
بسم الله الرحمن الرحيم
إهداء
*
الى القراء الأحرار الذين يتطلعون الى حياة زوجية سعيدة.
*
الى الذين يدعون ربهم ليهب لهم من أزواجهم وذرياتهم قرة أعين.
*
الى الذين لا يحكمون للكتاب أو عليه إلا بعد تفهم بحوثه.
وبالتالي
أناديهم مخلصا أن يحملوا الكتاب في قلوبهم ويقرأوا جميع سطوره وينشروا مفاهيمه بين
الناس بأقرب فرصة وأوسع نطاق ويتوجهوا أولا الى عائلاتهم.
( كلكم راع وكلكم مسؤول عن
رعيته )
المؤلف

الزوجة الذرية
تتجلى زوجية الذرة في الإلكترون
والبروتون ، وهما قسمان تحتوي عليهما الذرة ، يحمل أحدهما شحنة موجبة والآخر يحمل
شحنة سالبة .. وذلك ما أشار إليه القرآن الكريم قبل مئات السنين ليتبيّن إعجازه
وصدوره من رب العالمين ، فتطمئن القلوب بحكمة خالقها ، وتزداد إيمانا بإتقان صنع
مخلوقاته من أصغرها إلى أكبرها فقال تعالى :
(أ) (
ومن كل شيء
خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ) ( الذاريات / ٤٩ ).
(ب) (
سبحان الذي
خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون
) ( يس / ٣٦ ).
أيها القراء الكرام ، تدبروا هاتين
الآيتين وفكروا في الجملتين (
ومن كل شيء
) في الآية
الأولى و ( ومما لا يعلمون
) في الآية
الثانية ، وتصوروا بأنكم حاضرون عند محمد 9
واصحابه الطيبين وسلم قبل أربعة عشر قرناً وهو ينطق بهما ، فهل يجوز لقارئ حر أن
يعتبرهما من إنشائه وهو لا يرى الزوجية في كل شيء ، بل يراها في أصناف معينة من
الأحياء كما في الآية الأولى (
ومن كل شيء
) ؟ وهل يجوز
لرجل أمي أن يعلن جهل الناس بزوجية مستورة وهو يشترك معهم في هذا الجهل ، كما في
الآية الثانية (
ومما لا
يعلمون )
؟ كلا ـ فإن القارئ الحر الواعي يؤمن بأن الآيتين صادرتان من خالق الأشياء ( ومن كل شيء خلقنا زوجين
) وممن أعلن
جهل عباده بزوجية الذرة في زمن صدور الآية (
ومما لا
يعلمون )
وعلمهم ما لم يعلموا في القرن العشرين ( كما بحثت الآيتان والله أعلم ) قال تعالى
: ( علّم الإنسان ما لم
يعلم )
( العلق / ٥ ).
نهاية
المطاف : إن أملي وطيد بأن القارئ العزيز يتدبر
ما مر ذكره ، ويتفكر فيما قرأه متخليا عن الشهوات والأهواء والتعصب لتقليد الآباء
، ومنزها عن التحيز لما لديه من الآراء ، فيزداد إيمانه برسالة محمد 6 إذا كان مسلما. وأما غير المسلم فيسطع
في قلبه نور الإيمان بأن القرآن من الرب الرحمن ، فيصبح مسلما يؤمن بأن محمدا هو
رسول الله وخاتم النبيين صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وأصحابه
المنتجبين الميامين.
تنبيه هام
بناء على الرغبة الملحة من قبل بعض
الإخوة المؤمنين في إعادة طبع كتاب « كلمة الإنسانية العليا » ، وعدم إتاحة الفرصة
للاستجابة لهم بصورة تامة ، عزمت بعون الله تعالى أن أقتطف من الكتاب المذكور أهم
مواضيعه ، وهي التي تبحث في الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر ، وخلاصة ما يجب
على المسلم أن يعمل بعد الإيمان ليضمن سعادته في الدنيا والآخرة. وقد جعلت ما
اقتطفته مقدما على بحث الزواج ليكون ذلك قاعدة رصينة لبنائه ، وامتدادا لشرح
الآيتين الكريمتين اللتين تناديان الإنسان للتوجه بقلبه إلى ربه ، والسعي لكسب
مرضاته ومغفرته ، وذلك بالتفكر في قدرته العظمى التي تتجلى في هيمنته على كل ذرات
الكون ، فقد قال تعالى : (
ومن كل شيء
خلقنا زوجين لعلكم تذكرون * ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين
) ( الذاريات
/ ٤٩ ـ ٥٠ ). اللهم إنا نعوذ بك من أن نفر منك
، ونسألك أن توفقنا للفرار
إليك ، إنك سميع مجيب.
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه
أنيب.
المؤلف
أين
أنتم ذاهبون أين ؟
سَبّحوا خالق الذرة زوجين
سبحان الله الذي أنشأ الذرة فأتقن
إنشاءها كما بينه العلم.
(أ)
تكوين الذرة : ـ تتكون الذرة من
ثلاثة أجزاء : في المركز يوجد البروتون وهو ذو شحنة إيجابية ، ومعه النترون وهو ذو
شحنة حيادية. وهناك في المدارات الخارجية توجد الإلكترونات وهي ذوات شحنة سلبية ،
وعدد البروتونات الموجودة في النواة تساوي عدد الإلكترونات الموجودة في المدارات
الخارجية ، وهكذا تتوازن الذرة من الناحية الكهربية.
(ب)
وزن الذرة : ـ يتوقف وزن الذرة
بشكل أساسي على البروتون والنترون ، ولقد وُجد أن وزن البروتون هو جزء من مليون
مليار مليار من الغرام تقريبا. أما وزن الإلكترون فهو أخف من البروتون بصورة
مذهلة. فوزن البروتون يساوي ١٨٣٧ مرة وزن الإلكترون ( سبحان الله ).
(ج)
حجم الذرة : ـ تشبه الذرة شكلا
كرويا ، وقطرها يعادل جزءاً من مائة مليون من السنتمتر ، ولكن الدهشة تكمن في أن
قطر النواة ( البروتونات والنترونات ) أصغر من قطر الذرة بعشرة آلاف مرة ، فيتجلى
بذلك الفراغ الهائل في التكوين ما بين البروتونات والإلكترونات.
وخلاصة القول : لو أن عشرة ملايين ذرة
اجتمع بعضها بجانب بعض ( مثلا ) فإنها تبلغ طولاً قدره ملليمتر واحد فقط.
(د)
حركة الذرة : ـ يدور الإلكترون حول
النواة بسرعة ثلاثة آلاف كيلومتر في الثانية الواحدة ( سبحان الله العظيم الذي عظّم
هذه السرعة )
__________________
وبعد
ذلك كله يجب علينا أن نستجيب لنداء الله تعالى
بقوله :
(
ومن كل شيء
خلقنا زوجين لعلكم تذكرون * ففروا إلى الله إني
لكم منه نذير مبين ) ( الذاريات / ٤٩ ـ ٥٠ ) فإذا كنا فارين منه
بالكفر والمعاصي فلنفر
إليه بالإيمان والاستغفار والأعمال الصالحة قبل أن يأتي يوم لا مفر فيه من حكم
الله وعقابه فإنه أحكم الحاكمين. فهو قد هيمن على الذرة وفروعها ، وهو المهيمن على
أعمالنا وهو محصيها وسيحاسبنا على أصغر ما فيها ، كما قال تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال
ذرة شرا يره ) ( الزلزلة / ٧ ـ ٨ ) وقال تعالى أيضا :
( وما يعزب عن ربك من
مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين
) ( يونس / ٦١
) فيجدر بالإنسان إذن أن يتوب من ذنوبه ويستغفر ربه ، فإنه أرحم الراحمين ويحب
التوابين والمستغفرين ، كما قال تعالى : (
قل يا
عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً
).
الفارون من الله
الكافر الملحد هو المنكر لوجود الله
تعالى ، ويزعم أن هذا الكون وُجد بقوانين طبيعية متطورة للمادة . يُرد هذا الرأي بتحكيم العقل السليم
من أمراض الشهوات والأهواء والتعصب لتقليد الآباء ، والتحيز لما لديه من الآراء ،
فيقرر أن تلك القوانين لا بد أن يكون لها ابتداء زمني يُهيمن عليها قانون السببية
وهو :
١ ـ أن لكل متحرك بنظام محركا عاقلاً
خارجاً عنه.
٢ ـ أن لكل مصنوع صانعا ، وأن لكل بناء
بانيا. فمن أنكر هذا القانون
__________________
فليأت برهانه إن كان
من الباحثين الأحرار المخلصين ، ومن زعم أن هذا القول قد أكل الدهر عليه وشرب ،
كان كمن ينقد مهندسا ( مثلا ) يراه يُجري عملية الضرب ( ٥ × ٦ = ٣٠ ) أثناء عمله ،
فيقول إن طلاب الدراسة الابتدائية يفعلون ذلك ، فيتهم المهندس بالجمود والرجعية ( نعوذ
بالله من التخلف الفكري ).
لكي تطمئن القلوب
أولاً
: ـ لقد درس الفيلسوف الشهير « جان جاك
روسو » حركة الكون بما فيه من ملايين لا تعد ولا تحصى من النجوم والكواكب
والكائنات الأخرى ، فتوصل بعبقريته الرفيعة إلى الاعتراف بمحرك حكيم عليم لهذا
العالم وهو خارج عنه. والجدير بالذكر هو أن « روسو » من أشهر الفلاسفة الفرنسيين
بل العالم كله ، فهو الذي اشتهر بإصدار نظرية «العقد الاجتماعي» ، ويعتبر أكبر
محفز للثورة الفرنسية بمابثه في النفوس من تعاليم وأفكار تلقاها زعماء الثورة من
مؤلفاته ومقالاته ، فأحرزوا النصر في كفاحهم الثوري. لقد بين « روسو » أن الحركة
لا تتصف بها المادة بصورة اصلية ذاتية ، بل هي صادرة من سبب خارج عنها ، ويستحيل
أن نفترض بأنها إرادية فيها ، لأن هذا الوجود المشاهد ليس في مجموعه حس عام كما يوجد بين
أجزاء الجسد الحي فلا يتحرك بذاته وإرادته ، فحركاته آتية إليه من سبب خارج عنه ،
وهو كائن عاقل يتحرك الكون بقوته وإرادته ( راجع دائرة المعارف تأليف محمد فريد
وجدي ـ المجلد الأول ص : ٥٠٠ ).
ثانيا
: ـ يقول الملحدون بتعبيرا آخر إن الطبيعة
والصدفة هما السببان لوجود هذا الكون ، فنقول لهم :
(أ)
الطبيعة : كلمة يجب على الناطق بها أن يعين
مفهومها ووجودها ، وإذا لم يتحقق ذلك فكيف يحصل الاسم بغير وجود المسمى؟ هل
الطبيعة هي
__________________
المادة نفسها ، أو
أن لها وجوداً خارجاً عن المادة ؟ فإذا اعتبرها القائل بها أنها هي المادة ،
فيستحيل عليه ( إذا كان باحثاً محققا ) أن يزعم أن تلك المادة هي المتطورة
والمُطورة ، والصانعة والمصنوعة في آن واحد. فهل يجوز لنا مثلا أن ندعي أن مادة
الخشب تصنع الكرسي بطبيعتها ، أو أن مادة الحديد تصنع السيارة بطبيعتها ؟ كلا ثم
كلا. وكذلك لا يجوز لنا أن نتصور أو نحتمل أن مادة الكون هي التي أوجدت وأنشأت
الكائنات بطبيعتها. ( فكر وتأمل ) ـ فلكل مصنوع صانع ، ولكل بناء بان ( كما مر )
وذلك من الأمور البديهية بالنسبة لخصائص المادة ـ فكما أن الذرات لها خصائص
كيمياوية وفيزياوية لا تحيد عنها ، كذلك من خصائصها اللازمة لها منذ وجودها أنها
لا تسير ولا تتغير ولا تتطور إلا بمؤثر خارج عنها. ولزيادة الإيضاح نقول إن مواد
الصناعة والبناء لها خصائصها الطبيعية ، ولكن تلك الخصائص لم تكن هي المنتجة
للمصنوعات والمنشآت ، بل يتم الإنتاج بأيدي العلماء والمفكرين والعمال الواعين
المتعلمين.
فماذا تقول إذن ـ أيها القارئ العزيز ـ
في المصنوعات الكونية والمنشآت العالمية التي لا تعد ولا تحصى .. من نبات وحيوان
وجماد ، وقد أُتقن صنعها وأحكم إنشاؤها ؟ أليس ذلك دليلا قاطعاً على وجود خالق
حكيم أنشأ تلك الموجودات ؟
ـ أنتهى شرح موضوع « الطبيعة »
التي تُعتبر هي المادة. والآن نبحث عن الطبيعة التي تعتبر خارجة عن المادة ، فنقول
إن هذا الاعتبار يكون على إحدى الصور التالية :
(أ) وجود الطبيعة مع المادة والعالم.
(ب) ظهورها بعد نشأة الكون.
(ج( كونها قبل خلق الموجودات
والكائنات.
أما الصورة الأولى فغير معقولة ، وأما
الصورة الثانية فمستحيلة ، بقيت
الصورة الثالثة وهي
وجود الطبيعة قبل المادة والكون ، وذلك في حالة أزلية لا ابتداء فيها ، فأرادت
إيجاد العالم فأوجدته بخلق مادة بطريقة لا تدركها العقول ، وتصرفت فيها بحكمة
وتدبير فنشأت المخلوقات المحيرة للعقول وذلك مما لا ريب فيه. فإذا كان ذلك فلماذا
لا نسمي تلك الطبيعة بكلمة الله؟ ولماذا لا نعتبر مفهوم الطبيعة تلك القوانين
والخواص التي أودعها الله تعالى في مادة الكون بإرادته الحكيمة ، والتي ظهر منها ( علم الطبيعيات )
؟
وبعد هذا كله فإن أملي وطيد أن يكون
البحث عن الطبيعة قد طُبع على صفحات القلوب الواعية ، فتبرز خاشعة لطبيعة الله ( ذاته
) الحكيمة العليمة التي أبدعت طبائع الكائنات التي تسبح لخالقها العزيز الحكيم.
(ب)
أما الصدفة : فهي حدوث شيء ووقوع
أمر بغير قصد واختيار ، ولكننا مع ذلك نجد أسباباً وعوامل لحدوث مظاهر تلك الصدفة
ونضرب لذلك مثلين :
١ ـ خرج طفل من داره فصادفته سيارة
ودهسته. فهذه الصدفة لها أسباب عديدة أهمها : حركة الطفل وجهله أو غفلته في السير
، وكذلك حركة السيارة وغفلة سائقها وتسامحه في مراعاة السرعة المناسبة.
٢ ـ دخل شخص في بناء قديم فتهدم البناء
عليه عند دخوله فخر ميتا ، فهذه الصدفة سببها حركة الشخص ووصول تفكك أجزاء البناء
إلى نهايته عند وصول الشخص المذكور إليه.
أيها
القارئ العزيز : أمعن النظر في
المثلين السابقين وفكر في أسباب حدوث الكون ، وسر في ميادينها وانظر بفكرك الثاقب
إلى أين يكون المستقر.
ثالثا
: ـ خذ عشرة بنسات كلا منها على حدة ، وضع
عليها أرقاماً مسلسلة من ( ١ ـ ١٠ ) ، ثم صفّها في جيبك وهزها هزاً شديداً ، ثم
حاول أن تسحبها من
جيبك حسب ترتيبها من ( ١ ـ ١٠ ) ، فتكون فرصة سحب البنس رقم (١) هي بنسبة (١) إلى
(١٠) ، وفرصة سحب رقم (١) إلى (٢) متتابعين هي بنسبة (١) إلى (١٠٠) وفرصة سحب (١)
، (٢) ، (٣) ، (٤) متوالية هي بنسبة (١) إلى (١٠٠٠٠) وهكذا حتى تصبح فرصة سحب
البنسات بترتيبها الأول هي بنسبة (١) إلى عشرة بلايين ( كما تقرر في القانون
الرياضي الثابت ). والغرض من هذا المثل البسيط هو أن نبين لك كيف تتكاثر الأعداد
بشكل هائل ضد المصادفة العمياء على أي أرض وفي أي وقت ، لذلك لا بد أن يكون في
الطبيعة نوع من التوجيه السديد ، ولابد أن يكون هناك هدف.
( راجع كتاب ـ العلم يدعو للإيمان ـ ص
١٠٠ ـ تأليف كريس كريس موريسون رئيس أكاديمية العلوم ).
رابعا
: المتاحف الأثرية : من شاهد عرض المتاحف
الأثرية يحكم عليها بأنها إنشاء وإنتاج أمم ماضية حسب ظروفها الخاصة وتطورها
العقلي. فإذا سمع قائلا يقول : إن تلك الموجودات التي في المتحف تكونت في باطن
الأرض بالصدفة العمياء بمرور الزمن والأجيال ، فإنه يضحك منه لأن قوله ينافي
التفكير السليم. فكيف إذن بمن يزعم أن هذا العرض الفخم الرائع في متحف الكون ،
الذي يضم مظاهر صنع الله وإنشائه قد صدر بغير تعقل ووعي ؟ ليس لنا إلا أن نعتقد
بأنه مصاب بمرض عقلي أو تخلف فكري.
ولإيضاح
البحث : لو رأينا تمثالا بشريا في المتحف قد
أنشئ من مادة حجرية أو معدنية ، فهل يزعم أحد في العالم بأن التمثال قد نشأ من
تطورات مادية في باطن الأرض ؟ كلا ، مع العلم بأن التمثال ليس له إلا مظاهر خارجية
جامدة ، فكيف إذن بجسد الإنسان وتمثاله الذي حيّرت وأدهشت مظاهره الداخلية
والخارجية عقول الأطباء وعلماء التشريح ؟
قال أحد الحكماء : « أعجبوا لهذا الإنسان
ينظر بشحم وينطق بلحم ويسمع بعظم ».
خامساً
: ـ إذا ضل سائق سيارة طريقه في صحراء ،
فإنه يبحث عن طريق السيارات من آثار عجلاتها على الأرض. فإذا وجد الآثار فإنه
يحكم. بمرور السيارات من تلك الجهة ، ويفرح لنجاته من خطر الضلال. فماذا تقول ـ
أيها القارئ العزيز ـ في حق من يقول : إن تلك الآثار على الأرض تكونت من نفسها
وطبيعتها بمرور الأجيال والأحقاب ؟ أعتقد بأنك تعتبره سفيها لأنه تعدى حدود الفطرة
السليمة للتعليل والاستدلال. وكذلك الاعتبار في حق من يزعم أن الموجودات الكونية
ليست من آثار خالق مدبر حكيم ، بل تكونت بالصدفة وتطور الطبيعة. مع أن حكمة
تكوينها أعظم من حكمة آثار عجلات السيارات بصورة لا يمكن قياسها أو وزنها.
سادساً
: ـ لو فرضنا أن رجلاً يملك مطبعة ، فحصلت
هزة أرضية فقلبت مواضع الحروف بعضها فوق بعض. فأخبر العامل الذي ينظم الطباعة بعض
أصدقائه بأن الهزة الأرضية قد كونت بالصدفة العمياء كتاباً كاملاً يحتوي على (٥٠٠)
صفحة ، يضم مقالات رائعة ومباحث علمية قيمة.
أترى ـ أيها القارئ ـ أن هؤلاء الأشخاص
يصدقون العامل ؟ كلا بل يعلمون أنه لا يريد بذلك الخبر إلا مزاحاً أو سخرية ، لأن
مثل هذا الكلام يستحيل أن يتحقق لأنه يخالف المنطق السليم والبحث النزيه.
هذا موقف بالنسبة لكتاب يحتوي على صفحات
محدودة معينة ، فكيف يكون الموقف إذن بالنسبة للكتاب الكوني الكبير الذي لا تُعد
صفحاته ولا تُحصى جمله وكلماته؟ أجل إنها صفحات تنطق بالحكمة ، وجُمل وكلمات تتفجر
بالعلم والقدرة. كل ذلك لتطمئن قلوبنا بمؤلف الكتاب القدير الخبير ، ومنشئه العليم
العظيم ، وهو الله العزيز الحكيم. قال الله تعالى : (
قل لو كان
البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً
) ( الكهف / ١٠٩
). وقال تعالى أيضاً : (
ولو أنما
في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت
كلمات
الله ان الله عزيز حكيم ) ( لقمان / ٢٧ ). ليس المقصود بالكلمات
في الآيتين السابقتين تلك التي يتألف منها القرآن المجيد ، فإن كلماته معينة
ومعدودة ، بل يقصد بها ـ كما يحثت ـ مخلوقات الله ومنشآته ، وهي التي لا تعد ولا
تحصى.
خمس كلمات
أيها الإخوان ، أيتها الأخوات ، وجهوا
أبصاركم وأفئدتكم إلى خمس كلمات من الكتاب الكوني الكبير فإنها بمثابة وصفة علاجية
تشفي عقولا قد أمرضها الشك في الله ، وتوقظ ضمائر رقادة قد أرقدتها الشهوات
والأهواء ، فأعرضت عن ذكر ربها ، وغفلت عن هدف الحياة ، وجهلت ما يراد بها.
الكلمة
الأولى : ـ آلاف الملايين من
البشر يعيشون على وجه الأرض ، يختلف كل واحد منهم عن الآخر في تخطيط أصابع يديه ،
كما نشاهد اعتبار ذلك في المعاملات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فقد ثبت
بالتحقيق العلمي أن لكل شخص في العالم تخطيطات وبصمات خاصة على أطراف أصابع يديه (
خصوصاً الإبهام الأيسر ) ويجري تمحيص ذلك في دوائر معينة بأجهزة فنية. وبناء على
هذه المظاهر الثابتة تُكتشف جرائم كثيرة باختبار الانطباعات والبصمات التي تتركها
أيدي المجرمين على أمكنة الجريمة ووسائلها.
الكلمة
الثانية : ـ ملايين من الناس
يمسكون الأقلام بأيديهم ويوقعون لإنجاز معاملاتهم ، فلا يستطيع أحدهم أن ينكر توقيعه
بعد ذلك. وإذا زور توقيعاً فهناك الفضيحة وهتك الحرمة عند الفحص والكشف بوسائل
فنية عجيبة تكبر بها كل نقطة من التوقيع ، تتجلى فيها كل ذبذبة انطلقت من
أعصاب المُوقِع. تلك
الذبذبة تقتصر على مظهر خارجي بها لا تماثلها أي ذبذبة أخرى عند الأشخاص الآخرين
في العالم. وقد ثبت ذلك بأدلة قاطعة في البحث العلمي.
وأود هنا أن أذكر إخواني الموظفين
والمستخدمين بصورة خاصة أن يركزوا في قلوبهم هذه الحكمة الإلهية عند توقيعهم
واستلامهم رواتبهم ، وكذلك التجار عند إنجاز معاملاتهم وخصوصا في البنوك ، وذلك
ليتقوا ربهم ويسلكوا سبيل الرشاد.
الكلمة
الثالثة : ملايين الوجوه البشرية يختلف كل واحد
منها عن الآخر في الصورة. وحكمة الله في ذلك هي تحقيق التبادل الاجتماعي والتعارف
الإنساني بين أفراد البشر ، ولولا ذلك لاضطربت الحياة العملية وارتبك سيرها. لذلك
نرى أن « الصورة الفوتوغرافية » هي من أهم الدعائم التي يرتكز عليها تحقيق
المعاملات الشخصية. والجدير بالذكر « لتركيز الإيمان في النفوس » هو أن الاختلاف
المار ذكره في الصور نراه بارزاً في المجتمع الإنساني ، ولا نشاهده في الحيوانات.
وذلك لأن الحياة الإنسانية في جميع المجالات تقتضي التباين بين الوجوه ، والتمييز
بين الصور ... أما الحيوانات ـ كما نعلم ـ فليس لها نصيب من تلك الحياة
الاجتماعية. ولكن هناك تعارف في نطاق ضيق بين أفرادها لا يتم إلا بدلائل وعلامات
خاصة يكتشفها الحيوان ، بطاقات انطلقت من إرادة الله وقدرته ، كما يجري بين الأم
وأولادها وغير ذلك من الأحداث المُضيقة المحددة. فسبحان المدبر الحكيم الذي يهيمن
على مواد الكون ، فيميز بين خلق مادة الإنسان ومادة الحيوان ليبين هدف الإيجاد
والوجود ، وذلك هو الله رب العالمين.
تنبيه
وتذكير : (أ) المشابهة لا تنافي الاختلاف ،
فوجود الشبه بين أفراد الشعب الصيني والياباني ( مثلا ) لا يضيع التمييز بين صورهم
كما يظهر ذلك في الصحف والمجلات وغيرها.
(ب) إذا فقد الراعي أحد أفراد بهائمه ،
فلا يعثر عليه إلا بتشخيص علامة وضعها عليه سابقا ، أو بممارسة طويلة لبعض مظاهره.
(ج( المماثلة في صورة التوأمين غير
مُخِل بالتنظيم لأن حصوله نادر وذلك كالمعدوم.
والجدير بالذكر هو أن تتجلى حكمة
الاختلاف في الصور ، ويتمثل الهدف السامي بذلك حينما نعاشر الشخصين المتماثلين في
الصورة ، ونلمس الفوضى الاجتماعية في تشخيص كل واحد منهما ، فيكون في ذلك عبرة
لأولى الألباب.
الكلمة
الرابعة : لكل شخص في العالم الإنساني ذبذبات
صوتية خاصة في حنجرته تختلف عن الآخرين ، ويؤيد ذلك معرفة الأشخاص بسماع أصواتهم.
وهناك تشابه في الأصوات لا ينافي حكمة الاختلاف كما في موضوع الوجوه والصور.
والجدير بالذكر هو أن عالما أمريكياً اسمه « لورنس كيرستا » اخترع جهاز « رسم الرنين
» الإلكتروني للكشف عن شخصية صاحب الصوت المجهول ، لأنه أثبت بالتحقيق العلمي أن
لكل إنسان نبرة صوتية تميزه عن باقي البشر. ( مجلة العربي ـ العدد ١٤٥ ـ ص ٨٨ ).
الكلمة
الخامسة : إن لكل فرد من البشر رائحة يختص بها
فلا مثيل لها عند غيره. وبناء على هذا الاختصاص عُينت كلاب مدربة لاكتشاف جرائم
المجرمين بواسطة شم رائحة كل واحد منهم وشم ما يتعلق ويلحق بهم من وسائل الجريمة ،
وذلك لأن حاسة الشم عند الكلب ـ كما ورد في التحقيق العلمي ـ أقوى من حاسة الشم
عند الإنسان بمليون ضعف. وقد جاء في سورة يوسف ما يؤيد هذا البحث العلمي ، وهو أن
الله تعالى وهب يعقوب 7
قابلية اكتشاف الرائحة التي اختص بها ولده يوسف 7
من قميصه الذي جيء به إليه كما قال تعالى : (
ولما فصلت
العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لو لا أن تفندون
) ( يوسف / ٩٤
).
أيها القراء الأحرار : تعالوا معي لنفكر
في التطورات الإنسانية الخمسة. هل يجوز لذوي الضمائر الحية الواعية أن يتخيلوا أو
يتصوروا أن تلك التطورات جرت بالمصادفات ؟ كلا. وكيف يكون ذلك وفترة حدوثها أيّام
قلائل من مدة الحمل ، كل ذلك مع العلم بفترات الإنشاء المتعاقبة لملايين من الناس.
ففي فترة واحدة نشاهد ملايين في بطون الأمهات ، وملايين أخرى يولدون ، وكذلك
ملايين يموتون وإلى ربهم يرجعون.
ملاحظة
: عرضت الموضوع على ثلاثة أطباء كانوا
مجتمعين فأبدوا إعجابهم لذلك ، فتبين أن علم الطب منعزل عن هذا البحث ، وذلك لأنّه
خارج عن مفاهيم الفسلجة والوراثة.
(
بلى قادرين
على أن نسوي بنانه ) ( القيامة / ٤ )
أيها القراء الأعزاء ، يجدر بنا أن نذكر
هذه الآية الكريمة لعلاقة بحثها بما سبق. فاستضيئوا بنورها الساطع اللامع ، ليتبين
لكم درب الخير والسعادة ، ومن
فرّ من النور فإنه مريض بالرمد ، ومن لم يأنس به فهو مصاب بالعمى ، ومن انعزل عنه
فهو كالخفاش الذي لا يطير إلا في الأماكن المظلمة ولا يأوي إلا إليها.
أجل إن نور الآية الكريمة (
بلى قادرين
على أن نسوي بنانه ) يشع في القلوب الواعية فتطمئن بذكر
ربها وتخشع لجلاله ، وتؤمن أن القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى الخالدة للنبي محمد
9 وأصحابه
الطيبين وسلم. ويتجلى ذلك في اسلام عالم ألماني ( كما جاء في تفسير الجواهر لسورة
القيامة ) فإنه سبب إسلامه وإيمانه بصدور القرآن من الله سبحانه وتعالى بعد دراسته
للآية السابقة بأنها تشمل أسرارا علمية لم تكن معروفة في زمن صدورها لدى أحد من
البشر ، فأكتشفها علم القرن العشرين. وهي طبعات الأصابع ومظاهر التوقيع ، وذلك ما
جاء في
( زواج بغير اعوجاج )
جملة ( نسوي بنانه )
فإن كلمة ( بنانه )
تعني الأصابع والجدير بتركيز الإيمان هو أن القرآن ركز في مظاهر عظمة خلق الإنسان
على الأصابع دون بقية الأعضاء ، لاختصاصها بمعجزة التركيب.
