

الفصل الثالث : في الكسوف
وفيه مطلبان :
(الأوّل) الماهيّة :
وهي ركعتان ،
______________________________________________________
بسم الله رحمن الرحيم
[صلاة الكسوف]
(الفصل الثالث : في الكسوف ، وفيه مطلبان
: الأوّل الماهيّة ، وهي ركعتان) صرّح بكونها ركعتين في «المقنعة والمعتبر » وأكثر كتب المصنّف والشهيدين و «كفاية الطالبين والموجز الحاوي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وكشف الالتباس » وغيرها ممّا تأخّر. وبذلك صرّح الناصر * في رسالته وناقشه علم
الهدى في ذلك كما يأتي. وفي «المقاصد العلية» بعد قوله في الألفية في كلّ ركعة خمس
ركوعات : هذا مبنيّ على المشهور من عدم تعدّد الركعات بتعدّد الركوع ، ومن هنا
يبني الشاكّ فيها على الأقلّ ، وينبّه عليه اختصاص «سمع الله لمن حمده» بالخامس
والعاشر ، ولا ينافي ذلك القنوت على كلّ مزدوج ، لعدم انحصار القنوت شرعاً في
الركعة الثانية وإن كان ذلك هو الأغلب ، انتهى .
قلت : ممّا
يدلّ على عدم تعدّد الركعات أنّ الركعة وإن كانت لغة واحد الركوع إلّا أنّها في
مصطلح الفقهاء المتضمّنة للسجود ، والحقيقة الشرعية أولى بالمراعاة من اللغوية ،
وغايته أنّها سمّيت عشراً باعتبار اللغة وهي في الحقيقة ركعتان باعتبار الشرع. وفي
«المقنع والهداية والانتصار وجُمل العلم والجُمل والعقود والنهاية
__________________
(*) قد برهن
بعض المعاصرين المتتبّعين الماهرين وهو شيخنا الشيخ أبو علي الحائري على أنّ
الناصر إمامي «١٠» (منه قدسسره). أقول : كان المراد به أبو علي صاحب كتاب الرجال (محسن).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمبسوط والمراسم والغنية والسرائر » في نسخة منها و «إشارة السبق وجامع الشرائع » وغيرها أنّها عشر ركعات. وفي «الخلاف » ونسخة من «السرائر » أنّها عشر ركوعات. ولعلّ هذا يرجع إلى كونها ركعتين.
وفي «الوسيلة » أنّها عشر ركعات أو ركعتان. وقال علم الهدى في «شرح
الناصرية» بعد قول الناصر رحمهالله تعالى : إنّها ركعتان ما نصّه : العبارة الصحيحة أن
يقال : هذه الصلاة عشر ركعات وأربع سجدات ، ثمّ قال : وأمّا الأخبار الّتي يرويها
أبو حنيفة من أنّها ركعتان ، فنحملها على أنّها ركعتان كما قلناه ثمّ إنّ في كلّ
ركعة ركوعاً زائداً على ما بيّنّاه ، انتهى . ونحو ذلك ما في «الانتصار ». ويُفهم منهما ومن غيرهما أنّ التعبير بذلك لمكان الردّ على العامّة. ويأتي في
مبحث السهو بيان الحال فيما شكّ بين الركعتين أو بين الركوعات ونقل كلام الأصحاب.
__________________
في كلّ ركعة خمس ركوعات وسجدتان ، يكبّر للافتتاح ، ثمّ يقرأ الحمد وسورة ،
ثمّ يركع ، ويقوم فيقرأ الحمد وسورة ، هكذا خمساً ، ثمّ يسجد سجدتين ، ثمّ يصنع في
الثانية كذلك ، ويتشهّد ويسلّم.
______________________________________________________
[في كيفيّة صلاة
الكسوف]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (في
كلّ ركعة خمس ركوعات وسجدتان) قد حكي على ذلك الإجماع في «الناصرية والانتصار والخلاف والغنية والتذكرة » وغيرها كما ستسمع. وهو مذهب أهل البيت عليهمالسلام كما في «المنتهى ». وفي «كشف اللثام » لا خلاف في ذلك عندنا.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (يكبّر
للافتتاح ، ثمّ يقرأ الحمد وسورة ، ثمّ يركع ، ويقوم فيقرأ الحمد وسورة ، هكذا
خمساً ، ثمّ يسجد سجدتين ، ثمّ يصنع في الثانية كذلك ، ويتشهّد ويسلّم) هذه الكيفية مجمع عليها كما في «الخلاف والمنتهى » ومذهب علمائنا لم يختلفوا فيه كما في «المعتبر » ومذهب علمائنا كما في «التذكرة والتنقيح ».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ولم يوجب في «السرائر
» الحمد إلّا مرّتين في كلّ ركعة مرّة واحدة. ويعارضه فتوى الأصحاب
والمنقول عن أهل البيت عليهمالسلام كما في «المعتبر والمنتهى » وفتوى الأصحاب كما في «التنقيح وكشف الالتباس » وفتواهم وعملهم كما في «الذكرى وكشف اللثام » وقد أجمع الأصحاب على ذلك عدا ابن إدريس كما في «جامع
المقاصد » وكلام ابن إدريس مخالف للمشهور كما في «تخليص التلخيص»
والمشهور بين الطائفة كما في «الذخيرة » وقد رماه جماعة بالشذوذ والندرة. وفي «الرياض » لا خلاف في شيء من ذلك إلّا من الحلّي. وفي «كشف
اللثام» نطقت بذلك الأخبار وأفتى به الصدوق والشيخ ومن بعده ، انتهى .
وفي «الغنية»
الإجماع على أنّه يركع بعد القراءة ، فإذا رفع رأسه من الركوع قرأ ، فإذا فرغ ركع
، وهكذا حتّى يكمل خمس ركعات .
وقال في «الذكرى»
فإن احتجّ ابن إدريس برواية عبد الله بن سنان عن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الصادق عليهالسلام قال : انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فصلّى ركعتين ، قام في الاولى فقرأ سورة ، ثمّ ركع
فأطال الركوع ، ثمّ رفع رأسه فقرأ سورة ، ثمّ ركع فأطال الركوع ، ثمّ رفع رأسه
فقرأ سورة ، ثمّ ركع فأطال الركوع ، ثمّ رفع رأسه فقرأ سورة فركع ، فعل ذلك خمس
مرّات قبل أن يسجد ، ثمّ سجد سجدتين ثمّ قام في الثانية ففعل مثل ذلك عشر ركعات
وأربع سجدات». والتوفيق بينها وبين باقي الروايات بالحمل على استحباب قراءة
الفاتحة مع الإكمال. والجواب : أنّ تلك الروايات أشهر وأكثر وعمل الأصحاب بمضمونها
، فتحمل هذه الرواية على أنّ الراوي ترك ذكر الحمد للعلم به لتوافق تلك الروايات
الاخر ، انتهى .
