف وهذا الطرف بعدا شخصيا واحدا ، ليس بعدا وبعدا آخر (٣). وإذا (٤) كان (٥) كذلك لم يكن بين هذا الطرف وهذا الطرف بعد للجسم وبعد (٦) (٧) آخر. لكن البعد الذي للجسم بين (٨) الطرفين موجود ، فالبعد الآخر ليس بموجود. هذا وأما (٩) إن كان هو هو ، فليس هناك بعد إلا هذا ، وكذلك (١٠) إذا تعقبه جسم آخر لم يكن هناك بعد إلا الذي للجسم الآخر ، فلا يوجد البتة بين أطراف الحاوى بعد هو غير بعد المحوى ، فلا يجوز (١١) عندهم خلوه البتة عن المتمكن. فإذن لا يوجد البعد المفرد إلا فى توهم محالات مثل أن يتوهم أن يبقى ذلك الجسم الحاوى غير منطبق النهايات الداخلة بعضها على بعض ولا جسم فيه. وهذا كمن يقول : إذا توهمنا الخمسة منقسمة بمتساويين (١٢) فيكون حينئذ زائدا على الفرد بواحد (١٣) ، فليس يجب إذا لزم هذا عن توهم ، محال هناك أن تكون له حقيقة فى الوجود. وكيف يمكن أن يكون بعدان معا ، ومن البين أن كل بعدين اثنين أكثر من بعد واحد ، لأنهما اثنان ومجموع لا لأجل شيء آخر ، وكل مجموع بعد أكبر (١٤) من بعد. فهو أعظم منه ، لأن العظيم هو الذي يزيد على القدر بعدد (١٥) خارج عن الشيء ، والعظيم (١٦) فى المقادير كالكبير (١٧) فى الأعداد ، فكل (١٨) ما هو أكبر فى المقادير قدرا ، فهو أعظم. فإذا كان بعد يدخل فى بعد ، فإما أن يعدم الدخول (١٩) فيه ، فيكون قد دخل بعد موجود فى معدوم ، وإما أن يبقى هو والداخل فيه مجموعين أعظم من واحد منهما ، فيكون البعدان أعظم من الواحد. وليس الأمر كذلك لأن مجموعهما هو الذي بين النهايات ، وذلك بعينه قدر كل واحد منهما ، فليس المجموع من الواحد.

ولسائل أن يسأل هاهنا بحال (٢٠) الخط إذا عطف حتى لزم نصفه (٢١) ، فيكون خطان ومجموعهما فى الطول لا يزيد على طول واحد منهما ، لكن هذا محال ، لأنه لا يخلو إما أن يتميز كل نصف عن (٢٢) الآخر فى الوضع ، فيكون مجموع الخطين يفعل (٢٣) بعدا غير بعد واحد منهما وأكبر (٢٤) منه. وإن كان ليس على الاستقامة ، لم يكن الانعطاف (٢٥)

__________________

(١) المحدودين : ساقطة من سا (٢) لا غير : لا غيره سا ، ط ، م.

(٣) آخر : ساقطة من م (٤) وإذا : فإذا ط

(٥) شخصيا .... كان : ساقطة من سا

(٦) كذلك .... بعد : ساقطة من سا

(٧) وبعد : أو بعدا سا. (٨) بين : هذين ط

(٩) وأما : فأما ب ، د ، سا. (١٠) وكذلك : كذلك ط.

(١١) فلا يجوز : ولا يجوز سا ، ط ، م. (١٢) بمتساويين : متساويين سا.

(١٣) بواحد : + بمعنى أنه حينئذ يكون زوجا ط.

(١٤) أكبر : أكثر سا ، م (١٥) بعدد : بقدر ط

(١٦) والعظيم : فالعظيم ط. (١٧) كالكبير : كالكثير ب ، د ، ط ، م

(١٨) فكل : وكل د ، سا ، ط ، م. (١٩) الدخول : المدخول سا ، م.

(٢٠) بحال : فقال ب ، حال سا (٢١) نصفه : + نصفه ط.

(٢٢) عن : من ط. (٢٣) يفعل : ساقطة من سا

(٢٤) وأكبر : وأكثر ب ، د ، م (٢٥) لم يكن الانعطاف : ساقطة من سا.


ولا يكون البعد الواحد متناولا لمجموعهما ، بل يتميز بعد وبعد ، وإما أن يتحدا خطا واحدا إن أمكن ذلك ، فحينئذ لا يكون خطان ، بل خط واحد. والأجسام التي (١) تمتنع (٢) عن التداخل ليس الذي منع ذلك من هذا الجسم أن يدخل فى ذلك الجسم جملة ما يشتمل (٣) عليه الجسم (٤) من الصورة والكيفيات وغير ذلك ، فإن الصورة والكيفيات أيها (٥) فرضت لو لم (٦) تكن وفرض الجسم موجودا كان التداخل ممتنعا أيضا ، وليس الهيولى هى التي تمتنع عن مداخلة هيولى أخرى بالعدد. وذلك أنا إذا قلنا إن الهيولى تمتنع (٧) عن مداخلة هيولى أخرى ، إما (٨) أن يكون على سبيل السلب ، كقولنا إن الصوت لا يرى ، بل كما نقول إن النفس لا تداخل الحركة ، إذ ليس من شأن كل واحد منهما أن يكون مع (٩) الآخر (١٠) ، بحيث يتوهم عليه المداخلة ، وإما أن لا يكون على هذا (١١) (١٢) المعنى ، بل على المعنى الذي يقابل المداخلة مقابلة خاصية (١٣) ، فإنه كما أن معنى المداخلة هو أن يكون أى شيء أخذت من أحد الأمرين يجد معه فى الوضع شيئا من الآخر إذ لا ينفرد أحدهما عن الآخر بوضع ، فالذى (١٤) يقابله هو أن يكون ذات هذا متميزا فى الوضع عن ذات ذلك ، فتوجد أجزاؤه مباينة (١٥) لأجزاء ذلك.

فإن قيل إن الهيولى يمتنع (١٦) عليها التداخل. بمعنى (١٧) السلب الذي هو المعنى الأول ، فليس كلامنا فى ذلك ، وذلك مسلم ، إذ الهيولى فى نفسها بهذه الصفة. ولكن كلامنا فى القسم الثاني ، وذلك (١٨) القسم الثاني لا يتصور فى الهيولى إلا أن يجعل ذات وضع ، ولا يصير كذلك (١٩) إلا بالعرض بسبب البعد الذي يعرض لها. فحينئذ يتعرض للتجزى والانقسام (٢٠) ، فيكون استعداد الهيولى لأن يحمل عليها بهذه (٢١) المقابلة ، وهى التداخل ، وغير (٢٢) التداخل المقابل (٢٣) ، أمرا يلحقها من البعد. والبعد هو السبب فى أن تلحقها هذه المقابلة وتتصور فيها ، وهو السبب فى أن صارت الهيولى لا تداخل الهيولى الأخرى (٢٤) لأجل البعد ، وإن كان البعد جائزا له ذلك. وليس فى طبية الهيولى وحدها منع يقابل المداخلة (٢٥) ، فلا يمتنع (٢٦) على الهيولى المداخلة وكيف يمكن أن تمانع هذه الهيولى ذات البعد لنفسها لا لامتناع

__________________

(١) التي : الذي د (٢) تمتنع : تمنع ط منع : يمنع ط ، م.

(٣) ما يشتمل : ما يشمل ط ، وما يشتمل م

(٤) الجسم : ساقطة من ط. (٥) أيها : أيتهما ط

(٦) لو لم : أو لم م. (٧) تمتنع : تمنع ط

(٨) إما : فإما ط. (٩) مع : من سا ، م

(١٠) الآخر : الأخرى ط (١١) على هذا : لهذا ط

(١٢) لا يكون على هذا : يكون بهذا المعنى م.

(١٣) خاصية : خاصة د ، ط. (١٤) فالذى : بالذى سا.

(١٥) مباينة : متباينة ط. (١٦) يمتنع : ممتنع م

(١٧) بمعنى : يعنى م. (١٨) وذلك : + فى سا ، ط ، م.

(١٩) كذلك : لذلك م. (٢٠) والانقسام : فى الانقسام د

(٢١) بهذه : هذه سا ، م. (٢٢) وغير : + ذلك م

(٢٣) المقابل : + له ط. (٢٤) الأخرى : ساقطة من سا ، م.

(٢٥) المداخلة : المتداخلة ط (٢٦) يمتنع : يمنع م.


البعد الجسمانى أن تلقى (١) ذاته البعد الجسمانى الآخر. وليست الهيولى مما لا يقبل طبيعة البعد ويلاقيه ، ولا أيضا (٢) مما لا يقبل بعدا أو زيادة (٣) ويكشف (٤) قبولها التخلخل ، وذلك حين وتحققه وتصححه. فإن كان البعد لا يمتنع عن مداخلة بعد آخر فى نفسه ، والهيولى مستعدة لأن يلقاها البعد ، وليس فى طباعها بما هى هيولى أن تنفرد بحيز فتتقابل (٥) الداخلة ، فواجب أن يكون التداخل فى الجسمين جائزا. فإن كل مؤلف من شيئين ، وليس إلا نفس تؤلفهما (٦) من غير إن حدث (٧) هناك استحالة وانفعال هى صورة ثالثة ومعنى ثالث غيرهما. فإن الحكم إذا كان جائزا على كل واحد منهما ، كان جائزا على الحملة ، وإذا لم يمنعه واحد واحد منهما ، لم تمنعه الجملة لكن جملة الجسم تمانع مداخلة جسم آخر ، فهو بسبب أن فى أجزائه ما يمنع ذلك ، فإنه (٨) ليس كل جزء منه غير مانع لذلك. إذ (٩) ليست الهيولى سببا يمنع ذلك ، ولا سبب فعل خاص وانفعال خاص ، فبقى أن تكون طبيعة البعد لا تحتمل التداخل. فإن كان مع ذلك (١٠) يجب الهيولى المتصورة بالبعد أن لا تداخل العبد ، لم يجز أن يدخل الجسم فى البعد (١١) البتة ، ثم لا يخلو إذا كان المتمكن فى الإناء قد ملأه من أن يلقى مادته وهيولاه ذلك البعد المفطور أو لا يلاقيها ، فإن انفرد عنها وفارقها فلا يكون (١٢) الجسم ذو الهيولى قد ملأ الإناء ولا دخل فيه (١٣) إذ يكون ذلك البعد المفطور قائما على حياله ليس ملاقيا لمادة الجسم الداخل فيه ، والجسم الداخل فيه لا تكون ذاته خالية (١٤) عن مادته ، وإن سرى ذلك البعد (١٥) فى ذات المادة مع البعد الذي فى المادة ، فتكون المادة قد سرى فيها بعدان متساويان متفقا الطبيعة. وقد علم أن الأمور المتفقة فى الطباع التي لا تتنوع بفصول فى جوهرها لا تتكثر فى هوياتها إنما تتكثر بتكثر (١٦) المواد التي تحملها (١٧) ، وإذا كانت المادة لها واحدة لم تتكثر البتة ، فلا يكون بعدان. ولو أنا فرضنا البعد قد تكثر فى المادة إذا (١٨) صار (١٩) فيها بعدان ، فأية (٢٠) خاصية (٢١) بعدية تكون للمادة بسبب سريان أحد البعدين فيها (٢٢)؟ وأية خاصية أخرى تكون لها بسريان (٢٣) البعد الآخر فيها؟ فإنا لا نجد فى المادة إلا نحوا من الاتصال واحدا ، ونحوا من الانقسام واحدا ، وعلى ما لو كان فيها بعد واحد فقط لكانت الصورة تلك الصورة (٢٤).

__________________

(١) تلقى : يبلغ طا (٢) ولا أيضا : أيضا م. (٣) أو زيادة : وزيادة د ، سا ، ط ، م

(٤) ويكشف : ويكشفه ط. (٥) فتتقابل : فتقابل د ، سا ، ط ، م.

(٦) تؤلفهما : تألفهما د ، مؤلفيها سا ، مؤلفهما ط ، مؤلفيهما م.

(٧) حدث : يحدث ط. (٨) فإنه : وإنه سا ، م (٩) إذ : وإذ ط. (١٠) فإنه ..... ذلك : ساقطة من د.

(١١) البعد : بعد ب ، سا. (١٢) فلا يكون ، لا يكون م.

(١٣) فيه : عليه سا ، م (١٤) خالية : خاليا ط

(١٥) البعد : + المفطور ط. (١٦) بتكثر : لتكثر سا ، م

(١٧) تحملها : يحلها ط ، يحتملها م. (١٨) إذا : إذ د ، ط ، م

(١٩) إذ صار : لكان سا (٢٠) فأية : وأية سا.

(٢١) خاصية (الأولى) : خاصة ب ، د ، سا ، ط

(٢٢) فأية ... البعدين فيها : ساقطة من سا.

(٢٣) بسريان : السريان ب ، د ، السريان م.

(٢٤) تلك الصورة : ساقطة من م.


فهذا ما نقوله فى إبطال وجود هذا البعد المفطور. وقد قيل فى إبطال ذلك شيء مبنى على استحالة وجود أبعاد فى أبعاد بلا نهاية (١). ونحن لم نحصل إلى هذه الغاية فهم ذلك على حقيقة يوجب الركون إليها ، وسندركه (٢) بعد أو يدركه (٣) غيرنا.

[الفصل الثامن]

ح ـ فصل (٤)

فى مناقضة القائلين بالخلاء

وأما (٥) القائلون بالخلاء فأول ما يجب علينا هو أن نعرفهم أن الخلاء ليس لا شيء (٦) مطلقا كما يظن ويتوهم (٧) قوم كثير (٨). وإنه (٩) إن كان الخلاء لا شيء (١٠) البتة ، فليس هاهنا منازعة بيننا وبينهم ، فليكن الخلاء شيئا حاصلا ولنسلم هذا لهم ، لكن (١١) الصفات التي يصفون بها الخلاء توجب أن يكون الخلاء شيئا موجودا ، وأن كما ، وأن يكون جوهرا وأن يكون له (١٢) قوة فعالة. فإن اللاشيء لا يجوز أن يكون بين شيئين أقل أو أكثر (١٣) ، والخلاء قد (١٤) يكون بين جسمين (١٥) أقل أو أكثر (١٦). فإن الخلاء المتقدر (١٧) بين السماء والأرض أكثر من المتحصل بين بلدين فى الأرض ، بل له (١٨) إليه نسبة ما ، بل هو ممسوح (١٩) مقدر المقدار (٢٠) فيكون خلاء ألف ذراع وخلاء آخر عشرة أذرع وخلاء يتناهى إلى ملاء وخلاء يذهب إلى غير النهاية. وهذه الأحوال لا تحمل (٢١) البتة (٢٢) على اللاشيء الصرف ولأنه يقبل هذه الخواص وهذه الخواص (٢٣) بذاتها للكم ، ويتوسط الكم ما يكون لغيره ، فلا يخلو إما أن يقبلها الخلاء قبولا أوليا بالذات

__________________

(١) بلا نهاية : فلا نهاية ط.

(٢) وسندركه : وسندركها ط ، م.

(٣) أو يدركه : أو يدركها ط ، أو يدركنا م.

(٤) فصل : فصل ح ب ، الفصل الثامن م.

(٥) وأما : فأما م (٦) لا شيء : لا شيا ب ، د ، م

(٧) ويتوهم : منهم ط ، م.

(٨) كثير : كثيرون م (٩) وإنه : فإنه ط ، إنه م

(١٠) لا شيء ، لا شيا ب ، د.

(١١) لكن : ولكن ط. (١٢) له : ساقطة من سا ، م

(١٣) أو أكثر : وأكثر ب ، د (١٤) قد : ساقطة من سا

(١٥) جسمين : شيئين ط.

(١٦) أو أكثر : وأكثر ب ، د

(١٧) المتقدر : المقتدر م

(١٨) له : وله ط.

(١٩) هو ممسوح : وكل منهما يوجد ممسوحا ط

(٢٠) مقدر المقدار : مقدر د ، سا ، م ، مقدرا ط.

(٢١) لا تحمل : لا تحتمل م

(٢٢) البتة : ساقطة من سا.

(٢٣) وهذه الخواص : ساقطة من م.


أو قبولا بالعرض ، فإن كان قبلها بالذات فهو كم ، وإن كان قبلها بالعرض فهو شيء ذو كم إما عرض (١) ذو كم وإما جوهر ذو كم. والعرض لا يكون ذو كم إلا لوجوده (٢) فى جوهر ذى كم. فيلزم أن يكون الخلاء ذاتا مقارنة لجوهر (٣) وكم ، وليس ذلك الكم إلا الكم (٤) المتصل القابل للقسمة فى الأقطار الثلاثة ، وإن (٥) كان كل واحد من الجوهر والكم داخلا فى تقويمه. وكل جوهر بهذه الصفة فهو جسم ، فالخلأ جسم وإن كانا مقارنين له من خارج غير مقومين له. فأقل أحواله أن يكون عرضا فى جسم ، والعرض فى الجسم لا يدخله جسم ، فالخلأ لا يدخله جسم وإن (٦) كان يقبل (٧) ذاك (٨) بالذات فهو لا محالة كم بالذات ، ومن طباع الكم بالذات الذي له ذهاب فى الأبعاد الثلاثة أن تنطبع به المادة ، وأن يكون جزءا أو هيئة للجسم المحسوس ، فإن لم تنطبع به المادة فلا يكون لأنه كم ، بل لأمر (٩) عارض. وذلك العارض لا يخلو إما أن يكون من شأنه أن يقوم لا فى موضوع أو يكون ليس من شأنه ذلك. فإن كان من شأنه أن يقوم لا فى موضوع وقد قارن (١٠) البعد ، فهذا البعد لا يخرج أن يقوم مقارنا لقائم لا فى موضوع غيره. فما يقارنه البعد ويقوم به وهو قائم فى نفسه (١١) ، فهو موضوع يقوم به بعد (١٢) الخلاء. فإن الموضوع (١٣) للبعد ليس إلا شيئا هو فى نفسه لا فى موضوع (١٤) ، ويقارنه بعد وبكمه. وإن كان ليس من شأن ذلك المعنى أن يقوم لا فى موضوع ، فيكون لا وجود له مع ما هو معه إلا فى (١٥) موضوع ، فكيف يصير به البعد قائما لا فى موضوع وهو يحتاج إلى موضوع. فإن قيل إن موضوعه هو البعد ، وأنه إذا حصل فى موضوعه جعل موضوعه لا فى موضوع ، كان معنى هذا الكلام أن ما لا قوام له بنفسه يعرض لما لا قوام له فى نفسه إلا فى موضوع ، فيجعله قائما بنفسه لا فى موضوع ويكون بعض هذه (١٦) الأشياء هو فى طبيعته (١٧) عرض ، ويعرض له أن يكون جوهرا ، فتكون الجوهرية مما (١٨) يعرض لبعض الطباع وهذا بين الاستحالة وخصوصا فى الفلسفة الأولى.

وبالجملة فإن البعد المشار إليه القابل للأمرين ، هو طبيعة واحدة بالعدد ، فلا تترتب هى بعينها إلا فى جنس واحد ، فتكون تلك الطبيعة إما تحت ما وجوده فى موضوع أو تحت ما وجوده لا فى (١٩) موضوع. وأيضا إن كانت تارة هى بعينها جوهرا ، وتارة هى بعينها (٢٠) لا جوهرا. فإذا صارت (٢١) لا جوهرا فقد (٢٢) فسدت منها ذاتها فسادا مطلقا ،

__________________

(١) إما عرض : أو عرض سا (٢) لوجوده : بوجوده ط.

(٣) لجوهر : للجوهر ب (٤) إلا الكم : ساقطة من م

(٥) وإن : فإن سا. (٦) وإن : إن ط

(٧) يقبل : قبل سا ، م ، (٨) ذلك : ذلك ط ، م.

(٩) لأمر : الأمر ط.

(١٠) قارن : فارق م. (١١) نفسه : + وهو فى نفسه ط

(١٢) بعد : بعدا بين ط ، م. (١٣) يقوم ..... الموضوع : ساقطة من م.

(١٤) ويقارنه .... لا فى موضوع : ساقطة من سا (١٥) إلا فى : لا فى م.

(١٦) هذه : ساقطة من سا ، م (١٧) طبيعة سا ، م.

(١٨) مما : ما م. (١٩) لا فى : فى د.

(٢٠) جوهرا ... بعينها : ساقطة من م (٢١) فإذا صارت : ساقطة من سا.

(٢٢) فقد : وقد سا.


حتى زال أعلى (١) أجناسها وهو (٢) الجوهرية فلا تكون باقية لا محالة. فإنها لو كان يفسد نوعها دون جنسها الأعلى لكان جوهرها لا يبقى فكيف إذا فسد جنسها الأعلى ، فترى تبقى نوعيتها التي هى بها (٣) جوهر؟ وإما إن كان (٤) هذا المعنى الموضوع للبعد (٥) ملازما غير زائل ، فلا يخلو إما أن يلزم الخلاء لأجل أنه بعد ذاهب (٦) فى الأقطار ، فيلزم كل بعد فيكون كل بعد (٧) مفارقا للمادة ، وهذا محال (٨) أو يلزمه لمعنى يلحقه بعد كونه بعدا ذاهبا فى الأقطار ، ويكون الكلام فى ذلك المعنى هو ذلك الكلام بعينه ، ويذهب إلى غير النهاية. وليس هذا اللحوق كلحوق المعنى الفصلى للمعنى الجنسى إذ (٩) طبيعة البعد إذا (١٠) كان بحيث (١١) ينقسم فى الأبعاد الثلاثة فهى (١٢) طبيعة نوعية للمقدار ، وكذلك طبيعة الخط ، وكذلك طبيعة (١٣) السطح لأن التميز بين الطبيعة النوعية على ما يلحقها من العوارض ، والجنسية على ما يلحقها من الفصول ، أن الطبيعة (١٤) الجنسية تنفصل بفصول تلحق الطبيعة بما هي (١٥) ، وإذا لم تلحق يكون العقل ، مقتضيا للحوقها ، حتى يستكمل فى العقل تصورها ، ويجوز عنده تحصيل وجودها. وبالجملة قد يكون فصلا له لأنه هو ، فإنه (١٦) إذا قيل بعد (١٧) مطلقا أى أمر يقبل الانقسام المتصل بلا تحصيل ، كان الفصل الذي يلحق هذا (١٨) أنه فى جهة أو جهتين أو جميع الجهات فصلا يكيف (١٩) المعنى المعقول من البعد ويحصله مقررا (٢٠) فى الوجود وفى العقل ، ويفتقر إليه العقل فى تحصيله (٢١) موجودا أو معقولا مفروغا منه. فأما (٢٢) كون البعد بعضه ملاقيا للبياض أو السواد (٢٣) ، وكون بعضه ملازما للمادة وبعضه قائما بلا مادة فليس يكيف (٢٤) بعديته ولا يحتاج إليها فى تحصيل أنه بعد وتقويمه ، بل هى أمور تلحقه من حيث هو فى مادة أو من حيث وجوده ويكيف (٢٥) وجوده (٢٦) (٢٧) أمر من خارج. والفصول هى التي تتكيف (٢٨) بها ماهية الشيء سواء فرض موجودا فى الأعيان أو لم يلتفت إلى ذلك. وهذا العلم يستتم من صناعة أخرى بل طبيعة البعد تستتم بعدا فى ماهيته بأن يكون له نحو من أنحاء الانقسام والامتداد محصلا ، ويكون ما سواه لواحق تلحقه لا يحتاج إليها (٢٩) فى تقرير (٣٠) كونه بعدا (٣١) ما يصح أن يفرض موجودا ، ولا يقتضى العقل لحوق شيء آخر به يجعله محصل

__________________

(١) أعلى : على سا (٢) وهو : وهى ب ، د. (٣) بها : ساقطة من م (٤) إن كان : إذا كانت م.

(٥) الموضوع للبعد : ساقطة من سا (٦) ذاهب : دامت سا.

(٧) فيكون كل بعد : ساقطة من سا ، م (٨) وهذا محال : ساقطة من سا ، م.

(٩) إذا : إذا د ، أو سا (١٠) إذا : إذ سا ، م (١١) بحيث : ساقطة من سا (١٢) فهى : فهو ط.

(١٣) الخط وكذلك طبيعة : ساقطة من م. (١٤) الطبيعة (الأولى) : طبيعة ط

(١٥) بما هى : + طبيعة ط. (١٦) فإنه : ساقطة من م.

(١٧) بعد : بعدا سا (١٨) هذا : + وهو سا ، ط. (١٩) يكيف : يكشف ط

(٢٠) مقررا : مقدرا م. (٢١) تحصيله : تحصله ط (٢٢) فأما : وأما سا ، م (٢٣) السواد : للسواد م.

(٢٤) يكيف : يكشف ط. (٢٥) ويكيف : يكيف سا ، ويكشف م

(٢٦) ويكيف وجوده : ساقطة من د (٢٧) وجوده : وجود ط

(٢٨) تتكيف : يكشف ط.

(٢٩) إليها : إليه سا ، ط

(٣٠) تقرير سا

(٣١) بعدا : + به سا.


البعد (١) ، كما يقتضى إذا جعل اللون موجودا أو الحيوان موجودا أن يكون صار بحال ، ووصف نوعا حتى وجد.

ولذلك (٢) لا يجوز العقل (٣) أن يكون الفصل الحقيقى يبطل عن النوع ، ويبقى حصة جنسه له وهذا يوضح (٤) فى مواضع أخر. وإذا كان كذلك فلا يكون هذا الانفصال بين بعد فى مادة ، وبعد لا فى مادة ، انفصالا بفصل منوع (٥) ، بل انفصالا بأعراض لازمة خارجة عن تقويم طبيعة البعد نوعا. والأشياء المتفقة بالطبيعة لا يستحيل أن يتوهم لكل واحد منها العارض الذي للآخر ، لكنه ربما استحال ذلك لعائق ولزمان ولسبب (٦) من خارج.

وكأنا أمعنا الآن فى غير النظر الذي من غرضنا أن نتكلم فيه ، وهو النمط الأشبه بالكلام الطبيعى ، فنقول : إن كان بعد مفارق ، فلا يخلو إما أن يكون متناهيا ، وإما أن يكون غير متناه ، لكن طبيعة الخلاء عند جميع من يوجب وجوده هى بحيث لا ينتهى إلا (٧) إلى بعد ملاء ، فإنه (٨) إن كان الملاء متناهيا انتهى (٩) أيضا (١٠) إلى الخلاء ، فيلزم أن يكون عندهم بعد غير متناه ، إما خلاء وحده أو ملاء وحده يتحدد به (١١) الخلاء ، أو تأليف خلاء وملاء ، ومحال أن يكون بعد (١٢) غير متناه على هذه الصفة ، كما نوضحه بعد ، فمحال أن يكون خلاء على ما يقولون. وأيضا إن كان خلاء فلا يخلو إما أن يدخله الملاء أو لا يدخله وإن (١٣) دخله الملاء فلا يخلو إما أن يبقى بعد الخلاء مع المداخلة موجودا ، أو معدوما. فإن (١٤) كان معدوما فلا يجوز أن يسموه مكانا ، بل يكون المكان هو ما (١٥) يحيط بالجسم من الخلاء المقارن له ، وذلك لأنه فى ذلك لا غير ، إذ قد عدم ما بين ذلك من بعد الخلاء ولا يكون أيضا جميع ذلك ، بل نهايته التي تلى المتمكن ، لأن جميع ذلك لو توهم معدوما إلا هذا الطرف لكان المتمكن فى شيء أن يحرك فارقه مهيئا لعاقب (١٦) يخلفه ، وأيضا ما وراء ذلك قد تسكنه أجسام كثيرة ، ومكان الشيء لا يسعه معه جسم آخر ومع ذلك فإن كان هذا البعد تارة يعدم ، وتارة يوجد ، فيكون تارة بالقوة ، وتارة بالفعل ، وكل ما كان كذلك فإن كونه بالقوة معنى موجود قبل وجوده فى طبيعة قابلة لوجوده ليسلم الطبيعيون هذا على سبيل الأصل الموضوع ، فيكون الخلاء مؤلفا من بعد ومادة تتصور بذلك البعد ، فيصير ذا وضع ويكون إليه إشارة ، وهذا (١٧) هو الجسم ، فيكون الخلاء جسما. وإن كان يبقى مع المداخلة ، فيكون بعد يدخل فى بعد ، وهذا قد أبطلنا إمكانه

__________________

(١) البعد : البعدية ط. (٢) ولذلك : وكذلك سا

(٣) العقل : للعقل سا (٤) يوضح : موضح سا.

(٥) منوع : بنوع سا. (٦) ولسبب : وبسبب سا ، م.

(٧) إلا : ساقطة من د ، سا (٨) فإنه : بأنه سا

(٩) انتهى : ينتهى ط (١٠) أيضا : إليه م.

(١١) يتحدد به : يتحد به سا ، بتحديد ط ، ويتحد به م.

(١٢) بعد : ساقطة من سا ، م.

(١٣) وإن : فإن ط. (١٤) فإن : وإن ط ، م

(١٥) هو ما : ما هو سا. (١٦) لعاقب : لمعاقب م.

(١٧) وهذا : فهذا ط.


ونقول : إنه لا يجوز أن يكون فى الخلاء حركة ولا سكون ، وكل مكان ففيه حركة وسكون ، فالخلأ ليس بمكان. وإما أنه لا حركة فيه فإن (١) كل حركة إما قسرية وإما طبيعية (٢). ونقول (٣) : إن الخلاء لا تكون فيه حركة طبيعية ، وذلك لأنها إما أن تكون مستديرة ، وإما أن تكون مستقيمة ، ولا يجوز أن تكون فى الخلاء حركة مستديرة ، وذلك لأن الخلاء من شأنه أن لا يقف ولا يفنى إلا أن يكون وراءه جسم غير متناه ، فذلك الجسم يمنعه أن يمتد إلى غير النهاية. فلنفرض جسما يتحرك على الاستدارة على دائرة أب ح د ، ونجعل (٤) الدائرة نفسها (٥) تتحرك (٦) وليكن مركزها ط ، ولنفرض خارجا عنها (٧) امتداد (٨) ز المستقيم بلا نهاية موازيا (٩) ل اد ، إما فى خلاء أو فى ملاء أو فيهما جميعا. وليكن خط ط ج يصل بين المركز (١٠) وبين نقطة ج المنتقلة كيف كانت الاستدارة ، فلأن خط ط ج (١١) عمود أو كالعمود على اد فى غير جهة هز ، فإذا أخرج من جهة (١٢) ج إلى غير النهاية لم يلاق هز ، إذ لا شك أن ل ط جهة لا تلى بعده ز ، وما ينفذ (١٣) فيها لا يصل إليه ، وإلا فبعد هز متناه يطيف (١٤) بدائرة ا ب ج د من كل جهة ، ولم يفرض كذلك. فليكن ط ج بعدا أو خطا لا يلاقى هز ، ما دام فى تلك الجهة ، إلى أن ينطبق على خطها واد ، ثم يجاوزه فهنالك لا محالة يقاطع هز. فإنه إذا صار فى جهة هز ، وكان عمودا على اد أو غير عمود ، فإذا أخرج إلى غير النهاية قاطع (١٥) هز لا محالة (١٦) ولا فى (١٧) نقطة منه ، وليست نقطة واحدة بعينها. فإنك يمكنك أن تفرض فى خط هز نقطا كثيرة ، وتصلها بمركز ط بخطوط كثيرة ، كلما (١٨) انطبق خط ط ح على خط منها ، صار (١٩) فى سمت مقاطعة النقطة التي جاء منها ذلك الخط. ولما كانت المسامتة بعد لا مسامتة فيجب أن يكون أول آن (٢٠) زمان المسامتة التي هى فصل بين الزمانين فى سمت نقطة ولتكن (٢١) نقطة ح. ولنأخذ نقطة ك قبل نقطة ح ، ولنا أن نصل بين ط وك (٢٢) على خط ط ل ك ، فيكون خط ج ط إذا بلغ فى الدور حتى يلقى ج نقطة ل كان مسامتا لنقطة ك فى (٢٣) خط هز قبل نقطة ج. وقيل إن ح (٢٤) أول نقطة تسامت (٢٥) من خط ه ز (٢٦) ، هذا خلف ، بل يلزم أن يكون دائما مسامتا ، ودائما مباينا ، وهذا محال ، فإذن لا حركة مستديرة فى الخلاء الذي فرضوه.

ونقول (٢٧) : ولا حركة طبيعية مستقيمة (٢٨) وذلك (٢٩) لأن الحركة الطبيعية تترك جهة وتنحو جهة ، ويجب أن يكون

__________________

(١) فإن : فلا أن د ، سا ، ط ، م (٢) وإما طبيعية ؛ أو طبيعية ط

(٣) ونقول : ويكون سا. (٤) ونجعل : ولنجعل سا ، ط ، م (٥) نفسها : بعينها ط (٦) تتحرك : ساقطة من سا. (٧) عنها : عن م (٨) امتداد : امتداده سا ، م

(٩) موازيا : مواز م. (١٠) المركز : المركزين م

(١١) ط ج : ساقطة من د. (١٢) فإذا أخرج من جهة : إذا خرج من خط م.

(١٣) وما ينفذ : وما يبعد سا ، م. (١٤) يطيف : يضيف م.

(١٥) قاطع : بعد يقاطع ط (١٦) لا محالة : ولا محالة ط

(١٧) ولا فى : لا فى ط. (١٨) كلما : كل ما ط (١٩) صار : صارت م. (٢٠) آن : آز سا ؛ ن ط ؛ آ م.

(٢١) ولتكن : فليكن ط (٢٢) ط وك : نقطة ط ونقطة ك م.

(٢٣) فى (الثانية) : من ط ، م. (٢٤) ح : ج سا ؛ ط م

(٢٥) تسامت : المسامت ط (٢٦) ه ز : ك م.

(٢٧) ونقول : فنقول سا ، ط ، م (٢٨) مستقيمة : + فى الخلاء ط

(٢٩) وذلك : وذاك م.


ما يتركه (١) بالطبع مخالفا لما يقصده بالطبع ، فإنه إن كان ما يتركه فى جميع أحواله فى حال ما يقصده ، فلا معنى لأن تكون الطبيعة تتركه طبعا ، لتأخذ مثله طبعا. فإن الترك الطبيعى نفار (٢) طبيعى (٣) ، ومن المحال أن يكون المنفور (٤) عنه بالطبع مقصودا بالطبع. بل نقول من رأس إنه لا يخلو إما أن تكون الحركة الطبيعية تنحو بالطبع جهة ، أو لا تنحو جهة ومحال (٥) أن تكون الحركة لا تنحو جهة خاصة فإن (٦) كانت (٧) تنحو جهة خاصة (٨) فلا يخلو (٩) إما أن تكون الجهة شيئا موجودا أو شيئا غير موجود ، فإن كان (١٠) شيئا غير موجود ، فمحال أن يكون متروكا أو منحوا متوجها إليه ، وإن كان شيئا موجودا ، فإما أن يكون موجودا عقليا لا وضع (١١) لذاته ، فلا يشار (١٢) إليه (١٣) ، أو يكون له وضع فيشار (١٤) إليه (١٥). ومحال أن يكون عقليا لا وضع له ، لأن ذلك لا حركة إليه ، فبقى أن يكون له وضع وحينئذ (١٦) لا يخلو إما أن يكون شيئا لا يتجزأ من حيث يصار إليه بالقطع للبعد ، أو يكون يتجزأ (١٧) وإن كان يتجزأ فالبعض منه يكون أقرب من المتحرك إليه ، فإذا (١٨) وصل إليه المتحرك فإما أن يكون قد حصل فى الجهة ، فالبعض هو الجهة المقصودة ، والباقى خارج عنه ، وأما أن لا يكون قد (١٩) حصل فى الجهة ، بل يحتاج (٢٠) أن يتعداه ، فإن كان يحتاج (٢١) أن يتعداه (٢٢) فهو سبيل إلى الجهة لا بعض الجهة المقصودة ، وحكمه حكم سائر ما يليه. وإن كان غير متجز من حيث يصار إليه ، فلا يخلو إما أن يكون فقدانه التجزى لا لأنه فى نفسه لا يحتمل (٢٣) فرض القسمة ، بل لأنه ليس فى طباعه الانكسار كما يقولونه (٢٤) فى الفلك أو يكون لا يتجزأ أصلا. فإن كان لا يتجزأ بالتفكيك (٢٥) ويتجزأ بالفرض (٢٦) فهو جسم غير خلاء ، فما لم يكن فى الخلاء جسم موجود لا تكون (٢٧) له جهة ، فيكون حينئذ لا جهة فى الخلاء المطلق وحده. وذلك الجسم أيضا لا يخلو إما أن يكون مختصا بالطبع بالجزء من الخلاء الذي هو فيه ، أو لا يكون مختصا به ، فإن كان مختصا به فبعض الخلاء مخالف لبعضه فى الطبيعة ، حتى تختص به بعض الأجسام طبعا دون بعض وإن كان غير مختص (٢٨) جاز فيه مفارقته له ، وإذا فارق ذلك (٢٩) الجزء من الخلاء لم يخل إما أن يتحرك الجسم

__________________

(١) ما يتركه (الأولى) : ما يترك ب ، د ، ط. (٢) نفار : نفادم

(٣) نفار طبيعى : ساقطة من سا. (٤) المنفور : ساقطة من سا.

(٥) ومحال : ومن المحال ط (٦) فإن : إن ب ، د (٧) كانت : كان سا ، ط ، م (٨) خاصة (الثانية) : ساقطة من سا ، م (٩) فلا يخلو : ولا يخلو سا. (١٠) كان : كانت م. (١١) لا وضع : + له د ، ط ، م

(١٢) وإن ... فلا يشار : ساقطة من د

(١٣) لذاته فلا يشار : فيشار م. (١٤) إليه أو يكون له وضع فيشار : ساقطة من م.

(١٥) إليه أو يكون له وضع فيشار إليه : ساقطة من د

(١٦) وحينئذ : حينئذ م. (١٧) يتجزأ (الثانية) : متجز ط.

(١٨) فإذا : وإذا سا ، م. (١٩) قد : ساقطة من سا ، م

(٢٠) يحتاج (الأولى): + إلى م (٢١) يحتاج (الثانية): + إلى سا ، ط.

(٢٢) فإن ... يتعداه : ساقطة من سا. (٢٣) لا يحتمل : يحتمل م.(٢٤) يقولونه : نقوله ط ، م

(٢٥) بالتفكيك : بالشكل سا ؛ بالتفكك م. (٢٦) بالفرض : بالعرض م ؛ + فليس فى طباعه الانكسار ط.

(٢٧) لا تكون : لم يكن م. (٢٨) مختص : + به ط. (٢٩) ذلك : وذلك د.


المفروض متحركا إليه بحركته الطبيعية (١) إلى الحيز (٢) الأول الذي كان فيه ذلك الجسم من الخلاء ، أو يتحرك نحو الحيز (٣) الآخر الذي صار إليه ، ولا يجوز أن يتحرك إلى الحيز الأول ، وإلا (٤) فحركته إلى ذلك الحيز هى الحركة الطبيعية والتي (٥) بالذات. وأما (٦) إلى ذلك الجسم الذي كان فيه ، فقد كانت بالعرض ، ولا يجوز أن (٧) تتحرك بالطبع إلى الحيز (٨) الآخر ، لأن الجسم المتحرك إن لم يشعر بوجه من الوجوه بانتقال ذلك الجسم عن حيز إلى حيز ، كيف يتأتى أن يترك جهة كانت مقصودة بحركته لأن ذلك الجسم فيها ، ويقصد جهة أخرى من تلقاء طباعه (٩) إلا أن يكون ذلك الجسم يبعث إليها (١٠) أثرا أو قوة ، وذلك (١١) الأثر وتلك القوة تكون مبدأ (١٢) لانبعاث حركة الجسم المتحرك بالطبع إليه كحال ما بين المغناطيس والحديد ، فحينئذ تكون الحركة قسرية لا طبيعية ، وإن شعر ، فقد حصل هناك إدراك وحصلت الحركة إرادية لا طبيعية. وهذا كله باطل.

على أن الكلام (١٣) فى انتقال ذلك الجسم بالطبع أو بغير الطبع يرجع إلى ما نحن نسرده ونقوله. وإن (١٤) كان المتوجه إليه لا يتجزأ من حيث يصار إليه بوجه من الوجوه وله وضع ، فهو إما نقطة وإما خط وإما سطح (١٥) ، فلا يخلو بعد ذلك (١٦) إما أن تكون الجهات كلها متشابهة فى أنها نقط (١٧) أو خطوط أو سطوح أو تكون جهة نقطة وجهة (١٨) خطا وجهة سطحا. فإن كانت الجهات كلها نقطا أو خطوطا أو سطوحا ، والنقط والخطوط والسطوح (١٩) لا تختلف إلا بعوارض تعرض لها ، إما بما يختص بها من حيث هى كذلك ، وإما غريبة عنها ، وجميع ذلك يلزمها من جهة الأشياء المختلفة الأشكال (٢٠) والطبائع التي هى نهايات لها ، والخلاء ليس كذلك ، فإذن لا يجوز أن يكون منه (٢١) اختلاف جهات على هذه الصفة بالنوع وإن كان ليس كذلك ، بل (٢٢) جهة نقطة وجهة أخرى سطح أو خط ، أو على وجه آخر مما تحتمله القسمة. فكيف يمكن أن يكون فى الخلاء فى موضع نقطة بالفعل فقط ، وفى موضع (٢٣) خط بالفعل فقط ، أو سطح بالفعل (٢٤) ، أو وجه آخر. والخلاء (٢٥) واحد متصل لا انقطاع فيه لأنه لا مادة له فيقبل لأجلها هذه الأحوال ، ووضعنا (٢٦) أن ذلك ليس بسبب جسم لما بان من البيان. فالخلأ (٢٧) ليس فيه اختلاف

__________________

(١) الطبيعة : الطبيعى سا (٢) الحيز : الجزء سا ، م.

(٣) الحيز (الأولى والثانية والثالثة) الجزء سا

(٤) وإلا : ساقطة من د ، م. (٥) والتي : والذي سا ، م.

(٦) وأما : أما ط (٧) يجوز أن : ساقطة من م.

(٨) الحيز : الجزء سا. (٩) طباعه : طباعها سا ، م.

(١٠) إليها : إليه د (١١) وذلك : ذلك سا ، م

(١٢) مبدأ : + ما سا ، م. (١٣) الكلام : + حينئذ ط

(١٤) وإن : فإن سا. (١٥) وإما خط وإما سطح : أو خط أو سطح ط.

(١٦) بعد ذلك : ساقطة من م (١٧) نقط : نقطة ط

(١٨) أو تكون جهة نقطة وجهة : ساقطة من د. (١٩) خطا .... والسطوح : ساقطة من د.

(٢٠) الأشكال : والأشكال ط. (٢١) منه : فيه سا ، م

(٢٢) بل : + من سا. (٢٣) موضع : + ما ط

(٢٤) سطح بالفعل : + فقط ط. (٢٥) والخلاء : فالخلأ ط.

(٢٦) ووضعنا : وضعنا د (٢٧) فالخلأ : والخلاء ط.


جهات وإذا لم يكن هناك اختلاف جهات وأماكن ، استحال أن يكون مكان متروكا بالطبع ، ومكان مقصودا بالطبع. فليس إذن فى الخلاء سكون طبيعى ، إذ ليس فى الخلاء موضع هو أولى بالسكون فيه بالطبع من موضع. وأيضا فإنا نشاهد الأجسام تتحرك بالطبع إلى جهات ما ، وتختلف بعد (١) ذلك فى السرعة والبطء ، فلا يخلو اختلافها فى السرعة والبطء أن يكون إما لأمر فى المتحرك منها ، أو لأمر (٢) فى المسافة. أما (٣) (٤) الأمر الذي فى المتحرك فقد يكون لاختلاف قوة ميله. فإن الأزيد فى الثقل النازل أو الخفة (٥) الصاعدة (٦) ، لقونه أو لزيادة عظمه يسرع ، والأنقص يبطئ وقد يكون لاختلاف شكله. فالشكل (٧) مثلا إذا كان مربعا مقطع (٨) المسافة بسطحه ، لم يكن كمخروط (٩) يقطع المسافة برأسه. وكذلك (١٠) المربع إذا قطع المسافة بزاويته ، إذ ذلك (١١) يحتاج (١٢) أن يحرك شيئا أكثر ، وهو الذي يلاقيه أولا ، وهذا لا يحتاج إلى ذلك فيكون سبب السرعة فى كل حال الاقتدار (١٣) على شدة دفع (١٤) ما يمانع الشيء ويقاومه مقاومة ما وعلى شدة الخرق ، فإن الأدفع والأخرق أسرع والأعجز عنهما أبطأ ، وهذا لا يتقرر فى الخلاء ، بل لنترك هذا الوجه ، فإنه لا كثير (١٥) نفع لنا فيما (١٦) نحاوله منه. وأما الذي يكون من (١٧) قبل المسافة فهو أنها كلما كانت أرق (١٨) كان تطعها أسرع وكلما كانت (١٩) أغلظ كان قطعها أبطأ ، وذلك بحسب المتحرك بالطبع الواحد. وبالجملة السبب فيه الاقتدار على مقاومة الدافع الخارق والعجز عنه ، فإن الرقيق شديد (٢٠) الانفعال عن الدافع الخارق والغليظ لكثيف شديد المقاومة له (٢١). ولذلك (٢٢) ليس نفوذ المتحرك فى الهواء كنفوذه فى الأرض (٢٣) والحجارة ، ونفوذه فى الماء بين (٢٤) الأمرين ، والرقة والغلظ تختلف فى الزيادة والنقصان ، ونحن نتحقق (٢٥) أن السبب (٢٦) فى ذلك المقاومة ، وكلما (٢٧) قلت المقاومة زادت السرعة ، وكلما زادت المقاومة زاد البطء ، فيكون المتحرك تختلف سرعته وبطؤه بحسب اختلاف المقاومة. وكلما فرضنا قلة مقاومة وجب أن تكون الحركة أسرع ، وكلما فرضنا كثرة مقاومة وجب أن تكون الحركة أبطأ ، فإذا تحرك (٢٨) فى الخلاء لم يخل إما أن يقطع المسافة الخالية بالحركة فى زمان ، ولا فى زمان ، ومحال أن يكون ذلك لا فى زمان لأنه يقطع البعض من المسافة قبل قطعه الكل (٢٩) ، فيجب أن يكون (٣٠) فى زمان ، ويكون ذلك

__________________

(١) بعد : مع سا ، م. (٢) أو لأمر : ولأمر م (٣) فلا يخلو ... أما : ساقطة من سا ، م.

(٤) أما : وأما د ، ط. (٥) أو الخفة : أو فى الخفة ط ؛ والخفة م (٦) الصاعدة : الصاعد د.

(٧) فالشكل : والشكل سا ، ط ، م (٨) مقطع : وقطع د ، سا ، ط ، م (٩) كمخروط : لمخروط م.

(١٠) وكذلك : أو كذلك سا (١١) إذ ذلك : أو ذلك م (١٢) يحتاج : + إلى ط. (١٣) الاقتدار : لاقتداره م

(١٤) دفع : وقع د. (١٥) لا كثير : كثير م (١٦) فيما : ساقطة من م (١٧) من : ساقطة من سا (١٨) أرق : أدق م. (١٩) كانت : كان ط. (٢٠) شديد : لشديد ط. (٢١) له : ساقطة من م (٢٢) ولذلك : وكذلك م

(٢٣) الأرض : الأعراض م. (٢٤) بين : وبين ط (٢٥) نتحقق : نحقق ط (٢٦) السبب : الكسب م (٢٧) وكلما : فكلما سا ، ط ، م. (٢٨) تحرك : + جسم ط. (٢٩) الكل : للكل سا ، ط ، م (٣٠) يكون : + ذلك ط.


الزمان نسبة (١) لا محالة إلى زمان الحركة فى ملاء مقاوم ، ويكون مثل زمان مقاومة (٢) لو كانت (٣) نسبتها إلى مقاومة الملاء نسبة الزمانين ، وأبطأ من زمان مقاومة هى أصغر فى النسبة إلى المقاومة المفروضة من نسبة (٤) الزمان إلى الزمان. ومحال أن تكون نسبة زمان الحركة حيث لا مقاومة البتة ، كنسبة زمان حركة (٥) فى مقاومة ما ، لو صح لها وجود فضلا عن أن تكون أبطأ أبطأ من زمان مقاومة أخرى لو توهمت أقل من المقاومة القليلة الأولى ، بل يجب أن لا تكون لما توجبه أى مقاومة توهمت موجودة من الزمان نسبة إلى زمان لا مقاومة أصلا ، فيجب إذن أن (٦) تكون الحركة لا فى زمان ، ولا ليست (٧) فى زمان ، وهذا (٨) محال. ولا يحتاج فى بياننا هذا أن نجعل لهذه المقاومة التي على النسبة المذكورة استحقاق وجود أو عدم ، لأنا نقول إن زمان هذه الحركة فى الخلاء يكون مساويا لزمان حركة فى مقاومة ما ، لو كانت موجودة. وهذه المقدمة صادقة أوضحنا صدقها. وكل حركة فى الخلاء ، فهى حركة (٩) فى عدم مقاومة. وهذه المقدمة أيضا صادقة وكل حركة فى عدم مقاومة ، فليست مساوية (١٠) البتة لحركة فى مقاومة ما (١١) على نسبة (١٢) ما ، لو كانت موجودة فيلزم من هذه المقدمات أن لا حركة فى الخلاء هى مساوية (١٣) الزمان لزمان حركة فى مقاومة ما (١٤) لو كانت. ويلزم (١٥) منها ومن الأولى (١٦) أن لا شيء من الحركات فى الخلاء حركة فى الخلاء (١٧) ، وهذا خلف.

ومما يمكن أن يقول (١٨) القائل على هذا (١٩) إن كل قوة محركة تكون فى جسم ، فإنها تقتضى بمقدار الجسم فى عظمه ومقدارها فى شدتها وضعفها ، زمانا لو لم تكن مقاومة أصلا ، ثم بعد ذلك فقد تزداد الأزمنة بحسب زيادة مقاومات (٢٠) ما ، وليس يلزم أن تكون كل مقاومة ما تؤثر فى ذلك الجسم ، فإنه ليس يلزم إذا كانت مقاومة ما تؤثر أن يكون نصفها يؤثر. ونصف نصفها يؤثر فإنه ليس يلزم إذا كان عدة يحركون ثقلا وينقلونه (٢١) أن يكون نصف العدة يحرك شيئا ، أو كانت قطرات كثيرة تثقب المقطور عليه ثقبا أن تكون قطرة واحدة تؤثر أثرا ، فيجوز أن تكون المقاومة التي (٢٢) زمانها على نسبة زمان مقاومة الخلاء لا تؤثر شيئا ، وإنما تؤثر مقاومة أخرى لو كانت موجودة فالجواب عن هذا أنا أخذنا المقاومة على أنها لو كانت موجودة مقاومة مؤثرة ، لكان زمانها زمان حركة فى لا (٢٣)

__________________

(١) نسبة : يشبه م (٢) مقاومة : مقاومته ط

(٣) كانت : كان ط. (٤) من نسبة : من سا ، م ؛ فى ط.

(٥) حركة : الحركة ط. (٦) أن : ساقطة من ب ، د ، ط.

(٧) ولا ليست : وليست لا م (٨) هذا : + إلى ط.

(٩) حركة (الثانية) : تحركه م. (١٠) مساوية : متساوية ط.

(١١) ما (الأولى) : ساقطة من د ، سا (١٢) نسبة : ساقطة من د

(١٣) مساوية : متساوية ط. (١٤) ما : ساقطة من ط

(١٥) ويلزم : فيلزم ب (١٦) الأولى : الأول سا

(١٧) حركة فى الخلاء : ساقطة من ط. (١٨) يقول : يكون م

(١٩) هذا : + القول ط. (٢٠) مقاومات : مقاومة د ؛ مقامات م.

(٢١) وينقلونه : وينقلون سا. (٢٢) التي : ساقطة من م.

(٢٣) فى لا : لا فى ط.


مقاومة. وإنما لم نحتج أن نقول مقاومة مؤثرة لأن المقاومة إذا قيل إنها غير مؤثرة ، كان كما يقال مقاومة غير مقاومة ، فمعنى (١) المقاومة هو التأثير لا غير.

وهذا التأثير على وجهين : أحدهما الكسر من الحمية ومن قوة الميل ، والثاني ما يظن من إحداث المقاومة سكونا ، فلا تزال تحدث سكونات عن مقاومات متشافعة ، لا يحس (٢) بأفرادها ، وتحس بالجملة ، كالبطء. وأنت ستعلم بعد أنه ما من تأثير على أحد الوجهين (٣) ، إلا وفى طباع المتحرك أن يقبل أقل منه ، لو كان مؤثرا (٤) يؤثره. فيجب من ذلك أن تكون بعض تلك المقاومات التي تحتملها طبيعة الجسم ، مساويا فى زمانه لغير (٥) المقاومة ، وهذا محال. فقد ظهر أنه لا يكون فى الخلاء حركة طبيعية (٦) البتة ، نقول (٧) ولا حركة قسرية ، وذلك أن الحركة القسرية إما (٨) أن تكون بمقارنة (٩) المحرك (١٠) أو بمفارقته ، فإن كان (١١) بمقارنة المحرك فالمحرك متحرك فهو أيضا إما متحرك عن قاسر ، أو عن نفس أو عن طبع. وإن كان عن قاسر لزم الكلام إلى أن ينتهى إلى نفس أو طبيعة. وإن كان عن نفس فالنفس تحرك بإحداث ميل ما (١٢) مختلف أيضا فى الشدة والضعف ، حتى أن ذلك ليحس مع التسكين المقاوم للحركة كما يحس فى المتحرك طبعا إذا قووم فمنعت حركته (١٣). وذلك الميل يختلف بالقوة والشدة ، ويلزمه (١٤) ما يلزم (١٥) الميل الطبيعى وإن كان طبيعيا لزم ما قيل. فإذا كان النفس والطبيعى لا يصح (١٦) فى الخلاء ، لم يصح أن يكون (١٧) فى الخلاء تحريك قاسر يلزم المحرك فيه التحرك ، وإن كان المحرك (١٨) يفارق (١٩) عند إيجاد الحركة فقد يلزمها الاختلاف من جهة ما يتحرك فيه ، ويلزم ما قلنا فى الحركة الطبيعية بعينها.

وأيضا فإن الحركة القسرية المفارقة للمحرك قد تكون موجودة ، وتحريك المحرك قد زال ، ومحال أن يكون ما يتجدد على الاتصال من الحركة موجودا ، وسببه غير موجود ، فيجب أن يكون هناك سبب يستبقى الحركة وأن يكون ذلك السبب موجودا فى المتحرك يؤثر فيه. فذلك (٢٠) إما قوة عرضية ارتبكت فى المتحرك من المحرك ، كالحرارة فى الماء عن النار وإما تأثير مما يلاقى المتحرك مما ينفذ (٢١) فيه ، وهذا التأثير معقول على أحد وجهين : إما أن يكون الجزء الأول من الشيء الذي (٢٢) فيه الحركة ، لما دفعه المحرك بالمتحرك وهو يلاقيه (٢٣) ، دفع ذلك ما يليه ، واستمر

__________________

(١) فمعنى : بمعنى سا. (٢) لا يحس : ولا يحس ط.

(٣) الوجهين : وجهين سا (٤) مؤثرا : ساقطة من ط.

(٥) لغير : بغير م. (٦) طبيعية : طبيعة سا (٧) نقول : وتقول سا ، ط ، م

(٨) إما : لما م. (٩) بمقارنة : بمقاومة د

(١٠) المحرك : المتحرك د ، سا (١١) كان : كانت م.

(١٢) ما : ساقطة من سا ، م. (١٣) حركته : حركة سا ؛ الحركة ط ، م

(١٤) ويلزمه : ويلزم م (١٥) ما يلزم : ما يلازم م.

(١٦) لا يصح : + أن يكون ط (١٧) أن يكون : ساقطة من ط.

(١٨) المحرك (الثانية) : المتحرك بخ (١٩) يفارق : مفارق ط.

(٢٠) فذلك : بذلك سا. (٢١) مما ينفذ : بما ينفد ط.

(٢٢) الذي : ساقطة من د (٢٣) يلاقيه : ملاقيه ط ، م.


إلى آخر الأجزاء ، وكان هذا المرمى المقذوف موضوعا فى ذلك المتوسط ، فيلزمه (١) أن يتحرك فى ضمان تلك الأجزاء المتدافعة المتحركة أسرع من حركة المرمى الذي دفعه المحرك ، لأن ذلك أسهل اندفاعا من هذا المرمى ، وإما أن يكون خرق (٢) الدافع لذلك الجسم المتوسط بالمدفوع (٣) ، يلجئ الشيء إلى أن يلتئم ، فينعطف من ورائه مجتمعا ويلزم ذلك الاجتماع دفع الجسم إلى قدام. وهذا كله لا يتصور فى الخلاء وإنما كانت الأقسام هذه إذ (٤) كانت (٥) هذه الحركة إما أن تكون عن قوة (٦) أو عن جسم يحرك بالملاقاة ، والجسم المحرك (٧) بالملاقاة إما (٨) أن يحرك بأنه يحمل وإما بأنه يدفع بالملاقاة ، وأما الذي يجذب (٩) بالملاقاة فحكمه حكم الحامل ، فإن (١٠) كانت الحركة القسرية فى المرمى عن قوة فى الخلاء فيجب أن تبقى فلا تفتر البتة ولا تنقطع البتة ، وذلك لأن القوة إذا وجدت فى الجسم فلا يخلو إما أن تبقى وإما أن تعدم. فإن بقيت فالحركة تبقى دائما وإن عدمت أو إن ضعفت (١١) (١٢) فلا يخلو إما أن تكون تعدم أو تضعف (١٣) عن سبب ، أو تعدم أو تضعف (١٤) (١٥) لذاتها. والكلام (١٦) فى العدم يعرفك المأخذ فى الكلام (١٧) فى الضعف. فنقول : ويستحيل (١٨) أن تعدم لذاتها فإن ما يستحق العدم لذاته يمتنع (١٩) وجوده زمانا ، وإن عدمت بسبب فإما أن يكون ذلك السبب فى الجسم المتحرك ، أو يكون فى غيره فإن كان فى الجسم المتحرك وقد كان غير سبب لذلك بالفعل عند أول الحركة ، بل كان مغلوبا ، ثم صار سببا وغالبا (٢٠) ، فلكونه (٢١) كذلك سبب آخر ، والأمر فى ذلك يتسلسل (٢٢) إلى غير النهاية. فإن كان السبب خارجا عن الجسم أو كان المعين (٢٣) للسبب (٢٤) الذي فى الجسم (٢٥) ، فيجب أن يكون الفاعل أو المعين مما يفعل بملاقاة ، أو يكون يفعل (٢٦) بغير ملاقاة ، فإن كان يفعل بملاقاة فهو جسم يلاقى المتحرك فلا يكون فى الخلاء المحض هذا السبب ، فالحركة (٢٧) القسرية لا تفتر فى الخلاء المحض ، ولا تقف. وإن كان (٢٨) لا يفعل بملاقاة بل يكون شيئا من الأشياء يؤثر على المباينة ، فما باله لم يؤثر فى أول الأمر ، ويكون الكلام عليه كالكلام فى السبب لو كان (٢٩) فى الجسم ، بل الأولى أن يكون تواتر المقاومات على الاتصال هو الذي يسقط هذه القوة ويفسدها

__________________

(١) فيلزمه : ويلزمه سا. (٢) خرق : حرف د

(٣) بالمدفوع : فالمدفوع ب. (٤) إذ : إذا سا

(٥) كانت : كان ، د ب ، سا.

(٦) عن قوة : غير قوة سا ؛ غير قوته م

(٧) المحرك : الذي يحرك ط (٨) إما : فإما ب ، سا.

(٩) يجذب : يحدث سا ، م (١٠) فإن : وإن م.

(١١) فلا يخلو ... أو إن ضعفت : ساقطة من سا.

(١٢) أو إن ضعفت : أو ضعفت سا ، ط.

(١٣) أو تضعف : أو ضعف د (١٤) عن سبب أو تعدم أو تضعف : ساقطة من د

(١٥) أو تضعف : وتضعف ط (١٦) والكلام : فالكلام ط

(١٧) فى الكلام : ساقطة من م. (١٨) ويستحيل : فيستحيل ط

(١٩) يمتنع : يمنع سا. (٢٠) وغالبا : غالبا ط

(٢١) فلكونه ولكونه سا ، م. (٢٢) يتسلسل : متسلسل ب ، د.

(٢٣) المعين : المغير سا (٢٤) للسبب : السبب سا (٢٥) الجسم : + خارجا ط.

(٢٦) بملاقاة ... يفعل : ساقطة من م. (٢٧) فالحركة : والحركة ط

(٢٨) كان : كانت سا ، ط ، م. (٢٩) كان : كانت سا ، ط ، م.


وهذا لا يمكن (١) إلا أن لا تكون (٢) الحركة (٣) في الخلاء الصرف. هذا (٤) إذا كان سبب الحركة قوة. فإن كان السبب جسما ملاقيا يحرك (٥) على سبيل حمل (٦) ووضع ، رجع الكلام إلى السبب المقارن (٧) ، وقد قيل فيه ما قيل.

فبين أن لا حركة قسرية مفاوقة (٨) للمتحرك أو مقارنة إياه (٩) فى خلاء صرف. فقد وضح بما قلنا (١٠) إن الخلاء لا حركة فيه لا طبيعية ولا قسرية ، فنقول ولا سكون فيه ، وذلك لأنه كما أن الذي يسكن (١١) هو عادم الحركة ومن شأنه أن يتحرك ، كذلك الذي يسكن (١٢) فيه هو الذي تعدم فيه الحركة (١٣) ، من شأنه أن يتحرك فيه ، والخلاء ليس من شأنه أن (١٤) يتحرك فيه. وقد بلغ من غلو القائلين بالخلاء فى أمره ، أن جعلوا له قوة جاذبة (١٥) أو محركة ولو بوجه (١٦) آخر حتى قالوا إن سبب احتباس (١٧) الماء فى الأوانى التي تسمى سراقات الماء. وانجذابه (١٨) فى الآلات التي تسمى زراقات الماء إنما هو جذب الخلاء ، وأنه (١٩) يجذب أول شيء الأكثف ثم الألطف. وقال آخرون : بل الخلاء محرك للأجسام إلى فوق وأنه إذا تخلخل الجسم بكثرة خلاء يداخله صار أخف وأسرع حركة إلى فوق (٢٠). فنقول لو كان للخلاء قوة جاذبة (٢١) لما جاز أن يختلف فى أجزاء الخلاء بالأشد والأضعف ، إذ سبيل كل جزء جذاب من الخلاء سبيل الآخر ، فما كان يجب أن يكون الانجذاب (٢٢) إلى شيء منه أولى من الانجذاب (٢٣) إلى شيء آخر ولا الاحتباس (٢٤) فى شيء منه أولى بالاحتباس فى شيء منه آخر (٢٥) وسراقة الماء إن كان حابس الماء فيها هو الخلاء الذي امتلأ (٢٦) به فلم إذا خلى من الآلة (٢٧) نزل ، بل كان يجب أن يحبس الماء فى نفسه ويحفظه ولا يتركه يفارقه ولا يدع الإناء الذي فيه (٢٨) أن ينزل أيضا لأن ذلك الماء احتبس هناك فيحبس (٢٩) الإناء أيضا. فما يقولون فى إناء يتخذ أخف من الماء ، وكذلك (٣٠) قولهم فى رفع الخلاء للأجسام ، فإنه لا يخلو إما أن يكون الخلاء المتخلل (٣١) لأجزاء الجسم المتخلخل ، هو الذي يوجب حركته إلى فوق وموجب الشيء ملازم له فيكون ذلك الخلاء يلازم المتخلخل فى حركته فيكون

__________________

(١) وهذا لا يمكن : هذا ولا يمكن ط (٢) لا تكون : تكون م (٣) إلا أن لا تكون الحركة : ساقطة من سا

(٤) هذا : وهذا ط. (٥) يحرك : يحركه ط ؛ يحرق م (٦) حمل : + ودفع ط. (٧) المقارن : المفارق م. (٨) مفارقة : معاونة ط (٩) إياه : له م (١٠) قلنا : قلناه م. (١١) يسكن : + فيه ط. (١٢) يسكن : سكن د

(١٣) الحركة : للحركة ط. (١٤) يتحرك ... ليس من شأنه أن : ساقطة من سا. (١٥) جاذبة : خادمة سا. (١٦) ولو بوجه : أو بوجه سا. (١٧) احتباس : انبثاث اط (١٨) وانجدابه : وانجذابها سا ، م. (١٩) وأنه : فإنه د ، ط ، م. (٢٠) وأنه ... إلى فوق : ساقطة من د. (٢١) جاذبة : خادمة سا. (٢٢) الانجذاب (الأولى) : انجذاب منه م (٢٣) الانجذاب (الثانية) : انجذاب ط. (٢٤) الاحتباس : الأجناس م

(٢٥) منه آخر : آخر منه ط. (٢٦) امتلأ : امتلأت ط

(٢٧) الآلة : الإناء ط. (٢٨) فيه : ساقطة من سا

(٢٩) فيحبس : فحبس ط. (٣٠) وكذلك : + أيضا سا ، ط ، م

(٣١) المتخلل : المخلل ب ، المتخلل ط ، م.


منتقلا معه ويحتاج إلى مكان أيضا إذا (١) كان منتقلا ذا بعد متميز فى الوضع أو لا يكون ملازما له بل لا يزال يستبدل بحركته خلاء بعد خلاء (٢). فإن كان كذلك فأى خلاء يفرضه يكون ملاقانه له فى آن ، وفى الآن لا يحرك شيء شيئا ، وبعد الآن لا يكون ملاقيا فيه (٣) ، بل عسى أن يعطيه قوة من شأن تلك القوة أن تبقى فيه وتحركه ، مثلا أن تسخنه أو تؤثر فيه أثرا آخر يبقى فيه ويكون المحرك ذلك الأثر (٤) ويكون كل خلاء جديد يؤثر فيه من ذلك الأثر (٥) ، فلا يزال ذلك الأثر يشتد والحركة تسرع ، إلا أن إيجاب جهة من الخلاء لذلك الأثر أيضا من (٦) دون جهة والخلاء متشابه إيجاب مستحيل. ومن العجائب أن يصير انبثاث الخلاء بين أجزاء الملاء موجبا حكما فى الجملة من الأجزاء ، دون أن يوجب فى واحد واحد من الأجزاء ، فإنه محال أن تكون أجزاء منفصلة لا يتحرك واحد واحد منها عن سبب محرك (٧) ، ولكن الجملة تتحرك عنه (٨) ، بل من الواجب أن تكون الجملة المركبة عن أجزاء متباينة ومماسة إنما تنتقل لوجود (٩) انتقال يحدث فى واحد واحد من الأجزاء. فيكون المتخلخل المتباين الأجزاء بالخلاء ، إنما يتحرك عن الخلاء فيبلغ أولا إلى فوق جزء جزء منه ، وكل جزء من تلك الأجزاء لا خلاء فيه إذا أخذنا أبسط الأجزاء المتناهية (١٠) فيه (١١) ، فيكون ليس صعوده لانبثاث الخلاء ، بل لأجل إحاطة الخلاء به. فحينئذ يشبه أن يكون إذا اجتمع وكثر (١٢) لم ينفعل عن الخلاء وإذا (١٣) تفرق وصغرت أجزاؤه انفعلت أجزاؤه الصغار من الخلاء ويعرض منه أن يتحرك (١٤) الكل إلى فوق ، ويكون مع ذلك ليس كل الأجسام تنفعل هذا الانفعال بل أجسام مالها طبائع مخصوصة ، وطبائعها توجب أن تتخلخل هذا التخلخل الكائن بالخلاء ، فتكون حقيقة هذا أن شيئا من الأجسام مقتضى طبيعته أن تتباعد أجزاؤه بعضها عن (١٥) بعض بعدا ما يفعل (١٦) حجم ذلك التخلخل وأجسام أخر تقتضى ما هو أشد من ذلك بعدا. ومن العجائب تصور هرب هذه الأجزاء المتجانسة بعضها عن بعض حتى يتم بينها أبعاد محدودة ، وكون ذلك الهرب إلى جهات غير محدودة كيف كانت ، فجزء يهرب بالطبع إلى فوق ، وجزء إلى أسفل ، وجزء يمنة ، وجزء يسرة ، حتى يحدث التخلخل. فيرى أن كل واحد من هذه الأجزاء يعرض له الهرب أو يكون واحدا قارا مهروبا عنه ، والبواقى هاربة غير قارة. ومن العجائب أن يكون جزء واحد منها لا يهرب والبواقى تهرب وأجزاؤها

__________________

(١) إذا : إذ ط. (٢) خلاء (الثالثة) : الخلاء سا ، ط ، م.

(٣) فيه : له ط. (٤) الأثر : اللاثر ط.

(٥) الأثر (الأولى) : الأمر سا ، م

(٦) من (الثانية) : ساقطة من ط ، م.

(٧) محرك : متحرك د (٨) عنه : منه ط.

(٩) لوجود : الوجود م. (١٠) المتناهية : المباينة ط.

(١١) به : ساقطة من د. (١٢) وكثر : فكبر ط

(١٣) وإذا : فإذا ط.

(١٤) يتحرك : محرك سا ، م.

(١٥) عن : من ط

(١٦) يفعل : يقبل ط.


متشابهة ، والخلاء الذي هى فيه (١) متشابه (٢). ومن العجائب أيضا أن يكون جزء واحد يأخذ يمنة ، وجزء آخر يأخذ (٣) يسرة ، وحكم الجزءين فى الطبيعة واحد (٤) ، وما فيه الحركة غير مختلف (٥).

فمن هذه الأشياء تبين أن الخلاء لا معنى له ، وأن هذه الآلاف السراقة والزراقة إنما تكون فيها أمور خارجة عن المجرى الطبيعى ، لأجل امتناع (٦) وجود الخلاء ، ووجوب تلازم صفائح الأجسام إلا عند افتراق تسرى ، يكون مع بدل ملاق ، عوضا عن المفارق بلا زمان يخلو فيه سطح ، عن سطح يلاقيه. فإذا كانت (٧) صفيحة (٨) الماء الذي فى السراقة تلزم بالطبع صفيحة (٩) جسم يلاقيه كسطح الإصبع ، فيلزم أن يكون محبوسا عن النزول عند احتباس ذلك السطح (١٠) معوقا (١١) عن النزول معه فلزم (١٢) أن يقف ضرورة ، ولو جاز أن يكون خلاء وافتراق (١٣) سطوح لا عن بدل لنزل ، ولذلك (١٤) ما صح انجذاب الماء فى الزراقة للزوم ما قد نزل من طرفيه للطرف الثاني ، وامتناع الانقطاع فى البين المؤدى إلى وجود الخلاء وطاعة الممتصات للمص. ولذلك (١٥) ما أمكن رفع ثقل كبير بقدح صغير مهندم عليه وأشياء أحر من الحيل العجيبة التي تتم بامتناع وجود الخلاء.

__________________

(١) هى فيه : يقر فيه د

(٢) متشابه : متشابهة ط

(٣) يأخذ (الثانية) : ساقطة من ط.

(٤) واحد : واحدة ط

(٥) مختلف : + فيه ط.

(٦) لأجل امتناع : لا امتناع م.

(٧) كانت : كان ب ، د ، سا ، ط

(٨) صفيحة : صفحة ط.

(٩) صفيحة : صفحة ط

(١٠) السطح : + لقوته ط ؛ + بقوته م.

(١١) معوقا : معوقة ط ؛ ساقطة من م

(١٢) فلزم : فيلزم ط

(١٣) وافتراق : وأوراق د.

(١٤) ولذلك : وكذلك سا.

(١٥) ولذلك : وكذلك سا.


[الفصل التاسع]

ط ـ فصل (١)

فى تحقيق الفول فى المكان (٢)

ونقض حجج مبطليه والمخطئين (٣) فيه

فإذا كان المكان هو الذي فيه الجسم وحده ولا يجوز ، أن يكون فيه معه جسم غيره ، إذ كان مساويا (٤) وكان يستجد ويفارق ، والواحد منه تتعاقب عليه عدة متمكنات (٥) ، وكانت هذه الصفات كلها أو بعضها لا توجد إلا لهيولى (٦) أو صورة أو بعد أو سطح ملاق كيف كان ، وجميعها لا توجد فى الهيولى ولا فى الصورة ، والبعد لا وجود له خاليا ولا غير (٧) خال ، والسطح غير الحاوى ليس بمكان ولا حاو منه إلا الذي هو نهاية الجسم الشامل. فالمكان هو السطح الذي هو نهاية الجسم الحاوى لا غيره ، فهو حاو وفساد ثابت (٨) للمنتقلات ، ويملأه المنتقل (٩) شغلا ويفارقه المنتقل بالانتقال عنه ويواصله بالانتقال إليه ، ويستحيل أن يوجد فيه جسمان معا. فقد ظهر وجود المكان وماهيته وقد يتفق أن يكون المكان سطحا واحدا ، وقد يتفق أن تكون عدة سطوح يلتئم منها مكان واحد كما للماء فى النهر ، وقد يتفق أن تكون بعض هذه السطوح متحركة (١٠) بالعرض وبعضها ساكنة (١١) ، ويتفق أن تكون كلها متحركة بالدور على المتحرك (١٢) ، والمتحرك (١٣) ساكن ، وربما كان المحيط (١٤) والمحاط متخالفى المفارقة ، كما فى كثير من السماويات. ويجب أن ننظر هذا (١٥) إذا كان ماء مثلا فى جرة وفى (١٦) وسط الماء شيء آخر يحيط به الماء ، وقد علمنا أن مكان الماء هو السطح المقعر من الجرة ، فهل هو وحده مكانه ، أو هو (١٧) السطح المحدب الظاهر من الجسم الموجود فى الماء مجموعين

__________________

(١) فصل : فصل ٩ ب ؛ الفصل التاسع م.

(٢) فى المكان : فى ماهية المكان ط.

(٣) والمخطئين : والمبطلين سا.

(٤) كان مساويا : هو ـ وط ؛ + له د ، ط.

(٥) متمكنات : ممكنات ط.

(٦) لهيولى : الهيولى م.

(٧) غير : الغير ب ، د ، سا د ط.

(٨) ثابت : وثابت ط

(٩) ويملأه المنتقل : ساقطة من د.

(١٠) متحركة (الأولى) : متحركا م

(١١) ساكنة : ساكنا م.

(١٢) المتحرك : + عليه ط

(١٣) ولمتحرك : + عليه د ، ط

(١٤) المحيط : المحيط د.

(١٥) هذا : هنا هل ط

(١٦) وفى : فى د.

(١٧) أو هو : أم هو م.


مكان الماء كما لو كان الماء على شكل محيط به سطح مقبب وسطح مقعر وسطحان آخران على هذه الصورة (١) ، لم يكن السطح المقعر من المحيط به (٢) وحده مكانه ، بل جملة السطوح التي تلاقى جميع جهاته فيشبه أن تكون جملة السطوح التي تلاقى الماء من جميع جهاته (٣) مقعرا من الجرة ومحدبا من الجسم الذي فى داخل الماء هو المكان له. لكن هاهنا شيء واحد ليس هناك ، وهو أن المقعر من الشكل الذي صورناه ليس يحيط به وحده ، بل إنما تحيط به السطوح الجملة (٤) كسطح واحد ، وهناك ليس الأمر كذلك ، بل بالمقعر (٥) كفاية فى الإحاطة (٦) به ، كان السطح المحدب أولم يكن ، وهناك أيضا سطحان متباينان ليس يأتلف منهما شيء واحد ، يكون مكانا ، وأما فى هذا الشكل فإنه يأتلف من جملة السطوح الملاقية سطح واحد يلاقى سطحا واحدا ، فيشبه أن يكون حيث (٧) يحصل من الجملة (٨) واحد. فإن الجملة تكون مكانا واحدا وتكون الأجزاء أجزاء المكان ، ولا يكون شيء منها مكانا للكل وحيث لا يحصل (٩) لا يكون. وأما حجج نفاة المكان ، فالحجة الأولى يقال عليها إن المكان عرض ، ويجوز أن يشتق منه الاسم لما هو عرض فيه (١٠) ، لكنه لم يشتق لأنه لم يوقف عليه بالتعارف ومثل هذا كثير. واذا اشتق فلا يجب أن يكون ذلك الاسم هو لفظ المتمكن ، فإن المتمكن مشتق من التمكن (١١) وليس التمكن ، هو كون (١٢) الشيء ذا عرض هو مكان لشيء (١٣) ، ويجوز أن يكون فى الشيء عرض ويشتق (١٤) منه الاسم لغيره كالولادة فهى فى الوالد (١٥) ، والعلم فهو فى العالم ، ويشتق منه للمعلوم الاسم ، وليس العلم فيه ، فيجوز أن يشتق من المكان اسم المتمكن ، ولا يكون المكان فيه ، بل هو فى المكان (١٦). ولكن كون الجسم محيطا بجسم آخر حتى يكون سطحه الباطن مكانا له (١٧) هو معنى معقول يجوز أن يشتق منه اسم لذلك المحيط لو كان اشتق له منه (١٨) مصدر ، والمكان ليس بمصدر ، فلم (١٩) يتفق أن يشتق منه على هذه الجهة مصدر فليس يجب من هذا أن لا يكون المكان عرضا.

وأما التشكيك (٢٠) الثاني فالجواب عنه أن المكان ليس بجسم ولا مطابقا للجسم ، بل محيطا به بمعنى أنه منطبق على نهايته (٢١) انطباقا أوليا. وقولنا إن المكان مساو للمتمكن قول مجازى (٢٢) ، أريد به كون المكان مخصوصا (٢٣) بالمتمكن

__________________

(١): : سا ، ط ؛ ساقطة من د ، م. (٢) به : ساقطة من م.

(٣) جهاته : ساقطة من سا. (٤) الجملة : والجملة ط

(٥) بالمقعر : المقعر م (٦) في الإحاطة : بالإحاطة د.

(٧) حيث : بحيث ط (٨) الجملة : + سطح ط.

(٩) لا يحصل : لا يصلح م (١٠) عرض فيه : فيه عرض ط.

(١١) التمكن : المتمكن م (١٢) كون : أن م

(١٣) لشيء : الشيء ط. (١٤) ويشتق (الأولى) : فيشتق د ؛ قد يشتق ط

(١٥) الوالد : + ويشتق منه للمولود الاسم وليس الولادة فيه ط.

(١٦) بل هو فى المكان : ساقطة من سا. (١٧) له : ساقطة من سا.

(١٨) له منه : منه له ط ، م (١٩) فلم : ولم د ، سا ، ط ، م.

(٢٠) التشكيك : التشكك سا ، م. (٢١) نهايته : نهاياتة ط

(٢٢) مجازى : تجاذى ط (٢٣) مخصوصا : + به م.


فيخيل أنه مساو له بالحقيقة وليس كذلك ، بل مساو لنهايته بالحقيقة ، وهو مخصوص به بالحقيقة. إذ لا يجوز أن يكون فى باطن النهاية لحاوية جسم غير الجسم الذي يساوى نهايته الظاهرة تلك (١) النهاية. وإذا لم يكن ما قيل (٢) من مطابقة (٣) المكان ومساواته للمتمكن واجبا تسليمه ولا أوليا بينا (٤) بنفسه لا يحتاج (٥) أن يدل عليه لم يكن التشكيك (٦) لازما ،

وأما التشكيك (٧) الثالث ، فإنما كان يلزم لو قلنا : إن كل انتقال كيف كان ، بالذات أو بالعرض ، يوجب أن بثبت المكان. ونحن لا نقول ذلك ، بل نقول إن انتقال الشيء بالذات ، وهو أن يفارق كل ما يحصره (٨) ويحيط به مفارقة عن ذاته لا بسبب ملزوم ، هو (٩) مفارق بذاته ، وهو (١٠) الذي يجب أن يكون مثبتا (١١) للمكان. وأما السطح والخط والنقطة فإنها تلزم ما هى معه من الجسم ولا تفارقه البتة. لكن الجسم قد يفارق كل ما معه وعنده ، وكل ما (١٢) يطيف به فيلزم أن يكون الخط قد فارق خطا ، والسطح سطحا ، فلو كان الخط والسطح والنقطة مما يجوز أن تفارق بذاتها وتتحرك بنفسها (١٣) لكان الحكم ما قيل. وأما قولهم : إن النقطة عدم فقيه نظر وموضعه الخاص به غير هذا الموضع ولا نعلق له بحل (١٤) الشك ، فقد (١٥) ينحل دونه.

وأما التشكيك (١٦) الرابع فإنما كان يلزم لو كان صحيحا أن كل ما لا بد منه فهو علة. وليس (١٧) كذلك ، فإنه لا بد أيضا للعلة من المعلول ومن لوازم المعلول وليس عللا ، كما لا بد للمعلول من العلة ومن لوازم العلة التي ليست بعلل ، وليس شيء منها بعلة للعلة ، بل العلة هى التي لا بد منها ، وهو لذاته لا لغيره (١٨) أقدم فالمكان (١٩) من الأمور التي لا بد منها (٢٠) للحركة ، وليس أقدم من الحركة بالعلية ، بل عساه أن يكون أقدم منه بالطبع ، حتى أنه إن كانت نقلة كان مكان ، وليس إذا كان مكان كانت (٢١) نقلة لكن هذا التقدم غير تقدم العلية ، بل يجب أن يكون الشيء مع وجود هذا مفيدا لوجود المعلول ، حتى يكون علة ، وهذا إنما يتحقق لك فى صناعة أخرى فيجوز أن يكون المكان أمرا أعم من الحركة (٢٢) ، لازما للحركة ، وليس بعلة وأيضا فإن كون الحركة موجودة فى المتحرك ، مما لا يمنع أن يكون المكان أيضا علة عنصرية لها (٢٣) ، فكثير من الأمور يتعلق بموضوعين عند كثير من الناس ، والحركة مفارقة ما ،

__________________

(١) تلك : لتلك ط (٢) ما قيل : + حقا د.

(٣) مطابقة : مطابقتة ط (٤) بينا : ساقطة من م

(٥) لا يحتاج : + إلى ط. (٦) التشكيك : التشكك ب.

(٧) التشكيك : التشكك ب. (٨) ما يحصده : ما يحضره د ، م.

(٩) هو : وهو م (١٠) وهو : هو ط

(١١) مثبتا : مبينا م. (١٢) وكل ما : وكلما ط.

(١٣) وتتحرك بنفسها : ومحركة نفسها ب ؛ وبحركة نفسها د ، سا ، م.

(١٤) بحل لحل ط (١٥) فقد م.

(١٦) التشكيك : التشكك ط

(١٧) وليس : وليست م.

(١٨) وهو لذاته لا لغيره : وهى لذاتها لا لغيرها ط ، م

(١٩) فالمكان : بالمكان سا. (٢٠) منها : فيه سا ، ط.

(٢١) كانت : كان سا ، ط. (٢٢) الحركة (الأولى) : الحرفة ط.

(٢٣) لها : له سا.


فلا يبعد أن تتعلق بالمفارق والمفارق ، على أنهما كلاهما موضوعان. فتكون الحركة موجودة فى المتحرك وفى المكان ، فإن بطل هذا بطل ببيان آخر ، لا لنفس صحة وجود الحركة فى المتحرك. وبالجملة المكان أمر لازم لموضوع الحركة فإن موضوع الحركة من حيث هو بالفعل موضوع الحركة بالفعل ، أى (١) من حيث هو بالفعل جايز عليه التحرك لا من حيث هو بالفعل (٢) موجود فيه الحركة فقط هو فى مكان لا محالة ، وإن كان كونه فى مكان ليس بعلة له فالمكان لازم لعلة الحركة العنصرية (٣).

وأما التشكيك (٤) الخامس فإنما يصح لو كان النامى الذي فى المكان يجب أن يلزم مكانا واحدا ، وأما إذا كان دائما يستبدل مكانا بعد مكان كما يستبدل كما بعد كم ، فليس ما قيل بواجب. فلنبطل الآن حجج المخطئين فى ماهيته. فأما (٥) قياس من قال إن المكان يتعاقب (٦) عليه والهيولى تتعاقب (٧) عليه (٨) ، فقد علم أنه غير منتج ، اللهم إلا أن يقال وكل ما (٩) يتعاقب عليه مكان فلا نسلم حينئذ ، لأن المكان هو بعض ما يتعاقب عليه وهو الذي تتعاقب فيه (١٠) الأجسام بالحصول فيه. وكذلك (١١) ما قيل إن المكان أول حاو ومحدد (١٢) فهو الصورة وذلك أنه (١٣) ليس المكان كل أول حاو ، بل الذي يحوى شيئا مفارقا ، وأيضا الصورة لا تحوى شيئا ، لأن المحوى منفصل (١٤) عن الحاوى ، والهيولى لا تنفصل عن الصورة. وأيضا فإن المحدد إن عنى به الطرف الذي به يتحدد الشيء ، فليس بمشهور أن المكان بهذه الصفة.

وأما أنه غير حق فقد بان ، وأما المحدد الذي يراد به الحاوى فهو اسم مرادف للحاوى ، ومعناه معناه ، وأيضا المكان حاو للمتمكن ومحدده ، والمتمكن جسم والصورة تحوى المادة لا جسما فيها. وأما الحجة التي لأصحاب البعد المبنية على وجود البسيط مستبدلا (١٥) ، والمتمكن غير مستبدل مكانه (١٦) ، وليس هناك شيء يبقى ثابت إلا البعد فنقول : إنا لا نسلم إن المتمكن غير مستبدل مكانه ، بل هو مستبدل بمكانه (١٧) إلا أنه ليس بمتحرك ولا ساكن أما أنه ليس بساكن فلأنه لبس عندنا فى مكان واحد زمان ، اللهم إلا أن يعنى بالساكن لامذا ، بل الذي لا تتبدل نسبته من أمور ثابتة فيكون ساكنا بهذا المعنى ، والذي لو خلى وحاله وترك عليه (١٨) مكانه ، حفظ ذلك المكان ولم يستبدل به من نفسه ، كان (١٩) حافظا لمكان واحد ونحن لا نريد الآن بالساكن ، لا الأول ، لا هذا فإن أردنا أحد المعنيين كان

__________________

(١) من ... أى : ساقطة من ب. (٢) جايز ... بالفعل : ساقطة من د.

(٣) العنصرية : ساقطة من م. (٤) التشكيك : التشكك ب ، د ، سا ، م.

(٥) فأما : وأما ط (٦) يتعاقب : معاقب د ، م

(٧) تتعاقب : متعاقب د (٨) عليه (الثانية) : عليها ط.

(٩) وكل ما : فكل ما ب ، سا (١٠) فيه : عليه ط.

(١١) وكذلك : ولذلك د (١٢) محدد : محدود م

(١٣) أنه : لأنه ط. (١٤) منفصل : ينفصل م.

(١٥) مستبدلا : متبدلا د ، سا ، م (١٦) مكانه : لمكانه م.

(١٧) بمكانه : + لان المكان ليس هو الطرف المحدد بل السطح الحاوى ط.

(١٨) عليه : ساقطة من سا. (١٩) كان : وكان سا ؛ فكان ط.


ساكنا ، وأما أنه ليس بمتحرك فلأنه ليس مبدأ الاستبدال منه ، والمتحرك بالحقيقة هو الذي مبدأ الاستبدال منه ، وهو الذي الكمال الأول لما بالقوة فيه من نفسه حتى أنه (١) لو كان سائر الأشياء عنده بحالها لكان حاله (٢) يتغير ، أعنى لو كانت الأمور المحيطة والمقارنة (٣) إياه ثابتة كما هى لا يعرض لها عارض ، كان الذي عرض له تبدل نسبته فيها. وأما هذا فليس كذلك. فليس (٤) بواجب أن يكون الجسم لا محالة ساكنا أو متحركا ، فإن للجسم أحوالا لا يكون فيها ساكنا ولا متحركا فى المكان. من ذلك أن لا يكون له مكان ، ومن ذلك أن يكون له مكان ولكن ليس له ذلك المكان بعينه فى زمان ولا هو المبدأ فى مفارقته ، ومن ذلك أن يكون له مكان وهو له بعينه زمانا ، ولكن أخذناه فيه لا فى زمان ، بل من حيث هو فى آن الجسم حينئذ لا ساكنا ولا متحركا.

وأما ما ذكر (٥) من حديث (٦) التحليل ، فإن التحليل ليس على وجه الذي ذكروا (٧) بل التحليل هو إفراد واحد واحد من أجزاء الشيء الموجود فيه. فإن التحليل يدل على الهيولى بأنه يبرهن (٨) أن هنالك صورة ، وأنها لا تقوم بذاتها بل لها مادة فيبرهن (٩) أن فى هذا الشيء الآن صورة ومادة. وأما البعد الذي يدعونه فهو فى شيء ليس ثبوته على هذا القبيل وذلك لأن البعد إنما يثبت فى الوهم عند رفع المتمكن وإعدامه (١٠) ، فعسى إذا رفع المتمكن وأعدم (١١) وأحب أن يثبت فى الوهم بعد. وأما المادة فإنما يوجبها إثبات الصورة لا توهم رفعها ، اللهم إلا أن يعنى بالرفع معنى آخر ، فتكون المغالطة واقعة باشتراك الاسم ، وذلك لأن الرفع (١٢) يعنى به توهم الشيء معدوما ، وهذا التوهم فى الصورة يوجب بالحقيقية إبطال المادة لا إثباتها ، وفى المتمكن لا يوجب لا إبطال البعد ولا إثباته. أما أنه لا يوجب إبطال البعد فقد استغنينا عنه ، إذ الخصم لا يقول به. وأما إثباته فلأن نفس إبطال المتمكن وحده لا يوجب ذلك ما لم يضف إليه حفظ الأجسام المطيفة به موجودة على أحوالها. وأما إن كان جسم واحد فقط وتوهم معدوما ، فليس يجب من توهم (١٣) عدمه القول ببعد ، لو لا توهم عدمه لما قيل به ، بل التوهم يتبع التخيل فى إثبات فضاء غير متناه دائما كان جسم فرفعته (١٤) أولم ترفعه. وأما وجوب بعد ما معين التقدير ، فإنما يكون فى الوهم تبعا لعدم جسم بشرط حفظ الأجسام المطيفة (١٥) به ، التي كانت تقدر البعد المحدود ، ولو لا التقدير لما احتيج (١٦) إلى إعدام جسم فى تخيل (١٧) البعد.

__________________

(١) أنه : ساقطة من سا (٢) حاله : له حالة ط.

(٣) والمقارنة : أو المقارنة د ، ط ، م.

(٤) فليس (الثانية) : ساقطة من م.

(٥) ما ذكر : ما ذكروا ط (٦) حديث : حدث سا

(٧) ذكروا : ذكرنا سا. (٨) يبرهن : برهن ط.

(٩) فيبرهن : فبرهن ط ، م. (١٠) وإعدامه : واعد منها ط

(١١) وأعدم : وعدم م. (١٢) الرفع : الدفع م.

(١٣) من توهم : وتوهم سا. (١٤) فرفعته : فرفعه سا.

(١٥) المطيفة : المطبقة د

(١٦) احتيج : احتج ط

(١٧) تخيل : تميل سا.


ومع هذا كله فلنسلم (١) أن هذا البعد مفترض عند الوهم إذ أعدم جسم أو أجسام ، فما يدريه أن هذا التوهم ليس فاسدا ، حتى لا يكون تابعه محالا؟ وهل صحيح أن هذا الفرض ممكن حتى يكون ما يتبعه غير. محال؟ فعسى أن يقضى هذا القائل بأن (٢) الوهم عليه (٣) وأن كل ما يوجبه الوهم واجب. وليس الأمر كذلك ، فكثير من الأحوال الموجودة (٤) مخالف للموهوم. وبالجملة يجب أن نرجع إلى ابتداء الكلام ، فنقول : إن التحليل تمييز (٥) لأشياء صح وجودها فى المجتمع ، ولكنها مختلطة عند العقل ، فيفصل (٦) بعضها من (٧) بعض بقوته وبحده (٨) أو يكون بعضها يدل على وجود الآمر (٩) فإذا تأمل حال بعضها انتقل منه إلى الآخر ، ويكون الرفع حينئذ بمعنى الترك له (١٠) والإعراض عنه إلى آخر لا بمعنى الإعدام (١١).

وأما الحجة التي بعد هذا (١٢) ، فجوابها أن قول هذا القائل (١٣) : إن الجسم يقتضى المكان لا بسطحه بل بجسميته ، إن عنى به أن الجسم بسطحه (١٤) وحده لا يكون فى مكان (١٥) ، بل إنما يكون فى (١٦) المكان بجسميته ، أو عنى أنه لأنه جسم يصلح أن يكون فى مكان ، فالقول حق ، وليس يلزم منه (١٧) أن يكون مكانه جسما ، فإنه (١٨) ليس يجب إذا كان أمر (١٩) يقتضى حكما ما (٢٠) أو إضافة إلى شيء ما بسبب (٢١) وصف له. أن يكون المقتضى بذلك الوصف : فليس إذا كان الجسم يحتاج إلى مباد لكونه جسما لا لكونه (٢٢) موجودا ، يجب أن تكون مبادئه أيضا أجساما ، إذ (٢٣) كان العرض يحتاج إلى موضوع لكونه عرضا أن يكون موضوعه عرضا. وأما إن عنى به أن كل بعد من جسميته (٢٤) يقتضى بعدا يكون فيه فهو مصادرة على (٢٥) المطلوب الأول ، وبالجملة أنه ليس إذا كان بجسميته (٢٦) يقتضى المكان يجب أن (٢٧) يلاقى بجميع جسميته (٢٨) المكان ، كما أنه لو كان بجسميته (٢٩) يقتضى الحاوى ، فليس يلزم أن يكون بجميع جسميته (٣٠) يلاقى الحاوى. وبالجملة فإنه غير مسلم أن الجسم يقتضى لجسميته (٣١) مكانا إلا مقدار (٣٢) ما يسلم (٣٣) أنه بجسميته (٣٤) يقتضى

__________________

(١) فلنسلم : ليسلم د ، ب ، سا. (٢) بأن : + كل د

(٣) عليه : محكم ط. (٤) الموجودة : الموجود سا ، ط ، م.

(٥) تمييز : تميز ط ، م. (٦) فيفصل : فينفصل ط

(٧) من : عن سا (٨) وبحده : وكده ط. (٩) الآمر : الآخر د ، ط (١٠) له : ساقطة من سا.

(١١) الإعدام : الأعلم ط. (١٢) بعد هذا : بعد هام (١٣) القائل : للقائل م. (١٤) بسطحه : فسطحه سا

(١٥) مكان : المكان ط (١٦) فى (الثانية) : ساقطة من سا.

(١٧) منه : ساقطة من م (١٨) فإنه : وإنه م

(١٩) أمر : الأمر م. (٢٠) ما (الأولى والثانية) : ساقطة من ط

(٢١) بسبب : إما بسبب ط. (٢٢) لا لكونه : لا بكونه د ، ط

(٢٣) إذ : إذا د ؛ أو سا ، ط ، م. (٢٤) جسميته : جسمية ط.

(٢٥) على : عن ط (٢٦) بجسميته : بجسمية ط

(٢٧) أن : + يكون ط. (٢٨) جسميته (الأولى) : بجسمية ط

(٢٩) بجسميته : بجسمية ط (٣٠) جسميته (الثانية) : جسمية ط.

(٣١) لجسميته : بجسميته ب (٣٢) مقدار : بمقدار ط (٣٣) ما يسلم : لما يسلم م

(٣٤) بجسميته : لجسميته م.


حاويا. ومعنى القولين جميعا ، إن (١) جملة الجسم (٢) المأخوذ كشيء واحد يوصف بأنه فى مكان أو فى حاو ، وليس كون الشيء بكليته فى شيء هو كونه ملاقيا له بكليته ، فإنا نقول : إن جميع هذا الماء وجملته فى هذه الجرة ، ولا نعنى به أن جملته ملاقية للجرة.

وأما الحجة التي بعد هذه المبنية على مساواة المكان والمتمكن فقد فرغ عن جوابها.

وأما التي بعد تلك فهى مبنية على أن المكان لا يتحرك (٣) ، والمسلم أن المكان لا يتحرك بذاته ، وأما أنه لا يتحرك لا بالذات (٤) ولا بالعرض فذلك غير مسلم ولا مشهود. فإن الجمهور لا يأبون أن يتحرك مكان الشيء ، فإنهم يرون الجرة مكانا ويجوزون لا محالة حركتها (٥).

وأما الحجة التي بعد هذه (٦) ، فهى أول (٧) شيء مبنية على عادات الجمهور ، وذلك ليس بحجة فى الأمور العقلية.

وثانيا أنه كما (٨) لا يمنع العامة أن تقول إن البعد (٩) المفطور فى الجرة فارغ ومملو (١٠) ، كذلك لا يمنع (١١) أن نقول (١٢) : إن (١٣) البسيط المقعر الذي فى الجرة فارغ ومملوء. على أن تفهم العامة المعنيين جميعا فإنهم (١٤) لا فتوى لهم (١٥) فى لفظ لم (١٦) تجر العادة بفهم معناه محصلا ويشبه أن يكونوا (١٧) إلى أن يطلقوا ذلك فى (١٨) البسيط المقعر ، أسرع منهم إلى غير ذلك. وذلك لأن المملو فى عرفهم هو الذي يحيط بشيء مصمت (١٩) فى ضمنه ، حتى يلاقيه من كل جهة ، ألا ترى أنهم يقولون فيما بينهم إن الجرة مملوة والزق مملو ، ولا يعرفون حال البعد الذي يدعونه فى داخل الجرة ، بل يصفون الحاوى بهذه (٢٠) الصفة ، والحاوى أشبه بالبسيط منه بالبعد فإن البعد لا يحيط بشيء ، بل ربما أحاط به ما يملؤه إن كان موجودا. فلذلك تجد العامة لا يتحاشون أن يقولوا إن الجرة مملوة ، وربما توقفوا عن أن (٢١) يقولوا : إن البعد الباطن مملو والجرة اسم الجوهر الخزف (٢٢) المعمول على شكل البسيط الباطن المحيط. ولو كان البسيط يقوم بنفسه لكان مقام هذه الجرة ولكانوا يقولون فى البسيط ما يقولونه فى الجرة. فقد بان أنهم إذا (٢٣) قالوا : إن (٢٤) الجرة فارغة ومملوة وجعلوا ذلك كقولهم : مكان ما فارغ أو مملو ، ذهبوا إلى المحيط. نعم إنما (٢٥) يمتنعون أن يقولوا فى البسيط المطلق :

__________________

(١) إن : وإن ط (٢) الجسم : الاسم ط.

(٣) لا يتحرك ... المكان : ساقطة من سا.

(٤) لا بالذات : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.

(٥) حركتها : حركته سا ، ط ، م.

(٦) بعد هذه : بعده سا ، م ؛ هذه ط

(٧) أول : أولا ط. (٨) كما : ساقطة من م

(٩) البعد : للبعد ب (١٠) فارغ ومملو : مملوء فارغ ط ؛ مملو وفارغ م

(١١) لا يمنع : لا يمنعوا ط (١٢) نقول : يقولوا ط

(١٣) إن : + المفطور فى الجرة مملو إلى م. (١٤) فإنهم : فإنه ط

(١٥) لهم : ساقطة من سا (١٦) لم : ساقطة من م.

(١٧) يكونوا : يكون ط (١٨) فى : ساقطة من سا.

(١٩) مصمت : مضمن ب ، د ؛ يصمت سا.

(٢٠) بهذه : لهذه ط. (٢١) عن أن : بأن ط.

(٢٢) الخزف : ساقطة من سا. (٢٣) إذا : إذ ط

(٢٤) إن : ساقطة من ط. (٢٥) إنما : وإنما م.


إنه فارغ ومملو ، لأن البسيط المطلق ليس هو ، المكان ، بل المكان بسيط بشرط الإحاطة. وإذا (١) جعل بدل البسيط المطلق بسيط بهذه الصفة ، لم يتحاشوا عن ذلك.

وأما الحجة التي بعد هذه فمبناها على أن يصير المكان بعدا يجعل (٢) لكل جسم مكانا. وهو أمر صواب واجب وهذا التصويب (٣) شهوة من الشهوات ، فإنه إن لم يكن واجبا أن يكون كل جسم فى مكان وجوبا فى نفسه ، كان سعينا (٤) فى ايجابه سعيا باطلا ، وعسى أن يكون الأوجب (٥) لبعض الأجسام أن لا يكون فى مكان ، وإن كان واجبا (٦) لم يحتج إلى تدبير منا ولو كانت هذه المقدمة صحيحة (٧) ، وهو (٨) أن كل جسم فى مكان ، ولم يمكن (٩) أن يوجد لكل جسم حاو أو شيء من الأشياء المتوهمة مكانا غير البعد المفطور ، وكان البعد المفطور موجودا ، كانت الحاجة تمسنا إلى أن نقول بأن البعد مكان. وأما وليس شيء من ذلك واجبا (١٠) فما أشد تحريفنا (١١) فى أن نتمحل حيلة ، فيكون (١٢) لنا (١٣) أن نجعل كل جسم فى مكان ، ولنسلم أيضا أن كل جسم فى مكان ، فليس يجب أن يكون ذلك المكان هو البعد فإنه يجوز أن يكون هذا المعنى ليس بمكان لكنه لازم للمكان وعام لكل جسم عموم المكان. فإن عنى بهذا القول إنه يكون ـ ـ أشبه برأى الجمهور ، وأن (١٤) كل جسم فى مكان ، فليس ذلك حجة ، فإن نسبة هذا الرأى إلى الجمهور والذين (١٥) هم العامة من حيث لا يعتقدون مذهبا يذهبون إليه ، بل يعملون ويقولون على ما فى المشهور (١٦) أو الوهم ، كنسبة رأى آخر إليهم ، وهو أن كل موجود فى مكان ، وأنه (١٧) يشار إليه. وهذان الرأيان يتساويان فى أن العامة تنصرف عنهما بتبصير وتعريف يرد عليهم بعد الفطرة العقلية والوهمية. وقد عرفناك (١٨) أحوال هذه المقدمات حيث تكلمنا فى المنطق ، وبينا أنها وهميات دون عقلية (١٩) ، ولا يجب أن يلتفت إليها على أن حكمهم أن كل جسم فى مكان ليس فى تأكد حكمهم فى أن كل موجود إليه إشارة وله حيز (٢٠) ، ولا وهم يفهمون من التمكن غير ما يفهم من الوضع. ثم (٢١) لو كان هذا أيضا حقا ، لما وجب على ما بينا أن يكون ما قالوه حقا ، وكان يجوز أن يكون المكان أمرا غير البعد وكل واحد منهما مما يوجد لكل جسم ، فلا يكون وجود البعد ملاقيا لكل جسم دليلا على أنه مكان له إذ كان (٢٢) يجوز أن يكون شيئان موجودين (٢٣) لكل جسم وأحدهما دون الآخر مكان.

