بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ

إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)

صدق الله العلي العظيم



المقدم

القول بأنّ أهل البيت عليهم‌السلام قد أثّروا أعمق تأثير في حياة المسلمين في العصور الماضية ، قول لا يحتاج إلى بيان ولا مناقشة ، إذ يثبتها التاريخ بشهادات مؤكّدة يرويها المؤرّخون والمحدّثون وأصحاب التراجم والسير أيضا.

كما أنّ ما يقال عن تأثير الآباء والأجداد ، يقال نظيره عن تأثير ودور الأبناء والأحفاد ؛ لأنّهم يعدّون امتدادا طبيعيا لأولئك العظام الذين جسّدوا الشريعة السمحة ، ومثّلوا المرجعية العلمية والأخلاقية بأفضل تمثيل.

وهذا السلوك الحضاري الّذي سار عليه الأبناء والأحفاد ظلّ متداخلا وجامعا بين سماحة الشرع المقدّس ، ومكارم الخلق المحمّدي الأصيل ، ومحامد الأدب العلوي الشريف ، بصورة لا ينفكّ أحدها عن الآخرين ، ضمن مسير واحد ، أفرز عطاءات جمّة ، منها ما ساهم في بناء الحضارة الإسلامية ، ومنها ما شارك في تهيئة المناخات المناسبة لإلهام الأجيال المتعاقبة من الدروس والعبر ما يعينها لمواصلة البناء والتطوير.

ولم يقتصر تأثير أهل بيت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله على جانب واحد من جوانب حياة


المسلمين المتعدّدة ، وإنّما تجلّى في أكثر من ميدان من ميادين حضارة الإسلام : الاجتماعية والتربوية والاقتصادية والأخلاقية و.. و..

وبمعونة هذه الآثار الّتي خلّفوها ، والمواقف الّتي سجّلوها ، استطاع أجيال المسلمين المتلاحقة أن يتجاوزوا محنهم ، ويتقدّموا باتجاه مسايرة العالم الآخر ، من خلال مواكبة سير الحياة الجديدة القائمة على التقنية الحديثة ، والمنهجية المتطورة ، فاستلهموا من ثقافتهم الإسلامية الّتي عزّزها أبناء هذا البيت الشريف على مرّ العصور ، واستفادوا من تلك التقنيات في توظيف إمكانياتهم من أجل حلّ المشكلات المستحدثة ، والقضايا الراهنة ، وتقديم الأجوبة المناسبة لها.

أليس هذا التحوّل العميق في قضايا المسلمين اليوم ، وجوانب التقدّم الّتي أحرزوها على الصعيد العلمي والثقافي والتربوي والصحي و.. و.. يعدّ مظهرا من مظاهر التأثّر بالموروثات الأصلية الّتي خلّفها النبيّ الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته المطهّرون الذين لم يعرف عنهم قدح ولا جرح؟

إنّ نظرة شاملة ومتقصّية لكلّ توجّهات أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ومواقفهم الّتي سجّلها لهم التاريخ ، وحفظها عنهم أهل التراجم والسير ، وأقوالهم وأحاديثهم الّتي تناقلها أرباب الحديث والأدب الرفيع ، توقفنا جميعا على أنّ هذا السلوك بلغ من السموّ والرفعة ما لم يبلغه غيرهم ، والاحترام والتجليل ما لا يشهده سواهم.

وهذه المنزلة الّتي نزّلهم فيها المسلمون جميعا ، لم تكن لو لا وجود عنصرين رآهما فيهم الناس ، وهما :

١ ـ الأصالة في العقيدة والفكر والإبداع ، إذ لم يتحرّكوا في موقع من دون منهجية ، ولم يبدوا قناعتهم اعتباطا ، وإنّما يصاحبونه بالنظر العميق ، والموضوعية التامة ، والعناية بالمصلحة الإسلامية العليا. وكلّ ذلك في ظلّ الورع والتقوى ، والخوف من الله سبحانه.


وبذلك فقد أسّسوا أشبه بمدرسة همّها الأول تربية الناس على اختلاف مشاربهم ، وتخريج كوادر لامعة في حقول الأدب والعلم والمعرفة الإنسانية : النظرية والتطبيقية.

٢ ـ النزعة التقريبية في تعاملهم مع الآخرين. فرغم المعاناة الّتي تلقّاها بعضهم ، وسوء المعاملة الّتي أبداها بعض السلاطين حيال بعضهم ، إلّا أنّهم حافظوا على هدوئهم وتقاربهم مع الناس ولو كانوا على خلاف رأيهم ، وإن حدث نقاش وحوار مع أطراف أخرى مالوا نحو أدب الاعتراض القائم على الحوار العلمي والمناقشة الموضوعية ، من غير تعصّب ولا عواطف شخصية.

وبذلك جسّدوا بصورة عملية ثقافة التقريب ، حيث لم يلتزموا مواقف حادّة تثير التشنّج والاضطراب في المجتمع الإسلامي ، أو القيام بمبادرات من شأنها أن تمزّق وحدة المسلمين ، وإضعاف دولة الاسلام الفتية.

لذا دعونا نقول : إنّهم أثبتوا الخطوة الأولى للحركة التقريبية في تاريخ الإسلام.

ولعلّ أوّل شخصية من شخصيات أهل البيت عليهم‌السلام الّتي قامت بتثبيت هذه الخطوة ، وأسّست الانطلاقة الأولى في هذا الدرب ، هي السيدة فاطمة الزهراء عليها‌السلام ابنة النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله.

لقد شهدت الزهراء البتول ظروف الدعوة الإسلامية ، وتفاصيل انبعاث الفجر المنير ، وشطرا من بناء الدولة الإسلامية الحديثة ، لكنّها عليها‌السلام رغم ما جرى عليها من أمور متميّزة تتعلّق بجوانب من حقوقها ، آثرت ترجيح مصلحة الإسلام والدولة الفتية على مصلحتها الشخصية رغم حاجتها الماسّة إليها ، وفزعت إلى جانب الحوار الهادئ والنقاش الموضوعي الصحيح ، ولم تبغ ضجّة ولا اضطرابا في المجتمع الجديد ، وكانت بمقدورها ذلك وهي سليلة النبيّ الأكرم ، العالمة والمفوّهة الناطقة.

فليس غريبا أن يفرد لها أبوها النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله شطرا كبيرا من وقته ليجالسها


ويحادثها ، ويختصّها بمناقب عظيمة لم ولن تبلغه امرأة في الإسلام.

وليس عجيبا أن يتهافت المحدّثون والعلماء وأصحاب التراجم والسير إلى تصنيف الكتب الّتي تتحدّث عن فضائلها ، والمؤلّفات الّتي تروي شمائلها الرفيعة ، وتنقل أحاديث أبيها وهو يمجّدها ويطريها ويدعو لها.

وهذا الكتاب ـ الماثل بين يديك عزيزنا القارئ ـ يعدّ إحدى تلك المصنّفات الّتي يعود تاريخها إلى القرن العاشر أو الحادي عشر الهجري ، لمؤلّفه محمّد بن محمّد بن عبد الله الأكراوي القلقشندي الشافعي (ت ١٠٣٥ ه‍) الشهير بالحجازي وبالواعظ ، الّتي تحكي عمق العلاقة القائمة بين علماء الأمة وآل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ممّا ساهمت ـ كغيرها ـ في إنشاء تيار من الوعي الثقافي والفكري والحضاري للأجيال المتعاقبة ، وتعزيز للروابط الصادقة والعواطف السامية بين أبناء الأمّة وأهل بيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فمؤلّف الكتاب أضاف شاهدا آخر على مدى حبّ الأمّة على اختلاف مشاربها ومذاهبها لأهل بيت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله من أبناء عليّ وفاطمة عليهما‌السلام ، وتهافت الجميع : سنّة وشيعة على الالتفات حول بيت نبيّهم حبّا وتجليلا وتقديسا.

والكتاب وإن روى بعض مناقب وفضائل هذه السيّدة الطاهرة المطهّرة ، بضعة النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبيّن مقامها ووجاهتها عند أبيها رسول الإسلام محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومكانتها في الإسلام الحنيف ، إلّا أنّه يثير فينا الأفكار الّتي تدور حول ضرورة متابعة دراسة حياتها أكثر فأكثر ، واستخلاص الدروس والعبر من سلوكياتها الرزنة ، ومواقفها الشريفة الّتي سجّلتها إبّان العصر الإسلامي الأوّل ، والدرس «التقريبي» الّذي علّمت أجيال المسلمين وحتّى يومنا الحاضر.

فلا غرابة إذا أن يبدي المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ، عبر مركزه العلمي ، اهتمامه تجاه هذا الأثر الكريم ، ويتعاطى معه بدرجة كبيرة


من العناية الخاصّة على مستوى تحقيقه وإخراجه ، وطبعه ونشره بما يوائم وذوق العصر الحديث.

ولقد أبلى حسنا الأخ الفاضل محمّد كاظم الموسوي في توثيق الكتاب وتخريج مروياته في المصادر المعتمدة الأخرى ، وقيامه بالتعليق في بعض الموارد الّتي رآها ضرورية ، وبالتعاون مع قسم التاريخ والرجال التابع للمركز العلمي ، تمّ إخراجه بهذه الصورة الجميلة ، من أجل أن تعمّ فائدته للجميع ، ويزيد من تماسك أبناء الأمّة بعضهم البعض ، والالتفاف حول رموز أهل البيت عليهم‌السلام حبّا وجلالة وتقديسا.

ولا يسعنا هنا إلّا تقديم الشكر والتقدير للمحقّق الفاضل على جهوده الّتي بذلها في هذا الكتاب ، ولقسم التاريخ والرجال التابع للمركز بجميع أفراده الذين قدّموا ما بوسعهم من أجل إخراج الكتاب بأجمل صوره ، حتّى يظهر بالشكل الّذي يليق باسمه.

نسأل الله تعالى التوفيق للاستمرار بتقديم الأفضل من الأعمال الثقافية الّتي من شأنها تعزيز الوحدة والتحابّ بين المسلمين ، وتمتين وشائج الأخوّة بين جميع المسلمين ، والامتثال لأوامر رسولنا الكريم وأهل بيته الطاهرين وأصحابه المنتجبين الذين ساروا على نهجه ، ومن تابعهم على ذلك ، إنّه ولي التوفيق.

مركز التحقيقات والدراسات العلمية

التابع للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية



كلمة المحقّق

المؤلّف في سطور

هو محمّد بن محمّد بن عبد الله الأكراوي القلقشندي الشافعي ، المعروف بمحمّد حجازي الواعظ ، فقيه عالم بالتفسير والحديث ، ولد سنة ٩٧٥ ه‍ في أكرى ـ من منازل الحج على طريق الحجاز ـ وسكن قلقشندة (١).

قال عنه المحبّي في خلاصة الأثر : الإمام المحدّث المقرئ ، خاتمة العلماء ، كان من الأكابر الراسخين في العلم ، واشتهر بالمعارف الإلهية ، وبلغ في العلوم الحرفية النهاية القصوى ... له مشايخ كثيرون يبلغون ثلاثمائة شيخ ، وعنه أخذ عامة شيوخ المتأخّرين بمصر ، ألّف كتبا كثيرة نافعة ، منها : شرح الجامع الصغير للسيوطي ، وشرح ألفية الحديث ، وإتحاف السائل ، توفّي بمصر سنة ١٠٣٥ ه‍ ، ودفن عند والده في جامع الشيخ محمّد الفارقاني (٢).

__________________

(١) قلقشندة : قرية من قرى الوجه البحري من القاهرة ، تابعة لمديرية القليوبية ، وتعرف أيضا بقرقشندة ، بينها وبين القاهرة مقدار ثلاثة فراسخ. خرج منها علماء وفقهاء ومؤرّخون ، أشهرهم : الليث بن سعد إمام أهل مصر في الفقه والحديث ، من أصحاب مالك بن أنس. ومنهم : شهاب الدين القلقشندي المعروف بابن أبي غدة ، صاحب كتاب نهاية الإرب في معرفة أنساب العرب ، وهو أحسن ما ألّف في علم الأنساب ، ومنهم : أحمد بن علي القلقشندي مؤلّف كتاب صبح الأعشى في الأدب.

(٢) خلاصة الأثر ٤ : ١٧٤ ، وراجع معجم المؤلّفين ٩ : ١٧٧ ، وإيضاح المكنون ١ : ١٩.


نسبة الكتاب للقلقشندي

إنّ كلّ من ترجم للأكراوي القلقشندي ذكر له كتاب الإتحاف من بين كتبه وتصانيفه ، ونسبه له من دون تردّد ، كالمحبّي في «خلاصة الأثر» (١) وعمر رضا كحالة في «معجم المؤلفين» (٢). والبغدادي في كتابيه : «إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون» (٣) و «هدية العارفين في أسماء المؤلّفين وآثار المصنّفين» (٤).

فالجميع نسبوا الكتاب للأكراوي القلقشندي على نحو الجزم واليقين.

لكن الأستاذ عبد اللطيف عاشور نسب الكتاب في طبعته الأولى إلى العلّامة محمّد بن عبد الرءوف المناوي المتوفّى سنة ١٠٣١ ه‍ والمعاصر للقلقشندي.

إلّا أنّا لم نجد أحدا نسب هذا الكتاب للمناوي ، ولم يذكره أحد في ضمن تصانيفه وكتبه المذكورة في ترجمته ، بل أنّ المحبّي في «خلاصة الأثر» (٥) ترجم للمناوي ترجمة وافية مفصّلة ، وذكر جميع مؤلّفاته وتصانيفه على كثرتها ، ولم يذكر من بينها هذا الكتاب ، بل نسبه للقلقشندي في ترجمته ، كما تقدّم.

وكذا فعل البغدادي في «هدية العارفين» فقد ترجم للمناوي وذكر تصانيفه مفصّلا ، ولم يذكر منها كتاب الإتحاف (٦).

وقد تنبّه العلّامة المحقّق السيد عبد العزيز الطباطبائي للخطأ الواقع في نسبة الكتاب للمناوي ، وقطع بنسبته للقلقشندي (٧) ، كما هو الصحيح.

ولم يحتمل أحد تعدّد الكتاب ، وأنّ كلّا من المناوي والحجازي ألّف بهذا العنوان ،

__________________

(١) خلاصة الأثر ٤ : ١٧٤.

(٢) معجم المؤلّفين ٩ : ١٧٧.

(٣) إيضاح المكنون : ١ : ١٩.

(٤) هدية العارفين ٢ : ٢٧٤.

(٥) خلاصة الأثر ٢ : ٤٢١.

(٦) هدية العارفين ١ : ٥١٠.

(٧) أهل البيت في المكتبة العربية : ١٨.


فلم نقف على شاهد في ذلك ، ويبعده تطابق النسخ تماما ، إلّا في مورد أو موردين ، ومن البعيد حصول ذلك اتّفاقا ، بل هو من المحال.

وأمّا احتمال اتّحاد المناوي مع الحجازي ، وهما اسمان مشتركان لرجل واحد ، فهذا هو الّذي احتمله الأستاذ عبد اللطيف عاشور ، ودعاه لنسبة الكتاب للمناوي ؛ لشهرة هذا اللقب دون غيره ، وهما لرجل واحد. لكن هذا باطل جزما ، فكلّ كتب التراجم تترجم لرجلين ، الأول باسم : عبد الرءوف المناوي ، والآخر : عبد الله الأكراوي ، وبينهما فوارق كثيرة ، واختلاف في سنة الولادة والوفاة ، ومحلّ الدفن ، وأسماء المصنّفات ، ولكلّ منهما خصوصيات أخرى ، ومن راجع تراجم الرجلين يقطع ببطلان اتّحادهما.

فالصحيح أنّ كتاب «إتحاف السائل» هو للعلّامة محمّد حجازي الأكراوي القلقشندي الشافعي ، كما ذكر المحبّي والبغدادي وغيرهم.

منهج التحقيق

(الف) : اعتمدنا في تحقيقنا لهذه الطبعة على ثلاث نسخ.

١ ـ نسخة مطبوعة حقّقها الأستاذ عبد اللطيف عاشور ـ وهي الّتي نسبها لعبد الرءوف المناوي ـ وهي مطابقة للنسخة المصوّرة بدار الكتب المصرية برقم ٢٠٩ ، فيلم ٢٧٣٩٥ ، ورمزنا لها بحرف (م) ـ مصر.

٢ ـ نسخة مصحّحة صحّح متنها على مصوّرة دار الكتب المصرية ومصوّرة المكتبة الأحمدية بجامع الزيتونة بتونس ، رقم الفهرس ١ : ٤٥٥ من مجموعة رقمها ٥٦٨٨ ، ورمزنا لها بحرف (ز) ـ زيتونة.

٣ ـ نسخة على مصوّرة دار الكتب المصرية ، وهي الّتي جعلناها متنا وأصلا في


هذه الطبعة ، وهي مطابقة تماما لنسخة الأستاذ عاشور إلّا في موارد نادرة ، ورمزنا لها بحرف (ص) ـ أصل.

(ب) : قابلنا النصّ على النسخ الثلاث المتقدّمة ، ونبّهنا في الهامش لموارد الاختلاف بين النسخ.

(ج) : خرّجنا الأحاديث والأقوال من أصولها ومصادرها ، وعلّقنا على بعض الموارد الّتي نراها بحاجة لذلك.

والحمد لله ربّ العالمين ، ونسأله أن يجعله خالصا لوجهه الكريم ، آمين آمين.


مقدّمة المؤلّف

بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه نستعين

الحمد لله الّذي انقاد كلّ شيء لأمره خاضعا ذليلا ، ولم يجعل لخلقه إلى معرفته سبيلا ، بل ما خطر في الضمائر ، وحاك في الخواطر ، ما تراه عليه ممتنعا مستحيلا ، كل ما في عالم الإمكان ناطق بتمجيده : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) (١) كما قال تقدّس (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً) (٢).

وأشهد أن لا إله إلّا الله ، شهادة يكسب قائلها عنده تبجيلا ، ويكون نورها لظلام الريب مزيلا ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، الممنوح على جميع العالم تفضيلا ، المجموع له من المناقب ما لا يستطيع المصقع (٣) له تفصيلا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلى آله وصحبه الذين أحكموا الشريعة تفريعا وتأصيلا ، صلاة وسلاما دائمين بكرة وأصيلا.

وبعد ، فقد سألني بعض المتّقين من الأولياء أهل التمكين أن أجمع له ما تيسّر من

__________________

(١) الإسراء : ٤٤.

(٢) النساء : ١٢٢.

(٣) المصقع : البليغ ، يقال : خطيب مصقع ، أي خطيب ماهر (تاج العروس ٢ : ٦٢ و ٥ : ٤١٥).


مناقب فاطمة الزهراء رضي‌الله‌عنها ، فأجبته إلى ذلك ، معتمدا على فيض الربّ المالك ، وسمّيتها «إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل». جعله الله خالصا لوجهه الكريم ، موجبا للفوز بجنّات النعيم.

وينحصر المقصود في أبواب :


الباب الأوّل

في ولادتها ، وتسميتها ، ومحبّته صلى‌الله‌عليه‌وآله لها

ومتعلّقات ذلك



في ولادتها وتسميتها

في ولادتها

ذكر أبو عمر (١) : أنّها ولدت سنة إحدى وأربعين من المولد (٢) ، وتعقّب بما ذكره ابن إسحاق وغيره : أنّ أولاد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ولدوا قبل النبوّة إلّا إبراهيم (٣).

__________________

(١) هو ابن عبد البرّ ؛ يوسف بن عبد الله القرطبي المالكي ، من كبار حفّاظ الحديث ، صاحب الاستيعاب والتمهيد والاستذكار ، توفّي في مدينة شاطبة بالاندلس سنة ٤٦٣ ه

(٢) الاستيعاب ٤ : ٤٤٨ ، وراجع : ذخائر العقبى : ٦٤ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٨٧.

(٣) سيرة ابن إسحاق : ٨٢ ، وفيه : «فولدت له قبل أن ينزل عليه الوحي ولده كلّهم».

غير أنّ أغلب العلماء قد ذهب إلى أنّ فاطمة عليها‌السلام ولدت في الإسلام وبعد المبعث ، وأنّ خديجة ولدت أكثر أولاده بعد المبعث ، وأنّ أصغرهم فاطمة.

ففي الاستيعاب ٤ : ٣٨٠ : «قال الزبير : ولد لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله القاسم وهو أكبر ولده ، ثمّ زينب ، ثمّ عبد الله وكان يقال له : الطيّب ، ويقال له : الطاهر ، ولد بعد النبوّة ، ثمّ فاطمة ، ثمّ رقية ، هكذا الأول فالأول». ومثله عن ابن إسحاق نقله في الاستيعاب ٤ : ٣٨٠ قال : «قال مصعب الزبيري : ولد لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله القاسم ، وبه كان يكنّى ، وعبد الله وهو الطيّب والطاهر ؛ لأنّه ولد بعد الوحي ، وزينب ، وأم كلثوم ، ورقية ، وفاطمة».

وفي تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٠ قال : «وولدت ـ خديجة ـ له قبل أن يبعث : القاسم ورقية وزينب وأم كلثوم ، وبعد ما بعث : عبد الله وهو الطيّب والطاهر ؛ لأنّه ولد في الإسلام ، وفاطمة».

هذا وقال الحافظ ابن حجر : «ولدت فاطمة في الإسلام» (فتح الباري ٧ : ٤٧٦). وفي مستدرك الحاكم ٣ : ١٨٧ قال : «ولدت سنة إحدى وأربعين من مولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله». وبمثله في ذخائر العقبى لمحبّ الدين الطبري


وقال ابن إسحاق : ولدت وقريش تبني الكعبة ، قال : وبنتها قبل المبعث لسبع سنين ونصف (١).

وقيل : ولدت تمام المبعث. وقيل غير ذلك (٢).

كذا نقله الجلال السيوطي عن ابن إسحاق وأقرّه ، وفيه بالنسبة لقوله : «قبل المبعث بسبع سنين ونصف» ما فيه ، بل لا يكاد يصحّ ؛ لأنّ بناء قريش للكعبة ،

__________________

الشافعي ١ : ٢٦.

هذا مع اتّفاقهم على أنّ فاطمة أصغر ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. قال ابن كثير في السيرة النبوية ٤ : ٦٠٧ : «ولدت ـ خديجة ـ فاطمة وكانت أصغرهم».

وقال الحافظ المزي : «والّذي تسكن إليه النفس من ذلك ، على ما توارثت به الأخبار في ترتيب بنات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّ الأولى زينب ، ثمّ الثانية رقية ، ثمّ الثالثة أمّ كلثوم ، ثمّ الرابعة فاطمة» (تهذيب الكمال ٣٥ : ٢٨٤).

وقال عبد الرزاق عن ابن جريج : «قال غير واحد : كانت فاطمة أصغر بنات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأحبّهنّ إليه وقال أبو عمر :

اختلفوا أيّتهنّ أصغر ، والّذي يسكن إليه اليقين : أنّ أكبرهنّ زينب ، ثمّ رقية ، ثمّ أم كلثوم ، ثمّ فاطمة». (الإصابة ٤ : ٣٧٧).

وقال الزبير بن بكّار : «الطاهر ولد بعد النبوّة ومات صغيرا ، ثمّ أم كلثوم ، ثمّ فاطمة». (المعجم الكبير ٢٢ : ٣٩٧ برقم ٩٨٧). فإذا كانت فاطمة أصغر أولاده صلى‌الله‌عليه‌وآله أو أصغر بناته ، وقد صرّح الزبيري وغيره كما تقدّم أنّ الطاهر وأم كلثوم قد ولدا في الإسلام ، وفاطمة أصغر منهما سنّا ، بل هي أصغر أولاده صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فذلك يقتضي أنّها ولدت في الإسلام ، وهذا ما يقتضيه التدقيق في عبارات العلماء والجمع بينها.

(١) لم نعثر عليه في سيرة ابن إسحاق ، لكن نقله عنه المزي في تهذيب الكمال ٣٥ : ٢٥١ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ : ٣٣٩ برقم ١٥٢٢٢ ، والطبراني في المعجم ٢٢ : ٣٩٩ برقم ٩٩٨.

(٢) ذهبت الإمامية إلى أنّها ولدت بعد الاسلام ، وبالتحديد في السنة الخامسة للبعثة ؛ لما روي في الخبر الصحيح عن الباقر عليه‌السلام ، قال حبيب السجستاني : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «ولدت فاطمة بنت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد مبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بخمس سنين ، وتوفّيت ولها ثماني عشرة سنة وخمسة وسبعون يوما». راجع الكافي ١ : ٤٥٧ حديث ١٠ ، وقال الشيخ الكليني قدس‌سره بعد رواية الخبر : ولدت فاطمة عليها وعلى بعلها السلام بعد مبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بخمس سنين.

وكذا قال ابن شهرآشوب في المناقب ٤ : ١٣٢ ، والطبرسي في تاج المواليد : ٢١ ، والأربلي في كشف الغمة ٢ : ٧٦ ، والمجلسي في البحار ٤٣ : ٧ ، وابن جرير الطبري في دلائل الإمامة : ٧٩ ، وابن الخشّاب في تاريخ مواليد الائمة : ٩.


ووضعه صلى‌الله‌عليه‌وآله الحجر في محلّه ، كان سنة خمس وثلاثين من مولده (١) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبعث على رأس الأربعين ، فمولدها قبل الإرسال بنحو خمس سنين ، كما ذكره ابن الجوزي (٢) وغيره ، ذاك أيام بناء البيت ، وجزم به المدائني (٣).

بم سمّاها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وما سرّ هذه التسمية

وسمّاها فاطمة بإلهام من الله تعالى ، لأنّ الله فطمها عن النار. فقد روى الديلمي عن أبي هريرة ، والحاكم عن عليّ أنّه عليه‌السلام قال :

«إنّما سمّيت فاطمة لأنّ الله فطمها ومحبّيها عن النار» (٤)

واشتقاقها من الفطم وهو القطع ، كما قال ابن دريد ، ومنه : فطم الصبيّ ، إذا قطع عنه اللبن ، ويقال : لأفطمنّك عن كذا : أي لأمنعنّك (٥).

لم سمّيت بالزهراء

وسمّيت بالزهراء ؛ لأنّها زهرة (٦) المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) وهذا هو المنقول عن ابن إسحاق أيضا ، قال : «بناء الكعبة ووضع الحجر كان سنة خمس وثلاثين من مولده صلى‌الله‌عليه‌وآله». (سيرة ابن إسحاق : ١٠٩). وبمثله نقل الذهبي في تاريخ الإسلام : ٦٦ عنه.

(٢) صفوة الصفوة ١ : ٦٣ ، المنتظم ٢ : ٣٢٠ حوادث سنة خمسة وثلاثين.

(٣) انظر الإصابة ٤ : ٣٧٧ ، والمدائني : هو شيابة بن سوار ؛ أبو عمر المدائني ، قال أبو حاتم : «صدوق يكتب حديثه ولا يحتجّ به» (تهذيب الكمال ١٢ : ٣٤٨).

(٤) فردوس الأخبار ١ : ٤٢٦ برقم ١٣٩٥ من حديث جابر. ورواه في كنز العمّال ١٢ : ١٠٩ برقم ٣٤٢٢٧ من حديث أبي هريرة ، وبرقم ٣٤٢٢٦ من حديث ابن عباس ، وفي تاريخ بغداد ١٢ : ٣٣١ برقم ٦٧٧٢ ، وفي فيض القدير ١ : ١٦٨ ، وفي ذخائر العقبى : ٦٥.

وأورده القندوزي في ينابيع المودّة ٢ : ١٢١ برقم ٣٥٤ من حديث جابر ، وقال : «أخرجه الحافظ الغساني» ، وفي : ٣٢٠ برقم ٩٢٤ من حديث علي عليه‌السلام ، وكذا في : ٤٤٤ برقم ٢٢٣ ، وفي : ٤٥٠ برقم ٢٤٢ ناقلا له من الصواعق المحرقة. وكذا رواه الشبلنجي في نور الأبصار : ٥٢ ، والصدوق في علل الشرائع : ٢١١ باب : العلّة الّتي من أجلها سمّيت فاطمة فاطمة.

(٥) جمهرة اللغة ٢ : ٩٢٠.

(٦) الأزهر : النيّر ، ويسمّى القمر : الأزهر ، قال ابن السكّيت : الأزهران : الشمس والقمر ، ورجل أزهر :


لم لقّبت بالبتول

ولقّبت بالبتول ؛ لأنّه لا شهوة لها للرجال ، أو لأنّه تعالى قطعها عن النساء حسنا وفضلا وشرفا ، أو لانقطاعها إلى الله (١).

بم كنّيت

وكنّيت بأم أبيها ، كما أخرجه الطبراني عن ابن المدائني (٢).

__________________

أي أبيض مشرق اللون ، والمرأة زهراء. (الصحاح ٢ : ٦٧٤).

وقال الطريحي : «والزهراء فاطمة بنت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، سمّيت بذلك لأنّها إذا قامت في محرابها زهر نورها إلى السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض ، وروي : أنّها سمّيت الزهراء لأنّ الله خلقها من نور عظمته.

(مجمع البحرين ٣ : ٣٢١). ولاحظ أيضا علل الشرائع ١ : ١٧٩ باب : ١٤٣ العلّة الّتي من أجلها سمّيت فاطمة الزهراء زهراء.

(١) قال في لسان العرب ١ : ١٦٠ : «وأصل البتل : القطع ، وسئل أحمد بن يحيى عن فاطمة رضوان الله عليها بنت ـ سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم قيل لها البتول؟ فقال : لانقطاعها عن نساء أهل زمانها ونساء الأمة عفافا وفضلا ، ودينا وحسبا. وقيل : لانقطاعها عن الدنيا إلى الله عزوجل». ومثله في النهاية في غريب الحديث ١ : ٩٤ ، وتحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي ٦ : ٢٠٣.

وقال ثعلب : «وسمّيت فاطمة البتول ؛ لانقطاعها عن نساء زمانها فضلا ودينا وحسبا». (غريب الحديث لابن الجوزي ١ : ٥٤). وقال الخطابي في الغريب : فأمّا فاطمة فإنّما قيل لها : بتول ؛ لأنّها منقطعة القرين نبلا وشرفا.

(الغريب ٢ : ٣٣٠). وقال عبيد الهروي : «سمّيت فاطمة بتولا لأنّها بتلت عن النظير». (بحار الأنوار ٤٣ : ١٦).

وقد ورد من طرق الإمامية : أنّ معنى البتول : هي الّتي لم تر ما تراه النساء من الدم ، كما عن عليّ عليه‌السلام : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل ما البتول ، فإنّا سمعناك يا رسول الله تقول : إنّ مريم بتول ، وفاطمة بتول؟ فقال : «البتول الّتي لم تر حمرة قطّ» أي الّتي لم تحض ، فإنّ الحيض مكروه في بنات الأنبياء. (بحار الأنوار ٤٣ : ١٥ عن معاني الأخبار).

ومثله في علل الشرائع : ١٤٤ «العلّة الّتي من أجلها سمّيت فاطمة عليها‌السلام البتول» ، وتاج المواليد : ٢٠ ، وكشف الغمة ٢ : ٩٢.

وفي الفتاوى الظهيرية : «أنّ فاطمة لم تحض قطّ ، ولمّا ولدت طهرت من نفاسها بعد ساعة لئلّا تفوتها صلاة ، ولذلك سمّيت الزهراء» (فيض القدير ٤ : ٤٢٢ شرح حديث رقم ٥٨٣٥).

(٢) المعجم الكبير ٢٢ : ٣٩٧ برقم ٩٨٨ ، ومثله عن مصعب الزبيري برقم ٩٨٥ ، وراجع مجمع الزوائد ٩ : ٣٣٩ برقم


بطلان بعض الروايات الخاصّة بالتسمية

وأمّا ما رواه الخطيب البغدادي من : «أنّ جبريل ليلة الإسراء ناول المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله تفاحة فأكلها ، فصارت نطفة في صلبه ، فحملت منه بفاطمة ، وأنّه كلّما اشتاق إلى الجنّة قبّلها» (١)

فقال الذهبي كابن الجوزي : موضوع (٢). وأقرّه الجلال السيوطي فيما تعقّبه على ابن الجوزي ، ولم يعترضه (٣).

وقال الحافظ ابن حجر : هذا من وضع محمّد بن خليل ، فإنّ فاطمة ولدت قبل الإسراء بمدّة (٤) ، بل قبل النبوّة اتّفاقا (٥).

وكذا ما قاله الحاكم في مستدركه ، عن سعد بن أبي وقّاص مرفوعا :

«أتاني جبريل بسفرجلة من الجنّة ، فأكلتها ليلة أسري بي ، فعلقت

__________________

١٥٢٢٥ ، وتهذيب الكمال ٣٥ : ٢٤٧. وفي مقاتل الطالبيّين : ٢٩ بإسناده جعفر بن محمّد : «أنّ فاطمة عليها‌السلام تكنّى أم أبيها». وفي أسد الغابة ٥ : ٥٢٠ : «وكانت فاطمة تكنّى أم أبيها ، وكانت أحبّ الناس إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله». وفي كتاب السيّدة الزهراء : ١٠٨ لمحمّد بيومي قال : «كان سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يلقّبها بأم أبيها ؛ لحنانها عليه وحبّها الدائم».

(١) تاريخ بغداد ٥ : ٨٧.

(٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٥٤٠ ، الموضوعات ١ : ٤١٣. وذكر ابن الجوزي : أنّ الدار قطني خرّج الحديث من طريقين ، ولم يتكلّم فيه.

(٣) اللآلي المصنوعة ١ : ٣٩٣.

(٤) لسان الميزان ٥ : ٢٠ وعبارة ابن حجر تدلّ على أنّ فاطمة عليها‌السلام ولدت بعد البعثة ، في فتح الباري ٧ : ٤٧٦ : أنّها ولدت في الإسلام.

(٥) وعبارة «بل قبل النبوّة اتّفاقا» ليست من كلام ابن حجر ، وهي للمصنّف. ودعوى الاتّفاق على كون ولادتها عليها‌السلام قبل النبوّة تفتقر إلى الدقّة ، إذ أنّ الكثير من الأعلام قد ذهبوا للقول بأنّ ولادتها كانت بعد البعثة ؛ كابن عبد البرّ ، وابن حجر ، ومصعب الزبيري ، وابن جريج ، ومحمّد بن علي المديني ، واليعقوبي ، وغيرهم. مضافا إلى ما دلّ على أنّها أصغر أولاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ كما تقدّم ـ بعد الاتّفاق على أنّ ولادة القاسم كانت في الاسلام ، وكذا أم كلثوم.


خديجة بفاطمة ، فإذا اشتقت إلى رائحة الجنّة شممت رقبة فاطمة» (١) ما ذاك إلّا لأنّ فاطمة ولدت قبل الوحي إجماعا ، فهو قطعي البطلان (٢).

__________________

(١) مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٩ برقم ٤٧٣٨ ، وراجع كنز العمّال ١٢ : ١٠٩ برقم ٣٤٢٢٨.

وبهذا المعنى روى الطبراني في المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٠ برقم ١٠٠٠ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٦ برقم ١٥١٩٧ وقال : «رواه الطبراني ، وفيه أبو قتادة الحرّاني ، وثّقه أحمد وقال : كان يتحرّى الصدق ، وأنكر على من نسبه للكذب».

(٢) دعوى الإجماع غير صحيحة ، إذ لا إجماع حاصل في البين ، وذلك لمخالفة كثير من أعلام تراجم الرجال والمؤرّخين فقد ذهبوا للقول بأنّ ولادتها عليها‌السلام كانت بعد البعثة ؛ كابن عبد البرّ وابن حجر ومصعب الزبيري واليعقوبي والحاكم النيسابوري ومحبّ الدين الطبري ، وظاهر عبارة المزي والمديني وابن جريج أيضا ، وقد تقدّم كلّ ذلك.

هذا مع أنّ الخبر روي بطرق أخرى وبألفاظ متعدّدة ، ولم ينحصر طريقه بمحمّد بن زكريا ، خصوصا ما رواه الطبراني ، فليس في سنده من يتكلّم فيه إلّا أبو قتادة الحرّاني ، وقد وثّقه أحمد كما تقدّم عن مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٦ برقم ١٥١٩٧ ، يضاف إليه الأخبار الكثيرة المروية من طرق الإمامية ، مثل الصحيح المروي في الكافي ١ : ٤٥٧ عن الباقر عليه‌السلام «إنّما ولدت بعد المبعث بخمس سنين» وأهل البيت أدرى بالّذي فيه.


منزلتها ومحبّته صلى‌الله‌عليه‌وآله لها ومتعلّقات ذلك

فصل

وكانت فاطمة أحبّ أولاده وأحظاهنّ عنده ، بل أحبّ الناس إليه مطلقا ، وروى الترمذي عن بريدة وعائشة ، قالت :

«ما رأيت أحدا أشبه سمتا ودلّا وهديا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من فاطمة في قيامها وقعودها ، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبّلها وأجلسها في مجلسه» (١).

وزاد أبو داود في روايته : وكان يمصّ لسانها (٢).

روى الطبري في الأوسط عن أبي هريرة :

«أنّ عليا قال : أيّما أحبّ إليك : أنا أم فاطمة؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : فاطمة أحبّ إليّ منك ، وأنت أعزّ عليّ منها ، وكأنّي بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس ، وأنّ عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء ، وإنّي وأنت

__________________

(١) الجامع الصحيح ٥ : ٧٠٠ برقم ٣٨٧٢. ورواه الحاكم في المستدرك ٣ : ١٦٧ برقم ٤٧٣٢ باختلاف يسير وقال :

صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرّجاه. وقال الذهبي في التلخيص : صحيح.

(٢) نقل أبو داود الرواية في السنن برقم ٥٢١٧ من دون هذه الزيادة.


والحسن والحسين وعقيل وجعفر في الجنّة إخوانا على سرر متقابلين (أنت معي وشيعتك في الجنّة) ثمّ قرأ صلى‌الله‌عليه‌وآله (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه» انتهى (١).

هل بين الأحاديث تعارض ، وكيف نوفّق بينها لو كان

ولا ينافي ذلك قوله في حديث آخر : «أحبّ النساء إليّ عائشة» (٢) ، لأنّ المراد بالنساء زوجاته الموجودات عند قوله ذلك (٣).

وعلى فرض خلافه ، فهو على معنى «من» (٤).

__________________

(١) المعجم الأوسط ٨ : ٣٣٠ برقم ٧٦٧١ ، وراجع كنز العمّال ١٢ : ١٠٩ برقم ٣٤٢٢٥. ورواه أيضا في سنن النسائي ٥ : ١٥٠ برقم ٨٥٣١ ، وكفاية الطالب : ٣٠٨ الباب ٨٣ ، والبيان والتعريف ٣ : ٤٢ وقال : أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة.

(٢) رواه السيوطي في الجامع الصغير ١ : ٣٧ برقم ٢٠٥ عن أنس ، ومثله في سير أعلام النبلاء ٢ : ١٤٧ عن عمرو بن العاص.

(٣) قال المناوي : «أحبّ الناس إليّ من حلائلي الموجودين بالمدينة آنذاك عائشة ، على وزان خبر ابن الزبير :

أوّل مولود في الإسلام ، يعني بالمدينة ، وإلّا فمحبّة المصطفى لخديجة معروفة ، شهدت بها الأخبار الصحاح ، ذكره الزين العراقي ، وأصله قول الكشّاف ، يقال في الرجل : أعلم الناس وأفضلهم ، يراد به من في وقته» (فيض القدير ١ : ١٦٨).

(٤) أي : أنّ الإضافة تكون بمعنى (من) ، أي : من زوجاته ، فتكون عائشة أحبّ أزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إليه ، من دون تقييد بزمن الخطاب.

وهذا الفرض لا تساعده الروايات الصحيحة الناطقة بفضل خديجة على جميع نساء الأمة عدا فاطمة عليها‌السلام ، وأنّها أحبّ أزواجه إليه ، على ما ذكره علماء أهل السنّة فضلا عن الشيعة :

أ ـ قال الذهبي : «نعم ، جزمت بأفضلية خديجة عليها (عائشة) لأمور». (سير أعلام النبلاء ٢ : ١٤٠).

وقال أيضا : «وكان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يثني عليها ، ويفضّلها على سائر أمّهات المؤمنين ، ويبالغ في تعظيمها ، بحيث أنّ عائشة كانت تقول : ما غرت من امرأة ما غرت من خديجة! من كثرة ذكر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لها». (سير أعلام النبلاء ٢ : ١١).

ب ـ قال ابن العربي : «إنّه لا خلاف في أنّ خديجة أفضل من عائشة». (فتح الباري ٧ : ٥١٩).


__________________

ج ـ كلام المناوي المتقدّم آنفا ، وخصوصا قوله : «وإلّا فمحبّة المصطفى لخديجة معروفة ، شهدت بها الأخبار الصحاح». (فيض القدير ١ : ١٦٨).

