الإهداء

إلى سيدي ومولاي وإمامي ومقتداي

صاحب الزيارة الجامعة الإمام علي بن محمّد الهادي عليه آلاف الصلاة والتحية والسلام

أربع ثواب عملي هذا سائلاً المولى جلَّ وعلا أن يتقبل هذا الجهد الفضيل ويجعله ذخراً يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إنّه سميع الدعاء

كما أهدي ثواب عملي إلى المرحوم المغفور له والدي الحاج رضا علوان ، وكذلك إلى أخي المرحوم الحاج صباح الحاج رضا علوان.

وإلى الأخوين الشهيدين الشابين الحاج عبد المهدي والحاج محمد جمال التي اغتالتهم يد العمالة والإلحاد الأثيمة في بلد العتبات المقدّسة وإلى أخي المرحوم الحاج أكرم تغمده الله بواسع رحمته.

اللّهمّ أدخل ـ بعملي المتواضع هذا ـ على أرواحهم السرور ، واجعله زلفة تقرّبهم عند الرسول ، أعينهم وعيني بين يديك إنّك تعطي الكثير بالقليل.


المقدّمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخاتم أنبيائه محمّد صلى الله عليه وآله وعلى آله الطيّبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.

وبعد :

فقد استللت شرح الزيارة الجامعة الكبيرة من كتاب «روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه» للمولى الشيخ محمّد تقي المجلسي قدس سره ، وقد رأيت في شرح هذه الزيارة من الاختصار في بيان معاني كلمات هذه الزيارة الجليلة القدر ممّا دعاني لاختيارها ، وأنّ عبارتها إن دلّت على شيء فإنّما تدلّ على أنّها ناطقة بورودها


عن لسان الإمام المعصوم ، ولقد تأكدت صحة الزيارة الجامعة متناً وسنداً كما صرّح به العلامة المجلسي الثاني قدس سره حيث يقول :

إنّما هي أرقى الزيارات الجامعة متناً وسنداً وهي أفصحها وأبلغها.

وقال المجلسي الأول في «شرح الفقيه» : (إنّ هذه الزيارة أحسن الزيارات وأكملها وإنّي لم أزر الأئمة عليهم السلام ما دمت في الأعتاب المقدّسات إلّا بها) وقد أورد شيخنا في كتابه «النجم الثاقب» قصة تبدي لزوم المواظبة على هذه الزيارة والاهتمام بها (١).

قال : قدم النجف الأشرف منذ سبع عشرة سنة تقريباً التقي الصالح السيد أحمد ابن السيد هاشم بن الحسيد حسن الموسوي الرشتي ـ أيّده الله ـ وهو من تجار مدينة رشت ، فزارني في بيتي بصحبة العالم الرباني والفاضل الصمداني الشيخ علي الرشتي ـ طاب ثراه ـ الآتي ذكره في القصة الآتية إن شاء الله ، فلمّا نهضا للخروج نبّهني الشيخ إلى أنّ السيد أحمد من الصلحاء المسدّدين ولمّح إلي أنّ له قصة غريبة والمجال حينذاك لم يسمح بأن تفصّل ، وصادفت الشيخ بعد

__________________

(١) روضة المتقين ٥ : ٤٥ ، مفاتيح الجنان : ٥٥٠.


بضعة أيّام فنبّأني بارتحال السيّد من النجف ويحدّثني عن سيرته ويوقفني على قصّته الغريبة فأسفت أسفاً بالغاً على ما فاتني من سماع القصة منه نفسه ، وإن كنت اُجلّ الشيخ عن أن يخالف ما يرويه شيئاً ممّا وعته أُذناه من السيّد نفسه ، ولكنّي صادفت السيد ثانياً في مدينة الكاظمين ، منذ عدّة أشهر وذلك في شهر جمادى الآخرة من سنتنا هذه حينما عدت من النجف الأشرف وكان السيد راجعاً من سامراء وهو يؤمّ ايران ، فطلبت إليه أن يحدّثني عن نفسه وعمّا كنت قد وقفت عليه ممّا عرض له في حياته فأجابني إلى ذلك ، وكان ممّا حكاه قضيّتنا المعهودة حكاها برمّتها طبقاً لما كنت قد سمعته من قبل.

قال : غادرت سنة ١٢٨٠ (دار المرز) مدينة رشت إلى تبريز متوخياً حجّ بيت الله الحرام ، فحللت دار الحاج صفر علي التبريزي التاجر المعروف وظللت هناك حائراً لم أجد قافلة أرتحل معها حتّى جهّز الحاج جبّار الرائد (جلو دار) السدهي الإصبهاني قافلة إلى طرابوزن ، فأكريت منه مركوباً وصرت مع القافلة مفرداً من دون صديق ، وفي أوّل منزل من منازل السفر التحق بي رجال ثلاثة كان قد رغّبهم في ذلك الحاج صفر علي ، وهم المولى الحاج باقر


التبريزي الذي كان يحجّ بالنيابة عن الغير المعروف لدى العلماء والحاج السيد حسين التبريزي التاجر ورجل يسمّى الحاج علي وكان يخدم ، فتصاحبنا في الطريق حتّى بلغنا أرزته الروم.

ثمّ قصدنا من هناك طرابوزن وفي أحد المنازل التي بين البلدين أتانا الحاج جبار الرائد (جلو دار) ينبئنا بأنّ أمامنا اليوم طريقاً مخيفاً ويحذرنا من التخلّف عن الركب ، فقد كنّا نحن نبتعد غالباً عن القافلة ونتخلّف فامتثلنا وعجلنا إلى السير ، واستأنفنا المسير معاً قبل الفجر بساعتين ونصف أو بثلاث ساعات ، فما سرنا نصف الفرسخ أو ثلاثة أرباعه إلّا وقط اظلمّ الجو وتساقط الثلج بحيث كان كلّ منّا قد غطّى رأسته بما لديه من الغطاء ، وأسرع في المسير أمّا أنا فلم يسعني اللحوق بهم مهما اجتهدت في ذلك ، فتخلّفت عنهم وانفردت بنفسي في الطريق ، فنزلت عن ظهر فرسي وجلست في ناحية من الطريق وأنا مضطرب غاية الاضطراب ، فنفقة السفر كانت كلّها معي ، وهي ستمائة توماناً ، ففكرت في أمري مليّاً فقرّرت على أن لا أبرح مقامي حتّى يطلع الفجر ، ثمّ أعود إلى المنزل الذي بتنا فيه ليلتنا الماضية ، ثمّ أرجع ثانياً مع عدّة من الحرس فألتحق بالقافلة ، وإذا بستان يبدو أمامي فيه فلّاح بيده مسحاة يضرب بها فروع الأشجار


فيتساقط ما تراك عليها من الثلج ، فدنا منّي وسألني من أنت؟ فأجبت : إنّي قد تخلّفت عن الركب ولا أهتدي الطريق ، فخاطبني باللغة الفارسيّة قائلاً : عليك بالنّافلة ؛ كي تهدي ، فأخذت في النافلة وعندما فرغت من التهجد أتاني ثانياً قائلاً : ألم تمضِ بعدُ؟ قلت : والله لا أهتدي إلى الطريق ، قال : عليك بالزيارة الجامعة الكبيرة ، وما كنت حافظاً لها ، وإلى الآن لا أقدر أن أقرأها عن ظهر القلب مع تكرر ارتحالي إلى الأعتاب المقدسة للزيارة ، فوقفت قائماً وقرأت الزيارة كاملة عن ظهر القلب ، فبدا لي الرجل لما انتهيت قائلاً : ألم تبرح مكانك بعدُ؟ فعرض لي البكاء وأجبته : لم أُغادر مكاني بعد ؛ فإنّي لا أعرف الطّريق ، فقال : عليك بزيارة عاشوراء ، ولم أكن مستظهراً لها أيضاً ، وإلى الآن لا أقدر أن أقرأها عن ظهر قلبي ، فنهضت وأخذت في قراءتها عن ظهر القلب حتّى انتهيت من اللّعن والسّلام ودعاء علقمة ، فعاد الرجل إليّ وقال : ألم تنطلق؟ فأجبته إنّي سأظلّ هُنا إلى الصباح ، فقال لي : أنا الآن أُلحقكَ بالقافلة ، فركب حماراً وحمل المسحاة على عاتقه ، وقال لي : إردف لي على ظهر الحمار ، فردفت له ، ثمّ سحبت عنان فرسي ، فقاومني ولم يجر معي ، فقال صاحبي : ناولني العنان ، فناولته إيّاه ، فأخذ العناان بيمناه ووضع المسحاة على


عاتقه الأيسر وأخذ في المسير فطاوعه الفرس أيسر المطاوعة ، ثمّ وضع يده على ركبتي وقال : لماذا لا تؤدُّون صلاة النّافلة النّافلة النّافلة؟ قالها ثلاث مرّات ، ثمّ قال أيضاً : لماذا تتركون زيارة عاشوراء عاشوراء عاشوراء؟ كرّرها ثلاث مرّات ، ثمّ قال : لماذا لا تزورون بالزيارة الجامعة الجامعة الجامعة الجامعة؟ ، وكان يدور في مسلكه وإذا به يلتفت إلى الوراء ويقول : أُولئك أصحابك قد وردوا النّهر يتوضؤون لفريضة الصبح ، فنزلت عن ظهر الحمار وأردت أن أركب فرسي فلم أتمكن من ذلك ، فنزل هو عن ظهر حماره وأقام المسحاة في الثلج وأركبني ، فحوّل بالفرس إلى جانب الصحب ، وإذا بي يجول في خاطري هذا السؤال : من عساه يكون هذا الذي ينطق باللّغة الفارسيّة في منطقة التّرك اليسوعيّين ، وكيف ألحقني بالصحب خلال هذه الفترة القصيرة من الزمان؟ فنظرت إلى الوراء فلم أجد أحداً ولم أعثر على أثر يدلّ عليه فالتحقت بأصدقائي.

فإنّ هذه القصة إن دلّت على شيء ؛ فإنّما تدلّ على الحثّ من قبل صاحب الأمر (عجل الله فرجه) على المواظبة على زيارة الجامعة عند زيارة الأئمة المعصومين عليهم السلام ، وفقنا الله وإيّاكم إلى الالتزام بهذه الزيارة والاستفادة من مضامينها ومعانيها العظيمة عند قراءتها.


ولمّا كانت الزيارة تحتوي على مضامين عالية ، ومعاني جليلة ، وأعماق بعيدة الغور ، لا يمكن سبرها إلّا إذا اطّلع القارئ على شروح العلماء والعظماء ، وما كتبوه في بيانها ، رأينا أن نبحث عن شرح جامع مختصر يفي بالغرض في فتح بعض كنوزها ، والتلويح إلى بعض آفاقها مع مراعاة العمق والاختصار ، ولم نجد شرحاً يجمع هذه الخصال سوى ما كتبه العلّامة الجليل المجلسي الأول قدس سره ، فاقتطعناه من كتاب الروضة (١) ؛ ليطبع مستقلاً تعميماً للفائدة ، وتيسيراً للتناول ، وتخليداً لهذا العمل المقدس.

* * *

__________________

(١) انظر : الروضة ٥ : ٤٥٢.


ثواب زيارتهم عليهم السلام

عن الوشّاء قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : «إنّ لكل إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته ، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم ، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً بما رغبوا فيه كانت أئمتهم شفعاؤهم يوم القيامة» (١).

عن زيد الشحام قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما لمن زار واحداً منّكم؟ قال : «كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله» (٢).

قال الصادق عليه السلام : «من زار واحداً منّا ، كان كمن زار الحسين عليه السلام» (٣).

عن أبي جعفر عليه السلام قال : «كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل الحسين عليه السلام جذبه إليه ، ثمّ يقول لأمير المؤمنين : أمسكه ، ثمّ يقع عليه فيقبله

__________________

(١) الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٢٦٠ / ٢٤ ، علل الشرائع : ٤٥٩ / ٣.

(٢) الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٢٦٢ / ٣١ ، علل الشرائع ، ٤٦٠ / ٦.

(٣) الصدوق في ثواب الأعمال : ١٢٣ / ٣.


ويبكي ، فيقول : يا أبه لم تبكي؟

يقول : يا بني ، أُقبّل موضع السيوف منك وأبكي.

قال : يا أبه وأُقتل؟

قال : إي والله ، وأبوك وأخوك وأنت ، قال : يا أبه فمصادرنا شتى؟

قال : نعم ، يا بني ، قال : فمن يزورنا من أمّتك؟ قال : لا يزورني ويزور أباك وأخاك وأنت إلّا الصدّيقون من أُمّتي» (١).

عن أبي عامر واعظ أهل الحجاز قال : أتيت أبا عبد الله جعفر بن محمّد عليهما السلام وقلت له : يا ابن رسول الله ، ما لمن زار قبره ـ يعني أمير المؤمين عليه السلام ـ وعمّر تربته؟

قال : «يا أبا عامر ، حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه الحسين بن عليّ عليهما السلام ، عن عليّ عليه السلام أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال له : والله لتقتلنّ بأرض العراق وتدفن بها» ، قلت : يا رسول الله ، ما لمن زار قبورنا وعمّرها وتعاهدها؟

فقال لي : «يا أبا الحسن ، إنّ الله تعالى جعل قبرك وقبر ولدك بقاعاً من بقاع الجنّة ، وعرصة من عرصاتها ، وإنّ الله جعل قلوب نجباء من

__________________

(١) ابن قولويه في كامل الزيارات : ٦٨ / ٤.


خلقه وصفوة من عباده تحنّ إليكم وتحتمل المذلّة والأذى فيعمّرون قبوركم ، ويكثرون زيارتها ، تقرّباً منهم إلى الله ومودّة منهم لرسوله ، أولئك يا عليّ ، المخصوصون بشفاعتي ، الواردون حوضي وهم زوّاري غداً في الجنّة.

يا عليُّ من عمّر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس.

ومن زار قبوركم عدل ذلك ثواب سبعين حجة بعد حجة الإسلام ، وخرج من ذنوبه حتّى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أُمّه ، فابشر ، وبشّر أولياءك ومحبّيك من النعيم ، وقرّة العين بما لا عين رأت ، ولا أُذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ولكن حثالة (١) من النّاس يعيّرون زوّار قبوركم بزيارتكم كما تعيّر الزّانية بزناها ، أولئك شرار أُمّتي لا أنالهم الله شفاعتي ولا يردون حوضي» (٢).

عن عبد الرّحمن بن مسلم ، قال : دخلت على الكاظم عليه السلام فقلت له : أيّما أفضل الزيارة لأمير المؤمنين صلوات الله عليه أو لأبي عبد

__________________

(١) الحثالة ـ بضم الحاء ـ : الرديء من كل شيء ومنه : حثالة الشعير والأرز والتمر ، وكل ذي قشر. النهاية لابن الأثير ١ : ٢٣٣ ، مادة «حثل».

(٢) الطوسي في التهذيب ٦ : ٢٢ / ٥٠.


الله عليه السلام أو لفلان أو فلان وسمّيت الأئمّة واحداً واحداً؟

فقال لي : «يا عبد الرّحمن بن مسلم من زار أوّلنا فقد زار آخرنا ، ومن زار آخرنا فقد زار أوّلنا ، ومن تولّى فقد تولّى آخرنا ، ومن تولّى آخرنا فقد تولّى أوّلنا ، ومن قضى حاجة لأحدٍ من أوليائنا فكأنّما قضاها لجميعنا ، يا عبد الرّحمن أحببنا ، وأحبب فينا ، وأحبب لنا ، وتولّنا وتولّ من يتولانا ، وابغض من يبغضنا ، ألا وإنّ الرادّ علينا كالرادّ على رسول الله صلى الله عليه وآله جدّنا ، ومن ردّ على رسول الله صلى الله عليه وآله فقد ردّ على الله ، ألا يا عبد الرحمن ، من أبغضنا فقد أبغض محمّداً ، ومن أبغض محمّداً فقد أبغض الله جلّ وعلا ، ومن أبغض الله جلّ وعلا كان حقّاً على الله أن يصليه النّار وماله من نصير» (١).

عن محمّد بن عليّ رفعه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : «يا عليّ ، من زارني في حياتي أو بعد موتي أو زارك في حياتك أو بعد موتك أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد موتهما ضمنت له يوم القيامة أن اُخلّصه من أهوالها وشدائدها حتّى أصيّره معي في درجتي» (٢).

__________________

(١) ابن قولويه في كامل الزيارات : ٣٥٠ / ١٣.

(٢) الكليني في الكافي ٤ : ٥٧٩ / ٢.


عن يحيى ـ وكان خادماً لأبي جعفر الثاني عليه السلام ـ عن بعض أصحابنا رفعه إلى محمّد بن عليّ بن الحسين عليه السلام ، قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من زارني أو زار أحداً من ذرّيّتي زرته يوم القيامة فأنقذته من أهوالها» (١).

روي عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال : «من نوى من بيته زيارة قبر إمام مفترض طاعته ، وأخرج لنفقته درهماً واحداً كتب الله جلّ ذكره له سبعين ألف حسنة ، ومحى عنه سبعين ألف سيئة ، وكتب اسمه في ديوان الصّدّيقين والشّهداء ، أسرف في تلك النّفقة أو لم يسرف» (٢).

__________________

(١) ابن قولويه في كامل الزيارات : ٧ / ٤.

(٢) العلامة المجلسي في بحار الأنوار ١٠٠ : ١٢٤ ، نقلاً عن كتاب تحرير العبادة.


آداب الزيارة

قال الله تعالى في كتابه الكريم :

(فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) (١).

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّـهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) (٢).

التفسير :

أقول : الآية الاولى ترمي إلى إكرام الروضات المقدسة ، وخلع النعلين فيها عند القرب منها ، لا سيّما في الطف والغري ؛ لِما روي أنّ الشجرة كانت في كربلاء ، وأنّ الغري قطعة من الطور (٣).

والآية الثانية : تدلّ على لزوم خفض الصوت عند قبر النبيّ صلى الله عليه وآله وعدم جهر الصوت ، لا بالزيارة ولا بغيرها ؛ لِما روي «إنّ حرمتهم

__________________

(١) سورة طه ٢٠ : ١٢.

(٢) سورة الحجرات ٤٩ : ٢ و ٣.

(٣) العلّامة المجلسي في بحار الأنوار ١٠٠ : ١٢٥.


بعد موتهم كحرمتهم في حياتهم» ، وكذا عند قبور سائر الأئمّة عليهم السلام ؛ لِما ورد أنّ حرمتهم كحرمة النبي صلى الله عليه وآله (١).

ويؤيّد ما ذكرنا ما رواه الكليني قدس سره بإسناده ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام في خبر طويل يذكر فيه وفاة الحسن بن علي صلوات الله عليهما قال : «فلمّا أن صُلِّي عليه حمل فاُدخل المسجد ، فلمّا اُوقف على قبر رسول الله صلى الله عليه وآله بلغ عائشة الخبر وقيل لها : إنّهم قد أقبلوا بالحسن ؛ ليدفن مع رسول الله صلى الله عليه وآله ، فخرجت مبادرة على بغل بسرج فكانت أوّل امرأة ركبت في الإسلام سرجاً ، فوقفت فقالت : نحّوا ابنكم عن بيتي ؛ فإنّه لا يدفن فيه شيء ولا يهتك على رسول الله حجابه ، فقال لها الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما : قديماً هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله صلى الله عليه وآله وأدخلت بيته من لا يحبُّ رسول الله صلى الله عليه وآله قربه ، وإنّ الله سائلك عن ذلك.

يا عائشة ، إنّ أخي أمرني أن أقرّبه من أبيه رسول الله صلى الله عليه وآله ؛ ليحدث به عهداً ، واعلمي أنّ أخي أعلم النّاس بالله ورسوله وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله صلى الله عليه وآله ستره ؛ لأنّ الله تبارك وتعالى

__________________

(١) العلّامة المجلسي في بحار الأنوار ١٠٠ : ١٢٥.


يقول : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ) (١) وقد أدخلت أنت بيت رسول الله صلى الله عليه وآله الرجال بغير إذنه ، وقد قال الله عزّ وجلّ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) (٢) ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند إذن رسول الله صلى الله عليه وآله المعاول وقال الله عز وجل : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّـهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ) (٣) ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله صلى الله عليه وآله بقربهما منه الأذى ، وما رعيا من حقّه ما أمرهما الله به على لسان رسوله صلى الله عليه وآله ، أنَّ الله حرَّم من المؤمنين أمواتاً ما حرّم منهم أحياءً ، وتالله يا عائشة ، لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه صلى الله عليه وآله جائزاً فيما بيننا وبين الله لعلمت أنّه سيدفن وإن رغم معطسك» (٤).

أقول : هذا الخبر يدلّ على أنّه ينبغي أن يراعى في روضاتهم ما

__________________

(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٣.

(٢) سورة الحجرات ٤٩ : ٢.

(٣) سورة الحجرات ٤٩ : ٣.

(٤) الكليني في الكافي ١ : ٣٠٢ / ٣.


كان ينبغي أن يراعى في حياتهم من الآداب والتعظيم والإكرام.

عن بكر بن محمّد قال : خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبد الله عليه السلام ، فلحقنا أبو بصير خارجاً من زقاق من أزقّة المدينة وهو جنب ، ونحن لا علم لنا حتّى دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فسلّمنا عليه ، فرفع رأسه إلى أبي بصير ، فقال له : «يا أبا بصير أما تعلم أنّه لا ينبغي للجنب أن يدخل بيوت الأنبياء» فرجع أبو بصير ودخلنا (١).

كتب الحميري إلى الناحية المقدّسة عن الرجل يزور قبور الأئمّة عليهم السلام هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا؟

وهل يجوز لمن صلّى عند بعض قبورهم عليهم السلام أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة ، أم يقوم عند رأسه أو رجليه؟

وهل يجوز أن يتقدّم القبر ويصلّي ويجعل القبر خلفه أم لا؟

فأجاب عليه السلام : «أمّا السّجود على القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة ، والّذي عليه العمل أن يضع خدّه الأيمن على القبر ، وأمّا الصّلاة فإنّها خلفه ويجعل غير القبر أمامه ، ولا يجوز أن يصلّي

__________________

(١) الحميري في قرب الاسناد : ٤٣ / ١٤٠.


بين يديه ولا عن يمينه ولا عن يساره ، لأنّ الإمام صلّى الله عليه لا يُتقدّم عليه ولا يساوى» (١).

يقول في أثناء غسل الزيارة ما ذكره ابن عياش في كتاب الأغسال : «اللّهمّ طهّرني من كلّ ذنب ، ونجّني من كلّ كرب ، وذلّل لي كلّ صعب ، إنّك نعم المولى ونعم الربّ ، ربّ كلّ يابس ورطب».

وتقول أيضاً ما روي في غسل الزيارة : «بسم الله وبالله ، اللّهمّ اجعله لي نوراً وطهوراً وحرزاً ، وشفاءً من كلّ داء ، وآفة وعاهة ، اللّهمّ طهّر به قلبي ، واشرح به صدري ، وسهّل به أمري» (٢).

عن الصّادق عليه السلام قال : «من زار إماماً مفترض الطّاعة بعد وفاته وصلّى عنده أربع ركعات كتبت له حجّة وعمرة» (٣).

عن بكير قال : لقيت أبا بصير المرادي فقلت : أين تريد؟ قال : اُريد مولاك ، قلت : أنا أتبعك ، فمضى معي فدخلنا عليه وأحدّ النظر إليه

__________________

(١) الطبرسي في الاحتجاج ٢ : ٥٨٣ ، ضمن جوابات الحجّة عليه السلام لمسائل الحميري.

(٢) العلّامة المجلسي في بحار الأنوار ٩٧ : ١٢٨ / ٩ ، عن مصباح الكفعمي حاشية صفحة ٤٧٢.

(٣) المفيد في المقنعة : ٤٨٦.


فقال : «هكذا تدخل بيوت الأنبياء وأنت جنب» قال : أعوذ بالله من غضب الله وغضبك ، فقال : أستغفر الله ولا أعود. روى ذلك أبو عبد الله البرقي عن بكير (١).

بيان : يفهم من هذا الخبر المنع من دخول الجنب في مشاهدهم ؛ لِما دلّت عليه الأخبار من أنّ حرمتهم بعد موتهم كحرمتهم في حياتهم ، ويؤيّده العمومات الدالة على تكريمهم وتعظيمهم ، بل الأحوط عدم دخول الحائض والنفساء أيضاً فيها.

عن العلاء بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) (٢) قال : «الغسل عند لقاء كلّ إمام» (٣).

عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، قال : كان أبو عبد الله عليه السلام يقول في غسل الزيارة إذا فرغ من الغسل : «اللّهمّ اجعله لي نوراً وطهوراً ، وحرزاً وكافياً من كلّ داء وسقم ومن كلّ آفة وعاهة ، وطهّر به قلبي وجوارحي ، وعظامي ولحمي ، ودمي وشعري وبشري ، ومخّي وعصبي وما أقلّت الأرض منّي ، واجعله لي شاهداً يوم القيامة ، يوم

__________________

(١) الطوسي في اختيار معرفة الرجال : ١٧٠ / ٢٨٨.

(٢) سورة الأعراف ٧ : ٣١.

(٣) الطوسي في التهذيب ٦ : ١١٠ / ١٣.


حاجتي وفقري وفاقتي» (١).

عن عثمان بن يزيد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «من اغتسل بعد طلوع الفجر كفاه غسله إلى اللّيل في كلّ موضع يجب فيه الغسل ، ومن اغتسل ليلاً كفاه غسله إلى طلوع الفجر» (٢).

بيان : هذا الخبر الصحيح يدلّ بعمومه على أنّ غسل الزيارة إذا أتى به في اليوم يكتفي به إلى اللّيل ، وكذا إن فعل في اللّيل كفى إلى الفجر ، إذ الظّاهر أنّ المراد بالوجوب هنا اللزوم والاستحباب المؤكّد ، إذ الأغسال الّتي هذا حكمها مستحبّة على الأشهر والأظهر فلا يبطل الغسل الحدث الأصغر من النوم وغيره.

قال الشهيد رحمة الله عليه في «الدّروس» : للزيارة آداب :

أحدها : الغسل قبل دخول المشهد والكون على طهارة ، فلو أحدث أعاد الغسل قاله المفيد قدس سره ، وإتيانه بخضوع وخشوع في ثياب طاهرة نظيفة جدد.

وثانيها : الوقوف على بابه والدعاء والاستئذان بالمأثور ؛ فإن

__________________

(١) الطوسي في التهذيب ٦ : ٥٤ / ٧.

(٢) الطوسي في التهذيب ٥ : ٦٤ / ١٢.


وجد خشوعاً ورقّة دخل وإلّا فالأفضل له تحري زمان الرقّة ؛ لأنّ الغرض الأهمّ حضور القلب ؛ ليلقى الرّحمة النّازلة من الرّب ، فإذا دخل قدّم رجله اليمنى وإذا خرج فباليسرى.

وثالثها : الوقوف على الضريح ملاصقاً له أو غير ملاصق ، وتوهّم أنّ البعد أدب وهم ، فقد نصّ على الاتكاء على الضريح وتقبيله (١).

ورابعها : استقبال وجه المزور واستدبار القبلة حال الزيارة ، ثمّ يضع عليه خدّه الأيمن عند الفراغ من الزيارة ويدعو متضرّعاً ، ثمّ يضع خدّه الأيسر ويدعو سائلاً من الله تعالى بحقّه وحقّ صاحب القبر أن يجعله من أهل شفاعته ، ويبالغ في الدّعاء والالحاح ، ثمّ ينصرف إلى ما يلي الرأس ثمّ يستقبل القبلة ويدعو.

وخامسها : الزيارة بالمأثور ، ويكفي السّلام والحضور.

وسادسها : صلاة ركعتين للزيارة عند الفراغ ، فإن كان زائراً للنبي صلى الله عليه وآله ففي الرّوضة ، وإن كان لأحد الأئمة صلى الله عليهم فعند رأسه ، ولو صلّاها بمسجد المكان جاز ، ورويت رخصة في صلاتهما إلى القبر ، ولو استدبر القبر وصلّى جاز وإن كان غير

__________________

(١) انظر الوسائل ١٤ : ٣٤٢ / ٢ ، ابواب المزار ، باب ٦.


مستحسن إلّا مع البعد.

وسابعها : الدّعاء بعد الرّكعتين بما نقل ، وإلّا فبما سنح له في أُمور دينه ودنياه ، وليعمّم الدّعاء ؛ فإنّه أقرب إلى الإجابة.

وثامنها : تلاوة شيء من القرآن عند الضّريح وإهداؤه إلى المزور ، والمنتفع بذلك الزّائر وفيه تعظيم للمزور.

وتاسعها : إحضار القلب في جميع أحواله مهما استطاع والتّوبة من الذّنب والاستغفار ، والإقلاع.

وعاشرها : التصدّق على السّدنة والحفظة للمشهد بإكرامهم وإعظامهم ؛ فإنّ فيه إكرام صاحب المشهد عليه الصلاة والسلام ، وينبغي لهؤلاء أن يكونوا من أهل الخير والصّلاح والدّين والمروّة والاحتمال والصّبر وكظم الغيظ ، خالين من الغلظة على الزّائرين قائمين بحوائج المحتاجين ، مرشدين ضالّ الغرباء والواردين ، وليعهّد أحوالهم النّاظر فيه ، فإن وجد من أحد منهم تقصيراً نبّهه عليه ، فإن أصرّ زجره ، فإن كان من المحرّم جاز ردعه بالضرب إن لم يجد لتعنيف من باب النهي عن المنكر.

وحادي عشرها : إنّه إذا انصرف من الزيارة إلى منزله استحبّ له العود إليها مادام مقيماً ، فإذا حان الخروج ودّع وداعاً بالمأثور ،


وسأل الله تعالى العود إليه.

وثاني عشرها : أن يكون الزّائر بعد الزيارة خيراً منه قبلها ؛ فإنّها تحطّ الأوزار إذا صادفت القبول.

وثالث عشرها : تعجيل الخروج عند قضاء الوطر من الزيارة ؛ لتعظيم الحرمة ويشتدُّ الشّوق ، وروي أنّ الخارج يمشي القهقرى (١) حتّى يتوارى.

ورابع عشرها : الصّدقة على المحاويج بتلك البقعة ؛ فإنّ الصّدقة مضاعفة هناك وخصوصاً على الذّريّة الطّاهرة ، كما تقدّم بالمدينة.

ويستحبّ الزيارة في المواسم المشهورة قصداً ، وقصد الإمام الرّضا في رجب ؛ فإنّه من أفضل الأعمال.

ولا كراهة في تقبيل الضرائح ، بل هو سنّة عندنا ، ولو كان هناك تقية فتركه أولى.

وأمّا تقبيل الأعتاب فلم نقف فيه على نصّ نعتدّ به ، ولكن عليه الإماميّة ، ولو سجد الزّائر ونوى بالسّجدة الشّكر لله تعالى على بلوغه تلك البقعة كان أولى ، وإذا أدرك الجمعة فلا يخرج قبل الصلاة.

ومن دخل المشهد والإمام يصلّي بدأ بالصّلاة قبل الزيارة ،

__________________

(١) القهقرى : الرجوع إلى خلف. الصحاح ٢ : ٥٢٦ «قهر».


وكذلك لو كان قد حضر وقتها وإلّا فالبدأة بالزّيارة أولى ؛ لأنّها غاية مقصده ، ولو أقيمت الصلاة استحبّ للزّائرين قطع الزيارة والإقبال على الصّلاة ، ويكره تركها ، وعلى النّاظر أمرهم بذلك.

وإذا زارت النّساء فليكنّ منفردات عن الرّجال ، ولو كان ليلاً فهو أولى ، وليكنّ متنكّرات مستترات ، ولو زرن بين الرّجال جاز وإن كره ، وينبغي مع كثرة الزّائرين أن يخفّف السّابقون إلى الضّريح الزيارة وينصرفوا ؛ ليحضر من بعدهم فيفوزوا من القرب إلى الضّريح بما فاز أولئك (١).

وقال قدس سره : ويستحبّ لمن حضر مزاراً أن يزور عن والديه وأحبّائه وعن جميع المؤمنين فيقول : «السّلام عليك يا مولاي من فلان بن فلان ، أتيتك زائراً عنه فاشفع له عند ربّك» ثمّ تدعو له ، ولو قال : «السّلام عليك يا نبيّ الله من أبي وأمّي وزوجتي وولدي وحامّتي وجميع إخواني من المؤمنين» أجزأ ، وجاز له أن يقول لكلّ واحد : قد أقرأت رسول الله عنك السّلام ، وكذا باقي الأنبياء والأئمّة عليهم السلام (٢).

__________________

(١) الشهيد الاول في الدروس ٢ : ٢٢ ـ ٢٥.

(٢) الشهيد الاول في الدروس ٢ : ١٧.



ترجمة المؤلف

هو محمّد تقيّ بن مقصود عليّ المجلسيّ من أعاظم علماء الاماميّة وأجلّائهم ، ذكره العلماء في تراجمهم مقروناً بالحفاوة والإجلال ، مرموقاً بعين الإكبار والاحترام.

قال المولى الأردبيلي : محمّد تقيّ بن المقصود عليّ المقلّب بالمجلسيّ وحيد عصره ، فريد دهره ، أمره في الجلالة والثقة ، والأمانة ، وعلوّ القدر وعظم الشأن وسموّ الرتبة ، والتبحّر في العلوم أشهر من أن يذكر ، وفوق ما تحوم حوله العبارة ، أورع أهل زمانه وأزهدهم وأتقاهم وأعبدهم ، بلغ فيضه ديناً ودنياً بأكثر أهل زمانه من العوام والخواصّ ، ونشر أخبار الأئمّة صلوات الله عليهم بإصفهان جزاه الله تعالى خير جزاء المحسنين (١).

