


شكر وتقدير
الحمد لله رب
العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، نبينا محمد الأمين ، وعلى آله
وصحبه أجمعين.
وبعد ...
فإنني أشكر الله
تعالى قبل كل شيء الذي بفضله وعونه تتم الصالحات ، وتحل المشكلات ، وتزول العقبات
، والذي امتن عليّ بإنجاز هذه الرسالة ، وهي تحقيق ودراسة الجزء الأول والثاني من «طبقات
المحدثين بأصبهان» ، والواردين عليها ، لأبي الشيخ الأنصاري ، على أحسن وجه وأتمه
، الذي أرجو أن يقبله مني ، ويجعله خالصا لوجهه الكريم.
ثم أتوجه بخالص
شكري لأولئك الذين ساهموا معي في إنجاز هذه الرسالة ، وذلك لما ثبت عن رسول الله ـ
صلىاللهعليهوسلم ـ فيما رواه أبو هريرة ، وأبو سعيد ، وغيرهما ـ رضياللهعنهم ـ عنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : «من لا يشكر الناس لا يشكر الله». وفي رواية
بلفظ : «من لم يشكر الناس لم يشكر الله» .
__________________
فمن هنا أرى من
الواجب علي أن أخص بخالص شكري ، وغاية تقديري فضيلة المشرف على الرسالة / الدكتور
محمود أحمد ميره ـ حفظه الله تعالى ـ الذي فتح لي مجال الاستفادة ليلا ونهارا في
بيته وخارجه بدون تحديد بزمن ، ولا يدخر جهدا ، فكان يرافقني بإرشاداته القيمة ،
ودلالاته السديدة على المصادر ، وتوجيهاته الرشيدة في إصلاح العبارات وتحسينها ،
وكان يجهد نفسه معي في تصحيح النصوص ، وحل المشاكل التي كانت تواجهني ، ووجدته
مخلصا في هذا كله.
فجزاه الله تعالى
مني أحسن الجزاء ، وشكر له سعيه ، كما أتقدم بخالص شكري لأستاذي الدكتور أكرم ضياء
العمري ، حفظه الله تعالى ، حيث يعود إليه الفضل في اختياري هذا الموضوع ، وسأوضح
ذلك فيما سيأتي في سبب اختيار هذا الموضوع.
ولأستاذي فضيلة
الشيخ حماد الأنصاري ، حيث أفادني فيما كنت أسأله ، ولجميع أصدقائي وزملائي الذين
شاركوني ، أو قدموا لي أية مساعدة في إنجاز هذه الرسالة ، وأخص منهم الصديق الفاضل
رضا زنكنه الأصفهاني ، الذي وفر لي بعض المراجع من أصفهان ، وأرسلها لي بالبريد
واستزارني في أصفهان ، فزرته في العام الذي مضى (١٤٠٠ ه) ، فاستقبلني أحسن
استقبال ، وأكرم وأحسن ضيافتي ، وقدم لي كل ما أحتاجه من مساعدة وعون ، وكان يتجول
معي بسيارته إلى جميع الأماكن التاريخية والآثار القديمة ، فجزاه الله خير الجزاء
، وعظم له أجره.
كما أنني لا أنسى
جهود القائمين على الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، وعلى رأسهم الدكتور عبد
الله بن عبد الله بن زايد ، حفظه الله تعالى.
وإنني إذ أسجّل
شكري الجزيل لهؤلاء ، فإنني أسأل الله تعالى أن يكتب لهم المثوبة من عنده ، ويجزل
لهم الأجر ، وأن يجعل هذه الخدمة المتواضعة خالصة له ، ونافعة لعامة المسلمين ،
وهو ولي ذلك والقادر عليه.
بسم الله الرّحمن
الرّحيم
تقديم
|
بقلم : الأستاذ
الدكتور أكرم ضياء العمري
|
الحمد لله رب
العالمين ، والصلاة والسلام على النبي الأمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد ...
فان كتاب (طبقات
المحدثين بأصبهان والواردين عليها) لأبي الشيخ الأنصاري المتوفى عام ٣٦٩ ه ، هو
أقدم ما وصل إلينا من تواريخ أصبهان وقد سلك فيه مؤلفه مسلك المحدثين فسرد
الروايات والأحاديث بالاسانيد ، ورتب التراجم على الطبقات ، وقد استعمل الطبقة
للدلالة على الجيل ، وهو يلتقي في هذا الاستعمال مع معاصره ابن حبان البستي (ت ٣٥٤
ه) في كتابيه «الثقات» و «مشاهير علماء الامصار» ولو قسمنا الفترة الزمنية التي
تناول أبو الشيخ الانصاري تراجم علمائها على عدد الطبقات في كتابه وهي إحدى عشرة
طبقة لتبين أن الطبقة عنده تساوي ثلاثين عاما تقريبا ، ولكن الطبقات تتداخل في
العادة لأنها تقوم على اللقيا بين المحدثين ، وهؤلاء فيهم أصحاب الاسانيد العالية
، وهم يحوزونها إما بسبب طول أعمارهم أو مبادرتهم الطلب المبكر ، بحيث يلحق
المتأخر بالمتقدم في الأخذ عن نفس الشيوخ. والحق أن أخذ المؤلف بهذا النظام هو
أقوى مبرر لنشر كتابه بعد أن استوعبه أبو نعيم الاصبهاني ـ أو كاد ـ في مؤلفه (ذكر
أخبار أصبهان) ـ وهو مطبوع ـ إضافة إلى خدمة الدكتور عبد الغفور
البلوشي لكتاب أبي
الشيخ من حيث التعريف برجال الاسانيد وتخريج الاحاديث والحكم عليها ، وهو جهد لازم
لنيل مرتبة الماجستير في تخصص «السنة النبوية» وإن كان ليس بلازم لتحقيق الكتاب
تحقيقا علميا في نظر عامة المحققين الذين يرون في ذلك إثقالا للحواشي ولا مفر من
قيام طلبة الدراسات العليا من تحويل رسائلهم من تحقيق الكتب إلى دراسة أحاديث كتاب
مخصوص دفعا للاعتراض المذكور.
وإضافة لذلك فقد
قدم الشيخ عبد الغفور دراسة مستفيضة للمؤلف وبيئته العلمية ، حيث لم يسبق إلى
دراسته من قبل الباحثين المحدثين. وقد تمكن من تجلية جوانب ثقافته والتعريف
بمؤلفاته ومصادر معلوماته ، وإن كانت دراسة موارد كتابه لا زالت بحاجة إلى تجلية
وتفصيل.
وتجدر الاشارة هنا
إلى أن أبا الشيخ استفاد من مؤلفات مفقودة وأحيانا تعتبر اقتباساته عنها هي كل ما
بقي منها في مكتبتنا التراثية الهائلة ، ولعل هذا الوصف ينطبق خاصة على كتاب (تاريخ
أصبهان) لمحمد بن يحيى بن منده (ت ٣١٠ ه) وهو أقدم مؤلف في تاريخ أصبهان وقد فقد
ـ للأسف ـ ، وتوضح اقتباسات أبي الشيخ الكثيرة من هذا التاريخ أنه من تواريخ
المحدثين.
إن تجلية مثل هذه
المعلومات الدقيقة الغامضة تخدم دراساتنا التراثية وتضيف جديدا إلى «علمنا».
لقد هيأ أبو الشيخ
الأنصاري ببناء كتابه على نظام الطبقات الفرصة أمامنا للتعرف على تطور الحركة
الفكرية في مدينة أصبهان خلال القرون الأربعة الاولى من تاريخ الاسلام حيث يمكن
معرفة أعداد العلماء في كل قرن من هذه القرون ، مما يوضح ازدهار الحركة الفكرية
ونشاط الرواية في أصبهان في القرن الثالث الهجري ثم تعاظم الازدهار والنشاط في
القرن الرابع الهجري حيث يسجل أبو الشيخ الانصاري تضاعف أعداد المحدثين خلاله.
وهذا يتفق مع وقت ازدهار الحركة الفكرية في العالم الاسلامي عامّة.
وقد خالفني المحقق
في اعتبار تقسيم الكتاب إلى احدى عشرة طبقة ، ولا زلت أعتقد بأن أبا الشيخ لم يقم
بالتقسيم إلى احدى عشرة طبقة ما دام قد خلط تراجم الطبقتين العاشرة والحادية عشر
ولم يفصلهما ـ كما صرح ـ ، وربما وقفت أمامه عقبات فنية في عصر شيوخه وشيوخهم أو
أصابه الارهاق فأبقاهم طبقة واحدة.
كذلك يجدر التنبيه
إلى أن نسخة الظاهرية التي اعتمد عليها المحقق الفاضل يرجع تاريخها إلى النصف
الأول من القرن السابع الهجري وكان الحافظ يوسف بن خليل الدمشقي (ت ٦٤٨ ه) قد
تملك حق روايتها بالسماع وأثبت تاريخ سماعه عليها سنة ٦٣٥ ه ، وهذه النسخة نقلت
من نسخة أقدم عليها تملك وسماع يوسف بن خليل نفسه بتاريخ ٥٩٢ ه.
وقد اشتهر الحافظ
يوسف بن خليل بكثرة سماعاته للكتب واحتفاظه بنسخها الدقيقة كما تدل سماعاته
وتملكاته المدونة على العديد من نسخ المخطوطات في دار الكتب الظاهرية. ويبدو أن
الدراسات المتعلقة بالمخطوطات لا زالت لا تحظى بالعناية الكافية من المحققين رغم
أهمية ذلك في توثيق النسخ ، ولا شك أن التقدم العلمي للعالم العربي الاسلامي كفيل
في المستقبل بمعالجة هذه الثغرة بإيجاد المعامل والمتخصصين اللازمين لمعالجة أنواع
الورق والحبر والخطوط وتحديد تواريخها.
إن حركة النشر
لكتب التراث نشيطة هذه الايام ولكن تقف أمامها عقبات أبرزها عدم الالتزام بقواعد
النشر العلمية ، وضعف الارشاد الاكاديمي في الاعم الاغلب ، وتراجع الذوق اللغوي
بتراجع تعليم اللغة العربية من حيث المستوى والنوع رغم اتساعه أفقيا. وأخيرا عدم
الانتقاء للنصوص الاكثر أهمية وإعطائها الأولوية في النشر.
إن النشر العلمي
الجيد وحده هو الذي يخدم واقعنا الثقافي عندما تبنى دراساتنا التراثية على نصوص
موثقة توثيقا علميا ينأى عن خطأ الفهم وانحراف
المعنى ، وإن دراسة
التراث والاستقاء منه لتصور الماضي ودفع عجلة الحاضر تتوقف على سلامة حركة التحقيق
ومن هنا لا بد أن تسعى جامعاتنا ومؤسساتنا الاكاديمية الأخرى إلى معالجة النقص
والقصور في هذا الجانب الهام.
وفي الختام أدعو
الله تعالى للدكتور الفاضل عبد الغفور البلوشي بالتوفيق لمزيد من الاعمال الصالحة
في نشر النصوص النافعة من تراث الاسلام بعد أن قوي عوده وأفاد من تجاربه الاولى في
الدراسات العليا والله يقول الحق وهو يهدي إلى سواء السبيل.
|
المدينة المنورة في ١٣ / ٧ / ١٤٠٥ ه.
|
المقدمة
الحمد لله نحمده ،
ونستعينه ، ونستهديه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ،
من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله ، وصلىاللهعليهوسلم ، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فأود أن ألمّح إلى
دوافع اختياري للتخصص في السنة. لما كانت السنة وعلومها من أجل العلوم وأشرفها بعد
كتاب الله تعالى ، وبما أن رحى الشريعة الإسلامية تدور على قاعدتين أساسيتين ، هما
: كتاب الله ، وسنة رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولم يستغن الكتاب عن السنة فهي لازمة له ، ومفسرة لمجمله
، ومبينة لمشكله ومعانيه ، ومقيدة لمطلقه.
فمن هنا دفعني
الشوق والرغبة لاختيار شعبة السنة ، وإن كانت صلتي ودراستي في الفقه أكثر.
وثانيا : رغبة
شديدة مني للإسهام في إحياء تراث علماء السلف من أهل السنة بإيران ، الذين لم
يدخروا جهدا في خدمة السنة المشرفة رجالها ومتونها ، وقد امّحت معظم آثارهم ، ولم
تجد لهم خلفا يعتنون بآثارهم ، فيا حبذا لو قام رجال اعتنوا بإحياء خدمة السلف
للعناية بالسنة مرة أخرى ، فأسأل الله تعالى أن يهيء رجالا لهذا ، وهو عليه هين ،
فرغبتي في هذا الشأن كانت تتطلب مني الخوض في هذا الموضوع بعد التمكن منه ليسهل
السير عليه.
وثالثا : رجاء أن
أحظى حينما أختار هذا القسم ، بما ورد من الفضل والشرف لأصحاب الحديث ؛ وذلك لأنهم
محظوظون بتكثير الصلاة والسلام على صاحب الرسالة والسنة ، محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ القائل : «من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه عشرا» .
فيجري ذلك على
لسانهم ويكرره قلمهم.
أما سبب اختيار
تحقيق هذا الكتاب ـ «طبقات المحدثين بأصبهان» لأبي الشيخ الأصفهاني الأنصاري ـ بالذات
فلأمور :
أولا : يعود الفضل
في ذلك إلى فضيلة أستاذي الدكتور أكرم ضياء العمري ـ حفظه الله تعالى ـ الذي
أرشدني إلى هذا الكتاب ، ودلّني على أهميته ، وذلك في خلال محاضرة من محاضراته
التي كان يلقيها علينا في الفصل حينما كان يذكر لنا أهمية الطبقات ، إذا به يتحدث
عن أهمية هذا الكتاب ـ أعني : «طبقات المحدثين» لأبي الشيخ ـ ويشجعنا بأن مثل هذا
الكتاب يجب أن يحقق وينشر ، كي لا تضيع جهود علمائنا السلف.
فسرعان ما وقع
توجيهه هذا في قلبي ، فقررت أن أقوم بهذا العمل ولم يثن عزمي هذا كبر حجم الكتاب ،
وصفوته الخوض فيه ، مع أنه تراجع عليه قسم من زملائي الذين تشوقوا لتحقيقه.
وكان لتشجيع فضيلة
أستاذنا الدكتور أكرم ضياء العمري ـ حفظه الله ـ أثر كبير في إقدامي ، ومتابعة
سيري ، فجزاه الله عني كل خير.
وإخراج هذا الكتاب
المهم لأحد علماء السلف بأصفهان ، هو إحياء لتراث
__________________
هؤلاء العلماء
العظماء ، وكون المؤلف من إيران ، جعل لي الأفضلية في هذا المقام ، لأنه من بلدي ،
وقديما قالوا : أهل مكة أدرى بشعابها.
فمن هنا ، عزمت
على تحقيق هذا الكتاب العظيم المهم ، على ضوء ما أشار إليه فضيلة الأستاذ الدكتور
أكرم ، حفظه الله.
وكان هذا كله قبل
تعيين مشرف على الرسالة ، ثم أسند الإشراف إلى فضيلة الأستاذ الدكتور محمود أحمد
ميره ـ حفظه الله تعالى ـ فاتصلت به ، وعرضت عليه خطتي السابقة ، فلم يقتنع بها ـ لأني
لم أضع في الخطة تخريج الأحاديث والآثار ـ قائلا : كيف يصلح لطالب متخصص في الحديث
أن يمر على الأحاديث وأسانيدها بدون دراسة وبحث ، فكنت أعرض عليه كبر حجم الكتاب
وضيق المجال ، وأن مثل هذا العمل لكتاب كبير نحو هذا يتطلب سنوات عديدة ، فلم يزل
يشجعني حتى اقتنعت وغيرت خطة العمل إلى ما هو أحسن وأتم كما ستقرؤه في منهج
التحقيق فيما بعد ، فاستمريت على هذا المنهج حتى قضيت سنتين ولم أنجز منه إلا ثلثه
تقريبا فقط ، فبدا لي أن العمل على هذه الطريقة لتحقيق جميع هذا الكتاب يستغرق ست
سنوات تقريبا ، فاستشرت فضيلة المشرف ـ حفظه الله تعالى ـ في ذلك ، وعرضت عليه حذف
الجزء الثالث منه ، فوافقني على ذلك بل قال لي : لو حذفت أكثر لكان أحسن ـ جزاه الله
خيرا ، فتقدمت إلى رئاسة القسم بحذف الجزء الثالث من الرسالة فقط ، فتمت الموافقة
على ذلك ، وصار بذلك القسم المحقق من الكتاب لرسالة الماجستير هو الجزء الأول
والثاني من «طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها» ، لأبي الشيخ الأنصاري
الأصفهاني ، فما في تحقيقه من حسن وجمال ، فيعود الفضل في ذلك إلى الله تعالى
أوّلا بحسن توفيقه ، ثم إلى المشرف على الرسالة الدكتور محمود ميره حفظه الله
تعالى ثانيا ، وما فيه من الهفوات والأخطاء فمني ومن الشيطان.
فكان هذا هو السبب
الأول لاختياري هذا الكتاب.
وأما السبب الثاني
: فلما ذكرت من حرصي ورغبتي في إحياء تراث علماء السلف في إيران.
والسبب الثالث :
تقديم دراسة وافية مستقلة عن محدث ومفسر ومؤرخ ، مثل أبي الشيخ عبد الله بن محمد
بن جعفر ، المتوفى سنة ٣٦٩ ه ، الذي لم يحظ بترجمة عنه وافية ، ودراسة شافية ،
فترجمت له ترجمة متسعة حسب الإمكان ، وأظهرت في ذلك جوانب شخصيته ، وأبرزت معالم
نبوغه.
وأرجو أن أكون قد
وفقت فيما تناولته ، وأظن أني قد قدمت جوانب لم أسبق إليها ، والفضل لله أوّلا
وآخرا.
ورابعا : كنت
راغبا في تحقيق كتاب يتضمن كمية من الأحاديث تتنوع في موضوعها لأستفيد أكثر ، وقد
حقق الله رغبتي في الكتاب المذكور.
وخامسا : لما وجدت
من أهمية هذا الكتاب ، ومكانة مؤلفه ، واتساع جوانب ثقافته ، وتخصصه ، فقوله في
النقد حجة ، وكتابه مرجع لمن بعده .
والهدف من هذا كله
هو إخراج هذا الكتاب محققا بصورة صحيحة ليتيسر نشره ، والانتفاع به بسهولة.
وقسمت عملي في
خدمة هذا الكتاب إلى قسمين :
قسم يتعلق بخدمة
نصوص متن الكتاب من تصحيح ، وتخريج ، وشرح لمشكلاته ، وتثبيت لفروقه ، واستدراك
لفواته ، فيما أمكن ومطموسه كما نبهت في مواضع على كثير من الأوهام التي وقع فيها
بعض المحدثين ، مما يتعلق بتصحيح حديث أو توثيق راو ضعيف مكان ثقة ، أو عكسه في
أثناء تخريجي الأحاديث ، كما ستراه في أثناء التحقيق.
وقسم آخر يتعلق
بمقدمة وافية للكتاب.
وكانت رغبتي في
البداية أن أتناول فيها موضوعين : أحدهما : دراسة عن حياة المؤلف ، وثانيهما :
دراسة عن كتب الطبقات ، وكتب الرجال المحلية ،
__________________
باعتبار تاريخ
تدوينها ، وأسس تنظيمها ، وفوائدها ، ولكني لما قرأت ما كتبه أستاذي الدكتور أكرم
ضياء العمري ـ حفظه الله تعالى ـ في هذا الموضوع وتوسعه فيه ، فرأيت أنه قد خدم
هذا البحث خدمة جيدة ، ووفّى الموضوع حقّه. ولا أرى بعدئذ كبير فائدة في إعادة ما
سبقني إليه مع ضيق الوقت.
فاكتفيت بما كتبه
فضيلة الدكتور ، وأود أن أحيل القارىء الكريم إلى ما كتبه في هذا الموضوع في كتبه
الآتية :
«مقدمته على طبقات
خليفة بن خياط» ، و «موارد الخطيب في تاريخ بغداد» ، و «بحوث في تاريخ السنة المشرفة» .
واخترت مكان هذا
الموضوع دراسة مفصلة عن أصبهان تبين موقعها جغرافيا ، وحدودها ، ومساحتها ،
وأهميتها ، ومكانتها الثقافية ، ومميزاتها ، ونشاطات أهلها ، والفتح الإسلامي لها ،
مع محاولة جمع المؤلفات التي تتعلق بأصبهان وأهلها عبر القرون الإسلامية قديما
وحديثا ومذهب أهلها عبر القرون.
وقد أثبت أن
أصفهان كانت من القرون الأولى الإسلامية مهاجر العلماء لطلب الحديث ، ومحط رحالهم
، حتى كانت تضاهي بغداد في العلو والكثرة ، كما قال السخاوي.
ولكن الآن مع
الأسف عدم علم الأثر والحديث وخدامه ، فلم تعد تجد فيها أثرا لهم ، بل عمّ هذا كل
المدن المشتهرة بخدمة السنة المطهرة في إيران ، وذلك من مطلع القرن التاسع.
فقد قال السخاوي :
«وأمّا اليوم ، فقد كاد يعدم علم الأثر من العراق وفارس وأذربيجان ، بل لا يوجد
بأرّان وجيلان وأرمينية والجبال وخراسان التي كانت دار
__________________
الآثار ، بل
وأصفهان التي كانت تضاهي بغداد في العلو والكثرة ... ».
فهذا هو الذي
دفعني ، ولفت نظري إلى هذا الموضوع ؛ لأثبت للقارىء الكريم مكانة هذه المدينة ،
ونشاط أهلها في خدمة السنة في القرون الأولى ، وما هي عليه الآن.
وقد اشتملت
المقدمة على موضوعين رئيسيين تخللها بعض الإشارات الهامة ، أحدهما : دراسة عن
أصبهان : ـ مكانتها ، وأهميتها ، ومميزاتها ، وبعض نشاطات أهلها ، ومذهب أهلها ،
وجعلته الباب الأول ، وفيه فصلان ، وفي الفصل الأول مبحثان.
وثانيهما : دراسة
عن حياة المؤلف وكتابه «الطبقات» ، وجعلته الباب الثاني ، وفيه فصول ، وفي الفصول
مباحث.
بعض المشاكل التي واجهتني أثناء التحقيق
قد واجهتني بعض
المشاكل منها :
أن نسخة الكتاب
كانت فريدة في أصلها ، ومهملة من النقط في غالب الحروف ، وزاد الصعوبة بأن النسخة
الفرعية المنقولة عنها قد تصرف فيها ناسخها ، وبدا لي أنه لا صلة له بالعلم ، فنقط
الحروف باجتهاده ، وحرف النصوص وصحفها ، وقد كلّفني هذا جهدا ومشقة في مراجعة
الكتب المعنية لكل ما يتطلب ذلك ، لتصحيح النصوص وأسماء رواة الأسانيد وضبطها ،
وكلّ ذلك لأقدم نصّا صحيحا بقدر الإمكان.
ومنها : فقد لقيت
عناء شديدا في تراجم بعض رجال الأسانيد ، وذلك لأنّ كثيرا من رجال أسانيد المؤلف
لم أجد لهم تراجم في رجال الستة ، وقد تعبت كثيرا في معرفة من كان يختصر المؤلف
أسماءهم ، فيذكر اسم الراوي فقط ، أو كنيته ، وكان هذا يتطلب مني البحث عن اسمه
أولا ، ثم عن ترجمته ثانيا ؛
__________________
لأتأكد منه وأجزم
أنه المذكور الذي عناه المؤلف وترجمت له ، وقد لا يتبين لي تعيينه حتى أجزم به ،
ففي مثل هذا الحال أترجم له بالاحتمال ، فأقول : لعلّه فلان أو فلان ، وقد لا أقف
على ترجمته أحيانا بعد البحث والفحص.
ثالثا : وهو أهم
مما مضى ـ ما لقيته وتحملته في تخريج الأحاديث ، وتتبع طرقها ، والبحث عن مظانها ،
وذلك لأن المؤلف قد اهتم بإخراج حديث غريب أو أكثر من أحاديث المترجم له مما تفرد
به ، ومثل هذه الأحاديث قلما توجد في الكتب المشهورة المعروفة المتداولة حتى يكون
الوصول إليها سهلا باستعمال المعجم وغيره.
ورابعا : بما أن
الأحاديث الواردة في الكتاب متنوعة الموضوع ، فقد وجدت صعوبة في تحديد موضوع بعضها
، فلم أصل إليها إلّا بعد جهد كبير ويأس أحيانا ، وبعضها لم يتيسر لي الوقوف عليها
أصلا ، ومثل هذا قليل جدّا.
وخامسا : كثرة
الأحاديث المسندة في الكتاب ، حيث بلغ عدد الأحاديث المخرجة اثنين وأربعين وأربع
مئة حديث في القسم المحقق لرسالة الماجستير ، وإلّا عدد الأحاديث في كل الكتاب
أكبر من هذا بكثير حيث يتجاوز الألف.
هذه بعض العقبات
التي واجهتني خلال أعداد البحث ، وقد تغلبت على كثير منها بفضل الله تعالى ثم
بمساعدة المشرف ، حفظه الله تعالى.
الباب الأوّل
الفصل الأوّل
وفيه مبحثان
المبحث الأول
في أسماء أصفهان قديما وحديثا وضبطها
كانت هذه البقعة
التي سميت أصبهان فيما بعد ـ تسمى إيرانشهر ، وبعد أن عمرت سميت «جيّ» وهي بالفتح ثم التشديد ـ فكانت
المدينة تعرف بها .
وجيّ معناه الطاهر
، وكانت تسمى بالعجمية في القديم كابا أو كي .
وقيل : إن جيّ
نسبة إلى ملوك الجيان ... وهي جي أفرام بن آزاد ، وكانوا يعتقدونه رسولا ، وجي
معناه الطاهر ـ كما تقدم ـ .
ثم تغير بمرور
الزمان ـ فصار الفرس يطلقون عليها «أسپهان» وأسپاهان ، وبعد أن فتحها المسلمون
العرب واستولوا عليها وغلب التعريب على ألسنة الناس فعربوها ، فقالوا : أصبهان ،
أصفاهان ، أصفهان ، كما جاء في كتب
__________________
التاريخ ، وقالوا
: لاسمها القديم ـ كي أو كابا ـ ، جيّ ، وقيل : أول ما بني في البقعة المذكورة
سارويه .
ضبطها :
وأصفهان : بكسر
الهمزة ـ قلت : وبهاء وبالفاء ينطقها أهلها اليوم ـ وفتحها وسكون الصاد المهملة
وفتح الباء الموحدة ، ويقال : بالفاء وفتح الهاء وبعد الالف نون .
أما وجه تسميتها
بهذا الاسم ففيه أقوال :
ذكر المؤلف في
مقدمة «الطبقات» ، وأبو نعيم في مقدمة كتابه.
أ ـ أخبار أصبهان سبب تسميتها بهذا الاسم فقالا :
«عن وهب بن منبه
أنه قال : لما تأبى نمرود وجحد قدرة الرب تعالى بعث إلى أهل النواحي يحشرهم
لمحاربة رب العزة ، فتفرقوا وصاروا في جبال أصبهان ، وقالوا : كلا لا نجحد قدرة
الرب رب السماء فأنبت الله في تربتها الزعفران وفي جبالها الشهد ، فبها سمي أصبهان.
ب ـ قيل : إن
أصبهان مأخوذ من أصت بهان ، أي : سمنت المليحة سميت بها لحسن هوائها وعذوبة مائها
وكثرة فواكهها فخففت ، وقال صاحب «القاموس» : والصواب أنها أعجمية .
ج ـ قيل : إنما
سمّي بهذا الاسم لأنها تسمى بالعجمية «سپاهان» وسپاه : العسكر ، وهان : الجمع ،
وكانت جموع عساكر الأكاسرة تجتمع إذا
__________________
وقعت لهم واقعة في
هذا الموضع ، مثل عسكر فارس وكرمان ... فعرب فقيل : أصبهان .
قال ياقوت الحموي
:
لهم في تسميتها
بهذا الاسم خلاف.
قال أصحاب السير :
د ـ سميت بأصبهان
بن فلوج بن لنطي بن يونان بن يافث.
ه ـ وقال ابن
الكلبي : سميت بأصبهان بن فوج بن سام بن نوح عليهالسلام.
و ـ قال ابن دريد
: أصبهان اسم مركب لأنّ الأصب «البلد» بلسان الفرس ، وهان اسم الفارس ، فكأنه يقال
: بلاد الفرسان.
قال عبد الله
المستجير بعفوه : «المعروف أن الأصب بلغة الفرس هو الفرس ، وهان كأنه دليل الجمع»
، فمعناه الفرسان فيعنون بكلمة الأصبهاني : «الفارس» .
ز ـ قال حمزة بن
الحسن الأصبهاني : أصبهان اسم مشتق من الجندية ، وذلك أن لفظ أصبهان إذا رد إلى
اسمه بالفارسية كان أسپاهان ، وهي جمع أسپاه ، وأسپاه اسم للجند والكلب ، وكذلك سك
اسم للجند والكلب لأن أفعالهما الحراسة ، فالكلب يسمى في لغة سك وفي لغة أسپاه
وتخفف ويقال : أسپه ، فعلى هذا جمعوا هذين الاسمين وسموا بهما بلدين كانا معدن
الجند الأساورة فقالوا : لأصبهان (أسپاهان) ولسجستان ، سكان أو سكستان .
__________________
ط ـ وذكر ابن حمزة
في اشتقاق أصبهان حديثا يلهج به عوام الناس وهوامهم ، قال : أصله «أسپاه آن» ، أي
: هم جند الله .
ي ـ والأقرب في
وجه تسميتها ما ذكر محمد مهدي وغيره ـ فقال :
إن ملك فريدون بعد
أن غلب على خصمه الضحاك بمساعدة كاوه الحداد وأهل أصبهان ، أعجب الملك شجاعتهم
وجرأتهم ، فأخذ في مدحهم وبالغ وأطنب في تعريفهم بخصوص كاوه الحداد وأهل أصبهان
حتى قال في أثناء كلامه : هذا البلد «أسپاهان» ، أي : محل السپاه ويقصد به أن أهله كلهم من أهل الحرب
الشجعان الأبطال ، فلما جرى هذا الكلام على لسان الملك في مقام المدح والإطراء ،
كرّروه على ألسنتهم وافتخروا به حتى انتشر واشتهر واستقر ، فأصبح علما عليها ونسي
اسمها القديم «جيّ» أو «إيرانشهر» أو «سارويه» ـ وحل محله هذا الاسم .
__________________
المبحث الثاني
في موقع أصبهان
ومساحتها وإنشائها
وتاريخ فتحها
ومكانتها
أما موقع أصبهان :
فلا تسأل عن حسن
موقعها جغرافيا وطبيعيّا ، فإنها تقع في وسط إيران ، وتميل إلى غربها أكثر ، وهي
في جنوب العاصمة ـ طهران ـ وتبعد عنها ٤١٤ كيلا أو ٤٢٠ ، فما ذكره فريد وجدي أنها تبعد بنحو (٣٣٥) كيلا ليس بصحيح ، والدقيق ما ذكرته .
ومما يزيد في
حسنها ، أن عرضها شمالي ، وطولها شرقي ، ودرجتها من خط الاستواء ٣٢ و ٣٨ دقيقة .
وقد فاقت بجودة
تربتها واستعدادها للزراعة وعذوبة مائها وطيب هوائها على أكثر المدن الإيرانية ،
ومما زاد في حسن موقعها وجمالها أنها تقع على ضفة النهر المشهور بزاينده رود ـ يقال
له : زرندرود وزرين زود أيضا ، وهو يجري اليوم داخلها ، ومن هنا كان كثير من
الملوك والأمراء يؤثرون أصبهان على غيرها من المدن عاصمة للبلاد.
فقد سجل المؤلف
هذا في مقدمة «الطبقات» ، فقال : «وكانت ملوك الفرس لا تؤثر على أصبهان شيئا من
بلدان مملكتها ، لطيب هوائها ، ونمير
__________________
مائها ، ونسيم
تربتها» .
وذكر في كتاب «جغرافيا
إيران» : «أن أصبهان كانت عاصمة إيران في عهد آل بويه والسلاجقة
والصفويين ».
وذكر فريد وجدي «أنها
كانت ـ أي : هذه المدينة قديما ـ عاصمة البلاد الفارسية» ويقول لسترنج : «إن في الطرف الجنوبي الشرقي من أقليم
الجبال ليس ببعيد عن شفير المفازة الكبرى مدينة أصفهان ... وكانت منذ أقدم الأزمنة
موضعا جليل القدر لعظم خيراتها ووفرة مياهها الآتية من زاينده رود ، وتقوم اليوم
أصبهان وأرباضها على ضفاف هذا النهر».
وكانت أصبهان وما
زالت يضرب المثل بطيب مائها وصفاء هوائها ، وتبارى الكتاب والشعراء في إبراز ذلك .
أما حدود أصبهان
ومساحتها مع توابعها قديما وحديثا ، فيقول أبو القاسم ابن خرداذبه : «وكور أصفهان
ثمانون فرسخا في ثمانين فرسخا ، وهي سبعة عشر رستاقا ، في كل رستاق ثلاث مئة وخمس
وستون قرية قديمة سوى المحدثة ، وخراجها سبعة آلاف ألف درهم ...» .
وكذا ذكر المؤلف
وأبو نعيم في مقدمتي كتابيهما مساحتها القديمة ، وكانت رقعتها وسيعة جدا.
قال ميرزا حسن
الأنصاري : إن أصبهان كانت رقعتها وسيعة ، حتى كان
__________________
جوشقان ونطنز
وكاسان وكمره ومحلات ودليجان إلى حدود قم من جهة الشمال ، وكان من الجنوب إلى
ايزدخواست بفارس ، وشرقا إلى يزد وابرقو ، وغربا إلى قرب سيلا خور وخوانسار
وكلبايكان .
أما حدود أصفهان
ومساحتها اليوم ، فهو كالتالي :
يحيط بها من
الشمال أردستان ونواحي كاشان وكلبايكان ، ومن الجنوب شهرضا ومدينة آبازه وبهبهان ،
ومن الشرق مدينة يزد ونائين ، ومن الغرب نواحي بختياري وحدود منطقة خوزستان .
وقد تقدم قول ابن
خرداذبه في مساحتها : بأنها ثمانون فرسخا في مثلها وهكذا ذكر ياقوت الحموي. غير
أنه قال : وهي ستة عشر رستاقا ، وكل رستاق ثلاث مئة وستون قرية قديمة سوى المحدثة ...
وذكر الدكتور لطف
الله أن طولها من زرد كوه ـ الجبل الأصفر ـ في أرض بختياري التي فيها مفيض نهر
زاينده رود إلى بحيرة كاوخواني حوالي ٣٠٠ كيلا ، وعرضها من جبال قهرود التي في
حدها الشمالي إلى قرية أمين آباد التي هي حدها الجنوبي الواقعة في أرض فارس أربعون
ومئتا كيل ، فتكون مساحتها مع جهار محل وبختياري ٣ ، ٤٠ ، ١٩٧ كيلا مربعا .
فلا شك أن أصفهان
ثالثة مدن إيران بعد العاصمة وتبريز.
وإليك الخرائط
التالية : إحداها توضح حدود أصفهان ، والثانية تبين المدن والقرى التابعة لها ،
والثالثة تبين المسافة بينها وبين أهم المدن الإيرانية .
__________________


أصفهان ـ بندر عباس
أصفهان ـ شيراز
أصفهان ـ بوشهر
أصفهان ـ اهواز
أصفهان ـ يزد
أصفهان ـ كرمان
أصفهان ـ زاهدان
أصفهان ـ قم
أصفهان ـ تهران (از
راه قم)
أصفهان ـ نهران (از
راه ساوه)
أصفهان ـ خرم
آباد
أصفهان ـ كرمانشاه
أصفهان ـ كوهرنك
أصفهان ـ سد شاه
عباس كبير
أصفهان ـ سد شاه
اسمعيل
أصفهان ـ كارخانه
ذوب آهن
طول راههاي
آسفالته
طول راههاي شنى
طول راههاي خاكي
|
١١٤٩ كيلومتر
٢٩٥ كيلومتر
٧٨٥ كيلومتر
٨٣١ كيلومتر
٣٢٩ كيلومتر
٧١٤ كيلومتر
١٢٧٥ كيلومتر
٢٤٠ كيلومتر
٢٢٢ كيلومتر
٢٣٩ كيلومتر
٢١٧ كيلومتر
٥٨٨ كيلومتر
٢١٢ كيلومتر
١١٠ كيلومتر
١١٤ كيلومتر
٢٣ كيلومتر
١٠٠٠ كيلومتر
١٢٠٠ كيلومتر
٧٥٠ كيلومتر
|
هذه القائمة تبين مساحة اصفهان مع أهم المدن الإيرانية
بالكيلومتر
أما تاريخ إنشاء
أصبهان ، فقد ذكر المؤلف في مقدمة «الطبقات» ، وكذا أبو نعيم في «أخبار أصبهان» وغيرهما ، أن أول من بنى مدينة أصبهان الإسكندر الرومي ، واستتمّها كسرى أنوشروان ، وذلك بعد أن طلب الخبراء
والحكماء من دولة الروم العارفين بطبيعة الأرض وخصائصها ، ليختاروا له أرضا معتدلة
في هوائها ، وصالحة في تربتها ، وجيدة في عذوبة مائها ، فجالوا البلاد ونفضوا
أرضها وتربتها وفحصوها ، فما وجدوا أرضا جامعة لهذه الأوصاف إلا أرض أصبهان ، فهي
من المدن القديمة المهمة ، وقد أطال المؤلف في تعريفها ، وذكر خصائصها ، وسيأتي ذلك
، كما تناول تاريخ فتحها الإسلامي ومن اشترك فيه من الصحابة ، مع بيان القول : هل
كان فتحها صلحا أو عنوة ، وذكر الراجح منهما في نظره.
والذي يهمني ذكره
، هو ما قيل في تاريخ فتحها في الإسلام من الأقوال ، والمعتمد منها عند أهل
التاريخ ، وذكر من تولى قيادة فتح أصبهان ، هل هم أهل الكوفة كما يدعون أم أهل
البصرة حسب دعواهم؟ ومن القائد للجيش من الصحابة لفتحها؟.
فإنه قيل : عبد
الله بن عبد الله الأنصاري ، وقيل : أبو موسى الأشعري ، وقيل : النعمان بن مقرن ،
وقيل : غير ذلك ، وسنذكر الراجح منها ، فأقول وبالله التوفيق :
لا خلاف في أن
أصفهان فتحت بعد وقعة نهاوند ، ولكن اختلفت الأقوال في تحديد السنة التي فتحت فيها
نهاوند ، وأرجح الأقوال :
__________________
أنها فتحت سنة
إحدى وعشرين للهجرة ، وتلاها في نفس السنة على الراجح فتح أصبهان ، وذلك لأن عمر
بن الخطاب رضياللهعنه استشار الهرمزان لفتح أصبهان وفارس وأذربيجان قبل أن يسير
الجيش إلى نهاوند فقال لهرمزان : ما ترى؟ أبدأ بفارس أم بأذربيجان أم بأصبهان ،
فقال ، إن فارس وأذربيجان الجناحان وأصبهان الرأس ، فإن قطعت أحد الجناحين قام
الجناح الآخر : فإن قطعت الرأس وقع الجناحان ، فابدأ بالرأس ، فدخل عمر المسجد
والنعمان بن مقرن يصلي ، فقعد إلى جنبه ، فلما قضى صلاته قال : إني أريد أن أستعملك
، قال : أما جابيا فلا ، ولكن غازيا ، قال : فأنت غاز ... الخ . فيبدو أن عمر ولاه أولا قيادة جيش نهاوند وبعدها قيادة
جيش أصبهان أيضا ، ولكن قدر الله أن يستشهد النعمان في وقعة نهاوند ، فلما بلغ عمر
الخبر بشهادته ، كتب إلى عبد الله بن عبد الله بن عتبان الأنصاري ـ وكان بطلا
شجاعا من وجوه الأنصار ـ : أن سر إلى أصبهان ، فخرج من نهاوند فيمن كان معه ، ومن
انصرف معه من جند النعمان نحو جند قد اجتمع له من أهل أصبهان ...
فما قيل : إن
النعمان تولى قيادة جيش أصبهان وقتل بها ، ليس بصحيح ، فقد رده البلاذري وابن كثير
، بل قد ذكر معظم كتب التاريخ استشهاده في نهاوند وهو الصحيح.
__________________
من الذي فتح
أصبهان :
لما لفتح أصبهان
من أهمية ، ادّعى فتحها كل من البصريين والكوفيين ، وذهب كل منهم إلى تأييد دعواه
بنقول .
ويمكن الجمع بين
الأقوال إجمالا بأن البصريين والكوفيين كانوا يشكلون مادة الجيش الأساسية وعدته ،
لذلك ادّعى الفتح كل منهم.
والثابت من
الروايات ، أن الذي باشر فتح أصبهان : عبد الله بن عبد الله ابن عتبان الأنصاري ،
وقد كان أمير الجيش ، وعبد الله بن ورقاء الرياحي الذي كان على مقدمة الجيش ، وعبد
الله بن ورقاء الأسدي الذي كان على مجنبة الجيش كما هو مصرح في كتاب عمر ـ رضياللهعنه ـ إلى عبد الله بن عبد الله الأنصاري .
وكان عمر ـ رضياللهعنه ـ قد أمدّ عبد الله بن عبد الله بأبي موسى الأشعري من
البصرة ، فقدم عليه أبو موسى من الأهواز ، وكان قد فتح قم وقاشان ، وقد صالح
الفاذوسفان ـ الحاكم ـ عبد الله ، فدخل أبو موسى وعبد الله المدينة ـ جيّ ـ . وتولى بعد ذلك بعض السرايا فتح بعض المدن والقرى التابعة
لأصبهان. فمن هنا نستطيع أن نقول :
إن الذين تولوا
فتح أصبهان وشاركوا فيها هم عدد من الصحابة من جيش البصرة والكوفة ، فكانوا إمّا
أمراء لجيش أو لمقدمته أو لمجنبته ، أو أمراء سراياه. وأحب أن أسوق ما ذكره المؤلف
في مقدمة «الطبقات» ، وأبو نعيم
__________________
في «أخبار أصبهان»
، وهو يوضح ما ذكرناه ، فقالا ، نقلا عن المدائني : «إنه ذكر أن أبا مسلم قال لأبي بكر الهذلي : خبرني عن الذي فتح بلدنا أصبهان ،
فقد اختلف علينا في ذلك ، فقال أبو بكر الهذلي :
تولى فتح بلدكم
العبادلة : عبد الله بن عبد الله بن عتبان الأنصاري ، وعبد الله بن ورقاء بن
الحارث الأسدي ، وعبد الله بن ورقاء الرياحي ، وعبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري
، وعبد الله بن عامر بن كريز القرشي ، وعبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي ، وكل هؤلاء قد حضروا فتحها وفتح أطرافها ، ومنهم من كان
أمير الجيش ، ومنهم من كان رئيس سرية أو صاحب مقدمة».
__________________
الفصل الثّاني
في أهمّيّة أصفهان
ومميّزاتها وبعض نشاطات أهلها ومذهبهم
مميزّاتها
تقدم معنا الكلام
في وصف موقعها ، وتاريخ فتحها وتبيين بعض أهميتها ، وأحب الآن أن أستعرض بعض
مميزاتها ، فهي تمتاز من الناحية الطبيعية في عذوبة مائها ونقاء هوائها واعتداله ،
يقول محمد مهدي : «أما هواء أصفهان فمعتدل في الصيف والشتاء ، وكامل في الرقة
والصفاء» .
وكذا وصفها الدكتور
لطف الله والدكتور علي كلباسي .
وهي تمتاز
باحتوائها على آثار عادية قديمة وفريدة ، قلّ أن تساويها أو تدانيها بلد من بلدان
العالم.
يقول الباحث أندره
مالرو الكاتب الفرنسي ، وكذا هنرشناس الفرنسي أيضا : «إن أصفهان لا يدانيها بلد في
العالم إلا فلورانسا وپكن» .
__________________
ويختص أهلها
بالإبداع لبعض الصناعات اليدوية المحلية الدقيقة ، منها تطعيم الأواني المعدنية
بالنقوش الفنية المذهبة الجميلة ، والنسيج الممتاز ، وصنع الأكواز في غاية الدقة والرقة ،
وغير ذلك من الصناعات اليدوية ، وشهد لهم بذلك كثيرون ، ومنهم القزويني ، حيث قال
: «ولصناعها يد باسطة في تدقيق الصناعات ، لا ترى خطوطا كخطوط أهل أصفهان ، ولا
تزويقا كتزويقهم ، وهكذا صنّاعهم في كل فن ، فاقوا جميع الصنّاع ، حتى إن نساجها
ينسج خمارا من القطن أربعة أذرع وزنها أربعة مثاقيل ، والفخاري يعمل كوزا وزنه
أربعة مثاقيل يسع ثمانية أرطال ماء ، وقس على هذا جميع صناعاتهم» .
وكذا يقول
القزويني : «كل شيء استقصى صناع أصفهان في تحسينه ، فأعجزوا عنها صناع جميع
البلدان» .
وأهميتها من حيث
موقعها ، أنها تقع على الطريق التجارية الممتدة إلى أهم المدن الإيرانية ، وبالأخص
العاصمة طهران ، مشهد وأهواز وخرمشهر وعبادان وشيراز ، وكرمان ، وبهذا أصبحت مركزا
تجاريا في إقليم الجبال هامّا .
يقول لسترنج : «وكانت
أصفهان مركزا تجاريّا في إقليم الجبال ، يرتفع منها العتابي ـ نوع من الثياب ـ وسائر
ثياب القطن ويجود ، تجلب منها إلى سائر النواحي ... وهي أخصب مدن الجبال وأوسعها
عرضة وأكثرها ماء وتجارة» .
__________________
أهميّة أصفهان
إليكم بعض النقول
المبينة أهمية أصفهان على وجه عام :
قال ياقوت الحموي
: «أصبهان مدينة عظيمة مشهورة ، من أعلام المدن وأعيانها ، ويسرفون في وصف عظمها ،
حتى يتجاوزوا حد الاقتصاد إلى غاية الإسراف» .
وقال القزويني : «أصبهان
مدينة عظيمة ، من أعلى المدن ومشاهيرها ، جامعة لأشتات الأوصاف الحميدة ، من طيب
التربة ، وصحة الهواء ، وعذوبة الماء ، وصفاء الجو ، وصحة الأبدان ، وحسن صورة
أهلها ، وحذقهم في العلوم والصناعات ، قال الشاعر :
لست آسى من
أصفهان على شيء
|
|
سوى مائها
الرحيق الزلال
|
ونسيم الصبا
ومنخرق الري
|
|
ح وجو صاف على
كل حال
|
وقد أطال
المافروخي في وصف أصبهان في كتابه «محاسن أصفهان» وذكر ابن بطوطة في رحلاته حين سافر إلى أصفهان سنة ٧٢٦ ه
فقال :
«أصبهان من كبار
المدن وحسانها ، إلّا أنّها الآن قد خرب أكثرها بسبب الفتنة التي بين أهل السنة
والروافض ... إلى أن وصف أهل أصفهان فقال : وأهلها حسان الصور ، وألوانهم بيض
ظاهرة مشوبة بالحمرة ، والغالب عليهم الشجاعة والنجدة ، وفيهم كرم وتنافس عظيم
فيما بينهم» .
قال شواليه شاردن
: «أحسب أن عظمة أصفهان في آسيا كعظمة لندن في أوربا» ، وقال أيضا : «إن عدد سكان
أصبهان في عهد الشاه عباس الكبير كعدد
__________________
سكان لندن» .
وقد بالغ بعض ،
فقالوا : «أصفهان نصف جهان» ، أي : أصفهان نصف الدنيا ، وسمى بعض المؤلفين تأليفاتهم
بهذا الاسم «نصف جهان» .
أما عموم أهل
أصفهان ، فهكذا يعتقدون ويزعمون أن بلدهم أحسن بلدان العالم من جميع النواحي .
ويقول أوزن فلاند : «إن أصبهان من إحدى أكبر بلدان العالم بدون أي مبالغة ،
ومساحتها تزيد على أربعين كيلا».
رغبة النّاس بالهجرة إلى أصفهان
نظرا لما تقدم من
أهميتها ، وتبيين مميزاتها ، أصبحت أصفهان محطّ أنظار الناس ومثار إعجابهم ، فكثرت
الرغبة في الانتقال إليها واستيطانها ، وقد شجع على هذا ، استتباب الأمن فيها بعد
أن أخضعها المسلمون لسلطانهم ، فعلت بهذا منزلتها ، وزادت أهميتها ، واحتلت مكانا
عليّا بين بقية المدن المجاورة لها ، وظهر هذا الأثر بكثرة فيمن خرّجت من العلماء
الأئمة ، والصناع المهرة ، والتجار الحاذقين. قال ميرزا حسن الأنصاري : «نظرا
لأهمية أصفهان ، هاجرت قبائل من العرب إليها من بني ثقيف وبني تميم وخزاعة وعبد
القيس وبني ضبة» .
__________________
بل كان بعض
التابعين يتمنى أن يكون من أهل أصفهان ، فهذا سعيد ابن المسيب التابعي الجليل يقول
: «لو لم أكن رجلا من قريش لأحببت أن أكون من أهل فارس أو أصبهان» وفي رواية أخرى
لأبي نعيم يقول : «لو تمنيت أن أكون من أهل بلد لتمنيت أن أكون من أهل أصبهان» .
ما ورد من الفضل لأهل هذه البلاد
فكيف لا يتمنى هو
ولا يقبل أهل أصفهان على الدين والعلوم الإسلامية ، وقد صح عن الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيما رواه عنه أبو هريرة رضياللهعنه أنه قال : «لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس ،
أو قال : من أبناء فارس».
وفي رواية ثانية
قال أبو هريرة : «كنا جلوسا عند النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذ نزلت عليه سورة الجمعة ، فلما قرأ : (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا
بِهِمْ). قال رجل : من هؤلاء يا رسول الله؟ فلم يراجعه النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثا قال : وفينا سلمان
الفارسي ـ رضياللهعنه ـ قال : فوضع النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يده على سلمان ، ثم قال : «لو كان الإيمان بالثّريا
لناله رجال من هؤلاء» هذا لفظ مسلم. ولفظ الترمذي : «والذي نفسي بيده ، لو كان
الإيمان بالثريا ، لتناوله رجال من هؤلاء» .
وفي رواية لأحمد
بلفظ : «لو كان العلم بالثريا لتناوله أناس من أبناء فارس» .