د ـ قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة : «ما أبدلني الله خيرا منها ، لقد آمنت بي حين كفر الناس ، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس ، ورزقني الله ولدها وحرمني ولد غيرها». رواه في سير أعلام النبلاء ٢ : ١١٧ وفتح الباري ٧ : ٥١٥. فقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما أبدلني خيرا منها» صريح في أنّها خير وأفضل زوجاته ، وإلّا لا يكون معنى للنفي في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما أبدلني».

ه ـ قول ابن حجر : «وقد أخرج النسائي بإسناد صحيح ، وأخرجه الحاكم من حديث ابن عباس مرفوعا : «أفضل نساء أهل الجنّة : خديجة وفاطمة ومريم وآسية» قال ابن حجر : وهذا نصّ صريح لا يحتمل التأويل.

(فتح الباري ٧ : ٥١٤).

وقال في موضع آخر : «ولم يتزوّج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على خديجة حتّى ماتت ، وهذا ممّا لا اختلاف فيه بين أهل العلم بالأخبار ، وفيه دليل على عظم قدرها عنده ، وعلى مزيد فضلها ؛ لأنّها أغنته عن غيرها». (فتح الباري ٧ : ٥١٧).

و ـ قال السبكي الكبير : «الّذي لدين الله : أنّ فاطمة أفضل ثمّ خديجة». (فتح الباري ٧ : ٥١٩).

ز ـ قال المناوي : «روى البزّار والطبراني عن عمّار بن ياسر : «لقد فضّلت خديجة على نساء أمتي كما فضّلت مريم على نساء العالمين» قال : وهو حديث حسن الإسناد». (فيض القدير ٣ : ٤٣٢ وقال : لا جرم كانت أفضل نسائه على الأرجح. وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ : ٣٥٨ برقم ١٥٢٧٠).

ح ـ قال السهيلي : «إنّ خديجة أفضل من عائشة ؛ لأنّ عائشة سلّم عليها جبريل من قبل نفسه ، وخديجة أبلغها السلام من ربّها». (فتح الباري ٧ : ٥١٩).

ط ـ قال القرطبي في التفسير : «وروي من طرق صحيحة أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال فيما رواه عنه أبو هريرة : «خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران ، وآسية ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد» (جامع أحكام القرآن ٤ : ٨٢).

ي ـ أنّ خديجة ورد اسمها في حديث «أفضل نساء أهل الجنّة : خديجة ، وفاطمة ، ومريم ، وآسية» وحديث «خير نساء العالمين أربع» و «سيّدات نساء أهل الجنّة» و «حسبك من نساء العالمين أربع» وسيأتي تفصيل ذلك في الباب الثالث. وهذا ظاهر في الحصر ، بل يوجبه تكرار الحديث بصيغ مختلفة ، وروايته بطرق متعدّدة ، فتكون الأربع أفضل نساء العالمين ، ومنهنّ خديجة ، فهي أفضل من جميع أزواجه.

هذا فضلا عن أنّ حديث «أحبّ النساء إليّ عائشة» في بعض طرقه خالد الحذّاء ، وقد أورده العقيلي في الضعفاء ٢ : ٤ برقم ٤٠٢ وقال : ضعّف ابن علية أمره. ونقل الذهبي في المغني في الضعفاء ١ : ٢٠٦ فقال : وكان أبو حاتم يقول : لا احتجّ بحديثه. وذمّه ابن معين في التاريخ ١ : ١٠٥ برقم ٥٩٧.

وفي بعض طرقه الأخرى : قيس بن أبي حازم ، ذكر الذهبي عن علي ابن المديني : أنّ قيس لا يعمل عليه ، إنّما


ففاطمة لها الأحبية المطلقة (١).

سيدة نساء هذه الأمة

وعن أبي هريرة : أنّه عليه‌السلام قال :

«إنّ ملكا من السماء لم يكن زارني ، فاستأذن الله في زيارتي ، فبشّرني ـ أو قال : أخبرني ـ : أنّ فاطمة سيدة نساء أمتي».

رواه الطبراني (٢) ، ورجاله رجال الصحيح ، غير محمّد بن مروان الذهلي ، وقد وثّقه ابن حبّان (٣).

__________________

كان أعرابيا بوّالا على عقبيه. وكان يحيى بن معين يقول عنه : منكر الحديث (سير أعلام النبلاء ١١ : ٥٣).

وروى وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم أنّه قال : أتيت عليا ليكلّم لي عثمان في حاجة فأبى ، فأبغضته!! وفي رواية أخرى يقول : فدخل بغضه في قلبي. (شرح النهج ٤ : ١٠١). وقد اتّفقت الأخبار الصحيحة عند المحدّثين أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي : «لا يحبّك إلّا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق» (شرح السنّة ٨ : ٨٦ برقم ٣٩٠٧ وقال : حديث صحيح أخرجه مسلم ، برقم ٣٩٠٨ وقال : صحيح ، وفي مجمع الزوائد ٩ : ١٨٠ بطريقين).

(١) أي : على كلا التقديرين ، سواء أريد من الحديث زوجاته زمن الخطاب أو زوجاته مطلقا ، تكون أفضلية عائشة بالقياس للزوجات فقط ، عدا خديجة. وأمّا فاطمة فهي أحبّ لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مطلقا. والى ذلك أشار ابن حبّان قال : «إنّ أفضلية عائشة مقيّدة بنساء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى لا يدخل فيها مثل فاطمة عليها‌السلام ؛ جمعا بين هذا الحديث وبين حديث : أفضل نساء أهل الجنّة : خديجة وفاطمة» (فتح الباري ٧ : ٥١٤).

وفي شرح الزرقاني على المواهب اللدنية قال : «الزهراء البتول أفضل نساء الدنيا حتّى مريم ، كما اختاره المقريزي والزركشي والقطب الخيضري والسيوطي في كتابيه ـ شرح النقابة وشرح جمع الجوامع ـ بالأدلّة الواضحة الّتي منها : أنّ هذه الأمة أفضل من غيرها». (شرح الزرقاني على المواهب اللدنية ٢ : ٣٥٧).

وقال أبو بكر ابن داود : «لا أعدل ببضعة رسول الله أحدا». (سبل الهدى ١٠ : ٣٢٨).

(٢) المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٣ برقم ١٠٠٦ ، ورواه المزي في تهذيب الكمال ٢٦ : ٣٩١ واعتبر سنده عاليا جدا ، والحاكم في المستدرك ٣ : ١٦٤ رقم ٤٧٢٢ من حديث حذيفة بلفظ «فبشّرني أنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة» ، ومثله في دلائل النبوّة للبيهقي ٧ : ٧٨ ، ومجمع الزوائد ٩ : ٣٢٤ برقم ١٥١٩١ ، وكنز العمّال ١٣ : ٦٧٥ برقم ٣٧٧٢٨ ، والمطالب العالية ٤ : ٦٧ برقم ٣٩٧٨ ورواه النسائي في السنن ٥ : ٩٥ برقم ٨٣٦٥ و ٥ : ١٤٦ برقم ٨٥١٥.

(٣) الثقات ٧ : ٤٠٩. وقال المزي في تهذيب الكمال ٢٦ : ٣٩١ برقم ٥٥٩٦ : «روى له النسائي ، وقد وقع


أحبّ الأهل

وعن أسامة بن زيد : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

«أحبّ أهلي إليّ فاطمة».

رواه أبو داود الطيالسي والطبراني في الكبير والحاكم والترمذي (١) [وحسّنه ، والبغوي في معجمه] (٢).

شهادة عائشة لها

وعن عائشة رضي‌الله‌عنها أنّها قالت :

«ما رأيت أفضل من فاطمة غير أبيها. قالت ـ وكان بينهما شيء ـ : يا رسول الله ، سلها فإنّها لا تكذب».

رواه الطبراني في الأوسط ، وأبو يعلى ، لكنّها قالت : ما رأيت أحدا قطّ أصدق من فاطمة. ورجاله رجال الصحيح (٣).

__________________

لنا حديثه عاليا جدا». وقال ابن حجر في التقريب ٢ : ٢١٥ : «محمّد بن مهران الذهلي ؛ أبو جعفر الكوفي ، مقبول».

(١) المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٣ برقم ١٠٠٧ ، وعنه كنز العمال ١٢ : ١٠٨ برقم ٣٤٢١٨ ، المستدرك على الصحيحين ٢ : ٤٥٢ برقم ٣٦٥٢ ، ورواه المناوي في فيض القدير ١ : ١٦٨ وقال : «حسّنه الترمذي وصحّحه الحاكم ، ورواه عنه الطيالسي والطبراني والديلمي وغيرهم» ، والسيوطي في الجامع الصغير ١ : ٣٧ برقم ٢٠٣.

وفي نظم المتناثر في الحديث المتواتر : ٢٠٧ برقم ٢٣٤ قال : «الحقّ أنّ فاطمة لها الأحبية المطلقة ، ثبت ذلك في عدّة أحاديث ، أفاد مجموعها التواتر المعنوي ، وما عداها فعلى من أو اختلاف الجهة. وقد أخرج الترمذي وصحّحه والطيالسي والطبراني والديلمي وغيرهم عن أسامة بن زيد مرفوعا : «أحبّ أهلي إليّ فاطمة» قال في التفسير : إسناده صحيح» انتهى.

ورواه القندوزي في ينابيع المودة ٢ : ٧٠ برقم ٥ ناقلا له عن كنوز الحقائق للمناوي و ٢ : ٤٧٩ برقم ٣٤٣ أخرجه عن الترمذي والحاكم عن أسامة بن زيد. ومثله في مسند البزّار ٧ : ٧١ برقم ٢٦٢٠.

(٢) ما بين المعقوفتين زيادة في نسخة (ز).

(٣) المعجم الأوسط ٣ : ٣٤٨ برقم ٢٧٤٢ ، مسند أبي يعلى ٨ : ١٥٣ برقم ٢٧٠٠. ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد


منزلتها هي وزوجها عند الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله

وعن النعمان بن بشير :

استأذن أبو بكر على المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله فسمع عائشة عاليا وهي تقول : والله لقد عرفت أنّ فاطمة وعليا أحبّ إليك منّي ومن أبي ، مرّتين أو ثلاثا ، فاستأذن أبو بكر فأهوى عليها ، فقال : يا بنت فلان ، ألا سمعتك ترفعين صوتك على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

رواه الإمام أحمد ، ورجاله رجال الصحيح (١).

أيّهما الأحبّ وأيّهما الأعزّ

وعن ابن عباس :

دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على عليّ وفاطمة وهما يضحكان ، فلمّا رأياه سكتا ، فقال لهما النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما لكما كنتما تضحكان ، فلمّا رأيتماني سكتّما؟ فبادرت فاطمة فقالت : بأبي أنت يا رسول الله ، قال هذا ...

قال : أنا أحبّ إلى رسول الله منك ، فقلت : بل أنا أحبّ إليه منك ، فتبسّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : يا بنيّة ، لك رقّة الولد ، وعلي أعزّ عليّ منك.

رواه الطبراني بإسناد صحيح (٢).

__________________

٩ : ٣٢٥ برقم ١٥١٩٣ ، وابن حجر في المطالب العالية ٤ : ٧٠ برقم ٣٩٨٦.

(١) مسند أحمد ٤ : ٢٧٥ ، وراجع مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٥ برقم ١٥١٩٤. ورواه النسائي في السنن الكبرى ٥ : ١٣٩ برقم ٨٤٩٥ / ٧ ، وأبو داود في السنن : ٧٥٥ برقم ٤٩٩٩ وفيه : «تناولها ليلطمها». وفي السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين : ٧٤ : «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يبعث إلى أبي بكر يشكوه ويقول : إنّ هذه من أمرها كذا ومن أمرها كذا ، حتّى كسر أبو بكر أنفها وأدماه ، وكانت تقول لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اتّق الله ولا تقل إلّا حقّا!!».

(٢) المعجم الكبير ١١ : ٥٥ برقم ١١٠٦٣ ، وراجع مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٥ برقم ١٥١٩٥ وقال : رجاله رجال الصحيح.


نجاتها هي وولدها

وعن ابن عباس : أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لفاطمة :

«إنّ الله غير معذّبك ولا ولدك بالنار» (١).

وعن عليّ أنّه كان عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال :

أيّ شيء خير للمرأة؟ فسكتوا ، فلمّا رجع قال لفاطمة : أيّ شيء خير للنساء؟ قالت : لا يراهنّ الرجال. فذكر ذلك للمصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : إنّما فاطمة بضعة منّي.

رواه البزّار (٢). وفيه دليل على فرط ذكائها ، وكمال فطنتها ، وقوّة فهمها ، وعجيب إدراكها.

__________________

(١) المعجم الكبير ١١ : ٢١٠ برقم ١١٦٨٥ ، مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٦ برقم ١٥١٩٨ ، كنز العمّال ١٢ : ١١٠ برقم ٣٤٢٣٦ ، نور الأبصار : ٥٢ وقال : أخرجه الطبراني بسند رجاله ثقات.

(٢) مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٧ برقم ١٥٢٠٠ ، وفي كشف الأستار عن زوائد البزّار ٣ : ٢٣٥ برقم ٢٦٥٣ من حديث سعيد ابن المسيب عن علي عليه‌السلام.



الباب الثاني

في تزويجها بعلي عليه‌السلام وجهازها

ومتعلّقات ذلك



في تزويجها بعلي عليه‌السلام وجهازها

زواج الطاهرة وتزويجها بعلي عليه‌السلام

لمّا شبّت فاطمة وترعرعت ، وبلغت من العمر خمس عشرة سنة ، وقيل : ستة عشرة سنة ، وقيل : ثماني عشرة سنة ، [وقيل : عشرين] (١) ، وقيل : إحدى وعشرين ، تزوّجها علي عليه‌السلام وعمره إحدى وعشرين سنة ، وقيل غير ذلك ، في رمضان من السنة الثانية من الهجرة (٢).

قال الليث : بعد وقعة بدر (٣). وقيل : في رجب منها ، وقيل : في صفر (٤). وقيل بعد وقعة أحد (٥).

__________________

(١) ما بين المعقوفتين زيادة في نسخة (ز).

(٢) وهذا هو القول المشهور عند الإمامية ، قال المجلسي : «تزوّج في شهر رمضان ، وبنى بها في ذي الحجّة من السنة الثانية للهجرة». (بحار الأنوار ٤٣ : ١٣٦ ونقله عن الذرّية الطاهرة للدولابي). وفي الصحيح من السيرة ٥ : ٢٦٩ قال : «هذا هو المعتمد والمشهور ، والصحيح أنّ عمرها حين زواجها كان تسع سنين». وهناك أقوال أخر ذكرها المجلسي في الباب الخامس بعنوان (تزويجها عليها‌السلام) في المجلّد ٤٣ ، وكذلك في الصحيح من السيرة المجلّد الخامس.

(٣) سير أعلام النبلاء ٢ : ١١٩ ، الإصابة ٤ : ٣٧٧.

(٤) ذكرهما في المنتظم ٣ : ٨٥ وقال : «والأول (رجب) أصحّ».

(٥) الاستيعاب ٤ : ٤٤٨ ، أسد الغابة ٧ : ٢١٦ ، تهذيب الكمال ٣٥ : ٢٤٧.


وبنى بها بعد العقد بنحو أربعة أشهر ، وقيل : ستة أشهر ، ولم يتزوّج قبلها ولا عليها.

قال الليث : فولدت له حسنا وحسينا ، ومحسنا ومات صغيرا ، وأم كلثوم الكبرى الّتي تزوّجها عمر ، فولدت له زيدا ورقية ، ولم يعقّبا ، وتزوّجت بعد عمر عوف بن جعفر ، ثمّ بأخيه محمّد ، ثمّ بأخيهما عبد الله ، ولم تلد إلّا للثاني ، فولدت له ابنة صغيرة.

وولدت فاطمة الزهراء أيضا زينب الكبرى ، تزوّجها عبد الله بن جعفر ، فولدت له عدّة أولاد : فاطمة ولها العقب ، فعقب ابن جعفر انتشر من فاطمة وأم كلثوم ، ابنتي زينب ابنة فاطمة.

ويقال : لكلّ من ينسب إلى هؤلاء جعفري ، ولا ريب أنّ لهم شرفا ، لكنّهم لا يوازون (١) شرف المنسوبين للحسنين ، ولهذا يوصف (٢) العباسيون بالشرف ، مع أنّ الأشرفية المطلقة لعقب الحسنين فقط ؛ لاختصاص ذريّتهما بشرف النسبة. وعرف مصر أنّ الأشراف لقب لكلّ حسني خاصّة.

تزويجها بأمر الله تعالى

وكان تزويج المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة لعلي عليه‌السلام بأمر الله تعالى (٣).

__________________

(١) في نسخة (ز) : لا يحاذون.

(٢) في نسخة (ز) : ترضّى.

(٣) عن أنس قال : «كنت قاعدا عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فغشيه الوحي ، فلمّا سري عنه قال : أتدري يا أنس ما جاء به جبريل من عند صاحب العرش؟ قلت : بأبي وأمي ، وما جاء به جبريل من عند صاحب العرش؟ قال : إنّ الله أمرني أن أزوّج فاطمة من علي» رواه في كنز العمّال ١٣ : ٦٨٣ برقم ٣٧٧٥٣ و ١١ : ٦٠٦ برقم ٣٢٩٢٩ وقال : «رواه الخطيب وابن عساكر عن أنس» ، نور الأبصار : ٥٢ ، كفاية الطالب : ٢٩٧ في الباب ٧٨ وقال : هذا حديث حسن عال ، رواه ابن سويدة».


فعن ابن مسعود أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

«إنّ الله تعالى أمرني أن أزوّج فاطمة من علي».

رواه الطبراني ، ورجاله ثقات (١).

وعن أنس قال :

جاء أبو بكر إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقعد بين يديه ، فقال : يا رسول الله ، قد علمت مناصحتي وقدمي في الإسلام وإنّي .. قال : وما ذاك؟ قال تزوّجني فاطمة؟ فأعرض عنه. فرجع أبو بكر إلى عمر ، فقال : إنّه ينتظر أمر الله فيها ، ثمّ فعل عمر ذلك ، فأعرض عنه ، فرجع إلى أبي بكر ، فقال : إنّه ينتظر أمر الله فيها ، انطلق بنا إلى علي نأمره أن يطلب مثل ما طلبنا.

قال علي : فأتياني ، فقالا : بنت عمك تخطب ، فنبّهاني لأمر ، فقمت أجرّ ردائي ، طرفه على عاتقي وطرفه الآخر في الأرض حتّى انتهيت إليه ، فقعدت بين يديه فقلت : قد علمت قدمي في الإسلام ومناصحتي ،

__________________

وقال المحبّ الطبري في ذخائر العقبى : ٦٩ : «تزويجها بأمر من الله ووحي منه» ، وفي تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤١ :

«قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أنا زوّجته ، ولكنّ الله زوّجه». ورواه في سبل الهدى والرشاد ١١ : ٣٨ وقال : «رواه الطبراني برجال ثقات عن عبد الله بن مسعود» ، ومجمع الزوائد ٩ : ٣٣٠ برقم ١٥٢٠٨.

ومن طرق الإمامية عن ابن عباس عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي : «يا علي ، إنّ الله عزوجل زوّجك فاطمة». (بحار الأنوار ٤٣ : ١٤٥ حديث ٤٩). وعن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما زوّجت فاطمة إلّا بعد ما أمرني الله عزوجل بتزويجها». (بحار ٤٣ : ١٠٤ برقم ١٦).

ونقل من كتاب ابن مردويه قال ابن سيرين : قال أبو عبيدة : أنّ عمر بن الخطاب ذكر عليا فقال : «ذا صهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، نزل جبريل على رسول الله فقال : إنّ الله يأمرك أن تزوّج فاطمة من علي». (بحار الأنوار ٤٣ : ١١١ برقم ٢٤ ، ومثله في ذخائر العقبى : ٧١).

وفي حديث خبّاب بن الأرتّ قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «زوّجت فاطمة ابنتي منك بأمر الله تعالى». (بحار الأنوار ٤٣ : ١١٣) ، ويذكر أنّ أكثر روايات الباب تدلّ على أنّ زواجها من أمير المؤمنين عليه‌السلام كان بأمر من الله تعالى.

(١) المعجم الكبير ١٠ : ١٥٦ برقم ١٠٣٠٥ ، وراجع مجمع الزوائد ٩ : ٣٣٠ برقم ١٥٢٠٨.


وإنّي ... وإنّي ... قال : وما ذاك؟ قلت : تزوّجني فاطمة؟ قال : وما عندك؟ قلت : فرسي وبدني ـ يعني درعي ـ قال : أمّا فرسك فلا بدّ بك منه ، وأمّا بدنك فبعها.

فبعتها بأربعمائة وثمانين درهما ، فأتيته بها فوضعها في حجره ، فقبض منها قبضة فقال : يا بلال ، أبتع (١) طيبا ، وأمرهم أن يجهّزوها ، فجعل لها سريرا مشروطا بالشريط ، ووسادة من أدم حشوها ليف ، وملأ البيت كثيبا ـ يعني رملا ـ وقال : إذا أتتك فلا تحدث شيئا حتّى آتيك.

فجاءت مع أم أيمن فقعدت في جانب البيت ، وأنا في الجانب الآخر ، فجاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : هاهنا أخي؟ قالت أم أيمن : أخوك وقد زوّجته ابنتك؟! قال : نعم.

فقال لفاطمة : آتني بماء ، فقامت إلى قعب في البيت فجعلت فيه ماء فأتته به ، فمجّ فيه ثمّ قال : قومي ، فنضح بين يديها (٢) وعلى رأسها ، وقال : اللهم إنّي أعيذها بك وذرّيتها من الشيطان الرجيم.

ثمّ قال : آتني بماء ، فعلمت الّذي يريده ، فملأت القعب فأتيته به ، فأخذ منه بفيه ، ثمّ مجّه فيه ، ثمّ صبّ على رأس عليّ وبين قدميه ، وقال : اللهم إنّي أعيذه بك وذرّيته من الشيطان الرجيم ، ثمّ قال : ادخل على أهلك باسم الله والبركة.

رواه الطبراني ، وفيه : محسن الأسلمي ، ضعيف (٣).

__________________

(١) في نسخة (ز) : أبغنا.

(٢) في نسخة (ز) : بين ثدييها.

(٣) المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٨ برقم ١٠٢١ وفيه : «يحيى بن يعلى الأسلمي». ورواه في مجمع الزوائد ٩ : ٣٣١ برقم ١٥٢١٠ وفيه : «يحيى بن يعلى الأسلمي» أيضا ، وكنز العمّال ١٣ : ٦٨٤ برقم ٣٧٧٥٥.


وعن أنس رضي‌الله‌عنه أيضا :

أنّ عمر أتى أبا بكر فقال : ما منعك أن تتزوّج فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : لا يزوّجني ، قال : إذا لم يزوّجك فمن يزوّج ، وإنّك من أكرم الناس ، وأقدمهم إسلاما؟ فانطلق أبو بكر إلى عائشة فقال : إذا رأيت من محمّد طيب نفسك (١) به وإقبالا ـ أي عليك ـ فاذكري له : أنّي ذكرت فاطمة ، فلعلّ الله أن ييسّرها لي. فرأت منه طيب نفس وإقبالا ، فذكرت ذلك له ، فقال : حتّى ينزل القضاء.

فرجع إليها أبو بكر فقالت : ما أتاه (٢) وددت أنّي لم أذكر له ما ذكرت ، فلقي أبو بكر عمر فذكر له ما أخبرته عائشة ، فانطلق عمر إلى حفصة وقال : إذا رأيت منه طيب نفس وإقبالا فاذكريني له ، واذكري فاطمة لعلّ الله ييسّرها لي. فرأت منه إقبالا وطيب نفس ، فذكرت له فقال : حتّى ينزل القضاء ، فأخبرته وقالت : وددت أنّي لم أذكر له شيئا.

فانطلق عمر إلى عليّ وقال : ما يمنعك من فاطمة؟ قال : أخشى أن لا يزوّجني ، قال : إن لم يزوّجك فمن يزوّج وأنت أقرب خلق الله إليه؟ فانطلق علي إليه ولم يكن له مقل (٣) ، قال : إنّي أريد أن أتزوّج فاطمة ، قال : فافعل ، قال : ما عندي إلّا درعي الحطمية (٤) ، قال : فاجمع ما قدرت عليه وآتني به ، فباعها بأربعمائة وثمانين فأتاه بها ، فزوّجه

__________________

(١) في نسخة (ز) : طيب نفس.

(٢) في نسخة (ز) : يا أبتاه.

(٣) في نسخة (ز) : ولم يكن له مثل عائشة وحفصة.

(٤) قال في النهاية : «وهي الّتي تحطم السيوف أي : تكسرها ، وقيل : هي العريضة الثقيلة ، وقيل : هي منسوبة إلى بطن من عبد القيس يقال لهم : حطمة بن محارب ، كانوا يعملون الدروع ، وهذا أشبه الأقوال». (النهاية في غريب الحديث ١ : ٤٠٢).


فاطمة ، فقبض ثلاث قبضات فدفعها إلى أم أيمن ، فقال : اجعلي منها قبضة في الطيب ، والباقي فيما يصلح للمرأة من المتاع. فلمّا فرغت من الجهاز وأدخلتها بيتا قال : يا علي ، لا تحدثنّ إلى أهلك شيئا حتّى آتيك ، فأتاهم فإذا فاطمة متعفّفة وعلي قاعد وأم أيمن ، فقال : يا أم أيمن ، آتيني بقدح من ماء ، فأتته به ، فشرب ثمّ مجّ فيه ، ثمّ ناوله فاطمة فشربت ، وأخذ منه فضرب جبينها وبين قدميها (١) ، وفعل بعليّ مثل ذلك ، ثمّ قال : اللهم أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا (٢).

رواه البزّار ، وفيه : محمّد بن ثابت ، وهو ضعيف ، بل لوائح الوضع ظاهرة عليه ، فإنّ تزويج فاطمة كان في السنة الثانية اتّفاقا ، وبناء المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله بحفصة بنت عمر إنّما كان في الثالثة (٣).

وعن ابن عباس قال :

كانت فاطمة تذكر لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلا يذكرها أحد إلّا صدّ عنه ، فيئسوا منها ، فلقي سعد بن معاذ عليا فقال : إنّي ما أراه يحبسها إلّا عليك ، فقال : ما أنا بأحد الرجلين : ما أنا بصاحب دنيا يلتمسها منّي وقد علم ما لي صفراء ولا بيضاء ، وما أنا بالكافر الّذي يترفّق (٤) بها

__________________

(١) في نسخة (ز) : ثدييها.

(٢) مجمع الزوائد ٩ : ٣٣٢ برقم ١٥٢١١.

(٣) قال ابن الأثير الجزري : «تزوّجها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سنة ثلاثة عند أكثر العلماء» (أسد الغابة ٧ : ٦٨) ومثله في الإصابة والاستيعاب عند ترجمتها.

وحفصة بنت عمر كانت تحت خنيس بن حذامة السهمي ، وكان ممّن شهد بدرا وتوفّي بالمدينة ، فذكرها عمر لأبي بكر وعرضها عليه ، فلم يردّ عليه ، فغضب عمر ، فعرضها على عثمان ، فقال : ما أريد أن أتزوّج اليوم ، فذكر عمر ذلك عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتزوّجها سنة ثلاث للهجرة ، وطلّقها تطليقة ثمّ راجعها ، وتوفّيت سنة إحدى وأربعين.

(٤) في نسخة (ز) : يترقّقه ، يعني يتألّفه بها.


عن دينه ، إنّي لأول من أسلم ، فقال سعد : عزمت عليك لتفرجها عنّي ، فإن لي في ذلك فرجا ، قال : أقول ما ذا؟ قال : تقول : جئت خاطبا إلى الله ورسوله ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : مرحبا ، كلمة ضعيفة.

ثمّ رجع إلى سعد فقال له : لم يزد على أن رحّب بي ، كلمة ضعيفة ، قال : أنكحك والّذي بعثه بالحقّ ، إنّه لا خلف ولا كذب عنده ، أعزم عليك فلتأتينه غدا ، فأتاه فقال : يا نبي الله ، متى تبنيني؟ قال : الليلة إن شاء الله ، ثمّ دعا ثلاثا فقال : زوّجت ابنتي ابن عمي ، وأنا أحبّ أن يكون سنّة أمتي الطعام عند النكاح ، فخذ شاة وأربعة أمداد ، واجعل قصعة اجمع عليها المهاجرين والأنصار ، فإذا فرغت فآذني ، ففعل.

ثمّ أتاه بقصعة فوضعها بين يديه ، فطعن في رأسها وقال : أدخل الناس زفّة بعد زفّة (١) ، فجعلوا يردّون ، كلّما فرغت زفّة وردت أخرى حتّى فرغوا ، ثمّ عمد إلى ما فضل منها ، فتفل فيها فوضعها بين يديه وبارك ، وقال : احملها إلى أمهاتك ، وقل لهنّ : كلن وأطعمن من غشيكنّ.

ثمّ قام فدخل على النساء ، فقال : زوّجت بنتي ابن عمي ، وقد علمتنّ منزلتها منّي ، وأنا دافعها إليه ، فدونكنّ ، فقمن فطيّبنها من طيبهنّ وألبسنها من ثيابهنّ وحليّهنّ.

فدخل ، فلمّا رأته النساء ذهبن ، وتخلّفت أسماء بنت عميس (٢)

__________________

(١) أي : طائفة بعد طائفة.

(٢) المراد من «أسماء» في روايات تزويج فاطمة هي أسماء بنت يزيد الأنصارية ، أو سلمى بنت عميس أخت


فقال : على رسلك ، من أنت؟ قالت : أنا الّتي أحرس ابنتك ، إنّ الفتاة ليلة زفافها لا بدّ لها من امرأة قريبة منها ، إن عرضت لها حاجة أو أرادت أمرا أفضت إليها به ، قال : فإنّي أسأل إلهي أن يحرسك من بين يديك ومن خلفك ، وعن يمينك وشمالك من الشيطان الرجيم.

ثمّ خرج بفاطمة ، فلمّا رأت عليا بكت ، فخشي المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكون بكاؤها أنّ عليا لا مال له ، فقال لها : ما يبكيك؟ ما ألومك (١) في نفسي وقد أصبت لك خير أهلي ، والّذي نفسي بيده ، لقد زوّجتك سيّدا في الدنيا ، وإنّه في الآخرة من الصالحين. فدنا منها وقال : يا أسماء ، آتيني بالمخضب فاملئيه ماء ، فأتت أسماء به فمجّ فيه ، ثمّ دعا فاطمة فأخذ كفّا من ماء فضرب على رأسها وبين قدميها (٢) ثمّ التزمها ، فقال : اللهم إنّها منّي وإنّي منها ، اللهم كما أذهبت عنّي الرجس وطهّرتني فطهّرها. ثمّ دعا بمخضب آخر فصنع بعليّ كما صنع بها ، ثمّ قال : قوما جمع الله شملكما ، وأصلح بالكما ، ثمّ قام وأغلق عليهما بابهما.

رواه الطبراني بإسناد ضعيف (٣).

وعن بريدة قال :

قال نفر من الأنصار لعلي عليه‌السلام : عندك فاطمة فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال :

__________________

أسماء بنت عميس ، لأنّ أسماء بنت عميس كانت مع زوجها جعفر الطيار في الحبشة ، ولم تعد إلى المدينة المنوّرة إلّا عام خيبر. راجع : كشف الغمة ١ : ٣١٦ وذكر : سلمى بنت عميس ، والصحيح من السيرة ٥ : ٢٨٤.

(١) في نسخة (ز) : ما ألوتك.

(٢) في نسخة (ز) : بين ثدييها.

(٣) المعجم الكبير ٢٢ : ٤١٠ برقم ١٠٢٢ ، ورواه الصنعاني في المصنّف ٥ : ٤٨٦ برقم ٩٧٨٢ ، ومجمع الزوائد ٩ : ٣٣٣ برقم ١٥٢١٣.


ما حاجة ابن أبي طالب؟ فقال : يا رسول الله ذكرت فاطمة ، فقال : مرحبا وأهلا ، لم يزد عليها ، فخرج علي بن أبي طالب إلى رهط من الأنصار ينتظرونه ، فقالوا : ما وراءك؟ قال : ما أدري ، غير أنّه قال : مرحبا وأهلا ، قالوا : يكفيك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إحداهما ، أعطاك الأهل والمرحب.

فلمّا كان بعد ما زوّجه ، قال : يا علي ، إنّه لا بدّ للعروس من وليمة ، فقال سعد : عندي كبش ، وجمع الأنصار أصوعا من ذرّة ، فلمّا كان ليلة البناء قال : لا تحدث شيئا حتّى تلقاني ، فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بماء فتوضّأ منه ، ثمّ أفرغه على عليّ فقال : اللهم بارك فيهما ، وبارك لهما في بنائهما.

رواه الطبراني بإسناد صحيح (١).

هل هناك تعارض بين الأحاديث

ولا يعارضه ما سبق : أنّ الّذي نبّهه لذلك العمران (٢) ، وما في حديث ابن عباس : أنّه سعد ؛ لجواز أنّهما خرجا منه ثمّ لقيه سعد فحثّه عليه ، من غير أن يعلم أحدهم بما فعله الآخر. ولا حديث أسماء ، إذ مرادها بوليمة عليّ ما قام به بنفسه ، غير ما جاء به الأنصار وسعد ، أو أنّ الوليمة تعدّدت ، فما دفعه المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله للنساء ، وذاك للرجال ، وبقية حديثها يشهد له. ولا حديث أنس المصرّح بإيقاع الماء عليهما ؛ لتغيّر الكيفية ، كما أفاده المحبّ الطبري (٣).

__________________

(١) المعجم الكبير ٢ : ٢٠ برقم ١١٥٣ ، وراجع كنز العمّال ١٣ : ٦٨٠ برقم ٣٧٧٤٥ ، ومجمع الزوائد ٩ : ٣٣٥ برقم ١٥٢١٤.

(٢) أي أبي بكر وعمر.

(٣) ذخائر العقبى : ٧٥ باب تزويج فاطمة.


وعن جابر :

لمّا حضرنا عرس علي وفاطمة عليهم‌السلام ، فما رأينا عرسا كان أحسن منه ، حشونا الفراش الليف ، وأتينا بتمر وزبيب فأكلنا ، وكان فراشها ليلة عرسها إهاب كبش.

رواه البزّار ، وفيه ضعف (١).

وعن علي عليه‌السلام قال : خطبت فاطمة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت لي مولاة لي : هل علمت أنّ فاطمة خطبت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قلت : لا ، قالت : فقد خطبت فما يمنعك أن تأتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيزوّجك؟ فقلت : أو عندي شيء أتزوّج به؟ فقالت : إنّك إن جئته زوّجك.

فو الله ، ما زالت ترجيني حتّى دخلت عليه ـ وكانت له جلالة وهيبة ـ فلمّا قعدت بين يديه أفحمت ، فما استطعت أن أتكلّم جلالة وهيبة ، فقال : ما جاء بك ألك حاجة؟ فسكتّ ، فقال : لعلّك جئت تخطب فاطمة؟ قلت : نعم ، قال : وهل عندك من شيء تستحلّها به؟ فقلت : لا والله يا رسول الله ، فقال : ما فعلت درعك سلّحتكها (٢)؟ فو الّذي نفس علي بيده إنّها لحطمية ، ما قيمتها أربعة دراهم ، فقلت : عندي ، فقال : قد زوّجتكها ؛ فابعث بها إليها ، فاستحلّها بها ، فإن كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣).

__________________

(١) كشف الأستار عن زوائد البزّار ٢ : ١٥٣ برقم ١٤٠٨ ، وراجع مجمع الزوائد ٩ : ٣٣٦ برقم ١٥٢١٥.

(٢) سلّحته وأسلحته : إذا أعطيته سلاحا.

(٣) رواه البيهقي في دلائل النبوّة ٣ : ١٦٠ ، وفي السنن الكبرى ٧ : ٢٣٤ كتاب الصداق ، والمتقي الهندي في كنز العمّال ١٣ : ٦٨٢ برقم ٣٧٧٥١ وقال : «رواه البيهقي في الدلائل والدولابي في الذرّية الطاهرة» ، وابن الأثير الجزري في أسد الغابة ٧ : ٢١٧.


[رواه البيهقي في الدلائل] (١).

قال المحبّ الطبري : يشبه أنّ العقد وقع على الدرع ، وبعث بها علي ثمّ ردّها إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليبيعها ، فباعها وأتاه بثمنها (٢).

ثمّ هذه الأحاديث وقائع حال فعلية محتملة ، فعدم تصريح علي بالقبول فيها لا يدلّ على عدم اشتراطه ؛ لاحتمال أنّه قبل ما شاء لمن شاء.

ولا تدلّ أيضا على عدم وجوب تسمية المهر في العقد ، بدليل ما رواه أبو داود :

عن ابن عباس قال : لمّا تزوّج علي فاطمة قال له المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعطها شيئا ، قال : ما عندي شيء ، قال : أين درعك الحطمية؟ (٣)

فقوله : «لمّا تزوّج» فيه تصريح بأنّه إنّما ذكر ذلك بعد وقوع العقد.

وروى إسحاق بسند ضعيف :

عن علي عليه‌السلام : أنّه لمّا تزوّج فاطمة قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اجعل عامة الصداق في الطيب (٤).

وعن أبي يعلى بسند ضعيف :

عن عليّ قال : خطبت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ابنته فاطمة ، قال : فباع علي درعا ، وبعض ما باع من متاعه ، فبلغ أربعمائة وثمانين درهما ، وأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يجعل ثلثين في الطيب وثلثا في الثياب ، ومجّ في جرّة من ماء ، وأمرهم أن يغتسلوا به ، وأمرها أن لا تسبقه برضاع

__________________

(١) ما بين المعقوفتين زيادة في نسخة (ز).

(٢) كلام المحبّ الطبري ذكره الزرقاني في شرح المواهب اللدنية ٢ : ٣٦٤.

(٣) والخبر يروى أيضا في السنن الكبرى للنسائي ٣ : ٣٣٣ برقم ٥٥٦٨ ، والسنن الكبرى للبيهقي ١٠ : ٢٦٩ باب متاع البيت ، وكنز العمّال ١٣ : ٦٨٢ رقم ٣٧٧٤٧ ، وصحيح ابن حبّان ١٥ : ٣٩٦ برقم ٦٩٤٥ باب مناقب علي ، ومسند أبي يعلى ٤ : ٣٢٨ برقم ٢٤٣٩ ، والطبقات الكبرى ٨ : ١٨ من حديث عكرمة.

(٤) كنز العمّال ١٣ : ٦٧٩ برقم ٣٧٧٣٩ ، سبل الهدى ١١ : ٣٨.


ولدها ، فسبقته برضاع الحسين ، وأمّا الحسن فإنّه عليه الصلاة والسلام صنع في فيه شيئا لا ندري ما هو ، فكان أعلم الرجلين (١).

وعن علي بن أحمد اليشكري (٢) :

أنّ عليا تزوّج فاطمة ، فباع بعيرا له بثمانين وأربعمائة درهم ، فقال المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله : اجعلوا ثلثين في الطيب ، وثلثا في الثياب.

رواه ابن سعد في الطبقات (٣).

وهذا لا ينافيه ما مرّ أنّه أصدقها ذلك الدرع ، لأنّ الدرع هو الصداق ، وثمن البعير قام بما لها ممّا عليه من حقوق الوليمة واللوازم العرفية والعادية ونحو ذلك.

وعن حجر بن عنبس ـ وكان قد أدرك الجاهلية لكنّه لم ير المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال :

خطب أبو بكر وعمر إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة ، فقال رسول الله : هي لك يا علي.

رواه الطبراني بإسناد صحيح (٤).

وعن حجر المذكور قال :

خطب علي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : هي لك يا علي لست بدجّال ـ أي لأنّه كان قد وعده ـ فقال : إنّي لا أخلف الوعد.

رواه البزّار ، ورجاله ثقات (٥).

__________________

(١) مسند أبي يعلى ١ : ٢٩١ برقم ٣٥٣ ، وراجع كنز العمّال ١٣ : ٦٨٠ برقم ٣٧٧٤٢ ، سبل الهدى ١١ : ٣٨. ويذكر أنّ هذه الرواية غير موجودة في النسخة (ز).

(٢) في النسخة (ز) : علي بن احمر اليشكري.

(٣) الطبقات الكبرى ٨ : ١٦ ـ ١٨ وفيه : علي بن أحمر ، وراجع كنز العمّال ١٦ : ٣٠٥ رقم ٤٤٦١٣.

(٤) المعجم الكبير ٤ : ٣٤ رقم ٣٥٧١ ، وراجع مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٩ رقم ١٥٢٠٧ وقال : «رجاله ثقات» ، وكنز العمّال ١٣ : ٦٨٠ رقم ٣٧٧٤٦ ، ورواه في الطبقات الكبرى ٨ : ١٦ ، وفي كشف الأستار عن زوائد البزّار ٢ : ١٥١ وفيه :

«قال البزّار : وحجر لا نعلم روى عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا هذا ، وقوله هذا يدلّ على أنّه رأى المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٥) كشف الأستار عن زوائد البزّار ٢ : ١٥١ رقم ١٤٠٦ ، ورواه في المعجم الكبير ٤ : ٣٤ رقم ٣٥٧٠ وفيه : «هي لك


وظاهر حديث حجر الأول أنّ المصطفى لمّا خطبها الشيخان ابتدأ (١) عليا فزوّجه إيّاها بغير طلب.