وقال الشيخ الحرّ العاملي في كتابه أمل الآمل : كان فاضلاً ، عالماً ،

__________________

(١) جامع الرواة ٢ : ٨٢.


محقّقاً متبحّراً ، زاهداً عابداً ، ثقة ، متكلّماً ، فقهياً (١).

وقال صاحب حدائق المقرّبين : كان في علوم الفقه والتفسير والحديث والرجال فائق أهل الدهر ، وفي الزهد والعبادة والتقوى والورع وترك الدنيا تالياً تلو استاده الاوّل ، (٢) مشتغلاً طول حياته بالرياضات والمجاهدات ، وتهذيب الأخلاق ، والعبادات ، وترويج الأحاديث ، والسعي في حوائج المؤمنين ، وهداية الخلق ، وانتشرت بيمن همّته أحاديث أهل البيت ، واهتدى بنور هدايته الجمّ الغفير.

ونقل في بعض مؤلّفاته الرائقة قال : اتّفق لي التشرّف بزيارة العتبات العاليات فلمّا وردت النجف الأشرف أخذ في الشتاء فعزمت على الاقامة هنا فرأيت ليلة في الطيف إذا أنا بأمير المؤمنين عليه السلام يلاطفني كثيراً ويقول : «لا تقم بعد ذلك هاهنا ، واخرج الى بلدك إصفهان ؛ فإنّ وجودك في ذلك المكان أنفع وأبرّ» وبالغت كثيراً في استدعاء الرخصة عنه في التوقّف فلم ينفع ذلك شيئاً وقال : إنّ شاه عبّاس قد توفّي في هذه السنة ، وإنّما يجلس مجلسه شاه صفيّ الصفويّ ، ويحدث في بلادكم الفتن الشديدة ، والله تبارك

__________________

(١) أمل الآمل ٢ : ٦١٠.

(٢) أراد به المولى عبد الله التستري.


وتعالى يريد أن تكون في هذه النائرة بإصفهان باذلاً جهدك في هداية الخلق فارجع فلابدّ لك من الرجوع (١).

ووصفه في مناقب الفضلاء بقوله : الفقيه النبيه العلّامة ، والفاضل الكامل الفهّامة ، شيخ الفقهاء والمحدّثين ، ورئيس الاتقياء المتورّعين ، مقتدى الأنام في زمانه ، ومفتي مسائل الحلال والحرام في أوانه ، زبدة العارفين ، وقدوة السالكين ، وجمال الزاهدين ، ونور مصباح المتهجّدين وضياء المسترشدين ، صاحب الكرمات الشريفة ، والمقامات المنيفة (٢).

ووصفه التستريّ في المقابس بقوله : منها (٣) : المقدّسي ، للشيخ الاجلّ الاكمل الأفضل الأوحد الأعلم الأعبد الأزهد الأسعد ، جامع الفنون العقليّة والنقليّة ، حاوي الفضائل العلميّة والعمليّة ، صاحب النفس القدسيّة ، والسمات الملكوتيّة ، والكرامات السنيّة ، والمقامات

__________________

(١) ثمّ ذكر رجوعه إلى إصفهان ووقوع الأمر كما سمع في المنام. انظر روضات الجنات ٢ : ١٣١.

(٢) راجع الفيض القدسي الفصل الرابع (ضمن بحار الانوار ١٠٥ : ١٠٥).

(٣) أي من الالقاب. والظاهر ان المقدسي تصحيف المجلسي وإلا فلم نعثر بمن لقّبه بذلك.


العليّة ، وناشر الأخبار الدينيّة ، والآثار المدنيّة ، والأحكام النبويّة ، والأعلام الاماميّة ، العالم العلم الربّاني ، المؤيّد بالتأييد السبحاني المولى محمّد تقيّ ابن المجلسيّ الاصفهانيّ قدّس الله روحه ونوّر ضريحه. انتهى (١).

وأطراه صاحب الروضات بقوله : كان أفضل أهل عصره في فهم الحديث ، وأحصرهم على إحيائه ، وأقدمهم إلى خدمته ، وأعلمهم برجاله ، وأعملهم بموجبه ، وأعدلهم في الدين ، وأقواهم في النفس ، وأجلّهم في القدر ، وأكملهم في التقوى ، وأورعهم في الفتوى ، وأعرفهم بالمراتب العالية ، وأوقفهم لدى الشبهات ، وأجهدهم في الطاعات والقربات ، ينتهي نسبه من جهة الأب إلى الحافظ النبيل أبي نعيم الاصفهانيّ كما أشير إليه في ترجمته ، ومن جهة الاُم إلى المولى درويش محمّد بن الحسن النطنزيّ الذي يوجد اسمه أيضاً في طرق اجازاته.

وقيل : إنّه كان أوّل من نشر حديث الشيعة بعد ظهور الدولة الصفويّة راوياً عن الشيخ عليّ الكركيّ المشتهر بالمحقّق الثاني ، ويروي عنه الشيخ عبد الله بن جابر العامليّ ابن عمّة صاحب العنوان

__________________

(١) مقابس الأنوار : ٢٢.


وأحد مشايخ إجازة ولده العلّامة المجلسيّ ، فظهر من ذلك أيضاً أنّ محتد الرجل وأصله من جبل عامل الّتي هي من الأرض المقدّسة التي بارك الله حولها ، وكانت مجمع علماء هذه الطائفة الحقّة دائماً الى آخره (١).

والسابر لسائر كتب التراجم يرى المترجم له في الصفّ الأوّل من العلماء الباحثين ، وفي الرعيل المقدّم من رجال التحقيق والتدقيق.

وكان والده المولى مقصود علي على ما في «مرآة الاحوال» (٢) بصيراً ورعاً مروّجاً لمذهب الاثني عشريّة ، جامعاً للكمال والحسن في المقال ، وكانت له أبيات رائقة بديعة ، ولحسن محاضراته وجودة مجالسه سمّي بالمجلسيّ وتخلّص به ، فصار هذا لقباً في هذه الطائفة الجليلة والسلسلة العليّة (٣).

وكانت أمّة عارفة صالحة مقدّسة بنت العالم المولى كمال الدين محمّد بن الشيخ حسن العامليّ ثمّ النطنزيّ (٤).

__________________

(١) روضات الجنات ٢ : ١٨١.

(٢) مرآة الاحوال : ٩٩.

(٣) راجع الفيض القدسي الفصل الرابع ، ضمن البحار ١٠٥ : ١٠٥.

(٤) قال العلامة المجلسي في اجازته للأردبيلي : منها ما أخبرني به الشيخ الثقة


وكانت زوجة المولى محمّد تقي والدة العلّامة المجلسيّ من أقارب العالم الشيخ عبد الله بن جابر العامليّ.

من روى عنهم

يروي مولانا المترحم محمّد تقيّ عن جملة من المشايخ :

١ ـ شيخ الطائفة الامامية في عصره العلّامة المحقّق الزاهد الورع المولى عبد الله بن حسين التستري المتوفّى في العشر الاول من المحرم سنة ١٠٢١ هـ ، وكان رحمه الله قد قرأ على المولى أحمد الأردبيلي ، وعلى الشيخ نعمة الله بن أحمد بن محمّد بن خاتون العامليّ ، وعلى ابنه أحمد بن نعمة الله رحمهم الله.

٢ ـ شيخ الإسلام والمسلمين اليخ بهاء الدين العامليّ المتوفّى سنة ١٠٣٠ هـ او ١٠٣١.

٣ ـ المحقّق النحرير مير محمّد باقر الحسينيّ الاسترآباديّ المعروف بالداماد المتوفّى ١٠٤١ هـ.

__________________

عبد الله بن الشيخ جابر العاملي عن جدّ والدي من قبل امه الشيخ الفاضل المحدث مولانا درويش محمّد بن الشيخ حسن برد الله مضاجعهم إلى آخره. راجع جامع الرواة ، ٢ : ٥٥١.


٤ ـ الشيخ الفاضل العابد الشيخ يونس الجزائريّ.

٥ ـ السيّد حسين بن السيّد حيدر الكركيّ.

٦ ـ القاضي أبو الشرف الاصفهانيّ وقد تقدّم ذكره في مشايخ ولده ١٩.

٧ ـ الشيخ عبد الله بن جابر كما يظهر من آخر الوسائل.

٨ ـ الشيخ جابر عبّاس النجفيّ.

٩ ـ القاضي معزُّ الدين محمّد بن تقي الدين الاصفهاني.

١٠ ـ الشيخ أبو البركات.

١١ ـ السيّد ظهير الدين ابراهيم بن الحسين الحسينيّ الهمدانيّ (١).

١٢ ـ الامير اسحاق الاسترآبادي (٢).

ويروي عنه كثير من العلماء الأعلام.

قال صاحب حدائق المقرّبين : وأكثر العلماء الأعلام من تلامذته مثل آغا حسين الخونساريّ ، واستاذنا المولى محمّد باقر ، بل سائر

__________________

(١) نص على ذلك العلامة النوري في خاتمة المستدرك ص ٤١٧ وأورد ترجمته كاملة فليراجع.

(٢) الروضات ٢ : ١٣١.


الفضلاء الأعيان الّذين كانوا قبل هذه الطبقة كانوا من تلامذته ، وأخذوا عنه الفقه والحديث والتفسير ، ولو لم يكن له أثر غير ولده المبرور لكان يكفيه فضلاً عن سارئ فضلاء عصره الّذين صاروا ببركته علماء الدين ... الى آخره (١).

تأليفاته

له قدس سره تأليفات ، منها :

١ ـ روضة المتقين ، وهو على من لا يحضره الفقيه باللغة الغربية.

٢ ـ لوامع صاحبقراني وهو شرح فارسيّ عليه أيضاً (٢).

٣ ـ كتاب حديثة المتّقين ، فارسي.

٤ ـ رسالة في مناسك الحجّ.

٥ ـ رسالة في الرضاع (٣).

٦ ـ رسالة في شرح مشيخة الفقيه.

__________________

(١) انظر الروضات ٢ : ١٢١.

(٢) طبع بايران في مجلدين سنة ١٣٣١.

(٣) جامع الرواة ٢ : ٨٢.


وفاته

توفّي قدّس الله روحه بإصفهان سنة ١٠٧٠ هـ ، وله نحو من سبع وستّين سنة وقبره بإصفهان له قبّة عالية هي مطاف الشيعة.

أولاده

له قدس سره سبعة أولاد ثلاثة منهم ذكور :

١ ـ الأكر : العالم المهذّب المولى عزيز الله (١).

٢ ـ الأوسط : العالم الفاضل المقدّس الصالح المولى عبد الله (٢).

٣ ـ الأصغر : العلّامة محمّد باقر المجلسيّ.

وأربعة منهم أناث :

١ ـ الفاضلة الصالحة : آمنة بيكم زوج العلّامة الفهّامة المولى

__________________

(١) له حواشي على المدارك والتهذيب ، وكان قليل النظر في حسن العبارة ، وانشاء وقائع الروم له مشهور ، راجع الفيض القدسي.

(٢) بالغ في الثناء عليه صاحب الرياض ٥ : ٤٧ ، فقال : قرأ على والده العلامة في الشرعيات ، وفي العقليات على الاستاذ المحقق ، وسافر إلى بلاد الهند وأقام بها إلى أن مات فيها في سنة ١٠٧٤ هـ تقريباً.


محمّد صالح المازندراني ، صاحب شرح الكافي (١).

٢ ـ زوج المولى محمّد عليّ الاسترآباديّ (٢).

٣ ـ زوج العالم الوحيد ميرزا محمّد بن الحسن الشيروانيّ الشهير مبلّا ميرزا ، صاحب الحواشي المعروفة على المعالم ، وغيره (٣).

٤ ـ زوج الفاضل المتبحّر آغا ميرزا كمال الدين محمّد الفسوي شارح الشافية. وقد فصّل العلّامة النوري قدّس سرّه في كتابه الفيض القدسيّ ذكر أولاده وأحفاده وذراريه ، ومن خرج من بيته الرفيع السامي من العلماء الفطاحل وأساتذة الفقه والحديث (٤).

نزيل قم المقدسة

خادم تراث أهل البيت عليهم السلام

نبيل رضا علوان

١٧ ربيع الأول ١٤١٥ هـ

__________________

(١) ترجمها صاحب الرياض ومرآة الاحوال وأثنيا عليها ، راجع الفيض القدسي.

(٢) جامع الرواة ٢ : ١٥٢.

(٣) جامع الرواة ٢ : ٩٢.

(٤) الفيض القدسي (ضمن البحار ١٠٥ : ١٠٥).


الزيارة الجامعة الكبيرة

لقد أورد الشيخ قدس سره الزيارة الجامعة الكبيرة في «التهذيب» (١) ، وقال العلامة المجلسي رحمه الله : إنّما هي من أرقى الزيارات الجامعة متناً وسنداً ، وهي أفصحها وأبلغها (٢).

وقال والده في «شرح الفقيه» : إنّ هذه الزيارة أحسن الزيارات وأكملها ، وإنّي لم أزر الأئمّة عليهم السلام ما دمت في الأعتاب المقدسة إلّا بها (٣).

وأمّا كيفيّتها

فقد روى الصدوق في «الفقيه والعيون» (٤) : عن موسى بن عبد الله النخعي أنّه قال للإمام علي النقي عليه السلام : علّمني يابن رسول الله قولاً

__________________

(١) الشيخ الطوسي في تهذيب الاحكام ٦ : ٩٥ / ١٧٧.

(٢) بحار الأنوار ١٠٢ : ١٤٤.

(٣) روضة المتقين ٥ : ٤٥٢.

(٤) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٦٠٩ / ٣٢١٣ ، عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٣٠٥ / ١.


أقوله بليغاً كاملاً إذا زرت واحداً منكم ، فقال : «إذا صرت إلى الباب فقف واشهد الشهادتين ، ـ أي قل ـ :

أَشْهَدُ أَنْ لَا إلهَ إلّا اللهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ محمّداً صَلَّى اللهَ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

وأنت على غسل ، فإذا دخلت ورأيت القبر فقف وقل : (اللهُ أَكبَرُ) ثلاثين مرة ، ثمّ أمش قليلاً وعليك السكينة والوقار ، وقارب بين خطاك ، ثمّ قف وكبّر الله عزّ وجلّ ثلاثين مرة ، ثمّ أدن من القبر وكبّر الله أربعة مرة تمام مائة تكبيرة ، ولعل الوجه في الأمر بهذه التكبيرات هو الاحتراز عما قد تورثه أمثال هذه العباراة الواردة في الزيارة من الغلوّ والغفلة عن عظمة الله سبحانه وتعالى ، فالطباع مائلة إلى الغلوّ وغير ذلك من الوجوه ثمّ قل :

اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَمَوْضِعَ الرِّسالَةِ وَمُخْتَلَفَ الْمَلائِكَةِ وَمَهْبِطَ الْوَحْيِ وَمَعْدِنَ الرَّحْمَةِ وَخُزّانَ الْعِلْمِ وَمُنْتَهَى الْحِلْمِ وَاُصُولَ الْكَرَمِ وَقادَةَ الاْمَمِ وَاَوْلِياءَ النِّعَمِ وَعَناصِرَ الاْبْرارِ وَدَعائِمَ الاْخْيارِ وَساسَةَ الْعِبادِ وَاَرْكانَ الْبِلادِ وَاَبْوابَ الاْيمانِ وَاُمَناءَ الرَّحْمنِ وَسُلالَةَ النَّبِيّينَ وَصَفْوَةَ الْمُرْسَلينَ وَعِتْرَةَ خِيَرَةِ رَبِّ الْعالَمينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.


اَلسَّلامُ عَلى اَئِمَّةِ الْهُدى وَمَصابيحِ الدُّجى وَاَعْلامِ التُّقى، وَذَوِى النُّهى وَاُولِى الْحِجى وَكَهْفِ الْوَرى وَوَرَثَةِ الاْنْبِياءِ وَالْمَثَلِ الاْعْلى وَالدَّعْوَةِ الْحُسْنى وَحُجَجِ اللهِ عَلى اَهْلِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَالاْولى (١) وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلى مَحالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ وَمَساكِنِ بَرَكَةِ اللهِ وَمَعادِنِ حِكْمَةِ اللهِ وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ وَحَمَلَةِ كِتابِ اللهِ وَاَوْصِياءِ نَبِىِّ اللهِ وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلَى الدُّعاةِ اِلَى اللهِ وَالاْدِلاّءِ عَلى مَرْضاة اللهِ وَالْمُسْتَوفِرينَ (٢) فى اَمْرِ اللهِ (٣) وَالتّامّينَ فى مَحَبَّةِ اللهِ وَالْمخْلِصينَ فـى تَوْحيدِ اللهِ وَالْمُظْهِرينَ لاِمْرِ اللهِ وَنَهْيِهِ وَعِبادِهِ الْمُكْرَمينَ الَّذينَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِاَمْرِهِ يَعْمَلُونَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلَى الاْئِمَّةِ الدُّعاةِ وَالْقادَةِ الْهُداةِ وَالسّادَةِ الْوُلاةِ وَالذّادَةِ الْحُماةِ وَاَهْلِ الذِّكْرِ وَاُولِى الاْمْرِ وَبَقِيَّةِ اللهِ وَخِيَرَتِهِ وَحِزْبِهِ وَعَيْبَةِ

__________________

(١) في العيون : (على أهلِ الآخرةِ والاُولى).

(٢) في العيون والفقيه والتهذيب : (والمُسْتَقِرّيْنَ).

(٣) في العيون زيادة : (ونَهْيه).


عِلْمِهِ وَحُجَّتِهِ وَصِراطِهِ وَنُورِهِ (١) وَبُرْهانِهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

اَشْهَدُ اَنْ لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ كَما شَهِدَ اللهُ لِنَفْسِهِ وَشَهِدَتْ لَهُ مَلائِكَتُهُ وَاُولُو الْعِلْمِ مِنْ خَلْقِهِ لا اِلـهَ اِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكيمُ.

وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ الْمُنْتَجَبُ (٢) وَرَسُولُهُ الْمُرْتَضى اَرْسَلَهُ بِالْهُدى وَدينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.

وَاَشْهَدُ اَنَّكُمُ الاْئِمَّةُ الرّاشِدُونَ الْـمَهْدِيُّونَ الْمَعْصُومُونَ الْمُكَرَّمُونَ الْمُقَرَّبُونَ الْمُتَّقُونَ الصّادِقُونَ الْمُصْطَفَوْنَ الْمُطيعُونَ للهِ الْقَوّامُونَ بِاَمْرِهِ الْعامِلُونَ بِاِرادَتِهِ الْفائِزُونَ بِكَرامَتِهِ اصْطَفاكُمْ بِعِلْمِهِ وَارْتَضاكُمْ لِغَيْبِهِ وَاخْتارَكُمْ لِسِرِّهِ وَاجْتَباكُمْ بِقُدْرَتِهِ وَاَعَزَّكُمْ بِهُداهُ وَخَصَّكُمْ بِبُرْهانِهِ وَانْتَجَبَكُمْ لِنُورِهِ (٣) وَاَيَّدَكُمْ بِرُوحِهِ وَرَضِيَكُمْ خُلَفاء فى اَرْضِهِ وَحُجَجاً عَلى بَرِيَّتِهِ وَاَنْصاراً لِدينِهِ وَحَفَظَةً لِسِرِّهِ وَخَزَنَةً لِعِلْمِهِ وَمُسْتَوْدَعاً لِحِكْمَتِهِ وَتَراجِمَةً لِوَحْيِهِ وَاَرْكاناً لِتَوْحيدِهِ وَشُهَداءَ عَلى

__________________

(١) في العيون والبحار : (ونُورِهِ وَبُرهَانِهِ).

(٢) في العيون : (المُصطَفى).

(٣) في الفقيه : (بِنُورِهِ).


خَلْقِهِ وَاَعْلاماً لِعِبادِهِ وَمَناراً فى بِلادِهِ وَاَدِلاّءَ عَلى صِراطِهِ.

عَصَمَكُمُ اللهُ مِنَ الزَّلَلِ وَآمَنَكُمْ مِنَ الْفِتَنِ وَطَهَّرَكُمْ مِنَ الدَّنَسِ وَاَذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَكُمْ تَطْهيراً فَعَظَّمْتُمْ جَلالَهُ وَاَكْبَرْتُمْ (١) شَأْنَهُ وَمَجَّدْتُمْ كَرَمَهُ وَاَدمنتُمْ (٢) ذِكْرَهُ وَوَكَّدْتُمْ ميثاقَهُ وَاَحْكَمْتُمْ عَقْدَ طاعَتِهِ وَنَصَحْتُمْ لَهُ فِى السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ وَدَعَوْتُمْ اِلى سَبيلِهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَبَذَلْتُمْ اَنْفُسَكُمْ فى مَرْضاتِهِ وَصَبَرْتُمْ عَلى ما اَصابَكُمْ فى جَنْبِهِ وَاَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَاَمَرْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَجاهَدْتُمْ فِى اللهِ حَقَّ جِهادِهِ حَتّى اَعْلَنْتُمْ دَعْوَتَهُ وَبَيَّنْتُمْ فَرائِضَهُ وَاَقَمْتُمْ حُدُودَهُ وَنَشَرْتُمْ شَرايِعَ اَحْكامِهِ وَسَنَنْتُمْ سُنَّتَهُ وَصِرْتُمْ فى ذلِكَ مِنْهُ اِلَى الرِّضا وَسَلَّمْتُمْ لَهُ الْقَضاءَ وَصَدَّقْتُمْ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ مَضى.

فَالرّاغِبُ عَنْكُمْ مارِقٌ وَاللاّزِمُ لَكُمْ لاحِقٌ وَالْمُقَصِّرُ فى حَقِّكُمْ زاهِقٌ وَالْحَقُّ مَعَكُمْ وَفيكُمْ وَمِنْكُمْ وَاِلَيْكُمْ وَاَنْتُمْ اَهْلُهُ وَمَعْدِنُهُ وَميراثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكُمْ وَاِيابُ الْخَلْقِ اِلَيْكُمْ وَحِسابُهُمْ عَلَيْكُمْ وَفَصْلُ

__________________

(١) في العيون : (وكبّرتم).

(٢) في البحار : (وأدمتُم).


الْخِطابِ عِنْدَكُمْ وَآياتُ اللهِ لَدَيْكُمْ وَعَزائِمُهُ فيكُمْ وَنُورُهُ وَبُرْهانُهُ عِنْدَكُمْ وَاَمْرُهُ اِلَيْكُمْ.

مَنْ والاكُمْ فَقَدْ والَى اللهَ وَمَنْ عاداكُمْ فَقَدْ عادَ اللهَ وَمَنْ اَحَبَّكُمْ فَقَدْ اَحَبَّ اللهَ وَمَنْ اَبْغَضَكُمْ فَقَدْ اَبْغَضَ اللهَ (١) وَمَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللهِ.

اَنْتُمُ الصِّراطُ الاْقْوَمُ (٢) وَشُهَداءُ دارِ الْفَناءِ وَشُفَعاءُ دارِ الْبَقاءِ وَالرَّحْمَةُ الْمَوْصُولَةُ وَالآيَةُ الْمخْزُونَةُ وَالاْمانَةُ الْمحْفُوظَةُ وَالْبابُ الْمُبْتَلى بِهِ النّاسُ ، مَنْ اَتاكُمْ نَجا وَمَنْ لَمْ يَأتِكُمْ هَلَكَ اِلَى اللهِ تَدْعُونَ وَعَلَيْهِ تَدُلُّونَ وَبِهِ تُؤْمِنُونَ وَلَهُ تُسَلِّمُونَ وَبِاَمْرِهِ تَعْمَلُونَ وَاِلى سَبيلِهِ تُرْشِدُونَ وَبِقَوْلِهِ تَحْكُمُونَ سَعَدَ (٣) مَنْ والاكُمْ وَهَلَكَ مَنْ عاداكُمْ وَخابَ مَنْ جَحَدَكُمْ وَضَلَّ مَنْ فارَقَكُمْ وَفازَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكُمْ وَاَمِنَ مَنْ لَجَأ اِلَيْكُمْ وَسَلِمَ مَنْ صَدَّقَكُمْ وَهُدِىَ مَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ ، مَنِ اتَّبَعَكُمْ فَالْجَنَّةُ مَأواهُ وَمَنْ خالَفَكُمْ فَالنّارُ مَثْواهُ وَمَنْ جَحَدَكُمْ كافِرٌ وَمَنْ

__________________

(١) قوله : «وَمَنْ أبْغَضَكُمْ فَقَدْ أَبْغَضَ الله» لم يرد في العيون.

(٢) في العيون والبحار : (أنتُمُ السَّبيلُ الأعظَمُ والصِّراطُ الْأقْوَمُ).

(٣) في العيون : (سَعَدَ واللهِ مَن والاكُمْ).


حارَبَكُمْ مُشْرِكٌ وَمَنْ رَدَّ عَلَيْكُمْ (١) فى اَسْفَلِ دَرْك مِنَ الْجَحيمِ ، اَشْهَدُ اَنَّ هذا سابِقٌ لَكُمْ فيما مَضى وَجارٍ لَكُمْ فيما بَقِىَ وَاَنَّ اَرْواحَكُمْ وَنُورَكُمْ وَطينَتَكُمْ واحِدَةٌ طابَتْ وَطَهُرَتْ بَعْضُها مِنْ بَعْض خَلَقَكُمُ اللهُ اَنْواراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقينَ حَتّى مَنَّ عَلَيْنا بِكُمْ فَجَعَلَكُمْ فى بُيُوت اَذِنَ اللهُ اَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فيهَا اسْمُهُ وَجَعَلَ صَلَواتِنا (٢) عَلَيْكُمْ وَما خَصَّنا بِهِ مِنْ وِلايَتِكُمْ طيباً لِخَلْقِنا وَطَهارَةً لاِنْفُسِنا وَتَزْكِيَةً (٣) لَنا وَكَفّارَةً لِذُنُوبِنا فَكُنّا عِنْدَهُ مُسَلِّمينَ بِفَضْلِكُمْ وَمَعْرُوفينَ بِتَصْديقِنا اِيّاكُمْ ، فَبَلَغَ اللهُ بِكُمْ اَشْرَفَ مَحَلِّ الْمُكَرَّمينَ وَاَعْلى مَنازِلِ الْمُقَرَّبينَ وَاَرْفَعَ دَرَجاتِ الْمُرْسَلينَ (٤) حَيْثُ لا يَلْحَقُهُ لاحِقٌ وَلا يَفُوقُهُ فائِقٌ وَلا يَسْبِقُهُ سابِقٌ وَلا يَطْمَعُ فى اِدْراكِهِ طامِعٌ ، حَتّى لا يَبْقى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبِىٌّ مُرْسَلٌ وَلا صِدّيقٌ وَلا شَهيدٌ وَلا عالِمٌ وَلا جاهِلٌ وَلا دَنِىٌّ وَلا فاضِلٌ وَلا مُؤْمِنٌ صالِحٌ وَلا فِاجِرٌ طالِحٌ وَلاجَبّارٌ عَنيدٌ وَلا شَيْطانٌ

__________________

(١) في العيون والتهذيب : (فهُوَ).

(٢) في الفقيه والبحار : (صَلَوَاتِنا).

(٣) في التهذيب : (وَبَرَكَةٍ).

(٤) في العيون : (أوصياء المرسلين).


مَريدٌ وَلا خَلْقٌ فيما بَيْنَ ذلِكَ شَهيدٌ اِلاّ عَرَّفَهُمْ جَلالَةَ اَمْرِكُمْ وَعِظَمَ خَطَرِكُمْ وَكِبَرَ شَأنِكُمْ وَتَمامَ نُورِكُمْ وَصِدْقَ مَقاعِدِكُمْ وَثَباتَ مَقامِكُمْ وَشَرَفَ مَحَلِّكُمْ وَمَنْزِلَتِكُمْ عِنْدَهُ وَكَرامَتَكُمْ عَلَيْهِ وَخاصَّتَكُمْ لَدَيْهِ وَقُرْبَ مَنْزِلَتِكُمْ مِنْهُ.

بِاَبى اَنْتُمْ وَاُمّى وَاَهْلى وَمالى وَاُسْرَتى اُشْهِدُ اللهَ وَاُشْهِدُكُمْ اَنّى مُؤْمِنٌ بِكُمْ وَبِما آمَنْتُمْ بِهِ ، كافِرٌ بَعَدُوِّكُمْ وَبِما كَفَرْتُمْ بِهِ ، مُسْتَبْصِرٌ بِشَأنِكُمْ وَبِضَلالَةِ مَنْ خالَفَكُمْ مُوالٍ لَكُمْ وَلاِوْلِيائِكُمْ مُبْغِضٌ لاِعْدائِكُمْ وَمُعادٍ لَهُمْ سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ مُحَقِّقٌ لِما حَقَّقْتُمْ مُبْطِلٌ لِما اَبْطَلْتُمْ مُطيعٌ لَكُمْ عارِفٌ بِحَقِّكُمْ مُقِرٌّ بِفَضْلِكُمْ مُحْتَمِلٌ لِعِلْمِكُمْ مُحْتَجِبٌ بِذِمَّتِكُمْ مُعْتَرِفٌ بِكُمْ مُؤْمِنٌ بِاِيابِكُمْ مُصَدِّقٌ بِرَجْعَتِكُمْ مُنْتَظِرٌ لاِمْرِكُمْ مُرْتَقِبٌ لِدَوْلَتِكُمْ آخِذٌ بِقَوْلِكُمْ عامِلٌ بِاَمْرِكُمْ مُسْتَجيرٌ بِكُمْ زائِرٌ لَكُمْ لائِذٌ عائِذٌ بِقُبُورِكُمْ (١) مُسْتَشْفِعٌ اِلَى اللهِ عَزَّوَجَلَّ بِكُمْ وَمُتَقَرِّبٌ بِكُمْ اِلَيْهِ وَمُقَدِّمُكُمْ اَمامَ طَلِبَتى وَحَوائِجى وَاِرادَتى فى كُلِّ اَحْوالي وَاُمُورى مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَعَلانِيَتِكُمْ وَشاهِدِكُمْ وَغائِبِكُمْ

__________________

(١) في العيون والبحار : (عائذٌ بكمُ لائذٌ بقُبورِكُم) ، وفي التهذيب : (زائر لكم ، عائذ بقبوركم).


وَاَوَّلِكُمْ وَآخِرِكُمْ وَمُفَوِّضٌ فى ذلِكَ كُلِّهِ اِلَيْكُمْ وَمُسَلِّمٌ فيهِ مَعَكُمْ وَقَلْبى لَكُمْ مُسَلِّمٌ (١) وَرَأيى لَكُمْ تَبَعٌ وَنُصْرَتى لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتّى يُحْيِىَ اللهُ (٢) تَعالى دينَهُ بِكُمْ وَيَرُدَّكُمْ فى اَيّامِهِ وَيُظْهِرَكُمْ لِعَدْلِهِ وَيُمَكِّنَكُمْ فى اَرْضِهِ ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدوَّكُم (٣) آمَنْتُ بِكُمْ وَتَوَلَّيْتُ آخِرَكُمْ بِما تَوَلَّيْتُ بِهِ اَوَّلَكُمْ وَبَرِئْتُ اِلَى اللهِ عَزَّوَجَلَّ مِنْ اَعْدائِكُمْ وَمِنَ الْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَالشَّياطينِ وَحِزْبِهِمُ الظّالِمينَ لَكُمُ الْجاحِدينَ (٤) لِحَقِّكُمْ وَالْمارِقينَ مِنْ وِلايَتِكُمْ وَالْغاصِبينَ لاِرْثِكُمُ الشّاكّينَ فيكُمُ (٥) الْمُنْحَرِفينَ عَنْكُمْ (٦) وَمِنْ كُلِّ وَليجَةٍ دُونَكُمْ وَكُلِّ مُطاعٍ سِواكُمْ وَمِنَ الاْئِمَّةِ الَّذينَ يَدْعُونَ اِلَى النّارِ فَثَبَّتَنِىَ اللهُ اَبَداً ما حَييتُ عَلى مُوالاتِكُمْ وَمَحَبَّتِكُمْ وَدينِكُمْ وَوَفَّقَنى لِطاعَتِكُمْ وَرَزَقَنى شَفاعَتَكُمْ وَجَعَلَنى مِنْ خِيارِ مَواليكُمْ التّابِعينَ لِما دَعَوْتُمْ اِلَيْهِ وَجَعَلَنى مِمَّنْ

__________________

(١) في العيون : (مؤمنٌ).

(٢) في العيون والبحار : (الله تَعالى).

(٣) في التهذيب : (غَيْرِكُمْ).

(٤) في العيون والبحار : (والجاحِدينَ).

(٥) في البحار : (والشاكّين فيكُم).

(٦) في البحار : (والنحرفينَ عنكُم).


يَقْتَصُّ آثارَكُمْ وَيَسْلُكُ سَبيلَكُمْ وَيَهْتَدى بِهديكُمْ وَيُحْشَرُ فى زُمْرَتِكُمْ وَيَكِرُّ فى رَجْعَتِكُمْ وَيُمَلَّكُ فى دَوْلَتِكُمْ وَيُشَـرَّفُ فى عافِيَتِكُمْ وَيُمَكَّنُ فى اَيّامِكُمْ وَتَقِرُّ عَيْنُهُ غَداً بِرُؤْيَتِكُمْ.

