


مقدمة موسوعة زيارة
عاشوراء
بسم الله الرحمن
الرحيم
وصلى الله على محمد
وآله الطاهرين
واللعن الدائم على
أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين
منذ أن بزغ نور هذا الدين وهو مرتبط
ارتباطاً وثيقاً بالحسين عليه السلام ، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وآله يشيّد
به عليه السلام في كثير من المواقف ، منذ أن كان الحسين عليه السلام وليداً إلى
يوم رحيل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله عن هذه الدنيا ، فتراه يرثيه باكياً في
يوم ولادته أمام جمع من المسلمين ، ويرثيه في يوم رحيله وهو على فراش المرض ، وما
بين هاتين المرحلتين الكثير من المواقف التي صدرت منه صلى الله عليه وآله في شأن
الحسين عليه السلام ، والتي لسنا بصدد تتبعها في هذه المقدِّمة ، وكان من أهمّها
مقولة رسول الله صلى الله عليه وآله المشهورة «حسينٌ مني وأنا من حسين أحبّ الله من
أحبّ حسيناً» هذه المقولة التي
تكشف بجلاء ما للحسين عليه السلام من مقام شامخ مرتبط بهذا الدين كما هو مقام رسول
الله صلى الله عليه وآله ، فكيف لنا في هذه العجالة أن نحيط بمقامات الحسين عليه
السلام الذي هو من رسول الله ورسول الله منه؟ كيف لنا أن نحيط بأسرار الحسين
وأبعاده وهو بهذه المنزلة العظيمة الشامخة؟
إلّا أنّه هناك بعد ومقام خاص يربطنا
بالحسين عليه السلام ألا وهو بعد الزيارة ،
هذا البعد الذي أكدت
عليه النصوص الكثيرة الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام ، بل قد لا
تجد أحداً من المعصومين تم التأكيد على زيارته كما حصل لزيارة الحسين عليه السلام
، فدونك ما دون في شأن زيارته عليه السلام في كتب الأدعية والزيارات وفي الكتب
المطولات ، فإنّه ممّا لا يحصى كثرة ولا يسع المجال تتبعاً ، ولا نظن أن يخفى هذا
البعد على طالب صغير فضلاً عن غيره.
فلا تكاد ترى مناسبة مهمّة إلا وتجد
لزيارته عليه السلام موقعاً أساسياً في أعمال تلك المناسبة ، فها هي مناسبة ليالي
القدر وليالي العيدين ، وقد احتلت زيارته عليه السلام فيها الموقع المهم ، ومثلها
زيارته عليه السلام يوم عرفة ، وكذلك زيارته عليه السلام في النصف من شهر شعبان ، وزيارته
عليه السلام في النصف من شهر رجب ، وكذلك زيارته في يوم الأربعين ، وغيرها الكثير
فضلاً عن الزيارات المطلقة.
والأهم من بين هذه الزيارات زيارته في
يوم شهادته عليه السلام ، يوم قارع الظلم وفدى هذا الدين بأغلى ما يملك وهو نفسه
الزكية الطاهرة ، حيث جاد بنفسه وأهل بيته وأصحابه قتلاً ونسائه وعائلته سبياً
وتشريداً يُطافُ بهنّ من بلد إلى بلد ، وهن حرائر بيت الوحي وذرية رسول الله صلى
الله عليه وآله ، كل ذلك كان بعين الله ومشيئته سبحانه تقدّست آلاؤه ، وقد أفصح
عليه السلام من ذلك عندما سئل عن السبب في أخذه لعائلته ونسائه ، فقال : «شاء الله
أن
يراني قتيلاً وأن يرى النساء سباياً»
، هذا اليوم الذي تجسدت فيه روح الفداء لهذا الدين بأسمى معانيها وفي المقابل
تجسدت فيه روح الظلم والعدوان بأبشع صورها ، فكان حقّ للحسين عليه السلام أن يزار
في هذا اليوم بزيارة تتناسب مع هذه المعاني المتجسدة في ذلك اليوم ، وهذا عينه ما
حصل من أئمة الهدى عليهم السلام ، حيث رويت زيارته عليه السلام في يوم عاشوراء
بطرق متعددة عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام ، هذه الزيارة التي جسّدت
الولاء الحقيقي للحسين عليه السلام ، والذي هو بدوره جسّد روح الولاء والتضحية
لهذا الدين ، كما أكّدت هذه الزيارة على البراءة الحقيقية من أعدائه وأعداء أهل
البيت عليهم السلام ، أعداؤهم الذين جسّدوا روح العداء والظلم بأبشع الصور
وأشنعها.
هذه الزيارة التي ما فتئ علماؤنا (رضوان
الله عليهم) يترنمون بها ، وجعلها ورداً خاصاً يلتزمون به في أيام حياتهم ، ولم
يكن ذلك الالتزام منهم إلّا تمسكاً بكلام الأئمة عليهم السلام ، فإن هذا عينه ما
نصّ عليه الإمام الباقر عليه السلام لعلقمة بن محمد ، حيث قال له : «وإن استطعت أن تزوره
في كل يوم بهذه الزيارة في دارك فافعل فلك ثواب ذلك
...».
كما أنّه قلّما تجد كتاباً مدوّناً لجمع
الأدعية والزيارات إلّا وهذه الزيارة في صدارة زياراته عليه السلام ، فدونك ما
سطّره أعلام الطائفة من القرن الثالث والرابع الهجري إلى يومنا هذا ، حيث إنّ أول
مصدر لهذه الزيارة من بين
الكتب الواصلة إلينا
هو كتاب (كامل الزيارات) للشيخ جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله (ت ٣٦٨ هـ ق) وكتاب
(مصباح المتهجد وسلاح المتعبد) لشيخ الطائفة الشيخ محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله
(ت ٤٦٠ هـ ق) ، فإنّ ظاهر من جاء بعدهما أخذ رواية الزيارة منهما.
إلّا أنّه ولما تشتمل عليه هذه الزيارة
المباركة من إظهارٍ للبراءة ـ تصريحاً وتلويحاً ـ ممّن تجب البراءة منه مرّت بظروف
قاسية ، كان من أبرزها اختلاف النسخ ، وبرز ذلك بالخصوص في مصدرها الثاني ـ أعني (مصباح
المتهجد وسلاح المتعبد) ـ فتجد بعض نسخه مشتملة على بعض الفقرات وبعضها الآخر غير
مشتمل! ومن لاحظ وتتبع الظروف التي مرَّ بها الشيعة وبالخصوص شيخ الطائفة رحمه
الله وما لاقاه من الويلات وفتن ظهرت في زمانه ، وفي بغداد بالخصوص يدرك ما حصل في
كتبه رحمه الله من اختلاف النسخ وبالأخص فيما يرتبط بزيارة عاشوراء ، ولا نريد أن
نخوض هنا بحثاً تأريخياً حول تلك الظروف المشوبة بالخوف والحذر والتقية ، فهي بدرجة
من الوضوح لمن له أدنى تتبع للتأريخ.
ولكن مع ذلك كلّه إذا رجعنا إلى نسخ
الكتاب (مصباح المتهد وسلاح المتعبد) يتّضح لنا جلياً أنّ هذه الزيارة المباركة
حصل فيها حذف ، أو طمس لبعض مقاطعها ، في بعض النسخ ـ وهل الأقل ـ وذلك للظرف
الخاص الذي عاشه الشيعة في تلك الأزمنة ـ أعني التقية والخوف ـ حيث إنّ كثيراً من
نسخ الكتاب ممّا وقع في حوزتنا مشتمل على فقرات لم
تكن موجودة في بعض
النسخ ، أو هي مطموسة ، فإذا لاحظنا الظرف المتقدِّم ذره ، ولاحظنا الفقرات التي
وقع لها الحذف ، أو الطمس ، ولاحظنا النسخ المشتملة على تلك الفقرات ، يتّضح جلياً
أنّ ذلك وقع لظرف خاص ، وهو ممّا لا يكاد يخفى على من له أدنى تتبع وتدقيق.
أمّا ما يرتبط بنسخ كتاب (مصباح المتهجد
وسلاح المتعبد) ، فهناك عدد كبير من السخ لهذا الكتاب المبارك منتشرة في المكتبات
العامّة والخاصة ، والذي يميّز بعض هذه النسخ وجود مقابلة لها مع نسخ متقدِّمة
عليها ، بل قد تصل المقابلة في بعض النسخ إلى نسخة المصنف ، وهذا في حدِّ ذاته
يعطي النسخة التي تمّت مقابلتها قيمة تراثية كبيرة ، ويتامل معها كما لو كانت بخط
المصنف ، وخصوصاً إذا كان المقابل لها أحد علمائنا المعروفين.
ولا يخفى أنّ الكلام عن نسخ المصباح
يرتبط بالمصباح الكبير ، والمصباح الصغير وهو (مختصر المصباح) ، وكلاهما من تأليف
شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله ، لفرض أنّ الشيخ ذكر الزيارة في كلا
الكتابين ، واختلاف النسخ وقع في كليهما.
ولقد تمَّ التعرض باختصار لبحث اختلاف
نسخ المصباح في الكتاب الذي صدر تحت إشراف مكتب أية الله العظمى ميرزا التبريزي (قدس
الله تربته الطاهرة) (زيارة
عاشوراء فوق الشبهات).
كما تمَّ التعرض لذلك بشكل مفصّل في
كتاب (المداخلات
الكاملة في
رد
مدعي التزوير على زيارة عاشوراء المتداولة)
الذي كان ردّاً على مزاعم مدعي التزوير في الزيارة المباركة.
عود على بدء
هذه الزيارة المباركة واجهت مزايدات
كبيرة ممّن ينتسبون لهذا المذهب الحقّ ، وحصل في الآونة الأخيرة هجوم عنيف من
البعض على هذه الزيارة المباركة ، وكلّ ذلك كان بسبب اشتمالها على أمور مرتبطة
بالعقيدة الحقّة ، وفي خصوص مسألة الولاية والبراءة لمن وممّن تجب الولاية له
والبراءة منه ، حيث إنّ هذا الأمر يثير حفائظ الطرف الآخر ، ولا ينسجم مع التقارب
المطروح الذي يروّج له نفرٌ ، حتى لو كان على حساب عقائدنا الثابتة ، وهذا ممّا
يؤسف له كثيراً ...
وهذا ما دفعنا للبحث والمتابعة لهذه
الزيارة المباركة ، دفاعاً وتوضيحاً لعقائدنا وثوابتنا ، التي لا نقبل المزايدة
عليها بأي وجه من الوجوه.
فبدأنا بعون الله وتوفيقه في البحث عن
نسخ مصباح المتهجد وكتب أخرى ترتبط بالزيارة المباركة ، فحصلنا في هذه الصدد على
عدد كبير من النسخ ، وقد تقدَّمت الإشارة إلى ذلك فلا نعيد.
وفي الضمن وقع في حوزتنا مجموعة من
الشروح للزيارة المباركة ، كان من بينها الشرح الذي بين أيدينا (شرح زيارة عاشوراء)
للمولى الميرزا عبد الرسول النوري ، وما ألفت نظرنا أن جلَّ هذه الشروح مخطوطات
محفوظة في مكتبات
عامّة ، أو خاصّة لم يُطّلع عليها الكثير من القراء ، وهذا ما زاد من عزمنا
وتصميمنا على الشروع في هذه الموسوعة القيمة لإخراج شروح هذه الزيارة المباركة
وإيصالها إلى القراء ، ليتبين للمنصفين أنّ هذه الزيارة كانت محط أنظار كبار علماء
الطائفة ومحققيهم.
وقد بدأنا بحمد الله بإخراج الشّرح
الأوّل والثاني في مجلدين ، حيث كان الأوّل (رسالة في بيان كيفية زيارة عاشوراء)
للمحقق المدَقَّق علّامة زمانه أبي المعالي الكلباسي ، والثاني (الكنز المخفي)
لآية الله العظمى العلّامة الكبير الشّيخ عبد النبي العراقي ، وما بين أيدينا هو
الشرح الثالث للزيارة المباركة.
وفي الختام نتقدَّم بالشكر الجزيل
لأخينا العزيز وسيّدنا الجليل سماحة السيّد حسن الموسوي الدُّرَازي (حفظه الله
تعالى وسدّد خطاه) على ما قام به من عمل تحقيقي لهذا الكتاب ، حيث أخرجه من حلّة
بالية إلى ثوب أنيق جديد ، وأضفى عليه رونقاً جميلاً بضبطه لمتنه وتخريجه لمصادره
، وغير ذلك من أعمال علميّة وفنيّة ، فجزاه الله خير جزاء المحسنين ، ونسأل الله
له دوام التوفيق ، ولكلّ من مدَّ يد العون وساهم في إنجاح هذا المشروع ، ونخصّ
بالذكر مكتب أية الله العظمى الميرزا جواد التبريزي (قدس الله تربته الطاهرة) على
ما قدَّمه ويقدِّمه لإنجاح هذا المشروع ، وكذلك نشيد بالمكتبات العامّة التي
تعاونت معنا في الحصول على بعض المخطوطات ، ونخصّ من بينها مكتبة أية الله العظمى
المرعشي النجفي قدس سره ، وكذلك
الإخوة الذي بذلوا
جهوداً تحقيقية في إخراج وتحقيق بعض الشروح ، ونخصّ بالذكر من بينهم الأخ العزيز
سماحة الشيخ إسماعيل الگلداري البحراني (حفظه الله تعالى).
لفت نظر
بدأ العمل في هذه الموسوعة الميمونة ضمن
أعمال فردية حتى صدر منها الجزء الأول والثاني ، ثم تبنى مركز الزهراء الإسلامي
إكمال هذه الموسوعة ، وهذا الجزء الذي بين أيدينا تحت إشراف المركز.
نسأل الله سبحانه وتعالى ـ بحقِّ
الحُسينِ عليه السلام ـ أن يعيننا ويسدد خطانا لإكمال هذا المشروع الحسيني المبارك
، وأن يجعل نياتنا خالصة لوجهه الكريم ، إنه خير ناصر ومعين.
|
مركز الزهراء
الإسلامي
قم المقدسة
غرة محرم الحرام
١٤٣٠ هـ
|
عمل المحقق في الكتاب
١ ـ اعتمدت في تحقيق الكتاب على الطبعة
الحجرية المطبوعة سنة ١٣٢١ هـ في حياة المؤلف قدس سره وهذه الطبعة مصححة من المؤلف
قدس سره على يد ولده علي بن عبد الرسول كما يظهر من خاتمة المطبوعة ، وقد حصل
الفراغ من تصحيحها في ١٨ من شوال سنة ١٣٢١ هـ ، ورمزت لها بـ «الأصل» ، وقد أتحفنا
بهذه النسخة النادرة الشيخ إسماعيل الگلداري البحراني.
٢ ـ ضبطت الآيات الكريمة برسم المصحف
وميزتها بقوسين مزهرتين (
)
ووضعت بجنبها اسم السورة ورقم الآية بين معقوفين [ ].
٣ ـ ضبطت الأحاديث الشريفة بالشكل
الكامل ، وميزتها بالقلم الأسود ، وخرّجت مصادرها إلى جنب المصدر الذي ذكره المؤلف
في الحاشية ، وقد اعتمد في ذلك على المصادر الروائية المتوفرة بين يدي.
٤ ـ قابلت نص الزيارة الشريفة ودعاء
علقمة على (مصباح المتهجد) للشيخ الطوسي رضي الله عنه كونه المصدر الذي أشار إليه
المؤلف ، وعلى (مصباح الزائر) للسيد ابن طاووس رضي الله عنه لأن السيد أشار أنه
نقل نص الزيارة عن نسخة بخط الشيخ الطوسي رضي الله عنه ، وعلى البحار لكون المؤلف
قد أشار إلى نقله منه أيضاً ، وقد أثبت جميع الفروقات بين هذه الكتب ، وقد أشار
المؤلف قدس سره إلى بعض اختلافات النُسخ الزيارة من دون الإشارة إلى اسم
النسخة ، وقد أثبت
جميع هذه الإشارات ، فما كان منها موافقاً للكتب الثلاثة المذكورة آنفاً أتبعتها ب
ـ «قدس سره» ، وما لم يوجد في هذه الكتب أتبعته ب ـ «منه قدس سره».
٥ ـ قابلت النصوص التي نقلها المؤلف
رحمه الله على المصادر التي نقل منها ، وصححت ما فيها من تصحيف وأشرت إلى ذلك في
الهامش ، وأضفت ما كان ساقطاً من الأصل بين معقوفين [ ].
٦ ـ وضعت عناوين مناسبة لكل فصل جديد
وجعلتها بين معقوفين [ ].
٧ ـ أثبت جميع حواشي المؤلف قدس سره في
هامش الكتاب وأتبعتها ب ـ «منه قدس سره».
٨ ـ عرّفتُ بجميع الأعلام والكتب
الواردة في متن الكتاب وذلك بالاعتماد على كتب التراجم والرجال وفهارس المؤلفات.
٩ ـ عملت فهرساً للأعلام المترجم لهم في
نهاية الكتاب ، وجعلت قائمة للمصادر التي اعتمدت عليها في تحقيق الكتاب.
|
وَكَتَبَ
حَسْنُ بْنُ
عَلَويّ الموسوي الدُّرَازي
غُرَّةُ ذِي
الحِجّة سنة ١٤٢٩ ه ـ
الدُّرَاز ـ البحرين
|
ترجمة المؤلف
الشيخ عبد الرسول المازندراني
الفيروزكوهي الطهراني (ت ١٣٢٥ ه ـ) ، أحد فقهاء الإمامية الأعلام ، كان من سكنة
طهران ومن علمائها البارزين.
تتلمذ على عدد من الأساتذة منهم الفقيه
محمد حسن بن جعفر الآشتياني الطهراني ، حتى نال درجة سامية في العلوم الشرعية ، وتصدى
لمسؤولياته الإسلامية.
وله مؤلفات عديدة ، جميعها مطبوعة ، وهي
:
١ ـ رسالة في تكليف الكفار بالقضاء مع
سقوطه عنهم بالإسلام.
٢ ـ رسالة في حكم الوضوء قبل الوقت.
٣ ـ رسالة الشطرنجية ، طبعت سنة ١٣٢٠ ، وترجمها
إلى الفارسية ولده الشيخ علي بن عبد الرسول.
٤ ـ رسالة في العقد على الصغيرة.
٥ ـ رسالة في اشتراط القربة في العبادة
تمسكاً بآية البينة.
٦ ـ رسالة في الأواني.
٧ ـ حواشي على روض الجنان في شرح إرشاد
الأذهان في الفقه للشهيد الثاني.
٨ ـ حاشية على أسرار الصلاة للشهيد
الثاني.
٩ ـ شرح زيارة عاشوراء.
١٠ ـ إنشاء الصلوات على إمام العصر عليه
السلام.
راجع : موسوعة طبقات الفقهاء ، ج ١٤ ، ٣٤٥
/ ٤٦٢٥
أعيان الشيعة ، السيد محسن الأمين ، ج ٨
، ص ١٠.
[الزيارة برواية
المصباح]
قال (الشَّيْخُ)
قدس سره في (مِصْبَاحِ المُتهَجِّدِ)
: رَوَى (مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ بَزِيعٍ)
، عَنْ (صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ)
، عَنْ (أَبِيهِ)
، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام
__________________
قَالَ : «مَنْ زَارَ
الحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليهما السلام فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنَ المُحَرَّمِ
حَتَّى يَظَلَّ عِنْدَهُ بَاكِياً ، لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ
يَلْقِاهُ بِثَوَبِ ألْفَيْ حَجَّةٍ ، وَأَلْفَيْ عُمْرَةٍ ، وَأَلْفَيْ غَزْوَةٍ
، [وَ]
ثَوَابُ كُلِّ حَجَةٍ وَعُمْرَةٍ وَغَزْوَةٍ
كَثَوَابِ مَنْ حَجَّ وَاعْتَمَرَ وَغَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله
وسلم وَمَعَ الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِين عليهم السلام».
قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فَمَا
لَمِنْ كَانَ فِي بَعِيْدِ الْبِلَادِ وَأَقَاصِيهَا
، وَلَمْ يُمْكِنْهُ المَصِيرُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكّ الْيَوْمِ؟
قَالَ : «إِذَا كَانَ كَذَلِكَ بَرَزَ
إِلَى الصَّحْرَاءِ أَوْ صَعِدَ سَطْحاً مُرْتَفِعاً ، فِي دَارِهِ ، وَأَوْمَأَ
إِلَيْهِ بِالسَّلَامَ ، وَاجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ عَلَى قَاتِلِيْهِ
، وَصَلَّء مِنْ بَعْدُ رَكْعَتَيْنِ ، وِلْيَكُنْ ذَل~كّ فِي صَدْرِ النَّهَارِ
قَبْلَ أّنْ تَزْولَ الشَّمْسُ ، ثُمَّ لْيَنْدُبِ الحُسَيْنَ عليه السلام
وَيَبْكِيهِ وَيَأْمُرُ مَنْ فِي دَارِهِ مِمَّنْ لَا يَتَقِيهِ بِالْبُكَاءِ
عَلَيْهِ ، وَيُقِيمُ فِي دَارِهِ المُصِيْبََ بِإِظْهَارِ الجَزَعِ عَلَيْهِ ، وَليُعَزِّ
[فِيهَا]
بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِمُصَابِهِمْ بِالحُسَيْنِ عليه السلام ، وَأَنَا الضَّامِنُ
لهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ جَمِيعَ ذَلِكَ».
قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، أَنْتَ
الضَّامِنُ ذَلِكَ لَهُمْ وَالزَّعِيمُ؟
قَالَ : «أَنَا الضَّامِنُ وَأَنَا
الزَّعِيمُ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِك».
__________________
قَالَ : قُلْتُ : وَكَيْفَ
يُعَزِّي بَعْضُنَا بَعْضاً؟
قَالَ : «تَقُولُونَ : أَعْظَمَ اللهُ
أُجُورَنَا بِمُصَبِنَا بِالحُسَيْنِ عليه السلام ، وَجَعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنَ
الطَّالِبِينَ بِثَأْرِهِ مَعَ وَلِيِّهِ الإِمَامِ المَهْدِيِّ مِنْ آلِ
مُحَمَّدٍ عليهم السلام ، وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَنْتَشِرَ يَوْمَكَ فِي
حَاجَةٍ فَافْعَلْ ، فَأِنَهُ يَوْمٌ نَحْسٌ لَا تُقْضَى فِيهِ حَاجَةُ مُؤْمِنٍ ،
وَإِنْ
قُضِيَتْ لَمْ يُبَارَكْ [لَهُ فِيهَا]
وَلَمْ يَرَ [فِيهَا]
رُشْداً ، وَلَا يَدَّخِرَنَّأَحَدُكُمْ لِمَنْزِلِهِ فِيْهِ شَيْئاً ، فَمَنِ
ادَّخَرَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ شَيْئاً لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيمَا ادَّخَرَ
، وَلَمْ يُبَارَكُ لَهُ فِي أَهْلِهِ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ كَتَبَ اللهُ [تَعَالىَ]
لهُمْ [أَجْرَ وَ]
ثَوَابِ أَلْفِ عُمْرَةٍ ، وَأَلْفِ غَزْوَةٍ كُلُّهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى
الله عليه وآله ، وَكَانَ لهُمْ
أَجْرُ
وَثَوَابُ مُصِيبَةِ كُلِّ نَبِيٍّ وَرَسُولٍ [وَوصِيَّ]
وَصِدِّيقٍ وَشَهِيدٍ مَاتَ أَوْ قُتِلَ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ الدُّنْيَا إِلَى
أَنْ تَقُومَ السَاعَة».
قَالَ (صَالِحُ بْنُ عُقْبَةَ) ، وَ (سَيْفُ
بْنُ عَمِيرَةَ)
: قَالَ (عَلْقَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ
__________________
الحَضْرَمِيُّ)
: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام : عَلَّمْنِي دُعَاءً أّدْعُو بِهِ [فَي]
ذَلِكَ الْيَوْمِ إِذَا أَنّا زُرْتُهُ مِنْ قُرْبٍ ، وَدُعَاءً أَدْعُو بِهِ
إِذَا لَمْ أَزُرءهُ مِنْ قُرْبٍ وَأَوْمَأءتُ مِنْ بُعْدِ الْبِلَادِ وَمِنْ دَارِي
بِالسَّلَامِ
إِلِيهِ.
قَالَ : فَقَالَ لِي : «يَا عَلْقَمَةُ
، إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ تُومِئَ إِلَيْهِ
بِالسَّلَامِ ، فَقُلْ عِنْدَ
الْإِيمَاءِ إِلَيْهِ مِنْ بَعْدِ التَّكْبِيرِ هَذَا الْقَوْلَ ، فَإِنَّكَ إِذَا
قُلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ دَعَوْتَ بِمَا يَدْعُو بِهِ زُوَّارَهُ مِنَ المَلَائِكَةِ
، وَكَتَبَ اللهُ لَكَ مِائَةَ أَلْفِ أَلْفِ دَرَجَةٍ
، وَكُنْتَ كَمَنِ اسْتًشْهِدَ مَعَ الحُسَيْنِ عليه السلام حَتَى تُشَارِكَهُمْ
فِي دَرَجَاتِهِمْ
، [وَ]
لَا تُعْرَفُ إِلَّا فِي الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ اسْتُشْهِدُوا مَعَهُ ، وَكُتِبَ
لَكَ ثَوَابُ زِيَارَةِ كُلِّ نَبِيٍّ وَكُلِّ رَسُولٍ وَزِيَارَةِ كُلِّ مَنْ
زَارَ الحُسَيْنَ عليه السلام مُنْذُ [يَوْمَ]
قُتِلَ عليه السلام [وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ] ».
تَقُول : اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِ
اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ
__________________
اللهِ
، [السَّلامُ عَلَيكَ يا خِيَرَةِ اللهِ وابْنَ خَيرَتِهِ]
، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ
يَا بْنَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَابْنَ سَيِّدِ الْوَصِيّينَ ، اَلسَّلامُ
عَلَيْكَ يَا بْنَ فاطِمَةَ [الزَهْرَاءِ]
سَيِّدَةِ نِساءِ
الْعالَمينَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ اللهِ وَابْنَ ثارِهِ
، وَالْوِتْرَ
الْمَوْتُورَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى الأرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ
، عَلَيْكُمْ مِنّي جَميعاً
سَلامُ
اللهِ اَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِىَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ.
يا
أَبا عَبْدِ اللهِ لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ ، وَجَلَّتْ [وَعَظُمَتِ]
الْمُصيبَةُ بِكَ
عَلَيْنا وَعَلى جَميعِ اَهْلِ الإسْلامِ ، وَجَلَّتْ وَعَظُمَتْ مُصيبَتُكَ فِي
السَّماواتِ عَلى جَميعِ اَهْلِ السَّماواتِ ، فَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً اَسَّسَتْ اَساسَ
الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ عَلَيْكُمْ اَهْلَ الْبَيْتِ ، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً
دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقامِكُمْ وَاَزالَتْكُمْ عَنْ مَراتِبِكُمُ الَّتي
رَتَّبَكُمُ اللهُ فيها ، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكُمْ ، وَلَعَنَ اللهُ
الْمُمَهِّدينَ لَهُمْ بِالَّتمْكينِ مِنْ قِتالِكُمْ ، بَرِئْتُ اِلَى اللهِ
وَاِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَمِنْ اَشْياعِهِمْ وَاَتْباعِهِمْ وَاَوْلِيائِهِم.
__________________
يَا
أَبا عَبْدِ اللهِ ، إِنّي
سِلْمٌ لِمَنْ
سالَمَكُمْ ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ اِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ، وَلَعَنَ
اللهُ آلَ زِياد وَآلَ مَرْوانَ ، وَلَعَنَ اللهُ بَني اُمَيَّةَ قاطِبَةً ، وَلَعَنَ
اللهُ ابْنَ مَرْجانَةَ ، وَلَعَنَ اللهُ عُمَرَ بْنَ سَعْد ، [وَلَعَنَ اللهُ
يَزِيْدَ]
، وَلَعَنَ
اللهُ شِمْراً ، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً اَسْرَجَتْ وَاَلْجَمَتْ وَتَنَقَّبَتْ [وَتَهَيَّأَتْ]
لِقِتالِكَ
، بِاَبي اَنْتَ وَاُمّي لَقَدْ عَظُمَ مُصابي بِكَ فَاَسْأَلُ اللهَ الَّذي
َكْرَمَ مَقامَكَ وَاَكْرَمَني [بِكَ]
اَنْ
يَرْزُقَني طَلَبَ ثارِكَ مَعَ اِمام مَنْصُور مِنْ اَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّد صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، اَللّ ـ هُمَّ اجْعَلْني عِنْدَكَ وَجيهاً بِالْحُسَيْنِ
عَلَيْهِ السَّلامُ فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ.
يا
اَبا عَبْدِ اللهِ اِنّي اَتَقَرَّبُ اِلى اللهِ وَاِلى رَسُولِهِ وَاِلى
اَميرِالْمُؤْمِنينَ وَاِلى فاطِمَةَ وَاِلَى الْحَسَنِ وَاِلَيْكَ بِمُوالاتِكَ ،
وَبِالْبَراءَةِ
مِمَّنْ
قاتَلَكَ ، [وَنَصَبَ لَكَ الْحَرْبَ]
، وَبِالْبَراءَةِ
مِمَّنْ اَسَسَّ اَساسَ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ عَلَيْكُمْ ، وَاَبْرَأُ اِلَى
اللهِ وَاِلى رَسُولِهِ مِمَّنْ
__________________
اَسَسَّ
اَساسَ
ذلِكَ
، وَبَنى عَلَيْهِ بُنْيانَهُ ، وَأَجَرى
ظُلْمِهِ وَجَوْرِهِ
عَلَيْكُمْ وَعلى اَشْياعِكُمْ ، بَرِئْتُ اِلَى اللهِ وَاِلَيْكُمْ مِنْهُمْ.
وَاَتَقَرَّبُ اِلَى اللهِ [وَإِلَى رَسُولِهِ]
ثُمَّ اِلَيْكُمْ
بِمُوالاتِكُمْ وَبِمُوالاةِ
وَلِيِّكُمْ ، وَبِالْبَراءَةِ
مِنْ اَعْدائِكُمْ
وَالنّاصِبينَ لَكُمُ الْحَرْبَ ، وَبِالْبَراءَةِ
مِنْ اَشْياعِهِمْ
وَاَتْباعِهِمْ.
اِنّي
سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ ، وَوَلِىٌّ لِمَنْ
والاكُمْ ، وَعَدُوٌّ لِمَنْ عاداكُمْ ، فَاَسْأَلُ اللهَ الَّذي أكْرَمَني
بِمَعْرِفَتِكُمْ وَمَعْرِفَةِ اَوْلِيائِكُمْ ، أَنْ يَرْزُقَنِى
الْبَراءَةَ مِنْ
اَعْدائِكُمْ وَاَنْ يَجْعَلَني مَعَكُمْ فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ ، وَاَنْ
يُثَبِّتَ لي عِنْدَكُمْ قَدَمَ صِدْق فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ ، وَاَسْأَلُهُ
اَنْ يُبَلِّغَنِى الْمَقامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي
لَكُمْ عِنْدَ اللهِ
وَاَنْ يَرْزُقَني طَلَبَ ثارِكُمْ
مَعَ إِمامٍ
مَهْدِىٍّ
ظَاهِرٍ
__________________
ناطِقٍ
[بِالْحَقِّ]
مِنْكُمْ.
وَاَسْألُ
اللهَ بِحَقِّكُمْ ، وَبِالشَّأنِ الَّذي لَكُمْ عِنْدَهُ ، اَنْ يُعْطِيَني
بِمُصابي بِكُمْ اَفْضَلَ ما يُعْطي مُصاباً بِمُصيبَتِهِ ، [يَا لَهَا مِنْ]
مُصيبَةٍ
ما اَعْظَمَها
وَاَعْظَمَ رَزِيَّتَها فِي الإسْلامِ وَفِي جَميعِ [أَهْلِ]
السَّماواتِ
وَالاْرْضِ.
اَللّـهُمَّ
اجْعَلْني فِي مَقامي هذا مِمَّنْ تَنالُهُ مِنْكَ صَلَواتٌ وَرَحْمَةٌ
وَمَغْفِرَةٌ.
اَللّـهُمَّ
اجْعَلْ مَحْياىَ مَحْيا مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَمَماتي مَماتَ مُحَمَّد
وَآلِ مُحَمَّد.
اَللّـهُمَّ
اِنَّ هذا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو اُمَيَّةَ وَابْنُ آكِلَةِ الاكبادِ
اللَّعينُ ابْنُ اللَّعينِ عَلى لِسانِكَ
وَلِسانِ نَبِيِّكَ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي كُلِّ مَوْطِن وَمَوْقِف وَقَفَ فيهِ نَبِيِّكَ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.
اَللّـهُمَّ
الْعَنْ اَبا سُفْيانَ وَمُعاوِيَةَ [بْنَ أَبِي سُفْيَانَ]
وَيَزيدَ
__________________
ابْنَ
مُعاوِيَةَ عَلَيْهِمْ مِنْكَ
اللَّعْنَةُ اَبَدَ
الاْبِدينَ وَهذا يَوْمٌ فَرِحَتْ
بِهِ آلُ زِياد وَآلُ
مَرْوانَ بِقَتْلِهِمُ الْحُسَيْنَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ ، اَللّـهُمَّ
فَضاعِفْ
عَلَيْهِمُ
اللَّعْنَ
مِنْكَ
وَالْعَذابَ .
اَللّـهُمَّ
اِنّي اَتَقَرَّبُ اِلَيْكَ فِي هذَا الْيَوْمِ وَفِي مَوْقِفي هذا وَاَيّامِ
حَياتي بِالْبَراءَةِ
مِنْهُمْ وَاللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ ، وَبِالْمُوالاةِ لِنَبِيِّكَ وَآلِ نَبِيِّكَ
عَلَيْهِمُ اَلسَّلامُ.
ثُمَّ تَقُول : اَللّهُمَّ الْعَنْ
اَوَّلَ ظالِم ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَآخِرَ تابِع لَهُ عَلى
ذلِكَ ، اَللّهُمَّ الْعَنِ الْعِصابَةَ الَّتي جاهَدَتِ
الْحُسَيْنَ عليه
السلام وَشايَعَتْ
وَبايَعَتْ
وَتابَعَتْ عَلى قَتْلِهِ اَللّهُمَّ الْعَنْهُمْ جَميعاًتَقُول ذَلِكَ مِائَةَ
مَرَّةٍ.
ثُمَّ تَقُول : اَلسَّلامُ عَلَيْكَ
يا اَبا عَبْد ِاللهِ ، وَعَلَى الاْرْواحِ الَّتي حَلَّتْ
__________________
بِفِنائِكَ
[وَأَنَاخَتْ بِرَحْلِكَ]
، عَلَيْكَ
مِنّي سَلامُ اللهِ
اَبَداً
ما
بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ ، وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ
مِنّي لِزِيارَتِكُمْ .
اَلسَّلامُ
عَلَى الْحُسَيْنِ ، وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، [وَعَلى اَوْلادِ
الْحُسَيْنِ]
، وَعَلى
اَصْحابِ الْحُسَيْنِ تَقُول ذَلِكَ مِائَةَ مَرَّة.
ثُمَّ تَقُول : اَللّهُمَّ خُصَّ
اَنْتَ اَوَّلَ ظالِم ظَلَمَ آلَ نَبِيِّكَ بِاللَّعْنِ مِنّي ، وَابْدَأْ بِهِ
الْأّوَّلَ
ثُمَّ
الثّانيَ ثُمَّ الثّالِثَ ثُمَّ الرّابِعَ
، اَللّهُمَّ الْعَنْ
يَزيدَ
خامِساً
، وَالْعَنْ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِياد وَابْنَ مَرْجانَةَ وَعُمَرَ بْنَ سَعْد
وَشِمْراً وَآلَ اَبي سُفْيانَ وَآلَ زِياد وَآلَ مَرْوانَ اِلى يَوْمِ
الْقِيامَةِ.
ثمَّ تَسْجُد وَتَقُول : اَللّهُمَّ لَكَ
الْحَمْدُ حَمْدَ الشّاكِرينَ لَكَ عَلى
__________________
مُصابِهِمْ
، اَلْحَمْدُ للهِ عَلى عَظيمِ رَزِيَّتي ، اَللّهُمَّ ارْزُقْني شَفاعَةَ
الْحُسَيْنِ عليه السلام يَوْمَ الْوُرُودِ ، وَثَبِّتْ لي قَدَمَ صِدْق عِنْدَكَ
مَعَ الْحُسَيْنِ وَاَصْحابِ الْحُسَيْنِ اَلَّذينَ بَذَلُوا مُهَجَهُمْ دُونَ
الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ.
قَالَ عَلْقَمَةُ : قَالَ أَبُو
جَعْفَرٍ عليه السلام : «إِنِ
اسْتَطَعْتَ أَنْ تَزُورَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بهذه الزيارة من دارك فَافْعَلْ
فَلَكَ
ثَوَابُ
جَمِيعِ ذَلِكَ».
__________________
[دعاء صفوان المشهور
بدعاء علقمة]
وَرَوَى (مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ
الطَّيَالِسِيُّ)
، عَنْ (سسَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ) قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ (صَفْوَانَ بْنِ مِهْرَانَ
الْجَمَّالِ)
وَ [عِنْدَنَا]
جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا إِلَى (الْغَرِيِّ) بَعْدَ مَا خَرَجَ أّبُو عَبْدِ
اللهِ عليه السلام ، فَسِرْنَا إِلَى الْحِيرَةِ
، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنَ الزِّيَارَةِ صَرَفَ (صفوان) وجهه إلى ناحية أبي
عبدالله [الحسين]
فقال لنا : «تزورون
الحُسَيْنَ عليه السلام مِنْ هَذَا المَكَانِ مِنْ عِنْدِ رَأْسِ أَمِيرِ
المُؤْمِنينَ عليه السلام مَنْ هَاهُنَا».