وظاهر الباقي أنّه لمّا خطباها علم علي فجاء فخطبها ، فأجابه ، ويدلّ عليه كثير من الأخبار المارّة.

والظاهر أنّ الواقعة تعدّدت ، فخطباها فلم يجب ولم يردّ ، فجاء علي فوعده وسكت ، فلم يعلما بوعده فأعاد ، فابتدر وزوّجها من علي لسبق إجابته له.

وفي حديث عكرمة : أنّه استأذنها قبل تزويجها منه (٢).

فقد روى ابن سعد عن عطاء قال :

خطب علي فاطمة ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ عليا يريد يتزوّجك ، فسكتت ، فزوّجها (٣).

ففيه : أنّه يستحبّ استئذان البكر ، وأنّ إذنها سكوتها ، وعليه الشافعي (٤).

وروى ابن أبي حاتم عن أنس وأحمد عنه بنحوه ، قال :

جاء أبو بكر وعمر يخطبان فاطمة إلى المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسكت ولم

__________________

على أن تحسن صحبتها» ، وفي مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٩ رقم ١٥٢٠٦ وقال : «رواه البزّار» ، وفي الطبقات الكبرى ٨ : ١٦ وقال : «يعني لست بكذّاب ؛ لأنّه قد وعد علي بها قبل أن يخطبها».

(١) في نسخة (ز) : ابتدر.

(٢) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨ : ١٦.

(٣) نفس المصدر السابق ، وفيه : «أنّ عليا يذكرك».

(٤) ذكر مذهب الشافعي في استحباب الاستئذان في البكر ، وأنّ إذنها هو سكوتها في :

المجموع للنووي ١٦ : ١٦٩ باب : ما يصحّ به النكاح للولي ، وفي المدوّنة الكبرى ٢ : ١٥٧ ، والسنن الكبرى للنسائي ٣ : ٢٨١ رقم ٥٣٧٥ و ٥٣٧٧ وفيه : «وكيف إذنها؟ قال : أن تسكت ، وإذنها صماتها» ، وكنز العمّال ١٣ : ٥٣٢ رقم ٤٥٧٧٧.

وهو ما ذهبت إليه الإمامية ؛ لما روي في صحيح البزنطي عن عليّ عليه‌السلام قال : «في المرأة البكر إذنها صماتها ، والثيّب أمرها إليها» راجع وسائل الشيعة ١٤ : ٢٠٦ الباب ٥ حديث ١. وفي العروة الوثقى ٢ : ٦٤٧ مسألة ١٥ :

«ورد في الأخبار أنّ إذن البكر سكوتها عند العرض عليها ، وأفتى به العلماء».


يرجع إليهما شيئا ، فانطلقا إلى عليّ يأمرانه (١) يطلب ذلك. قال علي عليه‌السلام : فنبّهاني لأمر ، فقمت أجرّ ردائي حتّى أتيته صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت : تزوّجني فاطمة؟ قال : وعندك شيء؟ قلت : فرسي وبدني قال : أمّا فرسك فلا بدّ لك منه ، وأمّا بدنك ـ أي درعك ـ فبعها ، فبعتها بأربعمائة وثمانين ، فجئته بها فوضعها في حجره ، فقبض منها قبضة فقال : أي بلال ، ابتع بها طيبا. وأمرهم أن يجهّزوها ، فجعل لها سريرا مشروطا ووسادة من أدم حشوها ليف ، وقال لي : إذا أتيت فلا تحدثنّ شيئا حتّى آتيك.

فجاءت أم أيمن فقعدت في جانب البيت وأنا في جانب ، فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : هاهنا أخي؟ قالت أم أيمن : أخوك وتزوّجه ابنتك؟ قال : نعم ، فدخل فقال لفاطمة : آتيني بماء ، فقامت فأتت بقعب ـ أي : قدح ـ في البيت ، فأتته فيه بماء ، فأخذه ومجّ فيه ، ثمّ قال لها : تقدّمي ، فتقدّمت ، فنفخ بين يديها (٢) وعلى رأسها وقال : اللهم إنّي أعيذها بك وذرّيتها من الشيطان الرجيم ، ثمّ قال : ادبري ، فأدبرت ، وصبّ بين كتفيها ، ثمّ فعل مثل ذلك مع عليّ ثمّ قال له : ادخل بأهلك باسم الله والبركة (٣).

وأخرج الخطيب البغدادي في كتاب (التلخيص) عن أنس قال :

بينما أنا عند المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ غشيه الوحي ، فلمّا سري عنه قال لي :

__________________

(١) ليس المراد من الأمر هنا هو الالزام والإيجاب ، بل المراد الطلب أو أحد معانيه الأخرى كالترجّي مثلا. وقد تقدّم في رواية الطبراني : أنّ سعد بن معاذ طلب من عليّ ذلك ، وفي رواية بريدة : أنّ نفرا من الأنصار ، وفي رواية أخرى : مولاة لهم. هذا وروى ابن سعد في الطبقات ٨ : ١٦ «أنّ أهل علي قالوا لعلي : أخطب فاطمة».

(٢) في نسخة (ز) : ثدييها.

(٣) مجمع الزوائد ٢ : ٣٣١ رقم ١٥٢١٠ ، ورواه القندوزي في ينابيع المودّة ٢ : ١٢٦ مع تفاوت يسير بالألفاظ.


تدري ما جاء به جبريل من عند صاحب العرش؟ إنّ الله أمرني أن أزوّج فاطمة من علي ، انطلق فادع لي أبا بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وعدّة من الأنصار.

فلمّا اجتمعوا وأخذوا مجالسهم ، وكان علي غائبا ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحمد لله المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته ، المطاع سلطانه ، المرهوب من عذابه وسطوته ، النافذ أمره في سمائه وأرضه ، الّذي خلق الخلق بقدرته ، وميّزهم بأحكامه ، وأعزّهم بدينه ، وأكرمهم بنبيّهم محمّد.

إنّ الله تبارك اسمه وتعالت عظمته جعل المصاهرة نسبا لاحقا ، وأمرا مفترضا ، أوشج به الأرحام ـ أي : ألّف بينها ـ وجعلها مختلطة مشتبكة ، قال عزّ من قائل : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) (١) فأمر الله مجرى (٢) إلى قضائه ، وقضاؤه مجرى (٣) إلى قدره ، ولكلّ قدر أجل ، ولكلّ أجل كتاب ، يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ، ثمّ إنّ الله أمرني أن أزوّج فاطمة من علي ، فاشهدوا عليّ أنّي قد زوّجته على أربعمائة مثقال فضّة إن رضي علي بذلك.

ثمّ دعا بطبق من بسر ، ثمّ قال : انتهبوا ، فانتهبنا ، ودخل علي ، فتبسّم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في وجهه ثمّ قال : إنّ الله أمرني أن أزوّجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضّة ، أرضيت؟ فقال : رضيت.

زاد ابن شاذان في رواية له : ثمّ خرّ علي ساجدا شكرا لله تعالى ،

__________________

(١) الفرقان : ٥٤.

(٢) في نسخة (ز) : يجري.

(٣) في نسخة (ز) : يجري.


فقال المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله : جمع الله شملكما ، وبارك عليكما ، وأخرج منكما نسلا طيّبا.

زاد في رواية ابن شاذان : وجعل نسلكما مفاتيح الرحمة ، ومعدن الحكمة (١).

وهذه واقعة حال محتملة ـ كما مرّ ـ لأن يكون عليّ قبل لمّا حضر وعلم. وقوله :

«إن رضي» صورة تعليق لا حقيقة ؛ لأنّ الأمر منوط برضا الزوج.

على أنّ هذا الحديث قد حكم ابن الجوزي بوضعه ، وتبعه الذهبي ، وقالا : هو من وضع محمّد بن دينار (٢).

ورواه ابن عساكر بنحوه ، وقال : غريب لا أعلمه (٣).

قال ابن طاهر المقدسي : محمّد بن دينار روى عن هشيم عن يونس عن الحسن عن أنس : تزويج فاطمة ، والراوي عنه فيه جهالة (٤). ورواه ابن قانع وغيره من طريق محمّد بن دينار عن جابر.

قال ابن الجوزي : وضع ابن دينار هذا الحديث ، فوضع الطريق الأول إلى أنس ، ووضع الطريق الثاني إلى جابر (٥).

__________________

(١) تاريخ دمشق ٥٢ : ٤٤٤ رقم ٦٣٣٨ ، ورواه القندوزي في ينابيع المودّة ٢ : ٦١ حديث ٤٨.

(٢) يذكر أنّ الموجود في الموضوعات لابن الجوزي ١ : ٤١٨ : «وضعه محمّد بن زكريا ، فوضع الطريق الأول إلى جابر ، ووضع الطريق الثاني إلى أنس». وأمّا الذهبي في الموضوعات : ١٤٨ فقال : «موضوع فيه من الركّة». ولم ينسب الوضع إلى محمّد بن دينار.

(٣) تاريخ ابن عساكر ٥٢ : ٤٤٤ ونصّ كلامه : «غريب لا أعلم يروى إلّا بهذا الإسناد».

(٤) اللآلي المصنوعة ١ : ٣٩٧.

(٥) الموضوعات لابن الجوزي ١ : ٤٨ لكن فيه : «وضعه محمّد بن زكريا ، فوضع الطريق الأول إلى جابر ، ووضع هذا الطريق إلى أنس».


وأقرّه على الجزم بوضعه الجلال السيوطي فيما تعقّبه (١) عليه مع تحرّيه الاجتهاد في أحكامه ما وجد بذلك سبيلا (٢).

والحاصل : أنّ هذه الكيفية من الخطبة عند العقد والاجتماع كذلك ، لا أصل له بالكلّية (٣).

وأمّا وقوع التزويج بالأمر الإلهي لعليّ ، وخطبة الشيخين لها قبل ذلك ، وجعل الدرع صداقا ، فلا شكّ فيه ؛ لوروده من طرق بأسانيد صحيحة (٤).

وأمّا ما زعمه الشيخ شهاب الدين ابن حجر من أنّ لذلك أصلا فممنوع ، وما تمسّك به من كلام الحافظ ابن حجر في اللسان (٥) فممنوع ، فإنّ الحافظ لم يقل فيه : إنّه غير موضوع (٦).

__________________

(١) اللآلي المصنوعة ١ : ٣٩٧ ـ ٣٩٨ وفيه : «محمّد بن زكريا بن دينار» ونبّه على ذلك فقال : «نسب في الطريق الأول إلى جدّه».

(٢) ما يجدر ذكره هنا هو أنّ محمّد بن دينار اسم يعود إلى رجلين ، أحدهما : الغلابي الّذي ذكره العجلي في الثقات وقال : «لا بأس به» (معرفة الثقات ٢ : ٢٣٧ رقم ١٥٩٢) ، وفي الجرح والتعديل ٧ : ٢٤٩ رقم ١٣٦٧ قال : «سئل يحيى بن معين عن محمّد بن دينار ، فقال : ليس به بأس. وسئل أبو زرعة عنه قال : صدوق». ووثّقه عمر بن شاهين في تاريخ أسماء الثقات : ٢١.

وقال ابن عدي في الكامل : «ينفرد بأشياء ، وهو صدوق» ، وقال النسائي : «ليس به بأس» ، وكذا ابن معين ، راجع ميزان الاعتدال ٣ : ٥٤١. وذكره ابن حبّان في الثقات كما في تهذيب الكمال ٢٥ : ١٧٩.

روى له أبو داود والترمذي.

وأمّا الآخر فهو محمّد بن دينار العرقي الّذي يروي عن هشيم فهو الّذي قيل فيه : «لا يدرى من هو» كما في ميزان الاعتدال ٣ : ٥٤٢ رقم ٧٥٠٥ ، ولسان الميزان ٥ : ١٦٣. وهو الّذي قد نصّ على وثاقته ابن حبّان في الثقات ٩ : ٩٧ بعنوان : محمّد بن دينار الحمصي ، يروي عن هشيم. وتهذيب الكمال ٢٥ : ١٧٩.

ومن هنا وقع الخلط عند ابن الجوزي والسيوطي ، فإنّ محمّد بن دينار في سند رواية أنس هو محمّد بن دينار العرقي ، ومحمّد بن دينار في سند رواية جابر فهو محمّد بن دينار الغلابي ، الّذي وثّقه كثير من الأعلام.

(٣) بل الأصل هو رواية أنس المتقدّمة ، ومحمّد بن دينار وثّقه كثير من الأعلام ، وسيأتي من المصنّف أنّ ابن حجر اعتبرها أصلا لخطبة العقد.

(٤) تقدّمت جملة من هذه الروايات.

(٥) لسان الميزان ٥ : ١٦٣.

(٦) يفتقد هذا الكلام إلى الدقّة ، إذ أنّ السكوت وعدم نفي الوضع لا يدلّ بالضرورة على الوضع.


بل حكي عن ابن عساكر أنّ الراوي عن محمّد بن دينار دمشقي فيه جهالة (١).

على أنّ محمّد بن دينار وضّاع ، فمراده زيادة توهين الحديث ، وأنّه مع كونه من رواية ابن دينار فالراوي عنه فيه جهالة ، فهي ظلمات بعضها فوق بعض ، والله العالم.

وأخرج ابن سعد في طبقاته عن عكرمة قال :

لمّا زوج المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا فاطمة ، كان فيما جهّزت به : سرير مشروط ، ووسادة من أدم حشوها ليف ، وقربة ، وقال لعليّ : إذا أتيت بها فلا تقربنّها حتّى آتيك.

وكانت اليهود يأخذون الرجل عن امرأته ، فلمّا أتي بها قعدا جنبا في ناحية البيت ، ثمّ جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدعا بماء فأتي به ، فمجّ فيه ومسّه بيده ، ثمّ دعا عليا فنضح من ذلك على كتفيه وصدره وذراعيه ، ثمّ دعا فاطمة ، فأقبلت تتعثّر في ثوبها حياء من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ففعل بها مثل ذلك ، ثمّ قال لها : يا فاطمة ، أما إنّي ما أليت أن أنكحتك خير أهلي (٢).

(وأخرج نحوه موصولا من طريق سعيد بن المسيب عن أم أيمن) (٣).

وأخرج ابن ماجة عن عليّ قال :

لقد أهديت ابنة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما كان فراشها ليلة أهديت إلّا إهاب كبش (٤).

__________________

(١) انظر تاريخ دمشق ٥٢ : ٤٤٤ ، والحاكي هو محمّد بن طاهر المقدسي في كتاب «تكملة الكامل» قال : «الراوي عنه من أهل الساحل ، دمشقي فيه جهالة». فالكلام فيما يبدو ليس لابن عساكر.

(٢) الطبقات الكبرى ٨ : ١٩.

(٣) بين القوسين أثبتناه من النسخة (ز).

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ١٣١٩ باب ضجاع آل محمّد ، وفيه : «مسك كبش» ، ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٢ :

٣٧٦. والإهاب : الجلد.


وروى الطبراني :

لمّا أهديت فاطمة إلى علي ، لم نجد في بيته إلّا رملا مبسوطا ، ووسادة حشوها ليف ، وجرّة ، وكوز (١).

وروي عن رجل قال : أخبرتني جدّتي أنّها كانت مع النسوة اللاتي أهدين فاطمة إلى علي ، قالت :

أهديت في بردين عليها ، ودملجان من فضّة مصفرّان ، فدخلت بيت عليّ فإذا إهاب كبش ، ووسادة فيها ليف ، وقربة ، ومنخل ، وقدح (٢).

وروى أحمد في الزهد عن عليّ قال :

جهّز رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة في خميلة (٣) ، وقربة ، ووسادة من أدم حشوها ليف (٤).

وروي عن عليّ قال :

ما كان لها إلّا إهاب كبش تنام على ناحيته ، وتعجن فاطمة على ناحيته (٥).

وروى أبو بكر ابن فارس وابن مشدّد عن ضمرة بن حبيب :

قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ابنته فاطمة بخدمة البيت ، وقضى على علي بما كان خارج البيت (٦).

__________________

(١) المعجم الكبير ٢٤ : ١٣٧ رقم ٣٦٥ ، وراجع مجمع الزوائد ٩ : ٣٣٦.

(٢) الطبقات الكبرى ٨ : ٢٠ مع تفاوت يسير بالألفاظ.

(٣) الخميلة : القطيفة ، وهي كلّ ثوب له خمل من أيّ شيء كان ، وقيل : الخميل هو الأسود من الثياب ، راجع النهاية لابن الأثير : ٢ : ٨١.

(٤) صحيح ابن حبّان ١٥ : ٣٩٨ رقم ٦٩٤٧ وفيه : «قال أبو حاتم : الخميلة : قطيفة بيضاء من الصوف».

(٥) تاريخ دمشق ٤٢ : ٣٧٦ ، سبل الهدى ١١ : ٤١.

(٦) سبل الهدى ١١ : ٤١.


وروى البخاري في الخمس ، ومسلم في الدعوات وغيرهما عن علي عليه‌السلام :

أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا زوّجه فاطمة ، بعث معها خميلة ، ووسادة من أدم حشوها ليف ، ورحيين (١) ، وسقا ، وجرّتين. فقال علي لفاطمة ذات يوم : والله لقد سنوت (٢) حتّى اشتكيت صدري ، وقد جاء الله أباك بسبي ، فاذهبي فاستخدميه. فقالت : والله ، أنا طحنت حتّى مجلت (٣) يداي. فأتت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ما جاء بك أي بنيّة؟ قالت : جئت لأسلّم عليك ، واستحيت أن تسأله ورجعت.

فقال (٤) : ما فعلت؟ قالت : استحييت أن أسأله ، فأتياه جميعا ، فقال علي : يا رسول الله ، والله لقد سنوت حتّى اشتكيت صدري ، وقالت فاطمة : قد طحنت فمجلت يداي ، وقد جاءك الله بسبي وسعة ، فأخدمنا ، فقال : والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفّة تطوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم ، ولكنّي أبيعهم وأنفق عليهم ، وأحفظ عليهم إيمانهم. فرجعا ، فأتاهما وقد دخلا في قطيفتهما ، إذا غطّت رأسيهما تكشّفت أقدامهما ، وإذا غطّت أقدامهما تكشّف رأساهما ، فثارا ، فقال : مكانكما ، ثمّ قال : ألا أخبركما بخير ممّا سألتماني؟ قالا : بلى ، قال : كلمات علّمنيهنّ جبريل ، تسبّحان الله في دبر كلّ صلاة عشرا ، وتحمدان الله عشرا ، وتكبّران عشرا. وإذا أويتما إلى فراشكما فسبّحا الله ثلاثا وثلاثين ، واحمدا ثلاثا وثلاثين ، وكبّرا أربعا وثلاثين.

__________________

(١) في نسخة (ز) : ورحى.

(٢) سنوت : سقيت.

(٣) مجلت : تقرّحت.

(٤) أي : قال علي عليه‌السلام.


قال : فو الله ما تركتهنّ منذ علّمنيهنّ رسول الله ، فقال له ابن الكوّاء (١) : ولا ليلة صفّين؟ قال : نعم ، ولا ليلة صفّين (٢).

[فقد اختار عليه‌السلام لها النفقة على الغنى ، والآخرة على الدنيا] (٣) وسرى ذلك إلى ذرّيتهما.

ولهذا لمّا ذهبت عنهم الخلافة الظاهرة ؛ لكونها صارت ملكا ، ومن ثمّ لم تتمّ للحسنين ، عوّضوا منها بالخلافة الباطنة ، حتّى ذهب كثيرون إلى أنّ قطب الأولياء لا يكون في كلّ زمن إلّا منهم.

__________________

(١) في صحيح مسلم : «فقال ابن أبي ليلى».

(٢) صحيح البخاري بشرح السندي ٣ : ٥١٦ باب : خادم المرأة من كتاب النفقات رقم ٥٣٦٢ ، كما رواه من دون الذيل مع اختلاف في الألفاظ في عدّة مواضع من الصحيح ٢ : ٣٤٥ رقم ٣١١٣ باب : الخمس و ٢ : ٥٣٦ رقم ٣٧٠٥ باب : مناقب علي و ٣ : ٥١٥ رقم ٥٣٦١ و ٤ : ١٩٤ رقم ٦٣١٨ باب : التكبير والتسبيح عند النوم ، صحيح مسلم بشرح النووي ١٧ : ٤٨ رقم ٦٨٥٥ ، ورواه في الطبقات الكبرى ٨ : ٢١.

وهذا الذكر الّذي علّمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمة هو الّذي يسمّى : «تسبيح فاطمة» أو «تسبيح الزهراء». وقد استفاضت الروايات فيه ، ورواه أكثر الائمة والحفّاظ بطرق متعدّدة وأسانيد صحيحة.

فقد رواه البخاري في كتاب النفقات باب : خادم المرأة ، وفي كتاب الخمس باب : الخمس لنوّاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي المناقب باب : مناقب علي عليه‌السلام ، وفي كتاب الدعوات باب : التكبير والتسبيح عند النوم. لاحظ البخاري بشرح الإمام السندي ٣ : ٥١٦ رقم ٥٣٦٢ ، ٥٣٦١ و ٢ : ٣٤٥ رقم ٣١١٣ و : ٥٣٦ رقم ٣٧٠٥ و ٤ : ١٩٤ رقم ٦٣١٨ ، وفي شرح النووي على صحيح مسلم ١٧ : ٤٦ رقم ٦٨٥٣ ، وانظر مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٤ رقم ٤٧٢٤ بطريق آخر وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه ، وقال الذهبي : على شرط البخاري ومسلم. وسنن الدارمي ٢ : ٢٣٢ ، والديباج على صحيح مسلم بن الحجاج ٦ : ٧٥ رقم ٢٧٢٧ ، ومسند الحميدي ١ : ١٧٤ رقم ٤٣ ، والسنن الكبرى للنسائي ٦ : ٢٠٣ رقم ١٠٦٥٠ ، ١٠٦٥١ ، ومسند أبي يعلى ١ : ٢٣٦ رقم ٢٧٤ ، وصحيح ابن حبّان ١٢ : ٣٣٩ رقم ٥٥٢٩.

ورواه الإمام أحمد في عدّة مواضع من المسند ١ : ١٠٦ ، ١٤٤ و ٢ : ١٦٦ ، ومسند ابن راهويه ٥ : ١١ رقم ٢١٠٧ و ٢١٠٨ وقال : «رجاله رجال الشيخين» ، ومجمع الزوائد ١٠ : ١٢٣ رقم ١٦٩١١ ، وكنز العمّال ١٥ : ٥٠١ ، وسبل الهدى ١١ : ٤٨.

وقد روي من طرق الإمامية بطرق صحيحة عن ائمة أهل البيت عليهم‌السلام مع اختلاف في الكيفية بالتقديم والتأخير وهي : التكبير أولا أربعا وثلاثين ، ثمّ التحميد ثلاثا وثلاثين ، ثمّ التسبيح ثلاثا وثلاثين. رواه في الكافي ٣ : ٣٤٢ باب التعقيب بعد الصلاة رقم ٦ ، ٧ ، ٨ ، ٩ ، ١٢ ، ١٣ ، من لا يحضره الفقيه ١ : ٣٢٠ رقم ٩٤٧ ، كشف الغمّة ٢ : ٩٩ ، وغيرها.

(٣) ما بين المعقوفتين أثبتناه من النسخة (ز).



الباب الثالث

في فضائلها ، وبناء المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله عليها ،

واختصاصه بها ، واهتمامه بشأنها ، وتنويهه

بذكرها ، وتحذيره من إيذائها وبغضها والأذى لها ،

وتعليمه إيّاها ، وتأديبه وتهذيبه لها ، وغير ذلك



فضائلها

الحديث الأول :

عن المسوّر بن مخرمة أنّه عليه الصلاة والسلام قال :

«فاطمة بضعة (١) منّي ـ أي : جزء منّي ـ فمن أغضبها فقد أغضبني» (٢).

رواه البخاري في الصحيح.

__________________

(١) البضعة : بالفتح ، القطعة من اللحم ، وقد تكسر ، أي : أنّها جزء منّي كما أنّ القطعة جزء من اللحم. (النهاية لابن الأثير : ١ : ١٣٣). وقال السيوطي : «البضعة ، بفتح الباء لا غير ، وهي القطعة من اللحم». (الديباج ٥ : ٤١٧).

(٢) صحيح البخاري بحاشية السندي ٢ : ٥٥٠ رقم ٣٧٦٧ باب : مناقب فاطمة و ٢ : ٥٣٨ رقم ٣٧١٤ باب : مناقب قرابة الرسول. وقال ابن حجر في فتح الباري ٧ : ٤٧٧ «أخرجه الترمذي وصحّحه» ، مصابيح السنّة ٢ : ٤٥٥ رقم ٢٧١٢ ، شرح السنّة للبغوي ٨ : ١٢٠ رقم ٣٩٥٦ وقال : «هذا حديث صحيح» ، المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٤ رقم ١٠١٢ ، مصنّف ابن أبي شيبة ١١ : ١٨٤ رقم ٣٢٨٠٨ ، السنن الكبرى ٥ : ٩٧ رقم ٨٣٧٢ ، الجامع الصغير ٢ : ٦٥٣ رقم ٥٨٥٨ وقال : «صحيح» ، كشف الخفاء ٢ : ٨٠ رقم ١٨٢٩ قال : «رواه الشيخان عن المسوّر ، ورواه أحمد والحاكم والبيهقي عنه بلفظ : فاطمة بضعة ، وفي رواية : مضغة» ، فيض القدير ٤ : ٤٢١ رقم ٥٨٣٣ وقال :

«استدلّ به السهيلي على أنّ من سبّها كفر ؛ لأنّه يغضبه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّها أفضل من الشيخين» ، كنز العمّال : ١٢ : ١٠٨ رقم ٣٤٢٢٢ ، فضائل الصحابة : ٧٨ ، الفردوس ٣ : ١٦١ رقم ٤٢٨٢ ، سبل الهدى ١٠ : ٣٢٧ وقال : «وهو يقتضي تفضيل فاطمة على جميع نساء العالم ، ومنهنّ خديجة وعائشة وبقية بنات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، الآحاد والمثاني ٥ : ٣٦١


الحكم في من يسبّها :

قال السهيلي : إنّ من سبّها فقد كفر (١).

ويشهد له : أنّ أبا لبابة حين ربط نفسه ، وحلف أن لا يحلّه إلّا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجاءت فاطمة لتحلّه ، فأبى من أجل قسمه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّما فاطمة بضعة منّي (٢).

وفيه نظر (٣).

وقال بعضهم : إنّ كلّ من وقع منهم في حقّ فاطمة شيء فتأذّت به ، فالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يتأذّى به (٤). ولا شيء أعظم من إدخال الأذى عليها من قبل ولدها ، وهذا عرف

__________________

رقم ٢٩٥٤ ، البيان والتعريف ١ : ١١٦ رقم ٢١٧ وقال : «أخرجه الشيخان والنسائي وأبو داود والإمام أحمد وغيرهم عن المسوّر».

قال ابن حجر : «فيه تحريم أذى من يتأذّى المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله بتأذّيه ، فكلّ من وقع منه في حقّ فاطمة شيء فتأذّت به ، فالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يتأذّى به بشهادة هذا الخبر». (فيض القدير ٤ : ٤٢١ حديث رقم ٥٨٣٣).

(١) نقله عن السهيلي في فتح الباري ٧ : ٤٧٧ في شرح حديث رقم ٣٧٦٧ ، وإرشاد الساري في شرح البخاري ٨ : ٢٨٠ رقم ٣٧٦٧ ، وتقدّم عن فيض القدير ٤ : ٤٢١ رقم ٥٨٣٣.

وقال ابن حجر : «توجيهه : أنّها تغضب ممّن سبّها ، وقد سوّى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بين غضبها وغضبه ، ومن أغضبه صلى‌الله‌عليه‌وآله يكفر». (فتح الباري ٧ : ٤٧٧).

وقد استدلّ البيهقي أيضا بهذا الحديث على أنّ من سبّها فإنّه يكفر. نقله العيني في عمدة القاري شرحه على البخاري ١٦ : ٢٤٩.

(٢) المحلّى لابن حزم : ٨ : ٥٧ مسألة رقم ١١٥٥ ، سبل الهدى ١٠ : ٣٢٨ و ٥ : ٩ نقله عن السهيلي وقال : «فيه : علي بن زيد وهو ابن جدعان ، ضعيف ، وعلي بن الحسين وروايته مرسلة». لكن المتأمّل في كلامه يجده يفتقد إلى الدقّة ، فأمّا علي بن زيد (ابن جدعان) فهو من رجال مسلم ، وروى له البخاري في الأدب المفرد ، وقال الترمذي :

صدوق ، وقال العجلي : كان يتشيّع لا بأس به ، وقال ابن عدي : لم أر أحدا امتنع من الرواية عنه. (تهذيب الكمال ٢٠ : ٤٣٤). وأما علي بن الحسين فهو الإمام السجاد عليه‌السلام ، أحد علماء أهل بيت النبوّة الطاهرين ، وهو يروي عن أبيه عن آبائه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٣) أي في الاستشهاد بخبر أبي لبابة على كلام السهيلي.

(٤) ويدلّ عليه كثير من الأخبار ، تقدّم بعضها ، وسيأتي البعض الآخر بلفظ مثل «من أغضبها أغضبني» ،


بالاستقراء ؛ معالجة من تعاطى ذلك بالعقوبة في الدنيا ، ولعذاب الآخرة أشد (١).

الحديث الثاني :

عنه أيضا أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

«فاطمة بضعة منّي ، يقبضني ما يقبضها ، ويبسطني ما يبسطها ، وأنّ الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي» (٢).

رواه الإمام أحمد والحاكم.

الحديث الثالث :

عنه أيضا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

«إنّما فاطمة شجنة (٣) منّي ، يبسطني ما يبسطها ، ويقبضني ما يقبضها» (٤).

رواه الحاكم والطبراني.

__________________

«يؤذيني ما يؤذيها» ، «يقبضني ما يقبضها» ، «من آذاها فقد آذاني» رواها أعلام المحدّثين من أهل الصحاح والسنن ، مثل مسلم والبخاري والترمذي والطبراني وأحمد والنسائي والديلمي والحاكم والسيوطي وغيرهم بأسانيد صحيحة ذكرناها في محلّها.

(١) هذا الكلام لابن حجر نقله عنه المناوي في فيض القدير ٤ : ٤٢١ في شرح الحديث رقم ٥٨٣٣ ، وقاله أيضا في عون المعبود ٦ : ٥٧.

(٢) مستدرك الحاكم ٣ : ١٧٢ رقم ٤٧٤٧ وقال : «حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرّجاه» ، كنز العمّال ١٢ : ١٠٨ رقم ٣٤٢٢٣ وزاد في آخره : «سببي وحسبي» ، الجامع الصغير ٢ : ٦٥٣ رقم ٥٨٥٩ وقال : «صحيح».

(٣) قال الجوهري : «الشجنة والشجنة : عروق الشجر المشتبكة ، ويقال : بيني وبينه شجنة رحم وشجنة رحم ، أي :

قرابة مشتبكة. وفي الحديث : «الرحم شجنة من الله» أي : الرحم مشتقّة من الرحمن ، يعني : أنّها قرابة من الله ، مشتبكة كاشتباك العروق» (الصحاح ٥ : ٢١٣٤).

(٤) مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٨ رقم ٤٧٣٤ وقال : «صحيح الإسناد ، ولم يخرّجاه» ، المعجم الكبير ٢٠ : ٢٥ رقم ٣٠ و ٢٢ : ٤٠٥ رقم ١٠١٤ ، كنز العمّال ١٢ : ١١١ رقم ٣٤٢٤٠ ، ورواه في مسند أحمد ٤ : ٣٣٢ ، الآحاد والمثاني ٥ : ٣٦٢ رقم ٢٩٥٦.


الحديث الرابع :

عن أبي حنظلة ـ مرسلا ـ أنّه عليه الصلاة والسلام قال :

«إنّما فاطمة بضعة منّي ـ أي قطعة لحم ـ فمن آذاها فقد آذاني» (١).

رواه الحاكم.

الحديث الخامس :

عن عبد الله بن الزبير قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله :

«إنّما فاطمة بضعة منّي ، يؤذيني ما آذاها ، ويغضبني ما يغضبها» (٢).

رواه أحمد والترمذي والحاكم والطبراني بأسانيد صحيحة.

الحديث السادس :

عن ابن مسعود عنه عليه الصلاة والسلام :

«إنّ فاطمة أحصنت فرجها ، وإنّ الله أدخلها بإحصان فرجها وذرّيتها الجنّة» (٣).

رواه الطبراني في الكبير بإسناد فيه ضعف (٤).

__________________

(١) مستدرك الحاكم ٣ : ١٧٣ رقم ٤٧٥٠ وفيه : «إنّما فاطمة مضغة منّي» ، ورواه في السنن الكبرى للبيهقي ١٠ : ٢٠١ وقال : «رواه البخاري في الصحيح عن ابن الوليد ، ورواه مسلم عن معمر عن سفيان» ، كنز العمّال ١٢ : ١١١ رقم ٣٤٢٤١ ، فضائل الصحابة لأحمد ٢ : ٧٥٥ رقم ١٣٢٤.

(٢) مستدرك الحاكم ٣ : ١٧٣ رقم ٤٧٥١ قال : «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرّجاه» وفيه :

«وينصبني ما ينصبها» ، المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٥ رقم ١٠١٣ ، فضائل الصحابة لأحمد ٢ : ٧٥٦ رقم ١٣٢٧ ، الجامع الصحيح للترمذي ٥ : ٦٩٨ رقم ٣٨٦٩ وقال : «حديث حسن صحيح».

(٣) المعجم الكبير ٣ : ٤١ رقم ٢٦٢٥ وفيه : «حصّنت» ، كنز العمّال ١٢ : ١١١ رقم ٣٤٢٣٩ وفيه : «حصّنت» أيضا ، ورواه في الجامع الصغير ١ : ٢٧٠ رقم ٢٣٢٤ بتفاوت يسير ، فيض القدير ٢ : ٤٦٢ ذكره في ضمن شرح الحديث رقم ٢٣٠٩.

(٤) سيأتي الكلام عن سند الحديث في الحديث السابع.


الحديث السابع :

عنه أيضا :

«إنّ فاطمة حصّنت (١) فرجها ، فحرّمها الله وذرّيتها على النار» (٢).

رواه الحاكم وأبو يعلى والطبراني بإسناد ضعيف (٣) ، لكن عضده في رواية البزّار له بنحوه (٤) ، وبه صار حسنا.

والمراد بالنار نار جهنّم ، فأمّا هي وابناها فالمراد في حقّهم التحريم المطلق (٥).

أمّا الحديث فهو محمول على أولادها فقط ، وبه فسّره أحد روايتي أبو كريب وعلي بن موسى الرضا عليه‌السلام : ذكروا أنّ زيد بن موسى الكاظم خرج على المأمون ، فظفر به ، فبعث به لأخيه علي الرضا ، فوبّخه الرضا وقال له : يا زيد ، ما أنت قائل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا سفكت الدماء ، وأخفت السبل ، وأخذت المال من غير

__________________

(١) في النسخة (ز) : أحصنت.

(٢) مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٥ رقم ٤٧٢٦ قال : «هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرّجاه». وفيه : «أحصنت» ، المعجم الكبير ٣ : ٤٢ رقم ٢٦٢٥ و ٢٢ : ٤٠٦ رقم ١٠١٨ ، كنز العمّال ١٢ : ١٠٨ رقم ٣٤٢٢٠ وفيه : «أحصنت» ، ورواه في الجامع الصغير ١ : ٢٧٠ رقم ٢٣٢٤ وفيه : «أحصنت» ، كشف الأستار عن زوائد البزّار ٣ : ٢٣٥ رقم ٢٦٥١ ، ذخائر العقبى : ٩٥ وقال : «أخرجه تمام في فوائده ، وتمام هو الحافظ أبو القاسم تمام بن محمّد بن عبد الله الرازي» ، نور الأبصار : ٥٢.

(٣) وضعفه لأجل عمرو بن غياث فقط ، قال المناوي : «ضعّفه الدار قطني ، وكان من شيوخ الشيعة» (فيض القدير ٢ :

٤٦٣). وقال ابن حجر في ترجمته في لسان الميزان : «وهو من شيوخ الشيعة من أهل الكوفة». فالضعف المزعوم إنّما هو لأجل مذهب الرجل ، فلا عبرة إذا بهذا التضعيف. وقد أنصف الحاكم حيث قال : «هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرّجاه» (المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٦٥).

هذا وقد عضده البزّار من طريق آخر ، وعدّه المصنّف حسنا.

(٤) مسند البزّار ٥ : ٢٢٣ رقم ١٨٢٩ من حديث ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ فاطمة أحصنت فرجها ، فحرّم الله ذرّيتها على النار» ، وراجع مختصر زوائد البزّار للعسقلاني ٢ : ٣٤٣ رقم ١٩٨٩.

(٥) وهو قول المناوي في فيض القدير ٢ : ٤٦٢ في شرح الحديث رقم ٢٣٠٩.


حلّه؟! غرّك أنّه قال : «إنّ فاطمة أحصنت فرجها ، فحرّمها الله وذرّيتها على النار؟» إنّ هذا لما خرج من بطنها فقط (١).

وأخرج أبو نعيم والخطيب عن محمّد بن يزيد قال : كنت ببغداد ، فقال : هل لك في من يدخلك إلى علي ابن الرضا عليه‌السلام؟ قلت : نعم ، فأدخلني ، فسلّمنا عليه وجلسنا ، فقلت له : حديثا : «إنّ فاطمة أحصنت فرجها .....» إلى آخره ، عامّ أو خاصّ؟

فقال عليه‌السلام : بل خاصّ بالحسن والحسين (٢).

الحديث الثامن :

عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمة :

«إنّ الله غير معذّبك ولا ولدك ـ يعني الحسن والحسين ـ بالنار» (٣).

رواه الطبراني.

الحديث التاسع :

عن عمر بن الخطاب عنه عليه الصلاة والسلام :

«إنّ فاطمة وعليا والحسن والحسين في حظيرة القدس ، في قبّة بيضاء ، سقفها عرش الرحمن» (٤).

__________________

(١) فيض القدير ٢ : ٤٦٢ رقم ٢٣٠٩.

(٢) تاريخ بغداد ٣ : ٥٤ رقم ٩٩٧ ، ورواه في فيض القدير ٢ : ٤٦٢ في شرح الحديث رقم ٢٣٠٩.

(٣) المعجم الكبير ١١ : ٢١٠ رقم ١١٦٨٥ ، وراجع كنز العمّال ١٢ : ١١٠ رقم ٣٤٢٣٦ ، ومجمع الزوائد ٩ : ٣٢٦ رقم ١٥١٩٨ وقال : «رواه الطبراني ورجاله ثقات» ، وسبل الهدى ١١ : ٥ ، والسيّدة الزهراء : ٧٤ و ١٦١.

أقول : إنّ الحديث مطلق ، والتفسير بالحسن والحسين من أحد الرواة وهو أبو كريب ، والجميع رووه من دون عبارة «يعني الحسن والحسين» ويدلّ على ما نقول : تصريح الصالحي الشامي في سبل الهدى والرشاد ١١ : ٥ حيث قال : «زاد ابن كريب : الحسن والحسين».

(٤) كنز العمّال ١٢ : ٩٨ رقم ٣٤١٦٧ وقال : «رواه ابن عساكر عن عمر ، وفيه : عمرو بن زياد الثوباني ، قال


رواه ابن عساكر بإسناد ضعيف جدا ، بل قيل بوضعه (١).

الحديث العاشر :

عن المسوّر بن مخرمة قال : إنّ عليا خطب بنت أبي جهل ، فقال المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله :

«إنّ فاطمة بضعة منّي ، وأنا أتخوّف أن تفتن في دينها ، وإنّي لست أحرّم حلالا ولا أحلّ حراما ، لكن والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدوّ الله عند رجل واحد أبدا» (٢).

رواه أحمد والشيخان وأبو داود وابن ماجة.

الحديث الحادي عشر :

عن المسوّر بن مخرمة قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول وهو على المنبر :

إنّ بني هاشم بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب ، فلا آذن لهم ، ثمّ لا آذن لهم ، ثمّ لا آذن لهم ، إلّا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلّق ابنتي وينكح ابنتهم ، وإنّي لست أحرّم حلالا ولا أحلّ حراما ، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدوّ الله أبدا.

رواه الشيخان (٣). زاد في رواية : «فإنّما فاطمة بضعة منّي ، يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها» (٤).

__________________

الدار قطني : يضع الحديث». هذا وذكره ابن حبّان في الثقات ٨ : ٤٨٨ ، وابن حجر في لسان الميزان ٥ : ٣٠٥ رقم ٦٣٢٦ وقال : «ذكره ابن حبّان في الثقات».