__________________
بدء التحديث بأصفهان
وبالإضافة إلى ذلك
فقد حل بأصبهان عدد من الصحابة عند فتحها ، ومنهم الصحابي الجليل المحدث الكبير
الذي طبقت شهرته الآفاق ، وهو يقف محدّثا بأصبهان ، ويصلي بهم هناك صلاة الخوف ، وليس بهم كبير خوف ، ولكن
ليعلمهم دينهم ، وليريهم كيف كان يصلي بهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلاة الخوف يخلف بعده بأصبهان السائب بن الأقرع ، وله صحبة ، وقيل : إنه توفي بها. ومن عقبه بأصبهان :
المغيرة وعصام ومحمد بنو الفيض .. وتناسلوا بأصبهان ، فكان السائب يتولى أمور المسلمين بها ويؤمهم ويعلمهم
أحكام دينهم ، وهكذا كان الصحابة يتولون الأمور بها واحدا بعد الآخر ، ويعلمون
أهلها السنن والفرائض.
ذكر أبو نعيم : «أنه
كان رجل بأصفهان من بني سليم من أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وكان في جملة الدهاقين يعلم أهلها الفرائض والسنن» .
وهكذا كان خالد بن
غلاب عاملا على أصبهان من قبل الخليفة عثمان رضياللهعنه .
واستعمل علي بن
أبي طالب ـ رضياللهعنه ـ على أصبهان «مخنف بن سليم ، ثم عمرو بن سلمة ، ثم الحارث
بن عبد الله بن عوف بن أصرم ، وكذا سيره معاوية إلى أصبهان».
__________________
نشاط العلماء بأصبهان
فلا عجب إذا أن
تصبح أصبهان دار السنة فيما بعد ومهاجر العلماء ومحطّ رحلهم ، وكان المساجد
والمدارس محل نشاط العلماء ، وقد بنى نظام الملك في القرن الخامس عدة مدارس في عدة
مدن ، منها : أصفهان ، وبغداد ، وبصرة ، وهراة ، ونيسابور .
يقول السيد مصلح
الدين مهدوي : «إنّ أصبهان كانت من القرون الأولية الإسلامية مركز العلم والعرفان
، ونبغ فيها جماعة من العلماء والعرفاء والحكماء والشعراء والمحدثين والخطباء
والوعاظ ، وكانوا يرحلون لأخذ العلم وطلب الحديث من بلد إلى بلد ، ويحضرون مجلس
العلماء والمحدثين» .
وقد نبغ منها
العلماء في كل فن ، فكم من مهاجر إليها ، وكم من قادم عليها لطلب العلم وأخذ
الحديث بالأخص.
عناية العلماء بتاريخ أصفهان
واهتمام العلماء
بتاريخ أصبهان ورجالها العلماء والمحدثين والشعراء دليل على ذلك نحو «التاريخ
الكبير» لحمزة بن الحسين الأصبهاني (ت ٣٦٠ ه) ، و «الطبقات» للمؤلف ، الذي تضمن
التعريف المطول لنحو ستمائة وستين علما ، و «ذكر أخبار أصبهان» الذي تضمن التعريف
لنحو ألفي شخص من محدثي أصبهان والقادمين عليها ، وغير ذلك من المؤلفات خير شاهد
على نشاط الحركة الفكرية فيها.
يقول السمعاني : «خرج
منها جماعة من العلماء في كل فن قديما وحديثا ، وصنف في تاريخها كتب عدة قديما
وحديثا» .
__________________
يقول ياقوت الحموي
: «خرج من أصبهان من العلماء والأئمة في كل فنّ ما لم يخرج من مدينة من المدن ،
وعلى الخصوص علو الإسناد ، فإن أعمار أهلها تطول ، ولهم مع ذلك عناية وافرة بسماع
الحديث ، وبها من الحفاظ خلق لا يحصون ، ولها عدة تواريخ .. ومن نسب إلى أصبهان من
العلماء لا يحصون» .
قال القزويني : «أما
أرباب العلوم كالفقهاء والأدباء والمنجمين والأطباء ، فأكثر من أهل كل مدينة ،
سيّما فحول الشعراء وأصحاب الدواوين فاقوا غيرهم بلطافة الكلام وحسن المعاني وعجيب
التشبيه وبديع الاقتراح» .
بلغ نشاط العلماء
بأصبهان إلى حد يتفاخر به أهلها وينكر وجود العلماء في غيرها.
ولنستمع إلى أبي
عبد الله المقرىء محمد بن عيسى (ت ٢٤١ ه) هو أصله من أصبهان ونشأ في الريّ ، ومع
ذلك يخاطب أهل الري فيقول : «يا أهل الري من الذي أفلح منكم؟.
إن كان ابن
الأصبهاني فمنّا ، وإن كان إبراهيم بن موسى فمنّا ، وإن كان جرير فمنّا ، وإن كان
الخط فجدي علمكم ، ما أفلح منكم إلا رجل واحد ، ولن أقول لكم حتى تموتوا كمدا» .
نشاط التحديث في قرى أصفهان
لا شكّ أن الحركة
العلمية في أصبهان أثرت على المدن والقرى المجاورة التابعة لها ، حيث لم تجد قرية
من قرى أصبهان في القرن الثالث وما بعدها إلا
__________________
وخرج منها جماعة
من العلماء والمحدثين ، يقول ياقوت الحموي : «وكذلك الأمر في رساتيقها وقراها التي
كل واحدة منها كالمدينة» .
وإليك ذكر بعض
المدن والقرى التابعة لها ، وقس الباقية عليها مما ذكرها السمعاني والحموي
والقزويني ، فقال السمعاني في قرية الأسواري : إنها قرية من قرى أصبهان ، خرج منها
جماعة من العلماء والمحدثين ، منهم أبو علي الحسين بن زيد الأسواري ، ثم ذكر أسماء
عدة منهم ، وهكذا ذكر ياقوت الحموي أسماء عدد من المحدثين ، ثم قال
: «فهؤلاء منسوبون إلى قرية بأصبهان كما ذكرنا» .
وذكر السمعاني تحت
كلمة جورجير ـ بضم الجيم والراء الساكنة بعد الواو ـ أنها محلة كبيرة معروفة
بأصبهان ، بها الجامع الحسن ويعرف بها ، وكان بها جماعة من المحدثين قديما وحديثا
، وقال السمعاني : وسمعت من جماعة منهم ، ثم ذكر مترجما أسماء عدد من المحدثين من أهلها.
وكذا ذكر ياقوت
الحموي أنه كان بها جماعة من الأئمة قديما وحديثا .
وهكذا ذكر الحموي
في محلة جوباره : أنها محلة بأصبهان ، قال أبو الفضل المقدسي : «حدثنا من أهلها
جماعة ، ونسب بعضهم إلى المحلة ، ثم ترجم لعدد كبير منهم» .
وذكر السمعاني في
نسبة الجوزداني ـ بضم الجيم ـ نسبة إلى جوزدان ويقال لها كوزدان ، وهي قرية على
باب أصبهان كبيرة وكثيرة الخير ، بتّ بها ليلة وسمعت بها الحديث ، ثم ذكر أسماء
عدد من المحدثين المنسوبين إليها ، وذكر
__________________
من جملتهم أبا عبد
الله محمد بن هارون بن عبد الله الجوزداني ، وقال : «وذكر أبو الشيخ أنه كان يختلف معه إلى البزار» .
وكذا قال ياقوت : «إنه
ينسب إليها جماعة من الرواة» .
وأيضا ذكر
السمعاني والحموي في نسبة الجيراني ـ بفتح الجيم ـ : هي نسبة إلى جيران ، وهي من
قرى أصبهان على فرسخين منها فيما أظن ، ثم ذكر أسماء المشهورين منها.
فكيف لا تبقى
أصبهان خلال التاريخ الإسلامي مورد عناية العلماء ، وهي مركز أهل الحديث ومبعث
نشاط الرواة ، حيث بلغ إلى حد كان العلماء يرحلون إليها ويستوطنونها ، وكتاب
المؤلف ـ «طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها» ـ وكذا «ذكر أخبار أصبهان»
أكبر شاهد على ما تقدم.
فمن مشاهير
المحدثين الحفاظ الذين قدموا إلى أصبهان واستوطنوها : أبو مسعود الرازي الذي أقام
بأصبهان ٤٥ سنة ، ثم ارتحل إلى العراق ، ورجع منها إلى أصفهان واستوطنها ، وقد صنف
المسند والكتب .
وأحمد بن مهدي بن
رستم أبو جعفر المديني ، توفي ٢٧٢ ه ولم يحدث في وقته من الأصبهانيين أوثق منه
وأكثر حديثا ، صنف المسند ، كتب بالشام ومصر والعراق .
وقد أقام الطبراني
بأصبهان ستين سنة يحدث بها واستوطنها أخيرا ، وتوفي
__________________
بها ، ودفن سنة
٣٦٠ عند قبر حممة بن أبي حممة الصحابي عند باب مدينة جيّ .
وكذا الحافظ أبو
بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني ، قدم أصبهان فقال : «حدثت من حفظي بأصبهان
ستة وثلاثين ألفا ألزموني الوهم فيها في سبعة أحاديث ، فلما انصرفت ، وجدت في
كتابي خمسة منها على ما كنت حدثتهم به» . وتوفي سنة ٣١٦ ه. فهذا يدل على اهتمام الأصفهانيين
بالحديث.
وكذا أبو داود
الطيالسي سليمان بن داود بن الجارود مولى قريش قدم أصبهان ، وحدث بها مرات وهو صاحب المسند وغيرهم كثير.
الحركة الفكرية في مدن المشرق
ومما يدل على نشاط
الحركة الفكرية في مدن المشرق ، وخاصة أصبهان : عناية العلماء واهتمامهم الفائق
بالتصنيف لتعريف رجالها ، حيث صنفوا كتبا كثيرة لم يصنف لبلد مّا بهذا المقدار ،
فهذا أبو أحمد الحاكم يقول : «اعلم بأن خراسان وما وراء النهر لكل بلد تاريخ صنفه
عالم منها» .
ويقول الأستاذ
الدكتور أكرم العمري : «وقد أحصيت لمدن المشرق ٢٨ مؤلفا من مجموع ٤٨ مؤلفا ألّفها
علماء المسلمين في تاريخ الرجال المحلية حتى نهاية عصر الخطيب البغدادي ـ أي القرن
الخامس ـ ويأتي نصيب العراق بالمرتبة الثانية ، حيث يبلغ عدد المؤلفات الخاصة
برجال مدنه ٧ مؤلفات ..» .
والمؤلفات
المذكورة في مدن المشرق تناولت عشر مدن فقط ، وفاقت
__________________
أصبهان في حظها
على جميع المدن كما يذكر لنا الأستاذ أكرم ضياء العمري بعد أن ذكر خمسة مؤلفات
لتاريخ أصبهان في الموارد ، وزاد مؤلفا آخر في البحوث ، فقال : «هكذا فإن حظ
أصبهان من التواريخ كبير ، مما يوضح نشاط الحركة الفكرية فيها في القرنين الرابع
والخامس الهجريين» .
قلت لقد عني علماء
المسلمين بأصبهان واهتموا اهتماما تامّا في التصنيف والتأليف في جوانب شتى في خلال
التاريخ الإسلامي ، فمنهم من اهتم بتاريخ أصبهان كمدينة ، ومنهم من اهتم بتاريخها
باعتبار سكانها أكثر ، ومنهم من خصها باعتبار محدثيها والواردين عليها ، ومنهم من
أفرد تأليفه لشعراء أصفهان ، ومنهم من قصره على الناحية الجغرافية ، وعرج على بقية
النواحي وخص بعضهم الناحية الاقتصادية بالإضافة إلى اختصاص بعض تصانيفهم بمحاسن
أصفهان ، وأغمضوا بقية النواحي ، وهكذا.
ولا نغفل أن هناك
عددا من الباحثين الأجانب ، والسائحين والسياسيين الأوروبيين ممن اهتموا ، فجمعوا
معلومات عن مدن إيران ، وألفوا فيها ، وخصوا أصبهان بمزيد من العناية .
إليكم الكتب
المؤلفة في أصبهان قديما وحديثا عبر القرون الإسلامية ، حسبما وقفت عليه ، أو
ذكرته المصادر.
لقد أرخ لأصفهان
عدد كبير من علمائها وغيرها ، فأول من وقفت عليه أنه أرخ لها : هو أبو عبد الله
محمد بن يحيى بن منده الأصبهاني (ت ٣١٠ ه) ، باسم :
١ ـ «تاريخ أصبهان»
.
ثم أبو بكر محمد
بن علي بن الجارود الأصبهاني (ت ٣٢٥ ه) ، باسم :
__________________
٢ ـ «فوائد
الأصبهانيين» .
ثم أبو عبد الله
حمزة بن الحسين المؤدب الأصبهاني المعروف بحمزة الأصبهاني (ت قبل ٣٦٠ ه) ، قال
السمعاني : كان صاحب.
٣ ـ «التاريخ
الكبير لأصفهان» ، وكذا ذكر له المافروخي كتابا باسم :
٤ ـ «رسالة أصفهان»
في مصادر كتابه «محاسن أصفهان» ، فلعله اختصرها من كتابه السابق ، والله أعلم.
وخص حمزة تأليفا
مستقلا باسم :
٥ ـ «شعراء أصفهان»
، مفقود ، أفاد منه الحموي.
ثم أبو الشيخ عبد
الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري (ت ٣٦٩ ه) ألّف :
٦ ـ كتابه «طبقات
المحدثين بأصبهان والواردين عليها» وهو كتابنا هذا ،
٧ ـ وكتابه «فوائد
الأصبهانيين» ، يوجد منه ٤ أوراق بالظاهرية .
__________________
يبدو مما ذكره ابن
حجر أنه جمع فيه بعض مرويات محدثي أصفهان ، فإنّه قال : «أول الجزء الثالث : حديث
تميم الداري في النهي عن خمس وآخره : أغروا النساء يلزمن الحجاب» . وقال أبو الشيخ نفسه بعد أن ذكر في الطبقات أحاديث خرجتها
في فوائد الأصبهانيين .
ثم أبو الفتح
عثمان بن جني النحوي المشهور بابن جني (ت ٣٩٢ ه) ألف كتابه المسمى :
٨ ـ «بالتذكرة
الأصبهانية». «لم أقف عليه ، فلعله في النحو ، والله أعلم».
ثم أبو عبد الله
محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي الحافظ (ت ٣٩٦ ه) ، ألف كتابا باسم
:
٩ ـ «تاريخ أصفهان»
.
ثم أبو بكر أحمد
بن موسى بن مردويه (ت ٤١٠ ه) ، ألّف :
١٠ ـ كتابه «تاريخ
أصفهان» .
ثم أبو نعيم أحمد
بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق الأصبهاني (ت ٤٣٠ ه) ألّف كتابه :
__________________
١١ ـ «ذكر أخبار
أصفهان» ، وهو كتاب جامع ، استدرك ما فات المؤلفين السابقين ، حتى بلغ عدد
المترجمين فيه حوالي ألفي علم .
ثم أبو القاسم عبد
الرحمن بن محمد بن إسحاق بن مندة (ت ٤٧٠ ه) ألّف :
١٢ ـ كتابه «تاريخ
أصبهان» .
١٣ ـ ثم علي بن
حمزة بن عمارة في كتابه «قلائد الشرف» ألفه في محاسن أصفهان .
ثم مفضل بن سعد بن
الحسين المافروخي الأصبهاني (ت في آخر القرن الخامس) ألف :
١٤ ـ كتابه «محاسن
أصفهان» .
وقد ترجمه إلى
الفارسية حسين بن محمد الأصفهاني العلوي في القرن الثامن الهجري مع إضافات كثيرة
بذيله .
ثم أبو بكر محمد
بن أبي علي أحمد بن عبد الرحيم المعدل (ت) ، ألّف كتابه :
__________________
١٥ ـ «تاريخ
أصبهان» .
ثم أبو زكريا يحيى
بن عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن منده (ت ٥١١ ه) ألف.
١٦ ـ كتابه «تاريخ
أصفهان» . يوجد منه قطعة من (ق ٢٢٨ ـ ٢٣٥) بالظاهرية .
وأبو طاهر السلفي
أحمد بن محمد بن أحمد الأصفهاني الجرواني (ت ٥٧٦ ه) ، له كتاب ألفه في مشيخته
الأصفهانية في مجلد سماه :
١٧ ـ «مشيخة
أصبهان» أو «السفينة الأصبهانية» .
وقد أضاف حسين بن
محمد أبي الرضا العلوي الذي ترجم «محاسن أصفهان» للمافروخي سنة ٧٢٩ ه إلى ذيل
الكتاب المذكور ـ وهو أصفهاني ـ معلومات كثيرة ومن جملة ما ذكره :
١٨ ـ وصف مدرسة
نظام الملك بأصبهان فيعد هذا تأليفا مستقلا.
ثم في مطلع القرن
التاسع ، ألف محمد مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي (ت ٨١٧ ه) صاحب «القاموس
المحيط» كتابا في تاريخ أصفهان ، وسماه :
__________________
١٩ ـ «نزهة
الأذهان في تاريخ أصفهان» .
وقد اهتم عدد كبير
بعد الألف من الهجرة في القرون الثلاثة بالتأليف في أصفهان ، فألّف حاكم أصفهان
ميرزا حسين خان بن محمد إبراهيم خان في سنة ١٢٩٤ ه :
٢٠ ـ كتابه «جغرافيا
أصفهان» .
٢١ ـ ومحمد مهدي
أرباب ، ألف كتابه «نصف جهان في تعريف أصفهان» ، في سنة ١٣٠٣ ه .
وكذا ألف المفكر
الفريد السيد جلال الدين طهراني كتابه :
٢٢ ـ «أصفهان نصف
جهان» يقصد أن أصفهان نصف العالم .
٢٣ ـ ألّف ملا عبد
الكريم آخوند جزي كتابه «رجال أصفهان» ، ولكنّه لم يذكر من علماء أهل السنة إلا
عددا ضئيلا جدا ، وترجم للمتأخرين من علماء الشيعة ، ثم زاد عليه واستدرك السيد
المفكر مصلح الدين المهدوي ، فألف عليه
٢٤ ـ وسماه : «تذكرة
القبور أو دانشمندان وبرزكان أصفهان» ، تضمن أكثر من ألفي شخص كلهم من رجال الشيعة
، اللهم إلا رجلا من أهل السنة ، حسبه شيعيا أو نادرا.
٢٥ ـ «تاريخ
أصفهان وريّ» ألفه الحاج ميرزا حسن خان الأنصاري ، وجعله في
__________________
قسمين : قسم لتاريخ
أصبهان ، وهو في ثلاثة أجزاء ، وطبع الجزء الأول من قسم أصفهان فقط .
ولم يطبع بقية الكتاب.
٢٦ ـ «تاريخ
أصفهان» المعروف «بالأصفهان» تأليف الحاج مير سيد علي جناب ابن مير محمد باقر ،
وهو كتاب كبير في عشرة مجلدات ، لم يطبع إلا الجزء الأول سنة ١٣٤٩ ه .
٢٧ ـ «تذكرة شعراء
أصفهان» ، تأليف الشيخ الفاضل السيد مصلح الدين المهدوي .
٢٨ ـ «تاريخ مقابر
أصفهان» ، تأليف المفكر السيد عبد الحجة بلاغي .
٢٩ ـ «أصفهان»
تأليف الشيخ حسين نور صادقي ، وهو يتضمن على ذكر تاريخ أصفهان وموقعها وآثارها
وكتّابها وشعرائها .
٣٠ ـ «آثار تاريخي
أصفهان» في مجلدين ، تأليف آندره كذار ، ألفه المؤلف بالفرنسية ، ثم ترجمه السيد
محمد تقي مصطفوي مدير الآثار التاريخية بأصفهان ، ونشرته الإدارة العلمية لمعرفة
الآثار .
٣١ ـ «رهبر مسافر
أصفهان» ، ألفه السيد محمد تقي مصطفوي مدير الآثار التاريخية بأصفهان.
٣٢ ـ «تاريخچة
أبنية تاريخي أصفهان» ، تأليف كريم نيكزاد أمير حسني.
٣٣ ـ «آثار تاريخي
أصفهان» في ضمن كتاب آخر بمديريت محمد باقر نجفي.
__________________
٣٤ ـ «راهنما
مختصر آثار تاريخي أصفهان» تأليف جواد مجد زاده بالإنجليزية.
٣٥ ـ «راهنما
أصفهان» تأليف ـ رضا عطاء پور ـ.
٣٦ ـ «از أصفهان
ديدن كنيد» أي : «زوروا أصفهان» ـ تأليف الدكتور لطف الله هنرفر ، نشرته إدارة
بلدية مدينة أصفهان.
٣٧ ـ «أبنية
تاريخي أصفهان» للمؤلف المذكور بالفارسية.
٣٨ ـ «آثار تاريخي
أصفهان» للمؤلف المذكور بالإنجليزية.
٣٩ ـ «تاريخ أصفهان
الكبير» ، في سبع مجلدات ، صنفه الأستاذ المفكر المحقق جلال الدين همائي ، الأستاذ
بجامعة طهران ، وترجم فيه لأكثر من عشرة آلاف شخص ، ولم يطبع حتى الآن .
٤٠ ـ «كنجينه آثار
تاريخي أصفهان» ، تأليف الدكتور لطف الله هنرفر. كتاب في غاية الدقة في معلوماته ،
وهو أوسع وأكبر كتاب في موضوعه ، ونال به شهادة الدكتوراه مع حيازه بجائزة من
سلطنة إيران .
٤١ ـ «أصفهان» ،
للمؤلف المذكور. اختصره من كتابه السابق.
٤٢ ـ «اقتصاد شهر
أصفهان» ، رسالة دكتوراه قدمها علي كلباسي لكلية الاقتصاد بجامعة
طهران .
٤٣ ـ «تاريخية مسجد
جمعة أصفهان» .
__________________
٤٤ ـ «معماري مسجد
جامع أصفهان» ، رسالة ماجستير قدمها الطالب حسن صدر الدّين حاج سيد جوادي بجامعة
الملك عبد العزيز بمكة في العام الماضي (١٤٠٠ ه).
٤٥ ـ Isfahan Real Of Persia «أصفهان درة إيران»
تأليف ديل فريد بلانت بالإنجليزية.
٤٦ ـ «جغرافيا
تاريخي أصفهان» تأليف سرلشكر علي رزم آراء .
٤٧ ـ «أصفهان برزك»
أي : أصفهان عظيم ، في ١١ مجلد من مركز آمار إيران.
٤٨ ـ «أصفهان از
لحاظ اقتصادي واجتماعي» أي الأصفهان من الناحية الاقتصادية والاجتماعية ، تأليف
السيد مهندس حسن عابدي.
٤٩ ـ «تاريخچه
أوقاف أصفهان» تأليف عبد الحسين سپنتا .
بالإضافة إلى ذلك
، فقد حصل في القرن الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر رحلات عديدة
من السائحين الأجانب الأوربيين والسياسيين ، حتى أقام بعض منهم بأصبهان سنين ، نحو
شاردن الفرنسي وتاورنيه الفرنسي وغيرهما ، فسجلوا في رحلاتهم دواوين ، وترجم هذه
الدواوين إلى الفارسية.
وإليكم بيان هذه
الرحلات :
٥٠ ـ «رحلة تاورينه»
السياح الفرنسي سنة (١٠٤١ ـ ١٠٧٨ ه) .
__________________
٥١ ـ «رحلة شاردن»
سنة ١٠٧٤ ه. المترجم إلى الفارسية .
٥٢ ـ «رحلة أوزن
فلاند» السياح الفرنسي الرسام سنة ١٢٥٥ ه ، وترجمت إلى الفارسية ، وعاش مدة
بأصبهان .
٥٣ ـ «رحلة مارسل
ومادام ديولافوا» سنة ١٢٩٨ ه ، ومكث مدة بأصبهان.
٥٤ ـ «رحلة هانري
رنه دالماني» سنة ١٣٢٤ ه ، المترجم إلى الفارسية باسم «أز خراسان تا بختياري» .
٥٥ ـ «رحلة يبير
لوتي» سنة ١٣٢١ ه ، باسم «بسوي أصفهان» المترجم إلى الفارسية .
مذهب أهل أصبهان قديما وحديثا
ذكر مؤرخو المذاهب
والأديان أن أهل أصفهان في القديم انقسموا إلى ثلاث فرق :
فرقة اتبعت
الزرتشتية المجوسية ، وفرقة اتبعت الديانة النصرانية المسيحية ، كما هو مصرح في
قصة إسلام سلمان الفارسي .
وفرقة اتبعت الديانة
اليهودية ، وهم بقايا اليهود الذين أتى بهم بختنصر بعد استيلائه على بيت المقدس ،
فاختاروا أصبهان لمشابهتها لبلادهم في المناخ والهواء والماء ، فاستقروا بها ،
وسميت المحلة التي استوطنوها في أصبهان
__________________
باليهودية ، وانتشروا في جهات أخرى ، منها : محلة جوبارة ، ودردشت ،
الواقعتان في طرفي المدينة الشرقي والغربي .
والمجوسية كانت
المذهب الرسمي للأصبهانيين ، فعبدوا النار ، وقدموها ، وبنوا لها البيوت في أماكن
بارزة ومتعددة ، ويعد أبو الشيخ وأبو نعيم سلمان الفارسي الأصبهاني من مفاخر أصبهان
ويذكران أن والديه كانا من عباد النار ، ولم تزل بعض آثار بيوت النار باقية حتى اليوم .
وفتح المسلمون
أصبهان ، وحولوا بعض بيوت النار إلى مساجد فيما بعد ، وما بقي منها غيّرها الإسماعيليون إلى قلاع في فترة
استيلائهم على أصبهان .
وانتشر الدين الإسلامي
بأصبهان وما حولها ، وسارع المسلمون فأسّسوا المساجد بها. وأول مسجد أسّس بها : هو
مسجد خشينان .
__________________
واستمر الحال على
هذا إلى أن استقام أمر أهل السنة فيها ، وقوي أمرهم واشتد ، إلى أن لجأ إليها
الخوارج في عهد بني أمية ، ولكن عتّاب بن ورقاء واليها من قبل مصعب بن الزبير
أخرجهم منها ، فلجأوا إلى الأهواز ، وعادت القوة فيها لأهل السنة ، ويغلب عليهم
المذهب الشافعي والحنفي ، ويتولى زعامة الشافعية فيها أسرة الخجنديين ، وزعامة
الأحناف أسرة الصاعديين ، واستمر الأمر على هذا ، سوى ما كان من ظهور الشيعة
والزيدية بين الفينة والفينة ، لكن الصبغة العامة كانت غلبة أهل السنة والجماعة.
وحاول
الإسماعيليون إثارة الفتن عدة مرات لتنغيص هدوء المدينة واستقرارها ، وكاد يستفحل
أمرهم ، لكن فتوى قتلهم التي أصدرها الفقيه الشافعي أبو القاسم الخجندي ، ساعدت
على القضاء عليهم وإخراجهم منها ، وعادت الغلبة إلى أهل السنة ، إلى أن جاءت فتنة
المغول ، فاستغلوا الخلاف بين الشافعية والحنفية الذي أضعف أهلها ، وجعلهم لقمة
سائغة لخصومهم ، سهلت احتلالهم واختلال أحوالهم .
وفي سنة ٩٠٨ ه ،
استولى الشاه إسماعيل الصفوي ، أول داع متعصب ومروج لمذهب التشيع على أصبهان
وغيرها من المدن الإيرانية ، فأجبر أهل السنة على اتباع مذهب الشيعة ، مستعملا
أسلوب الرغبة والرهبة ، وحل محل الشافعية والحنفية ، اختلاف الشيعة الحيدرية
والنعمتية .
يقول الدكتور علي
كلباسي : «ففي عهد الصفوية ، صار مذهب الشيعة المذهب الرسمي لأهم المدن الإيرانية
، ومنها أصفهان ، وهذا البلد الذي كان
__________________
مركزا مهما لأهل
السنة والجماعة ، صار الآن مركزا مهما للتشيع ، ومن أواسط دور الصفوية إلى الآن لا
يوجد من أهل السنة بأصفهان وتوابعها حتى الآن ولا شخص واحد .
وأترك للقارىء
الكريم حرية المقارنة ، ليرى موقف الشيعة من بلد انتشر فيه مذهب أهل السنة
والجماعة ، وعم واستقر ، كيف عاشوه وما هو موقفهم منه.
بلد أنجب عددا
كبيرا من الأئمة الفقهاء والمحدثين واللغويين وغيرهم ، وارتفعت فيه راية أهل السنة
، وكان في يوم من الأيام قاعدة من قواعد أهل السنة ليرى كيف أحالوه بالقهر والغلبة
والتسلط إلى بلد شيعي ، ونسخوا وجود أي مسلم سني ، وقضوا على حضارتهم وآثارهم.
وقد اعترف بهذا
الدكتور علي كلباسي ، كما تقدم ، وكاتبهم ومؤرخهم ميرزا حسن الأنصاري فقال :
«إن مذهب أهل
السنة والجماعة كان هو المذهب الرسمي السائد في أصفهان إلى بداية القرن العاشر
الهجري سنة ٩١٠ ه ، وإن كان البويهيون قد ادّعوا مذهب التشيع ، فإن بعضهم كانوا
من الزيدية ، فقد حكموا باسم الخلفاء العباسيين والإسماعيليون في زمن السلاجقة
نفّروا الناس عن مذهب التشيع ، وهاتان الفترتان لم تؤثرا على الكلمة التي كانت لأهل
السنة ، فسيطرة أهل السنة على أصبهان كانت هي الغالبة في جميع هذه الفترة.
ثم قال : «في سنة
٩٠٦ ه ، فتح الشاه إسماعيل الصفوي العراق ، وجعل أهل السنة شيعة علنا ، وارتفع
اختلاف الشافعية والحنفية منذ ذلك التاريخ ، ولكن حل محله اختلاف الفرقة الحيدرية
والنعمتية ، كما تقدم» .
__________________
فأهل أصفهان اليوم
كلهم شيعة اثنا عشرية ، وقليل من اليهود والنصارى ، ويسكن النصارى على بعد نصف
فرسخ من المدينة ، ويقال لهم : جماعة الحاكة .
وذكر الدكتور لطف
الله هنرفر أن أصفهان اليوم تضم ٩٥% من الشيعة الاثنا عشرية ، و ٢% من اليهود ، و ٢%
من النصارى .
__________________
الباب الثّاني
الفصل الأوّل
في ترجمة المؤلف
٢٧٤ ـ ٣٦٩ ه ـ ٨٨٧ ـ ٩٧٩ م
اسمه ونسبه
هو عبد الله بن
محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري الحياني أبو محمد
__________________
الوزان ، المعروف
بأبي الشيخ الحافظ .
الحيّاني نسبة إلى
جده .
وأبو الشيخ لقب له
، فقال ابن الصلاح في النوع الثالث الذين لقبوا بالكنى ، ولهم غير ذلك كنى وأسماء
: مثاله أبو الشيخ الأصبهاني ، كنيته أبو محمد ، وأبو الشيخ لقب .
وقال العراقي في
ألفيته :
ثم كنى الألقاب
والتعدد
|
|
نحو أبي الشيخ
أبي محمد
|
فقال السخاوي :
فهو لقب للحافظ الشهير عبد الله بن محمد بن جعفر الأصبهاني.
أما وجه تلقيبه
بهذا اللقب ، فلم تذكره المصادر ، فلعله لشهرته أو لكبر سنه فإنه عاش ٩٥ ، وقيل :
٩٦ سنة ، والله أعلم.
__________________
ولادته ونشأته :
ولد أبو الشيخ
الحافظ قبل بداية الربع الأخير من القرن الثالث الهجري سنة ٢٧٤ ه في أزهى عصور السنة وأسعدها ، وفيه ازدهر الحديث وعلومه ،
وبلغ الذروة ، وبدأت الحركة العلمية الواسعة في تدوين الحديث وعلومه حفظا له
ودفاعا عنه ، حتى تميز الصحيح منه عن غيره ، وبذلك حق هذا القرن بأن يسمى القرن
الذهبي لخدمة السّنّة وتدوينها ، ففتح أبو الشيخ عينيه في الجزء الأخير من هذا
القرن في بيئة علمية مليئة بالمحدثين وآثارهم ، ألا وهي مدينة أصفهان ، وليست هي
وحدها ، بل كانت ـ مدن المشرق خاصة ـ معظمها من المراكز الرئيسية لرواية الحديث ،
ولا سيما منطقة خراسان الواسعة التي كانت تشمل على : بست ، وهرات ، ونسا ، وبلخ ،
وبخارى ، وسمرقند ، ومرو ، وجرجان ، ونيسابور ، وأضف إلى ذلك : الرّيّ ، وطوس ،
وغيرها ، فكانت هذه المدن دار الآثار ، وكان لأهلها اليد الطولى في تدوين الحديث
وعلومه ، بل فاقوا وسبقوا غيرهم في جميع العالم الإسلامي بلا استثناء في القرن المذكور.
فلو استعرضنا
المدونات في الحديث وعلومه ، لرأينا أن معظم كتب السنة وكتب الرجال يعود الفضل في
تأليفها إلى علماء هذه المناطق.
فصحيحا البخاري
ومسلم ـ وهما أصح الكتب بعد كتاب الله ـ والسنن الأربعة ، وصحيحا ابن خزيمة وابن
حبان ، ومعاجم الطبراني وغير ذلك من الكتب من آثار أولئك الجهابذة العلماء ، وفي
هذا دليل واضح على سعة ثقافتهم العلمية التي انتشرت وعمّت في تلك البلاد ، ولم
يتوقف نشاطها العلمي ، بل اقتفى الخلف آثار السلف في القرن الذي يليه ، وذلك لأنّ
الجو كان معدّا ومهيّئا لتلقي العلوم ، وبالأخصّ سماع الحديث. فمنهم أبو الشيخ
الذي سيتبع هذه الآثار ، وفي هذا الجو العلمي يولد أبو الشيخ ، فيولد ويستقبل عصر
العلم وقرن تدوين الحديث الذهبي ، الذي يسهل له طلب العلم ، ويشوقه ويساعده فيما
__________________
بعد ، وبالإضافة
إلى ذلك ، هناك بواعث أخرى لإقباله على طلب العلوم والحديث بالأخص ، وهو أنه يتربى
في بيت علم وبيئة علمية عريقة ، فوالده عالم محدث ، وكان عنده كتب الحسين بن حفص ،
و «مسند يونس بن حبيب» ، وعنده الحديث ـ عن أحمد بن يونس ، وأحمد بن عاصم ، وعامة
الأصبهانيين ، فهذا كله يدفعه لعنايته بالحديث.
وكذا جده من قبل
أمه ، محمود بن الفرج ، وخاله أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمود بن الفرج ، من
العلماء المحدثين ، وأبو عبد الرحمن من المكثرين رويا عن الأصبهانيين وغيرهم.
فمن الطبيعي إذا ـ
بعد أن ينشأ في أسرة علمية ـ أن يعتنقه الشوق والرغبة ، ويرافقه الجد في طلب العلم
، وهو صغير جدا ، فيذكر لنا الذهبي أنه «طلب الحديث من الصغر ، واعتنى به الجد ،
فسمع من جده محمود بن الفرج الزاهد» .
وسمع إسحاق بن
إسماعيل الرملي في سنة ٢٨٤ ه ، أي حين لم يتجاوز سنه عشر سنوات .
وليس هذا أول
سماعه في هذه السنة ، بل سمع قبله من إبراهيم بن سعدان ، وأبي بكر بن أبي عاصم
وآخرين في طبقتهما .
فلا شك أن الفضل
في نبوغه هذا يعود إلى والده أيضا ، حيث كان يعتني به كثيرا ، ويهتم في إحضاره
مجالس العلماء المحدثين ، فكان كثيرا يختلف مع والده في مجالسهم حرصا منهم على
حصول الحديث ، كما يذكر لنا هو بنفسه في ترجمة حاتم بن عبد الله النمري ، أنه لم
يسمع منه ، ولكن لقي شيخا يقال
__________________
له موسى بن خازم ،
وكان عنده جزء عنه ، فصرت إليه غير مرة مع والدي ، فلم يخرج إلينا كتابه .
فهذه القصة تعطينا
نموذجا عن شدة حرصهما في طلب الحديث.
وهكذا ذكر في
ترجمة الحسن بن محمد بن بوية : سمعته يحدث ، وكان صديق والدي ، وكنا نختلف إليه
الكثير .
وكذا قال في ترجمة
محمد بن يوسف بن معدان الثقفي الذي توفي سنة ٢٨٦ ه : زرته مع والدي مرارا كثيرة .
ومثل هذا كثير في
كتابه «الطبقات» ، وما ذكرته للنموذج فقط.
وكذا كان ممن شجع
أبا الشيخ لأخذ الحديث ، هو أن رئيس أصفهان محمد بن عبد الله بن الحسن الهمداني في
وقته ، كان من المحدثين ، يعتني بالحديث ، فيثق به أبو الشيخ ، ويحدث عنه .
وكذا كان لعامل
أصفهان أبي علي أحمد بن محمد بن رستم سهم في تشجيع المحدثين ، فيكرمهم ويحسن إليهم
، كما فعل مع الطبراني عند قدمته الثانية ٣١٠ ه بأصفهان ، فسهل له البقاء بها ،
بتعيين معونة معلومة من دار الخراج ، فكان يقبضه إلى حين وفاته بها.
رحلاته :
كان أبو الشيخ
يتلقى العلوم ـ وبالأخص الحديث ـ من مشايخ بلده والقادمين إليه ـ وهم كثيرون ـ لما
كان لأصبهان من مكانة علمية مرموقة ، بحيث
__________________
صارت مقصد القاصي
والداني ، ولا سيما بعد ما استوطنها عدد من كبار الحفاظ المحدثين.
حتى أثرت رحلة بعض
الحفاظ إليها ، وصيرتها دار هجرة ، كما ذكر لنا أبو النعمان عارم ، بعد ما أخبر
بعودة أبي حفص الفلاسي من أصبهان ، فقال : «وقدم أبو حفص من أصبهان ، وحمل خمسة
آلاف درهم ، فقال : هاجر أبو داود ـ الطيالسي ـ إلى أصبهان ، وصيرها دار هجرة» .
وقال السخاوي : «كانت
أصفهان تضاهي بغداد في العلو والكثرة» .
فصارت حقا دار
هجرة للعلماء ، ومحط نشاطهم ، حتى أقبل بعض الرؤساء والعمال يتنشطون ، إما في تلقي
الحديث أو إكرام المحدثين.
فهذا رئيس أصفهان
، محمد بن عبد الله بن الحسن بن حفص الهمداني من المحدثين الذين اطمأنّ إليهم أبو
الشيخ ، فتلقى منهم الحديث ، وروى عنهم .
وهذا عامل أصفهان
، أبو علي أحمد بن محمد بن رستم ، شغفه حب العلماء ، فيستقبل الطبراني عند قدومه
المرة الثانية سنة ٣١٠ ه ويسهل له البقاء بأصبهان ، فيكرمه بتعيين معونة معلومة
يقبضها من دار الخراج ، وتستمر حتى حين وفاته بها .
وهذا الذي ذكرناه
من نشاط التحديث والرواية بأصبهان ، قرب له الحصول ، فهو يبذل جهده في طلب الحديث
من علماء بلده أولا ، وهذا هو
__________________
دأب المحدثين
السلف ، فيرون من الضروري أن يتلقى الطالب أولا من علماء بلده ، لقربهم ومعرفته
بهم .
ولذا ، اعتبر صالح
بن أحمد التميمي الحافظ ـ صاحب «طبقات الهمذانيين» ـ التعرف على شيوخ البلدة
ومروياتهم ، من أول ما تجب معرفته على طالب الحديث في ذلك البلد .
فاستجاب محدثنا
لهذا ، فأكب على سماع الحديث والتلقي من مشايخ بلده وعمره لم يتجاوز عشر سنوات ،
واستمر على هذا إلى أن قضى عمره ستا وعشرين سنة في بلده ، وهو يتجول مع والده
ويختلف معه في طلب الحديث ، حتى رأى أنه حصّل أكثر ما في بلده ، وقد حان وقت رحلته
، فيبدأ رحلته في ازدياد العلم ، والتعرف على علماء غير بلده ، وذلك في حدود
الثلاث مئة عندما يكون عمره ٢٦ سنة ، فيرحل إلى البلاد المشهورة بالعلماء المعنية
بهذا الشأن : قريبها وبعيدها ، نحو : الريّ ، والأهواز ، والعراق ، والبصرة ،
والموصل ، وواسط ، وبغداد ، وحران ، وبلاد الحجاز .
قال الذهبي : «ورحل
في حدود الثلاث مئة ، وروى عن أبي خليفة الجمحيّ وأمثاله بالموصل وحران والحجاز
والعراق» .
وقال الذهبي أيضا
، وهو يعد جملة من شيوخه الذين سمع منهم في جولاته ورحلاته : «وسمع في ارتحاله من
خلق كثير ... إلى أن قال في الآخر : وأمم سواهم ».
وهذا العدد الكبير
من مشايخه مما يكبر شأنه ، وقد ذكر المؤلف نفسه ما
__________________
استفاد في بعض
رحلاته ، فقال : «رأيت هذا الحديث في فوائد أبي بكر البرديجي ببغداد».
وقد كان بعض علماء
بغداد يستفيدون منه ، فيسألونه عن أشخاص من المحدثين لا علم لهم بهم ، كما ذكر أبو
الشيخ نفسه ، وأبو نعيم نقلا عنه ، فقال : سألني عنه ـ أي عن محمد بن العباس بن
أيوب الاخرم ـ ببغداد هشيم الدوري ، وقاسم المطرز ، والبرديجي.
وذكر أبو نعيم
أيضا في ترجمة محمد بن الحسن بن علي بن معاذ ، أنه كان جارنا ، صحب أبا محمد بن
حيان أبا الشيخ ، وخرج معه إلى الريّ .
وذكر الذهبي عن
أبي بكر بن علي أنه قال : «كان ابن المقرىء ـ أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي
الأصبهاني ـ يقول : كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ بالمدينة المنورة ، فضاق بنا
الوقت ، فواصلنا ذلك اليوم ، فلما كان وقت العشاء ، حضرت القبر ، وشكوت إلى الله
الجوع ، فقال لي الطبراني : اجلس. إما أن يكون الرزق أو الموت ، فقمت أنا وأبو
الشيخ ، فحضر الباب علوي ، ففتحنا له ، فإذا معه غلامان بقفتين فيهما شيء كثير ،
وقال : شكوتموني إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ رأيته في النوم ، فأمرني بحمل شيء إليكم» .
فهذه القصة تخبرنا
عن رحلته إلى الحجاز ، ويمكننا أيضا أن نستنبط منها أن أبا الشيخ كان يرافق في
رحلاته كبار الحفاظ المحدثين مما يساعدوه في مذاكرة الحديث .
__________________
ثقافته ونبوغه :
كان أبو الشيخ
عالما ، حافظا ، وسيع العلم ، غزير الحفظ ، ذا ثقافة واسعة ، وشهد على ذلك كبار
العلماء الحفاظ ، وهو صاحب المصنفات الكثيرة السائرة ، فقال ابن عبد الهادي : «حافظ
أصبهان ، ومسند زمانه الإمام صاحب المصنفات ... كتب العالي والنازل ، وكان واسع
العلم» .
وقال الذهبي : «كان
مع سعة علمه وغزارة حفظه ، أحد الأعلام ، لقي الكبار». وكذا وصفه السيوطي .
فقد ساعده في
نبوغه وثقافته : أولا : اعتناء والده به كما ذكرت ، وثانيا : كثرة العلماء في بلده
، واستمرار العلماء القادمين إليه ، وثالثا : رحلته إلى البلدان المشهورة العلمية
، فلو نظرنا إلى كثرة شيوخه الذين أحصاهم في معجمه وطبقاته ، لرأينا فيهم المحدثين
، والقراء ، والمفسرين ، والفقهاء ، والمؤرخين ، وإن كان معظمهم من المحدثين ،
ومنهم المشاهير والحفاظ .
فكان يتثقف على
أيدي هؤلاء المشاهير وغيرهم من المفسرين والمؤرخين من مشايخه ، مع عناية واهتمام
كامل من والده ، حتى نبغ هذا النبوغ في التفسير والحديث والتاريخ ، ومصنفاته
السائرة في مختلف الفنون تحدد لنا مدى ثقافته وعلومه ، وما نبغ فيه ، كما تبيّن
تقدّمه وتمكّنه في التفسير والحديث والتاريخ.
وإليكم مجملا عن
ثقافته في العلوم المختلفة ، فأبدأ بثقافته في التفسير ثم الحديث وعلومه ، والفقه
، ثم التاريخ.
فأقول :
أبو الشيخ
والتفسير :
وقد نبغ أبو الشيخ
وبرز في خدمة القرآن ، كخدمته للسنة والتاريخ ، فها
__________________
هو لم ينس قسم
التفسير في كتابه «الطبقات» المختصة بالرجال ، حيث أدخل فيه قسما من الآيات
وتفسيرها .
وأكبر شاهد على
ذلك : اهتمامه البالغ في التفسير ، حتى بلغ إلى حد استطاع أن يقوم بتفسير القرآن
في مصنف خاص ، فبذلك استحق أن يترجم له الداودي في «طبقات المفسرين» .
وكتابه «التفسير»
دليل واضح على سعة علمه في التفسير ، فهذا الكتاب وإن كان مفقودا إلّا أن النقول
عنه في متون الكتب موجودة ، وبالأخص «الدر المنثور» ، حيث لا تخلو صفحة منه في
الغالب من النقول عن أبي الشيخ ، وهو ينهج نهج المحدثين في عزو الأقوال والآثار ،
ويسوقها بالسند.
أبو الشيخ وعلم
القراءات :
فقد عني أبو الشيخ
بعلم القراءات والتجويد ، حتى صار عالما فيه وراويا له ، فمن هنا أدخله الجزري في «طبقات
القراء» ، فقال :
«إنه روى القراءة
عن أبي حامد أحمد بن محمد بن الصباح الخزاعي ، وروى القراءة عنه أبو طاهر محمد بن
أحمد بن محمد الأصبهاني» .
قلت : وبالإضافة
إلى ذلك ، فقد تتلمذ على شيوخ آخرين من القراء الكبار ، فمنهم محمد بن عبد الله بن
مصعب الخطيب ، وصفه المؤلف بقوله : «كان من القراء الكبار ، يؤم في مسجد الجامع ـ أي
بأصبهان ، حسن الصوت بالقرآن» . وهو من شيوخه.
كما تتلمذ عليه
عدد من كبار العلماء القراء .
__________________
أبو الشيخ والحديث
:
تقدم أن عرفنا في
نشأة أبي الشيخ أنه أخذه الشوق والجد لسماع الحديث وهو صغير لم يتجاوز عمره عشر
سنوات ، وبدأ رحلته مبكرا في طلب الحديث ، وكان عمره إذ ذاك ٢٦ سنة ، وكتب العالي
والنازل ، وصنف المصنفات العديدة في الحديث والرجال ، وبرز ونبغ ولقي الكبار من
المحدثين وغيرهم من العلماء.
فكتابه «السنن» ،
من أكبر مؤلفاته في الحديث ، قال الذهبي عنه : وكتابه «السنن» في عدة مجلدات.
وكتاب «الثواب للأعمال الزكية» في خمس مجلدات ، وكذا كتاب «خطب النبي» ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وكتاب «الأدب» ، «وكتاب أخلاق النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وآدابه». وغير ذلك من مؤلفاته في الرجال ، نحو كتابنا
هذا ، و «معجم الشيوخ وروايات الأقران بعضهم عن بعض» ، وبالإضافة إلى ذلك ، فقد سمع عن بعض مشايخه وأكثر في
الأخذ ، كما ذكر الذهبي قول سليمان بن إبراهيم الحافظ أنه قال :
قال أبو أحمد
العسال ـ محمد بن أحمد بن إبراهيم القاضي ـ : «إذا سمعت من الطبراني عشرين ألف
حديث ، وسمع منه أبو إسحاق بن حمزة ثلاثين ألفا وسمع منه أبو الشيخ أربعين ألفا
كملنا» ، قال الذهبي : «هؤلاء كانوا شيوخ أصبهان مع الطبراني».
ومما يدل على سعة
علم أبي الشيخ في الحديث ، هو أنه يحكم كثيرا على الحديث بأنه لا يروى إلا بهذا
الإسناد ، أو يذكر الراوي ، ويقول : له حديث لم يحدث به غيره ، فمثل هذا الحكم لا يمكن أن يصدر إلا من عالم محدث حافظ ،
وسيع العلم بطرق الأحاديث ورواتها.
__________________
أبو الشيخ
والمصطلح :
وكان أبو الشيخ
ممن له رأي في المصطلح ، ويعتمد عليه فيها ، وينقل في كتب القواعد الحديثية رأيه ،
بل كتابه «الأقران ورواية بعضهم عن بعض» الأكابر عن الأصاغر وبالعكس ، وكتاب «العوالي»
، وكتابه «الناسخ والمنسوخ من الحديث» ، وكتابه «الإجازة» من باب المصطلح أيضا. كل هذه الكتب خير دليل على كونه
عالما بالقواعد وحافظا لها.
فمن هنا نرى الخطيب
ينقل مسلكه في الإجازة نقلا عن شيخه أبي نعيم الحافظ ، وتلميذ أبي الشيخ ، فقال : «قال
أبو نعيم : ما أدركت أحدا من شيوخنا إلا وهو يرى الإجازة ويستعملها ، سوى أبي
الشيخ ، فإنه لا يعدها شيئا» .
وكذا نقل عنه ابن
الصلاح مسلكه في الإجازة ، فقال : «قال بإبطالها جماعة من الشافعية ومن الحنفية ..
، وممن أبطلها من أهل الحديث الإمام إبراهيم بن إسحاق الحربي ، وأبو محمد عبد الله
بن محمد الأصبهاني الملقب بأبي الشيخ ، والسجزي» .
وكذا قال العراقي
في ألفيته :
مذهب القاضي
الحسين منعا
|
|
وصاحب الحاوي به
قد قطعا
|
وعن أبي الشيخ
مع الحربي
|
|
إبطالها كذاك
للسجزي
|
هكذا نقلت عنه
المصادر رأيه في الإجازة ، وقد روى في طبقاته بالإجازة ، ولعل ذلك كان في بدء طلبه. والله أعلم.
__________________
أبو الشيخ وعلو
الإسناد :
لا شك أن لعلو
السند أهمية كبيرة ، حتى كان أحد أسباب رحلة المحدثين سماع الحديث عاليا.