قلت : لا بدّ
لابن إدريس من تأويلها وإلّا فقد ترك ذكر الحمد فيها بالكلّية. وفي «الحدائق» أنّ
هذه الرواية لم ينقلها صاحب الوافي ولا صاحب الوسائل ولا شيخنا المجلسي في البحار
مع تصدّيه لنقل جملة الأخبار ، والظاهر أنه غفل عنها وإلّا لنقلها عن الذكرى كما
هو مقتضى عادته من نقل جميع الأخبار وإن كانت من كتب الفروع ، انتهى .
وقال في «المنتهى»
: إنّ خبر محمّد بن خالد البرقي وخبر يونس بن يعقوب لم يعمل بهما أحد من علمائنا فكانا مدفوعين ومعارضين
بالأخبار الاخر ، انتهى .
وقد صرّح بعضهم
بأنّ هذه الكيفيّة المذكورة أفضل كيفيّاتها ، وهو الظاهر من
__________________
ولو قرأ بعد الحمد بعض السورة وركع قام فأتمّ السورة أو بعضها من غير فاتحة.
______________________________________________________
جملة منهم .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
قرأ بعد الحمد بعض السورة وركع قام فأتمّ السورة أو بعضها من غير فاتحة) نطقت بجميع ذلك الأخبار وأفتى به الصدوق والشيخ ومَن
بعده من الأصحاب كما في «كشف اللثام » ونقل عليه الإجماع في «المنتهى » وهو مذهب علمائنا لم يختلفوا فيه كما في «المعتبر » ومذهب علمائنا كما في «التذكرة والتنقيح وإرشاد الجعفرية » ولم يختلف فيه الأصحاب كما في «كشف الالتباس » وهذه الصورة مقطوع بها في كلام الأصحاب كما في «النجيبية».
وقد ذكر في «جامع
المقاصد» خمس صوَر وقال : كلّها لا خلاف فيها. وجعل الاولى : ما ذكره المصنّف
أوّلاً. وقال الثانية. أن يقرأ في كلّ منهما سورة مبعّضاً ، الثالثة : أن يقرأ
بالتفريق في الركعتين بأن يبعّض في إحداهما بسورة ويقرأ في الاولى خمساً. الرابعة
: أن يبعّض في الركعتين معاً بأزيد من سورتين ويتمّ السورة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الّتي بعّض بها في كلّ من الخامس والعاشر مراعياً للترتيب في قراءة السورة
بحسب المنقول وحيث أتمّ السورة في ركوع قرأ في الركوع الّذي يليه الفاتحة ، وما لا
فلا. الخامسة : أن يفرّق في الركعتين بأنّ يقرأ خمساً أو يبعّض بواحدة في إحداهما
ويبعّض في الاخرى بسورتين فصاعداً مراعياً ما تقدّم في الّتي قبلها. وهذه كلّها لا
خلاف فيها إلّا في وجوب تكرار الحمد في الركعة الواحدة فإنّ المخالف فيه ابن إدريس
، انتهى كلامه .
وهنا مباحث يجب
التنبيه عليها :
الأوّل
: هل يجوز مع
التبعيض إعادة الفاتحة إذا أراد أن يقرأ من الموضع الّذي قطع أم لايجوز ذلك؟ صرّح
في «السرائر » بالجواز. وهو ظاهر «المبسوط وجامع الشرائع والمنتهى » حيث قيل فيها : لا يلزمه قراءة الفاتحة. ونحو ذلك ما
في «البيان واللمعة والروضة والمقاصد العلية » حيث قيل فيها : لا يحتاج ، وكذلك «غاية المرام والشافية» وقال الصادق عليهالسلام في خبر الحلبي : «وإن قرأت نصف السورة أجزاك أن لا تقرأ فاتحة الكتاب
إلّا في أوّل ركعة حتّى تستأنف اخرى». وظاهر «المقنع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والهداية » عدم الجواز حيث قال فيهما : فان بعّضت فلا تقرأ الحمد
واقرأ من الموضع الّذي بلغت. وفي «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام » : «ولا تقرأ سورة الحمد إلّا إذا انقضت السورة» وفي «النهاية
والوسيلة وكفاية الطالبين» لا تقرأ الحمد. وفي «الإرشاد والتحرير » من غير أن يقرأ الحمد وفي «الدروس » لا تكرّر الحمد ، وظاهرها عدم الجواز كما هو صريح «كشف
اللثام والحدائق » للنهي عنه في أخبار. قلت : يحتمل أن يكون هذا النهي
لرفع توهّم الوجوب كما يفصح عنه قوله عليهالسلام في الخبر السالف «أجزاك». ويأتي في المباحث الآتية ما
له نفع في المقام.
البحث
الثاني : ذكر في «المقنع
والهداية وجامع الشرائع والشرائع والنافع والمعتبر وكفاية الطالبين والموجز الحاوي وكشف الالتباس »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وغيرها . أنّه متى ركع عن بعض سورة قرأ في القيام بعده من حيث
قطع ، وظاهرها تعيّن ذلك عليه. وفي «نهاية الإحكام وكشف اللثام » وموضع من «التذكرة » أنّه أحوط. وقال في موضع آخر من الأخير : الأقرب أنّه
يكملها أو يقرأ بعضاً من الموضع الّذي انتهى إليه ، وليس له أن يقرأ بعضاً من سورة
اخري
وفي «الذكرى والبيان والروض والروضة والمسالك والمقاصد العليّة » أنّه متى ركع عن بعض سورة تخيّر في القيام بعده بين
القراءة من موضع القطع وبين القراءة من أيّ موضع شاء متقدّماً أو متأخّراً وبين
رفضها وقراءة غيرها. ونحو ذلك ما في «رسالة صاحب المعالم وشرحها » ونسب صاحب «إرشاد الجعفريّة » إلى المحقّق الثاني تقوية ذلك في بعض فوائده. ونسب في «التذكرة
» التخيير بين الأوّل والثالث إلى ظاهر المبسوط ، والأمر كما ذكر. قال في «المبسوط
» إذا أراد قراءة بعض السورة فإذا أراد في الثانية بقيّة تلك
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
السورة قرأها ، ولا يلزمه قراءة سورة الحمد ، بل يبتدئ من الموضع الّذي
انتهى إليه ، فإذا أراد أن يقرأ سورة اخرى قرأ الحمد ثمّ قرأها بعدها. ومثله من
دون تفاوت ما في «النهاية والوسيلة » وهو أي التخيير بين الأوّل والثالث خيرة «الجعفرية » مع إعادة الحمد إذا أراد الثالث ، وفي «المسالك والروض والروضة والمقاصد العلية ورسالة صاحب المعالم » وتلميذه أنّه يجب عليه فيما عدا الأوّل إعادة الحمد مع احتمال
عدم الوجوب في الجميع في الكتب الثلاثة الاول. وقد سمعت ما في «المبسوط» وغيره من
ظهور وجوب إعادتها في الأخير لكنّ المصنّف في «التذكرة ونهاية الإحكام » توقّف فيه * في الأخير ، ذكر ذلك في «التذكرة» بعد أن
نقله عن المبسوط. ومنشأه أنّ موجب الحمد في غير القيام الأوّل ابتداء سورة أو ختم
سورة.