(١) لم ينصّ أحد على أنّ هذا الحديث موضوع ، كما ولم يذكر في كتب الموضوعات ، ووصفه بالضعيف إنّما هو لأجل عمرو بن زياد الثوباني ، وقد ذكره ابن حبّان في الثقات ٨ : ٤٨٨ كما تقدّم.

(٢) كنز العمّال ١٢ : ١٠٦ رقم ٣٤٢١٢. وسيأتي الكلام حول هذا الحديث والحديث الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر عند الحديث الرابع عشر ، لأنّ موضوعها واحد ، وهو قصّة خطبة علي لابنة أبي جهل.

(٣) صحيح البخاري ٥ : ٢٠٠٤ رقم ٤٩٣٢ باب : ذبّ الرجل عن ابنته ، صحيح الترمذي ٥ : ٦٩٨ رقم ٣٨٦٧.

(٤) صحيح البخاري ٥ : ٢٠٠٤ رقم ٤٩٣٢ ، المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٤ رقم ١٠١٠ و ١٠١١.


الحديث الثاني عشر :

عن سرير بن عقلة (١) قال :

خطب علي بنت أبي جهل ، فاستشار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : عن حسبها تسألني؟ قال : لا ، ولكن أتأمرني بها؟ قال : لا ، فاطمة بضعة منّي ، ولا أحسب إلّا أنّها تحزن أو تجزع ، فقال علي : لا آتي بما تكرهه (٢).

الحديث الثالث عشر :

عن أسماء بنت عميس قالت :

خطبني علي ، فبلغ ذلك فاطمة ، فأتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقالت : إنّ أسماء متزوّجة عليا ، قال : ما كان لها أن تؤذي الله ورسوله.

رواه الطبراني (٣).

الحديث الرابع عشر :

عن ابن عباس :

إنّ عليا خطب بنت أبي جهل ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن كنت تزوّجتها فردّ علينا ابنتنا. والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدوّ الله تحت رجل واحد.

رواه الطبراني في معاجيمه (٤) ... (٥)

__________________

(١) في النسخة (ز) : سويد بن غفلة. وهذا هو الصحيح والمطابق لكتب الحديث.

(٢) مصنّف ابن أبي شيبة ٧ : ٥٢٧ باب : مناقب فاطمة.

(٣) المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٥ رقم ١٠١٥.

(٤) المعجم الصغير ٢ : ١٦.

(٥) إنّ هذه الأخبار المتقدّمة ، والّتي تتحدّث عن قصة خطبة علي لابنة أبي جهل ، ما هي إلّا أخبار موضوعة


__________________

وغير معروفة عند أهل النقل ، ولإثبات ذلك يقع الكلام في ضمن نقاط :

الأولى : من جهة تاريخية

ذكر ابن حجر : أنّ حادثة الخطبة كانت في السنة السابعة أو الثامنة. (تهذيب التهذيب ١٠ : ١٣٨) مع أنّ جويرية بنت أبي جهل كانت في ذلك الزمان كافرة ، وكانت بمكّة ، ولم تسلم إلّا بعد عام الفتح الّذي هو بالاتّفاق بين المسلمين سنة ثمان للهجرة!

قال في شرح النهج : «عند ما دخل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى مكة عام الفتح كانت من الكفّار ، ولمّا أذّن بلال قالت : أمّا الصلاة فسنصلّي ، ولكن والله لا نحبّ من قتل الأحبّة أبدا!» (شرح النهج ١٧ : ٢٨٣).

فجويرية كانت كافرة ، وكانت في المدينة إلى عام الفتح. والخطبة المزعومة كانت في السنة السابعة أو الثامنة على قول ابن حجر ، فكيف وقعت الخطبة؟! هذا مضافا إلى التصريح بأنّها كانت تبغض عليا.

والثانية : من جهة السند

لنتكلّم أولا عن الرواة المباشرين ، والذين يدّعى أنّهم سمعوه من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ورووه بلا واسطة ، ثم نتحدّث بعد ذلك عن الرواة غير المباشرين.

(أولا) : الرواة المباشرين والذين يدّعى أنّهم سمعوه من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

١ ـ عبد الله بن الزبير

قال الواقدي : «إنّه ولد في السنة الثانية للهجرة» (الإصابة ٢ : ٣٠٩)

وفي أسد الغابة ٣ : ٢٤٢ : «أنّه ولد في السنة الأولى أو بعد عشرين شهرا من الهجرة». وفي تهذيب الكمال ٢٠ : ٢٣ إنّه كان غلاما في خلافة عمر». وفي الرسالة للشافعي : «إنّ عبد الله بن الزبير كان له عند موت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله تسع سنين». (الإصابة ٢ : ٣١٠).

فتكون ولادته على قول الشافعي في السنة الثالثة للهجرة ، وقصة خطبة بنت أبي جهل كانت في السنة السابعة أو الثامنة للهجرة على ما تقدّم من قول ابن حجر في التهذيب ، فيكون عمر ابن الزبير في تلك السنة هو خمس سنين على قول الواقدي ، وأمّا على قول الشافعي والمزي في تهذيب الكمال فسيكون عمره ثلاث أو أربع سنين فقط!!

فكيف سمع من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو بتلك السنّ ، وحدّث به مع وجود المئات من الصحابة من مشايخهم وشبّانهم ولم يسمعوه ولم يحدّثوا به؟! مع أنّ الخبر يقول : «إنّ النبيّ صعد المنبر وقال ...» ، فهل كان المسجد خاليا من الأصحاب إلّا من صبي لا يتجاوز من العمر الخمس سنين؟!

وأمّا حال عبد الله بن الزبير وموقفه من علي بن أبي طالب وأهل البيت عليهم‌السلام ، قال في شرح النهج : «كان يبغض عليا وينتقصه ، وينال من عرضه ، وروى الواقدي والكلبي أنّه ترك أيام ادّعائه الخلافة أربعين جمعة لا يصلّي على النبيّ ، وقال : إنّ له أهيل سوء ينغضون رءوسهم عند ذكره!! (شرح النهج ٤ : ٦٢).


__________________

وكان يقول لابن عباس : إنّي لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة! (نفس المصدر). وروى عمر بن شبّة عن سعيد بن جبير قال : «خطب عبد الله بن الزبير فنال من علي ، فبلغ ذلك محمّد بن الحنفية ، فجاء إليه وهو يخطب .....» (المصدر) وقال : «وكان يلعن ويسبّ علي بن أبي طالب» (المصدر : ٧٩).

فمثل هذا الرجل الّذي كان ينال منه ومن عرضه ، وعرض علي هي فاطمة ، وقد تقدّم عن السهيلي والمناوي وابن حجر أنّ من سبّها يكفر ، فلا يقبل قوله ؛ لأنّه أوّل المتّهمين بوضع هذه الأخبار ، مع أنّ عمره في ذلك الزمان كان أقلّ من خمس سنين.

وأمّا شهادات الآخرين بحقّ عبد الله بن الزبير :

* قول معاوية له : «لو لا بغض علي بن أبي طالب لجررت برجلي عثمان». (تاريخ دمشق ٢٨ : ٢٠١).

* وقول معاوية أيضا وقد سافر معه : «إنّما أنت يا ابن الزبير ثعلب روّاغ ، تدخل من جحر وتخرج من جحر» (المصدر السابق).

* وقول عثمان له حين حوصر وقد طلب منه ابن الزبير الخروج إلى مكة ، قال عثمان : «سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : يلحد بمكة كبش من قريش ، اسمه عبد الله ، عليه مثل أوزار الناس ، ولا أراك إلّا إيّاه». المصدر المتقدّم : ٢١٩) وقد رواه ابن عساكر بطرق أخرى عن عبد الله بن عمر وعن عبد الله بن عمرو بن العاص.

* ونقل ابن قتيبة : «إنّ أوّل شهادة زور وقعت في الإسلام كانت شهادة عبد الله بن الزبير ، حين حلف لعائشة في مسير البصرة ، حين نبحتها كلاب الحوأب ، فحلف لها ابن الزبير بالله أنّه خلفه أوّل الليل» (الإمامة والسياسة ١ : ٥٧).

* ونقل في الإصابة : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال له وهو صغير : «الويل للناس منك» (الإصابة ٢ : ٣٧).

* وقال علي بن زيد الجرجاني عنه : «كان بخيلا سيّئ الخلق ، حسودا كثير الخلاف». (الاستيعاب ٣ : ٤٠).

وأخيرا نقول : إنّ عبد الله بن الزبير لم يسمع من النبيّ ؛ لأنّه كان في سنّ لا تسمح له بالسماع والتحديث ، وكان بشهادة ابن قتيبة من الكذّابين ، وحذّر منه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بشهادة رواية عثمان وخبر الإصابة.

٢ ـ عروة بن الزبير

ولد في خلافة عمر سنة ١٩ ه‍ كما في تقريب التهذيب ٢ : ٢٢.

وقال المزي في تهذيب الكمال : «إنّه ولد سنة ثلاث وعشرين. وقال خليفة بن خياط : في آخر خلافة عمر.

وقال الغلابي : ولد لستّ سنين خلت في خلافة عثمان. وقال الأنطاكي : ولد سنة تسع وعشرين».

(تهذيب الكمال ٢٠ : ٢٢).

فالكلّ متّفقون على أنّ عروة بن الزبير ولد في خلافة عمر أو في خلافة عثمان ، فكيف سمع من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وأمّا حال عروة فهو حال أخيه :

* روى عاصم عن يحيى بن عروة أنّه قال : «كان أبي إذا ذكر عليا نال منه». (شرح النهج ٤ : ١٠٤).


__________________

* وروى جرير عن محمّد بن شيبة قال : «شهدت مسجد المدينة فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكران عليا وينالان منه». (المصدر : ١٠٢).

وقد شهد الزهري بذلك وهو صاحبه في البغض والعداء ، فقد روى عبد الرزاق عن معمر قال : «كان عند الزهري حديثان عن عروة وعائشة في علي عليه‌السلام ، فسأله عنهما يوما ، فقال : ما تصنع بهما وبحديثهما؟ الله أعلم بهما أنّي لأتّهمها في بني هاشم!» (المصدر : ٦٤).

* ونقل العسقلاني : «إنّ عروة كان يحدّث بحديث ينتقص به فاطمة ، فبلغ ذلك علي بن الحسين ، فانطلق إلى عروة فقال : ما حديث بلغني عنك تحدّث به تنتقص فيه حقّ فاطمة ...» (مختصر زوائد البزّار ٢ : ٣٥٨ رقم ٢٠٠٩).

* وقال ابن حجر : «حضر الجمل مع عائشة وكان صغيرا». (تهذيب التهذيب ، ٧ : ١٦١).

٣ ـ المسوّر بن مخرمة

وأكثر طرق الحديث تنتهي إلى المسوّر هذا ، وقد زعم هو أنّه سمع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على المنبر يقول ... ، كما تقدّم.

وقد قال في الاستيعاب : «قبض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله والمسوّر ابن ثمان سنين». (الاستيعاب ٣ : ٤٥٥) فتكون ولادته في السنة الثالثة للهجرة.

وقال الذهبي : «ولد بعد الهجرة بعامين». (سير أعلام النبلاء ٣ : ٣٩٤) ومثله في تهذيب التهذيب ١٠ : ١٣٨.

وتقدّم عن ابن حجر أنّ الخطبة كانت في السنة السادسة للهجرة ، فيكون عمر المسوّر آنذاك أربع سنين على رواية الذهبي ، وعلى رواية الاستيعاب عمره سنة واحدة! وعلى كلا التقديرين لم يسمع المسوّر من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وأمّا حال المسوّر فهو حال خليليه : عبد الله وعروة ابنا الزبير. فقد انحاز مع ابن الزبير إلى مكة ، وكان ابن الزبير لا يقطع أمرا دونه على حدّ قول الذهبي. (سير أعلام النبلاء ٣ : ٣٩٣).

وقال : «والمرء على دين خليله ، وقتل مع ابن الزبير في مكّة ، وقد أصابه حجر المنجنيق بالكعبة. وكان المسوّر يرى رأي الخوارج الذين يكفّرون عليا ، وكانوا يعظّمونه ويأخذون برأيه. قال الزبير بن بكّار : كانت الخوارج تغشاه وينتحلونه». (سير أعلام النبلاء ٣ : ٣٩١).

وفي الاستيعاب قال : «كانت تغشاه الخوارج ، وتعظّمه ، وتبجّل رأيه». (٣ : ٤٥٦).

وقال عنه صاحبه عروة بن الزبير : «فلم أسمع المسوّر ذكر معاوية إلّا صلّى عليه!» (سير أعلام النبلاء ٣ : ٣٩٢).

وقد أنصف ابن حجر هنا حيث قال : «وهو مشكل المأخذ ؛ لأنّ المؤرّخين لم يختلفوا أنّ مولده كان بعد الهجرة ، وقصّة الخطبة كانت بعد مولد المسوّر بنحو ستّ سنين أو سبع ، فكيف يسمّى محتلما؟!» (تهذيب التهذيب ١٠ : ١٣٩).

٤ ـ سويد بن غفلة

قال ابن حجر في التقريب : «قدم المدينة يوم دفن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١ : ٣٢٨).


__________________

وقال في تهذيب التهذيب : «قدم المدينة حين نفضت الأيدي من دفن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٤ : ٢٥٢).

فسويد إذا لم يلق النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يره ، ولم يسمع منه شيئا.

٥ ـ عامر الشعبي

قال ابن حجر : «المشهور أنّ مولده كان لستّ سنين خلت من خلافة عمر». (تهذيب التهذيب ٥ : ٦٢) فالشعبي لم ير النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ونقل المزي في تهذيب الكمال : «إنّ الشعبي كان من أعوان بني أمية ، وتولّى لهم القضاء» (١٤ : ٣٦).

مع أنّ بني أمية وعمّالهم ووعّاظهم هم أوّل المتّهمين بوضع الأحاديث في النيل من علي عليه‌السلام وولده ، وسيرتهم شاهد صدق على ذلك.

(ثانيا) : الرواة غير المباشرين

١ ـ محمّد بن مسلم الزهري

قال الذهبي : «كان يدلّس». (ميزان الاعتدال ٤ : ٤٠).

وقال ابن معين : «الزهري يعمل لبني أمية». (تهذيب التهذيب ٤ : ٢٠٤).

وشهد الذهبي بذلك فقال : «إنّ البعض لم يأخذ عن الزهري لكونه مداخلا للخلفاء». (سير أعلام النبلاء ٥ : ٣٣٩). هذا ويذكر الذهبي أنّ يزيد بن عبد الملك قد جعله قاضيا في الشام. وجعله هشام بن عبد الملك معلّما لأولاده ، وكان الزهري يقول : نشأت وأنا غلام ، ثمّ دخلت على عبد الملك بن مروان ، ثمّ لزمت هشام بن عبد الملك. (سير أعلام ٥ : ٣٣١ ، ٣٣٧).

وكان مكحول يقول : «أفسد نفسه بصحبة الملوك». (المصدر السابق : ٣٣٩).

هذا وروى جرير بن عبد الحميد عن محمّد بن شيبة قال : «شهدت مسجد المدينة ، فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكران عليا عليه‌السلام فنالا منه». (شرح النهج ٤ : ١٠٢).

٢ ـ زكريا بن أبي زائدة الّذي يروي خبر الخطبة عن الشعبي.

قال أبو حاتم : «إنّه لم يسمع من الشعبي». (تهذيب الكمال ٩ : ٣٦٢).

وقال أبو زرعة : «يدلّس كثيرا عن الشعبي». (المصدر : ٣٦١).

وقال ابن حجر : «ليّن الحديث». (تهذيب التهذيب ٣ : ٢٩٣).

٣ ـ سفيان بن عيينة الّذي يروي خبر الخطبة عن الزهري.

قال الذهبي : «وكان سفيان مشهورا بالتدليس». (سير أعلام النبلاء ٨ : ٤٦٥).

وقال أحمد : «دخل سفيان بن عيينة على معن بن زائدة ، ولم يكن سفيان تلطّخ بعد بشيء من أمر السلطان».

(المصدر السابق : ٤٥٩).

فهذه شهادة من الإمام أحمد عليه ، بل أنّ عبارته «تلطّخ» تدلّ على أكثر من الدخول في أمر السلطان.


__________________

٤ ـ عبد الله بن أبي مليكة الّذي يروي الخبر عن المسوّر بن مخرمة.

والرجل كان على رأي عبد الله بن الزبير ، وكان قاضيه ومؤذّنه على ما ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء ٥ : ٨٩.

٥ ـ عبيد الله بن تمام أبو عاصم الّذي يروي الخبر عن الحذّاء عن عكرمة عن ابن عباس.

قال ابن حجر : «ضعّفه الدار قطني وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم ، وقال أبو حاتم : روى أحاديث منكرة. وقال الساجي : كذّاب ، يحدّث بمناكير عن يونس وخالد. وذكره ابن الجارود والعقيلي في الضعفاء». (لسان الميزان ٤ : ٥٢٦ رقم ٥٤٣٧).

كما ذكره ابن حبّان في المجروحين وقال : «لا يحلّ الاحتجاج بخبره». (المجروحين ٢ : ٦٧) ، وابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين ٣ : ١٦١ رقم ٢٢٣٤ ، والذهبي في ديوان الضعفاء ٢ : ١٣٥ رقم ٢٦٨٨ ، وفي المغني في الضعفاء ٢ : ١٦ رقم ٣٩١٥.

هذا وسئل أبو زرعة عن عبيد الله بن تمام ، فقال : ضعيف الحديث ، وأمر أن يضرب على حديثه. (الجرح والتعديل للرازي ٥ : ٣٠٩ رقم ١٤٧١).

٦ ـ عبد الله بن لهيعة الّذي يروي الخبر عن ابن أبي مليكة المتقدّم.

قال الذهبي : «روى المناكير ، أعرض أصحاب الصحاح عن رواياته ، وكان يحيى بن سعيد القطّان لا يراه شيئا ، وقال النسائي : ليس بثقة. وقال يحيى بن معين : لا يحتجّ به. وقال ابن حبّان : سبرت أخبار ابن لهيعة ، فرأيته كان يدلّس عن أقوام ضعفى». (سير أعلام النبلاء ٨ : ١٤).

٧ ـ سليمان بن قرم بن معاذ الضبي

وهو من رواة الحديث الثالث عشر الّذي يحكي خطبة علي لأسماء بنت عميس.

قال ابن أبي حاتم عن الدوري : «سمعت يحيى بن معين يقول : سليمان بن معاذ ليس بشيء ، وهو ضعيف».

(الجرح والتعديل ٤ : ١٣٦).

ونقل ابن حجر : «قال ابن معين : ضعيف ، وقال النسائي : ضعيف». (تهذيب التهذيب ٤ : ١٩٣ رقم ٢٦٩٤).

هذا وذكره الذهبي في المغني في الضعفاء ١ : ٤٤٢ رقم ٢٦١٣.

والنقطة الثالثة : من جهة متن الخبر

يوجد تهافت واضح بين هذه الأخبار من جهات عدّة :

الأولى : تناقض في كيفية الخطبة ، فإنّ بعضها يقول : «خطب علي» وبعضها : «ذكر علي ابنة أبي جهل» وبعضها بلفظ : «إنّ أهل المخطوبة استأذنوا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله»! مع أنّ قصة الخطبة لم تتكرّر ، بل هي واقعة واحدة.

الثانية : تناقض في كيفية سماع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بالخطبة ، فإنّ بعض هذه الأخبار تقول : «استأذنوني أهل المرأة» ، وبعضها : «إنّ عليا استأذن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وبعضها : «إنّ فاطمة أخبرت النبيّ» ، وبعضها : «إنّ الناس قالوا للنبي : ألا تغار لبناتك»!!


__________________

الثالثة : تناقض من جهة الحكم الصادر من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في الجمع بين بنت رسول الله وبنت عدو الله ، ففي بعضها قال : «لا تجتمع» وهو ليس صريحا في التحريم ، وفي بعضها قال : «ليس لأحد» وهذا ظاهر في الحرمة لعموم المسلمين ، وفي بعضها قال : «لم يكن له ذلك» وهذا حكم يختصّ بعليّ فقط.

فهل يعقل أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في حادثة واحدة ، وكلام واحد ، وفي قضية واحدة ، يعطي ثلاثة أحكام متناقضة؟! حاشا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

والنقطة الرابعة : في حال بنت أبي جهل

١ ـ ذكر ابن حجر وغيره : أنّ اسمها «جويرية». (الإصابة ٤ : ٢٦٥).

٢ ـ أنّها تلقّب بالعوراء ، وهذا اللقب ورد في رواية مصنّف عبد الرزاق ٧ : ٣٠٠ رقم ١٣٢٦٦ قال : «إنّ عليا خطب العوراء»! وواضح أنّ المقام هنا ليس مقام المدح ، بل هو مقام الذم ، وكانت العرب تستعمله للذمّ وللتشاؤم ، قال الزبيدي في تاج العروس : «الأعور هو الرديّ من كلّ شيء ، ويقال للغراب : أعور على التشاؤم ، لأنّ الأعور عندهم مشئوم ، ويقال : الكلمة العوراء ، أي القبيحة ، وفلاة عوراء ، أي : لا ماء بها».

والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ما يتحدّث أمام الجموع وهو على المنبر ويقول «العوراء» فلا بد أنّ الجميع يفهمون ما المراد ، ومن هي العوراء ، ومعنى ذلك أنّها كانت مشهورة بالقبح والشؤم بين العرب!

٣ ـ أنّها أسلمت بعد عام الفتح ، أي سنة ثمان للهجرة ، وكانت قبل ذلك من الكفّار. راجع شرح النهج ١٧ : ٢٨٣.

وقصة الخطبة كانت في السنة السابعة للهجرة ، كما في تهذيب التهذيب ١٠ : ١٣٨.

وهذا وحده كاف في الحكم على هذا الخبر بالوضع ، لأنّها كانت في السنة السابعة من الكفّار في مكّة ، وحرمة نكاح الكفّار معلوم عند الجميع ، فكيف يخفى على رجل مثل عليّ وهو نفس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله؟!

٤ ـ أنّها كانت من المبغضين لعلي عليه‌السلام. قال في شرح النهج ١٧ : ٢٨٣ : «ولمّا أذّن بلال قالت : أمّا الصلاة فسنصلّي ، ولكن والله لا نحبّ من قتل الأحبّة أبدا.

والنقطة الخامسة : أنّ رواية «فاطمة بضعة منّي ، فمن أغضبها أغضبني أو من آذاها آذاني» مروية في الصحاح والمسانيد وكتب الحديث ، من دون قصة الخطبة ، فقد رواها البخاري بحاشية السندي ٢ : ٥٥٠ رقم ٣٧٦٧ ، ورواه في باب : مناقب قرابة الرسول رقم ٣٧١٤ ، وقال ابن حجر في فتح الباري ٧ : ٤٧٧ : «أخرجه الترمذي وصحّحه» ، المعجم الكبير للطبراني : ٢٢ : ٤٠ رقم ١٠١٢ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ : ٥٢٦ باب : مناقب فاطمة ، السنن الكبرى للنسائي ٥ : ٩٧ رقم ٨٣٧٢ ، كنز العمّال ١٢ : ١٠٨ رقم ٣٤٢٢٢ ، البيان والتعريف ١ : ١١٦ رقم ٢٧١ وقال : «أخرجه الشيخان وأبو داود والإمام أحمد وغيرهم» ، الفردوس ٣ : ١٦١ رقم ٤٢٨٢ ، سبل الهدى ٥ : ٩ و ١٠ : ٣٢٧ ، تهذيب الكمال ٣٥ : ٢٥٠ ، تاريخ دمشق ٣ : ١٥٦ وقال : «رواه مسلم في صحيحه» ، كشف الخفاء ٢ : ٨٠ رقم ١٨٢٩ وقال : «رواه الشيخان عن المسوّر بن مخرمة ، ورواه أحمد والحاكم والبيهقي».

وغير ذلك من كتب الحديث والمناقب والتراجم ؛ كالجامع الصغير للسيوطي ، والآحاد والمثاني ، وفضائل


الحديث الخامس عشر :

عن علي عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمة :

«إنّ الله يرضى لرضاك ، ويغضب لغضبك» (١).

رواه الطبراني بإسناد حسن.

__________________

الصحابة لأحمد ، ومصابيح السنّة للبغوي ، وشرح السنّة ، وفيض القدير ، والإصابة ، ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ، وأمالي أبي نعيم الأصبهاني ، وينابيع المودّة ، وغيرها.

والنقطة السادسة :

أنّ خبر الخطبة تكذّبه سيرة علي وفاطمة عليهما‌السلام.

فعليّ لم يعهد منه أنّه خالف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما ، ولم ينقل التاريخ أنّه عمل عملا يكرهه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكيف بأمر يؤذي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله؟! وهذا الأمر معلوم لمن راجع سيرته مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله. وأمّا الزهراء ، فإنّ الله هو الّذي اختار لها عليا وزوّجها به ، والله لا يختار لها من يؤذيها بشيء أبدا.

ثمّ هي سيدة نساء أهل الجنّة ، وسيدة نساء المؤمنين ، ولازم ذلك أنّها أفضل نساء المؤمنين ونساء أهل الجنّة علما وعقلا ، ودينا وتقوى ، وورعا وفهما ، فكيف يخاف النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أن تفتن في دينها كما تقول القصة؟! وحاشاه من ذلك.

ثمّ إنّ القصة تسيئ للنبي أيضا ، فالزواج من أربع نسوة حلال محلّل ، فكيف يتأذّى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله منه؟!

ولو قيل : إنّ الحكم هو : حرمة الجمع بين بنت نبي الله وبين بنت عدوّ الله ، فهذا يكذّبه ويردّه : أنّ عثمان بن عفّان تزوّج رملة بنت عدوّ الله شيبة على رقية بنت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله راجع الطبقات الكبرى لابن سعد ٨ : ٢٣٩ ، وأسد الغابة ٥ : ٤٥٩ ، والإصابة في ترجمة رملة بنت شيبة. فلما ذا لم ينه النبيّ عن ذلك؟ ولما ذا لم يخف على رقية أن تفتن في دينها؟!

وإذا قيل : إنّ هذا الحكم مختصّ بعلي وفاطمة فقط ، نقول : أولا : أنّه لا دليل على الاختصاص ، وثانيا : لو سلّم به ، كيف لم يعلم به الإمام علي وهو باب مدينة علم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعيبة علمه ، وهو القائل صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أعلمكم علي» ، و «أقضاكم علي» ، و «علي مع الحقّ والحقّ مع علي ، يدور معه حيثما دار» ، و «علي يؤدّي عنّي»؟!

(١) المعجم الكبير ١ : ١٠٨ رقم ١٨٢ بتقديم وتأخير ، و ٢٢ : ٤٠١ رقم ١٠٠١ ، ورواه في مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٧ رقم ٤٧٣٠ قال : «حديث صحيح ولم يخرّجاه». كنز العمّال ١٣ : ٦٧٤ رقم ٣٧٧٢٥ ، الآحاد والمثاني ٥ : ٣٦٣ رقم ٢٩٥٩ ، ذخائر العقبى : ٨٢ ، نظم درر السمطين : ١٧٧ ، مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٨ رقم ١٥٢٠٤ قال : «رواه الطبراني وإسناده حسن».


الحديث السادس عشر :

عن فاطمة الزهراء قالت : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

«يا فاطمة ، أما ترضين أن تأتي يوم القيامة سيدة نساء المؤمنين» (١).

رواه الديلمي.

الحديث السابع عشر :

عن أبي هريرة قال : قال عليه الصلاة والسلام :

«يا فاطمة ، اشتري نفسك من الله ولو بشقّ تمرة» (٢).

رواه الديلمي أيضا.

الحديث الثامن عشر :

عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

«يا فاطمة ، اصبري على مرارة الدنيا» (٣).

رواه ابن لال (٤) في المكارم.

__________________

(١) صحيح البخاري ٥ : ٢٣١٧ كتاب الاستئذان ، صحيح مسلم ٧ : ١٤٣ باب : فضائل فاطمة ، سنن ابن ماجة ١ : ٥١٨ رقم ١٦٢١ باب : مرض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، مسند ابن راهويه ٥ : ٧ رقم ٢١٠٢ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ : ٩٦ رقم ٨٣٦٨ ، مسند أبي يعلى ١٢ : ١١٢ رقم ٦٧٤٥ ، رياض الصالحين : ٣٤٥ رقم ٦٨٧ قال : «متّفق عليه ، وهذا لفظ مسلم» ، كنز العمّال ١٢ : ١٠٧ رقم ٣٤٢١٦ ، سبل الهدى ١٠ : ٣٢٦ قال : «حديث صحيح». الآحاد والمثاني ٥ : ٣٦٧ رقم ٢٩٦٧ ، تهذيب الكمال ٣٥ : ٢٤٩ رقم ٧٨٩٩ ، تاريخ دمشق ٣ : ١٥٥ ، ذخائر العقبى : ٨٤ ، ينابيع المودّة ٢ : ٧٥ ، نظم درر السمطين : ١٧٩.

(٢) روى المتقي الهندي في الكنز ١٦ : ١٩ رقم ٣٤٧٥٢ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قاله لعمّته صفية.

(٣) كنز العمّال ١٢ : ٤٢٢ رقم ٣٥٤٧٥ قال : «رواه ابن لال وابن مردويه وابن النجّار والديلمي».

(٤) في نسخة (ز) : ابن بلال. والصحيح هو ابن لال ، كما في كنز العمّال ، وابن لال هو أحمد بن علي بن لال الهمداني الشافعي ، ترجم له الذهبي مفصّلا في سير أعلام النبلاء ١٧ : ٧٥.


الحديث التاسع عشر :

عن عكرمة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

«يا فاطمة ، إنّي ما أليت أن انكحتك خير أهلي» (١).

رواه ابن سعد عنه مرسلا.

الحديث العشرون :

عن أبي هريرة ، عنه عليه الصلاة والسلام أنّه قال :

«يا فاطمة ، ما لي لا أسمعك بالغداة والعشي تقولين : يا حيّ يا قيّوم ، برحمتك أستغيث ، أصلح لي شأني كلّه ، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين» (٢)

رواه الخطيب.

الحديث الحادي والعشرون :

عن أبي هريرة ، عنه عليه الصلاة والسلام قال :

«يا فاطمة بنت محمّد ، اشتري نفسك من النار ، فإنّي لا أملك لك من الله شيئا» (٣).

رواه البيهقي.

الحديث الثاني والعشرون :

عن ابن مسعود قال : أصابت فاطمة صبيحة العرس رعدة ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى : ٨ : ٢٠ مسندا إلى أم أيمن ، ورواه في كنز العمّال ١١ : ٦٠٦ رقم ٣٢٩٣٠.

(٢) تاريخ بغداد ٨ : ٤٨ رقم ٤١٠٦ ترجمة الحسين بن سعيد بن سابور ، وليس فيه «طرفة عين». ورواه في كنز العمّال ٢ : ١٦٩ رقم ٣٦٠٦ وليس فيه «طرفة عين» أيضا.

(٣) كنز العمّال ١٦ : ١٩ رقم ٤٣٧٥٢ وهو طرف من حديث طويل ، نظم درر السمطين : ٢٣٧.


«يا فاطمة زوجك سيّد في الدنيا ، وإنّه في الآخرة لمن الصالحين» (١).

[رواه أبو نعيم في الحلية] (٢).

الحديث الثالث والعشرون :

عن أنس عنه عليه الصلاة والسلام قال :

«يا فاطمة ، ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به ، أن تقولي : يا حيّ يا قيّوم ، برحمتك أستغيث ، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، واصلح لي شأني كلّه» (٣).

[رواه البيهقي وابن عدي] (٤).

الحديث الرابع والعشرون :

عن أم سلمة قالت :

بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في بيتي إذ قال الخادم : إنّ عليا وفاطمة بالسدّة (٥) ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : قومي فتنحّي عن أهل بيتي. فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين ، فأخذ الصبيّين فوضعهما في حجره ، واعتنق عليا بإحدى يديه وفاطمة بالأخرى ، فقبّل فاطمة وقبّل عليا ، فأغدف (٦)

__________________

(١) تاريخ بغداد ٤ : ١٢٩ رقم ١٨٠٥ ترجمة أحمد بن أبي الاخيل ، وفيه : «زوّجتك سيدا» ، تاريخ دمشق ٤٢ : ١٢٨ وزاد في آخره : «قالت أم سلمة : فلقد كانت فاطمة تفخر على النساء حين أوّل» ، المعتصر من المختصر ٢ : ٢٤٧ وفيه : «زوّجتك سيدا في الدنيا وسيّدا في الآخرة ، ولا يبغضه إلّا منافق» ، كشف الغمة ١ : ٣٥٩.

(٢) ما بين المعقوفتين أثبتناه من النسخة (ز).

(٣) الأذكار النووية : ٨٣ رقم ٢٣٠ بتفاوت يسير ، السنن الكبرى للنسائي ٦ : ١٤٧ رقم ١٠٤٠٥ بتفاوت يسير.

(٤) ما بين المعقوفتين أثبتناه من النسخة (ز).

(٥) السدّة : باب الدار.

(٦) أغدف : أرسل وأرخى ، أي : غطّاهم بثوب.


عليهم خميصة (١) سوداء ، وقال : «اللهم إليك لا إلى النار ، أنا وأهل بيتي» (٢).

رواه أحمد وغيره.

الحديث الخامس والعشرون :

عن زينب بنت أم سلمة (٣) :

إنّ المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله دخل عليه الحسن والحسين وفاطمة ، فجعل الحسن من شقّ ، والحسين من شقّ ، وجعل فاطمة في حجره ، وقال :

«رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ، إنّه حميد مجيد» (٤).

رواه الطبراني وغيره.

الحديث السادس والعشرون (٥) :

عن أبي الحمراء قال :

رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأتي باب فاطمة ستة أشهر ، فيقول : (أَنَّما يُرِيدُ

__________________

(١) الخميصة : قال الأصمعي : ثوب من صوف أو خزّ معلّم ، وعن بعض الأعراب : هي الملاءة الليّنة. راجع الفائق في غريب الحديث ٢ : ١٣١. وفي عون المعبود ٣ : ١٢٨ : الخميصة كساء مربّع له علمان أو هي ثوب خزّ أو صوف.

(٢) مسند أحمد ٦ : ٢٩٦ و ٣٠٥ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ : ٥٠١ رقم ٤١ باب : فضائل علي بن أبي طالب ، المعجم الكبير ٣ : ٥٤ رقم ٢٦٦٧ وفيه : «عطف عليهم خميصة» ، ذخائر العقبى : ٥٦ ، كنز العمّال ١٣ : ٦٤٤ رقم ٣٧٦٢٨ ، وقريب منه رقم ٣٧٦٣٠ ، مجمع الزوائد ٩ : ٢٦٢ رقم ١٤٩٦٩.

(٣) في كنز العمّال وغيره : «زينب بنت أبي سلمى» ، لكن الصحيح هو : بنت أبي سلمة ، كما في ترجمتها في سير أعلام النبلاء ٣ : ٢٠٠ وكذا في الاستيعاب وأسد الغابة عند ترجمتها.

(٤) المعجم الكبير ٢٤ : ٢٨١ ، كنز العمّال ١٣ : ٦٤٢ رقم ٣٧٦٢٥ ، ورواه في سير أعلام النبلاء ٣ : ٢٠١ ، تاريخ دمشق ٣ : ٢٠٩ و ١٤ : ١٤٦ ، سبل الهدى ١١ : ١٩٠ ، ينابيع المودّة ٢ : ٢٥٥ رقم ٦٣٥ ، مجمع الزوائد ٩ : ٢٦٦ رقم ١٤٩٨٤.

(٥) هذا الحديث أثبتناه من النسخة (ز) ، لوجود مسح في نسخة الأصل (ص).


اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (١).

رواه الطبراني.

__________________

(١) المعجم الكبير ٣ : ٥٦ رقم ٢٦٧٢ ، ومثله برقم ٢٦٧١ عن أنس ، و ٢٢ : ٤٠٢ رقم ١٠٠٢ بطريق آخر عن أنس.

ورواه في مستدرك الحاكم ٣ : ١٧٢ رقم ٤٧٤٨ من حديث أنس ، وقال : «حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرّجاه» ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ : ٥٢٧ باب : مناقب فاطمة ، مسند الطيالسي : ٢٧٤ رقم ٢٠٦٠ عن أنس وفيه :

«إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يمرّ على باب فاطمة أشهرا» ، مسند أحمد ٣ : ٢٥٩ ، الجامع الصحيح للترمذي ٥ : ٣٥٢ رقم ٣٢٠٦ ، كنز العمّال ١٣ : ٦٤٦ رقم ٣٧٦٣٢ ، مسند أبي يعلى ٧ : ٥٩ رقم ١٢٢٣ ، تحفة الأحوذي ٩ : ٦٦ رقم ٣٢٠٦ ، مجمع الزوائد ٩ : ٢٦٧ رقم ١٤٩٨٥ وبرقم ١٤٩٨٦ من حديث أبي برزة ، أسد الغابة ٧ : ٢١٨ ، الدرّ المنثور ٦ : ٦٠٧ ، الآحاد والمثاني ٥ : ٣٦٠ رقم ٢٩٥٣ ، تاريخ دمشق ٤٢ : ١٣٧ وفيه : «تسعة أشهر» ، فتح القدير ٤ : ٢٨٠ ، ميزان الاعتدال ٢ : ٣٨١ وفيه : «سبعة أشهر أو تسعا» ، مناقب الخوارزمي : ٦٠ وفيه : «أربعين صباحا» ، ذخائر العقبى : ٦٠ من حديث أنس ، وقال : «أخرجه أحمد من حديث أبي الحمراء ، وأخرجه عبد الحميد» ، مناقب ابن مردويه : ٤٠٣ رقم ٤٨٩ بلفظ : «رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة فقال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)» ، وأخرجه ابن مردويه برقم ٤٨٦ من حديث أنس ، ورقم ٤٨٧ من حديث أبي سعيد الخدري ، ورقم ٤٩٢ من حديث ابن عباس ، ورقم ٤٨٨ بطريق آخر من حديث أنس.

ولا يخفى أنّ التأكيد من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على تلاوة آية (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) بمسمع ومرأى من الصحابة ، وتكرار ذلك الفعل بشكل متواصل ويومي ، ولمدة ستة أو سبعة أو تسعة أشهر أو أربعين صباحا ، وفي وقت الصلاة الّذي يكون عادة حضور الأصحاب فيه متكاملا ، له من المداليل المهمّة. والمظنون قويا أنّ هذا الفعل قد تكرّر من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد فعله أربعين صباحا ، ثمّ فعله ستة أشهر ، ثمّ سبعة أشهر ، وهكذا ، والّذي يدلّ على ذلك كثرة نقل الواقعة ، ومن أصحاب متعدّدين ، مع تعدّد الفترة واختلاف زمان الفعل.

وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على تأكيد من النبيّ لبيان اختصاص عنوان أهل البيت بهم وحدهم دون غيرهم ، وكذلك بيان اختصاص إذهاب الرجس والتطهير بهم. وبيان أنّ شأن نزول هذه الآية ومن نزلت فيهم هم : علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام.

ويدلّ على ذلك أيضا جملة روايات واردة في شأن نزول آية التطهير ، منها :

(١) عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «نزلت هذه الآية (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فيّ وفي علي وفاطمة وحسن وحسين». (مجمع الزوائد ٩ : ٢٦٤ رقم ١٤٩٧٦ ، ومثله برقم ١٤٩٩٧ ، ومختصر البزّار للعسقلاني ٢ : ٣٣٢ رقم ١٩٦٢).

(٢) عن سعد بن عامر قال : نزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الوحي ، فأدخل علي وفاطمة وابنيهما تحت ثوبه ، ثمّ


الحديث السابع والعشرون :

فاطمة الزهراء قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

«كلّ بني آدم ينتمون إلى عصبة (١) ، إلّا ولد فاطمة ، فأنا وليّهم ،

__________________

قال : «اللهم هؤلاء أهلي وأهل بيتي» (مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٩ رقم ٤٧٠٨).

(٣) عن أم سلمة قالت : في بيتي نزلت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وفي البيت فاطمة وعلي والحسن والحسين ، فجلّلهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بكساء كان عليه ، ثمّ قال : «هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.

قال الشوكاني في فتح القدير ٤ : ٢٧٩ : «أخرجه الترمذي وصحّحه وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصحّحه وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن أم سلمة». وقال أيضا : «وقد ذكر ابن كثير في تفسيره لحديث أم سلمة طرقا كثيرة في مسند أحمد وغيره». وقد أطال الشوكاني فيه استعراض الطرق للحديث ، تجدر مراجعه.

وكذا فعل السيوطي في تفسيره الدرّ المنثور ٦ : ٦٠٣ حيث روى حديث أم سلمة وذكر طرقه مفصّلا ، ورواه في تحفة الأحوذي ٩ : ٦٥ رقم ٣٢٠٥ ، والجامع الصحيح للترمذي ٥ : ٣٥١ رقم ٣٢٠٥ في تفسير سورة الأحزاب ، ومسند أحمد ٦ : ٢٩٢.