__________________

(١) وإذا : فإذا م. (٢) بعدا يجعل : بعد الجعل ط.

(٣) التصويب : التصوب ط. (٤) سعينا : سعيا ط ؛ شيئا م

(٥) الأوجب : إلا أوجب ط (٦) الأجسام ... واجبا ، ساقطة من ط.

(٧) صحيحه : واضحة ط ، م (٨) وهو : وهى م

(٩) يمكن : يكن م. (١٠) واجبا : ساقطة من سا

(١١) تحريفنا : تحريفا ط (١٢) فيكون : ليكون سا ، ط

(١٣) لنا : إنما سا. (١٤) وأن : أن ط.

(١٥) والذين : الذين ط (١٦) المشهور : المشهور ط.

(١٧) وأنه : بأنه د ، سا. (١٨) عرفناك : عرفنا سا ، م.

(١٩) عقلية : عقليات ط. (٢٠) حيز : خيرة م.

(٢١) ثم : + أنه ط. (٢٢) كان : ساقطة من ط

(٢٣) موجودين : موجودان م.


وأما الحجة التي بعد هذه ، فليعلم أن طلب النهاية على وجهين : طلب ممكن ، وطلب محال. فأما (١) الطلب المحال فهو أن يكون ذو الحجم يطلب أن يدخل بحجمه سطحا ونهاية جسم ، والطلب الممكن يطلب (٢) أن يلاقيه ملاقاة محاط به بمحيط (٣). وهذا المعنى يتحقق مع وضع النهاية مكانا ، ثم ليس إذا لم يطلب النهاية ، وجب أن يطلب ترتيبا فى أبعاد مرتبة (٤) ، بل ربما طلب ترتيبا فى الوضع فقط من غير حاجة أن يكون كل وضع فى بعد ، بل على أن يكون كل وضع هو نسبة ما بين جسم وجسم آخر تليه فى جهة ، ولا أبعاد إلا أبعاد الأجسام المتتالية.

فأما (٥) حجج أصحاب الخلاء فالجواب عن (٦) المبنى منها على التخلخل والتكاثف أن التكاثف (٧) على وجهين :

تكاثف باجتماع (٨) الأجزاء المنبثة فى هواء يتخللها بأن يخرج الهواء عن الخلل فتقوم الأجزاء مقامه من غير أن يكون هناك خلاء (٩) معه ، ويقابله تخلخل (١٠) وتكاثف يكون لا بأن الأجزاء المتفرقة اجتمعت ، بل بأن المادة نفسها تقبل حجما أصغر تارة وحجما أكبر أخرى ، إذ كان كلاهما أمرين عارضين له ، ليس أحدهما أولى به (١١) من الآخر.

فإذا (١٢) قيل حجما أصغر قيل إنه تكثف (١٣) ، ولمقابله (١٤) تخلخل (١٥). وهذا أمر تبين فى صناعة أخرى ، وإن (١٦) لم يبين (١٧) فى هذا الموضع لم يضر ، إذ تكون غاية (١٨) ذلك أن هذا القسم يبطل ويبقى ، ذلك القسم (١٩) الذي أجيب عنه ، وأما حديث إناء الرماد فهو كذب صرف ، ولو كان ذلك صحيحا كان الإناء كله خاليا لا رماد فيه أصلا. وأما حديث الزق والشراب فيجوز أن يكون المقدار الذي للزق لا يظهر تفاوته فى الحب حسا (٢٠) ، ويجوز أن يكون الشراب فيعصر فيخرج منه بخارا (٢١) وهواء (٢٢) فيصير أصغر (٢٣) ، ويجوز أن يصغر بتكاثف طبيعى أو قسرى على ما تعلمه. وأما حديث (٢٤) النامى ، فإن الغذاء (٢٥) ينفذ بقوته بين متماسين من (٢٦) أجزاء الأعضاء ويحركهما بالتبعية (٢٧) فيسكن (٢٨) بينهما فينفسح (٢٩) الحجم ، ولو كان الغذاء إنما ينفذ فى الخلاء لكان الحجم فى حال دخوله وقبله حجما واحدا لا زائدا. وأما حديث القارورة فإن الجواب (٣٠) عن ذلك مبنى على المذكور فى التخلخل والتكاثف وهو أنه من الجائز أن يكون الجسم يستفيد حجما أصغر ،

__________________

(١) فأما : وأما ط. (٢) يطلب (الثانية) : أن يطلب ط ؛ ساقطة من د.

(٣) محاط به محيط : محاط لمحيط ؛ محاط بالمحيط ط. (٤) مرتبة : مترتبة ط. (٥) فأما : وأما ط ، م

(٦) عن : على ط (٧) أن التكاثف : ساقطة من ط ، م.

(٨) باجتماع : اجتماع م. (٩) خلاء : الخلاء ط

(١٠) تخلخل : تخلل سا. (١١) به : ساقطة من م.

(١٢) فإذا : إذا ط (١٣) تكاثف : متكاثف ط

(١٤) ولمقابله : ولمقابلته ط (١٥) تخلخل : متخلخل ط

(١٦) وإن : فإن د ، ط ، م (١٧) يبين يبن م. (١٨) غاية : ساقطة من م

(١٩) القسم (الثانية) : الجسم م. (٢٠) حسا : حسنا م (٢١) بخارا : بخار م

(٢٢) وهواء : أو هواء م ؛ + فيصغر ط (٢٣) أصغر : + حاشية ط

(٢٤) حديث : حديثا ط (٢٥) الغذاء : + إنما ط.

(٢٦) من : عن ط (٢٧) ويحركهما بالتبعيد : يحركها التبعية سا

(٢٨) فيسكن : ليسكن ط (٢٩) فينفسح : فيفسح ط.

(٣٠) فإن الجواب : فالجواب ط.


وحجما أكبر ، وأن يكون من ذلك ما هو طبيعى ومنه ما هو قسرى (١). فكما أنه يجوز أن يسخن ويبرد ويكون منه ما هو طبيعى ومنه ما هو قسرى ، فكذلك (٢) الحال فى العظم والصغر. وإذا كان هذا جائزا لم يكن كل (٣) انتقاص جزء من جسم يوجب أن يبقى الباقى على حجمه الأول ، حتى يكون (٤) إذا أخذ جزء من هواء مائى للقارورة يجب أن يبقى الباقى (٥) على حجمه (٦) فيكون ماوراءه خلاء ، وإذا لم يجب هذا لم تجب تلك (٧) الحجة ، وإذا (٨) كان خلافه جائزا فجائز (٩) أن يكون الهواء بطبعه يقتضى حجما. ثم إنه يضطر فى حال إلى أن يصير أعظم بأن يقتطع منه جزء بالقسر من غير أن يجعل له (١٠) إلى استخلاف جسم بدل ما يقتطع منه وفى حجمه سبيل. وإذا (١١) كان اقتطاع ذلك الجزء منه لا يمكن أو ينبسط انبساطا يصير الباقى فى حجمه الأول لامتناع وقوع الخلاء ووجوب الملاء ، وكان هذا الانبساط ممكنا وكان للقاسر (١٢) قوة (١٣) تحوج إلى خروج هذا الممكن إلى الفعل بجذبه إياه فى جهة ولزوم (١٤) سطحه لما يليه فى جهة (١٥) ، وذلك بسط منه وتنظيم إياه بالقسر ، أطاع القاسر فانبسط انبساطا عظيما ، وصار بعض ما انبسط واقفا (١٦) خارج القارورة وهو الممصوص وبقى الباقى ملء (١٧) القارورة ضرورة قد (١٨) ملأها منبسطا لضرورة (١٩) الجذب الماص بقدر القارورة (٢٠). فإذا زال ذلك المص ، وجاز أن يرجع إلى قوامه (٢١) الأول بأن يجذب ماء أو هواء إلى شغل المكان الذي يتحرك عنه متقلصا ، عاد إلى قوامه. ونحن إذا نفخنا فى القارورة ، ثم كببناها (٢٢) على الماء ، خرجت منها ريح كثيرة يبقبق (٢٣) منها (٢٤) الماء ، ثم عاد الماء (٢٥) فدخل فيها ، فيعلم أنا قد أدخلنا فيها بالقسر شيئا لا محالة ، ولما زال القسر خرج. وذلك لا يخلو إما أن يكون دخول ما أدخلناه بالقسر هو بنفوذه فى الخلاء ، أو يكون على سبيل التكاثف من الموجود الذي (٢٦) كان فيه حصل (٢٧) للمدخل بالقسر مكان ويكون ذلك التكاثف على سبيل التكاثف (٢٨) الذي نقوله نحن ونرى أن القسرى (٢٩) منه أن يعود إلى الطبيعى (٣٠) عند زوال القاسر. فإن كان على سبيل نفوذ فى الخلاء حتى حصل فى ذلك المكان منه ، وليس ذلك المكان له بقسرى ولا مبغضا (٣١) لجسم هوائى (٣٢) يملؤه فينفيه عنه ويدفعه ، ولا من طبيعة

__________________

(١) ما هو قسرى : ما قسرى م. (٢) فكذلك : وكذلك سا (٣) كل : ساقطة من سا. (٤) يكون : ساقطة من سا ، ط ، م. (٥) الباقى : ساقطة من ب ، د (٦) حجمه : + الأول ط (٧) تلك : + فى سا (٨) وإذا : فإذا ط. (٩) جائزا فجائر : جائز د. (١٠) له : ساقطة من م

(١١) وإذا : فإذا سا ، ط ، م. (١٢) للقاسر : القاسر سا ، م

(١٣) قوة : قوما سا (١٤) ولزوم : لزوم سا. (١٥) ولزوم ... جهة : ساقطة من د. (١٦) واقفا : واقعا د ، ط

(١٧) ملء : مثل د ، سا ، ط ، + ملاء ط. (١٨) قد : وقد ط

(١٩) لضرورة : بضرورة سا. (٢٠) بقدر القارورة : ساقطة من سا.

(٢١) قوامه : + الأول ط. (٢٢) كببناها : أكببناها فينفيه.

(٢٣) يبقبق : ينبصق ط (٢٤) منها : منه ب ، د ، سا ، ط

(٢٥) الماء (الثانية) : ساقطة من م. (٢٦) الذي : ساقطة من ب ، د ، سا ، ط

(٢٧) حصل : يتصل م. (٢٨) كان فيه ... سبيل التكاثف : ساقطة من سا.

(٢٩) القسرى : للقسرى د ، ط (٣٠) الطبيعى : طبيعى ط. (٣١) مبغضا : ممغصا ط

(٣٢) هوائى : هو إلى ط.


الهواء أن ينزل متسفلا عن خلاء يحصل فيه نزولا مندفعا (١) فى الماء ، فينبغى أن لا يحتاج الهواء إلى أن يفارقه ويتخلص عنه (٢). فإن (٣) كان الخلاء هو الذي يأباه ، فلم لا يأتى الهواء الآخر ، وإن كان الماء يأباه فلم (٤) إذا أحكم (٥) المص ثم ترك حتى يخرج من الهواء ما من شأنه أن يخرج ، وكب سريعا على الماء ، دخله الماء ، فإن كان الخلاء يأبى أن يشغله الهواء ويدفعه فلأن يأبى جذب الماء (٦) أولى ، فلعل الخلاء يبغض الهواء بطبيعته (٧) ، ويجذب الماء (٨) فلم يترك الماء المنفوش فى الهواء الشاغل لخلل (٩) الهواء الخالية (١٠) ينزل ، وإن كان ثقله يغلب جذب (١١) ذلك الخلاء ، فلم ثقل الماء المكب (١٢) عليه القارورة لا يغلب الخلاء ، بل ينجذب (١٣) ، وإمساك الثقيل المشتمل عليه أصعب (١٤) من إشالة (١٥) الثقيل المباين (١٦). فإذا استبانت استحالة هذا القسم ، بقى أن السبب فيه (١٧) التجاء الهواء (١٨) إلى حجم أصغر للانضغاط ، فإذا زال انبسط (١٩) إلى حجمه ، ولأجل أن هناك سببا آخر يقتضى حجما أكبر وهو التسخن والتلطف ، بقسر تحريك النفخ إن (٢٠) كان ممنوعا عن مقتضاه بالضغط الذي يكثفه (٢١) أشد من تلطيف هذا ، وقد زال العائق ، فاقتضى السخونة العارضة أن يصير الهواء أعظم حجما من الحجم الذي كان قبل النفخ ، ومن أجل أن تلك السخونة عرضية بهذا ، وتزول ، وينقبض الهواء إلى الحجم الذي اقتضته (٢٢) طبيعته لو لم تكن تلك السخونة ، فيعود الماء فيدخل لاستحالة (٢٣) وقوع (٢٤) الخلاء. فلهذا ما تشاهد من أن المنفوخ بالقوة أو لا يتبقبق (٢٥) منه هواء يخرج ، ثم يأخذ فى جذب الماء إلى نفسه ، كما لو سد فم القارورة بإصبع (٢٦) وسخنت بنار حارة لا تكسرها ، ثم أكبت (٢٧) على (٢٨) لماء ، عرض أولا تبقبق ثم امتصاص منها للماء.

وأما الجواب عن الحجة التي بعد هذه (٢٩) ، فمناسب لهذا الجواب ، وذلك لأن المتحرك يدفع ما يليه من قدام من الهواء ، ويمتد ذلك إلى حيث (٣٠) لا يطيع فيه الهواء المتقدم للدفع (٣١) ، فيتلبد الموج (٣٢) بين المندفع وغير المندفع (٣٣) ، ويضطر إلى قبول حجم أصغر ، وما خلفه يكون بالعكس ، فيكون بعضه ينجذب معه ، وبعضه يعصى فلا ينجذب (٣٤) فيتخلخل

__________________

(١) مندفعا : متدافعا ط. (٢) عنه : منه ط

(٣) فإن : وإن ط (٤) لا يأتى ... فلم : ساقطة من ط

(٥) أحكم : حكم ط ، م. (٦) جذب الماء : + ويكون ط

(٧) بطبيعته : فطبيعته سا ، بطبعه ط. (٨) فإن كان ... الماء : ساقطة من م.

(٩) لخلل : على تخلخل م (١٠) الخالية : + أن ط (١١) جذب : حدث د (١٢) المكب : المكبوب ط ، م.

(١٣) ينجذب : يحدث د (١٤) أصعب : أسهل م

(١٥) من إشالة : وإشالة سا (١٦) المباين : البائن ط.

(١٧) فيه : + هو ط (١٨) الهواء : ساقطة من سا

(١٩) انبسط : انبساط م. (٢٠) إن : ساقطة من سا.

(٢١) يكثفه : يكتنفه سا. (٢٢) اقتضته : اقتضاء ب ، د ، سا ، ط.

(٢٣) لاستحالة : الاستحالة ط (٢٤) وقوع : وجود م.

(٢٥) يتبقبق : تبقبق م (٢٦) بإصبع : إصبع م.

(٢٧) أكبت : كببت ط ، كبت م (٢٨) على : عليها م.

(٢٩) هذه : + الحجة ط. (٣٠) حيث : حين بخ ، سا

(٣١) للدفع : سلطة من م (٣٢) الموج : المموج ط (٣٣) وغير المتدفع : ساقطة من م.

(٣٤) فلا ينجذب : ولا ينجذب ط.


ما بينهما إلى حجم أكبر ، يحدث من ذلك وقوف معتدل عند قوام معتدل (١) : فليكفنا (٢) هذا القدر من الكلام فى المكان (٣) ، ولنتكلم (٤) الآن فى الزمان.

[الفصل (٥) العاشر]

ى ـ فصل

فى ابتداء القول فى الزمان واختلاف الناس فيه

ومناقضة المخطئين فيه

إن النظر فى أمر الزمان مناسب للنظر فى أمر المكان ، لأنه من الأمور التي تلزم كل حركة ، والحال فى اختلاف الناس فى وجوده وماهيته كالحال فى المكان. فمن الناس من نفى أن يكون للزمان (٦) وجود البتة ، ومنهم من جعل له وجودا لا على أنه (٧) فى الأعيان الخارجة (٨) البتة بوجه من الوجوه ، بل على أنه أمر متوهم (٩) ، ومنهم من جعل له وجودا لا على (١٠) أنه أمر واحد فى نفسه ، بل على أنه نسبة ما على جهة ما لأمور (١١) أنها كانت إلى أمور أنها كانت. فقال إن الزمان هو مجموع أوقات ، والوقت عرض حادث يعرض (١٢) وجود عرض آخر مع وجوده بحضور (١٣) ، فهو وقت للآخر أى عرض حادث كان ، ومنهم (١٤) من جعل للزمان وجودا وحقيقة قائمة ، فمنهم من جعله جوهرا قائما بذاته. فأما (١٥) من نفى وجود الزمان ، فقد تعلق بشكوك من ذلك أن (١٦) الزمان إن كان موجودا ، فإما أن يكون شيئا منقسما ، أو يكون شيئا غير منقسم ، فإن كان غير منقسم فمستحيل (١٧) أن يكون منه سنون (١٨) وشهور وساعات وماض (١٩) ومستقبل

__________________

(١) عند قوام معتدل : ساقطة من د

(٢) فليكفنا : فليكفينا ط

(٣) المكان : ساقطة من سا.

(٤) ولنتكلم : فلنتكلم سا ، ط ، م.

(٥) فصل : فصل ى ب ، الفصل العاشر م.

(٦) للزمان : الزمان م.

(٧) وجود الاعلى أنه : وجود إلا سا ، وجودا إلا على أنه ط

(٨) الخارجة : الخارجية د ، ط

(٩) متوهم : يتوهم م.

(١٠) لا على : إلا على ط

(١١) لأمور : الأمور ط.

(١٢) يعرض : يفرض ط ، + على م

(١٣) بحضور : + بل مع طوع الشمس ط.

(١٤) ومنهم : منهم م

(١٥) فأما : أما د.

(١٦) أن (الأولى) : ساقطة من د.

(١٧) فمستحيل : فيستحيل ط

(١٨) سنون : سنين ب ، د (١٩) وما ص : وماضى ب ، د ،.


وإن كان منقسما ، فإما أن يكون موجودا بجميع أقسامه أو ببعضها (١). فإن كان موجودا بجميع أقسامه ، وجب أن يكون الماضى والمستقبل منه موجودين معا (٢). وإن كان بعض أقسامه موجودا وبعضها (٣) معدوما ، فلا يخلو إما أن تكون القسمة التي تعتبر اياها تعتبر واقعة (٤) على سبيل الحاضر والمستقبل والماضى (٥) ، أو واقعة على سبيل الساعات والأيام وما أشبه ذلك. فأما (٦) الماضى والمستقبل فكل (٧) واحد منهما باتفاق من مثبتى الزمان معلوم ، وأما الحاضر فإن كان منقسما وجبت المسألة بعينها ، وإن كان غير منقسم كان الأمر الذي يسمونه آنا (٨) ، وليس بزمان. ومع ذلك فإنه (٩) لا يجوز أن يوجد بالفعل ، ولو وجد (١٠) بالفعل لم يخل إما أن يبقى وإما أن يعدم ، فإن بقى كان منه شيء متقدما وشيء متأخرا ولم يكن كله آنا (١١) وكان الماضى والمستقبل معا فى آن واحد ، وهذا (١٢) محال ، وإن عدم لم يخل إما أن يعدم فى آن يليه لا زمان بينهما ، وإما أن يعدم فى آن بينه وبينه زمان ، فإن عدم فى آن بينه وبين زمان لزم أن يبقى زمانا وقد أبطلنا ذلك ، وإن عدم فى آن يليه كان الآن يلى الآن على الاتصال من غير تخلل زمان بينهما ، وهذا مما (١٣) يمنعه مثبتو الزمان. ثم بالجملة كيف يكون للزمان وجود ، وكل زمان (١٤) نفرضه (١٥) فقد يتحدد عند فارضه بآنين : آن ماض ، وآن هو بالقياس إلى الماضى مستقبل. وعلى كل (١٦) حال لا يصح أن يوجدا معا ، بل يكون (١٧) أحدهما معدوما ، وإذا كان معدوما فكيف يصح وجود ما يحتاج إلى طرف هو معدوم فكيف يكون للشيء طرف هو معدوم. وبالجملة كيف (١٨) يكون شيء واصلا بين معدوم وموجود.

فهذه هى الشبه القوية التي يتعلق بها من ينفى (١٩) الزمان. ويقولون أيضا : إنه إن كان لا بد للحركة فى أن تكون حركة من أن يكون لها زمان ، وليس تحتاج هذه الحركة فى أن تكون حركة إلى أن يكون جسم آخر يتحرك أيضا غير جسمها ، بل ربما احتيج إلى ذلك فى بعض الأمور ، لا أن تكون حركة ، بل لأن موجودها يحتاج فى فى أن يحرك إلى أن يتحرك ، وهذا ليس من شرط الحركة بما هى حركة ولا من لوازمها. فإذا (٢٠) كان كذلك فأية (٢١) حركة فرضتها موجودة ، يلزمها من حيث هى حركة أن يكون لها زمان ، ولا يلزمها من حيث هى حركة أن

__________________

(١) أو ببعضها : أو بعضها ط ، م. (٢) معا : + وهذا محال ط

(٣) وبعضها : وبعضه م. (٤) واقعة : مانعة ط

(٥) والماضى : ساقطة من سا. (٦) فأما : وأما سا

(٧) فكل : وكل د. (٨) آنا : آناء م.

(٩) فإنه : ساقطة من ط (١٠) ولو وجد : فلو وجد د.

(١١) آنا : آناء م (١٢) وهذا : هذا ط.

(١٣) مما : ما د. (١٤) وكل زمان : ساقطة من سا

(١٥) نفرضه : تعرضه ط.

(١٦) كل : ساقطة من م

(١٧) يكون : ساقطة من سا.

(١٨) كيف : فكيف ط.

(١٩) ينفى : نفى ط.

(٢٠) فإذا : وإذا ط

(٢١) فأية : فأى سا.


تكون هناك حركة أخرى. وإذا كان كذلك ، كان كل حركة مستتبعة (١) زمانا على حدة غير موقوف على حركة أخرى ، كما يستتبع مكانا على حدة ، ولا يكون لها زمان واحد إلا على نحو ما يكون لها مكان واحد أى الواحد (٢) بالعموم. وليس كلامنا فى ذلك ، فإذا كانت الحركات معا كانت أزمنتنا لا محالة معا ، ولا يخلو إما أن تكون معيتها فى المكان أو فى الموضوع أو فى الشرف أو فى الطبع أو فى شيء آخر ، غير المعية في الزمان. لكن جميع وجوه «معا» لا يمنع أن يكون بعضها (٣) قبل وبعضها بعد أى بعضها يكون موجودا وبعضها معدوما (٤). فبقى أن تكون معيتها المعية التي بالزمان (٥) ، والمعية التي بالزمان هى أن تكون أشياء كثيرة فى زمان واحد أو فى آن (٦) واحد هو (٧) طرف زمان واحد فيجب من ذلك أن تكون للأزمنة (٨) الكثيرة زمان واحد ويكون الكلام فى جميع ذلك الزمان معها فى هذا المعنى كالكلام فى التي هى مجموعة فيه ، فيلزم (٩) أن تكون (١٠) أزمنة بلا نهاية معا. وعندكم أن الأزمنة تتبع الحركات. فيلزم أن تكون حركات لا نهاية لها معا ، فيلزم أن تكون متحركات لا نهاية لها معا ، فيلزم أن تكون أجسام (١١) لا نهاية لها معا. وهذا من المستحيل الذي يدفعونه ويمنعون وجوده. فمن جهة (١٢) هذه الشكوك ووجوب أن يكون للزمان وجود اضطر كثير من الناس إلى أن جعل للزمان نحوا من الوجود آخر وهو الوجود (١٣) الذي يكون فى التوهم. والأمور التي من شأنها أن توجد فى التوهم ، هى (١٤) الأمور التي تلحق المعانى إذا عقلت ونوسب بينها ، فتحدث هناك صور نسب إنما وجودها فى الوهم فقط ، فجعلوا الزمان شيئا ينطبع فى الذهن من نسبة المتحرك (١٥) إلى طرفى مسافته اللذين (١٦) هو بقرب أحدهما بالفعل وليس يقرب الآخر بالفعل إذ فى حصوله هناك لا يصح (١٧) مع حصوله هاهنا فى الأعيان. لكن (١٨) يصح (١٩) فى النفس فإنه يوجد فى النفس تصورهما وتصور الواسطة بينهما معا فلا يكون (٢٠) فى الأعيان أمر موجود يصل بينهما ، ويكون فى التوهم أمر ينطبع فى الذهن ، إن بين وجوده (٢١) هاهنا وبين وجوده هناك شيئا (٢٢) فى مثله يقطع هذه المسافة بهذه (٢٣) السرعة أو البطء التي (٢٤) لهذه الحركات أو لهذا العدد من الحركات والسكونات المتركبة (٢٥) فيكون

__________________

(١) مستتبعة : مستتبعا سا ، ط ، م. (٢) الواحد : واحد م.

(٣) وبعضها : والبعض ب ، د ، سا ، وبعض م

(٤) معدوما : معدوم م. (٥) والمعية التي بالزمان : ساقطة من سا ، م

(٦) أو فى آن : وآن ط ، أو فى م

(٧) هو : وهو د. (٨) للأزمنة : الأزمنة سا.

(٩) فيلزم (الأولى) ، : فلزم ط (١٠) تكون : ساقطة من سا.

(١١) أجسام : أجساما ط. (١٢) جهة : + وجود ط.

(١٣) الوجود (الثانية) : ساقطة من م. (١٤) هى : ساقطة من م.

(١٥) المتحرك : للمتحرك م (١٦) اللذين : الذين ب.

(١٧) لا يصح : لا يوجد سا ، م (١٨) لكن : ولكن ط ، م.

(١٩) يصح : ساقطة من سا (٢٠) فلا يكون : ولا يكون ط ، م.

(٢١) وبين وجوده : ووجود د ، سا. (٢٢) شيئا : شىء ب ، د ، سا.

(٢٣) المسافة بهذه : ساقطة من م (٢٤) التي : اللذين ط ، الذي م.

(٢٥) المتركبة : المركبة ط ، م.


هذا تقديرا لتلك الحركة لا وجود له ، لكن الذهن يوقعه فى نفسه لحصول (١) أطراف الحركة فيه بالفعل معا ، مثل ما أن الحمل والوضع والمقدمة وما جرى هذا المجرى أشياء يقضى بها الذهن على الأمور المعقولة ، ومناسبات بينها (٢) ، ولا يكون فى الأمور الموجودة شيء منها :

وقالت الطائفة التي ذكرناها بديا : إن الزمان ليس إلا مجموع أوقات ، فإنك إذا رتبت أوقاتا متتالية وجمعتها ، لم تشك أن مجموعها الزمان. وإذا كان كذلك ، فإذا عرفنا الأوقات عرفنا الزمان. وليس الوقت إلا ما يوجبه الموقت ، وهو أن يعين مبدأ عارض يعرض ، فنقول مثلا : يكون كذا بعد يومين ، معناه أنه يكون مع طلوع الشمس بعد طلوعين (٣) ، فيكون الوقت طلوع الشمس ، ولو جعل بدله : قدوم زيد لصلح فى ذلك صلوح طلوع الشمس ، فإذن إنما صار طلوع الشمس وقتا يتعين القائل إياه ، ولو شاء لجعل غيره وقتا. إلا أن طلوع الشمس قد كان أعم وأعرف وأشهر ، ولذلك (٤) اختير ذلك وما يجرى مجراه للتوقيت (٥) : فالزمان هو جملة أمور هى أوقات مؤقتة. أو من شأنها أن تجعل أوقاتا موقتة ، قالوا (٦) : وإن (٧) الزمان على غير هذا الوجه لا وجود له ، يعرف ذلك من الشكوك المذكورة. وقالت طائفة : إن الزمان جوهر أزلى وكيف لا يكون جوهرا وهو واجب الوجود ، فإن وجوب وجوده بحيث لا يحتاج فيه إلى إثبات بدليل ، بل كلما حاولت أن ترفع الزمان (٨) وجب أن تثبت الزمان ، لأنك ترفعه قبل شيء وبعد (٩) شيء ، ومهما فعلت ذلك فقد أوجدت مع رفعه قبلية وبعدية (١٠) فتكون قد أثبت الزمان (١١) مع رفعه ، إذ (١٢) القبلية والبعدية التي تكون على هذه الصورة لا تكون إلا الزمان أو بزمان. فالزمان واجب (١٣) الوجود وما كان واجب الوجود فلا يجوز أن يرفع وجوده ، وما لا يجوز أن يرفع وجوده (١٤) فليس بعرض وما كان موجودا وليس بعرض فهو جوهر (١٥) ، وإذا كان جوهرا واجب الوجود (١٦) فهو جوهر أزلى. قالوا : وإذا كان واجب الوجود استحال أن يتعلق وجوده بالحركة ، فجائز أن يوجب الزمان ، وأن لم توجد الحركة ، فالزمان عندهم تارة يوجد مع الحركة فيقدر الحركة تارة مجردا فحينئذ يسمى (١٧) دهرا.

فهذه هى الشكوك المذكورة فى أمر الزمان ، والأولى بنا أن ندل أولا على نحو (١٨) وجود الزمان وعلى ماهيته ،

__________________

(١) لحصول : بحصول سا. (٢) بينها : منها م.

(٣) طلوعين : طلق عين ط. (٤) ولذلك : وكذلك سا

(٥) مجراه للتوقيت : مجرى التوقيت م. (٦) قالوا : وقالوا ط

(٧) وإن : إن ط. (٨) الزمان : ساقطة من د.

(٩) وبعد : أو بعد سا ، ط ، م

(١٠) قبلية وبعدية : قبلية أو بعيدة سا ، م ، قبليته أو بعديته ط.

(١١) الزمان : للزمان م (١٢) إذ : إذا ط.

(١٣) واجب : بواجب ط (١٤) وما لا يجوز أن يرفع وجوده : ساقطة من م.

(١٥) جوهر (الأولى): + قالوا ط ، م

(١٦) الوجود : + قالوا سا.

(١٧) فحينئذ يسمى : ينبغى حينئذ ط ، حينئذ يسمى م.

(١٨) نحو : ساقطة من سا.


بأن نجعل الطريق إلى وجوده من ماهيته. ثم نكر على هذه الشبه (١) فنحلها. ونقول (٢) : إن الذين أثبتوا وجود الزمان معنى واحدا فقد اختلفوا أيضا ، فمنهم من جعل الحركة زمانا ، ومنهم من جعل حركة الفلك زمانا دون سائر الحركات ، ومنهم من جعل عودة الفلك زمانا أى دورة واحدة ، ومنهم من جعل نفس الفلك زمانا. فأما الذين جعلوا الحركة نفسها زمانا ، فقالوا : إن الحركة من بين ما نشاهده من الموجودات هى التي تشتمل على شيء ماض وشيء (٣) مستقبل وفى طبيعتها أن يكون لها دائما جزءان (٤) بهذه الصفة ، وما كان بهذه الصفة فهو الزمان قالوا (٥) : ونحن (٦) إنما نظن أنه كان زمان (٧) ، إذا أحسسنا (٨) بحركة ، حتى أن المريض والمغتم يستطيلان زمانا يستقصره (٩) المتمادى فى البطر لرسوخ الحركات المقاسات (١٠) فى ذكر هذين ، وانمحائها من ذكر المتلهى (١١) عنها بالبطر (١٢) والغبطة. ومن لا يشعر بالحركة لا يشعر (١٣) بالزمان ، كأصحاب الكهف فإنهم لما لم يشعروا بالحركات التي بين آن ابتداء لقائهم أنفسهم للاستراحة بالنوم ، وآن انتباههم لم يعلموا أنهم زادوا على يوم واحد ، فقد (١٤) حكى المعلم الأول أيضا أن قوما من المتألهين عرض لهم شبيه (١٥) بذلك ويدل التاريخ على أنهم كانوا قبل أصحاب الكهف.

فهذه هى الأقوال السالفة قبل نضج الحكمة فى أمر الزمان ، وكلها غير صحيح. أما أن الحركة ليست زمانا فلأنه قد يكون حركة أسرع وحركة أبطأ ، ولا يكون زمان (١٦) أسرع من زمان وأبطأ (١٧) ، بل أقصر وأطول ، وقد يكون حركتان معا ولا يكون زمانان معا. وأنت تعلم أنه قد تحصل حركتان مختلفتان (١٨) معا فى زمان واحد وزمانهما لا يختلف ، والحركة فصولها (١٩) غير فصول الزمان ، والأمور المنسوبة إلى الزمان مثل هو ذى (٢٠) ونعته (٢١) ، والآن وآنفا ليست هى من ذات الحركة فى شيء ، والزمان يصلح أن يؤخذ (٢٢) فى حد الحركة السريعة جزءا من الفصل ، والحركة لا تصلح أن تؤخذ (٢٣) كذلك بل تؤخذ على أنها جزء متقدم. فإنه يصلح أن يقال : إن السريع هو الذي يقطع مسافة أطول فى زمان أقصر ، ولا يصح (٢٤) أن يقال فى حركة (٢٥) أقصر. وحكم الحركة الأولى الفلكية هذا الحكم بعينه ، فإنها يصلح (٢٦)

__________________

(١) الشبه : الشبهة ط (٢) ونقول : فنقول م.

(٣) شيء : ساقطة من د. (٤) جزءان : خبران ط.

(٥) قالوا : وقالوا ط (٦) ونحن : نحن ط

(٧) زمان : زمانا ط (٨) أحسسنا : أحسنا سا ، ط ، م

(٩) يستقصره : يقصره ط. (١٠) المقاسات : المقاساة ب ، سا ، بالمقاسات ط

(١١) المتلهى : الملتهى ب ، د (١٢) بالبطر : بالنظر م.

(١٣) بالحركة لا يشعر : ساقطة من ط.

(١٤) فقد : وقد سا ، أو قد ط. (١٥) شبيه : شبه م.

(١٦) زمان (الأولى) : زمانا ط ، حركة م

(١٧) وأبطأ : إلا أبطأ ط. (١٨) مختلفتان : ومختلفتان م.

(١٩) فصولها : فصولهما م (٢٠) ذى : ذام ، مثل ذى د

(٢١) ونعته : أو بغتته ط. (٢٢) يؤخذ : يوجد م.

(٢٣) تؤخذ (الأولى والثانية) : يوجد سا ، م. (٢٤) ولا يصح : ولا يصلح ط

(٢٥) فى حركة : ساقطة من سا. (٢٦) أقصر ... يصلح : ساقطة من سا.


أن يقال فيها إنها أسرع الحركات ، لأنها تقطع مع قطع الحركة الأخرى أعظم مع ما فى هذا مما نتكلم فيه بعد.

وهذه المعية تدل على أمر غير الحركتين ، بل تدل على معنى ينسبان كلتاهما إليه ويتساويان فيه (١) ويختلفان فى المسافة.

وذلك المعنى ليس ذات أحدهما ، لأن الثاني لا يشارك الآخر فى ذاته ويشاركه فى الأمر الذي هما (٢) فيه معا.

ويمكن من هذا الموضع (٣) أن يظهر فساد قول (٤) من جعل الأوقات أعراضا تؤقت لأغراض ، وذلك لأنهم لا يجعلون نفس ذلك العرض (٥) الحادث من حيث هو حركة أو سكون (٦) أو سواد (٧) أو بياض أو غير ذلك وقتا ، ولكن يضطرون إلى أن يقولوا إنه يصير وقتا بالتوقيت ، ويضطرون إلى أن (٨) يكون التوقيت يقرن (٩) وجود شيء آخر مع وجوده. وهذا الاقتران (١٠) وهذه المعية يفهم منها ضرورة معنى غير معنى (١١) كل واحد من العرضين ، وكل مقترنين (١٢) يقترنان (١٣) فى شيء وكل معين فهما (١٤) فى أمر مامعا ، فإذا كان وجودهما معا أو وجود واحد منهما (١٥) مؤقتا بأنه (١٦) مع وجود الآخر ، فالمفهوم (١٧) من المعية هو أمر ما لا محالة ليس هو مفهوم أحدهما ، وهذه المعية مقابلة لمعنى أن لو تقدم أحدهما أو تأخر. وهذا الشيء الذي فيه (١٨) المعية هو الوقت الذي (١٩) يجمع الأمرين. فكل (٢٠) واحد منهما يمكن (٢١) أن يجعل دالا عليه ، كما لو كان غير ذلك الأمر (٢٢) مما يقع فى ذلك الوقت ، ولو كان ذلك الأمر فى نفسه وقتا لكان إذا بقى مدة وهو واحد بعينه وجب أن تكون مدة البقاء وابتداؤها (٢٣) وقتا واحدا بعينه. ونحن نعلم أن الوقت المؤقت هو حد بين متقدم ومتأخر وأن المتقدم والمتأخر بما هو متقدم ومتأخر لا يختلف ، وبما هو حركة أو سكون أو غير ذلك يختلف. فليس (٢٤) كونه عرضا ككونه حركة أو سكونا ، هو (٢٥) كونه متقدما أو متأخرا أو معا ، بل حقيقة التقدم والتأخر والمعية أمر آخر ، هو حال الزمان.

وأما الحجة التي اعتمدها جاعلو الزمان حركة ، فهى مبنية على مقدمة غير مسلمة وذلك قولهم : إن كل ما يقتضى أن يكون فى طبيعته شيء ماض وشيء مستقبل فهو زمان ، فإن هذا (٢٦) غير مسلم ، فإن كثيرا مما ليس بزمان (٢٧)

__________________

(١) فيه : + معا ط. (٢) هما : وهما ط.

(٣) الموضع : الوضع ط (٤) قول : ساقطة من سا.

(٥) العرض : ساقطة من ط (٦) سكون : كون ب ، د ، سا ، م

(٧) أو سواد : أو فساد م. (٨) يقولوا ..... إلى أن : ساقطة من سا

(٩) يقرن : تقرين سا ، ط ، تقدير م. (١٠) الاقتران : الإقران ط ، الافتراق م

(١١) معنى (الثانية) : ساقط من م (١٢) مقترنين : مقرنين د ، سا ، م.

(١٣) يقترنان : يقرنان د ، سا (١٤) فهما : فيهما سا

(١٥) منهما : منها ط (١٦). بأنه : فإنه سا.

(١٧) فالمفهوم : بالمفهوم سا. (١٨) فيه : منه سا

(١٩) الذي (الثانية) : ساقطة من م (٢٠) فكل : وكل د ، م

(٢١) يمكن : ساقطة من د. (٢٢) الأمر : لأمر ط.

(٢٣) وابتداؤها : ابتداؤها ط. (٢٤) فليس : ساقطة من م.

(٢٥) هو : وهو ط. (٢٦) فإن هذا : لهذا م (٢٧) بزمان : زمان سا.


هو ماض ومستقبل ، وهو كالطوفان والقيامة ، بل يجب أن يكون مع هذا شرط آخر ، وهو أن يكون لذاته ما هو بحيث منه الشيء الذي هو نفس الماضى أو نفس المستقبل حتى تكون طبيعته (١) الأمر الذي إذا قيس إلى أمر آخر كان لذاته حينئذ ماضيا أو مستقبلا. والحركة إذا مضت لم يكن نفس وجودها حركة هى أنها (٢) ماضية ، بل تكون قد قارنت الماضى. ولذلك (٣) يصح أن يقال : حركة فى زمان ماض ، ولا يجوز أن يقال حركة فى حركة ماضية ، اللهم إلا أن يعنى فى جملة الحركات الماضية ، وليس قصدنا هذا بل أن يكون الشيء مطابقا لوجود ذلك الذي هو فيه.

وأما القائلون بأن الزمان هو دورة واحدة من الفلك ، فنبين إحالته بأن كل جزء زمان ، زمان وجزء الدورة ليس دورة (٤). وأبعد من هذا كله ظن أن الزمان هو الفلك بقياس من موجبتين (٥) فى الشكل (٦) الثاني ، على أن إحدى المقدمتين فيه كاذبة وهى قوله وكل جسم فى فلك ، فإنه ليس كذلك ، بل الحق إن كل جسم ليس بفلك هو فى فلك. وأما الذي فى (٧) الزمان (٨) فلعله هو كل جسم مطلقا فإن الفلك نفسه أيضا فى زمان على النحو الذي تكون الأجسام فى الزمان عليه.

وإذ قد أشرنا إلى المذاهب الباطلة فى ماهية الزمان ، فحقيق بنا أن نشير إلى ماهية الزمان ، فيتضح (٩) لنا من هناك وجوده ويتضح حل (١٠) الشبه (١١) المذكورة فى وجوده.

__________________

(١) طبيعته : طبيعة سا.

(٢) أنها : أنه د.

(٣) ولذلك : وكذلك سا ، م.

(٤) دورة : بدورة ط

(٥) موجبتين : موجبين سا.

(٦) الشكل : السطر سا.

(٧) فى (الثانية) : ساقطة من سا

(٨) الزمان : ساقطة من د ، سا.

(٩) فيتضح : ثم يتضح ط.

(١٠) حل : حال : ، سا

(١١) الشبه : الشبهة ط.


[الفصل (١) الحادى عشر]

ك ـ فصل

فى تحقيق ماهية الزمان واثباتها

فنقول (٢) : إن من البين الواضح أنه قد (٣) يجوز أن يبتدئ متحركان بالحركة وينتهيا معا ، وأحدهما يقطع مسافة أقل والآخر مسافة أكثر ، إما لاختلاف (٤) البطء والسرعة ، أو لتفاوت (٥) عدد السكونات المتخللة ، كما يراه قوم ويجوز أن يبتدئ اثنان ويقطعا مسافتين متساويتين لكن أحدهما ينتهى إلى آخر المسافة والآخر (٦) لم ينته وذلك للاختلاف المذكور ، ويكون فى كل حال من الأحوال من مبتدأ (٧) كل حركة إلى منتهاها إمكان قطع تلك المسافة بعينها بتلك الحركة المعينة السرعة والبطء ، والمعينة (٨) التركيب مع السكون ، وإمكان قطع أعظم من تلك المسافة ، بالأسرع منها أو الأقل (٩) مخالطة سكونات ، وإمكان قطع أقل منها (١٠) بالأبطإ من تلك أو الأكثر (١١) مخالطة سكونات ، وإن ذلك لا يجوز أن يختلف البتة ، فقد ثبت بين المبدأ والمنتهى إمكان محدود بالقياس إلى الحركة وإلى السرعة.

وإذا فرضنا نصف تلك المسافة وفرضنا السرعة بعينها والبطء (١٢) بعينه كان امكان (١٣) آخر بين ابتداء تلك المسافة ومنتهى نصفها انما يمكن (١٤) فيه قطع النصف بذلك (١٥) السرعة والبطء (١٦) (١٧) وكذلك بين هذا المنتهى المنصف (١٨) المفروض الآن وبين المنتهى الأول. فيكون الإمكان إلى النصف ومن النصف يتساويان (١٩) ، فكل (٢٠) واحد منهما نصف الإمكان (٢١) المفروض أولا ، فيكون (٢٢) الإمكان المفروض أولا منقسما.

__________________

(١) فصل : فصل ك ب ، الفصل الحادى عشر م.

(٢) فنقول : نقول د ، م

(٣) قد : ساقطة من ط.

(٤) لاختلاف : الاختلاف م

(٥) أو لتفاوت : وإما لتفاوت سا ، ط ، م.

(٦) والآخر : + بعد د ، سا ، ط ، م.

(٧) مبتدأ : مبدء ط.

(٨) والمعينة : أو المعينة د ، سا ، ط.

(٩) أو الأقل : والأقل سا ، م

(١٠) منها : ساقطة من سا

(١١) أو الأكثر : والأكثر سا ، م.

(١٢) والبطء : أو البطء ط

(١٣) إمكان : المبدأ والمنتهى م.

(١٤) يمكن : يكون م (١٥) بذلك : بتلك م

(١٦) والبطء : وذلك البطء م (١٧) بعينه .... والبطء : ساقطة من سا.

(١٨) المنصف : ساقطة من م.

(١٩) يتساويان : متساويان ب ، د ، سا ، متساويين م

(٢٠) فكل : وكل د ، ط ، م.

(٢١) الإمكان (الأولى) : لإمكان د

(٢٢) فيكون : يكون م.


ولا عليك الآن أن تجعل هذا المتحرك شيئا متحركا بالحقيقة فى المكان أو جزء يفرضه لمتحرك بالوضع يشبه المتحرك فى المكان (١) ، فإنه يفارق (٢) مماسة إلى مماسة بمماسات متصلة ، أو موازاة إلى موازاة بموازيات متصلة وأن يسمى ما يقطعه مسافة كيف كان ، فليس يختلف لذلك حكم فيما نحن بسبيله فنقول : إن هذا الإمكان قد صح أنه منقسم ، وكل منقسم فمقدار (٣) أو ذو (٤) مقدار ، فهذا الإمكان لا يعرى عن مقدار ، فلا يخلو أن يكون مقداره مقدار المسافة أو مقدار آخر ولو كان مقدار المسافة لكانت المتساويات فى المسافة متساوية فى هذا الإمكان (٥) ، لكن (٦) ليس كذلك فهو إذن مقدار آخر. فإما (٧) أن يكون مقدار المتحرك أو لا يكون ، لكنه ليس مقدار المتحرك (٨) ، والإمكان المتحرك الأعظم أعظم فى هذا المقدار ، وليس كذلك ، فهو إذن غير مقدار المسافة وغير مقدار المتحرك ، ومن المعلوم أن الحركة ليست نفسها (٩) ذات هو المقدار نفسه ، ولا السرعة والبطء ذلك. إذ (١٠) الحركات فى أنها حركات تتفق فى الحركية (١١). وتتفق فى السرعة والبطء وتختلف فى هذا المقدار. وربما اختلفت (١٢) الحركة فى السرعة (١٣) والبطء (١٤) واتفقت فى هذا المقدار ، فقد (١٥) ثبت وجود مقدار لإمكان (١٦) وقوع الحركات بين المتقدم والمتأخر وقوعا يقتضى مسافات محدودة (١٧) ليس مقدار المتحرك ولا المسافة (١٨) ولا نفس الحركة. وهذا المقدار ليس يجوز أن يكون قائما بنفسه. وكيف (١٩) يكون قائما بنفسه وهو منقص مع مقدره ، وكل منقص فاسد ، فهو (٢٠) فى موضوع أو ذو موضوع. فهذا المقدار هو متعلق بموضوع ولا يجوز أن يكون موضوعه الأول مادة المتحرك لما بيناه فإنه إن (٢١) كان مقدار (٢٢) مادة بلا واسطة لكانت المادة تصير به أعظم أو أصغر (٢٣). فإذن هو فى الموضوع بوساطة هيئة أخرى ، ولا يجوز أن يكون بوساطة هيئة قارة كالبياض والسواد ، وإلا لكان مقدار (٢٤) تلك الهيئة فى المادة يحصل فى المادة مقدارا ثابتا قارا. فبقى أن يكون مقدار هيئة (٢٥) غير (٢٦) قارة ، وهى الحركة من مكان إلى مكان أو من وضع إلى وضع بينهما مسافة تجرى عليها الحركة الوضعية ، وهذا هو الذي نسميه الزمان.

وأنت تعلم أن الحركة يلحقها أن تنقسم إلى متقدم ومتأخر ، وإنما يوجد فيها المتقدم ما يكون منها فى المتقدم (٢٧)

__________________

(١) أو جزء .... المكان : ساقطة من سا. (٢) يفارق : يفارقه ط.

(٣) فمقدار : لمقدار د(٤) ذو : كيف سا. (٥) الإمكان : المكان م. (٦) لكن : ولكن ط

(٧) فإما : وإما د ، سا (٨) أو لا يكون ... المتحرك : ساقطة من م.

(٩) نفسها : بعينها ط ، ساقطة من سا (١٠) إذ : أن م. (١١) الحركية : الحركة ط ، م

(١٢) اختلفت : اختلف ط ، م (١٣) الحركة فى السرعة : السرعة فى الحركة سا

(١٤) والبطء : ساقطة من سا ، ط ، م. (١٥) فقد : وقد م (١٦) لإمكان : الإمكان د ، م

(١٧) محدودة : تحدده ط. (١٨) المسافة : المسافات ط

(١٩) وكيف : فكيف د ، م. (٢٠) فهو : ساقطة من م.

(٢١) إن : لو ب ، د (٢٢) مقدار : مقداره ط. (٢٣) أو أصغر : وأصغر ط.

(٢٤) مقدار : مقداره ط. (٢٥) هيئة : هيئته ط

(٢٦) غير : ساقطة من ب. (٢٧) المتقدم (الثانية) : التقدم ط.


من المسافة ، والمتأخر ما يكون (١) منها فى المتأخر من المسافة. لكنه يتبع ذلك أن المتقدم (٢) للحركة لا يوجد مع المتأخر منها كما يوجد المتقدم والمتأخر فى المسافة معا ولا يجوز أن يصير ما هو مطابق المتقدم من الحركة (٣) فى المسافة متأخرا ولا الذي هو مطابق المتأخر منها (٤) متقدما ، كما يجوز فى المسافة ، فيكون للتقدم (٥) والتأخر (٦) فى الحركة خاصية (٧) تلحقهما (٨) من جهة ما هما للحركة ، ليس من جهة ما هما للمسافة ، ويكونان معدودين بالحركة ، فإن (٩) الحركة بأجزائها بعد المتقدم والمتأخر ، فتكون الحركة لها عدد من حيث لها فى المسافة تقدم وتأخر ، ولها مقدار أيضا بإزاء مقدار المسافة. والزمان هو هذا العدد أو المقدار (١٠) ، فالزمان عدد الحركة إذا انفصلت إلى متقدم ومتأخر (١١) ، لا بالزمان ، بل فى المسافة (١٢) ، وإلا لكان البيان تحديدا بالدور ، والذي ظن بعض المنطقين أنه وقع فى هذا البيان دور ، إذ لم يفهم هذا فقد ظن غلطا. وهذا الزمان هو أيضا لذاته (١٣) مقدار لما هو فى ذاته ذو تقدم وتأخر لا يوجد المتقدم منه (١٤) مع المتأخر ، كما قد يوجد فى سائر أنحاء التقدم والتأخر. وهذا هو لذاته يكون شيء منه قبل شيء ، وشيء منه بعد شيء ، وتكون سائر الأشياء لأجله بعضها قبل وبعضها بعد. وذلك لأن الأشياء التي يكون فيها قبل وبعد بمعنى أن القبل منها فايت (١٥) والبعد (١٦) غير موجود مع القبل ، إنما (١٧) يكون كذلك لا لذواتها (١٨) ، بل لوجودها مع قسمين (١٩) من أقسام هذا المقدار فيما يطابق (٢٠) منها جزءا هو قبل ، قيل له إنه قبل ، وما يطابق جزءا هو بعد ، قيل له إنه بعد. ومعلوم أن هذه الأشياء هى (٢١) ذوات التغير (٢٢) فيه فلا فايت فيه (٢٣) ولا لا حق. وهذا الشيء ليس يكون قبل وبعد لأجل شيء آخر ، لأنه (٢٤) لو كان كذلك لكان القبل منه إنما صار قبلها لوجوده فى قبل شيء آخر ، فيكون ذلك الشيء آخر ينتهى إليه التدريج آخر الأمر هو لذاته وقبل وبعد (٢٥) ، أى لذاته قبل الإضافة التي بها يكون قبل وبعد. ومعلوم أن ذلك الشيء هو الذي يقع فيه إمكان التغييرات على النحو المذكور وقوعا أوليا ويقع فى غيره لأجله ، فيكون ذلك الشيء هو المقدار المقدر للإمكان المذكور تقديرا بذاته ويكون (٢٦) ما نحن فيه لا غيره. فنحن إنما كنا جعلنا الزمان اسما للمعنى الذي هو لذاته مقدار للإمكان المذكور ويقع فيه الإمكان المذكور وقوعا أوليا. فبين (٢٧) من هذا أن هذا المقدار المذكور هو

__________________

(١) ما يكون منها : منها ما يكون ط (٢) المتقدم : المقدم د.

(٣) من الحركة : ساقطة من د. (٤) منها : + فيها ط ، م

(٥) للتقدم : التقدم سا ، م ، المتقدم ط (٦) والتأخر : والمتأخر ط

(٧) خاصية : خاصة م (٨) تلحقهما : يلحقها سا ، ط ، م.

(٩) فإن : فإذن ط. (١٠) والزمان .... أو المقدار : ساقطة من م.

(١١) ومتأخر : أو متأخر ط (١٢) فى المسافة : بالمسافة ط.

(١٣) لذاته : الذي هو لذاته م (١٤) منه : منها ط ، م.

(١٥) فايت : ثابت ط (١٦) والبعد : أو البعد م.

(١٧) إنما : وإنما ط (١٨) لذواتها : لفواتها سا

(١٩) قسمين : قسم سا ، ط ، م (٢٠) يطابق : طابق ط.

(٢١) هى : + الأشياء ط (٢٢) التغير : التغيير ط.

(٢٣) فيه (الثانية) : ساقطة من م (٢٤) لأنه : ساقطة من م.

(٢٥) وبعد : وذو بعد ط. (٢٦) ويكون : + هو ط.

(٢٧) فبين : فبين ط.


بعينه الشيء الذي هو ، لذاته يقبل إضافة قبل وبعد ، بل هو بنفسه منقسم إلى قبل وبعد. ولست (١) أعنى بهذا أن الزمان يكون قبل لا بالإضافة بل أعنى أن الزمان لذاته تلزمه هذه الإضافة وتلزم سائر الأشياء بسبب الزمان ، فإن الشيء إذا قيل له قبل وكان ذلك الشيء غير الزمان ، فكان (٢) مثل الحركة والإنسان وغير ذلك ، كان معناه أنه موجود مع شيء هو بحال (٣) ، تلك الحال يلزمها إذا قيست إلى حال الآخر إن كان الشيء بها قبل لذاته ، أى (٤) يكون هذا للزوم له لذاته ، فالمتقدم تقدمه (٥) أنه له وجود مع عدم شيء آخر لم يكن موجودا وهو موجود فهو متقدم عليه إذا اعتبر عدمه ، وهو معه إذا اعتبر وجوده فقط ، وفى حال ما هو معه فليس متقدما (٦) عليه وذاته حاصل فى الحالين (٧) وليس حال ما هو له (٨) متقدم هو حال ما هو مع ، فقد يبطل منه لا محالة أمر كان له من التقدم عند ما هو مع. فالتقدم والقبلية معنى لهذا الذات ، ليس لذاته ولا ثابت (٩) مع ثبات ذاته. وذلك المعنى مستحيل فيه أن يبقى مع الحالة الأخرى البتة (١٠) استحالة لذاته ، ويستحيل فيه أن يصير مع. ومعلوم أن هذا الوجود لا يثبت له (١١) عند وجود الآخر (١٢) (١٣) ، وأما الشيء الذي له هذا المعنى والأمر فلا يستحيل ذلك فيه ، فإنه تارة يوجد وهو قبل ، وتارة يوجد وهو معا (١٤) ، وتارة يوجد وهو بعد ، وهو واحد بعينه. وأما نفس الشيء الذي هو قبل وبعد لذاته وإن (١٥) كان بالقياس (١٦) فلا يجوز أن يبقى هو بعينه ، فيكون بعد ، بعد (١٧) ما كان قبل ، فإنه ما جاء المعنى الذي به الشيء بعد إلا بطل ما هو به (١٨) قبل ، والشيء ذو هذا الأمر (١٩) هو (٢٠) باق مع بطلان الأمر (٢١) القبل. وهذا الأمر لا يجوز أن تكون نسبته إلى عدم فقط أو إلى وجود فقط ، فإن نسبة وجود الشيء إلى عدم الشيء (٢٢) قد يكون تأخرا كما يكون تقدما ، وكذلك فى جانب الوجود ، بل هو نسبة إلى عدم مقارن أمرا (٢٣) آخر ، إذا قارنه كان تقدما (٢٤) ، وإن (٢٥) قارن غيره كأن تأخرا. والعدم فى الحالين عدم وكذلك الوجود ، وكذلك نظيره يقارن المنسوب ، لأن المنسوب أيضا منسوب (٢٦) إليه بالعكس (٢٧) ، وله ذلك (٢٨) الحكم. وهذا الأمر هو زمان ، أو نسبة إلى زمان ، فإن كان (٢٩) زمانا فذلك ما نقوله ، وإن كان نسبة (٣٠) إلى الزمان (٣١) فتكون قبليتها (٣٢) لأجل الزمان

__________________

(١) ولست : لست د ، سا ، ط ، م. (٢) فكان : وكان د ، ط ، م.

(٣) بحال : بحالة ط (٤) أى : أن م. (٥) تقدمه : تقدم م. (٦) متقدما : مقدما م

(٧) الحالين : الحال م. (٨) له : ساقطة من ط. (٩) ولا ثابت : ولا ثابتا ط ، م

(١٠) البتة : ساقطة من م. (١١) له : + فإنه سا ، ط ، م (١٢) مع ومعلوم ... الآخر : ساقطة من سا

(١٣) الآخر : + قبله سا ، + قبل ط. (١٤) معا : مع م.

(١٥) وإن : فإن م (١٦) بالقياس : + له قبل وبعد ط.

(١٧) بعد بعد : بعد البعد ط ، بعدا بعد م (١٨) بطل ما هو به : باطل به هو د.

(١٩) الأمر (الأولى) : ساقطة من م (٢٠) هو : ساقطة من ط

(٢١) الأمر (الثانية) : أمر ط. (٢٢) وجود الشيء إلى عدم الشيء : وجود وجود الشيء د.

(٢٣) أمرا : أمر ط (٢٤) تقدما : مقدما سا ، متقدما م

(٢٥) وإن : فإن ط. (٢٦) أيضا منسوب : ساقطة من د. (٢٧) بالعكس : وبالعكس ط

(٢٨) وله ذلك : ولو كان فله ذلك ب ، د. (٢٩) كان : كانت سا

(٣٠) نسبة (الثانية) : نسبته ط (٣١) الزمان (الأولى) : زمان ط (٣٢) قبليتها : قبليتهما بخ ، + ما ط.


ويرجع الأمر إلى أن هذه القبلية البعدية أول موضوعهما (١) الزمان. فالزمان لذاته يعرض له قبل وبعد ، بل الذي يعرض له قبل وبعد لذاته هو الذي نسميه الزمان ، إذ قد بينا أنه لذاته هو مقدار الإمكان المشار إليه ، ولما (٢) صح أن الزمان ليس مما يقوم بذاته ، وكيف يكون مما (٣) يقوم بذاته وليس له ذات حاصلة وهو حادث وفاسد ، وكل ما يكون مثل (٤) هذا فوجوده (٥) متعلق بالمادة ، فيكون الزمان ماديا ، ومع أنه مادى موجود فى المادة بتوسط الحركة فإن لم تكن حركة ولا تغير لم يكن زمان ، فإنه كيف يكون زمان (٦) ولا يكون قبل وبعد ، وكيف يكون قبل وبعد إذا لم يحدث أمر فأمر (٧) فإنه لا يكون بعد وقبل معا ، بل يبطل الشيء الذي هو قبل من حيث هو قبل ، لأنه يحدث الشيء الذي هو بعد ، من حيث هو بعد (٨) فإن لم يكن اختلاف وتغير ما (٩) بأن يبطل شيء أو يحدث شيء لا يكون أمر هو بعد إذ لم يكن قبل ، أو أمر هو قبل (١٠) إذ ليس بعد.

فإذن الزمان لا يوجد إلا مع وجود تجدد حال ويجب أن يستمر فى ذلك التجدد وإلا لم يكن زمان أيضا ، لأنه إذا كان أمر دفعة ثم لم يكن شيء (١١) البتة حتى كان (١٢) شيء آخر دفعة لم يخل إما أن يكون بينهما إمكان تجدد أمور أو لا يكون فإن كان بينهما إمكان تجدد أمور فيكون فيما بينهما قبل وبعد ، والقبل والبعد إنما يتحقق بتجدد أمور ، وفرضنا أنه ليس هناك تجدد أمور ، هذا خلف. وإن لم يكن بينهما هذا الإمكان فهما متلاصقان (١٣) ، فلا يخلو إما أن يكون ذلك الالتصاق مستمرا أو لا يكون ، فإن كان مستمرا فقد حصل ما فرضناه على أنه محال ستتضح استحالته بعد ، وإن كان منقطعا عاد الكلام من رأس. فيجب ضرورة إن كان زمان أن يكون تجدد أحوال إما على التلاصق (١٤) وإما على الاتصال ، فإن لم تكن حركة لم يكن زمان. ولأن الزمان كما قلنا مقدار وهو متصل محاذ لاتصال (١٥) الحركات والمسافات ، فله لا محالة فصل متوهم وهو الذي يسمى الآن.

__________________

(١) موضوعهما : موضوعها د ، سا.

(٢) ولما : لما سا.

(٣) يكون مما : ساقطة من م.

(٤) مثل : يمثل م (٥) فوجوده : بوجوده سا.

(٦) زمان (الثانية) : ساقطة من سا.

(٧) فأمر : ساقطة من م.

(٨) من حيث هو بعد : ساقطة من د

(٩) ما : ساقطة من سا ، ط ، م.

(١٠) أو أمر هو قبل : ساقطة من م.

(١١) شيء (الأولى) : الشيء د

(١٢) حتى كان : حتى إذا كان سا.

(١٣) متلاصقان : ملتصقان سا ، م.

(١٤) التلاصق : التلاحق بخ.

(١٥) لاتصال : الاتصال سا.


[الفصل (١) الثاني عشر]

ل ـ فصل

فى بيان أمر الآن

نقول ، إن الآن يعلم من جهة العلم بالزمان ، فإن الزمان لما كان متصلا فله لا محالة فصل ، يتوهم وهو الذي يسمى الآن ، وهذا الآن ليس موجودا (٢) البتة بالفعل بالقياس إلى نفس الزمان ، وإلا لقطع اتصال الزمان ، بل إنما وجوده على أن يتوهمه الوهم واصلا (٣) فى المستقيم (٤) الامتداد ، والواصل (٥) لا يكون موجودا بالفعل فى المستقيم الامتداد (٦) من حيث هو واصل (٧) ، وإلا لكانت كما نبين بعد واصلات (٨) بلا نهاية ، بل إنما يكون بالفعل لو قطع الزمان ضربا من القطع. ومحال أن يقطع اتصال الزمان (٩) ، وذلك لأنه إن جعل للزمان قطع (١٠) ، لم يخل إما أن يكون ذلك القطع (١١) فى ابتداء الزمان أو انتهائه (١٢). فإن كان فى ابتداء الزمان ، وجب من ذلك أن يكون ذلك الزمان ، لا قبل له ، وإذا (١٣) كان لا قبل له فيجب أن لا يكون معدوما ثم وجد فإنه إذا كان معدوما ثم وجد يكون وجوده بعد عدمه ، فيكون عدمه قبل وجوده ، فيكون له قبل ضرورة ويكون ذلك القبل معنى غير العدم الموصوف به (١٤) على النحو الذي قلنا فى هذا الموضع.

فيكون الشيء الذي به يقال هذا النوع من القبلية حاصلا ولا هذا الزمان ، فيكون هذا الزمان قبله زمان يكون متصلا به ، ذلك قبل وهذا بعد ، وهذا الفصل يجمعهما وقد فرض فاصلا ، وهذا خلف (١٥). وكذلك إن فرض فاصلا على أنه نهاية ، لم يخل إما أن يكون بعده إمكان وجود شيء أو لا يكون ، فإن كان لا يمكن بعده أن يوجد شيء ولا واجب الوجود حتى يستحيل أن يوجد شيء مع عدم ما انتهى إليه من النهاية ، فقد ارتفع أن يكون وجود واجب (١٦) واجبا (١٧) ، وارتفع (١٨) الإمكان المطلق (١٩) والوجود الواجب. والإمكان المطلق لا يرتفع (٢٠) ، وإن كان بعده ذلك ، فله

__________________

(١) فصل ١٢ ب الفصل الثاني عشر م.

(٢) موجودا : بموجود ط. (٣) واصلا : فاصلا د ، ط

(٤) المستقيم : مستقيم د ، سا ، ط ، م (٥) والواصل : والفاصل د ، فالواصل سا ، فالفاصل ط

(٦) والواصل .... الامتداد : ساقطة من م. (٧) واصل : فاصل د ، ط

(٨) واصلات : فاصلات د ، ط. (٩) الزمان (الأولى) : زمان م.

(١٠) للزمان قطع : الزمان قطعة م (١١) القطع : قطع ط

(١٢) أو انتهائه : أو فى انتهائه ط ، م

(١٣) وإذا : فإذا ط. (١٤) به : ساقطة من سا ، ط ، م.

(١٥) وهذا خلف : هذا خلف ط ، م. (١٦) واجب : شيء ط

(١٧) حتى ... واجبا : ساقطة من سا. (١٨) وارتفع : فارتفع ط

(١٩) المطلق : ساقطة من د ، سا م (٢٠) لا يرتفع : لا يرتفعان ط.


بعد فهو قبل ، فالآن واصل لا فاصل ، فالزمان لا يكون له آن بالفعل موجودا (١) بالقياس إلى نفسه ، بل بالقوة ، أعنى به (٢) القوة (٣) القريبة من الفعل ، وهو أن الزمان يتهيأ أن يفرض فيه الآن دائما إما بفرض الفارض أو بموافاة الحركة حدا مشتركا غير منقسم ، كمبدإ (٤) طلوع أو غروب أو غير ذلك. وذلك بالحقيقة ليس إحداث فصل فى ذات الزمان نفسه ، بل فى إضافته إلى الحركات ، كما يحدث من (٥) الفصول الإضافية فى المقادير الآخر (٦) ، كما ينفصل جزء جسم من جزء آخر بموازاة أو مماسة أو فرض فارض ، من غير أن يكون قد حصل فيه بالفعل فصل فى نفسه بل حصل فيه (٧) فصل مقيسا إلى غيره. وهذا الآن إذا حصل بهذه النسبة فليس يكون عدمه إلا فى جميع الزمان بعده. وقول القائل إنه إما أن يفسد فى آن يليه أو آن (٨) لا يليه ، هو بعد أن يسلم (٩) أن له فسادا (١٠) مبتدأ فى آن بلا ابتداء فساده هو فى (١١) طرف الزمان الذي هو (١٢) فى جميعه يعدم (١٣) ، فإنه لا يفهم من الفساد غير أن يكون الشيء معدوما بعد وجوده. ووجوده فى هذا الموضع هو أنه (١٤) طرف الزمان الذي هو فيه معدوم. كأنك قلت إنه فى طرف الزمان الذي هو معدوم فيه موجود ، وليس لفساده (١٥) مبدأ فساد هو أول آن فسد فيه ، بل بين وجوده وعدمه فصل هو وجوده لا غير. وأنت ستعلم (١٦) أنه ليس للمتحرك والساكن والمتكون والفاسد أول آن هو فيه (١٧) متحرك أو ساكن أو متكون أو فاسد ، إذ الزمان (١٨) منقسم (١٩) بالقوة إلى غير النهاية. والذي يظن من أنه يمكن أن (٢٠) يقال على هذا أن الآن إما أن يعدم قليلا قليلا فيمتد أخذه (٢١) إلى العدم مدة أو يعدم دفعة ، فيكون عدمه فى آن هو قول يحتاج أن يبين فساده.

فنقول : إن المعدوم أو الموجود دفعة بمعنى الذي يحصل فى آن واحد ، ليس لازما لمقابل (٢٢) الذي يعدم قليلا قليلا أو الذي يوجد قليلا قليلا ، بل هو أخص من ذلك المقابل. وذلك المقابل (٢٣) هو الذي ليس يذهب إلى الوجود أو إلى العدم أو الاستحالة أو غير ذلك قليلا قليلا ، وهذا يصدق على ما يقع عليه دفعة ، ويصدق على الأمر الذي يكون فى جميع زمان ما معدوما ، وفى طرفه الذي ليس بزمان موجودا ، أو الأمر الذي يكون فى جميع زمان ما (٢٤) موجودا (٢٥) وفى طرفه الذي ليس بزمان معدوما. فإن هذين ليسا يوجدان أو يعدمان قليلا قليلا ، والأول أيضا

__________________

(١) موجودا : موجود م. (٢) به : ساقطة من سا ، ط ، م

(٣) القوة : ساقطة من ب. (٤) كمبدإ : كبدأ ط.

(٥) من : فى سا (٦) الأخر : الأول ط.

(٧) فيه : + بالفعل ط. (٨) أو آن : وآن د

(٩) يسلم : يتسلم ب ، سا (١٠) فسادا : فساد ب ، سا.

(١١) فى (الأولى) : ساقطة من م

(١٢) هو (الثانية) : وهو م (١٣) يعدم : معدوم هامش د.

(١٤) أنه : أن د. (١٥) لفساده : إفساده سا.

(١٦) ستعلم : تعلم ط (١٧) فيه : ساقطة من م.

(١٨) إذ الزمان : فالزمان سا (١٩) منقسم : ينقسم سا ، ط

(٢٠) أن (الأولى) : ساقطة من م. (٢١) أخذه : أخذا ط ، م.

(٢٢) لمقابل : لقابل ط. (٢٣) وذلك المقابل : ساقطة من م.

(٢٤) معدوما .... زمان ما : ساقطة من سا. (٢٥) أو الأمر .... موجودا : ساقطة من م.


كذلك وهو الذي يكون وجوده أو عدمه فى آن. لكن هذا الوجه يباين ذلك (١) الوجه الأول ، لأن (٢) الوجه الأول قد فرض (٣) فيه الحكم فى أن الزمان الذي هو نهايته بالذات ، كالحكم فى جميع الزمان ، وفى هذا الوجه قد فرض الحكم فى الآن مخالفا للحكم فى الزمان من غير أن يوضع آن (٤) بعد الآن المخالف (٥) ، وإلا لوقعت مشافعة (٦) بين آنات ، ولكان ذلك الآن هو الطرف بالذات وليس كلامنا فى أن هذا الوجه الثاني يصح وجوده أو لا يصح ، فإنا لا نتكلم فيه من حيث يصدق بوجوده ، بل نتكلم فيه من حيث هو محمول عليه سلب ما ، وذلك السلب هو أنه ليس يوجد أو يعدم قليلا قليلا (٧) ، وله فى ذلك شريك. فذلك (٨) الشريك أخص من هذا السلب ، والأخص لا يلزم الأعم ، وليس يجب أن يكون الشيء من حيث يتصور موضوعا أو محمولا بحيث يصدق بوجوده (٩) أو لا يصدق ، قد علم هذا فى صناعة المنطق.

فإذا كان قولنا ليس يوجد أو يعدم قليلا قليلا ، أعم من قولنا يوجد دفعة ، أو يعدم دفعة ، بمعنى أنه يكون حاله ذلك فى آن مبتدأ فليس قول القائل إنه (١٠) إما أن يكون قليلا قليلا أو يكون دفعة بهذا (١١) الوجه ، صادقا (١٢) صدق المنفصل المحيط بطرفى النقيض أو المحيط بنقيض ، وما يلزم نقيضه وأيضا فإن مقابل ما يوجد دفعة هو ما لا يوجد دفعة ، أى لا يوجد فى آن مبتدأ. وليس يلزمه لا محالة أنه يوجد أو يعدم قليلا قليلا ، بل قد يصدق معه الذي بحسب الوجه المذكور ، اللهم إلا أن يعنى بالموجود دفعة الذي لا يوجد آن إلا وهو (١٣) فيه حاصل الوجود ، ولا يوجد آن هو فيه بعد فى السلوك. وكذلك (١٤) فى المعدوم دفعة بحسبه (١٥) ، فإن كان عنى هذا ، كان هذا لازم (١٦) المقابل وصحت القضية ، ولكن لم يجب أن يكون وجوده المبتدأ دفعة أو عدمه. وهاهنا شيء (١٧) وإن كان لا يليق بهذا الموضع فينبغى أن نذكره ليكون سبيلا إلى تحقق (١٨) ما قلناه ، وهو أنه بالحرى أن نتعرف لنعرف هل الآن المشترك بين زمانين (١٩) فى أحدهما الأمر بحال وفى الآخر بحال أخرى ، قد يخلو الأمر فيه (٢٠) عن الحالين جميعا ، أو يكون (٢١) فيه على إحدى (٢٢) الحالين دون الأخرى.

فإن كان الأمران (٢٣) فى قوة المتناقضين كالمماس وغير المماس والموجود والمعدوم وغير ذلك ، فمحال (٢٤) أن يخلو الشيء فى الآن المفروض عنهما جميعا ، فيجب أن يكون لا محالة على أحدهما ، فليت شعرى على أيهما يكون.

فنقول إن الأمر الموجود لا محالة يرد عليه أمر فيعدمه (٢٥) فلا نحلو إما أن يكون ذلك (٢٦) الوارد مما يصح وروده

__________________

(١) ذلك : ساقطة من سا (٢) لأن : + فى سا. (٣) فرض : يفرض هامش د. (٤) آن : آنا ط ، آناء م

(٥) المخالف : المخالفة م (٦) مشافعة : مسافة سا. (٧) قليلا قليلا : قليلا د (٨) فذلك : بذلك سا.

(٩) بوجوده : وجوده سا. (١٠) إنه : ساقطة من م (١١) بهذا : وبهذا م (١٢) صادقا : صادق ط.

(١٣) هو : ساقطة من م (١٤) وكذلك : ولذلك ب (١٥) بحسبه : بحسب د ، م (١٦) لازم : اللازم د.

(١٧) شيء : + آخر هو ط. (١٨) تحقق : تحقيق ط ، م (١٩) زمانين : الزمانين ط. (٢٠) فيه (الأولى) : ساقطة من م (٢١) أو يكون : أن يكون م (٢٢) إحدى : أحد د ، ساقطة من سا. (٢٣) الأمران : الآخر د

(٢٤) فمحال : فيحال م. (٢٥) فيعدمه : ساقطة من سا (٢٦) ذلك : + الشيء د ، ط ، م.


فى آن ، وهو الشيء الذي تتشابه حاله فى أى آن أخذت فى زمان وجوده ، ولا يحتاج فى آن يكون إلى أن يطابق مدة. وما كان هكذا فالشيء فى الفصل المشترك موصوف به (١) ، كالمماسة وكالتربيع وغير ذلك من الهيئات القارة التي يتشابه وجودها فى كل آن زمان وجودها. وإما أن يكون الشيء بخلاف هذه الصفة (٢) فيقع وجوده فى زمان ولا يقع (٣) فى آن فيكون وجوده فى الزمان الثاني وحده ، والآن الفاصل بينهما (٤) لا يحتمله ، فتكون فيه مقابلة مثل المفارقة وترك المماسة والحركة. فمن ذلك ما يجوز أن تتشابه حاله فى آنات من زمانه دون آنات الوقوع ابتداء (٥) ومنه ما لا يجوز (٦) أن تتشابه حاله (٧) البتة. أما (٨) الذي يجوز فمثل اللامماسة التي هى المباينة ، فإنها لا تقع إلا بحركة واختلاف حال ولكنها تثبت (٩) لا مماسة ، بل مباينة زمانا تتشابه فيه. وإن اختلفت (١٠) أحوالهما من جهات (١١) أخرى ، فليس ذلك من جهة أنهما (١٢) مباينة ولا مماسة ، وأما الذي لا يجوز ذلك فيه فكالحركة (١٣) ، فإنها لا تتشابه حالها فى آن من الآنات ، بل يكون فى آن من الآنات ، بل يكون فى كل آن تجدد قرب وبعد جديد هما من أحوال الحركة. فالشيء غير (١٤) المتحرك إذا تحرك والمماس إذا لم يماس (١٥) فالآن الفاصل بين زمانيه. إذ لا ابتداء مفارقة فيه ولا حركة ، ففيه مماسة وعدم حركة.

وهذا وإن كان خارجا عن غرضنا ، فإنه نافع فيه وفى مسائل أخرى. فهذا الذي تكلمنا فيه هو الآن المحفوف بالماضى والمستقبل كأنه حدث زمان ، فحد بعد حصوله بهذا الآن. وقد يتوهم آن آخر على صفة أخرى فكما أن طرف المتحرك وليكن نقطة ما يفرض بحركته وسيلانه مسافة ما ، بل خطا ما ، كأنه أعنى ذلك الطرف هو المنقل ، ثم ذلك الخط تفرض فيه نقط (١٦) لا الفاعلة (١٧) للخط ، بل المتوهمة واصلة (١٨) له كذلك ، يشبه أن يكون فى الزمان وفى الحركة بمعنى القطع شيء كذلك ، وشيء كالنقط (١٩) الداخلة فى الخط (٢٠) التي (٢١) لم تفعله (٢٢) ، وذلك إنه يتوهم منتقل وجد فى المسافة وزمان ، فالمنتقل بفعل نقلة (٢٣) متصلة على مسافة متصلة (٢٤) يطابقه (٢٥) زمان متصل. فكان (٢٦) المنتقل ، بل حالته التي تلزمه فى الحركة هو طرف غير منقسم فعال (٢٧) بسيلانه (٢٨) اتصالا ويطابقه من المسافة نقطة ومن الزمان آن ، فإنه لا يكون معه لا خط المسافة ، فقد خلفه ولا الحركة بمعنى القطع ، فقد انقضت ، ولا الزمان ، فقد سلف ، إنما يكون معه من كل واحد

__________________

(١) به : ساقطة من سا. (٢) الصفة : القصة د (٣) ولا يقع : فلا يقع م.

(٤) بينهما : + لا محالة ط. (٥) ابتداء : + منه سا ، ط. (٦) ما لا يجوز : لا يجوز م.

(٧) فى آنات ..... حاله : ساقطة من سا. (٨) أما : وأما ط. (٩) تثبت : لا تثبت سا

(١٠) اختلفت : اختلف ب ، د ، سا ، ط (١١) جهات : جهة ط ، م. (١٢) أنهما : أنها م

(١٣) فكالحركة : وكالحركة د. (١٤) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط. (١٥) يماس : يتماس ط.

(١٦) نقط : نقطة د ، ط (١٧) الفاعلة : الفاعل ط (١٨) واصلة : حاصلة ط.

(١٩) كالنقط : كالنقطة د ، ط (٢٠) فى الخط : ساقطة من م (٢١) التي : الذي سا

(٢٢) تفعله : + بل المتوهمة بعد حدوث الخط ط. (٢٣) نقلة : ساقطة من م

(٢٤) على مسافة متصلة : ساقطة من ط. (٢٥) يطابقه : وطابقه د

(٢٦) فكان : كان د ، وكان م. (٢٧) فعال : فعالا فقال م (٢٨) بسيلانه : لسيلانه ط.


طرف له غير منقسم انقسامه ، فيكون معه دائما من الزمان الآن ، ومن القطع الشيء الذي بينا أنه بالحقيقة هو الحركة ما دام الشيء يتحرك ، ومن المسافة الحد إما نقطة وإما غير ذلك. وكل (١) واحد من هذه نهاية ، والمنتقل أيضا نهاية لنفسه (٢) من حيث انتقل ، كأنه شيء ممتد (٣) من المبدأ فى المسافة إلى حيث وصل. فإنه من حيث هو منتقل شيء ممتد من المبدأ إلى المنتهى ، وذاته الموجودة المتصلة الآن حد ونهاية لذاته من حيث قد (٤) انتقل إلى هذا الحد ، فحرى بنا أن ننظر هل كما أن المنتقل ذاته واحدة وبسيلانه (٥) فعل ما هو حده ونهايته وفعل المسافة أيضا ، كذلك فى الزمان شيء هو (٦) الآن يسبل فتكون هى (٧) ذاتا غير منقسمة من حيث هو هو ، وهو بعينه باق من حيث ذلك ، وليس باقيا من حيث هو الآن (٨) ، لأنه إنما يكون آنا إذا أخذ محددا (٩) للزمان كما أن ذلك يكون منتقلا إذا كان محددا لما يحدده ويكون فى نفسه نقطة أو شيئا آخر. وكما أن المنتقل يعرض له من حيث هو منتقل أن يمكن أن يوجد مرتين بل هو يفوت بفوات انتقاله كذلك الآن من حيث هو (١٠) آن لا يوجد مرتين لكن الشيء الذي لأمر ما صار آنا عسى أن يوجد مرارا كما أن المنتقل من حيث هو (١١) أمر عرض له الانتقال عسى أن يوجد مرارا ، فإن كان شيء (١٢) مثل هذا موجودا (١٣) فيكون حقا ما يقال إن الآن يفعل بسيلانه (١٤) الزمان ولا يكون هذا الآن هو الذي يفرض (١٥) بين زمانين يصل (١٦) بينهما ، كما أن النقطة المتوهمة فاعلة بحركتها مسافة هى غير نقطة المسافة المتوهمة فيه فإن كان لهذا الشيء وجود فهو وجود الشيء (١٧) مقرونا بالمعنى الذي حققنا فيما سلف أنه حركة ، من غير متقدم ولا متأخر ولا تطبيق. وكما أن كونه ذا أين إذا استمر سائلا فى المسافة أحدث الحركة (١٨) ، كذلك كونه ذا ذلك المعنى الذي سميناه الآن إذا استمر فى متقدم الحركة ومتأخرها أحدث الزمان. فنسبة (١٩) هذا الشيء إلى المتقدم والمتأخر هى كونه آنا ، وهو فى نفسه شيء يفعل الزمان ، ويعد الزمان (٢٠) بما يحدث إذا أخذ (٢١) آنا من حدود فيها ، فيحدث تقدمات (٢٢) وتأخرات معدودة ، كالنقط (٢٣) تعد الخط بأن تكون كل نقطة مشتركة بين خطين بإضافتين (٢٤) ، والعاد الحقيقى هو الذي هو أول معط للشيء وحدة (٢٥) ومعط له الكثرة والعدد بالتكرير. فالآن (٢٦) الذي (٢٧) بهذه الصفة يعد الزمان فإنه ما لم يكن آن لم يعد (٢٨) الزمان ،

__________________

(١) وكل : فكل م. (٢) لنفسه : نفسه م (٣) ممتد : ساقطة من سا ، م. (٤) قد : ساقطة من ط.

(٥) وبسيلانه : فبسيلانه سا ، وسيلانه م. (٦) هو : ساقطة من م (٧) هى : هو ط. (٨) الآن : آن ط

(٩) محددا : محدد ط. (١٠) هو (الثانية) : ساقطة من ط. (١١) هو : هو هو ط (١٢) شيء : بشيء ط.

(١٣) موجودا : موجود ط (١٤) بسيلانه : لسيلانه د (١٥) يفرض : يعرض م (١٦) يصل : فصل سا.

(١٧) الشيء : لشيء ط. (١٨) الحركة : بالحركة م. (١٩) فنسبة : فيشبه م. (٢٠) ويعد الزمان : ساقطة من م

(٢١) أخذ : أخذنا د ، ط ، م (٢٢) تقدمات : + أخرى د. (٢٣) كالنقط : كالنقطة د ، ط (٢٤) بإضافتين : ساقطة من سا. (٢٥) وحدة : الوحدة ط (٢٦) فالآن : لأن م

(٢٧) الذي : + هو ط ، م. (٢٨) يعد (الثانية) : يبعد ب ، سا ، م ، يتعد د. ط.


والمتقدم والمتأخر يعد الزمان على الوجه الثاني ، أى بأنه جزوه ، ويحصل (١) جزأيه بوجود الآن ، ولأن المتقدم والمتأخر أجزاء (٢) الزمان ، وكل جزء منه (٣) من شأنه الانقسام كأجزاء الخط ، فالآن أولى بالوحدة ، والوحدة (٤) أولى بالتعديد ، فالآن يعد على الجهة التي تعد النقطة ولا ينقسم ، والحركة (٥) تعد الزمان بأن يوجد المتقدم والمتأخر بسبب المسافة ، فبمقدار (٦) الحركة يكون عدد المتقدم والمتأخر ، فالحركة تعد الزمان (٧) على أنها توجد عدد الزمان وهو المتقدم والمتأخر ، والزمان يعد الحركة بأنه عدد لها نفسها (٨). مثال هذا أن الناس لوجودهم هم (٩) أسباب وجود عددهم الذي هو مثلا عشرة (١٠) ، ولوجودهم (١١) وجدت عشريتهم ، والعشرية جعلت الناس لا موجودين وأشياء (١٢) ، بل معدودين (١٣) ، أى ذوى عدد. والنفس إذا عدت الناس كان المعدود ليس هو طبيعة الإنسان ، بل العشرية (١٤) التي حصلها افتراق طبيعة الإنسان مثلا فالنفس بالإنسان (١٥) تعد العشرية (١٦) ، فكذلك الحركة (١٧) بعد الزمان على المعنى المذكور. ولو لا الحركة بما يفعل فى المسافة من حدود التقدم والتأخر لما وجد للزمان (١٨) عدد ، لكن الزمان يقدر (١٩) الحركة ، والحركة تقدر الزمان. والزمان يقدر الحركة على وجهين : أحدهما أنه يجعلها ذا قدر ، والثاني أنه يدل على كمية قدرها والحركة تقدر الزمان على أنها تدل (٢٠) على قدره بما يوجد فيه من المتقدم والمتأخر (٢١) ، وبين الأمرين فرق. أما الدلالة على القدرة فتارة تكون (٢٢) مثل (٢٣) ما يدل المكيال على الكيل ، وتارة تكون مثل ما يدل الكيل على المكيال. ، وكذلك (٢٤) تارة تدل المسافة على قدر الحركة ، وتارة الحركة على قدر المسافة ، فيقال تارة مسيرة فرسخين ، وتارة مسافة رمية. لكن الذي يعطى المقدار للآخر هو أحدهما ، وهو الذي هو بذاته (٢٥) قدر. ولأن الزمان متصل فى جوهره صلح (٢٦) ، أن يقال طويل وقصير ولأنه عدد بالقياس إلى المتقدم والمتأخر على ما أوضحناه صلح (٢٧) أن يقال : قليل وكثير. وكذلك الحركة فإنها يعرض لها اتصال وانفصال ، فيقال (٢٨) عليها خواص المتصل وخواص المنفصل ، لكن يعرض ذلك لها من غيرها ، والذي (٢٩) هو (٣٠) أخص بها السريع والبطيء ، فقد دللنا على نحو وجود الآن بالفعل إن كان له وجود بالفعل ، وعلى نحو وجوده بالقوة.

__________________

(١) ويحصل : ومحصل م. (٢) أجزاء : آخر سا

(٣) منه : فيه م (٤) والواحدة : ساقطة من م.

(٥) والحركة : فالحركة ط (٦) فبمقدار : ومقدار سا.

(٧) تعد الزمان : ساقطة من سا. (٨) لها نفسها : له نفسه سا ، م

(٩) هم : ساقطة من م (١٠) عشرة : العشرة م.

(١١) ولوجودهم : فلوجودهم ط ، م

(١٢) وأشياء : أشياء م (١٣) معدودين : معددين م.

(١٤) العشرية : العشرة م. (١٥) بالإنسان : الإنسانية ط

(١٦) العشرية : العشرة د (١٧) الحركة : بالحركة سا ، ط ، م.

(١٨) للزمان : الزمان م (١٩) يقدر (الأولى) : يعد د.

(٢٠) أنها تدل : أنه يدل م. (٢١) والمتأخر : المتأخر د

(٢٢) تكون : ساقطة من د (٢٣) مثل : مثلا ط.

(٢٤) وكذلك : ولذلك سا. (٢٥) بذاته : بداية د

(٢٦) صلح : صالح ب ، د. (٢٧) صلح : صالح ب ، د.

(٢٨) فيقال : فقال م (٢٩) والذي : الذي د (٣٠) هو : ساقطة من سا.


[الفصل الثالث عشر]

م ـ فصل (١)

فى حل الشكوك المقولة فى الزمان واتمام القول فى مباحث

زمانية مثل الكون فى الزمان والكون لا فى الزمان وفى

الدهر والسرمد ونعته وهوذا وقبيل وبعيد (٢) والقديم (٣)

فأما (٤) الزمان فإن جميع ما قيل فى أمر إعدامه وأنه لا وجود له ، فهو مبنى على أن لا وجود له فى الآن. وفرق بين أن يقال لا وجود له مطلقا ، وبين أن يقال لا وجود له فى آن حاصلا. ونحن نسلم ونصحح أن الوجود المحصل على هذا النحو لا يكون للزمان إلا فى النفس والتوهم ، وأما (٥) الوجود المطلق المقابل (٦) للعدم المطلق فذلك صحيح له ، فإنه إن لم يكن ذلك صحيحا له ، صدق سلبه ، فصدق أن نقول : إنه ليس بين (٧) طرفى المسافة مقدار إمكان (٨) لحركة (٩) على حد من السرعة يقطعها ، وإن (١٠) كان (١١) هذا السلب كاذبا ، بل كان للحركة على ذلك الحد من السرعة مقدار فيه يمكن قطع هذه المسافة ، ويمكن قطع غيرها بأبطإ (١٢) وأسرع (١٣) على ما قد بينا قبل. فالإثبات الذي يقابله صادق ، وهو أن هناك مقدار هذا الإمكان ، والإثبات دلالة (١٤) على (١٥) وجود الأمر مطلقا ، وإن لم يكن (١٦) دالا على نحو وجوده محصلا فى آن أو على جهة ما. وليس هذا الوجه له بسبب التوهم ، فإنه وإن لم يتوهم ، كان هذا النحو من الوجود وهذا النحو من الصدق حاصلا. ومع هذا فيجب أن يعلم أن الموجودات منها ما هى متحققة الوجود محصلته (١٧). ومنها ما هى أضعف فى الوجود. والزمان يشبه أن يكون أضعف وجودا من الحركة ومجانسا لوجود أمور (١٨) بالقياس إلى أمور ، وإن لم يكن الزمان من حيث هو زمان مضافا ، بل قد تلزمه الإضافة (١٩). ولما كانت المسافة موجودة ، وحدود

__________________

(١) فصل : فصل ١٣ ب ، الفصل الثالث عشر م.

(٢) وقبيل وبعيد : وقبل وبعد م

(٣) والقديم : والتقديم م. (٤) فأما : أما ط.

(٥) وأما أما سا (٦) المقابل : القابل سا.

(٧) بين : ساقطة من م (٨) إمكان : ساقطة من د

(٩) لحركة : الحركة د ، ط ، بحركة سا.

(١٠) وإن : وإذا ط. (١١) وإن كان : ساقطة من د

(١٢) بأبطإ : ساقطة من م

(١٣) وأسرع : أو أسرع ط.

(١٤) دلالة : دالا ط

(١٥) على : + نحو ط.

(١٦) يكن : يمكن م (١٧) محصلته : ومحصلته ط.

(١٨) أمور : أمر د.

(١٩) الإضافة : + من حيث كونه مقدار الشيء وكونه زمانا غير كونه مقدارا ط.


المسافة موجودة ، صار الأمر الذي من شأنه أن يكون عليها ومطابقا لها أو قطعا لها أو مقدار قطع لها نحو من الوجود ، حتى إن قيل إنه ليس له (١) البتة وجود ، كذب. فإن أريد أن يجعل للزمان وجود لا على (٢) هذه (٣) السبيل ، بل على سبيل التحصيل ، لم يكن إلا فى التوهم. فإذن المقدمة المستعملة فى أن الزمان لا وجود له ثابتا ، معناه لا وجود (٤) له فى آن واحد مسلمة. ونحن لا نمنع أن يكون له وجود ، وليس فى آن ، بل وجوده على سبيل التكون (٥) بأن يكون أى آنين فرضتهما كان بينهما الشيء الذي هو الزمان ، وليس فى آن واحد البتة.

وبالجملة طلبهم إن الزمان إن كان موجودا فهو موجود فى آن أو فى زمان أو طلبهم متى (٦) هو موجود ، مما ليس يجب أن يشتغل به ، فإن الزمان موجود لا فى آن ولا فى (٧) زمان (٨) ولا له متى ، بل هو موجود مطلقا وهو نفس الزمان ، فكيف يكون له وجود فى زمان. فليس إذن قولهم : إن الزمان إما أن لا يكون (٩) موجودا أو يكون وجوده فى آن أو يكون وجوده باقيا فى زمان ، قولا صحيحا ، بل ليس مقابل قولنا : إنه ليس بموجود ، هو أنه موجود فى آن ، أو موجود باقيا (١٠) فى زمان ، بل الزمان موجود ولا واحد من الوجودين (١١) ، فإنه لا فى آن ولا باقيا فى زمان وما هذا إلا كمن يقول : إما أن يكون المكان غير موجود أو يكون موجودا فى مكان أو فى حد من مكان (١٢). وذلك لأنه ليس يجب إما أن يكون (١٣) موجودا فى مكان أو فى جزء مكان (١٤) ، وإما غير موجود بل من الأشياء ما ليس موجودا البتة (١٥) فى مكان ، ومن الأشياء ما ليس البتة موجودا فى الزمان. والمكان من جملة القسم الأول ، والزمان من جملة القسم الثاني ، وستعلم هذا بعد. والذي قيل : إنه إن كان للزمان وجود وجب أن يتبع كل حركة زمان فتكون كل حركة تستتبع زمانا ، فالجواب عن ذلك أنه (١٦) فرق بين أن يقال : إن الزمان مقدار لكل حركة ، لكل حركة وبين أن يقال (١٧) إن إنيته متعلقة بكل حركة ، وأيضا فرق بين أن يقال : إن ذات الزمان متعلقة بالحركة على سبيل العروض (١٨)

__________________

(١) له : ساقطة من د ، ط (٢) لا على : إلا على ط

(٣) هذه : هذا د ، سا ، ط. (٤) لا وجود : ولا وجود سا ، م.

(٥) التكون : الذي يكون د ، سا ، الكون م.

(٦) متى : فمتى سا ، ط. (٧) فى (الثانية) : ساقطة من د.

(٨) آن ولا فى زمان : لا فى زمان م (٩) لا يكون : يكون م.

(١٠) فى آن أو موجود باقيا : ساقطة من م

(١١) الوجودين : الموجودين م.

(١٢) أو فى حد من مكان : أو فى جزء من مكان د ، أو فى حد م ، ساقطة من سا.

(١٣) إما أن يكون : أن يكون ما د ، أن يكون إما سا

(١٤) أو فى جزء مكان : أو حد مكان سا ، م ، أو فى حد مكان ط.

(١٥) البتة : ساقطة من د ، سا.

(١٦) أنه : بأنه ط.

(١٧) يقال : نقول سا ، ط ، م.

(١٨) المسافة ... العروض : ساقطة من ب.


لها ، وبين أن يقال : إن ذات الحركة متعلق (١) بها الزمان على سبيل أن الزمان يعرض لها. لأن الأول معناه أن شيئا يعرض بشيء ، والثاني أن شيئا يستتبع شيئا (٢). أما الأول فلأنه ليس من شرط ما يقدر الشيء أن يكون عارضا له وقائما (٣) به ، بل ربما قدر المباين بالموافاة والموازاة لما هو مباين له. وأما الثاني فلأنه ليس إذا تعلق ذات الشيء بطبيعة شيء ، يجب أن لا تخلو طبيعة الشيء عنه. ونحن إنما يبرهن لنا من أمر الزمان أنه متعلق بالحركة ، وهيئته (٤) لها.

ومن (٥) أمر الحركة أن كل حركة تقدر بزمان ، فليس (٦) أن تكون كل حركة متعلق (٧) بها زمان يخصها ، ولا أن (٨) كل ما قدر شيئا فهو عارض له ، حتى يكون لكل حركة زمان عارض لها (٩) بعينه ، بل الحركات التي لها ابتداء وانتهاء لا يتعلق بها الزمان ، وكيف يتعلق بها الزمان. ولو كان لها زمان لكان مفصولا بآنين ، وقد ومنعنا ذلك. نعم إذا وجد (١٠) الزمان بحركة (١١) على صفة يصلح أن يتعلق بها وجود الزمان ، تقدر به سائر الحركات. وهذه الحركة حركة يصح عليها الاستمرار ولا يتحدد لها بالفعل (١٢) أطراف. فإن قال قائل : أرأيت إن لم توجد تلك الحركة لكان يفقد الزمان حتى تكون حركات أخرى غيرها بلا تقدم ولا تأخر (١٣) أو قيل ما ذكرناه فى الشكوك : إن الجسم فى آن يوجد متحركا غير محتاج إلى حركة جسم آخر ، فيجور أن يتحرك ، ولا يجوز أن يكون له زمان. فالجواب عن ذلك إنه سنبين لك أنه إن لم تكن حركة مستديرة لجرم مستدير ، لم تعرض (١٤) للمستقيم (١٥) جهات فلم تكن حركات مستقيمة طبيعية ، فلم تكن قسرية ، فيجوز أن تكون حركة جسم من الأجسام وحده ولا أجسام أخرى مستحيلا (١٦) وإن لم يكن بين (١٧) الاستحالة فليس كل محال يعرض (١٨) يكون بين عروض الاستحالة ، بل كثير من المحالات لا تظهر ولا تستبين (١٩) استحالتها إلا ببيان وبرهان. وأما إن اعتمدنا التوهم فإذا رفعنا المستديرة بالتوهم وأثبتنا المستقيمة المتناهية فى الوهم أمكن وثبت فى التوهم زمان محدود لا يستنكره التوهم (٢٠) ، وليس نظرنا فى هذا ، بل فيما يصح فى الوجود.

فالزمان إذن وجوده متعلق بحركة واحدة يقدرها ، ويقدر أيضا الحركات التي يستحيل أن توجد دون (٢١)

__________________

(١) متعلق : يتعلق سا ، ط. (٢) لأن .... يستتبع شيئا : ساقطة من سا.

(٣) وقائما : أو قائما ط. (٤) وهيئته : وهياة سا م.

(٥) ومن : من سا. (٦) فليس : + إذا ط.

(٧) متعلق : يتعلق د ، سا (٨) ولا أن : فلا أن د.

(٩) لها : لذاتها سا ، م ، لذاته د. (١٠) وجد : وجدنا ط.

(١١) بحركة : لحركة د ، م. (١٢) بالفعل : + بل م.

(١٣) ولا تأخر : وتأخر د ، ط. (١٤) تعرض : تفرض د ، سا ، ط

(١٥) المستقيم : للمستقيمة م. (١٦) مستحيلا : مستحيلة د.

(١٧) بين : نبين م (١٨) يعرض : يفرض ط.

(١٩) لا تظهر ولا تستبين : لا يستبين د ، سا ، لا يظهر ويستبين م.

(٢٠) التوهم (الثانية) : المتوهم ط. (٢١) لها ... دون : ساقطة من ب.


حركة الجسم الفاعل بحركته للزمان (١) إلا فى التوهم ، وذلك كالمقدار الموجود فى جسم يقدره ويقدر ما يحاذيه ويوازيه.

وليس يوجب تقديره وهو واحد بعينه للجسمين أن يكون متعلقا بالجسمين ، بل يجوز أن يتعلق بأحدهما ويقدره (٢) ويقدر أيضا الآخر (٣) الذي (٤) لم (٥) يتعلق به. والحركة (٦) اتصالها (٧) ليس إلا لأن المسافة متصلة ، ولأن اتصال المسافة يصير علة لوجود تقدم وتأخر فى الحركة ، تكون الحركة بهما علة لوجود (٨) عدد لها هو الزمان فتكون الحركة متصلة من جهتين : من جهة المسافة ومن جهة الزمان. فأما (٩) هى فى ذاتها فليست إلا كمال ما بالقوة ، وليس يدخل فى ماهية هذا المعنى اتصال أو تقدر ، فإنه لا يفهم من كمال ما بالقوة أو انتقال من شيء إلى شيء ومن خروج من قوة إلى فعل أن هناك بعدا ما بين المبتدأ (١٠) والمنتهى متصلا قابلا للقسمة التي يقبلها المتصل ، بل هذا يعلم بنوع من النظر يعلم به أن هذا المعنى يكون على المقدار المتصل لا غير. فلو أنا توهمنا ثلاثة أجزاء لا تتجزأ ، وكان المتحرك حين يتحرك فى الأوسط منها لكان فيه عند حركته من الأول إلى الثالث كمال ما بالقوة ولم يكن على متصل ، فنفس كونها حقيقة كمال ما بالقوة لا يوجب أن تكون منقسمة. وكذلك (١١) ما لم تعرف أشياء أخرى لا يعرف وجوب ذلك ، فإنها (١٢) لا تكون إلا على متصل قابل لقسمة كذا. فبين أن الاتصال (١٣) أمر عارض يلزم الحركة من جهة المسافة أو من جهة الزمان ، لا يدخل فى ماهيتها. وبالجملة فإنا لو لم (١٤) نلتفت (١٥) إلى مسافة أو إلى زمان ، لم نجد للحركة اتصالا.

وكذلك (١٦) متى احتجنا إلى تقدير (١٧) الحركة احتجنا إلى ذكر مسافة أو زمان. وأما اتصال الزمان فعلته القريبة اتصال الحركة بالمسافة ، لا اتصال (١٨) المسافة وحدها ، فإن اتصال المسافة وحدها ما لم يكن حركة موجودة ، لا يوجب (١٩) اتصال الزمان ، كما تكون مسافة يتحرك فيها المتحرك ويقف ثم يبتدئ من هناك ويتحرك حتى يفنيها ، فيكون هناك اتصال المسافة موجود أو لا يكون الزمان متصلا ، بل يجب أن تكون علة الزمان اتصال المسافة بتوسط الحركة ، ولأن اتصال (٢٠) الزمان اتصال (٢١) المسافة ، بشرط أن لا يكون فيها سكون. فعلة اتصال الزمان أحد اتصالى (٢٢) الحركة من جهة (٢٣)

__________________

(١) للزمان : الزمان سا. (٢) ويقدره : ساقطة من د.

(٣) الآخر : الأجزاء د (٤) الذي : التي سا

(٥) لم : ساقطة من سا (٦) والحركة : الحركة م

(٧) اتصالها : أيضا م. (٨) تقدم ... لوجود : ساقطة من م.

(٩) فأما : وأما ط ، م. (١٠) المبتدأ : المبدأ ط.

(١١) وكذلك : ولذلك ط ، فكذلك م. (١٢) فإنها : وإنها سا ، ط ، م

(١٣) الاتصال : الاتصالات ط. (١٤) لم (الاولى) : ساقطة من م.

(١٥) نلتفت : نلفت د. (١٦) وكذلك : ولذلك ط ، م

(١٧) تقدير : تقدر د. (١٨) لا اتصال : لاتصال سا

(١٩) لا يوجب : ولا يوجب سا ، ولا وإما م. اتصال. (٢٠) اتصالى (الأولى) : الاتصال ط

(٢١) اتصال (الثانية) : باتصال ط (٢٢) اتصالى : اتصال سا.