[وَ]
أَوْمَى إِلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ [الصادق]
[بِالسَّلَامِ]
وَأَنَا مَعَهُ ،
__________________
قَالَ : فَدَعَا
صَفْوَانُ بِالزِّيَارَةِ الَّتِي رَوَاهَا
(عَلْقَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ) ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام
فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، ثَمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ رَأْسِ أَمِيرِ
المُؤْمِنينَ عليه السلام ، وَوَدَّعَ فِي دُبُرِهِمَا
أَمِيرَ المُؤْمِنينَ عليه السلام وَأَوْمَى إِلَى الْحُسَيْنِ عليه السلام
بِالتَّسْلِيمِ
مُنْصَرِفاً بِوَجْهِهِ
نَحْوَهُ ، وَوَدَّعَ وَكَانَ فِيمَا دَعَاهُ فِي دُبُرِهَا :
يَا
اللهُ يَا اللهُ يَا اللهُ ، يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ ، يَا كَاشِفَ
كُرَبِ الْمَكْرُبِينَ ، يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِثِينَ ، وَيَا صَرِيخَ
الْمُسْتَصْرِخِينَ ، [و]
يَا مَنْ هُوَ
أَقْرَبُ إِلّيَّ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ، وَيَا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ
وَقَلْبِهِ ، وَيَا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى وَبِالْأُفُقِ الْمُبِينِ
، وَيَا مَنْ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ، وَيَا مَنْ
يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفي الصُّدُورُ ، وَيَا مَنْ لَا تَخْفَى
عَلَيْهِ خَافِيَةٌ ،
وَيَا مَنْ لَا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأَصْوَاتُ ، وَيَا مَنْ لَا تُغَلِّطُهُ
الْحَاجَاتُ ، وَيَا مَنْ لَا يُبْرِمُهُ إِلْحّاحُ الْمُلِحِّينَ ، يَا مُدْرِكَ
كُلِّ فَوْتٍ ، وَيَا جَامِعَ كُلِّ شَمْلٍ ، وَيَا بَارِئَ النُّفُوسِ بَعْدَ
الْمَوْتِ ، يَا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ ، يَا قَاضِيَ الْحَاجَاتِ ، يَا
مُنَفِّسَ الْكُرُبَاتِ ، يَا مُعْطِيَ السُّؤَالَاتِ
، يَا وَلِيَّ
الرَّغَبَاتِ ، يَا كَافِيَ الْمُهِمَّاتِ ، يَا مَنْ يَكْفِي مِنْ كُلِّ
__________________
شَيْء
، وَلا َکْفي مِنْهُ شَيْءٌ فِي السَّماواتِ وَالاْرْضِ.
أَسْألُكَ
بِحَقِّ مُحَمَّد خَاتَمِ النَّبِيينَ وَعَليّ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ
، وَبِحَقِّ فاطِمَةَ
بِنْتِ نَبِِّكَ ، وَبِحَقِّ الْحَسَنِ وَالْحُسَْنِ
، فَاِنّي بِهِمْ
اَتَوَجَّهُ اِلَْكَ في مَقامي هذا ، وَبِهِمْ اَتَوَسَّلُ ، وَبِهِمْ
اَتَشَفَّعُ
اِلَْكَ
، وَبِحَقِّهِمْ أَسْألُكَ ، وَاُقْسِمُ وَاَعْزِمُ عَلَْكَ ، وَبِالشَّأنِ
الَّذي لَهُمْ عِنْدَكَ ، وَبِالْقَدْرِ الَّذي لَهُمْ عِنْدَكَ ، وَبِالَّذي
فَضَّلْتَهُمْ عَلَى الْعالَمنَ ، وَبِاسْمِكَ الَّذي جَعَلْتَهُ
عِنْدَهُمْ ، وَبِهِ خَصَصْتَهُمْ دُونَ الْعالَمنَ ، وَبِهِ اَبَنْتَهُمْ
وَاَبَنْتَ فَضْلَهُمْ مِنْ فَضْلِ الْعالَمنَ ، حَتّى فاقَ فَضْلُهُمْ
فَضْلَ الْعالَمنَ جَمعاً
.
[أَسْألُكَ]
اَنْ تُصَلِّيَ عَلى
مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَاَنْ تَکْشِفَ عَنّي غَمِّي وَهَمّي وَکَرْبي ، وَتَکْفَِني
الْمُهِمَّ مِنْ اُمُوري
، وَتَقْضِيَ عَنّي دَُونِي
، وَتَجْبُرَني
مِنَ
الْفَقْرِ ، وَتُجرَني مِنَ الْفاقَةِ
، وَتُغْنَِني
عَنِ الْمَسْأَلَهِ اِلَى
__________________
المخلُوقين
، وتكفيني همَّ من
أخافُ همَّهُ ، وجور من أَخافُ جوره ، وعُسْرَ مَنْ أخَافُ عُسْرهُ ، وحُزُونة من
أخافُ حُزُونتهُ
،
وشرَّ من أخافُ شرَّهُ ، ومكر من
أخافُ مكرهُ ، وبغي
من
أخافُ
بغيهُ ، وسُلطان من
أخافُ
سُلطانهُ ، وكيد من أخافُ كيدهُ ، ومقدُرة من
أخافُ مقدُرته
عليَّ ، وترُدَّ
عنِّي كيد الكيدة
،
ومكر المكرة .
اللهُمَّ
من أرادني [بِسُوءٍ]
فأردهُ
، ومن كادني فكدهُ ، واصرفُ عنِّي كيدهُ ومكرهُ وبأْسهُ وأمانيَّهُ ، وامنعهُ
عنِّي كيف شئْت ، وأنّى شئْت ، اللهُمَّ اشغلهُ عنِّي بفقر لا تجبُرُهُ ، وببلاء
لا تستُرُهُ ، وبفاقة لا تسُدَّها ، وبسُقم لا تُعافيه ، وبِذُلٍّ
لَا تُعزُّهُ ،
__________________
وبمسكنة
لا تجبُرُها ، اللهُمَّ
اضرب بالذُلِّ نصب عينيه
، وادخل عليه الفقر
في منزله ، والعلَّة والسَّقم في بدنه ، حتَّى تشغلهُ عنِّي بشُغل شاغل لا فراغ
لهُ ، وأنسه ذكري كما أنسيتهُ ذكرك ، [اللهم]
وخُذ
عنِّي بسمعه وبصره ولسانه ويده ورجله وقلبه وجميع جوارحه ، وأدخل عليه في جميع ذلك
السُّقم ، ولا تشفه حتَّى تجعل ذلك لهُ شُغلا شاغلا له
عنِّي وعن ذكري.
واكفني
يا كافي ما لا يكفي سواك ، فإنَّك الكافٍ
لا كافي سواك ، ومُفرِّج
لا مُفرِّج سواك ، ومُغيث
لا مُغيث سواك ، وجارٌ
لا جار سواك ، خاب من كان رَجَائُهُ
سواك ، ومُغيثُهُ
سواك ، ومفزعُهُ إلى
سواك ، ومهربُهُ إلى سواك ، وملجأُهُ إلى
__________________
سِوَاكَ
، ومنجاهُ من
مخلُوق غيرك ، فأنت
ثقتي ورجائِي ومفزعي ومهربي وملجاي ومنجاي ، فبك أستفتحُ ، وبك أستنجحُ ، وبمُحمَّد
وآل مُحمَّد أَتوجَّهُ إليك وأتوسَّلُ وأتشفَّعُ
.
فأَسأَلُك
يا اللهُ يا اللهُ يا اللهُ ، فلك الحمدُ ، ولك الشُّكرُ ، وإليك المُشتكى ، وأنت
المُستعانُ ، فأسألُك يا اللهُ يا اللهُ يا اللهُ ، بحقِّ مُحمَّد وآل مُحمَّد ، أن
تُصلِّي على مُحمَّد وآل مُحمَّد ، وأَن تكشف عنِّي غمِّي وهمِّي وكربي في مقامي
هذا ، كما كشفت عن نبيِّك صلى الله عليه وآله همَّهُ وغمَّهُ وكربهُ ، وكفيتهُ هول
عدُوِّه ، فاكشف عنِّي كما كشفت عنهُ ، وفرِّج عنِّي كما فرَّجت عنهُ ، واكفني كما
كفيتهُ ، واصرف عنّي هول ما أخافُ هولهُ ، ومئُونة ما أخافُ مئونتهُ ، وهمَّ ما
أخافُ همَّهُ ، بلا مئونة على نفسي من ذلك ، واصرفني بقضاء حوائِجي ، وكفاية ما
أهمَّني همُّهُ من أمر آخرتي ودُنياي.
يَا
أمير المُؤْمنين ويا أبا عبد الله
؛ عليكُما
منِّي سلامُ الله
أبدا ما بقي الليلُ والنَّهارُ ، ولا جعلهُ اللهُ آخر العهد من
__________________
زيارتكُما
، ولا فرَّق [اللهُ]
بيني
وبينكُما.
اللهُمَّ
أحيني محيا
مُحمَّد
صلّى الله عليه وآله وذُرِّيَّته ، وأمتني مماتهُم ، وتوفَّني على ملَّتهم ، واحشُرني
في زُمرتهم ، ولا تُفرِّق بيني وبينهُم طرفة عين أبدا في الدُّنيا والاخرة.
يا
أمير المُؤْمنين ويا أبا عبدالله ؛ أَتيتُكُما زائِرا
ومُتوسِّلا إلى الله
ربِّي وربِّكُما ، ومُتوجِّها إليه بكُما ، ومُستشفعا بكُما إلى الله تعالى في
حاجتي هذه ، فاشفعا لي فإنَّ لكُما عند الله المقام المحمُود ، والجاه الوجيه
،
والمنزل الرَّفيع والوسيلة ، إنِّي
أنقلبُ عنكُما
مُنتظرا
، لتنجُّز الحاجة وقضائِها ونجاحها من الله بشفاعتكُما لي إلى الله عَزَّ وَجَلَّ
في ذلك ، فلا أخيبُ ، ولا يكُونُ مُنقلبي مُنقلبا خائِبا خاسراً ، بل يكُونُ
مُنقلبي مُنقلبا [راجحا]
مُفلحا مُنجحا
مُستجابا [لي]
بقضاء
جميع حَوَائِجِي
،
وتشفعا لي إلى الله.
__________________
انقلبتُ
على
ما شاء اللهُ ، ولا
حول ولا قُوَّة إلاّ بالله ، مُفوِّضا أمري إلى الله ، مُلجئاً ظهري إلى الله
مُتوكِّلا
على
الله ، وأقُولُ حسبي اللهُ وكفى ، سمع اللهُ لمن دعا ، ليس لي وراء الله ووراءكُم
يا سادتي مُنتهى ، ما شاء الله كان ، وما لم يشأْ لم يكُن ، ولا حول ولا قُوَّة
إلاّ بالله ، أستودعُكُما الله ، ولا جعلهُ اللهُ آخر العهد منِّي إليكُما.
انصرفتُت
يا سيِّدي يا أمير المُؤْمنين ومولاي ، وأنت يا أبا عبد الله يا سيّدي ، وسلامي
عليكُما مُتَّصل ما اتَّصل الليلُ والنَّهارُ ، واصل إليكُما ذَلِكَ
غيرُ محجُوب عنكُما
سلأمي إن شاء اللهُ ، وأسأَلُهُ بحقِّكُما أن يشاء ذلك ويفعل ، فإنَّهُ حميد مجيد.
انقلبتُ
يا سيِّديَّ عنكُما
تائِبا ، حامدا لله تعالى شاكرا راجيا للاجابة ، غير آيس ولا قانط ، آئِبا عائِدا
راجعا
إلى
زيارتكُما ، غير راغب عنكُما ولا عن
زيارتكُما ، بل راجع
عائِد
__________________
إن
شاء اللهُ ، ولا حول ولا قُوَّة إلاَّ بالله العليِّ العظيم.
يا
سادتي
رغبتُ
إليكُما وإلى زيارتكُما ، بعد أن زهد فيكُما وفي زيارتكُما أهلُ الدُّنيا ، فلا
خيَّبني اللهُ مما
رجوتُ
، وما أمّلتُ في زيارتكُما إنّه قريب مُجيب.
قَالَ (سَيْفُ بْنُ عَمِيْرَة) : فَسَأَلْتُ
(صَفْوَانَ) فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ (عَلْقَمَةَ بْنَ مُحَمَّدٍ الحَضَرَمِيَّ) لَمْ
يَأْتِنَا بِهَذَا عَنْ جَعْفَرٍ عليه السلام إِنَّمَا أَتَانَا بِدُعَاءِ
الزِّيَارَةِ فَقَالَ (صَفْوَانُ) : وَرَدْتُ مَعَ سَيِّدِي أَبِي عَبْدِ اللهِ
عليه السلام إِلَى هَذَا المَكَانِ ، فَفَعَلَ مِثْلَ الَّذي فَعَلْنَاهُ
فِي زِيَارَتِنَا ، وَدَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ عِنْدَ الْوِدَاعِ ، بَعْدَ أّنْ
صَلَّى كَمَا صَلَّيْنَا ، وَوَدَّعَ كَمَا وَدَّعْنَا.
ثُمَّ قَالَ لِي (صَفْوَانُ) : قَالَ
لِي أَبُو ععَبْدِ اللهِ عليه السلام : «تَعَاهَدْ هَذِهِ الزِّيَارَةَ ، وَادْعُ
بِهّذَا الدّثعَاءِ ، وَزُرْ بِهِ ، فَإِنِّي ضَامِنٌ عَلَى اللهِ تعالى لِكُلِّ
مَنْ زَارَ بِهّذِهِ الزِّيَارَةِ ، وَدَعَا بِهّذَا الدُّعَاءِ مِنْ قُرْبٍ أَوْ
بُعْدٍ ، أَنَّ زِيَارَتَهُ مَقْبُولَةٌ ، وَسَعْيَهُ مَشْكُورٌ ، وَسَلامَهُ
وَاصِلٌ غَيْرُ مَحْجِوبٍ ، وَحَاجَتَهُ مَقْضِيَّةٌ مِنَ اللهِ تعالى بَالِغاً
مَا بَلَغَتْ وَلَا يُخَيِّبُهُ.
يَا (صَفْوَانُ) ؛ وَجَدْتُ هّذِهِ
الزِّيَارَةَ [أَنَّها]
مَضْمُونَةً بِهَذَا الضَّمَانِ عَنْ أَبِي ، وَأَبِي عَنْ أَبِيْهِ عَلِيِّ بْنِ
الحُسَيْنِ عليهم السلام مَضْمُوناً بِهَذَا الضَّمَانِ ، [وَعَلِيُّ بْنُ
الحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ
__________________
الحُسَيْنِ عليه
السلام مَضْمُوناَ بِهَذَا الضَّمَانِ]
، وَالحُسَيْنُ عَنْ أَخِيهِ الجَسَنِ عليهِ السلام مَضْمُوناً بِهَذَا الضَّمَانِ
، وَالحَسَنُ عَنْ أَبِيهِ أَميرِ المُؤْمِنِينَ عليهِ السلام مَضْمُوناً بِهَذَا
الضَّمَانِ ، وَأَمِيرُ المُؤْمِنيِنَ عليهِ السلام عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله
عليه وآله مَضْمُوناً بِهَذَا الضَّمَانِ ، وَرًسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله
عَنْ جَبْرَئِيلَ عليه السلام مَضْمُوناً بِهَذَا الضَّمَانِ ، وَجَبْرَئِيلُ عَنِ
اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَضْمُوناً بِهَذَا الضَّمَانِ.
وَقَدْ آلَى اللهُ عَلَى نَفْسِهِ عَزَّ
وَجَلَّ أَنَّ مَنْ زَارَ الحُسَيْنَ عليهِ السلام بِهّذِهِ الزِّيَارَةِ مِنْ
قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ ، وَدَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ قَبِلْتُ مِنْهُ زِيَارَتَهُ ، وَشَفَّعْتُهُ
فِي مَسْأَلَتِهِ بَالِغاً مَا بَلَغَتْ
، وَأَعْطَيْتُهُ سُؤْلَهُ ، ثُمَّ لَا يَنْقَلِبُ عَنِّي خَائِباً ، وَأَقْلِبُهُ
مَسْرُوراً قَرِيراً عَيْنُهُ بِقَضَاءِ حَاجَتِهِ ، وَالْفَوْزِ بِالجَنَّةِ ، وَالْعِتْقِ
مِنَ النَّارِ ، وَشَفَّعْتُهُ فِي كُلِّ مَنْ شَفَعَ
، خَلّا نَاصِبٍ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ.
آلَى اللهُ تعالى بِذَلِكَ عَلَى
نَفْسِهِ ، وَأَشْهَدَنَا بِمَا شَهِدَتْ بِهِ مَلَائِكَةُ مَلَكُوتِهِ
عَلَى ذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ : يَا رَسُولَ
اللهِ ؛ أَرْسَلَنِي [اللهُ]
إِلَيْكَ
سُرُوراً وَبُشْرَى لَكَ ، وَسُرُوراً وَبُشْرَى لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
وَفَاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَ [إِلَى]
الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَدَامَ يَا مُحَمَّدُ
سُرُورُكَ ، وَسُرُورُ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالحَسَنِ والحُسَيْنِ وَالأئِمَّةِ وَش~يعَتِكُمْ
إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ».
__________________
ثُمَّ قَالَ [لِي]
(صَفْوَانُ) : قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ : «يَا صَفْوَانُ ؛ إِذَا حَدَثَ لَكَ
إِلِى اللهِ حَجَةٌ فَزُرْ بِهَذِهِ الزِّيَارَةِ مِنْ حَيْثُ كُنْتَ ، وَادْعُ
بِهَذَا الدُّعَاءِ ، وَاسْئَلْ
رَبَّكَ حَاجَتَكَ تَأْتِكَ مِنَ اللهِ ، وَاللهُ غَيْرُ مُخْلِفٍ وَعْدَهُ
وَرًسُولَهُ بِمَهِّهِ ، وَالحَمْدُ لِلهِ [رَبِّ العَالَمِيْنَ] ».
(انتهت عبارة المصباح).
__________________
[الزيارة برواية كامل
الزيارات]
وَقَالَ الشَّيْخُ (أَبُو القَاسِمِ
جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن قَوْلَويه)
في كتاب (كَامِلِ الزِّيَارَةِ)
: حَّدَثَنِي (حَكِيمُ بْنُ دَاوُدَ)
وَغَيْرُهُ ، عَنْ (مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الهَمْدَانِيِّ)
، عَنْ (مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الطَّيَالِسِيِّ) ، عَنْ (سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ) وَ
(صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ) مَعاً ، عَنْ (عَلْقَمَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الحَضْرَمِيِّ) وَ
(مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ) ، عَنْ (صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ) ، عَنْ (مَالِكٍ
الجُهَنِيِّ)
، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ
__________________
الْبَاقِرِ عليه
السلام قَالَ : «مَنْ زَارَ الحُسَينَ عليه السلام يَوْمَ العَاشِرِ مِنَ
الشَّهْرِ حَتَّى يَظَلَّ عِنْدَهُ بَاكِياً لَقِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ بِثَوَابِ أَلْفَيْ أَلْفِ حَجَّةٍ ، وَأّلْفَيْ أَلْفِ عُمْرَةٍ ، وَأَلْفَيْ
أَلْفِ غَزْوَةٍ ، وَثَوَابُ كُلِّ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَغَزْوَةٍ ، كَثَوَابِ
مَنْ حَجَّ وَاعْتَمَرَ وَغَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وَمَعَ
الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ».
قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فَمَا
لَمِنْ كَانَ فِي بَعِيدِ الْبِلَادِ وَأَقَصِيهَا ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ المَصِيرُ
إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ؟
قَالَ : «إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ
بَرَزَ إِلَى الْصَّحْرَاءِ ، أَوْ صَعِدَ سَطْحاً مُرْتَفِعاً فِي دَارِهِ ، وَأَوْمَأَ
إِلَيْهِ بِالسَّلَامَ ، وَاجْتَهَدَ عَلَى قَاتِلِهِ بِالدُّعَاءِ ، وَصَلَّى
بَعْدَهُ
رُكْعَتَيْنِ ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ ، ثُمَّ
لْيَنْدُبِ الحُسَيْنَ عليه السلام وَيَبْكِيهِ ، وَيَأْمُرُ مَنْ فِي دَارِهِ
بِالْبُكَاءِ عَلَيْهِ ، وَيُقِيمُ فِي دَارِهِ مُصِيبَتَهَ بِإِظْهَارِ الجَزَعِ
عَلَيْهِ ، وَيَتَلَاقَوْنَ بِالْبُكَاءِ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِمُصَابِ الحُسَيْنِ
عليه السلام ، فأَنَا ضَامِنٌ لَهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَلَى اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ جَمِيعَ هّذَا الثَّوَابِ».
فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، وَأَنْتَ
الضَّامِنُ لَهُمْ ذَلِكَ وَالزَّعِيمُ بِهِ؟!
قَالَ : «أَنَا الضَّامِنُ لَهُمْ
ذَلِكَ ، وَالزَّعِيمُ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ».
قَالَ : قُلْتُ : فَكَيْفَ يُعَزَّي
بَعْضُهُمْ بَعْضاً؟!
قَالَ : «يَقُولُونَ : عَظَّمَ اللهُ
أُجُورَنَا بِمُصَابِنَا بِالحُسَيْنِ عليه السلام ، وَجَعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ
مِنَ
__________________
الطَّالِبِينَ بِثَأْرِهِ
مَعَ وَلِيِّهِ الْإِمَامِ المَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ
أَنْ لَا تَنْتَشِرَ يَومَكَ فِي حَاجَةٍ فَافْعَلْ ، فَإِنَّهُ يَوْمٌ نَحْسٌ لَا
نُقْضَى فِيهِ حَاجَةُ مُؤْمِنٍ ، وَلإِنْ قُضِيَتْ لَمْ يُبَارَكْ فِيهَا ، وَلَمْ
يَرَ رُشْداً ، وَلَا تَدَّخِرَنَّ لِمَنْزِلِكَ شَيْئاً ، فَإِنَّهُ مَنِ
ادَّخَرَ لِمَنْزِلِهِ شَيْئاً فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيمَا
يَدَّخِرُهُ ، وَلَا يُبَارَكُ لَهُ فِي أَهْلِهِ ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كُتِبَ
لَهُ أَلْفِ أَلْفِ حَجَّةٍ ، وَأَلْفِ أَلْفِ عُمْرَةٍ ، وَأَلْفِ أَلْفِ
غَزْوَةٍ ، كُلُّهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وَكَانَ لَهُ ثَوَابُ
مُصِيبَةِ كُلِّ نَبِيٍّ وَرَسُولٍ وَصَدِيقٍ وَشَهِيدٍ مَاتَ أَوْ قُتِلَ ، مُنْذُ
خَلَقَ اللهُ الدُّنْيَا إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ».
قَالَ (صَالِحُ بْنُ عُقْبَةَ
الجُهَنِيُّ) ، وَ (سَيْفُ بْنُ عَمِيرَةَ) قَالَ : (عَلْقَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الحَضْرَمِيُّ) فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام : عَلَّمَنِي دُعَاءً
أَدْعُو بِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِذَا أَنَا زُرْتُهُ مِنْ قَرِيبٍ ، وَدُعَاءً
أَدْعُو بِهِ إِذَا لَمْ أَزُرْهُ مِنْ قَرِيبٍ ، وَأَوْ مَأْتُ إِلَيْهِ مِنُ
بُعْدِ الْبِلَادِ وَمِنْ [سَطْح]
دَارِي.
قَالَ فَقَالَ : «يَا عَلْقَمَةُ ؛
إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ تُومِئَ إِلَيْهِ
بِالسَّلَامِ ، وَقُلْتَ عِنْدَ الْإِيمَاءَ إِلَيْهِ وَمِنْ الرَّكْعَتَيْنِ
هَذَا الْقَوْلَ ، فَإِنَّكَ هَذَا الْقَوْلَ ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ
دَعَوْتَ بِمَا يَدْعُو بِهِ مَنْ زَارَهُ مِنَ المَلَائِكَةِ ، وَكَتَبَ اللهُ
لَكَ بِهَا أَلْفَ أَلْفَ حَسَنَةٍ ، وَمَحَا عَنْكَ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ ، وَرَفعَ
لَكَ مَائَةَ أَلْفِ أَلْفِ دَرَجَةٍ ، وَكُنْتَ كَمَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ
الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام حَتَّى تُشَارِكَهُمْ فِي دَرَجَاتِهِمْ ، لَا
تُعْرَفُ إِلَّا فِي الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ اسْتُشْهِدُوا مَعَهُ ، وَكُتِبَ لَكَ
ثَوَابُ كُلِّ نَبِيٍّ وَرَسُولٍ ، وَزِيَارَةِ كُلِّ مَنْ زّارَ الحُسَيْنَ بْنَ
عَلِيٍّ عليه السلام مُنْذُ يَوْمَ قُتِلَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ، تَقُولُ : السَّلَامُ
عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله ...».
__________________
[مقدمة الشرح]
وأَعْلَم أَنّي قَد كُنتُ شَرعتُ
أوَّلاُ في شرحِ عِباراتِ رواية أالكَامِلِ) لذكرِها في (البِحَارِ)
، وعَدم ذِكر رِوَاية (المِصْبَاح) فِيه سَوى مَتن الزِّيارة ، ولَم تكُن يومئذٍ
يحضُرني الكِتابان ، فلمّا وجدتُهما في عدَّة نُسخٍ قدُّمتُ رِواية (المِصباح) ، لكونِ
مَتن الزِّيارةِ فيها أتمّ وأكمَل وأكْثَر تَداولاً بين النَّاس في العَمَل وأَشهر
، وَلِذا اقْتصَرَ عليه (العَلَّامَةُ المَجلِسِيُّ)
في (زَادِ المِعَادِ)
__________________
و (التُّحْفَة)
مَع اشْتِمالها على دُعَاء (صَفْوان) ، فَشرَعتُ في شَرحِ هذا المَتنِ فشَقَّ عليّ
المُراجعة ثانياً ، وتَغيير العُنوان والتَّطبيق مع هذ الرِّواية ، فَحصَل
الاخْتِلاف بَين شَرح عِباراتِ الرِّواية ومَتن الزِّيارة ، فَصارَ الأوَّل
لِرواية (الكَامِلِ) ، والثَّانِي لِروَاية (المِصْباحِ) ، لَكن قَد تَعرَّضتُ في
مَواضِع الاختلاف لِما يَحتاج إلى التَّعرضِ فنقول :
__________________
[شرح سند الزيارة]
قولُهُ
: * (مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) *
قال بَعضُ (السَّادة الفُحول)
صَاحِب كِتَاب (مطالع الأنوار)
فِي أجوُبة مسائِلِه فيما كَتبهُ في شَرح زِيارةِ العاشوراء : «الظَّاهِرُ أَنَّ
مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ) عَطْفٌ عَلَى (مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ) عن (سَيْفِ
بْنِ عَمِيرَةَ) ، و (صَالِحُ بْنُ عُقْبَة) مَعَاً عَنْ (عَلْقَمَةَ) ، وَالْأُخُرَى
(مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل) ، عَنْ (صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ) عن (مَالِكٍ)».
__________________
أقُولُ
: لَيتَ شِعرِي مَا الذِي دعَاهُ إلى
العطفِ على (مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ)؟!
لِمَ لَا يَكُونُ العَطفُ على (حَكِيمِ
بْنِ دَاود) مَع أَنَّهُ الظَّاهِر ، فيكونُ صَاحب (كامِل الزِّيارة) قد رَواهُ
أَوَّلاً عن (حَكيمَ بْنِ دَاودَ) إلى (عَلْقَمَةَ) عن أبي جعفر عليه السلام ، وَثانِياً
عن (مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل) إلى (مَالِكٍ) عَنه ، ولَا يلزمُ أن يكونَ روايَتهُ
عن (مُحَمَّد بْنِ إِسْمَاعِيل) بالسَّماع مِنه ، حتَّى يُشكل بِأنّهُ لم يُدرِكهُ
، بَل يَكونُ بِالوجْدانِ
في كَتابِه ، لأنّ (الشَّيخ) قَد صرّحَ في محكِيّ (فَهرستِهِ )
بِأنّ (محمد بن
إسماعيل) لهُ كتابٌ ، والذي يدلّ على ذَلك أنَّ الشَّيخَ في (المِصباح) قد رواهُ
عن (محمِد بن إِسماعيل) بِلا واسِطة ، والظَّاهر أنَّه كان بِالوجدانِ في كِتابِه
، لأنَّ كتَابهُ يومئذٍ كَان معْرُوفاً عندهم ككِتابِ (الشِّيخِ) عندنا ، فقول (الشَّيخ
: «رَوَى الشَّيخُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ
عُقْبَةَ» كقولنا : «رَوَى الشَّيخُ عَنِ المُفِيد» ، فَإِذا جَاز ذلك مِن الشَّيخ
مَع أنَّه مُتأخِر عَن صاحِب (الكَامِل) لِأنَّه يروي عن (المُفِيد)
، و (المُفِيدُ) يروي
__________________
عن صاحب (الكامل) كَان
ذَلكَ مِن صاحب (الكامل) أوْلى بِالجَواز.
هَذا ولَكن هُنا إشكالٌ نسألُ اللهَ
حلَّه ، وهوَ أنَّ المُستفاد مِن مجموعِ الكِتَابين (الكامِل) و (المِصباح) ، أنَّ
(صالِح بن عُقْبَة) قَد سَمِع الرِّوايةَ مِن ثلاثةِ رجالٍ مِن أصحابِ أبي جعفر
عليه السلام من أبيه (عُقْبَة) ، ومِن (عَلْقَمَةَ الحَضْرَمِيُّ) ومِن (مَالِكِ
الجهْنِيّ) ، وحينَئذٍ كَان اللَّازِم عليهِ في مَقامِ الرِّوايةِ والتَّحدِيثِ أن
يرويَها عَنهُم جَميعاً لِكلِّ مَن يُحدّثه فيقول : حَدَّثَنِي أَبِي ، وَمَالِكُ
الجهْنِيّ وَعَلْقَمَةُ الحَضْرَمِيّ جَميعاً عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلامم ، كما
هُو الدَّأبُ والدَّيدَن والطَّريقَة الجَارية المَعرُوفة المَأْلُوفة عِند
الرُّواة ، ولِذا وقَع في سنَدِ هذِهِ الرِّواية (مُحمَّد بن خَالِد الطِيَالِسِي)
عن (سَيفِ بْن عَمِيرة) و (صَالِح بن عُقبة) معاً عن (عَلْقَمة) ، فلم يَكتفِ (مُحمَّدُ
بن خَالِد) ب ـ (سَيفٍ) أو (صَالِحٍ) بل ذَكرهُما معاً ، ولِأجلِ ذلك أيضاً قد
أكثر ثِقةُ
__________________
الإسلام
في (الكافي)
مِن قولِ : «عدّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا» ، وليس من سُنّة الرِّواية وشَريعَة
التَّحديث ، أنّ الرَّاوي إِذا سَمِع الرِّواية عَن جَماعةٍ يَرويها عَن واحدٍ
مِنهم لِواحدٍ ، وعَن آخرٍ لِآخر ، وهكَذا كما وقَعَ في هذِهِ الرِّواية ، إِذ كُلّما
كَثر المَروي عنهُ قويت الرِّواية ، فَإِذا اقْتَصر على النَّقل عن واحدٍ فاتَ تلك
القُوَّة ، وهذَا مع كونِه خِيانةٌ في الرِّوايةِ عن (عَلْقَمَة) كَما في أوَّلِ
سَنَدي (الكَامل) ، و (مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل) بالرِّوَاية عن (مَالِك
الجُهَنِيّ) كما في ثَانِي سَندِيه ، أو عَن أبيهِ كما في (المِصبَاح) ، نعم إِذا
كان الرَّاوي مِمَّن لَا يَرويَ إِلّا عَن ثِقةٍ ، وقَد سَمِعَ عَن جمَاعةٍ
بَعضُهم ثِقة ، فلَهُ أَن يخَصَّ الثِّقةَ بالنَّقلِ عَنه ، وليسَ المَقامُ مِن
هذا القضبيلِ ، إِذ المَفروض أنَّ (صَالِحَاً) قَد رَوى عنهُم جَميعاً بالتَّفرِيق
، ومِن هُنا يتجِهُ إشكالٌ آخَر ، وهو أنَّ صاحِبَ (الكَامِلِ) قَد رَوى
__________________
الحدِيثَ عن (ابْنِ
بزِيعٍ) عن (صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ) عن (الجُهَنِيّ) عن أبيه ، وقَد مرَّ أنهُما
أخذَاهُ مِن كتابِ (ابْنِ بزِيعٍ) ، فكَان رِواية (صَالِح) عَن كُلِّ مِن (أَبِيه)
ومِنَ (الجُهَنِيّ) مَوجُوداً في ذلك الكِتابِ لا مَحَالة ، وكَان اللَّازِم على (الشَّيخِين)
عَلى ما مرَّ أن يَرويَ كلُّ واحدٍ منهما عن (ابْنِ بزِيعٍ) عن (صَالِح) عن (أَبِيهِ)
و (الجُهَنِيِّ) معاً عن أبي جعفر عليه السلام.
فَلِمَ اقْتصرَ (الشَّيخُ) على (أَبِيهِ)
و (صَاحِبُ الكَامِل) على (الجُهَنِيِّ)؟! فَقد وردَ عليهما ما ورد على (صَالِح
بْن عُقْبَة).
ولَكن هذِهِ كُلّها مُناقَشاتٍ تَرُدّ
عَلى عِباراتِهِم وكَلماتِهِم ، ولَا رَبطَ لها فِيما هو الغَرضُ الأصلِيّ
المَقصودُ بِالذَاتِ في المقامِ مِن إحرازِ مَتنِ الزِّيارةِ الشَّريفة ، وصُورتِها
المَخصُوصةِ المأثورةِ عَن المَعصومِ بِشرائِطهَا ، إّذ ذَلك إِنَّما يُستفادُ مِن
ابتداءِ سُؤالِ (عَلْقَمَةَ) إلى آخرِ العملِ ، والطُّرق الثَّلاثة المّذكُورة في
الكِتابينِ مُتوافِقةٌ فِي ذلكَ مُتَّفقةٌ عَليه ، مُضافاً إلى أنَّ هذِهِ
الزِّيارةِ الشَّريفَة صارتْ عندَ الشِّيعةِ مِن الأُصولِ الموضُوعةِ المُقَرَّرةِ
والشَّعائرِ العَظِيمة ، بِحيث لَا تَحتاجُ إلى مُلاحَظةِ السَّندِ ك ـ (ـ ا
الصَحِيفَةِ الكَامِلة)
، والمُناجَاة
__________________
الأنجَليَّة
الطَّويلة
، ودعاء أبي حمزة الثمالي
وأمثَال ذلك ، ومَا هذا شَأنهُ لا يُنظرُ في سَندِه ، لأنَّه مِن القضَايَا التِي
قِياساتُها مَعها ، ومِن هُنا تَبيَّن الغِنى عَن النَّظرِ في أحوالِ رجالِ
السَّندِ تَزكيةً ، وتوثِيقاً ، وتضعيفاً.
ثُمَّ هذا كُلّه مَع قطعِ النَّظرِ عن
أخبارِ البُلوغِ ، أمَّا مع مُلاحظَتها فالأمرُ أوضَع ، ثُمّ أوضح ، ثُمَّ لَا
يَخْفَى عليكَ أنَّ أحسَن الطُّرقِ الثَّلاثة هو الطَّريقُ الْأَوَّل في (الكَاملِ)
، وهو الَّذي أختصَّ بِه (سَيفُ بن عَمِيْرَة) ، فإنَّهُ طريقٌ سَلِيمٌ ، وسَنَدٌ
مُنتظِمٌ مُستقيمٌ ، حَيثُ أَنَّ الرَّاويَ عَنِ الإِمامِ وَسائله والمُخاطب معه
هُو (عَلْقَمَة بْن مُحَمَّد) مِن أوَّل الأمرِ إلى آخِرهِ ، حتَّى أنَّ المّذكورَ
في كلام (سَيف) مع (صَفْوَان) أيضاً هو (عَلْقَمَة) لا غير ، فَهو طَريقٌ لا
غُبارَ عَليه ، لكنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ اعتبارَ الطَّرِيق إنَّما هو مُقدِّمةٌ
لاعتبارِ المَتن ، فَإذا كان مَتنُ الزِّيارة مَأخُوذاً مِن رواية (المِصْبَاح) لما
سَيأتي ببيانُهُ ، فأَيُّ فَائدَةٍ في هذَا الطَّريقِ وإِن بَلغَ في الاعتِبارِ
مَا بَلغَ فَتأمَّل.
__________________
[شرح عبارات الزيارة]
[شرح «فَمَنْ فَعَلَ
ذَلِكَ كُتِبَ لَهُ ثَوَابُ أَلْفِي أَلْفِ حَجَّةٍ ...»]
قوله
عليه السلام : * (فَمَنْ فَعَلَ
ذَلِكَ كُتِبَ لَهُ ثَوَابُ أَلْفِي أَلْفِ حَجَّةٍ ...) *
لا يخفى أنَّ صدرَ الخبرِ «ثَوَابُ أَلْفِي
أَلْفِ حَجَّةٍ» بلفظِ التَّثنِية
في المواضِعِ الثَّلاثة ، وذيله ، «ثَوَابُ أَلْفِي أَلْفِ حَجَّةٍ»
بالإفرادِ في تلك المواضع ، ولابُدّ مِن التَّوافقِ والتَّطابقِ بينهُما إمَّا
بالإفراد ، وإمَّا بالتثنية ، فأحدُهُما من سِهو القلَمِ لا مَحالة ، وذلكَ
لتَصرِيحِهِ عليه السلام بقوله : «فَأَنّا ضَامِنٌ لهُمْ إِذَا فَعَلُوا
ذَلِكَ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ جَمِيعَ هّذَا الثَّوَابِ».
ثُمَّ أكَّده بقولِهِ : «فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ
كُتِبَ لَهُ ثَوَابُ أَلْفِي أَلْفِ حَجَّةٍ»
فالصَّدرُ والذَّيلُ مُتوافقان في بيانِ مقدارِ الثَّواب البتَّة ، ولا يُمكن
تخالفهُما فيهِ ، والعجبُ مِن (العلَّامةِ المَجلِسِيِّ) قدس سره حيثُ أوردَ
الخبرَ هكذا مُختلف الصَّدرِ والذَّيلِ في (البحار) ، مِن دونِ تعرَّضٍ للاختلافِ
المزبُور ، وأعجبُ مِنه أنَّه قدس سره هكذا ترجَمهُ في (التُّحفَةِ) و (زَادِ
المَعاد) ، فترجم الصَّدرَ بالتَّثنِية ، والذَّيلَ بالإِفرادِ ، هذا عَلى ما فِي
(الكَامِل) ، وأمَّا مَا في (المِصْباحِ) فصدْرُ الخبرِ ثواب «أَلفَيْ أَلْفِ
حَجَّةٍ وَأَلْفَيْ أَلْفِ عُمْرَةٍ وَأَلْفَيْ أَلْفِ غَزْوَةٍ»
تثنيةً ، وذيلهُ «ثَوَابُ
أَلْفِ أَلْفِ حَجَّةٍ ، وَأَلْفِ أَلْفِ عُمْرَةٍ ، وَأَلْفِ أَلْفِ غَزْوَةٍ»
إِفْراداً مِن دونِ
تكريرٍ في الألفِ ، بالإضَافةِ
في المقامينِ كما في (الكَامِلِ) فَفِي المقامِ اختِلافٌ بينَ صدرِ الخَبرِ
وذَيلِهِ في الكِتابَينِ بالتَّثنِيةِ والإِفرادِ ، واختِلافٌ آخرٌ بَين
الكِتابَينِ بِإفرَادِ الألِفِ وتكريرِهِ بالإِضافةِ ، ولا طَريقَ لنا إلى تعيينِ
الوَاقِع ، ولَا يهمُنا ذلِك أيضاً ، لأنَّ الأَكثر ثواباً وهو صدرُ رِوايةِ (الكَامِلِ)
، ممَّا يَصدِقُ عَليهِ بُلوغ الثَّواب على عَمَلٍ فَيَشملهُ عمُوم إِخبار البُلوغ
، فيَثبُتُ ذلك الثَّوابُ الجَزيلُ البَالِغ المَوعُود في هذِهِ الزِّيارَةِ على
كُلِّ حالٍ ، إِذ لَا يخلُو إِمَّا أن يَكونَ صدْرُ الرِّواية قَد صَدَرَ عنِ
المَعصُومِ أو لَا؟
وعَلى الأوَّل فَثبوت هَذا الثَّواب
بِنفس هذِه الرِّواية.