وما يؤكّد ذلك أيضا : تلاوة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لهذه الآية على علي وفاطمة والحسن والحسين دوما أمام زوجاته وأصحابه ، وبكيفيات مختلفة ، والروايات من هذا القبيل كثيرة جدا ، منها :

(١) كان صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا جاء علي وفاطمة والحسن والحسين ألقى عليهم كساء ، ثمّ قال : «اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا».

رواه الطبراني في المعجم الكبير ٢٢ : ٦٦ رقم ١٥٩ و ١٦٠ ، وأحمد في المسند ٤ : ١٠٧.

(٢) وعن عائشة قالت : خرج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات غداة وعليه مرط مرجل في شعر أسود ، فجاء الحسن فأدخله معه ، ثمّ جاء الحسين فأدخله معه ، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها معه ، ثمّ جاء علي فأدخله معه ، ثمّ قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).

السنن الكبرى للبيهقي ٢ : ١٤٩ باب : فضائل أهل البيت ، صحيح مسلم بشرح النووي ١٥ : ١٦٠ رقم ٦٢١١ ، ومسند ابن راهويه ٣ : ٦٧٨ ، وشرح السنّة للبغوي ٨ : ٨٧ رقم ٣٩١٠ ، والسنّة لابن أبي عاصم : ٩٠١.

وراجع أيضا : المعجم الكبير للطبراني ٣ : ٥٣ رقم ٢٦٦٦ و ٣ : ٥٤ رقم ٢٦٦٨ و ٣ : ٥٥ رقم ٢٦٦٩ و ٢٦٧٠ ، ومسند أحمد ٤ : ١٠٧ ، وينابيع المودّة ٢ : ٢٢ رقم ٦٢٩ إلى ٦٤٣. وراجع أيضا كتب التفسير ، عند تفسير الآية ٣٣ من سورة الأحزاب.

(١) العصبة : القرابة من قبل الأب ، والعصبة : العشرة فما فوقها ، ومنه قوله : (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) وقيل : العشرة إلى


وأنا عصبتهم» (١). رواه الطبراني وأبو يعلى.

الحديث الثامن والعشرون :

عن عليّ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال :

«أنا وفاطمة وعلي مجتمعون ومن أحبّنا يوم القيامة ، نأكل ونشرب حتّى يفرق بين العباد».

فبلغ ذلك رجلا من الناس ، فقال : كيف بالعرض والحساب؟ فقال :

كيف بصاحب يس (٢) حين أدخل الجنّة من ساعته (٣).

رواه الطبراني.

الحديث التاسع والعشرون :

عن حذيفة عنه عليه الصلاة والسلام قال :

__________________

الأربعين ، وعصبة الرجل : أولياؤه من الذكور من ورثته. راجع الفروق اللغوية لابن هلال العسكري : ١٠٧ ، وغريب الحديث لابن قتيبة ١ : ٤٤.

(١) المعجم الكبير ٣ : ٤٤ رقم ٢٦٣٢ وفيه : «كلّ بني أم ينتمون ....» ، مسند أبي يعلى ١٢ : ١٠٩ رقم ٦٧٤١ وفيه : «كلّ بني أم ....» ، وراجع في الجامع الصغير ٢ : ٧٠٤ رقم ٦٣١٨ ، كشف الخفاء ٢ : ١١٠ رقم ١٩٦٦ وقال : «له شواهد أيضا عند الطبراني عن جابر مرفوعا : إنّ الله جعل ذرّية كلّ نبي في صلبه ، وإنّ الله جعل ذرّيتي في صلب علي». ورواه في تاريخ بغداد ١١ : ٢٨٥ رقم ٦٠٥٤ في ترجمة عثمان بن محمّد المعروف بابن أبي شيبة ، فيض القدير ٥ : ١٧ رقم ٦٢٩٣.

(٢) صاحب يس هو الّذي ورد ذكره في سورة يس ، والّذي قال : (يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) فسبق قومه إلى الإيمان فقتلوه ، فأدخله الله الجنّة من ساعته ، فقال : (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ* بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) ، واسمه حبيب النجّار وقد ورد في الأخبار : «السبّاق ثلاثة : سبق يوشع إلى موسى ، وصاحب يس إلى عيسى ، وعلي إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله». رواه في الآحاد والمثاني ١ : ١٥٠ رقم ١٨٢. وفي كنز العمّال ١١ : ٦٠٣ رقم ٣٢٨٩٨ : «الصدّيقون ثلاثة : حبيب النجّار مؤمن آل يس الّذي قال : يا قوم اتّبعوا المرسلين ، وحزقيل مؤمن آل فرعون الّذي قال : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم» رواه أبو نعيم في المعرفة وابن عساكر ، وبرقم ٣٢٨٩٦ رواه ابن مردويه عن ابن عباس.

(٣) المعجم الكبير ٣ : ٤١ رقم ٢٦٢٣ ، وراجع كنز العمّال ١٢ : ٩٨ رقم ٣٤١٦٦ وقال : «رواه ابن عساكر عن علي».


«يا فاطمة بنت رسول الله ، اعملي لله خيرا فإنّي لا أغني عنك من الله شيئا يوم القيامة» (١).

رواه البزّار.

الحديث الثلاثون :

عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

«يا فاطمة ، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين وسيدة نساء المؤمنين؟» (٢).

رواه الحاكم.

__________________

(١) مختصر زوائد مسند البزّار ١ : ٧١ رقم ١٦ ، وراجع كنز العمّال ١٦ : ١٩ رقم ٤٣٧٥٣.

(٢) مستدرك الحاكم ٣ : ١٧٠ بلفظ : «ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين ، وسيدة نساء هذه الأمة ، وسيدة نساء المؤمنين؟» وقال : هذا إسناد صحيح ولم يخرّجاه ، وقال الذهبي في التلخيص : صحيح. ورواه في السنن الكبرى للنسائي ٥ : ١٤٦ رقم ٨٥١٦ بلفظ «...... نساء هذه الأمة أو نساء المؤمنين» وقريب منه برقم ٨٥١٧ ، كنز العمّال ١٢ : ١١٠ رقم ٣٤٢٣٢ بزيادة : «وسيدة نساء هذه الأمة».

ولا يخفى أنّ هذا الوصف لفاطمة ب «سيدة نساء المؤمنين» و «سيدة نساء العالمين» و «سيدة نساء أمتي» و «سيدة نساء أهل الجنّة» و «سيدة نساء هذه الأمة» ورد كثيرا في الروايات ، وبطرق عديدة وصحيحة ، وبعض الروايات جمعت بين وصفين أو أكثر.

ما ورد بعنوان : «أنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة» رواه كلّ من : صحيح البخاري ٣ : ١٣٦٠ باب : قرابة الرسول و ٣ : ١٣٧٤ باب : مناقب فاطمة ، مسند أحمد ٣ : ٨٠ و ٥ : ٣٩١ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ : ٨١ و ٩٥ و ٤٥ ، كنز العمّال ١٢ : ٩٦ و ١٣ : ٦٤٠ ، نظم درر السمطين ١٧٨ ، تهذيب الكمال ٢٦ : ٣٩١ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٤ و ١٦٨ و ٤ : ٤٧ ، الآحاد والمثاني ٥ : ٣٦٥ ، تاريخ دمشق ١٢ : ٢٦٩ و ١٣ : ٢٠٧ و ١٤ : ١٣٤ و ٤٧ : ٤٨٢ ، سبل الهدى ١٠ : ٤٧ ، ينابيع المودّة ٢ : ٣٦.

وما ورد بعنوان : «سيدة نساء المؤمنين» رواه كلّ من : صحيح البخاري ٥ : ٢٣١٧ كتاب الاستئذان ، صحيح مسلم ٧ : ١٤٣ باب : فضائل فاطمة و ١٤٤ من نفس الباب ، سنن ابن ماجة ١ : ٥١٨ ، مسند أحمد ٦ : ٢٨٢ ، السنن الكبرى للنسائي ٤ : ٢٥٢ و ٥ : ١٤٦ ، رياض الصالحين للنووي : ٣٤٥ ، سبل الهدى ١١ : ٤٦ ، المعجم الكبير ١١ : ٢٩٤.


الحديث الحادي والثلاثون :

عن علي عليه‌السلام :

«إذا كان يوم القيامة نادى منادي من وراء الحجب : يا أهل الجمع ، غضّوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمّد حتّى تمرّ» (١).

رواه الحاكم وتمام وغيرهما.

الحديث الثاني والثلاثون :

عن أبي هريرة مرفوعا :

إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان (٢) العرش : أيّها الناس ، غضّوا

__________________

وما ورد بعنوان : «سيدة نساء العالمين» رواه كلّ من : السنن الكبرى للنسائي ٤ : ٢٥٢ و ٥ : ١٤٦ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ : ٥٢٧ باب : مناقب فاطمة ، مسند الطيالسي : ١٩٧ من حديث أسامة بن شريك ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٧٠.

وما ورد بعنوان : «سيدة نساء هذه الأمة» رواه كلّ من : صحيح البخاري ٥ : ٢٣١٧ كتاب الاستئذان ، صحيح مسلم ٧ : ١٤٣ و ١٤٤ باب : فضائل فاطمة ، سنن ابن ماجة ١ : ٥١٨ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ : ١٤٦ ، مسند الطيالسي : ١٩٧ من حديث أسامة بن شريك ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٧٠ ، مسند أحمد ٦ : ٢٨٢.

وما ورد بعنوان : «سيدة نساء أمتي» رواه كلّ من : المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٣ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ : ١٤٦ ، التاريخ الكبير ١ : ٢٢٢ ترجمة محمّد بن مروان الذهلي.

هذا مع ملاحظة أنّنا لم نتابع أغلب كتب الحديث ، وإلّا فهذه الأحاديث مذكورة في معظم كتب الحديث والرجال والتاريخ والأنساب واللغة والتفسير والمناقب ، بطرق صحيحة ومتعدّدة ، ولا يبعد القول ببلوغها حدّ التواتر ، كما يشعر به كلام العلّامة الكتّاني في نظم المتناثر في الحديث المتواتر : ٢٠٧ رقم ٢٣٤.

(١) مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٦ رقم ٤٧٢٨ قال : «حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرّجاه» ، وراجع كنز العمّال ١٢ : ١٠٨ رقم ٣٤٢١٩ ، كشف الخفاء ١ : ٨٥ رقم ٢٦٣ قال : «رواه الحاكم عن علي ، ورواه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات عن أبي هريرة بلفظ : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش ...» ، ورواه في نظم درر السمطين : ١٨٢ ، فيض القدير ١ : ٤٢٩ رقم ٨٢٢ ، أسد الغابة ٧ : ٢٢٠ ، ينابيع المودّة ٢ : ٨٨ رقم ١٨٤ و ١٣٧ رقم ٣٨٦ قال : «أخرجه ابن بشران عن عائشة».

(٢) بطنان العرش : وسطه ، وقيل : أصله ، وقيل : البطنان جمع بطن ، وهو الغامض من الأرض ، يريد من دواخل العرش.


أبصاركم حتّى تجوز فاطمة إلى الجنّة (١).

الحديث الثالث والثلاثون :

عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعا :

إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : يا أهل الجمع ، نكّسوا رءوسكم وغضّوا أبصاركم حتّى تمرّ فاطمة بنت محمّد على الصراط. فتمرّ مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمرّ البرق (٢).

رواه أبو بكر الشافعي أيضا.

الحديث الرابع والثلاثون :

عن عائشة مرفوعا :

إذا كان يوم القيامة نادى مناد : معشر الخلائق ، طأطئوا (٣) رءوسكم حتّى تجوز فاطمة بنت محمّد ، فتمرّ عليها ريطتان (٤) خضراوان (٥).

رواه الطبراني والحاكم وأبو نعيم.

__________________

راجع النهاية ١ : ١٣٧ ، ولسان العرب ١٣ : ٥٥ ، وفي مجمع البحرين ١ : ٢١٣ : بطنان العرش بالضم ، وسطه وداخله.

(١) كنز العمّال ١٢ : ١٠٦ رقم ٣٤٢١٠ قال : «رواه أبو بكر في الغيلانيات عن أبي أيوب» ورقم ٣٤٢١١ قال : «رواه أبو بكر في الغيلانيات عن أبي هريرة» ، ينابيع المودّة ٢ : ٤٧٨ رقم ٣٣٩ قال : «عن أبي هريرة» ، فيض القدير ١ :

٥٣٩ وقال : «والمراد هو إظهار شرف بنت خاتم الأنبياء على رءوس الأشهاد بإسماعهم ذلك وإن كانوا في شغل شاغل عن النظر. وهذا كلام لطيف من العلّامة المناوي» ، تاج العروس ٥ : ١٧٤.

(٢) كنز العمّال ١٢ : ١٠٥ رقم ٣٤٢٠٩ قال : «رواه أبو بكر في الغيلانيات عن أبي أيوب» ، ورواه في ينابيع المودّة ٢ :

١٣٦ رقم ٣٨٥ قال : «أخرجه الحافظ أبو سعيد في شرف النبوّة ، وأخرجه محمّد بن علي بن عمر النقاش في فوائد العراقيين» ، سبل الهدى ١١ : ٥٠.

(٣) طأطأ : نكس وخفض.

(٤) الريطة : هي كلّ ملاءة إذا كانت قطعة واحدة ، والجمع : رياط. (مجمع البحرين ٢ : ٢٥٩) وقال الزبيدي : «الريطة :

كلّ ملاءة ذات قطعة واحدة أو كلّ ثوب ليّن رقيق». (تاج العروس ٥ : ١٤٥). والملاءة هي الإزار كما في النهاية لابن الأثير ٤ : ٣٥٢.

(٥) الظاهر أنّ المصنف جمع بين حديثين ، الأول : عن علي عليه‌السلام وليس فيه : «طأطئوا» ، والثاني : عن عائشة ،


الحديث الخامس والثلاثون :

عن علي عليه‌السلام قال : أخبرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

«أنّ أوّل من يدخل الجنّة : أنا وفاطمة» (١).

رواه ابن سعد.

الحديث السادس والثلاثون :

عن ابن عباس مرفوعا :

«أفضل نساء أهل الجنّة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد ، ومريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم».

رواه أحمد والترمذي بإسناد صحيح (٢).

__________________

وليس فيه : «ريطتان». وقد نبّهنا على ذلك في تخريجات الحديث راجع المعجم الكبير ١ : ١٠٨ رقم ١٨٠ و ٢٢ :

٤٠٠ رقم ٩٩٩ عن علي ، وليس فيهما : «طأطئوا» ، المعجم الأوسط ٣ : ١٩٧ رقم ٢٤٠٧ عن علي وليس فيه :

«طأطئوا» أيضا ، سبل الهدى ١٠ : ٣٨٦ عن عليّ وليس فيه : «طأطئوا» أيضا ، وأخرجه الذهبي في ميزان الاعتدال ١ : ٥٤٨ رقم ٢٠٥٨ في ترجمة الحسين بن معاذ ، وليس فيه : «ريطتان». وكذا في لسان الميزان ، و ٢ : ٥٣٨ رقم ٤٧٦٥ ترجمة عبد الحميد بن بحر ، وكذا في لسان الميزان ، وليس فيهما : «طأطئوا» ، وكذا في كنز العمّال ١٢ : ١٠٩ رقم ٣٤٢٢٩ قال : «رواه أبو الحسن ابن بشران عن عائشة». وليس فيه : ريطتان.

تاريخ بغداد ٨ : ١٣٦ في ترجمة الحسين بن معاذ رقم ٤٢٣٤. وليس فيه : ريطتان.

(١) كنز العمّال ١٣ : ٦٣٩ رقم ٣٧٦١٤ وزاد في آخره : «والحسن والحسين ، فقلت : يا رسول الله ، فمحبّونا؟ قال :

من ورائكم» ، و ١٢ : ٩٨ رقم ٣٤١٦٦ ، ينابيع المودّة ٢ : ٢٠٢ رقم ٥٨٣ قال : «أخرجه أبو سعد في شرف النبوّة».

(٢) مسند أحمد ١ : ٣٩٢ ، وراجع مجمع الزوائد ٩ : ٣٥٧ رقم ١٥٢٦٨ وقال : «رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ، ورجالهم رجال الصحيح» ، صحيح ابن حبّان ١٥ : ٤٧٠ رقم ٧٠١٠ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٧٤ رقم ٤٧٥٤ وقال :

«حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه» ، ووافقه الذهبي في التلخيص ، و ٣ : ٢٠٥ رقم ٤٨٥٢ وقال : «صحيح


قال الحافظ ابن حجر : هذا نصّ صريح قاطع للنزاع في تفضيل خديجة على عائشة لا يحتمل التأويل (١).

الحديث السابع والثلاثون :

عن أبي ثعلبة الحسيني (٢) قال :

كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلّى ركعتين ، ثمّ ثنّى بفاطمة ، ثمّ يأتي أزواجه. فقدم من سفر فصلّى ركعتين ، ثمّ أتى فاطمة فتلقّته على باب القبّة ، فجعلت تلثم (٣) فاه وعينيه وتبكي ، قال : ما يبكيك؟ قالت : أراك شعثا تعبا قد اخلولقت ثيابك (٤) ، فقال لها : لا تبكي ، فإنّ الله عزوجل بعث أباك بأمر لا يبقى على ظهر الأرض

__________________

الإسناد ولم يخرّجاه». وقال الذهبي : صحيح. المعجم الكبير ١١ : ٢٦٦ رقم ١١٩٢٨ ، و ٢٢ : ٤٠٧ رقم ١٠١٩ باب : مناقب فاطمة ، و ٢٣ : ٧ رقم ١ باب : مناقب خديجة ، السنن الكبرى للنسائي ٥ : ٩٣ رقم ٨٣٥٥ و ٨٣٥٧ و ٨٣٦٤ ، الآحاد والمثاني ٥ : ٣٦٤ رقم ٢٩٦٢ ، كنز العمّال ١٢ : ١٤٣ رقم ٣٤٤٠٢ ، سبل الهدى ١٠ : ٣٢٧ وقال :

«وهو يقتضي تفضيل فاطمة على جميع نساء العالم ، ومنهنّ خديجة وعائشة وبقيّة بنات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، و ١١ :

١٢٦ ذكره في فضائل خديجة ، فتح القدير ٥ : ٢٥٧ ذكره في تفسير آخر آية من سورة التحريم ، الجامع الصغير ١ : ١٥٤ رقم ١٣٢١ ، فيض القدير ٢ : ٥٣ رقم ١٣٠٧ وقال : «الأولى والثانية أفضل من الثالثة والرابعة ، أي خديجة وفاطمة أفضل من مريم وآسية ، ورجّح بعضهم تفضيل فاطمة ؛ نظرا لما فيها من البضعة الشريفة» ، الاستيعاب ٤ : ٤٥٠.

(١) فتح الباري ٧ : ٥١٤ باب : تزويج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خديجة ، وقال : «استدلّ بهذا الحديث على أنّ خديجة أفضل». ونقله العلّامة المناوي في فيض القدير ٢ : ٥٣ في شرح الحديث رقم ١٣٠٧ و ٤ : ١٢٤ في شرح الحديث رقم ٤٧٥٩.

وقد نقلنا في الباب الأول كلمات كثير من الأعلام ممّن قالوا بأفضلية خديجة على عائشة ، والظاهر عدم الخلاف عندهم في ذلك ، فراجع.

(٢) الصحيح هو : أبو ثعلبة الخشني ، كما في كتب الحديث ، ترجم له الرازي في الجرح والتعديل ٢ : ٥٤٣ رقم ٢٢٥٧ وقال : «اسمه جرثوم بن عمرو ، له صحبة».

(٣) في النسخة (م) : تلتهم.

(٤) اخلولق الثوب : إذا بلي.


نبت ولا مدر ولا حجر ، ولا وبر ولا شعر ، إلّا أدخل الله به عزّا أو ذلّا.

رواه الطبراني وأبو نعيم. (١)

الحديث الثامن والثلاثون :

عن ثوبان :

كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا سافر آخر عهده إتيان فاطمة ، وأوّل من يدخل عليه إذا قدم فاطمة (٢).

رواه أحمد والبيهقي.

الحديث التاسع والثلاثون :

عن ابن عباس عنه عليه الصلاة والسلام أنّه قال :

«أنا ميزان العلم ، وعلي كفّتاه ، والحسن والحسين خيوطه ، والائمة من أمتي عموده ، وفاطمة علاقته ، توزن فيه أعمال المحبّين لنا والمبغضين لنا» (٣).

رواه الديلمي.

__________________

(١) المعجم الكبير ٢٢ : ٢٢٥ رقم ٥٩٥ ، وقريب منه رقم ٥٩٦ ، ورواه في مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٩ رقم ٤٧٣٧ وقال :

«حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرّجاه» ، مسند الشاميين ١ : ٢٩٩ رقم ٥٢٣ ، فيض القدير ٥ : ١٥٥ ذكره في شرح الحديث رقم ٦٧٧١ ، الجامع الصغير ٢ : ٧٥٢ رقم ٦٧٩٦ ذكر طرفا من الحديث ، إلى قوله : «ثمّ يأتي أزواجه» ، نظم درر السمطين : ١٧٧.

(٢) مسند أحمد ٥ : ٢٧٥ ، السنن الكبرى للبيهقي ١ : ٢٦ باب : المنع من الادهان ، ورواه في تهذيب الكمال ١٢ : ١١٢ ترجمة رقم ٢٥٧٧ وقال : «رواه أبو داود عن مسدّد عن عبد الوارث نحوه فوقع لنا عاليا ، ورواه ابن ماجة عن أزهر بن مروان ، فوافقناه فيه بعلو ، وقد كتبناه في ترجمة حميد الشامي من وجه آخر عن مسدّد».

(٣) كشف الخفاء ١ : ١٨٥ رقم ٦١٨ ذكره في ضمن الكلام عن حديث «أنا مدينة العلم وعلي بابها» ، ينابيع المودّة ٢ : ٢٤٢ رقم ٦٧٩ وقال : «رواه صاحب الفردوس» ، و ٢ : ٢٦٨ رقم ٧٦٢.


الحديث الأربعون :

عن ابن عباس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

«ليلة عرج بي إلى السماء رأيت مكتوبا على باب الجنّة بالذهب : لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، علي حبيب الله ، الحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة أمة الله» (١).

رواه الديلمي.

الحديث الحادي والأربعون :

عن ابن عباس قال : سألت المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه ، فقال :

«سأل بحقّ محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين» (٢).

الحديث الثاني والأربعون :

عن عمران بن حصين :

أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عاد فاطمة وهي مريضة ، فقال لها : كيف تجدينك يا بنيّة؟

أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين ، قالت : فأين مريم بنت

__________________

(١) تاريخ بغداد ١ : ٢٥٨ رقم ٨٨ ذكره في ترجمة محمّد بن إسحاق بن مهران ، وزاد في آخره : «على باغضهم لعنة الله» ، مناقب الخوارزمي : ٣٢٠ رقم ٢٩٧ وزاد في آخره : «وعلى مبغضيهم لعنة الله» ، لسان الميزان ٥ : ٧٠٣ في ترجمة محمّد بن إسحاق بن مهران ، ميزان الاعتدال ٣ : ٤٧٨ رقم ٧٢١٢ في ترجمة محمّد بن إسحاق ، وزاد في آخره : «وعلى باغضهم لعنة الله».

(٢) الدرّ المنثور ١ : ١٤٧ في تفسير الآية : ٣٧ من سورة البقرة ، وقال : «أخرجه ابن النجّار عن ابن عباس» ، وزاد في آخره : «ألا تبت عليّ ، فتاب عليه» ، ينابيع المودّة ١ : ٢٨٨ رقم ٤ الباب ٢٤ وقال : «رواه ابن المغازلي بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس» ، مناقب ابن المغازلي : ١٠٥ رقم ٨٩.


عمران؟ قال : تلك سيدة نساء عالمها ، وأنت سيدة نساء عالمك ، والله لقد زوّجتك سيدا في الدنيا والآخرة (١).

رواه الحاكم عن عائشة.

الحديث الثالث والأربعون :

عن علي عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

«خير نسائها مريم ، وخير نسائها فاطمة» (٢).

رواه الترمذي (٣).

الحديث الرابع والأربعون :

عن عروة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

«مريم خير نساء عالمها ، وفاطمة خير نساء عالمها» (٤)

رواه الحارث بن أسامة.

الحديث الخامس والأربعون :

عن أبي سعيد : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) تاريخ دمشق ٤٢ : ١٣٤ وزاد في آخره : «فلا يحبّه إلّا مؤمن ولا يبغضه إلّا منافق» ، المعتصر من المختصر ٢ : ٢٤٧ وزاد في آخره : «ولا يبغضه إلّا منافق» ، الاستيعاب ٤ : ٤٤٩ ، نظم درر السمطين : ١٧٩ ، ذخائر العقبى :

٨٨ ، سير أعلام النبلاء ٢ : ١٢٦ ، ينابيع المودّة ٢ : ١٣٤ وزاد في آخره : «ولا يبغضه إلّا منافق».

(٢) سبل الهدى ١٠ : ٣٢٨ وقال : «رواه الترمذي عن علي» ، و ١١ : ١٦٢ وقال : «أخرجه الترمذي موصولا من حديث علي».

(٣) الموجود في سنن الترمذي ٥ : ٣٦٧ رقم ٣٩٨٠ : «خير نسائها خديجة بنت خويلد ، وخير نسائها مريم بنت عمران».

(٤) الديباج ٥ : ٤٠١ وقال : «أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده» ، سبل الهدى ١٠ : ٣٢٨ و ١١ : ١٦٢ وقال :

«في مسند الحارث بن أسامة» ، وفي الجامع الصغير ١ : ٤٤٨ رقم ٣٨٩٨ زاد في أوّله : «خديجة خير نساء عالمها» ، ومثله في فيض القدير ٣ : ٤٣٢ رقم ٣٨٨٣.


«فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة ، إلّا ما كان من مريم بنت عمران».

رواه أبو نعيم (١).

الحديث السادس والأربعون :

عن ابن عباس : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

«سيدات أهل الجنّة بعد مريم بنت عمران : فاطمة وخديجة ثمّ بنت مزاحم» (٢).

رواه الطبراني في الكبير والأوسط بسند رجاله رجال الصحيح (٣).

الحديث السابع والأربعون :

عن عائشة قالت :

__________________

(١) مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٨ رقم ٤٧٣٣ قال : حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه ، إنّما تفرّد مسلم بإخراج حديث أبي موسى عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «خير نساء العالمين أربع ...». وقال الذهبي في التلخيص : «صحيح» ، سبل الهدى ١٠ : ٣٢٨.

وقد روي هذا الحديث من دون «إلّا ما كان من مريم» في أكثر كتب الحديث ، رواه البخاري في الصحيح ٣ : ١٣٧٤ باب : مناقب فاطمة ، وأورده أيضا في باب : مناقب قرابة الرسول ، والحاكم في المستدرك ٣ : ١٦٤ رقم ٤٧٢١ و ٤٧٢٢ وقال : «حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه» ، والنسائي في السنن الكبرى ٥ : ٨١ رقم ٨٢٩٨ في مناقب أصحاب الرسول ، وابن أبي شيبة في المصنّف ٧ : ٥٢٧ رقم ٣ باب : فضل فاطمة وابن حجر العسقلاني في مختصر زوائد البزّار ٢ : ٣٤٣ رقم ١٩٨٨ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٤ رقم ١٥١٩١ وقال :

«رجاله رجال الصحيح» ، وفي كشف الأستار عن زوائد البزّار ٣ : ٢٣٤ رقم ٢٦٥٠ بلفظ «ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنّة» ، والعلّامة المباركفوري في تحفة الأحوذي ١٠ : ٢٦٥ رقم ٣٧٩٠ وقال : «أخرجه أحمد والنسائي في فضائل الصحابة وابن خزيمة» ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٥ : ٣٦٦ رقم ٢٩٦٦.

(٢) المعجم الكبير ١١ : ٣٢٨ رقم ١٢١٧٩ ، المعجم الأوسط ٢ : ٦٥ رقم ١١١١. ورواه في كنز العمّال ١٢ : ١٤٥ رقم ٣٤٤٠٩ بلفظ «سيدات نساء أهل الجنّة أربع : مريم وفاطمة وخديجة وآسية» عن عائشة ، كما في مستدرك الحاكم ٣ : ٢٠٥ رقم ٤٨٥٣. ورواه في الكنز أيضا ١٢ : ١٤٤ رقم ٣٤٤٠٦ ، وفي الجامع الصغير ٢ : ٥٤٠ رقم ٤٧٨٤ قال : «صحيح» ، فيض القدير ٤ : ١٢٤ رقم ٤٧٥٩.

(٣) قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٤ رقم ١٥١٩٠ : «رواه الطبراني في الأوسط والكبير ، ورجال الكبير رجال الصحيح».


اجتمعت نساء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجاءت فاطمة تمشي ، ما تخطىء مشيتها مشيت أبيها ، فقال : مرحبا بابنتي ، فأقعدها عن يمينه ، فسارّها بشيء فبكت ، ثمّ سارّها فضحكت ، فقلت لها : أخبريني بما سارّك ، قالت : ما كنت لأفشي عليه سرّا.

فلمّا توفّي ، قالت لها : أسألك بما لي عليك من الحقّ ، لما أخبرتني بما سارّك ، قالت : أمّا الآن نعم ، سارّني قال : إنّ جبريل يعارضني بالقرآن في كلّ سنة مرّة ، وأنّه عارضني العام مرّتين ، ولا أرى ذلك إلّا اقتراب أجلي ، فاتّقي الله واصبري ، فنعم السلف أنا لك ، فبكيت ، ثمّ سارّني وقال : أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين ، فضحكت (١).

رواه الشيخان.

الحديث الثامن والأربعون :

عن أمّ سلمة قالت :

دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة عام الفتح ، فناجاها فبكت ، ثمّ حدّثها فضحكت ، فلمّا توفّي سألتها ، قالت : أخبرني أنّه يموت فبكيت ، ثمّ أخبرني أنّي سيدة نساء أهل الجنّة إلّا مريم بنت عمران ، فضحكت (٢).

الحديث التاسع والأربعون :

عن عائشة : حدّثتني فاطمة قالت :

__________________

(١) صحيح البخاري ٥ : ٢٣١٧ رقم ٥٩٢٨ كتاب الاستئذان الباب ٤٣ ، صحيح مسلم بشرح النووي ١٦ : ٢٢٥ رقم ٦٢٦٤ باب : فضائل فاطمة ، ورواه النسائي في السنن الكبرى ٥ : ٩٦ رقم ٨٣٦٨ ومثله في : ١٤٦ رقم ٨٥١٦.

(٢) المعجم الكبير ٢٢ : ٤٢٢ رقم ١٠٣٩ ، كنز العمّال ١٣ : ٦٧٧ رقم ٣٧٧٣٤ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ : ١٤٥ رقم ٨٥١٣ وليس فيه : «عام الفتح» ، ينابيع المودّة ٢ : ٥٤ رقم ٢٨ قال : «رواه الترمذي».


أسرّ إليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّ جبريل كان يعارضني بالقرآن في كلّ سنة مرة ، وأنّه عارضني العام مرّتين ، ولا أراه إلّا قد حضر أجلي ، وإنّك أوّل أهل بيتي لحوقا بي ، ونعم السلف أنا لك. قالت : فبكيت ، وقال : إلّا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة ، أو نساء المؤمنين ، فضحكت (١).

رواه الشعبي عن مسروق.

الحديث الخمسون :

عن عائشة قالت :

ما رأيت أحدا أشبه كلاما وحديثا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من فاطمة ، كانت إذا دخلت قام إليها فقبّلها ، ورحّب بها ، وأخذ بيديها وأجلسها في مجلسه ، وكانت هي إذا دخل عليها قامت إليه فقبّلته ، وأخذت بيده وأجلسته مكانها.

فدخلت عليه في مرضه الّذي توفّي فيه ، فأسرّ إليها فبكت ، ثمّ أسرّ إليها فضحكت ، فقلت : كنت أحسب لهذه المرأة فضلا على النساء ، فإذا هي امرأة منهنّ ، بينما هي تبكي إذ هي تضحك. فلمّا توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سألتها عن ذلك ، قالت : أسرّ لي أنّه ميّت فبكيت ، ثمّ أسرّ لي أنّي أوّل أهله لحوقا به فضحكت (٢).

رواه ابن حبّان.

__________________

(١) السنن الكبرى للنسائي ٥ : ١٤٦ رقم ٨٥١٦ ، سبل الهدى ١٠ : ٣٢٧ ، الآحاد والمثاني ٥ : ٣٦٧ رقم ٢٩٦٧ ، ونقل طرفا منه ابن ماجة في السنن ١ : ٥١٨ رقم ١٦٢١.

(٢) صحيح ابن حبّان ١٥ : ٤٠٣ رقم ٦٩٥٣ ، ورواه في سنن أبي داود : ٧٨٥ رقم ٥٢١٧ باب ما جاء في القيام ، والسنن الكبرى للنسائي ٥ : ٩٦ رقم ٨٣٦٩ ، والجامع الصحيح للترمذي ٥ : ٧٠٠ رقم ٣٨٧٢ بتفاوت يسير.


ولا تنافي بين هذا الحديث وما قبله من الأخبار ، فلعلّه تعدّد صدور ذلك منه لها ، وبكاؤها وضحكها لم يكن لمجموع الخبرين ، وإلّا لما استقلّ به أحدهما كما استقلّ به حديث عائشة ، فهو دليل على أنّه لموته فقط لا لكلّ واحد منهما ، وإلّا لما ضحكت للثاني.


الباب الرابع

في خصائصها ومزاياها على غيرها



في خصائصها ومزاياها

وهي كثيرة :

الأولى : أنّها أفضل هذه الأمة ، كما يصرّح به ما مرّ (١).

روى أحمد والحاكم والطبراني عن أبي سعيد الخدري بإسناد صحيح مرفوعا :

«فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة ، إلّا مريم» (٢).

__________________

(١) تقدّمت الأحاديث الدالّة على أنّها سيدة نساء هذه الأمة ، وسيدة نساء العالمين ، وسيدة نساء المؤمنين ، في الباب الثالث مفصّلا. ومنها : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا فاطمة ، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين ، وسيدة نساء هذه الأمة ، وسيدة نساء المؤمنين» مستدرك الحاكم ٣ : ١٧٠ رقم ٤٧٤٠ وقال : «هذا إسناد صحيح ولم يخرّجاه».

وقوله : «يا فاطمة ، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين ، أو سيدة نساء هذه الأمة» صحيح البخاري ٥ :

٢٣١٧ كتاب الاستئذان رقم ٥٩٢٨ ، وصحيح مسلم بشرح النووي ١٦ : ٢٢٥ رقم ٦٢٦٣ و ٦٢٦٤ ، وللمزيد راجع الهوامش في الباب الثالث.

(٢) فيض القدير ٤ : ٤٢١ رقم ٥٨٣٥ وقال : «فعلم أنّها أفضل من عائشة ؛ لكونها بضعة منه» ، السنن الكبرى للنسائي ٥ : ١٤٥ رقم ٨٥١٢ عن عائشة ، الآحاد والمثاني ٥ : ٣٦٥ رقم ٢٩٦٣.

وروي هذا الحديث من دون عبارة «إلّا مريم» ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة» رواه البخاري في باب : مناقب فاطمة ٣ : ١٣٧٤ ، والحاكم في المستدرك ٣ : ١٦٤ رقم ٤٧٢١ و ٤٧٢٢ وقال : «حديث


وفي رواية صحيحة :

«إلّا ما كان من مريم بنت عمران» (١).

فعلم أنّها أفضل من أمّها خديجة. وما وقع في الأخبار ممّا يوهم أفضليتها عليها (٢) ، فإنّما هو من حيث الأمومة فقط (٣).

__________________

صحيح الإسناد ولم يخرّجاه» ، وابن حجر في مختصر زوائد البزّار ٢ : ٣٤٣ رقم ١٩٨٨ ، والأحوذي في التحفة ١٠ : ٢٦٥ رقم ٣٧٩٠ وقال : «أخرجه أحمد والنسائي في فضائل الصحابة وابن خزيمة» ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٤ رقم ١٥١٩١ وقال : «رواه الطبراني ، ورجاله رجال الصحيح» ورواه أيضا في كشف الأستار عن زوائد البزّار ٣ : ٢٣٤ رقم ٢٦٥٠ ، والنسائي في السنن الكبرى ٥ : ٨١ رقم ٨٢٩٨ باب : مناقب أصحاب الرسول ، وابن أبي شيبة في المصنّف ٧ : ٥٢٧ باب : فضل فاطمة ، حديث ٣ ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٥ : ٣٦٦ رقم ٢٩٦٦.

(١) رواه في مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٨ رقم ٤٧٣٣ من حديث أبي سعيد الخدري وقال في آخره : «حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه» ، وسبل الهدى ١٠ : ٣٢٨ ، وقريب منه في السنن الكبرى للنسائي ٥ : ١٤٥ رقم ٨٥١٤.

(٢) أي : أفضلية خديجة على فاطمة ، من قبيل رواية عمّار بن ياسر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لقد فضّلت خديجة على نساء أمتي كما فضّلت مريم على نساء العالمين» أخرجها ابن حجر في فتح الباري ٧ : ٥١٤ باب : تزويج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خديجة ، وقال : «حديث حسن الإسناد ..» ، وفي مختصر زوائد البزّار ٢ : ٣٥٠ رقم ١٩٩٨.

هذه الرواية تقتضي أفضليتها على جميع نساء الأمة مطلقا ، ومنهنّ زوجات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولمّا كانت توهم الأفضلية على فاطمة ، نبّه المصنّف على ذلك ، لأنّ أفضلية فاطمة على نساء الأمة ، ونساء العالمين ، ثبت بالنصوص المستفيضة الصريحة والصحيحة ، فلا بدّ وأن يحمل هذا الحديث على معنى لا يتعارض مع تلك النصوص المستفيضة ، فحمله المصنّف على معنى الأفضلية من جهة الأمومة ، وكما حمله على ذلك العلّامة الصالحي الشامي في سبل الهدى ١١ : ١٦١.

(٣) للعلماء هنا كلام لطيف مضافا لما تقدّم ، وهو أنّ فاطمة الزهراء عليها‌السلام يجب أن لا تذكر في مسألة المفاضلة ؛ لأنّها أفضل نساء العالم. قال القطب الخضري : «ينبغي أن يستثنى من إطلاق التفضيل سيدتنا فاطمة ابنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهي أفضل نساء العالم» (سبل الهدى ١١ : ١٦٢).

وقال الزركشي : «ويستثنى من الخلاف سيدتنا فاطمة ، فهي أفضل نساء العالم ؛ لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «فاطمة بضعة منّي» ولا يعدل ببضعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحد» (سبل الهدى ١١ : ١٦٣) وغير ذلك ، وسيأتي تفصيله عند كلام المصنّف في تفضيل فاطمة على مريم بنت عمران.

فعلى هذا ، لا نحتاج إلى حمل الحديث «فضّلت خديجة على نساء أمتي» على الأفضلية من جهة الأمومة ، وذلك لأنّ الزهراء مستثناة من إطلاق أحاديث التفضيل ، لأنّها أفضل نساء العالم ، وبضعة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يعدل ببضعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحد.


قال السبكي (١) : الّذي نختاره وندين الله به : أنّ فاطمة أفضل ، ثمّ خديجة ، ثمّ عائشة. قال : ولم يخف عنّا الخلاف في ذلك ، ولكن إذا جاء نهر الله بطل نهر العقل (٢).

قال الشيخ شهاب الدين بن حجر الهيتمي (٣) : ولوضوح ما قاله السبكي ، تبعه عليه المحقّقون (٤).

وممّن تبعه عليه : الحافظ أبو الفضل ابن حجر (٥) فقال في موضع : هي مقدّمة على غيرها من نساء عصرها ومن بعدهنّ مطلقا (٦).

__________________

(١) السبكي : تقي الدين علي بن عبد الكافي المعروف بالسبكي الكبير ، محدّث ، مفسّر ، أصولي ، متكلّم ، أديب ، شاعر ولد في سبك بمصر سنة ٦٨٣ ه‍ ، انتقل إلى الشام وتولّى القضاء بها سنة ٧٣٩ ه‍ ، ثمّ عاد إلى القاهرة وتوفّي بها سنة ٧٥٦ ه‍ ، له مصنّفات كثيرة ، منها : شفاء السقام في زيارة خير الأنام ، والمسائل الحلبية في فقه الشافعية ، والابتهاج في شرح المنهاج ، ترجم له ولده التاج السبكي صاحب طبقات الشافعية ترجمة مفصّلة في الطبقات ١٠ : ١٣٩.