واعلموا أيها القراء الأعزاء أن الموضوع
يثبت لنا قدرة الله تعالى على إحياء الإنسان بعد موته ، وتفرق عظامه وتناثر أنسجته
وخلاياه. وكيفية ذلك هي أن الذي يصنع الذرات الصغيرة والذبذبات الدقيقة في أصابع
يد الإنسان ويهيمن عليها بصورة يتميز بها كل فرد عن الآخر، لقادر على الإحياء وجمع
العظام وذرات الجسم أينما كانت ( كما بحثت الآية الكريمة والله أعلم ). والجدير
بالذكر هو أن الميت إذا أصبح جزءاً من غذاء النبات أو الحيوان ، فإنه ينفصل عنهما
بعملية الاحتراق والإفراز والإبراز. كل ذلك بإحاطة الله وعلمه كما قال تعالى : ( أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو
خصيم مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيى العظام
وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق
عليم )
( يس / ٧٧ ، ٧٨ ، ٧٩ ).
وإليكم الآيات الأخرى من سورة القيامة
لارتباطها بالآية السابقة (
بلى قادرين
على أن نسوي بنانه ).
بسم
الله الرحمن الرحيم ( لا أقسم بيوم القيامة
* ولا أقسم
بالنفس اللوامة * أيحسب الإنسان ألّن
نجمع عظامه * بلى قادرين على أن
نسوي بنانه * بل يريد الإنسان ليفجر
أمامه * يسأل أيّان يوم القيامة
* فإذا برق
البصر * وخسف القمر
* وجمع الشمس
والقمر * يقول الإنسان يومئذ أين المفر
) أجل أين نفر
من حكومة الله يوم الحساب ؟ أين نفر من بطشه وانتقامه يوم القيامة ؟ يجب علينا إذن
أن نحذر هذا اليوم الذي أقسم به ربنا.
(
لا أقسم
بيوم القيامة * ولا أقسم بالنفس
اللوامة )
فنلوم أنفسنا على السيئات التي نعملها ،
ونستغفر الله ونتوب إليه توبة حقيقية قبل بغتة الأجل المحتوم الذي لا فرار منه ،
كما قال تعالى : (
قل إن
الموت
الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم
تعملون ).
ملاحظة هامة :
( لا أقسم بيوم القيامة
). ( لا )
ليست نافية للقسم ، بل هي رد على من أنكر البعث والجزاء ، يعني لا كما يزعم الكفار
ـ كما بحثت الآية الكريمة والله أعلم ـ وقد نظم بعض الشعراء قصائد حول الموت وغفلة
الناس عنه باللهو والانغماس في الشهوات والأهواء ، نذكر منها ما يلي :
* * *
لا تأمن الموت في لحظ ولا نفس
|
|
ولو تمنعت بالحجاب والحرس
|
واعلم بأن سهام الموت قاصدة
|
|
لكل مدرع منا ومُترس
|
ما بال دينك ترضى أن تدنسه
|
|
الدنيا وثوبك مغسول من الدنس
|
ترجو النجاة ولم تسلك مساكلها
|
|
إن السفينة لا تجري على اليبس
|
* * *
أتيت القبور فناديتها
|
|
فأين المعظم والمحتقر
|
وأين المدل بسلطانه
|
|
وأين المُزكى إذا ما افتخر
|
فنوديت من جانب والأسى
|
|
وأشجان قلب له قد ظهر
|
تفانوا جميعاً فما مُخبر
|
|
وماتوا جميعاً ومات الخبر
|
فيا سائلي عن أناس مضوا
|
|
أما لك فيما ترى معتبر
|
* * *
عظمت جناياتي فطال سهادي
|
|
ما حيلتي والله بالمرصاد
|
ويلي إذا نشرت لدى صحيفتي
|
|
ووجدتها مطلية بسواد
|
ماذا أقول وهل تفيد ندامتي
|
|
واحسرتي في عرصة الميعاد
|
هلا أفيق وأتركن نهج الهوى
|
|
وأجوز نهج هداية وسداد
|
كيف المُقام بهذه الدنيا وذا
|
|
داعي المنية بالرحيل ينادي
|
الطفل والشيخ الكبير تراهما
|
|
يتسارعان لصوت هذا الحادي
|
أين الذين تكبروا وتجبروا
|
|
فالموت جرعهم كئوس نكاد
|
أين الملوك الظالمون ومن طغوا
|
|
في كثرة الأموال والأولاد
|
أين الطواغيت الذين تمردوا
|
|
وتعنتوا وأتوا بكل فساد
|
فهو الحمام على الأنام محتم
|
|
يا نفس لم ينفعك طول رقاد
|
قبل انصرام العمر ويحك اقبلي
|
|
في رغبة للرشد والإرشاد
|
* * *
يا صاح إنك راحل فتزود
|
|
فعساك في ذا اليوم ترحل أو غد
|
لا تغفلن فالموت ليس بغافل
|
|
هيهات بل هو للأنام بمرصد
|
وليأتين منه عليك بساعة
|
|
فتود أنك قبلها لم تولد
|
ولتخرجنّ إلى القبور مجرداً
|
|
عما شقيت بجمعه صفر اليد
|
* * *
تؤمل في الدنيا طويلا ولا تدري
|
|
إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
|
فكم من صحيح مات من غير علة
|
|
وكم من عليل عاش دهراً إلى دهر
|
وكم من فتى يُمسي ويصبح آمناً
|
|
وقد نُسجت أكفانه وهو لا يدري
|
* * *
ذهب الذين عليهم وجدي
|
|
وبقيت بعد فراقهم وحدي
|
من كان بينك في التراب وبينه
|
|
شبران فهو بغاية البُعد
|
لو كشفت للمرء اطباق الثرى
|
|
لم يُعرف المولى من العبد
|
من كان لا يطأ التراب برجله
|
|
يطأ التراب بناعم الخد
|
* * *
في الذاهبين الأولين
|
|
من القرون لنا بصائر
|
لما رأيت موارداً للموت
|
|
ليس لها مصادر
|
ورأيت قومي نحوها
|
|
تمضي الأكابر والأصاغر
|
أيقنت أني لا محالة
|
|
حيث صار القوم صائر
|
* * *
صقر المنية خاطف الأرواح
|
|
هذى نوائحه بكل نواحي
|
نشر القوادم في الوجود فلا ترى
|
|
إلا نياحاً تابعاً لنياح
|
نشبت مخالبة بأرواح الملا
|
|
وتراه واصل غدوة برواح
|
قل لي بربك أي بيت لم يبت
|
|
وإلى المنون به صفيف جناح
|
لك يا ابن آدم ساعة معلومة
|
|
تأتيك لو حاولت كل جماح
|
أترى الخلاص وقد شُققن ضرائح
|
|
كلا ولو حلّقت فوق ضراح
|
فإليك عن دنيا تفاقم خطبها
|
|
فأسيرها لا يُرتجى لسراح
|
خير الورى من قد درى ما قد جرى
|
|
فمضى يلبي صيحـة النُصاح
|
* * *
ملاحظة
هامة : ليس المقصود بما سبق من الشعر الانعزال
عن الحياة والإعراض عن استثمار خيراتها وطاقاتها ، بل الهدف هو تهذيب النفوس
وتطهيرها من الأهواء المردية والشهوات الموبقة ، فقد قال الله تعالى :
(أ) (
إنا جعلنا
ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً
) ( الكهف / ٧
).
(ب) (
هو الذي
جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور
) ( الملك / ١٥
).
لقد حث الله تعالى في الآيتين الإنسان
على استغلال الأرض والعمل في أرجائها بطاقة الإيمان والتقوى ، ليحقق رخاءه وهناءه
في الدنيا والآخرة ، ونهاه في آيتين آخريين عن الفساد في الأرض بالاستعلاء
والاستكبار لاجتناب مآسي الانهيار والدمار.
(ج( (
ولا تصعر
خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور
) ( لقمان / ١٨
).
(د) (
تلك الدار
الآخرة نجعلها للذين لا يريدون عُلوّاً في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين
) ( القصص / ٨٣
).
إن جهنم للفارين من الله ،
وإن الجنة للفارين إلى الله
إن جهنم منطقة فيها مظاهر مختلفة خطيرة
جدا للبطش والتعذيب ، وقد خلقها الله تعالى في إحدى جهات الكون بعيدة عن أنظارنا
كبعد كثير من النجوم التي لم يكتشفها التلسكوب حتى الآن. وقد بين لنا ربنا نموذجا
تقريبيا من وجودها وحريقها. ويتمثل ذلك في الشمس وهي الكتلة النارية الضخمة
الملتهبة التي تُقدر درجة الحرارة على سطحها بنحو (٦٠٠٠) درجة مئوية، أما في
باطنها فترتفع الحرارة إلى أكثر من (٢٠) مليون درجة. ويمكننا معرفة شدة هذه
الحرارة إذا عرفنا أن الحديد ينصهر في درجة (١٥٠٠) درجة مئوية. ويقدر البعد بين
الشمس والأرض (٩٣) مليون ميل. وبالرغم من هذا البعد الشاسع يتأثر بعض سكان الأرض
بحرارتها لميلانها نحو مناطقهم فيقاسون شدة الحرارة. والجدير بالذكر هو أن علم
الصناعة استطاع أن ينتج أفراناً تذيب المعادن بحرارة الشمس ، وذلك باستخدام أجهزة
تحتوي على مرايا تجمع الطاقة الحرارية من الشمس في مناطق خاصة من تلك الأفران ـ
ويمكننا أن نجرب تأثير الحرارة الشديدة للشمس بعدسة « زجاجة سميكة » نقربها من
جسمنا فتنفذ أشعة الشمس منها إلى بشرتنا فلا نطيق حرارتها. وكذلك نستطيع ان نشعل
سيكارة أو قطعة قماش بهذه التجربة. فليرحم الإخوة الأعزاء
أنفسهم فإنهم جربوها بعدم الصبر على التعرض لأشعة الشمس الحارة وهي تبعد عنهم
ملايين من الأميال ، فكيف يكون حالهم إذا ألقوا في نار قعرها بعيد وحرّها شديد
وماؤها صديد ، يوم يقول لها خالقها (
هل امتلأت
وتقول هل من مزيد ) نعوذ بالله من هذا العذاب الشديد.
وليتدبروا نصيحة الشاعر :
ألا يا خائضاً بحر الأماني
|
|
هداك الله ما هذا التواني
|
أضعت العمر عصيانا وجهلا
|
|
فمهلاً أيها المغرور مهلاً
|
إلى كم كالبهائم أنت هائم
|
|
وفي وقت الغنائم أنت نائم
|
وقلبك هائم في كل وادي
|
|
وجهلك كل يوم في ازدياد
|
على تحصيل دنياك الدنيه
|
|
مكبا في الصباح وفي العشيه
|
بلال الشيب نادى في المفارق
|
|
بحى على الذهاب وأنت غارق
|
ببحر الإثم لا تصغى لواعظ
|
|
وإن أطرى وأطنب في المواعظ
|
وعقلك لا يفيق عن المعاصي
|
|
فويلك يوم يؤخذ بالنواصي
|
قال الله تعالى : ( يُعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي
والأقدام )
واعلم أيها القارئ العزيز أن هناك نجوماً أكبر من الشمس بملايين المرات تسبح في
هذا الكون الفسيح الوسيع. ويكفينا من سعة الكون أن العلم اكتشف نجماً فوجد أن بعده
عن الأرض عشرة ملايين سنة ضوئية. الله أكبر. الله أكبر !!
فإننا نعلم أن الضوء يسير بسرعة (٣٠٠٠٠٠)
كيلومتر في الثانية الواحدة.
ولتوضيح الموضوع نقول إن الشمس التي
تبعد عن الأرض (٩٣) مليون ميل ، يكون بعدها بمقياس الضوء (٨) دقائق ، وعليك الحساب
والمقارنة بين بعد الشمس بالدقائق المحددة ، وبين بعد ذلك النجم بملايين السنين.
ونهاية
المطاف : إن الله سبحانه وتعالى جعل تلك المناطق
الواسعة في الكون آيات يستدل بها الإنسان على وجود المنطقتين الواسعتين اللتين
ذكرهما لنا في كتابه المجيد ، وهما جهنم
كما قال تعالى : (
يوم نقول
لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد
) ( ق / ٣٠ ).
والمنطقة الواسعة الأخرى هي الجنة التي حثنا الله تعالى بالمسارعة إليها بقوله
تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من
ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين
) ( آل عمران /
٣٣ )
سؤال
: إذا كان عرض الجنة يساوي السموات
والأرض، فأين تكون النار ؟
الجواب
: لو تدبر السائل الآية الكريمة ، لعلم
أن السموات ليس هي الكون كله ، بل هي جزء من الكون بهيئة مجموعات معينة من نجوم
وكواكب وغيرها. والدليل على ذلك هو أن كلمة (
والأرض
) المذكورة في
الآية تدل على أن الأرض منفصلة عن السموات في حَيزٍ خاص من الكون ( عرضها السموات والأرض
) فكذلك الجنة
والنار لهما حيزان معينان فالجنة لها مكان والنار لها مكان آخر ... ( والله أعلم ).
وفي يوم القيامة يبدل الله الكون بإرادته وقدرته ، وينشئ منطقه جديدة واسعة يجمع
فيها الأولين والآخرين كما قال تعالى : (
يوم تبدل
الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار
). ( إبراهيم
/ ٤٨ ).
فهناك تبرز الجنة والنار ، فالاولى أعدت
للمتقين ، والثانية اعدت للمجرمين.
والان
: أيها الإخوان وأيتها الأخوات ، تعالوا
معي لنفكر في انفسنا هل نطيق عذاب جهنم ؟ هل نصبر على حريق النار ؟ فإذا كنا لا
نطيق حرارة نار الدنيا لحظات قصيرة ، فكيف بنار الآخرة آلاف السنين لا نموت فيها
ولا نحيا. قال الله تعالى : (
إن جهنم
كانت مرصادا * للطاغين مآبا
* لابثين
فيها أحقابا ) ( يعني آلاف السنين ) ( النبأ / ٢١ ـ
٢٢ ـ ٢٣ ).
وإذا كنا لا نصبر على أن يمسنا ماء مغلي
فترة قصيرة جدا ، فكيف إذن نصبر على الماء الذي يتجلى في الآية الكريمة : ( وسقوا ماءً حميما فقطع أمعاءهم
) ( محمد / ١٥
) وإذا كنا نحذر شوكة تصيب جلودنا ، فما حالنا إذن بقوله تعالى : ( إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما
نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاً حكيما
) ( النساء / ٥٦
).
وبالتالي
: يجب أن نكون ممن وصفهم الله تعالى
بقوله : ( وعباد الرحمن الذين
يمشون على الأرض هونا * وإذا خاطبهم الجاهلون
قالوا سلاماً * والذين يبيتون لربهم
سجدا وقياما * والذين يقولون ربنا
اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما
) ( الفرقان /
٦٣ ـ ٦٥ ). معنى كلمة ( غراما ) اللزوم والإحاطة ، وتأتي كلمة ( مُغرم ) معناها
ملازم.
يجب علينا إذن أن نجتنب ما أغرمنا به من
المعاصي ، لكيلا تصبح جنهم مغرمة بنا ونستغفر ربنا فإنه غفور رحيم. يجب علينا أن
نهجر :
(أ) غرام الجنس ( النظرة الخائنة ـ
الزنى ـ اللواط ـ المساحقة ـ العادة السرية ـ مصافحة المرأة ما عدا المحارم ).
(ب) غرام الأفلام والصور الخليعة في
السينما والتلفزيون والمجلات وغيرها.
(ج( غرام الأغاني خصوصاً الخليعة منها.
(د) غرام الخمر والبيرة والمقامرة.
والجدير بالذكر هو أنه لا يجوز الحضور
في مجلس الخمر ، بل يحرم تناول الطعام الموضوع على مائدته ، وإن كان حلال في الأصل
أو باقياً على طهارته. وكذلك لا يجوز الحضور في مجلس المقامرة وإن كان ذلك بغير
اشتراك في المعصية مع الشاربين والمقامرين. فيتجلى الخطر كما يكون عند مجالسة
المريض بأحد الأمراض السارية أو كما قال الشاعر:
صاحب أخا ثقة تحظي بصحبته
|
|
فالطبع مكتسب من كل مصحوب
|
كالريح آخذة مما تمر به
|
|
نتناً من النتن أو طيباً من الطيب
|
وأنبه القراء الأعزاء بأن المقامرة لا
تُقتصر على التداول المالي ، بل بدونه أيضاً لغرض التسلية واللهو ، كالذي في
الشطرنج والدومنة والطاولة ، وكذلك الورق (
وذكر فإن
الذكرى تنفع المؤمنين ).
(ه( غرام المخدرات والتدخين المضر.
(و) غرام التبرج والخلاعة في اللباس
وغيره بالنسبة للمرأة.
(ز) غرام الزعامة ( الدكتاتورية
والطغيان ).
(ك) غرام جمع المال واحتكاره.
أيها
القراء الأعزاء : ما زلنا في بحث
الفارين من الله ، وقد ذكرنا منهم الكافر الملحد ابتداء وهو أخطرهم ، ويأتي بعده
العاصون وأهمهم :
١
ـ تارك الصلاة : ـ
الصلاة عماد الدين ، وأهم مظهر لشخصية المسلم
وهويته ، وهي أول ما يحاسب المرء عليها يوم القيامة. وفيها فوائد جسمية واجتماعية
وروحية لا مجال لذكرها في هذا الكتاب ، ويعتقد بعض الناس بطلان صلاة الفاسق
المنغمس في شهواته فذلك ليس صحيحا ، لأن الله تعالى لا يضيع عمل العاملين. ويستفيد
المصلي من صلاته أيضاً أنها تنصحه وتهديه ، وتنهاه عما هو عليه من الفسق والعصيان ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر
) فيصبح من
الصالحين ولو بعد حين. قولى هذا كله يكون بعد نهى العاصي عن معصيته فإن لم ينته
ولم يتب في أقرب فرصة ، فأحذره من ترك الصلاة وهجرها ... فإن تارك الصلاة قد قطع
الصلة بينه وبين ربه بصورة جريئة ، لذلك فإنه يستحق العذاب الذي يتمثل ويبرز في
قول الله تعالى : (
فويل
للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون
) ففي هذه
الآية إنذار خطير لتارك الصلاة ، وذلك لأن كلمة (
فويل
) معناها
العذاب الشديد في النار ، وهو للمصلين الساهين الذين يؤدون الصلاة ولكنهم يتهاونون
في تصحيح الأداء كالقراءة والوضوء والطهارة وغيرها ، أو أنهم يتسامحون في الأوقات
، أو يؤدونها أوقاتاً ويتركونها أخرى ( كما بحثت الآية والله أعلم ).
فكيف إذن يكون حال الذين لا يستقبلون
القبلة مدى حياتهم ؟ فليرجع هؤلاء الفارون من ربهم إليه بالاستغفار وأداء الصلاة
وقضاء ما فات منهم بالتدريج.
٢
ـ تارك الصوم : الصوم فريضة فيها
فوائد متعددة كالصلاة لا مجال لذكرها أيضاً. ولكن محور الهدف لأدائها هو الانقياد
لأوامر الله تعالى والاستسلام لإرادته. وأحذركم أيها الإخوة أن تعرضوا عن تلبية
نداء ربكم الذي يناديكم قائلا (
يا أيها
الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون
) ( البقرة / ١٨٣
) فإن أعرضتم وتوليتم فسيكون جزاؤكم على أكلكم قوله تعالى :
(
ليس لهم
طعام إلا من ضريع ) ( الغاشية / ٦ ) إنه طعام في منتهى
القذارة والنتونة. وأما جزاء شربكم قوله تعالى : (
وسقوا ماءً
حميماً فقطع أمعاءهم ) ( محمد / ١٥ ) ( نعوذ بالله ).
٣
ـ تارك الحج : الحج فريضة سنها
الله تعالى لينفع بها الناس منافع متعددة ، أهمها تزكية النفس وتهذيبها ، ويلي ذلك
منفعة اجتماع المسلمين للتعارف فيما بينهم، وتبادل الآراء وحل المشاكل ، وذلك
لتحقيق أهداف إنسانية سامية. وقد انذر محمد 6
تارك الحج بعذاب في النار تكون شدته كعذاب اليهود والنصارى ، كما روى عنه ( من استطاع الحج ولم
يحج مات إن شاء يهودياً أو نصرانياً )
( نعوذ بالله ). وهناك من يعتذر عن أداء الحج بعدم زواجه أو ملكيته لدار يسكنها.
فلا يقبل منه هذا العذر إلا في بعض الظروف الخاصة تتبين عند المرجع الديني الأعلى
، وذلك عند عسر العزوبة فقط.
٤
ـ مانع الزكاة : الزكاة حقوق مالية
متعددة فرضها الله تعالى في أموال معينة ، تتعلق بالزاراعة والتجارة ومكاسب أخرى.
وأمر أن تصرف لسد حاجات المساكين والفقراء ، وتحقيق مشاريع إنسانية قويمة ليضمن
المجتمع بذلك رخاءه وهناءه. فليراجع كل ذي مال وكسب وإن كان قليلاً العلماء
المتقين ليقرروا تكليفه الشرعي في الوجوب أو عدمه. وقد أنذر الله
تعالى الأغنياء
الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله بآيات عديدة ، وخلاصتها قوله تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون
).
أي أنكم أيها البخلاء لن تحشروا مع
الأبرار الذين قال الله في حقهم (
إن الأبرار
لفي نعيم )
( الانفطار / ١٣ ) بل تحشرون مع الفجار الذين قال الله في حقهم ( وإن الفجار لفي جحيم
) ( الانفطار /
١٤ ). وإنكم تخزنون أموالكم للوارثين فلهم الهناء ولكن الشقاء ، كما قال الشاعر :
أبقيت مالك ميراثا لوارثه
|
|
فليت شعري ما أبقى لك المال ؟
|
القوم بعدك في حال يسرهم
|
|
فكيف بعدهم حالت بك الحال ؟
|
ملوا البكاء فما يبكيك من أحد
|
|
واستحكم القيل في الميراث والقال
|
٥
ـ تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
من أهم أهداف الإسلام بناء مجتمع إنساني يتحلى بالخير والفضيلة ويتخلى عن الشر
والرذيلة ، ولا يكون ذلك إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بطرق تربوية صحيحة.
ونحن جميعا مسؤولون عن هذه المهمة السامية ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )
( كما جاء في الحديث المنقول ). وتتفرع هذه المسؤولية كما يأتي :
(أ) الزوج عن زوجته وأولاده وخدمه.
(ب) الأم عن أولادها.
(ج( مدير المدرسة والمعلمين عن
التلاميذ.
(د) علماء الدين عن الناس جميعاً.
(ه( الخطباء عن المستمعين.
(و) الحكام والزعماء عن شعوبهم.
(ز) الموظفون الكبار عن الصغار منهم.
ويتجلي خطر المسؤولية فيما يأتي من قول
الله تعالى :
(أ) بسم الله الرحمن الرحيم ( والعصر
* إن الإنسان
لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق
وتواصوا بالصبر ) ( سورة العصر ).
أجل إن الإنسانية تخسر سعادتها في
الدنيا والآخرة ، ولا تنتفع بالإيمان والأعمال الصالحة إذا تجردت عن التواصي بالحق
ونشر تعاليمه. ( فالساكت
عن الحق شيطان أخرس ).
(ب) (
إن الذين
يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم
الله ويعلنهم اللاعنون ) ( البقرة / ١٥٩ ).
ثم أكد الله تعالى جريمة كتمان الحق
وعدم نشره بعد ذلك مباشرة ، بقوله (
إلا الذين
تابوا وأصلحوا وبينوا فاولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم
) ( البقرة / ١٦٠
).
٦
ـ ظالم الناس : وهو الذي يتعدى
حدود الإنسانية والعدالة في معاملة الناس ، ويكون ذلك باللسان واليد. أما ظلم
اللسان فيتجلى في السب والكلام البذئ والكذب والغيبة ، وهي أن يذكر المسلم أخاه
المسلم الغائب عنه بعيوب هي فيه خلقا وخُلقا ، إلا إذا كان متجاهراً في أخلاقه
السيئة فتجوز غيبته. والجدير بالذكر هو أن المستمع للغيبة مشترك في المعصية ، فيجب
عليه النهي والمنع. كذلك التهمة والنميمة والسخرية .. إلخ.
وأما الظلم باليج فيتجلى في الضرب
والجرح والقتل ( بغير حق ) والسرقة ونقص الكيل وأكل الربى والغش والنميمة والسخرية
.. إلخ.
إياك إياك أيها القارئ العزيز أن تظلم
والديك وخصوصا أمك ، فلا يدخل الجنة من كان عاقا لوالديه. الله الله في الأقرباء
فأحسن إليهم وإن أساءوا إليك ، وإياك أن تهجرهم فإن الله تعالى ينذرنا إنذارا
خطيراً إذا قطعنا الأرحام ( الأقارب ) بقوله (
فهل عسيتم
إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم
* أولئك
الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم
) ( محمد ٢٢ ـ
٢٣ )
تدبروا هذه الآية بدقه وإمعان ، واحذروا
لعنة الله وسخطه.
الله الله في الجيران ، ومع الأسف
الشديد فإن أكثر الناس لم يؤدوا حق الجيران. وأحذرك أيها القارئ العزيز ظلم بقية
الناس خصوصاً زوجتك ، فإنها من أهم مُقومات حياتك. فإياك أن تعتدي عليها بالسب
والضرب والاستهزاء وغير ذلك من فروع الظلم ، فأحسن إليها بالمداعبة والملاطفة
والنفقة. فقد جاء في الحديثين المرويين :
(أ) ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ).
(ب) ( أكمل الناس إيمانا أحسنهم أخلاقاً مع أهله ).
الزوجية البشرية
لقد انتهيت بتوفيق الله تعالى من شرح
الزوجية الذرية وما يرتبط بها من البحوث الهامة حسب إتاحة الفرصة ، وأقدم لكم بعد
ذلك شرح الزوجية البشرية كما يأتي :
* خلق الله سبحانه وتعالى الكون وأظهر
فيه آيات لا تعد ولا تحصى ، ليستدل الإنسان بها على حكمة خالقه وعظمة رب العالمين.
ومن أهم آياته هي الزوجية البشرية التي تتجلى مظاهرها الحكيمة في الرجل والمرأة.
كما أشار إلى ذلك أحد الفلاسفة بقوله: « إذا كانت المصادفات العمياء والاتفاقات
المتكررة قد أوجدت إنساناً على وجه الأرض فكان رجلاً ، فهل يجوز لذوي العقول
الواعية أن يزعموا أن تلك المصادفات والتطورات قد أنشأت إنساناً آخر فكان امرأه
لها أجهزة عجيبة التركيب تختلف عن أجهزة الرجل ، كجهاز الرضاعة والحمل والأوتار
الصوتية ، بالإضافة إلى غريزة التجاذب الجنسي ؟ كلا ! ثم كلا ! فإن المفكرين
الأحرار يخشعون ويسجدون لله الخالق البارئ المصور لكلا الجنسين الذكر والأنثى.
كما قال تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا
إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون
) ( الروم / ٢١
).
* يجب على الإنسان أن يعلم بأنه لم
يُخلق في هذا الكون ليتمتع بالطعام والشراب واللباس والمسكن والمال والجنس والسلطة
، ويتخذ تلك المقومات الحيوية هدفا لكيانه وسعادته ، بل خُلق ليجعلها وسيلة لغاية
سامية وهي السعي لمعرفة ربه ، وعمارة قلبه بتفواه في نفسه وفي عباده وبلاده. كما
قال تعالى : ( وما خلقت الجنّ والإنس
إلا ليعبدون ) ( الذاريات / ٥٦ ).
فالبناء الحيوي للإنسان بفروعه (
الطعام. الشراب. اللباس.
المسكن. العلم.
العمل. المال. الجنس. السلطة ) إذا لم يكن مبنيا على أساس التقوى فهو بناء منهار ،
كما قال تعالى (
أفمن أسس
بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هارٍ فانهار به في
نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين
) ( التوبة / ١٠٩
).
ولا يتحقق هذا البناء الإنساني القويم
إلا بمجتمع يستضيئ بنور الله الذي يهدي إلى الصراط المستقيم وسبل السلام. ولا ينشأ
هذا المجتمع إلا بإنشاء الأسرة الصالحة المُصلحة ، ولا يحصل ذلك إلا بأزواج قد
غرست في قلوبهم شجرة الدين الحنيف تُؤتي الثمرات الطيبة من الأولاد.
كيف يكون ذلك ؟
* يتدبر الإنسان الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث المرء
على الزواج وتحفزه للمسارعة إليه فيعمل بمقتضاها.
* الآيات القرآنية :
(أ) (
وانكحوا
الأيامى
منكم
والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم
) ( النور / ٣٢
).
