الفهرس

*كلمة التحرير :

*على أعتاب الذكرى الالفية لوفاة الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه.

................................................................. هيئة التحرير ٧

*الشيخ المفيد وعطاؤه الفكريّ الخالد.

.................................................... السيّد عبدالعزيز الطباطبائي ١٠

*الكلام عند الإماميّة : نشأته ، تطوّره ، وموقع الشيخ المفيد منه.

.................................................. الشيخ محمّدرضا الجعفري ١٤٤

*بنات النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، أم ربائبه؟!

................................................. السيّد جعفر مرتضى العاملي ٣٠٠


*حكم المناظرة من كتاب الله وحديث العترة الطاهرة

.................................................. السيّد محمدجواد الشبيري ٣٤٧

*من الأحاديث الموضوعة (١٠) :

*تزويج اُمّ كلثوم بنت عليّ عليه السلام من عمر بن الخطّاب.

................................................. السيّد علي الحسيني الميلاني ٣٧٨

* نظرية القضاء عند الشيخ المفيد

........................................................ محمّدجواد الطريحي ٤٣٤

*من ذخائر التراث :

*النكت في مقدّمات الاصول ـ للشيخ المفيد.

...................................... تحقيق : السيّد محمّدرضا الحسيني الجلالي ٤٤٥

__________________

*صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة «التواريخ الشرعية» للشيخ المفيد ، كتبت في ربيع الآخر سنة ٣٩١ هـ ، اُنظر التعريف بالكتاب وبقية المؤلّفات في مقال «الشيخ المفيد وعطاؤه الفكريّ الخالد» المنشور في هذا العدد ، ص ١٠ ـ ١٤٣.





كلمة التحرير :

على أَعتاب الذكرى الألفيّة

لوفاة الشيخ المفيد

رضوان الله تعالى عليه

بسـم الله الرحمن الرحـيم

لعله من البديهي القول بأن الفكر العقائدي الإِمامي ـ والذي يمثل بحق لا تشوبه أدنى شائبة الصورة الصادقة للفكر الاسلامي المحمدي الاصيل ـ مدان بصدق ـ يرتجي الوفاء ـ لجملة خَيِّرة من رجالات هذهِ الطائفة وعظماء مفكريها ، من الذين أوقفوا حياتهم ، وأجهدوا أنفسهم في تعهد شجرة الاسلام المباركة ـ التي أودع بذرتها الاولى رسول الله محمّد صلّى الله عليه وآله في أرض الجزيرة القاحلة ـ بالرعاية والاهتمام ، والسقي والتشذيب ، طوال سني عمرهم الشريف ، وجعلوا من صدورهم المائجة بعلوم العترة المحمدية متاريس تكسرت عليها نصال اولئك الذين ما كانوا ليرعوون أمام كلمة الحق ، ونور الهداية.

وهكذا فان المستقرىء المتبصر للسجل الحضاري ـ الحافل بزخم الاحداث والتطورات ـ لهذهِ الطائفة الحق يستجلي بوضوح أسماء اولئك الرجالِ الأفذاذ وآثارهم الخالدة ، وبصماتهم الطاهرة في شتى العلوم المختلفة ، والتي أذعن لها ، وأقر بفضلها القاصي والداني ، والمؤالف


والمخالف ، وجعلت من أسمائهم نجوماً زاهرة لا يعسر حتى على كليل البصرادراكها والاسترشاد بهدى نورها.

بلى إنَّ لكل عَلَم من اولئك فضل لا يُنكر ، ومكانة لا تُدانى ، وشرف لا يُسابق ، لا يوفيهم ديونهم الاّ مَنْ أفنوا نفوسهم في طاعته ، ودفاعاً عن دينه ، ولعل شيخنا المفيد رحمه الله تعالى واسكنه في فسيح جنانه يقف بلا منازع في مقدمة تلك القمم السامقة والوجودات الرفيعة ، من الذين ارتضعوا من ثدي الولاء المحمدي لبناً صافياً لا يشوبه شيء ، حيث ينبعث من ذلك البيت الطاهر الذي اذهب الله عنه الرجس وطهَّره تطهيره ، ففاق الجميع ، وتباركوا به.

ولا غرو في ذلك ، فان التأمل في حياة هذا الرجل وتدارس آثاره ـ التي قد تربوعلى المائتين مصنف ـ وفي شتى العلوم ، تفصح عن قليل من كثير في فضله ومنزلته الكبيرة.

كما ان استقراء الحقبة الزمنية التي عاشها الشيخ المفيد رحمه الله وما تبوأه ـ حينذاك ـ من مركز حساس هو قبلة للناظرين ـ حيث انتهت اليه رئاسة متكلمي الشيعة الامامية ـ تكشف بوضوح عن علوِّ منزلته العلمية ، وقدرته الكلامية الفائقة التي وضَّفها في الدفاع عن حوزة هذهِ الطائفة أمام سيل المنازلات الكلامية التي شهدتها بغداد المزدحمة آنذاك بالكثير من النظّاروالمتكلمين ، والذين تعقد لهم في احيان كثيرة مجالس مهيبة يشرف عليها اقطاب الدولة ورجالاتها ، ولا غلو ان صرّحنا بتصاغر الجميع ـ وتلك حقيقة لا يعسر على متشكك ادراكها ـ أمام الشيخ المفيد واقرارهم بمذهبه ، مؤمنين كانوا أو صاغرين.

بلى ، لقد كان الشيخ المفيد رحمه الله في علمه بحر لا ينزف ، وقمة لا تدانى ، امضى حياته الشريفة الطاهرة في العلم والعمل ، والجد والاجتهاد ، والزهد والتعبُّد ، فكان مصداقاً حقيقاً لورثة علوم العترة الطاهرة عليها السلام ، ورمزاً كريماً للدعاة إلى دين الله الحنيف ، فكان لا بد لهذهِ الامة المدينة له


بالفضل الجسيم مِن ان ترد ولو جزءاً بسيطاً من هذا الفضل من خلال احياء آثاره ، ودراسة حياته ، وتعريف باقي الامم به ، والمؤتمر الذي ينعقد هذهِ الايام في الذكرى الالفية لوفاته على ارض ايران الاسلامية يعد بحق خطوة رائدة ، وجهداً رصيناً يستحق الاجلال والاكرام.

ومؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث لم تتردد في وضع كل امكانياتها وامكانيات محققيها في خدمة انجاح هذا المؤتمر ، وهي تفرد لهذهِ الذكرى الالفية عدداً خاصاً من نشرتها الفصلية «تراثنا».

وفق الله الجميع لاحياء علوم آل محمد صلى الله عليه وعليهم ، والتذكير بحملة علومهم ، والدعاة الى التمسك بولائهم ، انه الموفق لكل خير.

هيئة التحرير


الشيخ المفيد

وعطاؤه الفكري الخالد

السيّد عبد العزيز الطباطبائي

سطور عن حياة

الشيخ المفيد

هو الشيخ المفيد ، معلِّم الاُْمّة ، أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي العكبري البغدادي (٣٣٦ ـ ٤١٣ هـ).

ترجم له تلميذاه النجاشي والشيخ الطوسي في فهرسيهما ، وأطراه معاصراه ابن النديم وأبو حيّان التوحيدي.

أمّا النجاشي فقال في ص ٣٩٩ رقم ١٠٦٧ :

محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن النعمان بن سعيدبن خُبير بن وهيب بن هلال بن أوس بن سعيد بن سنان بن (عبدالدارابن الريّان بن قطر) (١) بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن الحارث ابن كعب [بن عمرو] بن علة بن خالد بن مالك بن أدد ابن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ...

__________________

(١) كذا ، والصحيح : عبدالمدان بن الديان بن قطن.


شيخنا وأُستاذنا ، رضي الله عنه ، فضله أشهر من أن يوصف ، في الفقه ، والكلام ، والرواية ، والثقة ، والعلم.

وأمّا الشيخ الطوسي فقد قال في الفهرست (٢) : من جلّة متكلّمي الإِمامية ، انتهت رئاسة الإِمامية في وقته إليه ، وكان مقدَّماً في العلم وصناعة الكلام ، وكان فقهياً ، متقدّماً فيه ، حسن الخاطر ، دقيق الفطنة ، حاضر الجواب ...

وأمّا النديم فقد ترجم له في الفهرست (٣) مرّتين ، فقال في ص ٢٢٦ : في عصرنا انتهت رئاسة متكلّمي الشيعة إليه ، مقدّم في صناعة الكلام على مذاهب أصحابه ، دقيق الفطنة ، ماضي الخاطر ، شاهدته ، فرأيته بارعاً ، وله من الكتب.

وترجم له في ص ٢٤٧ وقال : في زماننا إليه انتهت رئاسة أصحابه من الشيعة الإِمامية في الفقه والكلام والآثار ، ومولده سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ، وله من الكتب.

وأمّا أبو حيان التوحيدي فقد أطراه في الإِمتاع والمؤانسة (٤) حيث قال عنه : «كان حسن اللسان والجدل ، صبوراً على الخصم ، كثير الحلم ، ظنين السر ، جميل العلانية ...».

وقد ترجم له الكثير مع الإِطراء الكثير ، وأحسنهم إطلاقاً ابن أبي طي الحلبي (٥) ، فقد ترجم له ترجمة حسنة ومطولة ، قد وزعت في المصادر الناقلة عنه ، فلم ينقلها احد كاملة ولم يصلنا كتابه. ونحن نجمع من أشلائها ما تيسر ،

__________________

(٢) ص ١٨٦ من طبعة النجف الثانية، وبرقم ٧١٠.

(٣) وقد الف الفهرست سنة ٣٧٧ ونحن اعتمدنا طبعة ايران تحقيق رضا تجدد.

(٤) ج ١ ص ١٤١.

(٥) يحيى بن حميدة الطائي الحلبي المشتهر بابن أبي طي ٥٧٥ ـ ٦٣٠ له مصنفات كثيرة منها كتابه هذا تاريخ الشيعة راجع ترجمته في فوات الوفيات لابن شاكر ٤/٢٦٩ وأعلام القرن السابع من طبقات أعلام الشيعة ص ٢٠٥.


فمنها ما حكاه عنه الذهبي في تاريخ الإِسلام (٦) قال : وقد ذكره ابن أبي طي في تاريخ الشيعة فقال :

هو شيخ مشايخ الطائفة ، ولسان الإِمامية ، ورئيس الكلام والفقه والجدل (٧) ، كان أوحد في جميع فنون العلوم ، الاُصولين ، والفقه ، والاَْخبار ، ومعرفة الرجال ، والقرآن ، والتفسير ، والنحو والشعر [ساد] في ذلك كله.

وكان يناظر اهل كل عقيدة مع الجلالة والعظمة في الدولة البويهية ، والرتبة الجسمية عند خلفاء العباسية.

وكان قوي النفس ، كثير المعروف والصدقة ، عظيم الخشوع ، كثير الصلاةوالصوم ، يلبس الخشن من الثياب وكان بارعاً في العلم وتعليمه ، مديماًللمطالعة والفكر ، وكان من احفظ الناس.

حدثني شيخي ابن شهرآشوب المازندراني ، حدثني جماعة ممن لقيت أن الشيخ المفيد ما ترك كتاباً للمخالفين الا وحفظه وباحث فيه ، وبهذا قدرعلى حل شبه القوم ، وكان يقول لتلامذته : لا تضجروا من العلم فانه ما تعسرالا وهان ، ولا تأبّى الا ولان ، [ما] قصد الشيخ من الحشوية والجبرية والمعتزلة فاذل له [كذا] حتى أخذ منه المسألة أو سمع منه.

وقال آخر : كان المفيد من أحرص الناس على التعليم ، وإن كان ليدور على المكاتب ، وحوانيت الحاكة فيلمح الصبي الفطن ، فيذهب إلى أبيه أو

__________________

(٦) في ترجمة الشيخ المفيد، في وفيات سنة ٤١٣ في الطبعة الثانية والاربعين ص ٣٣٢ من المطبوع والمجلد الثالث عشر من نسخة اياصوفيا رقم ٣٠٠٩ بخط المؤلف، ونقلت من مصورته في مكتبة السيد المرعشي، في قم رقم ٦٢٤ وصفت في فهرس مصوراتها للعلامة الشيخ محمد علي الحائري ج ٢ ص ١٠٨ وقد ترجم فيه للشيخ المفيد مفتتحاً بقوله:

محمد بن محمد بن النعمان البغدادي، صاحب التصانيف، كان رأس الرافضة وعالمهم، صنف كتباً في ضلالات الرافضة، وفي الطعن على السلف، وهلك به خلق! حتى أهلكه الله في رمضان وأراح المسلمين! وقد ذكره ابن أبي طي ...

(٧) ومن هنا أورده في سير أعلام النبلاء في ترجمة الشيخ المفيد ١٧/٣٤٤ بأوجز ممّا هناوباختلاف


امه ، حتى يستأجره ثم يعلمه ، وبذلك كثر تلامذته.

وقال غيره ، كان الشيخ المفيد ذا منزلة عظيمة من السلطان ، ربما زاره عضد الدولة ، وكان يقضي حوائجه ، ويقول له : إشفع ، تشفّع ، وكان يقوم لتلامذته بكل ما يحتاجون اليه.

وكان الشيخ المفيد ربعة نحيفاً اسمر. وما استغلق عليه جواب معاند الا فزع الى الصلاة ثم يسأل الله ، فييسر له الجواب ، عاش ستاً وسبعين سنة ، وصنف اكثر من مائتي مصنف وشيعه ثمانون الفاً وكانت جنازته مشهورة (٨).

وترجم له ص ٢٤٧ وقال : في زماننا اليه انتهت رياسة اصحابه من الشيعة الإِمامية في الفقه والكلام والاثار ، ومولده سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ، وله من الكتب.

وترجم له في العبر ٣ / ١٤ وقال : عالم الشيعة ، وإمام الرافضة ، وصاحب التصانيف الكثيرة قال ابن أبي طي في ـ تاريخه تاريخ الإِمامية ـ : هو شيخ مشايخ الطائفة ... (٩).

وترجم له ابن شاكر الكتبي في عيون التواريخ (١٠) ، في وفيات سنة ٤١٣ قال : «وفيها توفي الشيخ أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان ... عالم الشيعةوإمام الرافضة صاحب التاصنيف الكثيرة ، قال ابن طي في تاريخ

__________________

يسير وابتدأ الترجمة بقوله: عالم الرافضة، صاحب التصانيف ... كان صاحب فنون وبحوث وكلام واعتزال وأدب، ذكره ابن أبي طي في تاريخ الإِمامية، فأطنبوأسهب وقال: كان أوحد ...

وقال في نهايته: وقيل بلغت تواليفه مائتين، لم أقف على شيء منهأ ، ولله الحمد!

وهذا جهل وإفراط في التعصُّب، فلا يحمد الله على الجهل إلاّ جاهل.

(٨) إلى هنا انتهت ترجمة الشيخ المفيد من تاريخ الاسلام نقلتها حرفياً بطلولها.

(٩) فحكى كلامه بأوجز مما تقدم، وكذا ابن شاكر.

(١٠) مصورة مكتبة المرعشي برقم ٥٤٦.


الإِمامية : هو شيخ مشايخ الطائفة ...»

وقال في الورقة قبلها في ترجمة محمد بن الهيصم شيخ الكرامية : وكان في زمانه رأس طائفته ، كما كان القاضي عبد الجبار رأس المعتزلة ... والشيخ المفيد رأس الرافضة.

وترجم له ابن حجر في لسان الميزان ٥ / ٣٦٨ وقال : وكان كثير التقشف والتخشع ، والإِكباب على العلم ، تخرج به جماعة ، وبرع في المقالة الإِمامية ، حتى كان يقال : له على كل إمام (١١) منّة ... وقال الشريف أبو يعلى الجعفري ـ وكان تزوج بنت المفيد ـ ما كان المفيد ينام من الليل إلا هجعة ، ثم يقوم يصلي أو يطالع ، أو يدرّس ، أو يتلو القرآن.

وترجم له ابن كثير في البداية والنهاية ١٢ / ١٥ وقال : شيخ الإِمامية الروافض ، والمصنف لهم والمحامي عن حوزتهم ، كانت له وجاهة عند ملوك الأطراف لميل كثير من أهل ذلك الزمان الى التشيع ، وكان مجلسه يحضره خلق كثير من العلماء من سائر الطوائف ...

وترجم له اليافعي في مرآة الجنان ٣ / ٢٨ وقال : عالم الشيعة وإمام الرافضة ، صاحب التصانيف الكثيرة شيخهم المعروف بالمفيد ، وبابن المعلم ايضاً ، البارع في الكلام والجدل والفقه ، كان يناظر اهل كل عقيدة مع الجلالة والعظمى في الدولة البويهية ، قال ابن أبي طي ... (١٢).

وترجم له العلاّمة الحلّي قدّس الله نفسه في خلاصة الأقوال : ١٤٧ وقال : «من أجل مشايخ الشيعة ، ورئيسهم واستاذهم ، وكل من تأخر عنه استفاد منه ، وفضله اشهر من أن يوصف ، في الفقه ، والكلام ، والرواية ، أوثق أهل زمانه ، وأعلمهم ، انتهت رياسة الإِمامية اليه في وقته ، وكان حسن الخاطر ، دقيق الفطنة ،

__________________

([١]) كذا في المصدر والظاهر أنّه خطأ وصوابه إماميّ، وهذا النصّ أيضاً أظنّه من كلام ابن أبي طي وان لم ينص ابن حجر عليه.

(٢) نقل شطراً مما تقدم عن ابن أبي طي.


حاضر الجواب ...»

وترجم له السيد مهدي بحر العلوم في رجاله ٣ / ٣١١ وقال : «شيخ المشايخ الجلة ، ورئيس رؤساء الملة ، فاتح أبواب التحقيق بنصب الأدلّة ، والكاسر بشقائق بيانه الرشيق حجج الفرق المضلة ، اجتمعت فيه خلال الفضل ، وانتهت اليه رياسة الكل ، واتفق الجميع على علمه وفضله ، وفقهه وعدالته وثقته وجلالته. وكان ـ رضي الله عنه ـ كثير المحاسن ، جم المناقب ، حديد الخاطر ، دقيق الفطنة ، حاضر الجواب ، واسع الرواية ، خبيراً بالرجال والاخبار والأشعار وكان أوثق أهل زمانهه في الحديث واعرفهم بالفقه والكلام ، وكل من تأخر عنه استفاد منه».


مصنّفات الشيخ المفيد

الذي يبدو من كتب التاريخ والتراجم أنّ الشيخ المفيد كانت له كتب معروفة في الأوساط ، مشتهرة عند العلماء ، منتشرة بين الناس ، فتراهم يعرّفونه بها لاشتهارها وتداولها فقالوا عنه : «محمد بن محمد بن النعمان البغدادي صاحب التصانيف ...» (١٣) ، وقالوا عنه : صاحب التصانيف الكثيرة (١٤) ، وقالوا : كان كثير التصانيف (١٥) ، وقالوا : إنّ له قريباً من مائتي مصنَّف كباروصغار (١٦) ، وقالوا : هي مائتا مصنَّف (١٧) ، بل قالوا : له أكثر من مائتي مصنَّف (١٨).

ولكثرتها وانشاوها ورغبة الناس فيها وإقبالهم عليها عُمل لها فهرس ، وقالوا عنه : إنّ فهرس كتبه معروف (١٩).

ويبدو أنّ النجاشي عندما ترجم في فهرسته للشيخ المفيد برقم ١٠٦٧ ، اعتمد هذا الفهرس في سرد مؤلفاته ، وبواسطته وصلت إلينا قائم شبه كاملة من

__________________

([١]) تاريخ الإِسلام، وفيات سنة ٤١٣ ص ٣٣٢.

(٢) العبر ٣/١١٤، دول الإِسلام ١/٢١٦، عيون التواريخ وفيات سنة ٤١٣، مرآة الجنان ٣/٢٨.

(٣) تاريخ بغداد ٣/٢٣١، ميزان الاعتدال ٤/٢٦، هدية العارفين ٢/٦٢، تاريخ التراث العربي لسزكين ١/٥٥٠ من الأصل الالماني و ٣/٣١٠ من تعريبه.

(٤) فهرست الطوسي: ١٨٦، خلاصة الأقوال: ١٤٧، رجال ابن داود: ١٨٣، تاريخ التراث العربي ١/٥٥٠ من الأصل الالماني و ٣/٣١٠ من تعريبه.

(٥) سير أعلام النبلاء ١٧/٣٤٥، ميزان الاعتدال ٤/٣٠، لسان الميزان ٥/٣٦٨.

(٦) سير أعلام النبلاء ١٧/٣٤٥، العبر ٣/١١٤، مرآة الجنان ٣/٢٨، غربال الزمان: ٣٤٦، شذرات الذهب ٣/٢٠٠، مجمع الرجال ٦/٣٣.

(٧) فهرس الطوسي: ١٨٦.


مصنّفات الشيخ المفيد ، ولولا ذلك لجهلنا حتى أسماء الكثير منها فإنّ الشيخ الطوسي لم يذكر في فهرسته منها إلاّ ما قرأه هو عليه ، أو سمعه عليه بقراءة غيره ، ولذلك لم يستوعب كلّ مصنفاته ، ومجموع ما سجله هو والنجاشي ، وابن شهرآشوب في معالم العلماء ، والسيد ابن طاووس في كتبه ، من مصنفات الشيخ المفيد يبلغ نحواً لمائتي كتاب ، والطابع العام لمصنفات المفيد إنّما هو الطابع الكلامي.

فإنّا نجد ثلاثة من كتبه في الحديث : الأمالي ومناسك المزار ، والمزار الصغير ، وله أربعة كتب في التاريخ : الإِرشاد ، والجمل ، والتواريخ الشرعية ، والمعراج وخمسة كتب في اُصول الفقه ، واثني عشر كتاباً في علوم القرآن ، ومنها ٤١ كتاباً في الفقه.

وأمّا مصنفاته الكلامية فقد جاوز عددها التسعين كتاباً ، وهي تشكل نسبة الخمسين في المائة ، فنصف مصنفاته في البحوث الكلاميّة وتثبيت العقائد الشيعية والتدليل عليها والردود على المخالفين ، ونصفها الآخر في شتى الأغراض ومختلف المواضيع.

ثمّ نجد في كتبه الكلامية ٣٣ منها في الإِمامة خاصة ، وهي نسبة الثلث في الكلاميات ، وإذا أضفنا إليها عشرة كتب له حول الإِمام المهديّ وغيبته عليه السلام تصبح النسبة إلى مجموع المصنّفات الكلامية قريبة من النصف.

ثمّ هناك نحواً من أربعين كتاباً من مصنفاته المفقودة مجهولة الموضوع ، كالتمهيد ، والانتصار ، والافتخار ، والرسالة العلوية ، وكشف الإِلباس ، وكشف السرائر ، وما شاكلها لا نعرف عنها شيئاً.

فإذا قسناها بما تقدّم من كتبه المعروفة فلا بدّ وأن يكون نحو النصف منها كلامية إنْ لم يكن أكثرها ، وبذلك ترتقي نسبة الكلامية منها إلى الستين بالمائة.

وحتى بعض مصنفاته الفقهية إنّما ألّف فيها وتحدّث عنها من وجهة نظر


كلامية ، فله أربع رسائل في المتعة ، ورسالة في نكاح الكتابيات ، وتحريم ذبائح أهل الكتاب ، وتحريم الفقاع ، والمسح على الرجلين ، ونحوها كلها تتّسم بطابع كلامي لأنّها خلافية بين الشيعة والسنة.

وكذلك في أُصول الفقه ، فله كتاب في الإِجماع ، وكتاب في اجتهاد الرأي ، وكتابان في القياس وإبطاله ، وكلّ ذلك من المختلف فيه فيما بيننا وبينهم ، وتحمل طابعاً كلامياً.

وبذلك ترتقي نسبة الكلاميات في مصنّفاته إلى ٧٥ بالمائة فقد كرّس رحمه الله حياته المبارك فيها في المحاججات والمناظرات ومقارعة الباطل ومكافحة الضلال ، ودعم العقيدة الشيعية والتدليل عليها وإثبات الحق وتزييف الباطل والردود على المخالفين وإفحام الخصوم ، وبذلك هدى إلى سبيل الحق خلائق لا يحصون وأنقذهم من الضلال (١) وأرشدهم إلى الصواب.

فقد قالوا عنه : إنّه كان له مجلس نظر بداره بدرب رياح يحضره كافة العلماء (٢) ، وقالوا : وكان مجلسه يحضره خلق كثير من العلماء من سائر الطوائف (٣) ، وقالوا عنه : البارع في الكلام والجدل والفقه وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة والعظمى في الدولة البويهية (٤) ، وقالوا : وكان يناظر أهل العقائد كلّهم (٥).

وبذلك أدى خدمات جلّى للإِسلام والمسلمين ، ونصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين ولعامتهم.

وقد كان ينبغي أن يكتب عن حياته عشرات الكتب.

__________________

([١]) راجع تاريخ بغداد ٣/٢٣١، المنتظم ٨/١١، سير أعلام النبلاء ١٧/٣٤٤.

(٢) المنتظم ٨/١١.

(٣) البداية والنهاية ١٢/١٥.

(٤) مرآة الجنان ٣/٢٨، عيون التواريخ.

(٥) غربال الزمان: ٣٤٦.


والناجز منها قد تجاوز العشرة كتب في ما نعلم ، وهي :

١ ـ التمهيد في ترجمة الشيخ المفيد ، للسيد حسون البراقي النجفي المتوفى سنة ١٣٣٢ ، الذريعة ٣ / ١٦٦ و ٤٣٣.

٢ ـ التمهيد ، في خلاصة ما ذكره العلماء في ترجمة الشيخ المفيد ، للسيد هبة الدين الشهرستاني المتوفى سنة ١٣٨٦ ، الذريعة ٤ / ٤٣٣.

٣ ـ نظريات علم الكلام عند الشيخ المفيد ، باللغة الإِنجليزية لمارتن مكدرموت ، طبع في الولايات المتّحدة سنة ١٩٧٠.

٤ ـ ترجمته إلى الفارسية لأحمد آرام ، باسم : آراء كلامي شيخ مفيد ، طبع في طهران.

٥ ـ تعريبه لعلي هاشم ، باسم : نظريات علم الكلام عند الشيخ المفيد ، طبعه مجمع البحوث الإِسلامية في مشهد سنة ١٤١٣.

٦ ـ تعريبه أيضاً لرضوان السيد ، عرّبه في بيروت بإشراف مولفه باسم : الآراء الكلامية عند الشيخ المفيد.

٧ ـ الشيخ المفيد ، الرجل الذي أحببناه منذ ألف سنة ، للخطيب الشهير الشيخ عبد الحميد المهاجر النجفي المعاصر.

٨ ـ آراء الشيخ المفيد في الإِمامة ، بالفرنسية.

٩ ـ وجه تسمية المفيد بالمفيد ، للمولى إسماعيل الخواجوئي المازندراني نزيل اصفهان المتوفى سنة ١١٧٣ حقّقه العلاّمة السيد أحمد الروضاتي الاصفهاني دام فضله ونشره في طهران سنة ١٤١٣ بمناسبة مرور ألف عام على وفاة الشيخ المفيد.

١٠ ـ الشيخ المفيد مؤرِّخاً ، لعبد الحسين الرحيم ، الطالب العراقي ، من أهل الديوانية بالعراق ، وهو رسالة الماجيستر من قسم التاريخ في كليّة الآداب في بغداد.

١١ ـ أثر الشيخ المفيد في علوم الشريعة ، للشيخ صاحب نصّار


النجفي ، وهو رسالة ماجيستر بكليّة الفقه في النجف الأشرف ، نوقشت عام ١٩٨٨ ـ ١٩٨٩.

واستيعاب الجوانب العديدة من حياة هذا البطل العملاق والدراسة الشاملة لحياته الخصب يستدعي مجلدات ، فدراسة كلّ جانب من جوانب حياته يأتي كتاباً حافلاً ، وقد كُلِّفت بالكتابة عن مصنفاته وتراثه الفكري الرائع ، وتتم في أقسام ثلاثة :

١ ـ الكتب الموجودة الواصلة إلينا ، وقد طبعت كلها ، والحمد لله.

٢ ـ الكتب المفقودة التي لم تصلنا ولم نظفر بها حتى الآن ، ولربما يكشف لنا المستقبل عن بعض ما يعدّ الآن مفقوداً ، والله غالب على أمره وهو يهدي السبيل.

٣ ـ الكتب المنحولة والمشكوك في نسبتها إليه.

ولا يسعني في هذا المجال إلاّ أن أرفع شكري وتقديري إلى الإِخوة الأفاضل الّذين كتبوا دراسات قيّمة عن الشيخ المفيد ، ووضعوها تحت تصرفي بسخاء قبل نشرها مشكورين ، فأخذت منها.

وأخصُّ بالذكر والشكر منهم زميلنا البحّاثة المحقّق محمد رضا الجعفري ، والعلاّمة المحقّق السيد محمد رضا الحسيني الجلالي ، والفاضل العلاّمة السيد محمد جواد الشبيري الزنجاني ، والمهذب الفاضل الشيخ مهدي الصباحي ، والباحث المنقّب الشيخ رضا المختاري ، والفاضل المهذب علي أكبر زماني ، والفاضل البحّاثة الشيخ محمود درياب ، كان الله في عونهم وأخذ بناصرهم ، وزاد من أمثالهم.

ولا بد لي هنا من الايعاز الى ان هناك مكتبات في العراق كان فيها نسخ من مصنفات الشيخ المفيد ، تركناها عامرة قبل العهد الصدامي المشؤوم وحكمه الطائفي الغاشم ، أبادها أو صادرها هذا الطاغية ، كما دمّر الكثير من المعالم والآثار وقتل وشرّد ، أزاله الله وأراح منه العباد والبلاد.


فلم أذكر هنا مما كان في هذه المكتبات شيئاً ، لأنّنا نجهل مصيرها ، وهي :

١ ـ مكتبة المغفور له العلاّمة ميرزا محمد الطهراني العسكري في سامراء.

٢ ـ مكتبة المغفور له الحجة السيد حسن الصدر في الكاظمية.

٣ ـ مكتبة مدينة العلم في الكاظمية.

٤ ـ مكتبة المغفور له الحجة الشيخ هادي كاشف الغطاء في النجف.

٥ ـ مكتبة العلاّمة المغفور له السيد محمد صادق بحر العلوم في النجف.

٦ ـ مكتبة الحسينية التسترية في النجف.


القسم الأوّل

الكتب الموجودة

(١)

أجوبة المسائل السروية

لم يرد هذا الكتاب في فهرسي الشيخ الطوسي والنجاشي بهذا الاسم ، وإنما ذكره ابن شهرآشوب السروي المتوفي سنة ٥٨٨ في معالم العلماء باسم «المسائل السروية».

وذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة تارة في ٢ / ٨٣ باسم «الأسئلة السروية» الواردة من السيد الفاضل الشريف بسارية الى الشيخ المفيد ، فأجاب عنها المفيد بكتاب عبر عنه النجاشي بالمسألة الموضحة .... ، وتارة في ٥ / ٢٢٢ باسم «جوابات المسائل السروية» الواردة من السيد الشريف الفاضل بسارية ...

و «سارية» ـ ويقال لها اليوم : ساري ـ هي مركز محافظة مازندران ، قال ياقوت : «وهي مدينة بطبرستان ... والنسبة إليها ساريّ ، وطبرستان هي مازندران ، قال محمد بن طاهر المقدسي : ينسب إلى سارية من طبرستان سروي ...».

ويبدو أنّ قول شيخنا صاحب الذريعة رحمه الله : «الواردة من السيد ... بسارية ...» استناداً منه الى كلمة السروية ، أو لعله رآه مكتوباً على بعض مخطوطات الكتاب ، وإلاّ فلا ندري أن الاسئلة هذه من أين أرسلت ، كما لم


نهتد حتى الآن الى معرفة هذا السيد الشريف الفاضل (٢٠) وأين كان يسكن؟

ومن الجائز أن تكون «السروية» بسكون الراء نسبة الى «سرو كلا» من مناطق مازندران على نحو ١٧ كيلو متراً غربي مدينة ساري ، وبعضهم ينسب الحافظ بن شهرآشوب السروي إليها أيضاً لا الى ساري.

وقد تقدم أنّ الشيخ الطوسي والنجاشي لم يذكرا هذا الكتاب في فهرسيهما ، فما تقدم عن شيخنا رحمه الله في الذريعة ٢ / ٨٣ «عبر عنه النجاشي بالمسألة الموضحة» تسامح منه.

وأمّا المسائل السروية فهي إحدى عشر مسألة. إحداها عن تزويج عثمان ، على النحو التالي :

١ ـ عن المتعة والرجعة.

٢ ـ في الأشباح والذر وعالم الأرواح.

٣ ـ عن ماهية الروح.

٤ ـ عن ماهية الانسان.

٥ ـ عن عذاب القبر.

٦ ـ عن حياة الشهداء.

٧ ـ عن المجبرة.

٨ ـ إختلاف الروايات.

٩ ـ عن القرآن أهو ما بين الدفّتين.

١٠ ـ وعن نكاح عمر وأُمّ كلثوم ، وتزويج عثمان وزينب ورقيّة.

١١ ـ عن أصحاب الكبائر.

__________________

(٢٠) إن كانت المسائل أُرسلت من مدينة ساري فلعل هذا السيد هو النقيب بهأ ، الشريف الداعي أبو أحمد بن عبيدالله بن زيد بن محمد بن يحيى الأعلم ـ بطبرستان ـ ابن عبيدالله بن محمد بن عبدالرحمن الشجري العلوي الحسني، المذكور في منتقلة الطالبية ص ١٨.


أوله : «الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ... فقد وصلني المدرج المنطوي على المسائل الواردة من جهة السيد الشريف الفاضل ، أطال الله في عز الدين والدنيا مدته ، وأدام تأييداته ونعمته ، ... المسألة الاُْولى ، ما قول الشيخ المفيد أطال الله بقائه وأدام تأييده وعلاه ، وحرس معالم الدين بحياطة مهجته ، وأقر عيون الشيعة بنضارة أيمامه ـ فيما يروى عن مولانا جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام في الرجعة؟ ...»

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة المرعشي : في المجموعة رقم ٢٥٥ / ٢٤ ، من الورقة ١٧٧ ب ـ ١٩٠ ب ، كتبت سنة ١٠٥٦ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٢٨٦ ، وفي التراث العربي ١ / ٧٠.

٢ ـ مكتبة المرعشي ، في المجموعة رقم ٣٦٩٤ / ٣ من الورقة ١٢ ب ـ ٢١ / أكتبت أيضاً سنة ١٠٥٦ ذكرت في فهرسها ١٠ / ٩٢ ف ١ / ٧٠.

٣ ـ فيها أيضاً ، وهي آخر رسالة في المجموعة رقم ٧٨ من الورقة ١٧٣ ب ـ ١٧٩ / أمن مخطوطات القرن الثاني عشر ، ذكرت في فهرسها ١ / ٩٧ باسم أجوبة المسائل العكبرية وإنما هي السروية.

٤ ـ فيها أيضاً ، في المجموعة رقم ٧٦١٥ من الورقة ١٠٧ ب ـ ١١٤ ب كتبت سنة ١٢٨١ عن نسخة كتبت سنة ٦٧٦ ، ذكرت في فهرسها ج ١ ص ٨٠.

٥ ـ فيها أيضاً ، في المجموعة رقم ٤٠٨٧ من الورقة ٥٩ ب ـ ٦٤ / أمن مخطوطات القرن الثاني عشر ، وهي المسألة العاشرة منها فقط ، ذكرت في فهرسها ١١ / ١٠٣ باسم إنكاح أمير المؤمنين عليه السلام ابنته من عمر! ذكرت في فهرسها العربي للمخطوطات العربية «التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي» ج ١ ص ٧٩.

٦ ـ نسخة اخرى فيها في مجموعة كتبت في النجف سنة ١٣٣٦ وهي


من ممتلكاتها الجديدة ، لم تفهرس ولم ترقم.

٧ ـ جامعة طهران ، في المجموعة رقم ٢٣١٩ / ٢ من ٤٩ ب ـ ٥٨ ب كتبت في كاشان سنة ١٠٧٥ بأمر العلامة علم الهدى ابن الفيض الكاشاني رحمهما الله ، ذكرت في فهرسها ٩ / ٦٤٨.

٨ ـ نسخة ثانية فيها ، في المجموعة رقم ٦٩١٤ / ٢٩ من مخطوطات القرن العاشر.

٩ ـ مكتبة فخر الدين النصيري ، في طهران ، ضمن مجموعة رسائل من القرن العاشر.

١٠ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام ، في مشهد ، بأول المجموعة رقم ٢٤٢٧ من مخطوطات القرن ١٣ ، ذكرت في فهرسها باسم «المتعة» وهي المسائل السروية وبعدها المسائل العكبرية. راجع فهرسها العام ص ٤٩٢.

١١ ـ المكتبة الناصرية ، وهي مكتبة آل صاحب العبقات في لكهنو بالهند ، في المجموعة رقم ٧٢ / ٤.

١٢ ـ مكتبة المسجد الأعظم ، في قم ، بأوّل المجموعة رقم ٦١٤ كتبت سنة ١٢٦٠ ذكرت في فهرسها ص ٤٦٣.

١٣ ـ المكتبة الناصرية أيضاً رقم ١١٠.

١٤ ـ فيها أيضاً في المجموعة رقم ١٣٤ / ٥.

١٥ ـ مكتبة مدرسة سبهسالار في طهران ، في المجموعة رقم ٢٥٣٣ / ١٢ من ٢٤٧ ب ـ ٢٥٦ ب ذكرت في فهرسها ٥ / ٥٦٠.

١٦ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق ، في المجموعة رقم ٨ من كتب إمام الجمعة الخوئي من مخطوطات القرن الحادي عشر ، ذكرت في فهرسها ٧ / ٢٧٣ باسم مسائل متفرقة للشيخ المفيد.

١٧ ـ مكتبة المحقّق العلاّمة الروضاتي في اصفهان في مجموعة كتبت في القرن ١٣.


طبعاته :

١ ـ طبعة المكتبة التجارية في النجف ، سنة ١٣٧٠.

٢ ـ وطبعة مكتبة المفيد في قم ، بالتصوير على طبعة النجف ، ضمن عدة رسائل للشيخ المفيد.

٣ ـ وطبعة لجنة الذكرى الإِلفية للشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ بتحقيق صائب عبد الحميد العراقي الحديثي ، وهو في المجلد السابع من سلسلة مصنفات الشيخ المفيد ، من إصدارات المؤتمر.

(٢)

أجوبة المسائل العُكْبريّة

وهي إحدى وخمسون مسألة كلامية ، سأل عنها أبو الليث الحاجب بن سراج الأواني على ما في رياض العلماء ١ / ١٢٠ ، أو الحاجب أبو ليث بن سراج ، المقيم في عكبرا.

وهو مترجم في رياض العلماء ١ / ١٢٠ ، وفي أعلام القرن الخامس من طبقات أعلام الشيعة ص ٤٦ ، وفي أعيان الشيعة ٤ / ٣٠٠.

و «أوانا» بليدة من نواحي دجيل قرب عكبري بضم العين على نحو عشرة فراسخ شمالي بغداد ، فقد تنسب المسائل إلى أبي الليث تارة. والى الحاجب اخرى ، وإلى عكبرا ثالثة ، وهي الأكثر الأشهر.

فقد ذكرها النجاشي في الفهرست ص ٤٠٠ باسم : جوابات أبي الليث الأواني ، ومثله في الذريعة ٥ / ١٩٨.

وذكرت في الذريعة ٢ / ٨١ باسم : الأسئلة الحاجبية ، وفي ٥ / ٢١٩ باسم : جوابات المسائل الحاجبية ، وفي ٦ / ٥ باسم : الحاجبية ، وفي ٢٠ / ٣٤٣


باسم : المسائل الحاجبية.

واشتهرت باسم المسائل العكبرية أو جوابات المسائل العكبرية نسبة إلى عكبرا حيث ارسلت المسائل من هناك ، فغلب نسبتها إليها ، كالمسائل الصاغانية والسروية ونحوهما. وقد ذكرت في الذريعة ٢ / ٩٠ باسم الأسئلة العكبرية ، وفي ٥ / ٢٢٨ باسم جوابات المسائل العكبرية ، وفي ٢٠ / ٣٥٨ باسم المسائل العكبرية ، وفي ٥ / ١٩٨ باسم جوابات الاحدى وخمسين مسألة والكل واحد.

وقد تحدث عنها شيخنا رحمه الله في الموارد الثلاثة : الأخيرة بشيء من البسط ، وأما في سائر الموارد فقد عنونها دون ترقيم أو كلام عليها ، وأحال إلى بعض هذه الموارد الثلاثة الأخيرة لكي يجدها الطالب أينما راجع.

وذكرها العلاّمة المجلسي قدس الله نفسه في مصادر كتابه بحار الأنوار ، في ج ١ ص ٧ باسم أجوبة المسائل الاحدى والخمسين. وباسم العكبرية ، وهما واحد.

أوله : «الحمد لله الذي يؤيد بالتوفيق من يمم هداه ، ويخذل من عدل عن سبيله واتبع هواه ...».

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة فخر الدين النصيري في طهران ، ضمن مجموعة رسائل ، من مخطوطات القرن العاشر.

٢ ـ مكتبة المرعشي ، في المجموعة رقم ٣٦٩٤ / ٤ كتبت سنة ١٠٥٦ ، من ٢١ / أ ـ ٣٠ / أ.

٣ ـ نسخة اخرى فيها ، في نهاية المجموعة رقم ٧٨ من ١٧٣ ب ـ ١٧٩ / أمن مخطوطات القرن ١٢.

٤ ـ نسخة الثالثة فيها ، في المجمعة رقم ٧٦١٥ كتبت سنة ١٢٨١.


ذكرت هذه الثلاثة في فهرسها للمخطوطات العربية «التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي» لزميلنا العلاّمة السيد أحمد الحسيني الاشكوري حفظه الله ج ١ ص ٨٠.

٥ ـ جامعة طهران في المجموعة رقم٢٣١٩ / ٣ من٥٨ ب ـ ٦٩ ب ، استكتبها علم الهدى ابن الفيض الكاشاني سنة ١٠٧٥ ، وصفت في فهرسها ج ٩ ـ ٩٤٨.

٦ ـ مكتبة ثقة الإِسلام في تبريز ، في مجموعة كتبها أحمد بن عبد العالي العاملي الميسي سنة ١٠٨٠ ، ذكرت في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ج ٤ ص ٣٢٧.

٧ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد ، في المجموعة رقم ١٢٨٥١ / ٤ كتبت سنة ١١٢٦ ، وصفت في فهرسها ج ١١ ص ٦٧٧.

٨ ـ نسخة أخرى فيها في المجموعة رقم ٢٤٢٨ من مخطوطات القرن الثالث عشر ، وقبلها المسائل السروية.

٩ ـ مكتبة الروضة الفاطميّة في قم ، في المجموعة رقم ٨٧ / ٦ كتبت في النجف سنة ١٣١٩ ذكرت في فهرسها ص ٢٢٨ ، وعنها مصورة في مؤسسة آل البيت لاحياء التراث في قم.

١٠ ـ مكتبة السيد الحكيم العامة في النجف ، ثاني رسالة في المجموعة رقم ٤٣٦ باسم أجوبة المسائل الحاجبية ، كتبها العلاّمة الشيخ محمد السماوي سنة ١٣٣٥ ، ذكرت في فهرسها ج ١ ص ٣٠ ، وعنها مصورة في المكتبة المركزية لجامعة طهران رقم الفيلم ٣٣٤٣ ذكرت في فهرس مصوراتها ج ٢ ص ١٢٧.

١١ ـ نسخة أخرى فيها رقم ١٠٨٧ كتبت سنة ١٣٢٧ ، وهذه أيضاً مصورة في جامعة طهران في الفيلم نفسه.

١٢ ـ المكتبة الوطنية في طهران رقم ١٩٢٧ ع كتبت سنة ١١١٦ من ١٤٨ ـ ١٦٦ قبلها الفصول المختارة ، كما في فهرسها ج ١٠ ص ٥٩٧ باسم


«أجوبة».

١٣ ـ كلية الآداب في اصفهان في المجموعة رقم ١٨٦ باسم الأجوبة الحاجبية ، من مخطوطات القرن ١١ ، ذكرت في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ج ٤ ص ٣٠٤.

١٤ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامة في النجف ، في المجموعة رقم ٣٢٢٢ / ٦ كتبها المغفور له الشيخ شير محمد الهمداني سنة ١٣٥٦ عن نسخة مكتوبة سنة ١٢١٩.

١٥ ـ مكتبة المسجد الأعظم في قم ، في المجموعة رقم ٦١٤ كتبت سنة ١٢٦٠.

١٦ ـ مكتبة المجلس ، في المجموعة رقم ١٣٣٢ كتبت سنة ١٣٣٦.

١٧ ـ مكتبة المحقق العلاّمة الروضاتي في اصفهان في مجموعة كتبت في القرن ١٣.

طبعاته :

١ ـ حقّقه مارتن مكدرموت ونشره في مجلة المشرق في بيروت سنة ١٤١٢ باسم أجوبة المسائل الحاجبية.

٢ ـ وحقّقه العلاّمة الشيخ علي أكبر الإِلهي الخراساني مدير مجمع البحوث الإِسلامية في مشهد ، وطبع من قبل المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ باسم أچوبة المسائل الحاجبية أيضاً.

(٣)

أحكام النساء

ذكره له النجاشي في فهرسته ، وشيخنا رحمه الله في الذريعة ١ / ٣٠٢ ،


وسمّاه ابن الفوطي : مختصر أحكام النساء في شرائع الدين (٢١).

وهي رسالة في ما يخص النساء من الأحكام في الشريعة الإِسلامية مرتبة على ١٤ باباً وفصول.

أولها : الحمد لله الذي هدى العباد إلى معرفته ... وبعد فاني لمّا عرفت من آثار السيدة الجليلة الفاضلة أدام الله إعزازها. جمع الأحكام التي تعم المكلفين من الناس ، وتختص النساء منهم على التمييز لهن والإِبراز ...

وحكى شيخنا صاحب الذريعة أن شيخه المحدث النوري رحمه الله استظهر من كلام الشيخ المفيد أن هذه السيدة هي أُمّ الشريفين (٢٢) الرضي

__________________

(٢١) في ترجمة الشيخ المفيد من تلخيص مجمع الآداب ٥/٧٢٠.

(٢٢) هي السيد الجليلة فاطمة بنت أبي محمد الحسن ـ الناصر الصغير المعروف بناصرك ـ ابن أبي الحسين أحمد بن الناصر الكبير الأطروش أبي محمد الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

توفيت في ذي الحجّة سنة ٣٨٥ ورثاها ابنها الشريف الرضي بقصيدة همزية مثبتة في ديوانه ج ١ ص ٢٦.

وأُمّها مليكة بنت الداعي الصغير الحسن بن القاسم بن الحسن بن الحسن بن عبدالرحمن الشجري بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام.

وزوجها الشريف الطاهر ذو المناقب، نقيب النقباء أبو أحمد الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن ابراهيم بن الإِمام موسى بن جعفر عليهما السلام.

ولد سنة ٣٠٤ وتوفّي في ٢٥ جمادي الاُْولى سنة ٤٠٠، وهو أجل من ولي نقابة النقباء ببغداد، ومن أرفع بيوتات الشرف والرئاسة، وكانت تهابة الملوك والسلاطين، وكان السفير بين الخلفاء وبين الملوك البهويهيين والحمدانيين، ما شرع في صلاح امر فاسد إلاّ وصلح على يديه، وانتظم بحسن سفارته، وعلوّ همّته، وصواب رأيه، ووقف الثلث من أمواله وأملاكه على أبواب البرّ وتصدَّق بصدقات كثيرة.

ولي نقابة العلويين بالعراق، وقضاء القضاة، والمظالم، وكانت تهابه الملوك والسلاطين ولابنيه الشريف الرضي والمرتضى قصائد كثيرة في مدحه توجد في ديوانيهمأ ، ورثاه كل منهما بقصيدة، توجد في ديوان الرضي ج ٢ ص ٢٩٠، وفي ديوان المرتضى ج ١ ص ـ قصيدة حاثية.

وأورد ابن الجوزي أبياتاً منها في المنتظم ٧/٢٤٧، وكذا رثاه أبو العلاء المعري بقصيدة


والمرتضى رحمهما الله.

مخطوطاتها :

١ ـ مكتبة المرعشي العامة في قم في المجموعة رقم ٢٤٣ / ١ من ١ / ٥ ب إلى ١٩ ب مخطوطة القرن السابع ، ذكرت في فهرسها ج ١ / ٢٦٧ ف ١ / ١٠٠.

٢ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٧٨ / ١ من ٢ ب ـ ٢١ / أمن مخطوطات القرن ١١ ف ١ / ١٠٠ «التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي» ج ١ ص ١٠٠.

٣ ـ مجلس في المجموعة رقم ٨ / ١٠ من كتب إمام الجمعة الخوئي من مخطوطات القرن ١١ ، من ٥٨ ـ ٨٧ ، ذكرت في فهرسها ج ٧ ص ٥.

٤ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامة في النجف في المجموعة رقم ٤١٠ من القرن ١١.

٥ ـ مكتبة آية الله الحكيم العامة في النجف الأشرف في المجموعة رقم ٩٩٨ بخط العلاّمة الأديب الفاضل الشيخ محمد السماوي رحمه الله (٢٣) ، كتبها

__________________

فائية عزّى بها ابنيه الشريفين الرضي والمرتضى، راجع شروح سقط الزند، القسم الثالث ص ١٦٢٤.

وأورده الصفدي قسماً منه في ترجمة الشريف أبي أحمد من كتابه الوافي بالوفيات ج ١٣ ص ٧٦.

(٢٣) هو العلاّمة الاديب اللغوي المشارك في جملة من العلوم، الشيخ محمد بن طاهر بن حبيب الفضلي السماوي النجفي (١٢٩٢ ـ ١٣٧٠ هـ).

عالم جليل وشاعر مفلق واديب مشهور مشارك في جملة من العلوم، ولي القضاء في النجف وكربلاء وبغداد وكانت له مكتبة مشهورة تحوي نوادر المطبوعات والمخطوطات النادرة والفريدة وقد تكرر ذكرها في الذريعة ونسخ بيده أكثر من مائتي كتاب وله عشرات المؤلفات في شتى العلوم والفنون.


سنة ١٣٣٤ ، في ١٦ ورقة مذكورة ، في فهرسها ج ١ ص ٣٦.

(٤)

الإِرادة (مسألة في ...)

ذكره النجاشي في فهرسته ، وهو كلام موجز حول إرادة الله سبحانه وتعالى.

أوله : لا يخلو ـ تعالى جدُّه ـ أن يكون مريداً لنفسه ، أو بإرادة ...

مخطوطاتها :

نسخة ضمن مجموعة كلامية كتبها أحمد بن الحسين بن أبي القاسم بن العودي الحلي في سنة ٧٤٠ ، وبعضها في سنة ٧٤٢ ، والمجموعة في مكتبة بودليان في جامعة اكسفورد في بريطانيا ، رقم ٦٤ ف مخطوطات عربية.

طبعاتها :

طبعها المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم ١٤١٣ وهو في المجلد العاشر من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».

__________________

طبع منها : الكواكب السماوية، وظرافة الاحلام، وابصار العين في انصار الحسين ـ ترجم إلى الفارسية والاردية ـ وعنوان الشرف في وشي النجف، ونوال اللطف في تاريخ الطف، ووشائح السراء في تاريخ سامراء.

وله الطليعة في تراجم شعراء الشيعة وغيره مما لم يطبع، وجمع دواوين خمسين شاعراً ممن لم يجمع شعرهم، له ترجمة في نقباء البشر، وشعراء الغري ١٠/٤٧٥، والروض النضير ص ٢٤٦، وأدب الطف ١٠/١٨، وأعلام الزركلي ٦/١٧٣، ومعجم المؤلفين العراقيين ٣/١٨٠، ومجلة المجمع العلمي العراقي ٢/٣٩٤ وكان من أعضائه، ومعجم المؤلفين ١٠/٩٧.


(٥)

الإرشاد

في معرفة حجج الله على العباد

عدّه الشيخ الطوسي في فهرسته مما سمعه على شيخه المفيد بقراءته هو أو قراءة غيره.

وذكره النجاشي أيضاً في فهرسته ، وابن شهرآشوب في معالم العلماء ، وشيخنا رحمه الله في الذريعة ١ / ٥٠٩ قائلاً :

«فيه تواريخ الأئمة الطاهرين الاثني عشر عليهم السلام ، والنصوص عليهم ، ومعجزاتهم وطرف من أخبارهم من ولاداتهم ، ووفياتهم ، ومدة أعمارهم ، وعدة من خواص أصحابهم ، وغير ذلك».

يرويه الحسن (٢٤) بن الحسين بن علي الدوريستي ، نزيل كاشان ، عن المرتضى (٢٥) بن الداعي ، عن جعفر (٢٦) بن محمد الدوريستي ، عن المؤلف ،

__________________

(٢٤) هو القاضي سديد الدين أبو محمد الدوريستي، من أعلام القرن السادس، ترجم له معاصره الشيخ منتجب الدين في فهرسته برقم ٩٦، وشيخنا رحمه الله في أعلام القرن السادس من طبقاته ص ٥٨.

(٢٥) هو مقدّم السادة صفي الدين أبو تراب المرتضى بن الداعي بن القاسم الحسني، من مشايخ الشيخ منتجب الدين والسيد فضل الله وقطب الدين الراونديين، ترجم له منتجب الدين في الفهرست برقم ٣٨٥.

(٢٦) هو الشيخ أبو عبدالله جعفر بن محمد بن العباس الرازي الدوريستي العبسي، من ذرية حذيفة بن اليمان، ولد سنة ٣٨٠، وكان حياً سنة ٤٧٣، قرأ على الشيخ والشريفين الرضي والمرتضى وشيخ الطائفة الطوسي وابن عياش الجوهري.

قرأ عليه الوزير نظام الملك الطوسي، كان يقصده من الري إلى دوريستِ في كل إسبوعين مرة، يقرأ عليه ويسمع منه الحديث، ويتبرك بأنفاسه.

وبيته بيت علم وأدب وفقه وحديث ووجاهة وتقدم، ترجم له منتجب الدين في فهرسته برقم


رحمهم الله جميعاً.

ويرويه مجد الدين أبو العلاء ، عن الحسن بن الحسين الدوريستي المذكور ، بإجازة كتبها له على نسخة من الإرشاد (٢٧).

ورواية الكتاب عن مؤلفه على بعض نسخة هكذا : اخبرنا السيد الأجل عميد الرؤساء أبو الفتح يحيى بن محمد بن نصر بن علي بن حبا (٢٨) ـ أدام الله علوه ـ قراءة عليه في سنة أربعين وخمسمائة ، قال : حدثنا القاضي الأجل أبو المعالي احمد بن علي بن قدامة (٢٩) ـ في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ـ ، قال : حدثني الشيخ السعيد المفيد أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان ، رضي الله عنه سنة إحدى عشرة وأربعمائة (٣٠) ، قال الحمد لله على ما ألهم ...

ترجماته إلى اللغات الاْخرى :

ترجم كتاب الإِرشاد ، محمد مسيح الكاشاني المشتهر بملاّ مسيحا ، ترجمه إلى الفارسية باسم الشاه سليمان الصفوي (١٠٧٧ ـ ١١٠٥) ، وسماه تحفه سليمانية ، ذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة ٣ / ٤٤٢ ، وأنّه طبع في طهران سنة ١٣٠٣.

٢ ـ ترجمه السيد أحمد بن محمد الحسيني الأردكاني إلى الفارسية ،

__________________

٦٧، وشيخنا في أعلام القرن الخامس من طبقاته ص ٤٣.

(٢٧) الذريعة ١/١٧٠.

(٢٨) له ترجمة في طبقات أعلام الشيعة، القرن السادس ص ٣٤١.

(٢٩) هو القاضي أبو المعالي احمد بن علي بن قدامة الأديب البغدادي قاضي الأنبار، المتوفي في ١٦ شوال سنة ٤٨٦.

له ترجمة في نزهة الألّبا : ٢٧٠، ومعجم الاُْدباء ١/٢٦٠، والوافي بالوفيات ٧/٢٠١، وبغية الوعاة ١/٣٤٤، وطبقات أعلام الشيعة القرن الخامس: ٢١.

(٣٠) طبقات أعلام الشيعة القرن الخامس ص ٢١، والقرن السادس ص ٣٤١.


وكان حياً سنة ١٢٣٩ ، ترجمه بأمر محمد ولي ميرزا ابن السلطان فتح علي شاه القاجاري وكان يحكم مدينة يزد من قبل أبيه وكان مشجعاً للعلم والعلماء ، مرغباً في الترجمة والتأليف ، ألف له العلماء في عهده كثيراً من الكتب في المختلف الفنون وترجموا له وبأمره عدة من أهم الكتب إلى الفارسية ، ومنها ترجمة إرشاد الشيخ المفيد هذه.

٣ ـ ترجمه إلى الفارسية علي بخش بن اسكندر بن عباس ميرزا بن السلطان فتح علي شاه القاجاري في سنة ١٢٩٥ بطلب من بعض أحبته ، وترجم في مقدمته للشيخ المفيد رحمه الله.

منه مخطوطة في مكتبة المرعشي رقم ٧٧٦ ، ذكرت في فهرسها ٢ / ٣٨٤.

٤ ـ ترجمة إلى الفارسية صاحبنا الشيخ محمد باقر بن الشيخ حسين الساعدي الخراساني المشهدي المولود بها سنة ١٣٤٥ ، حفظه الله ، مطبوع.

٥ ـ ترجمة إلى الفارسسية صديقنا السيد هاشم ابن السيد حسين الرسولي المحلاتي حفظه الله نزيل طهران ، وطبع في طهران في جزءين.

٦ ـ ترجمة السيد صفدر حسين النقوي الباكستاني اللاهوري المعاصر إلى اللغة الاردوية ، طبعت في لاهور.

٧ ـ وترجمه مولانا محمد اعجاز حسين الهندي المراد ابادي (١٢٩٨ ـ ١٣٥٠) ، إلى اللغة الاردية ذكرهما في تذكرة علماي امامية باكستان ص ١٣٨ و ٢٦٦.

٨ ـ ترجمه الدكتور هوارد إلى اللغة الانجليزية.

وطبعته مؤسسة محمدي تراست في لندن سنة ١٩٨١ مع مقدمة الدكتور السيد حسين نصر.

ثم طبعته مؤسسة (تاريخ ترسيل قرآن) في نيويورك بالتصوير على الطبعة السابقة وتبديل مقدمة نصر بمقدمة من الدكتور رجائي خراساني ثم طبعته


مؤسسة انصاريان في قم بالتصوير على الطبعة الأولى مرة سنة ١٤٠٣ ، وأخرى سنة ١٤٠٨.

شروح الإِرشاد :

١ ـ شرحه للشيخ محمد حسن بن قنبر علي بن محمد حسن الزنجاني المولود سنة ١٢٥٦ والمتوفى سنة ١٣٤٠ ، وسماه منهج الرشاد.

ذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة ٢٣ / ١٨٨ وقال : إنه في أربعة اجزاء ، كمكا ترجم للمؤلف ترجمة حسنة في نقباء البشر ١ / ٤٢٦ ، وعدد بعض مؤلفاته.

وقال : «ترجمة الشيخ محمد علي الأردوبادي في زهر الرياض ، وذكرناه في مصفى المقال».

٢ ـ وشرحه السيد محمد باقر بن زين العابدين الحسيني دستغيب الشيرازي ترجم له سيد الأعيان في أعيان الشيعة ٩ / ١٨٠ وذكر له هذا الكتاب وانه فرغ منه في جمادي الأولى سنة ١٠٩٢.

طبعات الإرشاد :

وقد طبع في العراق وإيران ولبنان طبعات متعددة حجرية وحروفية ، فمن طبعاته الحجرية :

١ ـ طبع في طهران بالحجم الصغير دون تاريخ.

٢ ـ وفي طهران أيضاً بالحجم الصغير دون تاريخ.

٣ ـ وطبع سنة ١٢٨٥ في تبريز.

٤ ـ وسنة ١٢٩٥ في طهران بالحجم الصغير.

٥ ـ وفيها أيضاً سنة ١٢٩٨.

٦ ـ وأيضاً سنة ١٣٠٣.


٧ ـ وأيضاً سنة ١٣٠٨.

٨ ـ أيضاً سنة ١٣١٧ ـ ١٣٢٠ بتصحيح علي نقي الجيلاني اللنگرودي.

٩ ـ وفيها أيضاً سنة ١٣١٨.

١٠ ـ وسنة ١٣٧٢ بالحجم الصغير.

١١ ـ وسنة ١٣٧٧ مع تعاليق السيد كاظم الموسوي المياموي.

١٢ ـ وسنة ١٣٧٧ طبعة أخرى أيضاً.

وأما طبعاته الحروفية فمنها :

١٣ ـ في ١٣٦٤ في اصفهان.

١٤ ـ وسنة ١٣٨٢ في النجف في المطبعة الحيدرية.

١٥ ـ وفي قم منشورات مكتبة بصيرتي بالتصوير على طبعة النجف مع مقدمة في ترجمة المؤلف.

١٦ ـ وفي سنة ١٣٩٩ طبعته مؤسسة الأعلمي في بيروت.

١٧ ـ وحققته مؤسسة آل البيت لإِحياء التراث في قم ، وصدر من منشوراتها سنة ١٤١٣ هـ في مجلّدين.

تلخيصه :

وهناك كتاب المستجاد في تلخيص الإِرشاد ، أو المستجاد من الإِرشاد ، منسوب إلى العلاّمة الحلّي جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهَّر الحلّي (٦٤٨ ـ ٧٢٦) ، ولا أدري مدى صحة النسبة ، فانه غير مذكور في عداد مؤلفاته.

أوله : الحمد لله العظيم الشأن ، القوي السلطان ... أما بعد فهذا كتاب مشتمل على ... موسوم بالمستجاد من كتاب الإِرشاد ...

آخره : وافق الفراغ من تعليقه آخر نهار الاثنين راجع رابع عشري ربيع الأوّل لسنة اثنين وثمانين وستمائة.


منه مخطوطة كتبت ببغداد ١١ صفر سنة ٩٨٢ ، وعليها بخط كاتبها أنه تصنيف آية الله العلاّمة الحلي. راجع الذريعة ٢١ / ٢.

وطبعته مكتبة المرعشي في قم سنة ١٣٩٣ وبعدها مكرَّراً ضمن عدة رسائل باسم «مجموعة نفيسة».

وترجم الشيخ محمد المحمدي الاشتهاردي المعاصر نزيل قم كتاب المستجاد هذا إلى الفارسية ، وطبعته جماعة المدرسين في قم سنة ١٤١٣.

مخطوطات الإِرشاد :

١ ـ مخطوطة سنة ٥٧٥

في مكتبة البرلمان الايراني السابق ، رقم ١٣١١٢ جاء في نهايتها «فرع من كتبه في خدمة القاضيين الإِمامين الأخوين عز الدين (٣١) أبي الفضائل وموفق الدين أبي المحاسن (٣٢) ، يوم الجمعة الرابع عشر من محرم سنة خمس وسبعين

__________________

(٣١) هو القاضي عز الدين أبو الفاضل علي بن السيد فضل الله الراوندي الحسني، من أعلام القرن السادس ترجم له معاصره الشيخ منتجب الدين في الفهرست برقم ٢٧٨ وعد بعض كتبه، وأطراه بقوله: فقيه، فاضل، ثقة ...

وترجم له السيد علي خان المدني «ابن معصوم» في الدرجات الرفيعة ٤١١، عقيب ترجمة ابيه، وقال هو شبل ذلك الأسد، وسالك نهجة الأسد، والعلم ابن العلم، ومن يشابه أبه فما ظلم كان سيدأ ، عالمأ ، فاضلأ ، فقيهأ ، ثقة، أديبأ ، شاعرأ ، الف وصنف ...

وله ترجمة في تلخيص مجمع الآداب ١/٢٥٥ بلقبه عزالدين، ورياض العلماء ٤/١١٧، وطبقات أعلام الشيعة ـ القرن ٦ ـ: ١٩٩، أعيان الشيعة ٨/٣٠١، أمل الآمل ٢/١٦٩، معجم الرجال الحديث ١١/١٤١.

(٣٢) هو اخوه السيد كمال الدين أبو المحاسن احمد بن السيد فضل الله الحسني الراوندي الكاشاني العالم الفاضل، والأديب الشاعر، قاضي كاشان.

ترجم له معاصره الشيخ منتجب الدين في الفهرست برقم ٣٧، والعماد الأصفهاني في خريدة القصر قسم شعراء العجم، وله ترجمة في تلخيص مجمع الآداب بلقبه كمال الدين في حرف الكاف ٥/١٢٨، والدرجات الرفيعة: ٥٢١، وأمل الآمل ٢/٢٠، وطبقات أعلام الشيعة ١٣، وأعيان الشيعة ٣/٦٤، ومعجم رجال الحديث ٢/١٨٨.


وخمسمائة ، أبو الحسن بن أبي سعد بن أبي الحسن بن محمد بن أحمد بن عبدويه حامد الله ومصلياً على نبيه محمد وعترته الطاهرين».

وجاء في هامشها : قوبل وصحح بنسخة مولانا الإِمام ضياء الدين (٣٣) قدس الله [روحه].

٢ ـ مخطوطة سنة ٥٦٥

في مكتبة المرعشي العامة في قم رقم ١١٤٤ ذكرت في فهرسها ٣ / ٣١٨

__________________

(٣٣) هو والد الأخوين المقدِّمين السيد ضياء الدين أبو الرضا فضل الله بن علي بن عبيدالله الحسني الراوندي الكاشاني المتوفى حدود سنة ٥٧٠.

ترجم له السيد علي خان المدني «ابن معصوم» في الدرجات الرفيعة: ٥٠٦ وقال: علاّمة زمانه، وعميد أقرانه، جمع إلى علو النسب، كمال الفضل والحسب، وكان أُستاذ أئمة عصره، ورئيس علماء دهره، له تصانيف تشهد بفضله وأدبه، وجمعه بين موروث المجد ومكتسبه ... وله مدرسة عظيمة بكاشان، ليس لها نظير على وجه الأرض، سكنها من العلماء والفضلاء والزهاد والحجاج خلق كثير ...

وقال معاصره نصير الدين القزويني الرازي في كتاب النقض الذي الفه سنة ٥٣٣ في حديثه عن كاشان ومدارسها العامرة آنذاك وعن هذه المدرسة بالذات ما معربه: كيف ومدرسها السيد الإِمام ضياء الدين أبو الرضا فضل الله بن علي الحسني، منقطع النظير في العالم في علمه وزهده ...

وأطراه أبو سعد السمعاني وقصده إلى قاسان «كاشان» وزاره في دراه، وسمع منه.

وذكره في الأنساب في «الراوندي» وفي «القاساني».

وترجم له تلميذه الشيخ منتجب الدين في الفهرست برقم ٣٣٤ وعد بعض تصانيفه وقال: شاهدته وقرأت بعضها عليه.

وترجم له معاصره العماد الاصفهاني في خريدة القصر قسم شعراء العجم ترجمة مطولة أوردها كلها سيدنا الأمين قدس الله نفسه في ترجمة الراوندي من أعيان الشيعة ٨/٤٠٨.

وله ترجمة حسنة في مقدمة ديوانه العربي المطبوع في طهران بتحقيق السيد جلال الدين المحدّث الأرموي.

وهناك كتاب مفرد في ترجمته مطبوع في إيران باسم: لمعة النور والضياء في ترجمة السيد أبي الرضأ ، ألّفه المغفور له الحجّة السيد شهاب الدين النجفي المرعشي رحمه الله.


جاء في نهايتها : وقع الفراغ منه يوم الجمعة لأربع عشر بقى من شوال سنة خمس وستين وخمسمائة لمحرره العبد ... الحسن بن محمد بن الحسين الجاسبي الهرازكاني بخطه ، وقد أربى على خمس وسبعين سنة سنّه.

وبهامشها :

قابلت نسختي هذه بنسخة مولانا الإِمام الأجل الكبير العالم العابد السيد ضياء الدين تاج الإِسلام ذي الجلالتين علم أبي الرضا فضل الله بن علي بن عبيدالله الحسني الراوندي أدام الله ظله ، وتم المقابلة ليلة الأحد سلخ ربيع الأوّل سنة ٥٦٦ هجرية ... صاحبها أحمد (كذا) الحسن بن محمد بن الحسين الجاسبي الهرازكاني.

التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي ج ١ ص ١٤٨.

٣ ـ مخطوطة من القرن السابع

في مكتبة المرعشي رقم ٧٢٢٠ ، ذكرت في فهرسها ١٩ / ٢٨ ، تحوي الجزء الأوّل من الإِرشاد ، كتبها سليمان بن محمد بن سليمان الحاشري الغروي في النجف الأشرف ، عليها تملك الحسن بن علي بن حسن بن شدقم الحسيني المدني سنة ٩٨٧ (٣٤) ، وصححها فتح علي زند في سنة ١٢٤٦ ، حفيد السلطان كريم خان زند ، وله عليها تعليقات في عدة مواضع.

التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي ١ / ١٤٨.

٤ ـ مخطوطة القرنين ٧ و ٨

في مكتبة آية الله الكلبايكاني في مدرسته في قم رقم ١٩ / ١١٧ ذكرت

__________________

(٣٤) وتوفي سنة ٩٩٥، وكانت ولادته سنة ٩٣٢، وله كتاب زهرة الرياض وزلال الحياض، والجواهر النظامشاهية، له ترجمة حسنة في رياض العلماء ١/٢٤٨ ـ ٢٥٣، وفي أعلام القرن العاشر من طبقات أعلام الشيعة: ٥٢ ـ ٥٤.


في فهرسها ١ / ٢٧٦.

ومن مخطوطات الإِرشاد :

٥ ـ في مكتبة المرعشي ، رقم ١٠٥٥ كتبت سنة ٩٤٦ ، ذكرت في فهرسها ٣ / ٢٤٣ وفي التراث العربي ١ / ١٤٨.

٦ ـ جستربيتي ، رقم ٣٧٠٠ ، كتبت سنة ٩٥٤ ، وصفت في فهرسها ج ٣ ص ٨٨.

٧ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام ، في مشهد ، رقم ٩٧٣٢ من مخطوطات القرن العاشر وكان بها خرم فاكملت فيما بعد.

٨ ـ نسخة أخرى فيها ، رقم ٤٢٢٧ من مخطوطات القرن العاشر أيضاً ، بخط فارسي جيد ، إلاّ أنّها ناقصة من آخرها ، والموجود منها إلى أواخر كلمات أمير المؤمنين عليه السلام.

٩ ـ مكتبة جامعة ليدن ، رقم ٩٠٨ كتبت سنة ٩٩٩ ، ذكرها فورهوف في فهرسها ١٣٥. وذكر بروكلمن في الذيل ١ / ٣٢٢ نسخة هناك برقم ٩٠٧.

١٠ ـ مكتبة جامعة لوس أنجلس بالولايات المتحدة ، رقم ٢١ ك ، كتبت سنة ١٠٦٤ ، ذكرت في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ١١ / ١٤٨.

١١ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف ، رقم ٣٧ ، كتبها بهاء الدين محمد بن محمد القارىء في مكّة المعظَّمة ، وفرغ منها ١٦ ربع الثاني ١٠٧٣ وهي مقروءة ، مقابلة ومصحّحة ، عليها بلاغات وتصحيحات.

١٢ ـ مكتبة الدكتور أصغر مهدوي ، في طهران ، بأوّل المجموعة رقم ٣١٩ ، كتبت سنة ١٠٧٩ ، ذكرت في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ٢ / ١١١ و ١٣٦.

١٣ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق ، رقم ٤٩١٠ ، كتبت سنة ١٠٧٨.

١٤ ـ مكتبة المدرسة الفيضية في قم ، بأول المجموعة رقم ١٠٧٢ ،


كتبت سنة ١٠٨٦ ، ذكرت في فهرسها ٢ / ١١٩.

١٥ ـ مكتبة بلدية الاسكندرية في مصر ، رقم ١٦٩٥ كتبت سنة ١٠٩٠.

١٦ ـ مكتبة بنكيبور بالهند ، رقم ١٠٥١ ، كتبت سنة ١٠٩٢ ، ذكرت في فهرسها ١٥ / ١٢٤ ـ ١٢٧.

١٧ ـ دار الكتب المصرية ، رقم ٥٥٨١ سنة ١٠٩٦.

١٨ ـ جامعة طهران رقم ٦١٦ ، كتبت سنة ١٠٩٦ ، ذكرت في فهرسها ٥ / ١٠٨١.

١٩ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق ، رقم ٢٨٩٩ كتبت سنة ١٠٩٩ ، ذكرت في فهرسها ١٠ / ٢٨٩.

٢٠ ـ دار الكتب الوطنية في طهران ، رقم ٣٣٣ ع ، كتبت سنة ١٠٩٩ ن ذكرت في فهرسها ٧ / ٣٠١.

٢١ ـ مكتبة آية الله الكلبايكاني في قم ، رقم ٩٤٤ ، كتبت سنة ١١٠٠ ، ذكرت في فهرسها ٢ / ٩.

٢٢ ـ مكتبة بلدية الإِسكندرية تاريخ رقم ١٠.

٢٣ ـ مكتبة رضا رامبور بالهند ، بأوّل المجموعة رقم ٦٢٥.

٢٤ ـ كلاسكو في اسكوتلاندة رقم١١٩ ذكرها بروكلمن في الذيل١ / ٣٢٢.

٢٥ ـ دار الكتب بالقاهرة كما عن فهرسها القديم ج ٥ ص ٢١.

٢٦ ـ مكتبة بنكيبور بالهند ، كما عن فهرسها ج ١٥ رقم ١٠٥١.

وهناك نسخة متعددة من مخطوطات الإِرشاد ، من القرن الحادي عشر فمابعده ، أعرضنا عن ذكرها ، منها خمس نسخ في مكتبة الوزيري العامة في مدينة يزد بالارقام ٢٨١٨ ، ٢٨٨٦ ، ٢٧١٧ ، ٢٧٢١ و ١٨٧٣; ومنها مخطوطة في البحرين ، في المكتبة الأهلية لعبد الرسول التاجر ، كما في فهرس مخطوطات البحرين ج ٢ ص ٢٠٧; ومنها مخطوطتان في مكتبة المغفور له العلاّمة


المحدِّث الأرموي في طهران; وفي مكتبة المرعشي رقم ٧٢٢٠ و ٧٨٦٥.

(٦)

الإِشراف

في عامة فرائض أهل الإِسلام

وهو في الفقه ، ذكره النجاشي في فهرسته ، وشيخنا رحمه الله في الذريعة ٢ / ١٠٢ مرتب على أبواب.

وسماه ابن الفوطي كتاب الاشراف في عامة فرائض الاسلام على مذهب آل رسول الله عليه الصلاة والسلام (٣٥).

ومخطوطاته الموجودة تنتهي إلى باب الحج.

أوله : الحمد لله ربّ العالمين ، والعاقبة للمتقين ... باب فرض الوضوء ، وفرضه أربعة أشياء ..

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٢٤٣ / ٤ من ٦٣ ب ـ ٧٦ / أمن مخطوطات القرن ٧ ، ذكرت في فهرسها ج ١ ص ٢٦٧ ف ١ / ١٨١.

٢ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٧٨ / ٤ من ٦٥ ب ـ ٧٥ ب ، ذكرت في فهرسها ج ١ ص ٩٠ ف / ١٨١.

٣ ـ كلية الإِلهيات في مشهد رقم ١٤٥٨ ، كتبت سنة ١١٣٥ ، ذكرت في فهرسها ج ٢ ص ٦٠٥.

٤ ـ وفيها نسخة أخرى برقم ١٠٩٧ ، كتبت سنة ١٠٢٨ ، ذكرت في

__________________

(٣٥) ذكره في ترجمة الشيخ المفيد في تلخيص مجمع الآداب في حرف الميم ج ٥ ص ٧٢٠ رقم ١٥٩٧ المنشور في مجلة أورينتال كالج مكزين في لاهور سنة ١٣٥٩ = ١٩٤٠.


فهرسها ج ٢ ص ٢٣٩.

٥ ـ مكتبة الوزيري العامة في مدينة يزد ، رقم ١٠٩٠٨ من القرن ١١؟

٦ ـ نسخة أخرى فيها ايضاً رقم ١٠٧١٨ من القرن ١٢.

٧ ـ نسخة ثالثة فيها رقم ١٨٠٠٢.

٨ ـ نسخة رابعة فيها رقم ١٦٢١٣.

٩ ـ مجلس في المجموعة رقم ٨ / ١٣ من كتب امام الجمعة الخوئي من القرن ١١ من ص ١٥٢ ـ ١٦٨ ، ذكرت في فهرسها ج ٧ ص ١٤ وص ٢١٧.

وقال بروكلمن : ومخطوطاته متوفرة.

طبعاته :

طبعه المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ بتحقيق الشيخ محمد مهدي نجف وهو في المجلد التاسع من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد» من اصدارات المؤتمر.

(٧)

أُصول الفقه

ذكره تلميذ المفيد وهو أبو العباس النجاشي في فهرسته باسم أُصول الفقه ، وكذا ذكره شيخنا ـ رحمه الله ـ في الذريعة ٢ / ٢٠٩ بهذا العنوان ، ونشرته دار العلوم في بيروت باسم «أُصول الفقه».

وسماه تلميذه الآخر أيضاً ، وهو أبو الفتح الكراجكي ، في كنز الفوائدباسم «التذكرة بأُصول الفقه» ، واختصره وأدرج المختصر في كتابه كنز الفوائد.

وبهذا الاسم أيضاً ذكره شيخنا رحمه الله في حرف التاء من الذريعة ٤ / ٢٥ ، وفي حرف الميم ٢٠ / ١٨٦ فقال : مختصر التذكرة بأُصول الفقه


للكراجكي ... وقد استخرجه من كتاب التذكرة لشيخه أبي عبدالله المفيد ...

فالموجود من مخطوطاته ما هو ضمن كنز الفوائد ، وطبع بطبعاته ، أوله : «الحمد لله أهل الحمد ومستحقه ، وصلواته على خيرته المصطفين من خلقه ... سألت ـ أدام الله عزك ـ أن اثبت لك جملاً من القول في أُصول الفقه مختصرة لتكون لك تذكرة ....».

مخطوطاته :

١ ـ يوجد ضمن مخطوطة كنز الفوائد في مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد ، برقم ٢٢٦ ، كتبت سنة ٦٧٧ كما جاء في نهاية الجزء الأوّل منه.

٢ ـ وفي مكتبة المرعشي رقم ١١٣٦ كتبت سنة ١٠٨٨ ذكرت في فهرسها ج ٣ ص.

٣ ـ مكتبة دار التبليغ في قم.

طبعاته :

١ ـ طبع ضمن كنز الفوائد طبعة حجرية في تبريز سنة ١٣٢٢.

٢ ـ وطبع في بيروت ضمن كنز الفوائد ، صدر عن دار الأضواء سنة ١٤٠٥ في جزءين ، بتحقيق الشيخ عبدالله نعمة ، لا سامحه الله ، فقد مسخ الكتاب ومثّل به وحذف وحرّف وشوّه الكتاب ، وشوّه سمعته بتشويه الكتاب ، ويقع هذا الكتاب في هذه الطبعة في الجزء الثاني منه ص ١٥ ـ ٣٠.

٣ ـ ونشرته دار العلوم بيروتية طبعة مستقلّة مستخرجة من كنز الفوائد سنة ١٤٠٨.

٤ ـ وطبعه المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم ١٤١٣ في أوّل المجلد التاسع من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد» باسم : التذكرة بأُصول الفقه.

وهذا كله فيما إذا قلنا باتّحاد الكتابين كما هو الظاهر ، وأما إذا جوزنا


تعددهما ، وأن يكون التذكرة كتاباً آخر ، فيكون أُصول الفقه من كتب المفيد المفقودة.

(٨)

الإِعلام

فيما اتّفقت عليه الإِمامية من الأحكام

ممّا أجمعت العامة على خلافه

ذكره النجاشي في فهرسه ص ٤٠٠ ، وابن شهرآشوب في معالم العلماء ، وشيخنا رحمه الله في الذريعة ٢ / ٢٣٧ ، وقد شرحه الشيخ المفيد بنفسه كما في فهرست النجاشي : ٤٠٢ ، والذريعة ١٣ / ١٠٢ ، وسيأتي في كتبه المفقودة.

جمع في كتاب الإِعلام المسائل الفقهية والاَْحكام التي اتفقت عليه الشيعة ، وليس في فقهاء المذاهب السُنّية من يوافقهم فيه ، بل أجمعوا على خلافهم ، فتتّبعها الشيخ المفيد رحمه الله من أول الفقه إلى آخره ، عنونها من أول كتاب الطهارة إلى آخر أبواب الديات ، وليست كثيرة ، وإن كانت النسخ الواصلة إلينا غير كاملة ، بل بها نقص وخرم في عدة موارد منها.

أوله : «نحمد الله على ما أولى وأبلى ، ونسأله التوفيق لما قرب منه ... أما بعد أدام الله للسيد الشريف التأييد ، ووصل له التوفيق والتسديد ، فاني ممتثل ما رسمه من جمع ما اتفقت عليه الإِمامية من الاحكام الشرعية ... مما اتفقت العامة على خلافهم فيه من جملة ما طابقهم عليه جماعتهم أو فريق منهم ... لتنضاف إلى كتاب اوائل المقالات في المذاهب المختارات ، ويجتمع بهما للناظر فيهما علم خواص الاُْصول والفروع ، ويحصل له منهما ما لم يسبق أحد إلى ترتيبه على النظام في المعقول ...».

آخره : «وهذه الجمل ـ أدام الله علو السيد الشريف ـ تتضمن ما شرطناه


في أول الكتاب من الإِبان عما اتفقت الإِمامية عليه ، مما أجمعت العامة على خلافه ، ويزيد على ذلك ما شرحناه من وفاقهم في المسائل المبينات ...».

وقد جزم شيخنا رحمه الله أنّ هذا الشريف هو المرتضى علم الهدى حيث قال في كلامه عن الإِعلام في الذريعة ٢ / ٢٣٧ : «ألّفه بالتماس السيد الشريف ـ المرتضى في تمام أبواب الفقه ، وذكر في أوله أنّه : جعله كالتكملة لكتابه أوائل المقالات في المذاهب المختارات ، حيث ذكر فيه مختصات الإِمامية في الاُْصول ، فيجتمع للناظر في هذين الكتابين علم مختصات الإِمايمة من الاُْصول والفروع».

وحيث إنّ المرجّح أنّ الشيخ المفيد ، ألَّف أوائل المقالات بالتماس من الشريف الرضي كما يأتي ، فيجوز أن يكون هو المقصود هنا بالسيد الشريف. وقد ألَّف هذا بعد ذاك ، وهما يجريان مجرى واحد ، ويكمّل أحدهما الآخر.

مخطوطاته :

١ ـ جامعة طهران ، في المجموعة رقم ١٤٧٦ / ٣ كتبت سنة ١١١٣ من ٢٠٦ ب ـ ٢١٣ ذكرت في فهرسها ج ٨ ص ١٢٨.

٢ ـ مكتبة السيد الحكيم العامة في النجف ، في المجموعة رقم ٤٣٣ في ثمانية أوراق ، كتبها العلاّمة الأديب الشيخ محمد السماوي رحمه الله سنة ١٣٦٠ ، ذكرت فهرسها ج ١ ص ٦٤.

٣ ـ مكتبة صاحب الذريعة ، كتبها شيخنا صاحب الذريعة رحمه الله سنة ١٣٢٠ ، وهي في مجموعة رسائل كلها بخطه ، وعنها مصورة في المكتبة المركزية بجامعة طهران رقم الفيلم ٢٣٧٥ ، ذكرت في فهرس مصوراتها ج ١ ص ٦٧٦.

٤ ـ مكتبة الروضة الفاطمية في قم «كتابخانه آستانه مقدّسه قم» في المجموعة رقم ٦٢٧٨ / ٥ كتبت سنة ١٣٢٠ ، ذكرت في فهرسها ص ٢٢٧ ،


وعنها مصورة في مؤسسة آل البيت لإِحياء التراث في قم.

٥ ـ مكتبة المدرسة الفيضية في قم ، في المجموعة رقم ١٨٧٩ / ٢ كتبت سنة ١٣٤٠ ، ذكرت في فهرسها ج ٢ مجميع ص ١٤٣.

٦ ـ مكتبة العلاّمة المبجّل صاحبنا الشيخ محمد حسن آل ياسين حفظه الله ، وهي التي صححت الطبعة النجفية عليها.

٧ ـ مكتبة العلاّمة المحقّق السيد محمد علي الروضاتي في اصفهان في مجموعة كتبت في القرن ١٣.

وقال عنه بروكلمن : مخطوطاته متوفرة.

طبعاته :

١ ـ طبعته المكتبة التجارية في النجف سنة ١٣٧٠.

٢ ـ وطبعته مكتبة المفيد في قم بالتصوير على طبعة النجف ضمن مجموعة ١٧ رسالة للشيخ المفيد باسم «عدة رسائل» للشيخ المفيد.

٣ ـ وطبعة المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣.

(٩)

الإِفصاح

في الإِمامة

ذكره أبو العباس النجاشي في الإِمامة ، والشيخ الطوسي في فهرسيهما (٣٦) وابن شهرآشوب في معالم العلماء وشيخنا رحمه الله في الذريعة ٢ / ٢٥٨.

أوله : «الحمد لله موجب الحمد ومستحقه ، وصلواته على خيرته من خلقه

__________________

(٣٦) هو ساقط من المطبوع من فهرس الشيخ الطوسي، موجود في مخطوطاته المعتمدة، موجود في مجمع الرجال للقهبائي ٦/٣٣، ومعجم رجال الحديث لسيدنا الاستاد قدّس الله نفسه ١٧/٢٠٦ فيما نقلاه من ترجمة المفيد رحمه الله عن فهرست الشيخ الطوسي بنصه.


محمد وآله ، أمّا بعد فإني بمشيئة الله وتوفيقه مثبت في هذا الكتاب جملاً من القول في الإِمامة يستغنى ببيانها عن التفصيل ، ومعتمد في ايضاحها على موجز يغني عن التطويل ...».

آخره : «وقد اثبت في هذا الكتاب ـ والله المحمود ـ جميع ما يتعلق به أهل الخلاف في إمامة أئمتهم ... وأنا بمشيئته وعونه تعالى أفرد (٣٧) في ما تعتمده الشيعة في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام من آيات القرآن المحكمات والأخبار الصادقة بحجج التواتر والقرآن من البينات كتاباً أشبع فيه معاني الكلام ليضاف إلى هذا الكتاب وتكمل به الفوائد في هذه الأبواب ...».

وهو مرتب على فصول ، ومسألة ، مسألة ، وإن سأل سائل قيل له ، فإن قال ، قيل له ، فإن قالوا ، قيل لهم.

مخطوطاته :

قال عنه بروكلمن : منه عدة نسخ في العراق.

١ ـ مكتبة كلية الحقوق في جامعة طهران بأوّل المجموعة رقم ٢٥٧ ج كتبت سنة ١٢٦٠ ذكرت في فهرسها ص ٢٥٤.

__________________

(٣٧) ولا ندري هل أمكنت الفرص شيخنا المفيد قدّس الله نفسه أن ينجز ما وعد به هنا فألف الكتاب الذي كان رسم مخططه في تفكيره واختزن مواده في ذهنه أم أن مشاغل الزعامة والجهاد في سبيل الإِسلام ومكافحة الاتجاهات الباطلة حالت دون ذلك؟ فإنا نرى في كتب المفيد عدّة كتب أُخرى مخصصة في الإِمامة النحو :

١ ـ إمامة أمير المؤمنين عليه السلام من القرآن.

٢ ـ الإيضاح في الإِمامة.

٣ ـ العمد في الإِمامة.

٤ ـ المسألة المقنعة في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام.

٥ ـ المنير في الإِمامة.

فلا ندري أن الذي وعد به هو أحد هذه الكتب، أو أنّ هذه الكتب كانت قد أُلِّفت قبل الإِفصاح، وقبل هذا الوعد.


٢ ـ مكتبة ملك العامة في طهران رقم ٢٩٢٦ كتبت سنة ١٢٩١ ذكرت في فهرسها ج ١ ص ٧٧ باسم الايضاح ، خطأ.

٣ ـ مكتبة آية الله الحكيم العامة في النجف الأشرف في المجموعة رقم ٢٨٠ بخط العلاّمة الشيخ محمد السماوي رحمه الله كتبها سنة ١٣٣٥ ذكرت في فهرسها ج ١ ص ٦٦.

٤ ـ مجلس رقم ١٠٥٤٧ مخطوطة القرن الثالث عشر.

٥ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد برقم ٧٤٤٣ كتبت في النجف الأشرف سنة ١٣٥٠ ذكرت في فهرسها ج ١١ ص ٣٢.

٦ ـ نسخة ثانية برقم ٢٤٢٧.

٧ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامة في النجف رقم ٣٢١٧ كتبها العلاّمة الورع الشيخ شير محمد الهمداني رحمه الله سنة ١٣٥٠.

٨ ـ مكتبة المرعشي ، بأوّل مجموعة من ممتلكاتها الجديدة كتبت سنة ١٠٥٨ في أصفهان بخط نسخي جيد والآيات فيها مشكولة والنسخة مصححة.

طبعاته :

١ ـ طبع في المطبعة الحيدرية في النجف سنة ١٣٦٨.

٢ ـ اعادت المطبعة الحيدرية طبعه سنة ١٣٦٩.

٣ ـ طبع في قم بالتصوير على طبعة النجف دون تاريخ.

٤ ـ طبعته مكتبة المفيد في قم بالتصوير على طبعة النجف الثانية بأوّل مجموعة من رسائل الشيخ المفيد باسم «عدّة رسائل» للمفيد.

٥ و ٦ ـ طبعته دار المنتظر البيروتية طبعتين بصف جديد ثانيتهما سنة ١٤٠٩.

٧ ـ حققته مؤسسة البعثة فرع قم وصدر محقّقاً سنة ١٤١٢.

٨ ـ وأعادت طبعه لجنة مؤتمر الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ وصدر


بأوّل المجلد الثامن من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».

(١٠)

أقسام المولى في اللسان

ذكره النجاشي في فهرسته ص ٤٠١ ، وابن شهرآشوب في معالم العلماء ، وشيخنا الحجة الشيخ آقا بزرك الطهراني رحمه الله ، في الذريعة ٢ / ٢٧٢.

أوله : الحمد لله وصلواته على سيدنا محمد وآله الطاهرين. المولى ينقسم في اللغة على عشرة أوجه ، أوّلها : الاَْوْلى ، وهو الأصل والعماد الذي ترجع إليه المعاني في باقي الأقسام ...

مخطوطاته :

١ ـ مرعشي في المجموعة رقم ٧٨ / ١٢ من الورقة ١٤٧ ب ـ ١٥٢ ب ، ذكرت في فهرسها ١ / ٩٣ ، و ١ / ٢٣٣.

٢ ـ نسخة اُخرى فيها في مجموعة كتبت في النجف في أوائل القرن الرابع عشر ، غير مفهرسة ولا مرقمة.

٣ ـ مرعشي رقم ٢٤٣ / ١٣ من ١٣٩ ب ـ ١٤٤ ب من مخطوطات القرن السابع ذكرت في فهرسها ١ ص ٢٦٩ ف١ / ٢٣٣.

٤ ـ مرعشي في المجموعة رقم ٢٥٥ / ١٨ من ١٤٧ ب ـ ١٥٣ / أ ، تاريخها سنة ١٠٥٦ ، ذكرت في فهرسها الفارسي ص ٢٨٥ وفي فهرسها العربي ١ / ٢٣٣.

٥ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق (مجلس) من كتب إمام الجمعة الخوئي رقم ١٨ / ٣ من ١٠٣ ـ ١٠٤ من مخطوطات القرن ١١ ذكرت في فهرسها ج ٧ ص ١٧ و ٢٧٠.

٦ ـ جستربيتي في المجموعة رقم ٣٨٧٧ كتبت سنة ٧٦٨ ذكرت في


فهرسها ج ٦ ص ٤٥.

٧ ـ مكتبة أمير المؤمنين العامة في النجف الأشرف ، في المجموعة رقم ٤١٠ من مخطوطات القرن ١١.

طبعاته :

١ ـ طبع في النجف من منشورات المكتبة التجارية ، ضمن عدة رسائل للمفيد سنة ١٣٧٠ ، من ١٨٦ ـ ١٩٣ باسم رسالة في تحقيق لفظ المولى.

٢ ـ وطبعته مكتبة المفيد في قم بالتصوير على طبعة النجف ضمن «عدة رسائل» للشيخ المفيد.

٣ ـ وحققه العلاّمة الشيخ محمد مهدي نجف حفظه الله للمهرجان المقام في لندن عام ١٤١٠ بمناسبة مرور ألف عام على واقعة الغدير ، وطبع في لندن من منشورات المهرجان.

٤ ـ وطبعته لجنة المؤتمر الألفي للشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ بتحقيق الشيخ محمد مهدي نجف وصدر بأوّل المجلد الثامن من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».

(١١)

الأمالي

ذكر النجاشي في فهرسه من مصنفات شيخه المفيد كتابين وهما المجالس المحفوظة في فنون الكلام ، وبعده مباشرة الأمالي المتفرقات.

ولا يريد بالأوّل كتاب الأمالي جزماً ، وإن كانت الأمالي ـ بصورة عامّة ـ تسمى بالمجالس أيضاً (٣٨) ولذلك سمى العلاّمة المجلسي رحمه الله أمالي

__________________

(٣٨) راجع الذريعة ٢/٣٠٦.


المفيد بالمجالس في كتابه بحار الأنوار ١ / ٧ وقال في ص ٢٧ : «وكتاب المجالس ، وجدنا منه نسخاً عتيقة» فسمى أمالي المفيد بالذات بالمجالس ، وبكلا الاسمين ذكر في الذريعة ٢ / ٣١٥ و ١٩ / ٣٦٧.

وخلط سزكين (٣٩) بين المجالس والأمالي والاختصاص والعيون والمحاسن والفصول المختارة والفصول العشرة!!.

ولكن النجاشي لم يقصد بالمجالس المحفوظة كتاب الأمالي ، لأنّ الأمالي حديث وليس بكلام ، والمجالس المحفوظة ، في فنون الكلام :

وأما الكتاب الثاني وهو الأمالي المتفرقات فيجوز أن يريد به كتاب الأمالي ويجوز أن لا يريد به كتاباً معيناً بل ما كان يلقيه الشيخ المفيد في مجالسه من محاضرات ، وجوابات مسائل ، فقد كانت مجالسه اين ما حلّ وارتحل عامرة بأسئلة المعترضين أو المستفيدين وجواباته ومناظراته مع المخالفين ، والصراع العقائدي في بغداد يومئذ على قدم وساق. والمجالس تضم من منتحلي شتى المذاهب ، وهو يحيل إلى أماليه من هذا النوع في المجالس كقوله في آخر تصحيح الاعتقاد : «وقد تكلمنا على اختلاف الأحاديث .. في مواضع من كتبنا وأمالينا» وقوله في المسائل الصاغانية ص ١١ في كلامه عن المتعة : «وقد استقصيت الكلام في هذه المسألة في مواضع شتى من أماليّ ، وأفردت أيضاً كتباً معروفات ...».

فإن كان النجاشي يقصد بالأمالي المتفرقات هذه الأمالي المطروحة في المجالس ـ كما يبدو ـ فهو لم يذكر كتاب الأمالي فيما سمي من كتب المفيد ومؤلفاته!.

والعجب من الشيخ الطوسي كيف لم يذكر الأمالي في فهرسه عند عدّ مؤلفات الشيخ المفيد؟! وقد اقتصر منها على ذكر ما قرأه هو عليه أو سمعها عليه بقراءة غيره ، والأمالي ممّا حضره عليه ، فإنّ الشيخ المفيد بدأ بأماليه في اليوم

__________________

(٣٩) ج ١ ص ٥٥٠ من الأصل الألماني، وج ٣ ص ٣١١ من تعريبه لمحمود فهمي حجازي.


الأوّل من شهر رمضان سنة ٤٠٤ وختمها في ٢٧ شهر رمضان سنة ٤١١ ، ومجموعها ٤٢ مجلساً ونحو ٣٧٨ حديثاً.

وورد الشيخ الطوسي بغداد عام ٤٠٨ وحضر على الشيخ المفيد دروسه ومجالسه ولازمه ملازمة تامة وأدرك أماليه من شهر رمضان سنة ٤٠٩ وحتّى النهاية ، وروى عنه ما فاته من الأمالي بالإِجازة.

فقد جاء في الحديث الثامن من أمالي الطوسي : «حدثنا أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان في شهر رمضان سنة تسع واربعمائة قال حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن علي الصيرفي ...».

وهذا هو بداية المجلس السادس والعشرين من أمالي المفيد ، أملاه في شهر رمضان سنة ٤٠٩.

ثم إنّ الشيخ الطوسي أملى هذه الأحاديث كلها على تلامذته في النجف الأشرف ، فقد بدأ باملاء الحديث من شهر ربيع الأوّل سنة ٤٥٥ إلى ٨ ذي الحجة سنة ٤٥٨ ، أملى الأحاديث ـ حسب أحاديث مشايخه ، بدأ بالشيخ المفيد وأملى حديثه وهي نحو ٤٣٢ حديثاً. إلى أواخر الجزء التاسع ، فاستوعب قرابة تسعة أجزاء من المجلد الأوّل من أمالي الطوسي ثم أملى أحاديث شيخ آخر ، وهو أبو عمر بن مهدي عبد الواحد بن محمد البزاز الفارسي البغدادي ٣١٨ ـ ٤١٠ وهكذا شيخاً بعد شيخ.

وهذا هو الخطة المرسومة عند أكثر المحدِّثين في إملاء الحديث ، والمنهج المتبع في أماليهم استخدمه الشيخ الطوسي في أماليه ، إلاّ إنّ الشيخ المفيد لم يتبع هذا المنهج وإنّما كان ينتقي الحديث انتقاء ويختار من أحاديث شيوخه ومسموعاته عنهم أحاديث مختارة وأكثرها عقائد وأخلاق ، فهو متكلم حتى حين كونه محدِّثاً ، فينتقي للإِملاء أحاديث تخدم الفكر الشيعي وتدعم العقيدة. وربما طعَّمها براويات أدبية وإنشاد الشعر لترويح الأفكار.

أوله : «الحمد لله ربّ العالمين ، الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على


السيد الكريم ...».

إختصاراته :

١ ـ هناك مختصر أمالي الشيخ المفيد وأمالي الصدوق كتبه علي بن حسن بن أحمد بن مظاهر الحلّي (٤٠) ، وفرغ منه في الحلّة في ١٢ ذي القعدة سنة ٧٥٥ ويبدو أنّ الاحاديث وحذف الاختصار له أيضاً ، لخصمها بالاقتصار على متون الأحاديث وحذف ما عداها من الاسناد وتواريخ المجالس ونحو ذلك ، أوّله : «الحمد لله الذي أنعم علينا بالإِيمان ...».

٢ ـ مخطوطة الأصل مكتوبة سنة ٧٥٥ في مكتبة المرعشي رقم ١٦٠٠ مذكورة في فهرسها الفارسي ٤ / ٤٠١.

نسخة أُخرى فيها مختصر أمالي المفيد فقط ، كتبت سنة ١٠٧٤ في مكتبة المدرسة الفيضية في قم في المجموعة رقم ١٣٢٥ ذكرت في فهرسها ٢ / ٨٠.

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة المرعشي رقم ١٧٠ كتبت سنة ١٢٩٥ ذكرت في فهرسها الفارسي ١ / ١٨٧ وفي التراث العربي ١ / ٢٤٦.

٢ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد ، رقم ٧٤٤٢ كتبت سنة ١٣٥٠.

__________________

(٤٠) هو زين الدين عليّ ابن عز الدين الحسن بن أحمد بن مظاهر الحلّي، تلميذ فخر المحققين ابن العلاّمة الحلّي، قرأ عليه كتاب قواعد الأحكام فكتب له عليه إجازة سنة ٧٤١ وله المسائل المظاهرية، سأله عنها فأجابه وكتب له عليها إجازة أُخرى، وإجازة ثالثة كتبها له على كتاب النهاية في سنة ٧٥٥ أطراه فيها بقوله: الشيخ الإِمام العلاّمة أفضل العلماء شيخ الشيعة ركن الشريعة مقتدى الإِمامية ...

رياض العلماء ٣/٣٩٣، طبقات أعلام الشيعة (القرن الثامن): ١٣٦.


٣ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامّة في النجف الأشرف بآخر المجموعة رقم ٣٢١٧ كتبها الشيخ شير محمد الهمداني سنة ١٣٤٩ عن مخطوطة كانت عند السيد أبو القاسم المحرر الاصفهاني في النجف كتبها سنة ١٣٣٩ عن نسخة كتبت سنة ١١٠١ ، وأظنها التي يقول عنها شيخنا رحمه الله في الذريعة ٢ / ٣١٦ أنها كانت في مكتبة العلاّمة ميرزا محمد الطهراني.

٤ ـ مكتبة المحدث الاُْرموي في طهران كتبت سنة ١٠٧٥.

٥ ـ نسخة أُخرى فيها مكتوبة سنة ١١٠٢.

٦ ـ مكتبة السيد الحكيم العامّة في النجف في المجموعة رقم ٩٧٥ كتبها العلاّمة السماوي سنة ١٣٣٨. ذكرت في فهرسها ج ١ ص ٦٩.

٧ ـ مخطوطة موقوفة ، في حوزة السيد حسن السيدي في قم.

ترجمته :

ترجم أمالي المفيد إلى الفارسية الشاب المعاصر حسين أُستاد ولي وطبعت الترجمة من إصدارات مجمع البحوث الإِسلامية في مشهد سنة ١٤٠٦.

طبعاته :

١ ـ طبع في المطبعة الحيدرية في النجف سنة ١٣٥١.

٢ ـ طبع فيها أيضاً سنة ١٣٦٧.

٣ ـ طبع فيها ثالثة سنة ١٣٨١.

٤ ـ وحققه الفاضلان علي أكبر الغفاري وحسين أُستاد ولي ، وصدر من منشورات مؤسسة النشر الإِسلامي في قم سنة ١٤٠٣ مع مقدمة وفهارس عامة.

٥ ـ أعادت طبعه مؤسسة النشر الإِسلامي في قم.

٦ ـ طبعه مجمع البحوث الإِسلامية في مشهد سنة ١٤٠٦ مع الترجمة الفارسية لحسين أُستاد ولي ، في أسفل الصفحات.

٧ ـ وعدّ مشار في فهرسه للمطبوعات العربية ص ٨٧ ، من طبعات أمالي


المفيد الطبعة الحجرية في طهران سنة ١٣٠٠ في ٤٠٢ صفحة! وأظنّه وهم في ذلك وأنّ المطبوع بهذه المواصفات أمالي الصدوق ، على ما ذكره هو في الصفحة نفسها.

(١٢)

أوائل المقالات في المذاهب المختارات

ذكر فيه عقائد الشيعة ، ومختصاتها في الآراء والمعتقدات ، وذكر في كل منها من وافقهم فيه من سائر الفرق ، فبدأ ببيان معنى الشيعة ، والفرق بين الشيعة والمعتزلة ، ثم الفرق بين الإِمامة وغيرهم من الشيعة ثم ذكر ما اتفقت عليه الإِمامية من القول بالإِمامية على خلاف المعتزلة ، ووصف عقائد الشيعة ، وسرد مختاراته في مجال العقيدة الإِسلامية استناداً لما جاءت به الآثار عن أئمة الهدى من العترة الطاهرة تراجمة الوحي والتنزيل صلوات الله عليهم أجمعين.

وهذا الكتاب ذكره النجاشي في فهرسه وابن شهرآشوب في معالمه ، وكان عند السيد ابن طاووس المتوفى سنة ٦٦٤ ينقل عنه في فرج المهموم باسم المقالات تارة وبأوائل المقالات تارةً أُخرى وأورد منه في ص ٣٧ ، ٣٨ نصاً لا يوجد في مخطوطات الكتاب ، فالحق بأوائل المقالات في الطبعات اللاحقة.

وذكر شيخنا رحمه الله في الذريعة ٢ / ٤٧٢ وقال : «أورد فيه المقالات الخاصة بالإِمامية في المباحث الأُصولية الكلامية ... وكتب بعده كتاب الإِعلام فيما اتفقت عليه الإِمامية : من فروع الاحكام ، ليحصل للناظر في هذين الكتابين علم مختصات الإِمامية في الاُْصول والفروع ...».

وقد ذكره المفيد نفسه في كتابه الإِعلام حيث جاء في أوّله : «أدام الله للسيد الشريف التأييد ... فإني ممتثل ما رسمه من جمع ما اتفقت عليه


الإِمامية من الأحكام الشرعية ... لتنضاف إلى كتاب أوائل المقالات في المذاهب المختارات ...».

وقد ظهر أن الكتابين من نمط واحد ، يحتويان على مختصات الشيعة ، أحدهما في آرائهم الكلامية ومقالاتهم في الاُْصول الاعتقادية ، وثانيهما في انفرادتهم في الفقه والشريعة ، وأحدهما مكمل للآخر.

ويشتركان في أنهما كتبا للسيد الشريف ، ففي خطبة الاعلام : «أدام الله للسيد الشريف ... فإني ممتثل ما رسمه ...» وفي نهايته : «أدام الله علو السيد الشريف ...» (٤١).

وأوائل المقالات فأوّله : «أحمد الله على نعمته ، وأعتصم به من خلافه ومعصيته كذا ... أمّا بعد ، أطال الله بقاء سيدنا الشريف النقيب في عز طاعته ، وأدام تمكينه وعلو كلمته ، فإني مثبت ... ما آثر إثباته ...».

والظاهر أن الشريف في كلا الكابين واحد ، ألَّف المفيد الكتابين يطلب منه ، فإمّا هو الشريف المرتضى ، أو هو أخوه الشريف الرضي ، أو هو أبوهما الشريف أبو أحمد المتوفى سنة ٤٠٠؟

وحيث إنّ الزيادة على أوائل المقالات ، مما خرجه الشريف الرضي مصرَّحة فيها باسمه يترجح كونه الشريف الرضي ، وتغلب على الظن بانه المقصود فيهما ، ويؤيده كلمة النقيب في خطبة أوائل المقالات.

وسماه العلاّمة المجلسي عند عد مصادر كتابه بحار الأنوار ج ١ ص ٧ بكتاب المقالات.

وراجع عنه إيرانيكا ، باللغة الانجليزية ج ٣ ص ١١٢ ـ ١١٣.

__________________

(٤١) راجع ما تقدّم حول كتاب الإِعلام.


ترجمته :

ترجم د. سور دل الشطر الأوّل من الكتاب إلى اللغة الفرنسية وقدم له مقدمة وعلق عليه تعاليق ، ونشره في مجلة تحقيقات إسلامي R.I.E الصادرة في باريس العدد ٤٠ سنة ١٩٧٢ م ، من ص ٢١٧ ـ ٢٩٦ باسم : الإِمامية في نظر الشيخ المفيد.

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد ، رقم ٧٤٥٤ كتبت سنة ١٣٥٢ في النجف ، ذكرت في فهرسها ١١ س٤٥.

٢ ـ مكتبة آية الله الحكيم العامة في النجف ، في المجموعة رقم ١٠٨٧ كتبت سنة ١٣٢٧ ذكرت في فهرسها ١ ص ٧٨.

٣ ـ نسخة أُخرى فيها بخط العلاّمة الشيخ محمد السماوي سنة ١٣٣٥ في المجموعة رقم ٤٣٦ ذكرت في فهرسها ١ / ٧٨.

٤ ـ مكتبة المغفور له آية الله الرضوي في كاشان ، من مخطوطات القرن ١١ ، عليها تملُّك العلاّمة المغفور له المجلسي ، ذكرت في فهرس مكتبة في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ج ٧ ص ٣٢ برقم ٣٦٦ ، وعنها مصورة في المكتبة المركزية بجامعة طهران رقم الفيلم ٣٥٩٣ ذكرت في فهرس مصوراتها ٢ / ١٩٥.

٥ ـ مكتبة البرلمان الإِيراني السابق ، بأوّل المجموعة رقم ٢٨٣ (رقم التسجيل الجديد ٥٥٧٦) من ١ ـ ٧٣ كتبت سنة ١٣٥٤ عن نسخة كان تاريخها سنة ١٠٨٦ ، ذكرت في فهرسها ج ١٠ ص ١٥٦.

٦ ـ نسخة أُخرى فيها رقم ٣٨٦٤ كتبت في القرن ١١ ، أو اوائل القرن ١٢ وعليها تملك العلاّمة المجلسي المتوفى سنة ١١١٠ بخطه وتملك بعض


أحفاده محمّـد صادق بن حسن علي الألماسي سنة ١٢٣٣ وابنه حسن علي ، وفي نهايتها الزيادات ، والحكايات ، وقد صححها سنة ١٣٥٠ العلاّمة المتكلّم ميرزا طاهر التنكابني المتوفي سنة ١٣٦٠ وقابلها على نسخة مصححة وهي من مكتبة المهداة إلى مكتبة البرلمان وتحمل رقم ١٣٣ من كتبه ، وصفت في فهرس المكتبة ج ١٠ ص ١٨٩٤.

٧ ـ نسخة ثالثة فيها في المجموعة رقم ٤٤٧١ / ١٢ كتبت سنة ١٠٨٤ ذكرت في فهرسها ج ١٢ ص ١٤٩.

٨ ـ نسخة رابعة فيها في المجموعة رقم ١٣٣٢ كتبت سنة ١٣٣٦.

٩ ـ مكتبة العلاّمة المحقّق السيد محمّد علي الروضاتي الخاصة في أصفهان ضمن مجموعة كتبت سنة ١٢٨١.

١٠ ـ مكتبة العلاّمة الجليل السيد مرتضى النجومي الخاصة في كرمانشاه بآخر مجموعة كتبت سنة ١٠٨٢ ذكرت في فهرس مكتبته المنشور في دليل المخطوطات ١ / ٢٦١ باسم : الفرق بين الشيعة والمعتزلة.

١١ ـ مكتبة ثقة الإِسلام التبريزي الشهيد بيد الروس سنة ١٣٣٠ ، في تبريز ، بأوّل المجموعة رقم ٢٧ كتبها أحمد بن عبد العالي الميسي سنة ١٠٨٠ من أعلام القرن الحادي عشر مترجم في أمل الآمل وطبقات أعلام الشيعة.

طبعاته :

١ ـ طبع في تبريز سنة ١٣٥٨.

٢ ـ وطبع فيها سنة ١٣٦٤ بتحقيق العلاّمة المغفور له الشيخ فضل الله الزنجاني وتعليقات الخطيب البارع الواعظ الجراندابي مع تصحيح الاعتقاد.

٣ ـ طبع في تبريز سنة ١٣٧٠.

٤ ـ اعيد طبعه في تبريز سنة ١٣٧١.

٥ ـ طبع في قم بالتصوير على طبعة تبريز الثانية.


٦ ـ وطبع في المطبعة الحيدرية في النجف سنة ١٣٩٣.

٧ ـ وطبعته دار الكتاب الاسلامي في بيروت سنة ١٤٠٣ طبعة جيدة مع كل ما كان في طبعة تبريز من تعليقات الواعظ الجرندابي وتحقيق الشيخ فضل الله الزنجاني ومقدمته القيمة.

٨ ـ وحققه الدكتور مهدي محقّق وطبعه في طهران سنة ١٤١٣ بمناسبة الذكرى الألفية لوفاة الشيخ المفيد والمؤتمر العالمي المقام في قم بهذه المناسبة مع تعليقات وفهارس ، ومع مقدمة بالانجليزية من مكدرموت.

٩ ـ وحققه العلاّمة الشيخ إبراهيم الانصاري الزنجاني حفظه الله ، وطبع في قم ١٤١٣ من قبل المؤتمر العالمي لذكرى ألفية الشيخ المفيد وهو المجلد الرابع من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد» وألحق به تعليقات العلاّمة الشيخ فضل الله شيخ الاسلام الزنجاني وتعليقات الشيخ ابراهيم الزنجاني.

١٠ ـ نسخة أُخرى فيها في المجموعة رقم ٧٥٤٧ / ١٦ من مخطوطات القرن ١٣ و ١٤ ذكرت في فهرسها ١٦ ص ٦٢٢.

١١ ـ مكتبة المغفور له الحجة السيد أحمد الزنجاني نزيل قم المتوفى بها سنة ١٣٩٣ رقم ٩٥ من مخطوطات القرن ١٠ و ١١ كتب عليها ، قد وجدت في نسخة عتيقة نقلت هذه النسخة منها بخط عتيق ما هذه صورته : كتاب أوائل المقالات في المذاهب المختارات تأليف الشيخ المفيد ...

وجاء في نهاية هذه النسخة : قد قابلت هذه النسخة مع نسخة عتيقة لا تخلو من صحة في المشهد المقدس الرضوي ... سنة ١٠٨٣.

ذكرت في فهرس مكتبة المنشور في (آشنائي با چند نسخه خطي) ١ / ٢٣١.


(١٣)

إيمان أبي طالب

ذكره النجاشي في فهرسته وابن شهرآشوب في معالم العلماء ، وذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة ٢ / ٥١٣ و ٢٦ / ٧٨.

وتحدّث الشيخ المفيد عن إيمان أبي طالب في الفصول المختارة ص ٢٢٨ ـ ٢٣٢ من طبعة النجف.

أوّله : الحمد لله ولي الحمد ومستحقه ، وصلاته على خيرته من خلقه محمّد وآله ...

وهو من المسائل المختلف فيها بين الشيعة والسنة ، فالشيعة مجمعة على ايمانه ، لتوفر الادلة على إيمانه ، واتباعاً لأئمة الحق من العترة الطاهرة عليهم السلام.

والسنيون أكثرهم يجحدون ايمانه ، وينسبونه إلى الكفر ، تبعاً للحكام المنافقين من أعداء امير المؤمنين عليه السلام ، من أمويين وعباسيين.

وأصبح مثار النقاش ، وألّفوا في إثبات إسلامه بالادلة والشواهد منذ مطلع القرن الرابع وحتّى اليوم نحو المائة كتاب ، من ذلك نحو العشرين كتاباً الفها السنيون ممن لم تعمهم العصبيات فلم يجحدوا ايمانه وخضوعاً للادلة المتوفرة ، اولهم ـ فيما نعلم ـ السيوطي له بغية الراغب في نجاة ابي طالب.

وضرورة التاريخ قاضية بانه آمن وآوى ونصر وحامى ، وكان المدافع الأوّل والناصر الوحيد لرسالة السماء متجاهراً بذلك ، باذلاً في سبيلها كل ما في وسعه.

وكل الأدلة والشواهد التي تثبت إيمان أي فرد فهي متوفرة في أبي طالب ، من فعل وقول ، وشعر ونثر ، وجهاد في إعلاء كلمة التوحيد ، وتضحيات في


المحافظة على نبي الاسلام ودفع اعدائه عنه.

وليت شعري كيف دلت أشعار حاتم وما يحكى من أفعاله على جوده حتّى اشتهر به وضرب به الأمثال ، ولم تكشف أشعار أبي طالب وأعماله عن عقيدته وإيمانه.

وليتهم عملوا بما قاله عبد المغيث الحنبلي في دفاعه عن يزيد بن معاوية ـ حشره الله معه ـ على ما ارتكب من عظائم الامور وفعل الأفاعيل من قتل الحسين وسبي بنات الرسالة واباحة المدينة المنورة لجنده ، ورمي الكعبة بالمنجنيق وحرقها!!

فقال في الدفاع عنه ـ ولا يملك دفاعاً ـ : هلاّ سكتُّم عن يزيد احتراماً لابيه!!! (الرد على المتعصب العنيد لابن الجوزي ص ٨٧).

فأقول هنا : هلاّ سكتوا عن أبي طالب احتراماً لابن اخيه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ورعاية لابنه علي عليه السلام ، ولكن الأمر هنا على العكس من ذلك تماماً ، فانما نيل من ابي طالب لمكان ابنه علي ، وإلاّ فعلى تقدير انه لم يسلم ، فما اكثر المشركين في آباء الصحابة ممن ادركوا الاسلام وماتوا على الشرك ، لم يتعرض لواحد منهم بسوء ، وإنما نيل من أبي طالب لانه والد علي ، والابن هو المقصود بالايذاء وقد قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : من آذى علياً فقد آذاني ، راجع مصادره في هامش ص ٨٠ وهذا ابو لهب على مناوءته للاسلام لم يسأ اليه كما أساؤا إلى أبي طالب!؟

مخطوطاته :

١ ـ متكبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد ، في المجموعة رقم ٨٢٨٨ كتبها تاج الدين حسين صاعد أوّل الربيعين سنة ٩٨٦ بالمسجد الجامع الكبير باصفهان من ص ٢٦٨ ـ ٢٧٩ ذكرت في فهرسها العام ص ٨٠.

٢ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٢٥٥ / ٦ من ٦٥ ب ـ ٧٢ ب


كتبت سنة ١٠٥٦ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٢٨٢ ف ١ / ٢٨٥ ، التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي ١ / ٢٩٤.

٣ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموعة رقم ٨ / ٣ من كتب إمام الجمعة الخوئي من مخطوطات القرن الحادي عشر من ١٢ ـ ٢٢ ذكرت في فهرسها ٧ ص ٢٧ و ٢٧٠.

٤ ـ مكتبة ملك الأهلية في طهران في مجموعة كتبت لاعتضاد السلطنة الوزير القاجاري ١٢٩٠ ـ ١٢٩٢ رقمها ٦١٥١ ذكرت في فهرسها ٩ / ١٩٩.

٥ ـ مكتبة السيد الحكيم العامة في النجف في المجموعة رقم ٤٣٣ ذكرت في فهرسها ١ / ٨٢ بخط العلاّمة السماوي سنة ١٣٥٨.

٦ ـ كلية الآداب في جامعة طهران في المجموعة رقم ١١٢ ب من ٧٢ ـ ٧٤ ذكرت في فهرسها ١ / ٣٩.

٧ ـ مخطوطة في حوزة العلاّمة الشيخ محمد حسن آل ياسين حفظه الله ، في الكاظمية بالعراق ، ذكرها في مقدمته لطبع الكتاب.

طبعاته :

١ ـ طبعة العلاّمة الشيخ محمد حسن آل ياسين حفظه الله في النجف سنة ١٣٧٢ = ١٩٥٣ ضمن المجموعة الأولى من سلسلته القيمة (نفائس المخطوطات) وكان يصدرها في بغداد.

٢ ـ وأعاد طبع المجموعة الأولى في بغداد سنة ١٩٦٣.

٣ ـ وطبعته مكتبة المفيد في قم بالتصوير على طبعة النجف ، وذلك ضمن (عدة رسائل) للشيخ المفيد ص ٢٩٧ ـ ٣١٧.

٤ ـ وحققه قسم الدراسات الاسلامية في مؤسسة البعثة في قم سنة ١٤١٢ وصدر في المجلد العاشر من سلسلة (مصنفات الشيخ المفيد) من اصدارات المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد.


(١٤)

تحريم ذبائح أهل الكتاب (مسألة في ...)

ذكره النجاشي في فهرسه ص ٤٠١ بهذا الاسم. وذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة ٢٠ / ٣٨٤ بهذا الاسم أيضاً. وذكره أيضاً في ١٠ / ٤ باسم (الذبيحية) وفي ٢٠ / ٣٨٧ باسم (مسألة في ذبيحة أهل الكتاب).

أوّله : «الحمد لله رب العالمين .. اختلف أهل الصلاة في ذبائح أهل الكتاب ، فقال جمهور العامة باباحتها ، وذهب نفر من أوائلهم إلى حظرها ...».

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة فخر الدين النصيري الخاصة في طهران ، ضمن مجموعة رسائل مخطوطات من القرن العاشر ، ذكرها هو في كتابه (كنجينه خطوط دانشمندان) ج ٢ ص ١٣٥٠ وصور فيها نماذج منها.

٢ ـ مكتبة مدرسة سبهسالار في طهران في المجموعة رقم ٢٥٣٣ / ٧ ذكرت في فهرسها ٤ / ٥٤٦.

٣ ـ مكتبة السيد الحكيم العامة في النجف في مجموعة ، وعنها مصورة في المكتبة المركزية لجامعة طهران رقم الفيلم ٣٣٤٣ ذكر في فهرس مصوراتها ج ٢ ص ١٢٧.

٤ ـ مكتبة المرعشي العامة في قم بأول المجموعة رقم ٣٦٩٤ كتبت سنة ١٠٥٦. ذكرت في التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي ج ٢ ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦ باسم ذبائح أهل الكتاب.

٥ ـ المكتبة المركزية لجامعة طهران في المجموعة رقم ٦٩١٤ / ٢١ من


مخطوطات القرن ١٣ ذكرت في فهرسها ج ١٦ ص ٣٩٨.

٦ ـ دار الكتب الوطنية في برلين ، في المجموعة رقم ١٠٢٧ / ٦ من الورقة٤٣ ب ـ ٤٧ ب ، ذكرها آلورث في فهرسه ج ٦ ص ٥٨٧ وذكره بروكلمن في الأصل ١ / ١٨٩ وأخطأ من تفهم اسم الكتاب حيث ذكر من فهرس آلورث باسم ذبائح اهل الكتاب فتوهم الذبائح بمعنى القتلى. ولا بد أن تكون عن حرب!! فسماه : «الحرب بين اليهود والنصارى».

طبعاته :

وطبعه المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ بتحقيق العلاّمة الشيخ محمّد مهدي نجف وهو في المجلد التاسع من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».

(١٥)

تصحيح الاعتقاد

لم يذكره الطوسي ولا النجاشي في فهرسيهما; نعم عد النجاشي من مؤلفات الشيخ المفيد : (الرد على ابن بابويه) مما يتحمل أن يريد به هذا الكتاب ، إذ هو شرح على كتاب الاعتقادات للشيخ الصدوق ابن بابويه أبي جعفر محمد ابن علي بن الحسين القمي الرازي المتوفى سنة ٣٨١ ، المشتهر بعقائد الصدوق ، يناقشه في موارد كثيرة يرد عليه في الأغلب ، ويختلف معه في فهم ما ورد من ذلك في حديث أئمة العترة الطاهرة عليهم السلام. فالصدوق ابن بابويه يفهم عنها فهم محدِّث ، والشيخ المفيد ينظر إلى الاحاديث نظرة متكلم متعمق عارف بفنون الكلام ومغازيها ومن هنا اختلفا فيما بينهما ، كما اختلفا من هذا المنطلق أيضاً في سهو النبي وفي العدد والرؤية في شهر


رمضان ، وللمفيد ردّ عليه في كل منهما مما يرجح أن يكون (الرد على ابن بابويه) الذي ذكره النجاشي هو أحد هذين لا تصحيح الاعتقاد.

نعم ، ذكر النجاشي كتاباً آخر ص ٤٠٠ باسم كتاب «جوابات أبي جعفر القمي» المحتمل أن يكون هو الصدوق وأن تكون جواباته هي التي تسمى «تصحيح الاعتقاد» واشتهر بشرح عقائد الصدوق ، وذكره العلاّمة المجلسي بهذا الاسم «شرح عقائد ...» عند عدّ مصادره في أوّل كتابه بحار الأنوار : ١ / ٧.

وذكره شيخنا رحمه الله بكلا العنوانين في الذريعة ٤ / ١٩٣ و ١٣ ص ١٠٢ وسزكين ١ / ٥٤٧ من الأصل الالماني و ٣ / ٣٠٦ من الترجمة العربية ، ولا أدري من أين جاءت هذه التسمية من سمى الكتاب بهذا الاسم ومتى؟

أوّله : «الحمد لله على نواله ، والصلاة على محمد وآله ...».

وفي المخطوطة الآتية برقم ١٤ ، أوّله هكذا : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين ...

قال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ابن بابويه في قوله تعالى : (يوم يكشف عن ساق ...).

١ ـ وللكتاب ترجمة إلى الفارسية منها مخطوطة في المكتبة المركزية لجامعة طهران في المجموعة رقم ٦٥٣٦ / ٣ ذكرت في فهرسها ١٦ ص ٢٨٧.

٢ ـ وترجمه الدكتور عرفان عبد الحميد البغدادي إلى الانجليزية ، وهي اطروحته للدكتوراه من جامعة اكسفورد ، وهو في سبيله إلى الطبع من قبل المؤسسة العالمية للخدمات الاسلامية في طهران ، مع مقدمة فها دراسة قيمة للعلاّمة الاستاذ الشيخ محمد رضا الجعفري حفظه الله.

٣ ـ وترجمه إلى الفارسية السيد حسن بني طبا ، وضم إليها ترجمة عقائد الصدوق وترجمة اعتقادات العلاّمة المجلسي رحمهم الله ، وهي قيد الطبع في


قم باسم : مناهج الحق والنجاة.

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامة في النجف ، في المجموعة رقم ٣٢٢٢ كتبت سنة ١٣٤٩.

٢ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد ، رقم ١٢٨٤١ كتبت سنة ١٠٧٩.

٣ ـ نسخة أُخرى فيها رقم ٦٧٤٧ كتبت سنة ١٠٤٢.

٤ ـ نسخة ثالثة فيها رقم ٧٧٢١ كتبت سنة ١٣٥٢.

٥ ـ نسخة رابعة فيها رقم ٦٨١٦ من القرن ١١ ، ذكرت الاربعة في فهرسها العام ص ٣٢٣ بعنوان شرح الاعتقادات.

٦ ـ جامعة طهران بأوّل المجموعة رقم ٢٨٢ كتبت سنة ١٠٣٦ ذكرت في فهرسها ج ٣ ص ٥٦٩.

٧ ـ فيها نسخة ثانية بأوّل المجموعة رقم ٧٢٠٩ من مخطوطات القرن ١٢ ذكرت في فهرسها ج ١٦ ص ٤٨٩.

٨ ـ فيها نسخة مصورة عن نسخة بآخر مجموعة كتبت سنة ١٠٩٧ رقم الفيلم ١٩٨٨ ذكرت في فهرس مصوراتها ج ١ ص ٦٣٣.

٩ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموعة رقم ٢٨٣٢ / ٤ كتبت سنة ١٣٥٤ ذكرت في فهرسها ج ١٠ ص ١٥٧.

١٠ ـ فيها نسخة ثانية في المجموعة رقم ٢٩٠٤ كتبها الشيخ محمد أمين الخوئي في الكوفة سنة ١٣٣٤ ذكرت في فهرسها ج ١٠ ص ٢٩٤.

١١ ـ فيها نسخة ثالثة رقم ١٠٢١٢.

١٢ ـ كلية الحقوق في جامعة طهران ، بأوّل المجموعة رقم ١٨١ ج كتبت سنة ١٣٠١ ذكرت في فهرسها ص ٢٧٠.


١٣ ـ مكتبة السيد الحكيم العامة في النجف ، في المجموعة المرقمة ٢٠٣ كتبت سنة ١٢٣٢١ ذكرت في فهرسها ج ١ ص ١٢١.

١٤ ـ مكتبة ثقة الإِسلام في تبريز ، في مجموعة بخط أحمد بن عبد العالي الميسي سنة ١٠٨٠ ذكرت في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ج ٤ ص ٣٢٧.

١٥ ـ المكتب الهندي في لندن في المجموعة رقم ٧١٩ / أ ، من الورقة ١٦٩ ـ ٢٨٤ كتبت سنة ١١٥٣.