بِاَبى اَنْتُمْ وَاُمّى وَنَفْسى وَاَهْلى وَمالى (١) مَنْ اَرادَ اللهَ بَدَأَ بِكُمْ وَمَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُمْ ، مَوالِىَّ لا اُحْصـى ثَناءَكُمْ وَلا اَبْلُغُ مِنَ الْمَدْحِ كُنْهَكُمْ وَمِنَ الْوَصْفِ قَدْرَكُمْ وَاَنْتُمْ نُورُ الاْخْيارِ وَهُداةُ الاْبْرارِ وَحُجَجُ الْجَبّارِ بِكُمْ فَتَحَ اللهُ وَبِكُمْ يَخْتِمُ وَبِكُمْ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَبِكُمْ يُمْسِكُ السَّماءَ اَنْ تَقَعَ عَلَى الاْرْضِ اِلاّ بِاِذْنِهِ وَبِكُمْ يُنَفِّسُ الْهَمَّ وَيَكْشِفُ الضُّرَّ وَعِنْدَكُمْ ما نَزَلَتْ بِهِ رُسُلُهُ وَهَبَطَتْ بِهِ مَلائِكَتُهُ وَاِلى جَدِّكُمْ بَعِثَ الرُّوحُ الأمين.

وإن كانت الزّيارة لأمير المؤمنين عليه السلام فقُل: وَاِلى اَخيكَ. بُعِثَ الرُّوحُ الاْمينُ ، آتاكُمُ اللهُ ما لَمْ يُؤْتِ اَحَداً مِنَ الْعالَمينَ طَأطَاَ كُلُّ شَريفٍ لِشَرَفِكُمْ وَبَخَعَ كُلُّ مُتَكَبِّرٍ لِطاعَتِكُمْ وَخَضَعَ كُلُّ جَبّارٍ لِفَضْلِكُمْ وَذَلَّ كُلُّ شَىْءٍ لَكُمْ وَاَشْرَقَتِ الاْرْضُ بِنُورِكُمْ وَفازَ الْفائِزُونَ بِوِلايَتِكُمْ بِكُمْ يُسْلَكُ اِلَى الرِّضْوانِ وَعَلى مَنْ جَحَدَ وِلايَتَكُمْ غَضَبُ الرَّحْمنِ.

__________________

(١) في التهذيب زيادة (واُسْرَتي).


بِاَبى اَنْتُمْ وَاُمّى وَنَفسى وَاَهْلى وَمالى ذِكْرُكُمْ فِى الذّاكِرينَ وَاَسْماؤُكُمْ فِى الاْسْماءِ وَاَجْسادُكُمْ فِى الاْجْسادِ وَاَرْواحُكُمْ فِى اْلاَرْواحِ وَاَنْفُسُكُمْ فِى النُّفُوسِ وَآثارُكُمْ فِى الاْثارِ وَقُبُورُكُمْ فِى الْقُبُورِ فَما اَحْلى اَسْمائَكُمْ وَاَكْرَمَ اَنْفُسَكُمْ وَاَعْظَمَ شَأنَكُمْ وَاَجَلَّ خَطَرَكُمْ وَاَوْفى عَهْدَكُمْ (١) كَلامُكُمْ نُورٌ وَاَمْرُكُمْ رُشْدٌ وَوَصِيَّتُكُمُ التَّقْوى وَفِعْلُكُمُ الْخَيْرُ وَعادَتُكُمُ الاْحْسانُ وَسَجِيَّتُكُمُ الْكَرَمُ وَشَأنُكُمُ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ ، وَقَوْلُكُمْ حُكْمٌ وَحَتْمٌ وَرَأيُكُمْ عِلْمٌ وَحِلْمٌ وَحَزْمٌ ، اِنْ ذُكِرَ الْخَيْرُ كُنْتُمْ اَوَّلَهُ وَاَصْلَهُ وَفَرْعَهُ وَمَعْدِنَهُ وَمَأواهُ وَمُنْتَهاهُ.

بِاَبى اَنْتُمْ وَاُمّى وَنَفْسى (٢) كَيْفَ اَصِفُ حُسْنَ ثَنائِكُمْ وَاُحْصى (٣) جَميلَ بَلائِكُمْ وَبِكُمْ اَخْرَجَنَا اللهُ مِنَ الذُّلِّ وَفَرَّجَ عَنّا غَمَراتِ الْكُرُوبِ وَاَنْقَذَنا مِنْ شَفا جُرُفِ الْهَلَكاتِ وَمِنَ النّارِ.

بِاَبى اَنْتُمْ وَاُمّى وَنَفْسى، بِمُوالاتِكُمْ عَلَّمَنَا اللهُ مَعالِمَ دِينِنا وَاَصْلَحَ

__________________

(١) في التهذيب والبحار زيادة : (وَأَصْدَقَ وَعْدَكُمْ).

(٢) في العيون وزيادة : (وأهلي ومالي).

(٣) في العيون : (وكيفَ اُحصي).


ما كانَ فَسَدَ مِنْ دُنْيانا ، وَبِمُوالاتِكُمْ تَمَّتِ الْكَلِمَةُ وَعَظُمَتِ النِّعْمَةُ وَائْتَلَفَتِ الْفُرْقَةُ ، وَبِمُوالاتِكُمْ تُقْبَلُ الطّاعَةُ الْمُفْتَرَضَةُ وَلَكُمُ الْمَوَدَّةُ الْواجِبَةُ وَالدَّرَجاتُ الرَّفيعَةُ وَالْمَقامُ الْمحْمُودُ وَالْمَقامُ الْمَعْلُومُ (١) عِنْدَ اللهِ عَزَّوَجَلَّ وَالْجاهُ الْعَظيمُ وَالشَّأنُ الْكَبيرُ (٢) وَالشَّفاعَةُ الْمَقْبُولَةُ.

رَبَّنا آمَنّا بِما اَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدينَ ، رَبَّنا لا تُزِ غْ قُلُوبَنا بَعْدَ اِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً اِنَّكَ اَنْتَ الْوَهّابُ ، سُبْحانَ رَبِّنا اِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً.

يا وَلِىَّ اللهِ (٣) اِنَّ بَيْنى وَبيْنَ اللهِ عَزَّوَجَلَّ ذُنُوباً لا يَأتى عَلَيْها اِلاّ رِضاكُمْ ، فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكُمْ عَلى سِرِّهِ وَاسْتَرْعاكُمْ اَمْرَ خَلْقِهِ وَقَرَنَ

__________________

(١) في العيون : (والمقامُ المحْمودُ عندَ اللهِ تعالى والمكانُ المعلومُ) وفي التهذيب : (والمكانُ المَحمودُ والمقامُ المعلومُ) ، وفي البحار : (والمقام المحمود والمكان المعلوم عند الله عزّ وجلّ).

(٢) في العيون : (الرَّفيعُ).

(٣) ويخاطب بقوله (يا ولي الله) الإمام المَزور اذا كان مفرداً ويمكن أن ينوي به الأئمّة عليهم السلام على سبيل البدلية أو على إرادة الجنس من الكلمة والأحسن إن كانت الزيارة للجميع أن يقول : (يا أولياء الله). ذلك نقل من شرح املجلسي الأول منه).


طاعَتَكُمْ بِطاعَتِهِ لَمَّا اسْتَوْهَبْتُمْ ذُنُوبى وَكُنْتُمْ شُفَعائى فَاِنّى لَكُمْ مُطيعٌ ، مَنْ اَطاعَكُمْ فَقَدْ اَطاعَ اللهَ وَمَنْ عَصاكُمْ فَقَدْ عَصَى اللهَ وَمَنْ اَحَبَّكُمْ فَقَدْ اَحَبَّ اللهَ وَمَنْ اَبْغَضَكُمْ فَقَدْ اَبْغَضَ اللهَ.

اَللّـهُمَّ اِنّى لَوْ وَجَدْتُ شُفَعاءَ اَقْرَبَ اِلَيْكَ مِنْ مُحَمِّدٍ وَاَهْلِ بَيْتِهِ الاْخْيارِ الاْئِمَّةِ الاْبْرارِ لَجَعَلْتُهُمْ شُفَعائي ، فَبِحَقِّهِمُ الَّذى اَوْجَبْتَ لَهُمْ عَلَيْكَ اَسْاَلُكَ اَنْ تُدْخِلَنى فى جُمْلَةِ الْعارِفينَ بِهِمْ وَبِحَقِّهِمْ وَفى زُمْرَةِ الْمَرْحُومينَ بِشَفاعَتِهِمْ ، اِنَّكَ اَرْحَمُ الرّاحِمينَ وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثيراً وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْـمَ الْوَكيلُ (١).

__________________

(١) في العيون : (وصلّى اللهُ على محمّدٍ وآلِه حسبُنا الله ونعمَ الوكيل) ، وفي التهذيب : (وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين) وفي البحار : (وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين وسلّم تسليماً كثيراً وحسبنا الله ونعم الوكيل).



الوداع

اذا أردت الانصراف فقل :

السلام عليكم سلام مودع لاسئم ولا قال ولا مالّ ورحمة الله وبركاته عليكم يا أهل بيت النبوة إّنه حميد مجيد ، سلام وليّ لكم غير راغب عنكم ، ولا مستبدل بكم ولا مؤثر عليكم ، ولا منحرف عنكم ، ولا زاهد في قربكم ، ولا جعله الله آخر العهد من زيارة قبوركم ، وإتيان مشاهدكم والسلام عليكم وحشرني الله في زمرتكم ، وأوردني حوضكم ، وجعلني في حزبكم وأرضاكم عنّي ومكّنني في دولتكم ، وأحياني في رجعتكم ؛ وملّكني في أيامكم ، وشكر سعيي بكم ، وغفر ذنبي بشفاعتكم ، وأقال عثرتي بمحبتكم ، وأعلى كعبي بموالاتكم ، وشرّفني بطاعتكم ، وأعزّني بهداكم.

وجعلني ممّن انقلب مفلحاً منجحاً غانماً سالماً معافاً غنياً فائزاً برضوان الله وفضله وكفايته بأفضل ما ينقلب به أحد من زوّاركم


ومواليكم ومحبّيكم وشيعتكم ، رزقني الله العود ثمّ العود أبداً ما أبقاني ربي ، بنيّة صادقة وايمان وتقوى وإخبات ، ورزق واسع حلال طيّب.

اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتهم وذكرهم والصلاة عليهم ، وأوجب لي المغفرة والرحمة والبركة والفوز والنور والإيمان ، وحسن الاجابة كما أوجبت لأوليائك العارفين بحقهم ، الموجبين طاعتهم ، الراغبين في زيارتهم ، المتقرّبين اليك واليهم ، بأبي أنتم واُمّي ونفسي وأهلي ومالي اجعلوني في همّكم وصيّروني في حزبكم ، وأدخلوني في شفاعتكم ، واذكروني عند ربكم ، اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد ، وأبلغ أرواحهم ، واجسادهم مني السلام ، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته ، وصلى الله على محمّد وآله وسلم كثيراً وحسبنا ونعم الوكيل.

* * *


الزيارة الجامعة

لجميع الأئمّة صلوات الله عليهم (١)

__________________

(١) هذه الزيارة الشريفة ـ التي تظهر آثار صدقها من مضامينها ـ من الزيارات المعروفة ، وقد تصدّى جم غفير وجمع كثير من فطاحل وغيرهم لشرحها ، كما نبّه عليه العلّامة الخبير المتتبع الحاج الشيخ آقا بزرگ الطهراني في كتابه المعروف «الذريعة» ونحن ننقل ملخص الشروح المذكورة فيها :

١ ـ للسيد بهاء الدين المعاصر للشيخ الحر العاملي صاحب (وسائل الشيعة) المتوفى في فتنة الأفغان في سنة ١١٣٠ هـ.

٢ ـ للسيد محمد بن عبد الكريم الطباطبائي البروجردي ، (جد السيد مهدي بحر العلوم النجفي) المسمّى بـ«الأعلام اللامعة» وكانت وفاته قبل ١٢٠٤ هـ.

٣ ـ للسيد عبد الله بن محمد رضا الشبّر الحسيني ، المتوفى ١٢٤٢ هـ المسمّى بـ«الأنوار اللامعة» مطبوع.

٤ ـ للشيخ أحمد الأحسائي المتوفى ١٢٤١ أو ١٢٤٣ هـ ، مطبوع مرّتين.

٥ ـ للعلامة الميرزا علي نقي ابن السيد حسين المعروف بالحاج آقا ابن السيد المجاهد الطباطبائي المتوفى ١٢٨٩ هـ.


زيارة جامعة لجيمع الأئمّة صلوات الله عليهم عند مشهد كلّ واحد يزور الجميع قاصداّ بها الإمام الحاضر والباقي ، والبعيد يلاحظ الجميع ولو قصد في كلّ مرّة واحداً بالترتيب ، والباقي بالتبع لكان أحسن ، كما كنت أفعل ، ورأيت في الرؤيا الحقّة تقرير الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه لي وتحسينه عليه ، ولما وفّقني الله تعالى لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام وشرعت في حوالي الرّوضة المقدّسة في المجاهدات ، وفتح الله تعالى عليّ ببركة مولانا صلوات الله عليه أبواب المكاشفات ـ التي لا تحتملها العقول الضعيفة ـ رأيت في ذلك العالم (وإن شئت قلت بين النوم واليقظة) ـ عندما كنت في رواق عمران جالساً ـ أنّي بسرّ من رأى ، ورأيت مشهدهما في نهاية الارتفاع والزينة ، ورأيت على قبرهما لباساً أخضر من لباس الجنّة ؛ لأنّه لم أرَ مثله في الدنيا ، ورأيت مولانا ومولى الأنام صاحب العصر والزمان عليه السلام جالساً ، ظهره على القبر

__________________

٦ ـ شرح فارسي لشيخنا الميرزا محمد علي بن المولى محمد نصير الچهاردهي الرشتي النجفي ، المتوفى ١٣٣٤ هـ.

٧ ـ للسيد حسين ابن السيد محمد تقي المتوفى ١٣٤٤ هـ.

فشكر الله مساعي الجميع وحشرهم مع أوليائهم.


ووجهه إلى الباب ، فلمّا رأيته شرعت في هذه الزيارة بالصوت المرتفع كالمدّاحين.

فلمّا أتممتها قال صلوات الله عليه : «نعمت الزيارة».

قلت : مولاي ، روحي فداك زيارة جدّك؟ وأشرت إلى نحو القبر.

فقال : «نعم ، أُدخل».

فلمّا دخلت وقفت قريباً من الباب ، فقال صلوات الله عليه ؛ «تقدّم».

فقلت : مولاي أخاف أن أصير كافراً بترك الأدب.

فقال صلوات الله عليه : «لا بأس إذا كان بإذننا».

فتقدّمت قليلاً وكنت خائفاً مرتعشاً فقال : «تقدّم ، تقدّم» حتّى صرت قريباً منه صلوات الله عليه قال : «اجلس».

قلت : أخاف مولاي.

قال صلوات الله عليه : «لا تخف».

فلمّا جلست جلسة العبيد بين يدي المولى الجليل ، قال صلوات الله عليه : «استرج واجلس مربعاً ؛ فإنّك تعبت ، جئت ماشياً حافياً».

والحاصل : إنّه وقع منه صلوات الله عليه بالنسبة إلى عبده ألطاف عظيمة ، ومكالمات لطيفة لا يمكن عدّها ونسيت أكثرها.


ثمّ انتبهت من تلك الرؤيا وحصلت في اليوم أسباب الزيارة بعد كون الطريق مسدودة من مدة طويلة ، وبعد ما حصلت الموانع العظيمة ارتفعت بفضل الله ، وتيسّرت الزيارة بالمشي حافياً ، كما قاله الصاحب عليه السلام.

وكنت ليلة في الروضة المقدّسة وزرت مكرّراً بهذه الزيارة وظهرت في الطريق وفي الروضة كرامات عجيبة ، بل معجزات غريبة يطول ذكرها.

فالحاصل : إنّه لا شكّ لي أنّ هذه الزيارة من أبي الحسن الهادي سلام الله عليه بتقرير الصاحب عليه السلام ، وأنّها أكمل الزيارات وأحسنها ، بل بعد تلك الرؤيا أكثر الأوقات أزور الأئمّة صلوات الله عليهم بهذه الزيارة ، وفي العتبات العاليات ما زرتهم إلّا بهذه الزيارة ؛ ولهذا تأخر شرح أكثرها ولم ينشرح في هذه.

* * *


روى محمّد بن اسماعيل البرمكي قال : حدّثنا موسى بن عبد الله النخعي ، قال : قلت لعلي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام : علّمني يابن رسول الله قولاً أقوله بليغاً كاملاً إذا زرت واحداً منكم.

فقال : «إذا صرت إلى الباب فقف واشهد الشهادتين وأنت على غُسل ، فإذا دخلت ورأيت القبر فقف وقل : (الله أكبر ، الله أكبر ـ ثلاثين مرّة ـ ثمّ امش قليلاً وعليك السكينة والوقار ، وقارب بين خطاك ، ثمّ قف وكبّر الله عزّ وجلّ ـ ثلاثين مرّة ـ ثمّ ادن من القبر وكبّر الله ـ أربعين مرّة ـ تمام مائة تكبيرة.

____________________________________

(روى محمّد بن إسماعيل البرمكي) الثقة (١).

__________________

(١) ذكر الصدوق في (المشيخة) ضمن الفقيه ٤ : ٥١٢ ، ما هذا لفظه : وما كان فيه عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، فقد رويته عن علي بن أحمد بن موسى ، ومحمد بن أحمد السناني ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتّب رضي الله عنه ، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي. انتهى.


(عن موسى بن عبد الله النخفي ـ الى قوله ـ بليغاً) أي كاملاً أو فصيحاً مع البلاغة.

(كاملاً ـ الى قوله ـ إلى الباب) باب الروضة.

(فقف واشهد الشهادتين) لتقدّمهما رتبة ، وتيمّناً وتأسّياً.

(وأنت على غُسل) للزيارة.

(فإذا دخلت إلى قوله ـ ثلاثين مرة) ليدلّ على أنّ الكبرياء والعظمة لله ، ولتزول الدهشة.

(ثمّ امش قليلاً وعليك السكينة) القلبية بذكر عظمة الله وعظمة

__________________

وفي العيون ٢ : ٣٠٥ / ١ ، سند هذه الزيارة الشريفة هكذا : حدّثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه ، ومحمد بن أحمد السناني ، وعلي بن عبد الله الوراق ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب ، قالوا : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، وأبو الحسين الأسدي قالوا : حدّثنا محمد بن اسماعيل المكي البرمكي قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي الى آخره.

وفي التهذيب ٦ : ٩٥ / ١٧٧ هكذا : روى محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، قال : حدّثنا علي بن أحمد بن موسى ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد الكاتل قالا : حدّثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي قال : حدّثنا موسى بن عبد الله النخعي الى آخره.


أوليائه ؛ فإنّها من عظمته تعالى.

(والوقار) البدني.

(وقارب بين خطاك) للوقار ولحصول كثرة الثواب ؛ فإنّ له بكل خطوة حجة وعمرة كما تقدّم (١).

(ثمّ قف ـ إلى قوله ـ تمام) أي متمم (مائة تكبيرة).

__________________

(١) أي في روضة المتقين. انظر الجزء ٥ : ٣٥٨ / باب ثواب زيارة النبي والأئمّة عليهم السلام.


ثمّ قل : اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَمَوْضِعَ الرِّسالَةِ

____________________________________

(ثمّ قل : اَلسَّلامُ عَلَيْكَمْ) : أي رحمة الله وفضله وإحسانه ، أو السلامة من الآفات والعاهات ، والرذائل الجسمانية والنفسانية ـ أو السلام الذي هو من أسماء الله عليكم ؛ لأنّ خاصّية ذلك الاسم الرحمة والسلامة ، أو ذات الله المتّصف بالسلامة ـ ممّا لا يليق به عليكم بأن يرحمكم ويسلّمكم منها.

(يا اَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ) : فإنّ النبيّ منكم والرسالات نزلت في بيوتكم ، فأنتم تعلمون ما اُرسل إليه ؛ فإنّ أهل البيت أعلم بما في البيت ، ويمكن أن تكون النبوّة بمعنى الرفعة ، أو يلاحظ الرسالة مع الرفعة التي أعطاهم الله.

(وَمَوْضِعَ الرِّسالَةِ) : ـ بالنصب ـ بالمعنى المتقدّم مع ملاحظة قابليّتهم لجميع الرسالات ؛ لأنّ كلّ أحدٍ لا يكون قابلاً للأسرار الإلهيّة وهم أهلها ، كما ذكره أمير المؤمنين صلوات الله عليه في بيان اختلاف الحديث : «وكنت إذا دخلت عليه صلى الله عليه وآله بعض منازله خلا بي ، وأقام عنّي نساءه فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في


........................................

____________________________________

منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا أحد من بنيّ» (١) لأنّهم كانوا قابلين لدرك الحقائق الإلهيّة.

بل كان له عليه السلام في كلّ مجلس ما قال : «علّمني ألف باب يفتح من كلّ باب ألف باب» (٢).

وقال عليه السلام «علّمني ألف حرف يفتح كلّ حرف ألف حرف» (٣).

إلى غير ذلك من الأخبار في هذا الباب.

ولهذا ورد في الأخبار المتواترة : إنّه عليه السلام كان شريكه صلى الله عليه وآله في العلم (٤) ، وما كان الفضل إلّا في النبوّة العظمى التي كانت له صلى الله عليه وآله ، وإلّا

__________________

(١) كتاب سليم بن قيس ٢ : ٦٢٤ / ضمن الحديث العاشر ، الكافي ١ : ٦٤ / ١ ، باب اختلاف الحديث ، ولكن في كتاب سليم : لم تقم من عندنا فاطمة.

(٢) أورد السيّد الجليل المتتبع الخبير العلامة السيّد هاشم البحراني في غاية المرام ثلاثة أحاديث من طرق العامّة وتسعة وعشرين حديثاً من طرق الخاصّة في هذا المعنى فراجع ٥ : ٢١٩ / الباب الثامن والعشرون.

(٣) بصائر الدرجات : ٣٢٨ / ٦ ، الخصال : ٦٤٨ / ضمن حديث ٤٠.

(٤) الكليني في الكافي ١ : ٢٦٣ ، باب أنّه كان شريكه في العلم.


وَمُخْتَلَفَ الْمَلائِكَةِ ........................................

____________________________________

فمرتبته عليه السلام كانت أرفع من جميع الأنبياء على ما يظهر من الأخبار المستفيضة ، بل المتواترة ، أو من أكثرهم على ما قال به بعض أصحابنا ممّن لا تتبّع له في الأخبار (١).

(وَمُخْتَلَفَ الْمَلائِكَةِ) ، أي : محل تردّدهم للخدمة ، أو اكتساب العلوم والكمالات ، ولا استبعاد في ترقّيهم والاكتساب منهم ، بل ورد في الأخبار الكثيرة أنّهم لم يعرفوا الله إلّا منهم عليهم السلام (٢).

روى الصدوق بالأسانيد القويّة ، عن عبد السلام بن صالح الهروي ، عن علي بن موسى الرضا عليه السلام ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي ابن أبي طالب صلوات الله عليهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : «ما خلق الله خلقاً أفضل منّي ولا أكرم عليه منّي.

قال عليّ عليه السلام فقلت : يا رسول الله ، فأنت أفضل أو جبرائيل؟.

فقال صلى الله عليه وآله : يا علي ، إنّ الله تبارك وتعالى فضّل أنبياءه المرسلين

__________________

(١) الكليني في الكافي ١ : ٢٢٢ / ٦ ، باب أنّ الأئمة عليهم السلام ورثة العلم ، مختصر بصائر الدرجات ٣٠١ / ٣١٦ ، بحار الأنوار ٤٠ : ٢١١ / ١١.

(٢) الكليني في الكافي ١ : ١٩١ / باب أنّ الأئمّة عليهم السلام هم الهداة.


..........................................

____________________________________

على ملائكته المقرّبين ، وفضّلني على جميع النبيين والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمّة من بعدك ؛ فإنّ الملائكة لخدّامنا وخدّام محبينا.

يا علي ، (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) (١) بولايتنا.

يا علي ، لو لا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء ، ولا الجنّة ولا النّار ، ولا السماء ولا الأرض ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى معرفة ربّنا ، وتسبيحه ، وتهليله ، وتقديسه ، وتمجيده ؛ لأنّ أوّل ما خلق الله عزّ وجلّ خلق أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتحميده ، ثمّ خلق الملائكة.

فلمّا شاهدوا أرواحنا نوراً واحداً استعظموا أمرنا (٢) ، فسبّحنا ؛ لتعلم الملائكة أنّا مخلوقون (٣) ، وأنّه منزّه عن صفاتنا ، فسبّحت

__________________

(١) سورة غافر ٤٠ : ٧.

(٢) في المصدر : «استعظمت أمرنا».

(٣) في المصدر : «خلق مخلوقون».


..............................................

____________________________________

الملائكة بتسبيحنا ، ونزّهته عن صفاتنا.

فلمّا شاهدوا عظم شأننا هلّلنا ؛ لتعلم الملائكة أن لا إله إلّا الله وأنّا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نُعبد معه أو دونه ، فقالوا : لا إله إلّا الله.

فلمّا شاهدوا كبر محلّنا كبّرنا ؛ لتعلم الملائكة أنّ الله أكبر من أن ينال عظيم المحل إلّا به فلمّا شاهدوا ما جعله لنا من العزّ والقوة ، قلنا : لا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم ؛ لتعلم الملائكة أن لا حول ولا قوّة إلّا بالله.

فلمّا شاهدوا ما انعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة ، قلنا : الحمد لله ؛ لتعلم الملائكة ما يحقّ لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه ، فقالت الملائكة : الحمد لله.

فبنا اهتدوا ، إلى معرفة توحيد الله وتسبيحه ، وتهليله ، وتحميده ، وتمجيده.

ثمّ إنّ الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه ، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيماً لنا وإكراماً ، وكان سجودهم لله عزّ وجلّ عبودية ، ولآدم إكراماً وطاعة ؛ لكوننا في صلبه ، فكيف لا نكون أفضل من


.........................................

____________________________________

الملائكة وقد سجدوا لآدم كلّهم أجمعين.

وأنّه لمّا عرج بي إلى السماء أذّن جبرئيل مثنى مثنى ، ثمّ قال : تقدّم يا محمّد ، فقلت له : يا جبرئيل ، أتقدّم عليك؟

فقال : نعم ؛ لأنّ الله تبارك وتعالى فضّل أنبياءه على ملائكته أجمعين ، وفضّلك خاصّة ، فتقدّمت فصلّيت بهم ولا فخر.

فلمّا انتهيت إلى حجب النور ، قال لي جبرئيل : تقدّم يا محمّد ، وتخلّف عنّي ، فقلت : يا جبرئيل ، في مثل هذا الموضع تفارقني؟

فقال : يا محمّد ، إنّ انتهاء حدّي الذي وضعني الله عزّ وجلّ فيه إلى هذا المكان ، فإن تجاوزته احترقت أجنحتي بتعدّدي حدود ربّي جلّ جلاله.

فزجّ (١) بي ـ أي : دفعني الله ـ في النور زجّة ، حتّى انتهيت إلى ما شاء الله من علوّ ملكه فنوديت : يا محمّد.

فقلت : لبّيك ربي وسعديك ، تباركت وتعاليت.

__________________

(١) زج في الشيء ، أي : رمى فيه بدفع. مجمع البحرين ٢ : ٢٦٩.


.........................................

____________________________________

فنوديت : يا محمّد ، أنت عبدي وأنا ربّك ، فإيّاي فاعبد ، وعليّ فتوكّل ، فإنّك نوري في عبادي ، ورسولي إلى خلقي ، وحجّتي على بريّتي ، لك ولمن تبعك خلقت جنّتي ، ولمن خالفك خلقت ناري ، ولأوصيائك وجبت كرامتي ، ولشيعتهم أوجبت ثوابي.

فقلت : يا ربّ ومن أوصيائي؟

فنوديت : يا محمّد ، أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي ، فنظرت ـ وأنا بين يدي ربّي جل جلاله ـ إلى ساق العرش ، فرأيت اثني عشر نوراً في كلّ نور سطر أخضر عليه اسم وصيّ من أوصيائي ، أوّلهم علي بن أبي طالب ، وآخرهم مهدي اُمّتي.

فقلت : يا ربّ ، هؤلاء أوصيائي بعدي؟

فنوديت : يا محمّد ، هؤلاء أوليائي ، وأحبّائي ، وأصفيائي ، وحججي بعدك على بريّتي ، وهم أوصياؤك ، وخلفاؤك ، وخير خلقي بعدك ، وعزّتي وجلالي لأُظهرنّ بهم ديني ، ولاُعلينّ بهم كلمتي ، ولاُطهّرنّ الأرض بآخرهم من أعدائي ، ولاُملّكنّه مشارق الأرض ومغاربها ، ولاُسخرنّ له الرياح ، ولأُذلّلن له السحاب ، ولأرقينّه في


.........................................

____________________________________

الأسباب ، ولأنصرنّه بجندي ، ولاُمدّنّه بملائكتي ، حتّى يُعلن (١) دعوتي ويجمع الخلق على توحيدي ، ثمّ لأديمنّ ملكه ، ولاُداولنّ الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة» (٢).

وفي القوي كالصحيح ، عن ابن أبي عمير ، عن عمرو بن جميع ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «كان جبرئيل إذا أتى النبي صلى الله عليه وآله قعد بين يديه قعدة العبيد ، وكان لا يدخل حتّى يستأذنه» (٣).

وفي الصحيح ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «لمّا أُسري برسول الله صلى الله عليه وآله وحضرت الصلاة أذّن جبرئيل وأقام الصلاة ، فقال : يا محمّد ، تقدّم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : تقدّم يا جبرئيل ، فقال له : إنّا لا نتقدّم على الآدميين منذ اُمرنا بالسجود لآدم» (٤).

__________________

(١) في العلل : حتى تعلو دعوتي.

(٢) الصدوق في علل الشرائع : ٥ / ١ ، عيون أخبار الرضا عليه السلام ١ : ٢٣٧ / ٢٢ ، كمال الدين : ٢٥٤ / ٤.

(٣) الصدوق في علل الشرائع : ٧ / ٢.

(٤) الصدوق في علل الشرائع : ٩ / ٤.


.........................................

____________________________________

وفي القوي ، عن حبيب بن مظاهر الأسدي رضي الله عنه أنّه قال للحسين بن علي بن أبي طالب : أي شيء كنتم قبل أن يخلق الله آدم عليه السلام؟ قال : «كنّا أشباح نور ندور حول عرش الرّحمن فنعلّم الملائكة التسبيح والتهليل والتحميد» (١) ، كما تقدّم (٢).

وروى الكليني في الصحيح عن أبي حمزة الثمالي ، قال : دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام فاحتبست في الدار ساعة ، ثمّ دخلت البيت وهو يلتقط شيئاً وأدخل يده في وراء الستر فناوله من كان في البيت ، فقلت : جعلت فداك هذا الذي أراك تلتقط أيّ شيء هو؟

فقال : «فضلة من زغب الملائكة ـ أي : صغار ريشهم ـ نجمعه إذا خلونا نجعله سبحا لأولادنا».

فقلت : جعلت فداك وإنّهم ليأتونكم؟

فقال : «يا أبا حمزة ، إنّهم ليزاحمونا على تكأتنا» (٣).

__________________

(١) الصدوق في علل الشرائع : ٢٣.

(٢) تقدّم مفصّلاً في صفحة : ٥١.

(٣) الكليني في الكافي ١ : ٣٩٣ / ح ٣ ، باب أنّ الائمة تدخل الملائكة بيوتهم ،


وَمَهْبِطَ الْوَحْيِ .........................................

____________________________________

وفي القويّ عن أبي الحسن عليه السلام قال : سمعته يقول : «ما من ملك يُهبطه الله في أمر ما يهبطه إلّا بدأ بالإمام فعرض ذلك عليه ، وإنّ مختلف الملائكة من عند الله تبارك وتعالى إلى صاحب هذا الأمر» (١).

إلى غير ذلك من الأخبار المتواترة.

وفي أخبار متواترة أيضاً أنّ الجنّ تأتيهم فيسألون عن معالم دينهم ، ويوجّهونهم إلى الخدمات المذكورة في الكافي ، وبصائر الدرجات ، وغيرهما (٢).

(وَمَهْبِطَ الْوَحْيِ) : إمّا باعتبار هبوط الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في بيوتهم ، وإمّا لغير الشرائع والأحكام من الأخبار بالمغيّبات ، أو

__________________

بصائر الدرجات : ١١١ / ٦ ، وفيه : إذا جاؤونا.

والتكأة بضم التاء والتحريك : ما يُتكى عليه. مجمع البحرين ١ : ٤٥٤ ـ وكأ.

(١) الكليني في الكافي ١ : ٣٩٤ / ٤.

(٢) الكليني في الكافي ١ : ٣٩٤ ، باب أنّ الجنّ تأتيهم ، بصائر الدرجات : ١١٥ / باب ١٨.


وَمَعْدِنَ الرَّحْمَةِ وَخُزَّانَ الْعِلْمِ وَمُنْتَهَى الْحِلْمِ .....................................