يذكر أستاذنا
الدكتور أكرم ضياء العمري أن «في جيل التابعين يبرز عامل جديد يحفز طلاب الحديث
إلى الرحلة ، ذلك هو طلب الإسناد العالي ، فهو أخصر طرق الحديث المتصلة» ، وقد ضرب أمثلة لرحلات عدد من المحدثين في هذا الشأن .
والذي نحن بصدده
هو علو إسناد المؤلف ، وليس هذا من خصائص المؤلف فقط ، بل هو ميزة معظم محدثي ذاك
الزمان ، وبالأخص أهل أصبهان ، لأن أعمار أهلها تطول. ولنستمع إلى ما ذكره ياقوت ،
فقال : «قد خرج من أصبهان العلماء والأئمة في كل فن ما لم يخرج من مدينة من المدن
، وعلى الخصوص علو الإسناد ، فإنّ أعمار أهلها تطول» .
بل وقد اشتهر وبلغ
أبو نعيم التلميذ البارز للمؤلف والمكثر عنه إلى حد في علو الإسناد ، وصفه
المحدثون ـ فيما ذكره حمزة بن العباس العلوي ـ بأن أصحاب الحديث كانوا يقولون : «بقي
أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير ، لا يوجد شرقا ولا غربا أعلى إسنادا منه ، ولا
أحفظ منه» .
فأبو الشيخ كذلك ،
يحظى بعلو الإسناد ، ذلك لأنه بكّر في سماع الحديث ، فلقي الكبار ، وعاش ٩٦ سنة ،
فتهيأ له من ذلك كتابة العالي والنازل ، واللقيا ، كما ذكر ابن عبد الهادي والذهبي
أنه «كتب العالي والنازل ، ولقي الكبار» .
__________________
فبذلك يوجد في
كتابه «الطبقات» الرباعيات ، مما يدل على غاية العلو بالنسبة إليه.
هذا بالإضافة إلى
تأليف خاصّ باسم «عوالي أبي الشيخ» الذي يدل على علو إسناده ، وهو دليل واضح على
ما ذكرناه .
أبو الشيخ والنقد :
لم يكن أبو الشيخ
راويا بحتا ومحدثا يسند الحديث ويطلقه ، بل كان ناقدا بصيرا في الرجال. وعلل
الحديث ، ولا يتمكن في هذا الفن إلا الأذكياء الحفاظ المهرة بطرق الحديث وأحوال
الرجال ، وكان أبو الشيخ منهم ، واستطاع أن يدخل في هذا الميدان بجدارة ، ويحكم
على الحديث ، ويبين العلل فيه ، وينقد الرجال. وكتابه «الطبقات» المختص بالرجال ،
برزت فيه هذه الجوانب بوضوح تام ، وأذكر نموذجا لبعض أقواله في نقد الرّجال وعلل
الحديث من كتابه «الطبقات».
حسب ما ذكرت أن
أبا الشيخ واحد من النقاد الذين يؤخذ بقولهم ، ويوثق بهم ، فلقد انتشرت أقواله في
كتب نقد الرجال .
وها أنا أذكر
نموذجا من أقواله من كتابه «الطبقات» في التوثيق والتضعيف أولا ، ونقد الحديث ثانيا.
__________________
أقواله في التوثيق
والتجريح :
ألفاظه في التوثيق
:
«كان ثبتا متقنا
صدوقا». قاله في العباس بن حمدان الحنفي ٢٤٥ / ٣.
«كان ثبتا متقنا».
قاله في علي بن رستم بن علي ٢٤٣ / ٢.
«شيخ ثقة صدوق».
قاله في عامر بن عقبة بن خالد ٢٤٢ / ٣.
«كان ثقة صدوقا».
قاله في عبد الله بن سندة بن الوليد ٢٣٨ / ٢.
«شيخ ثقة». قاله
في القاسم بن فورك ٢٤٥ / ٣ وفي آخرين كثيرين.
«ثقة مأمون صاحب
أصول». قاله في الفضل بن العباس بن مهران ٢٤١ / ٣.
«كان شيخا ثقة
صاحب كتاب». قاله في مسلم بن عصام بن مسلم ٢٣٤ / ٣.
«كان صحيح الحديث
، صاحب معرفة» «كان حسن الحديث كثير الحديث» قاله في علي بن الحسن بن مسلم ٢٤١ /
٣.
«صحيح الكتب
والسماع». قاله في عبد الرحمن بن الحسن بن موسى ٢٤٠ / ٣.
«كان مقبول القول».
قاله في عبد الرحمن بن محمد بن سالم ٢٣٩ / ٢.
«شيخ جليل ، كثير
الحديث» قاله في عبد الله بن أحمد بن أسيد ٢٣٧ / ٣.
«كان مقبول القول
، له محل كبير» ـ قاله في عبد الله بن محمد بن الحسن ٢٣٦ / ٣.
«من عباد الله
الصالحين». قاله في عبد الله بن عبد السلام أبي أحمد ٢٣٥ / ٣.
«من الحفاظ الكبار
متقدما في الحفظ» قاله في محمد بن العباس الأخرم ٢٢٢ / ٣.
وكذا يقول : «كان
خيرا فاضلا أو كان إمام أهل زمانه ، أو صدوق ، أحد الواعين» .
ألفاظه في الجرح :
«ضعيف ، كانوا
يضعفونه ، منكر الحديث ، كان يرمى بالإرجاء ، ولم يكن بالقوي في حديثه» قاله في
محمد بن أحمد بن يزيد الزهري ٢٤١ / ٣.
«ليس بالقوي ،
وغرائب حديثه تكثر ، وله مناكير عن الثقات ، متروك الحديث ، وكان يحدث بالبواطل
متروك الحديث» .
أما نموذج النقد
في الحديث فهو كالآتي :
فقد ذكر في ت ٨٣
حديث «لا يغرنكم من سحوركم ...» بسنده : عن غياث ، عن عبيد الله بن عمر ، عن عبد
الله بن دينار ، عن ابن عمر .. فقال : هكذا رواه ، وهو عند الناس ، عن عبيد الله ،
عن نافع (بدل ابن دينار) ، عن ابن عمرو ، عن القاسم ، عن عائشة .
وقد يصرح بالخطأ
ويعقبه بالصواب ، كما فعل في حديث رواه عبد الوهاب بن المندلث ، أن هذا خطأ ،
والصواب ما حدثنا محمد بن عبد الله بن رسته ، فساقه به .
وكذا صرح في حديث
رواه عبيد الله عن عطاء ، فقال : والصواب عبد الملك ، عن عطاء .
__________________
وكذا بين علة حديث
رواه محمد بن أبان ، عن سفيان ، عن أبي نضرة ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد ، فقال
: «هكذا رواه ، وهو عند الناس عن سفيان عن أبي هارون ، عن أبي سعيد ، يعني بدون
واسطة أبي نضرة» .
وقد يبين غرابة
الحديث من الراوي ، كما قال في حديث رواه حمزة الزيات : «هذا حديث غريب من حديث
حمزة الزيات» .
وقد يبين تفرد
الراوي ومخالفته الناس عما رووه ، فذكر حديث «ولكن لحوقا بي» ، عن المترجم له من
طريق إسماعيل ، عن الشعبي ، وقال : «وهو تفرد في روايته عن إسماعيل ، عن الشعبي» ،
ورواه الناس عن مجالد عن الشعبي .
وقد يبين تفرد
الراوي برفع الحديث ، كما ذكر في حديث رواه محمد بن معاوية ، عن وبرة ، عن ابن
مسعود ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال :
«هكذا رواه ورفعه
، ورواه الناس عن عبد الله بن مسعود من قوله ـ يعني موقوفا».
وقد يسوق للحديث
طريقين ، ويذكر بأن الطريق الأول خطأ ، والصواب ما حدثنا فلان ، فيسوقه بطريق
الثاني الصحيح.
كما فعل في حديث
٣٢٨ ، ٣٢٩ ، فقال في الأول : هو خطأ ، والصحيح ما حدثنا ... .
وكذا صرح ببيان
الخطأ والصواب بعد ما ساق حديثا من طريقين ، فقال : «هذا هو الصحيح ، وحديث عامر عن
يعقوب القمي خطأ» .
ومثل هذا كثير ، وفيما ذكرته كفاية للنموذج في نقده.
__________________
أبو الشيخ والفقه
:
فلا غرو أن يكون
أبو الشيخ عالما بالأحكام ، وهو محدث كبير حافظ ، وكان يصنف في الأحكام كما قال
تلميذه ابن مردويه :
«صنف ... الكتب
الكثيرة في الأحكام» . قلت : فكتابه «الأموال» ، وكتابه «السبق والرمي» ، وكتاب «الضحايا
والعقيقة» ، وكتاب «الفرائض والوصايا» ، وكتاب «القطع والسرقة» ، وكتاب «السواك» ،
وكتاب «النكاح» ، وغيرها من مصنفاته ، تشهد على عنايته بالأحكام الفقهية ، وتبين
مقدار نصيبه في الفقه» .
وقال تلميذه
البارز المكثر عنه أبو نعيم الحافظ : «أحد الثقات والأعلام ، صنف الأحكام ...» .
أبو الشيخ
والتاريخ :
لم يكن أبو الشيخ
محدثا ومفسرا فقط ، بل أخذ حظه ونصيبه الوافر من علم التاريخ أيضا ، وليس ذلك إلا
لغزارة حفظه واهتمامه بالعلوم المفيدة ، فكان يحفظ الوقائع والحوادث ، ويحفظ أحوال
الرجال ، فأخذ يدونها ، واستمر في ذلك فترة طويلة ، يصنف ويؤلف ، كما قال ابن
المديني : «مع ما ذكر من عبادته ، كان ما يكتبه كل يوم وينتخبه كاغدا ، لأنه كان
يورق ويصنف» .
وكان يبذل جهدا
كبيرا في الإفادة عن الشيوخ وأحوالهم ، والتصنيف فيهم ، فقد عني بهذا الشأن عناية
فائقة ، فقضى في ذلك ستين سنة ، كما يقول تلميذه البارز أبو نعيم عنه:
«كان أحد الأعلام
، صنف الأحكام ، والتفسير ، وكان يفيد عن الشيوخ
__________________
ويصنف لهم ستين
سنة» .
وبالإضافة إلى
عنايته بالشيوخ ، فقد اعتنى أيضا بالتاريخ العام ، وألّف في ذلك مؤلفات كما ذكرت
لنا المصادر. من آثاره : كتابه «التاريخ على السنين» وكتاب «البلدان أو الأمصار»
وكتاب «معجم شيوخه» وكتابه «الطبقات» هذا الذي بين أيدينا .
ولم يصل إلينا
منها فيما علمت سوى كتابه «الطبقات».
ومن خلال احتواء
كتابه «الطبقات» على معلومات كبيرة تاريخية من : أحوال الرواة والقضاة والولاة ،
وتاريخ قدوم القادمين وترحالهم ووفياتهم ، بالإضافة إلى بيان تاريخ أصفهان
وإنشائها ، وتاريخ فتحها الإسلامي ، كمقدمة للكتاب ، نستطيع أن نحكم بأن أبا الشيخ
كان مؤرخا خبيرا في التاريخ .
شيوخه :
قد تتلمذ أبو
الشيخ على معظم محدثي بلده ، واستفاد منهم ، وعلى علماء من القادمين إلى بلده ،
ومن غيرهم في رحلاته التي قام بها ، وبذلك كثر عدد شيوخه ، حيث ألف فيهم معجما
خاصا .
وقد ترجم لأكثر من
خمسين ومائتي شيخ في كتابه «الطبقات» في الطبقة العاشرة والحادية عشرة ، فلا أرى
حاجة لتكرارها. وأنا أذكر عددا من مشايخه الذين لم يترجم لهم في «الطبقات» ، وقد
روى عن بعضهم فيها أيضا ، ورتبهم على حروف المعجم.
__________________
أسماء شيوخه :
١ ـ إبراهيم بن
شريك بن الفضل أبو إسحاق الأسدي الكوفي. ثقة ، مات سنة إحدى أو اثنتين وثلاثمائة .
٢ ـ إبراهيم بن
علي العمري .
٣ ـ إبراهيم بن
نائلة .
٤ ـ أحمد بن الحسن
الصوفي المتوفى سنة ٣٠٦ ه ، وثّقه الدارقطني .
٥ ـ أحمد بن سعيد
بن عبد الله أبو الحسن الدمشقي ، نزل بغداد. المتوفى سنة ٣٠٦ ه ، وكان صدوقا .
٦ ـ أحمد بن علي
بن المثنى أبو يعلى ، الحافظ الثقة ، صاحب «المسند الكبير». ترجمت له كما سيأتي (في
ت ٣ ح ٥) .
٧ ـ أحمد بن محمد
بن علي المافروخي أبو العباس الأصبهاني الجرواءاني .
٨ ـ أحمد بن
المساور بن سهل أبو جعفر الضبي ، شيخ ثقة .
٩ ـ أحمد بن مكرم
بن خالد البرتي ـ بكسر الموحدة وسكون الراء ـ أبو الحسن.
حدث عنه أبو الشيخ
في معجمه .
__________________
١٠ ـ أحمد بن يحيى
بن زهير .
١١ ـ إسحاق بن
أحمد الفارسي .
١٢ ـ إسحاق بن
أحمد بن علي بن إبراهيم أبو يعقوب ، التاجر المتوفى ٣٦٨ ه.
١٣ ـ إسحاق بن
إسماعيل بن عبد الله بن زكريا أبو يعقوب ، قدم أصفهان سنة ٢٨٨ ه .
١٤ ـ إسحاق بن
حكيم .
١٥ ـ أبو بكر بن
مكرم . وأبو بكر بن أحمد المؤدب .
١٦ ـ جعفر بن محمد
بن الحسن الفريابي ـ بكسر الفاء وسكون الراء ـ أبو بكر العلامة الحافظ شيخ الوقت ،
وكان في مجلسه نحو عشرة آلاف شخص ، وكان ثقة مأمونا. مات سنة ٣٠١ ه .
١٧ ـ حامد بن محمد
بن شعيب. ثقة .
١٨ ـ الحسن بن
إبراهيم بن بشار القرشي .
١٩ ـ الحسن بن
أحمد المالكي .
__________________
٢٠ ـ حسين بن عمر
بن أبي الأحوص .
٢١ ـ عبد الرحمن
بن أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي أبو محمد صاحب «التفسير المسند» ، و «الجرح
والتعديل» ، وغير ذلك .
٢٢ ـ عبدان
الأهوازي عبد الله بن أحمد بن موسى ، ثقة حافظ .
٢٣ ـ عبد الرحمن
بن زيد أبو بكر. ثقة .
٢٤ ـ عبد الرحمن
بن محمد بن حماد .
٢٥ ـ عبد الله بن
بندار بن إبراهيم الضبي .
٢٦ ـ علي بن سعيد
الرازي .
٢٧ ـ عمر بن أحمد
بن إسحاق الأهوازي .
٢٨ ـ عمر بن عبد
الرحمن السلمي أبو حفص .
٢٩ ـ الفضل بن
حباب أبو خليفة الجمحي ، الامام المحدث الثقة .
٣٠ ـ قاسم بن
زكريا بن يحيى البغدادي المطرز أبو بكر ، المقرىء الحافظ الثقة. توفي سنة ٣٠٥ ه .
__________________
٣١ ـ محمد بن
إبراهيم بن علي الأصبهاني أبو بكر بن المقرىء ، محدث أصفهان من أقرانه ، الإمام
الرحال الحافظ الثقة ، صاحب «المعجم الكبير» ، «والأربعين حديثا» ، وسمع في نحو من
خمسين مدينة ، وعاش ٩٦ سنة. مات سنة ٣٨١ ه .
٣٢ ـ محمد بن
الحسن بن علي بن بحر .
٣٣ ـ محمد بن خالد
بن خداش ، المتوفى سنة ٢٩٣ ه .
٣٤ ـ محمد بن عبد
الرحيم بن شبيب الأسدي الكوفي. ثقة .
٣٥ ـ محمد بن نصر
بن عبد الله بن أبان الأصبهاني ، المتوفى سنة ٣٠٥ ه .
٣٦ ـ محمد بن يحيى
المروزي .
٣٧ ـ محمود بن
محمد الواسطي .
٣٨ ـ المفضل بن
محمد الجندي .
٣٩ ـ أبو عروبة
الحراني الحسين بن محمد بن أبي معشر مودود السلمي ، صاحب «التاريخ» ، كان من نبلاء
الثقات. مات سنة ٣١٨ ه .
٤٠ ـ أبو القاسم
البغوي عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، الحافظ الثقة الكبير ، مسند العالم توفي
سنة ٣١٧ ه .
__________________
ثناء العلماء عليه وتوثيقه :
استحق أبو الشيخ
أن ينال من العلماء الثناء المجيد ، والتوثيق الجدير ، فقد أثنى عليه تلميذه أبو
بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، بقوله : «ثقة مأمون ...» .
وقال تلميذه
البارز أبو نعيم عنه : «أحد الثقات والأعلام ، صنف الأحكام والتفسير والشيوخ ...
كان يفيد عن الشيوخ ، ويصنف لهم ستين سنة» .
وقال أبو بكر
الخطيب : «كان أبو الشيخ حافظا ثبتا متقنا». .
وقال أبو القاسم
السّوذرجاني : «هو أحد عباد الله الصالحين ، ثقة مأمون» .
وقال السمعاني : «حافظ
كبير ثقة ، صنف التصانيف الكثيرة» .
وقال ابن عبد
الهادي : «أبو الشيخ الأصبهاني ، حافظ أصفهان ، ومسند زمانه ... الإمام صاحب
المصنفات .. كتب العالي والنازل ... وكان واسع العلم ، صدوقا قانتا لله».
وقال الذهبي : «الإمام
الحافظ الصادق ، محدث أصفهان ، صاحب التصانيف ...».
وقال أيضا : «فلقد
كان أبو الشيخ من العلماء العاملين ، صاحب سنة
__________________
واتباع ... ».
وقال أيضا : «حافظ
أصفهان ومسند زمانه ، الإمام ... صاحب المصنفات السائرة ... ، كتب العالي والنازل
، ولقي الكبار ... ، وكان مع سعة علمه وغزارة حفظه ، صالحا خيّرا قانتا لله صدوقا»
.
وكذا وصفه السيوطي
بما وصفه الذهبي ، وزاد عليه : كان أحد الأعلام ... مأمونا ثقة متقنا .
وقال الداودي : «الإمام
الحافظ ، مسند زمانه ...» .
وذكره ابن العماد
فقال : «الإمام الحافظ ، الثبت الثقة .. ، صاحب التصانيف».
وذكره الزركلي
فقال : «من حفاظ الحديث العلماء برجاله» .
تلاميذه :
قد ذاع صيته
واشتهر في الآفاق بالحفظ والنبوغ ، حتى صار يقصده القاصي والداني ، فترى في
تلاميذه الأندلسي ، والهروي ، والأهوازي والشيرازي ، والبغدادي ، وغيرهم ، وأيضا
ترى آثار نبوغ المؤلف وثقافته أثرت على تلاميذه ، فتجد فيهم المحدثين ، والمفسرين
، والقراء ، والمؤرخين.
إليكم أسماء من
وقفت عليه من تلاميذه مرتبا على الحروف :
__________________
١ ـ أحمد بن عبد
الرحمن أبو بكر الشيرازي. كان صدوقا حافظا ، يحسن هذا الشأن جيدا. مات سنة ٤٠٧ ه
، وقيل : ٤١١ ه .
٢ ـ أحمد بن عبد
الله بن أحمد الأصبهاني أبو نعيم ، الحافظ الثقة ، المتميّز بعلو الأسانيد ،
والمكثر عن المؤلف. مات سنة ٤٣٠ ه .
٣ ـ أحمد بن علي
الساماني ـ أبو العباس الصحّاف .
٤ ـ أحمد بن علي
بن عبدوس أبو نصر الجصاص. المعدل الأهوازي. كان ثقة ثبتا. مات سنة ٤٢٣ ه .
٥ ـ أحمد بن علي
بن يزداد أبو بكر القارىء الأعور البغدادي. سمع أبا الشيخ بن حيان بأصبهان ، وكان
ثقة فاضلا ديّنا عالما بحروف القرآن. مات سنة ٤١٠ ه .
٦ ـ أحمد بن محمد
بن أحمد بن جعفر اليزدي .
٧ ـ أحمد بن محمد
بن الحارث .
٨ ـ أحمد بن محمد
بن الحسين بن البزده ـ بالباء الموحدة والزاي ـ أبو عبد الله المقرىء ، وكان من
المعمرين ، توفي سنة ٤٣٧ ه .
__________________
٩ ـ أحمد بن موسى
بن مردويه بن فورك أبو بكر ، الحافظ الثبت العلامة الأصبهاني ، صاحب «التفسير» ، و
«التاريخ» ، وكان قيّما بمعرفة هذا الشأن ، بصيرا بالرجال ، طويل الباع ، مليح
التصانيف ، توفي في رمضان سنة ٤١٠ ه .
١٠ ـ الأصبغ عبد
العزيز بن عبد الملك بن نصر الأندلسي ، الحافظ الأموي مولاهم ... سمع الحديث ببلاد
المغرب والمشرق ، وسمع بأصبهان أبا محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الحافظ .
١١ ـ سليمان بن
حسنكويه .
١٢ ـ عبد الرحمن
بن محمد بن أحمد بن محمد بن موسى بن زنجويه الأبهري أبو منصور الأديب .
١٣ ـ عبد الرزاق
بن عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان ابن المؤلف ، وسمع منه أبوه أيضا. توفي في
منصرفه من الحج سنة نيف وخمسين وثلاث مئة .
١٤ ـ عبد الله بن
محمد بن أحمد أبو القاسم العطار ، المقرىء ، شيخ أصبهان. صدوق ضابط .
١٥ ـ عبد الكريم
بن عبد الواحد الصوفي .
١٦ ـ عبد الواحد
بن أحمد بن محمد بن يحيى الأسواري أبو القاسم الأصبهاني.
حدث عن أبي الشيخ
الحافظ ، وعنه قتيبة بن سعيد البغلاني قاله يحيى بن منده .
__________________
١٧ ـ الفضل بن
أحمد القصار .
١٨ ـ الفضل بن
محمد القاساني .
١٩ ـ محمد بن
إبراهيم بن علي بن عاصم بن زاذان الأصبهاني أبو بكر بن المقرىء ، محدث أصبهان ،
الإمام الرحال الحافظ الثقة ، وهو من أقرانه.
تقدم .
٢٠ ـ محمد بن
إبراهيم بن علي بن إبراهيم الصالحاني أبو ذر ، الواعظ. توفي سنة ٤٤٠ ه .
٢١ ـ محمد بن أحمد
بن إبراهيم الصالحاني أبو العلاء .
٢٢ ـ محمد بن أحمد
بن عبد الرحمن أبو بكر الصفار .
٢٣ ـ محمد بن أحمد
بن عبد الرحيم ، الكاتب بأصفهان ، وهو آخر من روى عنه ، وهو أحد رواة مؤلفات أبي
الشيخ ، مات سنة ٤٤٥ ه.
٢٤ ـ محمد بن أحمد
بن عبد الله بن إسحاق المقرىء البيضاوي ، أحد قراء فارس ، ثقة. مات سنة ٣٩٣ ه .
٢٥ ـ محمد بن أحمد
أبو الحسين الكناني .
٢٦ ـ محمد بن أحمد
بن محمد أبو طاهر الأصبهاني .
__________________
٢٧ ـ محمد بن أحمد
بن محمد بن الحسين أبو الحسن الأصبهاني ، سمع من أبي الشيخ سنة ٣٦٩ ه ، أي سنة
وفاته .
٢٨ ـ محمد بن أحمد
بن محمد بن يحيى بن حمدان ، المعروف بالعجلي أبو عبد الله الخاني ـ نسبة إلى خان
لبخان محلة بأصبهان ـ مات سنة ٤٢٣ ه .
٢٩ ـ محمد بن
إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة ، الإمام الحافظ الجوّال ، أبو عبد الله ، محدث
العصر ، وهو من أقرانه ، قال الذهبي : «عدة شيوخه الذين سمع وأخذ عنهم ألف وسبع
مئة شيخ. ولما رجع من الرحلة الطويلة ، كانت كتبه عدة أحمال ، حتى قيل : إنها كانت
أربعين حملا ، وما بلغنا أن أحدا من هذه الأمة سمع ما سمع ، ولا جمع ما جمع ، وكان
ختام الرحالين ، وفرد المكثرين مع الحفظ والمعرفة والصدق وكثرة التصانيف». مات ابن
منده في ذي القعدة سنة ٣٩٥ ه .
٣٠ ـ حفيده محمد
بن عبد الرزاق بن عبد الله أبو الفتح الحياني .
٣١ ـ محمد بن عبد
الله بن أحمد التبان .
٣٢ ـ محمد بن عبد
الله بن الحسين أبو بكر الصالحاني .
٣٣ ـ محمد بن علي
بن بهروزمرد .
٣٤ ـ محمد بن علي
بن محمد السيويه المؤدب أبو أحمد .
__________________
٣٥ ـ أبو جعفر بن
زيرك البزي .
٣٦ ـ أبو سعد
الماليني أحمد بن محمد بن أحمد الأنصاري الهروي ، الحافظ الإمام الزاهد ، يعرف
بطاووس الفقراء ، وجمع وحصل من المسانيد الكبار شيئا كثيرا ، وكان ثقة متقنا صاحب
حديث ، ورحل رحلات كثيرة إلى أصبهان. (توفي سنة ٤٠٩ ه) .
٣٧ ـ أبو سعيد
النقاش محمد بن علي بن عمرو بن مهدي الأصبهاني الحنبلي ، جمع وصنف وأملى وروى
الكثير مع الصدق والديانة والجلالة. توفي سنة ٤١٤ ه عن نيف وثمانين عاما .
عقيدته ومذهبه :
لم أجد تصريحا عنه
في مذهبه وعقيدته ، ولا عن غيره ، والذي يظهر لي من خلال دراسة كتابه : «الطبقات»
والنظر في بقية مصنفاته ، أنّ عقيدته عقيدة السلف ، ومذهبه هو مذهب المحدثين ،
فكان يسلك مسلكهم ، ولم يتبع مذهبا خاصا من المذاهب الفقهية المعروفة ، وقد كان
المذهب السائد بأصبهان في ذاك الوقت بل في إيران ، مذهب الشافعية والأحناف من أهل
السنة ، وقد شغلهم التعصب الشديد فيما بينهم .
ولم أجد له ترجمة
في الكتب المعنية بتراجم رجال المذاهب ، فمن هنا أستطيع أن أقول:
إن أبا الشيخ كان
يتبع السنة ويعمل بها ، قال الذهبي : «فلقد كان أبو الشيخ من العلماء العاملين ،
صاحب سنة واتباع» . ومما يرشدنا أن عقيدته
__________________
عقيدة السلف
الصالح ، كتابه في العقيدة ، وهو كتاب السّنّة. كما ألف عدد من علماء السلف مؤلفات
بهذا الاسم ، كأحمد ، وأبي داود ، والطبراني ، وابن أبي عاصم ، واللالكائي ،
والمروزي ، وغيرهم .
صلاحه وعبادته :
ذكر ابن عبد
الهادي : «أنه كان واسع العلم ، صدوقا ، قانتا لله».
وقال بعض العلماء
: «ما دخلت على الطبراني إلّا وهو يمزح أو يضحك ، وما دخلنا على أبي الشيخ إلّا
وهو يصلي» .
وقال الحافظ يوسف
بن خليل : «رأيت في النوم كأني دخلت مسجد الكوفة ، فرأيت شيخا طوالا لم أر شيخا
أحسن منه ، فقيل لي : هذا أبو محمد ابن حيان ، فتبعته ، وقلت له : أنت أبو محمد بن
حيان. قال : نعم. قلت : أليس قد متّ؟ قال : بلى ، قلت : فبالله ما فعل الله بك؟
قال : «الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر
العاملين» . فقلت : أنا يوسف بن خليل جئت لأسمع حديثك وأحصّل كتبك ،
فقال : سلمك الله ، وفقك الله ، ثمّ صافحته ، فلم أر شيئا قط ألين من كفه ،
فقبلتها ووضعتها على عيني» .
وقال أبو القاسم
السوذرجاني : «هو أحد عباد الله الصالحين ، ثقة مأمون» .
قال أبو موسى
المديني : «مع ما ذكر من عبادته ، كان ما يكتبه كل يوم
__________________
وينتخبه كاغدا ،
لأنّه كان يورق ويصنف». ويروى عنه أنه قال : ما عملت فيه ـ في «كتاب الثواب» ـ حديثا
إلا بعد أن استعملته .
وفيه أيضا : وعن
بعض الطلبة قال : «ما دخلت على أبي القاسم الطبراني إلّا وهو يمزح أو يضحك ، وما
دخلت على أبي الشيخ إلّا وهو يصلي» .
وقال الذهبي أيضا
: «فلقد كان أبو الشيخ من العلماء العاملين».
وقال : «وكان مع
سعة علمه وغزارة حفظه ، صالحا خيّرا قانتا لله صدوقا» .
وفاته وما قيل بعد وفاته :
قال أبو نعيم : «توفي
سلخ المحرم سنة تسع وستين وثلاثمائة وله ست وتسعون سنة».
وذكر ابن العماد وابن تغري بردي أن وفاته كانت عن ٩٥ سنة ؛ وذلك لأنهما قالا : ولد سنة ٢٧٤
ه ، فلا يزيد إذا عمره عما ذكرنا.
ويمكن التوفيق بين
القولين ، بأن أبا نعيم أضاف المحرم من سنة تسع وستين ، فحسبه سنة ، وهما لم يضيفا
هذه السنة باعتبار أنه توفي في أولها.
ذكر الذهبي في ترجمة محمد بن أحمد القاضي العسال أن أبا جعفر
__________________
معمر بن أحمد
الزاهد ، قال أبياتا ، منها :
لقد مات من يرعى
الأنام بعلمه
|
|
وكان له ذكر
وصيت فينفع
|
وقد مات حفاظ
الحديث وأهله
|
|
وممن رأينا ،
وهو في الناس منبع
|
أبو أحمد القاضي
، وقد
كان حافظ
|
|
ا ولم يك من أهل
الضلالة يتبع
|
وكان أبو إسحاق ممن شهرته
|
|
يدرس أخبار
الرسول (ص) ويوسع
|
وثالثهم : قطب
الزمان وعصره
|
|
أبو القاسم اللخمي قد كان يبدع
|
ورابعهم : كان
ابن حيان آخرا
|
|
ومات ، فكيف
الآن بالعلم يطمع؟
|
آثاره العلمية :
لقد خلف أبو الشيخ
آثارا تحيي ذكره ، وتنفع من بعده ، وإن كانت مع الأسف معظم آثاره لم تصل إلينا ،
فيما علمت بعد البحث والتتبع إلا أنه كان معظم هذه الكتب موجودة إلى القرن الثامن
الهجري عند بعض العلماء.
قال الذهبي : «ووقع
لنا الكثير من كتب أبي الشيخ» .
وكذا روى السمعاني
عددا كبيرا بالإجازة بسند شيوخه .
وكذا ذكر ابن حجر
بسنده في كتابه : «المعجم المفهرس» عددا كبيرا من
__________________
مصنفات أبي الشيخ ، وسأذكر في قائمة مصنفاته جميع ما نسب إليه من الكتب ،
سواء كان مفقودا أم موجودا ، مع ذكر مكان وجوده إن عرف ـ إن شاء الله ـ وأرتبها
على حروف المعجم ، وهي كالآتي :
١ ـ كتاب «الإجازة»
، لم يصل إلينا.
٢ ـ «أحاديث أبي
الزبير ، عن غير جابر بن عبد الله» موجود منها من ق ٩ ـ ٢٤ في الظاهرية .
٣ ـ «أحاديث
اختارها أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه» ـ تلميذه.
(ت ٤١٠ ه). موجود
منها بعض الأوراق بالظاهرية . مجموع ٨ (٦١ أ ـ ٦٨ أ ، ٧٨٤ ه) ، ٨٢ / ١ (ا أ ـ ٢٣ أمن
القرن الهجري السابع ، ٩٣ (٢١ أ ـ ٣٧ ، ٥٩٢ ه).
٤ ـ «أحاديث أبي
عمير وبكر بن بكار» ، الموجود جزء منها بالظاهرية من ق ٦٥ ـ ٧٢ .
٥ ـ «أحاديثه» ،
موجودة بالظاهرية من ق ١ ـ ٢٣ ، وفيه أحاديث مما في «العوالي» ، فلعلها جزء من
كتابه «العوالي» الذي سيأتي التعريف به .
٦ ـ أحاديث طلحة
بن مصرف وزبيد اليامي .
__________________
٧ ـ كتاب «أخلاق
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وآدابه». طبع مرتين : بمطبعة السعادة بالقاهرة ، باهتمام
من مكتبة النهضة المصرية ١٣٧٨ ه ، والثانية في ١٣٩٢ ه طبعت محققة ، وكتب عليها
حواش أحمد محمد مرسي ، ولم يخرّج الأحاديث ، ولم يترجم الأعلام ورجال السند إلا
نادرا ، ولكن له فضل في إخراج الكتاب مصححا إلى حيز النفع.
٨ ـ «الأدب» ، هو
الأخذ بمكارم الأخلاق واستعمال ما يحمد قولا وفعلا .
٩ ـ «كتاب الأذان»
: وهو مفقود ، ولعله جزء من «كتاب السنن».
١٠ ـ «كتاب
الأمثال الخاصة بالنبي ـ صلىاللهعليهوسلم» ـ مخطوط في ٨٣ ورقة ، موجود في امبروزيانا كوداتشي ٢٩ ،
ومنه نقول في «الإصابة» ١ / ٣٠٥ ، (٢ / ١٢٥٩) .
١١ ـ كتاب «الأمصار»
. مفقود ، وسماه الديلمي باسم : «كتاب البلدان» ويبدو لي أنه هو ، والله أعلم.
١٢ ـ كتاب «الأموال»
. هو مفقود.
١٣ ـ كتاب «البر
والصلة» ـ ذكره السمعاني بسنده.
١٤ ـ كتاب «بر
الوالدين» ـ كذا ذكره السمعاني.
__________________
١٥ ـ كتاب «التاريخ
على السنين» ـ وذكره بعض باسم «التاريخ» .
١٦ ـ كتاب «الترهيب»
ـ لم أقف عليه.
١٧ ـ كتاب «التفسير»
ـ لم يصل إلينا.
١٨ ـ كتاب «التوبيخ»
ـ لم يصل إلينا.
١٩ ـ «ثواب
الأعمال الزكية» ـ ذكره الذهبي ، فقال : «هو في خمس مجلدات . وذكر أيضا أن أبا الشيخ عرض كتابه «ثواب الأعمال» على
__________________
الطبراني فاستحسنه».
ونقل أيضا أنه
يروى عنه ـ أي عن أبي الشيخ ـ أنه قال : «ما عملت فيه حديثا إلا بعد أن استعملته» .
٢٠ ـ جزء فيه
اثنان وعشرون مجلسا من أمالي أبي الشيخ .
٢١ ـ حديث أيوب
السختياني جمع أبي الشيخ .
٢٢ ـ «خطب النبي»
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لم يصل إلينا .
٢٣ ـ «دلائل
النبوة» ـ وهو مفقود.
٢٤ ـ «ذكر الأقران
ورواياتهم عن بعضهم بعضا ، والأكابر عن الأصاغر والأصاغر عن الأكابر» ـ موجودة
منها ٢٧ ورقة بدار الكتب بالقاهرة ، مصطلح ٢٢١ ، وبالظاهرية نسخة ناقصة
من أولها ، مجموع ٥٣ (ق ١ ـ ٥) أول حديث فيه ذكر موت أبي طالب ومواراته في الأرض.
٢٥ ـ «ذكر المسكر»
.
٢٦ ـ «كتاب السبق
والرمي» ـ لم يصل إلينا ، فلعله جزء من كتابه السنن.
__________________
٢٧ ـ «كتاب السنن»
في عدة مجلدات ، قاله الذهبي ، وقال أيضا : وقع لنا منه كتاب الأذان وكتاب الفرائض
ـ وهو مفقود.
٢٨ ـ «كتاب السنة»
قال الذهبي : في مجلد ، وسماه ابن حجر : «السنة الواضحة» ـ وهو مفقود.
٢٩ ـ كتاب «السواك»
ـ وهو مفقود.
٣٠ ـ «كتاب السيرة»
ـ وهو مفقود.
٣١ ـ «شروط الذمة»
.
٣٢ ـ «كتاب
الضحايا والعقيقة» ـ لم يصل إلينا .
٣٣ ـ «طبقات
المحدثين بأصبهان» ـ وهو كتابنا هذا ، وسيأتي الكلام عنه عند توثيق نسبة الكتاب
مفصلا ، وذكره بعض باسم «تاريخ أصبهان» أو «تاريخ بلده».
٣٤ ـ كتاب «الطهارة»
ـ رواه السمعاني بسنده .
__________________
٣٥ ـ كتاب «العتق
والمدبر والمكاتب» ـ رواه السمعاني بسنده .
٣٦ ـ كتاب «العظمة»
في مجلد ، ذكر فؤاد سزكين : «أنه كتاب صوفي» ، يعتمد على الصحابي عبد الله بن سلام
، زاعما أن كتب النبي ـ دانيال قد وصلت إليه .
قلت : سأذكر بعض
ما احتواه الجزء الحادي عشر ، والثاني عشر فيما بعد ، حتى يتبين لنا محتواه.
وعرّفه غيره :
فقد قال حاجي
خليفة : «وهو على طريقة المحدثين بالتحديث والإسناد ، ذكر فيه عظمة الله تعالى ،
وعجائب الملكوت العلوية ، والأخبار النوادر ، ـ وهو كما قال : ـ أوله «الحمد لله العظيم
الوكيل ...» في مجلد ، وذكره عمر رضا كحالة باسم «كتاب عظمة الله ومخلوقاته»
وقال : ذكر فيه عظمة الله ، وعجائب الملكوت العلوية .
يوجد منها مصور
الجزء الحادي عشر ، والثاني عشر ، عن الأصل الموجود «بمخطوطات الظاهرية» مجموع ٤٢
علم التاريخ رقم ٣١٥ ـ ٣١٦ ـ بمخطوطات الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الجزء
الحادي عشر في ١٤ ، والثاني عشر في ١٦ ورقة ، وعليه سماع من سبطه أبي الفتح محمد بن عبد الرزاق.
__________________
فذكر من أول الجزء
الحادي عشر قصة ذي القرنين ، ثم عنون بقوله : «ذكر جبل قاف المحيطة بالأرضين ،
فذكر ما ورد في ذلك من الروايات ، ثم عنون بقوله : (ذكر نمروذ ، وعظم سلطانه ،
وعتوه ، وتمرده ، وتسليط الله عزوجل ضعف خلقه عليه ، احتقارا له ، وتهاونا بشأنه) ، «ثم ذكر
قصة أصحاب موسى الذين حرم عليهم أن يدخلوا الأرض المقدسة ، وما حظوا به من عظيم
قدرة الله وعجيب شأنه». ق ٤.
وعنون في ق ٢٠
بقوله : «ذكر لطف حكمة الله تعالى ، وحسن تقديره ، وعجيب صنعه ، وحسن تركيب خلقه»
، ثم ساق فيه روايات ، وفي ٢٣ عنون بقوله : (ذكر الجن وخلقهن) ، فساق بعض الأحاديث
الواردة في ذلك ، وهكذا.
ثم عنون بقوله : (قصة
عوج وعظم خلقه وبيان سنه) ، ثم عنون بقوله : «صفة العماليق والجبارين وعظم أجسامهم
وثمارهم» ثم عنون بقوله : «ذكر المائدة وصفتها» ، وقس على هذا المنوال.
فيستنبط مما ذكرت
محتوى الكتاب ، وأن الجانب التاريخي غالب عليه.
٢٨ ـ «عوالي أبي
الشيخ». يوجد الجزء الأول والثاني بدار الكتب الظاهرية مجموع ٩٣ (ق ٢١ ـ ٣٦) ،
ومنه نسخة ثانية بخط الضياء المقدسي.
الجزء الأول رقم
عام ٣٦٣٧ (ق ٥٧ ـ ٦٥) .
__________________
وفي دار الكتب
بالقاهرة ٢ ، (١ / ١٠٧) حديث ١٥٥٩ من ١٠ أ ـ ١٤ من القرن الثامن الهجري (٩ ورقات) . وذكر ابن حجر أيضا جزءين من عواليه فقال : «أوله حديث أبي
هريرة في ذم من أخذ من الطريق بغير حقه ، وآخره : عن عمر بن الخطاب» .
٣٨ ـ «كتاب
العيدين» ، رواه السمعاني بسنده إجازة .
٣٩ ـ كتاب «الفتن»
ـ لم يصل إلينا .
٤٠ ـ كتاب «الفرائض
والوصايا» ـ لم يصل إلينا .
٤١ ـ كتاب «فضائل
القرآن» ـ لم يصل إلينا .
٤٢ ـ «الفوائد أو
فوائد الأصبهانيين» ـ يوجد منه ٤ أوراق في مجموعة رقم ٣٨ من ٥٥ ـ ٥٩ في قسم
المخطوطات بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، وهي مصورة عن الأصل المحفوظ بدار
الكتب الظاهرية ، رقم ٥٤٦ ، مجموعة ٣٨ ، وحديث ٣٥٧ (ق ٥٧ ـ ٦٥) .
وقال ابن حجر : «وأول
الجزء الثالث : حديث تميم الداري في النهي عن خمس ، وآخره ... أغروا النساء يلزمن
الحجاب» ، وساق بسنده ،
__________________
فقال : أخبرنا
الأصم بالفوائد له في اثني عشر مجلدا .
٤٣ ـ «فوائد
العراقيين» ـ رواه السمعاني بسنده .
٤٤ ـ كتاب «القطع
والسرقة» ـ لم يصل إلينا .
٤٥ ـ «مجلسان من
أمالي أبي الشيخ» ـ ذكرهما ابن حجر ، فقال : في آخره من رواية السلفي ، عن الحداد
، وآخره من بني اسرائيل .
«ومجلس آخر من
حديثه» ـ قال ابن حجر : «أكثره في ذم اللواط» . ويوجد مجلس من حديثه بدار الكتب الظاهرية ، مجموع ٧٥ (ق
٦١ ـ ٦٧) ، فلعله هو المذكور عند ابن حجر.
٤٦ ـ «المسند
المنتخب على الأبواب المستخرج من كتاب مسلم بن الحجاج».
٤٧ ـ «المعجم» ـ لم
يصل إلينا . وهو كتاب في معجم شيوخه.
٤٨ ـ كتاب «المواقيت»
ـ لم يصل إلينا .
__________________
٤٩ ـ كتاب «الناسخ
والمنسوخ من الحديث» ـ لم يصل إلينا .
٥٠ ـ كتاب «النكاح».
قال ابن حجر : «في تسعة أجزاء» ، روي بعضها سماعا وبعضها إجازة .
٥١ ـ كتاب «النوادر
والنتف». قال فؤاد سزكين : «يضم أقوال الصحابة والتابعين. قال ابن حجر : «قرأت منه جزءا على أبي الفضل بن
الحسين وأبي الحسين بن أبي بكر الهيثمي ، وآخر الجزء : أثر طاووس «خير العبادة
آخرها» .
يوجد منه نسخة
مصورة في مكتبة خاصة بالمغرب ، ٥١ ورقة ، تاريخ نسخها : ٨٧٨ ه .
__________________
الفصل الثاني
في توثيق نسبة الكتاب
إلى المؤلف ، وبيان
محتواه ، وموارده ، ومنهجه :
المبحث الأول
اسم الكتاب كما جاء عند المؤلف ، أو ذكره غيره :
فقد ذكره المؤلف
نفسه في بداية مقدمة كتابه ، فيما رواه عنه بسنده أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد
الله الدمشقي ، فقال : «ثنا الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان ،
المعروف بأبي الشيخ ـ رحمهالله ـ قال : هذا كتاب «طبقات أسماء المحدثين ممن قدم أصبهان من
الصحابة والتابعين ومن كان بها من وقت فتحها إلى زماننا هذا».
وعلى وجه الورقة
الأولى من المخطوطتين ، ذكر باسم : «طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها».
وجاء في السماعات
الموجودة في أواخر الأجزاء الثلاثة مختصرا باسم : «طبقات المحدثين» ، وقد جاء عند
بعض من نقل عنه ، أو اهتم بذكر المؤلفات هكذا مختصرا ، أو مسمى باسم «التاريخ» ، أو «طبقات أهله» ـ أي :
__________________
أهل بلده ، أو «طبقات الأصبهانيين» ، أو «كتاب أصبهان» ، أو «طبقات أصبهان» ، أو كتاب «الطبقات»
.
توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف :
نستطيع أن نجزم في
صحة نسبة الكتاب إلى المؤلف للأمور الآتية :
أولا : وجود سند
رواية الكتاب في بدء النسختين إلى المؤلف ، ووجود السماعات عليه.
ثانيا : من خلال
دراسة الكتاب وطبيعة الأسانيد .
ثالثا : من تصريح
المحدثين باسم الكتاب ونسبته إليه.
رابعا : من النقول
الموجودة في متون الكتب الأخرى ، وهي مطابقة تماما لما في الكتاب.
إليكم من صرح
باسمه عند نقله منه :
أمّا تصريح
المقتبسين من الكتاب باسمه ، فقد صرح به عدد منهم عند النقل منه.
فمنهم : تلميذه
البارز المكثر عنه ، أبو نعيم الحافظ ، فقد ذكر حكايتين عن المؤلف في ترجمة أحمد
بن عبيد الخزاعي ، وختمهما بقوله : «ذكرهما عنه
__________________
أبو محمد بن حيان
في كتاب «الطبقات» في الطبقة الخامسة من كتاب أصفهان ، ولم يذكر إسنادهما» . وهما موجودتان فيه حرفيا .
وكذا نقل عنه
بقوله : «وذكر شيخنا أبو محمد بن حيان في «كتابه» عن علي ابن مجاهد قال : افتتحت
أصفهان في خلافة عمر سنة إحدى وعشرين ... ». وهو موجود في كتابه «الطبقات» بنصها ، مما يدل على أنه يقصد كتابه المذكور ، وكذا نقل في
١ / ٣١١ بعد أن ساق حديثا عن المؤلف ، فقال : «وحدثناه في كتابه في الطبقة السادسة»
، وهو موجود فيه في الطبقة الثانية في ترجمة سليمان الأصبهاني ، فلعل السادسة
محرف عنها. والله أعلم.
وقد صرح ابن حجر
في أكثر من موضع عند اقتباسه منه في كتبه الآتية ، مرة بقوله : «ذكر» ، أو قال أبو
الشيخ في «طبقات الأصبهانيين».
انظر : «الإصابة» (٢
/ ٦٢) ، و «التهذيب» (١ / ٣٢١ و ٣ / ١٦٥) ، و «اللسان» ٢ / ٣٠٧ .
وهكذا به صرح
السخاوي في «المقاصد الحسنة» ص ١٢١ :
ومرة ذكره بقوله :
«قال أبو الشيخ في «الطبقات» ، أو في «طبقات أصبهان». انظر «اللسان» (١ / ٤٢٦ و ٤٤)
، ومرة بقوله : ذكر أبو الشيخ في
__________________
«تاريخه» ، فقال :
«قال أهل التاريخ : كان عبد الله بن عتبان من أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم» ـ. وهو موجود فيه ، فلعله يقصد كتابه «الطبقات» .
ولا يجزم به ،
فإنّ له تآليفا في التاريخ على السنين ، انظر «الإصابة» ٢ / ٣٧٧. وذكره مرة بقوله
: في كتاب أبي الشيخ والمنقول موجود فيه.
مما يبدو أنه يقصد
كتابه «الطبقات» ، والله أعلم. انظر «اللسان» ١ / ١٨. هذا ، وقد تقدم ذكر بعض
المؤلفين الذين ذكروا نسبة الكتاب إلى المؤلف في بداية هذا الفصل ، وبالإضافة إلى
ذلك ، فقد وجدت نقولا كثيرة معزوة إلى المؤلف ، وهي موجودة في كتابه «الطبقات» ،
مما تؤيد صحة نسبة الكتاب إليه .
__________________
المبحث الثاني
أهمية الكتاب وثقة العلماء فيه والاستفادة منه
مما يدل على أهمية
كتابنا هذا ، كونه المرجع الوحيد الذي وصل إلينا في موضوعه ، فهو أول مرجع لمحدثي
أصبهان والقادمين إليها ، بعد فقد تاريخ أبي عبد الله ابن منده ، وحمزة بن الحسين
الأصبهاني.
ويأتي بعده مما
وصل إلينا : «أخبار أصبهان» لأبي نعيم ، ولا شك أن له مزية الاستدراك والتفضيل ،
إلا أنّه قد اعتمد على كتاب «الطبقات» لأبي الشيخ اعتمادا تاما ، بحيث اتخذه مصدرا
أساسيا لمادة كتابه ، فقد أكثر النقل عنه ، والفضل للمتقدم.
ومما يزيد أيضا في
أهمية الكتاب : سوق النصوص والأقوال مسندة ، وهو مهم غاية الأهمية للمحدث ، فقلما
تجد فيه النقول من الكتب ، وإنما يروي بالسند ، وأيضا فقد انفرد كتابنا المذكور
بتراجم لم أعثر عليها في كتاب آخر ، سوى كتاب أبي نعيم ، وهو قد اعتمد عليه في ذلك
، وبأحاديث ساقها بسنده ، ولم أستطع الحصول عليهما عند غيره من طريقه وسنده فيها
قد اعتمده كل من جاء بعده ، وقد لا تجد لها سندا صحيحا إلا بسند المؤلف.
ولا ريب أيضا أن
أهمية الكتاب مرتبطة بشخصية المؤلف وشهرته ، وقد عرفنا شخصية أبي الشيخ سابقا ،
ومكانته العلمية ، وثناء العلماء عليه ، وثقتهم فيه ، ووزن قوله عندهم ، وقيمته ،
فبذلك حظي كتابه بالأهمية ، بحيث استحق أن ينقل عنه ، ويوثق به ، وإليك عددا من
المحدثين الحفاظ وغيرهم الذين
__________________
اعتمدوا على كتابه
«الطبقات» ، واستفادوا منه ، ونقلوا كلامه ، واقتبسوا من نصوصه.
فقد أكثر أبو نعيم
عنه النقل من كتابه «الطبقات» في «أخبار أصبهان» ، ونقل عنه في «الحلية» ، ولكنه
أقل .
وذكر الأستاذ
الدكتور أكرم ضياء العمري أن الخطيب اقتبس في «تاريخ بغداد» ٥٥ نصا ، بواسطة شيخه
أبي نعيم الحافظ عن أبي الشيخ ، وتجد منها في «الطبقات» ، وأشرت إليها في التحقيق في
أماكنها.