وفي «فوائد
الشرائع وجامع المقاصد » لو قرأ من موضع آخر في القيام
__________________
(*) أي في
الوجوب.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بعده أو أعرض عنها وقرأ سورة اخرى أو بعضها ففي الجواز قولان ، فإن قلنا به
فلا بدّ من إعادة الفاتحة ، ويجب مع ذلك أن يكمل له سورة في الركعة ، قال في
الأوّل : وهذا القول لا يخلو من قوّة ، انتهى. ومثله قال في «تعليق النافع».
واحتمل في «الذكرى » بعد أن قرّب التخيير بين الثلاثة المذكورة منع الأخير
منها لمخالفته المعهود. وفي «البيان» احتمل منعه أيضاً لقول الصادق عليهالسلام : «فاقرأ من حيث قطعت» قال : وهذا مشعر بعدم جواز
العدول إلى سورة اخرى ، سواء كانت كاملة أو مبعّضة . وفي «كفاية الطالبين وغاية المرام » منعه أيضاً.
وفي «المقاصد
العلية» بعد أن حكم الشهيد في الألفية بتعدّد الحمد عند إتمام السورة ، قال : هذا
إمّا بناءً على القول الآخر وهو عدم تعدّد الحمد في هذه المواضع الثلاثة أو محمول
على الوجوب العيني بمعنى أنّه مع إكمال السورة يتعيّن عليه قراءة الحمد ليس غيره ،
ثمّ إذا لم يتمّها فهو مخيّر إن شاء فعل ما يوجب إعادة الحمد وإن شاء فعل ما لا
يوجبها ، فليست قراءة الحمد حينئذٍ متعيّنة .
وفي «المدارك ومصابيح الظلام والحدائق » أنّ في أكثر ما ذكر في الذكرى إشكالاً لقوله عليهالسلام : «فإذا نقصت من السورة شيئاً .. الحديث». وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الرياض» لا وجه لما ذكره في الذكرى لمكان الخبر المذكور وغيره انتهي . وفي «الذخيرة » بعد أن ذكر ما في الذكرى وبعض ما سنحكيه عن التذكرة
قال : في أكثر هذه الصوَر إشكال ، والمتّجه الاقتصار على المورد الّذي دلّت عليه
الرواية.
وفي «التذكرة ونهاية الإحكام والذكرى » احتمال وجه رابع وهو أنّ له إعادة البعض الّذي قرأه من
السورة بعينه. قالا : وهل يتعيّن عليه حينئذٍ قراءة الفاتحة؟ إشكال ينشأ من إجزاء
بعضها بغير الحمد ، فالكلّ أولى ومن وجوب قراءة الحمد مع الابتداء بأوّل السورة.
قال في «الذكرى» : هذا إن قرأ جميعاً ، وإن قرأ بعضها فأشدّ إشكالاً. وفي «البيان»
لو بعّض في قيام وأراد في القيام إلى الثاني استئناف ذلك البعض أو قراءة السورة
بكمالها احتمل المنع لظاهر الخبر ، وحينئذٍ يشكل وجوب قراءة الحمد ، انتهى .
وفي «مصابيح
الظلام » لعلّ دليل الشهيدين في التخييرات الثلاثة خبر الحلبي . قلت : قوله عليهالسلام فيه : «حتّى تستأنف أُخرى» لعلّه يرفع دلالته.
البحث
الثالث : ظاهر الأخبار
وكلام الأصحاب كما في «الحدائق » أنّه يجب قراءة سورة كاملة في مجموع الخمس. وفي «رسالة
صاحب المعالم والنجيبية ومصابيح الظلام » أنّه المشهور. وهو خيرة «الذكرى والبيان والدروس
والألفية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والجعفرية وشرحها والمقاصد العلية والروضة» وغيرها كما ستعرف. وقرّبه في «التذكرة
والتحرير ونهاية الإحكام ومصابيح الظلام » لصيرورتها حينئذٍ بمنزلة ركعة. وفي «كشف اللثام » في وجوب سورة في ركعة كلّ صلاة واجبة نظر. وفي «النجيبية»
أنّ مستند الوجوب غير معلوم ولهذا نسبه المصنّف إلى المشهور.
البحث
الرابع : اختار
الشهيدان في «الدروس والبيان والمسالك والروضة » أنّه يجوز أن قرأ سورتين أو ثلاث. قلت : وقد يظهر ذلك
من «المقنع والهداية والنهاية » وغيرها . وقرّبهفي «التذكرة » بعد أن است شكل فيه ، وكذلك قرّبه في «كشف اللثام ». وفي «الذكرى» يحتمل أن ينحصر المجزي في سورة واحدة أو
خمس سوَر ، لأنّها إن كانت ركعة وجبت الواحدة وإن كانت خمساً فالخمس ، وليس بين
ذينك واسطة . وفي «المدارك ومصابيح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الظلام » أنّ الأحوط قراءة خمس سوَر في ركعة أو تفريق سورة على
الخمس. وفي «الحدائق والرياض » لا وجه لهذا الاحتياط بعد دلالة الصحيحين صحيح البزنطي
وعلي بن جعفر على جواز التفريق في ركعتين أو ثلاث.
الخامس
: قال في «التذكرة»
الأقرب جواز أن يقرأفي الخمس سورة وبعض سورة ، قال : فإذا قام إلى الثانية ابتدأ
بالحمد وجوباً ، لأنّه قيام عن سجود فوجب فيه الفاتحة ، ثمّ يبتدئ بسورة من أوّلها
، ثمّ إمّا أن يكملها أو يقرأ بعضها ، ويحتمل أن يقرأ من الموضع الّذي انتهى إليه
أوّلاً من غير أن يقرأ الحمد ، لكن يجب عليه أن يقرأ الحمد في الركعة الثانية بحيث
لا يجوز له الاكتفاء بالحمد مرّة في الركعتين معاً . وفي «نهاية الإحكام » يحتمل ضعيفاً أن يقرأ من الموضع الذي انتهى إليه من
غير أن يقرأ الحمد ، لكن يجب عليه أن يقرأ الحمد إلى آخر .. ما في التذكرة. قال في
«كشف اللثام » : ويجب عليه أن يقرأ سورة اخرى بناءً على وجوبها. وفي «الحدائق
» تقوية ما ضعّفه في نهاية الإحكام لصحيح زرارة وغيره.