____________________________________

الأعم في ليلة القدر ، ويكون باعتبار الشرائع تاكيداً ، أو الأعم كما يظهر من الأخبار (١) ، ولا استبعاد فيه ؛ لأنّ نزول الوحي ليس منحصراً في الأنبياء ، كما هو ظاهر من الآيات والأخبار (٢).

(وَمعْدِنَ الرَّحْمَةِ) : فإنّ الرحمة الخاصّة والعامّة إنّما تنزّل من الله تعالى على القوابل بسببهم ، كما يشعر به خبر «لولاك» وحقّقه الدواني في الزوراء (٣).

(وَخُزَّانَ الْعِلْمِ) : فإنّ جميع العلوم التي نزلت من السماء في الكتب الإلهيّة وعلى ألسنة الأنبياء كانت مخزونة عندهم مع ما نزلت وتنزل عليهم في ليلة القدر وغيرها كما تدلّ عليه الأخبار المتواترة (٤).

(وَمُنْتَهَى الْحِلْمِ) : ـ بالكسر ـ كما ورد في الأخبار : «إنّ الحلم من العلم» (٥) ، أي : انتهى حلمهم عن الأعادي إلى غايته ، كما روي في

__________________

(١) الكليني في الكافي ١ : ٢٤٢ ، باب في شأن (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).

(٢) الكليني في الكافي ١ : ٢٥٥ ، باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون جميع العلوم.

(٣) المصدر غير متوفر لدينا.

(٤) الكليني في الكافي ١ : ٢٤٢ ، باب في شأن (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).

(٥) تحف العقول : ١٥ ، من حكمه صلى الله عليه وآله.


وَاُصُولَ الْكَرَمِ وَقادَةَ الْأُمَمِ وَاَوْلِياءَ النِّعَمِ ....................................

____________________________________

المتواترة من الأخبار أو بمعنى العقل والرزانة والتثبت في الأُمور وهو أيضاً متواتر وظاهر.

(وَاُصُولَ الْكَرَمِ) : الكريم الجواد المعطي والجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل وبالمعنيين فيهم ظاهر ، ويحتمل أن يكون المراد أنّهم أسباب كرم الله تعالى على العباد بالشفاعة الصورية والمعنوية.

(وَقادَةَ الْأُمَمِ) : فإنّهم صلوات الله عليهم قوّاد طوائف الاُمم إلى معرفة الله وعبادته وجنّاته ، كما قال تعالى : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) (١).

(وَاَوْلِياءَ النِّعَمِ) : فإنّ النعم الحقيقية من العلوم والكمالات وصلت منهم إلى الاُمّة ، والنعم الظاهرة نزلت بسببهم ، فهم أولياء كلّ نعمة من نعم الله تعالى على العباد ، كما روي في الأخبار المتواترة : أنّ بهم تنزل السماء المطر وبهم تنبت الأرض بركتها (٢).

__________________

(١) سورة الاسراء ١٧ : ٧١.

(٢) كامل الزيارات : ١٤٥ / ٢.


وَعَناصِرَ الْأَبْرارِ وَدَعائِمَ الْأَخْيارِ وَساسَةَ الْعِبادِ وَاَرْكانَ الْبِلادِ وَاَبْوابَ الإِيمانِ ........

____________________________________

(وَعَناصِرَ الْأَبْرارِ) ـ جمع العنصر بضم العين والصاد وبفتحهما ـ : الأصل والحسب ، أي : أصلهم منهم ؛ فإنهم ذريّة الأنبياء أو لمّا كانوا سبب إيجاد العالم فكأنّهم أصل الأبرار.

(وَدَعائِمَ الْأَخْيارِ) : الدعامة عماد البيت والسيّد ، وهم أفضل الأخيار ومحل استنادهم.

(وَساسَةَ الْعِبادِ) : جمع السائس ، أي : ملوك العباد وخلفاء الله عليهم.

(وَاَرْكانَ الْبِلادِ) : فإنّ بقاء العالم بوجود الإمام صورة ومعنى ، كما نطقت به ولما تقدّم من الأخبار المتواترة (١).

(وَاَبْوابَ الإِيمانِ) : فإنّه لم يعرف ولا يُعرف الإيمان إلّا منهم ، ولا يحصل بدون ولايتهم ، كما قال الله تعالى : (أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا

__________________

(١) الكليني في الكافي ١ : ١٧٨ ، باب أن الأرض لا تخلو من حجة.


.........................................

____________________________________

الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) (١) ، ويقبح من الحكيم الأمر بإطاعة غير المعصوم ، مع ورود الأخبار المتواترة من العامّة والخاصّة أنّها نزلت فيهم عليهم السلام ، وروي في الأخبار المتواترة : أنّهم أبواب الله.

فمن ذلك ما رواه الكليني والصدوق وغيرهما ، عن المفضّل بن عمر وغيره ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «ما جاء به علي عليه السلام أُخذ به وما نهى عنه أنتهي عنه ، جرى له من الفضل ما جرى لمحمّدٍ صلى الله عليه وآله ، ولمحمّد الفضل على جميع من خلق الله عزّ وجلّ».

المتعقّب عليه ـ أي : من جاء بعقبه ليعيب عليه ، ويؤيّده ما في بعض النسخ والروايات «المعيّب» أو من يشكّ فيه ويعترض عليه ، أو من يأخذ بدلاً منه غيره ، أو من يخالفه ، أو من يتبعه ـ في شيء من أحكامه كالمتعقّب على الله وعلى رسوله ، والرادّ عليه في صغيرة أو كبيرة على حدّ الشرك بالله.

كان أمير المؤمنين عليه السلام باب الله الذي لا يؤتى إلّا منه ، وسبيله الذي

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ٥٩.


.........................................

____________________________________

من سلك بغيره هلك ، وكذلك يجري لأئمّة الهدى واحداً بعد واحد ، جعلهم الله أركان الأرض أن تميد ـ أي : تميل وتتحرك ـ بأهلها ، وحجّته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى.

وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كثيراً ما يقول : «أنا قسيم الله بين الجنّة والنار ، وأنا الفاروق الأكبر ، وأنا صاحب العصا والميسم ، ولقد أقرّت لي جميع الملائكة والروح والرسل بمثل ما أقرّوا به لمحمّد صلى الله عليه وآله ، ولقد حملت على مثل حمولته وهي حمولة الربّ ، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله يُدعى فيُكسى واُدعى فاُكسى ، ويستنطق واُستنطق فأنطق على حدّ منطقه.

ولقد اُعطيت خصالاً ما سبقني إليها أحد قبلي ، علّمت علم المنايا والبلايا ، والأنساب وفصل الخطاب ، فلم يفتني ما سبقني ، ولم يعزب عنّي ما غاب عنّي ، اُبشّر بإذن الله واُؤدي عنه ، كل ذلك من الله مكّنني فيه بعلمه» (١).

__________________

(١) الكليني في الكافي ١ : ١٩٦ / ١ (باب أنّ الأئمة هم أركان الأرض) ، بصائر الدرجات : ٢٢١ ، علل الشرائع : ١٦١.


.........................................

____________________________________

أمّا قوله عليه السلام : «أنا صاحب العصا والميسم» فالظاهر أنّه إشارة إلى أنّه صلوات الله عليه دابة الأرض ، كما روى العامّة والخاصّة عن حذيفة ، أنّ النبي صلى الله عليه وآله قال : «دابة الأرض طولها ستون ذراعاً ، لا يفوتها هارب فتسم المؤمن بين عينيه ، وتسم الكافر بين عينيه ، ومعها عصا موسى وخاتم سليمان فتجلو وجه المؤمن بالعصا ، وتختم أنف الكافر بالخاتم ، حتّى يقال : يا مؤمن ويا كافر» (١).

وتسميته عليه السلام بدابّة الأرض باعتبار خروجها من الأرض.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه سئل عن الدابّة ، فقال : «أما والله ما لها ذَنب وإنّ لها للحية» (٢).

__________________

(١) جوامع الجامع للطبرسي ٢ : ٧٢٢ ـ ٧٢٣ ، نصّاً ، مسند أحمد بن حنبل ٢ : ٥٧٢ / ٧٨٨٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٣٥١ / ٤٠٦٦ ، وفيهما : تحرج دابة الأرض ومعها عصا موسى وخاتم سليمان ...

(٢) جوامع الجامع للطبرسي ٢ : ٧٢٣.


وَاُمَناءَ الرَّحْمنِ وَسُلالَةَ النّبِيِّينَ وَصَفْوَةَ الْمُرْسَلِينَ وَعِتْرَةَ خِيَرَةِ رَبِّ الْعالَمِينَ ...........

____________________________________

قيل : وفي هذا إشارة إلى أنّها من الإنس (١) ، ويظهر من هذا الخبر وغيره من الأخبار الكثيرة في الزيارات وغيرها أنّه هو صلوات الله عليه.

وبالجملة : فإنّه صلوات الله عليه مظهر العجائب ولا استبعاد في أمثال هذه.

(وَاُمَناءَ الرَّحْمنِ) : بالآيات والأخبار المتواترة من طرقهم وطرقنا.

(وَسُلالَةَ النَّبِيِّينَ) أي : ولدهم ، فإنّهم عليهم السلام ذريّة نوح وإبراهيم وإسماعيل عليهم السلام ظاهراً ، ومن طينة الأنبياء والرسل روحاً وبدناً ، كما نطقت به الأخبار المتواترة (٢).

(وَصَفْوَةَ الْمُرْسَلِينَ) ، مثلثة الفاء : خلاصتهم ونقاوتهم.

(وَعِتْرَةَ خِيَرَةِ رَبِّ الْعالَمِينَ) : العترة : نسل الرجل ، ورهطه

__________________

(١) جوامع الجامع للطبرسي ٢ : ٧٢٣.

(٢) اُنظر بصائر الدرجات للصفار : ١٣٨ / باب ٣ ح ١ ـ ٣ ، وفيه : ونحن اُمناء الله.


وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ السَّلامُ عَلى اَئِمَّةِ الْهُدى ......................................

____________________________________

وعشيرته الأقربون وهم أهل بيته صلوات الله عليهم كما ورد متواتراً عنه صلى الله عليه وآله : «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي» (١).

والخيرة ـ بسكون العين وفتحها ـ : المختار (٢).

(وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ) : عطف على السلام وبيانه ، أو السلام لرفع المكاره ، والرحمة لجلب الفضائل الدينية أو الأعم والبركة للدنيوية والاُخروية ، أو الأعم منهما ومن الدينية وتقدّم أنّها لطف لنا ، فإنّ مراتبهم عند الله تعالى بحيث لا تقبل الزيادة إلّا بحسب المراتب الدنيوية ، وظهورهم على الأعادي ، وإعلائهم كلمة الله تعالى وهم أيضاً لنا.

(السَّلامُ عَلى اَئِمَّةِ الْهُدى) : الأئمّة ـ بالياء والهمزة ـ : جمع الإمام

__________________

(١) انظر على سبيل المثال دعائم الاسلام للقاضي المغربي ١ : ٢٨ ، أمالي الصدوق : ٥٠٠ / ١٥ ، أمالي الطوسي : ٥٤٨ / فمن حديث ٤ ، المعجم الكبير للطبراني ٥ : ١٧٠ / ٤٩٨١ ، المعجم الأوسط للطبراني ٤ : ١٥٥ / ٣٥٤٢.

(٢) مجمع البحرين ٣ : ٢٩٥ ـ خير ، وفيه : الخيار.


وَمَصابِيحِ الدُّجى وَاَعْلامِ التُّقى وَذَوِي النُّهى ....................................

____________________________________

الذي يقتدى به و (الهدى) : الهداية ، كأنّ الهداية تتبعهم ، كما قال الله تعالى : (فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) (١).

(وَمَصابِيحِ الدُّجى) : أي : الظلمة ؛ فإنّهم هادون للخلق من ظلمة الشرك والكفر والضلالة إلى نور الإيمان والطاعة.

(وَاَعْلامِ التُّقى) : الأعلام جمع العلم : العلامة ، والمنار ، والجبل.

و (التقى) : التقوى ، أي : معروفون عند كلّ أحد بالتقوى ، أو لا تُعرف التقوى ومراتبها إلّا منهم.

فإنّ تقوى العوام : الاجتناب من المناهي وفعل الواجبات ، والخواص من المكروهات وفعل المندوبات ، والأخص ممّا يشغلهم عن الله تعالى ، كما قال الله : (لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (٢).

(وَذَوِي النُّهى) : جمع النُّهية وهي العقل ؛ لأنّها تنهى عن القبائح ؛

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ١٢.

(٢) سورة المنافقون ٦٣ : ٩.


وَاُولِي الْحِجى وَكَهْفِ الْوَرى وَوَرَثَةِ الْأَنْبِياءِ وَالْمَثَلِ الْأَعْلى ...............................

____________________________________

فإنّهم أولو العقول الكاملة.

(وَاُولِي الْحِجى) : كاُلي العقل ، والفطنة.

(وَكَهْفِ الْوَرى) أي ملجأ الخلائق في الدنيا والآخرة.

(وَوَرَثَةِ الْأَنْبِياءِ) : فإنّهم ورثوا كلّ علم وكتاب وفضيلة وكمال كان لهم ، حتّى عصا موسى وعمامة هارون والتابوت والسَكينة وخاتم سليمان ، كما روي في الأخبار المتواترة (١) ، بل روي «أنّه آتاهم الله ما لم يؤت أحداً من العالمين» (٢).

(وَالْمَثَلِ الْأَعْلى) : المَثَل محرّكة : الحجّة والحديث والصفة ، والجمع : المُثُل بضمتين ويمكن قراءته بهما ؛ فإنّهم حجج الله تعالى وأعلاهم ، والمتّصفون بصفات الله تعالى ، فهم صفته وصفاته على المبالغة ، أو مثل الله تعالى لهم في قوله : (اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ

__________________

(١) الكليني في اُصول الكافي ١ : ٢٣١ ، باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء عليهم السلام.

(٢) كفاية الأثر للخزّار : ٢٥٩ ، مختصر البصائر للحلي : ٣٣٠ / ذيل حديث ٣٥٤ ، الصراط المستقيم للنباطي ٢ : ١٥٧.


وَالدَّعْوَةِ الْحُسْنى وَحُجَجِ اللهِ عَلى اَهْلِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ والاُوْلَى (١) وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ

____________________________________

وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ) (٢) كما روي في الأخبار الكثيرة ، بل ادّعى بعض أصحابنا بالاجماع أنّها نزلت فيهم (٣).

(وَالدَّعْوَةِ الْحُسْنى) : فإنّهم أحسن الدعاة إلى الله ، أو دعوة الله الخلق إلى متابعتهم أفضل الدعوات.

(وَحُجَجِ اللهِ عَلى اَهْلِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ) أي : احتجّ الله وأتمّ حجّته بهم على أهل الدنيا بأن جعل لهم المعجزات الباهرة ، والعلوم اللدنّية ، والأخلاق الإلهيّة ، والعقول الربّانية ، فهداهم بهم إليه ، ويحتجّ بهم في الآخرة بعد الموت أو في القيامة.

(والاولى) كرر للتأكيد أو السجع ، أو هي صفة الحجج فإنّهم أولى حجج الله ، كما تقدّم ، أو يقرأ بأفعل التفضيل فإنّهم أكمل حجج الله.

(وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ) : عطف على السلام ويمكن جعل كلّ

__________________

(١) في العيون : (على أهل الآخرةِ والاُولى).

(٢) سورة النور ٢٤ : ٣٥.

(٣) اُنظر الروايات الواردة في تفسير البرهان للبحراني ٤ : ٦٦ ، سورة النور آية ٣٥.


السَّلامُ عَلى مَحلِّ مَعْرِفَةِ اللهِ وَمَساكِنِ اللهِ وَمَعادِنِ حِكْمَةِ اللهِ .....................

____________________________________

واحد من السلام والرحمة والبركات في كلّ واحد من الجمل لمعنىً غير السابق.

(السَّلامُ عَلى مَحلِّ) وفي بعض النسخ بالجمع [محال].

(مَعْرِفَةِ اللهِ) أي : لم يعرف الله حق معرفته إلّا هم ، وما عُرف الله إلّا منهم ومن تعريفهم ؛ فإنّهم أكمل مظاهر أسمائه تعالى وصفاته الحسنى.

والقراءة بالمفرد للدلالة على أنّهم صلوات الله عليهم كنفس واحدة في المعرفة ؛ فإنّها لا تختلف بخلاف باقي الصفات.

(وَمَساكِنِ بَرَكَةِ اللهِ) أي : بهم يبارك الله على الخلائق بالأرزاق الصورية والمعنوية ، كما تدلّ الأخبار المتواترة ، ونبّه عليه المحقق الدواني في شرح الهياكل (١).

(وَمَعادِنِ حِكْمَةِ اللهِ) كما ورد متواتراً من النبي والأئمّة صلوات الله عليهم ، أنّه قال رسول الله صلى الله عليه وآله : «أنا مدينة الحكمة وعليّ بابها» (٢).

__________________

(١) شواكل الحور في شرح هياكل النور (ضمن ثلاث رسائل للدواني) : ٢٤٧.

(٢) شرح الأخبار للقاضي المغربي ١ : ٨٩ / ١ ، أمالي الصدوق : ٦١٩ / ضمن


وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ............................................

____________________________________

وعلومهم علومه صلوات الله عليهم ، والحكمة هي : العلوم الحقيقية الإلهيّة ، ولا ريب أنّ علومهم من الله تعالى ، بل عين علم الله.

(وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ) أسرار الله هي : علوم لا يجوز إظهارها إلّا للكمّل مثل : سلمان وكميل ، كما سئل أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن الحقيقية ، فقال : «مالك والحقيقة؟» ، فقال : أولست صاحب سرّك (١)؟ إلى آخره.

وقال الصادق صلوات الله عليه : «لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان ، لقال : رحم الله قاتل سلمان» (٢).

وقالوا صلوات الله عليهم : «إنّ حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلّا ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه

__________________

حديث طويل ، روضة الواعظين للفتال النيشابوري : ١٠٣ ، عوالي اللئالي ٤ : ١٢٣ / ٢٠٦ ، تهذيب الكمال للمزّي ٢١ : ٢٧٧.

(١) شرح الأسماء الحسنى للسبزواري : ١٣١ ، نور البراهين لنعمة الله الجزائري ١ : ٢٢١.

(٢) اختيار معرفة الرجال للشيخ الطوسي ١ : ٦٠ / ٣٣.


وَحَمَلَةِ كِتابِ اللهِ وَاَوْصِياءِ نَبِيِّ اللهِ ..............................................

____________________________________

للايمان» (١) ، وفي خبر آخر بدون لفظ الاستثناء (٢) ويظهر من خبر موسى والخضر صلوات الله عليهما أنّ كلّ أحد ليس له قابلية فهم جميع العلوم.

(وَحَمَلَةِ كِتابِ اللهِ) ، فإنّ القرآن كما أُنزل ، وعلومه كما هي عندهم وفيه علوم الأولين والآخرين ، كما ورد في المتواتر من الأخبار (٣).

(وَاَوْصِياءِ نَبِيِّ اللهِ) ، فإنّه ورد متواتراً من طرق العامّة والخاصّة أنّهم خلفاء رسول الله وأوصياؤه (٤) ، وأنّه صلى الله عليه وآله أوصى إلى أمير المؤمنين إلى المهدي ، وأوصى كلّ منهم إلى الإمام الذي بعده إلى وَذُرِّيَّةِ

__________________

(١) الكافي للكليني ١ : ٤٠١. باب فيما جاء أنّ حديثهم صعب مستصعب.

(٢) بصائر الدرجات للصفار : ٤٢ / ١٠.

(٣) الكليني في الكافي ١ : ٢٢٨ ، باب أنّه لم يجمع القرآن كلّه إلّا الأئمّة عليهم السلام.

(٤) ورد حديث الخلفاء الاثني عشر في الأمالي للصدوق : ٣٨٧ / ٩ ، والخصال : ٤٧٠ / ١٦ ـ ١٨ ، وكفاية الأثر للخزّاز : ٥١ ، والغيبة للنعماني : ١٠٤ / ٣١ ، والمسند لأحمد بن حنبل ٦ : ٨٩ / ٢٠٢٩٠ ، وصحيح مسلم ٣ : ٣٦٥ / ١٨٢١ ، وسنن أبي داود ٤ : ٣٠٥ / ٤٢٧٩ و ٤٢٨٠ ، ومستدرك الحاكم ٤ : ٨١٢ / ٦٦٤٥.


رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ عَلَى الدُّعاةِ إلَى اللهِ وَالْأَدِلّاءِ عَلى مَرْضَاتِ اللهِ.

____________________________________

المهدي صلوات الله عليهم أُمور الأُمّة ، وكانت الوصاية كناية عن التخليف ، كما تقدّم.

(وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) : فإنّ أولاد البنت أيضاً من الذريّة ، كما قال الله تعالى في عيسى بن مريم عليه السلام : إنّه من ذرية نوح عليه السلام مع أنّه ابن البنت (١).

(السَّلامُ عَلَى الدُّعاةِ) : جمع الداعي (إلى الله) إلى معرفته وعبادته والتخلّق بأخلاقه تعالى ، كما قال : (قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّـهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (٢).

(وَالْأَدِلّاءِ عَلى مَرْضاتِ اللهِ) : فإنّهم يدلّون الخلائق بالشريعة

__________________

(١) اشارة إلى قوله تعالى : (كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ). سورة الانعام ٦ : ٨٤ ـ ٨٥.

(٢) سورة يوسف ١٢ : ١٠٨.


وَالْمُسْتَوفِرينَ فِي اَمْرِ اللهِ (١) وَالتَّامِّينَ فِي مَحَبَّةِ اللهِ وَالْمُخْلِصِينَ فِي تَوْحِيدِ اللهِ ..........

____________________________________

الحقّة إلى ما يوجب رضاه من مراتب القرب لله وإلى الله وفي الله ومع الله.

(وَالْمُسْتَوفِرينَ فِي اَمْرِ اللهِ) أي : الساعين في الائتمار بأوامره الواجبة والمندوبة مطلقاً أو في أمر الإمامة. وفي بعض النسخ : المستقرين وهو أظهر.

(وَالتَّامِّينَ فِي مَحَبَّةِ اللهِ) : في مراتبهم الثلاث من محبّة الذات لذاته ، ولصفاته الحسنى ، ولأفعاله الكاملة ، ومن ذاق حلاوة المحبّة يستنشق من جميع رواياتهم سيّما الأخبار الواردة فيها وفي أسبابها من الرضا والزهد والتسليم وغيرها في جميع مراتبها ، وأنّهم كاملون فيها.

والمراد من المحبّة : العشق وإنكار العشق بالنسبة إلى الله تعالى ؛ لعدم فهم معناه وعدم القابلية.

(وَالْمُخْلِصِينَ) ـ بالكسر والفتح ـ (فِي تَوْحِيدِ اللهِ) : فإنّ أقصى

__________________

(١) في العيون زيادة : (ونَهْيه).


وَالْمُظهِرِينَ لأَمْرِ اللهِ وَنَهْيِهِ وَعِبادِهِ الْمُكْرَمِينَ الَّذِينَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِاَمْرِهِ يَعْمَلُونَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ. السَّلامُ عَلَى الأئِمَّةِ

____________________________________

مراتب المحبّة ينجرّ إلى أن لا يرى العارف إلّا الله ؛ فإنّه لا يرى إلّا ويرى الله بعده في الابتداء ، ثمّ معه ، ثمّ قبله ، ثمّ لا يرى إلّا الله ، ولمّا كان الإرشاد بعد التكميل ، أشار بقوله :

(وَالْمُظْهِرينَ لِأَمْرِ اللهِ وَنَهْيِهِ وَعِبادِهِ الْمُكْرَمِينَ) ـ مشدّداً ، ومخفّفاً ـ كما قال تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) (١) أي : هذا النوع بوجود الأنبياء والأوصياء.

(الَّذِينَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ) ، أي : لا يتكلّمون إلّا بأمر الله ، بل كلامهم كلام الله ، كما قال تعالى : (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ) (٢) وهم نفس النبيّ صلوات الله عليهم.

(وَهُمْ بِاَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) : في كلّ ما يعملونه من الجهاد وتركه ، وإظهار الحقّ وكتمانه وغيرها.

__________________

(١) سورة الاسراء ١٧ : ٧٠.

(٢) سورة النجم ٥٣ : ٣ ـ ٤.


الدُّعاة وَالْقادَةِ وَالسّادَةِ الولاة ...........................................

____________________________________

(وَالْقادَةِ) : جمع القائد.

(الْهُداةِ) : ـ جمع الهادي ـ الذين قال الله تعالى فيهم : (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) (١) ، كما وردت في الأخبار المتواترة أنّهم هم عليهم السلام (٢).

(وَالسّادَةِ) ـ جمع السيّد ـ ، أي : الأفضل الأكرم.

(الْوُلاةِ) ـ جمع الوالي ـ فإنّهم يقودون السّالكين إلى الله ، والأولى بالتّصرف في الخلق من أنفسهم ، كما قال تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ) (٣) ، وقال : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) (٤) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : «من كنت مولاه فهذا عليّ

__________________

(١) سورة الأنبياء ٢١ : ٧٣.

(٢) تأويل الآيات للاسترآبادي ١ : ٣٢٨ / ١٢ ، وانظر تفسير البرهان للبحراني ٣ : ٨٢٨ ـ ٨٢٩.

(٣) سورة الأحزاب ٣٣ : ٦.

(٤) سورة المائدة ٥ : ٥٥.


والذادة الْحُماةِ وَاَهْلِ الذِّكْرِ ..........................................

____________________________________

مولاه» (١) إلى غير ذلك من الأخبار المتواترة (٢).

(وَالذّادَةِ) ـ جمع الذائد ـ من الذود ، بمعنى الدفع.

(الْحُماةِ) ـ جمع الحامي ـ فإنّهم يدفعون عن شيعتهم في الدنيا الآراء الفاسدة ، والمذاهب الباطلة ، والبليات بالأدعية الشافية ، وفي الآخرة بالشفاعة والحماية ، كما وردت به الأخبار (٣) المتواترة.

(وَاَهْلِ الذِّكْرِ) : الذين قال الله تعالى فيهم : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (٤) ، كما وردت به الأخبار المتواترة أنّهم : هم

__________________

(١) بصائر الدرجات للصفار : ٩٧ / ضمن حديث ٥ ، الكافي للكليني ١ : ٢٨٧ / ضمن حديث ١ ، الأمالي للصدوق : ٥٠ / ضمن حديث ٢ ، مسند أحمد بن حنبل ٥ : ٤٩٤ / ١٨٧٩٣ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ : ٢٨٩.

(٢) اُنظر تفسير البرهان للبحراني ٢ : ٣١٦ ـ ٣٢٦ / تفسير آية الولاية.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٣٠٦ / باب ما يجزي من القول عند زيارة جميع الأئمة عليهم السلام.

(٤) سورة الأنبياء ٢١ : ٧.


وَاُولِي الْأَمْرِ وَبَقِيَّةِ اللهِ وَخِيرَتِهِ ..........................................

____________________________________

الذكر (١) ، أمّا القرآن أو الرسول صلى الله عليه وآله وهم أهلها.

(وَاُولِي الْأَمْرِ) : الذين قال الله تعالى فيهم : (أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) (٢) ، كما وردت به الأخبار المتواترة من طرق العامّة والخاصّة (٣).

(وَبَقِيَّةِ اللهِ) : الذين قال تقدّس وتعالى فيهم : (بَقِيَّتُ اللَّـهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (٤) أي : أبقاهم الله إلى انقضاء الدنيا لهداية الخلق إلى الله ، بل هم سبب بقاء الدنيا ، أو لتخلّقهم بأخلاق الله كأنّهم بقية الله.

(وَخِيرَتِهِ) : لأنّهم اختارهم الله من الخلق بالتفضيل عليهم لهدايتهم إليه.

__________________

(١) الكافي ١ : ٢١٠ / باب أنّ أهل الذكر ... هم الأئمة عليهم السلام ، وبصائر الدرجات : ٥٨ / باب ١٩.

(٢) سورة النساء ٤ : ٥٩.

(٣) انظر تفسير البرهان للبحراني ٢ : ١٠٣ / تفسير آية الطاعة.

(٤) سورة هود ١١ : ٨٦.


وَحِزْبِهِ وَعَيْبَةِ عِلْمِهِ وَحُجَّتِهِ وَصِراطِهِ وَنُورِهِ (١) ..................................

____________________________________

(وَحِزْبِهِ) : الذين قال الله تعالى وتقدّس فيهم : (رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَـٰئِكَ حِزْبُ اللَّـهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٢) أي : الطائفة المختصّون به تعالى ، أو عساكره الصورية والمعنوية.

(وَعَيْبَةِ عِلْمِهِ) أي : مخزنه ، كما ورد في المتواتر من الأخبار : أنّهم خزنة علم الله ووحيه من العلوم اللّدنّية والأسرار الإلهيّة وغيرهما (٣).

(وَحُجَّتِهِ وَصِراطِهِ) : الذي قال تبارك وتقدس : (وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ) (٤) ، وورد في الأخبار المتواترة أنّهم الصراط المستقيم (٥).

(وَنُورِهِ) : أمّا بمعنى : الهادي أو العلم أو الهداية بمعنى : المهتدى

__________________

(١) في نسخة : ونُورِهِ وَبُرهَانِهِ.

(٢) سورة المجادلة ٥٨ : ٢٢.

(٣) الكافي للكليني ١ : ١٩٢ ، باب أنّ الأئمة ولاة امر الله وخزنة علمه.

(٤) سورة الانعام ٦ : ١٥٣.

(٥) اُنظر بحار الأنوار للعلّامة المجلسي ٢٤ : ٩ / باب أنّهم عليهم السلام السبيل والصراط ....


وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ. اَشْهَدُ أنْ لا اِلهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ كَما شَهِدَ اللهُ لِنَفْسِهِ وَشَهِدَتْ لَهُ مَلائِكَتُهُ وَاُولُو الْعِلْمِ مِنْ خَلْقِهِ لا اِلهَ اِلّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. واَشْهَدُ اَنَّ عَبْدُهُ الْمُنْتَجَبُ (١) ........................................

____________________________________

إليه بالهداية الخاصّة أو من نور الله العالم بالوجود لأجلهم أو بهدايتهم.

(كَما شَهِدَ اللهُ لِنَفْسِهِ) : فإنّ توحيده بالإخلاص التّام كما هو ليس في متناول وسعنا وقدرتنا فنشهد به كما شهد هو تعالى لنفسه ، كما في التحميد والتمجيد والتقديس وغيرها ، أو بالآيات الظاهرة والدلالات الباهرة في الآفاق والأنفس. فنشهد بها كما شهد هو لنفسه.

(وَاُولُو الْعِلْمِ مِنْ خَلْقِهِ) : من الأنبياء والأولياء.

(لا اِلهَ اِلّا هُوَ) : كرّر للتأكيد وللتوصيف.

(الْعَزِيزُ) : الغالب القاهر الذي لا يصل أحد إلى كبريائه.

(الْحَكِيمُ) : العليم الفاعل للأصلح بالنظر إلى خلقه في كلّ ما خلق.

(عَبْدُهُ الْمُنْتَجَبُ) أي : عَبَدَه حقّ العبادة فانتجبه واصطفاه من

__________________

(١) في العيون بدل (المنتجب) : (المصطفى).


وَرَسُولُهُ الْمُرْتَضى اَرْسَلَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّيْنِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ. وَاَشْهَدُ اَنَّكُمُ الْأَئِمَّةُ الرّاشِدُونَ ........................................

____________________________________

الخلائق حتّى من المرسلين ، فإنه صلى الله عليه وآله أفضلهم.

(وَرَسُولُهُ الْمُرْتَضى) : ارتضاه منهم بهدايتهم إليه.

(اَرْسَلَهُ) مقروناً (بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ) أي : الله أو القائم إلى قيام القيامة ، لا يعتريه النسخ والتبديل.

(لِيُظْهِرَهُ) ويغلبه (عَلَى الدِّيْنِ) ـ أي الأديان ـ (كُلِّهِ).

(وَاَشْهَدُ اَنَّكُمُ الْأَئِمَّةُ الرّاشِدُونَ) الذين قال رسول الله صلى الله عليه وآله ، «عليكم بسنّتي ، وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي» (١) ، لو صحّ الخبر.

ورواه العامّة أيضاً سيّما البخاري ومسلم عنه صلى الله عليه وآله أنّه قال : «لا يزال الدين قائماً ـ أو عزيزاً ـ ما وليهم اثني عشر خليفة ـ أو أميراً ـ كلهم من قريش» (٢).

__________________

(١) اُنظر مسند الشاميين للطبراني ٣ : ١٧٣ / ضمن حديث ٢٠١٧ ، تفسير الثعلبي ١ : ١٢٠ ، تفسير الفخر الرازي ١ : ٢٧٠.

(٢) صحيح البخاري : لم نجده فيه ، صحيح مسلم ٣ : ٣٦٦ / ٧ ، ٨ ، سنن أبي


الْمَهْدِيُّونَ الْمَعْصَومُونَ الْمُكَرَّمُونَ الْمُقّرَّببُونَ الْمُتَّقُونَ الصّادِقُونَ ....................

____________________________________

والرشد : الهدى.

(الْمَهْدِيُّونَ) : الذين هداهم الله بالهداية الخاصّة إليه تعالى.

(الْمَعْصُومُونَ) : من الصغائر والكبائر ، والسهو والنسيان في مدّة العمر ؛ لآية التطهير والأخبار المتواترة (١) ، والدلائل العقلية التي ذكرها علّامة المحققين في كتاب الألفين (٢) التي تزيد على ألف حجة.