وابن الأثير في «أسد
الغابة» ٣ / ١٩٩ ، بواسطة أبي موسى الحافظ ، عن أبي الشيخ في ترجمة عبد الله بن
عبد الله الأنصاري ، وما نقله موجود في «الطبقات» بنصه.
وكذا نقل المزي
عنه في ترجمة عائذ بن عمرو المزني ، وكذا في ترجمة سهل بن عثمان بن فارس. والنصان
موجودان في «الطبقات» .
وقد استفاد الذهبي
في عشرة مواضع في كتبه من «الطبقات» لأبي الشيخ ، حسب ما وقفت عليه : في «سير
النبلاء» ق ١٣٧ / ١٠ في موضع ، وفي «تجريد أسماء الصحابة» ١ / ٣٢٨ ، وفي «المغني» في موضع ٢ / ٦٤٣ ، وفي «ديوان الضعفاء» في موضع / ٢١٩ ، وفي «تذكرة
__________________
الحفاظ» في موضعين
٢ / ٤٥٢ و ٥٦٦ : في ترجمة سهل بن عثمان بن فارس العسكري ، وفي ترجمة سمويه إسماعيل
بن عبد الله بن مسعود ، وفي «الميزان» في أربعة مواضع ١ / ٢٦ و ٨٠ و ٣ / ١١٦ و ٤
/ ٦٤ .
وكذا ابن الجوزي
في «المنتظم» ٦ / ٢٢٥ في ترجمة أحمد بن مهدي بن رستم .
والسيوطي في «طبقات
الحفاظ» ٣١٣ في ترجمة أبي عبد الله محمد بن يحيى بن مندة.
والخزرجي في «الخلاصة»
٩٥ و ٤٠٩ في ترجمة هريم بن عبد الأعلى الأسدي ، وترجمة حميد بن مسعدة ، وما نقله
موجود في «الطبقات» كاملا .
وكذا ابن العماد
في «شذرات الذهب» ٢ / ١٥٢ في ترجمة سمويه إسماعيل بن عبد الله بن مسعود ، والنص
موجود في «الطبقات» كاملا .
وقد استفاد ابن
حجر من «طبقات» المؤلف في ٤٢ موضعا في كتبه الآتية : في «التهذيب» : سبعة وعشرين
موضعا .
__________________
في «اللسان» : في
أحد عشر موضعا .
وفي «الإصابة» :
في ثلاثة مواضع ٢ / ٦٢ ، ٢٦٢ ، ٣٣٦ ، والنصوص المنقولة موجودة في «الطبقات»
بتمامها (قارن بترجمة رقم ٣ ، ١٠ ، ١٥).
وفي «التقريب» في
موضع ص ١٦٢ ، والنص موجود في «الطبقات» (قارن بترجمة رقم ١٠).
__________________
محتوى كتاب «الطبقات»
ذكر المؤلف إجمالا
في المقدمة محتوى كتابه فقال :
«هذا كتاب طبقات
أسماء المحدثين ممن قدم أصبهان من الصحابة والتابعين ، ومن كان بها من وقت فتحها
إلى زماننا هذا ، مع ذكر كل من تفرد به واحد منهم بذلك الحديث ، ولم يروه غيره
بذلك الإسناد ، أو حديث من حديثه ، وذكر أنسابهم وأساميهم وموتهم على ما روي لنا ،
وذكر ـ والله الموفق ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ـ. وقال أيضا :
وأول ما نذكر في
كتابنا هذا : ما روي في فضل بلدنا ، من دعوة إبراهيم الخليل عليهالسلام ، وما قيل في ذلك .
وذكر أيضا بعد
انتهاء المقدمة ، فقال :
«ثم نذكر أسامي من
قدم بلدنا من الصحابة ـ رضياللهعنهم ـ والتابعين طبقة طبقة ـ نسأل الله السداد والرشاد ، وحسن
التوفيق برحمته» .
فهذا مجمل منهج
المؤلف ومحتوى «الطبقات» ، كما صرح به المؤلف نفسه ، ولمساعدة القارىء أحب أن أوضح
له الصورة باختصار ، ليكون على بصيرة من أمره ، فأقول :
إن الكتاب يحتوي
على مقدمة وإحدى عشرة طبقة ، من الصحابة إلى عصر المؤلف من المحدثين.
__________________
أما المقدمة فقد
استغرقت ١٦ ورقة ذات وجه واحد ، تحدث فيها أولا عما ورد أو قيل في فضل أصبهان ،
وعن وجه تسميتها ، وكثرة خيراتها ، وكيفية إنشائها ، وانتقاء أرضها ، مع ذكر
بانيها ، كما تناول خصائصها وعجائبها ، وأطال في ذلك ، بالإضافة إلى ذكر مساحتها ،
وطولها ، وعرضها ، وقصباتها ، ومساحة مسجد الجامع بيهودية أصبهان ، ثم ختمها
بالحديث عن فتح أصبهان ، ولم يكتف بذلك ، بل ساق اختلاف الروايات في فتح أصبهان ،
أكان عنوة أم صلحا ، ثم رجح أنه كان صلحا ، ولكن ساق من الروايات في طبقة الصحابة.
أما في بقية
الكتاب ، فقد ذكر إحدى عشرة طبقة ، استغرقت ـ بقية الصفحات من الكتاب ، وقد رتبها
حسب اللقيا ، فذكر أولا طبقة الصحابة وعددهم خمسة عشر صحابيا الذين ترجم لهم ،
وسرد أسماء ثلاثة آخرين ، بلغ معهم عددهم ثمانية عشر شخصا ، ابتدأهم بذكر الحسن بن
علي ، وختمهم بعبد الله بن عبد الله الأنصاري ، وتميزت ترجمة سلمان الفارسي بطولها
، حتى استغرقت نصف ما خصصه لهذه الطبقة .
ثم طبقة التابعين
، وعددهم ستة وعشرون شخصا ، ابتدأهم بالأحنف بن قيس ، وختمهم بيزيد الأودي. ثم
طبقة صغار التابعين وكبار الأتباع في الثالثة ، وعددهم ثلاثة عشر شخصا ، ابتدأهم
بعبد الرحمن بن سليمان بن الأصبهاني ، وختمهم بإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى ،
وهكذا في الطبقة الرابعة وعددهم سبعة وعشرون شخصا : أولهم مبارك بن فضالة ، وآخرهم
الزحاف بن أبي الزحاف.
ثم ذكر الطبقة
الخامسة ، وعددهم ٦٤ علما ، وابتدأ هذه الطبقة بالنعمان ابن عبد السلام ، وختمها
بعبيد الله بن يزيد القطان.
ثم السادسة وعددها
١٤ ، أولها محمد بن النعمان بن عبد السلام ، وآخرها العباس بن يزيد البحراني.
__________________
ثم السابعة ،
وعددها ٢٣ شخصا ، ابتدأهم بأبي مسعود أحمد بن الفرات ، وختمهم بإبراهيم بن الحجاج
الأبهري.
ثم الطبقة الثامنة
، وعددها ٥١ شخصا ، وأولها محمد بن عامر ، وآخرها علي بن عاصم.
ثم الطبقة التاسعة
، وعددها ١٥٩ مترجما ، ذكر أحمد بن عاصم على رأس هذه الطبقة ، وختمها بمحمد بن نوح
أبي عبد الله الجرواءاني.
ثم خلط الطبقة
العاشرة والحادية عشرة وأهلهما من معاصريه وشيوخه ، وعددهما ٢٨٨ ، وابتدأهما
بترجمة أحمد بن إبراهيم بن كيسان ، وختمهما بموسى بن إبراهيم الأعرج ، وبه ختم
الكتاب. وقد طول في تراجم هاتين الطبقتين ووثقهم في الغالب ، لأنهم من مشايخه ومن
عاصرهم.
فبذلك بلغ عدد
المترجمين ستمائة وتسعين شخصا ، في ضمنهم عدد لم يترجم لهم سوى المؤلف ، ونقل
تراجمهم أبو نعيم عنه مع بعض الإضافات عليه أحيانا ، ولم تجد بيان مرتبتهم إلا
عنده ، واعتمد المتأخرون عليه في نقل قوله فيهم.
موارده
قد استفاد المؤلف
في كتابه هذا من بعض الكتب المؤلفة قبله ، نحو : كتابي خليفة بن خياط من «تاريخه»
، و «طبقاته» ، وكذا من «التاريخ الكبير» للبخاري و «فوائد البرديجي» ، ومن أقوال
الأئمة المشاهير ، نحو : أبي حاتم ، وأحمد بن حنبل ، وابن أبي خيثمة والبخاري ،
ومالك وغيرهم.
فقد استفاد في
ترجمة نافع بن أبي نعيم ، رقم ٤٧ من كتاب «الطبقات» ص ٢٧٣ لخليفة ، وفي ترجمة
إسماعيل السدي في تاريخ وفاته عن كتابه المذكور ص ١٦٣ ، «وتاريخه» ص ٣٧٨. قارن «بالطبقات»
لأبي الشيخ ترجمة ٢٧.
كما استفاد بواسطة
إسحاق بن أحمد الفارسي عن البخاري من «التاريخ الكبير» له في ترجمة إبراهيم بن محمد
بن أبي يحيى. قارن بين «التاريخ الكبير» ١ / ٣٢٣ ، وترجمة رقم ٥٣ من «الطبقات»
لأبي الشيخ.
وكذا في ت ٧٨ ،
حميد بن أبي غنية ، عن «التاريخ الكبير» ٢ / ٣٥٦ ، بقوله : قال البخاري : «هو
أصبهاني ، لما فتحها أبو موسى انتسبوا إليها».
ومن ابن أبي خيثمة
، حيث قال أبو الشيخ في ترجمة عبد العزيز بن الماجشون رقم ٥٩ : ـ حكى ابن أبي
خيثمة ، قال : «كان الماجشون من أصبهان ، فنزل المدينة ...» الخ.
وكذا استفاد في
ترجمة خطاب بن جعفر ، عن أبي حاتم ، انظر ت ٦٧.
وكذا استفاد عن
محمد بن عاصم كثيرا ، حيث يقول كثيرا : روى محمد ابن عاصم ، أو ذكر محمد بن عاصم
.. انظر ت ٦٧.
وعن أحمد بن حنبل
، في ترجمة أبي داود الطيالسي رقم ٩٣.
وأيضا استفاد من
فوائد البرديجي ، حيث قال : «رأيت هذا الحديث في فوائد أبي بكر البرديجي ببغداد».
وقد استفاد عن أبي
بكر بن أبي شيبة بالواسطة في ترجمة حماد بن أبي سليمان في تاريخ وفاته. انظر ت ٢٥.
منهج المؤلف في كتابه «الطبقات»
أوجز المؤلف بيان
منهجه في مقدمة كتابه المذكور ، فقد قال : «هذا «كتاب طبقات أسماء المحدثين» ، من
قدم أصبهان من الصحابة والتابعين ، ومن كان بها من وقت فتحها إلى زماننا هذا ، مع
ذكر الحديث الذي يتفرد به واحد منهم ، ولا يرويه غيره بذلك الإسناد ، أو حديث من
حديثه ، وذكر أنسابهم ، وأساميهم ، وموتهم ، على ما روي لنا وذكر».
وقد أوفى المؤلف
بما ذكره ووعده في بداية كتابه في الغالب ، فقد اهتم بذكر اسم المترجم له واسم
والده ، ثم أتبعه بذكر نسبه وكنيته ، ثم تعيين قبيلته ، مع ذكر بلده.
ثم يذكر بعض شيوخه
وتلاميذه ، وقد يذكر تاريخ ولادته ، ويهتم بذكر وفاته كثيرا ، وقد يذكر مكان موته
، ودفنه ، ومن صلى عليه ، أما إذا كان من القادمين ، فيذكر تاريخ قدومه ، وعدد
المرات التي قدم فيها إلى أصفهان ، وتاريخ خروجه ، والبلد الذي توجه إليه ، وقد
يتابع سيره في عودته إلى أن يحدد مكان موته أيضا في بعض الأحيان .
ويذكر في الغالب
وظيفته بأنه كان واليا لبلد كذا ، أو كان قاضيا بأصبهان أو إمام مسجد كذا ، أو
مؤذنه في زمن كذا ، وقد يطول في أخباره أحيانا ، وقد يذكر بعض الوقائع التي حدثت
في حياته ، ويهتم بسوق حديث أو أكثر في الغالب مما يتفرد به ، ويقتضب حدثنا ب «ثنا»
، وهو الذي يستعمله كثيرا ، وأخبرنا ب «أنا» ، على عادة المحدثين ، وحدثني ب «ثني»
وهكذا.
ويشير في بداية
ترجمته إلى ما تفرد به بقوله : «كثير الغرائب» ، أو له حديث غريب ، لم يروه غيره ،
أو هذا الحديث من غرائب حديثه ، أو له أحاديث مناكير ، وغير ذلك.
وقلما تخلو
التراجم من حديث أو قصة من قصصه ، وقد يذكر للمترجم له بعض النصائح والأقوال
الحكيمة ، أو تفسير آيات ، وقد يحدد مكان سماع المترجم له من مشايخه وتاريخه .
وقد يطوّل في نسب
المترجم له ، حتى يبلغ إلى ١٣ جدا أو أكثر ، ومثل
__________________
هذا يكثر في طبقة
الصحابة والتابعين.
وقد يذكر اختلاف
الأقوال في كنية الراوي المترجم له ، أو في تاريخ وفاته ، ويذكر كثيرا أولاد
المترجم له ، أو إخوانه وبعض أقاربه أحيانا ، وقد يذكر المترجم له ، لمجرد أن أصله
كان من أصفهان ، وإن كان ولد وعاش ونشأ خارج أصفهان .
وقد يتوسع في جمع
المعلومات وتسجيلها عن المترجم القادم إلى أصفهان ، حتى يسجل ما خفى من أمره في
البداية ، وما كشف من أمره فيما بعد ، وذلك بالاستفسار عنه من أهل بلده أو بإدراك
كذبه .
وقد يحدد أحيانا
تاريخ وفاة المحدث أو قدومه ، بقوله : «مات في ولاية فلان ، أو وسط ولايته» ، وقد يذكر أن عداده في البصريين ، وقد يسوق الحديث أحيانا عن أكثر من شيخ ، حتى يصل إلى
خمسة شيوخ .
وأعلى سند له في
كتابه رباعي ، كما تقدم ، وقد ينزل إلى تسعة ، وقد يسوق حديثا أو أكثر من غير طريق
المترجم له ، وهو يتعلق به ، وقد يثني على المترجم له بقوله : «هو أرفع من روى عن
فلان من الأصبهانيين» ، وقد يتعرض لبيان عقيدة المترجم له أو ما رمي به .
وقد يحكم على
الأحاديث التي يذكرها عن المترجم له بالغرابة أو النكارة أو التحسين ، بقوله : «ومن
غرائب حديثه : ما حدثنا ... ، أو له مناكير ، منها :
__________________
ما حدثنا ، أو من
حسان حديثه : ما حدثنا ...» ، فيسوق حديثا أو أكثر من هذا القبيل.
وقد يسوق بإسناد
واحد أكثر من حديث .
وقد يجمع المتون
المختلفة من الأحاديث إذا كان سندها واحدا ، ويسوقها مرة واحدة.
وقد يذكر أحيانا
متن الحديث قبل سوق إسناده ، وقد يعيده مع السند ، وقد لا يعيده .
وقد يسوق الإسناد
بدون ذكر المتن ، إذا كان متن الحديث مثل أو نحو الحديث الذي سبق ذكره.
وقد يذكر أول
الحديث فقط ، وقد يلخص ويقتضب الحديث بعد سوق إسناده ، بقوله : قصة المسح ، أو قصة
الخوارج ، أو : عن فلان في القنوت ، وهكذا .
وقد يبين المطلق
في السند نادرا ، كما ذكر في ت ٢٣٩ في حديث رواه من طريق شقيق ، فقال : «شقيق هذا
: هو البلخي الزاهد ، لا نعلم له غير هذا الحديث».
وقد يبين العلل في
الحديث ، ويذكر الخطأ والصواب ، كما أنه يبين اختلاف الرواة في رفع الحديث أو وقفه
، مع ذكر الراجح ، وبيان تفرد الراوي الذي تفرد برفعه ، أو وقفه منبها أنه خالف
الناس .
__________________
وغالبا ما يذكر
مرتبة المترجم له جرحا وتعديلا ، وقد ينقل أقوال الأئمة النقاد في المترجم له جرحا
وتعديلا ، وأولى الطبقة العاشرة والحادية عشرة عناية فائقة ، فذكر
مراتبهم بالتفصيل ، وذلك لأنه عاش معهم وعرفهم عن قرب ، ولذا توسع في تراجمهم
واستقصى .
وثبت لي من خلال
دراستي لهذا الكتاب أن المؤلف محتاط في استعمال الألفاظ جرحا وتعديلا في الرواة ،
فترى راويا قد حكم عليه جملة من النقاد ، فقالوا : هو متروك ، فيقول : كان يضعف ،
أو تكلموا فيه ، أو متروك الحديث .
بعض الملاحظات على المؤلف وكتابه
لا ينكر سعة علم
المؤلف وفضله وغزارة حفظه ، ولكنه مع ذلك يلاحظ عليه أنه يسوق في سائر مؤلفاته
الغث والسمين ، والرطب واليابس ، والصحيح والسقيم ، والواهيات ، وقد فعل هذا في
كتابه «الطبقات» ، ولم ينبه على ذلك .
وإلى هذا أشار
الذهبي ، فقال : «فلقد كان أبو الشيخ من العلماء العاملين صاحب سنة واتباع ، لو لا
ما يملأ تصانيفه بالواهيات» .
وقد ذكر قصصا لا
ينبغي أن يذكرها ، كما ذكر في وصف خلقة فرعون ، وأخبارا عن الخنفساء في ترجمة الكسائي.
__________________
كما أنه يؤخذ عليه
تركه عددا من مشاهير العلماء والأدباء ، مثل سلمان أبي عبد الله الأغر ، مولى
جهينة ، أصله من أصبهان ، تابعي ، وداود بن علي الظاهري ، صاحب مذهب أهل الظاهر المتوفى
سنة ٢٧٠ ه وابنه أبو بكر محمد ابن داود بن علي المتوفى ٢٩٧ ه انظر ترجمته في «تاريخ
بغداد» (٥ / ٢٥٦ ـ ٢٦٣). وأبي مسلم الخراساني عبد الرحمن بن مسلم المتوفى سنة ١٣٧
ه ، وكان من أدباء أصبهان . وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، المتوفى سنة ٣٢٧ ه ،
وقد قدم أصبهان مرات ، وأبي الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصفهاني ، المتوفى سنة
٣٥٦ ه. وسليمان بن أحمد اللخمي الطبراني ، صاحب المعاجم ، وقد مكث في أصفهان ستين
سنة يحدث بها إلى أن مات بها سنة ٣٦٠ ه.
وكذا محمد بن أحمد
بن إبراهيم أبو عبد الله الأصبهاني ، المتوفى سنة ٣٦٠ ه. كان من الثقات .
وكذا مما يؤخذ
عليه : إدخال بعض الصحابة في طبقة التابعين .
وثانيا : لم يذكر
كل الصحابة الذين دخلوا أصبهان ، كعتبة بن فرقد وأهبان بن أوس الأسلمي مكلم الذئب ، وأبي إبراهيم مولى أم
سلمة وعتيقها ، والمرأة الصحابية التي ذكر سلمان الفارسي أنها سبقته إلى الإسلام ،
وهي أصبهانية ، وقيل : اسمها أمة الله ـ رضياللهعنهم ـ .
__________________
وكذا عدّ بعضا من
الصحابة الذين لم يشتركوا في فتح أصبهان منهم ، والصواب عدم اشتراكهم ، بل عدم
دخولهم أصفهان . والله أعلم.
وقد وهم في حديث
أخرجه في ترجمة عبيد الله بن أبي بكرة ، زاعما أنه من حديثه ، لأنّه جاء في سند
الحديث عن ابن أبي بكرة ، فوهم فيه ، وظنّ أن ابن أبي بكرة هو عبيد الله بن أبي
بكرة ، والصحيح أنّ راوي الحديث هو مسلم ابن أبي بكرة .
وأهمل أمورا
استدركت بعضها ، منها : قول المؤلف في ترجمة حبيب بن الزبير إن أبا حاتم قال : «لا
أعلم أحدا حدث عنه غير شعبة» ، ولم يزد عليه شيئا ، مع أنه قد سمع منه أيضا عمر بن
فروخ بياع الأقتاب ، وعمارة ، وشريك .
وكذا استدركت عليه
في قوله في شقيق البلخي بعد أن روى من طريقه حديثا «لا نعلم له غير هذا الحديث» ،
وله أكثر من حديث .
وصف النسختين الخطيتين اللتين
اعتمدت عليهما في الإخراج
استطعت الحصول على
نسختين مصورتين : الأولى مصورة عن نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق ، والأخرى من
المكتبة الآصفية بحيدر آباد الهند ، وكلتاهما موجودتان بالمكتبة المركزية بالجامعة
الإسلامية بالمدينة المنورة ، الأولى : برقم عام ٤٧٦ ، والثانية : برقم عام ٨٧٣.
__________________
نسخة الظاهرية التي
اعتمدت عليها في النسخ ، هي بخط واضح ، نسخي قديم ، قليل الأخطاء ، وقلما تجد فيه
طمسا أو بياضا ، ولكنها مهملة النقط في غالب الحروف ، وهي ثلاثة أجزاء في ١٦٤ ورقة
، وفي كل صفحة ٢١ سطرا وفي كل سطر ١٣ أو ١٤ كلمة تقريبا ، ومقاسها ٢٥* ٢٢ سم.
والنسخة كاملة ،
فقد صرح الناسخ في ختامها بقوله : آخر الكتاب ، الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام
على نبيه محمد وآله ، وبعد.
وابتدأت النسخة
بالسماع للجزء الأول والثاني ، وختمت بالسماع للجزء الثالث ، ثم السماعات لجميع
أجزاء الكتاب.
ويوجد بهامشها
تصحيحات ولحق ، وكلاهما يثبت أن النسخة قرئت ، وقوبلت ، واعتني بتصحيحها ، واستدرك
ما سقط منها ، وقد أثبت كل ذلك في هوامشها من بدئها إلى نهايتها ، وقد وجد التصريح
في مواضع بالهامش بلفظ ، بلغ معارضتها وفي آخر الكتاب ، بقوله : «بلغ معارضتها
بالأصل».
فهذا يعطي الدليل
على العناية بمقابلتها ومعارضتها على الأصل المنقول منه.
وما ذكره فؤاد
سزكين وبروكلمان أن هذا «قد يكون النصف الأول فقط» ١٧٩ ورقة .
وما ذكره الزركلي
من أنها في جزئين ، وكذا ما ذكر أستاذنا الدكتور أكرم ضياء العمري أن أبا
الشيخ جعل كتابه «طبقات المحدثين» إحدى عشرة طبقة ، ولكنه لم يذكر سوى عشر طبقات .
__________________
أثبت التحقيق أن
كل هذه الأقوال متأثرة ببعضها ، وقلد فيها المتأخر من سبقه ، فالنسخة كاملة كما
ذكرت في ثلاثة أجزاء ، مستوفية إحدى عشرة طبقة ، ولعلّ الوهم جاء من أن المؤلف قد
خلط الطبقة العاشرة والحادية عشرة ، وقد صرح بذلك المؤلف بقوله : «الطبقة العاشرة
والحادية عشرة مختلطتان لم أفصلهما» ، ولكن كل من تقدم فيما يظهر لي أنهم لم يطلعوا على تصريح
المؤلف هذا ، أو اكتفوا بقراءة العنوان على غلاف النسختين ، وما على الظاهرية من
السماعات.
أما النسخة
الثانية : فهي نسخة الآصفية من الهند ، وهي نسخة كاملة أيضا ، وتقع في ١٥٩ ورقة ،
وقد رقّمت صفحاتها ، فبلغت ٣١٨ صفحة ، وفي كل صفحة ٢٢ سطرا ، وفي كل سطر بين ١٤ أو
١٥ كلمة ، ومقاسها ٥ ، ٢٧* ٢٥ سم ، ورسم خطها فارسي ، والناسخ خطاط جيد ، ولكنه
يبدو أنه لا صلة له بالعلم ، حيث حرّف وصحّف معظم النصوص ، ولا تخلو صفحة من أغلاط
وتحريفات صريحة ، وقد بين في آخر الجزء الأول سبب ذلك ، فقال : «انتهى هذا الجزء
من نسخة قديمة ، فمن رأى خللا فليحرره ، ويعذر الناسخ ، لكون النسخة مهملة قديمة
الكتابة ، كما هي عليها أكثر الخطوط الصعبة» .
وأثبت بالمقارنة
أن هذه النسخة فرع عن النسخة الظاهرية ، فهي توافقها موافقة تامة إلا ما يقع فيه
الناسخ عادة من تحريف لبعض الكلمات ، وسببها ضعفه ، أو عدم وضوحها بالأصل ، فلذا
لم أعتمد عليها كثيرا في تصحيح النصوص ، وإنما اعتمدت على «أخبار أصبهان» لأبي
نعيم ، «والحلية» في ترجيح تصحيح النصوص وبيان الفروق ، ومن مظان تخريج النصوص
أيضا.
وقد أهمل الناسخ
نقل السماعات في هذه النسخة ، مع أنها موجودة ومثبتة في نسخة الظاهرية ، وقد وضع
الشيخ أبو الوفا الأفغاني لهذه النسخة فهرسا
__________________
لأسماء المترجمين
مرتبا على الحروف ، وكذا آخر على «الطبقات» ، جزاه الله خيرا.
ولا شك أن اهتمام
العلماء بسماع الكتاب ، يعطي الدارس صورة مطمئنة ، تدل على العناية بالكتاب ،
وسلامة النقل ، وكذا يستوثق بها في صحة نسبة الكتاب إلى المؤلف ، كما أنها قد تحدد
تاريخ نسخ المخطوط عند إهمال الناسخ التاريخ ، فتوصلت من السماعات الموجودة على
نسخة الظاهرية ، أن هذه النسخة قد نسخت في أوائل القرن السادس.
رواة طبقات المحدثين بأصبهان
١ ـ رواية أبي
القاسم بن أبي بكر بن أبي علي الذكواني عنه.
٢ ـ رواية أبي
طاهر اسحاق بن أحمد بن جعفر الراشتيناني ، وأبي الفضل جعفر بن عبد الواحد بن محمد الثقفي عنه.
__________________
ورواية أبي عبد
الله محمد بن أبي زيد بن حمد الكراني ، عن أبي طاهر الراشتيناني.
ورواية أبي
المحاسن محمد بن الحسن بن الحسين بن الأصفهبد ، عن جعفر الثقفي.
رواية شيخنا أبي
الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي ، عنهما سماع الفقير الى الله
تعالى ، عبيد الله بن عمر بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن العجمي.
__________________
السماعات الموجودة للجزء الأول والثاني
على وجه الورقة الأولى من نسخة الظاهرية
سمع علي جميع هذا
الجزء فيه الأول والثاني من «طبقات المحدثين» تأليف «أبي محمد بن حيان» بسماعي
المنقول فيه ، بقراءة الإمام كمال الدين أبي الفضل عباس بن بزوان بن طرخان الموصلي ، صاحبه الإمام العالم شهاب الدين أبو
صالح عبيد الله بن الفقيه ، الإمام العالم الأوحد ، كمال الدين أبي القاسم عمر بن
عبد الرحيم بن العجمي.
وأبو الحسن علي بن
فائد بن ماجد ، وابن أخته ، عمر بن مكي بن محلي الجردجان ، وأبو العباس أحمد بن
محمد بن أمية العدوي ، وأبو عبد الله محمد بن علي بن محمد أيدغدي ، عرف بابن
المؤيد الموصلي.
وأبو الحسن علي بن
محمد بن العقاب الأسدي.
وأبو عبد الله
محمد بن عبد الرحمن بن سلمان البغدادي ، والعفيف أبو الفضل جعفر بن أبي حامد بن
سلمان الخازن ، وأبو بكر طرخان بن بزوان الموصلي ، وأبو بكر بن معمر بن عمر
الحظيري ، ومحمد بن فلك سبردق بن عبد الله الطاهري ، وعلي ومحمد ابنا عبد الواحد
بن علي بن غنام الجرانيان ، وإبراهيم بن عمر بن رضوان الموصلي ، وآخرون ، بفوات
__________________
أسمائهم على الأصل
، فالجزء الأول في مجلسين : آخرهما ، يوم السبت سابع عشر من ذي الحجة والثاني في
مجلسين آخرهما يوم الاثنين تاسع عشر ذي الحجة من سنة خمس وثلاثين وستمائة ، وكتب يوسف بن خليل.
__________________
تكرر السماع التالي
في آخر جميع الأجزاء الثلاثة
سمع جميع هذا
الجزء على أبي عبد الله محمد بن أبي زيد بن حمد الكراني ، بسماعه من أبي طاهر
الراشتيناني ، عن أبي القاسم بن أبي بكر الذكواني ، عن المصنف ، بقراءة صاحبه أبي
الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي وجماعة ، منهم : أبو رشيد محمد بن أبي
بكر بن أبي القاسم ابن محمد الغزال ، وهذا خطه .
وذلك في شهر جمادى
الآخرة ، سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.
نقله مختصرا عبيد
الله بن عمر بن عبد الرحيم بن العجمي.
__________________





منهج التحقيق
أ ـ اعتمدتّ في
النسخ على نسخة الظاهرية ، وعبرت عنها بالأصل في بيان الفروق ، ورمزت للنسخة
الآصفية الهندية ب : أ ـ ه.
وقابلت النسختين
الخطيتين اللتين حصلت عليهما مقابلة دقيقة ، وأثبتّ المغايرة في الحاشية ، ورجحت
ما تعارض ، وأشرت إلى ذلك في الحاشية ، واستعملت الحروف الأبجدية في بيان الفروق ،
وجعلتها بعد انتهاء المتن مباشرة ، ووضعت بينهما خطا فاصلا.
ب ـ وثّقت نصوص
الكتاب بما جاء من النصوص المنقولة عن المؤلف ، ووجدت كثيرا منها عند أبي نعيم ،
التلميذ البارز للمؤلف في «أخبار أصبهان» ، وفي «الحلية».
وأثبتّ الفرق في
موضعه في الحواشي ، كما قارنتها بالنصوص المنقولة عند غير أبي نعيم ، وثبّتّ
الاختلاف في الحاشية إن وجد.
ج ـ قارنت تراجم
الرجال المترجمين عند المؤلف بالكتب المعنية بتراجم الرجال ، وذكرت أكثر المصادر
التي ترجمت لهم عند بدء الترجمة في الحاشية بعد بيان الفروق.
وبذلت الجهد في
ضبط الأسماء ، وتصحيح ما حرّف وصحّف منها.
د ـ وضعت رموز «التقريب»
، و «التهذيب» قبل اسم المترجم له إذا كان
روى عنه أصحاب
الستة في كتبهم ، واعتمدت فيها على «التهذيب» ، و «التقريب» ، وقابلت الرموز عند
الاختلاف على «الميزان» ، و «الكاشف» ، و «الخلاصة».
ه ـ رقّمت للتراجم
رقما تسلسليا ، وجعلته على اليمين ، ورقما داخل الطبقة فجعلته فوق ، ورقم الطبقة
تحت ، هكذا : (٢٤٠ / ٣) ، فرقم (أربعون) للتسلسل ، ورقم (اثنان) هو الثاني ممن
ترجم لهم داخل الطبقة ، ورقم (٣) هو للطبقة ، فيكون المترجم بهذا الرقم هو
الأربعون من تسلسل التراجم في الكتاب ، وهو الثاني من الطبقة الثالثة.
و ـ خرجت الأحاديث
ورقمتها ، وطريقتي في تخريجها : هي أني أخرّج طريق المؤلف ، وأدرس سنده ، وأبين
العلل إن وجدت فيه ، وأثبت من وافقه في التخريج بنفس طريقه ، ثم التزمت الترتيب في
الستة ، هكذا : البخاري ، ثم مسلما ، ثم أبا داود ، ثم الترمذي ، ثم النّسائي ، ثم
ابن ماجه ، واعتبرت ترتيب غيرهم على الوفيات عند عدم الموافقة مع المؤلف ، وتقديم
المتابعات على الشواهد ، إلا إذا دعت ضرورة الاختصار ، أو مصلحة أخرى يقتضيها النص
أو سياق الكلام.
ز ـ بيّنت موضع
الآيات في القرآن بذكر اسم السورة ورقم الآية فيها.
ح ـ خرجت الآثار ،
مع دراسة أسانيدها ، والأشعار ، والنصوص أيضا.
ط ـ عرّفت
بالأماكن التي وردت في نصوص الكتاب.
ي ـ شرحت المفردات
اللغوية والجمل التي تحتاج إلى شرح وإيضاح.
ك ـ استدركت مواضع
السقط أو البياض أو المطموس مع قلته من المصادر الأخرى ، كما أنّي أضفت بعض ما
يقتضيه السياق ، وزدت بعض العناوين ، مع الإشارة إلى ذلك في الحاشية ، وجعلت ذلك
كله بين معقوفتين ، هكذا : [ ]
. ل ـ حذفت ما
وجدته مكررا بدون فائدة من الكلمات ، أو التراجم مع
الإشارة إلى موضعه
الأول في الحاشية .
م ـ تعقبت المؤلف
فيما رأيت أنه خالف فيه الصواب ، وأشرت إلى ذلك.
ن ـ استخدمت
علامات الترقيم مقدار جهدي ، وحصرت الآيات بين قوسين ، هكذا : ( ).
س ـ استعملت ـ للإحالة
على ترجمة الراوي حرف «ت» وللإحالة على الأحاديث حرف «ح» اختصارا ، فكثيرا ما أقول
تقدم في ت كذا وح كذا.
أعني أنه تقدم في
ترجمة كذا وحديث كذا.
وقد أنشأت للكتاب
عدة فهارس تسهيلا لاستفادة القاريء.
__________________
شرح الرموز والمصطلحات
وضعت على الجهة
اليمنى من اسم صاحب الترجمة ـ عند المؤلف ـ رموز «التقريب» لابن حجر ، إذا كان قد
وردت له ترجمة فيه.
إليك شرح الرموز
التي فيه .
خ ـ لمن أخرج له
البخاري في «الصحيح».
خت ـ لمن أخرج له
البخاري في «الصحيح» معلّقا.
بخ ـ لمن أخرج له
البخاري في «الأدب المفرد».
عخ ـ لمن أخرج له
البخاري في «خلق أفعال العباد».
ز ـ لمن أخرج له
البخاري في «جزء القراءة».
ي ـ لمن أخرج له
البخاري في «رفع اليدين».
م ـ لمن أخرج له
مسلم في «صحيحه».
د ـ لمن أخرج له
أبو داود في «سننه».
مد ـ لمن أخرج له
أبو داود في «المراسيل».
__________________
صد ـ لمن أخرج له
أبو داود في «فضائل الأنصار».
خد ـ لمن أخرج له
أبو داود في «الناسخ».
قد ـ لمن أخرج له
أبو داود في «القدر».
ف ـ لمن أخرج له
أبو داود في «التفرد».
ل ـ لمن أخرج له
أبو داود في «المسائل».
كد ـ لمن أخرج له
أبو داود في «مسند مالك».
ت ـ لمن أخرج له
الترمذي في «السنن».
تم ـ لمن أخرج له
الترمذي في «الشمائل».
س ـ لمن أخرج له
النسائي في «السنن».
عس ـ لمن أخرج له
النسائي في «مسند علي».
كن ـ لمن أخرج له
النسائي في «مسند مالك».
ق ـ لمن أخرج له
ابن ماجه القزويني في «السنن».
فق ـ لمن أخرج له
ابن ماجه القزويني في «التفسير».
ع ـ لمن أخرج له
الجماعة ـ أصحاب الستة.
٤ ـ لمن أخرج له
الأربعة سوى الشيخين.
وقد استعملت في
خلال التحقيق بعض الرموز والمصطلحات ، وهي كالتالي :
«الأصل» أعني نسخة
الظاهرية التي اعتمدت عليها في النسخ.
«ن ـ أ ـ ه» أعني
بها الآصفية الهندية.
واختصرت «فتح
الباري» لابن حجر «بالفتح» ، وقد تجد أحيانا بعده
حرف «ط ـ ح ـ أو ط
ـ س» ، أعني بالأول طبع الحلبي ، وبالثاني السلفي ، و «تقريب التهذيب» «بالتقريب»
، «وتهذيب التهذيب» «بالتهذيب» ، و «شرح النووي» بالنووي أحيانا ، فأقول : «صحيح
مسلم مع النووي» ، «ومجمع الزوائد» للهيثمي «بالمجمع» ، و «ميزان الاعتدال» «بالميزان»
، وهكذا ، وتجد في تراجم الرواة قولي : لم أعرفه ، أقصد جهالة حاله.
ولتمييز المخطوطات
من المطبوعات ، جعلت رقم الجزء في المخطوطات على اليسار ، ورقم الصفحة على اليمين
، عكس ما فعلته في المطبوعات.
وهذا ما أحببت أن
أنبه عليه ، والله الموفق ...
وكذا في المترجمين
، استعملت اصطلاح ابن حجر في طبقات الرّواة في «التقريب».

رواية أبي القاسم
بن أبي بكر بن أبي علي الذكواني عنه ، رواية أبي طاهر إسحاق بن أحمد بن جعفر
الراشتيناني وأبي الفضل جعفر بن عبد الواحد بن محمد الثقفي كليهما عنه.
رواية أبي عبد
الله محمد بن أبي زيد بن حمد الكراني ، عن أبي طاهر الراشتيناني.
ورواية أبي
المحاسن محمد بن الحسن بن الحسين بن الأصفهبد عن جعفر الثقفي.
رواية شيخنا أبي
الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي عنهما سماع الفقير إلى الله تعالى عبيد
الله بن عمر بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن ابن العجمي.
الجزء الأوّل
الحمد لله حق حمده
، وصلّى الله على محمّد النّبيّ ، وعلى آله وسلّم كثيرا.
أخبرنا شيخنا أبو
الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي ، قال : أبنا أبو عبد الله
محمد بن أبي زيد الكراني ، قال : أبنا أبو طاهر إسحاق ابن أحمد بن جعفر الراشتيناتي ، قال شيخنا : وأبنا أبو
المحاسن محمد بن الحسن بن الحسين بن الأصفهبد ، وقال : أبنا أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي ، قالا
: أبنا أبو القاسم بن أبي بكر ابن أبي علي الذكواني قال : أبنا الإمام أبو محمد
عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ ـ رحمهالله ـ قال : هذا كتاب «طبقات أسماء المحدثين ممن قدم أصبهان» ،
__________________
من الصحابة
والتابعين ، ومن كان بها وقت فتحها إلى زماننا هذا ، مع ذكر كل من تفرّد به واحد
منهم بذلك الحديث ولم يروه غيره بذلك الإسناد ، أو حديث من حديثه ، وذكر أنسابهم وأساميهم وموتهم على ما روي لنا وذكر. والله الموفق ، وهو حسبنا
ونعم الوكيل.
وأول ما نذكر في
كتابنا هذا : ما روي لنا في فضل بلدنا من دعوة إبراهيم الخليل عليهالسلام ، وما قيل في ذلك.
(بيان ما ورد في
فضل أصبهان) :
سمعت من حكى عن إبراهيم بن محمد النحوي قال : خرج قوم من أهل
أصبهان إلى ذي الرياستين في حوائج لهم ، فقال ذو الرياستين : من أين أنتم؟ قالوا :
من أهل أصبهان ، قال : أنتم من الذين لا يزال فيهم ثلاثون رجلا مستجابي الدعاء ،
قالوا : وكيف ذلك؟ قال :
__________________
إن نمروذ بن كنعان لما أراد أن يصعد إلى السماء ، كتب في البلدان
يدعوهم إلى محاربة رب العالمين ، فأجابوه كلهم إلّا أهل أصبهان ، فحمل منهم ثلاثين
رجلا مقيدين ، فلما أن نظروا في وجه إبراهيم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ آمنوا به ، فقال إبراهيم :
اللهم اجعل أبدا
بأصبهان ثلاثين رجلا تستجيب دعاءهم ، فلا يزال أبدا بأصبهان ثلاثون رجلا يستجاب دعاؤهم .
وحدثنا إسحاق بن
أحمد الفارسي ، ثني أبو صالح محمد بن إسماعيل ، قال : ثنا محمد بن أيوب الضراب
الأصبهاني ، قال : ثنا نعيم بن حماد ، عن رجل ذكره ، عن خصيب بن جحدر ، عن وهب بن
منبه ، قال :
لما تأبى نمروذ ، وجحد قدرة الرب عزوجل ، بعث إلى أهل النواحي
__________________
يحشرهم لمحاربة رب
العزة ، فتفرقوا وصاروا في جبال أصبهان ، وقالوا : كلا ، لا نجحد قدرة الربّ ، ربّ
السماء ، فأنبت الله في تربتها الزعفران وألقى في جبالها الشهد ، فبها سمّي «أصبهان» أي : وأصبه آن نه كه كافربند .
قال إسحاق : وحدثنا ما ربين يوشع بن نون ، وذلك أنه يقال : كان يجول
في الدنيا ، فدخل أصبهان ، فنزل الموضع الذي يدعي ماربين ، وإنما سمّي «ماربين» ،
لأنهم بصروا بحية ارتفعت من الأرض ، فقيل ليوشع : ماربين ، أي : انظر إلى الحية ،
فسمّي ماربين بها .
حدثنا محمد بن
محمد بن فورك ، قال : ثنا علي بن عاصم ، قال : ثنا شاذة بن المسور ، قال : ثنا
نصير بن الأزهر ، قال : ثنا أبو عبيد محمد بن أحمد ، قال : ثنا محمد بن يحيى
الناجي ، قال : وجدت في بعض الكتب عن وهب بن منبه : «زعم بأن
نمروذ بن كنعان كتب في البلاد يستمدهم لمحاربة ربه تبارك وتعالى ، فأجابوه كلهم
إلّا أهل أصبهان ، فإنّهم قالوا : نحن لا طاقة لنا
__________________
بمحاربة رب
العالمين ، أو قال : رب السماء ، قال : فشكر الله ذلك لهم ، فطيب ماءهم وطيب
فواكههم وطيب هواءهم» .
حدثنا علي بن رستم
، قال : ثنا محمد بن برعورسته ، قال : ثنا أبو علي بن أخت خالد بن الحارث الهجيمي ، قال : ثنا إسحاق بن حميد بن أخي عروة ، فذكر نحوه.
سمعت بعض أهل
العلم يقول : سار ذو القرنين في طلب ماء الحيوان ، فطاف الدنيا بشرقها وغربها ، فأخذ
على البر ، ثم رجع على البحر ، فبلغنا ـ والله أعلم ـ أنه لم يدع مدينة إلا دخلها
عنوة أو صلحا ، حتى انتهى إلى أصبهان ، ودخل مدينتها ، فلم ينزل فيها ، وخرج عنها
حتى بلغ بابها الشرقي ثم دعا الفعلة ، فقال : احفروا في هذا الموضع حفرة ، حتى تبلغوا (إلى) الماء. فحفروا خارج الباب حفرة حتى بلغوا الماء في ساعة ،
وهو واقف على دابته ، فقالوا : قد بلغنا الماء. فقال : اكبسوها ، وردّوا ما أخرجتم
منها في موضعه حتى تعيدوها كما كان ، ففعلوا ذلك فلم يرم ما أخرج ، واحتاج إلى
__________________
زيادة ، فقالوا :
أيها الملك ، قد رددنا ما حفرنا منه إلى الموضع ، فلم تستو الحفرة ، ولا رجعت إلى ما كانت عليه ، فقال :
هذه مدينة قحطية
لا تخلو من قحط المطر والسعر (الغالي) ، ثم ارتحل عنها من ساعته ومضى .
وسمعت الطحان يحكي (مرارا كثيرة) ، قال : «قال لي ابن زغبه (بمصر) ، بلغني يا أهل أصبهان أن سهلكم زعفران ، وجبلكم عسل ، ولكم في كل دار ، عين ماء عذب. فقلت : كذلك بلدنا ، فقال : لا أصدّق هذا.
هذه الجنة بعينها» .
وذكر أن الحجاج بن يوسف ولّى على أصبهان وهزاذ بن يزداد
__________________
الأنباري وكان ابن
عم لكاتبه ، فكتب في بعض أوقات مقامه بأصبهان إلى الحجاج كتابا وصف
فيه اختلال حال أصبهان ، ويسأله ... نظرا لهم ببعض خراجهم. فكتب إليه الحجاج : «بسم الله الرحمن الرحيم
، أما بعد : فإنّي استعملتك يا وهزاذ على أصبهان ، أوسع المملكة رقعة وعملا ، وأكثرها خراجا بعد فارس والأهواز ، وأزكاها أرضا ، حشيشها الزعفران والورد ، وجبالها الإثمد والفضة ، وأشجارها الجوز واللوز والكروم
الكريمة والفواكه العذبة ، طيرها عوامل العسل ، وماؤها فرات ، وخيلها الماذيانات
الجياد ، أنظف بلاد الله طعاما ، وألطفها شرابا ، وأصحّها ترابا ، وأوفقها هواء
وأرخصها لحما ، وأطوعها أهلا ، وأكثرها صيدا. فأنخت يا وهزاذ عليها بكلكل اضطر أهلها إلى مسألتك ما سألت لهم لتفوز بما يوضع عنهم ،
فإن كان ذلك باطلا ـ ولا أبعدك عن ظن السوء ـ فسترد فتعلم ، وإن صدقت في بعضه ،
فقد أخربت البلد. أتظن يا وهزاذ أنا ننفذ لك ما موهت وسحرت من القول ، وقعدت تشير
علينا به. فعض يا وهزاذ ، على (غرلة) أير أبيك ، ومص بظر أمك ، فأيم الله ، لتبعثن إليّ بخراج
أصبهان كله ، أو لأجعلنك طوابيق على أبواب مدينتها. فاختر لنفسك أوفق الأمرين لها
، أو ذر (والسلام) .
__________________
ووجد في كتاب
الأوائل ، قال : فانتفضوا بلاد المملكة وبقاعها ، فلم يجدوا تحت أديم السماء بلدا
أجمع لما طلبوا من الفنون التي يختارونها من الأشياء من بقاع الأرض وبلدان الإقليم
، أصحها تربة ، وأقلها عفونة وأبعدها من الزلازل والخسوف ، وأعلكها طينا ، وأبقاها
على الدهر بناء ، فلم يجدوا تحت أديم السماء بلدا أجمع لهذه الأوصاف من أصبهان ،
ثم فتشوا عن بقاع هذا البلد ، فلم يجدوا فيها أفضل من رستاق جي ، ولا وجدوا في رستاق جي أجمع لما راموه من مدينة جيّ .
أخبرنا أبو خليفة ، قال : حدثنا أبو الوليد ، ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن أسامة بن زيد ، عن سعيد
بن المسيب ـ رحمهالله ـ قال :
لو لم أكن رجلا من
قريش ، لأحببت أن أكون من أهل فارس ، أو من أصبهان . سمعت عبد الله بن عمر المذكر قال : سمعت أبا العباس الدقاق قال : سمعت بعض المحدثين يقول : دخل أيوب بن زياد
__________________
الأصبهاني على
المأمون ، أمير المؤمنين ، فقال : يا أيوب صف لي أصبهان وأوجز ، فقال : يا أمير
المؤمنين : هواؤها طيب ، وماؤها عذب ، وحشيشها الزعفران ، وجبالها العسل ، غير
أنها لا تخلو من خلال أربع : جور سلطان ، وغلاء السعر ، وقلة المطر ، وفقد مياه ، فأطرق المأمون ساعة وبيده قضيب ينكت به الأرض ، فرفع رأسه ، فقال : يا أيوب : لعل قراءها
منافقون ثنّاءها شربة خمور ، وتجارها مربون ، وفي أطرافها لا يصلون .
ذكر الأشياء التي
خصت بها أصبهان :
ذكروا أن بوادي
أصبهان زرنروذ مفيض ، يسمى هنام ، ليس في الأرض
__________________
مفيض أعجب منه.
وذلك أن الأودية
الكبار مصبها إلى البحار ، ووادي زرنروذ ينصب في هذا المفيض ، وهو ثمانية عشر
فرسخا في فرسخين ، لا يرتفع الماء في حافاته عن المقدار المعهود ، ولا ينقص ، أسرف
المدّ أم قصد ، ويفرخ فيه طير الماء ، فأما غير الطير فلا يقدر أن يقربه ؛ لأنه
يغوص فيه حتى لا يرى منه شيء ، وبين يدي هذا المفيض ميدان ممتد إلى كرمان ، كسطر ممدود لا يزيد عرضه على عرض الميدان ، ينبت القلام والطّرفاء ، في جانب منه جبل من طين ممدود ، فزيادة مياه
كرمان في أيام الربيع يكون من وادي زرنروذ ، وبقرية دزيه من رستاق رويدشت رمال كأنها جبال لا تتحرك أصلا ، ولو دام هبوب الرياح
العاصفة عليها أياما ، ولا يدخل الزروع منها شيء ، وبقاشان في شق دارم قرية يقال لها : هذا سكان من آبرون ، على نصف
فرسخ ، فيها حصن ،
__________________
عليها خندق ، ويطيف بهذا الخندق رمال كالجبال سائلة تنتقل حوالي
الخندق من بقعة إلى بقعة ، ولا يدخل الخندق منها شيء ولا حبة واحدة ، فإن ذهب
إنسان فأخذ من هذا الرمل قبضة ، فرمى بها في هذا الخندق ، هبت من وقتها ريح فرفعت
ذلك الرمل في الهواء إلى فوق ، حتى تكسح أرض الخندق منه ، وعلى هذه القرية صحراء يقال له : (فأس) ، مسافتها فرسخ في فرسخ ، هي بين هذه الرمال ، ومزدرع هذه القرية فيها سبيل هذا الصحراء في نتو الرمل (و) فيها سبيل الخندق ، وفي هذا الصحراء أعجوبة أخرى
، وهي أن مواشي هذه القرية تخرج إليها للرعي ، فتختلط السباع بها مقبلة من البر ،
ولا تتعرض لشيء منها ، ويدعي أهل هذه القرية ـ ويشهد لهم بصدق دعواهم أهل القرى
المجاورة لهم ـ أن ديكا في قريتهم استوحش منذ سنيات ، فعدل إلى هذا الصحراء فبقي
بها أربع سنين لا يتعرض له ثعلب ولا غيره ، فيدّعي أهل هذه القرية أنها مطلسمة وبقاشان من جانب أردها على عشرة فراسخ من آبرون ، قرية يقال لها : قالهر ، وفيها جبل جانب منه عين يرشح الماء رشحا
__________________
كرشح الأبدان
للعرق ، من غير أن يسيل ذلك الندى أو يسقط إلى القرار ، فإذا كان ماه تير روز تير منه من كل سنة ، اجتمع هناك أهل الرستاق وسائر
الرساتيق المصافية له ، ومع كل انسان آنية ، فيدنو الواحد بعد الواحد من ذلك
الجبل الندي ، ويقرعه بفهر في يده ، ويقول بالفارسية كلاما معناه : بيدخت أسقني من مائك ، فإني أريده لكذا وكذا ، ويذكر في خطابه
العلة التي يريد مداواتها ، فيجتمع ذلك الرشح من تلك الأماكن المتفرقة إلى مكان
واحد ، فيسيل قطرا في آنية المستشفى ، وكذلك من إلى جنبه ومن هو بالبعد منه ، فتمتليء
تلك الأواني فيستشفون بذلك الماء طول سنتهم ، فيشفون.