وفي «الذكرى»
لو بعّض بسورتين أو ثلاث أو أربع جاز غير أنّه إذا أتمّ السورة وجب عليه أن يقرأ
بعدها الفاتحة . قلت : جواز التبعيض بما ذكر يظهر من
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عبارات جماعة . وقال في «التذكرة» : هل يجوز تفريق سورتين أو ثلاث؟
إشكال ينشأ من تجويز قراءة خمس وسورة فجاز الوسط ومن كونها بمنزلة ركعة فلا تجوز
الزيادة أو خمس فتجب الخمس ، والأقرب الجواز . وفي «الذكرى» لو قرأ السورة في القيام الأوّل وبعّض
بسورة أو أزيد في القيام الباقي جاز. والظاهر عدم وجوب إكمال السورة ثانياً لحصول
مسمّى السورة في الركعة ، ويحتمل أن ينحصر المجزي في سورة واحدة أو خمس .. إلى آخر
ما مرّ نقله عنه .
وفي «إرشاد
الجعفرية والمقاصد العلية والروضة والروض والمسالك » أنّه لو أتمّ سورة في الركعة ثمّ بعّض في باقي القيام
لم يجب عليه إكمال ما شرع فيه لحصول الغرض ، وهو قراءة سورة في الركعة. قلت : وهذا
ظاهر جملة من كتبهم . وقد يلوح من عبارة «الألفية» وجوب الإكمال حيث قال :
وفي الخامس والعاشر يتمّها . لكن قال في «المقاصد العلية» : إنّ في بعض نسخها بعد
قوله «يتمّها» : لو لم يكن أتمّ سورة قبل. قال : وهو قيد حَسن مؤدّ لما ذكرناه ،
__________________
وتستحبّ فيها الجماعة ،
______________________________________________________
انتهى . وفي «كفاية الطالبين» لابن المتوّج : متى وزّع لا يركع
وعليه من سورة بقية ، وظاهره وجوب الإكمال لمكان تنكير السورة. وفي «جامع المقاصد » صوَر اخر يستفاد حكمها وتصويرها ممّا ذكرناه.
البحث
السادس : الظاهر أنّ
القرآن هنا كالقرآن في المكتوبة كما في «البيان والشافية». وقال في «الروض » : لا يجزي في التبعيض أقلّ من آية. وعليك بملاحظة هذه
المباحث فإنّ في بعضها ما يؤيّد ما في البعض الآخر.
[في استحباب الجماعة
في صلاة الكسوف]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وتستحبّ
فيها الجماعة) إجماعاً منّا كما في «التذكرة » وظاهر «الغنية » أو صريحها ، وعندنا كما في «كشف اللثام ». وفي «الخلاف » الإجماع على صلاتها جماعةً وفرادى ، وفيه الإجماع على
خلاف قول أبي حنيفة من أنّ صلاة خسوف القمر فرادى لا جماعة. وهو المشهور كما في «المهذّب
البارع ». وفي «المختلف » أنّ المشهور استحبابها مطلقاً.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «كشف
اللثام والرياض » لا فرق في المشهور بين احتراق القرص كلّه واحتراق بعضه
أداءً وقضاءً. قلت : وبهذا الإطلاق صرّح الشهيدان وغيرهما .
ولا أجد
مخالفاً في ذلك إلّا ما يظهر من «المقنع» حيث قال فيه : إذا احترق القرص كلّه
فصلّها في جماعة ، وإن احترق بعضه فصلّها فرادى . فيظهر منه فيه كما نقل عن ظاهر والده أيضاً نفي الجماعة عند احتراق البعض. وفي «النجيبية» هو
متروك بين الأصحاب. وقال جماعة : قد يريد الصدوقان نفي تأكّد الاستحباب مع احتراق
البعض ، وخبر ابن أبي يعفور نصّ على أنّ الجماعة عند الإيعاب آكد ، وإلّا ما يظهر
من المفيد من نفيها في القضاء حيث قال : إذا احترق قرص القمر كلّه ولم يعلم به
حتّى أصبح صلّاها جماعة ، وإن احترق بعضه ولم تعلم به حتّى أصبحت صلّيت القضاء
فرادى .
هذا وليست
الجماعة شرطاً في صحّتها عندنا وعند أكثر العامّة كما في «الذكرى ». وفي «التذكرة» هذه الصلاة مشروعة مع الإمام وعدمه
إجماعاً منّا ،
__________________
والإطالة بقدره ،
______________________________________________________
لأنّه صلاة ليس من شرطها الاستيطان والبنيان فلم تكن من شرطها الجماعة .
وجوّز في «البيان»
في هذه الصلاة اقتداء المفترض بالمتنفّل وبالعكس . واستحسنه في «المدارك والذخيرة ».
[في استحباب إطالة
صلاة الكسوف بقدره]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والإطالة
بقدره) إجماعاً كما في «المعتبر والمفاتيح والنجيبية» وظاهر «الغنية ». وفي «المنتهى » لا نعرف فيه خلافاً. وفي «التذكرة » وبه قال الفقهاء إلّا أبا حنيفة.
والمراد بقدره
المعلوم أو المظنون المستند إلى قرينة كما في «البيان وفوائد الشرائع وإرشاد الجعفرية ». وفي «الفوائد الملية والمسالك
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمدارك والذخيرة والنجيبية» هذا إنّما يتمّ مع العلم بذلك أو الظنّ
الحاصل من أخبار رصدي أو غيره ، وأمّا بدونه فربّما كان التخفيف ثمّ الإعادة مع
عدم الانجلاء أولى ، لما في التطويل من التعرّض لخروج الوقت قبل الإتمام. وقال في «الفوائد
الملية» خصوصاً على القول بأنّ آخره الأخذ في الانجلاء ، فإنّه محتمل في كلّ آنٍ
من آنات الكسوف ، وأصالة عدم الانجلاء لا يدفع هذه الفريضة . وقال في «المسالك» : يمكن عموم استحباب الإطالة وإن لم
يتفق موافقة القدر ، لأصالة البقاء. وكيف كان ، فتخفيف الصلاة مع الجهل بالحال ثمّ
الإعادة تحصيلاً للفضيلة أحوط ، انتهى .
قلت : هذا منهم
مبنيّ على القول بأنّه مع خروج الوقت قبل الإتمام يجب القطع ، ويأتي إن شاء الله
تعالى كلام المخالف في ذلك والمتردّد. وينقدح هنا إشكال لم أظفر بحلّه يأتي ذكره
في المطلب الثاني عند قوله : ولو قصر زمان الموقّتة.