الشرح
: يجب على الآباء والأمهات أن يعجلوا في
تزويج أبنائهم وبناتهم ، فإنهم مسؤولون أمام الله تعالى ومعاقبون على كل مفسدة
تنتج من التأخير بدون عذر مشروع. أما عذر إكمال الدراسة فإنه غير مقبول ، وذلك
لإمكان الزواج وإشباع الغريزة الجنسية بصورة لا تؤدي إلى الحمل والولادة ، وإن كان
في ذلك نيل الحد الأدنى من الشهوة. فإن متاعب عزوبة الشاب والشابة خلال الدراسة
أكثر من متاعب زواجهما أضعافاً مضاعفة .. وأملي وطيد بأن القراء الواعين يؤيدون
ذلك. كل ذلك يتم بشرط عدم تعسير
__________________
والدي البنت لأمور
تتعلق بهذا المشروع النبيل ، خصوصاً المغالاة في المهور ، فإن السعادة الزوجية
ليست في المال الكثير ، بل هي في مآل المرأة إلى مصير مستنير بنور الأخلاق الحميدة
التي يتحلى بها الزوجان.
(ب) (
ولقد
أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية
) .. ( الرعد /
٣٨ ).
الشرح
: إن الرسل هم قادة الناس ، وإن للناس
فيهم أسوة حسنة. وأهم مظاهرها هو الزواج لإنتاج ذرية صالحة تعبد رب العالمين.
(ج) (
والذين
يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما
) ( الفرقان /
٧٤ ).
الشرح
: مدح الله تعالى أولياءه في هذه الآية
بأنهم يدعونه ليرزقهم أزواجاً وذريات يسطع في قلوبهم نور الهدى والإيمان، فتقر
أعينهم بهم في الدنيا ، وكذلك الحال عندما يحشرون معهم في الجنة كما قال تعالى : ( فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما
كانوا يعملون ) خصوصاً بما كانوا يؤدبون ويهذبون
أزواجهم وذرياتهم.
(د) (
هن لباس
لكم وأنتم لباس لهن ) .. ( البقرة / ١٨٧ ).
الشرح
: جاءت هذه الآية بأحسن وصف للانسجام
الزوجي ورباطه ، فباللباس تتجلى ثلاثة أمور هي من أهم ركائز حيوية الإنسان وهي الستر
والوقاية والزينة فيحققها الزوجان كل منهما للآخر.
(ه) (
ومن آياته
أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إن في ذلك
لآيات لقوم يتفكرون ) ( الروم / ٢١ ).
الشرح
: أجل ليسكن الزوج إلى زوجته وتسكن
الزوجة إلى زوجها في مسكن روحي تسوده المودة والرحمة ، فلا ينفعها مسكن يكون فخماً
ببنائه
( زواج بغير اعوجاج )
وأثاثه إذا كان سلوك
أحدهما أو كليهما فحماً قد اسود بفساده وطغيانه .. فهناك الشقاء والعناء. وقد قيل
: إن من أعظم
البلايا مصاحبة من لا يوافقك ولا يفارقك.
وكما قال الشاعر :
ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى
|
|
عدو له ما من صداقته بد
|
* الأحاديث النبوية المروية
حول الزواج :
(أ) ( تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم
الأمم يوم القيامة ، حتى بالسقط ).
(ب) ( من رغب عن سنتي فليس مني ، وإن من
سنتي النكاح ، فمن احبني فليستن بسنتي ).
(ج) ( إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته
فزوجوه ، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) ـ عريض ـ.
(د) ( من تزوج أحرز نصف دينه ، فليتق
الله في النصف الثاني ).
(ه) ( ركعتان يصليهما المتزوج أفضل من
سبعين ركعة يصليهما عزب ).
(و) ( أكثر أهل النار العُزاب ). ـ
خصوصاً الذين يستطيعون الزواج ـ.
الاختيار الزوجي
أولا
: يجب إحراز سلامه الزوجين من الأمراض
الخطيرة خصوصاً السارية منها ، كالأمراض الزهرية والسل وغيرها. ويجب على الزوج أن
يتأكد بصورة خاصة سلامه الزوجة من مرض السكر الذي يضر بجنينها عند الحمل ضررا
عظيما ، وكذلك سلامتها من الإدمان على التدخين الذي يفتك بها وبأولادها فتكا
ذريعاً. ويتأكد كل من الزوجين سلامة أقرباء الآخر من التخلف العقلي والفسلجي ، فإن
الوراثة لها أثرها الفعال. وليحذر الطبيب
من إصدار شهادة صحية
مزورة ، فإنها خيانة للدين وعدوان صارم عل الإنسانية.
فليراقب الأزواج مع أوليائهم هذه الأمور
بكل وعي وإمعان ، فإن لم يفعلوا فسيهوى الزوجان في هوة سحيقة من الشقاء والعناء ( نعوذ
بالله ).
ثانياً
: إحراز تقوى الزوجين وتمسكهما بالدين
الحنيف ليؤدي كل منهما واجبه نحو الآخر ، فيسطع نور السعادة بينهما ويتمتعان بحياة
طيبة سليمة.
وقد رويت أحاديث نبوية تتعلق بهذا
الموضوع إليكم أهمها :
(أ) ( كما مرّ سابقا ) ( إذا أتاكم من
ترضون دينه وأمانته فزوجوه ). إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير « عريض ».
أجل فقد سادت الفتنة في الأرض وظهر الفساد الكبير العريض بالزنى واللواط والمساحقة
والعادة السرية.
(ب) ( لا تنكح المرأة لجمالها فلعل
جمالها يرديها، ولا لمالها فلعل مالها يُطغيها. وانكح المرأة لدينها ) ليس المقصود
من هذا الحديث الاقتصار على دين المرأة والانعزال عن جمالها ومالها ، فإن الله
جميل يحب الجمال والمتجملين، وبالمال تُحقق مشاريع إنسانية سامية. وإنما المراد أن
يكون ذلك الجمال والغنى الماديان ملازمين للإيمان والتقوى .. فإنهما جمال النفس
وغناها كما قال الشاعر :
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته
|
|
أتطلب الربح فيما فيه خسران
|
أقبل على النفس واستكمل فضائلها
|
|
فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
|
فإذا كانت الزوجة جميلة في جسمها وقبيحة
في دينها ، أو كانت غنية في أموالها وفقيرة في تقواها ، فإنها تدمر حياة زوجها. فهو
لا يطيق أن يفارقها لجمالها ومالها ، ولا يستطيع أن يصبر على شراستها وسوء أخلاقها
الزوجية فتلك الحال هي الطامة الكبرى والكارثة العظمى ( ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم
).
وقد روى عن سيدنا الحسن بن علي 8 أنه قال لرجل سأله عن تزويج بنته «
زوجها ممن يتقى الله تعالى ، فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها ». نعم
والله هكذا خُلُقُ المتقين.
ثالثا
: إذا أراد الرجل أن يتزوج امرأة ،
فلينظر إليها ويتأكد في الفحص بالاعتماد على شهادة امرأتين على الأقل تتصفان
بالتقوى والذكاء والوعي لكي يحقق آماله الجنسية. كذلك يحق للمرأة أن تطلع بنفسها
أو بشهادة أمينة صادقة على منظر الرجل وسلوكه ، لتكون مطمئنة في تحقيق الزواج.
رابعا
: يحاول الزوج أن تكون الزوجة خفيفة
المهر ، ويرشد والديها إلى الأحاديث النبوية التي رُويت ناهية عن المغالاة في
المهر. فمن أهمها :
(أ) ( خير النساء أحسنهن وجوها وأرخصهن
مهورا ).
(ب) ( من بركة المرأة سرعة تزويجها
وسرعة رحمها ـ أي الولادة ـ ويسر مهرها ) فإن الهدف الحقيقي في الزواج ليس هو
المال، بل هو منال أسرة كريمة تتمتع بالهناء والرخاء في الدنيا والآخرة.
خامساً
: يجب على الزوج أن يدقق النظر ويمعن
الاختيار في البيئة التي نشأت فيها الزوجة ، والأسرة التي أنبتت نبات شخصيتها.
فيختبر إخوانها وآباها وخصوصا أمها ، فإن الوراثة الصالحة والبيئة الفاضلة قاعدتان
رصينتان لبناء الإنسانية العليا ، قال الشاعر :
إذا أردت زوجة تبغيها
|
|
كريمة فانظر إلى أخيها
|
يُنبيك عنها وإلى أبيها
|
|
فإن أشباه أبيها فيها
|
( ولم يذكر الشاعر الأم لضيق مجال
القافية ).
ـ رُوى عن النبي 6 :
(أ) ( إياكم وخضراء الدمن ).
والمعنى هو المرأه الحسناء في المنبت
السيء كالعشب الذي ينبت في المزابل.
(ب) ( تخيروا لنطفكم فإن العرق دسّاس ).
ملاحظة
هامة : لم يثبت في التشريع الإسلامي بصورة
مؤكدة النهي عن الزواج من الأقارب بالقول المشهور « اغتربوا لا تضووا » وبالقول
الآخر « لا تنكحوا القرابة فإن الولد يخلق ضاويا » ( أي ضعيفاً ). فإن هذين
القولين لم يُصحح الفقهاء صدورهما عن النبي 6
، فلو كان الزواج من الأقارب يؤدي إلى انحراف خطير في سلامة النسل ، لتواترت
الأخبار الشرعية في التحريم ، لأن الأمر هام جداً وجدير بالبيان فلا ضرر ولا ضرار في
الإسلام ، والشاهد على ذلك هو أننا نرى كثيرا
ممن تزوجوا من أقربائهم قد وُلد لهم أولاد يتمتعون ببنية قوية وصحة جيدة جدا. نعم
إن ما أثبته العلم الحديث من الأضرار الصحيحة في زواج الأقارب لا يبعد أن يَخصَّ
ما نَصَّ به الدين الحنيف وقرره في تحريم الزواج من أقرب الأقرباء ، وهن الأمهات
والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت فالميزان الصحي
للأبناء هو صحة الآباء والأمهات وما يتلقاه الطفل من عوامل التربية في البيئة التي
ينشأ فيها أثناء الحمل وبعده.
حقوق الزوجين
حقوق
الزوج على زوجته : هناك حقوق واجبة
تعاقب الزوجة عقاباً شديدا على عدم ادائها يوم القيامة ، وحقوق مستحبة تنال بها
درجات سامية في الجنة بعد أداء الواجبات. وقد رُويت عن النبي 6 أحاديث كثيرة حول تلك الحقوق إليكم
أهمها :
١ ـ رُوى أن امرأة جاءت إلى رسول الله 6 فقالت :
يا رسول الله ما حق الزوج على المرأة ؟
فقال لها : تطيعه ولا تعصيه ، ولا تتصدق
من بيتها بشيء إلا بإذنه ، ولا تصوم تطوعاً إلا بإذنه ، ولا تمنعه نفسها وإن كانت
على ظهر قتب ( الرحل ) ، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه ، فإن خرجت بغير إذنه لعنتها
ملائكة السماء وملائكة الأرض حتى ترجع إلى بيتها.
فقالت : يا رسول الله من أعظم الناس
حقاً على الرجل ؟
قال : والداه.
قالت : فمن أعظم الناس حقاً على المرأة ؟
قال : زوجها.
٢ ـ أيّما امرأة آذت زوجها بلسانها لم
يُقبل منها صرف ولا عدل ولا حسنة من عملها حتى ترضيه ، وإن صامت نهارها وقامت
ليلها وأعتقت الرقاب وحملت على جياد الخيل في سبيل الله ، فكانت أول من يرد النار.
وكذلك الرجل إذا كان لها ظالماً.
٣ ـ لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجد لأحد
لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.
٤ ـ إذا صلت المرأة ولم تدع لزوجها بعد
صلاتها ، رُدَّت عليها صلاتها حتى تدعو لزوجها.
تنبيه
: ليس المقصود بطلان صلاتها بل حرمانها
من ثوابها.
٥ ـ إذا صلت المرأه خمسها ، وصامت شهرها
، وحفظت فرجها ، وأطاعت زوجها ، دخلت جنة ربها.
تنبيه
: دخلت جنة ربها بعد أداء الواجبات
الأخرى ، وأطاعت زوجها فيما يرضى ربها لا فيما يسخطه.
٦ ـ اطّلعتُ في النار فإذا أكثر أهلها
النساء ، فسئل : لم يا رسول الله ؟ قال : يكثرن اللعن ، ويكفرن العشير. يعني
معاشرة الزوج.
٧ ـ رُوى أن نسوة أقبلن إلى النبي 6 وسألنه عن عدم مشاركتهن للرجال في فضل
الجهاد ، فقال : ( جهاد المرأة حسن التبعُّل ) قصد بذلك حسن معاملتهن مع بعولتهن «
يعني أزواجهن ».
٨ ـ رُوى أن رجلاً من الأنصار على عهد
رسول الله 6 خرج من بلده
في بعض حوائجه ، وعهد إلى امرأته عهد الا تخرج من بيتها حتى يرجع. ومرض والد
الزوجة بعد ذلك فبعثت إلى رسول الله 6
فقالت : إن زوجي منعني أن أخرج من داري ، وإن أبي قد مرض ، أفتأمرني ان أعوده؟
فقال النبي 6 : لا ،
اجلسي في دارك وأطيعي زوجك. ثم مات أبوها فبعثت إليه فقالت : يا رسول الله إن أبي
قد مات أفتأمرني أن أحضره؟ فقال 6
: لا ، اجلسي في دارك وأطيعي زوجك. فدفن أبوها فبعث إليها رسول الله 6 : ( إن الله تبارك وتعالى قد غفر لِك
ولأبيكِ بطِاعتك لزوجك ).
تنبيه
: يجوز للزوجة أن تخرج من دارها بدون إذن
زوجها لأداء فريضتين واجبتين عليها ، وهما :
الأولى
: طلب العلم الواجب الذي لا تستطيع الحصول
عليه وهي في دارها.
الثانية
: الحج الواجب عليها. أما المستحبات من
الحج والعمرة وزيارات المشاهد المشرفة والأماكن المقدسة ، فلا يجوز لها أن تقوم
بأدائها إلا بإذن زوجها.
وصية جامعة لكل أسباب الهناء
والرخاء
أوصت امرأة بنتها ليلة زفافها ( كما نُقِل
) فقالت لها : « أي بنية ، إنكِ قد فارقت بيتك الذي مِنه خرجتِ وعُشَّكِ الذي فيه
درجت ، إلى رجل لم تعرفيه ، وقرين لم تألفيه ، فكوني له أمة يكن لكِ عبداً ،
واحفظي له عشر خصال يكن لكِ ذخراً .. الخشوع له بالقناعة ، وحسن السمع والطاعة ،
والتفقد لموضع عينه وأنفه ـ فلا تقع عينه منك على قبيح ، ولا يشم منك إلا أطيب ريح
ـ والتفقد لوقت منامه وطعامه ، فإن تواتر الجوع ملهبة ، وتنغيص النوم مغضبة ،
والاحتراس على ماله ، والإرعاء على حشمه وعياله ـ وملاك الأمر في المال حسن
التقدير ، وفي العيال حسن التدبير ـ ولا تعصين له أمراً ، ولا تفشين له سراً ،
فإنك إن خالفتِ أمره أوغرت صدره ، وإن أفشيت سره لم تأمني مكره ، ثم إياك والفرح
بين يديه إذا كان مُغتماً ، والكآبة بين يديه إذا كان فِرحاً ».
نُقل إن رجلاً قال لزوجته :
خذي العفو مني تستديمي مودتي
|
|
ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
|
ولا تنقريني نقرك الدف مرة
|
|
فإنكِ لا تدرين كيف المغيب
|
ولا تُكثري الشكوى فتذهب بالهوى
|
|
ويأباك قلبي والقلوب تقلّب
|
فإني رأيت الب في القلوب والأذى
|
|
إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب
|
حقوق الزوجة على زوجها
* إليكم أهم الأحاديث النبوية المروية :
(أ) سُئل رسول الله 6 أي المؤمنين أكمل إيمانا ؟ قال أحسنهم
خُلقاً مع أهله.
(ب) خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم
لأهلي.
(ج) خيركم خيركم لنسائه ، وأنا خيركم
لنسائي.
أيها الرجال
انتبهوا لهذه النصيحة
* ذُكر أن رجلاً جاء إلى أحد كبار أصحاب
النبي 6 يشكو إليه
زوجته. فلما بلغ بابه سمع امرأته تتطاول عليه وهو يتجاوز عنها. فقال الرجل : إني
أردت أن أشكو إليه زوجتي وبه من البلوى مثل ما بي.
فرجع فدعاه الصحابي فسأله عن سبب الرجوع
فقال : إني أردت أن أشكو إليك زوجتي ، فلما سمعت من زوجتك ما سمعت رجعت.
فقال الصحابي : إني أتجاوز عنها لحقوق
لها عليّ :
أولها
سَتْر بيني وبين النار فيسكن بها قلبي عن الحرام. والثاني
أنها خازنة لي إذا خرجت من منزلي وتكون حافظة لمالي. والثالث
أنها تغسل ثيابي. والرابع
أنها مربية لولدي وتصبر على كل أذى في
سبيلهم. والخامس
أنها خبازة وطباخة لي. فقال الرجل : إن لي مثل ما لك ، فسأتجاوز عنها.
* يجب على الزوج أن ينفق على زوجته ما
تحتاج إليه ـ حسب شأنها ومزاجها ـ من مسكن ومطعم ومشرب وملبس وغير ذلك من اللوازم
البدنية والنفسية ، وإن كانت الزوجة غنية فلا يُشترط فقرها.
* إذا لم تُطع الزوجة زوجها في الأمور
الواجبة عليها وسلكت سبيلا مُنفراً له ، فإنها لا تستحق النفقة عليها ويجري عليها
مفهوم النشوز.
* يجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالحسنى
والمعروف ، فلا يعبس في وجهها ، ولا يؤذيها بلسانه ولا بيده ، ولا يسب والديها أو
أجدادها وأقاربها ويطعن فيهم أحياء وأمواتا ، أو يضربها خصوصاً إذا كان الضرب مبرحاً
بصورة متوحشة ، ويغفل عن يد الله التي هي فوق يده ( نعوذ بالله من بعض الرجال
المتوحشين ) فإن نسي ذلك وارتكب الجريمة فليسارع إلى كسب رضا زوجته والتحلل منها ،
ولا يستكبر عن ذلك فإن ربّه هو أكبر ، وكذلك يستغفر للأموات ويتصدق عنهم ، ويتحلل
من الأحياء إذا أخبروا بالعدوان عليهم.
تنبيه هام
يعتذر بعض الذين يعتدون على أزواجهم
بأنهم عصبيون ، فأقول لأحدهم : « لو تعصبت لدينك وخفت ربّك لم تكن من المعتدين.
والدليل على ذلك هو أنه لو كان لزوجتك أخ ـ مثلاً ـ وهو ذو مكانة سامية في الدولة
، وله من الهيبة والبطولة ما يرهب الإنسان منهما فيزور أخته أياماً عديدة ، فهل
تعتدى على زوجتك خلال تلك الأيام؟ كلا ، لأنك تخشى سطوة أخيها وبطشه ، فلماذا لا
تخشى رب العالمين الذي يقول : (
إن بطش ربك
لشديد )
( إن ربك لبالمرصاد
) والجدير
بالذكر هو أني بينت هذا المثل لأحد الأصدقاء فأخبرني بعد ذلك بأنه حسّن اخلاقه مع
زوجته بصورة سامية ، بعد أن كان من أشد الناس قسوة عليها.
( والحمد لله على ذلك ).
* روى أن رسول الله 6 قال ما مضمونه :
إذا جلس الرجل عند أهله ساعة واحدة وهو
يلاطفهم ويداعبهم فيفرحون ويأنسون بمحضره ، فتلك الساعة هي أفضل عند الله من الاعتكاف
في مسجدي ( مسجد المدينة المنورة ) سنة واحدة.
بيان
: الاعتكاف هو اللبث في أحد المساجد
المخصصة ، وأداء بعض العبادات فيه خصوصاً الصوم ، واجتناب أمور معينة في مدة لا
تقل عن ثلاثة أيام ( كما ورد في الفقه الإسلامي ).
أيها الرجال : فكروا في هذا الثواب العظيم
، وأمعنوا النظر في الحق الكبير لأهليكم ، واتخذوه ميزاناً لسلوككم العائلي ،
وزنوا به أنفسكم قبل أن توزنوا يوم القيامة (
فأما من
ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية
* واما من
خفت موازينه فأمه هاوية * وما أدراك ماهيه
* نار حامية
) ( القارعة /
٦ ـ ١١ ).
تفسير
قال الله سبحانه وتعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم
على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله
واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا
عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيرا
) ( النساء / ٣٤
).
الشرح
: ليس المقصود من الآية الكريمة أن
الرجال مسلطون على النساء سلطة استطالة أو قهر ، بل هي الولاية لأجل تدبير أمورهن
والقيام بأعمال يضعفن عن أدائها لما خلق الله لهن من صفات بدنية ونفسية اختصصن بها
لأداء وظيفة الأمومة ، التي هي من أهم قواعد بناء الإنسانية العليا. ( كما فسرت
والله أعلم ).
وخلاصة القول : أعتقد بأن القراء
الأعزاء الواعين يؤيدونني حينما أقول إن الرجل رجل بقوته البدنية وخشونته الفسلجية
وطبيعته العقلية الخاصة ، والمرأة مرأة بنعومتها البدنية وطبيعتها العاطفية بلا
نقص في كرامتها ومكانتها الاجتماعية. لذلك نرى تلك الطبائع قد سرى مفعولها بصورة
فطرية في كل المجتمعات العالمية حتى في هذا العصر الذي تعلو فيه الصيحات لتحرير
المرأة فالأنبياء ـ الملوك والرؤساء والأمراء والوزراء ـ أئمة الدين السابقون
واللاحقون ـ الفلاسفة ـ المخترعون ـ الكتاب والمؤلفون ـ الشعراء ـ الملحنون
للمغنيات ـ المخرجون للأفلام ، فنشاهد أولئك هم من الرجال إلا ما ندر في بعض
الأقسام.
( والنادر كالمعدوم ) ـ فالرجال قوامون
على النساء وبما فضل الله بعضهم على بعض في ملكات وقابليات تؤهلهم للرئاسة
والقيادة وإدارة المؤسسة الأسرية بالإنفاق المالي ، وهو المهر الذي يقدمه الزوج
لزوجته ، وكذلك ما يقوم الرجل بأداء تكاليف معاشية مفروضة عليه لزوجته وأولاده.
القسم الباقي من الآية ـ النساء قسمان :
صالحات وفاسقات. أما الصالحات فيتصفن بالخشوع والخضوع لأوامر الله سبحانه وتعالى.
ومن أهم تلك الأوامر طاعة الزوج خصوصاً عند غيابه يحفظنه في أمواله وأسراره.
والأهم من ذلك يحفطنه في أنفسهن بالحجاب والحشمة والوقار وعدم الخيانة. وأما
النساء الفاسقات فمن فسقهن تخلفهن عن طاعة الأزواج والإساءة إليهم ، فيرشد الله
سبحانه وتعالى إلى تأديبهن في ثلاث مراحل متدرجة. أولا ـ بالوعظ. ثانيا ـ فإن لم
ينفع فبهجرهن في المضاجع وعدم مواجهتهن. ثالثا ـ وإن لم يؤثر هذا الإجراء فبالضرب.
بشرط أن يكون بدافع التأديب لا للتشفي والانتقام ، وأن لا يكون مُبرحاً مؤلما
بصورة يبرز فيها الكسر أو الجرح أو تغيير لون الجلد ولا يجوز للزوج أن يعتدي على
زوجته ويستعلى عليها
ويستكبر عن معاشرتها بالمعروف ، خصوصاً إذا هي عاشرته بالمعروف ، فإن الله سبحانه
وتعالى يبين في ختام الآية الكريمة علّوه على من استعلى ، وكبرياءه على من استكبر ( إن الله كان علياً كبيراً
) ( كما فسرت
الآية والله أعلم ) فليحذر الظالمون ولينتبه الغافلون. وخلاصة القول هي أن «
درجة القوامة » التي يُعد الرجل أحق بها ، هي في الواقع ليست « درجة تشريف »
ولكنها درجة مسؤولية وتكليف.
حقان مشتركان
أيها الزوج ، أيتها الزوجة ! احذرا أن
تغفلا عنهما.
يجب على الزوجين أن يؤديا حقين مشتركين
بينهما ، فإن لم يفعلا فيمزق رباطهما الزوجي وتطمس معالم المودة بينهما.
الحق
الأول : يجب على كل واحد من الزوجين أن يزين
نفسه للآخر باللباس والبدن. ومن أهم مظاهر زينة البدن سلامة الأسنان ونظافتها ،
وطهارة الفم من الرائحة الكريهة.
وأتشرف بدوري أن أقدم لك أيها القارئ
العزيز نصائح مُخلصة حول هذين الموضوعين الهامين ، أرجو اتباعها.
سلامة الأسنان ونظافتها :
١ ـ لا تجمع في طعامك وشرابك بين
البرودة والحرارة الشديدتين.
٢ ـ انزع ما ترسب من أجزاء الطعام بين
الأسنان وفي أطرافها الفارغة ، بعيدان خشبية مخصوصة أو خيوط طبية.
٣ ـ عليك بالمضمضة القوية جدا مرات
عديدة عند غسل الفم. والأفضل خمس مرات ( هامة جداً ).
٤ ـ لا تترك المضمضة بعد غسل الفم
بمحلول ملح الطعام المكون من نصف قدح متعارف من الماء ، وملعقة شاي من الملح.
٥ ـ إياك إياك أن تترك أسنانك وأسنان
أطفالك بلا تنظيف ومضمضة بعد تناول السكريات .. جامدة كالفواكه والحلويات المصنوعة
، أو سائلة كالشاي والمشروبات الأخرى. فسارع ولا تتأخر أكثر من خمس دقائق ، فإن
إهمال هذا السلوك هو من أهم عوامل تلف الأسنان وعطبها.
٦ ـ إياك إياك أن تنام ليلاً بلا تطهير
أسنانك بالفرشاة السليمة والمعجون الطبي ، وإلحاق ذلك بالمضمضة بمحلول ملح الطعام
، ولا تغفل أيها القارئ العزيز أن تضيف إلى ما سبق المسواك الخشبي المخصوص
والمعروف ، فإنه من أفضل المطهرات للأسنان ( كما ثبت في طب الأسنان ) ـ وأذكرك بأن
أسنانك هي أثمن من اللالئ ، لأن اللؤلؤة إذا فقدتها قد تجد مثلها ، أما سنك فلا
تجد مثله بعد فقده.
طهارة الفم من الرائحة
الكريهة :
نجد لهذا الموضوع خطورته الكبرى ، فلا
يقتصر على الزوجين فقط بل يسري إلى بقية الأقارب والأصدقاء ، وذلك عند اللقاء
والمقابلة والتقبيل لذلك يجب على المبتلى بهذا المظهر المكروه أن يعالج نفسه كما
يأتي :
١ ـ يزيل الإمساك ( قبض الأمعاء )
بتناول الماء البارد صباحاً في الصيف ، والماء الساخن في الشتاء ، وذلك قبل
الإفطار.
٢ ـ يعالج عسر الهضم الذي يسبب عفونة
الطعام في الجهاز الهضمي ، بمضغ الطعام مضغاً جيدا فلا يستعجل في بلعه ، ولا يكثر
من تناول السوائل مع الطعام ، بل يقتصر على قدح متعارف واحد ، ويجتنب الحلويات
المصنوعة والأطعمة المقلية
، وكذلك يترك أكل اللحم كل يوم ، ويحاول ويسعى أن يترك مائدته وهو يشتهي منها
لقيمات.
٣ ـ يستخرج الديدان من الأمعاء ( إن
وجدت بالاختبار ).
٤ ـ يعالج أسنانه المريضة ويقلع التالفة
منها باستشارة الطبيب.
٥ ـ يبدأ طعامه بالملح ( بقدر نصف حمصة )
ويختتم به. فقد روي عن النبي 6
أن في ذلك وقاية من أمراض كثيرة ، وذلك لأن ملح الطعام يولد بدخوله في الجهاز
الهضمي ـ كما سبق ـ حامض
__________________
الهيدروكلوريك ، فإن
هذه المادة هي من أهم عوامل تعادل العصارات الهضمية وتأثيرها النافع ( هام جدا ).
وأذكر الزوجين باستعمال الطيب ( العطر )
فإنه من أهم وسائل التجاذب والتحابب.
أيها الزوج ، أيتها الزوجة ! إيّاكما أن
تتهاونا في اتباع النصائح التي مرّ ذكرها ، فإنها من الأمور المجرّبة والثابتة في
علم الطب. فمن أعرض عنها وأهملها فسيصبح من الخاسرين والنادمين.
الحق
الثاني : يجب على الزوج أن يثير شهوة زوجته
عندما يريد ملامستها كما هي تثير شهوته ، فلا يستعجل ويقفز كما تفعل الحيوانات ،
بل يداعبها ويلاطفها ، ثم يُمتعها ويُشبع غريزتها الجنسية كما هي تمتعه وتشبع
غريزته ، فلا ينفصل عنها
حتى يطمئن إلى اشتراكها معه في بلوغ الشهوة إلى منتهاها. فإن لم يُنصف الزوج زوجته
في أداء هذا الحق العظيم ، فإنه يظلمها ويخسر مودتها وإخلاصها له. والجدير بالذكر
هو أن الزوج لو أنفق على زوجته أسمى مظاهر النفقة المالية ، وحرمها من هذه النفقة
الجنسية ، فإنه لم يحقق سعادتها ، بل جلب لها شقاءها وعناءها ، وكانت المقارنة بين
النفقتين كما بين الثرى والثريا ( كما جاء في المثل المشهور ).