١٦ ـ فيها أيضاً ، في المجموعة رقم ٧٩٦ ب ، من الورقة ٤٣ ـ ٧١ من خطوطات القرن الثاني عشر ، راجع فهرسه ج ٢ ص ٣٨٧ ، وراجع سزكين الاصل ١ / ٥٤٧ ومعربه الجزء الثالث من المجلد الأوّل ص ٣٠٦.

١٧ ـ مكتبة الوزيري العامة في مدينة يزد ، في المجموعة رقم ٣٥٩٧ / ٢ من الورقة ٣١ ـ ٦١ كتبت سنة ١٠٨٩ ذكرت في فهرسها العربي للطريحي ص ٦٥ ، وفي فهرسها المطبوع بالفارسية ص ١٧١٤.

١٨ ـ مكتبة فخر الدين النصيري في طهران ضمن مجموعة ، صححها العلاّمة ميرزا محمد أرباب القمي.

١٩ ـ مكتبة المحقّق العلاّمة السيّد محمّد علي الروضاتي في أصفهان في مجموعة كتبت في القرن ١٣.

طبعاته :

١ ـ طبع في تبريز سنة ١٣٥٨.

٢ ـ طبع فيها أيضاً سنة ١٣٦٤ على مخطوطة مكتبة ثقة الإِسلام ، المتقدمة برقم ١٤ حققه وعلق عليه الخطيب البارع الشيخ عباس قلي الواعظ الجراندبي التبريزي مع أوائل المقالات.

٣ ـ وطبعته مكتبة الداوري في قم سنة ١٣٩٦ بالتصوير على الطبعة السابقة.


٤ ـ وطبعة المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، في قم سنة ١٤١٣ ، ويقع في المجلد الخامس من سلسلة (مصنفات الشيخ المفيد).

٥ ـ وهو الآن قيد الطبع في قم من قبل مؤسسة أنصاريان ، مع ترجماتها الفارسية للسيد حسن بني طبا.

(١٦)

تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام على سائر الصحابة

وعلى سائر اصحابه صلّى الله عليه وآله وسلّم.

ذكره النجاشي في فهرسه وشيخنا رحمه الله في الذريعة ٤ / ٣٥٨ بهذا العنوان ، وكرره في ٢٠ ص ٣٨٣ ـ ٣٨٤ باسم : مسألة في أفضلية علي عليه السلام على كافة البشر قال ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام ج ٣ ص ١٠٩٠ : وروى عن سلمان وأبي ذر والمقداد ، وخباب وجابر وأبي سعيد الخدري وزيد بن الأرقم أنّ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أوّل من أسلم ، وفضله هؤلاء على غيره.

ومعتزلة بغداد كلهم مفضِّلة ، يرون أنّ عليّاً عليه السلام أفضل الناس بعد رسول الله صلّى عليه وآله ، وأمّا اليوم ... فقد وضح الصبح لذي عينين.

أوّله : «اختلفت الشيعة في هذه المسألة ، فقالت الجارودية : أنّه كان عليه السلام أفضل من كافة الصحابة ... أنه عليه السلام أفضل من كافة البشر سوى رسول الله محمّد بن عبدالله صلّى الله عليه وآله».

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٢٤٣ من مخطوطت القرن السابع ، وبقيت منها الورقة الاُولى فقط.

٢ ـ فيها أيضاً في المجموعة رقم ٧٨ من الورقة ١٥٢ ب ـ ١٥٦ / أمن


مخطوطات القرن ١١.

٣ ـ فيها أيضاً نسخة ثالثة في المجموعة رقم ٢٥٥ كتبت سنة ١٢٥٤ من ١٥٣ ب ـ ١٥٨ / أ.

٤ ـ وفيها نسخة رابعة في المجموعة رقم ١١٦١ كتبت سنة ١١٥٤ من ١٤ ب ـ ٢٥ ب باسم تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام على الاُْمة ، والنسخة مقابلة ، مصححة.

ذكرت هذه الاربعة في (التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي) ج ١ ص ٤٧١.

٥ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموعة رقم ٨ من كتب إمام الجمعة الخوئي ، من مخطوطات القرن الحادي عشر ، من الورقة ٣٠٤ ـ ٣١٠ ذكرت في فهرسها ج ٧ ص ٥٠.

٦ ـ مكتبة كلية الآداب في مدينة أصفهان ، مع المسائل العكبرية ، كما في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ٥ / ٣٠٤.

٧ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامة في النجف ضمن المجموعة رقم ٤١٠ من مخطوطات القرن الحادي عشر باسم تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام على الأنبياء ما عدا نبينا محمّد صلّى الله عليه وآله ، وهي النسخة المذكورة في الذريعة ٢٠ / ٣٨٤ ، وأنّها عند الشيخ عبد الحسين الحلي ، فقد أهدى مكتبته القيّمة كلها إلى مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام في حياته ، وتوفي رحمه الله ١٢ شعبان سنة ١٣٧٥ ، وكان رحمه الله من كبار العلماء الادباء مشاركاً في جمله من العلوم ، له ترجمة حسن في نقباء البشر : ١٠٦٩ ، وفي شعراء الغري ٥ / ٢٦٦ ، وأدب الطف ١٠ / ٩٦.

طبعاته :

١ ـ طبع في النجف سنة ١٣٧٠.


٢ ـ طبع في قم بالتصوير عليه في مجموعة باسم (عدة رسائل) للشيخ المفيد.

٣ ـ طبع في قم من قبل المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد سنة ١٤١٣ بتحقيق علي موسى الكعبي وصدر في المجلد السابع من السلسلة (مصنفات الشيخ المفيد).

(١٧)

التواريخ الشرعية

هو كتاب يتضمن ـ بإيجاز ـ الأعياد الإِسلامية ، وسائر الأيام المتميزة في الإِسلام ، ومواسم المسرات والأحزان ، كمواليد الأئمة الطاهرين ووفياتهم عليهم السلام ، وما يندب في تلك الايام من المسنونات ، فرغ من تأليفه ١٦ ربيع الأوّل سنة ٣٨٩.

أوّله : «الحمد لله على ما بصرنا من حكمته ، وهدانه إليه من سبيل رحمته ... وبعد فقد وفقت ـ أيدك الله ـ على ما ذكرت من الحاجة إلى مختصر في تاريخ أيام مسارّ الشيعة وأعمالها من القرب في الشريعة ، وما خالف ذلك في معناه ...».

ذكره النجاشي في فهرسه ص ٤٠١ باسم تاريخ الشريعة ، وفي بعض طبعاته : تاريخ الشرعية ، وفي بعض مخطوطات فهرس النجاشي وعند ابن شهرآشوب المتوفى سنة ٥٨٨ في معالم العلماء ص ١١٣ والسيد ابن طاووس المتوفى سنة ٦٦٤ في كتاب الاقبال ص ٥٥٨ ، ٥٩٨ و ٦٠٣ و ٦٧٣ باسم التواريخ الشرعية.

وهذا هو الصواب في اسم الكتاب ، فالمخطوطة المكتوبة في حياة


المؤلف سنة ٣٩١ (٤٢) تحمل هذا الاسم ، وإن كان الاسم كتب عليه فيما بعد عن نسخة من الكتاب ، وكذا مخطوطة أُخرى مكتوبة في حياة المؤلّف (٤٣) كانت في مكتبة السيّد ابن طاووس رحمه الله تحمل هذا الاسم وينقل عنه بهذا العنوان كما تقدم ، ومخطوطة من القرن السابع في جستربيتي بهذا الاسم (٤٤) ومخطوطة من القرن التاسع أيضاً تحمل هذا الاسم (٤٥) ومخطوطة من القرن العاشر أيضاً تحمل هذا الاسم (٤٦).

ومنذ هذا القرن (القرن العاشر) غلب على الكتاب اسم مسارّ الشيعة ، أخذاً من مادة الكتاب ومحتواه ، واستناداً إلى ما جاء في بدايته «تاريخ أيام مسارّ الشيعة ...».

ففي هذا القرن ترجمه مير أسد الله الصدر المرعشي التستري إلى الفارسية باسم : «ترجمة المسارّ والاحزان لطائفة أهل الأيمان.» (٤٧).

وذكر العلاّمة المجلسي قدس الله نفسه من جملة مصادر كتابه بحار الأنوار في ج ١ ص ٧ باسم : مسارّ الشيعة ، وكذا المولى عبدالله افندي قال في تعليقته على أمل الآمل ص ٣٠٦ عند عد مؤلفات الشيخ المفيد : «كتاب مسارّ الشيعة».

وذكره السيد إعجاز حسين في كشف الحجب باسم الصحيح فقال في ص ١٤٥ : «التواريخ الشرعية عن الأئمة المهدية ... ذكر فيه تواريخ مسارّ الشيعة واعمالها من القرب في الشريعة ...».

__________________

(٤٢) يأتي في المخطوطات برقم ١.

(٤٣) صرح بذلك في الإِقبال ص ٦٧٣ قال: من نسخة كتبت في حياته.

(٤٤) تأتي برقم ٢.

(٤٥) تأتي برقم ٣.

(٤٦) تأتي في المخطوطات برقم ٤.

(٤٧) ذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة ج ٢٦ ص ٢٠٢.


وقال في ص ٥٠٢ : «مسارّ الشيعة للشيخ المفيد اسمه التواريخ الشرعية ...».

وذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة بالاسمين فقال في ج ٤ ص ٤٧٥ : «التواريخ الشرعية للشيخ المفيد اسم مسارّ الشيعة : في مختصر تاريخ الشريعة ، يأتي».

وقال في ج ٢٠ ص ٣٧٥ : «مسارّ الشيعة في مختصر تواريخ الشريعة ... وعبر عنه النجاشي بالتواريخ الشرعية» (٤٨).

ثم هناك منتخب مسارّ الشيعة بعض الأصحاب ، أوّله : «بسم الله خير الاسماء ، إنتخاب مسارّ الشيعة للمفيد ، شهر رمضان سيد الشهور ، على الأثر المنقول ...».

نسخة منه كتبت في القرن الثالث عشر ، في مكتبة رضا في رامبور (رضا لايبريري) رقمها ١٤٥١ وصفت في فهرسها ج ٢ ص ١٣٨.

مخطوطاته :

١ ـ نسخة في جامعة طهران ، رقم ٢١٦٢ ، كتبها مظفر بن علي بن منصور السالار ، بالخط الكوفي ، في حياة المؤلف ، بعد سنتين من تأليفه ، وفرغ منها في ربيع الآخر سنة ٣٩١ ، وصفت في فهرسها ج ٩ ص ٨٥٥.

٢ ـ مخطوطة القرن السابع في مكتبة جستربيتي في المجموعة رقم ٤٣٥٨ باسم مختصر التواريخ الشرعية معها المسائل الطبرية للمحقّق الحلّي

__________________

(٤٨) يبدو أنّ شيخنا رحمه الله استند إلى بعض المخطوطات المصحّحة من فهرست النجاشي، ومنه يعلم أنّ النجاشي أيضاً ذكر الكتاب باسمه الصحيح فتصحف بعد ذلك إلى تاريخ الشريعة، والتاريخ الشرعية، كما في طبعة بيروت من فهرست النجاشي ج ٢ ص ٣٣٠، وفي نسخة سيد الاُْستاذ رحمه الله التي نقل عنها في معجم رجال الحديث ج ١٧ ص ٢٠٤ باسم: تاريخ الشرعية!.


وصفت في فهرسها ج ٥ ص ١١٣ وفي العدد الأوّل من السنة السابعة من مجلة المورد البغدادية ص ٢٠٥ ، وعنها مصورة في مكتبة المرعشي في قم.

٣ ـ مخطوطة القرن التاسع ، في مكتبة السيد حسن الصدر في الكاظمية بالعراق.

٤ ـ المكتبة الوطنية في طهران (كتابخانه ملّي) في المجموعة رقم ١٩٥٧ ف ، كتبت سنة ٩٨٩ ذكرت في فهرسها ج ٤ ص ٤٢٨ باسم التواريخ الشرعية.

٥ ـ نسخة أُخرى فيها في المجموعة رقم ١٩٤٣ ع كانت في مكتبة العلامة المجلسي رحمه الله استكتبها في مشهد الرضا عليه السلام سنة ١٠٨٥ وعليها تملكه ، وصفت في فهرس المكتبة الوطنية ج ١٠ ص ٦١٩.

٦ ـ مخطوطة القرن العاشر ، في مكتبة مدرسة سبهسالار (مطهري) في طهران ، في المجموعة رقم ٣٨٨٩ / ٥ وصفت في فهرسها ، ج ٥ ص ٥٦٣.

٧ ـ مرعشي ، في المجموعة رقم ٥٦٥٧ كتبت سنة ٩٦٠.

٨ ـ نسخة أُخرى فيها في المجموعة رقم ٥٥٤٣ / ٣ كتبت سنة ١٠٧١ من ٢٦ ـ ٥٧.

٩ ـ نسخة ثالثة فيها في المجموعة رقم ٨٨٢ / ٢ كتبت سنة ١٢٨٩ من الورقة ٦٤ ب ـ ٧٩ / أذكرت هذه الثلاثة في فهرسها العربي (التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي) ج ٤ ص ٩٨.

١٠ ـ مكتبة الغرب العامة في مدينة همدان في المجموعة رقم ٤٧٥٦ / ٢ كتبت سنة ١٠٧٥ من الورقة ١٣٤ ـ ١٥١ ، ذكرت في فهرسها ، ص ٣٩٢.

١١ ـ نسخة في البحرين كتبت سنة ١٣٠٠ بأوّل المجموعة رقم ٦٣٢ يليها فيها رسالة أُخرى في مواليد الأئمة عليهم السلام ثم ١٤ ورقة قصائد عربية ذكرت في فهرس مخطوطات البحرين للدكتور علي أبا حسين ج ٢ ص ١٩٢.

١٢ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد ، في المجموعة رقم ٢٣٢٧ كتبت سنة ٩٧٨ بخط جيد ، وعليها بلاغ وتصحيح ذكرت في فهرسها


ج ٢ ص ٣٥.

١٣ ـ نسخة أُخرى فيها رقم ٧٩٣٩ كتبت سنة ١٠٨١.

١٤ ـ نسخة ثالثة فيها ، رقم ٦٧٨٠ من مخطوطات القرن ١٢ ، أو قبله من وقف السلطان نادر شاه على المكتبة.

١٥ ـ نسخة رابعة فيها ، رقم ٧٩٤٠ كتبت سنة ١٣٥٢ ، ذكرت هذه الاربعة في فهرسها العام ، ص ٥١٤.

١٦ ـ مكتبة ملك الأهلية في طهران ، في المجموعة رقم ١٠٩٨ / ٢ من مخطوطات القرن ١٣ كرت في فهرسها ج ٥ ص ٩٨.

١٧ ـ نسخة ثانية فيها في المجموعة رقم ٢٥٧٦ / ٥ ذكرت في فهرسها ج ٦ ص ٥٥.

١٨ ـ جامعة طهران ، بأوّل المجموعة رقم ٤٠٨٩ كتبت سنة ١٠٥٣ ذكرت في فهرسها ، ج ١٣ ص ٣٠٦٨.

١٩ ـ نسخة أُخرى فيها بأوّل المجموعة رقم ٥٠٦ كتبت سنة ١٣٠٤ وصفت في فهرسها ، ج ٥ ص ١٥٢٩.

٢٠ ـ مكتبة الوزيري العامة في مدينة يزد بأوّل المجموعة رقم ٣٥٨٢ كتبت سنة ١٠٨٢ ذكرت في فهرسها ، ج ٥ ص ١٧٠٩ وذكرها الطريحي في فهرسها العربي ص ٢٥١.

٢١ ـ نسخة كتبت سنة ١٣٠٨ في مكتبة المغفور له العلامة السيد محمد علي القاضي الطباطبائي في تبريز.

٢٢ ـ مكتبة المجلس في المجموعة رقم ٧٤٣ كتبت سنة ١٠٧١ من ص ٢٦ ـ ٥٧ ذكرت في فهرسها ج ٣ ص ٥٩١.

٢٣ ـ نسخة ثانية فيها ، الرسالة الرابعة عشر في المجموعة رقم ١٨٣٦.

٢٤ ـ مكتبة فخر الدين النصيري في طهران ضمن مجموعة ، عليها تصحيحات العلامة ميرزا محمد أرباب القمي.


٢٥ ـ مكتبة العلامة السيد محمد علي الروضاتي في اصفهان.

طبعاته :

١ ـ طبع بالقاهرة سنة ١٣١٣ ، مع شرح البائية الحميرية للشريف المرتضى علم الهدى.

٢ ـ طبع في تبريز طبعة حجرية سنة ١٣١٣ مع توضيح المقاصد وتقويم المحسنين.

٣ ـ طبع في طهران طبعة حجرية سنة ١٣١٥ ضمن رسائل ثمان.

٤ ـ وطبع في قم طبعة حجرية سنة ١٣٩٣ ضمن عدة رسائل باسم (مجموعة نفيسة).

٥ ـ وطبعت المجموعة النفيسة مرة أخرى في قم سنة ١٣٩٦.

٦ ـ طبع في لندن سنة ١٤١٢ بالتصوير على المخطوطة المتقدمة برقم ١.

(١٨)

كتاب الجَمل

قد تكرر عن الشيخ المفيد أنّه ألّف في موضوع واحد عدة كتب كما في (الإِمامة) و (الغَيْبة) و (المتعة) ونحو ذلك.

فمن ذلك حرب الجمل فإن له فيها أربعة كتب ، وهي :

١ ـ الجمل.

ذكره النجاشي في فهرسه ص ٢٩٩ ، وشيخنا رحمه الله في الذريعة ٥ / ١٤١ و ١٤٢.


٢ ـ كتاب في أحكام أهل الجمل.

ذكره الشيخ الطوسي في الفهرست وابن شهرآشوب في معالم العلماء وشيخنا رحمه الله في الذريعة ١ / ٢٩٥ وقال : «عبر بذلك الشيخ الطوسي في الفهرست ولكن النجاشي عد من تصانيفه كتاب الجمل ، ولعلهما واحد ، وهو غير النصرة ...».

وسماه سزكين ١ / ٥٥١ من الاصل الالماني و ٣ / ٣١٢ من تعريبه : حرب الجمل ، وقال : ولم تذكر الذريعة شيئاً عنه!

٣ ـ النصرة لسيد العترة في أحكام البغاة عليه في حرب البصرة.

ذكره الشيخ الطوسي والنجاشي في فهرسيهما مقتصرين على كلمة (النصرة) وذكره ابن شهرآشوب في معالم العلماء ص ١١٣ باسمه الكامل. وذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة ١ / ٢٩٥ و ٥ / ١٤١ و ١٤٢ و ٢٤ / ١٧٧ باسم : «النصرة لسيد العترة في حرب البصرة».

٤ ـ المسألة الكافية في إبطال توبة الخاطية.

ذكره النجاشي والشيخ الطوسي في فهرسيهما ص ٣٩٩ و ١٨٧ ويسميه ابن شهرآشوب في معالم العلماء ص ١١٣ وفي مثالب النواصب باسم : «المسألة الكافية في تفسيق الفرقة الخاطية».

وذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة ١٧ / ٢٤٨ باسم : «الكافئة في إبطال توبة الخاطئة» وفي ٢٠ / ٣٩١ باسم : «المسألة الكافئة ...» ولشيخنا المفيد كلام حول توبة الخاطئة في الفصول المختارة ص ١٠٤ ـ ١١٢ من طبعة النجف.

والذي يبدو أنّها ثلاثة كتب لا أكثر ، فلم يذكر له كل من الطوسي والنجاشي وابن شهرآشوب بهذا الصدد إلاّ ثلاثة كتب ولكل منها منحى خاص لا يتكرر مع الآخر.

فكتاب الجمل ، كتاب تاريخي يتضمن وقعة الجمل وسرد أحدائها ، ذكره


الطوسي باسم : أحكام أهل الجمل ، وليس هو النصرة لأنه ذكره باسمه.

وكتاب النصرة ، كتاب كلامي فقهي يتحدث عن أحكام البغاة والخارجين على إمامهم الشرعي من الوجهة الكلامية والفقهية (*).

وليس هو كتاب الجمل كما نص على ذلك شيخنا رحمه الله في الذريعة غير مرة فقال في حرف الألف ١ / ٢٩٥ : «أحكام أهل الجمل ، ... وهو غير النصرة لسيد العترة ...» وقال في حرف الجيم ٥ / ١٤٢ : «الجمل للشيخ المفيد ... وغير كتاب النصرة ...».

وقال في حرف النون ٢٤ / ١٧٧ : «النصرة لسيد العترة في حرب البصرة وفتنة الجمل بها ومقالات الناس فيها وحكم المتولّي للقتال بها ... وهو غير كتاب الجمل».

ولا أدري كيف غفل رحمه الله ، وسها قلمه في ٥ / ١٤١ فقال : «كتاب الجمل للشيخ المفيد ، اسمه النصرة لسيّد العترة في حرب البصرة».

والكتاب الثالث : المسألة الكافية في إبطال توبة الخاطية.

__________________

(*) والكتاب وحيد من نوعه فريد في بابه لم يؤلف في معناه كتاب مفرد، لا قبله ولا بعده.

واما الأمر الثاني وهو استعراض حرب الجمل استعراضاً تاريخياً فقد الف فيه الفريقان كتباً مفردة.

فمن الشيعة ابو مخنف وجابر الجعفي ومحمد بن علي بن النعمان مؤمن الطاق ومصبح بن هلقام العملي ونصر بن مزاحم والبرقي وابراهيم بن محمد الثقفي والجلودي ومحمد بن زكريا الغلابي البصري والمنذر بن محمد القابوسي، وهشام الكلبي والشيخ الصدوق وقد ذكرها النجاشي في فهرسه وشيخنا في الذريعة.

ومن الفريق الثاني اسحاق بن بشر ابو حذيفة البلخي، أقدمه هارون الرشيد إلى بغداد فكان يحدث بها.

والواقدي والمدائني واسماعيل بن عيسى وابن عائذ الدمشقي العطار البغدادي له كتاب الجمل وصفين، وابن أبي شيبة والصولي وابو عبيدة معمر بن المثنى وسيف بن عمر الكذاب الوضاع إلى غير ذلك ممن ذكرتهم في: اهل البيت في المكتبة العربية، راجع العدد الثالث من مجلة تراثنا.


وهو في إبطال التوبة المزعومة التي يدَّعونها للذين نكثوا بيعتهم وخرجوا على إمامهم وشقُّوا عصا المسلمين وأثاروا الفتنة والفرقة والاختلاف بين المسلمين ، وأراقوا الدم الحرام وقتلوا النفوس وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إنّ فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله وهو خاصف النعل عليٌّ عليه السلام ، وأمره صلّى الله عليه وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين وقال صلّى الله عليه وآله : من آذى عليّاً فقد آذاني (*).

ثم من المحتمل أن الذي وصل إلينا من كتاب الجمل وهو هذا المطبوع يحوي كتابين : النصرة والجمل ، معاً ، نسخهما النسّاخ في مجلد واحد ، فالقسم الأوّل من هذا الكتاب كلامي ، والقسم الثاني منه تاريخي ، أو أنّ المؤلف كان هو الذي جمع بينهما فيما بعد لتناسبهما.

وعلى القول بأن الجمل والنصرة كتابان هذا أحدهما ، فالآخر مفقود كما أن المسألة الكافية أيضاً مفقود ، على أنه كان موجوداً حتى القرن الحادي عشر ، فكان عند العلاّمة المجلسي ، وعدّه من مصادر كتابه بحار الأنوار في ج ١ ص ٧

__________________

(*) اخرجه ابن ابي شيبة في المصنف ٢١١٥٧ واحمد في المسند ٣/٤٨٣ و ٥/٣٧٠ وفي فضائل الصحابة ٩٨١ وفي مناقب علي رقم ١٠٥.

واخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٦/٣٠٦ وابن حبان في صحيحه ٦٨٨٤ وابن قانع في معجمه وابن الاعرابي في المعجم وعلي بن عيسى بن داود بن الجراح في المجلس الثالث من أماليه وسمويه في الجزء الثالث من فوائده والروياني في الجزء ٣٣ من مسنده والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده وأخرجه البغوي ومن طريقه اخرجه ابن عساكر في تاريخه وفي الجزء ٢٢٢ من أماليه.

وأخرجه الحكام في المستدرك ٣/١٢٢ وصححه هو والذهبي والخطيب البغدادي في الجزء العاشر في المتفق والمفترق وابن عبد البر في الاستيعاب ٣/١١٠١ وابن عساكر في ترجمة والحافظ المزي في ترجمة ابي سلمان في الكنى من تهذيب الكمال والذهبي في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق بالارقام ٤٩٤ ـ ٥٠٢ وابن العديم في بغية الطلب والحافظ المزي في ترجمة ابي سلمان في الكنى من تهذيب الكمال والذهبي في ترجمة امير المؤمنين عليه السلام من تاريخ الاسلام ص ٦٣١ وفي تلخيص المستدرك ٣/١٢٢ وصححه وابن كثير في البداية والنهاية ٥/١٠٤ و ٧/٣٤٦.


ونقل عنه فيه.

أوّله : «الحمد لله الذي ضمن النصر لناصريه ، وأعان على الحق بتوفيقه متبعيه ...».

ترجماته :

١ ـ ترجمه الدكتور السيد مهدي الروحاني القمي نزيل باريس إلى اللغة الفرنسية وطبعت في باريس.

٢ ـ وترجمه الدكتور محمود الدامغاني نزيل مشهد الرضا عليه السلام إلى اللغة الفارسية وطبعت باسم : نبرد جمل ، في طهران.

٣ ـ وأخبرني العلاّمة السيد سعيد أختر الرضوي اللكهنوي نزيل تنزانيا وعالمها ، في لقاء لنا معه في قم قبل سنتين أنه عازم على ترجمة كتاب الجمل إلى اللغة الانجليزية بعد عودته إلى بلاده ، ولا أدري هل أنجز ما أراد أو لم تتح له الفرصة.

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد ، رقم ٧٨٧٠ كتبت في النجف سنة ١٣٥٢ على نسخة قديمة صعبة القراءة.

٢ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق رقم ١٠٥٩٣ كتبت سنة ١٣٣٨ ، وهي نسخة جيدة صحيحة.

طبعاته :

١ ـ طبع في النجف في المطبعة الحيدرية دون تاريخ.

٢ ـ وطبع فيها سنة ١٣٦٨.

٣ ـ وطبع فيها سنة ١٣٨٢.


٤ ـ وطبع في قم من منشورات مكتبة الداوري بالتصوير على طبعة النجف الثالثة.

٥ ـ وطبع في قم بتحقيق السيد علي مير شريفي سنة ١٤١٣ بمناسبة ذكرى ألفية الشيخ المفيد.

(١٩)

جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية

الرسالة العددية

نشأ خلاف بين أصحابنا في القرن الرابع في أن شهر رمضان هل هو كسائر الأشهر الهلالية ، ربما يكون ثلاثين يوماً وربما يكون تسعة وعشرين يوماً ، فربما يكمل وربما ينقص ، أو يمتاز عن سائر الشهور بأنّه لا يدخله النقص وهو ثلاثون يوماً دائماً! استناداً إلى بعض الروايات ، فانقسم القوم فريقين سمّي الأول منهما بأصحاب الرؤية ، والفريق الثاني بأصحاب العدد ، واشتد الخلاف بينهما وألّف كل فريق رسائل في دعم مختاره وردّ القول الآخر.

فمن أصحاب العدد :

١ ـ الحسين بن علي بن حسين ابن بابويه القمي ، أخو الصدوق.

٢ ـ أبو محمّد هارون بن موسى الشيباني التلعكبري المتوفّى سنة ٣٨٥.

٣ ـ الشريف أبو محمّد الحسن بن حمزة العلوي المرعشي الطبري المتوفّى سنة ٣٥٨.

٤ ـ الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين ابن بابويه القمي المتوفّى سنة ٣٨١.

٥ ـ أبو القاسم جعفر بن محمّد ابن قولويه القمي المتوفّى سنة ٣٦٨.

والثلاثة الاخيرة أو كلهم من مشايخ الشيخ المفيد ، وتأثر بهم وكان يقول


بالعدد في شبابه وألّف كتاب : لمح البرهان في عدم نقصان شهر رمضان ، أو في كمال شهر رمضان ، ألّفه سنة ٣٦٢ وهو ابن بضع وعشرين سنة ، ثم عدل عن هذا الرأي وانضم إلى الفريق الثاني.

وألّف أصحاب العدد كتباً بهذا الصدد ، منهم الشيخ الصدوق رحمه الله ، له أربعة كتب في إثبات العدد وأنّ شهر رمضان ثلاثون يوماً دائماً ، فله في ذلك :

١ ـ رسالة في شهر رمضان.

٢ ـ جواب رسالة وردت في شهر رمضان.

٣ ـ رسالته إلى أبي محمد الفارسي في شهر رمضان.

٤ ـ الرسالة الثانية إلى أهل بغداد في معنى شهر رمضان.

ومنهم ابن قولويه القمي ، له في إثبات العدد :

١ ـ كتاب العدد في شهر رمضان.

٢ ـ كتاب الرد على ابن داود في شهر رمضان.

ومن أشهر أصحاب الرؤية الرافضين للعدد أبو الحسن محمد بن أحمد بن داود القمي المتوفّى سنة ٣٦٨ ، وهو أيضاً من مشايخ الشيخ المفيد ، له رسالة في الرد على ابن قولويه وابطال القول بالعدد ، وأن يصوم بالرؤية لا بالعدد.

ثم انّ الشيخ المفيد تبدل رأيه وقال بالرؤية ، وفند القول بالعدد ، وطرح الاخبار الشاذة الدالة عليه كما في خبر شاذّ رواه العامة ونسبوه إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله أنه قال : شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذوالحجة ولم يعمل به أحد ، رواه أصحاب الصحاح في الكتاب الصوم ، البخاري في صحيحه : فتح الباري ٤ / ١٠١ (٤٩) رواه مسلم برقم ١٠٨٩ والترمذي برقم ٦٩٢ وابن ماجة برقم

__________________

(٤٩) طبعة المطبعة البهية بمصر سنة ١٣٤٨.


١٦٥٩ وأبو داود برقم ٢٣٢٣.

وأخرجه أصحاب المسانيد في مسند أبي بكرة نفيع بن الحارث ، فقد أخرجه أحمد في ٤ / ٢٥٠ و ٥ / ٥١ والطيالسي برقم ٨٦٣.

وفي رواية الطبراني عنه : كل شهر حرام لا ينقص ثلاثين يوماً وثلاثين ليلة! مجمع الزوائد ٣ / ١٤٧ قال : رواه الطبراني في الكبير ، ورجاله رجال الصحيح ، كنزالعمال٨ / ٤٩٣ برقم٢٣٧٨٧ ، وراجع كنزالعمال٨ / ٤٩٢ رقم٢٣٧٨٣.

نعم ، تبنّى الشيخ المفيد القول بالرؤية ودعمه ودافع عنه وأبطل القول بالعدد ، وألف في ذلك كتباً ورسائل وهو يومئذ زعيم الطائفة ومرجعها وقدوتها ، فترك القول بالعدد واتفقت كلمتهم منذ عهده وحتى اليوم على القول بالرؤية.

وكان تلميذه أبو الفتح الكراجكي من أصحاب العدد وأنصاره وألف فيه : مختصر البيان عن دلالة شهر رمضان ، ثم عدل عنه وألف الكافي ورسالة في جواب الرسالة الخوارزمية في إبطال العدد ، ولتلميذه الآخر الشريف المرتضى أيضاً الردّ على أصحاب العدد ، مطبوع في المجموعة الثانية من رسائله ص ١٨ (٥٠). قال الشيخ الطوسي في الفهرست في ترجمة شيخه الشريف المرتضى ص ١٢٦ : وله مسائل كثيرة في نصرة الرؤية وإبطال القول بالعدد.

نعم ، عدل الشيخ المفيد عن العدد إلى القول بالرؤية وانتصر له ودعمه وعدل معه تلامذته وألفوا فيه ، وألف هو فيه ثلاثة كتب :

١ ـ مصابيح النور في علامات أوائل الشهور.

٢ ـ جواب أهل الرقة في الأهلة والعدد.

٣ ـ جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية.

ذكر هذه الثلاثة النجاشي ، وهناك كتابان آخران ذكرهما النجاشي أيضاً ،

__________________

(٥٠) وراجع كتاب الإقبال للسيد ابن طاووس في أوائله، والذريعة ٥/٢٣٥ ـ ٣٣٦ و ١٠/١٧٧ ـ ١٧٨ و ١١/٢٠٩ و ١٨/٣٤٠ و ٢١/٩٢.


يحتمل أن يكونا في هذا الصدد وفي نفس الموضوع وهما كتاب عدد الصوم والصلاة ، وكتاب جوابات النضر بن بشير في الصيام؟

وأما جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية فقد ذكره المؤلف في المسائل السروية ص ٧٤ ، وذكره النجاشي في فهرسه ص ٤٠١ ، وذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة ٥ / ١٧٧ وذكره ابن شهرآشوب في معالم العلماء ص ١١٣ باسم : رد العدد.

وتكرر ذكره في الذريعة ٥ / ٢٠١ باسم : جوابات أهل الموصل ، وفي ٥ / ٢٣٥ باسم : جوابات المسائل الموصليات ، وفي ١١ / ٢٠٩ باسم : الرسالة العددية ، وورد اسمها على مخطوطة كتبت في القرن السابع : مسألة في العدد والرؤية.

أوّله : «ذكرت ـ أيدك الله ـ أن كتاب أخ من اخواننا من أهل الموصل ورد عليك يكلفك سؤالي عن شهر رمضان هل يكون تسعة وعشرين يوماً؟! ...».

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٢٤٣ من مخطوطات القرن السابع ، من الورقة ٩٧ ب ـ ١٠٤ / أذكرت في فهرسها الفارسي ١ / ٢٦٨.

٢ ـ نسخة ثانية فيها في المجموعة رقم ٧٨ كتبت في القرن ١١ من ٩٦ ب ـ ١٠٣ ذكرت في فهرسها الفارسي ١ / ٩٢.

٣ ـ نسخة ثالثة فيها في المجموعة رقم ٢٥٥ كتبت سنة ١٠٥٦ من الورقة ١١١ ب ـ ١١٩ ب ذكرت في فهرسها الفارسي ١ / ٢٨٥.

٤ ـ مكتبة الروضة الفاطمية في قم في المجموعة رقم ٨٦ / ٤ كتبت في النجف سنة ١٣٢٠ ذكرت في فهرسها ص ٢٢٧.

٥ ـ مكتبة شيخنا صاحب الذريعة في النجف كتبها بخطه في مجموعة سنة ١٣١٩ على نسخة وجدها في كربلاء.


وعنها مصورة في جامعة طهران رقم الفيلم ٢٣٧٥ ذكر في فهرس مصوراتها ١ / ٦٧٦.

٦ ـ مكتبة الوزيري العامة في يزد ، في المجموعة رقم ١٩٢٩ كتبت سنة ١٣٤٩ من الورقة ٨ ـ ١٣ ذكرها الطريحي في فهرس مخطوطاتها العربية ص ١٢٦ وفي فهرسها الفارسي ٣ / ١٠٩٧ باسم الردّ على من يقول بالعدد.

٧ ـ المكتبة الناصرية لآل صاحب العبقات في لكهنو بالهند ، في المجموعة رقم ١٣٤ / ٦.

٨ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموعة رقم ٨ من كتب إمام الجمعة الخوئي من مخطوطات القرن ١١ من الورقة ٢٠١ ـ ٢١١ ذكرت في فهرسها ٧ / ١٨٥.

٩ ـ مكتبة العلاّمة المحقّق السيد محمّد علي الروضاتي في اصفهان في مجموعة من القرن ١٣.

وأدرجها بتمامها الشيخ علي العاملي المتوفّى سنة ١١٠٣ في كتابه الدر المنثور ، فبتعدد مخطوطاته يزيد عدد مخطوطات الرسالة ، فمنه عدة مخطوطات في مكتبات ايران العامة والخاصة.

طبعاته :

١ ـ طبع في كتاب الدر المنثور للشيخ علي العاملي المطبوع في قم سنة ١٣٩٨ في الجزء الأوّل منه من ص ١٢٢ ـ ١٣٤ فقد أدرجها بتمامها فيه كما تقدم.

٢ ـ طبعه المؤتمر العالمي لالفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ في المجلد التاسع من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».


الحكايات

ذكرها شيخنا رحمه الله في الذريعة ج ٧ ص ٥١ باسم : الحكايات ، وفي ٢١ ص ٣٨٨ باسم : (المقالات) التي حكاها الشريف المرتضى علم الهدى عن شيخه أبي عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد ...

هي حكايات عن الشيخ المفيد رحمه الله في الكلام والعقائد ، ورد الشبه والتهم الموجهة إلى الشيعة ، والإِجابة عليها.

جمعها الشريف المرتضى من أمالي المفيد في مجالسه ومحاضراته ، أو سأله هو عنها فأجاب عليها ، وهي ملحقة ببعض مخطوطات أوائل المقالات ، كما أنها ملحقة ببعض مخطوطات الفصول المختارة ، وتناسب الكتابين جميعاً ، وطبعت ملحقة بالفصول المختارة ، وتناسب الكتابين جميعاً ، وطبعت ملحقة بالفصول المختارة ، والمرجّح أنها جزء متمم لكتاب الفصول المختارة ، ملحقه به ، وليست كتاباً وحدها ، وإن أفردها بعض الناسخين وضم إليه الزيادات على أوائل المقالات فجعلها كتاباً مفرداً ، كالمخطوطة الموجودة في مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموعة ٤٤٧١ والمكتوبة سنة ١٠٨٤ ، المذكورة في فهرسها ج ١٢ ص ١٤٩ ، وكانت منه نسخة في مكتبة شيخ مشايخنا آية الله شيخ الشريعة الاصفهاني في النجف ، ورآها شيخنا صاحب الذريعة فذكرها في الذريعة ج ٢٠ / ٣٩١ باسم : «الفرق بين الشيعة والمعتزلة» للمفيد ، وليست هي إلاّ مجموعة هاتين زيادتين.

وقد كفانا صاحبنا العلاّمة المحقق السيد محمّد رضا الحسيني الجلالي حفظه الله مؤنة البحث والتنقيب بما قدم عنها من دراسة شاملة ، ونشرها في العدد ١٦ من «تراثنا» فليراجع.

أوّله : «قال الشريف أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي : سمعت الشيخ أبا عبدالله أدام الله عزه يقول : ثلاثة أشياء لا تعقل : ... إتحاد


النصرانية ، وكسب النجارية ، وأحوال البهشَمية ...».

مخطوطاته :

١ ـ مخطة طة من القرن ١١ في مكتبة المغفور له السيد محمّد حسين الرضوي في كاشان ، ملحقة بكتاب أوائل المقالات رقم ٣٦٦ ، ذكرت في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ج ٧ ص ٣٢ ، وعنها مصورة في المكتبة المركزية لجامعة طهران رقم الفيلم ٣٥٩٣ ، ذكر في فهرس مصوراتها ٢ / ١٩٥.

٢ ـ نسخة كتبت سنة ١٠٨٢ ملحقة بأوائل المقالات ، في مكتبة صاحبنا العلاّمة السيد مرتضى النجومي في كرمانشاه.

٣ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد ، ملحقة بأوائل المقالات ، رقم ٧٤٥٤ ، كتبت سنة ١٣٥٢ من ٧٩ ـ ٩٠ ، ذكرت في فهرسها ج ١١ ص ٤٥ ، باسم فوائد وأقوال!

٤ ـ جامعة طهران في المجموعة رقم ٧٠٥٨ / ٢ ملحقة بأوائل المقالات ، معها زيادات الشريف الرضي على أوائل المقالات ، من مخطوطات القرن ١١ ، ذكرت في فهرسها ج ١٦ ص ٤٤٠ ، وعليها تعليقات الشيخ حسن بن علي اليزدي اللكهنوي المتوفّى سنة ١٢٩٧ مؤلف هداية الاسماء وغيره.

٥ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموعة رقم ٢٨٣٢ / ٣ من ٧٨ ـ ٨٩ ، كتبت سنة ١٣٥٤ ، ذكرت في فهرسها ج ١٠ ص ١٥٧.

٦ ـ نسخة أُخرى فيها في المجموعة رقم ٣٨٦٤ من مخطوطات القرن ١١ أو ١٢ ، عليها تملك العلامة المجلسي ، وتصحيحات العلاّمة ميرزا طاهر التنكابني وصفت في فهرس المكتبة ج ١٠ ص ١٨٩٤.

٧ ـ نسخة ثالثة فيها في المجموعة رقم ١٣٣٢ ، كتبت سنة ١٣٣٦.


٨ ـ نسخة رابعة فيها في المجموعة رقم ٤٤٧١ / ١٣ ، كتبت سنة ١٠٨٤ ، ذكرت في فهرسها ج ١٢ ص ١٤٩.

٩ ـ مكتبة ثقة الاسلام في تبريز في مجموعة فيها أوائل المقالات ، ثم الحكايات ، ثم العكبرية ، ثم تصحيح الاعتقاد ، كتبها أحمد بن عبد العالي العاملي الميسي سنة ١٠٨٠.

١٠ ـ مكتبة المغفور له العلاّمة السيد أحمد الزنجاني نزيل قم المتوفّى بها سنة ١٣٩٣ ، ملحقة بأوائل المقالات رقم ٩٥ من مخطوطات القرنين ١٠ و ١١ قوبلت وصححت سنة ١٠٨٣ مع نسخة عتيقة في مشهد الرضا عليه السلام ، ذكرت في فهرس مكتبته المنشور في (آشنائي با جند نسخه خطي) ١ / ٢٣١.

١١ ـ مكتبة العلاّمة المحقق السيد محمد علي الروضاتي دام فضله ، كتبت سنة ١٢٨١ عن نسخة بخط أحمد بن عبد العالي الميسي.

١٢ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام ، ملحقة بالفصول المختارة رقم ١١٨٦٤ ، كتبت سنة ١٣٠٩.

١٣ ـ وأُخرى فيها أيضاً ملحقة بالفصول المختارة رقم ٩٨٨٢.

١٤ ـ نسخة ثالثة فيها ملحقة بالفصول المختارة رقم ٧٨١٩ كتبت سنة ١٣٠٩.

١٥ ـ نسخة رابعة فيها سنة ١٣٤٥ ملحقة بالفصول المختارة رقم ٧٨٢٠.

١٦ ـ المكتبة الوطنية في طهران في المجموعة رقم ١٩٢٧ ع ، كتبت سنة ١١١٦ ، ذكرت في فهرسها ج ١٠ ص ٥٩٧.

١٧ ـ مكتبة ملك الأهلية في طهران رقم ٢٥٣٨ ، كتبت سنة ١٠٧٧ ، ذكرت في الجزء الأوّل الخاص بالمخطوطات العربية من فهرسها ص ٥٤٧.

١٨ ـ مكتبة مدرسة سبهسالار (مطهري) في طهران ، في المجموعة رقم


١٨٧٢ ، ذكرت في فهرسها ج ٥ ص ٣٧٥.

طبعاتها :

١ ـ طبعت في النجف الأشرف ملحقة بالفصول المختارة من ص ٢٧٩.

٢ ـ وطبعته دار الأضواء في بيروت سنة ١٤٠٥ مع الفصول المختارة بالتصوير على طبعة النجف.

٣ ـ وحققها العلامة المحقق السيد محمّد رضا الحسيني الجلالي وقدّم لها دراسة قيِّمة ، ونشرها في العدد ١٦ من مجلة تراثنا ، إصدار مؤسسة آل البيت لإِحياء التراث ، في قم.

٤ ـ وأعاد السيد الجلالي النظر فيها وزاد على ما تقدم فوائد قيمة وصدر عن المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ في المجلد العاشر من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».

(٢٠)

خبر ماريّة القبطية (مسألة في ...)

ذكره النجاشي في فهرسه ص ٤٠١ ، وذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة ٢٠ / ٣٨٦.

أوّله : «سألني ـ أطال الله بقاء السيد الشريف الفاضل الجليل وأدام تأييده ـ رجل من المعتزلة ...».

وبشأن قصة مارية القبطية ، وأنّها لمّا ولدت إبراهيم غارت بعض نساء النبي صلّى الله عليه وآله واتهمتها بابن عمها جريح القطبي وثبت براءته وبرّأها الله مما قالوا ، ونزل فيها آيات الإِفك ، فصرف بعض نساء النبي صلّى الله عليه وآله الإِفك إلى نفسها وادعت نزول الآيات فيها! والحديث ذو شجون ، فقد كفانا مؤنة


الخوض والتنقيب في ذلك كله العلاّمة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي زاد الله في توفيقاته ، فقد ألّف كتاباً حافلاً بهذا الشأن طبع باسم «حديث الإِفك» فليراجع.

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٧٨ من الورقة ١٧٠ ب ـ ١٧٣ / أذكرت في فهرسها الفارسي في ج ١ ص ٩٦.

٢ ـ نسخة أُخرى فيها في المجموعة رقم ٢٥٥ من ١٧٤ / أ ـ ٧٧ ب كتبت سنة ١٠٥٦ ذكرت في فهرسها الفارسي ج ١ ص ٢٨٦.

٣ ـ وأُخرى فيها في مجموعة كتبت سنة ١٣٣٦ في النجف الأشرف وهي من ممتلكاتها الجديدة لم ترقم بعد ولم تفهرس.

٤ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموعة رقم ٨ من كتب إمام الجمعة الخوئي من مخطوطات القرن ١١ من ٣٤١ ـ ٣٤٥ وصفت في فهرسها ج ٧ ص ١٠٥.

٥ ـ مكتبة السيد الحكيم في النجف بخط العلاّمة السماوي سنة ١٣٣٤ في المجموعة رقم ٩٩٨ ذكرت في فهرسها ج ١ ص ١٦٥ وعنها مصورة في المكتبة المركزية بجامعة طهران رقم الفيلم ٣٣٤٣.

طبعاته :

١ ـ طبع في النجف سنة ١٣٧٠ في سلسلة «نفائس المخطوطات» التي كان يصدرها العلاّمة الشيخ محمّد حسن آل ياسين حفظه الله.

٢ ـ طبع في قم مجموعة «عدة رسائل» للشيخ المفيد بالتصوير على الطبعة المتقدمة.

٣ ـ طبعه المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣.


شرح المنام

لم يذكروه في مؤلفات الشيخ المفيد ، ولا هو منها في شيء ، وإنما هي رؤيا رآها الشيخ المفيد ناظر فيها حول آية الغار ، وإنه لا دلالة فيها على فضل لأبي بكر إن لم يكن الأمر على العكس من ذلك فتدل على ذمّه ، ثم قص رؤياه هذه على الشيخ أبي الحسن علي بن محمّد بن بنان ، فرواها عنه ودوّنها ، وحيث إنها كتبت ضمن رسائل الشيخ المفيد وطبعت معها ، تعرضنا لها.

أقول : رحم الله الشيخ المفيد وقدّس روحه ، ونوّر ضريحه ، ما أعظمه وأجلّه ، وما أحرصه على المناظرة والدفاع عن العقيدة ، فقد كان يقضي نهاره كله بالمناظرات والدفاع عن الحق ، والسعي في إبطال الباطل حتى هدى الكثير الكثير ، وأنقذهم من الضلال ، وأرشدهم إلى الصواب ، وما كان ذلك كله يشبع نهمته ويروي غليله حتى أنه كان يحلم بها في منامه بالليل! وفي عالم الرؤيا أيضاً كان موفَّقاً في نقاشه متغلباً على خصمه.

أوله : «روى الشيخ أبو الحسن علي بن محمّد بن بنان أن الشيخ المفيد رضي الله عنه قال : رأيت في النوم كأني قد اجتزت ...».

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٧٨ من الورقة ٧٦ ب ـ ٧٨ / أذكرت في فهرسها الفارسي ج ١ ص ٩١.

٢ ـ وأُخرى فيها في المجموعة ٢٤٣ / ٥ من مخطوطات القرن السابع ، من الورقة ٧٧ ب ـ ٧٨ ب ذكرت في فهرسها الفارسي ج ١ ص ٢٦٧.

٣ ـ نسخة ثالثة فيها في المجموعة رقم ٢٥٥ من الورقة ٨٧ ب ـ ٨٩ / أذكرت في فهرسها الفارسي ج ١ ص ٢٨٥.


٤ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق من كتب إمام الجمعة الخوئي في المجموعة رقم ٨ من مخطوطات القرن ١١ ذكرت في فهرسها ج ٧ ص ١٤ وص ١٧٠.

طبعاته :

طبعه المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ بتحقيق الشيخ محمّد مهدي نجف ، وهو في المجلد الثامن من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».

(٢١)

عدم سهو النبيّ صلّى الله عليه وآله (رسالة في ...)

هذه الرسالة لم يذكرها الشيخ الطوسي ولا النجاشي في فهرسيهما ، وأما ابن شهرآشوب فقد عد من مصنفات الشيخ المفيد في معالم العلماء ص ١١٤ ، الرد على ابن بابويه ، وهو الصدوق ، فهل تراه عنى به هذه الرسالة فانها في الرد على الصدوق في تجويزه السهو على النبي صلّى الله عليه وآله ، أو عنى به كتاب تصحيح الاعتقاد ، فانه ايضا كالرد على بعض مختارات الصدوق في العقائد ، وأما الرد على الصدوق في العدد والرؤية فهو مذكور في معالم العلماء ١١٣ باسم رد الرد العدد.

والرسالة السهوية ظفر بها العلاّمة المجلسي المتوفى ١١١٠ قدس الله نفسه ، وعدها من مصادر كتابه بحار الأنوار في ج ١ ص ٧ ، وأدرجها بتمامها فيه في ج ١٧ ص ١٢٢ ـ ١٢٩ ، وهو أحسن من تصدى لمسألة سهو النبي وأشبع الكلام فيها في موسوعته الحديثية الضخمة القيمة بحار الأنوار.

وكذلك معاصره الشيخ علي العاملي المتوفى ١١٠٣ حفيد الشهيد الثاني ظفر بالرسالة فأدرجها حرفيا في كتابه الدر المنثور في الجزء الأوّل ص ١١١ ـ


١٢٠ من المطبوع ، وكلاهما مترددان في المؤلف لها بين الشيخ المفيد والشريف المرتضى علم الهدى وكلاهما مرجح نسبتها إلى الشيخ المفيد.

وذكرها شيخنا رحمه الله في الذريعة ٥ / ١٧٥ باسم : جواب أهل الحجاز (٥١) مع التردد أيضاً في مؤلفه بين المفيد والمرتضى قال : «ويقال له الرسالة السهوية» ثم شكك في نسبته اليهما ورجح ان يكون لغيرهما.

ثم ذكره رحمه الله في الذريعة ١١ / ٢٠٠ باسم «الرسالة السهوية ، في نفي سهو النبي صلّى الله عليه وآله ، كتبها الشيخ المفيد المتوفى ٤١٣ جواباً لأهل الحجاز ... والنسخة عندي ... بالجملة لا تخلو من كونها للمفيد أو المرتضى ، حيث انها كانت في مجموعة من رسائلهما ، وأما العددية فهي للشيخ المفيد جزماً ...».

فتراه هنا عدل عما سبق ، وجزم بنسبتها إلى احد العلمين ورجح أن تكون للشيخ المفيد ، ثم جزم بذلك في ج ١٢ ص ٢٦٧ فقال : «السهوية للشيخ المفيد ، فيها الرد على سهوية الصدوق ... وقد استنسختها أنا بخطي ...».

أولها : «الحمد لله الذي اصطفى محمّداً لرسالته ، واختاره على علم للأداء عنه ...».

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة المرعشي العامة في قم في المجموعة رقم ٢٤٣ / ٣ من مخطوطات القرن السابع ، من الورقة ٥٧ ب ـ ٦٢ ب ذكرت في فهرسها الفارسي ١ / ٢٦٧.

__________________

(٥١) صوابه: جواب أهل الحائر «كربلاء» وذلك لِما جاء في نهاية مخطوطاتها منها المخطوطة المدرجة في الدر المنثور، ومنها مخطوطة كتبت في القرن السابع في مكتبة المرعشي رقم ٢٤٣، آخرها : تم جواب أهل الحائر ـ على ساكنه السلام ـ فيما سألوا عنه من سهو النبيّ صلّى الله عليه وآله في الصلاة ...


٢ ـ نسخة اخرى فيها في المجموعة رقم ٧٨ من الورقة ٥٩ ب ـ ٦٥ / أذكرت في فهرسها الفارسي ١ / ٩٠.

٣ ـ وفيها نسخة ثالثة في المجموعة رقم ٣٤١٤ / ٤ من ١٠١ / أ ـ ١٠٣ / أكتبت سنة ١٣٠٠ ذكرت في فهرسها الفارسي ٩ / ١٩٨.

٤ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموعة رقم ٨ من كتب امام الجمعة الخوئي ، من مخطوطات القرن ١١ من الورقة ١٤٢ ـ ١٤٤ ذكرت في فهرسها ج ٧ ص ١٤٠ باسم السهوية.

٥ ـ جامعة طهران في المجموعة رقم ١٠٠٣١ من الورقة ١٠١ ب ـ ١٠٣ ب ذكرت في فهرسها ج ١٧ ص ٥٢٩.

٦ ـ نسخة كتبها شيخنا صاحب الذريعة رحمه الله سنة ١٣١٩ على نسخة كانت يومئذ في كربلاء ، وهي في مجموعة كانت في مكتبته العامة في النجف وعنها مصورة في جامعة طهران ، رقم الفيلم ٢٣٧٥ ذكر في فهرس مصوراتها ج ١ ص ٦٧٦.

٧ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامة في النجف ضمن المجموعة رقم ٧٨٧ ، كتبتها بخطي في سامراء في رجب سنة ١٣٦٨ على مخطوطة مكتبة العلامة ميرزا محمد الطهراني رحمه الله ، ثم أهديتها ضمن مجموعة من كتبي إلى مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام سنة ١٣٧٣.

٨ ـ مكتبة الوزيري العامة في مدينة يزد ، بأول المجموعة رقم ١٩٢٩ من الورقة ٣ ـ ٨ كتبت سنة ١٣٤٩ ذكرت في فهرسها العربي لمخطوطاتها العربية ص ١٢٥ باسم : الرد على من جوّز سهو النبي صلّى الله عليه وآله ، وفي فهرسها الفارسي ٣ / ١٠٩٧ معها العددية.

٩ ـ المكتبة الناصرية لآل صاحب العبقات رحمهم الله ، بالهند في لكهنو ، رقم ٧ / ١٣٤.

١٠ ـ مكتبة الروضة الفاطمية في قم ، في المجموعة رقم ٨٦ كتبت سنة


١٣٢٠.

١١ ـ مكتبة السيد الحكيم العامة في النجف ، في المجموعة رقم ٩٩٨ / ٤ ، كتبها العلامة الشيخ محمد السماوي سنة ١٣٣٤ وعنها مصورة في المكتبة المركزية لجامعة طهران رقم الفيلم ٣٣٤٣.

١٢ ـ المكتبة الوطنية في برلين رقم ١٣٧٠ ذكرها آلورث في فهرسها ٢ / ١٧١ وأدرجها حرفياً الشيخ علي العاملي المتوفى سنة ١١٠٣ حفيد الشهيد الثاني في كتابه الدر المنثور فتضاف مخطوطاتها الى مخطوطات الرسالة.

طبعاته :

١ ـ ذكرنا ان الشيخ علي العاملي أدرجها بتمامها في كتابه الدر المنثور فطبع بطبعه في قم سنة ١٣٩٨ في الجزء ١ ص ١١١ ـ ١٢٠.

٢ ـ طبعه المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ بتحقيق العلامة الشيخ محمد مهدي نجف ، وصدر في المجلد العاشر من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».

(٢٢)

العويص في الأحكام

هكذا ذكره النجاشي في فهرسه ص ٤٠٠ وذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة ٥ / ٢٤٠ باسم : جوابات المسائل النيشابورية ، وذكره في ج ١٥ ص ٣٦٢ باسم : العويص ، قال : أو مسائل العويص في الأحكام.

وهي ما اعتاص فهمه على الذهن ودقّ معناه وصعب حلّه من المسائل الفقهية المعقدة الملتوية أشبه شيء بالألغاز والأحاجي لا يستطيع حلها والإِجابة عليها إلاّ الفقيه البارع المنتهي في الفقه المتمكن منه المحيط بزواياه


المستحضرلها ، وهذا الكتاب على صغره وحده يكفي أن يكون شاهداً على مقدرة الشيخ المفيد الفقهية واحاطته بأبوابه ومسائله وتفريعاته.

والواصل إلينا القسم الثاني منه ولم يصلنا الكتاب كله فمخطوطاته الواصلة إلينا كلها تبدأ بكتاب النكاح ، وأما ما قبله من أبواب الفقه من كتاب الطهارة إلى هنا وهو القسم الأوّل منه فمفقود ، لم نظفر به حتى الآن.

أوّله : «الحمد لله على نعمائه ، وله الشكر على حسن بلائه ، وبعد ، سألت وفقك الله تعالى أن أثبت لك ما كنت سمعته مني في مذاكرة أخينا الوارد من نيشابور ، بالمسائل المنسوبة إلى العويص في الفقه ...».

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة المرعشي في قم في المجموعة رقم ٢٤٣ من مخطوطات القرن السابع ، من الورقة ١٢٥ / أ ـ ١٣٨ ب ذكرت في فهرسها الفارسي ١ / ٢٦٩.

٢ ـ نسخة أُخرى فيها في المجموعة رقم ٦٦٦٥ / ٢ من ٢٥ ب ـ ٣٦ ب كتبت في القرن الحادي عشر ، ذكرت في فهرسها الفارسي ج ١٧ ص ٢٣٢.

٣ ـ نسخة ثالثة فيها في المجموعة رقم ٧٨ من ١٣١ ب ـ ١٤٦ ب كتبت في القرن الحادي عشر ، ذكرت في فهرسها الفارسي ١ / ٩٣.

٤ ـ نسخة رابعة فيها في المجموعة رقم ٢٥٥ من ١٢٨ ب ـ ١٤٦ ب كتبت سنة ١٠٥٦ ذكرت في فهرسها الفارسي ١ / ٢٨٥.

٥ ـ نسخة خامسة فيها في المجموعة ٣٦٩٤ / ٢ من الورقة ٤ ب ـ ١٢ ب كتبت أيضاً سنة ١٠٥٦ ، ذكرت في فهرسها الفارسي ج ١٠ ص ٩٢.

٦ ـ نسخة سادسة فيها في المجموعة ٣٧١٩ / ٤ كتبت سنة ١١٨٠ من الورقة ٨١ ب ـ ٩٠ ب / أ ، ذكرت في فهرسها الفارسي ج ١٠ ص ١١٩.

٧ ـ نسخة سابقة فيها في المجموعة رقم ٤٦٣٤ / ٤ كتبت سنة ٩٢١ من


الورقة ١٨٤ ب ـ ٢٠٨ / أذكرت في فهرسها الفارسي ج ١٢ ص ١٩٩ وهذه النسخة مصححة وعليها بعض التعليقات.

٨ ـ نسخة ثامنة فيها في المجموعة رقم ٥١٥١ كتبت سنة ١١١٦ من الورقة ٣٤٧ ب ـ ٣٥٥ / أ ، ذكرت في فهرسها الفارسي ج ١٣ ص ٣٦٠.

وذكرت هذه الثمانية في فهرسها باللغة العربية المطبوع في بيروت باسم (التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي) ج ٣ ص ١١٦ وهذا هوالمراد بالتراث العربي في مقالنا هذا متى ذكر.

٩ ـ مكتبة الوزيري العامة في مدينة يزد ، كتبت سنة ١٢٤٩.

١٠ ـ جامعة برينستون في الولايات المتحدة رقم ١٣٩٩ / ٢ من الوجبة الجديدة ، من مخطوطات القرن ١٠ و ١١.

١١ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموعة رقم ٨ من كتب إمام الجمعة الخوئي من مخطوطات القرن الحادي عشر ، من الورقة ٢٧٢ ـ ٢٩٥ ، ذكرت في فهرسها ج ٧ ص ١٩٦.

١٢ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد ، بأوّل المجموعة رقم ١٣٥٦٨ كتبت سنة ١٠٧٨ ذكرت في فهرسها ج ١١ ص ٣٠١ باسم مسائل العريض!.

١٣ ـ نسخة ثانية فيها في المجموعة رقم ١١٣١٠ / ٣ كتبت سنة ٩٦١ نسخة قيمة.

١٤ ـ مكتبة ملك الأهلية في طهران في المجموعة رقم ٢٨٤٤ / ٢ من مخطوطات القرن الحادي عشر ، ذكرت في فهرسها ج ٦ ص ١٣٨.

١٥ ـ جامعة طهران في المجموعة رقم ٦٩٦٣ من مخطوطات القرن العاشر ، ذكرت في فهرسها ج ١٦ ص ٤١٣.

١٦ ـ نسخة أُخرى فيها في المجموعة رقم ١٠٤٥ / ١ صححها المغفور له الاستاذ السيد محمّد المشكاة على مخطوطة ، كتبت سنة ١٠٩١ ، وسجل


الفروق بالهوامش ، وصفت في فهرسها ج ٥ ص ١٩٤٧.

١٧ ـ نسخة ثالثة فيها في المجموعة رقم ٧١٧٧ من مخطوطات القرن الحادي عشر ، ذكرت في فهرسها ج ١٦ ص ٤٧٥.

١٨ ـ نسخة رابعة فيها في المجموعة رقم ٢٠٢٧ / ٢ ، كتبت سنة ١٢٢٤ وصفت في فهرسها ج ٨ ص ٦٤٥.

١٩ ـ مكتبة مدرسة آية الله الگلپايگاني في قم في المجموعة رقم ٢٢٤٨ / ٢ ، كتبت سنة ١٠٨٣ من الورقة ١٤٣ ـ ٢٣١ ، ذكرت في فهرسها ج ٣ ص ٢٠٨.

٢٠ ـ مكتبة السيد الحكيم العامة في النجف الاشرف رقم ٣٧٣.

٢١ ـ مكتبة الوجيه فخر الدين النصيرية الخاصة في طهران ، ضمن مجموعة من رسائل الشيخ المفيد ، مكتوبة في القرن العاشر.

٢٢ ـ مكتبة العلامة الشيخ محمّد تقي التستري مؤلف كتاب قاموس الرجال ، مد الله ، في عمره كتبها بخط لنفسه.

٢٣ ـ مكتبة المغفور له العلامة السيد جلال الدين المحدث الارموي رحمه الله ، في طهران.

٢٤ ـ مكتبة جامع كوهرشاد في مشهد ، في المجموعة رقم ١٠٩٠ / ١٠ ، ذكرت في فهرسها ج ٣ ص ١٥٠٥.

اختصاره :

واختصره بعضهم يوجد من المختصر أيضاً عدة نسخ منها :

١ ـ في مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموعة رقم ١٨٠٥ من الورقة ٤٤٣ ـ ٤٤٥ ذكرت في فهرسها ج ٩ ص ٣٧٧.

٢ ـ فيها أيضاً في المجموعة رقم ٤٩٠٠ ، ذكر في فهرسها ج ١٤ / ٩٦ باسم منتخب مسائل العويص.


٣ ـ جامعة طهران في المجموعة ٢٦٢١ / ٣ كتبت سنة ١٠٥٠ وصفت في فهرسها ج ٩ ص ١٤٩٦.

ترجمته :

ترجمه السيد أبو القاسم بن محمّد كاظم الحسيني إلى الفارسية ، ومنها مخطوطة في المكتبة المركزية لجامعة طهران بأوّل المجموعة رقم ٤٤١٩ ، كتبت سنة ١٣١٥ ، ذكرت في فهرسه ، ج ١٣ ص ٣٣٨١.

طبعاته :

طبعه المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، في قم سنة ١٤١٣.

(٢٣)

الغَيْبة (رسائل في ...)

عدّ النجاشي في فهرسه ص ٤٠١ من مصنفات الشيخ المفيد رحمه الله : الجوابات في خروج الإِمام المهديّ عليه السلام وذكرها شيخنا رحمه الله في الذريعة ٥ / ١٩٥ ، وذكر في ٢٠ / ٣٦١ كتاباً باسم : مسائل الغَيْبة.

وهناك مما وصل إلينا من مصنفات الشيخ المفيد أربع رسائل في الغَيْبة ، وذكر شيخنا رحمه الله في الذريعة ثلاثة منها في ١٦ / ٨١.

وفي الجزء العشرين بعنوان مسألة في الغَيْبة في الصفحات ٣٨٨ و ٣٩٠ و ٣٩٥ فهل هذه الرسائل والمسائل هي التي ذكرها النجاشي باسم الجوابات في خروج الإِمام المهديّ عليه السلام؟ أو هذه قسم من تلك الجوابات وليست كلها؟ أو أن الذي ذكره النجاشي شيء آخر غير هذه المسائل الموجودة وإنما ذاك شيء لم يصلنا؟ لا ندري ولا دليل يوضح لنا أحد جانبي السؤال المطروح.


ومهما كان الأمر فالواصل ـ كما ذكرنا ـ أربع رسائل في غَيْبة الإِمام الغائب وجواب التساؤلات حولها ـ عجل الله فرجه ـ وهي مطبوعة نذكرها حسب تسلسلها في الطبع ، وللشيخ المفيد أيضاً مسائل عشر في الغَيْبة ، وله كلام ومناظرة في الغَيْبة مدرجة في الفصول المختارة ١ / ٧٦ ـ ٨٣ من طبعة النجف ، وأمّا الرسائل الأربع.

فالرسالة الاُولى في

الغَيْبة

أوّلها : «الحمد لله وصلاته على عباده الذين اصطفى ، وبعد ، سأل سائل فقال : أُخبروني عما روي عن النبي صلّى عليه وآله أنه قال : من مات وهو لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ، هل هو ثابت صحيح؟ ...».

مخطوطاتها :

١ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٧٨ من مخطوطات القرن ١١ من الورقة ١٥٨ ب ـ ١٦١ / أ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٩٤.

٢ ـ نسختان فيها في مجموعة كتبت في النجف سنة ١٣٣٦ من ممتلكاتها الجديدة غير مفهرسة ولا مرقمة.

٣ ـ نسخة ثالثة فيها أيضاً في المجموعة رقم ٢٥٥ كتبت سنة ١٠٥٦ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٢٨٦.

٤ ـ جامعة طهران في المجموعة رقم ١٠٠٣١ من الورقة ١٠٣ ـ ١٠٤ ناقصة ، ذكرت في فهرسها ج ١٧ / ٥٢٩.

٥ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموعة رقم ٨ من كتب امام الجمعة الخوئي ، من مخطوطات القرن ١١ ذكرت في فهرسه ٧ / ٣٥١.


طبعاتها :

١ ـ طبعتها دار الكتب التجارية في النجف سنة ١٣٧٠ في مجموعة خمس رسائل في إثبات الحجّة عليه السلام.

٢ ـ وطبعتها مكتبة المفيد في قم بالتصوير على الطبعة السابقة في مجموعة «عدة الرسائل» للشيخ المفيد.

٣ ـ وطبعها المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ بتحقيق علاء آل جعفر ، وهو في المجلد السابع من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».

الرسالة الثانية في

الغيبة

وهي معنونة في المخطوطة القديمة من القرن السابع ، بـ : فصل في الغَيْبة ، سئل عنها الشيخ المفيد ... مسألة سأل سائل ... وكذلك في بعض مخطوطاتها الآخر عنوانها فصل.

أوّلها : «وصلّى الله على سيدنا محمّد وآله وسلّم تسليماً ، مسألة سأل سائل الشيخ المفيد رضي الله عنه ما الدليل على وجود الإِمام صاحب الغَيْبة عليه السلام؟ ... فصل فقال له الشيخ : الدليل على ذلك ...».

مخطوطاتها :

١ ـ مكتبة المرعش في المجموعة رقم ٢٤٣ ، كتبت في القرن السابع ، ذكرت في فهرسها ١ / ٢٦٩.

٢ ـ نسخة ثانية فيها أيضاً في المجموعة رقم ٧٨ ، كتبت في القرن


الحادي عشر ، من الورقة ١٦٦ / أ ـ ١٦٨ / أ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٩٦.

٣ ـ نسخة أُخرى في مجموعة كتبت أوائل القرن الرابع عشر بخط نسخي جيد ، وهي من ممتلكاتها الجديدة ، غير مفهرسة ولا مرقمة.

٤ ـ نسخة رابعة فيها في المجموعة رقم ٢٥٥ ، كتبت سنة ١٠٥٦ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٢٨٦.

٥ ـ نسخة خامسة فيها في مجموعة كتبت في النجف سنة ١٣٣٦ من ممتلكاتها الجديدة غير مفهرسة ولا مرقمة.

٦ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموعة رقم ٨ من كتب إمام الجمعة الخوئي كتبت في القرن ١١ ذكرت في فهرسها ٧ / ٣٥١.

٧ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامّة في النجف في المجموعة رقم ٧٨٧ كتبتها بخطي على مخطوطة في مكتبة المغفور له العلامة ميرزا محمّد الطهراني في سامراء كتبتها في رجب سنة ١٣٦٨.

طبعاتها :

طبعت ثلاث مرات بطبعات الرسالة السابقة.

الرسالة الثالثة في

الغَيْبة

أوّلها : «حضرت مجلس رئيس من الرؤساء ، فجرى كلام في الإِمامة فانتهى إلى القول في الغَيْبة ، فقال صاحب المجلس : أليست الشيعة تروي ...؟ ..».

وجوّز شيخنا رحمه الله في الذريعة ١٦ / ٨١ ، أن يكون هذا هو الذي ذكره النجاشي في فهرسه باسم النقض على الطلحي باحتمال أن يكون صاحب


المجلس هو الطلحي ، حيث يبدو ان صاحب المجلسي هو الطلحي ، حيث يبدو ان صاحب المجلس لم يكن من الشيعة فلعله هو الطلحي؟

مخطوطاتها :

١ ـ مكتب المرعشي في المجموعة رقم ٢٤٣ كتبت في القرن السابع ، من الورقة ١٤٦ ـ ١٤٧ ذكرت في فهرسها ١ / ٢٦٩.

٢ ـ نسخة ثانية فيها في المجموعة رقم ٧٨ كتبت في القرن ١١ من الورقة ١٦١ ـ ١٦٣ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٩٥.

٣ ـ نسخة ثالثة فيها في المجموعة رقم ٢٥٥ كتبت سنة ١٠٥٦ من الورقة ١٦٢ ـ ١٦٦ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٢٨٦.

٤ و ٥ ـ نسختان أُخريان فيها في مجموعة كتبت في النجف تاريخ إحداهما سنة ١٣٣٦ والثانية غير مؤرخة وهما بخط نسخي جيد ، غير مفهرستين ولا مرقمتين.

٦ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامة في النجف ، في المجموعة رقم ٧٨٧ وهي بخطي كتبتها في سامراء في ٢٢ رجب ١٣٦٨ على مخطوطة مكتبة المغفور له العلاّمة ميرزا محمّد الطهراني العسكري.

٧ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق ، في المجموعة رقم ٨ من كتب إمام الجمعة الخوئي من مخطوطات القرن ١١ ، ذكرت في فهرسها باسم : مسائل في الغَيْبة ، ج ٧ ص ٣٥١.

طبعاتها :

طبعت مرة في النجف وطبعتين في قم كسابقتها.


الرسالة الرابعة في

الغَيْبة

أوّلها : «وصلواته على سيدنا محمّد وآله الطاهرين ، وبعد فسأل بعض المخالفين : ما السبب الموجب لاستتار إمام الزمان عليه السلام وغَيْبته؟ ...».

مخطوطاتها :

١ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامة في النجف في المجموعة رقم ٧٨٧ كتبتها بخطي سنة ١٣٦٨ في سامراء على مخطوطة مكتبة المغفور له العلاّمة ميرزا محمّد الطهراني المتوفى سنة ١٣٧٠.

٢ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٢٤٣ كتبت في القرن السابع ، من الورقة ١٤٧ ـ ١٤٩ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٢٦٩.

٣ ـ فيها أيضاً في المجموعة رقم ٢٥٥ كتبت سنة ١٠٥٦ ، من ١٦٦ ـ ١٦٩ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٢٨٦.

٤ ـ فيها أيضاً في المجموعة رقم ٧٨ كتبت في القرن الحادي عشر ، من ١٦٣ ـ ١٦٦ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٩٥.

٥ ـ فيها أيضاً في المجموعة كتبت في النجف سنة ١٣٣٦.

٦ ـ فيها أيضاً في المجموعة المتقدمة بخط نسخي خشن جيد ، كتبت في أوائل القرن الرابع عشر ، والمجموعة من مكتبة المغفور له صدر الاسلام محمّد أمين إمام الجمعة الخوئي وقد انتقلت مكتبته إلى مكتبة المرعشي مؤخراًن وهي بعد لم تفهرس ولم ترقم.

طبعاتها :

طبعت ثلاث مرات بطبعات سابقاتها.


(٢٤)

الفصول المختارة

من العيون والمحاسن

للشريف المرتضى علم الهدى ذي المجدين أبي القاسم علي بن الحسين بن موسى الموسوي البغدادي (٣٥٥ ـ ٤٣٦ هـ).

أشهر تلامذة الشيخ المفيد وأبرزهم ، إختارها من مجالسه وانتقاها من كتابه العيون والمحاسن فانتقى وسجل من مناظرات الشيخ المفيد ومقالاته العلمية وفوائده الكلامية كل ما لذّ وطاب.

أوّله : «الحمد لله المتوحد بالقدم العام لجميع خلقه بالنعم ... سألت أيدك الله ـ أن أجمع لك فصولاً من كتب شيخنا ومولانا أبي عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان ـ أدام الله عزه ـ في المجالس ، ونكتا من كتابه المعروف بالعيون والمحاسن ...».

يقول في أثناء الكتاب : وذكرت بحضرة الشيخ ... فقال لي الشيخ .. وحدثني الشيخ ... وأخبرني الشيخ .. ومن كلام الشيخ .. ومن حكايات الشيخ ..

وفي خلال الكتاب : قال الشريف أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي : قلت للشيخ .. وسمعت شيخنا .. وسمعت الشيخ .. سئل الشيخ ..

وكل هذا بل الكتاب بأسره يدلّ بوضوح على أمرين :

الأمر الأوّل : أن مادة الكتاب كلها من الشيخ المفيد.

الأمر الثاني : أن الانتقاء والجمع والتأليف للشريف المرتضى دون المفيد.


ثم ان النجاشي ذكر في فهرسه ص ٣٩٩ في مصنفات الشيخ المفيد كتاب العيون والمحاسن ، وعدّ أيضاً هو والشيخ الطوسي في فهرسيهما وابن شهرآشوب في معالم العلماء من مصنفات المفيد كتاب الفصول من العيون والمحاسن ، ذكره النجاشي بعد كتاب العيون والمحاسن ، وفي البحار ١ / ٧ : وكتاب العيون والمحاسن المشتهر بالفصول.

على أنهم لم يعدّوا كتاب الفصول المختارة في مصنفات الشريف المرتضى في ترجمته لا الطوسي ولا النجاشي ولا ابن شهرآشوب!

فهل أنّهم رأوا أنّ نسبة الفصول المختارة إلى الشيخ المفيد أولى من نسبته إلى الشريف المرتضى؟ أو أنّ الشيخ المفيد أيضاً كان له كتاب الفصول من العيون والمحاسن وهو مفقود وهو غير الفصول المختارة للشريف المرتضى؟

فأمّا شيخنا صاحب الذريعة رحمه الله فإنّه يراهما كتابين متغايرين ذكر كلاًّ منهما على حد منسوباً إلى مؤلفه في ج ١٦ ص ٢٤٤ وص ٢٤٥.

ترجمته :

ترجمة المحقّق جمال الدين محمّد بن الحسين الخوانساري نزيل أصفهان والمتوفى بها سنة ١١٢٥ إلى اللغة الفارسية ، وطبعت الترجمة في طهران.

فهرسته :

كتب المولى مظفر علي فهرساً لجزئه الأول المرتب على سبعين فصلاً ، وفهرساً لجزئه الثاني المرتب على خمسين فصلاً (الذريعة ٤ / ١٢٢).

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد ، رقم ١١٨٦٤ كتبت سنة


١٣٠٩ ، ذكرت في فهرسها ١١ / ٢٥٧.

٢ ـ فيها أيضاً رقم ٩٨٨٢ غير مؤرخة ، ذكرت في فهرسها ١١ / ٢٥٦.

٣ ـ مكتبة ملك في طهران رقم ٢٥٣٨ كتبت سنة ١٠٧٧.

٤ ـ جامعة أصفهان رقم ١٧٧ من القرن الحادي عشر.

٥ ـ مدرسة سبهسالار في طهران في المجموعة ١٨٧٢.

٦ ـ مكتبة كلية الآداب في طهران رقم ١١٩ ج ، كتبت سنة ١٣٢٥.

٧ ـ مكتبة كلية الحقوق في طهران في المجموعة رقم ٢٥٧.

٨ ـ المكتب الهندي في لندن ، رقم ١٢٥٨ ذكرت في فهرسها ١ / ٤٧١.

٩ ـ مكتبة البرلمان الإِيراني السابق ، بآخر المجموعة رقم ٥٣٩٢ ، كتبت سنة ١٠٢٦ هـ ، من ح ٢ ـ ١٤٩ ، وصفت في فهرسها ١٦ / ٢٩٩.

١٠ ـ نسخة أُخرى فيها ، رقم ٩٧٣٨.

١١ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد برقم ٧٨١٩ باسم العيون والمحاسن كتبت سنة ١٣٠٩.

١٢ ـ فيها أيضاً ، رقم ٧٨٢٠ باسم العيون والمحاسن ايضاً كتبت سنة ١٣٤٥.

١٣ ـ المكتبة الوطنية في طهران ، في المجموعة رقم ١٩٢٧ ع باسم العيون والمجالس كتبت سنة ١١١٦ ذكرت في فهرسها ج ١٠ ص ٥٩٦ ـ ٥٩٧.

طبعاته :

١ ـ طبع في المطبعة الحيدرية في النجف في ٢٤٠ صفحة دون تاريخ.

٢ ـ طبع فيها أيضاً سنة ١٣٦٥.

٣ ـ طبع فيها أيضاً سنة ١٣٨٢ = ١٩٦٢.

٤ ـ طبعته مكتبة الداوري في قم سنة ١٣٩٦ بالتصوير على طبعة النجف الثالثة.


٥ ـ طبعته دار الأضواء في بيروت سنة ١٤٠٥ بالتصوير على طبعة النجف الثالثة.

٦ ـ طبعه المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ بتحقيق الشيخ يعقوب الجعفري.

(٢٥)

كتاب المزار

عدّ النجاشي في فهرسه ص ٤٠٠ من كتب الشيخ المفيد كتاب المزار الصغير ، وهذا يقتضي أن يكون له مزاران صغير وكبير ، إلاّ أنّه لم يذكر سواه.

وذكر شيخنا رحمه الله في الذريعة ٢٠ / ٣٢٢ ، المزار الصغير للشيخ المفيد ، قال : (وهو الموجود الآتي ذكره بعنوان مزار المفيد) فذكره في ص ٣٢٥.

وسماه المصنف نفسه في خطبة الكتاب بـ «مناسك زيارة الإِمامين» كما يأتي ، وسماه السيد ابن طاووس في محاسبة النفس ص ٣٧ : مناسك الزيارات ، وكانت عنده نسخة كتبت في حياة المؤلف ، أحال إليه المصنف في كتاب الإِرشاد ، عند التحدث عن ثواب زيارة الحسين عليه السلام بقوله : في كتابنا المعروف بـ «مناسك المزار» وبهذا سماه ابن شهرآشوب في معالم العلماء ص ١١٤.

أوّله : «الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى محمّد وآله الطاهرين ، ورحمة الله وبركاته ، أمّا بعد ـ وبالله التوفيق ـ فإنّي قد اعتزمت على ترتيب مناسك زيارة الإِمامين أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، والحسين بن عليّ صلوات الله عليهما ...».

وذكره السيد اعجاز حسين في كشف الحجب ص ٥٠٢ باسم «المزار


للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان ...».

ولكنه وهم فأورد خطبة مزار الشهيد الأوّل رحمه الله وهو قوله : «اللهم يا من جعل الحضور في مشاهد أصفيائه ...» وهذا هو خطبة مزار الشهيد.

ثم تسرب هذا الوهم منه إلى كتاب الذريعة ، فذكر في ج ٢٠ ص ٣٢٥ مزار المفيد. وأورد له هذه الخطبة الثانية التي هي لمزار الشهيد نسبها إلى المفيد اعتماداً على كشف الحجب ، وذكر مواصفات مزار الشهيد بتخيل أنّه للمفيد بدلالة الخطبة.

ثم تسرب هذا الوهم من الذريعة إلى جميع فهارس المكتبات في إيران ، ففي مكتبة السيد المرعشي سبع نسخ من مزار الشهيد ، منسوبة في فهرسها الفارسي إلى الشيخ المفيد ، ثم صحح في فهرسها باللغة العربية المسمى (التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي) المطبوع في بيروت في الجزء الرابع ص ٨٦.

وكما يختلف المزاران في الخطبة فهما يختلفان أيضاً في تنسيقهما فمزار الشيخ المفيد رحمه الله يبدأ بفضل الكوفة ومسجدها والصلاة فيها ونحو ذلك ثم زيارة أمير المؤمنين عليه السلام ثم زيارات الحسين عليه السلام. ثم ألحق بذلك زيارة النبيّ صلّى الله عليه وآله وزيارة فاطمة وزيارات سائر الأئمة عليهم السلام.

وأما مزار الشهيد فهو مرتب على ثمانية فصول بدأ بزيارة النبيّ صلّى الله عليه وآله وزيارة الأئمة المدفونين بالبقيع ثم زيارة الحسين عليه السلام ثم الكاظم ثم الجواد ثم الرضا ثم العسكريِّين عليهم السلام ، وعقد فصلاً في النهاية لأعمال مسجدي الكوفة والسهلة ، على العكس تماماً من مزار المفيد الذي يبدأ بالكوفة.


مخطوطاته :

١ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد رقم ٣٤١٣ كتبت بخط نسخي جميل سنة ٩٥٧.

٢ ـ مكتبة جامع كوهرشاد في مشهد ، رقم ١٠٧٧ كتبت سنة ٩٥٧ ذكرت في فهرسها ج ٣ ص ١٤٨٣.

٣ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٢٤٥ / ١ كتبت سنة ٩٧١ من الورقة ١١٦ / أ ـ ١٧٨ / أ ، ذكرت في فهرسها الفارسي ١ / ٢٧١ وفي التراث العربي ٤ / ٨٦.

٤ ـ مكتبة الدكتور حسين علي محفوظ بالكاظمية ، كتبت سنة ٩٩٧ ، ذكرت في مجلة معهد المخطوطات ٦ / ٤٢.

طبعاته :

١ ـ حققته مدرسة الإِمام المهدي في قم وصدر من منشوراتها سنة ١٤٠٩.

٢ ـ وطبعه المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ وهو في المجلد الخامس من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».

(٢٦)

المسائل الجارودية

لم يذكره الشيخ الطوسي ولا النجاشي في فهرسيهما بهذا الاسم ، إلاّ أنّ النجاشي عدّ في مصنفات الشيخ المفيد كتابين بهذا الصدد ، أحدهما مسائل الزيديّة ، وثانيهما : مسألة على الزيدية.


وقد جزم شيخنا رحمه الله في الذريعة ٢٠ / ٣٤٢ و ٣٥١ بأنّ المسائل الجارودية هو مسائل الزيدية ، قال : «كذا عبّر النجاشي ، والحقيق بها التعبير بالمسائل الجارودية ، لا مطلق الزيدية ، حيث إنّ السؤالات مقتصرة عليهم ، والبحث معهم خاصة ...» وذكره في ١٠ / ٢٠٠ باسم : الرد على الزيدية.

أقول : ولعلّ ذلك لأنّ الزيدية أكثرهم جارودية ، ولعلهم في عصر الشيخ المفيد كانوا كلهم جارودية ، كما حكي عن نشوان الحميري : ليس باليمن من فرق الزيدية غير الجارودية.

والجارودية أتباع أبي الجارود زياد بن المنذر الهمداني الكوفي (٥٢) قال فيه يحيى بن معين : «كذاب عدو الله ليس يسوى فلساً» (٥٣).

قلت : والراوي الضغيف من يكتفي بتضغيفه دون سب وشتم ، ومن يضعف مقروناً بهما فلا يدل على ضعف فيه وإنّما يدل على أن تضغيفه ناش عن تعصب واختلاف في الاتجاه!

قال ابن عدي : «ويحيى بن معين إنّما تكلم فيه ، وضعفه ، لأنّه يروي أحاديث فضائل أهل البيت ، ويروي ثلب غيرهم ، ويفرط فلذلك ضعفه! (٥٤).

والجارودية أقرب فرق الزيدية إلى الشيعة فإنّهم يعتقدون أنّ عليّاً عليه السلام أفضل الخلق بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله. ويبطلون خلافة من تقدموه ويتبرؤن منهم ، ويرونه هو الإِمام بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله ثم الحسن ثم الحسين عليهما السلام ، ويعتقدون بالرجعة وحلّيّة المتعة ، ويختلفون معنا في النصّ والعصمة وإنّ الإِمامة لا تختص بولد الحسين عليه السلام بل يخصونها بولد فاطمة عليها السلام ويسوقونها في ولد الحسن والحسين من خرج منهم وكان يصلح للإِمامة فهو إمام.


وهذا الكتاب في إثبات ما تذهب إليه الشيعة والتدليل عليه ، والردّ على الزيدية في نقطة الخلاف وعناوينه : قالت الجارودية ... وقالت الإِمامية ...

أوّله : «الحمد لله ربّ العالمين ... أمّا بعد ، فقد اتفقت الشيعة العلوية من الإِمامية ، والزيدية الجارودية على أنّ الإِمامة كانت عند وفاة النبي صلّى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام ...».

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٢٤٣ / ٦ مخطوطة القرن السابع من الورقة ٧٩ ب ـ ٨٦ ب ذكرت في فهرسها ١ / ٢٦٧.

٢ ـ نسخة أُخرى فيها في المجموعة رقم ٧٨ / ٦ من مخطوطات القرن ١١ من الورقة ٧٨ ب ـ ٨٥ ب ذكرت في فهرسها ١ / ٩١.

٣ ـ نسخة ثالثة فيها في المجموعة رقم ٢٥٥ كتبت سنة ١٠٥٦ من الورقة ٩٠ ب ـ ٩٨ / أذكرت في فهرسها ١ / ٢٨٥ كلها باسم الردّ على الزيدية.

٤ ـ مكتبة البرلمان الإِيراني السابق ، في المجموعة رقم ٨ من كتب إمام الجمعة الخوئي ، ومن مخطوطات القرن ١١ من الورقة ١٧٣ ـ ١٨٤ وصفت في فهرسها ٧ / ٦٤ باسم : جوابات المسائل الجارودية.

٥ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامة في النجف ، في المجموعة رقم ٤١٠ كتبت في القرن ١٢.

٦ ـ مكتبة ملك الأهلية في طهران في المجموعة رقم ٦١٠١ / ٢ ذكرت في فهرسها ٩ / ١٥٤.

طبعاته :

١ ـ طبع في النجف باسم : المسائل الجارودية سنة ١٣٧٠ من منشورات المكتبة التجارية.


٢ ـ طبع القسم الأخير منه في النجف سنة ١٣٧٠ ملحقاً بالجارودية مفصولاً عنها باسم «الثقلان» وهو جزء منها يساوي ص ٣٩ فما بعد من طبعة المؤتمر ، أوّله : قالت الجارودية أيضاً : فان لنا الحجة في اختصاص ...

٣ ـ وطبعت من منشورات مكتبة المفيد في قم ضمن مجموعة «عدة رسائل» للشيخ المفيد.

٤ ـ وطبعه المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ بتحقيق العلاّمة المحقق الشيخ محمد كاظم الشانه جي الخراساني في المجلد السابع من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».

(٢٧)

المسائل الصاغانية

نسبة إلى صاغان معرب (چاغان) من قرى مرو ، أو هي منسوبة إلى صغانيان (چغانيان) ، قال ياقوت : ولاية عظيمة بما وراء النهر متصلة الأعمال بترمذ .. وقد نسبوا إليها على لفظين : صغاني ، وصاغاني ... وقد كان بها شيخ متهتك ، من الأحناف قد لفق مسائل وزوّر فتاوى فقهية نسبها إلى الشيعة فكان يهاجم بها الشيعة ويهرّج عليهم ، فكتبها بعض الشيعة هناك وهي عشر مسائل ، وأرسلها من مرو إلى بغداد ، إلى الشيخ المفيد ملجأ الطائفة ومرجعها ليجيب عليها ، فأجاب عنها وبيّن وجه الصواب فيها ، وفضح هذا الجاهل المهرِّج ثم أردفها بفتاوى من إمامه أبي حنيفة شاذة عن الإِسلام ، مضادّة للكتاب والسُنّة.

لا تقطعنّ ذنب الأفعي وتتركها

إن كانت شهماً فأتبع رأسها الذنبا

أوله : «الحمد لله على سبوغ نعمته ، وله الشكر على ما خصّنا به من معرفته ...».


ذكره النجاشي والشيخ الطوسي في فهرسيهما باسم المسائل الصاغانية وذكره الشيخ الطوسي أيضاً في مسائل الخلاف ، والشريف المرتضى في الانتصار وشيخنا رحمه الله في الذريعة ٥ / ٢٢٥.

مخطوطاته :

١ ـ مرعشي في المجموعة رقم ٢٤٣ / ٢ من ٢٠ ب ـ ٥٦ ب من مخطوطات القرن السابع.

٢ ـ وفيها أيضاً في المجموعة رقم ٧٨ / ٢ من ٢٢ ب ـ ٥٨ من مخطوطات القرن ١٢.

٣ ـ وفيها أيضاً في المجموعة رقم ٢٥٥ / ٣ من ١٦ ب ـ ٥٤ ب ، كتبت سنة ١٠٥٦ ذكرت هذه الثلاثة في (التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي) ج ١ ص ٧٧.

٤ ـ مكتبة المجلس في المجموعة رقم ٨ من كتب إمام الجمعة الخوئي ، من مخطوطات القرن ١١ من الورقة ٨٨ ـ ١٤٣ وصفت في فهرسها ج ٧ ص ٦٦.

٥ ـ مكتبة السيد الحكيم العامة في النجف ، في المجموعة رقم ١١٠١ بخط المغفور له العلاّمة الأديب الشيخ محمّد السماوي النجفي كتبها سنة ١٣٣٤. ذكرت في فهرسها ج ١ ص ٣١.

طبعاته :

١ ـ طبع في النجف في مطبعة العدل الاسلامي في ٦٣ صفحة ، دون تاريخ.

٢ ـ طبعة المطبعة الحيدرية في النجف سنة ١٣٧٠ في ٥٢ صفحة.

٣ ـ طبعته مكتبة المفيد في قم بالتصوير على طبعة النجف ، ضمن «عدّة


رسائل» للشيخ المفيد.

٤ ـ وطبع في قم بالتصوير على الطبعة النجفية الاُْولى أيضاً ، مع كتاب مواليد الأئمة عليهم السلام للراوندي.

٥ ـ طبعه المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد بتحقيق الشاب الفاضل السيد محمّد القاضي النجفي حفظه الله سنة ١٤١٣.

(٢٨)

المسائل الطوسية

أو أجوبة مسائل الشيخ الطوسي ، وهي ١٣ سؤالاً فقهياً لشيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ) من أبرز تلامذة الشيخ المفيد سأل عنها أُستاذه المفيد فأجابه عنها.

لم يذكرها النجاشي ولا الطوسي نفسه في فهرسيهما ، نعم عدّ ابن شهرآشوب في معالم العلماء ص ١١٤ من مصنفات الشيخ المفيد : جواب أبي جعفر الخراساني ، فلعله يريد به أبا جعفر الطوسي هذا ، ويقصد بذلك جواب مسائله هذه.

أوّلها : «ما يقول سيدنا الشيخ الجليل المفيد أطال الله بقاءه وكبت أعداءه ...».

مخطوطاته :

وجدت نسخة فريدة من هذه المسائل وجواباتها مكتوبة في نهاية مخطوطة من كتاب قواعد الأحكام للعلاّمة الحلي ، كتبها حسين بن أبي الحسن الكاشاني سنة ٧٢٨ ، وقد أصابتها رطوبة ، وهي في مكتبة البرلمان الايراني السابق (مجلس) رقم ٥٦٤٣ وصفت في فهرسها ج ١٧ ص ٩٧ ـ ٩٨.


طبعاتها :

طبعها ـ لأوّل مرّة ـ المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ بتحقيق السيد أبو الحسن العلوي اللاري وهي آخر ما في المجلد الثالث من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد» من اصدارات المؤتمر.

(٢٩)

المسائل العشر في الغَيْبة

الفصول العشرة في الغَيْبة

لشيخنا المفيد عدة كتب ورسائل في الإِمام الثاني عشر المهديّ المنتظر وغَيْبته عليه السلام والتي ذكر منها النجاشي في فهرسه ستة كتب هي : كتاب في الغَيْبة ، مختصر في الغَيْبة ، النقض على الطلحي في الغَيْبة ، جوابات الفارقيين في الغَيْبة ، الجوابات في خروج الإِمام المهديّ عليه السلام ، المسائل العشر في الغَيْبة.

والأربعة الاُْولى مفقودة يأتي الكلام عليها تحت عنوان (الكتب المفقودة) وله أربع رسائل في الغَيْبة مطبوعة تقدم الكلام عنها.

والجوابات في خروج الإِمام المهديّ عليه السلام ، تقدم الكلام عنها ، وله قدس الله نفسه كلام ومناظرة في الغَيْبة ، مدرجة في الفصول المختارة ١ / ٧٦ ـ ٨٣ من طبعة النجف.

والمسائل العشر في الغَيْبة

ذكرها ابن شهرآشوب في معالم العلماء : ١١٤ باسم : أجوبة المسائل


العشر ، وذكرها شيخنا رحمه الله في الذريعة بهذا الاسم في حرف الميم ٢٠ / ٣٥٨ وفي حرف الجيم ٥ / ٢٢٨ باسم : جوابات المسائل العشر.

وسميت في مخطوطة كتبت في القرن السابع : شرح الأجوبة عن المسائل في العشرة الفصول عما يتعلق بمهديّ آل الرسول صلّى الله عليه وآله.

وهي عشر مسائل في عشرة فصول حول المهديّ عليه السلام وغَيْبته ، حررها بعضهم ووجها إلى الشيخ المفيد ليجيب عليها ، ولم يسمه الشيخ المفيد لنا وإنّما وصفه بقوله : «رغبة ممن أوجب له حقاً ، واعظم له محلاً وقدراً ، واعتقد في قضاء حقه ، ووفاق مسرته لازماً وفرضاً ...».

وقد جاء على مخطوطة القرن السابع : «وهو جواب الرئيس أبي العلاء ابن تاج الملك» ويبدو من الفصل السادس أن ترتيب السائل للمسائل وتحريره لها كان سنة ٤١٠ (كما في ص ٤٧) وأنّ الإِجابة عليها كانت سنة ٤١١ (كما في ص ٩١).

وحيث إنّ المسائل العشر منسقة في عشرة فصول ، كل مسألة معنونة بفصل ، طبعت أوّل ما طبعت في النجف الأشرف باسم : الفصول العشرة في الغَيْبة ، وذكرها شيخنا رحمه الله في حرف الفاء من الذريعة في ١٦ / ٢٤١ باسم : الفصول العشرة ، كما ذكرها في حرفي الجيم والميم على ما تقدم.

أوّله : «الحمد لله الذي ضمن النصر لمن نصره ، وأيد بسلطان الحق من عرف سبيله فأبصره ...».

ترجماته :

١ ـ ترجمها محمّد باقر الخالصي إلى الفارسية وطبعت في طهران سنة ١٤٠٠ باسم : انتقاد وپاسخ.

٢ ـ وترجمها العلاّمة المغفور له الشيخ سعادت حسين بن منور حسين افتخار العلماء الهندي السلطان بدري ثم اللكهنوي (١٣٢٥ ـ ١٤٠٩ هـ) ، إلى


اللغة الاُردية وطبعت بالهند باسم : غيبت.

مخطوطاتها :

١ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٢٤٣ من مخطوطات القرن السابع ، من الورقة ١٠٥ ب ـ ١٢١ ب ، بها نقص من آخرها ، ذكرت في فهرسها الفارسي ١ / ٢٦٨.

٢ ـ نسخة ثانية فيها في المجموعة رقم ٧٨ كتبت في القرن ١١ من الورقة ١٠٤ ب ـ ١٢٣ ب ، ذكرت في فهرسها ١ / ٩٢.

٣ ـ نسخة ثالثة فيها أيضاً في المجموعة رقم ٧٦١٥ من الورقة ١٠٧ ب ـ ١١٤ ب ذكرت في فهرسها ٢٠ / ١٧.

٤ ـ نسخة رابعة فيها في مجموعة كبت في النجف سنة ١٣٣٦ وهي من ممتلكاتها الجديدة غير مفهرسة ولا مرقمة.

٥ ـ مكتبة البرلمان الإِيراني السابق في المجموعة رقم ٨ من مخطوطات إمام الجمعة الخوئي كتبت في القرن ١١ من ٣١٣ ـ ٣٤٢ ، ذكرت في فهرسها ٧ / ٣٥١.

٦ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامة في النجف في المجموعة رقم ٤١٠ من القرن ١١ و ١٢.

٧ ـ وأُخرى فيها بأوّل المجموعة رقم ٣٢١٥ كتبها الشيخ شير محمّد الهمداني سنة ١٣٦٣ على نسختي العلمين الجليلين ميرزا محمّد الطهراني في سامراء والسيد محمّد صادق بحر العلوم في النجف ، وعلى هذه النسخة طبع الكتاب في النجف.

طبعاتها :

١ ـ طبعت في المطبعة الحيدرية في النجف سنة ١٣٧٠ باسم : الفصول


العشرة ، على المخطوطة المتقدمة برقم ٦.

٢ ـ طبعتها مكتبة المفيد في قم بالتصوير على طبعة النجف في مجموعة باسم : «عدة رسائل» للشيخ المفيد.

٣ ـ وطبعها المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم ١٤١٣ وهي في المجلد الثالث من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».

(٣٠)

مسألة في المسح على الرجلين

ذكره النجاشي في فهرسه ص ٣٩٩ بهذا الاسم ، وكذا شيخنا رحمه الله في الذريعة ٢٠ / ٣٩٣ ، أيضاً بهذا الاسم ، وفي ٢١ / ١٧ باسم مسح الرجلين. وذكره في ١٠ / ٢٣٠ فقال : «الرد على النسفي وهو أبو جعفر النسفي العراقي ... وقد عدّ النجاشي في ص ٢٨٤ في كتب المفيد : مسألة في المسح على الرجلين ، ولعل هذا هو المراد من المسألة أو المسألة غير هذا الرد ...».

وسماه العلاّمة المجلسي رحمه الله في بحار الأنوار ج ١ ص ٧ عند عدّ مصادره من مؤلفات الشيخ المفيد : «وجوب المسح» والكل واحد.

أوّله : «سأل بعض أهل مجلس الشيخ أبي عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان رضي الله عنه أبا جعفر ، المعروف بالنسفي العراقي ، فقال : ما فرض الله تعالى من الوضوء في الرجلين؟ فقال : غسلهما!! ...».

وأبو جعفر النسفي هو محمّد بن أحمد بن محمود القاضي الحنفي البغدادي المتوفى سنة ٤١٤ له ترجمة في طبقات الفقهاء للشيرازي ١٤٥ والمنتظم ٨ / ١٥ والجواهر المضيئة ٣ / ٦٧ رقم ١٢٠٥ ، والوافي بالوفيات ٢ / ٧٤ وفيه : «محمّد بن أحمد بن محمود أبو جعفر النسفي الفقيه الحنفي ، من ساكني نهر البزازبن بالجانب الغربي من بغداد ، كان من أعيان الفقهاء ...».


مخطوطاته :

١ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامة في النجف ، في المجموعة رقم ٤١٠ من مخطوطات القرن ١١ و ١٢.

٢ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٢٤٣ من مخطوطات القرن السابع ، من الورقة ١٢٢ / أ ـ ١٢٣ / أ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٢٦٨.

٣ ـ نسخة ثانية فيها في المجموعة ٧٨ من القرن ١١ من ١٢٤ ب ـ ١٣٠ / أذكرت في فهرسها ١ / ٩٣.

٤ ـ فيها ثالثة في المجموعة رقم ٢٥٥ كتبت سنة ١٠٥٦ من الورقة ١٢٠ ب ـ ١٢٧ ب ، ذكرت في فهرسها ١ / ٢٨٥ ، وذكرت هذه الثلاثة في (التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي) وهو فهرسها بالعربية للمخطوطات العربية ج ٤ ص ١٠٦.

٥ ـ مكتبة ملك العامة في طهران في المجموعة رقم ٦١٠١ / ٣ ، ذكرت في فهرسها ٩ / ١٥٥.

٦ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموعة رقم ٨ من كتب إمام الجمعة الخوئي ، من مخطوطات القرن ١١ من ٢٤٣ ـ ٢٧٣ ، ذكرت في فهرسها ج ٧ ص ١٣٠ باسم «الرد على النسفي».

طبعاته :

١ ـ طبع لأوّل مرة من إصدارات المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ بتحقيق الشيخ محمد مهدي نجف في المجلد التاسع من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».


(٣١)

معنى المولى (رسالة في ...)

لم يذكره الشيخ الطوسي ولا النجاشي في فهرسيهما ولا ابن شهرآشوب في معالم العلماء ولا شيخنا في الذريعة بهذا الاسم!

نعم ، ذكره شيخنا رحمه الله في ج ٢٢ ص ٣٠٣ باسم : مناظرة الشيخ المفيد مع الرجل البهشمي ، وقد عدّ النجاشي للشيخ المفيد عدّة كتب في الردّ على بعض المعتزلة كالردّ على ابن الاخشيد في الإِمامة ، الردّ على ابن رشيد ، الردّ على الخالدي في الإِمامة ، الردّ على الشعيبي ، ونحوها ، فلعل هذا أحدها. ولم نعرف هذا البهشمي.

أوّله : «أنكر رجل من البهشمية ضمّنا وإيّاه وجماعة من المعتزلة والمجبرة مجلس ، أن يكون قول رسول الله صلّى الله عليه وآله : (من كنت مولاه فعليٌّ مولاه) يحتمل الإِمامة أو فرض الطاعة والرئاسة! ...» (٥٥).

وتقدّم للمؤلف في هذا المعنى : أقسام المولى في اللسان ، وله قدّس الله

__________________

(٥٥) والكتاب حول حديث الغدير ونصّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على استخلاف أمير المؤمنين عليه السلام بما صحّ عنه وتواتر من قوله: «من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه» وحيث أعياهم النقاش في إسناده لكثرة طرقة الصحيحة وصحّة طرقه الكثيرة، وأخرجه الحفّاظ وأئمّة الحديث في الصحاح والسنن والمسانيد والمصنّفات والمعاجم بروايات الثقات عن الثقات بطرق صحيحة ثابتة، فاحتالوا عليه من حيث المعنى، وأنّ الحديث لا يحمل النصّ، لأنّ لفظ «المولى» يحمل أكثر من معنى واحد، وبهذا لا يكون نصاً في الإِمامة. وشيخنا المفيد يردّ عليهم بأنّ «المولى» ليس له إلاّ معنى واحد، أو أنّ المعنى الذي لا يصحّ تفسير الحديث إلاّ به إنّما هو المعنى الدالّ على النصّ على إمامته عليه السلام.

وأنا واثق كلّ الثقة، أنّ الحديث لو كان في أحد أوليائهم لاقرُّوا كلّهم بتواتره وإنْ رواه الاحاد، وسلّموا بدلالته وإنْ كانت اللغة لا تحتمله!


نفسه كلام في هذا المعنى في الفصول المختارة ص ٢٣٤ ـ ٢٣٦ من طبعة النجف.

والبهشمية هم أتباع أبي هاشم الجبّائي من المعتزلة ، ولا طريق لنا إلى معرفة هذا الرجل البهشمي بالذات.

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٢٤٣ / ٧ من ٨٧ ب ـ ٩٦ ب من مخطوطات القرن السابع ، ذكرت في فهرسها ١ ص ٢٦٨ ف ٤ / ١٧١.

٢ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٧٨ / ٧ من ٨٦ ب ـ ٩٦ / أمن مخطوطات القرن الثاني عشر ، ذكرت في فهرسها ١ ص ٩١ ف ٤ / ١٧١.

٣ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٢٥٥ / ٤ من ٩٩ ب ـ ١١٠ ب كتبت سنة ١٠٥٦ ذكرت في فهرسها ١ ص ٢٨٥. ف ٤ / ١٧١.

٤ ـ مكتبة البرلمان الإِيراني السابق في المجموعة رقم ٨ / ١٦ من كتب إمام الجمعة الخوئي من مخطوطات القرن ١١ من ١٨٥ ـ ٢٠١ ذكرت في فهرسها ٧ ص ٣٠.

طبعاته :

١ ـ حقّقه العلاّمة الشيخ محمّد مهدي نجف النجفي وطبعته دار زيد في لندن سنة ١٤١٠ عند المهرجان العظيم الذي اُقيم في لندن تلك السنة بمناسبة مرور ١٤ قرناً على واقعة الغدير.

٢ ـ وطبعته لجنة المؤتمر العالمي المقام في قم سنة ١٤١٣ للذكرى الألفية لوفاة الشيخ المفيد.


(٣٢)

المقنعة

ذكر النجاشي في فهرسه ص ٣٩٩ باسم : الرسالة المقنعة ، وذكره الشيخ الطوسي في فهرسه ص ١٥٨ باسم : كتاب المقنعة في الفقه ، وهو مما قرأه على مصنفه. وهو أكبر كتب المفيد الفقهية ، بل أكبر كتبه الواصلة إلينا إطلاقاً.

وسماه ابن الفوطي كتاب الرسالة المقنعة في شرايع الإِسلام ووجوه القضايا والأحكام (٥٦).

وذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة ٢٢ / ٢٤ باسم : «المقنعة في الاُْصول والفروع ، ذكر فيه الاُصول الخمسة أولاً ثم العبادات والمعاملات ... ابتدأ بباب ما يجب من الاعتقاد في إثبات المعبود ، ثم باب أنبياء الله ثم باب الإِمامة ...».

فهو على ما اعتاده القدامى من أصحابنا يجمعون بين الكلام والفقه والعقيدة والشريعة ، فربما تساوى الأمران كما في جمل العلم والعمل للشريف المرتضى والغنية لابن زهرة وربما غلب الكلام على الفقه فكان الأكثر شغل أكثر الكتاب وكان الفقه أقل كما في كتاب الاقصاد للشيخ الطوسي ، وربما كان الأمر على العكس من ذلك ، فكان الفقه هو الأكثر الغالب والكلام أقل. وهو الغالب في المصنفات الفقهية لقدماء أصحابنا رحمهم الله فكانوا يبدؤن كتبهم الفقهية بموجز في العقائد ككتاب الهداية للصدوق ، والكافي لأبي الصلاح الحلبي ، وإشارة السبق لعلاء الدين الحلبي ونحوها.

أوّله : «الحمد لله الذي نهج السبيل إلى معرفته ، وليس ما دعا إليه من

__________________

(٥٦) تلخيص مجمع الأدب، ج ٥ ص ٧٢٠، حرف الميم ترجمة الشيخ المفيد رقم ١٥٩٧ قال: ومن تصانيف المفيد ...


طاعته ... وبعد. فإنّي ممتثل ما رسمه السيد الأمير الجليل ، أطال الله في عز الدين والدنيا مدته وأدام بالتأييد نصره وقدرته ، وحرس من الغيّ أيامه ودولتهه ، من جمع مختصر في الأحكام ، وفرائض الملة وشرائع الإِسلام ...».

وكتب الفقهية ابن ادريس الحلي المتوفى سنة ٥٩٧ نسخة لنفسه بخطه على نسخة الأصل بخط المصنف ، ينقل عنها الشهيد الأوّل المستشهَد سنة ٧٨٦ في كتابه غاية المراد.

وكان في مكتبة السيد ابن طاووس المتوفى سنة ٦٦٤ نسخة من المقنعة ، عتيقة جليلة مكتوبة في حياة المصنف (٥٧) وقرأه السيد ابن طاووس على أبيه ورواه له بإسناده عن المصنف (٥٨).

__________________

(٥٧) قال في فتح الأبواب ص ٢٨٦: أما الذي ذكره شيخنا المفيد في المقنعة، فهذا لفظ ما وجدناه في نسختنأ ، وهي نسخة عتيقة جليلة، يدلّ حالها على أنّها كتبت في زمان حياة شيخنا المفيد رضوان الله عليه وعليها قراءة ومقابلة.

(٥٨) قال في كتاب الإقبال في آداب أول يوم من شهر رمضان ص ٨٧: «فمن ذلك ما رويته عن والدي ـ قدّس الله روحه ونوّر ضريحه ـ في ما قرأته عليه من كتاب المقنعة بروايته عن شيخه الفقيه حسين بن رطبة رحمه الله عن خال والدي السعيد أبي علي الحسن بن محمد عن والده محمد بن الحسن الطوسي جدّ والدي من قبل أمهِ عن الشيخ المفيد ...

وأخبرني أيضاً والدي ـ قدّس الله روحه ـ عن شيخه الفقيه علي بن محمد المدائني عن سعيد بن هبة الله الراوندي عن علي بن عبد الصمد النيشابوري عن الدوريستي عن المفيد، أيضاً بجميع ما تضمنه كتاب المقنعة.

وقال رحمه الله في فتح الابواب ص ١٢٩: فمن ذلك في كتاب المقنعة تصنيف المفيد محمد بن محمد بن النعمان الذي انتهت رياسة الإِمامية في وقته إليه ما أخبرني به والدي .. عن شيخه الفقيه حسين بن رطبة ..

فأورد الاسناد المتقدمين برواية الكتاب ثم رواه بإسناد ثالث، فقال في ص ١٣١.

وأخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما ـ جزاه الله جلّ جلاله خير الجزاء ـ وأخبرني شيخي العالم أسعد بن عبد القاهر بن أسعد بن محمد بن هبة الله ابن حمزة المعروف بشفروه الاصفهاني جميعاً عن الشيخ العالم أبي الفرج علي بن السعيد أبي الحسين [قطب الدين] الراوندي عن والده عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن محسن الحلبي عن الشيخ السعيد


شرح المقنعة :

شرحه الشيخ الطوسي تلميذ المصنف وهو كتابه «تهذيب الأحكام» وكان ذلك باقتراح بعض اصدقائه ، قال في خطبة التهذيب : «ذاكرني بعض الأصدقاء أيده الله ممن أوجب حقه علينا ... وسألني أن أقصد إلى رسالة شيخنا أبي عبدالله أيده الله الموسومة بالمقنعة لأنها شافية في معناها ، كافية في أكثر ما يحتاج إليه من أحكام الشريعة ، وأنها بعيدة من الحشو ...».

فبدأ بشرح المقنعة في حياة شيخه المفيد ، ولمّا بلغ أوائل كتاب الصلاة توفي المصنف واستمرّ هو في عمله رحمها الله جميعاً وأضاف إلى مسائله أبواب الزيادات.

استخراج من المقنعة :

أضاف المصنف ـ رحمه الله ـ في نهاية كتاب الحج ، كتاب الأنساب والزيارات ، وجاء عنوانه في بعض المخطوطات المعتمدة هكذا : «كتاب مختصر أنساب النبيّ والأئمّة ـ صلّى الله عليه وعليهم ـ وتاريخ مواليدهم ووفياتهم ومواضع مشاهدهم ، وفضل زيارتهم وشرحها وما يتعلّق بذلك».

فعمد بعض أصحابنا إلى هذا الموضع من الكتاب واستخرج منه مواليد النبيّ والأئمّة ووفياتهم صلوات الله عليه وعليهم ، وهو الذي في المقنعة من ص ٤٥٦ ـ ٤٨٥ فأفرده بالتدوين.

توجد منه مخطوطة في مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموعة رقم ١٨٠٥ من الورقة ٣٠٤ ـ ٣٠٧ ، ذكر في فهرسها ج ٩ ص ٣٦٣.

__________________

أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي عن شيخه محمد بن محمد بن النعمان ...

وكرر رحمه الله هذه الاسانيد الثلاثة برواية المقنعة عن المصنف في ص ١٣٧ من كتابه فتح الأبواب ايضاً.


ثمّ إن للشيخ المفيد أربعة كتب باسم «المقنعة» :

١ ـ المقنعة في الفقه ، أو المقنعة في شرايع الإِسلام وجوه القضايا والأحكام ـ كما تقدم عن ابن الفوطي ـ وهو هذا.

٢ ـ المقنعة في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، ذكره النجاشي ص ٤٠٢.

٣ ـ المسألة المقنعة في إثبات النص [على أمير المؤمنين عليه السلام] ذكره ابن شهرآشوب في معالم العلماء ص ١١٤ ولعله متحد مع ما قبله.

٤ ـ الرسالة المقنعة في وفاق البغداديين من المعتزلة لما روي عن الأئمة عليهم السلام ، ذكره النجاشي ص ٤٠٠.

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد ، رقم ٢٦١٨ من مخطوطات القرن العاشر ، قوبلت وصححت سنة ٩٩٢.

٢ ـ نسخة اُخرى فيها رقم ٢٦١٩ كتبت سنة ٩٥٥ نسخة قيّمة.

٣ ـ نسخة ثالثة فيها رقم ١٤٦١٤ من مخطوطات القرن ١٣ ناقصة من آخرها تنتهي إلى أوّل الذبائح والأطعمة.

٤ ـ مكتبة ملك الأهلية في طهران ، رقم ٥٨٨٣ كتبت في القرن العاشر ، ذكرت في الجزء الأوّل من فهرسها ص ٧٢٧ وهذا الجزء خاص بخطوطاتها العربية.

٥ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامّة في النجف ، رقم ٦٤١ من القرنين ١٠ و ١١ مصححة.

٦ ـ مكتبة الروضة الفاطمية في قم ، في المجموعة رقم ١٧ كتبت سنة ١٠١٨ ذكرت في فهرسها ص ١٩٣.

٧ ـ مكتبة المدرسة الرضوية في قم ، رقم ٢٨ كتبت سنة ١٠٧٢ وقوبلت


وصححت سنة ١٠٧٦ ذكرت في فهرسها ص ٣٦.

٨ ـ مكتبة مدرسة سبهسالار في طهران ، رقم ٢٦٦٥ كتبت سنة ١٠٦٥ ذكرت في فهرسها ج ١ ص ٥٣٠ ـ ٥٣٤ وج ٥ ص ٦٤٣.

٩ ـ مكتبة المرعشي العامة في قم ، في المجموعة رقم ٢٢١٩ كتبت سنة ١٢٤٧ وصفت في فهرسها الفارسي ٦ / ٢٠٨.

١٠ ـ نسخة اُخرى فيها رقم ٧١٠٥ من مخطوطات القرن العاشر ، مصححة مخرومة الآخر.

١١ ـ ثالثة فيها أيضاً في المجموعة رقم ٧١٧٢ كتبت سنة ١٢٣٣.

١٢ ـ رابعة فيها رقم ٢٣٦ من مخطوطات القرنين ١٠ و ١١ ذكرت في فهرسها الفارسي ١ / ٢٦١.

١٣ ـ خامسة فيها رقم ٨١٥ من مخطوطات القرن ١١ ذكرت في فهرسها الفارسي ٣ / ١٤.

١٤ ـ سادسة فيها في المجموعة ٤٣٣٢ كتبت سنة ١٢٣٢ من الورقة ١٨ / أ ـ ٤٧ / أذكرت في فهرسها الفارسي ١١ / ٣٢٤ ، ذكرت هذه الستة في فهرسها العربي (التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي) ج ٤ ص ٢١٣.

١٥ ـ مكتب المدرسة الفيضية رقم ١٢٧٢ من مخطوطات القرن ١٠ و ١١ ذكرت في فهرسها ، ١ / ٢٦٩.

١٦ ـ جامعة طهران رقم ٦٦٩٦ كتبت سنة ١٠٧٦ ذكرت في فهرسها ج ١٦ ص ٣٣٥.

١٧ ـ نسخة ثانية فيها في المجموعة رقم ٦٩٨٢ / ٢ وتنتهي بكتب الخمس ، كما في فهرسها ج ١٦ ص ٤١٩.

١٨ ـ نسخة ثالثة فيها رقم٨٢٠٣ كتبت سنة٩٦٩ ذكرت في فهرسهاج ١٧ ص ٥٣.

١٩ ـ مكتبة البرلمان الإِيراني السابق رقم ٣٢٨٨ كتبت سنة ١٠٨٠ ذكرت


في فهرسها ، ج ١٠ ص ٩١١.

٢٠ ـ نسخة اُخرى فيها رقم ٣٣٥٩ من مخطوطات القرن ١٢ ذكرت في فهرسها ج ١٠ ص ١١٨٥.

٢١ ـ نسخة ثالثة فيها رقم ١٣٢٥ كتبت سنة ١٢٤٦ ذكرت في فهرسها ٤ ص ٩٦.

٢٢ ـ مكتبة كلية الآداب في جامعة طهران من كتب إمام الجمعة الكرماني رقم ٢٤ من مخطوطات القرن ١١ ذكرت في فهرسها ص ٢٥.

٢٣ ـ مكتبة إمام الجمعة في زنجان ، كتبت سنة ١٠٥٠.

٢٤ ـ المكتبة الوطنية في شيراز (كتابخانه ملّي فارس) رقم ٧١٤ كتبت سنة ١٢٧٤ ذكرت في فهرسها ٢ / ٣٠٨.

طبعاته :

١ ـ طبع في تبريز طبعةً حجرية مع كتاب فقه الرضا سنة ١٢٧٤.

٢ ـ وطبع فيها طبعة حجرية سنة ١٢٩٤.

٣ ـ طبعته مكتبة الداوري في قم بالتصوير على الطبعة السابقة من دون فقه الرضا سنة ١٤٠١.

٤ ـ وطبعته مكتبة المرعشي في قم بالتصوير على الطبعة السابقة ملحقة بالجوامع الفقهية.

٥ ـ وطبعته مؤسسة النشر الإِسلامي في قم طبعة محقّقة سنة ١٤١٠.

(٣٣)

رسالة في المهر

لم تذكر هذه الرسالة في المصادر القديمة ، فليس لها ذكر في فهرس


الطوسي ولا النجاشي ، وإنّما ذكرها شيخنا رحمه الله في الذريعة مرتين مع الجزم في نسبتها إلى الشيخ المفيد.

فذكرها تارة في ج ٢٠ ص ٣٩٦ باسم «مسألة في المهر ، وأنّه ما تراضى عليه الزوجان للشيخ السعيد أبي عبدالله المفيد ...» وتارة في ٢٣ / ٣٩٥ باسم «رسالة في المهر ، والردّ على من حده للشيخ المفيد ...».

أوّلها : «ذكرت إعجابك ـ أيها الأخ الفاضل ـ بجواب ذلك الشيخ ...».

مخطوطاتها :

١ ـ مكتبة المرعشي بأوّل المجموعة رقم ٢٥٥ وتنتهي بالورقة ٧ ب ذكرت في فهرسها ١ / ٢٨١.

٢ ـ مكتبة الوطنية في برلين رقم ١٣٧٠ ذكرها آلورث في فهرسها ٢ / ١٧١.

٣ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموع رقم ٨ من كتب إمام الجمعة الخوئي من الورقة ١٩ / أ ـ ٢٢ ب من مخطوطات القرن الحادي عشر.

طبعاته :

١ ـ طبعه المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ بتحقيق الشيخ محمد مهدي نجف ، في المجلد التاسع من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».

(٣٤)

مسألة في ميراث النبيّ صلّى الله عليه وآله

ذكره النجاشي في فهرسه ص ٤٠٢ ، وذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة


٢٠ / ٣٩٦ كلاهما بهذا الاسم ، وفي ٢٠ / ٣٩٤ باسم «مسألة في معنى : نحن معاشر الأنبياء لا نورث» ، ومن المحتمل اتحاده مع ما ذكره النجاشي ص ٤٠١ باسم «الكلام على الخبر المختلق بغير أثر» أو مع ما ذكره باسم : «مسألة فيما روته العامة»؟

أوّله : «إذا سلم للخصوم ما ادعوه على النبي صلّى الله عليه وآله من قول : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ...».

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام في النجف ، ضمن المجموعة رقم ٧٨٧ ، وهي بخطي كتبتها في سامراء سنة ١٣٦٨ وفرغت منها في العشريى من رجب.

٢ ـ مكتبة المرعشي في المجموع رقم ٧٨ من الورقة ١٥٦ ب ـ ١٥٧ ب كتبت سنة ١٠٥٦ ذكرت في فهرسها ١ / ٩٤.

٣ ـ نسخة اُخرى فيها في المجموعة رقم ٢٥٥ من الورقة ١٥٨ ب ـ ١٦٠ / أ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٢٨٦.

٤ ـ نسخة اُخرى فيها في مجموعة كتبت في النجف سنة ١٣٣٦ من ممتلكاتها الجديدة لم ترقم ولم تفهرس بعد.

٥ ـ مكتبة البرلمان الإِيراني السابق في المجموعة رقم ٨ من كتب إمام الجمعة الخوئي من مخطوطات القرن ١١ من الورقة ٣١٠ ـ ٣١٢ ذكرت في فهرسها ٧ / ١٠٥.

٦ ـ مكتبة مدرسة سبهسالار ، في طهران ملحقة بكتاب الفصول المختارة ، رقم ١٨٧٢ ، ذكرت في فهرسها ٥ / ٣٧٥.


طبعاته :

١ ـ طبعاتها المكتبة التجارية في النجف سنة ١٣٧٠ باسم : رسالة في تحقيق الخبر المنسوب إلى النبي صلّى الله عليه وآله : نحن معاشر الأنبياء لا نورث!

٢ ـ وطبعتها مكتبة المفيد في قم بالتصوير على طبعة النجف ضمن «عدة رسائل» للشيخ المفيد.

٣ ـ وطبعها المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ بتحقيق الشيخ مالك المحمودي باسم : رسالة حول حديث نحن معاشر الأنبياء ، في المجلد العاشر من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».

(٣٥)

النصّ على علي عليه السلام (مسألة في ...)

ذكره النجاشي في فهرسه في مصنفات الشيخ المفيد ، «مسألة في النص الجلي» ، وهو في الذريعة ٢٠ / ٣٩٧ ونشره العلامة محمد حسن آل ياسين في بغداد بهذا الاسم ، وعدّ ابن شهرآشوب في معالم العلماء ص ١١٤ من مصنفات الشيخ المفيد «المسألة المقنعة في إثبات النص على أمير المؤمنين عليه السلام» وهو في الذريعة ٢٠ / ٣٩٤ ، وعدّ له النجاشي ص ٤٠٢ أيضاً «المقنعة في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام» وهو في الذريعة ٢٢ / ١٢٥ باسم : المقنعة في الإمامة.

وقد وصلتنا من كتب الشيخ المفيد مسألتان في النص على عليٍّ عليه السلام ، فهل هذان هما اللذان ذكرهما النجاشي وابن شهرآشوب أو أنهما من المفقودات والواصل إلينا شيء آخر؟

أوّله : «والحمد لله ولي كل نعمة ، سأل سائل فقال إذا كان رسول الله


صلّى الله عليه وآله عندكم قد نصّ على أمير المؤمنين سلام الله عليه».

آخره : «قال من كتب بخطه هذه المسألة : إختصرها كاتبها ، وليست مستوفاة حسب ما أملاها رضي الله عنه».

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة ٢٤٣ ، من مخطوطات القرن السابع من الورقة ١٢٥ ب والباقي منها في المجموعة ورقة واحدة.

٢ ـ نسخة اُخرى فيها في آخر هذه المجموعة نفسها من الورقة ١٥٢ / أ ـ ١٥٣ ب وهذه كاملة ذكرت في فهرسها الفارسي ١ / ٢٦٩.

٣ ـ نسخة ثالثة فيها في المجموعة رقم ٧٨ من ١٦٨ ب ـ ١٦٩ ب ذكرت في فهرسها الفارسي ١ / ٩٦.

٤ ـ نسخة رابعة فيها في المجموعة رقم ٢٥٥ من ١٧٢ ب ـ ١٧٤ / أكتبت سنة ١٠٥٦ ذكرت في فهرسها الفارسي ١ / ٢٨٦.

٥ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق ، في المجموعة رقم ٨ من كتب إمام الجمعة الخوئي ، من مخطوطات القرن ١١ من ٣٤٠ ـ ٣٤١ ذكرت في فهرسها ٧ / ٣٨٩.

طبعاته :

١ ـ نشره العلاّمة الشيخ محمد حسن آل ياسين في سلسلة «نفائس المخطوطات» في بغداد سنة ١٩٥٥ باسم : مسألة في النص الجلي.

٢ ـ وطبعه المؤتمر الألفي للشيخ المفيد في قم ١٤١٣ وصدر في المجلد السابع من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».


(٣٦)

النصّ على عليٍّ عليه السلام (مسألة أُخرى في ...)

ذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة ٢٤ / ١٧٢ بهذا الاسم ، وفي ٥ / ١٧٧ باسم : جواب الباقلاّني ، وسمّي في مخطوطة في مكتبة الحكيم باسم «إبطال الشبهة» وفي اُخرى باسم : مناظرة الباقلاّني ، وسماه مكدرموت (٥٩) بمسألة في «النصّ الجليّ» المذكور في فهرس النجاشي ، وراجع ما تقدم منا في المسألة السابقة من الكلام على هاتين الرسالتين.

والباقلاّني هو القاضي أبوبكر محمد بن الطيب بن محمد البصري نزيل بغداد. المتوفى سنة ٤٠٣ ، أحد أئمة الأشاعرة ، ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد ٥ / ٣٧٩ وقال : «فأما الكلام [الأشعري] فكان أعرف الناس به ، وأحسنهم خاطراً ، وأجودهم لساناً ...».

وقد جاء في بداية الفصول المختارة مناظرة الشيخ المفيد مع جماعة ، حول النصّ على أمير المؤمنين عليه السلام ففيه : «اتفق للشيخ أبي عبدالله أيده الله اجتمع مع القاضي أبي بكر أحمد بن سيار .. وكان بالحضرة جمع كثير .. فجرى من جماعة من القوم خوض في ذكر النص على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ...».

فربما كان القاضي الباقلاّني أحد الحضور وهو السائل عن النصّ فأجابه الشيخ المفيد ، وربما جرت مناظرته في مجلس آخر ، فما أكثر مجالس الشيخ المفيد للنظر والكلام في داره ، وإينما حل وارتحل وما أكثر مناظراته مع رؤساء الفرق والمذاهب ولم يصلنا منها إلاّ القليل القليل.

__________________

(٥٩) ص ٧٥ من تعريب علي هاشم.


أوّله : «الملك الحق المبين ... وبعد فقد سألني القاضي الباقلاّني (٦٠) فقال أخبرونا عن أسلافكم في النصّ ...».

مخطوطاته :

١ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٢٤٣ من مخطوطات القرن السابع من الورقة ١٥٢ ـ ١٥٣.

٢ ـ نسخة ثانية فيها في المجموعة رقم ٧٨ من مخطوطات القرن ١١ من الورقة ١٦٨ ـ ١٦٩.

٣ ـ نسخة ثالثة فيها في المجموعة رقم ٢٥٥ كتبت سنة ١٠٥٦ من الورقة ١٧٢ ـ ١٧٣.