ويستفاد من
جملة الأخبار استحباب الإطالة حتّى للإمام مطلقاً ، لكنّ في الصحيح : «إلّا أن يكون إماماً يشقّ على مَن خلفه» وهو مع صحّة
سنده أوفق بعموم النصوص في بحث الجماعة الآمرة بالإسراع والتخفيف ، فيمكن حمل
أخبار الباب على صورة رغبة المأمومين في الإطالة. وفي «الوسائل » باب استحباب إطالة الكسوف بقدره حتّى للامام ، وأورد
فيه مرسل الصدوق وخبر القداح. وفي «الحدائق» الجمع بين الروايات لا يخلو من
الإشكال ، انتهى .
__________________
وإعادة الصلاة
______________________________________________________
وظاهر الشيخ وأكثر الأصحاب مساواة الكسوفين في مقدار الإطالة ، لكن ورد في خبرين
أنّ صلاة كسوف الشمس أطول ، ففي أحدهما : «أطول من صلاة كسوف القمر» وهو خيرة «المعتبر ». وفي الآخر «أنّها أطول صلاة الآيات وأشدّها». وفي «النفليّة والفوائد الملية » يستحبّ جعل صلاة الكسوف أطول من صلاة الخسوف ، وهل
ينسحب ذلك إلى غيرهما من الآيات حتّى يكون الكسوفان أطول منها؟ توقّف في الذكرى ،
والظاهر العدم ، وظاهر خبر عبد الرحمن ابن أبي عبد الله يرشد إليه ، انتهى. وفي «الذكرى» يستحبّ إطالة صلاة
كسوف الشمس على صلاة خسوف القمر ، رواه الأصحاب عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام. وهل ينسحب إلى باقي الآيات حتّى يكون الكسوفان أطول
منها؟ لم نقف فيه على نصّ ، انتهى .
[في استحباب إعادة
الصلاة مع بقاء الكسوف]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (و)
تستحبّ (إعادة الصلاة مع
__________________
بقائه)
واتساع الوقت
كما هو خيرة «الفقيه والمقنع » قال فيهما : وإن لم تكن انجلت فليعد الصلاة وإن شاء
قعد ومجّد الله. وهو المنقول عن الكاتب والقاضي ، وكذا المفيد على ما في «المختلف والتخليص» وخيرة الشيخ وجميع من تأخّر عنه إلّا من سنذكره. وفي «الذكرى » أنّه مذهب المعظم. وفي «التذكرة والكفاية » أنّه الأشهر. وفي «المنتهى والمدارك والذخيرة والنجيبية والرياض والمصابيح » أنّه مذهب الأكثر.
وفي «المراسم » أنّ عليه الإعادة ، كما نقل عن «الكافي» وظاهرهما الوجوب كما تحتمله «المقنعة وجُمل العلم والعمل ». وفي «المختلف» يشعر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
به كلام السيّد . ونسبه الشهيد وغيره إلى ظاهره. وعبارته في «الجُمل» هذه : فإذا فرغت قبل
الانجلاء أعدت الصلاة. وفي «كشف الرموز » بعد أن نسبه إلى ظاهر المفيد وعلم الهدى ذكر ما يظهر
منه الميل إليه. وقال في «الذكرى» يمكن حمل كلام المرتضى ومَن تبعه على الاستحباب
فتصير المسألة متفقاً عليها .
قلت : وينحصر
الخلاف في العجلي في «السرائر » فإنّه نفى الوجوب والاستحباب جميعاً. وهو قول الجمهور
كافّة كما في «التذكرة ». وفي «كشف الرموز» أنّه إقدام مع وجود النصّ وفتوى
الأصحاب . وفي «المختلف » أنّه مخالف لعمل الأصحاب. وفي «الذكرى » أنّ الأصحاب قبله مطبقون على شرعية الإعادة.
وذهب صاحب «الحدائق
» إلى القول بوجوب الإعادة أو الدعاء تخييراً ، وادّعى أنّه ظاهر الفقيه.
وقد سمعت عبارته وعبارة المقنع. وهذا شيء احتمله صاحبا «المدارك والذخيرة » في الجمع بين الأخبار وقال : غير أنّا لا نعلم به
قائلاً من الأصحاب. وفي «النجيبية» أنّه من البُعد في غاية.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قال الاستاذ
أدام الله سبحانه حراسته : لا يقال : مقتضى الصحيحتين وجوب أحد المذكورين تخييراً
، وأمّا المطلقات فلا تعارض المقيّد. لأنّا نقول : ليس كذلك ، بل ظاهرهما وجوب كلّ
واحد علينا ، ولم يقل به أحد ، مضافاً إلى التعارض الواقع بينها ، فلم يبق ظاهرهما
على حاله ، والوجوب التخييري وإن كان أقرب إلى الظاهر إلّا أنّه يوجب خروج أخبار
كثيرة عن ظواهرها الّتي هي مفتي به عند جلّ الأصحاب ولم يقل أحد بالوجوب التخييري
، مع أنّ في موثقة عمّار : «إن صلّيت الكسوف إلى أن يذهب الكسوف عن الشمس والقمر
وتطول في صلاتك فإنّ ذلك أفضل ، وإن أحببت أن تصلّي وتفرغ من صلاتك قبل أن يذهب
الكسوف فهو جائز» انتهى .
قلت : لمن قال
بالوجوب تخييراً أن يقول : إنّا نقول بموجبه كما أنّ للقائل بوجوب الإعادة أن يقول
ذلك ، كأن يقول إنّ المراد الفراغ من صلاة واحدة قبل انجلائه ولا يلزم منه عدم
وجوب اخرى. ويجاب عن هذا بأنّ المراد الفراغ من صلاته الّتي خوطب بها ، فلو كان
وراءها صلاة مخاطب بها لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، لكن على هذا يصحّ لابن
إدريس أن يحتجّ به فيقول : قد قسّم الحال فيه إلى قسمين تطويل الصلاة بحيث يطابق
الانجلاء وعدم تطويلها ، ولم يذكر الإعادة ، فلو كانت مستحبّة لم تكن القسمة حاصرة
إلّا أن يقال : كان غرض السائل منحصراً في هذين القسمين وذلك لا ينافي استحباب
الإعادة بدليلٍ آخر ، وليس المراد حصر جميع الأقسام الممكنة ، فهنا اقتصر على
القسمين بحسب المقام فتأمّل.
هذا وقال في «نهاية
الإحكام» باستحباب الإعادة مطلقاً . وقيل : ثلاث مرّات انتهى .