وبقاشان ثمّ قرية آبرون قناتها التي تسمى أسفذاب. منها شرب أهل
آبرون ، وصحاريها والقرى التي حولها ومفيضها بقرية فين .
__________________
فمن الخواص التي
في هذه القناة ، أن من يلقى فيها الماء أمكنه السير إلى أن ينتهي إلى موضع فيها محدود
معروف عند أهل الناحية ، فإن رام تجاوز ذلك الموضع لم يمكنه لانبهار يقع عليه ، وانتظام نفس يعتريه ، فإن لم يرجع القهقري ،
وقع صريعا.
ومن خواصها أيضا :
أنه لم ينفق عليها (في عمارتها) قط درهم ، ولا دخل إليها مذ كانت قنّاء ، فإن انهار فيها من جوانبها شيء قل أم كثر ، زاد ماؤها.
ولما ورد عمرو بن الليث أصبهان رام أن يطمّها ، فجمع عليها أهل الرستاق ، وكانوا يطرحون الكبس فيها أياما ، وكان الماء كل يوم يزيد ويصير إلى الزيادة ،
حتى رجعوا عنها عجزا منهم بها.
ومن الخواص التي
بأصبهان : خرزات في قرى بعينها برستاقي قاشان ورويدشت ، فإذا غشيت تلك القرى سحابة فيها برد ، أبرزوا
تلك
__________________
الخرز ، وعلقوها
من شرف الحصن ، فتنقشع السحابة عن القرية وعن صحرائها من ساعتها ، وتسمى هذه
الخرزة بالفارسية : «مهره بزرك ».
ومن خواص أصبهان :
أن قرية من قرى أصبهان من رستاق قاشان يقال لها قهروزذ ، (بها) نبات يبسط على وجه الأرض ، فيصير زجاجا أبيض صافيا براقا ،
وقد حمل ذلك الزجاج إلى كثير من الناس أقطاع مشكلة على هيئات ضروب
من النبات ، وأهل تلك الناحية يستعملون ذلك الزجاج في ألوان من الأدوية .
ومن خواص أصبهان :
مرج بقريتي جكاذه ، وجورجرد من رستاق قهستان ، فيها حيات تنتشر في حافات ذلك المرج وعلى الطريق الشارع
، طول الواحد منها ما بين الذراع إلى خمس (ة) أذرع ،
فيتلاعب الصبيان بها ، ويلوونها على أيديهم وأبدانهم ، فلا تلسع .
__________________
ومن خواص أصبهان
برستاق قهستان : معدن فضة ، ومعدن صفر ، والفضة تخرج منها ثمانية مثاقيل ، وبرستاق التيمرة الكبرى معدن فضة ، وبالتيمرة الصغرى معدن ذهب ، وآثار هذه
المعادن وآبارها (باقية) بادية للعيون ، وبرستاق الدار طسوج جانان في قرية يقال لها : ماثة دويبة في خلقتها الخنفساء ، صغيرة في جرم ذباب ، تدب في الليلة المظلمة ،
فيتقد من ظهرها (مثل) السراج ، ومن أخذ واحدة منها ليلا فأبصرها نهارا ، رأى لون ظهرها الذي يضيء شبيها بلون الطاووس ، خضرة في حمرة في
صفرة ، وتسمى هذه الدويبة براة .
وفي هذه الناحية ،
حجارة شبه السكر ، محبب الوجه ، يؤخذ منها قطعتان ، ويضرب بعضها ببعض ،
فتخرج النار من بينهما ، كما تخرج مما بين الحجر والحديد. ومن خواص أصبهان : رستاق
قاشان في قرية يقال لها :
__________________
كرمند (فيها) معين يخرج منه ماء غزير ، ويسقى منه زروع القرية ويشربه
الناس والبهائم ، وما يفضل منه ، ينصب إلى جدول فيتحول حجارة.
ومن خواصها : كهف
في جبل من رستاق قهستان بقرية يقال لها : فازة ، يقطر من قلته ماء فإذا استقر في الأرض تحول حجرا.
ومن خواصها : عين
برستاق قهستان ، في موضع تسمى : بوذم ، ينبع منها ماء صاف مريء لا يشربه من الناس والدواب شيء قد علق العلق بحلقه ، إلا سقط من حلقه ، ومات مكانه.
ومن خواصها :
الخشاية ، وهي شجرة تأخذ أغصانها من الهواء أكثر من مقدار جريب أرض ، مستديرة ، ملتفة الأغصان ، مكتثرة الأوراق ، ظلها أثخن من ظل الجبل ، وتحمل كل سنة خرائط (مدورة) مملوءة
بقا .
__________________
ومما لا يوجد منه
إلا بأصبهان : الجاوشير ، والسكنبيج .
ومن خواص أصبهان :
عين بقرية قزائن من رستاق القامزاذ ، في صحرائها يكون مستدراتها ثلاثة
أرماح ، تبرز بالماء كل سنة في أيام الربيع سبعين يوما محصاة ، فيخرج منها في مدة
هذه الأيام السمك الذي بظهره عقر ، فإذا تمت مدة هذه السبعين اليوم ، خرج من نقرة العين حية سوداء عظيمة ، فكما تخرج
تعود في مكانها ، وينقطع ذلك الماء ، فلا تراه العيون إلى السنة القابلة.
وبرستاق القامزاذ
، ثم بطسوج الفيشو ، كان قرية يقال لها : هناء بين قرية سميرم وقلعة ابن بهانزاذ ، إلى جانبها تل كبير كأنه صبيب دراهم ، يقال له : تل جم ، وذلك الصبيب هو دراهم من حجارة بيض
__________________
براقة ، إذا صبت
في كيس ، وجد لها صليل ، كصليل الدراهم ، على وجهي كل حجر دائرتان متجاورتان ،
ويبلغ من كثرته ، أنه لو رام سلطان نقلها من مكان إلى مكان يقرب منه بمائة جمل ، يوقر في كل يوم مرات ، لبقوا في نقلها شهورا ،
وهذا شيء لا خفاء به.
وأعجوبة أخرى هناك
وهو أن من سكن قلعة ابن بهانزاذ في أيام الربيع يرى طول ليلته نيرانا تشتعل من
ذروة حيطان القلعة ، وإذا قرب منها ، لم يجدها شيئا ، وكذلك يرون إذا نظر بعضهم
إلى رؤوس بعض ، فكلما كان الربيع أكثر أمطارا ، كانت تلك النار أكثر اشتعالا.
وكانت ملوك الفرس
لا تؤثر على أصبهان شيئا من بلدان مملكتها ، لطيب هوائها ، ونمير مائها ، ونسيم
تربتها. والشاهد على ذلك ما هو موجود في رواياتهم المودعة بطون الكتب. فمن ذلك ما
يأثره أهل بيت النوشجان وإسحاق ابني عبد المسيح ، من أخبار جدهم المنتقل من أرض الروم إلى
أصبهان ، حتى استوطنها وتناسل بها.
حدثني النوشجان عن
عمه يعقوب النصراني أن فيروز بن يزد جرد
__________________
(الملك) كتب إلى ملك من ملوك الروم قد نسيت اسمه ، يستهديه رجلا من
كبار حكمائه وحذاق أطبائه ، فأنفذ إليه رجلا اختاره من بلدان مملكته ، فلّما وفد
عليه ، قال له : أيها الحكيم ، إنما أنهضناك من أرضك إلى أرضنا ؛ لتختار لنا من
بلدان مملكتنا بلدا يصح فيه هذه الأركان (الأربعة) الكبار ، التي بسلامتها يطول بقاء الحيوان ، وباعتدالها
تصحب أجسام الحيوان الصحة ، وتفارقها العلة. يعني : الأرض والماء والهواء ، والنار ، فقال : أيها الملك وكيف
لي بإدراك ذلك؟ فقال : استقرىء بلدان مملكتنا ، وأي موضع وقع اختيارك عليه فأقم به
، واكتب إلي منه ، لأتقدم في الزيادة في عمارته ، وأتحول إليه ، فأجعله دار المملكة
، فانتدب الرومي لما أمره ، وطاف في بلدان المملكة ، فوقع اختياره على أصبهان ،
فأقام بها ، وكتب إلى الملك فيروز أني جلت في مملكتك ، حتى انتهيت إلى بلد لا يشوب
شيئا من أركانه فساد ، وقد نزلت أنا منه فيما بين حصني قرية يوان ، فإن رأى الملك أن يقطعني ما بين الحصنين من أرض يوان ،
ويطلق لي بأن أبني فيها كنيسة ودارا ، فلما ورد كتابه إلى فيروز ، أطلق له ما سأل
، فبنى بإزاء الحصنين من أرضي يوان داره ، ورفع رقعتها في الموضع الذي فيه دار النوشجان وإسحاق من يوان
إلى الساعة ، وبنى بإزاء الحصن الآخر البيعة ، وبنى بالحصن الآخر موضع رقعة
__________________
المسجد الجامع (اليوم)
؛ لأنه كان في الأصل حصنان من حصون قرية يوان ، ووقع (ت) رقعة موضع
البيعة عند المسجد الذي على طرف ميدان سليمان ، وبناؤه باق إلى الساعة .
وتقدم فيروز من
فوره ذلك إلى آذر شابور بن آذرمانان الأصفهاني ، وكان مقيما بالحضرة بالمبارزة إلى أصبهان ، لإتمام بناء سور مدينة جيّ وتغليق أبوابها ، فلما استقر قباذ في المملكة ، أمر الرومي أن يختار له بلدا معتدل الهواء في
الأزمنة الأربعة ، المتوسط في حال اللدونة والرطوبة واليبوسة ،
الذي نسيمه خفيف رقيق مضيء ، تستروح إليه القلوب ، وتنفسح له الأبصار ، ويختار له
من الأحطاب أطنها صوتا وأطيبها رائحة ، الذي يلهب نيرانها صاف ، وحرها متوسط ،
ودخانها مع قلته عذي ، ويختار لهم من المياه ، الفرات
__________________
الزلال ، الصافي
العذب ، الخفيف الوزن ، السريع الامتزاج بالحر والبرد ، البعيد عن الينبوع ،
المنحرف من الغرب ، إلى الشرق ، الشديد الجرية ، الدائم الإقبال للمطالع ، فلا يشوبه طعم كريه ، ولا رائحة منكرة ، ولا
غالب البياض ، ولا ناصع الخضرة ، ولا أورق القتمة ، الطيب التربة. وأن يختار لهم من البلدان أطيبها تربة ، وأسطعها رائحة ، وأصفاها هواء ، وأنقاها جوا ، وأزهرها كواكبا وأوضحها ضياء ، التي لا عيون الكبريت بقربها ، وإذا
احتفر فيها آبار لم يحتج إلى طمها ، القريبة اللينة المعتدلة الحر والبرد في الأزمنة الأربعة
، لا قريبة من الفلك ولا بعيدة منه ، لا مرتفعة صعودا ولا منخفضة هبوطا ، ولا
متدانية ولا متباينة من البحار ، موازية لوسط الأرض ، وحيث يقل فيها هبوب الرياح
العواصف ، جازها نهر عظيم. فوجدت أيها الملك أكثر هذه الأوصاف التي يفوتها
القليل منها في «إيرانشهر» وهو أصبهان.
ووجدنا أخصب بقاع
المملكة (المملك) عشرة مواضع :
__________________
أصبهان ، (و) أرمينية ، وآذربيجان ودسنين ، وماه دينار ، وماه نهاوند (و) ماه كران ، وكرمان ، وقومس ،
__________________
وطبرستان .
ووجدنا أخف بقاع
مملكته ماء عشرة مواضع : زرنرود أصبهان ، ودجلة والفرات ، وماه سوران ، وعين بقرميسين ، وماه ذات المطامير .
__________________
وماه سبذان ، وماه جند يسابور ، وماه بلخ ، وماه سمرقند ، ومن الدليل على ما ذكره الفرس ، أن أخف المياه ماء
رزنروذ أن الموفق بعد وروده أصبهان ، لم يشرب غير ماء رزنروذ (وكان) ينقل إليه مطبوخا إلى أن مات. ووجدنا أسرى بقاع مملكته فواكه سبع مواضع ، أصبهان والمدائن
__________________
وحلوان ، ماه سبدان ، نهاوند ، والري ، نيسابور .
ووجدنا أقحط بقاع
مملكته ميسان ، دشت ميسان ، كلبانية ، بادرايا ، باكسايا ، ماه سبذان.
ووجدنا أوبأ بقاع
مملكته ، النوبندجان ، سابورخواست ،
__________________
جرجان ، حلوان ، برذعة ، إصطخر زنجان .
ووجدنا أعقل أهل
مملكته أصبهان ، فارس ، الري ، جرجان ، همذان ، نهاوند ، ماه دينار ، الحيرة .
ووجدنا أجهل أهل
مملكته أصبهان : الحيرة ، المدائن ، ماه دينار ، نيسابور ، اصطخر ، الري ، طبرستان
، ونشوي .
ووجدنا أمكن أهل
مملكته ماسبذان ، مهرجان ، خوزستان ،
__________________
الري ، الرويان ، أذربيجان ، أرمينية ، الموصل ، شهرزور ، والصامغان .
ووجدنا أنصر أهل
مملكته بالخراج أصبهان ، كسكر ، عبرتا ، حلوان ، ماسبذان ، وهرمشير .
ووجدنا أعلم أهل
مملكته بالسلاح : أصبهان ، همذان ، الري ، وسجستان .
ووجدنا أبخل أهل
مملكته : مرو ، اصطخر ، دارابجرد ،
__________________
خوزستان ، ماسبذان
، دبيل ، ماه دينار ، وحلوان.
ووجدنا أسفل أهل
مملكته : البنديجان ، بادرايا ، باكسايا ، بهندف ، وفهور ، خوزستان.
ووجدنا أقل أهل
مملكته نظرا في العواقب : طبرستان ، أرمينية ، قومسن ، كوشان ، هراة ، كرمان ، ماه كران ، شهرزور.
فلما نظر قباذ
فيما تقدم من ذكر ما قاله من البلدان ، ميز ما بين المدائن إلى نهر بلخ ، ومن
النواحي كلها ، وعرف البقاع ، ومسح البلاد ، فلم يجد ترابا أنزه ولا أعذب ماء ولا ألذّ نسيما مما بين قرماسين إلى
عقبة همذان ، فأنشأ قرماسين ، وبنى فيها بناء لنفسه ، بناء معمدا على ألف كرم ،
فلما فرغ له من البناء قال : «كردم مان شاهان» ، فسمي «كردمانشاهان» ، ثم عرّب ،
فقيل : قرماسين ، ومعناه قد بنيت مسكن الملوك.
فلما ميز قباذ
مملكته ، وعرف البقاع ، ومسح البلاد ، وعد الفراسخ ، نقل
__________________
الأشراف من فارس
وخراسان وأصبهان والري وهمذان وماء نهاوند وماء دينار ، فأسكنهم حافتي دجلة ، ثم
أنزل من كان دون هؤلاء على النهروانات ، ثم أنزل أهل الصناعات بطن جوخي ، وأنزل التجار هرمشير ، والأطباء جند يسابور ، والحاكة السوس وتستر ، والحجامين بادرايا وباكسايا.
ذكر بناء مدينة
أصبهان وبانيها ومساحتها وقدرها :
ذكر العلماء بذلك
أنه بناها الإسكندر الرومي ، واستتمها كسرى أنوشيروان
__________________
(على) يدي
آذرشابور ، ومساحتها ألفا جريب ، ويحيط بالمدينة ألف قصبة تكون ستة آلاف ذراع ، وهو نصف فرسخ ، لأنّ الفرسخ اثنا عشر ألف ذراع ،
وقطرها ثلاثمائة وعشرون قصبة ، وإذا ضربت نصف قطرها في نصف استدارتها ، كان ثمانين
ألف قصبة هو ألفا جريب.
وفي سور المدينة
مائة قصر ، وقد حجب عن السور الغار بطلسم ، ومن باب خور إلى باب يهودية الصغرى ألف
ومائة ذراع ، وبينهما ثمانية وعشرون برجا ، ومنه إلى باب طيره ألف ومائة ذراع ، وبينهما ثلاثة وعشرون برجا ، من هذا الباب إلى باب اسبنج ألف وثلاثمائة ذراع ، وبينهما أربعة وعشرون برجا ، ومنه ،
إلى باب خور ألف وأربعمائة ذراع ، وبينهما خمسة وثلاثون برجا.
__________________
ذكر طول مدينتها :
حكي عن أبي عمرو
بن حكيم ، قال : يقال إن طول مدينة أصبهان ألف وسبعمائة واثنتين وخمسين ذراعا ، في عرض ألف وخمسمائة ذراع ، يكون
ألفي ألف وستمائة وثمانية وعشرين ألف ذراع ، يكون بالدهقان ألف وثمان مائة وخمسة وعشرون جريبا.
ودوران المدينة
سبعون ألف ومائة ذراع ، يكون ألفا ومئة وثلاثا وثمانين قصبة وثلثا.
مساحة مسجد الجامع
بيهودية أصبهان :
__________________
اثنا عشر جريبا ، وله
سبعة وعشرون بابا ، وفيه تسعة وخمسون طاقا ، وفيه من الاسطوانات مائتان وست
وثمانون اسطوانة ، وطوله خمس مائة آجرة ، وعرضه ثلاثمائة آجرة يكون مائة وخمسين
ألف آجرة يسع كل أربع آجرات رجل ، يكون تسعة وثلاثين ألفا وخمس مائة رجل.
ذكر فتوح أصبهان
ومشاورة عمر بن الخطاب ـ رضياللهعنه ـ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ على رسوله فيها وأجوبتهم له وذكر المبعوثين إليها :
حدثنا محمد بن
أحمد بن عمرو ، قال : ثنا رسته ، عن عبد الرحمن بن
__________________
مهدي ، قال :
حدثني حماد بن سلمة ، عن أبي عمران الجوني ، عن علقمة بن عبد الله المزني ، عن معقل بن يسار ، أن عمر
بن الخطاب شاور الهرمزان (في أصبهان ، وفارس ، وآذربيجان بأيهن يبدأ ، فقال له الهرمزان : يا أمير المؤمنين «أصبهان
الرأس ، (وفارس) ، وآذربيجان الجناحان ، فإن قطعت إحدى الجناحين ، مال
الرأس بالجناح ، وإن قطعت الرأس ، وقع الجناحان ، فدخل عمر المسجد ، فإذا هو
بالنعمان بن مقرن قائم يصلي ، فانتظره حتى قضى صلاته ، ثم قال :
__________________
إني مستعملك ،
فقال : أما جابيا فلا ، ولكن غازيا. فقال عمر : فإنك غاز ، وسرحه ، وبعث إلى
(أهل) الكوفة أن يمدوه ، فذهبوا ومعه حذيفة بن اليمان ، والزبير بن العوام ، والمغيرة بن شعبة ، والأشعث بن قيس ، وعمرو بن معد يكرب ، وابن عمر ، حتى أتوا نهاوند ، فأتاهم النعمان بن مقرن ، وبينهم
وبينه نهر ، فبعث إليهم المغيرة بن شعبة (رسولا) ، فذكر القصة .
__________________
حدثنا محمد بن عمر
بن حفص ، قال : ثنا اسحاق بن إبراهيم شاذان ، قال : ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري
، قال : ثني النهاس بن قهم القيسي ، عن القاسم بن عوف ، عن أبيه ، أو عن رجل ، عن السائب بن الأقرع ، قال : نبّىء عمر بن الخطاب بزحف لم يزحف بمثله قط ، زحف لهم أهل أصبهان ، وأهل ماه ،
وأهل همذان ، وأهل الري ، وأهل قومس ، وأهل آذربيجان ، وأهل نهاوند ، قال : فجاء
الخبر إلى عمر بن الخطاب ، فجمع الناس ، وحمد الله ، وأثنى عليه ، وقال : إنه قد
زحف للمسلمين زحف لم يزحف لهم بمثله قط ، فقوموا فتكلموا وأوجزوا ولا تطنبوا ،
فتفشغ بنا الأمور ، فلا ندري بأيها نأخذ.
(قال) : فقام طلحة بن عبيد الله ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد
، فهذا يوم له ما بعده من الأيام ، وأنت يا أمير المؤمنين أفضلنا رأيا ، وأعلمنا ،
ثم سكت. ثم قام الزبير بن العوام ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، وتكلم بنحو من كلام
صاحبه ، ثم جلس. ثم قام عثمان بن عفان ،
__________________
فحمد الله ، وأثنى
عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإن هذا يوم له ما بعده من الأيام ، وإني أرى من الرأي
يا أمير المؤمنين أن تسير بنفسك. وبأهل الحجاز ، وبأهل الشام ، وأهل العراق ، حتى
تلقاهم بنفسك ، فإنك أبعد العرب صوتا ، وأعظمهم منزلة. ثم قام علي بن أبي طالب ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، وقال : أما بعد ،
فهذا يوم له ما بعده من الأيام ، وإني لا أرى يا أمير المؤمنين ما رأى هؤلاء أن
تسير بنفسك ، ولا بأهل الحجاز ، ولا بأهل الشام ، ولا بأهل العراق ، فإن القوم
إنما جاءوا بعبادة الشيطان ، والله أشد تغييرا لما أنكر ، ولكن أرى أن تبعث إلى
أهل الكوفة ، فتسير ثلثيهم ، وتدع في حفظ ذراريهم ، وجمع جزيتهم ، وتبعث إلى أهل
البصرة فيوروا ببعث ، فإن القوم إنما جاءوا بعبادة الشيطان ، والله أشد تغييرا لما
أنكر. فقال : أشيروا علي من أستعمل عليهم؟ قالوا : يا أمير المؤمنين ، أنت أفضلنا
رأيا وأعلمنا بأهلك. قال : لأستعملن عليهم رجلا يكون أول أسنة يلقاها ، اذهب بكتابي هذا يا سائب بن الأقرع إلى
النعمان بن مقرن ، فليسر بثلثي أهل الكوفة ويدع ثلثا في حفظ ذراريهم
__________________
وجمع جزيتهم ،
وليبعث إلى أهل البصرة فليوروا ببعث ، فإن قتل النعمان فحذيفة ، فإن قتل حذيفة
فجرير ، فإن قتل ذلك الجيش فلا أزيد ، وأنت على ما أصابوا من الغنيمة ، فلا يرفعن إلي باطلا
ولا يحبسن حقا عن أحد هو له قال : فأقبلت بكتاب عمر إلى النعمان بن مقرن ، فسار
بثلثي أهل الكوفة وترك ثلثا في حفظ ذراريهم وجمع جزيتهم ، وبعث إلى أهل البصرة ، فوروا ببعثهم ، ثم سار حتى التقوا بنهاوند ، فالتقوا يوم
الأربعاء ، فكان في المجنبة اليمنى انكشاف ، وثبتت المجنبة اليسرى ، وثبت الصف ،
ثم التقوا يوم الخميس ، فكان في المجنبة اليسرى انكشاف ، وثبتت المجنبة اليمنى ،
وثبت الصف ، ثم التقوا يوم الجمعة ، فأقبل النعمان بن مقرن على بريذين له ، أحوى قريب من الأرض ، يقف على كل أهل راية فيخطبهم ويحضهم ، ويقول : إن هؤلاء القوم قد أخطروا لكم خطرا ، وأخطرتم
لهم خطرا عظيما :
__________________
أخطروا لكم جواليق ورثة ، وأخطرتم لهم الإسلام وذراريكم ، فلا أعرفن رجلا (منكم) وكل قرنه إلى قرن صاحبه ، فإن ذلك لؤم ، ولكن شغل كل رجل منكم قرنه
، ثم إني هاز الدابة ، فيرم (كل) رجل من ضيعته وتيسر ، ثم هاز الثانية ، فليقف كل رجل منكم
موقفه ، ثم هازها الثالثة ، فأحمل ، فاحملوا على بركة الله ، ولا يلتفتن منكم أحد ، قال :
فحملوا ، فكان النعمان أول مقتول ، قال : وأخذ حذيفة الراية ، ففتح الله لهم ، قال : وجمعت تلك المغانم ، فقسمتها بين المسلمين ، فلم أرفع
باطلا ، ولم أحبس عن أحد حقا هو له . قال : ثم أتاني ذو العينين ، فقال : إن كنز
__________________
النخيرجان في القلعة ، قال : فصعدت ، فإذا بسفطين من جوهر لم أر
مثلهما قط ، فلم أرهما فيئا فأقسمهما بينهم ، ولم أجدهما بجزية ، قال : ثم أقبلت
إلى عمر بن الخطاب وقد راث عليه الخبر ، وهو يتطوف المدينة يسأل ، قال : فأقبلت على راحلتي ، فلما رآني ، قال لي :
ويلك يا ابن مليكة ، ما وراءك؟ ويلك يا ابن مليكة ، ما عندك؟ ويلك يا ابن مليكة ،
ماذا جئتني به؟ قلت : يا أمير المؤمنين ، الذي تحب ، قال : فلله الحمد (قال : والله ما أتت علي ليلة منذ اندفعت من عندي أطول علي من هذه
الليلة ، وما جعلت النوم فيها إلا تقديرا) قال : قلت : يا أمير المؤمنين انطلقت
بكتابك إلى النعمان بن مقرن ، فسار بثلثي أهل الكوفة ، وترك ثلثا
في حفظ ذراريهم وجمع جزيتهم ، وبعث إلى أهل البصرة فورّوا ببعث ، ثم سار حتى
التقوا بنهاوند ، فالتقوا يوم الأربعاء ، فكان في المجنبة اليمنى انكشاف ، وثبتت
المجنبة اليسرى ، وثبت الصف ، ثم التقوا يوم الخميس ، فكان في المجنبة اليسرى
انكشاف ، وثبتت المجنبة اليمنى ، وثبت الصف ، ثم التقوا يوم الجمعة ، فسار النعمان
بن مقرن على برذون له أحوى قريب من الأرض يخطبهم ويحضهم ويقول لهم ما فعل ، وقصصته فكان النعمان أول مقتول ، فقال
:
__________________
ـ رحمهالله ـ هي له الشهادة التي ساقه الله إليها وأكرمه بها ، قال :
ثم مه؟ قلت : ثم أخذ حذيفة الراية ، ففتح الله لهم ، ثم لم يقتل أحد من المسلمين (أحد) تعرفه. قال : لا أم لك! ما تصنعون بمعرفة ابن أم عمر؟ لكن
يعرفهم من هو خير لهم منه ، معرفة من ساق إليهم الشهادة وأكرمهم بها. قال : وجعل
يبكي ويكررها ، ويحادر الدموع على خديه ولحيته حتى وددت أن الأرض انشقت عني فسخت فيها ، ثم أقلع ولم يكد ، فقلت : يا أمير المؤمنين : قد
قسمت الفيء بينهم ، فلم أرفع باطلا ولم أحبس حقا عن أحد هو له. قال : فقام ، فقلت
: يا أمير المؤمنين رويدك. إن لي إليك حاجة. قال : وما هي؟ أليس قد قسمت كما زعمت؟
قلت : بلى ولكن حاجة لا بد من أن تنظر فيها. قال : فقعد ، فقلت : إنه أتاني ذو
العينين فأخبرني أن كنز النخيرجان في القلعة ، فصعدت فوجدت هذين السفطين ، فلم أجدهما فيئا فأقسمهما
بينهم ، ولم أجدهما بجزية. قال : فبعث إلى علي بن أبي طالب وعثمان
__________________
وزيد ، فختموا عليه
ثم وضعه في بيت الخزانة ، ثم ردني إلى الكوفة ، فلما قدمتها إذا راكب قد أقبل يصوت
: كتاب من عمر. إن
كنت قاعدا ، فقم ولا
تقعد حتى تشد الراحلة بكورها
، ثم تقبل ، وإن كنت قائما فلا تقعد حتى تشد الراحلة بكورها ، ثم تقبل. قال :
ففعلت ، ثم أقبلت إليه ، فلما رآني ، قال لي : ويلك يا ابن مليكة : ماذا جئتني به؟
يا ابن مليكة ما صنعت بي؟ ويلك يا ابن مليكة ماذا أوقعتني فيه؟ قال : قلت يا أمير
المؤمنين : إن مثلك لا يقتل مثلي غما
، فما هو؟ قال : أخبرني خبر هذين السفطين. قلت : والله ما أنا بزائدك على ما قلت
لك شيئا ، ولا منقصك منه شيئا ، وإن الحديث لكما حدثتك ، قال : فويلك ، فو الله ما
هو إلا أن اندفعت من عندي فأوقد عليهما
حتى صارا نارا ، فأخذت لأكوى بهما حتى عاهدتهم أن أردهما من حيث جيء بهما ، فاذهب
بهما إلى الكوفة فبعهما ، إن جاءنا بدرهم أو أقل من ذلك أو أكثر ، واقسمه بينهم.
قال : فأقبلت بهما إلى الكوفة فأتاني شاب من قريش يقال له : عمرو
بن حريث ، فاشتراهما مني ، فأعطيته
الذرية
__________________
والمقاتلة ، ثم
انطلق بأحديهما إلى الحيرة ، فباعه بما اشتراها مني ، وكانت أول لهوة مال أصابها .
ذكر أحمد بن الحسن
الأنصاري ، عن أحمد بن سعيد ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا غياث بن إبراهيم ، قال :
ثنا مجالد ، عن الشعبي ، قال : كتب عمر بن الخطاب إلى عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي ، أن يسر إلى فارس بأهل البصرة إلى
أصبهان ، وفيها يومئذ ملك من ملوك العجم ، يقال له : فاذوسبان . (الشيخ) ، فسار ، فحاصره حصارا شديدا ، وخذل أهل أصبهان ملكهم ،
فلما رأى تخاذلهم ، قال الملك : إني خارج ، ولا حق بكرمان ، وبكرمان يومئذ خورد بن
شيرويه ، فخرج إلى كرمان في ثلاثين فارسا
__________________
من أهل المدينة ،
فأخبر عبد الله بن بديل ، فخرج في طلبهم ، فلحق شيخا كبيرا ، فلما رآهم الفادوسبان قال : يا هذا لا تقتل
أصحابي ، فإن أصحابي لا يقع لهم سهم ، ولكن ابرز إلي ، فقال عبد الله بن بديل : قد
أنصفت ، فبرز له الشيخ فحمل ، فقال له الملك : هل لك في المعاودة؟ فقال عبد الله :
نعم فقال له الملك : ما أحب أن أقاتلك. إني أراك رجلا كاملا ، ولكن هل لك في خير.
أن أرجع معك فأصالحك وأفتح لك المدينة على أن أعطيك الخراج وتحل عني. فقال : نعم.
ففتح له المدينة على صلح ، فلم يزل عبد الله بن بديل أميرا عليها ، عاملا لعمر حتى
قتل ، واستخلف عثمان بن عفان ، وعزله عثمان لأنه ضرب أخوين من بني حنيفة في الخمر
فماتا ، فبلغ ذلك خبرهما ، فكبر عليه خبرهم ، فكتب إليه عثمان : إن أصحاب رسول
الله كانوا أعلم بالحدود منك. لا تلي لي عملا أبدا ، ثم عزله وأسلم إلى عبد الله بن علي بن يزيد.
__________________
ثم نذكر أسامي من
قدم بلدنا من الصحابة ـ رضياللهعنهم ـ و (من) التابعين طبقة طبقة. نسأل الله السداد والرشاد ، وحسن التوفيق
برحمته.
__________________
الطبقة الأولى
ذكر أسامي الصحابة رضوان الله عليهم
الذين قدموا أصبهان
(١ ١ / ١ خت ٤ الحسن
بن علي بن أبي طالب)
:
فممّن دخله فيما ثنا أبو بشر عن بعض مشايخه أن الحسن بن علي (ابن أبي طالب ، وابن الزبير قدما غازيين إلى جرجان ، ويكنى الحسن بن علي) أبا محمد. ولد في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة ،
__________________
وتوفي سنة تسع
وأربعين ، ودفن بالبقيع ، وصلى عليه سعيد بن العاص.
قال أبو نعيم : مات الحسن سنة ثمان وخمسين.
__________________
(١) وحدثنا محمد
بن إبراهيم بن عامر قال : ثنا أبي وعمي قالا : ثنا أبي قال : ثنا أبو غالب النضر
بن عبد الله الأزدي ـ كوفي قدم أصبهان ـ قال : ثنا محمد بن عبد الوهاب ، عن الحسن
بن علي بن أبي طالب قال : قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».
وأخبرنا إسحاق بن
إبراهيم قال : ثنا زياد بن أيوب قال : ثنا محمد بن ربيعة ، عن المغيرة بن زياد ،
عن ابن (أبي) نجيح ، أن الحسن بن علي ـ رضياللهعنه ـ حجّ خمسا وعشرين حجّة ماشيا ، وقد قاسم الله ماله مرتين .
__________________
(٢) حدثنا أبو
القاسم البغوي قال : ثنا علي بن الجعد قال : ثنا فضيل بن مرزوق ، عن عدي بن ثابت ،
عن البراء ، أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال للحسن بن علي : «اللهم إني أحبّه فأحبّه وأحبّ من
يحبّه».
__________________
(٢ ٢ / ١ ع عبد الله
بن الزبير بن العوام
:
وعبد الله بن
الزبير يكنى أبا خبيب ، ويقال : أبو بكر ، وأمه أسماء بنت أبي بكر ، قتل بمكة سنة ثلاث وسبعين.
وحدثنا الحسين بن
عمر بن أبي الأحوص ، قال : ثنا أحمد بن عبد الله
__________________
ابن يونس ، قال :
ثنا مندل ، عن سيف أبي الهذيل ، قال : أقبلت مع عبد الله بن عمر حتى إذ دنوت من جذع ابن الزبير حدث (به) عنه فقال لي
: ما هذا؟ قلت : جذع ابن الزبير قال : فأدنني منه قال : فأدنيته فقال : رحمك الله
ـ فو الله ما علمت إن كنت لصواما قواما وإن أمّة أنت أشرهم لأمة صدق .
(٣) وحدثنا الحسين
، قال : ثنا أحمد بن يونس ، قال : ثنا أبو المحياة ، عن أبيه ، قال : دخلت مكة بعد ما قتل ابن الزبير بثلاثة
أيام وهو
__________________
مصلوب ، فجاءت
أمّه عوراء طويلة مكفوفة فقالت للحجاج : أما آن (ل) هذا الراكب أن يبرك ؟ فقال الحجاج : المنافق. فقالت : لا ، والله ما كان منافقا
، إن كان لصواما قواما برا ، فقال : انصرفي فقد خرفت. فقالت : لا ، والله ما خرفت
مذ سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «إنّ في ثقيف كذابا ومبيرا » فأمّا الكذاب فقد رأيته ـ يعني المختار ـ وأما المبير فأنت.
__________________
وحدثنا ابن أبي
الأحوص ، قال : ثنا أحمد بن يونس ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن
وهب بن كيسان ، قال : كان أهل الشام يعيرون ابن الزبير ، يقولون له : يا ابن ذات النطاقين ، فقالت له
أسماء : يا بني إنهم ليعيرونك بالنطاقين ، وإنما كانت نطاقي شققته بنصفين فجعلته
في سفرة رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أحدهما ، وأوكيت قربته بالأخرى. قال : وكانوا بعد إذا
عيّروه بالنطاقين قال : إنّها وربّ الكعبة.
تلك شكاة ظاهر عنك
عارها
__________________
(٤) أنبأنا أبو القاسم البغوي ، قال : ثنا علي بن الجعد ، قال
: أنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عمّن حدّثه ، عن أبي بكر الصدّيق : أنّه طاف بعبد
الله بن الزبير في خرقة ، وهو أول مولود ولد في الإسلام.
__________________
حدثنا حاجب بن أبي
بكر ، قال : ثنا أحمد الدورقي ، قال : ثنا بهز بن أسد ، عن يزيد بن إبراهيم عن
عمرو بن دينار ، قال :
__________________
كان ابن الزبير
إذا قام في الصلاة أرخى يديه ، فلقد جاء حجر منجنيق فذهب طائفة من ثوبه فلم ينفتل.
حدثنا حاجب ، قال
: ثنا أحمد الدورقي ، قال : ثنا جرير عن منصور ، عن مجاهد ، قال :
كان ابن الزبير
إذا صلى كأنه عمود منصوب ، يعني من الخشوع ، قال : وحدث أن أبا بكر كان كذلك.
__________________
وحدثنا أبو العباس
الجمال ، قال : ثنا أبو صالح الطائي ، قال : ثنا هشيم قال : أنا مغيرة ، عن قطن بن
عبد الله ، قال : رأيت ابن الزبير وهو يواصل من الجمعة إلى الجمعة ، فلما كان عند
إفطاره من الليلة المقبلة من ليلة الجمعة يدعو بقدح يقال له : الغمر ، ثم يدعو بكعب من سمن ، ثم يأمر بلبن فيحلب عليه ، ويدعو بشيء من صبر
فيذره عليه ثم يشربه ، فأما اللبن فيقيمه ، وأما السمن فيقطع عنه العطش ، وأما الصبر فيفتق أمعاءه.
__________________
(٣ ٣ / ١ ع
سلمان الفارسي ):
ومما زين الله به
أصبهان وأهلها ، أن جعل سلمان الفارسي منها ، ورزقه صحبة نبينا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حتى قال فيه : ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «سلمان منّا أهل البيت ».
__________________
(٥) حدثنا بذلك
أبو يعلى ، قال : ثنا الحسن بن عمر بن شقيق قال : ثنا جعفر بن سليمان ، عن النضر
بن حميد ، عن سعد الإسكاف ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، أنّ
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «سلمان منّا أهل البيت».
__________________
(٦) وهو ما حدثنا
محمد بن العباس بن أيوب ، قال : ثنا الفضل بن موسى ، ثنا محمد بن خالد بن عثمة ،
عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «سلمان منّا أهل البيت وإنّ الجنة تشتاق إلى أربعة» .
__________________
(٧) حدثنا بذلك
أبو القاسم الرازي ، قال : ثنا أبو زرعة ، قال : ثنا أبو نعيم ، ثنا الحسن بن صالح
، عن أبي ربيعة البصري ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك ، عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
__________________
وسئل علي عن سلمان
فقال : أوتي العلم الأول والآخر .
أخبرناه إسحاق بن
جميل ، قال : أنا أحمد بن منيع ، قال : ثنا أبو أحمد ، عن مسعر ، عن عمرو بن مسرة
، عن أبي البختري ، قال : سئل علي عن سلمان.
__________________
(٨) حدثنا محمد بن
عبد الله بن رسته ، قال : ثنا أبو أيوب سليمان ،
__________________
قال : ثنا ابن وهب
، قال : ثنا معاوية بن صالح ، عن ربيعة بن يزيد ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن يزيد
بن عميرة الكلبي ، عن معاذ بن جبل ـ رضياللهعنه ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «سلمان عاشر عشرة في الجنّة».
(٩) حدثنا محمد بن
العباس ، قال : ثنا أحمد بن عبد الجبار ، قال : ثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن
إسحاق ، قال : حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، عن ابن عباس ، قال
: حدثني سلمان الفارسي قال : كنت رجلا من أهل فارس ، من أهل أصبهان ، من قرية يقال
لها : جي ، وكان أبي دهقان أرضه ، وكان يحبني حبا شديدا لم يحبه شيئا من ماله ولا ولده ، فما زال به حبه إيايّ حتى أجلسني في
البيت ، كما تجلس الجارية ، فاجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار الذي يوقدها ، لا يتركها ساعة ، فكنت كذلك لا
أعلم من أمر الناس شيئا ، إلا ما أنا فيه حتى بنى أبي بنيانا له ، وكانت له ضيعة
فيها بعض العمل ، فدعاني أبي فقال : أي بني إنه قد شغلني ما نرى من بنياني عن
ضيعتي هذه ، ولا بدّ لي من إطلاعها فانطلق إليها فمرهم بكذا وكذا ، ولا تحبس عليّ ، فإنك إن احتسبت علي شغلتني عن كل شيء ، فخرجت أريد
__________________
__________________
ضيعته فمررت
بكنيسة النصارى ، فسمعت أصواتهم فيها فقلت ما هذا؟ فقالوا : هؤلاء
النصارى يصلون ، فدخلت أنظر فأعجبني ما رأيت من حالهم ، فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس ، فبعث أبي في طلبي
من كل وجه ، حتى جئته حين أمسيت ، ولم أذهب إلى ضيعته ، فقال لي أبي : يا بني ،
أين كنت؟ ألم أكن قلت لك؟ فقلت : يا أبتاه مررت بأناس يقال لهم النصارى فأعجبني
كلامهم ودعاؤهم ، فجلست أنظر إليهم كيف يفعلون فقال : أي بنيّ دينك ودين آبائك خير
من دينهم. فقلت : لا والله ما هو بخير من دينهم ، هؤلاء قوم يعبدون الله ويدعونه
ويصلون له ، ونحن إنما نعبد نارا نوقدها بأيدينا ، إذا تركناها ماتت ، فخافني فجعل
في رجليّ حديدا وحبسني في بيت عنده ، فبعثت إلى النصارى فقلت لهم : أين أصل هذا
الدين الذي أراكم عليه؟ قالوا : بالشام. قلت : فإذا قدم عليكم من هناك ناس ،
فآذوني به قالوا : نفعل فقدم عليهم ناس من تجارهم ، فبعثوا إلي أنه قدم علينا تجار
من تجارنا ، فبعثت إليهم إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الخروج ، فآذنوني به قالوا :
نفعل. فلما قضوا حوائجهم وأرادوا الرحيل ، بعثوا إلي بذلك ، فطرحت الحديد الذي في
رجليّ ، ولحقت بهم ، فانطلقت معهم حتى قدمت الشام ، فلما قدمتها قلت : من أفضل من هذا الدين؟ ، قالوا : الأسقف صاحب الكنيسة. فجئته فقلت : إني قد أحببت أن أكون معك في
كنيستك ، وأعبد الله معك فيها ، وأتعلم منك الخير ، قال : فكن معي ، فكنت معه ،
وكان رجل سوء ، كان يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها ، فإذا جمعوها إليه
اكتنزها ، ولم يعطها المساكين ، فأبغضته بغضا شديدا لما رأيت من حاله ، فلم ينشب
أن مات ، فلما جاؤوا ليدفنوه قلت لهم : إن هذا
__________________
رجل سوء ، كان
يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها حتى إذا جمعتموها إليه اكتنزها ولم يعطها المساكين ،
قالوا : وما علامة ذلك؟ قلت : أنا أخرج لكم كنزه قالوا : فهاته ، فأخرجت لهم سبع
قلال مملوءة ذهبا وورقا ، فلما رأوا ذلك ، قالوا : والله لا يدفن أبدا ، فصلبوه
على خشبة ، ورموه بالحجارة ، وجاؤا برجل آخر فجعلوه مكانه ، فلا والله يا ابن عباس
: ما رأيت رجلا قط يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه ، أشد اجتهادا ولا أزهد في الدنيا
ولا أدأب ليلا ولا نهارا منه ، ما أعلمني أحببت شيئا قط قبله حبّه ، فلم أزل معه
حتى حضرته الوفاة فقلت : يا فلان قد حضرك ما ترى من أمر الله ، وإني والله ما
أحببت شيئا قطّ حبّك فإلى من تأمرني ، إلى من توصيني قال : إني والله ما أعلمه إلا
رجل بالموصل ، فأته فإنك تجده على مثل حالي ، فلما مات وغيب لحقت
بالموصل ، فأتيت صاحبها فوجدته على مثل حاله من الاجتهاد والزهادة في الدنيا ،
فقلت له : يا فلان إن فلانا أوصاني أن آتيك فأكون معك قال : فأقم أي بني ، فأقمت
عنده على مثل أمر صاحبه ، حتى حضرته الوفاة فقلت له : إن فلانا قد أوصاني إليك ،
وقد حضرك من أمر الله ما ترى فإلى من؟ قال : والله ما أعلمه أي بني إلا رجلا
بنصيبين ، هو على مثل ما نحن عليه فالحق به ، فلما دفناه لحقت
بالآخر ، فقلت له : إن فلانا أوصاني إليك قال : فأقم يا بني فأقمت عنده على مثل
حالهم حتى حضرته الوفاة ، فقلت له : يا فلان إنه قد حضرك من أمر الله ما ترى ، وقد
كان فلان أوصاني إلى فلان ، وأوصى فلان إلى فلان ، وأوصاني فلان إليك ، فإلى من؟
قال : والله أي بني ما أعلم أحدا على مثل ما نحن عليه إلا رجلا
__________________
بعمورية من أرض الروم ، فإنه ستجده على ما كنا عليه فلما واريته
خرجت ، حتى قدمت على صاحب عمورية فوجدته على مثل حالهم ، فأقمت عنده واكتسبت حتى
كانت لي غنيمة وبقرا ثم حضرته الوفاة فقلت : يا فلان إن فلانا كان أوصاني إلى فلان
فإلى من توصيني قال : يا بني والله ما أعلمه بقي أحد على مثل ما كنا عليه آمرك أن
تأتيه ، ولكنه قد أظلك زمان نبي يبعث من الحرم ، مهاجرته بين حرتين ، إلى أرض سبخة ، ذات نخل وإن فيه علامات لا تخفى ، بين كتفيه خاتم النبوة
، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ، فلو استطعت أن تخلص إلى تلك البلاد فافعل ، فإنه
قد أظلك زمانه فلما واريناه أقمت حتى مرّ بي رجال من تجار العرب من كلب ، فقلت لهم تحملوني معكم حتى تقدموا بي أرض العرب وأعطيكم
غنمي هذه وبقراتي هذه ، فأعطيتهم إياها وحملوني ، حتى إذا جاوزوا بي وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي بوادي القرى ، فو الله لقد
رأيت النخل وطمعت أن يكون البلد الذي نعت لي صاحبي ، وما حقت مني حتى قدم رجل من بني قريظة من يهود وادي القرى فابتاعني من صاحبي الذي
كنت عنده ، فخرج بي حتى قدم المدينة ، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفت نعتها ،
فأقمت في رقي مع صاحبي ، فبعث الله رسوله بمكة لا يذكر لي من أمره شيء مع ما أنا
فيه من الرق ، (حتى) قدم رسول الله
__________________
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قباء وأنا أعمل لصاحبي في نخل له ، فو الله إني لفيها إذ جاءني
عم له ، فقال فلان : قاتل الله بني قيلة والله إنهم الآن لفي قباء مجتمعون على رجل جاء من مكة
يزعمون أنه نبي ، فوالله ما هو إلا أن سمعتها وأخذتنى العرواء : يقول : الرعدة ، حتى ظننت لأسقطن على صاحبي ، فنزلت أقول ما هذا الخبر؟ ما هو؟ فرفع مولاي يده فلطمني لطمة
شديدة فيقول : (فقال) : ما لك ولهذا؟ أقبل قبل عملك فقلت : لا شيء إنما سمعت خبرا فأحببت أن أعلمه ، فلما
أمسيت وكان عندي شيء من طعام فحملته فذهبت إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو بقباء فقلت : إنه بلغني أنك رجل صالح ، وأن معك
أصحابك غرباء وقد كان عندي شيء من الصدقة ،
__________________
فرأيتكم أحقّ مني
بهذه فكل منه فأمسك يده فقال لأصحابه : كلوا كلوا ولم يأكله فقلت في نفسي : هذه خلة مما وصف صاحبي ، ثم
رجعت فتحول رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى المدينة فجمعت شيئا كان عندي ثم جئته فقلت : إني قد
رأيتك لا تأكل الصدقة ، وهذه هدية وكرامة ليست بصدقة ، فأكل رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو يتتبع خياره ، وعلى شملتان لي وهو في أصحابه ، فاستدرت أنظر إلى الخاتم في ظهره ،
فلما رآني أستدبرته عرف أني قد استثبت شيئا قد وصف لي فرفع رداءه عن ظهره
فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه كما وصف لي صاحبي ، فأكببت عليه أقبله وأبكي فقال :
تحول يا سلمان هكذا ، فتحولت فجلست بين يديه ، وأحب أن يسمع أصحابه حديثي عنه فحدثته يا ابن عباس كما
حدثتك فلما فرغت ، قلت : يا رسول الله قد كاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له وأربعين أوقية فأعانني أصحاب رسول
__________________
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالنخل ثلاثين ودية ، وعشرين ودية ، وعشر ، كل رجل منهم على قدر ما عنده ،
فقال لي رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم : فقر لها ، فإذا فرغت فآذني حتى أكون أنا الذي أضعها بيدي ،
فقرها فأعانني أصحابي يقول : ففقرت لها حيث توضع حتى فرغنا منها ، ثم جئت إلى رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : فقلت : يا رسول الله قد فرغنا (منها) ، فخرج معي حتى جاءها فكنّا نحمل إليه الودي فيضعه بيده
ويسوي عليه ، فوالله الذي بعثه بالحق ، ما ماتت منه ودية واحدة وبقيت على الدراهم ، فأتاه رجل من بعض المعادن بمثل
البيضة من الذهب ، فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : أين الفارسي المسلم المكاتب؟ فدعيت له فقال : خذ هذه
يا سلمان فأدّها عنك ، فقلت : يا رسول الله وأين تقع هذه مما علي؟.