(٢٣) حركة ... جهة : ساقطة من ب.


ما هو اتصال الحركة. وليس هذا إلا اتصال (١) المسافة مضافا (٢) إلى الحركة ، وهذا لا يكون وهناك سكون ، وليس هذا الاتصال علة لصيرورة الزمان متصلا ، بل لاتحاد (٣) الزمان ، فإنه ليس الزمان شيئا يعرض الاتصال الخاص به ، بل هو نفس ذلك (٤) الاتصال. فلو كان شيء يجعل للزمان اتصالا على معنى اتحاد ذات الزمان المتصل لكان الاتصال عارضا للزمان لا جوهر الزمان. وكما أنا نقول : إن (٥) لونا كان سبب لون ، أو حرارة كانت سبب حرارة ، ونعنى (٦) بذلك أنها كانت سببا لوجود اللون أو الحرارة ، لا لكون الكيفية حرارة ، كذلك (٧) نقول : إن اتصالا هو سبب لوجود اتصال ، لا أنه سبب لصيرورة ذلك الشيء اتصالا (٨) ، فإنه اتصال بذاته كما أن ذلك (٩) حرارة لذاتها.

وليس لقائل أن يقول : إنا لا نفهم للحركة اتصالا إلا (١٠) بسبب المسافة أو الزمان ، وأنتم أبيتم أن يكون الاتصال المسافى سببا للزمان ، ولا يجوز أن تقولوا إن الاتصال الزمانى (١١) هو سبب للزمان ، ثم تقولون إن اتصال الحركة سبب للزمان ، وليس هناك اتصال (١٢) غير هذين. فإنا نجيبه ونقول : إنا نجعل الاتصال المسافى سببا للزمان ، ولكن لا مطلقا (١٣) ، بل من حيث صار لحركة (١٤) فصارت الحركة بها متصلة ، واعتبار اتصال المسافة بنفسه شيء واعتباره مقارنا للحركة شيء. فافهم الآن أن (١٥) اتصال المسافة من حيث هى للحركة علة لوجود ذات الزمان الذي هو بذاته متصل أو اتصال لا أنه علة لكون ذات الزمان متصلا ، فذلك أمر لا علة له. فبهذا يصح أن الزمان أمر عارض للحركة وليس بجنس ولا فصل لها ولا سبب من أسبابها ، بل أمر لازم لها بقدر جميعها.

ومن المباحث فى أمر الزمان أن نعرف كون الشيء فى الزمان ، فنقول : إنما يكون الشيء فى الزمان على الأصول التي سلفت ، بأن (١٦) يكون له معنى المتقدم والمتأخر ، وكل ماله فى ذاته (١٧) معنى المتقدم والمتأخر فهو إما حركة وإما ذو حركة. أما الحركة فذلك (١٨) لها من تلقاء جوهرها ، وأما المتحرك فذلك له من تلقاء الحركة. ولأنه قد يقال لأنواع الشيء ولأجزائه ولنهاياته إنها شيء فى الشيء ، فالمتقدم والمتأخر والآن أيضا والساعات والسنون يقال إنها في الزمان. فالآن فى الزمان كالوحدة فى العدد ، والمتقدم والمتأخر (١٩) كالزوج والفرد فى العدد ، والساعات

__________________

(١) اتصال (الثانية) : لاتصال سا (٢) مضافا : مضافة سا ، ط ، م.

(٣) لاتحاد : لإيجاد سا ، ط ، م. (٤) الاتصال .... ذلك : ساقطة من سا.

(٥) إن : ساقطة من م (٦) ونعنى : نعنى ط.

(٧) كذلك : لذلك د. (٨) هو سبب ... اتصالا : ساقطة من د ، م.

(٩) ذلك : ذاك ط. (١٠) إلا : لا سا.

(١١) الزمانى : الزمان ط. (١٢) اتصال : ساقطة من د.

(١٣) لا مطلقا : مطلقا سا (١٤) لحركة : الحركة ط.

(١٥) الآن أن : إلا أن ط. (١٦) بأن : أن م

(١٧) فى ذاته : ساقطة من ط. (١٨) فذلك : بذلك د ، سا.

(١٩) ما هو ... والمتأخر : ساقطة من ب.


والأيام كالاثنين والثلاثة والأربعة والعشرة فى العدد ، والحركة فى الزمان كالعشرة الأعراض فى العشرية ، والمتحرك فى الزمان مثل الموضوع للأعراض العشرة فى العشرية ، ولأن السكون إما أن يتوهم مستمرا ثابتا أبدا ، وإما أن يتوهم بحيث يعرض له تقدم وتأخر بالعرض ، وذلك بسبب الحركتين اللتين يكتفيانه ، إذ السكون عدم حركة (١) فيما من شأنه أن يتحرك لا عدم الحركة مطلقا ، فلا يبعد أن يكون (٢) بين (٣) حركتين ، فمثل هذا السكون له بوجه ما تقدم وتأخر ، فهو أدخل (٤) وجهى السكون فى الزمان دخولا بالعرض والتغيرات (٥) التي تشبه الحركة (٦) المكانية فى أنها تبتدئ من طرف إلى طرف ، كما تأخذ التسخن (٧) من طرف إلى طرف (٨) ، هى (٩) داخلة فى الزمان لأجل أن لها تقدما وتأخرا. فإذا كان تغير ما يأخذ المتغير (١٠) كله جملة فيذهب إلى الاشتداد أو النقص (١١) ، فإن (١٢) له من الاتصال الاتصال الزمانى فقط ، فإن (١٣) له تقدما وتأخرا فى الزمان فقط. ولذلك (١٤) ليس له فاعل الزمان الذي هو اتصال الحركة فى مسافة أو شبه مسافة وهو مع ذلك ذو تقدم وتأخر (١٥) ، فهو متعلق بالزمان ، فوجوده بعد وجود علة الزمان وهو الحركة التي (١٦) فيها انتقال. فهذه (١٧) التغيرات (١٨) تشارك الحركات المسافية فى أنها تتقدر (١٩) بالزمان ، ولا تشاركها فى أن الزمان متعلق الوجود بها معلول لها ، فإن هذا للمسافيات وحدها.

وقد علمت غرضنا فى قولنا الحركات المسافية. وأما الأمور التي لا تقدم فيها ولا تأخر بوجه فإنها ليست فى زمان ، وإن كانت مع الزمان ، كالعالم فإنه مع الخردلة وليس (٢٠) فى الخردلة (٢١). وإن كان شيء (٢٢) له من جهة تقدم وتأخر ، مثلا من جهة ما هو متحرك وله جهة أخرى لا تقبل التقدم والتأخر ، مثلا من جهة ما هو ذات وجوهر فهو من جهة ما لا يقبل تقدما وتأخرا ليس فى زمان ، وهو من الجهة الأخرى فى الزمان. والشيء الموجود مع الزمان وليس فى الزمان فوجوده مع استمرار الزمان كله هو الدهر ، وكل استمرار وجود واحد فهو فى الدهر (٢٣) ، وأعنى بالاستمرار وجوده (٢٤) بعينه كما هو مع كل وقت بعد وقت على الاتصال ، فكأن الدهر هو قياس ثبات إلى غير ثبات ، ونسبة هذه المعية إلى الدهر كنسبة تلك الفينة (٢٥) من الزمان ونسبة الأمور الثابتة بعضها إلى بعض.

__________________

(١) حركة : الحركة ب ، د. (٢) أن يكون : ساقطة من سا

(٣) بين : ساقطة من د. (٤) أدخل : + فى سا

(٥) والتغيرات : والتغييرات ط (٦) الحركة : الحركات ط.

(٧) التسخن : التسخين م (٨) كما ... إلى طرف : ساقطة من د

(٩) هى : وهى. سا ، ط ، م.

(١٠) المتغير : التغير ط (١١) أو النقص : والنقص د ، سا ، ط

(١٢) فإن : فإنه ط. (١٣) فإن : وإن ط

(١٤) ولذلك : وكذلك د ، فكذلك م.

(١٥) نقدم وتأخر : متقدم ومتأخر د ، سا.

(١٦) التي : الذي سا (١٧) فهذه : بهذه سا

(١٨) التغيرات : التغييرات ط. (١٩) تتقدر : مقدر ط.

(٢٠) وليس : وليست ط. (٢١) وليس فى الخردلة : ساقطة من د

(٢٢) شيء : شيئا ط ، م. (٢٣) الدهر (الثانية) : الدهن م.

(٢٤) وجوده : وجود د. (٢٥) الفينة : المعبة د ، ط ، ساقطة من سا.


والمعية التي لها من هذه الجهة هو معنى فوق الدهر ، ويشبه أن يكون (١) أحق ما سمى (٢) به السرمد ، وكل (٣) استمرار وجود بمعنى سلب التغير مطلقا من غير قياس إلى وقت فوقت (٤) فهو السرمد ، والعجب (٥) من قول (٦) من يقول إن الدهر مدة السكون أو زمان غير معدود بحركة ، ولا يعقل مدة ولا زمان ليس فى ذاته قبل ولا بعد ، وإذا كان فيه قبل وبعد وجب تجدد حال على ما قلنا فلم يخل من (٧) حركة.

والسكون يوجد فيه التقدم والتأخر ، على نحو ما قلنا سالفا لا غير ، والزمان ليس بعلة لشيء من الأشياء ، لكنه إذا كان الشيء مع استمرار الزمان يوجد أو يعدم ولم نر له (٨) علة ظاهرة نسب الناس ذلك إلى الزمان ، إذ (٩) لم يجدوا هناك مقارنا غير الزمان أولم يشعروا به. فإن كان الأمر محمودا مدحوا الزمان ، وإن كان مذموما ذموه. لكن الأمور الوجودية فى أكثر الأمر ظاهرة العلل ، والعدم والفساد خفى العلة ، فإن سبب البناء معقول وسبب الانتقاص والاندراس (١٠) مجهول فى الأكثر. وكذلك إن شئت استقريت جزئيات كثيرة ، فيعرض لذلك أن يكون أكثر (١١) ما ينسب إلى الزمان هو من الأمور العدمية (١٢) الفسادية (١٣) كالنسيان والهرم والانتقاص وفناء المادة وغير ذلك ، فلذلك صار الناس يولعون (١٤) بذم الزمان وهجوه.

والزمان له عوارض وأمور تدل عليها ألفاظ ، فحرى بنا أن نذكرها ونعدها ، فمن ذلك الآن ، وقد يفهم منه الحد المشترك بين الماضى والمستقبل الذي فيه الحديث لا غيره ، وقد يفهم منه كل فصل مشترك ولو فى أقسام الماضى والمستقبل ، وقد يفهم منه طرف الزمان ، وإن لم يدل على اشتراك ، بل كان صالحا لأن يجعل طرفا فاصلا فى الوهم غير واصل ، وإن كان يعلم من خارج المفهوم إنه لا بد من أن يكون مشتركا ولا يمكن أن يكون فصلا ، وذلك بنوع من النظر غير تصور معنى لفظه. وقد يقولون آن لزمان (١٥) قريب جدا من الآن الحاضر قصير.

وتحقيق سبب هذا القول هو أن كل زمان يحدث عنه فله حدان لا محالة هما آنان يفترضان (١٦) فى الذهن له ، وإن لم يشعر به. وهذان الآنان يكونان فى الذهن حاضرين معا لا محالة ، لكنه قد يشعر الذهن فى بعض الأوقات بتقدم آن فى الوجود ، وتأخر آن (١٧) ، وذلك لبعد المسافة بينهما ، كما يشعر بالآن المتقدم من آنى الساعة واليوم ، وفى بعضها يكون الآنان من القريب بحيث لا يشعر الذهن بما بينهما فى أول وهلة ، ما لم يستند إلى استبصار ، فيكون الذهن يشعر بهما

__________________

(١) يكون : ساقطة من ب د ، سا ، ط (٢) ما سمى : ما يسمى ط

(٣) وكل : فكل ب ، سا (٤) فوقت : مؤقت د ، سا.

(٥) والعجب : والتعجب ط (٦) من قول : ساقطة من ط.

(٧) من : عن م. (٨) نرله : يزله م

(٩) إذ : إذا د ، سا. (١٠) والاندراس : ساقطة من سا

(١١) أكثر : ساقطة من م.

(١٢) العدمية : ساقطة من سا

(١٣) الفسادية : والفساد م. (١٤) يولعون : مولعون سا.

(١٥) لزمان : الزمان ط. (١٦) يفترضان : يعترضان د ، سا.

(١٧) آن (الثانية): + فى الوجود د.


كأنهما وقعا معا ، وكأنهما آن واحد ، وإن كان (١) التعقب والاستقصاء يمنع الذهن عن ذلك فى أدنى تأمل ، ولكن إلى أن يراجع الذهن نفسه يكون الآنان كأنهما (٢) وقعا معا.

ومن الألفاظ الزمانية قولهم : بغتة. وبغتة ، هو (٣) نسبة الأمر الواقع فى زمان غير مشعور بمقداره قصرا (٤) إلى زمانه ، بعد أن لا يكون الأمر منتظرا متوقعا. ومن هذه الألفاظ قولهم : دفعة ، وهو يدل على حصول شيء فى آن ، وقد يدل على مقابل (٥) قولنا : قليلا قليلا ، وقد شرحنا ذلك. ومن هذه الألفاظ قولهم : هو ذا (٦) ، وهو يدل (٧) على آن قريب فى المستقبل من الآن الحاضر لا يشعر بمقدار البعد بينهما قصرا شعورا يعتد به. ومن ذلك قولهم : قبيل وهو يدل على نسبة إلى آن فى الماضى قريب من الآن الحاضر ، إلا أن المدة بينهما مشعور بها. وبعيد فى المستقبل نظير قبيل فى الماضى. والمتقدم إما فى الماضى فيدل على ما هو أبعد من الآن الحاضر ، والمتأخر على مقابله ، وأما فى المستقبل فيدل على ما هو أقرب من الحاضر ، والمتأخر على مقابله. وإذا أخذ مطلقا فالمتقدم هو الماضى ، والمتأخر هو المستقبل ، والقديم زمان يستطال ما بينه وبين الآن بالقياس إلى الحدود المتعللة (٨) للزمان ، وأيضا القديم فى الزمان مطلقا وبالحقيقة (٩) هو الذي ليس لزمانه ابتداء (١٠).

__________________

(١) وإن كان : وكان م.

(٢) كأنهما : كلها م.

(٣) هو : هى ط

(٤) قصرا : قصر م.

(٥) مقابل : مقابله سا

(٦) هو ذا : هو ذى سا

(٧) يدل : ما يدل ى.

(٨) المتعالة : المتعاملة د ، ط.

(٩) وبالحقيقة : ساقطة من ط

(١٠) ابتداء : + تمت المقابلة الثانية من الفن الأول بحمد الله وحسن توفيقه والحمد لله رب العالمين م.



المقالة الثالثة

من الفن الأول (١)

فى الأمور التي للطبيعيات من جهة ما لها كم

وهى أربعة عشر فصلا (٢)

الأول فى كيفية البحث الذي يختص بهذه المقالة.

الثاني فى التتالى ، والتماس ، والتشافع ، والتداخل ، والتلاحق ، والاتصال ، والوسط ، والطرف ، ومعا ، وفرادى.

الثالث فى حال الأجسام فى انقسامها ، وذكر ما اختلف فيه وتعلق به المبطلون من الحجج.

الرابع فى إثبات الرأى الحق منها وإبطال الباطل.

الخامس فى حل شكوك المبطلين فى الجزء.

السادس فى مناسبات المسافات والحركات والأزمنة فى هذا الشأن ويتبين أن ليس لشيء منها أول جزء.

السابع فى ابتداء الكلام فى تناهى الأجسام ولا تناهيها وذكر ظنون الناس فى ذلك.

الثامن فى أنه لا يمكن أن يكون جسم أو مقدار أو عدد ذو ترتيب غير متناه وأنه لا يمكن أن يكون جسم متحرك بكلية أو جزئية غير متناه. (٣)

__________________

(١) من الفن الأول : ساقطة من ب ، سا.

(٢) وهى أربعة عشر فصلا : ثلاثة عشر فصلا م ، ساقطة من ب ، د ، سا.

(٣) الأول ... متناه : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.


التاسع فى تبيين كيفية دخول ما لا يتناهى فى الوجود ، وغير دخوله فيه ، ونقض حجج من قال بوجود ما لا يتناهى بالفعل.

العاشر فى أن الأجسام متناهية من حيث التأثير والتأثر.

الحادى عشر فى أنه ليس للحركة والزمان شيء يتقدم عليهما إلا ذات البارى تعالى وأنه لا أول لهما من ذاتهما.

الثاني عشر فى تعقيب ما يقال إن الأجسام الطبيعية تنخلع عند التصغر المفرط ، بل لكل واحد منها لا يحفظ صورته فى أقل منه ، وكذلك تعقيب ما قيل من أن الحركات ما لا أقصر منه.

الثالث عشر فى جهات الأجسام.

الرابع عشر فى النظر فى أمر جهات الحركات الطبيعية وهى المستقيمة (١).

__________________

(١) السابع ... المستقيمة : ساقطة من ب.


[الفصل الأول] ـ

فصل (١)

فى كيفية البحث الذي (٢) يختص بهذه المقالة

إن الطبيعيات هى أجسام وأحوال الأجسام ، وللكمية (٣) مخالطة مسّا (٤) للصنفين ، فالكمية التي للأجسام هى الأقطار (٥) ، وأما التي لأحوال الأجسام فمثل الزمان ومثل أشياء أخرى تلحقها بالذات أو بالعرض. وأحوال الأجسام يلحقها الكم ، إما من جهة كمية الأجسام التي لها أو معها ، وإما من جهة الزمان كما يلحق الحركة ، وإما من جهة القياس إلى عدد ما يصدر عنها أو مقدار ، وهذا أبعد أنحاء لحوق الكم. وهذا كما يقال قوة متناهية وقوة غير متناهية والأحوال التي تعتبر للأجسام من كميتها إما أحوال يصح أن تكون بانفراد جسم جسم ، مثل حال التناهى واللاتناهى فى العظم ، وحال (٦) التناهى واللاتناهى (٧) فى الانقسام (٨) والصغر ، وإما أحوال تكون بقياس بعضها إلى بعض ، مثل التتالى والتماس والتشافع والاتصال وما يجرى مجراها ، وإما أحوال الأجسام. فالحركة والزمان منها تعتبر من أحوال كميتها أنهما هل لهما ابتداء زمانى (٩) ، وهل ينقطعان ، أو ليس (١٠) كذلك ، بل لا نهاية (١١) لها. وأما القوى منها فيعتبر من أحوال الكميات فيها (١٢) أنها كيف يحاذى أمورا ذوات نهاية أو غير ذوات نهاية ، وكيف يمكن ذلك فيها.

__________________

(١) فصل : فصل ا ب ، الفصل الأول م.

(٢) الذي : التي سا.

(٣) وللكمية : والكمية سا ، م

(٤) ما : ساقطة من م

(٥) الأقطار : الأنظار ط.

(٦) وحال : ساقطة من سا

(٧) فى ... واللاتناهى : ساقطة من د

(٨) فى الانقسام : والانقسام م.

(٩) ابتداء زمانى : ابتدآن ب ، ابتداء د ، سا

(١٠) أو ليس : لم ليس ط.

(١١) هل ... لا نهاية : ساقطة من م

(١٢) فيها (الأولى) : منها سا.


[الفصل الثاني]

ب ـ فصل (١)

فى التتالى والتماس (٢) والتشافع والتلاحق

والاتصال والوسط والطرف ومعا وفرادى

وقبل أن نتكلم فى أمر تناهى الأجسام وأحوالها فى الإعظام ، فحقيق بنا (٣) أن نتكلم فى تناهيها ولا تناهيها (٤) فى الصغر والانقسام. وقبل ذلك فحقيق بنا أن نعرف التتالى والتماس والتداخل التشافع والتلاصق والاتصال (٥) ، وأن نعرف الوسط والطرف ، وأن نعرف معا فى المكان وفرادى. فنقول إن المتتاليين هما اللذان ليس بين أولهما وثانيهما شيء (٦) من جنسهما مثل البيوت المتتالية. فإن التالى منهما للأول هو الذي ليس (٧) بينه وبين الأول شيء من جنسهما ، وقد تكون متفقة مثل بيت وبيت ، وتكون مختلفة النوع مثل صف (٨) (٩) من إنسان وفرس وحبل وشجرة (١٠) ، فحينئذ لا تكون (١١) متتالية من حيث هى مختلفة النوع ، بل (١٢) من حيث يجمعها (١٣) أمر عام ذاتى كالجسمية ، أو عرضى كالبياض ، أو القيام صفا ، أو الشخوص حجما. وإذا (١٤) لم يكن بينهما من المقول عليه الأمر المعتبر عاما شيء ، قيل (١٥) للمأخوذ منهما (١٦) ثانيا : إن هذا يتلو صاحبه مثلا ، إذا أخذت هذه الأشياء من حيث (١٧) هى أشخاص منتصبة ، كان الفرس يتلو الإنسان والجبل والشجرة ، وإن أخذت من حيث هى حيوانات (١٨) ، كان الفرس يتلو الإنسان (١٩) ، ولم يكن الجبل والشجرة يتلوان ، وإن أخذت من حيث هى ناس ، لم يكن هناك شيء يتلو شخص الإنسان إلا الإنسان.

وأما المماس (٢٠) فهو الشيء الذي ليس بين طرفه (٢١) وطرف (٢٢) ما قيل إنه مماس له ، شيء ذو وضع ، فالمتماسان (٢٣) هما اللذان

__________________

(١) فصل : فصل ب ب ، الفصل الثاني م.

(٢) والتماس : ساقطة من د. (٣) بنا : ساقطة من ب ، د ، سا ، ط

(٤) ولا تناهيها : ساقطة من م. (٥) والاتصال : ساقطة من م.

(٦) شيء : + واحد د. (٧) ليس : ساقطة من سا.

(٨) مثل صف : من صنف م (٩) صف : صنف سا

(١٠) وشجرة : وشجر م (١١) لا تكون : لا توجد ط ، م.

(١٢) بل : مثل د (١٣) يجمعها : يجمعهما ب ، سا.

(١٤) وإذا : فإذا سا ، ط ، م. (١٥) قيل : لم يقل ط

(١٦) منهما : ط. (١٧) من حيث : ساقطة من ط.

(١٨) حيوانات : حيوان م. (١٩) والجبل .... الإنسان : ساقطة من د

(٢٠) المماس : التماس ط ، م

(٢١) طرفه : طرفيه ط

(٢٢) وطرف : بطرف سا

(٢٣) فالمتماسان : والمتماسان ط.


طرفاهما معا لا فى المكان ، بل فى الوضع الواقع عليه الإشارة. فإن الأطراف ليست فى مكان البتة ولها وضع ما والنقطة أيضا لها وضع ، فإن الوضع هو (١) أن يكون الشيء بحيث ممكن أن يشار إليه أنه جهة مخصوصة. والمتماسان تقع هذه الإشارة على طرفهما (٢) معا.

وإذا كان شيئان يتعدى لقاء كل منهما طرف الآخر حتى يلقى ذات الآخر بأسره لم (٣) يكن ذلك مماسة ، بل كان مداخلة ، فإنه ليست المداخلة (٤) إلا أن تدخل كلية ذات فى الآخر (٥) ، وليس ذلك الدخول (٦) إلا أن يلقى أحدهما كل ما قيل إنه مداخل فيه ، فإن ساواه كان لا شيء من هذا إلا وهو ملاق للآخر ، وإن فصل أحدهما لم يكن داخله كله بل داخله ما يساويه (٧) منه. فحقيقة المداخلة أن يكون لا شيء من ذات هذا إلا ويلقى ذات الآخر ، فلا يرى (٨) شيء لا يلقى الآخر وأما كون المتداخلين فى مكان واحد فهو أمر يلزم المداخلة ، وليس هو مفهومها بل مفهومها الملاقاة بالأسر. وإذا كان شيء يلاقى الآخر بالأسر ، والآخر لا يفضل عليه ، فما يلقى الآخر يلقى الأول ، وإلا فسيوجد فيه بالملاقاة شيء خاليا عن الأول. وقيل إن الأول لاقاه كله ، ولم يفضل عن الثاني عليه ، هذا خلف. فالمتلاقيات (٩) بالأسر ، أى شيء لاقى أحدهما لاقى الآخر ، ولا يحجب واحد منهما عن مماسة الآخر ، ولا يزداد الحجم باجتماع ألف منها (١٠) ، وهذا هو (١١) سبيل ألف نقطة لو (١٢) اجتمعت. وإذا كاد شيء يلاقى شيئا ، ويلقى (١٣) الملاقى شيء لا يلقى (١٤) الأول ، فهناك فضل فى ذاته عما لاقى الأول ، ذلك (١٥) الفضل (١٦) يناله الملاقى الثاني فارغا عن الملاقاة الأولى. وهذه الأشياء كلها بينة فى العقل. وكذلك إذا كان الشيء مشغولا بالملاقاة (١٧) حتى تكون الملاقاة تمنعه عن ملاقاة شيء آخر ، فإما أن يكون مشغولا ، كله أو بعضه. فإن كان كله لم يماسه ثالث ، وإن كان بعضه الأول فلا يكون لا الشغل ولا المماسة شغلا بالأسر أو مماسة بالأسر وهذه مقدمات بينة بنفسها ، وما ورد (١٨) من النقض لها فهو نقض مقدمات أعم منها ، وهو ما يقال من أن الشيء قد يكون كله معلوما بالقياس (١٩) إلى شيء ، وعند شيء مجهولا بالقياس إلى آخر ، وعند آخر من غير انقسام ، ويكون الشيء يمين شيء وليس يمين شيء من غير انقسام ، ولذلك (٢٠) يكون مشغولا بأسره بالقياس إلى شيء ، فارغا بالقياس إلى شيء آخر من غير انقسام فأول ما يغلطون فى هذا أن هذا ينقض (٢١) قول قائل من (٢٢) جهة أخرى (٢٣) إنه لا يجوز أن يكون

__________________

(١) وضع فإن الوضع هو : وضع هو سا ، م ، وضع ما والوضع ط.

(٢) طرفهما : طرفيهما ط ، م.

(٣) لم : ولم ط. (٤) المداخلة : المدخل د

(٥) الآخر : الأخرى د (٦) الدخول : المدخول سا.

(٧) ما يساويه : ما ساواه ا ط. (٨) يرى : يتراءى د ، يبق م.

(٩) فالمتلاقيات : فالمتلاقيان ط. (١٠) منها : منهما د ، م (١١) هو : + على م

(١٢) لو : إذا ط (١٣) ويلقى : ويلاقى ط

(١٤) لا يلقى : لا يلاقى ط. (١٥) ذلك : وذلك ط ، م

(١٦) الفضل : ساقطة من سا. (١٧) بالملاقاة : فالملاقاة سا.

(١٨) وما ورد : وما يورد د ، سا ، ط ، م. (١٩) بالقياس (الأولى) : بقياس ب ، د ، سا ، م.

(٢٠) ولذلك : فكذلك سا ، ط ، م. (٢١) ينقض : نقض سا ، ط ، م

(٢٢) من : ساقطة من م. (٢٣) من جهة أخرى : ساقطة من سا


الشيء بأسره ذا أمرين متقابلين بالقياس إلى شيء (١) ، وهذا مسلم. إنما المنكر ما نسبته إلى هذه (٢) المقدمة نسبة النوع (٣) مثلا ، وهو أنه إذا اشتغل بأسره عن أن يماس لم يمس فى جهة دون جهة مماسة تخصه ، فإن (٤) فرغ من جهة واشتغل فى جهة ففى ذاته فضل عن الاشتغال. وهذه المقدمة لم تناقض ولم تبطل ، بل دل على أن جنسها ليس بواجب ، ولها أشباه ليست بواجبة. وهذه المقدمة لم تجب ولم تثبت فى العقل الأول من حيث المعنى الجنسى لها ، بل من حيث هى (٥) مخصوصة بالملاقاة ، فإن الملاقاة هذا موجبها. ولو (٦) كان بدل الملاقاة معنى آخر لكان يجوز أن يكون (٧) كل الشيء (٨) بالقياس إلى جهة بحال ، وبالقياس إلى جهة أخرى بحال (٩) مخالفة لتلك الحال إذا (١٠) كانت تلك (١١) الحال لا توجب شغلا ومنعا أصلا ، وكان (١٢) لا يوجب شغلا يتعاطى بحال الكل وبحال البعض ، إذ كان (١٣) الشغل للكل أمرا بالقياس ليس أمرا فى نفسه. فإن المشغول الممنوع عن مماسة شيء آخر لا يكون مشغولا عن شيء دون شيء ، فإنه من حيث هو مشغول لا يماسه شيء البتة ، ومن حيث هو فارغ يماسه كل شيء. فأما (١٤) المجهول فكونه مجهولا ليس أمرا يستقر فيه البتة ، بل هو مضاف إلى شيء ، ولذلك لا يمنع (١٥) أن يعلمه أى عالم كان بأي عدد كان من العلم ، لا كالجزء الذي لهم ، فإنهم قصروا إمكان مماسته على أشياء معدودة. وبالجملة لا يوجب ذلك فى العلم منعا البتة ، ولو أوجب منعا متناولا (١٦) (١٧) لأمر غير متجزئ بوجه من الوجوه لما علم شيء.

على (١٨) أنه لا حاجة بنا إلى إبانة هذا الفرق ، فإن الذي نقوله فى أمر الملاقاة بالأسر من أنه إذا شغل (١٩) شغل الجميع ، وإن لم يشغل لم يشغل شيئا هو بين بنفسه وبين خلافه ، فى أمر العلم. وما أوردوه (٢٠) من الأمثلة للمناقضة يناقض غير المطلوب ، ويوجب تجويزا فى أمر أعم (٢١) من المطلوب ، فيجعل تجويزا فى المطلوب. وبالحرى أن تكون الملاقاة بالأسر (٢٢) لا تشغل (٢٣) البتة عن المماسة ، فإن الوارد المماس إذا شغله المتقدم السابق إلى المماسة امتنع عن المشغول ولم يمتنع (٢٤)

__________________

(١) شيء : شيئين ط. (٢) هذه : هذا م

(٣) النوع : بالنوع م. (٤) فإن : وإن ط ، م.

(٥) هى : هو ط (٦) ولو : فلو ط

(٧) يكون : ساقطة من د. (٨) الشيء : شيء ط

(٩) بحال (الثانية) : بحالة ط (١٠) إذا : إذ بخ

(١١) تلك : ساقطة من م. (١٢) وكان : وكانت ط ؛ لو كانت م

(١٣) إذ كان : أو كان ط ، م.

(١٤) فأما : وأما سا ، ط ، م. (١٥) لا يمنع : لا يمتنع ط.

(١٦) منعا متناولا : أمرا سا (١٧) متناولا : + ولا د.

(١٨) على : وعلى ب ، سا ، ط (١٩) شغل (الأولى) : اشتعل م.

(٢٠) وما أوردوه : وما أورده ط. (٢١) أعم : ساقطة من ط

(٢٢) بالأسر : ساقطة من سا. (٢٣) لا تشغل : لا تشتغل م

(٢٤) ولم يمتنع : ولم يمنع ط.


عن مماسة الشاغل ، فأصاب ذات (١) الشاغل بالمماسة دون ذات المشغول ، وكان ذات المشغول غير ملاق (٢) بجميع (٣) ذات الشاغل (٤) ، فما (٥) كانت بينهما ملاقاة (٦) بالأسر. أما إذا كانت الملاقاة ملاقاة بالأسر كانت مداخلة بالحقيقة.

والمتداخلان لا يشغل أحدهما الآخر عن مس ماس ، فالملاقاة (٧) بالأسر كذلك حكمها. وإذا (٨) كانت المماسة غير المداخلة ، وكان كل واحد من المتماسين منفردا بوضع مخصوص هناك ذاته دون ذات الآخر فتكون المماسة ملاقاة بأطراف الذاتين ، وهو أن لا يكون بين طرفهما بعد أصلا ، وتكون المداخلة ملاقاة بالأسر. فيلزم ذلك أن يصير وضعهما (٩) ومكانهما واحدا. وأنت إذا تأملت أدنى تأمل ، علمت أن الشيء إذا كان مماسا ، فلو توهمته (١٠) صار مداخلا احتاج أن يتحرك إلى ملاقاة أمر من ذات المداخل ينفذ فيه ، لم يكن لاقاه ، حتى إذا استوت (١١) الملاقاة (١٢) صار مداخلا.

وليس كلامنا الآن فى المداخلة على أنها موجودة أو معدومة ، بل على تصور معنى لفظها ، وأن المتصور منها كيف يخالف المتصور من المماسة ، وأنها لو كانت موجودة كيف كانت تفارق المماسة. وأما التشافع فهو حال مماس تال من حيث هو تال. وظن بعضهم أن من شرط ذلك أن يشارك فى النوع ، وأظن أن مفهوم اللفظ لا يقتضى ذلك اللهم إلا أن يصطلح على ذلك من رأس ، وبعد ذلك فيحتاج أن يكون لهذا (١٣) المعنى الذي هو أعم منه لفظ (١٤) بحسبه (١٥) وأما الملتصق فهو المماس اللازم للشيء فى الانتقال حتى يصعب حتى التفضيل بينهما ، إما لانطباق (١٦) السطحين حتى لا يمكن أنه يفارق أحدهما الآخر إلا مع وقوع الخلاء المبين (١٧) استحالة وجوده ، وذلك يكون إذا كان ليس طرف أحد سطحى الجسمين أولى بالسبق إلى الانفتاح ، أو يكون إنما يفتح (١٨) بزوال صورة السطح عن (١٩) كيفيته باستحداث تقبيب أو تقعير أو غير ذلك وهو غير مجيب إليه (٢٠) إلا بعنف ، وإما لانغراز (٢١) أجزاء من هذا فى أجزاء من ذلك. وقد يحدث الالتصاق (٢٢) بين جسمين بتوسط جسم من شأنه أن ينطبق جيدا على كل واحد من السطحين لسيلانه (٢٣) ، وأن ينغرز أيضا فى كل واحد منها لذلك (٢٤) ، ثم منه شأنه أن يجف ويصلب فيلزم كل واحد من الجسمين ويعرض لذلك التزام الجسمين بوساطته وهذا كالغراء (٢٥) وما يشبهه.

__________________

(١) ذات : ذوات م (٢) ملاق ب ، سا ، م.

(٣) بجميع : لجميع ب سا (٤) بالمماسة ... الشاغل : ساقطة من د.

(٥) فما : فيما م (٦) ملاقاة : ساقطة من د.

(٧) فالملاقاة : بالملاقاة سا (٨) وإذا : فإذا سا ، م.

(٩) وضعهما : وضعها م (١٠) توهمته : توهمناه سا ، ط ، م.

(١١) استوت : استوفت ط ، م. (١٢) حتى ... الملاقاة : ساقطة من م

(١٣) لهذا : لذلك ط (١٤) لفظ : لفظة د ، ط

(١٥) بحسبه : جسد ط ؛ يحتسب م. (١٦) لانطباق : الانطباق فى ط ، الانطباق م.

(١٧) المبين : البين ط. (١٨) يفتح : ينفتح ط

(١٩) عن : من ط. (٢٠) إليه : ساقطة من م

(٢١) لانغراز : الانغراز م. (٢٢) الالتصاق : التصاق م

(٢٣) لسيلانه : بسيلانه د ، سا ، ط. (٢٤) لذلك : كذلك د.

(٢٥) كالغراء : كالغرى ب.


وأما المتصل فإنه لفظ مشترك يقال على معان ثلاثة ذكرناها فى (١) مواضع : اثنان منها تقال للشيء بالقياس إلى غيره ، وواحد يقال للشيء فى نفسه لا بالقياس إلى غيره : فأما أحد الاثنين فإنه يقال للمقدار أنه متصل بغيره ، إذا كان طرفه وطرف غيره واحد ، فيجب أن يكون كل واحد من المتصل والمتصل به محصلا بالفعل ، إما مطلقا وإما بالعرض. فإن كان مطلقا وفى الوجود نفسه ، كان له طرف مطلق فى الوجود نفسه ، كأحد خطى الزاوية ، فإنه متصل بالآخر لأنه خط موجود بالفعل غير الآخر وله طرف بالفعل ، لكنه بعينه طرف الخط الآخر ، وأما الذي بالعرض ، فمنه ما يكون بالفرض (٢) ، فكما (٣) يعرض إذا توهمنا أو فرضنا الخط الواحد بالفعل ذا جزءين وميزنا أحدهما عن الآخر (٤) بالفرض فيميز بذلك له طرف ، هو (٥) بعينه طرف القسم الآخر ، فيقال لكل واحد منهما أنه متصل بالآخر. وإنما يكون كل واحد منهما موجودا بعينه ما دام الفرض ، فإذا زال الفرض لم يكن ذاك (٦) ولا هذا بل كان الواحد (٧) الكل ولا قسمة فيه بالفعل. ولو كان ما يقع بالفرض موجودا فى نفس الأمر ، ولو لم يفرض لم يمتنع وجود أجزاء بالفعل لا نهاية لها فى الجسم ، على ما سنبين ، وهذا محال. وبالجملة أيضا (٨) إنما يكون فى (٩) أجزاء المتصل شيء هو هذا باتجاه الإشارة بعد الفرض إليه على نحو. وكذلك ذاك إنما يكون ذاك (١٠) لاتجاه إشارة على نحو آخر (١١) من الفرض إليه ، وهذا هذا وذاك ذاك (١٢) من حيث الإشارتان (١٣) متجهتان إليه ، فإن بطلتا فمحال أن يقال إن هذا (١٤) وذاك باقيان من حيث هما هذا وذاك ، اللهم إلا أن يفرض (١٥) سبب آخر مميز ، وأما ما كان يعرض بالفرض (١٦) فيبطل بزوال الفرض (١٧). والمتصل لا جزء له بالفعل ، كما يظهر من بعد ، فيكون حدوث جزء له هو هذا وجزء له هو ذاك ، من غير أن كان قبل موجودا بالفعل (١٨) ، وهو (١٩) أمر يتبع الإشارة. وإذا زالت الإشارة لم يبق معلول الإشارة ، فمحال أن يقال بعد ذلك إنه وإن بطلت الإشارة فلا بدّ من تميز (٢٠) ذاك (٢١) من هذا ، فإن كون هذا وذاك فيها إنما هو بالإشارة فيكون كأنه قيل (٢٢) : إن بطلت (٢٣) الإشارة فلا بدّ من أن تكون إشارة ، وليس الحال فى أجزاء المتصل كالحال فى أجزاء الأشياء الأخرى (٢٤) المنفصل بعضها من بعض موجودا بالفعل ، فإن الإشارة هناك تدل

__________________

(١) فى : وفى : سا ، ط ، م. (٢) بالفرض : بالعرض د ، سا ، ط ، م

(٣) فكما : كما م. (٤) عن الآخر : ساقطة من د

(٥) هو : ساقطة من سا. (٦) ذاك : ذلك ط.

(٧) الواحد : للواحد د. (٨) أيضا : ساقطة من د

(٩) فى : ساقطة من سا. (١٠) ذاك (الثانية) : ساقطة من م ، ط.

(١١) آخر : ساقطة من د ، سا ، م (١٢) ذاك : ساقطة من م

(١٣) الإشارتان : إن الإشارتين م.

(١٤) هذا : ساقطة من سا (١٥) يفرض : يعرض سا ، ط ، م.

(١٦) بالفرض : بالعرض د ، م (١٧) الفرض : العرض د سا.

(١٨) بالفعل : ساقطة من ط (١٩) وهو : هو د ، سا ، ط ، م.

(٢٠) تميز : تمييز سا (٢١) ذاك : ذلك م.

(٢٢) قيل : قبل سا. (٢٣) إن بطلت : أو بطلت سا.

(٢٤) الأخرى : الآخر ط.


ولا تفعل ، وهاهنا تفعل فتدل. ومن الذي يكون بالعرض (١) ، اختصاص العرض (٢) الحال ببعض دون بعض ، حتى إذا زال ذلك العرض (٣) زال ذلك التخصيص ، مثل جسم يبيض (٤) لا كله ، أو يسخن لاكله ، فيفرض له بالبياض جزء إذا زال البياض زال افتراضه. وأما الوجه الثاني فيقال : متصل ، للذى إذا نقل ما قيل إنه متصل به فى جهة تبعده عن الآخر تبعه الآخر ، فيكون هذا أمر أعم من المتصل ، الذي قلناه قبل هذا ، ومن الملتصق. ويجوز أن تكون النهايتان اثنتين بالفعل ، وأن يكون (٥) هناك تماس بالفعل ، بعد أن يكون تلازم فى الحركة ، ويجوز أن تكون نهاية المتصل والمتصل به واحدة ، ولكن لا يكون إيقاع اسم المتصل هاهنا بهذا المعنى عليه من حيث نهايته ونهاية الآخر واحدة ، بل من حيث يتبعه فى الحركة على النحو المذكور. ويقال متصل ، للشيء فى نفسه إذا (٦) كان بحيث يمكن أن تفرض له أجزاء (٧) بينها الاتصال الذي بالمعنى الأول ، أى بينها حد مشترك هو طرف لهذا وذاك ، وهذا هو حد المتصل. وأما الذي (٨) يقال إنه المنقسم (٩) إلى أشياء تقبل القسمة دائما فهو رسمه ، وذاك (١٠) لأن هذا غير مقوم لماهيته ، لأن المتصل يفهم بالمعنى الأول فهما حقيقيا ، ولا ندرى أن هذا المعنى يلحقه أو لا يلحقه إلا ببرهان ، فهو من الأعراض اللازمة للمتصل المحتاج فى إبانة وجودها للمتصل إلى حد أوسط. وأما قولنا فرادى فإنما يقال لأشياء لكل واحد منها مكان خاص ليس جزؤه جزءا من مكان عام له وللآخر. ويقال معا فى المكان ليس كما فى الزمان ، بأن (١١) يكون مكان كل واحد منهما هو (١٢) بعينه مكان الآخر ، كما زمانه زمان الآخر ، فإن هذا مستحيل فى المكان وغير مستحيل فى الزمان ، بل إنما يقال معا فى المكان لأشياء مجتمعة ، كشيء واحد يكون لجملتها (١٣) مكان ، ويكون لكل واحد منها مكان خاص ، جزء (١٤) من ذلك المكان الخاص جزء من (١٥) المكان العام والوسط والبين هو الذي يقع التغير إليه (١٦) قبل التغير (١٧) إلى غيره فى الزمان ، أى تغير كان. فهذه الأشياء نافعة فى معرفة غرضنا ، ومع ذلك فإنها من الأحوال التي تلزم الطبيعيات من حيث هى ذوات كم.

__________________

(١) بالعرض : بالفرض سا

(٢) العرض : ساقطة من سا.

(٣) العرض : الوجوه م

(٤) يبيض : أبيض ط.

(٥) وأن يكون : ويكون م.

(٦) إذا : ساقطة من ط.

(٧) أجزاء : الأجزاء سا.

(٨) الذي : ساقطة من د

(٩) المنقسم : المقسم د

(١٠) وذاك : وذلك ط ، م.

(١١) بأن : بل م

(١٢) هو : ساقطة من د.

(١٣) لجملتها : بجملتها ط.

(١٤) جزء (الأولى) : ساقطة من م

(١٥) المكان الخاص جزء من : ساقطة من د.

(١٦) إليه : فيه م

(١٧) التغير (الأولى والثانية) : التغير ط.


[الفصل الثالث]

ج ـ فصل (١)

فى حالة الأجسام فى انقسامها وذكر ما اختلف فيه (٢) وما تعلق به

المبطلون من الحجج

فنقول : قد اختلف الناس فى أمر هذه الأجسام المحسوسة ، فمنهم من جعل لها تأليفا من أجزاء لا تتجزأ (٣) البتة ، وجعل كل جسم متضمنا لعدة منها متناهية ، ومنهم من جعل الجسم مؤلفا (٤) من أجزاء لا نهاية لها ، ومنهم من جعل كل جسم إما متناهى الأجزاء الموجودة فيه بالفعل وإما غير ذى أجزاء بالفعل أصلا ، وإذا كان ذا أجزاء بالفعل كان كل واحد من أجزائه المنفردة جسما أيضا لا جزء له بالفعل ، فالجسم عنده إما أن يكون جسما لا جزء له (٥) ، وإما أن يكون مؤلفا من أجسام (٦) لا جزء لها ، ويعنى بقوله : لا جزء له (٧) إنه ليس فى الحال له جزء مفترض متميز ، بل هو واحد بالاتصال ، وليس يعنى أنه ليس من شأنه قبول الانقسام ، بل عنده أن يقبل القسمة دائما ، وكلما قسم فالخارج بالقسمة جسم له فى نفسه أن ينقسم ، لكنه ربما لم تكن قسمة بسبب عدم ما يقسم به أو فواته تقدير القاسم أو لصلابته (٨) أو استحالة انكساره ، وهو فى نفسه يحتمل أن يفرض فيه وسط. وكل جسم فإنه قبل القسمة لا جزء له البتة ، بل الفاعل للجزء وجود القسمة ، والقسمة إما بتفريق الاتصال وإما بعرض مميز يحاوله جزءا عن (٩) جزء إما عرض مضاف كالبياض أو عرض مضاف كالمحاذاة والموازاة ، وإما بالتوهم والفرض. وأما الذين يقولون : إن الأجسام تنتهى إلى أجزاء لا تتجزأ ، فمنهم من يجعل تلك الأجزاء أجساما فى أنفسها ، ومنهم من يجعلها خطوطا غير منقسمة (١٠) ، ومنهم من يجعلها غير أجسام ولا خطوط ولا أشياء لها فى أنفسها أقطار وأبعاد. ويفارق أصحاب المذهب الأول من هذين المذهبين (١١) وهم شيعة ديمقراطيس وأبروقياوس وأبيقورس المذهب الحق (١٢)

__________________

(١) فصل : فصل جب ، الفصل الثالث م.

(٢) فيه : ساقطة من م.

(٣) لا تتجزأ : لا تجزا م.

(٤) مؤلفا : ساقطة من ب ، د ، م.

(٥) له : + بالفعل ط

(٦) عنده .... أجسام : ساقطة من م.

(٧) له (الثانية) : ساقطة من م.

(٨) لصلابته : الصلابة م.

(٩) عن : من ط.

(١٠) ومنهم ... منقسمة : ساقطة من د.

(١١) المذهبين : ساقطة من د.

(١٢) فى حال ... الحق : ساقطة من سا.


أن (١) هؤلاء يقولون (٢) إن التركيب من هذه الأجسام هو (٣) بالتماس فقط وأنها لا يحدث منها متصل البتة ، وأن الأجسام المحسوسة ليست بحقيقية (٤) الاتصال ، فإن تلك الأجسام الأولى موجودة بالفعل فى الأجسام المحسوسة متميزا بعضها عن (٥) بعض ، وأنها لا تقبل القسمة المفرقة ، بل القسمة المتوهمة ، وهى مع ذلك بعضها أصغر وبعضها أكبر. وأما أصحاب الحق فإنهم يجوزون أن يكون جسم كبير من المحسوسات لا جزء له بالفعل ، ويجوزون أن تكون الأجزاء إذا حصلت بالفعل (٦) منفصلة تلتقى (٧) مرة أخرى ، فيحصل منها شيء واحد فتبطل (٨) خاصة (٩) كل واحد منها فلا يكون ثابتا (١٠) بعينه.

ونعود إلى ما كنا فيه ، فنقول : لكن أصحاب ديمقراطيس يفارقون الآخرين من أصحاب الجزء بأن الآخرين يجعلون جزأهم غير جسم ، ولكل واحد من هؤلاء حجج تخصه. أما القائلون بجزء لا يتجزأ (١١) ، ولا هو جسم ، فمن حججهم أن كل جسم فإنه قابل للتفريق ، وإذا تفرق فأجزاؤه (١٢) مقابلة للتأليف كما كانت ، فإذا كان (١٣) كذلك (١٤) فكل جسم ففيه قبل التفريق (١٥) تأليف ، ولو لا أن فيه تأليفا لكان لا يختلف عن الأجسام فى صعوبة التفكيك وسهولته.

قالوا : وليس ذلك لأن جنسها مخالف. ويعنون بالجنس الطبيعة النوعية. قالوا ولا لاختلاف الفاعل ، ولا لعدم شيء ، ولا لأقسام يذكرونها ، فإذن هو للتأليف. وإذا (١٦) كان فيه تأليف فتوهمناه زائلا لم يكن محالا ، وإذا زال بكليته بقى ما لا تأليف فيه ، وما لا تأليف فيه فليس بجسم ، لأن كل جسم ينقسم ، وما لا (١٧) تأليف فيه لا ينقسم ، وهذا الاحتجاج مبدؤه لديمقراطيس ، إلا أنه حرف منه بشيء يسير ، يفهم ذلك إذا أوردنا حجته. وقالوا أيضا : إنه لو لم تكن أجزاء الجسم متناهية لكانت غير متناهية ، فكان للجسم أقسام وأنصاف فى أقسام وأنصاف (١٨) من غير نهاية ، فكان المتحرك إذا أراد أن يقطع مسافة احتاج أن يقطع نصفها ، وقبل ذلك نصف نصفها ، واحتاج (١٩) فى زمان متناه أن يقطع أنصافا بلا نهاية ، فكان (٢٠) يجب أن لا يقطع المسافة أبدا ، ويجب (٢١) أن لا يلحق أخيلوس (٢٢) السريع العدو السلحفاة (٢٣)

__________________

(١) أن : بأن ط (٢) يقولون : ويقولون ط

(٣) هو : هى ب ، د. (٤) بحقيقية : بحقيقة ط ، م.

(٥) عن : من ط. (٦) بالفعل : ساقطة من د

(٧) تلتقى : يلتصق ط (٨) فتبطل : فبطل م

(٩) خاصة : خاصية سا ، ط (١٠) ثابتا : باقيا ط.

(١١) لا يتجزأ ولا : أو لا د. (١٢) فأجزاؤه : فإن أجزاءه ب ، د

(١٣) كان : ساقطة من م. (١٤) كذلك : كذا ط ، م

(١٥) التفريق : التفرق ط. (١٦) وإذا : فإذا د ، ط.

(١٧) تأليف ... ينقسم ومالا : ساقطة من د.

(١٨) فى أقسام وأنصاف : ساقطة من د ، ط.

(١٩) واحتاج : فى أحيان د. (٢٠) فكان : وكان د ، م

(٢١) ويجب : وكان يجب ط (٢٢) أخيلوس : أخلوس ط.

(٢٣) أن ... السلحفاة : ساقطة من سا.


البطيئة العدو ، وكانت الذرة لا تفرغ من قطع نعل (١) يسير عليها. فالمثل (٢) الأول للقدماء والثاني (٣) للمحدثين. لكن الحركة موجودة ، فأقسام الجسم متناهية. وقالوا : إنه لو جاز (٤) أن ينقسم الجسم إلى غير نهاية (٥) ، لوجب من ذلك أن تكون الخردلة تقسم أقساما تبلغ (٦) إلى أن تغشى أديم الأرض كله. وقالوا (٧) : لو كان الجسم ينقسم إلى غير نهاية ، لكانت (٨) الخردلة فى أقسامها مساوية لأقسام الحبل العظيم ، وهذا محال. وقالوا أيضا : إن النقطة لا تخلو إما أن تكون جوهرا قائما بنفسه أو لا تكون. فإن كانت قائمة بنفسها ، فقد حصل الجزء الذي لا يتجزأ ، ويكون (٩) الذي (١٠) يلقاها أيضا نقطة أخرى فتتوالى النقط (١١) فاعلة لجسم أو لخط فاعل لسطح فاعل لذلك الجسم ، وإن كانت عرضا فهى تحل محلا ، وكل حال فى محل فهو يحل فيما يساويه ويكون مثله ، فتكون النقطة تحل جوهرا لا يتجزأ. وقالوا أيضا : إن جاز أن ينقسم الجسم (١٢) إلى أجزاء غير متناهية ، جاز أن يتركب من أجزاء غير متناهية ، وأن يتركب مع غيره تركيبا بلا نهاية. ولهم أن يقولوا أيضا : إنا إذا فرضنا خطا منطبقا على خط ، حتى تكون النقطة محاذية للنقطة أو ملاقية أو مداخلة له أو أى اسم شئتم (١٣) أن تدلوا به على المعنى المفهوم ثم تحرك الخط ، فقد صارت النقطة المماسة غير المماسة ، وزوال المماسة دفعة ، فيكون فى آن واحد صارت غير مماسة ، وهى فى ذلك الآن ملاقية لنقطة تالية للنقطة (١٤) الأولى ، فتكون النقطة متتالية فى الخط ، والخط مؤلفا عنها ، إذ (١٥) الكلام على زوال مماسة النقطة الثانية ، كما هو فى مماسة النقطة الأولى ، وكذلك هلم جرا. ومن حججهم وجود زاوية غير منقسمة وهى التي جعلها أوقليدس أصغر الحادات. وقالوا أيضا ما يقولون فى حركة الكرة على سطح أملس ، أليس يكون بمماسة واقعة بنقطة بعد نقطة ، فيؤلف الخط الذي تمسحه (١٦) الكرة من نقط. وأما الذين جعلوا هذا الجزء المنتهى إليه جسما وهم شيعة ديمقراطيس فقالوا : إن الجسم لا يخلوا إما أن ينقسم كله ، حتى لا يكون منه ما لا ينقسم أو لا ينقسم كله ، فإن كان فى طباعه أن ينقسم فغير ممتنع أن يقع ، وغير (١٧) الممتنع إذا فرض موجودا لم يعرض منه محال ، بل ربما عرض منه كذب غير محال ، والكذب غير المحال لا يلزمه المحال. فلنفرض أن كل قسمة ممكنة فى الجسم (١٨) فقد خرجت بالفعل فحينئذ لا يخلو إما أن يحصل لا شيء ، أو تحصل نقط ، أو تحصل أجسام لا تنقسم. لكن من المحال أن تنتهى إلى لا شيء أو (١٩)

__________________

(١) نعل : فعل د ، بعد ط (٢) فالمثل : والمثل د ، ط ، م

(٣) والثاني : والمثل الثاني م. (٤) لو جاز : ساقطة من د

(٥) نهاية : النهاية م. (٦) تبلغ : ساقطة من ط

(٧) وقالوا : قالوا ب ، د (٨) لكانت : لكان ط.

(٩) ويكون : فيكون ط (١٠) الذي : ذلك م.

(١١) النقط : النقطة ط. (١٢) الجسم : ساقطة من د.

(١٣) شئتم : شئت م. (١٤) تالية النقطة : ساقطة من م.

(١٥) إذ : إذا ط ، م. (١٦) تمسحه : لمسحه ب.

(١٧) غير (الثانية) : الغير ب ، د ، ط. (١٨) الجسم : الجزء م.

(١٩) البطيئة ... أو : ساقطة من سا.


النقط ، فإنه إن كان انتقاضه إلى لا شيء ، فتألفه (١) من لا شيء وهذا محال ، وإن كان انتقاضه إلى النقط (٢) ، فتألفه (٣) من النقط وهذا أيضا محال. قد أجمع (٤) العلماء على أن النقط (٥) كم اجتمعت لا تزيد على حجم نقطة واحدة ، وأنها إنما تتلاقى (٦) بالأسر ، ولا يحجب بعضها بعضا من الملاقاة ، ولا تتحرك إلى التأليف فتصير شاغلة مكانا ، ولا يحدث منها متصل فبقى (٧) أن يكون (٨) انتقاضه إلى أجسام ليس فى طبيعتها أن تنفصل وتنقسم (٩) ، اللهم إلا بالوهم والفرض. وأما الذين قالوا بوجود أجزاء غير متناهية للجسم فقد دفعهم (١٠) إلى ذلك امتناع تركيب (١١) الأجسام من الأجزاء غير (١٢) المتجزئة ومن الأجسام غير المتجزئة. قالوا : فإن الأجسام أيضا فى أنفسها ذوات أقسام ، وإن لم تنفصل بالفعل ، فهى إن جزئت بالتعيين (١٣) والفرض كان كل جزء منها بعضا وجزءا من الجسم وان لم ينفصل البتة. قالوا فبقى أن تكون أجزاء الجسم بلا نهاية ، وبسبب ذلك ينقسم الجسم (١٤) انقساما لا يتناهى ، إذ الانقسام ، الفرضى (١٥) أو التفريق إنما يرد على أجزاء موجودة فى الجسم متجاورة ، فتكون أجزاء الجسم بحسب احتمال الانقسام ، فإن احتمل انقساما متناه كان ذا أجزاء غير متناهية. ولما ضيق أصحاب الجزء على هؤلاء وألجئوهم إلى مسألة النعل والذرة والسلحفاة وأخيلوس (١٦) ، وبالجملة (١٧) أن تكون الحركة تأتى على أنصاف لا تتناهى ، فلا تبلغ الغاية البتة ، التجئوا إلى ما التجأ إليه أبيقورس فقالوا بالطفرة ، وهو أن الجسم قد يقطع مسافة حتى (١٨) يحصل فى حد منها مقصود عن حد متروك ، ولم يلاق ولم يحاذ ما فى الوسط. وأورد أول من يشبه بأبيقورس من الخارجين لذلك مثالا من دوران الدائرة القريبة من طرف الرحى والدوامة (١٩) والأخرى القريبة من المركز ، وذكروا أنه لو كان الجزء الذي عند الطرف يتحرك (٢٠) مع حركة الجزء الذي عند (٢١) الوسط بالسواء لقطعا معا مسافة واحدة ، ومحال أن يسكن الذي فى الوسط ، لأنه متصل ملتزم بعضه لبعض. فبين أن الذي فى الوسط يتحرك ويقل طفرانه ، مع أن الذي عند الطرف يتحرك ويطفر أكثر حتى يحصل فى بعد أكثر من بعد (٢٢) الذي فى الوسط. ولما استشنع الأولون من الخارجين المذكورين الطفرة (٢٣) ولزومهم (٢٤) هذا الكلام ، ولم يجوزوا أن تكون حركة متصلة (٢٥) أسرع من حركة بلا توسط ، سكون اضطروا إلى أن جعلوا الذي يلى الوسط يسكن سكونات أكثر من (٢٦) سكونات الذي على الطرف واضطروا إلى تمكن (٢٧) المتوسط (٢٨)

__________________

(١) فتألفه (الأولى) : فتأليفه ط ، م (٢) النقط : النقطة ط

(٣) فتألفه (الثانية) : فتأليفه د ، ط ، م.

(٤) أجمع : اجتمع م (٥) النقط : النقطة ط (٦) تتلاقى : تلاقى ، ب ، د.

(٧) فبقى : فتبقى ب ، د ، م (٨) أن يكون : أن لا يكون م

(٩) وتنقسم : ولا تنقسم ط. (١٠) دفعهم : أوقعهم ط ، دفعتم م.

(١١) تركيب : بتركب د ، تركب ط (١٢) غير (الأولى والثانية) : الغير ب ، د ، ط.

(١٣) بالتعيين : + والتغيير ط. (١٤) الجسم (الثانية) : ساقطة من م

(١٥) الفرضى : العرضى م. (١٦) وأخيلوس : وأخلوس بخ ، م ، والأخلوس ط

(١٧) وبالجملة : + إلى ط ، م. (١٨) حتى : ساقطة من د.

(١٩) والدوامة : والدولابة ط (٢٠) يتحرك : متحرك ط.

(٢١) عند : هذا د. (٢٢) بعد (الثانية) : البعد ط (٢٣) الطفرة : للطفرة مثالا ط. (٢٤) ولزومهم : ولزمهم ط ، م (٢٥) متصلة : متصل د. (٢٦) من : ساقطة من ط (٢٧) تمكن : أن تمكين ط.

(٢٨) النقط .... المتوسط : ساقطة من سا.


من السكون ، وإلى أن حكموا بأن الرحى تتفكك عند الحركة أجزاؤها بعضها من بعض تفككا لا يلزم أحدهما أن يتحرك مع الآخر ، بل يسكن أحدهما ويتحرك الآخر ، فلم يزل (١) أحدهما فى شناعة الطفرة ، والآخر فى شناعة التفكك.

[الفصل الرابع]

د ـ فصل (٢)

فى اثبات الراى الحق فيها وابطال الباطل

وإذ قد دللنا على اختلاف المذاهب فى مسألتنا هذه ، فلنبدأ بالدلالة على صحة المذهب (٣) الحق ، ثم لنحمل على الشكوك التي أوردها (٤) مخالفوه ، فنحلها حلا ، ونقول (٥) : أما المذهب (٦) القائل إن الجسم فيه أجزاء بالفعل غير متناهية ، فيظهر بطلانه من جهة استحالة قطع أشياء بلا نهاية فى زمان متناه ، ولأن إثبات الطفرة بين البطلان فى نفسه وبأن كل كثير فإنما هو من آحاد ، وإذا لم يكن واحد موجودا بالفعل لم يكن كثيرا (٧) فإذا (٨) لم يكن جزء واحد لم تكن أجزاء بلا نهاية له ، والجزء الواحد لا ينقسم من حيث هو واحد ، وإذا (٩) أضيف إليه آحاد أمثاله لم يخل إما أن تكون الإضافة على سبيل المماسة ، أو على سبيل المداخلة ، أو على سبيل الاتصال. فإن كان على سبيل الاتصال ، حدث المتصل من مقادير منها (١٠) محدودة فبطل الرأى ، وإن كان على سبيل المداخلة لم يحدث منها قدر وإن بلغت أضعافا لا نهاية لها فى الوجود ، وإن كان على سبيل الملاقاة فكل واحد من الجزءين يقتضى وضعا مخصوصا ، ويجب أن يكون له فى نفسه قدر جسمانى ، على ما نوضح من بعد ، فيكون جسما ، والجسم إذا قرن (١١) بأجسام أمثاله متناهية (١٢)

__________________

(١) يزل : يزد د.

(٢) فصل : فصل د ب ، الفصل الرابع م.

(٣) المذهب : المذاهب م.

(٤) أوردها : أوردناها م

(٥) ونقول : فنقول ط ، م

(٦) المذهب : المذاهب م.

(٧) كثيرا : كثير د ، ط

(٨) فإذا : وإذا ط.

(٩) وإذا : فإذا ط.

(١٠) منها : ساقطة من م.

(١١) قرن : اقترن ط.

(١٢) من ... متناهية : ساقطة من سا.


العدة كان من تركيب ذلك جسم لا محالة ، وله نسبة إلى الجسم غير (١) المتناهى الأجزاء نسبة (٢) محدود (٣) إلى محدود (٤) وفى عظمه. فإذا زيد فى الأجزاء على تلك النسبة بلغ المؤلف من الأجزاء المتناهية مبلغه ، فكان (٥) جسما مساويا (٦) له من أجزاء متناهية العدد. فكذلك (٧) الجسم الأول هو من أجزاء متناهية العدد (٨).

وأما مذهب (٩) القائلين بأن القسمة تنتهى إلى أجسام لا تنقسم بالتفريق للاتصال ، فإنا نؤخر الكلام فى النظر فى (١٠) أمر هذه الأجسام ، فإنهم ليسوا يمنعون كون الأجزاء التي إليها تنتهى القسمة ذات احتمال لأن يفرض لها أجزاء ، إنما يمنعون وقوع ذلك بالفعل ، وعسانا نجوز ذلك أو لا نجوزه فيتعلق بنوع آخر من النظر. إنما الموضع الأخص به النظر فى الأسطقسات.

وأما مذهب المؤلفين للأجسام من غير الأجسام فيجب أن نوضح بطلانه (١١) ، فنقول : إن هذه الأجزاء إذا اجتمعت فكان (١٢) منها جسم ، فإما أن تجتمع على سبيل تتال فقط ، أو على سبيل تماس ، أو على سبيل تدخل ، أو على سبيل اتصال. إذ الأشياء المجتمعة ، إما أن يكون بينها بعد أو لا يكون ، فإن لم يكن بينها بعد (١٣) ، فإما أن يكون تلاقيها بالأسر أو لا بالأسر فإن كان بالأسر ، كانت مداخلة على ما أوضحنا (١٤) ، وإن كان لا بالأسر ، فإما أن يختص كل (١٥) بشيء به يلقى (١٦) الآخر ، أو يكون ذلك الشيء مشتركا ، فإن اختص فهو مماسة ، وإن كان مشتركا فهو اتصال. وكذلك هذه الأجزاء إذا اجتمعت لم يخل اجتماعها (١٧) من أحد هذه الوجوه ، فإن اجتمعت على التتالى فقط لم يحدث منها الأجسام المتصلة فى الحس وكلامنا فيها ، وإذا (١٨) اجتمعت على اتصال أو تماس فكل (١٩) واحد منها ينقسم إلى مشغول وفارغ وممسوس وخال ، على نحو (٢٠) ما شرحنا فى الفصول السابقة. ويجب إن لم يتداخل ، أن يكون إذ لقى واحد منها واحدا فجاء ثالث ملاق لأحدهما ، أن يكون محجوبا عن ملاقيه (٢١) الآخر بتوسط هذا الملاقى ، فيكون كل قد نال بالملاقاة من ذاته ما لم ينله الآخر ، وهذا بين بنفسه ، فيكون المتوسط منقسما. وإن كانت (٢٢) الملاقاة بالأسر كانت مداخلة (٢٣)

__________________

(١) غير : الغير ب ، د ، ط (٢) نسبة (الثانية) : نسبته م

(٣) محدود : محدودة م. (٤) إلى محدود : ساقطة من م.

(٥) فكان : وكان د (٦) مساويا : متساويا ط.

(٧) فكذلك : وكذلك د (٨) العدد : بالعدد ط ، م.

(٩) مذهب : المذهب ط (١٠) فى (الثانية) : إلى م.

(١١) بطلانه : ساقطة من م.

(١٢) فكان : وكان د. (١٣) بعد (الثانية) : ساقطة من د.

(١٤) ما أوضحنا : ما أوضحناه ط (١٥) كل : + منها د.

(١٦) يلقى : + منها ط. (١٧) اجتماعها : اجتماعا م.

(١٨) وإذا : وإن ط ، م (١٩) فكل : وكل د.

(٢٠) نحو : ساقطة من ب ، د. (٢١) ملاقيه : ملاقا ط.

(٢٢) كانت (الثانية) : وكانت ط ، م.

(٢٣) العدة ... مداخلة : ساقطة من سا.


فلا يزداد باجتماعها قدر ، فتكون كلما (١) اجتمعت كالواحد الذي لا طول له (٢) ولا عرض ولا عمق ، فإذ (٣) كانت هذه الأجزاء التي لم تتجزأ لا تجتمع اجتماعا يتألف به (٤) منها جسم فالجسم (٥) إذن غير منتقص إليها. فإذن ليس تنتهى قسمة الأجسام إلى أجزاء لا يمكن أن تنقسم نوعا من القسمة ، وكذلك سائر (٦) المقادير ، أعنى السطوح والخطوط. وأى عاقل يرخص فى أن نقول : إن صفحة من أجزاء لا تتجزأ أضاءت (٧) عليها الشمس ، أو عرض لها حال من جهة ، فيجب أن تكون الجهة الأخرى بتلك الحال ، أو نقول : إن الصفيحة (٨) ليس لها فى نفسها وجهان ، بل الضوء على ما هو وجه الصفيحة (٩) والوجه الذي لا يلى الشمس هو ذلك الوجه بعينه ، فإنه إذا أبصر هذا الوجه فقد أبصر ذلك إذ هذا وذلك واحدا. وليس هاهنا هذا وذاك ، فيكون الواقف من جهة من الصفيحة (١٠) يرى الصفيحة (١١) مضيئة من الجهة الأخرى. وقد يجب من وجود الأجزاء الذي لا تتجزأ أن لا تكون دائرة ولا مثلث قائم الزاوية ولا كثير من الأشكال إذ (١٢) الدائرة توجب أن يكون الطرق الخارج أكبر من طوق داخل يماسه ، والمماس مساو للمماس (١٣) لا يكون أكبر والمثلث القائم الزاوية إذا كان ضلعاه (١٤) كل واحد (١٥) عشرة عشرة كان وتر القائمة جذر مائتين ، وهو إما محال لا يوجد وإما صحاح وكسر وأجزاء (١٦) ، وهى (١٧) لا تنكسر.

لكنهم يقولون إن : البصر (١٨) يخطئ فى أمر الدائرة والمثلث ، وإنما هى أشكال مضرسة (١٩) ، ومع ذلك فإنهم لا يدفعون وجود المربع القائم (٢٠) الزوايا مثلا على هذه الصفة ، ليركب من أربعة أجزاء لا تتجزأ ، خط (٢١) على الاستقامة ولتركب مثله خطوط ثلاثة غيره ، ويوجد (٢٢) منها خط آب ، ولنطبق (٢٣) به على (٢٤) خط ج د ، وحتى لا يكون بينهما (٢٥) سعة شيء وكذلك هز بعد ج د وح ط بعد هز حتى يحدث سطح اط على مذهبهم. فمعلوم أنه ليس يسع بين هذه الأجزاء فى السطح جزء آخر البتة ، فالأجزاء (٢٦) الأربعة التي هى الأول من خط آب والثاني من خط ج د والثالث من خط هز والرابع (٢٧)

__________________

(١) كلما : كلها م (٢) له : ساقطة من م

(٣) فإذ : فإن ط. (٤) به : ساقطة من د

(٥) فالجسم : ساقطة من د. (٦) سائر : سير د.

(٧) أضاءت : أضاء ب د ، ط. (٨) الصفيحة : الصفحة ط.

(٩) الصفيحة : الصفحة ط. (١٠) الصفيحة (الأولى) : الصفحة ط

(١١) الصفيحة (الثانية) : الصفحة د ، الصحيفة ط.

(١٢) إذ : إذا ط (١٣) المماس (الثانية) : للماس ط.

(١٤) ضلعاه : من ضلعيه م (١٥) كل واحد : ساقطة من د ، م.

(١٦) وأجزاء : أجزاء د (١٧) وهى : وهم ب ، م ، هم د.

(١٨) البصر : + قد ط (١٩) مضرسة : متضرسة د.

(٢٠) القائم : القائمة ط (٢١) خط : خطه ط.

(٢٢) ويوجد : وليؤخذ ط ، وليوجد م (٢٣) ولطبق : ولينطبق م

(٢٤) على : ساقطة من م (٢٥) بينهما : بينها م.

(٢٦) فالأجراء : والأجزاء د. (٢٧) فلا يزداد ... الرابع : ساقطة من سا.


من خط ح ط وهو القطر لا يخلو إما أن تكون هذه الأجزاء يماس بعضها بعضا (١) على سمت بين جزء آ وجزء ط فيكون خطا مستقيما مؤلفا منها وهو القطر ويكون مساويا للضلعين المتساويين ، وهذا بعيد عن الجواز. فمعلوم بالمشاهدات أن القطر فى مثل هذا أطول من الضلع ، وإما أن تكون هذه الأجزاء متباينة فحينئذ إما أن تكون فيها فرج (٢) أو لا تكون ، فإن كان بينها فرج لم تنطبق الخطوط تطبيقا لا فرج فيه وقد (٣) فعل ذلك ، هذا خلف. وإن لم يكن بينها (٤) فرجة فيكون فيما بينها شيء لا محالة ، إما جزء أو فوقه أو بعض جزء فإن كان (٥) بعض جزء فقد قسم الجزء وإن كان جزء بتمامه أو جزءان لزم دائما (٦) أن يكون طول القطر إما أن لا ينقص عن الضلعين معا ، أو ينقص عن ضعف (٧) الضلعين بجزء واحد غير محسوس ، ونقصان القطر عن ضعف الضلعين دائما ، فهو أمر (٨) محسوس وقدر كبير.

وأما ما يقولون : إن هذا الخط لا يكون مستقيما ، بل مضرسا على صورة هكذا ه ه ه ه أعنى أن يكون جزء وجزء (٩) آخر منحرف عنه إلى جهة ، ثم جزء آخر فى سمت الأول ، ثم جزء منحرف عنه ، كان كل منحرف موضوع فى الفصل المشترك بين المرتبتين فى سمت واحد ، فإنه يظهر فساده وبطلانه عن قريب ، وذلك لأنه إما أن تكون المرتبتان (١٠) فى سمت واحد منها (١١) متماسين أو غير متماسين (١٢) ، فإن كانا متماسين وكل أجزاء مرتبة فى سمت واحد (١٣) متلاقية ، بحيث يتصل (١٤) منها خط مستقيم (١٥) ، فيكون من المرتبتين خطان مستقيمان ، موضوع أحدهما بجنب الآخر ، فلا تضريس (١٦). وإن كانا غير متماسين ، فلا محالة أنه يكون بينهما جزء ، فلا يكون مضرسا بل يتصل على الاستقامة ، إنما يكون (١٧) مضرسا لو كان بعض الجزء واقعا فيما بينهما وبعضه خارجا ، والجزء لا يتبعض (١٨) ، بل إما أن يكون كله بينهما ، أو لا شيء منه بينهما وإذا كان كله بينهما فليس هناك زوال وتضريس البتة ، بل يكون هناك وضع على الاستقامة ، كما هو مقبول عندهم. إن من شأن الأجزاء أن ينتظم منها خط مستقيم ، فإن جعلوا فيما بين الرتبتين (١٩) على سمت واحد جزءين لا في نظام (٢٠) السمت ، بل عرضا حتى يتضرس ، فقد جعلوا من كل جزء شيئا فيما بين (٢١)

__________________

(١) بعضا : ساقطة من د. (٢) فرج (الأولى) : فرحة ب ، د ، م

(٣) وقد : فقد ط. (٤) بينها (الأولى) : منها ب

(٥) كان : ساقطة من م. (٦) دائما : + إمام.

(٧) ضعف : ساقطة من بخ

(٨) دائما فهو أمر : دائما فإنه أمر ط ، إنما هو أمر م.

(٩) وجزء : جزء د. (١٠) المرتبتان : المرتبان ب ، د

(١١) منها : ساقطة من د (١٢) متماسين (الثانية) : يتماسان ب ، د.

(١٣) منها .... واحد : ساقطة م.

(١٤) يتصل : يحصل ط (١٥) مستقيم : ساقطة من د.

(١٦) فلا تضريس : لا تضريس ط ، م.

(١٧) إنما يكون : إنما كان يكون ب ، د ، م

(١٨) لا يتبعض : لا ينتقص د. (١٩) المرتبتين : المرتبين ب.

(٢٠) نظام : ساقطة من م. (٢١) من .... بين : ساقطة من سا.


الجزءين وشيئا (١) زائلا حتى يكون تضريس ، فجعلوا كل جزء منقسما. وما يقولون فى خط مستقيم يعمل ، ثم يركب جزؤه الأول على نقطة آ ، يطبق على السطح ، حتى يلقى الخط على نقطة ط ، ومعلوم أن هذا ممكن. فبن (٢) إذن أنه يمكن أن ينتظم (٣) بين الجزءين خط مستقيم ، فيلزم من ذلك وجود جهة للجزء غير الجهات التي لهم. وإذ (٤) صح أنه يمكن أن يفرض بين الجزءين خط مستقيم على أى وضع كان الجزءان (٥) ، فيمكننا أن نضع على جزئى آ وط جزءين ، ولا يكون (٦) بينهما شيء ، وينتظم (٧) بينهما خط (٨) ، ونطبقه على خط القطر (٩) ، فكيف يكون حال النقط (١٠) التي تتلو النقطة الأولى الموضوعة على نقطة آ آ ، تقع على النقطة (١١) الثانية من القطر ، التي هى النقطة الثانية من (١٢) خط ج د أو تقع فى (١٣) الفصل المشترك حتى يماس كلاهما محاذيا لفصل مشترك (١٤) بينهما لا يتلاقيان عليه ، أو تكون تلك الفرجة أصغر من أن تسعه ، فيكون شيء أصغر من حجم ما لا يتجزأ ، أو يكون يسعه ، فيكون ما قدمنا من الخلف. وإن وقع على (١٥) نفسه ، فقد انطبق الخط المستقيم على القطر ، وما طابق المستقيم (١٦) فهو مستقيم مساو له.

ومن (١٧) العجيب (١٨) ما يضطرون إليه فى هذا الموضع من إمكان وقوع جزء على فصل مشترك بين جزءين ، وهو بعينه يمكنه أن يتحرك قليلا حتى يلقى أحدهما وحده. فإن كان الذي يلقاه وهو يماس الأول والثاني هو الذي كان يلقاه بعينه وهو يماس (١٩) الثاني وحده ، فيكون عند التنحى مماسا أيضا ، هذا خلف. وإن كان يلقى منه غير الذي لقى أولا ، فيكون قد انقسم بمواضع اللقاء (٢٠). ويلزمهم ما يهربون منه من (٢١) أمر زيادات الجهات على الست الذي يظنون أنها واجبة (٢٢) أن تكون ستا ، وليس ذلك بواجب البتة ، إنما ذلك أمر قد تعورف فى تسمية جهات الحيوان ، فظن أن ذلك المتعارف بحسب التسمية حكم واجب فى كل شيء ، بل الحق أن بين كل جهتين متجاورتين جهة أخرى ، وذلك إلى غير النهاية بالقوة ... وهذا أيضا مثل ما يظن بعضهم أن الجسم طولا معينا وعرضا معينا وعمقا معينا ، وأن كل (٢٣) ذلك بالفعل فيكون لكل واحد منهما طرفان ، فتكون الجهات ستا وليس غيرها. ونحن سنقول (٢٤)

__________________

(١) وشيئا : شيئا م. (٢) فبين : فيتبين ط.

(٣) ينتظم : ينظم ب ، م (٤) وإذ : وإذا ط.

(٥) الجزاءان : ساقطة من د. (٦) ولا يكون : لا يكون م

(٧) وينتظم : وينظم ب ، م. (٨) خط : خطا د ، خطأ م

(٩) القطر : النقطة د ، ط. (١٠) النقط : النقطة ط

(١١) النقطة (الثانية) : نقطة د ، ط.

(١٢) من .... الثانية : ساقطة من د

(١٣) فى : على د (١٤) مشترك : المشترك ط.

(١٥) على (الأولى) : عليه ب ، د ، م (١٦) على القطر وما طابق المستقيم : ساقطة من م.

(١٧) ومن : من د (١٨) العجيب : العجب ط.

(١٩) يماس : مماس د ، ط ، م. (٢٠) وإن كان ... اللقاء : ساقطة من د.

(٢١) من : عن د. (٢٢) واجبة : واجب د. (٢٣) وأن كل : فإن كان ط.

(٢٤) الجزءين ... سنقول : ساقطة من سا.


فى هذا عن قريب ، بل يجب أن يعلم أن القول بكون الجهات ستا ، أمر مشهور متعارف ، وليس (١) بحق ، ولا عليه برهان.

ولكنهم يناقضون ما قلناه بمربعات (٢) تكون على هيئة هذه الأجزاء الأربعة ، يؤلف منها مربع كبير ، فتكون المربعات التي على القطر (٣) لا متلاقية بأطرافها التي هى الخطوط ، ولا بينها شيء. وقد ضلوا فى ذلك ضلالا بعيدا ، وذلك لأنها متلاقية بالنقط (٤) ، وطرف الطرف طرف يصلح به اللقاء ، وغير متلاقية بالخطوط ، وبين تلك الخطوط أنصاف (٥) مربعات أخرى تملؤها ، إذ المربعات تنقسم فتسد الفرج ، ولا كذلك الأجزاء ، ومما يعلم يقينا لا نشك فيه. ولا اختلاف أن بين كل شيئين ذوى وضع سمت ، حتى أنا إذا (٦) عملنا خطا مستقيما بينهما ، فإنه يملأ ذلك السمت ، إذ يقع (٧) فى ذلك السمت. فإذا كان جسم كالشمس يتحرك حركات كثيرة ، وقد جعل بإزائه جسم كالأرض أيضا ، ونصب (٨) هنالك (٩) شيء نصبا قائما ، وجميع ذلك صحيح جواز الوجود فى العقول ، ثم كانت الشمس مضيئة (١٠) للأرض ، وكان المنصوب يستر على قدر سمت الشمس (١١) ، فإذا زالت الشمس جزءا فلا يخلو إما أن يزول الست الذي بين الشمس وبين طرف المنتصب عن (١٢) طرف الظل أو يبقى ، فإن بقى بقى (١٣) لا محالة سمتا ، والسمت على حكم خط مستقيم ، فيكون ذلك الآخر (١٤) المخرج على الاستقامة من (١٥) الشمس إلى طرف المنتصب إلى الأرض أيضا خطا (١٦) مستقيما كالخط الذي عليه علامة ب من خطى آ ب ، فيكون (١٧) خطان مستقيمان متباينان (١٨) يجمعان عند نقطة ويتحدان بعد ذلك خطا مستقيما حتى يكون ذلك الخط مستقيما مع كل واحد منهما ، فيكون الجزء المشترك وهو الذي بين طرف المنتصب ونقطة على الأرض وهو مع كل واحد من السمتين المتصلين بين الشمس وبين طرف المقياس خطا واحدا مستقيما. وهذا معلوم الاستحالة ، ومع ذلك فقد جعلوا جزءا واحدا وهو (١٩) طرف المقياس توازيه (٢٠) الشمس من جهتين : إحداهما خارجة عن السمت الذي (٢١) لهم ، فإن (٢٢) لم يثبت السمت ، بل زال ، فإما أن يزول جزءا ، أو أكثر من جزء ، أو أقل (٢٣) من جزء (٢٤) ، فإن زال جزءا (٢٥) فتكون حركة الشمس فى السماء مساوية لحركة طرف السمت ، ومسافتاهما (٢٦)

__________________

(١) وليس : ليس ط ، م. (٢) بمربعات : بمعربات م.

(٣) القطر : للقطر ط. (٤) بالنقط : بالنقطة د ، ط

(٥) أنصاف : أيضا ب ، د. (٦) إذا : + نحن ط

(٧) إذ يقع : أو يقع ط. (٨) ونصب : ساقطة من د.

(٩) هنالك : هناك ب ، د (١٠) مضيئة : مضيئا م.

(١١) الشمس (الأولى) : الشيء د. (١٢) عن : على د

(١٣) بقى بقى : بقى م. (١٤) الآخر : الأخير ط

(١٥) على الاستقامة من : ساقطة من د

(١٦) إلى طرف .... خطا : ساقطة من د.

(١٧) فيكون : + الشمس د (١٨) متباينان : ساقطة من ط.

(١٩) وهو : هو ط (٢٠) توازيه : يوازيها ط.

(٢١) الذي : التي ب ، م (٢٢) فإن : وإن م.

(٢٣) أو أقل : وأقل د (٢٤) من جزء (الثانية) : ساقطة من ب

(٢٥) جزءا : + أو أكثر ط ، م. (٢٦) فى .... ومسافتاهما : ساقطة من سا.


متساويتان أو يكون طرف السمت قطع (١) أكثر ، وجميع هذا ظاهر الإحالة ، وإن كان أقل من جزء فقد انقسم الجزء.

وكذلك إذا أوقعنا خطا مستقيما كالوتر ، على زاوية قائمة أحد ضلعيها أقصر ، فجررنا (٢) طرف ذلك الخط ، وليكن جدعا (٣) ، أحد طرفيه على حائط والآخر على الأرض ، وارتفاع الحائط أقصر من البعد بين الأرض والزاوية ، فإذا جررنا (٤) هذا الخط من الطرف الذي على الأرض جزءا ، فكان (٥) ينجز الطرف الآخر جزءا ، وجب من ذلك أن يكون ما يقطع من الجانبين سواء. وليس كذلك ، بل يكون القطع من الجانب الأقصر أكبر (٦) ، وليس (٧) ذلك مما يتبع تفككا (٨) أو يفرق (٩) الاتصال البتة ، وإلا لاختلف (١٠) فى المعمول من الحديد والألماس والمعمول من الخشب (١١) ، بل يستوى التقدير فى الجميع. وإلا لو (١٢) استأنفنا وضع (١٣) خط مستقيم على الطرف الذي نزل إليه المجرور بقدر طول المجرور ، كان لا يقع إلا حيث وقع عليه المجرور (١٤) ، وكذلك الأجزاء التي فى طرف الطاحونة.

ويلزمهم ما حكيناه عن قوم أحوجوا هؤلاء إلى القول بالتفكك (١٥) والمتفكك ، إما أن يكون تفككه بأن تتزايل (١٦) أجزاؤه بفرج تقع (١٧) لها (١٨) ، فيجب أن تزداد مسافة الرحى عند الحركة ، أو بأن تتزايل (١٩) الأجزاء على نحو تبادل الأمكنة ، حتى تبقى الجملة على حجمها ، فتكون العلامات تزول ، ولا تبقى الأجزاء التي فى الرحى على الأوضاع التي كانت لبعضها عند بعض. هذا جواب من يقول بالتفكك (٢٠) وتحول السكونات الحركات البطيئة (٢١). وما ذا نقول فى فرس شديد العدو ، هل (٢٢) نشك فى أن حركاته أكثر من سكناته ، ولو كانت السكنات (٢٣) أكثر لكان البطء أظهر والفتور أوضح. وإن (٢٤) أنكروا هذا فى الفرس ، لم يمكنهم أن ينكروه فى السهم المرمى ، ومع ذلك فإن نسبة حركة عدو (٢٥) الفرس أو ارتماء (٢٦) السهم إلى سير الشمس ، ليست نسبة (٢٧) تقتضيها زيادة حركات العدو والارتماء على السكنات ، وذلك لأنه (٢٨)

__________________

(١) قطع : يقطع ط ، م. (٢) فجررنا : فحررنا ب د ، م.

(٣) جدعا : جذعا م. (٤) جررنا : حررنا ب ، د ، م

(٥) فكان : وكان م. (٦) أكبر : أقل ط ، م

(٧) وليس (الثانية) : فليس ط. (٨) تفككا : التفكك ط

(٩) يفرق : يفترق ط (١٠) لاختلف : لاختلفت م

(١١) الخشب : خشب د ، م. (١٢) وإلا لو : لو ط

(١٣) وضع : قطع م.

(١٤) كان لا يقع إلا حيث وقع عليه المجرور : ما كان يقع حيث وقع عليه المجرور ب ، د ، وكان يقطع لا من حيث وقع عليه المجرور م.

(١٥) بالتفكك : بالتفكيك ط (١٦) تتزايل : تزايل ط.

(١٧) تقع : ساقطة من د (١٨) لها : لنا م

(١٩) تتزايل : تزايل ط. (٢٠) بالتفكك : بالتفكيك ط.

(٢١) هذا .... البطيئة : ساقطة من د ، م (٢٢) هل : وهل ب ، م

(٢٣) السكنات : السكونات ط. (٢٤) وإن : فإن ط (٢٥) عدو : + بين د.

(٢٦) أو ارتماء : وارتماء د (٢٧) نسبة : ساقطة من ط. (٢٨) متساويتان .... لأنه : ساقطة من سا.


لو كانت الحركات فى الركض والارتماء مساوية للسكنات (١) وكانت الشمس ليس (٢) لها إلا الحركات فقط ، لكان ركض الفرس وارتماء السهم نصف سير الشمس. وليس الأمر كذلك ، بل لا قياس لهذا إلى ذلك أما ركض الفرس فمعلوم بالمشاهدة ، وأما ارتماء السهم فقد جربت فى قوم يقفون على أبعاد (٣) مرامى سهام (٤) ، وكل (٥) واحد يرسل سهمه مع سقوط سهم صاحبه بالقرب منه ، فيعرف (٦) فيعرف التفاوت فى ذلك. ولو استقصى مستقصى (٧) هذه النسبة وجدها أقل من نسبة جزء من ألوف أجزاء منه ، فيجب من ذلك أن يكون الفرس أو السهم يسكن ألوف سكنات وتتحرك واحدة ، وكان (٨) بحب أن لا ترى حركته ولا تظهر لغلبة السكون عليها (٩) ، وإن ظهر منها شيء كان قليلا يسيرا. والوجود بخلاف هذا ، فإن الحركة هى الظاهرة ، والسكون لا ظهور له البتة. ومما يوضح هذا ما نعلمه من أن الثقيل كلما ازداد ثقلا كانت حركته (١٠) إلى أسفل أسرع ، فإذا كان ثقيل ما يتحرك إلى أسفل تخالطه وقفات. فإن (١١) زدنا مقدار الجسم دائما نطلب زيادة الثقل ، بلغنا بذلك وقتا إلى حركة لا يخالطها سكون ، فإذا ضممنا إليها ضعف ذلك الجسم لزم أن يتحرك أسرع من غير تخلل سكون يكون (١٢) سببا للإبطاء ، وكذلك لو فرضنا جزءا واحدا يتحرك الحركة التي لا وقوف لها ثم اتصل به ثقل. ومن العجائب أنه إذا تحرك المتحرك فى هواء راكد أو فى (١٣) خلاء مقرون به وهو مما لا مقاوم (١٤) فيه ، ويكون مبدأ حركته ميلا فيه واعتمادا (١٥) إلى جهة أن يبقى ذلك الاعتماد وذلك الميل فى تلك المسافة بعينها ولا تبقى الحركة ، بل يحدث سكون يقع به البطء كأنه يعرض كسل متعب ، فيميل بالاختيار إلى السكون ، ثم ما يثوب (١٦) إليه النشاط. وكيف يحدث سبب يمنع ويبطل فى هواء راكد أو خلاء ، وكيف يمكن أن يقال إن الميل والاعتماد يبطلان فيه ويتجددان. ومن الشناعات التي تلزم الجزء ، أنا (١٧) نعلم يقينا لا نشك فيه أنه إذا تحرك متحرك من اليمين إلى اليسار ومتحرك آخر من اليسار إلى اليمين على خطين متوازيين مستقيمين ، أنهما لا يزالان يتقاربان حتى يلتقيا متحاذيين ، ثم يتفارقان. فإذا فرضنا أربعة أجزاء لا تتجزأ وأربعة أخرى ، وركبنا من كل أربعة خطا ، وكان أحد الخطين موضوعا بجنب الآخر ، كما فعلنا فى المربع (١٨) الذي أنشأناه (١٩)من أجزاء لا تتجزأ (٢٠) ،

__________________

(١) للسكنات : السكنات د

(٢) ليس ، : ليست ط. (٣) أبعاد : + من ط

(٤) سهام : السهام ط (٥) وكل : فكل د.

(٦) فيعرف : فعرف ب ، م ، يعرف د

(٧) مستقصى : المستقصى ط ، م.

(٨) وكان : فكان ط (٩) عليها : عليهما ط.

(١٠) حركته : حركة م (١١) فإن : فإذا ط ، م.

(١٢) يكون : + ساقطة من م. (١٣) او فى : وفى م.

(١٤) لا مقاوم : لا معلوم د (١٥) واعتمادا : أو اعتمادا د ، ط ، م.

(١٦) ما يثوب : ما يثور ط. (١٧) أنا : فإنا ط.

(١٨) فى المربع : بالمربع ط

(١٩) أنشأناه : أنشأنا ب د ، ط.

(٢٠) لو كانت .... لا تتجزا : ساقطة من سا.


وفرضنا على (١) طرف أحدهما الطرف الذي على اليمين جزاء ، وعلى طرف الآخر (٢) الطرف (٣) الذي (٤) على اليسار جزءا ، وحركنا الجزءين حتى صار الجزء الذي على أحد الخطين وعلى (٥) طرفه الأيمن نافذا إلى طرفه الآخر ، والذي (٦) على طرف الخط الآخر وعلى طرفه (٧) الأيسر نافذا إلى طرفه الآخر (٨) ، وتوهمنا أن حركتيهما متساويتان فتحاذيا وتفارقا ، فلا يخلو أما أن يكون يحاذيهما على النصف. أو بعد النصف فإن كان التحاذى إنما يقع (٩) إذا كان هذا (١٠) على الثاني من الطرف الذي يحرك عنه ، وذلك على الثاني من (١١) الطرف الذي تحرك عنه ، فبعد لم يتحاذيا ، لأن تحاذى الثاني من كل واحد منهما هو الثالث من الآخر وما يوضع عليه ، فإن يحاذيا بأن يكون كل واحد منهما على الثالث ، فهما فى حال التحاذى متفارقان ، وإن تحاذيا وأحدهما على الثاني من خطه (١٢) والآخر على الثالث من خطه ، فليست حركتاهما على السواء. ومما يلزمهم لزوما يظهر لكل ذى عقل ما نعلمه أنه إذا تقابل شيئان لكل واحد منهما أن يتحرك إلى الآخر حتى يلقاه ، ولا مانع له البتة عن لقاء الثاني خارجا ، فلهما أن يتحركا معا حتى يلتقيا فإذا التقيا أمكن أن يتمانعا (١٣) ، وقبل ذلك لا تمانع بينهما. وهذا شيء بين بنفسه ، فإذا توهمنا ثلاثة أجزاء على صف ، وعلى الطرفين جزاءان ، لكل واحد منهما أن يتحرك حتى يلقى الآخر ولا مانع ، فإن (١٤) لهما جميعا أن يتحركا إلى أن يلتقيا ، بعد ما ليسا ملتقيين (١٥).

فلا يحلو التقاؤهما إما أن يكون وكل واحد منهما مستقر على كمال الوسط وقد انتقل إليه بكماله فيكونان متداخلين أو كل واحد قطع شيئا إلى أن التقيا. فإن كان كذلك ، فقد انقسم الجزء والوسط والجزءان الطرفان والجزءان (١٦) المتحركان.

والعجب من قولهم على هذا إن هذا يستحيل فيه أن يتحركا معا لاستحالة الانقسام كأن أحدهم إذا تحرك والآخر (١٧) ساكن نفدت حركته. فإن (١٨) كان الآخر يريد أن يتحرك يشعر يذلك فيقف ، أو يقفه سبب وارد من الآخر إليه (١٩) يقسره أو يقفه بملاقاة (٢٠) (٢١) الآخر له وليس سبق الآخر إلى الملاقاة ، أولى من سبق هذا وليس بخفي على العاقل أنه (٢٢)

__________________

(١) على (الأولى): + ظهر م (٢) الآخر : + وهو ط

(٣) الذي على اليمين ... الطرف : ساقطة من م

(٤) الذي : + يل ط. (٥) جزءا وحركنا ... وعلى : ساقطة من م.

(٦) والذي : والجزء الذي ط. (٧) وعلى طرفه : وطرفه م

(٨) الآخر (الثانية) : ساقطة من د. (٩) يقع : + على النصف ط

(١٠) هذا : ساقطة من م. (١١) الطرف .... من : ساقطة من د.

(١٢) خطه (الأولى والثانية) : خط ط.

(١٣) يتمانعا : لا يتمانعا ط. (١٤) فإن : ساقطة من د.

(١٥) ملتقيين : بملتقيين ط ، م. (١٦) والجزءان (الثانية) : فالجزءان م.

(١٧) والآخر : فالآخر ط. (١٨) فإن : فإذا ط

(١٩) إليه : + عليه ط. (٢٠) والآخر ... بملاقاة : ساقطة من م.

(٢١) بملاقاة : ملاقاة ط. (٢٢) وفرضنا ... أنه : ساقطة من سا.


إذا أريد تحريكهما معا ، لم يكن قصد أحدهما ليتحرك فى نفسه حابسا لصاحبه (١) عن أن يتحرك ، إلى أن يلقاه. فمن المحال أن يقال إن هذا يحتبس (٢) ، بسبب أن الآخر يهم أن يتحرك ، فكيف (٣) يكون ذلك سبيا معاوقا لقوة الدافع من الحبس حتى يقفا ولا يطيعاه (٤) وليسا بمتماسين ولا ملتصقين بما تحتهما ، ولا فى أحدهما تأثير حابس من الآخر (٥) ولا من خارج حابس.

وبالجملة يجب أن تحدث عد احتباسهما بعد الاستمرار حال غير التباين حتى يتمانعا ، وتلك الحال ليست غير المصادمة ومن قنع بأن يقول إن امتناع القسمة يحبسهما ويجعلهما غير مطاوعين للتحريك والدفع ولو كان لأحدهما دافع ولم يكن للآخر دافع لا ندفع (٦) وأجاب بسبب (٧). لكنه لما (٨) اتفق حضور مجىء (٩) دافع الآخر (١٠) ، صار لا هذا يجيب ولا ذاك ، فليقع وأما العاقل فإنه يجعل ظهور استحالة هذا الاحتباس سببا لبطلان منع الانقسام ، لا منع الانقسام سببا لهذا الاحتباس. وأنت إذا بسطت ما أوجزنا القول فيه وتأملته ، أيقنت بطلان هذا المذهب أصلا. وإذا بطل هذا المذهب ومضاده معا. وجب أن يكون الحق مقابله (١١) بالنقيض ، وهو أنه ليس للجسم الواحد جزء بالفعل ، وأنه ينقسم إلى غير النهاية بالقوة. (١٢)

__________________

(١) لصاحبه : يصاحبه ط.

(٢) يحتبس : المحتبس د ، يحبس ط

(٣) فكيف : وكيف ط.

(٤) يطيعاه : يطيعا د ، م

(٥) الآخر : الأجزاء ط.

(٦) لا ندفع : لا يندفع ط ، ساقطة من د.

(٧) بسبب : ساقطة من ط ، م

(٨) لما : إذا ط

(٩) محبئ : ساقطة من د

(١٠) الآخر : للاخر ط ، م.

(١١) مقابله : مقابلهما طا.

(١٢) إذا ... بالقوة : ساقطة من سا.


[الفصل الخامس]

ه ـ فصل (١)

فى حل شكوك المبطلين (٢) فى الجزء

فلنشرع الآن فى حل شكوكهم ، وفى تتميم ما يليق بهذا الكلام من مناسبات المتحركات والحركات (٣) والأزمنة فى هذا الانقسام غير (٤) المتناهى بالقوة ، وما يتبع ذلك. أما قولهم إن كل قابل للتفريق ففيه تأليف ، فهو (٥) الذي لما ظنوه حقا بنوا عليه ، وليس هذا بمسلم. فإن عنوا بالتأليف أن يكون فيه جزاءان متميزان بالفعل وبينهما مماسة وأن التفريق تبعيد أحدهما عن الآخر وإبطال المماسة ، فهذا غير مسلم. ولو سلم ، لكان لا يحتاج إلى أن يلتجئوا إلى التفريق حتى تتم حجتهم ، بل كانت تكون (٦) صحيحة مع ثبات (٧) التأليف تأليفا ، إذ (٨) كان يجب أن يكون أجزاء حاصلة لا تأليف فيها ، لاستحالة وجود ما لا يتناهى من الأجزاء بالفعل ، ووجوب واحد (٩) بالفعل حيث يكون كثيرا. وإن (١٠) عنوا بالتأليف الاستعداد لأن يحدث كثرة فيما هو واحد لا كثرة فيه ، فهذا (١١) مسلم. وهذا لا تجوز (١٢) إزالته عن الجسم أو يبطل الحسم (١٣) إذ لا سبيل إلى إبطال وحدة الواحد بالفعل إلا بإعدامه أصلا أو تكثيره (١٤) ، فإذا لم يعدم بل كثر بقى وأحد (١٥) حالهما حاله وجملة الوحدة لا ترفع (١٦) عنه البتة إلا بإبطاله. وقد (١٧) حسب بعضهم أن وجود الأجسام مختلفة فى سرعة قبول التفريق ، وعسر قبوله يوجب إثبات التأليف.

قال : وذلك (١٨) ليس لاختلاف جنس الأجسام أى نوعيتها ، ولا لاختلاف الفاعل (١٩) ، ولا لحدوث شيء (٢٠) ، ولا لعدم شيء كان عندهم ، ليست الأقسام إلا هذه ، وعندهم (٢١) أن الأجسام لا يختلف نوعيتها. فلنسلم ذلك كله لهم ، فلم يجب (٢٢)

__________________

(١) فصل : فصل ٥ ب ، الفصل الخامس م.

(٢) المبطلين : + للمخطئين ط.

(٣) والحركات : ساقطة من م.

(٤) غير : الغير ب ، د ، ط

(٥) فهو : فهذا هو ط.

(٦) تكون : ساقطة من ط. (٧) ثبات : إثبات ط

(٨) إذ : إذا م. (٩) واحد : الواحد ط ، م

(١٠) وإن : فإن د ، ط ، م.

(١١) فهذا : فهو ط (١٢) وهذا لا يجوز : ولا يجوز م.

(١٣) الجسم (الثانية) : ساقطة من د.

(١٤) أو تكثيره : وتكثره د ، م (١٥) واحد : + أن د ، ط ، م.

(١٦) لا ترفع : لا يرتفع ط ، م

(١٧) وقد : قد د. (١٨) وذلك : وبعض ذلك م

(١٩) الفاعل : الفواعل ط (٢٠) ولا لحدوث شيء : ساقطة من م.

(٢١) ليست .... وعندهم : ساقطة من د.

(٢٢) فصل ... يجب : ساقطة من سا.


أن يكون للتأليف لا غير ، بل لم (١) لا يكون هذان المعنيان وهما (٢) عسر القبول وسرعة القبول عرضين (٣) يعرضان للأجسام يختلف بها بعد الاتفاق المذكور ، كالسواد والبياض وغير ذلك من الأعراض. فترى أن الأجسام إذا اختلفت (٤) بالسواد والبياض ، احتاج ذلك إلى أن يكون اختلافهما بعرض غير السواد والبياض هو (٥) التأليف إذ ليس للجنس والفاعل والحدوث (٦) وعدم الشيء. وأما حديث (٧) الحجة المبنية على الإنصاف فإنما كان يكون من ذلك شيء لو قلنا إن للجسم جزءا ما لم يجزأ نصفا أو ثلثا أو ربعا أو غير ذلك ، فكان (٨) يكون له أجزاء بلا نهاية. ونحن لا نوجب للجسم جزء البتة إلا أن يجزأ (٩) ، ولا يمكن أن يكون جسم قد جزئ بأنصاف لا نهاية لها فلا يلزم (١٠) ما قالوا.

وأكثر ما يقولون هاهنا : ترى أنك إذا لم تشر ولم تعين إلى جزء جزء (١١) لا يكون ذلك مفردا ، وهذا مفردا (١٢). ولا يدرون أن ذلك إنما صار ذلك ، وهذا بالإشارة ، فإذا (١٣) لم تكن لم يكن لا ذلك (١٤) ولا هذا ، وإذا لم يكن لا ذلك (١٥) ولا هذا ، كيف يكون ذلك مفردا وهذا مفردا (١٦) ، وعلى (١٧) أن المسافة المقطوعة تقطع بزمان مثلها متناهى الأطراف منقسم (١٨) بلا نهاية فى الإنصاف توهما وفرضا ، ولا قسم له وجودا وفعلا.