وعلى الثَّاني فَبإِخبارِ البُلوغِ ، لِأنَّها
قَد ضَمِنَت إِعطاءَ الثَّواب البَالغ الموعود وإِن لَم يكنِ الحَديثُ كما بَلَغ ،
كَما هو المُصرَّح بِه في تلكَ الأخْبار.
وهذا التَّقرِيرُ جَارٍ في جميعِ
مَواردِ والمُعوَّل في ثَوابِ هذِهِ الزِّيارةِ الشَّريفة ، فَيُحكمُ بِسقوطِ
ذَيلِها وَإن كان هُو الصَّادِر ، وكذا رواية (المِصْباح) صَدراً وذَيلاً.
[شرح «وَكَانَ لَهُ
ثَوَابُ مُصِيبَةِ كُلِّ نَبِيٍّ وَصِدِّيقٍ وَشَهِيدٍ مَاتَ أَوْ قُتِلَ»]
قولُهُ
عليه السلام : (وَكَانَ لَهُ
ثَوَابُ مُصِيبَةِ كُلِّ نَبِيٍّ وَصِدِّيقٍ وَشَهِيدٍ مَاتَ أَوْ قُتِلَ) *
وعبارة المصباح : «كُلِّ نَبِيٍّ
وَصِدِّيقٍ وَشَهِيدٍ» ، وليسَ هَذا
الثَواب ثواباً آخر زائدٌ على ما ذَكَرَهُ سابِقاً ، وإلَّا كان اللَّازِم ذِكرهُ
أوَّلاً في حقِّ القَريبِ الحاضِر ، ثُمَّ تَسْرِيَته البَعِيْدَ الغَائِب ، لَا
تخْصِيصَهُ بِالبَعِيد ، إِذ لَا يَجُوز أن يكُون البَعيد الصَّاعد إلى سَطْحِ
دَارِهِ أو البَارزِ إِلى الصَّحْراءِ كَمَا هُوَ المَفْرُوض فِي مَورِدِ هَذَا
الثَّواب أكْثر ثَواباً مِنَ القَريبِ الحَاضرِ ، سِيّما مع مَصيره إِليه مِن
البِلادِ النَّائِيةِ ، وتحمله لمِشاقِّ السَّفرِ بَدَناً وَمَالاً كما هو
الغالِبُ في الزَّائرِ القَريبِ ، بَل هَذا الثَّواب إِجمالٌ لِما فصلَّه بِقولِهِ
: «بِثَوَابِ
أَلْفَيْ أَلْفِ حَجَّةٍ»
فهو هو بعينه ، وفائدةُ ذِكرهُ التنبيه على أنَّ مُصيبَتَهُ عليه السلام
بِاعْتِبَارِ تَشَتَّت جِهاتها ، وتفرّق أَطرافِها ، وتكثّر وَقائِعهَا ، وَتضَاعف
فَجائِعُهَا ، وَتَرادف لَوَاذِعُها
، وَتَواتر فَظائعُهَا ، وَتتَابع شَدائِدها ، وَتزايد فَوادِحهَا
، لَا مِن نَوعٍ وَاحِدٍ وَلونٍ وَاحدٍ ، بَل أنواعٍ شَتَّى ، وَألوان مُخْتلِفة ،
بِحيثُ خَرجت تَفَاصِيلهَا عَن حَدَّ الضَّبظِ وَالإِحصاءِ ، حيّز الحَصر
وَالإستِقصاء ، وَحارَتْ فِيهَا العُقُولُ ، وضلَّت فيها الأَحلَامُ ، كَما لَا
يَخْفى عَلى آحادِ الْأَنامِ ، قَد بَلغَت
__________________
مَبلغَاً تُعادل
مُصِيبة كُلّ نَبِيّ ، وَرَسولٍ وَوصيّ وَصدِّيق وَشَهيد مَاتَ أَو قُتِل مُنذ
خَلق اللهُ الدُّنيا إلى أن تقوم السَّاعة ، فَالمُصابُ بِهَذهِ المُصِيبةِ
العَظيمةِ بِمنزِلَةِ المُصابِ بِجَميعِ تِلكَ المَصائب ، فَلِأَجْل ذَلكَ «كَانَ لَهُ ثَوَابُ
مُصِيبَةِ كُلِّ نَبِيٍّ وَرَسُولٍ»
أي مِثل ثوابها ، ومِقدَار ثَوابها ، إِذ الثَّواب المَزبور مِن آثارِ المُصِيبة ،
والتَّساوي في الآثَار ، يَستلزِم التَّساوي فِي مبادِئِها.
فَإِن
قُلتَ : مَا ذَكَرَهُ عليه السلام أوَّلاً هُو
ثَواب الزِّيارة ، وَمَا ذَكرهُ أَخيراً ثَواب المُصيبة ، والزِّيارَة غير
المُصِيبة ، وليسَ بِوَاجبٍ إِرجاع ثَواب أَحدَيهما إلى ثوابِ الأُخْرى ، بَل
قَضِية تَعدُّد الأَسبابِ تعدَّد مُسبِّباتِها ، والمَفرُوض في كلامِهِ عليه
السلام كون البعيد جامِعاً بينَ الزِّيارةِ والمُصِيبة حَيثُ قال : «وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ
بِالسَّلَامِ وَاجْتَهَدَ عَلَى قَاتِلِهِ بِالدُّعًاءِ ـ إلى أن قال ـ ثُمَّ
لْيَنْدُبِ الحُسَيْنِ عليه السلام وَيَبْكِيهِ وَيَأْمُرُ مَن فِي دَارِهِ بِالبُكَاءِ
عَلَيْهِ ، وَيُقِيمُ فِي دَارِهِ مُصِيبَتَهُ بِإِظْهَارِ الجَزَعِ عَلَيْهِ».
فقلوه
: «فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كُتِبَ لَهُ
ثَوَابُ أَلْفِ أَلْفِ حَجَّةٍ ، وَأَلْفِ أَلْفِ عُمْرَةٍ»
كلمة «ذَلِكَ» إشارةٌ إلى مجموعِ الأمرين مِن زيارتِهِ ومُصيبَتِه ، فالمذكورُ
أوَّلاُ ثوابُ الزِّيارة ، والمذكورُ أخيراً ثواب المُصِيبة ، فَلِمَ حَكَمتَ بِاتَّحدِهما؟!
قلتُ
: ما ذكرَهُ عليه السلام هو ثوابُ مجموع
الزِّيارةِ والمُصيبةِ لقولِهِ عليه السلام : «مَنْ زَارَ الحُسَيْنَ عليه السلام
يَوْمَ عَاشُورَاءَ حَتَّى يَظَلَّ عِنْدَهْ بَاكِياً».
فقوله
عليه السلام : «وَيُقِيمُ فِي
دَارِهِ مُصِيبَتَهُ بِإِظْهَارِ الجَزَعِ عَلَيْهِ»
إشارةٌ إلى حديثِ مُصيبتَهِ إِذ قد بَيّنَ المُصيبةَ بقولِهِ : «وَيُقِيمُ فِي
دَارِهِ بِإِظْهَارِ الجَزَعِ عَلَيْهِ» وهذا المعنى مِمَّا
تضمَّنهُ مدخولٌ ، حتَّى
وعَلى هذَا فقوله : «وَكَانَ
لَهُ ثَوَابُ مُصِيبَةِ كُلِّ نَبِيٍّ»
مع زِيَارتهم حتَّى يكونُ الثَّواب لِمجموعِ الأمرَين ويحصلُ التَّطابقُ بين
الصَّدرِ والذَّيل ، ويدَلُّ عليهِ أَيضاً قولهُ فِيما بعد «وَكُتِبَ لَكَ
ثَوَابُ كُلِّ نَبِيٍّ وَرَسُولٍ»
فَذكَر أوَّلاً مُصِيبَتَهُم ، وثانياً زيارَتهُم ، والمقصودُ فِي الموضِعينِ
مجموعُ الأَمرَين مَعاً ، لكنَّهُ أكتَفى بِذكرِ أحَدهمَا في أحدِ المَوضِعينِ عن
ذِكره في المَوضعِ الآخرِ تَعويلاً على ظهُورِ مجموعِ الكَلامِ صدْراً وذَيلاً في
ذَلك ، فَجعلَ المّذكور قَرِينةٌ على المحذُوف فالتَئمَ بِما ذَكرنَا أجزاءُ
الكَلامِ صَدراً وذَيلاً والحَمدُ لله.
والحاصلُ
: أنّ المُشبّه هو ثوابُ مجموعِ الأمرَين
مِن زيارَتِهِ عليه السلام ومُصِيبَتِهِ ، والمُشبّهُ بِهِ أيضاً ثوابُ مجْموع
الأمرينِ مِن مُصيبةِ «كُلِّ
نَبِيٍّ وَرًسُولٍ وَوَصيٍّ»
وَزيارَتِهِم ، وَقد ذَكَرَ المُشبَّهُ بِهِ في مَوضِعينِ ، اقْتَصرَ في أحدِهِمَا
على أَحدِ شقِّيهِ ، وَفي الآخِرِ على الآخَرِ فتَدبّر.
فَإن
قُلتَ : لا رَيبَ أنَّ القريبَ المُسافر إِليهِ
عليه السلام مِن مكانٍ بَعيدٍ كَما هوَ الغَالِبُ في الزَّائرِ القَريب لهُ مَزّيةٌ
وَفضلٌ وَرجحانٌ على البَعِيد ، وَكَمَا أَنَّ تَرْجيحَ المَرْجُوح عَلى
الرَّاجِحَ قَبِيحٌ كَمَا ضّكرتَ فِي قَولِكَ لَا يَجوزُ أنْ يَكونَ البَعيدُ
أَكْثر ثَوابَاً مِنَ القَريبِ ، كَذلِكَ التَّسُوية بَينَ الرَّاجحِ وَالمَرْجُوح
أَيْضَاً قَبِيْحٌ ، غَايَةَ الْأَمرِ أَنَّ الْأَوَّل أَشدّ قُبْحاً وَأَوْضحُ
فَسَاداً ، فَمَا وَجْهُ حُكْمه بِالتَّسويةِ بَنَهُما في قوله : «فَأَنَا ضَامِنٌ
لهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ جَمِيعَ هّذَا الثَّوَابِ»؟!
قُلتُ
: المَفرُوضُ في السّؤالِ هو البَعيدُ
غير المَتَمكِّن مِن المَصيرِ إليهِ ، حَيث قَالَ
الرَّاوي «وَلَم
يُمْكنهُ المَصِيرُ إِليهِ» فأجابَه بِقولِهِ : «إِذّا كَان كَذلِكَ بَرزَ إلى
الصَّحْراءِ» ، فّهذّا الجَوابُ
مِنْهُ مُخْتصّ بِهِ ، لَكن يَجبُ تَنزيلُ الجَواب على غَيرِ المُتَمَكِن الذي
نَيّتهُ وَعَزمهُ وإِرادتهُ أَنَّهُ كَان مُتَمكِّناً لَصارَ إليهِ ، فَلا مانِعَ
لهُ مِنَ المصيرِ إِلَّا عجزه وعَدِم تمَكُنِهِ وقُدرَتِه ، ومِثل هّذا العَاجِز
المَحرُوم مِن الطَّاعَةِ لعجزِهِ بِحيث لو كَانَ قادِرَاً لأطَاع يجب التَّسويَة
بينَهُ وبينَ القَادر المُطيع في الثَّواب ، حتَّى فيما لو فَرض بِإزاءِ مُقدِّماتِ
الأفعَالِ كَما وردَ فِي أخْبارِ زائِرهِ عليه السلام أنَّهُ يُكتبُ لهُ بِكُلِّ
خُطْوةٍ حَجَّةٌ
، ولَا يجوزُ التَّرجِيح بَينَهُما فِيهِ.
بيَانُ
ذَلِك ؛ أنَّ التفاوتَ بينهما بالقُدرةِ
والعَجز يَرجعُ إِليهِ عليه السلام فتمكن القادِرُ مِن تَمكِينِهِ وإِقدَاره ، كما
أنَّ عَجْزَ العَاجز مِن تَعْجِيزِهِ وَتَرك تَسْبيب الْاسبَاب لَهُ ، وإلَّا
فَهُما مِن حَيث ذَواتهمَا وَمَاهِياتهمَا عَلى حَدٍّ سوَاءٍ لَا يَملِكان
نَفْعَاً وَلَا ضَرَّاً وَلَا مَوتَاً وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورَاً ، فَكلّ فِعليّةٍ
وَكَمالٍ ينَالُهُ المُمْكِنُ ، فَإِنَّمَا هُو مِن تِلقاءِ فَيضِ الوَاجِب تعالى
، وإلَّا فهو في نَفْسِهِ لَيْسٌ مَحْضٌ وَعَدَمٌ صِرْفٌ ، لا يخبر عنهُ بِالعجزِ
فضلاً عنِ القُدرةِ ، فَتِهيئةُ الأَسبَاب وتَوجِيهها مِن مَراتبِ إعْظَائِهِ ، كَما
أنَّ فَقدهَا مِن قبلِ مَنعِهِ ، لِأَنَّهُ وَليُّ الإِعْظاءِ وَالمَنع ، فَكُلٌّ
يَرْجِعُ إِلَيهِ ، فَلَو فَرضنَا أنَّ عَبداً مُؤمِنَاً كَان مًسْتَعِدَّاً
لِبعضِ الطَّاعَاتِ والقُرباتِ مُتهيَّئاً لهُ ، عازِماً عَليه ، مُتشوِّقاً إليه
، إِلّا أنَّه عاثَهُ عن ذلك عجزُهُ وَعدَمِ قُدرتِهِ وفقد أسبَابهِ ،
__________________
بحيث لَو كانَ
قادِراً لفعلَ لا مَحالة ، وَجب فِي عدلِ الله تعالى وحِكمتِهِ وجودِهِ المُطلقِ
أن يُعطيَهُ ما أعدَّ بِإزاءِ هذا العمَلِ مِن الأجرِ والثَواب ، إذِ المفرُوض أنّ
هذا الفوتَ لَيس مِن قبَلِهِ ، ومُستندٌ إلى تَقصِيرِهِ ، بلِ اللهُ هو الَّذي
فوَّتهُ عَليهِ بِتركِ تَسبِيبِ الأسبَاب ، لِأَنَّهُ مُسبِّبُ الأَسبَاب ، ومُسهِّل
الصِّعَاب ، فيجِبُ عليهِ تَدَارُك ما فوّتَه ، وإِلّا لَزِم البُخل ، تعالى اللهُ
عن ذَلكَ عُلوَّاً كَبيراً.
فإِن
قُلتَ : مَا نفقَهُ كَثيراً مِمَّا تقول ، أليس
القَادِرُ الفَاعِلُ رُبَّما يُصيبه ظَمَأٌ وَنَصَبٌ وَمَخْمَصَةٌ وَتَعَبٌ
، والعاجِزُ التَّارِك فارغٌ عَن جميعِ ذَلك ، فالإشكَالُ بِحالِهِ ، والجوابُ
المَذكورُ لا يُسمِنُ ولَا يُغنِي مِن جُوعٍ.
قلتُ
: نَعم ؛ ولكِنَّ العَاجِز التَّارِك
رُبَّما يُصيبُه لِأجْلِ حُرمَانِه عن فَضيلَةِ الطَّاعةِ مع شِدَّة شوقِهِ
ومحبَّتِهِ وعزمِهِ وإرَادتِهِ ، كما هو المفرُوضُ في محلِّ الكلَامِ هَمٌّ وَغمٌّ
شَديد ، وحُزنٌ طَويلٌ وحسْرَةٌ وانكِسارٌ وانقِباضٌ ، بَل رُبَّما كان التَّعبُ
الرَّوحَانيّ أشدُّ مَن التَّعبِ البَدنِيّ ، ورُبَّما يُؤدِّي ذَلكَ إلى البُكاءِ
والأَنِين والعَويل ، والقَادِرُ الفَاعلُ رُبَّما يَلحَقُهُ بِسَبَبِ فَوزِهِ
بِفَضيلَةِ فَرحٌ وسَرورٌ ونَشاطٌ وابتِهاجٌ وانبِسَاطٌ ، لِأنَّ ذلكَ مِن عَلامةِ
الإيمَان كَما في الخَبرِ المَرويّ عَن أمِيرِ المُؤمنينَ عليه السلام : «مَنْ
سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ ، وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ»
وَبعد تَعارض
__________________
الجِهات ، وتَزَاحم
الحَيثِيات مِن الطَّرَفينِ فلعَلَّ الأمرُ يَنتهي إلى التَّسَاوي.
وَقد أَخبَرَ بِهِ المُخبِر الصَّادِق
عليه السالم فيجِبُ تَصدِيقهُ ، ويَشهدُ لِما ذَكَرنَاهُ مَا وَرَدَ مِن السَّمعِ
، فَفي (رِوايةِ أَبي بَصيرٍ )
عَن أبِي عَبدِ الله
عليه السلام أنَّه قَال : «إِنَّ الْعَبْدَ المُؤمِنَ الْفَقِيرَ لَيَقُولُ : يَا
رَبِّ ؛ ارْزُقنِي حَتَّى أَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْبِرِّ وَوُجُوهِ
الخَيْرِ ، فَإِذَا عَلِمَ اللهُ عّزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ مِنْهُ بِصِدْقِ نِيَّةٍ ، كَتَبَ
اللهُ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلَ مَا يَكْتُبُ لَهُ لَوْ عَمِلَهُ ، إِنَّ اللهَ
وَاسِعٌ كَرِيمٌ» الحديث.
قَولهُ
عليه السلام «فَإِذَا عَلِمَ اللهُ
ذَلِكَ مِنْهُ بِصِدْقٍ نِيَّةٍ»
إِشَارةً إِلى ما ذَكرْنَا مِن المُلَازَمةِ بِأَن يَكُونَ العَاجز التَّارِك ، بِحيثُ
لَو كَان قَادِراً لَفعلَ فَلا مَانِع مِن الفِعل إلّا عَجزه.
قولهُ
عليه السلام «إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ
كَرِيمٌ» تَعلِيلٌ الحُكمِ بِسعتِهِ وكرمِهِ ، إِشارَةٌ
إلى مَا ذَكرنَا مِن لزُومِ البُخلِ عَلى تَقديرِ المَنعِ والحرمَان ، إِذ ذَلك
يُنافِي سِعته وكَرمه وجُوده المُطلَق.
__________________
ورواية
: (عَلِيّ بْن أَبِي حَمْزَةَ)
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى عليه السلام أنّه قال : «رَحِمَ اللهُ
فُلَاناً ، يَا عَلِيُّ ؛ لَمْ تِشْهَدْ جَنَازَتَهُ؟ قُلْتُ : لَا ، قَدْ كُنْتُ
أُحِبُّ أَنْ أَشْهَدَ جَنَازَةَ مِثْلِهِ ، فَقَالَ : قَدْ كُتِبَ لَكَ ثَوَابُ
ذَلِكَ بِمَا نَوَيْتَ».
ورواية
: (زَيد الشَحَّام)
عَن أَبِي عَبدِ الله عليه السلام أنَّهُ قَالَ : «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَنْوِي مِنْ
نَهَارِهِ أَنْ يُصَلِّيَ بِاللَّيْلِ ، فَتَغْلِبُهُ فَيَنَامُ ، فَيُثْبِتُ لَهُ
صَلَاتَهُ ، وَيَكْتُبُ نَفَسَهُ تَسْبِيحاً ، وَيَجْعَلُ نَوْمَهُ عَلَيْهِ
صَدَقَةً».
ورواية
: (جَابِر)
عَن أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام : «يَا جَابِرُ ؛ يُكْتَبُ لِلْمُؤْمِنِ
فِي سُقْمِهِ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ ، مَا كَانَ يُكْتَبُ فِي صِحَّتِهِ».
__________________
ورِوَاية
: (عَبد الله بن
سِنَان)
عَن أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام : «إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله
رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَتَبَسَّمَ ـ فِسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ ـ قَالَ : نَعَمْ
، عَجِبْتُ لِمَلَكَيْنِ هَبَطَا مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ، يَلْتَمِسَانِ
عَبْداً صَالِحاً مُؤْمِناً فِي مُصَلّىً كَانَ يُصَلِّي فِيهِ ، لِيَكْتَبَا لَهُ
عَمَلَهُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ ، فَلَمْ يَجِدَاهُ فِي مُصَلَّاهُ فَعَرَجَا
إِلَى السَّمَاءِ ، فَقَالَا : رَبَّنَا عَبْدُكَ فُلَانٌ المُؤْمِنُ الْتَمَسْنَاهُ
فِي مُصَلَّاهُ لِنَكْتُبَ لَهُ عَمَلَهُ لِيَْمِهِ وَلَيْلَتِهِ فَلَمْ نُصِبْهُ
، فَوَجَدْنَاهُ حِبَالِكَ
، فَقَالَ اللهُ
عَزَّ وَجَلَّ : اكْتُبَا لِعَبْدِي مِثْلَ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ فِي صِحَّتِهِ
مِنَ الخَيْرِ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ مَا دَامَ فِي حِبَالِي ، فَإِنَّ
عَلَيَّ أَنْ أَكْتُبَ لَهُ أَجْرُ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ إِذْ حَبَسْتُهُ عَنْهُ»
الحديث.
فَانظُر إلى قولِهِ «عَلَيَّ أَنْ
أَكْتُبَ لَهُ أَجْرَ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ إِذْ حَبَسْتُهُ عَنْهُ»
أي عليَّ تَدارُك مَا فوَّتهُ عَلَيه ، وَكلِمةُ «عَلَيَّ» مُفِيدةٌ لِلالتِزَامِ
بِالفِعلِ وقُبحِ التَّرْك.
ونَحوه (خَبَرٌ آخَرٌ)
لابنِ سِنانٍ عَنهُ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ : «قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله
يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمَلَكِ المُوَكَّلِ بِالمُؤْمِنِ إِذَا مَرِضَ : اكْتُبْ
لَهُ مَا كُنْتَ تَكْتُبُ لَهُ فِي صِحَّتِهِ ، فَإِنِّي الَّذِي صَيَّرْتُهُ فِي
حِبَالِي» ، إلى غَيرِ ذَلكَ مِمَّا وَردَ فِي
هَذا البَاب ، وَه كَثيرٌ جِدَّاً وَفَيما ذَكرنَا كِفَاية إِن شَاءَ اللهُ.
__________________
[شرح «يَا عَلْقَمَةُ
إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ تُومِئَ إِلَيْهِ
بِالسَّلَامِ ...»]
قوله
عليه السلام : * (يَا عَلْقَمَةُ
إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ تُومِئَ إِلَيْهِ
بِالسَّلَامِ ، وَقُلْتَ عِنْدَ الْإِيمَاءِ إِلَيْهِ وَبَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ
هَذَا الْقَوْلَ) *
عِبارَةُ (المِصْباح) هُنا مِن بعدِ
التَّكبيرِ وهو الصَّحِيح ، والرَّكعَتان مِن سَهوِ القَلمِ كَما يتَضِحُ فِيما
بَعد.
ثُمَّ أنَّه ذَكرَ الرَّكعَتَينِ
أَوَّلاً بِصِيغَةِ التَّعرِيفِ لِيكُونَ أّداة التَّعرِيف إِشَارةٌ إِلى مَا
سَبقَ ذِكرهُ ، كَقولِهِ تَعالى (أَرْسَلْنَا
إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) [المزمل آية ١٥ ، ١٦] ، ومِن هُنا
يتَجِهُ أن يُقال إنَّ ذِكرَ التَّكبِير هُنا أيضَاً بِصِيغةِ التَّعرِيفِ
يَقتَضِي سَبق ذِكر «لَهُ» أيضَاً حَتَّى يَكونَ التَّعرِيف إِشَارةٌ إلِيهِ كَما
فِي الرَّكعَتَينِ فَيُحتَمل قَويَّاً ، بَل هُو المُتَعيَّن أن تكون العِبارة
السَّابِقة هَكذا «بَرَزَ
إِلَى الصَّحْرَاءِ أَوْ صَعِدَ سَطْحاً مُرْتَفِعاً فِي دَارِهِ ، وَأَوْمَأَ
إِلَيْهِ السَّلَامَ» فكَانَ التَّكبِيرُ
مَذْكُوراً أوَّلاً أيضَاً كالرَّكعَتَين ، فلِذَا أتَى بِكلٍّ مِنهُما ثانِياً
بِصيغَةِ التَّعرِيف ، لأِجلِ سَبقِ الذِّكرِ ، لكِن التَّكبِير سَقَط مِن قَلمِ
الرُّواةِ أو النُّسَاخ ، بَل المُحتمل قَويَّاً أَن تكونَ العِبارة «وَكبِّر
مِائَةَ مَرَّة» كَما سَيظْهرُ فِيما بَعد.
ولَعمْرِي أنَّ النَّاظرَ فِي العِبارَة
أَعنِي قولَهُ «إِذَا أنتَ صَلَّيْتَ الرَّكعَتَين» إلى
قولِهِ «مِن بَعْدِ
التَّكْبيرِ» كُلَّما ازدَادَ فيها نَظراً وتَأمَّلاً ازْدَاد هَذا الاحتِمال
عِندَهُ وضُوحاً وظُهوراً ، ثُمَّ أنَّه يُستفادُ مِن هَذهِ العِبارَة تَرتِيب
العَمل بِدلَالَةٍ وَاضِحَة ، وأنَّ أوَّلَهُ التَّكبِير ثُمّ الإيْماء إِليهِ
عليه السلام بِهذَا القَولِ ثُمَّ صَلاة الرَّكعَتَين ، إلَّا أنَّهُ عليه السلا
سَلكَ فِي بَيانِ التَّرتِيبِ مَسلَكَ القَهقَرَى ، فابْتدَأ بالآخرِ مُنتَهياً
إلى الأوَّلِ ، فكأنَّهُ قَال : «إِذَا أَنْتَ صَلَّيتَ الرَّكعَتَين بَعد
الإيْمَاء إلِيهِ بِالسَّلَامِ وَأَومَأَت إلِيهِ بِهذَا القَولِ بَعد التَّكبِير
فَقد دَعَوت ، فَيكُونَ التَّكبِير أوَّلاً ، والصَّلَاة آخِراً ، والإِيمَاء
بِهذَا القَولِ وَسَطاً».
بقِيَ الكَلامُ فِيما وعَدنَاك مِن أنَّ
الصَّحيحَ هو التَّكبِير كَما هو فِي (المِصْباح) ، وَأنَّ الرَّكعَتَينِ كَما فِي
(الكَامِلِ) مِن سَهو القَلَم ، ولَابُدَّ أوَّلاً مِن نَقلِ كَلام (العلَّامة
المَجلِسيِّ قدس سره).
قال رحمه الله في (البحار)
، بَعدَ نَقل مَا فِي (الكَاملِ) و (المِصْباحِ) :
«بَيَانٌ ؛ قَولهُ عليه السلام «إِذَا
أنْتَ صَلَّيتَ الرَّكعَتَين» فِي العِبَارَةِ إِشْكالٌ وَإِجْمَالٌ وَتَحْتَمِلُ
وُجُوهَاً :
الْأوَّلُ
: أَنْ يَكُونَ المُرَاد فِعْل تِلْكَ
الْأَعْمَالِ وَالْأَدْعِيةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدهَا مُكَرَّر.
الثَّانِي
: أَنْ يَكُونَ المُرَادُ الْإِيْمَاء
بِسَلَامٍ آخَرٍ بِأَيِّ لَفْظٍ أَرَاد ، ثُمَّ الصَّلَاة ، ثُمَّ
__________________
قِرَاءَة هَذِهِ
الْأَدْعِية المَخْصُوصَة.
الثَّالِثُ
: أَن يَكُونَ المُرَادُ بِالسَّلَامِ
قَوله السَّلَامُ عَلَيكَ إِلَى أَنْ يَنْتَهِي إِلَى الْأَذْكَارِ المُكَرَّرَةِ
، ثم يُصَلِّي وَيُكَرِّر كُلّاً مِنَ الدُّعَائَينِ مِائةً بَعدَ الصَّلَاة
وَيَأْتِي بِمَا بَعْدَهُمَا.
الرَّابِعُ
: أَنْ تَكُونَ
الصَّلَاةُ بَعْدَ تِكْرَارِ الذِّكْرَينِ مِائَةً مِائَةً ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ
الصَّلَاةِ «اللهُمَّ خُصَّ أَنْتَ أَوَّلَ ظَالِمٍ» إِلَى آخِرِ الْأَدْعِيةِ.
الخَامِسُ
: أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ مُتَوسِطَةٌ
بَينَ هَذِين الذِّكْرَينِ لِقَولِهِ عليه السلام «وَاجْتَهَدَ عَلَى قَاتِلِهِ
بِالدُّعَاءِ ، وَصَلَّى بَعْدَهُ».
السَّادِسُ
: أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ مُتَصِلَةٌ
بِالسُّجُودِ ، وَلَعَلَّ هَذِهِ أَظْهَرُ لِمُناسَبَةِ السَّجُودِ للصَّلَاةِ ، وَلِأَنَّ
ظَاهِرَ الخَيْرِ كَون الصَّلَاة بَعْدَ كُلِّ سَلَامٍ وَلَعْنٍ ، واحْتِمال كَون
الصَّلَاةِ بَعْدَ الْأَذْكَارِ مِنْ غَيْرِ تَكْرِيرٍ بَعْدَهَا بَعِيْدٌ
جِدَّاً.
ثُمَّ اعْلَمْ أنَّ فِي (المِصْبَاحِ) وَ
(مَزَارِ السَيَّدِ )
مَكَانَ قَولِهِ «مِنْ
بَعدِ الرَّكعَتَينِ» قَوله «مِن بَعدِ التَّكبِيرِ» ، فَلَعَلَّ المُرَاد
بِالتَّكْبِيرِ الصَّلَاة مَجَازَاً ، وَعَلَى
__________________
التَّقَادِيرِ
العِبَارَةُ فِي غَايَةِ التَّشْويشِ ، وَلَعَلَّ فِعْل الصَّلَاةِ فِي المَواضِعِ
المُحْتَمِلَةِ كُلَّهَا ، و (الكَفْعَمِيُّ رحمه الله)
حَمَلَهُ عَلَى المَعْنَى الثَّانِي ، وَحَمَلَ التَّكْبِيرَ عَلَى التَّكُبِيرِ
المُسْتَحَبَّ قَبْلَ الزِّيَارَةِ حَيْثُ قَالَ : «وَيُومِي إِلِيهِ بِالسَّلامِ
، وَيَجتهد فِي الدُّعَاءِ عَلى قَاتِلِهِ» ثُمَّ يُصْلِي رَكْعَتَينِ ، ثُمَّ
ذَكَرَ النُّدْبَةَ وَالتَّعْزِيَةَ بِمَا مَرَّ.
ثُمَّ قَالَ : فَإِذَا أّنْتَ صَلَّيتَ
الرَّكْعَتَينِ المَذْكُورَتَيْنِ آنِفَاً ، فَكَبِّرِ اللهَ مِائَةَ مَرَّةٍ ، ثُمَّ
أَوْمِ إِلِيهِ ، وَقُل : السَّلَامُ عَلَيكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله إِلَى آخِرِ
الزِّيَارَةِ ، ثُمَّ قَالَ المَجلِسِيُّ رحمه الله قوله عليه السلام : «أنْ
تَزُورهُ فِي كُلِّ يَومٍ» هَذِهِ الرُّخْصَةُ تَسْتَلزِمُ الرُّخْصَةَ فِي
تَغْييرِ عِبَارَةِ الزِّيَارَةِ أَيْضَاً كَأَنّْ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنَّ
يَوْمَ قَتْل الحُسَيْنِ يَوْمٌ تَبَركَتْ بِهِ» ، انتَهى فِي (البِحَارِ) كلامُهُ
رُفِع في الخُلدِ مقامُهُ.
أقُولُ
: لَا رَيبَ أنَّ ما رُويَ عَن البَاقِر
عليه السلام فِي الكِتابَين (المِصْبَاحِ) و (الكَامِلِ) حَديثٌ واحِدٌ
، نَظراً إلى وِحدَةِ السَّائيل والمَسؤول عنهُ والسُّؤال ،
__________________
إِذ المُستَدِعي
القَائِل عَلَّمني دُعاءً أَدعو بِهِ في الكِتابَين هُو (عَلْقَمَةُ بْنُ
مُحَمَّدٍ) لَا غَير ، فَلا مَحالة يَكونُ الجَوابُ الصَّادرُ عنهُ لَفظاً واحِداً
، وكلَاماً واحِداً ، وعِبارَةً وَاحِدةً ، وَإنَّما الاختِلافُ مِن سَهوِ
الرُّواةِ أو النُّساخ ، فَالصادِرُ منهُ إِمَّا مِن بعدِ التَّكبيرِ كما في (المِصْبَاحِ)
، وإمَّا مِن بَعد الرَّكعتينِ كما في (الكَامِلِ) ، كُلٌّ مُحتملٌ فِي نفسِهِ ، والمعنَى
على الثَّاني صَلاة الرَّكعتَين قبلَ الزِّيارة وبعدهَا ، فَتكونُ الزِّيارةُ بَين
الصَّلاتَين ، كما أنَّها على الأَوَّل تَكون بَين تَكبيرٍ وصَلاةٍ ، لكِن رِوايةُ
صَفوانٍ عَن الصَّادقِ عليه السلام قَرينَةٌ واضِحةٌ صَريحَةٌ على التَّكبِير ، وأنَّهُ
الصَّحِيح ، وأنَّ الرَّكعَتين مِن سَهوِ الرَّاوي أو النَّاسخ ، مُضافاً إلى
تَأييدِهِ بِما في (مَزَارِ السَّيدِ رحمه الله) كما صرَّح بِهِ ، إِذ قَد عَرفتَ
أنَّ معنَى العِبارة عَلى الثَّاني تِكرار الصَّلاة أوَّلاً وآخِراً ، ولَيس فِي
رِواية (صَفْوَان) إلَّا صَلاةً واحِدةً بعد الزَِيارة الَّتي رَواها (عَلْقَمَةُ)
عَن البَاقِر عليه السلام ، كَما هُو نصُّ قَولِ (سَيفٍ) حيثُ قال : «فَلَمَّا فَرَغْنَا
مِنَ الزِّيَارَةِ ـ يعني زِيارَة أمير المؤمنين عليه السلام ـ صَرَفَ صَفْوَانُ
وَجْهَهُ إِلَى نَاحِيَةِ أَبِي عَبْدِ اللَهِ عليه السلام .. فَدَعَا صَفْوَانُ
بِالزِّيَارَةِ الَّتِي رَوَاهَا عَلْقَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ [الحَضْرَمِيُّ] ، عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ»
، وهذا كما تَرى صَريحٌ في وحدَةِ الصَّلاة ، وأنَّها بعد جميع ما رواهُ (عَلْقَمةُ)
مِن الزِّيَارة ، فَلو كَان فِي عَمل (صَفوان) صَلاة أُخرى قَبل الزِّيارة أيضاً
كَما هو مُقتَضى عبارة الرَّكعَتين على مَا مرَّ ، لوجَبَ ذِكرَهَا كَما ذَكَرها
بعد الزِّيارة ، وإذ لَيس فَليس ، فَظَهرَ أنَّ مَا فعلهُ (صَفْوانُ) حاكِياً عَن
فِعلِ الصَّادق عليه السلام ومَا رواهُ (عَلْقمَةُ) حاكِياً عَن قَولِ البَاقرِ
عليه السلام كانَا مُتَطابِقَين مُتَوافِقينَ لَا
اختلافَ بَينهُما
إلَّا في الدُّعاءِ الَّذي رواهُ (صَفْوانُ) عَن الصَّادق عليه السلام ، فلذا خصَّ
(سّيفٌ) السُّؤال بِهِ فقَال : «فَسَأَلْتُ صَفْوَانَ فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ
عَلْقَمَةَ بْنَ مُحَمَّدٍ لَمْ يَأْتِنَا بِهَذَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه
السلام إِنَّمَا أَتَانَا بِدُعَاءِ الزِّيَارَةِ» لكن فِعلُ صفوان خالٍ عَن
الصَّلاة قبل الزِّيارة المزبُور ، فيجِبُ خلّو قول (عَلْقَمة) عَنها أَيضاً
قضيَّةً للتَّطابق ، فتعيَّن أن يَكونَ لفظُ الرَّكعتين مِن سَهوِ القَلم ، وأنَّ
الصَّحيحَ هو التَّكبير كَما في (مَزارِ السَّيدِ ابْنِ طَاووس رحمه الله) أيضاً.
فإِن
قُلتَ : إِنَّا نمنَعُ التَّطابُق المَزبُور ، وسَندُ
المنعِ خُلوّ فِعل (صَفوان) عَن التَّكبيرِ أيضاً ، فَلو كَان الخُلّو دَليلاً
عَلى العَدمِ ، لدَلَّ عَلى نِفي التَّكبيرِ أيضاً ، وأنتَ قد قرَّرتَ إِثباته
بِما في (المِصبَاحِ) ، فَيَتحصَّل التَّعارض بَين الخَبرينِ في إثبَاتِ
التَّكبِيرِ ونَفيهِ.