وهذه الثلاثة ذكرت في فهرسها العربي «التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي» ج ٤ ص ٢٣٨ باسم : النصّ على عليٍّ عليه السلام.

٤ ـ مكتبة البرلمان الايراني السابق في المجموعة رقم ٨ من مخطوطات إمام الجمعة الخوئي كتبت في القرن ١١ من ٣٢٨ ـ ٣٤٠ ذكرت في فهرسها ٧ / ٦٥.

٥ ـ مكتبة آية الله الحكيم العامة في النجف ، سادس ما في المجموعة رقم ٩٩٨ ، تحت عنوان «إبطال الشبهة».

٦ ـ نسخة اُخرى فيها ، وهي حادي عشر ما في المجموعة المتقدمة تحت عنوان : مناظرة الشيخ المفيد مع الباقلاّني.

وهذه المجموعة صورتها جامعة طهران ، رقم الفيلم عندهم ٣٣٤٣ ذكر في فهرس مصوراتها ٢ / ١٢٧.

__________________

(٦٠) هذا في بعض مخطوطات الرسالة، وجاء في بعضها : «إن قال قائل: أخبرونا عن أسلافكم ..» ولم يصرّح فيها باسم القائل والسائل.


طبعاته :

١ ـ طبعته المكتبة التجارية في النجف ملحقاً بـ : الثقلان.

٢ ـ وطبعته مكتبة المفيد في قم بالتصوير على طبعة النجف ضمن «عدّة رسائل» للشيخ المفيد.

٣ ـ وطبعه المؤتمر العالمي للشيخ المفيد ، في قم سنة ١٤١٣ بتحقيق الشيخ محمدرضا الأنصاري القمي وهو في المجلد السابع من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».

(٣٧)

النكت الاعتقادية

لم يذكر للشيخ المفيد في شيء من المصادر والمراجع القديمة كتاب بهذا الاسم بالذات ، نعم ذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة ٢٤ / ٣٠٢ بتوهم أنّه هو النكت في مقدمات الاُْصول الذي ذكره النجاشي وأنّهما كتاب واحد وقد علمت أنّهما كتابين متغايرين.

وهذا الكتاب على الرغم من كثرة مخطوطاته لم ينسب في شيء منها إلى الشيخ المفيد ولا وجدت في مجموعات رسائله ، وإنّما مخطوطة واحدة كتبت في القرن العاشر ، مكتوب عليها : «عقائد فخر الدين» فنسب إلى فخر المحققين محمد بن العلاّمة الحلي المتوفى سنة ٧٧١ ، ولفخر المحققين رسائل كلامية موجزة متعددة من أمثال هذا الكتاب.

وأكثر ما توجد مخطوطات هذا الكتاب في مجموعات تحوي رسائل العلامة الحلي أو ابنه فخر المحققين ، وكلاهما من كبار متكلمي الإِمامية.

وقد شكك مارتن مكدرموت في نسبة الكتاب إلى الشيخ المفيد ، راجع


نظريات علم الكتاب عند الشيخ المفيد ، تعريب علي هاشم ص ٨١ ـ ٨٥ ، ولا نجزم بنفي الكتاب عن الشيخ المفيد وإنّما قلنا إنّه لم يذكر له بهذا الاسم ، فلربما يكون هذا أحد رسائله الكلامية المذكورة له في فهرس النجاشي وغيره بغير هذا الاسم ، مسمى باسم آخر مما نعدّه من كتبه المفقودة وها هو بأيدينا كالافتخار ، والانتصار ، والرسالة إلى أهل التقليد ، والرسالة العزية ، والرسالة العلوية ، والكامل في علوم الدين ، ونهج البيان عن سبل الإِيمان ، مما نجهل موضوعه ومحتواه.

وقد طبع عدّة مرات وترجم إلى الفارسية عدّة مرات منسوباً إلى الشيخ المفيد.

كما أنّه لم يثبت عليه هذا الاسم «النكت الاعتقادية» دائماً ، فبعض مخطوطاته يحمل اسم «المرقومة الجوابية» ذكر في الذريعة ٢٠ / ٣١٤ وفي بعضها وهي مكتوبة سنة ٩٨٢ «تحفة الإِخوان» كما في الذريعة ٢٤ / ٣٠٢ ، وفي بعضها «الرسالة الجوابية» كما في الذريعة أيضاً ٢٤ / ٣٠٢ ، وفي بعضها «عقائد فخر الدين» ، كما على المخطوطة الآتية برقم ١.

أوّله : «الحمد لله ... وبعد فهذه عقيدة قادني الدليل إليها ، وقوى اعتمادي عليها جعلتها في غاية التوضيح والتبيين ، تحفة لاخواني المؤمنين .. ورتبتها على خمسة فصول».

وعناوينه : إن قيل لك ... فالجواب ...

ترجماته إلى الفارسية :

١ ـ ترجمة له قديمة باسم : البهجة المرضية ، توجد مع النصّ العربي مخطوطة في مكتبة مدرسة آية الله الگلپايگاني في قم ، من مدرسة الحجازيين رقم ١٤٧٥.

٢ ـ ترجمة الاُستاذ محمد تقي دانش پزوه وطبع في طهران سنة ١٣٦٤ ،


الذريعة ٢٤ / ٣٠٣.

٣ ـ وترجمه أيضاً الشيخ غلام حسين التبريزي نزيل مشهد خراسان وطبع فيها ، الذريعة ٢٤ / ٣٠٣.

٤ ـ وترجمه محمد جواد مشكور التبريزي ، وطبع في تبريز مع ترجمة الفرق بين الفِرق للبغدادي إلى الفارسية أيضاً سنة ١٣٧٣.

٥ ـ تجرمه الشيخ مهدي شرف الدين ، وطبع في طهران سنة ١٣٦٩ باسم : عقائد إسلامية ، الذريعة ١٥ / ٢٨١.

٦ ـ وترجمه السيد جليل ابن السيد عبد الحيّ الطباطبائي اليزدي المتوفى في طهران ١٠ ربيع الآخر سنة ١٤١٣ ، وطبع في النجف سنة ١٣٧٤ باسم : الجواهر الاعتقادية ، وهو شرح وترجمة له.

٧ ـ وترجمه علي الكاظمي.

٨ ـ وترجمه السيد حسين بن السيد هادي الرضوي الكشميري إلى اللغة الاُْردوية ، وطبع بالهند ، ذكره شيخنا في الذريعة ٤ / ١٤٣.

مخطوطاته :

١ ـ نسخة في مكتبة الإِمام الرضا عليه السلام في مشهد ، رقم ٢٠٦ من مخطوطات القرن العاشر ، كتب عليها : «عقائد فخر الدين» ذكرت في فهرسها ج ١ ، الطبعة الاُْولى ص ٦٢ وفي الطبعة الثانية ص ١٧٤.

٢ ـ مكتبة المرعشي في المجموعة رقم ٥١٤ / ٣ كتبت سنة ٨٦٥ من الورقة ٦٦ ب ـ ٧٦ ب ذكرت في فهرسها ٢ / ١١٩.

٣ ـ نسخة ثانية فيها في المجموعة رقم ٦٨٥ من ٣٩ ب ـ ٥٣ / أكتبت سنة ٩١٠ ذكرت في فهرسها ٢ / ٢٧٩.

٤ ـ ثالثة فيها في المجموعة ٦٦٣٧ / ٢ كتبت سنة ١٢٥٩ من الورقة ٥٣ ب ـ ٧٠ ذكرت في فهرسها ج ١٧ ص ٢٠٦.


٥ ـ رابعة فيها في المجموعة رقم ١١٢٦ / ١ كتبت سنة ٩٠٢ وهي إلى ١٥ / أذكرت في فهرسها ٣ / ٢٩٨.

٦ ـ نسخة خامسة فيها في المجموعة رقم ٢٦٤٤ / ٣ من القرن ١١ ، من الورقة ٢٦ / أ ـ ٣٣ ب ، ذكرت في فهرسها ٧ / ٢١٨.

٧ ـ فيها سادسة في المجموعة رقم ٤٩٦١ كمتبها أحمد بن شمس الدين ابن ناصر الليثي الحلّي سنة٧٦٠ من ٤٩ ب ـ ٨٥ ب ذكرت في فهرسها ج ١٣ ص ١٦١.

٨ ـ نسخة سابعة فيها في المجموعة ٥٧٩٧ / ٣ كتبت سنة ٨٩٢ من ٢٧ ب ـ ٤٢ ب ذكرت في فهرسها ج ١٥ ص ١٨٥.

ذكرت هذه الثمانية في فهرسها للمخطوطات العربية «التراث العربي في مكتبة آية الله المرعشي» ج ٤ ص ٣٥٦ و ٣٥٧.

٩ ـ جامعة طهران في المجموعة رقم ٧٠٠٠ / ٢ كتبت سنة ١٠٢٢ ذكرت في فهرسها ج ١٦ ص ٤٢٤.

١٠ ـ نسخة اُخرى فيها في المجموعة ٨٧٨ / أذكرت في فهرسها ٣ / ٥٣١.

١١ ـ ثالثة فيها في المجموعة رقم ٦٩٦٦ من القرن ١١ ذكرت في فهرسها ١٦ / ٤١٣.

١٢ ـ رابعة فيها في المجموعة ٤٥٤٧ من مخطوطات القرن ١٣ و ١٤ ذكرت في فهرسها ١٦ / ٦٢٢.

١٣ ـ خامسة فيها في المجموعة رقم ٧٦٩٣ يبدو أنها قديم ذكرت في فهرسها ١٦ / ٦٧٢.

١٤ ـ مكتبة كلية الآداب في جامعة طهران في المجموعة رقم ٧٠ د ، كتبت سنة ١٠٨٥ من ١٤٦ ب ـ ١٥٧ ب كتب عليها اسم تحفة الإِخوان ، كما في فهرسها ج ١ ص ٥١٢.


١٥ ـ مكتبة كلية الحقيق في جامعة طهران ، في المجموعة رقم ١٥٥ ج ، من ١٠٢ ب ـ ١٠٤ أ ، من القرن ١١ ، وصفت في فهرسها ص ٢٥٢.

١٦ ـ مكتبة السيد الحكيم العامة في النجف باسم : النكت في العقائد الكلامية الإِمامية ، رقم ٩٩٨ كتبها العلامة السماوي سنة ١٣٣٤ وعنها مصورة في جامعة طهران رقم الفيلم ٣٣٤٣ ذكر في فهرس مصوراتها ج ٢ ص ١٢٧.

١٧ ـ نسخة كانت في مكتبة الخوانساري في النجف كتبت سنة ٩٨٢ ، رآها شيخنا رحمه الله ، وذكرها في الذريعة ٢٤ / ٣٠٢ وانتقلت المكتبة أو قسم منها إلى إيران وهي الآن في حوزة بعض الخونساريين في طهران.

١٨ ـ نسخة في مكتبة الغرب في همدان في المجموعة رقم ٧٧٠٢ كتبت سنة ١٢٦١ من ٢١٧ ـ ٢٣٥ ذكرت في فهرسها ص ٤٢٦.

١٩ ـ مكتبة آية الله الگلپايگاني في قم ، من كتب مدرسة الحجازيين رقم ١٤٧٥ معها ترجمتها الفارسية باسم : البهجة المرضية.

٢٠ ـ مكتبة مدرسة الفيضية في قم في المجموعة رقم ١١٥٢ / ١ وتنتهي بالورقة ١٣ كتبت سنة ١٠٢٢ ذكرت في فهرسها ج ٢ ص ٦٠.

٢١ ـ مكتبة ملك الأهلية في طهران بأول المجموعة رقم ٢٦٠٢ ، كتبت سنة ٩٣٩ ، كتب عليها : المقدمة الموسومة بالجوابية ، وجاء في نهايتها : تمت المقدمة الشريفة الموسومة بالجوابية ، ذكرت في فهرسها ج ٦ ص ٦٩.

٢٢ ـ اُخرى فيها في المجموعة ٢٧٢٠ / ٤ ، من ٩٦ ب ـ ١٢٠ / أ ، كتبت سنة ١٢٥٨ ذكرت في فهرسها ج ٦ ص ١٠١.

٢٣ ـ مكتبة الروضة الفاطمية في قم بأوّل المجموعة رقم ٧٢ كتبت سنة ١٢٤٤ ، ذكرت في فهرسها ص ٢٢١.

٢٤ ـ مكتبة الجامعة في أصفهان ، في المجموعة رقم ١٨٢ من مخطوطات القرن العاشر.

٢٥ ـ مكتبة كلية الآداب في جامعة طهران بأول المجموعة رقم ٢٤٣ من


كتب إمام الجمعة الكرماني كتبت سنة ١٠٧٣ ذكرت في فهرسها ص ٣٧.

٢٦ ـ مكتبة المدرسة الرضوية في قم. في المجموعة رقم ٩٨ كتبت في القرن ١٣ أو ١٤.

٢٧ ـ مكتبة كلية الآداب في جامعة طهران في المجموعة ٢٦٢ / ٢ من مكتبة إمام الجمعة الكرماني من مخطوطات القرن ١١ كما في فهرسها ص ٤١.

٢٨ ـ جامعة طهران في المجموعة رقم ٧٦٩٣ / ٦ يبدو أنها قديمة ذكرت في فهرسها ج ١٦ / ٦٧٣.

٢٩ ـ المكتب الهندي في لندن ، رقم ٩٥٩ دلهي ، ذكرت في فهرسها ، ج ٢ ص ٤٠٩.

٣٠ ـ مكتبة الوزيري العامّة ، في يزد ، في المجموعة رقم ٢٢٩٠ / ٣٠ ، من ٧٥ ـ ٨٢ كتبت سنة ٩٨٥ ذكرت في فهرسها الفارسي ج ٤ ص ١٢٣٤.

طبعاته :

١ ـ طبعه العلاّمة السيد هبة الدين الشهرستاني في بغداد سنة ١٣٤٠ مع ابدال «إن قيل» .. «فالجواب» بحرفي «س» و «ج» ، رمزاً عن السؤال والجواب.

٢ ـ أعاد طبعه في بغداد سنة ١٣٤٣.

٣ ـ طبعه الاُْستاذ محمد تقي دانش پزوه في طهران سنة ١٣٦٤ مع ترجمتها إلى الفارسية.

٤ ـ وطبعته المكتبة المرتضوية في قم.

٥ ـ وطبعه المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ بتحقيق الفاضل الشيخ رضا المختاري وصدر بأوّل المجلد العاشر من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».


(٣٨)

النكت في مقدِّمات الاْصول

ذكره النجاشي في فهرسه ص ٣٩٩ وابن شهرآشوب في معالم العلماء ص ١١٤ وذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة ٢٤ / ٣٠٢ وقال : «هكذا سماه النجاشي» ثم ذكر مواصفات كتاب النكت الاعتقادية وهو غير هذا الكتاب.

وذكره في ج ١٨ ص ٦٤ باسم «الكشف في مقدمات الاُْصول» وهو وهم ، وصوابه النكت كما ذكره النجاشي وابن شهرآشوب ، وكما هو مثبت على مخطوطاته القديمة كما يأتي.

وهو متن موجز رصين في الاُْصول الاعتقادية من التوحيد والعدل والنبوّة والإِمامة والوعد والوعيد بيان المصطلحات الكلامية وشرحها وتوضيحها.

أوّله : «وبالله التوفيق والعصمة والعون ، أما بعد فان أكثر الموحدين افتتحوا كلامهم في إرشاد المبتدئين ...».

مخطوطاته :

١ ـ نسخة في بادليان بجامعة أُكسفورد في المجموعة رقم ٦٤ ف عربي ، كتبها أحمد بن الحسين ابن العودي الحلي في الرابع والعشرين من شعبان سنة ٧٤٠.

٢ ـ مكتبة آية الله الحكيم العامّة في النجف بأوّل المجموعة رقم ٣٦٤ بهذا الاسم نفسه وفي المجمووعة ايضاً : النكت الاعتقادية باسم : النكت في العقائد الإِمامية.

وعنها مصورة في جامعة طهران رقم الفيلم ٣٣٤٣ ذكرت في فهرس مصوراتها ج ٢ ص ١٢٧.


٣ ـ مكتبة العلاّمة المحقق السيد محمد علي الروضاتي في أصفهان كتبت سنة ١٢٨١.

طبعاته :

طبع لأوّل مرة في هذا العدد من مجلة «تراثنا» وهو العدد الخاص بالذكرى الألفية للشيخ المفيد ، بتحقيق العلاّمة المحقّق السيد محمد رضا الحسيني الجلالي ، دام موفقاً.

ومن ثم طبع من قبل المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد في قم سنة ١٤١٣ في المجلد العاشر ، من سلسلة «مصنفات الشيخ المفيد».


الكلام عند الإماميّة

نشأته ، تطوّره ، وموقع الشيخ المفيد منه

الشيخ محمّد رضا الجعفري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطيبين الطاهرين لا سيّما أوّلهم مولانا أمير المؤمنين وخاتمهم مولانا الإمام الثاني عشر الحجّة المنتظر ، ولعنة الله على اعدائهم اجمعين من الأوّلين والاخرين ، ولا حَوْلَ ولاقُوَّةَ إلا بالله العليّ العظيم.

هذه فصول كتبت قبل عدّة سنوات لمناسبتين وان اختلفتا ولكنهما ترتبطان بموضوع واحد ، وهو الكلام الإمامي. فالفصول الأولى انما هي جزء من المدخل الذي وضعته للترجمة الانجليزي لكتاب التوحيد من «اصول الكافي» والذي تناولت فيه تاريخ الكلام الإمامي منذ نشأته الاولى إلى عصر شيخ الطائفة الطوسي ، كتراجم متكلمين لا تأريخاً لأعمال كلامية ، وتجاوز عددهم المائة وستين متكلماً وهذا المدخل وان كانت فيه فصول ترجع الى تعريف الكلام وبعض الجوانب التأريخية لنشأة الكلام الإمامي ، الا انه في أساسه قائم على ما


ذكرت.

وقد اختصرت ذلك من بحوث أوسع لم اوفق إلى الآن إلى ملء بعض فجواتها ، خاصةً ما يرجع منها إلى شيخ المتكلمين هشام بن الحكم ، رضي الله عنه ، اسأل الله سبحانه التوفيق إلى ذلك ، انّه نعم الموفق والمعين.

* * *

اعتاد مؤرخو الجانب العقائدي من تاريخ المسلمين أنْ يُقسَّموا هم ـ او على الاصح : ان يقسّموا مناهجهم في كيفية اثبات العقيدة ومسائلها ـ إلى فئتين :

مدرسة أصحاب الحديث ، ومدرسة المتكلمين. وذكروا لكل منهما خصائص معتبرات ، ثم قاسوا الإمامية بغيرهم ، وفي الفصول الآتية : ما يرجع إلى هذا الجانب من البحث. وتعارف مؤرخو الإمامية من الذين يختلفون معهم في العقيدة : أن يتهموهم او يتّهموا سلفهم بالتشبيه والتجسيم ، بل والجبر ايضاً. والى هذا يرجع بقية بحوث الفسم الأول. ولم اتناول هنا من البحوث التي ترجع إلى «النشوء» سوى ما ذكرت ، وقلت هذا كي لا يراني القارىء الكريم قد اخلفت بوعدي حينما جعلت القسم الأول نشوء الكلام الإمامي.

وفي القسم الثاني تناولت تطور الكلام الإمامي بصورة مقتضبة جداً ـ وذكرت هناك عذري في ذلك ـ كي انتهي به الى القسم الثالث وهو الخاص بشيخنا المفيد رضي الله عنه وارضاه.

* * *


١ ـ المدخل :

الكلام الإمامي نشأ أولاً وقبل كل شيء حول «الإِمامة» ودار عليها منذ نشأته الاولى وإلى عصرنا الحاضر ، والسرّ واضح ، فإنّ الإمامية انما افترقوا عن غيرهم لقولهم بالإِمامة من فرق المسلمين انما اختلف معهم أوّل ما اختلف ، لأنّه لم يَدِنْ بالإمامة الإِلهية كما دانوا. فمن الطبيعي أن هذا الاختلاف يستلزم المخاصمة ، والمخاصمة تستدعي المناظرة ، وإذا سلّمنا بأنّ أوّل اختلاف حدث بين المسلمين انما حدث حول الإِمامة ، وإذا اخذنا بنظر الاعتبار أنّ الذين انكروا الإِمامة الإِلهية كانوا الفئة الغالبة الحاكمة والذين دانوا بها كانوا الفئة المعارضة ، وأنّ المعارضة كانت كلامية وبالجدل والحجاج لا بالسيف والسلاح ـ وأنا هنا لا ابحث عن هذه النقاط وإنّما اذكرها كنتائج لبحوث انتهت اليها ، وقد فصلّتها في مناسبات اخرى ـ فعلى هذا كله يحقّ لنا أنْ نقول ان الكلام نشأ واستقرت طرقه ومناهجه عند الإمامية قبل غيرهم.

ولكن نقاط الخلاف قد تجاوزت الإمامية إلى غيرها وكلما امتد الزمن بالمسلمين كثرت نقاط الخلاف فيما بينهم ـ وتفرّقوا فرق وشيعاً ـ وهنا أذكر كنتيجة لبحوث كثيرة ـ : أنّ المسلمين ، لو كانوا قد دانوا كلّهم بالإمامة الإلهية ، وكان فيهم إمام يؤمنون بعصمته ويوجبون طاعته ، لما تفرّقوا ، كما كان الحال زمن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولكان الخلاف بينهم خلافاً عملياً ، لا خلاف عقيدة واختلافاً في المذهب ، ولكن حدث ما حدث ، ولا نملك إلا أن نسأل الله سبحانه أن يعصم المسلمين من فرقة جديدة ، وأنْ يجنّبهم آثام الخلافات القائمة فيما بينهم واوزارها.

وهكذا واكب الكلام الإمامي ـ الذي كان يدور اولاً حول الإمامة ـ المسائل المختلف فيها والمتناقش عليها ، فشمل الجبر ، والتشبيه والتجسم ، بلوشمل الخلاف الفقهي ، كالخلاف في بعض أحكام الوضوء والصلاة ،


والخلاف في المتعة ، والطلاق ثلاثاً ، وسائر الخلافات الفقهية بين الإمامية وغيرهم ، والكلام إنما هو في اساسه اسلوب خاص للنظر والحجاج ، وفيما بعد استقرّ في دائرة المسائل الاعتقادية وحدها. وهذا ايضاً اترك البحث فيه الى مال آخر.

وتوسّع الكلام اكثر فاكثر عندما اتصل المسلمون بغيرهم من معتنقي الاديان كالمسيحية واليهودية أو منتحلي الفرق الفلسفية وغير الفلسفية. وأشير هنا إلى أننا نجد في ثبت مؤلفات المتكلم الإمامي الشهير هشام بن الحكم ـ كتباً له تتّصل بالفلسفة اليونانية وأعلامها.

وستأتي الاشارة الى هذا عند ذكره ، وبهذا يصحّ لنا أن نحكم بأنّ الإمامية كانوا اسبق من غيرهم في هذا المجال ايضاً ، لأنَّي لم أجد لغيره ممن كان يعاصره أنْ تناول ما تناوله هشام.

٢ ـ المدرستان غير الاماميتين : الحديثية والكلامية تختلفا إلى حد كبير :

لابُدّ لنا من البحث ولو بصورة مقتضية جدّاً عمّا يسمّى بمدرسة المحدِّثين غير الإماميّة ، إذ أنّ السِّمات العامّة التي يذكرونها لعقائد أهل الحديث والأَثر ، وعلى أساسها يقيسون آراءهم وعقائدهم بآراء غيرهم ، إنّما قد أُخذت من المدرسة غير الإماميّة ، والأَدلة والشواهد التي تذكر في هذا المجال إنّما تتوافر بصورة كاملة في مجموعة الأَحاديث التي يرويها المحدِّثون غير الإماميّة ، وعليها وحدها تُبتنى الآراء التي تَبَنَّوْها أو نُسبت إليهم.

ويضاف إلى هذا : أنّ التضادّ الفكري والعقائدي بين المدرستين الحديثية والكلامية ، وهؤلاء يومذاك كانوا المعتزلة ، والجهمية ، والمرجئة ، والّذين كانوا يسيرون في ركابهم ، إنّما انتزع هذا التضادّ والتقابل من الحديث غير الإمامي ، ومن آراء المحدِّثين غير الإماميّة ، ومواقفهم من آراء المتكلّمين ورَفْضهم لها وطَعْنهم في القائلين بها ، بل وفي طعنهم بالاتّجاه الكلامي بصورة


عامة في العقائد الدينية.

فليس من الصحيح أن تجعل تلك السمات العامة وأن يجعل هذا التضادّ والتقابل خصيصة عامة للاتّجاه الحديثي الذي يعتمد على الكتاب والسُّنَّة ، قبل كلّ شيء ، في استنباط العقائد الدينية وصياغتها ، سواء أكان المحدِّث إماميّاً أم غير إمامي.

وما يسمّى بالمدرسة الحديثية ـ والتعبير الأوفق لهم ، بل والمختار عندهم : أهل الحديث والأَثَر ـ ليست بمدرسة فكرية لها حدودها ومعالمها الواضحة من جميع الجهات ، أو من أغلبها ، كما هو الحال عند المعتزلة ، والجهمية ، مثلاً ، والذي بإمكان الباحث أن يعيّن ما اتّفقوا عليه ، وبه امتازوا عن غيرهم. بل وهذه التسمية أيضاً لحقتهم لا من جهة أنفسهم ، بل انتزعت من مواقفهم وآرائهم. وكلّ ما كان عندهم : أنّ الّذين كانوا يُعْنَون بالحديث لم يكونوا يتعدّون في بيان آرائهم وتصوير عقائدهم عمّا جاءهم من الأَحاديث التي آمنوا بصحّتها ، بل إنّهم كانوا يكتفون براوية ألفاظ الحديث غالباً للتعبير عن آرائهم ، ولم يكونوا يحوّلون ألفاظه إلى ما يؤدّي معناه.

والمحدِّثون ، لما ذكرناه ، لا يرجعون بالطبع إلى مستوى واحد ، بل إنّهم في مستويات مختلفة ، إذ أنّ أيّ واحد من المحدِّثين إنّما يقاس مدى الخلاف بينه وبين من يسمّونهم بالمتكلّمين بقدر ما يرويه هذا المحدِّث كمّيّةً وبقدر ما يلتزم بصحّته فيما يرويه. ومن الواضح أنّ المحدِّثين لا يتساوون في كمّيّة الأَحاديث التي يروونها ، وكمّيّة ما يؤمنون بصحّته ، بل يتفاوتون بين مقلّ ومكثر ، وبين متساهل في الحكم بالصحّة ، ومتشدِّد لا يصحّح إلاّ إذا توفّرت شروط كثيرة ، وعلى هذا الأَساس تختلف الأَحاديث بحسب ما اتّفقوا على روايته وما لم يَرْوِه إلاّ بعضهم ، وتختلف أيضاً بحسب ما اتّفقوا على صحّته وما اختلفوا فيه.

ويجب التنبّه إلى أنّ (المدرسة الأَشعرية) وإنْ قامت على أساس رفض الفكر الاعتزالي والرجوع إلى السُّنَّة ، إلاّ أنّ الدراسة الواعية والمستوعبة لها


لتنتهي إلى أنّ أبا الحسن الأَشعري ، عليّ بن إسماعيل بن أبي بشر ، البصري (٢٦٠ / ٨٧٤ ، أو ٢٧٠ / ٨٨٣ ـ ٣٢٤ / ٩٣٦) إمام الأَشاعرة إنّما اختلف مع أساتذته المعتزلة ، في أنّهم ـ حسب رأيه ـ كانوا يرفضون ما خالف آراءهم وإن دلّ عليه الكتاب أو السُّنَّة الصحيحة في رأيه ، ومحاولة الأَشعري إنّما ترتكز على إيجاد الملاءمة لا الرَّفْض. وليس هنا مجال للتبسّط في هذا البحث وإعطاء الأَدلّة عليه.

٣ ـ نماذج من آراء المحدّثين :

ولا أتكلّم هنا عن الأَحاديث التي وصلتنا من طرق إخواننا غير الإمامية ، وبإمكان الباحث أنْ يجدها مجموعة مستوفاة في المصادر التالية :

١ ـ محمد بن إسماعيل ، أبو عبد الله البخاري (١٩٤ / ٨١٠ ـ ٢٥٦ / ٨٧٠) : «خلق أفعال العباد».

٢ ـ أحمد بن محمد بن حنبل ، أبو عبد الله الشيباني (١٦٤ / ٧٨٠ ـ ٢٤١ / ٨٥٥) إمام الحنابلة : «الردّ على الجهمية والزنادقة».

٣ ـ أبو عبد الرحمن ، عبد الله بن أحمد بن حنبل (٢١٣ / ٨٢٨ ـ ٢٨٨ / ٩٠١) : «السُّنَّة».

٤ ـ أحمد بن محمد بن هارون ، أبو بكر الخلاّل البغدادي ، الحنبلي (٢٣٤ / ٨٤٨ ـ ٣١١ / ٩٢٣) شيخ الحنابلة في عصره : «السُّنَّة».

٥ ـ عثمان بن سعيد ، أبو سعيد الدارمي (ح ١٩٩ / ٨١٥ ـ ٢٨٠ / ٨٩٤) : «الردّ على الجهميّة» و «الردّ على بِشْر المَرِّيسيّ».

٦ ـ أبو بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة السُّلَميّ ، النيسابوري (٢٢٣ / ٨٣٨ ـ ٣١١ / ٩٢٤) : «التوحيد وإثبات صفات الربّ».

٧ ـ أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجُرِيّ الشافعي ، البغدادي (ج ٢٨٠ / ٨٩٣ ـ ٣٦٠ / ٩٧٠) : «الشريعة».


وللرجوع إلى تأويل الأَشاعرة يراجع :

١ ـ أبو بكر ، محمد بن الحسن بن فُورَك الأَصفهاني ، الأَشعري ، الشافعي (ـ ٤٠٦ / ١٠١٥) : «مشكل الحديث».

٢ ـ أحمد (حَمَد) بن محمد بن إبراهيم ، أبو سليمان الخَطْابي ، البسْتي ، الأشعري ، الشافعي (٣١٩ / ٩٣١ ـ ٣٨٨ / ٩٩٨) وقد حكى الكثير منهاالبيهقي الآتي.

٣ ـ أحمد بن الحسين بن عليّ ، أبو بكر البيهقي ، الأَشعري ، الشافعي (٣٨٤ / ٩٩٤ ـ ٤٥٨ / ١٠٦٦) : «الأَسماء والصفات» و «الاعتقاد».

٤ ـ عليّ بن الحسن بن هبة الله ، أبو القاسم ابن عساكر الدمشقي ، الأَشعري ، الشافعي (٤٩٩ / ١١٠٥ ـ ٥٧١ / ١١٧٦) : «تبيين كذب المفتري في ما نسب إلى أبي الحسن الأَشعري».

وكلّ هذه المصادر مطبوعة ، وآراء الخطّابي قد حكاها البيهقي. وإنما أعرضُ نماذج من آراء أصحاب الحديث ، وأتناسى من كان منهم إمام مذهب كإمام الحنابلة أحمد بن حنبل والذي تكون آراؤه وعقائدُهُ الحجَرَ الأَساس لعقائد ابن تيميّة ، تقيّ الدين أحمد بن عبد الحليم الحرّاني الحنبلي (٦٦١ / ١٢٦٣ ـ ٧٢٨ / ١٣٢٨) ومحمد بن عبد الوهّاب النجدي الحنبلي (١١١٥ / ١٧٠٣ ـ ١٢٠٦ / ١٧٩٢) إمامي السلفية وداعِيَتَيْها ، كما يسمّون بها أنفسهم ، أو (الوهّابيّة) كما يسمّيهم غيرهم ، كما وتجنبتُ غيره من أئمّة المذاهب ، وعذري في هذا : تجنّبي أنْ ينسبني ناسب إلى خُلُق لا أريد لنفسي أنْ يُنسبَ إليّ. ويكفي الباحث في درسة آراء الحنابلة وغيرهم الرجوع إلى المصادر المتقدّم ذكرها ، وبالنسبة إلى الدفاع عن أحمد بن حنبل الرجوع إلى المصدرين التاليين :

١ ـ عبد الرحمن بن عليّ بن محمد ، أبو الفرج ابن الجَوْزي البغدادي ، الحنبلي (٥٠٨ / ١١١٤ ـ ٥٩٧ / ١٢٠١) : «دَفْع شُبه التشبيه بأكفّ التنزيه».


٢ ـ أبو بكر بن محمد بن عبد المؤمن ، تقيّ الدين الحصْني ، الدمشْقي ، الأَشعري ، الشافعي (٧٥٢ / ١٣٥١ ـ ٨٢٩ / ١٤٢٦) : «دَفْع شُبه من شَبَّه وتمرَّد ونسب ذلك إلى الإمام أحمد».

* * *

قال أبو الفرج ابن الجوزي :

«وأعلم أنّ عموم المحدِّثين حملوا ظاهر ما تعلّق من صفات الباري سُبْحانه على مقتضى الحسّ فشَّبهوا ، لأنّهم لم يخالِطُوا الفقهاء فيعرفوا حمل المتشابه على مقتضى الحكم ...» (١).

وقال أيضاً :

«وأعلم أنَّ الناس في أخبار الصِّفات على ثلاث مراتب : (إحداها) إمرارها على ما جاءت من غير تفسير ولا تأويل ، إلاّ أنْ تقع ضرورة كقوله تعالى : (وَجَاءَ رَبُّكَ) (٢) أي : جاء أمره ، وهذا مَذْهَبُ السلف. (والمرتبة الثانية) التأويل ، وهو مقام خطر. (والمرتبة الثالثة) القول فيها بمقتضى الحسّ ، وقد عمّ جهلة الناقلين (٣) ، إذ ليس لهم حظّ من علوم المعقولات التي يُعْرَف بها ما يجوز على الله تعالى وما يستحيل ، فإنَّ علم المعقولات يَصْرِفُ ظواهرَ المنقولات عن التشبيه ، فإذا عدموها تصرَّفُوا في النقل بمقتضى الحسّ» (٤).

وقال تقي الدين ، ابن تيميّة ، رادّاً على مَنّ قال : إنّ أكثر الحنابلة مُجَسِّمة ومشبَّهة :

__________________

([١]) تلبيس ابليس: ط ادارة الطباعة المنيريّة، القاهرة: ١٣٦٨ / ١١٦.

(٢) الفجر ٨٩: ٢٢.

(٣) ويقصد بهم المحدّثين.

(٤) دفع شبه التشبيه بأكفّ التنزيه، المكتبة التوفيقية، القاهرة: ١٩٧٦ / ٧٣ ـ ٧٤.


«المُشبِّهة والمُجسِّمة في غير أصحاب الإمام أحمد أكثر منهم فيهم ، فهؤلاء أصناف الأَكراد ، كلّهم شافعيّة ، وفيهم من التشبيه والتجسيم ما لا يوجد في صنف آخر ، وأهلُ جيلان فيهم شافعيّة وحنبليّة ، وأمَّا الحنبلية المَحْضَة فليس فيهم من ذلك ما في غيرهم ، والكَرَّاميّة كلُّهم حنفية» (٥).

ولسْتُ أقرُّ ابن تيميّة على ا دفاعه عن أهلِ مذهبه ولكنّي أسكت عنه.

ومعذرةٌ إلى إخواننا الأَكراد الّذين قال فيهم ابن تيميّة ما قال ، فإنّ هم يعرفونه كما أعرفه ، وأمّا أهلُ جيلان فقد زالت عنهم الشافعيّة والحنبليّة منذ قرون ، وهم اليوم كلّهم شيعة إماميّة.

٤ ـ نماذج مختارة :

وكنموذج لِما أشار إليه ابن الجوزي في كلامه عن المحدِّثين أختار ثلاثة لم يكونوا من الحنابلة الصرحاء ، وأُقدّم لكلّ منهم بعض الترجمة كي لا يتّهمني منّهم بأنّي عثرت على مغمورين خاملين لم يكونوا ذوي شأن عند المحدِّثين :

١ ـ إسحاق بن إبراهيم بن مَخْلَد بن إبراهيم ، أبو يعقوب الحنظلي المروزي ، ابن راهويه النيسابوري (١٦١ / ٧٧٨ ـ ٢٣٨ / ٨٥٣).

* قال الخطيب : كان أحد أئمّة المسلمين ، وعلماً من أعلام الدين ، اجتمع له الحديث والفقه ، والحفظ والصدق ، والورع والزهد ، ورحل إلى العراق ، والحجاز ، واليمن ، والشام ، ... وورد بغداد وجالس حفّاظ أهلها ، وذاكرهم ، وعاد إلى خراسان فاستوطن نيسابور إلى أنْ توفّي بها ، وانتشر علمه عند الخراسانّيين.

وهكذا قال المزي والسبكي.

__________________

(٥) المناظرة في العقيدة الواسطية، مجموعة الرسائل الكبرى، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ط ٢: ١٣٩٢ / ١٩٧٢، ١ / ٤١٨.


* وهو شيخ البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وأبو داود ، والنسائي ، وبقيّة بن الوليد ، ويحيى بن آدم ـ وهما من شيوخه ـ وأحمد بن حنبل ، وإسحاق الكوسج ، ومحمد بن رافع ، ويحيى بن مَعين ـ وهؤلاء من أقرانه ـ وجماعة.

* قال نعبم بن حمّاد : إذا رأيتَ العِراقيَّ يتكلّم في أحمد بن حنبل فاتّهمه في دينه ، وإذا رأيتَ الخراسانيَّ يتكلّم في إسحاق بن راهويه فاتّهمه في دينه ، وقال النسائي : أحد الأَئمّة ، ثقة مأمون. وقال أحمد بن حنبل : إذا حدَّثك أبو يعقوب أمير المؤمنين فتمَسَّكْ به. وقال أبو حاتم : إمام من أئمّة المسلمين. وقال ابن حبّان : وكان إسحاق من سادات زمانه فقهاً ، وعلماً ، وحفظاً ، ونظراً ، ممّن صنّف الكتب ، وفرّع السنن ، وذبّ عنها ، وقَمَعَ من خالفها ، وقبره مشهور يزار. وقال أبو عبد الله الحاكم : إمام عصره في الحفظ والفتوى. وقال أبو نعيم الأَصبهاني : كان إسحاق قرين أحمد [بن حنبل] وكان للآثار مثيراً ، ولاَِهلِ الزيغ مبيراً.

* وقال الذهبي : الإِمام الكبير ، شيخ المشرق ، سيّد الحفّاظ ، قد كان مع حفظه إماماً في التفسير ، رأساً في الفقه ، من أئمّة الاجتهاد (٦).

* أبو عيسى الترمذي ـ بعد أن أخرج الروايات التي تقول : إنّ الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه ... الحديث ـ قال : وقد قال غير واحد من أهل العلم

__________________

(٦) التاريخ الكبير ١ ـ ١/٣٧٩ ـ ٣٨٠ = ١٢٠٩، التاريخ الصغير ٢ ـ /٣٦٨، الجرح والتعديل ١ ـ ١ (٢)/٢٠٩ ـ ٢١٠ = ٧١٤، ابن حبان، الثقات ٨/١١٥ ـ ١١٦، طبقات الحنابلة ١/١٠٩ = ١٢٢، المنهج الأحمد ١/١٠٨ ـ ١٠٩ = ٤٣، تاريخ بغداد ٦/٣٤٥ ـ ٣٣٥ = ٣٣٨١، حلية الأولياء ٩/٢٣٤ ـ ٢٣٨ ابن خلكان ١/١٩٩ ـ ٢٠١، الأنساب ٦/٥٦ ـ ٥٧، السبكي، طبقات الشافعية ٢/٨٣ ـ ٩٣، ميزان الاعتدال ١/١٨٢ ـ ١٨٣ = ٧٣٣، سير أعلام النبلاء ١١/٣٥٨ ـ ٣٨٢، تذكرة الحفاظ ٢/٤٣٣ ـ ٤٣٥، العبر ١/٤٢٦، الوافي بالوفيات ٨/٣٨٦ ـ ٣٨٨ = ٣٨٢٥، طبقات الحفاظ /١٨٨ ـ ١٨٩ = ٤١٩، ابن كثير ١٠/٣١٧، تهذيب التهذيب ١/٢١٦ ـ ٢١٩ = ٤٠٨، تهذيب الكمال ٢/٣٧٣ ـ ٣٨٨ = ٣٣٢، طبقات المفسرين ١/١٠٢ ـ ١٠٣، شذرات الذهب ٢/٨٩.


في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ، ونزول الربّ تبارك وتعالى كلّ ليلة إلى السماء الدنيا ، قالوا : قد تَثْبُتُ الروايات في هذا ويؤّمَن بها ولا يُتَوَهّم ، ولا يقال : كيف؟

هكذا روي عن مالك ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الله بن المبارك أنّهم قالوا في هذه الاَْحاديث : أَمِرُّوها بلا تكليف. وهكذا قول أهل العلم من أهل السُّنَّة والجماعة. وأمّا الجهمية فأنكرَتْ هذه الروايات ، وقالوا : هذا تشبيه.

وقد ذكر الله عزّ وجلّ في غير موضع من كتابه ، اليد ، والسمع ، والبصر ، فتأوَّلت الجهمية هذه الآيات ففسَّروها على غير ما فسَّر أهلُ العلم ، وقالوا : إنّ الله لم يخلق آدم بيده ، وقالوا : إنّ معنى اليد ها هنا القوَّة.

وقال إسحاق بن إبراهيم (٧) : إنّما يكون التشبيه إذا قال : يدٌ كَيَد ، أو مثل يد ، أو سمع كسمع ، أو مثل سمع ، فإذا قال : سمع كسمع أو مثل سمع ، فهذا التشبيه. وأمّا إذا قال ـ كما قال الله تعالى ـ : يد ، وسمع ، وبصر ، ولا يقول : كيف ، ولا يقول مثل سَمْع ، ولا كسمع ، فهذا لا يكون تشبيهاً ، وهو كما قال الله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (٨).

٢ ـ أبوبكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السُّلَمي النَيْسابوري (٢٢٣ / ٨٣٨ ـ ٣١١ / ٩٢٤) قالوا عنه : إنّه كان إمام نيسابور في عصره ، فقيهاً ، مجتهداً ، بَحْراً من بحور العلم ، اتّفق أهل عصره على تقدّمه في العلم ، ولقّبه الصفدي ، واليافعي ، والذهبي ، والسبكي ، وابن الجَزَري ، والسيوطي ، وابن عبدالحىّ بإمام الأئمّة. وقال الدارقطني : كان إماماً معدوم النظير. وقال ابن كثير : هو من المجتهدين في دين الإِسلام. وذكروا له الكرامات. وقال السمعاني : وجماعة [من المحدّثين] يُنْسَبُّون إليه ، يقال لكلّ واحد منهم

__________________

(٧) هو اسحاق بن راهويْه ـ عارضة الاحوذي: ٣/٣٣٢.

(٨) الجامع الصحيح، الزكاة (ما جاء في فضل الصدقة) ٣/٥٠ ـ ٥١ اي ٦٦٢.


خُزَيْميّ [فهو إمام مدرسة حديثية]. وهذا بعض ما قيل فيه (٩) :

أثبت ابنُ خزيمة الوجهَ لله سُبْحانه ، وقال : «ليس معناه أنّ يُشْبِه وَجْهُه وجهَ الآدميّين ، وإلاّ لكان كلّ قائل لبني آدم وَجْهاً ، وللخنازير ، والقردة ، والكلاب ... ـ إلى آخر ما عدّد من الحيوانات ـ وجوهاً ، قد شبّه وجوه بني آدم بوجوده الخنازير والقردة والكلاب ...» (١٠).

وذكر مثل هذا في العين ، واليد ، والكفّ ، واليمين ، وقال : «إنّ عيني الله لا تشبهان أيّ عين لغيره» وأضاف : «نحن نقول : لربّنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى وتحت الأرض السابعة السُّفلى وما في السماوات العُلى وما بينهما (...) ونزيد شرحاً وبياناً ونقول : عين الله عزّ وجلّ قديمة لم تزل باقية ، ولا يزال محكومٌ لها بالبقاء منفيٌّ عنها الهلاك والفناء ، وعيون بني آدم مُحْدَثة ، كانَتْ عدماً غير مُكَوَّنة فكوَّنها الله وخلقها بكلامه الذي هو صفة من صفات ذاته ...» (١١).

وقال : إنّ لله يَدَيْن : «ويداه قديمتان لم تزالا باقيتين ، وأيدي المخلوقين مُحْدَثة (...) فأيّ تشبيه! ...» (١٢) ونفى التأويل عن كلّ هذا ، خاصّة تأويل اليد بالنعمة أو القوّة (١٣).

__________________

(٩) الذهبي سير اعلام النبلاء: ١٤/٣٦٥ ـ ٣٨٢، تذكرة الحفاظ: ٢/٧٢٠ ـ ٧٣١، العبر: ٢/١٤٩، المسعاني، الانساب: ٥/١٢٤، ابن الاثير، اللباب: ١/٤٤٢، ابن الجوزي، المنتظم: ٦/١٨٤ ـ ١٨٦، ابن كثير، البداية والنهاية، ١١/١٤٩، السُبْكي، طبقات الشافعية: ٣/١٠٩ ـ ١١٩، الصَّفَدي، الوافي بالوفيات: ٢/١٩٦، اليافعي، مرآة الجنان: ٢/٢٦٤، ابن عبدالحي، شذرات الذهب: ٢/٢٦٢ ـ ٢٦٣، السيوطي، طبقات الحفاظ: ٣١٠ ـ ٣١١، ابن الجزري، طبقات القرّاء: ٢/٩٧ ـ ٩٨.

(١٠) التوحيد واثبات صفات الرب، راجعه وعلّق عليه محمد خليل هراس، المدرّس بكليّة أصول الدين «بالازهر»، مكتبة الكليّات الأزهريّة، القاهرة: ١٣٨٧/١٩٦٨، /٢٣.

(١١) المصدر / ٥٠ ـ ٥٢.

(١٢) المصدر / ٨٢ ـ ٨٥.

(١٣) المصدر / ٨٥ ـ ٨٧.


وذكر «انّ كلام ربّنا عزّ وجلّ لا يُشْبه كلام المخلوقين ، لأنّ كلام الله كلام متواصل لا سَكْتَ بينه ولا سَمْتَ ، لا ككلام الآدميّين الذي يكون بين كلامه سَكْتٌ وسَمْتٌ لانقطاع النَّفَس ، أو التذاكر ، أو العيّ ...» (١٤).

٣ ـ عثمان بن سعيد ، أبوسعيد الدارمي ، التميمي ، السجستاني (ح ١٩٩ / ٨١٥ ـ ٢٨٠ / ٨٩٤) الإِمام العلاّمة الحافظ ، الناقد الحجّة ، وكان جذعاً وقذىً في أعين المبتدعة ، قائماً بالسُنَّة ، ثقة ، حجّة ، ثبتاً. وقيل فيه : كان إماماً يُقْتَدى به في حياته وبعد مماته. ذكره الشافعية في طبقاتهم ، وعدّه الحنابلة من أصحاب ابن حنبل (١٥).

قال الدارمي بأنّ لله مكاناً ، حدَّه ، وهو العرش (١٦) و «هو بائن من خَلْقه فوق عرشه بُفرْجة بينه في هواءِ الآخرة ، حيث لا خَلْقَ معه هناك غيره ، ولا فوقه سماء» (١٧) وقال : «قد أَيَّنّا له مكاناً واحداً ، أعلى مكان ، وأطهرَ مكان ، وأشرفَ مكان : عَرْشُه العظيم (...) فوق السماء السابعة العليا ، حيث ليس معه هناك إنسٌ ولا جانّ ، ولا بجنبه حُشٌّ ، ولا مِرْحاض ، ولا شيطان. وزعَمْتَ أنت (١٨) والمضلُّون من زعمائك أنّه في كلّ مكان ، وكلّ حشٍّ ومرحاض ، وبجنب كلّ إنسان وجانّ! أفأنتم تشبهّونه إذ قلتم بالحلول في الأماكن أم نحن؟!» (١٩).

__________________

(١٤) المصدر / ١٤٥.

(١٥) سير أعلام النبلاء: ١٣/٣١٩ ـ ٣٢٦، تذكرة الحفاظ: ٢/٦٢١، العبر: ٢/٦٤، مرآة الجنان: ٢/١٩٣، ابن كثير: ١١/٦٩، طبقات الشافعية: ٢/٣٠٢ ـ ٣٠٦، طبقات الحفاظ: ٢٧٤، طبقات الحنابلة: ١/٢٢١، شذرات الذهب: ٢/١٧٦.

(١٦) الرَدّ على بِشْر المرِّيسي، عقائد السلف، نشر: دكتور علي سامي النشار، عمّار جمعي الطالبي، منشأة المعارف، الاسكندرية، مصر: ١٩٧١/٣٨٢.

(١٧) المصدر / ٤٣٩.

(١٨) يخاطب به بشر المَرِّيسي، الذي يردّ عليه الدّارمي، وهو بِشر بن غياث المَرِّيسي، البغدادي، الحنفي (ح ١٣٨/٧٥٥ ـ ٢١٨/٨٣٣) من أعلام الحنفيّة، وممَّنْ نادى بخلق القرآن ودافع.

(١٩) المصدر / ٤٥٤.


وقال : «ولو لم يكن لله يدان بهما خلق آدم ومسّه مسيساًص كما ادّعيت ، لم يجز أنْ يقال [لله] : بيدك الخير ...» (٢٠) وأحالَ في ذلك كلّ معنى أو تأويل من نعمة ، أو قوّة ، إلاّ اليدين (٢١) [بما لهما من المعنى ، وهو العضو الخاصّ المحسوس] ، «وأنّ لله إصبَعَيْن ، من غير تأويل بمعنى آخر» (٢٢) «والقدمان قدمان من غير تأويل» (٢٣) «غير أنَّا نقول ، كما قال الله : (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ) (٢٤) : إنّه عنى به الوَجْهَ الذي هو الوَجْه عند المؤمنين ، لا الأعمال الصالحة ، ولا القِبْلَة ...» (٢٥) وإنّ نفي التشبيه إنّما هو بأن يكون لله كلُّ هذا ، ولكن لا يُشْبِه شيء منه شيئاً ممّا في المخلوقين» (٢٦)

* * *

وقد سُقْت ما تقدّم كنماذج مختارة ممّا جاء عن أعلام المدرسة الحديثيّة غير الإِمامية ، ولا أُعلّق على شيء ممّا جاء فيها ، غير أنّي أرى من الضروري أنْ أُنبّه ـ ولو بصورة مختصرة جدّاً ـ أنّ المقصود بالتجسيم والتشبيه التي نفاهما النّفاة عن الله سُبْحانه ، والتي دلّت الأدلّة القطعيّة على نفيهما : أنّ القول بالجسمية أو ما يستلزم الجسمية ، من الاَْعضاء والجوارح ، والمكان ، والزمان بمعانيها الحقيقيّة يلزم منه تشبيه الله سبحانه بالمخلوقين ، وهذا التشبيه إنّما يكون في أصل الجسميّة ولوازمها ، لا في نوعيّتها وكيفيّتها ، فالقول بأنّ ـ لله

__________________

(٢٠) المصدر /٣٨٧.

(٢١) «بما لهما من المعنى، وهو العضو الخاص المحسوس» المصدر /٣٩٨.

(٢٢) المصدر /٤٢٠.

(٢٣) المصدر / ٤٢٣ ـ ٤٢٤، ٤٢٧ ـ ٤٢٨.

(٢٤) الرحمن ٥٥/٢٧.

(٢٥) المصدر /٥١٦.

(٢٦) المصدر /٤٣٢ ـ ٤٣٣، ٥٠٨.


سبحانه ـ رأساً ، أو بَطْناً ، مثلاً ـ تعالى الله عن ذلك ـ يلازم الجسمية وينتهي إلى أن يكون الله ـ عزّ وجلّ ـ شبيهاً بالمخلوقين ، سواء أكان رأسه أو بطنه يُشْبه رؤوس من لهم رؤوس ، أو بطون من لهم بطون ، أو لا يشبه أيّاً من تلك الرؤوس والبطون ، بل يمتاز عن جميعهم برأس لا يُشْبه رؤوسهم ، وبطن لا يشبه بطونهم ، وهكذا ، غير الرأس والبطن ...

بالإضافة إلى أنّ الحديث الذي يروونه وقد التزموا بصحّته ـ وسيأتي ذكره بمصادره ـ : «إنّ الله خلق آدم على صورته» عند مَنْ يفسّره بصورة الله ، سبحانه ، والحديث الآخر : إنّ آدم خلق على صورة الرحمن ، لا يرجعان إلى القول بأنّ لله صورةً ووَجْهاً فحسبُ ، بل إنّ صورته ووجهه تشبهان وجه آدم وصورته ، فتشبهان وجوه بني آدم وصورهم.

٥ ـ ونموذج إمامي.

وشيخنا الصدوق علم بارز من علماء الحديث والرواية الإِماميّين ، وقد ذكرت بعض جوانب شخصيّته في المقدّمة الّتي وضعتها للترجمة الإِنجليزية لكتابه (اعتقادات الإِماميّة) وكان من اُسرة اشتهرت بعلم الحديث وتحمله. وقد أخذ عن شيوخ المحدّثين وأعلامهم ، وقد سار هو على هديهم واستنّ بسنّتهم ، وكلّ ما يقوله إنّما يمثّل ما اتّفق عليه علماء الحديث الإِمامية ـ وخاصة مدرسة القميّين منهم ـ ، أو أخذ به معظمهم ـ على أقلّ التقادير ـ إلاّ في موارد قليلة ، كقوله بسهو النبيّ ، صلّى الله عليهِ وآلهِ وسلّم في الصلاة ، الّذي تبع فيه شيخه محمد بن الحسن بن الوليد ، والّذي لم يقرّه عليه معظم العلماء ، محدّثين وغير محدّثين.

والدراسة المقارنة بين (اعتقادات الإِمامية) ، وما علّق عليه شيخنا المفيد في (تصحيح الاعتقاد) لتكشف عن الاتفاق في اُصول العقيدة وتفاصيلها بين ما يسمى بالمدرسة الحديثية والمدرسة الكلامية الإِماميَّتَيْن ، إلاّ في موارد اختلفا


فيه ، وهي قليلة جدّاً ، ان قيست بالنسبة إلى موارد الاتفاقق. نعم : الفارق إنّما يكون في نوعيّة الاستدلال ، وكيفية سوق الدليل والبرهنة على الرأي الاعتقادي.

وتكشف أيضاً : ان هذا نقد المتكلّمين الإِماميّة للأحاديث الّتي يعتمد عليه المحدّثون لا يكون نابعاً أوّلاً وبالذات من موقفهم العقائدي ، ومخالفتها لأحكامهم الكلاميّة ، وإنّما يرتكز على موازين نقد الحديث الّذي يأخذ به كلّ محدّث ، من الطعن في سند الحديث بتجريح رواته وأنّ فيهم من لا يصحّ الاعتماد عليه ، أو التشكيك في دلالته ، أو طرحه لمعارضة دليل أقوى له من آية كريمة أو حديث أقوى منه سنداً أو أصرح منه دلالة.

على العكس ممّا تتّهم به المدرسة الحديثيّة غير الإِمامية جمهور أصحاب الكلام من جهميّة ، ومعتزلة ، ومرجئة ، وغيرهم : بأنّهم يردّون آي الذكر الحكيم والسُّنّة النّبويّة الثابتة جملة وتفصيلاً ، إن خالفت ما ذهبوا إليه من الآراء الكلامية.

ولعلّ السرّ في هذا الفارق بين سلوك المدرستين الحديثيّتين ، الإِمامية وغير الإِمامية يعود أوّلاً : إلى الفرق بين طبيعة الحديث الإِمامي ، وبين الحديث غير الإِمامي ، كما سنشير إليه ، وثانياً : إلى أنّ المتكلِّمين الإماميّين يمتازون عن غير الإِماميّين ، بإنّه قلّ ما يوجد متكلّم إلاّ وكان أيضاً من حملة الحديث وعلومه ، فكان يجمع الميزتين ، مشاركاً فيهما ، لا أنّه إن كان يختص بالحديث ، فكان يجهل الكلام بل يقف منه موقف الخصومة والعداء ، وإن كان متجهّاً إلى الكلام ومسائله فإنّه كان يجد نفسه في غنىً من الحديث وتحمّله وروايته ، كما قالوا عن غيرهم.

وإن دراسة الكتاب الآخر لشيخنا المفيد رحمه الله : (أوائل المقالات في المذاهب والمختارات) لتكشف عن نقاط الخلاف بين علماء الإِماميّة إلى عصر المفيد ، سواء كانوا علماء حديث وفقه فحسب ، أم علماء كلام فحسب ـ ولم


أجد فيه مثالاً لهؤلاء إلاّ بعض بني نَوْبَخْت ـ ، أم الّذين جمعوا بين الأمرين ، ونقاط الخلاف هذه قليلة جدّاً إن قيست بما اتّفقوا عليه. وتكشف أيضاً عن نقاط الخلاف بينهم وبين غيرهم من فرق المسلمين البارزين إلى عصر المفيد.

ومهما يكن ، فقد كنت أعددت العُدَّة لبحث مفصّل أقارن فيه بين كتابي الصدوق والمفيد ، ولكنّي هنا ـ ولا يسع المجال لذلك ـ أكتفي بالنتائج التي انتهى إليها باحث غربيّ ، وهو الاستاذ (مارتن مكدرموت) في كتابه : (نظريات علم الكلام عند الشيخ المفيد) واقتطع منه مقاطع صغيرة ، قال :

«كان ابن بابويه (الصدوق) محدّثاً ، وإذا أراد أن يحلّ مشكلة أو يجب عن مسألة ، فإنّه بدل أن يأتي من نفسه بدليل (بفكرة) ، فإنّه كان يحبّ أنْ يروي حديثاً ، وحتى أنّ رسالته الإعتقادية (رسالة الإِعتقادات) (*) أكثر ما جاء فيها إنّما هي أحاديث اتّصل بعضها ببعض. ومع كلّ هذا فإنّه كان يعتقد بالأحكام والأراء الّتي كان يعتقد بها المتكلّمون ، وإذا واجه حديثاً يكون ظاهره مخالفاً للآراء الكلاميّ ، مثلاً فيما يرجع إلى التوحيد ، أو العدل الإِلهي ، فإنّه كان يصوغ بنفسه تفسيراً أو تعبيراً يلائم به الحديث المبحوث عنه مع الحكم الكلامي.

وهذه الجهة هو الفارق بين ابن بابويه وتلميذه المفيد الذي كان متكلّماً ومحدّثاً. فإنّ المفيد إذا واجه أمراً يمكن إثباته عن كلا طريقي الوحي ، والاستدلال العقلي ، فإنّه كان يفضّل البرهان العقلي ، ويجعل الحديث أو النّصّ القرآني برهاناً مكمّلاً له.

لأنّ أكثر الآراء الكلامية الّتي أخذ بها ابن بابويه تتفقّ مع ما ارتاه تلميذه المفيد (...) ـ ثم يستعرض نقاط الخلاف بينهما ، الأمر الذي يلمسه القارىء للكتابين بنفسه ، فيقول : انّ ابن بابويه محدّث يُشْبه في بعض آرائه مع المعتزلة في آرائها وأحكامها ، والشيخ المفيد متكلّم وفي الحال نفسها محدِّث ، وأنظاره

__________________

(*) أي: اعتقادات الإمامية.


الّتي تتفقّ في الأساس مع أنظار ابن بابويه قد سلكت شوطاً أبعد في الإِتّجاه الاعتزالي» (١).

ولا أُعلّق هنا على كلام (مكدرموت) بشيء ، وسيجد القارىء الكريم بعض الاختلاف في وجهات النظر والاستنتاج فيما سيستقبله من البحوث.

٦ ـ مثال آخر للفرق بين الامامية وغيرهم في هذا المجال :

وسيأتي الكلام عن الهشامين ، هشام بن الحكم وهشام بن سالم ، اللذين اتّهما بالتجسيم والتشبيه. وأمّا غيرهما وغير من ذكر اسمه إلى جنبهما ، فلا أنفي أنّه كان في الإِمامية بالجبر والتشبيه ، أو اتُّهِم بهما ، ولكنّهم قليلون جدّاً. ومن الطبيعي بالنسبة إلى جميع الفرق ، وفي جميع التجمّعات الفكرية أو العقائدية أن يشذّ فرد أو أفراد ، فينفردون بآراء ومعتقدات لا يرتضيها التجمّع الذي ينتمون إليه ، ولا يصحّ الحكم على المجموعة نفسها بأحكام منتزعة من مواقف هؤلاء إلاّ إذا بلغوا من الكثرة أو البروز والتفوّق ، الحدّ الذي يصبحون وَجْهاً لطائفتهم وعنواناً لها.

ونموذج آخر يشهد لما قلت ، وهو دراسة شروح الكافي ، فيما يرجع إلى أحاديث التوحيد الواردة في كتاب التوحيد : فإنّ هناك من شروح الكافي الكثيرة شروحاً أربعة مطبوعة كلّها ، لعلماء أربعة متعاصرين ، وهم :

١ ـ صدر الدين ، محمد بن إبراهيم بن يحيى القَوامي ، الشيرازي ، صدر المتألّهين (٩٧٩ / ١٥٧١ ـ ١٠٥٠ / ١٦٤٠) : «شرح الكافي» الذي وصل إلى أوائل كتاب الحجّة من أُصول الكافي.

٢ ـ محمد صالح بن أحمد المازندراني (...... ـ ١٦٧٥) العالم والمحدِّث الشهير : «شرح أُصول الكافي والروضة».

__________________

([١]) مارتن مكدرموت، نظريات علم الكلام عند الشيخ المفيد ـ الانجليزية ـ، دار المشرق، بيروت، ١٩٧٨/٣٦٧ ـ ٣٦٩.


٣ ـ الفَيْض الكاشاني ، محمد محسن (١٠١٠ / ١٥٩٩ ـ ١٠٩١ / ١٦٩٠) في تعاليقه على أحاديث توحيد الكافي في كتابه «الوافي».

٤ ـ العلاّمة المجلسي ، محمد باقر بن محمد تقي (١٠٣٧ / ١٦٢٨ ـ ١١١٠ / ١٦٩٩) : «مرآة العقول» شرح للكافي بأجمعه.

وهؤلاء الاربعة مختلفون بحسب اتّجاهاتهم الفكرية ومشاركتهم في العلوم وتخصّصهم في فروعه. ففيهم من يُعدّ من الأقطاب البارزين في الفلسفة الإِسلامية وصاحب مدرسة شهيرة فيها كصدر المتألّهين ، وفيهم من جمع بين الفلسفة والفقه والحديث كالفيض ، ومن اتّجه إلى العناية بالحديث وعلومه كالمجلسي وصِهْره المازندراني. فإنّ دراسة شروح هؤلاء ومواقفهم من الأحاديث المروية عن أئمّة أهلِ البيت عليهم السلام ، في التوحيد والعَدْل لَتعطى] أقوى الشواهد على ما قلته من أنّ الإِمامية ، مهما اختلفت اتّجاهاتهم ، لم تختلف آراؤهم فيما يرجع إلى أُصول العقيدة.

والسر في ذلك يعود بالدرجة الاُْولى إلى طبيعة الحديث الإِمامي نفسه وأنّه يختلف عن الحديث غير الإِمامي. وذلك أنّ الاَْحاديث التي رويت من طرق غير الإِمامية ـ وقد قدّمت أسماء الكتب التي تجمع هذه الاَْحاديث ، والتي تتناول تفسيرها ، وتأويل ما يحتاج منها إلى التأويل ـ لا تحمل في طيّاتها ما ينفي التجسيم والتشبيه والجبر ، بينما تتوفَّر فيها الأحاديث التي يكون ظاهرها إثبات التجسيم ، والتشبيه ، والجبر ، وهي كثيرة جدّاً ، فلم يجد المؤوِّلون ـ إلى جنب الأحاديث المثبتة ـ أحاديث تنفي بصورة مباشرة ، تمكّنهم من حلّ المشكلة عن طريق تفسير الحديث بالحديث ، وتأويل ما ظاهره الإِثبات بما يكون نصّاً في النفي ، فاضطرّوا إلى اللجوء إلى طرق أُخر من التأويل.

ويظهر هذا بوضوح من صنيع ابن فورك ، والخطّابي ، والبيهقي ـ الّذين تقدّم ذكرهم ـ وما صنعه أبوالمعالي الجويني ، عبدالملك بن عبدالله النيسابوري الشافعي (٤١٦ / ١٠٢٨ ـ ٤٧٨ / ١٠٨٥) المتكلّم الاشعري


الشهير في كتبه الكلامية ، وفخر الدين الرازي ، محمد بن عمر الشافعي (٥٤٤ / ١١٥٠ ـ ٦٠٦ / ١٢١٠) الإِمام المتكلّم والمفسّر الاَْشعري الشهير ، في تفسيره الشهير وكتبه الكلاميّة. وما ذكره من التأويل ابن الجوزي ، وتقي الدين الحصني في كتابيهما اللذين تقدّم ذكرهما. فإنّ دراسة هذه التأويلات لَتقدِّم أقوى الأدلّة على ما قلناه.

والحال في الحديث الإِمامي على النقيض من هذا ، فإنّ أحاديث التوحيد والعدل قد ذكرت في «كتاب التوحيد» من «الكافي» للكليني و «كتاب التوحيد» للشيخ الصدوق ، و «كتاب التوحيد والعدل» من الموسوعة الحديثيّة الشهيرة «بحار الأنوار» للعلاّمة المجلسي ، والذي استوعب هذا الاَْخير كلّ ما ورد في مصادر الإِمامية مسنداً أو مرسلاً ، صحّ سنده أو لم يصحّ ، وجاء في الطبعة الحديثة من البحار في ستّة أجزاء (ج ٣ ـ ج ٨). ومن يرجع إليها لا يجد الحال فيها ما يجدها عند غيرهم ، بل هي مليئة بالاَْحاديث الصحيحة ، بل المتواترة ، إجمالاً ، أو معنىً ، الدالّة بصراحة على نفي التشبيه ، والتجسيم ، والجبر ، خاصة دلالتها على بقيّة ما تعتقده الإِمامية في أمر التوحيد والعدل ، سواء الذي امتازت به أم الذي اشتركت فيه مع غيرها من المسلمين. ولأجل هذا لم يجد الكليني والصدوق ، للدلالة على النفي ، أيّ عناء سوى سوق الاَْحاديث الكثيرة الدالّة عليه بصراحة ووضوح.

نعم ، كلّ ما هناك ما أشار إليه شيخنا الصدوق في فاتحة «كتاب التوحيد» حيث قال :

«إنّ الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا أنّي وجَدْتُ قَوْماً من المخالفين لنا ينسبون عصابتنا إلى القول بالتشبيه والجبر ، لما وجدوا في كتبهم من الأخبار التي جهلوا تفسيرها ولم يعرفوا معانيها ، ووضعوها في غير مواضعها ، ولم يقابلوا بألفاظها ألفاظَ القرآن [أي جاء فيها ما جاء في القرآن الكريم من ألفاظ وتعابير ، فإن كان القرآن الكريم دالاً على تشبيه والجبر فهي دالّة أيضاً ، وإن لم يقولوا


بدلالة القرآن على ذلك فكيف قالوا بدلالة تلك الأحاديث؟!] فقبَّحوا بذلك عند الجهّال مذهبنا ، ولبَّسوا عليهم طريقتنا ، وصدُّوا الناس عن دين الله ، وحملوهم على جحود حجج الله ، فتقرَّبْتُ إلى الله ، تعالى ذكره ، بتصنيف هذا الكتاب في التوحيد ونفي التشبيه والجبر ...» (٢٧).

وخلاصة الكلام أنّ الإِماميّة إنْ دُرِسَت عقيدتُها على ضوء ما ورثته من أحاديث الأئمّة عليهم السلام ، فإنّ هذه الدراسة لَتكشف بوضوح أنّ ما تعتقده إنّما ينبع من تلك الاَْحاديث ، والأحاديث نفسها تتّفق في مضمونها بين التي روتها عن أوّل أئمّتها ، أمير المؤمنين عليه السلام ، وبين التي جاءتها من الإِمام الحادي عشر أو الحجّة المنتظر ، عليهما السلام ، مثلاً ، وأساس ذلك يرجع إلى أنّ الإِماميّة بعد أنْ دانت بالإِمامة والتزمت بطاعة الأئمّة عليهم السلام ـ كما قدَّمت في مدلول الإِمامة عند الإِمامية ـ فإنّها قد أخذت عقائدها منهم كما أخذت أحكامها ، ودراسة الكتابين; «اعتقادات الإِمامية» للصدوق ، و «تصحيح الاعتقاد» للمفيد كافية في إثبات ذلك ، خاصة بعد أنْ كان كتاب الصدوق لا يتعدّى عن سرد مضامين الآيات والاَْحاديث ، بل بنفس الألفاظ والتعابير ، كما قدَّمناه.

فالقول بأنّ الإِماميّة أخذت عن المعتزلة وتأثّرَتْ بهم فيما اتّفقت معهم في العقيدة لا أقول فيه سوى إنّه باطل لا أساسَ له من الصحّة جملة وتفصيلاً ، ولا سند له من دراسة عقائد الإِمامية والاُسس التي قامت عليها تلك العقائد. والسؤال الذي يكون وجيهاً ـ والحال هذه ـ : هل غيرها أخذ عقيدته من أئمّتها؟ ولا أُحاول هنا أن أبحث عن هذا الجانب ولكنّي أُشير إلى أنّ الكعبي البلخي ، والقاضي عبدالجبّار ، وابن المرتضى ، ونَشْوان الحِمْيَري يسندون مذهب المعتزلة في العدل والتوحيد إلى أمير المؤمنين عليه السلام (٢٨).

__________________

(٢٧) التوحيد، مكتب الصدوق، طهران: ١٣٨٧/١٧ ـ ١٨.

(٢٨) البلخي، ذكر المعتزلة /٦٤، القاضي عبدالجبار، فضل الاعتزال وذكر المعتزلة /١٤٦ ـ


* [ابن] النديم : «أسماء من أخذ عنه العَدْلُ والتوحيد» : قرأت بخطّ أبي عبدالله بن عبدوس; قال أبوالحسن أحمد بن يحيى بن عليّ بن يحيى المنجّم ، أخبرني أبي ، وأخبرني عمّي أحمد ، وعمّي هارون ، قالوا : حدّثنا أبويعلى زُرْقان ـ واسمه محمد بن شدّاد ، صاحب أبي الهذيل ـ قال : حدّثنا أبوالهذيل العلاّف ، محمد بن الهذيل ، قال :

أخذت هذا الذي أنا عليه من العَدْل والتوحيد ، عن عثمان الطويل ـ وكان معلّم أبي الهذيل ـ قال أبوالهذيل : وأخبرني عثمان أنّه أخذه عن واصل بن عطاء ، وأنّ واصلاً أخذه عن أبي هاشم عبدالله بن محمّد بن الحنيفة ، وأنّ عبدالله أخذه من [؟] أبيه محمد بن الحنيفة ، وأنّ محمداً أخبره أنّه أخذه عن أبيه عليّ ، عليه السلام ، وأنّ أباه أخذه عن رسول الله عليه [وآله] السلام ، وأنّ رسول الله أخبره أنّ جبرئيل نزل به عن الله جلّ وتعالى.

وقال الذهبي : قال زُرْقان (٢٩) : حدّثنا أبوالهذيل العلاّف ، قال :

أخذت ما أنا عليه من العَدْل والتوحيد عن عثمان الطويل ، وأخبرني أنّصه أخذه عن واصل بن عطاء ، وأخذه عن عبدالله بن محمد بن الحنيفة ، وأخذه مِنْ أبيه ، وأخبره أنّه أخ ذه عن أبيه عليّ ، وأنّه أخذه عن رسول الله ، صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، وأخبره أنّ جبريل نَزَل به عن الله تعالى. رواه جماعةٌ عن زُرْقان (٣٠).

ويجب أنْ ننتبِّه إلى أنّ ما جاء في «اعتقادات الإِماميّة» ولم يعلّق عليه المفيد ، أو الذي أقرّه المفيد عليه ، وهكذا المناقشات التي ذكرها المفيد والنقاط التي لم يقبلها أو لم يرض بالدليل الذي ذكره الصدوق لها ، ليس مدلول

__________________

١٤٧، ١٥٠، ١٦٣، ٢١٤ ـ ٢١٥، ابن المرتضى، المنية والأمل /٢٦ ـ ٢٧، ١٢٥ ـ ١٢٦، ١٢٧ ـ ١٢٨، البحر الزّخّار، ١/٤٤، نَشْوان الحِمْيَري، الحُور العين /٢٠٦.

(٢٩) المتكلّم المعتزلي الشهير.

(٣٠) سير أعلام النبلاء: ١٣/١٤٩.


كلّ ذلك أنّ غيرهما من علماء الإِمامية يتّفق مع أحدهما أو معهما في الرأي ، أو يرضى بصحّة الدليل أو يقرّ دلالته على ما يقولانه ، أو يقرّ بمناقشة المفيد ويرتضيها. ومن الطبيعي أنّ هذا الجانب من الكتابين إنّما يختصّ بالتفاصيل التي جاءت فيهما ، لا في أُصول العقيدة التي تتّفق عليها الإِماميّة بأجمعها.

٧ ـ نموذج من الحديث الامامي :

ومثال واحد أذكره من مئات الأمثلة التي تدلّ على طبيعة الحديث الإِمامي ، وإبائه عن أن تستقرّ في نفس مَنْ يؤمن به نزعة التجسيم والتشبيه أو الجبر ما روي عن الإِمام أمير المؤمنين عليه السلام من قوله عليه السلام في خطبته الشهيرة ، وهذه الخطبة ذكرها الشريف الرضي ، أبوالحسن محمد بن الحسين الموسوي (٣٥٩ / ٩٧٠ ـ ٤٠٦ / ١٠١٥) في «نهج البلاغة» ورواها من محدّثي الإِمامية ممّن سبق الشريف الرضي ، الشيخ الصدوق (ح ٣٠٦ / ٩١٩ ـ ٣٨١ / ٩٩١) في «كتاب التوحيد» (٣١) روى قطعة كبيرة من أوّلها ، وألفاظها فيها بعض الاختلاف عمّا في النهج ، وشرح بعض ما جاء فيها. ورواها ايضاً أبوالنضر محمد بن مسعود السُّلمي العيّاشي (؟ ـ ح ٣٢٠ / ٩٣٢) وأخرج قسماً منها في التفسير (٣٢). وكلّ هؤلاء ينتهي السند عندهم إلى مَسْعَدة بن صدَقة وهو رواها عن الإِمام الصادق ، عن أبيه ، عليهما السلام. وهو أبومحمد مَسْعَدة ابن صدقة العَبْدي ، من اصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام له : «كتاب خطب أميرالمؤمنين عليه السلام» (٣٣).

ورواها محدِّثو الزيدية ، فرواها يحيى بن الحسين الحسني ، الناطق بالحقّ ، الإِمام الزيدي (٣٤٠ / ٩٥٢ ـ ٤٢٤ / ١٠٣٣) بسند آخر ينتهي إلى زيد

__________________

(٣١) مكتبة الصدوق، طهران: ١٣٨٧/٤٨ ـ ٥٦، وعنه في البحار: ٤/٢٧٤ ـ ٢٨٤.

(٣٢) ١/١٦٣ اي ٥، وعنه البحار، ٣/٢٥٧، تفسير البرهان، ١/٢٧١ اي ١٢.

(٣٣) النجاشي: ٢٥٩، مجمع الرجال ٦/٨٧، الذريعة: ٧/١٩١ اي ٩٧٢.


بن أسلم ـ وأرى أنّ هذا تصحيف ، والصحيح : زيد بن وَهْب ، وهو الجهني (٩٦ / ٧١٥) من كبار التابعين ، ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، له : «كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر في الجُمع والأعياد وغيرها» (٣٤) رواها مباشرة عن أمير المؤمنين عليه السلام ، ولفظه قريب من لفظ الصدوق ، وإن كان السند مغايراً (٣٥).

وذكرها أحمد بن محمد بن عبد ربّه القرطبي المالكي (٢٤٦ / ٨٦٠ ـ ٣٢٨ / ٩٤٠) في العقد الفريد (٣٦).

وهذه الخطبة خطبها أمير المؤمنين عليه السلام على منبر الكوفة ، وذلك : أنّ رجلاً قال له ـ وهو يخطب ـ صِفْ لنا ربّنا مثلَ ما نراه عياناً (...) فغضب عليه السلام ، ونادى الصلاة جامعة ، فاجتمع إليه الناس حتّى غصّ المسجد بأهله ، فقال ـ في جملة ما قال ، وأنا أذكر رواية الشريف الرضي ـ :

فأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ شَبَّهَكَ بِتَبَايُنِ أَعضاءِ خَلْقِكَ ، وَتَلاَحُمِ حِقَاق مَفَاصِلِهِمِ المُحْتَجَبة لَتَدْبيرِ حِكْمَتِكَ ، لَمْ يَعْقِدْ غَيْبَ ضَمِيرِهِ عَلَى مَعْرِفَتِكَ ، وَلَمْ يُبَاشِرْ قَلْبَهُ الْيَقينُ بأَنَّهُ لا نِدَّ لَكَ ، وَكَأنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ تَبَرُّؤَ التَّابِعينَ عَن المَتْبُوعِينَ ، إذْ يَقولُونَ : (تَالله إِن كُنَّا لَفِي ضَلاَل مُّبِين * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (٣٧) كَذَبَ العَادِلُونَ بِكَ ، إذْ شَبَّهُوكَ بِأصْنَامِهِمْ ، وَنَحَلُوكَ حِلْيَةَ المَخْلُوقِينَ بأَوْهَامِهِمْ ، وَجَزَّؤُكَ تَجْزِئَةَ المُجَسَّمَاتِ

__________________

(٣٤) الطوسي، الفهرست: ٩٧، معالم العلماء: ٤٤، مجمع الرجال: ٣/٨٥، الذريعة: ٧/١٨٩ أي ٩٦٥.

(٣٥) تيسير المطالب في أمالي الإِمام أبي طالب، مؤسسة الاعلمي، بيروت، لبنان، ١٣٩٥/١٩٧٥/٢٠٢ ـ ٢٠٤، ذكر قسماً كبيراً منها.

(٣٦) لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٨١/١٩٦٢، ٤/١٥٢ ـ ١٥٤، ذكر قسماً كبير منها.

(٣٧) الشعراء ٢٦: ٩٧ و ٩٨.


بِخَواطِرِهِمْ ، وقَدَّرُوكَ عَلَى الخِلْقَةِ المُخْتَلِفَةِ القُوَى بِقَرائحِ عُقُوْلِهِمْ.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ سَاوَاكَ بِشَيْء مِنْ خَلْقِكَ فَقَدْ عَدَلَ بِكَ ، والعادِلُ بِكَ كَافِرٌ بِمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ مُحْكَمَاتُ آياتِكَ ، وَنَطَقَتْ عَنْهُ شَوَاهِدُ حُجَجِ بَيِّناتِكَ ، وَإنَّكَ أَنْتَ الله الَّذي لَمْ تَتَنَاهَ فِي العُقُولِ ، فَتَكُونَ في مَهَبِّ فِكْرِها مُكَيَّفاً ، وَلاَ في رَويَّاتِ خَوَاطِرِها مَحْدُوداً مُصَرَّفاً ... (٣٨)

ولا أُريد أنْ أشرح هذه الفِقْرَة من الخطبة والتي يشير فيها الإِمام ، عليه السلام ، إلى أسباب حدوث التشبيه والتجسيم عند المسلمين في نشأته الاُْولى «إذْ شَبَّهُوكَ بِأَصْنَامِهِمْ ...» وإنّما أقول : إنّ مَنْ يؤمن بهذا الكلام ـ وبغيره من أحاديث أئمّة أهل البيت ، عليهم السلام ـ كنصّ صادر من إمام معصوم ، له من الطاعة ما لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وقد قدَّمْتُ عقيدة الإِماميّة في الإِمامة والإِمام ، ليس من الطبيعي إذن ، إلاّ في حالات شاذّة ، أنْ يقول بالتشبيه والتجسيم إلاّ بصورة لا شعورية ... قال القاضي عبدالجبّار المعتزلي الشافعي :

«فأمّا أمير المؤمنين عليه السلام فخطبه في بيان نفي التشبيه ، وفي إثبات العَدْل أكثر من أن تحصى ...» (٣٩).

وقال أيضاً : «وأنت إذا نظرت في خطب أمير المؤمنين وجَدْتَها مشحونةً بنفي الرُّؤْية عن الله تعالى» (٤٠).

__________________

(٣٨) نهج البلاغة، شرح محمد عبده، ومحمد محيي الدين عبدالحميد، مطبعة الاستقامة، القاهرة، ١/١٦٣ ـ ١٦٤، وانظر البحار، ٧٧/٣١٨، وشرح ابن أبي الحديد ٦/٤١٣ ـ ٤١٥.

(٣٩) فضل الاعتزال وذكر المعتزلة /١٦٣.

(٤٠) شرح الاصول الخمسة /٢٦٨.


٨ ـ لكن الخصوم اتهموا الامامية بما يأبى الحديث الإِمامي منه :

ومهما يكن فإنّ أخفّ جوانب الاتّهام الذي وجّهه إلى الإِماميّة خصومهم ، هو ما تقدّم من أنّ الإِماميّة كانوا في بداية أمرهم ـ وإلى عصور تلتها ـ كانوا قد حصروا أنفسهم وعقائِدهم في حدود المداليل اللفظية للكتاب والسُّنّة ، ولم يتعدّوا ذلك إلى المجال العقلي والاعتماد على العقل كمصدر لشرح العقيدة وتوجيهها ، والاستعانة به في الاستدلال على إثباتها وردّ شبه خصومها ، وإبطال حججهم.

ولكنّ خصوم الإِمامية لم يقفوا عند هذا الحدّ ، بل تجاوزه إلى اتّهام الإِمامية ، بأنّهم قبل اتّصالهم بالمعتزلة :

١ ـ كانوا يقولون بالتجسيم والتشبيه الصريحين.

٢ ـ لم يكونوا يقولون بالعدل كأصل دينيّ له خصائصه ومستلزماته.

٣ ـ لم يكونوا يعرفون الفروق الدقيقة والبحوث النظرية الراجعة إلى التوحيد والعدل ، والتي أشرت إليها بإجمال عند الكلام عن عقائد الإِمامية ، ولم يكونوا على علم بالجهات التي تفرّق بين صفات الذات وصفات الفعل ـ مثلاً ـ إذا لم يكونوا بعد قد اعتمدوا على البحوث العقلية التي تنتهي إلى استكشاف تلك الاُْسس الدقيقة وتركيز تلك التفاصيل عليها.

٤ ـ كانوا يقولون بالجبر ـ بل والشديد منه ـ.

يقول أبوالحسين الخيّاط المعتزلي :

«وأمّا جملة قول الرافضة ، فهو : إنّ الله عزّ وجلّ ذو قَدٍّ ، وصورة ، وحدّ ، يتحرَّك ويسكن ، ويدنو ويبعد ، ويخفّ ويثقل ...» هذا توحيد الرافضة بأسرها ، إلاّ نفراً منهم يسيراً صحبوا المعتزلة واعتقدوا التوحيد ، فنفتهم الرافضة عنهم ، وتبرّأتْ منهم ، فأمّا جُمْلَتُهم ومشايخهم ، مثل : هشام بن سالم ، وشيطان الطاق ، وعليّ بن ميثم ، وهشام بن الحكم ، وعليّ بن منصور ،


والسكّاك ، فقولهم ما حكيت عنهم ...» (٤١).

ويحكي (م. مكدرموت) عن ابن تيميّة : أنّ القول بالعدل الإِلهي قد أخذه متأخّرو الإِمامية كالمفيد [(٣٣٦ / ٩٤٨ ـ ٤١٣ / ١٠٢٢)] والموسوي [الشريف المرتضى (٩٥٥ / ٩٦٦ ـ ٤٣٦ / ١٠٤٤)] والكَرَاجِكيّ [(ح ٣٦٩ / ٩٨٠ ـ ٤٤٩ / ١٠٥٧)] ولا أثر له فيمن تقدّمهم من الإِمامية. ويأخذ عليه (مكدرموت) بأنّ الخيّاط يشير إلى وجود أقليّة اتّصلت بالمعتزلة فتأثّرت بعقائدهم ، وهكذا الأشعري يذكر مثل ذلك في مقالاته. ويمثِّل بعقائدهم ، وهكذا الأشعري يذكر مثل ذلك في مقالاته. ويمثِّل لهم (مكدرموت) بالنَّوْبختيّين الّذين كانوا في أواخر القرن الثالث [أوائل القرن العاشر الميلادي] (٤٢) ...

«كان المفيد قد ورث تراثين : الأوّل ما ورثه من متكلّمي الإِمامية الاَْوائل ، وخاصّة النوبختيّين الّذين كانوا في أواخر القرن الثالث على اتّصال بالمعتزلة ، والثاني المدرسة القميّة لأصحاب الحديث والتي كان يمثّلها ابن بابويه القمّي [الصدوق] ...» (٤٣).

ولكنّ شمس الدين الذهبي صاحب ابن تيميّة (٦٧٣ / ١٢٧٤ ـ ٧٤٨ / ١٣٤٨) يتقدّم بالزمان على ما قرّره زميله فيقول : «ومن حدود سنة ٣٧٠ [٩٨٠] إلى زماننا تصادق الرفض والاعتزال وتواخيا» (٤٤) ولكنّ ابن حجر العسقلاني لا يقرّه على هذا التحديد التأريخيّ ويقول : «ليس كما قال ، بل لم يزالا متواخِيَيْنِ من زمن المأمون [الخليفة العبّاسي (١٧٠ / ٧٨٦ ـ الخلافة ١٩٨ / ٨١٣ ـ ٢١٨ / ٨٣٣]» (٤٥).

__________________

(٤١) الانتصار والردّ على ابن الروندي الملحد /١٤.

(٤٢) نظريات علم الكلام عند الشيخ المفيد / ٢ ـ ٣.

(٤٣) المصدر /٣٩٥.

(٤٤) ميزان الاعتدال ٣/١٤٩.

(٤٥) لسان الميزان ٤/٢٤٨.


وأتغافل أنا عن كلّ هذه الاَْقوال ، وأُعْنى فحسب بالبحث عمّا استندوا إليه. وعمدتهم في ذلك كلّه إلى ما حكاه هؤلاء الخصوم عن بعض أعلام الإِماميّة والمتقدّمين من محدّثيهم ومتكلّميهم ، كالّذين سمّاهم الخيّاط ، من القول بالتجسيم والتشبيه الصريحين ، بل والانتهاء فيهما إلى حدّ السُّخْف وهُجْر القول.

وأنا لا أطمع ـ ولا أرجو ، بل أتمنّى ، كما يتمنّى المرء المحالات! ـ أنْ يَعْدِل هؤلاء الخصوم ـ الماضين منهم والمعاصرين ـ عن آرائهم ، ولا أنْ يرجعوا عن ترديد اتّهاماتهم ، ولا أنْ يعيدوا النظر في احكامهم ، ولا أريد أن أذكر الأسباب التي جرّتْني إلى هذا المستوى الرفيع من حسن الظنِّ بهم وبعدالتهم وإنصافهم ، ونزاهتهم عن الكذب والافتراء و... و...

ولكنّي إيماناً منّي بالإِنسانيّة ونزاهتها في الحكم ، وبالباحث وتطلُّعه إلى كشف الحقائقق ، والاَْهمّ من هذا كلّه إيماناً منّي بالإِسلام وما يفرضه على المسلم الصادق من سماع للقول أيّاً كان قائله ثم اتّباع أحسنه ، وإنصاف في الحكم أيّاً كان المُنْتَفع به ، وقول للحقّ وإن كان على نفسه ، وخضوع لقول الله تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لله شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْم عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا إِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (٤٦) إيماناً منّي بهذا كلّه أدرس هذا الجانب من الاتّهام دراسة موجزة ، وأخصّ بحثي بالهامشين ، هشام بن الحكم ، وهشام بن سالم لا أتعدّاهما ، وعلى ما ينتهي إليه البحث عنهما من نتائج فقِسْ ما سواهما!

٩ ـ هشام بن الحكم ، بعض جوانب شخصيّته :

أبو محمّد ، هشام بن الحكم الكندي ، مولاهم ، الكوفي ، ثم البغدادي

__________________

(٤٦) المائدة ٥: ٨.


(ح ١٠٥ / ٧٢٣ ـ ١٨٩ / ٨٠٥) شيخ متكلّمي الإِمامية ورائدها.

ولد بالكوفة ، ونشأ بواسط ـ وكلاهما من مدن العراق ، ولا زالت الكوفةُ عامرة ـ ثم عاد إلى الكوفة فعاش بها ، وكان له بها متجر ومتجر ببغداد ، ثمّ تحوّل إلى بغداد سنة ١٧٩ / ٧٩٦ فسكنها بصورة دائمة. لقي هشام الإِمامين الصادق والكاظم عليهما السلام ، وعاش بعد الكاظم لكنّه لم يتمكّن من لقاء الرضا عليهما السلام. قال فيه علماء الإِماميّة :

«كان ثقة في الحديث ، حسن التحيق [أي المعرفة والثبات] في مذهبه ، فقيهاً ، متكلّماً (...) حاذقاً بصناعة الكلام ، حاضرَ الجواب. ورويت عن الاَْئمّة ، الصادق ، والكاظم ، والرضا ، والجواد ، عليهم السلام مدائح له جليلة ، وأثنوا عليه ثناءً وافراً» (٤٧).

وقال شيخنا المفيد :

«وبلغ من مرتبته وعلوّه عند أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام أنّه دخل عليه بمنّى وهو غلام ، أوّل ما اختطّ عارضاه ، وفي مجلسه شيوخ الشيعة كحُمْران بن أَعْيَن ، وقيس الماصر ، ويونس بن يعقوب ، وأبي جعفر الأحول [مؤمن الطاق ، وهشام بن سالم] فرفعه على جماعتهم ، وليس فيهم إلاّ من هو أكبر ستّاً منه ، فلمّا رأى أبوعبدالله عليه السّلام أنّ ذلك الفعل قد كبر على أصحابه ، قال : هو ناصرنا بقلبه ، ولسانه ، ويده» (٤٨).

وبمثله قال ابن شهرآشوب ، وأضاف :

__________________

(٤٧) المفيد، الفصول المختارة ١/٢٨، الطوسي، الفهرست /٢٠٣ ـ ٢٠٤، النجاشي /٣٠٤ ـ ٣٠٥، ابن شهرآشوب، معالم العلماء /١١٥، العلاّمة الحلّي، خلاصة الأقوال /١٧٨، وعن هؤلاء عامة من ترجم له راجع: معجم رجال الحديث ١٩/٣٣١، وهكذا وصفه «ابن» النديم (الفهرست /٢٠٣ ـ ٢٠٤).

(٤٨) الفصول المختارة، ١/٢٨، البحار، ١٠/٢٩٥ ـ ٢٩٦ راجع الحديث في الكافي، ١/١٧١ ـ ١٧٣ اي ٤٣٣/٤، وفي كثير من مصادر الحديث.


«وقوله [الصادق] عليه السلام : هشام بن الحكم رائدُ حقِّنا ، وسائق قولنا ، المُؤيِّد لصدقنا ، والدافعُ لباطلِ أعدائنا ، من تَبِعَه وتَبِع أثره تَبِعنا ، ومَنْ خالفه وألحد فيه عادانا وألحد فينا» (٤٩).

كان هشام بن الحكم متكلّماً ، قويّ الكلام ، بصيراً بالحجّة والجدل ، حاضر البديهة ، قويَّ الذاكرة ، عميق المعرفة ، واسع الثقافة ، متعدّد الجوانب ، كثير النشاط ، مناظراً جَدِلاً ، اتّصل بعامّة أصحاب المقالات ، ومتكلّمي الفرق مسلمين وغير مسلمين ، وناظرهم ، وتكلّم معهم ، بل وصادقهم ، حتى ضرب المثل بصداقته وحسن صحبته لمن يصادقه وإن تناقضت آراؤها.

وهذا جانب من خلق هشام هامٌّ جدّاً في تفهّم شخصيّته. فإنّ أحدَ مَن صادقهم وبصداقته معه ضرب المثل هو : عبدالله بن يزيد الفَزَاري ، الكوفي ، المتكلّم الإِباضي ، وكان هو وأصحابه أقرب فرق الخوارج إلى أهل السُّنَّة (٥٠) وكان من كبار الخوارج ومتكلّميهم ، ومؤلّفي كتبهم ، وذكروا له من الكتب : كتاب التوحيد ، كتاب الردّ على المعتزلة ، كتاب الردّ على الرافضة (٥١).

«فكان عبدالله بن يزيد الإِباضي من أصدق الناس لهشام بن الحكم ، وكان يشاركه في التجارة» (٥٢) وجعلهما الجاحظ أفضل المتضادَّيْن ممّن «لم يَجْر بينهم صُرْمٌ ، ولا جَفْوة ، ولا إعراض (...) فإنّهما صارا إلى المشاركة بعد الخلطَة والمصاحبة (...) فهما أفضلا على سائر المتضادَّيْن بما صارا إليه من

__________________

(٤٩) معالم العلماء /١١٥، معجم رجال الحديث، ١٩/٣٣٤. وكلام الصادق عليه السلام هذا حكاه الشريف المرتضى في الشافي /١٣.

(٥٠) ابن حزم، الفصل، ٢/١١٢ و «الاباضيّة» من فرق الخوارج اخذوا مذهبهم منه. ابن حجر، لسان الميزان، ٣/٣٧٨.

(٥١) الاشعري، مقالات الاسلاميين، ١/١٨٦، «ابن» النديم، الفهرست /٢٣٣، الشهرتاني، الملل والنحل، ١/١٣٧، البغدادي، هدية العارفين، ١/٤٤٦.

(٥٢) كمال الدين، ٢/٣٦٣، البحار، ٤٨/١٩٨.


الشركة في جميع تجارتهما» (٥٣).

«وكان عبدالله بن يزيد الإِباضي بالكوفة تختلف عليه أصحابه يأخذون عنه ، وكان خرّازاً شريكاً لهشام بن الحكم ، وكان هشام مقدَّماً (...) تختلف عليه أصحابه من الرافضة يأخذون عنه ، وكلاهما في حانوت واحد ، على ما ذكرنا من التضادّ في المذاهب من التشرّي (٥٤) والرَّفضْ ، ولم يجر بينهما مسابّة ولا خروج عمّا يوجبه العلم ، وقضيّة العقل ، وموجبات الشرع ، وأحكام النظر والسير» (٥٥).

وخلق هشام هذا كان يدعو الكثير ممَّنْ يخالفونه في العقيدة أن يتّصلوا به ابتداءً ، إذ لم يكن يعرّض من يتّصل به إلى الاَْخطار ، ولم يكن يخاف منه سوء الأدب وقبح العشرة ، أو الخروج عن أدب المعاشرة أو أدب الكلام. يروي ابن قتيبة : أنّ هشاماً جاءه ملحد ، فقال له : أنا اقول بالاثنين ، وقد عَرَفْتُ إنصافك فلَسْتُ أخاف مشاغبتك ، ثم ناظره فقطعه هشام بسرعة واجابه بما أقنعه (٥٦).

وما قدّمناه من خلق هشام هو الذي أوجب أنْ يتحوَّل اتصال أبي شاكر الدَّيصاني ـ احد مشاهير الزنادقة ـ بهشام إلى صداقة وصحبة بينهما ، بعد ان كانت في أصلها صلة جدل ونظر ونقاش فيما كانا يختلفان فيه من وجهات الرأي والعقيدة. وربما سأله أبوشاكر أنْ يستأذن له في الدخول على الإِمام الصادق عليه السلام (٥٧).

وربما تناظرا ، فكان البحث ينتهي الى مدى لم يكن لهشام فيها من جواب ـ كما يحدثنا هشام ـ ويقول : انه اجتمع بالصادق عليه السلام بالمدينة

__________________

(٥٣) الجاحظ، البيان والتبيين، ١/٤٦ ـ ٤٧، الراغب، محاضرات الادباء ٢/٧.

(٥٤) عقيدة الشُّراة أي الخوارج.

(٥٥) مروج الذهب ط باريس، ٥/٤٤٣ ـ ٤٤٤.

(٥٦) عيون الاخبار، ٢/١٥٤.

(٥٧) التوحيد /٢٩٠، البحار، ٣/٥٠.


وتعلّم منه الجواب ، ثم اجتمع بأبي شاكر بالكوفة فذكر له الجواب ، فقال الديصاني : هذه نُقِلَتْ من الحجاز (٥٨).

ولكن هذا الخلق الرفيع تحوّل عند خصومه إلى تطعن وتجريح ، يقول الخياط رادّاً على من اتّهم المعتزلة بأنّهم أخذوا بعض ارائهم عن الديصانية :

«بل المقروف [المُتَّهم] بقول الديصانيّة شيخ الرافضة وعالمها هشام بن الحكم المعروف بصحبة ابي شارك الدَّيصْاني ...» (٥٩).

١٠ ـ شخصيّته الكلامية ونشاطه الفكري :

وقد زادت صلة هشام بالمتكلّمين وزعماء الفرق ، بعد ما تزعّم النَّدوْةَ البرمكيّة. فإنّه بعد أن اعتقل الخليفة هارون الامام موسى بن جعفر عليهما السلام سنة ١٧٩ / ٩٧٥ اضطرّ أن يهاجر إلى بغداد بصورة دائمة ، وأنْ يلتجىء إلى يحيى بن خالد البرمكي (١٢٠ / ٧٣٨ ـ ١٩٠ / ٨٠٥) الوزير العبّاسي الشهير ، ليحتمي به ، فصار كما قال المترجمون له : «وكان منقطعاً إلى يحيى ابن خالد البرمكيّ ، وكان القيمّ بمجالس كلامه ونظره» (٦٠).

و «كان ليحيى بن خالد مجلس في داره يحضره المتكلّمون من كلّ فرقة وملّة يوم الأحد فيتناظرون في أديانهم ، يحتج بعضهم على بعض» (٦١).

ومن الطّبيعي أنْ هذه الندوة الكلامية ، التي كانَتْ تنعقد اسبوعياً بمحضر أقوى رجل في الدولة بعد الخليفة ، وكان هشام هو الذي يرأسها ويدُيرُها ، وهذا هو المفهوم من قولهم «وكان القيم بمجالس كلامه ونظره» كانت توفّر له الاتّصال

__________________

(٥٨) الكافي، ١/١٢٨ ـ ١٢٩ اي ٢٦٦/٩، التوحيد /١٣٣.

(٥٩) الانتصار والردّ على ابن الروندي الملحد /٣٧.

(٦٠) الطوسي، الفهرست /٢٠٤، «ابن» النديم، الفهرست /٢٢٣، ٢٢٤، مجمع الرجال، ٦/٢٣٣، لسان الميزان، ٦/١٩٤.

(٦١) كمال الدين، ٢/٣٦٢، البحار، ٤٨/١٧٩.


بالكثيرين ممَّنْ لا تسمح الظروف الاعتيادية ، ولو لمتكلم بارز كهشام ، الاتصال بهم والاستماع إلى ارائهم وحججهم ، ومناقشات بعضهم لبعض ، ثم الاشراف على سير البحث ، وتقييم الحجج واعطاء الرأي الفاصل.

ويحكي المسعودي مجلساً واحداً من ذلك ، فيقول في مقدمة الحكاية : «وقد كان يحيى بن خالد بن برمك ذا علم ومعرفة ، وبحث ، ونظر ، وكان له مجلس يجتمع فيه كثير من اهل البحث والنظر من متكلّمي الاسلام وغيرهم من اهل الآراء والنحل ، فقال لهم يحيى يوماً ، وقد اجتمعوا عنده : قد أكثرتم الكلام في الكمون والظّهور ، والقدم والحدوث ، والنفي (٦٢) والإِثبات ، والحركة والسكون ، والمماسّة والمباينة ، والموجود والمعدوم (٦٣) والأجسام والاَْعراض ، والتعديل والتجريح ، ونفي الصفات واثباتها ، والاستطاعة والافعال ، والجوهر ، والكميّة والكيفيّة ، والمضاف ، والكون والفساد ، والامامة انصّ هي ام اختيار ، وسائر ما توردونه من الكلام في الأصول والفروع ، فاشرعوا الآن في الكلام في العشق ...» وهكذا ذكر كثيراً من عناوين البحوث ، ثم ذكر الذين اشتركوا في هذا البحث ، وسمّاهم ومنهم : «علي بن الهثيم (٦٤) كان امامي المذهب من المشهورين من متكلّمي الشيعة» وهو اولهم. والثاني «أبومالك الحضرمي ، وكان خارجيّ المذهب ، وهم الشُّراة» (٦٥). والثالث «محمد بن الهذيل العلاّف ، وكان معتزلي المذهب وشيخ البصريين» والرابع «هشام بن الحكم الكوفي شيخ الامامية في وقته وكبير الصَّنْعة في عصره» (٦٦) والخامس «ابراهيم بن سيّار النّظّام وكان معتزلي المذهب وكان من نظّار البصريين في

__________________

(٦٢) في طبعة باريس: وابقي، وهو تصحيف.

(٦٣) الوجود والعدم والجرّ والطفرة: في طبعة بيروت.

(٦٤) في ط شارل بلا : علي بن ميثم، وهو الصحيح.

(٦٥)

(٦٦)


عصره» والسادس «علي بن منصور ، وان امامي المذهب من نظّار الشيعة ، وهو صاحب هشام بن الحكم» والسابع «معتمر بن سليمان وكان معتزلي المذهب وشيخاً من شيوخها المقدمين فيها» والثامن «بشر بن المعتمر ، وكان معتزلي المذهب وشيخ البغداديين واستاذ النظاريين والمتكلّمين منهم مثل جعفر بن حرب ، وجعفر بن مبشر (٦٧) وغيرهم من متكلّمي البغداديين» والتاسع «ثمامة بن اشرس ، وكان معتزلي المذهب» والعاشر وهو «السكال (٦٨) وكان إماميّ المذهب وصاحب هشام بن الحكم» وآخرين ... (٦٩).

ولكنّي هنا اكتفي بالإِشارة إلى من ذكروا انّ هشاماً اجتمع بهم من المعتزلة خاصة دون غيرهم :

١٢ ـ خاصم المعتزلة هشاماً فافتروا فصدَّقهم خصومهم فيه ، ولم يصدوقهم في غيره :

١ ـ أبوعثمان ، عمرو بن عبيدالتيمي البصري (٨٠ / ٦٩٩ ـ ١٤٤ / ٧٦١) ثاني رائدَي الاعتزال وداعيتيها. اجتمع به هشام في جامع البصرة وتناظر معه في الإِمامة ، وكانت الغلبة فيها لهشام «فقطعة هشام» كما عبروا (٧٠).

٢ ـ عبدالرحمن بن كَيْسان ، أبوبكر الأصمّ البصري (ـ ٢٠٠ / ٨١٦) من اعلام المعتزلة وذوي المكانة فيهم. ولكنّ الأصمّ كان من نواصب المعتزلة ، يُبْغض أمير المؤمنين عليه السلام. «ويقدح في إمامته» (٧١) «وفيه ميل على

__________________

(٦٧) في ط باريس: منتشر، وهو تصحيف.

(٦٨) والصحيح: السكاك.

(٦٩) مروج الذهب ط باريس، ٦/٣٦٨، ط بيروت، ٣/٣٧٠ ـ ٣٧٢، وحذفت ط شارل بلأ ، ٤/٢٣٦ ـ ٢٤١ كلام السادس فما بعد.

(٧٠) الكافي، ١/١٦٩ ـ ١٧١ اي ٤٣٢/٣، الكشي /٢٧١ ـ ٢٧٣، أمالي المرتضي ١/١٧٦ ـ ١٧٧، المسعودي، مروج الذهب «ط بارس» ٧/٢٣٤ ـ ٢٣٦، ومصادر كثيرة.

(٧١) الشهرستاني ١/٣١.


أمير المؤمنين علي عليه السلام وبذلك كان يُعاب» (٧٢) وتعليله للطعن في اماته عليه السلام ويقصد به عدم عدّه رابع خلفائهم ، لا الامامة بالمعنى الذي تقول به الامامية ـ (٧٣) ورأيه في مَن قاتله (٧٤) يدلّ على نزعته العدائية له عليه السلام. «وكان يقول في علي ومعاوية أقوالاً جعل معاوية فيها أحسن حالاً من عليّ» (٧٥). قال القاضي عبدالجبار المعتزلي ، وابن المرتضى الزيدي المعتزلي : «والذي نقم عليه أصحابنا (...) ازوراره عن علي عليه السلام ـ وعن ابن المرتضى : ويجري منه حيف عظيم على أمير المؤمنين ـ وكان أصحابنا يقولون : بُلى بمناظرة هشام بن الحكم فيغلوه هذا (٧٦) (٧٧) ولعلّ لموقفه من إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، ألّف بشْر بن المعتمر (٢١٠ / ٨٢٥) من أعلام المعتزلة : «كتاب الردّ على الأصمّ في الإِمامة» (٧٨) وللأصمّ : «كتاب الردّ على هشام في التشبيه» و «كتاب الجامع على الرافضة» (٧٩) ومَن تبلغ به الخصومة والعناد إلى أن يقول في علي عليه السلام ما لم يرتضه منه اخوانه في المذهب ، فهل تراه يلتزم الصدق والنَّصف فيما يقوله عن هشام والرافضة!

٣ ـ محمد بن الهُذَيْل العبدي ، مولاهم ، أبوالهذيل العلاّف البصري (١٣٥ / ٧٥٣ ـ ٢٣٥ / ٨٥٠).

__________________

(٧٢) «ابن» النديم /٢١٤.

(٧٣) مقالات الاسلاميين، ٢/١٣٣، الشهرستاني، ١/٣١، ٧٢ ـ ٧٣.

(٧٤) مقالات الاسلاميين، ٢/١٣٠ ـ ١٣١.

(٧٥) البغدادي، أصول الدين /٢٧٠، ٢٨٧، ٢٩١.

(٧٦) ولا أجد لهذا الكلام تفسيرأ ، سوى انهم يقصدون: أنّ اشتداد الخصومة بينهما أوجب أن يغلو كل واحد منهما في رأيه ويفرط في مذهبه.

(٧٧) القاضي عبدالجبار، فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة /٢٦٧، ابن المرتضى، المنية والامل /١٥٦.

(٧٨) «ابن» النديم ١٨٥.

(٧٩) «ابن» النديم /٢١٤.


قال الشهرستاني : «وجرت بينه [بين هشام] وبين أبي الهذيل مناظرات في علم الكلام ، منها في التشبيه ، ومنها في تعلّق علم الباري تعالى» (٨٠).

ويحكي إحداها المسعودي ويقول في آخرها : «فانقطع ابوالهذيل ولم يدر جواباً» (٨١) ولكن ابن حجر العسقلاني في حرّف كلام المسعودي ـ وأتمنّى لو كان بغير عمد ـ فقال في ترجمة أبي الهذيل : «وذكر [المسعودي] مناظرة بينه وبين هشام بن الحكم الرافضي ، وانّ هشاماً غلبه أبوالهذيل فيها» (٨٢) ولا أظنّ أنّ ابن حجر وجد في كلام المسعودي غموضاً فأساء فهمه!

٤ ـ إبراهيم بن سيّار ، أبواسحاق النَّظّام البصري (١٦٠ / ٧٧٦ ـ ٢٣١ / ٨٤٥) قال المترجمون له من المعتزلة : «خرج النَّظّام إلى الحجّ فانصرف على طريق الكوفة ، ولقي بها هشام بن الحكم وغيره ، وناظرهم في دقيق الكلام» (٨٣).

وتاريخ هذا الاجتماع لا بدّ وأن يكون سابقاً على ١٧٩ / ٧٩٦ السَّنة التي هاجر فيها هشام من الكوفة إلى بغداد وسكنها بصورة دائمة ، وعمر النظام يومذاك لم يكن قد تجاوز العشرين ، بل لم يكن قد بلغه ، فإن صحت الحكاية ، فلا بدّ وأنْ يراد بالمناظرة المساءلة والمناقشة ـ كالتي تجري بين الاستاذ والتلميذ ـ وانّ النّظّام الشاب لما اجتمع بهشام سأله عن دقيق الكلام ، وفي هذا دلالة على ذكاء النظام وقدرته على طرح الاسئلة الكلامية الدقيقة وتفهّم الاجوبة العميقة من متكلمين بارزين كهشام وغيره. ولعلّ إحدى هذه المناظرات ما

__________________

(٨٠) الملل والنحل، ١/٣٠، ١٨٤.

(٨١) مروج الذهب، ٧/٢٣٢ ـ ٢٣٣، وفي ط شارل بلا ٥/٢١ ـ ٢٢.

(٨٢) لسان الميزان، ٥/٤١٤.

(٨٣) القاضي عبدالجبار، فضل الاعتزال وذكر المعتزلة /٢٥٤، ابن المرتضى، المنية والأمل /٤٩، الدكتور عبدالرحمن بدوي، مذاهب الاسلاميين، ١/١٢٧، واخطأ الدكتور في فهم كلام ابن المرتضى، الذي حكى عنه.


يحكيه المقدسي (٨٤) فإنّهما ليست مناظرة ومجادلة بالمعنى الدقيق ، بل انّ النظام فيها يطرح السؤال فقط ، كما يطرحه أيّ تلميذ ، بل لا يناقش حول ما يسمع ، ولو في مستوى مناقشة التلاميذ لاساتذهم ، وهشام يجيب ، من غير انْ يتلقّى معارضة او مناقشة.

ولكن مناظرة جرت بينه وبين هشام حول خلود اهل الجنّة في جنّتهم ، وخلود نعيمهم لهم ، حيث كان النّظّام ينكر ذلك ، غلبه فيها هشام (٨٥).

و «خالط هشام بن الحكم الرافضي» فأخذ عنه بعض آرائه (٨٦).

ولكنّ الذي يجب أن أنبّه عليه أنّ هشام بن الحكم لم يكن موالياً للآراء الفلسفية ـ وخاصة اليونانية منها ـ التي كانت قد وفدت حديثاً يومذاك إلى الرقعة الاسلامية ، واستأثرت باهتمام كبير من قبل ذوي الشأن والسلطنة ، خاصة البرامكة وبعدهم المأمون الخليفة العباسي. فإن المترجمين لهشام يذكرون : أن حبّ يحيى البرمكي لهشام ، وايواءه ايّاه وحمايته له لم يدوما له ، لأن «يحيى بن خالد البرمكي كان قد وجد على هشام بن الحكم شيئاً ، من طعنه على الفلاسفة ..» (٨٧)

ويقولون انّه أحد الاسباب التي دعت البرمكي إلى أنْ يغري الخليفة هارون الرشيد بهشام.

ولهشام : «كتاب الردّ على ارسطاطاليس في التوحيد» (٨٨).

وخلق هشام هذا قد توارثه تلامذته من بعده ، فإنّا نجد في قائمة الكتب

__________________

(٨٤) البدء والتاريخ، ٢/١٢٣ ـ ١٢٤.

(٨٥) الكشي /٢٧٤ ـ ٢٧٥، مجمع الرجال، ٦/٢٢٨.

(٨٦) الفرق بين الفرق /٥٠، ١١٣ ـ ١١٤، الملل والنحل، ١/٥٦، نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام، ١/٤٨١ ـ ٤٨٢، مذاهب الاسلاميين، ١/٢٠١.

(٨٧) الكشي /٢٥٨، مجمع الرجال، ٦/٢١٨، البحار، ٤٨/١٨٩.

(٨٨) الطوسي، الفهرست /٢٠٤، النجاشي /٣٠٥، «ابن» النديم /٢٢٤، معالم العلماء /١١٥، مجمع الرجال، ٦/٢٣٣، ٢٣٤، الذريعة، ١٠/١٨٣.


التي ألّفها المتكلّم والعالم الإِماميّ الشهير ، الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري (ح ١٩٥ / ٨١١ ـ ٢٦٠ / ٨٧٣) كتباً يردّ فيها على الفلاسفة. والفضل يسلسل اساتذته إلى أنْ ينتهي بهم إلى هشام بن الحكم (٨٩).

١١ ـ من تناظر معهم هشام من المعتزلة :

وانما عنيت بهشام بن الحكم وبعده بهشام بن سالم ، لأنّ خصوم الإِماميّة قد جعلوا منه الثغر الذي حاربوا منه الامامية بكلّ ما لهم من حول وطول ، ووجهوا إليه ، وعن طريقه إلى الامامية ، كلّ ما امكنهم من الطعن والذم والتجريح ، والتحامل وسوء القول ، ونسبوا إليه ما صح ـ وما أقلّ ذلك ـ وما لم يصحّ ، وهو الأكثر ، بل ونسبوا إليه الاراء المتناقضة ومنت عجيب أمر هؤلاء الخصوم انّا نجدهم قد ألقيت بينهم العداوة والبغضاء منذ نشأة الفرق التي ينتمون اليها ، وإلى يومنا هذا وأرجو الله أنْ لا تستمر ، فهم متنافرون متخاصمون بعضهم مع بعض على اشد ما تكون المنافرة والخصومة ، وينسب كلّ منهم إلى الآخر ما لا ينسبه المسلم إلى مَنْ يراه أخاً له في الدين ، وكلنّهم نجدهم قد جمعتهم العداء والخصومة للامامية عامة ولهشام وأمثاله خاصة ، فهم يصدّق بعضهم بعضاً ، ويشدّ بعضهم أزر بعض.

والعداء لهشام بن الحكم بدأ من المعتزلة ، وهم الّذين خاصمهم هشام فيمن خاصم ، وهم الذين نسبوا إليه ما نسبوا ، ـ وسيأتي ذكر هذا ـ ، واقل ما ينسبه خصوم المعتزلة اليهم ، امثال عبدالقاهر البغدادي ، والملطي ، وابن حزم ، والاسفراييني ، وابن تيمية ، وزميلة الذهبي ، وتلميذه ابن قيِّم الجوزية ، وابني كثير وحجر ، الابتداع الشديد ، والكذب ، وعدم الثقة بهم وبما يحكونه ، بل نسبوا إليهم انّهم جعلوا الكذب والافتراءِ ديناً لهم ، وانّهم لم يكونوا يتقيّدون

__________________

(٨٩) راجع ترجمة الفضل بن شاذان في المدخل للترجمة الانجليزية لكتاب التوحيد، من الكافي.


بأحكام الشريعة ، بل وتجاوزه كثير منهم إلى نسبتهم عامة أو إلى نسبة كثير من أعلام المعتزلة خاصة ، إلى الكفر والزندقة ، والخروج عن الملّة ، ولعنوهم وتبرّأوا منهم ، ولكنّ هؤلاء كلّهم صدّقوا المعتزلة فيما نسبوه إلى الامامية والى هشام وأمثاله من متكلّميهم. وانّهم مارقون من الدين إلاّ اذا خاصموا الامامية ، وانّهم كذبة مفترون إلاّ اذا نسبوا إلى الامامية قبيحاً أو حكوا عنهم فضيحة. ولا أطيل الكلام فيما قالوه في واصل بن عطاء ، وعمرو بن عبي ، وأبي الهذيل ، وثمامة بن اشرس ، والنّظّام ، والجاحظ ، وامثال هؤلاء من أقطاب المعتزلة وعلمائها.

والأنكى من هذا أنّ هؤلاء قد ساروا على نهج أسلافهم المعتزلة ـ الذين هم خصومهم العقائديين ، فحرّفوا وغيّروا ، وحذفوا واضافوا ، وأكملوا بذلك ـ بزعمهم ـ ما وجدوه من نقص في سلاح المعتزلة ، وتلافوا ما عثروا عليه من ضعف. وقد سقت امثلة لهذا فيما تقدم ، وسيأتي بعض الامثلة. ولا اقصد من كلامي هذا أن يرجع الذّيول عمّا ألفوه من طباع أسيادهم ، فقد قدَّمْتُ أنّ مثلَ هذا الرجاء قد انقطع عنّي ـ إلاّ اذا تحرروا من تلك الطباع وما اصعب هذا التحرر! ولكن قلت ما قلت لكي اجعله تمهيداً لبعض الكلام عن هشام بن الحكم والاراء التي نسبت اليه.

١٣ ـ نماذج مما نسبوه إلى هشام :

ولا يسعني هنا أنْ احكي بالتفصيل كلّ ما نسبوه إلى هشام من آراء ، وبامكان القارىء الكريم أنْ يرجع إلى ما أحكيه عن مقاتل بن سليمان ، وداود الجواربي ، فانّها نماذج صالحة تشبه ما حكوه عن هشام ، واكتفي هنا ببيان النقاط التي تدعونا إلى رفض نسبة مثل ذلك إلى هشام :

أ ـ انّ هشام بن الحكم كان في أوّل أمره جهميّاً ، من أتباع جهم بن صفوان (ـ ١٢٨ / ٧٤٥) ثم عدل عنه بعد ان اجتمع بالامام الصادق ، عليه


السلام ، وتبيّن له خطؤه فيه (٩٠).

وجهم بن صفوان ، كما هو المعلوم من مذهبه ، كان يعارض التجسيم والتشبيه إلى أبعد الحدود ، وكان مذهبه في صفات الله تعالى مذهب المعتزلة في نشأته الأولى ، فإنّه كان معاصراً لواصل بن عطاء وعمرو بن عبيد رائدي الاعتزال وزعيميها ، ولم ينقما عليه إلاّ القول بافناء الجنّة والنار ، وانّ النعيم والعذاب لا يخلدان ، ونقما عليه قوله بالإِرجاء ـ لا بالمنزلة بين المنزلتين ، الذي هو رأيهما في مرتكب الكبيرة ـ (٩١) ولكن نقطة خلاف الرئيسة بينه وبين المعتزلة باجمعهم هي قوله بالجبر ، وقولهم بالقدر إذ في المعتزلة المتأخرين من كان يقول بالإِرجاء ، وفيهم من كان يقول بفناء الجنّة والنّار (٩٢).

لكنّهم كلّهم يتّفقون على القول بالقدر ونفي الجبر. ولأجل هذا عده الشهرستاني ممّن «نبغ من المعتزلة أيّام نصر بن سيّار وأظهر بدعته [عن آراء المعتزلة] في الجبر» (٩٣).

ومن تأثر هشام بن الحكم بآراء جهم ، قوله عن الله سبحانه : «هو جسم لا كالأجسام» ـ كما سيأتي ـ فإنّه قول جهم بن صفوان ، كما يحكي الأشعري أنّه كان يقول : «إنّ الله جسم» ويقول : «إنّ معنى الجسم هو الموجود» (٩٤).

وهذا نفس ما حكي عن هشام. ومن ذلك انه حكي عنه انه كان يقول :

__________________

(٩٠) الكشي /٢٥٦ ـ ٢٥٧، مجمع الرجال، ٦/٢١٦ ـ ٢١٧، «ابن» النديم، الفهرست «ط مطبعة الاستقامة، القاهرة /٢٥٧» «ط تجدد، طهران /٢٢٤ الهامش، وهذه الاخيرة هي التي ارجع اليها عموماً» المناقب، ٤/٢٤٤.

(٩١) ابن المرتضى، المنية والأمل /٢٣، ١٠٧، وانظر: البلخي، ذكر المعتزلة /٦٧، القاضي عبدالجبار، فصل الاعتزال /٢٤١.

(٩٢)

(٩٣) الملل والنحل، ١/٣٢، راجع: دائرة المعارف الاسلامية ـ بالانجليزية ـ الطبعة الحديثة، ٢/٣٨٨، والمختصرة /٨٢ ـ ٨٣، والمصادر المشار إليها فيهما.

(٩٤) مقالات الاسلاميين، ١/٢٦٩ ـ ٢/١٦٤.


«إن علم الله مُحْدَث ، وإنّه كان غير عالم فعلم» (٩٥).

وهذا ان صحّ عنه فإنه ترديد لقول جهم.

وقد أخذه أيضاً عن جهم (٩٦).

وشبّه الشهرستاني «إثبات جهم وهشام علوماً لا في محلّ (٩٧) بإثبات الأشعرية تكليماً لا في محلّ» (٩٨).

وقد ذكروا أنّ المتكلّم المعتزلي الشهير ، أبوالحسين ، محمد بن علي ابن الطَّيِّب ، البصري ، الحنفي (٤٣٦ / ١٠٤٤) أخذ برأي هشام هذا في علم الله سبحانه. قال الشهرستاني : «وله ميل إلى مذهب هشام بن الحكم في أنّ الاشياء لا تعلم قبل كونها» (٩٩).

ولكنّهم حكوا عن هشام قولاً آخر قد يناقض ما تقدّم ، وهو : «لم يزل الباري تعالى عالماً بنفسه ، ويعلم الأشياء بعد كونها بعلم لا يقال فيه : إنّه مُحْدَث أو قديم ، ولأنّه صفة والصفة لا توصف ، ولا يقال فيه هو أو غيره» وأضافوا : وليس قوله في القدرة والحياة كقوله في العلم ، إلاّ أنّه لا يقول بحدوثهما (١٠٠).

ولكنّ شيخنا المفيد أنكر صحّة نسبة هذا الرأي إلى هشام وسيأتي كلامه.

__________________

(٩٥) الانتصار ... /١٤، ٥٠، الفصل، ٢/١٢٦، ٤/١٨٢، لسان الميزان، ٦/١٩٤.

(٩٦) الشهرستاني، الملل والنحلل، ١/٨٧، نهاية الاقدام /٢١٥، الفصل، ٢/١٢٦، المعتمد في أصول الدين /٤٥، ابن ابي الحديد، ١١/٦٣.

(٩٧) «بالنسبة إلى الله سبحانه، لأنهما حيث قالا بحدوث علمه تعالى، فان جعلاه سبحانه محلاّ لعلمه، فانه ينافي قدمه سبحانه، فقالا بهذا القول» باثبات الاشعرية تكليماً لا في محلّ.

(٩٨) نهاية الاقدام /٢٤٥.

(٩٩) المل والنحل، ١/٥٨، نهاية الاقدام /٢٢١.

(١٠٠) مقالات الاسلاميين، ١/٢٦٨، الشهرستاني، الملل والنحل، ١/١٨٥، الفرق بين الفرق /٤٩، ابن أبي الحديد ٢/٢١٩.


ومما نسبوه إلى هشام قوله بالإجبار الشديد ، الذي لا يبلغه القائلون بالسُّنَّة كما قال ابن قتيبة (١٠١).

فإنْ صحّت هذه النسبة فإنّ هشاماً تبع فيه جَهْماً ، كما تقدم من انه انما امتاز عن اخوانه المعتزلة في قوله بالجبر المطلق ، وقولهم بالاختيار التام ، أي القدر كما يعبر به خصومهم.

وعلى ضوء ما تقدّم فإنّ ما نسب إلى هشام ينقسم إلى قسمين : (الأوّل) ما يتفقّ مع جهميّته السابقة ، وبالإِمكان تصديق النسبة ، إنْ صدقت الحكاية ، وهي نماذج محدودة أحصيتها وعددتها. (الثاني) وهو اكثر ما نسبه اليه خصومة ، وهذا لا يتّفق لا مع جهميّته السابقة ، ولا مع إماميّته اللاحقة ، فلا يبقى أمامنا إلاّ أن نحكم بأنّه مفترى عليه جملة وتفصيلاً ، وانّ صحّ ان هشاماً قال ببعضه ـ وهذا مجرّد فرض لا واقع له ـ فإنّه لم يكن جادّاً فيه ـ كما سيأتي ـ ويجب أن أنبّه إلى أنّ جهميّة هشام لا بُدّ وأنّها كانت في اوائل شبابه ، بل وحين أنْ كان يافعاً فحسبُ ، إذا أنّ هشاماً بعد أنْ أصبح شابّاً ، وهو لا يزال «أوّل ما اختطّ عارضاه» ـ كما تقدّم ـ لم يكن يعتقد بالامامة فحسبُ ، بل كان يجادل عنها ، ويناهض خصومها ومنكريها ويناظرهم في ذلك. وأرى أنّ الأقرب إلى الصواب ، والأوفق بالحقائق الثابتة من حياة هشام وسيرته : ان جهميّة هشام كانت ترجع إلى متابعة جهم بن صفوان في بعض آرائه ، وهي الامثلة الثلاثة التي ذكرتها سابقاً ، والتي لا تتنافى مع القول بالإِمامة ، والالتزام بلوازمها ، والدفاع عنها. لا (الجهميّة) بجميع أبعادها وحدودها ، فلم يكن هشام يوماًص ما جهميّاً إلاّ في نطاق ضيّق لا أنّه كان يتبعه في جميع آرائه وعقائده.

__________________

(١٠١) تأويل مختلف الحديث /٤٨، لسان الميزان، ٦/١٩٤، عنه.


١٤ ـ موقف الامامية ممّا نسب إلى هشام :

ب ـ وقد بحث علماء الإِمامية ـ قديماً وحديثاً ـ حول الآراء التي نسبت إلى هشام ودافعوا عنه ونفوا نسبتها اليه ، واجمعها ـ مع اختصاره ـ ما ذكره الشريف المرتضى ، أبوالقاسم ، علي بن الحسين ، علم الُهدَى ، الموسوي (٣٥٥ / ٩٦٦ ـ ٤٣٦ / ١٠٤٤) قال رحمه الله :

«.. فأمّا ما رُمي به هشام بن الحكم من القول بالتجسيم ، فالظاهر من الحكاية عن ه القول بـ «جسم لا كالأجسام» ، ولا خلاف في أنّ هذا القول ليس بتشبيه ، ولا ناقض لأصل ، ولا معترض على فرع ، وأنّه غلط في عبارة () يرجع في إثباتها ونفيها إلى اللّغة ، واكثر اصحابنا يقولون : إنّه أورد ذلك على سبيل المعارضة للمعتزلة ، فقال لهم : إذا قلتم : إنّ القديم تعالى شيء لا كالأشياء ، فقولوا إنّه جسمُ لا كالأچسام ، وليس كلّ من عارض بشيء وسأل عنه أنْ يكون معتقداً له ومتديّناً به ، وقد يجوز انْ يكون قصد به إلى استخراج جوابهم عن هذه المسألة ومعرفة ما عندهم فيها ، أو إلى أنْ يُبيِّن قصورهم عن إيراد المرتضى (١٠٣) في جوابها ، إلى غير ذلك ممّا لا يتّسع ذكره.

فأمّا الحكاية أنّه ذهب في الله تعالى أنّه جسم له حقيقة الأجسام الحاضرة ، وحديث (الأشبار) المُدَّعى عليه (١٠٤) فليس نعرفه إلاّ من حكاية الجاحظ عن النظّام ، وما فيها إلاّ متّهم عليه غير موثوق بقوله ، وجملة الأمر : أنّ المذاهب يجب أنْ تؤخذ من أفواه قائليها وأصحابهم المختصيّن بهم ومَنْ هو

__________________

(١٠٢) إذ يقصد بالجسم الموجود، لا الجسم المادي، كما سيأتي.

(١٠٣) أي الجواب الصحيح الذي يُرْتَضَى به.

(١٠٤) أنّ هشاماً قال في ربه: هو سبعة اشبار بشبر نفسه، وجاء ذكره في عامة المصادر غير الامامية، ونقصها ابن المرتضى الزيدي المعتزلي شبرين، فذكر خمسة اشبار! ـ البحر الزخّار، ١/٤٧، المنية والامل، /٣٠.


مأمون في الحكاية عنهم ، ولا يرجع فيها إلى دعاوي الخصوم (...) وممّا يدلّ على براءة هشام من هذه التهم ، ما روي عن الإِمام الصادق عليه السلام في قوله : (لا تزال يا هشام مؤيدّاً بروح القُدُس ما نصرتنا بلسانك). وقوله عليه السلام حين دخل عليه مشايخ [وقد تقدم نقله عن المفيد] وقوله عليه السلام كان يرشد اليه في باب النظر والحِجاج وبحثّ النّاس على لقائه ومناظرته. فكيف يتوهَّم عاقل ـ مع ما ذكرناه في هشام ـ هذا القول بأنّ ربّه سبعة أشبار بشبره! (...).