(الْمُكَرَّمُونَ) : الذين كرّمهم الله تعالى ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً ، وأكرمهم بالكرامات الصورية والمعنوية.

(الْمُقَرَّبُونَ) : الذين قرّبهم الله تعالى إليه بنهاية مراتب القرب.

(الْمُتَّقُونَ) : في أعلى مراتب التقوى ؛ فإنّ تقوى المقرّبين ؛ من غفلةِ لمحةٍ عن القرب مع الله تعالى.

(الصّادِقُونَ) : الذين قال الله تبارك وتقدس : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

__________________

داود ٤ : ٣٠٥ / ٤٢٧٩ ، ٤٢٨٠ ، كنز العمال ١٢ : ٣٢ / ٣٣٨٥٠ ، الخصال للصدوق : ٤٧٠ / ١٧ ، العمدة لابن البطريق : ٤١٨ / ٨٥٦ ، بألفاظ متفاوتة.

(١) اُنظر بحار الأنوار ٣٥ : ٢٠٦ ـ ٢٣٦.

(٢) هو العلّامة الحلّي الشيخ حسن بن يوسف بن المطهر الأسدي.


الْمُصْطَفَونَ .............................................

____________________________________

اتَّقُوا اللَّـهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (١) ، وروي في الأخبار المتواترة : أنّهم هم عليهم السلام (٢) ، ولقبح الأمر بمتابعة غير المعصوم عقلاً ونقلاً ، مع أنّ الصدق أعمّ من أنْ يكون في الأقوال والأفعال والأطوار ، ولا يوجد في غير المعصوم ، كما ذكره الكتاني في كتاب الصدق (٣) ، وهو كتاب حسن لابدّ للسالك إلى الله منه.

(الْمُصْطَفَونَ) : الذين قال الله تبارك وتقدّس : (إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ ـ آل محمّد ـ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) (٤) ، في قراءة أهل البيت عليهم السلام في أخبار كثيرة (٥) وعلى القراءة المشهورة

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ١١٩.

(٢) اُنظر الكافي للكليني ١ : ٢٠٨ / باب ما فرض الله عزّ وجلّ .. من الكون مع الأئمّة عليهم السلام.

(٣) لم نعثر عليه.

(٤) سورة آل عمران ٣ : ٣٣.

(٥) اُنظر تفسير العياشي ١ : ١٦٨ / ٣٠ ، و ١٦٩ / ٣٤ ، وتفسير القمّي ١ : ١٠٠.


الْمُطِيعُونَ لِلهِ الْقَوّامُونَ بِاَمْرِهِ الْعامِلُونَ بِاِرادَتِهِ ...............................

____________________________________

فهم مصطفى آل ابراهيم بالأخبار المتواترة (١).

(الْمُطِيعُونَ لِلهِ) : بالاطاعة التامة حتّى بذلوا أنفسهم وأموالهم في سبيله وقاتلوا وقُتلوا بالجهاد الصوري والمعنوي ؛ لإعلاء كلمة الله ودينه ، كما هو ظاهر لمن تتبّع كتب الأخبار والسير.

(القَوّامُونَ بِاَمْرِهِ) : في أمر الإمامة أو الأعم.

(الْعامِلُونَ بِاِرادَتِهِ) أي : الله أو بالله وهو أظهر ؛ فإنّهم عليهم السلام كانوا في أعلى مراتب القرب ، وقد تقدّم في مراتب القرب النوافلي أنّه يسمع بالله ، ويبصر به ، ويبطش به ، ويمشي به (٢).

__________________

(١) اُنظر تفسير البرهان للبحراني ١ : ٦١٢ ـ ٦١٥.

(٢) ورد عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قال الله عزّ وجلّ ـ في حديث ـ : «وما تقرّب إليِّ عبد بمثل ما افترضت عليه ، وإنّه ليتقرّب إليّ بالنافلة حتى اُحبّه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يُبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ...».

اُنظر المؤمن للأهوازي : ٣٢ / ٦١ ، المحاسن للبرقي : ٢٩١ / ٤٤٣ ، الكافي


الْفائِزُونَ بِكَرامَتِهِ اصْطَفاكُمْ بِعِلْمِهِ وَارْتَضاكُمْ لِغَيْبِهِ ..............................

____________________________________

(الْفائِزُونَ بِكَرامَتِهِ) أي : عالماً بأنّكم أهل الاصطفاء ، أو بسبب أن يجعلكم مخزن العلوم ، ويؤيّده ما في بعض النسخ من اللام.

(وَارْتَضاكُمْ لِغَيْبِهِ) (١) قال الله تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ) (٢) ، وورد في الأخبار الكثيرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله ممّن ارتضاه الله لغيبه (٣) ، وكلّ علم كان لرسول الله صلى الله عليه وآله فإنّه وصل إليهم (٤) ، مع أنّه يمكن التعميم في الرسول

__________________

للكليني ٢ : ٣٥٢ / ٧ ، الصحيح لابن حبان ٢ : ٥٨ / ٣٤٧ ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله.

(١) في نسخه : لدينه.

(٢) سورة الجن ٧٢ : ٢٦ ـ ٢٧.

(٣) اُنظر تفسير البرهان للبحراني ٥ : ٥١٣ ـ ٥١٤. اُصول الكافي للكليني ١ : ٢٥٦ ، باب نادر في ذكر الغيب.

(٤) في الأصل : إلينا ، وما أثبتناه هو الأنسب للسياق.


وَاخْتارَكُمْ لِسِرِّهِ وَاجْتَباكُمْ بِقُدْرَتِهِ وَاَعَزَّكُمْ بِهُداهُ وَخَصَّكُمْ بِبُرْهانِهِ وَانْتِجَبَكُمْ لِنُورِهِ (١) ..

____________________________________

بحيث يشملهم ، كما يظهر من أخبار أُخر (٢) ، وإخبارهم بالمغيبات أظهر من الشمس ، ويمكن أنْ يكون المراد بالغيب : الأسرار الإلهيّة أو الأعم ، فحينئذٍ يكون قوله :

(وَاخْتارَكُمْ لِسِرِّهِ) : للتأكيد أو التخصيص بعد التعميم.

(وَاجْتَباكُمْ بِقُدْرَتِهِ) : إشارة إلى علوّ رتبة اجتبائهم بأنّه لا يمكن إلّا من قدرة الله ، وإن كان الكلّ من قدرته ، أو لإظهار قدرته.

(وَاَعَزَّكُمْ بِهُداهُ) أي : جعلكم أعزاء (٣) بالهداية هادياً أو مهدياً.

(وَخَصَّكُمْ بِبُرهانِهِ) أي : بالقرآن وعلومه فإنّهما معجزان ، وهما عندهم ، أو الأعم منه ومن غيره من المعجزات الباهرة المتواترة التي روتها العامّة والخاصّة عنهم صلوات الله عليهم.

(وَانْتَجَبَكُمْ لِنُورِهِ) : من العلم والكمالات والهداية وغيرها من

__________________

(١) في نسخة : بِنُورِهِ.

(٢) اُنظر الكافي للكليني ١ : ٢٢١ ، باب أنّ الأئمّة عليهم السلام ورثة العلم.

(٣) في نسخة : «أعزة».


وَاَيَّدَكُمْ بِرُوحِهِ ..............................................

____________________________________

الأنوار القدسية المعنوية.

(وَاَيَّدَكُمْ بِرُوحِهِ) وهي : روح القدس التي كانت مع نبينا صلى الله عليه وآله وكانت معهم عليهم السلام كما يظهر من الأخبار المستفيضة.

فمن ذلك ما رواه الكليني في الصحيح ، عن أبي بصير ليث المرادي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى : (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ) (١) ، قال : «خلق من خلق الله عزّ وجلّ أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله يخبره ويسدّده ، وهو مع الأئمّة من بعده صلى الله عليه وآله» (٢).

وفي الصحاح عن ليث ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) (٣) ، قال : «خلقٌ أعظم من جبرئيل وميكائيل لم يكن مع أحد ممّن مضى غير

__________________

(١) سورة الشورى ٤٢ : ٥٢.

(٢) كافي ١ : ٢٧٣ ، باب الروح التي يسدد الله بها الأئمّة عليهم السلام.

(٣) سورة الاسراء ١٧ : ٨٥.


وَرَضِيَكُمْ خُلَفاءَ فِي اَرْضِهِ وَحُجَجاً عَلى بَرِيَّتِهِ وَاَنْصاراً لِدِينِهِ وَحَفَظَةً لِسِرِّهِ وَخَزَنَةً ...

____________________________________

محمّد صلى الله عليه وآله ، وهو مع الأئمّة يسدّدهم ، وليس كلّ ما طلب وجد» (١) ، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة ، والظاهر أنّه من الملائكة الروحانيين.

ويمكن أنْ يكون عبارة عن تنوير نفوسهم وعقولهم بالأنوار القدسية الإلهيّة.

(وَرَضِيَكُمْ خُلَفاءَ فِي اَرْضِهِ) كما قال الله تعالى : (وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) (٢) ، وروي متواتراً أنّها وردت فيهم عليهم السلام (٣) ، وكمال الاستخلاف في زمان المهدي صلوات الله عليه ، فإنّه الزمان الذي تجتمع الخلائق على

__________________

(١) أورده الكليني في الكافي ٤ : ٢٧٣ / ٤.

(٢) سورة النور ٢٤ : ٥٥.

(٣) اُنظر مجمع البيان للطبرسي ٧ : ٢٨٥ ، وتفسير البرهان للبحراني ٤ : ٨٩.


لِعِلْمِهِ وَمُسْتَوْدَعاً لِحِكْمَتِهِ وَتَراجِمَةً لِوَحْيِهِ وَاَرْكاناً لِتَوْحِيدِهِ ........................

____________________________________

الإيمان ويرتفع الشرك بالكلية ، كما رواه العامّة أيضاً متواتراً ، وروى الخاصّة متواتراً أنّهم خلفاء الله في أرضه (١) ، ولا يكون زمان خالياً من الخليفة ، كما يظهر من قوله تعالى : (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (٢) ، ويظهر أيضاً من قوله تعالى : (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) (٣) ، وروي في الأخبار المتواترة أنّه لو لم يبق إلّا اثنان لكان أحدهما الإمام (٤).

(وَتَراجِمَةً) أي : مبينين (٥).

(لِوَحْيِهِ) : القرآن أو الأعم.

(وَاَرْكاناً لِتَوْحِيدِهِ) أي : رضيهم الله بأن يكونوا أركاناً للأرض لأنْ يوحّده ، كما يظهر من الأخبار المتكثرة ، وتقدّم بعضها ، أو هم

__________________

(١) اُنظر النصوص الواردة في بحار الأنوار ٢٤ : ١٦٣ ـ ١٦٧.

(٢) سورة البقرة ٢ : ٣٠.

(٣) سورة الرعد ١٣ : ٧.

(٤) انظر الاكفي للكليني ١ : ١٧٩ ، (باب أنّه لو لم يبق في الأرض إلّا رجلان لكان احدهما الحجّة).

(٥) في الأصل : مبيناً ، وما أثبتناه هو الأنسب للسياق.


وَشُهَداءَ عَلى خَلْقِهِ .............................................

____________________________________

الخلق المبيّنون لتوحيد الله تبارك وتعالى فكأنّهم أركانّه (١).

(وَشُهَداءَ عَلى خَلْقِهِ) : كما ورد في الأخبار المتواترة.

فمن ذلك ما رواه الكليني وغيره في الصحيح ، عن بريد العجلي ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : قول الله تبارك وتعالى : (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) (٢) ، قال : «نحن الاُمّة الوسط ، ونحن شهداء الله تبارك وتعالى على خلقه ، وحججه في أرضه».

قلت : قوله تعالى (هُوَ اجْتَبَاكُمْ) (٣)؟ قال : «إيّانا عنى ، ونحن المجتبون ، ولم يجعل الله تبارك وتعالى في الدين من ضيق أو حرج ، فالحرج أشدّ من الضيق. (مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ) (٤) إيّانا عنى خاصّة ، (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) الله عزّ وجلّ سمّانا المسلمين من قبل ، في الكتب التي مضت وفي هذا القرآن (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ

__________________

(١) اُنظر الكافي للكليني ١ : ١٩٦ ، باب أنّ الأئمة عليهم السلام أركان الأرض.

(٢) سورة البقرة ٢ : ١٤٣.

(٣ و ٤) سورة الحج ٢٢ : ٧٨.


وَاَعْلاماً لِعِبادِهِ وَمَناراً فِي بِلادِهِ وَاَدِلّاءَ عَلى صِراطِهِ .................................

____________________________________

وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) (١) ، فرسول الله صلى الله عليه وآله الشهيد علينا بما بلّغنا عن الله تبارك وتعالى ونحن الشهداء على الناس ، فمن صدّق يوم القيامة صدّقناه ، ومن كذّب كذّبناه» (٢).

وروي أيضاً في الأخبار المتواترة أنّه أعمال هذه الأمّة أبرارها وفجّارها تعرض كلِّ صباح ومساء عليهم وتقدّم (٣).

(وَاَعْلاماً لِعِبادِهِ) أي : أئمّة يَعلم بهم أُمور دنياهم وآخرتهم.

(وَمَناراً فِي بِلادِهِ) أي : يهتدي بهم وبأنوار أخبارهم في جميع الأرض.

__________________

(١) سورة الحج ٢٢ : ٧٨.

(٢) الكافي للكليني ١ : ١٩٠ / ٢ ، باب أنّ الأئمّة شهداء الله عزّ وجلّ على خلقه.

(٣) اُنظر بصائر الدرجات ببصفار : ٤٤٤ / باب الأعمال تعرض على رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام ، والكافي للكليني ١ : ٢١٩ / ١ ، وبحار الأنوار للمجلسي ٢٣ : ٣٣٣ / باب عرض الأعمال عليهم عليهم السلام وأنّهم الشهداء على الخلق.


عَصَمَكُمُ اللهُ مِنَ الزَّلَلِ وَآمَنَكُمْ مِنَ الْفِتَنِ وَطَهَّرَكُمْ مِنَ الدَّنَسِ وَاَذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ (١) وَطَهَّرَكُمْ تَطْهِيراً ...........................................

____________________________________

(عَصَمَكُمُ اللهُ مِنَ الزِّلَلِ) أي : الخطأ ، بقربهم ويقينهم حق اليقين ، وطهارتهم الأصلية ؛ فإنّ أرواحهم مخلوقة من نور الله عزّ وجلّ ، وأجسادهم من طينة أعلى عليين ، كما نطقت به الأخبار المتواترة (٢) مع تأييدهم بروح القدس وذلك كلّه يمنع من الخطأ.

(وَآمَنَكُمْ مِنَ الْفِتَنِ) : في الدين ، بصدور صغيرة أو كبيرة ، أو شكّ ممّا لا يخلو منه غيرهم.

(وَطَهَّرَكُمْ مِنَ الدَّنَسِ) : حتّى من المكروهات والمباحات ؛ فإنّها دنس بالنظر إلى علوّ مقاماتهم ، فإنّه كانت أعمالهم لله وفي الله وإلى الله.

(وَاَذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَكُمْ تَطْهِيراً) والرجس كالدنس ، أو الشرك والشكّ ، والتنوين للتعظيم ، ويدلّ على طهارتهم من كلِّ دنس.

وظاهر الأخبار المتواترة عن أهل البيت صلوات الله عليهم أنّ

__________________

(١) في الفقيه زيادة : (أهلَ البيت) وضعت بين معقوفتين.

(٢) اُنظر بحار الأنوار للمجلسي ٢٥ : ١ ، باب خلقهم وطينتهم وأرواحهم عليهم السلام.


...........................................

____________________________________

الآية نزلت في النبي وفاطمة والأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين (١).

وعن العامّة في صحاحهم أنّها نزلت في الخمسة ، ولو سلّم لدلّ على عصمتهم ، وهم ذكروا عصمة البقية.

وأمّا الآية في جميعهم مع أنّ القول بعصمة الخمسة دون غيرهم خرق للإجماع المركب ، والعجب من البيضاوي وغيره أنّهم رووا في صحيحهم وذكروا في تفاسيرهم أنّها نزلت في الخمسة (٢) مع التعبير بالخطاب ، المذكور أو خلوّ الأزواج فيه ؛ على أنّهم رووا أنّ أُم سلمة أو عائشة أرادت الدخول في الكساء فمنعها رسول الله صلى الله عليه وآله وقال : «إنّك إلى خير» (٣) ، وغفلوا عن تكذيب الله ورسوله صلى الله عليه وآله ؛ فإنّ

__________________

(١) المراد من الآية هي آية التطهير في سورة الأحزاب رقم ٢٣ ، وانظر الأحاديث الواردة في تفسير هذه الآية بحقّ أهل البيت عليهم السلام في تفسير البرهان للبحراني ٤ : ٤٤٢ ـ ٤٥٢.

(٢) تفسير البيضاوي ٣ : ٨٦ ، تفسير الثعلبي ٨ : ٤٢ ، تفسير الدرّ المنثور للسيوطي ١٢ : ٣٧ ـ ٤١.

(٣) اُنظر مسند أحمد بن حنبل ٧ : ٤١٥ / ٢٥٩٦٩ ، تاريخ مدينة دمشق لابن


فَعَظَّمْتُمْ جَلالَهُ وَاَكْبَرْتُمْ (١) شَاْنَهُ وَمَجَّدْتُمْ كَرَمَهُ .................................

____________________________________

الأزواج لو كانت معصومة بهذه الآية لمَا وقع من عائشة ما وقع من خروجها على أمير المؤمنين عليه السلام وقتل ستة عشر ألف رجل من أولادها ، ولكن الله أعماهم عن الحق ، أو يعلمون وينكرون لمحبة دين الآباء التي رسخت في قلوبهم ، أعاذنا الله وسائر المسلمين عنها وعن أمثالها.

(فَعَظَّمْتُمْ جَلالَهُ) : بالعقد والقول والعمل ولم يقع منهم ما يدل على عدمه من ارتكاب مباحٍ.

(وَاَكْبَرْتُمْ شَاْنَهُ) : كالسابق أو أفعاله.

(وَمَجَّدْتُمْ كَرَمَهُ) أي : عظمتم ذاته الكريمة المشتملة على الصفات المجيدة أو كرامته إليكم أو الأعم.

__________________

عساكر ١٣ : ٢٠٤ ـ ٢٠٦ ، المعجم الكبير للطبراني ٣ : ٤٦ / ٢٦٦٢ ـ ٢٦٦٤ ، مستدرك الحاكم ٤ : ١٢٨ / ٤٧٦٣ ، سنن الترمذي ٥ : ٣٥١ / ٣٢٠٥ ، مسند أبي يعلى ١٢ : ٤٥١ / ٧٠٢١.

(١) في العيون : (وكبّرتم).


وَاَدَمنتُم (١) ذِكْرَهُ وَوَكَّدْتُمْ مِياقَهُ .........................................

____________________________________

(وَاَدمنتُم ذِكْرَهُ) : أو أدمتم ، والذكر ما يذكر الله من العبادات وترك المنهيات ، أو الذكر اللّساني ؛ فإنّه ورد في أخبار كثيرة أنّهم صلوات الله عليهم كانوا مداومين على الذكر اللساني حتّى في الأكل وغيره (٢) ، وظاهرها أنّها كانت من معجزاتهم ، كما ورد أنّهم عليهم السلام كانوا يختمون القرآن عند الركوب (٣).

(وَوَكَّدْتُمْ مِيثاقَهُ) : الذي أخذ الله تعالى من بني آدم من ظهورهم ، كما نطقت به الآيات والروايات (٤) ، والتذكير بالنظر إلى خواصّ

__________________

(١) في البحار : وأدمتم.

(٢) اُنظر أبواب عبادتهم عليهم السلام في بحار الأنوار ففيه نصوص كثيرة.

(٣) اُنظر احقاق الحق ٨ : ٧١٥ ، أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يختم القرآن عند ركوبة الدابّة. وانظر الوسائل ١٠ : ٣٠٢ / ٣ ، أنّ الإمام الباقر عليه السلام كان يختم القرآن في شهر رمضان عشر مرّات ، وانظر المناقب لابن شهر آشوب ٤ : ٣٨٤ ، أنّه كان يختم القرآن في كلّ ثلاث.

(٤) الآية : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ


وَاحْكَمْتُمْ عَقْدَ طاعَتِهِ وَنَصَحْتُمْ لَهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ وَدَعَوْتُمْ اِلى سَبِيلِهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ .........................................

____________________________________

أصحابهم الذين خلعوا جلباب الشهوات عن أنفسهم بالرياضات ظاهراً ، وبالنظر إلى غيرهم ، فقولهم مع تأيّدهم بالمعجزات مفيد لليقين فكأنّهم ذكّروا.

(وَاحْكَمْتُمْ عَقْدَ طاعَتِهِ) : بالمواعظ الشافية ، أو مع أخذ البيعة عنهم ، أو بالتبليغ مع المعجزات والنصوص ، أو بإقامة الحدود بالنظر إلى بعضهم صلوات الله عليهم.

(وَنَصَحْتُمْ لَهُ) : أي لله تعالى عباده.

(فِي السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ وَدَعَوْتُمْ) إياهم.

(اِلى سَبِيلِهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) أي : بالقرآن والسنّة ، أو مقرونة بالحكمة في القول والفعل حتّى بالجهاد والحدود بالنظر إلى بعضٍ ، والموعظة بالنظر إلى آخر ، أو الجميع أو متدرّجاً.

__________________

أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ) سورة الأعراف ٧ : ١٧٢ ، اُنظر الأحاديث الواردة في تفسيرها في تفسير البرهان للبحراني ٢ : ٦٠٥ ـ ٦١٥.


وَبَذَلْتُمْ اَنْفُسَكُمْ فِي مَرْضاتِهِ وَصَبَرْتُمْ عَلى ما اَصابَكُمْ فِي جَنْبِهِ وَاَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيتُمُ الزَّكاةَ وَاَمَرتُمْ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَيتُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَجاهَدْتُمْ فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ حَتّى اَعلَنُتُمْ دَعْوَتَهُ وَبَيَّنْتُمْ فَرائِضَهُ .............................................

____________________________________

(وَبَذَلْتُمْ اَنْفُسَكُمْ فِي مَرْضاتِهِ) : بالمداومة على العبادات ، أو بإظهار الشريعة وإنْ أصابهم ما أصابهم من الشهادة سرّاً أو جهراً ، فإنّه روي في الأخبار المتكثرة أنّهم قالوا : «ما منّا إلّا وهو شهيد» (١) ، ونقل أيضاً : من سقي جبابرة وطواغيت أزمنتهم السموم.

(وَصَبَرْتُمْ عَلى ما اَصابَكُمْ فِي جَنْبِهِ) أي : في أمره ورضاه وقربه.

(وَاَقَمْتُمُ الصَّلاةَ) : حقّ إقامتها ، بل لم يقمها غيرهم كما هو حقها ، من الإخلاص وحضور القلب ، كما هو متواتر عنهم عليهم السلام وكذا البواقي ؛ وتخصيصها بالذكر من العبادات للاهتمام.

__________________

(١) أورده الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٢٢٠ / ضمن حديث ٥ ـ باب ٤٦ ، وفيه : وما منّا إلّا مقتول ، وإنّي والله لمقتول بالسم ، ومن لا يحضره الفقيه ٢ : ٥٨٥ / صدر حديث ٣١٩٢ ، عن الرضا عليه السلام قال : والله ما منّا إلّا مقتول شهيد ، والخزّاز في كفاية الأثر : ١٦٢ ، عن الحسن المجتبى عليه السلام قال : ما منّا إلّا مقتول أو مسموم ، وفي صفحة : ٢٢٧ ، قال : ما منّا إلّا مسموم أو مقتول.


وَاَقَمْتُمْ حُدُودَهُ وَنَشَرْتُمْ (١) شَرائعَ اَحْكامِهِ وَسَنَنْتُمْ سُنَّتَهُ وَصِرْتُمْ فِي ذلِكَ مِنْهُ ......

____________________________________

(وَاَقَمْتُمْ حُدُودَهُ) : وإن كان من بعضهم أو يعم بما يشمل البعض حال التقية أو التعليم لأحكام الله تعالى.

(وَنَشَرْتُمْ شَرائعَ اَحْكامِهِ) : وإن كان من الصادقين عليهم السلام أكثر ؛ فإنّه كان لأبي عبد الله عليه السلام أربعة آلاف مصنّف ومن غير المصنّفين (٢) ما لا يحصى ، وكتاب الرجال لابن عقدة في بيان أحوالهم وكتبهم ، والإضافة من قبيل خاتم فضة أو أدلّة الأحكام من الكتاب وغيره.

(وَسَنَنْتُمْ) أي : بيّنتم.

(سُنَّتَهُ) : مفرداً أو جمعاً ، وإضافة السنّة بمعنى الطريقة إلى الله لكونه منه تعالى ، أو سنّة الرسول سنّة الله تعالى.

(وَصِرْتُمْ فِي ذلِكَ) : المذكورات.

(مِنْهُ) : تعالى.

__________________

(١) في هامش البحار في نسخة : وَفَسَّرتُم.

(٢) ظاهراً المراد من المصنّف هو الراوي فمنهم من صنّف كتباً ومنهم من لم يصنّف.


اِلَى الرِّضا وَسَلَّمْتُمْ لَهُ الْقَضاءَ وَصَدَّقْتُمْ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ مَضى ......................

____________________________________

(اِلَى الرِّضا) أي : صار ووقع ذلك منكم بحيث رضي الله عنكم ، أو كنتم راضين عن الله تعالى ، وإن لم يكن إظهارها كما تحبّون.

ويؤيّده قوله :

(وَسَلَّمْتُمْ لَهُ الْقَضاءَ) : في منعكم (١) الطواغيت من إظهار شعائر الله كما ينبغي ، أو في جميع الأمور ، والرضا متعلّق بالمظلومية لا بالظلم ، أو بما قدّره الله تعالى من أن يكون التكليف بالالجاء ، بل يكون بالاختيار (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) (٢).

(وَصَدَّقْتُمْ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ مَضى) أي : من مضى من رسله ، أي : جميعهم مفصلاً بإخبار الله تعالى إياكم ، أعدادهم وأحوالهم بالتصديق الصوري أو المعنوي ؛ لأنّكم مؤيّدون بالمعجزات الباهرة ، فلو لم يكن تصديقكم إياهم لما نعلم رسالتهم ، وإن وجب علينا التصديق مجملاً.

__________________

(١) بمعنى قد منعكم.

(٢) سورة النجم ٥٣ : ٣١.


فَالراغِبُ عَنْكُمْ مارِقٌ وَاللّازِمُ لَكُمْ لاحِقٌ وَالْمُقَصِّرُ فِي حَقِّكُمْ ....................

____________________________________

(فَالراغِبُ عَنْكُمْ) : مع ظهور ذلك عنكم.

(مارِقٌ) : عن الدين ، وإن لم يكن معتقداً لمذهب الخوارج ، لأنّ من لم يقل بإمامتهم فهو كافر ، كما وردت في الأخبار المتواترة عن العامّة والخاصّة (١).

(وَاللّازِمُ لَكُمْ) : بالقول بإمامتكم أو مع متابعتكم.

(لاحِقٌ) بكم ، بل هو منكم ، كما روي : «إنَّ سلمان منّا أهل البيت» (٢) أو لاحق بالحق.

(وَالْمُقَصِّرُ فِي حَقِّكُمْ) وإمامتكم أو رتبتكم العالية أو متابعتكم أو الجميع.

__________________

(١) الظاهر أنّ المراد منه حديث : «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» اُنظر كمال الدين للصدوق : ٤٠٩ ، كفاية الأثر للخزاز : ٢٩٦ ، الثاقب في المناقب لابن حمزة : ٤٩٥ / ٢١ العمدة لابن البطريق : ٤٧١ ، وفي كتب العاكة : «من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية».

اُنظر مسند أحمد بن حنبل ٥ : ٦١ / ١٦٤٣٤ ، المعجم الكبير للطبراني ١٩ : ٣٨٨ / ٩١٠ ، مسند الشاميين له ٢ : ٤٣٧ / ١٦٥٤ ، مجمع الزوائد للهيثمي ٥ : ٢١٨ ، كنز العمال للمتقي الهندي ١ : ١٠٣ / ٤٦٤.

(٢) أورده الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٧٠ / ٢٨٢.


زاهِقٌ وَالْحَقُّ مَعَكُمْ وَفِيكُمْ وَمِنْكُمْ ..........................................

____________________________________

(زاهقٌ) : باطل.

(وَالْحَقُّ مَعَكُمْ) : كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله : «الحق مع علي وهو مع الحق أينما دار» (١) ، وقال صلى الله عليه وآله : «اللهم أدر الحق معه حيثما دار» (٢) كما رواه العامّة في صحاحهم ، ومن طرق الخاصّة متواتراً من النبيّ والأئمّة عليهم السلام عنه صلى الله عليه وآله أنّه قال : «الحق مع الأئمّة الاثني عشر» (٣).

(وَفِيكُمْ) أي : في متابعتكم.

(وَمِنْكُمْ) كما روي متواتراً : «إنّ كلَّ حق بأيدي الناس فهو منّا ،

__________________

(١) أورده المفيد في المسائل العسكرية : ٥٦ (ضمن مصنفات المفيد ج ٢) الطبرسي في اعلام الورى ١ : ٣١٦ ، ابن جبر في نهج الايمان : ١٨٨ ، باختلاف يسير.

(٢) أورده الحاكم في المستدرك ٤ : ٩٣ / ٤٦٨٦ ، أبو يعلى في المسند ١ : ٤١٨ / ذيل حديث : ٥٥ ، الخوارزمي في المناقب : ١٠٤ / ضمن حديث ١٠٧ ، الفخر الرازي في التفسير ١ : ٢٠٥ ، باختلاف يسير.

(٣) لم نعثر على هكذا نصّ في كتب الحديث.


وَاِلَيْكُمْ .........................................

____________________________________

وكلّ باطل فهو منهم» (١) ، وذكر جماعة من العلماء انتساب جميع العلماء إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه حتّى الخوارج (٢) ، ومرادهم أنّ كلّ حق يوجد في كلامهم فهو منه عليه السلام.

(وَاِلَيْكُمْ) أي : إنْ ذكر الحقّ غيرهم فهو يرجع إليهم أو إن استنبطوا شيئاً من الحق فهو يرجع إلى استنباطهم مثله حتّى اهتدوا إلى استنباطه ، ويظهر ذلك كله من تتبع آثارهم ، فإنّ الكلمات الحقة التي تذكرها الصوفية في كتبهم ، فالكلّ منهم أمّا تقية ممن كان شيعتهم وأمّا سرقة ممن كان من المخالفين ، كما يظهر من كلمات الحسن البصري وغيره ، فإنّ جميعها منقولة عن أمير المؤمنين عليه السلام.

__________________

(١) اُنظر الكافي للكليني ١ : ٣٩٩ / ١. والأحاديث التي تليه ، وكذلك بصائر الدرجات للصفّار : ٥٣٨ / باب ١٩.

(٢) صنّف المرجع الديني الاعظم السيّد حسن الصدر في ذلك كتاباً سماه بكتاب «تأسيس الشيعة» وأثبت فيه انتهاء جميع العلوم الإسلامية إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو كتاب طريف لابد لأهل العلم من مراجعته.


وَاَنْتُمْ اَهْلُهُ وَمَعْدِنُهُ وَمِيراثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكُمْ ...........................................

____________________________________

(وَاَنْتُمْ اَهْلُهُ) : لأنّ جميع علوم الأنبياء انتهت إلى نبينا صلى الله عليه وآله ومنه إليهم عليهم السلام مع إمامتهم وعصمتهم.

(وَمَعْدِنُهُ) كما ذكر.

(وَمِيراثُ النُّبُوَّةِ عِنْدُكَمْ) : من علوم جميع الأنبياء ، وكتبهم وأخلاقهم الكاملة ، حتّى أنّه كان عندهم ألواح موسى عليه السلام وعصاه وحجره ، وخاتم سليمان عليه السلام ، وقميص يوسف عليه السلام ، وذوالفقار سيف رسول الله صلى الله عليه وآله ، ودرعه وعمامته ، ورايته وعنزته وغيرها ؛ وكان عندهم من الكتب الجامعة التي كانت من إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخطّ عليّ عليه السلام بيده ، والجفر الذي فيه علوم الأنبياء المرسلين ، والمشهور أنّه الكتاب المعروف المرموز الذي بيننا ، وقيل غيره وهو عند صاحب الأمر صلوات الله عليه ، ومصحف فاطمة عليها السلام الذي فيه علوم ما سيأتي وكان بإملاء جبرئيل وخط أمير المؤمنين عليه السلام ، وكان ذلك بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله لدفع حزنها عليها السلام.

والمشهور أنّه الجفر الأبيض الذي عندنا وهو كالجفر الأحمر في التركيب إلّا أنّ الجفر الأحمر من جميع حروف التهجي ، والأبيض


وَاِيابُ الْخَلْقِ اِلَيْكُمْ .........................................

____________________________________

من الحروف النورانية التي في أوائل السور ويجمعها (صراط علي حق نمسكه) (١) وقيل غيره وهو أيضاً عند الصاحب صلوات الله عليه وآله.

ويظهر من بعض الأخبار أنّ الجفر الأبيض غير مصحف فاطمة صلوات الله عليها وأنّه أيضاً كان عندهم (٢).

وكان عندهم كتاب فيه اسماء شيعتهم ، وكتاب فيه اسماء مخالفيهم.