فأما (١٩) حديث الخردلة والجبل ، فإنه لا أقسام لأحدهما ما لم يقسم (٢٠) ، وإذا قسما معا حصلت أقسامهما (٢١) متساوية فى العدد ، وكل واحد من الأقسام التي للخردلة أصغر ، ويذهب ذلك إلى غير النهاية ، وإنما كان يكون الشناعة لو كان الذهاب إلى غير النهاية فيهما بمقادير متساوية. ومثال ذلك (٢٢) أن نضعف الجبل فى التوهم وفى قدرة الله إلى غير النهاية ، والخردلة أيضا فلا يكون من ذلك (٢٣) أضعاف الجبل متساوية فى المقدار لأضعاف الخردلة لأجل أن التضعيف متساو بل ، يكونان مختلفين فى القدر (٢٤) ، وإن تساويا من وجه فى العدد. وما الذي يمنع أن تكون أشياء متساوية فى العدد ليست متساوية فى المقدار أفرادا ولا جملة ، بل يجوز أن يكون فى الاحتمال أشياء تذهب إلى غير النهاية أكثر من أشياء ، كتضعيف العشرات مع تضعيف المئين. وأما تغشية أديم الأرض من أقسام الخردلة ، فلنسلم لهم وجود الجزء ، ومع ذلك فلنسلم (٢٥) أن الخردلة تنقسم أجزاؤها التي لا تتجزأ فى صغرها بحيث يكون عدد الموجود (٢٦)

__________________

(١) لم : ساقطة من د ، م (٢) وهما : وهو ب ، د ، ط ، م

(٣) عرضين : عرضان د ، م. (٤) اختلفت : اختلف ط

(٥) هو : وهو د ، ط ، م. (٦) والحدوث : والحدث ط

(٧) حديث : ساقطة من د ، ط ، م. (٨) فكان : وكان د.

(٩) يجزا : يتجزأ ط (١٠) فلا يلزم : فيلزم م.

(١١) جزء جزء : جزء وجزء ط ، م (١٢) وهذا مفردا : ساقطة من م.

(١٣) فإذا : وإذا ط (١٤) لا ذلك (الأولى) : إلا ذلك م

(١٥) لا ذلك (الثانية) : ذلك ب ، د.

(١٦) وهذا مفردا : ساقطة من م (١٧) وعلى : على ط

(١٨) منقسم : ينقسم د ، ط. (١٩) فأما : وأما ط ، م.

(٢٠) ما لم يقسم : ما لا يقسم ط (٢١) أقسامهما : عدة أقسام د ، ط ، م.

(٢٢) ذلك : ساقطة من ب ، د. (٢٣) ذلك : هذا ب. (٢٤) القدر : المقدار ط.

(٢٥) فلنسلم : لنسلم م. (٢٦) أن .... الموجود : ساقطة من سا.


منها فى الخردلة يغشى الأرض كلها (١) ، لو بسطت عليها (٢) واحدة واحدة (٣) ، فما كان يدرينا أن هذا حق أو باطل. فعسى أن يكون فى الخردلة من الأرض الأجزاء التي لا تتجزأ ما تبلغ كثرته أن تغش بها صفحة (٤) الأرض. ومن عرف تقدير الجزء الذي لا يتجزأ حتى يعرف بذلك الجسم الذي هو أول جسم مركب منها يشتمل على العدد المحتاج إليه فى تغشية الأرض ، بل لا يكون فى أيديهم إذا قيل (٥) : إن أجزاء الخردلة تغشى الأرض شيء غير التعجب. وأما جزم القول بأن هذا ممتنع (٦) فأمر غير موثوق به. فالذى لا يكون بين الاستحالة مع فرض تناهى الانقسام ، فكيف (٧) يبن (٨) باستحالته استحالة لا تناهى (٩) الانقسام.

على أنا لسنا نقول : إن الممكن من ذلك قد يخرج إلى الفعل ، بل نسلم أنه يجوز أن ينتهى إلى أصغر يعجز عن تفرقة لبسطة على الأرض أو غيرها ، ولا يعجز عن قسمته بالفرض والتوهم وبوجوده أخرى لا تؤدى إلى تفريقه وتقطيعه (١٠). وأما الحجة المأخوذة من الجوهر والعرض (١١) فليعلموا أنه لا نسلم لهم أن العرض من حقيقته أن يكون له ذات مساوية (١٢) لذات المحل فاشية فيه مطابقة له ، بل العرض ليس أكثر من وصف يكون للشيء ليس يقوم ذاته بأنه جزء منه ، وعلى ما قلنا (١٣) فى مواضع أخرى. فربما يكن بحيث يشار أن ذاته فاشية فى ذات الشيء الذي هو له عرض ، كالإضافات كلها ، وكالحركات (١٤) ، وكالكون الذي يقولون ، فإن ذلك ليس كالبيان المتفشى فى محله فإن عنى بالعرض ما يقولون من أنه ذات مساوية (١٥) لذات ما هو فيه فاشية (١٦) ، فليست النقطة بعرض ولا جوهر (١٧) ، إذ ليس يجب أن يكون كل موجود إما مطابقا لذات ساريا فيها ، وإما موجودا (١٨) لا فى موضوع ، لأنه ليس أحدهما نقيض الآخر ، ولا بين اللزوم للنقيض وإن عنى بالعرض معنى للشيء يصير به الشيء ذا صفة وليس جزءا من (١٩) قوامه ، فالنقطة عرض لأنها نهاية ما (٢٠) موجودة لما هو بها متناه وليست جزءا من وجوده. وكونها (٢١) عرضا لجوهرها (٢٢) هو أنها صفة (٢٣) بهذه الصفة ، لأنها نهاية له ، وليس غير هذا (٢٤).

__________________

(١) كلها : كله م (٢) عليها : عليه ب ، د

(٣) واحدة واحدة : واحدة ب. (٤) صفحة : صفيحة ب ، د ، م ..

(٥) قيل : سلم ط ، م. (٦) ممتنع : يمتنع م

(٧) فكيف : ساقطة من د. (٨) ييين : يتعين م

(٩) لا تناهى : لا يتناهى د ، ط ، م. (١٠) بل نسلم ... وتقطيعه : ساقطة من ب ، د ، م.

(١١) العرض : الغرض م. (١٢) مساوية : متساوية ط.

(١٣) وعلى ما قلنا : على ما قلناه ط. (١٤) وكالحركات : وكالحركة ب ، د ، م.

(١٥) مساوية : مساو د ، ط ، م (١٦) فاشية : + هى ب ، م ساقطة من د

(١٧) جوهر : بجوهر د ، م. (١٨) موجودا : موجود ط.

(١٩) من : فى ط ، م. (٢٠) ما : ساقطة من م

(٢١) وكونها : وكونه ط ، م. (٢٢) لجوهرها : بجوهره ط ، م

(٢٣) صفة : صفات م ، ساقطة من ط.

(٢٤) منها ... هذا : ساقطة من سا.


وأما حديث تشبيه الانقسام بالتركيب ، سواء كان تركيب الجسم فى نفسه أو تركيبه مع غيره ، فليس بصحيح. لأن الانقسام يحدث الأجزاء ، والتركيب يحتاج إلى أجزاء حادثة حاصلة ، ويستحيل أن توجد أجزاء (١) حاصلة بلا نهاية حتى يركب منها (٢).

وأما (٣) حديث المماسة وزوالها فقد مضى أصل فى باب الزمان ، إذا تذكرته كان الجواب مقتضبا منه. وبالجملة أن لا مماسة لا تحصل دفعة فى آن.

وأما (٤) حديث الزاوية المذكورة فإنها ليست غير منقسمة ، بل هى منقسمة. وهناك زوايا أصغر منها بالقوة بلا نهاية. إنما قام البرهان على أنه لا تكون زاوية من خطين مستقيمين ، حادة أصغر من تلك. وليس إذا قيل إنه ليس شيء (٥) بصفة كذا أصغر من كذا دل على أنه ليس شيء البتة أصغر منه. وكل من حصل علما بأصول (٦) الهندسة علم أن تلك الزاوية يقسم بالقسى قسمته إلى لا نهاية (٧).

وأما حديث ما أورد من السطح والكرة ، فإنه لا يدرى هل يمكن أن توجد كرة على سطح. بهذه الصفه فى الوجود ، أو هو (٨) فى التوهم فقط على نحو ما تكون عليه التعليمات (٩). ولا يدرى أنه إن كان فى الوجود ، فهل يصح تدحرجه عليه أولا يصح (١٠) ، فربما استحال تدحرجه عليه. وبعد هذا كله فليس يلزم أن تكون الكرة مماسة للسطح والخط فى أى حال كان بالنقطة لا غير ، بل تكون فى حال الثبات والسكون كذلك. فإذا تحركت ماست بالخط فى زمان الحركة ، ولم يكن البتة وقت بالفعل تماس فيه بالنقطة إلا في الوهم ، إذ ذلك لا يتوهم إلا مع توهم الآن ، والآن لا وجود له بالفعل.

وبالجملة فإن هذه المسألة لا تتحقق مسلمة ، لأن المسلم هو أن الكرة لا تلقى السطح فى آن واحد إلا بنقطة ، وليس يلزم من هذا أن تكون الحركة تنتقل من نقطة إلى نقطة مجاورة لها ومن آن إلى آن مجاور له ، فإنه إن سلم هذا لم يجنح إلى ذكر الكرة والسطح ، بل صح أن هناك نقطا (١١) متلاقية ولا منها (١٢) تأليف الخط ، وآنات متجاورة ولا منها (١٣) تأليف الزمان. فإذا (١٤) كان المسلم هو أن الكرة تلافى السطح فى آن ، وكان (١٥) الخلاف فى أن الحركات والأزمنة غير مركبة من أمور غير متجزئة ومن آنات كالخلاف فى المسافة ، وكان إنما يلزم تجاور النقط (١٦) لو صح تجاور (١٧)

__________________

(١) أجزاء (الثانية) : أجزاؤها ب ، + منها د

(٢) منها : عنها ط. (٣) وأما : فأما ب ، د ، م.

(٤) وأما : فأما ب ، د. (٥) شيء : ساقطة من م

(٦) بأصول : بأبواب ط. (٧) لا نهاية : + له ط.

(٨) أو هو : إذ هو د ، ط ، م

(٩) التعليمات : التعاليم ط.

(١٠) يصح : + قد ط. (١١) نقطا : نقطة ط

(١٢) ولا منها : ولا منها ب ، م ، ولا ومنها ط.

(١٣) ولا منها : منها ط ، م (١٤) فإذا : وإذا ط ، م

(١٥) وكان : فكان ط. (١٦) النقط (الأولى والثانية) : النقطة ط.

(١٧) وأما ... تجاوز : ساقطة من سا.


الآنات ، كان استعمال ذلك فى إثبات تتالى النقط كالمصادرة على المطلوب الأول. فإنه لا يتم البيان إلا بأن يقال إنه فى هذه الحال (١) ملاق بنقطة ، وفى الحال (٢) الثانية ملاق بنقطة ، والحالات متجاورة والنقط (٣) متجاورة (٤). فإن لم نقل (٥) هذا لم يتم الاحتجاج ، وأنت ستحقق هذا إذا علمت أنه ليس فى أجزاء الحركة والسكون والمسافة ، ما هو أول جزء حركة أو جزء سكون أو جزء مسافة.

وأما احتجاج ديمقراطيس فقد ضل (٦) فيه فى تسليم (٧) مقدمة واحدة لنفسه ، وهى (٨) أن الجسم ينقسم كله ، لأن هذا يدل على معنيين : أحدهما أنه ينقسم بكليته معا ، والآخر أنه لا ينقسم قسمة إلا أدت إلى أجزاء هى أيضا تقبل القسمة ولا تقف ، فأما (٩) الأول فلبس ذلك بمسلم ، ولا نقيضه الصادق هو أن الجسم ينتهى فى القسمة إلى ما لا ينقسم ، بل نقيضه. وإما أنه لا ينقسم كله بالفعل معا ، وهذا لا يمنع (١٠) أن يكون ينقسم انقساما بعد انقسام بلا نهاية. وليس أيضا إذا كان كل واحد من الانفصالات انفصالا ممكنا فالكل ممكن الوقوع ، كما أنه كل تضعيف عددى جائز على العدد وليس كل تضعيف عددى جائز أن يقع معا ، بل الحق أن كل قسمة أردتها ، وكل واحد واحد من أصناف قسمة ، هى (١١) بلا نهاية بالقوة ، يجوز أن تقع فى الجسم. ولا يسلم أن الكل يقع البتة لأنه يحتاج أول شيء إلى أن يكون الذين يوقعون القسمة لا نهاية لهم بالفعل ، وهذا مستحيل.

وبالجملة فإن هذا من جملة الخطأ الواقع لتشابه (١٢) لفظى الكل ، وكل واحد. وسنبلغ (١٣) فى إبطال وجود هذه الأجسام غير (١٤) المتجزئة إذا شرعنا فى الكلام الذي هو أشد تخصيصا من هذا الكلام. وأما حجة مثبتى أجزاء بلا نهاية ، فأنت تقدر مما فهمت على حلها (١٥).

__________________

(١) هذه الحال : هذا الحال ب ، د ، هذه الحالة ط

(٢) الحال : الحالة ط

(٣) والنقط : بنقط ما د

(٤) والنقط متجاورة : ساقطة من ب

(٥) نقل : يفد ط.

(٦) ضل : صار د

(٧) تسليم : تسلم د ، م

(٨) وهى : وهو ب ، د ، م.

(٩) فأما : وأما د ، ط.

(١٠) لا يمنع : لا يمتنع ط.

(١١) هى : ساقطة من م.

(١٢) لتشابه : بتشابه ط ، م

(١٣) وسنبلغ : وسنبالغ م.

(١٤) غير : الغير ب ، د ، ط.

(١٥) الآنات ... حلها : ساقطة من سا.


[الفصل السادس]

و ـ فصل (١)

فى مناسبات المسافات والحركات والازمنة فى هذا الشان

ويتبين انه ليس لشيء منها أول جزء

فنقول الآن : إنه إذا كانت المسافة تنقسم إلى غير النهاية بالقوة ، فكذلك يجب أن تنقسم الحركة التي بمعنى القطع معها إلى غير النهاية بالقوة. ولو كانت حركة لا تتجزأ (٢) لكانت مسافتها إما غير متجزئة وهذا محال ، أو (٣) متجزئة. ولو كانت متجزئة ، لكانت من مبدئها إلى موقع القسمة أقل من مبدئها إلى منتهاها ، ولا أقل من غير المتجزئ ، ومع ذلك لكانت تلك الحركة جزءا من الحركة التي استوفت (٤) المسافة. وإذا انقسمت الحركة (٥) انقسم بإزائها الزمان ، بل إنما تنقسم الحركة بسبب انقسام المسافة أو الزمان (٦). ومن الموجود حركة سريعة وبطيئة ، ومنها سنبين (٧) أن كل واحد من هذه ينقسم ، فإن المسافة التي تقطعها حركة سريعة فى زمان ما (٨) يلزم أن تكون البطيئة تقطع أقل منها فتنقسم (٩) المسافة. والحركة السريعة (١٠) تقطع ذلك الأقل فى زمان أقل ، فينقسم (١١) الزمان. والحركة تتبع (١٢) المسافة (١٣) والزمان فى الانقسام كما علمت (١٤) ، لكن الحركة يعرض لها ضرب من الانقسام لا يطابقها (١٥) الزمان ، وذلك هو انقسامها بانقسام المتحرك. ويشبه أن يكون هذا بغير الحركة (١٦) المكانية أولى ، فإن أجزاء المتحرك الحركة المكانية لا يخلو إما أن تكون أجزاء حاصلة بالفعل ، أو أجزاء بالقوة. فإن كانت أجزاء حاصلة بالفعل فلا يخلو إما أن يكون اجتماعها على سبيل تماس (١٧) أو اتصال. وكيف كانت ، فإن كل واحد منها لا يفارق مكانه ، لأنها إن كانت متصلة فلا مكان لها بالفعل ، وإن كانت مماسة فلها مكان. لكنها تفارق من مكانها سطحا هو جزء مكان الكل ، ولا تفارق مكان المحيط بها ، فلا تفارق مكانها فلا تتحرك. وإن كانت الأجزاء بالقوة فبعد الحركة عنها (١٨)

__________________

(١) فصل : فصل د ب ، الفصل السادس م.

(٢) لا تتجزأ : + التي بمعنى القطع ط

(٣) أو : وإما ط.

(٤) جزءا .... انقسمت الحركة : ساقطة من م

(٥) استوفت : + بها ط.

(٦) أو الزمان : والزمان ط.

(٧) سنبين : يستبين ط ، م

(٨) ما : ساقطة من ب ، د ، م.

(٩) فتنقسم : فنقسم د ، م

(١٠) والحركة السريعة : والسريعة ب ، م ، والسريع د

(١١) فينقسم : فيقسم د

(١٢) تتبع : تبع م.

(١٣) المسافة : للمسافة ط

(١٤) علمت : علمته ب ، د

(١٥) لا يطابقها : ولا يطابقها د ، لا يطابقه ط ، م.

(١٦) الحركة : بالحركة ط.

(١٧) تماس : التماس ط. (١٨) فصل .... عنها : ساقطة من سا.


أظهر ، فكيف تنسب إليها أجزاء حركة بالفعل. وأما فى سائر الحركات فإن كان لها أجزاء بالفعل صح أن يقال إن جزء التغير (١) تغير الجزء ، وإن كان لها أجزاء بالقوة فللحركة أيضا أجزاء بالقوة لو فصلت لكان بإزاء كل جزء من المتغير تغير يخصه (٢) هو جزء تغير الكل ، فإن (٣) من هذا التغير الذي فى هذا الجزء ومن (٤) ذلك التغير (٥) الذي فى ذلك الجزء ما يحصل (٦) مجموع تغير الكل ، إذ تلك الجملة المجتمعة جملة تغير ، وجملة التغير تغير ، وكل تغير فهو لشيء ، ولا شيء يحمل هذه (٧) التغيرات (٨) إلا الكل والأجزاء ، وليس لجزء جزء (٩) ، فهو للكل (١٠). ولما كان كل حركة (١١) وكل تغير فهو فى زمان ينقسم إلى غير النهاية ، فمحال أن يكون للحركة شيء هو أول ما يحركه المتحرك ، وذلك لأنه إن كان حركة هى أول حركة ، فإنها لا محالة فى مسافة ، وتلك المسافة منقسمة بالقوة. وإذا (١٢) قسمت (١٣) كان أحد جزأيها متقدما والآخر متأخرا ، فكان (١٤) الحركة فى الجزء الأول هو (١٥) أول حركة ، وقد جعل هذا أول حركة ، هذا خلف ، بل الأول فى الحركة وفى التغير إنما يفهم على أحد وجوه ثلاثة :

أحدها الأول بمعنى الطرف هو الذي يوافق أول المسافة وطرفها. وأول الزمان المطابق لتلك (١٦) الحركة وطرفه ، فهذا أول.

وأول معنى آخر ، وهو أنه إذا عرض للحركة تقسيم بالفعل أو بالفرض كان الجزء المتقدم أول أجزاء الحركة التي بالفعل ، وقد يظن أن للحركة (١٧) أول على وجه آخر ، وهو أنه قد قال بعضهم إن هذه الأجسام وإن كانت تنقسم إلى ما لا نهاية له فى القوة ، فليست تنقسم حافظة لصورها وهيئاتها غير هيئة الكم ، فإن الجسم يبلغ حدا لا يصح لو انقسم بعده أن يكون ماء وهواء أو نارا ، قالوا : أو متحركا أو مسافة ، فإذا كان للمسافة (١٨) من حيث هى مسافة حد عندهم لا تتعداه فى الصغر ، كان للحركة حد هو (١٩) فى الوجود أصغر الحركات ، فلا توجد حركة مفردة أصغر منه ، وإن كان قد يجوز أن يتوهم ما هو أصغر من ذلك وهو نصفها (٢٠) أو جزء منها (٢١) ، إذ كان ذلك يتجزأ فى نفسه بالقوة ، لكن ذلك التجزؤ لا يخرج إلى الفعل بتة خروجا على معنى الأفراد والفصل ، وسنتكلم فى هذا بعد ، فإن كان كذلك فالمتحرك يكون له فى حركته أول حركة (٢٢) وذلك فى القوة (٢٣) ، وهو ما يساوى الحركة (٢٤) التي هى أصغر (٢٥)

__________________

(١) التغير : التغيير ط. (٢) يخصه : يخص ط

(٣) فإن : فإنه م (٤) ومن : من د

(٥) التغير : التغيير ب. (٦) ما يحصل : يحصل د.

(٧) هذه : هذا ط (٨) التغيرات : + عليه ط ، م

(٩) لجزء جزء : جزء جزء ط (١٠) للكل : لكل د

(١١) كل حركة : للحركة م. (١٢) وإذا : فإذا ط

(١٣) قسمت : انقسمت ط. (١٤) فكان : لكان ط

(١٥) هو : هى ط. (١٦) لتلك : لذلك ط.

(١٧) للحركة : الحركة م. (١٨) للمسافة : المسافة م.

(١٩) هو : ساقطة من م. (٢٠) نصفها : نصفه ب

(٢١) منها : منه ب. (٢٢) أول حركة : ساقطة من م (٢٣) فى القوة : بالقوة ط

(٢٤) الحركة : حركة ط ، م. (٢٥) أظهر .... أصغر : ساقطة من سا.


الحركات ، فأول الحركة بمعنى الطرف ليس بحركة ، فلا يكون للشيء بمعنى ذلك الأول أول ما يحرك ، وأما بالوجه الثاني فيكون له أول (١) ما يحرك ، لكن أوليته وضعية عرضية لا حقيقية.

وأما الوجه الثالث ، فهو (٢) وإن صح أن للحركة شيئا هو أصغر حركة يمكن أن يوجد ، فإنما يصح على أنها حركة بنفسها مفردة ابتداء (٣) بالفعل وانتهاء بالفعل ، لا أن تكون هى أول جملة حركة ، ذلك الأول بعضها ، وقد استمرت الجملة بعده. فإن هذا التبعيض الذي كلامنا (٤) فيه هو بالفرض (٥) وتلك الوحدة غير (٦) المنقسمة للحركة ليست بحسب الفرض (٧). بل بحسب الوجود ، اللهم إلا أن يقول قائل إن قدر تلك الحركة مستحق فى جملة كل حركة أن يفرض (٨) أولا ، إذ كان لا حركة أصغر منها فى الوجود إلا بالفرض (٩) (١٠) ، فيقف الكلام إلى أن نوضح عن (١١) أمر هذا المذهب.

وأما (١٢) الأول فى الحركة الذي (١٣) يكون بتقسيمنا إياها موازيا لقسمة المسافة التي لا تقف عند حد فى القسمة فإنه (١٤) لا يكون مقدار ذو ابتداء وانتهاء غير منقسم إلى ما يصح أن يفرض أولا (١٥) ، وكذلك ما يحاذى المقدار فى ذلك فهو أيضا لا يقف عند حد يكون له ابتداء وانتهاء ولا ينقسم هذا (١٦) النمو من الانقسام. فإذا كان كذلك ، كانت الحركة المتصلة لا يجوز أن يوجد فيها ما هو أصغر حركة على النحو الذي يوجد جزءا فى المتصل ، وذلك أن (١٧) الجزء فى المتصل إنما يفرض بالفعل بتعيين الحدود على أحد الوجوه المذكورة. وليس لتعيين الحدود وقوف البتة فى الاحتمال ، إنما الوقوف عسى أن يكون للتفريق والتقطيع بالفعل ، وحينئذ لا يكون متصلا البتة ، ويشبه أن يكون هذا التفريق والتقطيع يتناهى إلى حدود لا يمكن (١٨) تفريقها وتقطيعها ، وإن أمكن فرض قسمة فيها بتعين (١٩) الحدود فتجزئة المتصل الذي يقع لا على وجه التفريق والتقطيع غير متناه البتة ، وأصناف هذه التجزئة فيه متساوية ليس بعضها أولى من بعض فأصغر الحركات لا يعدم هذا النمو من التجزئة عسى (٢٠) أنه (٢١) يعدم (٢٢) التجزئة بنحو آخر ، أى (٢٣) لا يكون حركة خارجة إلى الفعل عند مبدأ (٢٤) وإلى منتهى يتم عنده بالفعل أصغر منها. وإذا كانت الصورة هذه (٢٥)

__________________

(١) أول : ساقطة من م. (٢) فهو : + أنه ط.

(٣) ابتداء : بابتداء ب ، ط ، م. (٤) كلامنا : كلا منه ب

(٥) بالفرض : بالعرض د (٦) غير : الغير ب ، ط ، م.

(٧) الفرض : العرض ب ، د ، م. (٨) يفرض : يعرض م

(٩) إلا بالفرض : اللهم إلا بالفرض م (١٠) بالفرض : بالعرض بخ ، م.

(١١) عن : غير م. (١٢) وأما : فأما د ، ط ، م

(١٣) الذي : التي ط. (١٤) فإنه : فلأنه ط

(١٥) أن يفرض أولا : أو يفرض أول م. (١٦) هذا : فهذا ب.

(١٧) أن (الثانية) : لأن ط. (١٨) حدود لا يمكن : حد ولا يمكن م

(١٩) بتعين : بتعيين د ، ط. (٢٠) عسى : فعسى ط

(٢١) أنه : أن ط (٢٢) يعدم : + هذه ط

(٢٣) أى : ساقطة من د. (٢٤) مبدأ : المبدأ م.

(٢٥) الحركات ... هذه : ساقطة من سا.


فلا يكون للحركة أول جزء بهذا المعنى إلا الطرف ، إلا أن تكون حركات متتالية غير متصلة ومقدمها (١) بهذه الصفة.

وأما فى المتصل فلا يوجد جزء أول بهذه الصفة ، لأنه لا توجد فيه حركة منفردة منقطعة بنفسها ، بل تكون أجزاء تلك الحركة متصلة (٢) بعضها ببعض. فلو كان فى جملة (٣) تلك الحركة حركة هى أول ما يحركها الشيء ، وكانت بمعنى أنه جزء من المتصل لا جزء فى المتصل (٤) أصغر منه ، لم يكن يعرض لذلك الجزء من الحركة الانقسام الذي لا يبطل الاتصال الذي كلامنا فيه إذ فرضنا أن انقسام الحركة كلها إلى هذا الأول انقسام لم يبطل الاتصال (٥). ولو كان هذا الجزء من الحركة لا يقبل هذا النوع من الانقسام ، لكان (٦) أول الحركة ليس فيه امتداديته ، فلم يكن على مسافة البتة ، فلم تكن حركة. وإذا كانت الحركة تنقسم الانقسام الحافظ للاتصال إلى غير النهاية ، فكل (٧) ما جعلته أولا بمعنى الجزء لا بمعنى الطرف ، فله أول آخر بالقوة. وكذلك السكون وكذلك الشيء الذي يسمى توقفا وهو يزيد الحركة فى السرعة إن كانت طبيعية (٨) ، أو فى البطء إن كانت غير طبيعية بل قسرية متجها بالوجهين إلى السكون.

وكذلك الأمور العارضة مع الحركة ، كالفارقة والمقارنة والمجاورة (٩) ولانكسار الذي هو افترق ما بحركة (١٠). وأما (١١) الموافاة والمماسة وما أشبه ذلك فلا زمان لها (١٢) ، ونفى الأولية عنها هو على السلب المطلق ، وسنوضح القول فى ذلك بعد ، وأما (١٣) أنه (١٤) هل يجوز أن يكون ما لا جزء له يتحرك إن كان له وجود ، فالموجود فى كتب المشائين أن ذلك محال ، فإن ما لا يتجزأ لا يصح أن يتحرك (١٥). والمعول لهم فى إيضاح ذلك هو أن كل متحرك فإنه متحرك (١٦) أولا مثل نفسه ، وبعد ذلك أيضا مثل نفسه ، وكذلك هلم (١٧) حتى تفنى المسافة. ولو (١٨) كان ما لا يتجزأ يتحرك ، لكان تركيب المسافة من أجزاء لا تتجزأ ، ولكانت (١٩) النقطة مسافة لأنها أول ما يفارق.

وهذا الكلام ليس يقنعنى بوجه ، وذلك أن هذا الحكم (٢٠) ليس يتناول المتحرك بالذات دون المتحرك بالعرض (٢١) ،

__________________

(١) ومقدمها : ومتقدمها ط.

(٢) متصلة : متصلا ط ، م (٣) تلك ... جملة : ساقطة من م.

(٤) فى المتصل : ساقطة من م. (٥) لم يبطل الاتصال : لا يقبل ط.

(٦) لكان : فكان ط. (٧) فكل : وكل د.

(٨) كانت طبيعية : كان طبيعيا ط. (٩) والمجاورة : والمجاوزة م

(١٠) ما بحركة : بالحركة ط (١١) وأما : فأما ط ، م.

(١٢) لها : له ب ، د ، ط. (١٣) وأما : فأما ط ، م

(١٤) أنه : ساقطة من ب ، د ، م. (١٥) ما لا يتجزأ لا يصح أن يتحرك : ما يتحرك م.

(١٦) متحرك (الثانية) : يتحرك ط ، م. (١٧) كذلك هلم : كذلك د ، وهلم جرا ط

(١٨) ولو : فلو ط ، م. (١٩) ولكانت : ولو كانت ب. (٢٠) الحكم : التحكم م.

(٢١) فلا يكون ... الفرض : ساقطة من سا.


بل هو عام لكل ما يكون موضوعا أى وضع كان عند شيء ، ثم يفارقه مستمرا على شبه مسافة. فإن كان المستدل (١) للملاقاة لا يعرض له هذا فلا يعرض للمستبدل للمكان وإن عرض للمستبدل للمكان عرض للمستبدل (٢) للملاقاة.

فإن كانت النقطة الموجودة بالفعل فى طرف جسم من الأجسام المتحركة ترسم بحركتها التي بالعرض خطا يكون قد استمرت عليه ملاقيه (٣) له (٤) ، ولا يكون ذلك الخط مؤلفا من نقط ، ولا يقال إن (٥) تلك النقطة (٦) أول ما لاقت لاقت (٧) مثل ذاتها ، وأول ما فارقت فارقت مثل ذاتها ولتلته (٨) ملاقاة (٩) أخرى مثل ذلك ، فكذلك (١٠) حتى انتهى الخط : فكذلك لا يقال لها (١١) لو أنها كانت منفردة تتحرك (١٢) بذاتها ، ولها مثلا مكان بذاتها ، إنها يجب أن تكون ترسم بالفعل مثل ذاتها شيئا بعد شيء على التتالى ، بل ليس هذا بواجب (١٣). ولا للحركة أول حركة حتى يكون ذلك لا محالة قطعا مما لا يتجزأ مثل ذاته ، بل تكون ملاقاتها (١٤) فى كل آن يفرض شيئا مثل ذاته. والآنات لا تتشافع (١٥) وبينها زمان دائما وعلى ما أوضحناه فى جواب حركة الكرة على السطح ، فكلما فرضت ملاقية مثل ذاتها تكون قد (١٦) قطعت ما لا يطابق ذاتها وهو الخط.

فهذه (١٧) الحجة ليست واجبة تقنع ، فيشبه أن تكون الحجة التي تقنعنا هى أن كل متحرك (١٨) بذاته ، وكل متغير التغيرات الجسمانية بذاته ، لا لأجل أنه (١٩) متغير ، فله وضع بذاته يخصه. فحينئذ لا يخلو إما أن يكون بحيث يفصل بين نهايات ما يحيط به ، ويكون لو لقيته نقطة غير متجزئة مثله لم يستغرق ذاته لقاء بل (٢٠) أصاب (٢١) منه (٢٢) جانبا أو لا يكون كذلك فإن كان (٢٣) على هذه الصفة فظاهر ذاته منقسمة ، وإن لم يكن على هذه الصفة (٢٤) كان بحيث لو لاقته نقطة طابقت ذاته بأسرها ، وذاته لها (٢٥) وضع متميز ، وما طابق ذا وضع متميز صار له وضع متميز ، فيكون للنقطة وضع متميز منفصل عن وضع الخط فيكون الخط (٢٦) منتهيا دون تلك النقطة بنقطة الكلام فيها هذا الكلام. وبالجملة تصير كل نقطة ذات وضع متميز ، ولكل نقطة انفصال عن الخط والخط (٢٧) ، ينتهى دونها بنقطة أخرى ، فهذا محال (٢٨)

__________________

(١) المستبدل : المستدل د. (٢) المكان عرض المستبدل : ساقطة من م.

(٣) ملاقية : ملاقاتها ط ، ملاقاة م (٤) له : ذلك م

(٥) إن : ساقطة من د (٦) النقطة : النقطة د

(٧) لاقت لاقت : لاقت م. (٨) ولتلته : وأتلته د ، م ، أو تلته ط

(٩) ملاقاة : بملاقاة ط ، م (١٠) فكذلك (الأولى) : فلذلك ب ، د.

(١١) لها : ساقطة من ط ، م (١٢) تتحرك : ويتحرك ط.

(١٣) يواجب : + حتى انتهى الخط ط. (١٤) ملاقاتها : لملاقاتها ط

(١٥) لا تتشافع : لا يشافع ط. (١٦) قد : ساقطة من ب ، ط.

(١٧) فهذه : وهذه م (١٨) متحرك : حركة م ، + يتحرك ط.

(١٩) أنه : + فى ب ، د ، ط ، م. (٢٠) لقاء بل : لقائل ب ، د ، م ،

(٢١) أصاب : اصابت ط (٢٢) : عنه ط منه. (٢٣) كان : كانت ب ، د ، م

(٢٤) فظاهر ... هذه الصفة : ساقطة من م. (٢٥) لها : له ط

(٢٦) فيكون الخط : ساقطة من ط. (٢٧) والخط : ساقطة من م.

(٢٨) بل .... محال : ساقطة من سا.


فواضح بين من هذا أن ما لا يتجزأ لا ينفصل وضعه منفردا (١) ، وكل (٢) ما لم يكن كذلك لم يتحرك الحركات التي بذاتها فى المكان ، وكذلك حال الحركات الجسمانية (٣) الأخرى ، ويلزم أن يكون كل متغير تغيرات الاستحالة الجسمانية والنمو منقسما. أما النمو فذلك ظاهر فيه ، لأنه ازدياد على أصل موجود ، وأما (٤) الاستحالة فلأن تأثير المحيل فى الجهة التي تلقاها (٥) المستحيل أقدم من تأثيره فى الجهة التي لا تلقاه (٦) ، فإن كان مشتملا عليه (٧) فتأثيره فيما يلى ظاهره أقدم من تأثيره فيما يلى غوره ، إذ كان كل متغير منقسما ، وإنما الكون والفساد هو الذي يكون غير منقسم.

وأما الذي يظن فى بعض الاستحالات أنها تكون دفعة فذلك لفوات الأمر الحسى (٨) لقصر زمانه. وأما الإضاءة (٩) دفعة فليس ذلك استحالة أولية فى الأجسام ، بل أمرا يلحق السطوح بأن يظهر (١٠). وأما الإشفاف من الهواء فسنبين أن الهواء ليس يعرض له فى الإشفاف شيء البتة بل العارض إنما هو فى المرئى ، وإذا (١١) صار المرئى بحيث تجوز رؤيته بإشراق الضوء عليه ، أمكن الهواء أداة إلى الجسم ، فسمى مشفا ، ولهذا ما إذا كان الإنسان فى كهف بعيد مظلم وكان بينه وبين المرئى هواء مظلم جدا وكان المرئى نيرا (١٢) أشرق عليه الضوء ، لم تمنع ظلمة الهواء إدراكه (١٣).

__________________

(١) منفردا : مفردا م

(٢) وكل : فكل م.

(٣) الجسمانية : الجسمانية م.

(٤) وأما : فأما ط.

(٥) تلقاها : تلقاه ب ، د ، م ، + من م

(٦) لا تلقاه : لا يلقاها ط

(٧) عليه : ساقطة من ب ، د ، م.

(٨) الحسى : الحس ب ، د ، م

(٩) الإضاءة : الإضافة م.

(١٠) يظهر : + يضئ ط.

(١١) وإذا : فإذا ط ، م.

(١٢) نيرا : منيرا ط.

(١٣) فواضح .... إدركة : ساقطة من سا.


[الفصل (١) السابع]

ز ـ فصل

فى ابتداء الكلام فى تناهى الأجسام ولا تناهيها

وذكر ظنون الناس فى ذلك

فلينظر الآن (٢) أن معنى غير المتناهى (٣) كيف وجوده فى الأجسام الطبيعية وأحوالها ، وأما النظر فى الأمور غير (٤) الطبيعية ، وأنها هل تكون غير متناهية فى العدد أو فى القوة أو غير ذلك ، فليس الكلام فيها لائقا بهذا الموضع ، ولا شيء من هذه البراهين يتناول تلك (٥) ، ويجب أن يكون كلامنا فى الكميات ذوات الوضع ، وفى (٦) الأعداد التي هى ذوات الترتيب فى الطبع أو فى الوضع وينظر من (٧) أمرها أنها هل يكون فيها ما لا نهاية له ، أو هذا (٨) محال. فأول ما يجب أن يبحث عنه هو المفهوم من قولنا : لا نهاية له ، وبعد ذلك فيجب أن ندل على الأسباب الداعية إلى إثبات ما لا نهاية له (٩) على وجه ما ، ونذكر اختلاف القدماء فى أمره ، ثم نذكر الحق فيما يجب أن نعتقد فيه (١٠) ، ثم نبطل الشكوك فى أمره.

فنقول : إن ما لا نهاية له يقال على الحقيقة ، وقد يقال على المجاز ، فالذى (١١) يقال على الحقيقة فقد يقال على جهة السلب المطلق وقد يقال لا على جهة السلب المطلق (١٢) ، والذي على جهة السلب المطلق (١٣) فهو أن يكون الشيء مسلوبا عنه المعنى الذي تلحقه النهاية ، بأن يكون لاكم له ، مثل ما يقال إن النقطة لا نهاية لها (١٤). وهذا كما نقول إن الصوت لا يرى ، لأنه مسلوب عنه المعنى الذي يلحقه أن يرى وهو اللون ، إذ ليس (١٥) الصوت بلون ولا ذا لون. وأما

__________________

(١) فصل : فصل ز ب ، الفصل السابع م.

(٢) الآن : ساقطة من ب ، سا

(٣) المتناهى : المتناهى م.

(٤) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(٥) تلك : ذلك سا

(٦) وفى : فى سا.

(٧) وينظر من : وينظرها فى م

(٨) أو هذا : وهذا ط ، م.

(٩) وبعد ... له : ساقطة من د.

(١٠) فيه : منه سا.

(١١) فالذى : والذي د ، سا ، ط.

(١٢) المطلق (الثانية) : ساقطة من د.

(١٣) والذي .... المطلق : ساقطة من م

(١٤) لها : له سا ، + إذ هى نهاية ط.

(١٥) إذ ليس : أو ليس سا.


الذي يقال لا على جهة السلب ، فقد يقال لمقابلة التناهى بالحقيقة ، وهو أن يكون الشيء من شأن طبيعته وماهيته أن تكون له نهاية ، ثم ليست. وهذا يقال (١) على وجهين : أحدهما على أنه من (٢) شأن نوعه وطبيعته أن تكون له نهاية ، لكنه ليس من شأنه بعينه أن يكون له ذلك ، مثل الخط غير (٣) المتناهى لو كان ، فإنه (٤) ليس يجوز أن يكون خط واحد بالعدد موضوعا للتناهى ولغير التناهى. لكن طبيعة الخط قابلة لأن تكون متناهية ، عند من يضع خطا غير متناه ، إنما الشك فى غير المتناهى. فإن (٥) كان هذا الخط غير (٦) المتناهى (٧) ليس من شأنه أن يكون هو (٨) بعينه وقتا آخر متناهيا ، وهذا المعنى من معنى (٩) غير (١٠) المتناهى هو الذي يريد أن يبحث عنه ، وهو الذي أى شيء أخذت منه ، وأى أمثال (١١) أخذت لذلك الشيء منه (١٢) وجدت شيئا خارجا عنه ، والثاني أن يكون من شأنه أن تعرض له نهاية لكنها غير موجودة (١٣) بالفعل ، مثل الدائرة فإنها لا نهاية لها ، لست أعنى أن سطح الدائرة غير محدود بحد هو المحيط ، بل إنما أعنى ، المحيط ، فإنه ليس منه نقطة بالفعل ينتهى عندها الخط ، بل هو متصل لا فصل فيه ، لكنه من شأنه أن تفرض فيه نقطة تكون تلك النقطة حدا لها (١٤) ، فإن فى (١٥) الدائرة نقطا بالقوة على هذه الصفة كم شئت يخرج بالفعل (١٦) بقطع أو فرض ، إذ لا نقطة إلا (١٧) وهى (١٨) بهذه الصفة أعنى طرف خط ثم لا خط هناك بالفعل إلا المحيط.

فهذه هى الوجوه التي يقال عليها لا نهاية بالحقيقة. وأما الذي يقال بالمجاز ، فإنه يقال لما لا يقدر على أن ينتهى ويحد بالحركة ، كالطريق بين الأرض والسماء أنه لا نهاية له ، وإن كان له نهاية. ويقال أيضا لما يعسر ذلك فيه وإن كان ممكنا شبيها (١٩) للعسر (٢٠) بالمعدوم. فهذه (٢١) وجوه مفهوم لا نهاية ، وغرضنا أن نبحث عما لا نهاية له من جهة أنه هل يكون من الأجسام أجسام هى بمقدارها أو بعددها بحيث أى شيء أخذت منها دائما (٢٢) وجدت شيئا خارجا عنه (٢٣) ، فإنه قد أوجب قوم وجود ذلك. والسبب فى ذلك أمور : من ذلك صدق قول القائل إن الأعداد تذهب فى الازدياد والتضعيف إلى ما لا نهاية له ، أو أنها لا تتناهى فى ذلك. فإذا كان كذلك ، فقد وجد لها معنى أنها لا تتناهى ، وكذلك (٢٤) للمقادير فى الانقسام. ومن ذلك ما يظن من أمر الزمان أنه يلزم أن لا يتناهى فيما مضى (٢٥) ولا يستقبل امتداد لا تضعيفا فقط مبتدأ من متناه ، ولا قسمة فقط. قالوا : لأنه كلما انتهى الزمان إلى أول ماض أو آخر مستقبل وجب أن يكون لماضيه قبل ولمستقبله بعد ، وعلى (٢٦) ما أشرنا إليه قبل ، قالوا : وذلك كله زمان.

__________________

(١) يقال (الأولى) : ساقطة من م (٢) من : فى سا. (٣) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط. (٤) ليس .... فإنه : ساقطة من د (٥) فإن : وإن ط (٦) غير (الثانية) : الغير ب ، د ، سا ، ط (٧) فإن ... المتناهى : ساقطة من سا (٨) هو : ساقطة من سا. (٩) معنى : ساقطة من ط (١٠) غير : الغير ط. (١١) أمثال : مثال م (١٢) منه : ساقطة من سا. (١٣) موجودة : موجود سا. (١٤) لها : له م (١٥) فى : ساقطة من سا (١٦) بالفعل : إلى الفعل ط. (١٧) إلا : ساقطة من سا (١٨) وهى : وهو ب ، د ، سا ، ط. (١٩) شبيها : تشبيها د ، سا ، ط (٢٠) للعسر : للغير سا ، للعسير ط (٢١) فهذه : وهذه م. (٢٢) دائما : ساقطة من ط (٢٣) عنه : عنها ط. (٢٤) وكذلك : ولذلك سا (٢٥) فيما مضى : لا فيما مضى ط. (٢٦) وعلى : على ط.


ومن ذلك أمر الكون والفساد الذي يظن به أنه أمر غير منقطع ، ومن هناك يظن أنه يجب أن يكون له مادة غير متناهية ، فبعض يجعلها جسما من الأجسام البسيطة نارا أو هواء أو ماء (١) ، وبعض (٢) (٣) يجعلها جسما متوسطا بين جسمين منها (٤) كمن يجعلها البخار المتوسط بين الماء والهواء ، وبالجملة يجعلها (٥) الجسم الذي يعتقد أنه يتكون من كل شيء ، ومنهم من يجعلها أجساما كثيرة بلا نهاية يجتمع (٦) منها جسم واحد يسميه خليطا ، ومنهم من يجعلها أجساما كثيرة بلا نهاية (٧) فى العدد ، لكنها ليست متلاقية ، بل (٨) منفصلة مثبوتة فى خلاء غير متناه. فمن هؤلاء من يجعل صورها التي هى عندهم أشكالها بلا نهاية فى النوع ومنهم من يجعل لأنواع (٩) صورها عددا متناهيا ، وإنما الجأهم إلى هذا ظنهم أنه لا بد من ذلك ، فإنه يجب أن يكون للكون غير (١٠) المتناهى مادة وافرة لا ينقطع إمدادها (١١). ومن هؤلاء من يجعل غير المتناهى (١٢) مبدأ ، لأنه طبيعة غير المتناهى ، لا لأنه شيء عرض له أن لا يتناهى. ومن (١٣) الوجود التي تدعو قوما إلى توهم (١٤) إثبات ما لا نهاية له ، ما يتخيل من أن كل متناه فيلحقه أن يكون تناهيه إلى شيء على نحو المشاهدات ، فيلحق من ذلك أن يكون كل جسم يتناهى إلى جسم ، وأن يذهب ارتكام (١٥) الأجسام وانتضادها إلى غير النهاية. ومن هذه الوجوه مقتضى التوهم وحكمه. فإن التوهم لا يضع لشيء من الأشياء حدا يتعين (١٦) عليه ، بل دائما للوهم أن يتوهم أزيد منه.

فهذه الوجوه (١٧) هى الوجوه الداعية إلى إثبات ما لا يتناهى.

__________________

(١) أو ماء : ساقطة من م

(٢) وبعض : وبعضها سا ، ط.

(٣) يجعلها ... وبعض : ساقطة من سا.

(٤) منها : ساقطة من سا

(٥) يجعلها (الثانية) : يجعل م

(٦) يجتمع : يجمع ط.

(٧) بلا نهاية : + له ط.

(٨) بل : ساقطة من م.

(٩) لأنواع : الأنواع ب ، للأنواع ط.

(١٠) غير (الأولى والثانية) : الغير ب ، د ، سا ، ط

(١١) إمدادها : امتدادها سا ، ط ، م.

(١٢) مادة ... المتناهى : ساقطة من سا

(١٣) من : أمر د.

(١٤) توهم : ساقطة من سا

(١٥) ارتكا م : ارتكاب ط ، م.

(١٦) يتعين : يتعسر م.

(١٧) الوجوه (الأولى) : ساقطة من م.


[الفصل الثامن]

ح ـ فصل (١)

فى انه لا يمكن أن يكون جسم او مقدار أو عدد ذو ترتيب

غير متناه وانه لا يمكن أن يكون جسم متحرك (٢)

بكلية او جزئية غير متناه

فنقول أولا (٣) : إنه من المستحيل أن يكون مقدار أو عدد فى معدودات لها ترتيب فى (٤) الطبع أو فى الوضع حاصلا موجودا بالفعل غير ذى نهاية ، وذلك لأن كل مقدار غير متناه ، وكل معدودات ذوات ترتيب (٥) فى الطبع لا نهاية لها ، إما أن يكون ذهابها إلى ما لا نهاية له بالفعل فى جهاتها كلها (٦) أو فى جهة واحدة فإن كانت فى جهاتها كلها ، فلنا أن نفرض حدا فيها ، كنقطة فى خط ، أو خط فى سطح ، أو سطح فى جسم ، أو واحد فى جملة عدد ، ونجعله حدا ، ونتكلم عليه (٧) من حيث نحده حدا (٨) ، ونأخذ منه جزءا محدودا مثلا ، كآ ج من آ ب غير (٩) المتناهى منه (١٠) من جهة ب فلا يخلو إما أن يكون آب لو أطبق عليه مساو ل ج ب أو حوذى أو اعتبرت مناسبة بينهما ، أن يكون ذاهبا فى ما لا نهاية (١١) مذهب (١٢) آ ب أو يقصر عن اب بمساو (١٣) ل آ ح فإن كان آب مطابقا ل جب إلى غير النهاية ، وج ب جزءا وبعض من آ ب ، فالكل والبعض متطابقان ، هذا خلف. وإن كان يقصر ج ب من آ ب فى جهة ب و ، ينقص عنه فج ب متناه وآب يفضل عليه ب آ ج (١٤) المتناهى فآب متناه ، وقد كان غير (١٥) متناه. فبين من هذا بيانا واضحا أن وجود ما يتناهى بالفعل فى المقادير والأعداد المرتبة مستحيل. ولنبدأ (١٦) فى نمط آخر ونقول (١٧) : إنه لا يجوز أن يكون جرم لا نهاية (١٨) له متحركا ، وذلك أن الحركة لا تعقل إلا على (١٩) أحد وجهين : حركة يكون فيها استبدال مكان ، وحركة لا يكون فيها استبدال مكان. فأما الحركة التي يكون فيها استبدال مكان ، فذلك مما يستحيل على الجرم غير (٢٠) المتناهى ، أما إن كان غير متناه من

__________________

(١) فصل : فصل ح ب ، الفصل الثامن م.

(٢) متحرك : يتحرك ب ، د ، سا.

(٣) أولا : إذ لا د (٤) فى (الثالثة) : ساقطة من م.

(٥) ترتيب : الترتيب سا ، ط (٦) كلها : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.

(٧) عليه : ساقطة من ب ، سا ، م (٨) حدا : ساقطة من د ، م

(٩) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط (١٠) منه : ساقطة من م.

(١١) ما لا نهاية : + له م (١٢) مذهب : يذهب ط

(١٣) بمساو : مساو م. (١٤) ب آ ج : آ ج ط

(١٥) وقد كان غير : وغير سا. (١٦) ولنبدأ : ولنبتدئ ب ، د ، سا ، م

(١٧) ونقول : فنقول سا (١٨) لا نهاية : ما لا نهاية سا.

(١٩) على : ساقطة من ط.

(٢٠) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.


جميع الجهات فلأنه (١) لا يخلو عنه مكان حتى يستبدله (٢) ، وأما إن كان غير متناه من (٣) جهة دون جهة فربما أمكن أن يتصور عنه فراغ ، لكنه إذا انتقل إليه لم يخل إما أن يخلى عن الجهة المقابلة لها ، أولا يخلى ، فإن لم يخل فما انتقل ، لكنه ربا ونما ، وإن انتقل وأخلى (٤) فالجهة غير (٥) المتناهية. متناهية. وأيضا هذه الحركة لا يجوز أن تكون طبيعية ولا قسرية ، أما أنها لا تكون طبيعية فلأن الطبيعى هو الذي (٦) يطلب أينا طبيعيا ، وكل أين كما قد فرعنا عنه (٧) قبل حد ، وكل حد فهو محدود ، والمحدود (٨) لا ينتقل إليه ما لا حد له ولا ينحاز (٩) إليه ، وأما القسرى فإنا سنبين عن قريب أن ما لا يتناهى لا ينقسر ، وأيضا فإن القسرى يكون إلى خلاف الأين الطبيعى ، فإذا لم يكن طبيعى لم يكن قسرى. وأيضا فإنه كيف يكون الجسم البسيط وما يجرى مجراه متناهيا من جهة وغير (١٠) متناه من جهة ، وطبيعته متشابهة. فلا يخلو إما أن يكون الحد القاطع (١١) له أمر تقتضيه طبيعته ، أو يكون إنما عرض له قسر وأمر خارج عن الطبع قد (١٢) أدركه. فإن كان مقتضى طبيعته ، وطبيعته متشابهة بسيطة ، فمن الواجب أن لا يختلف تأثيره عن طبيعته ، حتى يتحدد منه جانب ، ولا يتحدد منه جانب (١٣). وإن (١٤) كان بالقسر فتكون طبيعة هذا الجسم توجب أن يكون غير (١٥) متناه ، فإما أن يكون قد عرض أن حادا حده وقاطعا قطعه فجعله متناهيا ، فيكون غير المتناهى منه موجودا ، لكنه حد (١٦) دونه وقطع عنه ، فلا يكون متناهيه إلى فضاء أو خلاء ، ولكن تناهيه إلى مقطوع من جنسه وطبيعته ، فلا يكون له أيضا مكان يتحرك إليه هذا النوع من الحركة ، وإما أن يكون حدده من غير أن أبان منه أشياء ، بل من جهة أنه جعل كمه (١٧) كما ذا حد فى جهة ، دون جهة كما لعارض (١٨) أن يجعل كم الجسم المتناهى أقل عند التكاثف وأكثر عند التخلخل ، فيكون حينئذ من شأن هذا الجسم أن يقبل تناهيا وغير تناه ، وأن ذلك بتأثير مؤثر (١٩) وذلك مما سنوضح بطلانه بعد ، حيث (٢٠) نبين أن الجسم لا ينفعل هذا النحو عن (٢١) مؤثر متناه أو غير متناه. وأما المركب فلا يجوز أن يكون غير (٢٢) متناه من جهة ومتناهيا من جهة ، فإنا لو توهمنا كل واحد من أجزائه قد تحرك إلى جهة التناهى ، لم يخل إما أن يحصل للكل انتقال من الجانب غير المتناهى ، وذلك محال ، وإما أن لا يكون له انتقال

__________________

(١) فلانه : فإنه ط (٢) يستبدله : يستبدل م

(٣) من : عن ط. (٤) وأخلى : ساقطة من م.

(٥) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(٦) هو الذي : ساقطة من سا

(٧) عنه : منه سا ، م. (٨) والمحدود : فالمحدود ب ، سا ، ساقطة من م

(٩) ولا ينحاز : ولا يتجاوز سا ، ط.

(١٠) وغير : غير م. (١١) القاطع : المقاطع ط.

(١٢) قد : ساقطة من سا.

(١٣) جانب (الثانية): + آخر ط ، ساقطة من سا ، م

(١٤) وإن : فإن سا. (١٥) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(١٦) حد : حدد ط. (١٧) كمه : له ط

(١٨) لعارض : بعارض سا. (١٩) مؤثر : + متناه أو غير متناه ط.

(٢٠) حيث : حين م (٢١) عن : من ط.

(٢٢) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.


من هناك فتكون بعض الأجزاء قد تحركت (١) دون بعض ، وهذا خلاف (٢) ما فرض. فهذا إذا جعلت الحركة باستبدال المكان.

وأما الحركة الأخرى التي لا يستبدل بها المكان فهى المستديرة ، فلا يخلو إما أن تتم الدورة وإما أن لا تتم (٣) البتة (٤). فإن تمم الدورة ، عرض ما قلناه فى باب الخلاء من استحالة الاستدارة فى أمر غير متناه ، وإن لم يتمم الدورة ، فلا يخلو إما أن يكون تتميم الدورة مستحيلا (٥) أو لا يكون ، فإن لم يكن كان فرضه غير محال ، ولا يلزم (٦) منه (٧) محال لكنه يلزم منه كما قلناه محال. وإن كان تتميم الدورة مستحيلا (٨) ، فيكون لجزء (٩) منه مفروض أن يتحرك قوسا ولا يكون له أن يتحرك قوسا أخرى (١٠) ، والمتحرك والمسافة (١١) إن كان والقوس والأحوال كلها متشابهة ، وهذا مستحيل أن يكون. فمن المستحيل أن يكون أمران متفقا الصورة لأمر واحد ، أحدهما جائزا (١٢) والآخر مستحيلا (١٣).

فبين من هذا أن الحركة المستديرة مما لا يعرض البتة للجسم غير (١٤) المتناهى ، وأيضا لا يعرض لجسم متناه فى جسم غير متناه على نحو ما أوضحنا فى باب الخلاء. وأما الذي يقال إنه لو كان يتحرك على الاستدارة ، لكان له شكل مستدير ، وكان (١٥) نصفه قطريه كلاهما لا نهاية له فتضاعف ما لا نهاية له ، أو كان البعد بين الخط (١٦) المتحرك المفروض خارجا عن المركز ، والخط الساكن المنتقل إليه أو عنه (١٧) يصير غير متناه ، ثم يلزم أن يقطع فى زمان متناه ، وذلك محال. فجميع ذلك مما لم أفهمه حق الفهم حتى أو من بصحته. وذلك إنه لم يتبرهن (١٨) لى فى تعليمهم أن كل متحرك على الاستدارة يجب أن يكون له شكل مستدير ، ولم يتبرهن (١٩) لى من (٢٠) تعليمهم أن ما لا نهاية له فى جهة لا ضعف له.

فإن بينوا هذا بإبانة أن ما لا يتناهى لا يقبل الزيادة ، وبينوا أنه لم (٢١) لا يقبل الزيادة ، ثم اشتغلوا بحديث الدائرة فقد تكلفوا شططا لا يلزمهم تكلفه. فإن إبانتهم أن ذلك لا يقبل الزيادة يكفيهم وغير محوج إياهم إلى أن توسطوا أمر النصف والضعف (٢٢) فيه من جهة تنصيف القطر ، وعسى أيضا أن لا يكون النصف إلا لمحدود (٢٣) ، وكذلك الضعف.

وأما حديث البعد فإنه ليس يجب عندى أن ذلك البعد بين (٢٤) الخطين يصير البتة بلا نهاية ، وكيف ويحيط به الخطان

__________________

(١) تحركت : قد تتحرك ط (٢) خلاف : يخلاف د. (٣) لا تتم : + الدورة ط. (٤) البتة : ساقطة من د.

(٥) مستحيلا : مستحيل ب ، مستحيلة سا (٦) ولا يلزم : فلا يلزم ط ، م (٧) منه : ساقطة من سا.

(٨) مستحيلا : مستحيلة سا (٩) لجزء : بجزء سا. (١٠) أخرى : آخر ب ، د ، سا ، ط

(١١) والمسافة : + فيه ط. (١٢) جائزا : جائز د ، ط ، م (١٣) مستحيلا : مستحيل ط ، م.

(١٤) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط. (١٥) وكان : أو كان ب ، سا ، م (١٦) الخط : ساقطة من سا.

(١٧) أو عنه : وعنه ط. (١٨) يتبرهن : يبرهن ط. (١٩) يتبرهن : يبرهن ط

(٢٠) من : فى ط. (٢١) لم : ساقطة من م. (٢٢) والضعف : بالضعف سا

(٢٣) لمحدود : المحدود سا ، م. (٢٤) بين : من م.


الخارجان ، ولو صح ذلك لاستغنيت عن ذكر قطع (١) فى زمان متناه ، بل كنت أقيم خلفا عن قريب ، وهو أنه غير متناه ويحده خطان ، هذا خلف. وأما أنه لم (٢) ليس يجب (٣) ذلك ، فلأنه ليس إذا كان البعد دائما يزيد يجب أن يحصل هناك بعد غير متناه ، بل يكون التزيد (٤) ذاهبا إلى غير النهاية ، وكل زيادة فهى (٥) بمتناه على متناه ، فكل بعد يكون متناهيا ، وهذا كما نعرفه فى أمر العدد أنه يقبل الزيادة إلى غير النهاية ، ويكون كل عدد يحصل متناهيا ، ولا يحصل (٦) عدد لا نهاية له ، لأنه (٧) لا يزيد عدد فى النظام غير (٨) المتناهى على عدد قبله (٩) إلا بمتناه (١٠) ، فهذا ما عندى ، وعسى (١١) أن يكون عند (١٢) غيرى وجه محقق لبيان ذلك. فإن اشتهى أحد أن يبين أنه لا بد من بعد غير متناه يقع ، فليس طريق البيان ما يقولون ، ما لم يحصل فيه على وجهه. ولا يندر (١٣) أن غيرنا يحصله ، بل يجب أن يقولوا هكذا : لنفرض بعدا بين نقطتين من الخطين الذاهبين إلى غير النهاية متقابلين (١٤) ، ونصل بينهما بخط يكون وتر الزاوية التقاطع ، فلأن ذهاب الخطين فى زيادة البعد هو (١٥) إلى غير النهاية ، فإذن الزيادات على ذلك البعد موجودة بغير النهاية ، ويمكن أن توجد متساوية (١٦) ، لأن (١٧) الزيادات التي توجد على ما تحت تجتمع بالفعل فيما هو فوق ، مثلا إن زيادة الثاني على الأول موجودة للثالث مع زيادة أخرى ، فيجب أن تكون الزيادات غير المتناهية موجودة بالفعل فى (١٨) بعد من الأبعاد وذلك لأن الزيادات بالفعل موجودة ، وكل زيادة بالفعل موجودة ، فهى توجد لواحد ، فيلزم أن يكون بعد موجود فيه زيادات غير متناهية بالفعل متساوية ، فيكون ذلك البعد زائدا على المتناهى (١٩) الأول بما ما لا نهاية له ، فيكون بعدا غير متناه. لكنه إذا فصل على هذا الوجه كان الخلف ظاهرا ليس يحتاج فيه إلى الحركة ، وذلك لأن هذا غير المتناهى لا يمكن أن يوجد إلا بين الخطين ، فيكون متناهيا وغير متناه ، هذا محال (٢٠). ونقول أيضا : إن ما يقال (٢١) من أن (٢٢) أجزاء غير (٢٣) المتناهى يجب أن تسكن (٢٤) فى كل (٢٥) موضع وتتحرك إلى كل موضع ، لأن كل موضع

__________________

(١) قطع : + الحركة ط. (٢) لم : ساقطة من سا

(٣) يجب : + من سا. (٤) التزيد : الزائد ط ، التزايد م

(٥) فهى : فهو م. (٦) ولا يحصل : ولا يتحصل ب ، د ، سا.

(٧) لأنه : ساقطة من سا (٨) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(٩) قبله : مثله ط (١٠) بمتناه : متناه سا

(١١) وعسى : فعسى ط. (١٢) عند : ساقطة من د.

(١٣) ولا يندر : ولا يقدر ب ، د. (١٤) متقابلتين : متقابلين د ، ط.

(١٥) هو : فى هذا ط. (١٦) متساوية : مساوية ط

(١٧) لأن : ولأن ط. (١٨) فى : من ط.

(١٩) المتناهى : + على د.

(٢٠) فإن اشتهى ... محال : ساقطة من سا ، م.

(٢١) ما يقال : يقال م (٢٢) أن (الأولى) : ساقطة من ط

(٢٣) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(٢٤) تسكن : لا تسكن ط

(٢٥) كل (الأولى) : ساقطة من م.


له طبيعى ، فهذا (١) أيضا ما لم أتحققه (٢) ولم أفهمه فإنه ليس يجب إذا كان لشيء (٣) واحد مواضع (٤) ، كل واحد منها له بالطبع أن (٥) يلزمه أن يسكن (٦) عن (٧) كل واحد منها ، وأن يتحرك فى كل واحد منها. فإن أمثال هذه المواضع أيها اتفق للجسم الحصول فيه من بين جملة الموضع (٨) الكلى له وقف بطبعه ، ولم يهرب كمال جزء من أجزاء الهواء فى جملة حيز الهواء ، وجزء (٩) من أجزاء الأرض فى جملة حيز الأرض ، ولو لا هذا لما كان سكون ولا حركة بالطبع ، فإن الحيز (١٠) دائما يفضل على مشتغل الأجزاء ، فعسى أن يكون لهذا وجه بيان لم أفهمه. وأما أنه لا يكون لأجزاء ذلك الجسم حركة طبيعة ، فذلك صحيح لأنه لا يخلو إما أن يكون الجسم غير متناه فى جميع الجهات ، فلا يكون موضع مطلوبا لأجزائه (١١) بالحركة مخالفا لمبدإ الحركة ، وإن كان فى جهة دون جهة حتى يكون الجزء يتحرك إذا كان خارجا عن الحد الذي فى الجهة المحدودة ، فلا محالة (١٢) أن الجزء يتحرك إلى مكان يطلبه بالطبع. ولكن الذي يطلبه الجزء يجب (١٣) أن يكون هو بعينه (١٤) الذي يطلبه الكل ، والكل لا يطلب مكانا بالطبع ، إذ لا مكان له مجانس ولا غير مجانس (١٥) ، أعنى بالمجانس (١٦) أن يكون سطح (١٧) شبيه (١٨) بسطحه ، وغير (١٩) المجانس أن يكون سطح غير شبيه بسطحه فى طبيعته كما للهواء عندنا من سطح النار. فإذا كانت طبيعة الكل لا يطلب مكانا ولا يختص لها (٢٠) ولا يتعين (٢١) ، فطبيعة (٢٢) الجزء أيضا لا يطلب مكانا ، لأن حيز (٢٣) الكل الذي له متشابه يسكن فى أى موضع (٢٤) اتفق ، ولا حيز (٢٥) خارجا عن حيز (٢٦) الكل اللهم إلا أن يجعل الكل متناهيا فى جهة (٢٧). فيجب حينئذ أن يكون حيز (٢٨) الكل هو الذي يطلبه الجزء (٢٩) ، وهو الذي يسكن فيه الكل ، فترى أن هذا الحيز بعد أو محيط ، والبعد والقول بالبعد باطل ، ولا محيط لغير (٣٠) المتناهى ، فعسى أن يكون الجزء يطلب الكل بحركته الطبيعية حتى يتصل به ، وأولاه على أقرب السموت وليس الحال فى الأجسام الطبيعية هذا قد (٣١) يتضح لك (٣٢) مما نعلمه إياك.

__________________

(١) فهذا : فهوم (٢) ما لم أتحققه ولم أفهمه : مما لا أفهمه ولم أتحققه ط (٣) لشيء : الشيء م (٤) مواضع : موضع م. (٥) أن (الأولى) : إذا ط (٦) يسكن : لا يسكن سا ، ط ، م (٧) عن : فى ط. (٨) الموضع : المواضع ط. (٩) وجزء : أو جزء ط (١٠) الحيز : الجزء د.

(١١) مطلوبا لأجزائه : مطلوب الآخر م. (١٢) فلا محالة : فلا مخالفة د.

(١٣) يجب : ويجب ط (١٤) بعينه : + هو ط.

(١٥) مجانس ولا غير مجانس : لا مجانس ولا غير مجانس ب ، سا ، لا مجانسا ولا غير مجانس ط ، لا مجانسا وغير مجانس م. (١٦) أعنى بالمجانس : ساقطة من م (١٧) سطح : ساقطة من د

(١٨) شبيه (الأولى) : شبيها ط (١٩) وغير : وبغير م.

(٢٠) لها : بها ط (٢١) ولا يتعين : ولا يتعلق ب ، د ، سا ، م

(٢٢) فطبيعة : وطبيعة ب ، طبيعة سا. (٢٣) حيز : جزء د

(٢٤) موضع : حيز ط (٢٥) ولا حيز : ولا جزء سا

(٢٦) عن حيز : عن جزء د. (٢٧) جهة : جهته م

(٢٨) حيز : جزء د (٢٩) الحزء سا. (٣٠) لغير : بغير سا. (٣١) قد : وقد ط

(٣٢) لك : ساقطة من سا.


فإذن الجزء لا يطلب (١) مكانا بالطبع ، وما لا يطلب مكانا بالطبع فهو لا يتحرك بالطبع ، فإن (٢) الذي يظن أن الحركة بالطبع هو إلى غير المكان الطبيعى ، بل إلى الكلية أو غير ذلك ، أمر تبين لك بطلانه. فنعلم من هذا أن لأجسام التي (٣) لأجزائها حركات طبيعية إلى الجهات المحدودة العدد المشار إليها ، كلها متناهية ، فالجسم (٤) الذي ذلك لكليته أظهر.

ونقول أيضا : إنه لا يجوز أن تكون لأجسام محدودة المقادير ، غير محدودة العدد ، فإنها لا تخلو إما أن تكون متماسة (٥) أو تكون متباينة مبثوثة فى (٦) المكان. فإن كانت متباينة ، فلو توهمناها متماسة متلاقية صار حجم جملتها من (٧) جميع الجهات أصغر وأقرب إلى الوسط من حجم ما يحويها ، فتكون متناهية الحجم وقاصرة عن الحجم الأول بمقدار ما قطعت من مقامها إلى التماس ، فيكون الحجم الأول أيضا متناهيا ، فيكون عدد (٨) الموجود منها (٩) فى حجم متناه منها متناهيا ، لأن الأجزاء الموجودة بالفعل فى كل محدود (١٠) محدودة بالعدد.

ومن هذا يعلم أنه لا يجوز أن تكون حركة ذاهبة إلى غير النهاية (١١) فى الاستقامة ، إذ قد (١٢) علمت تناهى الأبعاد وسلف لك تناهى الجهات ، وأنه يستحيل أن تكون الحركة إلى السفل مثلا ، والسفل غير متحدد ، وكذلك حال العلو. فإذا كان السفل متحددا فمقابله لا محالة متحدد ، وكذلك إن كان العلو متحددا فمقابله لا محالة متحدد ، وإن لم (١٣) يكن موجودا لم (١٤) يكن مقابلا ، فلم يكن للسفل مقابل ، فلم يكن اسفل سفلا ، لأن السفل سفل بالقياس إلى العلو.

ومن الكلام المستحيل قول من جعل غير (١٥) المتناهى من حيث هو غير متناه اسطقسا ومبدأ ، ليس ذلك من حيث هو طبيعة أخرى كماء أو هواء (١٦) ، تلك الطبيعة يعرض لها أن لا تتناهى. والدليل على استحالة هذا القول إن هذا الذي هو (١٧) غير متناه إما (١٨) أن يكون منقسما أو غير (١٩) منقسم ، فإن كان غير منقسم فليس هو غير متناه من الجهة التي تذهب إليها ، بل على سبيل السلب ، كما يقال للنقطة إنها غير متناهية (٢٠). وليس إلى هذا يذهبون بل يريدونه غير متناه ليكون لنا (٢١) أن نأخذ منه ما شئنا ، وإن كان منقسما. وليس ينقسم إلى طبيعة أخرى ، إذ ليست (٢٢) هناك طبيعة

__________________

(١) لا يطلب : يطلب م.

(٢) فإن : فإذن د. (٣) التي : الذي د.

(٤) فالجسم : والجسم م. (٥) متماسة : مماسة د ، ط

(٦) فى : ساقطة من سا ، م

(٧) من : عن ط. (٨) عدد : العدد سا ، ط ، م

(٩) منها : ساقطة من م. (١٠) محدود : حدود م.

(١١) النهاية : نهاية م (١٢) إذ قد : إذا م.

(١٣) وإن لم : وإلا لم ب ، سا ، ط ، م.

(١٤) لم : فلم سا ، ط ، م. (١٥) غير (الأولى) : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(١٦) كماء أو هواء : كمائية أو هوائية ط ، كمائيته أو هوائيته م.

(١٧) هو (الأولى) : ساقطة من سا (١٨) إما : فإما ب ، د ، سا

(١٩) أو غير : أو يكون غير ب ، د ، سا ، م.

(٢٠) متناهية : متناه سا. (٢١) لنا : إما سا

(٢٢) ليست : ليس ط ، م.


ما لا نهاية ، من حيث هو لا نهاية ، يجب (١) أن يكون كل جزء فى طبع الكل ، وأن يكون الجزء المحاط المحدود بالقسمة منه أيضا غير متناه ، وهذا محال (٢).

فقد وضح مما قلنا إنه لا وجود لجسم غير متناه ، ولجسم متحرك بالطبع غير متناه ، ولجسم اسطقسى مؤثر متأثر غير متناه. وكذلك (٣) الأعداد (٤) لها ترتيب فى الطبع غير متناهية (٥) بالفعل ، فبقى أن نتأمل بنحو آخر (٦) من وجود ما لا يتناهى فى الأجسام أنه هل هو مما يصح أم لا ، وذلك حال نموها ، فنقول : قد ظن بعض المتقدمين إنه كما أن للجسم أن يمعن ذاهبا فى الانقسام من غير أن يقتضى (٧) حدا فى الصغر لا أصغر (٨) منه كذلك له ذلك (٩) فى جانب العظم (١٠). فإنه كما أن هذا الانقسام ليس يحصل بالفعل معا ، ولكن يحصل شيئا بعد شيء ، فلا ينتهى إلى حد (١١) لا أصغر منه كذلك فى العظم. قال : فإنه وإن استحال وجود عظم للجسم غير متناه بالفعل ، فليس يستحيل السلوك (١٢) إليه ، كما الحال فى تزايد الأعداد ، فلينظر فى هذا المذهب ، وليتأمل كيف يصح وكيف لا يصح. فنقول : إنه يصح من وجه ، ولا يصح (١٣) من وجه. أما (١٤) الوجه الذي يصح منه (١٥) هذا المذهب ، فذلك (١٦) لأن لك فى التوهم أن تقسم جسما متناهيا قسمة لا تقف ولك فى التوهم أن لا تزال تأخذ جزءا من المقسوم وتضيفه (١٧) إلى جزء آخر أو جسم آخر فيصير أكبر مما كان ، ثم تأخذ جزءا آخر من الباقى أصغر من الباقى وتضيفه إلى زيادة أولى ، فلا يزال يزداد ذلك زيادة ، كل تال (١٨) منها يكون أصغر من الأول ، ولا يبلغ الجسم المزيد عليه تلك الزيادات أو يساوى جملة الزيادات التي يحصل منه (١٩) جميع الجسم المقسوم. وهذا الضرب من الزيادة لا يبلغ بالجسم كل عظم اتفق ، بل له حد لا ينتهى إليه البتة ، فضلا عن أن يزيد عليه. وأما الضرب من الزيادة التي من شأنها أن تنمى (٢٠) الجسم حتى توافى كل حد فى (٢١) العظم (٢٢) أو تزيد عليه فذلك (٢٣) متعذر وليس على (٢٤) قياس الصغر ، فإن القسمة لا تحتاج إلى شيء خارج عن الجسم. والنمو والتزيد (٢٥) يكون إما بمادة تنضم إلى الأصل ، وهذا يوجب أن تكون مواد للأجسام (٢٦) بلا نهاية

__________________

(١) يجب : ويجب ط. (٢) وهذا محال : وهذا غير محال د ، ساقطة من سا.

(٣) وكذلك : ولذلك سا ، م (٤) الأعداد : لا أعداد د ، م ، لأعداد سا

(٥) متناهية : متناه ط (٦) بنحو آخر : بنحو جزء د ، نحو آخر سا ، نحوا آخر ط.

(٧) يقتضى : يبقى د (٨) لا أصغر : لصغر م

(٩) ذلك : ساقطة من د ، سا. (١٠) العظم : + قال ط

(١١) حد : أحد م. (١٢) السلوك : الشكوك د ، سا.

(١٣) فنقول ... ولا يصح : ساقطة من م.

(١٤) أما : وأما ط (١٥) منه : به ط ، م

(١٦) فذلك : بذلك سا. (١٧) وتضيفه : ويضيف سا.

(١٨) تال : ثان ط ، م. (١٩) منه : فيه ط ، م.

(٢٠) تنمى : يتم م. (٢١) فى : من ط

(٢٢) العظم : الجسم سا (٢٣) فذلك : بذلك سا

(٢٤) على : ساقطة من د. (٢٥) والتزيد : والتزايد ط

(٢٦) مواد للأجسام : مواد الأجسام ط موجود الأجسام م.


وإما بتخلخل وانبساط لا يقف. وهذا يستحيل ، لأنه يحتاج كل متخلخل أن يتخلخل فى جزء (١) خلاء أو ملاء ، (٢) وكل ذلك متناه كما قد علمت. والخلاء خاصة لا وجود له ، ولأنه لا يجوز أن يكون حركة تقتضى جهة إلا ولها حد.

[الفصل التاسع]

ط ـ فصل (٣)

فى تبيين دخول ما لا يتناهى فى الوجود وغير دخوله فيه

وفى نقض (٤) حجج من قال بوجود ما لا يتناهى بالفعل

وإذ قد تبين (٥) هذا كله ، فبالحرى أن نعلم أن كيف يمكن أن يكون لما لا يتناهى فى انقسام الجزء ، وفى تزيد العدد ، وفيما يجرى مجرى ذلك وجود. فنقول : إن (٦) قولنا ما لا نهاية له ، تارة يتناول الأمور التي توصف بذلك وتارة يعنى بها (٧) نفس حقيقة غير المتناهى. كما إذا قلنا : هو عشرون ذراعا ، فتارة نعنى الخشبة التي هى عشرون ذراعا ، وتارة يعنى به (٨) طبيعة هذه الكمية. وأيضا نقول لنفس هذه الطبيعة إنها لا تتناهى ونعنى بذلك إنها بحيث أى شيء منها أخذت ، وجدت منه موجودا من خارج من غير تكرير. ونقول ذلك ، ونعنى به أنها لم تصل عند حد تقف عليه فتتناهى عنده. فإذن هى غير متناهية بعد ، أى غير واصلة إلى نهاية (٩) الموقف (١٠). فأما الأمور التي يقال لها إنها غير متناهية من الطبائع التي ذكرناها ، فصحيح أن نقول (١١) إنها موجودة فى القوة (١٢) لا الجملة ، بل كل واحد.

فتكون الأمور التي لا نهاية لعددها كل واحد واحد (١٣) منها (١٤) موجودا فى القوة ، والكل بما هو كل غير موجود

__________________

(١) جزء : حيز ط ، م

(٢) أو ملاء : وملاء د.

(٣) فصل : فصل ط ب ، الفصل التاسع م.

(٤) وفى نقض : ونقض ط.

(٥) تبين : بين سا ، ط.

(٦) إن : ساقطة من د.

(٧) بها : به ط.

(٨) به : ساقطة من د ، سا ، م.

(٩) نهاية : + هى ط

(١٠) الموقف : المولف م.

(١١) نقول : + لها م.

(١٢) فى القوة : بالقوة ط.

(١٣) واحد واحد : واحد ط ، م

(١٤) منها : ساقطة من ط.


لا بالقوة ولا بالفعل ، إلا بالعرض من جهة أجزائه ، إن كان قد يقال مثل ذلك. وأما طبيعة لا نهاية له نفسها فالمعنى (١) الأول منه غير موجود لهذه الأشياء ، لا بالقوة ولا بالفعل ، وذلك لأنه إن كان موجودا فإما أن يكون عارضا لشيء آخر ، وقد بينا أنه لا يجوز أن يكون شيء عرض له أن يكون بلا نهاية ، وإما أن يكون بنفسه طبيعة قائمة من حيث هو لا نهاية هو الموجود بالفعل أو المبدأ أيضا ، على ما يراه قوم ، وقد أبطلناه. والمعنى الثاني موجود بالفعل دائما ، فإن لانقسام دائما نجده (٢) بالفعل لم يتناه إلى حد لا حد بعده فى حدوث الوجود بالقوة (٣) فقد علمت أن ما لا نهاية له كيف هو فى القوة (٤) وكيف هو (٥) بالفعل ، وكيف هو لا بالقوة ولا بالفعل. فالذى منه بالفعل فغير خال (٦) من طبيعة ما بالقوة ، فإن معنى ذلك أنه لم يتناه إلى زمان طبيعة القوة ، بل طبيعة القوة محفوظة فيه دائما فيكون ما لا نهاية له ثباته (٧) وحقيقته متعلقة بوجود ما بالقوة ، فهو متعلق بطبيعة المادة دون طبيعة الصورة التي هى الفعل ، والكل صورة أو ذو صورة ، فما (٨) لا نهاية له ليس بكل وبعلم من هذه الأشياء التي بيناها ، إن ما لا نهاية له (٩) له طبيعة عدمية ، ولبس هو محيطا بكل شيء ، كما ظن بعضهم ، بل هو محاط بالصورة ، لأنه قوة الهيولى.

فإن قال قائل : إن لانقسام (١٠) غير (١١) المتناهى خاصة يلحق الكمية وهى صورة ، فالجواب أن الانقسام يقال على وجهين : أحدهما لافترق ولانقطاع ، وهذا يلحق الكم لأجل المادة ، ولآخر لانقسام (١٢) ، بمعنى أن فى طبيعة الشيء أن يفرض فيه شيء غير شيء (١٣) ، ولا يزل كذلك ، وهذا يلحق المقدار لذاته ، والأول لا بد فيه من (١٤) حركة والثاني لا يحتاج إلى الحركة ، والأول هو لانقسام الحقيقى ، وهو الذي يغير من حال لشيء ، وأما هذا الثاني فهو أمر موهوم ، والأول لا يقبله المقدار لذاته البتة ، لأن القابل يجب أن يبقى مع لمقبول ، وذلك إذا عرض أبطل وجود المقدار الأول ، فإن لمقدار الأول لم يكن إلا ذلك لاتصال لمعين ، ليس شيئا فيه ذلك الاتصال المعين ، فإن المقدار كما علمته (١٥) مرارا هو نفس الاتصال ، ليس الشيء المتصل باتصال فيه ، فإنه إذا (١٦) عرض الانفصال المفكك أبطل المقدار الأول وأحدث مقدارين آخرين ، وإنما أحدث متصلين محدودين آخرين (١٧) بالفعل بعد أن كانا بالقوة ، ولو كانا (١٨) بالفعل لكان فى متصل واحد متصلات بالفعل بلا نهاية. ولا ينكر أن يكون الانقسام الذي تقبله المادة إنما تقبله

__________________

(١) فالمعنى : بالمعنى سا. (٢) نجده : ساقطة من م

(٣) بالقوة : ساقطة من سا ، ط ، م. (٤) فى القوة : بالقوة سا ، ط ، القوة م.

(٥) فى القوة وكيف هو : ساقطة من د

(٦) خال : ذاك م. (٧) ثباته : بثباته ط.

(٨) فما : ساقطة من سا. (٩) ليس ... له : ساقطة من د.

(١٠) الانقسام : الأقسام م (١١) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(١٢) الانقسام : الأقسام م. (١٣) شيء (الثانية) : ساقطة من م

(١٤) من : ساقطة من د. (١٥) علمته : علمت د ، سا

(١٦) فإنه إذا : فإذن إذا ب ، د ، سا.

(١٧) أحدث متصلين محدودين آخرين : حدث متصلان محدودان آخران سا ، ط ، م

(١٨) كانا (الثانية) : كان م.


بسبب وجود الكم لها (١) ، ويشبه (٢) أن (٣) يكون الناس يرون أن للهيولى (٤) صورة تهيئها للانقسام الدائم المفرق وهو (٥) الجسمية ، وصورة أخرى تمنع من ذلك ، أو لا تثبت عليه إذا وقع (٦). كما يقولون : إن الجسم (٧) إذا قسم دائما فإنه لا يبقى لحما ، بل تبطل اللحمية ، وتبقى الجسمية ، وهذا يجب أن ينظر فيه. ثم ليس إذ قلنا : إن الصورة (٨) الكمية تهيئ (٩) المادة للانقسام الذي يخص المادة ، وجب أن يكون ذلك لاستعداد الصورة. فليس ما يفعل (١٠) فعلا يجب أن يكون فى نفسه بفعل ولا أيضا يجب أن تكون تلك الصورة باقية مع خروج ما تهيئه (١١) إلى الفعل ، فإن لحركة هى التي تقرب الجسم من السكون الطبيعى وتهيئه له (١٢) ، ولا تبقى مع ذلك ، لأن فعلها (١٣) هو التهيئة ، فيجب أن توجد مع التهيئة وكذلك (١٤) فعل لكمية والتهيئة (١٥) (١٦) ، وأما القسمة فهى (١٧) عن شيء آخر ، والثاني يقبله المقدار لذاته (١٨) ، فقد علم نحو وجود ما لا يتناهى ، فالعدد يعرض له ذلك (١٩) فى التضعيف ، ويتناهى (٢٠) من تلقاء الوحدة ، والمقدار يعرض له ذلك فى التضعيف والنقصان ، ويتناهى من قبل (٢١) التضعيف اذ (٢٢) كان تنصيفه من حيث هو (٢٣) مقدار تضعيفا له من حيث هو عدد أوله هو واحد ، واو واحد مبدأ عدد فإنه (٢٤) يبتدئ من واحد ويصير اثنين ، والحركة (٢٥) يعرض لها لانقسام (٢٦) غير (٢٧) المتناهى بسبب المقدار الذي هى عليه (٢٨) ، وأما الزمان فإن ستعدد لموهوم من القسمة فيه فإنما يعرض له من حيث هو مقدر ولذته (٢٩) ، وأما المعين بالفعل فيعرض له بسبب الحركة. وفرق بين الوقع بالفعل وبين لموهوم (٣٠) ولاستعداد ، فإن لمقادير موضوعة بذاتها ، لأن يعرض لها القسمة الوهمية إلى غير نهاية (٣١) ومستعدة لها (٣٢) (٣٣). وأما خروج ذلك إلى الفعل فيكون بسبب شيء آخر. وحيث يقال : إن الزمان يعرض له ذلك بسبب الحركة فنعنى العارض الذي يوقع بالفعل شيئا بعد شيء بلا نهايه ، وأما طبيعة الاستعداد فهو الزمان (٣٤) من حيث هو مقدار ، والحركة لا نفيده ذلك ، بل يوجد الزمان وهو على نحو من الوجود

__________________

(١) لها : له ط (٢) ويشبه : فيشبه سا ، ط ، م (٣) أن : ساقطة من د ، سا

(٤) للهيولى : الهيولى م (٥) وهو : وهى م. (٦) وقع : + القسمة ط

(٧) الجسم : اللحم ب ، د. (٨) الصورة : صورة م

(٩) تهيئ : تهيؤ سا. (١٠) يفعل : ينفعل ط.

(١١) ما تهيئة : ما تهيئ له ب ، د ، ما تهيؤ له سا.

(١٢) له : ساقطة من م (١٣) فعلها : فعله سا

(١٤) وكذلك : فكذلك سا ، ط. (١٥) فيجب ... التهيئة : ساقطة من م.

(١٦) والتهيئة : التهيئة سا ، ط ، م (١٧) فهى : فهو ب ، د ، م ، ساقطة من سا

(١٨) والثاني ... لذاته : ساقطة من سا.

(١٩) ذلك : ساقطة من م (٢٠) ويتناهى : وينهتى م

(٢١) قبل : تلقاء ط ، م. (٢٢) إذ : إذا سا

(٢٣) هو : ساقطة من ط. (٢٤) فإنه : وإنه م.

(٢٥) ، الحركة : بالحركة سا ، فالحركة ط ، م (٢٦) الانقسام : الأقسام سا

(٢٧) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط (٢٨) هى عليه : هو علتة م.

(٢٩) ولذاته : لذاته ط. (٣٠) الموهوم : المفهوم سا.

(٣١) نهاية : النهاية ط. (٣٢) ومستعدة لها : ساقطة من سا.

(٣٣) لها : له سا ، ط ، م. (٣٤) الزمان : للزمان م.


يلزمه ذلك الاستعداد. وكما أن العاد مثلا إذا أوجد بالتعديد أو يعمل (١) آخر عشرة (٢) ، فليس هو الذي يجعله زوجا ، بل يوجده ويلزم وجوده أن يكون هو زوجا. وأما (٣) الحركة من حيث هى قطع ، فإنها (٤) كما يعرض لها أن لا تتناهى فى القسمة ، كذلك يعرض لها أن لا تتناهى فى التضعيف والزيادة ، وإذ خاصية التناهى وعدم التناهى ليس إنما تلحق الحركة بسبب كمية لذاتها فتلحقها بسبب كمية أخرى ، وليس تلحقها بسبب كمية المسافة ، إذ المسافة متناهية ، فتلحقها إذن بسبب الكمية الأخرى التي هو الزمان.

فالحركة علة لوجود الزمان ، والزمان علة لكون الحركة متناهية المقدار أو غير متناهية ، والمحرك علة لوجود الحركة (٥) ، فهو علة أولى لوجود الزمان ، وعلته لثبات (٦) الحركة التي هى كمال أول ، فيتبع ثباته (٧) ازدياد امتداد (٨) كميتة (٩) التي هى الزمان ، وليس علة بوجه (١٠) الكون الزمان مستعدا لأن يمتد إلى ما لا نهاية (١١) ، وعلة لكون الزمان ممتدا بلا نهاية (١٢) حتى تصير الحركة بلا نهاية ، فإن ذلك للزمان لذاته ، كما كان فى الانقسام أيضا. لكن وجود هذا المعنى بالفعل للزمان ، فهو بسبب المحرك بوساطة الحركة ، كما كان وجود الانقسام له بالفعل بسبب شيء من خارج قاسم فالحركة سبب لوجود هذا العارض للزمان ، والزمان سبب لوجود هذا العارض للحركة ، لكن هذا بوجه وذلك بوجه. أما الحركة فهى علة بعد العلة المحركة لوجود هذا العارض للزمان بالحقيقة ، إذا (١٣) كان المحرك لا يقطع الحركة ، بل يصلها. وأما الزمان فهو علة لكون الحركة ذات (١٤) مقدار غير متناه ، فالزمان علة لتقدر (١٥) الحركة ، فإذا عرض له أن لا يتناهى عروضا أوليا بإيجاب (١٦) الحركة ذلك (١٧) وايجاده الزمان على ذلك ، عرض بوساطته أن قيل على الحركة ليس عروضا أوليا ، بل لأجل أن عارضه الذي هو الزمان كذلك ، فالحركة جعلت نفسها بالعرض كذلك ، أى (١٨) جعلت عارضها كذلك ، ولأجل العارض يقال (١٩) لها ذلك ، وذلك مما يكون كثيرا ، فإن كثيرا من الأشياء يوجد أمرا لذلك الأمر صفة أولية ، ويكون له من جهة ذلك تلك الصفة صفة ثانية ، وبالقصد الثاني ، وليست أولية ، فهذا (٢٠) ما نقوله فى تحقيق كيفية وجود غير (٢١) المتناهى.

فأما (٢٢) الحجج المقولة فى إثباته فما قيل فيها من أمر التضعيف وأمر القسمة وأمر الكون والفساد والزمان وغير

__________________

(١) بعمل : + شيء سا (٢) عشرة : غيره د.

(٣) وأما : أما سا ، م (٤) فإنها : وإنها سا. (٥) الحركة (الأولى): + والحركة علة لوجود الزمان ط

(٦) لثبات : أسباب سا (٧) ثباته : ثباتها د

(٨) امتداد : ساقطة من م (٩) كميتة : كميتها د.

(١٠) بوجه : موجبة ط (١١) ما لا نهاية : لا نهاية ب ، د ، سا ، م

(١٢) وعلة ... بلا نهاية : ساقطة من م.

(١٣) إذا : إذ م. (١٤) ذات : ذا د ، سا ، م

(١٥) لتقدر : تقدر ط. (١٦) بايجاب : فايجاب سا

(١٧) ذلك : ساقطة من م. (١٨) أى : إذا ط ، أو م.

(١٩) يقال : فقال سا. (٢٠) فهذا : وهذا ط.

(٢١) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط. (٢٢) فأما : وأما ط.


ذلك ، فمعلوم أنه لا يوجد المتناهى وجودا على غير النحو الذي نقوله. وأما ما قالوه من أمر (١) أن كل متناه فإنه يتناهى إلى شيء آخر ، فإنه ليس بمسلم ، لأنه إذا اتفق أيضا أن (٢) كان شيء واحد متناهيا ونهايته عند شيء آخر فهو متناه وملاق ، ومن حيث هو متناه فله نهاية فقط ، ومعنى أنه متناه هو ذلك. وأما من حيث هو ملاق فنهايته عند شيء آخر ، فتكون نهايته عند شيء آخر (٣) أمرا (٤) تقتضيه الملاقاة ، وليس هو مقتضى تناهيه ، فإن مقتضى تناهيه هو أنه (٥) ذو نهاية فقط. وأما إن نهايته عند شيء آخر ، فهو معنى آخر أزيد من معناه ، فلو كان كل متناه يلزمه أن يكون ملاقيا لشيء من جنسه أو غير جنسه ، كان ربما يصح (٦) قولهم ، وكان كل جسم يتناهى إلى جسم. ولكن فليس (٧) يجب أن يكون كل متناه ملاقيا لجنسه ، حتى يلاقى الجسم لا محالة جسما ، فأنت تعلم أن الحركة تتناهى إلى السكون وهو عدم فقط أو ضد (٨). وأما حديث التوهم فليكن ذلك مسلما ، لكن لا يلزم من ذلك أن الموجودات لا تتناهى فى الوجود ، بل إن الموجودات لا تتناهى (٩) فى التوهم.

[الفصل (١٠) العاشر]

ى ـ فصل

فى أن الأجسام متناهية من حيث التاثير والتاثر

ونقول إنه لا يجوز أن يكون جسم فاعل فى جسم أو منفعل عن جسم فعلا وانفعالا زمانيا وهو غير متناه.

أما لا يجوز أن يكون جسم فاعل فى جسم كذلك ، فلأن ذلك الجسم المنفعل لا يخلو إما أن يكون متناهيا أو يكون غير (١١) متناه ، فإن كان متناهيا ولا شك أن الفعل والانفعال يجرى بينهما الطبيعة كل واحد منهما ، لا لأنه متناه أو يكون غير متناه

__________________

(١) أمر : ساقطة من سا ، ط.

(٢) أن : ساقطة من سا.

(٣) فتكون ... آخر : ساقطة من د ، سا

(٤) أمرا : أمر ب ، د ، سا.

(٥) أنه : أنها د.

(٦) يصح : صح ط ، م

(٧) فليس : ليس د ، سا ، ط ، م.

(٨) أو ضد : + فقط ط.

(٩) فى الوجود ... لا تتناهى : ساقطة من م.

(١٠) فصل : فصل ى ب ، الفصل العاشر م.

(١١) أو يكون غير : أو غير ط.


فإن كان انفعال (١) المنفعل عن الفاعل لطبيعتهما (٢) ، فمن شأن جزء من أحدها الذي هو المنفصل أن ينفعل عن جزء من الآخر ، فإذا فعل جزء من غير (٣) المتناهى فى المتناهى أو فى جزء منه فى زمان ، فتكون نسبة ذلك الزمان إلى الزمان الذي يفعل فيه بعينه غير المتناهى ، كنسبة قوة غير المتناهى إلى قوة المتناهى. فإن لأجسام كلما كانت أعظم صارت قوتها أشد ، وكانت أفعل (٤) وزمانها أقصر. فيجب من ذلك أن يكون فعل غير (٥) المتناهى لا فى زمان ، وقد فرض فى زمان. وإن (٦) كان ذلك المنفعل غير متناه ، فإن نسبة انفعال جزء منه إلى انفعال الكل كنسبة الزمانين ، فيجب أن يقع انفعال كل جزء منه لا فى زمان ، ويكون انفعال الجزء الأصغر من ذلك أسرع من انفعال الجزء الأكبر ، إذ (٧) كان الصغر (٨) مقتضيا للسرعة ، فيكون شيء أسرع من الكائن لا فى زمان. وأيضا إذا فرضنا للمنفعل جزءا فانفعل لا فى زمان (٩) ، فلا يخلو إما أن يقع انفعال ما يليه مع انفعاله فيكون انفعال الجميع واقعا لا فى زمان ، وإما أن يقع بعده. فلنفرض جزء آخر (١٠) بعده فلا يخلو إما (١١) أن يكون ذلك الجزء انفعل معه فيعرض ما قلنا (١٢) ، أو انفعل (١٣) بعده أيضا لا فى زمان فتكون لآنات تتتالى ، والحق (١٤) يمنع هذا. وإذ (١٥) قد عرفت هذا من جهة الفعل ، فلك أن تعرف مقابل ذلك من جهة لانفعال ، فمعلوم من هذا أن الاسطقسات التي (١٦) يفعل بعضها فى بعض (١٧) فعلا زمانيا ، وتكون كلما (١٨) عظمت ازدادت قوة كلها متناهية.

وليس لقائل أن يقول : إن قوة الأجسام صورها والصورة لا تشتد ولا تضعف ، وذلك لأنها وإن كانت لا تشتد فى جوهرها ، فيشتد تأثيرها فى الزيادة ، أعنى أنه وإن كان لا يجوز أن تكون (١٩) الصورة التي فى هذه النار تشتد وتضعف ، لا فى (٢٠) هذه النار ولا فى مثلها ، فإنها فى ضعف النار تكون أقوى ، وفى ضعف المدرة تكون أثقل.

وليس هذا بمعنى (٢١) زيادة الشدة فى الجوهر ، بل فى زيادة الأثر. على أن الصور نفعل بأعراض تشتد وتضعف (٢٢) مع تكثر السور وتضعفها (٢٣) تبعا للمقدار ، وهذا نوع من التزايد (٢٤) فى (٢٥) الصور غير التزايد الكائن بالاشتداد ، وأنت تعلم هذا بعد. ومن هذه الأشياء يعلم أنه لا يكون فى جسم من الأجسام قوة على التحريك القسرى أو الطبيعى غير

__________________

(١) انفعال : افعال م (٢) لطبيعتهما : بطبيعتهما ط.

(٣) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(٤) أفعل : الفعل م (٥) غير : الغير ط.

(٦) وإن : فإن سا. (٧) إذ : إذا سا ، م

(٨) الصغر : الصغير سا. (٩) فيكون ... زمان : ساقطة من سا.

(١٠) جزء آخر : جزء الآخر ط (١١) إما : ساقطة من سا ، م

(١٢) ما قلنا : ما قلناه م (١٣) أو انفعل : وانفعل ط.

(١٤) والحق : ونحن سا (١٥) وإذ : فإذ م.

(١٦) التي : الذي سا (١٧) بعض : ساقطة من سا.

(١٨) وتكون كلما : وكلما سا. (١٩) تكون : ساقطة من د.

(٢٠) لا فى : فى سا. (٢١) بمعنى : المعنى سا ، معنى ط

(٢٢) وتضعف : + فى هذه النار سا. (٢٣) وتضعفها : وتضعيفها ط

(٢٤) التزايد (الأولى والثانية) : الزائد د ، سا ، م (٢٥) فى : وفى سا.


متناهية الشدة كالميل الثقيل أو الخفيف ، فإن ذلك يوجب وقوع فعله لا فى زمان ، ويستحيل أن تكون حركة لا فى زمان ، وإنما يجب أن يقع لا فى (١) زمان ، لأنه كما (٢) اشتدت القوة قصرت المدة ، وإذا (٣) لم تتناه فى الاشتداد بلغت من الصغر ما لا نهاية له.

فيجب أن ينظر فى حال القوى وتناهيها ولا تناهيها ، وقبل ذلك نقول إن القوة يقع بينها وبين قوة أخرى تفاوت فى أمور : منها سرعة ما تفعله (٤) وبطؤه ، ومنها طول مدة استبقاء ما تفعله وقصرها ، ومنها كثرة عدة ما تفعله (٥) وقلتها (٦). مثال الأول أن أشد الراميين (٧) قوة فهو أسرعهما بالرمى لمسافة معينة قطعا (٨) ، ومثال الثاني أن أشد الراميين قوة هو أطولهما زمان (٩) نفوذ الرمية فى الجو مع تساوى المعانى الأخر ، ومثال الثالث أن أشد الراميين قوة هو أكثرهما (١٠) قدرة على رمى بعد رمى. وإذا كان التفاوت يقع من هذه الوجوه ، فالتزايد (١١) يقع على هذه الوجوه ، والأزيد يقع على هذه الوجوه. فالذاهب (١٢) فى الزيادة إلى غير غاية يقع على هذه الوجوه. ولأن القوة فى نفسها لا كمية لها وإنما كميتها بالعرض ، إما بالقياس إلى الشيء الذي فيه القوة ، وإما (١٣) بالقياس إلى الشيء الذي عليه القوة. والشيء الذي فيه القوة يكون أبدا (١٤) متناهيا ، إذ (١٥) الأجسام متناهية ، ولو كانت غير متناهية لكانت القوة تكون نسبتها غير متناهية ، فبقى أن تكون القوة إنما هى متناهية وغير متناهية بالقياس إلى كمية ما عليه القوة. فإذا كان ذلك الشيء جائزا فيه أن يكون غير متناه على نحو الجواز (١٦) الذي لغير المتناهى ، كانت القوة بالقياس إليه غير متناهية. فلينظر أنه هل يجب أن يكون لو كان جسم يقوى على أمر من (١٧) الثلاثة ، وكان غير (١٨) متناه ، أن تكون قوته أيضا غير متناهية (١٩) بالقياس إلى ذلك الأمر من الأمور الثلاثة ، فنقول إنه إن كان يجب أن يكون الجسم الأعظم أوفر قوة وأكثر فى الأمر المقيس إليه من الأمور الثلاثة ، فيجب إذا كان غير متناه أن تكون قوته غير متناهية. وأنت تعلم أن قوة جملة محركين وفاعلين اثنين (٢٠) أى فعل كان ، أكثر من قوة أحدهما ، فإن الجملة تقوى على ما يقوى عليه الواحد وعلى أمر خارج

__________________

(١) لا فى : فى سا (٢) كلما : كما د

(٣) وإذا : فإذا سا ، ط ، م. (٤) ما تفعله : ما يفعل ط ، م.

(٥) وبطؤه ... عدة ما تفعله : ساقطة من سا.

(٦) وقلتها : وقلته سا ، ط (٧) الراميين : الرامية ط

(٨) قطعا : ساقطة من م. (٩) زمان : + ما د.

(١٠) أكثرهما : أكثرها سا. (١١) فالتزايد : فالزايد د ، سا ، ط ، م.

(١٢) فالذاهب : والذاهب ط.

(١٣) بالقياس ... وإما : ساقطة من سا

(١٤) أبدا : ساقطة من سا.

(١٥) إذ : إذا سا.

(١٦) الجواز : الوجود بخ.

(١٧) من : + الأمور ط

(١٨) وكان غير : وغير م

(١٩) متناهية : متناه د.

(٢٠) اثنين : + على ط.


عن ذلك لا محالة ، إذ لها (١) قوة خارجة عن قوة الواحد ، فلذلك قوة الأعظم أكبر وأشد ، فيجب أن يكون كلما صار أعظم (٢) صارت القوة أكثر وأزيد. والذي (٣) يذهب إلى غير نهاية (٤) فى العظم ، فكذلك (٥) قوته تزداد إلى غير نهاية (٦) فى الأمر المقيس إليه القوة ، ولو (٧) كان المقيس إليه القوة متناهيا ، لكان لقوة جزء ما من الجسم نسبة إلى جزء ما (٨). فإذا ضوعف من المنفعل جزء ومن الفاعل جزء ، إلى أن يفنى المنفعل المتناهى ويحصل بإزائه من الجسم غير (٩) المتناهى جملة أجزاء متناهية ، فكانت (١٠) نسبة قوة الجزء الواحد من ذى القوة إلى قوى جميع (١١) تلك الأجزاء المتناهية كنسبة الجزء من المنفعل إلى جميع المنفعل ، وذلك كقوة الجزء من الجرم المفروض غير متناه إلى قوة جميع غير (١٢) المتناهى ، فتكون قوة جزء متناه من هذا الجسم القوى (١٣) غير (١٤) المتناهى مساوية (١٥) لقوة الجسم كله الذي يفضل عليه بقوته (١٦) الموجودة فى الأجزاء غير (١٧) المتناهية الخارجة عن ذلك الجسم (١٨) ، هذا خلف. فالواجب أن يكون أزيد منه بحسب النسبة ، بل ربما أوجب الاجتماع (١٩) اشتداد قوة فوق الذي توجبه النسبة. فبين أنه لو كان جسم غير متناهى العظم لكان غير متناهى القوة بالقياس إلى المقوى عليه. ولما لم يجز أن يكون جسم غير متناه. لم يجز أن تكون (٢٠) قوة غير متناهية من هذا القبيل.