وأمّا حدوث العالم [الإلهي] فهو أيضاً من حكاياتهم المختلفة ، وما نعرف للرجل فيه كتاباً ولا حكاه عنه ثقة.

فأمّا الجبر وتكليفه [تكليف الله] بما لا يطاق ممّا لا نعرفه مذهباً له ...» (١٠٥).

وأنا أُعلّق بعض التعليق على ما ذكره سيدنا الشريف ، اختصره من بحوث أوسع :

١ ـ قال الشهرستاني : «وهذا هشام بن الحكم صاحب عور (١٠٦) في الاُْصول ، لا يجوز أن يُغْفَل عن إلزاماته على المعتزلة ، فإنّ الرجل وراء ما يلزم به على الخصم ، ودون ما يُظْهِرُه من التشبيه ، وذلك : أنّه ألزم العلاّف ، فقال : إنّك تقول : الباري تعالى عالم بعلم ، وعلمه ذاته ، فيُشارك المُحْدَثات في أنّه عالم بعلم ، ويُباينُها في أنّ علمه ذاتُه ، فيكون عالماً لا كالعالمين ، فلم لا تقول : إنّه جسمٌ لا كالأجسام ، وصورة لا كالصورة ، وله قدر لا كالأقدار؟! إلى غير ذلك» (١٠٧).

__________________

(١٠٥) الشافعي، طبعة الحجريى /١٢ ـ ١٣.

(١٠٦)

(١٠٧) الملل والنحل، ١/١٨٥، وعنه الدكتور علي سامي النشار، نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام، ٢/٢٢٠ ولم يناقش فيه.


٢ ـ يذكر المترجمون لهشام من الكتب والرسائل التي الّفها ما يربو على الثلاثين ، وما يرجع منها إلى التوحيد وفروعه :

١ ـ كتاب التوحيد.

٢ ـ كتاب المجالس في التوحيد.

٣ ـ كتاب الشيخ والغلام في التوحيد.

٤ ـ كتاب الردّ على ارسطاطاليس في التوحيد.

٥ ـ كتاب الدلالات على حدث (حدوث) الأجسام.

٦ ـ كتاب الردّ على الزنادقة.

٧ ـ كتاب الردّ على أصحاب الاثنين.

٨ ـ كتاب الردّ على اصحاب الطبايع ، والمقصود منهم الّلذين كانوا يقولون بأنّ الأشياء بطبعها ولا تحتاج في وجودها إلى الله سبحانه الذي يكون هو الخالق لها ، وهذه إحدى الجذور التاريخية لفكرة المادّيّة الحديثة ، وإن ـ أُولئك ـ أيضاً على مستويات مختلفة ، بين من يقول بالمادّية الساذجة البسيطة ـ العامّية في المادّية ـ وبين المتأثّرين بأفكار وفلسفات يونانية ، أو بعقائد بوذية أو هندوسية.

٩ ـ كتاب في الجبر والقدر.

١٠ ـ كتاب القدر.

١١ ـ كتاب الاستطاعة.

١٢ ـ كتاب المعرفة.

١٣ ـ كتاب الالطاف.

١٤ ـ كتاب الألفاظ ، ولعلّه كان يعني شرح المصطلحات التي كان يستعملها هو أو كانت تستعمل في الكلام (١٠٨).

__________________

(١٠٨) راجع : الطوسي ، الفهرست / ٢٠٤ ، النجاشي ، الفهرست / ٣٠٤ ـ ٣٠٥ وفي طبعة ٤٣٣ ـ ٤٣٤ رقم ١١٦٤ ، «ابن» النديم ، الفهرست / ٢٢٤ ، معالم العلماء / ١١٥ ، مجمع الرجال ،


فلو كانت هذه الآراء آراء ثابتة لهشام لذكرها في كتبه ، ولحكاها المترجمون له من الإمامية ، وهم الذين ورثوا علمه وقرأوا كتبه ـ التي لم تصل الينا ولا واحد منها ـ ولجاءت الاشارة اليها في روايات الإِمامية ـ كما جاء ذكر بعض ارائه في احاديثهم ، كما سيأتي.

يضاف إلى هذا : ان ما حكاه الخصوم من آراء هشام انما ذكروا أنّه قالها عند المناظرة والجدل مع خصومه المعتزلة ، ولم ينسبوا ولا واحداً منها إلى كتاب من كتبه ، فلو كان هؤلاء الخصوم قد عثروا على شيء منها في احد كتبه لنسبوه إلى الكتاب نفسه.

٣ ـ إنّ قول هشام «جسم لا كالأجسام» كان في الأصل رأياً لجهم بن صفوان ، وان قال به هشام فانه تبع جهماً في ذلك ـ كما تقدم ـ ، ولعلّ هشاماً ، بعد أنْ أرجعه الإِمام الصادق عليه السلام عن جهميته ، كان يستعمله عندما كان يناظر المعتزلة خصوم الجهمية. وبقي هذا القول عالقاً في ذهن تلاميذه أو غيرهم من الشيعة ، ولما لهشام من مقام رفيع ومنزلة عند الأَئمّة عليهم السلام والإِمامية اجمع ، سألوا عنه الأَئمّة عليهم السلام ـ كما سيأتي ـ فلا يصحّ أن نردّ قول الشريف المرتضى من أنّ هشاماً كان يستعمله عند المناظرة بما جاءنا من الأحاديث التي اشارت إلى قول هشام في الجسم.

٤ ـ إنّي حسب ما بحثت ، وفي حدود ما املك من المصادر ـ وهي قليلة جدّاً ، إذا قيست بالنسبة إلى ما ضاع ـ أكاد اجزم لأسباب لا يسع المجال ذكرها انّ ابا الهُذَيْل العلاّف يعتبر المحور الرئيس لأغلب ما نسب إلى هشام ابن الحكم (١٠٩).

__________________

٦ / ٢٣٢ ـ ٢٣٤ ، هدية العارفين ٢ / ٥٠٧ ، وغيرها.

(١٠٩) راجع الحكاية عن أبي الهذيل مباشرة : مقالات الاسلاميين ، ١ / ١٠٣ ، ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، وعنه الفَرْق بين الفرق / ٤٨ ، ٢١٦ ، وعن الفرق مذاهب الاسلاميين ، ١ / ١٢٧. وعن أبي الهذيل : الفصل ، ٤ / ١٨٤ ، وعنه منهاج السُّنْة ، ١ / ٢٠٣ ولسان الميزان ، ٦ / ١٩٤.


وما حكي عن غير ابي الهذيل ، فهناك قرائن تدلّنا ان ذلك ينتهي إليه ـ ان صدق الحاكون ولم يفتعلوا الحكاية ـ ومنها : أنّ الحاكون كلّهم تنتهي سلسلة تعلمّهم الاعتزالي اليه. فإنّ أبا الهذيل تتلمذ عليه النظّام ، وثُمامة بن أشرس ، النُّمَيْري البصري (٢١٣ / ٨٢٨) ـ أحد معاصري هشام من المعتزلة ـ ، وجعفر بن حرب البصري ، ثم البغدادي (١٧٧ / ٧٩٣ ـ ٢٣٦ / ٨٥٠) (١١٠).

وعلى النظّام تتلمذ زُرْقان ، محمد بن شدّاد بن عيسى البصري (٢٧٨ / ٨٩١) مؤلف «كتاب المقالات» الشهير ، الذي يعتبر من المراجع الأساسية لذكر المقالات والفرق (١١١) والجاحظ ، عمرو بن بحر (١٦٣ / ٧٨٠ ـ ٢٥٥ / ٨٦٩) (١١٢).

وعن الجاحظ أخذ ابن قتيبة الدينوري ، عبد الله بن مسلم (٢١٣ / ٨٢٨ ـ ٢٧٦ / ٨٨٩) (١١٣).

وعلى جعفر بن حرب تتلمذ أبو الحسين الخيّاط ، عبد الرحيم بن محمد البغدادي (ح ٣٠٠ / ٩١٢) صاحب «الانتصار والردّ على ابن الروندي (١١٤) الملحد».

__________________

عند أبي الهذيل : فضل الاعتزال / ١٤٠ ، ٢٦٢ ، والحور العين / ٢٥٤ ، والكرماني ، الفرق الاسلامية / ٤٤.

(١١٠) راجع الحكاية عنه : مقالات الاسلاميين ، ١ / ١١٠ ، وعنه الفَرْق / ٥٠ ، ومنهاج السُّنة ، ١ / ٢١٤.

(١١١) راجع الحكاية عنه : مقالات الاسلاميين ، ١ / ١٢٠٩ وفي طبعة ١٠٩ ـ ١١٢ ، ٢ / ٢٣٢ ، وعنه منهاج السُّنْة ، ١ / ٢٠٨ ، وعن زُرْقان : الحور العين / ١٤٨ ـ ١٤٩ ، ١٧٠.

(١١٢) راجع الحكاية عنه بلا اسناد منه إلى اخر : مقالات الاسلاميين ، ١ / ١٠٤ ـ ٢٦٨ ـ ٢ / ١٦١ ـ ١٦٢ ، وعنه الفرق / ٤٩ ـ ٢١٦.

(١١٣) راجع في روايته عن الجاحظ ، عيون الاخبار ، ٣ / ١٩٩ ـ ٢١٦ ، ٢٤٩. وفي ما يحكيه عن هشام : تأويل مختلف الحديث / ٤٨ ، وعنه لسان الميزان ، ٦ / ١٩٤.

(١١٤) راجع فيما ينسبه الى هشام مباشرة : الانتصار / ١٤ ـ ٣٧ ، ٥٠.


وعلى الخيّاط تتلمذ الكعبي البلخي ، عبد الله بن أحمد (٢٧٣ / ٨٨٦ ـ ٣١٩ / ٩٣١) (١١٥).

ومن بعد هؤلاء من ائمّة المعتزلة كالجُبَّائيَّيْن أبي عليّ وابنه أبي هاشم ، والقاضي عبد الجبار اخذوا عن هؤلاء فالعلاّف يعدّ رأس السلسة في هذه القائمة.

وابن الروندي يتّهم الجاحظ بأنّه أفرط لا في الخصومة لهشام فحسبُ ، بل إلى حد انتصر لخصوم أمير المؤمنين عليه السلام و «انّ الذي حمل الجاحظ على ذلك العصبيْة وطلب ثأر استاذيه من هشام بن الحكم» (١١٦) ولم يعيّن ابن الروندي من هما ، والنظّام. أحد استاذي الجاحظ بلا شك «اتفقت المصادر على تتلمذ الجاحظ على النّظام» (١١٧). والجاحظ يكثر الحكاية عنه في كتبه والثناء عليه (١١٨). ويظهر من تعقيب الخياط ان الثاني هو أبو الهذيل العلاف ، والجاحظ نفسه يحكي عن أبي الهذيل (١١٩).

ولأبي الهذيل ثار آخر عند الإمامية ، فان أحد اعلام متكلمي الامامية ، أبو الحسن على بن اسماعيل بن شُعَبْ بن ميَثْم ، الميثمي ، الكوفي ، ثم البصري المعروف عندهم بعلي بن ميثم ـ وسيأتي ذكره عند الكلام حول هشام بن سالم ـ «وكان من وجوه المتكلّمين من اصحابنا ، كلّم أبا الهذيل ، والنَظام ، له مجالس

__________________

(١١٥) راجع الحكاية عنه : مقالات الاسلاميين ، ١ / ١٠٤ ، ١٠٧ ـ ١٠٨ ، ٢ / ١٦٣ ـ ١٦٤ ، ٢٣١ ، وعنه الفرق / ٤٩ ، ٥٠ ، ومنهاج السُّنْة ، ١ / ٢٠٧ ، ٢٠٨ ، والفرق الاسلامية / ٤٤ ـ ٤٥. وعن الكعبي : الملل والنحل ، ١ / ١٨٤.

(١١٦) الانتصار / ١٠٣.

(١١٧) راجع : فضل الاعتزال / ٢٦٥ ، المنية والأمل / ١٥٣ ، ١٦٢ / ١٥٣ ، ١٦٢ ، تاريخ بغداد ، ٧ / ٩٧ ، ١٢ / ٢١٣ ، ابن خلكان ، ٣ / ٤٧١ ، معجم الأدباء ، ٦ / ٥٧ ، نزهة الألباب / ١٩٢ ، ومصادر كثيرة اخرى.

(١١٨) راجع فهارس الاعلام في البيان والتبيين. والحيوان ، وغيرهما.

(١١٩) الحيوان ، ٦ / ١٦٦.


وكتب» (١٢٠).

وراجع نماذج من مناظراته مع أبي الهذيل الذي قطعه فيها (١٢١).

ومنها ما يحكيه ابن حجر عن أبي القاسم التيمي في كتاب الحُجّة : أنّه تناطر معه عند أمير البصرة ، فارجع إلى لسان الميزان ٥ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦ لِتَرَ ما صنع به!

١٥ ـ جسم لا كالأجسام :

جـ ـ نعم ، جاء في أحاديث الإماميّة نسبة القول بالجسم الى هشام بن الحكم ، وهذه الأحاديث بين ما نسب اليه القول بالجسم ولم يفسّر فيه قوله (١٢٢).

وما فصّل فيه قوله ، ومنها : حديث يونس بن ظبيان ، الذي يحكي فيه للإِمام الصادق عليه السلام قول هشام ، ويقول :

«فزعم أنّ الله جسم ، لأنّ الأشياء شيئان : جسم ، وفعل الجسم ، فلا يجوز أن يكون الصّانع بمعنى الفعل ، ويجوز أن يكون بمعنى الفاعل. فقال أبو عبد الله عليه السلام : ويحه ، أما علم أنَّ الجسم محدود متناه ، والصورة محدودة متناهية ، فإذا احتمل الحدّ احتمل الزيادة والنقصان ، واذا احتمل الزيادة والنقصان كان مخلوقاً ...» (١٢٣).

وبمعناه ـ بل أكثر وضوحاً وبياناً منه ـ الحديث الآتي عند الكلام حول

__________________

(١٢٠) النجاشي / ١٧٦ ، مجمع الرجال ، ٤ / ١٦٧.

(١٢١) في الفصول المختارة ، ١ / ٦ ، ٥٥ ، البحار ، ١٠ / ٣٧٠ ـ ٣٧٢.

(١٢٢) راجع الكافي ، ١ / ١٠٥ اي ٢٨٥ ، التوحيد / ٩٩ ، البحار ، ٣ / ٣٠٣ ، وايضاً الكافي ، ١ / ١٠٥ اي ٢٨٦ ، التوحيد / ٩٧ ، البحار ، ٣ / ٣٠٣.

(١٢٣) الكافي ، ١ / ١٠٦ اي ٢٨٧ ، التوحيد / ٩٩ ، الفصول المختارة ، ٢ / ٢٨٥ ، البحار ، ٣ / ٣٠٢ ، ١٠ / ٤٥٣.


هشام بن سالم.

وحديث الحسن بن عبد الرحمن الجمَّاني ، قال : قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام : إنّ هشام بن الحكم زعم أنّ الله جسم ليس كمثله شيء (١٢٤) عالم ، سميع ، بصير ، قادر ، متكلّم ، ناطق ، والكلام والقدرة والعلم يجري مجرىً واحداً ليس شيء منها مخلوقاً. فأنكر عليه السلام القول بالجسم ، لأن الجسم محدود ، ونبّه أنّ هذه الصفات لا تجري مجرى واحداً ، فمنها ما هو من صفات الذات كالعلم والقدرة ، ومنها ما هو من صفات الأفعال كالكلام والنطق ... (١٢٥).

وجاء في حديث علي بن أبي حمزة ، أنّه قال : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم : أنّ الله جسم ، صمديّ ، نوري ، معرفته ضرورة يَمُنُّ بها على من يشاء من خلقه» (١٢٦) ولكن من المحتمل احتمالاً قويّاً انّ الراوي خلط بين كلام هشام بن الحكم وبين ما نسب إلى هشام ابن سالم ـ كما سيأتي ـ ومهما يكن فإنّ معنى الحديث لا يختلف عمّا تقدّمه.

وقد حكي عن هشام نفس هذا القول في كتب المقالات : «هو جسم لا كالأجسام» وانّ هشاماً كان يقول : إنّما أُريد بقوله «جسم» أنّه موجود ، وأنَّه شيء ، وأنَّه قائم بنفسه ، لأنّ ما هو موجود ، إمّا أنْ يكون جسماً أو صفة من صفات الأَجسام ، ولا ثالث (١٢٧) وقد تقدّم أنّ هشاماً أخذ قوله هذا عن جهم بن صفوان.

وعذر هشام في ذلك أنّه لم يعثر على لفظ آخر يؤدّي معنى الموجود القائم

__________________

(١٢٤) أي : جسم لا كالأجسام.

(١٢٥) الكافي ، ١ / ١٠٦ اي ٢٨٨ ، التوحيد / ١٠٠ ، الاحتجاج ، ٢ / ١٥٥ ، البحار ، ٣ / ٢٩٥.

(١٢٦) الكافي ، ١ / ١٠٤ اي ٢٨٢ ، التوحيد / ٩٨ ، البحار ، ٣ / ٣٠١.

(١٢٧) مقالات الإسلاميين ١ / ٢٥٧ ، ٢ / ١٨٢. وراجع : الدكتور علي سامي النشّار ، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام ، ٢ / ٢٣٠ ، سهير محمد مختار ، التجسيم عند المسلمين / ١٢٧ ، والمصادر المشار إليها فيهما.


بنفسه غير «الجسم» ، والخطأ والصواب في هذا التعبير يعود إلى اللغة لا إلى الاعتقاد ، كما قال الشريف المرتضى ، حيث إنّ «الجسم» في اللغة العربية له معنى واضح محدّد ، ولا يصحّ اطلاقه على غير هذا المعنى الا مجازاً وبقرينة.

وكان هشام يعيش في بداية عصره وضع المصطلحات الكلامية والفلسفية في المسلمين ، وكان هو من الروّاد في محاولة «وضع معجم فلسفي واف ببيان المعاني في اللغة العربية» كما قال (١٢٨).

ولعلّ السرّ في هذا التشدّد من الأئمّة عليهم السلام ، وهذا النهي القاطع الصريح عما كان يعبر به هشام يرجع إلى ان «الجسم» ـ كما اشرنا سابقاً ـ له مدلوله الواضح عند عامة الناس المنبعث من معناه في اللغة العربيّة ، فإذا أطلق «الجسم» على الله سبحانه ـ وان اضيف له «لا كالأجسام» ـ فإنّه يحمل أو ينتهي في ذهن العامة إلى التجسيم والتشبيه لا محالة ، إذ يفسّر «جسم لا كالأجسام» عندهم بتفسير يقرب مما حكيناه سابقاً من اقوال المحدّثين غير الإِمامية ، الذين قالوا بالتجسيم ، والاعضاء ، والاجزاء لله سبحانه ، ولكنه ـ عزّ وجلّ ـ لا يشبه في شيء منها بشيء ممّا للخلق من الجسم ، والأعضاء ، والأجزاء ، فإنّ قولهم ـ المتقدم ـ معناه ـ وإن لم يصرّحوا به ـ : ان لله سبحانه «رأس لا كالرؤوس» و «يد لا كالأيدي» و «عين لا كالأعين» ... فهو «جسم لا كالأجسام» ويبقى لفظ «الجسم» يحمل نفس المعنى الذي يفهمه كل أحد منه ، لا ذلك المعنى الدقيق الذي يقصده هشام والذي يرتفع عن مستوى الفهم العام ، بل وعن فهم العلماء غير المختصّين بعلم الكلام ، والذي لا يمكن لهشام ان يعبّر عنه بلفظ «الجسم» إلاّ بتفسير

__________________

(١٢٨) مونتجمري وات «عصر نشأة الفكر الاسلامي ـ بالانجليزية ـ مطبعة جامعة ادنبره ، ١٩٧٣ / ٢٤٨ وذكره بتفصيل في كتابه الآخر عن الاسلام ، ط ١٩٧٤ / في الفصل : «قبول الآراء اليونانية» / ١٣٦ ـ ١٤٠ ، وكلامه حول هشام / ١٣٧ ـ والذي اكبر فيه محاولته هذه وانّ لها اهمية عظيمة.


وقرينة واضحة. ولأجل هذا يكون لهذا التعبير ايحاء في ذهن السامع بالتجسيم والتشبيه ، وإن لم يقصدهما القائل الذي وضع هذا المصطلح ، وخاصة اذا كان هذا القائل مثل هشام بن الحكم ، بما له من المنزلة السامية عند الأئمة عليهم السلام ، والمقام العلمي والديني المسلّم به عند شيعتهم.

ويشهد لما قلناه الحديث الآتي عند الكلام حول هشام بن سالم ، وفيه يرضى الإِمام عليه السلام بما قاله هشام بن الحكم وأصحابه ، حيث كان المخاطبون من المختصين بعلم الكلام ، وهم يفرّقون بين المصطلحات العلمية وبين المعاني اللغوية العامّة.

١٦ ـ رأي غير الامامية :

ومن المناسب ، بل من الطريف جدّاً أنْ انقل حول «جسم لا كالأجسام» رأياً لعالم من أشدّ علماء المسلمين تشدّداً وتعنّتاً فيما يرجع الى العقيدة ، ومن أكثرهم وقوفاً عندما جاء في الكتاب والسُّنَّة ـ حسب رأيه ـ وجموداً على ألفاظهما ، ومن اعظمهم إنكاراً لما يراه بدعة وإلحاداً في الدين وهو أبو محمد علي بن احمد ابن حزم الاندلسي (٣٨٤ / ٩٩٤ ـ ٤٥٦ / ١٠٦٤) قال :

«فإن قالوا لنا : إنكم تقولون انّ الله عزّ وجلّ حيٌّ لا كالعلماء ، وقادر لا كالقادرين ، وشيءٌ لا كالأشياء ، فلِمَ منعتم القول بأنّه جسم لا كالأجسام؟! قيل لهم ـ وبالله تعالى التوفيق ـ : لولا النصّ الوارد بتسميته تعالى بأنّه حيّ وقدير وعليم ما سمّيناه بشيء من ذلك ، لكنّ الوقوف عند النصِّ فرض ، ولم يأت نصٌّ بتسميته تعالى جسماً ، ولا قام البرهان بتسميته جسماً ، بل البرهان مانع من تسميته بذلك تعالى ، ولو أتانا نصٌّ بتسميته تعالى جسماً لوجب علينا القول بذلك ، ولكنّا نقول إنّه لا كالأجسام ، كما قلنا في عليم وقدير وحيّ ، ولا فَرْقَ. وأمّا لفظة «شيءٌ» فالنصّ أيضاً جاء


بها والبرهان أوجبها ...» (١٢٩).

وقال أيضاً : «ومن قال أنّ الله تعالى جسم لا كالأجسام فليس مشبّهاً (١٣٠) لكنّه ألحدَ في أسماء الله تعالى ، إذ سمّاه عزّ وجلّ بما لم يسمّ به نفسه ، وأمّا من قال إنّه تعالى كالأجسام فهو ملحد في أسمائه تعالى ومُشَبِّه مع ذلك» (١٣١).

وقال ابن أبي الحديد الشافعي المعتزلي :

«فأمّا مَنْ قال : إنّه جسم لا كالأجسام ، على معنى أنّه بخلاف العَرَض الذي يستحيل أنْ يُتَوهَّم منه فعلٌ ، ونَفَوْا عنه معنى الجسميّة ، وإنّما أطلقوا هذه اللفظة لمعنى أنَّه شيء لا كالأشياء ، وذات لا كالذّوات ، فأمرهم سهل ، لأنّ خلافهم في العبارة ، وهم : عليّ بن منصور ، والسَّكّاك ، ويونس بن عبد الرحمن ، والفضل بن شاذان ، وكلُّ هؤلاء من قدماء رجال الشيعة (...) والمتعصّبون لهشام بن الحكم في وقتنا هذا يزعمون أنّه لم يقل بالتجَّسِيم المعنوي (١٣٢) وإنّما قال : إنّه كان الحسن بن موسى النوبختي ، هو من فضلاء الشيعة ، وقد روى عنه التجسيم المحض في كتاب «الآراء والديانات» (١٣٣).

وما ذكره النوبختي انّما حكاه عن طريق خصوم هشام المعتزلة الذين سمى بعضهم الشريف المرتضى ـ في كلامه المتقدّم ـ ، وحكاه عنه وعن كتابه ابن الجوزي ، قال : «وذكر أبو محمد النوبختي ، عن الجاحظ ، عن النَّظّام ...» (١٣٤). ولكن ابن أبي الحديد حذف السند ، والسبب لا يخفى.

__________________

(١٢٩) الفصل ، طبعة الافست ، دار المعرفة ، بيروت ، ١٣٩٥ / ١٩٧٥ ، ٢ / ١١٨ ـ ١١٩.

(١٣٠) جاء في المطبوع خطأ : مشتبها.

(١٣١) المصدر ، ٢ / ١٢٠.

(١٣٢) الذي معناه يلازمه الجسمية ، ويقابله التجسيم اللفظي ، أي التعبير عن الله تعالى بالجسم بما له من المعنى المادي.

(١٣٣) شرح نهج البلاغة ، ٣ / ٢٢٨.

(١٣٤) تلبيس ابليس / ٨٣.


وقال شيخنا المفيد : «إنّ الله تعالى عالم بكل ما يكون قبل كونه ، وإنّه لا حادث إلاّ وقد علمه قبل حدوثه (...) وهو مذهب جميع الإِمامية ، ولَسْنا نعرف ما حكاه المعتزلة عن هشام بن الحكم في خلافه (١٣٥) وعندنا أنّه تَخَرُّصٌ منهم عليه ، وغَلَطٌ ممَّنْ قلّدهم فيه فحكاه من الشيعة عنه ، ولم نجد له كتاباً مصنّفاً ولا مجلساً ثابتاً (١٣٦) وكلامه في أُصول الإِمامة ومسائل الامتحان يدلّ على ضدّ ما حكاه الخصوم عنه ...» (١٣٧).

وهكذا ظهر أنّ خصوم الإِمامية ، في موقفهم تجاه هذا القول «جسم لا كالأجسام» كانوا أكثر تسامحاً ، وأنّ الأئمّة عليهم السلام كانوا أكثر تشدّداً ، وقد تقدّم منّي ذكر ما أراه سبباً لهذا التشدّد ، ولكنّي مع كلّ هذا لا أرجوا ولا أطمع في أن يرجع خصوم الإِمامية وخصوم هشام خاصة عن موقفهم تجاههم وتجاهه! وأرجو الله سبحانه أنْ يخيّب ظنّي هذا خاصّة!

١٧ ـ براءة هشام من التجسيم والتشبيه :

د ـ هناك مجموعة من الأدلّة والشواهد تؤكّد لنا بصورة قاطعة براءة هشام ابن الحكم ممّا نسبه اليه خصومه من التجسيم والتشبيه ، بل وان قوله «جسم لا كالأجسام» لم يستقر عليه ، نذكر منها ما يلي :

١ ـ روى علماؤنا أنّ هشاماً رجع عن قوله «جسم لا كالأجسام» بعد ما أنكره عليه الإِمام الصادق عليه السلام (١٣٨).

__________________

(١٣٥) وهو ما تقدم من انّهم نسبوا اليه انه كان يقول : انّ الله تعالى يعلم الحوادث بعد حدوثها ، الرأي الذي قال به جهم.

(١٣٦) يبين فيه رأيه مباشرة في علم الله تعالى.

(١٣٧) اوائل المقالات في المذاهب والمختارات ، تبريز ، ط ٢ ، ١٣٧١ / ٢١ ـ ٢٢.

(١٣٨) المفيد ، الفصول المختارة ، ٢ / ٢٨٤ ـ ٢٨٥ ، الكراجكي ، كنز الفوائد / ١٩٨ ـ ١٩٩ ، البحار ، ٣ / ٢٩٠ ، ١٠ / ٤٥٢ ، مرآة العقول ، ٢ / ٥.


٢ ـ كلام هشام بن الحكم الذي يرويه الكليني في باب (إبطال الرؤية) ، في سياق أحاديث الأئمة عليهم السلام ، ويعلّله العلامة المجلسي بقوله : «لأنّه من أكابر أصحاب المعصومين عليهم السلام ، وكان [كلام هشام] مظنّة لأن يكون مأخوذاً عنهم» (١٣٩) يستدل فيه هشام على استحالة رؤية الله سبحانه مطلقاً ، بأنّ الرؤية لا يمكن أنْ تتعلّق إلاّ بالأجسام ، ويقول في آخره : «تعالى الله أنْ يُشْببِه شيء» (١٤٠). فلو كان هشام ممَّنْ يقول بالجسميّة لما أمكنه أنْ يقول ما قال.

٣ ـ كلامه الذي يرويه الصدوق عنه أجاب به من سأله : بم عَرفْتَ ربَّك؟ فقال : «عرفت الله جلّ جلاله بنفسي ، لأنها أقرب الأشياء إلي» ثم استدلّ بتركيب جسمه واختلاف أجزائه ، واحكام صنعتها ، فيقول : «استحال في العقول وجود تأليف لا مؤلِّف له ، وثبات صورة لا مُصَوِّر لها ، فعلمت أنَّ لها خالقاً خَلَقَها ، ومُصَوِّراً صَوّرَها ، مُخالفاً لها في جميع جهاتها (من جميع جهاتها) (١٤١) قال الله عزّ وجلّ : (وَفي أَنْفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ) (١٤٢)» (١٤٣).

٤ ـ قدّمنا أسماء مجموعة من كتب هشام المرتبطة بالتوحيد والبحث الراجعة إليه ، وكان من جملتها : «كتاب الدلالة على حدث (حدوث) الأجسام» وإن جاء عند الطوسي : (الأشياء) بدل (الأجسام) (١٤٤).

فمن يصف الله سبحانه بأنّه «جسم» كيف يؤلّف كتاباً يثبت فيه أنّ

__________________

(١٣٩) مرآة العقول ، ١ / ٣٤١ ـ ٣٤٢.

(١٤٠) الكافي ، التوحيد ، ١ / ٩٩ ـ ١٠٠ اي ٢٦٩.

(١٤١) أي لا يكون له مالها التركيب والأجزاء ، لأنهما يستلزمان النقص والحاجة.

(١٤٢) الذاريات ، ٥١ / ٢١.

(١٤٣) التوحيد / ٢٨٩ ، البحار ، ٣ / ٤٩ ـ ٥٠.

(١٤٤) النجاشي ، الفهرست / ٣٠٤ ، الطوسي ، الفهرست / ٢٠٤ ، «ابن» النديم / ٢٢٤ ، معالم العلماء / ١١٥ ، مجمع الرجال ، ٦ / ٢٣٢ ، ٢٣٣ ايضاح المكنون ، ١ / ٤٧٦ ، هدية العارفين ، ٢ / ٥٠٧ ، الذريعة ، ٨ / ٢٥٤.


الأجسام فيها دلالة على أنّها حادثة مخلوقة غير قديمة!

ولكن هذا الكتاب ككتب هشام الأُخرى ، وكعامة كتب علماء الإِمامية في القرون الأربعة الأُولى لم تصلنا ، وان من يرجع إلى الفهرستين الشهيرين لكتب الإماميّة ، فهرست شيخ الطائفة الطوسي ، وفهرست النجاشي يجد أنّ تسعين بالمائة من ألوف الكتب الواردة أسماؤها فيهما قد ضاعت ، ولم يبق منها أيّ أثر سوى أسمائها المذكورة في الفهارس. وقد شرحت بعض أسباب ذلك عند ما ترجمت لشيخ الطائفة الطوسي في مقدمة توحيد الكافي ، واستعرضت مكتبته الشهيرة التي أحرقها الخصوم عدّة مرات ، كما أحرقوا غيرها من المكتبات!

فلم يبق أمامنا أيّ طريق إلى دراسة هشام من خلال كتبه الكثيرة التي ألّفها سوى الاهتداء من عناوينها إلى موضوعاتها ، ومن هذا البصيص الضئيل من النور الاهتداء إلى الآراء التي استعرضها المؤلف فيها ، ومن دراسة كتب هشام نستطيع أنْ نحكم بأنّه ناهض الزنادقة وردّ عليهم ، وناهض أصحاب الاثنين ، وناهض المادّية التي كانت قائمة يومذاك ، والتي كان يُعبّر عن معتنقيها بأصحاب الطبايع. ولكنّا مع كل هذا نجد في الخصوم من يتهمه واصحابه بالزندقة ، ومن يتّهمهم بانّهم انما اخذوا عقائد من اصحاب الاثنين!!

٥ ـ ما سيأتي في ترجمة هشام بن سالم من ان هشام بن الحكم انّما كان يعارضه لأنّ آراءه التي اعتمد فيها على أحاديث أما غير صحيحة ، أو أنّه لم يفهمها على الوجه الصحيح ، ويتّهمه بأنّ هذه الآراء إنّما تنتهي إلى القول بالتجسيم ، وأنّ هشام بن الحكم كان ينفي التجسيم.

١٨ ـ ابو محمد ، هشام بن سالم الجواليقي ، الكوفي :

قال عنه المترجمون له من الإِماميّة : «كان هشام بن سالم مولى بشر بن


مروان ، من سَبْي الجُوْزَجَان (١٤٥) روى عن الإِمامين الصادق والكاظم عليهما السلام ، ثقة ، ثقة ، صحيح العقيدة ، معروف الولاية ، غير مدافَع» (١٤٦).

ومولاه هو بشر بن مروان بن الحكم الأُموي (ح ٣٠ / ٦٥١ ـ ٧٥ / ٦٩٤) ولي الكوفة لأخيه الخليفة عبد الملك في أوّل سنة خلافته ٧١ / ٦٩١ ، ثم جمع له البصرة والكوفة في ١٢ / ٧٤ ـ ٤ / ٥٩٤ ، ولم تدوما له إلاّ أشهراً قليلة ، فمات في أوائل ٧٥ / ٥ ـ ٦ / ٦٩٤ (١٤٧).

ولا بُدّ لنا من وقفة ـ ولو قصيرة ـ عند هذا الجزء من سيرة هشام ، إذ أنّ له صلة وثيقة بالذي نذكره حول آراء هشام بن سالم وطبيعة الأحاديث التي اعتمد عليها في القول بما قاله.

والظاهر أنّ الذي سُبي يوم فتح الجُوزجان كان أبو هشام سالم لا هشام نفسه ، إذ من البعيد جدّاً امتداد عمر هشام ـ مهما فرضنا مبلغ عمره ـ منذ سنة ٣٢ / ٦٥٣ عام فتح الجُوزجان إلى بعد وفاة الإِمام الصادق عليه السلام سنة ١٤٨ / ٧٦٥ ، مهما فرضنا مبلغ بقائه بعده ، بالإِضافة إلى أنّ سالماً اسم عربيّ كان من المتعارف يوم ذاك تسمية العبيد به ، ولا تصحّ هذه التسمية إلاّ إذا كان المسبيّ يوم فتح الجوزجان أبا هشام ، فوضع له اسم عربيّ ، ولا معنى لوضع

__________________

(١٤٥) اسم منطقة واقعة بين بلخ ، غربيها ومرو الرُّوذ ـ معجم البلدان ، ٢ / ١٨٢ ، الروض المعطار / ١٨٢ ، بلدان الخلافة الشرقية ـ بالانجليزية ـ / ٤٢٣ ـ فتحت سنة ٣٢ / ٦٥٣ في خلافة عثمان بن عفان ـ الطبري ، ١ / ٢٩٠٠ ـ ٢٩٠١ ، فتوح البلدان ، ٣ / ٥٠٣ ـ ٥٠٤.

(١٤٦) النجاشي / ٣٠٥ وفي طبعة / ٤٣٤ اي ١١٦٥ ، الكشي / ٢٨١ ، البرقي / ٣٤ ـ ٣٥ ، مجمع الرجال ، ٦ / ٢٣٤ ، ٢٣٨ ، العلامة خلاصة الاقوال / ١٧٩ ، ابو داود / ٣٦٨ ، معجم رجال الحديث ، ١٩ / ٣٦٣ ـ ٣٦٤.

(١٤٧) الطبري ، ٢ / ٨١٦ ، ٨٢٢ ، ٨٣٤ ، ٨٦٢ ، ابن ألاثير ، ٤ / ٣٣١ ، ٣٤٧ ، المعارف / ٣٥٥ ، ٤٥٨ ، ٥٧١ ، تاريخ خليفة ، ١ / ٣٤١ ، ٣٤٥ ، ٣٤٩ ، ٣٨٤ ، ٣٨٥ ، تاريخ دمشق ، ١١٠ / ١١١ ـ ١٢٩ ، سير أعلام النبلاء ، ٤ / ١٤٥ ـ ١٤٦ ، الوافي بالوفيات ، ١٠ / ١٥٢ ـ ١٥٣.


اسم عربيّ لمشرك لم يدخل في الإِسلام أو في سبي المسلمين ، كي يغيّر اسمه السابق غير العربيّ إلى اسم عربيّ.

ولعلّ نسبة الولاء التي يذكرها شيخ الطائفة الطوسي لهشام بن سالم : (الجُعْفي ، مولاهم) (١٤٨) إنّما ورثها هشام من أبيه سالم ، لأنّ الّذين سبوه كانوا من قبيلة جُعْفي اليمانيّة القحطانيّة ، وبهذا لا يتناقض مع ما ذكره عامّة المترجمين لهشام من أنّه كان مولى بشر بن مروان الاُّموي القرشي العدناني. فإنّ هذا يدلّ على أنّ هشاماً نفسه كان ولاؤه لبشر لأنّه الذي اشتراه ولا يدلّ على أكثر من ذلك. وهذا اللاحق فَسَخ ولاءه السابق الذي ورثه عن أبيه ، ولعل هذا هو السرّ في تناسي عامة المترجمين له ذكر ولائه السابق المنسوخ ، والاكتفاء باللاحق وحده.

ولا أدري متى اشتراه بشر ، وكم كان عمره يوم أن اشْتُري ، ولكنّ من المطمأنّ به أنّ هشاماً كان يومذاك صغيراً ، بل ولعلّه لم يكن قد بلغ الحُلم حين مات مولاه بشر سنة ٧٥ / ٦٩٤. كما أنَّ من الموثوق به أنّ هشاماً لم يكن إماميّ المذهب حينما اشتُري ، إذ من البعيد أن يبيع مواليه السابقون عبداً شيعياً لبشر ابن مروان الأُموي البعيد عن التشيع ، أقصى ما يمكن أنْ يفرض من البعد ، إن كانوا هم شيعة ، وكان بشر يتبعهم في العقيدة ، فالظاهر من هذا أنّه لم يكن شيعياً ، بل كان غير إماميّ ولاءً وعقيدة ، ولعلّه أصبح أُموي العقيدة بعد ما أصبح أُمويّ الولاء. ويبدو من آرائه التي سأذكرها فيما بعد انه كان قد اتّجه إلى سماع الحديث ، ويبدو من تلك الآراء ، وبحكم نشأته غير الإمامية انّه اتجه إلى سماع الحديث غير الإِمامي ، وقد تطبّعَتْ آراؤه وأفكاره بالأحاديث التي سمعها بحيث كان من الصعب عليه التخلّي عن هذه الآراء! ويبدو أيضاً أنّ هشام بن سالم بعد سنين طويلة من عمره ، ولعلّه عندما بلغ

__________________

(١٤٨) الرجال / ٣٢٩ اي ١٧.


الخمسين أو تجاوزه اختار مذهب الإمامية. ويشهد لهذا أنّ أول من اتّصل به من الأئمّة عليهم السلام كان الإمام الصادق عليه السلام (٨٣ / ٧٠٢ ـ ١٤٨ / ٧٦٥) ، مع أنّه أدرك عصر الإمام السجّاد (٣٨ / ٦٥٩ ـ ٩٤ / ٧١٢) وعصر الإمام الباقر (٥٧ / ٦٧٦ ـ ١١٤ / ٧٣٣) عليهما السلام ، إذ أنّا إنْ قدّرنا عمر هشام عند وفاة مولاه بشر ٧٥ / ٦٩٤ عشر سنوات ـ وفي رأيي أنّ هذا أقلّ التقادير لعمره ـ فإنّه يكون لهشام عند وفاة الإمام الباقر عليه السلام خمسون سنة. وإحجامه هذه المدّة الطويلة عن الاتّصال بإمام زمانه ، وتأخر الاتّصال إلى عصر الإمام الصادق عليه السلام ، ليس له تفسير معقول سوى إنّه لم يكن قد قال بالإمامة إلاّ في عصره عليه السلام ، فاتّصل به.

وقد طال بهشام العمر ، فعاش إلى عصر الإمام الكاظم عليه السلام (١٢٩ / ٧٤٦ ـ ١٨٣ / ٧٩٩).

١٩ ـ ما ينسب اليه من التجسيم والتشبيه :

وهشام بن سالم ثاني الهشامين ، الذي نسبوا إليهما التجسيم والتشبيه الصريحين ونحن نستعرض ما ذكروه ـ سواء الذي جاء في أحاديث الإمامية أو الذي جاء عند غيرهم :

١ ـ جاء في حديث محمد بن حكيم أنّه قال : «وصفت لأبي الحسن عليه السلام قَوْلَ هشام الجواليقي وما يقول في الشاب المُوفَّر ...» (١٤٩).

وحديث إبراهيم بن محمد الخزّاز ، ومحمد بن الحسين ، قالا : «دخلنا على أبي الحسن الرّضا عليه السلام ، فحكينا له أنّ محمداً ، صلّى الله عليه وآله [وسلّم] رأى ربّه في صورة الشابّ المُوَفّر ، في سنّ ابناء ثلاثين سنة ، وقلنا :

__________________

(١٤٩) الكافي ١ / ١٠٦ أي ٢٨٩ ، التوحيد / ٩٧ ، البحار ٣ / ٣٠٠.


إنّ هشام بن سالم ، وصاحب الطاق (١٥٠) والميثمي (١٥١) يقولون : إنّه أجوف إلى السُرَّة ، والبقيّة صمد ...» (١٥٢).

وحديث احمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن الرضا عليه السلام ، قال : «قال لي : يا أحمد ، ما الخلاف بينكم وبين أصحاب هشام بن الحكم في التوحيد؟ قُلْتُ : جعلت فداك ، قلنا نحن بالصُّورة ، للحديث الذي روي : أنّ رسول الله ، صلّى الله عليه وآله [وسلّم] رأى ربّه في صورة شابّ ، فقال هشام بن الحكم بالنفي ، بالجسم ...» (١٥٣) ويقصد أنّ هشاماً نفى الصورة ، لأنّ إثباتها لله سبحانه يلازم أنّ يكون جسماً.

٢ ـ ما رواه الكشي عن عبد الملك بن هشام الحناط أنّه قال لأبي الحسن الرضا عليه السلام : «جعلت فداك ، زعم هشام بن سالم : أنّ الله عزّ وجلّ صورة ، وأنّ آدم خُلق على مثال الرّب ، ويصف هذا ويصف هذا ، وأوميت إلى جانبي وشعر رأسي (١٥٤). وزعم يونس [بن عبد الرحمن ، تلميذ هشام بن الحكم] مولى آل يقطين وهشام بن الحكم : أنّ الله شيء لا كالأشياء وأنّ الأشياء بائنة منه وهو بائن من الأشياء ، وزعما : أنّ إثبات الشيء أنْ يقال جسم ، فهو جسم لا كالأجسام ، شيءٌ لا كالأشياء ، ثابت موجود ، غير مفقود ولا معدوم ، خارج من الحدّين : حدّ الإبطال (١٥٥) وحدّ التشبيه ، فبأيّ القولين أقول؟

__________________

(١٥٠) هو ابو جعفر محمد بن علي النُعْمان البجلي ، «مؤمن الطاق» ، الكوفي (ـ ـ ح ١٦٠ / ٧٧٧) المتكلم ، الثقة الشهير.

(١٥١) علي بن اسماعيل بن شعيب بن ميثم ، ابو الحسن الميثمي.

(١٥٢) الكافي ١ / ١٠٠ ـ ١٠٢ اي ١٧٢ ، التوحيد / ١١٣ ـ ١١٤ ، البحار ٤ / ٣٩ ـ ٤١.

(١٥٣) علي بن ابراهيم ، التفسير ، ١ / ٢٠ ، البحار ، ٣ / ٣٠٧ ، تفسير البرهان ، ١ / ٣٨ ، نور الثقلين ، ٥ / ١٥٥.

(١٥٤) أي يقول بان لله سبحانه شعراً واعضاء من يد ورجل ... وانّما ذكر هذا بالاشارة تهيّباً من التصريح بمثله عن الله سبحانه خاصة أمام الامام عليه السلام.

(١٥٥) أي ابطال دلالة الفاظ الصفات الألهية ، كالحي ، والقادر ، والعليم ، والسميع ، والبصير على


فقال عليه السلام : أراد هذا [هشام بن الحكم] الإِثبات ، وهذا [هشام ابن سالم] شبّه ربّه تعالى بمخلوق ، تعالى الله الذي ليس له شبيه ، ولا عَدْل ، ولا مثل ، ولا نظير ، ولا هو في صفة المخلوقين ، لا تقل بمثل ما قال هشام بن سالم ، وقل بما قال مولى آل يقطين [يونس] وصاحبه [هشام بن الحكم] ...» (١٥٦).

٣ ـ ذكر أصحاب المقالات : انّ هشام بن سالم الجواليقي واصحابه كانوا يقولون :

«إنّه تعالى على صورة الإِنسان ، أعلاه مُجوَّف وأسفله مُصْمَت ، وهو نور ساطع يتلألأ بياضاً ، وله حواس خمس كحواس الإِنسان ، ويد ، ورجل ، وأنف ، وأُذن ، وفم ، وله وَفْرَةٌ سَوْداء هي نور أسود [إذ كان كلّه نور ، فجسمه نور أبيض ، ووَفْرَتُه نور أسود!] لكنّه ليس بلحم ولا دم» (١٥٧).

وأثبتوا له كلّ عضو من أعضاء الإِنسان (إلاّ الفَرْجَ واللحية) (١٥٨).

«وأنكروا مع ذلك أن يكون جسماً» (١٥٩).

وذكروا أنّ هذا كان رأي مؤمن الطاق ، وعليِّ بن ميثم (١٦٠).

لكنّ الشهرستاني والصفدي حكيا عن مؤمن الطاق أنّه كان يقول :

«إنّ الله تعالى نور على صورة إنسان ربَّانيّ» ونفى أن يكون جسماً ، لكنّه

__________________

معانيها ، لأنّ إثبات الدلالة يلزم منه التجسيم والتشبيه ، وقد جاء هذا المعنى ، أي نفي الابطال في كثير من احاديث الامامية ، وهذا هو المقصود من التعطيل والمعطّلة كالجهمية.

(١٥٦) الكشي / ٢٨٤ ـ ٢٨٥ ، مجمع الرجال ، ٦ / ٢٣٧.

(١٥٧) مقالات الاسلاميين ، ١ / ١٠٥ ، ٢٥٩ ، الشهرستاني ، ١ / ١٨٥ ، الفرق بين الفرق / ٥١ ، ٣٢٠ ـ ٣٢١ ، الانساب ، الورقة ٥٩٠ / ب ، اللباب ، ٣ / ٣٨٩ ، منهاج السُّنَّة ، ١ / ٢٠٣ ، ٢٥٩ ، ومصادر اخرى.

(١٥٨) المقريزي ، الخطط ، ٢ / ٣٤٨ ـ ٣٤٩.

(١٥٩) ابن ابي الحديد ، ٣ / ٢٢٤.

(١٦٠) ابن ابي الحديد ، ٣ / ٢٢٤ ، الحور العين / ١٤٩.


قال : «قد ورد في الخبر : (إن الله خلق آدم على صورته) و (على صورة الرحمن) فلا بُدّ من تصديق الخبر» (١٦١).

وأضاف الشهرستاني : «وما يُحْكَى عنه من التشبيه فهو غير صحيح» (١٦٢).

ولكنّهم ذكروا أنّه كان يقول بالجبر والتشبيه هو وأصحابه (الشيطانية) (١٦٣).

و «انّ الله جسم محدود متناه» (١٦٤).

وذكروا (الشيطانية) في (المشبَّهة) ، وقالوا : «إنّهم ينتسبون إلى شيطان الطاق ، وحكى عنه : أنّه كان يقول بكثير من تشبيهات الروافض [؟] ...» (١٦٥).

ومن جانب آخر ذكروا في ترجمة مؤمن الطاق : «وكان معتزلياً» (١٦٦) «شارك كلاًّ من المعتزلة والروافض بِدَعَهم» (١٦٧).

٤ ـ وأضافوا إلى هؤلاء يونس بن عبد الرحمن اليقطين ، البغدادي (ح ١٢٥ / ٧٤٢ ـ ٢٨٠ / ٨٢٣ ـ ٨٢٤) المحدّث والمتكلّم الإِمامي الشهير وتلميذ هشام بن الحكم.

قالوا فيه : «وهو من مشبّهة الشيعة» (١٦٨) «وأفرط يونس في باب

__________________

(١٦١) الملل والنحل ، ١ / ١٨٧ ، الوافي بالوفيات ، ٤ / ١٠٤.

(١٦٢) الملل والنحل ، ١ / ١٨٦.

(١٦٣) البدء والتاريخ ، ٥ / ١٣٢.

(١٦٤) المصدر ، ١ / ٨٥.

(١٦٥) الانساب ، ٨ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ، اللباب ، ٢ / ٢٢٥.

(١٦٦) الوافي بالوفيات ، ٤ / ١٠٤.

(١٦٧) المقريزي ، الخطط ، ٢ / ٣٤٨ ، ٣٥٣.

(١٦٨) الملل والنحل ١٠ / ١٨٨ ، الخطط ٢ / ٣٥٣.


التشبيه» (١٦٩) «وزعم أنّ الملائكة الّذين هم حملة العرش يحملون الباري» (١٧٠) «واستدلّ على أنّه محمول بقوله : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبُكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذ ثَمَانِيَة) (١٧١) (١٧٢) و «إذ قد ورد في الخبر : انّ الملائكة تئِطُّ أحياناً من وطأة عظمة الله تعالى على العرش» (١٧٣).

٢٠ ـ الحديث غير الإِمامي :

ومن الواضح : أنّ هذه الآراء ـ صحَّتْ نسبتها أم لم تصحّ ـ إنّما هي انعكاسات لأحاديث سمعها القائلون ، فآمنوا بصحّتها وحملوها على ظاهرها. وما جاءت الإِشارة إليه من الأحاديث في الآراء نفسها ، كما يلي :

١ ـ حديث أُمّ الطفيل امرأة أُبَيّ بن كعب ـ الصحابي الشهير ـ قالت :

سمعت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يذكر : أنّه رأى ربّه في المنام في صورة شابٍّ مُوَفّر «في خضر ، على فراش من ذهب ، في رجليه نَعْلان من ذهب» (١٧٤).

وقوله : «مُوَفَّر» يعني : «ذا وَفْرَة» (١٧٥) وقوله : «خُضْر» أي : في ثياب

__________________

(١٦٩) الفرق بين الفرق : ٥٣ ، الأنساب ، الورقة ٦٠٣ / ب ، اللباب : ٣ / ٤٢١.

(١٧٠) مقالات الإسلاميين : ١ / ١٠٦ ، منهاج السنة : ١ / ٢٠٧ ، الفرق : ٢١٦ ، التبصير في الدين : ٤٣.

(١٧١) الحاقة ٦٩ : ١٧.

(١٧٢) الفرق : ٥٣ ، الأنساب : ٦٠٣ / ب ، اللباب : ٣ / ٤٢١.

(١٧٣) الملل والنحل : ١ / ١٨٨.

(١٧٤) في الطبراني : في خضر ، عليه نَعْلانِ من ذهب ، وعلى وَجْهِه فراش من ذهب!!.

(١٧٥) والوفرة : الشَعر المجتمع على الرأس ، أو خصوص ما سال على الاذنين ـ الصحاح ، ٢ / ٨٤٧ ، النهاية ٥ / ٢١٠ ، القاموس ، ٢ / ١٥٥ ، تاج العروس ، ٣ / ٦٠٥ ، لسان العرب ، ٥ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩ ، المعجم الوسيط ، ٢ / ١٠٤٦.


خضر (١٧٦).

وأنظ ر رأي الذهبي في الحديث (١٧٧) ودفاع السيوطي عن صحّته! (١٧٨)

وجاء في ترجمة أبي الحسن ، علي بن محمد بن بشّار البغدادي ، الحنبلي (٣١٣ / ٩٢٥) المحدِّث الزاهد ، الذي ذكروا له الكرامات ، وأنّ من كان يحبّه فهو صاحب سُنَّة ، وكان قبره إلى عدّة قرون بعده ظاهراً معروفاً ببغداد يتبرّك الناس بزيارته (١٧٩).

«قال أحمد البرمكي : سألت أبا الحسن ابن بشّار عن حديث أُمِّ الطُّفَيْل ، وحديث ابن عبّاس [سيأتي] في الرؤية [رؤية الله سبحانه] فقال : صحيحان. فعارض رجلٌ ، فقال : هذه الأحاديث لا تُذْكَر في مثل هذا الوقت! فقال ابن بَشّار : فَيُدْرَسُ الإِسلام؟!!» (١٨٠).

وحديث ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : رأيت ربّي في صورة شابّ له وَفْرَة (١٨١).

وحديث مُعاذ بن عَفْرَاء : أن ّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم حدّثه :

__________________

(١٧٦) البيهقي ، الاسماء والصفات / ٤٤٧ ـ ٤٤٧ ، تاريخ بغداد ، ١٣ / ٣١١ ، أُسد الغابة ، ٧ / ٣٥٦ ، الطبراني ، المعجم الكبير ، ٢٥ / ١٤٣ ، ابن ابي عاصم ، السنة ، ١ / ٢٠٥ اي ٤٧١ ، ومصادر كثيرة اخرى.

(١٧٧) سير أعلام النبلاء ، ١٠ / ٦٠٢ ـ ٦٠٤.

(١٧٨) اللآلي المصنوعة ، ١ / ٢٨ ـ ٢٩.

(١٧٩) تاريخ بغداد ١٢ / ٦٦ ـ ٦٧ ، المنتظم ٦ / ١٩٨ ـ ١٩٩ ، شذرات الذهب ، ٢ / ٢٦٧ ، طبقات الحنابلة ، ٢ / ٥٧ ـ ٦٣ ، المنهج الاحمد ، ٢ / ٧ ـ ١١ ، صفة الصفوة ، ٢ / ٤٤٦ ـ ٤٤٧ ، تاريخ الاسلام ، (٣٠١ ـ ٣٢٠) ٤٥٧ ـ ٤٥٨ اي ١١٦.

(١٨٠) طبقات الحنابلة ، ٢ / ٥٩ ، المنهج الاحمد ، ٢ / ٨.

(١٨١) رواه الطبراني في السُّنْة ، وحكى عن ابي زُرْعة الرازي ، عبيد الله بن عبد الكريم (٢٠٠ / ٨١٥ ـ ٢٦٤ / ٨٧٨) من ائمّة الحديث ، انه قال : هو حديث صحيح لا يُنكْره إلاّ معتزلي : ـ كنز العمال ، ١ / ٢٠٤ منتخبه ـ هامش مسند احمد ـ ١ / ١١٣ ، اللآلي المصنوعة ، ١ / ٢٩ ـ ٣٠.


أنّه رأى ربَّ العالمين ، عزّ وجلّ ، في حظيرة القدس ، عليه تاج يَلْتَمعُ البصر (١٨٢).

وحديث ابن عبّاس ، عنه ، صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قال : رأيتُ ربي تعالى في صورة شابّ أمرد ، عليه حُلةٌ حمراء (١٨٣).

وحديثه الآخر ، عنه ، صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، قال : رأيت ربّي عزّ وجلّ ، شابٌ ، أمرد ، جَعْد ، قَطَطُ ، عليه حُلَّة حمراء (١٨٤).

وأحاديث كثيرة أُخرى

٢ ـ وأمّا رؤية النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ربّه ليلة المعراج (الإِسراء) فما أكثر ما جاء فيها من طرق غير الإمامية :

فيقول ابن عبّاس ، ويحلف على ذلك : أنّه رأى بعينه ربه مرتين (١٨٥).

وكان الحسن البصري يحلف بالله : لقد رأى محمد ربّه (١٨٦).

وكان عكرمة يقول : نعم قد رآه ، ثمّ قد رآه ، ثمّ قد رآه حتى ينقطع النفس (١٨٧).

وقال النووي : «وذهب جماعة من المفسّرين إلى أنّه رآه بعينه ، وهو قول

__________________

(١٨٢) كنز العمال ، ١ / ٢٠٤ ، منتخبه ، ١ / ١١٣ ، اللآلي المصنوعة ، ١ / ٣٠ ، عن الطبراني في السُّنة ، وأخرجه البَغَوي ، كما في الإصابة ، ٦ / ١٤٠.

(١٨٣) تاريخ بغداد ، ١١ / ٢١٤ ، اللآلي المصنوعة ، ١ / ٣٠.

(١٨٤) طبقات الحنابلة ، ٢ / ٤٥ ـ ٤٦ ودافع عن صحته.

(١٨٥) الترمذي ، ٥ / ٣٩٥ ، المستدرك على الصحيحين ، ١ / ٦٥ ، التوحبد وإثبات صفات الرّب ٧ / ٤٢٤ ، ٢٠٥ ، ابن ابي عاصم ، السُّنة ، ١ / ١٩٠ اي ٤٣٧ تفسير ابن كثير ، ٣ / ٣٠٤ ، ٧ / ٤٢٤ ، فتح الباري ، ١٠ / ٢٣٠ ، الدر المنثور ، ٦ / ١٢٤ ، فتح القدير ، ٥ / ١١٠ ، شرح المواهب ، ٦ / ١١٧ ، ومصادر كثيرة اخرى.

(١٨٦) التوحيد ... / ١٩٩ ـ ٢٠٠ ، شرح صحيح مسلم للنووي ، ٣ / ٥ ، فتح الباري ، ١٠ / ٢٣١ ، عمدة القاريء ، ١٩ / ١٩٨ ، ومصادر اخرى.

(١٨٧) تفسير الطبري ، ٢٧ / ٢٨ ، الشريعة / ٤٩٦ ، تفسير ابن كثير ، ٧ / ٤٢٥ ، الدر المنثور ، ٦ / ١٢٤.


أنس ، وعكرمة ، والحسن ، والربيع ...» (١٨٨).

وسئل أحمد بن حنبل عن ذلك ، فقال : أنا أقول بحديث ابن عبّاس : بعينه رأى ربّه ، رآه ، رآه ـ حتى انقطع نفس أحمد ـ (١٨٩).

وقال النووي : «والراجح عند اكثر العلماء : أنَّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم رأى ربّه بِعَيْنَيْ رأسه ليلة (...) وأمّا رؤيته ، عزّ وجلّ يوم القيامة في الموقف ، فعامّة لكلّ أحد من الخَلْق : الإِنس والجنّ ، من الرجال والنساء ، المؤمن والكافر ، والملائكة ، وجبريل ، وغيره ...» (١٩٠).

وأمّا الأحاديث نفسها ـ وما أكثرها ـ فلا أذكر شيئاً منها سوى حديث واحد رواه محمد بن إسحاق المحدّث والمؤرّخ الشهير ، بسنده عن عبد الله بن أبي سلمة ، قال :

إنّ عبد الله بن عمر بن الخطّاب بعث إلى عبد الله بن عبّاس يسأله : هل رأى محمد ، صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ربّه؟ فأرسل اليه ابنُ عباس : أنْ نعم! فردَّ عليه عبدُ الله بن عُمر رَسُولَه : أنْ كَيْفَ رآه؟ فأرسل : إنّه رآه ـ زاد يونس [أحد الرواة عن ابن اسحاق] في روايته : في صورة رَجُل شابَ ـ في رَوْضة خضراء ، دونه فراشً من ذهب ، على كرسيّ من ذهب ، يحمله أربعة من الملائكة : مَلَكٌ في صورة رجل ، ومَلَكٌ في صُورِة ثَوْر ، ومَلكٌ في صورة نَسر ، وملَكٌ في صورة نَسْر ، ومَلَكٌ في صورة أَسَد (١٩١).

__________________

(١٨٨) شرح صحيح مسلم ، ٣ / ٦ ، المرقاة شرح المشكاة ، ٥ / ٣٠٦.

(١٨٩) الشفاء ١ / ٢٦٠ ، شرح الشفا للخفاجي ، ٢ / ٢٩٢ ، شرح الشفا للقارىء ، ١ / ٤٢٢ ، الرُوْضُ الأنف ، ٣ / ٤٤٥ ، شرح المواهب اللّدنية ، ٦ / ١٢٠ ، تاريخ الخميس ، ١ / ٣١٤.

(١٩٠) شرح صحيح مسلم ، ٣ / ٥ ، المرقاة ، ٥ / ٣٠٨ ، السيرة الحلبية ، ١ / ٤١٠ وراجع بتفصيل : القاضي عياض ، الشفا ، ١ / ٢٥٧ ـ ٢٦٠ ، الخفاجي ، شرح الشفا ، ٢ / ٢٨٥ ـ ٢٩٢ ، القاري ، شرح الشفا ، ١ / ٤١٦ ـ ٤٢٣ ، شرح المواهب اللدنية ، ٦ / ١٠٩ ـ ١٢٠.

(١٩١) الاسماء والصفات ، / ٤٤٣ ، التوحيد واثبات صفات الربّ / ١٩٨ الشريعة / ٤٩٤ ـ ٤٩٥ ، الشفا ، ١ / ٢٥٨ ، شرحه للخفاجي ، ٢ / ٢٨٧ ، شرحه للقاري ١ / ٤١٨ ، الدر


٣ ـ وأمّا ما جاء فيه ذكر الأعضاء والجوارح ـ إمّا مجازاً كالذي ورد في القرآن الكريم وكثير من أحاديث السُّنَّة ، وحمله على المعنى الحقيقي المحسوس غفلة أو تغافل ، وإمّا ما يكون ظاهره المعنى الحقيقي المحسوس ولا يقبل التأويل إلاّ بصعوبة ، وهو أيضاً في السُّنَّة ، كثير ـ فأمثلته كثيرة جدّاً ، وقد تقدّم في النماذج التي حكيناها من أقوال المحدّثين غير الإِمامية الإِشارة إلى أمثلة منه. وممّا جاء ـ ولم نذكره ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فيما يروونه عنه ـ : «يكشف ربّنا [يوم القيامة] عن ساقه فيسجد له كلُّ مؤمن ومؤمنة ...» (١٩٢).

وما جاء في أحاديث عديدة بألفاظ مختلفة : «يقال (لَجهَنَّمَ هَلِ امْتَلأتِ وَتقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيد) (١٩٣) فلا تمتلىء حتى يضع الرَّبّ / ربُّ العالمين / الرَّحمنُ / فيها قدمه (ويُزِوي بَعْضَها إلى بعض) فهناك تمتلىء ويُزْوَى بعضها إلى بعض ، وتقول : قَطِ ، قَط ، (قَطِ) / قَدِ ، قَدِ ، قدِ / قَدِي ، قَدِي / قَدْني ، قَدْني (١٩٤) وعزَّتِكَ ...» (١٩٥).

٤ ـ ما جاء في حديث أبي هريرة : «خلق الله آدم على صورته ، طوله ستّون ذراعاً» (١٩٦).

__________________

المنثور ، ٦ / ١٢٤ ومصادر اخرى.

(١٩٢) البخاري ، ٦ / ١٩٨ ، ٩ / ١٥٩ ، الدّارمي ، السنن ، ٢ / ٣٢٦ ـ ٣٢٧.

(١٩٣) ق ، ٥٠ / ٣٠.

(١٩٤) اي اكتفيت.

(١٩٥) البخاري ، ٦ / ١٧٣ ، ٨ / ١٦٨ ، ٩ / ١٤٣ ، ١٦٤ ، مسلم ، ٨ / ١٥١ ـ ١٥٢ ، الترمذي ، ٤ / ٦٩١ ـ ٦٩٢ ، ٥ / ٣٩٠ ، احمد ، ٢ / ٢٧٦ ، ٣١٤ ، ٣٦٩ ، ٥٠٧ ، ٣ / ١٣ ، ٧٨ ، ١٣٤ ، ١٤١ ، ٢٣٤ ، الدارمي ، ٢ / ٣٤٠ ـ ٣٤١ ، الطبري ، جامع البيان «التفسير» ـ ط بولاق ـ ٢٦ / ١٠٥ ـ ١٠٧ ، ومصادر كثيرة.

(١٩٦) البخاري ، ٨ / ٦٢ ، مسلم ، ٨ / ١٤٩ ، احمد ، ٢ / ٣١٥ ، ٣٢٣ ، التوحيد وإثبات صفات الربّ / ٣٩ ـ ٤١ ، الشريعة / ٣١٤.


وما جاء في حديث عبد الله بن عمر : «لا تُقبحوا الوجه فإنّ ابن آدم خلق على صورة الرحمن» (١٩٧).

وما جاء في أحاديث القيامة : «فيأتيهم [المؤمنين يوم القيامة] الله في صورته التي يعرفون [بعد أنْ أتاهم في صورة لم يعرفوه بها فأنكروه] فيقول : أنا ربكم! فيقولون : أنت ربّنا ...» (١٩٨).

٥ ـ وأمّا المكان ، فمن أطرف ما جاء فيه ، ما جاء حول «العرش» و «الكرسي» في قوله تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمواتِ وَالأَرْضَ) (١٩٩). من قول ابن عبّاس : «الكرسي / كرسيّه موضع قدمه / قدميه / والعرش لا يُقدِّر قَدَرَهُ إلاّ الله» (٢٠٠).

وبمعناه حديث عمر بن الخطّاب ، وأبي موسى الأشعريّ ، وأبي ذرّ ، وابن مسعود (٢٠١).

وهكذا فسّر كثير من قدماء المفسّرين (٢٠٢).

وما جاء حول جلوس الله سبحانه فوق العرش : «إنَّ الله فوق عرشه ، وإنَّه

__________________

(١٩٧) التوحيد ... / ٣٨ ، الشريعة / ٣١٥ ، ابن ابي عاصم ، السُّنْة ، ١ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩ اي ٥١٧ ، وانظر دفاع ابن راهويه ، واحمد بن حنبل ، والذهبي عن صحة الحديث ، ميزان الاعتدال ، ٢ / ٤١٩ ـ ٤٢٠.

(١٩٨) البخاري ، ٩ / ١٥٦ ، مسلم ، ١ / ١١٣.

(١٩٩) البقرة ٢ : ٢٥٥.

(٢٠٠) المستدرك على الصحيحين ، ٢ / ٢٨٢ ، وصحّحه الحاكم والذهبي ، التوحيد وإثبات صفات الربّ / ١٠٧ ، ١٠٨ ، تاريخ بغداد ، ٩ / ٢٥١ ـ ٢٥٢ ، الاسماء والصفات / ٣٥٤ ، تفسير ابن كثير ، ١ / ٤٥٧ ، الدر المنثور ، ١ / ٣٢٧ ، فتح القدير ، ١ / ٢٧٣ ، روح المعاني ، ٣ / ١٠ ، ١٦ / ١٥٤.

(٢٠١) الطبري التفسير ـ ط بولاق ـ ٣ / ٧ ، الاسماء والصفات / ٣٥٣ ـ ٣٥٤ ، الدارمي ، السنن ، ٢ / ٣٢٥ ، المستدرك على الصحيحين ، ٢ / ٣٦٤ ـ ٣٦٥ ، الدر المنثور ، ٣ / ٢٩٨ ، طبقات الحنابلة ، ١ / ١٣٤.

(٢٠٢) الطبري ، التفسير ، ٣ / ٧.


لَيَئِطُّ به أَطِيطَ الرَّحْلِ الجديد بالراكب ، إذا ركبه مَنْ يُثْقِله» (٢٠٣) «وإنّه ليقعد عليه مايفضل منه إلاّ قدر أربع أصابع» (٢٠٤) وإنّ هذا الموضع الذي يفضل ـ قدر أربع اصابع ـ قد أعدّه الله سبحانه وأخلاه لمحمد ، صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ليُجْلِسَه عليه يوم القيامة (٢٠٥) وذلك تفسير قوله تعالى : (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (٢٠٦) (٢٠٧).

وقد دافع ابن جرير عن صحّة هذا التفسير ، وعن الجلوس دفاعاً حارّاً (٢٠٨) كما قد دافع عنه الخلاّل دفاعاً أقوى من ابن جرير بكثير ، في كتابه (٢٠٩) وقد رواه عن عبد الله بن سلام ومجاهد ، وأتبعه بمنامات وحكايات ، وأقوال محدِّثين ، وأنّ من أنكره جهمّي ، ثنويّ ، كافر ، زنديق ، يجب قتله!

وحكى أبو بكر النقّاش ، عن أبي داود السجستاني ، سليمان بن الأشعث (٢٠٢ / ٨١٧ ـ ٢٧٥ / ٨٨٩) صاحب السنن الشهيرة ، أنّه قال : «من أنكر هذا الحديث [حديث الجلوس] فهو عندنا مُتَّهم [بالردّة والخروج عن الدين] فما زال

__________________

(٢٠٣) أبو داود ، السنن ، ٤ / ٢٣٢ ، التوحيد وإثبات صفات الرب / ١٠٣ ـ ١٠٤ ، الشريعة / ٢٩٣ ، تفسير الطبري ، ٣ / ٨ ، الأسماء والصفات / ٤١٧ ـ ٤١٩ ، ابن أبي عاصم ، السُّنْة ، ١ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣.

(٢٠٤) الدارمي ، الردّ على بشر المريسي ٥٧٤ ـ ٥٧٦ ، عقائد السلف / ٤٣٢ ، تفسير الطبري ، ٣ / ٨ ، عون المعبود ، ١٣ / ٣٢ ـ ٣٣.

(٢٠٥) تاريخ بغداد ، ٨ / ٥٢ ، طبقات الحنابلة ، ٢ / ٦٧.

(٢٠٦) الإسراء ٧ : ٧٩.

(٢٠٧) الدارمي ، ٢ / ٢٣٣ ، ابن ابي عاصم ، السُّنَّة ، ١ / ٣٠٥ = ٦٩٥ ، الشفا ، ١ / ٢٩١ ، ابن الجوزي ، زاد المسير ، ٥ / ٧٦ ، الدر المنثور ، ١ / ٣٢٨ ، ٤ / ١٩٨ ، شرح المواهب اللّدنية ، ٨ / ٣٦٧ ـ ٣٦٨.

(٢٠٨) جامع البيان ، ط بولاق ، ١٥ / ٩٩ ـ ١٠٠ ، وقال القرطبي : وعَضَد الطبري جواز ذلك بشَطَط من القول ـ احكام القرآن ، ١٠ / ٣١١.

(٢٠٩) السُّنَّة ، تح : الدكتور عطيّة الزهراني ، دار الراية ، الرياض ، ط ١ ، (١٤١٠ / ١٩٨٩) ، ١ / ٢٠٩ ـ ٢٦٩ = ٢٣٦ ـ ٣٢٨.


أهل العلم يُحدِّثون به [خوفاً من الاتّهام]» (٢١٠).

وحكى ابن قيّم الجوزية ، تلميذ ابن تيميّة الشهير ، عن القاضي أبي يعلى الحنبلي أنَّه قال : صنّف المَرْوزي كتاباً في فضيلة ، النبي ، صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، وذكر فيه إقعاده على العرش ، وذكر القاضي أنّه قول جماعة [وعدَّهم سبعة وعشرين وذكر أسماءهم] وأضاف ابن القيّم : «وهو قول ابن جرير الطبري ، وإمام هؤلاء كلّهم مجاهد إمام التفسير ، وهو قول أبي الحسن الدارقطني ...» (٢١١).

والمروزي هو : أحمد بن محمد بن الحجّاج ، أبو بكر المَرْوَذي (المَرْوَرُوِذي) البغدادي (ح ٢٠٠ / ٨١٦ ـ ٢٧٥ / ٨٨٨). قال فيه الذهبي : الإمام ، القُدْوة ، الفقيه ، المحدِّث ، شيخ الإسلام (٢١٢) (...) وكان إماماً في السُنّة ، شديد الاتّباع ، من أجلِّ أصحاب أحمد بن حنبل والمقدَّم فيهم لوعة وفضله ولأنّه حمل عن أحمد علماً كثيراً ، وكان أحمد يأنس به ويَنْبَسِط إليه ، وهو الذي تولّى إغماض أحمد لَمّا مات وغسّله ، وروى عنه مسائل كثيرة ، وأسند عنه أحاديث صالحة ; كما قالوا في ترجمته (٢١٣).

وقد وقعت بسبب هذا القول وكتاب المروذي فيه فتنة دامية ببغداد ، كما

__________________

(٢١٠) القرطبي ، أحكام القرآن ، ١٠ / ٣١١ ، أبو حيان ، البحر المحيط ، ٦ / ٧٢ ، القسطلاني المواهب اللدُنّية ، ٢ / ٤١١ ، الزُّرقاني ، شرح المواهب ، ٨ / ٣٦٨ ، الشوكاني ، فتح القدير ، ٣ / ٢٥٢ ، الآلوسي ، روح المعاني ، ١٥ / ١٤٢.

(٢١١) ابن القيمّ ، بدائع الفوائد ، ٤ / ٣٩ ـ ٤٠ ، وذكر الخلاّل كتاب استاذه المروذي في السُّنَّة ، ١ / ٢٧ = ٢٤٩ وذكر بعده ومن وافقوه فيه ـ ١ / ٢١٧ ـ ٢١٨ ، ٢٦٦ ـ ٢٦٧.

(٢١٢) سير أعلام النبلاء ، ١٣ / ١٧٣ ، ١٧٥.

(٢١٣) تاريخ بغداد ، ٤ / ٤٢٣ ـ ٤٢٥ ، المنتظم ، ٥ ـ ٢ / ٩٤ ـ ٩٥ ، طبقات الحنابلة ، ١ / ٥٦ ـ ٦٣ ، المنهج الاحمد ، ١ / ١٧٢ ـ ١٧٤ تاريخ الاسلام ، ٢٦١ ـ ٢٨٠ / ٢٧٣ ـ ٢٧٥ ، سير أعلام النبلاء ، ١٣ / ١٧٣ ـ ١٧٦ ، العبر ، ٢ / ٥٤ ، ابن كثير ، ١١ / ٥٤ ، شذرات الذهب ، ٢ / ١٦٦ ، ابن الاثير ، ٧ / ٤٣٥ ، مرآة الجنان ، ٢ / ١٨٩ ، الوافي بالوفيات ، ١٠ / ٣٩٣.


يذكر ابن الاثير وغيره في أحداث سنة ٣١٧ / ٩٢٩ «ففيها وقعت فتنة عظيمة ببغداد بين أصحاب أبي بكر المروزي الحنبلي وبين غيرهم من العامة ، ودخل كثير من الجند فيها ، وسبب ذلك : أنّ أصحاب المروزي قالوا ، في تفسير قوله تعالى : (عَسَى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) هو : أَنّ الله سبحانه يُقْعِدُ النبيَّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم معه على العرش ، وقالت الطائفة الأُخرى : إنّما هو الشَّفاعة [وهو التفسير الصحيح المتّفق عليه بين الشيعة وكثير من علماء السُّنَّة] فوقعت الفتنة واقتتلوا ، فقُتِل بينهم قَتْلى كثيرةٌ» (٢١٤).

٦ ـ ولم أجد تفسيراً معقولاً لما نسب إلى الجواليقي من قوله : انّه سبحانه أجوف إلى السُّرَّة ، والبقيّة صَمَدٌ ، سوى انّه فسّر «الصَّمَد» بالمُصْمَت ـ التفسير الذي ستأتي الإشارة اليه ـ ووجد ما دلّ على انّ سبحانه من الأعضاء والجوارح ما يتنافى وكونه مُصْمتاً من رأسه إلى قدمه! وقد مرّ انّه أثبت له سبحانه ، كلّ عضو «إلاّ الفَرْج واللحية» فاضطرّ إلى أنْ يجزِّئه سبحانه جُزْءَيْن : أعلى مجوّف ، وأسفل صَمد مُصْمَت لا فرج له!

٢١ ـ ما نسب إلى الهشامين جاء منسوباً إلى غيرهم :

ومن المناسب جدّاً أنْ نذكر أنّ ما نسبوه إلى هشام بن الحكم او إلى هشام الجواليقي قد حكوه عن آخرين سبقوهما او كانوا معاصرين لهما ، منهم :

١ ـ أبو الحسن مقاتل بن سليمان الازدي ، البلخي ، المروزي (ح ٧٠ / ٦٨٩ ـ ١٥٠ / ٧٦٧) سمع الكثير وحدّت الكثير ، واختص بالتفسير. جال في البلاد الإِسلامية : مرو ، ثم العراق ، والحجاز ، والشام ، ففسر وحدّث بمكّة ، وبغداد ، وبيروت ، واستقرّ اخيراً بالبصرة وبها مات. اشتهر بتفسير القرآن الكريم حتى قال عنه الشافعي : الناس عِيال على مقاتل في التفسير. وكان ممَّنْ يُضْرَب به المَثَل في القول بالتجسيم والتشبيه الصريحين ، والكذب

__________________

(٢١٤) ابن الاثير ، ٨ / ٢١٣ ، ابن كثير ، ١١ / ١٦٢ ، ابو الفداء ، ٢ / ٧٤ ـ ٧٥ ، ابن الوردي ، ١ / ٣٩٠ ، تاريخ الخلفاء / ٣٨٤.


في الحديث. خاصم بلدَيَّة جهم بن صفوان عقائدياً وسياسياً. قال ابن حبان : كان يأخذ من اليهود والنَّصارى من علم القرآن الذي يوافق كتبهم ، وكان مشبّهاً يشبّه الربّ بالمخلوقين (١).

قال هو واصحابه : إنّ الله جسم ، وله جُمَّة (٢) وإنّه على صُورة الإِنسان ، لَحْم ، ودم ، وشَعْر ، وعَظْم ، له جوارح وأعضاء ، من يد ، ورِجْل ، ورأس ، وعَيْنَيْن ، مُصْمَتٌ ، وهو مع هذا لا يُشْبِهُ غَيْرُه (٣).

واضاف المقدسي ونَشْوَانُ الحميري : وانّه سبعة أشبار بأشبار نفسه (٤) ويقصدون من أصحاب مقاتل جماعةً من أصحاب الحديث تأثّروا به ، وقالوا بمثل مقالته ، منهم :

أ ـ ربيبه نوح بن أبي مريم (يزيد) ، أبو عصْمَة المَرْوزي ، الحنفي ، قاضي مرو (ح ١٠٠ / ٧١٩ ـ ١٧٣ / ٧٨٩) سمع الكثير وروى الكثير ، وتفقّه على أبي حنيفة ، وخرّج حديثه الترمذي وابن ماجة في التفسير. تزوّج مقاتل أُمَّه فربّاه ، فأخذ أبو عِصْمَة منه آراءه ، وقالوا فيه ما قالوا في شيخه مقاتل (٥).

ب ـ وأبو عبد الله ، نُعَيْم بن حمّاد بن معاوية الأعور الخُزَاعي ، المروزي ، ثم المصري (ح ١٤٨ / ٧٦٥ ـ ٢٢٨ / ٨٤٣) من أعلام المحدّثين ،

__________________

(٢١٥) راجع : ابن حبّان ، كتاب المجروحين «الضعفاء» ، ٣ / ١٤ ـ ١٦ ، تاريخ بغداد ، ١٣ / ١٦٠ ـ ١٦٩ ، ميزان الاعتدال ، ٤ / ١٧٢ ـ ١٧٥ ، تهذيب التهذيب ، ١٠ / ٢٧٩ ـ ٢٨٥ ، سير أعلام النبلاء ، ٧ / ٢٠١ ـ ٢٠٢ ، تاريخ الاسلام / ١٤١ ـ ١٦٠ / ٦٣٩ ـ ٦٤٢ ، طبقات المفسرين ، ٢ / ٣٣٠ ـ ٣٣١ = ٦٤٢.

(٢١٦) وَفْرَة ، ما تَرامَى من شَعْر الرَّأسْ على المنكبين ، المعجم الوسيط ، ١ / ١٣٧.

(٢١٧) مقالات الاسلاميين ، ١ / ٢١٣ ، ٢١٤ ، ٢٥٨ ـ ٢٥٩ ، الفصل ، ٤ / ٢٠٥ ، البدء والتاريخ ، ٥ / ١٤١ ، ابن أبي الحديد ، ٣ / ٢٢٤.

(٢١٨) البدء والتاريخ ، ١ / ٨٥ ، ٥ / ١٤١ ، الحور العين / ١٤٩.

(٢١٩) ابن حبّان ، الضعفاء ، ٣ / ٤٨ ـ٤٩ ، ميزان الاعتدال ، ٤ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ، تهذيب التهذيب ، ١٠ / ٤٨٦ ـ ٤٨٩ ، ومصاجر اخرى.


كان إماماً في السُنَّة. خرّج حديثه البخاري ، ومسلم في مقدّمة صحيحه وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجة. حُمِلَ من مصر إلى العراق في خلافة المُعْتَصِم العبّاسي لامتناعه عن القول بخلق القرآن ، فحُبس إلى أن مات فدفن بقيوده ، ولم يُكفَّن ولم يُصَلّى عليه.

كان كاتباً لأبي عِصْمَة فربّاه ومنه تعلّم ، ووضع كتباً كثيرة في الردّ على الجهميّة. وقالوا فيه ما قالوه في شيخيه ، ولكنّهم لم يكذّبوه صريحاً ، إلاّ الدولابي ، والأزدي ، لأنهم عَدُّوه من شهداء مِحْنَتهِم (٢٢٠).

وراجع النصَّ على أنّهما تبعا مقاتلاً في التشبيه والتجسيم ، هما وداود الجواربي ـ الآتي ـ (الملل والنحل ١ / ١٨٧ ، تلبيس إبليس : ٨٦ ، شرح ابن أبي الحديد ٣ / ٢٢٤).

٢ ـ أبو المُثَنَّى مُعاذ بن مُعاذ العَنْبَري ، البَصْرِي ، قاضي البصرة (١١٩ / ٧٣٧ ـ ١٩٦ / ٨١٢) من أعلام المحدّثين ، اتّفقوا على توثيقه وتخريج حديثه ، منهم أصحاب الكتب الستَّة وغيرهم (٢٢١).

قال بعض الرّواة : سألت معاذاً العنبري ، فقلت : أَلَهُ وجهٌ؟ فقال : نعم! حتّى عددت جميع الاعضاء من أنف ، وفم ، وصدر ، وبطن ، واستَحْيَيْتُ أنْ أذكر الفَرْج ، فأومأت بيدي إلى فَرْجي؟ فقال : نعم! فقلتُ : أذكر أم أُنثى؟ فقال : ذكَر! (٢٢٢).

ودخل انسان على معاذ بن معاذ قاضي البصرة يوم عيد ، وبين يديه لحم في طبيخ سِكْبَاج ، فسأله عن الباري تعالى في جملة ما سأله ، فقال : هو ، والله ،

__________________

(٢٢٠) تاريخ بغداد ، ١٣ / ٣٠٦ ـ ٣١٤ ، ميزان الاعتدال ، ٤ / ٢٦٧ ـ ٢٧٠ ، تهذيب التهذيب ، ١٠ / ٤٥٨ ـ ٤٦٣ ، ومصادر اخرى.

(٢٢١) تهذيب التهذيب ، ١٠ / ١٩٤ ـ ١٩٥ ، تقريب التهذيب ، ٢ / ٢٧٥ ، تاريخ بغداد ، ١٣ / ١٣١ ـ ١٣٤.

(٢٢٢) ابن أبي الحديد ، ٣ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥.


مثل هذا الذي بين يدي ، لحم ودم! (٢٢٣).

٣ ـ داود الجَواربي :

لم يذكروا عنه شيئاً ، بل ولا اسم أبيه ، سوى ما حكوه عن يزيد بن هارون الواسطي (١١٨ / ٧٣٦ ـ ٢٠٦ / ٨٢١) ـ من اعلام المحدّثين المتّفق عليهم ـ أنّه كان يقول : الجواربي والمَريسي [بشر بن غياث] كافران. وكان يذكر أنّ داود الجَواربي عَبَر جسر واسط فانقطع الجسر ، فغرق من كان عليه [سوى داود الذي نَجَا] فكان يزيد يقول : انّ الذي «خرج شيطان فقال : أنا داود الجواربي» (٢٢٤).

ومن هذا يظهر انه كان عراقياً ، وانّه وبشراً متعاصران.

عدّ الاشعري داوداً واصحابه من فرق المُرْجئة ، وعده الشهرستاني ، هو ونُعَيْم بن حمّاد من مُشبِّهة أصحاب الحديث الحشوية الذين وافقوا مقاتل ابن سليمان ، وهكذا صنع عبد القاهر البغدادي ، وأبو المظفّر الاسفراييني ، وغيرهما فعدّوه من «المشبّهة» لا من «الرافضة» او «الرافضة المشبّهة».

وحكوا عنه انه كان يقول : «إنّ معبوده جسم ، ولحم ، ودم ، وله جوارح وأعضاء ، من يد ، ورِجْل ، ورأس ، ولسان ، وعَيْنَيْن ، وأُذنَين ، ومع ذلك جسم لا كالأجسام ، ولحم لا كاللحوم ، ودم لا كالدِّماء ، وكذلك سائر الصِّفات ، وهو لا يُشْبه شيئاً من المخلوقات ، ولا يُشْبِهُه شيءً ، وهو أجوف من أعلاه إلى صدره ، مُصْمَتُ ما سوى ذلك ، وأنَّ له وفرةً سوداء ، وله شَعْر قَطَطُ». وكان داود الجواربي يقول : «اعفوني عن الفرج واللحية ، واسألوني عمّا وراء ذلك ، فإنّ في الأخبار ما يثبت ذلك» (٢٢٥).

__________________

(٢٢٣) ابن المرتضى ، المنية والأمل / ١١٦ ، ابن أبي الحديد ، ٣ / ٢٢٥.

(٢٢٤) ميزان الاعتدال ، ٢ / ٢٣ ، لسان الميزان ، ٢ / ٤٢٧ ، تاريخ الاسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) / ٤٧٦ = ٤٩٧.

(٢٢٥) مقالات الاسلاميين ، ١ / ٢١٤ ، ٢٥٨ ـ ٢٥٩ ، الملل والنحل ، ١ / ١٨٧ ، البدء والتاريخ ، ٥ / ١٤٠ ، الفرق بين الفرق / ٢١٦ ، ٣٢٠ ، اصول الدين / ٧٤ ، ٣٣٧ ، التبصير في الدين / ١٠٧ ، تلبيس ابليس / ٨٦ ، ٨٧.


ولكنّ ابن حزم عدَّه في جملة الشيعة (٢٢٦) وقال : «وكان داود الجواربي (٢٢٧) من كبار متكلِّميهم ، يزعم أنّ ربّه لحم ودم ، على صورة الإِنسان» (٢٢٨).

وقال السمعاني : «وعنه [عن هشام الجواليقي] أخذ داود الجواربي قوله : إنّ معبوده له جميع أعضاء الانسان ، إلاّ الفرج واللحية» (٢٢٩).

وقال الذهبي ، وأقرّه عليه ابن حجر العسقلاني : «داود الجواربي ، رأس في الرافضة والتجسيم ، من مرامي جهنّم» (٢٣٠) وقال الذهبي أيضاً : داود الجواربي كان رافضيّاً مُجَسِّماً كهشام بن الحكم (٢٣١).

ولم تذكره المصادر الإِمامية بشيء ، بل لم يأت اسمه في أيّ منها ، قديمها وحديثها.

٢٢ ـ هشام بن الحكم والرد على الجواليقي. وما نسب اليه من الرّدّ على مؤمن الطاق :

ولم تكن معارضة الجواليقي فيما يقوله خاصّة بالأئمّة عليهم السلام ، فقد كان هشام بن الحكم وأصحابه يعارضون الجواليقي ، كما جاء فيما رواه علي ابن ابراهيم بسنده الصحيح ، عن احمد بن محمد بن أبي نصر البَزَنَطي ـ وقد تقدّم الحديثـ. ولهشام بن الحكم : «كتاب الردّ على هشام الجواليقي» (٢٣٢).

__________________

(٢٢٦) الفصل ، ٢ / ١١٢ ، ٤ / ٩٣.

(٢٢٧) في المطبوع : الجوازي ، وفي اللسان : الجواري.

(٢٢٨) الفصل ، ٤ / ١٨٢ ، سير أعلام النبلاء ١٠ / ٥٤٤ ، لسان الميزان ، ٢ / ٤٢٧.

(٢٢٩) الانساب ، الورقة ، ٥٩٠ / ب ، اللباب ، ٣ / ٣٨٩.

(٢٣٠) ميزان الاعتدال ، ٢ / ٢٣ ، لسان الميزان ، ٢ / ٤٢٧.

(٢٣١) تاريخ الاسلام ٢٢١ ـ ٢٣٠ / ٤٧٦ = ٤٩٧.

(٢٣٢) الطوسي ، الفهرست ، / ٢٠٤ ، النجاشي / ٣٠٤ ، «ابن» النديم / ٢٢٤ ، معالم العلماء


وذكر المترجمون لهشام بن الحكم في قائمة كتبه : «كتاب الردّ على شيطان الطاق» (٢٣٣) ولم يصلنا الكتاب نفسه حتى نعرف الذي يقصده هشام بـ «شيطان الطاق» ، ولم يفسّره الذين ذكروا الكتاب له ، ولعلّ التفسير الذي يبدو لأوّل مرة : أنّ المقصود به مؤمن الطاق ، أبو جعفر البجلي ، المتقدم ذكره مع هشام الجواليقي ، هو والميثمي ، ولكنّي في شك مريب من هذا التفسير ، بل أكاد أجزم بعدم صحّته ، وأنّه تفسير خاطىء ، وذلك :

أنّ علماء الإِمامية متفقون أنّ تلقيب أبي جعفر الأَحول ، البَجَليّ بشيطان الطاق إنّما جاء من قبل المخالفين «الخصوم» للإِمامية ، والإِمامية يلقبونه «مؤمن الطاق» (٢٣٤) وقد علم به غيرهم فحكاه عنهم (٢٣٥) وذكروا له لقباً آخر : «شاه طاق / شاه الطاق» «مَلكُ الطاق» (٢٣٦). وقال ابن النديم : «وشيعته تسمّيه شاقّ الطاق أيضاً» (٢٣٧).

بل إنّ ابن حجر يحكي عن ابن أبي طَيِّء ـ العالم الإِماميّ الشهير ـ أنّ أحد الأقوال في تلقيبه «مؤمن الطاق» ما عبر عنه ابن حجر بلسانه الخاص : وقيل : إنّ هشام بن الحكم شيخ الرّافضة لمّا بلغة أنّهم [خصوم الإِمامية] لقّبوه

__________________

/ ١١٥ ، مجمع الرجال ، ٦ / ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، ايضاح المكنون ، ٢ / ٢٩٨ ، هدية العارفين ، ٢ / ٥٠٨ ، الذريعة ، ١٠ / ٢٣٧.

(٢٣٣) الطوسي / ٢٠٤ ، النجاشي / ٣٠٥ ، «ابن» النديم / ٢٢٤ ، معالم العلماء / ١١٥ ، مجمع الرجال ، ٦ / ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، هدية العارفين ، ٢ / ٥٠٧ ، الذريعة ، ١٠ / ٢٠٣.

(٢٣٤) الكشي / ١٨٥ ، البرقي ، الرجال / ١٧ ، المفيد ، الاختصاص / ٢٠٤ ، الطوسي ، الفهرست / ١٥٧ ، الرجال / ٣٥٩ ، النجاشي / ٢٢٨ ، ابن شهر آشوب ، معالم العلماء / ١١٥.

(٢٣٥) «ابن» النديم / ٢٢٤ ، الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ١٠ / ٥٥٣ ـ ٥٥٤ ، الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ٤ / ١٠٤ ، ابن حجر ، لسان الميزان ، ٥ / ٣٠٠ ، الشهرستاني ، الملل والنحل ، ١ / ١٨٦.

(٢٣٦) الطوسي ، الفهرست / ٢٢٢ ، الرجال / ٣٠٢ ، مجمع الرجال ، ٦ / ٧.

(٢٣٧) تكملة الفهرست ـ راجع الفهرست ـ ط تجدد ، الهامش / ٢٢٤ ، ط الأستقامة / ٢٥٨.


شيطان الطاق ، سمّاه هو مؤمن الطاق (٢٣٨).

ولم يكن هذا اللقب «مؤمن الطاق» قد استقرّ له بعد عصره ، بل أنّ المعاصرين له كانوا يلقّبونه به ، فجاء عن هشام بن سالم الجواليقي نفسه (٢٣٩) وفي حديث آخر (٢٤٠) ويونس بن يعقوب (٢٤١) وأبان بن عثمان الأحمر (٢٤٢) وأبي مالك الأحمسي (٢٤٣) وشريك بن عبدالله النخعي (٢٤٤) فمن البعيد جدّاً ـ والحال هذه ـ أنْ ينبزه مثل هشام بن الحكم بهذا اللّقب الّذي لا ينبزه به إلاّ خصوم الإِمامية ـ وقابلهم أصحابه الإِمامية بلقب آخر يليق به وبكرامته ومنزلته ـ بل أن هشاماً نفسه هو الذي بدأ بمعارضتهم واختار له «مؤمن الطاق» في أحد الأقوال في سبب تلقيبه بهذا اللقب المؤمن ، وقد تقدّم.

ويضاف إلى هذا أنّي لم أجد في أحاديث الإِمامية ما يدلّ على وقوع الخصومة بين هشام ومؤمن الطاق ، بل ولا أيّ نوع من الخلاف بينه وبينه بصورة مباشرة ـ كما وجدنا ما دلّ على الخلاف بينه وبين هشام الجواليقي ـ ومثل هذا التلقيب ليس له من مبرّر ، ولا فيما إذا اشتدت الخصومة والعداء ، إلاّ عند المهاترة والتنابز بالألقاب. نعم جاء فيما ذكرته سابقاً ، عند الكلام عن الجواليقي أنّ مؤمن الطاق والميثمي تبعا الجواليقي في رأيه ، فالرّدّ عليه ردّ عليهما ، وهشام بن الحكم قد فعل ذلك.

ويضاف إلى هذا كلّه ما ذكرته عند الكلام عن سيرة هشام بن الحكم من شهادة اعدائه بخلق هشام ، وإنّه تصادق مع خارجي أباضيّ تلك الصداقة التي

__________________

(٢٣٨) لسان الميزان ، ٥ / ٣٠٠ ـ ٣٠١.

(٢٣٩) الكشي / ٢٨٢ ، البحار ، ٤٧ / ٢٦٢.

(٢٤٠) الكشي / ٢٧٥ ـ ٢٧٧ ، البحار ، ٤٧ / ٤٠٧ ـ ٤٠٨.

(٢٤١) الكشي / ٢٧١.

(٢٤٢) الاحتجاج ، ٢ / ١٤٠ ، البحار ، ٤٦ / ١٨٠.

(٢٤٣) الكشي / ١٨٦ ـ ١٨٨ ـ في ثلاثة احاديث ـ ، البحار ، ٤٧ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦.

(٢٤٤) الاحتجاج ، ٢ / ١٤٤ ـ ١٤٨ ، البحار ، ٤٧ / ٣٩٦ ـ ٤٠٠.


استمرَّتْ سنين طويلة ، والتي ضرب بها المثل في حسن الصحبة وجميل العشرة ، والتي أفضلت على جميع المتضادين ـ كما يقول الجاحظ ـ فهذا النبز ، بهذا المستوى ممّا يأباه خلو منْ لم يكن في مستوى هشام بن الحكم ، فكيف به!

فمن هذا كلّه وغيره أقول ـ وأنا واثق بصحّة ما أقول ـ : أنّ هشاماً في كتابه هذا يردّ على شخص آخر غير مؤمن الطّاق ، وكان هذا للقب «شيطان الطاق» له قبل أنْ يلقْب مؤمن الطاق به ، وكانت خصومته للإِمامية ولهشام بلغت الحدّ الذي لم يجد هشام بأساً في نبزه بمثل هذا اللقب الشائن ، ولكن الخصوم قد حرّفوا اللّقب عن موضعه ، ونبزوا به مؤمن الطاق ، لأنّه كان يسكن طاق المحامل بالكوفة ، فكان يقال له «الطاقيّ» أو «صاحب الطاق» (٢٤٥) وتنوسي صاحب اللقب الأول إلى أنْ نُسي ، فحصل مثل هذا اللَّبْس ، وفيما قدَّمْتُ من النماذج الكثيرة من فعل الخصوم ما يبرّر لي مثل هذا الظّنِّ الحسن بهم وِبخُلُقهم وسلوكهم!

وممّا يدلّ على أنّ هذا اللقب لم ينبز به مؤمن الطاق وحده أنْ الخطيب يترجم لراو غير إمامي ويقول : «أحمد بن هارون ، يعرف بشيطان الطاق ، من أهلِ سُرَّ مَنْ رأى (٢٤٦) ...» (٢٤٧).

٢٣ ـ نظرة إلى الحديث غير الإمامي :

ومن دراستنا هذه الّتي اضطررنا إليها ظهر أنّ من اتّهموا من الإمامية بالتجسيم والتشبيه ـ سواء تسَّربَتْ إليهم من طرق غير الإمامية ـ وما قدمنا من

__________________

(٢٤٥) راجع المصادر المتقدّمة حول لقبه.

(٢٤٦) أي : سامراء الحالية ـ العراق.

(٢٤٧) تاريخ بغداد ، ٥ / ١٩٦.


الامثلة تشهد بذلك ـ ، وكانت هذه الأحاديث نفسها هي الّتي جرّت غيرهم إلى التجسيم والتشبيه عالمين أو غير عالمين وبذلك توافقت اراؤهم ـ أوتوافق ما حكوه من ارائهم ، وان لم يثبت أنّهم ، أو أن البعض منهم قد آمن بها ـ.

وكمثال واحد لتأثير هذه الاحاديث في البيئة الإِمامية ، يضاف إلى الامثلة المتقدمة ، ما يرويه الصدوق بسنده عن يعقوب السَّرّاج ، قال :

قلت لأبي عبد الله ، عليه السلام : إنّ بعض أصحابنا يزعم أنّ لله صورة مثل صورة الإنسان ، وقال آخر : إنّه في صورة أمرد ، جَعْد ، قطَطَ [راجع ما تقدم] فخرّ أبو عبد الله عليه السلام ساجداً ، ثم رفع رأسه ، فقال : سُبْحانَ الله الّذي ليس كمثله شيء ، ولا تدركه الأبصار ، ولا يُحيطُ به علم ، لم يلد ، لأنَّ الوَلَد يُشْبِه أباه ، ولم يُولَد فيُشْبِه مَنْ كان قَبْلَه ، كفوا أحد ، تعالى عن صفة من سواه عُلُوّاً كبيراً (٢٤٨).

وهناك عامل آخر ، أكتفي فيه بذكر شاهد واحد عليه ولا أشرح ولا أُعَلّق ، وهو ما جاء عن ابن أبي عمير ، محمد بن زياد الأزدي البغدادي (٢١٧ / ٨٣٢) المحدّث والعالم الإمامي الشهير ، فيما يرويه الكشي عن الفضل ابن شاذان ، قال :

سأل أبي محمد بن أبي عمير ، فقال له : إنّك قد لقيت مشايخ العامّة (٢٤٩) فكيف لم تسمع منهم؟ فقال : قد سَمِعْتُ منهم ، غير أنّي رأيتُ كثيراً من أصحابنا قد سمعوا علم العامّة وعلم الخاصّة ، فاختلط عليهم ، حتّى كانوا يروون حديث العامّة عن الخاصّة وحديث الخاصّة عن العامّة ، فكرهتُ أنْ يختلط عليَّ فتركتُ ذلك وأقبلتُ على هذا (٢٥٠)» (٢٥١).

__________________

(٢٤٨) التوحيد / ١٠٣ ـ ١٠٤ ، البحار ، ٣ / ٣٠٤.

(٢٤٩) أي غير الإمامية.

(٢٥٠) تركت رواية أحاديث غير الإمامية واقتصرت على أحاديثهم.

(٢٥١) الكشي / ٥٩٠ ـ ٥٩١ ، مجمع الرجال ، ٥ / ١١٨ ، معجم رجال الحديث ، ١٤ / ٢٩٩.


وهذان العاملان ـ ويضاف إليهما عوامل أُخر ـ يفسّران التأكيد الذي صدر من الأئمة عليهم السلام لشيعتهم على أخذ عقائدهم وأحكامهم من الأئمّة عليهم السلام وحدهم ، والاعتماد على الصادقين الموثوق بهم ممّن يروي عنهم. وسامح الله إخواناً لنا فسّروه على أنّه قطيعة بين الإخوة المسلمين ، وحوّلوه إلى مطعن أضافوه إلى مطاعنهم علينا!

وتبيّن من دراستنا هذه أنّ خصوم الإمامية ، مهما اختلفت آراؤهم وتباينت عقائدهم ، لم يتورّعون عنه ـ فيما بينهم ، وقد قدّمت أمثلة كثيرة لذلك ، وتركت التعليق عليها ، ولكنّي هنا أحكي رأياً لعالم غير إمامي حول كتاب من أشهر كتب المقالات والفرق ، ويعدّ بمنزلة الأُمّ لعامة من كتب في هذا الموضوع قديماً وحديثاً ، وهو كتاب «الفَرْق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منها» تأليف أبي منصور ، عبد القاهر بن طاهر البغداي ، الأشعري ، الشافعي (٤٢٩ / ١٠٣٨) وبمعناه كتابه الآخر : «الملل والنحل» وكلاهما مطبوعان ، وكتاب آخر لا يقلّ عنه أهمّيّة ، إن لم يَفُقْه ، وهو كتاب «الملل والنحل» تأليف أبي الفتح ، محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (٤٧٩ / ١٠٨٦ ـ ٥٤٨ / ١١٥٣).

يقول فخر الدين الرازي العالم المتكلّم والمفسّر الشهير حول كتاب «الملل والنحل» تأليف الشهرستاني ـ من أشهر الكتب في هذا الموضوع ـ : «إنّه كتاب حكى فيه مذاهب العالم يزعمه ، إلاّ أنّه غير معتمد عليه ، لأنّه نقل المذاهب الإسلامية من الكتاب المسمّى بـ «الفَرْقِ بَيْنَ الفِرَق» تأليف الأُستاذ أبي منصور البغدادي ، وهذا الأُستاذ كان شديد التعصّب على المخالفين ، ولا يكاد ينقل مذهبهم على الوجه الصحيح. ثمّ إنّ الشهرستاني نقل مذاهب الفرق الإسلامية من ذلك الكتاب ، فلهذا السّبب وقع الخلل في


نقل هذه المذاهب» (٢٥٢).

* * *

وقبل أنْ أنهي البحث لا بُدّ لي من كلمة موجزة حول دور المعتزلة في هذا المجال. إنّ المعتزلة وإن واجهوا منذ نشأتهم طائفتين من الخصوم : إحداهما أصحاب الحديث والسُّنَّة ، أو مَنْ يسمّونهم المعتزلة بالحَشْويّة والنابتة ، والثانية المتكلّمون الّذين كانوا يختلفون معهم في الرأي. والمحدّثون لم يقابلوا المعتزلة بسلاح الكلام والجدل ومقارعة الحجّة بالحجّة ، بل قابلوهم بالتبديع والتكفير ، والاتّهام بالزندقة والمروق من الدين ، وإثارة العامّة وسواد الناس عليهم ، فتحوّلت خصومهم إلى «صراع جسديّ» فحسب ، اضطرّ المعتزلة فيها أن يكسبوا سلاح السلطان بعد أن لم ينجحوا في كسب سلاح العامّة! ومن أهمّ مظاهرها المآسي الّتي حفل بها تاريخ عصر المأمون ، والمعتصم ، الواثق ، والمتوكّل العبّاسيين (١٩٨ / ٨١٣ ـ ٢٤٧ / ٨٦١) ، كان المعتزلة فيها هم الفائزون في عصر الخلفاء الثلاثة الأُول ، عن طريق كسب سلطان الخليفة وسلاحه إلى جانبهم ، وهي المآسي التي اصطلح عليها المؤرّخون بمحنة خلق القرآن ، ولكن المعتزلة دالت دولتهم بعد أنْ مال المتوكّل إلى خصومهم المحدّثين ، فخسروا السلطة وسلاحها بعد أنْ كانوا قد خسروا العامّة وسلاحهم من قبلُ.

وأمّا خصومهم المتكلّمون ـ وأهم خصومهم كانوا متكلّمو الإمامية ـ فكانت خصومة المعتزلة معهم تدور في اطار فكريّ بحت ، إذ كانت الأطراف

__________________

(٢٥٢) مناظرات فخر الدين الرازي في بلاد ما وراء النهر ، تحقيق الدكتور فتح الله خليف ، دار المشرق ، بيروت ، ١٩٦٦ ـ مع ترجمته إلى الإنجليزية / ٣٩ = ٩٩ وراجع ترجمته / ٦٢ = ٩٩.


المتنازعة ـ كما يعبّرون ـ متكافئة القوى ، لا يملك أيِّ منهالا سلاح السلطان ولا سلاح العامّة ، بل كانت المعتزلة ، بالنسبة إلى الإمامية ، أقرب إلى قلب السلطان وعطفه ، وأمكن من الاستعانة بسطوته وسلاحه! وهنا استعان المعتزلة بكل الأسباب والوسائل ، واتّبعوا كافة السبل التي تمكّنهم من الفوز ، وإن كانت خشية العامّة أوّلاً ، ثم خشية السلطان والعامّة معاً فيما بعد غلَّتْ أيدي المعتزلة أمام المحدّثين ، فانّها لم تغلّ أيديهم أمام الإمامية ، ولأجل هذا لا نجد في كتب المعتزلة بالنسبة إلى المحدّثين ذلك التهجّم الفاضح ، والنقد اللاذع الجريء ، والخصومة السافرة ، ما نجدها منهم بالنسبة إلى الإمامية.

وأنا أرى أنّ ما نسبه المعتزلة إلى الإمامية ـ وعنهم أخذه غيرهم ـ إنّما سمعوه أوّلاً من المحدثين ، فمقاتل بن سليمان استقرّ في البصرة أواخر حياته ، وفيها نشر اراءه ـ كما تقدم ـ «والبصرة عُشّ القدر» كما يقول الذهبي (٢٥٣) ، ومعاصره حمّادُ بن سَلَمة البصري (٨٨ / ٧٠٧ ـ ١٦٧ / ٧٨٤) مفتي البصرة وفقيهها ، والمحدّث الشهير ، وهو مَنْ تدور عليه أكثر أحاديث «الصفات» [صفات الله] الّتي يستدلّ بها المُجسّمة والمشبِّهة ، والتي يقولون أنّ ربيبه عبد الكريم بن أبي العَوْجاء الزّنديق الشهير قد دسّها في كتبه ، فكان حمّاد يحدّث بها ويدافع عن صحَّتها (٢٥٤) ، ومُعاذ العتبري قاضي البصرة ومحدّثها ، بل وداود الجواربي ، كانوا أمّا بصريين أولهم صلة بالبصرة ، فسمع المعتزلة كل ذلك منهم ، ولكنّهم لم يسعهم التهريج به عليهم مباشرة ، فاستعملوه امام الإمامية ، بأنْ نسبوا ذلك إليهم أوّلاً ، ثم التهريج به بعد ذلك!

__________________

(٢٥٣) ميزان الاعتدال ٣ / ٩١.

(٢٥٤) ابن الجوزي ، الموضوعات ، ١ / ٣٧ ، ١٠٠ ، ١٢٢ ، ابن فُورك ، مشكل الحديث / ١٦٩ ، البيهقي ، الاسماء والصفات / ٤٤٥ ، الذهبي ، ميزان الاعتدال ، ١ / ٥٩٣ ، ابن حجر ، تهذيب التهذيب ، ٣ / ١٥ ، السيوطي ، اللآلي المصنوعة ، ١ / ٢٥ ، ٢ / ٤٦٨ ، ومصادر اخرى.


٢٤ ـ مقارنة ومناقشة :

وآخر ما أُريد أن أذكره : أنّ قياس «تصحيح الاعتقاد» للمفيد إلى «إعتقادات الإِمامية» للصدوق لا يكشف لنا إلاّ عمّا اشتركت فيه المدرستان الحديثيّة والكلاميّة عند الإِمامية وما اختلفتا فيه فحسب ، وخلال القرون التي تنتهي بالقرن الخامس / الحادي عشر ، وأمّا الانتهاء بهذا القياس إلى تعليل الفرق الّذي نجده في جانب المفيد بانه يرجع إلى تأثّره بالاعتزال فهو استنتاج ينقصه الكثير من مقوّمات الاستنتاج الصحيح المرتكز على دراسة صحيحة مستوعبة.

فإنّ الإمامية منذ أوَّل عصورهم كانت تتواجد فيهم هاتان المدرستان ، وقد قدّمنا أنّهما وان كانتا متغايرتَيْن من الاسلوب ونوعية الاستدلال ، إلاّ أنّهما لم يكونا متضادّتين متخاصمتين كما نجدهما عند غير الإماميّة. وقد ذكرت تأريخا متسلسلاً لمتكلّمي الإمامية ، ترجمت فيه لهم إلى عصر شيخ الطائفة الطوسي ن وذكرت ما ذكر لهم من الكتب الكلاميّة ، وسينشر ـ إن شاء الله ـ كتمهيد للترجمة الإنجليزية لتوحيد الكافي. ولكن الكتب الّتي ذكرتها هناك قد ضاعت كلّها ولم يصل إلينا منها إلاّ النزر القليل ، ولكنّها بعناوينها وأسمائها وما توحيه هذه العناوين ، تدلّ على أنّ الكلام الإمامي سلسلة متّصلة متواصلة ، عاشَتْ واستمرَّتْ إلى عصر الشيخ المفيد ، وما لم نحصل على نماذج منها ، ولا أقلّ من أنْ ندرس عناوينها وما تبقى من النماذج القليلة من محتوياتها فلا تكون دراستنا إلا ناقصة مبتورة ، ولا يصحّ لنا أنْ نحكم بأنّ ما نراه ميزة عند المفيد إنما أخذها عن المعتزلة ، بل أنّ هناك من الأدلّة التي تدلّنا على أنّ هذه الميزة توارثها متكلِّمو الإمامية كعقيدتهم التي توارثوها بمالها من الخصائص ، وقدمت سابقاً بعض الكلام حول الفرق المنهجي بين الاسلوب الحديثي والاسلوب الكلامي. ومنه يظهر أنّ تلك الأحكام الصارمة الباتة التي حكموا بها قديماً


وحديثاً حول تأثّر الإماميّة بالمعتزلة ، ليس لها ما يبررّها. وقد بيّنب أنّهم في عقائدهم لم يتأثروا بالمعتزلة ، وكانت هذه مهمّتي في هذا المدخل ، وامّا البحث عن الجوانب الاُخر فأرجىء التبسط فيه إلى مجال آخر.

ولكنّي هنا أسوق مثالا واحداً لتلك الأحكام الصارمة ، وهو أخفّ الأمثلة وأقلّها جَوْراً وتعسّفاً ، لصلته بالصدوق والمفيد. يذكر (م. مكدرموت) : إنّ «كتاب التوحيد» للصدوق متأخّر في تأليفه عن كتابيه الآخرين «اعتقادات الإماميّة» و «الهداية» وإنّ الصدوق فيه كان أقرب إلى الفكر الاعتزالي منه فيهما ، إذ أنّ الصدوق بعدما هاجر إلى الري كان يعيش في بلاط البويهيين هناك ، ولعلّ هذا الفرق يعود إلى «ضغط الوزير الصاحب بن عَبَّاد [وزير البويهيّين (٣٢٦ / ٩٣٨ ـ ٣٨٥ / ٩٩٥)] والأثر الذي كانت تتركه أدلّة المعتزلة في نفس الصدوق ، اللذَيْن أوجبا التغيير الذي حصل في تفكير الصدوق» (٢٥٥).

وأنا أضع أمامه وأمام الباحثين مثالاً أسبق عصراً وأرفع مستوى ، وهو الكليني ، الشيخ أبو جعفر محمد بن يعقوب الرازي ، ثم البغدادي (٣٢٩ / ٩٤١) شيخ محدّثي الإماميّة ، وكان يعيش في الريّ ، ثم هاجر إلى بغداد في أواخر عمره وبها مات (٢٥٦).

فإنّ الكليني عقد باباً في توحيد الكافي : «تأويل الصمد» وذكر فيه حديثين فسّرا «الصَّمَدَ» بالسّيّد المصمود إليه كلّ شيء ، في القليل والكثير (٢٥٧) ثم قال :

«فهذا هو المعنى الصحيح في تأويل «الصمد» ، لا ما يذهب إليه المُشَبِّهة : أنَّ تأويل الصَّمَد : المُصْمَت الّذي لا جَوْف له ، لأنَّ ذلك لا يكون إلاّ صفة الجسم ، والله ، جلّ ذكره ، متعال عن ذلك (...) ولو كان تأويل

__________________

(٢٥٥) نظريات علم الكلام عند الشيخ المفيد / ٣٢٣ ، ٣٤١ ـ ٣٤٩.

(٢٥٦) راجع ترجمته في فاتحة الترجمة الانجليزية لكتاب العقل والجهل من الكافي.

(٢٥٧) الكافي ، ١ / ١٢٣ ـ ١٢٤ = ٣٢٣ ، ٣٢٤ ،


«الصمد» في صفة الله ، عزّ وجلّ ، المُصْمَت ، لكان مخالفاً لقوله عزّ وجلّ : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءً) (٢٥٨). لأنّ ذلك من صفة الأجسام المُصْمَتة التي لا أجواف لها ، مثل الحجر ، والحديد ، وسائر الأشياء المصمتة (...).

فأمّا ما جاء في الأخبار من ذلك «فالعالِمُ عليه السلام أعلم بما قال ..» ثم استدلّ بأدلّة لغوية على صحة هذا التفسير (٢٥٩).

وبهذا سبق بأكثر من قرن الشيخ الطوسي تلميذ المفيد الذي يقول : «ومن قال الصمد بمعنى المُصْمَت ، فقد جهل الله ، لأنّ المُصْمَت هو المتضاغط الأجزاء ، وهو الّذي لا جَوْف له ، وهذا تشبيه وكفر بالله تعالى» (٢٦٠).

وما أشار إليه الكليني من الروايات التي لم يذكرها ، والّتي فسرت «الصمد» بالّذي لا جوف له ، قد ذكرها الصَّدوق ولم يتغافل عنها في «كتاب التوحيد» ـ الّذي تأثر فيه بالمعتزلة أكثر من رسالته وهدايته ، كما يقول مكدرموت (٢٦١) ـ وجمع بينه وبين المعنى الّذي اختاره الكليني عندما فسّر «الصمد» وأخذ بهما جميعاً ، وإنْ أوّلَ «الصّمد» بما لا يلزم منه الجسمية (٢٦٢) ومن هذا يظهر أنّ الكليني كان أكثر اعتزالاً من الصدوق!

ولعلّ الاحتفاظ بقدسيّة تلك الأحكام التي صدرت حول الإمامية ، قديماً وحديثاً ، وأنّهم عيال على المعتزلة يَعُولونهم بارائهم وأدلّتهم ، يدعو البعض إلى أن يجد أو يُوجد بلاطاً اعتزاليّاً آخر عاش فيه الكليني ووزيراً معتزلياً آخر ضغط عليه! ولا أمنع بأيّ وجه أن يتأثّر عالم إمامي بأُستاذه المخالف له في العقيدة ، أو بالجوّ المخاصم له ، ولكنّ الّذي لا أقبله هو ما يوحي به رأي (م. مكدرموت)

__________________

(٢٥٨) الشورى ، ٤٢ / ١١ ،

(٢٥٩) الكافي ، ١ / ١٢٤.

(٢٦٠) التبيان ، ١٠ / ٤٣١.

(٢٦١) التوحيد / ٩٣ ، ١٤٠ ، ١٧١.

(٢٦٢) التوحيد / ١٩٧.


من أنّ الصَّدوق تنازل عن بعض آرائه ، أو أخفى جانباً منها ، مراعاةً للصاحب أو للمعتزلة ، وأن يكون هذا تحفُّظاً على قدسيّة تلك الأحكام التي تقول إنّ أي تعديل حصل في رأي الإمامية إنّما كان من جرّاء تأثّرهم بالمعتزلة!

والصَّاحب بن عَبّاد لم يكن في رأي الصدوق ذلك المعتزليّ الذي تصوّره مصادر المعتزلة ، بل كان إماميّاً اثنى عشرياً يمدح الأَئمّة والرضا خاصة ، عليهم السلام في قصائد يصرّح فيها بإمامتهم ، ويؤلّف له الصدوق «عيون أخبار الرضا ، عليه السلام» ويصرّح بذلك في فاتحة الكتاب ، ويذكر شعر الصاحب في ذلك (٢٦٣).

ويجب التفريق في المسائل الكلاميّة بين المسائل التي تمسّ العقيدة مباشرة ، وبين ما لا يكون كذلك ، كالمسائل التي كانوا يعبّرون عنها يومذاك باللطيف من الكلام. وقد ذكر شيخنا المفيد كثيراً من عناوينها في آخر أوائل المقالات (٢٦٤) ، ومهمتي تنحصر ، في هذا المدخل ، في أنّ الإمامية لم يأخذوا عقائدهم من المعتزلة ، ولم يحكمهم التشبيه والجبر يوماً مّا قبل أنْ يتّصلوا بالمعتزلة ، وأمّا التأثر في مثل هذه المسائل ، أو التأثّر في نوعية الاستدلال في المسائل المتفّق عليها فلا أمنعه ، بل هناك شواهد كثيرة على وقوعه ، ولكنه تأثّر وتأثير متقابل ، ولكنذ الذي يحزّ في النفس اغفال تأثر النَّظّام وأبي الطيّب المعتزليَّيْن بهشام بن الحكم مثلاً ، والاهتمام بتأثّر المفيد بالمعتزلة! ولعل الآثار التي تركها متكلِّمو الإِمامية والمعتزلة على حدٍّ سواء ، إن كانت قد سلمَتْ من الضّياع ووصلت إلينا ، لكان لنا رأياً آخر ، ولعلّنا كنا نرجّح حينئذ : أنّ التأثر في جانب الاعتزال بالإِمامية كان أقوى وأكثر من تأثر الإِماميّة بالمعتزلة.

وأمّا مدى تأثر المفيد خاصّة بالمعتزلة في مثل هذه المسائل «اللطيف من الكلام» وفي المسائل التي لا تمسّ العقيدة مباشرة ، وخاصة متابعة المفيد لآراء

__________________

(٢٦٣) عيون الاخبار ، ١ / ٣ ـ ٧.

(٢٦٤) راجع / ٧٢ ـ فما بعد.


الكعبيّ البلخي ، الّذي ملأ به (م. مكدرموت) كتابه : «نظريّات علم الكلام عند الشيخ المفيد» فلا أُناقش شيئاً ممّا ذكره ، إذ الأُصول التي قد اعتمد عليها قد ناقشتها وذكرت رأيي فيها ، وأمّا التفاصيل فللحديث عنها مجال آخر.

ويجب أنْ ننتبه أيضاً إلى أنّ الأخذ عن متكلّم غير إمامي لا يعني بالضرورة متابعة التلميذ لآراء أُستاذه ـ وخاصة فيما يختلف معه في العقيدة ـ ، والمتكلّمون غير الإمامية يومذاك كانوا معتزلة ، وبعد عصر شيخ الطائفة الطوسي كانوا في الأَغلب أشاعرة ، وقد حضر عليهم جمع من علمائنا الإِماميّة ، وعكس هذا أيضاً ، وهو حضور غير الإمامي على متكلِّم إمامي ، كتلامذة نصير الدين الطوسي ، المتكلّم والفيلسوف الشهير ، صحيح. وما هذا إلاّ كالأخذ عن محدِّث غير إماميّ ، وماأكثر شيوخ الحديث غير الإمامية الّذين أخذ عنهم المفيد ، والمرتضى ، والطوسي ، والكراجكي وأمثالهم ، بل ومن سبقهم كالصدوق ، ومن لحقهم كالعلاّمة الحلّي! فإنّ هؤلاء كانوا يقيسون ما يسمعونه من الحديث بالمقاييس التي صَحَّتْ عندهم ، وبها يجب أن تستكشف صحة الحديث أو زَيْفُه ، في رأيهم ، والغاية من ذلك أنْ يستعين المحدّث الإماميّ بما يسمعه من شيخه غير الإِماميّ في إثبات ما يعتقده من شؤون الإِمامة وحالات الأئمّة عليهم السلام ، أو في ردّ حجج الخصوم. وهكذا الحال في علم الكلام ، والتفسير ، والفقه ، وأصول الفقه ، فإن مثل هذا الحضور يفيد أوّلاً تعلّم ما ينفع فيما يرجع إلى ما اتّفق عليه الطرفان ، وإلى الاستعانة بعلم الأُستاذ في الدفاع عما يراه التلميذ حقّاً ، ثانياً.

٢ ـ تطوُّر الكلام عند الإِماميّة

٢٥ ـ نظرة عامة ، من غير تفصيل :

وأقصد بالتطور هنا المسيرة الفكريّة التي تجتازها العلوم والافكار البشرية منذ نشأتها ، فتغذ السير تارة وتتباطأ اُخرى بل وقد تحبو أو تضلع في سيرها أحياناً ، ولست أقصد بالتطور معناه البيولوجي المراد به في عالم الاحياء ، ولا


المفهوم الماركسي الّذي كثيراً ما تستعمل الكلمة فيه من الماركسيّين وغير الماركسييّن ، بعمد أو عن غفلة وقلت هذا لأنّي لم تحضرني الآن كلمة اُخرى أقرب إلى سمع القارىء وأحضر في ذهنه منها.

والحديث هنا طويل يستدعي ملء الفجوة الزمنية بين عصر النشأة وعصر المفيد بتراجم أعلام متكلمي الإِمامية ، حسب التسلسل الزمني وذكر خصائصهم وميزاتهم ، ولا مجال لهذا البتة. ولهذا فإني البحث ضمن النقاط التالية :

١ ـ إن كانت الكوفة قد احتضنت الحديث والفقه الإماميّ ثم بعد قرنين من الزمان كانت قم إحدى المدن التي ملكت الكثير من هذا العلم. فإن الكلام الإماميّ قد احتضنتها بغداد منذ أيامها الأُوَل. فقد قدمت إنّ هشام بن الحكم كانت له صلة قويّة ببغداد منذ أنّ ابتليت في فجر الدولة العباسية ، وسكنها في أواخر أيامه وكان يدير ندوتها الكلامية التي كانت تنعقد في ظل البرامكة. واستمر فيها تلامذته المتكلمون يدرسون ويناظرون ويورثون علمهم من يحل محلهم من بعدهم.

والحديث والفقه الإماميّان وإن كانا يتواجدان في بغداد منذ نشأتها إلاّ إنّ بغداد قد اصبحت حاضرة الحديث أو الفقه بعد أن انتقلا إليها من الكوفة مباشرة ، ومن قم بصورة غير مباشرة. ولكنها كانت حاضرة الكلام الإماميّ من يومها الأوّل.

٢ ـ الفكرة الاعتزالي وإن نشأ من نقطة لم يلتق فيها بالفكر الإمامي ، وهي موقف رائدي الاعتزال ; واصل بن عطاء ، وعمرو بن عبيد من مرتكبي الكبيرة وقولهما بالمنزلة بين المنزلتين وبقيت هذه الركيزة هي التي تجمع شتات المعتزلة ، إلاّ أنّ رفض المعتزلة للجبر والتشبيه والتجسيم قد أشرنا سابقاً إلى أنّه مسبوق بمثله عند الإمامية ، إن لم يكن مأخوذاً منهم. وبهذا حكمنا بأنّ الكلام الإمامي كان اصيلاً غير تابع ولا مُسْتَجْد من غيره ، لأنّ الله أغناه بأئمته الطاهرين


صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين عن الاستعطاء والاستجداء عقيدةً وشريعةً ، خلقاً وسيرةً ، في هذه الحياة الدّنيا ويوم يقوم الناس لربّ العالمين. ولا يسع المجال هنا سوى أنّ اُنبّه إلى أنّ الكلام الإمامي وإن رفض الجبر والتشبيه والتجسيم ولكنه لم يؤدّ به هذا الرفض بأيّ حال إلى التعطيل أو الاتهام به والذي يُتَّهم بمثله الفكر الاعتزالي ، صحّ هذا الاتّهام أو لم يصح.

٣ ـ ولا بدّ هنا من الإشارة المقتضبة إلى أعلام متكلمي الإمامية الّذين خلفوا هشاماً في وطنه الأخير بغداد :

١ ـ علي بن منصور ، أبو الحسن الكوفي ، ثم البغدادي.

٢ ـ يونس بن عبد الرحمن ، أبو محمد اليقطيني ، الكوفي ثم البغدادي (نحو ١٢٥ / ٧٤٢ ـ ٢٠٨ / ٨٢٣ ـ ٨٢٤) صاحب هشام وتلميذه (وكان جماعة لهم الشيعة قد أدبهم هشام ويونس وعلّماهم الكلام) (الكشي / ٤٩٨ ، مجمع الرجال ٢ / ٣٤).

وأرى أنّ قول الرجاليين : (يونس) عند التعريف يقصدون منه التلمذة ليونس في الكلام لا مجرد أخذ الحديث عنه. ولا مجال هنا لهذا البحث.

٣ ـ محمد بن أبي عميرة أبو محمد الأزدي البغدادي (** ـ ٢١٧ / ٨٣٢).

٤ ـ علي بن إسماعيل ، أبو الحسن الميثمي.

٥ ـ أبو مالك ، الضحاك الحضرمي.

٦ ـ محمد بن الخليل أبو جعفر السكاك البغدادي وكلاهما من تلاميذ هشام.

٧ ـ الحسن بن علي بن يقطين البغدادي.

٨ ـ الفضل بن شاذان ، أبو محمد الأزدي النيسابوري (ح ١٩٥ / ٨١١ ـ ٢٦٠ ـ ٨٧٣).

وكان يقول : أنا خلف لمن مضى ، أدركت محمد بن أبي عمير ، وصفوان


ابن يحيى ، وغيرهما ، وحملت عنهم منذ خمسين سنة ، ومضى هشام بن الحكم رحمه الله وكان يونس بن عبد الرحمن رحمه الله خليفة له ، وكان يرد على المخالفين ، ثم مضى يونس بن عبد الرحمن ولم يخلف خلفاً غير السكاك ، فردّ على المخالفين ، حتى مضى ، رحمه الله ، وأنا خلف لهم من بعدهم. (راجع ترجمته في الكشي / ٥٣٧ ـ ٤٤ ، والنجاشي / ٣٠٦ ـ ٣٠٧ ، وفهرست شيخ الطائفة / ١٥٠ ـ ١٥١ ، وغيرها).

والفضل وإن سكن نيسابور في آخر حياته ، إلاّ أنّ قسماً كبيراً من نشاطه العلمي قام به في بغداد.

٩ ـ إسماعيل بن علي بن إسحاق ، أبو سهل النوبختي البغدادي (٢٣٧ / ٨٥٠ ـ ٣١١ / ٩٢٣).

من أعلام المتكلمين في بغداد ، وكان له مجلس يحضره المتكلمون. وقد ذكرت في ترجمته أن ما يدعيه المعتزلة : انّه أخذ عن أبي هاشم الجبّائي لا يصحّ بأي وجه وإنّ أبا سهل إنّما كان في طبقة أبيه أبي علي وكانت له معه مناظرات ومساجلات ، وأنّ أبا هاشم حينما انتقل من البصرة إلى بغداد كان لأبي سهل من السن والمكانة العلمية والثراء الفكري ما أغناه عن أبي هاشم وأمثاله.