قُلتُ
: مَا رواهُ (صَفوان) عَن فِعل الصَّادق
عليه السلام مِن هذِهِ الزِّيارة قد كَان مُتصلاً بزيارةِ الأميرِ عليه السلام
لقولِهِ : «فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنَ الزِّيَارَةِ صَرَفَ صَفْوَانُ وَجْهَهُ إِلَى
نَاحِيَةِ أَبِي عَبْدِ اللَهِ عليه السلام» فَقد تَعرَّض لِنقلِ وسَطِ العَملِ
وَلم يتعرَّض لابْتدائِهِ ، فَلعلّ التَّكبير كَان قبل الزِّيارَتين مِن بابِ
التَّداخل بَينَهُما فِيهِ ، بَل هو الظَّاهِر بِشهادَةِ وقوعِ التَّداخل بَينهُما
في الودَاع ، كما هو صَريحُ فَقراتِهِ ، والتَّكبير افتتاحُ العَمل ، والودَاع
اختِتامه ، فكَما وقَع التَّداخل بَين الزِّيارتين في الاختتامِ ، فالظَّاهرُ أنَّ
الافتتاحَ أيضاً كَذلك ، وأمَّا تَصحِيح
العِبارَتينِ أي مِن
بعدِ التَّكبيرِ ومِن بعدِ الرَّكعتين ، وتَوجيه أَحدَيهما بحيثُ ترجع إلى الأُخرى
، إمَّا بِحملِ التَّكبيرِ عَلى الصَّلاةِ مجازاً تَسميةً لِلكُلِّ باسمِ الجُزء
كَما أشارَ إلِيهِ في (البِحَار) ، وإمَّا بِحملِ الرَّكعَتَينِ عَلى التَّكبيرِ
مَجازَاً ، إِطلَاقاً لاسم الكُلّ على الجُزءِ ، كَما اختارَهُ بَعضُ الأجِلّاءُ
مِن السَّادةِ الفُحول صاحب كِتاب مطالع الأنوار في بَعضِ أَجوبةِ مسائلِهِ ، فلعلّه
خَطأٌ ظَاهِرٌ إِذ ذلك مع بُعدهِ في نفسِهِ كَما لا يخفى إِنّما يَتمُّ إِذا فَرضَ
صُدورهُما مَعاً وقَد عَرفت خِلَافه ، فَالمُتعيَّن هُو الحمل عَلى السَّهوِ لا
غَير ، ثُمّ لَو فَرضْنَا تَساوي الاحْتِمالَين وفَقد المُرجّح في البَين ، فغايةُ
الأمرِ الرُّجوع إلى الاحتياطِ بالجَمعِ بينَ التَّكبير والصَّلاة قبل الزِّيارة
حتَّى يَحصل العَمل بالاحْتِمالَين ، وهو أمرٌ سهلٌ هيِّن ، فما احتمله في (البِحَارِ)
واختارهُ بعض شُيوخِنا (قَدَّسَ اللهُ أسْرَارَهُم) مِن تَكرِير مَتن الزِّيارة
أَيضاً لَا وجه لهُ أصلاً.
وممَّا ذَكرَنا ظَهَرَ أنَّ الصَّادر في
الاختلافِ الآخر بَينَ الكتابين أيضاً أحدُ الأمرين ، إمَّا «وقُلْت» كَما في (الكَامِل)
، وإِمَّا «فَقُلْ» كما في (المِصْبَاح) ، وأنَّ الآخر من سَهو القَلم ، وظاهرٌ
أنّ الأوّل أولَى بالاعتِبار ، وأقربُ إلى النَّظم ، وأبعدُ عن التكلّفِ
والتَّعسفِ فهو أولى بالصُّدورِ مِنه عليه السلام ، بِخلاف الثَّاني فإنَّه لَا
يخلو عَن تكلفٍ وتسعفٍ كما لا يَخفى ، وحينَئذٍ فالأولَى أن يَكونَ الواو حَاليّة
، والتَّقدير بَعد أن تُومئ إليهِ بالسَّلامِ قائلاً عِند الإيماءِ إِلِيهِ مِن
بَعدِ التَّكبيرِ هضا القَول ، لَا عاطِفة عَلى «تُومِئ» كما اَختارُهُ بعضُ
الأجلّاءِ المُتَقدِّم ذِكرهُ فِيما مرَّ مِن كتابِهِ ، لأنَّ المَعطوفَ عَليه
مُضارع ، فالأَولى التَّعبيرُ بِه
في المَعطُوف أيضَاً
، ولَا وجهَ للعدُولِ إلى الماضِي.
نعم ، العَطفُ على «صَلَّيتَ» وجَيهٌ ، وعليهِ
فالتَّقديرُ : «يَا عَلْقَمَةُ إِذَا صَلَّيتَ الرَّكْعَتَينِ بَعدَ الْإِيْماءِ
إلِيهِ بِالسَّلَامِ ، وَقُلتَ هَذَا القَولَ عِنْدَ الْإِيمَاءِ مِن بَعْدِ
التَّكبِيرِ فَقَد دَعَوتَ بدُعَاءِ زُوَّارِهِ مِنَ المَلَائِكَة» ، فَقد ظهرَ
أنَّ المرجِع في أحدِ الاْتِلافَينِ هو (المِصْبَاح) ، وفي الآخر (كَامِلِ
الزِّيَارة) ، فهُما في ذَلك مُتَعاكِسان ، وظهَرَ أيضَاً أنَّ الرِّوايةَ أَصلاً
بِمُلاحَظةِ القَرينَةِ المزْبُورة لَا تَشْويشٌ ولَا إِجمالٌ فيها أصلاً ، بَل هِي
في كمالِ الظُّهورِ في إِفادَةِ المُراد.
والعجَبُ مِن (العَلَّامَةِ المَجْلِسيّ
رحمه الله) ومَن يحذُو حّذوهُ ، كيفَ رضُوا مِن أنفًسهِم بأن يَنسُبوا الإجمَال
والإِبهام إِلى الرَّوايَة ، مع أنَّه لَا رَيبَ أنَّها ورَدَت في مَقامِ البَيانِ
وتَعلِيم الرَّاوي العَظيمِ الشَّأن ، كَيفِية الزِّيارَة الشَّريفَة عَقِيب
استدعَائِهِ وسُؤاله إِجابةً لهُ ، ولا يَعقِل هُنالِك جِهةٌ مُقتَضيةٌ لِتعمِية
المُراد عَلى السَّائلِ وإبهَامِهِ عَليه ، فيكُون الإبهَام والإِجمال نَقضاً
للغَرضِ ، بل دالّاً على عجزِ المُتكلّم وقصُورِهِ عن إفادَة مَرامِه ومُرادِه ، تَعالى
وتَعالوا عَن ذلكَ عُلوّاً كَبيراً ، وقد مرَّ سابِقاً أنَّ مفادَ عِبارَة
الرِّواية ومُؤدَّاها في تَرتيبِ العمَلِ وكيفَيةِ الزِّيارةِ الشَّريفَة هو
التَّكبِير أوَّلاً ، ثُمّ الشُّروع في الزِّيارَةِ المَأثُورةِ المَزبورَةِ على
التَّرتيبِ المَعهودِ إلى الفَراغِ عَن السَّجدةِ ، ثُم صَلاة الرَّكعَتين.
وبِذلكَ قد تمَّت زيارَتهُ على روايةِ
يا (عَلْقَمَةُ) ، وحَصلَ لهُ الثَّواب المَوعُود ، لِصريحِ قولِهِ عليه السلام في
ذَيلِ الرِّوايةِ «يَا
عَلْقَمَةُ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَزُورَهُ كُلَّ
يَوْمٍ
مِنْ دَارِكَ [أَوْ دَهْرِكَ] بِهَذِهِ الزِّيَارَةِ فَافْعَلْ ، وَلَكَ ثَوَابُ
جَمِيعِ ذَلِكَ» ، ومَعلُومٌ أنَّ
المُشارَ إليهِ بقولِهِ «بِهَذِهِ الزِّيَارَةِ» ، هُو هَذا المقدَار الَّذي
علَّمهُ السَّائل.
وأمّا الذي رواهُ (صَفْوَان) فَهو
وَداعٌ لا زِيارَة ، وفرقٌ ظاهِرٌ بين الودَاعِ وبَين الزِّيارة ، فالزِّيارةً
عِند اللِّقاء ، والودَاع عِند الرَّحيلِ والفِرَاق ، وذَلك لِتصريحِ الرَّاوي
بِلفظِ الودَاع حيثُ قال : «ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ رَأْسِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ
عليه السلام ، وَوَدَّعَ فِي دُبُرِهِمَا أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عليه السلام
وَأَوْمَى إِلَى الْحُسَيْنِ بِالسَّلَامِ مُنْصَرِفاً بِوَجْهِهِ نَحْوِهِ ، وَوَدَّعَ
وَكَانَ فِيمَا دَعَاهُ فِي دُبُرِهَا يَا اللهُ يَا اللهُ يَا اللهُ» ثُمّ قال : «وَرَدْتُ
مَعَ سَيِّدِي أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام إِلَى هَذَا المَكَانِ ، فَفَعَلَ
مِثْلَ الَّذِي فَعَلْنَاهُ فِي زِيَارَتِنَا ، وَدَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ عِنْدَ
الْوَدَاعِ ، بَعْدَ أَنْ صَلَّى كَمَا صَلَّيْنَا ، وَوَدَّعَ كَمَا وَدَّعْنَاهُ».
فَقد بانَ أنّه لَا تَنافِي بَينَ رِوايَتِي (عَلْقَمة) و (صَفْوَان) في بابِ
الدُّعاءِ ، لأنَّ سؤالَ (عَلْقَمَة) إِنَّما كَان عن دُعاءِ الزِّيارَة فَقط ، حيثُ
قَال : «عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِذَا أنَا
زُرْتُهُ مِنْ قَرِيبٍ» فاقْتصَرَ في جوابِهِ عَلى تَعليمِ خُصُوصِ دُعاءِ
الزِّيارَة مِن غيرِ تعَرُّضٍ لِدُعاءِ الودَاع.
وأمَّا رِوايةُ (صَفْوان) فإِنَّها
حَاكيةٌ لِفعلِ الإِمَام في مَقامِ الزِّيارَة ، ومَعلُومٌ أنَّهُ لَا يَقتصِر في
مَقامِ عَمل نَفسِهِ عَلى الزِّيارَة فَقط ، مِن دُون الودَاعِ مِن الزِّيارَة
بِمنزِلَةِ التَّعقِيبِ مِن الصَّلاة ، فَهي بدُونِهِ كالصَّلاةِ بلا تَعقِيب
فَافهَم ، واغَتَنِم هَذا.
وإِذ
قَد عَرَفْتَ : أنَّ التَّكبيرَ هو
الصَّواب ، وأنَّ الرَّكعتين خَطأ.
فَنَقُول
: الظَّاهرُ أنَّ هذا التَّكبير مِائةَ
مرَّة كَما أشَرنا إليهِ سابِقاً ، والَّذي يدلُّ على ذَلك أمورٌ :
مِنْهَا
: مَا رُوي مُرسلاً في حاشيةِ (مَزَارِ
الشَّهيدِ رحمه الله )
عِند ذِكرِ زِيارة عَاشُوراء ، واللَّفظُ هكَذا : «وَعَنْ بَعْضِ الفُقَهَاءُ
رُضوَانُ اللهِ عَلَيهِمْ أَنَّهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنْ يُكَبَّرَ قَبْلَ
زِيَارَةِ عَاشُورَاءَ بِمائَةِ تَكْبِيرَة».
وهَذا كَما تَرى يدلُّ على أنَّ ذلِك
البَعض قَد وجَد رِوايةً أُخرَى مُرسلةً تدلُّ على ما ذكَرَهُ.
وَمِنْهَا
: تَصريحُ (الكَفْعَمِيُّ رحمه الله)
بِأنَّ التَّكبِيرَ مِائةَ مرَّة كَما حكَاه عنهُ في
__________________
(البِحَار)
، وهَذا يَكشِفُ عَن وجودِ نصٍّ عِندَهُ دالٌّ على ما ذَكرهُ ، إمَّا نَفس هذِهِ
الرِّواية بِناءً على ما استَظهَرنا ، وإمَّا رِواية أُخرى قد لبَغته كما مرَّ في
حاشيةِ (المَزار) ، ولو لَا ذَلك لما جَاز لهُ ما ذَكرهُ ، إِذ لَا مجالَ للنَّظرِ
والاجْتِهاد في المَقامِ ، لِأنَّهُ أمرٌ تعبَّديٌّ مَحضٌ ، معَ أنَّ (الكَفْعَمِيَّ)
وأمثَالهُ مِن أصحابِ الحَديثِ لا يَتعدَّون عَن مَدالِيل النُّصوص ، فحاشَاهُم أن
يَتقوَّلُوا على اللهِ ، ويَقترِحوا في دينِهِ ما لم يَرد نصٌّ مِنهُم عليه
السلام.
ومِنهَا
: تَتَّبع سائِر الزِّياراتِ الطَّويلةِ
المأثُورة عنهُم عليهم السلام في بابِ زِيارة النَّبيِّ صلى الله عليه وآله
والأئمَّةِ عليهم السلام فيُستكشف مِن مجموعِها أنَّ الزِّيارةَ الطَّويلة دون
المُختصَرات وافتِتَاحُها بالتَّكبيرِ مِائةَ مرَّة أو أَكثر ، مُتواليةً
مُتواصِلةً أو بِالتَّفريقِ ، أو ما يقُوم مَقامها كما ستقِفُ عَليه.
فَمِنهَا
: ما رواهُ في (البِحار)
في (بَابِ زِيارَة النبيِّ صلى الله عليه وآله) عن المفيد قدس سره أنَّه قال : «إِذَا
وَرَدْتَ [إِنْ شَاءَ اللهُ] مَدِينَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله فَاغْتَسِلْ
لِلزِّيَارَةِ ، فَإِذَا أَرَدْتَ الدُّخُول فَقِفً عَلَى الْبَابِ وَقُل : «اللَهُمَّ
إِنِّي وَقَفْتُ عَلَى بَبِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ نَبِيِّكَ ـ إلى أن قال ـ ثُمَّ
كَبِّرِ اللهَ تعالى مِائَةَ مَرَّة».
ومنها
: ما رواهُ فيه
في (باب زيارة أمير المؤمنين عليه السلام) عنِ (ابنِ
__________________
طَاووسٍ قدس سره )
أنَّه قال : «إِذَا
وَصَلْتَ إِلَى بَابِ النَّاحِيَةِ المُقَدَّسَةِ فَقُلِ : اللهُ أَكْبَرُ
ثَلَاثِينَ مَرَّةً لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ثَلَاثِينَ مَرَّةً ، الْحَمْدُ
لِلّهِ ثَلَاثِينَ مَرَّةً ، اللَهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ثَلَاثِينَ
مَرَّةً ، ثُمَّ مُقَدِّماً رِجْلَكَ الْيُمْنَى وَتَقُولُ : السَّلَامُ عَلَى
رَسُولِ اللهِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ ، السَّلَامُ عَلَى أَخِيهِ وَوَصِيِّهِ
أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ».
ثم حكى
عن (مُؤلِّف المَزارِ الكَبير )
أنَّه قال : «زِيَارَةٌ
أُخْرَى لَهُ تَقْصُد بَاب السَّلَام ، وَتُكَبِّرُ اللهَ أَرْبَعَاً
وَثَلَاثِيْنَ تَْبِيْرَة ، وَتَحْمَدهُ ثَلَاثاً وَثَلَاثِيْنَ تَحْمِيْدَة ، وَتَسَبِّحهُ
ثَلَاثَاً وَثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً ، وَتُهَلِّله أَرْبَعَاً وَثَلَاثِينَ
تَهْلِيَة ، ثُمَّ
__________________
تَسْتَقْبِلُ
الضَّرِيْحَ وَتَقُول : سَلَامُ اللَهِ وَسَلَامُ مَلَائِكَتِهِ».
أقول
: كأنَّ مجمُوع الأذكَار المزبُورة كُلٌّ
بِعددٍ مخصوصٍ فَردٌ آخرٌ ، وطَريقٌ آخر لافتتاح الزِّيارَة بِذكرِ الله تعالى في
قِبالِ افتِتاحِها بِمائةِ تكبِيرةً ، كَما أنَّ اختِتامها بالوداعِ قَد ورَدَ بِطُرقٍ
مُتكثَّرةٍ ، وأدعيةٍ مُتعددةٍ ، وعِبارَاتٍ مُختلفةٍ.
نَعم ؛ قَد وَردَ فِي زِيارتينِ مِن
زياراتِهِ عليهِ السلام الافتتاحِ بِثلَاثينَ تَكبِيرةٍ ، ولَعلَّ الإكتفاءَ
فِيهما بهذَا العَددِ لأِجلِ اختصَارِ الزِّيارَة ، أَحَدَهِما
ما رَواهُ في (البِحَارِ)
عنِ الصَّادقِ عليه السلام أنَّهُ علَّمها (مُحمَّدَ بْن مُسلِمٍ)
فَقَالَ : «إِذَا أَتَيْتَ مَشْهَدَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللهِ
عَلَيْهِ فَاغْتَسِلْ لِلزِّيَارَةِ ، وَالْبَسْ أَنْظَفَ قِيَابِكَ وَشَمَّ
شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ ، وَعَلَيْكَ السَّكِينَةَ وَالْوَقَارَ ، فَإِذَا وَصَلْتَ
إِلَى بَابِ السَّلَامِ فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَكَبَّرِ اللهَ ثَلَاثِينَ
تَكْبِيرَةً ، وَقُلِ السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ».
والثَّانية
ما رَواهُ فِيهِ
عنِ (الكِتابِ العَتيقِ الغَرَويّ)
وَفيهِ بَعد كَلامٍ
__________________
طَويل «ثُمَّ اخْطُ
عَشْرَ خُطُوَاتٍ ، ثُمَّ قِفْ وَكَبِّرْ ثَلَاقِينَ تَكْبِيرَةً ، وَقُلِ
السَّلَامُ عَلَيْكَ».
ومنها
: ما رَواهُ (الشَّهِيدُ) في (مَزارِهِ)
في زِيارَةِ المَبعثِ ورواهُ في (البِحارِ) أيضاً
عن (المُفيد) و (السيَّد) قالوا : «إِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ فَقِفْ عَلَى بَابِ
الْقُبَّةِ الشَّرِيفَةِ مُقَابِلَ ضَرِيحِهِ عليه السلام وَقُلْ : أَشْهَدُ أَنْ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ـ إلى أن قالوا ـ ثُمَّ ادْخُلْ وَقِفْ عَلَى ضَرِيحِهِ
عليه السلام مُسْتَقْبِلاً لَهُ بِوَجْهِكَ وَالْقِبْلَةُ وَرَاءَ ظَهْرِكَ ، ثُمَّ
كَبِّرِ اللهَ مِائَةَ مَرَّةٍ وَقُلِ السَّلَامُ عَلَيْكَ ...».
ومنها
: ما رواهُ في (كَاملِ الزِّيارة)
عن (أَبِي حَمزَة الثَّمالي) عنِ الصَّادق عليه السلام أنَّهُ قَال : «إِذَا أَرَدْتَ
المَسِيرَ إِلَى قَبْرِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام فَصُمْ يَوْمَ
الْأَرْبِعَاءِ ـ إِلى أَن قَال بَعد آدابٍ وأدْعيةٍ كَثيرةٍ ـ ثُمَّ تَأْتِي
الشَّطَّ [بِحِذَاءِ نَخْلِ الْقَبْرِ]
فَاغْتَسِلْ ـ إلى أن قال ـ ثُمَّ الْبَسْ أَظْهَرَ ثِيَابِكَ فَإِذَا لَبِسْتَهَا
فَقُلْ : اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ ثَلَاثِينَ مَرَّة ـ إلى أن قال ـ ثُمَّ
تَمْشِي قَلِيلاً وَقَصَّرْ خُطَاكَ ، فَإِذَا وَقَفْتَ عَلَى التَّلِّ
وَاسْتَقْبَلْتَ الْقَبْرَ فَقِفْ وَقُلْ : اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ
ثَلَاثِينَ مَرَّة ـ إلى أن قال ـ ثُمَّ امْشِ عَشْرَ خُطُوَاتٍ وَكَبِّرْ
ثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً ـ إلى أن قال ـ ثُمَّ امْشِ قَلِيلاً وَقُلِ اللهُ
أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ـ إلى أَن قالَ ـ بعد عِدَّة فُصول ـ ثُمَّ
كَبِّرْ خَمْساً وَثَلَاثِينَ تَْبِيرَةً إلى
__________________
آخر الزِّيارة».
ومِنها
: ما في (البحار)
عن (مُؤلّف المَزار الكبير
عن (صفوان) عن الصَّادِق عليه السلام أنَّه قال : «إِذَا أَرَدْتَ زِيَارَةَ
الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ فَصُمْ قَبْلَ ذَلِكَ ـ إلى أن
قال ـ فَإِذَا أَتَيْتَ الْفُرَاتَ فَكَبِّرِ اللهَ مِائَةَ مَرَّةٍ وَهَلِّلْ
مِائَةَ مَرَّةٍ وَصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله مِائَةَ مَرَّةٍ إلى
آخره».
ومنها
: ما رواهُ في (البحار)
عن (المُفيدِ) و (السَّيد) رحمهما الله في زِيارتِهِ في أوَّل يَومٍ مِن رَجبٍ
ولَيلتِهِ ، ولَيلةِ النِّصفِ مِن شَعبان ، واللَّفظُ هَكذا «فَإِذَا أَرَدْتَ زِيَارَتَهُ
عليه السلام فِي الْأَوْقَاتِ المَْكُورَةِ فَاغْتَسِلْ وَالْبَسْ أَظْهَرَ
ثِيَابِكَ ـ إلى أن قال ـ ثُمَّ ادْخُلْ عَلَى ضَرِيحِهِ وَكَبِّرِ اللهَ مِائَةَ
مَرَّةٍ وَقُلْ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ».
ومنها
: ما رواهُ في (البِحار)
عن (ابن طاووس) في زَيارة إبِي ابراهيم موسى بن جعفر عليه السلام وفيه : «ثُمَّ
تَدْخُلُ مُقَدَّماً رِجْلَكَ الْيُمْنَى ، فَإِذَا دَخَلْتَ فَكَبِّرِ اللهَ
تعالى مِائَةَ تَكْبِيرَةٍ ، وَتَقِفُ مُسْتَقْبِلَ الضَّرِيحِ وَتَقُولُ : السَّلَامُ
عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ».
ومنها
: ما رواهُ فِيهِ
في (بَابِ زِيارَةِ العَسكريين) عن (ابن طاووس) أنَّه
__________________
قال : «إِذَا وَصَلْتَ
إِلَى مَحَلأَّةِ الشَّرِيفِ بِسُرَّ مَنْ رَأَى فَاغْتَسِلْ ـ إلى أن قال ـ ثُمَّ
تَدْخُلُ مُقَدِّماً رِجْلَكَ الْيُمْنَى وَتَقِفُ عَلَى ضَرِيحِ الْإِمَامِ أَبِي
الْحَسَنِ الْهَادِي عليه السلام مُسْتَقْبِلَ الْقَبْرِ وَمُسْتَدْبِرَ الْقِبَلَةِ
وَتُكَبِّرُ اللهَ مِائَةَ تَكْبِيرَةٍ وَتَقُولُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا
الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ ـ وساق الزيارة إلى آخرها».
ثُم قال : «فَإِذَا أَرَدْتَ زِيَارَةَ
أَبِي مُحَمَّدٍ الحَسنِ العَسْكَريّ فَلْيَكُنْ بَعْدَ عَمَل جَمِيعِ مَا
قَدَّمْنَاهُ أَبِيْهِ الهَادِي عليه السلام ثُمَّ قِفْ عَلَى ضَرِيْحِهِ وَقُل : السَّلَامُ
عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ الحَسَنِ العَسْكَرِي».
ومِنها
: ما رواهُ
في زيارتهما أيضاً نقلاً عن (السِّيد) بعد ذكر الزيارة المُتقدّمة فقال : ثم قال
السيد رحمه الله «زِيَارَةٌ أُخْرَى لَهُمَا مَعاً سَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا [إِذَا
أَرَدْتَ ذَلِكَ فَتَسْتَأْذِنُ بِمَا تَقَدَّمَ]
، ثُمَّ تَدْخُلُ مُقَدِّماً رِجْلَكَ الْيُمْنَى ، فَإِذَا وَقَفْتَ عَلَى
قَبْرَيْهِمَا صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا فَقِفْ عِنْدَهُمَا وَاجْعَلِ
الْقِبْلَةَ بَيْنَ كَتِفَيْكَ ، وَكَبِّرِ اللهَ مِائَةَ تَكْبِيرَةٍ وَقُلِ : السَّلَامُ
عَلَيْكُمَا».
ومنها
: الزِّيارةُ الجامِعةُ الكَبيرةُ
المعروفة
المُفتتحة بمائةِ تكبيرةٍ
على النَّحو المعهود المعروف.
__________________
ومِنهَا
: زِيارةٌ جامِعةٌ كَبيرةٌ أُخرى غير
الجامعة المعروفة أوردَها في البحار
عقيب الأولى فقال : «أقُولُ رَأَيْتُ مِنْ بَعْضِ تَأْلِيْفَاتِ أَصْحَابِنَا نُسْخَةً
قَدِيْمَةً ذََرَ فِيْهَا هَذِهِ الزِّيَارَة وَقَدَّمَ قَبْلَهَا دُعَاءَ
الْإِذْن فَقَالَ : إِذَا دَخَلْتَ المَشْهَدَ فَقِفْ عَلَى الْبَابِ مُسْتَقْبِلَ
الْقِبْلَةِ وَقُلِ : اللَّهُمَّ ـ إلى أن قال بعد دُعاءٍ طويلٍ مُذكورٍ في
البِحار ـ ثُمَّ قُل : اللهُ أَكْبَرُ مِائَةَ مَرَّةٍ ، وَقِفْ مُسْتَقْبِلَ
الضَّرِيح ، وَاجْعَلِ الْقِبْلَةَ بَيْنَ كَتِفَيْكَ وَقُلِ : السَّلَامُ
عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتَ النُّبُوَّةِ».
ومِنها
: ما رواهُ في (البِحارِ)
في عِدادِ الزِّياراتِ المُطلقَة لمُطلق الإمامِ المعصومِ واللَّفظ هكذا «قَالَ
السَّيِّدُ رحمه الله هِيَ مَرْوِيَّةٌ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ عليه
السلام ـ إلى أن قال ـ ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ الضَّرِيحَ بِوَجْهِكَ وَتَجْعَلُ
الْقِبُلَةَ خَلْفَكَ وَتُكَبِّرُ اللهَ مِائَةَ تَكْبِيرَةٍ».
إلى غير ذلك مما يجده المُتتبِّعُ ، ولعلِّ
فيما ذكرنَا مِن العددِ المَيمون وحدهُ أو بِضميمةِ الأمرينِ السَّابقين كفايةٌ
لِما أوردنا.
وَللهُ الحمدُ وليّ كُلّ نِعمةٍ ومُزيل
كُلّ شُبهةٍ وظُلمةٍ.
__________________
[شرح «فَإِنَّكَ
إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ دَعَوْتَ بِمَا يَدْعُو بِهِ ...»]
قوله
عليه السلام : * (فَإِنَّكَ إِذَا
قُلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ دَعَوْتَ بِمَا يَدْعُو بِهِ مَنْ زَارَهُ مِنَ
المَلَائِكَةِ) * هذه العِبارة كَما ترى صريحةٌ في أنَّ هذه الزِّيارة بعينِها هي
زيارةُ المَلائِكة ، وبِها يُزورونَ الحُسين عليه السلام.
وعلى هذا فيشكل الأمر في قوله عليه
السلام «بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي» ، إذ هذه العبارة إنَّما تصحُّ مِن البشرِ دونَ
الملَك ، إذ ليس له أبٌ وأَمٌ ، اللهُمَّ إِلَّا أن يوجّه ويُقال أنَّ هذا
التَّركيب مِن المنقُولاتِ العُرفية ، فهو شبيهٌ بالمَجاز المُركَّب ، كقولهِم : «أَرَاكَ
تُقدِّمُ رِجْلاً وَتُؤخِّرُ أُخْرَى» ، «وَفُلَانٌ جَبَانُ الكَلْبِ»
، «مَهْزُولُ الفَصِيْل» ، «طَويلُ النَّجَاد»
، وإن لم يكن ثمَّة تقدّم رِجْلٌ وتأَخرها ، ولَا كلبٌ ولا فَصيلٌ ولا نجادٌ ، وإنَّما
المَقصودُ مِنهَا المَعانِي الثَّواني من التحيَّر والتَّرددِ والجُودِ وطُولِ
القَامة وَنحوِ ذلِك.
فكذلِك هذا التَّركيب ، إِذ ليس
المُرادُ بقولِ القَائل «بأبِي أنتَ وأُمّي» التَّفدية بأبَويهِ ، بَل المُرادُ
بنفسِهِ ، إمَّا حَقيقةً أو مُبالغة فِي التَّواضع
__________________
وتعظيم المفدى ، كما
وقع التصريح بذلك في فقرات دعاء الندبة
كقوله «بنفسي أنت من مغيب ، ما غاب عنا بنفسي أنت من نازح ما نزح عنا» ، «بنفسي
أنت من عقيد عز لا يسامى ، بنفسي أنت من أثيل مجد لا يجازى »
، وإنما أقحم الأبوان في بعض المواضع أو أكثرها ، وإن لم يكن هناك أب وأم إما
بالأصل أو في الحال تعظيما للفداء ، حتى يفيد تعظيم المفدى بأبلغ وجه وأتمه ، إذ
كلما عظم الفداء دل على عظم المفدى.
ولذا ورد هذا التركيب في مورد لا يصح
فيه إرادة التفدية بالأبوين ، كقولها عليها السلام
«بأبي العطشان حتى قضى ، بأبي المهموم حتى مضى
، بأبي من لا هو غائب فيرتجى ، ولا جريح فيداوى».
وأحسن منه قول أمها الصديقة الطاهرة
سيدة نساء العالمين عليها السلام لثلاث جوار من الحور العين دخلن عليها بعد وفاة
النبي صلى الله عليه وآله لتعزيتها وتسليتها ، وهي لا تعرفهن فتعجبت منهن فقالت
لهن : «بأبي أنتن من أهل مكة أم من أهل المدينة؟! فقلن : يا بنت محمد لسنا من أهل
مكة ولا من أهل المدينة ، ولا من أهل الأرض جميعا ، غير أننا جوار من الحور العين
من دار السلام ، أرسلنا رب العزة
إليك ، يا بنت محمد إنا إليك مشاقات.
__________________
قالت عليها السلام : فقلت للتي أظن أنها
أكبر سنا : ما اسمك؟! قالت : اسمي مقدودة ، قلت : ولم سميت مقدودة؟! قالت : خلقت
للمقداد بن الأسود الكندي
صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقلت
للثانية : ما اسمك؟! قالت : ذرة ، قلت ولم سميت
ذرة وأنت في عيني نبيلة ؟!
قالت : خلقت لأبي ذر الغفاري
صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقلت
للثالثة : ما اسمك؟! قالت سلمى ، قلت : ولم سميت
سلمى؟! قالت : أنا لسلمان الفارسي
مولى أبيك رسول الله صلى الله عليه وآله.
قالت فاطمة عليها السلام : ثم أخرجن لي
رطبا أزرق كأمثال الخشكنانج
الكبار ،
__________________
أبيض من الثلج ، وأذكى
ريحا من المسك الأذفر ، [فأحضرته]
، فقالت لي : يا سلمان ؛ أفطر عليه عشيتك ...» .
والقصة طويلة مذكورة في أول (مهج الدعوات)
بالسند المتصل إلى (سلمان
الراوي) عنها ، وإنما نقلنا هذه الجملة مع أنها أجنبية عما نحن فيه تشريفا لهذه
الرسالة بكلماتها النورية المباركة الشريفة ، وتيمنا وتبركا بها ، وفي آخرها تتمة
نافعة ، وفائدة جميلة ينبغي نقلها ، وهي قولها عليها السلام لسلمان : «ألا أعلمك
كلاما بكلام علمنيه أبي محمد صلى الله عليه وآله كنت أقوله غدوة وعشية ، قال سلمان
: قلت علميني الكلام يا سيدتي ، فقالت : إن سرك أن لا يمسك أذى الحمى ما عشت في
دار الدنيا فواظب عليه ، ثم قال سلمان : علمتني هذا الحرز فقالت :
بسم الله الرحمن
الرحيم
بسم
الله نور النور ، بسم الله نور على نور بسم الله الذي هو مدبر الأمور ، بسم الله
الذي خلق النور من النور ، الحمد لله الذي خلق النور من النور ، وأنزل النور
__________________
على
الطور في كتاب مسطور في رق منشور ، بقدر مقدور ، على نبي محبور ، الحمد لله الذي
هو بالعز مذكور ، وبالفخر مشهور ، وعلى السراء والضراء مشكور ، وصلى الله على
سيدنا محمد وآله الطاهرين.
قال سلمان : فتعلمتهن فو الله لقد
علمتهن أكثر من ألف نفس من أهل المدينة ومكة ممن بهم علل الحمى ، فكل برأ من مرضه
بإذن الله تعالى.
ولعل هذه العبارة أعني «بأبي أنت وأمي»
صدرت في زيارات الأنبياء للحسين عليه السلام من آدم وعيسى عليهما السلام ، إذ بعد
فرض صدورها عن مثل جبرئيل ، فلم لا يجوز ذلك من آدم وعيسى عليهما السلام؟! والمانع
في المقامين واحد والتوجيه واحد.
وبالجملة
فإن تم هذا التوجيه وإلا فلابد من الالتزام بأن هذا التعبير في تعليم (علقمة) من
باب التبديل بما يناسب حال الزائر من آحاد البشر ، وعبارة «الملائكة» كانت غير ذلك
، كتبديل «يوم تبركت به» بيوم قتل الحسين مثلا في غير عاشوراء ، وكذا قوله «وهذا
يوم فرحت به» فيبدل «هذا» ب ـ «هو» وب ـ «يوم قتل الحسين عليه السلام» ، وسيأتي
تفصيل ذلك في محله
إن شاء الله تعالى.
هذا ولكن بقي في المقام إشكال آخر لابد
من التأمل في دفعه ، وهو أنه عليه السلام لم قال «إذا قلت ذلك فقد دعوت بما يدعو
به من زاره من الملائكة» ولم يقل من زاره من الأنبياء؟!
__________________
مع أن الأنبياء أيضا يزورونه بهذه
الزيارة لا بغيرها ، وإلا لزم ترجيح المرجوح على الراجح.
إما منهم في زيارتهم له ، وإما منه عليه
السلام في تعليم (علقمة) ، واحتمال التساوي في الفضيلة بعيد جدا ، إذ لا داع حينئذ
لاختراع زيرة أخرى مثلها مع تداول هذه بين الملائكة.
ثم لا وجه حينئذ لتعليمه الراوي زيارة
الملائكة دون الأنبياء ، مع أن وظيفة آحاد الأمة التآسي والاقتداء بأنبيائهم لا
بالملائكة.
[شرح «وكتب الله لك
بها ألف ألف حسنة ...»]
قوله
عليه السلام : * (وكتب الله [لك]
بها ألف ألف حسنة ، ومحا عنك ألف ألف سيئة ، ورفع لك مائة ألف ألف درجة ـ إلى قوله
ـ وكتب لك ثواب كل نبي ورسول وزيارة كل من زار الحسين) *.
عبارة (المصباح) هنا «وكتب الله لك بها
ألف ألف درجة» والظاهر أن ما بين «كتب الله لك» إلى «مائة ألف ألف درجة» مما ذكر
في (الكامل) قد سقط عن (المصباح) ، إذ قد عرفت أن رواية الكتابين رواية واحدة لا
روايتان .
فالعبارة الصادرة عن الإمام عليه السلام
إحدى العبارتين لا محالة ، وإنما الإختلاف من قبل الرواة أو النساخ ، وحينئذ
فاحتمال هذه الزيادة الكثيرة الطويلة سهو وخطاء بعيد جدا.
وأما احتمال السقط فليس بذلك البعيد ، كما
هو المشاهد المحسوس كثيرا في الكتب ، مضافا إلى قاعدة التسامح
في الثواب البالغ بعد إحراز صدق موضوع البلوغ كما مر سابقا .
__________________
هذا ثم إن هذه الفقرة تتضمن بيان ثوابين
، أحدهما بإزاء خصوص هذه الزيارة المخصوصة المأثورة ، وهو ما ذكره أولا بقوله : «وكتبب
الله لك بها ألف ألف حسنة ـ إلى قوله ـ وكتب» وهذا الثواب هو ما به فضل المأثور
على المطلق ومزيته عليه ، والثاني بإزاء مطلق الزيارة ولو بألفاظ أخرى ينشئها
الزائر من تلقاء نفسه حسبما سنح له ، وهو ما ذكره أخيرا بقوله «وكتب لك ثواب كل نبي
ورسول».
وهذا الثواب الذي ذكرنا سابقا أنه عليه
السلام فصله أولا بقوله «لقي
الله عز وجل [يوم القيامة] بقواب ألفي ألف حجة»
وأكده بقوله : «فمن
فعل ذلك كتب له ثواب ألف ألف حجة»
ثم أجمله ثانيا بقوله «وكان
له ثواب مصيبة كل نبي ورسول».
وذكره ها هنا بقوله «وكان له ثواب مصيبة
كل نبي ورسول» والمراد ثواب زيارة
كل نبي ورسول ووصل وصديق وشهيد طباقا لما ذكره سابقا ، ترك الثلاثة الباقية هنا
اكتفاء بذكرها فيما سبق ، فقد ذكر التفصيل في موضعين ، والإجمال أيضا في موضعين ، وهذا
كما ترى يدل على كمال المبالغة والعناية والاهتمام بشأن هذه الزيارة الشريفة.
وقد ذكرنا سابقا أيضا أن المقصود هو
ثواب مجموع الأمرين من مصيبتهم وزيارتهم ، وغن اقتصر على ذكر أحدهما في أد
الموضعين ، والآخر في الآخر ، اكتفاء بالمذكور عن المحذوف كما مر مشروحا .
__________________
[شرح «وزيارة كل من
زار الحسين بن علي منذ يوم قتل ...»]
قوله عليه السلام : * (وزيارة كل من زار
الحسين بن علي عليه السلام منذ يوم قتل) *.
أي كتب لك ثواب زيارتهم ، يعني مثل ذلك
الثواب ومعادله ، ولابد أن يكون المراد زيارتهم بغير هذه الزيارة التي يزور بها
الملائكة ، وإلا لزم الدور ، إذ لا اختصاص لهذا العمل وهذا الثواب بشخص (علقمة) ، بل
كل من زاره بهذه الزيارة كتب له ثواب زيارة كل من زار الحسين عليه السلام ، فثواب
زيارة كل واحد هو مجموع ثواب زيارات جميع الزائرين ، فتعين مقدار ثواب كل واحد
يتوقف على تعين مقدار ثواب الباقين وهذا دور ، وأيضا يلزم أن يكون الشيء جزء لجزئه
، وكلا لكله كما لا يخفى ، وبعبارة أخرى يلزم أن يكون جزء الشيء كله وبالعكس ، أي
وكله جزئه.
فتعين أن يكون المراد بالزيارة المشبه
بها زيارة كل من زار الحسين عليه السلام بغير هذه الزيارة الخاصة ، ولو كان مأثورا
كسائر الزيارات المأثورة ، وهذا الثواب الجزيل كما ترى أمره عجيب غريب ، يكاد يخرج
تصوره عن طوق البشر ، وهذه أيضا فضيلة أخرى لهذه الزيارة على غيرها.
وفقنا الله معاشر شيعة آل محمد لملازمة
هذه الزيارة الشريفة ، بحق المزور وجده وأبيه وأمه وأخيه والطاهرين من ذريته
وبنيه.
وبالجملة
فقد تبين أن لهذه الزيارة المخصوصة
المأثورة فضيلتين على غيرها ولو كان مأثورا ، فمن زاره بها فقد أحرز الفضائل
الثلاث ، ومن زاره بغيرها فله ما سلف في صدر الرواية فحسب.
هذا وإذ قد فرغنا عن شرح عبارة الرواية
، فلنرجع إلى شرح عبارة الزيارة وعبارة دعاء الوداع.