فلينظر هل يجوز أن توجد قوة غير متناهية (٢١) لا فى جسم غير متناه ، ولينظر هل يمكن وجود قوة غير متناهية بالقياس (٢٢) إلى سرعة الفعل ، فنقول : إن هذا لا يوجد ، وإلا لكان فعلها فى السرعة واقعا لا فى زمان ، وكل سرعة فى زمان ، لأن كل سرعة هى فى قطع لمسافة (٢٣) أو نظير (٢٤) مسافة ، وكل ذلك فى زمان. فلو كانت حركة لا نهاية لها فى السرعة (٢٥) ، لكان زمان لا نهاية له فى القصر ، وهذا محال كما يعلم. وبالجملة إنما تعتبر السرعة فى الامور التي لها ، فى وجود زمان ، وأما (٢٦) الأمور الواقعة فى الآن ، فلا يقال فيها سرعة ولا بطء. فإن قال قائل (٢٧) : إن القوة غير (٢٨) المتناهية تفعل

__________________

(١) لها : لهما م. (٢) صار أعظم : ساقطة من م.

(٣) والذي : فالذى سا ، ط ، م. (٤) نهاية (الأولى) : ذلك نهاية د ، النهاية ط

(٥) فكذلك : وكذلك سا (٦) نهاية (الثانية) : النهاية ط.

(٧) ولو : فلو ط (٨) ما (الثانية): + من الذي عليه القوة غير متناهية ط.

(٩) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط. (١٠) فكانت : لكانت د ، وكانت ط

(١١) جميع : + الجرم ط ، م. (١٢) غير (الثانية) : الغير ط.

(١٣) القوى : ساقطة من ط ، م (١٤) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(١٥) مساوية : متساوية ط (١٦) بقوته : بقوة م.

(١٧) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط (١٨) الجسم : الجزء م.

(١٩) الاجتماع : اجتماع د. (٢٠) جسم ... تكون : ساقطة من م.

(٢١) ولينظر ... متناهية : ساقطة من م.

(٢٢) بالقياس : وبالقياس م. (٢٣) لمسافة : المسافة م

(٢٤) نظير : لنظير ط ، م. (٢٥) السرعة (الأولى) : ساقطة من سا.

(٢٦) وأما : + أن م (٢٧) قائل : القائل د (٢٨) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.


فى آن وسائر القوى تفعل فى زمان ، فلنضع القوة غير (١) المتناهية على أن يكون فعلها لا سرعة فيه. فالجواب عن (٢) ذلك إنما نعتبر فى هذا الباب أمثال الحركات المكانية التي توجب قطع مسافة ما (٣). وتختلف فيها فى السرعة والبطء ، ولا تمكن إلا فى زمان ، إذ لا يمكن قطع مسافة فى آن وإلا لانقسم الآن بإزاء انقسام المسافة. وكذلك (٤) ما يجرى مجرى الحركات المكانية (٥) مما يقع فيه سرعة وبطء ، لضرورة (٦) حاجة وقوع ذلك إلى زمان. فإن كان شيء يحتمل أن يقع فى آن وأن يقع فى زمان ، فليس كلامنا الآن فيه ، بل كلامنا فى الأمور التي تختلف بالسرعة والبطء (٧) ولا يخلو فى وقوعها عن زمان ، فإنها كما تشتد قوتها يقصر زمانها ، فإن كان منها شيء واقعا عن قوة غير متناهية ، كان إما فى آن ، وذلك محال. لأن المسافة وأمثالها لا تقطع فى آن أو فى زمان فيكون له نسبة ما إلى زمان فعل واقع من (٨) قوة متناهية ، فيعود إلى أن تصير نسبة الزمان إلى الزمان كنسبة القوة إلى القوة ، فتصير القوة (٩) التي لا تتناهى ما تقوى عليه نسبة إلى المتناهية (١٠) التي يتناهى ما تقوى عليه ، فإذن إن كانت قوة غير متناهية ، فيكون ما تقوى عليه أحد الأمرين الآخرين ، أعنى المدة والكثرة. فلينظر هل يمكن أن يكون لهذه القوة التي لا تتناهى ، ما تقوى عليه كثرة أو مدة وجود فى جسم ، حتى يعرض لها انقسام بانقسام الجسم. لكن الكثرة إما كثرة متوالية من مبدأ محدود على ترتيب محدود يحاذى (١١) المدة ، وإما كثرة مختلطة من أشياء مختلفة فى (١٢) تراتيب (١٣) مختلفة. فيجب أن نترك الآن النظر فى القوة على كثرة مختلطة غير متناهية ، فلا كلام لنا فيها ، ولنبحث عن قوة على كثرة متصلة وترتيب (١٤) واحد محاذية (١٥) للمدة.

فلينظر هل يجوز أن يكون فى الأجسام قوة على كثرة بهذه الصفة وعلى مدة غير متناهية فنقول : إن ذلك لا يمكن ، لأن هذا الجسم لا محالة يتجزأ وتتجزأ (١٦) معه القوة ، وجزء هذه القوة لا يخلو إما أن يقوى على ما يقوى عليه الكل فى الكثرة والمدة من (١٧) آن معين ، فيكون المقوى عليه فيهما جميعا فى القوة شيئا واحدا ، فيكون لا فضل للكل على الجزء فى المقوى عليه ، وهذا محال. وإما أن يكون لا يقوى عليه ، فحينئذ إما أن يقوى على شيء من جنسه ، أولا يقوى على شيء من جنسه البتة ، ومحال أن لا يقوى على شيء من جنسه ، فإن القوة تكون (١٨) سارية فى الجسم ذى

__________________

(١) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(٢) عن : من ب ، د ، سا ، ط.

(٣) ما : ساقطة من سا. (٤) وكذلك : فكذلك د ، ط.

(٥) ولا تمكن ... المكانية : ساقطة من د.

(٦) لضرورة : بضرورة د ، ط.

(٧) مما يقع ... والبطء : ساقطة من د.

(٨) من : عن ط ، م. (٩) القوة (الثانية) : للقوة د ، ط ، م.

(١٠) المتناهية : المتناهى ط.

(١١) يحاذى : يتحاذى ط

(١٢) فى : وفى ط ، م (١٣) تراتيب : ترتيب ط.

(١٤) وترتيب : ومن ترتيب ط (١٥) محاذية : محاذ ط ، م.

(١٦) وتتجرأ : ساقطة من د. (١٧) من : فى م.

(١٨) تكون : ساقطة من سا.


القوة ، فيكون للجزء قوة من جنس قوة الكل ، ومقوى (١) عليه من ذلك الجنس الذي للكل ، فلا يخلو إما أن يكون مثلا المقوى عليه الذي (٢) يحركانه شيئا واحدا ، أو يكون ما يقوى عليه الجزء أصغر من ذلك ، فإن كان شيئا واحدا ، وكان جميع ما فى القوة مما لا نهاية له كثرة ومدة من آن معين يقوى عليه كل واحد منهما ، فهما سواء فى المقوى عليه ، وهذا محال.

وإن كان ما يقوى الجزء على تحريكه أصغر ، والكل (٣) أيضا يقوى على ذلك الأصغر ، فإما أن يكون المقوى عليه فى الكثرة والمدة من آن معين فيهما سواء وذلك محال ، أو يكون (٤) الجزء أقل وأنقض. وإذا كان ما يقوى عليه للجزء (٥) أنقص ، لم يكن نقصانه فى اتصاله من الآن الذي فرضنا الاعتبار منه ، بل من الطرف الآخر. فإذا (٦) نقص عن (٧) غير المتناهى فى جهة كونه غير متناه ، زاد غير المتناهى عليه فى تلك الجهة (٨) ، وما زاد عليه شيء فى جهة فهو متناه فى تلك الجهة ، فيكون إذن الجزء المفروض متناهى القوة بالقياس إلى مدة الفعل. لكن جملة الجسم المتناهى تناسب الجزء المفروض مناسبة محدودة ، والقوة (٩) التي فى الجملة تناسبها مناسبة محدودة ، وهذه المناسبة بالقياس إلى المقوى عليه ، فالمقوى عليه الذي للجملة يناسب المقوى عليه الذي (١٠) للجزء مناسبة محدودة ، فزمان الجملة (١١) أيضا محدود ، وكذلك عدده. والكلام فى هذه التقديرات كالكلام فى التقديرات التي فرضناها فى قوام الملاء والخلاء ، وذلك لأنا لسنا نحتاج إلى اعتبار وجود هذه المناسبات بالفعل ، بل نقول إن ما تقدير (١٢) مناسبته يوجب هذا الحكم ، فهو متناه على التقديرات التي يفعلها المهندسون. وبالجملة ليس العائق فى ذلك من طبيعة القوة (١٣) ، ولكن من طبيعة الأمور التي ليست توحد ، فنحن نقول إن هذه القوة بحيث لو كانت الأمور توجد على نحو ما ، لكان طباعها توجب كذا وكذا ، ولو كانت قوة غير متناهية فى جسم متناه ، لما كانت تكون بحيث لو كانت الأمور توجد كذا لكان طباعها توجب كذا وكذا ، وذلك واجب لها أن تكون (١٤).

فبين من هذا أنه لا يجوز أن يكون فى جسم متناه قوة غير متناهية (١٥) ، بالقياس إلى المدة والعدة المنتظمة المذكورة.

وأما بالقياس إلى العدة المختلطة ، فعسى الأمر أن يشكل فيه ، ولا يمكن (١٦) استعمال هذا البيان بعينه فيها ، وذلك لأنه

__________________

(١) ومقوى : ويقوى ط.

(٢) الذي : ساقطة من د. (٣) والكل : فالكل ط.

(٤) أو يكون : إذ يكون م

(٥) للجزء : الجزء سا ، ط.

(٦) فإذا : وإذا ط (٧) عن : من ط.

(٨) وما زاد ...... الجهة : ساقطة من م.

(٩) والقوة : فالقوة سا ، ط ، م. (١٠) الذي : ساقطة من ط ، م.

(١١) تناسبها ... الجملة : ساقطة من م.

(١٢) ما تقدير : ما تقدر د ، م. (١٣) القوة : بالقوة سا.

(١٤) أن يكون : ساقطة من م. (١٥) متناهية : متناه م.

(١٦) ولا يمكن : فلا يمكن سا ، ط ، م.


لا يلزم أن تكون العدة (١) المعدومة التي فى المستقبل إذا كانت أنقص ، من عدة أخرى أن تكون متناهية ، فيجوز أن يكون فى المستقبل أمور بلا نهاية ، لكن (٢) بعضها أنقص من بعض ، كحركات بلا نهاية هى أسرع ، وحركات بلا نهاية هى أبطأ. فإن دورات الأسرع لا محالة أكثر من دورات الأبطأ ، وكذلك العشرات غير (٣) المتناهية أكثر (٤) من الوحدات (٥) غير (٦) المتناهية وأقل (٧) من المئين والألوف غير المتناهية. فأما (٨) فى الزمان المتصل من الآن ، فلا يجوز أن يكون زمان معتبر من الآن أقل من غير المتناهى المبتدئ من الآن (٩) إلا متناهيا. ولكنه إذا كان ما يقوى على كثرات مختلطة غير متناه (١٠) كل ترتيب منها فقد يقوى على ترتيب واحد منها ، مبتدئا من وحدة معينة وآن (١١) معين. فإذا (١٢) كان الجسم لا يقوى على ترتيب واحد (١٣) غير متناه. فكذلك لا يقوى (١٤) على خلط من تراتيب (١٥) مختلفة. وأما أنها لا تقوى على ترتيب غير (١٦) متناه. فذلك بين بما (١٧) قلناه. وأما إذا كان كل كثرة فيها (١٨) غير منتظمة فى ترتيب (١٩). أو تكون (٢٠) الكثرة جنسا واحدا لا ترتيب فيه ، فلا يتبين لنا من هذا العلم امتناعه ، فقد بان أنه يستحيل أن (٢١) تكون لجسم (٢٢) قوة بلا نهاية فى الشدة وفى المدة وفى العدة (٢٣).

فإن قال قائل : إن القوة التي فى الفلك الأقرب إلينا تقوى على تحريك النار على الدور قسرا من غير انقطاع وهى جسمانية. فنقول أولا : إن تلك الحركة ، كما ستعلمه فى موضعه ، حركة بالعرض لتحرك ما المتحرك بها فيه ، ومع ذلك فهو عن السبب المحرك للفلك (٢٤) دائما بتوسط حركة الفلك. ونحن لا نمنع أن تكون قوة غير متناهية (٢٥) تحرك جسما وتحرك بتوسطه شيئا آخر حركات غير (٢٦) متناهية ، ولا تكون القوة غير المتناهية مستقرة فى أحد الجسمين ، إنما يمنع أن تكون قوة غير متناهية هى (٢٧) جسم تحرك ذلك الجسم أو جسما آخر (٢٨). فأما إن كانت لا فى جسم ، وتحرك جسما (٢٩) ، ويحرك ذلك الجسم بسبب تحركه عنها جسما (٣٠) آخر حركة غير متناهية ، فذلك مما هو موجود وليس عليه كلام. فإنه لا مانع أن تكون قوة غير متناهية على الكون الذي يجوز لها ، الذي هو (٣١) برئ (٣٢) عن مخالطة

__________________

(١) العدة : للعدة م. (٢) لكن : ولكن ط. (٣) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(٤) أكثر : أقل م. (٥) الوحدات : الواحد سا

(٦) غير (الأولى والثانية) : الغير ب ، د ، سا ، م

(٧) وأقل : وأكثر م (٨) فإما : وأما سا ، ط ، م.

(٩) الآن (الثانية) : أن سا ، ط ، م.

(١٠) متناه : متناهية ب ، د ، سا ، ط ، + كل واحد ط

(١١) وآن : أو آن ط ، م (١٢) فإذا : وإذا سا.

(١٣) واحد : ساقطة من د (١٤) على ترتيب .... لا يقوى : ساقطة من م.

(١٥) تراتيب : الترتيب م. (١٦) متناه ...... غير : ساقطة من د

(١٧) بما : مما ط (١٨) فيها : منها ط ، م

(١٩) ترتيب : + واحد ط (٢٠) أو تكون : تكون سا.

(٢١) أن : ساقطة من م (٢٢) لجسم ، للجسم ط

(٢٣) وفى المدة وفى العدة : والمدة والعدة سا. (٢٤) للفلك : ساقطة من ط.

(٢٥) متناهية : متناه م (٢٦) غير (الثانية) : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(٢٧) هى : ساقطة من د (٢٨) آخر : + حركة غير متناهية ط. (٢٩) وتحرك جسما : ساقطة من م

(٣٠) جسما : ساقطة من د. (٣١) على ... هو : ساقطة من م (٣٢) بزئ برية م.


الأجسام ، يحرك جسما فتتحرك له أجسام كثيرة ، ملتحمة (١) به ، ويتولد عنها نظام فى أعداد متكونة لا تنقطع. إنما كلامنا فى القوة غير (٢) المتناهية التي هى أصل ومبدأ لنظام الترتيب غير المتناهى مدة كان أو عدة فى التكون أو حركة متصلة وكان بواسطة ، أو بغير واسطة ، فإنا نحكم أن ذلك المبدأ لا يكون فى جسم.

فإن قال قائل : إنه ليس من المستحيل أن يكون للجسم قوة على ما يلزم وجود ذلك الجسم ، ثم يكون ذلك الجسم مما من شأنه أن يبقى دائما فيصدر عنه ذلك التحريك أو ذلك العدد دائما. فالجواب عن هذا أن ذلك من المستحيل لما بيناه ، بل يلزم مما بيناه (٣) أن لا يكون (٤) لجسم من الأجسام قوة يفعل بها فيما (٥) يماسه دائما ، بل قوة كل جسم قوة يفعل بها فيما يماسه تحريكا منقطعا من تبعيد وتقريب ، ولا جسم من الأجسام يمكن أن تكون فيه قوة تبقى دائما مع بقاء الجسم يكون فعلها واحدا مستمرا متشابها ، بل يجب أن (٦) تكون قوة الجسم قوة إنما يصدر عنها فعل تقتضى نفسه التناهى (٧) ، وإن بقى الجسم دائما فيكون مثلا دافعا أو جاذبا أو محيلا أو شيئا مما يجرى هذا المجرى.

فإن قال قائل : إنا نشاهد الأرض لو بقيت دائما ولم يعرض لها عارض ، لكان يوجد عن قوتها سكون متصل فى مكانه (٨) الطبيعى. فنقول : أما السكون فعدم فعل لا فعل ، ومع ذلك فبقاء الأرض والأجرام القابلة للكون والفساد دائما وبقاء قواها كذلك ، مما سنبين (٩) استحالته. ثم لقائل (١٠) أن يقول : إنه يجوز أن تكون هذه القوة غير (١١) المتناهية إنما توجد لجملة لجسم ، فإذا قسم الجسم بطلت ، فلم يوجد من تلك القوة شيء للجزء ، فلم يقو الجزء على شيء مما يقوى عليه الكل ، لأن كل (١٢) هذه القوة للكل (١٣) ، كما يوجد من القوى فى الأجسام المركبة بعد المزاج ، ولا تكون موجوده لشيء من الأركان التي امتزجت عنه (١٤) ، وكما أن المحركين للسفينة فإن الواحد منهم لا يحركها البتة. فنقول : إن الأمر ليس على ما قدرت (١٥) ، إذ (١٦) القوة (١٧) وإن كانت للجسم (١٨) بحال اجتماع أجزائه وبحال مزاجه ، فإنها مع ذلك تكون سارية فى جملته ، وإذ كانت قوة لبعض الجملة دون الكل. وإذا كانت سارية فى جملته ، كان لبعضها بعض القوة. فيكون البسيط إذن فى حال (١٩) المزاج حاملا للقوة الحاصلة بعد المزاج السارية فى الكل ، وإنما لا يحملها فى حال الانفراد. وليس يجب (٢٠) أن يكون فرضنا (٢١) للجسم بعضا يلجئنا إلى أن نأخذ ذلك البعض بشرط

__________________

(١) ملتحمة : تلتحم ط ، م. (٢) غير (الأولى والثانية) : الغير ب ، ساقطة من د.

(٣) بل يلزم مما بيناه : ساقطة من م (٤) أن لا يكون : ساقطة من سا

(٥) فيما : ساقطة من د. (٦) يجب أن : ساقطة من م.

(٧) التناهى : المتناهى ط ، م. (٨) مكانه : مكانها ط ، م.

(٩) سنبين : نبين سا. (١٠) أما السكون ... لقائل : ساقطة من م.

(١١) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(١٢) كل : محل سا ، ط ، ساقطة من م (١٣) الكل : لكل سا ، ط.

(١٤) عنه : عنها ط. (١٥) ما قدرت : ما قدرتم سا ، ما قررت ط

(١٦) إذ : فإن سا ، ط ، م (١٧) إذ القوة : ساقطة من م (١٨) للجسم : ساقطة من ط.

(١٩) حال : ساقطة من م. (٢٠) يجب : الواجب سا (٢١) فرضنا : فرضا م.


قطعه وإبانته ، حتى يكون للقائل أن يقول إن (١) البعض المباين (٢) لا يحمل من (٣) القوة شيئا ، بل (٤) يكفينا (٥) أن نعين بعضا منه وهو بحاله فيتعرف حال ما يصدر عن ذلك البعض وعن القوة التي (٦) فيه وحدها التعرف (٧) المفروغ منه على سبيل التقدير. والمحركون للسفينة فإن الواحد منهم وإن لم (٨) يمكنه أن يحرك كل السفينة فيمكنه أن يحرك أصغر منها (٩) لا محالة ، ويلزم (١٠) ما قلنا.

ولقائل أن يقول : فالمحرك غير (١١) المتناهى القوة غير الجسمانى الذي (١٢) يحرك جسما لا يخلو إما أن يفيد حركة وإما أن يفيد قوة بها يتحرك ، فإن أفاد قوة (١٣) فقد أفاد قوة (١٤) غير متناهية للجسم ، فيلزمها أن تنقسم ، ويعرض (١٥) ما ذكرتم ، وإن أفاد حركة ، ولم يفد شوقا غريزيا وميلا لها ، فهو قسر ، وعندكم أن القسرى (١٦) لا يدوم. فالجواب أنه (١٧) إن أفاده (١٨) ميلا فإن الميل (١٩) وإن كان مبدأ قريبا للحركة فليس مبدأ قريبا لها من حيث هى غير متناهية ، بل من حيث هى تلك الحركة. فالميل وحده ليس بحيث تصدر عنه الأفعال غير (٢٠) المتناهية ، بل عن تأثير من مستبقيه على الدوم (٢١) ويدوم (٢٢) به ، وهو فى ذاته متناهى (٢٣) المقوى عليه إن كان له مقوى عليه وإن لم يفد ميلا ، فليس الحركة بقسرية أيضا كما حسبوا ، إذ القسرية هى التي تحالف الميل الطبيعى فى الشيء ما كان ، فإذا (٢٤) لم يكن ميل لما أفيد من الحركة لم يكن بالقسر (٢٥). فقد اتضح أنه من المستحيل أن تكون قوة الجسم هى التي يقتضى لذاتها أمورا بلا نهاية. ولقائل أن يقول : إن (٢٦) البرهان الذي ادعيتم إنما قام على قوة غير متناهية يحرك جسما غريبا خارجا عنها ولم يقم على قوة غير متناهية يحرك (٢٧) الجسم الذي هى (٢٨) فيه فإنه ليس لكم أن تقولوا : إن جميع القوة يحرك (٢٩) الشيء الأصغر الذي فرضنا أن بعض القوة يحركه ، لأن بعض القوة يحرك ما هو فيه وجميع القوة يحرك ما هو فيه ، وليس جميع القوة محركا فى وقت من الأوقات لما يحركه الجزء ، لأنه ليس فيه (٣٠). وإذا كان كذلك ، لم يتسق الكلام إلى الخلف ، فيكون الجواب

__________________

(١) إن : ساقطة من م (٢) المباين : المبان سا ، ط

(٣) من : ساقطة من د (٤) بل : ساقطة من م

(٥) يكفينا : كفينا ب. (٦) التي : الذي ط

(٧) التعرف : بالتعرف د ، للتعرف ط ، لتعرف م.

(٨) لم : ساقطة من م (٩) منها : منه سا ، ط ، م.

(١٠) ويلزم : ويلزمه ط. (١١) غير (الأولى والثانية) : الغير ب ، د ، سا ، ط

(١٢) الذي : التي سا. (١٣) أفاد قوة : أفاده قوة سا ، أفاد القوة ط

(١٤) قوة (الثالثة) : ساقطة من د

(١٥) ويعرض : ويوجب طا ، فكذب م.

(١٦) القسرى : القسر سا

(١٧) أنه : له م (١٨) أفاده : أفاد د ، سا.

(١٩) فإن الميل : فالميل سا. (٢٠) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(٢١) الدوم : الدوام ط ، م (٢٢) ويدوم : يدوم سا ، م.

(٢٣) متناهى : متناه سا. (٢٤) فإذا : وإذا ط.

(٢٥) بالقسر : قسرا ط. (٢٦) إن : ساقطة من م.

(٢٧) جسما ... يحرك : ساقطة من سا ، م.

(٢٨) هى : هو م (٢٩) يحرك : + ما هو فيه وليس جميع القوة محركا ط.

(٣٠) فيه : فيها م.


عنه أن تتذكر ما اشترطناه من حديث (١) اعتبار هذا على حسب قضية شرطية متصلة تقديرية (٢) ، لا بحسب الوجود.

وإذ قد فتشنا عن هذا البحث حق التفتيش ، وبيناه (٣) على غير الوجه السخيف الذي يذكره من يخرف فى العلوم وأخذ القوة غير (٤) المتناهية كأنها فى نفسها غير متناه ، ويخرج خلفا بأنها يلزم أن تتضعف أو تنتصف (٥) (٦) أو تكون لها (٧) نسبة أخرى ، ولا يعلم أن القوة فى نفسها لا متناهية ولا غير متناهية (٨) ، بل معنى قوة غير متناهية أن مقابلها من المقوى عليه غير متناه فى القوة لا بالفعل ، وأن غير المتناهى فى القوة قد يعرض له ما يصير أكثر وأقل ، وأن تكون أشياء كثيرة كل واحد منها فى طبقة (٩) غير متناهية ، فيكون غير المتناهى مرتين وثلاثة وأربعة وأكثر من ذلك ويكون ذلك من جنس واحد ومن أجناس مختلفة ، فلا يستحيل تضعيف غير (١٠) المتناهى فى القوة فلا يستحيل تضعيف القوة التي هى قوة على ما لا يستحيل ، بل يجب أن يحام حول (١١) ما بيناه (١٢). فإذ (١٣) بينا ذلك ، فلينظر هل من الممكن أن تكون حركات وأكوان (١٤) متصلة بلا نهاية ، وهى (١٥) وإن كانت بلا نهاية فلها بداية زمانية هى طرف لم يكن قبله قبل.

[الفصل الحادى عشر]

ك ـ فصل (١٦)

فى أنه ليس للحركة والزمان شيء يتقدم عليهما (١٧)

الا ذات البارى تعالى (١٨) وانهما لا اول لهما من ذاتهما (١٩)

فلينظر أنه هل يمكن أن تبتدى الحركة من (٢٠) وقت ما من الزمان لم يكن له قبل ، أو الحركة (٢١) إبداعية ، وكل طرف من الزمان فله قبل وأن ذات البارى تعالى (٢٢) هو قبل كل شيء. فنقول : إن كل معدوم فإنه قبل وجوده هو (٢٣)

__________________

(١) حديث : ساقطة من سا

(٢) تقديرية : تقديره م. (٣) وبيناه : بيناه ط.

(٤) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(٥) أو تنتصف : وتنتصف م (٦) تتضعف أو تنتصف : تنصف د.

(٧) لها : ساقطة من د (٨) ولا غير متناهية : ساقطة من م.

(٩) طبقة : طبيعة ط. (١٠) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(١١) حول : حوم سا ، ط

(١٢) ما بيناه : ما قد بيناه سا

(١٣) فإذ : وإذ قد سا ، وإذ ط.

(١٤) وأكوان : وألوان م (١٥) وهى : وهل ب ، د ، سا ، م.

(١٦) فصل : فصل ك ب ، الفصل الخامس ط ، الفصل الحادى عشر م.

(١٧) عليهما : ساقطة من من م.

(١٨) تعالى : ساقطة من سا (١٩) من ذاتهما : ساقطة من د.

(٢٠) من (الأولى) : فى د ، ط (٢١) أو الحركة : أو الحركات ط أم الحركة م.

(٢٢) تعالى : ساقطة من ب ، د ، سا ، م (٢٣) هو (الثانية) : ساقطة من سا ، م.


جائز الوجود ، فجواز وجوده موجود قبل وجوده ، فإنه لو (١) لم يكن موجودا أنه جائز الوجود ، كان معدوما أنه جائز الوجود ، وكان ليس بجائز الوجود فكان ممتنع الوجود فجواز الوجود موجود قبل الوجود وجواز الوجود للموجود (٢) أمر محصل لا محالة ، ليس هو نفس العدم. فكم من معدوم غير جائز الوجود ، فهو إما جوهر قائم بنفسه وإما أمر هو موجود فى شيء ، ولو (٣) كان أمرا قائما بنفسه (٤) لا فى محل ولا فى موضوع ، لكان من حيث هو كذلك هو غير مضاف. لكنه من حيث هو جواز وجود هو مضاف إلى شيء ، ومعقول (٥) بالقياس ، فليس هو (٦) جوهرا قائما بذاته بل عسى أن يكون إضافة ما وعرضا ما لجوهر ، ولا يجوز أن يكون (٧) جوهرا له إضافة ، لأن تلك الإضافة تكون نسبة إلى الشيء المفروض معدوما ، ولا يمكن أن تكون (٨) تلك الإضافة (٩) نسبة مطلقة كيف اتفقت ، بل نسبة معينة ، ولا تتعين تلك النسبة إلا بأنها جواز فقط ، فيكون إذن الجواز نفس الإضافة لا جوهرا يلزمه إضافة هى غير الجواز ، ومجموعهما هو الجواز ، وليس وجوده بالحقيقة فيما يجوز وجوده وهو معدوم بعد ، فإن الصفة الموجودة لا تعرض لمعدوم ، ولا هو صفة للمبدإ الفاعل (١٠) حتى تكون هى القدرة ، فإن القدرة على الإيجاد أو جواز (١١) الإيجاد ليس هو جواز الوجود (١٢). ولذلك يصح أن يقول القائل : إن القدرة على الممتنع محال (١٣) ، وعلى ما ليس فى نفسه جائر الوجود محال. وليس يكون (١٤) ذلك هو (١٥) قولنا : إن القدرة على ما ليس جائر الإيجاد محال (١٦) ، أو جواز (١٧) إيجاد ما ليس بجائز الإيجاد محال ، فإن الأول من القولين يؤدى مفهوما (١٨) غير مفهوم القول الثاني ، فإن قائل القول الأول يفيد معنى غير هذر ، وقائل القول الثاني يفيد هذرا ، أى إذا قال إن (١٩) ما لا يجوز إيجاده ، لا يجوز إيجاده ، فإن قوله قول هذر (٢٠) لا كقول من يقول : إن ما لا يجوز وجوده فى نفسه لا يجوز إيجاده عن (٢١) غيره ، فإن هذا قول صحيح مستعمل فى القياس مقبول. وكذلك (٢٢) فإن الناظرين ينظرون فى الأمور هل هى جائزة الوجود ، حتى يحكموا أنها جائز إيجادها ، أو هل هى غير جائزة (٢٣) الوجود ، حتى يحكموا أنها غير جائز إيجادها. ويستحيل أن ينظروا أنها هل هى جائز إيجادها (٢٤)

__________________

(١) لو : ساقطة من م. (٢) للموجود : الموجود د ، م.

(٣) ولو : فلو سا ، ط.

(٤) وإما أمر ... بنفسه : ساقطة من سا.

(٥) ومعقول : ومعقوله د (٦) هو : ساقطة من ط.

(٧) يكون (الثانية): + جواز الوجود سا ، ط ، م.

(٨) ولا يمكن أن تكون : ولا تكون سا.

(٩) تكون ... الإضافة : ساقطة من د.

(١٠) الفاعل : الفاعل سا ، ط ، م

(١١) أو جواز : وجواز د. (١٢) الوجود : الإيجاد سا

(١٣) محال : ساقطة من م. (١٤) يكون : ساقطة من سا

(١٥) هو : عن سا. (١٦) محال : بمحال سا ، ط

(١٧) أو جواز : إذ جواز سا (١٨) مفهوما : معنى ما سا.

(١٩) إن : ساقطة من سا (٢٠) قول هذر : هذا ط.

(٢١) عن : من سا ، ط. (٢٢) وكذلك : ولذلك ط ، ساقطة من سا.

(٢٣) جائزة : جائز د (٢٤) ويستحيل ... إيجادها : ساقطة من سا.


أو غير جائز إيجادها (١) ، ليتعرفوا من ذلك على سبيل الإنتاج أنها جائز إيجادها أو غير جائز إيجادها ، فبقى أن يكون جواز (٢) الوجود وهو القوة على (٣) الوجود قائما فى جوهر غير المحرك (٤) وغير قدرته ، والجوهر الذي فيه جواز وجود الحركة هو الذي من شأنه أن يتحرك. فظاهر (٥) من هذا أن الذي لم يتحرك ، ومن شأنه أن يتحرك ، يسبق (٦) ابتداء (٧) حركته ، فإذا كان ذلك الشيء موجودا ولا يتحرك ، وجب أن (٨) لا تكون العلة المحركة أو الأحوال (٩) والشرائط التي لأجلها يصدر التحريك من المحرك فى المتحرك (١٠) موجودات ثم وجدت ، فيكون قد تغير حال قبل تلك الحركة (١١).

فإن الحركة وكل ما لم يكن ثم كان ، فله علة توجب وجوده بعد عدمه ، ولو لاها لم يكن عدمه ليس (١٢) بأولى من وجوده ، ولا يتميز له (١٣) أحد الأمرين لذاته ، فيجب أن يتميز لأمر (١٤). وذلك الأمر إن كان تميز ذلك الوجود عنه عن العدم ولا (١٥) تميزه (١٦) سواء ، كان الأمر بحاله ، بل يجب أن يكون الأمر يترجح فيه (١٧) تمييز (١٨) الوجود عن العدم. والترجح إما أن يكون ترجحا يوجب أو ترجحا (١٩) لا يبلغ أن يوجب فيكون (٢٠) الكلام (٢١) بحاله ، بل يجب لا محالة أن يوجب ، وعلى (٢٢) كل حال فيجب أن يكون سبب مرجح أو موجب قد حدث. والكلام فى حدوثه ذلك الكلام بعينه ، فإما أن يكون لحدوثه أسباب ذات ترتيب بالطبع لا نهاية لها موجودة معا ، أو موجودة على التتالى. فإن كانت موجودة معا فقد وجد المحال ، وإن كانت موجودة على التتالى فإما (٢٣) أن يكون كل واحد منها (٢٤) يبقى زمانا أو تتالى الآنات ، فإن بقيت زمانا كانت حركة بعد حركة على التشافع لا تنقطع ، وكان قبل الحركة الأولى حركة وكانت (٢٥) الحركات قديمة وقد جعلنا لها مبدأ ، هذا خلف. وإن بقيت آنات فتتالت الآنات بلا توسط زمان ، وذلك أيضا محال ، فبين (٢٦) أنه إذا حدث فى جسم أمر لم يكن ، فقد حصل لعلة ذلك الأمر إلى الجسم نسبة (٢٧) لم تكن ، وتلك النسبة نسبة وجود (٢٨) بعد عدم لذات أو لحال ، إما حركة توجب قربا أو بعدا أو موازاة أو خلافها ، وإما حدوث قوة محركة لم تكن (٢٩) وإما إرادة حادثة. وكل ذلك فلحدوثه سبب الاتصال شيئا بعد شيء ، وذلك لا يمكن إلا بحركة تنظم الزمان شيئا بعد شيء ، وتحفظ الاتصال لامتناع تتالى الآنات ، ولأنه إن لم تكن حركة تنقل أمرا إلى أمر وجب أن تقع

__________________

(١) أو غير جائز إيجادها : ساقطة من د. (٢) جواز (الأولى) : جائز سا (٣) على : حتى م (٤) المحرك : المتحرك سا. (٥) فظاهر : وظاهر د ، ط (٦) يسبق : سبق سا (٧) ابتداء : + وجود ط.

(٨) أن : ساقطة من د ، سا (٩) أو الأحوال : والأحوال ط.

(١٠) فى المتحرك : ساقطة من د (١١) الحركة : الحالة سا.

(١٢) ليس : ساقطة من م. (١٣) له : ساقطة من ط

(١٤) لأمر : لا به سا. (١٥) ولا : أو لا سا

(١٦) تميزه : يميز د (١٧) فيه : ساقطة من سا

(١٨) تمييز : تميز ط ، م. (١٩) يوجب أو ترجحا : ساقطة من م

(٢٠) فيكون : + ذلك ط (٢١) الكلام : + فى حدوثه بعينه والكلام ط

(٢٢) وعلى : على م. (٢٣) فإما : وإما د (٢٤) منها : منهما م. (٢٥) وكانت : فكانت سا.

(٢٦) فبين : فتبين ط. (٢٧) نسبه : نسبتة م (٢٨) وجود : وجودية ط.

(٢٩) لم تكن : ساقطة من سا.


العلل والمعلولات معا. فإن السبب الحادث الموجب أو المرجح إن كان قار الوجود (١) فإنه إما أن يكون بطبيعته يوجب ويرجح ، أو يكون (٢) لأمر (٣) يعرض له ، فإن كان ذلك لطبيعته تميز (٤) عنه وجود ما هو علته (٥) ، وإن كان لعارض فليس هو لذاته علة ، بل مع ذلك العارض. فيجب إن كانت قارة الوجود أن يجب معها المعلول بلا تأخر (٦) وإن (٧) كانت حادثة غير متجددة (٨) لزم بعينه الكلام (٩) الأول. فإذا كانت العلل والأحوال (١٠) التي بها العلل عللا قارة الوجود حادثة أو غير حادثة ، لم يتم للحادث (١١) بها وحدها وجود. فإن القار إن كان دائما كان موجبه لا يتأخر فيصير (١٢) حادثا ، وإن كان حادثا كان لكونه علة علة (١٣) أخرى. فيجب إذن أن تكون فى العلل أو أحوال العلل (١٤) علة غير قارة الوجود ، بل وجودها على التبدل (١٥) وعلى النقل (١٦) من أمور إلى أمور ، وليس هذا غير الحركة أو (١٧) الزمان ، والزمان فى نفسه لا يفعل فعلها. فالحركة (١٨) تقرب وتبعد فتكون سببا وعلة بوجه (١٩) ما إذ (٢٠) تقرب العلة ، فقد بان إنه إن كان كما فرضنا للحركة مبدأ بهذه الصفة كان قبلها حركة ، فلا يكون للحركة المطلقة مبدأ إلا الإبداع ، ولا قبلها شيء (٢١) إلا ذات المبدع ، جل كبرياؤه (٢٢) ، قبلية بالذات لا بالزمان. وكيف يكون قبلها (٢٣) إلا ذات المبدع ، وقد منعنا أن يكون للزمان فى نفسه آن أول متقدم عليه ، أو شيء (٢٤) أول (٢٥) إلا ذات البارى المبدع. فلذلك (٢٦) لا يكون للحركة ابتداء زمانى إلا على جهة (٢٧) الإبداع ، ولا شيء يتقدم (٢٨) عليها (٢٩) إلا ذات المبدع.

وليس لقائل أن يقول : إنكم قد جعلتم الحركة واجبة الوجود ، وواجب (٣٠) الوجود لا يحتاج إلى موجد ، فالجواب أن الواجب (٣١) الوجود على نحوين : أحدهما واجب الوجود مطلقا ولذاته (٣٢) ، والآخر (٣٣) واجب (٣٤) الوجود بشرط وبغيره ، مثل كون الزوايا مساوية لقائمتين ، وذلك ليس واجبا مطلقا ، بل واجب إذا كان الشكل مثلثا وكذلك وجوب

__________________

(١) الوجود : الزمان سا.(٢) أو يكون : أن يكون ط

(٣) الأمر : الأمر م (٤) تميز : ثم ب ، د

(٥) علته : عليه ب ، د. (٦) تأخر : تأخير ط

(٧) وإن : وإذا سا ، ط ، وأما إذا م.

(٨) غير متجددة : متجددة غير قارة بخ ، سا

(٩) الكلام : الزمان سا (١٠) والأحوال : أو الأحوال سا ، ط ، م.

(١١) بها ... للحادث : ساقطة من سا. (١٢) فيصير : ساقطة من سا ، م.

(١٣) علة علة : علة سا (١٤) أو أحوال العلل : ساقطة من م.

(١٥) التبدل : التبديل سا (١٦) النقل : التنقل ط

(١٧) الحركة أو : ساقطة من سا. (١٨) فالحركة : الحركة سا ، ط ، م

(١٩) بوجه : لوجه د ، ط (٢٠) إذ : أو د. (٢١) حركة ... شيء : ساقطة من م.

(٢٢) جل كبرياؤه : ساقطة من ب ، د (٢٣) جل ... قبلها : ساقطة من سا.

(٢٤) شيء : ساقطة من ب ، د (٢٥) أول : ساقطة من م

(٢٦) فلذلك : وكذلك سا ، ولذلك ط ، فكذلك م.

(٢٧) جهة : وجه م (٢٨) يتقدم : متقدم ط.

(٢٩) ولا شيء يتقدم عليها : ساقطة من سا ، م

(٣٠) وواجب : والواجب م. (٣١) الواجب : واجب ط ، م

(٣٢) ولذاته : لذاته ط ، ساقطة من سا (٣٣) والآخر : الآخر د ، م.

(٣٤) واجب : ساقطة من ط.


النهار مع (١) طلوع الشمس فهو واجب بعلة (٢) ، وليس وجوب النهار (٣) ولا طلوع الشمس واجبا بذاته. ونحن أوجبنا وجوب (٤) قدم الحركة إن فرض للحركة ابتداء لا على نحو الإبداع ، وذلك محال. فهذا بشرط (٥) ولم نوجب لها وجوب الوجود لذاته (٦) ، وليس إذا جعل للشيء وجوب وجوده مرسلا أو عند شرط ، فقد جعل له (٧) ذلك لذاته. فقولنا (٨) إنه يجب أن (٩) تكون حركة ، لا يمنع أن يكون ذلك الوجوب عن (١٠) مبدأ ، ولا قولنا وإنه يجب أن تكون الحركة دائمة (١١) الفيضان (١٢) عن (١٣) محرك ، لو قلناه ، يوجب (١٤) أن تكون تلك الحركة واجبة الوجود لذاتها ، بل إذا قلنا لا يمكن أن لا تكون حركة ، تكون كأنا نقول : لا يمكن أن لا يكون محرك حرك. فإنا إذا قلنا : لا يمكن أن تكون (١٥) حركة تحدث فى الزمان إلا وقد كان فى القبل لذلك الزمان حركة ، نكون كأنا قلنا : لا يمكن أن يكون (١٦) محرك حرك فى الزمان إلا ويكون قد حرك قبله محرك هو أو غيره. فإن قال قائل : إن تجويزكم (١٧) فى قدرة الله تعالى (١٨) أن تكون ، كأن يخلق قبل كل خلق خلقا ، وقبل كل حركة حركة ، كمن (١٩) شاء تجويز منكم (٢٠) بأن يكون الله جائزا عليه إن كان (٢١) يخلق خلقا قبل (٢٢) خلق ، على وجه جعلكم الحركة لا بداية لها ، وهذا يوجب أن تقولوا بوجود حركات بلا نهاية (٢٣) فى الماضى ، فتكون الحركات التي إلى الطوفان أقل ، والتي إلى (٢٤) زماننا أكثر. ولا شك فى كون الأقل مما لا نهاية له متناهيا (٢٥) ، فيكون ما ليس له نهاية (٢٦) متناهيا. وأيضا فإن الحركة الأخيرة (٢٧) يكون وجودها موقوفا على وجود حركات بلا نهاية وما توقف وجوده على ما لا يتناهى (٢٨) لا يوجد (٢٩). وأيضا (٣٠) فإنكم تكونون قد أوجدتم بالفعل ما لا نهاية له فى الحركات ، إذ كل (٣١) حركة منها فقد وجد (٣٢) بالفعل لا محالة. وأيضا فإنه إذا كانت كل حركة حادثة ، فكل (٣٣) الحركات وجملتها حادث (٣٤) ، فالجواب عن التشكك (٣٥) الأول أن تلك الحركات إذا (٣٦) فرضناها (٣٧) قد خلقها الله عزوجل (٣٨) ، فإنها إذا اعتبرت (٣٩) من (٤٠) الآن كان لا وجود

__________________

(١) مع : ومع سا (٢) بعلة : لعلة ط ، م. (٣) مع ... النهار : ساقطة من م (٤) وجوب : وجود د ، سا ، ط ، م (٥) بشرط : لشرط د. (٦) لذاته (الأولى) : لذاتها م (٧) له : ساقطة من م (٨) فقولنا : وقولنا سا ، ط ، م. (٩) أن : أن لا سا (١٠) عن : من ط (١١) دائمة : دائم سا. (١٢) الفيضان : والنقصان م (١٣) عن : غير د ، من ، ط (١٤) يوجب : لوجب ط. (١٥) أن تكون : أن لا يكون سا. (١٦) يكون : ساقطة من د. (١٧) تجويزكم : تجوزكم د ، سا (١٨) تعالى : ساقطة من ب ، د ، سا ، م. (١٩) كمن : كم سا ، ط ، م

(٢٠) تجويز منكم : تجويزكم م (٢١) كان : ساقطة من ط (٢٢) قبل : + كان ط. (٢٣) بلا نهاية : لا نهاية سا. (٢٤) والتي إلى : وإلى ط ، م (٢٥) متناهيا : متناهية ط (٢٦) له نهاية : ساقطة مى من م. (٢٧) الحركة الأخيرة : ساقطة من سا. (٢٨) ما لا يتناهى م : ما يتناهى م (٢٩) لا يوجد : لا بوجه سا (٣٠) وأيضا : أيضا ط (٣١) إذ كل : أو كل سا. (٣٢) وجد : وجدت م (٣٣) فكل : أو كل د (٣٤) حادث : حادثة ط.

(٣٥) التشكك : الشك سا ، ط ، التشكل م (٣٦) إذا (الأولى) : إذ د (٣٧) فرضناها : فرضنا د ، سا

(٣٨) عزوجل : ساقطة من سا ، م (٣٩) اعتبرت : اعتبر ب ، د (٤٠) من ساقطة من سا ، ط ، م.


لها البتة بل (١) معدومة. فإذا قيل لها إنها غير متناهية ، فليس على أن (٢) لها كم حاصلا غير متناه ، بل على أن أى عدد للحركات توهمناه (٣) وجدنا قبله عدة (٤) كانت ، وإذا هى معدومة فلا يخلو إما أن يجوز أن يقال فى المعدومات إنها أكثر وأقل (٥) ومتناهية وغير متناهية ، أو لا يجوز. فإن لم يجز فقد زال الاعتراض ، وإن جوز فسيجوز (٦) ضرورة أن المعدومات بلا نهاية معا وأن بعضها أقل من بعض ، كالمعدومات فى المستقبل التي هى كسوفات القمر ، فإنها أقل من دورات القمر ، وعودات عدة أفلاك منها أقل من عودات فلك (٧) واحد. والتي (٨) من زمان الطوفان أكثر من التي من (٩) زماننا ، ومع ذلك فهى غير متناهية. وهاهنا قوم يرون (١٠) للمعدومات (١١) ذواتا حاصلة ، متميزة (١٢) بعضها عن بعض والصنف الواحد منها كالسواد والبياض غير متناهى العدد. وإن لم نقل فى هذه المعدومات التي فى المستقبل إن كل واحد منها كذا ، بسبب أنها معدومة ، فلا يقال فى المعدومات التي فى الماضى : إن كل واحد منها كذا وإن قيل فى المستقبل (١٣) : كل واحد (١٤) ولم يوجب كلا ولا جملة (١٥) فكذلك لنقل فى الماضى ، ولا يوجب جملة. وبالحرى أن لا يقال : جملة مستقبلة ، ولا جملة ماضية ، فإن الجملة لا وجود لها البتة لا فيما مضى ولا فيما يستقبل ولا هى أكثر ولا هى أقل ، ولا هى متناهية ولا غير (١٦) متناهية ، لا التي (١٧) (١٨) بمعنى السلب ، بل بمعنى كم ليس له نهاية. نعم الجملة الماضية والمستقبلة غير متناهية بمعنى السلب المطلق ، كما يسلب عما لا وجود له البتة ، وكما يسلب الوجود.

ولا عذر يقبل لمعتذر يقول : إن الماضى دخل فى الوجود فلذلك يستحيل أن لا يتناهى والمستقبل لم يدخل فإنه لا يسلم له أن الماضى دخل فى الوجود ، بل كل واحد من الماضى قد دخل فى الوجود ، وليس الحكم على كل واحد حكما على كلية الماضى. كما أنه قد يسلم فيه أن كل واحد من المستقبل يجوز أن يدخل فى الوجود ، وليس الحكم على كل واحد (١٩) حكما على (٢٠) كلية تكون (٢١) للمستقبل حتى تكون كلية المستقبل تدخل فى الوجود ، ويكون له كلية البتة ، بل (٢٢) والمتناهيات التي (٢٣) دخل فى الوجود كل واحد منها أو يدخل على أن الثاني يعقب عدم الأول لا يوجد (٢٤) لها جملة ، لأن الجملة يفهم منها الاجتماع ، وهذه لم يجتمع فى الوجود البتة (٢٥) ، وإن كان كل واحد موجودا بانفراده

__________________

(١) بل : + هى سا ، ط ، م (٢) أن : ساقطة من م.

(٣) توهمناه : توهمنا ط (٤) عدة : غيره سا ، م.

(٥) وأقل : أو أقل ط ، م (٦) فسيجوز : فيجوز ط.

(٧) فلك : فكل سا (٨) التي : الذي د.

(٩) من : فى ط (١٠) يرون : + أن ط

(١١) للمعدومات : المعدومات ب

(١٢) متميزة : متميزا ط ، م. (١٣) فى المستقبل : للمستقبل ب ، د

(١٤) كذا ... كل واحد : ساقطة من م.

(١٥) ولا جملة : وجملة سا ، ط ، م. (١٦) ولا غير : ولا هى غير ط

(١٧) لا التي : ليس التي ط ، م (١٨) التي : + ليس سا.

(١٩) واحد : + يكون ط ، م (٢٠) كلية ... حكما على : ساقطة من م.

(٢١) تكون : ساقطة من ط. (٢٢) البتة بل : الشريك سا

(٢٣) التي : ساقطة من د (٢٤) لا يوجد : ولا يوجد م.

(٢٥) البتة : ساقطة من م.


وقتا لا وجود للآخر فيه. نعم (١) قد اجتمعت فى وصف العقل لها بأنها كانت موجودة ، والاجتماع فى الحمل وفى وصف العقل غير الاجتماع فى الوجود ، مثل اجتماع كل إنسان فى أنه حيوان ، ولا جملة لهم البتة.

وأما الاعتراض الثاني فلا يخلو إما أن نعنى بالتوقف (٢) المذكور فيه أن يكون أمران معدومان فى وقت ، وشرط وجود أحدهما فى المستقبل أن يوجد المعدوم الثاني قبله ، حتى يكون موقوف الموجود عليه. فإن كان الأمر على هذا ، وكان أمرا فى الماضى معدوما ، ومن شرط وجوده أن توجد أمور بغير نهاية فى ترتيبها وكلها معدومة (٣) ، فيبتدئ فى الوجود من (٤) وقت ما يشترط ، استحال أن يوجد أمر موقوف الوجود على أمور غير متناهية لا موجود فيها. وأما أن يعنى به (٥) أنه ليس يوجد إلا وقد وجد قبله أمور ، واحدا قبل آخر لا نهاية لها من غير أن يكون وقت كلها فيه معدومة ، فإن أرادوا هذا فهذا (٦) نفس المطلوب ، فلا يجوز (٧) أن تكون مقدمته قياس على إبطاله ، وأما ما بعد هذا الاعتراض ، فإنما جهلوا فيه الفرق بين كل واحد وبين الكل ، فإنه ليس إذا كان كل واحد من الأشياء بصفة ، يجب أن يكون الكل (٨) يتلك الصفة ، بل لا يجب أن يكون له كل حاصل ، ولو كان كذلك لكان الكل جزءا ، إذ كل واحد جزء. ولا يرون أن (٩) الأمور التي فى المستقبل (١٠) كل واحد منها جائز الوجود ، والكل غير جائز الوجود ، فليس حقا ما قالوه : إنه إذا (١١) خرج كل واحد إلى الوجود بالفعل حاصلا فالكل (١٢) قد خرج ، ليس (١٣) فى غير (١٤) المتناهى ، بل الأمر على ما قلناه : إنه لو كانت عشرة متناهية تتوالى فى الوجود واحدا (١٥) بعد بطلان الآخر ، فلا يشك أن هذه العشرة يكون كل واحد منها موجودا بالفعل وقتا ، والكل غير موجود بالفعل البتة ، فإنه لا يكون لمثل هذا الكل من حيث هو كل وجود البتة. وقد يلزم هؤلاء الذين يمنعون (١٦) أن يكون لذات الخالق هذا الاقتدار غير (١٧) المتناهى ما أقوله ، وهو أنهم يجوزون لا محالة أن يكون قبل الحركة الأولى عدة حركات متناهية يوجدها (١٨) الموجد ، لكل واحد منها (١٩) حال من غير البقاء ، والبقاء محصل ويوالى (٢٠) عليه من غير انقطاع ، وعددها عشرة مثلا.

فلا يخلو إما أن يكون عندهم جائزا مع جواز إيجاد أولها إلى إيجاد الحركة الموجودة الآن أن توجد عشرون (٢١) حركة

__________________

(١) نعم : ساقطة من م. (٢) بالتوقف : بالوقف سا. (٣) وكلها معدومة : وكلها معدوما ط ، وكل معدومة م.

(٤) من : ساقطة من د. (٥) به : ساقطة من سا ، م. (٦) فهذا : ساقطة من م ؛ + هو سا

(٧) فلا يجوز : ولا يجوز ط. (٨) الكل : ساقطة من م. (٩) أن : إلى سا

(١٠) المستقبل : + أن سا. (١١) إذا ؛ إذ م

(١٢) فالكل : والكل ب (١٣) ليس : فليس ب

(١٤) غير : ساقطة من م. (١٥) واحدا : واتحدوا سا.

(١٦) يمنعون : لا يمنعون ب ، د. (١٧) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(١٨) يوجدها : يوجد هما سا. (١٩) منها : منهما د

(٢٠) ويوالى : يتوالى سا ، ط ، م. (٢١) عشرون : عشرين ب ، سا ، م.


على التوالى المذكور ، على أن بقاء كل واحد منها أو لا بقاؤه (١) على نحو ما فرضناه لهذه العشرة ، أو لا يكون ذلك عندهم جائزا. فإن جوزوا لم يمتنع أن توجد تلك (٢) العشرة فى أجسام وهذه العشرون فى أجسام أخرى فتكون فى مدة تلك العشرة وجدت هذه العشرون (٣) ، وحال كل واحد فى البقاء وغير البقاء كحال الآخر ، وهذا محال. وإن لم يجوزوا ، لزم أن يكون فى حال (٤) العدم عدد لجواز وقوع الحركات وإيجادها مرتب (٥) ويلزم (٦) لا محالة أن يكون ذلك مما لا يتناهى ، إذ لا حال هو حال أول جواز ، فتكون موجودات بالفعل على طريقتهم ليس لها نهاية فى الماضى ، وقد منعوا (٧) هذا. ويلزم أمور أخرى مما ألزمناه (٨) فى باب الزمان أن تكون هناك تغييرات (٩) متتالية ، وإلا لما كان وجود بعد وجود ، وأن يكون الموضوع لها موجودا ، إذ لا تغير إلا بموضوع (١٠) ، وأن يكون (١١) الموضوع ذات الأحد الحق عندهم ، إذ لا شيء غيره ، وهذا إلحاد ، سبحانه وتعالى عما يقول الملحدون.

__________________

(١) أو لا بقاؤه : ولا بقاؤه د ، ط ، م.

(٢) تلك : هذه د.

(٣) العشرون : + فوجدت عشرون حركة تجتمع مع عشر حركات وحالهما فى السرعة والبطء واحد وطبيعتها ط.

(٤) حال : حالة ط

(٥) مرتب : يرتب د ؛ مرتبا ط

(٦) ويلزم : ويلزمه م.

(٧) منعوا : + من سا

(٨) ألزمناه سا

(٩) تغييرات : تغيرات د ، سا ، ط ، م.

(١٠) بموضوع : لموضوع د ، ط ؛ الموضوع م

(١١) يكون : يكن م.


[الفصل الثاني عشر]

ل ـ فصل (١)

فى تعقب (٢) ما يقال ان الأجسام الطبيعية تنخلع (٣) عند التصغر المفرط

صورها بل لكل واحد (٤) منها حد لا تحفظ صورته (٥) فى أقل منه

وكذلك تعقب ما قيل ان من الحركات ما لا اقصر (٦) ) منه

ومما يليق إلحاقه بهذه الفصول ، النظر فى حفظ الأجسام للصور خلال الاتصال ، وأنها هل تبقى لها مع انقسامها إلى غير النهاية ، أى هل كما أن الأجسام (٨) لا تتناهى فى الصغر انقساما وتحفظ (٩) صورة الجسمية ، كذلك تحفظ سائر الصور التي لها (١٠) مثل المائية والهوائية (١١) وغير ذلك.

أما الصور التي لها بحسب المزاج فيشبه أن تكون ضرب من التحليل يردها إلى بسائطها العادمة للصورة (١٢) المستفادة بالمزاج ، وإن كان قد يتوهم ضرب آخر لا يجب معه الرجوع إلى (١٣) البسائط ، وذلك بأن تكون القسمة تتناول البسائط أيضا ، لا أن (١٤) تحل (١٥) إليها.

لكن الأولى أن يجعل كلامنا فى انقسام الصور البسيطة ، فنقول : إن الظاهر من (١٦) المذاهب المنسوبة إلى صدور المشائين ، أن هذه الأجسام تنتهى إلى أجزاء إذا (١٧) جزئت بعد ذلك لم تكن الصورة فيها (١٨) موجودة (١٩) ، حتى يكون عندهم أن للماء شيئا هو أصغر صغير (٢٠) الماء (٢١) ، وكذلك للهواء (٢٢) ، وكذلك لسائر العناصر. وإذا كان قولهم فى البسائط

__________________

(١) فصل : فصل ل ب ، الفصل السادس ط ؛ الفصل الثاني عشر م.

(٢) تعقب : تعقيب ط

(٣) تنخلع : تخلع د ؛ تنخلق م.

(٤) واحد : ساقطة من ب ، سا ، م

(٥) صورته : صورة د.

(٦) لا أقصر ... لأقصر سا

(٧) أقصر : أخت ب ، د.

(٨) الأجسام : الانقسام م

(٩) وتحفظ : تحفظ ط.

(١٠) لها : التي : ساقطة من م

(١١) والهوائية : والترابية سا.

(١٢) للصورة : للصور سا ، ط.

(١٣) إلى : ساقطة من ط.

(١٤) لا أن : لأن م (١٥) تحل : يتحل ط.

(١٦) من : فى سا. (١٧) إذا : ساقطة من م

(١٨) فيها : ساقطة من (١٩) موجودة سا ، ط ، م.

(٢٠) صغير : صغيرا ط ؛ صغر م (٢١) الماء : للماء ط ، م

(٢٢) للهواء ، الهواء سا.


كذلك ، فقولهم فى المركبات التي ترى متشابهة الأجزاء كاللحم والعظم بذلك أحكم (١). وقد قالت جماعة منهم إنه إن لم يكن الأمر كذلك فجائز أن يكون من كل صغير منها ما هو أصغر دائما ، وإذا كان يجوز ذلك فى الماء والهواء والنار والأرض (٢) وفى اللحم والعظم وغير ذلك ، فسيجوز (٣) أن نأخذ أجزاء البسائط بأي حد كان فيكون منها ما يكون (٤) بالمزاج ، كالأشياء التي تتكون (٥) عن الماء والهواء والنار والأرض ، وما تكون بالتركيب ، كالحيوانات التي تتكون عن تركيب اللحم والعظم. فجاز (٦) أن تكون المتكونات الحيوانية والنباتية على أى قدر شئنا. فيكون من الممكن أن يحصل فيل فى قدر البعوضة.

ولهم أن يقولوا : ولا يلزم من مقابل هذا أن تكون بعوضة فى قدر الفيل ، إذ الامتزاج يقتضى صغر الأجزاء لاكبرها ، فإن الأجزاء إذا كبرت وتلاقت وهى كبيرة لم تفعل من الامتزاج ما يفعله الصغر (٧) ولهذا ما كانت المعاجين (٨) التي تمزج (٩) ، قد (١٠) يعين على تكوينها (١١) حد من الدق ، وكان (١٢) كبر الأجزاء فيها يمنع أن تنفذ قوى بعضها فى بعض.

ولهم أن يقولوا أو عسى (١٣) قائل منهم قال : إن هذا الإمكان لو كان صحيحا فى تكون الحيوانات عن اسطقساتها (١٤) ، لم يكن إمكانا مطلقا ، بل كان يجب أن يكون أكثر بالقياس إلى الموجود (١٥) (١٦) إمكانا أكثريا (١٧) ، وذلك لأن امتزاج الأقل قبل امتزاج (١٨) الأكثر فإن الأكثر يحصل عن الأقل وكذلك القول فى التركيب ووجود ما هو قبل أولى من وجود (١٩) ما هو بعد ، فتكون الامتزاجات عن أصغر الأجزاء أولى بالوجود ، فكان (٢٠) يجب أن يكون وجود فيلة على قدر السنانير ، فضلا عن قدر البعوض (٢١) ، أمرا لا يندر ندورا يلحق بالممتنع. وعلى أنا كيف نسمى ما يكون على قدر البعوض (٢٢) فيلا ، إلا باشتراك الاسم ، فإن الأفعال الفيلية لا تصدر عن هذا القدر.

فهذا (٢٣) ما يقولونه ، ووجه (٢٤) ما يقولونه ، وأما الحكم على هذا القول فيجب أن يكون منا على هذه الصفة ، إما فى

__________________

(١) أحكم : + وأجدر سا. (٢) والأرض : ساقطة من د

(٣) فسيجوز : فيجوز ط (٤) ما يكون : + هو ط ؛ + ما هو م.

(٥) تتكون : تكون م. (٦) فجاز : فجائز سا ، ط ، م.

(٧) الصغر : الصغير ط ، م. (٨) المعاجين : المعجونات سا

(٩) تمزج : تمترج ط (١٠) قد : وقد سا ، ط

(١١) تكوينها : تكونها سا ، ط (١٢) وكان : فكان م.

(١٣) أو عسى : وعسى م. (١٤) اسطقسانها : اسطقساتهم ط

(١٥) إمكانا ... الموجود : ساقطة من د (١٦) الموجود : الوجود سا

(١٧) إمكانا أكثريا : ساقطة من سا. (١٨) الأقل قبل امتزاج : ساقطة من م.

(١٩) ما هو قيل أولى من وجود : ساقطة من د. (٢٠) فكان : وكان وكان د ، ط.

(٢١) البعوض : البعوضة د ، ط. (٢٢) البعوض : البعوضة ط.

(٢٣) فهذا : قدر مما سا

(٢٤) ووجه : ووجهة ط.


مناقضة انكساغورس ، وفى قوله بالخليط ، وإنه مؤلف من الأجرام المتشابهة الأجزاء ، وأن (١) تميزها على نحو ما يقتضى ضربا من الاختلاط دون ضرب ، يكون به شيء دون شيء ، فهذا القول لازم لا محيص لانكساغورس عنه ، فإنه ينسب التكون كله إلى الاختلاط والتميز ، وإما على لأصول التي (٢) للمشاءين فإن هذا غير لازم ، وذلك (٣) لأنه (٤) لا يجوز (٥) على أصولهم أن امتزاج الأقل قبل امتزاج الأكثر ، وذلك لأن (٦) الأقل إن عنى به الأقل فى العدد صح ، ولم ينفعهم ، لأن كلامهم فى الأقل فى المقدار ، وليس يجب ، إذا كان الأقل فى العدد مزاجه قبل امتزاج الأكثر فى العدد ، أن يكون الأقل فى المقدار امتزاجه قبل امتزاج الأكثر فى المقدار ، فإن (٧) وجود الأقل مقدارا فى الأكثر مقدارا وجود (٨) بالقوة المطلقة ، ووجود الأقل عددا فى الأكثر عددا وجود بالفعل. وإذا كان الأقل فى المقدار معدوم بعد بالفعل لم يجب له امتزاج بتة (٩) ، بل لأولى فى المقدار أن يكون لأكثر فى المقدار امتزاجه قبل امتزاج الأقل ، إذ (١٠) الأكثر محصور (١١) فى المقدار محصل ، وأما الأقل فغير محصور ولا محصل ، فإن كل أقل من المقدار أقل بالقوة وأيضا ليس واجبا على أصول المشائين ، أن يكون المزاج الحاصل عن أجزاء صغار إن حصل كافيا فى حصول الصورة النوعية ، فعسى أن يكون العظم شرطا مع المزاج. وذلك لأن النفس الفاعلة بحصولها (١٢) مقارنة لجسم ما نوعا ، إنما يستعد لها الجسم تمام الاستعداد بعد أن يكون بحيث يصلح استعمالها إياه (١٣) آلة لأفاعيلها وحركاتها مثلا. فإن الإنسان لن يتخلق (١٤) إنسانا ، إلا أن يكون بدنه بحيث (١٥) يفى بالأفعال الإنسانية. ولا أقل من أن تكون له قوة وآلة يتمكن بها ، إن لم (١٦) يكن عائق من اتخاذ الكن وإحداثه ، ويتمكن بها من إعداد الملبوس وسائر ما لا بد للإنسان من وجوده له ، وأن لا يكون بحيث تسفيه السوافى وتحيله أدنى الكيفيات التي تغلب عليه. فيشبه أن تكون النفس الإنسانية لا تحصل صورة إلا لبدن من شأن مثله ، إن لم يعقه عائق أن ينهض بالحركات الإنسانية ، وإذا كان كذلك فالمزاج نفسه (١٧) غير كاف حصوله فى (١٨) أن يحصل (١٩) النوع الإنسانى (٢٠) ، وعلى (٢١) أن لحصول المزاج المستعد لنوع (٢٢) ما مكانا ومعدنا (٢٣) فى مثله يحصل ويتولد ، ومادة عن مثلها يتولد ، وقوة نفسانية تفعل بآلات (٢٤) قوية على التحريك والتسكين ولو كانت

__________________

(١) وأن : + لم د. (٢) التي : ساقطة من سا

(٣) وذلك : + لا يجوز سا (٤) لأنه : ساقطة من د

(٥) لا يجوز : لا يحق ب. (٦) لأن : ولأن سا.

(٧) فان : وإن سا. (٨) وجود (الأولى) : ووجود م.

(٩) بتة : البتة سا. (١٠) إذ : إذا م

(١١) محصور : بمحصور م. (١٢) بحصولها : لحصولها د.

(١٣) إياه : ساقطة من سا.

(١٤) لن يتخلق : أن يتخلق د ؛ لم يتخلق سا ؛ لا يمكن أن يحلق يخلق ط.

(١٥) بحيث : يحدث ث سا. (١٦) لم : + يكن د.

(١٧) نفسه : بنفسه ط ، م (١٨) فى : ساقطة من م

(١٩) يحصل : يجعل م (٢٠) الإنسانى : الإنسانية م

(٢١) وعلى : على ط (٢٢) النوع : ولنوع سا

(٢٣) مكانا ومعدنا : مظان مكان ومعدن سا ؛ مظان ومعدنا م. (٢٤) بآلات : بالآلات ط.


هذه المادة مع استعدادها المزاجى نزرة يسيرة ، لانفعلت (١) عن الكيفية (٢) الحاضرة دفعة ، ولم تحفظ صورتها المزاجية ريثما تبلغها الحركات الطبيعية إلى صورتها الكمالية ، بل مثل هذه المادة لا تتعلق بها قوة نفسانية مازجة (٣).

فبين أن هذا القياس إنما ينتفع به فى الرد (٤) على انكساغورس لا غير. وأما نحن فنقول (٥) : إن الجسم يمعن فى الانقسام على وجهين : أحدهما على سبيل الانفصال والانفكاك ، والثاني لا على سبيل الانفصال والانفكاك (٦) ، وقد علمت كلا الوجهين. فالذى يكون انقسامه لا على سبيل الانفصال والانفكاك وتباين الأجزاء ، بل العرض (٧) يختص ببعضه. أو إضافة ما تختص به ، مثل مماسة أو موازاة أو غير ذلك ، فليس يجب من ذلك أن يكون الجسم البسيط يبلغ به الانقسام إلى حد (٨) ، يكون فى (٩) ذلك الحد فاقد للصورة ، لأن تلك الصورة فاشية فى جميعه (١٠) مطابقة له ، ولو كان من أجزاء الجسم ما لا قسط له من صورته لصغره ، لكان بعد (١١) أمثال (١٢) له فى حكمه يفنى الجسم ، أو يبقى أصغر منه وأبعد من احتمال تلك الصورة ، وكان حينئذ هذا الجسم منتظما من أجزاء ، ليس ولا واحد (١٣) منها على هذه الصورة ، وإنما تحصل هذه الصورة باجتماعها. والاجتماع بما هو اجتماع ، لا يفيد إلا العدد (١٤) وخواصه ، وبما هو اجتماع أجسام لا تفيد زيادة على (١٥) ما يفيده الاجتماع مطلقا ، إلا المقدار ولواحقه من الشكل (١٦) والوضع. وليس شيء من ذلك نارية (١٧) ولا أرضية (١٨) حتى تكون غير موجودة فى الأفراد ، وموجودة فى الجملة للاجتماع (١٩) ، ولا هو أيضا كالمزاج ، فإن ذلك عن مختلفات الطبائع. ومع ذلك فالمزاج أيضا فاش عند ما يستقر فيما فيه يستقر وحكمه حكم الصورة البسيطة ، وهذا مما لا يحتاج فى إيضاحه إلى كثير سعى.

وإذا كان الأمر على هذه الصفة ، فواضح بين أن كل جزء من الماء ففيه مائية وأن الانقسام على هذا الوجه (٢٠).

لا يجعل الجزء الصغير مخالفا للكل ، وأما الانقسام على النحو الآخر ، وهو على سبيل الانفصال والتباين ، فيشبه أن يكون الإفراط فى الصغر (٢١) يصير (٢٢) سببا لأن لا يحفظ الجسم صورته. فإن الأجسام كلما صغرت ، ازدادت ، استعدادا (٢٣) لأن يفعل فيها غيرها بسرعة ، وهذا شيء سيتضح لك.

فيشبه أن من الجسم إذا أفرط صغره وباين كليته استحال أن يبقى على صورته زمانا ، بل يستحيل من

__________________

(١) لا تفعلت : لانتقلت د ؛ لا نفعل م (٢) الكيفية : الكيفيات ط. (٣) مازجة : خارجة طا.

(٤) الرد : المرد م (٥) فتقول : تقول م. (٦) والانفكاك (الثانية) : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.

(٧) العرض : يعرض د. (٨) حد : وجه سا (٩) فى (الأولى) : ساقطة من سا ، ط ، م

(١٠) جميعه : جميعها ط. (١١) بعد : ببعد سا (١٢) أمثال : أمثالا سا ، م.

(١٣) واحد : واحدا سا ، م. (١٤) العدد : للعدد سا.(١٥) على : ساقطة من م

(١٦) من الشكل : والشكل م. (١٧) نارية : ناريا سا (١٨) ولا أرضية : ولا أرضيا سا

(١٩) للاجتماع : فى الاجتماع ط. (٢٠) هذا الوجه : هذه الوجوه سا.

(٢١) الصغر : الصغير ط (٢٢) يصير : تكون ط

(٢٣) استعدادا : استعدادها ط.


الأجسام المحيطة (١) به إليها ، ويتصل بها ، فلا يكون (٢) بحيث يثبت (٣) على صورته (٤) إلى أن يمزج. فإن كان الأمر على هذا فيجب أن لا يحق ما يقال من أن أصغر جسم هو حافظ للصورة الأرضية ، هو أكبر من أصغر جسم هو حافظ للصورة النارية ، وذلك لأن أصغر ما يمكن أن يوجد نارا لا محالة هو قابل من الكون والفساد ما تقبله طبيعة النار ، وعسى أن يكون هو أولى بذلك. وإذا (٥) كان كذلك ، فمن شأنه أن يستحيل أرضا ، وإذا (٦) كان من شأنه أن يستحيل أرضا ، كانت الأرض التي استحال إليها أصغر (٧) من حجم النار المستحيلة ، إذ النار إذا استحالت أرضا صارت أصغر حجما ، وهذا هو أصل المشائين ، وهو الحق. اللهم إلا أن يقال إن تلك النار الصغيرة ليس من (٨) شأنها أن تستحيل أرضا مفردة ، بل على نحو الاتصال بأن تصير حينئذ جزأ أرض (٩) ، لا منفصلة (١٠) بالعدد عنه (١١) ، موجودا بالفعل دونه (١٢) ، بل كما تتصل قطرة من الماء بالماء الغمر ، بحيث يذهب وجوده بالفعل قطرة منفردة ، وإنما يكون منها زيادة فى جملته الغمر (١٣) ، وتكون هى (١٤) بحيث لنا أن نفرضها منفردة ، ولا تكون كذلك بالانفصال والانفراد.

فإن قال هذا قائل (١٥) : فقد أجحف فى التحكم ، وليس يجب لا محالة أن تقع استحالته ، حيت تصادف (١٦) كلية الأرض ، فإن كثيرا من أجزاء العناصر يستحيل إلى غيره (١٧) ، لا فى نفس ذلك الحيز الذي يخص (١٨) كله ، وهو جزء كبير محسوس القدر ، فكيف الصغير السريع الاستحالة. ومع ذلك فلا يجب أن يتصل لا محالة ، بل قد يجوز أن يستحيل إلى تلك الطبيعة ويبقى مماسا.

فلينظر الآن فيما يقال ، من أن فى الحركات حركة لا يمكن اتخاذ الأقل (١٩) منها ، فتكون فيها مسافة أيضا لا أقل منها ، وزمان كذلك (٢٠) ، وأيضا متحرك لا أصغر منه.

فنقول : أما امتناع وجود حركة لا أقل منها ، على أنها جزء من حركة متصلة ، فأمر ظاهر مما سلف ، وكذلك فى المسافة والزمان. وأما على سبيل الانفصال والانفراد ، فغير بعيد أن يظن بهذه الأشياء أنها (٢١) تستحق التناهى فى الصغر

__________________

(١) المحيطة : المحيط ط ، م (٢) فلا يكون : ولا يكون سا ، ط ، م

(٣) يثبت : ينسب م (٤) صورته : صورتها سا ، ط. (٥) وإذا (الأولى) : فإذا سا

(٦) وإذا (الثانية) : فإذا ط. (٧) أصغر : + حجما ط.

(٨) من : ساقطة من ب ، د. (٩) أرض : الأرض ط

(١٠) لا منفصلة : لا منفصلا سا ، ط ، م (١١) عنه : عنها سا ، طا ، م.

(١٢) دونه : دونها سا ، ط ، م. (١٣) بحيث ... الغمر : ساقطة من م.

(١٤) هى : ساقطة من د ، ط. (١٥) قائل : ساقطة من د

(١٦) تصادف : تصادفت ط. (١٧) غيره : غير د

(١٨) يخص : يختص د. (١٩) الأقل : أقل م.

(٢٠) كذلك : وكذلك ب.

(٢١) أنها : إنما م.


وأما الأولى والحق ، فهو أن يكون حكم الحركة حكم المقدار فى أن (١) الصغر لا يخرجه عن طبيعة (٢) المقدارية ، كما يخرجه عندهم مثلا عن طبيعة (٣) النارية. فإنا (٤) إذا فرضنا أصغر مسافة ، فنحن نعلم أنه (٥) فى نفسه (٦) بحيث يمكن أن تعرض (٧) له قسمة بغير جهة التفكك (٨) ، فإنه (٩) يفرض فيه حد مشترك لجزئه (١٠) ، وإن (١١) متحركا إذا ابتدأ يتحرك من ابتدائه ، فإنه لا محالة يوافى ذلك الحد المشترك ، وأنه لا يمتنع أن يعرض له مانع ومسكن (١٢) عند موافاته ذلك الحد ، إذ من شأنه السكون فتكون تلك أصغر من أصغر (١٣) الحركات. وهذا أشد إمكانا من تفكك المقادير ، فإن المقادير لا يبعد أن تبلغ حدا يعجز المفكك عن (١٤) تفكيكه ، لصغره (١٥) وقوته ، لأن (١٦) يصيبه الفاصل بقسمته (١٧) الفاصلة ، وإن كان فى نفسه منقسما. لكنه لا يمتنع (١٨) ، إذا كان (١٩) مسافة ، أن تلحقه القسمة المذكورة ، وأن تلحق (٢٠) عند حد القسمة علة مسكنة ، فليس أن يمتنع ذلك فيه دون آن.

وقد بقى علينا من هذا الجنس بحث ، وهو أنه : هل كما فى الحركات الطبيعية حركة لا أسرع ، منها (٢١) فكذلك فيها حركة (٢٢) لا أبطأ منها (٢٣) ، وإن كان يمكن أن يكون فى التوهم أبطأ منها.

فنقول : إنه إن كان فى الوجود فى الحركات الطبيعية مثل هذا ، فهو حركة أصغر ما يمكن أن يحفظ صورته من أبطأ الأجرام المستقيمة الحركة حركة (٢٤).

__________________

(١) فى أن : فإن سا

(٢) طبيعة : طبيعته سا ، ط ؛ طبعه م.

(٣) طبيعة : طبيعة سا ، م (٤) فانا : وأما سا

(٥) أنه : أنها ب (٦) نفسه : نفسها ب

(٧) تعرض : يفرض ب ، د.

(٨) التقكك : التفكيك ط

(٩) فإنه (الأولى) : إنه سا

(١٠) لجزئه : لجزئيه ط

(١١) وإن : فإن م ؛ + كان ب ، د ، م.

(١٢) ومسكن مسكن ط.

(١٣) من أصغر : ساقطة من م.

(١٤) عن : ساقطة من ، سا م

(١٥) لصغره : لصغر م.

(١٦) لأن : أن د ؛ عن أن سا

(١٧) بقسمتة : بقسمة د ، م.

(١٨) لا يمتنع : لا يمنع د

(١٩) كان : كانت ط (٢٠) تلحق : تلحقه ط.

(٢١) منها : ساقطة من سا ؛ + فى الوجود ط.

(٢٢) حركة (الثانية) : جهة م

(٢٣) منها (الأولى): + فى الوجود ط.

(٢٤) حركة : ساقطة من م.


[الفصل الثالث عشر]

م ـ فصل (١)

فى جهات (٢) الأقسام

وإذ قد (٣) عرفنا (٤) حال ما يعرض للأجسام الطبيعية وقواها من التناهى وغير التناهى (٥) فى الزيادة والنقصان (٦) ، فحرى بنا أن نتكلم فى جهات الأجسام ، وجهات حركاتها ، إذ كانت الجهات من جملة اللواحق بسبب (٧) الكمية. فنقول (٨) : إنا (٩) إذا فرضنا بعدا ، فإما أن نفرضه على الاستقامة ، أو على جهة أخرى. فإن فرضناه على الاستقامة ، واستحال ذهابه إلى غير التناهى (١٠) ، افترضت له نهايتان ، وافترض له إليهما (١١) جهتان ، إلى كل نهاية جهة. وإن كان مستديرا أو منحنيا ، ففرض (١٢) له قطع ، كان للحد المشترك إلى كل واحد من القسمين جهة على هيئة. وأعنى بالبعد كل امتداد ، سواء كان يمكن أن يفرض فيه امتداد آخر ، أو لا يمكن (١٣). أما (١٤) الذي لا يمكن فهو الخط ، وأما الذي يمكن فالسطح (١٥) والجسم. فإن السطح له فى انبساطه امتداد واحد ، والجسم له فى ثخنه امتداد واحد. والخط (١٦) هو امتداد واحد بالقوة والفعل ، وأما السطح فإنه يجوز أن يوجد هو بعينه (١٧) ، ويعتبر له امتدادان (١٨) ، مثلا إن كان مربعا ، كان (١٩) له امتداد من ضلع إلى مقابله ، وامتداد آخر (٢٠) من الضلع الثالث إلى مقابله. والموضوع واحد يعينه ، لكنه بحسب (٢١) الإضافة إلى مبدأ عنه ، يمتد إلى منتهى هو غيره ، بحسب (٢٢) الإضافة إلى مبدأ غير ذلك المبدأ ، يأخذ عنه إلى منتهى غير ذلك المنتهى.

وبالجملة كلما (٢٣) افترض (٢٤) امتداد ، عرض منه أن تصاب (٢٥) له من حيث هو كذلك جهتان لا غير. والمشهور عند الجمهور ، أو عند أهل الظاهر من النظر ، أن للخط جهتين لا غير ، وللسطح أربع جهات ، وللجسم ست جهات.

__________________

(١) فصل : فصل م ب ؛ الفصل السابع ط ؛ الفصل الثالث عشر م.

(٢) جهات : جهة م. (٣) قد : ساقطة من م

(٤) عرفنا : عرفناك ب ، د ، م (٥) التناهى (الثانية) : المتناهى م

(٦) والنقصان : وفى النقصان سا ، م.

(٧) بسبب : ساقطة من م (٨) فنقول : تقول سا.

(٩) إنا : ساقطة من سا. (١٠) التناهى : النهاية د ، ط

(١١) له إليهما : لما بينهما سا ، ط ؛ بينهما م.

(١٢) ففرض : فعرض د ؛ فيفرض ط.

(١٣) آخر أو الا يمكن : آخر ولا يمكن د ؛ أجزاء ولا يمكن سا ، م

(١٤) أما : وأما ط (١٥) فالسطح : فهو السطح ط.

(١٦) والخط : فالخط سا ، ط ، م. (١٧) بعينه : بعضه سا

(١٨) امتدادان : امتدادات سا ، ط ، م (١٩) كان (الثانية) : لكان ط.

(٢٠) وامتداد آخر : وامتدادا كل سا

(٢١) بحسب : فحسب د. (٢٢) بحسب : وبحسب ط.

(٢٣) كلما : كما م (٢٤) اقترض : فرض ط

(٢٥) تصاب : يضاف ط.


أما (١) رأيهم فى الخط فصحيح مطابق للموجود (٢) ، وفى سائر ذلك نظر. وأما (٣) الذي للسطح (٤) بما هو سطح من النهايات ، فإنه إن كان السطح مربعا ، اعتبرت (٥) نهاياته (٦) الأولى التي هى الخطوط دون النقط (٧) ، فالأمر على ما ظن. فإن (٨) لم يكن مربعا أو كان مربعا (٩) ولم يعتبر ذلك ، فإن جهاته أكثر من ذلك ، فإنه إن كان مثلا مسدسا ، فلا حد (١٠) أولى من غيره بأن يكون جهة ، فيعرض (١١) للسطح المحاط به من حيث هو كذلك أن تكون له ست جهات ، وإن (١٢) كان أكثر من ذلك عرض أكثر من ذلك. وإن كان أيضا مربعا ولم نعتبر تناهيه إلى الخط المستقيم فقط ، بل اعتبر له (١٣) جميع أنواع التناهى حتى إلى الزاوية ، كانت له جهات ثمان : أربع إلى الخطوط ، وأربع إلى الزوايا ، والدائرة (١٤) فلا جهة له (١٥) بالفعل إلا واحدة ، وأما بالقوة (١٦) فيعرض لها (١٧) جهات لا نهاية لها بالقوة ، فلا جزء من المحيط ولا نقطة فيه من حيث هو دائرة فقط هو أولى بأن يلى جهة (١٨) دون غيرها.

وإذ قد (١٩) عرفت هذا فى السطح فقد عرفت فى الجسم ، وعلمت أن الجهات الست كيف تكون فى المكعب والمستطيل (٢٠) الشبيه بالمكعب وما يجرى مجراها. وعرفت (٢١) كيف لا يكون وأنه (٢٢) كيف تنقص جهات المخروط الذي يحيط به أربع سطوح مثلثات عن جهات المكعب وكيف الحال فى الكرة.

وأما السبب فى اشتهار هذه المقدمة ، وهو أن لكل جسم ست جهات ، فأمران (٢٣) : أحدهما رأى عامى ، والآخر اعتبار خاصى. فالذى سببه رأى عامى ، فهو (٢٤) أنه لما سبق إلى أوهام (٢٥) العامة أن الحيوان ، وخصوصا الإنسان ، يحيط به جنبان عليهما اليدان وظهر وبطن ورأس وقدم ، وكان (٢٦) له يمين ويسار ، أما اليمين فالجهة القوية منه فى ابتداء الحركة ، واليسار ما يقابله ، وكان (٢٧) له فوق وأسفل ، أما الفوق للإنسان فالجهة التي تلى رأسه ، والسفل منه (٢٨) فالجهة التي تلى (٢٩) قدمه (٣٠). وأما فى سائر الحيوان ذوات الأربع ، فالفوق منه الجهة (٣١) التي تلى ظهره ، والأسفل منه الذي (٣٢) يلى بطنه (٣٣) وقدمه ، وكان له قدام وخلف ، فالقدام هو الجهة التي (٣٤) إليها يتحرك بالطبع. وهناك حاسة الإبصار والخلف ما يقابله

__________________

(١) أما : وأما ط (٢) للموجود : للوجود ط (٣) وأما : أما ب ، د (٤) للسطح : فى السطح م.

(٥) اعتبرت : واعتبرت سا ؛ فاعتبرت ط ؛ اعترف م (٦) نهاياته : نهايته د ؛ نهايات ط (٧) النقط : النقطة م

(٨) فإن : وإن سا. (٩) أو كان مربعا : ساقطة من م

(١٠) حد : يجد ط. (١١) فيعرض : ساقطة من م

(١٢) وإن : فإن د. (١٣) له : لها سا. (١٤) والدائرة : وأما الدائرة ط (١٥) له : لها سا ، ط.

(١٦) بالقوة : لقوة د (١٧) لها : ساقطة من سا.

(١٨) جهة : الجهة سا ، ط ، م. (١٩) وإذ قد : وإذ سا ؛ وإذا م.

(٢٠) والمستطيل : المستطيل سا (٢١) وعرفت : وقد عرفت ط (٢٢) وأنه : فإنه م.

(٢٣) ست جهات فأمران : قامتان سا. (٢٤) فهو : وهو سا

(٢٥) أوهام : أذهان سا ؛ الأوهام ط. (٢٦) وكان : فكان ، ط ، م.

(٢٧) وكان (الثانية) : فكان سا (٢٨) منه : ساقطة من م.

(٢٩) تل (الأولى) : ساقطة من سا

(٣٠) قدمه : قدامة ط (٣١) الجهة : فالجهة ب

(٣٢) الذي : التي سا (٣٣) بطنه : بطينه سا.

(٣٤) التي : ساقطة من سا.


ولم يكن (١) عندهم له جهة غير هذه ، جعلوا طوله من رأسه إلى قدمه ، وعرضه من يمينه إلى (٢) يساره ، وعمقه من قدامه (٣) إلى خلفه. فكأنه (٤) لما افترضت هاهنا (٥) هذه النهايات أولا ، افترض بعدها بحسبها هذه الأبعاد ، إذ الأبعاد بالحقيقة (٦) لا تفترض إلا بافتراض النهايات التي عنها إليها تمتد.

فلما كان هكذا ، وقع فى الأوهام أن الجهات ست (٧) ، ولم يشعر بغيرها ، إذ لم تكن الأسماء إلا لهذه ، فوقفت الأوهام على مبلغ هذا (٨) العدد ، وأعان على (٩) ذلك نوع من الاعتبار خاصى (١٠) ، وهو أن الأجسام يوجد فيها (١١) إمكان وقوع مقاطعات ثلاث على قوائم ولا يجوز غيرها ، وتنتهى (١٢) كل مقاطعة إلى طرفى (١٣) الخط الذي (١٤) عليه (١٥) المقاطعة ، فتكون ستة أطراف ، فتكون ست جهات. لكن إنما تكون هذه المقاطعات ثلاثا (١٦) لا غير ، إذا فرض امتداد واحد أصلا ، ووضع وضعا من غير أن يكون الطبع يوجبه ، ورتبت (١٧) عليه المقاطعات بقوائم. ولو فرض مكان ذلك الامتداد الأول (١٨) غيره مما ليس موازيا له ، لوقعت ثلاث مقاطعات أخرى على قوائم (١٩) غير تلك (٢٠) بالعدد ، ووقعت جهات غير تلك بالعدد. ثم مع ذلك فلا يجب أن تختلف نوعية الجهات (٢١) فى كل (٢٢) جسم ، حتى يكون فى كل جسم من حيث هو جسم جهة هى بعينها يمين وجهة هى (٢٣) بعينها يسار ، إنما يجب ذلك فى الحيوان ، أعنى بذلك تميز الجهات الست بعضها عن بعض تميزا بالقوة والطبع والنوع. نعم (٢٤) يشبه أن يكون لكل جسم من التي تلينا علو وسفل إما عارض وإما بالطبع ، أما العارض فعلى ما يتفق من وضعه فيكون ما يلى الأرض منه هو (٢٥) الجهة السافلة وما يلى الفلك أو ما يقابل ما يلى الأرض إن لم يكن فوق ذلك الجسم فلك هو الفوق. لكن هذا عسى أن لا يوجد فى الأرض وهى فى موضعها الطبيعى ، فيشبه أن لا تكون لها جهة إلا الفوق ، إن (٢٦) عنى بالجهة ما يلى نهاية الشيء ، ونهاية الأرض سطح ، وسطحها يلى السماء ، فعسى أن يكون الاعتبار للجهات لا يقتضى (٢٧) النسبة إلى السطح ، بل إلى كل طرف لبعد يفرض (٢٨) فى (٢٩) الجسم. وإذا كان كذلك ، كان للبعد المفروض فى الأرض جهة عند مركز كرته (٣٠) الذي هو مركز الكل وعليه

__________________

(١) يكن : يمكن سا ، ط ، م (٢) إلى (الثانية) : وإلى د (٣) قدامة : أقدامه ط. (٤) فكأنه : وكأنه د ، م

(٥) هاهنا : هنا سا (٦) بالحقيقة : فى الحقيقة سا.

(٧) ست : الست سا. (٨) هذا : فهذا ط

(٩) على : ساقطة من سا (١٠) خاصى : الخاصى ط ، م

(١١) فيها : فيه م. (١٢) وتنتهى : ومنتهى سا

(١٣) طرفى : طرف م (١٤) الذي : التي سا (١٥) عليه : عليها سا. (١٦) ثلاثا : ثلاثة ب ، د ، سا.

(١٧) ورتبت : فرتبت سا ، ثم رتبت ط ؛ فرتب م (١٨) الأول : + الواحد د ، سا ، م.

(١٩) قوائم : قوام م (٢٠) تلك : ذلك سا. (٢١) الجهات : بالجهات م (٢٢) كل : كل م.

(٢٣) هى (الثانية) : وهى د ؛ ساقطة من م. (٢٤) نعم : ساقطة من م. (٢٥) هو : بين سا.

(٢٦) إن : وإن سا. (٢٧) لا يقتضى : لا بلى مضى سا

(٢٨) يفرض : الأرض سا. (٢٩) فى (الأولى والثانية) : إلى سا.

(٣٠) كرتة : كرتها ب ، د.


الدور ، وجهة عند سطحه (١) وهما نهايتا البعد النافذ فيه (٢) ، فيكون للأرض أيضا جهة (٣) سفل وجهة علو ، وتكون جهة السفل للأرض ليس وجوده لما يقاس إليه كوجود (٤) جهة العلو ، وذلك لأن جهة العلو سطح موجود بالفعل ، وجهة السفل نقطة موهومة أو لا تكون أيضا كذلك ، بل تكون جهة الفوق وأيضا طرف البعد المتصل بالمركز فى السطح وهو نقطة ما. فإن كان كذلك فكيف تكون له جهتان بالفعل ، بل تكونان بالقوة.

لكنا قد جعلنا أحد أسباب انقسام المتصل المسامتات (٥) والمحاذيات وهو انقسام بالفعل إذ (٦) يتعين المماس والمسامت (٧) والمحاذى بالمماسة والمسامتة (٨) والمحاذات (٩) كما بالإشارة ، فيكون إذن المركز والطرف لآخر مما يصير معين الوجود لمسامتة البعد المفروض ، لكن الشأن فى (١٠) هذا البعد المفروض أنه كيف يفرض (١١).

فنقول (١٢) : لا تعدم الأرض وجود أفق لها ، لوجود قائم عليها. وجميع ذلك من أسباب فرض الأبعاد الذاهبة فيه ، فكأن الأرض (١٣) لو انفردت أيضا ولم تكن لها نسبة إلى (١٤) أجسام خارجة ، لم يكن لها بالفعل فوق وأسفل بهذا الوجه ، بل فوق فقط من جهة انتهائه إلى سطحه (١٥) ، بل هذا حق. فإنه لو لا السماء لم يكن لها علو البتة بوجه (١٦) من الوجوه.

فبقى الآن أن نحل (١٧) ما يتشكك (١٨) به على هذا ، فيقال : لو توهمنا أن الأرض ليس لها إلا السماء ، أفكان (١٩) يكون لها علو ، والعلو لا يكون علو إلا بالقياس إلى السفل ، أو كان (٢٠) لها سفل وقد فرضتم أن السفل ليس بمتعين إلا بتعين بعد وأن البعد لا يتعين لوجود السماء وحده ، بل باعتبار قائم يجعل للأرض (٢١) أفقا أو سببا (٢٢) آخر يجرى مجراه ، فيلزم (٢٣) من هذا أنه يتعين العلو لوجود السماء ولا يتعين ، وهذا خلف. فالجواب أن العلو يعنى به شيئان : أحدهما المقابل للسفل والثاني الجهة التي تلى السماء. كما (٢٤) أن الخفيف يعنى به أمران : أحدهما الذي بالقياس إلى الثقيل (٢٥) ، والآخر (٢٦) الذي يريد فى حركته ملاقاة سطح الفلك. فأحد العلوين مقول بالقياس إلى السفل ، وكذلك أحد الخفيفين مقول بالقياس إلى الثقيل ، والثاني معقول (٢٧) بنفسه ، لا يحوج تعقله إلى اعتبار وجود مقابله ، فإنه ليس يلزم لمن (٢٨) فرض جهة

__________________

(١) سطحه : سطحها ب ، د (٢) فيه : فيها ط

(٣) جهة : بجهة ط. (٤) كوجود : لوجود سا.

(٥) وهو نقطة ... المسامتات : ساقطة من م.

(٦) إذ : + قد ط (٧) والمسامت : المسامت سا.

(٨) والمسامتة : ساقطة من م (٩) والمحاذات : بالمحاذات ط.

(١٠) فى : إلى سا (١١) يفرض : يفترض سا. (١٢) فتقول : ليقول ط ؛ + إنه سا ، ط ، م.

(١٣) الأرض : للأرض ط (١٤) إلى : التي سا.

(١٥) سطحه : لسطحه سا (١٦) بوجه : وجه م.

(١٧) نحل : تنحل ط ؛ انحل م (١٨) ما يتشكك ، ما تشكك سا

(١٩) أفكان : فكان ب ؛ وكان د ؛ أكان ط. (٢٠) أو كان : أفكان ب ، د ، سا ، م.

(٢١) للأرض : الأرض سا ، م (٢٢) سبيا : سبب ب ، سا ، م

(٢٣) فيلزم : فلزم م. (٢٤) كما : فكلما سا

(٢٥) إلى الثقيل : ساقطة من م (٢٦) والآخر : والثاني سا.

(٢٧) معقول : مقول ط

(٢٨) لمن : من م.


بالفعل تلى السماء أن يكون تعقل ذلك لأجل جهة لا تلى (١) السماء ، وكذلك (٢) لا يلزم من فرضنا شيئا يتحرك إلى ملاقاة سطح الفلك ، أن يحكم أن شيئا آخر يتحرك إلى المركز. فللأرض (٣) بالقياس إلى السماء وحدها (٤) من غير (٥) اعتبار آخر جهة تلى السماء ، فإن سميت هذا المعنى علوا فلها علو (٦) ، وإن لم تسمه علوا وعنيت بالعلو ما يقال بالقياس إلى السفل ، فليس للأرض من حيث هى مقيسة بالسماء بلا اعتبار آخر علو.

ونبتدئ من رأس ، ونقول (٧) : إن الفوق والسفل بالطبع قد (٨) يوجدان للنبات والحيوان ، فإن للنبات (٩) جهة أغصان وجهة أصول ، وإحداهما (١٠) بالطبع فوق والأخرى (١١) بالطبع أسفل ، لكن يعرض أن يصير الفوق أسفل والأسفل فوقا (١٢) ، ويكون الفوق مع ذلك حافظا لمعنى أنه بالطبع فوق ، وكذلك (١٣) يكون السفل حافظا لمعنى أنه بالطبع سفل.

كما أن الماء وإن سخن فهو حافظ لمعنى (١٤) أنه بالطبع بارد. وأما القدام والخلف فليس إلا للحيوان كان ساكنا أو متحركا ، وللأجسام المتحركة غير الحيوان حين تكون متحركة ، فإن الجهة التي إليها تتحرك هى قدامها والجهة المتروكة هى (١٥) خلفها ، لكنها إن تغيرت (١٦) حركتها تغير قدامها وخلفها. ولا كذلك للحيوان ، لأن القدام الذي للحيوان ليس بحسب كل حركة ، بل بحسب الحركة الإرادية التي إلى جهة أعضاء مخصوصة له ما دام على النهج الطبيعى لا كالقهقرى ، فإن ذلك غير طبيعى ، بل متكلف. فالأجسام غير الحية تارة يوافق فوقها وسفلها (١٧) قدامها خلفها وذلك إذا تحركت إلى فوق أو إلى أسفل ، وتارة يخالف فوقها وسفلها قدامها وخلفها ، وذلك إذا لم تكن حركاتها (١٨) إلى فوق أى (١٩) نحو جهة الفلك أو أسفل أعنى (٢٠) نحو جهة الأرض ، وإن (٢١) تحركت عرضا لم تدخل جهة فى جهة.

فحرى بنا الآن أن نبحث عن أحوال هذه الجهات فى الكرات المتحركة على أنفسها ، بل فى الفلك ، وهى ما قيل (٢٢) : إن الفلك فوقا وسفلا ويمينا (٢٣) ويسارا وقداما وخلفا ، هو (٢٤) بالمعنى المقول للحيوانات الأخرى أو باشتراك الاسم ، وأن هذه الجهات كيف تكون هناك. وقبل ذلك ينظر فى الجهات الطبيعية للمتحركات الطبيعية على الاستقامة وأنها كيف تكون.

__________________

(١) لا تلى : تلى ط (٢) وكذلك : ولذلك سا.

(٣) فللأرض : فالأرض سا ، ط (٤) وحدها : وحده سا ، ط ، م

(٥) غير : ساقطة من م (٦) علو : سفل سا.

(٧) ونقول : فنقول ط (٨) قد : فقد ط

(٩) للنبات : للنباتات ط. (١٠) وإحداهما : وأحدهما سا ، ط

(١١) والأخرى : والآخر د ، سا ، ط ؛ الآخر م.

(١٢) فوقا : فوق ب ، د ، سا

(١٣) وكذلك : فكذلك م. (١٤) لمعنى : المعنى ط.

(١٥) هى : هو ط (١٦) تغيرت : تعرف د. (١٧) وسفلها : أو سفلها د ؛ ساقطة من ب ، سا ، م.

(١٨) حركاتها : حركتها ط. (١٩) أى : إلى ب ، سا

(٢٠) أعنى : على ط (٢١) وإن : فإن م.

(٢٢) ما قبل : ما يقال م (٢٣) ويمينا : يمينا د ، م

(٢٤) هو : ساقطة من م.


[الفصل الرابع عشر]

ن ـ فصل (١)

فى النظر فى أمر جهات الحركات الطبيعية وهى المستقيمة (٢)

ومما (٣) يجب علينا نحقق (٤) القول فيه أمر جهات الحركات الطبيعية وأنها كيف تتحد ونبدأ بجهات الحركات المستقيمة ، فنقول : قد سلف من قولنا : إن الجهة لا محالة متحددة فى البعد ، وتحددها لا يخلو أما أن يكون عند جسم أو عند لا جسم ، ومحال كما بينا أن يكون فى الخلاء تحدد لجهة (٥) ، فيجب أن يكون التحدد عند جسم. ولأن المتحرك على الاستقامة يخلف جهة ويقصد جهة فلا يخلو (٦) إما أن يكون كل واحد (٧) من الجهتين يتحدد بجسم على حدة ، أو تكون الجهتان تتحددان بجسم واحد. والتحدد إنما يكون تحددا متقابلا (٨) بجسم واحد ، إذا كان أحد الحدين فى غاية القرب منه والآخر فى غاية البعد منه. ولا تتحدد (٩) غاية البعد (١٠) من الجسم كما تتحدد غاية القرب منه إلا بأن تكون على جهة إحاطة (١١) ومركز (١٢) ، حتى يكون الجسم الواحد يوجب الحدين جميعا. ويجب (١٣) أن يكون الجسم المحدد محيطا لا جسما موضوعا كالمركز ، وذلك لأنه إن كان موضوعا كالمركز تحدد (١٤) القرب منه ولم يتحدد البعد ، بل المحيط هو الذي يحدد القرب منه (١٥) والبعد عنه. وأما إذا كان التحدد بجسمين فلا يخلو إما (١٦) أن يكون أحدهما كالمحيط والآخر كالمركز ، وإما أن لا يكون كذلك. فإن كان أحدهما كالمحيط والآخر كالمركز ، كان المحيط كافيا فى أن يجعل للبعد حدين ، وإن لم يكن الذي فى المركز فيكون التحدد بالذى فى المركز بالعرض.

فأما إذا كان التحدد بجسمين فنقول أولا : إنه لا يجب حينئذ أن يكون بعض سطح الجسم الواحد البسيط

__________________

(١) فصل : الفصل الثامن ط ؛ الفصل الرابع عشر م.

(٢) فى النظر ... المستقيمة : فى الجهات الطبيعية والحركات المستقيمة ب ؛ فى الجهات للحركات المستقيمة د.

(٣) ومما : وما سا

(٤) نحقق : يتحقق م.

(٥) لجهة : الجهة ط.

(٦) فلا يخلو د

(٧) واحد : واحدة م.

(٨) متقابلا : مقابلا د.

(٩) ولا تتحدد : + عنه سا

(١٠) البعد : للبعد سا.

(١١) جهة إحاطة : جملة إحاطته سا

(١٢) ومركز : ومؤلف سا

(١٣) ويجب : ويوجب سا.

(١٤) تحدد : يتحدد ط.

(١٥) ولم يتحدد ... منه : ساقطة من سا.

(١٦) إما (الأولى) : ساقطة من ب ، د.


يستحق بطبعه أن يكون التوجه إليه وإلى القرب منه ، وبعضه الآخر ليس كذلك ، وهو فى نفسه سطح واحد متشابه من جسم (١) واحد متشابه ، نسبته إلى ما هو خارج عنه نسبة واحدة متشابهة (٢) ، بل يجب أن يكون حاله إلى ما هو خارج عنه من جميع الجهات (٣) سواء (٤) ، ويجب (٥) أن يكون له بالطبع خارج من كل جهات ذلك السطح ، ليس فى جهة بعينها دون جهة ، حتى تكون جهة منه تلى أمكنة وأجساما تتحرك فيها إليه (٦) ، وجهة نهاية ليس لها خارج لا خلاء ولا ملاء ، بل يجب إما أن يكون لا خارج له البتة ، أو يكون الخارج المملو أو الخالى إن كان محيطا به ، وأن (٧) يكون بحيث يجوز أن يتوهم فى كل مكان من الخارج الذي له جسم يتحرك إليه بالطبع الحركة المقربة منه ، وهذا يوجب إحاطة متشابهة. فإذا كانت الحركة إلى كل واحد من هذين الجسمين تطلب الجهة التي هى قربة (٨) ، وجب أن يكون لو توهمنا المتحرك واقعا من أحد الجسمين إلى الجهة التي لا تلى الجسم الآخر فيتحرك (٩) إلى قرب الجسم الأول ، أن يكون إنما يتحرك إلى تلك الجهة بعينها لا من مقابلها. لأنها تؤدى إلى الجسم الآخر ، وهو محدد الجهة المقابلة للجسم الأول ، ويستحيل أن تكون الحركة إلى جهة إلا من مقابلها.