__________________
فقال : «إنّ الله
سيؤديها عنك» فو الذي نفس سلمان بيده لقد وزنت لهم منها أربعين أوقية ، فأديت
إليهم وعتق سلمان ، وكان الرق قد حبسني حتى فاتني مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بدر وأحد ثم عتقت فشهدت الخندق ثم لم يفتني معه مشهد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
__________________
(١٠) حدثنا القاسم
بن فورك ، قال : ثنا عبد الله بن أبي زياد ، قال : ثنا سيار بن حاتم العنزي ، قال : ثنا موسى بن سعيد الراسبي ، قال : ثنا أبو معاذ ،
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن سلمان الفارسي ، قال : إني كنت ممن ولد برامهرمز وبها نشأت ، وأما أبي فمن أهل أصبهان ، وكانت أمي لها غنى
وعيش ، فأسلمتني أمي إلى الكتّاب ، فكنت أنطلق مع غلمان من قريتنا إلى أن دنا مني
فراغ من كتّاب الفارسية ، ولم يكن في الغلمان أكبر مني ، ولا
__________________
أطول ، وكان ثم
جبل فيه كهف في طريقنا ، فمررت ذات يوم وحدي ، فإذا أنا فيه برجل طويل عليه ثياب
شعر ، نعلاه من شعر ، فأشار إلي فدنوت منه ، فقال : يا غلام ؛ تعرف
عيسى بن مريم؟ فقلت : لا ، ولا سمعت به ، فقال : أتدري من عيسى بن مريم؟ هو رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ آمن بعيسى. إنه رسول الله ، وبرسول يأتي من بعده اسمه
أحمد ، أخرجه الله من غم الدنيا إلى روح الآخرة ونعيمها. قلت : ما نعيم الآخرة؟
قال : نعيمها لا يفنى ، وهوانها لا يفنى ، فرأيت الحلاوة والنور يخرج من شفتيه ،
فعلقه فؤادي وفارقت أصحابي ، وجعلت لا أذهب ولا أجيء إلا وحدي وكانت
أمي ترسلني إلى الكتّاب فأنقطع دونه ، وكان أول ما علمني شهادة أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له وأن عيسى بن مريم رسول الله ، ومحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعده رسول الله ، والإيمان بالبعث بعد الموت فأعطيته ذلك
، وعلمني القيام في الصلاة ، وكان يقول : إذا قمت في الصلاة فاستقبلت القبلة فإن احتوشتك النار فلا تلتفت ، وإن دعتك أمك وأبوك في الصلاة الفريضة لا تلتفت ، إلا أن
يدعوك رسول من رسل الله ، فإن دعاك وأنت في فريضة فاقطعها ، فإنه لا يدعوك إلا
بوحي من الله ، وأمرني بطول القنوت ، وزعم أنّ عيسى بن مريم قال : طول القنوت
الأمان على الصراط ، وأمرني بطول السجود ، وزعم أن ثواب طول السجود الأمان من عذاب
القبر ، وقال : لا تكونن مازحا ولا حادا تسلم عليك ملائكة الله أجمعين ، وقال : لا تعصين في
__________________
طبع ولا عبث (حتى) لا تحجب عن الجنة طرفة عين ، ثم قال : إذا أدركت محمد بن عبد الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الذي يخرج من جبال تهامة ، فآمن به واقرأ عليهالسلام مني ، فإنه بلغني أن عيسى قال : من سلم على محمد بن عبد
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ رآه أو لم يره كان له محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ شافعا ومصافحا ، فدخل حلاوة الإنجيل في صدري وجعلت أزداد
قوة فأقام في مكانه حولها ، ثمّ قال : أي بني إنك قد أحببتني وأحببتك؟ وإنما قدمت بلادكم هذه أنه كان لي بها قريب فمات
، فأحببت أن أكون قريبا من قبره أصلي عليه (وأسلم عليه) بما عظم الله علينا في الإنجيل من حق القرابة ، قلت
: فما حق القرابة في الإنجيل؟ قال : يقول الله : من وصل قرابته فقد وصلني ، ومن
قطع قرابته فقد قطعني ، وإنه قد بدا لي الشخوص من هذا المكان ، فإن كنت تريد أن تصحبني فأنا طوع يديك ،
قال : قلت : عظمت حق القرابة ، وها هنا والدتي وقرابتي ، قال : إن كنت تريد أن
تهاجر مهاجرة إبراهيم ، فذكر الحديث بطوله ...
__________________
(١١) حدثنا أبو
بكر البزار ، قال : ثنا عباس بن جعفر البغدادي ، قال : ثنا يحيى بن إسحاق ، قال :
ثنا شريك ، عن عبيد المكتب ، عن أبي الطفيل ، عن سلمان قال :
أعطاني رسول الله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مثل هذه ـ يصغرها بيده ـ
__________________
ليؤدي مكاتبتي ،
فصارت في يدي مثل هذه يعني فأضعفت فأديت مكاتبتي.
(١٢) حدثنا
إبراهيم بن محمد بن مالك القطان ، قال : ثنا ابن حميد قال : ثنا عبد الله بن عبد
القدوس ، قال : ثنا عبيد المكتب ، عن أبي الطفيل ، عن سلمان ، قال : كنت رجلا من
أهل جي وكانوا يعبدون الخيل البلق ، وكنت أعلم أنهم ليسوا على شيء فكنت أطلب الدين فذكر
القصة بطولها ، قال : فأتيت النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وحملت معي تمرا أزديا فوضعته بين يديه ، فقال : ما هذا؟ قلت : هدية فأكل
منها وقال : كلوا. ثم سألته وأخبرته خبري فقال : اذهب فاشتر نفسك ، فأتيت صاحبي ،
فقلت : بعني نفسي ، فقال : أبيعك نفسك بأن تغرس مئة نخلة ، فإذا نبتت أعطيتني وزن نواة ذهب ، فأتيت النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأخبرته فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : أعطه ما شاء لك وانظر الشن الذي يسقي منه ذلك النخل ،
__________________
فجئني منه بدلو من
ماء فابتعت منه لنفسي ، ثم جئت بدلو من ماء من الشن الذي يسقي به النخل ، فقال
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : صبّه فيها ، فلما نبت وحسن نباته أتيت النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأمر لي بقطعة من ذهب ، فأتيت بها إلى الرجل ، فوضعتها
في كفة الميزان ، ثم وضع النواة في الجانب الآخر ، فما استقلت من الأرض.
حدثنا محمد بن
الفضل بن الخطاب قال : ثنا محمد بن الوليد العسكري قال : ثنا موسى بن إسماعيل قال : ثنا عباد بن العوام ، عن
هارون
__________________
الأعور ، عن قتادة
في قوله تعالى (وَمَنْ عِنْدَهُ
عِلْمُ الْكِتابِ) قال : سلمان.
حدثنا محمد بن
العباس ، قال : ثنا يعقوب الدورقي قال : ثنا معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي
عثمان ، عن سلمان ، قال : كنا لا نفقه كلامه من شدة عجمته ، وكان يسمّي الخشب خشبان.
(١٣) حدثنا عبد
الله بن محمد بن الحجاج ، قال : ثنا عبد الرحمن بن
__________________
أحمد بن عباد
عبدوس ، قال : ثنا قطن بن إبراهيم النيسابوري قال : ثنا وهب بن كثير بن عبد الرحمن
بن عبد الله بن سلمان الفارسي ، قال : حدثتني أمي عن
__________________
أبي كثير بن عبد
الرحمن بن عبد الله بن سلمان الفارسي ، عن أبيه ، عن جده أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أملى هذا الكتاب على علي بن أبي طالب : هذا ما فادى محمد بن عبد الله رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فدى سلمان الفارسي من عثمان بن الأشهل اليهودي ثم القرظي
بغرس ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية ذهبا ، فقد برىء محمد بن عبد الله رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لثمن سلمان الفارسي ، وولاؤه لمحمد بن عبد الله رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأهل بيته ، فليس لأحد على سلمان سبيل.
شهد على ذلك أبو
بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وحذيفة بن اليمان ، وأبو ذرّ الغفاري ، والمقداد بن الأسود ،
__________________
وبلال مولى أبي بكر ، وعبد الرحمن بن عوف ، وكتب علي بن أبي طالب يوم الاثنين في جمادى الأولى مهاجر
محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(١٤) حدثني أبو
بكر بن أحمد المؤدب ـ وكان ممن يختلف ويجالسني قال : ثنا عبدوس بهذا الحديث سواء.
قال عبد الله : ذكر هذا الحديث لأبي بكر بن أبي داود ،
فقال :
__________________
لسلمان ثلاث بنات
: بنت بأصبهان ، وزعم جماعة أنهم من ولدها ، وابنتان بمصر .
وحدثنا إبراهيم بن
محمد بن الحسن ، قال : ثنا سعيد بن أبي زيدون قال : ثنا الفريابي ، عن سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن أبي الحجّاج الأزدي ، قال : لقيت سلمان بأصبهان ، وروى فطر بن خليفة ، عن أبي إسحاق ، عن
__________________
أبي الحجاج الأزدي
قال : لقيت سلمان بأصبهان وكان في قريته وسألته عن القدر فقال : أن تعلم أن ما
أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك. وفي هذا الخبر دليل على أن سلمان
قدم أصبهان في أيام عمر بن الخطاب.
حدثنا إسحاق بن
حكيم ، قال : ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد ، عن
__________________
عبد الرزاق ، عن
ابن التيمي ، عن أبيه ، قال : سمعت سلمان يذكر أنه تداوله بضعة عشر ربّا من رب إلى رب.
وذكروا أنه مات
بالمدائن سنة ثلاث وثلاثين .
سمعت جعفر بن أحمد
بن فارس يقول : سمعت العباس يقول لمحمد بن النعمان : يقول أهل العلم : عاش سلمان
ثلاثمائة وخمسين سنة .
وذكر بعض من عني
بهذا الشّأن ، أن لسلمان رهطا من ولد أخيه ماها
__________________
ذر فروخ قد تفرقوا في البلدان ، فبمدينة شيراز من كور فارس جماعة منهم ، زعيمهم رجل يقال له : غسان بن
زاذان بن شاذويه بن ماه بنداد بن ماها ذو فروخ أخي سلمان بن بدخشان ، ومعهم كتاب
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بخط علي بن أبي طالب ، هو في يد غسان هذا مكتوب في أديم
أبيض مختوم بخاتم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وخاتم أبي بكر وعلي ـ رضياللهعنهما ـ ، وهذه نسخة العهد :
(١٥) بسم الله
الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ سأله سلمان وصية بأخيه ماها ذر فروخ ، وأهل بيته ، وعقبه
من بعده ، ما تناسلوا من أسلم منهم ، وأقام على دينه ، سلام الله. أحمد إليك الذي
أمرني أن أقول : لا إله إلّا الله وحده لا
__________________
شريك له ، أقولها
وآمر الناس بها ، إنّ الخلق خلق الله ، والأمر كله لله ، خلقهم وأماتهم ، وهو
ينشئهم ، وإليه المصير ، وإن كل أمر يزول ، وكل شيء يبيد ويفنى ، وكل نفس ذائقة
الموت. من آمن بالله وبرسله كان له في الآخرة ترعة الفائزين ، ومن أقام على دينه تركناه ، ولا إكراه في
الدين. هذا كتاب لأهل بيت سلمان ، أن لهم ذمة الله وذمتي ، على دمائهم وأموالهم في
الأرض التي يقيمون فيها : سهلها وجبلها ، ومراعيها وعيونها ، غير مظلومين ، ولا
مضيق عليهم ، فمن قرىء عليه كتابي هذا من المؤمنين والمؤمنات ، فعليه أن يحفظهم
ويكرمهم ويبرهم ، ولا يتعرض لهم بالأذى والمكروه ، وقد دفعت عنهم جز الناصية والجزية والحشر والعشر ، وسائر المؤن
والكلف ، ثم إن سألوكم فأعطوهم ، وإن استغاثوكم فأغيثوهم ، وإن استجاروا بكم
فأجيروهم ، وإن أساؤوا فاغفروا لهم ، وإن أسيء إليهم فامنعوا عنهم ، ولهم أن يعطوا
من بيت مال المسلمين في كل سنة مائتي حلة في شهر رجب ، ومائة في الأضحية ، فقد استحق سلمان ذلك منا
، لأنّ الله تبارك وتعالى قد فضل سلمان على كثير من المؤمنين ، وأنزل عليّ في
الوحي : أن الجنة إلى سلمان أشوق من سلمان إلى الجنة ، وهو ثقتي وأميني ، وتقي
ونقي ، ناصح لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمؤمنين ، وسلمان منا أهل البيت ، فلا يخالفنّ أحد هذه
الوصية فيما أمرت به من الحفظ والبر لأهل بيت سلمان
__________________
وذراريهم ، من
أسلم منهم ، أو أقام على دينه ، ومن خالف هذه الوصية فقد خالف الله ورسوله ، وعليه
اللّعنة إلى يوم الدين ، ومن أكرمهم فقد أكرمني ، وله من الله الثواب ، ومن آذاهم
فقد آذاني ، وأنا خصيمه يوم القيامة ، جزاؤه جهنم ، وبرئت منه ذمتي والسلام عليكم.
وكتب علي بن أبي
طالب بأمر رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في رجب سنة تسع من الهجرة ، وحضر أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد وسعيد وسلمان وأبو ذر وعمار وصهيب وبلال
__________________
والمقداد وجماعة
أخر من المؤمنين.
حدثنا محمد بن
حمزة ، قال : ثنا أحمد بن أبي خيثمة ، قال : أنا مصعب ابن عبد الله ، قال : سلمان
الفارسي يكنى أبا عبد الله ، وهو من أهل رامهرمز من أهل أصبهان ، من قرية يقال لها : جيّ ، وكان أبوه دهقان أرضه ، وكان
على المجوسية ، ثم لحق بالنّصارى ، رغب عن المجوس ، ثم صار إلى المدينة ، وكان
عبدا لرجل من اليهود ، فلما قدم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مهاجرا إلى المدينة ، أتاه فأسلم ، وكاتب مولاه اليهودي
، فأعانه النبي ـ صلى
__________________
الله عليه وسلم ـ والمسلمون
حتى عتق ، وتوفي في ولاية عثمان بن عفان بالمدائن .
حدثنا عبد الله بن
محمد بن العباس قال : ثنا سهل بن عثمان قال : ثنا ابن أبي زائدة ، عن إسرائيل ، عن
عطاء بن السائب ، عن أبي البختري قال : غزا سلمان فقال : دعوني أدعوهم ، كما سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ دعا أهل الشرك ، فقال لهم : إنما كنت رجلا منكم ، فهداني
الله ، فإن أنتم أسلمتم ، كان لكم ما لنا ، وعليكم ما علينا ، وإن أبيتم ، تركتكم
على دينكم ،
__________________
وأعطيتم الجزية عن
يد وأنتم صاغرون ، وإن أبيتم نابذتكم على سواء ، إن الله لا يحب الخائنين.
رواه زائدة عن
عطاء ، فقال فيه : قالوا : ما الجزية؟ قال : «درم وخاكت بسر».
__________________
(٤ ١ / ٤ ع ذكر أبي
موسى الأشعري ):
عبد الله بن قيس
بن سليم بن حضار بن حرب بن عامر بن عنز بن بكر بن عامر بن عذر بن وائل بن (ناجية) بن الجماهر بن الأشعر .
__________________
حدثنا بنسبه عمر
بن أحمد بن إسحاق قال : ثنا شباب. توفي سنة أربع وأربعين.
قدم على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بخيبر مع سفينة جعفر بن أبي طالب .
وقيل : له ابن
بأصبهان ، يقال : إن اسمه موسى ، قتل بفتح جاورسان .
__________________
رواه محمد بن عاصم
بن يحيى عن يسار بن سمير قال : حدثني عتاب ابن زهير بن ثعلبة ، قال : حدثني مرداس بن نمير عن أبيه ،
قال :
كنت من حرس عبد
الله بن قيس حين قدم أصبهان ، فقام على شرف الحصن علج ، فرمى ابنه بسهم ، فغرز السهم في عجزه ، فاستشهد وهو ساجد ، وجزع عليه أبوه جزعا شديدا ، حتى
أغمي عليه ، فأفاق وظفرنا بالعلج فقتلناه ، ثم نزع عن ابنه الخف ، وصلى عليه ،
ودفنه بكلمه وثيابه ، وسوى قبره ، ووكّل به جماعة يحفظون قبره حتى
يأتيهم أمره.
قال مرداس بن نمير
عن أبيه ، قال : كنت ممن حرس أبا موسى حين قدم أصبهان في موضع فيه ماء وأشجار
على شط وادي ، فكنا نحرس العسكر
__________________
في كل ليلة مائة
نفس فرسان ورجالة .
(١٦) حدثنا أحمد
بن علي بن الجارود ، قال : ثنا أبو سعيد الأشجّ ، قال : ثنا حفص بن غياث ، عن بريد
بن أبي بردة ، عن أبيه ، عن أبي موسى ، قال : قدمنا على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ زمن خيبر ، ونفر من الأشعريين بعدما افتتحها بثلاث ،
فأسهم لهم مع الذين فتحوها.
__________________
ذكر صلاة أبي موسى
بأصبهان :
حدثنا أحمد بن
جعفر الجمال الرازي ، قال : ثنا محمد بن مقاتل ، قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر الرازي ، عن قتادة ، عن أبي العالية ، قال :
صلى بنا أبو موسى الأشعري بأصبهان صلاة الخوف ، وما كان كثير خوف ؛ ليرينا صلاة
رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، فقام وكبر ، (وكبر) معه طائفة من القوم ، وطائفة بإزاء العدو ، وعليهم السلاح ، فصلى بهم ركعة وانصرفوا ،
__________________
فقاموا مقام
إخوانهم ، فجاءت الطائفة الأخرى ، فصلى بهم الركعة الأخرى ، ثمّ سلم ، فصلى كل قوم
الركعة الباقية عليهم وحدانا.
حدثنا الفتح بن
إدريس ، قال : ثنا حميد بن مسعدة ، قال : ثنا يزيد بن زريع عن سعيد ، عن قتادة ، عن
أبي العالية الريّاحي ، أن أبا موسى الأشعري ، وهو بالدار من أصبهان صلى بهم صلاة الخوف ، وما بهم يومئذ من كبير خوف
، ولكن أحب أن يعلمهم سنته وصلاته ، فصفهم صفين ، فتمت للإمام ركعتان في جماعة ،
وللناس ركعة ركعة.
__________________
ذكر ما حدث
بأصبهان بعد افتتاحه
(١٧) حدثنا الحسن
بن علي بن يونس ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا أبو حرة وابن
فضالة ، عن الحسن ، عن أسيد ـ أحسبه ـ
__________________
ابن المتشمّس قال
: أفلنا مع أبي موسى الأشعري من أصبهان حين افتتحناها ، فنزلنا منزلا ، فإذا
بعقيلة جارية أم ولد أبي موسى ، فقال : ألا رجل يقوم فينزل كنته ، فقمت فأنزلتها ، ورجعت إلى مجلسي ، فقال الأشعري :
ألا أحدثكم حديثا حدثنا محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ؟ قلنا : بلى ـ يرحمك الله ـ فقال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : إن بين يدي الساعة الهرج ، قلنا : وما الهرج؟ قال :
القتل ، قلنا للأشعري : أكثر مما نقتل. فوالله إنّا لنقتل في السنة أكثر من مائة ألف من المشركين. [فقال : إنه ليس
بقتلكم المشركين] ، ولكنه قتل يكون بينكم معشر الإسلام ، حتى يقتل الرجل
جاره وابن عمه ، ويقتل أخاه ، قال : فأبلسنا ، حتى ما منا أحد يبدي عن واضحة . قال : وجعل بعضنا ينظر في وجوه بعض من المودة التي بيننا
يومئذ ، إن الرجل ليفارق أخاه فيطول عليه ليلة حتى يلقاه ، لو لا أنه يستحي من
الناس للثمه . قال : وعلمنا أن صاحبنا لم يكذبنا قلنا : وفينا كتاب الله؟
قال : نعم ، وفيكم كتاب الله ، قلنا : واحدة نسألك عنها؟ أخبرنا عن عقولنا
__________________
اليوم ، أهي معنا
يومئذ؟ قال : لا. إنه تنزع عقول عامة أهل الأرض ذلكم الزمان ، ويخلف له هباء من الناس ، يرى أكثرهم أنهم على شيء ، وايم الله ، لقد
خشيت أن يدركني وإياكم. فإن أدركني وإياكم ، ما لنا مخرج فيها ، عهد إلينا نبينا ـ
صلىاللهعليهوسلم ـ إلا أن نخرج منها كما ولجنا فيها.
قال الحسن : يعني
سالمين.
(١٨) حدثنا أبو
يعلى ، قال : ثنا عبد الواحد بن غياث ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن الحسن
، قال : حدث أبو موسى ، وهو بالدار
__________________
بأصبهان ، عن رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فذكر نحوه.
حدثنا إبراهيم بن
محمد بن الحسن ، قال : ثنا سعيد بن أبي زيدون ، قال : ثنا آدم ، قال : ثنا مبارك
بن فضالة ، عن الحسن ، قال : غزونا مع أبي موسى إلى أصبهان.
__________________
(١٩) وحدثنا أبو
حفص عمر بن عبد الرحمن السلمي ، قال : ثنا أبو الربيع الزهراني ، قال : ثنا الحارث
بن عبيد الإيادي ، عن أبي عمران الجوني قال : بينما أبو موسى مصافّ العدو
بأصبهان ، فقال : سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم يقول :
«إن أبواب الجنة
تحت ظلال السيوف».
فقام إليه شاب قد
خرق الظهور كميّ مباه ، فقال : كيف قلت؟ فأعاد عليه الحديث ، فالتفت إلى أصحابه ،
فسلم عليهم ، ثم دخل تحتها.
__________________
ذكر أبناء أبي
موسى الأشعري :
وكان لأبي موسى
الأشعري خمسة من البنين :
إبراهيم ، وأبو بردة ، وأبو بكر ، وموسى ، ومحمد ، بنو أبي موسى. وأبو بردة أكثرهم رواية عن أبي موسى ، وروى أبو بردة عن علي بن أبي طالب ،
وابن عمر ، وعائشة ، ومعاوية.
فأما إبراهيم بن
أبي موسى ، فروى عنه الشعبي وعمارة بن عمير.
__________________
(٢٠) حدثنا إسحاق
بن أحمد قال : ثنا أبو كريب قال : ثنا أبو أسامة ، قال : ثنا بريد بن عبد الله بن أبي بردة ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى قال
: ولد لي غلام ، فأتيت به النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فسماه إبراهيم ، وحنكه بتمرة ، ودعا له بالبركة ، ودفعه
إلي.
أخبرنا عبد الغفار
الحمصي ، قال : ثنا المسيب بن واضح ، قال : ثنا
__________________
محمد الثقفي ، عن أبي العلاء ، عن ابن حلبس ، عن أبي إدريس ، عن أبي
موسى الأشعري ، أنه صام حتى صار كأنه خلال ، فقيل له : يا أبا موسى ، لو أجممت نفسك قال : إجمامها أريد ، أرأيتم السوابق من الخيل ليس
تضمر؟ قال : وكان إذا خرج من بيته ، يلتفت إلى أم موسى فيقول : يا أم موسى ، شدّي
رحلك ، فإنه ليس على جسر جهنم معبرة.
__________________
٥ ١ / ٥ ع رافع بن
خديج الأنصاري
:
قدم أصبهان في خلافة
عمر ، فأصاب بها عشرة أعبد.
وحدثناه محمد بن
عبد الله بن رستة ، قال : ثنا عبد الله بن عمران ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا صيفي بن سالم ، عن عبد الحميد الأنصاري ،
__________________
عن جدته ، قالت :
لما حصر عثمان عطش ، فقال : واعطشاه ، فقام رافع بن خديج ، هو وابناه عبد الله وعبيد الله وغلمان أصابهم بأصبهان حين فتحوها ، فتسلح وتسلحوا ، فقال
: والله لا أرجع حتى أصل إليه .
حدثنا محمد بن
الحسن بن علي بن بحر ، قال : ثنا عمرو بن علي ، قال : مات رافع بن خديج سنة أربع
وسبعين ، ومات قبل ابن عمر ، شهده ابن عمر .
__________________
٦ ١ / ٦ ع عبد الله
بن يزيد الخطمي الأنصاري :
من أصحاب رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قدم أصبهان .
رواه جرير بن عبد
الحميد ، عن منصور عن أبي إسحاق ، قال : خرج الناس منهم عبد الله بن أبي أرقم ،
وزيد بن أرقم ، وأميرهم عبد الله بن يزيد ،
__________________
ورواه سفيان ، عن
منصور والأعمش ، عن موسى بن عبد الله بن يزيد ، قال : خرج مملوك لنا إلى أصبهان ،
ومعه أربعة آلاف (درهم) ، (فمات وخلف عشرين ألفا) ، فخرج أبي ليحمله ، فقيل : إنه كان يقارف الربا ، فأخذ أبي الأربعة الآلاف وترك الباقي.
__________________
٧ ١ / ٧ عبد الله بن
عامر
:
ابن كريز بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب ، يكنى
بأبي عبد الرحمن ، وابنه عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر بن كريز .
وكان عثمان ولّى
عبد الله بن عامر البصرة ، وسار منها إلى أصبهان غازيا ، وعلى مقدمته عبد الله بن
بديل ، فأتى أصبهان ، وخلف على البصرة زيادا ، فصالحه أهل أصبهان أن يؤدوا إليه كما يؤدي أهل فارس .
وتوفي النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وعبد الله بن عامر ابن ثلاث عشرة سنة .
__________________
روى شباب العصفري
قال : ثنا الوليد بن هشام ، بن قحذم ، عن أبيه ، عن جده ، (عن الحسن) ، قال : قال أبو موسى الأشعري :
يقدم عليكم غلام
كريم الجدات والعمات ، قال : فقدم علينا عبد الله بن عامر ، وهو ابن أربع وعشرين سنة ، قال :
فغزا أصبهان ، وعلى مقدمته عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي .
وقد روى عبد الله
بن عامر عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أحاديث.
__________________
(٢١) أخبرنا أبو يعلى الموصلي قال : ثنا مصعب بن عبد الله الزبيري ،
قال : ثنا أبي ، عن مصعب بن ثابت ، عن حنظلة بن قيس الزرقي ، عن عبد الله بن
الزبير وعبد الله بن (عامر بن) كريز ، أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : قال : «من قتل دون ماله فهو شهيد».
__________________
ومن ولده سعيد بن عثمان بن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر الكريزي .
قدم أصبهان ،
وحدّث بها ، وحدّثنا عنه يوسف بن محمد المؤذن ، يروي عن حفص بن غياث ، وابن إدريس
، وأبي معاوية ، ويحيى القطان.
نخرج حديثه في
موضعه.
__________________
٨ ١ / ٨ بديل
بن (عامر بن)
ورقاء بن عمرو بن
ربيعة بن عبد العزي بن ربيعة بن جزي بن عامر بن مازن الخزاعي
:
ذكر علي بن مجاهد قال : افتتحت أصبهان في خلافة عمر ، سنة إحدى وعشرين ، لما
قتل النعمان بنهاوند ، وولي حذيفة ، وفتح الله على يده (بعد حذيفة) الجبل ، فبعث بديل بن ورقاء ، ومجاشع بن مسعود ،
__________________
__________________
__________________
فتوجها نحو أصبهان
، فعدلا عن مدينتها ، فأخذ بديل إلى الطبسين ، وفتحهما ، ثم خرج يريد قهستان من أرض خراسان ، وأقبل مجاشع إلى قاشان ، ففتح القاشانين ، وأتى حصن أبروذ ، فحاصر من فيه ، فقتل المقاتلة ، وسبى الذّرّية ، وكان
أبو موسى أمير البصرة ، فخرج أبو موسى يريد ما يليه من الأرض ، فوافى أبو موسى من
قبل الأهواز يريد أصبهان ، وسار مجاشع ، فنزل الرّاوند جرم قاشان ، فصالحهم ، ومضى حتى نزل شق التيمرة ، فصالحهم ، وسار أبو
موسى حتى نزل بجبال جي مدينة أصبهان ، فنزل على فرسخ منها بمكان يقال له : «دارك» ، فحصر أهلها ، وقتل ، وبلغ ذلك أهل جيّ فصالحوا على نصف
جيّ ، وفتح أبو موسى نصفها عنوة ، وصلّى أبو موسى بأصبهان صلاة الخوف. وقتل بديل
بن ورقاء يوم الصّفّين سنة سبع وثلاثين .
__________________
وبديل : هو الذي
بعثه النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ينادي أيام منى ، أنها أيام أكل وشرب.
(٢٢) حدثنا أبو
جعفر ، محمد بن العباس بن أيوب ، قال : ثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ، قال : ثنا
مفضل بن صالح ، قال : ثنا عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، أنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أمر بديل بن ورقاء ـ يعني أيّام التشريق ـ أن لا تصوموا
في هذه الأيّام ، فإنّها أيّام أكل وشرب.
__________________
__________________
(٢٣) حدثنا أحمد
بن سعيد الدمشقي ، قال : ثنا هشام بن عمّار ، قال : ثنا شعيب بن إسحاق ، قال : ثنا ابن جريج ، عن محمد بن يحيى
، عن أم الحارث بنت عياش بن أبي ربيعة ، أنّها رأت بديل بن ورقاء يطوف على جمل
أورق بمنى ، يقول : إنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ينهي عن صوم هذه الأيّام ، ويقول : «إنّها أيام أكل وشرب»
.
__________________
٩ ١ / ٩ خ ـ م ـ د ـ ق
مجاشع بن مسعود السلمي :
من أصحاب رسول
الله ، صلىاللهعليهوسلم.
وله أخ يقال له :
مجالد بن مسعود .
وقتل مجاشع يوم
الجمل سنة ست وثلاثين ، ودفن في داره في بني سدوس بالبصرة ، وهو من المهاجرين ،
وله روايات.
حدثنا محمد بن عبد
الله بن رسته ، قال : ثنا أبو كامل الفضيل بن
__________________
الحسين ، قال :
ثنا أبو عوانة ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : قيل لمجاشع ابن مسعود : ألا تختط ؟ قال : ليس بهذا أمرنا ، ولا لهذا بعثنا ، أمرنا أن نقاتل
أهل الحرب ، ثم يكونوا لنا قوة.
حدثنا الحسن بن
علي بن يونس ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا قرة ، عن الحسن ،
قال : قيل لمجاشع بن مسعود السلمي لمّا قدم البصرة : ألا تختط؟ قال : ما لهذا
هاجرنا.
__________________
حدثنا عبدان ، قال
: ثنا إسحاق بن الضيف ، قال : ثنا روح ، عن قرة ، عن الحسن ، قال : قال الناس لمجاشع بن مسعود : ألا تختط؟ فقال : والله ما
لهذا هاجرنا.
(٢٤) حدثنا أحمد
بن الحسن بن عبد الملك ، قال : ثنا المخرّمي ، قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنا قرة بن خالد ، عن مجاشع بن عبد
الملك بن مجاشع ،
__________________
قال : جاء مجاشع
بأخيه مجالد زمن الفتح إلى النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : يا رسول الله : هذا مجالد يبايع على الهجرة.
فأعرض عنه ، ثم قال : أين الذي جاء يبايع على الهجرة؟.
قال مجالد : أنا
يا رسول الله. قال : أما الهجرة فقد مضت ، ولكن الجهاد والعمل الصالح ، وكان مجالد
يشهد على نفسه بهذا بالبصرة.
__________________
١٠ ١ / ١٠ خ ـ م ـ س
، وعائذ بن عمرو المزني :
وهو ابن عمرو بن
هلال بن عبيد بن يزيد بن رواحة بن زبيد بن عدي بن عامر ، وأخوه رافع بن عمرو ، وهم
من مزينة.
ذكر محمد بن عاصم
عن يسار بن سمير ، قال : ثنا عتّاب بن زهير بن ثعلبة ، قال : ثني مرداس ، عن أبيه
، قال : خرج أبو موسى الأشعري من أصبهان ، وولّى عائذ بن عمرو المزني في جماعة من
أهل الكوفة وأهل البصرة ، وعائذ بن عمرو : أخو رافع بن عمرو ، وكان من أصحاب رسول
الله ـ صلى الله
__________________
عليه وسلم ـ مات بالبصرة وقبره في شارع المربد عند المنارة ، ومات عائذ في ولاية عبيد الله بن زياد . يكنى أبا هبيرة.
أخبرنا أبو يعلى ،
قال : ثنا شيبان ، قال : ثنا جرير بن حازم ، قال : ثنا الحسن أنّ عائذ بن عمرو دخل
على عبيد الله بن زياد.
وحدثنا محمد بن
يحيى ، قال : ثنا بندار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا قرة بن خالد ، قال :
سمعت الحسن ، قال : قال عائذ بن عمرو لابن زياد : أيها الأمير ، إن شر الرعاء
الحطمة ، فانظر أن لا تكون منهم. فقال : اسكت. إنما
__________________
أنت من نخالة
أصحاب محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : وكانت لهم نخالة؟!
__________________
١١ ١ / ١١ النابغة
الجعدي
:
واسمه قيس بن عبد
الله بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن عامر ابن صعصعة ، وهو الشاعر ، يكنى أبا ليلى.
وقدم أصبهان مع
الحارث بن عبد الله بن عبد عوف بن أصرم ، وكان سيّره معاوية إلى أصبهان ، وكان الحارث واليا عليها
من قبل عليّ ، ثم من قبل معاوية ، ومات النابغة بأصبهان ، وله غير حديث.
__________________
(٢٥) وحدثنا أحمد
بن إسحاق الجوهري ، قال : ثنا إسماعيل بن عبد الله بن زرارة ، قال : ثنا
يعلى بن الأشدق العقيليّ ، قال : سمعت نابغة بن جعدة يقول : أتيت النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأنشدته :
بلغنا السماء
مجدنا وثراؤنا
|
|
وإنّا لنرجو فوق
ذلك مظهرا
|
فقال : «إلى أين
المظهر يا أبا ليلى؟».
فقلت : إلى الجنة
، فقال : «أجل إن شاء الله» .
ولا خير في جهل إذا لم يكن له
|
|
حليم إذا ما
أورد الأمر أصدرا
|
__________________
فقال صلىاللهعليهوسلم
ـ :
«لا يفضض الله فاك».
قال : فلقد رأيته وقد أتى عليه مائة سنة ونيف وما سقط له سن.
__________________
(٢٦) حدثنا أبو
العباس البزّار ، قال : ثنا داود بن رشيد ، قال : سمعت يعلى بن الأشدق ؛ قال :
سمعت النابغة يقول : أنشدت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فذكر مثله ، فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «أجدت. لا يفضض الله فاك».
__________________
١٢ ١ / ١٢ ٤ ومخنف بن
سليم بن الحارث
:
ابن عوف بن ثعلبة
بن عامر بن ذهل بن مازن بن ذبيان بن ثعلبة بن الدول ابن سعد.
ولاه عليّ بن أبي
طالب ـ رضياللهعنه ـ أصبهان بعدما هلك يزيد بن قيس .
حدثنا الحسن (بن) محمد ، قال : ثنا أبو زرعة ، قال : ثنا محمد بن العلاء أبو
كريب ، قال : ثنا عمرو بن يحيى (بن عمرو) بن سلمة ، قال :
__________________
سمعت أبي يحدث عن
أبيه عمرو ، قال : كان عليّ بن أبي طالب استعمل يزيد ابن قيس على الريّ ، ثم
استعمل مخنف بن سليم على أصبهان.
واستعمل على
أصبهان عمرو بن سلمة ، فلما انفتل عمرو بن سلمة ، عرض له الخوارج ، فتحصن في حلوان ومعه الخراج والهدية ، فلما انصرف عنه الخوارج ، أقبل
بالهدية وخلف الخراج بحلوان ، فلما قدم عمرو ابن سلمة على عليّ رضياللهعنه أمره فليضعها في الرحبة ، ويضع عليها أمناءه حتى يقسمها بين المسلمين ، فبعثت إليه أم كلثوم بنت عليّ : أرسل
__________________
إلينا من هذا العسل الذي معك ، فبعث إليها بزقين من عسل وزقين من سمن ، فلما أن خرج عليّ إلى الصلاة عدها ،
فوجدها تنقص زقين ، فدعاه فسأله عنهما ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لا تسألني
عنهما ، ثم تأتي بزقين مكانهما. قال : عزمت عليك لتخبرني ما قضيتهما ؟.
قال : بعثت إليّ
أم كلثوم فأرسلت بهما إليها ، قال أمرتك أن تقسم فيء المسلمين بينهم ، ثم بعث إلى أم كلثوم أن ردّي الزقين ،
فأتي بهما (مع) ما نقص منهما ، فبعث إلى التجّار قوموهما مملوءتين
وناقصتين ، فوجدوا فيهما نقص ثلاثة دراهم وشيئا ، فأرسل إليها أن أرسلي إلينا
بالدراهم ، ثم أمر بالزقاق فقسمت بين المسلمين.
وقد روي عن النبي
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حديثا لم يروه غيره.
(٢٧) حدثنا أبو
يعلى ، قال : ثنا غسّان بن الربيع ، عن ثابت بن يزيد ،
__________________
عن ابن عون ، عن
أبي رملة ، عن مخنف بن سليم ، قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم :
«على كل أهل بيت
في كل عام أضحية وعتيرة». وأبو رملة : اسمه عامر.
__________________
(٢٨) وأخبرنا حامد
بن شعيب ، قال : ثنا سريج بن يونس ، قال : ثنا ابن عليه ، عن ابن عون عن أبي رملة
، عن مخنف بن سليم أنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال بعرفة :
«يا أيّها النّاس
، إن على كل أهل بيت أضحية وعتيرة».
__________________
(٢٩) حدثنا محمد
بن عبد الله بن رستة ، قال : ثنا سعيد بن عنبسه ، قال : ثنا ابن علية ومعاذ بن
معاذ ، عن ابن عون ، قال : ثنا أبو رملة ، عن مخنف بن سليم ، قال : سمعت النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : إنّ على كلّ مسلم في كل عام أضحية وعتيرة.
__________________
١٣ ١ / ١٣ وخالد بن
غلاب الطائفي القرشي
:
من عمّال عثمان على أصبهان ، وهو جد الغلابيين الذين هم بالبصرة. وفيما كتب إليّ
محمد بن عبدان إجازة ، قال : ثنا الأحوص بن المفضل بن غسان ، بن خالد بن معاوية
بن عمرو بن خالد بن غلاب ، قال : ثني محمد بن غسان ، قال : ثني خالد بن عمرو ، عن
أبيه عمرو بن معاوية ، عن أبيه معاوية
__________________
ابن عمرو ، عن
أبيه عمرو بن خالد ، قال :
لما حصر الناس
عثمان بن عفان ، خرج أبي يريد نصره ، وكان يتولى أصبهان ، فخرج من أصبهان ، فاتصل
به قتله ، فانصرف إلى منزله بالطائف ، وقدمت في ثقل أبي ، فصادفت وقعة الجمل ، فسمعت قوما من أهل الكوفة يقولون : إن أمير المؤمنين
يقسم فينا نساءهم ، فأتيت الأحنف ، فقلت :
يا أعرابي سمعت
كذا وكذا ، فقال : امض بنا إلى أمير المؤمنين ، فدخلنا على علي بن أبي طالب ، فقال
: إن ابن أخي أخبرني كذا وكذا ، فقال : معاذ الله يا أحنف! ثم قال : من هذا؟ قال :
عمرو بن خالد. قال : ابن غلاب؟ قال : نعم ، قال : أشهد ، لرأيت أباه بين يدي رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وذكر الفتن ، فقال : يا رسول الله .. أدع الله أن يكفيني
الفتن ، فقال :
«اللهم اكفه الفتن ، ما ظهر منها وما
بطن».
وقيل في ذلك :
كفي فتن الدنيا
بدعوة أحمد
|
|
ففاز بها في
الناس ما ناله خسر
|
__________________
ظواهرها جمعا
وباطنها معا
|
|
فصح له في أمره
السر والجهر
|
رواه علي المرتضى
عن محمد
|
|
ففي مثل هذا ما
يطيب به
النشر
|
ومن ولده معاوية
بن عمرو بن غلاب ـ وغلاب امرأة ـ ومحمد بن غسان ، وغسان بن الفضل ، والمفضل بن
غسان الغلابي .
__________________
١٤ ١ / ١٤ وحممة
الدوسي
:
من أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مات بأصبهان مبطونا.
(٣١) حدثنا أبو
بكر الجارودي وأبو عبد الرحمن المقرىء ، قال : ثنا يونس بن حبيب ، قال : ثنا أبو
داود ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن داود الأودي ،
__________________
عن حميد بن عبد
الرحمن الحميري ، عن حممة رجل من أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ غزا أصبهان
مع الأشعري ، وفتحت أصبهان في زمن عمر ، فقال : أللهم إن حممة يزعم أنه يحب لقاءك
، أللهم إن كان صادقا فاعزم له بصدقه ، وإن كان كاذبا فاحمل عليه ، وإن كره ،
أللهم لا ترجع حممة من سفره هذا .
فمات بأصبهان ، فقام الأشعري ، فقال : يا أيها الناس ، إنّا والله ما
__________________
سمعنا ، فما سمعنا
من نبيكم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولا مبلغ علمنا ، إلّا أن حممة شهيد.
__________________
١٥ ١ / ١٥ عبد الله
بن عبد الله بن عتبان الأنصاري :
من عمال عمر .
وذكر محمد بن عاصم
عن أبي الحسن بن حمويه قال : حدثني أبي ، قال : ثنا عبد الله بن مصعب بن الزبير ،
قال : لما قدم عمار الكوفة ، كتب عمر بن الخطاب إلى عبد الله بن عبد الله بن
عتبان أن سر إلى أصبهان ، فخرج حتى لحق بأصبهان ، وكان أول من لقي الاستندار فقتله وسمي ذلك الرستاق : رستاق الشيخ.
__________________
قال أهل التاريخ :
عبد الله بن عبد الله بن عتبان : أنصاري من أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو الذي كتب الصلح بينه وبين أهل مدينة جيّ .
قال محمد بن عاصم
: حدثني ابن أخي هناد ، عن شعيب بن إبراهيم ، عن سيف ، عن محمد والمهلب وطلحة وعمر وسعد ، قال : لما رأى عمر ابن الخطاب يبعث عليه في كل عام حربا ، وجه الأمراء من أهل البصرة بعد فتح نهاوند.
وكان بين عمل عمار
بن ياسر أميران ، أحدهما عبد الله بن عبد الله بن
__________________
عتبان ، وفي زمانه
كانت وقعة نهاوند ، وزياد بن حنظلة ، وكان من المهاجرين ، فعمل قليلا واستعفى
فأعفي ، وولي عمار بن ياسر بعد زياد ، وكان مكانه ، وأمدّ أهل البصرة بعبد الله بن عبد الله ، وأمدّ أهل الكوفة بأبي موسى ، وبعث إلى
عبد الله بلواء ، وأمره أن يسير إلى أصبهان ، وكان شجاعا بطلا من وجوه الصحابة من
وجوه الأنصار ، فخرج ومعه من جند النعمان نحو جند قد اجتمع له من أصبهان ، فاقتتلوا قتالا شديدا ،
ودعا الشيخ إلى البراز ، فبرز له عبد الله بن ورقاء ، فقتله وانهزم
أهل أصبهان ، فسار الاستندار إلى الصلح ، ودخل أبو موسى وعبد الله مدينة جيّ ، وكتب بذلك إلى عمر
واغتبط ، وقدم كتاب عمر إلى عبد الله ، أن سر حتى تقدم على سهل بن عدي ، فتجامعه
على قتال من بكرمان ، فخرج واستخلف على أصبهان السائب بن الأقرع ، وهذا كتاب الصلح :
«بسم الله الرحمن
الرحيم. هذا كتاب من عبد الله للفاذوسفان وأهل أصبهان وحواليها :
أنكم آمنون ما
أديتم الجزية ، وعليكم الجزية على قدر طاقتكم ، في كل سنة تؤدونها إلى الذي يلي بلادكم على كل حالم ، ودلالة المسلم ، وإصلاح
__________________
طريقه ، وقراه
يومه وليلته ، وحملان الراجل إلى مرحلة. لا تستطيلوا على مسلم للمسلمين نصحكم وأداء ما عليكم ، ولكم الأمان ما
فعلتم. فإن غيرتم شيئا ، أو غيره مغير منكم لم تسلموه ، فلا أمان لكم ، ومن
سب مسلما بلغ منه ، ومن ضربه قتلناه. وكتب شهد عبد الله بن قيس ، وعصمة بن عبد الله ، وعبد الله بن ورقاء .
عدد من دخل من
الصحابة أصبهان.
عدد من دخل أصبهان
من أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ثمانية عشر رجلا : ١ ـ الحسن بن علي ، ٢ ـ وابن الزبير ـ ٣ ـ وسلمان ، ٤ ـ وأبو
موسى ، ٥ ـ وابنه موسى ، ٦ ـ وعبد الله بن عامر ، ٧ ـ وعبد الله بن بديل بن ورقاء
، ٨ ـ وبديل بن ورقاء ، ٩ ـ وعبد الله بن عبد الله بن عتبان ، ١٠ ـ وخالد بن
غلاب ، ١١ ـ ومخنف بن سليم ، ١٢ ـ والنابغة ، ١٣ ـ وعايذ بن عمرو ، ١٤ ـ وحممة ١٥
ـ ومجاشع بن مسعود ، ١٦ ـ ورجل من بني سلم ،
__________________
١٧ ـ وعبد الله بن
يزيد الخطمي ، ١٨ ـ ورافع بن خديج .
ما ذكر من أمر
أصبهان الصلح منها.
حدثنا أبو علي بن
إبراهيم ، قال : ثنا أسيد ، قال : سمعت أبا سفيان ، يقول : سمعت عصام بن يزيد ،
قال : سمعت سفيان ، يقول : أصبهان صلح.
قال أبو الحسين :
حدثني ابن ممكان ، وقال لي : أحمل إليك حط جدي يعني أبا سفيان ، فحمله إلي وإذا
فيه مكتوب سمعت جبرا يقول : سمعت سفيان الثوري يقول : أصبهان صلح. أخذ صلحها عمر
بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب .
حدثنا محمد بن
محمد بن فورك ، قال : ثنا علي بن عاصم أخو محمد بن عاصم ، قال : سألنا الأنصاري عن
أصبهان صلحا أو عنوة؟ فقال : ما أراها إلا عنوة. قال أبو الحسين : وسئل أبو عمرو
الضرير عنه ، فقال : عنوة إلا قلاعا منها.
وثنا محمد ، قال :
ثنا علي ، قال : ثنا أبو سفيان في إسناد له ، قال : إذا
__________________
اختلط الصلح
بالعنوة كان صلحا كله.
حدثنا أبو عبد
الله محمد بن يحيى ، قال : ثنا محمد بن عصام بن يزيد ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان
الثوري ، قال : أصبهان صلح.
حدثنا محمد بن
يحيى ، قال : ثنا محمد بن عصام ، قال : ثنا أبو سفيان ، ثنا النعمان ، عن سفيان الثوري ،
قال : أصبهان صلح .
وحدثنا أبو صالح
بن المهلب ، قال : سمعت أحمد بن مهدي يقول : مما يدل على أن أصبهان صلح ، أن بيوت
النيران حين تركت على حالتها ، فلم تؤخذ ، ولم تهدم دليل على أنها صلح ، ولو كانت
عنوة لاختاروا لأنفسهم ، ولم
__________________
يتركوها ليعصوا
الله فيها ويعبدون من دون الله ما قد روينا مع ساير الآثار صلح .
__________________
الطبقة الثانية
١٦ ٢ / ١ ع الأحنف بن
قيس
:
من بني تميم ، ثم
من مضر.
روى عن عمر ،
وعثمان ، وعلي ، والعباس بن عبد المطلب. يقال : صخر بن قيس أبو بحر ، ويقال :
الضحاك بن قيس ، أدرك زمان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولم يلقه.
حكى أبو عبد الله
محمد بن يحيى ، عن محمد بن نصر بن عبدة ، عن يحيى بن أبي بكير ، عن سعيد بن عبيد ، قال : ثنا أشياخنا أن التيمرة وجرم
قاشان افتتحهما الأحنف بن قيس عنوة ، ومنه سبى وثاب مولى ابن عباس.
__________________
(٣٢) دعا له النبي
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيما كتب إلينا محمد بن عبدان ، وأجازه لنا ، قال : ثنا
إسماعيل بن إسحاق ، قال : ثنا حجاج ، عن حماد بإسناد له أن كتاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ جاء إلى بني تميم ، فقال الأحنف : إلى ما يدعو؟ فقيل :
إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقال : قول حسن ، قال : فأخبر النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فدعا له.
__________________
حدثنا محمد بن
الحسن بن علي بن بحر ، قال : ثنا عمرو بن علي ، قال : الأحنف بن قيس أبو بحر :
اسمه صخر بن قيس .
حدثنا محمد بن
الحسن بن علي بن بحر ، قال : ثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا معتمر ، قال :
حدثني بعض أصحابي (عن أبي) ، عن
__________________
الأحنف بن قيس ،
قال : فيّ خلال ثلاث ، ما أذكرها إلّا أن يعتبر رجل بخلق صالح :
ما أتيت باب سلطان
قطّ إلا أن دعا ، ولا دخلت بين اثنين قطّ إلا أن يأمرانّي ، ولا خلفت أحدا بعده بسوء قطّ.
حدثنا أبو العبّاس
الجمّال ، قال : ثنا الهيثم بن خالد ، قال : ثنا أبو السكيّن ، سمعته من أبي الحسن
المدائني بفم الصلح في عسكر الحسن بن سهل سنة اثنتين ومئتين ، قال : قال
الأحنف بن قيس : ثمانية إن أهينوا ، فلا يلوموا إلّا أنفسهم :
الآتي طعاما لم
يدع إليه ، والمتآمر على ربّ البيت في بيته ، وطالب الفضل من أعدائه ، وراجي
الخير من اللئام ، والمقبل بحديثه على من لا
__________________
يسمعه ، والجالس
في المجلس الذي لا يستأهله ، والداخل بين اثنين في حديثهما من غير أن يدخلاه ،
والمتقدم بالدّالة على السلطان .
حدثنا أبو العباس
الجمال ، قال : ثنا أبو صالح الطائي ، قال : ثنا إسماعيل بن عليّة ، عن أيوب ، عن
محمد ، قال : نبّئت أن عمر ذكر بني تميم ، فذمّهم ، فقام الأحنف ، فقال : يا أمير
المؤمنين ائذن لي فلأتكلم ، قال : إنك ذكرت بني تميم بالذّم ، وإنما هم من الناس ،
فيهم الصالح والطالح. فقال : صدقت ، فقفا بقول حسن ، فقام رجل كان يناوىء الأحنف ، فقال : يا أمير المؤمنين : ائذن
لي فلأتكلم ، فقال : اجلس ، فقد كفاكم سيدكم الأحنف.
حدثنا أبو العباس
، قال ثنا أبو غسان ، قال : ثنا الأصمعي ، قال : فاخر
__________________
رجل من بني تميم
رجلا من قريش ، فقال : فينا أحلم العرب : الأحنف بن قيس .