[شرح «يا ثار الله
وابن ثاره ...»]
فنقول : قوله عليه السلام
* (يا
ثار الله وابن ثاره) *
في (الصحاح )
في مادة (ثأر) مهموز
العين : «الثأر والثؤورة : الذحل» ، وقال : «ثأرت القتيل [و]
بالقتيل ، ثأرا وثؤرة ، أي قتلت قاتله.
والثائر : الذي لا يبقى على شيء حتى يدرك ثأره ، ويقال أيضا هو ثأره ، أي قاتل
حميمه ، قال جرير
:
[وامدح سراة بني فقيم إنهم]
|
|
قتلوا أباك وثأره لم يقتل
|
__________________
وقوله
: يا ثارات فلان أي قتلة فلان ، ويقال : ثأرتك
بكذا أي أدركت به ثأري منك».
وفي (القاموس )
في تلك المادة أيضا
: «الثأر الدم والطلب به وقاتل حميمك ، وثأر به : كمنع : طلب دمه كثأره وقتل قاتله».
وفي (ترجمته) «ثأر خون وطلب خون وكشنده
خويشاوند تست وثأر به كمنع يعني طلب كرد خون او را مثل ثأره وكشت كشنده او را».
في (الطراز)
في تلك المادة أيضا : «الثأر كفلس الذحل ، وطلبه وطالبه والمطلوب به ، وهو من عنده
الذحل ، قال : قتلت به ثأري ، وأدركت ثأري وثأرت حميمي ثأرا كمنع قتلت قاتله فهو
مثئور ومثئور به ، وزيدا بحميمي
__________________
قتلته ، فهو مثئور
وأنا ثائر ، وثأر بالهمز كعدل ، وبدونه على أنه محذوف من الثأر ، كشاك من الشائك ،
فلا يهمز لأنه ألف فاعل ـ إلى أن قال ـ والثارات جمع الثار بمعنى الذحل ، ومنه
يالثارات الحسين عليه السلام يعني تعالين يا ثاراته وذحوله ، فهذا أو ان طلبكن ، وقيل
وهي جمع ثار بمعنى الطالب للثار يناديهم ليعينوه ، وقيل بمعنى المطلوب به أي يا
قتلته يناديهم تقريعا لهم وتفظيعا للأمر عليهم ، ـ ثم قال في نقل الأثر ـ «أشهد
أنك ثار الله وابن ثاره» ، الثأر هنا الذحل جعلهما ثارين لله ، لأنه الطالب
لدمائهما من قتلتهما في الدنيا والآخرة ، وخفى على بعضهم هذا المعنى فقال : لعله
مصحف من ثائر الله وابن ثائره ـ وعلى صحة معناه فلا داعي إلى دعوى التصحيف إذ كان
الثأر بمعنى الثائر أيضا ثم قال المثل
: «يا ينام من ثأر» ، أي من طلب الثأر حرم على نفسه النوم حتى يدرك ثأره».
والثأر في الكتابين كما ترى ثد فسر
بالذحل ، والظاهر أن الذحل مشترك بين الحقد والعداوة وبين دم المقتول ظلما ، وبين
طلب هذا الدم.
فما في (الصحاح) من التفسير محمول على
المعنى الثالث ، كما أن ما في (الطراز) محمول على الثاني.
ففي (القاموس)
: «الذحل : الثأر أو طلب مكافأة فجناية جنيت
__________________
عليك ، أو عداوة أتيت
إليك ، أو هو الدعداوة والحقد» انتهى ، وقد مر منه أنه فسر الثأر بالدم.
وفي (الصحاح)
: «الذحل : الحقد والعداوة ، يقال طلب بذحله أي بثأره».
وفي (المصباح )
: «الذحل الحقد ـ إلى أن قال ـ وطلب بذحله ووترهم ودمائهم ، يطلب بذحله أي بثأره ،
والذحل الثأر وكذا الوتر بالفتح ، وكرر للتأكيد ، والذحل الحقد والعداوة» .
ولا يخفى أن الذحل الواقع في حيز الطلب
في تلك العبارات لا معنى له إلا الدم المزبور بقرينة الطلب ، إذ لا يصح إرادة طلب
العداوة كما هو واضح ، ثم إن المستفاد من مجموع ما ذكرنا هو أن الثأر يطلق على
الدم المسفوك بغير حق أي دم المقتول ظلما ، وهو المراد في المقام ، سواء طلبه وليه
من القاتل كدم أمير المؤمنين عليه السلام أم لا كدم أبي عبد الله الحسين عليه
السلام وأهل بيته وأصحابه.
__________________
فما في (القاموس) من التفسير بمطلق الدم
فهو من باب سعد أنه نبت على ما هو عادة اللغويين من التفسير بالأعم ، ويشهد لهذا
المعنى الأدعية المأثورة عنهم عليهم السلام.
ففي دعاء الندبة : «أين الطالب بذحول
الأنبياء ، أين الطالب بدم المقتول بكربلاء»
.
وفي الصلوات الطويلة المذكورة في (زاد
المعاد)
بعد دعاء الندبة عند الصلاة على الصديقة الطاهرة «اللهم كن الطالب لها ممن ظلمها واستخف
بحقها ، اللهم وكن الثائر لها بدم أولادها».
وهذا من باب التجريد إذ الثائر هو طالب
الدم المخصوص ، وعند الصلاة على أبي عبد الله الحسين عليه السلام
: «السلام
عليك يا أبا عبد الله ... وأشهد أن الله تعالى الطالب بثأرك».
وفي دعائه عليه السلام يوم عرفة «وانصرني
على من ظلمني ، وارزقني [فيه]
مآربي وثأري» كذا في (زاد المعاد) ، وفي (الصحيفة الحسينية )
«وانصرني على من
__________________
ظلمني
، وأرني فيه ثأري ومآربي»
.
وأيا ما كان فالمراد طلب ثأري ، لكن
المناسب على الأول : «وارزقني فيه أن أطلب ثأري» ، وعلى الثاني : «وأرني فيه أن
تطلب ثأري» وقد مرت رواية المجلسي أيضا.
ولا يخفى على المتأمل في هذه العبارات
أن الذحل والوتر والثأر كلها بمعنى الدم المخصوص المزبور ليس إلا ، وحينئذ فيتجه
على العبارة إشكال ، وهو أن الثأر إذا كان معناه الدم المخصوص ، فكيف يصح إطلاقه
على المنادى ، والتعبير به عنه ، إذ ليس المنادى كله ثأر ، بل الثأر جزء من أجزاء
بدنه ، فينبغي إضافته إليه أولا ، كما مر في عبارة الدعاء ، أعني قوله : بثأرك ، وقوله
: ثأري.
فيقال
في المقام : «السلام عليك يا من
ثأره ثار الله» ، ويمكن دفعه بأن إطلاق الثأر على المنادى مضافا إليه تعالى مبتني
على تنزيل تمام شخصه بجميع أجزائه وأعضائه منزلة ثأره تعالى ، تعظيما وتشريفا له ،
وإرادة لمزيد الاختصاص به ، وكمال العناية والاهتمام بشأنه ، كما أطلق
«عين الله»
__________________
و «يده» و «أذنه» و «وجهه»
و «جنبه» على أمير المؤمنين عليه السلام ، لأجل التنزيل المزبور في زيارته
المعروفة ، وهو قوله
«السلام عليك يا عين الله الناظرة ، ويده الباسطة وأذنه الواعية ـ إلى أن قال ـ السلام
على اسم الله الرضي ، ووجه المضيء وجنبه العلي» فهذا الإطلاق اللفظي مقيدا بهذه
الإضافة ، وإن كان نوع تعظيم وتشريف بحسب اللفظ لكنه متفرغ على ذلك التنزيل
المتفرع على التعظيم والتشريف والإختصاص بحسب المعنى.
ثم إن هذا الإختصاص المدلول عليه
بالإضافة الموجب للتنزيل المزبور أوجب طلبه تعالى لهذا الدم من القاتل على أنه
تعالى ولي الدم وصاحبه ، فيكون طلب طلب المستحق حقه من خصمه ، لا طلب الحاكم لحق
أحد المتحاكمين المتخاصمين من الآخر ، فهذا الطلب طلب من باب الولاية ، لا من باب
الحكومة ، لأن الطلب من باب الحكومة ثابت له تعالى في حق كل أحد.
لأنه الحكم العدل بين عباده ، ينتصف من
الظالمين للمظلومين ، من غير فرق بين عبد حبشي ، وسيد قرشي ، فليس هذا خصيمة
بالحسين عليه السلام ، ولا شرافة وكرامة وفضيلة له.
وعلى ما ذكرنا من الطلب من باب الولاية
ينزل قوله عليه السلام في الدعاء
__________________
المتقدم «أشهد أن
الله تعالى الطالب بثأرك» ومن هنا يظهر ما في كلام (الطراز) في شرح عبارة الرواية
، وهو قوله «جعلهما ثارين لله ، لأنه الطالب لدمائهما من قتلتهما» ، فقد علل الجعل
المزبور الذي هو عبارة عن التنزيل المذكور بالطلب ، وقد عرفت أن الأمر بالعكس.
ثم إن قوله في رد من احتمل التصحيف في
عبارة الرواية يدل على تسليمه لصحة إرادة اسم الفاعل من هذه العبارة ، وليت شعري
كيف يصح أن يقال أنك ثائر الله ، وكيف يعقل ويتصور هذه الإضافة ، إذ قد عرفت أن
الثائر إما قاتل الحميم ، وإما طالب دم القتيل من قاتله ، وأيا ما كان ، يستحيل
إضافته إلى الله تعالى كما لا يخفى ، بل اللازم أن يعكس الإضافة ويقال : «أن الله
ثائرك» أي طالب جمك من قاتلك ، فيطلق الثائر على الله تعالى كما في عبارة الدعاء
المتقدمة ، أعني قوله «وكن الثائر اللهم بدم أولادها».
ثم إن لفظ الثأر كما عرفتت مهموز العين
، وقد ثبت في محله جواز تخفيف الهمزة الساكنة المتوسطة بقلبها إلى الحرف المجانس
لحركة ما قبلها من ألف أو ياء أو واو ، ولأجل ذلك تكتب الهمزة بصورة ذلك الحرف
المقلوب إليه ، كرأس ، وكأس ، وبئر ، وذئب ، وضئر
وبؤس ، وسؤل ، وسؤر .
__________________
وقد قرء (أبو عمرو)
في (الرأس) [مريم ٤] ، و (البأس) [البقرة ١٧٧] ، و (كأس) [الإنسان ٥] كلها بتخفيف
الهمزة
كما في (تفسير النيشابوري )
.
وقرء (الكسائي)
وجماعة
في لفظ (الذئب) في المواضع الثلاثة
في سورة يوسف بالتخفيف كما في (مجمع البيان )
، ولما كان الغرض من
هذه
__________________
الزيارة المأثورة
المحافظة على خصوص الألفاظ الصادرة عنه عليه السلام لئلا يفوت ما مر من ذلك الثواب
الجزيل الموعود عليها ، كان اللازم الاحتياط بالجمع بين الأصل والتخفيف.
[شرح «والوتر الموتور»]
قوله عليه السلام * (والوتر
الموتور) *.
قد وردت هذه العبارة والعبارة السابقة
في الزيارة الأخيرة
من زيارات شهر محرم المذكورة في (زاد المعاد)
عقيب زيارة عاشوراء ، والعبارة هكذا «السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره ، السلام
عليك أيها الوتر الموتور».
في (الصحاح)
: «الوتر بالكسر : الفرد ، والوتر بالفح : الذحل ، هذه لغة أهل العالية
، وأما
لغة أهل الحجاز فبالضد منهم ، وأما (تميم)
فبالكسر فيهما ـ إلى أن قال ـ والموتور : الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه ، تقول
منه : وتره يتره ، وترا وترة».
__________________
وفي (القاموس)
: «الوتر بالكسر ، ويفتح الفرد والذحل ، [أو الظلم فيه]
، كالترة والوتيرة ـ ألى أن قال ـ والموتور : من قتل له قتيل فلم يدرك بدمه».
وفي (الطراز) : «الوتر كعهن الفرد وهي
لغة (تميم) و (قيس)
، وكفلس لغة (قريش) والحجاز ، ومنه الوتر للذحل ، وهو الثأر لأن من وترته أي قتلت
حميمه فقد أفردته منه ، وهو كعهن في لغة (تميم) والحجاز ، وكفلس في لغة العالية ، جمعه
أوتار ، ووترت العدد وترا ، كوعد أفردته والرجل ترة كعدة ، ووترا كوعد قتلت حميمه
وأفردته منه ـ ألى أن قال ـ وطلب وتره وترته ووتيرته ثاره وذحله ، وله عنده ترات
جمع ترة ، كعدة وعدات ورجل موتور ، قتل له قتيل فلم يأخذ بدمه».
والمستفاد من هذه الكلمات أن الوتر يطلق
على معنيين آخرين سوى الفرد ، أحدهما معنى مصدري حدثي ـ وهو قتل حميم الإنسان مع
عدم تمكنه من أخذ دم قتيله ـ وهذا القيد لأجل أنه قد اشتق منه الموتور الذي قد
صرحوا فيه بأنه من قتل له قتيل فلم يدرك بدمه ، ويؤيده عبارة الزيارة
__________________
المعروفة
«لقد أصبح كتاب الله فيك مهجورا ، ورسول الله فيك محزونا».
ومنه قوله عليه السلام يوم الطف
وهو واقف على رأس ابن أخيه (القاسم)
«هذا يوم كثر واتره ، وقل
ناصره» أي كثر فيه قاتل الحميم ولم يؤخذ بدمه.
والثاني معنى اسم العين ، وهو دم
المقتول ظلما وبغير حق ، لأنهم فسروه بالذحل ، وقد مر سابقا أن الذحل يطلق على
معان ثلاثة : العداوة ، ودم
__________________
المقتول ظلما ، وطلب
هذا الدم.
والمناسب للوتر من بين هذه المعاني هو
الدم ، بقرينه إيقاع الطلب عليه في عبارة الدعاء المتقدم ، وفي عبارة (المجمع) و (الطراز)
، هذا مضافاً إلى أن إرادة الدم المزبور في المقام ، أعني عبارة الزيارة الشريفة
مما لا بد منه ولا محيص عنه ، لكونه عطفا على المنادى ، ومن المعلوم عدم صحة إرادة
شيء من المعنيين الآخرين.
ثم صريح عبارة (الطراز) أن الوتر بمعنى
الدم أو قتل الحميم ، مأخوذ من الوتر بمعنى الفرد ، وهذا مما لا يساعد عليه جميع
موارد الاستعمالات الواردة في الخطابات ، إذ منها قوله عليه السلام في الزيارة
المعروفة «لقد
أصبح كتاب الله فيك مهجورا ، ورسول الله فيك محزونا»
، ولا يصح إرادة الإفراد في هذا الموضع ، لأن قتله عليه السلام بعد وفاة النبي صلى
الله عليه وآله صار سببا لاجتماعهما لا للإفتراق بينهما ، كما هو معنى الإفراد
لأنه إنما يتحقق إذا كان صاحب القتيل حيا موجودا في الدنيا.
ومنها
قوله عليه السلام في الدعاء المتقدم المذكور في (زاد المعاد)
في أدعية شهر رمضان : «اللهم
اطلب بذحلهم ، ووترهم ودمائهم»
، ولا يخفى أنه لا يمكن توجيه الفرد والأفراد هنا بوجه من الوجوه ، بل المتعين هو
إرادة الدم المزبور لا غير.
__________________
وبالجملة فإرجاع «الوتر» بالمعنيين
الأخيرين إلى الوتر بمعنى الفرد تكلف وتعسف مستدرك ، لا يستقيم ولا ينطبق على جميع
موارد الاستعمال ، فلا داعي إليه.
نعم ، إرجاع أحد الأخيرين إلى الآخر
تقليلا للإشتراك لا مانع منه بأن يقال أنه وضع في الأصل مصدرا معناه سفك دم الحميم
ظلما بلا قصاص ، ثم نقل منه وأطلق على نفس ذلك الدم المسفوك كسائر المصادر
المنقولة ، كالرهن والقربان وغيرهما ، إذ كل منهما وضع أولا مصدرا ثم نقل وأطلق
على نفس العين المرهونة ، ونفس الهدى المتقرب به.
ثم إنك قد عرفت مما نقلنا أن لفظ «الوتر»
بالمعنيين الأخيرين بالفتح في لغة قوم من العرب ، وبالكسر في لغة آخرين ، وعرفت أن
الاحتياط يقتضي الجمع بينهما محافظة على خصوص ما ورد ، ومن العجب أن المشهور
المعروف في «الوتر» لفظا وكتبا بالكسر في عبارة الزيارة ، وبالفتح في عبارة الدعاء
المتقدم ، مع أن المعنى في الموضعين واحد ، وعرفت أن صاحب (المجمع) ضبطه بالفتح
فقط.
[شرح «عليكم مني
جميعا سلام الله أبدا ...»]
قوله عليه السلام : * (عليكم مني جميعا سلام
الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار)
*.
«عليكم»
خبر مقدم ، و «سلام الله» مبتدأ مؤخر ، و «مني»
ظرف لغو
متعلق بعامل مقدر خاص ، كالسؤال والالتماس والاستدعاء ، وهو حال للمبتدأ ولو
باعتبار ضميره المستتر في الخبر.
و «جميعا»
حال مؤكد لضمير الجمع ، قال (البيضاوي )
في قوله تعالى (قلنا
اهبطوا منها جميعا) [البقرة ٣٨] : (جميعا) : «حال في اللفظ ، تأكيد في المعنى ، كأنه
قيل اهبطوا أنتم أجمعون ، ولذلك لا يستدعي اجتماعهم على الهبوط في زمان واحد كقولك
جائوا جميعا».
والتقدير «عليكم مني جميعا سلام الله»
سؤالا أو التماسا أو استدعاء مني كأنه قال أسئل الله أن يسلم عليكم جميعا ، وإنما
أضاف السلام إلى الله ، وجعل نفسه سائلا ولم يضفه إلى نفسه فيقول : عليكم مني
السلام ، تعظيما وتبجيلا للسلام والتحية لأجل تعظيم المسلم عليه ، لأن سلام الخالق
وتحيته فوق سلام المخلوقين وتحيتهم ، وتحقيرا لسلام نفسه ، بدعوى أن سلامه وتحيته
لا تليق بعلو مقامهم صلوات الله عليهم.
__________________
ثم إنك قد عرفت أن «جميعا»
قيد لضمير الجمع ، وكلمة «مني»
قيد للمبتدأ ، فحق كل واحد منهما أن يتصل بمقيدة فيقال : «عليكم مني جميعا سلام
الله» ، ولم يظهر لي وجه تقديم «مني»
، فيحتمل كونه من سهو الرواة ، فلا تترك الاحتياط.
ثم إن قوله «أبدا»
يفيد التأبيد ، وقوله «ما
بقيت» يفيد التوقيت بناء على ظاهره من
البقاء في الدنيا ، وكذا قوله «وبقي
الليل والنهار» ، إلا أن مدة
البقاء في الأول قصيرة ، وفي الثاني طويلة فيقع التنافي بين التأبيد والتوقيت ، وفيه
بين الطويل والقصير.
لكن يمكن إبقاء «أبدا»
على ظاهره من التأبيد ، والتصرف الباقي بإرادة بقاء النفس الناطقة أبدا في الدنيا
والآخرة ، وإرادة التأبيد من بقاء الليل والنهار بجعله من مصطلحات العرف وكناياتهم
في إفادة التأبيد ، نظير قوله تعالى (إن تستغفر لهم سبعين
مرة فلن يغفر الله لهم)
[التوبة ٨٠] ، قوله عليه السلام
في الصلوات الطويلة في أيام شهر رمضان «على محمد وآله السلام كلما طلعت شمس أو
غربت ، على محمد وآله السلام كلما طرفت عين أو برقت ، على محمد وآله السلام كلما
طرفت عين أو ذرفت ، على محمد وآله السلام كلما ذكر السلام ، على محمد وآله السلام
كلما سبح الله ملك أو قدسه» ، فتعليق «السلام» على طلوع الشمس وغروبها وإن كان
توقيتا بحسب اللفظ ، إلا أن الفقرات الباقية قرينة على إرادة التأبيد.
__________________
[شرح «لقد عظمت
الرزية وجلت وعظمت المصيبة ...»]
قوله عليه السلام : * (لقد عظمت الرزية وجلت
وعظمت المصيبة لك علينا وعلى جميع أهل الإسلام)
*
«الرزية»
بالتشديد أصله الرزيئة بالهمز ، لأنه مهموز مشتق من الرزء فخففت الهمزة بالقلب
والإدغام ، قال في (القاموس)
: «والرزيئة المصيبة ، كالرزء».
وأما «المصيبة»
ففي (مجمع البيان)
في تفسير آية الاسترجاع
: «المصيبة المشقة الداخلة على النفس لما يلحقها من المضرة ، وهو من الإصابة كأنها
تصيبها بالنكبة».
وفي (تفسير النيشابوري) عند الآية
المزبورة : «المصيبة من الصفات الغالبة التي لا تكاد تستعمل موصوفاتها وتختص من
بين ما يصيب الإنسان بحالة مكروهة كالنازلة والواقعة والمملة».
وكل من الحرفين متعلق بالأفعال الثلاثة
على سبيل التنازع ، ومعنى «وعظمت
المصيبة بك علينا» أنا مصابون بمصيبتك
وأنا أهلها
__________________
وصاحبوها بقرينة ما
يأتي من قوله «لقد
عظم مصابي بك».
ويفهم من قوله «وعلى جميع أهل
الإسلام» أن من لم يتحزن بمصيبته ولم يتألم
كالنواصب وأشباههم ، فهو خارج عن الإسلام.
[شرح «ولعن الله أمة
دفعتكم عن مقامكم ...»]
قوله
عليه السلام : * (ولعن الله أمة دفعتكم عن مقامكم وأزالتكم عن مراتبكم) *.
المراد بالمقام والمرتبة هنا هو التصرف
في أمور الأمة ، والتسلط على إجراء الأحكام وإقامة الحدود والجمعة والجماعة ، وبالجملة
بسط يدهم في كل ما يريدون من أمور الخلق وقد منعوا من ذلك ، كما قال العسكري عليه
السلام في دعاء القنوت
«وابتز أمور آل محمد
معادن الأبن ».
__________________
[شرح «لقد عظم مصابي»]
قوله
عليه السلام : * (لقد عظم مصابي)
*.
كلمة (مصابي)
مصدر ميمي مبني المفعول ، أو بمعنى الفاعل ، وهو المصيبة مضاف إلى اسم المفعول ، أي
لقد عظم إصابتي وابتلائي بك ، أو مصيبتي وبليتي بك.
ولقد أغرب بعض الشارحين في جواز كون (مصابي)
مفعولا به ، وأنه من باب الحذف والإيصال ، كالمشكوك والمولود ، والأصل «مصاب به» ،
فحذف الجار واتصل الضمير بناء على أنه من باب [من] أصابه الله بالمرض ، فالمريض
مصاب ، والمرض مصاب به ، كما أنه قبل التعدية بالباء كان نفس المصيبة التي هي
الفاعل ، ثم قد يحذف الفاعل ويقام المفعول مقامه ، فيقال هي الفاعل ، ثم قد يحذف
الفاعل ويقام المفعول مقامه فيقال : أصيب زيد بالمرض ، هذا حاصل كلامه.
وهو يدل على أنه لم يفرق بين باء الصلة
وباء التعدية ، والحذف والإيصال ، إنما هو في حروف الصلة التي لا تغير معنى الفعل
، كقوله :
* أمرتك الخير فافعل ما أمرت به *
__________________
والأصل أمرتك بالخير ، وبقرينة ما
ائتمرت به.
وقوله :
* تمرون الديار ولم تعوجوا *
والأصل تمرون على الديار أو بالديار ، وكقوله
تعالى (سيدخلون جهنم داخرين) [غافر ٦٠] حذف فيه كلمة «في» لقوله (يدخلون
في دين الله أفواجا)
[النصر ٢] وكقوله تعالى : (فادخلي في عبادي
* وادخلي
جنتي)
[الفجر ٢٩ ، ٣٠] حذف كلمة «في» في الثاني بقرينة ذكرها في الأول ، ونحو ذلك وهو
كثير.
وأما باء التعدية وهي التي تغير معنى
الفعل وتبدله وتنقله إلى المتعدي ، وتتضمن معنى الجعل والتصيير كقوله (ذهب
الله بنورهم)
[البقرة ١٧] (وإنا على ذهاب به لقادرون) [المؤمنون ١٨] ، وقوله عليه السلام في
الدعاء
: «اللهم أدرك بنا ثأره» ، والمعنى جعل الله نورهم ذاهبا باطلا ، وإنا على جعله
ذاهبا فإنا لقادرون ، اللهم اجعلنا مدركين ثاره ونحو ذلك ، وهو أيضا كثير ، فلا
يجوز حذفها لئلا يفوت معنى التعدية ، كما لا يجوز حذف همزة التعدية لذلك ، فالباء
والهمزة متعاقبتان في تعدية معنى الفعل ، تقول : أذهب ال له نورهم كما
__________________
تقول : (ذهب
الله بنورهم)
[البقرة ١٧] ، فكما لا يجوز حذف الهمزة ، لا يجوز حذف الباء ، وهو ظاهر ، وما نحن
فيه من هذا القبيل ، لأن الباء في قولك : «أصابه الله بالمرض» باء التعدية ، والمعنى
جعل الله المرض مصيبا له ، هذا مضافا إلى أن الحذف والإيصال إنما هو مع إمكان ذكر
المحذوف كما عرفت في الأمثلة المذكورة ، وعدم الإمكان في عبارة الزيارة مما لا
يخفى.
[شرح «واسئل الله
الذي أكرم مقامك وأكرمني بك»]
قوله
عليه السلام : * (واسئل الله الذي أكرم
مقامك وأكرمني بك) *.
عبارة (كامل الزيارة)
هنا هكذا «فاسئل الله الذي أكرم مقامك أن يكرمني بك ويرزقني طلب ثارك» لكن عبارة (المصباح)
أوفق بما يأتي من قوله «فأسأل الله الذي أكرمني بمعرفتكم ـ إلى قوله ـ أسئله أن
يرزقني طلب ثاركم» إذ منه يظهر أن إكرام الزائر بالمزور ليس داخلا في حيز السؤال ،
بل متعلق السؤال أن يرزقه طلب الثار ، ولكن أمر الاحتياط بالجمع بين العبارتين
واضح ، والمراد ب ـ (أكرمني
بك) ، بالقرينة المزبورة أكرمني بمعرفتك.
__________________
[شرح «وأجرى ظلمه
وجوره عليكم»].
قوله عليه السلام : * (وأجرى ظلمه وجوره
عليكم) *.
هكذا في الكتابين ، وما شاع في بعض
النسخ من قوله «وجرى في
ظلمه وجوره عليكم» فالظاهر أنه بلا أصل.
__________________
[شرح «وأن يرزقني طلب
ثاركم»]
قوله
عليه السلام : * (وأن يرزقني طلب ثاركم)
*.
في بعض نسخ الزيارة
هنا «طلب ثاري» بدل «ثاركم» ، وهو غلط محض شاع بين الناس لا أصل له ، فيما رأينا
من الأصول ، وإن أورده في (البحار) في رواية (المصباح) ، وكذا في (زاد المعاد) و (التحفة)
، لكن الظاهر أنه من طغيان قلم الناسخين لا من قلمه رحمه الله.
__________________
[شرح «مع إمام مهدي»]
قوله
عليه السلام : * (مع إمام مهدي)
*
عبارة (كامل الزيارة)
«مع إمام هدى»
إما بالإضافة أو بالتوصيف ، والجمع بينهم أولى ، كما أن الجمع بين النسختين كذلك.
__________________
[شرح «أن يعطيني
بمصابي بكم»]
قوله
عليه السلام : * (أن يعطيني بمصابي بكم)
*
قد مر
في قوله «لقد عظم مصابي» أن المصاب مصدر ميمي بمعنى الفاعل ، أو مبني للمفعول مضاف
إلى اسم المفعول ، والتقدير هنا بمصيبتي وبليتي بكم ، أو بإصابتي وابتلائي بكم ، على
حذو ما مر هناك.
__________________
[شرح «أفضل ما يعطي
مصابا بمصيبته»]
قوله
عليه السلام : * (أفضل ما يعطي مصابا
بمصيبته) *.
عبارات نسخ (المصباح)
هنا مختلفة ، ففي بعضها «بمصيبته»
مضافا إلى الضمير ، وفي
بعض آخر «بمصيبته»
منكرا منونا ، وعلى
الأول فالباء متعلق ب ـ (يعطي)
والضمير للمصاب.
وعلى الثاني فالباء متعلق بالمصاب ، وهو
باء التعدية الذي تضمن معنى الجعل والتصيير كما مر عند قوله : «لقد عظم مصابي» ، أي
أفضل أجر وثواب ، يعطى من أصيب بمصيبة من مصائب الدنيا ، أي من أصابه الله بها
وجعلها بحيث تصيبه.
ثم إن التعبير عن الشدة والصدمة بوصف
المصيبة حين إسناد فعل الإصابة ، مع أن الإتصاف بعد تعلق الفعل ، وبعبارة أخرى
التعبير عن ذات الفاعل بوصف الفاعلية حين إسناد الفعل ، مع أن الإتصاف بذلك
__________________
الوصف متأخر عن تعلق
الفعل مجاز شائع بعلاقة المشارفة كقوله تعالى : (الذين أصابتهم مصيبة) [البقرة ١٥٦] ، (قال
قائل منهم لا تقتلوا يوسف)
[يوسف ١٠] ، (قال قائل منهم كم لبثتم) [الكهف ١٩] ، (يوم
يناد المناد)
[ق ٤١] ، (يوم يدع الداع) [القمر ٦] ، (سأل
سائل بعذاب واقع)
[المعارج ١] ، وفي عدة مواضع من (أصول الكافي) في (باب مواليد الأئمة) : «أتى آت»
و «أتاني آت»
وبالجملة ورود هذا
التجوز في الكلام الفصيح كثير ، ومنه «من قتل قتيلا فله سلبه»
.
__________________
[شرح «يا لها من
مصيبة ما أعظمها»]
قوله
عليه السلام : * (يا لها من مصيبة ما
أعظمها) *.
كلمة (يا)
حرف نداء ، والمنادى محذوف ، واللام للتعجب ، والضمير مبهم مفسر بما بعده قصدا
للتفخيم والتعظيم في ذلك ، فيذكر أولا مبهما حتى تتشوق نفس السامع إلى معرفته ، ثم
يفسر فيكون أوقع في النفس ، وأيضا يكون ذلك المفسر مذكورا مرتين بالإجمال أولا ، والتفسير
ثانيا ، فيكون آكد.
صرح بذلك كله (نجم الأئمة الرضي)
رضي الله عنه ثم نقل عن (مصنفه )
أنه قال : «أنك إذا
قصدت الإبهام للتفخيم ، فتعقلت المفسر في ذهنك ولم تصرح به للإبهام على المخاطب ، وأعدت
الضمير إلى ذلك المتعقل ، فكأنه راجع إلى المذكور قبله ، وذلك المتعقل في حكم
المفسر المتقدم».
__________________
والتقدير : يا قوم أو يا عباد الله
تعجبوا من مصيبة عظيمة بلغت في الشدة والعظمة إلى حد يقال في حقها «ما أعظمها وأعظم
رزيتها» وعبارة (كامل الزيارة) هنا هكذا «أن يعطيني بمصابي بكم
أفضل ما أعطى مصابا بمصيبة
، أقول إنا لله وإنا
إليه راجعون ، يا لها من مصيبة ما أعظمها إلخ».
وجملة «أقول» إما حال لفاعل اسئل ، أو
لمفعول «يعطيني» أو للضمير المضاف إليه في «مصابي» ، وهذا أقرب لفظا وأوفق بقوله
تعالى (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله) [البقرة ١٥٦] ومنه يظهر أن عبارة (الكامل)
أحسن وأولى وأتم من عبارة (المصباح) لاشتمالها على استرجاع هذا المصاب ، فيكون
داخلا في من مدحهم الله تعالى بقوله : (الذين إذا أصابتهم
مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون)
[البقرة ١٥٦].
ثم إنك قد عرفت مما ذكرنا أن قوله (يا لها من مصيبة)
موجود في الكتابين جميعا ، ومع ذلك فالعجب من (العلامة المجبسي) حيث أورد في (البحار)
عبارة (المصباح) هكذا
«أفضل ما يعطي مصابا بمصيبة
مصيبة ما أعظمها» وهكذا أورد في (زاد المعاد)
و (التحفة) ثم قال في البيان
: «قوله مصيبة منصوب بفعل مقدر كأذكر أو أعني».
__________________
ولا يخفى أن التقدير المزبور إنما
يستقيم إذا كان المنصوب مرتبطا ومتعلقا بالمجرور الذي قبله ، وهو مصيبة ذلك المصاب
الأجنبي الخارجي الذي ذكر في حيز المفضل عليه من آحاد الناس في مصائبهم الخاصة
الواردة عليهم ، ومن المعلوم أن ليس المراد استعظام تلك المصيبة الأجنبية الخارجية
، بل المراد استعجاب مصيبته عليه السلام واستعظامها.
ولقد أغرب بعض الشارحين فزاد في الطنبور
نغمة أخرى فقال ما حاصله : «أن المنصوب في الأصل صفة للمجرور ، وقد قطع عن الوصفية
، ونصب بتقدير أوصف ، وأذكر وأعني وأشباهها مبالغة في المدح».
ومما ذكرنا ظهر فساده بحيث لا يحتاج إلى
البيان ، وبالجملة فلا أرى وجه صحة للنصب ، مع أنه غير مذكور في الأصول المعتبرة ،
نعم في بعض نسخ (مصباح الكفعمي )
«يا لها مصيبة ما
أعظمها» بالنصب وحذف حرف الجر ، فلعل المنصوب الموجود في بعض نسخ الزيارات مأخوذ
منه ، لكن مع سقط قوله (يا
لها) من قلم الناسخ والله العالم.
__________________
[شرح «وأعظم رزيتها»]
قوله
عليه السلام : * (وأعظم رزيتها)
*
قد مر
أن الرزية بمعنى المصيبة ، فيلزم إضافة الشيء إلى نفسه ، فيجب أن يراد بالمضاف
لوازم الرزية والمصيبة من حرقة القلوب ، وسكب الدموع ، ودوام الهم والغم والحزن
والجزع والفزع والنياح والصراخ ، وإقامة المأتم ، وغير ذلك مما لا يخفى على
الأعداء فضلا عن الأولياء كما قيل :
حزن طويل أبى أن ينجلي أبدا
|
|
حتى يقوم بأمر الله قائمه
|
وقد قلت في بعض المراثي :
الدمع إلا ليوم الفصل منهمل
|
|
والقلب إلا على المرصاد مكترب
|
__________________
[شرح «اللهم إن هذا
يوم تبركت به بنو أمية ...»]
قوله عليه السلام : * (اللهم إن هذا يوم
تبركت به بنو أمية ... إلخ)
*
في حواشي بعض نسخ (المصباح)
«فيه» بدل «به» والظاهر أنه سهو من النساخ بقرينة قوله «فرحت به آل زياد» لاتفاق
النسخ هنا ، والظاهر إتحاد التعبير في المقامين كما لا يخفى.
قال (العلامة المجلسي) رحمه الله في (البحار)
: «قوله عليه السلام
«أن تزوره في كل يوم» هذه الرخصة تستلزم الرخصة في تغيير عبارة الزيارة أيضا كأن
يقول اللهم إن يوم قتل الحسين عليه السلام يوم تبركت به».
وهذا هو الحق الذي لا بد منه ، ولا محيص
عنه ، توضيح ذلك أنك إذا زرت بهذه الزيارة في يوم عاشوراء فقولك : «هذا يوم تبركت
به» ، «وفرحت به» كلمة «هذا» إشارة إلى اليوم الموجود الحاضر ، والخبر يوم كلي
موصوف بمضمون الجملة ، والحمل من قبيل حمل الكلي المقيد على الفرد كقولك : هذا رجل
عالم ، والمعنى أن هذا اليوم الحاضر فرد من أفراد اليوم الكلي ، الذي تبركت به بنو
أمية وفرحت به آل زياد ، وإن تبركوا وفرحوا في كل
__________________
سنة في سني ملكهم
بيوم حاضر شخصي إلى أن ذلك لأجل تبركهم وفرحهم بيوم كلي صادق على تلك الأفراد هو
يوم عاشوراء ، ويوم قتل الحسين عليه السلام ، فتبركهم وفرحهم حقيق وأصالة ، إنما
هو بذلك اليوم الكلي. ثم إن يوم قتل الحسين عليه السلام حقيقة ، وإن كان يوما
واحدا شخصيا لا كليا ، وهو العاشر من المحرم من سنة ستين من الهجرة
، وهذا لا يقبل التعدد والتجدد في كل سنة ، إلا أن العرف بنائهم وعادتهم ودأبهم
وديدنهم على أنه متى حدثت حادثة عظيمة محبوبة أو مكروهة في يوم من أيام السنة ، فكلما
يأتي مثل ذلك اليوم في السنين اللاحقة ينزلونه منزلته ، ويجرون عليه أحكام فيقولون
: هذا يوم مولد النبي صلى الله عليه وآله
، وهذا يوم بعثه
، وهذا يوم وفاته
، فيقيمون مراسم ذلك اليوم من التهنئة والتعزية ، وكذا يقولون هذا يوم مولد
السلطان ، وهذا يوم جلوسه ، فيفعلون في مراسم السلطنة إلى غير ذلك من الحوادث
الواقعة ، وقد جرى الشرع على ذلك ، ففي دعاء يوم ولادة الحسين عليه السلام
:
«اللهم إني أسألك بحق المولود في هذا
اليوم الموعود بشهادته قبل استهلاله وولادته»
.
__________________
وفي دعاء ليلة ولادة صاحب الأمر عليه
السلام : «اللهم
بحق ليلتنا هذه ومولوده» .
وفي دعاء ليلة المبعث
: «اللهم
إني أسئلك بالنجل
الأعظم
في هذه الليلة من الشهر المعظم ، اللهم بارك لنا في ليلتنا هذه التي بشرف الرسالة
فضلتها».
وفي دعاء يوم المبعث
«اللهم
وبارك لنا في يومنا هذا الذي فضلته
، وصل على من فيه إلى
عبادك أرسلته».
وفي دعاء يوم الغدير
«أسئلك
أن
تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تجعلني في هذا اليوم الذي عقدت فيه لوليك العهد في
أعناق خلقك ، وأكملت لهم الدين من العارفين بحرمته».
وفي بعض زيارات عاشوراء
«اللهم
وأهلك من جعل يوم قتل ابن نبيك
__________________
[وخيرتك]
عيدا».
ومن المعلوم أن عيدهم هذا ليس يوم
شهادته عليه السلام حقيقة ، بل مثل يوم الشهادة من السنة الثانية والثالثة وهكذا
كما عرفت ، فكما أن مثل يوم الشهادة يوم عيد وسرور للأعداء ، فكذلك هو يوم مصيبة
وحزن للأولياء.