ولتركيز الموضوع أرجو أخي الزوج أن يتدبر
ويمعن النظر فيما جاء في كتاب « الأسرار الزوجية » تأليف نخبة من أساتذة كليات
الطب بجمهورية مصر العربية. ( لا حياء في أحكام الحق والدين ، بل الحياء في معصية
رب العالمين ).
« نقطة النهاية :
تختلف نقطة النهاية في الرجل عنها في المرأة ، فإذا كان القذف يعتبر نقطة الوصول
إلى الهدف من الاتصال الجنسي عند الرجل ، فإنه ليس كذلك عند المرأة ، إذ أنها
تعتبر الاتصال الجنسي ليس هدفاً في حد ذاته.
__________________
ولذلك فمن الحكمة
ألا يتراجع الرجل بمجرد الوصول الى القذف حتى ولو كانت المرأه قد سبقته إلى الوصول
إلى قمة الشهوة ، فإن ذلك يُشعرها بأنها ليست بالنسبة له هدفاً جنسيا فحسب ، ولكنّها
شريكة في الجنس وغير الجنس .. ولذلك يُستحب بقاء الالتصاق الجسماني بعد القذف
لتثبيت هذا المعنى في ذهن المرأة ».
« وإذا كان الأمر كذلك في حالة وصول
المرأة إلى قمة شهوتها ، فإنه يكون ذا أثر أخطر إذا كانت المرأة لم تصل بَعد إلى
قمة الشهوة. وكثير من السيدات يصلن إلى قمة الشهوة بعد قذف الرجل عن طريق هذا
الالتصاق الجسماني الذي يبدو سلبيا ، وهنا تشعر المرأه باهتمام زوجها بشعورها
واحترامه لرغبتها » انتهى الموضوع المرتبط بالبحث من كتاب « أسرار الحياة الزوجية
». ان مقامي هنا كمقام الطبيب يجري عملية جراحية لفتاة جميلة فالضرورات تبيح
المحظورات فلا يضيرني نقد الناقدين الجاهلين ( وبالله التوفيق ).
أهم الحقوق
يجب على الزوج ألا ينسى بأن أهم الحقوق
التي يجب أن يؤديها بالنسبة لزوجته ، هو تعليمها وتأديبها بآداب الإسلام وأحكام
عباداته فيعلمها بعد تعليم نفسه أصول الدين ، وأحكام الصلاة والصوم والحج والزكاة
وما ترتبط بها وترتكز عليها من أعمال .. كالوضوء والغسل ، وكيفية التطهير من
الدماء الثلاثة ( الحيض ـ الاستحاضة ـ النفاس ) ، وكذلك يرشدها إلى تثبيت قلبها
بالرجوع إلى مرجع ديني أعلى للقيام بأعمالها الدينية ، وكذلك يُعلم نفسه ويُعلمها
الفضائل للتحلي بها ، والرذائل لتتخلى عنها. فإن المرأه إذا أدّبها زوجها بآداب
الإسلام ، وهَذبَها بتعاليمه ومفاهيمه ، فإن نور الدين الحنيف الذي تستنير به
ينطلق إلى أولادها ، فتنشأ بذلك ذرية طيبة ، وشعوب صالحة تتقي ربها في بلاده
وعباده. كما قال الشاعر :
الأم مدرسة إذا أعددتها
|
|
أعددت شعباً طيب الأعراق
|
(زواج بغير اعوجاج)
وأهم الفضائل التي يجب على الزوج أن
يركزها في قلب زوجته ، هي فضيلة الحجاب والستر. فإن أخطر المظاهر التي تنذر الأسرة
بالدمار وتهددها بالانهيار ، هو سفور المرأة وتبرجها أمام الرجال إلا من استثناهم
الله تعالى ( كما في سورة النور ). ومعنى الحجاب في الإسلام هو أن المرأة تحجب عن
الرجل من شخصيتها ما يغريه ويثير غريزته الجنسية سواء كان ذلك باللباس أو الأفعال
أو الأقوال.
ونهاية
المطاف : إن أملي وطيد بأن القراء الأعزاء
يقرأون جميع سطور هذا الكتاب ، ويحققون ما حقق الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد
بقوله : ( ومن آياته أن خلق لكم
من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم
يتفكرون )
( الروم / ٢١ ).
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه
أنيب.
ملحقات هامّة
* انتبهوا إليها واذكروها في كل مناسبة
وظرف ملائم
المسألة
الأولى : إذا لاط ذكر بالمماثل حرمت على الفاعل
أخت المفعول وابنته وأمه إلى الأبد بشرط الاتصال الباطني وإذا شك في ذلك فلا يحصل
التحريم.
المسأله
الثانية : إذا زنى بذات زوج أو في عدتها الرجعية
حرمت عليه إلى الأبد ، وإذا لم تكن ذات زوج فيجوز له أن يتزوجها بعد الزنى بشرط أن
ينتظر خروجها من دور حيضة واحدة.
المسألة
الثالثة : تحرم المتزوجة على زوجها حرمة أبدية
إذا ارتضع أولادها من ثدي أمها حسب شروط الرضاع ( راجعوا العلماء المتقين ).
مكروهات في الزواج لا
تستهينوا حكمتها
قد تنتج المكروهات لصاحبها تخلفات
إنسانية في الدنيا والآخرة وإن لم يعذب في جهنم ، أما في الدنيا فتكون في بدنه أو
روحه ، وأما في الآخرة فقد تكون بخسران درجة أو درجات من النعيم السامي في الجنة.
وأود أن أذكر أهم المستحبات قبل ذكر المكروهات وهو الاستعاذة والتسمية وطلب الولد
الصالح من قبل الزوج عند ملامسة زوجته.
مكروهات
العقد : (أ) إيقاع العقد والقمر في العقرب (ب)
إيقاعه يوم الأربعاء (ج( إيقاعه في أحد الأيام المنحوسة في الشهر القمري وهي ( ٣
ـ ٥ ـ ١٣ ـ ١٦ ـ ٢١ ـ ٢٤ ـ ٢٥ ) (د) إيقاعه في محاق الشهر ( الليلتان أو الثلاث من
آخر الشهر ).
مكروهات
الجماع : يكره الجماع ليلة خسوف القمر ويوم كسف
الشمس وعند تغير الجو إلى السواد والصفرة والحمرة ويكره عند الزوال وغروب الشمس
وفي المحاق وبين طلوع الفجر وطلوع الشمس وفي أول ليلة والنصف من كل شهر قمري ما
عدا الليلة الأولى من شهر رمضان. ويكره مستقبل القبلة ومستدبرها ويكره للزوج وهو
عريان وبعد الاحتلام قبل الغسل أو الوضوء والجماع قائماً والكلام عند الجماع إلا
بذكر الله تعالى .
__________________
حقوق نسائية
هامة
أولا
: يجوز للزوجة أن تشترط على الزوج في عقد
الزواج أن تكون وكيلة عنه في طلاق نفسها ، وذلك لتكون آمنة من مخاوف قد تطرأ في
المستقبل. أيها الأب .. أيتها الأم .. أيتها البنت .. احذروا الغفلة عن هذا الشرط
الهام ، ولا تخافوا لومة اللائمين ونقد الناقدين.
ثانيا
: يُشترط في صحة عقد الزواج قبول المرأة
، وسيعلم الذين أكرهوها وأجبروها على الزواج أي منقلب ينقلبون. وذلك في نار قعرها
بعيد وجرها شديد وماؤها صديد ، يوم يقول لها ربها هل امتلأت وتقول هل من مزيد ؟
ثالثاً
: يعتقد الجاهلون من الناس أن المفروض
على الزوجة هو أن تخدم زوجها وأولاده وأبويه ، فإن لم تفعل فتعتبر مجرمة آثمة ـ
كلا ثم كلا ـ فإنهم قد ظلموها ودمروا حياتها ، فالدين الحنيف قد كرمها وأعز شأنها
فجعل لها حق الرفض لتلك الخدمة ، أو حق الأجرة للقيام بها، فتستحق على زوجها أجرة
خدمته وحضانة أولاده ورضاعهم والقيام بقضاء حاجاتهم. فكيف إذن بما يتعلق بوالديه ؟
فلذلك يجب على الزوج أن يحترم زوجته ويقدرها لخدماتها وعنائها ، فيستوهبها ويتحلل
منها بكل الوسائل الميسرة.
أيها الزوج : إن لم تصدق ما ذكرته فاسأل
من تثق به من علماء الدين المتقين ، فإن رفضت متعصبا ومستكبراً فإنني آسف عليك ،
فستكون من الخاسرين والنادمين أمام رب العالمين.
آداب زوجية هامة
١ ـ لا يجوز للزوجة أن تتفاخر على زوجها
بجمالها ومالها ونسبها ، ولا يجوز لها كذلك أن تزدريه وتطعنه إذا كان محروماً من
الجمال والمال والنسب الرفيع. فإن فعلت ذلك فسيشملها سخط الله تعالى وعذابه
الشديد. وكذلك الأمر بالنسبة للزوج مع زوجته ، فإن ميزان الشرف للإنسان ليس في
جماله وماله ونسبه، بل يتجلى في فضيلته وحسن سريرته كما قال الله تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقانكم من ذكر وأنثى
وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير
) ( الحجرات /
١٣ ).
٢ ـ ينبغي للزوجة أن تكرم وتحترم والدي
زوجها ، فبذلك تكون قد أكرمت زوجها ووفّت حقه ، وتصبر على كل أذى قد يصدر منهما
بصورة لا يكون الأمر عسيراً عليها ومدمراً لحياتها وحياة أولادها ـ أثناء الحمل
وبعده بسبب الانفعالات النفسية الخطيرة المتكررة ـ لذا يجب على الزوج أن ينتبه إلى
الإنحراف الخلقي ، فيسعى لدرئه والاجتناب عنه بصورة لا يتعدى حدود الله سبحانه
وتعالى في حق والديه ، وحق زوجته ، فينقل زوجته الى مسكن آخر إذا كان ساكناً مع
والديه ، فللزوجة حق المطالبة بمسكن خاص بها. فإن لم يستطع الزوج تنفيذ ذلك فيجب
عليه أن يحل مشكلته في أقرب فرصة عند مرجعه الديني الأعلى أو وكيله التقي المعتمد
عليه ، فإن لم يفعل فسيُحمل نفسه مسؤولية خطيرة أمام الله سبحانه وتعالى وأما
المجتمع.
٣
ـ أخي الزوج : احذر سخط ربك وغضبه
عليك ليلة زفافك ، وذلك بأن تكون زوجتك معرضاً في مظهرها وزينتها للرجال ( ما عدا
المحارم ) ، وأن تسمح بإقامة حفل يختلط فيه الرجال بالنساء بصورة تشمئز
منها النفوس العفيفة
، وتنطلق فيه أصوات المغنين والمغنيات فترتكب بذلك ثلاث جرائم وهي :
(أ) أداء الغناء والاستماع إليه. ( راجع
العلماء المتقين حول تحريم الغناء ).
(ب) التبذير في المال. قال الله سبحانه
وتعالى : ( إن المبذرين كانوا
إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا
) ( الإسراء /
٢٧ ).
(ج) السهر الذي يؤذي الجيران ويؤدي إلى
مقت الرحمن. فالأفضل أن تسعى لإعداد حفل تسوده الحشمة ، وتُلقى فيه بعض الأشعار
المناسبة. وبعد ذلك يتناول الحاضرون طعام العشاء حسب حالتك الاقتصادية ، فتكسب
بذلك مرضاة الله سبحانه وتعالى.
٤
ـ أخي الزوج : كن قويا في إرادتك
، ومسيطراً على شهوتك ، واحذر إصابتك بالسكتة أو الأمراض القلبية الخطيرة ، وذلك
باجتناب ملامسة زوجتك في حال امتلاء معدتك بالطعام وعدم انحداره إلى الأمعاء ( سل
الأطباء إذا كنت مستغرباً ). والجدير بالذكر في سبيل صحتك وسلامتك هو أن تجتنب
أمرين آخرين عند امتلاء معدتك وهما :
(أ) الاستحمام ( غسل الجسم ) فاصبر لمدة
تشعر فيها بهضم الطعام.
(ب) النوم مباشرة بعد تناول الطعام ،
فلا تنم إلا بعد ساعة واحدة على الأقل. وانصح الزوجة بهذه الأمور أيضاً.
٥
ـ أختي الزوجة : تدبري ما روي عن
نبيك المصطفى عليه وعلى آله الصلاة والسلام :
(أ) إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته
وان كانت على التنور. يعني إذا كنت على التنور تخبزين فدعى الخبز يحترق ولبي رغبة
زوجك.
(ب) إذا دعا الرجل أمراته الى فراشه فلم
تأته فبات غضبان عليها ، لعنتها
الملائكة حتى تصبح ,
ومعنى اللعنة هو البعد عن رحمة الله سبحانه وتعالى. ( نعوذ بالله ).
٦
ـ أخي الزوج : لا يجوز لك أن تكون
متعنتاً ومتشدداً في نيل رغباتك وقضاء حاجاتك من قبل زوجتك في جميع الأحوال ، بل
عليك أن تراعي الظروف وتلاحظ الأعذار ، فقد تكون المرأة مريضة ، أو ضيقة الصدر
لمشكلة طارئة ، أو مُرهقة من كثرة العمل ، أو لها من الأطفال ما يأخذ من وقتها
قسطاً كبير للقيام بشئونهم وتربيتهم ، أو نحو ذلك من الأعذار المؤقتة التي تحتم
على الزوج المتخلق بالأخلاق الإسلامية الحسنة أن يتجاوز عن بعض حقوقه ريثما يهيئ
الله سبحانه وتعالى له جوّاً مناسباً ووقتاً ملائماً. وليس من الإنصاف والعقل أن
تبتغي الأمور دائماً لك والمصالح بجانبك ، بل يوم لك ويوم عليك ، وهكذا تسير
الحياة :
فيوم علينا ويوم لنا
|
|
ويوما نساء ويوما نُسر
|
والزوج الموفق العاقل هو الذي يذكر
زوجته بالكلمة الطيبة ، ويعظها بالحكمة البالغة ، متى ما جرى بينهما سوء تفاهم أو
عدم توافق في بعض القضايا.
٧
ـ أخي الزوج ! اختي الزوجة ! إن أخوف ما
يُخاف منه على تدمير بنائكما الزوجي ، هو الغضب الذي تشب ناره في قلب أحدكما. فيجب
على الآخر منكما أن يطفئ تلك النار بسياسة سليمة قويمة ، لتستقيم حياتكما الزوجية
استقامة تزدهر بالسعادة والهناء. واعلما أن من اتصف برذيلة الغضب وأصرّ عليها ،
خصوصاً لأبسط الأحداث ، فإنه ينال غضب الله سبحانه وتعالى ، فيخسر الجنة التي أعدت
للمتقين الذين وصفهم الله سبحانه وتعالى بقوله: (
وسارعوا
الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض
اعدت للمتقين
* الذين
ينفقون في السراء والضراء
__________________
والكاظمين
الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين
) فهل بعد الجنة إلا النار في الآخرة ؟
وهل نصبر على الحد الأدنى من نار الدنيا وهي شعلة السيكارة إذا كوى بها لساننا
السبّاب والفحّاش أو كويت بها يدنا الاثمة والظالمة للناس ؟ فلينتبه الغافلون
وليرشد الجاهلون.
والجدير بالذكر هو أن نار الغضب تدمر
سلامة الإنسان الجسدية فيكون عرضة لأمراض قلبية ، وتصلب الشرايين ، وقرحة المعدة ،
والسكر وضغط الدم ، وغيرها من الأمراض الخطيرة. وبالتالي فيخسر سعادة الدنيا
والآخرة ( نعوذ بالله من هذا الخسران المبين ).
٨
ـ أخي الزوج ! أختي الزوجة ! احذرا طاعة
والديكما بسخط ربكما ، وذلك في ظلم أحد كما للآخر. فلا طاعة لمخلوق بسخط الخالق ،
فتزعمان أن الله سبحانه وتعالى قد وصاكما بتكريم الوالدين. فإن الدين الحنيف
يأمركما بالإحسان بالوالدين ولكنه يشترط ألا يكون الإحسان سبباً للإساءة إلى
غيرهما. فلكل فرد من الوالدين والزوجين حقه الإنساني المقرر من الإجلال والإكرام.
وأنادي مخلصاً والدي الزوج ـ بصورة خاصة ـ أن يحترما زوجة ابنهما كما يحبان
لبنتهما أن تكون محترمة من قبل والدي زوجها. فقد روي عن النبي 6 أنه قال : ( لا
يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
٩
ـ أخي الزوج : أعلم أن خلاصة حقوق
زوجتك عليك هي عديدة حسب ميزان شخصيتها ، فإن بخستها فستشقى في الدنيا والآخرة.
أوّلاً
: حق الإنسانية ( بناء على القول بجواز
نكاح الكتابية ) .
ثانياً
: حق الإسلام ( إذا كانت مسلمة ).
ثالثاً
: حق الزوجية ( كما مر سابقا ).
__________________
رابعا
: حق الأرحام ( إذا كانت مهتدية ومطيعة
لله سبحانه وتعالى ، وكانت من أقربائك ).
خامسا
: حق التقوى ( إذا كانت مهتدية ومطيعة
لله سبحانه وتعالى ).
سادسا
: حق النسب (إذا كانت منتسبة إلى النبي
وآله الطيبين عليهم الصلاة والسلام ) ـ فويل ثم ويل للزوج الذي لا يقدر تلك الحقوق
حق قدرها ، وينسى قدرة الله عليه بالبطش به والانتقام منه ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
).
١٠
ـ أختي الزوجة : إن من أهم ما
تكسبين به رضوان الله تعالى هو تجمّلك لزوجك بجمال روحي وبدني. أما الجمال الروحي
فيتجلى بالفضيلة في قلبك والوداعة على وجهك والابتسامة على ثغرك.
ومما يطمس معالم هذا الجمال .. العمل خارج المنزل إذا كان مرهقاً لك وعسيراً عليك.
فإن استطعت فاقتصري على العمل المنزلي وتربية أطفالك ، فإن السعادة ليست في كسب
جاه المنصب والوظيفة ، ولا في جمع المال ، بل إنها تتحقق في راحة الضمير.
وأما الجمال البدني
فحققيه بما يأتي :
أولاً :
يجب عليك أن تعتني بسلامة أسنانك وطهارة فمك من الرائحة الكريهة ( راجعي صفحة ٤٦ ،
٤٧ ) .
__________________
ثانيا
: اجتنبي الأصباغ والمساحيق المتعارفة ،
فإن علم الطب قد أثبت أضرارها الصحية على الشعر والبشرة. أما مادة الحناء فإنها لا
تضر ولا تخلو من فوائد صحية.
ثالثا
: احذري التقليد المزيف للاستعمار الشرقي
والغربي في إطالة الأظافر واستعمال المانيكور فوقها ، واتبعي سنة الإسلام بتقليم
الأظافر وتطهيرها من الأوساخ والجراثيم مرة واحدة ـ على الحد الادنى ـ خلال
الأسبوع.
وتدبري قول الشاعر :
قل للجميلة أرسلت أظفارها
|
|
إني لخوف كدت أمضى هاربا
|
ان المخالب للوحوش نخالها
|
|
فمتى رأينا للظباء مخالبا
|
من علم الحسناء أن جمالها ،
|
|
في أن تخالف خلقها وتجانبا
|
ان الجمال من الطبيعة رسمه
|
|
إن شذ خط منه لم يك صائبا
|
رابعاً
: من أهم مظاهر الجمال للمرأة شعرها
الطري اللامع الأسود ، وبشرتها الناعمة الخلابة. فإذا أردت التمتع بمثل هذا الجمال
.. فاتبعي أربعة أمور هامة وردت في علم الطب :
(أ) استعملي الصابون البلدي في غسل
الرأس والبدن.
(ب) ادلكي بشرة وجهك يومياً بماء الورد الجيد.
(ج) عليك بالطبيعة. عرّضي نفسك للشمس
والهواء الطلق بين آونة وأخرى فإنهما من خير العوامل التي تضمن سلامة الشعر
والبشرة وتحقق تنميتهما بشرط طلي البشرة بالزيت كزيت الزيتون وعدم عرضها لأشعة
الشمس أكثر من ربع ساعة.
(د) وهذا الأخير يجدر بك ان تهتمي به
بصورة خاصة ، وهو أن تتناولي أغذية غنية بالفيتامينات والعناصر المعدنية ، وأهم
تلك الأغذية هو الخبز الأسمر الناتج من الحبوب الحاوية للنخالة ، فهو الغذاء الحي
الذي يهب لمن
يتناوله حياة صحية
طيبة. فإياك إياك أن تدخلي في منزلك من الخبز الأبيض ، فأقل أضراره هو تسوس
الأسنان عند أطفالك ( سلي الأطباء إن كنت مستغربة ). وأما الأغذية الأخرى فهي
الفواكه والخضروات خصوصاً الغنية بمادة الكبريت ، كالفجل والبصل والجزر والسبانغ
والعدس والثوم. ولا تغفلي عن كبد العجل ففائدته عظيمة.
ونهاية
المطاف : انتبهي إلى قول الدكتور « صبري القباني
» في كتابه ( جمالك سيدتي ص : ١١٠ ) : « وأخيراً هل تريدين وصفة بسيطة تمنح جلدك رواء
وبهاء ؟ إن هذه الوصفة لا تتقاضاك أكثر من ثمن تفاحة واحدة جيدة تقضمينها ( بقشرها
) كل صباح ، فتضفي على بشرتك إشراقا ونعومة طبيعين ينبعان من داخل جسمك ، ودون أن
تتدخل في ذلك مصانع مستحضرات التجميل أو باعتها ».
١١
ـ أختي الزوجة : لا يجوز لك أن
تستجيبي لزوجك إذا دعاك للملامسة الجنسية الباطنية حتى تتطهري طهارة باطنية من دم
الحيض الطارئ عندك ـ والذي أقله ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام ـ وبعدها يكون خروج
الدم استحاضة فتتغير ماهيته وأحكامه. فإذا انقطع الدم قبل انتهاء الأيام العشرة
بصورة ظاهرية فلا يتحقق التطهير إلا بإدخال قطنة في مخرج الدم وإخراجها بعد بضع
دقائق ، وظهورها بيضاء نقية من الدم بصورة كلية حتى من أثره الأصفر ( ذلك ما بينه
الفقهاء علماء الدين ، فلا حياء في أحكام الدين بل الحياء في معصية رب العالمين ).
وأناديك أيتها الأخت العزيزة ناصحاً
مخلصا لأن تتعلمي مسائل الدماء الثلاثة ( الحيض ـ النفاس ـ الاستحاضة ) بكل وسيلة
ممكنة ، وعلمي بناتك بعد ذلك فإنك مسؤولة عنهن أمام الله سبحانه وتعالى ، لأن
الجهل بتلك المسائل يبطل الصلاة والصوم والحج وعبادات أخرى ، وتلك هي المصيبة
العظمى ألا وهي مصيبة العقاب والعذاب في نار الجحيم ( نعوذ بالله )
فلا عذر لك فالكتب
الفقهية منتشرة وميُسرة ، وأبواب العلماء المتقين مفتّحة ، وأما التلفون فهو نعم
العون على الاستنارة بنور علماء الدين ( وبالله التوفيق ).
١٢
ـ أختي الزوجة : إذا داعبك زوجك أو
لامسك ملامسة ظاهرية لا باطنية ، وخرج منك سائل مع شهوة ونشوة ، فالأحوط أن تعتبري
السائل نجساً. وبعد تطهير ما اتصل به أجمعي بين غسل الجنابة والوضوء ولا تكتفي
بالغسل فقط لأداء العبادات ، والأحوط تقديم الوضوء ( وبالله التوفيق ).
١٣ ـ أختي الزوجة :
وجهي قلبك الى الشعر الذي ينبه الغافلات عن سبيل الرشاد :
عودي لرشدك وارجعي لهداك
|
|
وكفاك سعياً في الضلال كفاك
|
حتى متى تلجين أبواب الردى
|
|
وإلى المهالك تسرعين خطاك
|
حاربت كل فضيلة ونبذتها
|
|
نبذ النواة فأين تلك نهاك ؟
|
وسلكت معـوج المسالك جهرة
|
|
من ذا عن النهج القويم نهاك ؟
|
أعرضت عن داعي الهدي وأجبت من
|
|
للفسق والعصيان قد ناداك
|
* * *
حرية الغرب الخليع بريقها
|
|
عن كل معنى فاضل أعماك
|
فحسبت ألوان المجون حضارة
|
|
ومشيت طائعة على الأشواك
|
وسعيت في وادى الفساد طليقة
|
|
وتبعت كل مخادع أفاك
|
ماذا من الإسلام قد أنكرته
|
|
وهو الذي للمكرمات دعاك
|
أعلاك قدراً في الورى ومكانة
|
|
وعصيته فهويت مـن علياك
|
ما كنت من سقط المتاع ولا أح
|
|
ل الدين بيعك سلعة وشراك
|
بل ذاد عنك وصد كل مداهن
|
|
يسعى لنصب مصايد وشراك
|
ما لي أراك خلعت عنك رداءه
|
|
فغدوت والعرى القبيح رداك
|
البيت أنت عماده فترفقي
|
|
بالبيت لا تطغي عليه يداك
|
لك في نواصيه شؤون جمة
|
|
لا تتركيه يعيث فيه سواك
|
عودي إليه فأنت أنت سراجه
|
|
كم بات من هجرانه ينعاك
|
لولاك ما انحلت عراه ولا وهت
|
|
أركانه وتحطمت لولاك
|
* * *
والزوج ما لك قد حقرت مقامه
|
|
من ذا الذي بحقوقه أغراك
|
للزوج أنت فسارعي لرضائه
|
|
إن أنت راعيت الحقوق رعاك
|
وإذا نشزت وملت عن نهج الهدى
|
|
فعرا كما قد آذنت بفكاك
|
* * *
والطفل من للطفل غيرك ؟ نش
|
|
ئيه على المكارم وارفقي بفتاك
|
قودي الى سبل الفضيلة خطوه
|
|
فسيهتدي في سيره بخطاك
|
حتى يشب على الفضائل والعلى
|
|
يحمي حماه من الردي وحماك
|
* * *
للبنت كوني خير أم إنها
|
|
حقا تقلد أمها وتحاكي
|
مرآتها في الناس انت وسعيها
|
|
رهن بما تسعى لها قدماك
|
فإذا غويت فأمرها لغواية
|
|
وإذا اهتديت استرشدت بهداك
|
وإذا صلحت ففيك مبعث أمة
|
|
ونجاتها من فتنة وهلاك
|
* * *
لك في رحاب الدين أكرم عصمة
|
|
فتفيئ فيها ضلال هداك
|
واحيى حياة الطهر لا تلك التي
|
|
فيها صباحك عابث ومساك
|
هذا الجمال الحق لا ما قد بدا
|
|
في قبح عريك أو بريق طلاك
|
ليس الجمال صباغة وصناعة
|
|
هو صبغة الله الذي سواك
|
فتطلبي عز الحياة ومجدها
|
|
وجمالها فيما إليه دعاك
|
لبي نداء الدين واجتنبي الردى
|
|
وكفاك ما عانيت من مسعاك
|
هذا هدى الإسلام دوى صوته
|
|
عودي لرشدك وارجعي لهداك
|
* * *
١٤
ـ أخي العزيز ! أختي العزيزة !
إياكما أن تعتبرا في الزواج التكافؤ في السن ، بل يجب عليكما أن تعتبراه في الدين
وحسن الخلق. فرب كبير في السن بالنسبة لزوجته وكبيرة في السن بالنسبة لزوجها
يكونان كبيرين في السيرة والسريرة ، فيتحقق التلاؤم والتلاحم بينهما فيتمتعان
بحياة طيبة. ورب صغير في السن بالنسبة لزوجته وصغيرة في السن بالنسبة لزوجها ،
يكونان صغيرين في الفضيلة وحقيرين في مظهر التقوى .. فلا نشاهد لهما وفاقاً ولا
نسمع عنهما إلا شقاقاً ونفاقاً. وبالتالي فتلك الأحوال قد تسبب بينهما طلاقا
وفراقا. والجدير بالذكر هو أن الزوج في سن الخمسين أو الستين قد يكون أصح جسما
وأوفر نشاطا وأبهى منظرا من الزوج في سن العشرين أو الثلاثين ، فتعيش معه الزوجة
الشابة آمنة مطمئنة سعيدة به وبأولادها منه.
١٥
ـ أخي العزيز : إذا أردت الزواج
فلا تجعل همك أن تكون الزوجة بكراً ، بل يجب عليك أن تهتم بصلاحها وأخلاقها
الحميدة. وإن كانت البكر أفضل مع إحراز فضيلتها وسلامة إنسانيتها ، فرب ثيب توفر
لزوجها السعادة والهناء ، وتعينه في السراء والضراء ، ورب بكر تجلب لزوجها الشقاء
والعناء ، وتؤدي بحياته إلى الهباء والفناء.
ونهاية
المطاف : قال الله سبحانه وتعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان
يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً
).
أجل : إن رسول الله 6 قد تزوج « خديجة بنت خويلد » وكانت
ثيبا وأكبر منه في السن بخمسة عشر عاماً أو عشرين
ـ كما نقل ـ ، فعاشت
معه مخلصة له ومجاهدة ومساندة له في الشدائد والنوائب ، وبذلت له في سبيل الدعوة
إلى الإسلام جميع أموالها الطائلة ، وفي نفس الحال كان لها نعم الزوج الرؤوف بها
والمُوفى لحقوقها والمحترم لفضلها .. وبلغ الحزن به لوفاتها مبلغاً عظيماً. وقد
نُقل أنه قد سمي العام الذي توفيت فيه ( عام الحزن ). وكذلك قد تزوج 6 « عائشة » وكان أكبر منها في السن بخمس
وأربعين سنة ـ كما نُقل ـ ومع ذلك فقد كانت تفخر بجماله وتشيد بكماله.