حدثنا أبو علي بن
إبراهيم ، قال : ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي ، قال : ثنا ابن عفير ، قال
: ثنا عبد الرحمن بن القاسم ، صاحب مالك ، عن عبد الرحمن بن عمارة بن عقبة بن أبي
معيط ، قال :
كنت فيمن حضر
الأحنف بن قيس ، ومات بالكوفة ، فلما وضعناه في قبره ، وسوّينا عليه ، سقط قلنسوتي
فأهويت لآخذها ، وإذا هو في فسح في قبره مد بصره .
__________________
١٧ ٢ / ٢ السائب بن
الأقرع
:
(ابن عوف) بن جابر بن سفيان بن سالم بن مالك بن حطيط بن جشم ابن
ثقيف.
استخلفه عبد الله
بن بديل على أصبهان ، وهو ابن عم عثمان بن أبي العاص الثقفي ، وكان ولّاه عمر بن
الخطاب قسمة الغنائم بنهاوند ، وينسب إلى السائب من أهل أصبهان : الفضيل بن السائب
، وولده مصعب بن الفضيل ، وولده فيض بن مصعب. وكان للفيض سبعة عشر ابنا ، فمن ولده
: المغيرة بن فيض ، وعصام بن الفيض ، وولده المكنّى : بأبي عمر بن عصام. وكانوا وجوه بلدنا ورؤسائها .
__________________
وحكي أنّ عبد الله
بن معاوية سأل الفضيل حاجة ، فلم يقضها ، فأنشأ يقول :
رأيت فضيلا كان
شيئا ملففا
|
|
فكشفه التمحيص لما بدا ليا
|
أأنت أخي ما لم
تكن لي حاجة
|
|
فإن عرضت أيقنت
أن لا أخا ليا
|
كلانا غني عن
أخيه حياته
|
|
ونحن إذا متنا
أشد تغانيا
|
يقال : إن أبا عمر
الجرمي قدم على الفيض بن محمد ، فأدّب أولاده ، فأعطاه عشرة آلاف ،
وكان المحدثون يقدمون عليهم ، فيرجعون عنهم راضين .
وحدثنا أحمد بن
علي بن الجارود ، قال : ثنا أبو سعيد الأشج ، قال : ثنا
__________________
حفص بن غياث ، عن
الشيباني ، عن أبي عون الثقفي ، عن السائب بن الأقرع ، أنه كان جالسا في إيوان
كسرى ، فنظر إلى تمثال يشير بأصبعه إلى موضع ، فوقع في روعي أنه يشير إلى
كنز ، قال : فحفر ذلك المكان ، فاستخرج منه كنزا عظيما ، فكتبت إلى عمر ، فقال : اقسمه بين المسلمين.
__________________
١٨ ٢ / ٣ أسيد بن
المتشمس بن معاوية
:
(ابن) عم الأحنف بن قيس ، قدم أصبهان غازيا مع أبي موسى الأشعري.
(٣٣) وروي عنه
حديثا حدثناه أبو عبد الله محمد بن يحيى ، قال :
__________________
ثنا مؤمل بن هشام
، قال : ثنا إسماعيل بن علية ، عن يونس ، عن الحسن ، عن أسيد بن المتشمس ، قال :
أقبلنا مع أبي موسى الأشعري من أصبهان ، فقال أبو موسى : ألا أحدثكم حديثا كان
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يحدثنا؟ قلنا : بلى ـ يرحمك الله ـ قال : فإن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان يحدثنا أن بين يدي الساعة الهرج. قلنا : وما الهرج؟
قال : القتل .. ، فذكر الحديث.
١٩ ٢ / ٣ خ ٤ جبير بن
حية بن مسعود
:
ابن معتب بن مالك (بن كعب) بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف ، وكان يسكن الطائف ، وكان معلم كتاب ، ثم قدم العراق ، فصار من كتبة الديوان
، فلما ولي زياد أكرمه وعظمه وقربه ، فعظم شأنه ، وولاه أصبهان. وله بالبصرة أولاد
، منهم عاصم بن جبير بن حية ، وزياد بن جبير بن حية ، ولزياد بن جبير أحاديث
مسندة.
(٣٤) حدثنا أبو
أمية سلم بن عصام ، قال : ثنا بشر بن آدم ، قال : ثنا
__________________
إسماعيل بن سعيد
بن عبيد الله الجبري ، قال : سمعت أبي يحدث عن زياد بن جبير بن حية ، عن أبيه ،
عن المغيرة بن شعبة ، عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال :
«الراكب خلف
الجنازة ، والماشي حيث شاء منها ، والطفل يصلّى عليه».
لا يروى هذا المتن
إلا بهذا الإسناد.
(٣٥) حدثنا محمد
بن أحمد بن الوليد الثقفي ، قال : ثنا عباس بن يزيد
__________________
البحراني ، قال :
ثنا إسماعيل بن سعيد بن عبيد الله الجبري ، قال : سمعت أبي سعيد بن عبيد الله يحدث
عن زياد بن جبير ، عن أبيه ، عن المغيرة بن شعبة ، عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (قال) : «الخيل معقود في
__________________
نواصيها الخير إلى
يوم القيامة ، وأهلها معانون عليها».
__________________
٢٠ ٢ / ٥ يزيد بن قيس
:
ولّاه علي بن أبي
طالب أصبهان والري وهمذان ، فلمّا مات يزيد فرّقه على ثلاثة نفر ، فجعل أصبهان إلى مخنف بن سليم ، وعمرو بن
سلمة إلى همذان ، وآخر إلى الري .
حدثنا الحسن بن
محمد الداركي ، قال : ثنا أبو زرعة ، قال : ثنا محمد ابن العلاء ، قال : ثنا عمرو
بن يحيى بن عمرو بن سلمة ، (قال : سمعت أبي
__________________
يحدث عن أبيه عمرو
بن سلمة) ، عن علي بن أبي طالب ، أنه استعمل يزيد ابن قيس على الري
وهمذان وأصبهان ، فلما هلك ، فرّق عمله بين ثلاثة نفر ، فاستعمل عمرو بن سلمة على
همذان ، ومخنف بن سليم على أصبهان.
__________________
٢١ ٢ / ٦ أبو العالية
رفيع الرياحي
:
روي عن أبي موسى ،
أنه خطبهم بأصبهان ، وكان ممن شهدها ، وقرأ القرآن بعد وفاة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعشر سنين .
وروى عن أبي بكر ،
وعمر ، وأبيّ بن كعب ، وغيرهم ، وأدرك الجاهلية والإسلام ، وروى عن أبي بكر حديثا
لم يروه غيره.
(٣٦) أخبرنا إسحاق
بن أحمد ، قال : ثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام
__________________
ابن سلم ، قال :
ثنا عنبسة بن سعيد ، عن عثمان ، عن أبي العالية ، قال : خطبنا أبو بكر ، فقال :
قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «للمقيم أربع ، وللظاعن ركعتان حتى يرجع ، مهاجري بالمدينة ، ومولدي بمكة ، فإذا خرجت من ذي الحليفة ، صليت ركعتين حتى أرجع إليها».
__________________
٢٢ ٢ / ٧ أبو محمد
سعيد بن جبير
:
قدم أصبهان أيام الحجاج ، وروى عنه من الأصبهانيين جماعة ، منهم : جعفر بن أبي
المغيرة ، وحجر الأصبهاني ، ويزيد بن هزاري ، والقاسم ابن أبي أيوب.
ومات سنة خمس
وتسعين ، قتله الحجاج صبرا ، وله ثلاث بنين : عبد الله ، ومحمد ، وعبد الملك ،
وكان فيما ذكر نازلا سنبلان ، ومصلاه في المسجد المعروف بجلجلة بن بديل التميمي.
أخبرنا إسحاق بن
أحمد الفارسي ، قال : ثنا سهل بن زياد ، قال : ثنا
__________________
عمرو بن حمران ، عن عمر بن حبيب ، قال : كان سعيد بن جبير بأصبهان لا يحدث ، ثم
رجع إلى الكوفة ، فجعل يحدث ، فقلنا له : كنت بأصبهان لا تحدث ، وتحدث بالكوفة ،
فقال :
«انشر بزك حيث
تعرف» .
سمعت الحسن بن
محمد بن بوبة يحدث ـ وكان صديق والدي وكنا نختلف إليه الكثير ـ قال :
ثنا أبي ، قال : ثنا أبي الحسين ، قال : ثنا أبي يزيد ، قال : كنت جالسا ، فقيل :
إن سعيد بن جبير كان ها هنا وهو يريد الخروج ، قال : فالتفت فإذا رفقة ، فقيل : هو
ذاك سعيد بن جبير لم يخرج ، قال : فبادرت إليه فانتهيت إلى الرفقة ، فسألتهم :
فيكم سعيد بن جبير؟ فأهوى إلى رجل ، فانتهيت إليه وسلمت عليه ، فقلت : ـ رحمك الله
ـ كنت ها هنا ، فلم يقض لي أن ألقاك فإن رأيت أن تفيدني مما عندك. قال : فحبس
راحلته ، فقال : قال لي ابن عباس : احفظ عني ثلاثا :
__________________
إيّاك والنظر في
النجوم ، فإنه يدعو إلى الكهانة ، وإيّاك والنظر في القدر ، فإنه يدعو إلى الزندقة ، وإيّاك وشتم أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيكبك الله على وجهك يوم القيامة.
حدثنا محمد بن
الحسن ، قال : ثنا عمرو بن علي ، قال : قتل سعيد بن جبير في سنة أربع وتسعين ، وهو
ابن خمسين سنة إلا نصف سنة.
ويكنى أبا عبد
الله ، وهو مولى لبني والبة ، حي من بني أسد .
حدثنا أبو العباس
الجمال ، قال : ثنا عبد الله بن محمد ، قال : ثنا يحيى ابن أبي بكير ، قال : ثنا
جرير عن عطاء بن السائب ، قال : كان سعيد بن جبير
__________________
يبكينا ، ثم عسى
أن لا يقوم حتى يضحكنا .
حدثنا محمد بن
إسحاق بن الوليد ، قال : ثنا عبد الله بن عمر ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن سفيان ،
عن عطاء بن السائب ، قال : كان سعيد بن جبير بفارس ، وكان يتحزّن ، يقول : ليس أحد
يسألني عن شيء .
حدثنا محمد بن
إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنا يحيى بن سعيد وابن مهدي ، قالا : ثنا شعبة
، قال : ثنا القاسم الأعرج ، قال : كان سعيد بن جبير بأصبهان ، وكان غلام مجوسي
يخدمه ، وكان يأتيه بالمصحف في غلافه.
حدثنا مسلمة بن
الهيصم ، قال : ثنا مؤمل بن هشام ، قال : ثنا ابن
__________________
عليّة ، عن شعبة ،
عن القاسم الأعرج ، قال :
كان سعيد بن جبير
في قريتنا بأصبهان .
__________________
٢٣ ٢ / ٨ حسان بن عبد
الرحمن الضبعي
:
وعداده في
البصريين ، قدم أصبهان مع أبي موسى ، وله حديث لم يحدّث به غيره.
حدثني أبو علي
أحمد بن محمد بن إبراهيم ، قال : ثنا أحمد بن يحيى ، قال : ثنا محمد بن عبد الله
الرقاشي ، قال : ثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، عن شبيل بن عزرة الضبعي ، عن حسان بن
عبد الرحمن الضبعي ، عن أبيه
__________________
قال : لما افتتحنا
أصبهان ، وكان بين عسكرنا وبين اليهودية فرسخ. فكنا نمتاز من اليهودية ، قال : فأتيتهم يوما فإذا
اليهود يلعبون ويزفنون ، قال : فقلت : ما لكم تريدون أن تنتزعوا يدا من طاعة؟
قالوا : لا ، ولكن ملكنا الذي نستفتح به على العرب يدخل غدا. قلت : ملككم الذي
تستفتحون به على العرب يدخل غدا؟ قالوا : نعم. قال : فقلت لصديق لي منهم : أبيت
عندك الليلة. قال : وخشيت أن أقتطع دون العسكر. قال : فبتّ على ظهر بيت له ، حتى
صليت الغداة ، فإذا الرهج يجيء من قبل عسكرنا ، فإذا أنا برجل قاعد في منبر عليه من
ريحان ، وإذا اليهود حوله يزفنون ويلعبون ، فنظرت فإذا ابن صائد ، فدخل المدينة ، ولم ير بعد ذلك .
__________________
٢٤ ٢ / ٩ د ـ س قطن
بن قبيصة الهلالي
:
وهو قطن بن قبيصة
بن مخارق بن عبد الله بن شداد بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة ،
يكنى أبا سهلة. كان ولّاه معاوية بن أبي سفيان ، ويقال : عبد الملك بن مروان ، أصبهان ، فأقام بها ، ثم خرج إلى خراسان ، وولى
البراء بن قبيصة (وأبوه قبيصة) . رأى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وروى عنه.
(٣٧) أخبرنا أبو
يعلى ، قال : ثنا إبراهيم بن الحجاج السامي ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن عوف بن حيان أبي العلاء ، عن قطن بن قبيصة بن
__________________
مخارق ، أن أباه
قال :
سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «العيافة والطرق من الجبت».
هذا المتن لم يروه
غيره.
__________________
(٣٨) وأخبرنا
إبراهيم بن شريك الأسدي ، قال : ثنا شهاب بن عباد ، قال : ثنا حماد بن زيد ، عن
هارون بن رئاب ، عن كنانة بن نعيم ، عن قبيصة
__________________
ابن مخارق ، قال :
تحملت حمالة ، فأتيت النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أسأله ، فذكر الحديث بطوله.
__________________
٢٥ ٢ / ١٠ بخ م ٤ أبو
إسماعيل حماد بن أبي سليمان الفقيه :
مولى إبراهيم بن
أبي موسى الأشعري.
حدثنا عبدان بن
أحمد ، قال : سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يقول : مات حماد بن أبي سليمان سنة عشرين
ومائة .
حكى محمد بن يحيى
بن مندة ، قال : حماد بن أبي سليمان من أهل برخوار .
__________________
حدثنا أبو بكر
أحمد بن الحسن بن هارون بن سليمان بن يحيى بن سليمان بن أبي سليمان ـ وكان
حماد بن أبي سليمان ـ ثنا ، قال : سمعت أبي ، عن جدي ، عن أبيه ، قال : اسم
أبي سليمان ، مسلم بن يزيد بن عمرو ، قال : وسمعت أبي وابن خاله قال : قالت لي
جدتي : كانت كنيته «أبو إسماعيل» ، فقال له أبي : حدثني أبي عن أبيه ، أنه كان يكنى بأبي بكر.
حدثنا أحمد بن
الحسن ، قال : سمعت أبي ، عن أبيه ، قال : وجّه عمر ابن الخطاب أبا موسى الأشعري
إلى فارس وإصطخر وأصبهان وغيرها ، فقاتل (إلى) السجستان وأبو عمرة ، وفتح بلادهم ، فخرج مسلم بن يزيد إليه ، فأسلم على يديه ، وكان ابن ملكها ومدبر أمرها ، وحمله معه إلى عمر ابن الخطاب ، فأعاد له
إسلامه ، وخط له عمر خطة بالكوفة ، فهي باقية إلى الساعة.
حدثنا أبو العباس
الجمال ، قال : حدثنا عباس الدوري ، قال : ثنا يحيى
__________________
ابن معين ، قال :
ثنا ابن إدريس ، عن أبيه ، قال : سمعت ابن شبرمة يقول : ما أحد أمن علي بعلم من
حماد بن أبي سليمان .
وحدث عن الشعبي ،
عن إبراهيم بن أبي موسى بحديث.
(٣٩) حدثنا محمد
بن أحمد بن معدان ، قال : ثنا عبد الرحمن ابن عبد الصّمد ، قال : ثنا جدي ، عن أبي
حنيفة ، عن حماد ، عن الشعبي ، عن إبراهيم بن أبي موسى ، عن المغيرة بن شعبة ، أنه خرج مع رسول الله ـ صلى
__________________
الله عليه وسلم ـ في
مسير له ، فانطلق يقضي حاجته ، ثم رجع وعليه جبة رومية ضيقة الكمين ، وضعها رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من ضيق كمه. قال المغيرة : فجعلت أصب عليه الماء من
إداوة معي ، فتوضأ وضوءه للصلاة ، ومسح على خفيه ، ولم ينزعهما ، وقام فصلى.
حدثنا أبو بكر بن
مكرم ، قال : ثنا محمود بن غيلان ، قال : ثنا عبد
__________________
الرزاق ، عن معمر
، قال : رأيت حماد بن أبي سليمان يصرع ، فإذا أفاق توضأ .
حدثنا أحمد بن
الحسن ، قال : سمعت ابن خالي عبيد بن موسى يقول : سمعت جدتي تقول عن جدتها الكبرى
عاتكة أخت حماد بن أبي سليمان ، قالت : كان النعمان ببابنا يندف قطننا ، ويشري لبننا وبقلنا ما أشبه ذلك ،
فكان إذا جاء الرجل يسأله عن المسألة ، قال : ما مسألتك؟ قال : كذا وكذا. قال :
الجواب فيها كذا ، ثم يقول : على رسلك ، فيدخل إلى حماد ، فيقول له : جاء رجل فسأل
عن كذا ، فأجبته بكذا ، فما تقول أنت؟ فقال : حدثونا بكذا ، وقال أصحابنا : كذا ،
وقال إبراهيم : كذا ، فيقول : فأرويه عنك؟ فيقول : نعم ، فيخرج فيقول : قال حماد :
كذا.
حدثنا أحمد ، قال
: سمعت أبي يقول : ثني أبي عن جدي ، قال : وجّه إبراهيم النخعي حمادا يوما يشتري
له لحما بدرهم في زنبيل ، فلقيه أبوه راكبا دابة ، وشدّ حماد الزنبيل ، فزجره ورمى
به من يده ، فلما مات إبراهيم جاء أصحاب الحديث والخراسانية يدقون على باب مسلم بن يزيد ، فخرج إليهم في الليل بالشمع
، فقالوا : لسنا نريدك ، نريد ابنك حمادا ، فدخل إليه ، فقال : يا بني : قم إلى
هؤلاء ، فقد علمت أن الزنبيل أدى بك إلى هؤلاء.
__________________
٢٦ ٢ / ١١ د ـ ت عبد
الرحمن أبو إسماعيل السدي :
من أهل أصبهان ،
روى عنه ابنه ، وهو ابن أبي كريمة مولى بني هاشم ، مولى زينب بنت قيس بن مخرمة.
روى أسباط عن
السدي ، عن أبيه ، قال : كاتبتني زينب بنت قيس بن مخرمة على عشرة آلاف درهم ،
فتركت لي ألفا ، وكانت زينب قد صلت مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
__________________
٢٧ ٢ / ١٢ م ٤ وابنه السدي إسماعيل بن
عبد الرحمن
:
كان عظيما من
عظماء أهل أصبهان ، ومات سنة سبع وعشرين ومائة في ولاية بني مروان ، ويكنى أبا محمد .
وحدثنا محمد بن
يحيى ، قال : ثنا موسى بن عبد الرحمن ، قال : حدثني إسماعيل بن موسى ، قال :
حدثتني أمي ، قالت : كان السدي من أهل أصبهان.
__________________
حدثنا محمد بن
يحيى ، قال : ثني محمد بن نصر ، عن يحيى بن أبي بكير ، عن هياج بن بسطام ، عن سعيد
بن عبيد ، قال : وأما أصبهان فيما ثنا أشياخنا ، أن برخوار عنوة ، ومنه سبي أبو
سليمان أبو حماد بن أبي سليمان ، فقيه الكوفة وجرم قاسان عنوة ، منه سبي وثاب مولى
ابن عباس.
حدثنا محمد بن
العباس بن أيوب ، قال : ثنا عمر بن محمد بن التل ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا محمد
بن أبان ، عن السدي ، قال : أدركت نفرا من أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ منهم : أبو سعيد الخدري ، وأبو هريرة ، وابن عمر. كانوا
يرون أنه ليس أحد منهم على الحال الذي فارق عليه محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلا عبد الله بن عمر.
__________________
(٤٠) حدثنا محمد
بن يحيى ، قال : ثنا أبو كريب ، قال : ثنا يونس بن بكير ، قال : ثنا أسباط عن
السدي ، عن ابن عباس ، قال :
صالح النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أهل نجران على ألفي حلة : ألف في صفر ، وألف في رجب
يؤدونها إلى المسلمين.
قال أبو عبد الله
: السدي لا ينكر له ابن عباس ، قد رأى سعد بن أبي
__________________
وقاص. حكى عبدان ، قال : كان السدي من أصبهان عظيما من عظمائهم ، وكان إذا
قعد غطى لحيته صدره .
حدثنا عمر بن أحمد
بن إسحاق ، قال : ثنا شباب ، قال : توفي إسماعيل السدي سنة سبع وعشرين ومائة في
ولاية مروان .
__________________
٢٨ ٢ / ١٣ أبو إسحاق
السبيعي
:
عمرو بن عبد الله
الهمداني ، قدم أصبهان مجتازا إلى خراسان.
(٤١) حدثنا (أبو) أيوب الفقيه ـ وأخرج إلينا كتب جده الحكم بن أيوب ، فكتبنا
منه ، وقرأناه عليه ـ ثنا الحكم ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، قال : ثنا أبو
الوداك ونحن بأصبهان ، قال : ثنا أبو سعيد الخدري قال : أصبنا سبايا ، وذكر
الحديث.
__________________
قال أبو نعيم : روى أبو إسحاق عن واحد وعشرين رجلا من أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ورأى عليا ، وأسامة بن زيد ، وابن عباس ، والبراء ، وزيد
بن أرقم ، وروى عنه الزهري ومنصور بن المعتمر.
حدثنا محمد بن
يحيى ، قال : ثنا سلم بن جنادة ، قال : ثنا ابن
__________________
إدريس ، قال :
سمعت شعبة ، يقول : هلك أبو إسحاق السبيعي سنة تسع وعشرين ومائة ، وصلى عليه الصقر
بن عبد الله ، عامل ابن هبيرة .
__________________
٢٩ ٢ / ١٤ عبيد الله
بن أبي بكرة
:
واسم أبي بكرة :
نفيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج بن أبي سلمة عبد العزيز بن غيرة بن عوف بن ثقيف .
يقال : ولاه
معاوية بن أبي سفيان اطفاء النيران ، فقدم أصبهان ، وأخذ إلى سجستان ، فأصاب
أربعين ألف ألف ، فحال عليه الحول وعليه دين.
ولي أصبهان أيام
يوسف بن عمر سنة عشرين ومائة . وله بأصبهان حديث غريب.
(٤٢) حدثنا محمد
بن إبراهيم بن عامر ، عن عمه ، عن أبيه ، قال : ثنا
__________________
حميد بن وهب ، قال
: ثنا يحيى بن زياد بن عبد الرحمن الكاتب ، عن ابن أبي بكرة ، قال : سمعني أبي :
أبو بكرة ، وأنا أدعو : «اللهم إني أسألك بوجهك الكريم وأمرك العظيم أن تجيرني من
النار والكفر والفقر». فقال : يا بني!. من علّمك هذا؟ فقلت : سمعته منك. قال :
الزمه يا بني. فإني سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يدعو به.
__________________
٣٠ ٢ / ١٥ عبد الله
بن أبي بكرة الثقفي
:
ولي أصبهان.
ذكر النسابة ، قال : دخلت سنة عشرين ومائة. فولي عبد الله بن عبيد الله
بن أبي بكرة.
(٤٣) حدثنا محمد
بن إبراهيم بن عامر ، عن أبيه ، عن جده ، قال : ثنا شعبة بن عمران أبو رافع
الأصبهاني ، عن سعيد بن جمهان ، عن عبد الله بن أبي بكرة ، عن أبيه ، قال : قال
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ :
__________________
«تنزل طائفة من
أمتي أرضا يقال لها البصرة».
__________________
٣١ ٢ / ١٦ مرداس
الأصبهاني قيم الجامع
:
روى عن أنس بن
مالك.
(٤٤) حدث عقيل بن
يحيى ، قال : ثنا العلاء بن أبي العلاء قيم الجامع ، قال : ثني جدي مرداس ، عن أنس
بن مالك ، قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «لا بد للناس من عريف ، والعريف في النار».
__________________
٣٢ ٢ / ١٧ الصباح بن عاصم الأصبهاني
:
روى عن أنس بن
مالك.
(٤٥) حدثنا أحمد
بن محمود بن صبيح ، قال : ثنا الحجاج بن يوسف ابن قتيبة ، قال : ثنا الصباح بن
عاصم الأصبهاني ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ :
«صاحب الأربعين ،
يصرف عنه أنواع البلاء ، والأمراض ، والجذام ، والبرص ، وما أشبهه ، وصاحب السبعين
يحبه الله والملائكة في السماء ، وصاحب الثمانين تكتب حسناته ولا تكتب سيئاته ،
وصاحب التسعين أسير الله في الأرض ، يشفع في نفسه وفي أهل بيته.
__________________
__________________
قلت : وله شاهد
من حديث ابن عمرو ، وعثمان بن عفان ، وعبدالله بن أبي بكر ، وأبي هريرة ، وحديث
ابن عمرعند أحمد في «مسنده» ٢ / ٨٩ ، وقال الهيثمي : رجاله وثقوا عليي ضعف في
بعضهم كثير ، وحديث عثمان أخرجه أبويعلي ، وحديث عبدالله بن بي بكر : الطبراني كما
في «المجمع» ١٠ / ٢٠٥ ، وقال الهيثمي : في إسناد أبي يعلي عزرة بن قيس الأزدي وهو
ضعيف ، وقال في إسناد الطبراني : ولم يدرك عبدالله بن عمرو بن عثمان عبدالله بن
أبي بكر.
__________________
٣٣ ٢ / ١٨ عبد الله
بن الأسود الأصبهاني
:
رأى أنسا وسمع
منه.
(٤٦) حدثنا أحمد
بن محمد (بن) مسقلة ، قال : ثنا أحمد بن يحيى السوسي ، قال : ثنا داود
بن المحبر ، قال : ثنا عنبسة بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن الأسود الأصبهاني ،
عن أنس بن مالك ، قال : «كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذا استجدّ ثوبا لبسه يوم الجمعة».
__________________
٣٤ ٢ / ١٩ بخ ـ د ـ ت
ـ ق أبو غالب الأصبهاني :
يحدث عن صاحبه أبي
أمامة واسمه حزور.
(٤٧) حدثنا محمد
بن يحيى بن مندة ، قال : ثنا إسماعيل بن موسى ، قال : ثنا شريك عن داود الحماني ،
قال : ثنا أبو غالب الأصبهاني ، عن أبي أمامة عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قصة الخوارج.
__________________
٣٥ ٢ / ٢٠ إبراهيم بن
هدبة
:
يكنى أبا هدبة ،
قدم أصبهان ، فحدث على المنبر عن أنس بن مالك ، فرفع ذلك إلى جرير بن عبد الحميد ، وكان يصدقه ، وكان المأمون أيضا يصدقه .
حكى ذلك المسوحي عن عبيد الله بن عمر
وسمع منه بأصبهان
رستة ، والحجاج بن يوسف ، وحامد بن مسور . وهو متروك الحديث.
__________________
(٤٨) حدثنا أحمد
بن محمود ، قال : ثنا الحجاج بن يوسف ، قال : ثنا إبراهيم بن هدبة ، قال : ثنا أنس
بن مالك ، قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «أشد الناس حبا لي ، لأناس يأتون من بعدي يود أحدهم لو
رآني ففداني بماله وأهله».
(٤٩) حدثنا أحمد
بن محمود ، قال : ثنا الحجاج ، قال : ثنا إبراهيم بن
__________________
هدبة ، عن أنس بن
مالك ، عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «إن المستهزئين بعباد الله ، يقال لهم يوم القيامة
: تعالوا ادخلوا الجنة ، فإذا جاؤوا أغلق من دونهم الباب ، وهم آخر الناس حسابا».
٣٦ ٢ / ٢١ جعفر
بن أبي المغيرة القمّي :
من التابعين ، روى
عن عبد الرحمن بن أبزى ، ورأى ابن الزبير ، ودخل مكة أيام عبد الله بن عمر مع سعيد
بن جبير .
ذكر ابن عامر ، عن أبيه ، عن يعقوب ، عن جعفر ، قال : دخلت مع سعيد بن جبير ، فرأيت عبد الله بن الزبير مصلوبا .
وذكر أيضا عن
يعقوب ، عن جعفر ، حدثنا أبو يعلى ، قال : ثنا أبو
__________________
الربيع ، قال :
ثنا يعقوب القمّي ، قال : ثنا جعفر ، عن سعيد بن عبد الرحمن ابن أبزي ، قال : أتاه
رجل من الخوارج ، فقال له : (الْحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ، وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ،
ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) أليس كذلك؟ قال : (نعم)
. قال : فانصرف عنه ، فقال له رجل من القوم : يا ابن أبزى : إن هذا أراد تفسير
هذه الآية غير ما ترى. إنه رجل من الخوارج ، فقال : ردّوه علي ، فلما جاءه قال :
تدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قال : لا. قال : نزلت في أهل الكتاب ، فلا تضعها على
غير حدها.
وأخبرنا أبو يعلى
، قال : ثنا أبو الربيع ، قال : ثنا يعقوب القمّي ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير ،
قال : أقبلت مع ابن عمر من منى ونحن نريد أن نزور البيت ، فلما انتهينا إلى جمرة
العقبة ، أخذت في بطن الوادي ، فقال : خذ بي على العقبة ، فقلت : إن الوادي أسهل علينا ، فقال : خذ بي
على
__________________
العقبة ، فقلت :
إنّ ابن الزبير مصلوب على العقبة ، فعسى تكره أن تراه ، فقال : خذ بي عليها ، فلما
انتهينا إلى ابن الزبير ، وقف ثم قال :
«السلام عليكم
ورحمة الله ، لئن كانتا علتاك ـ يعني رجليه ، وكان صلب منكوسا ـ لقد مشى عليها إلى
المساجد ، وإن أمة أنت أشرّها لأمة صدق».
وهذا هو الصحيح ،
وحديث عامر عن يعقوب خطأ .
__________________
٣٧ ٢ / ٢٢ وثّاب أبو
يحيى بن وثّاب
:
يقال : إن وثابا
كان من أهل قاشان ، فوقع إلى ابن عباس ، فأقام معه سنتين ، ثم استأذنه في الرجوع
إلى قاشان ، فأذن له ، فرحل من الحجاز معه ابنه يحيى بن وثّاب ، فلما بلغ الكوفة
قال لأبيه : إني مؤثر حظ العلم على حظ المال ، فأعطني الإذن في المقام ، فأذن له ،
وخرج وثاب وأقام ...
__________________
٣٨ ٢ / ٢٣ يحيى بن
وثاب
بالكوفة :
فصار إماما في
القراءة ، وله أحاديث كثيرة .
حدثنا أبو محمد بن
أبي حاتم ، قال : ثنا أحمد بن محمد بن يحيى ، قال : ثنا يحيى بن عيسى الرملي ، عن الأعمش ، قال : كان
يحيى بن وثاب ، من أحسن الناس قراءة ، وربما اشتهيت أن أقبّل رأسه من حسن قراءته ،
وكان إذا
__________________
قرأ لا يسمع في
المسجد حركة ، وكأن ليس في المسجد أحد .
حدثنا أبو القاسم
الرازي ، قال : ثنا أبو زرعة ، قال : ثنا عبيد بن جناد ، قال : سمعت عطاء بن مسلم
يقول : كان الأعمش يقول : كنت إذا رأيت يحيى بن وثاب قد جثا ، قلت : هذا قد وقف للحساب ، فيقول : أي ربّ ، أذنبت كذا ،
أذنبت كذا ، فعفوت عني ، فلا أعود ، ويا رب ، أذنبت كذا وكذا ، فعفوت عني ، فلا
أعود ، فأقول : هذا لك يوم توقف للحساب .
حدثنا أحمد بن
عمرو ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا أبو نعيم
، قال : سمعت الأعمش يقول : كانوا يقرؤون على
__________________
يحيى بن وثاب وأنا
جالس ، فلما مات أحدقوا بي .
أخبرنا الطوسي ،
قال : ثنا محمد بن عبد الكريم ، قال : ثنا الهيثم بن عدي ، قال : مات يحيى بن
وثّاب الأسدي ـ من أهل الكوفة ـ سنة ثلاث ومائة .
حكى لنا جعفر بن
عبد الله بن الصباح قال : ثنا رسته ، قال : ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن يحيى بن
وثّاب ـ وكان من فصحاء العرب ـ قال : يقال : يشمّت العاطس ، ويسمّت العاطس .
__________________
٣٩ ٢ / ٢٤ واقد مولى
أبي موسى الأشعري
:
من أهل أصبهان ،
ذكر ذلك محمد بن إبراهيم بن عامر بن إبراهيم بن واقد ، قال : جدّي مولى
أبي موسى الأشعري ، خلّفه أبو موسى بأصبهان على الأذان ، فلم يزل يتوارثونه إلى
اليوم .
قال النسابة : كان الإمام في مسجد الجامع حبيب بن الزبير بن مشكان الهلالي ، وكان قارئا ، فلما أن هلك
حبيب ، التمسوا من يؤمّهم ، فلم يجدوا قارئا أقرأ من واقد مولى أبي موسى الأشعري ،
فأقاموه في الجامع ، فهم يتوارثونه إلى اليوم .
وقدم الحسن البصري
مع أبي موسى. رواه المبارك بن فضالة عن الحسن. قد خرّجته في أخبار أبي موسى .
وكذاك أبو عمران
الجوني ، وقد خرّجته قبل هذا في أخبار أبي موسى.
__________________
٤٠ ٢ / ٢٥ يزيد
الأودي
:
كان والي أصبهان
أيام عمر بن عبد العزيز .
حدثنا عبد الله بن
أبي بكر ، قال : ثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس ، قال : حدثني أبي ، عن أبي
حصين الرازي ، قال : ثنا عبد الله بن إدريس الأودي ، قال : ثنا أبي وعمي ، عن جدي
أنهم كانوا ولاة بأصبهان في عهد عمر بن عبد العزيز ، قال :
فأمروا بحفر قناة.
قال : فانحط لهم الحفر إلى باب كهف عليه صخرة عادية ، فعالجوها ، فدخلوا الكهف ،
فإذا ثلاثة أسرّة : السرير الذي يلي صدر الغار عليه شيخ كأهيأ ما يكون من الرجال ،
عليه سبع حلل منسوجة بالذهب ، مرصعة بالجوهر ، وعند رأسه لوح مكتوب فيه بالفارسية
: مال لم رود ، فإذا
__________________
فيه : ملكت أهل
أصبهان ثلاثمائة عام غير شهرين ، ثم غزوت أهل فارس وكرمان ، فملكتهم أكثر من الأول
ضعفان ، وكان يأتيني الزائر ما بين مكة إلى عمان ، وكان لي ألف وزير أصول بهم على
أهل الزمان ضعفان ، (فمن رآني ، فلا يغرن بالملك وطول الزمان ، ومن قرأ ما في
اللوح ، فليبح به علانية من غير كتمان ، فإنّ فيه عبرة للكهول والشّبّان).
وإذا على السرير
الذي يلي يمنة الغار شاب كأهيأ ما يكون من الرجال ، عليه سبع عشرة حلة منسوجة
بالذهب مرصعة بالجوهر ، وعند رأسه لوح فيه مكتوب : أنا بهرام بن الملك ، نغّص الموت شبابي ، ولو قبل الموت فدائي لفديت.
وإذا على السرير
الذي يسر الغار امرأة كأهيأ ما تكون من النساء ، عليها سبعون حلة منسوجة بالذهب مرصعة بالجوهر ، وعند رأسها لوح مكتوب
فيه : أنا هند بنت الملك. الموت حم ، ولو خلد أحد لخلدنا.
__________________
الطبقة الثالثة
٤١ ٣ / ١ ع عبد
الرحمن بن سليمان بن الأصبهاني :
مات في ولاية خالد
.
روى عن أبي صالح ، وأبي حازم ، وعكرمة ، وغيره.
نزل الكوفة : جهني
، كان يتّجر إلى أصبهان ، وله بالكوفة أولاد وأهل بيت. مات في وسط ولاية خالد.
حدثنا إبراهيم بن
شريك الأسدي ، قال : ثنا أحمد بن عبد الله بن
__________________
يونس ، قال : ثنا
الحسن بن صالح ، عن ابن أبي ليلى ، عن عبد الرحمن الأصبهاني ، عن المختار بن عبد
الله ، عن علي ، قال : من قرأ خلف الإمام فليس على الفطرة.
__________________
(٥٠) عن ابن
الأصبهاني ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، وأبي هريرة ، عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال :
«من مات له ثلاثة
من الولد ...».
(٥١) حدثنا محمد
بن يحيى ، قال : ثنا أبو الربيع ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن ابن الأصبهاني ، عن
أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا كانوا له
جماما من النار».
__________________
حدثنا ابن الجارود
، قال : سمعت أحمد بن محمد بن الحسين يقول : سمعت ابن الأصبهاني يقول : نحن من أهل
سنبلان ، ومسجد البنائين مسجدنا وأمي سبي منها.
سمعت أبا بكر بن
أبي داود يقول : عبد الرحمن بن الأصبهاني من سبي أصبهان.
__________________
حدثنا ابن الجارود
، قال : سمعت أحمد بن محمد بن الحسين يقول : سمعت محمد بن سعيد بن الأصبهاني يقول
: جدّنا وجدّ حماد بن أبي سليمان وجدّ يزيد بن مردانبة من سبي أصبهان.
__________________
٤٢ ٣ / ٢ ٤ خ متابعة
عطاء بن السائب بن مالك الثقفي :
يكنى أبا زيد.
توفي سنة ثلاثين ومائة .
وروى عن أنس بن
مالك وابن أبي أوفى ، وحدّث عن أبيه ، عن عبد الله ابن عمرو حديث التسبيح وغيره .
روى أبو أحمد
الزبيري ، عن سفيان ، عن عطاء بن السائب ، قال : دخلنا على سعيد بن جبير بأصبهان
وهو يتحرك ، فقلنا مالك؟ فقال : ما سألني أحد عن شيء.
__________________
٤٣ ٣ / ٣ فق حفص بن
حميد أبو عبيد
:
من أهل قم ، روى
عنه يعقوب القمّي وغيره.
(٥٢) حدثنا محمد
بن يحيى ، قال : ثنا محمد بن عامر ، قال : ثنا أبي ، عن يعقوب ، عن أبي عبيد ، وهو
حفص بن حميد ، عن شمر بن عطية ، عن شقيق بن سلمة ، عن أسامة بن زيد ، قال : لا أقول
: إنّ أمراءكم خياركم
__________________
بعد شيء سمعت من رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «الأمير الذي يعمل بمعاصي الله ، تتدافع أقتابه في النار
، تستديره كما يدور رحا الماء ، أو حمار الرحا. قال : فيمر عليه أصحابه ، فيقولون
: بعدا أن بعدته غيرك ، فيقول : إني كنت آمركم بما لا أفعل ، وأخالفكم إلى ما
أنهاكم عنه».
(٥٣) أخبرنا أبو
يعلى ، قال : ثنا أبو الربيع الزهراني ، قال : ثنا يعقوب ، قال : ثنا حفص بن حميد
، عن شمر بن عطية ، عن أسامة بن زيد ، قال : لا أقول ، فذكر مثله ، ولم يذكر فيه
شقيق بن سلمة.
(٥٤) وأخبرنا أبو
يعلى ، قال : ثنا أبو الربيع ، قال : ثنا محمد بن خازم ، قال : ثنا الأعمش ، عن
شقيق ، عن أسامة بن زيد مثله.
__________________
٤٤ ٣ / ٤ سليمان
الأصبهاني
:
رأى علي بن أبي
طالب.
حدثنا أحمد بن
محمود بن صبيح ، قال : ثنا أحمد بن سعيد بن جرير ، قال : ثني إبراهيم بن جرير عمي
، وعبد الله بن زكريا بن بهرام ، وعبد العزيز
__________________
ابن صبيح ، وعبدة
بن صالح ، ومحمد بن واقد ، قالوا : ثنا داود بن سليمان ، قال : كنت مع أبي في
كناسة الكوفة ، فإذا شيخ أصلع على بغلة له وردة ، يقال له دلدل ، قد احتوشه الناس ، فقلت : يا أبه! من هذا؟ قال : هذا شاهان شاه العرب. هذا علي بن أبي طالب.
__________________
٤٥ ٣ / ٥ مد ـ ت حبيب
بن الزبير بن مشكان
:
الهلالي
الأصبهاني.
حدثنا عبد الله بن
محمد بن يعقوب ، قال : سمعت أبا حاتم يقول : حبيب بن الزبير أصبهاني كتب عنه شعبة
بأصبهان ، وهو جد يونس بن حبيب ، يحدث عن عكرمة ، وعن ابن أبي الهذيل ، ولا أعلم
أحدا حدّث عنه غير شعبة ، وطلبت من غير حديث شعبة فلم أصب. قلت : كيف حديثه؟ قال :
مستقيم ، قال : وشعبة يسميه ، يقول : حبيب الأصبهاني .
__________________
ويقال : إن لحبيب
بن الزبير بأصبهان أولادا يقال لهم : الزبيرية ، وحدّث من أولاده وأسباطه عدّة بأصبهان ، منهم : حبيب بن هوذة بن حبيب ، وإبراهيم بن عبد
العزيز ، ويونس بن حبيب ، ومحمد بن أحمد بن حبيب بن الزبير ، ودرهم بن مظاهر ،
وعمران بن ناجية ، وأحمد بن إبراهيم بن عبد العزيز ، كل هؤلاء من أولاد حبيب بن
الزبير ، وقد حدّث كل واحد منهم ، إلا
__________________
أنّ يونس بن حبيب
وإبراهيم بن عبد العزيز سبطي حبيب من ابنته. روى عنه شعبة ما.
(٥٥) حدثنا به
محمد بن يحيى ، قال : ثنا عمرو بن علي ، وابن أبي زياد ، قالا : ثنا أبو داود ،
قال : ثنا شعبة ، وحدثنا أبو موسى ، قال : ثنا محمد ، قال : ثنا شعبة ، عن حبيب بن
الزبير ، عن عبد الله بن أبي الهذيل ، يحدّث عن عبد الرحمن بن أبزى ، عن عبد الله
بن خباب ، عن أبي بن كعب ، عن النبي ـ أنه ذكر الدجال عنده ، فقال : «عينه خضراء كالزجاجة ، فتعوذوا بالله من عذاب القبر».
(٥٦) حدثنا محمد
بن يحيى ، قال : ثنا أبو موسى ، قال : ثنا محمد ،
__________________
عن شعبة ، عن حبيب
بن الزبير ، قال : سمعت عبد الله بن أبي الهذيل قال : كان عمرو بن العاص يتخوّلنا
، فقال رجل من بكر بن وائل : إن لم تنته قريش ليضعن هذا الأمر في جمهور من جماهير العرب سواهم ،
فقال عمرو بن العاص : كذبت ، سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «قريش ولاة الناس في الخير والشر إلى يوم القيامة».
(٥٧) حدثنا عبد
الرحمن بن محمد بن حمّاد ، قال : ثنا الحسين بن محمد بن شنبة الواسطي ، قال : ثنا يعقوب الحضرمي ، عن
عمر بن فرّوخ ، عن حبيب بن الزبير ـ من أهل أصبهان ـ عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال
: نهى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن تباع الثمرة حتى يتبين صلاحها ، أو يباع صوف على ظهر
، أو سمن في لبن ، أو لبن في ضرع.
هذا حديث ما كتبنا
إلّا عنه ، ولا رأيته.
__________________
حدثنا محمد بن
يحيى ، قال : ثني عبدة بن عبد الله ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : ثنا عمر بن
فرّوخ ، عن حبيب بن الزبير ، عن عكرمة في قوله تعالى : (زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا
غَرْبِيَّةٍ) قال : «زيتونة بأرض فلاة ، إذا أشرقت
__________________
الشمس أشرقت عليها
، وإذا غربت غربت عليها ، وذاك أصفى ما يكون من الزيت».
__________________
تخريجه :
٤٦ ٣ / ٦ ت ـ ق ـ عس
إبراهيم بن محمد بن الحنفية :
ابن علي بن أبي
طالب.
روى عنه يعقوب
القمّي قدم عليهم قم ، رواه يعقوب القمّي ، وقال : ثنا إبراهيم بن
محمد بن الحنفية ، وكان قدم علينا قم ـ في قول الله عزوجل (يَعْلَمُ
مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها) ، قال :
مستقرّها : في
الصّلب ، ومستودعها في الرّحم ، وله أحاديث.
(٥٨) حدثنا سلم بن
عصام ، قال : ثنا بشر بن آدم ، قال : ثنا عبد الله ابن رجاء ، قال : ثنا إسرائيل ،
عن حماد بن عبد الرحمن ، عن إبراهيم بن
__________________
محمد بن الحنفية ،
قال : طفت مع أبي محمد ، وقد جمع بين الحج والعمرة ، وطاف لهما طوافين ، وسعى لهما
سعيين ، وحدثني أن عليا فعل ذلك ، وحدّثه عليّ أنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فعل ذلك.
(٥٩) وحدثنا سلم ،
قال : ثنا ابن أخي هلال ، قال : ثنا أبو نعيم ،
__________________
قال : ثنا ياسين
العجلي ، عن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي ، قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «المهدي منا أهل البيت».
__________________
٤٧ ٣ / ٧ فق نافع بن
أبي نعيم القاري
:
وهو نافع بن عبد
الرحمن بن أبي نعيم المقرىء والي أهل المدينة.
حدثنا أبو العباس
الهروي ، قال : ثنا أبو حاتم ، قال : ثنا الأصمعي ، قال : قال نافع ابن أبي نعيم :
أصلي من أصبهان .
سمعت علي بن سراج يقول : نافع بن أبي نعيم يكنى أبا رويم .
__________________
حدثنا عمر بن أحمد
، قال : ثنا شبّاب ، قال : ومن الطبقة السابعة نافع ابن أبي نعيم بن عبد الرحمن .
وحدثنا محمد بن
أحمد بن أبي يحيى ، قال : ثنا أبو غسان ، قال : ثنا الأصمعي ، قال : قال نافع بن
أبي نعيم مقرىء أهل المدينة : أصلي من أصبهان ، وقال ابن أبي الزّناد : أصلي من
همذان.
(٦٠) حدثنا محمد
بن زكريا ، قال : ثنا القعنبيّ ، قال : ثنا نافع بن عبد
__________________
الرحمن ، عن نافع
، عن ابن عمر ، عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «إنّ الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه».
__________________
٤٨ ٣ / ٨ بشر بن
الحسين الأصبهاني
:
يحدث عن الزبير بن
عدي ، توفي بعد المائتين من أهل المدينة ، وذكر أنّه جاء إلى أبي داود ، فقال له : حدثني الزبير بن عدي ، فقال له : كذبت.
وكتب عنه يحيى بن
أبي بكير ـ وهو مارّ إلى الرّي ، فكتب عنه ولم يعرفه.
حدثنا ابن الجارود
، ومحمد بن أحمد الزهري ، قالا : ثنا يونس ، قال :
__________________
قيل لأبي داود :
إنّ بشر بن الحسين يروي عن الزبير بن عدي ، عن أنس أحاديث ، فقال : كذب ما نعرف
للزبير بن عدي ، عن أنس إلّا حديثا واحدا ومما رواه وحدّث عنه ....
(٦١) حدثنا محمد
بن العباس بن أيّوب ، ومحمد بن يحيى بن منده ، قالا : ثنا الحجّاج بن يوسف ، قال :
ثنا بشر بن الحسين ، عن الزبير بن عدي ، عن المعرور بن سويد ، عن عمر قال : قال
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة والبّر بالبّر ،
والشعير بالشعير ، والتمر
__________________
بالتمر ، والملح
بالملح ، من زاد أو ازداد ، فقد أربى».
(٦٢) حدثنا محمد
بن علي الجارود ، قال : ثنا محمد بن عامر ، عن أبيه ، عن بشر بن الحسين ، عن عبد
الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن هشام ابن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت :
قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم : «إنّ لصاحب الحقّ يدا ولسانا».
__________________
٤٩ ٣ / ٩ جعفر بن
ناجية الأصبهاني
:
كان منزله بشميكان
، حدث عن عطاء بن أبي رباح.
حدثنا الحسن بن
إبراهيم بن بشّار ، قال : ثنا أبو أيّوب الشاذكوني ، قال : ثنا النّعمان بن عبد
السلام ، قال : ثنا جعفر بن ناجية ، قال : سألت عطاء بن أبي رباح عن أشياء من
معاشنا بأصبهان ، فجعل يقول : مكروه ، فقلت : يا أبا محمد : كيف السبيل إلى ذاك؟
فقال : أكل الحجارة خير من علاج جهنّم .
__________________
٥٠ ٣ / ١٠ عامر بن
ناجية
:
حدثنا أحمد بن عبد
الله بن محمد بن النعمان ، قال : ثنا محمد بن عامر ، قال : ثنا أبو سفيان ، قال :
ثنا عامر بن ناجية الأصبهاني ، قال : كنت آتي مالك بن مغول ، فأقول عنده :
اللهم إنّي أسألك
تمام نعمتك ، فقال : قل : والمزيد من فضلك .
__________________
٥١ ٣ / ١١ د ـ تم ـ س
ـ ق ـ محمد بن أبي يحيى الأسلمي :
نزيل المدينة ، توفي
سنة ست وأربعين ومائة ، واسم أبي يحيى سمعان.
روى عن أبيه ، عن
أبي سعيد ، وروى محمد ، عن عبد الله بن الزبير ، وعكرمة ، وهو أبو إبراهيم
بن محمد بن أبي يحيى.
وحكى الحسين بن
حفص ، عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى ، قال : نحن من رستاق الشيخ «براءان» ، وقد
حدّث بغير حديث لم يروه غيره. منها : (٦٣) ما أخبرنا عبد الله بن محمد بن سوار
الهاشمي ، قال : ثنا أبو بلال الأشعري ، قال : ثنا يحيى بن العلاء ، عن محمد بن
أبي يحيى ، عن عكرمة ،
__________________
عن ابن عباس ، قال
: رأيته اتّزر ، فأرسل إزاره من مقدّمه حتّى مسّت ظهر قدميه ، ويلقيه من خلفه ، فقلت له : تأتزر هكذا ، فقال : هكذا
رأيت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(٦٤) أخبرنا أبو
يعلى قال : ثنا أبو صالح محمد بن يحيى بن سعيد القطان ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا
محمد بإسناده مثله ، قال : وربما رفعه ، وربما لم يرفعه.