وقد وقع التصريح بهذه المماثلة في بعض
الروايات ، ففي رواية (عبد الله بن سنان)
قال : «دخلت على سيدي أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام في يوم عاشوراء
فألفيته كاسف اللون ، ظاهر الحزن ، ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط ، فقلت
: يا ابن رسول الله مم بكاؤك لا أبكى الله عينيك؟!
فقال لي : أو في غفلة أنت؟! أما علمت أن
الحسين بن علي عليهما السلام أصيب في مثل هذا اليوم؟!
قلت : يا سيدي فما قولك في صومه؟! ـ إلى
أن قال ـ
وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء ، فإنه في مثل ذلك الوقت من
ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل رسول الله صلى الله عليه وآله ، إلى غير ذلك مما يجد
المتتبع ، وكل ذلك مبني على ما ذكرنا من التنزيل العرفي ، وإلا لزم الكذب الصريح
كما لا يخفى.
__________________
وبالجملة فيوم قتل الحسين حقيقي وعرفي
ومجازي ، والأول جزئي شخصي لا يقبل التعدد ، والثاني كلي يقبل التعدد والتجدد في
كل سنة ، هذا إذا زرت بهذه الزيارة في يوم عاشوراء ، وإن زرت بها في غيره من أيام
السنة فإن اقتصرت على عين هذه العبارة من غير تبديل فقولك : «هذا يوم تبركت به بنو
أمية ... وفرحت به آل زياد وآل مروان بقتلهم
الحسين» ، أي لقتلهم الحسين فيه كما لا يخفى مستلزم للأخبار بأن هذا يوم قتل
الحسين ، وحينئذ فكلمة (هذا) إما أن يشار بها إلى هذا اليوم الموجود الخارجي ا
لحاضر ، أعني يوم الزيارة أو إلى ذلك اليوم الخارجي المعدوم ، أعني يوم الشهادة.
وعلى الثاني
فإما أن يكون توجيه الحكم إلى ذلك اليوم باعتبار حضوره الذهني الموجود عند الزائر
، ويكون الحضور الذهني هو المحكوم عليه ، أو باعتبار وجوده الخارجي المعدوم حين
الزيارة ، ويكون الحضور الذهبي آلة لملاحظة حاله ، وعلى جميع التقادير يلزم الكذب
الصريح ، إذ من المعلوم أن تبركهم ليس بيوم الزيارة ، ولا بالصورة الذهنية الحاضرة
عند الزائر ، ولا بيوم الشهادة حقيقة ، إذ لم يطلع على شهادته عليه السلام في ذلك
اليوم إلا العساكر الملعونة الحاضرة في الطف ، وإنما وصل خبر شهادته عليه السلام
إلى بني أمية وآل زياد وآل مروان بعد يوم الشهادة ، فلا محالة وقع تبركهم بمثل ذلك
اليوم من السنة المتأخرة لا بشخصه ، وما مر من المعنى الكلي ، والتنزيل
__________________
العرفي فإنما هو في
خصوص اليوم المماثل ليوم الحادثة هو يوم واحد من أيام السنة لا يقبل التعدد في سنة
واحدة ، مضافا إلى لزوم الكذب في الفرض الأول من جهة أخرى أيضا كما لا يخفى ، والذي
يدل على ذلك ملاحظة أشباهه ونظائره ، فهل يصح لك أن تقول في غير يوم ولادته عليه
السلام : «اللهم إني أسألك بحق المولود في هذا اليوم» فيوم الشهادة نظير يوم
الولادة.
أو تقول في غير ليلة ولادة صاحب الأمر
عليه السلام : «اللهم
بحق ليلتنا هذه ومولودها»
وكذا سائر ما مر من الأدعية ، فجميع ذلك كذب صريح ، والترخيص الشرعي في زيارته
عليه السلام بهذه الزيارة كل يوم لا يصحح الكذي ولا يجوز ، مع أن الترخيص الشرعي
والأذن والتشريع في المقام كما وقع في بعض الكتب مما لا معنى له ، بل هو خطأ ظاهر
، لأن قوله عليه السلام : «إن استطعت أن تزوره كل يوم [من دارك] بهذه الزيارة
فافعل ، ولك ثواب جميع ذلك» إخبار بثبوت جميع الثواب الموعود في زيارة يوم عاشوراء
لكل من زار بها في غير ذلك اليوم ، لا إذن وترخيص ودليل شرعي على شرعية هذه
الزيارة وجوازها ، إذ أصل الجواز ثابت عقلا وشرعا ، لأنهم عليهم السلام أولياء
النعم ، والعقل مستقل بشكر كل منعم وثنائه ، وعمومات الزيارة والصلاة والسلام
والدعاء والتوسل فوق حد الإحصاء ، فلا مجال لانتظار الإذن في الموارد الخاصة ، وحديث
عدم الجواز بقصد الورود شطط
من الكلام ، فكيف يتأتى القصد ممن يعلم بعدم الورود بل ممن يشك فيه.
__________________
نعم ، لا بد من تبديل بعض الكلمات بما
يناسب حال الزائر وزمانه ومكانه ، فمن ذلك التبديل لأجل كون الزائر امرأة فلا بد
لها من تبديل المشتقات المذكرة بالمؤنثة كولي ، وعدو ، ووجيها بالحسين ، وما ورد
في دعاء (صفوان) من قوله «أتيتكما زائرا ومتوسلا» و «متوجها» و «مستشفعا» ، «منتظرا»
، «مفوضا» ، «ملجئا» ، «ومتوكلا» إلى غير ذلك من الصيغ المذكرة المذكورة فيه ، فوجب
عليها تبديل ذلك كله بالمؤنث.
فليت شعري ماذا يقول المقتصر على خصوص
المأثور في حق النساء ، فهل يمنعهن عن الزيارة والدعاء؟! أو يجوز لهن التلفظ
بالغلط؟! أراه يلتزم بشيء من ذلك ، وهذا الكلام يجري في جميع الدعوات الواردة في
الشريعة بالصيغ المذكرة ، ولا أظن عاقلا يلتزم فيها بأحد الأمرين المزبورين في حق
النساء.
ومن ذلك التبديل فيما نحن فيه لأجل
اختلاف الزمان ، فيبدل كلمة (هذا)
ب ـ «يوم
قتل الحسين» أو «يوم عاشوراء»
، والثاني أولى ثم أولى لخلوه عن التجوز أصلا كما لا يخفى.
ومن ذلك التبديل لأجل اتلاف المكان كما
في قوله في دعاء (صفوان) «أتيتكما زائرا» فيلزم تبديله بقوله «توجهت إليكما» أو «إلى
ضريحكما» أو «قصدتكما بقلبي» ونحو ذلك.
وقد وقع التصريح بالتبديل المزبور في
بعض الروايات ، ففي حاشية (المصباح للكفعمي) : «إن كانت الزيارة من بعد فقل : «قصدتكما
بقلبي زائرا»
وإن كانت من قرب فقل
: «أتيتكما
زائرا» روى ذلك عن الصادق عليه السلام ، قاله
(الشيخ المفيد رحمه الله) في مزاره».
مع أن متن عبارة الدعاء أقرب إلى التوجه
من متن عبارة الزيارة ، ومع ذلك إذا وجب التبديل في الدعاء وجب التبديل في الزيارة
بطريق أولى.
وفي (البحار) عن (التهذيب)
عن (ابن أبي عمير)
، عمن رواه قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : «إذا بعدت بأحدكم الشقة ، ونأت به الدار
، فليعل على منزله ، وليصل ركعتين ، وليومئ بالصلاة إلى قبورنا ، فإن ذلك يصل
إلينا
،
ويسلم
__________________
على
الأئمة من بعيد كما يسلم عليهم من قريب ، غير أنك لا يصح أن تقول أتيتك زائرا ، بل
تقول في موضعه قصدتك بقلبي زائرا»
.
قال في (البحار)
: «قوله «ويسلم
على الأئمة» إلى آخر الكلام ، من
كلام (الشيخ)
وليس من تتمة الخبر كما يظهر من الكفعمي».
ولا يخفى أن ما ذكره رحمه الله خلاف
الظاهر
، إذ لو كان الأمر كما ذكره لكان على (الشيخ) أن يقول «قال (محمد بن الحسن) : ويسلم
على الأئمة» كما هو دأبه في التهذيب ، فقرب بين كلامه وبين الخبر ، ومجرد عدم هذه
التتمة في رواية في لا يدل على ما ذكره ، إذ هذا النحو من الاختلاف بين المشايخ
الثلاثة
في نقل الخبر كثير جدا ، وعلى فرض كونه من كلام (الشيخ) كان مأخوذا من رواية (المفيد)
كما مر.
__________________
وقد أورد (ابن طاووس)
رضي الله عنه في (فرحة الغري )
زيارة من علي بن
الحسين لقبر أمير المؤمنين عليه السلام وفي أخرها : «اللهم فاستجب دعائي واقبل ثنائي وأعطني
جزائي واجمع بيني وبين أوليائي بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلخ»
ثم قال «قال
الباقر عليه السلام : ما قاله أحد من شيعتنا عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام أو
عند قبر أحد من الأئمة إلا وقع في درج من نور إلى آخر الخبر»
، ثم قال رحمه الله «وإذا كان الإنسان علويا فاطميا جاز أن يقول كما فيها من قوله
آبائي ، وإن لم يكن كذلك فليقل ساداتي» ، مع أنه قابل للتوجيه أيضا من دون حاجة
إلى التبديل ، نظرا إلى ما روي من قوله عليه السلام : «أنا وعلي أبوا هذه الأمة» ،
في أخبر مستفيضة مذكورة في (تفسير الإمام)
عند قوله تعالى
__________________
(وبالوالدين إحسانا) [الإسراء ٢٣] ، ومن المعلوم أن ما ثبت
لهما من منقبة وولاية على الأمة فهو ثابت لأولادهما الحجج على الخلق ، ومن هذا
القبيل ما في زيارة الجامعة
من قوله : «وإلى
جدكم بعث الروح الأمين ، وإن كانت الزيارة لأمير المؤمنين عليه السلام فقل : وإلى
أخيك بعث الروح الأمين» ، هكذا في (الفقيه)
، وظاهره أن هذا
التبديل
من العسكري عليه السلام
لا من (الصدوق) رحمه الله كما يظهر لمن لاح عبارة الرواية.
وبالجملة فالإشارة إلى خصوص يوم الشهادة
أو يوم الزيارة غلط واضح ، وكذب ظاهر لا ينبغي صدوره عن العالم إلا غفلة كما يأتي
التنبيه عليه.
نعم ، بقي في المقام احتمال ثالث لعله
يمكن معه تصحيح الإشارة ، وهو أن يشار بكلمة (هذا)
إلى يوم عاشوراء الكلي المتكرر في كل سنة ، فالمعنى الكلي الذي يراد من لفظ يوم
عاشوراء هو الذي يشار إليه بهذا ، لا فرق
__________________
بينهما إلا في
التعبير ، ويصح الحكم على ذلك المعنى بأنه يوم قتل الحسين عليه السلام يوم تبرك
الأعداء وفرحهم من دون لزوم كذب ، لكن لا يخفى أنه تبديل معنوي في مدلول الإشارة ،
إذ لا ريب أن مدلولها في يوم عاشوراء الذي هو محل ورود هذه الزيارة ، ومورد تعليم
الإمام للراوي هو اليوم الشخصي ، وفي غيره من سائر الأيام بناء على الاحتمال
المزبور هو اليوم الكلي ، فاختلف مدلول الإشارة في الوقتين ، فلزم الخروج عن
المأثور مع أن الأمر بالتبديل ولزومه في عبارة دعاء الوداع على ما دل عليه ظاهر
صيغة الأمر في رواية (المفيد) عن الصادق عليه السلام كما عرفت ، مع أنه أقرب إلى
التوجيه من دون تبديل مستلزم للأمر به ولزومه هنا أيضا ، وكذا سائر ما تلونا عليك
من رواية (التهذيب) ، ورواية (ابن طاووس) ، فلا يجوز الاقتصار على خصوص المأثور
تعويلا على التأويل المزبور ، إذ لو جاز ذلك فلا داعي إلى التبديل والأمر به ، فالأمر
يكشف عن عدم الجواز.
فإن
قلت : عمل (صفوان) مع تصديق (سيف بن عميرة) ظاهر
في الاقتصار على المأثور وعدم التبديل ، إذ لو كان هناك تبديل مخالف لما سمعه من (علقمة)
يتعرض له ، كما يتعرض له للدعاء ، وهو دليل على جواز الاقتصار على المأثور ، فإذا
جاز فلا داعي إلى التبديل.
قلت
: التبديل إلى ما يناسب حال الزائر
وزمانه ومكانه إذا كان من مقتضيات لغتهم وقواعد لسانهم حذرا من لزوم الكذب والغلط
، فليس
(لصفوان) التعرض له
والاعتراض عليه ، ولا ينافي ذلك المأثور ولا يخالفه ، كما لو فرضنا أن امرأة دعت
بدعاء كميل
في مسمع منه فبدلت المشتقات المذكرة بما يناسب حالها من صيغ التأنيث ، فسئلها (كميل)
: من أين هذا الدعاء؟! فقالت : سمعته من أمير المؤمنين كما سمعت ، فليس (لكميل) أن
يعترض عليها بأن ما ذكره عليه السلام إنما هو بالصيغ المذكرة ، وأنت بدلتها
بالمؤنث ، بل يصدق على هذا الدعاء مع التبديل المزبور أنه مأثور.
ثم إن بعض مشايخنا من أكابر أهل العصر
وأعاظمهم ، بل من أوتادهم وأطوادهم ، كتب على الزيارة مختصرا بالفارسية في عدة
أوراق قليلة معدودة وصرح فيه بجواز الإشارة إلى خصوص يوم الزيارة في غير يوم
عاشوراء وأصر عليه ، فلا بد من نقل عبارته ليتضح ما فيها قال رحمه الله : «وشبهه
نيست در اينكه از روز وقوع اين حكايت جان سوزاز براى بنى اميه تا مدت مديد هر روز
روز شادى وهنگام مبارك بادى بوده پس اگر نسبت به ايام ماه ملاحظه كنى لا محالة آن
يوم از جمله تبرك جسته ايشان است بلكه نسبت به سال اگر ملاحظه كني يك ملاحظه چنين
خواهد بود پس
__________________
اگر (هذا)
اشاره كرده شود بخود همان يوم غير عاشورا صحيح خواهد بود چنانكه تجويز امام عليه
السلام نيز ظاهر در اينست وكاشف از اين است كه هر روز با عبارتى محل تبرك ايشان
واقع شد وميتوان توجيهى ادق از اين نمود وآن اينست كه هر يك از اين ايام هفته لا
محالة روز عاشورا اتفاق افتاد وباين اعتبار كه يوم عاشورا يوم تبرك ايشان است هر
يك از ايام هفته يوم تبرك ايشان واقع شد ...»
إلى آخر ما قال ..
ولا يخفى عليك ما فيه ، إذ فرق ظاهر بين
ما «فيه» التبرك والفرح ، وبين ما «به» التبرك والفرح ، وما ذكره إنما يصح على
الأول دون الثاني ، وعبارة الزيارة هو الثاني دون الأول ، كما أن من المعلوم أن كل
يوم بعد قتله عليه السلام يوم مصيبة للشيعة بمعنى ما «فيه» المصيبة ، لا ما «به»
المصيبة ، والعجب أنه رحمه الله بعد العبارة المذكورة قال مجملا : «اشارة به خود
آن يوم هم صحيح است آن قدر هست كه در يوم عاشورا اگر بخواهيم تقديرى كنيم صله
محذوفه بقتلهم الحسين عليه السلام لفظ في ميشود بخلاف غير آن روز كه بايد
__________________
نسبت به آن روز از
براى قتلهم صله ومتعلقى في يوم عاشورا تقدير نمود» .
وأنت خبير بأن مال العبارة على ما ذكره
إلى أن «هذا
يوم فرحت به آل زياد وآل مروان بقتلهم الحسين عليه السلام»
في يوم عاشوراء فإذا كان القتل في يوم عاشوراء ، فكيف يكون الفرح بهذا اليوم ، بل
يجب أن يكون بيوم عاشوراء ، نعم يكون فرحهم في هذا اليوم بسبب قتلهم الحسين عليه
السلام في يوم عاشوراء.
ثم إن بعض الشارحين قد بالغ في لزوم
الاقتصار على لفظ الإشارة والمنع من التبديل قياسا لما نحن فيه على بعض الدعوات
المطلقة.
ففي رواية
(عبد الله بن سنان) عن الصادق عليه السلام أنه قال : «ستصيبكم شبهة فتبقون
بلا علم يرى ولا إمام هدى ، لا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الغريق.
قلت
: وكيف
دعاء
الغريق؟ قال : تقول يا الله يا رحمان يا رحيم ، يا مقلب القلوب ، ثبت قلبي على
دينك.
__________________
فقلت
: يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك ، فقال : إن الله [عز وجل] مثلب القلوب
والأبصار ولكن قل كما أقول».
وفي رواية
(إسماعيل بن الفضل)
قال : «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل (وسبح
بحم ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها)
[طه ١٣٠] فقال عليه السلام : فريضة
على كل مسلم أن يقول قبل طلوع الشمس عشر مرات وقبل غروبها عشر مرات : لا إله إلا
الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيى ويميت ، وهو حي لا يموت بيده
الخير وهو على كل شيء قدير.
قال
فقلت : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له
الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ويميت ويحيي ، فقال : يا هذا ؛ لا شك في أن الله يحيي
ويميت ويميت ويحيي ولكن قل كما أقول».
ولا يخفى عليك فساد القياس المزبور لأن
التبديل فيما نحن فيه إنما هو لداعي تصحيح الاستعمال وبدونه لا يكاد يصح ، وأما
الزيادة المزبورة في عبارة الذكر والدعاء فلا داعي لها أصلا ، لصحة الكلام
وتماميته واستقامته بدونها ، ولا يختلف حاله باختلاف أحوال الذاكر والداعي ، فهذه
الزيارة محض جسارة من الراوي في مطلقات الأدعية والأذكار المأثورة الموظفة كما
__________________
لو زاد تسبيحة واحدة
على التسبيحات الأربع كالعظمة لله مثلا ، والإمام عليه السلام أعلم من هذا الراوي
الجاهل بخصوصيات الكلام زيادة ونقصانا من حيث الآثار والخواص المترتبة عليه دنيا
وآخرة في مقام تعليم الأذكار والأدعية المطلقة لتلك الآثار ، نظير هذا ما لو وصف الطبيب
معجونا فزاد فيه أجنبي جاهل أو نقص ، هذا كله كما ترى مما لا ربط له بالمقام ، فقياسه
عليه خطأ ظاهر وغفلة واضحة.
[شرح «وهذا يوم فرحت
به آل زياد ...»]
قوله عليه السلام : * (وهذا يوم فرحت به آل
زياد ... إلخ) *
متى بدل كلمة (هذا)
فيما مضى بيوم عاشوراء بدلها هنا ب ـ (هو) إرجاعا له إلى يوم عاشوراء.
قوله عليه السلام : * (وأيام حياتي)
*.
بالجر والنصب عطفا على محل الجار
والمجرور كقوله تعالى (وأتبعوا في هذه لعنة
ويوم القيامة بئس الرفد المرفود)
[هود ٩٩].
وإذ قد فرغنا عن شرح عبارات الزيارة
فلنرجع إلى شرح ألفاظ اللعن والسلام والذكر ودعاء الوداع :
[شرح «اللهم العن أول
ظالم ...»]
فنقول : قوله عليه السلام : «اللهم العن أول ظالم
... إلخ»
ليس المراد باللعن على خصوص أول من ظلم
وآخر من تبعه ، حتى ينحصر اللعن في شخصين أو نحوهما ويخرج ما بين الطرفين على
كثرته إلى ما شاء الله عن مورد اللعن ، مع أن آخر من تبع لا يتحقق إلا بانقضاء
الدنيا ، فإن هذا المعنى ليس بمراد قطعا ، وإن أوهمه ظاهر العبارة.
بل المراد بأول ظالم من ابتدء بالظلم
عليهم وأسس أساسه واحدا كان أو متعددا ، وبآخر تابع كل من تبع هذا المؤسس في ظلمه
، سواء عاصره أو جاء بعده ورضي بأفعاله ونسج على منواله وآخريته بالقياس إلى أولية
متبوعة ، لا بالقياس إلى اتباع آخر سابقة عليه.
[شرح «وبايعت وتابعت»]
قوله عليه السلام : * (وبايعت وتابعت)
*.
قال (المحقق الداماد)
في (الرواشح )
: «كلتاهما بالمثناة
من تحت بعد الألف ، قبلها موحدة في الأولى ، ومثناة من فوق في الثانية ، كتخصيص
بعد التعميم ؛ إذ المبايعة ـ بالباء
الموحدة ـ مفاعلة من ا لبيعة بمعنى المعاقدة والمعاهدة ، سواء كانت على الخير ، أو
على الشر والمتايعة ـ بالتاء المثناة من فوق ـ معناها المجازاة والمساعدة
والمهافتة والمسارعة ، والمعاضدة
__________________
والمسايرة على الشر
ولا تكون في الخير ، وكذلك التتابع التهافت في الشر ، والتسارع إليه مفاعلة
وتفاعلا من التيعان
، يقال تاع الشيء
ذاب وسال على وجه الأرض ، وتاع إلى كذا إذا ذهب إليه وأسرع ، وبالجملة بناء
المفاعلة والتفاعل لا يكون إلا للشر ، وجماعة
القاصرين من أصحاب العصر يصفحونها ويقولون «تابعت» بالباء الموحدة ».
__________________
[شرح «ولا جعله الله
آخر العهد مني لزيارتكم»]
قوله
عليه السلام : * (ولا جعله الله آخر
العهد مني لزيارتكم) *
الضمير مبهم يفسره العهد المذكور وبعده
، كقوله عليه السلام : «يا لها من مصيبة» ، وقوله تعالى : «(لا
تعمى الأبصار)
[الحج ٤٦] ، قال في محكي (الكشاف)
: «[و] يجوز أن يكون الضمير
مبهما يفسره (الأبصار)»
المذكور بعده.
ولامعنى لا جعل ا لله عهدي هذا لزيارتك
آخر العهد مني لها ، وإرجاع الضمير إلى السلام المذكور أولا بعيد لا يناسب المفعول
الثاني ل ـ (جعل) ، بل المناسب أن يقال : ولا جعله الله آخر تسليمي أو سلامي عليك
كما وقع نظير ذلك في رواية
(يونس بن يعقوب)
قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام
__________________
عن وداع قبر النبي
صلى الله عليه وآله قال : تقول
: صلى الله عليك ، السلام عليك ، لا جعله الله آخر تسليمي عليك».
وبالجملة لا بد من اتحاد مفعولي (جعل) بالنوع
، كقولك : لا جعل الله وداعي هذا آخر الوداع ، أو زيارتي آخر الزيارة ، أو صلاتي
آخر الصلاة ، أو تسليمي آخر التسليم.
وأما مع اختلافهما بالنوع كقولك : ولا
جعل الله وداعي آخر الزيارة ، أو بالعكس ، أو صلاتي آخر التسليم ، أو بالعكس ، أو
تسليمي آخر الزيارة ، أو آخر الوداع ونحو ذلك ، فكل ذلك تعبير منحرف عن الاستقامة
مختل النظام والانتظام كما لا يخفى.
ثم إن (العهد)
قد ذكروا له
معاني : كاليمين ، والأمان ، والوصية ، والمدة ، والزمان ، والوقت ، والحضور.
قال في (مجمع البحرين)
: «... «اعتقل لسان رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله»
أي في مدته وزمانه ـ ثم قال ـ قوله
«وجهني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
__________________
لأجدد
به عهدا» أي حضورا ـ إلى أن قال ـ وفي الدعاء
«اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتي» أي آخر الحضور» .
ولا يخفى أن الحضور مأخوذ في معنى
الزيارة كما سيتضح ، فيصير المعنى في المقام آخر الحضور مني لحضورك ، وفيه من
البشاعة ما لا يخفى ، فالأولى تفسير (العهد)
في المقام بالوقت والزمان ، أي لا جعل الله وقتي وزماني هذا لزيارتك آخر وقتي
وزماني لها.
وأما الزيارة فقال في (مجمع البحرين)
: «زاره قصده ... والزيارة في ال عرف قصد المزور إكراما له وتعظيما له ...».
وفي (طراز اللغة) : «زاره قصد لقائه
إكراما له».
ولا يخفى أن اللقاء أو الحضور ونحوهما
مقدر في عبارة (مجمع البحرين) قطعا ، ومع ذلك فالظاهر أنه بمجرد القصد من دون تحقق
اللقاء ، والحضور لا يصدق الزيارة وأنه قد زار ، فإذن لا بد أن يفسر الزيارة بأنها
الحضور عند العظيم بقصد الإكرام والتعظيم ، أما الذهاب والمجيء والإتيان والمسير
ونحوها ، فكل ذلك من مقدمات الزيارة خارج عن
__________________
مفهومها ، كقولك : ذهبت
أو سرت إلى فلان لزيارته ، أو جاءني فلان ، أو أتاني لزيارتي ، وتوهم دخول ذلك في
مفهومها خطأ ، إذ لا ينطبق عليه الإطلاقات الواردة فيا لأخبار ، كقوله صلى الله
عليه وآله للحسين عليه السلام : «يا بني ؛ من أتاني زائرا بعد موتي فله الجنة ، ومن
أتى أباك زائرا بعد موته فله الجنة ، ومن أتى أخاك زائرا بعد موته فله الجنة ، ومن
أتاك زائرا بعد موتك فله الجنة» .
وفي رواية أخرى
: «من
أتاني زائرا كنت شفيعه يوم القيامة».
وفي ثالثة
: «[و]
من جاءني زائرا وجبت له شفاعتي»
، إلى غير ذلك مما ورد على هذا النمط.
__________________
[شرح «وعلى علي بن
الحسين»]
قوله عليه السلام : * (وعلى علي بن الحسين)
*
لا ريب أن المراد به (علي بن الحسين
الشهيد)
، لا الإمام زين العابدين لأن هذه الزيارة لخصوص الشهداء.
__________________
[شرح «اللهم خص أنت
أول ظالم»]
قوله عليه السلام : * (اللهم خص أنت أول
ظالم ظلم نبيك باللعن مني)
*
اللعن
هو الطرد والإبعاد عن الخير والرحمة ، وهو ما قابل الصلاة التي هي بمعنى التعظيم
والتكريم والتبجيل والتجليل ، سواء كانت منه تعالى أو من الملائكة أو من المؤمنين
، إلا أن التعظيم والتبجيل من كل إنما هو بما يناسبه : فمن الله الرحمة ، ومن
الملائكة المدح والتزكية ، ومن المؤمنين الدعاء ، فهو مشترك معنوي لا لفظي كما
توهم ، وتقابلهما كتقابل محليهما ، إذ محل الصلاة نور ، ومحل اللعن ظلمة ، فالصلاة
على النبي وآله يقابله اللعن على أعدائهم ، وكما أن الصلاة تكون من الله ومن خلقه
لقوله تعالى : (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا
أيها الذين آمنوا صلوا عليه)
[الأحزاب ٥٦] ، ولقوله عليه السلام في الدعاء المعروف
: «صلوات
الله وصلوات ملائكته ، وأنبيائه ورسله ، وجميع خلقه ، على محمد وآل محمد»
، فكذلك اللعن يكون منه تعالى ومن الخلق قضاء لحق المقابلة مضافا إلى قوله تعالى (أولئك
عليهم لعنة
__________________
الله
والملائكة والناس أجمعين)
[البقرة ١٦١].
لكن لما لم يكن للعن غير الله أثر في
أهل اللعن بعد موتهم إذ أثره حينئذ منحصر في العذاب الأخروي ، وهو بيد الله تعالى
فسر لعن غيره تعالى بالدعاء على أهله باللعن.
وفي (مجمع البيان)
عند قوله تعالى (لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) [البقرة ١٦١] : «اللعنة إنما تكون من
الناس على وجه الدعاء ، ومن الله على وجه الحكم».
وفي (تفسير النيشابوري)
عند قوله : (ويلعنهم اللاعنون) [البقرة ١٥٩] : «
[(ويلعنهم)] يدعو عليهم باللعن ، (اللاعنون) [الذين يتأتى منهم اللعن ويعتد بلعنهم
من الملائكة وصالحي الثقلين] ».
فالمراد باللعن في قوله «أول ظالم
باللعن مني» هو لعنة الله تعالى لا لعنة الزائر ، وكلمة «مني» حال للعن بتقدير
معنى السؤال والاستدعاء ، فهي نظير «مني» في قوله : «عليكم مني جميعا سلام الله
أبدا» فالمعنى : اللهم خص أنت أول ظالم بلعنتك سؤالا واستدعاء مني ، فهو مثل قولك
: اللهم العنه كما تقول في مقابله اللهم صل على محمد وآل محمد.
__________________
ثم إن المتكلم قد لاحظ ترتبهم في الظلم
بتقمص الخلافة ، فسئل الله أن يلعنهم على الترتيب حسب ترتبهم في الظلم ، يعني خص
أول ظالم بأول لعنك ، والثاني بالثاني ، وهكذا إلى الخامس ، والضمير المجرور في «به»
راجع إلى اللعن ، وتنوين «أولا» كما في أكثر النسخ تنوين العوض عن المضاف إليه ، كالألف
واللام في النسخة الأخرى ، كما أن الألف واللام في الثاني ، والثالث ، والرابع
كذلك ، والتقدير : وأبدأ باللعن أوله ، أي أول ظالم ثم ثانيه ، ثم ثالثه ، ثم
رابعه.
وقوله (خامسا)
(ليزيد بن معاوية)
ولكن في بعض نسخ (المصباح)
«وابدأ به الأول ثم الثاني ... إلخ» كلها بالألف واللام ، وهذا أظهر لاتحاد النظم
والسياق ، ولذا كتبناه في المتن وجعلناه أصلا ، وكتبنا المتون في الهامش بدلا عن
الأصل ، ثم إن النسخ في «الثالث
والرابع» ، أو بالواو مختلفة والاحتياط بالجمع
لا ينبغي تركه.
__________________
[شرح «إلى يوم
القيامة»]
قوله
عليه السلام : * (إلى يوم القيامة)
*
هذه الفقرة وإن أفادت بظاهرها التوقيت
والتحديد في اللعن ، لكن قد مر
في نظيرها وهو قوله «عليكم مني جميعا سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار»
، أن المراد بأمثال ذلك التأبيد ، فهذه من مصطلحات العرف وكناياتهم في إفادة
التأبيد ، كقوله عليه السلام : «على محمد وآله السلام كلما طلعت شمس أو غربت».
قال (الفاضل النيشابوري)
في سورة هود
عند قوله تعالى (لهم فيها زفير وشهيق خالدين * فيها ما دامت السماوات والأرض) [هود
١٠٦ ، ١٠٧] : «القرآن قد ورد على استعمالات العرب ، وأنهم يعبرون عن الدوام
والتأبيد
__________________
بقولهم : ما دامت
السموات والأرض ، ونظيره قولهم : ما اختلف الليل والنهار ، وما أقام ثبير
وما لاح كوكب».
ثم قال
في سورة الحجر عند قوله تعالى (وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين) [الحجر ٣٥] : «[و] ضرب
(يوم الدين) أي يوم الجزاء حدا للعنة جريا على عادة العرب في التأبيد ، كما مر في
قوله (ما دامت السماوات والأرض) [هود ١٠٧]».
__________________
[شرح «اللهم لك الحمد
حمد الشاكرين ...»]
قوله
عليه السلام : * (اللهم لك الحمد حمد
الشاكرين لك على مصابهم) *
الغرض من إضافة «الحمد»
إلى «الشاكرين»
دون الحامدين هو الجمع بين الحمد والشكر على مصابهم ، فكأنه قال : لك الحمد على
مصابهم حمدا معه شكرا ، إذا قضى ما عليه حمد الشاكرين أنه حمد معه شكر ، وكلمة (على)
متعلقة بالحمد ، و (الشكر) من باب التنازع ، لأن مدخولها نعمة كما يأتي ، وتعدية
الحمد إلى النعمة ب ـ (على) شائع كثير ، ومنه ما يأتي من قوله : «الحمد لله على عظيم
رزيتي».
وأما تعدية الشكر إليها ب ـ (على) فإني
وإن لم أجدها في كتب اللغة بل اقتصر في (الطراز) نقلا عن (اللحياني)
على تعديته إلى كل من المنعم والنعمة بأحد أمور ثلاثة بنفسه وبالباء وباللام ، وذكر
في (القاموس) كلها إلا تعديته إلى النعمة باللام ، وليس قوله تعالى (شاكرا لأنعمه)
[النحل ١٢١] شاهدا لذلك ، لاحتمال كون اللام (لام التقوية)
لا (التعدية) كقوله
__________________
تعالى (فعال
لما يريد)
[البروج ١٦] ، لكني وجدتها في خبر مروي في (مسكن الفؤاد)
: عن النبي صلى الله
عليه وآله أنه دخل على الأنصار فقال : «أمؤمنون أنتم؟! فسكتوا فقال رجل : نعم يا
رسول الله ، فقال : وما علامة إيمانكم؟! فقالوا : نشكر على الرخاء ، ونصبر على
البلاء ، ونرضى بالقضاء ، فقال : مؤمنون ورب الكعبة».
والظاهر أن (صاحب الطراز) لم يطلع على
هذا الخبر ، وإلا لذكر التعدية ب ـ «على» أيضا.
وكلمة «المصاب» هنا مصدر ميمي كما في
قوله «لقد عظم مصابي بكم» ، «أن يعطيني بمصابي بكم» وإضافته إلى ضمير الجمع الراجع
إلى «الحسين وأصحاب الحسين» لا إلى «الشاكرين» ، كما لا يخفى من باب الإضافة إلى
السبب كضرب السوط وضرب السيف ، إذ يجوز إضافة المصدر إلى جميع متعلقات الفعل ولو
بعيدا كقوله تعالى : (بل مكر اليل والنهار) [سبأ ٣٣] أي مكركم في الليل والنهار
، وقوله (فأنساه الشيطان ذكر ربه) [يوسف ٤٢] أي ذكره عنه ربه ، وقوله (ولمن
خاف مقام ربه جنتان) [الرحمن ٤٢] أي مقامه عند ربه .
والتقدير هنا على مصابي بهم عليهم
السلام ولأجلهم ، أو على مصاب الشاكرين
__________________
بهم عليهم السلام
ولأجلهم على حد ما مر
من قوله «بمصابي بكم» إنما قلنا ذلك لأن متعلق الشكر لا بد أن يكون نعمة للشاكر ، إذ
لا معنى للشكر على نعمة للغير وإن كان متعلق الحمد أعم من ذلك على ما قالوا ، ثم
إن كون مصابهم نعمة إنما هو باعتبار تحمله والصبر عليه ، إذ تحمل المصائب والصبر
عليها من أفاضل نعم الله تعالى.
واعلم أنه قد شاع في كتب المتأخرين أن
لكل من الحمد ولاشكر معنيين لغويا وعرفيا.
قال في (المقاصد العلية )
ما ملخصه : «أن الحمد
لغة الثناء على الجميل الاختياري ، ولا حاجة إلى التقييد باللسان ، لن الثناء
حقيقة لا يكون إلا به ، وثناء الله على نفسه مجاز ، والتخصيص بالاختياري لخروج
المدح فأنه أعم مطلقا ، والشكر لغة فعل منبئ عن تعظيم المنعم لأنعمه ، والحمد عرفا
هو الشكر ال لغوي ، والشكر عرفا صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه إلى ما خلق
لأجله ، فحصل من ذلك ستة أقسام : حمدان لغوي وعرفي ، وشكران كذلك ومتعاكسان».
__________________
وقريب منه ما في (الروض )
، و (شرح المطالع)
، و (حاشية المحقق الشريف)
، و (شوارق المحقق اللاهيجي)
، و (طراز السيد الفاضل شارح الصحيفة) في خصوص الشكر تركنا نقل عباراته مخافة
الإطالة.
أقول
: حديث تعدد الوضع وثبوت المعنيين لهما
مشهور في كتب المتأخرين ، ولكن للتأمل في ذلك مجال واسع ، فليت شعري من أين أخذوا
هذا التفصيل ، ومن أين جاء هذا الاصطلاح ، ومن الجاعل والمقرر له ، هل هو العرف
العام أو الخاص ، وكلاهما مجرد دعوى لا مدرك لها ولا دليل عليها ، فلا بد من نقل
كلمات أهل اللغة وعلماء التفسير ، ثم تعقيبه بذكر بعض الروايات ، فلعله يتضح الأمر
بعض الاتضاح.
ففي (الصحاح)
: «الحمد نقيض الذم ... الحمد أعم من الشكر ، والمحمدة
__________________
خلاف المذمة» ، ثم
قال : «الشكر الثناء على المحسن بما أولاكه من المعروف».
وفي (القاموس)
: «الحمد : الشكر والرضى ـ ثم قال ـ الشكر [بالضم]
: عرفان الإحسان ونشره».
وفي (المصباح)
: «حمدته على شجاعته وإحسانه ، [حمدا]
، أثنيت عليه ، ومن هنا كان الحمد غير الشكر (وأعم منه ، لأنه يكون في مقابلة
الإحسان وغيره ، والشكر لا يكون إلا في مقابلته)
، ثم قال
: «شكرت الله
اعترفت بنعمته ، وفعلت ما يجب من فعل الطاعة وترك المعصية ، ولهذا يكون لاشكر
بالقول والعمل».
وفي (الطراز) : «شكر له كافأه على نعمته
بالجميل قولا وعملا ونية».
وفي تفسير (مجمع البيان)
: «الحمد نقيض الذم ، والشكر نقيض الكفران ، والشكر هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من
التعظيم ويكون بالقلب وهو الأصل ، وباللسان أيضا
وإنما يجب باللسان لنفي تهمة
__________________
الجحود والكفران» ، «وقال
(الرماني) : الشكر هو الإظهار للنعمة».
وفي (تفسير النيشابوري)
: «الحمد : قول دال على أنه مختص بفضيلة الإنعام إليك أو إلى غيرك ، والشكر على
النعمة الواصلة إليك خاصة وهو باللسان ، وقد يكون بالقلب والجوارح ، والحمد
باللسان وحده ، والحمد نقيضه الذم ، والشكر نقيضه الكفران».
وفي (تفسير البيضاوي)
: «الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري من نعمة أو غيرها ، (...) ، والشكر
مقابلة النعمة قولا وعملا واعتقادا ، وبينهما عموم من وجه ، ـ ثم قال ـ والذم نقيض
الحمد ، والكفران نقيض الشكر».
وقال (المحقق البهائي)
في (حاشية البيضاوي)
: «قيل إن حقيقة
__________________
الشكر إظهار النعمة
والكشف عنها ، كما أن الكفر إخفائها وسترها.
قال (المحدث ال كاشاني)
في (كتاب التطهير )
ـ وهو مختصر في
الأخلاق ـ : «والشكر عرفان النعمة من المنعم والفرح به واستعمالها في طاعته».