(٢) نقله العلّامة الصالحي الشامي في سبل الهدى ١١ : ١٦٠ وقال : «هو في ضمن المسائل الّتي ذكرها السبكي في كتابه «الفتاوى الحلبيات» وهي مسائل سألها شيخ حلب شهاب الدين الأذرعي» ، ونقله أيضا العلّامة المناوي في فيض القدير ٤ : ٤٢١ في شرح الحديث رقم ٥٨٣٥ ، والعلّامة المباركفوري في تحفة الأحوذي ١٠ : ٣٤٩ في شرح الحديث رقم ٣٨٨٧ وزاد في آخره «ولكن الحقّ أحقّ أن يتّبع» ، وابن حجر في فتح الباري ٧ : ٥١٩ باب :

تزويج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خديجة ، والصالحي في موضع آخر من سبل الهدى ١١ : ١٦١ وعقّب عليه : «قال شيخنا :

الصواب هو القطع بتفضيل فاطمة ، وبه جزم ابن المغربي في روضته».

(٣) أحمد بن محمّد بن حجر الهيتمي ؛ شهاب الدين المكّي الشافعي ، ولد سنة ٨٩٩ ه‍ بمحلة أبي الهيتم بمصر وإليها ينسب ، ولذا غلط من قال : الهيثمي بالثاء. تتلمذ عند السمهودي وابن النجّار الحنبلي وغيرهم ، ارتحل إلى مكّة سنة ٩٤٠ ه‍ وبقي بها إلى أن توفّي سنة ٩٧٣ ه‍ ودفن بالمعلّاة في مقبرة الطبريين. وكان شديد التشنيع على ابن تيمية ، له مصنّفات كثيرة ، منها : الصواعق المحرقة ، والقول المختصر في علامات المهدي المنتظر ، وشرح مشكاة المصابيح.

(٤) حكى كلامه العلّامة المناوي في فيض القدير ٤ : ٤٢٢ في شرح الحديث رقم ٥٨٣٥.

(٥) الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المصري الشافعي ، ولد سنة ٧٧٣ ه‍ ، تتلمذ عند الزين العراقي وابن الملقّن وغيرهم ، أصبح قاضي القضاة بمصر على عهد الملك الأشرف برسباي ، له أكثر من مائة مصنّف ، أهمّها : فتح الباري شرح صحيح البخاري ، الإصابة في تمييز الصحابة ، تهذيب التهذيب ، لسان الميزان ، توفّي سنة ٨٥٢ ه‍ ودفن بين قبر الشافعي وقبر الليث بن سعد.

(٦) فتح الباري ٧ : ٤٧٧ باب : مناقب فاطمة. وذكر مثله أيضا في : ٥١٩ باب : تزويج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خديجة عند نقله


مناقشة قول ابن القيّم (١)

وأمّا قول ابن القيّم : إن أريد بالتفضيل كثرة الثواب عند الله ، فذلك أمر لا يطّلع عليه ، فإنّ عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح (٢). وإن أريد كثرة العلم فعائشة (٣) ،

__________________

كلام السبكي الكبير.

(١) ابن قيّم الجوزية ، ويطلق عليه اختصارا ابن القيّم ، هو محمّد بن أبي بكر الحنبلي الدمشقي ، ولد في دمشق سنة ٦٩١ ه‍ ، وتوفي بها سنة ٧٥١ ه‍ ، ودفن في سفح جبل قاسيون ، قال ابن حجر في الدرر الكامنة : غلب عليه حبّ ابن تيمية ، فكان لا يخرج عن أقواله ، وسجن معه ، ولم يطلق سراحه إلّا بعد أن توفّي ابن تيمية ، له مصنّفات منها :

زاد المعاد ، وأعلام الموقعين ، وتهذيب سنن أبي داود.

(٢) هذا الكلام وإن كان في حدّ نفسه صحيحا ، إلّا أنّه في المقام وفي أمثاله ليس صحيحا ، وذلك لأنّ الشارع المقدّس كشف لنا أنّ فاطمة أكثر الناس ثوابا بقوله : «إنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة» ، فهي أفضل نساء أهل الجنّة ، ولازمه أنّها الأفضل من حيث كثرة الثواب ، بل من حيث الكمالات ، بل ليس هناك من هو أكثر ثوابا وكمالا منها ، لأنّ التفاضل في الآخرة في الجنّة ودرجاتها إنّما هو بكثرة الثواب والعمل الصالح والاعتقادات الحقّة ، ولو لم تكن هي الأكثر والأوفر والأفضل لما وصفها الشارع بأنّها سيدة نساء أهل الجنّة ، ولوصف غيرها بذلك ، فلمّا لم يصف غيرها ، علمنا بحكم الشارع أنّها أكثر الناس ثوابا ، وأكثرهم عملا صالحا وهذا الكلام ينطبق على العلم أيضا ، باعتبار أنّ العلم كمال من الكمالات ، فهي سيدة النساء من هذه الجهة أيضا ، وهكذا بقية الكمالات.

(٣) اتّضح الجواب عنها بما تقدّم ، من أنّ «سيدة نساء أهل الجنّة» يقتضي أنّها سيدتهنّ في كلّ فضل وكمال ، كمّا وكيفا ، والعلم من الكمال ، بل هو أشرف الكمالات ، فلا بد أن تكون سيدة نساء أهل الجنّة حائزة على كلّ الكمالات ، أعلاها وأشرفها. فنصّ الشارع كاشف عن الأفضلية المطلقة من جميع الجهات.

ثمّ إنّه إن أراد بكثرة العلم كثرة السماع من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد اتّفق المؤرّخون على أنّ عائشة عاشت مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله تسع سنين ، وأمّا خديجة فقد عاشت مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسا وعشرين سنة ، وعلى حدّ قول ابن عبد البرّ : أربعا وعشرين سنة وأربعة أشهر ، وهذا يقتضي أنّها أكثر سماعا من عائشة ، بل سمعت من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ضعفي ما سمعته عائشة ونصف ، فهي أكثر علما منها من هذه الجهة ، بل أكثر من ذلك : أنّ عائشة عاشت مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله تسع سنين مع تسع زوجات ، فكان لها يوم واحد من كلّ تسعة أيام! ومعناه : أنّها عاشت مع النبيّ سنة واحدة بحساب الأيام ، وعليه فخديجة سمعت من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسا وعشرين مرّة بقدر ما سمعته عائشة أو بقية زوجاته رضي‌الله‌عنهنّ.

وإن أراد بكثرة العلم لزوج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مدلول خبر «خذوا شطر دينكم عن الحميراء» أو «ثلثي دينكم» ففيه كلام. حيث قال العجلوني : «رأيت في الأجوبة على الاسئلة الطرابلسية لابن القيّم الجوزية : أنّ هذا الحديث


وإن أريد شرف الأصل ففاطمة لا محالة ، وهي فضيلة لا يشاركها فيها غير أخواتها. وإن أريد شرف السيادة فقد ثبت النصّ لفاطمة وحدها (١).

وما امتازت به عائشة من فضل العلم ، لخديجة ما يقابله وأعظم ، وهي أنّها أوّل من أجاب إلى الإسلام ودعا إليه (٢) ، وأعان على إبلاغ الرسالة بالنفس والمال والتوجّه ، فلها مثل أجر من جاء بعدها إلى يوم القيامة (٣).

__________________

كذب مختلق» (كشف الخفاء ١ : ٣٣٣ رقم ١١٩٦) ، وقال الألباني : «إنّ الحديث موضوع ، مكذوب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. (إرواء الغليل ١ : ١٠).

وقال العجلوني أيضا : «قال الحافظ عماد الدين : هو حديث غريب جدا ، بل هو منكر ، سألت عنه شيخنا المزي فلم يعرفه ، وقال : لم أقف له على سند إلى الآن ، وقال شيخنا الذهبي : هو من الأحاديث الواهية الّتي لا يعرف لها سند». (كشف الخفاء ١ : ٣٣٢ رقم ١١٩٦).

وقال ابن كثير : «فأمّا ما يلهج به كثير من الفقهاء وعلماء الأصول من إيراد حديث «خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء» فإنّه ليس له أصل ، ولا هو مثبت في شيء من أصول الإسلام» (البداية والنهاية ٨ : ١٠٠) ، وقال العلّامة المباركفوري : «وأمّا حديث «خذوا شطر دينكم عن الحميراء» يعني : عائشة ، فقال الحافظ ابن حجر العسقلاني : لا أعرف له إسنادا ولا رواية في شيء من كتب الحديث ، وذكر الحافظ عماد الدين ابن كثير أنّه سأل المزي والذهبي عنه فلم يعرفاه ، وقال السيوطي : لم أقف عليه». (تحفة الأحوذي ١٠ : ٣٥٤ باب : فضل عائشة) ، وذكر العلّامة الفتني في الموضوعات : ١٠٠ مثله ، كما ذكره الملّا علي القاري في الأخبار الموضوعة : ١٩٨ رقم ١٨٥ في حرف الخاء ، ونقل نصّ كلام ابن حجر وابن كثير. وذكره في كتابه الآخر ، الموضوع : ٩٨ رقم ١٢١ وقال : «لا يعرف له أصل».

(١) حكاه العلّامة المباركفوري في تحفة الأحوذي ١٠ : ٣٤٩ باب : فضل خديجة.

(٢) عن أبي رافع قال : «أوّل من أسلم من الرجال علي ، وأوّل من أسلم من النساء خديجة» ، قال الشيخ : رجاله رجال الصحيح. أخرجه في مختصر زوائد البزّار ٢ : ٣٥٠ رقم ١٩٩٧ ، وكشف الأستار ٣ : ٢٣٦ رقم ٢٦٥٤.

هذا وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «خديجة سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله وبمحمّد». أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ : ٢٠٣ رقم ٤٨٤٦. وعن ابن شهاب : «كانت خديجة أوّل من آمن بالله وحده ورسوله قبل أن تفرض الصلاة». (مستدرك الحاكم ٣ : ٢٠٣ رقم ٤٨٤٥).

(٣) هذا الكلام لابن حجر العسقلاني ، تعقّب به على كلام ابن القيّم بأنّ العلم لعائشة. قاله المناوي في فيض القدير ٤ : ٢٩٧ رقم ٥٣٦٠ ، والمباركفوري في تحفة الأحوذي ١٠ : ٣٤٩.

ولابن حجر كلام آخر في فتح الباري ٧ : ٥١٧ باب : تزويج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خديجة يجدر نقله هنا ، قال : «وممّا


قال الحافظ ابن حجر : وقيل : انعقد الإجماع على أفضلية فاطمة ، فأين ما عدا مريم؟ (١)

أمّا مريم أفضل منها إن قيل ـ بما عليه القرطبي في طائفة ـ من أنّها نبيّة (٢).

وبقصده (٣) استثناءها ـ أعني : مريم ـ في عدّة أحاديث مرّ بعضها.

بل روى ابن عبد البرّ ، عن ابن عباس مرفوعا : «سيدة نساء العالمين مريم ، ثم فاطمة ، ثمّ خديجة ، ثمّ آسية» (٤).

قال القرطبي : وهذا حديث حسن ، يرفع الإشكال من أصله ، انتهى (٥).

وقول الحافظ ابن حجر : «إنّه غير ثابت» (٦). إن أراد به نفي الصحة

__________________

اختصّت به : سبقها نساء هذه الأمة إلى الإيمان ، فسنّت ذلك لكلّ من آمنت بعدها ، فيكون لها مثل أجرهنّ ، لما ثبت أنّ من سنّ سنّة حسنة ...».

(١) حكاه المباركفوري في تحفة الأحوذي ١٠ : ٣٤٩.

(٢) تفسير القرطبي ٤ : ٨٣ في تفسير قوله : (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ).

وحكاه عنه ابن حجر في فتح الباري ٧ : ١٤٠ رقم ٣٤٣٢ قال : «قال القرطبي : الصحيح أنّ مريم نبيّة» ، وقال عياض : «الجمهور على خلافه ، ونقل النووي في الأذكار أنّ إمام الحرمين نقل الإجماع على أنّ مريم ليست بنبيّة ، وعن الحسن : ليس في النساء نبيّة ولا في الجنّ». «فتح الباري ٧ : ١٤٠ رقم ٣٤٣٢).

هذا ونقل ابن حجر الإجماع على عدم نبوّة النساء في موضع آخر في فتح الباري ٦ : ١١١ كتاب أحاديث الأنبياء عند قوله : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ).

وفي شرح المواهب اللدنية للزرقاني ٢ : ٣٥٧ : «والصحيح أنّ مريم ليست نبيّة ، بل حكي الإجماع على أنّه لم تنبأ امرأة» ولهذا قال ابن حجر : «أمّا من قال : ليست نبيّة ، فيحمله على عالمي زمانها ، ويحتمل أن يراد نساء بني إسرائيل ، أو نساء تلك الأمة» (فتح الباري ٧ : ١٤١ شرح حديث رقم ٣٤٣٢).

(٣) في نسخة (ز) : ويعضده. أي : ويعضد كلام القرطبي أنّها نبيّة استثناء مريم من بعض أحاديث التفضيل ؛ لأنّ الكلام في التفضيل هو في ما دون الأنبياء عندهم.

(٤) الاستيعاب ٤ : ٤٤٩.

(٥) تفسير القرطبي ٤ : ٨٣ عند تفسير قوله : (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ) ، ونقله عنه في فتح الباري ٧ : ٥١٤ باب : تزويج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خديجة ، حديث رقم ٣٨٢١.

(٦) قال في فتح الباري ٧ : ٥١٤ : «الحديث الثاني الدالّ على الترتيب ليس بثابت» ثمّ بيّن وجه ذلك ، وهو أنّ أصل الحديث عند أبي داود والحاكم بغير صيغة الترتيب ، أي بدون «ثم».

وكلام ابن حجر في محلّه تماما ، والحديث روي بصيغ كثيرة لا تدلّ على الترتيب ، بل في بعضها تقديم فاطمة


الاصطلاحية (١) فمسلّم ، فإنّه حسن لا صحيح (٢).

ونصّ على ذلك الحافظ الجبل (٣) ، ولفظه عن ابن عباس مرفوعا :

«سيدات نساء أهل الجنّة بعد مريم بنت عمران : فاطمة وخديجة ، ثمّ آسية بنت مزاحم امرأة فرعون».

رواه الطبراني في الأوسط ، وكذا الكبير بنحوه (٤).

قال الحافظ الهيثمي : ورجال الكبير رجال الصحيح (٥).

لكن قال بعضهم (٦) : لا أعدل ببضعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحدا (٧).

__________________

وهي أصحّ سندا وإسنادا من هذا الحديث المرفوع ، مع أنّ أبي داود والحاكم رووه بغير صيغة الترتيب. فكلام القرطبي أنّه «يرفع الإشكال» ليس في محلّه كما هو واضح.

(١) أي : معنى الصحيح باصطلاح علماء الحديث. ومعنى الصحيح هو : الحديث المسند الّذي يتّصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه ، ولا يكون شاذّا ولا معلّلا. راجع : تدريب الراوي للسيوطي ١ : ٦١ ، محاسن الاصطلاح للبلقيني : ١٢ ، الباعث الحثيث في علم الحديث : ٣٢.

(٢) أي : حديث ابن عباس الّذي أورده القرطبي حسن ، وإلّا فالحديث روي بطرق صحيحة.

والمراد من الحديث الحسن : ما عرف مخرجه ، واشتهر رجاله ، وعليه مدار أكثر الحديث ، وهو الّذي يقبله أكثر العلماء ، ويستعمله عامة الفقهاء. انظر الباعث الحثيث : ٤٧ ، ومحاسن الاصطلاح : ٣٤. وقال السيوطي : «أدرج الحاكم وابن حبّان وابن خزيمة الحسن في الصحيح». (تدريب الراوي ١ : ١٧٤).

وقال ابن كثير : «الحسن في الاحتجاج كالصحيح عند الجمهور». (الباعث الحثيث : ٤٦).

(٣) في النسخة (ز) : الحافظ الجليل ، ونسخة (م) : الجبل وهو الصحيح. والحافظ الجبل هو علي بن عمر البغدادي الشافعي ، تفقّه على الاصطخري ، وروى عن البغوي والمحاملي ، وروى عنه البرقاني والصابوني. ولد سنة ٣٠٦ ه‍ ، ومات سنة ٣٨٥ ه‍ ، ودفن في مقبرة الشيخ معروف الكرخي ببغداد.

(٤) المعجم الأوسط ٢ : ٦٥ رقم ١١١١ ، المعجم الكبير ١١ : ٣٢٨ رقم ١٢١٧٩ ومثله ٢٣ : ٧ رقم ٢.

(٥) مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٤ رقم ١٥١٩٠ باب : مناقب فاطمة.

(٦) وهو العالم الكبير أبو بكر ابن داود والقاضي قطب الدين الخضري. راجع سبل الهدى ١٠ : ٣٢٨ و ١١ : ١٦١ حيث قالا بأفضلية فاطمة على مريم عليهما‌السلام.

(٧) قال ابن دحية في مرج البحرين : سئل العالم الكبير أبو بكر ابن داود بن علي : من أفضل خديجة أم فاطمة؟ فقال :

لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ فاطمة بضعة منّي» ولا أعدل ببضعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحدا. راجع سبل الهدى ١٠ : ٣٢٨. وجوابه مطلق ، ولذا أورده المصنّف هنا في التفضيل بين فاطمة ومريم.


وممّن صار إلى ذلك (١) : المقريزي (٢) والسيوطي (٣).

__________________

(١) أي : إلى تفضيل فاطمة على مريم.

(٢) ذكره في كتابه «إمتاع الأسماع» في الخصائص النبوية ، قاله الصالحي في سبل الهدى ١١ : ١٦٣.

(٣) حكاه عنه العلّامة الزرقاني في شرح المواهب اللدنية للقسطلاني حيث قال : «الزهراء البتول أفضل نساء الدنيا حتّى مريم ، كما اختاره المقريزي والزركشي والقطب الخضري والسيوطي في كتابيه : شرح النقابة وشرح جمع الجوامع». (شرح المواهب ٢ : ٣٥٧ باب : ذكر تزويج علي بفاطمة عليه‌السلام).

هذا وقد ذهب المصنّف وغيره إلى أنّ فاطمة أفضل من مريم ، بل ظاهر عبارات البعض كالقطب الخضري والزركشي : أنّ فاطمة أفضل حتّى على القول بأنّ مريم نبيّة.

قال القطب الخضري : «ينبغي أن يستثنى من إطلاق التفضيل سيدتنا فاطمة ابنة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهي أفضل نساء العالم». وهكذا كلام الزركشي حيث قال : «ويستثنى من الخلاف سيدتنا فاطمة ، فهي أفضل نساء العالم ؛ لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «فاطمة بضعة منّي» ولا يعدل ببضعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحد». (سبل الهدى ١١ : ١٦٢ و ١٦٣).

بل ظاهر عبارات البعض الآخر : أنّ بضعة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل وأشرف الموجودات ، ولذا قالوا : لا نعدل ببضعة رسول الله أحدا.

قال المناوي : «رجّح البعض تفضيل فاطمة على مريم لما فيها من البضعة الشريفة». (فيض القدير ٢ : ٥٣ شرح حديث رقم ١٣٠٧). وهكذا الصالحي في سبل الهدى ١٠ : ٣٢٧ حيث قال : «وفي حديث : «بضعة منّي» ، وهو يقتضي تفضيل فاطمة على جميع نساء العالم». وتقدّم كلام الزركشي وكلام أبي بكر ابن داود.

كما استدلّ البعض من أنّها سيدة نساء أهل الجنّة على أفضليتها عليها‌السلام على مريم ، فمريم من نساء الجنّة ، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنّة ، فهي أفضل.

قال العلّامة المناوي : «وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة» قال المصنّف : فيه دلالة على فضلها على مريم ، سيّما إن قلنا بالأصحّ أنّها غير نبيّة». (فيض القدير ٢ : ٥٣ شرح حديث رقم ١٣٠٧) والمراد بالمصنّف هو السيوطي.

واستدلّ آخر من أنّها سيدة نساء هذه الأمة ـ كما تقدّم ـ على أفضليتها عليها‌السلام على مريم بالبيان الآتي : أنّ هذه الأمة هي أفضل الأمم ، ففاطمة إذن أفضل من نساء جميع الأمم ، ومنها أمة بني إسرائيل وأمة مريم.

قال العلّامة الزرقاني في شرح المواهب للقسطلاني ٢ : ٣٥٧ : «الزهراء البتول أفضل نساء الدنيا حتّى مريم ، كما اختاره المقريزي والزركشي والقطب الخضري والسيوطي في كتابيه : شرح النقابة وشرح جمع الجوامع ، بالأدلّة الواضحة الّتي منها : أنّ هذه الأمة أفضل من غيرها ، والصحيح أنّ مريم ليست بنبيّة ، بل حكي الإجماع على أنّه لم تنبأ امرأة ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله «يا بنية ، ألا ترضين أنّك سيدة نساء العالمين ، قالت : يا أبت فأين مريم؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : تلك سيدة نساء عالمها» ...».

وقال العلّامة الصالحي : «والّذي اختاره تفضيل فاطمة ، واختار شيخنا أنّ فاطمة أفضل من مريم». (سبل الهدى


أمّا نساء هذه الأمة فلا ريب في تفضيلها عليهنّ مطلقا (١).

بل صرّح غير واحد : أنّها وأخاها إبراهيم أفضل من جميع الصحابة حتّى الخلفاء الأربعة (٢). وحكى العلم العراقي (٣) الاتّفاق عليه (٤).

وذهب الحافظ ابن حجر : أنّها أفضل من بقيّة أخواتها (٥) ، لأنّها ذرّية المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله دون غيرها من بناته (٦) ، فإنّهنّ متن في حياته فكنّ في صحيفته ، ومات

__________________

١١ : ١٦٢).

وأمّا من قال بتفضيل مريم عليها بناء على ما اختاره من أنّها نبيّة ؛ كالقرطبي ، فإنّه يرد عليه : أنّ الكثير قد نقلوا الإجماع على عدم النبوّة في النساء.

قال عياض : «الجمهور على خلافه ، وقال النووي : إنّ إمام الحرمين ـ الجويني ـ نقل الإجماع على أنّ مريم ليست نبيّة. وعن الحسن : ليس في النساء نبيّة ولا في الجنّ». (فتح الباري ٧ : ١٤٠ رقم ٣٤٣٢).

وقال ابن حجر : «ونقلوا الإجماع على عدم نبوّة النساء». (فتح الباري ٦ : ١١١ كتاب أحاديث الأنبياء).

وقال الزرقاني : «الصحيح أنّ مريم ليست نبيّة ، بل حكي الإجماع على أنّه لم تنبأ امرأة». (شرح المواهب اللدنية ٢ : ٣٥٧).

(١) تقدّم إثبات ذلك بما لا مزيد عليه ، فراجع.

(٢) كالعلم العراقي والسهيلي والشارح العلقمي في شرحه على الجامع الصغير للسيوطي ، وغيرهم. قال العلّامة المناوي : «قال الشارح العلقمي : هي وأخوها إبراهيم أفضل من جميع الصحب ؛ لما فيها من البضعة». (فيض القدير ٢ : ٥٣ شرح حديث رقم ١٣٠٧). وقال أيضا في موضع آخر : «قال العراقي : إنّ فاطمة وأخاها إبراهيم أفضل من الخلفاء الأربعة بالاتّفاق». (فيض القدير ٤ : ٤٤٢ شرح حديث رقم ٥٨٣٥). ومثله عن السهيلي على ما حكاه المناوي في فيض القدير ٤ : ٤٢١ شرح حديث رقم ٥٨٣٣.

(٣) عبد الكريم بن علي الأنصاري المصري الشافعي ، عالم مصر ، المعروف بعلم الدين العراقي ، واختصارا بالعلم العراقي ، ولد سنة ٦٢٣ ه‍ بمصر ، وبرع في فنون العلم والتفسير ، كان من مشايخ ابن حجر العسقلاني والمقدسي ، قال عنه الأسنوي : كان عالما فاضلا في فنون كثيرة وخصوصا التفسير. كان يدرّس بالمشهد الحسيني ، وله مصنّفات في التفسير والأصول ، توفّي سنة ٧٠٤ ه‍ ، ودفن بالقرافة الصغرى ، ترجم له ابن قاضي شهبة في طبقات الشافعية ٢ : ٢١٨ رقم ٥٠٧.

(٤) تقدّم آنفا عن العلّامة المناوي : قول العلم العراقي أنّ فاطمة وأخاها إبراهيم أفضل من الخلفاء الأربعة بالاتّفاق.

(٥) فتح الباري ٧ : ٤٧٧ شرح حديث رقم ٣٧٦٧ حيث قال : «إنّها أفضل بنات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله».

(٦) هذا دليل آخر غير ما تقدّم ، وهو أنّها سلام الله عليها مضافا لكونها بضعة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسيدة النساء دون أخواتها ، فهي ذرّيته دون بقيّة بناته ؛ لانحصار ذرّية النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بفاطمة وولدها ، وأمّا بقية بناته فلم يعقبن ، أو أعقبن ومات


هو صلى‌الله‌عليه‌وآله في حياتها فكان في صحيفتها (١).

قال : وكنت أقول ذلك استنباطا إلى أن وجدت الإمام ابن جرير الطبري نصّ عليه ، فأخرج عن طريق فاطمة بنت الحسين بن علي ، عن جدّتها فاطمة قالت :

دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما وأنا عند عائشة ، فناجاني فبكيت ، ثمّ ناجاني فضحكت ، فسألتني عائشة عن ذلك ، فقلت : لا أخبرك بسرّه ، فلمّا توفّي سألتني (٢) ، فذكرت الحديث في معارضة جبرئيل له بالقرآن مرّتين ، وأنّه قال : أحسب أنّي ميّت في عامي هذا ، وأنّه لم ترزأ امرأة من نساء العالمين مثلها رزيّة ، فلا تكوني دون امرأة منهنّ صبرا ، فبكيت ، فقال : أنت سيدة نساء أهل الجنّة إلّا مريم ، فضحكت (٣).

وأمّا ما أخرجه الطحاوي (٤) وغيره من حديث عائشة في قصة مجيء زيد بن حارثة بزينب بنت المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله من مكّة وفي آخره : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : هي أفضل

__________________

العقب ، ولم يحصل لهنّ ذرّية بعد ذلك ، ولذا عبّر ابن حجر : أنّها ذرّية المصطفى دون غيرها من بناته. وسيأتي ذلك في آخر الباب الرابع.

(١) هذا دليل آخر من ابن حجر على أفضليتها على أخواتها ، وهو أنّها تجرّعت ألم فقد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصيبت به دونهنّ ، لأنّهنّ متن في حياته ، فكان ذلك في صحيفتها.

وقد تبعه عليه كثير من المحقّقين ؛ كالعلّامة المناوي في فيض القدير ٤ : ٤٢٢ شرح الحديث رقم ٥٨٣٥ ، الّذي ذكر دليلا آخر على تفضيلها على بقية أخواتها ، وهو أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خصّ فاطمة بالبضعة دون بقية بناته ، فلم ينقل أحد أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «بضعة منّي» لغير فاطمة ، وهذا أمتن الأدلّة لتفضيلها على أخواتها وغيرهنّ ، بل مطلقا.

(٢) في المصدر : «سألت».

(٣) فتح الباري ٧ : ٤٧٧ باب : مناقب فاطمة ، شرح الحديث رقم ٣٧٦٧ وقال : «وأصل الحديث في الصحيح من دون هذه الزيادة : «إلّا مريم». وقد تقدّمت مصادر الرواية ، وجميعها من دون عبارة «إلّا مريم» ، هذا ورواه المناوي في فيض القدير ٤ : ٤٢٢ في شرح الحديث رقم ٥٨٣٥ وقال في آخره : «قال الحاكم : صحيح ، وأقرّه الذهبي ، ورواه أحمد والطبراني ، وقال ابن حجر : وإسناده حسن ، وإذا ثبت ففيه حجّة».

(٤) هو الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سلامة الأزدي المصري الشافعي ، ولد سنة ٢٢٩ ه‍ ، وتوفّي سنة ٣٢١ ه‍ ، عاصر كلّا من البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة ، وشاركهم في رواياتهم عن المشايخ ، انتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر في زمانه ، له مصنّفات كثيرة ، منها : مشكل الآثار ، شرح معاني الأخبار ، أحكام القرآن. ترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٥ : ٢٧ رقم ١٥.


بناتي ، أصيبت فيّ (١).

فأجاب عنه بعض الائمة ـ بفرض ثبوته (٢) ـ بأنّ ذلك كان متقدّما ، ثمّ وهب الله لفاطمة من الأحوال السنية والكمالات العلية ما لم يطاولها فيه أحد من نساء هذه الأمة مطلقا.

على أنّ البزّار روى عن عائشة أنّها قالت :

__________________

(١) مشكل الآثار ١ : ٤٤ باب في فضل بناته صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٢) قول ابن حجر : «بفرض ثبوته» مشعر بعدم ثبوت هذا الخبر ، وقد أشرنا سابقا : إنّ هذا الخبر من الأخبار الموضوعة الّتي كان عروة بن الزبير يحدّث به ، فبلغ ذلك الإمام علي بن الحسين زين العابدين فانطلق إليه ، وقال : ما حديث بلغني عنك تحدّث به تنتقص فيه حقّ فاطمة! فقال عروة : أمّا بعد فلا أحدّث به أبدا. راجع : كشف الأستار عن زوائد البزّار ٣ : ٢٤٢ رقم ٢٦٦٦ ، ومختصر زوائد البزّار للعسقلاني ٢ : ٣٥٨ رقم ٢٠٠٩ ، والمعتصر من المختصر ٢ : ٢٤٦.

ويدلّ على أنّه موضوع أمور :

(ألف) تصريح الإمام علي بن الحسين بأنّ فيه انتقاص لحقّ فاطمة.

(ب) لو كان الخبر صادرا من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لما تألّم الإمام واعترض على التحديث به.

(ج) لو كان الخبر ثابتا عند عروة لحاجج علي بن الحسين بذلك ، ولاحتجّ بأنّ الخبر مروي بطريق كذا ، فلما ذا يقسم أنّه لا يحدّث به بعد ذلك أبدا؟!

(د) أنّ هذا الخبر يكذّب نفسه ، فإنّ زينب ماتت في حياة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم تصب به ، فلا معنى لقول : «أصيبت فيّ» بل كان اللازم أن يقال : أصبت بها.

(ه) أنّ الخبر يقول : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث زيد بن حارثة ليأتي بزينب وأعطاه خاتما علامة على أنّه من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأتى بها من دون علم زوجها ابن أبي العاص ، وهو معارض مع ما رواه في فتح الباري ٧ : ٤٥٢ باب : أصهار النبيّ ، وفي عون المعبود ٦ : ٥٥ ، وفيهما : أنّ زوجها ابن أبي العاص لمّا أسر في الحرب شرط عليه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يبعث بها ، ففعل ، فكان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «وعدني فوفى لي».

(و) أنّ المناوي روى الخبر هكذا : «فاطمة أفضل بناتي ، لأنّها أصيبت فيّ» ، فيض القدير ٤ : ٤٢٢ في شرح الحديث رقم ٥٨٣٥ ، ومثله سبل الهدى ١٠ : ٣٢٧ ، وسيذكره المصنّف أيضا عن البزّار من حديث عائشة.

ومن الطريف أنّ الحاكم روى الخبر في مستدركه ٤ : ٤٧ رقم ٦٨٣٦ لكنّه لمّا رآه لا ينسجم مع ما رواه من مناقب لفاطمة ، وأنّها بضعة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأفضل بناته ، وسيدة نساء العالمين قال ص ٤٨ : «ويمكن أن يقال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أراد بقوله : أفضل ، أي أكبر وأقدم أولادي».


إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لفاطمة : هي خير بناتي ، أصيبت فيّ (١).

وعليه ، فلا حاجة للجواب المتقدّم بنصّه الصريح على أفضليّتها مطلقا.

الثانية : أنّه يحرم التزويج عليها والجمع بينها وبين ضرّة

قال المحبّ الطبري : قد دلّت الأخبار ـ المارّة ـ على تحريم نكاح علي على فاطمة حتّى تأذن (٢).

ويدلّ عليه قوله تعالى : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) (٣).

لكن تبيّن من كلام جمع متقدّمين من ائمّتنا الشافعية : أنّ ذلك من خصائص بناته (٤) ، لا من خصائص فاطمة فقط (٥).

وممّن صرّح به الشيخ أبو علي السنجي (٦) في شرح التلخيص ، فقال : يحرم

__________________

(١) فيض القدير ٤ : ٤٢٢ في شرح الحديث رقم ٥٨٣٥ وقال : «رواه البزّار عن عائشة» وفيه : «لأنّها أصيبت بي» ، ورواه في سبل الهدى ١٠ : ٣٢٧ ، والسيّدة الزهراء : ١٧٠ وقال : «فحقّ لمن كانت هذه حالها أن تسود نساء أهل الجنّة كما قال أبوها صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأن تسود نساء العالمين».

(٢) ذخائر العقبى : ٨٢ ، ونقله المناوي في فيض القدير ٤ : ٤٢١ في شرح الحديث رقم ٥٨٣٣.

(٣) الأحزاب : ٥٣.

(٤) تقدّم أنّ عثمان تزوّج رملة بنت شيبة ـ عدوّ الله ـ على رقية بنت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما في طبقات ابن سعد ٨ : ٢٣٩ ، وأسد الغابة ٥ : ٤٥٩ ، فلا يتمّ ما ذكروه من كون الحكم من خصائص بناته.

(٥) قال المناوي : «قال ابن حجر في الفتح : لا يبعد أن يعدّ من خصائص المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا يتزوّج على بناته ، ويحتمل أن يكون ذلك خاصّا بفاطمة». (فيض القدير ٤ : ٤٢١ شرح الحديث رقم ٥٨٣٤).

وقال العلّامة الصالحي في ضمن خصائصه : «الثالثة عشر : بأنّ بناته لا يجوز التزوّج عليهنّ. ثمّ توقّف في عموم الحكم لكلّ بناته ، والظاهر منه اختصاص ذلك بفاطمة». (سبل الهدى ١٠ : ٤٤٩).

وذهب السيد سابق إلى الحرمة ، واختصاص الحكم بعلي وفاطمة ، واستدلّ بأنّ عدم التزويج عليها شرطا في العقد وإن لم يذكر في صلب العقد ، ولو شرطه في العقد لكان تأكيدا لا تأسيسا قال : «وكذلك لو كانت ممّن يعلم أنّها لا يمكن إدخال الضّرة عليها عادة ؛ لشرفها وحسبها وجلالتها ، كان ترك التزوّج عليها كالمشروط لفظا ، وعلى هذا فسيدة نساء العالمين وابنة سيد ولد آدم أجمعين أحقّ النساء بهذا ، فلو شرطه علي في صلب العقد كان تأكيدا لا تأسيسا». (فقه السنّة ٢ : ١١٣).

(٦) أبو علي الحسين بن شعيب بن محمّد السنجي ، فقيه مرو في عصره ، كان شافعيا ، ولد في سنج من قرى مرو


التزويج على بنات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أي من ينسب إليه بالنبوّة (١).

لكن استوجه الحافظ ابن حجر أنّه خاصّ بفاطمة (٢) ، لأنّها كانت أصيبت بأمها وأخواتها واحدة فواحدة ، فلم يبق من تأنس به ممّن يخفّف عنها ألم الغيرة (٣) ، وفيه نظر.

الثالثة : أنّها كانت لا تحيض أبدا

كما في الفتاوى الظهيرية الحنفية (٤) : قالت المولّدات : طهرت من نفاسها بعد ساعة لئلّا تفوتها صلاة ، ولذلك سمّيت الزهراء (٥).

ومن جزم بذلك من أصحاب الشافعية : المحبّ الطبري (٦) وأورد فيه حديثين : «أنّها حوراء آدمية ، طاهرة مطهّرة ، لا تحيض ، ولا يرى لها دم في طمث ولا ولادة» (٧).

__________________

سنة ٤٢٧ ه‍ ، له شرح الفروع لابن الحدّاد ، وشرح التلخيص لابن القاصّ ، والمجموع ، نقل عنه الغزالي في الوسيط.

(١) ذخائر العقبى : ٨٢ ، وحكاه في فيض القدير ٤ : ٤٢١.

(٢) فتح الباري ٩ : ٢٧٠ باب : ذبّ الرجل عن ابنته في الغيرة ، لكنّه قال : «لدلالة قوله : بضعة منّي دون أخواتها».

(٣) ذكر هذا التعليل في تحفة الأحوذي ١٠ : ٣٤٠ باب : فضل فاطمة ، وعون المعبود ٦ : ٥٥ باب : يكره ما يجمع من النساء ، وفتح الباري ٩ : ٢٧٠ باب : ذبّ الرجل عن ابنته ، وفيض القدير ٤ : ٤٢١ رقم ٥٨٣٣.

غير أنّه لو علّل الحكم بالاختصاص ، بأنّها بضعة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله دون بقية أخواتها ، لكان أنسب لمقام سيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنّة ، من نسبة الغيرة إليها ، فليست هي كالنساء ، ولا نعدل ببضعة رسول الله أحدا.

(٤) من مصنّفات القاضي ظهير الدين أبي بكر محمّد بن أحمد المحتسب البخاري الحنفي ، فقيه أصولي ، تولّى القضاء والحسبة ببخارا ، وتوفّي سنة ٦١٩ ه‍ ، امتازت مصنّفاته في الفقه ؛ كالفتاوى الظهيرية ، والفوائد الظهيرية ، باهتمام العلماء والفقهاء ، وكثيرا ما يعتمدون آراءه ، وخصوصا ابن النجم المصري في البحر الرائق وابن عابدين في الحاشية.

(٥) نقله عن الفتاوى الظهيرية المناوي في فيض القدير ٤ : ٤٢٢ شرح الحديث رقم ٥٨٣٥ ، والصالحي في سبل الهدى ١٠ : ٤٨٦.

(٦) ذخائر العقبى : ٩٠.

(٧) راجع كنز العمّال ١٢ : ١٠٩ رقم ٣٤٢٢٦ ، وسبل الهدى ١٠ : ٤٨٦ ، وتاريخ بغداد ١٢ : ٣٢٨ رقم ٦٧٧٢ ذكره في


لكنّ الحديثان المذكوران رواهما الحاكم وابن عساكر عن أم سليم زوج أبي طلحة ، وهما موضوعان ، كما جزم به ابن الجوزي (١) ، وأقرّه على ذلك جمع منهم :

__________________

ترجمة غانم بن حميد ، وينابيع المودّة ٢ : ١٢١ رقم ٣٥٤ عن جابر ، و ٢ : ٤٥٠ رقم ٢٤٣ وقال : «أخرجه الغساني».

لم يذكر المصنّف الحديثين في المتن ، وما نقله فهو مجموع معنى الحديثين. والحديثان هما :

الأول : عن جابر وابن عباس قالا : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ابنتي فاطمة حوراء آدمية ، لم تحض ولم تطمث ، وإنّما سمّاها فاطمة لأنّ الله عزوجل فطمها وولدها ومحبّيها عن النار».

أخرجه في كنز العمّال ١٢ : ١٠٩ رقم ٣٤٢٢٦ ، وينابيع المودّة ٢ : ١٢٤ و ٤٥٠.

الثاني : عن أسماء قالت : قبّلت ـ أي ولّدت ـ فاطمة بالحسن ، فلم أر لها دما ، فقلت : يا رسول الله ، إنّي لم أر لفاطمة دما في حيض ولا نفاس! فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أما علمت أنّ ابنتي طاهرة مطهّرة ، لا يرى عليها دم في طمث ولا ولادة».

أخرجه في ذخائر العقبى : ٩٠ ، ونور الأبصار : ٢٣٩.

(١) الموضوعات ١ : ٣١٠ ، وممّا يجدر ذكره هنا أنّه لم يذكر الحديثين المتقدّمين ، إنّما ذكر حديث ابي قتادة الحرّاني ، والحديث الّذي علّق عليه ابن الجوزي هو عن عائشة قالت : كنت أرى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقبّل فاطمة ، فقلت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّي كنت أراك تفعل شيئا ما كنت أراك تفعله من قبل؟ قال لي : «يا حميراء ، إنّه لمّا كان ليلة أسري بي إلى السماء دخلت الجنّة فوقفت على شجرة من شجر الجنّة ، لم أر في الجنّة شجرة هي أحسن منها حسنا ، ولا أبيض منها ورقة ، ولا أطيب منها ثمرة ، فتناولت من ثمرتها فأكلتها ، فصارت نطفة في صلبي ، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فإذا اشتقت إلى رائحة الجنّة شممت ريح فاطمة. يا حميراء ، إنّ فاطمة ليست كنساء الآدميّين ، ولا تعتلّ كما يعتلّون».

أخرجه في مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٦ رقم ١٥١٩٧ وقال : «رواه الطبراني ، وفيه : أبو قتادة الحرّاني ، وثّقه أحمد وقال : كان يتحرّى الصدق ، وأنكر على من نسبه للكذب» ، ورواه في المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠١ رقم ١٠٠٠.