__________________
ومساواة الركوع القراءة زماناً ،
______________________________________________________
[في استحباب مساواة
الركوع القراءة زماناً]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ومساواة
الركوع القراءة زماناً) كما في «جُمل العلم والعمل والنهاية والمبسوط والخلاف والمراسم والوسيلة والغنية والسرائر وجامع الشرائع وإشارة السبق » وسائر ما تأخّر عنها . وفي «الخلاف والغنية والغرية» الإجماع عليه. وفي «التذكرة » نسبته إلى علمائنا. وفي «المقنعة » إطالته بقدر السورة ، ولعلّ المراد ما يعمّ الفاتحة
فلا مخالفة.
وفي «كشف
اللثام» لم يذكره ابن إدريس وجماعة ، فإن أراد ما في المقنعة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فلم يذكره أحد ، وإن أراد ما في الكتاب فهو صريح «السرائر» وما تأخّر عنها
حتّى «الكفاية والشافية» بل في «إشارة السبق وجامع الشرائع والإرشاد والذكرى والبيان والدروس والنفلية وجامع المقاصد والجعفريّة والغريّة وإرشاد الجعفرية والروض والفوائد الملية ورسالة صاحب المعالم والنجيبية والذخيرة والكفاية والشافية» استحباب مساواة السجود للقراءة زماناً
كالركوع. وفي «الغرية» الإجماع عليه. وفي «المنتهى» الإجماع على استحباب التطويل
في الركوع من أهل العلم والإجماع منّا في السجود . وفي «التذكرة » نسبة التطويل في السجود إلى علمائنا. وهو وإن لم يقدّر
التطويل في المنتهى في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
كلّ من الركوع والسجود بقدر القراءة لكنّه استدلّ عليه بالأخبار الدالّة
على ذلك ، فيكون ذلك عنده معقد الإجماعين. وستسمع ما في «المعتبر والتذكرة ونهاية
الإحكام».
وممّا ذكر فيه
إطالة السجود من غير كونه كالقراءة «جُمل العلم والعمل والنهاية والمبسوط والسرائر والتحرير ».
وفي «الغرية»
الإجماع على استحباب إطالة القنوت بقدر القراءة. وبه صرّح في «الذكرى والبيان والدروس وجامع المقاصد والجعفرية وإرشاد الجعفرية ورسالة صاحب المعالم والنجيبية».
وفي «المعتبر والمنتهى والتذكرة ونهاية الإحكام » الاستدلال على استحباب الإطالة في الركوع بما رواه
زرارة ومحمّد عن أبي جعفر عليهالسلام قال :
__________________
والسوَر الطوال مع السعة ،
______________________________________________________
«وتطيل القنوت على قدر القراءة والركوع والسجود ». والموجود في «الكافي والتهذيب » : «تطيل القنوت والركوع على قدر القراءة والركوع
والسجود». وعلى ما في «المعتبر» وما بعده يجوز في الركوع والسجود النصب والخفض ،
والثاني أظهر.
[في استحباب قراءة سور الطوال]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والسوَر الطوال مع
السعة) هذا مذهب أهل العلم كما في «المنتهى » ومتفق عليه كما في «الخلاف والمعتبر » وظاهر «الغنية والحدائق ». وقال الشيخ والعماد الطوسي وابن سعيد وغيرهم : كالكهف والأنبياء. ولعلّه لما رواه في «المقنعة » عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه صلّى بالكوفة صلاة الكسوف ، فقرأ فيها الكهف
والأنبياء .. الحديث . ووجه التقييد بالسعة في جميع ما تقّدم واضح ، وطريقها
العلم أو الظنّ كما مرَّ.
__________________
والتكبير عند
الانتصاب من الركوع إلّا في الخامس والعاشر فيقول «سمع الله لمن حمده»
______________________________________________________
[في استحباب التكبير
عند الانتصاب من الركوع]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والتكبير
عند الانتصاب من الركوع إلّا في الخامس والعاشر فيقول : سمع الله لمن حمده)
هذا ذكره
الصدوق وعلم الهدى والشيخ ومن تأخّر عنهم ، وعليه الإجماع في «الخلاف والغرية» وظاهر «المعتبر والتذكرة والمنتهى » حيث نسب فيها إلى علمائنا. وفي «الحدائق » لا خلاف فيه. وفي «كشف اللثام» نطق بذلك الأخبار
والأصحاب . وفي «الغنية » الإجماع على أنّه يقول : سمع الله لمن حمده في العاشر
، فتأمّل ، ولعلّ النسخة غير صحيحة. وفي «النفلية
__________________
والقنوت بعد القراءة من كل مزدوج
______________________________________________________
والفوائد الملية » روى إسحاق ابن عمّار نادراً مخالفاً للمشهور روايةً
وفتوىً عمومه أي عموم قول «سمع الله لمن حمده» إذا ركع وفرغ من السورة وإن لم يكن
الخامس والعاشر.
[في استحباب القنوت
في كلّ مزدوج]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والقنوت
بعد القراءة من كلّ مزدوج)
وخالف في ذلك
الجمهور فأنكروا القنوت كما في «المنتهى والتذكرة » وعليه الإجماع كما في «الغرية» وظاهر «الغنية والحدائق والرياض » وهو المشهور كما في «الملية ».
وقال الصدوق في
«الفقيه» كما نقل عن والده : وإن لم يقنت إلّا في الخامسة والعاشرة فهو جائز لورود
الخبر به . وفي «الهداية» بعد ذكره الخمس قنوتات وروي أنّ القنوت
في الخامسة والعاشرة . قلت : وفيما ذكره في الكتابين بلاغ ، فكأنّ صاحبي «المدارك
والذخيرة » لم يحتفلا بذلك أولم يطّلعا عليه حيث نفيا الاطلاع في
ذلك على نصّ.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وما ذكره
الصدوقان خيرة «التحرير والبيان والنفلية والدروس والموجز الحاوي وكشف الالتباس وجامع المقاصد والجعفرية والغرية وفوائد الشرائع وتعليق النافع والشافية». وفي «الفوائد الملية » أنّه مخالف للمشهور.
وفي «النهاية والمبسوط والوسيلة وجامع الشرائع والبيان وجامع المقاصد وفوائد الشرائع وتعليق النافع والجعفرية والغرية وإرشاد الجعفرية
__________________
ولو أدرك الإمام في الركوعات الاولى فالوجه الصبر حتّى يبتدئ بالثانية ،
______________________________________________________
وكشف الالتباس » جواز الاقتصار عليه في العاشرة حيث قالوا : وأقلّه على
العاشر (العاشرة خ ل) ونقل ذلك عن «الإصباح».