١٠ ـ الحسن بن موسى ، أبو محمد النوبختي (** ـ ج ٣١٠ ـ ٩٢٢).

ومن أعلام المتكلمين ، بل والعارفين بالفلسفة وكان له مجلس يحضره المتكلمون والفلاسفة والعلماء ، مسلمين وغير مسلمين قال (ابن) النديم : وكانت المعتزلة تدّعيه ، والشيعة تدّعيه ، ولكنه إلى حيّز الشيعة ما هو ، لأنَّ آل نوبخت معروفون بولاية علي وولده عليهم السلام. (ابن النديم / ٢٢٥ ـ ٢٢٦).

وقال فيه المعتزلة ما قالوا في خاله أبي سهل.

١١ ـ محمد بن بشر ، أبو الحسين السُّوسَنْجردي الحمدوني من تلاميذ ابي سهل النوبختي.


١٢ ـ الحسن بن علي ، أبو محمد بن أبي عقيل العُماني الحذّاء ، البغدادي.

فقيه متكلّم ، كان المفيد يكثر الثناء عليه.

١٣ ـ علي بن عبد الله بن وَصيف ، أبو الحسن ، الحلاء البغدادي الناشىء الأصغر (٢٧١ / ٨٨٤ ـ ٣٦٦ / ٩٧٦) المتكلم والشاعر الشهير وكان من تلاميذ أبي سهل.

١٤ ـ المظفر بن محمد بن أحمد ، أبو الجيش البلخي ، البغدادي (** ـ ٣٦٧ / ٩٧٧ ـ ٩٧٨) من كبار المتكلمين وحملة الحديث. ومن تلاميذ أبي سهل النوبختي قال فيه أبو حيان التوحيدي : «شيخ الشيعة وكان متكلم الشيعة» (أخلاق الوزيرين / ٢٠٣ ، ٢٠٦ ـ ٢٠٧).

وهو ثاني من قرأ عليهما المفيد الكلام. (الطوسي ، الفهرست / ١٩٨ ، النجاشي / ٤٢٢).

٥ ـ وهؤلاء الذين ذكرناهم والذين اختصرنا فيهم الذين تجاوزوا الخمسين من متكلمي ذلك الممتد من هشام إلى عصر المفيد ، هؤلاء كلهم لم يأخذوا الكلام إلاّ عن مصدر إماميّ ، ولم يذكر لهم شيخ غير اماميّ ، وإنّ ابناء نوبخت مع شموخهم العلمي لم يسمّ لهم استاذ معين عندما ترجم لهم ممّا يدلّ دلالة قاطعة على ان نشأتهم العلمية كانت ضمن الدائرة الشيعية وعلى أيدي شيوخ إماميّين قد أغنوهم عن الرجوع إلى غيرهم.

نعم إنّ الفاعلية الكاملة تجاه المخالفين ، والقدرة على التأثير القوي والمثمر يستدعيان الاتصال الفكري بأعلام متكلمي غير الإمامية وكانوا هم المعتزلة ولم يكن متيسّراً هذا لهم ـ خاصة يومذاك ـ إلاّ عن طريق الحضور عند شيخ غير إمامي ، ولا سيّما في مقتبل العمر ، وعندما لم تتهيأ بعد لهم المكانة العلمية والشخصيّة البارزة التي تجعل من مجالسهم ندوات علم وملتقى فكر ـ كما حصل لابناء نوبخت ـ وكما حصل للمفيد والمرتضى فيما بعد.


والحال هي نفسها بالنسبة إلى الحديث أو الفقه غير الإمامي ، وهذا هو الذي اضطر الشيخ المفيد إلى الحضور عند متكلمين غير إماميّين كما اضطره هو وغيره من أعلام الطائفة إلى تحمل الحديث أو تعلّم الفقه عند محدثين أو فقهاء غير إماميّين.

٦ ـ نعم كان هناك روافد من الفكر الاعتزالي تلتقي بالكلام الإمامي عن طريق متكلمين معتزلة. تحوّلوا إلى القول بالإمامة. ولم أعثر إلاّ على مثالَيْن :

١ ـ محمد بن عبد الله ، أبو عبد الله بن مُمْلَك الاصبهاني متكلم جليل القدر ، كان معتزلياً ثم قال بالإمامة وله مجالس وردود على أبي علي الجبائي في الإمامة وتثبيتها.

٢ ـ محمد بن عبد الرحمن ، أبو جعفر بن قِبَة الرازي (** ـ ح ٣١٥ / ٩٢٧).

متكلّم ، عظيم القدر ، قويّ في الكلام ، كان قوياً في المعتزلة وتبصّر وانتقل.

وإنّما قلت : (روافد اعتزالية) مسايرة مع من يرى أنّ أمثال هؤلاء إنْ تَخلَّوْا عن رأيهم حول الإمامة ، فإنّهم لم يتَخلَّوا عن بقية ارائهم ، وأرى أنّ الانتقال إلى القول بالإمامة يلزمه التمسك الاعتقادي الفكري في شتى شؤون المعتقد ، والانتقال في أمر الإمامة ينتهي إلى التأثر التامّ في سائر المناحي الفكرية.

يضاف إلى هذا أننا إن سلمنا بانّهم احتفظوا لأنفسهم ببقية أجزاء عقيدتهم بعدما تخلّو عن الجزء الراجع إلى الإمامة ، فإنّهم لم يكونوا من الشدّة والقوة والعدد ما يمكنهم من التأثير البيّن ـ أو المصيري كما يُعبِّرون ـ ولا يُخيَّل إلى أحد إنّي أنكر آثار الاحتكاك الفكري ، بل إنّ الاحتكاك ينمّي التفكير ، ويصحح طرق الاستدلال ويقصر السُّبُلَ ويُسَهّلُها ، وهذا ما حدث ـ في رأيي ـ لكلا الفريقين : الإماميّة ، والمعتزلة على سواء فبعد أنْ تعرّف كلّ منهما على الآخر ، أمكنه ـ عن طريق هذه المعرفة ـ الوصول إلى النتائج التي ذكرتها ، بل وإلى


تصحيح الاخطاء في كيفية الاستدلال ، بل وفي تصوير المعتقد إلى حدّ ما ، ولكن هذا شيء لا يختصر بأحد الفريقين دون الآخر كي يصح أن يقال : ان الإماميّة تأثروا ، وغيرهم بقي كالصخرة الصّماء الصامدة لا يهزّها شيء!

٧ ـ ولا بدّ لنا من وقفة أمام هذا الانقسام الذي نجده في الفكر الاعتزالي. فالمعتزلة قد انقسموا إلى مدرستين : المدرسة البغدادية والمدرسة البصرية ، وأقربهما إلى الإمامية هي البغدادية ، وأبعدهما البصرية ، فلماذا حصل هكذا؟ ما هي العوامل التي جعلت المدرسة البغدادية تلتقي مع الكلام الإماميّ في كثير من النقاط ، بل وحتّى في النظرة المذهبية إلى إمام الأئمة وسيد العترة أمير المؤمنين عليه السلام؟ فالمعروف عن معتزلة بغداد أنّهم مفضّلة يرونه عليه السلام أفضل الخلق بعد أخيه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولا يستثنون أحداً ممّن تقدّم عليه أو تأخر ، ولا مجال للتوسع واستقصاء المصادر ، وفيما سيأتي من الكلام عن المفيد واستاذيه المعتزليين مثال لما قلت. وعلى العكس من هذا معتزلة البصرة ، فبعد أنْ نجد في تأريخ رائدي الاعتزال : واصل ابن عطاء وعمرو بن عبيد ما فيه غمط لحقه وإنكار لفضله عليه السلام ، بل والنّصب والبغض ـ وإن كان خفيفاً ـ ، وأصبح هذا خلقاً لرجال المدرسة البصرية كالأصمّ وغيره.

وهذا جانب من الافتراق ن وإما في الجوانب الاُخر ، فإنّ كثيراً من الأمثلة قد اشرت إليها عندما تكلّمت عن موقف الشيخ المفيد من المعتزلة ، وإنه عندما يستعرض نقاط الخلاف بين المدرستين نجده يذكر أنّ معتزلة بغداد يوافقون الإماميّة ، وإن معتزلة البصرة يناهضون.

وقد ساق مكدرموت أمثلة كثيرة لذلك قارن فيهابين أراء المفيد واراء القاضي عبد الجبار ، وذكر أنّ المفيد يميل إلى معتزلة بغداد ، وإنّ القاضي يميل إلى البصريين. (راجع مكدرموت ، النصّ الانجليزي / ٧٩ ـ ٣٠٧).

وسيأتي الكلام في هذا وأنّ القاضي إنّما تبع في ذلك ما تلقاه من استاذه


أبي عبد الله البصري الذي كان يمثل معتزلة البصرة.

بل أنّ المفيد قد ألف : (الرسالة المقنعة في وفاق البغداديين من المعتزلة لما روى عن الأئمة ، عليهم السلام) (راجع كتب المفيد = ٢٠) ، وفي هذا كفاية لما اُريد أن أقول.

وقد ذكر مكدرموت مثالاّ لهذا ، وانّ معتزلة بغداد وافقوا فيها رأي جمهور آل البيت عليهم السلام (مكدرموت ، النصّ الانجليزي / ٨٠ ـ ٨١) ، وانظر في الموضوع نفسه أوائل المقالات ـ ط المؤتمر / ٦١).

وليست بغداد بأرضها شيعية والبصرة سنيّة ، فإنّ بغداد كانت يومذاك موئل السّنّة ومركز علمهم وحديثهم وفقههم ، ولم تكن البصرة يومذاك في مستواها ، وهذا واضح لمن درس (تاريخ بغداد) للخطيب وغيره من تواريخها.

إنّما الفارق بين البلدين تواجد الإمامية في بغداد وعدم تواجدهم في البصرة.

وكلّ الشواهد والأدلّة تسوقنا إلى أنّ معتزلة بغداد من بشر بن المعتمر فمَنْ بعد إنّما افترقوا عن إخوانهم البصريين لاتصالهم بمتكلمي الإمامية الذين كانوا يتواجدون في بغداد دون البصرة ، وقد مرّ عندما ترجمنا بعض الشيء لهشام بن الحكم والندوة البرمكية التي كان يتزعمها ، ومن حضّارها بشر بن المعتمر وغيره من شيوخ المعتزلة ، وليس تأثر النظام بالإمامية أقوى من غيره ، ولا مجال هنا للاستمرار في وإعطاء الأمثلة وذكر المصادر.

وكلّ هذا يؤكد لنا أنّ هذا الافتراق إنما حَصَلَ من جهة احتكاك المعتزلة في بغداد بالإمامية فتأثروا بهم دون معتزلة البصرة الّذين انطووا على أنفسهم ـ ولو من جهة عدم تواجد الإمامية هناك ـ فعاشوا كما نشأوا ، ولم يتغيروا عما كانوا عليه.

٨ ـ والآن يحق لي أنّ اُلخّص جميع ما قدمت في النقاط التالية :

أ ـ أنّ الكلام الإماميّ منذ أن نشأ كان له وجوده الخاصّ وكيانه الخاصّ


وخصائصه المميزة له عن غيره ، لم يستعط غيره ، ولم ينعم عليه غيره بارائه وأفكاره ، كان له وجود مستمر على الساحة العقائدية ، نشط فعال له في كلّ عصر أعلامه ورجاله إلى عصر الشيخ المفيد الّذي سيأتي أنّه أخذ الكلام الإمامي من أساتذة إماميّين ، وإنّه إن رجع إلى غيرهم ، لم يرجع لحاجة داخلية ترجع إلى المجتمع الشيعي الإماميّ ، وإنّما رجع لحاجته إلى مَنْ يصوّر له المدرسة البغدادية ويدافع عنها أمام مدرسة البصرة.

ب ـ إنّ المعتزلة هم الذين تأثروا بالإمامية ، دون العكس ، فالمعتزلة في بدء نشأتهم تأثروا بهم في النقاط التي يتّفق عليها المعتزلة ـ ومن الطبيعي أن يكون ضمن الحدود المعقولة لهم ككيان سُنّي مستقل لا يقول بالإمامة الإلهية ولا بلوازمها ـ ، وعندما افترقوا إلى مدرستين ، فالعامل الّذي أوجب انفصال البغداديين من إخوانهم البصريين ، لم يكن سوى إنّ هؤلاء احتكّوا بمتكلمي الإمامية فكرياً فتأثروا بهم ، دون أُولئك.

وهذا هو التعليل المعقول الّذي يتّفق مع كل الاعتبارات التاريخية والمذهبية ، وليس اعتباطياً ومجازفة في القول ، أو تخرّصاً بالغيب!

ج ـ ومن الخطأ في التعليل والاعتباط في الرأي أن نجعل موافقة الإمامية للمعتزلة دليلاً على تأثرهم بهم ، وهكذا حضور إمامي عند معتزلي شاهداً على استجداء العقيدة واستماحة الفكرة.

لا يصحّ هذا لا في المفيد ، ولا فيمن سبقه من متكلمي الإماميّة ولا فيمن تأخر عنه.

د ـ أن الذي نجده عند غير الإمامية من انقسامهم إلى مدرستين : مدرسة أصحاب الحديث ، ومدرسة المتكلمين ، وأنّ الّذي يتجه إلى الحديث كلّما توغّل فيه أكثر فأكثر والتزم بمضمونه ابتعد عن الكلام ومسائله ، وعلى العكس كلمّا توغّل في الكلام ابتعد من الحديث والالتزام به.

إنّ هذا الانقسام لا نجده عند الإمامية ، فالمحدّثون لا يفترقون في اُصول


العقيدة وفيما يجب الإيمان به عن إخوانهم المتكلمين. والافتراق إنّما يرجع إلى كيفية الاستدلال وبرمجة الفكرة ، وعرضها في قالب فكري.

هـ ـ أنّ الاتهام الّذي يُوجهه أصحاب مدرسة الحديث غير الإماميّة إلى إخوانهم المتكلمين ، بجهلهم بالحديث ، وزهدهم في سماعة وتحمّله ، وترفّعهم عن الالتزام بمضمونه ـ ولا اُريد أن أقرّهم أنّهم على حق ، فإنّ للمتكلمين عذرهم المعقول والمقبول في رفض الحديث غير الإمامي أو عدم الالتزام العقائدي بمضمونه ، وقد قدّمت أمثلة لذلك.

أقول : إنّ مثل هذا الاتهام لا أثر له عند الإماميّة. فإنّ كبار متكلمي الإمامية ـ ومنهم الشيخ المفيد ـ كانوا رواة للحديث بما له من سعة وشمول ، ورعاة لمضامينه ومداليله ، بنفس المستوى الّذي نجده عند من لم يُعْنَ إلاّ بالحديث وحده.

٣ ـ الشيخ المفيد وموقعه من الكلام الإِماميّ :

والآن وبعد أن انتهيت إلى (بيت القصيد) أجد نفسي قد استنزفت كلّ ما كنت أملك من وقت واستعداد وتهيُّؤ ، فأكتفي هنا بالترجمة التي كنت قد أعددتها ضمن تراجم متكلمي الإماميّة كما أشرت إليه في مفتتح هذا المقال ، وأتوسع بعض التوسّع فيما ذكرته والّذي يرجع إلى دراسته واساتذته ومدى التأثير الّذي كان لهم عليه والتأثير الذي كان له عليهم. وهو أهم بكثير مما كان لهم عليه.

وإني أعتذر إلى شيخ الاُمة وعالمها ومتكلمها المفيد والسر واضح ، فالمفيد علم شامخ لا يسموا إليه إلاّ من يملك ما كان يملكه هو ، ومتى أجدني أملك ما يملك؟ كيف لي أن أتناول أراءه الكلامية وقد وهبه الله تعالى ما لا يمنحه إلاّ للأفذاذ من عباده المخلصين!.

وحتى تفاصيل الآراء التي تعرّض لها مكدرموت في كتابه (اراء الشيخ المفيد الكلامية) ، إن كان هناك نقاط اختلاف في الرأي مع المؤلف فإنّي أتركها إلى فرصة اُخرى لعلّ الله سبحانه يوفقني إلى أنْ أكتبها ، وبالله التوفيق


والتسديد.

٢٦ ـ الشيخ المفيد

محمد بن محمد بن النّعْمَان ، الشيخ أبو عبد الله المفيد ابن المُعَلِّم العُكْبَرِي البغدادي (٣٣٦ / ٩٤٨ ـ أو : ٣٣٨ / ٩٥٠ ، ٤١٣ / ١٠٢٢).

أ ـ التعريف به

قال فيه تلميذه شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي [الآتية ترجمته = ١٣٠] : «انتهت إليه رئاسة الإمامية في وقته ، وكان مقدَّماً في العلم وصناعة الكلام ، وكان فقيهاً متقدِّماً فيه ، حسن الخاطر ، دقيق الفطنة ، حاضر الجواب ....» (٢٦٥).

وقال تلميذه الآخر أبو العبّاس أحمد بن عليّ بن أحمد بن العبّاس النجاشي (٣٧٢ / ٩٨٢ ـ ٤٥٠ / ١٠٥٨) : «فضله أشهر من أن يوصف في الفقه ، والكلام ، والرواية ، والثقة ، والعلم ...» (٢٦٦).

وقال العلاّمة الحلّي ـ من أشهر أعلام الإمامية وعلمائهم ـ (٦٤٨ / ١٢٥٠ ـ ٧٢٦ / ١٣٢٥) : «من أجلّ مشايخ الشيعة ورئيسُهم وأُستاذُهم ، وكلّ من تأخّر عنه استفاد منه ، وفضله أشهر من أن يوصف في الفقه ، والكلام ، والرواية ، أوثق أهل زمانه وأعلمهم ، انتهت رئاسة الإمامية إليه في وقته ، وكان حسن الخاطر ، دقيق الفطنة ، حاضر الجواب ...» (٢٦٧).

وقد أقرّ بهذا عامّة المترجمين له من الإمامية.

وترجم له من لم يكن على مذهبه ورأيه ، فقالوا : «شيخ مشايخ الطائفة ، ولسان الإمامية ، ورئيس الكلام ، والفقه ، والجَدَل» (٢٦٨) «شيخ الإمامية ،

__________________

(٢٦٥) الفهرست / ١٨٦ ، مجمع الرجال ، ٦ / ٣٣.

(٢٦٦) الفهرست / ٣١١ ، مجمع الرجال ، ٦ / ٣٤.

(٢٦٧) خلاصة الاقوال / ١٤٧.

(٢٦٨) الذهبي ، العبر ، ٣ / ١١٤.


والمُصنَّف لهم ، والمُحَامي عن حوزتهم» (٢٦٩). «فقيه الإمامية» (٢٧٠) «كان أوحد عَصْره في فنونه» (٢٧١).

وقال فيه (ابن) النديم ، عندما عَدَّ متكلِّمي الإِمامية : «في عصرنا انتهت رئاسة متكلّمي الشيعة إليه ، مقدَّم في صناعة الكلام على مذاهب أصحابه ، دقيق الفطنة ، ماضي الخاطر ، شاهَدْتُه فرأَيْتُه بارعاً» (٢٧٢).

وقال عندما عَدَّ فقهاءهم : «إليه انتهت رئاسة أصحابه من الشيعة الإِمامية في الفقه ، والكلام ، والآثار» (٢٧٣).

«وكان كثير الصدقات ، عظيم الخشوع ، كثير الصلاة والصَّوْم ، حسن اللباس» (٢٧٤).

«وكان كثير التَقَشُّف والتَخشُّع والإِكباب على العلم ، تخرّج به جماعة ، وبرع في المقالة الإِمامية حتى كان يقال على كلّ إماميّ منه مِنّةٌ» (٢٧٥).

«ما كان ينام من الليل إلاّ هَجْعَة ، ثم يقوم يصلّي ، أو يطالع ، أو يُدَرِّس ، أو يتلو القرآن» (٢٧٦).

«البارع في الكلام ، والجَدل ، والفقه ، وكان يناظر أهل كلِّ عقيدة ، مع

__________________

(٢٦٩) ابن الجوزي ، المنتظم ٨ / ١٢ ، ابن كثير ١٢ / ٥ ، ابن تَغْرِي بِرْدِي ، النجوم الزاهرة ، ٤ / ٢٥٨ ، ابن حجر ، لسان الميزان ، ١ / ٤٢٤ ، (فقيه الإمامية).

(٢٧٠) ابن الاثير ، ٩ / ٣٢٩ ، ابو الفداء ، ٢ / ١٥٤ ، ابن الوَرْدي ، ١ / ٥٠٧.

(٢٧١) الصَّفدي ، الوافي بالوفيات ، ١ / ١١٦.

(٢٧٢) الفهرست / ٢٢٦.

(٢٧٣) المصدر / ٢٤٧.

(٢٧٤) اليافعي ، مرآة الجنان ، ٣ / ٢٨ ، الذهبي ، مختصر دول الإِسلام ، ١ / ٢٤٦ ، العبر ، ٣ / ١١٤ ، ابن عبد الحي ، شذرات الذهب ، ٣ / ٢٠٠.

(٢٧٥) ابن حجر ، لسان الميزان ، ٥ / ٣٦٨.

(٢٧٦) ابن حجر ، لسان الميزان ، ٥ / ٣٦٨.


الجلالة والعظمة في الدولة البويهية» (٢٧٧).

«كان حسن اللسان والجدل ، صبوراً على الخَصْم ، كثير الحيلة ، ظنين السّرِّ ، جميل العلانية» (٢٧٨).

«كانت له وجاهة عند ملوك الأطراف ، لِمَيْل كثير من أهل ذلك الزمان إلى التشيّع ، وكان له مجلس نظر بداره بدَرب رِياح [من محلاّت غربي بغداد] (٢٧٩) يحضره كافّة (خلق كثير من) العلماء من سائر الطوائف» (٢٨٠).

«وكان ذا عظمة وجلالة في دولة عضد الدولة» (٢٨١).

«وله صولة عظيمة بسبب عضد الدولة» (٢٨٢).

«وكان عضد الدولة يزوره في داره ويعوده إذا مرض» (٢٨٣).

«ولمّا مات شيّعه ثمانون ألف رافضي ـ وأضاف الذهبي ـ : لا بارك الله فيهم ـ وأضاف هو واليافعي وابن عبد الحيّ ـ : وأراح الله منه» (٢٨٤).

«وكانت جنازته مشهودة» (٢٨٥).

__________________

(٢٧٧) الذهبي ، العبر ، ٣ / ١١٤ ، اليافعي ، مرآة الجنان ، ٣ / ٢٨ ، ابن عبد الحي ، شذرات الذهب ، ٣ / ١٩٩ ـ ٢٠٠.

(٢٧٨) ابو حيان التوحيدي ـ المعاصر له ـ ، الإمتاع والمؤانسة ، ١ / ١٤١.

(٢٧٩) بَدرب رَياح [من محلات غربي بغداد].

(٢٨٠) ابن الجوزي ، المنتظم ، ٨ / ١٢ ، ابن كثير ، ١٢ / ١٥ ، ابن تَغْرِي بِرْدى ، النجوم الزاهرة ، ٤ / ٢٥٨.

(٢٨١) الذهبي ، ميزان الاعتدال ، ٤ / ٢٦ ، مختصر دول الاسلام ، ١ / ٢٤٦ ، العبر ، ٣ / ١١٤.

(٢٨٢) الذهبي ، ميزان الاعتدال ، ٤ / ٣٠ ، ابن حجر ، لسان الميزان ، ٥ / ٣٦٨.

(٢٨٣) الذهبي ، مختصر دول الإِسلام ، ١ / ٢٤٦ ، العبر ، ٣ ١١٤ / ، اليافعي ، مرآة الجنان ، ٣ / ٢٨ ، ابن عبد الحي ، شذرات الذهب ، ٣ / ٢٠٠.

(٢٨٤) الذهبي ، ميزان الاعتدال ، ٤ / ٣٠ ، مختصر دول الإِسلام ، ١ / ٢٤٦ ، العبر ، ٣ / ١١٥ ، ابن حجر ، لسان الميزان ، ٥ / ٣٦٨ ، اليافعي ، مرآة الجنان ، ٣ / ٢٨ ، ابن عبد الحي ، شذرات الذهب ، ٣ / ٢٠٠.

(٢٨٥) الذهبي ، العبر ، ٣ / ١١٥ ، اليافعي ، مرآة الجنان ، ٣ / ٢٨ ، ابن عبد الحي ، شذرات الذهب ، ٣ / ٢٠٠.


«وقال عند مشهد جنازته ودفنه شيخ الطائفة الطوسي : «وكان يوم وفاته يوماً لم ير أعظم منه من كثرة الناس للصلاة عليه ، وكثرة البكاء من المخالف والموافق» (٢٨٦).

وقال النجاشي : «وصلّى عليه الشريف المرتضى (...) بميدان الأشْنَان (٢٨٧) وضاق على الناس مع كبره» (٢٨٨).

ويكفي في بيان موقف خصومه منه ، ما قاله أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت ، الخطيب البغدادي الأشعري الشافعي (٣٩٢ / ١٠٠٢ ـ ٤٦٣ / ١٠٧٢) عنه : «شيخ الرافضة والمتكلم على مذاهبهم ، صنّف كتباً كثيرة في ضلالاتهم ، والذبّ عن اعتقاداتهم ومقالاتهم ، والطعن على السلف الماضين من الصحابة والتابعين [المنحرفين عن أهل البيت عليهم السلام ، والموالين لخصومهم أبناء أُميّة] وعامة الفقهاء والمجتهدين ، [.....؟] وكان أحد أئمة الضّلال ، هلك به خلق من الناس إلى أن أراح الله المسلمين منه» (٢٨٩).

وما صنعه معاصره عبيد الله بن عبد الله بن الحسين ، أبو القاسم الحفّاف ، المعروف بابن النقيب : (٣٠٥ / ٩١٧ ـ ٩١٨ ـ ٤١٥ / ١٠٢٤) ، كما قال الخطيب وغيره : «وكان شديداً في السُّنَّة ، وبلغني أنه جلس للتهنئة لمّا مات ابن المُعَلِّم شيخ الرافضة ، وقال : ما أبالي أيّ وقت مت ، بعد أنْ شاهَدْتُ مَوْت ابن

__________________

(٢٨٦) الفهرست / ١٨٧.

(٢٨٧) من اكبر ميادين بغداد يومذاك وكان الميدان الرئيسي بكرخ بغداد (بغداد قديماً وحديثاً / ٢٢٨) ثم نقل الى الكاظمية فدفن بمقابر قريش ، بالقرب من رجلي الامام الجواد ، عليه السلام ، الى جانب استاذه ابي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي (ح ٢٨٢ / ٨٩٨ ـ ٣٦٨ / ٩٧٩) وقبره الان معروف في وسط الرواق الشرقي من المشهد الكاظمي الشريف.

(٢٨٨) الفهرست / ١٨٧.

(٢٨٩) تاريخ بغداد ، ٣ / ٢٣١ ، وتجد صدى كلمة الخطيب هذه عند كل من الذهبي ، ميزان الاعتدال ، ٤ / ٢٦ ، ٣٠ ، ابن حجر ، لسان الميزان ، ٥ / ٣٦٨ ، الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ١ / ١١٦ ، ابن تَغْرِى بِرْدى ، النجوم الزاهرة ، ٤ / ٢٥٨.


المُعلِّم» (٢٩٠).

وعلّق : «قلتُ : ومما يدّل على دينه وحسن اعتقاده بُغْضُه للشيعة عليهم الخِزي ، ولم لو يكن من حسناته إلاّ بذلك لكفاه عند الله» (٢٩١).

ويكفي في بيان شأن الشيخ المفيد ومنزلته في عَصْره أنهم حينما يَعُدّون الرؤوس للفرق والجماعات في عصر الخليفة القادر العباسي ـ أحد من امتدّ بهم عمر خلافتهم ـ (٣٣٦ / ٩٤٧ ـ الخلافة ٣٨١ / ٩٩١ ـ ٤٢٢ / ١٠٣١) وانه كان على رأس الدّولة في عصره ، يعدون الشيخ المفيد رأس الإمامية ، والشيخ أبا إسحاق إبراهيم بن محمد الأسفراييني الأشعري الشافعي (٤١٨ / ١٠٢٧) رأس الأشعرية ، والقاضي عبد الجبار الهمذاني المعتزلي (٣٢٠ / ٩٣٢ ـ ٤١٥ / ١٠٢٥) رأس المعتزلة ، وأبو عبد الله محمد بن الهَيْصم الناوي النيسابوري (٤٠٩ / ١٠١٩) رأس الكرّاميّة (٢٩٢).

ب ـ أساتذته في الكلام خاصة.

أحصى مشايخ المفيد واساتذته ومَنْ قرأ عليهم أو روى عنهم فبلغوا (خمسين) في (مستدرك الوسائل ٣ / ٥٢٠ ـ ٥٢١) و (تسعاً وخمسين) في (مقدمة البحار ١ / ٧٤ ـ ٧٧) و (واحداً وستين) في (مقدمة التهذيب ١ / ١١ ـ١٤) ، إلاّ أن من قرأ عليهم علم الكلام هم :

١ ـ أبو ياسر طاهر المتكلّم الإِمامي غلام (تلميذ) أبي الجيش الخراساني قالوا : «وعليه كان ابتداء قراءة شيخنا أبي عبد الله ، قرأ عليه في منزله

__________________

(٢٩٠) الخطيب ، تاريخ بغداد ، ١٠ / ٢٨٢ ، ابن الجوزي ، المنتظم ، ٨ / ١٨ ، ابن كثير ، ١٢ / ١٨ ، ابن كثير ، ١٢ / ١٨ ، ابن تَغْرِى بِرْدى ، النجوم الزاهرة ، ٤ / ٢٦١.

(٢٩١)

(٢٩٢) الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ٥ / ١٧١ ، ابن عبد الحي ، شذرات الذهب ، ٣ / ٢٢٢ ، العصامي ، سَمْط النجوم العوالي ، ٣ / ٣٦٦ ـ ٣٦٧ ، السيوطي ، تاريخ الخلفاء / ٤١٦.


بباب خراسان (٢٩٣)» (٢٩٤).

يذكر ابن ادريس وورّام :

إنّ المفيد بعدما انحدر من عكبرا إلى بغداد (اشتغل بالقراءة على الشيخ أبي عبد الله المعروف بالجُعل [وسيأتي أنّ هذا لا يصح في رأينا] ثم قرأ من بعده على ياسر غلام أبي الجيش [في الطبعة الحجرية للسرائر : أبي الحسن وهكذا جاء في معجم رجال الحديث ، عنه وفي ط قم : أبي الحيش ـ بالمهملة وكلاهما تصحيف ، ومن هنا استنبطنا أنّ أباياسر هذا هو طاهر غلام أبي الجيش الذي ترجم له النجاشي وغيره ، وذكروا أنّه كان عليه ابتداء قراءة الشيخ المفيد] بباب خراسان ...» (٢٩٥).

ويذكر مكدرموت أنّ المفيد أخذ أيضاً عن الناشىء الأصغر (٢٩٦) وهو : علي بن عبد الله بن وَصِيف ، أبو الحسن الحَلاّء البغدادي ، الناشىء الأصغر (٢٧١ / ٨٨٤ ـ ٣٦٥ / ٩٧٥ أو ٣٦٦ / ٧٩٦) الشاعر الأديب المتكلم ، تلميذ أبي سهل النوبختي ، وبهذا أوجد مكدرموت للمفيد طريقاً علميّاً ثانياً إلى أبي سهل النوبختي وكلامه. ولكني لست على ثقة من صحة هذا الاستنباط ، لأنّ النجاشي لا يعدو في ترجمة الناشىء أن يقول : «ذكر شيخنا أبو عبد الله ، رضي الله عنه : أنّ له كتاباً في الإِمامة» (٢٩٧). وشيخ الطائفة

__________________

(٢٩٣) كان في الأصل الباب الشرقي لمدينة المنصور المُدوّرة ثم اصبح من محلاّت الجانب الغربي في بغداد ـ معجم البلدان ، ١ / ٤٥٩ ، تاريخ بغداد ، ١ / ٧٢ ، ٧٤ ، الروض المعطار / ١١١ ، ٥٢٩.

(٢٩٤) راجع بالاضافة إلى ما تقدم من المصادر في = ٩٣ ما يأتي من المصادر في استاذيه الثالث والرابع.

(٢٩٥) السرائر ـ ط الحجر ـ / ٤٩٣ ـ ط مؤسسة النشر الاسلامي ـ قم ، ٣ / ٦٤٨ ، مجموعة ورام ، ٢ / ٣٠٢ ، والمصادر الاتية ـ.

(٢٩٦) مكدرموت ، النص الانجليزي ، / ١٢.

(٢٩٧) النجاشي / ٢٧١ = ٧٠٩.


وإن قال في ترجمته : «وله كتب (...) أخبرنا عنه الشيخ أبو عبد الله المفيد رحمه الله» (٢٩٨). إلاّ أنّ هذا النصّ لا يفيد سوى الرواية عن الناشىء لا أخذ العلم عنه.

يضاف إلى ذلك أنّه لم ينصّ أحد من المترجمين للمفيد أنّه تلقى العلم عن متكلم إماميّ سوى أبي ياسر ، وأبي الجيش.

٢ ـ المظفر بن محمد بن أحمد ، أبو الجَيْش البلخي الخراساني ثم البغدادي المتكلّم الإمامي (** ـ ٣٦٧ / ٩٧٧ ـ ٩٧٨) [= ٩٢] تلميذ أبي سهل النوبختي [= ٤٩ / ١] واستاذ أبي ياسر.

والشيخ المفيد كثيراً ما يروي عن طريقه الحديث ، فهو قد تحمّل منه الحديث أيضاً (٢٩٩).

٣ ـ الحسين بن علي بن إبراهيم ، أبو عبد الله البَصْري ثم البغدادي ، المعتزلي الحنفي المعروف بـ «جُعَل» (٢٩٣ / ٩٠٦ ـ ٣٦٩ / ٩٨٠) ، من أعلام المعتزلة وكان مقدَّماً في علمي الكلام والفقه.

ذكروا : أنه انحدر الشيخ المفيد ، وهو صبيّ ، مع أبيه من مسقط رأسه عُكْبَرا (٣٠٠).

انحدر إلى بغداد ، واشتغل بالقراءة على أبي عبدالله البصري في منزله

__________________

(٢٩٨) الفهرست / ١١٥ ـ ١١٦.

(٢٩٩) المفيد ، الأمالي / ١٨ ، ١٩ ، ١٧٥ ، ١٩٠ ، ٢٠٢ ، ٢١٥ ، ٢١٨ ، الارشاد / ٣٩ ، ٤٠ ـ ٤١ ، الطوسي ، المالي / ١ / ٦٢ ، ٧٦ ، ٩٣ ، ٩٧ ، ١٢٠ ، ١٢٥ ، ١٣٢ ، ١٦٦ ، ٢٣٤ ، ٢٣٩ ، ٢٤٣ ـ ٢٤٤ ، ٢٥٠ ، ٢٥١.

(٣٠٠) بُلَيْدة كانت على شاطىء دجلة من نواحي دُجَيْل ـ ولا تزال دُجَيْل قائمة بالعراق تحمل اسمها هذا ـ بينها وبين بغداد عشرة فراسخ ، معجم البلدان ، ٤ / ١٤٢ ، الانساب ، ٩ / ٣٤٥ ، مراصد الاطلاع ، ٢ / ٩٥٣ بلدان الخلافة ... / ٥٠ ـ ٥١.


بدَرْب رِباح (٣٠١).

وأرى أنَّ قولهم هذا لا يَدُلّ على أنّ تتلمذ الشيخ المفيد على أبي عبد الله البصري كان سابقاً على تتلمذه على أبي ياسر ، بل يعنون أنه كان سابقاً على تتلمذه على استاذه الرمّاني الآتي ذكره ، إذ من البعيد جداً أن يبدأ المفيد الإِمامي الذي يرعاه أب إمامي بقراءة علم الكلام على متكلم غير إمامي ، لكن جاء في هذه الرواية قولها : «اشتغل بالقراءة على الشيخ أبي عبد الله المعروف بالجُعَل [؟] ثم على أبي ياسر ، وكأن أبو ياسر ربما عجز عن البحث معه والخروج عن عهدته فأشار عليه بالمضي إلى علي بن عيسى الرُّمَّاني الذي هو من أعاظم علماء الكلام ...» وهذا خطأ من الراوي يصحّحه نص علماء الرجال على أن الشيخ المفيد قرأ أوّل ما قرأ ، على أبي ياسر.

٤ ـ علي بن عيسى بن عليّ بن عبد الله ، أبو الحسن الرُّمَّاني البغدادي المعتزلي (٢٩٦ / ٩٠٨ / ٩٠٩ ـ ٣٨٤ / ٩٩٤) المتكلّم ، والمفسِّر ، والأديب ، والعارف بعلوم اللغة والنحو.

أرشده إلى قراءة علم الكلام على الرُّمّاني استاذه أبو ياسر ، وهو كان بعد يقرأ على أبي عبد الله البصري ، فقرأ عليه ، وهو الذّي لقّبه بالمفيد اثْر مناقشة وقعت بين الأستاذ والتلميذ (٣٠٢).

__________________

(٣٠١) من دروب الكرخ بغربي بغداد ـ الانساب ، ٦ / ٢٠٩ ، السرائر / ٤٩٣ ط الحجر = ط جامعة المدرسين ، ٣ / ٦٤٨ مجموعة ورَّام ، ٢ / ٣٠٢ ، روضات الجنات ، ٦ / ١٥٩ ، ١٦٠ ، رجال بحر العلوم ، ٣ / ٣١٤ ، ٣١٥ ، تنقيح المقال ، ٣ ـ ١ / ١٨٠ ، ١٨١ ، سفينة البحار ، ٢ / ٣٩٠ ، معجم رجال الحديث ، ١٧ / ٢٣٢ ، مستدرك الوسائل ٣ / ٥١٩ ، لُؤلُؤة البحرين / ٣٥٩.

(٣٠٢) السرائر / ٤٩٣ ـ ٤٩٤ = ٣ / ٦٤٨ ـ ٦٤٩ ، مجموعة ورام ، ٢ / ٣٠٢ ـ ٣٠٣ ، روضات الجنّات ، ٦ / ١٦٠ ـ ١٦١ ، رجال بحر العلوم ، ٣ / ٣١٤ ـ ٣١٥ ، سفينة البحار ، ٢ / ٣٩٠ ، تنقيح المقال ، ٣ ـ ١ / ١٨٠ ، معجم رجال الحديث ، ١٧ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣ ، مستدرك الوسائل ، ٣ / ٥١٩ ـ ٥٢٠ ، لؤلؤة البحرين / ٣٥٩ ـ ٣٦١.


وقال ابن حجر في ترجمة أبي سهل النَّوْبَخْتي (٢٣٧ / ٨٥١ ـ ٣١١ / ٩٢٣) [= ٤٩ / ١] : «أخذ عنه أبو عبد الله بن النعمان المعروف بالمفيد شيخ الشيعة في زمانه» (٣٠٣) وهذا خطأ بلا شكّ ، إذ ان المفيد الذي ولد ٣٣٦ / ٩٤٨ أو ٣٣٨ / ٩٥٠ لم يدرك حياة أبي سهل ، وإنما هو استاذ لاستاذ المفيد ، وهو أبو الجيش الخراساني الذي أخذ عن أبي سهل ، وأخذ عنه المفيد.

وقال ابن شهر آشوب : «وقرأ على جعفر بن قولويه ، وعلى أبي القاسم علي بن محمد الرّفّاء ، وعلى أبي الجيش البلخي (٣٠٤) ، ولم يرد ثاني من ذكرهم ابن شهر آشوب عند غيره ولم يعثر على ذكر له فيمن يروي عنهم شيخنا المفيد. وأرى : إنّه (الرُّمَّاني ، أبو الحسن عليّ بن عيسى) وأمّا الرُّفّاء فلم يرد لقباً لمن اسمه واسم أبيه علي بن محمد ، وكنيته أبو القاسم (٣٠٥).

وأبو القاسم كنية لابن قولويه شيخ المفيد في الفقه والحديث وهو أولّ من ذكرهم ابن شهر آشوب وقد تقدّم ذكره عندما ذكرنا إنّه دفن إلى جانب استاذه في الحرم الكاظمي الشريف على مُشَرِّفَيْه سلام الله وتحيّاته. وهو : أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولوَيْه القمي (ح ٢٨٢ / ٨٩٨ ـ ٣٦٨ / ٩٧٩) وصحيح الكلام : «وقرأ على أبي القاسم جعفر بن قولويه ، وعلى علي بن عيسى الرّماني ، وعلى أبي الجيش البلخي).

٢٧ ـ أثر التلمذة

ولا بدّ لنا من وقفة عند الشيخين المعتزليين للشيخ المفيد وتتلمذه عليهما ، فأوّلهما هو : أبو عبد الله البصري ، ثمّ البغدادي الحنفي ، الجعل الكاغدي. أخذ أوّلاً عن أبي علي بن خلاّد ، من مقدمي أصحاب أبي هاشم

__________________

(٣٠٣) لسان الميزان ، ١ / ٤٢٤.

(٣٠٤) معالم العلماء / ١٠١ ، ط النجف الأشرف / ١١٣.

(٣٠٥) راجع : الانساب ، ٦ / ١٤٤ ـ ١٤٧.


الجبائي [عبد السلام بن محمد ، أبو هاشم بن أبي علي الجُبَّائي البصري ، ثمّ البغدادي (٢٧٧ / ٨٩٠ ـ ٣٢١ / ٩٣٣)] ثم عن أبي هاشم نفسه ، ولازمه إلى أنّ تخرّج عليه (٣٠٦).

وكان القاضي عبد الجبار بن أحمد الهَمذاني ، المتكلم المعتزلي الشهير ، والفقيه الشافعي (٣٢٠ / ٩٣٢ أو ٣٢٥ / ٩٣٦ ـ ٤١٥ / ١٠٢٥) أحد من أخذ عنه ، فإنّه قرأ على أبي إسحاق بن عياش في البصرة أولاً ، ثم رحل إلى بغداد وأقام عند الشيخ أبي عبد الله البصري مدّة مديدة (٣٠٧).

وعلى هذا فقد شارك المفيد في شيخه أو لا أدري هل زامله في محضر استاذه؟! ومن المحتمل قوياً أنّهما تلاقيا في مجلس أبي عبد الله ، وإنّ لم أجد ما يدلّ على ذلك ، ولعلّ في الاعتبارات القائمة على ملاحظة سنيّ ولادتهما وكيفية دراستهما ما يؤكد لنا أنّ هجرة القاضي إلى بغداد كانت في أيّام حضور الشيخ المفيد على أبي عبد الله البصري.

ولهذا يمكننا أن نحتمل أنّ المفيد والقاضي قد تعرّف كلّ منهما على الآخر ، في مجلس شيخهما البصري تحكيماً للزمالة الدراسية.

ولعلّ هذا يكون المبرّر لما ضعفه مكدرموت من قياس اراء المفيد بأراء القاضي عبد الجبار خاصة دون غيره (٣٠٨).

__________________

(٣٠٦) (ابن) النديم (المعتزلة) / ٢٢٢ ، (اصحاب ابي حنيفة) / ٢٦١ ، فضل الاعتزال / ٣٢٥ ـ ٣٢٨ ، المنية والأمل / ١٨٩ ـ ١٩٠ ، وراجع للتْوَسّع : تاريخ بغداد ، ٨ / ٧٣ ـ ٧٤ ، المنتظم ، ٧ / ١٠١ ، الوافي بالوفيات ، ١٣ / ١٧ ، لسان الميزان ، ٢ / ٣٠٣ ، تاريخ الاسلام (٣٥١ ـ ٣٨٠) / ١٥٥ ـ ١٥٦ ، طبقات المفسرين ، ١ / ١٥٥ ـ ١٥٦ ، سزكين (فقهاء الحنفية) ط مصر ـ ٢ / ٩٤ ـ ٩٥.

(٣٠٧) فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ، / ٣٦٥ ، ٣٦٦ ، المنية والامل / ١٩٠ ـ ١٩١ ، ١٩٤ ، والقاضي قد رحل عن بغداد حدود ٣٦٦ / ٩٧٦ (راجع ترجمته المنشورة في مفتتح فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة).

(٣٠٨) راجع : القسم الأول من النص الانجليزي.


وأبو عبد الله البصري في ارائه كان امتداداً للاتجاه الاعتزالي البصري ، وبهذا يختلف عن المدرسة البغدادية ، وسيأتي الكلام عن هذا فيما بعد. ولكنّه لم يكن يحمل العواطف الخاصة بمعتزلة البصرة ، تجاه أمير المؤمنين وآله عليهم السلام. قال ابن المرتضى الزندي عنه ، «وكان يميل إلى علي عليه السلام ميلاً عظيماً ، وصنّف كتاب التفضيل وأحسن في غاية الإِحسان» (٣٠٩).

وجاء عند الزيدية : وروى السيّد أبو طالب [الهاروني الزيدي] عن أبي العباس العماري الطبري ، قال :

كان أبو عبد الله البصري عند أبي عبد الله بن الداعي رضي الله عنه [أبو عبد الله محمد بن (الداعي إلى الله) الحسن بن القاسم بن الحسن ، الحسني الزيدي (٣٠٤ / ٩١٦ ـ ٣٦٠ / ٩٧١)] ليلة ، وكان يجري كلام في الإِمامة والنصّ على أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال أبو عبد الله البصري : قول العباس له : «أمدد يدك اُبايعك» يدلّ على أنّه لم يكن منصوصاً عليه ، ألا ترى إنّه ذكر في سبب إمامته البيعة دون النّصِّ المُتَقِّدم! فقال أبو عبد الله بن الداعي : قوله : «أمدد يدك اُبايعك» يدلّ على أنّه كان منصوصاً عليه ، ألا ترى أنّه ذكر في سبب إمامته البيعة دون النّصِّ المُتَقِّدم! فقال أبو عبد الله بن الداعي : قوله : «أمدد يدك اُبايعك» يدلّ على أنّه كان منصوصاً عليه ، ألا ترى أنّه لم يستشر ولم يقل : نختارك ، جماعةٌ منا ، ونَتَّفقُ عليك ، ثم اُبايعك!

وكان أبو عبد الله البصري يقول لأصحابه : لا تتكلّموا في مجلس الشريف أبي عبد الله وبحضرته في مسألتين : في مسألة الإِمامة ، وفي مسألة سهم ذوي القربى ، فإنّه لا يحتمل ما يسمع منكم في هاتين المسألتين ويوحشه ذلك (٣١٠).

وأما الثاني ، وهو الرّماني ، وكان من أصحاب ابن الإِخشيد (٣١١).

__________________

(٣٠٩) المنية والأمل / ١٩٠.

(٣١٠) الحدائق الوردية ، ٢ / ٥٤ ، وذكر الاخير ابن المرتضى في المنية والأمل / ١٩٠.

(٣١١) ابن النديم / ٢٢١ ، فضل الاعتزال وذكر المعتزلة / ٣٣٣ ، معجم الادباء ، ٥ / ٢٨١.


وابن الاخشيد هو : أحمد بن عليّ بن بَيْغَجُور ، أبو بكر بن الإخشاد / الاخشيد ، البغدادي ، الشافعي (٢٧٠ / ٨٨٣ ـ ٣٢٦ / ٩٣٨). كان أبوه من أبناء الأتراك ، وكان والياً على الثغور ـ كما قال ابن حزم ـ. وكان هو من أفاضل المعتزلة وصلحائهم وزهّادهم ، ومنزلة في سوق العطش ببغداد في درب يعرف بدرب الاخشاد.

وكانت له معرفة بالفقه والعربية ، وله مصنفات في الكلام والفقه ذكر (ابن) النديم سبعة منها. وكان يعارض الكعبي ، وأبا علي الجبّائي وابنه. وعده (ابن) النديم من بدعية المعتزلة. وله أتباع يعرفون بالاخشيدية.

أخذ الكلام عن أبي عبد الله محمد بن عمر الصيمري البصري (٣١٢).

وهكذا كان ابن الاخشيد مناهضاً للخطّ الاعتزالي البصري ، وورث تلميذه الرماني منه هذا الاتجاه أيضاً ، فقال عنه المعتزلة : وكان يتعصَّب على أبي هاشم [الجُبَّائي]. قال البلخي [الكعبي] : وحضرته لأعرف طريقته فتجاوز كلَّ حد في التّعصُّب فلم أعد إليه (٣١٣).

* * *

وبما قدمنا من الفارق بين الشيخين المعتزليين ، وأنّ كلاّ منهما كان يمثل اتجاهاً اعتزالياً خاصاً يختلف مع الآخر في كثير من النقاط ، فإنّ المفيد حينما تحوّل من شيخه الأوّل أبي عبد الله البصري البصري الاتجاه إلى شيخه الثاني

__________________

(٣١٢) فضل الاعتزال وذكر المعتزلة / ٣٠٨ ـ ٣٠٩ ، ٣٣١ ـ ٣٣٣ ، المنية والأمل / ١٨٥ ـ ١٨٦ ، ١٩١ ، (ابن) النديم / ٢٢٠ ـ ٢٢١ ، تاريخ بغداد ، ٤ / ٣٠٩ ، سير أعلام النبلاء ، ١٥ / ٢١٧ ـ ٢١٨ ، تاريخ الاسلام (٣٢١ ـ ٣٣٠) / ١٨٦ ـ ١٨٧ ، الوافي بالوفيات ، ٧ / ٢١٦ ، لسان الميزان ، ١ / ٢١٣ ، دائرة المعارف الاسلامية ـ بالانجليزية ـ الطبعة الحديثة ، ٣ / ٨٠٧.

(٣١٣) المنية والأمل / ١٩٣.


الرماني البغدادي الاتجاه ، فإنّه يكون قد اتصّل بتيّار فكريّ اعتزالي جديد. وهناك من الأدلّة الشيء الكثير الذي يُقْنِعُنا بأنّه وجد في الثاني التعليم المقنع والجواب المناسب لما كان يدور في نفسه من الأسئلة العلمية. ولعلّ رواسبه الفكرية كانت تساعده على الاندماج في هذا الاتجاه الجديد وهذا هو الذي يفسّر لنا ما جاء في رواية ابن ادريس والشيخ ورّام من أنّ استاذه السابق علي الرماني (ربّما عجز عن البحث معه والخروج عن عهدته فأشار عليه بالمضيّ إلى علي بن عيسى الرمّاني الذي هو من أعاظم علماء الكلام) (وقد مرّ بمصادره). ونرى في هذا دليلاً مقنعاً على أن يكون الاستاذ السابق هو أبو عبدالله البصري المختلف مع تلميذه في اتجاهه الفكري ، والّذي لم يكن ليرضي نهمه العلمي ، بل ولا يملك ما يقنع تلميذه بصحة ارائه والثقة بسلامة اتجاهه الاعتزالي القائم على اتباع المدرسة البصرية.

ولعلّ من آثار تتلمذ المفيد على الرمّاني معارضته لمدرسة البصرة ومعاكسته لرجالها وخصائصها خاصة أبرز شيوخها وآخر من يمثل بحقّ مدرستها وهما أبو عليّ الجبّائي وابنه أبو هاشم (٣١٤).

ولا بدّ لي من التنبيه على انّي استعملت (التأثر) وأنا عالم بخطأ هذا الاستعمال ، وإنّما أردت به موافقة التلميذ لأراء استاذه الجديد دون القديم فحسب.

والسر في هذا انّي قد قدّمت أنّ المفيد تعلّم الكلام الإمامي القائم على خصائص عقيدة الشيعة الإِمامية وتشبع بها فحينما ينكر رأياً اعتزالياً بصرياً

__________________

(٣١٤) راجع معارضته للاتجاه البصري اوائل المقالات ـ ط المؤتمر ـ / ٥٣ ، ٥٤ ، ٥٩ ، ٦٠ ـ وفيها موردان ـ ، ٦١ ، ٨٨ ، ٨٩ ـ وفيها موردان ـ ٩١ ، ٩٣ ، ٩٨ ، ١٠٣ ، ١٠٩ ، ١١١ ، ١١٣ ـ وفيها موردان ـ وانكار المفيد الشديد لأحوال ابي هاشم ـ ٥٢ ، ٥٦ ولاراء ابيه ابي علي / اوائل المقالات / ٦١ ، ٨٥ ، ٩٦ ، ١٢٥ واراء ابنه ابي هاشم / ٨٦ ، ١٠٥ ، ورأي الاثنين / ٩٢ ، ٩٧ ، ١٠٠ ، ١٠٢ ـ ١٠٣ ، ١٠٤ ، ١٠٥ ـ ١٠٦ ، ١٢٩ ، ١٣٠.


لا ينكره لأنّ معتزلة بغداد ومنهم استاذه الرماني قد انكرها وعارضها ، وإنّما لأنّ الكلام الإمامي لا يقبل بها ، وفيما أشرت من الأمثلة لا نجد ولا مثالاً واحداً انفرد فيه المفيد عن إخوانه الإمامية فتبع المعتزلة وخالفهم وفي هذا وحده الدليل الكافي والمقنع في أنّ الإمامية كان لهم رأي مستقل ، وان تعليل موافقة معتزلة بغداد لهم ، التعليل الصحيح إنما هو إنهم تأثروا بالإمامية ، ولهذا انفصلوا عن إخوانهم البصريين.

وذكر في الثلاثة اشياء التي لا تعقل : أحوال «الهشمية» وإنّ القول بالاحوال يتضمّن من فحش الخطأ والتناقض ما لا يخفى على ذي حجا ـ ثم فصل ذلك (٣١٥) ـ.

ومن المُرَجَّح أن يكون الذي أشار عليه بالحضور عند الرماني هو شيخه أبو ياسر لا البصري ، ولكنّه لم يكن هو الّذي تحوّل منه إلى الرماني ، والصورة التي نراها تعكس الواقع بدقّة هي أن المفيد بعد أن حضر عند متكلّمَيْن إماميَّيْن ، حضر عند البصري ، فلم يُرْضه فاستشار استَاذَه أبا ياسر فأشار عليه بالحضور عند الرماني ، فيكون الذي عَميَ من الجواب البصري ، والذي أشار أبو ياسر.

ولا بدّ لنا من وقفة اُخرى عند الرماني ـ وإن طال بنا الوقوف ـ :

إنّ علي بن عيسى ، أبا الحسن الرمّاني ، البغدادي (٢٩٦ / ٩٠٩ ـ ٣٨٤ / ٩٩٤) كان من أعلام المعتزلة في عصره مُغَنّنا في علوم كثيرة من الفقه ، والقرآن ، والنحو ، واللغة ، والأدب ، والمنطق ، والكلام ، كثير التصنيف في عامّة العلوم التي كان يعرفها. وقد امتد به عمره إلى ما يقرب من تسعين سنة.

وقد عُرف عنه الثبات في الرأي والمذهب والصمود أمام النوازع الفكرية والزعازع المذهبية ، وإنّ قصته مع السّريّ الرّفّاء لتعكس هذه الناحية من خلقه

__________________

(٣١٥) الحكايات ـ ط المؤتمر / ٤٥ ـ ٥٦.


النفسي والعلمي. والسّري بن أحمد بن السّري الكندي أبو الحسن الرَّفَّاء المّوْصلي ، ثم البغدادي (** ـ ٣٦٢ / ٩٧٣) شاعر أديب ، كان في صباه يرفو ويُطَرِّز في دكان بالمَوْصل ، فعُرِف بالرّفَاء ، ولما جاد شعره ومهر في الأدب قصد سيف الدولة بحلب ، فمدحه وأقام عنده مدّة ، ثم انتقل بعد وفاته إلى بغداد ، ومدح جماعة من الوزراء والأعيان ونفق شعرُه إلى انّ تصدّى له الخالديان ، محمد وسعيد ابنا هاشم ـ بسبب ذكروه في ترجمته ـ وكانت بينه وبينهما مهاجاة فآذياه وأبعداه عن مجالس الكبراء فضاقَتْ دنياه ، ويقال : إنّه عُدِمَ القوتَ ، ودُفع إلى الوراقة ، وركبه الدين ومات على تلك الحال. وكان في شعره عذب الالفاظ مُغَنَّناً في التشبيهات والأوصاف ولكن لم يكن له رُواء ولا منظر (٣١٦).

قال (ابن) النديم : كان السَّريُّ الرَّفَّاءُ جاراً لأبي الحسن علي بن عيسى الرّماني ، وكان كَثِيراً ما يجتاز بالرماني ، وهو جالس على باب داره ، فيستجلسه ويحادثه ويستدعيه إلى أنّ يقول بالإِعتزال ، وكان سَرِيٌّ يتشيّع ، فلما طال ذلك عليه أنشد :

أُقارعُ أعداءَ النَّبيّ وآلهِ

قِراعاً يَغُلُّ البِيضُ عِنْدَ قِراعهِ

وأَعَلمُ كُلَّ العِلم أنَّ وليَّهم

سَيُجْزَى غداةَ البَعْثِ صاعاً بصاعِهِ

فلا زَالَ مَنْ والاهُمُ في عُلُوِّه

ولا زالَ مَنْ عاداهُم في اتّضاعهِ

__________________

(٣١٦) ابن النديم / ١٩٥ ، تاريخ بغداد ، ٩ / ١٩٤ ، المنتظم ، ٧ / ٦٢ ـ ٦٣ ، الانساب ، ٦ / ١٤٤ ـ ١٤٥ ، ابن خلكان ، ٢ / ٣٥٩ ـ ٣٦٢ ، معجم الادباء ، ٤ / ٢٢٧ ـ ٢٢٩ ، بغية الطلب ، ٩ / ٤٢٠٤ ، الوافي بالوفيات ، ١٥ / ١٣٦ ـ ١٤١.


ومعتزلـيّ رامَ عَزْلَ وِلايتـي

عن الشُرف العالـي بهـم وارتفـاعِهِ

فمـا طاوعَـتْـنـي النَّفْسُ في أنْ أُطيعَه

ولا آذَنَ الـقـرآنُ لي في اتّـبـاعـهِ

طُبِـعْـتُ على حُبِّ الـوصـيِّ ولـم يَكُـنْ

لِيُنْقَـلَ مَطْبُوعُ الهَوَى عَنْ طِبـاعِـهِ (٣١٧)

وللناشىء الأصغر ، المتكلم الإِمامي الشهير ـ الذي سبقت الإِشارة إليه عند الكلام عن أساتذة المفيد ـ مناظرة مع الرماني ، انقطع الرمّاني ، فأخذ الناشىء يُندِّد به. وللقصة طول (٣١٨).

فالرماني هذا وبهذه النفسية ، نجدهم يذكرون عنه أنّه رافضيّ معتزلي ـ كما يقول الذهبي وابن حجر وآخرون ـ وقال القفطي : وكان مع اعتزاله شيعياً. ويقول التنوخي الراوي عنه : وممَّنْ ذهب في زماننا إلى أنّ علياً عليه السلام أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من المعتزلة أبو الحسن علي بن عيسى النحوي المعروف بالرّماني الاخشيذي (٣١٩).

والأهمّ من هذا أنّ ابن حجر يقول : وقد ذكر ابن النديم في الفهرست : انّ مصنّفات علي بن عيسى الرمّاني التي صنّفها في التشيّع لم يكن يقول بها ،

__________________

(٣١٧) الفهرست ـ ط تجدد ـ / ٢١٨ ـ الهامش ـ ، ط مطبعة الاستقامة ، القاهرة / ٢٥٦ ، والفهرست ، صياغة جديدة ـ تحقيق الدكتورة ناهد عباس عثمان ، دار قطري بن فجاءة ، الدوحة ، ط (١٩٨٥٢ / ٣٦٢).

(٣١٨) معجم الادباء ، ٥ / ٢٣٧ ، الوافي بالوفيات ، ٢١ / ٢٠٤.

(٣١٩) راجع حول قول التنوخي خاصة معجم الادباء ٦ / ٢٨٠ ـ ٢٨١ ، تاريخ الاسلام (٣٨١ ـ ٤٠٠) / ٨٢ ـ ٨٣ واضاف الذهبي : لله دَرُّه! ، سير أعلام النبلاء ، ١٦ / ٥٣٤ ، لسان الميزان ، ٤ / ٢٤٨.

وذكر القفطي في جملة كتبه الكلامية : كتاب تفضيل علي إنباه الرواة ، ٢ / ٢٩٦.


وإنما صنّفها تقية لأجل انتشار مذهب التشيع في ذلك الوقت (٣٢٠). وقد ضاع هذا النصّ في جملة ما ضاع من النصوص من الفهرست التي وصلتنا.

وأرى أنّ ممّا لا يقبل الشّكّ أنّ المفيد هو الذي أثر في استاذه الرّماني هذا الأثر الأشد والأقوى ممّا صنعه الاستاذ بتلميذه. وأنّ التقية يومذاك ـ بل وفي جميع عصور الشيعة تأريخ التشيع ـ لم تكن يوماً ما في صالح الشيعة ، خاصة يومذاك ، ولا أريد أن اسوق من الأدلة والشواهد التاريخية التي كانت تتواجد يومذاك فى بغداد بلد الاستاذ والتلميذ ، والّتي إن كانت تحمل المفيد على التقية ـ وكثيراً ما كان المفيد يتجاوزها بشجاعة ندر أنّ توجد في غيره ـ فانّها لم تكن لتحمل الاستاذ السنّي على أنْ يتّقي التلميذ ومذهبه ، إن لم تكن موافقة رأيه ومتفقة مع عقيدته القلبية وعواطفه المذهبية.

* * *

٢٨ ـ معلّم الاُمّة.

ولا اُطيل هنا الكلام ، وإنّما أكتفي بترجمة له جاءت عن ابن أبي طيّ ، يحيى بن حميدة بن ظافر الغساني الحلبي (٥٧٥ / ١١٧٩ ـ ٦٣٠ / ١٢٣٣) ذكرها في (تاريخ الإمامية) وحكاها الذهبي باختصار ، قال :

هو شيخ مشايخ الطائفة ، ولسان الإِمامية ، ورئيس الكلام والفقه والجدل ، كان أوحد في جميع فنون العلوم : الاُصولين ، والفقه ، والأخبار ، ومعرفة الرجال ، والقرآن ، والتفسير ، والنحو ، والشعر ، ساد في ذلك كله.

وكان يناظر أهلَ كلِّ عقيدة مع الجلالة والعظمة في الدولة البويهية ، والرتبة الجسيمة عند الخلفاء العبّاسية.

وكان قوىَّ النفس ، كثير المعروف [البر ـ سير] والصدقة ، عظيم

__________________

(٣٢٠) لسان الميزان ٤ / ٢٤٨.


الخشوع ، كثير الصلاة والصّوم يلبَس الخشِنَ من الثياب ، وكان بارعاً في العلم وتعليمه ، مدُيماً للمطالعة والفكر ، وكان من أحفظ الناس.

حدثني شيخي ابن شهر آشوب المازندراني ، حدثني جماعة ممَّنْ لقيت : أنّ الشيخ المفيد ما ترك كتاباً للمخالفين إلاّ وحفظه وباحث فيه ، وبهذا قدر على حلّ شبه القوم.

وكان يقول لتلامذته : لا تضجروا من العلم ، فإنّه ما تعسَّر إلا وهان ، ولا تأبَّى إلاّ ولان. وقد قصدَ الشيخَ من الحشوية ، والجبرية ، والقدرية فأذلّ له حتّى أخذَ منه المسألة أو أسمَع منه.

وقال آخر : كان المفيد من أحرص الناس على التعليم ، وإن كان ليدور على المكاتب وحوانيت الحاكة فيلمح [فيتَلمَّح ـ سير] الصّبيَّ الفطن ، فيذهب إلى أبيه أو اُمّه ، حتّى يستأجره ثم يعلّمه [يعني : فيُضِلّه ـ سير] ، وبذلك كثر تلامذته.

وقال غيره : كان المفيد ذا منزلة عظيمة من السُّلْطان ، ربّما زاره عضد الدولة ، وكان يقضي حوائجه ، ويقول له : اشفَعْ تُشَفَّعْ.

وكان يقوم لتلامذته بكلّ ما يحتاجونه إليه.

وكان الشيخ المفيد ربعةً ، نحيفاً اسمر. وما استغلق عليه جوابُ معاند إلاّ فزع إلى الصّلاة ، ثم يسأل الله فيُيَسِّرُ له الجوابَ ... (٣٢١).

٢٩ ـ المفيد المتكلّم والمناظر

عاش الشيخ المفيد في عصر احتفل بشتى المذاهب والفرق ، الكلامية منها والفقهية ، ، وفي بيئة جمعت مختلف العلماء والمفكِّرين ، وكانت حرية البحث والنظر واصطراع الفكر والرأي لا تزال قائمة لم يقتلها تغلّب مذهب معين

__________________

(٣٢١) تاريخ الاسلام (احداث ٤١٣ هـ) سير أعلام النبلاء ، ١٧ / ٣٤٤ ـ ٣٤٥ ، وحذف منها وصيته لتلامذته وقصده الحشوية واخوانهم ، وقيامه بحاجة تلامذته ، ولجوؤه إلى الله سبحانه! ولا حاجة بنا إلى التعليق.


على بقية المذاهب والآراء تلك الغلبة المطلقة التي حدثت ببغداد فيما بعد عصر المفيد.

وكان المفيد ـ كما تقدّم في التعريف به ـ : «بارعاً في الكلام والجَدَل ، دقيق الفطنة ، ماضي الخاطر ، حاضر الجواب ، فقيهاً مناظراً ، يناظر أهل كلّ عقيدة. وكان له مجلس نظر بداره يحضره كافة العلماء من سائر الطوائف. وقد مكّنه من ذلك ما كان قد حظي به من الجلال والعظمة في الدولة البويهية ، والوجاهة والقبول عند ملوك الأطراف ، لمَيْل كثير من أهل ذلك الزمان إلى التشيع ...».

ولكن المصادر التي وصلتنا ـ وما ألّها ، ومنها مجموعة كتب الشيخ المفيد وتأليفه ، التي سنذكر ما يرجع منها إلى الكلام والجدل والنظر ـ لا تعكس هذه الظاهرة إلاّ في نطاق ضيّق جداً. وكلّ ما عثرت عليه يرجع أهمّ اجزائه إلى ما جاء في «الفصول المختارة من العيون والمحاسن» تأليف الشريف المرتضى ، الذي ساصفه عندما أذكر كتب الشيخ المفيد. وكل هذه المجادلات والمناظرات التي أحصيت موارده إنّما وقعت في أماكن اُخر ، غير دار الشيخ المفيد الذي كان له فيه مجلس نظر مستمر ، وبهذا يصحّ لي أنْ أقول أنّ القائمة الآتية لا تعكس من الواقع ـ مع الأسف الشديد ـ إلاّ في أضيق حدوده ومعالمه.

١ ـ المعتزلة :

١ ـ من لم يُسَمَّ منهم :

«بعض متكلميّ المعتزلة» (٣٢٢).

«رجل من المعتزلة» (٣٢٣).

__________________

(٣٢٢) الافصاح / ، عدة رسائل / ٦٨.

(٣٢٣) عدة رسائل / ١٩٥ ـ ١٩٩.


«شيخ من المعتزلة» (٣٢٤).

«شيخ من حُذّاق المعتزلة وأهل التَدَيُّن بمذهبه منهم» (٣٢٥).

«جماعة من متكلمي المعتزلة» (٣٢٦).

«حضرت ـ كما يقول الشيخ المفيد نفسه ـ بمجمع لقوم من الرؤساء وكان فيهم شيخ من أهل الرَّيّ معتزلي كانوا يُعظِّمُونه لمحلّ سلفه وتعلّقه بالدولة» (٣٢٧).

«بعض المعتزلة ، في مجلس قد ضمّ جماعة كثيرة من أهل النظر والمتفقِّهة» (٣٢٨).

«بعض المعتزلة» (٣٢٩).

«انسان من المعتزلة» (٣٣٠).

«قال الشيخ المفيد رضي الله عنه : أنكر رجل من البهشمية [أتباع أبي هاشم الجُبَّائي] ضمَّنا وأيّاه وجماعة من العتزلة والمجبرة ...» (٣٣١).

٢ ـ القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الأسد آبادي الهَمَداني المعتزلي الشافعي (٣٢٠ / ٩٣ ـ ٤١٥ / ١٠٢٥) أحد أعلام المعتزلة وأئمتهم «وشاعت المناظرة واتصلت بعضد الدولة الديلمي فارسل إلى الشيخ فأحضره وسأله عما جرى فحكى له ذلك فخلع عليه خلعة سنية وأخدمه بفرس محلّى

__________________

(٣٢٤) الفصول المختارة ، ١ / ٥١.

(٣٢٥) الفصول ، ١ / ٧٦.

(٣٢٦) الفصول ، ١ / ٨٦.

(٣٢٧) الفصول ، ١ / ٩٧.

(٣٢٨) الفصول ، ١ / ١١٥.

(٣٢٩) الفصول ، ٢ / ١٥٧.

(٣٣٠) الرسالة الخامسة في الغيبة ـ عدة رسائل / ٤٠١ ـ ٤٠٢.

(٣٣١) رسالة في معنى المولى = تح : الشيخ مهدي نجف ، ط لندن ١٤١٠ / بمناسبة المهرجان.


بالزينة وأمر له بوظيفة تجري عليه» (٣٣٢).

٣ ـ القاضي أبو محمد العُمَاني المعتزلي.

[عبد الرحمن بن محمد (٣٨ / ٩٩٦) ولي القضاء بربع الكرخ ، وكان فيه جلادة وشهامة (٣٣٣).

وقعت المناظرة (في مجلس النقيب أبي الحسن العُمَري أدام الله عزّه) (٣٣٤).

__________________

(٣٣٢) مجالس المؤمنين ، ١ / ٤٦٤ ـ ٤٦٥ ، روضات الجنات ، ٦ / ١٥٩ ، رجال بحر العلوم ، ٣ / ٣١٥ ـ ٣١٧ ، تنقيح المقال ، ٣ ـ ١ / ١٨٠ ، سفينة البحار ، ٢ / ٣٩٠. معجم رجال الحديث ، ١٧ / ٢٣٣ ، مستدرك الوسائل ، ٣ / ٥٢٠ ، لؤلؤة البحرين / ٣٦١ ـ ٣٦٢.

(٣٣٣) تاريخ بغداد ، ١٠ / ٣٠٠.

(٣٣٤) النقيب ابو الحسن العُمَري هذا هو : علي بن أحمد بن أبي يعقوب اسحاق بن جعفر الملك المُلتاني بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عَمر الاطرف بن أمير المؤمنين عليه السلام ، ابو الحسن العمري ، الذي انحدر الى بغداد وولاه عضد الدولة نقابة الطالبين اربع سنين عند القبض على أبي احمد المهدي والد الشريفين.

السيد عبد الرزاق كمونة ، منية الراغبين في طبقات النشابين / ٢٠٩ ـ ٢١٠ ، موارد الاتحاف في نقباء الأشراف ، ٦٢١ / ٢٠٦.

وليس هو ابو الحسن علي بن ابي الغنائم محمد بن الفخرية بن علي بن ابي الطيب محمد بن ابي عبد الله محمد الملقب ملقطة بن احمد الضرير بن ابي القاسم علي بن محمد الصوفي بن عبد الله بن محمد بن عُمر ابو الحسن المعروف بابن الصوفي صاحب (المجدي في النسب).

منية / ٢٥٤ ـ ٢٥٧ ـ فانه متاخر اولا ولم يكن نقيباً ثانياً.

وأيّام نقابته كانت عند قبض عضد الدولة على النقيب أبي احمد الموسوي.

وفي صفر [٣٦٩ / ٩٧٩] قبض عضد الدولة الديلمي على النقيب ابي احمد الحسين الموسوي ، والد الشريفين المرتضى والرضي ، وعلى اخيه ابي عبد الله احمد ، وعلى قاضي القضاة ابي محمد بن معروف ، وسيّرهم الى فارس.

تجارب الامير ، ٦ / ٣٩٩. المنتظم ، ٧ / ٩٨ ، ابن الاثير ، ٨ / ٧١٠ ، ابن كثير ، ١١ / ٢٩٥.

وبعد وفاة عضد الدولة وتملك شرف الدولة فارس اطلق النقيب ابا احمد الموسوي ومن كان معه سنة [٣٧٢ / ٩٨٣]. ابو شجاع ، ذيل تجارب الامم / ٨١.


وكان بالحضَرْة جمع كثير (٣٣٥).

٤ ـ أبو بكر بن صرايا (وفي البحار : صراما) المعتزلي.

واظنّ ظنّاً قوياً : ان : (صرايا) أو (صراما) تصحيف ، وإنّه محمد بن عبد الرحمن الصُّبْرَي ، أبو بكر ابن صُبْرَ الحنفي (٣٢٠ / ٩٣٢ ـ ٣٨٠ / ٩٩١) قاضي عسكر المهدي [محلّه في الجانب الشرقي من بغداد عرفت فيما بعد بالرُّصافة] (٣٣٦).

اشتهر بالاعتزال والدعوة إليه ، وكان رأساً في الكلام ، وكان من عقلاء الرجال له كتب في الفقه والكلام والتفسير (٣٣٧).

وقعت المناظرة حينما «حضر الشيخ [المفيد] مجلس أبي منصور بن المَرْزَبان ، وكان بالحضرة جماعة من متكلمي المعتزلة» (٣٣٨).

أبو منصور بن المَرْزُبان الشيرازي ، أخو أبي الفضل بن المَرْزُبان [محمّد ابن عبد الله الكاتب] (٣٣٩). وهو أبو منصور أحمد بن عبيد الله [وجاء في المنتظم ، ٧ / ٦٤ : بن عبد الله] الشيرازي كاتب الطائع [(٣١٧ / ٩٢٩ ـ

__________________

ابن الاثير ، ٩ / ٢٣ ، ابن خلدون ، ٤ / ٤٥٦.

ولكنه لم يعد الى بغداد الا سنة ٣٧٦ / ٩٨٦ ـ ٩٨٧ كما جاء في ديوان الشريف الرضي عندما مدح اباه بقدومه من فارس بعد خروجه من القلعة التي كان محبوساً فيها.

الديوان ـ ط بيروت ـ ١ / ٥٧ ـ ٦٠ ، ط الخلد ، ١ / ٢٣٧ ـ ٢٤١.

(٣٣٥) الفصول ، ١ / ١١.

(٣٣٦) معجم البلدان ، ٤ / ١٢٤.

(٣٣٧) تاريخ بغداد ، ٢ / ٣٢١ ـ ٣٢٢ ، الانساب ، ٨ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ، اللُبّاب ، ٢ / ٢٣٤ ، تاج العروس ، ٣ / ٣٢٦ ، طبقات المفسرين الداودي ، ٢ / ١٥٨ ـ ١٥٩ ، هدية العارفين ، ٢ / ٥١ ، الذهبي ، تاريخ الاسلام (٣٥١ ـ ٣٨٠) / ٦٦٦ ـ ٦٦٧.

(٣٣٨) الفصول ، ١ / ٨٥ ـ ٨٩ ، البحار ، ١٠ / ٤٣٦ ـ ٤٣٩.

(٣٣٩) الهفوات النادرة / ٣٠٢ ، ٣٠٤.


خ = ٣٦٣ / ٩٧٤ ـ ٣٨١ / ٩٩١)] (٣٤٠).

«وكان أبو منصور أحمد بن عبيد الله بن المَرْزُبان الشيرازي له دار كان يصفها بكثرة من يطرقها» (٣٤١).

وكانت زوجته بنت أبي الحسين بن مُقْلَة [أبو الحسين عليّ بن محمد بن علي بن مُقْلَة (ح ٣٠٧ / ٩١٩ ـ ٣٤٦ / ٩٥٧) آخر وزراء المتّقي خلع عليه في ١٨ / ٩ / ٣٣١ (...) (٣٤٢)

وكان قبله قد وزر للراضي أيّام أبيه [محمد بن علي بن مقلة أبو علي (٢٧٢ / ٨٦٦ ـ ٣٢٨ / ٩٤٠) وزير المقتدر والقاهر] (٣٤٣).

وقبض شرف الدولة البويهي عليه ٣٧٨ / ٩٨٨ ـ ٩٨٩ (٣٤٤).

وكان ٣٦٣ / ٩٩١ صاحب ديوان الرسائل ، وهو الذي كتب الكتاب الذي خلع فيه المطيع نفسه في هذه السنة (٣٤٥).

٥ ـ أبو الحسن علي بن عيسى الرُّمّاني «ثاني استاذي المفيد المعتزليين» وكانت المناظرة في مجلس (لبعض الرؤساء ، وكان فيه جمع كثير من المتكلمين والفقهاء» (٣٤٦).

٦ ـ الكُتُبي.

[لم أعثر له على ترجمة سوى أنّه جاء ذكره في مجلس حكاه أبو حيان

__________________

(٣٤٠) ابو شجاع / ١٠٤ ، ١٠٥ ، ١٠٧.

(٣٤١) ابو شجاع / ١٤٥ ـ ١٤٧.

(٣٤٢) التنبيه والاشراف / ٣٤٤ ، مروج الذهب ، ٤ / ٢٤٧ ـ ٢٥٠.

(٣٤٣) التنبه والاشراف / ٣٣٧ ، وراجع : تجارب الامم ١ / ٣١٠ ، ٢ / ٤٣ ـ ٤٤ ، ١٦٧ ، ١٦٨ ـ الهامش ، تكملة الطبري ١١ / ٣٨٣.

(٣٤٤) ابو شجاع / ١٤٥ ـ ١٤٧.

(٣٤٥) المنتظم ٧ / ٦٤.

(٣٤٦) الفصول ، ٢ / ٢٦٩ ـ ٢٧٤.


التوحيدي تناظر فيه أبو سعيد السيرافي (٢٨٤ / ٨٩٧ ـ ٣٦٨ / ٩٧٩) وأبو بشر متى [بن يونس القُنَّائي المنطقي والفيلسوف (٣٢٨ / ٩٤٠)] بمحضر الوزير ابن الفرات سنة ٣٢٦ / ٩٣٧ ، وفي المجلس جماعة من أصحاب الكلام وغيرهم. وان تصحّف عند ياقوت الذي يحكي عن أبي حيان بـ (الكندي) إذ الكندي الفيلسوف كان قد توفي قبل هذا بكثير (ح ١٨٥ / ١٠٨ ـ نحو ٢٥٢ / ٨٦٧) (٣٤٧).

وفيمن حضر هذا المجلس عدد ممن امتد بهم عمرهم إلى سبعينات هذا القرن ، منهم السيرافي نفسه ، والراوي وهو علي بن عيسى الرُّماني (٢٩٦ / ٩٠٨ ـ ٣٨٤ / ٩٩٤) وأبو عمران موسى بن رباح تلميذ ابن الإِخشيد الذي هو أحد من حضر المجلس ، والمرزْباني صاحب آل سامان ـ إن كان هو محمد بن عمران ، أو عبيد الله المَرْزُباني (٢٩٧ / ٩١٠ ـ ٣٨٤ / ٩٩٤) ـ ، ولعلّ فيهم غير هؤلاء حيث أن تواريخ حياة أكثرهم مجهولة. والظاهر أن الكتبي من المعتزلة (٣٤٨).

٧ ـ رجل من المعتزلة يعرف بعرزالة [؟ وجاء في هامش البحار : في نسخة : يعرف بغَزالة] (٣٤٩).

٨ ـ رجل من المعتزلة يعرف بأبي عمرو الشَّطَوي [وفي البحار : الشَوْطي متى ما جاء اسمه] (٣٥٠).

٢ ـ الزيدية :

١٨ / ١ ـ من لم يُسَمّ منهم.

__________________

(٣٤٧) راجع : الامتاع والمؤانسة ، ١ / ١٠٧ ـ ١٠٨ ، معجم الأدباء ، ٣ / ١٠٥ ـ ١٠٦.

(٣٤٨) الفصول ، ـ ١ / ٧ ، البحار ، ١٠ / ٤١١ ، مجالس المؤمنين ، ١ / ٤٧١.

(٣٤٩) الفصول ، ١ / ٧ ـ ٨ ، البحار ، ١٠ / ٤١٢ ، مجالس المؤمنين ، ١ / ٤٧١.

(٣٥٠) الفصول ، ١ / ٨ ـ ٩ ، البحار ، ١٠ / ٤١٢ ـ ٤١٤ ، مجالس المؤمنين ، ١ / ٤٧١ ـ ٤٧٢ ، وفي الصراط المستقيم ، ٣ / ٧٩ : (السطوي)؟.


(رجل من الزيدية) (٣٥١) ، (حضر [الشيخ المفيد] بمسجد الكوفة فاجتمع إليه من أهلها ومن غيرهم أكثر من خمسمائة إنسان ، فانتدب إليه رجل من الزّيديّة أراد الفتنة والشناعة ...) ، وكان السؤال والمناقشة حول إمامة زيد بن علي (عليه السلام) (٣٥٢). ١٩ /.

٢ ـ الطبراني

شيخ من الزيدية كان معتزلياً «يميل إلى مذهب أبي هاشم [الجُبَّائي] ويُعظِّمه ويختاره» (٣٥٣).

٣ ـ الاسماعيلية :

٢٠ / ١ ـ شيخ من الاسماعيلية يعرف بابن لؤلؤ

[أظنّه هو : علي بن محمد بن أحمد ، أبو الحسن الثقفي الوراق البغدادي المعروف بابن لؤلؤ (٢٨١ / ٨٩٤ ـ ٣٧٧ / ٩٨٧) كان ورّاقاً وصاحب حديث ، وكان يقول عن نفسه أنّه شيعي ، شاطر في البحث والنظر لا يغلبه أحد (٣٥٤).

وكانت المناظرة في (دار بعض قوّاد الدولة) (٣٥٥).

٤ ـ المرجئة :

٢١ ـ «بعض المرجئة» (٣٥٦).

٥ ـ المُجَبّرَة :

__________________

(٣٥١) الفصول ، ٢ / ٢٧٧ ، ابن شهر آشوب ، المناقب ، ١ / ٢٦٠.

(٣٥٢) الفصول ، ١ / ٩٣ ـ ٩٤ ، البحار ، ١٠ / ٤٣٩ ـ ٤٤٣.

(٣٥٣) تاريخ بغداد ، ١٢ / ٨٩ ـ ٩٠ ، المنتظم ، ٧ / ١٣٠ ،

(٣٥٤) الفصول ، ١ / ١١٩.

(٣٥٥) الافصاح / ، عدة رسائل / ٦٩.

(٣٥٦) الفصول ، ١ / ٥٣ ـ ٥٥ ، مجالس المؤمنين ، ١ / ٤٦٧ ـ ٤٧٠.


٢٢ / ٢٠ ـ بعض المجبّرة (٣٥٧).

٦ ـ الاشاعرة :

٢٢ / ١ ـ القاضي الباقلاّني

أبو بكر محمد بن الطَّيِّب بن محمد البصري ، ثم البغدادي الأشعري المالكي (٣٣٨ / ٩٥٠ ـ ٤٠٣ / ١٠١٣) أحد أعلام الاشاعرة وائمتهم).

مناظرة حول النّصَّ على أمير المؤمنين (عليه السلام) (٣٥٨).

ومناظرة ثانية حول الموضوع نفسه (٣٥٩).

ومناظرة ثالثة (٣٦٠).

(الخطيب البغدادي الأشعري) يقول في ابن الباقِلاّني :

فأمّا الكلام فكان أعرفَ الناس به ، وأحسنهم خاطراً ، وأجودهم لساناً ، وأوضحهم بياناً ، وأصحهم عبارة ، وله التصانيف الكثيرة المنتشرة في الرّدّ على المخالفين : من الرافضة ، والمعتزلة والجهميّة ، والخوارج ، وغيرهم.

وحدّث [الباقلاني] [وحُدِّثْتُ ـ تبيين] : انّ ابن المعلّم ـ شيخ الرافضة ومتكلّمها ـ حضر بعض مجالس النظر مع أصحاب له ، إذ أقبل القاضي أبو بكر الأشعري [ابن الباقلاني] ، فالتفت ابن المعلّم إلى اصحابه وقال لهم : قد جاءكم الشيطان! فسمع القاضي كلامهم ـ وكان بعيداً من القوم ـ فلما جلس أقبل على ابن المعلّم وأصحابه وقال لهم : قال الله تعالى : (إنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطينَ عَلَى الْكافرينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً) [في القرآن الكريم : (ألمْ تَرَانا ...) (٥). أي : إنْ كُنْتُ

__________________

(١) الفصول ١ / ٦٥ ، البحار ١٠ / ٤٣٢.

(٢) الفصول ١ / ٥٣ ـ ٥٥ ، مجالس المؤمنين ، ١ / ٤٦٧ ـ ٤٧٠.

(٣) عدة رسائل / ١٨١ ـ ١٨٢ ، الذريعة ، ٥ / ١٧٧ ـ ١٧٨.

(٤) مجالس المؤمنين ، ١ / ٤٦٧ ، تنقيح المقال ، ٣ ـ ١ / ١٨٠ ، روضات الجنان ، ٦ / ١٥٩ ـ ١٦٠.

(٥) مريم ، ١٩ / ٨٣.


شيطاناً فأنتم كفّار ، وقد اُرسلت إليكم (٣٦٢).

أقول : قال الطبري : يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه [وآله] وسلم : (ألم تر) ، يا محمد ، (أنّا ارسلنا الشياطين) على أهل الكفر بالله (تَؤُزُّهم) يقول : تحرّكهم بالاغواء والاضلال فتزعجهم إلى معاصي الله وتُغْريهم بها حتّى يواقعوها (أَزّاً) ازعاجاً وإغْواء. وبنحو ما قلنا قال أهل التأويل ـ ثم ذكر من قال به (٣٦٣) ـ.

قال : وفي حديث الاشتر : كان الّذي ازّ امّ المؤمنين [عائشة] على الخروج ابن الزبير. أي هو الذي حركها وازعجها وحملها على الخروج.

وقال الحربي : الأزّ أن تحمل إنساناً على أمر بحيلة ورفق حتى يفعله. وفي رواية اُخرى : أنّ طلحة والزبير أزَّا عائشة حتى خرجت (٣٦٤).

فالأزّ هو التحريك والاغراء عن طريق التودّد والتحبّب بالنسبة لمن بينهم مودة وملاءمة وموافقة ، وهذا من الشيطان لا يكون إلاّ للكافرين ، وأمّا المؤمنين ، فلا يصح إلاّ الاغواء ، ولو كان الحضور متفّقين مع الباقلاني في

__________________

(٣٦٢) تاريخ بغداد ٥ / ٣٧٩ = ٢٩٠٦ ، تبيين كذب المفتري / ٢١٧ ـ ٢١٨ ، عنه الأنساب ٢ / ٥٢ ـ ٥٣ ، مرآة الجنان ٣ / ٧ ، شذرات الذهب ٣ / ١٦٩ ، القاضي عياض ، ترتيب المدارك ٤ / ٥٨٩ ، عن الخطيب ، وقال : وحكى غيره أنّ المناظرة جرت له مع أهل مجلس فنا خسرو الملك [فنا خسرو عضد الدولة بن ركن الدولة حسن بن بويه الديلمي (٣٢٤ / ٩٣٦ ـ ٣٧٢ / ٩٨٣)] مع شيوخ المعتزلة ـ ثم ذكرها ـ وهكذا ذكرها أبو الحجاج البلوي ، الف باء ٢ / ١٤٣ ـ ١٤٤.

(٣٦٣) تاريخ بغداد ٥ / ٣٧٩ = ٢٩٠٦ ، تبيين كذب المفتري / ٢١٧ ـ ٢١٨ ، عنه الأنساب ٢ / ٥٢ ـ ٥٣ ، مرآة الجنان ٣ / ٧ ، شذرات الذهب ٣ / ١٦٩ ، القاضي عياض ، ترتيب المدارك ٤ / ٥٨٩ ، عن الخطيب ، وقال : وحكى غيره أنّ المناظرة جرت له مع أهل مجلس فنا خسرو الملك [فنا خسرو عضد الدولة بن ركن الدولة حسن بن بويه الديلمي (٣٢٤ / ٩٣٦ ـ ٣٧٢ / ٩٨٣)] مع شيوخ المعتزلة ـ ثم ذكرها ـ وهكذا ذكرها أبو الحجاج البلوي ، الف باء ٢ / ١٤٣ ـ ١٤٤.

(٣٦٤) تاج العروس ، ٤ / ٥ لسان العرب ، ٥ / ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ومثله ابن الاثير ، النهاية ، ١ / ٤٥ ، ابو اسحاف الحربي ، واستشهد بالاية الكريمة غريب الحديث ج ٥ ـ ٣ / ٩٨٣ ـ ٩٨٤.


العقيدة ، أو كان الباقلاني يخاطب اشعرياً ـ وأقول لو ـ لصّح الاستشهاد بالآية الكريمة.

وأرى انّ الخطيب هو الّذي حرّف القصة. وحوّلها من مجلس عضد الدولة والمعتزلة إلى الشيخ المفيد وأصحابه ، ومن يرجع إلى كلامه في المفيد يسهل عليه تصديق ما قلته.

٧ ـ الشافعية :

٢٣ / ١ ـ أبو بكر الدَّقَّاق

محمد بن محمد بن جعفر ، القاضي أبو بكر الخَيَّاط ، المعروف بابن الدّقَّاق ، (٣٠٦ / ٩١٨ ـ ٣٩٢ / ١٠٠٢) الفقيه الشافعي ، صاحب الاصول والكتب الفقهية. ولي القضاء بالكرخ (٣٦٥).

وكانت المناظرة في مجلس النقيب أبي الحسن العُمَري (٣٦٦).

«وكان بالحضرة جمع كثير» (٣٦٧).

٢٤ / ٢ ـ أبو القاسم الدَّاركي

عبد العزيز بن عبد الله بن محمد ، أبو القاسم الدَّاركي (٣٦٨) ـ ودَارَك : قرية من أصبهان ـ البغدادي (نحو ٣٠٠ / ٩١٣ ـ ٣٧٥ / ٩٨٦) رئيس أصحاب الشافعي بالعراق. قال أبو حامد الأَسْفَراييني (٣٤٤ / ٩٥٥ ـ ٤٠٦ / ١٠١٦) الفقيه الشافعي الكبير : (ما رأيت أفقه من الدَّاركي). وكان الداركي إذا جاءته مسألة يُسْتَفْتَى فيها تفكّر طويلاً ثم أفتى ، وربّما كانت فتواه خلاف مذهب

__________________

(٣٦٥) تاريخ بغداد ، ٣ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠. المنتظم ، ٧ / ٢٢٢ ، ابن الأثير ، ٩ / ١٧١ ، الاسنوي ، طبقات الشافعية ، ١ / ٥٢٢ ـ ٥٢٣ ، الشيرازي ، طبقات الشافعية / ١١٨ ، الوافي بالوفيات ، ١ / ١١٦ تاريخ الاسلام (٣٨١ ـ ٤٠٠) / ٢٧٥ ، معجم المؤلفين ، ١١ / ٢٠٣.

(٣٦٦) راجع المناظرات ١٢ / ٣.

(٣٦٧) الفصول ، ١ / ١١.

(٣٦٨) ودَارَك قرية من اصبهان ـ البغدادي (نحو ٣٠٠ / ٩١٣ ـ ٣٧٥ / ٩٨٦).


الشافعي وأبي حنيفة فيقال له في ذلك فيقول : ويحكم! حدَّث فلان عن فلان ، عن رسول الله صلى عليه [وآله] وسلّم بكذا وكذا ، والأخذ بالحديث من رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم أولى من الأخذ بقول الشافعي وأبي حنيفة إذا خالفاه (٣٦٩).

٨ ـ الحنفية :

٢٥ ـ أبو جعفر المعروف بالنسفي العراقي.

«سأل بعض أهل مجلس الشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، رضي الله عنه أبا جعفر المعروف بالنسفي العِراقي [الحنفي] فقال : ...».

(الرّدّ على النسفي) وكان قد سأله عن الوضوء فافتى بغسل الرجلين ، فناظره شيخنا المفيد ، وبعد ذلك أتم البحث بفصل الحق به (٣٧٠).

وقال : وقد عدّ النجاشي في كتب المفيد : (مسألة في المسح على الرجلين) ولعلّ هذا هو المراد من المسألة ...

وهو : محمد بن أحمد بن محمود ، أبو جعفر النسفي ، الحنفي ، القاضي (٤١٤ / ١٠٢٣) من فقهاء الحنفية ، وكان فقيراً متزهداً ، له تعليقة في الفقه مشهورة وله شعر (٣٧١).

__________________

(٣٦٩) تاريخ بغداد ، ١٠ / ٤٦٣ ـ ٤٦٥ ، المنتظم ، ٧ / ١٢٩ ـ ١٣٠ ، الانساب ، ٥ / ٢٧٦ ـ ٢٧٨ ، ابن خلكان ٣ / ١٨٨ ـ ١٨٩ ، سير أعلام النبلاء ، ١٦ / ٤٠٤ ـ ٤٠٦ ، ٢٩٣ ، تاريخ الاسلام (٣٥١ ـ ٣٨٠) / ٥٧٥ ـ ٥٧٦ ، الوافي بالوفيات ، ١٨ / ٥١٧ ـ ٥١٨ = ٥١٧ ، ٣ / ١٨٨ ، ابن كثير ، ١١ / ٣٠٤ ، ومصادر اُخرى تناظر معه الشيخ المفيد (في مجلس كان صاحبه رئيس زمانه) الفصول ، ١ / ١٢٣ ـ ١٢٦.

(٣٧٠) الذريعة ١ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ = ٧٠٩.

(٣٧١) المنتظم ، ٨ / ١٥ ، ابن الاثير ، ٩ / ٣٣٤ ، الشيرازي ، طبقات الفقهاء / ١٤٥ ، النجوم الزاهرة ، ٤ / ٢٥٩ ، ابن كثير ، ١٢ / ١٧ ، الوافي بالوفيات ، ٢ / ٧٤ ، الجواهر المضيئة ، ٣ / ٦٧ ـ ٦٨ = ١٢٠٥ ، الفوائد البهية / ١٥٧ ، تاج التراجم / ٣٨ ، كشف الظنون ، ١ / ٤٢٤ هدية العارفين ، ٢ / ٦٢ ، معجم المؤلفين ، ٩ / ٢٠ ـ ٢١.


٩ ـ من لم يعرف مذهبهم الكلامي أو الفقهي

٢٦ ـ القاضي أبو بكر أحمد بن سيّار

أحمد بن سيّار بن محمد ، القاضي أبو بكر الصَّيْمَري ثم البغدادي (٣٦٨ / ٩٧٨ ـ ٩٧٩) قُلِّد قضاء الجانب الشرقي من بغداد ، ثم قلّد قضاء الحريم بدار الخلافة ، ثم عُزل وقلّد القضاء بطريق خراسان وكان أديباً فاضلاً وله نظم ـ كما قال الصفدي ـ وقال أبو حيّان التَّوْحيدي : (كان نبيلاً ، جليلاً ، أديباً ، مُفَوَّهاً). ووصفه بالعفّة والزُّهْد والترفع عن المناصب والواهبين لها (٣٧٢).

تناظر مع الشيخ المفيد حول معنى النّص واثبات النّص على أمير المؤمنين عليه السلام في دار السَّلام [بغداد] بدار الشريف أبي عبد الله محمد ابن محمد بن طاهر الموسوي ، رضي الله عنه.

لم يرد له ذكر سوى أنّ الشيخ المفيد يروي من طريقه عن ابن عقدة :

١ ـ (المفيد) : أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر الموسوي قال : أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهَمْداني ... (٣٧٣).

٢ ـ (شيخ الطائفة) : أخبرنا محمد بن محمد [بن النعمان رحمه الله]

قال : أخبرنا الشريف الصالح أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر الموسوي رحمه الله (٣٧٤).

٣ ـ (ـ) : الشيخ رحمه الله ، قال : أخبرني الشريف الفاضل أبو عبد الله

__________________

(٣٧٢) الوافي بالوفيات ، ٦ / ٤١٤ ـ ٤١٤ ، المنتظم ، ٧ / ٣٨ ، ٤٣ ، ٥١ ، ٥٤ ، الإمتاع والمؤانسة ، ٣ / ١٥٤ ، البصائر والذخائر ، ١ / ٣٠٧ ، ٦ / ٢٧٥ ..

(٣٧٣) المفيد ، الامالي / ٣٩ = ٦ ، ٤٢ = ٩.

(٣٧٤) الطوسي ، الامالي (ج ٨) ١ / ٢٢٩.


محمد بن محمد بن طاهر الموسوي ، عن أحمد بن محمد بن سعيد ... (٣٧٥).

وعلى هذا فقد عدّه شيخنا الرازي من مشايخ المفيد (٣٧٦).

ويبدو ممّا جاء في حكاية المناظرة انّ هذا الشريف كان أحد شخصيات بغداد اللامعة يومذاك ، وكان يجتمع عنده اشراف العلويين والعباسيين ووجوه الناس.

ولكنه لم يرد له ذكر في تاريخ بغداد ولا التواريخ الحوليه التي أرّخَتْ ذلك العصر ، وأنا واثق أنه لو كان عمرياً أو أموياً في نسبه و... في مذهبه لملأ له الخطيب صحائف من تاريخ بغداده.

وكم أهمل الخطيب اعلاماً للإماميّة هم بغداديون بجميع المقاييس التي اختيرت لاكتساب هذه النسبة ولم يورد لهم ذكرا. كهشام بن الحكم واضرابه وقد ذكرت قائمة تشتمل على أربعة عشر رجلاً من قبل.

ولا يقولَنَّ قائل : إنّ الخطيب وأمثاله كانوا يجهلونهم ، فإنّه في كثير من كتبه يذكر معلومات عن رجال الإمامية وحديثهم باسانيد تنتهي إليهم أنفسهم تبدو في غاية الدقة ، ولا مجال لذكرها هنا. ويكفينا إنّه اختصر ترجمة الشيخ المفيد بما سبق أنْ حكيته عنه. وأنا واثق بأنّ الخطيب لو تُحُدِّيَ لألَّف كتاباً في أعلام الإمامية البغداديين كان قد أدهش القارىء كما صنع ابن جرير حينما اهمل حديث الغدير في تاريخه ، وقفز بسيرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في رجوعه من حجة الوداع من مكة إلى المدينة مؤرخاً أيّام مرضه ووفاته ، وعندما اصطدم بالحنابلة ألّف كتابه الشهير حول حديث الغدير ، مما أدهش الذهبي وأمثاله بعض اجزائه. وإلى الله المشتكى.

وكان بالحضرة جمع كثير يزيد عددهم على مائة إنسان ، وفيهم أشراف

__________________

(٣٧٥) طبقات اعلام الشيعة ، القرن الرابع / ٣٠٣.

(٣٧٦) الفصول ، ١ / ١ ـ ٤ ، البحار ، ١٠ / ٤٠٨ ـ ٤١١.


من بني علي عليه السلام ، وبني العبَّاس ، ومن وجوه النّاس والتّجار (٣٧٧).

٢٧ ـ الشيخ أبو طاهر الجَوْهَري

المُحَسَّن بن محمد بن الحسن بن عبد الله ، أبو طاهر الجَوْهري الشيرازي الأصل البغدادي (٣٧٨ / ٩٨٨ ـ ٩٨٩) من ثقات شهود بغداد وذوي الفضل والوجاهة (٣٧٨).

٢٨ ـ الشيخ أبو الحسن الجَوْهري

علي بن محمد ، أخو المُحَسِّن الأصغر منه (٩٥ / ١٠٠٤) من ثقات مُقْرِئي بغداد وشهودها (٣٧٩).

٢٩ ـ الشريف أبو محمد ، ابن المأمون

تناظر مع هؤلاء الثلاثة في مجلس واحد. ويبدو من المناظرة أنّهم كلّهم كان لهم بصر بالفقه والحديث (٣٨٠).

١ ـ محمد بن الحسن بن الفَضْل بن العباس بن عبد الله (المأمون) ، أبو الحسن بن المأمون الهاشمي (بعد ٣٥٠ / ٩٦١).

محدِّث مات قديماً ، ولم يخرج عنه شيء من العلم.

٢ ـ (اخوه الأصغر) ـ محمد بن الحسن ... ، أبو الفضل ، ابن المأمون الهاشمي (٣١٠ / ٩٢٢ ـ ٣٩٦ / ١٠٠٦).

محدِّث ثقة ، وهو أشهر الأخوة الأربعة.

مات وله ست وثمانون سنة (٣٨١).

واظن ظنّاً قوياً أن المقصود هذا الثاني ، إذا لم أعثر على أبي محمد بن

__________________

(٣٧٧) التهذيب ، المزار (الزيارات) ٦ / ١٠٦ = ١٨٥ / ١.

(٣٧٨) تاريخ بغداد ، ١٢ / ١٥٥.

(٣٧٩) تاريخ بغداد ، ١٢ / ٩٥ ، غاية النهاية ، ١ / ٥٧٨ ـ ٥٧٩.

(٣٨٠) الفصول ، ١ / ١٣٤ ـ ١٣٦.

(٣٨١) تاريخ بغداد ، ٢ / ٢١٤ ـ ٢١٦ ، المنتظم ، ٧ / ٢٣٢ ، شذرات الذهب ، ٣ / ١٤٨ ، حول النسب جمهرة انساب العرب / ٢٤.


المأمون.

٣ ـ (اخرهما الأصغر منهما) ، محمد بن الحسن ... ، أبو بكر ، ابن المأمون الهاشمي (٣٨٢).

٤ ـ (اخوهم الأصغر) عبد الله بن الحسن ... ، أبو الحسين ، ابن المأمون الهاشمي (٣٨٣).

٣٠ ـ بعض مشايخ العبّاسيين

(وحضر الشيخ بُسِّر مَنْ رأى [سامراء ، المدينة العراقية ومرقد الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام] واجتمع عليه من العبّاسيين وغيرهم جمع كثير ، فقال له بعض مشايخ العباسيين) (٣٨٤).

٣١ ـ رجل من المتفقّهة يُعْرَف بالوَرْثاني

لعلّهُ : عبد الواحد بن بكر ، أبو الفرج الوَرْثاني الصوفي (٣٧٢ / ٩٨٢ ـ ٩٨٣) محدِّث مكثر رحّالة (٣٨٥).

وكانت المناظرة (في دار الشريف أبي عبد الله محمد بن محمد بن طاهر ، رحمه الله [راجع المناظرة = ٢٦] وجاء في المطبوع من الفصول : (وهو من فقهائنا) وهو تصحيف ، والصحيح : (من فقهائهم) وفي البحار : (فُهَمائهم) ، ويدّل على التصحيف المناظرة نفسها (٣٨٦).

٣٢ ـ الجراحي

أظّنه هو : علي بن الحسن بن علي القاضي أبو الحسن الجَرَّاحي

__________________

(٣٨٢) تاريخ بغداد ، ٢ / ٢١٤ ـ ٢١٥.

(٣٨٣) تاريخ بغداد ، ٩ / ٤٣٩ ، المجموع : تاريخ بغداد ٢ / ٢١٤ ـ ٢١٦ ، ٩ / ٤٣٩.

(٣٨٤) الفصول ، ٢ / ٢٧٧ ـ ٢٧٩ ، المناقب ، ١ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣.

(٣٨٥) الانساب ، الورقة ٥٨٠ / ٢ ، اللباب ، ٣ / ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ، معجم البلدان ، ٥ / ٣٧١.

(٣٨٦) الفصول ، ١ / ١٢ ـ ١٤ ، البحار ، ١٠ / ٤١٤ ـ ٤١٧ ، مجالس المؤمنين ، ١ / ٤٧٢ ـ٤٧٤ ـ ولم ترد العبارة فيه ـ.


البغدادي (٢٩٨ / ٩١٠ ـ ٣٧٦ / ٩٨٦) (٣٨٧).

المناظرة السابقة ومصادرها.

٣٣ ـ رجل من أصحاب الحديث ممّن يذهب إلى مذهب الكرابيسي الحسين بن علي الشافعي (٢٤٨ / ٨٦٢) ومذهبه يقرب من مذهب الأشعري (٣٨٨).

٣٤ ـ بعض القضاة في إبطال القياس

وكان قد سألهُ (في مجلس لبعض القضاة وكان فيه جمع كثير من الفقهاء والمتكلِّمين) (٣٨٩).

٣٥ ـ مناظرة للشيخ المفيد «مع مجلس الشيخ أبي الفتح عبيد الله بن فارس قبل أن يتولى الوزارة» (٣٩٠) مع جماعة من متفقّهة العامة في قولهم : (ان كل مجتهد مصيب).

ولا بدّ من أنّ ننبه على أمر يبدو من هذه المناظرات وتواريخ وفيات اشخاصها وما تشير إليه تواريخ الأحداث ، بالقدر الذي تمَكَّنْتُ من استخراجه وتعيينه : أنّ شيخنا المفيد رضي الله عنه كان يحضر المجالس ، ويزور الشخصيات اللامعة في البلد الذين يليق بهم ويليقون به إلى آواخر السبعينات

__________________

(٣٨٧) تاريخ بغداد ، ١١ / ٣٨٧ ، المنتظم ، ٧ / ١٣٠ ، تاريخ الاسلام (٣٥١ ـ١٣٨٠ / ٥٩٣ ـ ٥٩٤.

(٣٨٨) الفصول ، ١ / ٢٩ ، البحار ، ١٠ / ٤٢٤ ـ.

(٣٨٩) الفصول ، ١ / ٥٠ ـ ٥١.

(٣٩٠) ابو الفتح محمد بن فارس وابو عبيد الله [ابو عبد الله ـ ابو شجاع] محمد بن ابراهيم ، ولاّهما صمصام الدولة البويهي الوزارة بالاشتراك ، ولم تطل أيّامهما (تجارب السلف / ٢٤٧ ـ ٢٤٨ وفي مخطوطة أ(٢١٥) : (أبو عبيدالله محمّد بن الهيثم). (وكان ذلك ٣٧٥ / ٩٨٥ ـ ٩٨٦) ، أبو شجاع / ١١٩ ـ وفيه : ابو عبدالله ابن الهيثم ـ (وكان أبو الفتح محمّد بن فارس أحد من نظر في الوزارة أيّام صمصام الدولة أبي طاليجار بن عضد الدولة ...) (الهفوات النادرة / ٣٤٢ ، معجم الأدباء (١٥ / ٧).


من القرن الرابع.

ولكنا لم نعثر على مناظر له تأخرّ عن هذه الفترة الزمنية ، سوى القاضي عبد الجبار ، وقد مرّ في المناظرة نفسها أنّها كانت أيّام عضد الدولة والتي انتهت في أوائل السبعينات ، يبدو هذا بوضوح لمن استعرضها. وفي هذه دلالة على أنّ الشيخ المفيد قد سمت به شخصيّته في الثلاثين سنة الأخيرة من عمره الشريف وارتفع موقعه الاجتماع والمذهبي إلى الحدّ الذي أصبح بزار ولا يزور ويؤتى ولا يدور على المجالس التي كان يحضر أمثالها فيما سبق من عمره ، وعندها كان له مجلس نظر بداره بحضرة كافة العلماء من سائر الطوائف ـ كما مرّ في مفتتح ترجمته ـ. ومع الأسف الشديد لم يصلنا أيّ نبأ عن هذا المجلس المستمر قرابة ثلاثين عاماً ، وما كان يدور فيه من المناظرات. ومن الطبيعي أن يكون المفيد هو الذي البحث والنظر فيها ويشرف عليه ، والذي تنتهي إليه الحكومة فيما يقال وفيما يطرح ، أو كان إليه الرأي الأوّل والأخير ـ كما يقولون في أمثاله ـ ولو كان هناك سجلّ له ولامثاله من مجالس النظر لمتكلمينا الأبرار كالنوبختيين من قبله والشريف المرتضى وشيخ الطائفة من بعده. ويؤرخها ويذكر الاراء المطروحة فيها والمناقشات والمناظرات ، وما انتهت من نتائج علمية لوصلنا الخير والعلم الكثير. ولكنا ـ ولله الحمد ـ نعيش في (لَوْ) ونحلم بـ (لَوْ) ولم ننته إلى (قد) والعوامل ليست مجهولة.

٣٠ ـ كتبه ورسائله في الكلام والمناظرة.

كان شيخنا المفيد (كثير التصانيف في الاُصول ، والكلام ، والفقه) (٣٩١).

له أكثر من مائتي مصنّف (٣٩٢).

__________________

(٣٩١) تاريخ بغداد ، ٣ / ٢٣١ ، ميزان الاعتدال ، ٤ / ٢٦ ، الاعلام ، ٧ / ٢٤٥ ، هدية العارفين ، ٢ / ٦٢ ، معجم المؤلفين ، ١١ / ٣٠٦.

(٣٩٢) الطوسي ، الفهرست / ١٨٦ ابن داود / ٣٣٤ ، العلامة / ١٤٧ ، مجمع الرجال ، ٦ / ٣٣ ،


والذي يرجع منها إلى البحوث الكلامية والجدل والمناظرة :

١ + ٢ ـ (العيون والمحاسن) و (الفصول من العيون والمحاسن).

ألف الأوّل ثم اختصره في الكتاب الثاني ، وكلاهما ذكره النجاشي ، ولكن الشيخ الطوسي ذكر الثاني فحسب ، وألّف تلميذه الشريف المرتضى في حياة استاذه (الفصول المختارة من العيون والمحاسن).

قال في أوّله : (سألت ، أيّدك الله ، أن أجمع لك فصولاً من كتب شيخنا ومولانا المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، أدام الله عزه ، في المجالس ، ونكتاً من كتابه المعروف بـ (العيون والمحاسن) لتستريح إلى قراءته في سفرك ، وتنشر ذكره في مستقرّك وبلدك ...) ولم أتحقق السائل من هو.

ويبدو أن الشيخ آغا بزرك يرى أن (العيون والمحاسن) إنما هو الكتاب الذي يسمى بـ (الاختصاص) المطبوع ، إذ أنه حينما يصف النسخة المخطوطة من العيون يكون وصفه منطبقاً على الاختصاص ، وحجته في ذلك قول المفيد في فاتحة (الاختصاص) : (هذا كتاب الّفته (...) وأقحمته فنوناً من الاحاديث ، وعيوناً من الأخبار ومحاسن من الآثار ...) وقد ناقش هذه الحجة السيد محمد مهدي الخرسان وأثبت إنهما كتابان مختلفان مادة واسلوباً (٣٩٣).

٣ ـ اوائل المقالات في المذاهب والمختارات (مطبوع).

وقد ألّف الشيخ المفيد بعد هذا بطلب من تلميذه الشريف المرتضى.

الإعلام فيما اتفقت الإمامية عليه من الأحكام وجعله كتكملة لأوائل المقالات ، حيث أن المفيد في الأوائل ذكر ما اتفقت عليه الإمامية في

__________________

ميزان الاعتدال ، ٤ / ٣٠ ، العبر ، ٣ / ١١٤ ـ ١١٥ ، مختصر دول الاسلام ، ١ / ٢٤٦ ، لسان الميزان ، ٥ / ٣٦٨ ، شذرات الذهب ، ٣ / ٢٠٠ ، تاريخ التراث العربي ، ٢ / ٢٧٧ ، تاريخ الاسلام (احداث ٤١٣) ، سير أعلام النبلاء ، ١٧ / ٣٤٥.

(٣٩٣) طبقات اعلام الشيعة ، الرابع / ٢٥.


الاعتقادات (الاصول) وفي الإعلام ما اتفقوا عليه في الفروع (٣٩٤).

٤ ـ تصحيح الاعتقاد (مطبوع).

وهو تعليق على (اعتقادات الإمامية) للشيخ الصدوق.

٥ ـ جوابات الفيلسوف في الاتحاد.

٦ ـ (جوابات المسائل في لطيف الكلام) ويقال له : (اللطيف من الكلام).

فيه الكلام على الجوهر ، والعَرَض ، والفلك ، والخَلأ ، وأمثال ذلك (٣٩٥).

٧ ـ الكلام في المعدوم.

٨ ـ الكلام في المعدوم والرّدّ على الجُبَّائي.

[محمد بن عبد الوهاب ، أبو علي (٢٣٥ / ٨٤٩ ـ ٣٠٣ / ٦١٩) شيخ المعتزلة في عصره].

٩ ـ الكلام في الإنسان.

١٠ ـ الكلام في أنَّ المكان لا يَخْلُو من مُتَمَكِّن.

١١ ـ مسألة في الإرادة.

١٢ ـ مسألة في الأصلح.

١٣ ـ قضيّة العقل على الأفعال.

١٤ ـ المجالس المحفوظة في فنون الكلام.

١٥ ـ الرّدّ على الجاحظ في العثمانية.

[عمرو بن بَحْر ، أبو عثمان (١٦٣ / ٧٨٠ ـ ٢٥٥ / ٨٦٩) الأديب والمتكلم المعتزلي الشهير ، والعثمانية من أشهر آثاره التي ردّ عليها متكلمو الإمامية].

__________________

(٣٩٤) الذريعة ، ٢ / ٢٣٧ ، ٤٧٢ ـ ٤٧٣.

(٣٩٥) ـ ط تبريز ـ ايران ، ١٣٧١ /.


١٦ ـ النقض على الجاحظ في فضيلة المعتزلة.

(نقض فضيلّة المعتزلة للجاحظ) (٣٩٦).

١٧ ـ نقض فضيلة المعتزلة.

(ذكره النجاشي مضافاً إلى السابق ، ولعلّه كتاب آخر في النقض على الجاحظ ، أو على مؤلّف آخر يحمل كتابه نفس هذا الاسم).

١٨ ـ جوابات مقاتل بن عبد الرحمن عمّا استخرجه من كتب الجاحظ.

١٩ ـ مسألة الفَرْق بين الشيعة والمعتزلة ، والفصل بين العَدْلية منهما ، والقول في اللطيف من الكلام.

(ويقصد المتكلمون من لطيف الكلام المسائلَ الدقيقةَ الغامضةَ التي يحتاج فهمها والبحث حولها إلى دقة وعمق).

٢٠ ـ الرسالة المُقْنِعة : في وفاق البغدادييّن من المعتزلة لما روي عن الأئمّة رحمه الله.

٢١ ـ النقض على البلخي في خمسة عشر مسألة (نقض الخمسة عشر مسألة على البلخي ـ النجاشي).

[أبو القاسم الكعبي المعتزلي (٢٧٣ / ٨٨٦ ـ ٣١٩ / ٩٣١)].

٢٢ ـ الرّدّ على المعتزلة في الوعيد (مختصر على المعتزلة في الوعيد النجاشي).

٢٣ ـ الرّدّ على ابن كُلاَّب في الصِّفات.

[عبد الله بن سعيد بن محمد ، أبو محمّد بن كُلاَّب القَطَّان البغدادي (٢٤١ / ٨٥٥) عدّوه من متكلّمي السُّنّة ومن مثبتي الصفات الالهية ـ كما يقولون ـ على النهج الذي يقول به أهلُ الحديث من السُّنَّة ، وعنه أخذ الأشعري أراءه بعد أن رجع عن الاعتزال].

__________________

(٣٩٦) الذريعة ٢٤ / ٢٨٦ ، ٢٩٠.


٢٤ ـ الرّدّ على أصحاب الحلاّج.

[الحسين بن منصور (٢٤٤ / ٨٥٨ ـ ٣٠٩ / ٩٢٢) المتصّوف الشهير ، وصاحب الاراء المعروفة التي قتل أشنع قتلة لأجلها ، أو كانت ذريعة قاتليه تلك الاراء].

٢٥ ـ الرّدّ على الشَّعْبي.

[عامر بن شراحيل ، أبو عمرو الشَّعْبي (١٩ / ٦٤٠ ـ ١٠٣ / ٧٢١)].

المُحدِّث والرّاوية الشهير. اتّصل بعبد الملك بن مروان الخليفة الأموي (٢٦ / ٧٤٦ ـ الخلافة ٦٥ / ٦٨٥ ـ ٨٦ / ٧٠٥) فكان نديمه وسميره ومن أركان تثبيت سلطانه (٣٩٧).

٢٦ ـ كتاب في القياس.

وسماه آغا بزرك. (إبطال القياس) (٣٩٨).

٢٧ ـ كتاب في الإجماع.

٢٨ ـ نقض المَروانية.

كتب للجاحظ

١ ـ قال المسعودي : إنّ الجاحظ صنّف كتاباً ، وهو المترجم بكتاب (إمامة ولد العباس) (...) وصنّف كتاباً آخر المترجم بكتاب (العثمانية) (...) (ثم لم يرض بهذا الكتاب المترجم بكتاب العثمانية حتى أعقبه بتصنيف كتاب آخر في إمامة المروانية وأقوال شيعتهم ، ورأيته مترجماً بكتاب (إمامة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان) في الانتصار له من علي بن أبي طالب رضي الله عنه وشيعته الرافضة ، يذكر فيه رجال المروانية ، ويؤيد فيه إمامة بني اُمية ، وغيرهم [كتب المفيد = ٢٨].

__________________

(٣٩٧) الاعلام ، ٤ / ١٨ ـ ١٩ ، معجم المؤلفين ، ٥ / ٥٤ ، والمصادر المشار اليها فيهما.

(٣٩٨) الذريعة ، ١ / ١٧٠ ، ١٧ / ٢٢٠ ـ ٢٢١.


ثم صنّف كتاباً آخر ترجمه بكتاب (مسائل العثمانية) يذكر فيه ما فاته ذكره ونَقْضُه عند نفسه من فضائل أمير المؤمنين علي ومناقبه ...) [كتب المفيد = ١٧] (١).

٢ ـ قال المسعودي :

(ورأيت في سنة ٣٢٤ (٩٣٦) بمدينة طبريّة من بلاد الأردن من أرض الشام عند بعض موالي بني اُمية ممّن ينتحل العلم والأدب ، ويتحيّز إلى العثمانية كتاباً فيه نحو من ثلاثمائة ورقة ، بخطّ مجموع ، مترجم بكتاب (البراهين في إمامة الامويين) ونَشَر ما طوى من فضائلهم أبواب مترجمة ودلائل مفصَّلة ، يذكر فيه خلافة عثمان بن عفّان ، ومعاوية ، ويزيد ، ومعاوية بن يزيد ، ومروان بن الحكم ، وعبد الملك بن مروان ، ومن تلاه من بني مروان ، إلى مروان بن محمد بن مروان بن الحكم ، ثم يذكر عب الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك ، وأنّ مروان بن محمد نصّ عليه وعهد بالأمر بعده إليه ، وينسّق سائر من تملّك بالاندلس من بني أميّة من ولد عبد الرحمن المقدّم ذكرهم ، إلى سنة ٣١٠ (٩٢٢ ـ ٩٢٣) وذكر عبد الرحمن بن محمد الوالي عليها في هذا الوقت ، وهو سنة ٣٤٥ (٩٥٦ ـ ٩٥٧).

ووصف لكلّ واحد منهم فضائل ومناقب واُمور استحقّ بها الإمامة ، ونصوصَّاً على أسمائهم وأعيانهم ، وادّعى الأخبار المتواترة الجائية مجيء الاستفاضة ، وعزى ذلك إلى شيعة العثمانيّة ورجال السّفيانيّة وأنصار المروانيّة معارضاً لأهل الإمامة وهم جمهور الشيعة في المنصوص والنقل ، ومستدلاً على فساد أقاويل أصحاب الاختيار ، من المعتزلة والزّيديّة ، والخوارج ، والمرجئة ، والحشوية ، والنابتة ، ومناقضاً لأصحاب النّصّ على أبي بكر من أصحاب

__________________

(٣٩٩) وذكره (ابن) النديم بعنوان : كتاب امامة معاوية (الفهرست / ٢١٠) وبمثله قال ياقوت معجم الادباء ، ٦ / ٧٦) والدكتور محمد عبد المنعم الخفاجي ، ابو عثمان الجاحظ / ٢٩٢ = ٦٢.


الحديث ، والبيهيّة من الخوارج ، والبكرية أصحاب بكر بن أخت عبد الواحد ، وأتى بمسائل ومعارضات على من ذكرنا والزامات.

وذكر من بعد ذلك أخباراً من أخبار الملاحم الآتية ، والانباء الكائنة ، مما يحدث في المستقبل من الزّمان والآتي من الأيّام ، منظهور أمرهم ، ورجوع دولتهم ، وظهور السفياني في الوادي اليابس من أرض الشام ، في غسّان ، وقُضاعة ، ولَخّم ، وجذام ، وغاراته وحروبه ، ومسير الأمويين من بلاد الأندلس إلى الشام ، وأنّهم أصحاب الخيل الشّهب والرايات الصفر ، وما يكون لهم من الوقائع والحروب والغارات والزحوف ....) (٤٠٠).

ولا أدري أيهما الذي ردّ عليه المفيد ، وان كان الأقرب أنّه ردّ على الجاحظ ، لشهرته وتداول كتبه وانتشارها وخاصة في بلد المفيد.

٢٩ ـ الرّدّ على ابن عَوْن في المخلوق.

والظاهر أنّه محمد بن جعفر ، أبو الحسين بن عَوْن الأسدي.

٣٠ ـ النقض على ابن الجُنَيْد [الاسكافي] في اجتهاد الرأي.

٣١ ـ رسالة الجُنَيْدي إلى أهل مصر.

وهو ردّ على الرسالة التي كتبها ابن الجُنَيْد إلى أهل مصر (٤٠١).

٣٢ ـ الموضح في الوعيد.

٣٣ ـ مقابس الأنوار في الرّدّ على أهلِ الأخبار.

٣٤ ـ نهج البيان عن سُبُل الإيمان.

٣٥ ـ النقض على أبي عبد الله البصري [أحد أستاذي المفيد المعتزليَّيْن] كتابَه المتعة.

__________________

(٤٠٠) التنبيه والاشراف / ٢٩١ ـ ٢٩٢.

(٤٠١) راجع : المسائل السروية ، عدة رسائل / ٢٢٤ ، الذريعة ، ٥ / ١٨٧.


٣٦ ـ الرّدّ على أبي عبد الله البصري في تفضيل الملائكة على الأنبياء.

٣٧ ـ جواب الكرماني في فضل النبيِّ ، صلّى الله عليه وآله وسلّم ، على سائر الانبياء رحمه الله.

لم أجد للكرماني ترجمة ولا ذكرا سوى ما ذكره الحاكم الجُشمي وابن المترضى المعتزليان من قولهما : (ومن أصحابهم المعتزلة الذين هم في طبقة القاضي عبد الجبار (٣٢٠ / ٩٣٢ ـ ٤١٥ / ١٠٢٥) أبو الحسن الكرماني) (٤٠٢).

٣٨ ـ مسألة في معرفة النبيِّ ، صلّى الله عليه وآله وسلّم ، بالكتابة.

٣٩ ـ مسألة في انشقاق القمر وتكليم الذّراع [للنبيّ ، صلّى الله عليه وآله وسلّم].

٤٠ ـ مسألة المعراج.

٤١ ـ الردّ على القُتَيْبيّ (على ابن قُتَيْبة ـ الطوسي) في الحكاية والمحكيّ [= ٤٩ / ١].

عبد الله بن مسلم القُتَيْبيّ ، أبو محمد بن قُتَيْبة الدِّينَوَري (٢١٣ / ٨٢٨ ـ / ٢٧٦ ٨٨٩) الأديبَ ، المحدِّث ، المتكلم ، والمُؤرخ. و (الحكاية والمحكي) (٤٠٣).

٤٢ ـ الكلام في وجوه إعجاز القرآن. /

٤٣ ـ البيان في تأليف القرآن.

٤٤ ـ الكلام في دلائِل القرآن.

٤٥ ـ البيان عن غَلَط قُطْ رُب في القرآن.

محمد بن المُستَنير بن أحمد ، أبو علي البصري المعتزلي (٢٠٦ / ٨٢١) الأديب ، النحوي ، اللغوي ، وتلميذ النظام (٤٠٤).

__________________

(٤٠٢) شرح العيون (فضل الاعتزال ...) / ٣٩١ ، المنية والأمل / ١٩٩.

(٤٠٣) ذكره له (ابن) النديم / ٨٦ ، هدية العارفين ، ١ / ٤٤١.

(٤٠٤) الاعلام ، ٧ / ٣١٥ ، معجم المؤلفين ، ١٢ / ١٥ ـ ١٦.


٤٦ ـ الكلام في حدوث القرآن.

٤٧ ـ الرّدّ على الجُبَّائي في التفسير.

[محمد بن عبد الوهاب ، أبو علي (٢٣٥ / ٨٤٩ ـ ٣٠٣ / ٩١٦) شيخ المعتزلة في عصره ، وتفسيره من أشهر آثاره].

٤٨ ـ الرّدّ على الزيديّة.

٤٩ ـ ٥١ ـ المسائل الجارودية (المسائل الزيدية ـ النجاشي).

في انّ الإمامة في ولد الحسين بن علي ، عليهما السلام.

وهي مناقشات أثارها الجارودية ـ من أشهر فرق الزيدية ـ بصورة خاصة ، والزيديّة عامة حول عقيدة الإمامية في أنّ الإمامة بعد الحسين عليه السلام تنحصر في ولده خاصة ، وفي نفس الموضوع ـ أي النقاش مع الجارودية ـ رسالة المفيد الاُخرى : (الثقلان) ورسالته الثالثة في تفضيل أمير المؤمنين ، عليه السلام ، على جميع الانبياء ، عليهم السلام ، عدا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، والكتب الثلاثة مطبوعة (٤٠٥).

٥٢ ـ الرّدّ على ابن الإخشيد في الإمامة.

أحمد بن علي بن بيغجوُر ، أبو بكر بن الإخشيد ، أو : الإخشاد البغدادي (٢٧٠ / ٨٨٣ ـ ٣٢٦ / ٩٣٦) من مشهوري متكلمي المعتزلة وأحد رؤسائهم ، تتلّمذ على جماعة منهم أبو هاشم الجُبَّائي. ومنه أخذ الرّمّاني أحد شيخي المفيد في الكلام من غير الإمامية وقد تقدم ذكره (٤٠٦).

٥٣ ـ النقض على جعفر بن حرب [المعتزلي البغدادي (١٧٧ / ٧٩٣ ـ

__________________

(٤٠٥) المسائل الجارودية ـ عدة رسائل / ١٦٦ ـ ١٧٣ ، الثقلان ـ عدة رسائل / ١٧٦ ـ ١٨٠ ، التفضيل ـ عدة رسائل / ٢٠٠ ـ ٢٠٦.

(٤٠٦) (ابن النديم / ٢٢٠ ـ ٢٢١ ، تاريخ بغداد ، ٤ / ٣٠٩ ، الوافي بالوفيات ، ٧ / ٢١٦ ، الفصل لابن حزم ، ٤ / ٢٠٣ ، لسان الميزان ، ١ / ٢٣١ ، الاعلام ، ١ / ١٦٥ ، معجم المؤلفين ، ١ / ٣٢٠.


٢٣٦ / ٨٥٠)] في الإمامة.

٥٤ ـ النقض على علي بن عيسى الرُّمَّاني [ثاني أستاذي المفيد المعتزليَّيْن] في الإمامة.

٥٥ ـ النقض على الواسطي.

[محمد بن زيد بن علي ، أبو عبد الله الواسطي البغدادي (٣٠٧ / ٩١٩) متكلم معتزلي من تلاميذ أبي علي الجُبَّائي ، له كتب منها] (٤٠٧).

٥٦ ـ الرّدّ على الكرابيسيّ في الإمامة [راجع = ٤٠].

٥٧ ـ الإيضاح في الإمامة.

٥٨ ـ الإفصاح في الإمامة (مطبوع).

٥٩ ـ كتاب في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام من القرآن.

٦٠ ـ مسألة في النّصّ الجليّ [على أمير المؤمنين عليّ ، عليه السلام].

٦١ ـ العُمْدَة في الإمامة.