وأبو قتادة الحرّاني هو عبد الله بن واقد ، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب ٦ : ٦٢ رقم ٣٨١١ : «قال الميموني عن أحمد : ثقة كان من أهل الخير ، لم يكن به بأس ، كان يتحرّى الصدق ، وأثنى عليه. وقال الدوري عن يحيى :

ثقة». ثمّ إنّ تعليل الجوزي ، ودليله على كون الحديث موضوع ، غير مقبول ، فقد علّل ذلك بأنّ فاطمة ولدت قبل النبوّة ، وقد تقدّم أنّ العشرات من الأعلام مثل : ابن عبد البرّ وابن حجر العسقلاني ومصعب الزبيري وعلي المديني واليعقوبي والمزي وابن جريج والحاكم النيسابوري والمحبّ الطبري وغيرهم ، ذهبوا إلى أنّ ولادة الزهراء كانت بعد المبعث. مضافا إلى أنّ الرواية ليس فيها من يتكلّم فيه إلّا الحرّاني ، وقد وثّقه أحمد ويحيى كما تقدّم.


الجلال السيوطي مع شدّة عليه (١).

الرابعة : أنّها كانت لا تجوع

روى البيهقي في الدلائل عن عمران بن حصين قال :

كنت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أقبلت فاطمة ، فوقفت بين يديه ، فنظر إليها وقد ذهب الدم من وجهها ، وغلبت عليها الصفرة من شدّة الجوع ، فرفع يده صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى وضعها على صدرها في موضع القلادة ، وفرّج بين يديه ، ثمّ قال : اللهم مشبع الجاعة ، ورافع الوضيعة (٢) ، ارفع فاطمة بنت محمّد.

قال عمران : فنظرت إليها وقد ذهبت الصفرة من وجهها ، وغلب الدم كما كانت الصفرة غلبت على الدم. قال عمران : فلقيتها بعد فسألتها ، قالت : ما جعت بعد يا عمران (٣).

وعنه أيضا :

إنّي لجالس عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ أقبلت فاطمة ، فقامت بحذائه مقابلة ، فقال : ادني يا فاطمة ، فدنت دنوة ، ثمّ قال : ادني ، فدنت حتّى قامت بين يديه.

قال عمران : فرأيت صفرة قد ظهرت على وجهها ، وذهب الدم ، فبسط رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصابعه ، ثمّ وضع كفّه بين ثدييها ، فرفع رأسه فقال : اللهم مشبع الجوعة ، وقاضي الحاجة ، ورافع الوضيعة ، لا تجع فاطمة بنت محمّد.

فرأيت صفرة الجوع قد ذهبت عن وجهها ، وظهر الدم ، ثمّ سألتها بعد ، فقالت :

__________________

(١) اللآلي المصنوعة ١ : ٣٦٠ لكنّه لم يتعقّب الجوزي في حديث : حوراء آدمية.

(٢) الوضيعة : النقصان ، يقال في المضاربة والشركة : الوضيعة على رأس المال ، والربح ما اصطلحا عليه ، وذكر ابن هلال العسكري في الفروق اللغوية : أنّ الوضيعة هي النقصان ، وفرق بين النقصان والخسران. راجع الفروق اللغوية : ٥٧٤ رقم ٢٣١٨.

(٣) دلائل النبوّة لأبي نعيم : ٣٤٧ ، ورواه في نظم درر السمطين : ١٩١.


ما جعت بعد ذلك أبدا (١).

رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه : عقبة بن حميد (٢) ، وثّقه ابن حبّان وغيره ، وضعّفه بعضهم ، وبقية رجاله موثّقون (٣).

وروى أحمد عن أنس :

أنّ بلالا أبطأ عن صلاة الصبح ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما حبسك؟ قال : مررت بفاطمة تطحن ، والصبي يبكي ، فقلت لها : إن شئت كفيتك الرحى وكفيتني الصبي ، وإن شئت كفيتك الصبي وكفيتني الرحى ، قالت : أنا أرفق بابني منك ، فذلك الّذي حبسني (٤).

وروى الطبراني بسند حسن عن فاطمة :

أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاها يوما فقال : أين ابناي؟ ـ يعني الحسن والحسين ـ قالت :

أصبحنا وليس في بيتنا شيء يذوقه ذائق ، فقال علي : أذهب بهما ، فإنّي أخاف أن يبكيا عليك وليس عندك شيء ، فذهب بهما إلى فلان اليهودي.

فتوجّه إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فوجدهما في سربة (٥) ، بين أيديهما فضل من تمر ، فقال : يا علي ، ألا تنقلب بابنيّ قبل الحرّ؟ قال علي : أصبحنا وليس عندنا شيء ، فلو جلست يا رسول الله حتّى أجمع لفاطمة بعض تمرات ، فجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى اجتمع لفاطمة شيء من تمر ، فجعله في صرّته ، ثمّ أقبل ، فحمل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أحدهما وحمل علي الآخر حتّى أقبلهما (٦).

__________________

(١) المعجم الأوسط ٥ : ١١ رقم ٤٠١١ ، وراجع مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٩ رقم ١٥٢٠٥.

(٢) في مجمع الزوائد : «عتبة بن حميد».

(٣) قاله في مجمع الزوائد.

(٤) مسند أحمد ٣ : ١٥٠ ، ورواه في سبل الهدى ١١ : ٤٩ ، إسعاف الراغبين : ١٨٨ ، ينابيع المودّة ٢ : ١٣٩ رقم ٣٩١ وقال : «أخرجه أحمد».

(٥) السربة : الطريق.

(٦) المعجم الكبير ٢٢ : ٤٢٢ رقم ١٠٤٠ ، ورواه في سبل الهدى ١١ : ٤٨ ، ينابيع المودّة ٢ : ١٣٨ رقم ٣٨٩ وقال : «أخرجه الدولابي».


الخامسة : يقال : إنّها لم تغسّل بعد الموت ، وإنّها غسّلت نفسها

لما رواه الإمام أحمد في مسنده وابن سعد في طبقاته عن أم سلمى (١) ، قالت :

اشتكت فاطمة شكواها الّتي قبضت فيها ، فكنت أمرضها ، فأصبحت يوما ، وخرج علي لبعض حاجته ، فقالت : يا أمّه ، اسكبي لي غسلا ، فسكبت لها غسلا ، فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ، ثمّ قالت : أعطيني ثيابي الجدد ، فلبستها ، ثمّ قالت : قرّبي فراشي وسط البيت ، فاضطجعت واستقبلت القبلة ، وجعلت يدها تحت خدّها وقالت : يا أمّه ، إنّي مقبوضة وقد تطهّرت ، فلا يكشفني أحد ، فقبضت مكانها ، فجاء علي فأخبرته ، فقال : لا والله ، لا يكشفها أحد ، فدفنها بغسلها ذلك (٢).

حديث غريب ، وإسناده جيد ، ولكنّ فيه : ابن إسحاق ، وقد تعقّبه. وله شاهد مرسل ، وهو : ما رواه عبد الله بن محمّد بن عقيل :

أنّ فاطمة لمّا حضرتها الوفاة أمرت عليا فوضع لها غسلا ، فاغتسلت وتطهّرت ، ودعت بثياب أكفانها ، فأتيت بثياب غلاظ خشنة ، فلبستها ، ومسّت من حنوط ، ثمّ أمرت ألّا يكشفها أحد إذا قبضت ، وأن تدرج كما هي في ثيابها ، فقلت له : هل علمت

__________________

(١) في نصب الراية للزيلعي : الصواب «سلمى» ، وهي زوجة أبي رافع. وفي حاشية مجمع الزوائد : «قال الدرويش :

هذا خطأ قديم في المسند ، وصوابه : أبي رافع عن أبيه عن أمه سلمى» ، (مجمع الزوائد ٩ : ٣٣٨ رقم ١٥٢٢٠).

(٢) مسند أحمد ٦ : ٤٦١ ، ورواه في نصب الراية ٢ : ٢٥٧ باب الجنائز ، مجمع الزوائد ٩ : ٣٣٨ رقم ١٥٢٢٠ ، سبل الهدى ١١ : ٤٩ ، الإصابة ٤ : ٣٧٩ ، القول المسدّد في الذبّ عن مسند أحمد : ٤٣ ، أسد الغابة ٧ : ٢٢١ وقال : «إنّها اغتسلت لمّا حضرها الموت ، وتكفّنت ، وأمرت عليا أن لا يكشفها إذا توفّيت ، وأن يدرجها في ثيابها كما هي ، ويدفنها ليلا» ، تاريخ المدينة ١ : ١٠٩ وفي آخره : «فحملها بغسلها ذلك ودفنها» ، ينابيع المودّة ٢ : ١٤١ ، فيض القدير ٤ : ٤٢٢.

والعجيب أنّه مع كثرة نقل هذا الحديث ، لم يتعرّض أحد لبحث فقه الحديث ، فإنّ المتّفق عليه عند الفقهاء أنّهم لا يجيزون الدفن إلّا بعد الغسل الحادث بعد الوفاة ، إلّا في موارد مذكورة في الفقه ، وليس هذا منها ، فلا بد وأن يكون ذلك من مختصّات الزهراء صلوات الله وسلامه عليها.


أحدا فعل ذلك؟ قال : نعم ، كثير بن العباس ، وكتب في أطراف أكفانه : يشهد كثير ابن العباس أنّه لا إله إلّا الله (١).

وقد أنكر الحافظ ابن حجر في القول المسدّد في الذبّ عن مسند أحمد على ابن الجوزي في حكمه عليه بالوضع (٢).

وقال كثيرون : غسّلها زوجها علي عليه‌السلام وأسماء بنت عميس (٣) ، وصلّى علي عليها ، ودفنها ليلا بوصيّة منها (٤) ، في محلّ فيه ولدها الحسن ،

__________________

(١) مجمع الزوائد ٩ : ٣٣٨ رقم ١٥٢٢١ ، المعجم الكبير ٢٢ : ٣٩٩ رقم ٩٩٦ ، مصنّف عبد الرزاق ٣ : ٤١١ رقم ٦١٢٦ ، الآحاد والمثاني ٥ : ٣٥٦ رقم ٢٩٤٠ ، نصب الراية ٢ : ٢٥٨ باب : الجنائز ، سبل الهدى ١١ : ٤٩.

(٢) حيث قال ابن حجر : «إنّ الحكم بكونه موضوع غير مسلّم ، والله أعلم». (القول المسدّد : ٤٤).

(٣) نصب الراية ٢ : ٥٨ وقال : «روى الدار قطني في سننه عن أسماء : أنّ فاطمة أوصت أن يغسّلها زوجها علي وأسماء ، فغسّلاها» ، مصنّف عبد الرزاق ٣ : ٤١٠ رقم ٦١٢٢ عن ابن عباس عن أسماء قالت : «أوصت فاطمة إذا ماتت أن لا يغسّلها إلّا أنا وعلي ، قالت : فغسّلتها أنا وعلي» ، كنز العمّال ١٣ : ٦٨٧ رقم ٣٧٧٥٦ قال : «ثمّ غسّلها علي وأسماء» ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٧٩ رقم ٤٧٦٩ ، السنن الكبرى للبيهقي ٤ : ٣٤ قالت أسماء : «غسّلت أنا وعلي فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، الإصابة ٤ : ٣٧٩.

(٤) قال البخاري في الصحيح : «دفنها زوجها علي ليلا ، ولم يؤذن بها أبا بكر» (فتح الباري ٨ : ٢٧٨ باب غزوة خيبر ، حديث رقم ٤٢٤٠). وأضاف ابن حجر : «إنّ سبب ذلك : أنّها لمّا غضبت من ردّ أبي بكر عليها فيما سألته من الميراث ، رأى علي أن يوافقها في الانقطاع». انتهى.

وإلى ذلك أشار السمهودي في وفاء الوفاء ٢ : ٩٢ قال : «وقد ثبت أنّ أبا بكر لم يعلم بوفاة فاطمة ، لما في الصحيح : أنّ عليا دفنها ولم يعلم أبا بكر».

وفي صحيح مسلم ٥ : ١٥٤ قال : «فوجدت على أبي بكر فهجرته ، فلمّا توفّيت دفنها زوجها علي ليلا ، ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلّى عليها علي». ومثله في صحيح البخاري : كتاب المغازي ، غزوة خيبر ، وصحيح ابن حبّان ١٤ : ٥٧٣.

وفي مصنّف عبد الرزاق ٣ : ٥٢ رقم ٦٥٥٤ قال : «إنّ فاطمة بنت محمّد دفنت بالليل ، فرّ بها علي من أبي بكر أن يصلّي عليها ، كان بينهما شيء» ورقم ٦٥٥٥ قال : «إنّها أوصته بذلك» ، ومثله في مسند الشاميّين للطبراني ٤ : ١٩٨ رقم ٣٠٩٧.

وفي البداية والنهاية ٥ : ٣٠٦ و ٣٠٧ قال : «فغضبت فاطمة وهجرت أبا بكر ، فلم تزل مهاجرته حتّى توفّيت ، ودفنها علي ليلا بوصيّة منها ، ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلّى عليها علي» ومثله في مستدرك الحاكم ٣ : ١٧٨ رقم


تحت محرابها (١).

__________________

ـ ٤٧٦٤ عن عائشة ، وفي التلخيص بهامش المستدرك ٣ : ١٧٧ رقم ٤٧٦١.

وفي الطبقات الكبرى ٨ : ٢٤ : «عن الزهري قال : دفنت فاطمة ليلا دفنها علي ، وعن عائشة : أنّ عليا دفن فاطمة ليلا ، وعن علي بن الحسين قال : سألت ابن عباس متى دفنتم فاطمة؟ قال : دفناها بليل بعد هدأة ، قال علي بن الحسين : قلت : فمن صلّى عليها ، قال : علي». وفي الاستيعاب ٤ : ٤٢٥ : «وكانت أشارت عليه أن يدفنها ليلا» وعبارة أسد الغابة ٧ : ٢٢١ : «وأوصت أن تدفن ليلا».

وفي السيّدة الزهراء : ١٧٦ قال : «دفنت ليلا ، وصلّى عليها الإمام علي عليه‌السلام ، ونزل في قبرها ، ولم يكن معه سوى بنو هاشم والصفوة من أصحابه ؛ تنفيذا لوصيّتها» ، وفي تاريخ المدينة ١ : ١٠٨ : «دفنت ليلا ، ولا يعلم بها كثير من الناس».

وراجع أيضا : الثقات لابن حبّان ٢ : ١٦٤ ، وسير أعلام النبلاء ٢ : ١٢١ ، وتاريخ الطبري ٢ : ٤٤٨.

(١) ذكر في محلّ دفنها صلوات الله عليها عدّة أقوال :

الأول : إنّها دفنت في بيتها في موضع فراشها. قاله النميري في تاريخ المدينة ١ : ١٠٨.

الثاني : دفنت في بيتها الّذي أدخله عمر بن عبد العزيز في المسجد النبوي. قاله ابن النجّار في الدرّة الثمينة في أخبار المدينة. وانظر ينابيع المودّة ٢ : ١٤٢.

الثالث : إنّ قبر فاطمة بين قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله والحجرة ، قاله الزهري ، نقله ابن حجر في لسان الميزان ٢ : ١٢٣ ترجمة تاج محمّد.

الرابع : إنّها دفنت في البقيع ، ويستدلّ له بقول الإمام الحسن عليه‌السلام لأخيه الحسين عليه‌السلام : «فإن منعوك فادفنّي في البقيع عند أمي فاطمة» قاله الزرندي الحنفي في درر السمطين : ٢٠٤ ، والمسعودي في التنبيه والاشراف : ٢٠٦.

أقول : يحتمل أنّه عليه‌السلام أراد أمه فاطمة بنت أسد.

الخامس : إنّها دفنت في زاوية في دار عقيل أو حذو دار عقيل ، ممّا يلي دار الجحشيين ، مقابل طريق بني نبيه من بني عبد الدار. قاله ابن سعد في الطبقات ٨ : ٢٥ ، والنميري في تاريخ المدينة ١ : ١٠٥.

وأمّا قول الإمامية فالمشهور عندهم ثلاثة أقوال : الأول : إنّها دفنت في الروضة بين قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ومنبره الشريف ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة» ، وقبرها روضة من رياض الجنّة. وهو مختار الشيخ المفيد نقله الطوسي في التهذيب ٦ : ٩. وقال في الحدائق : «وكان الشيخ المفيد يأمر بزيارتها في الروضة». (الحدائق الناظرة ١٧ : ٤٢٧).

وقال الشيخ الطوسي : «وينبغي أن يزور فاطمة من عند الروضة» (المبسوط ١ : ٣٨٦)

وقال المحقّق الحلّي : «يستحبّ أن تزار فاطمة من عند الروضة» (شرائع الاسلام ١ : ٢١٠).

وقال المجلسي : «من المحقّق أنّ قبر فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها إمّا في بيتها أو الروضة النبوية» (بحار الأنوار ٤٨ : ٢٩٨).


__________________

ـ وقال الشهيد الثاني في المسالك : «أبعد الاحتمالات كونها في الروضة» ، قاله في الجواهر ٢٠ : ٨٦.

الثاني : إنّها دفنت في بيتها ، ولمّا زادت بنو أمية في المسجد صار القبر في المسجد ، لما روي في الصحيح عن ابن أبي نصر البزنطي قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن قبر فاطمة عليها‌السلام ، فقال : «دفنت في بيتها ، فلمّا زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد». رواه في وسائل الشيعة ١٤ : ٣٦٨ كتاب الحج ، أبواب المزار ، باب ١٨ ، الحديث ٣ ، الكافي ١ : ٤٦١ أبواب التواريخ ، باب مولد الزهراء ، الحديث ٩ ، التهذيب ٣ : ٢٥٥ كتاب الصلاة ، فضل المساجد رقم الحديث ٧٠٥ ، الفقيه ١ : ٢٢٩ أحكام المساجد ، حد مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الحديث ٦٨٥.

وقال الصدوق : «والصحيح عندي ما رواه البزنطي ، قال : هذا هو الصحيح عندي ، وإنّي لمّا حججت بيت الله الحرام كان رجوعي على المدينة بتوفيق الله تعالى ذكره ، فلمّا فرغت من زيارة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قصدت بيت فاطمة ، وهو من عند الاسطوانة الّتي تدخل إليها من باب جبرئيل إلى مؤخّر الحظيرة الّتي فيها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقمت عند الحظيرة ويساري إليها ، وجعلت ظهري إلى القبلة ، واستقبلتها بوجهي وأنا على غسل ، فقلت : السلام عليك يا بنت رسول الله السلام عليك يا ... إلى آخر الزيارة» (الفقيه ٢ : ٥٧٢).

وقال المجلسي : «قد بينّا في كتاب المزار أنّ الأصح أنّها مدفونة في بيتها». (بحار الأنوار ٤٣ : ١٨٥) ، وقال صاحب الرياض : «والأصحّ وفاقا للصدوق وجماعة ، أنّها دفنت في بيتها ، وهو الآن داخل المسجد ؛ للصحيح» ، ثمّ ذكر رواية البزنطي. (رياض المسائل ٧ : ١١٦).

ومال إليه السيد العاملي في مدارك الاحكام ٨ : ٢٧٨ ، والشهيد الأول في الذكرى : ١٥٧ ، والسبزواري في ذخيرة العباد : ٧٠٧ ، قال : والأولى التعويل في ذلك على ما رواه الشيخ ، ثمّ ذكر رواية البزنطي.

الثالث : وهو أنّها مدفونة إمّا في بيتها أو الروضة ، وهو مختار الشيخ الطوسي ، قال : «اختلف أصحابنا في موضع قبرها ، فقال بعضهم : إنّها دفنت بالبقيع ، وقال بعضهم : إنّها دفنت في الروضة ، وقال بعضهم : إنّها دفنت في بيتها ، فلمّا زاد بنو أمية ـ لعنهم الله ـ في المسجد صارت من جملة المسجد ، وهاتان الروايتان كالمتقاربتين ، والأفضل عندي أن يزور الإنسان من الموضعين جميعا ، فإنّه لا يضرّه ذلك ، ويحوز به أجرا عظيما. وأمّا من قال : إنّها دفنت في البقيع ، فبعيد عن الصواب». (التهذيب ٦ : ٩).

وفي تاج المواليد : ٢٣ قال : «والأصح والأقرب أنّها مدفونة في الروضة أو في بيتها».

وأمّا القول بأنّها قد دفنت في البقيع ، قال الشيخ الطوسي : «وروي : أنّها مدفونة في البقيع ، وهذا بعيد» ، (المبسوط ١ : ٣٨٦) ، ومثله قال في التهذيب ٦ : ٩.

وقال في الجواهر : «فأمّا من قال : إنّها دفنت في البقيع فبعيد عن الصواب ، واستبعده ابنا سعيد وإدريس والفاضل في التحرير وغيره». (جواهر الكلام ٢٠ : ٨٦).

والحاصل من ذلك : أنّ قبرها في الروضة بين القبر والمنبر وهو مختار المفيد ، أو في بيتها وصار في المسجد وهو مختار الصدوق تبعا لرواية البزنطي عن الرضا عليه‌السلام ، وبعض حكم بتقارب الروايتين ولم يعين وهو مختار الشيخ الطوسي في التهذيب. وأمّا كون قبرها في البقيع فهذا ما استبعده أكثرهم.


وكان موتها بعد المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله بستّة أشهر على الصحيح (١) ، وقيل : بثمانية (٢).

وقيل : بثلاثة (٣) ، وقيل : بشهرين (٤) ، ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة (٥).

قال الذهبي : والصحيح أنّ عمرها أربع وعشرون سنة ، وقيل : إحدى وعشرين ، وقيل : ستّ وعشرون ، وقيل : تسع وعشرون ، وقيل : ثلاث وثلاثون ، وقيل : خمس وثلاثون (٦).

__________________

(١) فتح الباري ٨ : ٢٧٧ باب : غزوة خيبر رقم ٤٢٤٠ ، سير أعلام النبلاء ٢ : ١٢٧ عن عائشة.

(٢) مستدرك الحاكم ٣ : ١٧٧ قال : «هو قول يزيد بن أبي زياد».

(٣) سير أعلام النبلاء ٢ : ١٢٨ وعزاه إلى أبي جعفر ، مقاتل الطالبيّين : ٣١ وقال : «إنّ الثابت في ذلك ما روي عن أبي جعفر محمّد بن علي على أنّها توفّيت بعد ثلاثة أشهر» ، المعجم الكبير ٢٢ : ٣٩٨ رقم ٩٩٥.

(٤) سير أعلام النبلاء ٢ : ١٢٨ وقال : «جاء ذلك عن عائشة» ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٧٨ رقم ٤٧٦٦ و ٤٧٦٧.

(٥) انظر سبل الهدى ١١ : ٤٩ ، تهذيب الكمال ٣٥ : ٢٥٢ ، نظم درر السمطين : ١٨١.

والمشهور عند الإمامية في وفاتها هو في جمادى الآخرة ، يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه ، سنة احدى عشرة من الهجرة ، كما في مصباح المتهجّد للطوسي : ٧٩٣ ، وإقبال الأعمال ٣ : ١٦١ ، وبحار الأنوار ٤٣ : ١٩٦ ، والأنوار البهية : ٥٨ نقله عن الطبري في دلائل الإمامة عن الإمام جعفر بن محمّد عليه‌السلام.

وأنّها بقيت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة وسبعين يوما ؛ للصحيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «أنّ فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة وسبعين يوما» ، رواه في الكافي ١ : ٤٥٨ باب مولد الزهراء.

ورواه بطريق آخر صحيح في ٣ : ٢٢٨ باب : زيارة القبور عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قوله : «عاشت فاطمة بعد أبيها خمسة وسبعين يوما ، ولم تر كاشرة ولا ضاحكة ...» ورواه أيضا بطريق آخر صحيح في ٤ : ٥٦١ عن النضر بن سويد عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

وفي العمدة لابن بطريق : ٣٩٠ قال : «ذكر الواقدي في كتابه : أنّها بقيت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة وسبعين يوما».

ومثله قال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : ١٤.

هذا وروي أيضا أنّها بقيت أربعين صباحا ، كما في مستدرك الوسائل ٢ : ٢١٠ رقم ١٨١٥ ، والبحار ٤٣ : ١٨٦ ، و ٧٨ : ٢٥٦ عن سلمان وابن عباس.

(٦) ذكر الأقوال جميعا في الطبقات الكبرى لابن سعد ٨ : ٢٤. لكن يردّ القولين الأخيرين : قول العلّامة الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢ : ١٢١ أنّه قال : «وأكثر ما قيل : إنّها عاشت تسعا وعشرين سنة».

ويردّ جميع الأقوال ، عدا القول الثاني ـ إحدى وعشرين ـ :


وقال عبد الله بن الحارث : مكثت بعد أبيها ستة أشهر وهي تذوب ، وما ضحكت بعده أبدا (١).

وروى الطبراني بسند رجاله موثّقون ـ لكن فيه انقطاع ـ عن جعفر بن محمّد : مكثت فاطمة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة أشهر ، ما رئيت ضاحكة ، إلّا أنّهم قد امتروا في طرف نابها (٢).

__________________

أولا : رواية الحاكم في المستدرك ٣ : ١٧٨ رقم ٤٧٦٥ عن جعفر بن محمّد قال : «ماتت فاطمة وهي ابنة إحدى وعشرين سنة».

وثانيا : تقدّم في اوائل الكتاب ، في بحث تعيين ولادتها : أنّ أغلب العلماء يقولون : إنّها ولدت بعد الإسلام ؛ كابن حجر وابن عبد البرّ ومصعب الزبيري واليعقوبي والحاكم النيسابوري والمحبّ الطبري والمزي وابن المديني ...

وغيرهم ، وهذا معناه أنّها لم تتجاوز الواحدة والعشرين. وذكرنا هناك أيضا أنّ الصحيح : أنّها ولدت بعد المبعث بخمس سنين ؛ للصحيح عن أبي جعفر محمّد الباقر عليه‌السلام قال : «توفّيت ولها ثمان عشرة سنة وخمسة وسبعون يوما ...» (الكافي ١ : ٤٥٨).

هذا وقال المحبّ الطبري : «ذكر الإمام أبو بكر أحمد بن نصر بن عبد الله الدارع في كتاب تاريخ مواليد أهل البيت : أنّها توفّيت وهي ابنة ثمان عشرة سنة وخمسة وسبعون يوما». (ذخائر العقبى : ١٠١).

(١) سير أعلام النبلاء ٢ : ١٢٨.

(٢) المعجم الكبير ٢٢ : ٣٩٨ رقم ٩٩٥ وفيه عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، وراجع مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٠ رقم ١٥٢٢٧ حيث قال : «رواه الطبراني ، ورجاله رجال الصحيح» ، وسبل الهدى ١١ : ٤٩.

والحديث مرويّ في أغلب كتب الإمامية ؛ كالبحار ٢٩ : ٣٩٠ و ٤٣ : ١٩٥ و ٩٧ : ٢١٦ ، والكافي ٤ : ٥٦١ و ٣ : ٢٨٨ ، ووسائل الشيعة ٣ : ٢٢٤ و ١٠ : ٢٧٩ وغيرهما عن جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام ، وفي مناقب ابن شهرآشوب ٣ : ١١٩ عن الباقر عليه‌السلام : «أنّها عاشت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة وسبعين يوما ، لم تر كاشرة ولا ضاحكة». والجميع رووه من دون عبارة : «إلّا أنّهم قد امتروا في طرف نابها» أي : أنّهم شكّوا في وجود علّة في فمها منعها من الضحك والتبسّم ، لا أنّها امتنعت عن الضحك والتبسّم لأجل حزنها على أبيها!!

والظاهر ـ والله العالم ـ أنّ هذه الزيادة موضوعة مدخولة على الحديث للتقليل من أهمية موقف الزهراء تجاه الحوادث الّتي جرت بعد رحيل الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله.

والّذي يؤكّد ذلك أنّ الرواية مرويّة عن جعفر بن محمّد الصادق صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليس أحد يهتمّ بروايات الصادق أكثر من الإمامية ، وكلّ كتب الإمامية خالية عن هذه الزيادة.

وما يدلّل عليه أيضا أنّ ابن الأثير رواها في أسد الغابة ٧ : ٢٢١ في ترجمة فاطمة من دون هذه الزيادة ، وكذلك ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج ١٦ : ٢٨٠.


السادسة : قال جمع : وهي أوّل من غطّي نعشها ) في الإسلام

روى ابن سعد عن أم جعفر :

أنّ فاطمة قالت لأسماء بنت عميس : إنّي استقبح ما يصنع بالنساء ، يطرح على المرأة الثوب فيصفها ، فقالت أسماء : يا ابنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة فحنّتها ، ثمّ طرحت عليها ثوبا ، فقالت فاطمة : ما أحسن هذا! إذا أنا متّ فغسّليني أنت وعلي ، ولا يدخلنّ عليّ أحد ، ثمّ اصنعي بي هكذا.

فلمّا توفّيت صنع بها ما أمرت به أن تغسّلها أسماء وعلي (٢).

السابعة : انقراض نسب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا من فاطمة

لأنّ أمامة بنت بنته زينب تزوّجت بعلي بوصيّة من فاطمة (٣) ، ثمّ بعده بالمغيرة ابن نوفل ، وأتت منهما بأولاد.

__________________

(١) النعش : القبّة ، ويسمّى سرير الميّت نعشا لارتفاعه ، وهو شبه المحفّة ومركب النساء كالهودج ، فالنعش سرير عليه قبّة أو خيمة أو شيء عال يستره. راجع عون المعبود ٨ : ٣٣٨ و ٣٣٩ كتاب الجنائز ، وقال : «وأوّل من جعل لها النعش فاطمة الزهراء لمّا توفّيت ، عملت أسماء بنت عميس ما كانت قد رأته بالحبشة ، قاله السيوطي».

(٢) عون المعبود ٨ : ٣٣٧ باب : أين يقوم الإمام من الميّت إذا صلّى ، السنن الكبرى للبيهقي ٤ : ٣٤ ، كنز العمّال ١٣ :

٦٨٦ ، نصب الراية ٢ : ٢٥٨ ، سير أعلام النبلاء ٢ : ١٢٨ ، أسد الغابة ٧ : ٢٢١ ، الاستيعاب ٤ : ٤٧. وأكثرهم زاد في آخره : «فجاء أبو بكر فوقف على الباب ، وقال : يا أسماء ما حملك أن منعت أزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يدخلن على ابنة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجعلت لها مثل هودج العروس؟ فقالت : أمرتني أن لا يدخل عليها أحد ، وأمرتني أن أصنع لها ذلك.

وغسّلها علي وأسماء ، وهي أوّل من غطّي نعشها في الإسلام ، ثمّ زينب بنت جحش».

(٣) فتح الباري ٢ : ١٧٦ باب ١٠٦ وقال : «وأمامة تزوّجها علي بعد وفاة فاطمة بوصيّة منها ، ولم تعقّب» ، عون المعبود ٣ : ١٣١ باب ١٦٧ العمل في الصلاة ، وقال : «تزوّجها بعد وفاة فاطمة ولم تعقّب» ، السيّدة الزهراء : ١٠١ و ١٦٥ وقال : «أمامة تزوّجها علي بعد الزهراء بوصيّة منها ، لكنّها لم تنجب أولادا ، فلم يكن لسيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عقب إلّا من الزهراء ، وأعظم بها من مفخرة».


قال الزبير بن بكّار : ثمّ انقرض عقب زينب (١).

__________________

(١) حكاه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢ : ١٢٢. وقد تقدّم في أوّل الباب الرابع كلام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ٧ : ٤٧٧ : «أنّ من خصائص فاطمة الزهراء : أنّها ذرّية النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله دون بقية أخواتها» ، لانحصار الذرّية والعقب من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بها وحدها ، واستدلّ به ابن حجر على أنّها أفضل النساء لأنّها ذرّية النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله.


الباب الخامس

في ما روته من الأخبار وأنشأته من الأشعار



روايتها للحديث

اعلم أنّها لسرعة موتها لم ترو من الأحاديث إلّا قليلا ، ذكروا أنّ جميع ما روته لا يبلغ عشرة أحاديث (١).

فمن ذلك :

(١) حديث المسارّة المارّ (٢).

(٢) حديث القول عند دخول المسجد.

رواه الترمذي وابن ماجة من رواية فاطمة الصغرى عنها مرسلا (٣) ، وقد ثبت

__________________

(١) إنّ أيّ مراجعة لكتب الحديث عند أهل السنّة يكشف أنّ أحاديث فاطمة صلوات الله عليها أكثر ممّا ذكره المصنّف هنا ، فعلى سبيل المثال لا الحصر : ذكر السيوطي في مسند فاطمة (٢٨٤) حديثا ، وفي مسند أبي يعلى المجلّد (١٢) بعنوان : مسند فاطمة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله (١٨) حديثا ، وفي مسند ابن راهويه المجلّد (٥) بعنوان : مسند فاطمة (١٥) حديثا ، وفي المعجم الكبير للطبراني ٢٢ : ٤١٣ بعنوان : ما اسندت فاطمة (٢٣) حديثا ، وهذا غير ما ذكره في بقية الفصول والأجزاء من المعجم ، كما في ٣ : ٨٦ رقم ٢٧٤٢ حديث ترك الوضوء ممّا مسّته النار.

(٢) وهو حديث «أسرّ إليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّي أوّل أهله لحوقا به ، وأسرّ إليّ أنّي سيدة نساء هذه الأمة أو نساء العالمين» المتقدّم ، أخرجه في مسند أحمد ٦ : ٢٨٢ ، ومسند أبي يعلى ١٢ : ١١١ رقم ٦٧٤٥ ، ومسند ابن راهويه ٥ : ٦ رقم ٢١٠٢ و ٢١٠٣ ، وغيرها.

(٣) أخرجه أحمد في المسند ٦ : ٢٨٢ عن فاطمة قالت : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دخل المسجد قال : بسم الله


أيضا له من طريق آخر عن فاطمة عن أبيها الحسين عنها.

(٣) حديث : ألا لا يلومنّ امرؤ نفسه يبيت وفي يده ريح غمر (١).

أخرجه ابن ماجة من رواية ابنها الحسين عنها.

(٤) حديث ترك الوضوء ممّا مسته النار.

أخرجه أحمد من رواية الحسن بن الحسين عنها مرسلا (٢).

(٥) حديث ساعة الإجابة يوم الجمعة ، وأنّها إذا تدلّت الشمس للغروب (٣).

أخرجه البيهقي في الشعب.

__________________

والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج قال : بسم الله والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك».

وأخرجه أيضا ابن راهويه في المسند ٥ : ٤ رقم ٢٠٩٩ ، وأبو يعلى الموصلي في المسند ١٢ : ١٢١ رقم ٦٧٥٤ ، والترمذي في الجامع الصحيح ٢ : ١٢٧ رقم ٣١٤ ، وابن ماجة في السنن ١ : ٢٥٣ رقم ٧٧١ ، والطبراني في المعجم الكبير ٢٢ : ٤٢٤ رقم ١٠٤٤.

(١) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٩٦ رقم ٣٢٩٦. وأخرجه في مسند أبي يعلى ١٢ : ١١٥ رقم ٦٧٤٨ وفيه : «بات» ، وفي كنز العمّال ١٥ : ٢٤٢ رقم ٤٠٧٥٩. والغمر ـ بفتح الغين والميم ـ الدسم والزهومة من اللحم.

(٢) مسند أحمد ٦ : ٢٨٣ وفيه : الحسن بن الحسن ، ولفظ الحديث عنه عن فاطمة قالت : «دخل عليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأكل عرقا ، فجاء بلال بالأذان ، فقام ليصلّي ، فأخذت بثوبه ، فقلت : يا أبه ألا تتوضّأ؟ فقال : ممّن أتوضّأ يا بنية؟ فقلت : ممّا مسّته النار ، فقال لي : أو ليس أطيب طعامكم ما مسّته النار؟».

وأخرجه أيضا في المعجم الكبير ٣ : ٨٦ رقم ٢٧٤٢ وفيه : «ناولته كتف شاة» ، وفي مسند أبي يعلى ١٢ : ١٠٨ رقم ٦٧٤٠.

(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ٧ : ٢٦٦ رقم ٦٤٣٦ عن مرجانة مولاة علي ، قالت : «حدّثتني فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن أبيها قال : إنّ في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرا إلّا أعطاه إيّاه». وأخرجه في مجمع الزوائد ٢ : ٣٧٧ رقم ٣٠١٣ وقال : «رواه الطبراني في الأوسط» ، وفي مسند ابن راهويه ٥ : ١٣ رقم ٢١٠٩.


(٦) أخرج أحمد عن محمّد بن علي قال :

كتب إليّ عمر بن عبد العزيز أن افتح له وصيّة فاطمة ، فكان في وصيّتها الستر الّذي يزعم الناس أنّها أحدثته ، وأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دخل عليها ، فلمّا رآه رجع (١).

(٧) أخرج الطبراني عن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

أنّها أتت بالحسن والحسين إليه في شكواه الّتي توفّي فيها ، فقالت : يا رسول الله ، هذان ابناك فورّثهما شيئا ، قال : أمّا الحسن فله هيبتي وسؤددي ، وأمّا الحسين فله جودي وجرأتي ، فإن بليتم فاصبروا ، فإنّه العاقبة للتقوى ، انتهى (٢).

ورواته ثقات.

(٨) وأخرج عن أبي مليكة قال :

كانت فاطمة تنقز الحسن وتقول : بنيّ شبيه لرسول الله ، ليس شبيها لعلي (٣).

(٩) وأخرج الدارمي عن أنس أنّها قالت له :

كيف طابت نفوسكم أن تحثوا (٤) التراب على رسول الله (٥).

__________________

(١) مسند أحمد ٦ : ٢٨٣.

(٢) المعجم الكبير ٢٢ : ٤٢٣ رقم ١٠٤١ وليس فيه : «فإن بليتم ...» إلى آخره. وأخرجه في الآحاد والمثاني ٥ : ٣٧٠ رقم ١٠٥٤ ، وكنز العمّال ٧ : ٢٦٨ رقم ١٨٨٣٩ و ١٢ : ١١٧ رقم ٣٤٢٧٢ ورقم ٣٤٢٧٣ وفيه : «أمّا الحسن فقد نحلته حلمي وهيئتي ، والحسين نحلته نجدتي وجودي».

(٣) مسند أحمد ٦ : ٢٨٣ ، وسيأتي في فصل (أشعارها) توضيح لهذا الكلام.

(٤) تحثوا : من الحثي ، وهو رمي التراب باليد.

(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٥٢٢ رقم ١٦٣٠ وفيه : «يا أنس ، كيف سخت نفوسكم ......» ، مجمع الزوائد ٨ : ٦٠٥ باب


فصل

وممّا ينسب إليها من الشعر

(١) قولها ترثي أباها صلى‌الله‌عليه‌وآله كما في سيرة اليعمري :

اغبرّ آفاق السماء وكوّرت

شمس النهار وأظلم العصران

فالأرض من بعد النبيّ كئيبة

أسفا عليه كثيرة الرجفان

فليبكه شرق البلاد وغربها

وليبكه مضر وكلّ يماني

وليبكه الطود المعظّم جوّه

والبيت ذو الأستار والأركان

يا خاتم الرسل المبارك ضوؤه

صلّى عليك منزل الفرقان (١)

(٢) وروى طاهر بن يحيى العلوي وابن الجوزي في (الوفاء) عن علي عليه‌السلام لمّا دفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جاءت فاطمة فوقفت على قبره ، وأخذت قبضة من تراب القبر ، وأنشأت تقول ـ وقيل : بل هو لعلي عليه‌السلام ـ

ما ذا على من شمّ تربة أحمد

ألّا يشمّ مدى الزمان غواليا

صبّت عليّ مصائب لو أنّها

صبّت على الأيام عدن لياليا (٢)

__________________

في وداعه صلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه : «أنّها قالت ذلك لعلي عليه‌السلام» ، المعجم الكبير ٣ : ٦٤ رقم ٢٦٧٦ وفيه : «قالت لعلي عليه‌السلام» ، مسند ابن راهويه ٥ : ١٣ رقم ٢١١٠.

(١) عيون الأثر ٢ : ٤٣٤ باب : ذكر مصيبة المسلمين بوفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، نور الأبصار : ٥٣.

(٢) الوفاء بأحوال المصطفى : ٨١٩ رقم ١٥٣٨ ، سبل الهدى ١٢ : ٣٣٧ وفيه : «أخذت قبضة من تراب القبر


(٣) وروي : أنّها تمثّلت أيضا بشعر فاطمة بنت الأحجم (١) :

قد كنت لي جبلا ألوذ بظلّه

فتركتني أمشي بأجرد ضاحي

قد كنت ذات حمية ما عشت لي

أمشي البراز وكنت أنت جناحي

فاليوم أخضع للذليل وأتّقي

منه وأدفع ظالمي بالراح

وإذا دعت قمرية شجنا لها

ليلا على فنن دعوت صباحي (٢)

__________________

فوضعته على عينيها» ، نظم درر السمطين : ١٨١ ، نور الأبصار : ٥٣ ، الإتحاف : ٣٣. ومطلعه :

قل للمغيّب تحت أطباق الثرى

إن كنت تسمع صرختي وندائيا

وآخره :

فاليوم اخضع للذليل وأتّقي

ضيمي وادفع ظالمي بردائيا

(١) فاطمة بنت الأحجم الخزاعية ، شاعرة إسلامية من الصحابيات ، لها أشعار في رثاء إخوتها ، ومطلع أبياتها :

يا عين بكيّ عند كلّ صباحي

جودي بأربعة على الجراح

قد كنت لي جبلا ألوذ بظلّه

فتركتني أمشي بأجرد ضاحي

(٢) عيون الأثر ٢ : ٤٣٤ ، سبل الهدى ١٢ : ٢٨٨ وزاد في آخره :

فالله صبّرني على ما حلّ بي

مات النبيّ قد انطفى مصباحي

ومن أشعارها صلوات الله عليها أيضا ، ممّا لم يذكره المصنّف ، قولها بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

قد كان بعدك أنباء وهنبثة

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها

فاختل قومك فاشهدهم ولا تغب

نسبه إليها الزمخشري في الفائق في غريب الحديث ٣ : ٤١١ ، وابن قتيبة في غريب الحديث ١ : ٢٦٧ ، وابن الأثير في النهاية ٥ : ٢٣٩ ، وفي لسان العرب ٢ : ١٩٨ قال : «إنّ فاطمة قالته بعد موت أبيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ومثله في تاج العروس ١ : ٦٥٤.