فقد بان أن ما فرضناه من تحدد الجهتين بجسمين محال. وليس يجوز أن يقال إنه من جانب يحدد جهة ومن جانب يحدد أخرى ، وأن الجهتين متضادتان بالطبع ، فإن كلامنا فى الشيء من حيث هو مبدأ جهة واحدة بالنوع ومحددها (١٠). فإن كان المحدد يحدد الجهة الواحدة بالنوع لكونها قربا منه ، فيجب أن يكون كل قرب منه هو جهة واحدة بالنوع ، فيجب أن يكون ضدها (١١) كل بعد منه ، فيعود إلى أن يكون ضدها محيطا. لأن البعد المقدر من سطح الجسم الأول إما أن يقتضى تحددا بطبيعة (١٢) ذلك الجسم الآخر (١٣) أو لا يقتضى ، فإن اقتضى تحددا بطبيعة (١٤) ذلك الجسم (١٥) (١٦) ، فليس أنه يقتضيه قطعة من سطحه منه (١٧) أولى من أن يقتضيه قطعة أخرى منه ، بل يجب (١٨) أن يقتضيه (١٩) من كل جهة. فيكون البعد متحددا من كل جانب بجسم من ذلك الطبع (٢٠). وإن لم يكن كذلك ، كان (٢١) التحدد يقع بأجسام كثيرة كيف اتفقت ويكون التحدد بكل واحد منها يقتضى جهة أخرى ، ويكون القرب تحدد جهة واحدة والبعد تحدد جهات ، ويكون مقابل الواحد بالعدد (٢٢) كثيرا بالنوع (٢٣) ، وهذا كله محال. فإن كانت الأجسام

__________________

(١) من جسم واحد متشابه : ساقطة من م (٢) متشابهة : متسامتة سا. (٣) من جميع الجهات : ساقطة من سا (٤) سواء : ساقطة من سا (٥) ويجب : فيجب سا ، ط ، م.

(٦) إليه : البتة د ، م. (٧) وأن : أى أن سا ؛ أى ط ، م.

(٨) قربة : قوية سا (٩) فيتحرك : فيحرك ب.

(١٠) ومحددها : وحددها سا. (١١) ضدها : ضد سا ؛ ساقطة من ط.

(١٢) بطبيعة : لطبيعة د ، ط (١٣) الآخر : ساقطة من سا.

(١٤) بطبيعة : لطبيعة سا ، ط (١٥) أو لا يقتضى .... الجسم : ساقطة من سا.

(١٦) الجسم : + الآخر ط ؛ ساقطة من م (١٧) من سطحه منه : فى سطحه سا

(١٨) يجب : ساقطة من م. (١٩) قطعة من ... يجب أن يقتضيه : ساقطة من م.

(٢٠) الطبع : بالطبع ط (٢١) كان : وكان سا ، ط ، م. (٢٢) بالعدد : ساقطة من د

(٢٣) بالنوع : بالفرع سا.


التي تفرض (١) حواليه بذلك البعد وتفرض (٢) من جهات شيء ، أيها (٣) كان بدل صاحبه حدد الجهة التي يحددها (٤) الآخر لو كان مكانه ، بتحديده طرف بعد واصل بينه وبين الجسم الأول ، وتكون متشابهة فى أنها بالطبع تحدد البعد. لأن لها وضعا ما هو فى غاية البعد ، ولم يكن بينها فى هذه (٥) الجهة خلاف وكانت هذه الجهة تحدد البعد. وكانت الجهات التي ترتسم (٦) بأوضاعها من الجسم الآخر (٧) جهات لا يختلف بالنوع ، بل بالعدد ، وكانت (٨) تلك الأجسام كجسم واحد محيط بالجسم الأول ، فيكون حدوث الجهتين على سبيل مركز ومحيط.

وقد قلنا : إنه إذا كان على سبيل مركز ومحيط كفى (٩) المحيط فى تحديد الجهتين جميعا. وكان (١٠) الجسم الموضوع فى المركز (١١) داخلا فى الأمر بالعرض.

ونقول : إنه ليس يصلح أن يكون كل جسم محدد للجهة ، وذلك لأن الجسم الذي من شأنه أن يتحرك بالطبع على الاستقامة لا يصلح (١٢) أن يحدد (١٣) الجهة ، لأنه لا يخلو إما أن تقتضى طباعه الكون فى تلك (١٤) الجهة أو لا تقتضى ، فإن (١٥) لم تقتض ، فكيف تتحدد به الجهة ، وجائز أن لا يكون هو عندها. وإن (١٦) اقتضى طباعه الكون فى تلك الجهة ، وكان مع ذلك جائزا أن يعرض له أن لا يكون فى تلك الجهة وهو بالطبع يطلبها ، فإن كان فى طبيعة ذلك الجسم إمكان أن (١٧) يعرض له طلب تلك الجهة ، فكان (١٨) لا جزء لذلك الجسم إلا وفى طبيعته (١٩) إمكان طلب تلك الجهة (٢٠). ولكنه (٢١) من المستحيل أن يوصف بأن فيه إمكان طلب تلك الجهة ، إلا وتلك الجهة حاصلة ، فيكون لا جزء لذلك الجسم إلا ويمكن فى طباعه أن يعرض له أن لا يكون فى تلك الجهة ، وتكون تلك (٢٢) الجهة حاصلة فى نفسها يطلبها كل جزء جزء (٢٣) منها (٢٤). فإن لم يوجد هذا الممكن ، فإنما لا يوجد ، لا لأنه فى طباع (٢٥) جزء جزء من الجسم ، إلى آخر أجزائه المعدودة بحسب عدد تلك لتجزية ، بل بسبب من خارج وهو فقدان (٢٦) ناقل عن موضعه الطبيعى ، وإذا كان كذلك فالجهة غير متحددة الذات بهذا الجسم (٢٧) لذات هذا الجسم ، بل متحددة بشيء آخر ، وقد فرض بهذا الجسم ، هذا خلف.

__________________

(١) تفرض : تفترض سا (٢) وتفرض : وتفترض سا

(٣) أيها : أنها ب ، د ، م (٤) يحددها : يحدده سا.

(٥) هذه : بهذه سا ، ط ، م. (٦) ترتسم : ترسم ط

(٧) الآخر : الأول سا ، ط ، م (٨) وكانت : كانت م ؛ + تكون ط ، م.

(٩) كفى : كناب (١٠) وكان : فكان سا ، م.

(١١) المركز : تلك الجهة سا. (١٢) لا يصلح : فيصلح ط

(١٣) يحدد : تتحدد ط (١٤) تلك : ساقطة من سا.

(١٥) فإن : وإن سا ، ط ، م (١٦) وإن : فإن سا.

(١٧) أن : ساقطة من م (١٨) فكان : وكان د

(١٩) طبيعته : طبعه طبيعته سا (٢٠) فكان .... الجهة : ساقطة من م

(٢١) ولكنه : نكنه ط. (٢٢) تلك : ساقطة من د.

(٢٣) جزء جزء : جزء ط ، م (٢٤) منها : منه د ، ط ، م

(٢٥) طباع : طباعه ط. (٢٦) وهو فقدان : ساقطة من سا.

(٢٧) لذات هذا الجسم : ساقطة من م.


فقد (١) بان أنه ليس يجوز (٢) أن يكون أى (٣) جسم اتفق محددا للجهة المعينة وتبين من ذلك أيضا (٤) أن الجهة الواحدة بالنوع تتحدد بجسم واحد (٥) بالطبع ، ليس من شأنه الزوال على الاستقامة البتة. فإن (٦) المحدد بالإحاطة لا يصلح أن يكون منتظما من أجسام شيء (٧) ، فإنه ليس يجب أن يكون بعض تلك الأبعاد يستحق أن يوجد فيها جسم بعينه يلزمه ، وبعض آخر (٨) يستحق جسما آخر مخالفا له بالطبع يلزمه ، ولا يجوز أن يكون قد اتفق انقسام تلك (٩) الجهة المحيطة (١٠) إلى أجسام مختلفة الأنواع اتفاقا من غير وجوب ، وبقى كذلك.

وليس لك أن تقول مثل هذا إذا كان المحدد بالإحاطة جسما واحدا ، فإن الجسم الواحد لا أجزاء له بالفعل وإن عرض له تجزئة ما فبأسباب (١١) من خارج غير ثابتة. وأما ترتيب (١٢) الأجسام المختلفة فى النوع (١٣) فى إحاطة أبعد البعد عن الجسم المحاطة به فليس مما يطرأ (١٤) أو يزول (١٥) ، وإلا لكانت (١٦) تلك الأجسام (١٧) تحصل فى تلك الإحاطة ويخرج عنها ، ويكون (١٨) تحدد (١٩) الجهة حاصلا (٢٠) قبلها.

فنعلم من هذا أن المحدد بالإحاطة يجب أن يكون جسما واحدا لا يزول ، اللهم إلا بالاستدارة (٢١) (٢٢). فإذا (٢٣) كان كذلك لم يكن فى ضمنه جهات بالطبع ، إلا التي تأخذ نحوه من المركز ، أو التي (٢٤) تأخذ عنه نحو المركز ، واللواتى تعارضها فإن نهاياتها لا تختلف بالطبع (٢٥) ، فإنها تنتهى إلى أجسام واحدة بأعيانها ، ولا (٢٦) تتحدد بأطرافها بحدود مختلفة يكون بعضها غاية قرب وبعضها غاية بعد ، على نحو ما وجب (٢٧) أن نقول به هذا. ونقول : إن غاية القرب من الجسم المحدد المطلوب قربه بالحركة ، ليس يجب أن تكون غاية قرب من كل جزء منه ، فإنه يستحيل أن يكون لمتحرك واحد على بعد واحد كخط (٢٨) واحد وصول (٢٩) إلى كل جزء من المقرب (٣٠) إليه وأما غاية البعد فيجوز أن تكون غاية (٣١) بعد من جميع الأجزاء إذا حصل عند المركز ، وإذا انتهى خط من المحيط إلى المركز ثم عداه فإن الطرف الذي ابتدأ منه هو فى غاية القرب ، والطرف الآخر ليس فى غاية البعد ، فإنه يلى المحيط ، وإن (٣٢) كان لا يلى كله. فقد قلنا

__________________

(١) فقد : ساقطة من د (٢) يجوز : ساقطة من ط

(٣) أى : كل سا (٤) أيضا : ساقطة من سا. (٥) واحد : ساقطة من سا (٦) فإن : وإن ط ، م.

(٧) شيء : ساقطة من سا. (٨) آخر (الأولى) : الآخر سا

(٩) تلك : ذلك ط (١٠) المحيطة : المحيط د.

(١١) فبأسباب : فبأشياء ب ، د ، م ؛ + له ط (١٢) ترتيب : ترتيب سا

(١٣) فى النوع : النوع سا ، م ؛ بالنوع ط. (١٤) مما يطرأ : مما يمكن أن يطرأ ط

(١٥) أو يزول : ويزول ب ، سا ، ط ، م (١٦) لكانت : كانت د ، سا

(١٧) الأجسام : أجسام ط. (١٨) ويكون : فيكون سا

(١٩) تحدد : + تلك ط ، م (٢٠) حاصلا : حاصلة سا.

(٢١) إلا بالاستدارة : بالاستدارة م (٢٢) بالاستدارة : باستدارة : د ، سا

(٢٣) فإذا : وإذا سا ، ط ، م. (٢٤) أو التي : أو الذي سا.

(٢٥) بالطبع : بالطبائع سا ؛ بالطباع م (٢٦) ولا : لا سا.

(٢٧) ما وجب : ما يجب ط. (٢٨) كخط : خط سا (٢٩) وصول : وصوله سا

(٣٠) المقرب : المقترب ب ، م (٣١) البعد ... غاية : ساقطة من م. (٣٢) وإن : وإذا سا.


إنه ليس شرط (١) القرب من المحيط أن يكون قريبا من كله ، بل من شيء (٢) منه ، وإن كان غاية البعد من شيء آخر (٣) منه وذلك لأنه لا يقرب من شيء منه (٤) غاية القرب إلا صار على غاية البعد من مقابله بالوضع وليس (٥) بالطبع ، فإن أجزاء المستدير لا مقابلة لها إلا (٦) بالعرض الوضعى الإضافى المسافى ، فإنها وإن كانت (٧) من حيث المسافة غاية البعد فليس من حيث الطبع ومن حيث القرب والبعد الذي فى الطبع بغاية البعد ، بل لا بعد هناك من هذه الجهة ، بل هناك (٨) اتفاق من حيث أنها تلى طبيعة واحدة وجسما واحدا.

فبهذا نعلم صورة الجهات التي تتحرك إليها الأجسام الطبيعية. فلنتكلم الآن فى جهات الأجسام المتحركة على الاستدارة. وأما المتحرك بالاستدارة (٩) فهو على (١٠) قسمين : أحدهما المتحرك لا على مركز نفسه ، بل على مركز خارج فهذا يمكن أن تعين له جهة إليها يتحرك ، وجهة عنها يتحرك ، ويشبه أن يكون أحدهما قداما له والآخر خلفا. وأما جهة اليمين واليسار فيشبه أن (١١) يكون الجهة التي لو كان هذا حيوانا كان ذلك يمينا له أولى أن يسمى يمينا من مقابلها (١٢) على التشبيه ، وإن كان لا شيء فى طبيعة ذلك الجسم توجب أن نختلف به الجهتان ، كما يوجب جانبا الحيوان (١٣) ذلك فى الحيوان. وأما فوق هذا المتحرك المفروض وأسفله (١٤) ، فيشبه (١٥) أن يكون ما بلى ناحية الأرض جهته (١٦) السافلة ، وما يقابلها (١٧) جهته (١٨) العالية فتعين (١٩) ذلك له ، لا من (٢٠) ذاته بعينه كما للحيوان ، ولا من حركته بعينه كما للمتحركات الثقيلة والخفيفة ، بل بالقياس إلى أجسام أخرى. وأما المتحرك بالاستدارة على مركز فى داخله ويشتمل هو عليه ، فيشبه أن لا يكون ما قيل فيه من أنه قد تتحدد له جهات ست كما للحيوان أمرا على الجهة التي قبل ، بل أول ما يتحدد فيه وعن (٢١) ذاته قطبان ومنطقة ، ولا يحتاج فى (٢٢) تحدد القطبين والمنطقة إلى شيء غير جسميته وحركته التي على الصفة المذكورة. فإن (٢٣) كان محتويا على جسم آخر تحددت له جهة تلى (٢٤) ما يشتمل عليه ، وجهة أخرى بخلافها ، تحددا ليس يحتاج فى ذلك إلى أن يكون متحركا الحركة (٢٥) التي له ، بل وإن كان ساكنا كان له ذلك ، لكن إذا اعتبر حركته على ما يشتمل عليه منها ونوسب بين أجزائه أو نقط (٢٦) تفرض فيه ، وبين أمثالها من المشتمل

__________________

(١) شرط : بشرط سا (٢) من شيء (الأولى) : بجزء سا (٣) آخر : آخر ط.

(٤) منه : ساقطة من ط (٥) وليس : ليس ب ، د ، سا ، م. (٦) إلا : ساقطة من ط

(٧) كانت : كان سا. (٨) من هذه .... هناك : ساقطة من م. (٩) وأما المتحرك بالاستدارة : ساقطة من م

(١٠) على (الثانية) : ساقطة من م. (١١) أن : بأن ط. (١٢) مقابلها : تقابلها م.

(١٣) الحيوان : لحيوان م (١٤) وأسفله : وسفله ط (١٥) فيشبه : فيشتبه د

(١٦) جهته : جهة سا. (١٧) وما يقابلها : وما يقابله م (١٨) جهته : ساقطة من د

(١٩) فتعين : يتعين سا ، م (٢٠) لا من : لأنه من ط. (٢١) وعن : عن ط

(٢٢) فى : ساقطة من م التي : + هى ط ، م. (٢٣) فإن : وإن ط (٢٤) تلى : بل سا ، م.

(٢٥) الحركة : بالحركة ط. (٢٦) نقط : نقطة ط.


عليه المتحرك حوله ، فقد تتحدد له جهات أخرى. وذلك لأنه إذا فرضت فى طول حركته لا فى عرضها الذي هى بين قطبيه ثلاث نقط ، وكانت الوسطى تنحو إحداهما وتتباعد (١) عن الأخرى ، وتكون الجهة التي كان (٢) فيها الوسطى بالقياس إلى الأفق الذي (٣) هذه النقطة (٤) طالعة (٥) عليها (٦) ، هى جهة عنها ابتداء الحركة بالطبع ، ومقابلها مقابل هذه الجهة ، فتتحدد هناك جهة مشرق وجهة مغرب ، وكذلك (٧) تتحدد هناك جهة تلى خط الزوال وجهة تلى ما تحت الأرض ، فتكون الجهة التي تلى خط الزوال (٨) هى التي (٩) إليها الحركة الآخذة فى الارتفاع ، وتلك غاياتها ، لأنها تكون هناك أقرب ما يكون من المطلوع عليه ، ثم تأخذ فى مفارقته قليلا قليلا والبعد عنه إلا أن تغرب (١٠) عنه. والغاية التي إليها يتوجه المتحرك هو القدام ، وما يقابله هو (١١) الخلف ، فخط الزوال بالقياس إلى الحركة الشارقة الطالعة قدام ، وما يقابله (١٢) خلف. ولما كانت جهة المشرق الجهة التي عنها مبدأ الحركة ، فأولى ما يشبه بها (١٣) من جهات (١٤) الحيوان اليمين ، فيكون المغرب هو اليسار وبقى القطبان يحددان البعد الذي هو غير البعد المحدد بالقدام والخلف الذي هو أولى بأن يكون عمقا ، وغير البعد المحدد باليمين واليسار الذي هو أولى أن (١٥) يكون عرضا ، فليس له إلا أن يكون بعد الطول. وأولى القطبين بأن يكون على جهة المقايسة علوا هو الجنوبى فى الحركة الفلكية الأولى ، والشمالى فى الحركة الثانية ، فإنا لو (١٦) توهمنا إنسانا يتحرك على نفسه مستديرا ، وتنبعث حركته من يمينه ، لكان يكون قدامه ما يلى وجهه وهو ما بين يمينه ويساره وذلك عند (١٧) خط الزوال ، وخلفه ما يلى يظهره. وإذا (١٨) أطبقنا (١٩) بين يمينه وجهة المشرق ، وبين يساره وجهة المغرب وبين وجهه وجهة خط الزوال ، انطبق رأسه مع القطب الجنوبى لا غير. ولو دار على نفسه مثل دور السماء ، لكان الرأس يلزم الجنوبى والوجه يلزم وسط السماء ، وحيث (٢٠) اليمين يلزم المشرق (٢١). إلا أن يكون أحد القطبين علوا والآخر سفلا ، ليس لاختلاف البته فى أمر القطبين ، بل بالمقايسة الصرفة إلى الحيوان ، بعد أن تتحدد جهات لأمور (٢٢) أخرى فتختلف (٢٣) حال القطبين حينئذ بالقياس إلى تلك الجهات. وأما (٢٤) كون المشرق يمينا ، فهو لأمر فى الحركة مقيسة إلى

__________________

(١) عليه .... وتتباعد : ساقطة من م. (٢) كان : كانت د.

(٣) الذي : التي د ، سا (٤) النقطة : الصفة م

(٥) طالعة : طالعا سا (٦) عليها : عليه ط ، م.

(٧) وكذلك : ولذلك سا ، م. (٨) وجهة .... الزوال : ساقطة من م.

(٩) هى التي : + تلى سا. (١٠) تغرب : يقرب ط.

(١١) هو (الثانية) : فهو د ؛ ساقطة من ط (١٢) وما يقابله : ويقابله م.

(١٣) بها : به ب ، د ، سا (١٤) من جهات : أن كون سا.

(١٥) أن (الأولى) : بأن م. (١٦) فإنا لو : فلو سا.

(١٧) وذلك عند : وعند ذلك م (١٨) وإذا : فإذا سا

(١٩) أطبقنا : طبقنا د ؛ طبقناه ط. (٢٠) وحيث : حيث سا ، م

(٢١) المشرق : الشرق ط. (٢٢) لأمور : الأمور ط. (٢٣) فتختلف : فيلزم سا

(٢٤) وأما : فأما ب ، د.


الأفق (١) وإن لم يكن حيوان (٢) يقايس (٣) به فإن جهة المشرق من كونها (٤) ، عنها تنبعث الحركة ، وكذلك حال جهة وسط السماء (٥) لذاتها إليها الحركة. فإذا كانت حركته غير المشرق والمغرب ووسط السماء بالقياس إلى الأفق ، ثم إذا تميزت (٦) هذه الحدود ، لزم فى القطبين أن يعرض لهما (٧) تميز ما لا لأمر يتعلق (٨) بالقطبين تعلقا أوليا ، بل لنسبة (٩) تلحقه بسبب ما عرض لغيرهما من التميز هذا.

وأما إن (١٠) أخذت جزءا من الفلك متحركا واعتبرته (١١) بنفسه ، وجدت بين المشرق والمغرب طول المسافة ، وحصل لك ما بين القطبين عرضا لذلك الطول. فانظر إلى حال هذه الجهات كيف تختلف. أما القطبان فيحددان (١٢) جهتين لذات (١٣) الجسم وحركته ، ولا يحددان (١٤) بذاتيهما فوقا وأسفلا (١٥) ، ولا يكون (١٦) فيهما تضاد ، إذ لا تضاد فى طباع ما هى فيه ، بل إنما يحددان (١٧) فوقا وأسفلا (١٨) بمقايسة ونسبة إلى حيوان (١٩). وأما المشرق والمغرب وكذلك وسط السماء فليسا يحددان جهتين لذات الجسم وحده ولا لذات (٢٠) مأخوذة مع حركته ، بل بمقايسته (٢١) إلى الأفق ، ثم بعد المقايسة فإن نفس الحركة يوجب تمييز (٢٢) بعضها من (٢٣) بعض بالقياس إلى الأفق ، إذ يوجب أن تكون متخالفة ، فيكون بعضها عنه وبعضها (٢٤) إليه وبعضها منبعث الحركة وبعضها متجه الحركة (٢٥) ، ولكل واحد مقابل. ولا يحتاج (٢٦) فى ذلك إلى أن يراعى مقايسة ومحاذاة (٢٧) مع حيوان البتة ، ومع ذلك يقع بينهما بنوع ما مضادة أو مقابلة. ومع هذا كله فإن اليمين واليسار تقع على جهات الحركة التي للفلك والتي للحيوان باشتراك الاسم أو باشتباهه والفوق والسفل أولى بذلك. وأما القدام والخلف فيشبه أن يكون الجزء الطالع من الفلك قد يوجد له قدام بمعنى يعمه وغيره (٢٨) وذلك لأنا إن عنينا بالقدام نهاية ما يتحرك إليه الجزء الطالع مطلقا لم يكن للفلك قدام ، فإنه ليس لحركته نهاية إليها تقصد ، وإن (٢٩) عنينا نهاية ما يتحرك إليه الجزء الطالع وهو طالع (٣٠) على شيء ، فتلك النهاية هى (٣١) مسامتة الشيء الذي حدد (٣٢) الأفق فحدد الطلوع بتحديد الأفق. فإنه إذا طلع عليه لا يزال ينحو نحوه إلى أن يسامته فى خط الزوال

__________________

(١) الأفق : الحركة سا (٢) حيوان : حيوانا د (٣) يقايس : يقاس ط ، م (٤) من كونها : لذاتها سا ، ط ، م.

(٥) من كونها ... وسط السماء : ساقطة من د. (٦) تميزت : تميز ب ، د ، سا ، ط.

(٧) لهما : لها سا ، ط (٨) يتعلق : متعلق ب ، سا

(٩) لنسبة : كنسبة ما م. (١٠) إن : إذا ط

(١١) واعتبرته : أو اعتبرته د. (١٢) فيحددان : فيتحددان سا ، ط ، م

(١٣) لذات : لذلك سا (١٤) ولا يحددان : ولا يتحددان سا ، م

(١٥) وأسفلا : أو سفلا د ؛ وأسفل سا ، م

(١٦) ولا يكون : فلا يكون سا. (١٧) يحددان : يتحددان سا ، ط

(١٨) وأسفلا : أو سفلا د ؛ وسفلا سا ، ط ؛ وأسفل م (١٩) حيوان : الحيوان د ، ط ، م.

(٢٠) وسط ... لذات : ساقطة من م. (٢١) بمقايسته : ساقطة من م.

(٢٢) تميز : تميز ط ، م (٢٣) من : عن سا ، ط.

(٢٤) وبعضها (الثانية) : ساقطة من د (٢٥) وبعضها منبعث .... الحركة : متجه سا

(٢٦) ولا يحتاج : فلا يحتاج سا. (٢٧) ومحاذاة : محاذاة ط.

(٢٨) وغيره : ساقطة من م. (٢٩) وإن : فإن ط ، م (٣٠) طالع : الطالع ط

(٣١) هى : من سا. (٣٢) حدد : حدده ط.


ثم يعرض عنه إلى أن يغرب (١) عنه مائلا إلى (٢) الأفق بعينه. فإن لم يكن محددا للأفق ، لم يكن أفق ، فلم (٣) يكن طلوع عليه (٤) ، ولا كان خط زوال ، فلما كان محددا تحددت هذه الجهات بالقياس إليه.

فهكذا يجب أن يتصور أمر هذه الجهات ، ويعلم أن هذه الجهات (٥) الست تتحدد للفلك من حيث هو متحرك على الاستدارة. وأما جهة السطح التي تلى الأرض والتي تقابلها. فذلك له من حيث هو جسم على شكله ووضعه ، لا من (٦) حيث هو متحرك (٧).

__________________

(١) يغرب : يقرب ط

(٢) مائلا إلى : فى ذلك سا ، م ؛ ذلك فى ط

(٣) يكن أفق فلم : ساقطة من م.

(٤) عليه : ساقطة من م.

(٥) ويعلم ... الجهات : ساقطة من م.

(٦) لا من : من د

(٧) متحرك : + تمت المقالة الثالثة ط ؛ تمت المقالة الثالثة من الفن الأول والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله أجمعين م.


المقالة الرابعة

فى عوارض هذه الأمور الطبيعية

ومناسبات بعضها من بعض

والأمور التي تلحق مناسباتها

وهى (١) خمسة عشر فصلا (٢)

الفصل الأول فى الأغراض التي تشتمل عليها هذه المقالة.

الفصل الثاني فى وحدة الحركة وكثرتها.

الفصل الثالث فى الحركة الواحدة بالجنس والنوع.

الفصل الرابع فى حد الشكوك الموردة على كون الحركة واحدة.

الفصل الخامس فى مضامة الحركة ولا مضامتها.

الفصل السادس فى تضاد الحركات وتقابلها.

الفصل السابع فى تقابل الحركة والسكون.

الفصل الثامن فى بيان حال الحركات فى جواز أن يتصل بعضها ببعض اتصالا موجودا وامتناع ذلك فيها حتى يكون بينهما سكون لا محالة.

الفصل التاسع فى الحركة المتقدمة بالطبع وفى إيراد فصول الحركات على الجميع (٣).

__________________

(١) وهى : ساقطة من ب ، م

(٢) وهى .... فصلا : ساقطة من د ، سا.

(٣) الفصل الأول ... على الجميع : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.


الفصل العاشر فى كيفية كون الخير طبيعيا للجسم وكذلك كون أشياء أخرى طبيعية له.

الفصل الحادى عشر فى إثبات أن لكل جسم حيزا واحدا طبيعيا وكيفية وجود الحيز لكلية الجسم ولأجزائه وللبسيط وللمركب.

الفصل الثاني عشر فى إثبات أن لكل جسم طبيعى مبدأ حركة وضعية أو مكانية.

الفصل الثالث عشر فى الحركة التي بالعرض.

الفصل الرابع عشر فى الحركة القسرية وفى التي من تلقاء المتحرك.

الفصل الخامس عشر فى أحوال العلل المحركة والمناسبات بين العلل المحركة والمتحركة (١).

__________________

(١) الفصل العاشر ... والمتحركة : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.


[الفصل الأول]

١ ـ فصل (١)

فى الأغراض التي تشتمل عليها هذه المقالة

يجب أن نحقق فى هذه المقالة أن الحركة كيف تكون واحدة ، وكيف تكون (٢) كثيرة ، وأن الحركة كيف تكون مضامة مطابقة لحركة أخرى تقايسها فى السرعة والبطء ، وكيف لا تكون ، وكيف تكون (٣) الحركة مضادة لحركة (٤) أخرى ، وكيف (٥) لا تكون ، وأن الحركة هل تعرض لكل جسم أو لبعض الأجسام ، وأن الحركة كيف تكون طبيعية ، وأن المكان هل يكون طبيعيا وكيف يكون طبيعيا ، وهل لكل جسم مكان طبيعى ، وأن الحركات (٦) كيف تكون غير (٧) طبيعية ، وكم أقسام غير الطبيعية ، وأن نجمع جميع فصول الحركة ، وأن نعرف مناسبات ما بين القوى المحركة (٨) والحركات.

__________________

(١) فصل : فصل أب ؛ الفصل الأول م.

(٢) واحدة وكيف تكون : ساقطة من د.

(٣) وكيف لا تكون وكيف تكون : وكيف تكون د ؛ وكيف لا تكون سا.

(٤) لحركة : كحركة سا

(٥) وكيف : فكيف ب.

(٦) الحركات : الحركة ط.

(٧) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(٨) المحركة : والمحركة م.


[الفصل الثاني]

ب ـ فصل (١)

فى وحدة (٢) الحركة وكثرتها (٣)

الحركة تكون واحدة على وجوه : فإنها إما أن تكون واحدة بالعدد وإما أن تكون واحدة بالنوع ، وإما أن تكون واحدة بالجنس ، إما بالجنس (٤) الأقرب ، وإما بالجنس الأبعد. فلنحقق الواحد بالعدد قبل غيره.

فنقول : إن قوما من آل برمانيدس ومن شايعهم من أصحاب (٥) أفلاطن منعوا كل المنع أن تكون الحركة توصف بالوحدة بل بالهوية ، وقالوا : كيف توصف الحركة بالهوية ولا يحصل منها شيء موجودا حاصلا ، وقالوا سائر ما قد فرغنا عنه فيما سلف (٦) من الشكوك فى باب الحركة والزمان ، مثل قولهم : كيف توصف الحركة بالوحدة ، ولا حركة (٧) إلا منقسمة إلى ماض ومستقبل ، ولا حركة إلا ولها زمانان (٨). ومثبتو وحدة الحركة يشترطون أن يكون زمانها واحدا ، فكيف (٩) تكون الحركة واحدة ، وكل واحد فإنه تام فيما هو فيه واحد ، وكل تام فهو قار الوجود حاضر الأجزاء إن كانت له ، والحركة لا وجود قار لها مع أن لها أجزاء.

ونحن فيما سلف قد بينا الحال فى وجود الحركة بيانا لا يلتفت معه إلى هذه الشكوك ، والآن فيحق علينا أن نبين الحال فى وحدة الحركة ، ونبين أن الشبهة التي (١٠) أوردوها منحلة ، فنقول : قد بينا نحن أن الحركة تقال للكمال الأول الذي وصفناه ، وتقال لقطع المسافة. فالكمال الأول وحدته (١١) بوحدة الموضوع له مع وحدة زمان وجوده فيه ، التي هى اتصال ، وكسائر الصفات التي لا يكفى فى كونها واحدة بالشخص كون موضوعها واحدا فقط.

فإن الموضوع الواحد إذا (١٢) عرض فيه بياض ، ثم عدم ثم عرض فيه بياض ، لم يكن هذا البياض هو بعينه الأول بالشخص ، فتكون الحركة بالمعنى الذي أشرنا إليه واحدة ، إذا كان الموضوع واحدا بعينه فى زمان واحد بعينه.

__________________

(١) فصل : فصل ب ب ؛ الفصل الثاني م.

(٢) وحدة : حده م.

(٣) فى وحدة الحركة وكثرتها : الحركة الواحدة بالعدد د

(٤) إما بالجنس : ساقطة من ط.

(٥) أصحاب : آل ط.

(٦) فيما سلف : ساقطة من ب ، د ، ط ، م.

(٧) ولا حركة : فلا حركة سا

(٨) زمانان : زمان م.

(٩) فكيف : وكيف د : سا ، ط ، م.

(١٠) التي : ساقطة من م.

(١١) وحدته : وحدة م.

(١٢) إذا : إذ د ؛ وإذا ط.


ووحدة الزمان هى اتصاله ، فكل (١) حركة بهذه الصفة فهى واحدة بالشخص ، وتكون (٢) لا محالة فى متحرك فيه واحد ، مثل مسافة واحدة بالاتصال ، ومثل (٣) بياض يتوجه إليه المتحرك بالاستحالة اتجاها لا يقف (٤) عند حد زمانا. ومثل كم واحد ، أو غير (٥) ذلك. وليس هذا المعنى بأولى فى أن يدخل شرطا لوحدة الحركة من معنى الزمان ، وإن كان لا بد من (٦) ذكر معنى الزمان. وإن كان معنى الزمان يكفى ذكره ، فذلك ليس لأنه يتضمن جميع الشروط التي بها تكون الحركة واحدة ، بل لأنه يقتضى الشرط الباقى ، وينتقل الذهن منه إليه ويلتزمه (٧) ، وأنت تعلم الفرق بين المتضمن والمقتضى الملتزم (٨).

وأما الحركة التي هى بمعنى القطع ، فهذا المعنى أولى بأن يكون شرطا فيها ، فالأمور التي يجب أن تكون واحدة حتى تكون الحركة واحدة ، هى المتحرك ، والمسافة وما يجرى مجراها والزمان. فيجب أن يكون المتحرك واحدا ، والمسافة أو ما فيه (٩) الحركة واحدا ، والزمان واحدا أى (١٠) واحدا بالعدد فى جميعه ، فإن كثرة الحركة تتبع كثرة الأشياء التي تفيد الحركة كما ما ونمطا من الانقسام. وهذه الأشياء هى هذه الثلاثة بالمتحرك ، وما فيه ، والزمان (١١) (١٢). فإن تكثر المتحرك وكان الزمان واحدا بعينه ، أو تكثر المتحرك وكانت المسافة (١٣) واحدة بعينها ، تكثرت الحركات. وإذا تكثر المتحرك (١٤) والزمان واحد (١٥) بعينه ، لزم تكثر المسافات وما فيه الحركة بالعدد. وإذا تكثر المتحرك والمسافة واحدة (١٦) ، لزم تكثر الزمان ، فإنه لا يتكثر المتحرك (١٧) والمسافة واحدة ، إلا وتكون المتحركات تتعاقب على تلك المسافة ، إذ لا يقطع جسمان معا مسافة واحدة بعينها ، كما لا يكونان (١٨) فى مكان واحد معا ، ولا يجوز أن يتكثر المتحرك فى أزمنة كثيرة وما فيه واحد بالعدد البتة إلا فى المسافات ، فإنها يجوز أن تبقى بعد القطع واحدة بعينها.

وأما الكم والكيف وغير ذلك فلا يكون كيف واحد بعينه أو كم واحد بعينه بالعدد ، يتحرك (١٩) فيه متحركون (٢٠) عدة فى زمان بعد زمان (٢١) (٢٢) ، لأن الكيفية (٢٣) التي لهذا المتحرك من حيث هى واحدة بالعدد لا يشاركه (٢٤) فيها المتحرك (٢٥) الآخر

__________________

(١) فكل : وكل ط (٢) وتكون : فيكون ط.

(٣) ومثل : فمثل ط (٤) لا يقف : فيه سا ، ط ، م.

(٥) أو غير : وغير د. (٦) لا بد من : + ذكره مع ط.

(٧) ويلتزمه : ويلزمه د. (٨) الملتزم : المستلزم سا.

(٩) أو ما فيه : واحدة وما فيه ط

(١٠) أى : ساقطة من ط. (١١) وما فيه والزمان : والزمان وما فيه م

(١٢) والزمان : ولحركة الزمان ط. (١٣) وكانت المسافة : والمسافة م.

(١٤) المتحرك (الأولى): + كان سا ، ط

(١٥) واحد : واحدا ط. (١٦) بعينها ... واحدة : ساقطة من م.

(١٧) المتحرك : للتحرك ط ، م.

(١٨) لا يكونان : لا يكون سا. (١٩) يتحرك : يتحرك د ، ط

(٢٠) متحركون : متحرك م. (٢١) زمان (الأولى) : زمن سا

(٢٢) بعد زمان : ساقطة من م (٢٣) غير ذلك الكيفية : ساقطة من د.

(٢٤) لا يشاركه : ولا يشاركه ط (٢٥) المتحرك (الثانية) : متحرك سا.


بوجه لا كالمسافة ، ونظن أنه يلزم هذا كله أن يكون المحرك واحدا بالعدد ، وأن العدة إذا اجتمعت على تحريك شيء فإنما هى كشيء واحد ، إذ تصير الجملة محركا واحدا ، إذ ولا (١) واحد منها يحرك (٢) وحده. لكنه إن أمكن ، أن يكون شيء يحرك (٣) ، وقبل أن ينقطع (٤) تحريكه ، أو مع انقطاع تحريكه ، تقع هناك (٥) مناسبة للجسم المتحرك مع محرك (٦) آخر ، كما يتخلص حديد مثلا من تأثير مغناطيس لو توهمناه (٧) استحال إلى غير طبيعته دفعة ، وحصل الحديد حيث ينجذب إلى مغناطيس آخر ، ولم يكن بين تعطل الأول وابتداء تأثير الثاني زمان ، واتصل الزمان والمسافة ، فبالحرى (٨) أن يكون هذا المتحرك واحدا بحركة واحدة. وكذلك لو سخن (٩) ماء بنار تلحقه عقيب نار من غير وقوع فتور ، حتى بلغ حدا من السخونة ، فبالحرى (١٠) أن لا تكون هذه الحركة متكثرة ، بل تكون واحدة إلا على جهة المقايسة. فإن الشيء المتحد بالاتصال قد يعرض له التكثر ، على ما قلنا مرارا ، تارة من جهة التفكيك والقطع بالفعل ، وتارة (١١) من جهة المقايسات ، فإن الزمان أيضا ينقسم بالفعل على هذه الجهة. وذلك إذا قيس بمبادئ أمور كائنة (١٢) فيه ، وغاياتها (١٣) ، فارتسم فيه بحسب ذلك آنات ، فيكون فى مسئلتنا أيضا يفرض (١٤) عند كل ورود محرك آن أول من زمانه يفرض (١٥) فى الزمان بالمقايسة ، فيعرض من ذلك أن يتكثر (١٦) الزمان ، فيعرض من ذلك أن تتكثر الحركة ، ولا تكون حينئذ الحركة واحدة الزمان من هذه الجهة ، ومن حيث أن (١٧) الزمان واحد فى ذاته تكون الحركة واحدة فى ذاتها. وهذا مثل (١٨) ما يعرض لحركات الفلك بالقياس إلى الشروق والغروب ، فينقسم الزمان وتنقسم الحركة بحسب ذلك انقساما لا يقطع الاتصال. ويشبه أن يكون كون (١٩) الصوت المسموع من الوتر المنقور بنقرة واحدة ، الباقى زمانا ، الذي يسمى نغمة ، هو من هذا القبيل ، فإن هذه النغمة ستعلم فى جزئيات الطبيعيات ومشاهدة أحوالها أنها ليست تحدث عن وقع المضراب على الوتر ، بل إنما (٢٠) تحدث من قرع (٢١) الوتر المدفوع بالمضراب عن وصفه المنصرف ، عند مفارقة المضراب إلى وضعه ، انصرافا بقوة وحمية (٢٢) تقرع ما زحمه من الهواء فيصوت. ثم لا يزال مهتزا كذلك ، فيحدث

__________________

(١) ولا : لا سا ، م (٢) يحرك : يتحرك سا.

(٣) يحرك : يتحرك سا (٤) ينقطع : انقطع ب ، د ، سا ، م

(٥) هناك : هناط (٦) محرك : متحرك د ، سا.

(٧) لو توهمناه : وتوهمناه سا. (٨) فبالحرى : وبالحرى د.

(٩) لو سخن : إن يسخن سا.

(١٠) فبالحرى : وبالحرى سا.

(١١) وتارة : تارة د. (١٢) كائنة : كأنه د ؛ كانت ط

(١٣) وغاياتها : أو غاياتها ط. (١٤) يفرض (الأولى) : تفترض سا

(١٥) يفرض (الثانية) : يفترض ط. (١٦) أن يتكثر : أو يتكثر ط.

(١٧) أن : ساقطة من ب ، د ، سا ، م (١٨) مثل : مثلا ط.

(١٩) كون : ساقطة من سا ، ط ، م. (٢٠) إنما : إنها ط ، م

(٢١) قرع : وقوع ط. (٢٢) حمية : زحمته ط.


قرع بعد قرع إلى أن يهدأ ، أو تكون تلك (١) القروع مستحفظة لصوت مسموع على الاتصال إن (٢) كان بالحقيقة متصلا كما يسمع ولم تكن القطوع من الصغر (٣) بحيث لا تحس.

واعلم أن نفس الاشتراك فى الآن الواحد لا توجب أن تكون الحركات متحدة ، فإن آنا واحدا قد يكون منتهى نقلة ومبتدأ (٤) استحالة ، كلاهما لجسم واحد ، ولا تكون الحركتان (٥) واحدة. وأيضا (٦) فإن اشتراط (٧) ما منه أو ما إليه وحده غير كاف فى وحدة الحركة (٨) ، فإن (٩) ما منه قد يفارق لا إلى الذي إليه ، بل إلى العدم من (١٠) غير سلوك (١١) واسطة ، وما إليه يواصل دفعة (١٢) من غير سلوك واسطة ، فلا تكون الحركتان (١٣) واحدة بالنوع ، فضلا عن العدد. وأيضا فإن (١٤) اشتراطهما (١٥) معا غير كاف فى ذلك ، لأن ما منه قد يفارق إلى ما إليه من متوسطات شتى. أما فى المسافة فقد يقصد (١٦) ما إليه مما منه (١٧) على الاستقامة ، وقد يقصد على تقويس وتحنية (١٨) ، ولا تكون الحركتان حركة واحدة ، بالنوع فضلا عن العدد ، وكذلك قد توجد من السواد إلى البياض من طريق الدكنة ، وقد توجد من طريق الصفرة ، ثم الحمرة ، ثم القتمة ، وقد توجد من طريق الفستقية ، ثم الخضرة. وإن اشترطا (١٩) مع الشرائط المذكورة كان اشتراطهما (٢٠) فضلا (٢١) ، فإن الطريق إذا جعل واحدا لم يكن إلا عن مبدأ واحد ومنتهى (٢٢) واحد. ويضمن ذلك هذا المعنى ، فالحركة الواحدة بالعدد هى المتصلة فى زمانها ، ومسافتها واحدة ، وموضوعها واحد. وأولى (٢٣) ذلك المستوية التي لا اختلاف فيها (٢٤) ، وقل ما توجد فى المكانية ، فإن الطبيعية (٢٥) تشتد أخيرا والغريبة القسرية (٢٦) تفتر أخيرا. وأولى (٢٧) الحركات المتصلة بالوحدة هى التي على الاستقامة أو الاستدارة (٢٨) إن توهم للمتصلة على الزاوية وجود. وأولى ذلك ما تم ولم ينقص ، فإن من صفات الواحد أن يكون تاما ، والناقص بعد الواحد. وأولى بأن يكون (٢٩) تاما ما ليس من شأنه أن يراد عليه بلا تكرر ، وهو

__________________

(١) تلك : ساقطة من م (٢) إن : إذ م.

(٣) الصغر : الصغير ط. (٤) ومبتدأ : مبدأ ط

(٥) الحركتان : الحركات سا (٦) أيضا : أيضا م

(٧) اشتراط : اشتراك طا. (٨) الحركة : الحركات له سا ؛ الحركات ط ، م

(٩) فإن : وإن ط (١٠) من : ومن ط

(١١) سلوك : شكوك سا. (١٢) دفعة : + أيضا سا ، ط ، م

(١٣) الحركتان : حركتان ط ؛ حركات م

(١٤) فإن : ساقطة من ط. (١٥) اشتراطهما : اشتراكهما طا

(١٦) يقصد : يفعل سا. (١٧) منه : فيه م

(١٨) وتحنية : تنحية ط. (١٩) اشترطا : اشترط سا ، ط ؛ أشرط م

(٢٠) اشتراطهما : اشتراطه م (٢١) فضلا : فصلا ب ، د.

(٢٢) ومنتهى : منتهى ب ، د. (٢٣) وأولى : وأول سا

(٢٤) فيها : فيه سا ، ط. (٢٥) الطبيعية : الطبيعة سا ، ط

(٢٦) القسرية : القريبة سا (٢٧) وأولى : وأول سا.

(٢٨) أو الاستدارة : إذ الاستدارة سا.

(٢٩) بأن يكون : ما يكون سا ، ط ، م.


الحركة المستديرة إذا تممت الدورة ، فلا يزاد (١) عليها بل (٢) تكرر ، ولا كذلك المستقيمة من حيث هى مستقيمة ، فإن المستقيمة (٣) إذا تمت فليس تمامها لأنها مستقيمة ، بل لأجل أن المسافة لم تبق كقطر العالم.

ويسقط من تحقق (٤) هذا قول من قال : إن الخط المستقيم أولى بالتمام ، لأن له ابتداء ووسطا وانتهاء ، ولا شيء من ذلك للدائرة (٥). فإنه (٦) وإن (٧) كانت الدائرة تامة ، فليس يجب أن تكون الحركة عليها تامة ، لأن الحركة على المستقيمة تتناهى وتتم ، وعلى المستديرة لا تتناهى ولا تتم. فأما أولا فليس كل ما هو (٨) تام فهو ذو ابتداء وانتهاء ووسط ، بل الواحد فى الجملة أتم من الكثرة التي لا يوجد هذا التثليث إلا فيها ، بل هذا نوع من التمام. ولا يعتبر هذا التمام إلا فى ذى عدد. والدائرة وحدانية (٩) الصورة (١٠) ، وإنما لا تقبل الزيادة لا لشيء ، غير أنها خط دائرة. والمستقيم إن لم يقبل فليس لأنه مستقيم ، بل لسبب آخر. وأما الحركة المستديرة فإنها إذا تمت (١١) دورة ابتدأت من رأس فتكون كل دورة واحدة ، وكلامنا فى دورة واحدة.

فهذا (١٢) ما نقوله فى الحركة الواحدة (١٣) بالعدد ، ولنتكلم (١٤) الآن فى الحركة الواحدة بالجنس والنوع.

__________________

(١) يزاد : يزداد ط

(٢) بل : بلا ط.

(٣) من .... المستقيمة : ساقطة من م.

(٤) تحقق : تحقيق ط.

(٥) للدائرة : الدائرة م ؛ ساقطة من سا

(٦) فإنه : وإنه سا ، م

(٧) وإن : إن ط ، م.

(٨) ما هو : هو د.

(٩) وحدانية : وحدانيتها ط ، م

(١٠) الصورة : للصورة ط ، م.

(١١) تمت : تممت ط.

(١٢) فهذا : وهذا ط ، م

(١٣) وكلامنا .... الواحدة : ساقطة من م.

(١٤) ولنتكلم : فلنتكلم سا ، ط ، م.


[الفصل الثالث]

ج ـ فصل (١)

فى الحركة الواحدة بالجنس والنوع

ولما كانت الحركة مشاركة لسائر الأعراض فى الأحكام التي تتبع العرضية ، كان تكثرها وتوحدها (٢) يشاكل تكثر الأعراض الأخرى وتوحدها ، فكما أن البياض مثلا إنما يكون متكثرا بالعدد ، إذا تكثر موضوعه أو زمانه ، فكذلك الحركة. وكما (٣) أن البياض لا يكون متكثرا بالنوع أو متكثرا بالجنس لنفس تكثر الموضوع بالنوع أو بالجنس ، بل يكون بياض الثلج وبياض الققنس إذا (٤) لم يختلفا بمخالطة لون آخر واحدا بالنوع ، بل بياض الثلج والحجارة ، فكذلك نفس (٥) تكثر الموضوع بالنوع أو بالجنس (٦) يوجب (٧) تكثر الحركة بالنوع أو بالجنس. وذلك (٨) لأن تكثر الشيء بالنوع يتبع تكثر الفصول ، وإضافات الأعراض إلى (٩) موضوعاتها من جملة الأحكام العرضية للأعراض.

فقد (١٠) علمت أن العرضية لماهيات الأعراض إنما هى من المعانى العارضة (١١) اللازمة دون المقومة ، وإضافات الذوات العرضية إلى موضوعاتها المختلفة أمور عارضة لها لا مقومة إياها تقويم الفصول. وأما تكثر الأشخاص فليس متعلقا بالفصول الذاتية ، بل بالعوارض. وأما الأزمنة فلا تختلف من حيث هى أزمنة بالنوع البتة ، بل بالشخص إن كان لا بد ، لأنها أقسام (١٢) متصل واحد. ومقارنة ما يختلف بالشخص دون النوع لا توجب البتة مخالفة فصلية (١٣) منوعة. فعسى الحركة يختلف نوعها (١٤) باختلاف الأمور التي تقوم ماهية الحركة ، وهى ما هى فيه ، وأيضا ما منه وما إليه.

فإذا اختلف (١٥) نوع واحد من هذه اختلفت (١٦) الحركة فى النوع ، فإنه إذا اختلف ما فيه ، واتفق ما منه وما إليه ، اختلف نوع الحركة ، مثل أن تكون إحدى (١٧) الحركتين من مبدأ إلى منتهى على (١٨) الاستقامة ، والأخرى منه إليه على الاستدارة.

__________________

(١) فصل : فصل ج ب ؛ الفصل الثالث م.

(٢) وتوحدها : + مما ط.

(٤) إذا : أن سا

(٣) وكما (الثانية) : فكما ط.

(٥) نفس : ليس د

(٦) بالجنس (الأولى) : الجنس سا ، م

(٧) يوجب : لا يوجب م

(٨) وذلك : ساقطة من م.

(٩) إلى : التي ب. (١٠) فقد : وقد ط ، م

(١١) العارضة : العارضية م.

(١٢) أقسام : + زائدة د (١٣) فصلية : فضيلة سا.

(١٤) نوعها : نوعيتها سا ، ط ؛ عينتها م.

(١٥) اختلف (الأولى) : اختلفت د

(١٦) اختلف (الثانية) : اختلفت م.

(١٧) إحدى : أحد سا ، ط (١٨) على : وعلى سا.


وكذلك إذا اتفق ما فيه واختلف ما منه وما إليه مثل الصاعد والهابط ، فيجب أنه إذا اختلف شيء من هذه فى النوع فى نفسه أو فى شرائط وأحوال داخلة فى تعلق الحركة بها ، كانت الحركة واحدة فى النوع ، فإن كانت كلها مكانية أو كلها كيفية أو كمية (١) ، كانت واحدة فى الجنس (٢) لأعلى ؛ وإن اتفقت فى جنس أسفل كما فى اللونية ، كانت واحدة فى الجنس الأسفل (٣) : لكنه قد يشكل الحال فى أنه هل الحركة المكانية المستديرة تخالف المستقيمة فى النوع أو تخالفها (٤) بعرض ، فإنه يشبه أن يظن (٥) أن الاستقامة والانحناء من الأمور التي تعرض للخط لا من الأمور التي هى فصول. ويسبق إلى الظن أن الخط الواحد يصلح أن يوضع للاستقامة والانحناء ، وإذا كان كذلك فكيف يكون نوع الخطوط المستقيمة مخالفا لنوع (٦) الخطوط المنحنية ، اللهم إلا أن يجعل تركيبها مع الاستقامة نوعا ومع الانحناء نوعا آخر ، فيكون كل عرض من شأنه أن يقوم نوعا. وليس الأمر كذلك ، فإذا كان الخط المستقيم لا يخالف المستدير فى النوع ، فكيف تكون الحركة على المستقيم (٧) تخالف الحركة على (٨) المستدير (٩) بالنوع (١٠) لأجل اختلافها (١١) فيهما. وهذا الاعتبار فى المستقيمة والمستديرة التي تكون مكانية ، لا المستديرة التي تكون وضعية ، على ما علمت.

ونقول : وكذلك يشكل الحال فى أمر الصاعد والهابط. ويشبه أن يظن أن (١٢) الصاعد لا يخالف الهابط بالنوع فى المبدأ والمنتهى من حيث هما طرفان لبعد ، بل من (١٣) حيث هما جهتان : إحداهما (١٤) تلى علوا ، والأخرى (١٥) سفلا. والحركة لا تتعلق بالمبدإ والمنتهى إلا من حيث هما طرفا (١٦) مسافة ، وأما من حيث (١٧) عرض أن كان أحد طرفى المسافة في جهة والآخر فى جهة (١٨) أخرى ، فذلك ليس مما تتعلق به الحركة ، فإن الحركة تتم حركة إذا ابتدأت فى هذا البعد من مبتدئه (١٩) إلى منتهاه ، ولو لم يكن المبدأ بحيث يكون علوا وهو أن يلى السماء ، والمنتهى بحيث يكون سفلا وهو أن يلى الأرض. فإذا كان الأمر كذلك ، كان هذا من الأعراض اللازمة للحركة ، لا من الأمور الداخلة فى ماهيتها ، فلم يكن الاختلاف به اختلافا فى نوعها (٢٠). وكذلك الاختلاف الذي بين الحركات فى أن تكون طبيعية أو قسرية (٢١)

__________________

(١) أو كمية : أو كلها كمية ط (٢) فى الجنس : بالجنس ط.

(٣) الأسفل : ساقطة من د. (٤) تخالفها : تخالفه سا ، ط

(٥) أن يظن : ساقطة من سا ، م.

(٦) لنوع : للنوع ط. (٧) المستقيم (الثانية) : المستقيمة ط

(٨) على : ساقطة من م (٩) المستدير (الثانية) : المستديرة سا ، ط

(١٠) بالنوع : فالنوع سا. (١١) اختلافها : اختلافه سا.

(١٢) أن : ساقطة من م. (١٣) من : ساقطة من م

(١٤) إحداهما : أحدهما د ، سا ، ط

(١٥) والأخرى : والآخر سا ، ط ، م.

(١٦) هما طرفا : هو طرف ب ، د ، سا ، م

(١٧) حيث : + هو ط. (١٨) جهة : ساقطة من ب ، د ، سا.

(١٩) مبتدئة : مبدئه ط ، م. (٢٠) نوعها : نوعه ط ، م.

(٢١) أو قسرية : وقسرية سا.


فإنه (١) أيضا اختلاف فى أمور خارجة عن ماهية الحركة وإن كان لازما (٢). فهذه (٣) هى الشكوك التي يظن أنها تسبق إلى الذهن.

وأما (٤) نحن فنقول : إن هذه الشكوك لا تعرض فى غير النقلة ، فإنه لا يعرض فى مثل الحركات التي فى الكيف : والحركات التي فى الكم (٥) ، وغير ذلك. فإن التسود معلوم من حاله عند كل أحد أنه مخالف للتبيض بالنوع ، لأجل مخالفة ما إليه (٦) ، وما عنه ، وإن كان الطريق كأنه واحد ومسلوك فى كل بالعكس من الآخر. وكذلك (٧) التصفر إلى التحمر إلى التسود ، مخالف للتخضر إلى النيلية إلى التسود فى النوع ، وإن كان فى (٨) حال المبدأ والمنتهى واحدا إنما (٩) يشكل هذا فى أمر النقلة ، ويقتضى أن لا تكون النقلة جنسا. بل تكون نوعا فقط ، ويكون النزول يخالف (١٠) للصعود بأعراض تحت نوع واحد ، كما يخالف الكاتب الأمى. وإنه كما فى الإنسان مأخوذ فى حد الكاتب والأمى ، ومحمول عليهما ، وليس جنسا لهما ، بل موضوع ، كذلك النقلة محمولة على ذلك الوجه على النزول والصعود ، فكان (١١) أصل الموضوع فى النزول هو (١٢) حركة مستقيمة من مبدأ إلى منتهى ، ويتم بذلك كونه حركة (١٣). لكن عرض لهذا المبدأ أن كان فوق ، فعرض للحركة أن صارت نزولا. وكذلك الحال فى التشكل (١٤) الأول مثلا إنه عرض أن كانت النقلة تارة فى مستقيم (١٥) وتارة فى مستدير (١٦) ، فإن الحركة ليست تتحقق (١٧) حركة بما يعرض لها من طول ما تتحرك فيه كالمسافة المستديرة ، وقصره كالمستقيمة ، حتى تختلف بذلك (١٨) ماهيتا حركتين اختلافا منوعا.

فهذه هى الظنون التي يمكن أن تظن (١٩) فى هذا الباب ، فيجب أن نحلها ، ويلزمنا (٢٠) أولا أن نبين أن النقلة جنس وأن الأمر ليس على هذه الصورة. فنقول : إن الخط المستقيم بالحقيقة والمستدير ، لا يصح أن يستحيل (٢١) أحدهما إلى الآخر فى الوجود وذلك لأن هوية (٢٢) الخط فى الوجود أن يكون طرف السطح ، وهوية السطح أن يكون طرف الجسم ، فما لم يعرض للجسم زوال عن هيأة (٢٣) لم يعرض للسطح (٢٤) ، فلم يعرض للخط البتة والجسم إذا كان يابسا لم يقبل

__________________

(١) فإنه : فإنها سا ، ط (٢) كان لازما : كانت لازمة سا ، ط ؛ كانت الأزمنة م

(٣) فهذه : وهذه م. (٤) وأما : أما سا ، ط ، م.

(٥) الكيف .... الكم : الكم والكيف ط.

(٦) ما إليه : + الحركة ط.

(٧) وكذلك : فكذلك ط ، م.

(٨) فى (الثانية) : ساقطة من سا.

(٩) إنما : وإنما ط (١٠) يخالف : مخالفا ط ، م.

(١١) فكان : وكان سا ، ط ، م.

(١٢) هو : وهو ط (١٣) حركة (الثانية) : ساقطة من د.

(١٤) التشكل : التشكك ب ، سا ، م ؛ التشكيك ط.

(١٥) فى مستقيم : مستقيمة ط (١٦) فى مستدير : مستديرة ط

(١٧) تتحقق : ساقطة من سا.

(١٨) بذلك : ساقطة من م.

(١٩) تظن : الظن د (٢٠) ويلزمنا : أو يلزمنا ط.

(٢١) يستحيل : يستعمل م. (٢٢) هوية : هواية م.

(٢٣) هيأة : هيئته سا ، م (٢٤) للسطح : المسطح م ط.


الثحنية ، وإذ كان رطبا قبل الثحنية ، بأن (١) يكون اتصال الحدية يتفرق ، أو يكون اتصال الحدية يمتد. والتقعير بالعكس ، فإن تفرق اتصال الحدية فقد انقسم الخط خطوطا ، وإن امتد فقد بطل أيضا ذلك الخط بعينه وحدث (٢) خط آخر ، فإن الخط الواحد لا يصير أطول مما هو بالمد. فإذا كان هذان الخطان ، يستحيل انتقال طبيعة أحدهما إلى (٣) الآخر ، ولا فى الوهم أيضا ، فإن الوهم إن فعل ذلك مفردا للخط عن السطح ، جعل الخط ذا جهتين وجانبين لا فى امتداده فلم يأخذه (٤) طرف سطح ، فإن (٥) ذا الجهتين سطح ، لا طرف (٦) الذي هو خط فيه ، فيكون الوهم قد أخذ غير الخط ، بل أخذ جسما دقيقا فتخيله خطا. فالذى ظن أن الخط هو واحد بعينه موضوع للأمرين. فقد ظن باطلا.

وأشخاص النوع الواحد من الأعراض ، تختلف بموضوعاتها (٧) أو بأعراض تقارنها. وهذا على قسمين ، وذلك لأنه إما أن لا تكون (٨) تلك الأعراض تلحقها لحوقا أوليا مثل كتابة تجتمع مع موسيقى ، وإما أن (٩) تلحقها لحوقا أوليا كالبياض يجتمع مع السطح ، ومفارقة الخط المستقيم للمستدير ليس لأجل كثرة الموضوع فقط ، فإن هذه المفارقة موجودة بين مستقيمين وبين مستديرين ، وليس لعرضين آخرين كيف اتفق. فإن الاستقامة والاستدارة تنال طبيعة الخط نيلا أوليا ، فلذلك إنما يمكن أن يكونا (١٠) إما فصولا وإما أعراضا (١١) أولية. فإن كانت فصولا فقد نوعت ، وإن كانت أعراضا أولية فالأعراض الأولية إن كانت لازمة لطبيعة المعروض له (١٢) استوى فيه (١٣) أشخاص النوع ، وإن كانت تعرض فى حال من غير لزوم ، فتعرض لانفعال يلحق المادة (١٤) لا يبعد توهم زواله عن المعروض له أولا وجوده له ، فلا يبعد توهم زوال العارض التابع له (١٥) ، فيجوز أن يكون المعروض له يوجد ولا يخالف الآخر بهذا (١٦) العارض الأول التابع للانفعال وليس كذلك الحال فى الخط المستقيم والمستدير ، فإنه إن لم تكن المادة فى كل واحد منهما على هذه الصفة التي بها صار خطا (١٧) مستقيما أو مستديرا ، لم يكن نفس ذلك الخط موجودا ، لأنه قد أثبت فيما تقدم أنه (١٨) مع اليبوسة بعدم الاستقامة ويحدث الانحناء ، بل يعدم الخط الذي كان مستقيما (١٩) ويوجد خط آخر منحنى ، ولو (٢٠) كان تغيرهما يعرض لكان الخط لا يعدم (٢١) ، فليس إذن الخلاف بينهما بعارض (٢٢) غير أولى أو بعارض

__________________

(١) بأن : فإن ط. (٢) وحدث : وحدث م.

(٣) إلى : + طبيعة ط. (٤) يأخذه : يأخذ ط ، م

(٥) فإن : لأن ط (٦) لا طرف : لا طرفه سا ، ط.

(٧) بموضوعاتها : موضوعاتها م. (٨) لا تكون : تكون م

(٩) وإما أن : وأن ط. (١٠) أن يكونا : ساقطة من سا

(١١) وإما أعراضا : وأعراضا ط. (١٢) له : ساقطة من سا

(١٣) فيه : فيها سا ، م. (١٤) المادة : المال م.

(١٥) له (الثالثة) : ساقطة من سا. (١٦) بهذا : لهذا سا ؛ هذا م.

(١٧) خطا : خطه ب ، د ، سا ، م. (١٨) قد ... أنه : ساقطة من د ...

(١٩) لأنه .... مستقيما : ساقطة من ب ، سا ، م

(٢٠) ولو : فلو د. (٢١) ويوجد .... لا يعدم : ساقطة من ط.

(٢٢) بعارض (الأولى والثانية) : لعارض ط.


أولى غير لازم. فإذن الاستقامة والاستدارة متعاندان تعاند الفصول أو لواحق الفصول اللازمة ، التي يدل (١) تعاندها (٢) على اختلاف (٣) الأشياء فى النوع ، ولأن الحركة فى نوع السواد غير الحركة فى نوع البياض ، لاختلاف ما فيه الحركة ، فكذلك المستقيمة والمستديرة.

ويسقط من تصور هذا القانون قول من ظن أن فى طبائع الأمور (٤) السماوية تضادا ، لأن فيها تقبيبا وتقعيرا ، فإنه إن (٥) كان الموضوع الأول للتقبيب والتقعير (٦) هو الجسم نفسه واجتمعا فى كرة واحدة فليسا بمتضادين ، وإن كان موضوعهما سطحين متفرقين يمتنع أن يقبل المقعر (٧) منهما (٨) التقبب (٩) والمقبب التقعر (١٠) على ما أوضحناه. فليسا بمتضادين إذ ليس موضوعاهما (١١) ذلك يقبلان تعاقبهما ولا موضوع آخر البتة ، على ما بيناه (١٢). وأما التشكك (١٣) المورد من حال الصاعد والهابط (١٤) فسنحققه (١٥) بعد ، وأما السرعة والبطء (١٦) فلا تختلف بهما الحركات البتة اختلافا بالنوع ، وكيف (١٧) وهما يعرضان لكل صنف من الحركات ، وهما مما يقبل الأشد والأضعف ، وانفصل لا يقبلهما ، بل تكون الحركة الواحدة بالاتصال تتدرج من سرعة إلى بطء ، فهما (١٨) من الأمور التي تكون للحركة بالإضافة إلى حركة لا من الأمور التي يكون لها فى ذاتها. وقد ظن أن السرعة إذا قيلت على المستقيمة والمستديرة كانت باشتراك (١٩) الاسم ، وليس كذلك ، وإن كان النظر ربما أوجب أنه لا تصح المقايسة بينهما ولا المناسبة فيهما ، كما لا تصح بين الخط والسطح مع قول المقدار عليهما بالتواطؤ. أما أنه ليس يقال باشتراك الاسم فلأن حد السرعة والبطء فيهما واحد ، وهو (٢٠) أن السريع فى كل واحد منهما هو الذي يقطع مقدارا أطول (٢١) فى الزمان الواحد. وكما أن المستقيم مقدار ، فكذلك (٢٢) المستدير ، وكما أن الأطول فى المستقيم ما فيه الميل بالقوة والزيادة ، فكذلك الأطول فى المستدير والزمان غير مختلف. فليس إذن هذا باشتراك الاسم ، بل الحد يتناولها معا (٢٣). وإذ قد تكلمنا فى وحدة الحركات ، فحرى بنا أن نحل الشكوك المقولة فيها (٢٤).

__________________

(١) يدل : يعدل د. (٢) تعاندها : معاندها م

(٣) اختلاف : خلاف سا.

(٤) طبائع الأمور : طباع أمور ط.

(٥) إن : إذ سا ؛ فإن ط

(٦) والتقعير : والتقعر د. (٧) المقعر : المتقعر ط

(٨) منهما : ساقطة من سا

(٩) التقبب : التقبيب سا ، ط

(١٠) التقعر : التقعير د ، سا ، ط ، م.

(١١) موضوعاهما : موضوعهما ط

(١٢) ما بيناه : ما بينا ب ، د ، سا

(١٣) التشكك : التشكيك ط. (١٤) الصاعد والهابط : الصاعدة والهابطة ط

(١٥) فسنحققه : + من سا ، ط ، م

(١٦) والبطء : والنطق سا (١٧) وكيف : فكيف م.

(١٨) فهما : فيهما د. (١٩) بالاشتراك : بالاشتراك د.

(٢٠) وهو : وهى ب ، د ، سا ، ط. (٢١) أطول : الأطول م.

(٢٢) فكذلك (الأولى) : وكذلك ط. (٢٣) معا : ساقطة من م.

(٢٤) المقولة فيها : ساقطة من سا.


[الفصل الرابع]

د ـ فصل (١)

فى حل الشكوك الموردة (٢) على (٣) كون الحركة واحدة

أما (٤) قول أولئك : إن لا حركة (٥) إلا وهى منقسمة إلى (٦) ماض ومستقبل ، فهو قول (٧) غير صحيح. فإنك تعلم أن الحركة على النحو الذي نحققها نحن (٨) ليست مما ينقسم إلى ماض ومستقبل (٩) ، بل هى (١٠) دائما بين ماض ومستقبل. وأما الحركة التي بمعنى القطع فإنها لا تحصل حركة وقطعا إلا فى زمان ماض ، ومع ذلك إن كانت الحركة تنقسم (١١) إلى ماض ومستقبل ، فإنها (١٢) تنقسم بالقوة فإنه إذا فرض فى الزمان الذي يطابقها آن (١٣) ، عرض لها أن تنقسم ، لا أن يكون (١٤) حاصلا بالفعل. وبالجملة فإنها إذا انقسمت ، فإنما (١٥) تنقسم بالعرض ، ولأجل انقسام الزمان أو انقسام (١٦) المسافة. وإنما الشرط فى وحدة الحركة ، هو أن لا يكون زمانها ومسافتها منقسمين بالفعل ، لا أن يكونا بحيث لا ينقسمان ولا بالقوة ، بل ولا هذا شرط فى وحدة الكميات ، وكثير من الأشياء. وأما قولهم : إنها كيف تكون واحدة ولا تكون تامة ، فأول ما يجلبون به عن ذلك أن الواحد بمعنى التام غير الواحد الذي بمعنى الاتصال ، فلا يجب (١٧) أن لا يكون الشيء واحدا بمعنى ، إذا لم يكن واحد بمعنى آخر. وأيضا فإن الحركة التي شرحنا (١٨) حدها لا تنقسم ، وهى (١٩) محفوظة فى المتحرك تامة ثابتة بعينها إلى أن تنتهى. وأما الحركة بمعنى القطع إن استوفت البعد المستقيم فهى تامة وإن أتمت دائرة فهى تامة لا مزيد (٢٠) عليها ، إذ (٢١) كان التام ما ليس منه شيء خارجا عنه وكان وجود الحركة بمعنى القطع ، هو (٢٢) على أن القطع حصل فإذا كان ليس شيء منه إلا وقد حصل ، ولم يبق خارجا منتظرا (٢٣) ، فهو تام ، وهو حينئذ واحد من

__________________

(١) فصل : فصل د ب ؛ الفصل الرابع م.

(٢) الموردة : المقولة سا (٣) على : فى سا.

(٤) أما : وأما ط (٥) لا حركة : الحركة سا

(٦) إلى : ساقطة من د (٧) قول : ساقطة من ط.

(٨) نحن : ساقطة من ط

(٩) فهو .... إلى ماض ومستقبل : ساقطة من د.

(١٠) بل هى : هو سا. (١١) تنقسم : منقسمة ط.

(١٢) فإنها : فإنما سا (١٣) آن : أن د ، سا ، ط ، م

(١٤) لا أن يكون : لا أن الآن يكون سا ، م ؛ أن لا يكون ط.

(١٥) فإنما : فإنها ب ، د ، م (١٦) أو انقسام : وانقسام ط.

(١٧) فلا يجب : ولا يجب ط ، م.

(١٨) شرحنا : شرحناها سا (١٩) وهى : وعن سا.

(٢٠) لا مزيد : لا تزيد ب (٢١) إذ : إذا سا ، ط ، م

(٢٢) هو : وهو ب. (٢٣) خارجا منتظرا : خارج ينتظر م.


وجهين (١). وقد أجاب بعضهم عن هذا بأن قال : إن مثل الحركة فى أنها قد تعدم منها أشياء ، وتكون الصورة مع عدم تلك الأشياء محفوظة ، هو مثل صورة البيت التي تستحفظ واحدة بعينها ، مع نقص (٢) لبنة لبنة ، وسد الخلل الواقع عند النقص (٣) بما يقوم مقامها ، فتكون الصورة واحدة بالعدد ، وإن استحفظت بمواد متعاقبة ، وكذلك صورة كل شخص من النبات والحيوان. وكذلك تبقى الملكات النفسانية محفوظة (٤) واحدة بعينها ، مع التحلل والاستبدال (٥) وتغير المزاج وإنما تبطل الانفعالات وتتجدد ، وكذلك صورة الظل تبقى واحدة بعينها (٦) فى النهر الجارى المتغير المادة.

قال (٧) : لأن مبدأ الفيض وهو البارى تعالى واحد ، والصورة وهو (٨) الفيض الصادر واحد (٩) ، بالقياس إلى صدوره عنه. فما دامت المادة فى حد القبول ، ولو بالتعاقب ، كانت تلك الصورة هى بعينها مستحفظة.

وليس يعجبنى أمثال هذه الأجوبة ، ولا يصح عندى أن يكون للكائنات الفاسدة (١٠) صورة ثابتة لا تستحيل البتة (١١) ، اللهم إلا أن يقضى بثبات أجزاء وجدت فى الكائنات من أول الكون ، محفوظة إلى وقت الفساد لا تفارق ولا تبطل ، وتكون مقارنة لصورة واحدة أو قوة واحدة (١٢) (١٣) ، تلك الصورة أو القوة (١٤) تستحفظ التحلل الواقع فى سائر (١٥) تلك الأجزاء وتسد (١٦) مسده بما تورده من البدل.

ونقول : إنه ليس يكفى فى ثبات الفيض واحدا كون مبدئه المفيض واحدا ، فإن المبدأ المفيض الواحد (١٧) إذا أفاض على أشياء كثيرة ، كان (١٨) الفيض يتكثر (١٩) بتكثرها (٢٠) ، سواء كانت متكثرة حاصلة فى زمان واحد ، أو كانت (٢١) متعاقبة التكثر. فإنه يعلم يقينا أن الصورة القائمة فى اللبنة الثابتة (٢٢) من التركيب ، والصورة الإضافية التي لها بعينها إلى اللبن الموجود ، ليست هى (٢٣) بعينها ما كان يقوم باللبنة الأولى المنتزعة ، ويعرض لها بعينها من الإضافة إذا كانت هذه الأحوال لا تنتقل من موادها ، بل تفسد أشخاصها بفساد أشخاص حواملها. فإذا كان كذلك لم تكن صورة اللبنة الآن هى بعينها التي كانت قبل ، بل تكون شبيهة بتلك ، تسد مسدها. فكما أنه لو لم يتدارك النوع بالالتئام (٢٤)

__________________

(١) وجهين : جهتين ط. (٢) نقص : نقض ب ، سا ، م.

(٣) النقص : النقض م. (٤) محفوظة : ساقطة من سا.

(٥) والاستبدال : والاستدلال م (٦) بعينها : بعينه سا ؛ ساقطة من د.

(٧) قال : وقال ط (٨) وهو (الثانية) : وهى ط

(٩) واحد : واحدة ط. (١٠) الفاسدة : ساقطة من د

(١١) البتة : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.

(١٢) أو قوة واحدة : ساقطة من م (١٣) واحدة (الثانية) : ساقطة من د

(١٤) أو القوة : وتلك القوة سا ؛ والقوة م

(١٥) سائر : غير سا. (١٦) وتسد : يسد م.

(١٧) فإن المبدأ المفيض الواحد : ساقطة من ط.

(١٨) كان : وكان م (١٩) يتكثر : متكثرا سا ، م

(٢٠) بتكثرها : لتكثرها ب ، د (٢١) أو كانت : وكانت د.

(٢٢) الثابتة : البانية سا ، م ؛ الثانية ط. (٢٣) هى : ساقطة من سا.

(٢٤) بالالتئام : بالالتقام ط.


حتى يتقوض (١) ، لكانت الصورة تبطل. ثم إن أخذ فى إعادة (٢) لبنة لبنة على ذلك النظم بعينه ، تكون الصورة قد حدثت وتكون صورة أخرى بالنوع ، حتى لو لم يشاهد الانتقاص (٣) المستمر زمانا إلى أن يرد إلى العمارة ، لكان مشاهد الصورة الحادثة (٤) يظن أنها هى الصورة الأولى ، وإن كانت أخرى ، وكذلك إن لم يهمل (٥) العمارة إلى الانتقاص (٦) ، بل لم يزل المسترم يرم ، ظن أن الثانية هى الأولى من غير حدوث أمر

فهذا القول منهم غير صحيح البتة ، اللهم (٧) إلا أن يكون فى جملة الأعراض عرض من شأنه أن ينتقل من موضوع إلى موضوع ، أو ينتقل إليه موضوع بعد موضوع ، كما عسى أن يظن من أمر الضوء والظلمة. فإن المضيء والمظلم إذا انتقلا ، انتقلا (٨) فى ظاهر الأمر معه ، وإذا انتقل القابل وسكن المضيء أو المظلم (٩) ، انتقلا فى القابل.

لكن يشبه أن لا يكون الضوء والظلمة أو الظل (١٠) فى الماء السائل ، واحدا بعينه بالشخص ، إذ كان الضوء الواقع هو صفة أو حال (١١) لقابل (١٢) غير (١٣) فاعل ، فإذا استحال القابل لم تبق صفته فإن استحال القابل مطلقا لم تبق الصفة والحال مطلقة ، وإذا استحال هذا القابل لم تبق هذه الصفة وهذه الحال ، وإذا لم تبق هذه الصفة وهذه الحال لم يكن الباقى ثابتا بالشخص ، بل يكون كل آن شخصا آخر من جملة نوع مستحفظ على الاتصال. وهذا كما يعرض للسيال مع الساكن من أمر الموازاة والمحاذاة ، فإنه ليس إذا كان لا يزال يوجد فى السائل جزء مواز بعد جزء أو محاذ ، يلزم (١٤) من ذلك أن الموازاة التي فى السائل تكون محفوظة بالشخص. كذلك ما يتبع الموازاة والمحاذاة من إضاءة وإظلام (١٥) ، إلا أن الحس إذا شاهد فى كل وقت ضوءا كالذى كان حسب (١٦) ذلك شيئا واحدا بعينه واهنا (١٧) ، كالحال فى بيت مظلم متحرك الهواء. فإنا نعلم أن الهواء الذي فيه إذا تحرك ، تحرك (١٨) فيه (١٩) ظلمته فتكون الظلمة متحركة ومنتقلة بالعرض. لكن إذا كان إنما يعقبها مثلها ، لم يحس به. وكذلك لو كان (٢٠) بدل الظلمة حمرة ، وكان لا يحس بالحركة من جهة اللمس أو غيره ، فإن البصر لا يدل حينئذ على حركة (٢١) البتة ، ويحسب أن كل ما يلقاه من الحمرة كل وقت هى الأولى ويكون غيرها لأنها فى جزء غير (٢٢) ، بل لو اتفق أن كان نهر (٢٣) غير مختلف (٢٤) الشطوط بارتفاع

__________________

(١) يتقوض : تقويض بخ ، سا (٢) إعادة : إعلاه د.

(٣) الانتقاص : الانتقاض سا ، م. (٤) الحادثة : ساقطة من ط

(٥) يهمل : يهتمل سا ؛ يهمل ط ، م (٦) الانتقاص : الانتقاض سا ، م.

(٧) اللهم إلا : لا سا. (٨) انتقلا انتقلا : انتقل انتقلا د ، سا ؛ انتقلا م

(٩) أو المظلم : والمظلم سا ، ط. (١٠) أو الظل : والظل ط ؛ أو للظل م.

(١١) أو حال : أو هو حال د (١٢) لقابل : القابل م

(١٣) غير : عن سا ، م. (١٤) يلزم : ويلزم ط.

(١٥) وإظلام : أو إظلام ط ، م (١٦) حسب : + أن م

(١٧) واهنا : راهنا ط. (١٨) تحرك : ساقطة من د ، م

(١٩) فيه : وفيه سا ؛ فى م. (٢٠) لو كان : إذا سا.

(٢١) حركة : الحركة ط. (٢٢) غير : غيره ط

(٢٣) نهر : نهره ط (٢٤) مختلف : مختلط م.


وانحدار ، وأسفله مستو متشابه مسطح أو مقبب ، وفيه ماء يسيل ، من غير أن تكون هناك علة تموج من ريح أو اختلاف أجزاء قرار ، أو غير ذلك ، فإنك تحسب ذلك الماء ماء واحدا بعينه راكدا ساكنا ، إذ لا يمكنك (١) أن تحس بفصول بين (٢) جزء (٣) عداك وجزء (٤) وصل إلى سمتك. وكذلك إذا لم يحس بفصول الاستحالة فى الظلمة أو الضوء (٥) لاتصال الأمر ، حسبت أن الظلمة والضوء هو ذلك بعينه. وأما التشكك الذي يقال فى هذا ، وهو أنه إن لم يكن واحدا فهو إذن كثير ، ولا يجوز أن يكون (٦) كثيرا غير متناه يكون كثيرا متناهيا ، فلا يخلو (٧) إما أن يكون كل واحد من ذلك الكثير لا يبقى إلا آنا وقد كان يرى موجودا على الاتصال ، فتكون الآنات المتناهية يتألف منها زمان متصل واحد ، وهذا محال. أو يكون (٨) كل واحد منها يبقى زمانا مع سيلان الموضوع ، هذا ما ينكرونه (٩) ، فيجب أن نعرف حله من الأصول التي تحققتها (١٠).

وبعد هذا فقد تشكك (١١) فى أمر الحركة السماوية بتشكك (١٢) يناسب الشكوك التي ذكرناها ، وإن كان متغير (١٣) عنها يسيرا ، فقيل (١٤) إنها لا تخلو إما أن تكون واحدة أو تكون كثيرة (١٥) ، فإن كانت واحدة فكيف تكون واحدة وليست بتامة ، فإنا نجد منها شيئا خارجا منها لم يحصل بعد وكل واحد تام ، وإن كانت كثيرة فكيف نقول عددها وما آحادها (١٦). فنقول : أما الحركة بالمعنى الذي نقوله فهى واحدة باقيه فيه أبدا ما تحرك ، وأما الذي (١٧) بمعنى القطع فيشبه أن تكون كل دورة حركة واحدة (١٨) ، إلا أن الدورات (١٩) لا تتحدد إلا بالوضع.

وإذ قد فرغنا من الكلام فى وحدة الحركة ، فبالحرى أن نتكلم فى التقايس الذي يكون بين الحركات فى سرعتها وبطؤها ، وهو المعنى الذي يسمى مضام (٢٠) الحركات.

__________________

(١) إذ لا يمكنك : ولا يمكنك ط.

(٢) بين : عن ط

(٣) جزء : + جزء ط

(٤) وجزء : + جزء ط.

(٥) أو الضوء : والضوء سا ، ط ، م.

(٦) يكون (الأولى) : فيكون سا ، ط ، م

(٧) فلا يخلو : ولا يخلو ط ، م.

(٨) أو يكون : أن يكون سا

(٩) ما ينكرونه : مما ينكرونه ط ، م.

(١٠) تحققتها : تحققها د ، سا ، م ؛ حققتها ط. تشكك : شكك ط.

(١١) تشكك : شكك ط

(١٢) بتشكك : بتشكيك ط

(١٣) متغيرا : مغيرا ط.

(١٤) فقيل : فقد قيل سا

(١٥) أو تكون كثيرة : أو كثيرة سا ، ط ، م.

(١٦) وما آحادها : وإما آحادها م

(١٧) الذي : التي م.

(١٨) واحدة : ساقطة من م

(١٩) الدورات : الدوران د.

(٢٠) مضام : مضامة سا ، ط ، م.


[الفصل الخامس]

ه ـ فصل (١)

فى مضامة الحركات ولامضاتها

من عادة الناس أن يقولوا مرة فى كل حركة تتم فى زمان أقصر ، إنها أسرع. فيقولون : إن هذه الاستحالة كانت أسرع من (٢) هذه النقلة ، فيكون معنى الأسرع فى هذا الموضع هو الذي ينتقل إلى الغاية فى زمان أقصر ، وأن يمتنعوا مرة أخرى عن أن يقولوا : إن (٣) حركة السلحفاة من مبدأ شبر (٤) إلى منتهاه فى ربع ساعة ، هى أسرع من حركة الفرس فرسخا فى ساعة ، بل يعدون حركة السلحفاة بطيئة ، وإن (٥) كانت تبلغ المقصد أو تنتهى إلى السكون فى زمان أقصر ، ويعدون حركة الفرس سريعة ، وإن كانت طويلة الزمان إلى المنتهى. فيجب أن يكون لهذه (٦) السرعة وهذا البطء معنى آخر غير الأول ، وهو أن السريع هو الذي يقطع من المسافة أو مما يجرى (٧) مجرى المسافة ما هو (٨) أطول فى زمان مثل (٩) ، أو الذي (١٠) يقطع المثل فى زمان أقصر. فيجب إذا أردنا (١١) أن نقايس بين حركتين فى السرعة والبطء ، أن يكون ما فيه الحركة مراعى ، فإن أمكن بين الشيئين اللذين فيهما الحركة مقايسة بالزيادة والنقصان والاشتداد والضعف ، أمكنت المقايسة بين الحركتين فى السرعة والبطء ، والمقايسة بين الشيئين فى الزيادة والنقصان. والمساواة فى الكمية (١٢) هى (١٣) على وجهين : أحدها بالفعل ، والآخر بالقوة ، أما الذي بالفعل فأن (١٤) يكون انطباق (١٥) أحدهما ممكنا بالآخر ، حتى ينطبق كله على كله ، وينطبق (١٦) الطرفان إن كان لها طرفان على الطرفين بالفعل ، أو يفصل أحدهما على مطابق الآخر ، فيكون فى الأول مساواة ، وفى الثاني تفاوت بزيادة ونقصان. والوجه (١٧) الثاني الذي بالقوة وهو أن لا يكون المقداران (١٨) بحيث يمكن أن يكون بينهما مطابقة وفصل ، مثل مستقيم ومستدير ومثل مثلث ومربع. فظاهر أنه لا ينطبق المثلث على المربع هذا الانطباق ، ولا المستقيم على المستدير ، لكن قد يظن

__________________

(١) فصل : فصل ٥ ب ؛ الفصل الخامس م.

(٢) من : عن د. (٣) يقولوا إن : ساقطة من سا

(٤) شبر : سير سا ، م. (٥) وإن : فإن سا ، م.

(٦) لهذه : بهذه د (٧) مما يجرى : ما يجرى ط.

(٨) ما هو : مما هو ط (٩) مثل : مثلا ط

(١٠) أو الذي : والذي ط (١١) أردنا : أوردنا ط.

(١٢) فى الكمية : الكمية سا ؛ الكمى ط ، م

(١٣) هى : هو سا ، ط ، م

(١٤) فأن : فبأن ط.

(١٥) انطباق : إطباق ط ، م

(١٦) وينطبق : فينطبق سا.

(١٧) والوجه : وإلى الوجه ط.

(١٨) المقداران : المقدار د ، سا ، م.


أن هذا الانطباق فيهما بالقوة. أما (١) المثلث فهو بحيث يمكن أن يقطع (٢) قطوعا يرد (٣) إلى نظام يكون منه مربع ، فحينئذ يمكن أن يركب (٤) ذلك المثلث على ذلك المربع ، فينطبق عليه فيساويه (٥) بالفعل ، أو يفضل عليه فيزيد (٦) عليه (٧) بالفعل ، وقبل ذلك لم يكن (٨) مساويا ولا زائدا بالحقيقة بالفعل (٩) الصريح. فمن هذا القبيل يقال : إن المثلث مساو للمربع ، وكذلك المستدير ، لو أمكن أن يعمل به ما يغيره إلى الاستقامة لكان (١٠) يكون بحيث يزيد على المستقيم ، أو ينقص عنه ، أو يساويه بالانطباق عليه. فما دام مستديرا فليس يمكن أن يعمل به هذا الانطباق ، بالفعل اللهم إلا (١١) بالقوة إن أمكن ذلك. والشيء إذا لم يكن منطبقا على غيره ، ونهاياته على نهاياته ، لم يكن مساويا له بالفعل ، وإذا لم يكن فيه ما يساويه على الوجه الذي قيل ، وزيادة (١٢) على ما يساويه ، لم يكن زائدا عليه بالفعل ، ولا الآخر ناقصا عنه بالفعل.

وما سلف بيانه لك يحكم أن المستقيم ليس فى قوته أن يتغير إلى أن ينطبق على المستدير وهو موجود بعينه ، فليس (١٣) حكمه فى هذا إذا رجعت إلى التحقيق حكم المثلث والمربع. فإن (١٤) قال قائل : إنا (١٥) نعلم يقينا أن القوس أعظم من الوتر ، والوتر أصغر منه (١٦) ، فإذا وجد تفاوت فى الصغر والكبر ، فبالحرى أن يكون هناك مساواة. وقد أجاب عن هذا بعض المحصلين (١٧) فقال (١٨) : قد (١٩) يكون بين شيئين تناسب الزيادة والنقصان ، مع استحالة أن يقع بينهما مناسبة المساواة ، فإنا نعلم يقينا أن (٢٠) زاوية مستقيمة الخطين حادة ، هى أعظم من زاوية حادة عن قوس ومستقيم (٢١) ، وأصغر من أخرى ، ويستحيل أن تكون من قبيل مستقيمة الخطين (٢٢) زاوية مستقيمة لشيء من قبيل الأخرى. وإنما قلنا إن الحادة المستقيمة الخطين أعظم من زاوية منهما ، لأن الزاوية (٢٣) القوسية توجد بالفعل فى تلك (٢٤) وزيادة أخرى.

وانما كانت الأخرى أعظم من مستقيمة الخطين ، لان مستقيمة الخطين (٢٥) توجد بالفعل (٢٦) فيها وزيادة. فهذا جواب ، ومع ذلك فكيف نسلم أن القوس أعظم بالفعل من الوتر ، وليس يمكن أن يوجد (٢٧) فى القوس ما ينطبق عليه المستقيم

__________________

(١) أما : وأما د (٢) يقطع : ينقطع م

(٣) يرد : يؤدى ط. (٤) يركب : يتركب ط

(٥) فيساويه : أو يساويه ب ، د (٦) فيزيد : ويزيد د ؛ فزيد ط

(٧) عليه : ساقطة من م.

(٨) يكن : + ذلك ط (٩) بالفعل : وبالفعل ط.

(١٠) لكان : + أن ط. (١١) إلا : + أن ط.

(١٢) وزيادة : وزيادته د ؛ ساقطة من سا.

(١٣) فليس : وليس ط (١٤) فإن : وإن سا

(١٥) إنا : فإنا ب ، د. (١٦) منه : ساقطة من ب ، د.

(١٧) المحصلين : المخلصين م

(١٨) فقال : وقال سا (١٩) قد : فقد ط.

(٢٠) أن : ساقطة من م (٢١) ومستقيم : مستقيم د ، م.

(٢٢) حادة .... الخطين : ساقطة من سا.

(٢٣) الزاوية : ساقطة من د ، م (٢٤) فى تلك : ساقطة من ب.

(٢٥) لأن مستقيمة الخطين : ساقطة من م

(٢٦) بالفعل : ساقطة من ب ، د. (٢٧) يوجد : يكون د.


انطباقا مع انطباق النهايتين ، وكيف يكون بينهما مقايسة البتة بالفعل ، عسى أن يكون ذلك بالقوة ، أو عسى أن يكون ذلك التوهم بحيث أن المستدير لو أمكن استقامته لكان حينئذ يوجد فيه مثل وزيادة (١) ، فيكون إذن اعتبار التفاوت والمساواة مرة بالفعل ومرة بالقوة المستندة (٢) إلى (٣) الوجود كالحال بين المثلث والمربع ، ومرة باعتبار بعيد وهو أن يكون الشيء بحيث لو كان يقبل التغير لصار إلى صفة الزيادة لا غير أو النقصان (٤) لا غير أو المساواة لا غير.

وهذا اعتبار بعيد ، فالحركات المقايسة المكانية هى التي يكون ما يتحرك فيه متقايسا ، فإن كان المثل يقطع فى زمان مثل (٥) ، فالسرعة متساوية ، وإن كان الأطول يقطع فى زمان مثل أو المثل يقطع فى زمان أطول ، فالحركات غير متساوية ، بل متفاوتة بالزيادة والنقصان ، فإن لم يكن ما (٦) يتحرك فيه متقايسا (٧) بالفعل ولا بالقوة ، فالحركات غير متقايسة بالفعل ولا بالقوة ، وتكون (٨) المستقيمة والمستديرة لا تقايس (٩) بينهما بالتحقيق إلا المقايسة المذكورة البعيدة جدا.

وأما المقايسة المعتبرة (١٠) فى الحركات الكيفية فمنها (١١) وجه قريب ، ومنها وجه بعيد ، فالوجه القريب هو أن يكون ما يتحرك فيه قابلا لقياس المشابهة الحقيقية ، مثل سواد وسواد وحرارة وحرارة. فإذا كان متحرك ما قد (١٢) ابتدأ من كيفية شبيهة لكيفية (١٣) أخرى ابتدأ (١٤) منها متحرك آخر ، ثم انتهى إلى شبيه ما انتهى إليه الآخر فى زمان واحد ، وكان كل موقف متوهم يتوافيان فيه متشابهين لو وقفا عليه فهو (١٥) مساو له فى السرعة ، وإن (١٦) كان لم ينته إليه بعد. ولو وقفا جميعا فى وسط الزمان ، كانت كيفيته أضعف ، وبقى زمان (١٧) فهو أبطأ منه ، فيكون (١٨) الآخر أسرع منه. فيجب أن يكون المتحرك فيه واحدا ، والمنتهى والمبدأ واحدا (١٩) ، أى فى النوع (٢٠). وأما الوجه البعيد ، فأن يكون الاعتبار بالضد ، حتى إن كان أحد المنتهى إليهما أو المبتدأ (٢١) منهما طرفا فى التضاد ، والآخر ذلك الطرف الآخر لنظيره. أو إن كان (٢٢) دون الطرف وأقرب إلى الوسط ، كان الآخر من ذلك الجانب كذلك ، وعلى مثل ذلك القرب من الوسط. فيكون الاعتبار مثلا ، أن هذا وهو يبيض ، أسرع من هذا وهو يسود أو مساو (٢٣) له ، حتى تكون نسبة ما منه ابتداء ، وما إليه

__________________

(١) وزيادة : أو زيادة م. (٢) المستندة : المستديرة م

(٣) إلى : فى د. (٤) أو النقصان : والنقصان د.

(٥) زمان مثل : الزمان المثل ط. (٦) يكن ما : ساقطة من م

(٧) متقايسا : متقايسة ط. (٨) وتكون : فتكون سا

(٩) لا تقايس : لا تغاير ط. (١٠) المعتبرة : ساقطة من سا

(١١) فمنها : فمنهما م. (١٢) قد : ساقطة من سا.

(١٣) لكيفية : بكيفية ط (١٤) ابتدأ : ساقطة من ط.

(١٥) فهو : ساقطة من ط (١٦) وإن : فإن سا ، ط.

(١٧) زمان : زمانا م (١٨) فيكون : ويكون سا.

(١٩) واحدا (الثانية) : واحدان ط (٢٠) أى فى النوع : ساقطة من سا.

(٢١) أو المبتدأ : والمبتدأ سا ، م. (٢٢) كان (الثانية) : فكان سا.

(٢٣) مساو : مساويا سا ، ط.


انتهاء (١) ، وما كان فيه إلى البياض كنسبة نظرائها (٢) من ذلك الجانب إلى السواد. وهذا وجه غير متحقق (٣) بحسب الأصول.

وقد يعرض أن يكون شيئان متقايسين على الإطلاق ، ولا يكونان (٤) متقايسين بالنسبة إلى شيء ، فإن الكبير والصغير فى الماء من حيث هو ماء ، غير الكبير والصغير فى الهواء من ـ ـ حيث هو هواء ، لأن غاية الكبر فى الماء ليس مثل غاية الكبر (٥) فى الهواء ، وكذلك فى الصغر. وإذا (٦) تخلخل الماء إلى كبر الهواء كان للحركة حد دون (٧) حد تخلخل (٨) الهواء إلى كبر النار. فإذا أخذت هذه الحركات فى الكبر مطلقا وفى الصغر مطلقا كان ذلك متقايسا (٩). وأما مقايسة (١٠) الكبر النارى إلى الكبر الهوائى فليس بجائز ، فالتخلخل الهوائى وهو الحركة إلى الكبر لا يقاس بالتخلخل المائى ، ولا تكاثفه بتكاثفه. فإن كبر هذا ليس من نوع كبر ذلك ، ولا صغره من نوع صغره ، بل المقايسة تجرى بين نخلخلى هوائين أو تخلخلى ماءين ؛ وكذلك حال الطيران والمشي. اما (١١) من حيث الحركة فى مسافة مستقيمة ، فقد يصح التقايس ؛ وأما من حيث هذا طيران النسر وهذا طيران العصفور فضلا عن المشي ، فلا يتقايس طيران نسرى وطيران (١٢) عصفورى ، بل الطيران النسرى يقايس (١٣) بالطيران النسرى ، والعصفورى بالعصفورى (١٤) وكذلك النحلى العسلى بالنحلى العسلى والنحلى العنبى بالنحلى العنبى. فيجب أن يراعى فى هذا الباب معنى ما فيه (١٥) الحركة ويراعى أخذه مطلقا أو بشرط (١٦) ثم ينظر إلى الزمان ، فإن لم يختلف ذلك فى النوع صح التقايس فيهما (١٧) ، فربما (١٨) كانت (١٩) المقايسة لا لطبيعة (٢٠) النوع ، بل لطبيعة النوع مع عرض (٢١). فأما (٢٢) المتحرك فلا تأخذه شرطا فى هذا الباب ، إذ لا يغير اختلافه اختلاف الحركة ، اللهم إلا أن يكون مأخوذا شرطا فى هيئة الحركة وفيما فيه الحركة ، كالعصفور للطيران العصفورى ، فإن مسافة حركات العصفور (٢٣) فى طيرانه غير مسافة حركات ما ليس بعصفور (٢٤).

وقد يغلط فى هذا الباب اشتراك الاسم واشتباهه (٢٥) ، مثل أنه يظن أن هذا (٢٦) السكين يحد أسرع وأبطأ (٢٧) مما يحد هذا الصوت ، ولكن (٢٨) الحدة فيهما لمعنى (٢٩) مختلف. وكذلك يظن أن هذه العين الرمدة قد صحت أسرع مما صحت

__________________

(١) انتهاء : انتهى سا ، ط ، م (٢) نظرائها : نظيرتها ط

(٣) متحقق : محقق ط ، م. (٤) متقايسين على .... ولا يكونان : ساقطة من د.

(٥) الكبر : الكبير ط (٦) وإذا : فإذا سا ، ط (٧) دون : ودون د (٨) تخلخل : (الثانية) : يتخلخل ط.

(٩) متقايسا على : مقايسة م (١٠) مقايسة : المقايسة ط.

(١١) أما : وأما ط. (١٢) وطيران : بطيران ط

(١٣) يقايس : يقاس ط (١٤) بالعصفورى : ساقطة من م.

(١٥) ما فيه : + من باب سا. (١٦) أو بشرط : وبشرط ط

(١٧) فيهما : ساقطة من سا (١٨) فربما : ساقطة من ب ، د ، م

(١٩) كانت : وكانت ب ، د ، وكان سا. (٢٠) لطبيعة : بطبيعة سا

(٢١) عرض : + ما ط (٢٢) فأما : وأما سا.

(٢٣) العصفور : العصفورى ط (٢٤) بعصفور : بعصفورى ط.

(٢٥) واشتباهه : أو اشتباهه سا ، ط ؛ وأشباهه م (٢٦) هذا : هذه م

(٢٧) وأبطأ : وأبطأ ط ، م. ولكن : لكن سا. (٢٨) ولكن : لكن سا

(٢٩) لمعنى : بمعنى د ؛ معنى سا ، ط ، م.


هذه اليد المفلوجة (١) ، فإنه كما أن مزاج العين وفعله غير فعل اليد فى النوع ، فكذلك سلامة فعله أو فساد (٢) فعله ، غير الذي ما منهما (٣) لليد فى النوع. فلا تكون الحركة فيهما من نوع واحد ، اللهم إلا أن تعتبر الصحة مطلقا ، فلا تكون الحركتان واحدتين (٤) فى النوع ، بل فى الجنس ، فقد (٥) علمنا أن ذلك التقايس الجنسى ليس بالحقيقى (٦) ، وهاهنا مسألة ربما سأل (٧) عنها سائل وقال : متحرك قطع مسافة ، وكانت تلك المسافة تبتدئ تستحيل (٨) مع ابتداء حركته ، حتى انتهت الاستحالة إلى الحد الذي تقف عنده وتتم لديه (٩) ، فوقفت النقلة معها ؛ فهل من الممكن أن يقال : إن هذه الاستحالة مساوية لهذه الحركة؟ فالجواب أن ذلك (١٠) خطأ ، ولا يجوز أن يقال ، وذلك لأن المسافة مساوية للمستحيل ، وأما الحركة فليست بمساوية (١١) للاستحالة إلا فى الزمان فقط ، ولا النقلة قطعت شيئا مما قطعته (١٢) الاستحالة (١٣). وذلك لأن الحركة قطعت مسافة ، إذ كانت تغيرا من مبدئها إلى منتهاها ؛ والاستحالة قطعت ما بين كيفيتين ، إذ كانت تغيرا لا من حد مسافة إلى أخرى ، بل (١٤) من كيفية إلى أخرى ، إذا المستحيل من حيث هو لم يخرج من حد مسافة إلى حد آخر ، بل خرج من كيف إلى كيف ، إلا أنه لم يزل يتجدد فيه كيف بعد كيف ، لا على استقرار تجدد الشيء فى محله.

[الفصل السادس]

و ـ فصل (١٥)

فى تضاد الحركات وتقابلها

وإذ (١٦) قلنا فى (١٧) تساوى الحركات وتفاوتها فأولى ما نتكلم فيه هو حال (١٨) تضاد الحركات. فنقول : أما أولا فإن الحركات المختلفة الأجناس مثل النقلة والاستحالة والنمو فقد تجتمع معا ، فإن امتنع بعضها عن الاجتماع مع

__________________

(١) المفلوجة : المفلوحة م (٢) أو فساد : وفساد م.

(٣) منهما : ما فيهما سا ، ط ، م.

(٤) واحدتين : واحدة م (٥) فقد : وقد سا ، ط ، م

(٦) بالحقيقى : بحقيقى ط.

(٧) سأل : يسأل د

(٨) تستحيل : فيستحيل ط.

(٩) لديه : لذاته د.

(١٠) وذلك : ذلك ط.

(١١) بمساوية : مساوية سا

(١٢) قطعته : تقطعه سا ، ط.

(١٣) إلا فى .... الاستحالة : ساقطة من سا

(١٤) بل : ساقطة من م.

(١٥) فصل : فصل وب ؛ الفصل السادس د.

(١٦) وإذ : وإذا ط

(١٧) فى : ساقطة من ط

(١٨) حال : ساقطة من د.