[في مَن أدرك الإمام
في الركوعات الاولى]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
أدرك الإمام في ركعات الاولى فالوجه الصبر حتّى يبتدئ بالثانية)
إذا أدرك
الإمام في الركوع الأوّل أدرك الركعة بغير إشكال كما جزم به كلّ من تعرّض له. وفي «مصابيح
الظلام » أنّه المشهور. قلت : لم نجد من خالف. ولعلّه جعل الحال
هنا كالحال في اليوميّة.
وأمّا إذا لم
يدركه حتّى رفع رأسه من الركوع الأوّل ففي «المعتبر والتحرير والمنتهى والتذكرة والبيان والموجز الحاوي وغاية المرام وكشف الالتباس
__________________
ويحتمل المتابعة ، فلا يسجد مع الإمام ، فإذا انتهى إلى الخامس بالنسبة
إليه سجد ثم لحق الإمام ، ويتمّ الركعات قبل سجود الثانية.
______________________________________________________
والمدارك والشافية ومصابيح الظلام والحدائق » أنّه قد فاتته الركعة ويصبر حتّى يبتدئ بالثانية ، أو
يتابعه ندباً ثمّ يستأنف. وفي «نهاية الإحكام » في إدراكه إشكال. وفي «الذكرى » فيه وجهان. ويأتي تمام ما في هذين الكتابين. وظاهر «المعتبر
والتذكرة » وغيرها أنّه يتابعه في السجود ندباً فإذا قام إلى الثانية
استأنف. وصريح «الذكرى وكشف اللثام » وظاهر غيرهما أنّه يتابعه ويبقى قائماً حتّى يسجد الإمام ثمّ يستأنف
، والأمر في ذلك سهل.
قالوا : لأنّه
إن اقتدى به في الركوع الثاني مثلاً فإذا سجد الإمام بعد الخامس لم يخلو إمّا أن
لا يسجد معه فيبطل الاقتداء أو يسجد معه ، فإمّا أن يكتفي بما أدرك قبله من
الركوعات وهذا السجود وخمس ركوعات اخر وسجود ثانٍ يتابع الإمام في الكلّ فيلزم
نقصان ركعته الاولى عن خمس ركوعات أو تحمل الإمام ما فاته من الركوع ، ولم يعهد شيء
من ذلك.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ويحتمل
المتابعة ، فلا يسجد مع
__________________
الإمام
، فإذا انتهى إلى الخامس بالنسبة إليه سجد ثمّ لحق الإمام ، ويتمّ الركعات قبل
سجود الثانية) هذا الاحتمال ذكره في «التذكرة ونهاية الإحكام » قال فيهما : ويحتمل المتابعة بنيّة صحيحة ، فإذا سجد
الإمام لم يسجد هو بل ينتظر الإمام إلى أن يقوم ، فإذا ركع الإمام أوّل الثانية
ركع معه عن ركعات الاولى ، فإذا انتهى إلى الخامسة بالنسبة إليه سجد ، ثمّ لحق
الإمام ويتمّ الركعات قبل سجود الثانية ، لكنّه قال في «التذكرة» : والوجه الأوّل
كما نقلنا عنه. وفي «كنز الفوائد» إنّما قلنا بهذا الاحتمال لأصالة الجواز . وفي «الإيضاح» وجهه تحصيل فضيلة الجماعة في بعض الصلاة
وجاز ترك المتابعة في مواضع فليجز هنا . قلت : لعلّه أشار بذلك إلى ما ورد في الجمعة فيمن زوحم
فيها في السجدتين الاوليين ، لكن إجزاؤه في المقام مشكل.
ويجوز أن يكون
الحكم في المسألة مبنيّاً على مسألة اخرى وهو أنّه هل يجوز للمأموم التخلّف عن
الإمام لغير عذر بركن أو ركنين أم لا يجوز ذلك؟ والّذي صرّح به جملة منهم في باب
صلاة الجماعة هو الجواز. وممّن صرّح بذلك الشهيد في «الذكرى» قال : لو سبق المأموم
بعد انعقاد صلاته أتى بما وجب عليه والتحق بالإمام ، سواء فعل ذلك عمداً أو سهواً
أو لعذر ، وقد مرَّ مثله في الجمعة. ولا يتحقّق فوات القدوة بفوات ركن ولا أكثر
عندنا. وفي التذكرة توقّف في بطلان القدوة بالتأخّر بركن والمروي بقاء القدوة ،
رواه عبد الرحمن عن أبي الحسن عليهالسلام ، انتهى ما في الذكرى. وظاهره دعوى الإجماع على الحكم المذكور.
ومثله قال
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المحقّق الثاني في «الجعفرية » وشارحوها وناقشوا العلّامة في التوقّف. وتمام الكلام يأتي في
محلّه بعون الله تعالى ولطفه ورحمته وبركة خير خلقه محمّدٍ وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأنت خبير
بأنّه يأتي على ما ذكروه أنّ المأموم يجوز له الدخول في صلاة الكسوف بعد مضي ركوع
أو أكثر وإن فاتته المتابعة في السجود ، لكنّ الظاهر خلاف ما ذكروه هناك. وما
استندوا إليه من الخبر مورده سهو المأموم وهو عذر خارج عن محلّ النزاع ، على أنّ
الشهيد في الذكرى قد خالف قوله هناك بما ذكره هنا حيث صرّح في مسألتنا بالمنع من
الدخول حذراً من لزوم التخلّف عن الإمام بركنٍ أو أكثر ، قال : فإن قلنا بالمتابعة
فالأصحّ عدم سلامة الاقتداء ، لاستلزامه محذورين إمّا التخلّف عن الإمام أو تحمّل
الإمام الركوع إلى أنّ قال : فلم لم يأت المأموم بما بقي عليه ثمّ يسجد ثمّ يلحق
الإمام فيما بقي من الركوعات ، وليس في هذا إلّا تخلّف عن الإمام لعارض وهو غير
قادح في الاقتداء لما سيأتي. قلنا : إنّ من قال إنّ التخلّف عن الإمام يقدح فيه
فوات الركن فعلى مذهبه لا يتمّ هذا ، ومن اغتفر ذلك فإنّما يكون عند الضرورة
كالمزاحمة ولا ضرورة هنا ، انتهى وهو صريح في المخالفة لما ذكره في باب الجماعة.
هذا وقال في «جامع
المقاصد» : فإن قلت : الإخلال بالمتابعة لا يقطع القدوة ولا يخلّ بالصحّة على
المعتمد فلا يعدّ مانعاً ، والزيادة مغتفرة لمتابعة الإمام ولا تخلّ بهيئة الصلاة.