٦٢ ـ المُقْنعة في إمامة أمير المؤمنين ، عليه السلام.

٦٣ ـ النقض على النَّصِيبي في الإمامة.

إبراهيم بن علي بن سعيد بن علي بن زَوْبَعَةَ أبو إسحاق النَّصِيبي / النَّصِيبيني المتكلم المعتزلي ، يُلَقّب بمُقْعَدة تلميذ جُعلَ [أبي عبد الله البصري ، أحد أستَاذي المفيد المعتزليين (٤٠٨).

وقال فيه أبو حيان التوحيدي : (دقيق الكلام ، يشك في النبوات كلّها ،

__________________

(٤٠٧) الإمامة ـ الاعلام ٦ / ٣٦٧ ، معجم المؤلفين ، ١٠ / ١٣ ، والمصادر المشار إليها فيهما.

(٤٠٨) المقابسان / ١٥٩ ، المنتظم ، ٧ / ١٧٩ ـ حيث جاء اسمه كاملا في سند حكاية ، اخلاق الوزيرين / ٢١١ ـ الهامش ، نشوار المحاضرة ، ١ / ٩١ ، ٢ / ٢٠٢ ، ٥ / ٢١ ، الفرج بعد الشدة ، ٣ / ٣٧١ ، ٣٧٤ ، وذكره الحاكم الجشمي وابن المرتضى المعتزليان في طبقة القاضي عبد الجبار (٣٢٠ / ٩٣٢ ـ ٤١٥ / ١٠٢٥) وقالا : (يرجع إلى فضل غزير) (شرح العيوم (فضل الاعتزال) / ٣٧٨ ، المنية والأمل / ١٩٦).


ولقد سمعت منه فيها شبهات (الامتاع والمؤانسة ١ / ١٤١ ، وذكر مثله في أخلاق الوزيرين / ٢٩٧ ، وطعن في خلقه ودينه أشد الطعن ، وقال : وكان من أفسق الفاسقين).

ثم حكى أشياء (٤٠٩).

٦٤ ـ نقض كتاب الأصمّ في الإمامة.

[عبد الرحمن بن كَيْسان أبو بكر الأصم البصري المعتزلي (٢٠٠ / ٨١٦) كان معروفاً بعداء أمير المؤمنين عليه السلام].

٦٥ ـ الرّدّ على الخالدي في الإمامة.

ابراهيم بن محمد بن شهاب ، أبو الطَّيب الخالدي العطار البصري ثم البغدادي الحنفي المتكلّم (ح ٢٧٢ / ٨٨٥ ـ ٣٥٦ / ٩٦٧) الذي جمع إلى القول بالاعتزال القول بالإرجاء الشديد (٤١٠).

قال الخطيب : أحد متكلمي المعتزلة ، وحكى عن محمد بن عمران المرزباني انه قال : كان أحد مشايخ المتكلمين والفقهاء على مذاهب العراقيين توفي في ربيع الثاني / ٣٥٦ عن أربع وثمانين أو : خمس وثمانين.

٦٦ ـ الرّدّ على ابن رشيد في الإمامة.

لم أجد له ترجمة ولا ذكراً ، سوى أن أبا حيان التوحيدي ذكر جماعة من المتكلمين حضروا مجلس الوزير ابن الفرات سنة ٣٢٦ / ٩٣٧ وذكر منهم : ابن رشيد ، والخالدي ، وابن الإخشاذ ، وابن أبي بشر ، (أبو الحسن الأشعري) ،

__________________

(٤٠٩) راجع اخلاق الوزيرين / ٢١١ ـ ٢١٣.

(٤١٠) (ابن) النديم / ٢٢١ ، فضل الاعتزال / ٣٢٤ ، المنية والأمل / ١٩٣ ، الشهرستاني ، ١ ١٣٩ / ، هدية العارفين ، ١ / ٦ ، معجم المؤلفين ، ١ / ٩٦ ـ ٩٧ ، ايضاح المكنون ، ٢ / ٤٢٩ ، التونكى ، معجم المصنفين ، ٤ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦ ، تاريخ بغداد ، ٦ / ١٦٧ ، لسان الميزان ، ١ / ٩٧ ، الاعلام ـ ط ٤ ـ ١ / ٦١.


وجماعة آخرين (٤١١).

جاء : سعيد بن محمد بن سعيد ، أبو رشيد النيسابوري ، له (كتاب المسائل في الخلاف بين البصريين والبغداديين في الكلام في الجوهر ، طبع بليدن ١٩٠٢ مع الترجمة الالمانية لأرثر بيرم.

ويذكر المؤلف في ص ٣٥ منه ان تلميذ الكعبي البلخي (٤١٢).

٦٧ ـ النقض على غلام (وفي بعض المصادر : علاّم) البَحْراني (وفي بعضها : النَّجْراني) في الإمامة.

ولعله تصحيف أبي القاسم البحراني فقد جاء ذكره في ضمن ترجمة أبي عبد الله البصري ، أحد استاذي المفيد المعتزليين ، ووصف بأنّه (صاحب أبي عبد الله البصري) (فضل الاعتزال وذكر المعتزل / ٣٢٦) والمقصود بالصحبة هنا هي الصحبة العلمية ، لا الصحبة بمعناها العام ، وقد جاء نظيرها في المصدر / ٣٣٢.

٦٨ ـ النقض على ابن عبّاد في الإمامة.

هكذا جاء عند شيخ الطائفة الطوسي (٤١٣).

وذكر المحقق عباس إقبال في هامش المعالم : أنّ في أصل النسخة : (النقض على عليّ بن عباد) وقال آغا بزرك في الذريعة ، ٢٤ / ٢٨٨ : أنّ هذا إنّما جاء في بعض نسخ المعالم. فإنّ صحّ أنّ الصورة الصحيحة لاسم كتاب المفيد : (لنقض على ابن عباد) فالظاهر أنّ المقصود منه : إسماعيل بن عبّاد

__________________

(٤١١) الإمتاع والمؤانسة ، ١ / ١٠٧ ـ ١٠٨ ، معجم الادباء ، ٣ / ١٠٥ ـ ١٠٦.

(٤١٢) راجع : دكتر محقق ، محمد بن زكرياى رازي / ٢٢ ، ٤٦١ وراجع : سزكين ، ٢ / ٤١٤ فانه يترجم له ويذكر انه من تلاميذ القاضي عبد الجبار وبعد موته جلس مجلسه ، وما نشر جزء من كتابه المخطوط : (المسائل في الخلاف بين البصريين والبغداديين) وجاء ذكره في معجم المؤلفين ، ٤ / ٢٣٠ (٤٠٠ / ١٠٠٩) وترجم له حاكياً عن بروكلمان ، ١ / ١٩٦ ـ ١٩٧.

(٤١٣) في الفهرست / ١٨٧ ، والنجاشي / ٣١٢.


ابن العبّاس ، أبو القاسم الصاحب بن عَبَّاد الطالقاني (٣٢٦ / ٩٣٨ ـ ٣٨٥ / ٩٩٥) الوزير والاديب والمتكلّم الشهير (٤١٤).

وابن عبّاد قد تنازعته المعتزلة والزيدية والإمامية ، فعامة المترجمين له من الإمامية قد عدّوه من أنفسهم ، وردّوا على من نسبه إلى غيرهم (٤١٥).

وراجع حول الأقوال في مذهبه : الشيخ محمد حسن آل يس ، الصاحب ابن عباد (٦٩ / ٨٦). إلاّ أنّ الشريف أبا القاسم علي بن طاوس الحسني الحلي (٥٨٩ / ١١٩٣ ـ ٦٦٤ / ١٢٦٦) عدّه من غير الإمامية ، وقال : (وإنْ كان في تصانيفه ما يقتضي موافقة الشيعة في الاعتقاد ، لأننا وجدنا شيخ الإمامية في زمانه المفيد محمد بن النعمان ، قدّس الله روحه ، قد نسب إسماعيل بن عبّاد إلى جانب المعتزلة في خطبة كتاب (نهج الحق) وكذلك رأينا المرتضى ، نوّر الله ضريحه ، قد نسب إسماعيل بن عبّاد إلى جانب المعتزلة في كتاب (الانصاف) الذي ردّ فيه على ابن عبّاد الذي يتعصّب للجاحظ) (٤١٦).

ويقول فيه الرافعي : (... لولا أنَّ بدعة الاعتزال وشنعة التشيّع شّانا

__________________

(٤١٤) ويحتمل احتمالا غير مدفوع بيقين أنه مَعْمُر بن عبّاد ، البصري ، ثم البغدادي (٢١٥ / ٨٣٠) من أعلام المعتزلة انفرد بمسائل ، وله مع النّظام مناظرات. واليه تُنْسب (المعْمرية) من المعتزلة ، ووصف بالمغالاة في الاعتزال. (الاعلام ط ٤ ـ ٧ / ٢٧٢). معمر بن عباد ، ابو المعتمر (أبو عمرو) ، وعده ابن النديم من المعتزلة الذين الفوا الكتب ، وذكر خمسة من كتبه ابن النديم ٢٠٧ و ٢٢٠ سير اعلام النبلاء ١٠ / ٥٤٦ المنية والأمل ١٥٥ ـ ١٥٦ فضل الاعتزال وذكر المعتزلة ١٧١ و ٢٦٦ و ٢٧٠ تاريخ الاسلام (٢١١ ـ ٢٢٠) ٤١٣ ـ ٤١٤ ، الشهرستاني ١ / ٦٥ ـ ٦٨ ، الانساب ٥٣٧ / أاللباب ٣ / ٢٣٧ لسان الميزان ٦ / ١٧١ وحيث ان الكتاب لم يصلنا لم يمكنا الجزم بمضمونه.

(٤١٥) راجع معالم العلماء / ٨ ، أمل الأمل ، ٢ / ٣٤ ـ ٣٩ ، روضات الجنات ، ٢ / ١٩ ـ ٤٣ ، مجالس المؤمنين ، ٢ / ٤٤٦ ـ ٤٥٢ ، الكنى والالقاب ، ٢ / ٤٠٣ ـ ٤٠٩ ، الغدير ، ٤ / ٤٠ ـ ٨١ ، اعيان الشيعة ، ١١ / ٢٣١ ـ ٣٧٤.

(٤١٦) اليقين / ١٧٤ ، الذريعة ، ٢٥ / ٢٨١ ـ ٢٨٢.


وجه فضله ...) (٤١٧).

وهناك من يذهب إلى أنّ الصاحب كان زيدياً ، والتوحيدي ينسب إليه هذا المذهب (٤١٨).

وقد نشر له الدكتور ناجي حسن (نصرة مذاهب الزيدية) (٤١٩) وهو أمال للصاحب أملاها على كاتب فدوّنها ، وهي تبحث عن الموارد التي اختلف فيها الإمامية والزيدية ، وفي الكتاب ينصر الصاحب رأي الزيدية ، والكتاب وصلنا من طريق الزيدية أنفسهم ، وأنا أرى أن الصاحب كان في أوّل أمره زيدياً ثم تحوّل فصار إمامياً ، إلاّ أنّ جميع ما وصلنا من كتب الصاحب وآثاره في اُصول الدين والعقائد إنّما كتبه بالروح الاعتزالية ، ولهذا لم أعدّه من متكلمي الإمامية. وهو ملحق بالمعتزلة لأنّ آثاره الكلامية اعتزالية صرفة إن صحّت نسبتها إليه.

* * *

وقد أعاد الدكتور ناجي حسن طبع هذا الكتاب ببيروت ، بعنوان (الزيدية) للصاحب بن عباد (٣٢٦ ـ ٣٨٥) الدار العربية للموسوعات ، بيروت ، ط ١ ـ ١٩٨٦ ، ووصف نفسه في لوحة الغلاف : استاذ ومساعد في التاريخ الإسلامي ، ولم يعرض في المدخل لا في الطبعة البغدادية ولا في الطبعة البيروتية لتوثيق نسبة الكتاب إلى الصاحب ، ولم يصف المخطوطة أو المخطوطات التي اعتمد عليها ، وإنّما أرسله ارسالاً مُسلّماً به.

وأنا أشكّ في صحة النسبة ، إن لم اُرجّح عدم صحتها. بل الذي اُرجّحه إنّه عمل أحمد التالين :

__________________ ـ

(٤١٧) التدوين في اخبار قزوين ، ٢ / ٢٩٣.

(٤١٨) اخلاق الوزيرين / ١٦٧.

(٤١٩) بغداد ، مطبعة الجامعة ١٣٩٥ / ١٩٧٥.


١ ـ أحمد بن الحسين بن هارون بن الحسين ، أبو الحسين الهاروني الحسني ، المؤيَّد بالله الزيدي (٣٣٣ / ٩٤٥ ـ ٤١١ / ١٠٢١) قام بالإمامة في الجبل والديلم ، وتسمّى بالمؤيَّد بالله (٤٢٠).

وكان أبو الحسين هذا إمامياً من اُسرة إماميّة ثم انتقل إلى الزيدية لعلّه يشير إليها شيخ الطائفة في مقدمة التهذيب ، ويقول المترجمون له من الزيديّة إنّه كان هو وأخوه أبو طالب الهاروني الآتي ذكره إماميَّيْن من أب إمامي ، ثمّ انتقلا إلى الزيدية. ولا اقتنع أنا بأنّ الباعث للانتقال هو ما يشير إليه شيخ الطائفة. ولعلّه البحث عن (ايديولوجية) والتبني لفلسفة بإمكانها أسناد الثورة ودعوى الإمامة ، وقد عثرا عليها في الزيدية! كما قلت في مثله عندما ترجمت للمناصر الزيدي.

٢ ـ أخوه يحيى بن الحسين ، أبو طالب الهاروني الحسني ، الناطق بالحق ، الزيدي (٣٤٠ / ٩٥١ ـ ٤٢٤ / ١٠٣٣) وكان قد قرأ على الشيخ أبي عبد الله المفيد في جملة من قرأ عليهم (٤٢١). وقام بالإمامة بعد موت أخيه (٤٢٢). ولعلّ البحث المقارن بين ما جاء في الكتاب الذي نشره ناجي حسن وبين أراء أبي طالب هذا يرجح نسبة الكتاب إليه. ولا مجال هنا لتفصيل أكثر من هذا.

* * *

والظاهر أيضاً أن شيخنا المفيد ردّ بكتابه هذا على ابن عبّاد في (كتاب الإمامة) الذي ذكره له (ابن) النديم وغيره ووصفوه بقولهم : (يذكر

__________________

(٤٢٠) الحدائق الوردية ، ٢ / ٦٥ ـ ٦٧ ، ومصادر اخرى.) فقد ذكر سزكين من كتبه : (كتاب في نصرة مذاهب الزيدية) (سزكين ـ ط القاهرة ـ ٢ / ٣١٢ ـ ٣١٣ = ط السعودية ، ١ ـ ٣ / ٣٤٩ ـ ٣٥١).

(٤٢١) معجم البلدان ، ٤ / ٦١٢ ، الانساب ، ١١٤ / ٢ و ٢١٤ / ١.

(٤٢٢) الحدائق الوردية ، ٢ / ٨٨ ـ ٩٠ ، تاريخ طبرستان لابن اسفنديار ص ١٠١.


فيه تفضيل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [عليه السلام] وتثبيت إمامة من تقدّمه)

٦٩ ـ المسائل العشرة في الغيبة (مطبوع).

٧٠ ـ الجوابات في خروج المهدي عليه السلام.

٧١ ـ النقض على الطَّلْحي في الغيبة.

[لعلّه : محمد بن علي بن عيسى القمي ، يعرف بالطَّلحي (كان وَجْهاً بقم وأميراً عليهامن قبل السلطان [أي الدوَّلْة] وكذلك كان أبوه. له مسائل لأبي محمد العسكري ، عليه السلام [(٢٣٢ / ٨٢٧ ـ ٢٦٠ / ٨٦٨)] (٤٢٣).

٧٢ ـ مسألة في معنى قوله ، صلّى الله عليه وآله وسلّم : (إني مُخلَّف فيكم الثّقلَيْن) (النجاشي) ولعله نفس = ٥٠ (الثقلان).

٧٣ ـ كتاب في قوله ، صلّى الله عليه وآله وسلّم : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى).

٧٤ ـ المسألة في اقضى الصّحابة.

٧٥ ـ مسألة في معنى قول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : (اصحابي كالنّجوم).

٧٦ ـ مسألة في ميراث النبىّ ، صلّى الله عليه وآله وسلّم.

٧٧ ـ الرّدّ على العتيقي (وقد يذكر في بعض النسخ غير المتأكد من صحتها : العقيقي وفي بعض نسخ النجاشي المخطوطة : النَّسَفي) في

__________________

(٤٢٣) الفهرست / ١٥٠ ، ابن خلكان ، ١ / ٢٣٠ ، الوافي بالوفيات ، ٩ / ١٣٨ ، معجم الادبا ، ٢ / ٣١٥ ، هدية العارفين ، ١ / ٢٠٩.

(٤٢٤) النجاشي ٢٨٧ ، الطوسي الفهرست / ١٧٥ ، مجمع الرجال ٥ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ، ابن داود / ٣٢٥ ـ ٣٢٦ ، العلامة / ١٦٠ ، نقد الرجال / ٣٢٣ ، جامع الرواة / ٢ / ١٥٥ ، تنقيح المقال ، ٣ ـ ١ / ١٥٨ ، معجم رجال الحديث ، ١٦ / ٣٧٨ ـ ٣٧٩ فلعلّه بعد وفاة العسكري عليه السلام ألّف في الغيبة كتاباً وجد فيه المفيد ما يلزم أن يردّ عليه فنقضه.


الشورى.

ولم أتحقق من الكتاب ولا مؤلفه ، إلاّ إني عثرت على أربعة كتب سميّت بهذا الاسم ـ كتاب الشورى (٤٢٥) ـ اثنان منها لا يمتنع أن يكون فيهما ما يوجب للمفيد أنْ ينقضه :

أ ـ (كتاب الشورى) تأليف محمد بن عبد الواحد ، أبي عمر الزّاهد المُطَرِّز الباوَرْدي ثم البغدادي ، المعروف بغُلاَم ثَعْلَب (٢٦١ / ٨٧٥ ـ ٣٤٥ / ٩٥٦) وقد اشتهر عنه موالاة معاوية بن أبي سفيان وإبنه يزيد وغُلوّهُ في حبهما والدِّفاع عنهما ، وله تأليف في ذلك (٤٢٦).

ب ـ (الشورى) تأليف أحمد بن محمد بن سعيد ، الحافظ أبي العباس ابن عُقْدَة الكوفي (٢٤٩ / ٨٦٣ ـ ٣٣٢ / ٩٤٤) المحدِّث الزيديّ الشهير ، والذي كان يخالط الإمامية ويؤلف لهم أيضاً (٤٢٧).

والأول من هذين هو الأقرب إلى أن يكون كتاب المفيد نَقْضاً له إن صحّ إنه نقض لأحدهما.

وأما (العتيقي) فإن ّ من عثرت عليه ممن يمكن أن يؤلف كتاباً يجد فيه المفيد ما يلزم نقضه ، فهو محمد بن أحمد بن محمد بن منصور ، أبو العباس الرُّويَاني ـ ورويان من بلاد طبرستان ـ العتيقي (٣٣١ / ٩٤٢ ـ ٩٤٣ ـ ٤١٣ / ١٠٢٢) فقيه أهل طرسوس ومفتيهم ، وفي أواخر عمره سكن بغداد (٤٢٨).

وابنه أبو الحسن أحمد (٣٦٧ / ٩٧٧ ـ ٤٤١ / ١٠٤٩) أحد ثقات الحفاظ

__________________

(٤٢٥) راجع الذريعة ، ١٤ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦.

(٤٢٦) وذكر الكتاب في (ابن) النديم / ٨٣ ، وابن خلكان ، ٤ / ٣٣٠ ، ومعجم الادباء ، ٧ / ٢٦ ـ ٢٩ ، وكشف الظنون ، ٢ / ١٤٣١.

(٤٢٧) والكتاب ذكره الطوسي ، في الفهرست / ٥٣ ، والنجاشي / ٧٤ ، والذريعة ، ١٤ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦ ، ايضاح المكنون ، ٢ / ٣٠٦.

(٤٢٨) تاريخ بغداد ، ١ / ٣٥٣.


المكثرين (٤٢٩).

والأب هو الذي عاصر الشيخ المفيد ، غير أني لم أجد له كتاباً بهذا الاسم ، وأما على نسخة (النسفي) وأنا أشك في صحة هذه النسخة ، فإنّه قد جاء في الأنساب ٧ / ٢٨٠ ذكر شيخ كان يقال له : أحمد بن محمد بن عبد العزيز ، وكان معتزلياً من رجال القرن الرابع / العاشر.

٧٨ ـ كتاب في تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام على سائر أصحابه ، صلّى الله عليه وآله وسلّم. ٧٩ ـ تفضيل الأئمة عليهم السلام على الملائكة.

٨٠ ـ الكلام في الخبر المُخْتَلَق بغير أثر.

٨١ ـ جواب المسائل في اختلاف الأخبار.

٨٢ ـ رسالة في الردّ على البْاقِلاَّني.

وهى في الأصل مناظرة وقعت بين الشيخ المفيد والقاضي الباقلاّني حول النّصّ على أمير المؤمنين ، عليه السلام بالإمامة ، وقد ذكرناها ضمن مناظرات الشيخ المفيد مع الباقِلاّني (= ١٣ / ١) افردت في رسالة طبعت في النجف الأشرف ـ المطبعة التجارية.

٨٣ ـ مسألة في (مَنْ مات ولم يعرف إمام زمانه) ـ النجف الأشرف ١٣٧٠.

٨٤ ـ رسالة في تحقيق لفظ (المَوْلَى) ـ النجف الأشرف ـ المطبعة التجارية.

٨٥ ـ رسالة في سبب استتار الحجّة ـ النجف الأشرف ١٣٧٠.

٨٦ ـ مختصر في الغيبة ـ النجف الأشرف ١٣٧٠.

٨٧ ـ مسألة في الغيبة ـ النجف الأشرف ١٣٧٠.

__________________

(٤٢٩) تاريخ بغداد ، ٤ / ٣٧٩ ، الانساب ، ٩ / ٢٣٣.


٨٨ ـ النُّكَت الاعتقادية ـ بغداد ، ١٣٤٣ (٤٣٠).

٨٩ ـ الكامل في علوم الدين.

٩٠ ـ الأركان في دعائم الدين.

يقول شيخنا المفيد : (أخطأت المعتزلة والحشوية فيما ادعوه علينا من خلاف جماعة أهل مذهبنا في استعمال المناظرة ، وأخطأ من ادّعى ذلك من الإمامية أيضاً وتجاهل ، لأنّ فقهاء الإماميّة ورؤساءهم في علم الدين كانوا يستعملون المناظرة ويدينون بصحّتها ، وتلقَّى ذلك عنهم الخلف ودانوا به ، وقد اشبعت القول في هذا الباب ، وذكرت اسماء المعروفين بالنظر وكتبهم ومدائح الأئمة عليهم السلام لهم في كتابي (الكامل في علوم الدّين) وكتاب (الأركان في دعائم الدّين) ...) (٤٣١).

٣٠ ـ أجوبة المسائل

واقصد منها ، الأسئلة التي وجهت إلى المفيد خاصة ، فأجاب عنها ، سواء أكانت موجهة من قبل السائل نفسه أم بعثها إليه آخر يسألهُ عنها ، لا المسائل التي كانت مثارة وغير موجهة إلى شخص معيّن. وأجوبة المسائل هذه وإن لم يعد كلها إلى الموضوعات الكلامية ، إلاّ أن الغالب عليهأ ـ بالطبع ـ روح الجَدل والنظر والردّ على المخالف ومناقشته.

وإنّما استوعبتها كلّها في هذه القائمة لأنّها تدّل ـ أولاً ـ على جانب هام من شخصية المفيد وتبيّن مدى ما كان يتمتع به من شهرة علمية ومرجعية عامة ، لا في الوسط الذي كان يعيش فيه فحسب ، بل في عامة البلاد الإسلامية يومذاك ، وتدل ـ ثانيأ ـ على أماكن تواجد الشيعة الإمامية يومذاك والذي قد أغفلته عامة المصادر التي وصلتنا.

__________________

(٤٣٠) راجع حولها ، الذريعة ، ٢٤ / ٣٠٢.

(٤٣١) الفصول المختارة ، ٢ / ٢٨٤ ـ ولم يأت لأولهما ذكر في الذريعة ، أما الثاني فمذكور في ١ / ٥٢٥. وذكرهما ابن شهر اشوب في معالم العلماء / ١٠١.


١ ـ المسائل الصَّاغَانيَّة

وهي إجابة عن كتاب وُجِّه إليه من صاغان [قرية بمرو ـ خراسان] وقد تسمى (جاغان) (٤٣٢).

يتضمن ذكر مطاعن طعن بها فقيه حنفي على الإمامية وفقههم (مطبوع) (٤٣٣).

جاء في أوّلها : (فقد وقَفْتُ ، أدام الله عزَّك ، على ما ذكرت عن بناحيتك من أصحاب الرأيّ [اتباع المذهب الحنفي] وما هو عليه من التحريك في عداوة أولياء الله منهم ، والتبديع [النسبة إلى البدعة] لهم فيمايذهبون إليه من الأحكام المأثورة عن أئمة الهدى ، عليهم السلام ، وأنّه قد لح بذكر عشر مسائل عَزَى إليهم فيها أقوالاً قصد بها التشنيع وحكم عليهم بها بالضلالة (...) وسألت بعد ذكرك في كتابك (...) أن أقفك على الحقيقة من ذلك ...).

٢ ـ الأجوبة عن المسائل الخوارَزْميّة

خوارَزْم : منطقة كبيرة تقع في شمال خراسان ـ الكبرى يومذاك لا الحالية التي لا تمثل إلاّ جزءاً صغيراً منها ـ في الجانب الشرقي لنهر جيحون (٤٣٤).

٣ ـ جوابات المسائل النيسابورية

[نيسابور ، من أشهر مدن خراسان ، ولا تزال عامرة تحمل نفس الاسم] أشار إليها في المسائل السروية (٤٣٥).

٤ ـ جوابات أبي الحسن النيسابوري

هكذا جاء عند النجاشي ، ولعلّها نفس جوابات المسائل النيسابورية التي لم يذكرها النجاشي.

__________________

(٤٣٢) معجم البلدان ، ٣ / ٣٨٩ ، الانساب ، ٨ / ٢٥٢ الخلافة الشرقية ـ بالانجليزية ـ / ٣٩٢.

(٤٣٣) وراجع عدة رسائل / ٢٣٤ ـ ٢٤٢.

(٤٣٤) معجم البلدان ، ٢ / ٣٩٥ ـ ٣٩٨ ، بلدان الخلافة الشرقية / ٤٤٣ ، ٤٤٦ ـ ٤٥٩.

(٤٣٥) عدة رسائل / ٢٢٣.


٥ ـ جوابات أهل طبرستان (جوابات المسائل الطبرية).

٦ ـ جوابات المسائل المازندرانية.

أشار إليها في المسائل السروية (٤٣٦).

٧ ـ جوابات أهل جرجان في تحريم الفُقَّاع.

٨ ـ جوابات المسائل الجُرْجانية.

وهي غير التي سبقتها.

٩ ـ المسائل السروية.

[سارية ـ وتسمّى اليوم ساري ـ مركز مقاطعة مازندران] (٤٣٧).

يقول فيها : (فقد وصلني المدرج المنطوي على المسائل من جهة السيد الشريف الفاضل أطال الله عمره ووقفت على جميعها ، وضاق المدرج عن إثبات أجوبتها ، فأمليت ذلك في كتاب مفرد (المسألة الاولى) ما قول الشيخ المفيد أدام الله بقاه وتأييده وعلاه ، وحرس معالم الدين بحياطة مهجته ، وأقرّ عيون الشيعة بنضارة أيامه ...) وهي كلها حول مباحث كلامية.

١٠ ـ جوابات المسائل الشيرازية.

وشيراز مدينة شهيرة تقع مركز أقليم فارس في الجنوب الشرقي من إيران. وجاء اسم الكتاب في الذريعة ٥ / ٢٢٥ ، هكذا : والمفيد نفسه قد أشار في المسائل السروية (٤٣٨) ، إلى جواب المسائل التي وردت من فارس.

١١ ـ جوابات المسائل النُوْبَنْدجانية.

هكذا جاء في الذريعة ٥ / ٢٤٠ ، إلاّ أنّ الوارد في النجاشي : المسائل الواردة عن أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الفارسي المقيم بالمشهد [مشهد عثمان كما يأتي] بالنوبندجان. وجاء في الذريعة ، نقلاً عن (اسامي دهات

__________________

(٤٣٦) عدة رسائل / ٢٢٣.

(٤٣٧) مطبوع ، عدة رسائل / ٢٠٧ ـ ٢٣٢.

(٤٣٨) عدة رسائل / ٢٢٣.


كشور / ٣٣٤) ، نشر وزارة الداخلية الإيرانية : نَوْبَنْدكان هي اليوم من توابع فسا ، بإقليم فارس (٤٣٩).

١٢ ـ جواب أبي محمد الحسن بن الحسين النوبندجاني المقيم بمشهد عثمان.

١٣ ـ جواب المسائل الواردة من خوزستان (٤٤٠).

ولم يُذْكر في الذريعة لا في (جواب ...) ولا (المسائل ...).

١٤ ـ جوابات أهل الدِّيَنوَر (جوابات المسائل الدُينَورية المازرَانيّة) (٤٤١).

١٥ ـ (جوابات) المسائل العُكْبَريّة = جوابات المسائل الحاجبيّة = جوابات أبي الليث الأواني.

وأوَنَا : بُلَيْدَة من نواحي دُجَيْل كانت تقع بقرب عُكْبَرا (٤٤٢).

١٦ ـ جوابات أهل المَوْصِل في العَدد والرؤية [لأيام شهر رمضان والهلال] = جوابات المسائل الموصليات.

والموْصل هي المدينة العراقية الشهيرة.

١٧ ـ جوابات الفارقييّن في الغَيْبة = جوابات المسائل المَيَّافارقيَّات (٤٤٣).

__________________

(٤٣٩) وراجع معجم البلدان ٥ / ٣٠٧ ، بلدان الخلافة ... / ٢٦٣ ـ ٢٦٥.

(٤٤٠) معالم العلماء / ١٠١ (ط النجف الاشرف / ١١٣).

(٤٤١) كما في الذريعة ، ٥ / ٢٢٠ ـ ٢٢١ ، وفيه تفسير لهذه التسمية. ودِيَنَور مدينة كانت تقع في القسم الجبلي من غرب ايران (الجبال) قرب كرمانشاه الحالية ـ معجم البلدان ، ٢ / ٥٤٥ ـ ٥٤٦ ، بلدان الخلافة الشرقية / ١٨٨ ، ١٨٩ ، ٢٠١ ، ٢٢٧.

(٤٤٢) معجم البلدان ، ١ / ٢٧٤ ـ ٢٧٥ مراصد الاطلاع ، ١ / ١٢٨ ، بلدان الخلافة الشرقية / ٥٠ ، وهي احدى وخمسون مسألة وردت من الحاجب ابي ليث بن سراج فأجاب عنها المفيد ـ راجع الذريعة ، ٥ / ١٩٨ ، ٢١٩ ، ٢٢٨.

(٤٤٣) الذريعة ، ٥ / ١٩٨. وميَافارقين أشهر مدينة بدياربكر ، الجزيرة ، ويَقع اليوم موقعها ضمن اراضي الجمهورية التركيّة ، وكان يحكمها يوم ذاك بنو حَمْدان ـ معجم البلدان ، ٥ / ٢٣٥ ـ ٢٣٨ ، بلدان الخلافة الشرقية / ١١١ ـ ١١٢.


١٨ ـ جوابات الرفقي (٤٤٤) = الترفقي (٤٤٥) = البرقعي في فروع الفقه واظنّه هو : الحسن بن عَنْبَس بن مسعود ، أبو محمد الرّافقي (نحو ٣٨٤ / ٩٩٤ ـ ٤٨٥ / ١٠٩٢) ممن قرأ على الشيخ المفيد ، وكان قد سكن الرافقة ـ وهي بلدة كانت متصلة بالرقة على ضفة الفرات ، ثم اتحدتا واُطلق عليهما الرقة ، وهي من أعمال الجزيرة ، وتقع حالياً في أراضي الجمهورية السُّوريّة (٤٤٦).

١٩ ـ جواب أهل الرَّقَّة في الأهِلَّة والعدد.

٢٠ ـ المسائل الحرَّانية.

وحرّان مدينة كانت تقع في القسم الغربيّ من الجزيرة ، ويقع موقعها

__________________

(٤٤٤) ١ ـ في الذريعة ، ٥ / ٢٠١ : (جوابات البرقعي في فروع الفقه) (...) ذكره النجاشي). ومثله في مقدمة التهذيب (١ / ٢٤) واعيان الشيعة ، ٤٦ / ٢٢.

٢ ـ في النجاشي (ط بمبي) / ٢٨٥ : (جوابات البرقعي) وصحيح في طبعة الافست ـ (نشر مكتبة الداودي ـ قم) : (الترقفي) ومثله في (ط طهران / ٣١٣ : (البرقعي) وفي هامشه عن نسختي (ت) و (ن) : الترفقي) وفي ط ش / ٤٠٠ : الترقفي) وفي مجمع الرجال ، ٦ / ٣٥ : (البرقعي) وفي معجم رجال الحديث ١٧ / ٢٢٨ : (جوابات البرقعي (الترفقي) ...). ت ـ كتابخانه ملى تبريز = المكتبة الأهلية ـ تبريز.

ن ـ فخر الدين النصيري.

(٤٤٥) فلعلها : (الترقفي) ، و (ترْقُف) قال السمعاني : (وظّني انها من أعمال واسط) (الانساب ، ٣ / ٣٧ ، اللباب ، ١ / ٢١٢ ـ وفيه : تُرْقف ، بضم التاء) وقال ياقوت : (واظنّه من نواحي البَنْدينجين من بلاد العراق) (معجم البلدان ، ٢ / ٢٣ ، مراصد الإطلاع ، ١ / ٢٥٩ واضاف : (عند بَاكُسايّا).

ينسب إليه : أبو محمد ، العباس بن عبد الله بن أبي عيسى التُرْقفي الباكُسَائي (٢٦٧ / ٨٨١) ، محدّث ثقة مكثر ، سكن بغداد (تاريخ بغداد ، ١٢ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ، الانساب ، ٣ / ٣٧ ـ ٣٨ ، الباب ، ١ / ٢١٢ ، معجم البلدان ، ٢ / ٢٣ ، تهذيب التهذيب ، ٥ / ١١٩ ـ ١٢٠ ، ولا ضاف في ألقابه : الواسطي) ، ومثله تقريب التهذيب ، ١ / ٣٩٧.

(٤٤٦) معجم البلدان ، ٣ / ١٥ ٥٨ ـ ٦٠ ، الانساب ، ٦ / ٤٢ بلدان الخلافة الشرقية / ١٠١ ـ ١٠٣) وكانت له حلقة عظيمة يقرؤن عليه كتب الامامية ـ لسان الميزان ، ٢ / ٢٤٢.


حالياً في أراضي الجمهورية التركيّة (٤٤٧).

٢١ ـ جوابات عليّ بن نَصْر العبدجاني.

[لم أعثر على هذا اللقب (العبدجاني) على ذكر ولا على تفسير ، واظنه مصحف : (الغُنْدِجَاني) و (غُنْدِجَان) وضبطه السمعاني : (الغَنْدجاني) و (غَنْدَجان) بليدة ـ كانت ـ بارض فارس أو من كور الأهواز ـ كما قال السمعاني أخرجت جماعة من أهل الأدب والعلم (٤٤٨).

٢٢ ـ الرّسالة إلى الأمير أبي عبد الله ، وأبي طاهر ابني ناصر الدولة في مجلس جرى في الإمامية.

وهما : أبو عبد الله الحسين بن ناصر الدولة الحسن بن أبي الهَيْجاء عبد الله ابن حَمْدان التَّغْلبي الحمداني (٣٨٠ / ٩٩٠) وناصر الدولة (٣٥٨ / ٩٦٩) هو أخو سيف الدّولة الأكبر وملك الموصل ، وأخوه أبو طاهر إبراهيم بن ناصر الدولة (٣٨١ / ٩٩١) (٤٤٩).

٢٣ ـ جوابات الأمير أبي عبدالله [الحمداني].

٢٤ ـ جوابات ابن نباتة.

وجاء في الذريعة ، ٥ / ١٩٦ ـ ١٩٧ إنّه الفارقي ، وهو عبد الرحيم بن محمد ابن إسماعيل أبو يحيى ابن نُبَاتة (٣٣٥ / ٩٤٦ ـ ٣٧٤ / ٩٨٤) الأديب والخطيب الشهير (٤٥٠).

__________________

(٤٤٧) معجم البلدان ، ٢ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ، الانساب ، ٤ / ١٠٧ ، بلدان الخلافة الشرقية / ١٠٣ ، ١٢٤.

(٤٤٨) معجم البلدان ، ٤ / ٢١٦ ، الأنساب ، ٤١١ / ٢ و ٤١٢ / ١ وذكر جملة منهم ، اللباب ، ٢ / ٣٩٠ ـ ٣٩١ ، بلدان الخلافة الشرقية / ٢٦٠ ، ٢٦٨ ، ٢٩٤.

(٤٤٩) راجع الدكتور فيصل السامر ، الدولة الحمدانية ـ جزءان ـ خاصة ، ١ / ٢٧٠.

(٤٥٠) الاعلام ، ٤ / ١٢٢ ـ ١٢٣ ، معجم المؤلفين ، ٥ / ٢١١. ويحتمل أن يكون معاصره السَّعْدي ، وهو عبد العزيز بن عمر بن محمد ، أبو نَصْر ابن نُبَاتة السَّعْدي التميمي البغدادي (٣٢٧ / ٩٣٩ ـ ٤٠٥ / ١٠١٥) ـ معجم المؤلفين ، ٥ / ٢٥٥.


٢٥ ـ جوابات النَّصْر (النَّضْر) بن بَشير في الصِّيام.

٢٦ ـ جوابات بني عرقل.

ـ هكذا جاء في الذريعة ، ٥ / ٢٠٢ ـ وفي غيره تصعب قراءته بدقة.

٢٧ ـ جوابات أبي الحسن الحُصَيْني (٤٥١).

٢٨ ـ جوابات أبي جعفر محمد بن الحسين اللَّيْثي.

٢٩ ـ جوابات الشرقيين في فروع الدين.

٣٠ ـ مسألة محمد بن الخضر الفارسي.

٣١ ـ جوابات ابن الحَمَّامي.

اظنّ ظناً قويّاً أنّه هو : علي بن أحمد بن عُمَر بن حَفْص ، أبو الحسن بن الحَمَّامي المُقْرى البغدادي (٣٢٨ / ٩٣٩ ـ ٤١٧ / ١٠٢٦) مقرىء أهل بغداد ومحدّثهم ، كان ثقة صادق ديّناً فاضلاً حسن الاعتقاد (٤٥٢).

وابن الحمامي هذا من مشايخ شيخ الطائفة الطوسي ويروي عنه (٤٥٣).

٣٢ ـ جوابات المافَرُّوخي في المسائل.

٣٣ ـ جواب ابن واقد السُّنِّي.

٣٤ ـ جوابات أبي جعفر القمي.

٣٥ ـ جوابات أبي الفرج بن إسحاق عمّا يُفْسد الصَّلاة.

٣٦ ـ جواب أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان [الكَرَاجكي].

٣٧ ـ جوابات أبي الحسن سبط المُعَافا بن زكريّا في إعجاز القرآن.

[المُعافا بن زكريا ، أبو الفرج النّهرواني البغدادي (٣٠٣ / ٩١٦ ـ

__________________ ـ

(٤٥١) وفي الذريعة ، ٥ / ١٩٧ : الحُضَيْني.

(٤٥٢) تاريخ بغداد ، ١١ / ٣٢٩ ـ ٣٣٠ ، المنتظم ، ٨ / ٢٨ ، الانساب ٤ / ٢٣٢ ، تذكرة الحفاظ ، ٣ ١٠٧٣ / ، شذرات الذهب ، ٣ / ٢٠٨ ، غاية النهاية ، ١ / ٥٢١ ـ ٥٢٢ ، معرفة القراء الكبار ، ١ / ٣٧٦ ـ ٣٧٧ = ٣٠٧.

(٤٥٣) (الأمالي ، ١ / ٣٨٩ ـ ٣٩١).


٣٩٠ / ١٠٠٠) فقيه ، اُصولي ، متكلّم ، أديب ، شاعر ، نحوي ، لغويّ ، مؤرخ. وكانت له صلة وثيقة بعلماء عصره من الإمامية] (٤٥٤).

* * *

__________________

(٤٥٤) الاعلام ٨ / ١٦٩ ، معجم المؤلفين ، ١٢ / ٣٠٢ ـ٣٠٣ ، طبقات اعلام الشيعة ، الرابع / ٣١٩ ، وسبطه لم اعثر له على ترجمة.

واهم مصادر ترجمة المفيد : الطوسي ، الفهرست / ١٨٦ ـ ١٨٧ ، النجاشي ٣٩٩ ـ ٤٠٣ = ١٠٦٧ ، مجمع الرجال ، ٦ / ٣٣ ـ ٣٨ ، تنقيح المقال ، ٣ ـ ١ / ١٨٠ ـ ١٨١ ، معجم رجال الحديث ، ١٧ / ٢٢٧ ـ ٢٣٦ ، روضات الجنات ، ٦ / ١٥٣ ـ ١٧٧ ، رجال بحر العلوم ، ٣ / ٣١١ ـ ٣٢٣ ، مستدرك الوسائل ، ٣ / ٥١٧ ـ ٥٢١ ، مقدمة تهذيب الأحكام ، ١ / ٤ ـ ٤٣ ، مجالس المؤمنين ، ١ / ٤٦٣ ـ ٤٨٠ ، تاريخ التراث العربي ، ٢ / ٢٧٧ ـ١٨٠ ، الشيخ محمد حسن آل ياسين ن البلاغ ، السنة الثالثة ، العد الأول ، بغداد ، ١٣٨٩ / ١٩٧٠ / ٩٠ ـ ١٠٤ ، أراء الشيخ المفيد ـ مارتن مكدرموت ـ بالانجليزية ـ.


بنـات النـبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أم ربـائبه؟!

رأيّ ونقد

السيّد جعفر مرتضى العاملي

بسم الله الرحمن من الرحيم

والحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

مقدِّمة لا بُدّ منها :

هناك أُمور قلّما يطرحها الباحثون على بساط البحث ، وقلّما تتعرّض للتحقيق والتمحيص ; فما هو السرّ في ذلك؟ وما هو السبب ياترى؟!

ربما نجد أكثر من تفسير لهذه الظاهرة ، وقد يستهوينا أو فقل : يرضينا أحدها ، ويرضي غيرنا التفسير الآخر. ثم يرضي آخرين تفسير ثالث لها.

ولكن لا يجب أن نعجب إذا وجدنا أنّ الحقّ الذي لا محيص عنه هو صحّة الأسباب والعلل المطروحة جميعاً دون استثناء. ولكن يكون ذلك بحسب اختلاف المواقع والمواضع ، وبحسب رؤية الأَهداف ، والاستجابة لما تَخالف واختلف من الدوافع.

ولكي نقترب قليلاّ من الإجابة المطلوبة ، نقول :


إنّه ربما يكون ذلك من أجل أنّ بعض الباحثين لم ير في طرح تلك الأمور فائدة أو عائدة ، بل رأي أنّها اُموراً جانبية وجزئية ، ليس لها كبير أثر على الصعيد الواقعي والعملي.

وقد يكون السبب في ذلك هو : أنّهم قد تعاملوا معها من موقع الغفلة عن نقاط الضعف أو القوّة فيها ، فأخرجوها بذلك عن أن تقع في دائرة اهتماماتهم في الشأن العلمي ، لاعتقادهم : أنّها من المسلَّمات ، أو من الأُمور التي تستعصي على البحث ، لعدم توفّر المعطيات الكافية لإثارته ومعاناته ، بصورة كافية ووافية.

وثمّة سبب آخر ، وهو الأَكثر معروفية وشيوعاً ، وهو اعتقاد : أنّ إثارة بعض الموضوعات من شأنه أن يخل بالوضع العامّ ، حينما يكون سبباً في إحداث قروح عميقة ومؤلمة في جسم الأُمة ، ويزرع فيها بذور الحقد والشقاق ، ويتسبّب في خلخلة العلاقات ، ثم في تباين المواقف.

وثمّة سبب آخر ، له أيضاً حظٌّ من التواجد على نطاق واسع أيضاً ، ولكنّه لا يفصح عنه إلاّ الأَقلّون ، وهو : أنّ بعض الباحثين لا يرى في هذه الموضوعات ما يثير فيه شهيَّته ، ولا يجلب له من المنافع ما يسهّل عليه معاناة البحث ، وتحمّل مشاقّه. بل هو يجد فيها نفسه في مواجهة هجمة شرسة ، من قبل فئات حاقدة وشرِّيرة وقاسية ، لن يذوق في حياته معها طعم الراحة ، بعد أن أقدم على ما أقدم عليه.

بل إنّها لن تتركه يسلم بجلده دون عقاب ، أدناه التشهير والتجريح والشنآن. إن لم يكن التكفير ، ثم الاضطهاد ، والأَذى ، والحرمان.

ولكنَّنني بدوري استطيع أن أقول : إنّ إثارة وطرح أمثال هذه الموضوعات على اختلافها على بساط البحث هو الأَوْلى والأَجدى ، حتى ولو فرضها البعض من الأُمور الجزئية والجانبية ; إذ أنّ جزئيّتها ، لا تقلّل من حسّاسيّتها وأهمّيّتها ، لا سيما إذا كانت جزءاً من التكوين الفكري أو تسهم في وضوح الرؤية العامة ،


التي يفترض فيها أن ترتكز على جزئيّات منتشرة ومبثوثة في مختلف المواقع والمواضع. أو أنّها ـ على الأَقلّ ـ تفتقر إلى تلك الجزئيّات ; لتصبح أكثر وضوحاً ، وأوفى تعبيراً وحكاية عمّا يراد له أن تعبّر أو أن تحكي عنه.

ومن جهة ثانية ، فإنّ الاهتمام بالمصلحة الخاصّة على حساب المصلحة العامّة ، وعلى حساب العلم والفكر ، والدين ، لهو من الأُمور التي نربأ بالباحث الواعي ، والرسالي ، الذي نذر نفسه لخدمة الدين والأُمّة ، أن يجعل لها محلاّ في تفكيره ، وأن يفسح لها المجال للتأثير عليه في حركته نحو أهدافه الإنسانية السامية.

وهذا بالذات هو ما يبرِّر لنا رفضَ أن يكون نأيُه بنفسه عن بعض الموضوعات ، بدافع الجبن والخوف من حدوث سلبيّات عليه هو شخصيّاً.

أمّا الموازنة بين السلبيّات التي سوف يتركها طرح الموضوع على السلامة العامّة ، وعلى بنية الأمّة ككلّ ، فإنّها تصبح ضرورية من أجل تحديد الطرف الأهمّ في مقابل المهمّ ـ وهو ما يختلف باختلاف الظروف والأحوال ـ وعلى وفق ما ينتهي إليه من نتائج في هذا المجال ، يكون التحرّك ، ثم يكون تسجيل الموقف.

ولكن من الواضح : أنّ من الضروري تخصيص قسط من الجهد الفكري والعملي باتّجاه إيجاد الأَجواء والمناخات المناسبة ، لطرح ومعالجة أكثر الموضوعات حسّاسيّة ; لأَن ذلك هو الخيار الوحيد للأُمّة التي تريد أن تكون أُمّة واحدة ، تتّقي ربّها ، وتعبده وحده لا شريك له. ولا تعبد أهواءها ، ولا مصالحها ، ولا أيَّ شيء آخر إلاّ الله سبحانه وتعالى.

وفَّقنا الله للعلم ، والعمل الصالح ، وهدانا إلى الصراط المستقيم ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين.

* * *


بنات النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم!

أم ربائـبه؟!

شهرة الحدث قد تخدع :

إنّ من الأُمور الواضحة والبديهية : أنّ كثيراً من حقائق التأريخ قد تعرّضت لأَنواع من التحريف والنزيف ، لأَهداف مختلفة : من سياسية ، ومذهبية ، وفئوية ، وغيرها.

وواضح : أنّ تحقيق كلّ ما يحتاج إلى التحقيق منها أمر يخرج عن حدود طاقة الفرد والأُفراد ، وحتى عن حدود طاقة المئات والأُلوف منهم ; فلا يمكن أن نتوقّع ذلك من أيّ عالم مهما بلغ من العلم ، والمعرفة ، وقوّة الفكر ، ودقّة الملاحظة ، وجودة الفهم. خصوصاً إذا كان الموضوع الذي هو محطُّ النظر خارجاً عن دائرة اختصاصه ، ولا يدخل في دائرة الأَوْلويّات في ما هو محطُّ اهتماماته ومعالجاته.

وعلى هذا الأَساس ، نستطيع أن نتفهّم بعمق ما نجده لدى بعض العلماء من انسياق ـ أحياناً ـ مع ما شاع واشتهر ; وإن كان خطأً ; فيرسلونه إرسال المسلَّمات ، اعتماداً منهم على ذيوعه وشهرته ، إما غفلةً عن حقيقة الحال ، أو للارتكاز الحاصل لديهم ، من استبعاد أن يكون الواقع يخالف ما هو معروف ومشهور ، أو يختلف معه. وذلك لا يخدش في عالِمِيّة ذلك العالم ، ولا يقلّل من أهمّيّة الدور الذي قام به ، ولا من قيمة النتاج العلمي الذي قدّمه للأَجيال وللأُمّة.

أمّا إذا كان الخطأ الفاحش ، أو غيره ، قد وقع منه فيما يفترض أنّه خبير وبصير فيه / فإنّ المؤاخذة له حينئذ تكون مقبولة ومعقولة ، ولها ما يبرّرها ، ثمّ


هي تكون ـ والحالة هذه ـ مؤثّرة ومفيدة في تلمّس الموقع الحقيقي والمناسب لشخصيّته العلمية والفكرية في مجال التقييم والتقويم ، كتأثيرها في إعطاء الانطباع المقبول والمشروع عن القيمة الحقيقية لِما قدّمه من نتاج ، لا سيما في مجال اختصاصه وبصورة أدقّ وأوفى.

نقول هذا مع الالتفات إلى أنّ إصابة الواقع في كلّ كبيرة وصغيرة أمر يكاد يلحق بالممتنعات ، إلاّ لمن أوقفه الله تعالى على غيبه ، وليس ذلك إلاّ من ارتضى سبحانه من رسول ، ثم من آثرهم الرسول بما علّمه الله إيّاه ، من الأَئمّة الأَوصياء ، والصفوة النجباء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

بين خطأ الرأي ، والرأي الخطأ :

ولا شكّ في أنّ الشيخ المفيد قد كان واحداً من تلك القمم العلمية الشامخة ، التي ربما لم يبلغها على مدى التأريخ إلاّ أقل القليل ، من الّذين ربما لا يزيد عددهم على عدد أصابع اليد الواحدة.

غير أنّ تبحُّره في العلم لا ينسحب على جميع العلوم ، فلا يشمل علم الجيولوجيا مثلاً. بل إنّما هو في نطاق ما يدخل في دائرة اختصاصاته ، واهتماماته ، وما تصدّى له بصورة جدّية وأساسية ، من علوم إسلامية كانت متداولة في عصره.

ولكنّنا وفقاً للحقيقة التي أشرنا إليها فيما سبق ، ولأَنّ الشيخ المفيد لم يكن واجب العصمة ، فلا مانع من أن نتوقّع أن نجد فيما بين طيّات كلامه ـ حتى في العلوم الإسلامية ـ بعض المسائل التي ربما نخالفه الرأي فيها ، إذا كان قد أرسلها إرسال المسلًّمات ، اعتماداً منه على ذيوعها وشهرتها ، أو ثقةً منه واعتماداً على من لم يكن أهلاً للثقة ، ولا محلاً للاعتماد.

ولكن ذلك لا يقلِّل من قيمة نتاجه العلمي ، ولا ينقص من مقامه السامي ، ولا يؤثّر على حقيقة كونه من الراسخين في ما تصدّى له من علوم.


على أنّنا لا نملك الدليل القاطع على أنّه قد أخطأ الصواب ، حتى في الموارد التي هي من الأَخطاء الشائعة ، إذا كان من الممكن أن يكون قد ساق الكلام فيها على سبيل التسليم الفرضي ، والمجاراة في البحث ، لا من منطلق القناعة ، والقبول بمضمونها واقعاً.

وهذا النوع من التعامل مع القضايا المطروحة شائع ومعروف.

ونجده لدى معظم العلماء في طروحاتهم ومحاوراتهم.

رأي المفيد في زوجتَيْ عثمان :

ومهما يكن من أمر ، فإنّنا نريد هنا أن نطرح مسألة تختلف مع الشيخ المفيد ـ رحمه الله ـ فيها ، ونبيّن ما نعتمد عليه فيما نذهب إليه في ذلك ، فنقول :

إنّه رحمه الله تعالى قد تحدّث في بعض الموارد ، في أجوبة المسائل السروية ، عن تزويج النبيّ الأَكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم بنتيه لعثمان بن عفّان ، بحيث يظهر من كلامه أنّه يرى : أنّهما كانتا بنتَين للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم على الحقيقة.

قال رحمه الله ما يلي :

«... وقد زوّج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ابنتَيه قبل البعثة كافرَيْن كانا يعبدان الأَصنام ، احدهما : عتبة بن أبي لهب. والآخر : أبو العاص ابن الربيع.

فلمّا بُعث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فرّق بينهما ، فمات عتبة على الكفر ، وأسلم أبو العاص بعد إبانة الإسلام; فردّها عليه بالنكاح الأَول».

إلى أن قال :

«وهاتان هما اللتان تزوّجهما عثمان بن عفّان ، بعد هلاك عتبة ، وموت أبي


العاص» (١).

وأصرح من ذلك قوله رحمه الله في أجوبة المسائل الحاجبية ; قال رحمه الله :

«وسأل فقال : الناس مختلفون في رقيّة وزينب ، هل كانتا ابنتَي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، أم ربيبتَيْه؟

فإن كانتا ابنتيه ، فكيف زوَّجهما من أبي العاص بن الربيع ، وعتبة بن أبي لهب ; وقد كان عندنا منذ أكمل الله عقله على الإيمان ووُلد مبعوثاً ، ولم يزل نبيّاً صلّى الله عليه.

وما باله ردَّ الناس عن فاطمة عليها السلام ، ولم يزوِّجها إلاّ بأمر الله عزَّ وجلَّ ، وزوَّج ابنتَيه بكافرَيْن على غير الإيمان؟!

والجواب :

إنّ زينب ورقيّة كانتا ابنتَي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، والمخالف لذلك شاذٌّ بخلافه.

فأمّا تزويجه لهما بكافرَيْن ، فإنّ ذلك كان قبل تحريم مناكحة الكفّار. وكان له أن يزوجهما من يراه. وقد كان لأبي العاص رغبة نسب برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. وان لهما محلَّ عظيم إذ ذاك ، ولم يمنع شرع من العقد لهما; فيمتنع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من أجله.

فصـل :

وأمّا فاطمة ، فإنّ السبب الذي من أجله ردّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خاطبيها حتى نزل أمر الوحي بتزيجها أمير المؤمنين عليه السلام; فلأنّها كانت سيّدة نساء العالمين ...» إلى آخره (٢).

__________________

(١) عدّة رسائل للشيخ المفيد : ٢٢٩ ـ المسائل السروية / المسألة العاشرة.

(٢) المسائل الحاجبية : ٧١ و ٧٢ ـ تحقيق مارتن ماكدرمت اليسوعي.


موقفنا :

فإن كان الشيخ المفيد رحمه الله يعتقد بمضمون هذا الكلام ، ولم يورده على سبيل المجاراة في البحث ، وإرسال الكلام وفق ما يرضاه من هو بصدد مناظرته ومحاورته ; فإنّنا نقول :

إنّنا لا نوافقه على ما قاله ، ولا نراه قريباً إلى الصواب ، سواء بالنسبة لتزوّج عثمان من زينب بعد وفاة أبي العاص بن الربيع ، أو بالنسبة لكون البنتين اللتين تزوّجهما عثمان بنتين لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على الحقيقة.

ولبيان ذلك نقول :

عثمان لم يتزوّج بزينب :

فأمّا بالنسبة لقول الشيخ المفيد رحمه الله :

«وهاتان هما اللتان تزوّجهما عثمان بن عفّان ، بعد هلاك عتبة ، وموت أبي العاص».

فنقول :

إنّ من الواضح : أنّ التي تزوّجها أبو العاص بن الربيع اسمها زينب. وعثمان لم يتزوّج بها أصلاً. وقد توفّيت زينب في سنة ثمان من الهجرة ، كما ذكره كلّ من ترجم لها ، وكلّ من كتب في السيرة النبوية الشريفة.

أمّا وفاة زوجها أبي العاص بن الربيع ، فقد كانت بعد وفاتها بأربع سنوات ، أي في السنة الثانية عشرة في خلافة أبي بكر (٣).

وعثمان إنّما تزوّج رقية في مكة ، ثمّ ماتت في المدينة مرجع المسلمين من غزوة بدر ، فتزوّج بعدها أُمّ كلثوم ، وماتت في سنة ثمان ، وقيل : ماتت ولم

__________________

(٣) راجع : سير أعلام النبلاء ١ / ٣٣٥ وسائر كتب السيرة والتراجم.


يبنِ بها عثمان (٤).

والخلاصة : أنّ زينب لم تتزوّج عثمان قطعاً.

ونظير ما وقع من الاشتباه هنا ما قاله البعض ، وهو يتحدث عن بنات النبي : «... واُمّ كلثوم خرجت إلى أبي العاص بن الربيع بن عبد العزّى بن عبد شمس ، وزينب خرجت إلى عثمان أيضاً» (٥).

مع أنّ العكس هو الصحيح ، فإنّ زينب تزوّجها أبو العاص ، وأُمّ كلثوم تزوّجها عثمان كما هو معلوم.

ماذا عن بنات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ :

وأمّا بالنسبة لكون زينب ، ورقيّة ، وأُمّ كلثوم ، اللواتي كبرن ، وتزوّجن أبا العاص بن الربيع ، وعثمان بن عفّان ، فإنّنا نقول :

إنّهنّ لسن بنات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على الحقيقة. وتوضيح ذلك يحتاج إلى بسط في القول ، في حدود ما يسمح لنا به المجال والوقت ، شرط أن لا نرهق القارىء بالنصوص الكثيرة والمتشعّبة ، بل نكتفي بالقول السديد ، وبالمختصر المفيد ، إن شاء الله تعالى.

فنقول :

رُقيّة وأُمّ كلثوم في عصمة ابنَي أبي لهب :

إنّهم يقولون : إنّ رُقيّة وأُمّ كلثوم كانتا قد تزوَّجتا في الجاهلية بابنَي أبي لهب ، فلمّا بُعث النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ونزل قوله تعالى : (تَبَّتْ يَدَا أَبي لَهَب وَتَبَّ) أمر أبو لهب ولديه بطلاقهما ، وكذلك فعلت زوجته حمّالة الحطب ; محتجّة لذلك بأنّهما قد صبتا إلى دين أبيهما.

__________________

(٤) راجع هذا القول في : تنقيح المقال ٣ / ٧٣ و ٧٤ عن قرب الإسناد ، وقاموس الرجال ١٠ / ٤٠٦.

(٥) المجدي في أنساب الطالبيين : ٧.


فطلّقاهما قبل الدخول ، فتزوّجت رقيّة بعثمان بن عفّان ، وهاجرة معه إلى الحبشة في السنة الخامسة من البعثة ، وكانت حاملاّ ; فأسقطت علقة في السفينة ـ كما ذكره البعض (٦) ـ ثمّ رجعت معه إلى المدينة ، وماتت هناك.

وثمّة أقاويل وتفاصيل أُخرى لا حاجة لإيرادها ، وهي الأُخرى موضع شكٍّ وريب ، ونكتفي هاهنا بما ذكر.

ونقول :

الأَدلّة والشواهد :

إنّ لدينا من الأَدلّة والشواهد ما يكفي للحكم بعدم صحّة هذه المزاعم ، ونذكر منها الدلائل التالية :

أوّلاً : بنات النبيّ وُلدن في الإسلام :

قال المقدسي : «عن سعيد بن أبي عروة ، عن قتادة ، قال :

ولدت خديجة لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : عبد مناف في الجاهلية.

وولدت له في الإسلام غلامين وأربع بنات : القاسم ، وبه كان يكنّى : أبا القاسم ; فعاش حتى مشى ثم مات. وعبدالله مات صغيراً. وأمّ كلثوم. وزينب. ورقيّة. وفاطمة» (٧).

وقال القسطلاني والدياربكري : «وقيل : وُلد له قبل المبعث ولد يقال له : عب مناف ; فيكونون على هذا اثني عشر. وكلّهم سوى هذا وُلدوا في الإسلام بعد المبعث» (٨).

__________________ ـ

(٦) راجع فيما تقدّم : البدء والتاريخ ٥ / ١٧ ، وراجع الإصابة ٤ / ٤٩٠ و ٣٠٤ ، وتهذيب تاريخ دمشق ١ / ٢٩٨ ، ونهاية الأرب ١٨ / ٢١٢ و ٢١٤.

(٧) البدء والتاريخ ٤ / ١٣٩ و ٥ / ١٦.

(٨) المواهب اللدنّية ١ / ١٩٦ ، وتاريخ الخميس ١ / ٢٧٢.


وقد صرّح الزبير بن بكّار وغيره بأنّ : عبدالله ، ثمّ أُمّ كلثوم ، ثمّ فاطمة ، ثمّ رقيّة ، كلّهم وُلدوا بعد الإسلام (٩).

وقال السهيلي أيضاً : «كلّهم وُلدوا بعد النبوّة» (١٠).

فإذا كانت رقيّة قد وُلدت بعد المبعث ، كما يقوله هؤلاء ، فكيف يصحّ أن يقال : إنّها تزوّجت في الجاهلية بابن أبي لهب ، فلّما جاء الإسلام أسلمت ، فطلّقها زوجها ، فتزوّجها عثمان ، وحملت منه ، وأسقطت علقة في السفينة ، وهي مهاجرة إلى الحبشة ، بعد البعثة بخمس سنوات فقط؟!

وكذلك الحال بالنسبة لأُمّ كلثوم ، فإنّها إذا كانت قد وُلدت بعد المبعث ، فكيف تكون قد تزوّجت في الجاهلية ، ثمّ لمّا أسلمت بعد المبعث طلّقها زوجها قبل الهجرة إلى الحبشة؟!

ثانياً : تَبَّتْ يَدَا أَبي لَهَب وَتَبَّ :

لقد ذكروا : أنّ أبا لهب قد أمر ولديه بطلاق بنتَي ، بعد نزول سورة : (تَبَّتْ يَدَا أَبي لَهَب وَتَبَّ) ووافقته على ذلك زوجته حمّالة الحطب ; محتجّة بأنّ هاتين البنتين قد صبتا إلى دين أبيهما (١١) ، ثمّ تزوّج عثمان رقيّة وهاجر بها

__________________

(٩) راجع : نسب قريش : ٢١ ، وعنه في مجمع الزوائد ٩ / ٢١٧ ، وذخائر العقبى : ١٥٢ ، والبداية والنهاية : ٢ / ٢٩٤ ، والاستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ٤ / ٢٨١.

(١٠) السيرة الحلبية ٣ / ٣٠٨ ، وراجع : الروض الأنف ١ / ٢١٤ و ٢١٥.

(١١) راجع : نسب قريش لمصعب الزبيري : ٢٢ ، وتهذيب تاريخ دمشق ١ / ٢٩٣ و ٢٩٨ ، وسيرة مغلطاي : ١٦ ، والثقات ٢ / ١٤٣ ، وتاريخ الخميس ١ / ٢٧٤ ، والمواهب اللدنّية ١ / ١٩٦ ، والتبيين في أنساب القرشيّين : ٨٩ ، وأُسد الغابة ٥ / ٤٥٦ و ٦١٢ ، والاستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ٤ / ٢٢٩ ، وأنساب الأشراف (قسم سيرة النبّي صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ٤٠٠ ، ومجمع الزوائد ٩ / ٢١٧ ، ومختصر تاريخ دمشق ٢ / ٢٦٣ ، ونور الأَبصار : ٤٣ ، وذخائر العقبى : ١٦٢ ، والإصابة ٤ / ٤٩٠ ، والدرّ المنثور ٦ / ٤٠٩ عن الطبراني ، والطبقات الكبرى ٨ / ٣٦ ، ٣٧ ، ونهاية الأرب ١٨ / ٢١٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢ / ٢٥١.


إلى الحبشة.

ونقول :

أ ـ إنّ ذلك يتنافى مع قولهم : إنّ هذه السورة (سورة المسد) قد نزلت حينما كان المسلمون محصورين في شعب أبي طالب (١٢) ; لأنّ الحصر في الشعب قد بدأ في السنة السادسة من البعثة ، أي بعد الهجرة إلى الحبشة بسنة.

ونحن نرجّح هذه الرواية على تلك الرواية التي تقول : إنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم حين نزل قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) وصنع لهم طعاماً ودعاهم ، فقال له أبو لهب : تبّاً لك ، ألهذا دعوتنا؟ فنزلت : (تَبَّتْ يَدَا أَبي لَهَب وَتَبَّ) (١٣).

وذلك لأنّ هذه السورة قد نزلت جملة واحدة ، كما هو ظاهر لا يخفى من سياقها ، وكما صرّحوا به (١٤) ، وقد تضمّنت الإزراء على أُمّ جميل ، لأذاها لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

ومن الواضح : أنّ تعرض قريش لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالأَذى ، قد كان بعد نزول آية إنذار العشيرة ، وحينما بدأ يذكر آلهتهم ، ويسفّه أحلامهم.

ويؤيّد ذلك : أنّه قد قيل في سبب نزول السورة أيضاً : أنّه كان إذا وفد

__________________

(١٢) الدر المنثور ٦ / ٣٤٠٨ عن دلائل النبوّة لأبي نعيم.

(١٣) راجع : نور الثقلين ٤ / ٦٨ ، ٦ / ٦٩٨ ، والدرّ المنثور ٥ / ٩٦ ، ٦ / ٤٠٨ عن سعيد بن منصور البخاري ، وابن مردويه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، ومسلم ، وأبو نعيم ، والبيهقي في الدلائل ، والتفسير الكبير ٣٢ / ١٦٥ ، والجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٢٣٤ ، وتفسير البحر المحيط ٨ / ٥٢٥ ، والنهر المادّ (مطبوع بهامش البحر المحيط) ٨ / ٥٢٤ ، ولباب التأويل ٤ / ٤٢٤ ، ومدارك التنزيل (بهامش لباب التأويل) ٤ / ٤٢٤ ، وفتح القدير (تفسير) ٥ / ٥١٣ ، وأسباب النزول : ٢٦٢.

(١٤) الإتقان ١ / ٣٧.


على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وفد سألوا عمَّه عنه ، وقالوا : أنت أعلم به ، فيقول لهم : إنّه ساحر; فيرجعون عنه ، ولا يلقونه.

فأتاه وفد ، فقال لهم مثل ذلك ، فقالوا : لا ننصرف حتى نراه. فقال : إنّا لم نزل نعالجه من الجنون ، فتبّاً له.

فأُخبر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك ، فحزن ، ونزلت السورة (١٥).

ومن الواضح : أنّ محاولة اتّصال الوفود به صلّى الله عليه وآله وسلّم واتّصاله هو بالوفود ، قد كانت متأخّرة عن نزول آية إنذار العشيرة بسنوات.

ب ـ إنّه إذا كان طلاق رقيّة وأُمّ كلثوم قد حصل بعد نزول سورة المسد ، وبعد تعرُّض المشركين للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بالأَذى ; فإنّ ما يثير التساؤل هنا هو السبب الذي جعل ابنَي أبي لهب يمتنعان عن الدخول بزوجتيهما ، اللتين كانتا في وضع لا يمنع من ذلك؟!

وها هو عثمان يتزوّج إحداهما ويدخل بها فوراً ; فتحمل عنه ، وتسقط علقة في السفينة حين هجرتهما إلى الحبشة ، كما يدَّعون!!

ج ـ يقول البعض : أما رقيّة ، فتزوّجت من عتبة بن أبي لهب ، فمات عنها (١٦).

وعليه فإنّ دعوى طلاق ابن أبي لهب لرقيّة تصبح موضع شك أيضاً. ولا يبقى وثوق بالسبب الذي أدّعوه لذلك ; وهو نزول السورة واسلام البنات ; فتترجّح رواية نزول السورة ، والمسلمون محصورون في الشعب.

ثالثاً : إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ :

أخرج الزبير بن بكّار ، وابن عساكر ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال :

__________________

(١٥) التفسير الكبير ٣٢ / ١٦٦ ، والجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٢٣٥.

(١٦) تاريخ أهل البيت : ٩٢.


توفّي القاسم ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بمكة ; فمرّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وهو آت من جنازته على العاص بن وائل وابنه عمرو; فقال حين رأى رسول الله : إنّي لأَشنؤه.

فقال العاص بن وائل : لا جرم لقد أصبح أبتر.

فأنزل الله : (إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) (١٧).

ورواية أُخرى تقول : وُلد لرسول الله صلاى الله عليه وآله وسلّمّ لقاسم ، ثمّ زينب ، ثمّ عبد الله ، ثمّ أُمّ كلثوم ، ثمّ فاطمة ، ثمّ رقية. فمات القاسم أوّلاً ، ثمّ مات عبد الله. فقال العاص : قد انقطع نسله ، فهو أبتر ; فنزلت الآية (١٨).

وروى البعض : أنّ الآية نزلت في عمرو بن العاص ، لا في العاص نفسه (١٩).

ورواية السدي وابن عباس : أنّ الآية نزلت حين قال العاص بعد موت ابن لرسول الله ، وحسب تعبير آخر : بعد موت ولد رسول الله (٢٠).

وقيل : نزلت في عقبة بن أبي معيط ، لأَجل ذلك (٢١).

أو في أبي ، لذلك أيضاً (٢٢).

__________________

(١٧) الدرّ المنثور ٦ / ٤٠٤.

(١٨) راجع : الوفاء : ٦٥٥ ، ومختصر تاريخ دمشق ٢ / ٢٦٢ ، والدرّ المنثور ٦ / ٤٠٤ ، والطبقات الكبرى لابن سعد ١ / ١٣٣ ، وفتح القدير ٥ / ٥٠٤ ، ونهاية الأرب ١٨ / ٢٠٨.

(١٩) دلائل النبوّة للبيهقي ٢ / ٦٩ و ٧٠.

(٢٠) راجع : الدرّ المنثور ٦ / ٤٠٣ و ٤٠٤ عن ابن سعد ، وابن عساكر ، وابن أبي حاتم ، ولباب التأويل ٤ / ٤١٧ ، والجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٢٢٢ ، لكنّه ذكر أنّ الولد هو عبد الله ، وكذا في التفسير الكبير ٣ / ١٣٢.

(٢١) الدرّ المنثور ٦ / ٤٠٤ عن ابن أبي حاتم ، وابن جرير ، وفتح القدير ٥ / ٥٠٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٨٢٠ ، وتفسير القرآن العظيم ٤ / ٥٥٩ ، والجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٢٢٣ ، والتفسير الكبير ٣٢ / ١٣٣.

(٢٢) السيرة الحلبية ٣ / ٣٠٨ ، وتفسير القرآن العظيم ٤ / ٥٥٩ ، والتفسير الكبير ٣٢ / ١٣٣.


أو في قريش ، في هذه المناسبة أيضاً (٢٣).

ولكنّ رواية أُخرى ذكرت : أنّ الآية نزلت في أبي جهل حين قال ما قال بمناسبة موت إبراهيم ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم (٢٤).

وقيل غير ذلك.

ونقـول :

إنّ المشهور هو أنّ القاسم كان أكبر وُلْدِ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم (٢٥) والرواية السابقة التي هي مورد البحث تدلّ على أنّه قد مات بعد بعثة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فكيف إذا كان عبد الله قد مات بعده بشهر ، فان الأمر يصبح اكثر وضوحاً حيث سيأتي أنّ عبد الله قد وُلد ومات بعد النبوّة قطعاً.

وهم يقولون : إنّه حين مات القاسم كان عمره سنتان (٢٦) ; وقيل : عاش حتى مشى (٢٧).

__________________

(٢٣) راجع : الثقات ٢ / ١٤٢ ، والتبيان ١٠ / ٤١٨ ، وفتح القدير ٥ / ٥٠٤ ، لباب التأويل ٤ / ٤١٧ ، وتفسير القرآن العظيم ٤ / ٥٥٩ ، والجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٢٢٣ ، والتفسير الكبير ٣٢ / ١٣٢.

(٢٤) راجع : البحر المحيط ٨ / ٥٢٠ ، والنهر المادّ من البحر (بهامش البحر المحيط) ٨ / ٥١٩ ، وفتح القدير ٥ / ٥٠٣ و ٥٠٤ ، الدرّ المنثور ٦ / ٤٠٤ ، وتفسير القرآن العظيم ٤ / ٥٥٩ ، والجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٢٢٢ ، والتفسير الكبير ٣٢ / ١٣٣.

(٢٥) الدرّ المنثور ٦ / ٤٠٤ ، ودلائل النبوّة للبيهقي ٢ / ٧٠ ، والطبقات الكبرى لابن سعد ١ / ١٣٣ ، والثقات ٢ / ١٤٢ ، وتاريخ الخميس ١ / ٢٧٣ ، ونهاية الارب ١٨ / ٢٠٨ ، والوفاء : ٦٥٥ ، ومروج الذهب ٢ / ٢٩١ ، والمواثب اللدنّية ١ / ١٩٦ ، وأُسد الغابة ٥ / ٤٦٧ ، ونور الأَبصار : ٤٣ ، وإسعاف الراغبين (مطبوع بهامش نور الأبصار) ٨١ / ٨٢ ، وذخائر العقبى : ١٥٢ ، والسيرة الحلبية ٣ / ٣٠٨ ، ومجمع الزوائد ٩ / ٢١٧ و ٢١٢ ، ومختصر تاريخ دمشق ٢ / ٢٦٢.

(٢٦) سيرة مغلطاي : ١٥ ، الطبقات الكبرى لابن سعد ١ / ١٣٣ ، وتاريخ الخميس ١ / ٢٧٣ ، والوفاء : ٦٥٥ ، والمواهب اللدنّية ١ / ١٩٦ ، والسيرة الحلبية ٣ / ٣٠٨ ، ونور الأبصار ٤٣ ، وذخائر العقبى : ١٥٢ ، واسعاف الراغبين (مطبوع بهامش نور الأبصار) : ٨٢.

(٢٧) البدء والتاريخ ٥ / ١٦ ، والمواهب اللدنية ١ / ١٩٦ ، وتاريخ الخميس ١ / ٢٧٣ ، والسيرة


وجمع البلاذري بين هذين القولين ، فقال : «مات وقد مشى ، وهو ابن سنتين» (٢٨).

وآخرون يقولون : إنّ أولاد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ماتوا رضّعاً. زاد بعضهم قوله : قبل المبعث (٢٩). وعلى حدّ تعبير آخر : «ماتوا صغاراً جدّاً» (٣٠).

وقال مجاهد ـ عن القاسم ـ : عاش سبعة أيّام (أو ليال) (٣١).

وقيل : عاش سبعة عشر شهراً (٣٢).

وعند السهيلي : «بلغ القاسم المشي ، غير أنّ رضاعه لم يتمّ» (٣٣).

وفي نصّ آخر : أمّا القاسم والطيب فماتا بمكّة صغيرين (٣٤).

وبعض آخر يقول : بلغ القاسم أن يركب الدابّة ، ويسير على النجيبة (٣٥).

أما اليعقوبي ، فقد قال : كان للقاسم يوم توفي أربع سنين (٣٦).

__________________

الحلبية ٣ / ٣٠٨ ، والتبيين في أنساب القرشيّين : ٨٧ ، وذخائر العقبى : ١٥٢.

(٢٨) أنساب الأشراف (السيرة النبوية) : ٣٩٦.

(٢٩) تاريخ الإسلام (السيرة النبوية) : ٦٦ ، وتاريخ الخميس ١ / ٢٨٢ ، وذخائر العقبى : ١٥٢ ، وبهجة المحافل ٢ / ١٣٧ ، والسيرة الحلبية ٣ / ٣٠٨.

(٣٠) جمهرة أنساب العرب : ١٦.

(٣١) سيرة مغلطاي : ١٥ ، ومناقب آل أبي طالب ٢ / ١٣٣ ، وتاريخ الخميس ١ / ٢٧٣ ، والمواهب اللدنّية ١ / ١٩٦ ، والسيرة الحلبية ٣ / ٣٠٨ ، والبدء والتاريخ ٥ / ١٦ ، وذخائر العقبى : ١٥٢.

(٣٢) سيرة مغلطاي : ١٥ ، والمواهب اللدنّية ١ / ١٩٦ ، والسيرة الحلبية ٣ / ٣٠٨.

(٣٣) الروض الأنف ١ / ٢١٤.

(٣٤) مناقب آل أبي طالب ١ / ١٦٢.

(٣٥) راجع : المواهب اللدنّية ١ / ١٩٦ ، وبهجة المحافل ٢ / ١٣٧ ، وتاريخ الخميس ١ / ٢٧٣ ، ودلائل النبوّة للبيهقي ٢ / ٦٩ ، والدرّ المنثور ٦ / ٤٠٤ عنه ، والسيرة الحلبية ٣ / ٣٠٨ ، وذخائر العقبى : ١٥٢ ، وزاد المعاد ١ / ٢٥ ، وسيرة مغلطاي : ١٦.

(٣٦) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٣٢.


شواهد على أنّ القاسم مات بعد النبوّة :

فإذا كان القاسم قد مات صغيراً ، فلننظر متى وُلد القاسم على وجه التقريب ، فقد جاء في مسند الفريابي ما يدلّ على أنّه وُلد في الإسلام (٣٧) ويدلّ على ذلك الروايتان التاليتان :

أ ـ ما روي من أنّه لمّا توفّي القاسم كان له أربع سنين ، ثمّ توفّي عبد الله ابن رسول الله بعده بشهر ، ولم يُفطم.

فقالت خديجة : يا رسول الله ، لو بقي حتى أفطمه.

قال : فإنّ فطامه في الجنّة (٣٨).

ب ـ وقع في مسند الفريابي : أنّ خديجة دخل عليها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعد موت القاسم ، وهي تبكي ، فقالت : يا رسول الله! درّت لبينة القاسم ، فلو عاش حتى يستكمل رضاعه لهوّن عليّ.

فقال : إنّ له مرضعاً في الجنّة تستكمل رضاعه.

فقالت : لو أعلم ذلك لهّون عليّ.

فقال : إن شئت أسمعتك صوته في الجنّة.

فقالت : بل أُصدِّق الله ورسولَه (٣٩).

قال السهيلي : وهذا الحديث يدلّ على أنّ القاسم لم يهلك في الجاهلية (٤٠).

وخلاصة الأَمر : إنّ سورة الكوثر قد نزلت بعد عدّة سنوات من البعثة ،

__________________ ـ

(٣٧)

(٣٨) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٣٢.

(٣٩) الروض الانف ١ / ٢١٤.

(٤٠) الروض الانف ١ / ٢١٥.


حيث إنّها هي السورة الرابعة عشرة بحسب ترتيب نزول السور الوارد في رواية ابن عبّاس (٤١).

والمستفاد هنا : أنّ رقيّة وأُمّ كلثوم قد وُلدتا بعد موت القاسم ، وعبد الله أي بعد البعثة بسنوات أيضاً ، فكيف تكونان قد تزوّجتا أبناء أبي لهب في الجاهلية ، ثمّ تزوجت رقيّة عثمان ، وهاجرت إلى الحبشة في السنة الخامسة من البعثة ، وحملت وأسقطت علقة في السفينة؟!

الرواية المتقدّمة بطريقة أُخرى :

وعن ابن عبّاس قال :

ولدت خديجة من النبيّ : عبدالله بن محمد. ثمّ أبطأ عليه الولد من بعده ، فبينا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يكلِّم رجلاً ، والعاص بن وائل ينظر إليه ، إذ قال له رجل : من هذا؟ قال : هذا الأَبتر ـ يعني النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وكانت قريش إذا ولد الرجل ثمّ أبطأ عليه الولد من بعده قالوا : هذا الأَبتر.

فأنزل الله : (إنَّ شانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) إنّ مبغضك هو الأَبتر الذي بتر من كلّ خير.

ثمّ ولدت له زينب ، ثمّ ولدت له رقيّة ، ثمّ ولدت له القاسم ، ثمّ ولدت الطاهر ، ثمّ ولدت المطهر ، ثمّ ولدت الطيِّب ، ثمّ ولدت المطيَّب ، ثمّ ولدت أُمّ كلثوم ، ثمّ ولدت فاطمة ، وكانت أصغرهم (٤٢).

وهذه الرواية تفيد : أنّ نزول سورة الكوثر قد كان قبل ولادة جميع أبنائه صلّى الله عليه وآله وسلّم ما عدا عبد الله الذي كانت ولادته في الإسلام عند جُلّ

__________________

(٤١) الإتقان ١ / ١٠ ، والبرهان للزركشي ١ / ١٩٣.

(٤٢) مختصر تاريخ دمشق ٢ / ٢٦٣ و ٢٦٤ ، الدرّ المنثور ٦ / ٤٠٤ ، والسيرة الحلبية ٣ / ٣٠٨.


المؤرِّخين (٤٣).

فيكون تزويج رقيّة وأُمّ كلثوم من ابنَي أبي لهب ، ثمّ من عثمان ، محض خيال من الرواة ، ومن تخرّصاتهم.

لكن القول هنا بأنّ عبدالله هو أكبر أولاد النبيّ خلاف ما هو مشهور ، وذلك لا يوجب بطلان هذه الرواية إذ ربَّ مشهور لا أصل له ، ولا منطق يساعده.

تناقض غير مقبول :

وقد روى أبو هلال العسكري هذه الرواية على النحو التالي :

مات القاسم والطاهر ـ قبل النبوّة ـ فمّر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم راجعاً من جنازة القاسم على العاص بن وائل السهمي ، وابنه عمرو ، فقال عمرو : إنّي لأَشنؤه. فقال العاص : لا جرم لقد أصبح أبتر. فأنزل الله : (إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) (٤٤).

فنجد أنّ هذه الرواية تصرّح بموت القاسم قبل النبوّة ، ثمّ تقول : إن العاص بن وائل قال ما قال حين رجوع النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم من جنازت القاسم ، فنزلت الآية! فلا يعقل أن تنزل الآية عليه في هذه المناسبة إلاّ بعد النبوّة. وذلك ظاهر.

إلاّ أن يقال : إنّ نزول الآية قد تأخّر عن مناسبتها إلى ما بعد سنوات عديدة ، وهو بعيد في الغاية ، وخلاف ظاهر الرواية ، التي جاءت بفاء التفريع.

__________________

(٤٣) راجع : تاريخ الخميس ١ / ٢٧٢ ، والوفاء : ٦٥٥ و ٦٥٦ ، ومروج الذهب ٢ / ٢٩١ ، والبدء والتاريخ ٥ / ١٦ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٠ ، والمواهب اللدنّية ١ / ١٩٦ ، والسيرة الحلبية ٣ / ٣٠٨ ، والتبيين في أنساب القرشيين : ٨٧ ، وإسعاف الراغبين (مطبوع بهامش نور الأَبصار) : ٨٢.

(٤٤) الأَوائل ١ / ١٦٦.


أو يقال : إنّ قوله أوّلاّ ـ قبل النبوّة ـ قد جاء من قبل الرواة ، اعتماداً منهم على ما هو المرتكز في أذهانهم ، بحسب ما سمعوه قبل ذلك.

وربما يكون ذلك سبق قلم من النسّاخ .. وربما ، وربما!!

تذكـير :

وقبل أن نمضي في الحديث نسجّل هنا تحفُّظاً على القول المتقدم بأنّ المراد بالأبتر : أبو جهل; لوصفه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك حين موت ولده إبراهيم. فإنّ أبا جهل قد مات في السنة الثانية من الهجرة ن في بدر ، أي قبل ولادة إبراهيم ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعدّة سنوات. فهذا يرجّح أن يكون ذلك قد صدر منه بمناسبة موت القاسم ، أو عبد الله ، ابنَي النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم.

رابعاً : صُغرى بنات النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم :

قال الجرجاني : إنّه قد صحّ عنده : أنّ رقيّة كانت أصغر بنات النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، حتى من فاطمة عليها السلام (٤٥).

ويرى بعض آخر : أنّ أُمّ كلثوم كانت هي الأصغر من الكلّ (٤٦).

وقال أبو عمر : كانت فاطمة هي وأُختها أُمّ كلثوم أصغر بنات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، واختلف في الصغرى منهما.

__________________

(٤٥) راجع : الإصابة ٤ / ٣٠٤ ، والاستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ٤ / ٢٨٢ و ٢٩٩ ، ودلائل النبوّة للبيهقي ٢ / ٧٠ ، وتاريخ الخميس ١ / ٢٧٣ ، والوفاء : ٦٥٦ ، ومختصر تاريخ دمشق ٢ / ٢٦٢.

(٤٦) راجع : زاد المعاد لابن القيّم ١ / ٢٥ ، والطبقات الكبرى ١ / ١٣٣ ، والوفاء : ٦٥٥ ، والسيرة الحلبية ٣ / ٣٠٨ ، وجمهرة أنساب العرب : ١٦ ، ونور الأبصار : ٤٣ ، وإسعاف الراغبين (بهامش نور الأبصار) : ٨٢ ، ومحاضرة الأوائل : ٨٨.


وقال ابن السرّاج : سمعت عبيد الله الهاشمي يقول : وُلدت فاطمة في سنة إحدى وأربعين من مولد النبيّ (٤٧). أضاف في الاستيعاب : وقد قيل : إنّ رقيّة أصغر منها (٤٨).

وقال فريق آخر : الأَكثر على أنّ فاطمة أصغرهنّ سنّاً; ورآه بعض آخر : أنّه هو الصحيح (٤٩).

فإذا صحّ أنّ رقيّة أو أُمّ كلثوم كانت أصغر من فاطمة ، فلابُدّ من الرجوع إلى تاريخ ولادة فاطمة عليها السلام ، فبينما نرى البعض يذكر : أنّها قد وُلدت قبل البعثة (٥٠). فإنّ البعض الآخر يقول : إنّها وُلدت في سنة البعثة (٥١).

وبعضهم الآخر يقول : وُلدت سنة إحدى وأربعين (٥٢).

وفريق ثالث يقول : في السنة الثانية من البعثة (٥٣).

أمّا نحن نقول : إنّها عليها السلام قد وُلدت في السنة الخامسة من البعثة

__________________

(٤٧) نهاية الأرب ١٨ / ٢١٣ ، الاستيعاب (بهامش الإصابة) ٤ / ٣٧٣ و ٣٧٤.

(٤٨) الاستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ٤ / ٣٧٣ ، والسيرة الحلبية ٣ / ٣٠٨.

(٤٩) راجع : تاريخ الخميس ١ / ٢٧٢ ، وبهجة المحافل ٢ / ١٣٧ ، والوفاء : ٦٥٦ ، والأَوائل للعسكري ١ / ١٦٦ ، والروض الأنف ١ / ٢١٥ ، والسيرة الحلبية ٣ / ٣٠٨ ، وذخائر العقبى : ١٥٣.

(٥٠) راجع المصادر لذلك في كتابنا : الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم ، ج ١ ، حين الحديث حول ولادة فاطمة عليها السلام.

(٥١) البحار ٤٣ / ٨ عن إقبال الأعمال ، وعن حدائق الرياض للشيخ المفيد ، وتاريخ الخلفاء : ٧٥ ، وهو مقتضى كلام العسقلاني في تهذيب التهذيب ٢ / ٤٤١ حيث قال : إنّها تزوّجت في السنة الثانية من الهجرة وعمرها خمس عشر سنة وخمسة أشهر ونصفاً.

(٥٢) راجع : مستدرك الحاكم ٣ / ١٦٣ ، ونهاية الأرب ١٨ / ٢١٣ ، وسيرة مغلطاي : ١٧ ، ودلائل النبوّة للبيهقي ط دار الكتب العلمية ٢ / ٧١ ، والبحار ٤٣ / ٨ ، وملحقات إحقاق الحقّ للمرعشي ١٠ / ١١ عن الثغور الباسمة للسيوطي ، البصائر والذخائر ١ / ١٩٣ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٠ ، والتبيين في أنساب القرشيّين : ٩١ ، ومختصر تاريخ دمشق ٢ / ٢٦٩ ، والمواهب اللدنيّة ١ / ١٩٨ ، والاستيعاب (بهامش الإصابة) ٤ / ٣٧٤.

(٥٣) راجع : البحار ٤٣ / ٩ ، نهاية الأرب ١٨ / ٢١٣.


النبوية الشريفة.

فكيف تكون رقيّة قد تزوّجت في الجاهلية بابن أبي لهب ، ثمّ لَمَّا بُعث رسول الله أسلمت ، فطلّقها زوجها ليتزوَّجها عثمان ، ثمّ تحمل ، وتسقط في السفينة حين الهجرة إلى الحبشة في السنة الخامسة بعد البعثة؟!

وقد وافقنا على ما نذهب إليه في تاريخ ميلاد فاطمة عليها السلام جماعة فقالوا : إنّ فاطمة قد وُلدت في السنة الخامسة من البعثة (٥٤).

ويدلُّ على ذلك ما يلي :

أ : ما قدّمناه في أوائل هذا البحث من أنّ غير واحد قد نصّ على أنّ أولاد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كلّهم قد وُلدوا بعد النبوّة ، باستثناء عبد مناف عند بعضهم. فراجع ما نقلناه عن مصعب الزبيري ، والسهيلي ، والمقدسي ، والقسطلاني وغيرهم.

ب : هناك روايات كثيرة أوردها جماعة من الحفّاظ والعلماء على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم ، كلّها تدلّ على أنّ نطفة فاطمة عليها الصلاة والسلام قد انعقدت من ثمر جاء به جبرئيل من الجنّة إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، حين الإسراء والمعراج ، الذي كان في السنة الثانية ، أو الثالثة من البعثة على ما هو الأَظهر والأَرجح (٥٥).

وقد رويت هذه الروايات عن جماعة من الصحابة ، مثل : سعد بن أبي

__________________

(٥٤) راجع المصادر التالية : البحار ٤٣ / ١ ـ ١٠ عن الكافي بسند صحيح ، والمصباح الكبير ، ودلائل الإمامة ، ومصباح الكفعمي ، والروضة ، ومناقب ابن شهرآشوب.

وفي هذين الأخيرين : أنّها عليها السلام وُلدت بعد البعثة بخمس سنين ، وبعد الإسراء بثلاث سنين.

وراجع : مروج الذهب ٢ / ٢٨٩ ، وكشف الغمّة ٢ / ٧٥ ، وإثبات الوصيّة للمسعودي ، وذخائر العقبى : ٥٢ ، وتاريخ الخميس ١ / ٢٧٨ عن الإمام أبي بكر أحمد بن نصر بن عبد الله الدرّاع في كتب : تاريخ مواليد أهل البيت.

(٥٥) راجع ذلك في كتابنا : الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم ..


وقّاص ، وعائشة ، وعمر بن الخطّاب ، وسعد بن مالك ، وابن عبّاس ، وغيرهم. وروي ذلك عن الإمام الصادق عليه السلام أيضاً (٥٦).

ومهما أمكنت المناقشة في بعض تلك الروايات ، فإنّ بعضها الآخر ، لا مجال للنقاش فيه ، كما لا يخفى على من راجعها ودقَّق النظر فيها.

ج ـ وممّا يدلّ على ذلك : ما روي من أنّ نساء قريش قد هجرن خديجة ، فلمّا حملت بفاطمة عليها السلام كانت تحدِّثها من بطنها ، وتصبِّرها. وكانت تكتم ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

فدخل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوماً; فسمع خديجة تحدِّث فاطمة ، فقال لها : يا خديجة ، مَن تحدِّثين؟!

قالت : الجنين الذي في بطني يحدِّثني ويؤنسني.

قال : يا خديجة ، هذا جبرئيل يخبرني : أنّها أُنثى ... إلى آخره (٥٧).

__________________

(٥٦) نجد بعض هذه الروايات في كتب الشيعة هي : علل الشرائع : ٧٢ ، والبحار ١٨ / ٣١٥ و ٣٥٠ و ٣٦٤ و ٤٣ / ٤ و ٥ و ٦ عن تفسير القمي ، وعن الأَمالي للصدوق ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام ، ومعاني الأخبار ، والاحتجاج ، والأنوار النعمانية ١ / ٨٠ ، وغير ذلك.

وتجده في كتب غيرهم في : المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٦٥ ، وتلخيصه للذهب (مطبوع بهامشه) ، ونزل الأبرار : والدرّ المنثور ٤ / ١٥٣ عن الحاكم ، والطبراني ، وتاريخ بغداد ٥ / ٨٧ ، ومناقب الإمام عليّ عليه السلام لابن المغازلي : ٣٥٧ ، وتاريخ الخميس ١ / ٢٧٧ ، ونظم درر السمطين : ١٧٦ ، وذخائر العقبى : ٣٦ ، ومحاضرة الأوائل : ٨٨ ونور الأبصار : ٤٤ و ٤٥ ، ولسان الميزان ١ / ١٣٤ ، واللآلي المصنوعة ١ / ٣٩٢ و ٣٩٤ ، والمواهب اللدنيّة ٢ / ٢٩ ، ومقت الحسين للخوارزمي : ٦٣ و ٦٤ ، وميزان الاعتدال ٢ / ١٦٠ و ٢٩٧ ، ومجمع الزوائد ٩ / ٢٠٢ ، وينابيع المودّة : ٩٧ ، ونزهة المجالس ٢ / ١٧٩ ، وإحقاق الحقّ (الملحقات للمرعشي) ١٠ / ١ ـ ١١ عن بعض من تقدّم ، وعن : أرجح المطالب : ٢٣٩ ، وعن وسيلة المآل : ٧٨ و ٧٩ ، وعن إعراب ثلاثين سورة : ١٢٠ ، وعن مفتاح النجا : ٩٨ (مخطوط) ، وعن أخبار الدول : ٨٧ ، وعن ميزان الاعتدال ١ / ٣٨ و ٢٥٣ ، ٢ / ٢٦ و ٨٤ ، وعن كنز العمّال.

(٥٧) البحار ٤٣ / ٢.


فهذا الحديث يدلّ على أنّ الحمل بفاطمة قد كان حينما كان جبرئيل عليه السلام يلتقي بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد كان ذلك بعد بعثته صلّى الله عليه وآله وسلّم.

كما أنّه يدلّ على أنّ الحمل بفاطمة قد كان بعد عدّة سنوات من البعثة ، أي بعد إظهار قريش لعدائها لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم; وحينما هجرت نساء قريش خديجة رحمها الله ، ولم يكن ذلك إلاّ بعد البعثة بعدّة سنوات ، أي بعد انتهاء الدعوة غير المعلَنة ، ثمّ الدخول في مرحلة جديدة ، كما هو ظاهر.

د ـ ما روي من أنّ أبا بكر خطب فاطمة فردّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ثمّ خطبها عمر فردّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وقال لهما : إنّها صغيرة; فخطبها عليٌّ عليه السلام ، فزوَّجه (٥٨).

فلمّا عاتب الخاطبون رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على منعهم ، وتزويج عليّ عليه السلام ، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : والله ، ما أنا منعتكم وزوَّجته ، بل الله منعكم وزوّجه (٥٩).

ومن الواضح : أنّ تزويج فاطمة قد كان في السنة الثانية بعد الهجرة ، فالتعليل لردّهما بكونها صغيرة ، يشير إلى أنّ ولادتها قد كانت بعد البعثة بعدّة سنوات ، إذ لو كانت قد وُلدت قبل البعثة بخمس سنوات كما يدّعون لكان عمرها حين زواجها نحو عشرين سنة ، ولا يقال لمن تكون بهذه السنّ : إنّها صغيرة!!

__________________

(٥٨) خصائص أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب للنسائي ص ١١٤ ، ومناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٤٥ ، وتذكرة الخواصّ : ٣٠٦ و ٣٠٧ ، ومستدرك الحاكم على الصحيحين ٢ / ١٦٧ و ١٦٨ ، وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) وسكت عنه ، وسنن النسائي ٦ / ٦٢ ، وقد ذكرنا لحديث الخطبة والردّ ثمّ التزويج لعليّ عليه السلام مصادر كثيرة في كتابنا : الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم ٤ / ٢٦ و ٢٧.

(٥٩) راجع : بحار الأنوار ٤٣ / ٩٢ وغير ذلك.


وممّا يدلّ على أنّ خطبة أبي بكر وعمر لها قد كانت بعد الهجرة : قولهم :

خطب أبو بكر فاطمة إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : هي لك يا عليّ لست بدجّال (٦٠).

حيث إنّه ظاهر في أنّ تزويجها لعليٍّ ، قد أعقب خطبة أبي بكر وعمر لها ، ومن دون فصل.

خامساً : متى تزوّجت خديجة برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟! :

ثم إنّ ما ذكروه من تزوّج رقيّة وأُمّ كلثوم بابنَي أبي لهب يتوقّف على أن تكون خديجة قد تزوّجت برسول الله في وقت مبكِّر قبل البعثة.

ونحن وإن كنا نجدهم يروون : أنّها رحمها الله قد تزوّجت بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قبل البعثة بخمس عشرة سنة ، أو ستّ عشرة ، أو حتى عشرين سنة ، كما في بعض الأَقوال الشاذّة (٦١).

إلاّ أنّنا نجد أقوالاً أُخرى تفيد : أنّها رحمها الله قد تزوّجت برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قبل البعثة بعشر سنين (٦٢).

وقال البعض : تزوّجته قبل البعثة بخمس سنين (٦٣).

__________________

(٦٠) طبقات ابن سعد ـ ط ليدن ٨ / ١٢ ، ومجمع الزوائد ٩ / ٢٠٤ عن البزّار ، واللآلي المصنوعة ١ / ٣٦٥ عن العقيلي والطيراني ، وقال الهيثمي : رجاله ثقات إلاّ أنّ أبا القيس لم يسمع من النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولنا كلام مطول مع المنتقدين للرواية فراجع الصحيح من سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ٤ / ٣٠ فما بعدها.

(٦١) راجع هذه الأقوال ، كلاّ او بعضاً في : تاريخ الخميس ١ / ٢٦٤ ، ومجمع الزوائد ٩ / ٢١٩ ، ومختصر تاريخ دمشق ٢ / ٢٧٥ ، والاستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ٤

(٦٢) راجع : الروض الأُنف ١ / ٢١٦ ، والمواهب اللدنّية ١ / ٣٨ و ٢٠٢ ، وسيرة مغلطاي : ١٢ ، ومختصر تاريخ دمشق ٢ / ٢٧٥.

(٦٣) الأوائل ١ / ١٦١.


وبعض آخر يقول : إنّها قد تزوّجته قبل البعثة بثلاث سنين (٦٤).

وربما يرجِّح هذا القول الأَخير ما نقله البيهقي من أنها رحمها الله قد توفّيت وعمرها خمسون سنة على الأَصحّ (٦٥).

ويرجحه أيضاً قولهم المتقدّم : إنّها رحمها الله لم تلد في الجاهلية سوى عبد مناف.

وبذلك يتَّضح : أنّ القول بأنّها قد وَلدت رقيّة ، وأُمّ كلثوم في الجاهلية ، ثمّ كبرتا ، وتزوّجتا بأبنَي أبي لهب ، ثمّ بعثمان ، يصبح موضع شكّ وريب. ويزيد هذا الريب حتى يصل إلى درجة اليقين بكذب ذلك ، بملاحظة سائر الدلائل والشواهد التي أوردناها ونوردها في هذا البحث.

سادساً : الدولابي ماذا يقول :

أمّا الدولابي ، فيقول : إنّ عثمان قد تزوّج رقيّة في الجاهلية (٦٦). ويظهر من الديار بكري : أنّه جازم بذلك (٦٧).

ومعنى ذلك : أنّ ما يذكرونه من زواج بنتَي رسول الله بابنَي أبي لهب لا يصحّ ، إذا لوحظ ما يذكرونه من سبب طلاقهما إيّاهما.

سابعاً : هجرة الفواطم!! :

وممّا يزيد الأَمر وضوحاً : أنّ أُمّ كلثوم التي يُدّعى أنّها بنت النبيّ صلّى

__________________ ـ

(٦٤) راجع : سيرة مغلطاي : ١٢ عن ابن جريج ، وكذا في مجمع الزوائد ٩ / ٢١٩ ، والأوائل ج ١ / ١٦١.

(٦٥) دلائل النبوّة للبيهقي ـ ط دار الكتب العلمية ٢ / ٧١.

(٦٦) راجع : تاريخ الخميس ١ / ٢٧٥ ، والمواهب اللدنّية ١ / ١٩٧ ، وذخائر العقبى : ١٦٢ ، إسعاف الراغبين (مطبوع بهامش نور الأبصار) : ٨٣.

(٦٧) تاريخ الخميس ١ / ٤٠٦.


الله عليه وآله وسلّم ، وطلّقها ابن أبي لهب في مكة ، ثمّ تزوّجها عثمان في المدينة بعد الهجرة بعدّة سنوات ، ثم تزوجها عثمان ، لم نجد لها ذكراً حين الهجرة إلى المدينة ، بل المؤرّخون يقتصرون على القول : بأنّ عليَّاً عليه السلام قد حمل معه الفواطم ، وأُمّ أيمن ، وجماعة من ضعفاء المؤمنين (٦٨).

وليس ثمّة أيّة إشارة إلى أُمّ كلثوم إطلاقاً ، فهل هاجرت قبل ذلك ، أو بعده؟! ومع مَن؟! ولماذا؟!

أم أنّها قد جُعلت في جملة الضعفاء؟! فلماذا إذن أُفردت عن أُختها فاطمة وعن أُمّ أيمن ، وجُعلت في جملة ضعفاء المؤمنين؟!

لا ندري!!

ولعلّ الفطن الذكي يدري!!

ثامناً : زوجة أبي العاص لم تكن بنتاً لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم :

وبعدما تقدّم فإنّنا بالنسبة إلى زينب زوجة أبي العاص بن الربيع نقول :

أ ـ إنّ القول في بنوّة زينب الحقيقية لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، هو نفس القول الذي تقدّم في رقيّة ، وأُمّ كلثوم. فان أكثر ما أوردناه هناك يرد هنا.

ب ـ إنّ البعض يقول : إنّ خديجة قد ولدت للنبّاش بن زرارة ثلاثة أولاد ، هم : هند ، والحرث ، وزينب (٦٩) وهذا يؤيّد ما يذهب إليه البعض من أنّ زينب كانت ربيبة لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

ونحن إن كنّا قد ناقشنا بصورة قويّة في أن تكون خديجة قد تزوّجت أحداً قبل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، لكنّ هذا النصّ يسجّل اعترافاً بأنّ زينب كانت بنتاً لأَبي هالة لا للنبي ، ولكن يبقى الكلام في أنّها هل هي بنت

__________________

(٦٨) السيرة الحلبية ٢ / ٥١ ، وسيرة المصطفى : ٢٥٩.

(٦٩) سيرة مغلطاي ١٢ ، ونهاية الأَرب ١٨ / ١٧١.


أُخت خديجة ، أو بنت زوج أُختها. وهو بحث آخر ، لا أثر له فيما نحن بصدده هنا.

ج ـ عن عمرو بن دينار : إنّ حسن بن محمد بن عليّ أخبره : أنّ أبا العاص بن الربيع ، بن عبد العزّى ، بن عبد شمس ، بن عبد مناف ، وكان زوجاً لبنت خديجة ، فجيء به للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في قُدّ ، فحلّته زينب بنت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ... إلى آخره (٧٠).

فكأنّ هذا النصّ يريد أن يشير إلى أنّ المتحدِّث يرى : أنّها كانت بنتاً لخديجة على الحقيقة ، وأمّا نسبتها إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في ذيل كلامه ; فلعلّه قد أراد به البنوّة بالتربية ، وتكون نسبتها إلى خديجة وحدها أوّلاً قرينة على ذلك.

الاشتباه في الإعراب :

قد ذكر الشيخ محمد حسن آل يس : أنّ بعض المصادر تقول : إنّ زينب قد وُلدت للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وكان عمره ثلاثين سنة (٧١) ، وتزوّجها أبو العاص قبل البعثة ، وولدت له عليّاً ـ مات صغيراً ـ وأُمامة ، وأسلمت حين أسلمت أُمّها في أوّل البعثة.

قال : وذلك غير معقول ، إذ لا يمكن لبنت في العاشرة أن تتزوّج ، ويولد لها بنت ، وتكبر تلك البنت حتى تسلم مع أُمّها في أوّل البعثة. هذا ، وحيث لا تزال أُمّها في العاشرة من عمرها (٧٢).

ونقول : إن استنتاج هذا البحث مرتكز على أن تكون عبارة : وأسلمت

__________________

(٧٠) المصنْف للصنعاني ٥ / ٢٢٤.

(٧١) أُسد الغابة ٥ / ٤٦٧ ، ونهاية الأرب ١٨ / ٢١١ ، والاستيعاب (هامش الإصابة) ٤ / ٣١١ ، وهم يذكرون ذلك في مختلف كتب السيرة والتراجم ن حين الحديث حول زينب.

(٧٢) كتاب النبوّة ـ للشيخ محمد حسن آل ياسين ـ هامش : ٦٥.


حين أسلمت أُمّها ، يقصد بها أُمامة ، وأُمّها زينب.

ولكنّ ذلك غير ظاهر ، بل الصحيح : هو أنّ الضمير يرجع إلى زينب وأُمّها خديجة ; لأنّ الحديث هو عن زينب ، وقد جاء ذكر ، أولادها ، علي وأمامة عوضاً.

تاسعاً : زينب ورقيّة ربيبتان للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم :

١ ـ قال أبو القاسم الكوفي ما ملخَّصه أنّه : قد كانت لخديجة أُخت اسمها «هالة» (٧٣) ، تزوّجها رجل مخزوميّ ، فولدت له بنتاً اسمها هالة. ثم خلف عليها ـ أي على هالة الأُلى ـ رجل تميميّ ، يقال له : أبو هند ; فأولدها ولداً اسمه هند.

وكانت لهذا التميمي امرأة أُخرى قد ولدت له بنتين اسمهما «زينب ورقيّة» فماتت ، ومات التميمي ، فلحق وَلده هند بقومه ، وبقيت هالة أُخت خديجة ، والطفلتان اللتان من التميمي ، وزوجته الأُخرى ، فضمّتهم خديجة إليها.

وبعد أنّ تزوجت بالرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ماتت هالة ; فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم.

وكان العرب يزعمون : أنّ الربيبة بنت ، فلأَجل ذلك نُسبتا إليه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، مع أنّهما بنتان لأَبي هند زوج أُخت خديجة ... إلى آخره (٧٤).

٢ ـ وقال ابن شهر آشوب ، وهو يتحدّث عن أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قد تزوّج خديجة وهي عذراء :

يؤكّد ذلك ما ذكر كتابي الأَنوار والبدع : أنّ رقيّة وزينب كانتا ابنتَي

__________________

(٧٣) راجع : الاستغاثة ١ / ٦٨ ـ ٦٩ رسالة مطبوعة طبعة حجرية ، مع كتاب مكارم الأَخلاق : ٦.

(٧٤)


هالة أُخت خديجة (٧٥).

وقال أيضاً : وفي الأَنوار ، والكشف ، واللمع ، وكتاب البلاذري : أنّ زينب ورقية كانتا ربيبتيه من جحش (٧٦).

ولم نفهم المقصود من كلمته الأَخيرة : «من جحش» فهل هي تصحيف كلمة هند ، أو هالة ، أو نحو ذلك؟ أم ان العبارة كانت هكذا : «ربيبة ابن جحش»؟! فصحفت كلمة «ابن» فصارت : «من»؟!

كل ذلك محتمل ولا بد لترجيح اي من الاحتمالات من شاهد ودليل.

خديجة لم تتزوج أحداً قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلّم :

ولا بد لنا من أجل تأييد ما رواه أبو القاسم الكوفي من أن نشير إلى ان البحث العلمي الموضوعي لا يؤيد دعوى البعض : أن خديجة قد تزوجت برجلين قبل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.

ولعل هذه الدعوى قد صنعتها يد السياسة ، أو أنها قد جاءت لتكريس فضيلة لعائشة أم المؤمنين ، مفادها : أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يتزوج بكراً غيرها.

إذ أن المتتبع للتاريخ والحديث يلمس حرصاً ظاهراً من أم المؤمنين ، ومن محبيها ، وخصوصاً الزبيريين منهم ; على تسطير الفضائل لها ، ولو بالإغارة على فضائل غيرها ، ونسبتها إليها ، كما الحال في قضية الإفك ، كما أثبتناه في كتاب لنا مطبوع منذ سنوات.

__________________

(٧٥) مناقب آل أبي طالب ١ / ١٥٩ ، والبحار ، وتنقيح المقال ، وقاموس الرجال ن كلّهم عن المناقب.

(٧٦) مناقب آل أبي طالب ١ / ١٦٢.


الشواهد والادلة

وما نستند إليه في شكنا بما يدَّعيه هؤلاء بالنسبة لزواج خديجة بأحد قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ، بالإضافة إلى ما تقدم نقله عن الاستغاثة ، هو ما يلي :

أولاً : اضطراب المعلومات التي يقدمها مدّعو تزوجها عليها السلام برجلين قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلّم.

فقد جاءت هذه المعلومات متناقضة ومتضاربة إلى حد كبير.

فهل اسم ابي هالة هو «النباش بن زرارة» ، أو «زرارة بن النباش»؟!

أو اسمه «هند» ، أو «مالك»؟!

وهل هو صحابي؟ أو غير صحابي؟!

وهل تزوجته قبل عتيق؟ أو بعده (٧٧)؟!

وبالنسبة الى «هند» الذي ولدته خديجة ، هل هو ابن هذا الزوج؟ أو ابن ذاك؟! فان كان ابن عتيق ، فهو أنثى (٧٨) ، وان كان ابن ذاك الآخر فهو ذكر.

وهذا الولد الذكر هل مات بالطاعون؟ ، أم أنه قتل مع علي أمير المؤمنين عليه السلام في حرب الجمل بالبصرة (٧٩)؟

وثانياً : قال أبو القاسم الكوفي :

«إن الإجماع من الخاص والعام ، من أهل الآنال «الآثار ظ» ، ونقلة

__________________

(٧٧) راجع : الأوائل ج ١ هامش ص ١٥٩٩.

(٧٨) راجع : الأوائل ج ١ ص ١٥٩ وقال : إن هنداً هذه قد تزوجت من صيفي بن عائذ ، فولدت محمد بن صيفي.

(٧٩) للاطلاع على الاختلافات المتقدمة راجع المصادر التالية : وقارن بين النصوص فيها : الاصابة ج ٣ ص ٦١١ و ٦١٢ ونسب قريش لمصعب الزبيري ص ٢٢ ، والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٠ ، واسد الغابة ج ١ ص ١٢ / ١٣ و ٧١ ، وقاموس الرجال ج ١٠ ص ٤٣١ ونقل عن البلاذري ، وغير ذلك.


الأخبار على انه لم يبق من أشراف قريش ، ومن ساداتهم ، وذوي النجدة منهم الا من خطب خديجة ، ورام تزويجها; فامتنعت على جميعهم من ذلك.

فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم غضب عليها نساء قريش ، وهجرنها ، وقلن لها :

خطبك أشراف قريش ، وأمراؤهم ، فلم تتزوجي احداً منهم؟ وتزوجت محمداً يتيم أبي طالب ، فقيراً ، لا مال له؟!

فكيف يجوز في نظر أهل الفهم : أن تكون خديجة يتزوجها أعرابي من تميم ، وتمتنع من سادات قريش وأشرافها على ما وصفناه؟!

ألا يعلم ذوو التمييز والنظر : أنه من أبين المحال ، وأفظع المقال (٨٠)؟!».

وثالثاً : كيف لم يعيّرها زعماء قريش ، الذين خطبوها فردّتهم ، بزواجها من أعرابي بوال على عقبيه لا قيمة له ولا شأن؟! ألم تكن هذه فرصة سانحة لهم للانتقام لأنفسهم ، من امرأة لم تكترث بهم ، ولا بزعامتهم ، ورفضت عروضهم عليها ، وتقربهم منها ، وتزلّفهم إليها؟!

ورابعاً : قال ابن شهر آشوب : «روى احمد البلاذري ، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما ، والمرتضى في الشافي ، وأبو جعفر في التلخيص : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم تزوج بها ، وكانت عذراء.

يؤكد ذلك : ما ذكر في كتابي الانوار والبدع : أن رقية وزينب كانتا ابينتي هالة أخت خديجة» (٨١).

وقد ذكرنا نحن فيما سبق شواهد أخرى كثيرة على ذلك أيضاً.

__________________

(٨٠) الاستغاثة ج ١ ص ٧٠.

(٨١) مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٥٩ ، وعنه في البحار ، ورجال المامقاني ، وقاموس الرجال.


تحذير :

ربما يحاول البعض أن يدعي : أن الحارث ابن أبي هالة ، الذي يقال : إنه أول شهيد في الاسلام كان ابناً لخديجة من أبي هالة ، وذلك يدل على تزويجها رحمها الله برجل غير النبي صلى الله عليه وآله وسلّم.

ونقول :

١ ـ لم يثبت لدينا ان الحارث هذا قد كان ابناً لخديجة لان الظاهر : أن نسبته لخديجة ليس لها ما يثبتها سوى دعواهم أن خديجة قد تزوجت بأبي هالة ، وهذا هو أول الكلام ، وهو موضع الإشكال.

٢ ـ دعواهم : أن الحارث هذا هو أول شهيد في الاسلام ـ والمدعي لذلك هو الشرقي ابن القطامي ـ يعارضها :

الف ـ قول ابن عباس : «فقتل أبو عمار ، وأم عمار ، وهما أول قتيلين قتلا من المسلمين» (٨٢).

ب ـ ما روي بسند صحيح ، من أن أول شهيد في الاسلام هو سمية رحمها الله (٨٣) وكذا روي عن مجاهد أيضاً (٨٤).

ودعوى : أن سمية كانت هي أول من استشهد من النساء ، والحارث كان أول من استشهد من الرجال.

ليس لها ما يبررها ما دام أن كلمة «شهيد» ، تطلق على الرجل والمرأة على حد سواء ، مثل قتيل وجريح ، ولأجل ذلك نجد أبا هلال العسكري قد جعل القول : بأن سمية أول شهيد ، في مقابل قول الشرقي ابن القطامي في

__________________

(٨٢) صفين للمنقري ص ٣٢٥.

(٨٣) الاصابة ج ٤ ٣٣٥ ، وطبقات ابن سعد ط ليدن ج ٨ ص ١٩٣.

(٨٤) الاستيعاب (بهامش الاصابة) ج ٤ ص ٣٣١ ، والاوائل ج ١ ص ٣١٢.


الحارث بن ابي هالة ، فراجع (٨٥).

ربما يكون الحلّ الأمثل!! :

فاتّضح من جميع ما تقدم أنّ رقيّة التي تزوّجها عثمان لم تكن بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلّم.

فإذا كنّا نريد أن نكون أكثر دقّة في حكمنا على الروايات التاريخية ، فإنّنا لا بُدّ أن نفترض أنّ التسليم بولادة بنات للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم من خديجة ، وأنّهنّ قد متن وهنّ صغيرات ، ولم يتزوّجن من أحد ، فإذا كان عثمان قد تزوّج بمن اسمها رقيّة ، وبعد موتها تزوّج بمن اسمها أُمّ كلثوم ، فلابُدّ أن يكنّ لسن بنات للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم. وإن تشابهت الأسماء.

ولعلّ تشابه الأسماء بين زوجَتي عثمان ، وبين من وُلدن للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بعد البعثة على الأَكثر ، ومتن وهن صغيرات ، قد أوقع البعض بالاشتباه ، أو سوّغ له أن يدّعي : أنّ هاتين البنتين أعني زوجَتي عثمان هنّ نفس رقيّة وأُمّ كلثوم بنات النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم.

وربما أكّد هذه الشبهة وقوّاها كون زوجَتي عثمان قد كانتا ربيبتين لرسول الله أيضاً ، وقد كان العرب يقولون لربيبة الرجل : إنّها ابنته ، كما هو معروف ، الأَمر الذي أفسح المجال لتكريس هذا الاشتباه العفوي أو العمدي في بداياته على الأَقلّ لأهداف ونوايا لا تخفى.

صهر رسول الله! :

وإذا كانت رقيّة وأُمّ كلثوم اللتان تزوّجهما عثمان إنّما كانتا ربيبتين لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. ويقال لربيبة الرجل : إنّها ابنته. فإنّه يصحّ أن

__________________

(٨٥) الاوائل ج ١ ص ٣١٢.


يقال لمن يتزوّج تلك الربيبة : إنّه صهر لذلك الرجل.

ومن هنا يتّضح لنا الوجه فيما نسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام : من أنّه قد قرَّر لعثمان ، أنّ نسبته إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أكثر من نسبة سلفَيه أبي بكر وعمر إليه. حيث قال له فيما روي :

«وقد نلت من صهره ما لم ينالا» (٨٦).

ولكن يبقى البحث حول أنّ ذلك الصهر على البنتين الربيبتين ، هل قام بواجبه تجاه ذلك الرجل الذي أكرمه بتزويج ربيبته له ، وتجاه نفس تينك البنتين ، فذلك يحتاج إلى مراجعة حياته وسيرته معهما ، وما جرى له مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حين وفاتهما ، فراجع كتاب «الصحيح من سيرة النبيّ الأَعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم» أوّل الجزء الرابع وآخره ، لتقف على بعض ما قيل في ذلك.

سرّ تزويج رقيّة لعثمان :

وإذا كان عثمان قد تزوّج رقية ربيبة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في الإسلام; فإنّ ما يلفت نظرنا هو أنّهم يذكرون : أنّ رقيّة كانت ذات جمال رائع (٨٧).

وقد قال البعض : إنّ عثمان «تعاهد مع أبي بكر : لو زوَّج منّي رقيّة لأسلمت» وذلك بعد أن بشّرته كاهنة بنبوّة رسول الله صلّى الله عليه وآله

__________________

(٨٦) نهج البلاغة ٢ / ٨٥ ، وأنساب الأشراف ٥ / ٦٠ ، والعقد الفريد ٣ / ٣٧٦ ط الاستقامة ، والجمل : ١٠٠ عن المدائني ، الغدير ٩ / ٧٤ عن بعض من تقدّم ، وعن الكامل في التاريخ ٣ / ٦٣ ، وعن البداية والنهاية ٧ / ١٦٨.

(٨٧) راجع : ذخائر العقبى : ١٦٢ ، والمواهب اللدنيّة ١ / ١٩٧ ، التبيين في أنساب القرشيّين : ٨٩ ، نور الأبصار : ٤٤.


وسلّم (٨٨).

ومعنى ذلك هو أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قد زوّج عثمان برقيّة تألّفاً له على الإسلام.

وقد روي أنّه لَمّا طلب سعد بن معاذ من عليٍّ أن يخطب فاطمة قال في جملة ما قال : «... وما أنا بالكافر الذي يترفّق بها عن دينه ـ يعني يتألَّفه ـ إنّي لأَوّل من أسلم» (٨٩).

وقال عليه السلام في جواب أسماء بنت عميس ، حينما اقترحت عليه الزواج بفاطمة عليها السلام : «ما لي صفراء ، ولا بيضاء ، ولست بمأبور ـ يعني غير الصحيح في الدين ـ ولا المتّهم في الإسلام» (٩٠).

فلعلّ هذا الكلام قد جاء تعريضاً بعثمان ، الذي زوّجه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم لكي يجره إلى قبول هذا الدين ، وفقاً للنصّ المتقدّم. لا سيما وأنّ أبا العاص ـ زوج زينب ـ كان لا يزال على شركه حتى عام الحديبية ، وهو : إنّما تزوج زينب في الجاهلية (٩١).

وقد تقدّم قول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليٍّ : هي لك يا عليّ ، لست بدجّال.

وقد حاول البزّاز وابن سعد جعل التاء في (لست) مضمومة ، قال ابن سعد : «وذلك أنّه كان قد وعد عليّاً بها قبل أن يخطب إليه أبو بكر وعمر» (٩٢).

__________________

(٨٨) مناقب آل أبي طالب ١ / ٢٢.

(٨٩) مجمع الزوائد ٩ / ٢٠٧ ، والمصنف للصنعاني ٥ / ٤٨٦ ، والمناقب للخوارزمي : ٢٤٣ ، وثمَة مصادر كثيرة ذكرناها في كتابنا الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم ٤ / ٢٦ و ٢٧ ، حين الكلام حول زواج عليّ بفاطمة عليهما السلام.

(٩٠) السيرة الحلبية ١ / ٢٠٧ ، والمصنّف للصنعاني ٥ / ٤٨٦ ، والنهاية في اللغة ١ / ١٤.

(٩١) الطبقات الكبرى ٨ / ٣٠ و ٣١ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٢٤٦.

(٩٢) طبقات ابن سعد ٨ / ١٢ طبعة ليدن ، ومجمع الزوائد ٩ / ٢٠٤.


ونقول : لو صحّ ذلك لم يكن قد اعتذر عن تزويجها لأبي بكر وعمر بصغرها ، بل كان اعتذر بالوعد الذي كان قد قطعه على نفسه لعليٍّ عليه الصلاة والسلام.

منافسون لعليٍّ عليه السلام :

وبعدما تقدّم ، فإنّنا نسجّل هنا النقاط التالية :

أوّلاً : ربما يكون إصرار الآخرين على بنوّة رقيّة ، وأُمّ كلثوم ، وزينب لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وإرسال ذلك إرسال المسلّمات ، ومن دون أيّ تحقيق أو تمحيص ، رغم وجود ما يقتضي الوقوف والتأمل ـ ربما يكون ذلك ـ راجعاً إلى الحرص على إيجاد منافسين لعليٍّ عليه السلام في فضائله الخارجية.

ولذلك نجدهم قد أطلقوا على عثمان لقب : «ذي النورين» مع العلم بأنّ فاطمة عليها السلام قد كانت أفضل نساء العالمين ، ولكنّهم لم يمنحوا الذي تزوّجها أيّ لقب لأَجل ذلك!!

ثانياً : بعض القرائن تشير إلى أنّ حياة عثمان الزوجية مع رقيّة ، ومع أُمّ كلثوم أيضاً لم تكن على درجة من السعادة ، والانسجام ، ولا نريد هنا الدخول في تفاصيل ذلك ، فلتراجع المصادر المعدّة لذلك (٩٣).

ثالثاً : إنه رغم تأكيدهم على أنّ ابني أبي لهب قد تزوّجا هاتين البنتين : رقيّة وأُمّ كلثوم. ثم فارقاهما بعد نزول سورة تبَّت ، وبعد إسلامهما ، ثمّ تزوّجهما عثمان بعدهما ، إلاّ أنّنا نلاحظ : أنّه من أجل تسجيل منقبة لعثمان فقد حرص محبّوه على إبقاء هاتين البنتين باكرتين ، فلا يدخل بهما ابنا أبي لهب ، رغم

__________________ ـ

(٩٣) راجع كتابنا : الصحيح من سيرة النبيّ الأَعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم ، أوّل الجزء الرابع وآخره.


أهليّة البنتين وزوجيهما لذلك ، وعدم وجود أيَّ مانع أو رادع.

نعم ، لا بُدّ أن تبقى البنتان باكرتين لينال عثمان الشرف الأَوفى في هذا المجال!!

رابعاً : إنّهم يقولون : إنّه لمّا ماتت البنت الثانية ـ أُمّ كلثوم ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : «لو كنّ عشراً لزوّجتهنّ عثمان» (٩٤).

ونجد في المقابل : الرواية المكذوبة تقول : إنّ عليّاً عليه السلام أراد أن يتزوّج بنت أبي جهل!! فأغضب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك ، وشهّر به رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على المنبر. وألمح إلى أنّه لو تمَّ هذا الأمر فلا بُدّ له من أن يطلّق ابنته ، وأثنى ـ بالمناسبة ـ على صهره أبي العاص ابن الربيع (٩٥).

خامساً : لكنّنا نستغرب هنا : كيف غفل الرواة عن تسجيل المدح لعثمان! وما هو وجه اختصاص أبي العاص بن الربيع بذلك؟! إلاّ أن يكون المقصود هو تشبيه عليّ عليه السلام برجل مشرك ، ليكون ذلك أقذع في الهجاء ، وأبلغ في التعريض!!

عصمنا الله من الزلل ، في القول وفي العمل. والحمد لله ، والصلاة على محمد وآله.

* * *

__________________

(٩٤) الطبقات الكبرى ٨ / ٣٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢ / ٢٥٣.

(٩٥) راجع ذلك كلّه مع الأدلّة القاطعة على كذبة في كتابنا : الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلّم ٤ / ٥٣ فما بعدها.


كلمـة أخـيرة

وبعد ،

فقد اتّضح : أنّ دعوى زواج عثمان ، وأبي العاص بن الربيع ببنات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ليس لها ما يبرِّرها على صعيد البحث العلمي والموضوعي.

وإذا أردنا : أن نفرط بحسن الظنّ ، ونبتعد بهذه القضية عن دائرة الإعلام السياسي الذكي والمدروس ; فإنّنا لا بُدّ أن تفترض ـ حسبما ألمحنا إليه سابقاً ـ أنّه قد حصل اشتباه من الرواة ، بسبب تشابه الأَسماء إذ أنّ بنات النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قد وُلدن وفارقن الحياة وهنّ صغيرات.

هذا بالنسبة إلينا نحن.

أمّا القارىء الكريم ، فله أن يفسّر هذا التزوير الإعلامي وفق ما يملكه من معطيات ، وحسبما يروق له ، ويطمئنّ إليه.

هذا ، وقد حان الوقت لنترك للقارىء الكريم الفرصة للتأمّل في ما قدّمناه له من أدلّة وشواهد ، مع اعترافنا بأنّه قد كان بالإمكان إثراء هذا البحث بالمزيد من المصادر ، وإعطاؤه المزيد من العناية والجهد ، ليصبح بذلك أتمّ ، ونفعه أعمّ.

ولكنّنا آثرنا الاقتصار على هذا القدر ، إيماناً منّا بأن لا ضرورة تدعو إلى ذلك ، ما دام أنّ بالإمكان الرجوع إلى كتب التراث ، ليجد المزيد. وقد يطّلع على الجديد ، الذي يزيد الحقيقة التي قرّرها هذا البحث وضوحاً ، وإشراقاً ، ونقاءً ، ويمنحها رسوخاً وتجذُّراً وبقاءٌ ...

والله نسأل أن يقينا شرور أنفسنا ، وسيّئات أعمالنا. وأن يهدينا سبيل الحقّ والرشاد ، ويأخذ بيدنا في طريق الخير والسداد.


إنّه وليٌّ قدير ، وبالإجابة حريٌّ وجدير.

والحمد لله ، والصلاة والسلام على عباده الّذين اصطفى محمد وآله الطاهرين.

* * *


المصادر والمراجع :

١ ـ القرآن الكريم :

ـ ألـف ـ

٢ ـ الإتقان ـ للسيوطي ، ط سنة ٩٧٣ ـ المكتبة الثقافية ـ بيروت ـ لبنان.