وبالجملة : كلّ نبي ورث علماً أو غيره كما في الأخبار المتواترة فقد انتهى إليهم صلوات الله عليهم (٣).

(وَاِيابُ الْخَلْقِ اِلَيْكُمْ) أي : رجوعهم في الدنيا ؛ لأخذ المسائل

__________________

(١) اُنظر تفسير الصافي للفيض الكاشاني ١ : ٧٨ ، شرح الأسماء الحسنى للسبزواري : ٥.

(٢) اُنظر الكافي للكليني ١ : ٢٤٠ / ٣.

(٣) اُنظر الكافي للكليني ١ : ٢٢٣ / باب أنّ الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم.


وَحِسابُهُمْ عَلَيْكُمْ وَفَصْلُ الْخِطابِ عِنْدَكُمْ ..........................................

____________________________________

والزيارات ، وفي الآخرة ، لأجل الحساب كما روي عنهم عليهم السلام ، إنّهم الميزان (١) ، أي : الحقيقي أو الواقعي أو في الآخرة بقرينة :

(وَحِسابُهُمْ عَلَيْكُمْ) : كما قال تعالى : (إِنَّ إِلَيْنَا) أي : إلى أوليائنا بقرينة الجمع (إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم) (٢) ، وروي في الأخبار الكثيرة أنّ حساب الخلائق يوم القيامة إليهم (٣) ، ولا استبعاد في ذلك ، كما أنّ الله تعالى قرّر الشهود عليهم من الملائكة والأنبياء والأوصياء والجوارح ، مع أنّه قال تعالى : (وكفى بالله شهيداً) (٤) أو هو القادر الديان يوم القيامة ، ويمكن أن يكون مجازاً باعتبار حضورهم مع الأنبياء عند محاسبة الله تعالى إيّاهم.

(وَفَصْلُ الْخِطابِ عِنْدَكُمْ) أي : الخطاب الذي يفصل به بين الحق

__________________

(١) اُنظر بحار الأنوار ٢٤ : ١٨٧ ، باب أنّهم عليهم السلام.

(٢) سورة الغاشية ٨٨ : ٢٥ ـ ٢٦.

(٣) اُنظر بحار الأنوار ٢٧ : ٣١١ ، باب أنّهم عليهم السلام شفعاء الخلق ... وحسابهم عليهم.

(٤) سورة النساء ٤ : ٧٩ و ١٢٦ وسورة الفتح ٤٨ : ٢٨.


وَآياتُ اللهِ لَدَيْكُمْ .............................................

____________________________________

والباطل ، كما كان لأمير المؤمنين صلوات الله عليه في الوقائع والأحكام ؛ فإنّه كان يحكم في كلّ واقعة بخلاف حكمه في الآخرة. وروي عنهم صلوات الله عليهم : «إنّ لله تبارك وتعالى في كلّ واقعة حكماً خاصاً بها» (١) وسيجيء بعضها ، ويمكن التعميم.

بحيث يشمل جميع المسائل ؛ فإنّه كان لهم في كلّ مسألة دليلاٌ قطعياً يفرّق بين الحق والباطل ، كما يظهر من الأخبار (٢).

(وَآياتُ اللهِ لَدَيْكُمْ) : وهي إمّا المعجزات التي اُعطيت جميع الأنبياء صلوات الله عليهم وغيرها التي كانت بأيديهم ويُظهرونها بحسب المصالح.

أو الآيات القرآنية ، كما أُنزلت مع تفاسيرها ومحلّ نزولها وناسخها ومنسوخها وغير ذلك.

__________________

(١) اُنظر عوالي اللئالي لابن أبي جمهور ٤ : ١٣٧ ، أربعين الشيرازي : ٤٠٧ ، ولم يرد بعنوان قولهم عليهم السلام.

(٢) اُنظر بحار الأنوار ٢٦ : ١٣٧ ـ ١٥٤. باب أنّه لا يحجب عنهم شيء من أحوال شيعتهم وما تحتاج إليه الاُمّة من جميع العلوم ....


وَعَزائِمُهُ فِيكُمْ وَنُورُهُ وَبُرْهانُهُ .........................................

____________________________________

أو الأعم لو لم تدخل الآيات في المعجزات ، وإلّا فكلّ آية بما فيها من الحقائق الكثيرة آية تدلّ على أنّها من الله تعالى ، وعلى صدق من أُرسلت إليه ومن يبيّنها ، وكتب العامّة والخاصّة مشحونة بذكر معجزاتهم ، مع أنّ ما وصل إلينا بالنظر إلى ما لم يصل ـ باعتبار حرق كتبنا ـ كالقطرة بالنظر إلى البحر ، وكذا ما أظهروه بالنظر إلى ما لم يظهروه.

(وَعزَزائِمُهُ فِيكُمْ) أي : الجد والصبر والصدع بالحق ، أو كنتم تأخذون بالعزائم دون الرخص ، أو الواجبات اللازمة غير المرخص في تركها ، من الاعتقاد بإمامتهم وعصمتهم ووجوب متابعتهم وموالاتهم عليهم السلام بالآيات والأخبار المتواترة ، أو الأقسام التي أقسم الله تعالى بها في القرآن كالشمس والقمر والضحى بكم أو لكم ، أو بالسّور العزائم ، أو آياتها نزلت فيكم ، أو قبول الواجبات الالزمة بمتابعتكم ، أو الوفاء بالمواثيق والعهود الإلهيّة في متابعتكم.

(وَنُورُهُ) من العلوم والحقائق والهدايات.

(وَبُرْهانُهُ) من الدلائل والمعجزات.


عِنْدَكُمْ وَاَمرُهُ اِلَيْكُمْ ...........................................

____________________________________

(عِنْدَكُمْ وَاَمرُهُ) من الإمامة وإظهار العلوم.

(اِلَيْكُمْ) : كما روى في الأخبار أنّ الواجب عليكم أنّ تسألونا ، ولم يجب علينا أن نجيبكم (١) ، كما قال الله تعالى : (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حسابٍ) (٢).

والظاهر أنّه في غير الواجبات ، أو للتقية التي رخصهم الله وشيعتهم بها ، أو يكون من خصائصهم ، ولذلك يسمّون بأولي الأمر ، أو يكون المراد بالأمر : الفعل بأن يكونوا نائبين عن الله تبارك وتعالى في الشريعة بحسب ما تقتضيه عقولهم المقدّسة ، كما يظهر من الأخبار الكثيرة الواردة في التفويض إلى النبيّ والأئمّة صلوات الله عليهم (٣) أو يعم الفعل بالدعوات ، أو بالتفويض كما يكون للملائكة ، ويظهر من الأخبار الكثيرة ، لكن منع الأصحاب من روايتها والعمل

__________________

(١) اُنظر بحار الأنوار ٢٣ : ١٧٧ / ١٧ ، والأحاديث التي ما قبله وما بعده.

(٢) سورة ص ٣٨ : ٣٩.

(٣) اُنظر الكافي للكليني ١ : ٢٦٥ ، باب التفويض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى الأئمة عليهم السلام في أمر الدين.


مَنْ والاكُمْ فَقَدْ والىَ اللهَ وَمَنْ عاداكُمْ فَقَدْ عادَ اللهَ وَمَنْ اَحَبَّكُمْ فَقَدْ اَحَبَّ اللهَ وَمَنْ اَبْغَضَكُمْ فَقَدْ اَبْغَضَ اللهَ وَمَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ فَقَدْ اعْتَصَمَ بِاللهِ ..........................

____________________________________

بها ؛ لئلّا يؤدّي إلى القول بأُلوهيتهم كما وقع لبعض الناقصين من الغلاة ، كما ورد النهي عن النجوم (١) لذلك كما سيجي.

(مَنْ والاكُمْ فَقَدْ والىَ اللهَ) : لأنّ الله تعالى أمر بموالاتكم ومحبتكم وقرنكم بنفسه في آيات كثيرة ، أو لأنّهم لما اتصفوا بصفات الله وتخلقوا بأخلاق الله صاروا كأنهم كما قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّـهَ) (٢) ، (وَمَا ظَلَمُونَا ـ أي أولياء ـ وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٣).

ولقوله صلى الله عليه وآله : «من رآني فقد رأى الحق» (٤) ؛ ولقوله صلى الله عليه وآله متواتراً :

__________________

(١) اُنظر بحار الأنوار ٥٥ : ٢١٧ ، باب علم النجوم والعمل به وحال المنجّمين.

(٢) سورة الفتح ٤٨ : ١٠.

(٣) سورة البقرة ٢ : ٥٧.

(٤) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير ١ : ٣٩٧. حقق ، كنز العمال للمتقي الهندي ١٥ : ٣٨٢ ، ٤١٤٧٥ ، الجامع الصغير للسيوطي ٢ : ٦٠٢ / ٨٦٨٩


أنْتُمُ الصِّراطُ الأَقْوَمُ (١) وَشُهَداءُ دارِ الْفَناءِ وَشُفَعاءُ دارِ الْبَقاءِ .....................

____________________________________

«حرب عليٍّ حرب الله» (٢). ولقوله صلى الله عليه وآله : «فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله» (٣) ، إلى غير ذلك من الآيات والأخبار وكذلك البواقي من العداوة والمحبّة والاعتصام.

(اَنْتُمُ الصِّراطُ الْأَقْوَمُ) : فإنّ طريق متابعتهم في العقائد والأعمال أقوم الطرق وأمتنه ، بل هو الطريق ، أو طرقهم في مراتب القرب إلى الله ، وإن كان لغيرهم من أهل الحق طرق أُخر.

(وَشُهَداءُ دارِ الْفَناءِ) كما تقدّم.

(وَشُفَعاءُ دارِ الْبَقاءِ) للأخبار المتواترة بشفاعتهم عليهم السلام لأصحاب

__________________

(١) في العيون والبحار : (أنتُمُ السَّبِيلُ الأعْظَمُ والصِّراطُ الأقْوَمُ).

(٢) دعوى مثل هذا الخبير المتتبع للتواتر يغنينا عن الاسهاب في ذكر المصادر ، اُنظر على سبيل المثال أمالي الصدوق : ١٤٩ ، ضمن حديث ١ ، والخصال : ٤٩٦ / ضمن حديث ٥ ، بشارة المصطفى للطبري : ٤٤ / ضمن حديث ٣٣.

(٣) علل الشرائع للصدوق : ١٨٦ / ضمن حديث ٢ ، دلائل الإمامة للطبري : ١٣٥ / ذيل ح ٤٣ ، عوالي اللئالي لابن أبي جمهور ٤ : ٩٣ / ١٣١.


وَالرَّحْمَةُ الْمَوْصُولَةُ وَالْآيَةُ الْمَخْزونَةُ وَالْأَمانَةُ الْمَحْفُوظَةُ ..................................

____________________________________

الكبائر كما هي لرسول الله صلى الله عليه وآله (١).

(وَالرَّحْمَةُ الْمَوصُولَةُ) : من الله إلى الخلق كما كان لرسول الله صلى الله عليه وآله في قوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (٢) ، فهم رحمة لهم في الدنيا والآخرة ، وبهم تصل رحمة الله تعالى إلى العباد ويشعر به الصلاة عليه وآله صلوات الله عليهم.

(وَالْآيَةُ الْمَخْزُونَةُ) لخلّص عباده وهم العارفون ببعض رتبهم.

(وَالْأَمانَةُ الْمَحْفُوظَةُ) الواجب حفظها على العالمين ببذل أنفسهم دون نفوسهم ، وأموالهم دون أموالهم وأعراضهم وإمامتهم عليهم السلام تجوزاً لقوله تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ) (٣) إلى آخره ، وقوله تعالى : (إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا) (٤). وروي في الأخبر الصحيحة أنّ المراد بها الإمامة وإنّ المخاطب في الأخيرة الأئمّة بأن

__________________

(١) اُنظر التوحيد للصدوق : ٤٠٧ / ٦ ، أمالي الصدوق : ٥٦ / ٤.

(٢) سورة الأنبياء ٢١ : ١٠٧.

(٣) سورة الأحزاب ٣٣ : ٧٢.

(٤) سورة النساء ٤ : ٥٨.


وَالْبابُ الْمُبْتَلى بِهِ النّاسُ ، مَنْ آتاكُمْ نَجا وَمَنْ لَمْ يَأْتِكُمْ هَلَكَ ......................

____________________________________

يؤدّوها إلى الإمام الذي بعده من الله تعالى (١).

(وَالْبابُ الْمُبْتَلى بِهِ النّاسُ) : كباب حطة ابتُلي به بنو إسرائيل بدخولها سجّداً ، وقولهم : فدخله جماعة وقالوا : حطة ، أي : حطّ عنّا ذنوبنا ونجوا ، وبعضهم قالوا : حنطة وهلكوا ، كذلك من دخل في باب متابعتهم نجا ومن لم يدخل هلك ، كما ورد في الأخبار الكثيرة (٢) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» (٣) ،

__________________

(١) اُنظر الكافي للكليني ١ : ٢٧٦ / باب .... وأنّ قول الله تعالى (إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا) فيهم نزلت.

(٢) اُنظر تفسير العياشي ١ : ٤٥ / ٤٧ ، أمالي الطوسي : ٧٣٣ / ٢ ، جوامع الجامع للطبرسي ١ : ١٠٧ ـ ١٠٨.

(٣) ورد الحديث متواتراً عند الفريقين اخترنا بعض المصادر منهما مثل عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٧١ / ٢٩٨ ، شرح الأخبار للقاضي المغربي ١ : ٨٩ / ١ ، مستدرك الحاكم ٤ : ٩٦ و ٩٧ / ٤٦٩٣ و ٤٦٩٤ ، المعجم الكبير للطبراني ١١ : ٦٥ / ١١٠٦١ ، مجمع الزوائد للهيثمي ٩ : ١١٤ ، الجامع الصغير للسيوطي ١ : ٤١٥ / ٢٧٠٥ ، كنز العمال للمتقي الهندي ١٣ : ١٤٧ / ٣٦٤٦٣.


اِلَى اللهِ تَدْعُونَ وَعَلَيْهِ تَدُلُّونَ وَبِهِ تُؤمِنُونَ وَلَهُ تُسَلِّمُونَ وبِأمْرِهِ تَعْمَلُونَ وَاِلى سَبِيلِهِ تُرْشِدُونَ وَبِقُولِهِ تَحْكُمُونَ سَعَدَ (١) مَنْ والاكُمْ وَهَلَكَ مَنْ عاداكم وَخابَ مَنْ جَحَدَكُمْ وَضَلَّ مَنْ فارَقَكُمْ

____________________________________

وقال الله تعالى : (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا) (٢).

(اِلىَ اللهِ تَدْعُونَ) بالحكمة.

(وَعَلَيْهِ تَدُلُّونَ) بالحكمة العلمية من المعارف والحقائق.

(وَلَهُ تُسَلِّمُونَ) ـ بالتخفيف والتشديد ـ.

(واِلى سَبِيلِهِ تُرْشِدُونَ) : الخلق بأتمّ الإرشاد ، والجمل لبيان أحوال حياتهم ، أو مع أخبارهم المنقولة المتواترة عنهم.

(وَخابَ مَنْ جَحَدَكُمْ) : ولم يؤمن بإمامتكم ؛ فإنّه من الخاسرين الهالكين.

(وَضَلَّ مَنْ فارَقَكُمْ) : وترك متابعتكم في الأعمال ، أو كان من

__________________

(١) في العيون : (سَعَدَ واللهِ مَن والاكُمْ).

(٢) سورة البقرة ٢ : ١٨٩.


وَفازَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكُمْ واَمِنَ مَنْ لجَأَ اِلَيْكُمْ وَسَلِمَ مَنْ صَدَّقَكُمْ وَهُدِيَ مَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ ....

____________________________________

المستضعفين ؛ فإنّهم الضالّون ، وروي أنّ لله فيهم المشيئة (١).

(وَفازَ) ونجا.

(مَنْ تَمَسَّكَ بِكُمْ) : علماً وعملاً.

(وَاَمِنَ) : من العذاب.

(مَنْ لَجَأَ اِلَيْكُمْ) : بالاعتقاد والمتابعة والاستشفاع.

(وَسَلِمَ) : من الهلاك.

(مَنْ صَدَّقَكُمْ) : في الإمامة وغيرها.

(وَهُدِيَ) ـ على صيغة المجهول ـ.

(مَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ) ، كما قال الله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ) (٢) وهو الأئمّة ، كما في الأخبار الكثيرة (٣).

__________________

(١) التوحيد للصدوق : ٣٩٣ / ضمن حديث ٥.

(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٠٣.

(٣) اُنظر الأحاديث الواردة في تفسير البرهان للبحراني ١ : ٦٦٨ ـ ٦٧٣.


مَنِ اتَّبَعَكُمْ فَالْجَنَّةُ مَأْواهُ وَمَنْ خالَفَكُمْ فَالنّارُ مَثْواهُ وَمَنْ جَحَدَكُمْ كافِرٌ وَمَنْ حارَبَكُمْ مُشْرِكٌ وَمَنْ رَدَّ عَلَيْكُمْ (١) فِي اَسْفَلِ دَرَكٍ مِنَ الجَحِيمِ ، اَشْهَدُ اَنَّ هذا سابِقٌ لَكُمْ فِيما مَضى وَجارٍ فِيما بَقِيَ وَاَنَّ اَرْواحَكُمْ وَنُورَكُمْ وَطِينَتَكُمْ واحِدَةٌ طابَتْ وَطَهُرَتْ ...........

____________________________________

(وَمَنْ رَدَّ عَلَيْكُمْ) أقوالكم وإن لم تكن موافقة لعقله الناقص.

(اَشْهَدُ اَنَّ هذا) أي : وجوب اتّباعكم ، أو كلّ واحد من المذكورات.

(سابِقٌ لَكُمْ فِيما مَضى) من الأئمّة أو في الكتب المتقدمة.

(وَاَنَّ اَرْواحَكُمْ وَنُورَكُمْ وَطِينَتَكُمْ واحِدَةٌ) كما ورد في الأخبار الكثيرة أنّ أرواحهم مخلوقة من أعلى عليين ، وأبدانهم من عليين ، وأنوار علومهم وكمالاتهم واحدة (٢).

(طابَتْ) : الأرواح.

(وَطَهُرَتْ) : الأبدان أو الجميع.

__________________

(١) في العيون والتهذيب زيادة : (فَهُوَ).

(٢) اُنظر المحاسن للبرقي ١ : ١٣٢ / ٥. والكافي للكليني ١ : ٣٨٩ / باب خلق أبدان الأئمة عليهم السلام.


بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ خَلَقَكُمُ اللهُ اَنْواراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقينَ حَتّى مَنَّ عَلَيْنا بِكُمْ فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ اَذِنَ اللهُ اَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ ........................................

____________________________________

(بَعْضُها مِنْ بَعضٍ) كما قال الله تعالى : (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ) (١) ، أي : من طينة واحدة مخلوقة من نور عظمته تعالى.

(خَلَقَكُمُ اللهُ اَنْواراً) كما تقدّم.

(فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقِينَ) ـ بالحاء والدال المعملتين ـ أي مطيفين ، أي : مستفيضين من علمه ، أو طائفين بالعرش الصوري في الأجساد المثالية كالطواف بالبيت.

(حَتّى مَنَّ عَلَيْنا بِكُمْ) : بأن جعلكم أئمّتنا.

(فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ اَذِنَ اللهُ اَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ) : إشارة إلى أنّ الآيات التي بعد آية النور وردت فيهم ، كما أنّ الآيات التي بعدها وردت في أعدائهم ، كما روي في الأخبار المتكثرة (٢).

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ٣٤.

(٢) اُنظر بحار الأنوار ٢٣ : ٣٢٥ ، باب رِفعة بيوتهم المقدسة في حياتهم وبعد وفاتهم عليهم السلام ، وتفسير البرهان للبحراني ٤ : ٧٣ ، في تفسير قوله تعالى : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّـهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ).


وَجَعَلَ صَلاتَنا (١) عَلَيْكُمْ وَما خَصَّنا بِهِ مِنْ وِلايَتِكُمْ طِيباً لِخَلْقِنا ....................

____________________________________

والمراد بالبيوت : البيوت المعنوية التي هي بيوت العلم والحكمة وغيرها من الكمالات ، والذِكر فيها كناية عن الاستفاضة منهم.

أو الصورية التي هي بيوت النبيّ والأئمّة عليهم السلام في الحياة ومشاهدهم بعد الوفاة.

(وَجَعَلَ) : عطف على (اذن) بالخبرية أو الانشائية الدعائية ، ولا بأس به لكونه بصورتها كما في قوله تعالى : (حَسْبُنَا اللَّـهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (٢).

(صَلاتَنا عَلَيْكُمْ وَما خَصَّنا بِهِ مِنْ وِلايَتِكُمْ طِيباً) مفعول ثان لـ«جعل».

(لِخَلْقِنا) ـ بالضم ـ أي : جعلكم الله في بيوت تصير الصلاة فيها وإظهار الولاية ؛ سبباً لكرامة الله علينا بالأخلاق الحسنة ، أو يكون عطفاً على (من) وهو أظهر.

__________________

(١) في الفقيه والبحار : صَلَواتِنا.

(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٧٣.


وَطَهارَةً لِأَنْفُسِنا وَتَزْكِيَةً (١) لَنا وَكَفّارَةً لِذُنُوبِنا فَكُنّا عِنْدَهُ مُسَلِّمِينَ بِفَضْلِكُمْ وَمَعْرُوفِينَ بِتَصْدِيقِنا اِيّاكُمْ فَبَلَغَ اللهُ بِكُمْ أشْرَفَ مَحَلِّ المُكَرَّمِينَ اَعْلى مَنازِلِ الْمُقَرَّبِينَ ...............

____________________________________

(وَطَهارَةً لِأَنْفُسِنا) : من الرذائل ، كما حلّانا بالفضائل.

(وَتَزْكِيَةً لَنا) : من الأعمال القبيحة أو في القيامة.

(فَكُنّا عِنْدَهُ) : في علمه بأنّا من المصلّين عليكم والموالين لكم أو مطلقاً.

(مُسَلِّمِينَ) : بالتسليم القلبيّ الحقيقيّ.

(بِفَضْلِكُمْ) : على العالمين.

(وَمَعْرُوفِينَ بِتَصْدِيقِنا اِيّاكُمْ) : بالإمامة والفضيلة ، وهذه فضيلة لنا يجب علينا شكرها والتحدّث بها.

(فَبَلَغَ اللهُ بِكُم) أي : بلغكم أشرف محل المكرمين وأفضل مراتبهم.

(اَعْلى مَنازِلِ الْمُقَرَّبِينَ) : من المرسلين.

__________________

(١) في التهذيب : وبركة.


وَاَرْفَعَ دَرَجاتِ الْمُرْسَلِينِ (١) ...........................................

____________________________________

(وَاَرْفَعَ دَرَجاتِ الْمُرْسَلِينِ) : وهي درجات نبيّنا صلى الله عليه وآله فيلزم منه : أفضليتهم عليهم السلام عن الأنبياء ، كما ذكره العلامة النيشابوري في تفسير قوله تعالى (وأنفسنا وأنفسكم) (٢) ، بأنّه لا تزال الشيعة قديماً وحديثاً يستدلّون بهذه الآية على أفضلية عليّ عليه السلام على جميع الأنبياء بأنّه نفس النبيّ صلى الله عليه وآله وهو أفضل منهم.

وقال : ويؤيّده ما روي عنه صلى الله عليه وآله أنّه قال : «من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في عبادته ، وإلى إبراهيم في خلّته ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في زهده ، وإلى يحيى في ورعه ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب» (٣) ؛ فإنّ فيه سبعين خصلة من خصال

__________________

(١) في العيون : أوصياء المرسلين.

(٢) سورة آل عمران ٣ : ٦١.

(٣) تفسير غرائب القرآن للنيشابوري ٣ : ٢١٤ (ضمن جامع البيان للطبري) باختلاف يسير ، ولم تجتمع المصادر على نصّ واحد ، انظر على سبيل المثال لا الحصر : أمالي الطوسي : ٤١٦ / ٨٦ ، المناقب للخوارزمي : ٨٣ /


حيث لا يَلْحَقُهُ لاحِقٌ وَلا يَفُوقُهُ فائِقٌ وَلا يَسْبِقُهُ سابِقٌ وَلا يَطْمَعُ فِي اِدْراكِهِ طامِعٌ ......

____________________________________

الأنبياء بأنّ كلّ واحد منهم امتاز عن سائرهم بخصلة واحدة من هذه الخصال فمن اجتمع فيه جميعها يكون أفضل ، والأخبار عندنا متواترة بذلك في جميع الأئمّة.

(حَيْثُ لا يَلْحَقُهُ لاحِقٌ) : ممن هو دونكم.

(وَلا يَفُوقُهُ فائِقٌ) : منهم على الأنبياء كأولي العزم وإن فاقوا على غيرهم لا يفوقون عليكم ، والنبيّ صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام مستثنيان بالأخبار.

(وَلا يَسْبِقُهُ سابِقٌ) : في فضيلة من الفضائل عليكم.

(وَلا يَطْمَعُ فِي اِدْراكِهِ طامِعٌ) : لأنهم يعلمون أنّها موهبة خاصة من الله تبارك وتعالى بكم ، لا يمكن الوصول إليها بالسعي والاجتهاد.

__________________

٧٠ ، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ٤٢ : ٣١٣ ، كشف الغمّة للإربلي ١ : ٢٢٨ و ٢٢٩ ، روضة الواعظين للفتال النيشابوري : ١٢٨ ، كشف اليقين للعلّامة الحلّي : ٥٢ / ٧.


حَتّى لا يَبْقى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلا صِدِّيقٌ وَلا شَهِيدٌ وَلا عالِمٌ وَلا جاهِلٌ وَلا دَنِيٌّ وَلا فاضِلٌ وَلا مُؤْمِنٌ صالِحٌ وَلا فاجِرٌ طالِعٌ وَلا جَبّارٌ عَنِيدٌ وَلا شَيْطانٌ مَرِيدٌ وَلا خَلْقٌ فِيما بَيْنَ ذلِكَ شَهِيدٌ إِلَّا عَرَّفَهُمْ جَلالَةَ اَمْرِكُمْ وَعِظَمَ خَطَرِكُمْ وَكِبَرَ شَأْنِكُمْ وَتَمامَ نُورِكُمْ وَصِدْقَ مَقاعِدِكُمْ وَثَباتَ مَقامِكُمْ وَشَرَفَ مَحَلِّكُمْ وَمَنْزِلَتِكُمْ عِنْدَهُ وَكَرامَتَكُمْ عَلَيْهِ وَخاصَّتَكُمْ لَدَيْهِ وَقُرْبَ مَنْزِلَتِكُمْ عِنْدَهُ وَكَرامَتَكُمْ عَلَيْهِ وَخاصَّتَكُمْ لَدَيْهِ وَقُرْبَ مَنْزِلَتِكُمْ مِنْهُ.

بِاَبِي اَنْتُمْ وَاُمِّي وَاَهْلِي وَمالِي وَاُسْرَتِي اُشْهِدُ اللهَ وَاُشْهِدُكُمْ اَنِّي مُؤْمِنٌ بِكُمْ وَبِما آمَنْتُمْ بِهِ

____________________________________

(حَتّى لا يَبْقى) أي : لم يبق (أَحَد) : في عالم الأرواح والأجساد.

(إِلَّا عَرَّفَهُمْ) : في الكتب المنزلة أو على ألسنة الأنبياء والمرسلين.

(وَصِدْقَ مَقاعِدِكُمْ) أي : إنّكم صادقون في هذه المرتبة وأنّها حقّكم ، كما قال تعالى : (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ) (١).

(بِاَبِي اَنْتُمْ) أي : أفديكم أبي.

(وَاُمِّي اُشْهِدُ اللهَ) : لمّا أراد مخاطبتهم بالشهادة فداهم بأبيه واُمّه وأشهد ، كما هو المتعارف عند العرب. أشهد الله تعالى وإياهم أنّه

__________________

(١) سورة القمر ٥٤ : ٥٥.


كافِرٌ بِعَدُوِّكُمْ وَبِما كَفَرْتُمْ بِهِ مُسْتَبْصِرٌ بِشأْنِكُمْ وَبِضَلالَةِ مَنْ خالَفَكُمْ مُوالٍ لَكُمْ وَلأَوْلِيائِكُمْ مُبْغِضٌ لِأَعْدائِكُمْ وَمُعادٍ لَهُمْ سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ ...........

____________________________________

مؤمن بهم وجميع ما آمنوا به مجملاً وإن لم يعلم تفاصيله.

(كافِرٌ) أي : جاحد وعدو لأعدائهم كما قال تعالى : (فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّـهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ) (١).

فانظر إلى كلامه تعالى كيف قدّم الكفر على الإيمان لبيان أنّه ما يمكن الإيمان بدون عداوتهم ، كما ورد في الأخبار الصحيحة أنّه من قال : «إنّي مؤمن بالأئمّة وليس لي شأن بالمخالفين إنّه ليس بمؤمن ، بل من أعدائنا ، فإنّ المحب من يحب أولياء المحبوب ويبغض أعداءه» (٢).

(سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ) أي : صلح لمن صالحتم إياه بترك الجهاد معهم كما في زمان الغيبة ، أي : لا أُجاهد حتى تجاهدوهم ، أو أنا محب لشيعتكم وعدو لأعدائكم.

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ٢٥٦.

(٢) لم نعثر في المصادر على هكذا نص.


مُحَقِّقُ لِما حَقَّقْتُمْ مُبْطِلٌ لِما اَبْطَلْتُمْ مُطِيعٌ لَكُمْ عارِفٌ بِحَقِّكُمْ مُقِرٌّ بِفَضْلِكُمْ مُحتَمِلٌ لِعِلمِكُمْ مُحْتَجِبٌ بِذِمَّتِكُمْ مُعْتَرِفٌ بِكُمْ مُؤْمِنٌ بِاِيابِكُمْ مُصَدِّقٌ بِرَجْعَتِكُمْ .......................

____________________________________

(مُحَقِّقٌ) أي : أعتقد أنّه حق ، أو أسعى في بيان أنّه حق بالادلة كما في الإبطال.

(مُحْتَمِلٌ لِعِلْمِكُمْ) أي : أعلم أنّه حق وإنْ لم تصل إليه عقولنا.

(مُحْتَجِبٌ بِذِمَّتِكُمْ) أي : مستتر وداخل في الداخلين تحت أمانكم ، أو أجعل الدخول في أمانكم مانعاً من النار والشياطين ، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال : «قال الله تعالى : محبّة عليّ حصني من دخل حصني أمن من عذابي» رواه الصدوق وغيره (١).

(مُؤْمِنٌ بِاِيابِكُمْ مُصَدِّقٌ بِرَجْعَتِكُمْ) تفسيره أي : أعتقد أنّكم ترجعون إلى الحياة الظاهرة في الدنيا في الرجعة الصغرى ، كما قال

__________________

(١) لم نعثر على هكذا نص ، بل الموجود في المصادر : ولاية عليّ ، اُنظر عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ١٤٦ ، خبر نادر عن الرضا عليه السلام ، شواهد التنزيل للحسكاني ١ : ١٣١ / ١٨١ ، الجواهر السنيّة للحر العاملي : ١٦٧ ، بحار الأنوار ٣٩ : ١٤٦ / ١ ، عن كتب الصدوق.


..........................................

____________________________________

تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا) (١) ولا ريب في أنّ يوم القيامة يُبعث جميع الناس لا فوجاً منهم ، وقد ورد في الأخبار المتواترة عن النبيّ وأهل البيت صلوات الله عليهم في الرجعة (٢) ، وأنّهم صلوات الله عليهم يرجعون إلى الدنيا في زمان المهدي عليه السلام ، ويرجع جماعة من خلّص المؤمنين وجماعة أعدائهم سيّما قاتل الحسين صلوات الله عليه ، وصنّف جماعة كثيرة من العلماء كتباً كثيرة في ذلك يظهر من فهرست الشيخ والنجاشي.

وأطبق العامّة تعصباً على خلافهم ، فمن ذلك ذكر مسلم في صحيحه : أنّه لا يعمل بأخبار جابر بن يزيد الجعفي ، مع أنّه ذكر أنّه روى سبعين ألف حديثاً عن محمّد بن علي بن الحسين ؛ لأنه كما يقول بالرجعة (٣).

__________________

(١) سورة النمل ٢٧ : ٨٣.

(٢) اُنظر مختصر البصائر للحلّي : ٨٧ ، باب الكرات ، وأحاديث الرجعة ، وبحار الأنوار ٥٣ : ٣٩ ـ ١٤٤.

(٣) في صحيح مسلم ١ : ٢٤ ـ ٢٥ ، طبعة دار الخير ـ بيروت ـ حدثنا ابو


.........................................

____________________________________

مع أنّه ذكر الله تعالى رجعة عُزير وأصحاب الكهف والملأ من بني إسرائيل بقوله تعالى : (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم أُلوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثمّ أحياهم) (١).

ورووا : أنّه يكون في هذه الأمّة ما كان في بني اسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة (٢).

__________________

غسان محمّد بن عمرو الرازي قال : سمعت جريراً يقول لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم اكتب عنه كان يؤمن بالرجعة.

وحدثني سلمة بن شبيب ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان قال : كان الناس يحملون عن جابر قبل أن يظهر ما أظهر فلما أظهر اتهمه الناس في حديثه وتركه بعض الناس فقيل له : وما أظهر؟ قال : الإيمان بالرجعة.