بعض فى وقت ما ، فليس ذلك لأن طباعها من حيث هى نقلة واستحالة ونمو توجب ذلك ، بل لأمر زائد (١) وسبب من خارج. وأما الحركات الداخلة تحت جنس واحد ، مثل التسود والتبيض الواقعين فى جنس الكيفية على النحو من الوقوع المذكور فإنها قد تكون متضادة ، فإن التسود موافق (٢) للتبيض (٣) فى الجنس ، ويشاركه فى الموضوع ولكنه مقابل له يستحيل اجتماعه معه (٤) وهو معنى وجودى ؛ كما أن التبيض معنى وجودى ، وليس مقولا بالقياس إلى الآخر ، وبينهما من الخلاف أكثر مما بين أحدهما وبين التصغر وغيره ، وهو غاية الخلاف. وهذه هى الأمور التي بها يصير الشيء ضد الشيء ، فالتبيض ضد التسود (٥) ، كما أن البياض ضد السواد. وكذلك فى مقولة الكم أيضا ، فإن النمو ضد الذبول ، فإنه وإن كان لقائل أن يقول : إن الصغر (٦) ليس بمضاد للكبر (٧) ، بل هو مضايف له. وكان يجوز أن يبطل هذا بأن الصغير والكبير اللذين (٨) بحسب النوع يقالان على الإطلاق ليس (٩) بالقياس ، فإن فى (١٠) النمو والذبول اعتبار آخر يغنى عن أن يقال ذلك ، لأن الحركة إلى الزيادة ليست إنما هى حركة إلى (١١) الزيادة ، بالقياس إلى الحركة إلى النقصان ، كما أن الزيادة إنما هى (١٢) زيادة بالقياس إلى النقصان ، وعلى أن الزيادة والنقصان اللذين يتوجهان إليه (١٣) محدودان فى الطبع ليسا بالقياس ، ومنجد الحال فى النمو والذبول ، كما فى التبيض والتسود ، وكذلك الحال فى التخلخل والتكاثف. وأما الحركات التي فى الوضع فيشبه أن لا يكون فيها تضاد على نحو ما لا تضاد فى الحركات المستديرة ، وستعلم هذا عن قريب (١٤). وأما الحركة المكانية ، فإن الجنس المستدير منها غير مضاد للجنس المستقيم بوجه من الوجوه ، وذلك لأن فصول الحركات المتضادة ، مع الاتفاق فى الجنس ، يجب أن تكون متقابلة متعاندة لا محالة ، وتكون منسوبة لا محالة إلى أمر من الأمور التي تتعلق بها الحركة. والحركات ليس كونها متضادة هى (١٥) أن متحركها (١٦) متضادان (١٧) ، فإن الأضداد قد يعرض لها أن تتحرك حركة متفقة فى النوع ، فإن النار (١٨) إذا عرض (١٩) له حركة بالقسر إلى أسفل ، وشاكل الحجر فى ذلك ، كان نوعا الحركتين لا يختلفان فى ذاتيهما (٢٠) ، إنما يختلفان بالقسر والطبع. والقسر والطبع لا يجعل الشيء مختلفا (٢١) فإن الحرارة التي تحدث فى جسم (٢٢) بالقسر ، والتي تثور (٢٣) بالطبع متفقة الفعل ؛ والسواد الذي يحدث بالقسر (٢٤) ، والذي يحدث بالطبع ، سواد يؤثر تأثيرا واحدا ، إنما يختلف بأن هذا

__________________

(١) لأمر زائد : الأمر زائد د ، م. (٢) موافق : يوافق ط

(٣) التبيض : المتبيض ط. (٤) معه : ساقطة من ط.

(٥) التسود : السواد ط. (٦) الصغر : الصغير سا ، ط ، م

(٧) الكبر : للكبير سا ، ط ، م.

(٨) اللذين : الذي سا ؛ الذين هما ط ؛ واللذين م

(٩) ليس : لا ط (١٠) فى : ساقطة من ط.

(١١) إلى (الثانية) : لها ط. (١٢) حركة .... إنما هى : ساقطة من سا.

(١٣) إليه : إليهما م. (١٤) قريب : قرب ط.

(١٥) هى : هوم (١٦) متحركها : متحركتها د

(١٧) متضادان : متضادة سا ، ط ، م. (١٨) النار : الحار سا ، ط ، م.

(١٩) عرض : عرضت م (٢٠) ذاتيهما : ذاتهما ط ، م.

(٢١) مختلفا : مختلفان د (٢٢) جسم : الجسم ط

(٢٣) تئور : تنور ب ، د. (٢٤) بالقسر الذي يحدث : ساقطة من م.


عرضى وهذا طبيعى ، وكذلك الأشكال الطبيعية والقسرية وغير ذلك. ولو كان تضاد الحركات أيضا إنما هو (١) للقسر وللطبع ، لما كانت حركتان قسريتان متضادتين ، ولا طبيعيتان (٢) متضادتين. فبين أنه ليس تصير الحركة مضادة (٣) للحركة ، لنفس أن الحاملين للحركة متضادان ، وبمثل ذلك يعلم أيضا (٤) أن الحركة ليست تصير مضادة للحركة (٥) لأجل أن المحركين متضادان ، ولا أيضا لأجل الزمان ، لأن الزمان لا تتضاد طباعه ؛ ولو كانت (٦) تتضاد لكان يكون التضاد فى أمر يعرض للحركة ، لا لطبيعة الحركة ، فإن الزمان عارض للحركة ، ولا أيضا تكون الحركات متضادة ، لأجل أن الذي (٧) فيه الحركة مضاد للذى فيه حركة أخرى ، فإن (٨) الذي فيه الحركة يكون متفقا والحركات تتضاد (٩). فإن الطريق من البياض إلى السواد ومن الزيادة إلى النقصان ، هو بعينه الطريق من السواد إلى البياض ومن النقصان إلى الزيادة ، وبالجملة بين (١٠) المتوسطات بأعيانها. كما أن المسافة فى النزول هى المسافة فى الصعود ، وبالجملة فإن هذه المتوسطات لا أضداد لها ، لأنها متوسطات. فكيف يكون هى التي لتضادها تصير الحركات متضادة.

ولم (١١) يبق الآن إلا الأمور التي إليها وعنها ، فإنها إذا كانت متضادة كالسواد والبياض كانت الحركات متضادة ، ولا كيف اتفق ، فإن الحركة من السواد ليس بضد للحركة (١٢) إلى السواد ، لأجل أنه (١٣) حركة من السواد فقط ، بل لأجل ما يلزمه (١٤) من أن تكون مع (١٥) ذلك حركة إلى البياض ، كما يلزم كونها حركة (١٦) إلى السواد من كونها حركة (١٧) البياض ، فإن الانتقال من السواد لا يكون إلا إلى (١٨) البياض ، والانتقال إلى السواد لا يكون إلا من البياض. فأما (١٩) من الإشفاف وإلى الإشفاف ، فذلك ليس بحركة ، بل أمر يقع دفعة ، ولو كانت الحركة من السواد قد تتوجه لا إلى البياض ، لم تكن هاتان (٢٠) الحركتان متضادتين ، كما أنه يجوز أن يتحرك الشيء من اليمين لا إلى اليسار ، بل إلى فوق (٢١) ، فالحركات المتضادة هى التي تتقابل أطرافها. وهذا يتصور على وجهين يرجعان إلى وجوه ثلاثة : أحدهما أن تكون أطرافها تتقابل بالتضاد الحقيقى فى ذواتها ، مثل السواد والبياض ، ومثل أكبر حجم فى طبيعة الشيء ، وأصغر حجم فى طبيعة ذلك الشيء. والثاني أن تكون أطرافها لا تتقابل فى ذواتها وفى ماهياتها (٢٢) ، بل تتقابل من جهتين : إحداهما (٢٣) بالقياس إلى الحركة

__________________

(١) هو : هى ب ، د ، سا ، ط. (٢) ولا طبيعيتان : ولا طبيعتان د ، سا ، م

(٣) مضادة : متضادة ب ، د ، سا. (٤) أيضا : ساقطة من سا ، م

(٥) للحركة : ساقطة من سا. (٦) كانت : كان د ، سا ، ط ، م.

(٧) الذي : التي سا (٨) فإن : وإن د

(٩) تتضاد : متضادة د ، ط. (١٠) بين : هى سا ، ط ، م.

(١١) ولم : فلم سا ، ط ، م. (١٢) للحركة : الحركة م

(١٣) أنه : أنها م. (١٤) ما يلزمه : يلزمه د ؛ ما يلزمها م

(١٥) مع : ساقطة من سا (١٦) حركة (الثانية): + من سا ، ط ،

(١٧) إلى السواد من كونها حركة : ساقطة من م. (١٨) إلى (الأولى) : من سا

(١٩) فأما : + الانتقال ط. (٢٠) هاتان : فهاتان ط

(٢١) فوق : الفوق ط. (٢٢) ماهياتها : هيئاتها د

(٢٣) إحداهما : أحدهما سا.


والثانية بالقياس إلى أمور خارجة عن الحركة ، مثل أن طرفى المسافة المتصلة بين السماء والأرض هما (١) مثلا نقطتان أو مكانان. وطباع (٢) النقطتين والمكانين لا تتضاد ولا تتقابل تقابل السواد والبياض (٣) ، بل يتقابل الأمر خارج ، وذلك الأمر إما غير متعلق بالنسبة إلى الحركة وإما متعلق بها. أما الخارج من النسبة إلى الحركة ، فبأن يكون أحد الطرفين فى غاية القرب من الفلك ، والطرف الثاني فى غاية البعد (٤) منه ، فيكون طرف منه لزمه إن كان علوا ، والآخر (٥) لزمه إن يكون سفلا. وأما المتعلق بالنسبة إلى الحركة ، فمثل أن يكون أحد الطرفين عرض له أن يكون مبدأ الحركة الواحدة ، والآخر عرض له أنه (٦) منتهى لتلك الحركة. فقياس كل واحد منهما إلى الحركة مخالف ، ومقابل لقياس (٧) الآخر. فإنه (٨) وإن كان قياس كل واحد منهما إلى الحركة قياس المقابل (٩) بالإضافة (١٠) ، إذ المبدأ مبدأ (١١) لذى المبدأ (١٢) ، والمنتهى منتهى لذى المنتهى ، وكذلك بالعكس فى الأمرين ، فليس مقابلة (١٣) ما بين المبدأ والمنتهى هذه المقابلة ، فإن المبدأ لا يقابل المنتهى بأنه مقول (١٤) بالقياس إليه ، فإنه ليس يلزم أنه إذا كان للحركة مبدأ ما ، وجب أن يفهم من هذا بعينه أن لها (١٥) منتهى ، عسى إن كان ولا بد فيعلم (١٦) بدليل ووسط من خارج ، والأمر فى المنتهى كذلك. والمضافان أيهما علم ، لزم العلم بالآخر ، فليس ابتداء المسافة متصور الماهية بالقياس إلى منتهاها ، ولا منتهاها متصور الماهية بالقياس مبتداها (١٧) ، فليس بينهما تقابل المضاف ، وبينهما لا محالة تقابل. أعنى إذا كانا فى المستقيمة (١٨) ، إذ يستحيل أن يكون المبدأ والمنتهى مجتمعين فى شيء ، وأحدها بالقياس إليه مبتدأ (١٩) ومنتهى ، اجتماعا فى زمان واحد ، وليس أحدهما معنى عدميا للآخر ، حتى (٢٠) يكون المنتهى عدم المبتدأ (٢١) بالتضاد (٢٢) ، ولا وجه من وجوه (٢٣) التقابل إلا التقابل بالتضاد. وأما فى غير المستقيم ، فلا يبعد أن يكون شيء واحد مبدأ أو منتهى للحركة التي ليست على الاستقامة ، فلا يكون فى المبدأ (٢٤) والمنتهى هناك تضاد وتقابل (٢٥) ، وليس يقع الشك فى أن القسم الأول يجعل الحركات متضادة ، وأما القسمان الآخران فيشبه أن يقع هذا

__________________

(١) هما : وهما ب ، د. (٢) وطباع : وطبائع ط ، م

(٣) السواد والبياض : البياض د. (٤) البعد : الأحد سا

(٥) والآخر : وآخر سا. (٦) أنه : فإنه د

(٧) لقياس : كالمقياس ط ؛ + كل واحد منهما إلى ط.

(٨) فإنه : وإنه سا (٩) المقابل : + له ط ، م

(١٠) بالإضافة إذ : ساقطة من م (١١) مبدأ : ساقطة من م

(١٢) لذى المبدأ : ساقطة من م. (١٣) مقابلة : مقابل د.

(١٤) مقول : يقول م (١٥) لها : له : له سا ، ط ، م.

(١٦) فيعلم : فستعلم ط. (١٧) مبتداها : مبداها ط ، م.

(١٨) المستقيمة : المستقيم سا.

(١٩) مبتدأ : مبدأ ط ، م. (٢٠) حتى : ساقطة من سا

(٢١) المنتهى عدم المبدأ : المبتدأ عدم المنتهى سا (٢٢) بالتضاد (الأولى) : إلا بالتضاد بخ ؛ ساقطة من د ، ط ، م (٢٣) وجوه : الوجوه ب ، سا.

(٢٤) المبدأ : المبتدأ ط. (٢٥) وتقابل : أو تقابل سا ، ط ، م.


الشك فيهما ، وذلك لأن ذوات تلك الأطراف لا تتقابل لذاتها ، بل تتقابل (١) بعارض عرض لها (٢) ، فإذا لم تكن متضادة حقيقية (٣) ، لم تجعل الحركات متضادة حقيقية.

فنقول : إن هذه المقدمة باطلة ، فإنه ليس إذا كان الشيء متعلقا بشيء ، ويكون ذلك الشيء ليس يعرض له التضاد فى جوهره ، بل لعرض (٤) يعرض له (٥) ، يجب (٦) أن يكون التضاد فى المتعلق بذلك الشيء تضادا بالعرض. وذلك لأنه يجوز (٧) أن يكون هذا (٨) الذي هو عارض للمتعلق به (٩) ، أمرا داخلا (١٠) فى جوهر المتعلق فإن التحدد بالطرف أمر غير ذاتى للشمع ، وذاتى للشكل الذي من (١١) الشمع ، وهو مما يتعلق بالشمع ويتقوم (١٢) به. وكذلك (١٣) الجسم الحاد والجسم البارد يتضادان بعرضيهما وفعلاهما ، وهو الإسخان والتبريد الصادران (١٤) عنهما لا يتضادان بالعرض ، بل بالحقيقة ، لأجل أن الحار والبارد وإن كان عارضا بالقياس إلى الجسم ، فإنه ذاتى أو واجب الوجود ، حتى يكون الإسخان والتبريد متحققا. وعلى هذه الصورة ، فإن الحركة ليست (١٥) تتعلق بطرف المسافة من حيث هو طرف (١٦) فقط كيف كان ، حتى إذا عرض للطرفية (١٧) عارض كان غير داخل فى تقويم الحركة ، أو لا يجب (١٨) دخوله ، كلا بل إنما تتعلق الحركة بالطرف من حيث هو (١٩) مبدأ ومنتهى ، فإن كل حركة بجوهريتها (٢٠) يتضمن التأخر والتقدم لأن الحركة جوهرها مفارقة وقصد. فجوهرية الحركة يتضمن المبدأ والمنتهى ، إما بالفعل وإما بالقوة القريبة من الفعل ، التي أشرنا إليها. فالأطراف (٢١) التي للمسافة إنما تتعلق بها الحركة من حيث هو مبدأ ومنتهى ، وهى من حيث هى مبدأ ومنتهى متقابلة ، وهى (٢٢) من حيث هى متقابلة (٢٣) فهى (٢٤) مقومة للحركة ، وإن كانت ليست متقومة بذلك. فظاهر بين أن الحركة التي يتعين (٢٥) لها مبدأ ومنتهى متغايران بالفعل ، لا يجوز أن يؤدى أحدهما إلى الآخر ، بل يكون على النحو الذي وصفنا ، فهى لذاتها من ضد إلى ضد ، والضدان ذاتيان (٢٦) لهما (٢٧) ، وليسا ذاتيين للموضوع الذي هو الطرف.

__________________

(١) تتقابل : ساقطة من د (٢) لها : له م. (٣) حقيقية (الأولى والثانية) : حقيقة ط.

(٤) لعرض : العرض م

(٥) له : أنه د (٦) يجب : فيجب ط ؛ ساقطة من م

(٧) أن يكون .... يجوز : ساقطة من د.

(٨) هذا : + الشيء ط (٩) به : بذواتها سا

(١٠) داخلا : ساقطة من سا. (١١) من : فى سا ، ط

(١٢) ويتقوم : ويقوم سا ، ط ، م

(١٣) وكذلك : فكذلك سا. (١٤) الصادران : الصادر د ؛ والصادران م.

(١٥) ليست : ليس ب ، د ، سا ، م.

(١٦) طرف : طرفه سا ؛ طرفها ط ، م.

(١٧) للطرفية : لطرفيها ط (١٨) أو لا يجب : إذ لا يجب ط.

(١٩) هو : + جسم د (٢٠) بجوهريتها : جوهريتها سا ؛ فجوهريتها ط ، م.

(٢١) فالأطراف : فإن الأطراف ط. (٢٢) وهى : فهى ط

(٢٣) متقابلة : مقابلة ط (٢٤) فهى : ساقطة من ط.

(٢٥) يتعين : تعين ط. (٢٦) ذاتيان : كالذاتيين ط (٢٧) لها : له سا.


ولقائل أن يقول : كيف يكون المبدأ مضادا (١) للمنتهى ، ومبدأ الحركة ومنتهاها قد يكونان (٢) فى جسم واحد ، والأضداد لا تجتمع فى جسم واحد.

فيقال له : الأضداد قد تجتمع فى جسم واحد (٣) ، إذا كان الجسم ليس موضوعها (٤) الأول القريب ، إنما لا تجتمع الأضداد معا فى الموضوع الأول القريب ، وموضوع المبدئية (٥) والمنتهائية (٦) ليس هو الجسم ، بل هو الطرف ، ولا يجتمع (٧) فى طرف بالفعل أن يكون مبدأ حركة مستقيمة واحدة بالاتصال ومنتهاها ، وهذا كما قد يجتمع فى جسم واحد أشياء متقابلة. وإن كان بغير التضاد ، كجسم يوجد فيه خط محدب وخط مقعر ، وما أشبه ذلك.

والذي ظن أن الحركات المستقيمة ليست أولى بأن تتضاد ، من أن تضادها (٨) المستديرة ، إذا الطريق والمسافة فى المتضادات (٩) المستقيمة واحدة ، فقد سها (١٠) سهوا عظيما ، وكان يلزم (١١) أن يقول السواد والبياض ليسا بمتضادين ، لأن موضوعهما واحد. ولو كان شرط التضاد (١٢) أن لا يكون للضدين أمر مشترك ، لما اجتمع الضدان فى جنس واحد ، ولما (١٣) كان موضوعهما واحدا بالحقيقة ، فإن التضاد هو اختلاف فى طريق واحد على غاية ما يمكن ولا نشك (١٤) أن التسود ضد التبيض ، والطريق بينهما هو الوسائط ، وهو واحد ، لكن السلوكين المتقابلين فيه هما (١٥) على غاية الخلاف.

وإذ قد بينا هذه الأصول ، فلنرجع إلى غرضنا من تبيين (١٦) أن الحركة المستديرة لا تضاد المستقيمة ، فنقول (١٧) إن كان بينهما تضاد ، فإما أن يكون ذلك التضاد لأجل الاستدارة والاستقامة أو لا يكون ، فإن كان لأجل الاستقامة والاستدارة كانت الاستقامة والاستدارة متضادتين ، لأن الشيء الذي به الاختلاف بين الأضداد المتفقة فى الجنس متضاد ، لكن الاستدارة والاستقامة كما قيل (١٨) ليس موضوعهما القريب واحدا ، ولا شيء من الموضوعات يجوز أن يستحيل من الاستدارة إلى الاستقامة إلا بفساده على ما قلنا ، فليسا بضدين فليسا بسببى تضاد الحركات ، بل ليس ما فيه الحركة هو السبب لتضاد الحركات ، فإن (١٩) لم يكن تضادهما (٢٠) لما فيه بقى أن يكون للأطراف ، ولو كان مضادة (٢١) المستديرة لغيرها بسبب الأطراف ، لكانت الحركة الواحدة بعينها تضادها حركات لا نهاية لها مختلفة ، لأنه

__________________

(١) مضادا : متضادا سا ، ط (٢) يكونان : يكون سا.

(٣) فيقال ... واحد : ساقطة من سا (٤) موضوعها : موضوعهما ط.

(٥) المبدئية : المبتدئية ط (٦) والمنتهائية : والمنتهوية م

(٧) ولا يجتمع : فلا يجتمع ط. (٨) تضادها : + من ط.

(٩) المتضادات : المضادات ط (١٠) سها : ينتهى ط

(١١) يلزم : + أيضا سا ، ط ، م. (١٢) التضاد : المتضاد سا ؛ المتضادين ط.

(١٣) ولما : لما ط (١٤) ولا نشك : ولا شك سا ، ط.

(١٥) فيه هما : فيهما ط. (١٦) تبيين : تبين ط

(١٧) فنقول : فقوله سا. (١٨) قيل : + قبل سا.

(١٩) فإن : وإذ ب ؛ وإذا د

(٢٠) تضادهما : تضادها د ، ط ، م.

(٢١) مضادة : متضادة م.


يمكن أن يكون الخط المستقيم المعين المشار إليه الذي عليه هذه الحركة المستقيمة وترا لقسى (١) غير متشابهة (٢) لا نهاية لها بالقوة ، لكن (٣) ضد هذا الواحد واحد فقط ، وهو الذي (٤) فى غاية البعد عنه ، ويمكن أن يبين (٥) بهذا أيضا أن صورة الاستقامة والاستدارة لا تتضاد تضادا جنسيا ، لأنه إن كان مطلق الاستقامة مضادا لمطلق الاستدارة ، كان أيضا هذا المستقيم يضاده (٦) هذا المستدير بعينه ، إذ لا يجوز أن يكون هذا الواحد يقابله (٧) إلا واحد (٨) بعينه ، لأن ما هو أبعد عن هذا الواحد فى طبيعة الخلاف فو واحد ، فإن لا أبعد فلا ضد. وهذا الشخص لما لم يكن متكثرا بالعدد لم يجز أن يكون ضده معنى عاميا متكثرا ، فيسقط (٩) بهذا قول من قال : إن هذه (١٠) الحركات القوسية الكثيرة يجوز أن تكون مضادة للمستقيمة الواحدة.

قال (١١) وإن كان ضد الواحد واحدا ، فهذه الكثرة هى من حيث هى (١٢) مستديرة كشيء واحد. فإن هذا (١٣) القول خطأ ، وذلك لأن ضد الواحد بالعموم (١٤) واحد بالعموم ، متكثر الشخص ليس (١٥) ضد الواحد بالعموم واحدا بالشخص (١٦) ، فليس ضد جميع تلك المستديرات المتفقة فى معنى الاستدارة هذا (١٧) المستقيم الواحد بالشخص ، بل الأولى أن تكون (١٨) المستديرات ليست كأشخاص من نوع واحد ، بل (١٩) كل واحد منها قوس (٢٠) من دائرة أخرى ، انعطافها وانحدابها انعطاف وانحداب آخر. ولا يبعد أن تكون (٢١) الدوائر المتفقة فى النوع هى التي تتكثر بالعدد ولا تختلف فى الاحد يداب ، فيكون لا جواز مطابقة فيما بينها بوجه من الوجوه.

ويمثل هذا ما اختلف المستقيم (٢٢) والمستدير (٢٣) ، وإن (٢٤) اتفقا من حيث أنهما خطان ممتدان ، فلا يبعد أن يختلف نوعا القوسين اللذين لا ينطبق أحدهما على الآخر ، وإن اتفقا فى أنهما مستديران محدود بان ، فكيف تكون تلك القسى المختلفة كلها مضادة لشخص واحد. ويسقط أيضا سؤال من قال ليكن (٢٥) بين المستقيم والمستدير مضادة جنسية ، وبين المستقيمين مضادة نوعية ، بأن يقال : إنا لا نمنع (٢٦) أن يكون للشيء الواحد أضداد (٢٧) من جهات كانت جنسية أو كانت نوعية (٢٨) ، وذلك لأن الشيء يضاد الشيء (٢٩) فى طبيعة ذاته ، وقد يضاده فى أعراض وأحوال. ونحن لا نمنع أن

__________________

(١) وترا لقسى : وتر القسى د (٢) متشابهة : متشابه ط. (٣) لكن : ولكن ط ، م

(٤) الذي : + هو سا (٥) يبين : يتبين ط. (٦) يضاده : يضاد سا (٧) يقابله : مقابلا سا ؛ مقابله ط ، م (٨) واحد : لواحد سا. (٩) فيسقط : فسقط سا ، ط (١٠) هذه : ساقطة من سا.

(١١) قال : وإنه سا ، ط ؛ فإنه م. (١٢) حيث هى : ساقطة من د (١٣) فإن هذا : فهذا ط ، م. (١٤) واحد بالعموم : ساقطة من م

(١٥) ليس : وليس سا ؛ فليس ط. (١٦) بالشخص : + حينئذ ط

(١٧) هذا : هو ط. (١٨) تكون : ساقطة من سا ، ط ، م

(١٩) بل : + كان ط. (٢٠) قوس : وتر وقوس سا. (٢١) تكون : + تلك ط. (٢٢) المستقيم : المستقيمة ب ، د ، ط (٢٣) والمستدير : والمستديرة ب ، د ، ط (٢٤) وإن : فإن سا.

(٢٥) ليكن : فليكن ط. (٢٦) لا نمنع : لا نمتنع ط (٢٧) أضداد : ضدان ط.

(٢٨) أو كانت نوعية : أو نوعية سا (٢٩) الشيء : للشيء ط.


يعرض للحركات المستديرة أن يكون لها أضداد من المستديرات ومن المستقيمات فى معان تعرض لها ، وإنما نمنع أن يكون لها ضد فى ذاتها وماهيتها. وهذا كما أن التوسط فى الأخلاق يضاد التقصير والإفراط ، وقد يتضادان هما أيضا فى أنفسهما ؛ ولكن تضاد الإفراط والتقصير (١) تضاد حقيقى فى الذات (٢) ، وهما المتباعدان غاية التباعد وأما تضاد (٣) التوسط والطرفين ، فليس (٤) لطبيعة التوسط والطرفين ، بل لأن التوسط فضيلة ، وذانك يجتمعان فى الرذيلة والفضيلة معنى لازم أو عارض (٥) لتلك الطبيعة المتوسطة ، وأيضا كون (٦) ذينك رذيلة (٧) معنى لازم لهما (٨) وعارض (٩) وليس فى الفضيلة والرذيلة دخول فى ماهية هذه ، فيكون التضاد بين المتوسط والطرفين ، تضادا فى عارض. والطرف (١٠) يضاد الطرف (١١) بذاته وجوهره ، وتضاد الوسط (١٢) لعارض (١٣). وأما أنه هل يكون للشيء (١٤) ضد من جهة (١٥) جنسه وضد من جهة نوعه فقد علمت فى مواضع أخر ما فى هذا ، وتحققت أن الضد بالحقيقة هو (١٦) ضد ذات الشيء ونوعيته ، فلا يجوز أن تكون المستديرة تضاد المستقيمة تضادا جنسيا ، وتضاد المستقيمة المستقيمة (١٧) تضادا نوعيا. ولا يجب (١٨) أن يستعان فى هذا بتضاد الحركة والسكون تضادا جنسيا ، ثم بتضاد الحركتين تضادا نوعيا ، فإن السكون معنى عدمى لا مضاد (١٩) ، فقد اتضح أن الحركة المستقيمة لا تضاد المستديرة.

وكذلك يجب (٢٠) أن تعلم أن المستديرات التي على (٢١) القسى لا تتضاد ، لأنه يجوز أن تتفق فى أطراف (٢٢) مشتركة قسى بلا نهاية. فأما الحركة من طرف قوس (٢٣) إلى طرف آخر للتى (٢٤) بالعكس ، والقوس واحدة بعينها ، فلا تكون مضادة لها أيضا ، تعلم ذلك إذا علمت أن الحركة المستديرة الوضعية ، التامة الدوران ، لا ضد لها بوجه ، لأنه لا طرف (٢٥) لها بالفعل ، وإذا فرض لها طرف يكون (٢٦) فيه خروج وضع معين إلى الفعل. بذلك الفرض اجتمع فيه إن كان (٢٧) مبدأ ومنتهى ، إذا لم يكن المبدأ. أو المنتهى ضدين لأجل المبدئية والمنتهائية (٢٨) ، بل لأجل أنهما كما مر لك ـ مبدأ ومنتهى حركة ، ولا كيف اتفق ، بل لأجل أنهما (٢٩) مبدأ ومنتهى حركة بصفة لا يكون مبدؤها هو بعينه (٣٠) منتهاها فى

__________________

(١) والتقصير : والنقص د ، سا ، م (٢) الذات : الذوات سا. (٣) تضاد : لتضاد ط (٤) فليس : فلبسط م.

(٥) أو عارض : عارض م (٦) كون : فى كون ط (٧) رذيلة : ورذيلة د (٨) لهما : لها ط (٩) وعارض : أو عارض ط. (١٠) والطرف : فالطرف د ، سا. (١١) الطرف : الطرفين د (١٢) الوسط : التوسط ط

(١٤) يضاد الطرف .... للشيء : ساقطة من سا

(١٣) لعارض : بعارض ط ، م

(١٥) جهة : كلية سا. (١٦) هو : ما هو ط ، م. (١٧) المستقيمة المستقيمة : المستقيمة د ، م

(١٨) ولا يجب : لا يجب سا.

(١٩) لا مضاد : لا يضاد ط. (٢٠) يجب : لك ب ، سا ؛ يجب لك ط (٢١) على : عند بخ ، د ، م

(٢٢) أطراف : الأطراف سا. (٢٣) قوس : القوس ط (٢٤) للتى : والتي د ، ط ؛ التي سا.

(٢٥) لا طرف : طرف م. (٢٦) يكون : فيكون ط

(٢٧) كان : كانت م. (٢٨) والمنتهائية : والمنتهوية م.

(٢٩) أنهما : كونهما سا (٣٠) بعينه : بعينها سا ، ط.


استمرارها ، حتى يصح التعاند بين المبدأ والنهاية من جهة القياس إلى الحركة. وذلك إنما يتفق حيث (١) يكون المبدأ والمنتهى بحركة مستقيمة ، يكون الاستمرار فيها لا يجعل المبدأ منتهى ، ولا المنتهى مبدأ ، فذلك (٢) هو الذي لا يجتمع.

وإذا (٣) كان كذلك ، فقد عرفت أن الحركتين (٤) اللتين (٥) على القوس الواحدة لا تتضادان ، لأن الحركة على تلك (٦) القوس لا يعترض (٧) لها ـ من حيث هى حركة قوسية ـ أن يكون مبدؤها غير منتهاها مغايرة (٨) ذاتية ، بل يعرض ذلك لقطع (٩) يعرض (١٠) ووقوف (١١) يتفق ، ولو لا ذلك لصح لها التوجه المستمر إلى المبدأ بعينه. وهى (١٢) حركة متصلة واحدة لا رجوع فيها. والحركات المستديرة الوضعية ، وخصوصا ما يكون منها لجسم (١٣) متشابه الأجزاء ، موضوع على جسم متشابه الأجزاء ، أو موضوع فى جسم متشابه الأجزاء ، أعنى المتشابه (١٤) فى الطبيعة وفى وضع الأجزاء ، فإنها حركات وإن (١٥) تكثرت وتخالفت ، فإنها تتكثر وتتخالف بالعدد. لأن كل (١٦) حركة منها تمت. فإنها (١٧) تبتدئ من وضع إذا فرض بالفعل وتنتهى إلى وضع إذا فرض بالفعل ، لا اختلاف بينهما إلا بالعدد ، ويكون له فى الوسط أوضاع إذا فرضت بالفعل لم تكن مخالفة (١٨) لما قبلها إلا بالعدد. وكل حركة منها فإن مبتدأها (١٩) المفروض ومنتهاها المفروض ، ووسطها المفروض ، لا تخالف حركة أخرى إلا بالعدد. فهى لا تخالفها إلا بالعدد (٢٠) ، ولا شيء مما لا يتخالف إلا بالعدد بأضداد وإن كانت تستحيل أن تجتمع.

وأما الذي قيل من أنه كما أن المستديرة تخالف المستقيمة فى أنها لا طرف (٢١) لها بالفعل ، فكذلك تخالفها فى أن نوع تضادها لا يتعلق بالأطراف. فيسقط بما عرفناه (٢٢) أنه لا وجه لتضاد الحركات ، إلا أن يكون بسبب النهايات (٢٣) والأطراف ، فإذا سقطت النهايات سقط وجه التضاد ، فلم يكن ضد. فقد علمت مما قلناه حال الحركة المستديرة.

وأما (٢٤) المستقيمات فقد عرفت أنها تتضاد (٢٥) وكيف تتضاد حينئذ (٢٦) وأن النازل والصاعد يتضادان (٢٧) التضاد المذكور

__________________

(١) حيث : ساقطة من سا. (٢) فذلك : فكذلك سا.

(٣) وإذا : فإذا م (٤) الحركتين : ساقطة من سا ، م

(٥) اللتين : اللذين سا (٦) القوس .... تلك : ساقطة من سا.

(٧) لا يعترض : لا يعرض ط (٨) مغايرة : مغايرة ها مغايرة د.

(٩) لقطع : القطع ط (١٠) يعرض : يفرض م

(١١) ووقوف : وقوف ط ، م (١٢) وهى : هى ط.

(١٣) لجسم : الجسم د. (١٤) المتشابه : التشابه سا.

(١٥) وإن : إن م (١٦) كل : ساقطة من د

(١٧) فإنها : فإنما سا. (١٨) مخالفة : متخالفا ط

(١٩) مبتدأها : مبتدئها ط. (٢٠) فهى لا تخالفها إلا بالعدد : ساقطة من سا.

(٢١) لا طرف : لأطراف سا ، ط. (٢٢) عرفناه : + فى سا.

(٢٣) النهايات : + والأطراف ط. (٢٤) وأما : فأما سا

(٢٥) تتضاد (الأولى) : تضاد سا ، ط (٢٦) حينئذ : ساقطة من ب ، د ، م.

(٢٧) يتضادان : تتضاد ب ، د ، سا.


الذي للحركة بما هى (١) حركة مستقيمة ، ويتضادان (٢) تضادا (٣) خارجا عن ذلك ، وهو أن الطرفين قد يتضادان من طريق أنهما علو وسفل أيضا. فالحركة ذات الضد هى التي تأخذ أقرب مسافة من طرف بالفعل إلى طرف آخر (٤) بالفعل ، وضدها هو (٥) الذي يبتدئ من منتهاها ذاهبا إلى مبدئها (٦) لا إلى شيء آخر.

[الفصل السابع]

ز ـ فصل (٧)

فى تقابل الحركة والسكون

أما مقابلة (٨) ما بين الحركة والسكون ، فأمر قد تحققته فيما سلف ، وعلمت أن لكل (٩) جنس حركة سكونا يقابله (١٠).

لكنه قد يجب علينا أن نعرف تقابل السكون للسكون ، من حيث هو (١١) سكون وسكون ، لا من حيث هو طبيعى وقسرى ، وغير ذلك من الفصول الخارجة عن جوهرهما (١٢).

فنقول : إن السكون أيضا مما (١٣) تقع فيه مقابلة ومضادة ما بسبب (١٤) الأمور التي يتعلق (١٥) بها السكون. وإذا تأملت ما اقتصصناه (١٦) عليك فى باب تضاد الحركة (١٧) ، فعن قريب تعلم أن المسكن والمتسكن (١٨) لا مدخل (١٩) لهما (٢٠) فى ذلك ، ولا الزمان. وقد علمت أن السكون لا يتعلق بمبدإ ومنتهى مكانى ، ولكن يتعلق بما فيه ، فيشبه أن يكون تضاد ما فيه يجعل السكون متضادا ، وما فيه (٢١) يتضاد على وجهين : تضادا (٢٢) يتعلق بكونه حيزا وجهة ومكانا ، أو شيئا آخر (٢٣) مما

__________________

(١) هى : هو سا ، ط (٢) ويتضادان : ويتضاد ب ؛ ويتضادا د.

(٣) تضادا : ساقطة من د.

(٤) آخر : ساقطة من ب ، د ، م.

(٥) هو : ساقطة من ب ، د

(٦) مبدئها : مبداها ب ، م.

(٧) فصل : فصل ز ب ؛ الفصل السابع م.

(٨) مقابلة : تقابل ب ، د

(٩) لكل : الكل ط

(١٠) يقابله : ما يقابله ط.

(١١) هو : هى م. (١٢) جوهرهما : جوهرها ط.

(١٣) مما : إنما سا (١٤) ما بسبب : السبب ط

(١٥) يتعلق : يتعين ط. (١٦) اقتصصناه : قصصناه سا

(١٧) تضاد الحركة : التضاد الحركات ط

(١٨) والمتسكن : والمسكن د

(١٩) لا مدخل : لا تدخل د

(٢٠) لهما : له ط ، م.

(٢١) وما فيه : وفيه م

(٢٢) تضادا : تضاد ط ، سا

(٢٣) أو شيئا آخر : وأشياء أخر ب ، د ؛ واسما آخر سا ، م.


يجرى مجراه. وبالجملة تضادا (١) يتعلق بماهيته وتضادا (٢) يتعلق بأمور أخرى ، مثل أن يكون مكانا حارا ومكانا باردا. فأما هذا الجنس من التضاد وهو أمر غريب عن السكون ، لا يغير من أمر السكون شيئا ، حتى أنه لو كان جسم. يسكن فيه الجسم سكونا متصلا ، وكان يعرض أن يسخن أو يبرد (٣) أو يبيض أو يسود ، لم يجب أن يصير السكون فيه وقتا ما ضدا للسكون فيه وقتا (٤) آخر بل يتصل (٥) السكون فيه واحدا بعينه. لأن هذا التضاد ليس فى ذات ما فيه الساكن أولا ، بل فى شيء آخر.

وأما إذا كان التضاد فى ذات ما فيه ، بأن كان (٦) مرة يسكن فوق ، فيكون الذي يسكن فيه فوق ؛ ومرة يسكن أسفل ، فيكون الذي يسكن فيه أسفل ، فبالحرى أن يكون هذا (٧) السكون مضادا لذلك السكون ، ويكون السكون فى المكان الأعلى ضدا للسكون فى المكان الأسفل.

وقد بقى أن يعلم هل (٨) السكون الذي يقابل الحركة من فوق ، هو السكون (٩) فوق ، أو السكون أسفل. وقد قيل : إن السكون فوق ضد للحركة من فوق ، لا للحركة إلى فوق ، وذلك لأن السكون فوق قد يكون كمالا للحركة إلى فوق ، ومحال أن يكون الكمال الطبيعى مقابلا للشيء ، وأن يكون الشيء يؤدى إلى مقابل وضد. فهذا ما يقال وأما أنا فلم يتضح لى أن الشيء لا يؤدى إلى مقابله ، بمعنى أنه لا يعقبه مقابله ، ولو كان كذلك لما جاز أن يؤدى الحركة إلى فقدانها. ومن ينكر أن الحركة بالطبع إلى فوق إنما (١٠) هى حركة بالطبع إلى فوق ، ليحصل منه سكون بالطبع.

ولا شك (١١) أن هذه الحركة مؤدية إلى (١٢) فقدان نفسها ، ولم يتضح لى أن السكون فوق كمال للحركة ، بمعنى أن الحركة تستكمل بذلك ، بل إنما هو كمال للمتحرك. وأما الحركة فإنها تفسد وتبطل به (١٣) ، وذلك ليس كمال الحركة ، بل فساد الحركة إنما هو كمال للمتحرك يحصل للمتحرك (١٤) بالحركة. وعندى أن كل سكون يعرض للمتحرك فهو مقابل لكل حركة تصح فيه لو كانت (١٥) بدل السكون ، لأنه عدم لكل حركة تكون فيه إلى ذلك الموضع أو عن (١٦) ذلك الموضع. فإن السكون ليس هو عدم الحركة من حيث هى (١٧) إلى جهة مسّا ، وإلا لكان المتحرك إلى خلاف تلك

__________________

(١) تضادا : تضاد سا ، ط (٢) وتضادا : وتضاد د ، سا ، ط.

(٣) أو يبرد : يبرد ب ، د. (٤) ما ضدا للسكون فيه وقتا : ساقطة من م

(٥) يتصل : + به سا. (٦) كان (الثانية) : كانت د.

(٧) هذا : ساقطة من م. (٨) هل : هذا سا

(٩) السكون (الثانية): + إلى سا.

(١٠) إبما : إنها سا. (١١) ولا شك : فلا شك ط

(١٢) إلى : إلى ط ؛ ساقطة من م.

(١٣) به : ساقطة من م. (١٤) يحصل المتحرك : ساقطة من م.

(١٥) كانت : + الحركة ط. (١٦) عن : غير م.

(١٧) هى : هو سا ، ط ، م.


الجهة ساكنا ، بل السكون عدم الحركة التي فى ذلك الجنس (١) مطلقا. وكذلك الساكن فى نوع أين أو كيف (٢) أو كم ، إذا حفظ مثلا أينا واحدا فهو ساكن فى ذلك الأين ، وإذا حفظ كيفا واحدا فهو ساكن فى ذلك الكيف ، وإذا حفظ مقدارا واحدا فهو ساكن فى ذلك المقدار ، ويستحيل (٣) أن يكون الشيء يحفظ أينا واحدا ثم يكون عادما لنقلة دون نقلة ، وكذلك فى الاستحالة وغيرها ، وإن كان يجوز أن يكون (٤) عادما (٥) لنقلة وغير عادم لحركة فى الوضع ، مثلا مثل الفلك الذي يكون فى فلك آخر ، فإنه من حيث الأين ساكن ومن حيث الوضع متحرك مطلقا. وكذلك الحال فى الكيف ، فإن الساكن بقياس التغير فى الكيف هو الذي لا يتغير فى الكيف ، والساكن بقياس التغير (٦) فى الكم هو الذي لا يتغير فى الكم ، لكنه إن نشط واحد (٧) أن تجعل لكل حركة من حيث هى (٨) بصفته سكونا يقابلها (٩) يكون عدم تلك الحركة من حيث هى تلك الحركة ، لزمه أن يجعل المتحرك إلى فوق ساكنا عن (١٠) الحركة إلى أسفل. فإن نشط أن يجعل السكون المقابل هو الذي يتوهم طارئا على الحركة فيعدمها (١١) ، فمع أنه يرخص له فى هذا النشاط من غير وجوب (١٢) ، إذ ليس كل عدم يتأخر ، بل قد يتقدم ، يلزمه أن يكون السكون فى ناحية تحت هو الذي يطرأ على الحركة إلى أسفل ، فإن (١٣) نشط أن يجعل السكون المقابل هو الذي تطرأ عليه الحركة (١٤) ، حتى يكون كالاستعداد المتقدم والعدم المقارن للقوة ، كان السكون فوق ، مقابل الحركة من فوق ، وأما اعتبار التقابل بالطبيعة (١٥) والقسرية ، فيشبه أن يكون السكون فوق لا يقابل الحركة إلى فوق ، لأنهما طبيعتان (١٦) ، بل التي إلى أسفل. وعلى هذا القياس تورد سائر الفصول التي بها تتخالف الحركات.

__________________

(١) الجنس : الجسم سا

(٢) أو كيف : وكيف م.

(٣) ويستحيل : ومستحيل سا ، ط ، م.

(٤) يكون : + للحق سا.

(٥) دون .... عادما : ساقطة من د.

(٦) التغير : التعين د.

(٧) واحد : أحد سا

(٨) هى : هو سا ، ط

(٩) يقابلها : يقابله ط.

(١٠) عن : على سا.

(١١) فيعدمها : فيعدمه سا ، ط.

(١٢) وجوب : وجلى سا.

(١٣) فإن : وإن ط ، م.

(١٤) إلى أسفل .... الحركة : ساقطة من سا

(١٥) بالطبيعة : بالطبيعة د ، سا.

(١٦) طبيعتان : طبيعيتان د.


[الفصل الثامن]

ع ـ فصل (١)

فى بيان حال الحركات فى جواز أن يتصل بعضها ببعض

اتصالا موجودا (٢) أو امتناع (٣) ذلك فيها (٤) حتى يكون بينها (٥) سكون لا محالة

قد عرفنا أن الحركة كيف تكون واحدة وكيف تنضام الحركات ، وعرفنا (٦) أنها كيف تتقابل ، فحرى بنا أن نعلم أن أى الحركات تتصل بأي الحركات ، وأيها (٧) لا يتصل ، بل يتشافع ويتتالى.

فنقول : أما (٨) المختلفة الأجناس فلا شك أنها (٩) إذا تعاقبت على موضوع واحد ، لم يكن على أنها حركة واحدة بالاتصال وأما المتفقة الأجناس كاستحالة واستحالة ونقلة ونقلة فخليق بنا أن نحقق (١٠) الأمر فى ذلك (١١). فإنه مما يعظم فيه الشك ، أنه هل تتصل حركة الحجر (١٢) الصاعدة بحركته (١٣) النازلة ، والحركة على قوس بالحركة على وترها ، وبالجملة هل تتصل (١٤) الحركتان (١٥) اللتان (١٦) يفرض لكل واحدة (١٧) منهما (١٨) شيء عنه وإليه الحركة ، فيكون لأحدها غاية وللآخر (١٩) مبدأ (٢٠) ، كنقطة (٢١) هى طرف مسافة (٢٢) ، أو كيفية هى نهاية حركة إليها أو مقدار ، أو غير ذلك. فإن قوما جوزوا هذا الاتصال ، وقوما (٢٣) لم يجوزوا (٢٤) ، وأوجبوا (٢٥) أن يكون بين أمثال هذه الحركات سكون. وللمجوزين حجج وللمانعين (٢٦) حجج ، فلنعدها (٢٧) ، ولنكشف عنها ، ثم لنورد ما عندنا. فمن حجج المجوزين قولهم : أرأيتم حجر رحى يرمى (٢٨) إلى فوق ، أو ينزل إلى أسفل ، ويعارضه فى مسلكه حصاة صغيرة حتى تماسه ، أتسكن (٢٩) تلك الحصاة أو لا

__________________

(١) فصل : فصل ح ب ؛ الفصل الثامن م. (٢) اتصالا موجودا : الأمور فقط د

(٣) أو امتناع : وامتناع د ، سا ، ط ، م

(٤) فيها : فيهما ط (٥) بينها : بينهما ط.

(٦) عرفنا (الأولى) : عرفت د ؛ عرفناك ط.

(٧) وأيها : فإنها د (٨) أما : أن د.

(٩) أنها (الأولى) : ساقطة من ب ، د.

(١٠) نحقق : نتحقق د (١١) فى ذلك : فيه ط.

(١٢) الحجر : + أيضا سا

(١٣) بحركته : بحركة ب. (١٤) تتصل : ساقطة من م

(١٥) الحركتان : الحركات سا

(١٦) اللتان : التي سا (١٧) واحدة : واحدا ب ، د ، سا ، م

(١٨) منهما : منها سا (١٩) وللآخر : والآخر د.

(٢٠) مبدأ : مهمل سا (٢١) كنقطة : النقطة سا

(٢٢) مسافة : المسافة ط. (٢٣) وقوما : وفى ما سا

(٢٤) هذا .... يجوزوا : ساقطة من م. (٢٥) وأوجبوا : وأحبوا م

(٢٦) وللممانعين : وللمانعين د ، سا ، ط ، م. (٢٧) فلنعدها : ولنعدها ط.

(٢٨) يرمى : رمى م (٢٩) أتسكن : أترى يسكن ط.


ثم تأخذ فى ضد حركتها أو تتصل الحركتان معا. فإن سكن وجب من ذلك آن تكون الرحى تحبسها حصاة صاعدة عن الحركة النازلة التي لها ، وهذا محال ، وإن اتصلت الحركتان فقد بطل (١) مذهب من يمنع ذلك.

وقالوا أيضا : إن ذلك السكون من المحال أن يحصل من غير أن يكون له سبب بوجه من الوجوه ، ثم إن كان له سبب ، فإما أن يكون سببا عدميا أو يكون سببا وجوديا ، فإن كان سببه عدميا ، وهو عدم سبب التحريك فيجب أن لا يكون فى ذلك الجسم المرمى إلى فوق مثلا مبدأ حركة إلى أسفل ، فينبغى أن لا يتحرك إلا أن يتغير جوهره ، وليس الأمر كذلك. وإن كان السبب وجوديا فهو شيء مانع عن الحركة إما قسرى من خارج وإما طبيعى ، أو إرادى نفسانى من داخل ، وجميع ذلك ليس.

وقالوا أيضا : إنه لا يمنع (٢) أن يكون شيء يماس شيئا معينا فى آن ، ويفارقه (٣) ولا يبقى مماسا له زمانا ، حتى يكون ساكنا فيه (٤). فلا يصح ما هو عمدة احتجاج مثبتى السكون ، فإنهم ينعلقون بأنه لا يجوز أن يقع فى آن واحد مماسة ثم مفارقة.

قالوا (٥) : وهذا (٦) مثل كرة مركبة على دولاب دائر ، فإنها إذا فرض فوقها سطح بسيط (٧) بحيث يلقاه عند الصعود. ثم يفارقه ، فإنها تماس حينئذ ذلك السطح بنقطة ، ولا تبقى مماسة (٨) له بعد ذلك زمانا. وأما المانعون عن ذلك فمن حججهم أن الشيء الواحد لا يجوز أن يكون مماسا بالفعل لغاية معينة ومباينا ، إلا فى آنين ، وبين كل آنين زمان وذلك الزمان لا حركة فيه ، ففيه سكون.

وقالوا أيضا : لو كان (٩) اتصال الصاعد بالهابط شيئا واحدا ، لكانت الحركتان تحدث منهما حركة واحدة بالاتصال (١٠) ، لأن وحدة الحركة هى الاتصال. فكان (١١) يجب أن تكون الحركتان المتضادتان حركة واحدة وهذه محال وقالوا أيضا (١٢) لو جاز اتصال الحركة لكان يجب أن تكون غاية الصاعد العائد هابطا هى (١٣) أن ينتهى فى حركته مستمرا إلى ما عنه ابتداء ، فيكون مبدأ الحركة المستقيمة الهاربة عن حيز هو بعينه المقصود بذلك الهرب.

وقالوا أيضا : إنه (١٤) إذا كان الشيء يبيض فابيض وهو (١٥) يتسود فمن حيث هو يتسود ففيه سواد ، ومن حيث هو كذلك ففيه قوة على البياض ، فيكون مع أنه أبيض فيه (١٦) قوة على البياض وهذا محال.

__________________

(١) بطل : يبطل سا ، ط. (٢) لا يمنع : لا يمتنع ط ، م

(٣) ويفارقه : يفارقه م. (٤) فيه : منه م ؛ + هذا خلف ط.

(٥) قالوا : وقالوا سا

(٦) وهذا : وهل م (٧) بسيط : ساقطة من سا.

(٨) مماسة : مماسا سا. (٩) كان : جاز سا ، ط ، م.

(١٠) بالاتصال : باتصال د (١١) فكان : وكان م.

(١٢) أيضا : + إنه ط ، م (١٣) هى : ساقطة من ط.

(١٤) إنه : ساقطة من سا

(١٥) هو ، ما هو ط ؛ ساقطة من م.

(١٦) فيه : ففيه م ؛ ساقطة من ط.


فهذه الأشياء وما يشابهها (١) عمدة ما يحتج (٢) به الفريقان ، وليس ولا واحد منهما (٣) حسن (٤) الاحتجاج ، وإن كان المذهب الثاني هو الحق. لكنهم لم يتركوا لنا برهانا أقاموه عليه ، بحيث نقنع (٥) به (٦) ، أو لم (٧) يفهموناه (٨) تفهيما يتعرضون به لأن يقع على وجه يزيل الشكوك. فلهؤلاء القائلين بالسكون أن ينقضوا ما احتج به أولئك.

أما حديث الحصاة ، فإنها لا يخلو إما أن يكون الهواء المندفع أمام (٩) الرحى يصرف الحصاة قبل أن تقع بينهما مماسة ، فحينئذ يكون ذلك السكون واقعا فى الهواء قبل المماسة ، وإما أن لا يكون بحيث يصرفه حتى يلقى حجر الرحى فحينئذ لا يستحيل ، وإن كان شنيعا أن تتوقف الرحى (١٠) لاستحالة اتصال الحركتين ، كما يقع مثل ذلك لاستحالة الخلاء. فإن الأمر الواجب وجوده لا يبعد أن يبطل ما من شأنه أن يبطل ، أو يمنع (١١) (١٢) ما من شأنه أن يمنع (١٣) ، ويكون القدر من الزمان الذي فيه الإبطال والمنع بحسب (١٤) مناسبة الفعل والانفعال.

وأما الحجة الأخرى ، فيجوز أن يقولوا عليها : إن السبب فيه سبب عدمى ، وهو عدم حدوث الميل عن القوة المحركة (١٥). فإن هذه القوة المحركة إنما تحرك (١٦) بإحداث ميل ، وقد علم أنها إذا كانت فى مكانها الطبيعى لم يكن لها هناك ميل إلى جهة البتة ، وتلك القوة موجودة ، فلذلك (١٧) تجوز فى الجهة الأخرى التي ترامت إليها (١٨) بميل (١٩) قاسر أن تكون تارة ممنوعة عن الميل الذي تحدثه (٢٠) بالطبع بمعارضة الميل القسرى ، ويلزم من ذلك أن لا تتحرك ، وذلك كسخونة (٢١) الماء الغريبة إذا كانت قوية بعد ، فإنها مانعة عن أن (٢٢) تنبعث عن طبيعة الماء برده الطبيعى. فإنا نعلم أن الميل الغريب يستولى على الميل الطبيعى ويعدمه ، ويمنع عنها (٢٣) الحركة الطبيعية ، فيجوز أن يكون عند انتهاء الحركة بقية (٢٤) من الميل الغريب ، بقدر ما يمنع القوة الطبيعية عن إحداث الميل الطبيعى ، ويكون أضعف من أن يقوى (٢٥) مع تلك (٢٦) الممانعة على التحريك فى تلك الجهة ، بل يضعف عن التحريك ، فلا يحرك ، ولا يضعف عن ممانعة الطبيعة من إحداث الميل (٢٧). فإن الميل الغريب يقوى على التحريك غالبا للقوة الطبيعية ، ولا القوة الطبيعية تقوى على إحداث

__________________

(١) وما يشابهها : وما يشبهها ط ؛ وما يشبههما م (٢) ، ما يحتج : مما يحتج سا (٣) منهما : منهم د ، ط

(٤) حسن : جنس سا. (٥) نقنع : نقع ب (٦) به : ساقطة من م (٧) أو لم : إذ لم سا ؛ ولم ط.

(٨) يفهموناه : يفهمونا ط. (٩) أمام : أما م.

(١٠) الرحى (الثانية) : ساقطة من م. (١١) ما من شأنه أن يبطل أو يمنع : ساقطة من م

(١٢) أو يمنع : ويمنع سا. (١٣) أن يمنع : أن يمتنع د ، سا ، م.

(١٤) بحسب : ساقطة من سا. (١٥) المحركة : ساقطة من د (١٦) تحرك : تتحرك د.

(١٧) فلذلك : فكذلك سا ، ط ، م (١٨) إليها : إليه سا (١٩) بميل : لميل ط.

(٢٠) تحدثه : تحدثها سا ، ط ، م. (٢١) كسخونة : بسخونة م

(٢٢) أن : ساقطة من د. (٢٣) ويمنع عنها : وما يمنع سا ؛ ويمنع عنه ط ، م.

(٢٤) بقية : فيه ب ، د

(٢٥) يقوى : يكون يقوى سا. (٢٦) تلك : ذلك م.

(٢٧) إحداث الميل : + الطبيعى ط.


الميل الطبيعى إلى أن تبطل تلك البقية من (١) الميل الغريب (٢) بنفسها أو يبطلها سبب آخر. ومثل هذا (٣) قد يشاهد بين المتفاوتين (٤) أيضا ، إذا تنازعا فى معان أخرى ، فيكون الامتناع عن الحركة تارة لهذا ، وتارة يكون الامتناع (٥) لسبب (٦) يوجب (٧) السكون زمانا ، بعده (٨) ينبعث الميل الطبيعى إذا وجد التحريك فليس كل ميل كما حصل ميلا حصلت معه حركة ، بل ربما كان أضعف من ذلك أو مشوبا بالمقابل ، شوب المتوسطات إلى أن يصفو. وهذا مثل الميل الذي يحصل فى حمل يتناوله محركون تسعة ، فإذا انضم إليهم العاشر استقل ، فإن التسعة قد أوجبوا فيه ميلا ما (٩) وأعدموا ميلا. إلا أن الحاجة لا تتم بذلك الميل فى الاستقلال ، بل تحتاج إلى زيادة. ويجوز أن يقال إن السبب فيه معنى وجودى ، وهو أمر عرضى (١٠) أيضا ، وهو أن يكون المحرك يفيد قوة غريبة يتحرك بها الجسم ، وبتوسطها يفيد قوة مسكنة ، وهو أمر كالمضاد (١١) للميل ، وصورة (١٢) مضادته أنه (١٣) أمر غريب ، به يحفظ الجسم مكان ما هو فيه ، كما بالميل يترك (١٤) مكانه فيكون منه قسرى وطبيعى ، كما يكون من الميل قسرى وطبيعى.

وأما الحجة الدولابية فقد قيل عليها إن الكرة الطبيعية لا نقطة حقيقية لها وأنها (١٥) تماس بسطح (١٦). وهذا لا يعجبنى ، بل الجواب الأصوب أنه حيث تكون كرة حقيقية ، فلا تكون إلا محاطة (١٧) بكرة ، أو لا محيط لها (١٨) ، كما فى السماوات ولا يمكن معها هذا العمل. وحيث يمكن هذا العمل فلا تكون كرة حقيقية ، ولو كانت فربما استحال أن تماس دفعة وتزول ، ووجب (١٩) أن تقف وقفة ما لاستحالة ذلك ، ومع ذلك فلا يخلو (٢٠) إما أن يكون هناك بين الكرة والصفيحة (٢١) خلاء ، أو لا يكون ، ويستحيل أن يكون بين الكرة والصفيحة (٢٢) خلاء ، فيجب أن يكون بينهما ملاء ، فإن كان بينهما ملاء كان سطح ذلك الملاء الملاقى يلاقى الصفيحة (٢٣) ، وهو بسيط مسطح ، وسطح آخر يلاقى تقبيب الكرة. ولم يجز أن يكون فى وجهه نقطة غريبة من جسم آخر ، فإن النقطة لا يتعين (٢٤) لها فى السطح (٢٥) البسيط (٢٦) وضع متميز ، غير أن يكون من ذلك البسيط (٢٧). وإذا كان كذلك لم تقع (٢٨) مماسة بين الكرة وبين الصفيحة (٢٩) بالنقطة ، وفرضت مماسة ، وذلك محال.

__________________

(١) من : عن ط (٢) الغريب : أو تبطل سا ، ط ، م

(٣) ومثل هذا : وهذا سا. (٤) المتفاوتين : المتقاومتين بخ ، ط ؛ المقاومين سا ؛ المتقاربين م.

(٥) عن .... الامتناع : ساقطة من م (٦) لسبب : بسبب سا ، م.

(٧) يوجب : وجوب سا ، ط ، م (٨) بعده : بعد ط.

(٩) ما : ساقطة من م. (١٠) عرضى : عرض ب ، د.

(١١) كالمضاد : كالمتضاد م (١٢) وصورة : وصورته م

(١٣) أنه : ساقطة من م (١٤) يترك : ترك ط.

(١٥) وأنها : فإنها د ؛ + إنما ط (١٦) بسطح : سطح سا.

(١٧) محاطة : محاطا سا ، ط ؛ مخالطة م

(١٨) لها : له سا ، ط. (١٩) ووجب : ووجبت سا

(٢٠) فلا يخلو : لا يخلو د ، سا ، م. (٢١) والصفيحة (الأولى) : والصفحة ط

(٢٢) والصفيحة (الثانية) : والصفحة د ، ط. (٢٣) الصفيحة : الصفحة ط.

(٢٤) لا يتعين : لا بتغير م (٢٥) السطح : ساقطة من د ، سا

(٢٦) البسيط : ساقطة من م. (٢٧) البسيط : ساقطة من سا

(٢٨) تقع : تكن سا (٢٩) الصفيحة : الصفحة ط.


على أن هذا تعليق لأحكام طبيعية بأوهام (١) رياضية وهو غير صواب ، فإن ذلك مع أنه خروج عن الصناعة فليس يلزم (٢) منه. المراد على ما بيناه (٣) إلا أن يوجب منه اتصال (٤) الحركتين المذكورتين فى الوهم ، ونحن (٥) لا نمنع اتصال الحركتين المذكورتين فى الوهم ، إنما نمنع ذلك فى الأمور الطبيعية الخارجة عن الأوهام.

ثم لأولئك أن يعودوا (٦) وينقضوا (٧) حجج هؤلاء ، أما الأولى فلأنها (٨) سوفسطائية ، وذلك لأنه إما أن يعنى بالآن الذي يكون فيه مباينا طرف الزمان الذي يكون فيه مباينا ، فيكون طرف زمان المباينة التي هى الحركة ، فيكون ذلك بعينه الآن الذي كان فيه مماسا ، فلا يمتنع أن يكون طرف زمان الحركة شيئا ليس فيه حركة ، بل فيه أمر مخالف للحركة ، وأن يكون طرف زمان المباينة هو نفس آن المماسة ، وليس فيه مباينة. وإن عنى به آن يصدق فيه القول إن الشيء مباين ، فحق أن بينهما زمانا ، لكنه الزمان الذي يحرك فيه من المماسة إلى ذلك البعد ، وليس ذلك الزمان زمان السكون ، خصوصا (٩) ومن (١٠) مذهبهم أن الحركة والمباينة وما يجرى ذلك المجرى (١١) ، ليس له أول ما يكون حركة ومباينة.

وكذلك إن تركوا لفظة (١٢) المباينة ، وأوردوا (١٣) بدلها لا مماسة ، فإنه يجوز أن يكون فى طرف الزمان الذي فى كله (١٤) لا مماسة ، مماسة (١٥). وقد سلف منا بيان يتعلق به تحقق (١٦) هذا المكان ، فلنستعن به. وعلى أن جميع ذلك ينتقض إذا كان المتحرك فيه أعنى المسافة قد عرض (١٧) فيه فصول بالفعل بأن صار بعضه أسود وبعضه أبيض ، أو كان أجزاء منضودة على التماس ، فكان هناك حدود بالفعل. لكنه ليس يبعد أن يقال إنه إذا عرض ذلك ، وجب أن يقع عند الفصول بالفعل وقفات ، وتكون الحركة أبطأ منها لو لم (١٨) تكن.

وأظن أن بعضهم قال : أما القطوع (١٩) فكذلك ، وأما ما تكون النهايات فيه بالعرض (٢٠) ، كما بين السواد والبياض ، فإن الشيء لا يكون بالقياس إلى المتحرك ذا حدود ، بل بالقياس إلى تلك الكيفيات ، وهو بالقياس (٢١) إلى ذلك متصل ، كأنه لا بياض فيه ولا سواد.

وهذا ليس يعجبنى ، فإنه لم يكن المانع الذي أوردوه (٢٢) أمرا بالقياس إلى شيء ، بل كان لوجود أمر بالفعل

__________________

(١) بأوهام : بأوضاع سا. (٢) يلزم : يلزمه د

(٣) ما بيناه : ما علته سا (٤) اتصال : اتصاله سا

(٥) ونحن : لكن نحن سا. (٦) يعودوا : يقولوا سا

(٧) وينقضوا : وينتقضوا ط (٨) فلأنها : فإنها ط.

(٩) خصوصا : وخصوصا سا ، ط ، م

(١٠) ومن : من سا (١١) ذلك المجرى : مجرى ذلك سا.

(١٢) لفظة : اللفظ م (١٣) وأوردوا : أوردوا م (١٤) كله : كل م.

(١٥) لا مماسة مماسة : لا مماسة د ، م (١٦) تحقق : تحقيق ط.

(١٧) عرض : يعرض م. (١٨) لو لم : أو لم ط.

(١٩) القطوع : المقطوع ب ، د (٢٠) بالعرض : بالفرض ط.

(٢١) وهو بالقياس : ساقطة من م. (٢٢) أوردوه : أورده م.


يوصل (١) إليه وينفصل (٢) منه. وهاهنا ذلك الحكم موجود لا شك (٣) فيه ، فههنا حد بالفعل بين السواد والبياض ، ومسلم أنه إذا لم يكن ذلك لم يكن حد بالفعل البتة إلا طرف (٤) المسافة إما على الإطلاق وهو آخره ، وإما من حيث هو مسافة فهو آخره وغير آخره أيضا ، أعنى من (٥) (٦) حيث يقف عليه المتحرك وإن (٧) لم ينته إلى طرف المسافة من حيث هو بعد.

وأما الحجة الثانية فلأولئك أن يقولوا إن الحركة الواحدة ليست (٨) تكون واحدة على أى نمط من الاتصال (٩) اتفق ، كما أن الخط الواحد ليس يكون (١٠) واحدا على أى نمط من الاتصال اتفق ، بل الاتصال (١١) الموحد للمقادير وما يشبهها (١٢) وهو الاتصال المعدوم فيه الفصل المشترك بالفعل. وأما الاتصال الذي يكون بمعنى الاشتراك فى طرف ، فذلك لا يجعل الخطوط والحركات وغير ذلك شيئا واحدا ، الوحدة التي لا كثرة فيها بالفعل ، بل عسى أن تكون (١٣) بالقوة ، وإلا فالمثلث يحيط به خط واحد بالحقيقة.

وقد فرغنا نحن سالفا عن (١٤) تحقيق وجوه ما يقال عليه الاتصال ، وعرفت أن الاتصال منه موحد ، ومنه مفرق ، فلا تكون إذن هاتان الحركتان حركة واحدة بالاتصال (١٥) الموحد ، بل حركتان اثنتان بينهما الاتصال المفرق. فإن هذا الاتصال هو اتصال (١٦) شيء بشيء ، بطرف موجود بالفعل مشترك بينهما ، وما لم (١٧) يكن اثنينية (١٨) بالفعل ، لم يكن هذا الاتصال بالفعل ، بل هذا الاتصال يكون مثل خطين ملتقيين على زاوية ذات نقطة بالفعل. فهذا (١٩) الاتصال (٢٠) إذن ليس هو الاتصال الموحد ، بل الاتصال المفرق ، وحكم هذا الاتصال كاتصال (٢١) السواد والبياض. وبهذا يعلم أيضا الغلط فى الحجة التي يتلوها ، وأنه إنما كان يكون الغاية هى بعينها المبدأ ، لو كان اتصال موحد لا مفرق والأشياء المتفرقة والمتتالية (٢٢) قد يجوز أن يكون منها غايات بعد غايات.

وأما الحجة الأخيرة فهى سخيفة ، وذلك أنه عند ما صار أبيض لا يقال إنه يتسود ، بل ذلك بعده فى زمان ، طرفه هو ذلك الآن الذي هو فيه أبيض. ومع ذلك فلا يستمر احتجاجهم إذا قال قائل : إن هذا الأبيض بالفعل هو بالقوة أبيض آخر (٢٣) أيضا ، لأنه فى قوته أن يحل فيه بياض آخر غير هذا البياض ، وقد تخللهما زمان

__________________

(١) يوصل : موصل ب ، د (٢) وينفصل : ومنفصل ب ، د

(٣) لا شك : ولا شك ط. (٤) إلا طرف : الأطراف د ، م.

(٥) أيضا أعنى من : يعنى سا (٦) من : ساقطة من ط ، م

(٧) وإن : وإنه ب. (٨) ليست : ليس ط

(٩) الاتصال : + كيف ط.

(١٠) يكون : + خطا سا (١١) الاتصال (الثانية): + الموجود ط.

(١٢) يشبهها : أشبهها سا.

(١٣) تكون : ساقطة من ب ، د سا ، م.

(١٤) عن : فى ط. (١٥) بالاتصال : باتصال د.

(١٦) هو اتصال : ساقطة من م (١٧) ما لم : فما لم سا

(١٨) اثنينية : اشتبه سا ؛ انيته م. (١٩) فهذا : وهذا سا ، م

(٢٠) الاتصال (الثانية) : اتصال ط. (٢١) كاتصال : ساقطة من م.

(٢٢) والمتتالية : المتتالية د ، سا ، ط ، م. (٢٣) آخر : أحمر د.


يفصل بينهما ، فيكون بالقياس إلى هذا البياض الموجود لا قوة له عليه (١) ، وبالقياس إلى بياض ينتظر له قوة عليه.

وإذ (٢) قد أوضحنا حجج هؤلاء ، فبالحرى أن نعرف نحن الحجة التي لأجلها تمسكنا بأحد المذهبين. فنقول : إن كل حركة بالحقيقة فهى (٣) تصدر عن ميل يحققه اندفاع الشيء القائم أمام المتحرك أو احتياجه إلى قوة يمانعه بها (٤). وهذا الميل فى نفسه معنى من الأمور به (٥) يوصل إلى حدود الحركات ، وذلك بأبعاد من شيء تلزمه مدافعة لما فى وجه الحركة ، وتقريب من شيء. ومحال أن يكون الواصل إلى حد ما واصلا بلا علة موجودة موصلة (٦) ، ومحال أن تكون هذه العلة غير التي أزالت عن المستقر الأول ، وهذه العلة تكون لها قياس إلى ما يزيل ويدافع ، وبذلك القياس يسمى ميلا ، فإن هذا الشيء من حيث هو موصل لا يسمى ميلا ، وإن كان الموضوع واحدا ؛ وهذا الشيء الذي يسمى ميلا قد يكون موجودا فى آن واحد. وإنما الحركة هى التي عسى أن يحتاج فى وجودها إلى اتصال زمان ؛ والميل ما لم يقسر ولم يقع أو لم (٧) يفسد ، فإن الحركة التي بحب عنه تكون موجودة. وإذا فسد الميل لم يكن فساده هو نفس وجود ميل آخر ، بل ذلك معنى آخر ربما قارنه. فإذا حدثت حركتان فعن ميلين وإذا وجد ميل آخر إلى جهة أخرى فليس يكون هو هذا الموصل نفسه (٨) ، فيكون هو بعينه علة للتحصيل وللمفارقة معا ، بل يحدث لا محالة ميل آخر له أول حدوث ، وهو فى ذلك الأول موجود ، إذ ليس وجوده متعلقا بزمان ليس كالحركة والسكون اللذين (٩) ليس (١٠) لهما أول حدوث ، إذ لا يوجدان على وجه ما إلا فى زمان وإلا بعد زمان ، إذ هى مقتضية لأين لم يكن الجسم (١١) قبله فيه ، ولا يكون بعده فيه ، فيقتضى تقدما وتأخرا زمانيا ، بل هو كاللاحركة (١٢) التي تكون فى كل آن. فكذلك (١٣) الآن الذي قد يحد طرف الحركة يجوز أن يكون هو بعينه حدا للاحركة (١٤) ، حتى يكون لا حركة (١٥) موجودا (١٦) فى آن ، هو طرف حركة (١٧) مستمرة (١٨) الوجود بعده ، فلا يحتاج بين الحركة وبين اللاحركة إلى آن وآن ، بل يكفى آن واحد ولا يعرض (١٩) محال ، لأن ذلك الآن لا تكون فيه الحركة والسكون معا ، بل (٢٠) واحد منهما. وأما

__________________

(١) عليه : على البياض سا. (٢) وإذ : فإذا ط.

(٣) فهى : + التي م. (٤) بها : به سا ، م

(٥) به : له ط. (٦) موصلة : ساقطة من د.

(٧) أو لم : ولم د. (٨) نفسه : بعينه ط.

(٩) اللذين : الذي ب ، د ، سا (١٠) ليس : ساقطة من د.

(١١) الجسم : لجسم ط

(١٢) كاللاحركة : كلاحركة ب ، د ، ط ؛ على حركة سا.

(١٣) فكذلك : فلذلك سا ، م (١٤) للاحركة : للحركة ط.

(١٥) لا حركة : اللاحركة م (١٦) موجودا : موجودة ط

(١٧) حركة : حركته ط (١٨) مستمرة : ومستمر سا ، م ؛ ويستمر ط.

(١٩) ولا يعرض : لا يعرض ط

(٢٠) معا بل : مقابل سا.


الآن الذي فيه أول وجود الميل الثاني ، فليس هو الآن الذي فيه آخر وجود الميل الأول ، إذ هو آخر وجود الميل الأول (١) الذي بينا أنه (٢) يكون فيه موجودا عند ما يكون موصلا. فإن كان يوجد موصلا زمانا ، فقد صح السكون وإن كان لا يوجد موصلا إلا آنا ، فليس ذلك الآن آخر ، إلا أن (٣) يكون ما هو له آخر موجودا فيه ، إذ ما هو له آخر هو موصل ، والموصل لا يكون موصا وهو غير حاصل ، وإنما لم يكن الآنان (٤) واحدا ، لأن لشيء لا يكون فى طبيعته (٥) ما يوجب الحصول وما يوجب اللاحصول معا ، فتكون طباعه تقتضى أن يكون فيه اقتضاء بالفعل وأن لا يكون (٦) اقتضاء بالفعل. فإذن آن آخر (٧) الميل الأول غير آن أول (٨) الميل (٩) الثاني.

ولا تصغ إلى من يقول إن الميلين يجتمعان ، فكيف يمكن أن يكون شيء فيه بالفعل مدافعة جهة أو لزومها ، وفيه بالفعل التنحى عنها ، فلا يظن أن الحجر المرمى إلى فوق فيه ميل إلى أسفل البتة ، بل مبدأ من شأنه أن يحدث ذلك الميل إذا زال العائق (١٠) ، وقد يغلب كما أن فى الماء قوة ومبدأ يحدث البرد فى جوهر الماء إذا زال عائق (١١) ، وقد (١٢) يغلب كما (١٣) تعلم.

فقد بان أن الآنين متباينان ، وبين كل آنين زمان ، والأشبه أن يكون الموصل يبقى موصلا زمانا ، لكننا (١٤) أخذناه موصلا آنا ليكون أقرب من الموجب لعدم السكون (١٥) ، فقد انحلت الشبه ، وتول أنت بنفسك بناء حجج العلم الأول على هذا الأصل.

__________________

(١) الأول : ساقطة من م

(٢) أنه : أن ط.

(٣) أن : ساقطة من سا ، ط ، م.

(٤) الآنان : الآنات سا ، م.

(٥) طبيعته : طبيعة م.

(٦) لا يكون : + فيه م

(٧) آن آخر : آخر آن سا ، ط ، م

(٨) آن أول : أول آن ، ط ، م سا

(٩) الميل : ميل ط.

(١٠) العائق : عائق سا ، ط ، م.

(١١) وقد ... عائق : ساقطة من د

(١٢) وقد : قد ط.

(١٣) كما : وكما ط.

(١٤) لكننا : لكنا سا ، ط.

(١٥) السكون : الشكوك سا.


[الفصل (١) التاسع]

ط ـ فصل

فى الحركة المتقدمة بالطبع وفى ايراد فصول الحركات على سبيل الجمع

وإذا قد بلغ الكلام بنا هذا المبلغ ، فبالحرى أن نختم القول فى الحركات ، بأن نعرف أى الحركات أولى بالتقدم.

فنقول : أما أولا ، فإن الحركة المكانية أو الوضعية (٢) أقدم (٣) الحركات ، وذلك لأن النمو لا يخلو عن كل حركة مكانية مع الحركة (٤) الكمية ، ولا يخلو من وارد على النامى متحرك إليه وفيه (٥) ، والمكانية (٦) والوضعية تخلو عنه والتخلخل والتكاثف لا يخلو عن استحالة (٧) ، والاستحالة (٨) لا توجد إلا بعد وجود حركة مكانية أو وضعية ، إذ كانت الاستحالة الواحدة لا توجد دائمة ، إذ هى بين (٩) الأضداد ويكون لها (١٠) لا محالة علة ، لم تكن من قبل علة بالفعل ، ثم صارت علة. فلا يخلو إما أن تكون تلك العلة (١١) واصلة إلى المعلول أو لا تكون ، فإن لم تكن واصلة فوصلت ، حتى أحالت ، فقد حصلت حركة نقلية أو وضعية ؛ وإن كانت واصلة ، ولكن ليست بفعل ، فهو إذن يحتاج إلى استحالة فى إرادتها (١٢) أو غير ذلك حتى تفعل. والكلام فى (١٣) تلك الاستحالة ثابت ، وإن كان لا يحتاج إلى وصول ولا إلى استحالة ، وهو (١٤) موجود ، والموضوع موجود ، وليس يفعل ، فليس (١٥) بمحيل أصلا ، فالكلام فى الاستحالة ثابت.

على أن كلامنا فى الاستحالات الجسمانية عن علل جسمانية ، وهى إنما (١٦) تفعل بعد ما لم تفعل بالقرب بعد البعد.

والكلام فى الحركات النقلية المتناهية المستقيمة هذا الكلام ، فإنها لا تكون متصلة بغير نهاية ، فيحتاج (١٧) أن تتقدمها حركات حتى توجد. وأما الوضعية والنقلية المستديرة إن كانت موجودة ، فليس الأمر فيها على هذه الصورة ،

__________________

(١) فصل ط ب ؛ الفصل التاسع م.

(٢) أو الوضعية : والوضعية سا ، م

(٣) أقدم : تقدم سا. (٤) الحركة : حركة سا

(٥) وفيه : ومنه ط (٦) والمكانية : المكانية م.

(٧) استحالة : الاستحالة ط

(٨) والاستحالة : فالاستحالة ط.

(٩) بين : من سا. (١٠) لها : لهما د ؛ ساقطة من ط.

(١١) العلة : العلية ط.

(١٢) إرادتها : إرادته سا ، م

(١٣) فى : ساقطة من م.

(١٤) وهو : فهو م

(١٥) فليس : ساقطة من د.

(١٦) إنما : + لم سا.

(١٧) فيحتاج : + إلى ط.


بل يكفى لها محرك واحد ثابت ، ويصلح أن تكون أصناف (١) ما يحدث من المناسبات المختلفة بين ذلك المتحرك وبين الأجسام الأخرى ، أسبابا لانبعاث حركات واستحالات أخرى.

فبين من هذا أن أقدم الحركات ما كان على الاستدارة ، فإنها أقدم الحركات المكانية والوضعية ، وهذا الصنف من الحركات أقدم (٢) من سائر الحركات الأخرى بالشرف (٣) أيضا ، لأنه لا يوجد إلا بعد استكمال الجوهر جوهرا بالفعل ، ولا يخرجه (٤) عن جوهريته بوجه من الوجوه ، ولا يزيل أمرا له فى ذاته ، بل يزيل (٥) نسبة (٦) له إلى أمر من (٧) خارج ، ويخص (٨) المستديرة بأنها تامة لا تقبل الزيادة ، ولا يجب فيها الاشتداد والضعف ، كما يجب فى الطبيعة (٩) أن تشتد أخيرا فى السرعة ، والقسرية أن تشتد ، كما يقال وسطا ، ولا شك أنها تضعف أخيرا (١٠). والجرم الذي له الحركة المستديرة بالطبع هو أقدم الأجرام ، وبه تتحدد (١١) جهات الحركات الطبيعية للأجرام الأخرى.

وإذ قد (١٢) استوفينا تحقيق هذه المعانى ، فبالحرى أن نجمع الفصول التي للحركات ، ونقول : أولا (١٣) كل ما ينسب إليه صفة فإما أن يقال تلك الصفة التي (١٤) له بذاته ، بأن تكون الصفة موجودة فيه كله ، مثل ما يقال أن الثلج أبيض.

وإما أن لا تكون (١٥) بالحقيقة موجودة فى كله ، ولكنها بالحقيقة فى جزئه ، مثل ما يقال إن الإنسان يرى وإن العين سوداء. وإما أن تقال بالعرض على الإطلاق بأن لا تكون فيه ، بل فى شيء يقارنه ، كما يقال إن البناء يكتب وكما يقال للبياض إنه ينتقل عند ما ينتقل الأبيض. فالمتحرك والمحرك إما أن يقال له ذلك لذاته مطلقا أو للجزء ، كما يقال فلان يكتب وإنما تكتب يده أو فلان يتحرك وإنما تتحرك يده. وإما أن يقال بالعرض مطلقا كما يقال للساكن فى السفينة أنه يتحرك. فمنه ما ليس من شأنه البتة أن يوصف بذلك ، كالبياض إذا قيل إنه يتحرك ، ومنه ما شأنه ذلك (١٦) ، كالمسمار المسمر فى السفينة. وكذلك المحرك قد يكون بالعرض وغير (١٧) مطلق ، على ما قيل فى (١٨) أبواب سلفت (١٩). والحركة إذا كانت فى ذات الشيء فقد (٢٠) تنبعث عن طبيعته ، لا من خارج ولا بإرادة ولا قصد (٢١) ، كنزول الحجر. وقد تنبعث عنه بالإرادة ، وقد تكون بسبب (٢٢) قسرى من خارج كصعود الحجر. والطبيعى والإرادى

__________________

(١) أصناف : أصنافه ط.

(٢) الحركات المكانية ... أقدم : ساقطة من سا.

(٣) بالشرف : وبالشرف سا ، ط ، م.

(٤) ولا يخرجه : فلا يخرجه م

(٥) يزيل : مزيل ط (٦) نسبة : نسبته ط

(٧) من : ساقطة من سا. (٨) ويخص : ويختص ط

(٩) الطبيعة : + من سا ، ط ، م.

(١٠) أخيرا : آخر د ، سا. (١١) تتحدد : ينحدر ط.

(١٢) وإذ قد : وإذا سا (١٣) أولا : + أن ط.

(١٤) التي : ساقطة من د ، سا ، ط ، م.

(١٥) لا تكون : يكون م. (١٦) ذلك : كذلك سا

(١٧) وغير : أو غير ط ، م (١٨) فى : على سا.

(١٩) سلفت : سبقت ط (٢٠) فقد : وقد ط (٢١) ولا قصد : ولا يقصد سا.

(٢٢) بسبب : ساقطة من د.


يشتركان دائما فى أن يطلق عليهما لفظة (١) الحركة الكائنة (٢) من تلقاء المتحرك ، وذلك (٣) لأنها ليست من خارج ، وربما قيل ذلك خاصة (٤) للذى يكون بإرادة (٥). والحركة الطبيعية والقسرية قد تكون فى غير المكانية والوضعية ، فإن هاهنا استحالة طبيعية ، كصحة من يصح بالبحران (٦) الطبيعى ، وتبرد الماء الحار إذا استحال بطبيعة إلى البرد ، واستحالة قسرية كاستحالة الماء إلى الحر (٧) ، وهاهنا (٨) كون طبيعى ، مثل تكوين الجنين من المنى (٩) والنبات من البذور ، وكون قسرى ، مثل إحداث النار بالقدح ، وفساد طبيعى مثل الموت الهرمى ؛ وفساد قسرى ، كالموت عن القتل ، والموت عن السم. وهاهنا زيادة فى مقدار الجسم طبيعة ، كنمو الصبى ؛ وأخرى قسرية كالنمو الذي يستجلب بالأدوية المسمنة (١٠). وهاهنا ذبول طبيعى كما فى الهرم ، وذبول قسرى كما بالأمراض.

ويجب أن يعلم أن قولنا حركة طبيعية ليس يعنى به أن الحركة تصدر البتة عن الطبيعة ، والطبيعة بحالها (١١) التي لها (١٢) ، فإن الطبيعة ذات ثابتة قارة ، وما يصدر عنها لذاتها فهو أيضا ثابت قار قائم (١٣) موجود مع وجود الطبيعة ، والحركة التي هى الحركة القطعية (١٤) تعدم دائما وتتجدد بلا استقرار ، والحركة التي حققناها لا محالة فإنها تقتضى ترك شيء ، والطبيعة إذا اقتضت لذاتها ترك شيء فتقتضى لا محالة ترك شيء خارج عن الطبيعة. وإذا (١٥) كان كذلك فما لم يعرض أمر خارج عن الطبيعة ، لم يعرض قصد ترك لها بالطبع. فإذن (١٦) الحركة الطبيعية ، لا تصدر عن الطبيعة إلا وقد عرضت حال غير طبيعية ؛ ولا تكون حال غير طبيعية ، إلا وبإزائها حال طبيعية ، إذ (١٧) كانت هذه غير تلك ، فتلك طبيعية (١٨) ، فتكون غير الطبيعية تترك تركا متوجها (١٩) إلى الطبيعة (٢٠). فكل حركة طبيعية إذا لم تعق ، فهى تنتهى إلى غاية طبيعية ، ويستحيل إذا حصلت تلك الغاية أن يتحرك المتحرك بالحركة الطبيعية ، لأن الحركة ترك ما وهرب (٢١). والغاية الطبيعية ليست متروكة ولا مهروبا عنها بالطبع ، فكل (٢٢) حركة طبيعية إذن فهى لأجل طلب سكون (٢٣) ، إما فى أين أو فى كيف ، أو فى كم ، أو فى وضع ، فكل حركة لا تسكن ، فليست بطبيعية ، فالحركة المستديرة المتصلة إذن لا تكون

__________________

(١) لفظة : لفظ ط (٢) الكائنة : المكانية سا ، م

(٣) وذلك : فى ذلك م. (٤) خاصة : خاصا سا

(٥) بإرادة : بالإرادة ط. (٦) بالبحران : بالبحر مكان سا.

(٧) الحر : الجزء د ؛ الحرى ط

(٨) وهاهنا : وهنا ط (٩) من المنى : ساقطة من سا.

(١٠) المسمنة : المستمينة د. (١١) بحالها : ساقطة من سا.

(١٢) لها : ساقطة من د (١٣) قائم : ساقطة من سا.

(١٤) القطعية : ساقطة من م.

(١٥) وإذا : فإذا سا ، ط ، م.

(١٦) فإذن : فإن ط. (١٧) إذ : إذا سا.

(١٨) ولا تكون حال ... فتلك طبيعة : ساقطة من ب.

(١٩) متوجها : + به ط (٢٠) الطبيعية : الطبيعة سا ، ط ، م.

(٢١) وهرب : + ما ط. (٢٢) فكل : وكل د ، ط (٢٣) سكون : السكون ط.


طبيعية ، وكيف تكون (١) وليس شيء من الأوضاع والأيون التي تفرض (٢) مهروبا عنه (٣) بالطبع بتلك الحركة إلا وهو بعينه مقصود إليه بالطبع بتلك الحركة (٤) ، ومحال أن تهرب الطبيعة بالطبع عن أمور تؤمها (٥) بالطبع فالحركات المستديرة تكون إما من أسباب من (٦) خارج ، وإما عن (٧) قوة غير الطبع ، بل عن قوة إرادية. وقد يجوز أن لا يختلف ما يكون عن القوة الإرادية ، إذا لم تختلف الدواعى والموانع والغايات والأغراض (٨) ، فلم تتجدد الإرادات وكانت (٩) الواحدة منها (١٠) مبلوغا بها (١١) المراد فى الحركة ، ولا يمنع كون الحركة المستديرة لجسم بسيط أن (١٢) يكون ذلك الجسم ذا نفس على ما يشكك (١٣) به بعضهم قائلا : إن المشائين يوحون أن لا تكون النفس إلا للجسم (١٤) المركب ، ثم يقولون لحركة (١٥) مستديرة بسيطة هى صادرة عن نفس وأنها لجرم بسيط. وذلك لأن المشائين لم يمنعوا أن يكون فى البسائط كلها متنفس (١٦) ، بل إنما منعوا (١٧) أن يكون ذلك الجسم من البسائط الأسطقسية الموضوعة للتركيب. فإن هذه البسائط ما لم تتركب (١٨) ولم تعتدل ولم تسقط غلبات التضاد لم (١٩) يقبل الحياة ، فإن كان جسم بسيط لا ضد له فى طبعه (٢٠) ، فهو أقبل للحياة.

ويجب أن يعرف هاهنا أن الطبيعى على كم أوجه يقال ، بحسب ما ينتفع به فى الموضع (٢١) الذي نحن فيه ، ثم نتمم الكلام فى الحركة الطبيعية ، فنقول : إن الطبيعى قد يقال بالقياس إلى الشيء (٢٢) الذي له لأمر الطبيعى وحده ، وقد يقال لا بالقياس إليه وحده ، بل بالقياس إلى طباع الكل بالشركة ، مثال هذا القسم هو أن كون (٢٣) الأرض غير حقيقة التدوير ، وانكشافها عن الماء ليس طبيعيا ، بالقياس إلى طبيعة الأرض نفسها (٢٤). فإن طبيعة كل بسيط لا تقتضى اختلافا فيه ، بل تقتضى التشابه ، فيجب أن يكون الشكل الطبيعى البسيط (٢٥) كريا. ولكن الأمر الذي تقتضيه طبيعة الأرض من استعدادها وفعلها معا إذا قرن به طبيعة الكل ، كان وجود هذا الشكل له طبيعيا ، أى (٢٦) أمرا يجب عن (٢٧) طباعه وطباع الكل ، وما عليه مجرى الأمر الجزئى (٢٨) فى الكل ، على ما سنوضح هذا فى موضعه. وكذلك (٢٩) تصرف

__________________

(١) تكون : ساقطة من سا ؛ + طبيعية ط (٢) تفرض : تفترض سا ، ط ،

(٣) عنه : عنها م. (٤) الحركة : الحالة سا

(٥) أمور تؤمها : أمر تؤمه ط ، م. (٦) من (الثانية) : ساقطة من ب

(٧) عن (الأولى) : من سا. (٨) والأغراض : والإرادات سا

(٩) وكانت : ساقطة من م.

(١٠) منها : منه سا (١١) بها : به سا

(١٢) أن : بل سا. (١٣) ما يشكك : ما سئل سا ، م

(١٤) للجسم : الجسم ط

(١٥) لحركة : بحركة ط. (١٦) متنفس : تنفس نفس ط.

(١٧) منعوا : يمنعون ط ؛ + من سا

(١٨) تتركب : يركب ط. (١٩) لم : ولم ط

(٢٠) طبعه : طبيعته د ، ط.

(٢١) الموضع : الوضع د. (٢٢) الشيء : شيء د.

(٢٣) كون : تكون م. (٢٤) نفسها : ساقطة من م.

(٢٥) البسيط : للبسيط ط ، م. (٢٦) أى : أو ط

(٢٧) عن : من سا. (٢٨) الجزئى : الخيرى د (٢٩) وكذلك : فكذلك ط.


الغذاء بحسب تدبير القوة الغاذية ، هو لنفس الغذاء غير طبيعى ، ولكن إذا قيس إلى الطبيعة المشتركة للكل كان طبيعيا. وأما (١) الطبيعى الخاص بالشيء ، فهو أن يكون صادرا عن قوة طبيعية فيه (٢) وحده ، ونعنى بالقوة الطبيعية هاهنا كل قوة من ذات الشيء تحرك لا بالإرادة ، كانت (٣) طبيعية صرفة (٤) ، أو كانت كنفس (٥) النبات ، فيكون أحد قسمى هذا الباب على نحو (٦) تحرك الحجر إلى أسفل ، وهو الذي يكون لا عن إرادة ، ولا أيضا مختلف الجهة ؛ والثاني على نحو تحرك النامى إلى نموه ، فإن ذلك ليس بإرادة ، ولكنه مختلف الجهة وقد تكون حركة (٧) بإرادة غير (٨) مختلفة الجهة ولا تسمى طبيعية إلا باشتراك الاسم كالحركة الأولى. فالحركة الطبيعية بحسب هذا الموضع هى التي تكون عن قوة فى الجسم نفسه تتوجه إلى الغاية التي لطبيعة (٩) ذلك الجسم ، وعلى الوجه (١٠) الذي تقتضيه طبيعة ذلك الجسم إذا لم يكن عائق ، مثل تكون يد (١١) الإنسان ذات خمس أصابع فى مدة مثلها يتكون ، وعلى نحو من التوجه لا غير زائغ (١٢) عن الحدود الواجبة ، فإنه قد تكون (١٣) حركة عن الطبيعة ، ولكن (١٤) لا إلى غاية طبيعية ، مثل تكون الإصبع (١٥) الزائدة والسن الشاغية (١٦) ، وقد تكون حركة لا عن الطبيعة ، ولكن إلى الغاية الطبيعية ، كما (١٧) يرمى حجر (١٨) إلى أسفل على خط مستقيم ، رميا لا نصدر مثل الحركة التي فيه عن الطبيعة التي فى الحجر (١٩) وحدها. وقد يتفق أن يكون من المبدأ إلى الغاية ولكن معوقا ، مثل أن تكون حركته (٢٠) أبطأ من الواجب أو ذات كيفية غير موافقة للاستمرار إلى الغاية. فهذه قد يقال لها طبيعية.

ولكن الحقيقى هو ما قلناه (٢١) أولا ، وقد تكون الحركة طبيعية لا بالقياس إلى الطبيعية ، الخاصة بالشيء ، بل بالقياس إلى أمور من خارج. فإن الاحتراق طبيعى للكبريت عند ملاقاة النار ، والانجذاب طبيعى للحديد عند مقاربة المغناطيس.

__________________

(١) وأما : + هو ط (٢) فيه : منه ط.

(٣) كانت : وكانت ط

(٤) صرفة : صرفا ب ، د ، سا

(٥) كنفس : لنفس د. (٦) نحو : ساقطة من سا.

(٧) حركة : الحركة ط

(٨) غير : وغير سا ، م.

(٩) لطبيعة : + فى د

(١٠) الوجه : وجه ط.

(١١) يد : بدن م (١٢) زائغ : ذائغ ط.

(١٣) تكون : تتكون ط ، م

(١٤) ولكن : لكن م (١٥) الإصبع : الأصابع ط.

(١٦) الشاغية : الشناعية ط

(١٧) كما : كمن سا ، ط ، م

(١٨) حجر : حجرا سا ، ط ، م.

(١٩) الحجر : الحركة سا. (٢٠) حركته : حركة ط.

(٢١) ما قلناه : ما قلنا ب ، د ، سا ، م.


[الفصل العاشر]

ى ـ فصل (١)

فى كيفية كون الخير طبيعيا للجسم وكذلك كون اشياء أخرى طبيعية

فنقول : إن كل جسم ، فسنبين أنه يقتضى حيزا يخصه ، والمقتضى لذلك صورته التي بها يتجوهر أو صورة الغالب فيه ، وقد يقتضى كما أو كيفا أو وضعا أو غير ذلك. فإن (٢) كان الحيز الذي يقتضيه موقوفا عليه لا يفارقه لم تكن له حركة طبيعية ناقلة إلى الحيز ؛ وكذلك (٣) إن كان (٤) كيفية (٥) بهذه الصفة أو كمية (٦) ، فإن كان حيزه حيزا يمكن أن يفارقه ، بأن يزال عنه قسرا فإنه يكون له عود بالطبع إن لم يمتنع (٧) قسرا ، أو كان (٨) لم يزل عن حيزه ، بل كان (٩) أول حدوثه فى غير حيزه ، فإنه بالطبع ، ينتقل إليه إن لم يمنع (١٠) قسرا (١١). فإن كانت كيفيته مما يجوز أن يسلب بالقسر ككيفية الماء ، أعنى (١٢) برودته فإنه إذا زال القاسر (١٣) ، توجه إليها الشيء بالطبع ، فاستحال الماء المسخن مثلا باردا. وإن كانت كميته مما يجوز أن يسلب بقسر مثلا كما يخلخل (١٤) الهواء بالقسر ، حتى يصير أعظم ، أو يضغط بالقسر ، حتى يصير أصغر ، على ما أخبرنا عنه فى باب الخلاء ، فإنه إذا زال القاسر انتقل الجوهر إلى حجمه ، أو كانت كميتة مما لا تحصل له في أول وجوده ، بل يكون (١٥) أول وجوده وجودا غير مستكمل وإنما يستكمل بالاستمداد ، فإنه يتحرك إلى كماله فى حجمه بالغذاء طبعا ، أو كان وضع أجزائه وضعا مقسورا كما يحنى (١٦) الخشب المستقيم بالقسر ، فإنه إذا خلى سبيله من غير كسر أو رض ، رجع بحركته (١٧) إلى الوضع الأول.

لكنه قد يشكل فى الحيز ، مما لا يشكل فى أمر غيره ، فإن الجسم المتحرك فى جهة (١٨) ما تعرض له أمور : من ذلك

__________________

(١) فصل : فصل ى ب الفصل العاشر ط ، م.

(٢) فإن : وإن م.

(٣) وكذلك : ولذلك د

(٤) كان : كانت سا ، ط ، م

(٥) كيفية : كيفيته م

(٦) كميته : كميته م.

(٧) يمتنع : يمنع سا ، ط ، م

(٨) أو كان : وكان ط

(٩) بل كان كان : + أول د.

(١٠) يمنع : يمتنع د

(١١) قسرا : ساقطة من م.

(١٢) أعنى : + به ط

(١٣) القاسر : القياسى سا.

(١٤) يخلخل : يتخلخل سا ، ط.

(١٥) يكون : كون ب.

(١٦) يحنى : ينحنى ط.

(١٧) بحركته : بحركة د.

(١٨) جهة : وجه م.


أنه متحرك إلى تلك الجهة ، ومن ذلك أنه متحرك إلى (١) مكان ما ، ومن ذلك أنه متحرك إلى حيث كليته. فيشتبه (٢) الأمر ويشكل فلا ندرى أنه إلى أى واحد من هذه الأشياء يتحرك. ولو كان الماء يطلب الجهة ، والنهاية فى نزوله إلى أسفل ، لما وقف دون حد وقوف (٣) الأرض ، ولما طفا على الأرض (٤) ولما رسب فى الأرض. وكذلك حال الهواء ، لو توهم (٥) جزء منه مقسورا إلى حيز (٦) النار ، فوجد (٧) ينتقل من حيز النار إلى حيز نفسه.

وستعلم أنه لا يكون لحيز واحد جسمان بالطبع ، حتى يكون لك أن تقول : إن الأرض والماء يطلبان جهة واحدة وحيزا واحدا ، لكن الأرض أغلب وأسبق ، وكذلك الهواء والنار يطلبان جهة واحدة وحيزا واحدا ، لكن الأرض أغلب وأسبق ، ولو كان الهواء يطلب ما تطلب (٨) النار لكنه يعجز عن مساوقتها (٩) إليه (١٠). لكنا إذا وضعنا أيدينا على شطر من الهواء ، أحسسنا باندفاعه إلى فوق ، كما إذا حبسناه (١١) فى إناء تحت الماء. ولو كان يطلب المتحرك المكان فقط ، والمكان هو سطح الجسم الذي يحويه ، والطبيعى هو سطح الجسم (١٢) الذي يحويه بالطبع ، لكان (١٣) الماء يقف فى الهواء حيث كان لأنه فى سطح الجسم الطبيعى الذي يحويه ، ولكانت النار المتصعدة تطلب أن يشتمل (١٤) عليها مكان هو سطح فلك (١٥). وهذا الطلب محال ، لأنه إنما يماس طائفة من سطح الفلك من جهة ، ولو كان يطلب الكلية لكان الحجر المرسل من رأس البئر (١٦) يلتصق بشفيرها (١٧) ، ولا يذهب (١٨) غورا ، فإن الاتصال بالكل هناك أقرب مسافة ولكان الحجر يصعد ، لو توهمنا إن كليته زال عن موضعه. فكان (١٩) حينئذ لا يخلو إما أن يكون بالطبع ، يميز جهة دون جهة ، (٢٠) وهذا محال ، أو يكون قد انفعل عن الكلية انفعالا آخر من جهة أخرى ، فتكون حركته إلى الكلية ليس عن طباعه ولكن تجذب الكلية إياه. وقد فرضنا حركته طبيعية ، وعلى أنه يستحيل أن يفعل الشيء فى شبيهه فعلا وأثرا بالطبع ، من حيث هو شبيهه (٢١) إلا بالعرض ، ولكانت الأرض الصغيرة كالمدرة أسرع انجذابا من الكبيرة.

فالذى يجب أن يعتقد فى هذا ، هو أن الحركة الطبيعية تطلب الحيز الطبيعى وتهرب من غير الطبيعى ، لا مطلقا ولكن مع ترتيب من أجزاء الكل مخصوص ، ووضع مخصوص من الجسم الفاعل للجهات. فإن (٢٢) الجهة عينها (٢٣) غير

__________________

(١) تلك .... إلى : ساقطة من م (٢) فيشتبه : فيشبه ط.

(٣) وقوف : وفوق م (٤) ولما طفا على الأرض : ساقطة من سا.

(٥) لو توهم : وتوهم م

(٦) حيز (الأولى) : حجر د

(٧) فوجد : نوجب م. (٨) ما تطلب : ساقطة من م

(٩) مساوقتها : مساوقته سا (١٠) إليه : إليها ط.

(١١) حبسناه : احتبسناه سا. (١٢) الجسم (الثانية): + الطبيعى ط ، م.

(١٣) لكان : فكان م. (١٤) يشتمل : يشمل ط.

(١٥) فلك : ذلك ط ؛ الفلك م. (١٦) البئر : + بل د (١٧) بشفيرها : بشفيرتها ط

(١٨) ولا يذهب : فلا نذهب ط. (١٩) فكان : وكان د.

(٢٠) دون جهة : ساقطة من م. (٢١) شبيهه : شبهه ب ، د ، ط. (٢٢) فإن : وإن م

(٢٣) عينها : عنه د ؛ عليها ط.


مقصودة إلا لأجل كون هذا المعنى فيها ، وإن الكلية التي لكل بسيط ليست مقصودة فى الحركة الطبيعية التي لأجزائها بذاتها ، ولكنها موضوعة (١) حيث المقصود ، بل المقصود ما ذكرناه. فالطلب يتوجه إلى هذه الغاية المتحققة فقط ، ولا يصح إلى (٢) غيرها. وأما الهرب فيصح من مقابلاتها أيها (٣) اتفق ، فإنه إذا كان المكان غير طبيعى ، وإن كان الترتيب طبيعيا هرب منه (٤) الهواء المنتشف المحصور فى آجرة (٥) مرفوعة فى الهواء ، فإن الآجرة (٦) تنشف الماء من أسفل لشدة (٧) هرب الهواء عن محيط غريب ، واستحالة وقوع الخلاء ، ووجوب تلازم الصفائح ، فيخلفه (٨) الماء فى مسام الآجرة (٩) متصعدا فيها ، لهرب (١٠) الهواء عنها ، وإن كان الترتيب فى البعد والقرب قريبا من الواجب ، وكهرب الماء من الهواء ، وإن كان المكان طبيعيا ، وليس (١١) الترتيب حاصلا. وبالحرى أن نعرف هل الهرب هو الذي يحركه أو الطلب (١٢). لكنه لو كان (١٣) الأمر ليس إلا الهرب ولا طلب ، لم تتعين جهة إليها الهرب دون الطلب ، وحال الماء مثلا فى أن طبيعته تحدث ميلا فى جوهره ، وذلك الميل يحدث ميلا واندفاعا فيما يلاقيه ، لو لا أنه أحدثه فى نفسه لم يحدث الميل عنه فى غيره ، كحال الماء فى أنه إنما تفعل صورته الطبيعية التبريد فى غيره مما (١٤) يفيض عنها من برد فى جسمها التي هى فيه ، لو لم يفض ذلك أولا فيها لم يبرد (١٥) غيره ، وإن بقيت الصورة. وإذا (١٦) استفاد حرارة غريبة ، فعل ضد فعله (١٧) فأحرق ، وكذلك (١٨) إذا اشتدت سخونته ، عرض فيه العرض الذي توجبه صورة النارية ، فيفعل فعل (١٩) النار من الإحراق والصعود فأحرق وصعد. فلا يوجب ذلك أن يكون فى هذا الجسم قوتان يتضاد (٢٠) مقتضاهما ، إحداهما تلك الصورة ، والأخرى هذا العارض ، وذلك لأن تلك الصورة لا تقتضى الحركة والإحراق اقتضاء أوليا ، بل بوساطة عارض ، وهو الذي بطل ، وحصل ضده الذي هذا الفعل يصدر عنه صدورا أوليا. فإن الصورة أيضا إنما هى مبدأ للحركة إلى فوق ، بوساطة (٢١) عارض يشبه أن يكون (٢٢) بالقياس إليها ملكة وقتية ، وهو الميل.