٣ ـ إثبات الوصية ـ للمسعودي ـ منشورات مكتبة بصيرتي ـ قم ـ إيران.

٤ ـ إحقاق الحقّ ـ للتستري ـ مع ملحقاته للمرعشي النجفي ـ ط قم ـ إيران.

٥ ـ أسباب النزول ـ للواحدي ـ ط سنة ١٣٨٧ هـ. ق ـ مصر.

٦ ـ الاستغاثة ـ لأبي القاسم الكوفي ـ.

٧ ـ الاستيعاب ـ لأبي عمر ابن عبد البرّ القرطبي (مطبوع بهامش الإصابة سنة ١٣٢٨ هـ. ق ـ مصر).

٨ ـ أُسد الغابة ـ لابن الأثير الجزري ـ ط سنة ١٣٨٠ هـ. ق ، ثمّ نشر مؤسسة إسماعيليان ـ طهران ـ إيران.

٩ ـ إسعاف الرغبين ـ للصبّان ـ مطبوع بهامش نور الأبصار بمصر.

١٠ ـ الإصابة في تمييز الصحابة ـ للعسقلاني ـ ط سنة ١٣٢٨ هـ. ق ـ مصر.

١١ ـ أنساب الأشراف ـ للبلاذري ـ قسم سيرة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ط مصر. دار المعارف سنة ١٣٥٩ هـ. ق ـ وط ليدن ـ والاجزاء التي حققها الشيخ المحمودي ، وطبعها في بيروت ـ لبنان. سنة ١٣٩٤ هـ. ق. وسنة ١٣٩٧.

١٢ ـ الأنوار النعمانية ـ للسيد نعمة الله الجزائري ـ مطبعة شركة جاب ـ تبريز إيران.

١٣ ـ الأوائل ـ لأبي هلال العسكري ـ ط سنة ١٩٧٥ ـ دمشق ـ سوريا.

ـ ب ـ

١٤ ـ بحار الأنوار ـ للعلاّمة المجلسي ـ ط مؤسسة الوفاء ـ سنة ١٤٠٣ هـ. ق. بيروت ـ لبنان.

١٥ ـ البحر المحيط (تفسير) ـ لأبي حيّان الأندلسي ـ ط سنة ١٤٠٣ هـ. ق ـ دار الفكر.


١٦ ـ البدء والتاريخ ـ للمقدسي ـ ط سنة ١٩٨٨ م.

١٧ ـ البداية والنهاية ـ لابن كثير ـ ط سنة ١٩٦٦ م.

١٨ ـ البرهان ـ للزركشي ـ ط سنة ١٣٩١ هـ. ق ـ نشر دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان.

١٩ ـ البصائر والذخائر ـ لأبي حيان التوحيدي ـ ط سنة ١٣٧٣ هـ. ق ـ القاهرة ـ مصر.

٢٠ ـ بهجة المحافل ـ للعامري ـ نشر المكتبة العلمية بالمدينة المنوّرة ـ الحجاز.

ـ ت ـ

٢١ ـ تاريخ الإسلام ـ للذهبي ـ دار الكتاب العربي سنة ١٤٠٧ هـ. ق ـ بيروت ـ لبنان.

٢٢ ـ تاريخ أهل البيت ـ لم تتّضح نسبته إلى مؤلّف بعينه ـ ط مؤسسة آل البيت سنة ١٤١٠ هـ. ق ـ إيران.

٢٣ ـ تاريخ بغداد ـ للخطيب الغدادي ـ نشر دار الكتب العربي ـ بيروت ـ لبنان.

٢٤ ـ تاريخ الخلفاء ـ للسيوطي ـ ط سنة ١٣٧١ هـ. ق ـ مطبعة السعادة بمصر.

٢٥ ـ تاريخ الخميس ـ للدياربكري ـ ط سنة ١٣٨٢ هـ. ق مصر.

٢٦ ـ تاريخ اليعقوبي ـ لابن واضح ـ ط دار صادر ـ بيروت ـ لبنان.

٢٧ ـ التبيان ـ للشيخ الطوسي ـ ط النجف الأشرف ـ العراق.

٢٨ ـ التبيين في أنساب القرشيّين ـ لابن قدامة المقدسي ـ ط سنة ١٤٠٨ هـ. ق. ـ مكتبة النهضة العربية ـ بيروت ـ لبنان.

٢٩ ـ تذكرة الخواصّ ـ لسبط ابن الجوزي ـ ط سنة ١٣٨٣ ـ النجف الأشرف ـ العراق.

٣٠ ـ تفسير القرآن الكريم ـ لابن كثير ـ منشورات دار الفكر.

٣١ ـ التفسير الكبير ـ للفخر الرازي ـ منشورات دار الكتب العلمية ـ طهران ـ إيران.

٣٢ ـ تلخيص مستدرك الحاكم ـ للذهبي ـ مطبوع بهامش المستدرك سنة ١٣٤٢ هـ. ق ـ الهند.

٣٣ ـ تنقيح المقال ـ للمامقاني ـ ط سنة ١٣٥٢ هـ. ق ـ المطبعة المرتضوية ـ النجف الأشرف ـ العراق.

٣٤ ـ تهذيب تاريخ دمشق ـ لبدران ـ ط دار المسيرة سنة ١٣٩٩ هـ. ق ـ بيروت ـ لبنان.

٣٥ ـ تهذيب التهذيب ـ للعسقلاني ـ ط دار صادر ـ بيروت ـ لبنان.


ـ ث ـ

٣٦ ـ الثقات ـ لابن حبّان ـ ط سنة ١٣٩٧ هـ. ق ـ الهند.

ـ ج ـ

٣٧ ـ الجامع لأحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ط دار إحياء التراث العربي ـ بيروت لبنان.

٣٨ ـ الجمل ـ للشيخ المفيد ـ ط سنة ١٣٨١ هـ ـ الحيدرية ـ النجف الأشرف ـ العراق.

٣٩ ـ جمهرة أنساب العرب ـ لابن حزم ـ ط سنة ١٣٩١ هـ. ق ـ دار المعارف بمصر.

ـ خ ـ

٤٠ ـ خصائص الإمام عليّ بن أبي طالب ـ للنسائي ـ ط سنة ١٣٨٨ هـ. ق ـ النجف الأشرف ـ العراق.

٤١ ـ الخصال ـ للشيخ الصدوق ـ ط سنة ١٤٠٣ هـ. ق ـ نشر جماعة المدرّسين ـ قم ـ إيران.

ـ د ـ

٤٢ ـ الدرّ المنثور ـ للسيوطي ـ ط سنة ١٣٧٧ هـ. ق.

٤٣ ـ دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ط سنة ١٤٠٥ هـ. في دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ لبنان.

ـ ذ ـ

٤٤ ـ ذخائر العقبى ـ لأحمد بن عبد الله الطبري ـ ط سنة ١٩٧٤ م ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان.

ـ ر ـ

٤٥ ـ رسالة حول بنات النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مطبوعة مع مكارم الأَخلاق الطبعة الحجرية.


٤٦ ـ الروض الأُنف ـ للسهيلي ـ شركة الطباعة الفنّية المتّحدة.

ـ ز ـ

٤٧ ـ زاد المعاد ـ لابن القيّم ـ المؤسسة العربية للطباعة والنشر ـ بيروت ـ لبنان.

ـ س ـ

٤٨ ـ سنن النسائي ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان.

٤٩ ـ سير أعلام النبلاء ـ للذهبي ـ ط سنة ١٤٠٦ هـ. ق ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ لبنان. ٥٠ ـ السيرة الحلبية ـ للحلبي الشافعي ـ ط سنة ١٣٢٠ هـ. ق ـ.

٥١ ـ سيرة المصطفى ـ للسيد هاشم معروف الحسني ـ ط سنة ١٣٧٥ هـ. ق ـ دار القلم ـ بيروت ـ لبنان.

٥٢ ـ سيرة مغلطاي ـ ط سنة ١٣٢٦ هـ. ق ـ مصر.

ـ ص ـ

٥٣ ـ الصحيح من سيرة النبيّ الأَعظم ـ للعاملي ـ ط سنة ١٤٠٣ هـ. ق ـ قم ـ جماعة المدرّسين ـ إيران.

ـ ط ـ

٥٤ ـ الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ط سنة ١٣٨٨ هـ. ق ـ دار صادر ـ بيروت ـ لبنان.

ـ ع ـ

٥٥ ـ عدّة رسائل للشيخ المفيد ـ منشورات مكتبة المفيد ـ قم ـ إيران.

٥٦ ـ العقد الفريد ـ لابن عبد ربّه ـ ط الاستقامة ـ وط دار الكتاب العربي ـ سنة ١٣٨٤ هـ. ق ـ بيروت ـ لبنان.

٥٧ ـ علل الشرائع ـ للصدوق ـ ط سنة ١٣٨٥ هـ. ق ـ المطبعة الحيدرية ـ النجف الأَشرف العراق.


ـ غ ـ

٥٨ ـ الغدير ـ للعلامة الأَميني ـ ط سنة ١٣٩٧ هـ. ق ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ لبنان.

ـ ف ـ

٥٩ ـ فتح القدير ـ للشوكاني ـ نشر دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان.

ـ ق ـ

٦٠ ـ قاموس الرجال ـ للمحقّق التستري ـ ط سنة ١٣٧٩ هـ. ق ـ مركز نشر الكتاب طهران ـ إيران.

ـ ك ـ

٦١ ـ كشف الغمّة ـ للأربلي ـ ط سنة ١٣٨١ هـ. ق. ـ المطبعة العلمية ـ قم ـ إيران.

ـ ل ـ

٦٢ ـ اللآلي المصنوعة ـ للسيوطي ـ ط سنة ١٣٩٥ هـ. ق ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان.

٦٣ ـ لباب التأويل ـ للخازن ـ ط سنة ١٣١٧ هـ. ق. مصر ـ ثمّ نشر دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان.

٦٤ ـ لسان الميزان ـ للعسقلاني ـ ط الأعلمي ـ بيروت ـ لبنان.

ـ م ـ

٦٥ ـ المجدي في أنساب الطالبيّين ـ لنجم الدين العمري ـ ط سنة ١٤٠٩ هـ ـ مطبعة سيد الشهداء ـ قم ـ إيران.

٦٦ ـ مجمع الزوائد ـ للهيثمي ـ ط سنة ١٩٦٧ م.

٦٧ ـ محاضرة الأوائل ـ للسكتواري ـ ط سنة ١٣٠٠ هـ. ق ـ بولاق ـ مصر ـ ثمّ نشر دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان.


٦٨ ـ مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ـ ط سنة ١٤٠٤ هـ. ق. ـ دار الفكر ـ دمشق ـ سوريا.

٦٩ ـ مدارك التنزيل ـ للنسفي (مطبوع بهامش لباب التأويل) نشر دار المعرفة ـ لبنان.

٧٠ ـ مروج الذهب ـ للمسعودي ـ ط سنة ١٩٦٥ م ـ دار الأندلس ـ بيروت ـ لبنان.

٧١ ـ المسائل الحاجية ـ للشيخ المفيد ـ تحقيق مارتن ماكدرمت اليسوعي.

٧٢ ـ المصنّف ـ لعبد الرزّاق الصنعاني ـ ط سنة ١٣٩٠ هـ. ق.

٧٤ ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي ـ ط النجف الأشرف ـ العراق.

٧٥ ـ مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهرآشوب ـ ط مصطفوي ـ إيران.

٧٦ ـ مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب ـ لابن المغازلي ـ ط سنة ١٣٩٤ هـ. ق ـ المطبعة الإسلامية ـ طهران ـ إيران.

٧٧ ـ المواهب اللدنّيّة ـ للقسطلاني ـ ط دار الكتب العلمية.

٧٨ ـ ميزان الاعتدال ـ للذهبي ـ ط دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان.

ـ ن ـ

٧٩ ـ النبوّة ـ لمحمد حسن آل يسّ ـ ط سنة ١٣٩٢ هـ. ق ـ دار مكتبة الحياة ـ بيروت ـ لبنان.

٨٠ ـ نزل الأبرار ـ للبدخشاني الحارثي ـ ط سنة ١٤٠٣ هـ. ق ـ مطابع نقش جهان ـ طهران ـ إيران.

٨١ ـ نزهة المجالس ـ للصفوري الشافعي ـ ط سنة ١٣١٤ هـ. ق ـ مصر.

٨٢ ـ نسب قريش ـ لمصعب الزبيري ـ ط دار المعارف ـ مصر.

٨٣ ـ نظم درر السمطين ـ للزرندي الحنفي ـ إصدار مكتبة نينوى ـ طهران ـ إيران.

٨٤ ـ نهاية الأَرب ـ للنويري ـ ط سنة ١٩٨٠ م ـ الهيئة المصرية العامّة للكتاب.

٨٥ ـ النهاية في اللغة ـ لابن الأَثير ـ ط سنة ١٣٨٣ هـ. ق ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان.

٨٦ ـ نهج البلاغة ـ جمع الشريف الرضي ـ بشرح محمد عبده ـ ط الاستقامة.


٨٧ ـ النهر المادّ من البحر ـ لأبي حيّان الأندلسي ـ مطبوع مع البحر المحيط ـ سنة ١٤٠٣ هـ. ق ـ دار الفكر.

٨٨ ـ نور الأَبصار ـ للشبلنجي الشافعي ـ المطبعة اليوسفية بمصر.

٨٩ ـ نور الثقلين ـ للحويزي ـ مطبعة الحكمة ـ قم ـ إيران.

ـ و ـ

٩٠ ـ الوفا بأخبار المصطفى ـ لابن الجوزي ـ ط سنة ١٣٨٦ هـ. ق ـ مطبعة السعادة بمصر.

٩١ ـ وقعة صفين للمنقري ـ ط سنة ١٣٨٢ هـ. ق.

ـ ي ـ

٩٢ ـ ينابيع المودّة ـ للقندوزي الحنفي ـ ط سنة ١٣٠١ هـ. ق ـ إسلامبول ـ تركيا.

* * *


حكم المناظرة

من كتاب اللّه وحديث العترة الطاهرة (*)

السـيّد محمّد جواد الشبيري

إنّ التأمّل في آيات القرآن الكريم يبين بوضوح مدى الاهمية البالغة التي تضطلع بها مسألة المناظرة والمجادلة في تثبيت وايضاح الكثير من الحقائق الفكرية والعقائدية بالتوسل بالادلة العلمية المرتكزة على اسس شرعية قويمة وراسخة.

وفي الدين الاسلامي ـ كما في جميع ما سبقه من الاديان السماوية الماضية ـ احتلت المجادلة جانباً حيوياً ووسيلة مؤثرة في ابطال ودفع الشبهات التي يثيرها ارباب ومتكلمي الافكار المنحرفة الاخرى ، كما كان لهذهِ المجادلة الاثر الكبير في اقناع جمهور الناس ومفكريهم بحقّانية الشريعة المحمدية ووجوب الانقياد لها.

وهكذا فإنّ مجرد الاستعراض المختصر لبعض تلك الآيات المباركة يبين هذهِ الحقائق المهمة ، والتي تدل بوضوح ان المجادلة ليست امراً دخيلاً على مجمل العقائد الاسلامية المختلفة ، بل تعد من صلب اسس الدين الاسلامي الحنيف ، حيث ان كتاب الله تعالى تناولها في اكثر من موضع مبيناً ابعادها

__________________

(*) هذا فصل من دراسة موسّعة اعددناها للحديث عن المناظرة عند الشيخ المفيد قدّس سره ، نسأل الله التوفيق لاكماله.


واشكالها المتعددة.

قال تعالى : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) (١) وفي هذه الآية الكريمة اشارة واضحة الى نوع المجادلة التي يأمر بها الله تعالى عباده المؤمنين من خلال رسوله الكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وهي المجادلة بالتي هي احسن.

وورد في التفسير المنسوب الى الإِمام العسكرى عليه السلام ـ بعد كلام مبسوط بشأن المناظرة وعدم النهي عنها مطلقاً ، بل النهي عن الجدال بغير التي هي احسن ـ : وامّا الجدال بغير التي هي احسن فان تجحد حقاً لا يمكنك ان تفرّق بينه وبين باطل من تجادله ، وانّما تدفعه عن باطله بان تجحد الحق ، فهذا هو المحرّم لأنّك مثله ، جحد هو حقّاً ، وجحدت انت حقاً آخر (٢).

وتُؤكّد الآيات الشريفة على المنع من الجدال بعد تبيّن الحق للعناد والاستعلاء ، والآيات الناهية عن هذا النوع من الجدال كثيرة ، نذكر منها :

١ ـ (ها انتم هؤلاء حاججتم في مالكم به علم فلم تحاجّون في ماليس لكم به علم) (٣).

٢ ـ (يجادلونك في الحقّ بعدما تبيّن) (٤).

٣ ـ (ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحقّ) (٥).

٤ ـ (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتّبع كلّ شيطان مريد) (٦).

__________________

(١) النحل : ١٢٥.

(٢) التفسير المنسوب الى الامام العسكري عليه السلام ، مدرسة الامام المهدي ، قم ، ١٤٠٩ ، ص ٥٢٩.

(٣) آل عمران : ٦٦.

(٤) الانفال : ٦.

(٥) الكهف : ٥٦.

(٦) الحج : ٣.


٥ ـ (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير) (٧).

٦ ـ (وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحقّ) (٨).

٧ ـ (ما ضربوه لك إلاّ جدلاً بل هم قوم خصمون) (٩).

والآيات الكريمة تطلب من الكفار البرهان والدليل :

٨ ـ (قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين) (١٠).

ولكن ينهي عن المجادلة مع الظالمين وللغلبة على الخصم لا لاحقاق الحقّ :

١ ـ (ولا تجادلوا اهل الكتاب الاّ بالتي هي احسن الاّ الذين ظلموا منهم) (١١).

٢ ـ (وان جادلوك فقل الله اعلم بما تعملون) (١٢).

بل قد ذمّ كتاب الاستعلاء والخصومة المودعتين في جبلّة الانسان :

(وكان الانسان اكثر شيء جدلاً) (١٣).

قال الشيخ المفيد في كتاب تصحيح الاعتقاد : الجدال على ضربين : احدهما بالحق ، والاخر بالباطل ، فالحقَّ منه مأمور به ومرغبّ فيه ، والباطل منه منهي عنه ومزجور من استعماله ثم اورد جملة من الآيات الكريمة :

منها قوله تعالى لنبيّه : (وجادلهم بالتي هي احسن) (١٤).

__________________

(٧) الحج : ٨.

(٨) المؤمن : ٥.

(٩) الزخرف : ٥٨.

(١٠) النمل : ٦٤.

(١١) العنكبوت : ٤٦.

(١٢) الحج : ٦٨.

(١٣) الكهف : ٥٤.

(١٤) النحل : ١٢٥.


قال : فامر بجدال المخالفين وهو الحجاج لهم اذ كان جدال النبي حقاً.

ومنها قوله تعالى لكافة المسلمين : (ولا تجادلوا أهل الكتاب الاّ بالتي هي احسن) (١٥) فاطلق لهم جدال اهل الكتاب بالحسن ونهاهم عن جدالهم بالقبيح.

ومنها حكايته لقول اصحاب نوح عليه السلام بالاشارة الى مجادلته عليه السلام لهم ، حيث قال تعالى سبحانه (قالوا يا نوح قد جادلتنا فاكثرت جدالنا) (١٦).

فلو كان الجدال كلّه باطلاً لما أمر الله تعالى نبيه به ، ولا استعمله الانبياء من قبله ، ولا اذن للمسلمين فيه.

واما الجدال بالباطل فقد بينه الله تبارك وتعالى في مواضع من كتابه منها :

(الم تر الى الذين يجادلون في آيات الله انّى يصرفون) (١٧).

فذمّ المجادلين في آيات الله لدفعها او قدحها وايقاع الشبهة في حقّها ، وهذا النوع من المجادلة هو المنهي عنه في الشريعة الاسلامية.

كما ان القرآن الكريم ـ اورد عند ذكره للانبياء والرسل السابقين عليهم السلام ـ اشكالاً مختلفة من المحجات والمناظرات التي دارت بين اولئك الانبياء عليهم السلام وبين اُممهم ، ومن ذلك قوله تعالى :

١ ـ (الم تر الى الذي حاجّ إبراهيم في ربّه) (١٨).

٢ ـ وقال عز اسمه : (وتلك حجتنا آتيناها ابراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء) (١٩).

__________________

(١٥) العنكبوت : ٤٩.

(١٦) هود : ٣٢.

(١٧) المؤمن : ٦٩.

(١٨) البقرة : ٢٥٨.

(١٩) الانعام : ٨٣.


٣ ـ وقال سبحانه آمراً نبيه صلى الله عليه وآله وسلّم بمحاجّة مخالفيه : (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا) (٢٠).

٤ ـ وقال تعالى بعد قوله : (كل الطعام كان حلاً لبني اسرائيل) ـ (فأتوا يالتوراة فاتلوها ان كنتم صادقين) (٢١).

٥ ـ وقال لنبيه الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلّم : (فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا ...) (٢٢) الآية.

إذا عرفنا ذلك فلننظر إلى روايات العترة الطاهرة عليهم السلام لنرى ما موقفنا من مسألة المناظرة.

وقبل ذلك ينبغي الاشارة الى الفرق بين الكتاب والسنة في هذه المسألة ، وهو انّ الآيات الشريفة تنظر غالباً الى مناظرة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم مع الكفّار في التوحيد والنبوة ، بخلاف الروايات فانّها ناظرة الى المناظرة مع المخالفين في مسألة الإمامة في الاكثر وان تتضمن احياناً ابحاثاً حول صفات الله وسائر البحوث الكلامية.

وعلى أيّة حال فنحن في مواجهة طائفتين من الروايات : طائفة تأمر المسلمين بالذبّ عن دين الله باللسان ، وعلى جهود المدافعين عن حريم الولاية بنحو عام او مع ذكر اسمائهم ، وطائفة اخرى : تنهي عن المناظرة.

ومن الطائفة الاولى نذكر روايتين كنموذج لها :

الـرواية الاولى : ما عن امالي المفيد بسنده عن جعفر بن محمد عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال : «من اعاننا بلسانه على عدوّنا انطقه الله بحجّته يوم موقفه بين يديه عزّ وجلّ (٢٣).

__________________

(٢٠) الانعام : ١٤٨.

(٢١) آل عمران : ١٩٣.

(٢٢) آل عمران : ٦١.

(٢٣) امالي المفيد ، تصحيح حسين استاد ولي وعلي اكبر غفاري ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، ١٤٠٣ ، ص ٣٣ ح ٧.


الرواية الثانية : عن أبي جعفر الاحول ـ المعروف باسم مؤمن الطاق ـ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ما فعل ابن الطيّار».

فقلت : توفّي ، فقال : «رحمه الله ، ادخل الله عليه الرحمة والنضرة ، فانّه كان يخاصم عنّا اهل البيت» (٢٤).

وهنـاك رواية اخـرى تشـابهها عن هشام بن الحكم عن الصادق عليه السلام اوردها المفيد في تصحيح الاعتقاد (٢٥).

ومن جانب اخر كان للنبي والائمة المعصومين مناظرات كثيرة مع مخالفيهم جمعها الشيخ الطبرسي في كتابه القيّم «الاحتجاج» ، وقد ناظر اصحاب الائمة بحضرتهم ، بل يأمرهم ، فقد كان أبو عبد الله عليه السلام يقول لعبد الرحمن بن الحجّاج : «يا عبد الرحمن كلّم اهل المدينة ، فانّي احبّ ان يُرى في رجال الشيعة مثلك» (٢٦).

وكان أبو الحسن الكاظم عليه السلام يأمر محمد بن حكيم ان يجالس اهل المدينة في مسجد رسول الله وان يكلّمهم ويخاصمهم ، حتى كلّمهم في صاحب القبر ، فكان اذا انصرف اليه ، قال له : «ما قلت لهم؟ وما قالوا لك؟» ويرضى بذلك منه (٢٧).

وروى الكليني في الكافي بسنده عن يونس بن يعقوب قال : كان عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة من اجلّة اصحابه في الكلام ، منهم : حمران بن اعين ، ومحمد بن النعمان ، وهشام بن سالم ، والطيار وجماعة فيهم هشام بن الحكم وهو شاب.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «يا هشام! الا تخبرني كيف صنعت بعمرو

__________________

(٢٤) اختيار معرفة الرجال ، تصحيح حسن مصطفوي ، كلية الالهيات والمعارف ، جامعة مشهد ، ١٣٤٨ هـ ش ، برقم ٦٥٢.

(٢٥) تصحيح الاعتقاد ٢٧ ، رجال الكشي برقم ٦٥١.

(٢٦) رجال الكشي برقم ٨٣٠.

(٢٧) رجال الكشي برقم ٨٤٤.


ابن عبيد وكيف سألته؟».

فقال هشام يا ابن رسول الله : انّي اجلّك واستحييك ولا يعمل لساني بين يديك.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «اذا امرتكم بشيء فافعلوا».

فاخذ هشام يحدث عن مناظرته مع عمرو بن عبيد في مسجد البصرة وافحامه ايّاه.

وبعد نقل المناظرة ضحك أبو عبد الله عليه السلام : وقال : «يا هشام ، من علّمك هذا؟».

قال : شيء اخذته منك وألفته.

فقال : «هذا والله مكتوب في صحف ابراهيم وموسى» (٢٨).

ومع هذا كله فقد تخيل المخالفون انّ المناظرة كانت ممنوعة في مكتب اهل البيت وانّ ما يفعله الشيعة يخالف امر ائمتهم.

قال السيد المرتضى في الفصول المختارة : قلت للشيخ أبي عبدالله [المفيد] ادام الله عزّه : إنّ المعتزلة والحشوية يزعمون انّ الذي نستعمله من المناظرة شيء يخالف اصول الإمامية ويخرج عن اجماعهم ، لانّ القوم لا يرون المناظرة ديناً وينهون عنها ، ويروون عن ائمتهم تبديع فاعلها وذمّ مستعملها ، فهل معك رواية عن اهل البيت عليهم السلام في صحّتها ، ام تعتمد على حجج العقو ولا نلتفت الى من خالفها وان كان عليه اجماع العصابة؟

فقال : اخطأت المعتزلة والحشوية في ما ادّعوه علينا من خلاف جماعة اهل مذهبنا في استعمال المناظرة ، واخطأ من ادّعى ذلك من الإمامية ايضاً وتجاهل ، لانّ فقهاء الإمامية ورؤسائهم في علم الدين كانوا يستعملون المناظرة

__________________

(٢٨) الكافي ، للكليني ، تصحيح علي اكبر الغفاري ، دار الكتب الاسلامية ، طهران ، ١٣٧٥ هـ ش ، ج ١ / ١٦٩ ج ٣.


ويدينون بصحّتها وتلّقي ذلك عنهم الخلف ودانوا به ، وقد اشبعت القول في هذا الباب وذكرت اسماء المعروفين بالنظر وكتبهم ومدائح الأئمة لهم في كتابي الكامل في علوم الدين وكتاب الاركان في دعائم الدين وانا اروي لك في هذا الوقت حديثاً من جملة ما اوردت في ذلك ان شاء الله.

اخبرني أبو الحسن احمد ن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن احمد بن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمان ـ مولى آل يقطين ـ عن أبي جعفر محمد بن النعمان ، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمدعليه السلام قال : قال لي :

«خاصموهم وبيّنوا لهم الهدى الذي انتم عليه ، وبيّنوا لهم ضلالهم وباهلوهم في علي عليه السلام» (٢٩).

ولعل المقصود من ذكر السند هنا انّ الاكابر من علماء الشيعة يروون صحّة المناظرة كابن الوليد وسعد بن عبد الله واحمد بن محمد بن عيسى ويونس بن عبد الرحمان ، ومعه كيف يتخيّل انّ علماء الإمامية يخالفون المناظرة وينكرونها.

وقد نقل المفيد ما سأله يحيى بن خالد البرمكي بحضرة الرشيد هشام بن الحكم رحمه الله ، وهذه المناظرة مفيدة من جهة التعرُّف على منهج المناظرة ومن جهة المدح الذي قاله الصادق عليه السلام بشأن هشام ، فلنقرأ المناظرة من الفصول المختارة :

قال يحيى لهشام : اخبرني يا هشام عن الحقّ هل يكون في جهتين مختلفتين؟

قال هشام : لا.

قال : فخبّرني عن نفسين اختصما في حكم في الدين وتنازعا واختلفا هل

__________________

(٢٩) الفصول المختارة ، دار الاضواء ، بيروت ، ١٤٠٥ «من طبعة النجف» ، ص ٢٨٤.


يخلوان من ان يكونا محقّين او مبطلين او يكون احدهما مبطلاً والآخر محقاً؟

فقال هشام : لا يخلوان من ذلك ، وليس يجوز ان يكونا محقّين على ما قدّمت من الجواب.

قال له يحيى بن خالد : فخبّرني عن عليٍّ عليه السلام والعبّاس لما اختصما إلى أبي بكر في الميراث ، أيهما كان المحقّ من المبطل اذ كنت لا تقول انّهما كانا محقّين ولا مبطلين؟

قال هشام : فنظرت فاذا أنني ان قلت بانّ علياً عليه السلام كان مبطلاً كفرت وخرجت عن مذهبي ، وان قلت : إنّ العباس كان مبطلاً. ضرب الرشيد عنقي ووردت عليّ مسألة لم اكن سألت عنها قبل ذلك ولا اعددت لها جواباً ، فذكرت قول أبي عبد الله عليه السلام وهو يقول لي : «يا هشام لا تزال مؤيّداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك» فعلمت أنّي لا اخذل وعنّ لي الجواب في الحال ، فقلت له : لم يكن من احدهما خطأ وكانا جميعاً محقّين ، ولهذا نظير قد نطق به القرآن في قصّة داود عليه السلام حيث يقول الله جلّ اسمه : (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب ـ إلى قوله : ـ خصمان بغى بعضنا على بعض) (٣٠) فأيّ الملكين كان مخطئاً وايهما كان مصيباً؟ ام تقول إنّهما كانا مخطئين؟ فجوابك في ذلك جوابي بعينه.

فقال يحيى : لست أقول : إنّ الملكين اخطئا ، بل اقول إنّهما أصابا ، وذلك أنّهما لم يختصما في الحقيقة ولا اختلفا في الحكم ، وانّما اظهرا ذلك لينبّها داودعليه السلام على الخطيئة ويعرِّفاه الحكم ويوقفاه عليه.

فقال : فقلت له : كذلك عليّ عليه السلام والعباس لم يختلفا في الحكم ولا اختصما في الحقيقة ، وانّما أظهرا الاختلاف والخصومة لينبها أبا بكر على غلطه ويقفاه على خطأه ويدلاّه على ظلمه لهما في الميراث ، ولم يكونا في ريب

__________________

(٣٠) سورة ص ٣٨ : ٢١ و ٢٢.


من امرهما ، وانّما كان ذلك منهما على حد ما كان الملكين.

فلم يحر جواباً واستحسن ذلك الرشيد (٣١).

اذا عرفت هذا فلنتأمل في كتاب تصحيح الاعتقاد ونرى كلام المفيد حول المناظرة ، فنقول : إنّه بعدما اورد الآيات الامرة بالجدال بالتي هي احسن ، والآيات الاخرى الناهية عن الجدال بغير التي هي احسن ، استدلّ بدليلين على صحّة المناظرة :

الاول : مازال الائمة عليهم السلام يناظرون في دين الله سبحانه ويحتجّون على اعداء الله تعالى.

الثاني : كان شيوخ اصحابهم ـ في كل عصر يستعملون النظر ويعتمدون الحجاج ـ وكان الأئمة يحمدونهم على ذلك ويثنون عليهم.

ثم اورد عدّة روايات لمدح الائمة للمتكلمين المناظرين.

منها ما ذكره الكليني في كتاب الكافي ـ وهو من اجلّ كتب الشيعة واكثرها فائدة ـ من حديث يونس بن يعقوب مع أبي عبد الله عليه السلام : «وددت انّك يا يونس تحسن الكلام».

فقال له يونس : جعلت فداك ، سمعتك تنهى عن الكلام. وقد اجاب الإمام عن سؤاله بما سنذكره ان شاء الله ، ثم دعا حمران بن اعين ومحمد بن الطيّار وهشام بن سالم وقيس الماصر فتكلّموا بحضرته وتكلّم هشام بعدهم فاثنى عليه ومدحه وقال له : مثلك من يكلّم الناس» (٣٢)؟!

ثم روى المفيد عدّة احاديث نذكر جملة منها :

١ ـ قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام لمحمد بن حكيم : «كلّم الناس وبين لهم الحقّ الذي انت عليه ، وبيّن لهم الضلالة التي هم

__________________

(٣١) الفصول المختارة : ٢٦.

(٣٢) الكافي ١ : ١٧١ ح ٤ ، تصحيح الاعتقاد : ٢٧.


عليها» (٣٣).

٢ ـ قال أبو عبد الله عليه السلام لبعض اصحابنا : «حاجّوا النّاس بكلامي فإنْ حجّوكم فأنا المحجوج» (٣٤).

٣ ـ وقال لهشام بن الحكم وقد سأله عن اسماء الله تعالى واشتقاقها فاجابه عن ذلك ثم قال له بعد الجواب : «افهمت ياهشام فهماً تدفع به اعداءنا الملحدين في دين الله وتبطل شبهاتهم»؟

فقال هشام : «نعم».

فقال له : «وفّقك الله» (٣٥).

ومن الطريف انّ بعض المتكلمين من اصحاب الصادق عليه السلام نقلوا ما جرى لهم من المناظرة للصادق عليه السلام فارشدهم الى النهج الصواب ، فقد روى الكشي عن اسماعيل بن عبد الخالق عن أبي عبدالله عليه السلام أنّه قال لمؤمن الطاق : «بما تخاصم الناس»؟

قال فاخبره بما يخاصم الناس ، ولم احفظ منه ذلك.

فقال أبو عبدالله عليه السلام : «خاصمهم بكذا وكذا» (٣٦).

ومن طريف ما يرى في اصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام ايضاً : المناظرات التخصصيّة ، فقد حكى لنا عن ذلك الكشي في رجاله حيث اورد الرواية التالية :

عن يونس بن يعقوب ، عن هشام بن سالم قال : كنّا عند أبي عبد الله عليه السلام ـ جماعة من اصحابه ـ فورد رجل من اهل الشام فاستأذن فأذن له ، فلمّا دخل سلّم فامره أبو عبدالله عليه السلام بالجلوس ، ثم قال له : «حاجتك ايها

__________________

(٣٣) تصحيح الاعتقاد : ٢٧.

(٣٤) تصحيح الاعتقاد : ٢٧.

(٣٥) تصحيح الاعتقاد : ٢٧ ومع تفاوت يسير في الكافي ١ / ٨٧ ح ٢.

(٣٦) رجال الكشي رقم ٣٢٨.


الرجل»؟

قال : بلغني انّك عالم بكلّ ما تسأل عنه ، فصرت اليك لا ناظرك.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «في ماذا»؟

قال : في القرآن وقطعه واسكانه وخفضه ونصبه ورفعه.

فقال : أبو عبد الله عليه السلام : «يا حمران دونك الرجل».

فقال الرجل : انّما اريدك انت لا حمران.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «ان غلبت حمران فقد غلبتني».

فاقبل الشامي يسأل حمران حتى غرض (٣٧) وحمران يجيبه.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «كيف رأيت يا شامي»؟

قال : رأيته حاذقاً ، ما سألته عن شيء الاّ اجابني فيه.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «يا حمران سل الشامي» فما تركه يكشر (٣٨).

فقال الشامي : اريد يا أباعبد الله اناظرك في العربية.

فالتفت أبو عبدالله عليه السلام فقال : «يا أبان بن تغلب ناظره».

فناظره فما ترك الشامي يكشر.

فقال : اريد ان اناظرك في الفقه!

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «يا زرارة ناظره».

فناظره فما ترك الشامي يكشر.

قال : اريد ان اناظرك في الكلام.

قال : «يا مؤمن الطاق ناظره».

فناظره فسجل (٣٩) الكلام بينهما ، ثم تكلّم مؤمن الطاق بكلامه فغلبه به.

__________________

(٣٧) غرض منه : أي ضجر وملّ.

(٣٨) يكشر : أي يهرب.

(٣٩) السجل والتسجيل : الرمي والتقرير والجريان.


فقال : اريد ان اناظرك في الاستطاعة.

فقال للطيّار : «كلّمه فيها!».

قال : فكلّمه فما تركه يكشر.

ثم قال : اريد اكلّمك في التوحيد.

فقال لهشام بن سالم : «كلّمه» ، فسجل الكلام بينهما ، ثم خصمه هشام.

فقال : اريد ان اتكلّم في الإمامة.

فقال لهشام بن الحكم : «كلّمه يا أبا الحكم».

فكلّمه فما تركه يرتم (٤٠) ولا يحلي ولا يمري.

قال فبقي يضحك أبو عبدالله عليه السلام حتى بدت نواجذه.

فقال الشامي : كانّك اردت ان تخبرني انّ شيعتك مثل هؤلاء الرجال.

قال : «هو ذاك».

ثم قال : «يا اخا اهل الشام ، اما حمران : فحرّفك فحرت له ، فغلبك بلسانه وسألك عن حرف من الحق فلم تعرفه.

وامّا أبان بن تغلب : فمغث (٤١) حقاً بباطل فغلبك.

وأما الطيّار (٤٢) ، فكان كالطير يقع ويقوم وانت كالطير المقصوص لا نهوض لك.

__________________

(٤٠) رتم يرتم أي : تكلّم وفي بعض النسخ يريم بفتح حرف المضارعة من الريم.

قال في المغرب : رام مكانه يريمه : زال منه وفارقه.

وفي القاموس : ما رمت المكان ما برحت منه ، ومنه ريم به اذا قطع.

(٤١) مغث : أي خلط.

(٤٢) لم يحدّث الإمام عليه السلام في تقييمه عن مؤمن الطاق فلا يبعد وقوع سقط في الخبر ولعلّ التشبيه بالطير كان له فانّه سجل الكلام بينه وبين الشامي لا الطيار الّذي ما تركه يكشر ، كما في متن الحديث ، وان كانت المناسبة بين لفظ الطيّار والطير ربّما تؤيد كون التشبيه للطيّار لكنّ الانسب رعاية متن الخبر.


واما هشام بن سالم : فاحسن ان يقع ويطير.

وامّا هشام بن الحكم : فتكلّم بالحقّ فما سوّغك بريقك.

يا اخا اهل الشام إنّ الله اخذ ضغثاً من الحقّ وضغثاً من الباطل فمغثهما ثم اخرجهما الى الناس ، ثم بعث الانبياء يفرقون بينهما ، ففرّقها الانبياء والاوصياء ، وبعث الله الانبياء ليعرفوا ذلك ، وجعل الانبياء قبل الاوصياء ليعلم الناس من يفضّل الله ومن يختصّ ، ولو كان الحقّ على حدة والباطل على حدة ، كل واحد منهما قائم بشأنه ، ما احتاج الناس الى نبي ولا وصيّ ، ولكنّ الله خلطهما وجعل تفريقهما الى الانبياء والأئمة من عباده».

فقال الشامي : قد افلح من جالسك.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «انّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم كان يجالسه جبرائيل وميكائيل واسرافيل يصعد الى السماء فيأتيه بالخبر من عند الجبّار ، فان كان ذلك كذلك فهو كذلك».

فقال الشامي : اجعلني من شيعتك وعلّمني.

فقال أبو عبدالله عليه السلام : «يا هشام (٤٣) علّمه فانّي احبّ ان يكون تلماذاً لك».

قال علي بن منصور وأبو مالك الحضري : رأينا الشامي عند هشام بعد موت أبي عبد الله عليه السلام ، ويأتي الشاميّ بهدايا اهل الشام وهشام يزوّده هدايا اهل العراق.

قال علي بن منصور : وكان الشاميّ ذكيّ القلب (٤٤).

وتترتب على هذه الرواية جملة من الملاحظات الهامة يمكن تثبيتها بما يلي :

__________________

(٤٣) المراد هو هشام بن الحكم.

(٤٤) رجال الكشي رقم ٤٩٤ ، وفي نسختنا : يرده ، واثبتنا ما في طبعة مؤسسة آل البيت عليهم السلام / قم.


١ ـ تخصّص اصحاب الإمام الصادق عليه السلام كل واحد في حقل من حقول العلم.

٢ ـ تقييم الإمام عليه السلام لمناظرة اصحابه وبيان خطأها عن صوابها.

٣ ـ ارجاع الإمام مسألة التوحيد الى هشام بن سالم لا لهشام بن الحكم ربّما يومي الى انّ رأي هشام بن الحكم في تلك المسألة لم يكن مرضياً لديه عليه السلام (٤٥).

٤ ـ تقدير الإمام لهشام بن الحكم اكثر من سائر اصحابه ، حيث ان الامام عليه السلام كنّى هشام بن الحكم ومنحه ارفع درجات التقييم ، والظاهر انّه المأمور بتعليم الشاميّ ، وهذا ممّا يكشف عن مدى اهمية مسألة الإمامة لدى الأئمة عليهم السلام.

هذا وقد روى هذه المناظرة يونس بن يعقوب عن هشام بن سالم ، وقد روى يونس بن يعقوب مباشرة نظير هذه المناظرة على ما في الكافي ، فيحتمل وحدة الروايتين في الاصل ، ولكنّ الاظهر ـ بملاحظة كثرة فروق الخبرين ـ تعدد القضية ، فيحسن بنا ان ننقل هذه الرواية ايضاً :

عن يونس بن يعقوب قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فورد عليه رجل من اهل الشام ، فقال : إنّي رجلٌ صاحب كلام وفقه وفرائض وقد جئت لمناظرة اصحابك (٤٦).

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «كلامك من كلام رسول الله او من عندك»؟

__________________

(٤٥) لاحظ رجال الكشي رقم ٥٠٠ وما بعده.

(٤٦) في النقل السابق جاء الرجل لمناظرة الإمام نفسه ولم يكن الإمام يتكلّم معه في اوّل الخبر ، وهذان مع غيرهما من الفروق يدّل على ما استظهرناه من تعدد القضية.


قال : من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ومن عندي.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «فانت اذاً شريك رسول الله»؟!

قال : لا.

قال : «فسمعت الوحي عن الله عزّ وجلّ يخبرك»؟

قال : لا.

قال : «فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم»؟

قال : لا.

فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إليّ فقال : يا يونس بن يعقوب ; هذا قد خصم نفسه قبل ان يتكلم ، ثم قال : يا يونس لو كنت تحسن الكلام كلّمته».

قال يونس : فيالها من حسرة ، فقلت : جعلت فداك إنّي سمعتك تنهى عن الكلام وتقول : ويل لأصحاب الكلام ...

وهنا كلام للإمام عليه السلام سنتحدث عنه لاحقاً.

ثم قال لي : «اخرج الى الباب فانظر من ترى من المتكلمين فأدخله».

قال : فادخلت حمران بن اعين ـ وكان يحسن الكلام ـ وادخلت الأحول (٤٧) ـ وكان يحسن الكلام ـ وادخلت هشام بن سالم ـ وكان يحسن الكلام ـ وادخلت قيس بن الماصر ـ وكان عندي احسنهم كلاماً ، وكان قد تعلّم الكلام من عليّ بن الحسين عليهما السلام ـ.

فلمّا استقّر بنا المجلس ـ وكان أبو عبد الله عليه السلام قبل الحج يستقر ايّاماً في جبل في طرف الحرم في فازة (٤٨) له مضروبة ـ قال : فاخرج أبو عبد الله عليه السلام رأسه من فازته فاذا هو ببعير يخبّ (٤٩).

__________________

(٤٧) هو أبو جعفر الأحول محمد بن النعمان المعروف بمؤمن الطاق والطاقي.

(٤٨) الفازة : الخيمة الصغيرة.

(٤٩) الخَبَب : ضرب من العدو.


فقال : «هشام (٥٠) وربّ الكعبة».

قال : فظننّا أنّ هشاماً رجلٌ من ولد عقيل ـ كان شديد المحبة له ـ قال : فورد هشام بن الحكم وهو اوّل ما اختطت لحيته ، وليس فينا الاّ من هو اكبر سنّاً منه.

قال : فوسّع له أبو عبد الله عليه السلام وقال : «ناصرنا بقلبه ولسانه ويده».

ثم قال : «يا حمران ، كلّم الرجل» فكلّمه فظهر عليه حمران.

ثم قال : «يا طاقي ، كلّمه» ، فكلّمه فظهر عليه الاحول.

ثم قال : «يا هشام بن سالم كلّمه» ، فتعارفا (٥١).

ثم قال أبو عبد الله عليه السلام لقيس الماصر : «كلّمه» فكلّمه.

فأقبل أبو عبد الله عليه السلام يضحك من كلامهما ممّا قد اصاب الشامي ، فقال للشامي : «كلّم هذا الغلام».

يعني هشام بن الحكم.

فقال : نعم ، فقال لهشام : سلني في امامة هذا.

فغضب هشام (٥٢) حتى ارتعد ثم قال للشامي : يا هذا أربّك أنظر لخلقه أم خلقه لانفسهم؟

__________________

(٥٠) يعني هذا الراكب هشام ، فظننا انّ هشام رجلّ اي ظناّ أنّه يريد بقوله : هشام ، ذاك الرجل «الوافي».

(٥١) فتعارفا : في اكثر النسخ بالعين والراء المهملتين والفاء اي تكلّما بما عرف كل منهما صاحبه وكلامه بلا غلبة لاحدهما على الاخر ، وفي بعضها بالواو والقاف «تعاوقا» اي وقعا في العرق كناية عن طول المناظرة «مرآة العقول».

(٥٢) كأنّه أساء الأدب في إشارته إلى الإمام عليه السلام ، أو استهزأ بهشام ولهذا غضب.

أقول : لعلّ استهزاؤه بهشام من جهة خطابه بالغلام ، فإنّ تعبير الإمام عن هشام بالغلام غير خطاب الرجل الشامي بذلك.

ومن جهة أُخرى : جعل الشامي هشاماً سائلاً يدلّ على عدم اعتنائه به ، فإنّ موضع السائل في المناظرة أشدّ استحكاماً من موضع المجيب ، فكأنّ الشامي يقول : إنّي أغلبك وإنْ كنت في الموضع المستحكم.


فقال الشامي : بل ربّي أنظر لخلقه.

قال : ففعل بنظره لهم ماذا؟

قال : اقام لهم حجّةً ودليلاً كيلا يتشتتوا أو يختلفوا ، بتألّفهم ويقيم أودهم (٥٣) ويخبرهم بفرض ربّهم.

قال : فمن هو؟

قال : رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

قال هشام : فبعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟

قال : الكتاب والسنة.

قال هشام : فهل نفعنا الكتاب والسنّة في رفع الاختلاف عنّا؟

قال الشامي : نعم.

قال : فلم اختلفنا انا وانت وصرت الينا من الشام في مخالفتنا ايّاك.

قال : فسكت الشامي.

فقال أبو عبدالله عليه السلام للشامي : «ما لك لا تتكلّم؟!».

قال الشامي : ان قلت : لم تختلف كذبت ، وان قلت : إنّ الكتاب والسنّة يرفعان عنّا الاختلاف ابطلت ، لانّهما يحتملان الوجوه ، وان قلت : قد اختلفنا وكلّ واحد منّا يدعي الحق فلم ينفعنا اذن الكتاب والسنّة إلاّ انّ لي عليه هذه الحجّة.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «سله تجده مَليّاً».

فقال الشامي : يا هذا! من انظر للخلق أربّهم أو انفسهم؟

فقال هشام : ربّهم انظر لهم منهم لانفسهم.

فقال الشامي : فهل اقام لهم من يجمع لهم كلمتهم ويقيم اودهم ويخبرهم بحقّهم من باطلهم؟

__________________

(٥٣) أودهم : أي اعوجاجهم.


قال هشام : في وقت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم او الساعة؟

قال الشامي : في وقت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والساعة من؟

فقال هشام : هذا القاعد الذي يشدّ اليه الرجال (٥٤) ويخبرنا باخبار السماء والارض ، وراثة عن أب عن جدٍّ.

قال الشامي : فكيف لي ان اعلم ذلك؟

قال هشام : سله عمّا بدا لك.

قال الشامي : قطعت عذري فعليَّ السؤال.

فقال أبو عبدالله عليه السلام : «يا شامي; اخبرك كيف كان سفرك وكيف كان طريقك؟ كان كذا وكذا».

فأقبل الشامي يقول : صدقت ، اسلمت لله الساعة.

فقال أبو عبدالله عليه السلام : «بل آمنت بالله الساعة ، إنّ الاسلام قبل الايمان وعليه يتوارثون ويتناكحون ، والايمان عليه يثابون».

فقال الشامي : صدقت ، فانا الساعة أشهد ان لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وأنّك وصيّ الأَوصياء.

وقبل ان نكمل قراءة الحديث نقف عند بابه رويداً ونقتبس منه اموراً :

١ ـ إنّ الإمام يحترم هشام بن الحكم ـ ذاك الشاب ـ احتراماً كبيراً ، وهذا يدلّ على انّ عند العترة الطاهرة قيمة العلم اكبر من قيمة السنّ ، والعالم الشاب افضل من الشيخ غير العالم ، ونقل الراوي خصوص مناظرة هشام بن الحكم يدلّ على الجوّ الحاكم على تلك القضية حيث كانت الانظار متوجهة نحو هشام ابن الحكم فحسب.

٢ ـ إنّ الرواية تتضمن مناظرة كاملة مشتملة على السؤال والجواب ،

__________________

(٥٤) كناية عن اتيان الناس اليه من كل فج واقبالهم عليه في مواسم الحج. والرحل ما يستصحبه المسافر من الاثاث.


والغرض منها هو الوصول الى الحق ، والخصم ايضاً انّما يبحث عن ذاك الغرض ، ولذلك تراجع عن رأيه عند ما ظهر له بطلانه.

٣ ـ إنّ طلب الشامي من هشام ـ عند مناظرته له ـ ان يكون سائلاً استخفافاً به ، بيد انه تراجع بعد ذلك عندما تبين قوة خصمه وكفاءته.

٤ ـ تشتمل هذه المناظرة على شكلين من اشكال المناظرة ، وترسمهما بدقة فائقة ، وقد ظفر هشام في كلا المنهجين ، وهذا ممّا يدلّ بوضوح على مقدرة هشام على المناظرة ومعرفته بقواعدها.

٥ ـ إنّ الإمام عليه السلام اصرّ على ايقاف الشامي على عجزه حينما بيّن له جهله في التمييز بين الاسلام والايمان.

أقول : نعود الى متابعة الحديث :

ثم التفت أبو عبدالله عليه السلام الى حمران فقال : «تجري الكلام على الاثر فتصيب» (٥٥).

والتفت الى هشام بن سالم فقال : «تريد الاثر ولا تعرفه» (٥٦).

وثم التفت الى الاحول ، فقال : قيّاس ، روّاغ (٥٧) تكسر باطلاً بباطل ، إلاّ

__________________

(٥٥) قال العلاّمة المجلسي في «مرآة العقول» : أي على الأخبار المأثورة عن النبيّ وأئمّة الهدى صلوات الله عليهم فنصيب الحقّ; ثم احتمل احتمالين آخرين :

٢ ـ وقيل على حيث ما يقتضي كلامك السابق فلا يختلف كلامك بل يتعاضد.

٣ ـ ويحتمل أن يكون المراد على أثر كلام الخصم ، أي جوابك مطابق للسؤال. والأول أظهر.

أقول : ويؤيّده كلام الإمام عليه السلام لهشام بن سالم وقيس الماصر كما يأتي قريباً ، وفي الاحتمالات الثلاثة إشارة إلى منهج خاصّ في المناظرة.

(٥٦) اي تريد ان تبني كلامك على الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ولا تعرفه لعدم التتبع في الاخبار او عدم القدرة على الاستنباط «المرآة».

(٥٧) قيّاس على صيغة المبالغة ، اي انت كثير القياس ، وكذلك روّاغ «باهمال اوله واعجمام آخره» اي كثير الروغان ، وهو ما يفعله الثعلب من المكر والحيل ، ويقال للمصارعة ايضاً «الوافي».


انّ باطلك اظهر».

ثم التفت الى قيس الماصر فقال : «تتكلّم واقرب ماتكون من الخبر عن رسول الله أبعد ما تكون منه ، تمزج الحقّ مع الباطل وقليل الحقّ يكفي عن كثير الباطل ، انت والأحول قفّازان (٥٨) حاذقان».

قال يونس : فظننت والله انّه يقول لهشام قريباً ممّا قال لهما.

ثم قال : يا هشام! «لا تكاد تقع ، تلوي رجليك اذا هممت بالارض طرت (٥٩) ، مثلك فليكلّم الناس ، فاتّق الزلة والشفاعة من ورائها ان شاء الله» (٦٠).

هذه المناظرة تصور لنا تصويراً بديعاً عن مناهج المناظرات في زمن الإمام الصادق عليه السلام ، فكل من اصحابه عليه السلام يأخذ بمنهج.

حمران بالمنهج الحديثي ، ويصوبّه الإمام عليه السلام.

هشام بن سالم ايضاً يريد نفس المنهج ، ولكن ا ينجح فيه.

الاحول وقيس الماصر يناظران بالمنهج القياسي ، والإمام لا يرضى به لبطان القياس وهشام بن الحكم هو الذي يصيب في منهج المناظرة ، فيتكلّ على البراهين العقلية ويعتمد على مقام الإمامة ، والإمام يرضاه له ويأمره بالمناظرة دون الباقين.

فتحصل شرطان أساسيان للمناظرة :

الاول : المنهج الصحيح ، سواء كان المنهج الحديثي او كان المنهج العقلي الحديثي.

__________________

(٥٨) بالقاف والفاء المشدّدة والزاء من القفز ، وهو الوثوب ، وفي بعض النسخ : «قفاران» «بالراء المهملة» من القفر ، وهو المتابعة والاقفاء ، وفي بعضها بتقديم الفاء على القاف «فقاران» من فقرت البئر اي حفرته «المرآة».

(٥٩) اي انّك كلّما قربت من الارض وخفت الوقوع عليها لويت رجليك كما هو شأن الطير عند ارادة الطيران ثم طرت ولم تقع «المرآة».

(٦٠) الكافي ١ : ١٧١ ـ ١٧٤.


الثاني : توفّر الاوصاف العلمية اللازمة للمناظرة.

وبعد هذا يسهل علينا تفسير الروايات المنانعة عن المناظرة وتبيين مفادها.

فنقول : وردت روايات كثيرة في ذم المناظرة عن ائمة اهل البيت عليهم السلام ، فحصل تصوّر لدى البعض انّ المناظرة كانت على خلاف اصول الإمامية ـ لا للمعتزلة والحشوية فحسب ـ كما اشار الى ذلك الشيخ الطبرسي في مقدمة الاحتجاج.

والتدقيق في هذه الروايات يدلّ على انّ النهي فيها لم يكن مطلقاً بل لجهات خاصة ، وقد استفدنا من الروايات عدة جهات للنهي هي :

١ ـ الجدال لغير الصالح الذي يتوفر له الشروط العلمية والموضوعية للمناظرة :

إن للمناظرة شروطاً خاصة ، وصفات مخصوصة ، لا تفيد المناظرة الاّ معها ، وبدونها لا تكون نافعة بل ضارةً ، ففي رواية عن جابر الجعفي قال سمعته يقول : «إنّ اناساً دخلوا على أبي رحمة الله عليه فذكروا له خصومتهم مع الناس ، فقال لهم : هل تعرفون كتاب الله ما كان فيه ناسخ او منسوخ؟

قالوا : لا.

فقال لهم : وما حملكم على الخصومة ، لعلكم تحلّون حراماً او تحرمون حلالاً ولا تدرون ، انّما يتكلّم في كتاب الله من يعرف حلال الله وحرامه. الخبر (٦١).

وقد ذمّ أبو عبد الله عليه السلام ـ في رواية ـ المماري في ما لا علم له به (٦٢).

__________________

(٦١) بحار الانوار للعلامة المجلسي ، دار الكتب الاسلامية ، طهران ، ١٣٦٢ هـ ش ، ٢ / ١٣٩ ح ٥٩ ، والمعارف.

(٦٢) الخصال ، الشيخ الصدوق ، تصحيح علي اكبر الغفاري ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، ١٤٠٣ ، ص ٤٠٩ ح ٩ ، البحار ٢ / ١٢٩ ح ١٢.


وفي رواية عن الطيّار قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : بلغني أنّك كرهت مناظرة الناس.

فقال : «امّا كلام مثلك فلا يكره ، من اذا طار يحسن ان يقع ، وان وقع يحسن أن يطير ، فمن كان هكذا لا نكرهه».

ونظيرها رواية اخرى عن عبد الاعلى (٦٣)

وفي حديث اخر عن أبي خالد الكابلي قال : رأيت أبا جعفر صاحب الطاق وهو قاعد في الروضة قد قطع اهل المدينة ازراره ، وهو دائب يجيبهم ويسألونه ، فدنوت منه فقلت : إن ابا عبد الله عليه السلام ينهانا عن الكلام.

فقال : امرك ان تقول لي؟

فقلت : لا والله ، ولكن امرني ان لا اكلّم احداً.

قال : فاذهب فاطعه في ما امرك.

فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فاخبرته بقصّة صاحب الطاق وما قلت له وقوله لي : اذهب فاطعه في ما أمرك ، فتبسم أبو عبد الله عليه السلام وقال : «يا أبا خالد إنّ صاحب الطاق يكلّم الناس فيطير وينقضّ ، وأنت إن قصّوك لن تطير» (٦٤).

وما ذكرناه هو الوجه في الرويات التي تقول مثلاً : اياكم والجدال فانّه يورث الشكّ في دين الله (٦٥).

هذا وقد اشار الشيخ المفيد الى هذا الوجه في تصحيح الاعتقاد فقال : إنّ نهي الصادقين عن الكلام انّما كان لطائفة بعينا لا تحسنه ولا تهتدي إلى طرقه وكان الكلام يفسدها ، والامر لطائفة اخرى لانّها تحسنه وتعرف طرقه

__________________

(٦٣) رجال الكشي برقم ٥٧٨ و ٦٥٠ ، البحار ٢ / ١٣٦ ح ٣٨ و ٣٩.

(٦٤) رجال الكشي برقم ٣٢٧.

(٦٥) البحار ٢ / ١٣٨ ح ٤٩ ، بيروت ، ١٤٠٠ ، ص ٣٤٠ المجلس ٦٥ ، ح ٢ ، كنز الفوائد للكراجكي ص ١٢٧.


وسبله.

واستدل قدس سرّه على ذلك بما روي عن أبي عبد الله عليه السلام : أنّه نهي رجلاً عن الكلام وامر آخر به ، فقال له بعض اصحابه : جعلت فداك ، نهيت فلاناً عن الكلام وامرت هذا به!؟

فقال : هذا ابصر بالحجج وارفق منه (٦٦).

٢ ـ الجدال مع غير الصالح :

إنّ المناظرة يجب ان تكون غايتها الوصول الى معرفة الحق ، فلذلك لا بد ان يرى المناظر في خصمه امكانية معرفة الحق وتقبله ، فيلزم الاجتناب عن مناظرة الاحمق والجاهل ، ففي رواية عن النبي الاعظم صلوات الله وسلامه عليه وآله : «اربع يمتن القلوب ... ومماراة الاحمق تقول ويقول ولا يرجع الى خير» (٦٧).

٣ ـ الجدال بغير المنهج الصحيح :

قد عرفنا في ما سبق عند قراءة رواية هشام بن الحكم أنّ الصادق عليه السلام كان لا يرضى باستعمال القياس في المناظرة ، وقد مرّ تفسير الجدال بغير التي هي احسن في الرواية المذكورة في التفسير المنسوب الى الإمام العسكري : بان تجحد حقاً لا يمكنك ان تفرّق بينه وبين باطل من تجادله ، وانما تدفعه عن باطله بان تجحد الحقَّ (٦٨). وفي ذلك اشارة واضحة الى النهي عن هذا النوع من الجدال والمناظرة ، فراجع.

__________________

(٦٦) تصحيح الاعتقاد : ٢٧.

(٦٧) الخصال : ٢٢٨ ، البحار ٢ / ١٢٨ ح ١٠ ، وايضاً امالي الطوسي ، ومكتبة الداوري ، قم ، «من طبعة المكتبة الحيدرية ، النجف» ج ١ / ٧ ، البحار ٢ / ١٢٩ ح ١٤.

(٦٨) التفسير المنسوب الى الإمام العكسري عليه السلام : ٤٢٩.


٤ ـ الجدال في زمن التقية :

إنّ الجدال في زمن التقية ربما يشكل خطراً بالغاً يتهدد حياة المناظرين أو حتى حياة الأئمة عليهم السلام آنذاك ، فالمحافظة على كيان التشيع في تلك الأزمنة يحكم بلزوم الستر ورعاية منهج التقية ، والاجتناب عن المناظرة في تلك الاجواء الخطيرة ، وقد اشار الشيخ المفيد الى انّه قد يصح النهي عن المناظرة للتقية (٦٩).

وقد روى الكشي باسناده ، عن يونس قال : قلت لهشام : انّهم يزعمون أنّ أبا الحسن (٧٠) بعث اليك عبد الرحمن بن الحجّاج يأمرك ان تسكت ولا تتكلّم ، فأبيت ان تقبل رسالته ، فاخبرني كيف هذا ، وهل ارسل اليك ينهاك عن الكلام أو لا ، وهل تكلّمت بعد نهيه ايّاك؟

فقال هشام : إنّه لمّا كان ايّام المهدي شدّد على اصحاب الاهواء ، وكتب له ابن المفضّل صنوف الفرق صنفاً صنفاً ، ثم قرأ الكتاب على الناس.

فقال يونس : قد سمعت الكتاب يقرأ على الناس على باب الذهب بالمدينة ، ومرة اخرى بمدينة الوضّاح (٧١).

فقال : إنّ ابن المفضّل صنّف لهم صنوف الفرق فرقة فرقة ، حتّى قال في كتابه : وفرقة يقال لهم الزرارية ، وفرقة يقال لهم العمّارية ـ أصحاب عمّار الساباطي ـ وفرقة يقال هم اليعفورية ، [كأنّ المراد بهم اصحاب عبد الله بن أبي يعفور] ، ومنهم فرقة اصحاب سليمان الاقطع ، وفرقة يقال لهم الجواليقية

__________________

(٦٩) تصحيح الاعتقاد : ٢٨.

(٧٠) يعني الإمام الكاظم عليه السلام.

(٧١) الظاهر انّ المدينة اشارة الى المعهود اي بغداد ، ومدينة وضّاح يراد بها قصر وضّاح في بغداد ، وقد سكنها هشام بن الحكم في اخريات حياته ، وفي نقل اخر للخبر : وقرأ ذلك الكتاب في الشرقية.


[اصحاب هشام بن سالم الجواليقي] (٧٢).

قال يونس : ولم يذكر يومئذ هشام بن الحكم ولا اصحابه ، فزعم هشام ليونس انً أبا الحسن عليه السلام ، بعث اليه فقال له : «كفّ هذه الايّام عن الكلام فانّ الامر شديد».

قال هشام : فكففت عن الكلام حتّى مات المهدي وسكن الامر ، فهذا الامر الذي كان من امره وانتهائي إلى قوله (٧٣).

وفي جملة من الروايات ورد النهي عن المجادلة استدلالاً : بان الله اذا اراد بعبد خيراً نكت في قلبه (٧٤).

والنكت هو ان تضرب في الارض بخشب فيؤثر فيها ، والنقش في الارض ، والمراد القاء الحق فيه واثباته بحيث تنتقش به وتقبله.

قال العلاّمة المجلسي ـ بعد تفسير النكت ـ : والظاهر أنّ الغرض من تلك الاخبار ترك مجادلة من لا يُؤثّر الحقّ فيه وتجب التقيّة منه ، ولمّا كانوا في غاية الحرص على دخول الناس في الايمان كانوا يتعرضون للمهالك (٧٥).

٥ ـ الجدال الذي لا ينفع :

المجادلة كالامر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون مطلوباً مع احتمال التأثير ، وامّا مع عدمه لا يكون مطلوباً ، والجدال مع غير الصالح من مصاديق الجدال غير النافع ، والجدال مع من لا يقبل الحق من مصاديقه ايضاً ، ولهذه

__________________

(٧٢) اختلاق الفرق كان من دسائس الحكومة العباسيّة لبث الفرقة بين المسلمين واثارة الشبهات حول الشيعة وصولاً الى التضييق عليهم وقمعهم ، لان ليس لهذا الفرق وجود اصلاً ، بل ان لأصحاب الأئمة آراء خاصة بهم لا تجعل منهم فرقاً ابداً.

(٧٣) رجال الكشي برقم ٤٧٩ وأيضاً ٤٨٥.

(٧٤) المحاسن للبرقي ، تصحيح المحدّث الارموي ، دار الكتب الاسلامية ، طهران ، ١٣٧٠ ، ج ١ / ٢٠٠ ح ٣٦ ، ٢٠١ ح ٣٨ و ٣٩ و ٤٠ ، ٢٠٢ ح ٤٥.

(٧٥) البحار ٢ / ١٣٣ ذيل ح ٢٧.


الجهة ورد النهي في حديث العترة الطاهرة عليهم السلام عن كلام المسلم في ما لا يعنيه (٧٦).

٦ ـ الجدال لإظهار الكمال والفخر :

حثَ الأئمّة عليهم السلام على ترك الرجل المراء وان كان محقاً (٧٧) في روايات كثيرة مثل ما روي عن الصادق عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم : «اورع الناس من ترك المراء وان كان محقاً».

وقد ذكر المحقق المجلسي في تفسيره : ويظهر من الاخبار انّ المذموم فيه ما كان الغرض فيه الغلبة واظهار الكمال والفخر ، او التعصّب وترويج الباطل ، وامّا ما كان لاظهار الحقّ ورفع الباطل ، ودفع الشبه عن الدين وارشاد المضّلين ، فهو من اعظم اركان الدين (٧٨) ... الى آخر كلامه الشريف.

والحث على ترك الرجل للمراء وان كان محقاً يحتمل ان يكون ناظراً الى المناظرة غير النافعة ، لكنّ ما ذكره العلاّمة المجلسي هو الظاهر من بعض الروايات حيث جعل من التواضع ان يترك الرجل المراء وان كان محقاً (٧٩) ، فالمناسبة تقضي بكون المراد ما كان الاظهار الفضل ، ولعلّه لهذه الجهة نهي عن المراء في حال الصيام (٨٠).

__________________

(٧٦) امالي المفيد ٣٤ ح ٩ ، الخصال ٢٩٠ ح ٥٠ ، ٤١٩ ، ح ٩ ، امالي الشيخ الطوسي ١ / ٢٢٨ ، الكافي ٢ / ٢٤٠ ح ٣٤.

(٧٧) الكافي ٢ / ١٢٢ ح ٦; ١٤٤ ح ٢ ; ٤ / ٤٤ ح ١٠ ، الخصال ١٤٤ ح ١٧٠ ; ٢٢٣ ح ٥٢ ، معاني الاخبار تصحيح علي اكبر الغفاري ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، ١٣٦١ هـ ش ، ص ١٩٥ ، ح ١.

(٧٨) البحار ٢ / ١٢٧ ذيل ح ٣.

(٧٩) معاني الاخبار : ٣٨١ ح ٩.

(٨٠) الكافي ٤ / ٨٧ ح ٣.


٧ ـ الجدال مع الخصومة والحقد :

قد نهي في جملة من الروايات عن المراء معطوفاً عليه الخصومة ، فيظهر انّ المراد من المراء المنهي عنه ما كان مقترناً بالخصومة ، وقد أفرد الكليني في الكافي باباً باسم : المراء والخصومة وملاحاة الرجال ، واورد روايات عديدة فيه ، منها ما رواه عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «قال أمير المؤمنين عليه السلام : ايّاكم والمراء والخصومة ، فانّهما يمرضان القلوب على الاخوان وينبت عليهما النفاق» (٨١).

٨ ـ الجدال اتكاءاً على نتائج العقول واستغناء عن الرجوع الى آل الرسول عليهم السلام :

قد ذمّت روايات كثيرة الاعتماد الكامل على العقل وعدم الارتكاز على النصوص الواردة عن اهل البيت عليهم السلام ، والظاهر أنّ بعض روايات المناظرة تصب في هذا المنحى ففي رواية عن الصادق عليه السلام : «يهلك اصحاب الكلام وينجوا المسلّمون ، إنّ المسلّمين هم النجباء يقولون هذا ينقاد وهذا لا ينقاد» (٨٢) الخبر.

قال العلامة المجلسي في بيانه : «يقولون» اي يقول المتكلّمون لما اسسّوه بعقولهم الناقصة ، «هذا ينقاد» اي يستقيم على اصولنا ، «وهذا لا ينقاد» على الاصول الكلامية ، ويحتمل ان يكون اشارة الى ما يقوله اهل المناظرة في مجادلاتهم : سلّمنا هذا ولكن لا نسلّم ذلك ، والاول اظهر (٨٣).

__________________

(٨١) الكافي ٢ / ٣٠٠ ح ١.

(٨٢) بصائر الدرجات للصفّار ، مكتبة آية الله المرعشي ، قم ، ١٤٠٤ «من طبعة تبريز» ص ٥٢٠ ح ٤ و ٥.

(٨٣) البحار ٢ / ١٣٢ ذيل ح ٢٣.


وقد اشارت الى ذلك رواية يونس بن يعقوب ـ المتضمنة لمناظرة هشام ابن الحكم مع الشامي ، وقد مرّت ـ حيث قال له أبو عبد الله عليه السلام : «وددت أنّك يا يونس تحسن الكلام».

فقال له يونس : جعلت فداك سمعتك تنهى عن الكلام وتقول ويل لأهل الكلام يقولون هذا ينقاد وهذا لا ينقاد ، وهذا ينساق وهذا لا ينساق ، وهذا نعقله وهذا لا نعقله.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «إنّما قلت لهم إذا تركوا قولي وصاروا إلى خلافه» (٨٤).

والمفيد أورد الخبر في تصحيح الاعتقاد لبيان الوجه في النهي عن المناظرة.

٩ ـ آفات المناظرة :

نظراً إلى أنّ في المباحثة ميلاً وهوى إلى الغلبة والاستعلاء ، ولو كان الانسان نفسه يناظر طلباً للوصول إلى الحق وهداية الناس ، فالخصم قد يباحث لغرض فاسد ، ولهذا وذاك فإنّ المناظرة تشتمل على آفات يلزم الاتّقاء من الوقوع فيها.

وإلى هذه المهالك تشير جملة من الروايات الناهية عن المناظرة دفعاً للمناظر عن التورط فيها. ومن آفات المناظرة : زوال التواضع وخشوع القلب وسلامة النفس ، وايجاد الحقد والعداوة.

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : «إنّ المخاصمة ممرضة للقلب» (٨٥).

وعن عليه السلام : قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : «إياكم والمراء

__________________

(٨٤) الكافي ١ / ١٧١ ح ٤ ، تصحيح الاعتقاد ٢٧.

(٨٥) المحاسن ٢ / ٢٠١ ح ٣٨.


والخصومة فإنّهما يمرضان القلوب على الاخوان وينبت عليهما النفاق» (٨٦).

وعنه عليه السلام : «إياكم والخصومة في الدين فإنّها تشغل القلب عن ذكر الله عزّ وجلّ ، وتورث النفاق ، وتكسب الضغائن ، وتستجير الكذب» (٨٧).

قال العلاّمة المجلسي في البحار : الضغائن : جمع الضغينة ، وهي الحقد والعداوة والبغضاء ، قوله (تستجير) في بعض النسخ بالزاء المعجمة ، أي يضطّر في المجادلة إلى الكذب وقول الباطل فيظنّه جائزاً للضرورة بزعمه ، وفي بعضها بالمهملة ، أي يطلب الإجارة والأمان من الكذب ويلجأ إليه للتخلّص من غلبة الخصم (٨٨).

فالمناظر يجب أن يكون على حذر من هذه المهالك الاخلاقية والروحية ، ويستعيذ بالله من شرور النفس والشيطان.

١٠ ـ الجدال في ما كان هناك واجب أهمّ :

روي عن أبي عبيدة الحذّاء قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : «إيّاكم وأصحاب الخصومات ، فإنّهم تركوا ما أمروا بعلمه وتكلّفوا ما لم يؤمروا بعلمه ، حتى تكلّفوا علم السماء». الحديث (٨٩).

وقد قال السيد ابن طاووس بعد ذكره رواية في ذمّ المتكلّمين : ويحتمل أن يكون المراد بهذا الحديث المتكلّمين الّذين يطلبون بكلامهم وعلمهم ما لا يرضاه الله عزّ جلاله ، أو يكونون ممّن يشغلهم الاشتغال بعلم الكلام عمّا هو واجب عليهم من فرائض الله جلّ جلاله (٩٠).

__________________

(٨٦) الكافي ٢ / ٣٠٠ ح ١.

(٨٧) امالى الصدوق ٣٤٠ ، مجلس ٦٥ ح ٢ و ٤.

(٨٨) بحار الانوار ٢ / ١٢٨ ذيل ح ٦.

(٨٩) البحار ٢ / ١٣٩ ح ٥٨.

(٩٠) بحار الأنوار ٢ / ١٣٨ ذيل ح ٤٨.


فتحصّل من سرد الروايات والبحث في معناها : أنّ المناظرة إذا كانت للوصول إلى الحق بالاسلوب الصحيح مع رعاية الشرائط اللازمة والاجتناب عن ما يلازمها من الآفات ، كانت مأموراً بها ، وإنّ النهي عن المناظرة تكون لجهات خاصّة ولا تكون مطلقة.

والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته

* * *


من الأحاديث الموضوعة

(١٠)

تزويج أُمّ كلثوم بنت عليّ

من عمر بن الخطّاب

السـيّد عليّ الحسيني الميلاني

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وآله الطيّبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين ، من الأولين والأخرين.

وبعد ،

فقد كثر البحث والسؤال والجواب عن خبر تزويج أمير المؤمنين عليّ ابنته من عمر بن الخطّاب ... منذ القرون الأُولى ... وكتب حولها رسائل شتّى ... منها ما كتبه الشيخ المفيد ـ رضوان الله تعالى عليه ـ جواباً عن المسألة العاشرة من المسائل التي أودعها في كتابه «أجوبة المسائل السروية» وكذا جواباً عن المسألة الخامسة عشرة من كتابه «أجوبة المسائل الحاجبية».

وهذه رسالة وضعتها على نسق أخواتها ، حيث أوردت نصوص الخبر عن أشهر كتب أهل السُنّة ونظرت في أسانيدها ودلالاتها ، فجاءت حاويةً من القضيّة لُبابها ، كاشفةً عنها نقابها ، شارحةً لواقع الحال ، قاطعةً للقيل والقال ، والله الموفّق وهو المستعان.


(١)

رواة الخبر ونصوصه

إنّ خبر تزويج أمير المؤمنين عليه السلام ابنته أُمّ كلثوم من عمر بن الخطّاب مشهور بين أهل السُنّة ، مذكور في كتبهم ...

١ ـ ابن سعد في الطبقات :

فأقدم رواة هذا الخبر ومخرّجيه ـ فيما نعلم ـ هو : محمد بن سعد بن منيع الزهري ـ المتوفّى سنة ٢٣٠ هـ ـ صاحب كتاب «الطبقات الكبرى».

فقد جاء في كتاب الطبقات :

«أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قُصيّ. وأُمّها فاطمة بنت رسول الله ، وأُمّها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قُصيّ.

تزوّجها عمر بن الخطّاب ، وهي جارية لم تبلغ ، فلم تزل عنده إلى أنْ قتل.

وولدت له : زيد بن عمر ، ورقيّة بنت عمر.

ثم خلف على أُمّ كلثوم ـ بعد عمر ـ عون بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطّلب ، فتوفّي عنها.

ثمّ خلف عليها أخوه محمد بن جعفر بن أبي طالب فتوفّي عنها.

فخلف عليها أخوه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بعد أُختها زينب بنت عليّ بن أبي طالب.


فقالت أُمّ كلثوم : إنّي لأستحيي من أسماء بنت عميس ، إنّ ابنيها ماتا عندي ، وإنّي لأتخوّف على هذا الثالث.

فهلكت عنده.

ولم تلد لأحد منهم شيئاً.

أخبرنا أنس بن عياض الليثي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه : أنّ عمر ابن الخطّاب خطب إلى عليّ بن أبي طالب ابنته أُمّ كلثوم. فقال عليّ : إنّما حبست بناتي على أولاد جعفر. فقال عمر : أنكحنيها يا عليّ ، فوالله ما على ظهر الأرض رجل يرصد من حسن صحبتها ما أرصد. فقال عليّ : قد فعلت.

فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين بين القبر والمنبر ـ وكانوا يجلسون ثَمَّ عليّ وعثمان والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف ، فإذا كان الشيء يأتي من الآفاق جاءهم فأخبرهم ذلك واستشارهم فيه ـ فجاء عمر فقال : رفّئوني ، فرفّؤوه وقالوا : بمَن يا أمير المؤمنين؟ قال : بابنة عليّ بن أبي طالب. ثم أنشأ يخبرهم فقال : إنّ النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قال : كلّ نسب وسبب منقطع يوم القيامة إلاّ نسبي وسببي. وكنت قد صحبته فأحببت أن يكون هذا أيضاً.

أخبرنا وكيع بن الجرّاح ، عن هشام بن سعد ، عن عطاء الخراساني : أنّ عمر أمهر أُمّ كلثوم بنت عليّ أربعين ألفاً.

قال محمد بن عمر (١) وغيره : لَمّا خطب عمر بن الخطّاب إلى عليٍّ ابنته أُمّ كلثوم قال :

يا أمير المؤمنين : إنّها صبيّة.

فقال : إنّك والله ما بك ذلك ، ولكن قد علمنا ما بك.

__________________

(١) هو الواقدي.


فأمر عليّ بها فصنعت.

ثم أمر ببرد فطواه وقال : إنطلقى بهذا إلى أمير المؤمنين فقولي : أرسلني أبي يقرؤك السلام ويقول : إنْ رضيت البرد فأمسكه وإنْ سخطته فردّه.

فلمّا أتت عمر قال : بارك الله فيك وفي أبيك ، وقد رضينا.

قال : فرجعت إلى أبيها فقال : ما نشر البرد ولا نظر إلاّ إليَّ.

فزوّجها إيّاه.

فولدت له غلاماً يقال له زيد.

أخبرنا وكيع بن الجرّاح ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر (٢) قال : مات زيد بن عمر وأُمّ كلثوم بنت عليّ ، فصلّى عليهما ابن عمر. فجعل زيداً ممّا يليه وأمّ كلثوم ممّا يلي القبلة ، وكبّر عليهما أربعاً.

أخبرنا عبيدالله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن عامر ، عن ابن عمر ، أنّه صلّى على أمّ كلثوم بنت عليّ وابنها زيد وجعله ممّا يليه وكبّر عليهما أربعاً.

أخبرنا وكيع بن الجرّاح ، عن زيد بن حبيب ، عن الشعبي بمثله وزاد فيه : وخلفه الحسن والحسين ابنا عليّ ومحمد بن الحنفيّة وعبدالله بن عباس وعبدالله بن جعفر.

أخبرنا عبيد الله بن موسى ، أخبرنا إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر ، عن عبد الله بن عمر : أنّه كبر على زيد بن عمر بن الخطّاب أربعاً وخلفه الحسن والحسين ، ولو علم أنّه خير أن يزيده زاده.

أخبرنا عبيد الله بن موسى ، أخبرنا إسرائيل ، عن السدّي عن عبدالله

__________________

(٢) هو الشعي.


البهيّ ، قال : شهدت ابن عمر صلّى على أُمّ كلثوم وزيد بن عمر بن الخطّاب ، فجعل زيداً فيما يلي الإمام ، وشهد ذلك حسن وحسين.

أخبرنا وكيع بن الجرّاح ، عن حمّاد بن سلمة ، عن عمّار بن أبي عمّار ـ مولى بني هاشم ـ قال : شهدتهم يومئذ وصلّى عليهما سعيد بن العاص ، وكان أمير الناس يومئذ ، وخلفه ثمانون من أصحاب محمد صلّى الله عليه [وآله] وسلّم.

أخبرنا جعفر بن عون ، عن ابن جريج ، عن نافع ، قال : وضعت جنازة أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب ـ امرأة عمر بن الخطّاب ـ وابن لها يقال له زيد ، والإمام يومئذ سعيد بن العاص.

أخبرنا عبد الله بن نمير ، حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر ، قال : صلّى ابن عمر على أخيه زيد وأُمّ كلثوم بنت علّي ، وكان سريرهما سواء ، وكان الرجل ممّا يلي الإمام» (٣).

٢ ـ الدولابي في الذرّيّة الطاهرة :

وروى أبو بشر الدولابي ـ المتوفى سنة ٣١٠ هـ ـ قال :

«سمعت أحمد بن عبد الجبّار ، قال : سمعت يونس بن بكير ، قال : سمعت ابن إسحاق يقول : ولدت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليِّ بن أبي طالب : حسناً وحسيناً ومُحسناً ، فذهب مُحسِّن صغيراً ; وولدت له أُمّ كلثوم وزينب.

قال ابن إسحاق : فحدّثني عاصم بن عمر بن قتادة ، قال : خطب عمر بن الخطّاب إلى عليّ بن أبي طالب ابنته أُمّ كلثوم ، فأقبل عليٌّ عليه وقال : هي صغيرة.

__________________

(٣) الطبقات الكبرى ٨ / ٤٦٢ ـ ٤٦٥.


فقال عمر : لا والله ما ذلك ... (٤) ولكن أردتَ منعي ، فإن كانت كما تقول فابعثها إليَّ ، فرجع عليٌّ فدعاها فأعطاها حلّة وقال : انطلقي بهذه إلى أمير المؤمنين فقولي : يقول لك أبي كيف ترى هذه الحلّة؟ فأتته بها فقالت له ذلك. فأخذ عمر بذراعها ، فاجتذبتها منه فقالت : أرسل. فأرسلها وقال : حصان كريم. انطلقي فقولي له : ما أحسنها ... (٥) وأجملها. وليست ـ والله ـ كما قلت ، فزوّجها إيّاه.

حدّثنا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس بن بكير ، عن خالد بن صالح ، عن واقد بن محمد بن عبد الله بن عمر ، عن بعض أهله ، قال : خطب عمر بن الخطّاب إلى عليّ بن أبي طالب ابنته أُمّ كلثوم ـ وأُمّها : فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فقال له عليٌّ : إنّ عليَّ فيها أُمراء حتى أستأذنهم. فأتى وُلد فاطمة فذكر ذلك لهم فقالوا : زوّجه. فدعا أُمّ كلثوم وهي يومئذ صبيّة فقال : انطلقي إلى أمير المؤمنين فقولي له : إنّ أبي يقرؤك السلام ويقول لك : إنّا قد قضينا حاجتك التي طلبت.

فأخذها عمر فضمّها إليه وقال : إنّي خطبتها من أبيها فزوجنيها. فقيل : يا أمير المؤمنين ما كنت تريد ، إنّها صبيّة صغيرة؟! فقال : إنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : كلّ سبب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي. فأردت أن يكون بيني وبين رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سبب وصهر.

وذكر عبد الرحمن بن خالد بن نجيح ، نا حبيب ـ كاتب مالك بن أنس ـ ، نا عبد العزيز الدراوردي ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ـ مولى عمر بن الخطّاب ـ قال : خطب عمر إلى عليّ بن أبي طالب أُمّ كلثوم ، فاستشار عليٌّ العباس وعقيلا والحسن ، فغضب عقيل وقال لعليٍّ : ما تزيد الأيّام والشهور إلاّ العمى في أمرك ، والله لئن فعلت ليكوننّ وليكوننّ.

__________________

(٤) في المطبوعة هنا : كلمة لا تقرأ. قلت : الجملة هي : لا والله ما ذلك بك.

(٥) في المطبوعة : كلمة لا يَقرأ. قلت : لا توجد كلمة في نقل المحبّ الطبري.


فقال عليٌّ للعبّاس : والله ما ذاك منه نصيحة ، ولكن درّة عمر أحوجته إلى ما ترى ، أما والله ما ذاك لرغبة فيك يا عقيل ، ولكنْ أخبرني عمر بن الخطّاب أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : كلّ سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي.

حدّثني عبد العزيز بن منيب أبو الدرداء المروزي ، نا خالد بن خداس.

ح ، وحدّثني إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء الأنصاري ، أبو يعقوب ، ثنا أپو الجماهير محمد بن عثمان ، قالا : نا عبد الله ابن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جدّه : أنّ عمر بن الخطّاب تزوّج أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب على أربعين ألف درهم.

حدّثنا عبدالله بن محمد أبو أُسامة ، نا حجّاج بن أبي منيع ، نا جدّي ، عن الزهري ، قال : أُمّ كلثوم بنت عليّ من فاطمة ، تزوجّها عمر بن الخطّاب ، فولدت له زيد بن عمر بن الخطّاب.

حدّثنا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس بن بكير ، عن إسحاق ، قال : وتزوّج أُمّ كلثوم بنت عليّ عمرُ بن الخطّاب ، فولدت له زيد بن عمر وامرأة معه ، فمات عمر عنها.

حدّثنا عبد الله بن محمد أبو أُسامة الحلبي ، نا حجّاج بن أبي منيع ، نا جدّي ، عن الزهري ، قال : ثم خلف على أُمّ كلثوم بعد عمر بن الخطّاب عون ابن جعفر بن أبي طالب ، فلم تلد له شيئاً حتى مات.

حدّثنا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال : فلمّا مات عمر عن أُمّ كلثوم بنت عمر تزوّجت عون بن جعفر. فهلك عنها.

قال ابن إسحاق : فحدّثني والدي إسحاق بن يسار ، عن حسن بن حسن ابن عليّ بن أبي طالب ، قال : لما أُيّمت أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب من عمر


ابن الخطّاب دخل عليها حسن وحسين أخواها فقالا لها : إنك من عرفتِ سيّدة نساء المسلمين وبنت سيّدتهنّ ، وإنك والله لئن أمكنت عليّاً من رمّتك لينكحنّك بعض أيتامه ، ولئن أردت أن تصيبنَّ بنفسك مالاً عظيماً لتصيبنّه!

فو الله ما قاما حتى طلع عليٌّ يتّكىء على عصاه فجلس فحمد الله وأثنى عليه ، ثم ذكر منزلتهم من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقال : قد عرفتم منزلتكم يا بني فاطمة وأثرتكم عندي على سائر ولدي لمكانكم من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقرابتكم منه.

فقالوا : صدقت رحمك الله ، فجزاك الله عنّا خيراً.

فقال : أي بنّية ، إنّ الله قد جعل أمرك بيدك ، فأنا أُحبّ أن تجعليه بيدي.

فقالت : أي أبة ، والله إنّي لامرأة أرغب فيما يرغب فيه النساء ، فأنا أُحبّ أن أُصيب ما يصيب النساء من الدنيا ، وأنا أُريد أن أنظر في أمر نفسي!

فقال : والله يا بنيّة ، ما هذا من رأيك ، ما هو إلاّ رأي هذين ، ثم قام فقال : والله لا أُكلّم رجلاً منهما أو تفعلين.

فأخذا بثيابه فقالا : اجلس يا أبة ، فوالله ما على هجرانك من صبر ، اجعلي أمرك بيده.

فقالت : قد فعلت.

قال : فإنّي قد زوّجتك من عون بن جعفر وإنّه لغلام. ثم رجع إليها فبعث إليها بأربعة آلاف درهم. وبعث إلى ابن أخيه فأدخلها عليه.

قال حسن : فو الله ما سمعت بمثل عشق منها له منذ خلقك الله!

حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني ، نا يزيد بن هارون ، أنا حمّاد بن سلمة ، عن عمّار بن أبي عمّار ، أنّ أُمّ كلثوم بنت عليّ وزيد


ابن عمر ماتا فكفّنا وصلّى عليهما سعيد بن العاص ، وخلفه الحسن والحسين وأبو هريرة.

حدّثنا إبراهيم بن يعقوب ، نا يزيد بن هارون ، أنا إسماعيل بن أبي خالد ، قال : تذاكرنا عند عامر جنائز الرجال والنساء فقال عامر : جئت وقد صلّى عبدالله ابن عمر على أخيه زيد بن عمر وأُمّه أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه» (٦).

٣ ـ الحاكم في المستدرك :

وأخرجه الحاكم أبو عبد الله النيسابوري ـ المتوفّى سنة ٤٠٥ هـ ـ قائلاً :

«حدّثنا الحسن بن يعقوب وإبراهيم بن عصمة العدلان ، قالا : ثنا السرّي ابن خزيمة ، ثنا معلّى بن اسد (٧) ، ثنا وثيب بن خالد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عليّ بن الحسين : أنّ عمر بن الخطّاب خطب إلى عليّ رضي الله عنه أُمّ كلثوم فقال : أنكحنيها. فقال علّي : إنّي لأرصدها لابن أخي عبد الله بن جعفر. فقال عمر : أنكحنيها ، فو الله ما من الناس أحد يرصد من أمرها ما أرصده. فأنكحه عليّ. فأتى عمر المهاجرين فقال : ألا تهنّوني؟! فقالوا : بمن ياأمير المؤمنين؟ فقال : بأُمّ كلثوم بنت عليّ وابنة فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، إنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : كل نسب وسبب ينقطع يوم القيامة إلاّ ما كان من سببي ونسبي ، فأحببت أن يكون بيني وبين رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نسب وسبب.

هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه» (٨).

__________________

(١) الذرّية الطاهرة : ١٥٧ ـ ١٦٥.

(٢) فيه : راشد وهو غلط.

(٣) المستدرك ٣ / ١٤٢.


٤ ـ البيهقي في السنن :

وأخرج أبو بكر البيهقي ـ المتوفّى سنة ٤٥٨ هـ ـ قال :

«أخبرنا أبو عبدالله الحافظ (٩) ، ثنا الحسن بن يعقوب وإبراهيم بن عصمة ، قالا : ثنا السرّي بن خزيمة ، ثنا معلّى بن أسد ، ثنا وهيب بن خالد ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه ، عن عليّ بن الحسين.

ح وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد ابن عبد الجبّار ، ثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، حدّثني أبو جعفر ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، قال : لمّا تزوّج عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ أُمّ كلثوم بنت عليّ رضي الله عنهم أتى مجلساً في مسجد رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يقول : كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلاّ ما كان سببي ونسبي.

لفظ حديث ابن إسحاق ، وهو مرسل حسن.

وأخبرنا أبو الحسين ابن بشران ، أنبأ دعلج بن أحمد ، ثنا موسى بن هارون ، ثنا سفيان ، عن وكيع بن الجراح ، أنبأ روح بن عبادة ، ثنا ابن جريج ، أخبرني ابن أبي مليكة ، أخبرني حسن بن حسن ، عن أبيه : أنّ عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ خطب إلى عليّ رضي الله عنه أُمّ كلثوم فقال له عليٌّ رضي الله عنه إنّها تصغر عن ذلك. فقال عمر : سمعت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يقول : كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي ، فأحببت أن يكون لي من رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم

__________________

(٩) هو الحاكم صاحب المستدرك.


سبب ونسب. فقال علي رضي الله عنه لحسن وحسين : زوّجا عمّكما. فقالا : هي امرأة من النساء تختار لنفسها. فقام عليُّ رضي الله عنه مغضباً : فأمسك الحسن رضي الله عنه بثوبه وقال : لا صبر على هجرانك يا أبتاه. قال : فزوّجاه» (١٠).

وروى هذا الخبر الثاني مرةً أُخرى في باب (ما جاء في إنكاح الأباء الأبكار) (١١) قال التركماني صاحب «الجوهر النقي» «ذكر فيه تزوجه عليه السلام عائشة وهي بنت ست ، وتزوّج عمر ابنة عليّ صغيرة ، وتزويج غير واحد من الصحابة ابنته صغيرةٌ ... قلت : قد كانت عائشة وابنة عليّ صغيرتين ...».

٥ ـ الخطيب في تاريخ بغداد :

وروى الخطيب البغدادي ـ المتوفّى سنة ٤٦٣ هـ ـ بترجمة إبراهيم بن مهران المروزي بإسناده عنه قال : «حدّثنا الليث بن سعد القيسي ـ مولى بني رفاعة ، في سنة ١٧١ بمصر ، عن موسى بن عليّ بن رباح اللخمي ، عن أبيه ، عن عقبة بن عامر الجهني ، قال :

خطب عمر بن الخطّاب إلى عليّ بن أبي طالب ابنته من فاطمة ، وأكثر تردّده إليه فقال : يا أبا الحسن ، ما يحملني على كثرة تردّدي إليك إلاّ حديث سمعته من رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يقول : كلّ سبب وصهر منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي ، فأحببت أنه يكون لي منكم أهل البيت سبب وصهر.

فقام عليٌّ فأمر بابنته من فاطمة فزيّنت ثم بعث بها إلى أمير المؤمنين عمر. فلمّا رآها قام إليها فأخذ بساقها وقال : قولي لأبيك قد رضيت قد رضيت قد رضيت. فلما جاءت الجارية إلى أبيها قال لها : ما قال لك امير المؤمنين؟ قالت :

__________________

(١٠) السنن الكبرى ٧ / ٦٣ ـ ٦٤.

(١١) السنن الكبرى ٧ / ١١٤.


دعاني وقبّلني ، فلمّا قمت أخذ بساقى وقال قولي لأبيك : قد رضيت ، فأنكحها إيّاه. فولدت له زيد بن عمر بن الخطّاب ، فعاش حتى كان رجلاً ثم مات ...» (١٢).

٦ ـ ابن عبد البرّ في الاستيعاب :

وقال ابن عبد البرّ القرطبي ـ المتوفّى سنة ٤٦٣ هـ ـ ما هذا لفظه :

«أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما. ولدت قبل وفاة رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، أُمّها فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم.

خطبها عمر بن الخطّاب إلى عليّ بن أبي طالب فقال : إنّها صغيرة. فقال له عمر : زوّجنيها يا أبا الحسن ، فإنّي أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد. فقال له علي رضي الله عنه : أنا أبعثها إليك فإنْ رضيتها فقد زوّجتكها.

فبعثها إليه ببرد وقال لها : قولي له : هذا البرد الذي قلت لك. فقالت ذلك لعمر. فقال : قولي له : قد رضيت رضي الله عنك ..

ووضع يده على ساقها فكشفها.

فقالت : أتفعل هذا؟! لولا أنّك أمير المؤمنين لكسرت أنفك ، ثمّ خرجت حتّى جاءت أباها فأخبرته الخبر وقالت :

بعثتني إلى شيخ سوء!

فقال : يا بنيّة إنّه زوجك.

فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين في الروضة ـ وكان يجلس فيها المهاجرون

__________________

(١٢) تاريخ بغداد ٦ / ١٨٢.


الأوّلون ـ فجلس إليهم فقال لهم : رفّئوني. فقالوا : بماذا يا أمير المؤمنين؟ قال : تزوّجت أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب ، سمعت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يقول : كلّ نسب وسبب وصهر منقطع يوم القيامة إلاّ نسبي وسببي وصهري. فكان لي به عليه السلام النسب والسبب ، فأردت أنْ أجمع إليه الصهر. فرفّئوه.

حدّثنا عبد الوارث ، حدّثنا قاسم ، حدّثنا الخشني ، حدّثنا ابن أبي عمر ، حدّثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن عليّ :

إنّ عمر بن الخطّاب خطب إلى عليّ ابنته أُمّ كلثوم فذكر له صغرها. فقيل له : إنّه ردّك! فعاوده. فقال له عليّ : أبعث بها إليك ، فإنْ رضيت فهي امرأتك. فأرسل بها إليه ، فكشف عن ساقها ، فقالت : مه والله لولا أنّك أمير المؤمنين للطمت عينك.

وذكر ابن وهب ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جدّه : أنّ عمر بن الخطّاب تزوّج أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب على مهر أربعين ألفاً.

قال أبو عمر : ولدت أُمّ كلثوم بنت عليّ لعمر بن الخطّاب : زيد بن عمر الأكبر ورقيّة بنت عمر.

وتوفّيت أُمّ كلثوم وابنها زيد في وقت واحد.

وقد كان زيد أُصيب في حرب كانت بين بني عديّ ليلاً ، كان قد خرج ليصلح بينهم ، فضربه رجل منهم في الظلمة فشرجه وصرعه ، فعاش أيّاماً ثم مات هو وأُمّه في وقت واحد.

وصلّى عليهما ابن عمر ، قدّمه حسن بن عليّ.

وكانت فيهما سُنّتان ـ فيما ذكروا ـ : لم يورث واحد منهما من صاحبه ، لأنّه لم


يعرف أوّلهما موتاً. وقدّم زيد قبل أُمّه بما يلي الإمام» (١٣).

٧ ـ ابن الأثير في أُسد الغابة :

وقال ابن الأثير الجزري ـ المتوفّى سنة ٦٣٠ هـ ـ :

«أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب. أُمّها فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم.

ولدت قبل وفاة رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم.

خطبها عمر بن الخطّاب إلى أبيها عليّ بن أبي طالب فقال : إنها صغيرة. فقال عمر : زوّجنيها يا أبا الحسن ، فإنّي أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد. فقال عليّ : أنا أبعثها إليك ، فإنْ رضيتها فقد زوجتكها. فبعثها إليه ببرد فقال لها : قولي له : هذا البرد الذي قلت لك. فقالت ذلك لعمر. فقال : قولي له : قد رضيت ، رضي الله عنك. ووضع يده عليها ، فقال : أتفعل هذا؟! لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك. ثم جاءت أباها فأخبرته الخبر وقالت له : بعثتني إلى شيخ سوء! قال : يا بنيّة إنّه زوجك.

فجاء عمر إلى المهاجرين في الروضة ـ وكان يجلس فيها المهاجرون الأولون ـ فقال : رفّئوني. فقالوا : بماذا يا أمير المؤمنين؟ قال : تزوّجت أُمّ كلثوم بنت عليّ ، سمعت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يقول : كلّ سبب ونسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي وصهري ، وكان لي به عليه الصلاة النسب والسبب ، فأردت أن أجمع إليه الصهر. فرفّئوه.

فتزوجها على مهر أربعين ألفاً.

فولدت له زيد بن عمر الأكبر ورقيّة.

__________________

(١٣) الاستيعاب ٤ / ١٩٥٤.


وتوفّيت أُمّ كلثوم وابنها زيد في وقت واحد. وكان زيد قد أُصيب في حرب كانت بين بني عديّ ، خرج ليصلح بينهم ، فضربه رجل منهم في الظلمة فشجّه وصرعه. فعاش أيّاماً ثمّ مات هو وأُمّه.

وصلّى عليهما عبد الله بن عمر قدّمه حسن بن عليّ.

ولَمّا قتل عنها عمر تزوّجها عون بن جعفر.

أخبرنا عبد الوهّاب بن عليّ بن علي الأمين ، أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر ، أخبرنا الخطيب أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر ، أخبركم أبو البركات أحمد بن عبد الواحد بن الفضل بن نظيف بن عبد الله الفرّاء ، قلت له : أخبركم أبو محمد الحسن بن رشيق؟ فقال : نعم ، أخبرنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي ، أخبرنا أحمد بن عبد الجبّار ، أخبرنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، عن حسن بن حسن بن عليّ بن أبي طالب ، قال :

لَمّا تأيّمت أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب من عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ دخل عليها الحسن والحسين أخواها فقالا لها : إنّك ممّن قد عرفت سيّدة نساء المسلمين وبنت سيدتهنّ ، وإنّك والله إنْ أمكنت عليّاً من رمّتك لينكحنّك بعض أيتامه ، ولئن أردت أن تصيبي بنفسك مالاً عظيماً لتصيبنّه.

فوالله ما قاما حتى طلع عليٌّ يتّكئ على عصاءه فجلس ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر منزلتهم من رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم وقال : قد عرفتم منزلتكم عندي يا بني فاطمة ، وآثرتكم على سائر ولدي لمكانكم من رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم وقرابتكم منه. فقالوا : صدقت رحمك الله ، فجزاك الله عنّا خيراً.

فقال : أيّ بنيّة ، إنّ الله عزّوجلّ قد جعل أمرك بيدك ، فأنا أُحبّ أن تجعليه بيدي.


فقالت : أي أبة ، إنّي امرأة أرغب فيما يرغب فيه النساء ، وأحبّ أن أُصيب ممّا تصيب النساء من الدنيا ، وأنا أُريد أن أنظر في أمر نفسي.

فقال : لا والله يا بنيّة ما هذا من رأيك ، ما هو إلاّ رأي هذين. ثم قام فقال : والله لا أُكلّم رجلاً منهما أو تفعلين. فأخذا بثيابه فقالا : إجلس يا أبة ، فوالله ما على هجرتك من صبر. إجعلي أمرك بيده.

فقالت : قد فعلت.

قال : فإنّي قد زوّجتك من عون بن جعفر ، وإنّه لغلام وبعث لها بأربعة ألف درهم ، وأدخلها عليه.

أخرجها أبو عمر» (١٤).

٨ ـ ابن حجر في الإصابة :

وقال ابن حجر العسقلاني ـ المتوفّى سنة ٨٥٢ هـ ـ :

«أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب الهاشمية. أُمّها فاطمة بنت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. وُلدت في عهد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.

قال أبو عمر : وُلدت قبل وفاة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.

وقال ابن أبي عمر المقدسي : حدّثني سفيان بن عمرو عن محمد بن عليّ : أنّ عمر خطب إلى عليّ ابنته أُمّ كلثوم ، فذكر له صغرها ، فقيل له : إنّه ردّك ، فعاوده فقال له عليّ : أبعث بها إليك ، فإنْ رضيت فهي امرأتك. فأرسل بها إليه فكشف عن ساقها. فقالت : مه ، لولا أنك أمير المؤمنين لطمت عينيك.

وقال ابن وهب ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جدّه :

__________________

(١٤) أُسد الغابة ٥ / ٦١٤.


تزوّج عمر أُمّ كلثوم على مهر أربعين ألفاً.

وقال الزبير : ولدت لعمر ابنه زيداً ورقيّة. وماتت أُمّ كلثوم وولدها في يوم واحد ، أُصيب زيد في حرب كانت بين بني عدي ، فخرج ليصلح بينهم ، فشجّه رجل وهو لا يعرفه في الظلمة ، فعاش أيّاماً وكانت أُمّه مريضةً فماتا في يوم واحد.

وذكر أبو بشر الدولابي في الذّريّة الطاهرة من طريق ابن إسحاق ، عن الحسن بن الحسن بن عليّ ، قال : لَمّا تأيّمت أُمّ كلثوم بنت عليّ عن عمر ، فدخل عليها أخواها الحسن والحسين فقالا لها : إنْ أردت أن تصيبي بنفسك مالاً عظيماً لتصيبين. فدخل عليٌّ فحمد الله وأثنى عليه وقال : أي بنيّة ، إنّ الله قد جعل أمرك بيدك ، فإنْ أحببت أن تجعليه بيدي. فقالت : يا أبت إنّي امرأة أرغب فيما ترغب فيه النساء ، وأُحب أن أُصيب من الدنيا. فقال : هذا من عمل هذين ، ثم قام يقول : والله لا أُكلّم واحداً منهما أو تفعلين ، فأخذا شأنها وسألاها ففعلت ، فتزوّجها عون بن جعفر بن أبي طالب.

وذكر الدارقطني في كتاب الإخوة : إنّ عوناً مات عنها فتزوّجها أخوه محمد ، ثم مات عنها فتزوجها أخوه عبدالله بن جعفر فماتت عنده.

وذكر ابن سعد نحوه وقال في آخره : فكانت تقول : إنّي لأستحيي من أسماء بنت عميس ، مات ولداها عندي فأتخوّف على الثالث. قال : فهلكت عنده. ولم تلد لأحد منهم.

وذكر ابن سعد ، عن أنس بن عياض ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه : أنّ عمر خطب أُمّ كلثوم إلى عليّ فقال : إنّما حبست بناتي على بني جعفر ، فقال : زوّجنيها ، فوالله ما على ظهر الأرض رجل يرصد من كرامتها ما أرصد. قال : قد فعلت. فجاء عمر إلى المهاجرين فقال : رفّؤوني فرفّئوه. فقالوا : بمن تزوّجت؟ قال : بنت عليّ ، إنّ النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قال : كلّ نسب وسبب سيقطع يوم القيامة إلاّ نسبي وسببي ، وكنت صاهرت فأحببت هذا أيضاً.


ومن طريق عطاء الخراساني ، أنّ عمر أمهرها أربعين ألفاً.

وأخرج بسند صحيح أنّ ابن عمر صلّى على أُمّ كلثوم وابنها زيد ، فجعله ممّا يلي وكبّر أربعاً.

وساق بسند آخر أنّ سعيد بن العاص هو الذي أمّهم عليهما» (١٥).

* * *

__________________

(١٥) الإصابة ٤ / ٤٩٢.


(٢)

نظرات في أسانيد الخبر

قد ذكرنا أهمّ أسانيد الخبر عن أشهر كتب القوم ... والأخبار المذكورة بعضها يتعلّق بأصل الخبر ، خبر تزويج الإمام عليه السلام ابنته من عمر ، وبعضها يتعلّق بزواجها بعد عمر ، وبعضها يتعلّق بموتها وإبنها من عمر ...

وإنّه ليتبيّن للناظر في تلك الأسانيد أنْ لا أصل لأصل الخبر فضلاً عن جزئيّاته ومتعلّقاته ... بالنظر إلى أُصول أهل السُنّة وقواعدهم في علم الحديث ، واستناداً إلى كلمات علمائهم في علم الرجال :

١ ـ إنّه حديث أعرض عنه البخاري ومسلم فلم يخرجاه في كتابيهما المعروفين بالصحيحين ، وكم من حديث صحيح سنداً لم يأخذوا به في بحوثهم المختلفة معتذرين بعدم إخراجهما إيّاه!.

٢ ـ إنّه حديث غير مخرّج في شيء من سائر الكتب المعروفة عندهم بالصحاح ، فهو حديث متّفق على تركه بين أرباب الصحاح الستّة.

٣ ـ إنّه حديث غير مخرّج في المسانيد المعتبرة ، كمسند أحمد بن حنبل الذي قال أحمد وجماعة تبعاً له بأنّ ما ليس فيه فليس بصحيح ...

عمدة ما في الباب :

ثمّ إنّ عمدة ما في الباب ما رووه عن أئمّة العترة النبوية ورجالها ، وذلك في (الطبقات) و (المستدرك) و (سنن البيهقي) و (الذرّية الطاهرة). وهنا مطلبان :

أحدهما : لقد تتّبعنا الأحاديث والأخبار ، فوجدنا القوم متى أرادوا أنْ ينسبوا


إلى أهل البيت عليهم السلام شيئاً لا يرتضونه ولا يلتصق بهم وضعوه على لسان بعض رجال هذا البيت الطاهر ...

فإذا أرادوا الطعن في النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وبضعته ووصيّه أمير المؤمنين عليه السلام ... وضعوا قصّة خطبة عليّ ابنة أبي جهل ، وعلى لسان أهل البيت (١٦).

وإذا أرادوا ترويج القول بحرمة متعة النساء ، والطعن في ابن عبّاس القائل بحليتها حتى آخر لحظة من حياته ... نسبوا القول بالحرمة والطعن في ابن عباس إلى عليّ عليه السلام ، ووضعوا الخبر على لسان أحفاده (١٧).

وإذا أرادوا وضع حديث في فضل الصحابة ، وضعوا حديث «أصحابي كالنجوم فبأيّهم اقتديتم اهتديتم» على لسان الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام (١٨).

ولا شكّ أنّ هذا الحديث من تلك الأحاديث!

والثاني : إنّهم قد رووا هذا الحديث عن جعفر بن محمد عن أبيه (كما في الطبقات) أو عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عليّ بن الحسين (كما في المستدرك) أو عن الحسن بن الحسن (كما في الذّريّة الطاهرة) أو عن الحسن بن الحسن عن أبيه (كما في سنن البيهقي).

فإنْ أُريد الاستدلال به ... فهذا موقوف على تماميّة السند عندهم ... على أُصولهم ...

لكنّ ابن سعد ـ صاحب «الطبقات» ـ يتجاسر على الإمام الصادق عليه السلام فيقول : «كان كثير الحديث ولا يحتجّ به ويستضعف. مثل مرّة : سمعت

__________________

(١٦) لاحظ رسالتنا في هذا الموضوع ، فإنّه من أحاديث سلسلتنا ، تراثنا العدد ٢٣.

(١٧) لاحظ رسالتنا في هذا الموضوع ، فإنّه من أحاديث سلسلتنا ، تراثنا العدد ٢٥.

(١٨) لاحظ رسالتنا في هذا الموضوع ، فإنّه من أحاديث سلسلتنا. وهي مطبوعة مستقلّة.


هذه الأحاديث من أبيك؟ فقال : نعم. وسئل مرّةً فقال : إنّما وجدتها في كتبه» (١٩). وحديث الحاكم في «المستدرك» الذي صحّحه قال الذهبي متعقباً إيّاه : «منقطع» (٢٠) وقال البيهقي : «مرسل» (٢١).

وكذلك الحديث عن الحسن بن الحسن الذي في «الذرية الطاهرة» مع الضعف في رجاله كما ستعرف.

أما الذي في (سنن البيهقي) عنه عن أبيه فلا انقطاع فيه ، لكنّ السند ساقط من وجوه ، لا سيّما وأنّ راويه عن الحسن هو «ابن أبي مليكة» وسيأتيك البيان.

وإنْ أُريد إلزام الغير به ، لكونه عن أئمّة البيت الطاهر ورجال العترة الكريمة ، فهذا موقوف على وثوق الغير برجال الأسانيد دونهم ، وهذا أوّل الكلام.

فظهر سقوط أصحّ ما في الباب وعمدته ، فغيره ساقط بالأولوية القطعية.

ومع ذلك فإنا نفصّل الكلام أولاً على سند الحديث في (السنن) عن أبي جعفر عن أبيه علي بن الحسين. وفي (الاستيعاب) عن : محمد بن علي. وفي (السنن) أيضاً عن : الحسن بن الحسن ...

ثم ننظر في الأسانيد الأُخرى ... إتماماً للمرام وقطعاً للخصام ... فنقول :

* لقد أخرجه البيهقي في (سننه) عن طريق الحاكم أبي عبدالله «عن أبي جعفر عن أبيه علي بن الحسين» وفي السّند «أحمد بن عبد الجبّار» :

__________________

(١٩) تهذيب التهذيب ٢ / ٨٩.

(٢٠) تلخيص المستدرك ٣ / ١٤٢.

(٢١) سنن البيهقي ٧ / ٦٤.


ترجمة أحمد بن عبد الجبّار :

وهذه جملة من الكلمات فيه :

«قال ابن أبي حاتم : كتبت عنه وأمسكت عن الرواية عنه لكثرة كلام الناس فيه».

وقال مطين : «كان يكذب».

وقال أبو أحمد الحاكم : «ليس بالقويّ عندهم».

«تركه ابن عقدة».

وقال ابن عديّ : «رأيت أهل العراق مجمعين على ضعفه ...» (٢٢).

ترجمة يونس بن بكير :

وفيه : «يونس بن بكير» :

وقد قال الآجري عن أبي داود : «ليس هو عندي بحجّة ، كان يأخذ ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث.

وقال النسائي : ليس بالقوي.

وقال مرّةً : ضعيف.

وقال الجوزجاني : ينبغي أنْ يتثبّت في أمره.

وقال الساجي : كان ابن المديني لا يحدّث عنه.

وقال أحمد بن حنبل : ما كان أزهد الناس وأنفرهم عنه.

__________________

(٢٢) تهذيب التهذيب ١ / ٤٤.


وعن ابن أبي شيبة : كان فيه لين.

وعن الساجي : كان يتبع السلطان وكان مرجئاً» (٢٣).

هذا ، بغضّ النظر عن الكلام في «محمد بن إسحاق».

* ورواه ابن عبد البر وابن حجر بالإِسناد عن الإِمام محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام ، وفي السند «عمرو بن دينار» :

ترجمة عمرو بن دينار :

وإليك بعض الكلمات في قدحه (٢٤) :

قال الميموني عن أحمد : «ضعيف منكر الحديث».

وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين : «لا شيء». وقال يعقوب بن شيبة عن ابن معين : «ذاهب الحديث».

وقال عمرو بن عليّ : «ضعيف الحديث روى عن سالم عن ابن عمر عن النبي أحاديث منكرة».

وقال أبو حاتم مثله وزاد : «وعامّة حديثه منكر».

وقال أبو زرعة : «واهي الحديث».

وقال البخاري : «فيه نظر».

وقال أبو داود في حديثه : «ليس بشيء».

وقال الترمذي : «ليس بالقويّ».

__________________

(٢٣) تهذيب التهذيب ١١ / ٣٨٢.

(٢٤) تهذيب التهذيب ٨ / ٢٧.


وقال النسائي : «ليس بثقة ، روى عن سالم أحاديث منكرة».

وقال مرّة : «ضعيف». وكذا قال الجوزجاني والدارقطني.

وقال ابن حبّان : «لا يحلّ كتب حديثه إلاّ على جهة التعجّب ، كان يتفرّد بالموضوعات عن الأثبات».

وقال البخاري في الأوسط : «لا يتابع على حديثه».

وقال ابن عمّار الموصلي : «ضعيف».

وقال الساجي : «ضعيف ، يحدّث عن سالم المناكير».

هذا ، بغض النظر عن الكلام في «سفيان بن عيينة».

* ورواه البيهقي بسند له عن الحسن بن الحسن عن أبيه عليه السلام ، وفيه : «سفيان بن عيينة».

ترجمة سفيان بن عيينة :

وقد تكلّم فيه بعض الأعلام الأثبات ... قال ابن حجر :

«قال ابن عمّار : سمعت يحيى بن سعيد القطّان يقول : اشهدوا أنّ سفيان ابن عيينة اختلط سنة ١٩٧ فمن سمع منه في هذه السنة وبعدها فسماعه لا شيء.

قلت : قرأت بخطّ الذهبي : أنا أستبعد هذا القول وأجده غلطاً من ابن عمّار ، فإنّ القطّان مات أول سنة ٩٨ عند رجوع الحجّاج وتحدّثهم بأخبار الحجاز ، فمتى يمكن من سماع هذا حتى يتهيّأ له أنْ يشهد به.

ثم قال : فلعلّه بلغه ذلك في وسط السنة.

وهذا الذي لا يتّجه غيره ، لأنّ ابن عمّار من الأثبات المتقنين ، وما المانع أن يكون يحيى بن سعيد سمعه من جماعة ممّن حج في تلك السنة واعتمد قولهم وكانوا


كثيراً ، فشهد على استفاضتهم.

وقد وجدت عن يحيى بن سعيد شيئاً يصلح أنْ يكون سبباً لِما نقله عنه ابن عمّار في حقّ ابن عيينة ، وذلك ما أورده أبو سعد ابن السمعاني في ترجمة إسماعيل ابن أبي صالح المؤذّن من ذيل تاريخ بغداد بسند له قويّ إلى عبد الرحمن بن بشر ابن الحكم قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : قلت لابن عيينة : كنت تكتب الحديث وتحدّث اليوم وتزيد في إسناده أو تنقص منه! فقال : عليك بالسماع الأول فإنّي قد سمنت.

وقد ذكر ابن معين الرازي في زيادة كتاب الإيمان لأحمد : أنّ هارون بن معروف قال له : إن ابن عيينة تغيّر أمره بآخره ، وإنّ سليمان بن حرب قال له : إنّ ابن عيينة أخطأ في عامّة حديثه عن أيّوب. وكذا ذكر ...» (٢٥).

ترجمة وكيع بن الجرّاح :

وفيه «وكيع بن الجرّاح» أورده الذهبي في (ميزانه) فذكر عن أحمد بن حنبل القدح فيه بأُمور هي : سبّ السلف ، وشرب المسكر ، والفتوى بالباطل (٢٦).

وذكر الخطيب بإسناده عن نعيم بن حمّاد ، قال : «تعشّينا عند وكيع ـ أو قال : تغدّينا ـ فقال : أي شيء أجيئكم به؟ نبيذ الشيوخ الفتيان؟ قال : قلت : تتكلّم بهذا؟! قال : هو عندي أحلّ من ماء الفرات» (٢٧).

وذكر ابن حجر عن أحمد : «أخطأ وكيع في خمسمائة حديث» (٢٨).

__________________

(٢٥) تهذيب التهذيب ٤ / ١٠٦.

(٢٦) ميزان الاعتدال ٤ / ٣٣٦.

(٢٧) تاريخ بغداد ١٣ / ٤٧٢.

(٢٨) تهذيب التهذيب ١١ / ١١٠.


وعن محمد بن نصر المروزي : «كان يحدّث بآخره من حفظه فيغيّر ألفاظ الحديث ...» (٢٩).

ترجمة ابن جريج :

وفيه : «ابن جريج» وقد ذكر ابن حجر بترجمته (٣٠) عن مالك : «كان ابن جريج حاطب ليل».

وعن ابن معين : «ليس بشيء في الزهري».

وعن أحمد : «إذا قال ابن جريج : قال فلان وقال فلان وأخبرتُ ، جاء بمناكير».

وعن يحيى بن سعيد : «إذا قال : قال; فهو شبه الريح».

وعن ابن المديني : «سألت يحيى بن سعيد عن حديث ابن جريج عن عطاء الخراساني. فقال : ضعيف. فقلت ليحيى : إنّه يقول : أخبرني. قال : لا شيء ، كلّه ضعيف ، إنّما هو في كتاب دفعه إليه».

وعن ابن حبّان : «كان يدلّس».

وعن الدارقطني : «تجنّب تدليس ابن جريج فإنّه قبيح التدليس».

وأورده الذهبي في ميزانه وقال : «يدلّس» (٣١).

وقال ابن حجر : «كان يدلّس ويرسل» (٣٢).

بل عن أحمد : «بعض هذه الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج أحاديث

__________________

(٢٩) تهذيب ١١ / ١١٠.

(٣٠) تهذيب التهذيب ٦ / ٣٥٩.

(٣١) ميزان الاعتدال ٢ / ٦٥٦.

(٣٢) تقريب التهذيب ١ / ٥٢٠.


موضوعة ، كان ابن جريج لا يبالي من أين يأخذها» (٣٣).

ترجمة ابن أبي مليكة :

وهو عبدالله بن عبيد الله ، ويكفي في سقوطه : «إنّه كان قاضياً لابن الزبير ومؤذّناً له» (٣٤).

رجال الأسانيد الأُخرى :

ونعود فننظر في رجال الأسانيد الأُخرى بقدر الضرورة ...

* ففي أخبار ابن سعد وعنه ابن حجر في الإصابة يوجد :

«وكيع بن الجرّاح» وقد عرفته.

ترجمة هشام بن سعد :

و «هشام بن سعد». وقد أورده الذهبي في (ميزانه) وقال : «قال أحمد : لم يكن بالحافظ ، وكان يحيى القطّان لا يحدّث عنه».

قال : «وقال أحمد أيضاً : لم يكن يُحكِم الحديث».

وقال ابن معين : «ليس بذاك القويّ».

وقال النسائي : «ضعيف».

وقال ابن عديّ : «مع ضعفه يكتب حديثه».

وقال ابن حجر : «قال الدوريّ عن ابن معين : ضعيف».

__________________

(٣٣) ميزان الاعتدال ٢ / ٦٥٦.

(٣٤) تهذيب التهذيب ٥ / ٢٦٨.


وقال أبو حاتم : «يكتب حديثه ولا يحتجّ به».

قال : «ذكره ابن عبد البرّ في باب من نسب إلى الضعف ممّن يكتب حديثه». «وذكره يعقوب بن سفيان في الضعفاء».

وقال ابن سعد : «كان كثير الحديث ، يستضعف ، وكان متشيّعاً» (٣٤).

* وفي خبر رواه ابنا عبد البرّ وحجر بإسنادهما عن «أسلم مولى عمر بن الخطّاب» :

ترجمة ابن وهب :

«ابن وهب» وهو عبدالله بن وهب القرشي مولاهم المصري :

ذكره ابن عديّ في الكامل (٣٥).

والذهبي في الميزان (٣٦).

وتكلّم فيه ابن معين (٣٧).

وقال ابن سعد : «كان يدلّس» (٣٨).

وقال أحمد : «في حديث ابن وهب عن ابن جريج شيء.

قال أبو عوانة : صدق لأنّه يأتي عنه بأشياء لا يأتي بها غيره» (٣٩).

__________________

(٣٥) ميزان الاعتدال ٤ / ٢٩٨ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٣٧.

(٣٦) الكامل في الضعفاء ٤ / ١٢٤.

(٣٧) ميزان الاعتدال ٢ / ٥٢١.

(٣٨) الكامل ٤ / ١٢٤ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٢٥٢.

(٣٩) تهذيب التهذيب ٦ / ٦٧.

(٤٠) تهذيب التهذيب ٦ / ٦٦.


* ورواه الخطيب البغدادي بسند عن الليث بن سعد ، عن موسى بن عليّ ابن رباح اللخمي ، عن ابيه ، عن عقبة بن عامر الجهني. وفيه «موسى بن علي» :

ترجمة موسى بن علي اللخمي :

١ ـ كان والي مصر من سنة ١٥٥ فأقام إلى سنة ١٦١ قاله السيوطي (٤١) وقال ابن حجر : «ولي إمرة مصر سنة ٦٠» (٤٢) وقال السمعاني «كان والياً على مصر» (٤٣).

٢ ـ قال ابن معين : لم يكن بالقويّ.

وقال ابن عبد البرّ : ما انفرد به فليس بالقويّ» (٤٤).

ترجمة عليّ بن رباح اللخمي :

و «عليّ بن رباح» ترجم له ابن حجر بما هذا ملّخصه

١ ـ وفد على معاوية.

٢ ـ قال لا أجعل فى حلٍّ من سمّاني «عَليّ» فإنّ اسمي «عُلَيّ».

٣ ـ كان له من عبد العزيز منزلة ، ثم عتب عليه عبد العزيز فأغزاه أفريقية ، فلم يزل بها إلى أنْ مات (٤٥).

__________________

(٤١) حسن المحاضرة ١ / ٥٩٠.

(٤٢) تهذيب التهذيب ١٠ / ٣٢٣.

(٤٣) الأنساب ـ اللخمي.

(٤٤) تهذيب التهذيب ١٠ / ٣٢٤.

(٤٥) تهذيب التهذيب ٧ / ٢٨٠.


ترجمة عقبة بن عامر الجهني :

و «عقبة بن عامر الجهني» يكفي في قدحه :

١ ـ كونه من ولاة معاوية بن أبي سفيان ... قال السمعاني : شهد فتح مصر واختطّ بها ، وولي الجند بمصر لمعاوية بن ابي سفيان بعد عتبة بن أبي سفيان سنة ٤٤ ثم أغزاه معاوية البحر سنة ٤٧ ...» (٤٦) وقال ابن حجر : «ولي إمرة مصر من قبل معاوية سنة ٤٤» (٤٧) وكذا قال السيوطي (٤٨).

٢ ـ كونه قاتل عمّار بن ياسر أو مِن قَتَلَتِه ، قال ابن سعد : «قتل عمّار رحمه الله وهو ابن ٩١ سنة ، وكان أقدم في الميلاد من رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم .. وكان أقبل إليه ثلاثة نفر : عقبة بن عامر الجهني وعمر بن الحارث الخولاني وشريك بن سلمة المرادي ، فانتهوا إليه جميعاً وهو يقول : والله لو ضربتمونا حتى تبلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أنّا على حقّ وأنتم على باطل. فحملوا عليه جميعاً فقتلوه. وزعم بعض الناس : أنّ عقبة بن عامر هو الذي قتل عمّاراً».

٣ ـ أنّه الضارب عمّاراً بأمر عثمان. قال ابن سعد بعد العبارة المتقدّمة : «وهو الذي كان ضربه حين أمره عثمان بن عفّان» (٤٩).

هذا ، بغضّ النظر عن الليث بن سعد وغيره من رجال السند عند الخطيب.

__________________

(٤٦) الأنساب ـ الجهني.

(٤٧) تهذيب التهذيب ٧ / ٢١٦.

(٤٨) حسن المحاضرة ١ / ٥٨٥.

(٤٩) الطبقات ٣ / ٢٥٩.


ترجمة عطاء الخراساني :

و «عطاء الخراساني» :

أورده البخاري في الضعفاء (٥٠).

وابن حبّان في المجروحين (٥١).

والعقيلي في الضعفاء الكبير (٥٢).

والذهبي في الميزان والمغني (٥٣). وقال السمعاني : «رديء الحفظ ، كثير الوهم ، يخطىء ولا يعلم فحمل عنه ، فلمّا كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج به» (٥٤).

هذا مضافاً إلى الانقطاع الموجود في خبره ، لأنّه ولد سنة ٥٠ وتوفّي سنة ١٣٣ أو ١٥٠ فلا بُدّ أن يكون قد روى الخبر بواسة رجل وهو غير مذكور ...

ترجمة محمد بن عمر الواقدي :

و «محمد بن عمر الواقدي» :

قال أحمد : «هو كذّاب يقلّب الأحاديث».

وقال البخاري وأبو حاتم : «متروك».

وقال أبو حاتم أيضاً والنسائي : «يضع الحديث».

__________________

(٥٠) الضعفا الصغير (أنظر : المجموع في الضعفاء والمتروكين : ٤٦٩).

(٥١) كتاب المجروحين ٢ / ١٣٠.

(٥٢) الضعفاء الكبير ، ترجمة ١٤٤٤.

(٥٣) ميزان الاعتدال ٣ / ٧٣ ، المغني في الضعفاء.

(٥٤) الأنساب ـ الخراساني ـ ٢ / ٣٣٧.


وقال ابن راهويه : «هو عندي ممّن يضع الحديث».

وقال ابن معين : «ليس بثقة».

وقال الدارقطني : «فيه ضعف».

وقال ابن عديّ : «أحاديثه غير محفوظة والبلاء منه».

وقال السمعاني : «قد تكلّموا فيه».

وقال ابن خلّكان : «ضعّفوه في الحديث وتكلّموا فيه».

وقال اليافعي : أئمّة الحديث ضعّفوه».

وقال الذهبي : «مجمع على تركه» (٥٥).

ترجمة عبد الرحمن بن زيد :

و «عبد الرحمن بن زيد» :

قال أبو طالب عن أحمد : «ضعيف».

وقال عبد الله بن أحمد : «سمعت أبي يضعّف عبد الرحمن وقال : روى حديثاً منكراً».

وقال الدوري عن ابن معين : «ليس حديثه بشيء».

وقال البخاري وأبو حاتم : «ضعّفه عليّ بن المديني جدّاً».

وقال أبو داود : «أولاد زيد بن أسلم كلّهم ضعيف».

وقال النسائي : «ضعيف».

__________________

(٥٥) أُنظر : ميزان الاعتدال ٣ / ٦٦٢ ، المغني في الضعفاء ٢ / ٦١٩ ، الكاشف ٣ / ٨٢ ، مرآة الجنان ـ حوادث ٢٠٧ ، الأنساب ـ الواقدي ، تقريب التهذيب ٢ / ١٩٤ ، طبقات الحفّاظ : ١٤٤ وغيرها.


وقال أبو زرعة : «ضعيف».

وقال أبو حاتم : «ليس بقوي في الحديث».

وقال ابن حبان : «كان يقلّب الأخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقوف فاستحقّ الترك».

وقال ابن سعد : «كان كثير الحديث ضعيفاً جدّاً».