وقال (الغزالي)
في (الإحياء )
: «الشكر ينتظم من
علم وحال وعمل ، فالعلم : معرفة النعمة من المنعم ، والحال : الفرح بإنعامه ، والعمل
:
__________________
القيام بما هو مقصود»
.
وقال (السيد الفاضل)
في (الطراز) : «قيل الشكر عبارة عن مجموع أمور ثلاثة ، اعتقاد كون المحسن محسنا ، والثناء
عليه بالقول والإتيان بما يكون مكافأة للإحسان».
وقال في (شرح الصحيفة )
: «الحمد هو الثناء
على ذي علم بكماله تعظيما له ـ إلى أن قال ـ وعمم بعض المحققين الثناء في تعريف
الحمد بكونه قالا أو حالا لإدخال حمد الحق سبحانه لنفسه».
هذا ما وقفنا عليه من كلماتهم ، وهي كما
ترى خالية عن ذكر تعدد الوضع لغة وعرفا ، فحديث تعدد الوضع ، وتعدد المعنى ضعيف
مردود على رأيه ، وأضعف منه تعريفهم للشكر ال عرفي بأنه صرف العبد جميع ما
__________________
أنعم الله عليه فيما
خلق لأجله ، أو إلى ما خلق لأجله ، أي صرفها في الغرض من خلقها ، ومن المعلوم أن
مرادهم بجميع ما أنعم الله به علي هأعم من النعم الداخلة كالأعضاء والجوارح ، والقوى
ظاهرة وباطنة ، والخارجة كالأموال والأولاد.
ولا ريب أن صرف النعم في الغرض من خلقها
أمر ناجح مطلوب شرعا وعقلا ، إما وجوبا وإما ندبا ، فصرف بعض النعم الجوارح والقوى
، واستعماله في المباحات فضلا عن المكروهات موجب لانتفاء الشكر ، لأن الإيجاب
الكلي يرتفع بالسلب الجزئي فيلزم من ذلك انحصار الشكر في المعصوم وانتفائه في حق
غيره من آحاد الأمة وهو كما ترى.
وأما الأخبار ففي (الكافي)
في (باب الشكر) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «ما أنعم الله على عبد من نعمة
فعرفها بقلبه ، وحمد الله ظاهرا بلسانه فتم كلامه حتى يؤمر له بالمزيد».
ورواه
(القمي)
و (العياشي)
في تفسيرهما وزادا «وهو قوله تعالى
__________________
(لئن شكرتم لأزيدنكم) [إبراهيم ٧].
وفيه
عن (الصادق) عليه السلام : «من
عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله قبل أن يظهر شكرها على لسانه».
دل هذا الخبر بأوضح دلالة على أن الشكر
هو مجرد عرفان النعمة من منعمها ، لأن استيجاب المزيد إنما هو جزاء الشكر مترتب
عليه كما دلت عليه الآية
، فلا بد من تقدم الشكر على جزائه ، ولأن إظهار شكرها على لسانه دليل على أن الشكر
أمر قلبي قد يظهر وقد يضمر ، فإظهار الشكر على اللسان من أحوال الشكر لا نفس الشكر
، إذ من المحال أن يكون إظهار الشيء نفس الشيء ، فهذا الخبر قرينة على أن معرفة
النعمة بقلبه في الخبر الأول هو الشكر فقط ، وإن حمده تعالى ظاهر بلسانه خارج عنه
مكمل ومتمم له.
وفيه
عنه عليه السلام «شكر
النعمة اجتناب المحارم ، وتمام الشكر قول الرجل الحمد لله رب العالمين».
وذيل هذا الخبر شاهد لما قلنا من أن الحمد باللسان خارج
__________________
عن الشكر متمم ومكمل
، وأما صدره فوجهه أن عرفان النعمة من المنعم مستلزم لمحبته والفرح به ، ومحبته
تستلزم طاعته كما قال عليه السلام في خبر آخر
:
«تعصي الإله وأنت تظهر حبه
|
|
هذا محال في الفعال بديع
|
لو كان حبك صادقا لأطعته
|
|
إن المحب لمن يحب مطيع»
|
فانتفاء اللوازم بالتعرض لمعصية المنعم
وسخطه كاشف عن انتفاء الملزوم الذي هو ذلك العرفان ، ومن هنا ظهر أن من اعتبر في
حد الشكر أمور ثلاثة : الاعتقاد بالجنان ، والإقرار باللسان ، والعمل بالأركان ؛ (كالغزالي)
و (المحدث الكاشاني)
و (القاموس)
فقد جمع فيه بين اللازم والملزوم ، كما أن من عرفه بالثناء على المحسن (كالصحاح) ومثله
، فقد عرفه باللازم فقط فهذا الخبر أيضاً من باب التفسير باللازم.
__________________
وفيه
عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «من أنعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه فقد أدى
شكرها» ، فهذا الخبر أيضا صريح في أن الشكر هو مجرد عرفان النعمة.
وفيه
عنه عليه السلام قال : «أوحى الله إلى موسى عليه السلام يا موسى اشكرني حق شكري
فقال : يا رب ؛ وكيف أشكرك حق شكرك وليس من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به علي؟
قال : يا موسى ، الآن شكرتني حين علمت أن ذلك مني».
وروي
«أن داود أوحى الله إليه أن اشكرني حق شكري ، فقال : يا رب كيف أشكرك حق شكرك ، والشكر
نعمتك تستحق عليه شكرا ، فقال : يا داود : إذا عرفت أن ذلك مني فقد شكرتني».
وروى (الغزالي) في (الإحياء)
أنه قال موسى في مناجاته : «إلهي خلقت آدم بيدك ، وفعلت ما فعلت ، فكيف شكرك؟!
فقال الله عزّ وجلّ : علم أن كل ذلك مني فكانت معرفته شكرا».
وفي بعض الأحاديث القدسية
: «قال الله تعالى : أنا أحب من الدنيا يا محمد ثلاثة أشياء : قلب شاكر ، ولسان
ذاكر ، وبدن على البلاء صابر».
__________________
وتوصيف القلب بالشكر دليل على أن الشكر
من أفعال القلوب وأحوالها ، لا من أفعال الجواحج ، وإلا لما صح توصيف القلب به ، كما
لا يصح توصيفه بسائر أفعال الجوارح كالقيام والقعود والسجود ونحوها.
وبالجملة فبعد ملاحظة تلك الروايات لا
مجال للتأمل في أن الشكر فعل القلب ، وأن حقيقته عرفان النعمة من المنعم والاعتراف
بها قلبا ، وأنه معناه الحقيقي بقول مطلق من غير فرق بين العرف واللغة ، إذ الأصل
عدم تعدد الوضع ، وعدم النقل ، وأن سائر ما ذكر في تعريفه من المحبة والفرح
والثناء باللسان ، ونشر الإحسان ، والطاعة بالجوارح والأركان ، وترك المخالفة
والعصيان ، فكلها من لوازم ذلك المعنى الحقيقي الذي هو العرفان ، فمن عرفه ببعضها
أو كلها فقد عرف باللوازم ، ومن عرف بالجميع فقد عرف بمجموع اللازم والملزوم.
ثم إن كفران النعمى ـ الذي هو ضد شكرها ـ
قد فسر في كلمات أهل اللغة والتفسير بالجحود ، والجحود وإن كان أعم من الإنكار
بالقلب واللسان مع الاستيقان النفسي كما في صريح الآية
، لكن لما ثبت بالأخبار السابقة أن الشكر هو العرفان القلبي ، وجب حمل الجحود في
كلماتهم على خصوص الإنكار القلبي قضاء لحق التقابل بين الضدين.
هذا جملة القول في الشكر ، وأما الحمد
فالكلام فيه من حيث تعدد
__________________
الوضع كما مر من أنه
ممنوع ، لأله مجرد دعوى بلا دليل ، فيدور الأمر بين تعيين أحد المعنيين من الثناء
الجميل ، والفعل المنبيء عن التعظيم ، لأن معناه ليس خارجا عنهما.
فنقول
: أنهم قالوا أن الحمد العرفي هو الشكر
اللغوي ، وقد عرفت الشكر لغة بأنه فعل منبيء عن تعظيم المنعم لإنعامه ، ولا يخفى
أن تعريف الحمد بهذا المعنى عرفا لا يستقيم من وجوه :
أحدها
: أن هذا التعريف يشمل الصلاة والصوم
ونحوهما من الأعمال البدنية ، فيلزم منه صدق الحمد عليه عرفا ، وأي عرف يساعد على
صدق الحمد على مثل الصلاة والصوم والزكاة.
ثانيها
: أنه يشمل التسبيح إذا صدر لإنعامه تعالى
، ومن المعلوم تغاير الحمد والتسبيح وتباينهما بشهادة التقابل بينهما بحسب الذكر
في قوله تعالى : (وإن من شيء إلا يسبح بحمده) [الإسراء ٤٤] ، (وسبح
بحمد ربك حين تقوم)
[الطور ٤٨] ، (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل
الغروب)
[ق ٥٠] ، وفي ذكر الركوع والسجود : «سبحان ربي العظيم وبحمده» ، «سبحان ربي الأعلى
وبحمده» ، والتسبيحات الأربع المعروفة
«سبحان الله والحمد لله .. إلخ»
إلى غير ذلك ، ولا ريب أن التسبيح هو التنزيه عن النقائص والرذائل ، فلا محالة
__________________
يكون الحمد في قباله
هو التوصيف بالكمالات والفضائل ، وكل من التنزيه والتوصيف لا يكون إلا بالقول لا
بالفعل كما لا يخفى.
ثالثها
: أنك قد عرفت مما نقلنا
أن بعضهم عرفه بالثناء المطلق بقول مطلق (كالمصباح) و (شرح الصحيفة) ، وبعضهم
بالثناء باللسان كذلك (كالنيشابوري) و (البيضاوي) وبعضهم بالوصف بالجميل على
الجميل بقصد التبجيل لكن عرفا (كالشوارق) ، وهو راجع إلى الثناء كما لا يخفى ، والثناء
مطلقا ومقيدا لا يكون إلا بالقول ولا يصدق على الفعل كما هو ظاهر.
رابعها
: أن أكثرهم قد صرحوا بإن الحمد نقيض
الذم بل ظاهرهم خصوص العرف كما عرفت من (الصحاح) و (المجمع) و (النيشابوري) و (البيضاوي)
، ويشهد لذلك تسمية (أم جميل) ـ حمالة الحطب زوجة (أبي لهب) ـ للنبي صلى الله عليه
وآله بالمذمم في قبال تسميته عليه السلام بالمحمد ، فقالت (لع) : في هجائه صلوات
الله عليه [وآله] : «مذمما أبينا ، ودينه قلينا ، وأمره عصينا» .
ولا ريب أن الذم عرفا مختص بالقول ، ومقتضى
المقابلة أن يكون الحمد أيضا مختصا به في العرف ، ولذا قال (النيشابوري) فيما مر
من كلامه
:
__________________
«الحمد : قول دال على
أنه مختص بفضله الإنعام» ، وإليه يرجع تفسيره بالثناء المطلق ، فقد اتضح من جميع
ذلك أن الحمد من مقولة القول والكلام ، وإن الفعل ليس بحمد فتعريفه عرفا بفعل
منبيء عن التعظيم فاسد جدا ، لا يساعد عليه شيء من الاستعمالات العرفية ، سيما
الواردة منها في الكتاب والسنة الجارية على طبق العرف ، فأحسن ما قيل في تعريفه
قول (شارح الصحيفة) في شرح الدعاء الأول
أنه : «الثناء على ذي علم بكماله تعظيما له» وكلام (النيشابوري) أنه : «قول دال
على أنه مختص بفضيلة الإنعام» وقول (صاحب الشوارق) أنه «الوصف بالجميل على الجميل
بقصد التبجيل» فهذه التعاريف الثلاثة متحدة المفاد.
ثم لما ثبت حمده لنفسه وثنائه على نفسه
كما في أول (الأنعام)
و (الكهف)
و (سبأ)
و (الملائكة) .
وكما في قوله صلى الله عليه وآله
«أنا
لا أحصي ثناء عليك
أنت كما أثنيت على نفسك» ، وجب تعميم الثناء
والقول المأخوذين في تعريف الحمد بحيث يشملان
__________________
ثنائه تعالى وقوله
تعالى.
والتزام تقييد الثناء باللسان المستلزم
لخروج ثنائه عن حقيقة الثناء ، ثم التزام التجوز فيه كما صرح به في (المقاصد
العلية) خطأ ظاهر ، إذ الأصل في الاستعمال الحقيقة فيما إا دار أمر اللفظ بين وضعه
للأعم ، فيكون مشتركا معنويا بين الأفراد لا يلزم منه تجوز أصلا بين وضعه للأخص
فيكون مجازا في خاص آخر وفرد آخر ، وقد تقرر في محله أن الاشتراك المعنوي خير من
المجاز كلفظ الصعيد.
فإن
قلت : إن هذا التعريف يصدق على التسبيح أيضا
وأنت قد قررت أن التسبيح غير الحمد.
قلت
: تقييد الثنا والوصف بالجميل أو بالكمال
مخرج للتسبيح ، إذ المراد بالجميل فضيلة وجودية وكمال وجودي ، وليس التسبيح توصيفا
بالكمال والفضيلة ، بل هو تنزيه عن النقص والرذيلة.
هذا جملة القول في لافاظ اللن والسلام
والذكر ، وأما شرح ما يحتاج إلى الشرح من ألفاظ الدعاء فنقول :
[شرح عبارات دعاء
صفوان المشهور بدعاء علقمة]
قوله
عليه السلام : * (يا من هو بالمنظر
الأعلى وبالأفق المبين) *
المراد (بالمنظر الأعلى)
: منظر العقول بحيث تراه وتنظر إليه.
(وبالأفق المبين)
: أي الظاهر الواضح أفق سماء مشاهدة عقول المؤمنين ، والتحصيص (بالأفق)
للتنبيه على دوام المشاهدة عند أهل الشهود ، إذ الشمس متى وصلت إلى الأفق وهو حيث
طلوعها ، فكل من على سطح ذلك الأفق مجبول بالطبع على النظر إليها ، بخلاف ما إذا
ارتفعت عن الأفق ، فقلما يتفق النظر إليها أو صارت تحت الأرض فلا ينظر إليها أصلا.
قوله
عليه السلام : * (يعلم خائنة الأعين)
*.
هو إما مصدر بمعنى الخيانة كالكاذبة
والعافية ، وإما مشتق أي النظرة الخائنة وهي النظرة المسترقة إلى المحرمات .
قوله
عليه السلام : * (لا يخفى عليه خافية)
*.
أي ذرة خافية أو نظرة خافية على أحد ، يعني
كل ما خفي على غيره فهو بارز عنده لا يخفى عليه شيء منه في الأرض ولا في السماء.
قوله
عليه السلام : * (لا يبرمه إلحاح
الملحين) *.
__________________
أي لا يمله ولا يزجره
.
قوله
عليه السلام : * (يا مدرك كل فوت)
*.
هنا بمعنى الفائت ، والمصدر بمعنى
الفاعل ، وليس المراد أنه مدرك كل ما فات عنه ليلزم إعادة المعدوم ، بل المراد أنه
مدرك كل ما فات عن غيره من حق ، فمن أتلف منه ظالم دما أو عرضا أو مالا ففاته
القصاص والانتقام واستيفاء الحق ، فإن ذلك لا يفوته تعالى بل هو يدرك وينتقم
للمظلوم كل ما فاته من حقوقه.
قوله
عليه السلام : * (ويا جامع كل شمل)
*.
جمع الله شمله أي ما تشتت من أمره ، وفرق
الله شمله أي ما اجمع من أمره كذا في (مجمع البحرين) .
قوله
عليه السلام : * (ويا بارئ النفوس بعد
الموت) *.
الـ (بارئ)
بمعنى الخالق
، والألف واللام في الموت عوض عن المضاف إليه ، والتقدير : يا خالق النفوس بعد
موتها ، وخلقها بعد موتها هو إحيائها بعد الموت ، وكل من الموت والإحياء بعده ، وإن
كان للبدن حقيقة لكن صح إسناد الموت إلى النفس بمعنى قطعها ، للعلاقة عن البدن كما
في
__________________
قوله تعالى : (وما تدرى نفس بأي أرض
تموت) [لقمان ٣٤] ، (كل نفس ذائقة الموت)
[آل عمران ١٨٥] ، فإذا صح موت النفس صح إحيائها بعد موتها بمعنى إعادتها إلى البدن
وإحداث ما انقطع من العلاقة بينهما.
قوله
عليه السلام : * (يا معطي السؤالات)
*.
السؤل والسؤله ما تسئله قال الله تعالى
: (قال قد أوتيت سؤلك يموسى) [طه ٣٦] ، وجمع السؤله سؤلات بالتسكين
على الأصل ، وبالتحريك فرقا بين الاسم والصفة ، إما بالضم للاتباع ، وإما بالفتح
للتخفيف كما يظهر من مجموع ما قيل في قوله تعالى (وهم في الغرفات
ءامنون)
[سبأ ٣٧].
قوله
عليه السلام : * (يا ولي الرغبات)
*.
الـ (ولي)
: من بيده الأمر
، و (الرغبات)
: بالتحريك جمع الرغبة بالتسكين ، وهي الأمر المرغوب فيه.
قوله
عليه السلام : * (يا كافي المهمات)
*.
هو قريب من قوله «يا قاضي الحاجات» إذ
المهم الامر العظيم الذي أهمك أي أوقعك في الهم والغم وكفايته إصلاحه كشفاء المريض
والتوسعة في المعيشة ، ورفع الضيق والفقر ، ودفع العدو ، وهبة الولد ونحو ذلك.
قوله
عليه السلام : * (يا من يكفي من كل شيء
، ولا يكفي منه
__________________
شيء)
*.
أي يغنى من كل شيء ، من كفاه بمعنى
أغناه.
قوله
عليه السلام : * (وبحق الحسن والحسين ،
فإني بهم أتوجه إليك) *.
هكذا في نسخ (المصباح) و (الكامل) لكن
في (مصباح الكفعمي)
: «وبحق الحسن والحسين والتسعة من ولد الحسين عليهم السلام» ، ولا ريب أنه أولى
فلا يترك.
قوله
عليه السلام : * (أتشفع إليك)
*.
كذا في (الكامل) وبعض نسخ (المصباح)
، وفي بعض آخر «أستشفع»
ولم أجد استعمال هذه
الكلمة من باب التفعل في كتب اللغة
، لكن في (البحار) في باب زيارة أبي الحسن الرضا عليه السلام عن (أمالي الصدوق )
:
__________________
«عن البزنطي
قال سمعت الرضا عليه السلام يقول : ما زارني أحد من أوليائي عارفا بحقي إلا تشفعت
فيه يوم القيامة» ، وكفى به شاهدا على الصحة ن بمعنى أتشفع إليك في الدعاء أستشفع
إليك .
قوله
عليه السلام : * (وبالذي فضلهم على
العالمين) *.
العائد محذوف أي فضلتهم به.
قوله
عليه السلام : * (وبه أبنتهم وأبنت
فضلهم من فضل العالمين) *.
الإبانة هنا بمعنى الفصل والتمييز ، أي
فصلته وميزتهم وفصلت فضلهم وميزته من بين فضل العالمين.
قوله
عليه السلام : * (وتكفيني المهم من
أموري) *.
من كفاه بمعنى أغناه ، أي تغنين عنه ، وترفع
حاجتي إليه بإصلاحه.
__________________
قوله
عليه السلام : * (وتقضي عني ديني) *.
وفي بعض النسخ
«ديوني» بصيغة الجمع ، والجمع بينهما أولى.
قوله
عليه السلام : * (وتجبرني من الفقر ، وتجيرني
من الفاقة) *.
وفي بعض النسخ بالعكس ، وذكر الإجارة مع
الفقر والجبر مع الفاقة
، والجمع لا يترك.
قوله
عليه السلام : * (وتغنيني عن المسألة
إلى المخلوقين) *.
وفي بعض النسخ
«للمخلوقين»
وعلى الأول لابد من تضمين معنى الحاجة ، لأن السؤال لا يتعدى بـ «إلى» ، وعلى
الثاني فاللام للتقوية ، لأن السؤال يتعدى بنفسه.
قوله
عليه السلام : * (وتكفيني هم من أخاف
همه إلى آخره ...) *.
بمعنى تغنيني أو تدفع وتصرف عني ، وإضافة
«الهم» و «العسر» من باب الإضافة إلى السبب ، وإضافة «الحزونة» بمعنى الغلظة وما
بعدها من إضافة المصدر إلى الفاعل ، قال في (منتهى الإرب)
: حزونة بالضم درشتي زمين».
__________________
قوله
عليه السلام : * (ومقدرة من أخاف بلاء
مقدرته) *.
الـ (مقدرة)
مثلثة الدال : القوة كذا في (القاموس)
، وفي بعض النسخ
«أخاف مقدرته» بدون لفظ «بلاء» والجمع أولى.
قوله
عليه السلام : * (كيد الكيدة ، ومكر
المكرة) *.
إنما لم يعل (الكيدة)
كالسادة والقادة للازدواج مع (المكرة)
وفي بعض النسخ
«كيد الكائدين ومكر الماكرين» والجمع أولى.
قوله
عليه السلام : * (نصب عينيه)
*.
في بعض النسخ
«بين عينيه».
قوله
عليه السلام : * (حتى تجعل ذلك له شغلا)
*.
في بعض النسخ
«له ذلك شغلا» بتقديم (له)
على (ذلك).
قوله
عليه السلام : * (شاغلا له عني)
*.
اللام متعلق بـ (شاغلا)
وهو لام التقوية ، لأن الشغل يتعدى إلى مفعوله بنفسه ، فكأنه قال : «شغلا يشغله
عني» ، وأما ما في بعض النسخ من
__________________
لفظة «به»
بدل «له» فالظاهر أنه من أغلاط الناسخين وتصحيفاتهم ، ولفظة «شاغلا» صفة ل ـ «شغلا»
، وقد مر توصيف الشغل بالشاغل في قوله «حتى تشغله عني بشغل شاغل» وهذا التوصيف من
باب التأكيد والمبالغة كقولهم «ظل ظليل» و «بون
بعيد».
قوله
عليه السلام : * (واكفني يا كافي ما لا
يكفي سواك) *.
الموصول مفعول «اكفني» وليس مضافا إليه
للمنادى كما لا يخفى ، وحذف مفعولا يكفي ، والتقدير «ما لا يكفي سواك».
قوله
عليه السلام : * (فإنك كاف لا كافي
سواك ـ إلى قوله ـ وجار لا جار سواك)
*.
هكذا في بعض النسخ بصيغة التنكير في
جميع المشتقات ، وفي بعضها
بصيغة التعريف في الجمع ، وأما التعريف في «الكافي» والتنكير في الباقي كما في نسخ
(زاد المعاد) وغيره
فالظاهر أنه من أغلاط الناسخين ، إذ لا وجه لاختلاف النظم والسياق بل الصحيح إما التعريف
في الجميع وإما التنكير.
قوله
عليه السلام : * (وملجأه إلى غيرك)
*.
في بعض النسخ
«إلى
سواك».
__________________
قوله
عليه السلام : * (وأتشفع)
*.
هذا نظير ما مر في أول الدعاء
ففي (الكامل) وفي بعض نسخ (المصباح) «أتشفع» من باب التفعل وفي بعض آخر «استشفع».
قوله
عليه السلام : * (وكفيته هول عدوه)
*.
المراد بالكفاية هنا وفي قوله : (واكفني كما كفيته)
وأمثالها الحفظ من الشر وصرف السوء ، ودفع المكروه ، وهذا إما معناه الحقيقي أو
لازم معناه يعني : حفظنه من هول عدوه ، وصرفته ودفعته عنه ، واحفظني كما حفظته.
قوله
عليه السلام : * (بلا مئونة على نفسي
من ذلك) *.
أي اصرف عني الهم المزبور صرفا بلا ورود
مؤنة على نفسي لأجل ذلك الصرف ، وكلمة (من) للتعليل.
قوله
عليه السلام : * (وكفاية ما أهمني)
*.
قد مر سابقا أن الكفاية في أمثال المقام
بمعنى إصلاح الأمور.
قوله
عليه السلام : * (ولا جعله الله آخر
العهد من زيارتكما) *.
قد مر معنى هذه الفقرة في السلام عند
قوله «ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم» فراجع .
__________________
قوله
عليه السلام : * (أحييني حياة محمد)
*.
وفي بعض النسخ
«محيا محمد» فلا يترك الجمع.
قوله
عليه السلام : * (أتيتكما زائرا) *.
في حاشية (مصباح الكفعمي) : «إن كانت
الزيارة من بعد فقل : «قصدتكما بقلبي زائرا» وإن كانت من قرب فقل : «أتيتكما زائرا»
روي ذلك عن الصادق عليه السلام قاله (الشيخ المفيد) رحمه الله في مزاره
، انتهت عبارة الحاشية وقد مر هذا سابقا
في الزيارة عند قوله «هذا يوم تبركت به بنو أمية».
قوله
عليه السلام : * (ومستشفعا بكما إلى
الله في حاجتي هذه) *.
كلمة (هذه) إشارة إلى ما مر من قضاء
الحوائج وكفاية المهمات في قوله : «واصرفني بقضاء حوائجي ، وكفاية ما أهمني همه».
قوله
عليه السلام : * (ولا يكون منقلبي
منقلبا خائبا خاسرا ، بل يكون منقلبي منقلبا راجيا راجحا)
*.
__________________
توصيف المنقلب بهذه الأوصاف نفيا
وإثباتا من باب المجاز العقلي ، وإسناد الشيء إلى غير من هو له كقولنا : «نهار
صائم» و «ليل قائم» و «ضلال بعيد»
و «حجاب مستور» والأصل : لا أكون في منقلبي خائبا خاسرا ، بل أكون فيه راجيا راجحا
مفلحا ، ونظير ذلك قولها
صلوات الله عليها وعلى أبيها «إذا أظلم الليل فمن يحمي حماي ، وإذا عطشت فمن يروي
ظماي» والأصل : إذا أظلم الليل فمن يحميني وإذا عطشت فمن يرويني.
قوله
عليه السلام : * (مستجابا لي)
*.
هو حال لضمير المتكلم المضاف إليه في (منقلبي)
، وليس صفة لـ (منقلبا)
كصفاته الأربع السابقة ، يظهر ذلك بالتأمل فتأمل.
قوله
عليه السلام : * (وتشفعا لي إلى الله)
*.
بصيغة الأمر من باب التفعل ، كذا أعرب
في بعض نسخ (المصباحين)
، وقد مر في هذا الدعاء
استعمال باب التفعل من هذه المادة.
__________________
قوله
عليه السلام : * (انقلبت
على ما شاء الله)
*.
وفي بعض النسخ «أنقلب»
بصيغة المضارع «إلى ما شاء الله» بدل «على» كون الموجود في (المصباحين) : «على ما
شاء الله» ، فلا يترك الجمع.
قوله
عليه السلام : * (ليس لي وراء الله)
*.
في بعض النسخ
«ليس وراء الله» بدون لفظة «لي» وهذا أوفق بالتعظيم.
قوله
عليه السلام : * (أنصرفت يا سيدي يا
أمير المؤمنين) *.
أي انصرفت عنك.
قوله
عليه السلام : * (وأنت يا أبا عبد الله)
*.
كلمة (أنت)
مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : وأنت يا أبا عبد الله كذلك ، أي قد انصرفت عنك ، والشاهد
عليه قوله : «وسلامي عليكما متصل» يعني أن انصرافي عنكما وإن كان حاصلا لكن سلامي
عليكما متصل لا ينقطع ، وقد وقع التصريح بالانصراف عنهما في ما يأتي من قوله : «انقلبت
يا سيدي عنكما» ، ونظير ذلك قوله تعالى (والئ بئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم
فعدتهن ثلاثة أشهر والئ لم يحضن) [الطلاق ٣] ففي (تفسير البيضاوي)
:
__________________
«أي اللائي
لم يحضن بعد كذلك».
فقوله : (والئ لم يحضن) مبتدأ حذف خبره ، وهو قوله كذلك.
وقوله تعالى (واتقوا
الله الذي تساءلون به والأرحام)
[النساء ١٠] على قراءة الرفع
، قال (البيضاوي)
: «وقرئ بالرفع على أنه مبتدء محذوف الخبر تقديره والأرحام كذلك أي مما يتقى أو
يسئل به».
وقوله تعالى : (فإن
حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن)
[آل عمران ٢٠] قل (أبو البقاء)
في (تركيبه )
: «) من) في وضع رفع
عطفا على التاء في (أسلمت) ، أي وأسلم من اتبعني وجوههم لله ، وقيل : هو مبتدأ
والخبر محذوف أي كذلك».
والعجب من جماعة من أهل العصر ، أشكل
عليهم تركيب هذه العبارة مع وضوحه ، حتى التجأ بعضهم إلى العطف على المنادى في
قوله : «يا أمير المؤمنين» واعتذر عن لزوم دخول حرف النداء على الضمير بأنه يغتفر
في
__________________
التوابع والثوابي ، ما
لا يغتفر في المتبوعات والأوائل.
وزاد بعض آخر في الطنبور نغمة أخرى فقال
: «كلمة «أنت» الضمير تصحيف «أبت» بصيغة المتكلم من آب يئوب ، واستشهد لذلك بذكر
اسم الفاعل فيما يأتي من قوله «آئبا عائدا» ، وكل ذلك انحراف واعوجاج ، والذي
أوقعهم في حيص بيص زعمهم أن العطف في «أنت» من باب عطف المفرد على المفراد ، ولم
ينتبهو لكونه من باب عطف الجملة على الجملة ، والله العاصم عن الخطأ والخلل في
العلم والعمل.
[تحقيق في المقام]
قوله
عليه السلام : * «ثم قال جبرئيل : يا
رسول الله ؛ [إن الله]
أرسلني إليك سرورا وبشرى لك» *.
هكذا فيما عندنا من النسخ ، والظاهر سقط
لفظ الجلالة من العبارة وأنها كانت هكذا «يا رسول الله ؛ الله أرسلني إليك» أو «أرسلني
الله إليك» .
__________________
خاتمة : [في ما ينبغي
مراعاته أثناء الزيارة]
لما كانت هذه الزيارة الشريفة قد وعد
عليها أجر عظيم ، وثواب جسيم ، فصارت بحيث لا يوازيها طاعة من الطاعات ، ولا
يدانيها قربة من القربات ، فلا بد من الاهتمام في المحافظة على شروطها وقيودها
المعتبرة أو المحتملة ، لئلا يفوت ذلك الثواب بفوت قيد من القيود ، وإن كان العمل
الفاقد لذلك القيد أيضا عملا من الأعمال المندوبة ، وزيارة من الزيارات المطلقة
موجبة للأجر والثواب ، لكن لا ذلك الثواب الموعود ، بل أجرا ما ، وثوابا ما ، فمن
تلك القيود والشروط :
(الطهارة)
: والظاهر اعتبارها ، إذ الظاهر من قوله «برز إلى الصحراء أو صعد سطحا مرتفعا في
داره ـ إلى قوله ـ وصلى بعده ركعتين» مع اشتراط الصلاة بالطهارة كون الطهارة مسلم
الحصول من أول الأمر ، إذ لا مجال لتحصيلها بين الدعاء والصلاة لمن برز إلى
الصحراء أو صعد إلى السطح ، سيما سحاري بلاد السائل ، إذ الغالب فيها فقدان الماء
، مع أن الظاهر من الرواية كون الإيماء بالسلام والدعاء على القاتل ، والصلاة بعد
ذلك عملا واحدا متصلا متسقا على نسق واحد ، سيما بملاحظة وقوعه على السطح ، وتخلل
الطهارة في البين ينافي الاتصال والاتساق المزبور لا محالة ، وبالجملة لا مجال
للتأمل في اعتبار هذا الشرط ، وعلى هذا لو اضطر إلى نقض الطهارة لأجل
مدافعة الأخبثين مثلا
، فلا يكفي البناء في حصول هذا العمل المخصوص ، وإن كان ذلك عملا آخر موجبا لثواب
آخر ، بل اللازم الاستئناف.
ومنها
: (الوقت) وأنه قبل الزوال ، ولا ريب في اعتباره
لقوله عليه السلام في رواية (الكامل)
: «يفعل ذلك في صدر النهار قبل الزوال» ، وفي رواية (المصباح) «وليكن ذلك في صدر
النهار قبل أن تزول الشمس» ، ولو زار بها في غير الوقت المزبور خرج عن هذه الزيارة
الخاصة ، وصار عملا آخر له ثواب آخر ، ولا ينافيه قوله في آخر الرواية «إن استطعت
أن تزوره في كل يوم بهذه الزيارة فافعل» فإنه تعميم بحسب أيام السنة لا بحسب ساعات
كل يوم ، وكذا قوله في آخر رواية (صفوان) : «إذا حدث لك حاجة فزر بهذه الزيارة من
حيث كنت» فإنه تعميم من حيث المكان لا الزمان ، ثم إن صدر كل شيء وإن كان أوله كما
في كتب اللغة
، لكن المراد بصدر النهار هنا وسطه بقرينة قوله : «قبل الزوال» ، وقوله «قبل أن
تزول الشمس» ولا يرد أن وسط النهار هو الزوال لا قبله ، لإنه وسط بالنسبة إلى طلوع
الشمس لا الفجر ، والنهار في العرف مبدئه من طلوع الفجر.
ومنها
: (التوجه) إلى قبره الشريف عند
السلام عليه عليه السلام ، ولا ريب في اعتباره وهو المراد بالإيماء إليه والسلام
وما به الإيماء هو السلام لا غير ،
__________________
لكونه مدخول الباء ، فلا
يعتبر الإيماء باليد أو الرأس ، واعتبار الإيماء إنما هو عند السلام عليه فقط ، لا
عند اللعن على قاتليه أيضا.
ومنها
: (القيام) فالظاهر عدم اعتباره
في حال اللعن ، وأما في حال السلام عليه عليه السلام أولا وآخرا فظاهر سياق
الرواية اعتباره ، سيما بملاحظة احترام المزور وتجليله وتبجيله ، وكون القيام أقرب
إلى الأدب وأدخل في التواضع والتعظيم والتكريم ، وبالجملة هذا من القيود المحتملة
فلا بد من مراعاته لئلا يفوت الغرض.
ومنها
: (اتحاد المكان) فإن صعد سطحا مرتفعا
في داره فهو مكانه ، وإن برز إلى الصحراء فينبغي أن لا يتوسع فيها ولا يتجاوز عن
مقدار سطح داره.
ومنها
: (الاستقرار وعدم الحركة حال العمل)
والظاهر أن حاله كحال القيام في عدم الاعتبار عند اللعن ، والاحتياط في مراعاته
عند السلام.
ومنها
: (ترك الكلام في أثناء العمل)
فإن كان الكلام كثيرا يخل بالاتصال المعتبر في هذا العمل الواحد كما عرفت ، فتركه
معتبر لا محالى ، وإن كان قليلا ككلمة أو كلمتين فلاخلاله محل تردد ، فيكون تركه
من القيود المحتملة ، فيلزم مراعاته للاتحياط المزبور.
ثم إن الإخلال بقيد من القيود موجب
لخروج العمل عن هذه الزيارة المخصوصة الموعود عليها بالثواب العظيم المعهود لا
لسقوطه رأسا وكونه لغوا وعبثا محضا ، بل هو حينئذ زيارة من الزيارات المطلقة
المندوبة.
ثم لو فرض أن جاهلا زار بهذه الزيارة مع
الإخلال بقيد من القيود معتقدا لشرعية عمله ووروده فاعتقاده لا يؤثر في صيرورة
معتقده هذه الزيارة المخصوصة ، كما لا يضر بكونه من الزيارات المطلقة كما في
المتردد والناس ، وأما العالم العامد فلا يتأتى منه قصد الشرعية والورود.
ختام
رواية (علقمة) عن الباقر عليه السلام
كما ترى خالية عن ذكر زيارة أمير المؤمنين عليه السلام قبل هذه الزيارة ، فتدل على
أن زيارة عاشوراء عمل مستقل منفرد عن زيارة أمير المؤمنين عليه السلام وليس مشروطا
بسبقها عليه.
فما حكاه (صفوان) عن فعل الصادق عليه
السلام من زيارة الأمير عليه السلام أولا ثم صرف وجهه إلى ناحية أبي عبد الله عليه
السلام وزيارته عند قبر الأمير عليه السلام فهو من باب المقارنات الاتفاقية لا من
باب الاشتراط ، وإلا كان الحضور عند قبر الأمير عليه السلام أيضا شرطا في هذه
الزيارة الخاصة وهو باطل قطعا ، نعم من أراد قراءة دعاء الوداع الذي رواه (صفوان) فلا
بد له من تقديم زيارة الأمير عليه السلام بأية زيارة كانت طويلة أو قصيرة ، مأثورة
أو غير ما مأثورة تصحيحاً للضمائر المثناة سيما قوله «واستودعكما الله».
حرره العبد الضعيف
الفاني (عبد الرسول المازندراني)
لقد حصل الفراغ من تسويد هذه النسخة
الشريفة وتصحيحها في عصر يوم الخميس الثامن عشر من شهر شوال المكرم سنة إحدى
وعشرين وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة المقدسة النبوية المصطفوية على هاجرها ألف
سلام وتحية وأنا العبد الأقل العاصي والرق الفاني (علي بن عبد الرسول)
عفى عنهما وغفر لهما.
[آخر ما جاء في
مطبوعة الكتاب]
بسم الله خير الاسماء
بحمد الله تعالى وحسن توفيقاته بعد از
آنكه مدتى گذشت كه طبع اين نسخه شريفه بعلت عدم مساعدت اسباب تعويق افتاده بود
اكنون بر حسب امر اكيد شديد صادر از جانب سني الجوانب حضرت مستطاب اشرف ارفع اقدس
والا دامت شوكته العالية ومعاونت ومعاضدت جناب مستطاب قدسى نصاب قدوسى انتساب فخر
الفضلاء الاطياب آقا شيخ عبد الرحيم اشرف الادباء سلمه الله تعالى.
اين بنده ضعيف را توفق اتمام وانجام
وطبع ونشر آن مرزوق گرديد اينك بتوفيقات حضرت بارى شروع در استنساخ رسائل مسائل
خمس فقهيه ميشود كه باين نسخه شريفه ملحق ومنظم گردد تا نفع آن را اتم وفائده آن
را اعم بوده باشد. در مطبعه مدرسه مساركه فخريه طهران سمت اتمام وانجام يافت شهر
ذي القعدة سنة ١٣٢١.