بهاء الزواج بذرية طيبة
إن الهدف الأسمى للزواج هو إنشاء ذرية
طيبة تحيا بها الأسرة حياة آمنة كريمة ، ولا يتحقق ذلك إلا بتربية الأولاد تربية
قويمة بفرعيها ، ألا وهما ( التربية البدينة ـ التربية الروحية ).
التربية البدنية
للتربية البدنيه شعبتان : الأولى ـ
أثناء الحمل. الثانية ـ بعد الولادة.
أثناء الحمل :
١ ـ يجتنب الزوج الخمر والبيرة والتدخين
وتناول المخدرات ، ويعالج مرض فقر الدم والأمراض السارية .. خصوصاً الزهرية منها
إذا كان مصابا بها. ويجب أن يتم العلاج قبل الزواج.
٢ ـ رعاية صحة الزوجة كما يأتي :
(أ) أمنها من الانفعالات النفسية.
(ب) تجتنب الخمر والبيرة والتدخين
والمخدرات.
(ج) تتناول الأغذية الصحية التي مر
ذكرها صفحة ٥٨. وإضافة
إلى ذلك تتناول
كوبين من اللبن « الحليب » يومياً لبناء عظام الجنين.
(د) معالجتها لمرض السكر وفقر الدم
والأمراض السارية ـ خصوصاً الزهرية منها إذا كانت مصابة بها ـ ويتم ذلك قبل
الزواج.
بعد الولادة :
أولا
: أخي الزوج ! أختي الزوجة ! لا تعصيا
ربكما واحذرا أن تتعاونا على إثم كبير وعدوان صارم على أولادكم بعدم تغذيتهم
باللبن الذي أعده الله سبحانه وتعالى لهم في مستودعه الخاص ، وهو ثدي المرأة ،
وذلك في مدة قررها لا تزيد على عامين قمريين ولا تنقص عن ٢١ شهراً قمرياً. وإياكما
أن تغفلا عن زق الطفل بالمادة الصفراء التي تخرج من الثدي قبل اللبن ، وهي المسماه
« اللباء » ، فإنها من أهم مقومات صحته. واعلما بأن حرمان الطفل من رضاعة الثدي
يؤدي إلى تخلفات عديدة أهمها :
(أ) فقدان الطفل لحنان أمه الذي يتلقاه
أثناء مص الثدي ، فيؤدي ذلك إلى تخلفه عن النمو الكامل.
(ب) سرعة حمل المرأة التي لا ترضع
الرضاعة المقررة بصورة قد تضر صحتها.
(ج) تقلص رحم المرأة ببطء في حال إرضاع
طفلها من غير ثديها. وذلك ما يهم الزوج بصورة ملموسة ..
(د) يكون الطفل عرضة لأمراض عديدة منها
ترتبط بالقلب وأخرى بالشرايين والأعصاب والدماغ ، وبالتالي يفقد المناعة ضد
الأمراض العامة. والجدير بالذكر هو أن التغذية الصحيحة للمرضعة توفر الحليب الكافي
للطفل. ومن أهم الأغذية التي تزيد كمية الحليب .. التمر « البلح » مع كوبين من لبن
البقر صباحاً ـ العدس ـ الزيتون ـ التين. فلا تغفلا بصورة خاصة عن العدس الأسود أو
الأخضر لا الأحمر ، وكذلك سبع تمرات على الاقل يومياً ( راجعا صفحة ٥٩ ) خصوصاً الخبز
الأسمر بنخالته.
ثانياً
: (أ) يتغذى الطفل بعد فطامه بالأغذية
الحية التي مر ذكرها ، وأنادي الوالدين مرة أخرى لاجتنابهما عن الخبز الأبيض الذي
نزعت عنه نخالته ، وليكرهانه إلى أولادهما. وأنبهما إلى البطاطس فهي من أحسن
الأغذية ولكن بشرطين :
١ ـ تؤكل مسلوقة لا مقلية.
٢ ـ لا يُنزع قشرها عند الأكل ـ كما ثبت
في علم الأغذية ـ ( النصحية للوالدين أيضاً ).
(ب) يجتنب الأولاد شدة الحرارة والبرودة
في الأطعمة والمشروبات فإنها تضر صحتهم ، خصوصاً بالنسبة إلى « الللوزتين ». ( النصيحة
للوالدين أيضا ).
(ج) أيها الوالدان :
مرنا أولادكما على المضغ الجيد للطعام ، ففي ذلك الفائدة العظمى لصحتهم. ( النصحية
لكما أيضا ).
(د) أيها الوالدان :
دربا أولادكما على النظافة ، خصوصاً تقليم الأظفار مرة واحدة على الأقل خلال
الأسبوع ، وعلى تنظيف الأسنان ورعاية صحتها ( كما في صفحة ٤٦ ) . وكذلك درّباهم على استقامة الظهر عند
القراءة والكتابة بتهيئة ما يجتنبون به انحناء العمود الفقري. واحذرا أن يتعود
اولادكم بالجلوس أمام التليفزيون بمسافة تكون أقل من مترين ، ففي ذلك خطر على
أبصارهم ( النصيحة لكما أيضا ).
(ه)
أيها الوالدان : بادرا إلى معالجة
مرض السعال إذا أصيب به أحد أولادكما ، ويجب عليكما وقايته من المشروبات الباردة
بشدة ، وتناول الحوامض والأطعمة الممزوجة بالفلافل والبهارات والمقليات. فالإهمال
قد
__________________
( زواج بغير اعوجاج )
يؤدي إلى إصابة
الرئتين بالتدرن ( نعوذ بالله ) وكذلك إذا شكا أحد أولادكما التهابا في إحدى أذنيه
فلا تستهينا شكواه ، بل سارعا إلى درء الخطر قبل تفاقمه ( النصيحة لكما أيضا ).
(و) أيها الوالدان :
قويا إرادتكما وكونا مسيطرين على شهوتكما وهواكما باتباع أمور تجلب لكما الصحة في
تعذيتكما ، وربيا أولادكما على ذلك :
(أ) اجتناب الشاي مع الطعام أو بعده
مباشرة ، فإنه يصد نفوذ مادة الحديد الموجودة في الطعام إلى الدم ، فلا يُشرب إلا
بعد ساعتين من تناول الطعام على الأقل ( كما ورد في علم التغذية ) ومن ضعفت إرادته في طعام الصباح فليقو
إرادته عند طعام الظهر والعشاء.
(ب) كلا الفاكهة قبل الطعام ( كما ورد
إجماع الأطباء على هذا الأمر ) ولا تتبعا ما هو المتعارف بين الناس.
(ج) حاولا أن تكون مائدة الطعام محتوية
على ما يأتي :
١ ـ الملح ( تناول مقدار نصف حمصة
ابتداء ومثله اختتاما للطعام ) .
٢ ـ الخضرة ( البقدونس ـ النعناع ـ
الفجل وغيرها ).
٣ ـ التمر « البلح ».
٤ ـ اللبن « الزبادي ».
(د) وهذا الأمر الأخير هو أهم الأمور
فإنه الإسراف في الطعام والشراب ، فقد ثبت في علم الطب أن أكثر الأمراض تطرأ نتيجة
امتلاء المعدة بصورة كلية. ويكفينا تحذيرا قول الله سبحانه وتعالى : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين
) وقد روى أن
رجلا سأل الحسن بن علي
__________________
8
عن أمور يستغني باتباعها عن الطبيب ، فأجابه قائلاً ما مضمونه « اقبل إلى الطعام
وأنت تشتهيه ، وقم عنه وأنت تشتهيه ، وامضغ الطعام مضغاً جيدا ، وعرض نفسك على بيت
الخلاء عند النوم ».
(ه) أيها الوالدان :
أناديكما مخلصا مرة أخرى ، إذا كنتما مدمنين بالتدخين فأقول لكما باختصار : « عجبا
لحالكما ! كيف تفرحان وتبتهجان لإحراق سيكارتكما ، ولا تحزنان لإحراق كيان صحتكما
وصحة أولادكما
، وكذلك الجنين في بطن أمه » فإن أعرضتم عن قولي فإنا لله وإنا إليه راجعون.
التربية الروحية
أيها
الوالدان : اعلما وعلما
أولادكما ما يأتي :
أولاً
: يجب على الإنسان أن يعلم بأن الله
سبحانه وتعالى لم يخلقه عبثاً
، بل خلقه لتحقيق الهدف السامي وهو البحث عن كنه مسيره في هذه الحياة وبعدها ، فيسأل
كيف بدأ المسير وإلى أين ينتهي؟ فالجواب هو قول الله سبحانه وتعالى : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا
ترجعون )
( المؤمنون / ١١٥ ).
وقوله تعالى أيضاً : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
) ( الذاريات
/ ٥٦ ).
ولا تتحقق عبادة الإنسان لربه إلا بتشييده
لبناء الدين الحنيف في قلبه ، وذلك هو بناء الإسلام الذي علمه سبحانه وتعالى كيفية
إقامته ليكون قاعدة رصينة لتقويم مدنيته وحضارته ، وبالتالي لإحراز سعادته في
الدنيا والآخرة ،
__________________
كما قال تعالى : ( اقرأ باسم ربّك الذي خلق
* خلق
الإنسان من علق * اقرأ وربّك الأكرم
* الذي علّم
بالقلم * علّم الإنسان ما لم يعلم
) ( أوائل
سورة العلق ).
أجل : (
علّم
الإنسان ما لم يعلم ) منذ وهبه الطاقات الجبارة للكشف عن كل مجهول ، وذلك بالتعبير الرائع ( ما لم يعلم
). والجدير
بالذكر هو أن الله سبحانه وتعالى فرض على الإنسان أن يتعلم بقلب واع يتحلى بحرية
البحث ، ويتخلى عن الشهوات والأهواء ، ويتنزه عن التحيز لما لديه من الآراء
والتعصب لاتباع الآباء ، فلا يبني عقيدته وسيرته على ما لقّنه وعلّمه أبواه فيُلقى
الشك على ما هو عليه ، ويبدأ باحثا متحررا التحقيق الحق ودحض الباطل. وأقدم للقراء
الأعزاء شخصية نبيلة قد تحررت من قيود تقليد الآباء ، وتنزهت عن الأهواء والعواطف ، ألا وهي شخصية
الدكتور « نظمي لوقا » الذي نصّره أبواه فكان مسيحيا ، ولكن نور الحرية الفكرية قد
سطع في قلبه فبحث ومحص وفكر وتدبر في الأديان والعقائد ، وكانت النتيجة أنه اعترف
بأن محمداً 6 هو خاتم
النبيين ، وقد أرسله رب العالمين إلى الناس أجمعين ، وقد اصدر هذا الدكتور كتابين
قيمين : ( وامحمداه ـ محمد الرسالة والرسول ) بين فيهما للقراء الأحرار عظمة محمد 6 وصدق رسالته.
أيها القراء الأعزاء : تدبروا قوله الرائع في
كتابه « محمد الرسالة والرسول :
« من شك في صدق محمد 6
فمعناه أنه قد شك في مظهر الصدق في العالم ، ويجب عليه أن يطعن في كل من يراه أو
يسمع به يزعم التحلي بفضيلة الصدق ».
وتدبروا وفكروا أيضا في قوله المجيد
الذي جاء في كتابه « وامحمداه »
:
« فأي الناس أولى بنفي الكيد عن سيرته
من أبي القاسم ـ يعني محمداً 6
الذي حول الملايين من عبادة الأصنام الموبقة
إلى عبادة رب العالمين. ومن الضياع والانحلال إلى السمو والإيمان ، ولم يفد من
__________________
جهاده لشخصه أو آله
شيئا مما يقتتل عليه طلاب الدنيا من زخارف الحطام ؟
«
حفاظا على معنى الشرف ، وصيانة لحق المروءة ، أوجبت على نفسي ذلك الإنصاف لشخص أبي
القاسم ، وللرسالة التي حملها إلى الناس في أمانة وصدق وتحرج لا يباري .. ».
«
أوجبت ذلك على نفسي منذ عرفت قدره ، وأدركت خطره ، والواجب فرع ـ عند ذوي الأمانة
عن الإدراك .. فشهادة الحق من أوجب الأمانات ، والساكت عن الحق شيطان .. فمن يجهل
الحق لا لوم عليه .. والملام كل الملام على من يدرك الحق كرائعة النهار ، ثم
يتخاذل عن إعلانه ويترك رايته تنتكس بين السفلة والطغام ، وتوطأ بأقدام الجهلة
والظلمة واللئام .. وساء ذلك صنعا إنه كان إثما وبيلا .. ».
«
ضنّاً بنفسي عن هذا الخزي الموبق تصديت لتلك الغاية ، ولا جناح على من اتخذ الى
ربه سبيلا .. ».
ونهاية
المطاف : أنادي القراء الأعزاء الذين ابتغوا غير
الإسلام دينا وابتغوا دين آبائهم ـ خصوصاً غير المسلمين ـ فأرسلها إليهم صيحة
ناصحة مخلصة : إنكم ستحشرون جميعا يوم القيامة بعد موتكم ، وسيحاسبكم ربكم على
دينكم. فكيف بكم إذا سأل كل طائفة منكم بهذا السؤال ؟ هل فكرتم ؟ هل بحثتم في
دينكم وعرفتم أنكم على الحق والأديان الأخرى هي الباطل؟ فحاسبوا أنفسكم قبل أن
تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا.
ولا أدري كيف يكون حال غير المسلمين إذا
وقفوا أمام رب العالمين يوم القيامة ، فسألهم : « لماذا لم تكونوا مسلمين ،
والإسلام اشترط كمال الإيمان بالاعتقاد بالأنبياء السابقين ومنهم موسى وعيسى 8 ؟ لماذا
اقتصرتم على
الاعتقاد ببعض الأنبياء ولم تعتقدوا بجميعهم وخاتمهم محمد 6 ؟ لماذا أصبح الدكتور المسيحي « نظمي
لوقا » مسلما ( كما مر ذكره سابقا ) وكذلك كثير من العلماء الأوربيين غير المسلمين استناروا بنور الإسلام ،
وأنتم بقيتم على دينكم ؟ ليس الجواب إلا أن تعترفوا قائلين : « ربَّنا إنا كنا
لآبائنا تابعين ومقلّدين ، ولو كنا نبحث أو نفكر ما كنا عن الإسلام معرضين » ،
فويل يومئذ للكافرين الذي كذّبوا الصادق الأمين محمداً سيد المرسلين وخاتم النبيين
9 وأصحابه
المنتجبين الميامين.
ثانيا
: تعلما كتاب الله ـ أيها الوالدان ـ
وعلماه أولادكما ، وهو القرآن المجيد الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على نبيه محمد
6 ، فهو النور
الساطع الذي يهدي البشرية جمعاء إلى سبل السلام ، ويخرجهم من ظلمات الباطل إلى نور
الحق .. من ظلمات الجهل إلى نور العلم .. من ظلمات الخوف إلى نور الأمن .. من
ظلمات الفقر إلى نور الغنى ... من ظلمات المرض إلى نور الصحة .. من ظلمات الذل إلى
نور العزة .. من ظلمات الضعف إلى نور القوة ، وهو الحصن الراسخ الشامخ ، والظهير
النصير لصد عدوان المعتدين ومكافحة المستعمرين الظالمين والمستعبدين الطاغين. لذلك
نرى أحد رؤساء وزراء إحدى الدوله الغربية في القرن التاسع عشر ، وقف أمام مجلس
البرلمان وقد أمسك بيده القرآن ، وتحدث في صراحة فقال : « مادام هذا الكتاب بين
أيدي العرب والمسلمين ، فلن يقرّ لنا قرار في بلادهم » .
__________________
والقرآن الكريم هو المعجزة الكبرى
لنبينا محمد 6. ومعنى
المعجزة هو صدور حادث أو وقوع أمر من قبل الله تعالى على يد نبيه لإثبات نبوته ،
ولا يستطيع الناس ويعجزون عن الإتيان بمثل ذلك الحادث أو الأمر. فالاختراع مثلا
ليس معجزة ، لأنه قد يظهر اختراع آخر يماثله ويضاهيه. وينقسم الإعجاز القرآني إلى
ثلاثة أقسام :
أولا
: الإعجاز البلاغي :
وهو أن البلغاء والمتفننين والبارعين في اللغة العربية لم يستطيعوا أن يأتوا بمثل
القرآن ، بل بسورة من مثله ، مع العلم أن محمداً 6
كان أميا لا يعرف القراءة والكتابة. والدعامة الرصينة المتينة التي يتركز عليها
الإعجاز البلاغي هي التحدي والإعلان بالعجز. ولإيضاح ذلك أقدم مثلا واحداً للقراء
الأعزاء :
إذا وجد رسام بارع في مدرسة وكان متفوقا
على جميع التلاميذ في فن الرسم ، فهل يستطيع أن يتحدى التلاميذ بقوله : « إن جميع
التلاميذ لا يقدرون مجتمعين أن يأتوا بمثل رسمي ؟ » كلا ، لأنه لا يعلم ذلك ولا
يدري ما في العقول من ملكات وقابليات للإنتاج خصوصاً إذا اجتمعت واتحدث ، فلا
يتفوه بذلك ولا يزج نفسه في ميدان الفشل والخجل المجتمعين ، وكذلك الحداد والنجار
وغيرهما إذا كانا متفوقين على غيرهما ».
والآن
: نأتي إلى القرآن الكريم ، فإذا كان من
إنشاء محمد 6.
ـ نعوذ بالله ـ فمعنى ذلك أن محمدا قد
كذب في دعوته ، فكيف إذن يستطيع أن يعلن بما يأتي :
(أ) (
قل لئن
اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم
لبعض ظهيرا ) .
__________________
(ب) (
وإن كنتم
في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن
كنتم صادقين * فإن لم تفعلوا ولن
تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين
) .
أيها الاخوان ! أيتها الأخوات ! تدبروا
الآيتين وأمعنوا النظر إليهما وفكروا فيهما بوعي وإخلاص ، خصوصاً في الجملة ( ولن تفعلوا
) من الآية
الثانية ، فإنهما دليلان حاسمان على أن القرآن ليس من كلام البشر كمحمد 6 ، فإنه لا يستطيع أن يتحدى ويخاطب
البلغاء والخطباء والشعراء والمتفوقين في البلاغة بالجملتين :
١ ـ (
لا يأتون
بمثله )
في الآية الأولى.
٢ ـ (
ولن تفعلوا
) في الآية
الثانية بل إنهما تصدران ممن هو عليم بذات الصدور ، ذلك هو رب العالمين.
ثانيا
: الإعجاز العلمي :
لقد ذكر القرآن بعض الأسرار العلمية ، واكتشفها العلم الحديث ، فذلك دليل على أن
القرآن ليس صادر من بشر ، لأن البشرية في زمن صدور القرآن لم تكن عالمة بتلك
الأسرار ، وقد بينت منها سابقا
للقراء الكرام ، وأضيف هنا آيات أخرى لتركيز الإيمان في النفوس ، وقد درست وبحثت
كما يلي :
(أ) (
والسماء
بنيناها بأيد وإنا لموسعون )
: لقد أثبتت البحوث العلمية الأخيرة أن حجم الكون آخذ في الزيادة شيئا فشيئاً ،
وكلما ازداد حجمه ازدادت المسافة بين أجرامه ، وقد اكتشف التحليل الطيفي لرصد
الأجرام السماوية أن المجرات تبتعد عنا بقياسات مختلفة من السرعة تثير الدهشة كل
الدهشة ، فمنها ما يبتعد عنا بسرعة (٢٥) ألف كيلومتر في الثانية
__________________
وبعضها بسرعة (٦٥)
ألف كيلومتر في الثانية .
فأين تكون نهاية السماء ؟ وأين حافتها ؟!! فليس للتفكير إلا أن ينقلب خاسئا وهو
حسير. فلقد سبق القرآن الكريم هذا الاكتشاف بمئات السنين بقوله : ( وإنا لموسعون
) والله علم.
(ب) (
يخلقكم في
بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا
هو فأنى تصرفون )
: الله أكبر ! سبحان الله ! لماذا قال في (
ظلمات ثلاث
) ولم يقل في
ظلمة واحدة وهي جوف البطن. قال ذلك ليعلمنا قبل العلم الحديث أن الجنين له ثلاثة
أغشية سماها ( ظلمات
) وهي : ( الغشاء
المنباري ـ الغشاء الخوربوني ـ الغشاء اللفائفي ) مع أنها لا تظهر بالتشريح الدقيق ،
وتظهر كأنها غشاء واحد بالعين المجردة ( والله أعلم ).
(ج( (
إن الذين
كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا
العذاب إن الله كان عزيزا حكيما
) تبين هذه الآية أن النار كلما أكلت
جلود الكفار بدلهم الله جلودا غيرها. والحكمة في ذلك هي أن أعصاب الألم في الطبقة
الجلدية ، وأما الأنسجة والعضلات والأعضاء الداخلية فالإحساس فيها ضعيف. ولذلك
يعلم الطبيب أن الحرق البسيط الذي لا يتجاوز الجلد يحدث ألما شديدا بخلاف الحرق
الشديد الذي يتجاوز الجلد إلى الأنسجة الداخلية ، لأنه مع شدته وخطره لا يُحدث
ألما كثيرا. فالله تعالى يقول لنا : إن النار
__________________
كلما أكلت الجلد
الذي فيه الأعصاب ، نجدده كي يستمر الألم بلا انقطاع .. وكان الله عزيزا حكيماً ( والله أعلم ).
ثالثا
: إعجاز الإخبار بحوادث المستقبل :
لا يستطيع الإنسان أن يتنبأ بحوادث المستقبل بصورة حاسمة إلا ما يتعلق بالعلوم
المادية ، كالأنواء الجوية والحوادث المرضية ، والطوارئ الجيولوجية وغيرها. وقد
يخطئ أحيانا في بعض التنبؤات. أما التطورات الاجتماعية فيستحيل معرفة مستقبلها ،
مع العلم أننا الا´ن في القرن العشرين في عصر الذرة والرادار والأقمار الاصطناعية
والعقل الإلكتروني. فلو كان ذلك ممكنا لعلمت كل دولة بمستقبلها وعملت لدرء أخطاره
واجتناب شرورة. ولكننا نرى القرآن قد اخبر ببعض حوادث المستقبل في مناسبات خاصة ،
وكان صادقا في ذلك فتجلى البرهان على أنه ليس من كلام محمد 6 بل هو كلام الله الذي يحيط بكل شيء
علما.
ومن أهم تلك الحوادث ما يلي :
(أ) جاء في أوائل سورة الروم : ( الم
* غلبت الرّوم
في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون
* في بضع
سنين لله الأمر من قبلُ ومن بعدُ ويومئذ يفرح المؤمنون
* بنصر الله
ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم
* وعد الله
لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون
).
الشرح
: جرت معركة بين الروم والفرس في أوائل
الإسلام ، فانتصر الفرس على الروم فضاقت صدور المسلمين لأن الفرس كانوا يؤمئذ
مجوسا يعبدون النار ، والروم كانوا يعبدون الله وهم أهل كتاب ، فوعد الله المسلمين
بعودة نشوب الحرب بين الروم والفرس خلال بضع سنوات ـ وهي دون
__________________
العشر وفوق الثلاث ـ وبشرهم بانتصار الروم على الفرس ..
فتحقق ذلك كما أخبر الله سبحانه وتعالى. فهذه الحادثة تثبت لنا أن الآيات التي مر
ذكرها ( أوائل سورة الروم ) هي من الله سبحانه وتعالى وليست من محمد 6 وذلك لإخبارها بحادث غيبي في المستقبل
، وهو غلبة الروم على الفرس مع تحديد المدة وهي « بضع سنين » ( كما فسرت الآيات )
والله أعلم.
(ب) ذُكر أن « الوليد بن المغيرة » عرض
المال على النبي 6
ليرجع عن دينه ويتخلى عن دعوته. فأنزل الله تعالى آيات وبخه بها : ( ولا تطع كل حلاف مهين
* هماز مشاء
بنميم * منّاع للخير معتد أثيم
) .. ( سنسمّه على الخرطوم
) . المعنى سنضع علامة على أنفه وقد جرى
ذلك فعلا في وقعة بدر فخطف أنف الوليد بالسيف ( كما فسرت الآية ) والله أعلم.
محاولة مُزيّفة لتشويه الحق
يحاول بعض الجاهلين الغافلين الذين لم
يفكروا بوعي وإخلاص تشويه الحقيقة للرسالة المحمديّة ، فيزعمون أنهم يعتقدون بأن
محمد 6 كان صادقا
أمينا متحليا بسلامة السريرة وإخلاص النية ، ولكنهم يشكون في نزول القرآن من الله
سبحانه وتعالى عليه ، فيحتملون أن مفاهيم القرآن هي انطلاقات إنسانية فاضلة صدرت
من عقله الكامن المتصف بالفضيلة ، وجرت على لسانه وتُليت على من حوله.
__________________
أقول
: إن الاحتمال الذي صدر من هؤلاء الشاكين
في صدور القرآن من الله سبحانه وتعالى باطل ، لظهور أمور عديدة هامة تطمس معالم
ذلك الاحتمال وتنسف بناءه.
الأمر
الأول : نرى عشرات من الا´يات القرآنية تتضمن
كلمة ( قل
) فمن تدبرها
وأمعن النظر فيها وجد أن هناك مُخاطباً ومُسمعاً ومُلقيا للكلام غير محمد 6 وهو الله سبحانه وتعالى. وإليكم من الآيات
:
(أ) (
قل إنما
أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنّما إلهكم إله واحد
... ) ( نهاية
سورة الكهف ).
(ب) (
قل إن
صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين
) ( الأنعام /
١٦٢ ).
(ج( (
قل هو الله
أحد ... )
( سورة الإخلاص ).
(د) (
قل يا أيّها
الكافرون * لا أعبد ما تعبدون
... ) ( سورة
الكافرون ).
(ه( (
قل أعوذ
بربّ الفلق ... ) ( سورة الفلق ).
(و) (
قل أعوذ
بربّ الناس ... ) ( سورة الناس ).
(ز) (
وقل ربّ
أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق
) ( الاسراء /
٨٠ ).
(ح) (
وقل جاء
الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا
) ( الإسراء /
٨١ ).
الأمر
الثاني : إذا اعتقد هؤلاء بصدق محمد 6 وتنزهه عن الافتراء على الله الكذب ـ
كما زعموا ـ فكيف يحتملون صدور ما يخالف صدقه وأمانته بانطلاق ألفاظ تصدر من عقله
الكامن المتصف الفضيلة ـ كما تصوروا ـ وتخاطبه معلنة انه رسول الله سبحانه وتعالى ؟!!
فليتدبر القراء الأعزاء الآيات الآتية :
(أ) (
يا أيّها
النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشراً ونذيراً
* وداعياً
إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً
) ( الأحزاب /
٤٦ ).
(ب) (
يس
* والقرآن
الحكيم * إنّك لمن المرسلين
* على صراط
مستقيم )
( اوائل سورة يس ).
(ج( (
يا أيها
النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليماً حكيماً
* واتّبع ما
يوحى إليك من ربّك إن الله كان بما تعملون خبيرا
) ( الأحزاب /
١ ـ ٢ ).
(د) (
يا أيّها
الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من
الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين
) ( المائدة /
٦٧ ).
الأمر
الثالث : وهو من أهم الأمور التي تركز الإيمان
برسالة محمد 6 ، وذلك أن
القرآن قد أعلن بأن الرسالة قد ورد ذكرها سابقا في التوراة والإنجيل .. كتابي موسى
وعيسى 8 ، كما قال
الله سبحانه وتعالى : (
الذين
يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل
... ) ( الأعراف /
١٥٧ ).
فلو لم تكن رسالة محمد 6 حقيقة لا شك فيها ولا في ورودها في
التوراة والإنجيل ، لم يصدر الإعلان ليكذبه ويفضحه علماء اليهود والنصارى. وبالفعل
لم يصدر تكذيب منهم ، ولكن التعصّب والهوى صدّا استنارتهم بنور الإسلام. وأنبه
القراء الأعزاء بأن التوراة والإنجيل المتداولين في العصر الحاضر ليسا هما
الأصليين ، بل بُدِّلا وحُرّفا لطوارئ تاريخية حققها الباحثون الواعون ، فإنّا لله
وإنا إليه راجعون.
الأمر الرابع
: لقد ذكر القرآن أن محمد 6 هو خاتم النبيين ، كما قال تعالى : ( ما كان محمّد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله
وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليماً
) ( الاحزاب /
٤٠ ).
فهل يشك باحث عاقل بعد تدبر الآية
الكريمة في صدور القرآن من الله سبحانه وتعالى؟ وهل يحتمل صدوره من شخصية محمد 6 ـ كلا ـ لأنّ الحكم بختام النبوة وبلوغ
نهايتها يستحيل أن يصدر من إنسان نبوته باطلة ، لأنّه لا مُحفز ولا داعي للإصدار ،
فيدعى ذلك الإنسان النبوة ، ولا يفضح نفسه بنبوة إلهية حقة قد تظهر في زمانه ،
ويركز شخصيته في قلوب الناس ويعتبر نبوته كالأنبياء السابقين الإلهيين الذين لم
يتبين من أحدهم زعم لختام نبوته.