وحدثنا حسن الحلواني ، حدثنا ابو يحيى الحماني ، حدثنا قبيصة وأخوه أنّهما سمعا الجراح بن مليح يقول : سممعت جابراً يقول عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله كلها ، ثمّ نقل أحاديث أخر في هذا المعنى.

(١) سورة البقرة ٢ : ٢٤٣.

(٢) اُنظر كفاية الأثر للخزّار : ١٥ ، من لا يحضره الفقيه للصدوق ١ : ٢٠٣ / ٦٠٩ ، تأويل الآيات للاسترآبادي ١ : ٤٠٩ / ١٣.


مُنْتَظِرٌ لِأَمْرِكُمْ مُرْتَقِبٌ لِدَوْلَتِكُمْ آخِذٌ بِقَوْلِكُمْ عامِلٌ بِاَمْرِكُمْ مُسْتَجِيرٌ بِكُمْ زائِرٌ لَكُمْ لائِذٌ عائِذٌ بِقُبُورِكُمْ (١) مُسْتِشْفَعٌ اِلىَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِكُمْ .......................................

____________________________________

(مُنْتَظِرٌ لِأَمْرِكُمْ) أي : غلبتكم على الأعادي في زمان المهدي عليه السلام أو ظهور إمامتكم.

(مُرْتَقِبٌ لِدَوْلَتِكُمْ) : وغلبتكم.

(مُسْتَجِيرٌ بِكُمْ) بالزيارة أو الأعم.

(لائِذٌ عائِذٌ بِقُبُورِكُمْ) : كما ورد في الأخبار المتواترة : بأنّ زيارتهم سبب للخلاص من النار والدخول في الجنّة (٢) ، وقد تقدّم بعضها.

(مُسْتَشْفِعٌ اِلىَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِكُمْ) أي : أجعلكم شفعائي إلى الله تعالى وأسأله بحقكم في قضاء حوائجي.

__________________

(١) في العيون والبحار : (عائذٌ بكمُ لائذٌ بقُبورِكُم). وفي التهذيب : زائر لكم ، عائذ بقبوركم.

(٢) اُنظر بحار الأنوار للعلّامة المجلسي ٩٨ : ٢١ ، باب أنّ زيارته عليه السلام توجب غفران الذنوب ... والعتق من النار ....


وَمُتَقَرِّبٌ بِكُمْ اِلَيْهِ وَمُقَدِّمُكُمْ اَمامَ طَلِبَتِي وَحَوائِجِي وَاِرادَتِي فِي كُلِّ اَحْوالِي وَاُمُورِي بِسِرِّكُمْ وَعَلانِيَتِكُمْ وَشاهِدِكُمْ وَغائِبِكُمْ وَاَوَّلِكُمْ .........................................

____________________________________

(وَمُتَقَرِّبٌ بِكُمْ اِلَيْهِ) أي : أجعلكم وسائل قربي إليه ، أو أتقرب إليكم حتّى مُؤْمِنٌ أتقرب إليه تعالى ، فإنّ قربكم قرب الله تعالى.

(وَمُقَدِّمُكُمْ اَمامَ طَلِبَتِي) أي : أسأله بحقكم أو اُصلّي عليكم قبل الدعوات حتّى تصير مستجابة كما ورد في الأخبار المتواترة : «إنّ الدعاء لا يقبل بدون الصلاة على محمّد وأهل بيته» (١).

(مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَعَلانِيَتِكُمْ) أي : باعتقاداتكم وأعمالكم أنّها لله حقاً أو بأسراركم مجملاً.

(وَشاهِدِكُمْ) : من الأئمّة الأحد عشر.

(وَغائِبِكُمْ) : المهدي عليه السلام.

(وَاَوَّلَكُمْ) : إنّه علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.

__________________

(١) اُنظر الروايات الواردة في الكافي ٢ : ٤٩١ ، باب الصلاة على النبي محمّد وأهل بيته عليهم السلام.


وَآخِرِكُمْ وَمُفَوِّضٌ فِي ذلِكَ كُلِّهِ اِلَيْكُمْ وَمُسَلِّمٌ فِيهِ مَعَكُمْ وَقَلْبِي لَكُمْ مُسَلِّمٌ (١) وَرَأْيِي لَكُمْ تَبَعٌ وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ ..............................................

____________________________________

(وَآخِرِكُمْ) : بأنّه المهدي عليه السلام لا كما يقوله العامّة والواقفية وغيرهما أو الحياة الاُولى والرجعة.

(وَمُفَوَّضٌ فِي ذلِكَ كُلِّهِ اِلَيْكُمْ) أي : أعتقد الجميع بقولكم ، أو أُسلّم جميع أُموري إليكم حتّى تصلحوا خللها حياً وميتاً.

(وَمُسَلِّمٌ فِيهِ مَعَكُمْ) أي : كما سلّمتم لله تعالى أوامره عارفين إياها ، فأنا أيضاً مسلّم ، وإن لم يصل عقلي إليها أو كالسابق تأكيداً.

(وَقَلْبِي لَكُمْ مُسَلِّمٌ) : بالإسلام أو التسليم أو سلم بمعناه أو بمعنى الصلح ، أي : لا اعتراض لقلبي على أفعالكم ولا يخطر ببالي اعتراض ؛ لأني أعلم يقيناً أنّكم لله ومن الله.

(وَرَأْيِي لَكُمْ تَبَعٌ) أي : لا رأي لي مع رأيكم.

(وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ) أي : أنتظر خروجكم والجهاد في خدمتكم

__________________

(١) في الأصل : سلم ، وما في المتن أثبتناه من المصادر ، وفي العيون : (مؤمنٌ).


حَتّى يُحْيِيَ اللهُ (١) دِينَهُ بِكُمْ وَيَرُدَّكُمْ فِي اَيّامِهِ وِيُظْهِرَكُمْ لِعَدْلِهِ وَيُمَكِّنَكُمْ فِي اَرْضِهِ ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُم (٢) آمَنْتُ بِكُمْ .........................................

____________________________________

مع أعدائكم ، أو أعدت نصرتي لإعلاء دينكم صورة ومعنى بالبراهين والأدلة مع الأعادي ما أمكن.

(حَتّى يُحْيِيَ اللهُ دِينَهُ بِكُمْ) : في الرجعة مع المهدي عليه السلام.

(وَيَرُدَّكُمْ) : بالرجعة.

(فِي اَيّامِهِ) أي : أيام ظهور دينه ؛ فإنّها أيام الله.

(وَيُمَكِّنَكُمْ فِي اَرْضِهِ) : بالدولة الباهرة ، كما قال تعالى : (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ) (٣).

(فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ) أي : فأنا معكم بالقلب واللسان ، أو هنا وفي الرجعة ، أو كرّر للتأكيد.

__________________

(١) في العيون والبحار : الله تَعالى.

(٢) في التهذيب : غيركم.

(٣) سورة النور ٢٤ : ٥٥.


وَتَوَّلَيْتُ آخِرَكُمْ بِما تَوَلَّيْتُ بِهِ اَوَّلَكُمْ وَبَرِئْتُ اِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ اَعْدائِكُمْ ................

____________________________________

(وَتَوَّلَيْتُ آخِرَكُمْ بِما تَوَلَّيْتُ بِهِ اَوَّلَكُمْ) أي : أتولّى كلّ واحد منكم بنحو ما تولّيت به أمير المؤمنين عليه السلام ، فإنّ كلّ واحد آخر بالنسبة إلى سابقه ، أو أعتقد بوجود المهدي الآن لا كما تقوله العامّة أنّه غير موجود ، بل يولد ويخرج (١) ، مع أنّهم قائلون بوجود الخضر والياس عليهما السلام وغيرهما ، وقائلون بأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله قال : «لا يزال أمر الدين قائماً ما وليهم اثني عشر خليفة كلهم من قريش» (٢). وبأنّه صلى الله عليه وآله

__________________

(١) اُنظر أقوال العلماء منهم من أنكر وجود المهدي عليه السلام ومنهم من قال سيولد بعد : التذكرة في أحوال الموتى واُمور الآخرة للقرطبي : ٧٧٧ ، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان للمتقي الهندي ١ : ٣٦١ ، الفصل الثاني المنكرون للمهدي وشبههم ، الاشاعة لأشراط الساعة للبرزنجي : ١٩٤ ، المقام الأول : في اسمه ونسبه ومولده ومبايعته ، العرف الوردي في أخبار المهدي للسيوطي : ٦٦ ، الثامن : ذكر من وقفت عليه ممّن حكي عنه افكار أحاديث المهدي أو التردّد في شأنه.

(٢) أورده باختلاف النعماني في الغيبة : ١٢٤ / ١٦ ، الإربلي في كشف الغمّة ١ :


وَمِنَ الْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَالشَّياطِينِ وَحِزْبِهِمُ الظّالِمِينَ لَكُمُ الْجاحِدِيْنَ (١) لِحَقِّكُمْ وَالْمارِقِينَ مِنَ وِلايَتِكُمْ وَالْغاصِبِيْنَ لإِرْثِكُمُ ..............................................

____________________________________

قال : «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» (٢) ، فعلى قولهم لا دين لهم ويموتون كفاراً ونحن أيضاً قائلون بهذا القول.

(مِنَ الْجِبْتِ) : كذا.

(وَالطّاغُوتِ) : كذا.

(وَالشَّياطِينِ) : بني أمية وبني العباس.

(وَحِزْبِهِمُ) : أتباعهم.

(وَالْغاصِبِيْنَ لإِرْثِكُمُ) : من الإمامة والفيء وفدك والخمس وغيرها.

__________________

١١٧ ، ابن أبي جمهور في عوالي اللئالي ٤ : ٩٠ / ١٢١ ، ١٢٢ أحمد بن حنبل في المسند ٦ : ٩٥ / ٢٠٣٢٧ ، الحميدي في الجمع بين الصحيحين ١ : ٣٣٧ / ٥٢٠.

(١) في العيون والبحار : (والجاحِدينَ).

(٢) ورد الحديث في الكافي ١ : ٣٧٦ ، باب من مات وليس له امام ، الثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي : ٤٩٥ / ١ ، الصراط المستقيم للنباطي ١ : ١١١.


الشّاكِّيْنَ فِيكُمُ (١) الْمُنْحَرِفِينَ عِنْكُمُ (٢) وَمِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَكُمْ وَكُلِّ مُطاعٍ سِواكُمْ وَمِنَ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ يَدْعُونَ اِلَى النّارِ فَثَبَّتَنِيَ اللهُ اَبَداً ما حَيِيتُ عَلى مُوالاتِكُمْ وَمَحَبَّتِكُمْ وَدِينِكُمْ وَوَفَّقَنِي لِطاعَتِكُمْ وَرَزَقَنِي شَفاعَتَكُمْ وَجَعَلَنِي مِنْ خِيارِ مَوالِيكُمُ التّابِعِينَ لِما دَعَوْتُمْ اِلَيْهِ

____________________________________

(الشّاكِّيْنَ فِيكُمُ) أي : في إمامتكم ، كأنّهم وإن لم يقولوا بإمامتهم ولكن يحتملونها ، أو غيرهم من الشاكّين.

(وَمِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ) : أي معتمد عليه كعلمائهم وفقهائهم ، كما قال الله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّـهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً) (٣). والمراد بالمؤمنين هنا : الأئمّة كما في الأخبار الكثيرة (٤).

(وَمِنَ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ يَدْعُونَ اِلَى النّارِ) : وهم أئمّتهم لأنهم قائلون :

__________________

(١) في البحار : (والشاكّينَ فيكُم).

(٢) في البحار : (والمنحرفينَ عنكُم).

(٣) سورة التوبة ٩ : ١٦.

(٤) اُنظر الكافي للكليني ١ : ٤١٥ / ١٥ ، تفسير القمّي ١ : ٢٨٣. البحار للعلامة المجلسي ٢٤ : ٢٤٤.


وَجَعَلَنِي مِمَّنْ يَقْتَصُّ آثارَكُمْ وَيَسْلُكُ سَبِيلَكُمْ وَيَهْتَدِي بِهديكُمْ وَيُحْشَرُ فِي زُمْرَتِكُمْ وَيَكِرُّ فِي رَجْعَتِكُمْ وَيُمَلَّكُ فِي دَوْلَتِكُمْ وَيُشَرَّفُ فِي عافِيَتِكُمْ وَيُمَكَّنُ فِي اَيّامِكُمْ وَتَقِرُّ عَيْنُهُ غَداً بِرُؤْيَتِكُمْ.

بِاَبِي اَنْتُمْ وَاُمِّي وَنَفْسِي وَاَهْلِي وَمالِي (١) .......................

____________________________________

بأنّ أئمّتنا داعون إلى الجنّة بلا خلاف بينهم.

(يَقْتَصُّ) أي : يتبع.

(وَيَكِرُّ) أي : يرجع.

(فِي رَجْعَتِكُمْ) أي : جعلني من الخلّص حتّى أرجع معهم.

(وَيُمَلَّكُ فِي دَوْلَتِكُمْ) أي : صيّرني ملكاً لإعلاء كلمة الله ؛ فإنّ كلّو احد من الخلّص في الرجعة يصير ملكاً من الملوك ، كما كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام.

(وَيُشَرَّفُ فِي عافِيَتِكُمْ) ـ بالقاف والفاء ـ أي : جعلني شريفاً معظماً في عاقبة أمركم ، وهي : الدولة ، أو في زمان سلامتكم من الأعادي.

__________________

(١) في التهذيب زيادة : (واُسْرَتي).


مَنْ اَرادَ اللهَ بَدَأَ بِكُمْ وَمَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُمْ ، مَوالِيَّ لا اُحْصِي ثَناءَكُمْ وَلا اَبْلُغُ مِنَ الْمَدْحِ كُنْهَكُمْ وَمِنَ الْوَصْفِ قَدْرَكُمْ .......................................

____________________________________

(مَنْ اَرادَ اللهَ بَدَأَ لِكُمْ) : فإنّه لا يمكن الوصول إلى معارفه ومرضاته إلّا باتّباعهم في العقد والحلّ.

(وَمَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ) أي : كلّ من يقول بتوحيد الله يقبل قولكم ، فإنّ البرهان كما يدلّ على التوحيد يدلّ على وجوب نصب الخليفة المعصوم.

أو لم يوحد الله أو لم يبعده حق عبادته من لم يقبل العلوم منكم.

أو عرف التوحيد وغيره من المعارف من قولكم وأدلّتكم.

أو نهاية مراتب التوحيد لا يوصل إليها إلّا بمتابعتهم.

أو من لم يقبل منهم فهو من المشركين.

أو من عرف الله حقّ معرفته يقبل منكم كلّ ما تقولونه.

(مَوالِيَّ) منادى.

(لا اُحصِي ثَناءَكَمْ) كما أنّه لا يمكن الثناء على الله ؛ لأنّه لا يمكن لغيرهم معرفة كمالاتهم ، كما روي في الأخبار الكثيرة أنّه قال


وَاَنْتُمْ نُورُ الْأَخْيارِ وَهُداةُ الْأَبْرارِ وَحُجَجُ الْجَبّارِ ، ...................................

____________________________________

رسول الله صلى الله عليه وآله : «يا علي ما عرف الله إلّا أنا وأنت وما عرفني إلّا الله وأنت ، وما عرفك الا الله وأنا» (١).

(وَاَنْتُمْ نُورُ الْأَخْيارِ) أي : كيف أحصي ثناءكم وأمدحكم كُنه مدحكم وأصف قدركم ، والحال أنكم نور الأخيار ، أي : منوّرهم ومعلّمهم وهاديهم ، مع أنّه لا يمكنني معرفة الأخيار من النبيين والمرسلين والملائكة المقرّبين.

أو أنتم كالشموس من بينهم ولا يمكن رؤية الشمس ، كما أنّ البصر عاجز عن رؤية الشمس ، كذلك البصيرة عاجزة عن إدراك مراتبهم وكمالاتهم وصفاتهم ؛ فإنّهم مرائي كماله تعالى وصفاته تقدّس ذكره.

__________________

(١) أورده الحلّي في مختصر البصائر : ٣٣٦ ، رجب البرسي في مشارق أنوار اليقين : ٢٠١ ، الاسترآبادي في تأويل الآيات ١ : ١٣٩ / ١٨ ، ابن شهر آشوب في المناقب ٣ : ٣١٠ ، فصل في المفردات طبعة دار الأضواء قال النبيّ : «يا علي ما عرف الله حق معرفته غيري وغيرك ، وما عرفك حق معرفتك غير الله وغيري».


بِكُمْ فَتَحَ اللهُ وَبِكُمْ يَخْتِمُ وَبِكُمْ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَبِكُمْ يُمْسِكُ السَّماءَ اَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ ...

____________________________________

(بِكُمْ فَتَحَ اللهُ) أي : في جميع الفيوض والخيرات ، كما يشعر به في الصلاة أو في الخلق ؛ فإنّهم أوّل ما خلق أرواحهم ، كما في الأخبار المتكثرة (١) ، وتقدّم بعضها.

أم لكم خَلَقَ الله الخلق.

أو أنتم وسائط الفيوض الإلهيّة.

(وَبِكُمْ يَخْتِمُ) : كما في الرجعة والمهدي عليه السلام.

أو كلّ خير يصل إلى أحد فإنّه بسببكم ؛ لأنّكم العلّة الغائية.

(وَبِكُمْ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ) : كما ورد في الأخبار الكثيرة ، لأنّهم المقصودون بالذات.

أو بدعائهم كما روي أيضاً متواتراً (٢).

(وَبِكُمْ يُمْسِكُ السَّماءَ اَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ) : مع حصول أسبابه

__________________

(١) اُنظر بصائر الدرجات : ٣٩ ، باب ١٠ في خلق أبدان الأئمة عليهم السلام ، وبحار الأنوار ٢٥ : ١ ، باب بدو أرواحهم وأنوارهم وطينتهم عليهم السلام.

(٢) اُنظر كمال الدين للصدوق : ٢٠٧ / ٢٢ ، الرواية مفصلة.


اِلّا بِاِذْنِهِ وَبِكُمْ يُنَفِّسُ الْهَمَّ وَيَكْشِفُ الضُّرَّ وَعِنْدَكُمْ ما نَزَلَتْ بِهِ رُسُلُهُ وَهَبَطَتْ بِهِ ملائِكَتُهُ وَاِلى جَدِّكُمْ بُعِثَ الرُّوحُ الأَمين. وإن كانت الزيارة لأمير المؤمنين عليه السلام فقل : وَاِلى أخِيك بُعِثَ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، آتاكُمُ اللهُ ما لَمْ يُؤْتِ اَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ طأْطَأَ كُلُّ شَرِيفٍ لِشَرَفِكُمْ وَبَخَعَ ............................................

____________________________________

من ادّعاء الولد والآلهة الباطلة ، كما قال الله تعالى : (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدًا) (١).

(اِلّا بِاِذْنِهِ) : عند قيام الساعة أو غيره إن أراد.

(آتاكُمُ اللهُ ما لَمْ يُؤْتِ اَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) : فإنّ أُريد بالخطاب النبيّ صلى الله عليه وآله مع الأئمّة عليهم السلام فظاهر ، وإلّا فالنبيّ صلى الله عليه وآله مستثنى عنه.

(طَأْطَأَ) أي : خضع أو خفض ولم يصل.

(كُلُّ شَرِيفٍ لِشَرَفِكُمْ) أي : إليه أو لأجله.

(وَبَخَعَ) بالباء الموحدة والخاء المعجمة أي : حخضع.

__________________

(١) سورة مريم ١٩ : ٩٠ ـ ٩١.


كُلُّ مُتَكَبِّرٍ لِطاعَتِكُمْ وَخَضَعَ كُلُّ جَبّارٍ لِفَضْلِكُمْ وَذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ وَاَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِكُمْ وَفازَ الْفائِزُونَ بِوِلايَتِكُمْ بِكُمْ يُسْلَكُ اِلَى الرِّضْوانِ وَعَلى مَنْ جَحَدَ وِلايَتَكُمْ غَضَبُ الرَّحْمنِ ، بِاَبِي اَنْتُمْ وَاُمِّي وَنَفْسِي وَاَهْلِي وَمالِي ذِكْرُكُمْ فِي الذاكِّرِينَ وَاَسْماؤُكُمْ فِي الْأَسْماءِ وَاَجْسادُكُمْ فِي الْأَجْسادِ وَاَرْواحُكُمْ وَاَنْفُسُكُمْ فِي النُّفُوسِ وَآثارُكُمْ فِي الْآثارِ وَقُبُورُكُمْ فِي الْقُبُورِ ........

____________________________________

(كُلُّ مُتَكَبِّرٍ لِطاعَتِكُمْ) أي : فيها أو لأجل إطاعتكم لله.

(وَذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ) بقدرة الله تعالى.

(وَاَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِكُمْ) أي : بنور وجودكم وهدايتكم.

(وَفازَ الْفائِزثونَ بِوِلايَتِكُمْ) أي : لم يصل أحد إلى مرتبة من المراتب إلّا بسبب اعتقاد إمامتكم ومحبتكم ومتابعتكم.

(بِكُمْ يُسْلَكُ اِلَى الرِّضْوانِ) : خازن الجنان للوصول (١) اليها أو الجنّة.

أو رضا الله سبحانه فإنّه أعلى الدرجات.

(ذِكْرُكُمْ فِي الذّاكِرِينَ) أي : إذا ذكر الذاكرون فأنتم فيهم.

__________________

(١) في الأصل : للوصل ، وما أثبتناه أنسب للسياق.


فَما اَحْلى أَسْماءَكُمْ وَاَكْرَمَ أَنْفُسَكُمْ وَاَعْظَمَ شَأْنَكُمْ وَاَجَلَّ خَطَرَكُمْ وَاَوْفى عَهْدَكُمْ (١) كَلامُكُمْ نُورٌ وَاَمْرُكُمْ رُشْدٌ وَوَصِيُّكُمُ التَّقْوى وَفِعْلُكُمُ الْخَيْرُ وَعادَتُكُمُ الْإِحْسانُ وَسَجِيَّتُكُمُ الْكَرَمُ وَشَأْنُكُمُ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ ، وَقَوْلُكُمْ حُكْمٌ وَحَتْمٌ وَرَأْيُكُمْ عِلْمٌ وَحِلْمٌ ...........

____________________________________

أو ذكركم الله في جنب الذاكرين ممتاز كالشمس.

أو اذا ذكروا فأنتم داخلون فيهم لكن ـ أي ـ له نسبة لكم إليهم لقوله :

(فَما اَحْلى أًسْماءَكُمْ) : وكذلك البواقي والآثار ، الأخبار والأطوار والمنازل ، والشأن ، والرتبة والأمر والخطر ، القدر والعظمة.

(كَلامُكُمْ نُورٌ) : علم وهداية من الله والرشد الهداية والخير ، والسجية الطبيعية.

(وَقَوْلُكُمْ حُكْمٌ) أي : حكمة.

(وَحَتْمٌ) أي : يجب اتباعه.

(وَرَأْيُكُمْ عِلْمٌ وَحِلْمٌ) أي : عقل.

__________________

(١) في التهذيب والبحار زيادة : «وَأَصْدَقَ وَعْدَكُمْ».


وَحَزْمٌ ، اِنْ ذُكِرَ الْخَيْرُ كُنْتُمْ اَوَّلَهُ وَاَصْلَهُ وَفَرْعَهُ وَمَعْدِنَهُ وَمَأْواهُ وَمُنْتَهاهُ. بِاَبِي اَنْتُمْ وَاُمِّي وَنَفْسِي (١) ...........................................

____________________________________

(وَحَزْمٌ) : ويكون تفسيره :

(اِنْ ذُكِرَ الْخَيْرُ كُنْتُمْ اَوَّلَهُ) : لأنّ ابتداءه لكم ومنكم.

(وَاَصْلَهُ) : فإنّهم أصل الخيرات لكونهم مقصودين بالذات ومنهم وصلت إلى من وصلت.

(وَفَرْعَهُ) أي : وجودهم نشأ من خير الله تعالى وفضله على عباده ، أو كمالاتهم العلية وأفعالهم المرضية فرع وجودهم فهم أصله وفرعه.

(وَمَأْواهُ) أي : لا يوجد إلّا عندهم.

(وَمُنْتَهاهُ) أي : لو وجد عند غيرهم فبالآخرة ينتهي إليهم كما تقدّم.

أو أنفسهم منتهى مراتب الكمال والجود.

__________________

(١) في العيون زيادة : (وأهلي ومالي).


كَيْفَ اَصِفُ حُسْنَ ثَنائِكُمْ وَاُحْصِي (١) جِمِيلَ بَلائِكُمْ اَخْرَجَنَا اللهُ مِنَ الذُّلِّ وَفَرِّجَ عَنّا غَمَراتِ الْكُرُوبِ وَاَنْقَذَنا مِنْ شَفا جُرُفٍ الْهَلَكاتِ وَمِنَ النّارِ. بِاَبِي اَنْتُمْ وَاُمِّي وَنَفْسِي بِمُوالاتِكُمْ عَلَّمَنَا اللهُ مَعالِمَ دِينِنا

____________________________________

(كَيْفَ اَصِفُ حُسْنَ ثَنائِكُمْ وَاُحْصِي جَمِيلَ بَلائِكُمْ) أي : نعمكم ولا أصل إليهما كمّاً وكيفاً ، والحال إنّ من جملتها إنّ الله تعالى أعزّنا بالإسلام بهدايتكم وأخرجنا من ذلّ الكفر والعذاب في الدنيا والآخرة.

(وَفَرَّجَ عَنّا غَمَراتِ الْكُرُوبِ) أي : الغموم والشدائد الكثيرة من الكفر والظلم والجهل وغيرها.

(وَاَنْقَذَنا) أي : خلصنا.

(مِنْ شَفا جُرُفٍ الْهَلَكاتِ) أي : حين كنا مشرفين على الهلاك بالكفر والضلال والفسق فهدانا بكم وخلّصنا من تبعاتها.

(وَمِنَ النّارِ) : بأصول الدّين وفروعها.

(بِمُوالاتِكُمْ عَلَّمَنَا اللهُ مَعالِمَ دِينِنا) أي : الكتاب والسنّة التي يعلم

__________________

(١) في العيون : (وكيفَ اُحصي).


وَاَصْلَحَ ما كانَ فَسَدَ مِنْ دُنْيانا ، وَبِمُوالاتِكُمْ تَمَّتِ الْكَلِمَةُ ........................

____________________________________

منهما الفروع.

أو بالعقل والنقل وإذا زار غير العالم (١) فيقصد أنّه تعالى علّم هذا النوع.

أو الشيعة.

أو يعم العلم بحيث يشمل التقليد.

أو يعم التعليم بما يشمل القابلية.

(وَاَصْلَحَ ما كانَ فَسَدَ مِنْ دُنْيانا) : بعلم التجارات وغيرها.

أو بأدعيتنا ببركتهم عليهم السلام.

أو ببركتهم وأدعيتهم لنا.

(وَبِمُوالاتِكُمْ تَمَّتِ الْكَلِمَةُ) أي : كلمة التوحيد ، كما قال الله تعالى : «لا إله إلّا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي» فلمّا نقل علي بن موسى الرضا عليه السلام الخبر ، قال : «ولكن بشروطها وأنا من

__________________

(١) يعني اذا زار العوام أحد الأئمّة عليهم السلام بهذه الزيارة فيقصد الزائر بقوله (علمنا الله الخ) تعليم الله له هذا النوع فتدبّر.


وَعَظُمَتِ النِّعْمَةُ وَائْتَلَفَتِ الْفُرْقَةُ ، وَبِمُوالاتِكُمْ تُقْبَلُ الطّاعَةُ الْمُفْتَرَضَةُ

____________________________________

شروطها» (١).

أو كلمة الإسلام ، أعني : الكلمتين.

أو الإسلام والإيمان تجوزاً.

(وَعَظُمَتِ النِّعْمَةُ) : كما قال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (٢).

(وَائْتَلَفَتِ الْفُرْقَةُ) : فإنّ المؤمنين كنفس واحدة سيّما الصلحاء منهم.

(وَبِمُوالاتِكُمْ تُقِبَلُ الطّاعَةُ الْمُفْتَرَضَةُ) : كما تقدّم أنّها من أُصول الدين للأخبار المتواترة ، ولا تقبل الفروع بدون الأُصول.

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ١٤٥ / ٤ ، باب ما حدّث به الرضا عليه السلام في مربعة نيسابور وهو يريد قصد المأمون وآخره هكذا قال : فلما مرت الراحلة نادانا : «بشروطها وأنا من شروطها» ، ثمّ قال الصدوق رحمه الله : من شروطها الاقرار للرضا عليه السلام بأنّه إمام من قبل الله عزّ وجلّ على العباد مفترض الطاعة عليهم. انتهى.

(٢) سورة المائدة ٥ : ٣.


وَلَكُمُ المودّة الْواجِبَةُ وَالدَّرَجاتُ الرَّفِيعَةُ وَالْمَقامُ الْمَحْمُودُ وَالمَقَامُ الْمَعْلُومُ (١) ............

____________________________________

(وَلَكُمُ المودّة الْواجِبَةُ) : فإنّها أجر رسالة نبينا صلى الله عليه وآله ، كما قال تعالى : (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ) (٢) ، وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَـٰنُ وُدًّا) (٣).

وروي في الأخبار (٤) الكثيرة أنّها نزلت فيهم ، والأخبار بوجوب المودّة المتواترة (٥) ، وأقلّ مرتبتها أن يكونوا أحبّ من أنفسنا وأقصاها العشق.

(وَالْمَقامُ الْمَحْمُودُ) : وهو الشفاعة أو الوسيلة.

(وَالْمَقامُ الْمَعْلُومُ) : وهو الرتبة العظيمة أو الوسيلة ، كما تقدّمت.

__________________

(١) في العيون : (والمقامُ المحْمودُ عندَ اللهِ تعالى والمكانُ المعلومُ) ، وفي التهذيب : (والمكانُ المَحمودُ والمقامُ المعلومُ). وفي البحار : والمقام المحمود والمكان المعلوم عند الله عزّ وجلّ.

(٢) سورة الشورى ٤٢ : ٢٣.

(٣) سورة مريم ١٩ : ٩٦.

(٤) اُنظر النصوص الواردة في تفسير البرهان للبحراني ٣ : ٧٣٧ ـ ٧٣٩.

(٥) اُنظر النصوص الواردة في بحار الأنوار للمجلسي ٢٣ : ٢٢٨ ، باب أنّ مودّتهم أجر الرسالة ....


عِنْدَ الله عَزَّ وَجَلَّ وَالْجاهُ الْعَظِيمُ وَالشَّأْنُ الْكَبِيرُ (١) وَالشَّفاعَةُ الْمَقْبُولَةُ. رَبَّنا آمَنّا بِما اَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِيْنَ ، رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ اِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً اِنَّكَ اَنْتَ الوَهّابُ ، سُبْحانَ رَبِّنا اِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً. يا وَلِيَّ اللهِ (٢) ......

____________________________________

(رَبَّنا لا تُزِغْ) أي : لا تمل.

(قُلُوبَنا) : إلى الباطل بعد معرفة الحق.

(مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) : كاملة وهي الهداية الخاصّة والكمالات.

(سُبْحانَ رَبِّنا) أي : اُنزهه تنزيهاً عمّا لا يليق بذاته وصفاته وأفعاله. ت

(اِنْ كانَ) أي : أنّه ـ مخففة من الثقيلة ـ.

(وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً) : في إجابة الدعوات فكيف يخلف وعده.

(يا وَلِيَّ اللهِ) : المخاطب هو الإمام الحاضر الذي يزوره أو يقصده

__________________

(١) في العيون : والشأن الرفيع.

(٢) ويخاطب بقوله (يا ولي الله) الإمام المَزور إذا كان مفرداً ، ويمكن أن ينوي به الأئمّة كلهم عليهم السلام على سبيل البدلية أو على إرادة الجنس من الكلمة ، والأحسن إن كانت الزيارة للجميع أن يقول : (يا أولياء الله). ذلك نقل من شرح المجلسي الأول (منه).


اِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ذُنُوباً لا يَأْتِي عَلَيْها اِلّا رِضاكُمْ ، فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكُمْ عَلى سِرِّهِ وَاسْتَرْعاكُمْ اَمْرَ خَلْقِهِ وَقَرَنَ طاعَتَكُمْ بِطاعَتِهِ ...........................................

____________________________________

بالزيارة ، أو الجميع لشمول (١) الجنس له ، ويؤيّده الإتيان بالجمع بعده.

(لا يَأْتِي عَلَيْها) أي : لا يهلكها ولا يمحوها.

(اِلّا رِضاكُمْ) : عنى مطلقاً أو بالشفاعة.

(فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكُمْ عَلى سِرِّهِ) : من العلوم اللدنّية والمكاشفات الغيبية والحقائق الإلهيّة.

(وَاسْتَرْعاكُمْ اَمْرَ خَلْقِهِ) أي : جعلكم أئمّة ودعاة لأُمور الخلائق من العقائد والأعمال.

(وَقَرَنَ طاعَتَكُمْ بِطاعَتِهِ) بقوله تعالى : (أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) (٢) ويفهم من المقارنة أنّه لا يقبل واحدة منها بدون بالبقية ، بل الجميع واحد كما قال تعالى : (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ) (٣).

__________________

(١) في نسخة : (بشمول).

(٢) سورة النساء ٤ : ٥٩.

(٣) سورة النساء ٤ : ٨٠.