ولا يجب أن نظن ، أن ذلك ليس لأجل العارض ، بل لما يخالط الماء مثلا من ناريات. تلك الناريات تتقضى وتفارق (٢٣) وتصعد ، ويبقى (٢٤) الماء باردا. ولو كان كذلك لكان يجب إذا طبخنا الماء والدهن أن يتصعد الدهن (٢٥) أولا ،

__________________

(١) ولكنها موضوعة : ولكنه موضوع سا ، ط. (٢) إلى : ساقطة من سا (٣) أيها : ساقطة من د.

(٤) منه : عنه سا ، ط ، م ؛ + ميل سا ، ط ، م

(٥) آجرة : جرة م (٦) الآجرة : الجرة م.

(٧) لشدة : الشدة ط (٨) فيخلفه : فيتخلفه سا.

(٩) الآجرة : الجرة سا ، م (١٠) لهرب : الهرب ط.

(١١) وليس : إذ ليس سا ، ط ، م.

(١٢) أو الطلب : أم الطلب م (١٣) كان : + الأمر ط.

(١٤) مما : بما سا. (١٥) يبرد : برد د

(١٦) وإذا : فإذا ط. (١٧) فعله : فعلته د ؛ ساقطة من م

(١٨) وكذلك : ولذلك سا ، ط ، م. (١٩) فيفعل فعل : يفعل د ؛ ففعل فعل سا.

(٢٠) يتضاد : يتضادان فى ط. (٢١) بوساطة : لوساطة م

(٢٢) يكون : ساقطة من م. (٢٣) وتفارق : فتفارق سا

(٢٤) ويبقى : فتبقى سا ، ط ، م.

(٢٥) أن يتصعد الدهن : ساقطة من د.


لأنه أقبل لطبيعة النار ولمخالطتها والاستحالة إليها. وعلى أنه (١) من الجائز أن تكون بعض الأجسام المقسورة (٢) تتحرك إلى خلاف الطبيعة لمخالط غالب ، وبعضها لنفس تأكد هذه الاستحالة ، كما فى البخار المائى ، فإنه لو كان (٣) للنارية للزم ما قلناه. وأنت تعلم أنه لا علة ولا سبب لامتناع النارية من التخلص عن الماء ، حتى يحتاج إلى أن يستصحب الماء ، اللهم إلا أن يكون الماء صار بحيث يتحرك نحو حركتها موافقة (٤) لها ، لكنه بالحرى أن يبرهن على أن لكل جسم حيزا يخصه.

[الفصل الحادى عشر]

ك ـ فصل (٥)

فى اثبات أن لكل جسم (٦) حيزا واحدا طبيعيا وكيفية وجود الحيز

لكلية جسم ولأجزائه وللبسيط والمركب (٧)

نقول (٨) : إن كل معنى ، وكل صفة للجسم ، لا بد لذلك الجسم من أن يكون له ، فإن له منه شيئا طبيعيا. وهذا مثل الحيز ، فإنه لا جسم إلا ويلحقه أن يكون له حيز إما مكان ، وإما وضع ترتيب (٩). ومثل الشكل ، فإن كل جسم متناه ، وكل متناه فله شكل ضرورة ، وإن كل جسم فله كيفية ما أو صورة غير الجسمية لا محالة ، لأنه لا يخلو إما أن يسهل قبوله للتأثير والتشكيل ، أو يعسر ، أو لا يقبل. وكل هذا شيء غير الجسمية.

وقد يمكن أن نبين ملازمة الجسم لكيفيات أخرى فنقول : إن هذه الأشياء وما يجرى مجراها ، لا بد (١٠) أن يكون للجسم منها شيء طبيعى ضرورى ، وذلك لأن الواقع بالقهر والقسر عارض بسبب يعرض من خارج. وجوهر

__________________

(١) أنه : أن سا

(٢) المقسورة : المقصورة ط.

(٣) لو كان : لون د.

(٤) موافقة : موافقا سا.

(٥) فصل : فصل آب ؛ الفصل الحادى عشر ط ، م.

(٦) جسم : الجسم ط.

(٧) والمركب : وللمركب سا ، ط ، م.

(٨) نقول : فنقول ط.

(٩) ترتيب : وترتيب ط.

(١٠) لا بد : + من سا.


الشيء قد يمكن أن يعقل (١). ولا تعرض له (٢) الأسباب التي لوجوده منها بد ، إلا ما كان منها لازما لطباعه. وليس واجبا ضرورة أن يكون الجسم لا يعقل ، إلا ويلحقه فعل قاسر (٣) فيه. فإذا كان كذلك ، فطبيعة الجسم قد يمكن أن يفرض موجودا ، وهو على ما هو (٤) عليه فى نفسه ، وليس يقسره قاسر. وإذا (٥) فرض كذلك بقى وطباعه ، وإذا بقى كذلك (٦) ولم يكن بد من أن يكون له أين وشكل ، وكل ذلك لا يخلو إما أن يكون له من طباعه أو من سبب (٧) خارج.

لكنا (٨) قد (٩) فرضنا أنه لا سبب من خارج ، فبقى (١٠) أنه (١١) من طباعه ، والذي من طباعه يوجد له ، ما دامت طبيعة موجودة ولم يقسر ، فإن (١٢) كانت طبيعته بحيث تقبل القسر ، أمكن أن يزول ذلك عنه بالقسر ، وإن كانت طبيعته بحيث لا تقبل القسر لم يزل ذلك عنه بالقسر.

فإن قال قائل : إنه يجوز أن يكون كل قاسر يرد فإنه يعطى شكلا ومكانا ، ثم (١٣) يبقى ذلك ، فلا يزول إلا بقاسر آخر يرد (١٤) فلا يخلو دائما عن قاسر على التعاقب ، كما لا يخلو عن الأعراض بالتعاقب. وليس يلزم من (١٥) ذلك أن يكون واحد منها ذاتيا لا تفارقه.

فنقول : إن الجسم تعرض له الأعراض التي ليست (١٦) بلازمة على وجهين : أعراض تلحقه (١٧) فى ذاته ، وأعراض (١٨) تلزمه (١٩) من مجاوراته. مثل كونه فوق وتحت ومماسا ومحاذيا ، والأعراض التي تلزمه لمجاوراته (٢٠) لا تكون ضرورية له باعتبار ذاته. والأعراض الأخرى فإنه لا يجب أن يخلو (٢١) منها ، بل يجوز أن يكون فيه عدمها فقط ، ولو كانت مما يستحيل خلوها عنه ، بحيث لا يقوم إلا بوجود شيء منها فيه ، لكانت صورا لا أعراضا ، بل الأعراض هى التي تعرض بعد تجوهر الشيء بحيث يجوز أن يوجد الشيء ، وكل واحد منها (٢٢) معدوم ، فيمكن فرض جوهر الجسم دون شيء البتة منها. وأما المجاورات والمماسات وما يجرى مجرى ذلك ، فليس تلزم الجسم لطبيعته ، بل لوجوده مع جسم آخر. فليس إذن يجب لا محالة أن يكون الجسم لذاته ، حاملا بالفعل لحال مما لا (٢٣) يقوم ماهيته ، ولا يلزم (٢٤) ما يقوم ماهيته ، فقد انحل التشكك (٢٥).

__________________

(١) يمكن أن يعقل : يكون أن الفعل د

(٢) له : + من م. (٣) قاسر : بالقسر ط.

(٤) وهو على ما هو : وهى على ما هى سا

(٥) وإذا : فإذا ط. (٦) كذلك : ذلك سا

(٧) سبب : + من ط ، م.

(٨) لكنا : لكنه ب ، د ، م

(٩) قد : ساقطة من م (١٠) فبقى : فيبقى م

(١١) أنه : أن يكون له سا ، ط ، م.

(١٢) فإن : وإن سا ، ط. (١٣) ثم : ساقطة من د.

(١٤) يرد : ساقطة من ط (١٥) من : ساقطة من ب ، د.

(١٦) ليست : لبس ط ، م (١٧) أعراض تلحقه : ساقطة من د

(١٨) وأعراض : أو أعراض ط. (١٩) تلزمه : تلزم د ؛ تلحقه ط ، م

(٢٠) لمجاوراته : بمجاورته ط. (٢١) يخلو : لا يخلو د ، ط.

(٢٢) منها : فيها ط ، م. (٢٣) مما لا : ما لا سا

(٢٤) ولا يلزم : ويلزم سا. (٢٥) التشكك : التشكيك ط.


وحال القواسر حال هذه الأعراض ، لأن القواسر لا تقوم ماهيته ، ولا تلزم ما يقوم ماهيته. فإن القاسر هو الذي يرد من خارج ، فيفيد حالا لولاه لما كان لذلك الجسم تلك الحال. وليس شيء من هذه واجبا أن يكون من الماهية أو لازما للماهية ، فتوهم الجسم ولا قاسر يقسره ، ليس ممتنعا بالقياس إلى طبيعة الجسم ، وتوهم الجسم غير ذى أين يخصه أو حيز ممتنع بالقياس إلى طبيعة الجسم (١). فالجسم تلزمه فى طبيعته التي له أن يكون (٢) له حيز ، ذلك الذي لو لا القاسر الذي يجوز أن لا يكون ، لكان له. وكذلك الشكل ـ ـ والكيف وغير ذلك ، وكذلك وضع الأجزاء إن كان له أجزاء بالفعل. فكل (٣) جسم ، فله حيز طبيعى ، فإن كان ذا مكان كان حيزه مكانا.

ولقائل أن يقول : إن الأرض جرم (٤) بسيط وتقتضى طبيعته اليبس (٥) الذي فيه ، فلا يخلو إما أن يقتضى له شكلا أو لا يقتضى ، فإن اقتضى له شكلا فيجب أن يقتضى شكلا (٦) مستديرا لبساطته ، فحينئذ إما أن يكون اليبس يساعد مقتضى طبيعته ، فيجب أن تكون الأرض إذا سلب جزء منها الشكل المستدير بأن يشكل شكلا (٧) آخر ، أن يعود بطبيعته فيستدير. وليس الموجود كذلك ، وإن كان اليبس يمنع ذلك ، ويجول بين طبيعة ذلك الجزء ومقتضاه واليبس صادر عن طبيعته ، فيجب أن تكون طبيعة واحدة تقتضى معنيين متفاوتين (٨) متقابلين ، وليس هذا بجائز.

فنقول إن اليبس إنما يفيض (٩) عنه ليحفظ ما تقتضيه طبيعته من الشكل الطبيعى حفظا قويا جدا ، فإذا حفظ شكله ، لزم من ذلك أن يحفظ فى كل جزء ما توجبه طبيعته إيجابا أوليا من انبساط (١٠) الذاهب إلى شكله. فإذا ثلم شيء من شكله بقسر القاسر ، لم يكن للباقى (١١) منه حس وشعور (١٢) بما حدث ، بل كان عليه أن يستحفظ ما (١٣) أوجبته الطبيعة. وإن (١٤) عادت الطبيعة فأوجبت انبساطا آخر كانت الطبيعة هى المناقضة لموجبها الأول ، فكان (١٥) حينئذ مقتضى الطبيعة بهذه (١٦) الحال ، ضد مقتضاها الأول ، ومخالفا لمقتضى اليبس الذي تقتضيه الطبيعة. ولا يبعد أن تكون الطبيعة تقتضى فى حال عارض ، أمرا مناقضا ومقابلا لما تقتضيه فى حال كونه سالما. فليس إذن المقتضيان (١٧) متضادين متمانعين (١٨) صادرين عن قوة واحدة بحال واحدة حتى يكون محالا ، بل أحدهما يصدر عن القوة وهى على حالها (١٩)

__________________

(١) تلك .... الجسم : ساقطة من م.

(٢) يكون : ساقطة من م. (٣) فكل : وكل د.

(٤) جرم : جسم م (٥) اليبس : ليس ط.

(٦) شكلا (الثالثة) : ساقطة من م.

(٧) شكلا : تشكلا م ؛ ساقطة من م. (٨) متفاوتين : ساقطة من م.

(٩) يفيض : يقتضى سا. (١٠) انبساط : انبساطه م.

(١١) للباقى : الثاني ط ؛ الباقى م (١٢) وشعور : شعور ب ، د ، م

(١٣) ما : لما سا. (١٤) وإن : فإن سا (١٥) فكان : وكان ط.

(١٦) بهذه : فهذه ب ؛ بهذا ط. (١٧) المقتضيان : مقتضيان م.

(١٨) متضادين متمانعين : بمتضادين متمانعين ط ، سا ؛ متضادان متمانعان م

(١٩) حالها : حالتها ط ، م.


الطبيعية ، والآخر (١) يصدر عنها وهى بحال غير طبيعية. وذلك مثل السكون يعرض (٢) عن الطبيعة إذا كانت على حال (٣) طبيعية ثم تعرض عنها الحركة إذا كانت بحال غير طبيعية. وأما الجزء (٤) من عنصر غير الأرض ، إذا استحال إلى الأرض ، فاستحال أول استحالته إلى شكل غير كرى (٥) ، فذلك لموانع من خارج ، ولاختلاف (٦) الأجزاء فى التكون أرضا ، اختلافا (٧) فى التقدم والتأخر والمجاورات.

وإذ قد أوضحنا غرضنا هذا ، فبالحرى أن نبين أن المكان الطبيعى كيف يكون للجسم ، وكيف يكون للبسيط منه وللمركب. ونقول : إنه يخلق (٨) بنا أن نعرف أنه (٩) هل يجوز أن يكون جسم من الأجسام له مكانان طبيعيان أو مكان واحد وله جسمان يسكنانه (١٠) بالطبع ، وأن نعرف حال الأجسام (١١) البسيطة التي لها أجزاء متمايزة ولكل واحد منها مكان آخر بالعدد يخصه لا محالة ، فيكون لكل واحد منها (١٢) مكان طبيعى غير الذي للآخر ، أنه (١٣) كيف يصير مكان هذا غير مكان ذلك ، ويختص به دون الآخر ، وكيف تشبه (١٤) تلك الأمكنة إلى المكان (١٥) الذي للكل. وأن نعرف حال الجسم المركب فى إنية الطبيعى ، فإن له مكانا طبيعيا لا محالة ، فما ذلك المكان. فإنه إن كان مكان جزء واحد ، كانت الأجزاء الأخرى فى غير مكانها.

فنقول : إنه لا يجوز أن يكون لجسم واحد مكانان طبيعيان ، إلا على جهة أن فى جملة مكان الكل أحيازا بالقوة ، أيها وقع فيه بسبب مخصص كان طبيعيا له ، كالمدرة ، فإن أقرب حيز من حيز الأرض يليها هو طبيعى لها ، والأبعد لو حصل فيه لكان يصير أيضا أقرب وكان (١٦) طبيعيا لها. فأما (١٧) مكانان يتباينان (١٨) ، فليس يمكن ذلك ، فإن مقتضى الواحد بالشخص من حيث هو واحد بالشخص أمر واحد بالشخص ، ومقتضى الكل المتشابه الأجزاء جملة مقتضى جميع الأجزاء ، والأجسام (١٩) المتشابهة الطبائع لا يستحيل عليها الاتصال لطبيعتها ، بل إن استحال فإنما يستحيل لعرض (٢٠) يعرض ، وهى فى طبيعتها بحيث يجوز عليها أن لو كانت متصلة (٢١). وإذ لا يستحيل اتصالها (٢٢) فكيف يستحيل تماسها (٢٣) ، ولو اتصلت وتماست (٢٤) لم يعرض شيء مستحيل ، وإذا اتصلت وتماست كانت الجملة ، وهى تطلب (٢٥) المكان الطبيعى من حيث هى (٢٦) طبيعة (٢٧) واحدة هى (٢٨) جملة هذه الطبائع ، بل هذه الجملة من الطبائع (٢٩). فيجب (٣٠) أن تطلب

__________________

(١) والآخر : والأخرى ب ، د ، سا (٢) يعرض : يحدث سا. (٣) حال : حالة ط ؛ ساقطة من د

(٤) الجزء : جزء ب ، د ؛ الجنس سا. (٥) كرى : جزى سا ؛ كروى ط (٦) ولاختلاف : لاختلاف ط.

(٧) فى التكون أرضا اختلافا : ساقطة من م. (٨) يخلق : يخلو م

(٩) أنه : ساقطة من ط. (١٠) يسكناته : يسلبانه سا

(١١) الأجسام : ساقطة من م. (١٢) منها (الثانية) : ساقطة من م

(١٣) أنه : ساقطة من ط. (١٤) تشبه : تشتبه ط

(١٥) إلى المكان : للمكان سا. (١٦) وكان : فكان ب

(١٧) فأما : وأما سا ، ط ، م (١٨) يتباينان : متباينان سا ، ط ، م.

(١٩) والأجسام : والأجزاء سا. (٢٠) لعرض : يعرض ط

(٢١) متصلة : + واحدة ط (٢٢) اتصالها : اتصالا م.

(٢٣) تماسها : تماسهما ط (٢٤) وتماست : أو تماست ط

(٢٥) تطلب : تطلب تطلب م. (٢٦) هى (الأولى) : ساقطة من م

(٢٧) طبيعة : طبيعية د (٢٨) هى (الثانية) : وهى م (٢٩) الطبائع : الطباع د (٣٠) فيجب : يجب ط.


جملة من الحيز ، هى حيز هذه الجملة ، بل هذا الحيز لهذه الجملة (١) كأنه جملة تجتمع من أحياز واحد واحد. فإذن الأجسام المتشابهة الطبائع ، فإن أحيازها كأنها أجزاء حيز واحد ، ويكون لجسم معين من تلك الجملة حيز يتعين له من تلك الجملة (٢) لعلة تلك العلة (٣) (٤). أما وجوده فيه أولا عند ما حدث وهو موافق له في الطبع ، فوجب لزومه ، وأما اختصاصه بالقرب ، فإن النار إنما تتحرك إلى فوق إلى جزء من حيز (٥) كلية النار بعينه ، لأنه هو أقرب إليه.

ولسائل أن يسأل إنا لو توهمنا النار في مركز الفلك ، لا ميل لجزء منها إلى جهة ، فإذا كان يعرض لها في طبعها ، أسكون بالطبع وذلك محال ، أو حركة (٦) إلى جهة ولا مخصص لجهة.

فنقول : كان يعرض لها سكون (٧) ، ولكن بالقسر ، لأنها كانت تقتضى أن تفرج عن فرجة في واسطتها تنبسط عنها إلى الجهات بالسواء ، إلى أن يلقى كل جزء من المنبسط ما هو أقرب إليه من المكان الطبيعى. لكن الهواء المحيط وغير ذلك كان حينئذ لا يمكنها من أن تداخلها (٨) نافذة (٩) من النفوذ ، إذ هذا النفوذ لا يتأنى بالخرق ، لأن الخرق يكون من جهة دون جهة ، وهذا انبساط في كل جهة ، فتكون ساكنة بالقسر. وأيضا فإن الخلاء مما لا يجوز أن يحدث في الوسط عند الخراقة (١٠) ، وهذا القسر قسر عارض (١١) عن الطبع ، وهو عجيب جدا ، فإن الطبع يقتضى أمرا صار غير ممكن لعارض (١٢) عرض ، فأدى ذلك إلى حكم غريب. ونحن لا ندرى استحالة هذا العارض ، ولا نمنعها لأنا لم ندر (١٣) بعد استحالة المعروض في الموضوع مقدما ولا نمنعها (١٤) ، ولكن إذا جاز المقدم جاز التالى ، فإن (١٥) امتنع التالى امتنع المقدم. فقد ظهر أنه كيف يكون للجسم الواحد مكان واحد بالطبع ، أو حيز واحد بالطبع ، وأنه كيف نسبة حيز الكل إلى حيز الأجزاء بعضها إلى بعض ، وهذا (١٦) للبسائط. وأما للمركبات (١٧) ، فإن تركيبها لا يخلو إما أن يكون عن بسيطين ، أو عن (١٨) أكثر من بسيطين ، فإن كان عن بسيطين ، فإما أن يكونا متساويين ، القوة أو أحدهما أغلب ، فإن كانا متساويين في القوة (١٩) ، ولم يتفق أن كان وضع أحدهما بحذاء جهة الآخر (٢٠) تفرقا ، ولم يحتبسا ، إلا بقسر جامع وإن (٢١) تواجهت حركاتهما (٢٢) وبعد كل (٢٣) من مكانه (٢٤) كبعد الآخر تقاوما (٢٥) ، وقسر كل واحد (٢٦) الآخر توقفا إلا أن يطرأ

__________________

(١) الجملة : الجهة سا. (٢) الجملة : الجهة سا

(٣) لعلة تلك العلة : ساقطة من سا (٤) تلك العلة : ساقطة من د.

(٥) حيز : ساقطة من سا. (٦) أو حركة : أم حركة م.

(٧) سكون : السكون ط ، م. (٨) تداخلها : + العقلة ط

(٩) نافذة : نافذا د ، سا ، ط. (١٠) الخرافة : انخراقه د ، م

(١١) عارض : خارج سا. (١٢) لعارض : العارض سا.

(١٣) لم ندر : لا ندرى ط (١٤) ولا نمنعها : ساقطة من سا

(١٥) فإن : وإن سا ، ط ، م. (١٦) وهذا : وهذه ط

(١٧) للمركبات : المركبات سا ، م. (١٨) عن (الثانية) : ساقطة من سا ، م.

(١٩) فى القوة : بالقوة ط (٢٠) الآخر : الأخرى ب ، د.

(٢١) وإن : فإن ط (٢٢) حركاتهما : حركتاهما د ، سا ، ط ، م

(٢٣) كل : + واحد سا ، ط (٢٤) مكانه : فكان ط (٢٥) تقاوما : تقاربا م (٢٦) واحد : + منهما ط.


على أحدهما معين ، أو يكونا في الحد المشترك بين الحيزين فيجوز أن تقفا فيه بالطبع ، وإن (١) غلب قوة أحدهما والقسر على المراح (٢) حاصل ، كان (٣) المكان للطبيعى مكان الغالب ، وإن كان أكثر من بسيطين وفيهما (٤) غالب فالحيز للغالب ، وإن تساوت غلب البسيطان اللذان جهتهما واحدة بالقياس إلى الموضع (٥) الذي فيه التركيب وحصل المركب فى أقرب الحيزين من حيز وقوع التركيب ولم يتجاوزه. إذ الجذب عنه إلى الجانبين سواء ، والإمساك فيه عن البسيط الذي يطلب ذلك الحيز لا يبطله تخالف الجذبين. وعسى أن لا يصح امتزاج من الأجسام البسيطة يتلازم به ، إلا وهناك غالب يجمع ويقسر الأجزاء الأخرى ، مانعا إياها عن الحركة إلى أحيازها الخاصة ، أو تكون الأجزاء قد تصغرت تصغرا لا يمكنها أن يفعل في الأجسام التي بينها وبين كلياتها خرقا ، أو يكون قوة قاسرة على الاجتماع غير قوى تلك البسائط.

فلنبين الآن (٦) أن لكل جسم طبيعى مبدأ حركة طبيعية ، حتى يكون لكل جسم حركة طبيعية وأنه على نوع واحد فقط.

[الفصل الثاني عشر]

ل ـ فصل (٧)

فى اثبات أن لكل جسم طبيعى مبدأ حركة وضعية أو مكانية

نقول : إن كل (٨) جسم لا يخلو إما أن يكون قابلا للنقل عن موضعه الذي هو فيه بالقسر ، أو غير قابل. فإن كان قابلا للنقل عن موضعه الذي هو فيه ، فإما أن يكون له في جوهره ميل إلى حيز ، أو لا يكون له ميل إليه البتة (٩). لكن كل (١٠) جسم فله مكان طبيعى ، أو حيز طبيعى تقتضى طبيعته الكون فيه ، وإنما خالف سائر الأجسام في

__________________

(١) وإن : فإن د ، سا.

(٢) المراح : المزاح د ؛ المرج سا ، ط ؛ المزح م

(٣) كان : + عن ط ، م

(٤) وفيهما : وفيها م.

(٥) الموضع : الموضوع ط.

(٦) الآن : ساقطة من د.

(٧) فصل : فصل ب ؛ الفصل الثاني عشر ط ، م.

(٨) كل : لكل م.

(٩) البتة : ساقطة من د

(١٠) كل : لكل ط.


ذلك لا بجسميته (١) ، بل لأن فيه مبدأ أو قوة معدة نحو ذلك المكان. فإن (٢) كانت تلك القوة مقتضية لذلك المكان ، وجرميته (٣) غير ممتنعة بما هى جرمية (٤) عن الانتقال والحركة ، فلا مضادة (٥) فيه لقوته ، ولا لمقتضى (٦) قوته تقتضى حيزا آخر. لأنه لا يجوز أن يكون في جسم واحد غير مختلف الأجزاء قوتان تتضادان (٧) وتقتضيان (٨) فعلين متمانعين ، إذ القوى كونها قوى بحسب فعلها ، وإذا تمانعت أفعالها ، تمانعت طبائعها ، فاستحالت (٩) أن تكون معا لجسم (١٠). فإن الجسم الذي فيه قوة ما ، هو أن فيه مبدأ فعل ما يصدر (١١) لا محالة إن لم يكن عائق ، وإن (١٢) لم يكن الجسم بحيث يصدر عنه ذلك الفعل ، إن لم يمنع مانع من خارج ، فليس فيه تلك القوة ، وإذا (١٣) كان (١٤) فيه قوتان تتضادان ، صح صدور فعلين متضادين ، وهذا محال. فإذن من المحال أن يكون في جسم بسيط مفرد (١٥) ، أو في غالب جسم مركب ، قوتان : واحدة تقتضى مكان والأخرى تمنع عنه. ثم الجسم قابل للحركة من مقتضى الحركة ، فيلزم أن الجسم إذا قسر على مفارقة مكانه الطبيعى (١٦) ، أن يتحرك إلى مكانه الطبيعى ، عند ما يفارق القاسر من خارج. ومما يبين هذا (١٧) آن كل جسم ليس فيه مبدأ ميل ما ، فإن نقله عما هو عليه من أين أو وضع يقع لا في زمان ، وذلك محال ، بل يجب أن يكون كل جسم يقبل تحريكا وإمالة طارئة ، ففيه مبدأ ميل طبيعى في نفس ما يقبله ، كان أينا أو وضعا.

ولنعين الكلام على (١٨) التحريك المكانى (١٩) على سبيل إيضاح المقصود فيما (٢٠) هو أظهر ، وإن كان المكانى والوضعى فى مذهب البيان واحدا (٢١). إن (٢٢) الأجسام الموجودة ذوات الميل ، كالثقيلة ، والخفيفة. أما الثقيلة فما يميل إلى أسفل ، وأما الخفيفة فما (٢٣) يميل إلى فوق. فإنها كلما ازدادت ميلا كان قبولها للتحريك النقلى أبطأ ، فإن نقل الحجر العظيم الشديد الثقل أو جره ، ليس كنقل الحجر الصغير القليل الثقل وجره (٢٤) ، وزج الهواء القليل في الماء ، ليس كزج الهواء الكثير. وأما ما يعترى الأجسام الصغيرة. مثل الخردلة ومثل التبنة ونحاتة الخشب ، من أنها لا تنفذ عند الرمى فى الهواء نفوذ الثقيل ، فليس السبب فيه أن الأثقل أقبل للرمى والجر ، بل لأن بعض هذه لصغرها لا يقبل من الدافع قوة محركة لها ولما يليها يبلغ من شدتها أنها يقدر بها على خرق الهواء ومع ذلك فيكون سريع الاستحالة

__________________

(١) بجسميته : لجسميته سا ؛ بجسميه ط. (٢) فإن : فإذا سا (٣) وجرميته : وجرمية ط.

(٤) جرمية : جزء منه د (٥) فلا مضادة : ولا مضادة سا

(٦) لمقتضى : مقتضى سا. (٧) تتضادان : متضادان ط

(٨) وتقتضيان : أو تقتضيان سا ، ط ، م.

(٩) فاستحالت : فاستحال د ، م (١٠) لجسم : للجسم ط. (١١) يصدر : + عن ه ط

(١٢) وإن : فإن سا. (١٣) وإذا : فإذا سا ، ط ، م

(١٤) كان : كانت سا ، ط. (١٥) مفرد : منفرد م.

(١٦) أن ... الطبيعى : ساقطة من سا. (١٧) هذا : + أيضا أن يتبين سا ، ط ، م.

(١٨) على : أولا في سا ، ط ، (١٩) المكانى : + أولا م

(٢٠) فيما : بما م. (٢١) واحدا : + فنقول ط (٢٢) إن : لأن د.

(٢٣) فما : فمما ط.

(٢٤) وجره : أوجره ط ، م.


إلى البطلان من السبب الذي يعرف في موضعه ، وهو السبب الذي يبطل القوى المستفادة العرضية من القوى المحركة. كما أن الشررة (١) تطفأ من السبب الذي يبطل الحرارة المستفادة قبل النار الكثيرة ، وبعضها يكون متخلخلا لا يقدر على خرق الهواء ، بل يداخله الهواء الذي ينفذ فيه ، ويكون سببا لإبطال قوته المستفادة. فإنك ستعلم أن مقاومة المنفوذ فيه ، هو المبطل لقوة الحركة (٢) ، وهذا كالنار المتخلخلة ، والماء المتخلخل (٣) ، فإنه أقبل للاستحالة. ولو كان السبب في قبول (٤) الرمى (٥) الأنفذ (٦) هو الكبر وزيادة الثقل ، لكان كلما (٧) ازداد المرمى ثقلا وكبرا ، كان أقبل للرمى (٨).

والأمر بخلاف ذلك ، بل إذا اعتبر الثقل والخفة ، ولم تعتبر أسباب أخرى ، كان الأقل (٩) مقدارا أقبل للتحريك القسرى وأسرع حركة ، فتكون (١٠) نسبة مسافات (١١) المتحركات بالقسر ولها ميل طبيعى ، ونسبة أزمنتها ، على نسب الميل إلى الميل. لكن النسبة في المسافات بعكس النسبة في الأزمنة. أما في المسافات فيكون الأشد ميلا أطول مسافة ، وأما في الزمان فيكون ذلك أقصر زمانا. وإذا لم يكن ميل أصلا ، وتحرك المقسور في زمان ، ولذلك الزمان نسبة إلى زمان حركة ذى الميل بالقسر ، وتكون على نسبة ميل ، لو وجد إلى ميل ذى ميل المتحرك بالقسر ، فيكون قبول ما لا ميل فيه أصلا للقسر كقبول ذى ميل ممّا لو وجد ، فيكون الذي لا مانع له على نسبة وذى (١٢) مانع ممّا (١٣) لو وجد ويعرض ، مثل ما قلنا في باب الخلاء من الخلف ، وعلى ذلك الوجه بعينه.

ومما يبين ذلك ، أن المقسور على الحركة المستقيمة أو المستديرة يختلف عليه تأثير الأقوى والأضعف ، وإذا اختلف ذلك (١٤) ، فظاهر أن القوى مطاوع ، والضعيف (١٥) معاوق. وليست المعاوقة للجسم بما هو جسم ، بل بمعنى فيه يطلب البقاء على حاله من المكان أو الوضع (١٦) ، وهذا هو المبدأ الذي نحن في بيانه. وكل جسم ينتقل بالقسر ففيه مبدأ ميل ما ، أما الانتقال المكانى فقد بيناه ، وأما الانتقال القسرى الوضعى فلأن ذلك الجسم إن كان قابلا للنقل عن مكانه فقد ظهر ، وإن كان غير قابل فله لا محالة قوة بها يثبت في مكانه وتلزمه وتختص به وهى (١٧) غير جسمية.

فنقول : إن هذا الجسم فيه مبدأ حركة أيضا ، وسنبين (١٨) إذا اعتبر قريبا (١٩) مما اعتبر به أمر الجسم القابل للنقل عن موضعه ، وذلك لأن له وضعا ما بالعدد فيما يحويه ، أو حول ما هو يشتمل (٢٠) عليه أو في ذلك وحول هذا. فلا

__________________

(١) الشررة : الشرر سا. (٢) لقوة الحركة : للقوة المحركة ط

(٣) والماء المتخلخل : ساقطة من سا. (٤) قبول : قول د

(٥) الرمى : المرمى ط (٦) الأنفذ : الأبعد ب ، د ؛ الأكبر سا

(٧) كلما : كما ط (٨) للرمى : لمرمى ط.

(٩) الأقل : الأول سا. (١٠) فتكون : وتكون سا

(١١) مسافات : مساواة ط. (١٢) وذى : ذى م

(١٣) ما : ساقطة من م. (١٤) وإذا ... والضعيف : ساقطة من م.

(١٥) ذلك : ساقط من سا. (١٦) أو الوضع : والوضع سا.

(١٧) وهى : وهو ط. (١٨) وسنبين : ويستبين ط ، م.

(١٩) اعتبر قريبا : ساقطة من د. (٢٠) يشتمل مشتمل م ؛ + هو ط.


يخلو إما أن يكون ذلك له عن علة له (١) في ذاته وعن (٢) صورته الطبيعية (٣) ، أو عن علة خارجة عن الطبيعة. ومحال أن تقتضى ذلك ذاته ، فإن الأجزاء التي تفرض فيه والجهات (٤) المختلفة التي تكون له ، والأجزاء التي تفرض فيما يماسه ، ليس شيء منها أولى بشيء (٥) منها ، أعنى أنه ليس جزء يكون منه في جهة ، أولى بمماسة جزء بعينه إذ الجميع غير مختلف فيه. فطبيعة (٦) الجسم ليس تقتضى ذلك الوضع بعينه ، إذ (٧) المتشابهات لا يستحق بعضها بطبعه (٨) شيئا (٩) من المتشابهات بعينه دون بعض ، بل يكون جميع ذلك جائزا لكل واحد منها. وليس هذا كما يكون لأجزاء (١٠) الأجسام القابلة للتفرق ، فإن كل جزء يفرض فيه (١١) تجده متخصصا بما يخصص به (١٢) ، لأن أول وجوده وقع (١٣) هناك ، أو لأنه أقرب المواضع من موضع وجد فيه أو نقل إليه (١٤) خارجا عن حيزه الطبيعى ، إما لوجود يكون الأول فيه أو وقوع (١٥) الانتقال بقسر إليه ، فيكون اختصاص كل جزء بما هو فيه لا بالطبع المجرد ولا بالقسر ، بل للطبع (١٦) المقترن (١٧) بمعنى مخصص (١٨). وأما الذي لا يقبل مفارقة مكانه ، فليس حكمه هذا الحكم ، ولا يجرى عليه ذلك التأويل.

فإذا كان كذلك ، لا يكون جزء من أجزاء ذلك الجسم متخصصا بما يخصص به بالطبع مفردا ، بل ولا بالطبع (١٩) مقارنا لحالة قسرية أوجبها سبب. ولو كان هناك أيضا شوب من سبب قاسر ومقتض (٢٠) من طبعه أمرا اقتضاء أسباب تخصص (٢١) أجزاء الأسطقسات بأحيازها ، لكان (٢٢) في طبعه أن لا يكون متخصصا به ، لو لم يكن ذلك السبب أو كان ثم زال (٢٣) ، فيكون في طبعه على كل حال وكيف تصير (٢٤) الأقسام جواز أن تكون على تلك المحاذاة (٢٥) والمماسة. وأن لا تكون ، ففى طبعه أن يقبل نقلا في الوضع (٢٦). وقد بينا أن كل قابل نقل عن أمر ما أين أو وضع ففيه مبدأ حركة وميل طبيعى ، فيجب أيضا (٢٧) أن يكون في هذا الجسم مبدأ ميل في الوضع.

واعلم أن المقصود فيما وضح بما (٢٨) شرحناه من البيان ، والمكشوف به عنه هو (٢٩) أن كل جسم تطرأ عليه إمالة ، لم يكن مبدؤها فيه بالطبع ، بل تصدر عن سبب خارج ، أو نفس مواصلة تحرك بحسب القصد وتحدث ميلا لم يكن

__________________

(١) له (الثانية) : ساقط من سا (٢) وعن : أو عن ط (٣) الطبيعة : الطبيعية م.

(٤) والجهات : الجهات م. (٥) بشيء : لشيء ط.

(٦) قطبيعة : بطبيعة م (٧) إذ : أو ط (٨) بطبعه : بطبيعته م (٩) شيئا : أشياء ط.

(١٠) لأجزاء : الأجزاء ط. (١١) فيه : ساقطة من م

(١٢) به : ساقطة من سا ؛ + إما ط (١٣) وقع : موقع م.

(١٤) أو نقل إليه : ساقطة من ب ، د ، ط ، م

(١٥) وقوع : لوقوع سا. (١٦) للطبع : بالطبع ط ، م

(١٧) المقترن : المقرن د. (١٨) مخصص : + له ط.

(١٩) ولا بالطبع : بالطبع سا. (٢٠) ومقتض : أو مقتض سا.

(٢١) تخصص : تخصيص سا (٢٢) لكان : ولكان سا.

(٢٣) أو كان ثم زال : أو زوال ب ؛ أو زال د ، سا ، م (٢٤) تصير : تصرفت ب ، د ، م ؛ تصرف سا

(٢٥) المحاذاة : المجازات د. (٢٦) الوضع : الموضع ط ، م. (٢٧) أيضا : ساقطة من د.

(٢٨) بما : مما ط (٢٩) هو : ساقطة من م.


فى الجسم. فليس يصح أن يتحرك الجسم عن ذلك ، إلا وفيه ميل متقدم ، فإن الكلام في التحريك (١) المبتدأ (٢) الواقع بقصد النفس ، كالكلام في ميله الواقع لسبب من خارج ، فإنك ترى نفس الحيوان يختلف تحريكه (٣) لبدنه والقوة واحدة بحسب ما في بدنه من الميل الثقيل الزائد والناقص ، وتجد للزائد مقاومة ما ، فنجد الكلام قائما. ثم في هذا مباحث يجب أن يرجع فها إلى اللواحق فنجد ما يمتنعك فيها (٤) إن كنت في الإسهاب أرغب.

فقد بان (٥) أن كل جسم طبيعى ففيه مبدأ حركة وأن الجسم الذي لا يفارق (٦) مكانه الطبيعى ففيه مبدأ حركة وضعية مستديرة. ونقول إنه لا يجوز أن يكون في جسم واحد مبدأ حركة مستقيمة ، ومبدأ حركة مستديرة ، حتى يكون إذا كان في موضعه الطبيعى تحرك في الوضع ، وإذا كان في غير موضعه (٧) الطبيعى تحرك إليه على الاستقامة ، لأنه عند ما يتحرك إلى مكانه بعينه بالاستقامة لا يخلو إما أن يكون فيه مبدأ ميل إلى حركة مستديرة ، أو لا يكون ، فإن لم يكن ، فإذا حصل في مكانه الطبيعى ولم يحدث هذا الميل ، وجب من (٨) ذلك أن لا يكون فيه مبدأ حركة مستديرة ، لا في (٩) مكانه ولا خارجا عن مكانه ، وإن حدث فيه هذا الميل ، كان هذا الميل ليس غريزيا له تابعا لجوهره ، بل أمر يحدث له في مكانه الطبيعى ، ولا تكون العلة فيه إلا مماسة لمكانه الطبيعى على وضع ما (١٠) ، أو حصوله في حيز طبيعى على وضع ما ، وتلك المماسة ، وذلك الحصول لا يجب ميلا عن حال إلى مثلها ، بل لا يوجب هربا عن ذاته إلى مثل ذاته فليس إذن موجب (١١) ذلك الميل موافاة الحيز سواء كان أحدث الإيجاب إيجابا بلا توسط طبيعة ، أو أحدثه إيجابا بتوسط طبيعة ، إذا حصل (١٢) جسمها في حيز طبيعى صدر عنها (١٣) حينئذ هذا الميل ، فإن البحث في ذلك كله واحد والكلام واحد. ولا أيضا لك أن تقول : إن النفس المحركة تأخذ هناك في التحريك والإمالة (١٤) أخذ مبتدأ بعد ما لم يكن ، بحدوث القصد والإرادة بعد ما لم يكن. فقد منع هذا أيضا ، وتبين (١٥) أنه غير ممكن أن يقع مثله إلا وهناك مبدأ ميل في الطبع ، فيجب أن يكون ذلك الميل لازما ، وإن كان عن نفس فيكون لزومه (١٦) عن إرادة طبيعية دائمة ، ما دام ذلك الجسم موجودا. ولا يلزم على (١٧) هذا حال المستقيم من أنه تارة يتحرك وتارة يسكن ، يتحرك في غير

__________________

(١) فى التحريك : بالتحريك سا

(٢) المبتدأ : المبدأ ب. (٣) تحريكه : تحريكها م.

(٤) فيها (الثانية) : منها سا ، ط.

(٥) بأن : + لك واتضح سا

(٦) لا يفارق : يفارق م. (٧) موضعه (الثانية) : مكانه بخ ، سا.

(٨) من : ساقطة من م.

(٩) لا في : ولا في ط. (١٠) ما : ساقطة من د ، ط ، م.

(١١) موجب : يوجب ب ، م.

(١٢) حصل : ساقطة من م

(١٣) عنها : عنه ط. (١٤) والإمالة : أو الإمالة سا.

(١٥) وتبين : وبين د ، سا ، م.

(١٦) نفس فيكون لزومه : نفس لزومه ب ؛ نفس له سا ؛ نفس لزومه لزوما ط ؛ نفس لزوم م.

(١٧) على : ساقطة من م.


مكانه ويسكن فى مكانه (١) ، وكلاهما طبيعى له. فكذلك ربما جاز أن يكون هذا الجسم تستقيم حركته فى غير مكانه ، وتستدير حركته فى مكانه (٢) ، ويكونان كلاهما طبيعيين فى اختلاف الحالين. وإنما لا تلزم (٣) هذه (٤) ، لأن الحركة المستقيمة ليست طبيعية (٥) على الإطلاق على ما شرحناه (٦) ، بل الطبيعى هو الأين الذي تقتضيه طبيعة الشيء إذا لم يكن عائق ، فإذا فارق اقتضت هذه الطبيعة الرد (٧) إليه وإلى موضع معين منه ، ويكون المبدأ (٨) فيهما واحدا.

وأما الحركة المستديرة ، فإن المبدأ الذي أثبتنا (٩) أنه يوجبها بالطبع ، يوجبها كيف كان ودائما ، إن كانت طبيعية على الإطلاق ، وإن كانت ليست بطبيعية مطلقة ، بل هى كالمستقيمة التي تقتضيها الطبيعة عند عارض ، كان ذلك (١٠) عند فقدان الوضع الطبيعى ، فيجب أن تقف عند وجدانه. وكان يجب أن يكون الطبيعى هو (١١) وضع ما بعينه إلا أنه ليس كذلك ، فإنه ليس كما أن أينا أولى بالجسم من أين ، كذلك (١٢) من الوضع الذي له في الأين (١٣) المتشابه وضع أولى به من وضع. فبين أن هذا الميل لا يكون حادثا عند الوصول إلى المكان الطبيعى ، بل إن كان فيكون على القسم الآخر ، وهو أنه يكون معه دائما. فإذا كان في الجسم مبدأ حركة مستقيمة ، وجب أن تجوز (١٤) مفارقة هذا الجسم لمكانه الطبيعى ، حتى يتحرك عن غير الطبيعى إليه (١٥) بالاستقامة ، وأن يكون في جسم واحد بسيط إذا كان فى غير مكانه الطبيعى ميلان : ميل إلى الاستقامة ، وميل عنه إلى الاستدارة. فيكون في جوهر واحد أمور متقابلة موجودة معا ، وليست مما يجرى مجرى متقابلات تمتزج حتى يكون بينها وسط ، فإن الوسائط أمور كأنها (١٦) تمتزج من (١٧) الطرفين. وإنما تمتزج القوى امتزاجا يؤدى إلى الوسط ، إذا (١٨) كان من شأن كل واحد (١٩) منها أن يقبل الأقل والأكثر قبولا لا يصرف إلى الجهة الأخرى ، فيكون الحاصل ليست قوتين ، بل قوة واحدة هى (٢٠) أضعف وأنقص من الطرفين.

ولكن الاستقامة والاستدارة لا تقبلان الاشتداد والتنقص (٢١) ، بأن تأخذ الاستقامة قليلا قليلا إلى الاستدارة

__________________

(١) ويسكن في مكانه : ساقطة من م.

(٢) وتستدير حركته في في مكانه : ساقطة من د

(٣) لا تلزم : يلزم م (٤) هذه : هذا سا.

(٥) طبيعية : طبيعة ب

(٦) شرحناه : شرحنا سا ، ط ، م.

(٧) الرد : بالرد م (٨) المبدأ : المبتدأ م.

(٩) أثبتنا : أثبتناه ط. (١٠) ذلك : + العارض ط.

(١١) هو : وهو م. (١٢) كذلك (الثانية) : فكذلك سا ، ط ، م

(١٣) الأين : أمر سا ، م ؛ أمر الأين ط.

(١٤) تجوز : جوز سا. (١٥) إليه : البته د.

(١٦) كأنها : فكأنها سا. (١٧) تمتزج من : مزج من سا ، م ؛ يمزج عن ط

(١٨) إذا : إذ م (١٩) واحد : + واحد ط.

(٢٠) هى : وهى ب ، د. (٢١) والتنقص : والنقص م.


أو الاستدارة (١) قليلا قليلا (٢) إلى الاستقامة. وهو في زمان ذلك الأخذ والوجود في المتوسط لا في مستقيم ولا في منحن بل المستقيم إن أمكنه أن يفارق الاستقامة ويصير بعقبه مستديرا ، كان مفارقته الاستقامة (٣) دفعة (٤) ، ومواصلته الاستدارة دفعة ، من غير أن يقال قد فارق الاستقامة وهو ذا قد استدار قليلا وهو يمعن فيه ، أو فارق الاستدارة إلى الاستقامة كذلك.

وأما الانحناء الموجود في القطوع ، فليس سبيلا من الاستقامة والاستدارة (٥) يؤدى إلى أحدهما. فإذا (٦) كانت الاستقامة والاستدارة لا تقبلان الأشد والأضعف فكذلك (٧) لا تقبلهما القوتان عليهما. فلا تحدث قوة متوسطة بين المقيم (٨) وبين المدبر (٩) ، فلا يكون أيضا هذا الاجتماع على سبيل الامتزاج فيظهر أنه لا يكون في جسم واحد مبدأ حركة مستقيمة ومبدأ حركة مستديرة معا ، ويجتمع من هذا ومما قبله أن الجسم المحدد للجهات فيه مبدأ حركة مستديرة ، وليس فيه مبدأ حركة مستقيمة ، لأن هذين المبدئين لا يجتمعان ، ولأن ذلك الجسم قد بان أمره أنه لا يصح (١٠) على كليته ولا على أجزائه مفارقة موضعه الطبيعى. وأما الأجسام الموضوعة فيه ، ففيها مبادئ حركات مستقيمة عنه وإليه (١١) ، فتكون حيث يكون جهة في الطبع ثلاثة أصناف من الحركات : واحدة حول وسط ، وأخرى (١٢) عن الوسط ، وثالثة (١٣) إلى الوسط.

وإذ قد بالغنا في تعريف حال (١٤) الحركة الطبيعية ، فحقيق بنا أن نتعرف حال الحركة غير (١٥) الطبيعية. وأما إذا اعتبرت الجهات بالعرض (١٦) والوضع فتزيد الحركات على هذا العدة (١٧) ، ولكن لا تكون طبيعية.

__________________

(١) أو الاستدارة : والاستدارة د ، ط

(٢) أو الاستدارة قليلا قليلا : ساقطة من م.

(٣) ويصير ... الاستقامة : ساقطة من م

(٤) دفعة : ساقطة من سا.

(٥) والاستدارة : + ولا استدارة سا ؛ + ولا الاشتداد ط

(٦) فإذا إذا ب.

(٧) فكذلك : وكذلك ط.

(٨) المقيم : المستقيم ط

(٩) وبين المدبر : والمستدير ط.

(١٠) لا يصح : لا يصلح ط.

(١١) وإليه : وآنية ط.

(١٢) وأخرى : والأخرى سا ؛ أخرى م.

(١٣) وثالثة : وثالثها ط ، م.

(١٤) حال : ساقطة من م.

(١٥) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(١٦) بالعرض : بالفرض سا ، ط ، م

(١٧) العدة : العدد ط.


[الفصل الثالث عشر]

م ـ فصل (١)

فى الحركة التي بالعرض

نقول (٢) : إن الحركة غير (٣) الطبيعية ، منها ما يقال بالذات ، ومنها ما يقال بالعرض. أما التي (٤) بالعرض فهو أن يكون الشيء لم يلحقه في نفسه مفارقة أين (٥) أول أو وضع أول أو كيف أو كم ، بل هو مقارن لشيء آخر مقارنة لازمة ، فإذا تبدل لذلك الشيء حال ينسب (٦) إليه كانت له بالعرض. أما في الأين والوضع فهو على وجهين ، على ما علمت ، فإنه إما أن يكون ما قيل إنه متحرك بالعرض ، هو في نفسه في مكان وذو وضع وقابل للحركة ، إلا أنه لم يفارق مكانه ووضعه ، بل الشيء الذي هر محمول فيه قد فارق مكانه. وهذا ملازم له ، فيلزم أن يقع له لأجل حركة ما هو فيه حصول في جهة تقع إليها إشارة (٧) غير (٨) الجهة التي كان يقع عليه (٩) الإشارة فيها (١٠) أو يقع له وضع آخر بالقياس إلى الجهات ، وأما أن لا يكون من شأنه أن يكون له أين ووضع (١١) ، ومن (١٢) شأنه أن يتحرك ، مثال الذي يعرض له ما يعرض للمنتقل ، ومن (١٣) مفارقة أين ووضع (١٤) ، وهو (١٥) من شأنه أن يتحرك ، إما في الأين كالمنقول في الصندوق وهو ساكن فيه حافظ لمكانه والقاعد في السفينة (١٦) والسفينة تنقله (١٧). وإما (١٨) في الوضع (١٩). فإنا إذا توهمنا كرة فى كرة ، وقد ألصقت بها (٢٠) بمسامير أو بغراء أو بالطبع أو بغير ذلك ، فحركت الكرة الخارجة حتى تغير نسبة أجزائها إلى أجزاء المحيط بها تغيرا هو حقيقة الحركة في الوضع. فإن الكرة الداخلة الملصقة (٢١) قد (٢٢) يعرض لها متابعة لها (٢٣) في أن كل جزء منها يلزم جزأ ينتقل فينتقل (٢٤) ، ولكن (٢٥) بالعرض ، إذ لا تنتقل (٢٦) نسبة ما بين أجزاء (٢٧) الكرة الداخلة وأجزاء

__________________

(١) فصل : فصل ح ب ؛ الفصل الثالث عشر ط ، م.

(٢) نقول : فنقول ط (٣) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(٤) التي : الذي سا ، ط ، م. (٥) أين : ساقطة من م.

(٦) ينسب : فنسب م. (٧) إشارة : الإشارة ط

(٨) غير : عن م (٩) عليه : عليها ط

(١٠) فيها : منها سا ، م ؛ ساقطة من ط.

(١١) ووضع : أو وضع ط (١٢) ومن : ولا من ط.

(١٣) ومن : من د ، سا ، ط ، م

(١٤) ووضع : أو وضع ط (١٥) وهو : ساقطة من م.

(١٦) والقاعد في السفينة : ساقطة من ط

(١٧) تنقله : منتقلة ط (١٨) وإما : أمام

(١٩) الوضع : الموضوع د. (٢٠) بها : به سا.

(٢١) الملصقة : الملتصقة سا ، ط (٢٢) قد : به ط ، م ؛ ساقطة من سا.

(٢٣) لها : له سا ، م (٢٤) فينتقل : فيقل سا ؛ ساقطة من ط

(٢٥) ولكن : + ذلك ط (٢٦) لا تنتقل : تنتقل بخ

(٢٧) أجزاء : جزء ط.


المحيط (١) بها كما تنتقل نسبة اجزاء الكرة المحيطة مع أجزاء مكانها ، فإن كان اعتبار الوضع إنما هو بحسب القياس إلى أجزاء المحيط الموضوع فيه ، أو المحيط (٢) به الموضوع عليه ، وبالجملة إلى (٣) أجزاء ما يماس ذا الوضع مماسة محيط (٤) كما لكرة في كرة ، أو (٥) مماسة محاط كما للفلك الأعلى بالقياس إلى ما يماسه في داخله ، فلا تكون الكرة الداخلة قد تبدل وضعها ، وإن (٦) كان الوضع ليس باعتبار المماسات ، بل باعتبار الموازيات والمحاذيات في الجهات (٧) ، فتكون الداخلة قد تبدل أيضا وضعها بالذات ، فإن الأجزاء منها قد استبدلت المحاذيات مع استبدال (٨) المحيط تلك (٩) ، بل الأولى أن يكون قد تبدل الوضع الذي له بحسب الكل بالذات ولم يتبدل الوضع الذي بالقياس إلى ما يحويه. والوضع وضعان : وضع بحسب الكل ووضع بحسب شيء. ومن هذا القبيل ما نعتقده من حركة الهواء العالى مع حركة فلك القمر ، فإن تلك الحركة ليست كما يظن عن قسر وذلك لأن هذا القسر إن كان من جنس تحريك المتحرك لما يلاقيه ويدفعه.

وإذا كانت كرة على كرة ، فإنها إذا تحركت ولم تتشبث (١٠) بشيء مما تحتها ، بل زحفت على بسيط (١١) غير مقاوم فى وجه حركتها (١٢) ، حتى (١٣) يلزم أن يندفع (١٤) القائم في وجهها (١٥) باندفاعها (١٦) ، فلا مانع من أن تسكن الداخلة منهما ، وتتحرك الخارجة عليها ، ماضية على سطحها من غير انغلاق. فالسبب إذن في تلك الحركة أن كل جزء (١٧) تفرضه من النار قد تعين له جزء من الفلك ، كالمكان ، وهو بالطبع يتحرك إلى المكان الطبيعى له ، ويسكن عنده لازما إياه ملتصقا به التصاقا طبيعيا ، يوجب من لزومه إياه ، وإن (١٨) زال ما يوجبه الإلصاق بالغراء والمسامير (١٩). فإذا تحرك المكان لزمه وتبعه ما هو بالطبع متمكن (٢٠) فيه حافظ لما يلاقيه منه ، فتكون حركة الجو العالى بالقياس إلى الفلك ، حركة بالعرض فى الوضع ولو كان الماء وهو في الهواء مصيبا للترتيب (٢١) الطبيعى الذي بيناه قبل مع إصابته الموضع (٢٢) الطبيعى ، أعنى السطح المحيط الطبيعى (٢٣) ، حتى لم يبق فيه (٢٤) ارجحنان وميل ، ولا اختلف أجزاء ما يقوم عليه من الأرض ، لكان (٢٥) تتبع حركة الهواء في أى الجهات يحرك. لكن الماء ليس مصيبا في أكثر الأمر المكان الطبيعى على الوجه الذي هو

__________________

(١) المحيط : المحيطة ط. (٢) أو المحيط : أو المحاط د ، سا ، م ؛ والمحاط ط

(٣) إلى (الثانية) : ساقطة من د

(٤) محيط : محيطة م. (٥) أو : ساقطة من م.

(٦) وإن : فإن ط (٧) الجهات : الجهة ط.

(٨) مع استبدال : ساقطة من م (٩) تلك : ذلك سا ، ط ، م.

(١٠) تتشبت : تثبت ط (١١) بسيط : بسيطة سا ، ط ، م.

(١٢) حركتها : حركته سا ، ط ، م

(١٣) حتى : كى ط (١٤) أن يندفع : فيندفع سا ؛ يندفع م

(١٥) وجهها : وجهه سا ، ط ، م

(١٦) باندفاعها : باندفاعه سا ، م ؛ ما ندفعه ط.

(١٧) جزء : جسم ط. (١٨) وإن : فإن سا

(١٩) والمسامير : أو المسامير ط. (٢٠) متمكن : تمكن ط.

(٢١) للترتيب : مع الترتيب سا ؛ فى الترتيب ط.

(٢٢) الموضع : الموضوع م. (٢٣) الطبيعى : ساقطة من د

(٢٤) فيه : فيها سا ، ط (٢٥) لكان : لكانت سا ، ط.


طبيعى ، بل (١) في أكثر الأمر له (٢) انضغاط (٣) بعد إلى السفل ، واختلاف في بعض أجزائه من تحت ، فإذا (٤) تبع الحركة الهوائية تبعها أجزاؤه العالية في كثير من الأمر على سبيل التموج. وأما السافلة فيعرض لها السبب المقول ، فيعرض من ذلك كالتميز ، والجو العالى يصيب (٥) المكان الطبيعى على الوجه الطبيعى ، فيحق (٦) عليه لزومه والالتصاق به. على أن الهواء قد عرض له أيضا بسبب (٧) الجبال والرياح أمر (٨) أوجب تميزا (٩) ممّا في أجزائه.

فهذا بيان حال (١٠) الحركة بالعرض. فيسقط (١١) من هذا تشنيع ما أورده (١٢) بعضهم ، فقال : إن كانت الحركة التي للنار قسرية ، وهى حركة دائمة ، فقد وجد قسر دائم ، وهذا خلاف لرأيكم. وإن كانت (١٣) هذه الحركة طبيعية ولجسمها حركة أخرى بالطبع كالسمو (١٤) ، فيكون لجسم بسيط حركتان طبيعيتان ، وقد منعتم من ذلك. فهذا مثال ما يكون المتحرك بالعرض ، من شأنه أن يتحرك بالذات. وأما مثال المتحرك بالعرض ، الذي ليس من شأنه أن يتحرك ، فهو أن يكون هذا المقارن ليس لمقارنته (١٥) مقارنة جسم لجسم ، بل مقارنة شيء من الأشياء الموجودة في الجسم صورة في هيولاه أو عرضا في الجسم ، فتصير له بسبب (١٦) الجسم جهة تختص بها الإشارة الواقعة إلى ذاته ، وتصير له أجزاء كأجزاء الجسم تختص بأن تلى ما يليه الجسم من الأجسام المقارنة له ، فتصير له كالأين لأين الجسم ، وكالوضع لوضع الجسم. فإذا حصل للجسم مكان آخر ، تبدلت الجهة المصابة بالإشارة ، وإذا (١٧) حصل له وضع آخر ، تبدلت حال جزء ما ، إذ (١٨) صار لذلك الأمر كالأجزاء ، فقيل إنه قد انتقل في الأين أو في الوضع ، وإن كانت النفس صورة قائمة في مادة البدن. فإذا عرض للبدن الحركة بالعرض لحقت النفس بالعرض ، وكذلك سائر التغيرات التي تعرض لذلك الجزء الذي تقوم (١٩) فيه النفس وحده ، وإن كان (٢٠) من النفس ما ليس مقارنته بأن يكون (٢١) منطبعا في البدن الذي فيه ، فإنه لا يتحرك ولا بالعرض.

وقد سئل أنه لم كانت النفس يقال لها : إنها تتحرك بالعرض في الأين (٢٢) ، ولا يقال لها (٢٣) : تسود بالعرض في اسوداد البدن.

__________________

(١) بل : ساقطة من سا (٢) له : به سا ، ط ، م

(٣) انضغاط : انضغاطا سا (٤) فإذا : وإذا سا ، ط ، م.

(٥) يصيب : مصيب سا ، م

(٦) فيحق : نلحق ط. (٧) بسبب : لسبب ط

(٨) أمر : + به ط (٩) تميزا : تمييزا ب.

(١٠) حال : ساقطة من م (١١) فيسقط : فسقط ط

(١٢) ما أورده : أورده سا.

(١٣) وإن كانت : فإن كان ط.

(١٤) كالسمو : كالنمو : ط.

(١٥) لمقارنته : مقارنته م. (١٦) بسبب : سبب د ، سا ، ط.

(١٧) وإذا : أو إذا م. (١٨) إذ : إذا د ، م.

(١٩) تقوم : تهوم ط (٢٠) كان : ساقطة من م.

(٢١) بأن يكون : ساقطة من د. (٢٢) فى الأين : ساقطة من ط

(٢٣) لها : + إنها ط.


ونحن نجيب فنقول : إنه إن كان التحقيق يوجب (١) أنه إذا صح إطلاق ذلك على النفس بالعرض ، صح إطلاق هذا ، وذلك (٢) إذا كان (٣) السواد في العضو الأول الذي فيه النفس بعينه ، وإن كان أحد الأمرين أوقع في العادة. ولكن ظهور نقلة ما فيه النفس إن كانت منطبعة به ، أكثر من ظهور سائر استحالاته ، وذلك لأن الناس يحكمون بأن الجسم إذا زال عن إصابة إشارة ممّا ، زال ما معه (٤) ، فصار إليه إشارة أخرى تخصه ، ولو كان الشيء غير محسوس.

وأما (٥) السواد ، فإنه إذا حصل في الجسم واستقر (٦) فيه ، لم يلتفتوا إلى (٧) حصوله في (٨) شيء آخر ، ومقارنته له ، إذا كان ذلك الشيء غير محسوس. كأنهم يوجبون الحصول في الحيز لكل موجود كان ، محسوسا أو غير محسوس. ولا يوجبون التسود إلا لقابله ، ولغلبة إيجاب (٩) التحيز عندهم لكل شيء ما لا يؤمنون (١٠) بموجود لا إشارة إليه.

فهذا (١١) هو السبب الذي اختلف به الأمران عند الجمهور ، ولأنه سبب غير واجب ، فمقتضاه (١٢) غير واجب.

وإذ قد (١٣) علمت الحال في الأين والوضع ، فاحكم بمثلها (١٤) في سائر الأبواب. فإنه يقال إن الشيء مثلا تسود بالعرض ، إذا كان الموضوع للسواد ليس هو ، بل جسم آخر (١٥) يقارنه أو يخالطه ، أو جسم هو عرض فيه ، أو جسم هو بعينه في الموضوع ، وليس هو هو (١٦) بعينه بالاعتبار (١٧) كقولنا (١٨) : إن البناء أسود ، فإن السواد ليس موضوعه الأول (١٩) جوهرا مع البنائية ، بل الجوهر مع البنائية عرض له ، إن كان هذا الجوهر القابل للسواد (٢٠). وقد يقال للجوهر (٢١) إذا كان ليس موضوعا أولا للأسود ، بل موضوعه الأول شيء فيه لا كجزء ، وهو السطح (٢٢). فإن السواد يعتقد أن محله (٢٣) الأول هو (٢٤) السطح ولأجل السطح ، يوجد للجسم (٢٥). وإذ قلنا في الحركة التي بالعرض ، فلنقل على الحركة غير (٢٦) الطبيعية التي بالذات ، وهى الحركة التي بالقسر ، ثم نقول في الحركة التي من تلقائها.

__________________

(١) يوجب : موجب م. (٢) وذلك : فذلك

(٣) م كان : ساقطة من ط.

(٤) ما معه : معه م. (٥) محسوس وأما : ساقطة من م.

(٦) واستقر : فاستقر ط

(٧) إلى : فى سا ، ط (٨) في : إلى سا ، ط.

(٩) إيجاب : الإيجاب ط (١٠) ما لا يؤمنون : يؤمنون م.

(١١) فهذا : وهذا م (١٢) فمقتضاه : مقتضاه سا ، م.

(١٣) وإذ قد : وإذا ب ، د ؛ وإذ م

(١٤) بمثلها : بمثلهما ط. (١٥) آخر : ساقطة من م.

(١٦) هو هو : هو م (١٧) بالاعتبار : فى الاعتبار ط

(١٨) كقولنا : كقول القائل ط ، م.

(١٩) الأول : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.

(٢٠) للسواد : للتسود ط (٢١) للجوهر : الجوهر ط.

(٢٢) السطح : كالسطح ط. (٢٣) محله : موضوعه بخ ، سا ، طا

(٢٤) هو : من سا (٢٥) للجسم : الجسم سا

(٢٦) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.


[الفصل الرابع عشر]

ن ـ فصل (١)

فى الحركة القسرية وفي التي من تلقاء المتحرك

وأما (٢) الحركة غير (٣) الطبيعية ، ولكنها مع ذلك موجودة في ذات الموصوف بها ، فمنها (٤) بالقسر ، ومنها (٥) ما يكون من تلقائه ولنتكلم الآن (٦) في التي بالقسر ، فنقول (٧) : إن الحركة التي بالقسر هى التي محركها خارج عن المتحرك بها وليس مقتضى طبعه. وهذا إما أن يكون خارجا عن الطبع فقط ، مثل تحريك الحجر جرا على وجه الأرض ، وإما أن يكون مضادا للذى بالطبع ، كتحريك الحجر إلى فوق ، وكتسخين الماء. وقد تكون حركات خارجة عن الطبع في الكم (٨) كما علمت ، مثل زيادة العظم الكائن بالأورام وبالسمن (٩) المجتلب بالدواء (١٠) والذبول الذي يكون بسبب الأمراض. وأما (١١) الذبول الذي للسن فهو من جهة طبيعى (١٢) ومن جهة ليس بطبيعى. فهو طبيعى بالقياس (١٣) إلى طبيعة الكل ، فإنه (١٤) أمر تجرى عليه طبيعة الكل ويجب (١٥) ، وليس طبيعيا بالقياس إلى طبيعة ذلك البدن ، بل هو لعجز تلك الطبيعة واستيلاء (١٦) الغاصب عليها. ويشبه أن تكون الصحة التي بالبحران باستحالة طبيعية ، والتي تكون لا على تلك الجهة باستحالة غير طبيعية. وكذلك الموت الأجلى طبيعى من وجه ، والمرضى والقتلى غير طبيعى البتة والحركات المكانية القسرية ، فقد تكون بالجذب وقد تكون بالدفع. وأما الحمل (١٧) فهو بالحركة العرضية (١٨) أشبه ، والتدوير القسرى مركب من جذب ودفع ، والدحرجة ربما كانت (١٩) عن شيئين خارجين ، وربما كانت عن ميل طبيعى ، مع دفع أو جذب قسرى (٢٠). وأما الذي يكون مع مفارقة المتحرك ، مثل المرمى والمدحرج ، فإن لأهل

__________________

(١) فصل : فصل ب ؛ الفصل الرابع عشر ط ، م.

(٢) وأما : فأما ب ، د ، ط ، م

(٣) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(٤) فمنها : فمنه سا ، ط ، م ؛ + ما يكون سا

(٥) ومنها : ومنه سا ، ط ، م.

(٦) الآن : أولا سا ؛ + الأول ط

(٧) فنقول سا. (٨) الكم : الحكم م

(٩) وبالسمن : أو بالسمن م

(١٠) بالدواء : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.

(١١) وأما : فأما م (١٢) طبيعى : لا طبيعى م

(١٣) بالقياس : القياس م.

(١٤) فإنه : وإنه سا

(١٥) ويحب : ويحبب ط.

(١٦) واستيلاء : أو استيلاء ط.

(١٧) الحمل : الجهل سا

(١٨) العرضية : العرض سا ، ط.

(١٩) كانت : كان ب د ، سا ، ط.

(٢٠) قسرى : ساقطة من م.


العلم فيه اختلافا على مذاهب. فمنهم (١) من يرى أن السبب فيه رجوع لهواء المدفوع فيه إلى خلف المرمى والتئامه هناك التئاما (٢) بضغط ما أمامه. ومنهم من يقول : إن الدافع يدفع الهواء والمرمى جميعا ، لكن الهواء أقبل للدفع ، فيندفع أسرع ، فيجذب معه الموضوع فيه. ومنهم من يرى أن السبب فى ذلك قوة يستفيدها المتحرك من المحرك تثبت فيه مدة إلى أن تبطلها (٣) مصاكات تتصل (٤) عليه مما يماسه وينحرف به ، فكلما (٥) ضعف بذلك ، قوى عليه الميل الطبيعى والمصاكة فأبطلت القوة ، فمضى المرمى نحو جهة ميله الطبيعى.

قال (٦) أصحاب القول بتحرك (٧) الهواء : وليس يعظم أن تكون حركة الهواء تبلغ من القوة ما يحمل (٨) الحجارة والأجسام العظيمة ، فإن الصوت العظيم ربما دك أنفا (٩) من الجبل ، وهاهنا جبال إذا صبح منها انحطم (١٠) أركانها ، والرعد يهد (١١) الأبنية المشيدة ، ويقلب قلل الجبال ، ويغلق الصخور الصم. ومن الناس من يفتتح (١٢) القلاع المبنية فى القلل بتكثير البوقات والإلحاح عليها.

وكيف (١٣) يمكننا أن نقول : إن الهواء الراجع إلى خلف (١٤) التأم التئاما ضغط ما قدامه إلى قدام ، وما سبب حركته إلى قدام (١٥) عند الالتئام ، حتى يدفع ما ورائه. وكيف يمكننا أن نقول : إن المحرك أعار المتحرك قوة ، وذلك لأنها لا تخلو من أن تكون إحدى القوى (١٦) التي هى الطبيعية والنفسانية والعرضية ، وليست طبيعية ولا نفسانية ولا عرضية ، لأن القوة المحركة (١٧) إلى فوق زعمتم أنها فى (١٨) جوهر النار بمعنى الصورة (١٩) ، وإذا (٢٠) كانت فى الحجر كانت عرضا فكيف تكون طبيعة واحدة عرضا وصورة. ولو كان المحرك أفاد قوة ، لكان أقوى فعلها فى ابتداء وجودها وكان (٢١) يجب أن تأخذ فى الانسلاخ والموجود هو أن أقوى فعلها (٢٢) فى الوسط من الحركة (٢٣). أما (٢٤) إن كانت علة هذه الحركة حمل (٢٥) الهواء للمرمى ، فقد توجد لذلك علة ، وهو أن الهواء يتلطف بالحركة ، ويزداد (٢٦) سرعة وانخراقا لما (٢٧) ينفذ فيه من الهواء الناقل للمرمى ، ولا يوجد هذه العلة هناك.

وقد قال قوم بالتولد ، وقالوا : لأن من طبع الحركة أن تتولد بعدها حركة ، ومن طبع الاعتماد أن يتولد بعده اعتماد. ولم يمنعوا أن تكون الحركة تعدم ، ثم يتبعها سكون ثم يتولد عن الاعتماد بعد ذلك حركة

__________________

(١) فمنهم : منهم سا. (٢) التئاما : + بقوة ب ، د ، ط ، م.

(٣) تبطلها : يبطله سا ، ط (٤) تتصل تبطل د (٥) فكلما : وكلما ط. (٦) قال : وقال سا

(٧) بتحرك : بتحريك ط (٨) ما يحمل : ما يجذب طا.

(٩) أنفا : أيضا ب (١٠) انحطم : انهدم بخ ؛ انحطمت ط ، م.

(١١) يهد : يهدم د ، ط (١٢) يفتتح : يفتح ط.

(١٣) وكيف : فكيف م (١٤) خلف : خلفه ط.

(١٥) إلى قدام : ساقطة من د. (١٦) القوى : القوتين م.

(١٧) المحركة : المتحركة سا (١٨) فى (الأولى) : ساقطة من سا

(١٩) الصورة : العبور سا ؛ الصور م

(٢٠) وإذا : إذا ط. (٢١) وكان : ثم كان سا ، ط ، م

(٢٢) فعلها : فعله سا ، ط ، م (٢٣) من الحركة : ساقطة من ب ، د

(٢٤) أما : وأما سا ، ط ، م. (٢٥) حمل : حملت سا (٢٦) ويزداد : فيزداد سا

(٢٧) لما : فالماء سا.


وهذا أشنع ما يقال ، فإن المتولد لا محالة شيء حادث بعد ما لم يكن ، ولكل حادث بعد ما لم يكن محدث هو (١) علة للحدوث ، وتلك العلة إن كانت علة بأن توجد وجب أن توجد الحركة الأولى مع الثانية ، وإن كانت بأن تعدم وجب أن تكون دائما علة للحركة. وإن كان السبب مع ذلك بقاء الاعتماد فلم (٢) تجوزون سكونا يلحق ومبدأ الحركة موجود على ما ينبغى بالفعل ، وليس هناك مانع عن الحركة فى (٣) المتحرك ولا فى المسافة. وإن كان الاعتماد أيضا يعدم فالكلام فيه كالكلام فى الحركة.

لكنا إذا حققنا الأمر وجدنا أصح المذاهب مذهب من يرى أن المتحرك يستفيد ميلا من المحرك ، والميل هو ما يحس بالحس إذا حوول أن يسكن الطبيعى بالقسر أو القسرى بالقسر الآخر فيحس هناك من القوة على المدافعة التي تقبل شدة ونقصا ، فمرة تكون أشد ومرة تكون أنقص مما لا يشك (٤) فى وجوده فى الجسم وإن (٥) كان الجسم ساكنا بما قسر (٦). ومذهب من يرى أيضا (٧) أن الهواء يندفع فيدفع مذهب غير سديد وكيف يكون سديدا والكلام فى الهواء كالكلام فى المرمى. وذلك لأن هذا الهواء المدفوع إما أن يبقى متحركا مع سكون المحرك (٨) أولا يبقى ، فإن (٩) لم يبق فكيف ينفذ ناقلا ، وإن بقى فالكلام فيه ثابت. فإن كان أسرع حركة فيجب أن يكون نفوذه فى الحائط أشد من نفوذ السهم ، فإن السهم إنما ينفذ عندهم بقوة منفذة ، هى (١٠) من حركة الهواء الذي هو أسرع ، والهواء يحبس ويرد عن (١١) الأمور القائمة فى وجهه ، فلم لا يحبس (١٢) السهم ويرد. فإن كان السبب فيه أن (١٣) الذي يلى نصل السهم يحبس (١٤) ، والذي يلى فوقه يكون بعد على قوته ، فقد وجب أن يكون السهم أسبق من الهواء.

وجعلوا الهواء أسبق ، فإن كان السهم (١٥) أسبق ، فيجب أن لا يكون للهواء الذي يلى السهم من قوة الاندفاع ما ينفذ السهم الممنوع بالحائط ، لو لا دفعه من خلف (١٦). فإن نفوذ السهم فى الحائط لا يجوز أن يقال : إنه كنفوذه فى الهواء ، فإن الهواء (١٧) يحمله ويدفعه عندهم باندفاعه ، وإن كان ذلك من جذب السهم ما خلفه جذبا يعود به دفعا لجاذبه (١٨) ، فيكون المجذوب أشد انجذابا من الجاذب الملازم له. وهذه الشدة إن كانت قوة

__________________

(١) هو : وهو ب. (٢) فلم : فلا ط.

(٣) فى : عن سا ، ط ، م.

(٤) مما لا يشك : ما لا يشك د ، سا ، ط ، م

(٥) وإن : فإن د. (٦) قسر : قسره د

(٧) أيضا : ساقطة من م. (٨) المحرك : المتحرك سا.

(٩) فإن : وإن سا ، م.

(١٠) هى : هو ب ، د ، سا ، م.

(١١) عن : على سا (١٢) لا يحبس : لا يحتبس د ، ط.

(١٣) أن : إذ د. (١٤) يحبس : يحتبس ط.

(١٥) فإن كان السهم : ساقطة من سا.

(١٦) خلف : خارج سا ، م. (١٧) فإن الهواء : ساقطة من د.

(١٨) لجاذبه : يحاذيه م.


وميلا ، فقد حصل القول بذلك ، وإن كانت (١) متابعة فقط فتزول مع زوال (٢) سببها ، فإن (٣) بقيت ، فيكون السبب القوة والميل. وما بال الأشياء التي يتفق حصولها مع فى هذا الهواء اللصيق (٤) بالسهم (٥) ترسب ولا يحملها الهواء ، فإن الهواء إنما يمانع الثقال المحمولة فيه عن الرسوب شديدة ، يصير (٦) بها مقاوما لخرق الثقل ، والرياح إذا هبت على أغصان الشجر (٧) هشمتها ، مع أنها لا تحمل سهما لو وضع فيها (٨). فهذا الهواء الذي ينقل الحجر الكبير بالحرى أن يكون اختباره بقرب الأجسام الصغار مما يوجب كسرها.

وهؤلاء يظنون أنهم إذا (٩) قالوا : إن الهواء يتحرك أسرع ، فتحدث حركات متشافعة (١٠) فى أجزاء الهواء قدما ، والسهم موضوع فيها ، أنهم قالوا شيئا. وليس كذلك ، وذلك لأنه لا يخلو إما أن تحدث هذه الحركة فى أجزاء الهواء قدما شيئا بعد شيء ، فيكون المتحرك منها يتحرك بعد هدوء المحرك (١١) ، فقد (١٢) انتقضت (١٣) الدعوى ، وإن كانت (١٤) حركتها (١٥) معا ، فإما أن تكون معا (١٦) والمحرك الأول يتحرك معها ، أو هو (١٧) واقف ، فإن كانت مع حركة المحرك الأول فيجب أن يقف السهم بعده ، وإن كان بعد حركته فقد بقى الشك ، وهو أن هناك حركة وسببا به تستمر الحركة ، فإنما (١٨) هو غير المحرك الأول (١٩).

وأما حديث ازدياد المحرك القسرى قوة عند الواسطة ، فليس يضر فى ذلك فرض القوة ، ولا تنفع فيه حركة الهواء ، وذلك لأن الإشكال فيه قائم. وذلك لأن للمتشكك (٢٠) الأول أن (٢١) يقول : إن هذا الهواء ما باله إنما فى أوسط (٢٢) زمان الحركة أسرع ، فإنه إن كان ذلك لاستفادته بالحركة تخلخلا أكثر ، فهو أولى بأن لا ينفعل عنه المنقول فيه لأنه يصير أكبر حجما وأضعف قواما. والأكبر حجما والأضعف (٢٣) قواما ، فإنه يكون عن تحريك واحد بعينه أبطأ حركة مما ليس كذلك. وإن كان التخلخل المعتبر إنما هو للهواء المنفوذ فيه لا للنافذ ، فلم كانت هذه المحاكة فى الوسط أقوى من التحليل والتلطيف (٢٤) عن المحاكة التي فى الابتداء. نعم لو دامت المحاكة على شيء واحد يلقى إما الحاك وإما المحكوك لكان لذلك (٢٥) معنى. أما الحاك (٢٦) فكالمثقب ، فإنه (٢٧) على طول المزاولة يصير أسخن فيكون

__________________

(١) كانت : كان ط (٢) زوال : ساقطة من م

(٣) فإن : وإن سا. (٤) اللصيق : الضيق سا ، م

(٥) بالسهم : السهم سا ، م ؛ مثل السهم ط.

(٦) يصير : ويصير م. (٧) الشجر : الشجرة ط

(٨) فيها : ساقطة من د. (٩) إذا : ساقطة من د

(١٠) متشافعة : مشافعة ط. (١١) المحرك : المتحرك م

(١٢) فقد : وقد سا ، ط ، م (١٣) انتقضت : انتقض ب ، د ، سا ، ط.

(١٤) كانت : كان ب د ، سا ، ط (١٥) حركتها : حركتهما م (١٦) فإما أن تكون معا : ساقطة من سا

(١٧) أو هو : هو سا. (١٨) فإنما : بما ط ؛ قائم م

(١٩) الأول : + فيجب أن يقف السهم سا.

(٢٠) للمتشكك : للمشكك ط ؛ المتشكك م

(٢١) أن : ساقطة من ط. (٢٢) أوسط : وأوسط ب.

(٢٣) والأضعف : الأضعف سا ، م. (٢٤) والتلطيف : التلطف د ، سا ، م.

(٢٥) لذلك : ذلك ب ، فى ذلك د ؛ كذلك سا ؛ كذلك كذلك م (٢٦) الحاك : حاك سا ؛ المحال م

(٢٧) فإنه : كان سا ، ط.


على التلطيف (١) أقوى ، وأما المحكوك ، فلأن دوام (٢) الحك عليه يكون مما يزيده تأثيرا بعد تأثير. وهاهنا لا الحاك ولا المحكوك واحد ، بل عندهم وعلى قياس قولهم يجب أن يتحرك كسلسلة مدفوعة قدما ، ويكون كل جزء نفرضه حاكا بعينه لمحكوك (٣) بعينه (٤) ، وعسى أن يكون وجه إعطاء هذه العلة لهذه التزيد فى الباب المنسوب (٥) إلى القوة أوضح. فعسى أن الحك إذا تكرر على المرمى أكثر ، يسخن أكثر ، فلا يزال يتسخن (٦) بالحك أكثر ، والقوة المستفادة تضعف. إلا أن التلطيف (٧) (٨) المستفاد بالتسخن يكون متداركا أو موفيا (٩) على المعنى الذي يفوت بالضعف ، ما دام فى القوة ثبات ما ، فإذا ترادف الصك على القوة واسترخت (١٠) ضعف أيضا الحك ، وبلغ مبلغا لا يفى بتدارك تأثير الصك.

على أنا لا نعول فى ذلك على هذه العلة كل التعويل ، وإن كان قد يجوز أن يكون ذلك من إحدى معنيات العلل المزيدة فى الوسط ، فقد اتضح أن الحركة القسرية كيف هى ، وعلى كم قسم هى ، وأن كل حركة فعن (١١) قوة تكون فى المحرك (١٢) ، بها يندفع ، إما قسرية ، وإما عرضية ، وإما طبيعية.

فلنتكلم على الحركة التي يقال إنها من تلقاء المتحرك ، فقد وقع (١٣) فى أمرها بين أهل النظر تخالف وتشاح (١٤) ، ما كان من حق هذا المعنى أن يقع من التفتيش عنه والمناقشة فيه ما وقع بين طبقات أهل النظر. فإن معول ذلك على الاسم ، فقد جعله بعضهم لمعنى ، وبعضهم لمعنى آخر ، ولكل منهم أن يجعل ما يجعله (١٥) ، وليس لأحد (١٦) منهم (١٧) أن يشاح (١٨) فيه غيره ، فمنهم من جعل المتحرك من تلقائه ما لموضوعه أن يتحرك بطبعه حركة غير تلك الحركة ، مع ذلك ليس عن سبب من خارج. فعلى وضع هؤلاء ، يدخل النبات فى جملة المتحرك من تلقائه ، ويخرج (١٩) الفلك من أن يكون متحركا من تلقائه ، وهم مع ذلك يمنعون أن يخرج الفلك من ذلك. ومنهم من شرط أن يكون له مع ذلك أن لا يتحرك ، فإن أخذ هذا مطلقا لم يكن الفلك أيضا داخلا فى المتحرك من تلقائه ، وإن زيد عليه وله أن لا يتحرك إذا شاء (٢٠) من غير زيادة شرط أن من شأنه أن يشأ دخل فيه الفلك ، وليس إذا كان لا يشاء أمرا البتة أو لا يجوز (٢١)

__________________

(١) التلطيف : التلطف د (٢) دوام : دوم ط.

(٣) لمحكوك : المحكوك ب (٤) لمحكوك بعينه : ساقطة من م

(٥) المنسوب : المقرب سا. (٦) يتسخن : يسخن ط.

(٧) المستفادة ... التلطيف : ساقطة من م.

(٨) التلطيف : التلطف سا (٩) أو موفيا : وموفيا سا.

(١٠) واسترخت : واستراحت ط. (١١) فعن : ساقطة من م.

(١٢) المحرك : المتحرك ط ، م. (١٣) وقع : ساقطة من م

(١٤) وتشاح : وتشاجر ط. (١٥) ما يجعله : ما جعله سا ، ط ، م

(١٦) لأحد : لأمر سا (١٧) منهم : بينهم ط

(١٨) يشاح : يشاجر ط. (١٩) ويخرج : وخرج سا.

(٢٠) شاء : + أمر البتة ط (٢١) أو لا يجوز : ولا يجوز ب.


أن يشأ ، يلزم من ذلك أن مقتضاه لا يكون لو شاء ، ومنهم من لم يشترط إلا أن تكون الحركة صادرة عن الإرادة. وأنت غير (١) مجبر على اختيار أى الاستعمالات شئت ، فإنه ليس إلا مشاجرة فى التسمية فقط (٢).

[الفصل الخامس عشر]

س ـ فصل (٣)

فى احوال العلل المحركة والمناسبات بين العلل المحركة والمتحركة

وإذ قد استوفينا القول بحسب غرضنا فى الحركات والمتحركات ، فحرى بنا أن نتكلم على أحوال المحركين.

فنقول : إن المحرك منه ما هو محرك بالذات ، ومنه ما هو محرك بالعرض. والمحرك (٤) بالعرض (٥) ، فقد فصلنا أمره فى الأقاويل الماضية ، وبينا أنه على كم وجه يكون ، وأنه قد يكون الشيء محركا لذاته بالعرض ، وقد يكون محركا لغيره (٦) بالعرض ، وقد يكون محركا بالطبع ، وقد يكون محركا بالقسر (٧).

وأما المحرك بالذات ، فمنه ما يكون بواسطة ، مثل النجار بواسطة القدوم ، ومنه ما يكون بغير واسطة. والذي بالواسطة ، فربما كانت الواسطة واحدة ، وربما كانت كثيرة. وما كان من الوسائط ليس (٨) محركا من تلقائه ، بل إنما يحرك لأجل أن ما قبله يحركه. فإن كان متصلا بالمحرك ، كاليد بالإنسان ، سمى (٩) أداة ، وإن كان مباينا سمى آلة ، وربما لم يميز (١٠) بين اللفظين فى الاستعمال. وما كان من الوسائط ينبعث من نفسه إلى الحركة ، ومع ذلك فله مبدأ تحريك آخر لأنه واسطة ، فالأولى أن يكون محركه مع أنه محرك (١١) غاية مثل المحبوب ، أو ضد الغاية (١٢) مثل المخوف المهروب عنه. والمحركات منها ما يحرك بأن يتحرك ، ومنها ما يحرك لا بأن يتحرك. والمحرك بأن يتحرك يحرك بالماسة ،

__________________

(١) غير : ليس سا

(٢) فقط : البتة ط.

(٣) فصل : فصل ٤ ب ؛ الفصل الخامس عشر م.

(٤) والمحرك : وأما المحرك ط

(٥) والمحرك بالعرض : ساقطة من سا.

(٦) لغيره : لغير د

(٧) محركا بالقسر : بالقسر سا ، ط ، م.

(٨) ليس : لم يكن ط.

(٩) سمى : يسمى ط.

(١٠) يميز : يتميز م.

(١١) محرك : ساقطة من م

(١٢) مثل .... الغاية : ساقطة من م.


ويتم (١) فعله بالسكون منه ، ويكون أيضا من حيث يتحرك (٢) بالقوة. ولاستحالة وجود أجسام بلا نهاية ، يستحيل أن تكون متحركات معا بلا نهاية ، فيستحيل أن يكون كل محرك (٣) متحركا ، فينتهى الأمر إلى محرك لا يتحرك وإلى أول محرك متحرك ، إذ لا دور فى التحريك والتحريك والعلية والمعلولية ، إذ الدور يوجب (٤) أن يكون الشيء مبدأ لأمر (٥) ، ذلك الأمر (٦) مبدأ له ، فيكون أسبق من الأسبق بذاته. وأول محرك متحرك ، إما أن يكون مبدأ حركته فيه ، فيكون متحركا بذاته ، أو يكون مباينا له وليس فيه. لكن فى كل جسم مبدأ حركة كما قلنا ، فإن كان المباين يحرك التحريك الموافق لما يقتضيه مبدأ حركة الجسم ، لم يخل إما أن تكون تلك الحركة تصدر عنهما جميعا بالشركة ، ومع ذلك فإن المبدأ الذي فى الجسم له أن يحرك وحده ، وإما أن لا يكون للمبدإ الذي فى الجسم أن يحرك وحده ، فإن لم يكن لذلك المبدأ أن يحرك وحده (٧) ، فليس مبدأ (٨) حركة (٩) فى الجسم ، وقد قيل ذلك ، هذا خلف. وأنت تعلم أن كل جسم ففيه مبدأ حركة ، قد برهنا ذلك فإن كان لمبدإ الحركة أن يحرك وحده (١٠) ، لم يكن المباين محركا على أنه (١١) مزاول للحركة ، بل محرك على أحد الوجوه ، إما بأنه يعطى الجسم ذلك المبدأ الذي به يتحرك ، فيحرك (١٢) الجسم بذلك المبدأ أو يعطيه (١٣) قوة أخرى تعاضده على ذلك التحريك ويزيد (١٤) فيه ، أو يكون محركا لأنه غاية ومثال أو مؤتم وإما للأمرين جميعا.

هذا إن كان تحريك المباين من نوع تحريك مبدأ حركة (١٥) الجسم كالمشارك له ، فإن (١٦) كان (١٧) المباين يحرك خلاف التحريك الموافق ، فهو قاسر إما جسم أو غير جسم.

وقد قال قوم : إن محرك النار إلى فوق هو جاعل المادة نارا ، فإذا (١٨) جعله (١٩) نارا جعله تام (٢٠) الاستعداد لتلك الحركة ، بعد أن كان بقوة بعيدة ، فيحرك (٢١) إلى فوق. لكن الإصرار على هذا غير جميل ، وذلك لأن المبدأ الذي يعطى النار تمام الاستعداد لتلك الحركة ، فقد يعطيه المبدأ الذي به يتحرك ، وهو كما علمت القوة التي بها يتحرك ، وهذا إن (٢٢) كان الاستعداد التام يوجب بنفسه الخروج إلى العقل ، فيكون بنفسه مبدأ للحركة ومحركا.

فإنا لسنا نفهم من المحرك إلا الأمر الذي هو مبدأ الحركة على هذا النحو ، فيجب أن يكون واهب الصورة

__________________

(١) ويتم : ويتمم م (٢) يتحرك : + هو ط ، م.

(٣) محرك : متحرك د. (٤) يوجب : أوجب سا الشيء : ساقطة من م

(٥) لأمر : للأمر د. (٦) الأمر : ساقطة من م.

(٧) فإن : ... وحده : ساقطة من سا.

(٨) مبدأ : بمبدإ ط (٩) حركة : لحركة سا.

(١٠) يحرك وحده : يتحرك م (١١) أنه : + مبدأ ط.

(١٢) فيحرك : فيتحرك ط (١٣) أو يعطيه : ويعطيه سا.

(١٤) ويزيد : فنزيد ط. (١٥) حركة : لحركة ط

(١٦) فإن : وإن سا ، ط ، م (١٧) كان : + المحرك ط.

(١٨) فإذا : وإذا ب ، د ، (١٩) جعله : جعلها ط ، م

(٢٠) تام : تامة ط ، م. (٢١) فيجرك : فيتحرك ط.

(٢٢) وهذا إن : وإن ب د.


التي بها يتحرك جسم ممّا محركا بالصورة ، والصورة والصورة محركة بذاتها بلا واسطة. ولا يجب من ذلك أن تكون الصورة محركة لذاتها ، لأنها تحرك كلا ومادة ذا (١) صورة مجسمة. وذلك لأن الكل ليس هو (٢) أحد الأجزاء ، فهو يحرك الجسم الذي هو الكل بالذات ، ويحرك ذاته لأجل تلك الحركة بالعرض ، لأنه ليس مما يتحرك بالذات ، ولو كان مما يتحرك بالذات لما كان انتقال الكل وهو جزء منه يوجب انتقاله عن موضعه الطبيعى ، وهو غير مفارق لما جاوره من الكل ، بل كان كما علمت متحركا بالعرض ، وقد يكون الشيء محركا لنفسه بالعرض. ولأن هاهنا حركة دائمة ، ما دامت السماء قد ظهر أمرها ، فههنا محرك أو غير متناهى القوة ، فليس بجسم ولا فى جسم.

فينبغى الآن أن نذكر المناسبات التي بين المحركات والمتحركات ، لنضع محركا ومتحركا ومسافة وزمانا ولنمتحن المحرك على أنه مبدأ لحركة (٣) طبيعية ، وعلى أنه مبدأ جذب ، وعلى أنه مبدأ دفع ، وعلى أنه حامل ، ولنتأمل (٤) ما يلزم من أصناف المناسبات ، ولنضع محركا حرك متحركا فى المسافة زمانا ، ولنتأمل هل نصف المحرك يحرك فى المتحرك بعينه فى المسافة زمانا نصف ذلك أو أقل أو أكثر ، فنقول : إنه لا يلزم أن يحركه (٥) شيئا ، فإنه يجوز أن يكون المستقل (٦) بتحريك ذلك المتحرك عن حاله إنما هو مجموع قوة المحرك (٧) ، فإذا انتصفت كان لها أن تحدث أعدادا ولم يجب أن تحرك لا محالة ، مثل السفينة التي تجرها (٨) مائة نفس فى يوم واحد فرسخين ، فلا يلزم أن يقدر الخمسون لا محالة ، على نقلها شيئا. ولهذا ليس إذا حدث صوت عن صرة جاورس (٩) ، يلزم أن يحدث عن كل جاورسة صوت لا يسمع ، أو إذا حدث عن مائة قطرة نقرة فى الصخرة (١٠) ، يلزم (١١) أن تكون كل قطرة تفعل شيئا لا يحس (١٢) ، بل عسى أن يكون لكل قطرة (١٣) إعداد ما فى إبطال (١٤) صلابة (١٥) ، فإذا تم الإعداد فعل الآخر من النقر ، وأن يستمر على ذلك المنهاج حتى يحدث قعر (١٦) محسوس.

على أن هاهنا من المحركات ما إذا تصف لم يبق له قوته (١٧) كالحيوان. وهذا الإعداد فى الحركات الميلية هو إبطال الميل المستقر فيها (١٨) قليلا قليلا (١٩) ، حتى يدخل عليها ميل غريب تعجز عن تمحيقه القوة المميلة التي فيه ، فإن فرضنا (٢٠) التنصيف فى المتحرك (٢١) ، فالمشهور هو أن المحرك يحرك نصف المتحرك فى ضعف المسافة فى ذلك الزمان ، وفى (٢٢)

__________________

(١) ذا : ذات سا ، ط ، (٢) هو : ساقطة من سا.

(٣) مبدأ لحركة : مبدأ الحركة د ، م

(٤) ولنتأمل : ونتأمل ط. (٥) يحركه : يحرك د

(٦) المستقل : المستقبل ط. (٧) المحرك : المتحرك م.

(٨) تجرها : تمدها ب ، د ، سا ، م.

(٩) جاورس : جاورسة : الذرة الحمراء (الصيفى).

(١٠) الصخرة : الصخر ب (١١) يلزم : يلزمه ب ، د ، سا ، ط.

(١٢) لا يحس : يحس م (١٣) قطرة : نقرة سا

(١٤) فى إبطال : بإبطال ب ، د ، سا ، م

(١٥) صلابة : صلابته ط. (١٦) قعر : نقر ط ؛ فغير م.

(١٧) قوته : قوة ط (١٨) فيها : فيه ط

(١٩) قليلا قليلا : قليلا د ، م. (٢٠) فرضنا : فرضت سا ، ط

(٢١) المتحرك : المحرك ط (٢٢) المسافة ... وفى : ساقطة من م.


المسافة فى نصف ذلك الزمان. وأما المحقق فغيره (١) اعتبر ذلك فيما يورده. أما فى المحرك الطبيعى ، فإنه لا يصح أن يبقى المحرك بحاله والمتحرك به قد ينصف ، وذلك لأن القوة الطبيعية يعرض لها أن تنقسم بانقسام ما هى (٢) فيه ، فإذا انتصف المتحرك لم تمكن (٣) كلية المحرك (٤) أن تحركه ، بل النصف الموجود (٥) منه فيه ، إلا على سبيل التخمين والتقدير. وأما الحامل فيجوز أن تكون قوة الحامل لا تفى بأن تقطع ضعف المسافة التي حمل فيها ما حمل ولو كان فارغا ، فكيف يلزم ومعه نصف الثقل. وإن (٦) كان الحامل يحمل بحركة طبيعية ، فإنه عند وجود نهايته الطبيعية لا يتعداه بالمحمول ، ولا تتضعف له مسافته الطبيعية التي بين الجهتين الطبيعيتين ، اللهم إلا أن يقع الابتداء من الوسط ، فحينئذ إن كان المحمول عليه له ميل غير ميله (٧) ، أحدث فيه بطء. إلا أن ذلك لا يحفظ هذه النسبة لأن حركة الطبيعيات لا تتفق من الابتداء إلى المنتهى ، بل كلما أمعن ازداد سرعة ، فلا تتفق (٨) حاله فى النصفين ، كان فارغا أو حاملا. وأما الدافع اللازم فحكمه حكم الحامل ، وأما الدافع الرامى فربما عرض أنه يفعل فى الأثقل أشد مما يفعله فى الأخف فيفعل فى الضعف أشد مما يفعله فى النصف ، فلا تبقى تلك النسبة. على أن المرمى لا تتشابه السرعة والبطء فى حدوده ، بل المتأخر منه أبطا ، ويقال : إن الوسط منه أقوى ، فلا تكون هذه النسبة محفوظة. وكذلك الجاذب فإن الجاذب قد يكون على صورة الحامل الجار ، وقد يكون جاذبا بالقوة ، وللقوة الفائضة عن الجاذب حد إليه ينتهى تأثيره فى المنجذب البعيد منه ، فما خرج عن ذلك لا يلزم أن يؤثر فيه (٩). فلا يلزم أن يكون كلما جعلنا المتحرك أصغر جذبه من مكان أبعد المحرك (١٠) فى نصف الزمان (١١) ، فإن المشهور أنه يحرك ذلك المتحرك بعينه فى نصف المسافة.

وليس يجب فإنه ليس يلزم أن يتساوى المقطوع فى نصفى زمان المرمى (١٢) لا فى القسرى (١٣) ولا فى الطبيعى ، لما علمت من اختلاف الحركة فى السرعة والبطء. وأما المحرك فى نصف المسافة فالمشهور على قياس ما قيل ، والحق ما عبر (١٤) عنه.

وأما اعتبار نصف المحرك (١٥) بنصف المتحرك ، فالمشهور حفظ النسبة ، لكن يجوز أن لا ينتصف (١٦) المحرك حافظا لقوته ، ويجوز أن يكون أبطأ من تحريك الكل للكل ، فإن اجتماع القوة وتزيدها قد يستتبع من الحمية (١٧) ما هو أزيد نسبة إلى حمية الجزء من نسبة العظم إلى العظم.

__________________

(١) فغيره : فغير د. (٢) ما هى : ما هو سا.

(٣) تمكن : يكن د ، ط

(٤) المحرك : المتحرك ط

(٥) الموجود : المؤخوذ د.

(٦) وإن : فإن م. (٧) غير ميله : ساقطة من د.

(٨) فلا تتفق : ولا تتفق م.

(٩) فيه : + المحرك ط. (١٠) المحرك : والمحرك ط

(١١) الزمان : + فإن ط. (١٢) المرمى : الرمى ط

(١٣) القسرى : القسر ط. (١٤) ما عبر : ما نخبر سا ، ط ، م.

(١٥) المحرك : المتحرك ب (١٦) ينتصف : + بنصف ط ، م.

(١٧) الحمية : الجهة د.


وأما نصف المحرك فى (١) نصف الزمان ، فالمشهور حفظ النسبة ، والأولى أن لا تحفظ على ما (٢) علمت.

وأما نصف المحرك فى نصف المسافة ، فذلك أيضا على قياس ما علمت ، وأنت تعلم التضعيفات من التنصيفات.

على أن هاهنا مذهبا حكيناه لك (٣) مرات ، هو أن التنصيف يؤدى بالمحرك (٤) إلى أن لا يحرك ، وبالمتحرك إلى أن لا يتحرك ، وقد يقع اعتبار هذه المناسبات بين المحرك والحركة والمتحرك (٥) والمسافة والزمان من حيث هى متناهية وغير متناهية ، إذ أى هذه إذا تناهى الآخر ، لأن جزءا من المتناهى منه يكون بإزاء متناه من الآخر. وأمثال ذلك الجزء يجب (٦) أن يفنى ما أخذ غير متناه ، بإزاء فناء المتناهى. فإنه إن بقى لم تكن بينهما مطابقة ، فلم تكن الحركة غير (٧) المتناهية فى زمان متناه أو فى مسافة متناهية ، أو لم يكن زمان غير متناه (٨) مع مسافة متناهية ، بل كان متناه مع متناه ، وخلا فصل ما ليس بمتناه عن المطابقة ، وإذا لم يفضل ، بل فنى غير (٩) المتناهى مع المتناهى على ما أوجبه المفروض (١٠) ، كان غير (١١) المتناهى متناهيا (١٢).

__________________

(١) نصف المحرك فى : ساقطة من ب

(٢) على ما : لما سا ، م ؛ كما ط.

(٣) لك : ذلك م

(٤) بالمحرك : بالمتحرك م.

(٥) والمتحرك : ساقطة من د ، م.

(٦) يجب : ساقطة من م.

(٧) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(٨) أو فى ..... متناه : ساقطة من سا ، م.

(٩) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(١٠) المفروض : العروض د ، م

(١١) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(١٢) متناهيا : + تم كتاب السماع الطبيعى من كتاب الشفاء والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وسلامه ب ؛ + تم كتاب السماع الطبيعى من كتاب الشفاء والحمد لله حق حمده والصلاة على محمد وآله د ؛ + والله أعلم آخر الفن الأول من الطبيعيات والله الوفق سا ؛ هذا آخر كتاب السماع الطبيعى ويتلوه كتاب السماء والعالم ط ؛ + آخر كتاب السماع الطبيعى ولله الحمد والمنة والفضل والطول وصلواته على سيدنا محمد النبي وعلى آله وأصحابه وعترته الطاهرين م.


تم بحمدلله

الشفاء الطبيعيات - ١

المؤلف:
الصفحات: 334