وأختم قولي : « اللهم إنا نعوذ بك من أن
نشك في دينك أو أن نضل في هداك ، فلا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك
رحمة إنك أنت الوهاب ».
ثالثها
: أيها الوالدان : اجتهدا بكل
طاقاتكما في تركيز الإيمان بالله سبحانه وتعالى في قلوب أولادكما ، لأنه هو أصل
الدين وأساسه الذي يقوم عليه بناء الأعمال الصالحة ، فليراجع جميعكم بدقة وتكرار
مواضيع الإيمان بالله في هذا الكتاب من صفحة (٣) إلى (٢٢) ، واقرأوا واحفظوا بصورة
خاصة الموضوع الذي عنوانه « خمس كلمات » صفحة ( ١١ ـ ١٦ ) فإنه نور الله الساطع.
رابعاً
: أيها الوالدان : يجب عليكما أن
تقيما فريضة الصلاة بصورة صحيحة ، وعلماها أولادكم عند بلوغهم سبع سنين ، وذلك كما
يأتي :
(أ) مراجعة صفحة ( ٢٦ ـ ٢٧ ) من هذا
الكتاب لبيان أهمية الصلاة.
(ب) تطهير البدن واللباس من النجاسات ،
وهي :
البول. الغائط . المني. الدم . الكافر. الكلب. الخنزير. الخمر
والبيرة. الميتة ، ونجاسات أخرى
.. وقد اختلف الفقهاء في نجاسة بعض ما ذكر فعلى القارئ العزيز أن يبحث ذلك عند من
يثق به من علماء الدين. وأخص بالبحث هنا حول البول والغائط للإنسان ، وهو كيفية
التطهير منهما بأمور عديدة :
١ ـ يخص الذكور وهو التأكد من عدم بقاء
أجزاء من البول ، فبعد الانقطاع تُجرى عملية تسمى « الاستبراء » ، وهي المسح بقوة
ثلاث مرات من مخرج الغائط ( بعد غسله طبعا ) إلى أصل عضو البول ـ والمسح بقوة ثلاث
مرات أيضا من أصل عضو البول الى نهايته ـ والمسح ثلاث مرات أخرى شبه العصر للحشفة
، ثم التطهير بالماء بعد دلك المخرج لاحتمال خروج مادة جنسية وترسبها عليه قبل
التبول تسمى « المذى » أو خروج مادة بعد الانتهاء من التبول تسمى « الودي » ، وبعد
الدلك يُجرى المُتطهّر الماء على المخرج مرتين يجب أن تكونا منفصلتين ( على الأحوط
) ، ثم تطهير اليد مرتين منفصلتين كذلك لتنجسها بالدلك.
٢ ـ وأما الأنثى فلا استبراء لها ، بل
تشترك مع الذكر في ذلك المخرج وكيفية إجراء الماء ومع ذلك فليراجع القارئ العزيز
للتأكد من التطبيق علماء الدين المتقين. وأنادي الآباء والأمّهات راجياً أن يمرّنوا
أولادهم الصغار بكيفية التطهير في بيت الخلاء « الحمام » وليحذروا إهمالهم يتبولون
واقفين لا يعبأون بأي نجاسة تصل إليهم.
__________________
٣ ـ غسل الجسم مع النية وتطهيره من
الأحداث الثلاثة ( الجنابة ـ مسّ الميّت ـ خروج دم الحيض والنفاس والاستحاضة ( في
بعض أحوالها ) ، وسيأتي شرحه بمشيئة الله بعد موضوع الوضوء.
(د) الأداء الصحيح لألفاظ الصلاة وأفعالها ـ
أما الألفاظ فتجب القراءة باللغة العربية الصحيحة ، لذا يجب على المسلم أن يصحح
قراءته من أول الصلاة إلى نهايتها عند علماء الدين المتقين ، فلا عذر له يوم
القيامة. فيجب الاتصال بهم بواسطة كتبهم أو مقابلتهم أو بواسطة التلفون فإنه ـ كما
قلنا ـ نعم العون. يجب على المسلم أن يصحح كل كلمة وكل حرف خصوصاً مخرج الظاء أخت
الطاء ، والضاء أخت الصاد ، فلا يتلفظهما « بالزاء » فيقرأ « المغزوب. الزالين. العزيم
» كما أسمع ذلك من بعض العرب وبعض الأعاجم. وهنا أقول منبها أن القراء الأعزاء
الذين لا يستطيعون بكل محاولاتهم إلا التلفظ بحرف « الزاي » في سورة الفاتحة فهم
معذورون. أما في الركوع فلا عذر لهم لأنهم يستطيعون أن يبدّلوا الذّكر الذي دأبوا
عليه بكلمة « سبحان الله » ثلاث مرات ، فبدل « سبحان ربّي العزيم وبحمده » يسبحون
هكذا ( سبحان الله ـ سبحان الله ـ سبحان الله ).
وأما
الأفعال فيجب ثبات البدن عند الوقوف والقراءة ،
وثبات البدن عند القراءة في الركوع ، فلا يقرأ إلا بعد أن يُثبّت انحناءه ، ثم
يقول من الركوع ويثبت قليلا ، ثم يهوى إلى السجود فلا يقرأ إلا بعد أن يُثبّت
تماما المواضع السبعة « الجبهة ـ باطنا الكف ـ الركبتان ـ حافتا الإبهام » ثم يرفع
راسه من السجود ويجلس تماماً ويثبت قليلا ، ثم يهوى مرة أخرى إلى السجود ويُثبت
نفسه كالمرة الأولى ثم يقرأ .
__________________
وأنبه القارئ العزيز بأنه إذا لم يطبق
ما مر شرحه من أفعال الصلاة ويتسعجل في حركتها ، يكون حاله ـ كما روى ـ كالأعرابي
الذي رآه النبي 6
يستعجل في صلاته فقال في حقه ما مضمونه أنه نقر كنقر الغراب ، فان مات وتلك صلاته
فليموتنّ على غير دين الإسلام ( نعوذ بالله ) ـ فلينتبه الغافلون وليحذر الساهون
اللاهون الذين هم بصلاتهم مستخفّون.
استدراك لأقوال الصلاة :
(أ) يجب ـ على الأحوط ـ أن تكون تكبيرة
الإحرام ( الله أكبر ) وهي المدخل إلى الصلاة منفصلة في اللفظ عما قبلها وعما
بعدها من الألفاظ ، فنقف قليلا بعد تلفظ ما قبلها ، ونقف قليلا قبل تلفظ ما بعدها
، ولا أقصد بالوقفة القليلة أن تكون بارزة كثيرا ، بل بصورة لا يبرز الوصل فيها.
(ب) كذلك لا يجوز الوصل بالسكون بين الآيات
بصورة عامة ، بل يجب أن يقف عند كل آية قليلا (
بسم الله
الرحمن الرحيم * الحمد لله ربّ
العالمين * الرحمن الرحيم
* مالك يوم
الدين )
.. وهكذا إلى
الآية الأخيرة (
ولا
الضالين ). وهنا يجب مد حرف
الألف بعد الضاد لأنه أحد الحروف الثلاثة « الألف. الواو. الياء » التي يجب مدها
إذا جاء بعد أحدها السكون أو الهمزة ( انتبه وطبق ).
(ه) أداء الوضوء بصورة صحيحة
: يجب على المسلم ابتداء أن يُحرز عدم وجود أي حاجب على أعضاء الوضوء يعترض وصول
الماء إليه ، فيفحص أطراف عينيه وحاجبيه وأنفه وشفتيه ويديه ، وأظفاره التي مرّ
الحث على تقليمها ، مرة واحدة على الأقل خلال الأسبوع ، ويختبرها كل مرة عند
الوضوء. وكذلك يفحص رجليه ويزيل الأوساخ خصوصاً ما في الأظفار. ثم يبدأ بالوضوء مع
النية. وهنا ملاحظات هامة :
( زواج بغير اعوجاج )
١ ـ لا يجوز تخليل الشعر عند مسح الرأس
، بل يكون المسح على ظاهر الشعر فقط ، ولا يجب وصوله إلى الجلد. أما صاحب الشعر
الكثير كالمرأة وبعض الشباب فيجب إعداد مساحة طويلة تشبه الخط على مقدم الرأس قبل
الوضوء والمسح عليها. ولا يجوز تكرار المسح بل يقتصر على مرة واحدة لا أكثر ـ
احتياطا ـ والجدير بالذكر هو أن المصلي يجب عليه أن يحرز إزالة أثر الدسومة على
شفتيه ويديه بعد الغسل بالمسح بقوة ، ولا يقتصر على الصابون فقط. وكذلك يزيل قبل
الوضوء مادة الصابون المترسبة على ممسك مصب الماء لئلا يلصق شيء منها على يديه
وتكون حاجبا. ويجري نفس الفعل قبل الغسل أيضاً « كما يأتي ».
٢ ـ يجب على المصلي أن لا يكتفي في
وضوئه بوصول الماء إلى كفيه وخلال أصابعه عند غسل يديه ابتداء ، فإن ذلك ليس من
الوضوء بل هو من مقدمات ومستحباته ، إنما الواجب هو إيصال الماء وإجرائه حتى يصل
إلى الكف وجميع أطراف الأصابع عند غسل اليدين ، والأحوط وصول الماء إلى جزء قليل من
باطن العينين والأنف والفم لإحراز استيعاب الماء لظاهر الوجه وبراءة الذمة .
كيفية غسل الجنابة والحيض
والنفاس وبعض أحوال الاستحاضة :
أولا
: بعد التبول وتطهير محل البول وتطهير
محل الدم ، وإزالة الحواجز كالصابون والدسومة والأوساخ كما مر في الوضوء ، ويضاف إلى
ذلك أطراف الأذنين والسرة وتحت الثديين وبين الأصابع والأظفار ـ خصوصاً أصابع
الرجلين ـ وإزالة النجاسات الحاصلة على البدن. بعد ذلك كله ينوي ويُجري الماء على
بدنه بصورة قررها الدين الحنيف وهي : أولا ـ
غسل الرأس والرقبة ، ويتأكد من وصول الماء الى الجلد بتخليل الشعر ، ويزيد قليلا
ويتجاوز الرقبة.
__________________
ثانيا
: غسل القسم الأيمن من البدن ، ويتجاوز
قليلا إلى القسم الأيسر. وفي الأثناء يدلك الرجل مخرج البول ، والمرأة تدلك المخرج
التناسلي إذا كان الغسل من الجنابة ، لاحتمال خروج مادة جنسية بعد الملامسة أثناء
القيام بالغسل.
ثالثا
: غسل القسم الايسر ويتجاوز قليلا الى
القسم الأيمن .
والاحوط أن يغسل السرة والعورتين مع كل قسم ، ويغسل نصف الرقبة الأيمن مع القسم
الأيمن ، ونصف الرقبة الأيسر مع القسم الايسر.
ويجب عليه ألا يغفل عما بين أصابع رجليه
، فبالتصاق بعضها ببعض لا يتحقق جريان الماء على جميع أجزائها.
وأما
صلاة الأخوات : فيجب عليهن أن
يسترن أبدانهن أثناء الصلاة إلا الوجه والكفين ، بشرط ستر أطراف الوجه إلى نصف
الخدين ، وتجاوز الرقبة بقسم قليل من الفك الأسفل ، وستر الشعر ـ فأنادى أخواتي
مخلصا أن يُتقنّ الحجاب للصلاة أمام المرآه قبل القيام بها ، ويأخذن بها زينة
الروح ، كما يقفن أمامها لأخذ زينة البدن .
تنبيه
هام : لقد سلكت سبيل أفضلية الاحتياط فيما مر
ذكره من الأحكام الفقهية المتعلقة بأفعال الصلاة ومقدماتها ، لأنني وجدت اختلاف
الفقهاء في الفتوى واختلاف الناس في الرجوع إليهم.
وخلاصة
القول : إن الصلاة هي كالسيارة تسير بصاحبها
إلى رضوان الله سبحانه وتعالى ، فإذا نقص أو زاد أو اعوج جزء من أجزائها لا يتحقق
__________________
السير ، فهناك وحشة
الطريق ، وهناك العناء والبلاء. ( نعوذ بالله ) والجدير بالذكر هو أن الصلاة لها
درجات مختلفة من الثواب والنعيم في الجنة ، وأدناها هي الإتيان بها صحيحة في
ألفاظها وأفعالها ومقدماتها ، وبأقل الواجبات وعلى درجاتها هي إقامتها مع نوافلها
المقررة ، بشرط استنارتها بنور الخشوع والخضوع ، والتدبر لكل كلمة من ألفاظها.
والمقصود من الخشوع والخضوع هو أن يتصور المصلى بأنه قائم بين يدي أعظم العظماء ،
خصوصاً عند نطقه بجملة « الله أكبر ». لذلك نرى أن الله سبحانه وتعالى قال ( قد أفلح المؤمنون
* الذين هم
في صلاتهم خاشعون ) أوائل سورة « المؤمنون » فقد ركز
سبحانه وتعالى تحقيق الفلاح في إقامة الصلاة بخشوع المصلين ، فلم يقل « قد أفلح
المؤمنون المصلون ». وأهم ما يحفز المسلم لإقامة صلاته بخشوع ، هو أن يصلي صلاة
مودع لها ، فيتوقع ويحتمل موته أثناء ادائها أو بعدها .
ونهاية
المطاف : يجب على المسلم بصورة خاصة أن يتعلم
مسائل الشك والسهو في الصلاة لكثرة ابتلائه بهما ، ولا يجوز إبطال صلاته الواجبة
وإعادتها عند حصولهما إلا في بعض أحوال الشك .. ولامجال لشرح تلك المسائل في هذا
الكتاب ، فليراجع المؤمنون الكتب الفقهية أو علماء الدين المتقين.
خامساً
ـ أيها الوالدان : لقد كتب الله
سبحانه وتعالى على عباده الصوم ، لذا يجب عليكم ألا تتهاونا في أدائه وتمرين
الأولاد وحثهم بجد وتشديد على أداء هذه الفريضة ، خصوصاً البنت إذا اكملت تسع
سنوات قمرية. فلا يغرنكما الشيطان ويوسوس فيكما بأن البنت صغيرة في السن
__________________
وأنكما تظلمانها
باستجابتها لكما. فبذلك تصدان عن سبيل الله الحكيم الذي اقتضت حكمته أن يكلف البنت
حسب ما خلقها وكونها ، وهو أرحم بها منكما ، فأسلما لحكمه وهو أحكم الحاكمين.
ابحثا عن مفاهيم الصوم ولا تغفلا عن
تعليمها للأولاد كما يأتي :
(أ) لبيان أهمية الفريضة راجعا ( صفحة
٢٧ ) من هذا الكتاب.
(ب) الصوم هو الإمساك والاجتناب عن أمور
اختلف فيها الفقهاء ، والأحوط
هي عشرة ، وذلك بالنية ابتداءً من بضع دقائق قبل طلوع الفجر إلى دقائق بعد دخول
الليل ، لتحقيق استيعاب النهار وبراءة الذمة.
الأول
والثاني :
الأكل والشرب عمداً ، فلا يبطل الصوم بنسيانهما ، ولكن يجب البصاق عدة مرات إذا تذكر الناسي مباشرة.
الثالث : تعمد القئ ، فلا يبطل بدون
اختيار كالمرأة الحامل مثلا :
الرابع : إيصال الغبار والدخان وبخار
الماء إلى الحلق.
الخامس : تعمد الكذب على الله والأنبياء
وأهل بيت النبي 6.
السادس : رمس ( غمس ) الرأس في الماء.
السابع : الحقنة بمادة سائلة ، أما
الجامدة فالأحوط اجتنابها كذلك.
الثامن : الملامسة الجنسية الباطنية ،
وإن لم يحصل الإنزال ، وتحدث بها الجنابة.
التاسع : الاستمناء ( إخراج المادة
الجنسية التي يبلغ بها صاحبها منتهى شهوته ).
العاشر : تعمد البقاء على الجنابة وعدم
الاغتسال عند طلوع الفجر ، أما إذا استيقظ من نومه بعد طلوع الفجر ووجد نفسه جنبا
بالاحتلام ،
__________________
فلا يبطل صومه ،
وكذلك الاحتلام أثناء النهار لا يبطل الصوم ، ويلحق بهذا الفرع الأخير المرأه التي
ينقطع دم حيضها أو نفاسها قبل الفجر ولم تغتسل
وعند ضيق الوقت يجب التيمم.
والآن تعالوا إلى كيفية
التيمم :
(أ) نضرب الأرض الطبيعية ( التراب أولا وبعدمه ، فالحجر الأرضي الغير مصنوع )
بباطن الكفين معا ، ثم نضرب وندلك أحدهما بالآخر ، ثم نصف الكفين مع ضم الأصابع
الأربع لكل منهما وفصل الإبهامين عنهما ، ثم نضع أسفل الكفين بالصورة السابقة على
قصاص الشعر ، ثم نمسح بهما الجبهة إلى طرف الأنف الأعلى والجبينين ( الطرفان
الصغيران المجاوران للجبهة ) معا يمسحان بالإبهامين ( أرجو الانتباه ).
(ب) ثم نمسح ظاهر كف اليد اليمنى بعد ضم
الأصابع الخمس لها بباطن كف اليد اليسرى ابتداء من قسم قليل من الساعد ، ونزيد
بالمسح قليلا معية إلى الأطراف الثلاثة الأخرى له ( لاستيعاب الظاهر وإحراز براءة
الذمة ) ثم نمسح ظاهر كف اليد اليسرى كما مر سابقا ( بدون ضرب الأرض ).
(ج( نضرب الأرض بباطن الكفين مرة أخرى
( احتياطا ) خصوصاً إذا كنا في حال الجنابة ، ونمسح ظاهر الكفين فقط ـ كما مر شرحه
سابقا ـ مرة أخرى.
تنبيه هام
(أ) يجب عند التيمم ثبات الرأس عند
المسح ، وثبات الكفين عند مسحهما ، لكيلا يكون الممسوح ماسحا. وأكرر مؤكدا وجوب
ثبات الرأس عند مسحه حال الوضوء.
__________________
(ب) لا يجوز بصورة عامة الاكتفاء
بالتيمم في حال الجروح والكسور ، بل يجب ـ احتياطا ـ ضم التيمم إلى الوضوء أو
الغسل ، بغسل المواضع السليمة والمسح على غطاء الجرح أو الكسر ، بشرط طهارته
والعجز عن كشفه. ويكفي في المغسل إجراء الماء كالتدهين لا بالسيلان ، وذلك لدرء
العسر والحرج ، خصوصاً عند الغسل ( وبالله التوفيق ).
سادسا ـ أيها الوالدان
ـ أيها الأولاد
، إياكم أن تتهاونوا في أداء فريضة الحج إن استطعتم ، وإليكم ما يأتي :
(أ) راجعوا ( صفحة : ٢٧ ) من هذا
الكتاب.
(ب) يجب عليكم أن تتعلموا مناسك الحج من
كتاب مقرر لمرجعكم الديني ، وأتقنوا بحوثه عند أحد العلماء المتقين قبل السفر أو
أثناءه.
(ج( أهم تلك البحوث :
١ ـ محرمات الإحرام ، بعضها يخص الرجال
وبعضها يخص النساء.
٢ ـ إتقان الطواف حول الكعبة بالأشواط
السبعة ، وذلك بزيادة قليلة قبل الحجر الأسود عند الابتداء بالطواف ، وزيادة قليلة
أخرى عند الانتهاء منه بتعدي الجهة للحجر باتّجاه باب الكعبة ، وذلك بنية إحراز
براءة الذمة في إتمام عدد الأشواط.
٣ ـ الرعاية التامة لصحة صلاة الطواف ،
ولو بتكرارها مرات عديدة بسبب الازدحام الذي يُعَسّر الاستقرار والثبات في ألفاظ
الصلاة وأنفالها. فيجب على الحاجّ ألا يتهاون فيها لأنها من أهم مقومات حجه ،
والأحوط أن يستنيب من يصلي نيابة عنه إضافة إلى القيام بها بنفسه ، خصوصاً إذا كان
أميا وجاهلا باللغة العربية وبأحكام الصلاة.
٤ ـ عند السعي بين الصفا والمروة تجاوز
الدرجات إلى الأعلى بعد إنهاء كل شوط بنية استيعاب الشوط وإحراز براءة ذمة الإتمام
، حتى إذا كنت
راكبا فغادر المركبة
واصعد إلى الأعلى ثم عُد إلى مركبتك.
٥ ـ يجب على الحاج معرفة مواقف الحج
الثلاثة ( عرفات ـ المشعر الحرام ـ منى ) ويجب عليه أن يعين مواقعها وحدودها وينوي
الوقوف فيها.
٦ ـ يجب على الحاج أن يطبق أحكام الهدى
الذي يذبحه يوم العيد ، فيختبره بألا يكون هزيلا وناقصا في خلقه وتكوينه ، ويحرز
سنه المقررة ، ويحتاط بالأكل من ثلث لحمه ، وإهداء الثلث الثاني إلى أحد المؤمنين
، والتصدق بالثلث الأخير على الفقير. ولدرء العسر والحرج يأخذ وكالة من فقير مؤمن
في بلده أو بلد آخر في تحويل الصدقة والهدية إليه بتحريك الذبيحة قليلا مع النية
بتسلمه ، ثم يصالحه عند العودة واللقاء بمقدار من المال.
ونهاية
المطاف : أنادي إخواني الحجاج الكرام نداء مخلصا
:
أولا
: يجب عليهم ألا يكتفوا بقراءة السطور
حول الحج ، بل عليهم أن يتأكدوا من صحة العمل بها ، ويتحملوا العناء في سبيل إتقان
أفعالها ليأمنوا عناء يوم القيامة ، برحمة الله وفضله. فإن فريضة الحج تُؤدّى مرة
واحدة خلال عمر الإنسان ، لذا يجب على الحاج أن يعمل جاهداً ليكون حجه مقبولاً عند
الله سبحانه وتعالى ، ويحذر أن يحج حجّة مزيّفة ليكون حاجاً عند الناس ، كما قال
تعالى : ( فمن كان يرجوا لقاء
ربه فليعمل صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً
) ( نهاية
سورة الكهف ) وليتدبر قول الشاعر :
إليك قصدي لا للبيت والأثر
|
|
ولا طوافي بأركان ولا حجر
|
صفاء قلبي الصفا لا حين أعبره
|
|
وزمزمي دمعة تجري مـن البصر
|
عرفانكم عرفاتي إذ منى مِنَنٌ
|
|
ومشعري ومقامي دونكم خطري
|
زادي رجائي لكم والشوق راحلتي
|
|
والماء من عبراتي والهوى سفري
|
ومسجد الخيف خوفي من تباعدكم
|
|
والهدى جسمي الذي يغني عن الجزر
|
ثانيا
: يجب على الحاج أن يسعى ليكون حجه
مبرورا ، وذلك بالاستغفار من ذنوبه. ويتحلل ممن ظلمه ولو بكلمة واحدة قد أهانه بها
، ويحذر أن يكون قاطعا للرحم فيصل أرحامه وإن قطعوه أو كانوا فاسقين حتى في ترك
الصلاة ، ويحذر كذلك ان يكون هاجراً لأخيه المؤمن أكثر من ثلاثة أيام ( استفت
العلماء ). كذلك يجب عليه أن يزكى جميع أمواله ولا يقتصر على نفقة الحج فقط ، فإن
الله سبحانه وتعالى يقول : (
لن تنالوا
البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون وما تنفقوا من شيء فإنّ الله به عليم
) ( آل عمران
/ ٩٢ ) ( راجع صفحة : ٢٧ رجاء ).
فهل يدري الحاج أنه سيرجع إلى بلده
ليتمتّع بأمواله التي جمعها وعددها ؟ كلا. فإن الله سبحانه وتعالى يقول : ( وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأيّ
أرض تموت إن الله عليم خبير ) ( نهاية سورة لقمان ).
ثالثا
: هو أهم النداءات لأنه يهدف إلى زيادة
الإيمان وتثبيته في القلب ، وذلك أن ينظر الحاج إلى سماء مكة المكرّمة ويتصور تلك
الطيور التي أرسلها الله سبحانه وتعالى وقد حُمِّل كل طير ثلاثة أحجار صغيرة بحجم
ما بين العدسة والحمصة ، أحدها في منقاره والآخران في رجليه ، فرمت تلك الطيور
بالأحجار ذلك الجيش العظيم الجبار الذي دخل مكة ليهدم بناء الكعبة ، فدمرته
تدميراً كما قال تعالى : (
ألم تر كيف
فعل ربّك بأصحاب الفيل * ألم يجعل كيدهم في
تضليل * وأرسل عليهم طيراً أبابيل
* ترميهم
بحجارة من سجيل * فجعلهم كعصفٍ مأكول
) معنى العصف
: العلف الناتج من الحبوب. فالمقصود أن أفراد الجيش قد دُمروا جميعا بصورة أن
أجسامهم قد أصبحت مطحونة كالعلف بعد أن يأكله الحيوان ( كما بحثت السورة ، والله
أعلم ).
فليفكر
الحاج :
هل هذه القصة خيالية ؟ كلا. إنّها وقعت وتواتر وقوعها. فمن شكّ فيها كان مثله كمن
شكّ في وجوده. لذلك خاطب الله
سبحانه وتعالى رسوله
6 بقوله ( ألم تر كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل
) فإنّ النبي 6 لم ير الحادثة لأنه ولد في عامها « عام
الفيل » بل رآها بوجدانه وعقله لشهرتها بين الناس ، وإجماع المؤرخين على حدوثها.
كيف
وقعت الحادثة ؟ اتخذ العلماء
الواعون هذه الحادثة من أعظم الدلائل على وجود الله سبحانه وتعالى ، لأنّ حدوثها
خارج عن مظاهر الطبيعة وأسبابها وذلك كما يلي :
(أ) هل الطبيعة تُحمِّل الطيور أحجاراً
بالمظهر الذي مرّ ذكره ؟
(ب) هل الطبيعة تولد تلك الطاقات
الجبارة في تلك الأحجار الصغيرة لتبيد آلافا من الرجال وتقطع أجسامهم إربا إربا ؟
هيهات ، هيهات ! فإن حادثة الفتك
والهلاك أحدثها رب محمد 6
( ألم تر كيف فعل ربّك
) وكذلك هو
ربنا ورب العالمين ، وهو الذي نادى رسوله أيضاً (
واعبد ربّك
حتى يأتيك اليقين ) ( نهاية سورة الحجر ).
فليكن النداء الأول ( ألم تر كيف فعل ربّك
) منبها للحاج
وللقراء الأعزاء ليتبعوا رسول الله 6.
وفي النداء الثاني (
واعبد ربك
حتى يأتيك اليقين ) وليسلكوا سبيله في عبادة ربهم حتى
يأتيهم اليقين ( يعني الموت ) وليحذروا أن يأتيهم الموت بغتة وهم ساهون لاهون ،
وعن طاعة ربهم معرضون ( رجاء : راجعوا مرة أخرى الصفحات ١٩ ـ ٢٠ ـ ٢١ ) فإن الله
سبحانه وتعالى سيعذب المجرمين يوم القيامة بأحجار عذابها أكبر من الأحجار التي رمي
بها أصحاب الفيل أضعافا مضاعفة في الشدة والمدة ويشاركهم أصحاب الفيل أيضاً وذلك
لأنها نارية ، ويمتد عذابها لمدة طويلة قد تكون آلافا من السنين ، أو أبدية مضافاً
إليها مظاهر أخرى من العذاب ( نعوذ بالله ) كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قوا انفسكم وأهليكم ناراً
وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما
يؤمرون )
( التحريم : ٦ ).
أيها
الآباء ! قفوا عند هذه الآية الكريمة بقلوبكم ،
وتدبروها بوعي تام لتجدوا أنفسكم مسؤولين عن أزواجكم وأولادكم ، فأنتم قوامون
عليهم. فليس المعنى أنكم تقومون عليهم بالاستعلاء والطغيان والظلم والعدوان ، بل
هو أن تقوموا عليهم بتقويم أخلاقهم بعد تقويم أنفسكم ، لتكونوا آمنين من عذاب الله
سبحانه وتعالى يوم القيامة ، كما أشار الله سبحانه وتعالى في الآية الكريمة ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة
).
( رجاءً ـ رجاءً. ارجعوا الصفحات : ٢٣ ـ
٢٤ ـ ٢٥ ـ ٢٦ )
أيها
الآباء ! احذروا عقاب ربكم في أن تمتعوا أنفسكم
وأهليكم بخيرات الدنيا فقط ، وتعرضون عن العمل لخيرات الآخرة ( اعمل لدنياك كأنك
تعيش أبدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ) فتبتهجون وتسرون لمظاهر الحياة الطيبة
من أموال ومساكن وأولاد وأزواج ومناصب وغيرها من فروع الزينة والجمال. فإذا كانت
تلك هي أكبر همكم لا تفرحون إلا بنيلها ولا تحزنون إلا لفراقها وفقدانها ، فسيكون
جزاؤكم قول الله سبحانه وتعالى : (
وأما من
أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبوراً
* ويصلى
سعيراً * إنه كان في أهله مسروراً
* إنّه ظنّ
أن لن يحور * بلى إن ربّه كان به
بصيراً )
( سورة الانشقاق ).