لَمَّا اسْتَوْهَبْتُمْ ذُنُوبِي وَكُنْتُمْ شُفَعائِي فَاِنِّي لَكُمْ مُطِيعٌ ، مَنْ اَطاعَكُمْ فَقَدْ اَطاعَ اللهَ وَمَنْ عَصاكُمْ فَقَدْ عَصىَ اللهَ وَمَنْ اَحَبَّكُمْ فَقَدْ اَحَبَّ اللهَ وَمَنْ اَبْغَضَكُمْ فَقَدْ اَبْغَضَ اللهَ.

اَللَّهُمَّ اِنِّي لَوْ وَجَدْتُ شُفَعاءَ اَقْرَبَ اِلَيْكَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَاَهْلِ بَيْتِهِ الْأَخْيارِ الْأَئِمَّةِ الْأَبْرارِ لَجَعَلْتُهثمْ شُفَعائِي ، فَبِحَقِّهِمُ الَّذِي اَوْجَبْتَ لَهُمْ عَلَيْكَ اَسْأَلُكَ اَنْ تُدْخِلَنِي فِي جُمْلَةِ الْعارِفِيْنَ بِهِمْ وَبِحّقِّهِمْ وَفِي زُمْرَةِ الْمَرْحُومِيْنَ بِشَفاعَتِهِمْ ، اِنَّكَ اَرْحَمُ الرّاحِمِيْنَ وَصَلّىَ اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تسليماً كَثِيراً وَحَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١).

____________________________________

(لَمَّا) مشدّدة بمعنى : إلّا ، أي : لا يقع منكم شيء إلّا استيهاب ذنوبي منه تعالى ، أو مخففة واللام لتأكيد القسم (وما) زائدة للتأكيد.

(فَبِحَقِّهِمُ الَّذِي اَوْجَبْتَ لَهُمْ عَلَيْكَ) : أن لا تردّ دعاءهم أو احترامهم ، بحيث لو شفّعهم سائل لا تردّ دعاءه.

(بِهِمْ) : بإمامتهم.

(وَبِحَقِّهِمْ) : من وجوب محبتهم ومتابعتهم.

__________________

(١) في العيون : (وصلّى الله على محمّد وآله حسبنا الله ونعم الوكيل) ، وفي التهذيب : (وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين) وفي البحار : (وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين وسلّم تسليماً كثيراً وحسبنا الله ونعم الوكيل).


الوداع

(الوداع) : بالفتح : اسم التوديع ، وباكسر مصدر.

(اذا أردت الانصراف) : إلى البلد أو مطلق الخروج وهو أولى.

(سلام مودّع) أي : مفارق مع المشقة.

(لا سئم) : صفة كحذر من السأمة ، أي : الملالة.

(ولا قال) : من القلى ، أي : البغض.

(ولا مالّ) : من الملال.

(إنّه حميد مجيد) أي : لأجل أن جعلكم أهل بيت النبوة ، أو للسلم والرحمة والبركة.

(ولا مستبدل بكم) أي : لا أجعل لكم بدلاً عقلاً واتباعاً.

(ولا مؤثر) بالهمزة ، أي : لا أختار غيركم.

(عليكم ولا زاهد) أي : تارك لعدم الرغبة.

(وشكر سعيي بكم) أي : جزائي الله تعالى في زيارتي إيّاكم ، أو


ببركتكم وشفاعتكم.

(وأقال عثرتي) أي : تجاوز عن سيئاتي.

(وأعلى كعبي) أي : جعلني مشرفاً وعالياً أو جعل أعدائي تحت قدمي ، أو تحت رمحي بغلبتي عليهم.

(بموالاتكم) : إياي ، أو بموالاتي إياكم.

(وجعلني ممّن انقلب) : بالماضي ، أي : رجع مع الفلاح من النار والفوز بالجنة.

(غانماً) : بالغنيمة الصورية والمعنوية.

(بنيّة صادقة) : متعلّق بالعَود أو بإبقائي.

(وإخبات) أي : خضوع تام.

(اجعلوني في همّكم) أي : فيمن تهتمون بأمره في الشفاعة في الدنيا والآخرة.

انتهى الشرح المبارك للزيارة الجامعة

أخذناه من روضة المتقين لوالد العلّامة

المجلسي رضوان الله عليهما


(١)

فهرس الآيات الكريمة

سورة البقرة (٢)

الآية

رقمها

الصفحة

إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً

٣٠

١٠٢

وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ

٥٧

١٢٢

وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ

١٤٣

١٠٣

وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا

١٨٩

١٢٦

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ

٢٤٣

١٣٨

يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّـهِ فَقَدِ

٢٥٦

١٣٥

سورة آل عمران (٣)

إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ

٣٣

٩٦

ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ

٣٤

١٢٩


وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ

١٠٣

١٢٧

حَسْبُنَا اللَّـهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

١٧٣

١٣٠

سورة النساء (١٤)

إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ

٥٨

١٢٤

أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي

٥٩

٩١

أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي

٥٩

١٥٩

مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ

٨٠

١٥٩

سورة المائدة (٥)

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ

٣

١٥٦

إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ

٥٥

٨٩

سورة الأنعام (٦)

وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ

١٥٣

٩٢


سورة التوبة (٩)

أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّـهُ الَّذِينَ

١٦

١٤٥

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَكُونُوا مع

١١٩

٩٥

سورة هود (١١)

بَقِيَّتُ اللَّـهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ

٨٦

٩١

سورة يوسف (١٢)

قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّـهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ

١٠٨

٨٦

سورة الرعد (١٣)

إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ

٧

١٠٢

سورة الاسراء (١٧)

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ

٨٥

١٠٠

وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ

٧٠

٨٨


سورية مريم (١٩)

تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ ... لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدًا

٩٠ ـ ٩١

١٥٠

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

٩٦

١٥٧

سورة الأنبياء (٢١)

فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ

٧

٩٠

وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا

٧٣

٨٩

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ

١٠٧

١٢٤

سورة الحج (٢٢)

هُوَ اجْتَبَاكُمْ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ

٧٨

١٠٣

سورة النور (٢٤)

اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ

٣٥

٨١

وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

٥٥

١٠١


سورة النمل (٢٧)

وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن

٨٣

١٣٧

سورة الأحزاب (٣٣)

النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ

٦

٨٩

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ

٧٢

١٢٤

سورة ص (٣٨)

هَـٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ

٣٩

١٢١

سورة الشورى (٤٢)

قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ

٢٣

١٥٧

وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا

٥٢

١٠٠

سورة الفتح (٤٨)

إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّـهَ

١٠

١٢٢


سورة النجم (٥٣)

وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ

٣ ـ ٤

٨٨

لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا

٣١

١١٢

سورة القمر (٥٤)

فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ

٥٥

١٣٤

سورة المجادلة (٥٨)

رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَـٰئِكَ حِزْبُ اللَّـهِ

٢٢

٩٢

سورة الجن (٧٢)

عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا

٢٦ ـ ٢٧

٩٨

سورة الغاشية (٨٨)

إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا

٢٥ ـ ٢٦

١١٨

* * *


(٢)

فهرس الأحاديث الشريفة

الحديث

القائل

الصفحة

إن حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلّا ملك

عنهم عليهم السلام

٨٤

إنّ الحلم من العلم

رسول الله صلى الله عليه وآله

٧٢

إنّ الدعاء لا يقبل بدون الصلاة على محمد

ورد في الأخبار

١٤٠

إنّ سلمان منّا أهل البيت

عنهم عليهم السلام

١١٣

إنّ كلّ حقّ بأيدي الناس فهو منّا

روي

١١٤

إنّ لله تبارك وتعالى في كلّ واقعة حكماً

عنهم عليهم السلام

١١٩

إنّكِ إلى خير

رسول الله صلى الله عليه وآله

١٠٦

إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي

صلى الله عليه وآله

٧٩

إيّانا عنى ونحن المجتبون

ابو جعفر عليه السلام

١٠٣

اللهم أدر الحق معه حيثما دار

رسول الله صلى الله عليه وآله

١١٤

أما والله مالها ذّنب وإنّ لها للحية

أمير المؤمنين عليه السلام

٧٧


أنا صاحب العصا والميسم

أمير المؤمنين عليه السلام

٧٧

أنا قسيم الله بين الجنة والنار

أمير المؤمنين عليه السلام

٧٦

أنا مدينة الحكمة وعليّ بابها

رسول الله صلى الله عليه وآله

٨٣

أنا مدينة علم وعليّ بابها

رسول الله صلى الله عليه وآله

١٢٥

حرب عليٍّ حرب الله

رسول الله صلى الله عليه وآله

١٢٣

الحق مع الأئمة الاثني عشر

رسول الله صلى الله عليه وآله

١١٤

الحق مع عليّ وهو مع الحق

رسول الله صلى الله عليه وآله

١١٤

خلق من خلق الله عز وجل أعظم من جبرائيل

ابو عبد الله عليه السلام

١٠٠

دابة الأرض طولها ستّون ذراعاً

أمير المؤمنين عليه السلام

٧٧

علّمني ألف باب يفتح من كلّ باب ألف باب

أمير المؤمنين عليه السلام

٦٣

علّمني ألف حرف يفتح من كلّ حرف ألف حرف

أمير المؤمنين عليه السلام

٦٣

عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي

رسول الله صلى الله عليه وآله

٩٤

فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني

رسول الله صلى الله عليه وآله

١٢٣

فُضلة من زغب الملائكة نجمعه إذا خلونا

علي بن الحسين عليهما السلام

٧٠

كان جبرئيل إذا أتى النبي صلى الله عليه وآله قعد بين يديه

أبو عبد الله عليه السلام

٦٩

كنّا أشباح نور ندور حول عرش الرحمن

الحسين عليه السلام

٧٠

لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني

قدسي

١٥٥


لا يزال أمر الدين قائماً ما وليهم

النبي صلى الله عليه وآله

١٤٣

لا يزال الدين قائماً ما وليهم اثني عشر خليفة

رسول الله صلى الله عليه وآله

٩٤

لمّا اُسري برسول الله صلى الله عليه وآله وحضرت الصلاة أذّن

ابو عبد الله عليه السلام

٦٩

لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان

الإمام الصادق عليه السلام

٨٤

ما جاء به عليّ عليه السلام اُذ به

ابو عبد الله عليه السلام

٧٥

ما خلق الله خلقاً أفضل منّي ولا أكرم عليه منّي

رسول الله صلى الله عليه وآله

٦٤

مَا لَك والحقيقة

أمير المؤمنين عليه السلام

٨٤

ما من ملك يُهبطه الله في أمر ما يهبطه إلّا بدأ بالإمام

ابو الحسن عليه السلام

٧١

ما منّا إلّا وهو شهيد

عنهم عليهم السلام

١١٠

محبّة عليّ حصني من دخل حصني

قدسي

١٣٦

من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه

رسول الله صلى الله عليه وآله

١٣٢

من رآني فقد رأى الحق

رسول الله صلى الله عليه وآله

١٢٢

من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه

رسول الله صلى الله عليه وآله

٨٩

نحن الاُمة الوسط ونحن شهداء الله

ابو جعفر عليه السلام

١٠٣

وكنت إذا دخلت عليه صلى الله عليه وآله بعض منازله خلا بي  

أمير المؤمنين عليه السلام

٦٢

ولكن بشروطها وأنا من شروطها

الإمام الرضا عليه السلام

١٥٥

يا أبا حمزة إنّهم ليزاحمونا على تكأتنا

علي بن الحسين عليهما السلام

٧٠


يا علي إنّ الله تبارك وتعالى فضّل أنبياءه المرسلين

رسول الله صلى الله عليه وآله

٦٤

يا علي لو لا نحن ما خلق الله آدم ولا حوّاء

رسول الله صلى الله عليه وآله

٦٥

يا محمد إنّ انتهاء حدّي الذي وضعني الله عزّ وجلّ فيه         

جبرئيل عليه السلام

٦٧

يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي

قدسي

٦٨

يا محمد هؤلاء أوليائي وأحبّائي وأصفيائي وحججي

قدسي

٦٨

 * * *


(٣)

فهرس مصادر التحقيق

١ ـ الاحتجاج : للشيخ أبي منصور أحمد بن علي الطبرسي ـ من أعلام القرن السادس ـ نشر المرتضى ـ ١٤٠٣ هـ.

٢ ـ إحقاق الحق : للقاضي الشهيد نور الله الحسيني المرعشي التستري ـ ت ١٠١٩ هـ ـ نشر مكتبة المرعشي ـ ١٤٠٣ هـ.

٣ ـ أخبار المهدي (ضمن الرسائل العشر) : للسيوطي ـ ت ٩١١ هـ ـ نشر : دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ١٤٠٩ هـ.

٤ ـ اختيار معرفة الرجال : للشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه الله ـ ت ٤٦٠ هـ ـ نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام ـ ١٤٠٤ هـ.

٥ ـ الأربعين : للشيخ محمد طاهر بن محمد حسين الشيرازي النجفي القمي ـ ت ١٠٩٨ ـ نشر المحقق ١٤١٨ هـ.

٦ ـ الإشاعة لأشراط الساعة : لمحمد بن رسول الله البرزنجي الحسيني ـ ت : ١١٠٣ هـ ـ نشر دار المنهاج ـ المملكة العربية السعودية ـ ١٤١٧ هـ.


٧ ـ إعلام الورى : أمين الإسلام أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي ـ من أعلام القرن السادس ـ نشر دار الكتب الإسلامية.

٨ ـ أمالي الصدوق : للشيخ أبي جعفر محمد بن علي الصدوق ـ ت ٤٨٠ هـ ـ نشر مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ـ لبنان.

٩ ـ أمل الآمل : للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي ـ ت ١١٠٤ هـ ـ نشر مكتبة الأندلس ـ بغداد.

١٠ ـ بحار الأنوار : للشيخ محمد باقر المجلسي قدس سره ـ ت ١١١٠ هـ ـ نشر مؤسسة الوفاء ـ بيروت ـ بينان ١٤٠٣ هـ.

١١ ـ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان : للشيخ علي بن حسام المشهور بالمتقي الهندي ـ ت ٩٧٥ هـ ـ نشر المحقق الطبعة الاُولى.

١٢ ـ بشارة المصطفى : لأبي جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري ـ من أعلام القرن السادس ـ نشر المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف ـ ١٣٨٣ هـ.

١٣ ـ بصائر الدرجات : للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن بن فرّوخ الصفار ـ ت ٢٩٠ هـ ـ نشر منشورات الأعلمي ـ طهران ـ ١٣٦٢ هـ.

١٤ ـ تأسيس الشيعة : للسيد حسن الصدر ـ ت ١٣٥٤ هـ ـ نشر الطباعة العراقية.

١٥ ـ تأويل الآيات : للسيد شرف الدين علي الحسيني الاسترآبادي ـ من أعلام


القرن العاشر ـ نشر جماعة المدرسين قم ١٤٠٩ هـ.

١٦ ـ تاريخ مدينة دمشق : للحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الشافعي المعروف بابن عساكر ـ ت ٥٧١ هـ ـ نشر دار الفكر ـ بيروت ١٤١٨ هـ.

١٧ ـ تحف العقول : للشيخ محمد بن الحسن بن علي بن شعبة الحرّاني ـ ت ٣٨١ هـ ـ نشر جماعة المدرسين ـ قم ـ ١٤٠٤ هـ.

١٨ ـ تفسير البرهان : للسيد هاشم البحراني ـ ت ١١٠٩ هـ ـ نشر مؤسسة مطبوعات اسماعيليان ـ قم.

١٩ ـ تفسير الثعلبي : لأبي اسحاق أحمد القعلبي ـ ت ٤٢٧ هـ ـ نشر دار احياء التراث العربي ـ بيروت ـ ١٤٢٢ هـ.

٢٠ ـ تفسير الدر المنثور : لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي ـ ت ٩١١ هـ ـ نشر مكتبة المرعشي ـ قم ـ ١٤٠٦ هـ.

٢١ ـ تفسير الصافي : للمولى محسن الملقب بالفيض الكاشاني ـ ت ١٠٩١ هـ ـ نشر مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ـ ١٣٩٩ هـ.

٢٢ ـ تفسير العياشي : لأبي النضر محمد بن مسعود السمرقندي العياشي ـ أواخر القرن الثالث ـ نشر مكتبة الاسلامية ـ طهران ـ ١٣٨٠ هـ.

٢٣ ـ تفسير غرائب القرآن : للعلّامة نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين النيشابوري ـ ت ٧٢٨ هـ ـ نشر دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ١٤١٦ هـ.


٢٤ ـ تفسير الفخر الرازي : لمحمد بن عمر بن الحسن بن الحسين الشافعي ـ ت ٦٠٦ هـ.

٢٥ ـ تفسير القمي : لأبي الحسن بن علي بن إبراهيم القمي ـ ت ٣٠٧ هـ.

٢٦ ـ تهذيب الأحكام : للشيخ أبي جعفر الطوسي قدس سره ـ ت ٤٦٠ هـ ـ نشر دار الكتب الاسلامية ـ طهران ـ ١٣٩٠ هـ.

٢٧ ـ تهذيب الكمال : للحافظ جمال الدين أبي الحجاج المزّي ـ ت ٧٤٣ هـ ـ نشر مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ ١٤٠٣ هـ.

٢٨ ـ التوحيد : للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين الصدوق ـ ت ٣٨١ هـ ـ نشر جماعة المدرسين ـ قم.

٢٩ ـ الثاقب في المناقب : للشيخ عماد الدين أبي جعفر الطوسي المعروف بابن حمزة ـ من أعلام القرن السادس الهجري ـ نشر أنصاريان ـ قم ـ ١٤١٢ هـ.

٣٠ ـ ثواب الأعمال : للشيخ أبي جعفر الصدوق ـ ت ٣٨١ هـ ـ نشر مكتبة الصدوق ـ طهران.

٣١ ـ جامع الرواة : للشيخ محمد بن علي الأردبيلي ـ ت. ق ١١ هـ ـ نشر مكتبة المرعشي قدس سره ـ قم ـ ١٤٠٣ هـ.

٣٢ ـ الجامع الصغير : لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي ـ ت ٩١١ هـ ـ نشر دار الفكر ـ بيروت ـ ١٤٠١ هـ.


٣٣ ـ جوامع الجامع : للشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي ـ ت ٥٤٨ ـ نشر ١٣٤٧ هـ.

٣٤ ـ الجواهر السنية : لمحمد بن الحسن بن علي الحر العاملي ـ ت ١١٠٤ هـ ـ نشر انتشارات قدس ـ مشهد.

٣٥ ـ الخصال : للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي ـ ت ٣٨١ هـ ـ نشر جماعة المدرسين ـ قم ـ ١٤٠٣ هـ.

٣٦ ـ الدروس : للشيخ شمس الدين محمد بن مكي الشهيد الأول قدس سره ـ ت ٧٨٦ هـ ـ نشر مؤسسة النشر الاسلامي ـ قم.

٣٧ ـ دعائم الإسلام : لأبي حنيفة ابن النعمان التميمي المغربي ـ ت ٣٦٣ هـ ـ نشر دار المعارف ـ ١٣٨٣ هـ.

٣٨ ـ دلائل الإمامة : للشيخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ـ من أعلام القرن السادس ـ نشر المكتبة الحيدرية ـ النجف الأشرف ـ ١٣٨٣ هـ.

٣٩ ـ روضات الجنات : للشيخ محمد باقر الموسوي الخوانساري ـ ت ١٣١٣ هـ ـ نشر مكتبة اسماعيليان ـ قم.

٤٠ ـ روضة المتقين : للمولى محمد تقي المجلسي ـ ت ١٠٧٠ هـ ـ نشر بنياد فرهنك اسلامي.

٤١ ـ روضة الواعظين : للشيخ محمد بن القتال النيشابوري ـ من أعلام القرن


الخامس والسادس ـ نشر الرضي ـ قم.

٤٢ ـ رياض المسائل : للسيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي ـ ت ١٢٣١ هـ ـ نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام ـ ١٤١٨ هـ.

٤٣ ـ كتاب سليم بن قيس الكوفي : للهلالي العامري ـ ت ٩٠ هـ ـ نشر دار الفنون ـ ١٤٠٠ هـ.

٤٤ ـ سنن أبي داود : للحافظ أبي داود سليمان الأزدي ـ ٧٥ هـ ـ نشر دار ابن حزم ـ بيروت ـ ١٤١٨ هـ.

٤٥ ـ سنن أبي يعلى : للحافظ أحمد بن علي المثنى التميمي ـ ت ٣٠٧ ـ نشر دار المأمون للتراث ـ بيروت ـ ١٤٠٤ هـ.

٤٦ ـ شرح الأخبار : للقاضي أبي حنيفة النعمان التميمي المغربي ـ ت ٣٦٣ هـ ـ نشر جماعة المدرسين ـ قم ١٤٠٩ هـ.

٤٧ ـ شرح الأسماء الحسنى : للحاج ملا هادي السبزواري ـ ت ١٢١٣ هـ ـ نشر مكتبة بصيرتي.

٤٨ ـ شواهد التنزيل : للحافظ عبيد الله بن عبد الله النيشابوري الحسكاني ـ من أعلام القرن الخامس ـ نشر مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ـ ١٣٩٣ هـ.

٤٩ ـ شرح نهج البلاغة : لابن أبي الحديد المعتزلي ـ ت ٦٥٥ هـ ـ نشر مكتبة المرعشي ـ قم ـ ١٤٠٦ هـ.


٥٠ ـ صحيح ابن حيّان : لعلاء الدين علي بن بلبان الفارسي ـ ت ٧٣٩ هـ ـ نشر مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ ١٤١٨ هـ.

٥١ ـ صحيح مسلم : للحافظ أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيشابوري ـ ت ٢٦١ ـ نشر دار الخير ـ دمشق ـ ١٤٢٣ هـ.

٥٢ ـ الصراط المستقيم : للشيخ زين الدين أبي محمد بن علي العاملي النباطي البياضي ـ ت ٨٧٧ هـ ـ نشر المكتبة المرتضوية ـ طهران ـ ١٣٨٤ هـ.

٥٣ ـ علل الشرائع : للشيخ أبي جعفر الصدوق : ت ٣٨١ هـ ـ نشر المكتبة الحيدرية ـ النجف الأشرف ـ ١٣٨٥ هـ.

٥٤ ـ العمدة : للحافظ يحيى بن الحسن الأسدي الحلي ـ ت ٦٠٠ هـ ـ نشر جماعة المدرسين ـ قم ـ ١٤٠٧ هـ.

٥٥ ـ عوالي اللئالي : للشيخ محمد بن علي بن إبراهيم الاحسائي ـ ت ٩٤٠ هـ ـ نشر مطبعة سيد الشهداء ـ قم ١٤٠٣ هـ.

٥٦ ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام : للشيخ أبي جعفر الصدوق ـ ت ٣٨١ ـ نشر انتشارات جهان ـ طهران.

٥٧ ـ غاية المرام : للسيد هاشم البحراني ـ ت ١١٠٩ هـ ـ نشر مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت ـ ١٤٢٢ هـ.

٥٨ ـ كتاب الغيبة : للشيخ أبي زينب محمد بن إبراهيم النعماني ـ من أعلام القرن


الرابع ـ نشر مكتبة الصدوق ـ طهران.

٥٩ ـ الكافي : للشيخ أبي جعفر الكليني ـ ت ٣٢٩ هـ ـ نشر المكتبة الاسلامية ـ طهران ـ ١٣٨٨ هـ.

٦٠ ـ كامل الزيارات : لأبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ـ ت ٣٦٧ هـ ـ نشر المطبعة المرتضوية ـ النجف الأشرف ـ ١٣٥٦ هـ.

٦١ ـ كشف الغمّة : لأبي الحسن علي بن عيسى ابن أبي الفتح الإربلي ـ ت ٦٩٢ هـ ـ نشر مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام ـ ١٤٢٦ هـ.

٦٢ ـ كفاية الأثر : للشيخ أبي القاسم علي بن محمد بن علي الخزّاز القمّي الرازي ـ من علماء القرن الرابع ـ نشر انتشارات بيدار ـ قم ـ ١٤٠١ هـ.

٦٣ ـ كمال الدين : للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي ـ ت ٣٨١ هـ ـ قم ـ ١٤٠٥ هـ.

٦٤ ـ كنز العمال : للحافظ علاء الدين علي المتقي الهندي ـ ت ٩٧٥ هـ ـ نشر مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ ١٤٠٥ هـ.

٦٥ ـ مجمع البحرين : للشيخ فخر الدين الطريحي ـ ت ١٠٨٥ هـ ـ نشر مكتبة المرتضوي ـ طهران ـ ١٣٦٢ هـ.

٦٦ ـ مجمع البيان : للشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي ـ ت ٤٥٨ هـ ـ نشر رابطة الثقافة والعلاقات الاسلامية ـ طهران ـ ١٤١٧ هـ.


٦٧ ـ المحاسن : للشيخ أبي جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي ـ ت ٢٨٠ هـ ـ نشر دار الكتب الاسلامية ـ قم.

٦٨ ـ مختصر بصائر الدرجات : للشيخ حسن بن سليمان الحلي ـ من أعلام القرن التاسع ـ نشر المطبعة الحيدرية ـ النجف الاشرف ـ ١٣٧٠ هـ.

٦٩ ـ المسائل العكبرية : للشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري ـ ٤١٢ هـ ـ نشر المؤتمر العالمي لذكرى الشيخ المفيد ـ قم ـ ١٤١٣ هـ.

٧٠ ـ المستدرك على الصحيحين : للحافظ الحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله ـ ت ٤٠٥ هـ ـ نشر دار الفكر ـ بيروت ـ ١٣٩٨ هـ.

٧١ ـ مسند أحمد بن حنبل : للحافظ أبي عبد الله الشيباني ـ ت ٢٤١ ـ هـ نشر دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

٧٢ ـ مسند الشاميّين : للحافظ أبي القاسم سليمان الطبراني ـ ٣٦٠ هـ ـ نشر مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ ١٤١٧ هـ.

٧٣ ـ مشارق أنوار اليقين : للحافظ رجب بن محمد بن رجب البرسي الحلي ـ ت ٨١٣ هـ ـ نشر الشريف الرضي ـ قم ـ ١٣٨٠ هـ.

٧٤ ـ مقابس الأنوار : للعلّامة الشيخ أسد الله الدزفولي الكاظمي ـ ت ١٢٣٧ ـ نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام ـ قم.

٧٥ ـ المقنعة : للشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد النعمان الملقب بالمفيد ـ ت


٤١٣ هـ ـ نشر مؤسسة النشر الاسلامي ـ قم ـ ١٤١٠ هـ.

٧٦ ـ المناقب : لموفق بن أحمد بن محمد المكي الخوارزمي ـ ت ٥١٨ هـ ـ نشر جماعة المدرسين ـ قم ـ ١٤١١ هـ.

٧٧ ـ مناقب آل أبي طالب : لأبي جعفر محمد بن علي بن شهرآشوب ـ ت ٥٨٨ هـ ـ نشر دار الاضواء ـ بيروت ـ ١٤١٢ هـ.

٧٨ ـ من لا يحضره الفقيه : للشيخ أبي محمد بن علي ابن بابويه القمي ـ ت ٣٨١ هـ ـ نشر جماعة المدرسين ـ قم.

٧٩ ـ المؤمن : للشيخ الحسين بن سعيد الكوفي الأهوازي ـ من أعلام القرن الثاني والثالث ـ نشر دار المرتضى ـ بيروت ـ ١٤١١ هـ.

٨٠ ـ النهاية في غريب الحديث : لمجد الدين أبي السعادات ابن الأثير الجزري ـ ٦٠٦ هـ ـ نشر دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ١٤٢٣ هـ.

٨١ ـ نهج الإيمان : لزين الدين علي بن يوسف بن جبر ـ من أعلام القرن السابع ـ نشر مجتمع الإمام الهادي عليه السلام ـ مشهد.

٨٢ ـ وسائل الشيعة : للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي ـ ت ١١٠٤ هـ ـ نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام ـ قم ـ ١٤٠٩ هـ.


(٤)

فهرس المحتويات

انتخبنا في هذا الفهرس الكلمات المشروحة المذكورة في أول كلّ صفحة فقط.

مقدّمة التحقيق.................................................................. ٥

ثواب زيارتهم عليهم السلام...................................................... ١٢

آداب الزيارة................................................................... ١٧

ترجمة المؤلّف................................................................... ٢٩

المتن الكامل للزيارة.............................................................. ٣٩

روى محمد بن اسماعيل البرمكي................................................... ٥٩

عن موسى بن عبد الله النخعي................................................... ٦٠

ثمّ قل : السلام عليكم.......................................................... ٦٢

ومختلف الملائكة................................................................ ٦٤

ومعدن الرحمة.................................................................. ٧٢


واُصول الكرم................................................................... ٧٣

وعناصر الأبرار................................................................. ٧٤

وأبواب الإيمان.................................................................. ٧٤

واُمناء الرحمن................................................................... ٧٨

ومصابيح الدُجى............................................................... ٨٠

واُولي الحِجى................................................................... ٨١

والدعوة الحُسنى................................................................. ٨٢

السلام على محلّ............................................................... ٨٣

وحفظة سرّ الله................................................................. ٨٤

وحملة كتاب الله................................................................ ٨٥

وذرّية رسول الله................................................................ ٨٦

والمستوفرين في أمر الله........................................................... ٨٧

والمظهرين لأمر الله ونهيه.......................................................... ٨٨

والقادة الهداة................................................................... ٨٩

والذادة الحماة.................................................................. ٩٠

واُولي الأمر..................................................................... ٩١

وحِزبه......................................................................... ٩٢


كما شهد الله لنفسه............................................................ ٩٣

ورسوله المرتضى................................................................. ٩٤

المهديّون المعصومون............................................................. ٩٥

المصطفون..................................................................... ٩٦

المطيعون لله.................................................................... ٩٧

الفائزون بكرامته................................................................ ٩٨

واختاركم لسرّه.................................................................. ٩٩

وأيّدكم بروحه................................................................ ١٠٠

ورضيكم خلفاء في أرضه....................................................... ١٠١

وتراجمة لوحيه................................................................. ١٠٢

وشهداء على خلقه............................................................ ١٠٣

وأعلاماً لعباده................................................................ ١٠٤

عصمكم الله من الزلل......................................................... ١٠٥

فعظّمتم جلاله............................................................... ١٠٧

وأدمنتم ذِكره................................................................. ١٠٨

وأحكمتم عقد طاعته......................................................... ١٠٩

وبذلتم أنفسكم في مرضاته..................................................... ١١٠


وأقمتم حدوده................................................................ ١١١

إلى الرضا.................................................................... ١١٢

فالراغب عنكم............................................................... ١١٣

زاهق........................................................................ ١١٤

وإليكم...................................................................... ١١٥

وأنتم أهله................................................................... ١١٦

وحسابهم عليكم.............................................................. ١١٨

وفصل الخطاب عندكم........................................................ ١١٨

وعزائمه فيكم................................................................ ١٢٠

عندكم وأمره إليكم............................................................ ١٢١

من والاكم فقد والى الله........................................................ ١٢٢

أنتم الصراط الأقوم............................................................ ١٢٣

والرحمة الموصولة............................................................... ١٢٤

والباب المبتلى به الناس......................................................... ١٢٥

إلى الله تدعون................................................................ ١٢٦

من تمسك بكم............................................................... ١٢٧

ومن ردّ عليكم............................................................... ١٢٨


بعضها من بعض.............................................................. ١٢٩

وجعل صلاتنا عليكم.......................................................... ١٣٠

وطهارة لأنفسنا............................................................... ١٣١

وأرفع درجات المرسلين......................................................... ١٣٢

حيث لا يلحقه لاحق......................................................... ١٣٣

حتى لا يبقى................................................................. ١٣٤

سلم لمن سالمكم.............................................................. ١٣٥

محتمل لعلمكم............................................................... ١٣٦

منتظر لأمركم................................................................. ١٣٩

ومتقرّب بكم إليه............................................................. ١٤٠

ومفوّض في ذلك كلّه إليكم.................................................... ١٤١

حتى يحيى الله دينه بكم........................................................ ١٤٢

وتولّيت آخركم بما تولّيت به أولكم.............................................. ١٤٣

من الجبت والطاغوت.......................................................... ١٤٤

الشاكّين فيكم............................................................... ١٤٥

ويكرّ في رجعتكم............................................................. ١٤٦

من أراد الله بدأ بكم........................................................... ١٤٧


وأنتم نور الأخيار............................................................. ١٤٨

بكم فتح الله................................................................. ١٤٩

آتاكم الله ما لم يؤت أحداً من العالمين........................................... ١٥٠

كلّ متكبّر لطاعتكم.......................................................... ١٥١

فما أحلى أسماءكم............................................................ ١٥٢

إن ذُكر الخيرُ كنتم أوله........................................................ ١٥٣

كيف أصِف حسن ثنائكم واُحصى جميل بلائكم................................. ١٥٤

وأصلح ما كان فسر من دنيانا.................................................. ١٥٥

وعظمت النعمة.............................................................. ١٥٦

ولكم المودة الواجبة............................................................ ١٥٧

ربّنا لا تزغ قلوبنا.............................................................. ١٥٨

لا يأتي عليها إلّا رضاكم....................................................... ١٥٩

فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك................................................ ١٦٠

الوداع....................................................................... ١٦١

فهرس مصادر التحقيق........................................................ ١٧٣

فهرس المحتويات............................................................... ١٨٣

* * *

شرح الزيارة الجامعة الكبيرة

المؤلف:
الصفحات: 188