__________________
(٦٥) وأخبرنا أبو
يعلى ، قال : ثنا زهير بن حرب ، قال : يحيى بن سعيد ، عن ابن أبي يحيى ، عن أبيه ،
عن أبي سعيد ، قال : لما كان يوم الحديبيّة ، قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم» ـ. «لا توقدنّ نار بليل» ، فلما كان بعد ذلك ، قال :
«أوقدوا واصطنعوا
، فإنه لن يدرك أحد بعدكم مدّكم ولا صاعكم» .
حدثنا أبو يعلى ،
قال : ثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : ثنا حاتم بن إسماعيل ، عن محمد بن أبي يحيى ،
عن أمّه ، قالت : دخلنا على سهل بن
__________________
سعد في نسوة ،
فقال : إنّي أسقيكم من بئر بضاعة ، وقد سقيت النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من مائها.
روى هذا الحديث
الشافعي ، عن إبراهيم بن محمد ، عن أبيه ، عن أمه ، عن سهل.
__________________
٥٢ ٣ / ١٢ د ـ ت أنيس
بن أبي يحيى
:
أخو محمد بن أبي
يحيى. توفي سنة ست وأربعين ومائة.
(٦٦) روى إبراهيم
بن محمد بن أبي يحيى ، قال : ثني أبي يحيى ، قال : ثني عمي أنيس بن أبي يحيى ، عن أبيه ، عن أبي
سعيد ، قال : قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في المسجد الذي أسّس على التقوى .
وحدثنا محمد بن
يحيى ، قال : ثنا أبو همام الوليد بن شجاع ، قال : ثنا
__________________
يحيى القطان ، عن
أنيس بن أبي يحيى ، عن أبيه ، قال : رأيت ابن عمر وأصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يجلسون قبل أن توضع الجنازة عن أعناق الرجال.
__________________
٥٣ ٣ / ١٣ ق إبراهيم
بن محمد بن أبي يحيى
:
أبو إسحاق حدث عنه
ابن جريج ، يقول مرة : ذا الأسلمي ، ومرة : ابن أبي يحيى ، ومرة : إبراهيم.
حدثنا عبدان ، قال
: ثنا ابن أبي عاصم ، عن ابن كاسب ، قال : اجتمع جفينة ، وفلان ، وفلان ، فقالوا :
تعالوا حتى نضع لإبراهيم ابن أبي يحيى حديثا ، فقالوا : اتق الله. لا تكن مسندا عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقالوا : إسماعيل بن أبي حكيم ، عن عمر بن عبد العزيز : «السبق
للناظر حتى يحرزه المنظور» ، فجئنا إليه ، فقلنا له تحفظ حدثني ، فقال : ثنا إسماعيل بن حكيم ، عن عمر بن عبد العزيز ،
ثنا ابن صبيح ، قال : ثنا إسماعيل بن يزيد القطان ، قال : سمعت الحسين بن
حفص ، يقول سمعت إبراهيم بن أبي يحيى ، يقول : أنا من رستاق الشيخ. أنا من براءان .
__________________
أنا إسحاق بن أحمد
، قال : حدثني إسحاق بن عاصم ، قال : ثنا أبو عمر القرمطي ، قال : ثنا الأسدي ، قال : سمعت إبراهيم بن أبي يحيى يملي
على رجل غريب ، فأملى عليه لأبي الحويرث عن نافع بن جبير ثلاثين حديثا فجاء بها من الحسن شيء عجب ،
فقال ابن أبي يحيى للغريب : هذه ثلاثون حديثا قد حدثتك بها ، ولو ذهبت إلى ذاك
الحمار ـ يعني مالكا ـ فحدثك بثلاثة ، لفرحت بها .
أنا إسحاق بن أحمد
الفارسي ، قال : سمعت البخاري يقول : إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى كذاب ، وهو أخو
سحبل ، وسحبل صدوق ، ومحمد وعبد الله وأنيس بن أبي يحيى ، وهم أهل بيت علم.
ثنا عبدان ، قال : ثنا الجراح بن مخلد ، يقول سمعت سالم بن قتيبة
يقول عن مالك بن أنس. قال : إبراهيم بن أبي يحيى كذّاب .
__________________
الطبقة الرابعة
٥٤ ٤ / ١ خت د ـ ت ـ ق
ـ مبارك بن فضالة
:
ابن أبي أمية بن
كنانة ، مولى عمر بن الخطاب ، وكان جدّه مكاتبا لعمر ، واسمه عبد الرحمن ، يكنى
أبا فضالة. مات سنة أربع وستين ومائة .
قدم أصبهان على
أيوب بن زياد ، وكان واليا عليها من قبل أبي جعفر المنصور خمس سنين ، وروى عنه من أهل أصبهان : النعمان بن
عبد السلام ، وعصام بن يزيد جبر ، وغالب بن فرقد ، وشعبة بن عمران ، وعامر بن
إبراهيم ، وإبراهيم بن أيوب.
__________________
(٦٧) حدثنا عبد
الرحمن بن الحسن ، قال : ثنا الحسين بن الحسين المكتب ، قال : ثنا إبراهيم بن أيوب ، قال : ثنا
مبارك بن فضالة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته».
وحدثنا إسحاق بن
محمد بن حكيم ، قال : ثنا إبراهيم بن هاني ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا مبارك بن
فضالة ـ وكان من العابدين ، وتوفي سنة أربع وستين .
__________________
سمعت علي بن
الصباح يقول : سمعت محمد بن أيوب بن الحسن يقول : ثنا أبي ، ثنا مبارك بن فضالة ،
قدم علينا أصبهان ، وجسر بن فرقد قدم أصبهان.
حدثنا بكر بن عبد
الوهاب القزاز ، قال : ثنا إسماعيل بن قوهي ، قال : سمعت أبي يقول : ثنا مبارك بن
فضالة أبو فضالة ، قال : رأيت الحسن ، وبكر المزني ، ومعاوية بن قرة ، ومحمد بن واسع ، وثابت البناني .
ثنا محمد بن الحسن
بن علي بن بحر ، قال : ثنا عمرو بن علي ، قال : سمعت يحيى بن سعيد ، وذكر مبارك
فأحسن عليه الثناء ، سمعت عفان يقول : كان من النّسّاك . حدثنا إسحاق بن حكيم ، قال : ثنا إبراهيم بن
__________________
هانىء ، قال : ثنا
حجاج ، قال : ثنا مبارك بن فضالة ، وكان من العابدين.
(٦٨) ثنا محمد بن
أحمد بن يزيد ، قال : ثنا أبو سيّار ، قال : ثنا محمد بن علي بن مقدم ، قال : ثنا
محمد بن عرعرة ، قال : جاء شعبة بن الحجاج إلى المبارك بن فضالة ، فسأله عن حديث
نصر بن راشد ، عن جابر أنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نهى أن يجصّص القبر أو يبنى عليه
__________________
وحكى عبدان ، عن
عمرو بن العباس ، قال : سمعت ابن مهدي يقول : حللنا حبوة الثوري لما أردنا غسله ، فإذا في حبوته رقاع ، يسأل المبارك بن
فضالة عن حديث كذا.
__________________
٥٥ ٤ / ٢ وابنه عبد
الرحمن بن المبارك
:
حدثنا محمد بن
إسماعيل ، قال : ثنا عبد الله بن عمر ، قال : ثنا عبد الرحمن بن المبارك بن فضالة
، عن أبيه ، قال : كان الحسن يحلف بالله أن محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قد رأى ربه تبارك وتعالى .
حدثنا محمد بن
أحمد بن عمرو ، قال : ثنا رستة ، قال : ثني عبد الرحمن بن المبارك بن فضالة ، عن أبيه ،
عن الحسن ، أنه كان يكره أن يزن الرجل بالشعير ؛ لأنّ بعضه يزيد على بعض ، وله
أخوان : المفضل بن فضالة ، وعبيد الرحمن بن فضالة.
ثنا عبد الله بن
محمد بن يعقوب ، قال : ثنا أبو حاتم ، قال : ثنا عثمان
__________________
ابن الهيثم ، قال
: ثنا مبارك بن فضالة ، قال : كنت في مسجد أصحاب الساج ، إذ جاء أنس بن مالك
والحسن وثابت ، وقد صلّوا العصر. فقيل لهم : إنّهم قد صلوا ، فأذّن ثابت وتقدم أنس بن مالك فصلى بهم.
(٦٩) حدثني عامر
بن إبراهيم ، قال : ثنا عمي محمد ، قال : ثنا أبي ،
__________________
عن مبارك بن فضالة
، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «الضّيافة ثلاثة أيّام ، فما زاد فهو صدقة».
(٧٠) حدثنا محمد
بن يحيى ، قال : ثنا محمد بن عامر ، قال : ثنا أبي مثله.
__________________
٥٦ ٤ / ٣ ع ليث بن
سعد
:
يكنى أبا الحارث.
من أهل أصبهان.
حدثني ابن صبيح ، قال : ثنا إسماعيل بن يزيد ، قال : سمعت بعض أصحابنا
يقول : كان ليث بن سعد من أهل أصبهان من ماربين . وروى عنه من الأصبهانيين : قتيبة بن مهران بن عبد الرحمن
الأزاداني ، وكان سبي من أصبهان ، ونزل فسطاط مصر ، وتبنّك بها ، واعتقد وحمل عنه علم كثير .
سمعت أبا الحسن
الطّحّان قال : سمعت ابن زغبة يقول : سمعت
__________________
الليث بن سعد يقول
: نحن من أهل أصبهان ، فاستوصوا بهم خيرا .
حدثنا عبد الله بن
محمد بن يعقوب ، قال : ثنا أبو حاتم ، قال : ثنا ابن الطّبّاع ، قال : مات الليث بن سعد سنة ست أو سبع وسبعين ومائة.
حدثنا عبد الله ،
عن ابن معين ، قال : ثنا ابن بكير ، قال : ومات الليث بن سعد يوم الخميس ، لأربع عشرة من
شعبان ، سنة خمس وسبعين ومائة .
سمعت أبا بكر بن
أبي داود يقول : ليث بن سعد من سبي أصبهان.
حدثنا إبراهيم بن
محمد بن الحسن ، عن الربيع ، عن الشافعي ، قال : كان الليث بن سعد أفقه من مالك بن
أنس ، إلّا أنّه ضيعه أصحابه .
__________________
٥٧ ٤ / ٤ يونس
الأصبهاني
:
روى عنه صغدي بن
سنان ، قال : ثنا يونس الأصبهاني.
(٧١) حدثنا محمد بن
جعفر الشعيري ، قال : ثنا الوليد بن عمرو بن سفيان ، قال : ثنا صغدي بن سنان ، قال : ثنا يونس ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، أن رسول الله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أتي بجفنة من ثريد وهو يريد صلاة المغرب ، فقال رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «هذا رزق ساقه الله إليكم قبل صلاتكم ، فأكل رسول الله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ثم قام إلى الصّلاة ، ولم يمضمض ، ولم يغسل يده ، ومسح
يده بالحائط».
__________________
(٧٢) حدثنا محمّد
، قال : ثنا الوليد بن عمرو ، قال : ثنا صغدي ، قال : ثنا يونس ، عن عطاء ، عن ابن
عباس رفعه إلى النّبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «من أحيا ما بين صلاتين ، غفر له ، وشفع له ملك ،
وأمّن على دعائه» .
(٧٣) ثنا محمد ،
قال : ثنا الوليد بن عمرو ، قال : ثنا صغدي ، قال : ثنا يونس ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : جاء رجل إلى
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : أين أبي؟ قال : «في النّار» ، ثم جاء آخر ، فقال
: يا رسول ، الله الحجّ كل عام؟ فغضب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فحول وركه ، ودخل البيت ، ثم قال : «والذي نفسي بيده ،
لو قلت ، لوجبت عليكم كلّ سنة أو كل عام ، ثمّ لكفرتم» ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ
__________________
تُبْدَ
لَكُمْ تَسُؤْكُمْ).
__________________
٥٨ ٤ / ٥ جسر بن فرقد
:
قدم أصبهان. سمعت
علي بن الصباح يقول ، سمعت عقيل بن يحيى يقول : سمعت عامر بن إبراهيم يقول : قدم
جسر القصاب أصبهان. حدّث عنه من الأصبهانيين : منخّل ، وشعبة بن عمران. ذكر
إبراهيم بن السدي ، قال : ثنا إبراهيم بن المنخّل ، قال : سمعت جسر بن فرقد يقول :
كنت أشتري اللحم للحسن في كل يوم نصف درهم.
(٧٤) حدثنا ابن
عامر ، قال : ثنا عمي ، عن أبيه ، قال : ثنا شعبة بن
__________________
عمران ، قال : ثنا
جسر بن فرقد ، عن الحسن ، عن أبي برزة ، وسأله عن أشدّ آية على أهل النار ، فقال : سألنا عنها
رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : هذه الآية : (فَذُوقُوا فَلَنْ
نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً).
__________________
٥٩ ٤ / ٦ ع عبد
العزيز الماجشون
:
حكى ابن أبي خيثمة
، قال : كان الماجشون من أهل أصبهان ، فنزل المدينة ، ووقع بها ، فكان يلقى
الناس ، فيقول لهم : جوني جوني .
__________________
٦٠ ٤ / ٧ ع عبد
العزيز الدّراوردي
:
ذكر الطبراني عن
أحمد بن رشدين ، قال : سمعت أحمد بن صالح يقول : كان الدّراوردي من أهل أصبهان ،
نزل بالمدينة ، فكان يقول للرجل إذا أراد أن يدخل ، قال : أندرون . فلقّبه أهل المدينة الدراوردي .
__________________
٦١ ٤ / ٨ ع جرير بن
عبد الحميد
:
حدّثنا محمد بن
أحمد بن يزيد ، قال : ثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، قال : ثنا محمد بن عمرو عن
جرير ، قال : ولدت في آبة ، من قرية أصبهان.
__________________
٦٢ ٤ / ٩ س فق القاسم
بن (أبى)
أيوب
:
أصبهاني ، لقي
سعيد بن جبير ، (وروى عنه) شعبة بن الحجاج ، قال : أخبرني القاسم بن أبي ايوب قال :
كان سعيد بن جبير عندنا في قريتنا بأصبهان سنتين وكان معه غلام مجوسي يخدمه وكان
يأتيه المصحف بعلاقته .
__________________
ثنا أبو خليفة ،
قال : ثنا علي بن المديني ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : ثنا أصبغ بن زيد ، عن
القاسم بن أبي أيوب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قصة القنوت بطوله.
__________________
٦٣ ٤ / ١٠ ت ـ س ـ ق
ـ محمد بن عبد الوهاب القنّاد :
كان أصله من أصبهان.
كتب إلينا محمد بن إسحاق ، قال : ثنا هارون ابن إسحاق ، قال : ثنا محمد بن عبد
الوهاب القنّاد ، وكان من أفضل الناس ، وكان أصله من أصبهان ، يكنى أبا يحيى ، مات
سنة اثنتي عشرة ومائتين .
__________________
٦٤ ٤ / ١١ خ ـ ت ـ س
ـ ق (محمد
بن الصّلت)
:
قال محمد بن إسحاق
:
وثنا الجوهري ، قال
: محمد بن الصلت يكنى أبا جعفر كان أصبهانيا ، فصار إلى الكوفة فنزلها ، ومات سنة
ثلاث عشرة ومائتين .
__________________
٦٥ ٤ / ١٢ د ـ ق حميد
بن وهب أبو وهب
:
روى عنه عامر بن
إبراهيم ، يروي عن إسماعيل بن أبي خالد ، وهشام بن عروة.
(٧٥) حدثنا محمد
بن إبراهيم بن عامر ، عن عمه ، عن أبيه ، قال : ثنا حميد بن وهب أبو وهب ، قال :
ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي جحيفة ، قال : رأيت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وكان الحسن بن علي يشبهه ـ وقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إنّ ابني هذا سيّد ، ومن أحبّني فليحبّ هذا في حجري».
__________________
وحدثنا ابن عامر ، عن عمه ، عن أبيه ،
قال : ثنا حميد بن وهب ، قال : ثنا مسعر بن كدام ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد
الرحمن السلمي
أن حذيفة بن اليمان خطب يوم الجمعة ، فقال : اقتربت الساعة وانشق القمر ألا أنّ
الساعة اقتربت ، وأنّ القمر قد انشقّ ، اليوم المضمار وغدا السباق ، والسابق من
سبق إلى الجنة
، والغاية النار. قال : فقلت لأبي : يا
__________________
أبة ، تجري الخيل
غدا؟ قال : لا يا بني ولكن يقول : تعملون اليوم وتجزون غدا .
__________________
٦٦ ٤ / ١٣ حجر : رجل
من أصبهان
:
يحدّث عنه عمارة
بن أبي حفصة. حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن علي الخزاعي ، قال : ثنا حفص بن
عمر الحوضي ، قال : ثنا شعبة ، عن عمارة بن أبي حفصة ، قال : سمعت رجلا يقال له : حجر
يحدّث بأصبهان ، يقول : سمعت سعيد بن جبير في هذه الآية (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ
فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ). قال: الشهداء ثنية الله حول العرش متقلدي السيوف.
__________________
رواه ابن أبي أيوب
، عن الحوضي ، فقال : رجل من أهل أصبهان ، وكذا آل سليمان بن حرب.
__________________
٦٧ ٤ / ١٤ س خطاب بن
جعفر بن أبي المغيرة
:
روى عنه عامر ، والحسين بن حفص. (ذكر أنه كان يقدم من قمّ إلى البلد ، وكان خراج قمّ حينئذ إلى البلد ، وسمع منه عامر ، والحسين بن حفص) وحكي أنّ أبا حاتم كتب إلى بعض إخوانه : مهما وقع عندكم من حديث الخطاب بن
جعفر فاجمعوه لي ، وخذوا إليّ به إجازة .
ومما كتبنا من
حديثه. حدثنا محمد بن يحيى ، قال : ثني محمد بن عامر ، قال : ثني أبي ، قال : ثنا
خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله
تعالى : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) ، (قال : نعمتي على قريش) (إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ
وَالصَّيْفِ). قال : يشتون بمكة ، ويصيفون بالطائف. (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ
الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ
__________________
جُوعٍ
وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) قال : من الجذام .
قال محمد بن عامر
: سمع الشاذكوني هذا الحديث من أبي.
(٧٦) حدثنا محمد
بن يحيى ، قال : ثنا عبد الله بن داود ، قال : ثنا حسين بن حفص ، قال : ثنا خطاب
بن جعفر ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يطوف بنخل من نخل المدينة ، فجعل الناس يقولون : فيها
صاع ، فيها وسق ، يحزرون ، فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «فيها كذا وكذا». فقالوا : صدق الله ورسوله.
__________________
فقال : «يا أيّها
النّاس. إنّما أنا بشر. فما حدّثتكم به من عند الله ، فهو حقّ ، وما قلت فيه من
قبل نفسي ، فإنّما أنا بشر أخطىء وأصيب» .
ثنا محمد بن يحيى
، قال : ثنا عبد الله بن داود ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا خطاب بن جعفر ، عن
أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : من لعن صاحبه صعدت إلى السّماء ، ثم
ترجع حتّى تقع على رأس الظالم .
__________________
ثنا محمد بن يحيى
، قال : ثني عبد الله ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا خطاب بن جعفر ، عن أبيه ، عن
سعيد بن جبير ، عن ابن عباس (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
بِحُسْبانٍ) ، قال : بحساب ومنازل ، وفي (النَّجْمُ
وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) قال : النّجم : ما ليس له ساق ، والشجر كل شيء له ساق .
ثنا محمد ، قال :
ثني عبد الله ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا خطاب ،
__________________
عن أبيه ، عن سعيد
بن جبير ، قال : سألت ابن عباس عن (العاديات) ، فقال : الخيل تصبح : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) قال : لكفور .
ثنا محمد بن أحمد الزهري ، قال : ثنا الحسن بن عطاء ، قال : ثنا عامر بن
إبراهيم ، قال : ثنا الخطاب ، قال : ثنا السّدي وحدثنا محمد ، قال : ثني عبد الله
، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا خطاب ، عن السّدي ، قال : (ن وَالْقَلَمِ). قال : نون السّمكة التي عليها الأرضين ، والقلم : الذي
خلقه الله
__________________
بيده. قال السدي :
وقال القلم : ما أكتب؟ قال : أكتب القدر .
ثنا محمد بن يحيى
، قال : ثني عبد الله ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا خطاب ، عن أبيه ، عن سعيد بن
جبير ، قال : جاء رجل إلى ابن عباس ، فسأله عن قول الله : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ
وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) ما هو؟ فسكت عنه ابن عباس ، حتى إذا وقف
الناس ، قال له الرجل : ما يمنعك أن تجيبني؟ قال : وما يؤمنك أن لو أخبرتك أن تكفر؟
قال : فأخبرني ، فأخبره ، تخريجه :
__________________
قال : سماء تحت
أرض ، وأرض فوق سماء مطويات بعضها فوق بعض ، يدور الأمر بينهن ، كما يدور بهذا
الكردنا الذي عليه الغزل .
ثنا محمد ، قال :
ثني عبد الله ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا خطاب ابن جعفر ، عن أبيه ، عن سعيد
بن جبير (يَعْلَمُونَ ظاهِراً
مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) قال : فالظاهر من العلم أن يوحي الله إلى الملائكة
__________________
بأمره في أهل
الأرض ، فيوحي الله إلى الملائكة كوقع السلسلة على الصفا ، فإذا سمعوا ذلك ، لم
يبق ملك في السموات إلّا خر ساجدا ، ويندب إبليس الشياطين كل ليلة ، فيقول : من
يجيز السماء؟ فيندب مردة الشياطين ، ويوضع لهم شياطين على ممرهم ، ويقفن الشياطين
من الأرض ، حتى يلظ في السماء بالمكان الذين كانوا قبل ذلك يسترقون فيه السمع ،
فسمع الله (كلام) الملائكة ما قد أوحى إليهم في خلقه ، فيتبعه الشهاب ، فيمر
على الذين قد وضعوا في ممره ، فيقول سمعت كذا وكذا ، وليس له منتهى إلا البحر ،
فإن أدركه الشهاب قبل ذلك حرقه ، وإن أدركه البحر أخبله ، فلا يعود إلى السماء بعد
ذلك ، فقال سعيد : إنّ الشّهاب لا يخطئه على حال. قال : فيوحي أولئك الذين سمعوا
إلى أوليائهم من الإنس ، فيصدقون بما أوحى الله إلى خلقه ، ويزيدون سبعين كذبة .
__________________
٦٨ ٤ / ١٥ ز عبد الله
بن معاوية
:
ابن عبد الله بن
جعفر بن أبي طالب ، قدم أصبهان ، وغلب عليها أيام مروان بن محمد ، وأقام بها ، وبنى بها ، وله ميدان بجرواآن يقال له : ميدان عبد الله بن معاوية ، ويقال : خرج بالكوفة
في خلافة مروان ، فبعث إليه مروان جندا ، فلحق بأصبهان ، فغلب عليها ، وما زال يتنقل من موضع إلى
__________________
موضع ، حتى لحق
بخراسان ، وأبو مسلم يدعو إلى ولد العباس ، فبلغه مكانه ، فحبسه في السجن ، حتى
مات سنة إحدى وثلاثين ومائة .
ومما حدث : ما
حدثنا به الحسن بن محمد الدّاركي ، قال : ثنا أبو زرعة ، قال : ثنا محمد بن إسماعيل بن جعفر
بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جعفر ، قال : حدثني عمّي موسى بن جعفر ، عن
صالح بن معاوية ، عن أخيه عبد الله بن معاوية ، عن أبيه معاوية بن عبد الله بن جعفر ، عن عبد الله بن جعفر ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه
__________________
وسلم ـ : «عليّ
أصلي ، وجعفر فرعي ، أو جعفر أصلي ، وعليّ فرعي» .
__________________
٦٩ ٤ / ١٦ أبو جعفر
المنصور
:
عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب قدم أصبهان مع
عبد الله بن معاوية ، وخرج منها إلى فارس .
وحكى وشنة ، قال : كان أبو جعفر المنصور يجيء إلى عندنا إلى الحمام
بيوان ، قال : فخرج أياما عن معسكر عبد الله بن معاوية قال : فرجع إلى العسكر ، وقد
وضع الفأرة أدراصا في مخدته. قال : فتعجب ، فقال : هل ها هنا من يحسب؟ قالوا
: نعم. قال : فحمل إليه يهودي يقال له ككية يحسب ، فقال : ما هذا؟ فقال : إنّ هذا لا
يجوز إلّا لمن يملك
__________________
الأرض ، فقال له :
أخفه عني واسكت واتبعني إذا سمعت بي. قال : فخرج من ساعته إلى فارس ، وخاف أن يفشي
ذلك ، فيسمع به عبد الله بن معاوية. قال : فلما كان من أمره ما كان ، وجعل له
الخلافة خرج ككية إليه ، فأعطاه مالا ، فرجع ككية إلى البلد ، وكان يركب الحمر
المصرية ، وقد حدّث المهدي عن أبيه المنصور .
(٧٨) ثنا أبو الحسن
بن شنبوذ ، قال : ثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا
أبي ، عن محمد بن عبد الله بن علي بن عبد
__________________
الله بن عباس ،
قال : ثني أبي ، عن جده ، عن ابن عباس ، أن النبي ـ صلى
__________________
الله عليه وسلم ـ جهر
بسم الله الرحمن الرحيم. محمد بن عبد الله هو المهدي.
__________________
٧٠ ٤ / ١٧ عبد الله
بن أبي مريم الأموي
:
قاضي أصبهان.
كان على القضاء
أيام الحجاج ، وكانوا ثلاثة إخوة : عبد الله ، وعبيد الله ، ويزيد ،
وكان قاضيها أيّام الحجاج بن يوسف. ومن ولده : محمد بن المغيرة بن سالم بن عبد الله
صاحب النعمان ، وعلي بن بشر بن عبد الملك بن عبيد الله بن أبي مريم .
وحكى أبو أميّة
سلم بن عصام ، وكان محمد بن المغيرة جده. قال : كان عبد الله على القضاء ، فعزله
الحجاج ، وأخرجه إلى واسط ، وحبسه ، فلما مات الحجاج ، رجع إلى أصبهان ، فمات بها.
(٧٩) وقد حدث
هؤلاء كلهم. حدثني سلم بن عصام بن سلم بن
__________________
المغيرة بن سالم
بن عبد الله بن أبي مريم ، قال : ثنا إبراهيم بن بسطام ، قال : ثنا روح بن عبادة ،
قال : ثنا ابن جريج ، قال : ثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم ، عن عبد الله بن
أبي مريم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال
__________________
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من ذكر رجلا بما فيه فقد اغتابه ، ومن ذكره بغير ما
فيه فقد بهته».
(٨٠) ثنا سلم قال
: ثنا حفص الرّبالي ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، قال: ثنا أبو بكر بن عبد
الله بن أبي مريم ، عن عبد الله بن أبي مريم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مثله.
وقد حدّث علي بن
بشر ، وأحمد بن علي بن بشر ، ومحمد بن أحمد بن علي بن بشر.
__________________
٧١ ٤ / ١٨ مبشر بن
ورقاء قاضي أصبهان
:
حدّث عنه محمد بن
بكير ، وأبو حجر عمرو بن رافع ، وأحمد بن منيع ، وحكى أحمد بن يوسف ، قال : رأيت
مبشر بن ورقاء يقضي في مسجد يعقوب ابن زياد .
(٨١) حدثنا إسحاق
بن إبراهيم بن جميل ، قال : ثنا أحمد بن منيع ، قال : ثنا مبشر بن ورقاء أبو
الأسود السعدي الكوفي ، قال : ثنا الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن عبد الرحمن بن
يزيد ، عن ابن مسعود ، قال : ما صلّى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أو ما رأيت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ صلى صلاة قط إلّا لوقتها ، إلا صلاتين المغرب والعشاء ،
فإنّه جمع
__________________
بينهما بجمع وغلس
بالفجر .
حدثنا أبو العباس
الجمال ، قال : ثنا عبد الرحمن بن عمر ، قال : ثنا عامر بن
إبراهيم ، قال : ثنا مبشر بن ورقاء قاضي أصبهان ، قال : ثنا الأعمش ، قال : قال
عبد الملك بن أبجر ـ وكان من أطبّ الناس ـ اجتنب الدواء ما احتمل الداء .
(٨٢) حدثنا محمد
بن يحيى ، قال : ثنا أحمد بن منيع ، قال : ثنا مبشر ابن ورقاء السعدي الكوفي قاضي
أصبهان ، عن الحجاج ، عن عطاء ، عن
__________________
عائشة ، قالت :
كنت أطيّب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قبل أن يطوف بالبيت.
__________________
٧٢ ٤ / ١٩ ق نهشل بن
سعيد الترمذي
:
يكنى بأبي سعيد
الترمذي. قدم أصبهان ، وحدث عنه عامر بن إبراهيم نسخة عن الضحاك في التفسير وغيره
، وكتبنا من حديثه ما لم نكتب عن غيره.
(٨٣) ثنا محمد بن
عامر ، عن أبيه ، عن جده ، عن نهشل بن سعيد ، عن سفيان ، عن باذام ، عن قنبر ، عن
علي ، عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «لا يحفظ منافق سورة هود وبراءة ويس والدخان وعم
يتساءلون».
__________________
(٨٤) ثنا محمد بن عامر ، عن أبيه ، عن
جده ، عن نهشل ، عن الأعمش ، عن باذام ، عن قنبر ، عن علي ، عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم
ـ قال : «ألا إن الجنة اشتاقت إلى أربعة من أصحابي ، فأحدهم : عليّ ، والثاني :
المقداد ، والثالث : سلمان ، والرابع : أبو ذر الغفاري».
__________________
٧٣ ٤ / ٢٠ غياث بن
إبراهيم التميمي
:
روى عنه عامر بن
إبراهيم ، وغالب بن فرقد الأصبهاني ، وروى عنه يحيى ابن أبي بكير.
(٨٥) حدثنا ابن
عامر ، عن أبيه ، عن جده ، قال : حدثنا غياث ، عن عبيد الله بن عمر ، عن عبد الله
بن دينار ، عن ابن عمر ، قال : قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «لا يغرّنّكم من سحوركم ابن أمّ مكتوم». هكذا رواه وهو
عند الناس عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمرو ، عن القاسم ، عن عائشة.
__________________
(٨٦) وحدثنا أبو
يعلى ، قال : ثنا الأزرق بن علي ، قال : ثنا يحيى بن أبي بكير ، قال : ثنا غياث بن
إبراهيم ، عن عثمان بن أبي سودة ، عن زياد بن أبي مريم ، عن عثمان بن عفان ، عن
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «عودوا المريض ، وأجيبوا الداعي ، وخير العيادة
أخفّها ، والتّعزية مرة».
__________________
٧٤ ٤ / ٢١ خت ـ د ـ س
ـ إبراهيم
بن ميمون الصائغ
:
أصبهاني ، انتقل
إلى خراسان . سمعت أبا جعفر محمد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد الله
بن محمود المروزي ، قال : سمعت إبراهيم بن يزيد البيوردي يقول : إبراهيم الصائغ ، أصله من أصبهان .
__________________
٧٥ ٤ / ٢٢ زفر بن
الهذيل بن قيس بن سالم :
ابن قيس بن مكمل
بن ذهل بن ذويب بن عمر ، ويكنى أبا الهذيل.
روى عنه النعمان والحكم بن أيوب وغيرهم.
وكان متواضعا ،
وكان أبوه الهذيل بن قيس مقيما بأصبهان في سنة ست وعشرين ومائة في خلافة يزيد بن الوليد بن عبد الملك ، وهو الذي كان يسمّى الناقص
، فلما قتل يزيد ، وبويع إبراهيم بن الوليد بقي سبعين يوما ، ثم خلع ، وثبت الهذيل على أصبهان ، فتولى أمرها باقي سنة ست وسبع
، فلمّا دخلت سنة ثمان قدم عبد الله بن معاوية بن جعفر ، فنزل باب القرطمان ،
__________________
فخرج إليه الهذيل
، فالتقوا بها ، فانهزم الهذيل. وغلب عبد الله على البلد ، وكان للهذيل ثلاث بنين : الكوثر ، وهو أكبرهم ، وكان ينزل بأصبهان قرية «براءان»
، وعليه قدم زفر بن الهذيل ، وهرثمة بن الهذيل ، وكان من أعرف الناس بالأنساب
والأشعار ، وعنه أخذ حماد الرواية ، وزفر بن الهذيل ، وكان أفقههم ، وجالس أبا حنيفة
، ومن حديثه :
حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحرب ، قال :
ثنا محمد بن المغيرة ، قال : ثنا النعمان
، عن زفر ، حكى ابن أبي عاصم
، قال : سمعت عبد الملك
ابن مروان يقول : قال أبو عاصم
: أمسك زفر عن الرأي قبل أن يموت بسنتين ، وأقبل على العبادة ، فرآه رجل في اليوم
فقال : السنتين.
__________________
٧٦ ٤ / ٢٣ س ـ ق خالد
بن أبي كريمه
:
قالوا : هو من
أصبهان من سنبلان .
(٨٧) حدثنا أحمد
بن محمود بن صبيح ، قال : ثنا عامر بن أسيد
__________________
الواضحي ، عن ابن
عيينة ، عن خالد بن أبي كريمه ـ وكان من أهل سنبلان ـ عن عبد الله بن المسور ، عن
أبيه ، قال : قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إذا دخل النّور القلب ، انفسح له وانشرح». قيل : يا
رسول الله ، هل لذلك من علامة تعرف به؟ قال : «نعم ، الإنابة إلى دار الخلود ،
والتّجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزول الموت ، وتعرضوا للعرض الأكبر (يَوْمَئِذٍ
تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ)»
.
__________________
٧٧ ٤ / ٢٤ خ م د عس ق
عمير بن سعيد النخعي
:
قدم أصبهان. قال :
كنا بأصبهان نعطي الغنم بكذا وكذا جبنّة ، وكذا وكذا مصلة.
حدثنا إبراهيم بن
محمد بن علي الرّازي ، قال : ثنا موسى بن نصر ، ثنا نصر بن باب ، عن الحجاج بن
أرطأة ، عن عمير بن سعيد ، قال : كنا بأصبهان ، وكان منا من يدفع مائة شاة إلى رجل
على أن يكفيه مؤنته ، فيعطيه في كل سنة كذا وكذا جبنة ، وكذا وكذا مصلة ، وكذا
وكذا من السمن ، فسألت عن ذلك علقمة بن قيس ، ومسروق بن الأجدع ، وعبد الرحمن بن
أبي ليلى ، فكرهوه .
__________________
٧٨ ٤ / ٢٥ بخ حميد بن
أبي غنيّة
:
أبو عبد الملك بن
حميد ، قال البخاري : هو أصبهاني ، لما فتحها أبو موسى انتسبوا إليه.
__________________
٧٩ ٥ / ٢٦ د ت س
إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان الفقيه :
جده حماد من أهل
أصبهان ، حكى محمد بن يحيى ، قال : كان جد حماد بن أبي سليمان من بزخوار .
وروى عنه معتمر بن
أبي سليمان ، وخالد الواسطي. روى وهب بن بقية ، قال : ثنا خالد بن عبد الله ، قال : ثنا إسماعيل
بن حماد بن أبي سليمان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله أنه كان يجيء
كل خميس ، فيقوم قائما لا يجلس ، فيقول إنما هما اثنتان : فأحسن الحديث كتاب الله
، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة .
__________________
(٨٨) حدثنا ابن
الناشىء ، قال : ثنا محمد بن الحسين الكابلي ، قال : ثنا إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان ، عن أبي قيس ، عن ابن سيرين ، عن حكيم بن حزام ،
قال : نهاني النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن أبيع ما ليس عندي .
__________________
__________________
٨٠ ٤ / ٢٧ الزحاف بن
أبي الزحاف الأصبهاني
:
يحدث عن ابن جريج
، والمثنى بن الصباح ، ومسلم بن خالد ، وله بأصبهان عقب ، روى عنه عقيل بن يحيى ،
وذكر محمد بن عاصم أنه حدثه من كتب عن ابنه جعفر بن الزحاف ، عن أبيه ، عن ابن
جريج أربعة آلاف حديث .
حدثنا أبو عبد
الله محمد بن يحيى ، قال : ثنا عقيل بن يحيى الحافظ ، قال : ثنا الزحاف أبو محمد
الأصبهاني ، قال : ثنا ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : «عالم أشد على
إبليس من ألف عابد».
__________________
__________________
فهرس الموضوعات
شكر وتقدير.................................................................... ٥
تقديم
بقلم الأستاذ الدكتور أكرم ضياء العمري....................................... ٧
المقدمة.......................................................................... ١
الباب
الأول................................................................... ١٩
الفصل
الأول.................................................................. ٢١
المبحث
الأول في أسماء أصفهان قديما وحديثا وضبطها............................... ٢١
المبحث
الثاني في موقع أصفهان ومساحتها وإنشائها وتاريخ فتحها ومكانتها............. ٢٥
الفصل
الثاني في أهمية أصفهان ومميزاتها............................................. ٣٥
رغبة
الناس بالهجرة الى أصفهان................................................... ٣٨
ما
ورد من الفضل لأهل هذه البلاد............................................... ٣٩
بدء
التحديث بأصفهان......................................................... ٤٠
نشاط
العلماء بتاريخ أصفهان.................................................... ٤١
عناية
العلماء بتاريخ أصفهان..................................................... ٤١
نشاط
التحديث في قرى أصفهان................................................. ٤٢
الحركة
الفكرية في مدن المشرق.................................................... ٤٥
مذهب
أهل أصفهان قديما وحديثا................................................ ٥٥
الباب
الثاني.................................................................... ٦١
الفصل
الأول في ترجمة المؤلف.................................................... ٦٣
اسمه
ونسبه.................................................................... ٦٣
ولادته
ونشأته.................................................................. ٦٥
رحلاته........................................................................ ٦٧
ثقافته
ونبوغه.................................................................. ٧١
شيوخه........................................................................ ٨١
ثناء
العلماء عليه وتوثيقه......................................................... ٨٦
تلاميذه....................................................................... ٨٧
عقيدته
ومذهبه................................................................. ٩٢
صلاحه
وعبادته................................................................ ٩٣
وفاته
وما قيل بعد وفاته......................................................... ٩٤
آثاره
العلمية................................................................... ٩٥
الفصل
الثاني في توثيق نسبة الكتاب الى المؤلف................................... ١٠٧
المبحث
الأول اسم الكتاب كما جاء عند المؤلف.................................. ١٠٧
المبحث
الثاني أهمية الكتاب وثقة العلماء فيه والاستفادة منه......................... ١١١
محتوى
كتاب الطبقات......................................................... ١١٥
موارده....................................................................... ١١٧
منهج
المؤلف في كتابه الطبقات................................................. ١١٨
بعض
الملاحظات على المؤلف وكتابه............................................. ١٢٢
وصف
النسختين الخطيتين اللتين اعتمدت عليهما في الاخراج....................... ١٢٤
رواة
طبقات المحدثين بأصبهان................................................... ١٢٧
السماعات
الموجودة للجزء الأول والثاني.......................................... ١٢٩
منهج
التحقيق................................................................ ١٣٧
شرح
الرموز والمصطلحات...................................................... ١٤٠
أول
كتاب طبقات المحدثين بأصبهان............................................. ١٤٣
الجزء
الأول................................................................... ١٤٥
مقدمة
المؤلف................................................................ ١٤٧
ذكر
الأشياء التي خصت بها أصبهان............................................ ١٥٥
ذكر
فتوح أصبهان ومشاورة عمر بن الخطاب..................................... ١٧٨
الطبقة
الأولى ذكر أسامي الصحابة رضوان الله عليهم الذين قدموا أصبهان............ ١٩١
الحسن
بن علي بن أبي طالب................................................... ١٩١
عبد
الله بن الزبير بن العوام..................................................... ١٩٥
سلمان
الفارسي............................................................... ٢٠٣
أبو
موسى الأشعري........................................................... ٢٣٧
رافع
بن خديج الأنصاري...................................................... ٢٥١
عبد
الله بن يزيد الخطمي الأنصاري.............................................. ٢٥٣
عبد
الله بن عامر.............................................................. ٢٥٥
بديل
بن عامر بن ورقاء........................................................ ٢٥٩
مجاشع
بن مسعود السلمي..................................................... ٢٦٦
عائذ
بن عمرو المزني........................................................... ٢٧٠
النابغة
الجعدي................................................................ ٢٧٣
مخنف
بن سليم بن الحارث..................................................... ٢٧٧
خالد
بن غلاب الطائفي القرشي................................................ ٢٨٣
حممة
الدوسي................................................................ ٢٨٦
عبد
الله بن عبد الله بن عتبان الأنصاري......................................... ٢٨٩
الطبقة
الثانية................................................................. ٢٩٦
الأحنف
بن قيس............................................................. ٢٩٦
السائب
بن الأقرع............................................................ ٣٠٢
أسيد
بن المتشمس بن معاوية................................................... ٣٠٥
جبير
بن حية بن مسعود....................................................... ٣٠٧
يزيد
بن قيس................................................................. ٣١١
أبو
العالية رفيع الرياحي........................................................ ٣١٣
أبو
محمد سعيد بن جبير....................................................... ٣١٥
حسان
بن عبد الرحمن الضبعي.................................................. ٣٢٠
قطن
بن قبيصة الهلالي......................................................... ٣٢٢
أبو
اسماعيل حماد بن أبي سليمان الفقيه.......................................... ٣٢٦
عبد
الرحمن أبو اسماعيل السدي................................................. ٣٣١
السدي
اسماعيل بن عبد الرحمن................................................. ٣٣٢
أبو
إسحاق السبيعي.......................................................... ٣٣٦
عبيد
الله بن أبي بكرة.......................................................... ٣٣٩
عبيد
الله بن أبي بكرة الثقفي.................................................... ٣٤١
مرداس
الأصبهاني............................................................. ٣٤٣
الصباح
بن عاصم الأصبهاني................................................... ٣٤٤
عبد
الله بن الأسود الأصبهاني.................................................. ٣٤٧
أبو
غالب الأصبهاني.......................................................... ٣٤٨
ابراهيم
بن هدبة.............................................................. ٣٤٩
جعفر
بن أبي المغيرة القمّي...................................................... ٣٥٢
وثاب
أبو يحيى بن وثاب....................................................... ٣٥٥
يحيى
بن وثاب................................................................ ٣٥٦
واقد
مولى أبي موسى الأشعري.................................................. ٣٥٩
يزيد
الأودي.................................................................. ٣٦٠
الطبقة
الثالثة................................................................. ٣٦٢
عبد
الرحمن بن سليمان بن الأصبهاني............................................ ٣٦٢
عطاء
بن السائب بن مالك الثقفي.............................................. ٣٦٧
حفص
بن حميد أبو عبيد...................................................... ٣٦٨
سليمان
الأصبهاني............................................................ ٣٧٠
حبيب
بن الزبير بن مشكان.................................................... ٣٧٢
ابراهيم
بن محمد بن الحنفية..................................................... ٣٧٨
نافع
بن أبي نعيم القاري....................................................... ٣٨١
بشر
بن الحسين الأصبهاني..................................................... ٣٨٤
جعفر
بن ناجية الأصبهاني..................................................... ٣٨٧
عامر
بن ناجية............................................................... ٣٨٨
محمد
بن أبي يحيى الأسلمي..................................................... ٣٨٩
أنيس
بن أبي يحيى............................................................. ٣٩٣
ابراهيم
بن محمد بن أبي يحيى.................................................... ٣٩٥
الطبقة
الرابعة................................................................. ٣٩٧
مبارك
بن فضالة.............................................................. ٣٩٧
عبد
الرحمن بن المبارك.......................................................... ٤٠٢
ليث
بن سعد................................................................ ٤٠٥
يونس
الأصبهاني.............................................................. ٤٠٧
جسر
بن فرقد................................................................ ٤١٠
عبد
العزيز الماجشون.......................................................... ٤١٢
عبد
العزيز الدراوردي.......................................................... ٤١٣
جرير
بن عبد الحميد.......................................................... ٤١٤
القاسم
بن أبي أيوب.......................................................... ٤١٥
محمد
بن عبد الوهاب القناد.................................................... ٤١٧
محمد
بن الصلت............................................................. ٤١٨
حميد
بن وهب أبو وهب....................................................... ٤١٩
حجر
: رجل من أصبهان...................................................... ٤٢٢
خطاب
بن جعفر بن أبي المغيرة.................................................. ٤٢٤
عبد
الله بن معاوية............................................................ ٤٣٢
أبو
جعفر المنصور............................................................. ٤٣٥
عبد
الله بن أبي مريم الأموي.................................................... ٤٣٩
مبشر
بن ورقاء................................................................ ٤٤٢
نهشل
بن سعيد الترمذي....................................................... ٤٤٥
غياث
بن ابراهيم التميمي...................................................... ٤٤٧
ابراهيم
بن ميمون الصائغ...................................................... ٤٤٩
زفر
بن الهذيل بن قيس بن سالم................................................. ٤٥٠
خالد
بن أبي كريمة............................................................ ٤٥٢
عمير
بن سعيد النخعي........................................................ ٤٥٤
حميد
بن أبي غنية............................................................. ٤٥٥
اسماعيل
بن حماد بن أبي سليمان الفقيه........................................... ٤٥٦
الزحاف
بن أبي الزحاف الأصبهاني.............................................. ٤٥٩
فهرس الأعلام
ـ ابراهيم بن
محمد بن الحنفية ٣٧٨.
ـ ابراهيم بن
محمد بن أبي يحيى ٣٩٥.
ـ ابراهيم بن
ميمون الصائغ ٤٤٩.
ـ ابراهيم بن
هدبة ٣٤٩.
ـ الأحنف بن قيس
٢٩٦.
ـ أبو إسحاق
السبيعي ٣٣٦.
ـ اسماعيل بن
حماد بن أبي سليمان الفقيه
٤٥٦.
ـ أبو اسماعيل
حماد بن أبي سليمان الفقيه
٣٢٦.
ـ أسيد بن
المتشمس بن معاوية ٣٠٥.
ـ أنيس بن أبي
يحيى ٣٩٣.
ـ بديل بن عامر
بن ورقاء ٢٥٩.
ـ بشر بن الحسين
الأصبهاني ٣٨٤.
ـ جبير بن حية
بن مسعود ٣٠٧.
ـ جرير بن عبد
الحميد ٤١٤.
جسر بن فرقد
٤١٠.
ـ جعفر بن أبي
المغيرة القمي ٣٥٢.
ـ أبو جعفر
المنصور ٤٣٥.
ـ جعفر بن ناجية
الأصبهاني ٣٨٧.
|
|
ـ حبيب بن
الزبير بن مشكان ٣٧٢.
ـ حجر ٤٢٢.
ـ حسان بن عبد
الرحمن الضبعي ٣٢٠.
ـ الحسن بن علي
بن أبي طالب ١٩١.
ـ حفص بن حميد
أبو عبيد ٣٦٨.
ـ حممة الدوسي
٢٨٦.
ـ حميد بن أبي
غنية ٤٥٥.
ـ حميد بن وهب
أبو وهب ٤١٩.
ـ خالد بن أبي
كريمة ٤٥٢.
ـ خالد بن غلاب
الطائفي القرشي ٢٨٣.
ـ خطاب بن جعفر
بن أبي المغيرة ٤٢٤.
ـ رافع بن خديج
الأنصاري ٢٥١.
ـ رفيع الرياحي
٣١٣.
ـ الزحاف بن أبي
الزحاف الأصبهاني ٤٥٩.
ـ زفر بن الهذيل
بن قيس بن سالم ٤٥٠.
ـ السائب بن
الأقرع ٣٠٢.
ـ السدي اسماعيل
بن عبد الرحمن ٣٣٢.
ـ سعيد بن جبير
٣١٥.
ـ سلمان الفارسي
٢٠٣.
ـ سليمان
الأصبهاني ٣٧٠.
ـ الصباح بن
عاصم الأصبهاني ٣٤٤.
|
ـ عائذ بن عمرو
المزني ٢٧٠.
ـ عامر بن ناجية
٣٨٨.
ـ عبد الرحمن
أبو اسماعيل السدي ٣٣١.
ـ عبد الرحمن بن
سليمان بن الأصبهاني
٣٦٢.
ـ عبد الرحمن بن
المبارك ٤٠٢.
ـ عبد العزيز
الدراوردي ٤١٣.
ـ عبد العزيز
الماجشون ٤١٢.
ـ عبد الله بن
أبي مريم الأموي ٤٣٩.
ـ عبد الله بن
الأسود الأصبهاني ٣٤٤.
ـ عبد الله بن
الزبير بن العوام ١٩٥.
ـ عبد الله بن
عامر ٢٥٥.
ـ عبد الله بن
عبد الله بن عتبان الأنصاري
٢٨٩.
ـ عبد الله بن
معاوية ٤٣٢.
ـ عبد الله بن
يزيد الخطمي الأنصاري ٢٥٣.
ـ عبيد الله بن
أبي بكرة ٣٣٩.
ـ عبيد الله بن
أبي بكرة الثقفي ٣٤١.
ـ عطاء بن
السائب بن مالك الثقفي ٣٦٧.
ـ عمير بن سعيد
النخعي ٤٥٤.
ـ أبو غالب
الأصبهاني ٣٤٨.
ـ غياث بن
ابراهيم التميمي ٤٤٧.
|
|
ـ القاسم بن أبي
أيوب ٤١٥.
ـ قطن بن قبيصة
الهلالي ٣٢٢.
ـ ليث بن سعد
٤٠٥.
ـ مبارك بن فضالة
٣٩٧.
ـ مبشر بن ورقاء
٤٤٢.
ـ مجاشع بن
مسعود السلمي ٢٦٦.
ـ محمد بن أبي
يحيى الأسلمي ٣٨٩.
ـ محمد بن الصلت
٤١٨.
ـ محمد بن عبد
الوهاب القناد ٤١٧.
ـ محنف بن سليم
بن الحارث ٢٧٧
ـ مرداس
الأصبهاني ٣٤٣.
ـ أبو موسى
الأشعري ٢٣٧.
ـ النابغة
الجعدي ٢٧٣.
ـ نافع بن أبي نعيم
القاري ٣٨١.
ـ نهشل بن سعيد
الترمذي ٤٤٥.
ـ واقد مولى أبي
موسى الأشعري ٣٥٩.
ـ وثاب أبو يحيى
بن وثاب ٣٥٥.
ـ يحيى بن وثاب
٣٥٦.
ـ يزيد الأودي
٣٦٠.
ـ يزيد بن قيس
٣١١.
ـ يونس
الأصبهاني ٤٠٧.
|
|