وقال تعالى أيضا : ( كلا إذا بلغت التراقي
* وقيل من
راق * والتفّت الساق بالساق
* إلى ربّك
يومئذٍ المساق * فلا صدّق ولا صلّى
* ولكن كذّب
وتولّى * ثم ذهب إلى أهله يتمطّى
) ( أواخر
سورة القيامة ).
أيها
الآباء ! لا يغرنكم الشيطان فيوسوس في صدوركم
فتقولون : « حالنا كحال الناس. أولادنا كأولاد الناس. أزواجنا كأزواج الناس « حشر
مع الناس عيد » أخشوا يوما يحشر الله فيه الناس كما يقول سبحانه وتعالى : ( يا أيّها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء
عظيم * يوم ترونها تذهل
كل
مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب
الله شديد )
( أوائل سورة الحج ).
فالعيد سنقلب إلى عذاب الله الشديد في
ناره التي يقول لها هل امتلأت وتقول هل من مزيد. ( نعوذ بالله ). فبادروا وسارعوا
إلى تأديب أنفسكم وأهليكم بآداب الإسلام.
أيها
الآباء ! تدبروا الآيات القرآنية الآتية لعكم
ترحمون ،
باجتناب الغرور بأكثرية الناس وأغلبيتهم في هجر الحق.
( أ ) (
وإن الله
لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون
) ( البقرة / ٢٤٣
).
(ب) (
فأقم وجهك
للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيّم
ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ( الروم / ٣٠ ).
(ج( (
قل لا
يستوي الخبيث والطيّب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلّكم
تفلحون )
( المائدة / ١٠٠ ).
(د) (
وإن تطع
أكثر من في الأرض يضلّوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون
) ( الأنعام /
١١٦ ).
أيها
الآباء ! احذروا وحذّروا أهليكم معاشرة الفجّار
الفاسقين ، وذلك بعد وعظهم ونصحهم واليأس من إهتدائهم ، فإنهم كالمرضى بالأمراض
السارية يسري مرضهم إلى من يختلط معهم.
كما قال الشاعر :
لا تربط الجرباء حول صحيحة
|
|
خوفي على تلك الصحيحة تجرب
|
وهناك مثل آخر أشار إليه الشاعر الآخر :
صاحب أخا ثقة تحظى بصحبته
|
|
فالطبع مكتسب من كل مصحوب
|
كالريح آخذة مما تمر به
|
|
نتناً مـن النت أو طيباً من الطيب
|
فراقبوا أزواجكم وأولادكم بجد واجتهاد ،
ودققوا في اختيار سلوكهم خارج مساكنهم ، فإن الله سبحانه وتعالى سيسألكم ويحاسبكم
على ذلك.
أيها
الآباء !
احذروا وحذّروا أهليكم هجر القرآن فرتلوه كل يوم ( صفحة واحدة على الأقل ) وزكّوا
أنفسكم بالاستماع له والإنصات من الإذاعات والمسجّلات وفكّروا في معانيه ، واعملوا بأوامره
وأحكامه ، فإن لم تفعلوا فسيشكوكم رسول الله 6
في يوم القيامة الخطير ، كما يقول الله تعالى : (
ويوم يعض
الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً
* يا ويلتي
ليتني لم أتخذ فلانا خليلاً * لقد أضلّني عن الذكر
بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً
* وقال
الرسول يا ربّ إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً
) ( الفرقان /
٢٧ ـ ٣٠ ).
فيا حسرة على قوم يقرأون عشرات من الكتب
المدرسيه والصحف والمجلات ليتمتعوا بها في دنياهم ، ولا يقرأون كتاب الله المجيد
ليتمتعوا به في دنياهم وآخرتهم (
وما يذكر
إلا أولو الألباب ).
أيها
الآباء ! تعلموا الأحكام الفقهية من العلماء
المتّقين ، بدراسة كتبهم ولقائهم ومقابلتهم ، وعلموها أهليكم وزودوهم بها كما
تزودونهم بالطعام والشراب واللباس ولوازم الحياة ، وبيّنوا لأزواجكم وبناتكم بصورة
خاصة أحكام الدماء الثلاثة ( الحيض ـ الاستحاضة ـ النفاس ) لأنّ الجهل بها ـ كما
مرّ سابقاً ـ يبطل عباداتهن الصلاة والصوم والحج وغيرها من الأمور الشرعية.
__________________
أيها
الآباء ! تدبروا قول الله سبحانه وتعالى : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّاً
في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين
) ( القصص :
٨٣ ).
فيجب عليكم أن تدرءوا الفساد عن أنفسكم
وأهليكم ، ومن أخطر مظاهر الفساد هو الانحراف عن سبيل الرشاد في الحياة الجنسية ،
فاتقوا ربكم فيها فإنه قريب إليكم ورقيب عليكم ، يعلم خائنة الأعين وما تخفى
الصدور من الشهوة الخبيثة ، فأطيعوه وانصحوا أهليكم بما يأتي :
(أ) الحذر من النظر إلى الأفلام الخليعة
والصور المثيرة للغريزة الجنسية.
(ب) حذر الذكر من نظرته الخائنة إلى
الأنثى والذكر ، وحذر الأنثى من نظرتا الخائنة إلى الرجل والمرأة. إن هذين الأمرين
هما بمثابة شرارتين خطيرتين تؤدّيان إلى حرائق عاتية تشب في بناء الإنسانية فتدمّر
فضيلتها وكرامتها تدميرا. وتلك الحرائق هي .. الزنى ـ اللوط ـ المساحقة ـ العادة
السرية ـ جرائم القتل ـ جرائم الانتحار. أمراض عصبية وأخطرها الهستريا وهي الناتجة
من الكبت الجنسي.
أيها الوالدان. أيها
الأولاد !
أودّ هنا أن أرسلها إليكم صيحة ناصحة فأناديكم قائلا : « هل يطيق أحدكم أن يمرض
بالتهاب بسيط في عينيه أيّاماً قلائل ؟ كلا. فكيف بهما إذا التهبتا مع باقي
الأعضاء من الجسد بلهب نار جهنّم سنوات كثيرة ، قد تمتدّ إلى الآلاف ؟!! ( نعوذ
بالله ) وأعتقد بأنّكم تميزون النظرة الخائنة في إحدى نظرتين :
الأولى : نظرة إلى طفل جميل أو طفلة
جميلة.
الثانية : نظرة إلى شاب جميل أو فتاة
جميلة.
فاستغفروا ربكم ( أيها الإخوة والأخوات
) ، فإن الله يغفر الذنوب جميعا.
ونهاية
المطاف : إن الحصن المنيع ضد أخطار الجنس هو
حجاب المرأة بصورة تصد إثارة الغريزة الجنسية ، وتكبح جماح شهواتها وأهوائها. وقد
أسهب الكتاب وأطنبوا في بحوثهم حول الحجاب. ولكنني هنا أود بتوفيق الله تعالى أن
أقدم للقراء الأعزاء خلاصة ما كتبوه ولب ما شرحوه ، ليكون منهاجا لأولي الألباب
يثبتونه في قلوبهم ، فيقبتون بذلك على العفة والغيرة ، ويستقيمون على مكافحة ما
يفسد النفوس ويهوي بها أسفل سافلين.
الحجاب لأولي الألباب
أولا
: إن الإسلام للمرأة هو بناء الحق والهدى
تبنيه في قلبها لتكون سعيدة في الدنيا والآخرة ، ولهذا البناء فروع وشُعب يرتبط
بعضها بالبعض الآخر. ومن أهم الفروع هو الباب الذي يحمي البناء من دخول المعتدين
الذين يحالون أن يعتدوا على المرأة بتدمير كرامتها وعفتها. وأولئك هم شياطين الجن
والإنس ، ولصوص الرجس والدّنس. والحجاب هو ذلك الباب ، ويقي المرأة كذلك شر المآب في يوم
الحساب.
ثانيا
: أيتها الأخت العزيزة ! احذري
الإيمان ببعض كتاب الله المجيد والكفر ببعض ، وتدبري قول الله تعالى : ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من
يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يُردون إلى أشدّ العذاب وما
الله بغافل عما تعملون ) ( البقرة : ٨٥ ). واعلمي أن القرآن هو
شفاء للأمراض الإنسانية كما قال تعالى : (
وننزّل من
القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين
.. ) ( الإسراء :
٨٢ ) فهل يجوز للمريض أن يتناول قسما من الدواء ويهجر القسم الآخر ؟ كلا لأنّ هذا
الهجر والنقص لا يحقق له العلاج الكامل.
وبعد هذه المقدمة : هل يجوز لك ـ أيتها
الأخت العزيزة ـ الإيمان ببعض الآيات والكفر ببعضها ، وترك الاستجابة لأحكاما
وأوامرها ؟
١ ـ (
حافضوا على
الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين
) ( البقرة :
٢٣٨ ).
__________________
٢ ـ (
يا أيها
الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون
) ( البقرة :
١٨٣ ).
٣ ـ (
ولله على
الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا
) ( آل عمران
: ٩٧ ).
* * *
٤ ـ (
وقل
للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها
وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء
بعولتهن أو ابنائهن .. ولا يضربن بأرجلهن
ليعلم ما يُخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون
) ( النور :
٣١ ).
تنبيه
هام : يجب على المرأة ان تجتنب في لباس
الحجاب النقوش والألوان التي تفتن الناظرين وتثير شهوتهم الجنسية ، وكذلك تجتنب
إطهار الحلى حتى الخاتم الصغير على الأحوط. ويجب عليها أيضا أن تحذر بروز أعضاء
جسدها بملابس ضيقة خصوصاً على الصدر.
٥ ـ (
والقواعد
من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات
بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سمع عليم
) ( النور :
٦٠ ) في هذه الآية تحذير للنساء اللاتي بلغن سن الشيخوخة من التبرج بزينة اللباس
والمساحيق والأصباغ ، فكيف إذن بالشابات ؟!!!.
٦ ـ (
يا أيها
النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ ذلك أدنى أن
يعرفن فلا يؤذين .. ) ( الأحزاب : ٥٩ ).
٧ ـ (
يا نساء
النبي لستنّ كأحد من النساء إن اتقيتنّ فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض
وقُلن قولا معروفا * وقرن في بيوتكنّ ولا
تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله
.. ) ( الأحزاب :
٣٢ ـ ٣٣ ).
٨ ـ (
.. وإذا
سألتموهن متاعاً فاسئلوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن
.. ) ( الأحزاب :
٥٣ ).
تنبيه
هام : تشير الآيات الأربع الأخيرة إلى أمر
نساء النبي 6 بالحجاب
بصورة مُركزة ، مع العلم بالتحصين النبوي لهن ، فكيف إذن ببقية النساء ؟. والهدف
الآخر من التركيز هو كون نساء النبي 6
قدوة لغيرهن من النساء ( كما بحثت الآيات والله أعلم ).
ونهاية
المطاف : احذري ـ أيتها الأخت العزيزة ـ أن
تكفري بالآيات الأخيرة التي تأمرك بالحجاب خصوصاً الآية الرابعة المرقمة (٣١) من
سورة النور فاستنيري بها واخرجي من ظلمات الجهل والضلال. فإن أعرضت عن قولي فإن
أملي وطيد بأنك تؤمنين بالآية الكريمة الآتية : (
إن الذين
كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدّلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا
العذاب .. )
( النساء : ٥٦ ). فهل تطيفين ماء مغليا يسيل لحظة قصيرة على عضو واحد من أعضائك
المكشوفة والمصبوغة ؟ فبالطبع تجيبين ( لا ) وكيف يكون حالك أيضا إذا شملتك الآية
الكريمة : ( وللذين كفروا بربّهم
عذاب جهنّم وبئس المصير * إذا ألقوا فيها سمعوا
لها شهيقاً وهي تفور * تكاد تميز من الغيظ كلّما
ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير
* قالوا بلى
قد جاءنا نذير فكذّبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن انتم إلا في ضلال كبير
* وقالوا لو
كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير
* فاعترفوا
بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير ) ( الملك : ٦ إلى ١١ ) وبالتالي ارحمي
نفسك وتدبري قول ربك : (
ومن أظلم
ممّن ذكر بآيات ربّه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون
) ( السجدة :
٢٢ ) فإيّاك ، إيّاك أن تغفلي عن آيات ربّك في أمر الحجاب واجتهدي لحجب جلدك
الرقيق عن عذاب الحريق.
ثالثا
: لا يجوز اختلاط الرجال بالنساء في
محافل الترف ، ولا يجوز اجتماعهم في البيوت والنوادي والكازينوات والمدارس وغيرها
بمظهر الزينة والتبرّج والمزاح والنظرات الخائنة ، فكل ذلك يؤدي إلى فساد المجتمع
ونسف بناء الأسرة. فانتبه أيها القارئ العزيز إلى ما يأتي :
(أ) ما أكثر ما قرأنا وسمعنا أن زوجا
خان زوجته وطلّقها ، وهجر أطفاله واصطحب امرأة فاجرة غرته خلال الاجتماع
والاختلاط.
(ب) ذكرت إحدى الصحف أن رجلا قتل صديقه
ليستحوذ على زوجته التي كانت تظهر أمامه بتبرج وخلاعة ، حينما كان يزور زوجها في
داره.
(ج( قتلت زوجها بالتعاون مع صديقها
وقطعت أعضاءه ووضعتها في كيس ورمته في بالوعة الدار ، وذلك لكي تتزوج بذلك الصديق.
هذه الأحداث الثلاثة هي من آلاف الأحداث
التي تزداد يوماً بعد يوم. فاعتبر أيها القارئ العزيز واحذر أن تدمر نفسك في
الدنيا والآخرة.
رابعا
: أيها القارئ العزيز ! احذر النظر إلى الأفلام الخليعة التي تثير الغريزة الجنسية
، خصوصاً الأفلام التي تقوم النساء فيها بأدوار سافلة ساقطة. فقد ذكر أن أحد
الشباب شاهد فلماً جنسياً مثيراً ، وبعد انتهاء العرض أقبل مسرعاً إلى الدار واعتدى
على أخته الصغيرة النائمة بنفس الشكل القبيح الذي شاهده ، وقد أدّت الجريمة
النكراء إلى النزيف والوفاة ( نعوذ بالله ).
خامسا
: لا تجوز المصافحة بين الرجل والمرأة
إلا من استثناهم الدين الحنيف وهم : ( الزوجان الوالدان ، الإخوان والأخوات. العم
والعمة. الخال والخالة. ابن الأخت وبنت الأخت. ابن الأخ وبنت الأخ. أم الزوجة.
زوجة الابن. الإخوة والأخوات والأمهات من الرضاعة ( بشروطها ). فتحرم مصافحة بقية
الأقارب كبنت العم وابن العم ، وبنت
الخال وابن الخال ،
فكيف إذن تجوز مصافحة غيرهم ؟ ويجب على المسلم أن يُقنع الطرف الثاني بأن من
المصافحة ما قد حرمها الله سبحانه وتعالى كما مرّ ، ولا تأخذه لومة لائم فإن خشية
الله أحق من خشية الناس ، لأن المصافح العاصي ستشهد يده عليه يوم القيامة كما قال
تعالى : ( اليوم نختم على
أفواههم وتكلمنا أيديهم .. ) ( يس : ٦٥ ) نعوذ بك يا رب من التهاب
أيدينا بالنار الكبرى ، فإننا لا نطيق أن تقع عليها شرارة واحدة من نار الدنيا.
سادسا
: لقد جهل أكثر الناس حرمة عرض أنفسهم
عند العلاج الطبي على الطبيب أو الطبيبة ، غير المماثلين للمريض في الجنس (
الذكورة والأنوثة ) ويحتجون بأن الدين يجوز ذلك فذلك خطأ كبير. نعم يجوز ذلك عند
الضرورة كالولادة الخطيرة التي لم يتيسر فيها وجود الطبيبة المولدة ، فما دامت
هناك فرصة اختيارية فلا يجوز للرجل أن يعالج نفسه عند طبيبة ، ولا يجوز للمرأة أن
تعالج نفسها عند طبيب ، خصوصاً عند طب الأسنان. فمن كان مستغرباً من قولي هذا فليسأل
علماء الدين المتقين ، إذا كان من المسلمين المخلصين.
سابعا
: لا تجوز المقابلة بين النساء والرجال (
غير المحارم ) واجتماعهم على مائدة واحدة من الطعام بصورة يُردّد المزاح والضحك
فيما بينهم ، أو يذكر أحدهم اللطائف والطرائف للآخر ـ خصوصاً بين الشاب الجميل والشابة
الجميلة ـ وإن املي وطيد بأن القرّاء الأعزّاء يؤيدون قولي هذا ، فان الغريزة
الجنسية عند الرجل والمرأة تتأثر بأدنى المؤثرات ، حتى بصوت المرأة عند بعض النساء
، ومن حسب قولي هذا خرافة فإنه قد استهزأ بقول الله تعالى : ( .. فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن
قولا معروفاً ) ( الأحزاب : ٣٢ ).
ثامنا
: أختي العزيزة ! أذكرك مرة أخرى
باجتناب الأصباغ والمساحيق وإطالة الأظفار ، وأرجوك أن تراجعي (صفحة : ٥٨ ).
تاسعا
: أختي العزيزة ! راجعي من تثقين به
من العلماء المتقين في مسألة كشف الوجه والكفين خصوصاً إذا كنت شابة بارزة في
الجمال ، لأن الفقهاء اختلفوا حول هذه المسألة ، فمنهم جوّزوا كشف الوجه والكفين ،
ومنهم حرموه وأوجبوا الستر وسمحوا بفتحة ضيقة لنظر العينين ، وبرهنوا على ذلك بأن
فتنة المرأة تبرز في وجهها خصوصاً في هذا الزمان الذي اندلعت فيه نيران الشهوات والأهواء
في قلوب الرجال ، خصوصاً الشباب منهم ، وبالتالي فأنت بصيرة على نفسك وتعلمين
الحال والمآل. وإذا اطمأن قلبك بعد البحث والعلم على جواز كشف الوجه والكفين ،
فيجب عليك ستر شعر الرأس كله وكذلك ستر الرقبة ، وتجاوزي به إلى جزء قليل من الفك
الأسفل. واحذري كشف ما يتصل بالكفين من اليدين ، ولا تغفلي عن ستر القدمين ، ونبهي
أخواتك المؤمنات على ذلك.
عاشرا
: أناديك ـ أيتها الأخت العزيزة ـ
للانتباه إلى الأمثلة الآتية في الحجاب والسفور :
(أ) إنك
كاللؤلؤة القيمة تتلألئين بالشرف والفضيلة ، فاللؤلؤة لا يبعثر مكان حفظها بل يغلق
حذرا من عدوان اللصوص ومد أيدي الخائنين اليها ( كذلك الحجاب والسفور ).
(ب) إنك
عماد المجتمع الإنساني كالطاقة الكهربائية التي تزود الأجهزة المتصلة بها بما يُقوّم
حياة الإنسان ، فهذه الطاقة تسير في أسلاك يجب أن تكون مغلفة ، فإذا نزع الغلاف
عنها تنقلب الحياة إلى الممات ، وينقلب الهناء إلى الشقاء ( كذلك الحجاب والسفور
).
(ح( إنك
كالحديقة الغنّاء تضم الأشجار الخضراء الزاهية ، والفواكه الطيبة العطرة ،
والأزهار الجذابة الخلابة ، فهي محاطة بسياح شامخ راسخ يدخل فيها من أحل له الدخول
من بابها الخاص ، فإذا هدم سياجها تكون عرضة لعبث
( زواج بغير اعوجاج )
العابثين ونهباً
للصوص المجرمين ( كذلك
الحجاب والسفور ).
(د) إياك إياك أن
تطيعي زوجك إذا نهاك عن الحجاب ، فلا طاعة لمخلوق بسخط الخالق. واعلمي بأنك
ستحشرين إلى الله قريبا يوم القيامة ، فلا ينفعك زوجك ولا ينجيك أحد من عذاب الله
الشديد ، إلا إذا أطعت واتقيت ربك خصوصاً في أمر الحجاب ، وحاولي أن تنصحيه بالتي
هي أحسن ، وآتيه بالمثل الآتي : إن الزوجة المحجبة كالسيارة الخاصة بالنسبة لزوجها
، أما إذا كانت سافرة فتصبح كالسيارة العمومية يتردد إليها الناس داخلين وخارجين ،
فهي عرضة لتلويث مقاعدها وتدمير أطرافها وجوانبها الأخرى ، والجدير بالذكر هو أن
التردد بالدخول والخروج بالنسبة للمراة لا ينحصر بالاتصال بها مباشرة ، بل يتجلى
كذلك في تردد النظرات الخائنة إليها والهمسات الخبيثة الموجهة إليها ، وتلك هي
الشرارات الجنسية التي تمتد إلى حرائق عاتية.
وأقول هنا : ويل للزوج الذي يسمع هذه
النصيحة ويبقى مصرا على تعنته وطغيانه وفقدان غيرته على عرضه ، ويا حسرة عليه إذ
يوبخه الحديث الشريف المروي وهو ( الغيرة من الإيمان ) فمن لا غيرة له لا إيمان
له. ( نعوذ بالله ).
وأقول أيضا : ويل ثم ويل للزوجة التي
يأمرها زوجها بالحجاب فلا تطيعه ، فقد روي عن النبي 6
الحديث المشهور. ومضمونه أنه سيأتي في آخر الزمان نساء كاسيات ولكنهن عاريات ،
وإلى الشهوات مائلات ومميلات ، وفي جهنم خالدات ، فلا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها.
( نعوذ بالله ).
ختاما
إن السفور من النساء وسيلة
|
|
إن السفور من النساء وسيلة
|
وبه تباريح الغرام تثور من
|
|
وهج الصدور بلاعج الزفرات
|
حتى إذا تمت مراتبه وما
|
|
قد عدها شوقي من الحالات
|
هجم الفجور على الصيانة والحيا
|
|
ورمى العفاف بأسهم الشهوات
|
ما في الرجال على النساء مؤمن
|
|
كم من ثقاة فتكوا ببنات
|
فتحجبي بنت العفاف ترفعا
|
|
عن أعين الفساق في النظرات
|
إن الحجاب وقاية الأعراض من
|
|
سفه السفور وذلة اللذات
|
* * *
قل لمن بعد حجاب
|
|
أبهذا يأمر الغيد الشرف
|
أسفور والحيا يحظره
|
|
وتقى الله وآداب السلف
|
ليست المرأة إلا درة
|
|
أيكون الدر إلا في الصدف
|
* * *
سيري لمجدك تحت ظل عفاف
|
|
وتجملى بمطارف الألطاف
|
ودعي التبرج والسفور ففيهما
|
|
سر السقوط ومنتهى الإسفاف
|
ليس التبرج للفتاة بزينة
|
|
تسمو به لمراتب الأشراف
|
لكنما هو دعوة من جاهل
|
|
متجاهر بالمكر والإرجاف
|
يبغي الوصول إلى مناه بخدعة
|
|
مستورة بمظاهر الإنصاف
|
لو كنت تدرين المراد لخفت من
|
|
عقبى الخداع وغائل الإجحاف
|
فتحذري سوء النهاية واتقى
|
|
لهب اللظى بتحجب وعفاف
|
__________________
ما الدر وهو مجرد عن حرزه
|
|
بمقدار كالدر في الأصداف
|
وتصان بالستر الثمار وتغتدى
|
|
ببروزها في معرض الإتلاف
|
ولذا يقول الدين لا تتبرجي
|
|
للأجنبي وحققي أهدافي
|
كي تسعدي بهدايتي وتحققي
|
|
هدف السمو بأمثل الأوصاف
|
* * *
يا ابنتي إن أردت آية حسن
|
|
وجمالا يزين جسماً وعقلا
|
فانبذي عادة التبرج نبذاً
|
|
فجمال النفوس أسمى وأعلى
|
زينة الوجه أن ترى العين فيه
|
|
شرفا يسحر العيون ونبلا
|
واجعلي شيمة الحياء خمارا
|
|
فهو بالغادة الكريمة أولى
|
والبسي من عفاف نفسك ثوبا
|
|
كل ثوب سواه يفنى ويبلى
|
* * *
رأيت النساء بعيني الخيال
|
|
وأبصرتهن بعين النظر
|
فكن محاسن هذا الوجود
|
|
يطالعنه بأحب الصور
|
إليهن مهوى قلوب الورى
|
|
وعنهن يصدر كل البشر
|
بهن الهدى ولهن الهوى
|
|
وهن الأمان وهن الخطر
|
* * *
حسب المرأة قوم آفة
|
|
من يدانيها من الناس هلك
|
وراها غيرهم أمنيةً
|
|
ملك النعمة منها من ملك
|
إنما المرأة مرآة بها
|
|
كل ما تنظره منك ولك
|
فهي شيطان إذا أفسدتها
|
|
وإذا أصلحتها فهي ملك
|
* * *
نظم الشاعر العراقي « الزهاوي » قصيدة
نقد فيها الحجاب وحث النساء على السفور ، وانطلقت قصيدته من مدينة « بغداد » ولها
اسم آخر هو « الزوراء » فمن أبياتها :
اسفري فالحجاب يا ابنة فهر
|
|
هو داء في الاجتماع وخيم
|
كل شيء إلى التجدد ماضٍ
|
|
فلماذا يُقر هذا القديم
|
اسفري فالسفور للناس صبح
|
|
زاهر والحجاب ليل بهيم
|
* * *
أقول : ليس كل قديم متجددا ( كما قال
الزهاوي ) فأهم مقومات الحياة هي قديمة لا تتجدد هل تجددت الشمس القديمة ؟ هل تجدد
الهواء القديم ؟ هل تجدد أصل الماء القديم ؟ هل تجددت اللحوم والفواكه ؟ كلا ثم
كلا. كذلك قوانين الإسلام القديمة المقومة للإنسانية العليا لن تتبدل ولن تتحول
كما قال تعالى :
(أ) (
فلن تجد
لسنة الله تبديلاً ، ولن تجد لسنة الله تحويلاً
) ( فاطر : ٤٣
).
(ب) (
فأقم وجهك
للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدّين القيّم
ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ( الروم : ٣٠ ).
وقد تصدى للزهاوي شاعر بالأبيات الآتية
:
أكريمة الزوراء لا يذهب بك
|
|
هذا الخداع ببيئة الزوراء
|
لا يخدعنك شاعر بخياله
|
|
إن الخيال مطية الشعراء
|
حصروا علاجك في السفور وما دروا
|
|
أن الذي وصفوه عين الداء
|
أو لم يروا أن الفتاة بطبعها
|
|
كالماء لم يُحفظ بغير إناء
|
من يكفل الفتيات بعد بروزها
|
|
مما يجيش بخاطر العذراء ؟
|
ومن الذي ينهى الشبيبة رادعا
|
|
عن خدع كل خربدة حسناء ؟
|
ليس الحجاب بمانع تهذيبها
|
|
فالعلم لم يُرفع على الأزياء
|
أو لم يسع تعليمهن بدون أن
|
|
يملأن بالأعطاف عين الرائي ؟
|
* * *
أرادوا لهن حياة السفور
|
|
وتلك لعمري طريق الفجور
|
وكيف يصان عفاف الفتاة
|
|
وفي كل يوم خليل يزور ؟
|
هل الغيد إلا بدور بنى
|
|
لهن العفاف بروج الخدور
|
فأين التجدد من مدع
|
|
يرى الحزم في نبذهن الستور
|
* * *
أرجوك رجاء مخلصاً ( أيها القارئ العزيز
) مراجعة القصيدة ( صفحة : ٦٠ ).
وأخيرا
: ( أيتها الأخت العزيزة ) فإن أملي وطيد
بأن نور الله قد سطع في قلبك وتفتح لك سبيل الحق والهدى فاسلكي فيه آمنة مطمئنة
ولا تستوحشي من قلة السالكين ، فإن الله سبحانه وتعالى معك فهو نعم النصير والظهير
ويقول : ( وقليل من عبادي الشكور
) واعلمي بأن
الدين هو النصيحة فانصحي تلك المرأة التي جهلت أو تجاهلت أحكام القرآن الكريم
وتزعم أنها ليست مقتنعة بأمر الحجاب ، فاقنعيها بما شرحناه لك ، وقولي لها أيضا «
لماذا تقتنعين بوصفة الطبيب إذا كنت مريضة وتعملين بأوامره ولا تردين عليه وهو بشر
لا تؤمن أخطاؤه ، ولا تعملين بأوامر رب العالمين وأحكم الحاكمين ؟!! وقد قال الله
العليم الحكيم : (
قل أتعلمون
الله بدينكم والله يعلم ما في السموات وما في الأرض والله بكل شيء عليم
) ( الحجرات :
١٦ ).
زواج رسول
الله ( محمد ) 6
لقد طعن أعداء الإسلام في شخصية رسول
الله ( محمد ) 6
وتقولوا عليه بأنه كان مشغوفا في حب النساء وقد جمع بين تسع زوجات ولكنهم ( مع
الأسف الشديد ) قد جهلوا أو تجاهلوا ما يأتي :
أولا
: لا عيب في حب النساء فذلك من مظاهر
الفطرة الإنسانية السليمة وهو التجاذب بين الذكر والأنثى وإنما العيب أن يخرج
المرء بالحب عن حدود العدالة الإنسانية. ويُعرض عن غرض وجوده القويم ففي ذلك
انحراف عن الحق وتشويه للكرامة. فلو نظرنا إلى حياة ( محمد ) 6 لوجدنا أن المرأه لم تشغله ولم تُلهه
عن أعماله السامية الرفيعة فكانت حياته كلها كفاحا وجهادا لبناء تاريخ مجيد
للإنسانية ! أجل إنه بنى أعظم تاريخ مشرق بنور الحق والعدل في حياته وبعد مماته
ولكن من يُغلق عينيه دون النور يضر نفسه ولا يطفئ النور.