__________________
فهرس التراجم
محمد بن أبي عمير
|
١٣٠
|
محمد بن محمد بن عصام الكليني
|
٤٨
|
ابن طاووس علي بن موسى بن جعفر ابن محمد
|
٦٧
|
محمد باقر المجلسي
|
٤٤
|
أبو بصير يحيى بن القاسم الأسدي وقيل
أبو محمد
|
٥٩
|
محمد بن محمد المفيد
|
٤٧
|
أبو حمزة الثمالي ثابت بن دينار
|
٥١
|
المقداد بن الأسود
|
٨١
|
أبو ذر الغفاري جندب بن جنادة
|
٨١
|
الحسن بن محمد بن حسين النيسابوري
القمي
|
١٦١
|
أبو عمرو البصري القارئ
|
٩٧
|
حذيفة جرير الشاعر
|
٨٩
|
أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي
|
١٧٤
|
حكيم بن داود
|
٤١
|
محمد بن الحسين البهائي
|
١٥٨
|
سلمان الفارسي
|
٧٧
|
عمر بن عثمان البيضاوي
|
١٠٤
|
سيف عميرة
|
٢١
، ٣٠ ، ٣٨
|
السيد محمد اليزدي الداماد (المحقق)
|
١٤١
|
صالح بن عقبة
|
١٩
|
محمد بن مكي الشهيد الأول
|
٧١
|
عبد الكريم بن طاووس
|
١٢٢
|
محمد بن الحسن الطوسي
|
١٧
|
عقبة بن قيس
|
١٩
|
العكبري (أبو البقاء)
|
١٨٤
|
علي خان المدني الشيرازي
|
١٦٠
|
محمد بن مسعود العياشي
|
١٦١
|
كميل بن زياد
|
١٣٥
|
محمد الغزالي
|
١٥٩
|
مالك الجهني
|
٤١
|
ملا محسن الفيض الكاشاني
|
١٥٩
|
محمد بن إسماعيل بن بزيع
|
١٩
|
الكسائي القارئ
|
٩٧
|
محمد بن خالد الطيالسي
|
٣٠
|
الكفعمي الشيخ تقي الدين إبراهيم ابن
علي بن الحسن بن محمد بن صالح العاملي
|
٦٥
|
محمد بن مسلم
|
٧٤
|
|
|
محمد بن موسى الهمداني
|
٤١
|
مصادر التحقيق
١
ـ إحْياءُ عُلومِ الدِّين :
لأبي حامد محمد بن محمد الغزّالي (ت ٥٠٥ هـ) ، نشر مكتبة ومطبعة المشهد الحسيني.
٢
ـ أَسْرَارُ الصَّلاة : للشهيد الثاني ، زين
الدين بن علي بن أحمد العاملي (ت ٩٦٦ هـ) ، طبع ضمن (رسائل الشهيد الثاني) ، تحقيق
ونشر دفتر تبليغات إسلامي بقم المقدسة سنة ١٤٢١ هـ.
٣
ـ إِعْلامُ الوَرى بِأعْلَامِ الهُدَى :
لأمين الإسلام الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت ٥٤٨ هـ) ، تحقيق ونشر
مؤسسة آل البيت لأحياء التراث قم المقدسة ، الطبعة الأولى ١٤١٧ هـ.
٤
ـ أَعْيانُ الشِّيعة : للسيد محسن الأمين (ت
١٣٧١ هـ) ، تحقيق السيد حسن الأمين ، نشر دار التعارف بيروت.
٥
ـ الإِقْبالُ بِالأعمَالِ الحَسنةِ فِيمَا يُعمل مرَّة في السَّنة :
للسيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس (ت ٦٦٤ هـ) ، تحقيق جواد قيومي نشر
مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي الطبعة الثانية ١٤١٨ ه ـ.
٦
ـ إِكسِيرُ العِبادَاتِ في أسرَارِ الشَّهادَات :
للفاضل الدّربندي ، آغا بن عابد الشيرواني (ت ١٨٥ هـ) ، تحقيق الشيخ محمد جمعة
بادي وملا عباس الجمري ، نشر مكتبة المصطفى البحرين سنة ١٤١٥ ه ـ.
٧
ـ أمالي الصدوق = الأمالي للشيخ الصدوق :
لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ، تحقيق
ونشر قسم الدراسات الإسلامية بمؤسسة البعثة ـ قم الطبعة الأولى ١٤١٧ هـ.
٨
ـ إمتناع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع :
لتقي الدين أحمد بن علي المقريزي (م هـ ٨٤٥) ، تحقيق محمد عبد النميسي ، نشر دار
الكتب العلمية ، بيروت ، الطبعة الأولى ، ١٤٢٠ ه ـ.
٩
ـ أنوار التنزيل وأسرار التأويل [تفسير البيضاوي]
، للبيضاوي ناصر الدين عبد الله بن عمر (ت ٦٨٥ هـ) ، مصورة دار الفكر بيروت.
١٠
ـ بحار الأنوار الجامعة لِدُرر أخبار الأئمة الأطهار :
للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي (ت ١١١١ هـ) ، مصورة دار إحياء التراث العربي ، الطبعة
الثالثة ١٤٠٣ هـ ، وط. أخرى بتحقيق الشيخ محمود درياب نشر دار التعارف بيروت.
١١
ـ البداية والنهاية : لأبي الفداء إسماعيل
بن ثير الدمشقي (ت ٧٧٤ هـ) ، تحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي ، نشر
عالم الكتب ـ الرياض.
١٢
ـ بصائر الدرجات في فضائل آل محمد عليهم السلام :
للصفار القمي ، محمّد بن الحسن بن فرّوخ ، أبي جعفر (ت ٢٩٠ هـ) ، تحقيق السيد محمد
المعلم ، نشر دار جواد الأئمة ١٤٢٨ هـ.
١٣
ـ البلد الأمين : للشيخ الكفعمي ، إبراهيم
بن علي (ت ٩٠٥ هـ) ، الطبع الحجري.
١٤
ـ تاج العروس من جواهر القاموس :
للزُّبيدي ، السيد محمد مرتضى (ت ١٢٠٥ هـ) ، تحقيق مجموعة من المحققين ، نشر
المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، الكويت.
١٥
ـ تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام
: للذهبي ، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان (ت ٧٤٨ هـ) ، تحقيق الدكتور بشار
عوّاد معروف ، نشر دار الغرب الإسلامي ـ بيروت ، سنة ٢٠٠٣ ه ـ.
١٦
ـ تاريخ الطبري = (تاريخ الأمم والملوك) :
للطبري ، محمّد بن جرير ، أبي جعفر (ت ٣١٠ هـ) ، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم ، مصورة
دار إحياء التراث ببيروت.
١٧
ـ تاريخ مدينة دمشق : لابن عساكر الدمشقي
، عليّ بن محمّد الحسن بن هبة الله الشافعي (ت ٥٧١ ه ـ) ، تحقيق عمر بن غرامة
العمري ، نشر دار الفكر ببيروت.
١٨
ـ التبيان في إعراب القرآن :
لأبي البقاء عبد الله بن الحسين العُكبري (ت ٦١٦ هـ) ، تحقيق علي محمد البجاوي ، مصورة
دار الجيل ـ بيروت ١٤٠٧ هـ.
١٩
ـ التبيان في تفسير القرآن :
لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ) ، تحقيق الشيخ أحمد حبيب
قصير العاملي ، مصورة مكتب الإعلام الإسلامي ، ١٤٠٩ ه ـ.
٢٠
ـ تحبير التيسير في القراءات العشر :
لابن الجزري ، شمس الدين محمد بن محمد بن محمد (ت ٨٣٣) ، تحقيق الدكتور أحمد مفلح
القضاة ، نشر دار الفرقان ـ عمّان ١٤٢١ هـ.
٢١
ـ تراثنا : مجلة تصدر عن مؤسسة
آل البيت لأحياء التراث في قم المقدسة.
٢٢
ـ التعريفات : للشريف الجرجاني ، علي
بن محمد الحسيني (ت ٨١٦ هـ) ، مصورة مكتبة لبنان ـ بيروت ١٩٨٥ م.
٢٣
ـ تفسير البحر المحيط : لأبي حيّان الأندلسي
، محمد بن يوسف (ت ٧٤٥ هـ) ، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض ، نشر
دار الكتب العلمية ـ بيروت ، الطبعة الأولى ١٤١٣ ه ـ.
٢٤
ـ تفسير السمعاني : للسمعاني أبي مظفر
منصور بن محمد (ت ٤٨٩ هـ) ، تحقيق اسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم ، نشر دار
الوطن ـ الرياض الطبعة الأولى ١٤١٨ ه ـ.
٢٥
ـ تفسير العياشي : للشيخ أبي النضر
محمد بن مسعود العياشي (ت ٣٢٠ ه ـ) ، تحقيق ونشر مؤسسة البعثة بقم المقدسة الطبعة
الأولى ١٤٢١ هـ.
٢٦
ـ تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن :
للقرطبي محمد بن أحمد الأنصاري (ت ٦٧١ ه ـ) ، مصورة دار إحياء التراث العربي عن
الطبعة الثانية لدار الكتب المصرية.
٢٧
ـ التفسير المنسوب للإمام العسكري عليه السلام :
(ت ٢٦٠ هـ) تحقيق ونشر : مدرسة الإمام المهدي ، الطبعة الأولى ١٤٠٩ ه ـ.
٢٨
ـ تفسير جوامع الجامع : لأمين الإسلام الشيخ
أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت ٥٤٨ هـ) ، تحقيق ونشر مؤسسة نشر الإسلامي ـ قم
المقدسة ، الطبعة الأولى ١٤١٨ هـ.
٢٩
ـ تفسير علي بن إبراهيم = تفسير القمي :
للقمي ، عليّ بن إبراهيم ، أبي الحسن (ق ٤) ، تحقيق السيّد طيب الموسوي الجزائري ،
مطبعة النجف سنة ١٣٨٧ ه ـ
٣٠
ـ تفسير كنز الدقائق وبحر الغرائب :
للشيخ محمد بن محمد رضا القمي المشهدي (ت ١١٢٥ هـ) ، تحقيق حسين درگاهى ، نشر دار
الغدير ـ قم المقدسة ، الطبعة الأولى ١٤٢٤ هـ.
٣١
ـ تفسير مجمع البيان : لأمين الإسلام الشيخ
أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت ٥٤٨ هـ) ، تصحيح السيد هاشم الرسولي المحلاتي ،
نشر المكتبة الإسلامية ـ طهران.
٣٢
ـ التمحيص : لمحمد بن همام
الإسكافي (ت ٣٣٦ هـ) ، تحقيق ونشر مؤسسة الإمام المهدي (عج) ـ قم المقدسة.
٣٣
ـ تهذيب الأحكام في شرح المقنعة :
لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ) ، تحقيق السيد حسن
الخرسان ، نشر دار الكتب الإسلامية طهران.
٣٤
ـ تهذيب اللغة : للأزهري ، منصور بن
محمد (ت ٣٧٠ هـ) ، تحقيق عبد السلام محمد هارون.
٣٥
ـ التوحيد : لأبي جعفر محمد بن
علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ، تحقيق السيد هاشم
الحسيني الطهراني ، مصورة مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت.
٣٦
ـ التيسير في القراءات السبع :
لأبي عمرو الداني (ت ٤٤٤ هـ) ، تحقيق الدكتور حاتم صالح الضّامن ، نشر مكتبة
الصحابة ـ الشارقة الطبعة الأولى ١٤٢٩ ه ـ.
٣٧
ـ جامع الأخبار = معارج اليقين في أصول الدين :
للشيخ محمد بن محمد السبزواري (ت ق ٧) ، تحقيق علاء آل جعفر ، نشر مؤسسة آل البيت
لأحياء التراث ـ قم المقدسة ، الطبعة الأولى ١٤١٤ هـ.
٣٨
ـ جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع :
للسيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس (ت ٦٦٤ هـ) ، تحقيق جواد قيومي ، نشر
مؤسسة الآفاق.
٣٩
ـ جواهر المطالب في مناقب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام :
لابن الدمشقي ، شمس الدين أبي البركات محمد بن محمد الباعوني (ت ٨٧١ هـ) ، تحقيق
الشيخ محمد باقر المحمودي ، نشر مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ـ قم ـ الطبعة
الأولى ١٤١٥ ه ـ.
٤٠
ـ الحقائق في محاسن الأخلاق :
للفيض الكاشاني ، محمد بن المرتضى (ت ١٠٩١ هـ) ، تحقيق محسن عقيل ـ بيروت ١٤٠٩ ه ـ.
٤١
ـ الخرائج والجرائح : للشيخ أبي حسين سعيد
بن هبة الله (قطب الدين الرّاوندي) (ت ٥٨٣ هـ) ، تحقيق ونشر مؤسسة الإمام المهدي
عليه السلام ، الطبعة الأولى ١٤٠٩ هـ.
٤٢
ـ خزانة الأدب ولبّ لُباب لسان العرب :
للبغدادي ؛ عبد القادر بن عمر (ت ١٠٩٣ هـ) ، تحقيق عبد السلام محمد هارون ، نشر
مكتبة الخانجي ، القاهرة ، الطبعة الرابعة ١٤١٨ هـ.
٤٣
ـ الخصال : لأبي جعفر محمد بن
علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ، تحقيق علي أكبر غفاري
، طبع ونشر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين الطبعة الثانية ١٤٠٢ هـ.
٤٤
ـ دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة :
للبيهقي أبي بكر أحمد بن الحسين (ت ٤٥٨ هـ) ، تحقيق الدكتور عبد المعطي قلعجي ، نشر
دار الريان للتراث ـ القاهرة ، الطبعة الأولى ١٤٠٨ هـ.
٤٥
ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة :
للعلامة آغا بزرگ الطهراني (ت ١٣٨٩ هـ) ، مصورة دار الأضواء ـ بيروت.
٤٦
ـ الرسائل الرجالية : للكلباسي أبي
المعالي محمد بن محمد (ت ١٣١٥ هـ) ، تحقيق محمد حسن الدرايتي ، نشر دار الحديث ـ قم
الطبعة الأولى ١٤٢٢ هـ.
٤٧
ـ رسائل الشريف المرتضى :
إعداد وتحقيق السيد مهدي رجائي ، نشر دار القرآن الكريم ـ قم المقدسة.
٤٨
ـ الرواشح السماوية : للميرداماد محمد
باقر الحسيني الأسترآبادي ، تحقيق غلام حسين قيصريه ها ونعمة الله الجليلي ، نشر
دار الحديث ـ قم المقدسة الطبعة الأولى ١٤٢٢ هـ.
٤٩
ـ روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان :
للشهيد الثاني ، زين الدين بن علي بن أحمد العاملي (ت ٩٦٦ هـ) ، تحقيق ونشر دفتر
تبليغات إسلامي بقم المقدسة.
٥٠
ـ روضة الواعظين وبصير المتعظين :
للفتّال النيسابوري ، محمد بن الفتال (ت ٥٠٨ هـ) ، تحقيق غلام حسين مجيدي ومجتبى
الفرجي ، نشر دليل ما ـ قم الطبعة الأولى ١٤٢٣ هـ.
٥١
ـ رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين :
للسيد علي خان المدني الشيرازي (ت ١١٢٠ هـ) ، تحقيق السيد محسن الحسيني الأميني ، نشر
مؤسسة جماعة المدرسين ـ قم ١٤١٥ هـ.
٥٢
ـ زاد المعاد : للعلامة الشيخ محمد
باقر المجلسي (ت ١١١١ هـ) ، تعريب علاء الدين الأعلمي ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ
بيروت الطبعة الأولى ١٤٢٣ هـ.
٥٣
ـ سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد :
محمد بن يوسف الصالحي الشامي (ت ٩٤٢ هـ) ، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد
معوض ، دار الكتب العلمية ـ بيروت الطبعة الأولى ١٤١٤ هـ.
٥٤
ـ شرح الكافية : لرضي الدين
الأسترآبادي ، محمد بن الحسن (ت ٦٨٨) ، تحقيق يوسف حسن عمر ، مصورة مؤسسة الصادق ـ
طهران.
٥٥
ـ شرح نهج البلاغة : لعزّ الدين أبي حامد
بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد المدائني (ت ٦٥٥ هـ) ، تحقيق محمد
أبي الفضل إبراهيم ، مصورة دار إحياء التراث.
٥٦
ـ شوارق الإلهام في شرح تجريد الكلام :
لعبد الرزاق اللاهيجي (ت ١٠٧٢ هـ) ، تحقيق الشيخ أكبر أسد علي زاده ، نشر مؤسسة
الإمام الصادق عليه السلام ـ قم المقدسة ، الطبعة الأولى ١٤٢٥ هـ.
٥٧
ـ الصحاح : للجوهري ، إسماعيل
بن حمّاد الفارابي (ت ٣٩٨ هـ) ، نشر دار إحياء التراث العربي ـ بيروت الطبعة
الرابعة ١٤٢٦ هـ.
٥٨
ـ صحيح البخاري : للبخاري ، محمد بن
إسماعيل الجعفي (ت ٢٥٦ هـ) ، مصورة دار الكتب العلمية عن الطبعة السلطانية [عند
الإشارة للجزء والصفحة] ، وتحقيق مصطفى ديب البُغا ، نشر دار ابن الكثير ـ دمشق
الطبعة الخامسة ١٤١٤ هـ [عند الإشارة لرقم الحديث].
٥٩
ـ صحيح مسلم : لمسلم بن الحجّاج
النيشابوري (ت ٢٦١ هـ) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، نشر دار إحياء الكتب العربي
(عيسى الحلبي) ودار الكتب العلمية ـ بيروت.
٦٠
ـ الصحيفة الحسينية : للسيد محمد حسين
المرعشي الشهرستاني الحائري (ت ١٣١٥ هـ) ، الطبع الحجري ١٣٠٣ هـ.
٦١
ـ الصحيفة السجادية : تحقيق السيد محمد
باقر الموحد الأبطحي ، نشر مؤسسة الإمام المهدي (عج) ـ قم المقدسة ، الطبعة الأولى
١٤١١ هـ.
٦٢
ـ الطبقات الكبرى : لمحمد بن سعد (ت ٢٣٠
هـ) ، نشر دار صادر ، الطبعة الأولى منه ١٣٧٧ هـ.
٦٣
ـ ععدّة الداعي ونجاح الساعي :
للشيخ أحمد بن محمد بن فهد الحلّي (ت ٨٤١ هـ) ، نشر وتحقيق مؤسسة المعارف
الإسلامية ـ قم المقدسة ، الطبعة الأولى ١٤٢٠ هـ.
٦٤
ـ العدد القوية : للشيخ رضي الدين علي
بن يوسف الحلّي (ت ٧٠٥ هـ) ، تحقيق السيد مهدي الرجائي ، نشر مكتبة آية الله
المرعشي النجفي ، ١٤٠٨ هـ.
٦٥
ـ العقد الفريد : لابن عبد ربه
الأندلسي ؛ أحمد بن محمد ، تحقيق الدكتور محمد التونجي ، نشر دار صادر ـ بيروت ، الطبعة
الأولى ٢٠٠١ م.
٦٦
ـ علل الشرائع : لأبي جعفر محمد بن
علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ، منشورات المكتبة
الحيدرية ومطبعتها ـ النجف الأشرف.
٦٧
ـ عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار :
لابن بطريق ، يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي ، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة ، الطبعة الأولى ١٤٠٧ هـ.
٦٨
ـ عوالي اللئالي العزيزة في الأحاديث الدينية :
للشيخ محمد بن علي بن إبراهيم الإحسائي (ن ٨٨٠ هـ) ، تحقيق آغا مجتبى العراقي ، نشر
المحقق ، الطبعة لاأولى ١٤٠٣ هـ.
٦٩
ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام :
لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ، تحقيق
السيد مهدي الحسيني اللاجوردي ، نشر دار العلم للنشر جهان ، ١٣٧٨ هـ.
٧٠
ـ الغارات : لأبي إسحاق إبراهيم
بن محمد الثقفي (ت ٢٨٣ هـ) ، تحقيق السيد جلال الدين المحدث ، نشر دار بهمن ـ طهران.
٧١
ـ غرائب القرآن ورغائب الفرقان = [تفسير النيسابوري] :
للنيسابوري ، نظام الدين الحسن بن محمد القمي (ت ٧٢٨) ، تصحيح إبراهيم عطوة ، نشر
شركة مصطفى الحلبي ـ القاهرة الطبعة الأولى ١٣٨١ هـ [عند عدم الإشارة إلى اسم
الطبعة] ، وط. أخرى بتحقيق (!!) زكريا عميرات ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ، الطبعة
الأولى ١٩٩٦ م.
٧٢
ـ فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين عليه السلام :
للسيد عبد الكريم بن طاووس الحسيني (ت ٦٩٣ هـ) ، تحقيق السيد تحسين آل شبيب
الموسوي ، نشر مركز الغدير للدراسات الإسلامية ـ قم المقدسة ، الطبعة الأولى ١٤١٩ هـ.
٧٣
ـ الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام :
تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث ـ الطبعة الأولى ١٤١١ هـ.
٧٤
ـ فهرس التراث : للسيد محمد حسين
الحسيني الجلالي (معاصر) ، تحقيق السيد محمد جواد الجلالي ، نشر دليل ما ـ قم
المقدسة ، الطبعة الأولى ١٤٢٢ هـ.
٧٥
ـ الفهرست : لشيخ الطائفة أبي
جعفر محمد بن الحسن الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ) ، تحقيق جواد قيومي ، نشر مؤسسة نشر
الفقاهة ، الطبعة الأولى ١٤١٧ هـ.
٧٦
ـ الفيض القدسي في ترجمة العلامة المجلسي :
للميرزا حسين بن محمد تقي بن علي محمد بن تقي النّوري الطبرسي (ت ١٣٢٠ هـ) ، مطبوع
ضمن الجزء ١٠٢ من بحار الأنوار.
٧٧
ـ القاموس المحيط والقابوس الوسيط :
للفيروز آبادي ، مجد الدين محمد يعقوب (ت ٨١٧ هـ) ، تحقيق ونشر مؤسسة الرسالة ـ بيروت
، الطبعة السابعة ١٤٢٤ هـ.
٧٨
ـ قصص الأنبياء : للشيخ أبي حسين سعيد
بن هبة الله (قطب الدين الرّاوندي) (ت ٥٨٣ هـ) ، تحقيق غلام رضا عرفانيان ، نشر
مجمع البحوث الإسلامية التابع للآستانة الرضوية ـ مشهد المقدسة ، الطبعة الأولى
١٤٠٩ هـ.
٧٩
ـ قصص الأنبياء = النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين :
للسيد نعمة الله الجزائري (ت ١١١٢ هـ) ، نشر مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ، الطبعة
الثامنة ١٣٩٨ هـ.
٨٠
ـ الكافي الأصول والفروع :
لثقة الإسلام أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُلَيْنِي الرّازي (ت ٣٢٨ / ٣٢٩ هـ)
، تحقيق علي أكبر غفاري ، نشر دار الكتب الإسلامية ـ طهران ، الطبعة الثالثة ١٣٨٨ هـ.
٨١
ـ كامل الزيارات : للشيخ أبي القاسم
جعفر بن محمّد بن قولويه القُمِّي (ت ٣٦٨ هـ) ، نشر وتحقيق مؤسسة نشر الفقاهة ـ قم
المقدسة ، الطبعة الأولى ١٤١٧ هـ.
٨٢
ـ الكامل في التاريخ : لعز الدين أبي الحسن
علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني المعروف بابن
الأثير (ت ٦٣٠ هـ) ، نشر دار صادر ـ بيروت ، الطبعة السابعة ١٤٢٦ هـ.
٨٣
ـ الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التنزيل :
للزمخشري ، جار الله محمود بن عمر ، مصورة منشورات البلاغة ـ قم ، الطبعة الأولى
١٤١٣ هـ.
٨٤
ـ كشف الحجب والأستار عن أسماء الكتب والأسفار :
للسيد إعجاز حسين النيسابوري الكنتوري (ت ١٢٤٠ هـ) ، نشر مكتبة آية الله العظمى
المرعشي النجفي ـ قم المقدسة ، الطبعة الثانية ١٤٠٩ هـ.
٨٥
ـ كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون :
لحاجي خليفة ، مصطفى بن عبد الله الشهير بحاجي خليفة وبكاتب چلبي (ت ١٠٨٧) ، مصورة
دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
٨٦
ـ كمال الدين وإتمام النعمة :
لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ، تحقيق
علي أكبر غفاري ، نشر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة ،
١٤٠٥ هـ.
٨٧
ـ لسان العرب : لأبي الفضل جمال
الدّين محمد بن مكرم ابن المنظور الإفريقي المصري (ت ٧١١) ، تحقيق ونشر دار صادر ـ
بيروت ، الطبعة الثالثة ٢٠٠٤ م.
٨٨
ـ مائة منقبة من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من ولده عليهم
السلام من طريق العامة :
لأبي الحسن محمد بن احمد بن علي بن الحسن القمي المعروف بابن شاذان (ت ٤١٢) ، تحقيق
ونشر : مدرسة الإمام المهدي ، الطبعة الأولى ١٤٠٧ هـ.
٨٩
ـ مثير الأحزان ومنير سبيل الأشجان :
نجم الدين جعفر بن محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما الحلّي (ابن نما الحلي) (ت ٦٤٥
هـ) ، تحقيق ونشر : مدرسة الإمام المهدي ، الطبعة الثالثة ١٤٠٦ هـ.
٩٠
ـ مجمع الأمثال : للميداني ، أحمد بن
محمد (ت ٥١٨ هـ) ، تحقيق الدكتور جان عبد الله توما ، نشر دار صادر ـ بيروت الطبعة
الأولى ١٤٢٢ هـ.
٩١
ـ مجمع البحرين : للشيخ فخر الدين
الطُّريحي (ت ١٠٨٥ هـ) ، تحقيق السيد أحمد الحسيني وترتيب محمود عادل ، مكتب نشر
الثقافة الإسلامية الطبعة الثانية ١٤٠٨ هـ.
٩٢
ـ المحاسن : للشيخ أحمد بن محمد
بن خالد البرقي (ت ٢٧٤) ، تحقيق المحدث السيد جلال الدين الحسيني ، نشر دار الكتب
الإسلامية ـ طهران.
٩٣
ـ المحجَّة البيضاء في تهذيب الأحياء :
للفيض الكاشاني ، محمد بن المرتضى (ت ١٠٩١ هـ) ، تحقيق علي أكبر غفاري ، مصورة
منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت الطبعة الثانية ١٤٠٣ هـ.
٩٤
ـ المحن : لأبي العرب محمد بن أحمد بن تميم
التميمي (ت ٣٣٣ هـ) ، تحقيق الدكتور يحيى وهيب الجبوري ، نشر دار الغرب الإسلامي ـ
بيروت ، الطبعة الثانية ١٤٠٨ هـ.
٩٥
ـ مختصر بصائر الدرجات :
لعز الدين أبي محمد الحسين بن سليمان بن محمد الحلّي (ق ٨) ، تحقيق مُشتاق
المُظفَّر ، نشر مؤسسة النشر الإسلامية التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة ، الطبعة
الأولى ١٤٢١ هـ.
٩٦
ـ مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول :
للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي (ت ١١١١ هـ) ، نشر دار الكتب الإسلامية ـ طهران ،
الطبعة الثانية ١٤٠٤ هـ.
٩٧
ـ مزار الشهيد : للشهيد الأول ، محمد
بن مكي العاملي (ت ٧٨٦ هـ) ، تحقيق محمود البدري ، نشر مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم
المقدسة ، الأولى ١٤١٦ هـ.
٩٨
ـ المزار الكبير : للشيخ أبي عبد الله
محمد بن جعفر المشهدي (ت ٦١٠ هـ) ، تحقيق جواد قيومي ، نشر قيوم ـ قم المقدسة ، الطبعة
الأولى ١٤١٩ هـ.
٩٩
ـ مزار المفيد : للشيخ المفيد ، محمد
بن محمد بن النعمان (ت ٤١٣ هـ) ، تحقيق السيد محمد باقر الأبطحي ، نشر المؤتمر
العالمي لألفية الشيخ المفيد ـ ١٤١٣ هـ (ضمن المجلد الخامس من سلسلة مصنفات الشيخ
المفيد).
١٠٠
ـ مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل :
للميرزا حسين بن محمد تقي بن علي محمد بن تقي النّوري الطبرسي (ت ١٣٢٠ هـ) ، نشر
وتحقيق مؤسسة آل البيت لأحياء التراث ـ قم المقدسة ، الطبعة الثالثة ١٤١١ هـ.
١٠١
ـ مستدركات علم رجال الحديث :
للنَّمازي ، الشيخ علي الشاهرودي (ت ١٤٠٥ هـ) ، نشر مؤسسة لانشر الإسلامي التابع
لجماعة المدرسين ـ قم المقدسة ، الطبعة الأولى ١٤٢٦ هـ.
١٠٢
ـ مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد :
زين الدين بن علي بن أحمد العاملي (ت ٩٦٦ هـ) ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم
السلام لإحياء التراث ـ قم المقدسة ، الطبعة الأولى ١٤٠٧ هـ.
١٠٣
ـ المسند : لأحمد بن حنبل (ت
٢٤١ هـ) ، مصورة دار صادر عن الطبعة الأولى (عند الإشارة للجزء والصفحة) ، وط.
بتحقيق شعيب الأرنؤوط ونشر مؤسسة الرسالة ـ بيروت ، الطبعة الثانية ١٤٢٩ هـ.
١٠٤
ـ مصباح الزائر وجناح المسافر :
للسيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس (ت ٦٦٤ هـ) ، تحقيق ونشر مؤسسة آل
البيت لأحياء التراث ، الطبعة الأولى ١٤١٧ هـ.
١٠٥
ـ مصباح الشريعة : المنسوب للإمام الصادق
عليه السلام ، نشر مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت ، الطبعة الأولى ١٤٠٠ هـ.
١٠٦
ـ مصباح الكفعمي : للشيخ الكفعمي
إبراهيم بن علي (ت ٩٠٥ هـ) ، الطبع الحجري.
١٠٧
ـ مصباح المتهجد : لشيخ الطائفة أبي
جعفر محمد بن الحسن الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ) ، تحقيق علي أصغر مرواريد ، نشر مؤسسة فقه
الشيعة ـ بيروت ١٤١١ هـ.
١٠٨
ـ المصباح المنير في غريب الشرح الكبير :
للفيومي ، أحمد بن محمد بن علي (ت ٧٧٠) ، نشر المكتبة العلمية.
١٠٩
ـ معاني الأخبار : لأبي جعفر محمد بن
علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ، تحقيق علي أكبر غفاري
، نشر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة.
١١٠
ـ معجم ألفاظ الفقه الجعفري :
للدكتور أحمد فتح الله (معاصر) ، الطبعة الأولى ١٤١٥ هـ.
١١١
ـ معجم المؤلفين : لعمر كحالة (معاصر)
، نشر مكتبة المثنى ودار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
١١٢
ـ المعجم الوسيط : إبراهيم مصطفى ـ أحمد
الزيات ـ حامد عبد القادر ـ محمد النجار.
١١٣
ـ مجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة :
للسيد أبي القاسم بن علي أكبر الموسوي الخوئي (ت ١٤١٣ هـ) ، الطبعة الخامسة ١٤١٣ هـ.
مغني اللبيب
١١٤
ـ مفاتيح الجنان : للشيخ عباس القمي
(ت ١٣٥٩ هـ) ، تعريب الشيخ محمد رضا النجفي ، الطبع الحجري.
١١٥
ـ مقاتل الطالبيين : لأبي الفرج
الأصفهاني ، علي بن الحسين الأمويّ (ت ٣٥٦) ، تحقيق السيد أحمد صقر ، نشر دار
إحياء الكتب العربية ـ عيسى البابي الحلبي ـ القاهرة.
١١٦
ـ المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية :
للشهيد الثاني ، زين الدين بن علي بن أحمد العاملي (ت ٩٦٦ هـ) ، تحقيق ونشر دفتر
تبليغات إسلامي ـ قم المقدسة ، الطبعة الأولى ١٤٢٠ هـ.
١١٧
ـ مقتل الحسين : لأبي مخنف لوط بن
يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم الأزدي الغامدي (ت ١٥٧ هـ) ، تحقيق حسن غفاري ، نشر
المطبعة العلمية ـ قم ، الطبعة الثانية ١٣٦٤ هـ.
١١٨
ـ المقنعة : للشيخ المفيد ، محمد بن محمد بن
النعمان (ت ٤١٣ هـ) ، تحقيق مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، نشر
المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ـ ١٤١٣ هـ (المجلد الرابع عشر من سلسلة مصنفات
الشيخ المفيد).
١١٩
ـ مكارم الاخلاق : لأبي نصر الحسن بن
الفضل بن الحسن الطبرسي (ت ٥٤٨ هـ) ، تحقيق علاء آل جعفر ، نشر مؤسسة النشر
الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة ، الطبعة الأولى ١٤٢١ هـ.
١٢٠
ـ الملهوف على قتلى الطفوف = اللهوف :
للسيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس (ت ٦٦٤ هـ) ، تحقيق الشيخ فارس
حسّون تبريزيان ، نشر دار الأُسوة ـ قم المقدسة ، الطبعة الثانية ١٤١٧ هـ.
١٢١
ـ [كتاب] من لا يحضره الفقيه :
لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ، تحقيق
علي أكبر غفاري ، نشر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة ،
الطبعة الثانية.
١٢٢
ـ مناقب آل أبي طالب = مناقب ابن شهر آشوب :
لأبي عبد الله مشير الدين محمد بن علي بن شهر آشوب (ت ٥٨٨ هـ) ، تحقيق سيد هاشم
رسولي المحلاتي ، نشر مؤسسة انتشارات العلامة ـ قم المقدسة ، الطبعة الأولى ١٣٧٩ هـ.
١٢٣
ـ المنجد في لاأعلام : لمجموعة مؤلفين ، دار
المشرق ـ بيروت ، الطبعة العشرون ١٩٩٦ م.
١٢٤
ـ مهج الدعوات ومنهج العنايات :
للسيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس (ت ٦٦٤ هـ) ، تحقيق جواد قيومي ، نشر
مؤسسة الآفاق ـ طهران ، الطبعة الأولى ١٤٢٢ هـ.
١٢٥
ـ نهاية الإرب في فنون الأدب :
للنوبري ، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب (ت ٧٣٢ هـ) ، تحقيق مفيد قميحة ، نشر دار
الكتب العلمية ـ بيروت ، الطبعة الأولى.
١٢٦
ـ الوافي : للفيض الكاشاني ، محمد
بن المرتضى (ت ١٠٩١ هـ) ، تحقيق ضياء الدين الحسيني ، نشر مكتبة أمير المؤمنين ـ إصفهان
، الطبعة الأولى ١٤٠٦ هـ.
١٢٧
ـ [تحصيل] وسائل الشيعة إلى تحصيل ومسائل الشريعة :
للشيخ محمد بن الحسن الحُرّ العاملي (ت ١١٠٤ هـ) ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت
عليهم السلام لإحياء التراث ، الطبعة الأولى ١٤١٣ هـ.
فهرس المحتويات
مقدمة مركز الزهراء الإسلامي...................................................... ٧
منهج المحقق في الكتاب.......................................................... ١٥
ترجمة المؤلف................................................................... ١٧
الزيارة برواية المصباح............................................................. ١٩
دعاء صفوان المشهور بدعاء علقمة................................................ ٣٠
الزيارة برواية كامل الزيارات....................................................... ٤١
مقدمة الشرح.................................................................. ٤٤
شرح سند الزيارة................................................................ ٤٦
شرح عبارات الزيارة............................................................. ٥٢
شرح «فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كُتِبَ لَهُ ثَوَابُ أَلْفِي أَلْفِ حَجَّةٍ ...»......................... ٥٢
شرح «وَكَانَ لَهُ ثَوَابُ مُصِيبَةِ كُلِّ نَبِيٍّ وَصِدِّيقٍ وَشَهِيدٍ
مَاتَ أَوْ قُتِلَ».................... ٥٤
شرح «يَا عَلْقَمَةُ إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ
تُومِئَ إِلَيْهِ بِالسَّلَامِ ................. ٦٢
شرح «فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ دَعَوْتَ بِمَا يَدْعُو بِهِ ..»............................ ٧٩
شرح «وَكَتَبَ اللهُ لَكَ بِهَا أَلْفِ حَسَنَةِ ...»........................................ ٨٥
شرح «وَزِيَارَةِ كُلِّ مَنْ زَارَ الحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ مُنْذُ يَوْمَ
قُتِلَ ...».......................... ٨٧
شرح «يَا ثَارَ اللهِ وَابْنَ ثَارِهِ ...».................................................. ٨٩
شرح «وَالْوِتْرَ المَوْتُورَ»........................................................... ٩٩
شرح «عَلَيْكُمْ مِنِّي جَمِيعاً سَلامُ اللهِ أَبَداً ...»..................................... ١٠٤
شرح «لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ وَجَلَّتْ وَعَظُمَتِ المُصِيبَةُ ...»........................... ١٠٦
شرح «وَلَعَنَ للهُ أُمَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقَامِكُمْ ...»................................... ١٠٨
شرح «لَقَدْ عَظُمَ مُصَابِي»...................................................... ١٠٩
شرح «وَأَسْئَلُ اللهَ الَّذِي أَكْرَمَ مَقَامَكَ وَأَكْرَمَنِي بِكَ»............................... ١١٢
شرح «وَأَجْرَى ظُلْمَهُ وَجَوْرَهُ عَلَيْكُمْ»............................................. ١١٣
شرح «وَأَنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثَارَكُمْ»................................................. ١١٥
شَرحُ «مَعَ إِمَامٍ مَهْدِيٍّ»....................................................... ١١٥
شرح «أَنْ يُعْطِيَنِي بِمُصَابِي بِكُمْ»................................................ ١١٦
شرح «أَفْضَلَ مَا يُعْطِي مُصَابَاً بِمُصِيبَةٍ».......................................... ١١٧
شرح «يَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةً مَا أَعْظَمَهَا»............................................. ١١٩
شرح «وَأَعْظَمَ رَزِيَتَهَا»......................................................... ١٢٢
شرح «اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو أُمَيَّةَ ...»................................. ١٢٣
شرح «وَهَذَا يَوْمٌ فَرِحَتْ بِهِ آلُ زِيَادٍ ...»......................................... ١٤٠
شرح «اللَّهُمَّ الْعَنْ أَوَّلَ ظَالِمٍ ...»............................................... ١٤١
شرح «وَبَايَعَتْ وَتَابَعَتْ»...................................................... ١٤٢
شرح «وَلَا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي لِزِيَارَتِكُمْ».................................... ١٤٤
شرح «وَعَلَى عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ»................................................. ١٤٨
شرح «اللَّهمَّ خُصَّ أَنْتَ أَوَّلَ ظَالِمٍ»............................................. ١٤٩
شرح «إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ»........................................................ ١٥٢
شرح «اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ ...»...................................... ١٥٤
شَرحُ عِبارَات دُعاءِ صفوان المشهور بدعاء عَلقَمَة.................................. ١٧١
تحقيق في المقام................................................................ ١٨٥
خاتمة : في ما ينبغي مراعاته أثناء الزيارة.......................................... ١٨٦
خِتامٌ........................................................................ ١٩٠
فهرس التراجم................................................................ ١٩٣
مصادر التحقيق.............................................................. ١٩٥
فهرس المحتويات............................................................... ٢١٣
|