وقال ابن خزيمة : «ليس هو ممّن يحتجّ أهل العلم بحديثه».

وقال الساجي : «هو منكر الحديث».

وقال الطحاوي : «حديثه عند أهل العلم في الحديث في النهاية من الضعف».

وقال الجوزجاني : «أولاد زيد ضعفاء».

وقال الحكم وأبو نعيم : «روى عن أبيه أحاديث موضوعة».

وقال ابن الجوزي : «أجمعوا على ضعفه» (٥٦).

ترجمة زيد بن أسلم :

و «زيد بن أسلم» فقد ذكروا بترجمته أنّه كان يروي عن جابر بن عبد الله الأنصاري وأبي هريرة ، ثم نقلوا عن ابن معين قوله : «لم يسمع من جابر ولا من أبي هريرة» وكذا ذكروا بالنسبة إلى غيرهما من الصحابة ، وهذا معناه أنّه يروى عنهم ما لم يسمعه منهم ، وبه صرّح ابن عبد البرّ ، ونقله عنه ابن حجر وارتضاه حيث قال : «وذكروا ابن عبد البرّ في مقدّمة التمهيد ما يدلّ على أنّه كان يدلّس».

هذا ، وعن ابن عمر : «لا أعلم به بأساً إلاّ أنّه كان يفسر برأيه القرآن ويكثر

__________________

(٥٦) تجد هذه الكلمات وغيرها في تهذيب التهذيب ٦ / ١٦١.


منه» (٥٧).

هذا كلّه ، بغضّ النظر عن السند بين «ابن عبد البرّ ، ابن حجر» و «ابن وهب».

* وروى ابن حجر في (الإصابة) عن «الزبير بن بكّار» :

ترجمة الزبير بن بكار :

المتوفّى سنة ٢٥٦ هـ ، وهو كان قاضي مكّة المكرّمة ، وكان من المنحرفين عن أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام ، وهو مع ذلك مقدوح عند أهل السُنّة :

فعن ابن أبي حاتم : «رأيته ولم أكتب عنه».

وعن أحمد بن عليّ السليماني أنّه أورده في كتابه في الضعفاء وقال : «كان منكر الحديث» (٥٨).

مضافاً ، إلى إرسال الخبر.

* * *

هذا كلّه فيما يتعلّق بأصل الخبر ، وقد عرفت أنْ لا أصل له.

فلننظر في سند ما رووه ممّا يتعلّق بزواجها بعد عمر ، ثم وفاتها عليها السلام :

__________________

(٥٧) تهذيب التهذيب ٣ / ٣٤٢.

(٥٨) تهذيب التهذيب ٣ / ٢٦٩.


النظر في سند خبر زواجها بعد عمر

فأمّا ما ذكروه بترجمتها من خبر تزويج الإمام عليّ عليه السلام أُمّ كلثوم بعد عمر من عون بن جعفر ... فعمدته ما في «الذّريّة الطاهرة» وعنه في «أسد الغابة» و «الإصابة» و «ذخائر العقبى» وغيرها ... عن الحسن بن الحسن .... فهو عن :

أحمد بن عبد الجبّار عن

يونس بن بكير عن

ابن إسحاق عن

الحسن بن الحسن ...

وقد تكلّمنا على هذا السند فيما تقدّم.

* ورواه الدولابي بإسناده عن «ابن شهاب الزهري» وهو من مشاهير المنحرفين عن أهل البيت الطاهرين عليهم السلام (٥٩).

هذا بغضّ النظر عن غيره من رجال السند. ويذكر أنّ ابن منيع الراوي عن الزهري كان أخا امرأة هشام بن عبد الملك (٦٠).

النظر في سند خبر وفاتها

وأمّا خبر وفاتها فالعمدة فيه هو ابن سعد في (الطّبقات). ولابُدَّ من النظر

__________________

(٥٩) لاحظ : رسالتنا في خبر خطبة علي ابنة أبي جهل.

(٦٠) تهذيب التهذيب ٧ / ١٣.


فيه سنداً هنا ودلالةً فيما بعد.

* وإنّ عمدة أسانيد هذا الخبر تنتهي إلى «عامر الشعبي» :

ترجمة الشعبي :

و «عامر الشعبي» ولد لستّ سنين خلت من خلافة عمر ، ومات بعد المائة. فالخبر مرسل.

وكان الشعبي من قضاة بني مروان.

وكان من المنحرفين عن أمير المؤمنين عليه السلام ، حتى دخل على الحجّاج ونال من أمير المؤمنين عليه السلام ، فغضب منه الحسن البصري وجعل يعظه (٦١).

وقد حمله الحقد والنصب على أنْ يقول : إنّه عليه السلام لم يقرأ القرآن ولم يحفظه ، فرُدّ عليه ذلك (٦٢).

وعلى أنْ يضع : «صلّى أبو بكر الصّديق على فاطمة بنت رسول الله فكبّر عليها أربعاً»! و «أنّ فاطمة لَمّا ماتت دفنها عليٌّ ليلاً وأخذ بضبعي أبي بكر فقدّمه في الصلاة عليها» حتى اضطّر ابن حجر إلى أنه يقول : «فيه ضعف وانقطاع» (٦٣)

وعلى أنْ يكذّب مثل الحارث الهمداني وما ذلك إلاّ لتشيّعه ، حتى اعترض عليه بعضهم ، قال ابن حجر : «قال ابن عبد البرّ في كتاب العلم له لَمّا حكى عن إبراهيم أنّه كذّب الحارث : أظنّ الشعبي عوقب بقوله في الحارث كذّاب ، ولم يبن من الحارث كذبه» (٦٤).

__________________

(١) إحياء العلوم ٢ / ٣٤٦.

(٢) طبقات القرّاء ١ / ٥٤٦.

(٣) الإصابة ٤ / ٣٧٩.

(٤) تهذيب التهذيب ٢ / ١٢٧.


* ومنها ما ينتهي إلى : «عمّار بن أبي عمّار» :

ترجمة عمّار بن أبي عمّار :

وقد قدح فيه جماعة من أئمّة القوم في الجرح والتعديل كشعبة بن الحجّاج والبخاري وابن حبّان وابن حجر العسقلاني (٦٥).

* ومنها ما ينتهي إلى «نافع مولى ابن عمر» :

ترجمة نافع :

وقول ابن عمر له : «إتق الله يا نافع ولا تكذب عليَّ كما كذب عكرمة على ابن عبّاس» مشهور مذكور في ترجمة نافع وعكرمة. هذا مضافاً إلى قول أحمد : «نافع عن عمر منقطع» (٦٦).

* ومنها ما ينتهي إلى «عبد الله البهيّ» :

ترجمة عبد الله البهيّ :

وهو : عبد الله بن يسار ، قال ابن حجر : مولى مصعب بن الزبير ... فالخبر مرسل.

ولقد روى هذا الرجل عن عائشة قائلاً «حدّثتني» فكذّبه القوم وقالوا : إنّما يروي عن عروة.

ثم انّ ابن أبي حاتم ذكره في العلل ونقل عن أبيه أنّه لا يحتجّ بالبهيّ وهو

__________________

(٦٥) تهذيب التهذيب ٧ / ٣٥٣ ، تقريب التهذيب ٩ / ٤٨.

(٦٦) تهذيب التهذيب ١٠ / ٣٦٨.


مضطرب الحديث (٦٧).

هذا كله بغضّ النظر عن رجال هذه الأسانيد لغرض الاختصار.

هذا تمام الكلام على أسانيد الأخبار المتعلّقة بسيّدتنا أُمّ كلثوم.

* * *

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٦ / ٨٢.


(٣)

نظرات في متون الأخبار ودلالاتها

وهلمَّ معي ... بعد النظر في أسانيد أخبار القصّة ... إلى النظر في ألفاظها ودلالاتها ... لنرى التضارب في الدلالة والتلاعب في اللفظ ... في جميع مراحل القصّة ...

(١)

لقد جاء في الأخبار المذكورة أنّ الإِمام عليه السلام اعتلّ بالصغر وبأنّه حبسها على ابن أخيه جعفر بن أبي طالب ، ففي رواية لابن سعد : «فقال عليٌّ : إنّما حبست بناتي على أولاد جعفر» وعند الحاكم : «إنّي لأرصدها لابن أخي» وفي أُخرى لابن سعد : «إنّها صبيّة» وكذا عند ابني عبد البرّ والأثير وغيرهما ، وعند البيهقي : «إنّها لتصغر عن ذلك».

ثم إنّه لم يذكر فيها إلاّ أنّ عمر «عاودة» فقال : «أنكحنيها فوالله ما على ظهر الأرض ...» فما كان منه عليه السلام ـ بحسب هذه الأخبار ـ إلاّ أن أرسلها إليه «لينظر إليها» ...! وأُضيف في بعضها بأنّه أمر بها «فزيّنت» أو «فصنعت» فبعثها إليه ... فإنّ أعجبته ورضي بها فهي زوجة له ...!

أترى أن ينقلب موقف الإمام عليه السلام من الامتناع لكونها صغيرة ، ولكونه قد حبسها لابن أخيه ـ ولعلّه لأسباب أُخرى أيضاً ... غير مذكورة في الأخبار ـ ينقلب من الامتناع إلى الانصياع ، بهذه البساطة ، والى هذا الحدّ؟!

إنّ هذا ـ لعمري ـ يستوجب الشكّ ويستوقف الفكر!


ولكن قد تلوح للناظر في الروايات ... هنا وهناك ... بعض الحقائق التي حاول التكتم عنها في كتب القدماء أصحابها ...

ففي رواية الفقيه ابن المغازلي الشافعي ـ المتوفّى سنة ٤٨٣ هـ ـ بإسناده عن عبدالله بن عمر ، قال : «صعد عمر بن الخطّاب المنبر فقال : أيّها الناس إنّه ـ والله ـ ما حملني على الإِلحاح على عليّ بن أبي طالب في ابنته إلاّ أنّي وصهري ، فإنّهما يأتيان يوم القيامة يشفعان لصاحبها» (٦٨).

يفيد هذا الخبر أنّ القضية كانت مورد تعجّب من الناس وتساؤل في المجتمع ، الأمر الذي اضطرّ عمر إلى أنْ يعلن عن قصده في خطبة أُمّ كلثوم ، ويحلف بالله بأنّه ليس إلاّ ما سمعه من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وأنّه كان منه «الإلحاح» في ذلك ... لكن لم يزد هذا اللفظ على «الإلحاح» شيئاً! فلم يوضّح كيفيّة الإلحاح ، ولا ما كان من الإمام عليه السلام ...

وفي رواية الخطيب : «خطب عمر بن الخطّاب إلى عليّ بن أبي طالب ابنته من فاطمة وأكثر تردّده إليه ، فقال : يا أبا الحسن ما يحملني على كثرة تردّدي إليك إلاّ حديث سمعته من رسول الله ...» ففيه : «أكثر تردّده إليه».

وفي بعض الروايات ما يستشمّ منه التهديد ، ففي رواية لابن سعد قال عمر في جواب قول الإمام عليه السلام : «إنّها صبيّة» قال : «إنّك والله ما بك ذلك ، ذلك ، ولكن قد علمنا ما بك» وفي رواية الدولابي والمحبّ الطبري عن ابن إسحاق : «فقال عمر : لا والله ما ذلك بك ، ولكنْ أردت منعي» (٦٩). ولما وقع الخلاف بين أهل البيت في تزويجه وسمع عمر بمخالفة عقيل قال : «ويح عقيل ، سفيه أحمق» (٧٠).

__________________

(٦٨) مناقب أمير المؤمنين لابن المغازلي : ١١٠.

(٦٩) ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى : ١٦٨.

(٧٠) مجمع الزوائد ٤ / ٢٧٢.


وفي بعضها التصريح بما يدلّ على أنّه كان لـ «درّة عمر» دور في القضيّة ، وذلك فيما أخرجه الدولابي بسنده عن أسلم مولى عمر قال : «فاستشار عليٌّ العبّاس وعقيلا والحسن ، فغضب عقيل ، وقال عقيل لعليّ : ماتزيدك الأيام والشهور إلاّ العمى في أمرك ، والله لئن فعلت ليكوننّ وليكوننّ. فقال عليّ للعبّاس : والله ما ذاك من نصيحة ، ولكن درّة عمر أحوجته إلى ماترى» (٧١).

لكنّ أبا نعيم الأصفهاني روى هذا الخبر عن زيد بن أسلم عن أبيه ، فحذف منه مخالفة عقيل و «درّة عمر» وهذا لفظه : «عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : دعا عمر بن الخطاب عليّ بن أبي طالب فسارّه. ثم قام عليٌّ فجاء الصفّة فوجد العبّاس وعقيلاً والحسين فشاورهم في تزوج أُمّ كلثوم عمر. ثم قال عليٌّ : أخبرني عمر أنّه سمع النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يقول : كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي» (٧٢).

ثم إنّ في عدّة من الأخبار أنّ الإِمام عليه السلام تعلّل ـ بالإِضافة إلى الصغر والحبس لابن أخيه ـ بأنْ قال : «إنْ لها أميرين معي» (٧٣) يعني : الحسن والحسين ، وأنّه عليه السلام استشارهما وعقيلاً والعباس ... فكان الخبر المذكور عن أسلم ظاهراً في سكوت الحسن عليه السلام الظاهر في الرضاء ، بل في آخر : «فسكت الحسين وتكلّم الحسن ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أبتاه من بعد عمر؟ صحب رسول الله ، وتوفي وهو عنه راض ، ثم وليّ الخلافة فعدل؟ قال : صدقت يا بني. ولكن كرهت أنْ أقطع أمراً دونكما» (٧٤).

لكن ينافيه ما أخرجه البيهقي عن ابن ابي مليكة عن الحسن بن الحسن : «فقال عليٌّ رضي الله عنه لحسن وحسين : زوّجا عمّكما. فقالا : هي امرأة من النساء تختار لنفسها. فقام عليٌّ رضي الله عنه مغضباً ، فأمسك الحسن رضي الله

__________________

(٧١) الذرية الطاهرة : ١٥٨ ، عنه ذخائر العقبى : ١٧٠ ، مجمع الزوائد ٤ / ٢٧٢ عن الطبراني.

(٧٢) حلية الأولياء ٢ / ٣٤.

(٧٣) ذخائر العقبى : ١٦٩.

(٧٤) ذخائر العقبى : ١٧٠.


عنه بثوبه وقال : لا صبر على هجرانك يا أبتاه. قال : فزوّجاه» (٧٥).

فعمد بعضهم إلى تحريف القصّة المكذوبة هذه فروى عن الحسن بن الحسن نفسه وقوع ذلك الخلاف حول تزويجها من عون فقال : «لَمّا تأيمت أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب من عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ دخل عليها الحسن والحسين أخواها فقالا لها ...» (٧٦) وهو خبر طويل يشتمل على أكاذيب مخجلة وأباطيل مضحكة ...

(٢)

قد عرفت اعتلال الإمام عليه السلام بالصغر في كثير من الأخبار ... والذي يظهر منها أنّ عمر ما كان يصدّقه عليه السلام في ذلك ، ولذا كان يعاوده ويكثر الترّدد إليه ويلّح عليه ... حتى وصل الأمر إلى التهديد ، بل في بعض الأخبار تصريح بذلك ، ففي رواية الدولابي والمحبّ الطبري :

«قال : هي صغيرة. فقال عمر : لا والله ما ذلك بك ، ولكنْ أردت منعي ، فإنْ كانت كما تقول فابعثها إلىّ ...» (٧٧).

ولّما كان ذلك كلّه من عمر من القبح بمكان ... أعرض بعضهم عن نقل الاعتلال والإصرار والتهديد والتكذيب ... كم لا يخفى على من راجع لفظ رواية الخطيب ...

__________________

(٧٥) سنن البيهقي ٧ / ١١٤.

(٧٦) الذريّة الطاهرة : ١٥٨ ، ذخائر العقبى : ١٧١.

(٧٧) الذريّة الطاهرة : ١٥٨ ، ذخائر العقبى : ١٧١.


(٣)

قال ابن سعد عن الواقدي وغيره : «ثمّ أمر ببُرد فطواه وقال : انطلقي بهذا ...».

وفي لفظ المحبّ الطبري عن ابن إسحاق : «فدعاها فأعطاها حلّة وقال : انطلقي بهذه ...» وذلك «لينظر إليها». ولذا قالت لَمّا رجعت إلى أبيها : «ما نشر البرد ولا نظر إلاّ إليَّ».

وهذا ما استقبحه بعضهم كسبط ابن الجوزي كما سيأتي ....

ولم يتعرّض له آخر في روايته ... روى أبو بشر الدولابي : «فدعا أُمّ كلثوم وهي يومئذ صبيّة فقال : انطلقي إلى أمير المؤمنين فقولي له : إنّ ابي يقرؤك السلام ويقول لك : إنّا قد قضينا حاجتك التي طلبت ...».

وروى الخطيب : «خطب إلى عليّ أُمّ كلثوم فقال : أنكحنيها. فقال علي : إنّي لأرصدها لابن أخي عبد الله بن جعفر. فقال عمر : أنكحنيها ، فوالله ما من الناس أحد يرصد من أمرها ما أرصده ، فأنكحه عليّ ، فأتى عمر المهاجرين ...».

(٤)

قضية أنّ عليّاً عليه السلام أمر بأُمّ كلثوم «فصنعت» كما في رواية ابن سعد عن الواقدي ، و «فزيّنت» في رواية الخطيب عن عقبة بن عامر ، وأنّه «كشف عن ساقها» في رواية ابن عبد البرّ وغيره عن الإمام الباقر!! فظيعة بالغة في الفظاعة إلى أبعد الحدود!!

ألا يستحي هؤلاء الوضّاعون من نسبة هذه الصنيعة الشنيعة ـ التي لو


سمعها واحدٌ من عوامّ الناس لنفر منها واستنكرها ـ إلى إمام الأئمّة؟!

ألا يستحون من وضعها على لسان الإمام الباقر عليه السلام؟!

من هناترى بعضهم يحرّفون الكلمة كابن الأثير حيث ذكر : «ووضع يده عليها» وكالدولابي والمحبّ الطبري حيث ذكرا في لفظ : «فأخذ عمر بذراعها» وفي آخر : «فأخذها عمر فضمّها إليه».

وبعضهم ـ كالحاكم والبيهقي ـ لم يذكروا شيئاً من ذلك ... قال المحبّ الطبري بعد حديث من ذاك القبيل : «وخرّج ابن سمان معناه ولفظه مختصراً ...» فكان ما خرّجه خلواً من ذلك (٧٨).

وبعضهم يكذّب ذلك كلّه بصراحة كسبط ابن الجوزي ـ المتوفّى سنة ٦٥٤ هجرية ـ حيث يقول :

«وذكر جدّي في كتاب المنتظم : أنّ عليّاً بعثها إلى عمر لينظرها ، وأنّ عمر كشف ساقها ولمسها بيده.

قلت : وهذا قبيح والله ، لو كانت أمةً لَما فعل بها هذا.

ثم بإجماع المسلمين لا يجوز لمس الأجنبية ، فكيف ينسب عمر إلى هذا؟!» (٧٩).

قلت :

وليس اللمس فقط! ففي رواية الخطيب التقبيل والأخذ بالساق!!

__________________

(٧٨) انظر : ذخائر العقبى : ١٦٩.

(٧٩) تذكرة خواصّ الأُمّة : ٣٢١.


(٥)

قد اشتمل لفظ الخبر عند ابن سعد وغيره على قول للمهاجرين : «رفّئوني فرفّئوه» (٨٠) ومعنى ذلك : «قولوا لي : بالرِفاء والبنين» (٨١).

وكان هذا من رسوم الجاهلية التي نهى عنها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم باتّفاق المسلمين : أخرج أحمد بإسناده قال : «تزوّج عقيل بن أبي طالب ، فخرج علينا فقلنا : بالرفاء والبنين فقال : مه ، لا تقولوا ذلك ، فإن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قد نهانا عن ذلك وقال : قولوا بارك الله لك ، وبارك عليك ، وبارك لك فيها» (٨٢).

ولأجل دلالة قول عمر هذا على جهله! أو أنّه كان يريد إحياء سنن الجاهلية!! اضطُرّ القوم إلى تحريف الكلمة والتصرّف فيها ، ففي المستدرك :

«فأتى عمر المهاجرين فقال : ألا تهنّوني».

وفي سنن البيهقي :

«أتى ... فدعوا له بالبركة».

وفي تاريخ الخطيب لم ينقله أصلاً ...

__________________

(٨٠) طبقات ابن سعد ٨ / ٤٦٣ ، كنز العمال ١٣ / ٦٢٤ ، الاستيعاب وأُسد الغابة والاصابة.

(٨١) ذخائر العقبى : ١٦٩ ، ولاحظ «رفأ» في لسان العرب وغيره.

(٨٢) مسند أحمد بن حنبل ٣ / ٤٥١ ، وأُنظر : وسائل الشيعة ١٤ / ١٨٣.


(٦)

في رواية غير واحد منهم أنّها ولدت له «زيداً».

وفي رواية سعد وجماعة : «ولدت له زيد بن عمر ورقيّة بنت عمر».

وفي رواية النووي في ولد عمر : «وفاطمة وزيد ، أُمهما أُمّ كلثوم ...» (٨٣).

وفي رواية ابن قتيبة في بنات عليّ : «ولدت له ولداً قد ذكرناهم» (٨٤).

(٧)

أكثر الأخبار على أنّ أُمّ كلثوم تزوّج بها بعد عمر : «عون» و «محمد» ابنا جعفر بن أبي طالب ...

ولكنّ القائلين بتزوّجهما بها بعده يقولون بأنّ الرجلين قُتلا في حرب تستر ، وهذه الحرب كانت في عهد عمر!

قال ابن عبد البرّ : «عون بن جعفر بن أبي طالب. ولد على عهد رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم. أُمّه وأُمّ أخويه عبد الله ومحمد بني جعفر بن أبي طالب : أسماء بنت عميس الخثعمية.

واستشهد عون بن جعفر وأخوه محمد بن جعفر بتستر. ولا عقب له» (٨٥).

__________________

(٨٣) تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٥.

(٨٤) المعارف : ٩٢.

(٨٥) الاستيعاب : ٣ / ١٢٤٧.


وقال : «محمد بن جعفر بن أبي طالب. ولد على عهد النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ... هو الذي تزوّج أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب بعد موت عمر ابن الخطّاب ...

واستشهد محمد بن جعفر بتستر» (٨٦).

وقال ابن حجر : «استشهد عون بن جعفر في تستر ، وذلك في خلافة عمر ، وما له عقب» (٨٧).

وكذا قال ابن الأثير (٨٨).

وأمّا أنّ تلك الحرب كانت في عهد عمر فذاك ما نصّ عليه المؤرّخون (٨٩) وصرّح به ابن حجر في عبارته السالفة. فانظ إلى تناقضات القوم وتعجّب!!

(٨)

واختلفت رواياتهم ... فابن سعد والدارقطني ـ كما في الإِصابة ـ يذكران أنّ عوناً مات عنها ، فتزوّجها أخوه محمد ، ثم مات عنها محمد فتزوّجها عبدالله ، فروى ابن سعد أنّها قالت : إنّي لأستحي من أسماء بنت عميس ، إنّ ابنيها ماتا عندي ، وإنّي لأتخوف على هذا الثالث. فهلكت عنده» (٩٠).

__________________

(٨٦) الاستيعاب : ٣ / ١٣٦٧.

(٨٧) الإصابة ٣ / ٤٤.

(٨٨) أُسد الغابة ٤ / ١٥٧.

(٨٩) تاريخ الطبري ٤ / ٢١٣ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٥٤٦ وغيرهما.

(٩٠) الطبقات الكبرى ٨ / ٤٦٢.


لكن ابن قتيبة يذكر : أنّه لَمّا قتل عمر تزوّجها محمد بن جعفر فمات عنها ، ثم تزوّجها عون بن جعفر ، فماتت عنده» (٩١).

فتراه يذكر تزوّج محمد بن جعفر بها قبل عون ، وموتها عند عون ، ولا يذكر عبدالله ...

وابن عبد البرّ ـ وإنْ لم يتعرّض بترجمتها لزواجها بعد عمر أصلاً ، ولا لتزوّج عون بها بترجمته ـ يذكر بترجمة محمد بن جعفر : «محمد بن جعفر بن أبي طالب هذا هو الذي تزوّج أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب بعد موت عمر ابن الخطّاب» (٩٢).

(٩)

وعبدالله بن جعفر ... كان زوج العقيلة زينب بنت أمير المؤمنين عليه السلام ، وكانت تحته حتى وفاتها بعد واقعة الطفّ :

قال ابن سعد : «زينب بنت عليّ بن أبي طالب ... تزوّجها عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب بن عبد المطّلب ، فولدت له عليّاً وعوناً الأكبر وعباساً ومحمداً وأُمّ كلثوم.

أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، قال : حدّثني عبد الرحمن بن مهران : أنّ عبد الله بن جعفر بن أبي طالب تزوّج زينب بنت عليّ ، وتزوّج معها امرأة عليّ ليلى بنت مسعود ، فكانتا تحته جميعاً (٩٣).

__________________

(٩١) المعارف : ٩٢.

(٩٢) الاستيعاب ٣ / ١٣٦٧.

(٩٣) الطبقات الكبرى ٨ / ٤٦٥.


وقال النووي بترجمة عبدالله بعد ذكر أسماء أولاده : «أُمهم زينب بنت عليّ ابن أبي طالب من فاطمة بنت رسول الله» (٩٤).

وقال ابن حجر : «زينب بنت عليّ بن أبي طالب بن عبدالمطّلب الهاشمية ، سبطة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. أُمّها فاطمة.

قال ابن الأثير : إنّها ولدت في حياة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وكانت عاقلة لبنت خولة ، زوّجها أبوها ابن أخيه عبدالله بن جعفر ، فولدت له أولاداً ، وكانت مع أخيها لَمّا قُتل ، فحملت إلى دمشق ، وحضرت عند يزيد بن معاوية ، وكلامها ليزيد بن معاوية حين طلب الشامي أُختها فاطمة مشهور ، يدلّ على عقل وقوّة جَنان» (٩٥).

وعلى هذا ... فلو كانت أُمّ كلثوم المتوفّاة على عهد معاوية هي أُمّ كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه السلام ، وأنّها كانت زوجة عبدالله بعد أخويه ... كما تقول تلك الأخبار ... كان معنى ذلك جمع عبد الله بن جعفر بين الأُختين ... وهذا ممّا لا يجوز وقوعه ، ولا يجوز التفوّه به ... ولذا قال ابن سعد : «فخلف عليها أخوه عبدالله بن جعفر بن أبي طالب بعد أُختها زينب بنت عليّ بن أبي طالب».

(١٠)

واختلفت أخبارهم في موتها والصلاة عليها ... حتى الواحد منهم اختلفت أخباره! فابن سعد يروي عن الشعبي وعبدالله البهيّ في الصلاة عليها وعلى ولدها

__________________

(٩٤) تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٢٦٤.

(٩٥) الإصابة ٤ / ٣٢١.


زيد : «صلّى عليهما ابن عمر» ويروي عن عمّار بن أبي عمّار ونافع : «صلّى عليهما سعيد بن العاص» وفي رواية بعض المؤرّخين عن عمّار المذكور : «سعد ابن أبي وقاص» (٩٦).

ثم أيّاً من كان المصلّي ... فالأخبار دالّة على وفاتها في عهد معاوية ، للتصريح فيها بصلاة الحسن والحسين خلف الإمام ... لكن الثابت في التاريخ أنّ أُمّ كلثوم بنت أمير المؤمنين شهدت واقعة الطفّ ـ مع أُختها زينب ـ وخطبت الخطبة المعروفة في الكوفة المذكورة في الكتب ، ذكرها ابن طيفور ـ المتوفّى سنة ٢٨٠ هجرية ـ في كتابه «بلاغات النساء» وأشار إليها ابن الأثير وغيره من كبار العلماء والمحدّثين في لفظه «فرث» من كتبهم كالنهاية ولسان العرب وتاج العروس ...

ولعلّه لذا جاء في رواية أبي داود عن عمّار : «أنّه شهد جنازة أُمّ كلثوم وابنها ، فجعل الغلام ممّا يلي الإمام ، فأنكرت ذلك ، وفي القوم ابن عباس وأبو سعيد الخدري وأبو قتادة وأبو هريرة. قالوا : هذه السُنّة» (٩٧).

فروى الخبر بلا ذكر للإمام ، ولا أنّ أُمّ كلثوم هذه من هي؟ وابنها من هو؟

وفي رواية النسائي عن عمّار : «حضرت جنازة صبيّ وامرأة ، فقدّم الصبي ممّا يلي الإمام ، ووضعت المرأة وراءه ، وصُلّي عليهما. وفي القوم أبو سعيد الخدري وابن عبّاس وأبو قتادة وأبو هريرة ـ رضي الله عنهم ـ فسألتهم عن ذلك. فقالوا : السُنّة» (٩٨).

فروى نفس الخبر ... بلا ذكر للإمام ، ولا اسم الميّتين ، وهل كان بين المرأة والصبي نسبة أو لا؟

__________________

(٩٦) تاريخ الخميس ٢ / ٢٤٩.

(٩٧) سنن أبي داود ٢ / ٦٦.

(٩٨) سنن النسائي ٤ / ٧١.


حصيلة البحث

لقد استعرضنا أسانيد خبر تزويج أمير المؤمنين عليه السلام ابنته من عمر ابن الخطّاب ... والأخبار الأُخرى المتعلقة بكريمة أهل البيت الأطهار الأطياب ... فلم نجد فيها سنداً يجوز الاحتجاج به والركون إليه.

ثمّ حقّقنا نصوص الأخبار ومتونها ، ودقّقنا النظر في كلمات القوم وأقوالهم ... فوجدناها متضاربةً متكاذبةً ... فكانت ناحية الدلالة دليلاً آخر على أنْ لا أصل للقضيّة.

وأغلب الظنّ ... أنّ القوم لَمّا رأوا أن عمر بن الخطّاب من رواة حديث : «كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي» الدالّ على فضيلة ومنقبة لأهل البيت وعليّ عليه السلام خاصة ، حتى أنّ الحاكم أورده في فضائل عليّ كما قال المنّاوي (٩٩). عمدوا إلى وضع قصة خطبة عمر ابنة عليّ وربطوا الحديث المذكور بها ....

وممّا يشهد بما ذكرنا أنّ غير واحد من كبار محدّثي القوم يروون عنه الحديث مجردّاً عن تلك القصّة ، كما يروونه عن غيره :

قال المتقي : «كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي. طب ك هق عن عمر. طب عن ابن عباس وعن المسور.

كلّ نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلاّ نسبي وصهري. ابن عساكر عن ابن عمر» (١٠٠).

__________________

(٩٩) فيض القدير ٥ / ٢٠.

(١٠٠) كنز العمّال ١١ / ٤٠٩.


وقال ابن المغازلي : «قوله عليه السلام : كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة. الحديث» ثم رواه بأسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس عن عمر. وبإسناده عن عمرو بن دينار عن سالم عن ابن عمر. وبإسناده عن الثوري عن الإمام جعفر بن محمد ...» (١٠١).

ونظير هذا حديث : «فاطمة بضعة مني ...» الوارد عن غير واحد من الصحابة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في أكثر من موضع ، فإنَّ بعضهم لَمّا رأى ما في هذا الحديث الثابت المخرَّج في الصحاح من دلالات في أبعاد مختلفة ... عمد إلى وضع قصّة خطبة عليّ ابنة أبي جهل وربط الحديث بها ... (١٠٢).

ثم إنّ هذه خِطبة ... وتلك خطبة ...

لكنّ خطبة عمر كانت لابنة عليّ عليه السلام ... وخطبة عليّ كانت لابنة أبي جهل!!.

وخطبة عمر كانت مصاهرة لفاطمة الزهراء ... وخطبة عليّ كانت إيذاءً لفاطمة الزهراء!!.

وخطبة عمر كانت لما سمعه من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من قوله : كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي ... وخطبة عليّ كانت مخالفة للنبي ومقاطعةٌ له ... حتى طالبه بطلاق ابنته!!.

وعلى الجملة ... فقد عرفت حال أخبار القصّة سنداً ... فرواتها بين «مولى عمر» و «قاضي الزبير» و «قاتل عمّار» و «علماء الدولة الأُموية» ورجال أسانيدها بين «كذّاب» و «وضّاع» و «ضعيف» و «مدلّس» ...

__________________ ـ

(١٠١) مناقب أمير المؤمنين : ١١٠.

(١٠٢) لاحظ رسالتنا في هذا الموضوع.


فهذا حال رواتها وأسانيدها ... وأغلب الظنّ كون السبب في وضعها وحكايتها ما ذكرناه ... لا سيّما ... وبعض الرواة مشترك في القصّتين ...

فإنْ قيل :

وهل بعد ذلك كلّه من وجه احتمال توجّه به أخبار القصّة على فرض صحّتها سنداً ، لا سيّما والقصة مشهورة بين العامّة ، وبها روايات عن طريق الخاصّة وإنْ كانت شاذّة؟

قلت :

قد اشتملت الأخبار المذكورة على ما لا يجوز تصديقه بحال من الأحوال :

كالّذي رووه من إرسال الإمام عليه السلام إيّاه ببرد «لينظر إليها» وأنّه أمر بها «فزيّنت» أو «فصنعت» ونحو ذلك. والدليل على ذلك واضح.

ومن وفاتها على عهد معاوية ... بدليل ثبوت وجودها في واقعة الطفّ ومواقفها المشهودة فيها :

وعليه ، فالتي ماتت وولدها زيد معاً في يوم واحد ... وصلّى عليهما فلان أو فلان ... هي زوجة أُخرى من زوجات عمر ، سواء كان اسمها أُمّ كلثوم ـ فقد كان غير واحدة من زوجاته اسمها أو كنيتها أُمّ كلثوم ـ أو لم يكن.

ويؤكّد هذا الاحتمال ـ على فرض صحّة الأسانيد ـ روايات أبي داود والنسائي وغيرهما ...

وعلى هذا فلا مستند لِما قالوا من أنّ أُمّ كلثوم بنت الإمام عليه السلام ولدت لعمر «زيداً» ... إذ ليس إلاّ الأخبار المذكورة ، وقد عرفت حالها ...

كما أنّه لا مستند لِما ذكروا من أنّها ولدت له بنتاً ... مع اختلافهم فيها وفي


اسمها ...

ويؤكّد ذلك ما ذكره غير واحد من علماء الإسلام من أنّ عمر مات عنها صغيرة!

منهم الشيخ أبو محمد النوبختي من قدماء العلماء الإماميّة حيث قال في كتاب الإمامة له : «إنّ أُمّ كلثوم كانت صغيرةً ، ومات عمر قبل أنْ يدخل بها» (١٠٣).

ومنهم : الشيخ أبو عبدالله محمد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي ـ المتوفّى سنة ١١٢٢ هـ ـ (١٠٤) ... فإنّه قال في معنى قرابة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم :

«والمراد بالقرابة من ينتسب إلى جدّه الأقرب وهو عبد المطلب لقوله : من صنع إلى أحد من ولد عبد المطّلب يداً فلم يكافئه بها في الدنيا فعليَّ مكافاته غداً إذا لقيني. رواه الطبراني في الأوسط عن عثمان ـ رضي الله عنه ـ.

فخرج بذلك من انتسب إلى من فوق عبد المطّلب ، كأولاد عبد مناف ، أو من يساويه كأولاد هاشم إخوة عبد المطّلب ، أو انتسب له وا صحبة له ولا رؤية. ولعلّه ليس بمراد ممّن صحب النبي منهم أو رآه من ذكر أو أُنثى. وهو عليّ وأولاد الحسن والحسين ومُحَسِّن ـ بميم مضمومة فحاء مفتوحة فسين مكسورة مشددة مهملتين ـ وأُمّ كلثوم زوجة عمر بن الخطّاب ، ومات عنها قبل بلوغها ، فتزوّجها عون بن جعفر فمات عنها ، فتزوّج بأخيه محمد ثم مات ، فتزوّجها أخوهما عبدالله ثم ماتت عنده. ولم تلد لواحد من الثلاثة سوى لمحمد ابنة ماتت صغيرةً. فلا عقب لأُمّ كلثوم ، كما قدم المصنّف في المقصد الثاني» (١٠٥).

__________________

(١٠٣) بحار الأنوار ٤٢ / ٩١.

(١٠٤) توجد ترجمته في : سلك الدرر في أعلام القرن الثاني عشر ٤ / ٣٢.

(١٠٥) شرح المواهب اللدنّيّة ـ مبحث قرابة النبي.


وقد يشهد به على فرض ثبوت أصل التزويج إصرار عمر على أنّ الغرض من خطبته أن يكون صهراً للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ... وقوله في بعض الألفاظ : «أُحبّ أن يكون عندي عضو من أعضاء رسول الله» وتأكيده في بعض آخر : «إنّي لم أُرد الباه» ...

بقي الكلام فيمَن تزوّجها :

قد عرفت أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان قد حبس بناته لأبناء أخيه جعفر ، بل إنّ ذلك كان بأمر من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقد «نظر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى أولاد عليّ وجعفر عليهما السلام فقال : بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا» (١٠٦).

وفي خصوص أُمّ كلثوم جاء في حديث : «خطب عمر إلى عليّ ابنته أُمّ كلثوم فاعتلّ عليٌّ بصغرها وقال : أعددتها لابن أخي. يعني جعفراً» (١٠٧) فلم يعينّ الابن ... لكنّ الأمر يدور بين «عون» و «محمد» لأنّ «عبدالله» كان أكبرهم سنّاً وقد زوّجه ابنته «زينب» كما تقدّم.

فأمّا «عون» فلم أجد خلافاً بين عليماء أهل السُنّة ـ والكلام كلّه يدور على أخبارهم وأقوالهم ـ في أنّه قتل يوم تستر على عهد عمر ، والمفروض ـ بحسب تلك الأخبار على فرض صحّتها ـ كونها في عقد عمر.

أمّا «محمد» فقال ابن حجر : «ذكر أبو عمر عن الواقدي أنّه يكنّى أبا القاسم ، وأنّه تزوّج أُمّ كلثوم بنت عليّ بعد عمر. قال : واستشهد بتستر.

وقيل : إنّه عاش إلى أنْ شهد صفّين مع عليّ. قال الدارقطني في كتاب

__________________

(١٠٦) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٣٩٣ باب الأكفاء.

(١٠٧) ذخائر العقبى : ١٦٩ ، كنز العمّال ١٣ / ٦٢٤.


الإخوة : يقال : إنّه قتل بصفّين ، اعترك هو وعبيدالله بن عمر بن الخطّاب فقتل كلّ منهما الآخر.

وذكر المرزباني في معجم الشعراء : أنّه كان مع أخيه محمد بن أبي بكر بمصر ، فلمّا قتل اختفى محمد بن جعفر ، فدلَّ عليه رجل من عك ثم من غافق ، فهرب إلى فلسطين ، وجاء إلى رجل من أخواله من خثعم ، فمنعه من معاوية ، فقال في ذلك شعراً.

وهذا محقّق يردّ قول الواقدي أنّه استشهد بتستر» (١٠٨).

وعلى هذا يكون هو الذي تزوّج أُمّ كلثوم بعد موت عمر ـ على الفرض المذكور ـ وعليه نصّ ابن عبد البرّ كما تقدّم.

أمّا «عبدالله» فمن الممكن أن يكون قد تزوّج بها بعد زوجها وبعد موت «زينب» زوجته ، لأنّه بقي حيّاً إلى سنة ثمانين وهو ابن تسعين سنة كما اختاره ابن عبد البرّ (١٠٩).

* * *

سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين.

* * *

__________________

(١٠٨) الإصابة ٣ / ٣٧٢.

(١٠٩) الاستيعاب ٣ / ٨٨١.


نظرية القضاء

عند الشيخ المفيد

محمد جواد الطريحي

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى في كتابه المجيد : (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ الله وَلاَ تَكُن لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً).

عندما ندرك الغاية من وجود القاعدة القانونية لتنظيم الحياة الاجتماعية ، فانه لا يكفي وجودها فحسب ، بل لا بد من فرض احترامها ، ووجوب الزامها حين تدعو الحاجة إلى التطبيق ، وهنا تكون للقضاء ـ في حياة أية أمة ـ أهمية خاصة بسبب انه يمثل الضمانة الاكيدة لتطبيق القاعدة القانونية ، فالقضاء يمثل القانون على كماله حينما يُبرز أهم خصائص القاعدة القانونية وهي صفة الالزام.

ولمّا كانت الشريعة الاسلامية قد جاءت لتهذب من طبيعة الانسان ، وتحدّ من انانيته ، وتجعل منه عضواً نافعاً في المجتمع ، لذلك فقد كانت الاحكام ملزمة رادعة تقوم بفرضها سلطة مختصة كانت في غضون صدر الاسلام غير مستقلة عن شخصية السلطة الزمنية المتمثلة اساساً في يد الرسول الاكرم محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم ثم تطورت لتعيش استقلالها في ظل


توسع الرقعة الاسلامية ، وحاجة المجتمع ، ولتعكس أهمية الحكم الشرعي ومداه في مرحلة تطبيقه ونفاده في صلب الواقع الاجتماعي ، ولتمثل جزءً هاماً من سياسة الدولة في ظل الاسلام.

وعند استقراء المسيرة القضائية للاسلام ، وما تجد منها على ساحة الواقع العملي من صيغ واحكام وتقاليد مقدسة في ضمير المسلم ، نجد ان جيلاً من نباة الفكر الخلاق ، وقادة العقل الاسلامي كان لهم الفضل الكبير في ثمرات افكارهم بما أسسوه من قواعد الفقه ، وتراث الشريعة ، وعند دراستنا لهذا التراث الجليل نكتشف على صعيد الفكر الإمامي ، صاحب الذكرى شيخنا المفيد (قدّس سرّه) الذي احتل مركز الصدارة. في شخصية موسوعية تميزت بالالمعية واتصفت بالدراسات الموضوعية الرائعة في العقيدة والفقه ونواحي المعرفة الاسلامية ومن أجل اثارة ما أفاده هذا الفقيه العظيم في الفكر القانوني الاسلامي جاءت دراستنا للنظرية القضائية بخصوص ما أورده من فقه القضاء في كتابه «المقنعة» الذي يمثل من جانب بحثنا مدونة قضائية رائعة في الفقه الاسلامي على منهج أهل البيت الطاهر عليهم السلام.

والقضاء باعتباره : عمل رسالي باركته الرسل والانبياء ، ولاهميته في تجسيد صورة القانون في اتم وجه فقد مارسه النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلّم بنفسه ، وقد امتاز القضاء النبوي بصفتين :

أحدهما : تشريعية ، من حيث اعتبار ما قرره الرسول تشريعاً ملزماً بذاته لكونه جزء من السنة النبوية التي تمثل المصدر الثاني من مصادر التشريع الاسلامي.

الثانية : صفة قضائية محضة ، من خلال تطبيق الاحكام على الوقائع المعروضة ، والمتنازع عليها بين الخصوم ، وهنا قرر النبي قواعد المرافعات واصول المحاكمات وسيرها في الواقع العملي الذي دفع بالاحكام الى حيز التنفيذ. ومن مظاهر القضاء النبوي : الحكم في الحقوق بالظاهر ، وباليمين عند


عدم البينة ، ومن طرق الاثبات عنده : الاقرار ، والبينة ، واليمين ، والقسامة ، والقرعة ومن المأثور عنه. البينة على من ادعى ، واليمين على من انكر.

وبعد ان دعت الحاجة أذِن الرسول في القضاء لبعض اصحابه بحضرته ، ومن ثم تولي هذا المنصب الخطير ، كما في ارساله للامام علي عليه السلام الى قضاء اليمن وهو شاب حين ضرب على صدره قائلاً : اللهم اهد قلبه وسدد لسانه ، ولأهمية دور الامام علي عليه السلام في بناء النظرية الاسلامية للقضاء علماً وعملاً ولتسديد قضائه بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلّم : «أقضاكم عليّ» فقد فصلّت هذا الجانب «لأقضى الصحابة» مؤلفات عديدة .. ثم ان القضاء الاسلامي مرّ بمراحل متطورة ، كان لمدرسة اهل البيت عليهم السلام الأثر الواضح في التفكير القضائي ، ولمّا اجتمعت الكثير من الوقائع والاحكام والقضايا ، وتوافرت الفرصة ابتدأ عصر التدوين الفقهي الذي ظهر في بدايته دور الشيخ المفيد (رضوان الله عليه) حين قام بتسجيل روائع الفكر القانوني للشريعة ، ومن هذا المنطلق تعتبر دراسة اتجاهاته الفكرية مدرسة رائدة في سبيل النهوض بحركة التقنين للشريعة الاسلامية خاصة فيما امتازت من عطاء مدرسة الاجتهاد ، ومن مزايا هذه الدراسة عند الشيخ المفيد قيامه بمهمة تدوين فقه يصار الى معرفة ما للبيئة وملابساتها من اثر على تطور الافكار الفقهية وتقنين ما استقر من المبادىء في احكام القضاء وقد توافرت في شخصية المفيد الموسوعية اهم عناصر النجاح والتطلع لذلك وجدناه يُعدّ العدة لكتابة مدونة قضائية فاقت في مضامينها طموحات عصره.

وللاحاطة بالخطوط العامة لنظرية القضاء عند الشيخ المفيد كان لا بد من منهجة البحث وفق اطارين : موضوي وشكلي.


أولاً : الإِطار الموضوعي :

ويتمثل ما امتاز به الفقه الاسلامي من ايثار النزعة الموضوعية على المعايير الذاتية بما يحقق ايجاد نوع من التعادل بين التطور والاستقرار ، وتبرز هذه الموضوعية في نظرية المفيد القضائية بعدة وجوه ندرسها كالاتي : الشمول ، النزعة الاخلاقية ، سمو روح التشريع ، الاستقرار.

١ ـ الشمول : ومن مظاهره قيام الشيخ المفيد لوضع مفهوم واضح للقضاء ، فهو بعد ان يستقرىء الآيات القرآنية يؤكد على :

أ ـ الالتزام بالاستشهاد بالنصّ الشرعي.

ب ـ تقرير مبدأ نفي التسرع بالاحكام.

ج ـ وجوب مطابقة الحكم الشرعي القضائي لمقرارات الشريعة وتوجهاتها.

د ـ تقرير نظرية العدالة في الاحكام.

هـ ـ وضع ضوابط لعقوبة التأديب للقضاء عند بروز الجانب السلبي.

ثم ان اختياره لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلّم «من جعل قاضياً فقد ذبح بغير سكين» فيه من المدى الذي تعنيه عبارة «من جعل قاضياً» مقابل «الذبح المعنوي» ، وما في معنى «الجعل والذبح» ومن خلال هذه المنهجية يبدو المفيد في اغناءه المفهوم بعد استنباطه من مصادر التشريع الاسلامي وهو بكل ذلك يقرر المفهوم الإمامي لاثباته ما ورد عن امير المؤمنين عليه السلام وتقسيمه الرباعي للقضاة عند بيانه المراد من مفهوم القاضي ومصداقيته بكونه «القاضي الحق» وذلك مستمد من قوله عليه السلام «وقاضِ قضى بالحق وهو يعلم انه حق فهو في الجنة».

ومن جوانب الشمول في موضوعية المنهج عند المفيد استعراضه لادب القضاء ، ومايجب فعله عند استقباله المتخاصمين ثم بما يمضي به من تقرير


اصول المرافعات المدنية في :

١ ـ هيئة الجلسة من حيث موقع الخـصوم امامه.

٢ ـ خصائص الترافع وطريقة المحاورة بين الخصوم.

٣ ـ سير المرافعات.

٤ ـ توجيه الادلة وطريقة تقيميها من قبل القاضي.

٥ ـ عدم اغفال الاشارة الى بعض الحالات النادرة في طريقة معالجة خصومة الأصم أو الاخرس.

٢ ـ النزعة الاخلاقية : وهي الصفة اللازمة التشريع الاسلامي في خصائصه وتفاصيل احكامه ومن خلال التزام الشيخ المفيد بمنهجه ـ كونه الفقيه المسلم ـ نجده يؤكد على اثبات النزعة الاخلاقية سواء منها ما يظهر في تقريره للمؤهلات الواجب توافرها في شخصية القاضي ، او ما يدخل في باب قانون الاثبات فيما يتطرق اليه من احكام البينات وعدالة الشهود ، واهمية النظر الى الورع ودرجته في تقييم الشخصية واثر ذلك على نتيجة الحكم في الدعوى ، وهكذا في باب الايمان والاستحلاف عند اشارته لصيغة اليمين المغلظة ورعاية اهل الكتاب بما يرون في دينهم من الاستحلاف او ما يخص حفظ الكيان الاسري ، وصيانة كرامة الأنسان المستحلف بعدم التعسف ضده باداء اليمين المغلظة واعتبار اليمين البسيطة كافية لبلوغ الحقيقة في الخصومة القضائية ، وتوسيع صلاحية القاضي ومنحه الحرية فيما يراه مناسباً لكل قضية امامه وشأنها حسب ظروفها مع التغليظ او التشديد أو التسهيل ، وكفالة الجانب النفسي واثره في النفس المؤمنة ، وقد اكد الشيخ المفيد على ما في احكام الشريعة من درجة التناسب في تطبيق الحكم القضائي مكانياً وزمانياً ، حين يلجأ الجاني الى الحرم او يلجأ عند احد مشاهد ائمة الهدى عليهم السلام ، او ما يشير اليه في الظرف الزماني الذي يقام فيه الحد كما في البرد الشديد ، او الحر وقت الهواجر وفي هذا ما يدلل على مبدأ اصلاح المجرم وليس الانتقام منه وهو ما بلغته


القوانين الجنائية المعاصر من مبدأ العقوبة اصلاح.

٣ ـ سموّ روح التشريع وكـماله : فحيث ان الاسلام في تشريعاته لم يأت لغرض الانتقام ، ولا لقلب العادات والاعراف الاّ بمقدار ما يطهر النفوس ، ويصلح لاعداد المسلم لذلك كانت جوانب السمو في روحية التشريع كبيرة بحيث ظلت قواعد الشريعة ونصوصها اسمى من مستوى الناس ، ومن جوانب سمو الشريعة نظرية العدل والاحسان ، ومبدأ الموعظة الحسنة ، واداء الامانات ، ونظرية العدالة بشكل عام ، ونظرية تقييد سلطة القاضي فيما افاض به الشيخ المفيد عند تقريره وضع حدود لصلاحيات القاضي ، وتحديد مسؤولية القاضي عن اخطائه واعتدائه ، واقرار عزل القاضي وتنحيته ، وفيما يبرز هذا التقييد هو ان القاضي يستمد سلطته من الشرعية الممنوحة له بناء على اسس قويمة حددها الشارع المقدس. وعند دراسة ما طرحه الشيخ (رضوان الله عليه) اثناء تبويبه مسائل القضاء ندرك مدى الكمال الذي بلغه فقه القضاء.

٤ ـ الاستقرار : فان الشريعة في احكامها القضائية قد استندت على اسس قديمة ثابتة من حيث التوجه الايماني العام ، متطورة في تفاعلاتها مع مستجدات الحوادث والقضايا بحيث يصح ان تتصف بطابع المرونة والديناميكية ولذلك وجدنا الشيخ في منهج نظريته القضائية يتحرك ضمن مساحة واسعة بحسب ما يعنيه مبدأ الثوابت والمتغيرات وفق منظور اسلامي يتجسد في قول الإمام عليّ عليه السلام «مجاري الأُمور على أيدي العلماء بالله الأُمناء على حلاله وحرامه» وهكذا كانت طبيعة الأحكام التي طرقها الشيخ في مدونته القضائية منفتحة في اطارها الداخلي للتطور الذي تفرضه طبيعة الاشياء مستفيداً بعملية استنباطه من ادلة شرعية يفترق الفقهاء في مدى حجيتها ولكنه اعتبرها ادوات فقهية جليلة في مواجهة التطور الاجتماعي. ومن حيث ما ثبت للفقه كسلطة تشريعية في ذاته فقد كان القضاء الاسلامي المصدر الرسمي للقاعدة القانونية ، ومن ذلك وجدنا الفكرة عند الشيخ المفيد تناسب في عرض الفقرة


الحكمية باسلوب تفصيلي على حساب مبدأ الجزئيات المحكمة مع بعضها باتجاه عام قائم على قاعدة شرعية محددة.

ثانياً ـ الإطار الشكلي :

حيث إنّ الشيخ المفيد قد امتاز في بحثه القضائي بما حدده في التبويب الفقهي واستيعابه في لغة الفقهاء وهو ما يدخل في المنهج ، وفي اللغة والاسلوب ، وفي الصياغة التي اتقنها في طرح الاحكام القضائية.

١ ـ المنهج : حيث احتاط الشيخ المفيد (رضوان الله عليه) كثيراً في تقرير الحكم الشرعي وما ينسجم مع روحية التشريع الاسلامي ملتزماً بما يعبر عن ارادة المشرع الملائمة لسنة المعصومين عليهم السلام وقد حرص على الموازنة في الاحكام ، واثبت بذلك واقعية الفقه الاسلامي وذاتيته وامتداد النظرة الموضوعية في افق الحكم الشرعي. ومما امتاز به منهجه هو التسلسل المنطقي للمسائل المطروحة تحت باب واحد. وقد وزع الاحكام القضائية تحت عنوان كتب حددها ثم فصّل تحت هذا العنوان ابواباً. ولم يحاول ان يتطرق كثيراً الى المصطلحات الفقهية الاّ بقدر ما يقتضيه طابع البحث ايماناً منه بجدوى المنهج الاستعراضي للاحكام التي لا بد وان تكون قريبة من تذوق الشريحة الاجتماعية.

٢ ـ اللغة : فقد عرف الشيخ بالبيان الرائق ، والكلمات المفهومة فلم يتكلف التعبير ولم يختار العبارات المعقدة ، واتصفت لغته برصانة الاسلوب ، وايفاء الغرض المطلوب من الحكم وهي اللغة التي تدخل في باب السهل الممتنع وهو ما تطورت اليه الكتابة القانونية في اساليبها الحديثة وما في ذلك من اثر على حسن سير العدالة ، وما يضمن الحكمة من الفقرات الحكمية وما يوحيه القرار الحاسم من طمأنينة المتخاصمين امام القضاء ، ومما اخفاه الشيخ على هذه اللغة ابراز الطابع العقائدي عليها بما استدل فيه من الآيات والاخبار


الشريفة.

٣ ـ الصياغة : حيث كان للشيخ اختيار موفق للكلمة الهادفة بحيث ان الكلمة تؤدي عنده دورها بالقدر المناسب وهو ما يدخل في اهمية دراسة العمارة الفنية للكلمة بحيث تكون سليمة لا تشوبها التأويلات وفي ذلك اداء بارع لمواصفات لغة الاحكام التي تستند الى الدقة والعمق ، وتنتفي عندها الاخيلة والتصورات لانها لغة الواقع التي لا بد منها في عملية التوازن مع رؤى العدالة في الشريعة وفيما يسمو اليه التشريع الاسلامي من صدق التوجه ووعي المسؤولية.



من ذخائر التراث





تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ موضوع الكتاب :

من الواضح أنّ كلّ فنّ وعلم تبتني مسائله وبحوثه على مصطلحاته الخاصّة ، مضافاً إلى حاجته العامّة إلى اللغة التي يُكْتَبُ ذلك العلمُ ، أو يَتَكَلّم طالبوه بها.

وقد بيّنَ العلماءُ طَرَفاَّ من وَجْه الحاجة إلى «الألفاظ» في مفتتح كتب المنطق ، حيث جعلوه : «زيادة الطالب بصيرةٌ في العلم».

لكنّ الحاجة ـ بنظري ـ أعمقُ من مجرّد زيادة البصيرة ، بل هي ماسّة جدّاً ، إذْ بدون الوقوف على المصطلحات الخاصّة لأيّ علم ، لايمكن أنْ يُفهمَ ذلك العلمُ ، بل تكونُ لغة كتابه عَجْماء بالنسبة إلى الجاهل بتلك المصطلحات ، حتى لو كان عارفاً باللغة التي كُتِبَ بها العلم.

والسرّ في ذلك : أنّ المصطلحات تمَّ التواضع عليها بين أصحاب الفنّ ، متجاوزين المفهوم اللغويّ ، فهي ذات أوضاع جديدة ، وغريبة عن


المعنى اللغويّ المتعارف فهمُه بين أهل تلك اللغة ، وهي خاصةٌ بأهلِ ذلك الفنّ ، ولا تُعْرَفُ إلاّ من جهتهم ، ولا يَدْخلها القياسُ ، ولا يمكن تأويلُها بأىّ شكل ، فهي كلغة أجنبيّة لمن لم يطلعْ على وضعها ، فالعلم بالوضع من أهم شرائط معرفة اللغة.

والعلمُ بهذه الأوضاع لا يحصلُ إلاّ من جهة أصحاب كلّ فنّ ، والمؤلّفين فيه ، والواقفين على أسراره.

وهذه الحاجةُ ، وتلك الضرورةُ ، عامّتان في كلّ العلوم والفنون ، ولكنّ ، كلّما كان العلمُ أوغَل في النظريّة والعقلانيّة ، كانت الحاجةُ أمسَّ ، والضرورةُ ألحَّ ، لتعقّد المعاني المرادة وصُعوبتها الأكثر.

وعلمُ الكلام الإسْلامي ، هو من العُلوم النظريّة التي احتوتْ على مصطلحات خاصّة ، ودقيقة ، فمن الواضح ـ إذنْ ـ حاجته إلى معرفة مُصطلحاته لطالبي مسائله ومعارفه ، وبالأخصّ للمبتدئين في الطلب.

وقد أوضَحَ الشيخُ الطوسيّ هذه النقطةَ بكلّ جلاء ، فَقالَ :

«... الألفاظ المتداولة بين المتكلّمين ، وبيان أغراضهم منها; فلهم مُواضعات مخصوصةٌ ، ليستْ على مُوجب اللغة ، ومَنْ نظرَ في كتبهم وكلامهم ولا يعرفُ مُواضعاتهم لم يَحْظَ بطائل ، وإذا وقفَ على مرادهم ثمّ نظرَ ـ بعد ذلك ـ في ألفاظهم حصلتْ بُغْيَتُه ، وتمّت مُنْيَتُه ...».

جاء ذلك ـ في افتتاح كتابه الذي شرحَ فيه المصطلحات الكلاميّة ، وسمّاه بـ «المقدّمة ...» كما سيأتي.

والشيخُ المفيدُ سَبَقَ كلّ الكلاميّين في تأليف كتاب يتكفّل شرحَ المصطحات الكلاميّة ، وهو هذا الكتاب الذي نقدّم له ، ونقدّمه محقّقاً.

فسمّاه «النُكَت في مقدَّمات الاُصُول».


ومع أنّ العوانَ يعبّر عن صِدْق كون الكتاب «مقدّمةً» لعلم اُصول الدين ، إذ هو يتكفّلُ شرحَ المصطلحات المستعملة في ذلك العلم ، وبدون هذا الشرح لا يُمكن تحصيل مسائله ومعارفه ، فهو بحقٍّ «مقدّمة لِلاُصول».

إلاّ أنّ الشيخ لم يقتصر على هذه المقدّمة ، وإنّما أدرجَ في الكتاب بحوثاً عن نفسِ الاُصول أيضاً ، فذكر الأدلّة على كلّ القضايا الأساسيّة في العلم.

وقد هدفَ الشيخُ المفيدُ إلى نفس الهدف الذي ذكره الشيخُ الطوسيّ بأفضل شكل ، مع أنّ كتابه يتميّز باُمور :

فأولاً : قد جعله الشيخُ على أبسط شكل ممكن وأوضحه ، توصّلاّ إلى ما أشار إليه في ديباجته من «إرشاد المبتدئين» فعبارتُه واضحة تناسب مدارك الناشئين الذين يطلبون هذا العلم ، خالياً من التعقيد والغموض.

وثانياً : وضعه الشيخُ على شكل محاورات بين السائل والمجيب ، فيطرح سؤالاً بعنوان : «إن قالَ» ويُجيب عليه بعنوان : «فقلْ» ويتمتّع هذا الاُسْلوب من الفوائد التربويّة للناشئين ما يوحي إليهم بواقعيّة المعلومات المطروحة على ساحة الحوار ، ويتميّز بحيويّة التجاوب ، مالا يخفى أثره.

وثالثاً : إنّ الألفاظ المشروحة مرتّبة على حَسَب ترتيب الأبواب والبحوث المعروضة في المناهج والكتب الكلاميّة ، حيث بَدأَ بتعريف «النظر ، والدليل ، والعقل ، والعلم ...» وهي المستعملة في الأبواب الاُولى ، ثم يتدرّج مع الأبواب والبحوث حتى المعاد.

والمؤلّفات التي وُضِعَتْ لتوضيح المصطلحات ـ ومنها الكلاميّة ـ كثيرة في التراث الاسلامي ، إلاّ أنّ الأعمال الشيعيّةَ القديمة في هذا


المجال ، والتي خُصِّصت لشرح الألفاظ الكلاميّة ، هي :

١ ـ هذا الكتاب :

ويعتبر أقدمَ جهد في هذا المجال.

٢ ـ الحدود والحقائق أو الطريق في الحدود والحقائق.

للسيد المرتضى طبعه محمد تقي دانش بزوه في ما نشر بمناسبة الذكرى الالفية للشيخ الطوسي في مشهد.

٣ ـ المقدّمة في المدخل إلى صناعة علم الكلام :

للشيخ الطوسيّ ، طبعت بتحقيق الاستاذ محمّد تقي دانش بزوه ، ونشر مع الكتاب السابق وضمن (الرسائل العشر) للشيخ الطوسيّ.

٤ ـ الحدود والحقائق في شرح الألفاظ المصطلحة بين المتكلّمين من الإماميّة :

للقاضي أشرف الدين صاعد بن محمّد ، البريدي الآبي (ق ٦) طبع ضمن ما نشره دانش بزوه بمناسبة الذكرى الالفية للشيخ الطوسي.

وأُعيد بتحقيق الشيخ حسين علي محفوط الكاظمي ، في بغداد ١٩٧٠ م.

وقد نسب بعض العلماء كتاباً باسم «النكت الاعتقادية» إلى الشيخ المفيد.

وبعد وضوح نسبة كتاب «النكت في مقدمات الاصول» إلى الشيخ المفيد كما ذكرنا ، لا يمكن نسبة كتاب «النكت الاعتقادية» إليه ، للبعد المحسوس في أن يؤلف كتابين باسم «النكت ...» في موضوع واحد وعلى منهج واحد ، وهو المعتمد على طريقة الحوار بين السائل والمجيب ، وفي علم الكلام.

مع أن المنسوب اليه في الفهارس كتاب واحد باسم «النكت في


مقدمات الاصول».

ولم نجد في شيء من النسخ المتوفّرة من «النكت في مقدمات الأصول» نسبته إلى غير المفيد ، بينما بعض نسخ «النكت الاعتقادية» قد نسبه الى الشيخ فخر المحققين ، وهو ابن العلامة الحلي.

مضافاً إلى أن أُسلوب النكت في مقدمات الأُصول ونفسه أنسب بالشيخ المفيد والمعهود في مؤلّفاته وكتبه ومناظراته المتوفّرة ، بخلاف النكت الاعتقادية.

وقد تحدّثنا عن هذه النسبة ـ على الاختصار ـ عند حديثنا عن «النكت الاعتقادية» في ما كتبناه بعنوان «نظريات في تراث الشيخ المفيد».

٢ ـ نسخ الكتاب

لم تختلف المصادر ، ولا المفهرسون ، في نسبة هذا الكتاب ـ وبهذا الاسم ـ إلى الشيخ المفيد ، وهذا ما يؤكّدهُ اُسلوبُ الكتاب ونَفَسه وجَرسُ كلماته وجمله.

ثمّ إنّ الشيخ قد ذكر بعض هذه التعاريف والحدود ، في كتابه «أوائل المقالات» باب «اللطيف من الكلام» ، بعين ما ذكره هنا.

وهذا يدلّ على أنّ مؤلّف الكتابين هو الشيخ المفيد. وقد أشرنا في الهوامش إلى تلك التعاريف ومحلّ وجودها.

كما أنّ النسخَ التي اعتمدناها في تحقيق الكتاب متّفقة على نسبته إلى الشيخ المفيد ، وهي :

١ ـ نسخة مكتبة بادليان في مدينة اُوكسفورد : في مجموعة تضمّنت


عدّة كُتب وأراجيز كلاميّة ، كتبها أحمد بن الحسين بن العوديّ ، الأسديّ الحليّ ، وفرغ من كتابتها في الرابع والعشرين من شهر شعبان سنة (٧٤٠).

وهي نسخة كاملة ، جيّدة ، مضبوطة ، إلاّ أنّ الرطوبة أثّرتْ فيها ، فلم نتمكّن من قراءة بعض الكلمات ـ من المصوّرة التي عندنا ـ لذلك. ونسمّيها بـ «الأصل».

٢ ـ نسخة محفوظة في مكتبة آية الله السيد الحكيم قدس سرّه ، برقم (٣٦٤) ، وعنها فيلم في مكتبة جامعة طهران (دانشكاه).

وهي جميلة الخط ، وعليها علامات التصحيح ، وبلاغ المقابلة في آخرها ، وقد ترك الكاتب فراغات كتبَ فوقها أو إلى جانب الصفحات كلمة «بياض» للدلالة على نقص أصلها المنقولة عنه.

وهي خالية من اسم الكاتب وتاريخ النسخ.

ونرمز إليها بالحرف (ك).

٣ ـ نسخة مكتبة السيّد الروضاتي دام فضله :

ضمن مجموعة كتبها جدّه السيّد محمّد الموسوي الأصفهانيّ.

ونرمز إليها بالحرف (ضا).

٣ ـ عملنا في الكتاب :

١ ـ قُمنا باستخلاص النصّ المضبوط ، من النسخ الثلاث ، متّبعين طريقة التلفيق بينها ، إلاّ أنّا أكّدنا التركيز على ما جاء في «الأصل» لما تتمتّع به نسخته من القِدَم ، والضَبْط ، والكمال.


٢ ـ وضعنا مكان ما لم نتمكّن من قراءته في النسخ نقاطاً ثلاثاً بَدَلَ كلّ كلمة ، فإنّ بالإمكان معرفة عدد الكلمات المشوّهة في مصوّرة الأصل ، ولعلّ الوقوف على نفس النسخة ، يُساعد على قراءة بعض هذه الكلمات فيكون بالإمكان كتابتها في طبعتنا هذه.

٣ ـ قطّعنا النصَّ ، ونقّطناه ، بمايُساعد على يُسرْ فهمه ، ووضوح عبارته.

٤ ـ رقّمنا الكتابَ على عدد المحاورات الواردة فيه ، فكلّ سؤال وجواب ، يُعتبر فقرةً مستقلّة ، وبذلك تسهل الاستفادة من الكتاب بسرعة ودقّة.

٥ ـ وضعنا للكتاب فهارس متنوّعة ، تزيد في يُسر مراجعته وتقرّب فائدته إلى القارىء الكريم.

وأخيراً :

فنحمد الله على توفيقه ، ونسأله الرضا عنّا بفضله وإحسانه إنّه ذو الجلال والإكرام.

وصلّى الله على محمّد سيّد الأنبياء ، وعلى الأئمّة الكرام من آله الأتقياء. وسلّم تسليماً.

حرّر في يوم الاثنين السادس والعشرين من

شهر محرم الحرام سنة ألف وأربعمائة

وثلاث عشرة هجريّة

وكتبَ

السيّد محمّد رضا الحسينيّ

الجلاليّ








كـِتاب

النُكـت

في مقدَّمات الاُصُول

[في علم الكلام]

من إملاء

الشيخ الأجلّ المفيد أبي عبد الله

محمّد بن محمّد بن النعمان

الحارثي ، رضي الله عنه ، وأرضاه (١).

__________________

(١) «وأرضاه» لم ترد في «ضا» ومن قوله : «في مقدّمات ...» الى آخره ، غير واضح في مصوّرة «ك».


بسـم الله الرحمن الرحيـم

وبالله التوفيقُ ، والعِصْمةُ ، والعَوْنُ.

أمّا بَعْدُ :

فإنّ أكْثرَ الموحِّدين افتتحوا كلامَهم في إرْشاد المبتدئين بالقول في أوّلِ فرائض الله تعالى على عبادة المُكَلَّفين ، فكانَ ترتيبُ ذلك أنْ سألَ سائلٌ :

[١]

فقالَ : ما أوّلُ فَرْض الله على عِباده المُكَلَّفين؟.

قيلَ له : النَظَرُ في أدِلّتِه.

[٢]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على ذلكَ؟

فقلْ (١) : لأنّه ـ سبحانه ـ قد فرضَ معرفته ، ولا سبيل إلى معرفته إلاّ بالنظر في أدلّته.

وهذا الكلام صحيحٌ ، غَيْرَ أنّه لا بُدّ فيه من المعرفة بالنَظَرِ ، ليعلم المكلّفُ : ما الذي عليه من ذلك فَرْضٌ؟.

__________________

(١) في «ك» : قيل ، بدل : (فقل).


باب

الإِبانَة عن معاني الألْفاظ في مقدَّمات

النَظَر وماهيّة الأعْراض

[٣]

فإن قالَ : ما النَظَرُ؟

فقلْ : هو استعمالُ العَقْلِ في الوُصول إلى الغائب ، باعتبار دلالة الحاضر.

[٤]

فإنْ قالَ : وما الاعْتبارُ؟

فقلْ : هو الفِكْرُ فيما ظَهَرَ للنَفْسِ لاسْتفادة ما بَطَنَ عنها.

[٥]

فإنْ قال : فهوَ النَظَرُ أمْ غيرُهُ؟.

فقلْ : هُوَ هُوَ بعينه (١).

__________________

(١) الفقرة [٥] لم ترد في «ضا».


[٦]

فإنْ قالَ : فإذا كانَ هُوَ هُوَ بعينِه (١) فَلِمَ فسرّتموه على وجهين؟

فقلْ : لم يَقَع (٢) التفسيرُ له على وَجْهَين يَتضادّان ، بل يتّفقانِ في المعنى ، وإن اختلَفا في العِبارة ، والكَشْف ، والإيْضاحِ ، وهذا غيرُ مُنكَر عندَ أهْل التَحْصيل.

[٧]

فإنْ قالَ : ما العَقْلُ؟

فقلْ (٣) : العَقْلُ معنىً يتميّزُ به من مَعْرِفة المُسْتَنْبَطات (٤) ، ويسمّى عَقلاً ; لأنّه يَعقلُ عن المُقبَّحات (٥).

[٨]

فإنْ قالَ : ما العِلْمُ؟.

فقل : هوَ الاعْتقادُ للشيء على ما هُوَ بِه ، مَعَ سُكُوْن النَفْسِ المتقد بها (٦).

__________________

(١) من بداية الفقرة إلى هنا لم يرد في «ك».

(٢) في «ضا» : يقع ، بدون : (لم).

(٣) أضاف في «ك» : قيل ، والجواب كلّه مشوش في «الأصل».

(٤) في «ضا» : الشيطان! وباقي الكلام فيه مغلوط وناقص.

(٥) لاحظ في وجه تسمية (العقل) : المقدَّمة للطوسي (ص ٨٣) وفيه أيضاً وفي الحدود لابن سينا (ص ١١) رقم (٢١) والحدود لابن صاعد الآبي (ص ٢٢) رقم (٩٧) كلام عن تعريف العقل وإطلاقاته العديدة.

(٦) لم يرد (المعتقد بها) في «ضا» بل فيه : (اليه ...) كذا ترك فراغاً بقدر كلمة.


[٩]

فإنْ قالَ : ماهوَ سُكونُ النَفس الذي أشَرْتَ إليه؟.

فقلْ : هوَ معنىً يحصل للقدرة على نَفْي الشُبَه لَهُ في ضدّ الاعتقاد ، لحصوله من جهة النظر والحُجّة.

[١٠]

فإنْ قالَ : ما الجَهْلُ؟.

فقلْ : هو الاعْتقادُ للشيء على غَيْرِ ما هوَ به.

[١١]

فإنْ قالَ : ما المَعْرفةُ؟.

فقلْ : هيَ التَفَقُّهُ (١).

[١٢]

فإنْ قالَ : فيجبُ على هذا الأصْلِ : أنْ يكونَ كلُّ عالم عارفاً ، معتقداً.

فقلْ : لا يجب (٢) ذلك ، لأنّه ليس حدُّ العالمِ أنْ يكونَ له عِلْمٌ ، وقد يكونُ عالمٌ مُستغنياً عن معنىً يَعلمُ بهِ.

__________________

(١) (التفقه) موضعه بياض في «ضا» وهو مشوّه في «الأصل» ولعله : (الاعتقاد).

(٢) كذا يقرأ في «الأصل» وموضع (لايجب) بياض في «ك وضا».


[١٣]

فإنْ قالَ : ما الشَكُّ؟.

فقلْ : هُوَ توقف النفس فيما عربتْ من اعتقاده على ماهُوَ به ، وعلى غير ما هُوَ بهِ.

[١٤]

فإنْ قالَ : ما اليقينُ (١)؟.

فقلْ : هُوَ قَطْعُ النفس على ما تبيّنته (٢) ووضح لها.

[١٥]

فإنْ قالَ : ما الحَقُّ؟.

فقلْ : ما عَضَدَ مُعْتَقِدَهُ البرهانُ.

[١٦]

فإن قالَ : ما الباطِلُ؟.

فقلْ : ما خذَلَ مُعْتَقِدَهُ البيانُ.

[١٧]

فإنْ قالَ : ما الصحيحُ (٣)؟.

فقلْ : هُوَ الحَقُّ عيناً.

__________________

(١) كلمة (اليقين) غير واضحة في «الأصل وك».

(٢) كذا ظاهر «ضا» وفي «ك» : ينبه ، والكلمة مشوّهة في «الأصل».

(٣) الكلمتان غير واضحتين في «الأصل وك».


[١٨]

فإنْ قالَ : ما الفاسِدُ (١)؟.

فقلْ : هُوَ الباطِلُ عيناً.

[١٩]

فإنْ قالَ : ما الصِدْقُ؟.

فقلْ : هُوَ الخبرُ بالشيء على ما هُوَ بهِ.

[٢٠]

فإنْ قالَ : ما الكِذْبُ؟.

فقلْ : هُوَ الخبرُ عن الشيء على خلاف ما هو بهِ.

[٢١]

فإنْ قالَ : ما الخَبَرْ؟.

فقلْ : هُوَ ما أمكنَ فيه الصدقُ والكذب.

[٢٢]

فإنْ قالَ : ماالحسَنُ؟.

فقلْ : هُوَ ما كان فِعْلُه للعقول مُلائماً.

__________________

(١) الكلمتان غير واضحتين في «الأصل وك».


[٢٣]

فإنْ قالَ : ما القبيحُ؟.

فقلْ : هُوَ (١) ما كان فِعْلُه للعقول مخالفاً.

[٢٤]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ؟.

فقلْ : هُوَ المُعْتَبرُ في إدراك ما طلبت النفس إدراكَه.

[٢٥]

فإنْ قالَ : [ما الحجّة] (٢).

فقلْ : هيَ الدليلُ عيناً.

[٢٦]

فإنْ قالَ : ما الشُبْهةُ؟.

فقلْ : هيَ ما يحصَلُ للنفس من باطل تخيّلَتْه حَقّاً.

[٢٧]

فإنْ قالَ : ......؟.

.......... عن جهة الحقّ (٣).

__________________

(١) (هو) لم ترد في «ضا».

(٢) كذا استظهرنا مابين المعقوفين ، ومحلّها بياض في «ك وضا» وفي «الأصل» طمس وتشويه من هنا الى إبتداء الفقرة [٢٨] ، عدا بعض الكلمات.

(٣) هذا هو الباقي من هذه الفقرة ، والباقي بياض في «ضا» ومشوّه في «الأصل» ، ولكنها لم ترد مطلقاً في «ك».


[٢٨]

فإنْ قالَ : ما الشيء؟.

فقلْ : هو الموجودُ.

[٢٩]

فإنْ قالَ : ما الموجودُ (١)؟.

فقلْ : هو ما صَحَّ التأثيرُ به أو فيه.

[٣٠]

فإنْ قالَ : ما المعدومُ؟.

فقلْ : هُوَ ما لا يصحُّ التأثيرُ به أو فيه (٢).

[٣١]

فإنْ قالَ : ما الحَدَثُ؟.

فقلْ : هُوَ الكَوْنُ بعد العَدَم.

__________________

(١) علّق في «الأصل وك» هنا بعنوان «نسخة» ما نصّه : قيل : هو الثابت العين في الوجود ، والمعدوم : هو المنتفي العين الخارج عن الوجود ولاحظ أوائل المقالات للمؤلّف ، فقد أورد هذا التعريف ـ الوارد في الهامش ـ بعينه (ص ١٢٦) : القول في المعدوم. ولاحظ المقدمة للطوسي (ص ٦٦) فقد أورد ما في هذا الهامش ، واورد ما في المتن بعنوان : قيل.

(٢) كذا في «ك» وفي الأصل (أولا فيه) ولعلّها : ولا فيه. ولم ترد هذه الفقرة في «ضا».


[٣٢]

فإنْ قالَ : ما القِدَمُ؟.

فقلْ : هُوَ الوُجودُ في الأزل (١).

[٣٣]

فإنْ قالَ : ما الجسْمُ؟.

فقلْ : هو ذو الطُول والعَرض والعُمْق (٢).

[٣٤]

فإنْ قالَ : ما الجَوْهَرُ؟.

فقلْ : هو ما تألّفَتْ منه الأجْسامُ (٣).

[٣٥]

فإنْ قالَ : ما العَرَضُ؟.

فقلْ : هو ما احتاجَ في وجوده إلى غيره ، ولم يكنْ له لَبْث كلبث الأجسام (٤).

__________________

(١) في «ك» : الآزال.

(٢) لاحظ : أوائل المقالات (ص ١٢٣).

(٣) لاحظ : أوائل المقالات (ص ١١٧).

(٤) لاحظ : أوائل المقالات (ص ٤ ـ ١٢٥).


[٣٦]

فإنْ قالَ : ما الاجْتماعُ؟.

فقلْ : هُوَ ما تتألّفُ (١) به الجواهِرُ.

[٣٧]

فإنْ قالَ : ما الافْتراقُ؟.

فقلْ : هُوَ ما انْفَصَلَتْ بهِ الجواهِرُ.

[٣٨]

فإنْ قالَ : ما المُماسَّةُ؟.

فقلْ : هيَ الاجْتماعُ عيناً.

[٣٩]

فإنْ قالَ : ما المُبايَنةُ؟.

فقلْ : هيَ الافْتراقُ عيناً.

[٤٠]

فإنْ قالَ : ما الحَركَةُ؟.

فقلْ : هيَ ما قَطَعَتْ بهِ الجواهِرُ مكانَيْنِ (٢).

__________________ ـ

(١) كلمة (تتألّفُ) مشوّهة في «الأصل» وفي «ضا» : يتفق.

(٢) في «ضا» بدل (مكانين) : في مكان بوقتين ، وهو ذيل ما يأتي في الفقرة [٤١] التالية ، فما بين الموضعين ساقط من «ضا».


[٤١]

فإنْ قالَ : ما السُكونُ؟.

فقلْ : هُوَ ما لبثَتْ بهِ الجواهِرُ في مكان بوَقْتين.

[٤٢]

فإنْ قالَ : ما العالَمُ؟.

فقلْ : هُوَ السماء ، والأرض ، وما فيهما ، وما بينَهما ، من الجواهِر والأعْراض (١).

[٤٣]

فإنْ قالَ : ........ (٢) من الأجناسِ؟.

فقلْ : جنسين (٣) لا ثالِثَ لَهُما ، يتضمَّنُ كلُّ واحِد منهما أجْناساً.

[٤٤]

فإنْ قالَ : ما هُما؟.

فقلْ : هُما المتقدّم ذِكرهُما من الجواهِر والأعْراض.

* * *

__________________

(١) ذكر المؤلّف هذا التعريف بعينه في أوائل المقالات (ص ١٢٧) وقال : ولا أعرف بين أهل التوحيد خلافاً في ذلك.

(٢) كلمات مشوّهة في «الأصل» وموضعها بياض في «ك وضا».

(٣) كذا بالياء في النسخ كلّها!.


باب

الكلام في حَدَث العالَم

وإثبات مُحْدِثه والإِبانة عن صفاته

[٤٥]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على حَدَث العالَم؟.

فقلْ : تغيُّرُ أجزائِه ، واحتمالُها الزيادَة والنقصانَ

[٤٦]

فإنْ قالَ : ما وَجْهُ دلالة ذلكَ ، والبرهناُ عليه؟.

فقلْ : لأنّه لو كانَ قديماً لاختصَّ في القِدَم بصفة (١) ، واستحال خروجُه عنها ، لفساد تعلّق العَدَم بالقديم والبُطلان.

__________________

(١) في «ك» : بطابقة.


[٤٧]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ [على وجوب المُحدِث له] (١).

فقلْ : ما أوجب في البدائةِ (٢) للكِتابة كاتباً ، وللبناء بانياً ، وللمساحة ماسحاً (٣).

[٤٨]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على وُجوُدِه؟.

فقلْ : ما في العقول من استحالة فِعْل من غير [صنعِ أحد له] (٤) ، ووجوده ، وعلمه ، وحياته ، فهوَ من معدوم ـ ليس بشيء ـ أشدُّ استحالةً.

[٤٩]

فإنْ قالَ : لِمَ لا يجوزُ عدمُه بعدَ الوجود؟.

فقلْ : لقِدَمه ، إذ القديمُ بالوجود أوْلى منه بالعدم.

__________________

(١) كذا نستظهره من «الأصل» ويفيده الجواب ، وفي «ك وضا» موضع مابين القوسين فراغ ، وكتب في هامش «ك» : بياض.

(٢) في «ك» البداية ، وكذا كلّما تكررت الكلمة فيما يلي.

(٣) (وللمساحة ماسحاً) ليست في «ضا» وهي مشوّهة في «الأصل».

(٤) كذا قرأنا «الأصل» وموضعه في «ك» بياض ، وفي «ضا» : (جاحد له ...) وفراغ بقدر كلمة واحدة.


[٥٠]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنّه قديم؟.

فقلْ : لأنّهُ يتأتى منه ما لا يتأتى منّا لحدثنا (١) بالجواهِر ، والأجناس المخصوصة من الأعْراض.

[٥١]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنّه حيٌّ؟.

فقلْ : اقتضاء ما في العالم من آثار قُدْرته ، والقادر في مقتضى العقول يجب أن يكون حَيّاً.

[٥٢]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنّه قادرٌ؟.

فقلْ : تعلّقُ الأفعال به ، مَعَ تعذُّرها ـ في البدائه ـ على العاجز ، واستحالة وقوعها على طريق الابتداء من الميّت.

[٥٣]

فإنْ قالَ : ما الذي يَدُل على أنَّه عالِمٌ؟.

فقلْ : ما في أفعاله من الإتقان ، والتظافُر (٢) على الاتّساق ، وتعذُّر ما كان بهذه الصفةِ ـ في البدائه ـ على الجاهل.

__________________

(١) كذا ظاهر «الأصل» وفي «ك» بدل (منها لحدثنا) من الحدث با ، وفي «ضا» : من الحدث.

(٢) كذا ظاهر «الأصل» ويقتضيه التعدّي بعلى ، لكن في «ك» النظام ، وفي «ضا» : التـ ... ، كذا مبتورة الآخر.


[٥٤]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنَّهُ سَميعٌ؟.

فقلْ : ما ثَبَتَ من حياته مَعَ تَعرّيهِ من الآفاتِ.

[٥٥]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنَّه بصيرٌ؟.

فقلْ : ما تقدّم من دلالة السَمْع.

[٥٦]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنَّه حكيْمٌ؟.

فقلْ : ما ثَبَتَ من غناهُ ، وعلمهِ بقبح القبيح.

[٥٧]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على غِناه؟.

فقلْ : ما ثبَتَ من قِدَمه ، واستحالة الحاجة في صفة القديم (١).

[٥٨]

فإنَ قالَ : ما الدليلُ على صِدْقِه (٢)؟.

فقلْ : ما ثَبَتَ من حكمته ، وغناه عن القبيح.

__________________

(١) في «ضا» : القدرة ، بدل (القديم).

(٢) كذا في «ضا» وموضع (صدقه) بياض في «ك» والكلمة مشوّهة في «الأصل».


[٥٩]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنَّه غير ظالم (١)؟.

فقل : ما ثَبَتَ من غِناه في الحكمة (٢) ، [ولأنَّ الظلم قبيح] (٣).

[٦٠]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنَّه جوادٌ كريمٌ؟.

فقلْ : ما دَلَّ على أنَّه حكيمٌ رحيمٌ.

* * *

__________________

(١) كلمة (ظالم) مشوّهة في «الأصل» ، وكان في «ك وضا» مكانها : غير فقير ، ويقرّب ما أثبت أن المصنف ذكر صفة الغنى سابقاً ، ولم يذكر صفة العدل.

(٢) الجواب إلى هنا في «ك» ، لكن في «ضا» وظاهر «الأصل» : قد أثبت في غناه في الحكمة.

(٣) كذا الظاهر وهو مشوّه في «الأصل» ، لكن في «ك وضا» ولا تعظيم!.


باب

الكَلام في نَفْي التَشْبيه

[٦١]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنّه لايَشْبَهُ خَلْقَهُ؟.

فقلْ : ما في الاشْتباه (١) من دلالة الحَدَث بالاتّفاق ، وقد ثَبَتَ أنّهُ قديمٌ.

[٦٢]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنَّه لايُدْركُ بالأبصار؟.

فقلْ : ما استحالَ من اشتباهِهِ بخلقه ، وإيجاب الرؤيةِ الاشتباهَ.

[٦٣]

فإنْ قالَ : أيْنَ دلالةُ السَمْع على ذلك؟.

فقلْ : قول الله تعالى : (لاتُدْرِكُهُ الأبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصارَ وَهُوَ اللطيْفُ الخَبِيْرُ) [الآية (١٠٣) من سورة الأنعام : ٦].

__________________

(١) في «ضا» : الأشباه.


[٦٤]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنَّه عالِمٌ لنفسِه؟.

فقلْ : استحالة جَرَيان الجهْل عليه ، ووُجوب جَوازِه على سائر ما عَلِمَ بمعنىً من الموجودات.

[٦٥]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنَّه قادر لنفسه؟.

فقلْ : ما دَلَّ على كونه بها عالماً.

وكذلك في باب الحياة.

[٦٦]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنَّ كلامه مُحْدَثٌ؟.

فقلْ : ما فيه من آية الحَدَثِ ، من التفصيل والنظام.

* * *


بابُ

الكلام في التَوْحيد

[٦٧]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنَّه في الإِلهيّة واحِدٌ؟.

فقلْ : استحالةُ تعلّقِ النَقْص بِمُسْتَحِقِّ الإِلهيّة ، ووجُوبُه فيما زاد ... (١) المعنى على الواحِد.

[٦٨]

فإنْ قالَ : فما وَجْهُ وُجوبهِ فيما زاد على الواحد؟.

فقلْ : هو (٢) ما للعُقول من وجُوبِ التساوي ـ إذْ ذاك ـ بينهما ، أو بينهم ، في القدرة [أ] والتفاضُل :

ولو تساويا ، لكانَ كلّ واحِد منهما متى رامَ ضِدَّ ما رام صاحبُه إيقاعَهُ ، امتنعا ، وتكافئا في المنع ، فعَدُمَ مُرادُهُما جميعاً ، وذلك غايةُ النَقْص.

ولو تفاضلا ، لكانَ المفْضُولُ ـ بالبدائِه ـ ناقِصاً.

__________________

(١) في «الأصل» كلمة غير مقروءة ، وفي «ضا» : زاد على المعنى.

(٢) كذا ظاهر «الأصل» وليس (وهو) في «ضا» ، وفي «ك» فقل : العقول.


بابُ

الكلام في الرسالة

[٦٩]

فإنْ قالَ : ما الدلالةُ على جواز بَعْثِهِ بالرُسُل (١) عليهم السلام؟.

فقلْ : قُدْرتُه على ذلكَ ، واستحالةُ تَعَذُّرِه عليه.

[٧٠]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على حُسْن بَعْثِهِ (٢) بِالرُسُلِ (٣)؟.

فقلْ : مافي ذلك من اللُطْف للخَلْقِ.

[٧١]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنَّ فيها لُطْفاً للخَلْق؟.

فقلْ : وجودها فيما سَلَفَ بالصحيح من السَمْع.

__________________

(١) كذا في «الأصل» وفي «ضا» : بعثهِ الرسُلَ ، وفي «ك» بِعْثَه الرسُلِ.

(٢) كذا في «ضا» وفي «الأصل» : بعثته ، وفي «ك» بعثة.

(٣) كذا في الأصل ، وفي «ك وضا» : الرسلَ.


[٧٢]

فإنْ قالَ : ما الدلالةُ على وجُودها (١) من السَمْع؟.

فقلْ : تواتُر الأخْبار بِما ظَهَرَ على كثير من مدّعيها من العَجْزِ في نفسِه بالنظَر إلى ر ... (٢) بالعَقْل.

[٧٣]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على نُبوَّةِ محمّد عليه السلام؟.

فقلْ : ما قَهَرَ به العَرَبَ ، والعَجَمَ ، والخاصّةَ ، والعامّةَ ، من القرآنِ.

[٧٤]

فإنْ قالَ : ما وَجْهُ دلالة القُرآنِ؟.

فقلْ : وَجْهُها التحدّي الواقعُ بسائر الفُصَحاء والبُلَغاء ، وعَجْزُهم عن معارضته بمثلهِ في النظام.

[٧٥]

فإنْ قالَ : ومن أيّ وَجْه حَصَلَ عَجْزُهم عنه؟ وما الحجّةُ في ذلك والبُرْهانُ؟.

فقلْ : بُرهانُ ذلك عُدُو لُهم عن المُعارضة إلى السَيْف الذي هو أشَقُّ على الأنْفُسِ من سائر أجْناسِ الكلامِ.

__________________

(١) كتب في «ضا» وجوبها ، وفوقه «وجودها».

(٢) كذا في «الأصل وضا» وفي «ك» : رسه ، غير منقوط في الجميع ، ولعلّه من الريب.


بابُ

الكلام في الإِمامة

[٧٦]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على إمامة أمِير المُؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام؟.

فقلْ : ما وقَعَ من اسْتِخْلافه عليه وآله السلامُ لَهُ بحَضْرة الأنام.

[٧٧]

فإنْ قالَ : وما الدليلُ على أنَّه اسْتَخْلَفَهُ ، وجَعَلَهُ بَعْدَهُ الإِمامَ؟.

فقلْ : تواترُ الشيعة بأمْره عليه السلامُ جماعةٌ من أصحابه بالسلام عليه بإمْرَةِ المؤمنين تهنية له بالمقام (١).

__________________

(١) انظر كتاب اليقين باختصاص مولانا علي عليه السلام بإمرة المؤمنين للسيّد علي بن طاوس الحلّي ، وقد ألّفه لجمع ما ورد بتلقيب أمير المؤمنين عليه السلام بهذا اللقب ، وانظر خاصة الأبواب (٤ و ٣٢ و ٥٣ و ٥٤ و ٥٥ و ٥٦ و ٦٩ و ٧٠ و ١١٥) فقد ذكر أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله من رواية بريدة بن الخصيب الأسلمي ، وفي الباب (١٢٨) كنا نسلم ، وفي الباب (١١٦) عن اُسامة ، وفي الأبواب (١١٣ و ١٤٩) عن أبي جعفر عليه السلام. وفي الأبواب (٦٨ و ١٠٢ و ١٠٣ و ١١٧) عن الصادق (ع).

وانظر كتاب التحصين الذي استدرك فيه على كتاب اليقين.


[٧٨]

فإنْ قالَ : وما الذي يؤمنُ من غَلَطِ الشيعة ، وإنْ كانوا مُتواترينَ في هذا الزمان؟.

فقلْ : الذي آمَنَ من غَلَطِ المسلمين فيما نَقَلُوهُ من مُعْجزات الرسول عليه السلام ، وفرائضهِ ، وسُننهِ ، وأحكامهِ وكانوا مُتواتِرين به في هذا الزمان.

[٧٩]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على إمامة الحسَنِ والحُسَينْ عليهما السلام؟.

فقلْ : دلالة إمامةِ أميْر المُؤمنين عليه السلامُ.

[٨٠]

فإنْ قالَ : ما الدلالةُ على إمامة التسعة من وُلْد الحُسين عليهم السلام؟.

فقلْ : ما تقدَّم ذِكْرُهُ في إمامة عليّ والحَسَن والحُسين عليهم السلام ، من التواتُر في الأخْبار.

[٨١]

فإنْ قالَ : فَهَلْ لَكَ ـ مع ذلك ـ أخْبارٌ في إمامتهم ، على الإجْماع والاتّفاق؟.

فقلْ : أجَلْ ، إنّ مَعيَ في ذلكَ ما لَيْسَ فيه اخْتلافٌ.


[٨٢]

فإنْ قالَ : هَلُمَّ به ، على التفصيل للبيان.

فقلْ : قد أجْمَعَ أهْلُ الإسلام على أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله نَصَبَ عليّاً عليه السلامُ يَومَ غدير خُمّ ، في رجوعه من حجّة الوَداع ، للاُمَّةِ جَمْعاء ، ثمَّ واجَهَهُم بالخطاب ، فقال : «منْ كُنْتُ مولاهُ ، فعليٌّ مولاهُ» (١).

فأوْجَبَ له ما لنَفْسِه من الطاعَةِ ، وشريف المقام ، ولا خِلافَ بينَ أهْل اللسان أنَّ «المولى» عبارةٌ ـ في اللغة ـ عن «السيّد المطاع».

__________________

([١]) أجمعت الاُمة على تواتره:

قال الكتاني في نظم المتناثر من الحديث المتواتر (ص ١٩٤) رقم (٢٣٢): حديث «من كنتُ مولاه فعليٌ مولاه» أورد من حديث ... ثمانية عشر نفساً [وذكر أسماءهم] وعدّ عدّة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يقوله، وعن اثني عشر رجلاً [وسمّى منهم اثنين] وعن بضعة عشر رجلاً [وسمّى منهم واحداً] ... وورد أيضاً من حديث [أربعة اشخاص[.

وفي رواية لأحْمد: أنّه سمعه من النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ثلاثون صحابياً وشهدوا به لعليّ [عليه السلام] ...

وممّن صرّح بتواتره ـ أيضاً ـ: المناوي في (التيسير) نقلاً عن السيوطي، وشارح (المواهب اللدنيّة) وفي (الصفوة) للمناوي: قال الحافظ ابن حجر: حديث «من كنت مولاه فعليّ مولاه» خرّجه الترمذي، والنسائي، وهو كثير الطرق جدّأ ، وقد استوعبها ابن عُقدة في (مؤلّف) مفرد، وأكثر اسانيدها صحيح أو حسن.

أقول: خرجه من أعلام العامة أصحاب الصحاح والسنن: الترمذي (٥ / ٦٣٣) رقم (٣٧١٣) والنسائي في خصائص علي عليه السلام (ص ٩٦ و ٩٩ / بالارقام ٧٩ و ٨٣) وأحمد في مسنده (١ / ٨٤) ومواضع اُخر، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (٣ / ١٠٩ و ١١٠ و ١١٦) وابن أبي شيبة (١٢ / ٥٩) رقم (١٢١٢١).

وأما الشيعة، فقد صرّح بتواتره الإماميّة:


__________________

قال الكراجكي: قد اختُصَ هذا الخبرُ بما لم يشركه فيه سائر الأخبار، فمن ذلك أنّ الشيعة نقلته وتواترت به، وقد نقله ـ أيضاً ـ اصحاب السير نقلِ المتواترين به، يحمله خلفٌ منهم عن سلف، وضمّنه جميعهم الكتب بغير إسناد معيّن، كما فعلوا في إيراد الوقائع الظاهرة والحوادث الكائنة التي لا تحتاج في العلِم بها إلى سماع الأسانيد المتّصلة. انظر الشافي للمرتضى (٢ / ٢٦١) ولاحظ دليل النصّ بخبر الغدير، المنشور في مجلة (تراثنا) العدد ٢١ ص ٤٣٣.

وأما الزيديّة، فقد صرّحوا بتواتره:

قال الأمير الناصر الحسين بن محمّد: قد ذكر الطبريّ خبر يوم الغدير، وطرّقه من خمس وسبعين طريقأ ، وأفراد له كتاب الولاية، وذكر ابن عقدة خبره، وأفرد له كتاباً وطرّقه من مائة طريق وخمس طرق ...، ولا شك ولا إشكال في بلوغه حدّ التواتُر، وحصول العلم به، والاُمّة بين مُحتجّ به على الإمامة، ومتأوّل فيه. ينابيع النصيحة في العقائد الصحيحة (ص ١٩١ ـ ١٩٢) وأورده الحاكم الحسكاني من طرق في شواهد التنزيل (في سورة المائدة ذيل الآية ٦٧) وقد أفرد لجمع طرقه كتاباً قال: وطرق هذا الحديث مستقصاة في كتاب (دعاة الهداة إلى اداء حقّ الموالاة) من تصنيفي في عشرة أجزاء، وذكره ابن طاوس الحلّي في كتبه كالاقبال والطرائف وقال: إنّه كان في اثني عشر كرّاسأ ، مجلداً. لاحظ خزانة ابن طاوس (ص ٣٥) رقم (١٩٠).

وأما الإسماعيلية:

فقد أورده القاضي النعمان بطرق ثم قال: فالخبر عن قيام رسول الله صلّى الله عليه وآله بغدير خمّ بولاية عليّ صلوات الله عليه ... وما قال في ذلك ممّا ذكره من ولايته أيضاً من مشهور الأخبار، وما رواه الخاصّ والعام، شرح الأخبار (ج! ص ١٠٥).

وأما الخوارج:

فعلى قلّة عدد المنتمين إلى مذهبهم، ممن يعتدّ بنقلهم ورأيهم، وقلّة المصادر المتوفرة من كتبهم، فإنّ السيّد المرتضى بعد أن صرّح بقوله: ما نعلم أنّ فرقةُ من فرق الاُمّة ردّتْ هذا الخبر واعتقدت بطلانه، قال: ... واما الخوارج: فما يقدرُ أحدّ على أنْ يحكي عنهم دفعاً لهذا الخبر، او امتناعاً من قبوله، وهذه كتبُهم ومقالاتُهم موجودةٌ معروفةٌ،


وأجمعوا ـ أيضاً ـ على أنّه قال لعليّ عليه السلامُ : «أنْتَ مني بمنزلة هارونَ من مُوسى ، إلا أنَّه لا نَبيَّ بَعْدي» (١).

فأوجب بذلكَ له الخلافة من بعده ، وأوضحَ به عن استخلافهِ إماماً.

__________________

وهيَ خالية من ردّ الخبر. الشافي، للمرتضى (٢ / ٢٦٤).

أقول: وبذلك ثبت إجماع الاُمّة بكافة مذاهبها على ورود الخبر وقبوله، وبلوغه رتبةُ من الشهرة تفوق حدّ التواتر المصطلح، فلا ينكره إلاّ مكابر، أو شاذ، أو جاهل بطرق العلماء والمحدّثين في تعاملهم مع الأحاديث.

وقد جمع أسماء رواة الحديث من الصحابة، مع ذكر مصادر رواياتهم، فبلغ بهم (١٦٧) شخصاً محقّق صحيفة الرضا عليه السلام في ذيل الحديث. برقم (١٠٩) ص (١٧٢ ـ ٢٢٤).

واما عن دلالة الحديث على الإمامة فقد أشبع العلماء الكلام، ومنهم شيخنا المفيد في كتبه الكلامية، وخاصة رسالته في أقسام المولى ورسالة في معنى المولى.

([١]) معروف بحديث المنزلة، اعترفَ المحدّثون بتواتره وشهرته: فالكتاني من العامّة، أورده من حديث ثلاث عشرة نفساً [وذكر أسماءهم] وقال: وقد تتبّعَ ابنُ عساكر طرقه في جُزْء فبلغ عَدَدُ الصحابة فيه نيفاً وعشرين، وفي (شرح الرسالة) للشيخ جسوس رحمه الله ما نصّه: حديث «أنْتَ منّي بمنزلة هارونَ من مُوسى» مُتواترٌ، جاء عن نيف وعشرين صحابيأ ، واستوعَبها ابن عساكر في نحو عشرين ورقة. نظم المتناثر (ص ١٩٥) رقم (٢٣٣).

وقد رواه أصحاب الصحاح والسنن: كالبخاري في صحيحه (٤ / ٢٠٨) و (٥ / ١٢٩) ومسلم في صحيحه (٢ / ٣٦٠) وأحمد في مسنده (١ / ١٧٣) ومواضع عديدة اُخر.

وقال السيّد الشريف المرتضى: إن عُلماء الاُمّة مطبقون على قبوله ... والشيعة تتواتر به، وأكثر رواة الحديث يرويه، ومن صنّف الحديث منهم أورده من جملة الصحيح، وهو ظاهر بين الاُمّة شائع، كظهور سائر ما تقطع على صحّته من الأخبار. الشافي، للمرتضى (٣ / ٨).


واتفقوا على أنّه عليه السلامُ قالَ ـ في الحّسن والحُسين صلوات الله عليهما ـ : «إبنايَ هذانِ إمامانِ ، قاما أوْ قَعدا» (١).

وهذا في الإمامة من أوضح المقال.

ولم يختلفوا في أنّهُ عليه السلامُ قالَ : «الأئِمّةُ بَعْدي عَدَدُهم عَدَدُ نُقباء موسى عليه السلام ، اثنا عَشَرَ إماماً».

بالظاهر الصحيح من الأخبار (٢).

__________________

وقال الأمير الناصر: خبر المنزلة هو مُجمع على صحته وغير مختلف في ثبوته. ينابيع النصيحة (ص ١٩٥).

وقال القاضي النعمان: وهذا ـ أيضاً ـ خبر مشهور، قد جاء من طرق شتّى، وثبتَ. شرح الأخبار (١ / ٩٧).

([١]) رواه الصدُوق في علل الشرائع (١ / ٢١١) من حديث الحسن عليه السلام والخزّازُ في كفاية الأثر (ص ١١٧) من حديث أبي أيوب الأنصاري، والمفيدُ في الإرشاد (ص ٢٢٠) وابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب (٣ / ٣٩٤) وقال: أجمع عليه أهل القبلة.

ورواه الأمير الناصر في ينابيع النصيحة (ص ٢٣٧) وقال: ولا شبهة في كون هذا الخبر ممّا تلقّته الاُمّة بالقبول، وبلغ حدّ التواتُر.

وأرسله في حاشية شرح الأزهار (٤ / ٥٢٢) عن (الرياض) ورواه السيّد مجد الدين في التحف شرح الزلف (ص ٢٢).

وقال بعض مولّفي الزيديّة ـ بعد أن نقل الخبر واحتجّ به ; فان قال قائل: لم قلتم: إنّ هذا الخبر قد وقع العلم بصحته فيصحّ الاحتجاج به؟ قيل له: لما بيّناه فيما تقدّم، وهو : أنّ كل خبر ظهر بين أهل العلم على اختلاف مذاهبهم واختلاف أقوالهم ... وكان جماعتهم بين مستدل بظاهره وبين متأوّل له ... ولم يُحْكَ عن أحد منهم دفعه، كان ذلك إطباقاً منهم على تلقيه بالقبول. كتاب الزيديّة، المنسوب الى الصاحب (ص ١٥٥).

(٢) نصوص حديث: «... اثنا عشر خليفة ...» أوردها البخاري في صحيحه (٩/١٠١)الكتاب٢٣ باب (٥١) الاستخلاف، ومسلم في صحيحه (٣ / ١٤٥١)


[٨٣]

فإنْ قالَ : فإنّ الشيعةَ أنفسَها تفترقُ في الإمامة على مَذاهبَ وأقْوالِ ، فكيفَ يَصِحُّ لنا ما ذكرتموهُ مع الاختلاف (١)؟.

فقلْ : يَصِحُّ ذلك على الوَجْهِ الذي يَصِحّ (٢) في تأويل القُرآن ، وماتُثبتُ الآياتُ ، وإنْ كانَ أهل فرقه (٣) اختلفوا (٤) ... في المعجزات ، وبما يثبت به أعلامُ النبيّ عليه السلامُ خاصّة ، وفرائضُهُ ، وسُنَنُه ، وأحْكامُهُ ، وإن كانَ بَيْنَ المُسلمينَ فيها اختلافٌ.

* * *

__________________

كتاب الامارة،باب (١) الناس تبع قريش، والترمذي في سننه (الصحيح) (٣ / ٤٥) ط الهند ب ما جاء في الخلفاء، ثم رواه من تلاهم من المحدثين في المجاميع الحديثية، وقد جمع الحافظ ابن حجر طرقه في كتاب (لذّة العيش، بجمع طرق حديث الأئمة من قريش).

واقرأ بحثاً قيّماً عن الحديث في كتاب (الخلفاء الاثناعشر) للعلامة السيّد محمّد علي البحراني الموسوي، ولاحظ كتابنا (تدوين السنّة الشريفة).

(١) من قوله: (فكيف ...) الى هنأ ، ورد هكذا في «ك» وهو مشوّه في «الأصل» وفي «ضا»: في كون ... ما ذكرتموه من الاختلاف.

(٢) من أول الجواب إلى هنا لفّقناه من «ك وضا» وهو مشوّه في «الأصل» وفي «ك»: يصلح، بدل (يصح) الثانية.

(٣) كذا ظاهر «الأصل» وفي «ك وضا» فريقه.

(٤) كذا في «الأصل» ثم تشويش وفي «ضا» (يختلفوا) وبعده بياض وفي «ك»: (مختلفين و).


بـابُ

الكلام في الوَعْدِ والـوَعِيْدِ

[٨٤]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنّ المُطِيْعَ مُسْتَحِقٌّ بطاعتِه للثواب؟.

فقلْ : ما ثَبَتَ من حُسْنِ فِعْلِه ، وثبتَ ـ في البدائه ـ من وجُوب المَدْحِ على ما حَسُنَ من الأفْعالِ.

[٨٥]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على أنَّ العاصِيَ مُسْتَحِقَّ بمعصيته للعقاب؟.

فقلْ : ما ثبت من قُبْحِ فِعْله ، وصَحَّ ـ في البدائِه ـ من حُسْنِ الذَمِّ على ما قَبُحَ من الأفْعالِ.


[٨٦]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على جَواز العَفْو عن مُرْتَكِبِ كَبيرة من المُوْبِقات؟.

فقلْ : ما حَسُنَ من العَفْوِ في العُقول عَمْن وَجَبَ عليه عِقابٌ افْتَقَرَ إلى إزالته الصفح والغفران (١).

[٨٧]

فإنْ قالَ : ما الدليلُ على صِحَّةِ الوقْفِ في أصحاب الكبائر من أهل المعرفة والصلاة؟.

فقلْ : عدمُ الدلالة من الجهات التي لو كانت لَوُجِدتْ فيها ، على فعل المُستَحق لَهُم ، على القطع والثبات (٢).

[٨٨]

فإنْ قالَ : هَلْ مَعَ ذلك حُجّةٌ اُخْرى توجبُ الوَقْفَ أَو بيان؟.

فقلْ : أجَلْ ، إنّ مَعَهُ لأكْثَرُ (٣) الحُجَجِ والبيّنات ، وهو القُرآن.

__________________

([١]) اقرأ ما يفيد لهذه الفقرة في الفصول المختارة (ص ٤٠ ـ ٤١).

(٢) اقرأ عن هذه الفقرة أوائل المقالات (ص ٥٢ و ١٠٢)، واقرأ الفقرات التالية [٨٩ ـ ٩٢[.

(٣) كذا في النسخ، ولعلّه: أكبر.


[٨٩]

فإنْ قالَ : أيْنَ وَرَدَ في ذلكَ من القُرآنِ؟.

فقلْ : قَوْلُ الله تبارك وتعالى : (إنَّ الله لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لَمَنْ يَشاءُ) [الآية (٤٨ و ١١٦) من سورة النساء (٤)].

وقولُهُ عزَّ وجلَّ : (رَبُكُمْ أعْلَمُ بِكُمْ إنْ يَشَأ يَرْحَمْكُمْ أوْ يَشأ يُعَذِّبْكُمْ وما أرْسَلْناكَ عَلَيْهِم وكيلاً) [الآية (٥٤) من سورة الاسراء (١٨)].

وما أشْبَهَ ذلك من الآياتِ ... (١).

[٩٠]

فإنْ قالَ : هَلْ (نُقِلَ لك) (٢) في هذين الأمْرَيْنِ شيءٌ عن النبيّ صَلّى الله عليه وآله؟.

فقلْ : نَعَمْ.

قوله صَلّى الله عليه وآله : «لَتُخرَجُونَ من النّار بَعْدَ ما تَصِيرونَ حميماً (٣) وفحماً» (٤).

__________________

([١]) في «الأصل» هنا كلمة مشوّهة، ووضع مكانها في «ضا» فراغاً بقدر كلمة، وكتب في «ك»: بياض.

(٢) كذا ظاهر «الأصل» وهو مشوّش، وكان في «ك» موضعه: بياض، وفي «ضا» جاءت العبارة هكذا : هل لك مع ذلك في الأمرين دليلَ عن النبيّ (ص).

(٣) كذا في «ك» وفي هامشه عن نسخة «حمما» وهذا أقرب الى «الأصل» المشوّه، وموضع الكلمة فراغ في «ضا».

(٤) لم نعثر على الحديث في المصادر المتوفّرة، ولكن ورد في مسند أحمد (ج ٣ ص ٤٨) بلفظ: «يخرج الناس من النار بعد ما احترقوا وصاروا فحماً فيدخلون الجنّة ...» من حديث أبي سعيد، وعن البخاري في صحيحة: «يخرج من النار قوم بالشفاعة كأنهم النغارير» أورده


وقوله عليه وآله السلامُ : «ادْخَرْتُ شفاعَتي لأهْلِ الكبائر من اُمّتي» (١).

وما أشْبَهَ هذين من الأخبار.

__________________

المناوي في كنوز الحقائق بهامش الجامع الصغير (٢ / ١٩٦). وبهذا المعنى أحاديث كثيرة في مصادر العامة.

([١]) الحديث بلفظ: «شفاعتي لأهل الكبائر من اُمتي، أورده السيوطي عن أحمد في المسند، وعن أبي داود، والنسائي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك (١ / ٦٩) عن جابر وأنس والطبراني في الكبير عن ابن عباس، والخطيب عن ابن عمر وعن كعب بن عجرة. الجامع الصغير (١ / ٤٠).

وعن ابن عبد البرّ في (الاستذكار): إثبات الشفاعة ركن من اركان اعتقاد أهل السنّة، وقد ذكرت في (التمهيد) كثيراً من أقاويل الصحابة والتابعين في ذلك، ...، والأحاديث فيها متواترة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، صحاحُ ثابتة، وحديث جابر: شفاعتي لأهل الكبائر ... وقال صلّى الله عليه وآله وسلم: إني ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من اُمتي.

انتهى كلام ابن عبد البرّ، وقد نقله الزرقاني في شرح الموطأ مختصراً.

وقال ابن تيميّة: قد ثبت بالسنة المستفيضة بل المتواترة واتّفاق الاُمّة أنّ نبيّنا صلّى الله عليه وآله وسلم الشافع ...

ثم اتّفق أهل السنّة أنّه يشفع في أهل الكبائر. لاحظ نظم المتناثر ص ٢٣٧.


[٩١]

فإنْ قالَ : فعلى هذا الأصْلِ الذي (١) قاطِعٌ على العَفْو دون الوقْف ، على ما قدَّمْتَ في المقال؟.

فقلْ : مَعاذَ الله ، ما قطعْتُ على ما وَقَفْتُ فيهِ ، إذْ كانَ الوقفُ في كلّ عاص في الد ...... (٢).

ولَيْسَ القطعُ (٣) ـ في الجملة ـ على عّفْو عن مُبْهَم لا يُعْرَفُ عَيْناً ، قَطْعاً على ما كانَ الوَقْفُ فيهِ من الأَعْيان (٤).

[تَمَّ الكتاب]

* * *

__________________

([١]) كذا في النسخ، إلاّ أن الكلمة غير واضحة في «الاصل» وكأن فوقها (ظ) ولعلَ الكلمة: فأنْتَ.

(٢) كذا في النسخ، وموضع الفراغ مشوّه في «الأصل» وبياض في النسختين.

(٣) كان في النسخ: وليس في القطع.

(٤) كتب في هامش «ك»: بلغ قبالاً.


نهايات النسخ

جاء في آخر نسخة «الأصل» ما نصّه :

تَمَّ الكِتابُ ، والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين.

فرغ من نسخه أفقر عباد الله تعالى أحمد بن الحسين بن العودي عفا الله عنه ، يوم السبت الرابع والعشرين من شهر شعبان من سنة أربعين وسبعمئة.

وجاء في آخر نسخة «ك» :

والحمدلله ربّ العالمين والصلاة على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

وجاء في آخر نسخة «ضا» :

تَمَّ الكِتابُ ، والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين.

ويقول محقّقُ الكتاب :

قد فرغت ، بتوفيق الله الملك الوهّاب ، من تحقيق هذا الكتاب ، عصر يوم الأربعاءالثامن والعشرين من شهر محرم الحرام سنة ألف


وأربعمائةوثلاث عشرة للهجرة ، في مدينة قم المقدّسة.

والحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة وصلّى الله على محمّد وعترته الطاهرة.

وكتب

السيّد محمّد رضا الحسيني

الجلاليّ


الفهارس (١)

١ ـ فهرس الآيات الكريمة.

٢ ـ فهرس الأحاديث الشريفة.

٣ ـ فهرس الأعلام غير مؤلّفي المصادر.

٤ ـ فهرس المصطلحات والألفاظ الخاصّة.

٥ ـ فهرس المصادر.


١ ـ فهرس الآيات الكريمة

السورة ورقمها

الآية ورقمها

الفقرة

النساء (٤)

(إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (٤٨) و (١١٦).

٨٩

الأنعام (٦)

(لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) (١٠٣).

٦٣

الإِسراء (١٧)

(ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذّبكم) (٥٤).

٨٩


٢ ـ فهرس الأحاديث الشريفة

الأئمة من بعدي عددهم عدد نقباء موسى عليه السلام اثنا عشر إماماً.

٨٢ وهـ.

إبنايّ هذان إمامان قاما أو قعدا. قاله (ص) للحسن والحسين (ع)

٨٢ وهـ.

ادّخرتُ شفاعتي لأهل الكبائر من اُمتي.

٩٠

أمر النبي (ص) جماعةً من أصحابه بالتسليم على عليّ (ع) بإمرة المؤمنين نهنئة له بمقام الإمامة

٧٧

أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبيّ بعدي

٨٢ وهـ

لتخرجون من النار بعدما تصيرون حميماً وفحماً.

٩٠

مَنْ كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه

٨٢


٣ ـ الاعلام غير المؤلّفين للمصادر

أبو أيوب الأنصاري :

هـ ٨٢

أحمد بن الحسين بن العودي (كاتب نسخة) :

ص ٨ و ٤٩

اُسامة بن زيد :

هـ ٧٧

أصحاب رسول الله (ص) :

٧٧

أمير المؤمنين (ع) :

٧٩ / ٨٠

الباقر ابو جعفر (ع) :

هـ ٧٧

بريد بن الخصيب الأسلمي :

هـ ٧٧

التسعة من ولد الحسين (ع) :

٨٠

الحسن (السبط) (ع) :

٧٩ / ٨٠

الحسين (السبط) (ع) :

٧٩ / ٨٠

حسين علي محفوظ :

ص ٧

الرُسُل (ع)

٦٩ / ٧٠

الرسول (ص) : ـ

هـ ٧٧ / ٧٨ / ٨٢ وه

السيّد المرتضى

ص ٦

الشيخ الطوسي :

ص ٦ و ٧ و ٨

الشيخ المفيد :

هـ ٧٧

الصادق (ع) :

هـ ٧٧

صاعد بن محمد البريدي الآبي :

ص ٨

علي بن أبي طالب (أمير المؤمنين) (ع) :

٧١ و ٨٢ وهـ


محمّد (الرسول صلى الله عليه وآله) :

٧٣

محمّد رضا الحسيني الجلالي (محقّق الكتاب) :

ص ١٠ و ٥٧

محمّد بن محمّد بن النعمان :

ص ١٩

محمّد الموسوي الاصفهاني (كاتب نسخة) :

ص ٩

النبيّ (الرسول) (ص) :

٨٣ / ٨٩


٤ ـ فهرس المصطلحات والفرق والألفاظ الخاصّة

الاجتماع :

٣٦ / ٣٨

الاجماع والاتفاق :

٨١

الأزل :

٢٠

الاشتباه (التشبيه) :

٦١ / ٦٢

أصحاب الكبائر :

٨٧

الاعتبار :

٤

الاسماعيلية :

هـ ٨٢

الافتراق :

٣٧ / ٣٩

أهل الإسلام :

٨٢

أهل التحصيل :

٦

أهل اللسان :

٨٢

إمرة المؤمنين :

٧٧

الإمامة :

٧٦

الإمامة : هـ

٨٢

إمامة أمير المؤمنين (ع) :

٧٦

الإلاهيّة :

٦٧

أول ما فرض الله :

١

الباطل :

١٦ / ١٨


البدائه (جمع بديهة) :

٤٧ / ٥٢ / ٥٣ / ٦٨ / ٨٤ / ٨٥

البرهان :

١٥

بصير (من صفات الباري) :

٥٥

بعثة الرسل :

٦٩ / ٧٠

تأويل القرآن :

٨٣

التحدّي (في إعجاز القرآن) :

٧٤

التشبيه :

قبل ٦١

تواتر الأخبار :

٧٢ / ٨٠

تواتر الشيعة :

٧٧

التوحيد :

٦٧

الجسم :

٣٣

جواد (من صفات الباري) :

٦٠

جواز (العفو عن مرتكب الكبائر :

٨٦

الجوهر :

٣٤

الجهل :

١٠

الحُجّة (الدليل) :

٩ / ٢٥

حَجّة الوداع :

٨٢

الحدث :

٣١ / ٦١ / ٦٦

حدث العالم :

٤٥

الحركة :

٤٠

الحَسَن :

٢٢

حكيم (من صفات الباري) :

٥٦

حيٌّ (من صفات الباري) :

٥١

الخَبَر :

٢١


الخوارج :

هـ ٨٢

الدليل :

٢٤ / ٢٥

الرؤية (لله سبحانه) :

٦٢

الرسالة (النبوّة) :

٦٩

الزيديّة :

هـ ٨٢

السكون :

٤١

سكون النفس :

٨ / ٩

السمع (دليل النصّ) :

٦٣ / ٧١ / ٧٢

سميع (من صفات الباري) :

٥٤

الشبهة :

٢٦

الشك :

١٣

الشيء :

٢٨

الشيعة :

هـ ٨٢ / ٨٣ / ٧٧ / ٨٧

الصحيح :

١٧

الصدق :

١٩ / ٢١

صدق الباري تعالى :

٥٨

الظلم (نفيه عن الباري) :

٥٩

العاصي مستحق للعقاب :

٨٥

العالَم :

٤٢

عالم (من صفات الباري) :

٥٣

عالم لنفسه (الله تعالى) :

٦٤

العدل (غير ظالم) :

٥٩ وهـ

العَرَض :

٣٥

العقل (العقول) :

٣ / ٧ / ٢٢ / ٢٣ / ٤٨ / ٥١

العلم :

٨


غنى الباري جلّ شأنه :

٥٧

الفاسد :

١٨

فرض (من الله) :

١ / ٢

الفكر :

٤

قادر (من صفات الباري) :

٥١ / ٥٢

قادر لنفسه (الله تعالى) :

٦٥

القبيح :

٢٣

القدم (القديم) :

٣٢ / ٤٦ / ٤٩ / ٥٠ / ٥٧ / ٦١

الكبيرة من الموبقات :

٨٦ / ٨٧

الكذب :

٢٠ / ٢١

كريم (من صفات الباري) :

٦٠

كلام الباري مُحْدَث :

٦٦

لا يُدرك بالأبصار :

٦٢

اللطف للخلق :

٧٠ / ٧١

المباينة :

٣٩

المسلمون :

٧٨ / ٨٣

المطيع مستحق للثواب :

٨٤

المعجزات :

٨٣

معجزات الرسول (ص) :

٧٨

المعدوم :

هـ ٢٩ / ٣٠

المعرفة :

٢

المكلَّف (المكلَّفون) :

١ / ٢

المماسّة :

٣٨

الموجود :

٢٨ وهـ

المولى (دلالة لفظه) :

٨٢


نبوّة محمّد صلى الله عليه وآله :

٧٢

النظر :

١ / ٢ / ٣ / ٩

النفس :

٤ / ٨ / ٩ / ١٣ / ١٤ / ٢٤ / ٢٦

النقص (مستحيل على الإله) :

٦٧ / ٦٨

الواحد (الإله) :

٦٧ / ٦٨

الوجود :

هـ ٢٩

وجوب الباري :

٤٧

وجود الباري :

٤٨

الوعد والوعيد :

٨٤

الوقف في حكم أصحاب الكبائر :

٨٧ / ٨٨ / ٩١

اليقين :

١٤

يوم غدير خمّ :

٨٢

* * *


٥ ـ فهرس المصادر والمراجع

ـ أوائل المقالات في المذاهب المختارات :

للشيخ المفيد ، محمّد بن محمّد النعمان (ت ٤١٣) علّق عليه الشيخ فضل الله الزنجاني ، المطبعة الحيدرية ـ الطبعة الثالثة ـ النجف ١٣٩٣ هـ.

ـ التحف شرح الزلف في سيرة الأئمة الزيدية :

للسيّد مجد الدين بن محمّد المؤيدي حفظه الله ، الطبعة الاُولى.

ـ تراثنا :

نشرة فصليّة تصدرها مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ـ قم السنة الخامسة ـ قم ١٤١٠ هـ.

ـ التحصين فيما زاد على كتاب اليقين :

لابن طاوس علي بن موسى الحلي (ت ٦٦٤) تحقيق الأنصاري ، مؤسسة الثقلين ١٤١٠ هـ.

ـ الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير :

للسيوطي جلال الدين (ت ٩١١).

طبع عبد الحميد حنفي ـ مصر ـ القاهرة.

ـ الحدود :

لابن سينا الحسين بن عبد الله ، حقّقته امليه ماري جواشون.

طبع مع ترجمة فارسية في مؤسسة سروش ـ طهران ١٣٢١.

ـ الحدود والحقائق في شرح الألفاظ المصطلحة بين المتكلّمين من الامامية :


للقاضي صاعد بن محمّد البريدي الآبي (ق ٦) تحقيق الدكتور الشيخ حسين علي محفوظ ، مطبعة المعارف ـ بغداد ١٩٧٠ م.

ـ خصائص الامام علي عليه السلام :

للنسائي.

ـ الخلفاء الاثنا عشر :

للسيّد محمّد علي البحراني الحائري ، دام ظله.

مطبعة أهل البيت (ع) كربلاء.

ـ دليل النصّ بخبر الغدير على إمامة عليّ أمير المؤمنين عليه السلام :

للعلامة الكراجكي القاضي محمّد بن علي (ت ٤٤٩).

طبع في نشرة تراثنا ، العدد (٢١) السنة الخامسة ١٤١٠ هـ.

ـ الزيديّة :

المنسوب الى الصاحب بن عباد (ت ٣٨٥) تحقيق الدكتور ناجي حسن.

الدار العربية للموسوعات ـ بيروت ـ الطبعة الاُولى ١٩٨٦ م.

ـ السنن :

الترمذي محمّد بن عيسى بن سورة ، تحقيق ابراهيم عطوة عوض.

دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

ـ السيّد علي بن طاوس حياته ومؤلفاته وخزانة كتبه :

للشيخ محمّد حسن آل ياسين.

مقال نشر في مجلة المجمع العلمي العراقي ، العدد (١٢) سنة ١٣٨٤ هـ.

ـ الشافي في الإمامة :

للسيّد الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (ت ٤٣٦) حقّقه السيد عبد الزهراء الخطيب ، مؤسسة الصادق (ع).

ـ شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار :

للقاضي النعمان بن محمّد المصري التميمي (ت ٣٦٣) تحقيق السيّد محمّد الحسيني الجلالي.


مؤسسة النشر الاسلامي ـ قم ـ ١٤١٢ هـ.

ـ شواهد التنزيل لقواعد التفضيل :

للحاكم الحسكاني عبيد الله الحذاء النيسابوري (ق ٥) ، حقّقه الشيخ محمّد باقر المحمودي دام ظله ، الطبعة الاُولى ـ بيروت.

ـ صحيح البخاري.

ـ صحيح مسلم.

ـ صحيفة الرضا عليه السلام :

تحقيق مؤسسة المهدي (ع) ـ قم ـ ١٤٠٨ هـ.

ـ الصواعق المحرقة :

لاحمد بن حجر الهيثمي المكّي (ت ٩٧٤).

المطبعة الميمنيّة ـ مصر ١٣١٢ هـ.

ـ علل الشرائع :

للشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد بن عليّ القمي (ت ٣٨١).

المطبعة الحيدرية ـ النجف ١٣٨٥ هـ أعادت نشره مكتبة الداوري ـ قم.

ـ الفصول المختارة من العيون والمحاسن :

ما اختاره السيّد الشريف المرتضى من آمالي المفيد.

الطبعة الرابعة ، مكتبة الداوري ١٣٩٦ بالاُوفست عن الطبعة الحيدرية ـ النجف.

ـ القرآن الكريم :

بخط عثمان طه السوري ، الدار الشاميّة للمعارف ـ دمشق ـ ١٤٠٣ هـ.

ـ كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الإِثنى عشر :

للشيخ أبي القاسم علي بن محمّد الخزّاز القمي الرازي (ق ٤) انتشارات بيدار ـ قم ١٤٠١ هـ.

ـ كنوز الحقائق :

لعبد الرؤوف المناوي طبع بهامش الجامع الصغير للسيوطي.

ـ المستدرك على الصحيحين :


للحاكم النيسابوري (ت ٤٠٥) طبعة حيدر آباد ـ الهند.

ـ مسند أحمد :

طبعة مصر في (٦) مجلدات ، أعادته بالاُفست دار الفكر ـ بيروت.

ـ المصنْف :

لابن أبي شيبة أبي بكر.

الدار السلفية ـ بومباى الهند.

ـ مقدَّمة في المدخل إلى صناعة الكلام :

للشيخ الطوسي محمّد بن الحسن (ت ٤١٠) حقّقه محمّد تقي دانش بزوه.

طبع ضمن (الرسائل العشر) للطوسي من منشورات جامعة المدرسين برقم (٢٠٨) بلا تاريخ.

ـ مناقب آل أبي طالب :

لابن شهر آشوب الشيخ محمّد بن علي المازندراني (ق ٥).

ـ نظم المتناثر من الحديث المتواتر :

لمحمّد بن جعفر الكناني ، دار الكتب السلفية ـ مصر ١٩٨٣ هـ.

ـ اليقين بإمرة مولانا أمير المؤمنين :

لابن طاوس ، علي بن موسى الحلي (ت ٦٦٤) تحقيق الأنصاري ، مؤسسة الثقلين ، الطبعة الاُولى ١٤١٠ هـ.

ـ ينابيع النصيحة في العقائد الصحيحة :

لشرف الدين الناصر ، أبي عبد الله الحسين بن محمّد بخط الشيخ أحمد محمّد حجر ، دار مكتبة الخير ـ صنعاء ـ اليمن.

* * *

تراثنا - ٣٠-٣١

المؤلف:
الصفحات: 509