ثانيا
: اتّسم ( محمد ) 6 بالطّهر والعفة في شبابه فلم يستبح قط
لنفسه ما كان شباب الجاهلية يستبيحونه لأنفسهم من اللهو والفساد الجنسي. وقد بقى
إلى نحو الخامسة والعشرين من عمره وهو لم يتعسف في طلب الزواج الحلال مع تيسره
ولما تزوج في تلك السنة كان زواجه ( بخديجة ) وعمرها أربعون سنة أكتفى بها إلى أن
توفيت وهو يجاوز الخمسين مع العلم بانتشار عادة التعدد ووفرة النساء ورغبتهن فيه
وعدم وجود المانع من جهة خديجة لأنها كانت أكبر منه سنا بالإضافة إلى تقواها التي
تكبح بها جماح عاطفتها وغيرتها بالنسبة لتعدد زوجاته. وكان بيده طلاق خديجة إذا
أبدت تعسفا وتعنتا فلا يحرم نفسه من لذة الجنس ولكن هيهات فإن
لذة القيام بأداء
الرسالة الإلهية وهداية الناس إلى سبيل الرشاد كانت أعظم لديه من لذة الاجتماع
بأجمل فتاة في عصره.
ثالثا
: لو كان الهوى الجنسي متحكماً في نفس (
محمد ) 6 لسارع إلى
الزواج بعد خديجة بتسع فتيات بارزات في الجمال فيسرعن إليه راضيات فخورات وأولياء
أمورهن أرضى منهن وأفخر بهذه المصاهرة ولكنه لم يتزوج بكرا غير ( عائشة ) وكان
عمرها حوالي عشر سنوات ، أما بقية الزوجات فكلهن ثيبات ومنهن مسنات ( كسودة بنت
زمعة ) وهي أول النساء بعد خديجة وقد تزوجها وعمره اثنتان وخمسون سنة وهو العهد
الذي يتقلص فيه النشاط الجنسي. ومن النساء المسنات ( أم سلمة ) وماذا تقول ( أيها
القارئ العزيز ) في بنت صغيرة كعائشة يتزوجها النبي ؟ هل كان ذلك بدافع جنسي ؟ كلا.
لماذا لم يتزوج ( محمد ) 6
فتاة بكرا عمرها عشرون سنة ( مثلا ) بدل البنت الصغيرة ؟
إذن : كان تعدد الزوجات لتحقيق مصلحة
عامة ومن ذلك إعزاز من ذل من المطلقات المؤمنات والأرامل الصالحات وكذلك لتقوية
الصلات بأكابر قريش والرؤساء من أصحابه وذلك لدعم رسالته ودعوته لنشر مبادئ
الإسلام في اوسع نطاق وأقرب فرصة.
رابعا
: تزوج النبي ( محمد ) 6 ( زينب بنت جحش ) ابنة عمته وكانت زوجة
( زيد بن حارثة ) وقد طلقها الزوج بعد العجز عن الإصلاح لأنها كانت تكرهه فلم
تنسجم معه وكان النزاع بينهما مستمرا فكان زواج النبي بها لايوائها وإسعادها فلم
يكن بدافع الهوى ( كما يزعم أعداء الإسلام ) لأنه لو كان كذلك لتزوجها ابتداء فهو
الذي عرضها على ( زيد ) فتزوج بها. والجدير بالذكر هو أن زواج نبينا بزينب بنت
جحش تم بأمر من الله
سبحانه وتعالى : (
.. فلما قضى
زيد منها وطراً زوجناكها .. ) ( الأحزاب : ٣٧ ).
خامسا
: اجتمعت كلمة نساء النبي ( محمد ) 6 على الشكوى واشتددن فيها بأنهن لا يجدن
نصيبهن من النفقة والزينة برخاء وترف من قبل زوجهن فهم النبي بتسريحهن وطلاقهن
وخيرهن بين الصبر على معيشتهن والتسريح لأنه وجد أن حب الله والجهاد في سبيل إعلاء
كلمته خير له من حب النساء بتحقيق شهواتهن وأهوائهن كما قال الله تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة
الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن واسرحكن سراحا جميلا
* وإن كنتن
تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعدّ للمحسنات منكنّ أجراً عظيماً
) ( الأحزاب :
٢٧ ـ ٢٨ ) فتدبروا واعتبروا يا أولى القلوب الواعية. فلا تغرنكم نساؤكم ولا
تستجيبوا لأهوائهن منحرفين عن الحق ، نعم متعوهن من طيبات الحياة وزينتها ووسعوا
عليهن بما أنعم الله به عليكم وارضوهن بما لا تخسرون به رضوان الله تعالى فلهن
عليكم حق التكريم والاحترام.
قصص
الزواج
( مقتطفات من تفسير القرآن الكريم وكتب
قصص الأنبياء )
أولاً
: زواج النبي إبراهيم 7 :
لقد كافح وجاهد النبي إبراهيم 7
في سبيل ربه لهداية قومه الذين كانوا يعبدون الأصنام وذلك في « بابل » في أرض
العراق ، حتى آل الأمر أنه دمر أصنامهم بالطريقة المشهورة التي ذكرها القرآن
الكريم
وكان « نمرود بن كنعان » قد بسط سلطانه عليهم فإنه قد طغى وتجبر حتى ادّعى
الربوبية. فلما جاء حدث تدمير الأصنام عزم قومه أن يحرقوا إبراهيم 7 بالنار انتقاما لما فعله بآلهتهم ،
فحبسوه في بيت كما قال تعالى : (
قالوا
ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم
) ( الصافات :
٩٧ ) ثم جمعوا له من أصلب الحطب وأصناف الخشب حتى إنه كانت المرأة إذا مرضت تقول :
لئن شفيت لأجمعن حطباً لإبراهيم. وكانت تنذر لما تحب أن تدركه لئن أصابته لتحتطبن
حطبا وتجعله في النار التي يحرق بها إبراهيم احتساباً في دينها. فكانوا يجمعون
الحطب شهرا حتى إذا كثر وجمعوا منه ما أرادوا أشعلوا النار فتوهجت إلى درجة أنها
إذا مر الطير بها يحترق من شدة وهجها. ثم عمدوا إلى إبراهيم 7 فرفعوه على رأس البنيان وقيدوه ، ثم
اتخذوا منجنيقاً ووضعوه فيه ورموا به إلى النار في موضع شاسع ، فاستقبله جبريل 7 فقال : يا إبراهيم الك حاجة ؟ قال :
أما اليك فلا. قال جبريل : فاسأل ربك. فقال إبراهيم 7
: « حسبي من سؤالي علمه بحالي ، حسبي الله ونعم الوكيل » أجل : إن الله سبحانه
وتعالى قد نصره لأنه قد نصر دينه ، فقال تعالى : (
يا نار
كوني برداً وسلاماً على إبراهيم
) ( الأنبياء
: ٦٩ ) فانقلبت النار إلى روضة خضراء وإبراهيم
__________________
جالس فيها ( فاعتبروا يا أولى الألباب
) ثم خرج بعد
ذلك من بلده فارا بدينه إلى ربه ، وسكن ( حرّان ) حوالي الشام ، فمكث بها ما شاء
الله أن يمكث ، ثم خرج منها مهاجرا حتى قدم إلى مصر وبها فرعون من الفراعنة الأولى
، وكانت زوجته « سارة
» من أحسن النساء وأجملهن ، وكانت تقية مطيعة لزوجها ولا تعصيه في شيء ، وقد ذكر
أن إبراهيم 7 قد أودع
زوجته « سارة » في صندوق حين سفره ، وذلك غيرة عليها من إشراف أنظار الناس عليها ،
فلما وصل إلى مصر أجبره فرعون أن يفتح الصندوق. فلما رأى زوجته بذلك الجمال الرائع
أهوى إليها ليتناولها بيده ، فيبست يده إلى صدره. فلما رأى فرعون الجبار ذلك أعظم
أمرها وقال : سلي ربّك أن يطلق يدي ، فوالله لا آذينك. فقالت « سارة » : « اللهم
إن كان صادقا فأطلق له يده ». فأطلق الله يده. وقد فعل ذلك ثلاث مرات قصد أن
يتناولها فيبست يده. روى أن إبراهيم 7
قال له : « إن الله غيور يحب الغيور ».
فكن
أيها الزوج غيوراً على زوجتك ، ولا أقول لك أودعها في صندوق خشبي أو حديدي ، بل
أودعها في صندوق العفة والحشمة لتكسب محبة الله وتأييده ونصره.
ثم وهب فرعون مصر جارية اسمها « هاجر » إلى « سارة » إجلالاً لما رآه من مكانتها
السامية عند الله تعالى ، وبعد ذلك وهبت ( سارة ) جاريتها « هاجر » إلى زوجها
إبراهيم 7 » ، فقالت
له : « إني أراها امرأه وضيئة فخذها لعل الله تعالى يرزقك منها ولداً ». وكانت
سارة قد مُنعت الولد حتى أسنت
، فتزوج
__________________
إبراهيم 7 بهاجر فولدت له « إسماعيل » 7. وقد روى عن رسول الله 6 أنه قال : ( إذا افتتحتم مصر
فاستوصوا بأهلها خيرا ، فإن لهم ذمة ورحما ).
ثانيا
: زواج النبي « موسى » 7 :
لما تآمر زبانية فرعون على قتل « موسى » 7
، خرج متوجها تلقاء أرض « مدين » داعيا الله أن ينجيه من القوم الظالمين ، وأن
يهديه سواء السبيل. فلما ورد ماء مدين وجد جماعة من الناس يسقون مواشيهم من البئر
، ووجد من دونهم امرأتين تمنعان غنمهما. فسألهما عن ذلك ، فأخبرتاه بأنهما تنتظران
حتى يفرغ الرعاء من السقي لأنهما لا تقويان على المزاحمة ، ووالدهما كبير السن لا
يستطيع الحضور للسقي. فرق قلبه لهما فأسرع إلى بئر كان على رأسها صخرة عظيمة ،
وكان النفر من الرجال يجتمعون إليها حتى يرفعوها ، فرفع « موسى » 7 الصخرة ، وأخذ دلوا لهما وقال لهما :
قدما غنمكما. فسقى لهما الأغنام حتى أرواها ، فرجعتا إلى أبيهما سريعا قبل الناس.
فقال لهما : ما أعجلكما وأسرع رجوعكما.
قالتا : وجدنا رجلا صالحا فرحمنا فسقى لنا أغنامنا. فقال لإحداهما : اذهبي فادعيه
إليّ. فجاءته إحداهما وهي تمشي على استحياء قالت له : إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما
سقيت لنا. فقام موسى ، فتقدمته وهو وراءها ، فهبت ريح فألصقت ثوب المرأة بردفها.
فكره موسى أن ير ذلك منها ، فقال لها موسى : امشي خلفي ودليني على الطريق. فإذا
أخطأت فارمي قدامي بحصاة حتى أنهج نهجا ، فإنا بني يعقوب لا ننظر إلى أعجاز النساء
( تدبر هذا المشهد أيها القارئ العزيز ـ وخذ منه درسا رائعا للعفة والفضيلة
الجنسية ) فنعتت المرأه الطريق لموسى إلى منزل أبيها ومشت خلفه ، حتى دخل على
أبيها « شعيب » بناء على المشهور.
وهناك من خالف هذا المشهور ورفض أن يكون
« شعيب » والد الامرأتين ، بل هو شخصية أخرى.
فسأل الوالد موسى عن حاله وقصته فأخبره الخبر. فقال له : لا تخف نجوت من القوم
الظالمين. فقالت إحداهما وهي التي كانت الرسول إلى موسى : يا أبت استأجره إن خير
من استأجرت القوى الأمين. فقال لها أبوها : إنك عرفت قوته من رفع الصخرة على البئر
، فكيف عرفت أمانته ؟ فأخبرته بما أمرها موسى من استدبارها إياه في الطريق. فازداد
فيه الأب رغبة فزوّجه ابنته التي جرت قصة الطريق منها. ورعى له موسى عشر سنين.
ذكرى
لأولى القلوب الواعية : أختي العزيزة :
هكذا انتخبي الزوج ومحصى واختبري السلامتين في بدنه وروحه ، واحذري الاقتصار على
اختيار صحة بدنه وجمال صورته.
رواية
طريفة : روى أن موسى 7 لبث عند شعيب ما شاء الله ، ثم استأذنه
في الانصراف مع زوجته واسمها « صفورا » فأذن له وقال له : ادخل هذا البيت وخذ عصا
من العصى لتكون معك تدرأ بها السباع عنك وعن غنمك ـ وكانت عصا الأنبياء عند شعيب ـ
فلما دخل موسى البيت وثبت إليه العصا فصارت في يده ، فخرج بها فقال شعيب : ردها
وخذ غيرها. وذلك أن شعيبا كان قد أخبر بأمر العصا ، ولم يدر شعيب أن صاحبها هو
موسى. فردّها موسى إلى البيت فألقاها وذهب ليأخذ غيرها. فوثبت الأولى حتى صارت في
يده. ففعل ذلك مرارا فقال له شعيب : ألم أقل لك خذ غيرها ؟ فأخبره موسى بما جرى ،
فعلم شعيب أن ذلك أمر يريده الله تعالى ، فقال له : خذها.
__________________
ثالثا
: تزويج سعيد بن المسيب : إنه شخصية إسلامية مشهورة ، فقد خطب
إليه عبد الملك بن مروان ابنته إلى ولي عهده « الوليد بن عبد الملك » ، وكانت من
أحسن النساء جمالا وكمالا وأعلمهن بكتاب الله وسنة رسوله ، ولكن سعيد بن المسيب لم
يتردد في الاعتذار عن ذلك ، وأصر عليه رغم ما أوقعه به عبد الملك من إيذاء ، حتى
ضربه مائة سوط لما عرف به الوليد من مجون واستهتار. وعاد سعيد بن المسيب إلى
المدينة المنورة فزاره عبدالله بن أبي وداعة أحد تلامذته فسأله عن حاله ، وعلم منه
وفاة زوجته فقال له : « هلا استحدثت امرأة ؟ » فقال : يرحمك الله تعالى ، ومن
يزوجني وما أملك سوى درهمين أو ثلاثة ؟! فقال له سعيد : أنا أزوجك ..! قال : وتفعل
؟! قال : نعم. فزوجه ابنته على درهمين أو ثلاثة. وهكذا آثر سعيد بن المسيب الفقير
التقى الذي توفرت له الكفاءة في الدين على الأمير الغني الذي يفتقر إليها. ولم
يكتف بذلك بل بلغ به الاطمئنان والثقة في دين ذلك الفقير.
يقول عبدالله بن أبي وداعة : « فقمت وما
أدري ما أصنع من الفرح .. فصرت إلى منزلي وجعلت أفكر ممن آخذ وممن أستدين ؟ فصليت
المغرب وانصرفت إلى منزلي ، فأسرجت وكنت صائما فقدمت طعامي لأفطر وكان خبزأ وزيتا
، وإذا بابي يقرع فقلت : من هذا ؟ قال : سعيد. ففكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا
سعيد بن المسيب ، وذلك أنه لم يُر أربعين سنة إلا بين داره والمسجد. فخرجت إليه
فإذا به سعيد بن المسيب فظننت أنه قد بدا له. فقلت : يا ابا محمد .. لو أرسلت إليّ
لأتيتك. فقال : لا .. أنت أحقّ أن تؤتى. قلت : فما تأمر ؟ قال إنك كنت رجلا عزباً
فتزوّجت ، فكرهت أن
__________________
تبيت هذه الليلة
وحدك. وهذه امرأتك ..!! وإذا هي قائمة خلفه في طوله. ثم أخذ بيدها فدفعها في الباب
وردّه ، فسقطت المرأه من الحياء. فصعدت السطح وناديت الجيران فجاءوني وقالوا : ما
شأنك ؟ قلت : ويحكم !! زوجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم !! وقد جاء بها الليلة
على غفلة. فقالوا : أو سعيد زوجك ؟!! قلت : نعم. قالوا : وهي في الدار ؟!! قلت :
نعم. فنزلوا إليها وبلغ ذلك أمي ، فجاءت وقالت : وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل
أن أصلحها إلى ثلاثة أيام. فأقمت ثلاثا ثم تزوجتها ، فإذا هي من أجمل النساء وأحفظ
الناس لكتاب الله تعالى وأعلمهم بسنة رسول الله 6
وأعرفهم بحق الزوج. فمكثت شهراً لا يأتيني سعيد ولا آتيه فلما كان بعد الشهر أتيته
وهو في حلقته العلمية ، فسلّمت عليه فردّ عليّ السلام ولم يكلّمني حتى تفرق الناس
من المجلس. فقال : ما حال ذلك الإنسان ؟ فقلت : بخير يا أبا محمد على ما يحب
الصديق ويكره العدو. فانصرفت إلى منزلي فوجه إلى بعشرين ألف درهم ». فما أعظم
اطمئنان ذلك الوالد إلى مصير ابنته ، حتى إنه لم يفكر في استقصاء أحوالها لأنّه
علم أنها في كنف رجل تقى يخشى الله تعالى ، ويعرف حقها عليه ، ومكانتها منه.
أيها
الآباء الأغنياء : متعوا بناتكم بحياة
طيبة بتزويجهن للفقراء الأبراء وأغنوهم من أموالكم لتكسبوا ذرية مطيعة لربّ
العالمين وذلك هو الفوز العظيم.
ختام البحث
قال الله تعالى : ( وإذا النفوس زوّجت
) ( التكوير :
٧ ).
أيها
الإخوة ـ أيتها الأخوات : اعملوا لهذا
الزواج فإن له شأنا عظيما ومظهرا خطيرا. أجل : اعملوا ليوم تتزوج فيه أرواحكم
بأبدانكم بعد تناثر أجزائها في التراب وخارجه فإن الله سبحانه وتعالى سيحييكم بعد
موتكم وهو على كل شيء قدير.
فيزوج المؤمن بالحور العين للاتي لا يهرمن ولا يمرضن في جنات تجري من تحتها
الأنهار خالدين فيها أبدا بالإضافة إلى ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين. ويزوج
المؤمنات بأزواجهنّ الذين تزوجوا بهن في الحياة الدنيا فينشئ كلا الزوجين بأحسن
الجمال الجسدي والكمال النفسي فلا نزاع ولا صراع ولا أضغان ولا أحقاد كما كانت
سابقا. قال تعالى : (
لا يسمعون
فيها لغواً ولا تأثيماً إلا قيلاً سلاماً سلاماً
) ( الواقعة :
٢٥ ).
وأما النساء العزبات في الدنيا فيزوجهن
رب العالمين كذلك بأزواج من رجال الدنيا. ولا يبعد أن يخلق في الجنة أزواجا آخرين
في أحسن الجمال والكمال فيتم زواج النساء بهم. وأما الكافرون فيزوجهم الله تعالى
ويقرنهم بالشياطين في نار جهنم وبئس المصير. ذلك ما ذكر في تفسير الآية الكريمة
السابقة ( وإذا النفوس زوّجت
) ( والله
أعلم ). وبالتالي : قول الله تعالى :
(أ) (
وقل اعملوا
فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردّون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما
كنتم تعملون ) ( التوبة : ١٠٥ ).
(ب) (
يوم تجد كل
نفس ما عملت مُحضراً وما عملت من سوء تودّ لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم
الله نفسه والله رؤوف بالعباد
) ( آل عمران
: ٣٠ ). وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
__________________
استدارك
أولا
: الزواج والدماء الثلاثة : ( لا حياء في أحكام الدين بل الحياء في معصية رب
العالمين ) لا يجوز للزوج أن
يلامس زوجته ملامسة جنسية باطنية خلال حال الحيض والنفاس إلا بعد طهارتها بالتأكد
من زوال الأثر الكلي للدم ولو من صفرة رقيقة بإدخال قطنة كما مر سابقا. أما الملامسة السطحية
فهي جائزة. والدماء الثلاثة هي ( الحيض. النفاس. الاستحاضة ).
(أ) يكون دم الحيض غالباً أسود أو أحمر
حاراً عبيطاً يخرج بدفق وحرقة ، وقد يكون أصفر رقيقا عند انتهائه. أما دم
الاستحاضة فيكون غالبا أصفر بارداً رقيقا يخرج بفتور ، وأحيانا قد يكون بصفات
الحيض. وينقسم إلى ثلاثة أقسام
الأولى
: الاستحاضة القليلة : تكون إذا لم يتجاوز
الدم سطح القطنة إلى الداخل ففي هذه الحالة تطهر المستحاضة الموضع ، وكذلك القطنة
أو تبدلها وتتوضأ لكل صلاة فلا يجوز لها أن تصلي صلاتين بوضوء واحد.
الأولى
: الاستحاضة المتوسطة : تكون إذا تجاوز
الدم سطح القطنة إلى داخلها فقط ، ففي هذه الحالة تعمل كالسابق وتطهر الرباط أيضا
، وتضيف غسلا واحداً للصلاة التي حدثت الاستحاضة قبلها ابتداء. وإذا استمرت فتغتسل
لصلاة الفجر فقط يوميا ، والأحوط الوضوء مثل الغسل.
الثالثة
: الاستحاضة الكثيرة : وتكون إذا تجاوز
الدم القطنة وخرج من الجهة الثانية ، ففي هذه الحالة نعمل كالقليلة ، أي أنها تطهر
الموضع والقطنة والرباط وتتوضأ لكل صلاة وتضيف ثلاثة أغسال : الأول
لصلاة الفجر ، والثاني
لصلاة الظهر والعصر بدون فصل بينهما ، والثالث
للمغرب العشاء بدون فصل بينهما كذلك. وفي سائر الأحوال يجب على المستحاضة أن تعجل
إلى الصلاة بعد تأديتها لما وجب عليها من غسل ووضوء. ويجب عليها أن تلاحظ الأمور
الآتية :
١ ـ تحرص على حبس الدم بالرباط لكيلا
يتجاوز إلى الخارج.
٢ ـ تختبر حالها قبل كل صلاة لتعرف أنها
من أي قسم من الأقسام الثلاثة.
٣ ـ تتوقف صحة صومها على أداء الأغسال
المقررة ، وهي : الغسل لصلاة
__________________
المغرب والعشاء من
الليلة السابقة لنهار الصوم ، والغسل لصلاة الصبح منه. والغسل الثالث لصلاة الظهر
والعصر من نهار الصوم كذلك.
تنبيه
هام : أيتها الاخت العزيزة : لا تجزعي من
الأوامر التي مر ذكرها ، فإن الجزع وسوسة من الشيطان. فإن متاعب الدنيا وصعوباتها
هي أكثر من القيام بأحكام الدين. وأما دم النفاس فهو الذي يستند إلى الولادة ، وله
أحكام مفصلة لا مجال لذكرها في هذا الكتاب. فيجب على المرأة أن تتعلمها بنفسها أو
بواسطة أبيها أو زوجها ، ولا عذر لها على كل حال (١). كذلك تتعلم أحكام الحيض
والاستحاضة كما مر سابقا ، وذلك لاجتناب خطر بطلان عباداتها ( الصلاة. الصوم. الحج
) فإن الله تعالى لم يخلق المرأه لتأكل وتشرب وتتمتع بزينة اللباس والمسكن
والأولاد فقط بل قال تعالى : (
وما خلقت
الجن والإنس إلا ليعبدون ) ( الذاريات : ٥٦ ).
ثانيا
: أخي الزوج ـ أختي الزوجة : يجب عليكما
أن تأمرا أولادكما بأداء أحكام الإسلام ، خصوصاً البنت إذا أكملت تسع سنوات قمرية
، فإن الله تعالى قد كلفها بذلك فلا تهملا أمر صلاتها وصيامها وخصوصا حجابها : فإن
احتقرتما هذا القول فذلك هو الاحتقار للدين الحنيف ، والاستصغار لحكمة رب العالمين
، فهو الذي أحكم خلق المرأة ولم يكلفها بما لا تطيقه فهو أرحم الراحمين. وقد ثبت
في علم النفس التربوي أن البنت في سن تسع سنوات تملك مشاعر وطاقات إنسانية أقوى من
الابن في نفس السن بل أكثر منها بسنوات.
فاحذرا
أيها الوالدان : تلبيس إبليس الذي يصد عن
الحق ويدعو إلى الباطل والضلال.
ثالثا
: لقد جرت العادة بين كثير من المتزوجين أن
يتختموا بالذهب ، فذلك حرام بإجماع المذاهب الإسلامية ، فقد روى عن النبي 6 ، أنه رأى رجلا قد لبس الذهب
أو كان متختما به فخلعه من يده ورماه على الأرض ، وحذر الرجل قائلا ما مضمونه : ( أيحب
أحدكم أن تكون جمرة من النار على يديه ؟ ) لا والله لا نطبق ذلك لحظة واحدة. فإن
لبس الذهب والتختم به حرام على الرجال وحلال للنساء ، بشرط عدم إبدائه
للرجال ما عدا المحارم. فعلى الزوجة أن
تنهى زوجها عن هذه المعصية وتأمره أن يتختم بالفضة ، ولا تتشاءم من هجره للتختم
بالذهب بل يجب عليها أن
تتشاءم من نار جهنم ذات
__________________
اللهب
، بتركها للامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
رابعاً
: لقد صدَّ الغناء وآلاتُه أفراد الأسرة عن ذكر
الله سبحانه وتعالى ، فقست قلوبهم وفسدت سرائرهم ، خصوصاً بالنسبة للأغاني الخليعة
والمغنيات المتبرجات اللاتى يبرزن على شاشة التليفزيون ، فيا حسرة على أولئك الذين
يزعمون أن الغناء هو غذاء الروح ، قد جهلوا أن خالق الروح قد قرر غذاءها أن يكون
بالعلم النافع وحكم أن تكون تزكيتها بتحليها بالفضائل ، وتخليها عن كل لغور باطل.
ومن أخطر فروع اللغور الباطل هو الغناء وملحقاته. ومن أهم الكتب التي بحثت حول هذا
الموضوع هو كتاب (
حكم الإسلام في الغناء ) تأليف : ابن
القيم الجوزية. وأقدم إلى القراء الأعزاء قسماً مما أورده من الآيات القرآنية
والأحاديث النبوية المروية الشرح :
(أ) ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل
الله .. ) لقمان ( ٦ ، ٧ ) رجح معظم المفسرين أن المقصود بلهو الحديث هو الغناء.
(ب) قال تعالى للشيطان وحزبه
: ( واستفززت من استطعت
منهم بصوتك ) ( الإسراء : ٦٤ ) عن مجاهد :
وصوته الغناء والباطل.
(ج( قال تعالى :
( أفمن هذا الحديث
تعجبون * وتضحكون ولا تبكون
* وأنتم
سامدون ) ( النجم : ٥٩ ـ ٦١ ). عن ابن عباس : السمود
هو الغناء في لغة حمير يقال : أسمدي لنا ، أي غنى لنا.
(د) الحديث المروي : ( من استمع إلى قينة (
مغنية ) صب في أذنيه الاتك ( الرصاص المذاب ) يوم القيامة ).
(ه( الحديث المروي : ( لا تبيعوا لاقينات «
المغنيات والإماء » ولا تشتروهن ولا تعلموهن ، ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام
) وبالتالي فلينه القارئ العزيز نفسه عن
هوى الغناء لكيلا يهوى في جهنم أسفل سافلين.
خامسا
: يظن بعض المتزوجين أن الزوجة تكره زوجها إذا
كان ذا لحية ، فظنهم باطل ، فإن المرأة تحب من الرجل خشونته ، فمنها في شعر بدنه
ومنها شعر اللحية فهل تكره المرأة الشارب واليدين والرجلين ؟ كلا. وقد وردت نصوص
شرعية تحرم حلق اللحية ، لذلك يجب على كل مسلم أن يبحث عنها ليدأر عن نفسه خطر
المسؤولية.
« ربنا تقبل منا إنك أنت
السميع العليم »
__________________
فهرست
الزوجة الذرية......................٤
|
|
المعجزة والاختراع.................٧١
|
أين أنتم ذاهبون أين................٧
|
|
الإعجاز العلمي...................٧٢
|
لكي تطمئن القلوب................٩
|
|
تزييف وتشويه....................٧٥
|
خمس كلمات....................١٤
|
|
أساس البناء.......................٧٨
|
تنبيه الغافلين.....................١٩
|
|
إمساك عن أمور...................٨٥
|
الفارون من الله
وإليه..............٢٢
|
|
احذروا رفض الأداء...............٨٧
|
الزوجية البشرية..................٣١
|
|
انتبه أيها
الحاج....................٨٩
|
حقوق الزوجية..................٣٨
|
|
احذروا هجر
القرآن...............٩٣
|
النتبهوا
للنصيحة.................٤١
|
|
النظرات
الخائنة....................٩٤
|
عذر
باطل......................٤٢
|
|
الحجاب لأولي
الألباب.............٩٦
|
حقان مشتركان.................٤٦
|
|
واحدة وتسع لغاية
سامية.........١٠٢
|
حقوق
مهجورة.................٥٢
|
|
قصص الزواج...................١٠٢
|
جمالان
متلازمان................٥٧
|
|
وإذا النفوس
زوجت.............١٠٢
|
تنبيه
الغافلات..................٦٠
|
|
استدارك........................١٠٢
|
بهاء الزواج بذرية
طيبة...........٦٣
|
|
|
|