والهنبثة : إثارة الفتنة ، وهي من النبث ، والهاء زائدة ، ويقال للأمور الشداد : هنابث ، يريد ما وقع الناس فيه من الفتن ، وهذا البيت يعزى إلى فاطمة عليها‌السلام. قاله الزمخشري في الفائق ١ : ٦٠.

وممّا ينسب إليها عليها‌السلام :

إذا ما مات قرم قلّ والله ذكره

وذكر أبي مذ مات والله أزيد

تذكّرت لمّا فرّق الموت بيننا

فعزّيت نفسي بالنبيّ محمّد

فقلت لها إنّ الممات سبيلنا

ومن لم يمت في يومه مات في غد

ذكره في سبل الهدى ١٢ : ٢٨٩ ، والقرم : السيد العظيم.


__________________

ونسب إليها أيضا :

كنت السواد لمقلتي

يبكي عليك الناظر

من شاء بعدك فليمت

فعليك كنت أحاذر

ذكره ابن شهرآشوب في المناقب ١ : ٢٠٨ ، وفي شرح النهج ١٩ : ١٩٧ أنّه لعلي عليه‌السلام ، قاله يوم وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. ولها أيضا عليها‌السلام :

أشبه أباك يا حسن

واخلع عن الحقّ الرسن

وأعبد إلها ذا منن

ولا توال ذا الإحن

ذكره في ابن شهرآشوب في المناقب ٣ : ١٥٩.

ولها أيضا :

وا بأبي شبه أبي

غير شبيه بعلي

كانت تقوله للحسين عليه‌السلام كما في المناقب ٣ : ١٥٩ ، والبحار ٤٣ : ٢٨٦ ، ومستدرك السفينة ٥ : ٤٧٣. وتقدّم أنّها كانت تقول للحسن عليه‌السلام أشبه أباك يا حسن ، فهذا هو ما كانت تقوله الزهراء للحسن والحسين عليه‌السلام.

وأمّا ما تقدّم من رواية ابن أبي مليكة من أنّها كانت تنقز الحسن وتقول : «بنيّ شبيه برسول الله ليس شبيها بعلي».

فالظاهر ـ والله العالم ـ أنّه إمّا حصل تصحيف في الاسم فجعل «الحسن» بدل «الحسين» ، وإمّا أنّ ابن أبي مليكة نسب هذا القول لفاطمة وهو ليس لها ، بل هو لأبي بكر ، ويدلّ على ذلك : أنّ أبا بكر كان يقول للحسن وهو صغير :

بأبي شبيه بالنبيّ

ليس شبيها بعلي

رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ١٣ : ١٧٤ ، والذهبي في سير أعلام النبلاء ٣ : ٢٤٩ ، وابن حجر في فتح الباري ٧ : ٢٥٧ باب : صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله رقم الحديث ٣٥٤٢.

وإمّا أنّ الأمر كلّه بترتيب من بني أمية الذين أكّدوا على طمس معالم أهل البيت عليهم‌السلام ، وبالأخصّ الإمام الحسين عليه‌السلام. ومن المعلوم أنّ من خصوصياته أنّه شبيه برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله :

«حسين منّي وأنا من حسين ، أحبّ الله من أحبّ حسينا ، حسين سبط من الأسباط».

أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ : ١٧٧ باب : استشهاد الحسين يوم الجمعة ، وقال : «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه» ، وسنن الترمذي ٥ : ٣٢٤ وقال : «هذا حديث حسن» ، ومصنّف ابن أبي شيبة ٧ : ٥١٥ باب ما جاء في الحسن والحسين ، والبخاري في التاريخ ٨ : ٤١٥ ترجمة يعلى بن مرّة الثقفي ، وصحيح ابن حبّان ١٥ : ٤٢٨ ، والمعجم الكبير ٣ : ٣٢ رقم ٢٥٨٦ و ٢٢ : ٤٧٣ ، وكنز العمّال ١٢ : ١١٥ و ١٢٠ و ١٢٩ و ١٣ : ٦٦٢ ، وتهذيب الكمال ٦ : ٤٠٢ و ١٠ : ٤٢٧ قال : «رواه الترمذي» وقال : «وهو حسن» ، وتهذيب التهذيب ٢ : ٢٢٩ ترجمة الحسين بن علي ، وتاريخ دمشق ١٤ : ١٤٩ و ٦٤ : ٣٥ ، ونظم درر السمطين ٢٠٨ ، والبداية والنهاية ٨ : ٢٢٤ وقال :

«قال الترمذي : هذا حديث حسن» ، وسبل الهدى ٩ : ٣٧٠ و ١١ : ٧٢ ، ومسند الشاميّين للطبراني ٣ : ١٨٤ رقم


(٤) وروى الثعلبي بإسناده :

أنّ الحسن والحسين مرضا ، فعادهما المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله في أناس ، فقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت ، فنذر علي وفاطمة إن شفيا أن يصوما ثلاثا ، فشفيا ، ولا شيء عندهم ، فاقترض علي من يهودي أصوعا (١) ، فصنعت فاطمة طعاما وقدّمته له عند فطره ، فوقف بالباب سائل فاستطعمهم ، فقال علي :

فاطم ذات المجد واليقين

يا بنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين

قد قام بالباب له حنين

يشكو إلى الله ويستكين

يشكو إلينا جائعا حزين

كلّ امرئ بكسبه رهين

وفاعل الخيرات يستعين (٢)

موعده جنّة علّيين

حرّمها الله على الضنين

وللبخيل موقف مهين

تهوي به النار إلى سجّين

فقالت فاطمة :

أمرك سمع يا بن عم وطاعة

ما بي من لؤم ولا وضاعة (٣)

غذّيت باللّب وبالبراعة

أطعمه ولا أبالي الساعة

أرجو إذا أشبعت ذا مجاعة

أن ألحق الأخيار والجماعة

وأدخل الخلد ولي شفاعة

__________________

٢٠٤٣ ، وكشف الخفاء ١ : ٣٥٨ وقال : «رواه الترمذي وحسّنه ، ورواه أحمد وابن ماجة في السنن» ، ومسند أحمد ٤ : ١٧٢ ، وسنن ابن ماجة ١ : ٥١ رقم ١٤٤ ، وسير أعلام النبلاء ٣ : ٢٨٣ ، وتاج العروس ٥ : ١٤٨ مادة سبط.

(١) أصوع : جمع صاع ، وهو مكيال تكال به الحبوب وغيرها ، ووزنه تسعة أرطال ، أي حوالي ثلاث كيلوغرامات.

(٢) في مناقب الخوارزمي : ٢٦٨ : «يستبين» ، وزاد في آخر الأبيات : شرابه الحميم والغسلين.

(٣) في المناقب : ٢٦٩ : «ضراعة» ، والضراعة : من ضرع ، بمعنى : خضع وذلّ وضعف ، ويقال : رجل ضارع ، أي : نحيف.


فأعطوه الطعام ، ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا إلّا الماء. فصنعت مثله ، فوقف بالباب يتيم فاستطعمهم ، فقال علي :

فاطمة بنت السيد الكريم

بنت نبيّ ليس بالزنيم (١)

قد جاءنا الله بذا اليتيم

من يرحم الله فهو رحيم (٢)

موعده في جنّة النعيم

قد حرّم الخلد على اللئيم

يساق في النار إلى الجحيم

شرابه الصديد والحميم

فقالت فاطمة :

إنّي لأعطيه ولا أبالي

وأوثر الله على عيالي

أمسوا جياعا وهم أشبالي

أصغرهما يقتل في القتال

بكربلاء يقتل في اغتيال

للقاتل الويل مع الوبال

تهوي به النار إلى سفال

مصفّد اليدين بالأغلال

لقوله زادت على الأكيال (٣)

فأعطوه الطعام ، وأمسكوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئا إلّا الماء القراح. ففعلت في الثالث ذلك ، فوقف بالباب أسير فاستطعم ، فقال علي :

فاطمة بنت النبيّ أحمد

بنت نبيّ سيّد مسوّد

هذا أسير للنبي المهتد

مكبّل في غلّه المقيّد

__________________

(١) الزنيم : الدعيّ في النسب ، والملصق بالقوم وليس منهم ، وقيل : الموسوم بالشرّ.

(٢) في المناقب : ٢٦٩ : «من يرحم اليوم فهو رحيم».

(٣) في المناقب : ٢٦٩ : «زادت على الأكبال» ، والأكبال : القيود.


يشكو إلينا الجوع قد تمدّد (١)

من يطعم اليوم يجده في غد

عند العليّ الواحد الموحّد

ما يزرع الزارع سوف يحصد

فأطعمي من غير منّ أو نكد

حتّى تجازي بالّذي لا ينفد

فقالت فاطمة :

لم يبق ممّا جئت غير صاع

قد دميت كفّي من مع الذراع

ابناي والله من الجياع

أبوهما للخير ذو اصطناع

فيصنع (٢) المعروف بابتداع

عبل الذراعين (٣) طويل الباع

وما على رأسي من قناع

إلّا عبا نسجتها بصاع (٤)

فأعطوه الطعام ومكثوا ثلاثا لا يذوقون الأكل وقد قضوا نذرهم ، فأخذ عليّ الحسنين ، وأقبل على المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله وهم يرتعشون من شدّة الجوع ، فقال المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أشدّ ما يسوؤني ممّا أرى بكم! انطلق بنا إلى ابنتي فاطمة ، فلمّا رآها وقد لصق بطنها بظهرها ، وغارت عينها لشدّة الجوع ، قال : وا غوثاه! يموت أهل بيت محمّد جوعا (٥) ، فنزل قوله تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) إلى قوله : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) الآيات (٦). انتهى (٧).

__________________

(١) في المناقب : ٢٧٠ : «تمرّد».

(٢) في مناقب الخوارزمي : ٢٧٠ : «يصطنع».

(٣) عبل الذراعين : عريضهما وضخمهما.

(٤) في المناقب : ٢٧٠ «إلّا قناع نسجه من صاع».

(٥) في مناقب الخوارزمي : ٢٧١ زاد : فهبط جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمّد ، خذ هنّأك الله في أهل بيتك ، قال : وما آخذ يا جبرئيل؟ فأقرأه (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) إلى قوله : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) إلى آخر السورة.

(٦) الإنسان ٧ ـ ٩.

(٧) رواه الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان ١٠ : ٩٨ في تفسير سورة الإنسان ، والقرطبي في التفسير ١٩ : ١٣٤ في تفسير قوله : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) ، وفي مناقب الخوارزمي : ٢٥١ من حديث المزني عن ابن مهران ، ونهج الإيمان : ١٧٤. ورواه ابن الأثير في أسد الغابة ٧ : ٢٣٠ من دون الشعر رقم ٧٢١٠ ترجمة فضّة النوبية ، والبغوي في تفسيره معالم التنزيل ٥ : ٣٠٩ مختصرا.


وهذا حديث كذب موضوع ، قال الحكيم الترمذي : هذا من الأحاديث الّتي تنكرها القلوب ، وهو حديث مسروق مفتعل ، لا يروّج إلّا على جاهل (١).

وأورده ابن الجوزي في الموضوعات بزيادة على ذلك ، وقال : هذا لا يشكّ أحد في وضعه (٢).

__________________

(١) لم نعثر على كلام الترمذي هذا رغم التتبّع الكثير.

(٢) الموضوعات ١ : ٢٩٣ ، لكنّه لم يذكر دليلا على أنّ الحديث موضوع. نعم ، ذكر أمرين وهما لا يصلحان للحكم على الحديث بالوضع ، وهما : الأول : ركّة الأشعار ، والثاني : أنّ راويه هو الأصبغ بن نباتة وقال : هو لا يساوي شيئا!!

أمّا الأول : فيردّه أنّ الثعلبي والخوارزمي والقرطبي ، إضافة إلى علماء الإمامية ، قد رووا الحديث مع الأبيات الشعرية ، وكلّهم معروف بالأدب ونظم الشعر ، ولم يصفها أحد منهم بالرّكة ، مضافا إلى ذلك أنّ مسألة تقييم الشعر أمر ذوقي ، والشواهد التاريخية على ذلك كثيرة جدا ، فقد حكم على أشعار بالرّكة ، وحكم غيرهم عليها بالفصاحة والجزالة ، وبالعكس.

وأمّا الثاني : وهو قوله : إنّ الأصبغ بن نباتة لا يساوي شيئا ، فيردّه : أنّ العجلي قال عنه : «كوفي تابعي ثقة ، وروى له ابن ماجة». (تهذيب الكمال ٣ : ٣١٠ ، وتهذيب التهذيب ١ : ٣٢٩).

والظاهر أنّ تضعيف ابن الجوزي وغيره له إنّما هو لأجل كونه من شيعة علي ومن خلّص أصحابه ، وكان من شرطة أمير المؤمنين عليه‌السلام. قال ابن سعد : «كان شيعيا ، وكان على شرطة علي». وقال ابن حبّان : «فتن بحبّ علي فأتى بالطامّات ، فاستحقّ الترك». راجع تهذيب التهذيب ١ : ٣٢٩.

ويبدو أنّ تضعيفهم لأجل مذهب الرجل ، لا أنّه في نفسه ضعيف ، ويؤكّده أنّ العجلي وثّقه ، وابن ماجة أيضا ، وإلّا لما روى له في السنن.

وقول ابن كثير في البداية والنهاية ٥ : ٣٥١ : «إنّ الحديث موضوع ؛ لأنّ هذه السورة مكّية ، والحسن والحسين ولدا في المدينة»!! مردود ؛ لتسالم العلماء على أنّ السورة مدنية.

قال السيوطي في الدرّ المنثور ٨ : ٣٦٥ «أخرج ابن ضريس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة الإنسان بالمدينة».

وقال الثعالبي في التفسير ٥ : ٥٢٧ : «قال الحسن وعكرمة : منها آية مكّية ، والباقي مدني».

وقال الشوكاني في فتح القدير ٥ : ٣٤٣ : «قال الجمهور : هي مدنية».

وفي معالم التنزيل للبغوي ٥ : ٣٠٧ : «قال مجاهد وقتادة : مدنية ، وقال الحسن وعكرمة : هي مدنية إلّا آية ، وهي قوله : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) ..».

وفي شواهد التنزيل ٢ : ٤٢٣ : «وما أنزل الله بالمدينة : المطفّفين والبقرة والأنفال و...... وهل أتى على


وممّن جزم بوضعه الذهبي وزين الدين العراقي والحافظ ابن حجر العسقلاني ، وغيرهم (١).

ممّن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، لا يحلّ لهم نسبة ذلك للمصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا إلى فاطمة ، ولا إلى علي ، وحاشا بلاغتهم من هذه الألفاظ الركيكة ، والعبارات المنحطّة الوضيعة ، والله سبحانه أعلم.

نجز الكتاب المبارك بحمد الله وعونه وحسن توفيقه ، رحم الله مؤلّفه ومطالعه ومالكه ، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله وصحبه وسلّم.

__________________

الإنسان ...» ، ثمّ عدّ بقية السور.

هذا مضافا إلى أنّ إيراد هذه الرواية من قبل القرطبي والثعلبي والخوارزمي وابن جبر وغيرهم ، وفيها الحسن والحسين في تفسير السورة ، دليل على مدنيّتها عندهم.

(١) لم نعثر على كلام هؤلاء في كتبهم ، ولم نشاهد هذه النسبة في كتب الآخرين.



الفهارس

فهرس مصادر الكتاب

فهرس الموضوعات



فهرس مصادر الكتاب

١. القرآن الكريم

٢. إرشاد الساري : لأحمد بن محمّد القسطلاني ، دار الفكر.

٣. إرواء الغليل : لمحمّد ناصر الدين الألباني ، المكتب الإسلامي.

٤. إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار : لمحمّد بن علي الصبّان ، دار الفكر.

٥. إقبال الأعمال : للسيّد علي بن موسى بن طاوس ، الإعلام الاسلامي.

٦. الإتحاف بحبّ الأشراف : لعبد الله الشبراوي ، المطبعة الأدبية ـ مصر.

٧. الآحاد والمثاني : لعمر بن أبي عاصم الضحّاك الشيباني ، دار الراية.

٨. الأخبار الموضوعة : لملّا علي القاري ، المكتب الإسلامي.

٩. الأذكار النووية : لمحي الدين بن شرف النووي ، دار الفكر.

١٠. الاستيعاب : ليوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ ، دار الكتب العلمية.

١١. الإصابة في معرفة الصحابة : لأحمد بن علي بن محمّد العسقلاني المعروف بابن حجر ، دار صادر.


١٢. الأعلام : لخير الدين الزركلي ، دار العلم للملايين.

١٣. الإمامة والسياسة : لعبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ، دار الكتب العلمية.

١٤. الأنوار البهيّة : للشيخ عبّاس القمّي ، جامعة المدرسين.

١٥. الباعث الحثيث : لابن كثير الدمشقي ، دار الفيحاء ـ دمشق.

١٦. البداية والنهاية : لابن كثير الدمشقي ، دار إحياء التراث.

١٧. البيان والتعريف : لابن حمزة ، المكتبة العلمية.

١٨. التاريخ الكبير : لإسماعيل بن إبراهيم البخاري ، المكتبة الإسلامية.

١٩. التنبيه والاشراف : لعليّ بن الحسين بن عليّ المسعودي ، الطبعة الأولى.

٢٠. الثقات : لمحمّد بن حبّان التميمي البستي ، مؤسّسة الكتب الثقافية.

٢١. الجامع الصحيح : لمحمّد بن عيسى بن سورة الترمذي ، دار عمران.

٢٢. الجامع الصغير : لجلال الدين السيوطي ، دمشق.

٢٣. الجرح والتعديل : لمحمّد بن عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، دار الكتب العلمية.

٢٤. الحدائق الناضرة : لأحمد بن يوسف البحراني ، جامعة المدرسين.

٢٥. الدرّ المنثور : لجلال الدين السيوطي ، دار الفكر.

٢٦. الدروس الشرعية : لمحمّد بن مكى المعروف بالشهيد الأول ، جامعة المدرسين.

٢٧. الديباج على صحيح مسلم : لجلال الدين السيوطي ، دار ابن عفّان.

٢٨. السمط الثمين : للمحبّ الطبري ، دار الحديث.

٢٩. السنن الكبرى : لأحمد بن الحسين البيهقي ، مكتبة المعارف ـ الرياض.

٣٠. السنّة : لعمرو بن أبي عاصم الضحّاك الشيباني ، دار الصميعي.

٣١. السيدة الزهراء : لأحمد بيّومي المصري ، السفير.

٣٢. السيرة النبوية : لابن كثير الدمشقي ، دار المعرفة.

٣٣. الصحاح : لاسماعيل بن حمّاد الجوهري ، الأعلمي.

٣٤. الصحيح من السيرة : للسيد جعفر العاملي ، دار الهادي.


٣٥. الضعفاء والمتروكين : لعبد الرحمن بن علي بن الجوزي ، دار الكتب العلمية.

٣٦. الطبقات الكبرى : لمحمّد بن سعد ، دار الكتب العلمية.

٣٧. العروة الوثقى : لمحمّد كاظم الطباطبائي اليزدي ، الأعلمي.

٣٨. العمدة : يحيى بن الحسن الأسدي المعروف بابن بطريق ، جامعة المدرسين.

٣٩. الغيلانيات (فوائد البزار) : لمحمّد بن عبد الله البزّار ، أضواء السلف.

٤٠. الفائق في غريب الحديث : لمحمود بن عمر الزمخشري ، دار الكتب العلمية.

٤١. الفردوس : لشرويه بن شهردار بن شرويه الديلمي ، دار الكتاب العربي.

٤٢. الفروق اللغوية : لابن هلال العسكري ، جامعة المدرسين.

٤٣. القول المسدّد : لابن حجر العسقلاني ، دار ابن تيمية ـ القاهرة.

٤٤. الكافي : لمحمّد بن يعقوب الكليني ، دار الكتب الإسلامية.

٤٥. اللآلئ المصنوعة : لجلال الدين السيوطي ، دار المعرفة.

٤٦. المبسوط : للشيخ محمّد بن الحسن الطوسي ، طهران.

٤٧. المجروحين : لمحمّد بن حبّان ، دار المعرفة.

٤٨. المجموع : لمحي الدين بن شرف النووي ، دار الفكر.

٤٩. المحلّى : لعلي بن أحمد بن حزم ، المكتب التجاري.

٥٠. المدوّنة الكبرى : للإمام مالك بن أنس ، السعادة ـ مصر.

٥١. المطالب العالية : لأحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني ، دار المعرفة.

٥٢. المعتصر من المختصر : لأبي المحاسن الحنفي ، عالم الكتب.

٥٣. المعجم الأوسط : لسليمان بن أحمد الطبراني ، دار المعارف.

٥٤. المعجم الصغير : لسليمان بن أحمد الطبراني ، دار الكتب العلمية.

٥٥. المعجم الكبير : لسليمان بن أحمد الطبراني ، دار إحياء التراث.

٥٦. المغني في الضعفاء : لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، دار الكتب العلمية.

٥٧. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم : لعبد الرحمن بن عليّ بن الجوزي ، دار الكتب العلمية.


٥٨. الموضوعات : لابن الجوزي ، المدينة المنوّرة.

٥٩. الموضوعات : للفتني ، الطبعة الأولى.

٦٠. الموضوعات : لمحمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، دار الرشد ـ الرياض.

٦١. الموضوع : للملّا علي القاري ، المطبوعات ـ حلب.

٦٢. النهاية في غريب الحديث : لمبارك بن محمّد ابن الأثير ، دار إحياء التراث.

٦٣. الوفاء بأحوال دار المصطفى : لعبد الرحمن بن عليّ ابن الجوزي ، دار الكتب العلمية.

٦٤. إيضاح المكنون : لإسماعيل بن محمّد أمين الباباني البغدادي ، الطبعة الأولى.

٦٥. أسد الغابة : لعلي بن أبي أكرم محمّد بن محمّد الشيباني المعروف بابن الأثير ، طبع ونشر دار الكتب العلمية.

٦٦. أسماء الثقات : لعمر بن شاهين ، الدار السلفية.

٦٧. أهل البيت في المكتبة العربية : لعبد العزيز الطباطبائي ، آل البيت.

٦٨. بحار الأنوار : لمحمد باقر المجلسي ، دار إحياء التراث.

٦٩. تاج العروس : لمحمّد مرتضى الحسيني الزبيدي ، الطبعة الأولى.

٧٠. تاج المواليد : للطبرسي ، مكتبة المرعشي.

٧١. تاريخ ابن معين : ليحيى بن معين بن عون المري البغدادي ، دار المأمون ـ دمشق.

٧٢. تاريخ الطبري : لمحمد بن جرير الطبري ، الأعلمي.

٧٣. تاريخ المدينة : لعمر بن شبّة النميري البصري ، دار الفكر.

٧٤. تاريخ اليعقوبي : لأحمد بن أبي يعقوب بن واضح ، المطبعة الحيدرية.

٧٥. تاريخ بغداد : لأحمد بن علي الخطيب البغدادي ، دار الكتاب العربي.

٧٦. تاريخ خليفة بن خياط : لخليفة بن خياط بن هبيرة العصفري ، دار الفكر.

٧٧. تاريخ دمشق : لعلي بن الحسن بن هبة المعروف بابن عساكر ، دار الفكر.

٧٨. تاريخ مواليد الائمة : لابن الخشّاب ، مكتبة المرعشي.


٧٩. تحفة الأحوذي : لمحمد بن عبد الرحمن المباركفوري ، دار الفكر.

٨٠. تدريب الراوي : لجلال الدين السيوطي ، مكتبة كوثر.

٨١. تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) : لأبي اسحاق الثعلبي ، دار إحياء التراث العربي.

٨٢. تفسير القرطبي : لمحمد بن أحمد الأنصاري القرطبي ، دار إحياء التراث.

٨٣. تقريب التهذيب : لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، دار المعرفة.

٨٤. تهذيب الأحكام : للشيخ محمد بن الحسن الطوسي ، دار الكتب الإسلامية.

٨٥. تهذيب التهذيب : لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، دار الكتب العلمية.

٨٦. تهذيب الكمال : لأبي الحجّاج يوسف المزي ، الرسالة.

٨٧. جمهرة اللغة : لأحمد بن بكر بن دريد ، دار العلم للملايين.

٨٨. جواهر الكلام : لمحمّد حسن النجفي الجواهري ، دار الكتب الإسلامية.

٨٩. خلاصة الأثر : للمحبّي ، دار صادر.

٩٠. دلائل الإمامة : لابن رستم الطبري ، مؤسّسة البعثة.

٩١. دلائل النبوة : لأبي نعيم الأصفهاني ، عالم الكتب.

٩٢. دلائل النبوة : لأحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي ، دار الكتب العلمية.

٩٣. ديوان الضعفاء : أحمد بن محمد بن عثمان الذهبي ، دار القلم.

٩٤. ذخائر العقبى : للمحبّ الطبري ، مكتبة الصحابة.

٩٥. ذخيرة المعاد : لمحمّد باقر السبزواري ، آل البيت.

٩٦. ذكرى الشيعة : لمحمّد بن مكي الشهيد الأول ، جامعة المدرسين.

٩٧. رياض الصالحين : لمحي الدين بن شرف النووي ، المكتب الإسلامي.

٩٨. رياض المسائل : لعليّ بن محمّد الطباطبائي ، آل البيت.

٩٩. سبل الهدى والرشاد : لمحمّد بن يوسف الصالحي الشامي ، دار الكتب العلمية.

١٠٠. سنن ابن ماجة : لأبي عبد الله محمّد بن يزيد القزويني ، دار الفكر.

١٠١. سنن الدارمي : لعبد الله بن بهرام الدارمي السمرقندي ، دار الكتب العلمية.


١٠٢. سنن النسائي : لأحمد بن شعيب النسائي ، دار الكتب العلمية.

١٠٣. سنن أبي داود : لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، دار ابن حزم.

١٠٤. سير أعلام النبلاء : لمحمّد بن أحمد الذهبي ، مؤسّسة الرسالة.

١٠٥. سيرة ابن إسحاق : لمحمّد بن إسحاق ، دار الفكر.

١٠٦. شرائع الإسلام : للمحقّق جعفر بن الحسن الحلي ، الاستقلال.

١٠٧. شرح الزرقاني على المواهب : لعبد الوهاب الزرقاني ، دار الكتب العلمية.

١٠٨. شرح السنّة : لأحمد بن الحسين البغوي ، دار الفكر.

١٠٩. شرح النهج البلاغة : لابن أبي الحديد ، دار إحياء الكتب العربية.

١١٠. شواهد التنزيل : للحاكم النيسابوري ، مجمع إحياء الثقافة.

١١١. صحيح ابن حبّان : لمحمّد بن حبّان التميمي البستي ، شرح علاء الدين الفارسي ، مؤسّسة الرسالة.

١١٢. صحيح البخاري : شرح العلّامة نور الدين السندي ، دار الكتب العلمية.

١١٣. صحيح البخاري : لمحمّد بن إسماعيل الجعفي البخاري ، دار ابن كثير.

١١٤. صحيح مسلم بشرح النووي : لمحي الدين بن شرف النووي ، دار المعرفة.

١١٥. صحيح مسلم : لمسلم بن الحجّاج ، دار الفكر.

١١٦. صفوة الصفوة : لابن الجوزي ، دار المعرفة.

١١٧. طبقات الشافعية : لابن قاضي شهبة ، عالم الكتب.

١١٨. علل الشرائع : لمحمّد بن عليّ بن الحسين المعروف بالصدوق ، دار الحجة للثقافة.

١١٩. عمدة القاري : لبدر الدين العيني ، دار الفكر.

١٢٠. عون المعبود : للعظيم آبادي ، دار الكتب العلمية.

١٢١. عيون الأثر : لابن سيد الناس ، مؤسّسة عزّ الدين.

١٢٢. غريب الحديث : للخطابي ، جامعة أم القرى.

١٢٣. غريب الحديث : لابن الجوزي ، دار الكتب العلمية.


١٢٤. فتح الباري : لابن حجر العسقلاني ، دار الفكر.

١٢٥. فتح القدير : لمحمّد بن عليّ الشوكاني ، عالم الكتب.

١٢٦. فضائل الصحابة : لأحمد بن حنبل ، دار الكتب العلمية.

١٢٧. فقه السنّة : لسيد سابق ، دار الكتاب العربي.

١٢٨. فيض القدير : للمناوي ، دار الفكر.

١٢٩. كشف الأستار عن زوائد البزّار : لعليّ بن أبي بكر الهيثمي ، الرسالة.

١٣٠. كشف الخفاء : لإسماعيل بن محمّد العجلوني ، دار الكتب العلمية.

١٣١. كشف الغمّة : لعليّ بن عيسى الإربلي ، دار الأضواء.

١٣٢. كفاية الطالب : لمحمّد بن يوسف الكنجي الشافعي ، دار إحياء التراث.

١٣٣. كنز العمال : للمتقي حسام الدين الهندي ، الرسالة.

١٣٤. لسان العرب : لمحمّد بن مكرم ابن منظور الإفريقي المصري ، الرسالة.

١٣٥. لسان الميزان : لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، الأعلمي ـ إحياء التراث.

١٣٦. مجمع البحرين : لفخر الدين بن محمّد بن عليّ الأسدي الطريحي ، النجف.

١٣٧. مجمع الزوائد : لعليّ بن أبي بكر الهيثمي ، دار الفكر.

١٣٨. محاسن الاصطلاح : للبلقيني ، دار الكتب العلمية.

١٣٩. مختصر زوائد البزّار : لأحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني ، مؤسّسة الكتب الثقافية.

١٤٠. مدارك الأحكام : لمحمّد بن عليّ الموسوي العاملي ، آل البيت.

١٤١. مسالك الافهام : لزين الدين بن عليّ العاملي المعروف بالشهيد الثاني ، المعارف.

١٤٢. مستدرك الحاكم : لمحمّد بن عبد الله الحاكم النيسابوري ، دار الكتب العلمية.

١٤٣. مستدرك الوسائل : للميرزا حسين النوري الطبرسي ، آل البيت.

١٤٤. مستدرك سفينة البحار : لعليّ النمازي الشاهرودي ، جامعة المدرسين.

١٤٥. مسند ابن راهويه : لإسحاق بن راهويه ، مكتبة الإيمان.

١٤٦. مسند البزّار (البحر الزخّار) : البزّار ، مكتبة العلوم ـ المدينة.


١٤٧. مسند الحميدي : لعبد الله بن الزبير القرشي ، دار السقاء.

١٤٨. مسند الشاميين : لسليمان بن أحمد الطبراني ، الرسالة.

١٤٩. مسند الطيالسي : لأبي داود الطيالسي ، دار المعرفة.

١٥٠. مسند أبي يعلى : لأحمد بن المثنّى الموصلي ، دار الثقافة العربية.

١٥١. مسند أحمد بن حنبل : للإمام أحمد بن حنبل ، دار الفكر.

١٥٢. مشكل الآثار : لأحمد بن محمّد بن سلامة الطحاوي ، دار صادر.

١٥٣. مصابيح السنّة : للحسين بن مسعود البغوي ، دار الكتب العلمية.

١٥٤. مصباح المتهجّد : للشيخ محمّد بن الحسن الطوسي ، مؤسّسة الفقه ـ بيروت.

١٥٥. مصنّف ابن أبي شيبة : لمحمّد بن عبد الله بن أبي شيبة العبسي الكوفي ، دار الفكر.

١٥٦. مصنّف عبد الرزاق : لعبد الرزاق بن همام الصنعاني ، المجلس العلمي.

١٥٧. معالم التنزيل : للحسين بن مسعود البغوي ، دار الفكر.

١٥٨. معجم الشيوخ : لمحمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، دار الصديق.

١٥٩. معجم المؤلّفين : لعمر رضا كحالة ، دار إحياء التراث.

١٦٠. معرفة الثقات : للعجلي ، الرياض.

١٦١. مقاتل الطالبيّين : لأبي الفرج الأصفهاني ، دار الكتاب ـ قم.

١٦٢. مناقب ابن المغازلي : لعلي بن محمّد المعروف بابن المغازلي ، دار الأضواء.

١٦٣. مناقب آل أبي طالب : لمحمّد بن علي بن شهرآشوب ، الطبعة الأولى.

١٦٤. مناقب ابن مردويه : لأحمد بن موسى بن مردويه الأصفهاني ، دار الحديث.

١٦٥. مناقب الخوارزمي : لموفّق بن أحمد الخوارزمي ، جامعة المدرسين.

١٦٦. موارد الظمآن : لعليّ بن أبي بكر الهيثمي ، دار الكتب العلمية.

١٦٧. ميزان الاعتدال : لمحمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، دار الكتب ـ الحلبي.

١٦٨. نصب الراية : لعبد الله بن يوسف الزيلعي ، دار الكتب العلمية.

١٦٩. نظم المتناثر في الحديث المتواتر : للكتاني ، دار الكتب العلمية.


١٧٠. نور الأبصار في مناقب آل بيت النّبي المختار لمؤمن بن حسن بن مؤمن الشبلنجي ، دار الفكر.

١٧١. نهج الإيمان : لعليّ بن يوسف بن جبير ، مشهد.

١٧٢. وسائل الشيعة : للحرّ العاملي ، آل البيت.

١٧٣. هدية العارفين : لاسماعيل بن محمّد أمين الباباني البغدادي ، الطبعة الأولى.

١٧٤. ينابيع المودّة : لسليمان بن إبراهيم بن محمّد الحسيني البلخي القندوزي.



فهرس الموضوعات

المقدّمة....................................................................... ٥

كلمة المحقّق................................................................. ١١

المؤلّف في سطور.......................................................... ١١

نسبة الكتاب للقلقشندي.................................................. ١٢

منهج التحقيق............................................................ ١٣

مقدّمة المؤلّف............................................................... ١٥

الباب الأوّل

في ولادتها ، وتسميتها ، ومحبّته صلى‌الله‌عليه‌وآله لها....................................... ١٧

في ولادتها وتسميتها.......................................................... ١٩

في ولادتها................................................................ ١٩

بم سمّاها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وما سرّ هذه التسمية..................................... ٢١

لم سمّيت بالزهراء.......................................................... ٢١

لم لقّبت بالبتول........................................................... ٢٢

بم كنّيت................................................................. ٢٢


بطلان بعض الروايات الخاصّة بالتسمية....................................... ٢٣

منزلتها ومحبّته صلى‌الله‌عليه‌وآله لها ومتعلّقات ذلك.......................................... ٢٥

فصل.................................................................... ٢٥

هل بين الأحاديث تعارض ، وكيف نوفّق بينها لو كان......................... ٢٦

سيدة نساء هذه الأمة...................................................... ٢٨

أحبّ الأهل.............................................................. ٢٩

شهادة عائشة لها.......................................................... ٢٩

منزلتها هي وزوجها عند الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله........................................ ٣٠

أيّهما الأحبّ وأيّهما الأعزّ................................................. ٣٠

نجاتها هي وولدها.......................................................... ٣١

الباب الثاني

في تزويجها بعلي عليه‌السلام وجهازها................................................ ٣٣

في تزويجها بعلي عليه‌السلام وجهازها................................................. ٣٥

زواج الطاهرة وتزويجها بعلي عليه‌السلام............................................ ٣٥

تزويجها بأمر الله تعالى...................................................... ٣٦

هل هناك تعارض بين الأحاديث............................................ ٤٣

الباب الثالث

في فضائلها ، وبناء المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله عليها....................................... ٥٧

فضائلها.................................................................... ٥٩

الحديث الأول............................................................ ٥٩

الحكم في من يسبّها....................................................... ٦٠

الحديث الثاني............................................................. ٦١


الحديث الثالث........................................................... ٦١

الحديث الرابع............................................................. ٦٢

الحديث الخامس........................................................... ٦٢

الحديث السادس.......................................................... ٦٢

الحديث السابع........................................................... ٦٣

الحديث الثامن............................................................ ٦٤

الحديث التاسع........................................................... ٦٤

الحديث العاشر........................................................... ٦٥

الحديث الحادي عشر...................................................... ٦٥

الحديث الثاني عشر....................................................... ٦٦

الحديث الثالث عشر...................................................... ٦٦

الحديث الرابع عشر....................................................... ٦٦

الحديث الخامس عشر..................................................... ٧٣

الحديث السادس عشر..................................................... ٧٤

الحديث السابع عشر...................................................... ٧٤

الحديث الثامن عشر....................................................... ٧٤

الحديث التاسع عشر...................................................... ٧٥

الحديث العشرون.......................................................... ٧٥

الحديث الحادي والعشرون.................................................. ٧٥

الحديث الثاني والعشرون.................................................... ٧٥

الحديث الثالث والعشرون.................................................. ٧٦

الحديث الرابع والعشرون.................................................... ٧٦

الحديث الخامس والعشرون.................................................. ٧٧

الحديث السادس والعشرون................................................. ٧٧


الحديث السابع والعشرون.................................................. ٧٩

الحديث الثامن والعشرون................................................... ٨٠

الحديث التاسع والعشرون.................................................. ٨٠

الحديث الثلاثون.......................................................... ٨١

الحديث الحادي والثلاثون.................................................. ٨٢

الحديث الثاني والثلاثون.................................................... ٨٢

الحديث الثالث والثلاثون................................................... ٨٣

الحديث الرابع والثلاثون.................................................... ٨٣

الحديث الخامس والثلاثون.................................................. ٨٤

الحديث السادس والثلاثون................................................. ٨٤

الحديث السابع والثلاثون................................................... ٨٥

الحديث الثامن والثلاثون................................................... ٨٦

الحديث التاسع والثلاثون................................................... ٨٦

الحديث الأربعون.......................................................... ٨٧

الحديث الحادي والأربعون.................................................. ٨٧

الحديث الثاني والأربعون.................................................... ٨٧

الحديث الثالث والأربعون................................................... ٨٨

الحديث الرابع والأربعون.................................................... ٨٨

الحديث الخامس والأربعون.................................................. ٨٨

الحديث السادس والأربعون................................................. ٨٩

الحديث السابع والأربعون................................................... ٨٩

الحديث الثامن والأربعون................................................... ٩٠

الحديث التاسع والأربعون................................................... ٩٠

الحديث الخمسون......................................................... ٩١


الباب الرابع

في خصائصها ومزاياها على غيرها............................................... ٩٣

في خصائصها ومزاياها........................................................ ٩٥

الأولى : أنّها أفضل هذه الأمة ، كما يصرّح به ما مرّ........................... ٩٥

مناقشة قول ابن القيّم...................................................... ٩٨

الثانية : أنّه يحرم التزويج عليها والجمع بينها وبين ضرّة........................ ١٠٦

الثالثة : أنّها كانت لا تحيض أبدا.......................................... ١٠٧

الرابعة : أنّها كانت لا تجوع............................................... ١٠٩

الخامسة : إنّها لم تغسّل بعد الموت ، وإنّها غسّلت نفسها...................... ١١١

السادسة : هي أوّل من غطّي نعشها في الإسلام............................. ١١٧

السابعة : انقراض نسب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا من فاطمة....................... ١١٧

الباب الخامس

في ما روته من الأخبار وأنشأته من الأشعار.................................... ١١٩

روايتها للحديث............................................................ ١٢١

(١) حديث المسارّة المارّ.................................................. ١٢١

(٢) حديث القول عند دخول المسجد..................................... ١٢١

(٣) حديث : ألا لا يلومنّ امرؤ نفسه يبيت وفي يده ريح غمر................ ١٢٢

(٤) حديث ترك الوضوء ممّا مسّته النار..................................... ١٢٢

(٥) حديث ساعة الإجابة يوم الجمعة ، وأنّها إذا تدلّت الشمس............... ١٢٢

(٦) أخرج أحمد عن محمّد بن علي قال..................................... ١٢٣

(٧) ما أخرج الطبراني عن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله....................... ١٢٣

(٨) ما أخرج عن أبي مليكة.............................................. ١٢٣


(٩) ما أخرج الدارمي عن أنس............................................ ١٢٣

فصل

ما ينسب إليها من الشعر................................................. ١٢٥

الفهارس.................................................................... ١٣٣

فهرس مصادر الكتاب................................................... ١٣٥

فهرس الموضوعات....................................................... ١٤٥

إتحاف السائل

المؤلف:
الصفحات: 150