قلت : إنّما اغتفر ذلك لأنّه وقع بعد انعقاد الصلاة وثبوت القدوة وهو موضع استثناء
، فلا يلزم جواز إنشاء القدوة عليه. وأمّا الزيادة المغتفرة فإنّما
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
هي في مواضع النصّ ، ولك أن تقول : نمنع الحصر ، بل يجوز أن يقال : يدخل
معه ، فإذا سجد نوى الانفراد وذلك غير قادح في صحّة الصلاة بوجه ، لأنّ الجماعة
غير واجبة ونيّة الانفراد غير مخلّة بالصحّة. ومن ثمّ لو دخل في اليومية مع الإمام
على عزم المفارقة في الركعة الثانية انعقدت صلاته على الظاهر ، لعموم «لكلّ امرىً
ما نوى » وهل يسوغ له أن يبقى على القدوة أم ينفرد في الموضع
الّذي نوى فيه المفارقة؟ وهل يحتاج إلى نية الانفراد أم لا؟ سيأتي تحقيقه ، انتهى .
وعن «حلّ
المعقود من الجمل والعقود» جواز المتابعة فيما أدركه من ركوعات الاولى ، فإذا سجد
الإمام أتمّ ركوعاته مخفّفة ثمّ لحق الإمام في السجود وجواز ما احتمله المصنّف
وأنّ ظاهره تحمّل الإمام الركوعات السابقة. وهذا مذهب لبعض العامّة . وفي «المنتهى » أنّ جمهورهم على الفوات.
ومعنى قول
المصنّف ويتمّ الركعات قبل سجوده الثانية أن يأتي به قبل سجوده هو الثانية ، فإذا
سجد الإمام لم يسجد معه بل يتمّ ما عليه ناوياً للانفراد. قال في «جامع المقاصد»
لا ما توهّمه بعضهم من أنّ المراد قبل سجود الإمام بمعنى أنّه يأتي بما عليه
مخفّفاً ويطول له الإمام القراءة إلى أن يتمّ ويسجدان جميعاً وهو وهمٌ ، إذ لا
يجوز مفارقة الإمام اختياراً لمن لم ينو الانفراد إلّا في مواضع اختصّت بالنصّ ،
ولاستلزامه جواز انتظار الإمام المأموم في القراءة وهو من خصوصيّات صلاة الخوف . قلت : ما ذكر أنّه وهمٌ فسّر به العبارة في «كشف
اللثام » وذكر
__________________
(المطلب الثاني)
الموجب :
وهو : كسوف
الشمس ، وخسوف القمر ، والزلزلة ، والريح المظلمة ، وأخاويف السماء.
______________________________________________________
ما ذكره في
جامع المقاصد من أنّه لا يسجد مع الإمام. ثمّ يسلّم مع الإمام أو منفرداً.
[في موجبات صلاة
الآيات]
(المطلب الثاني : الموجب ، وهو : كسوف
الشمس ، وخسوف القمر ، والزلزلة ، والريح المظلمة ، وأخاويف السماء)
هذا مذهب أكثر
أصحابنا كما في «المدارك والمصابيح » والأشهر كما في «الكفاية » والمشهور كما في «الحدائق » وعليه عامّة المتأخّرين والمتقدّمين إلّا نادراً كما
في «الرياض » وإجماع أصحابنا كما في «الخلاف ». وفي «التذكرة والبيان والذكرى وجامع المقاصد وكشف اللثام والمفاتيح » الإجماع على
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الكسوفين. وهو أي الإجماع ظاهر «الانتصار » أو صريحه و «المعتبر وكشف الحقّ والمنتهى والكفاية والنجيبية». وفي «التذكرة » الإجماع على الزلزلة. وهو ظاهر «المعتبر والمنتهى والذكرى والرياض ». وفي «مجمع البرهان » كأنّه إجماع. وفي «الروض » أنّه مذهب المعظم. وجعل في «الذكرى» الرجفة غير
الزلزلة كما ستعرف. ونسب الوجوب في الرجفة إلى الحسن وظاهر الأصحاب. ونحن ننقل
جملة من عباراتهم.
قال في «الخلاف»
: صلاة الكسوف واجبة عند الزلازل والرياح العظيمة والظلمة العارضة والحمرة الشديدة
وغير ذلك من الآيات الّتي تظهر في السماء ، ولم يقل بذلك أحد من الفقهاء. دليلنا
إجماع الفرقة . وفي «المقنعة » هاتان الركعتان تجب صلاتهما عند الزلازل والرياح
والحوادث من الآيات. وفي «جُمل العلم والعمل » تجب هذه الصلاة أيضاً عند ظهور الآيات كالزلازل
والرياح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والعواصف. والظاهر أنّ مراده التعميم. وفي «المراسم » تجب صلاة الكسوف والزلازل والرياح الشديدة والآيات.
وفي «المصباح » عدّ أربعة أشياء كسوف الشمس وخسوف القمر والرياح
المظلمة والزلازل. وفي «الغنية وإشارة السبق » صلاة الكسوف والآيات العظيمة. قلت : والآيات تشمل
الرياح والظلمة وسائر الأخاويف.
وفي «السرائر»
صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر فرض واجب. ثمّ قال بعد أسطر قليلة : وكذلك عند
الزلازل والرياح المخوفة والظلمة الشديدة والآيات الّتي لم تجر بها العادات . وقال أبو علي فيما حكي عنه : وتلزم الصلاة عن كلّ مخوف
سماوي . وقال الحسن فيما حكي عنه : يصلّى من الزلازل والرجفة والظلمة والرياح
وجميع الآيات كصلاة الكسوف سواء . فهذه العبارات موافقة لما في الكتاب من التعميم لكلّ
آية ومخوف سماوي. وهو المنقول عن «المهذّب وشرح جُمل العلم والعمل» وخيرة المصنّف في
جميع كتبه والشهيد فيما عدا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الألفية وخيرة «كفاية الطالبين والمقتصر وفوائد الشرائع وتعليق النافع والميسية والروض والروضة والمسالك والمقاصد العلية والمدارك ومجمع البرهان والكفاية والشافية» وهو ظاهر «المعتبر » أو صريحه. وفي «الشرائع » أنّه المروي فهو ظاهرها أيضاً ، كما هو ظاهر «التنقيح » وقد نسبه فيه تبعاً «للمختلف » للصدوقين. والموجود في «الفقيه » باب صلاة الكسوف والزلازل والرياح والظلم. وفي «الهداية
والمقنع » إذا انكسف القمر أو الشمس أو زلزلت الأرض أو هبت ريح
صفراء أو حمراء فصلّوا ، وزاد في «المقنع» أو حدثت ظلمة.
ونسب في «غاية
المرام » إلى السرائر موافقة النهاية والمبسوط. والموجود في «النهاية
» صلاة الكسوف والزلازل والرياح المخوفة والظلمة الشديدة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فرض واجب. والموجود في «المبسوط » صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر فرض واجب ، وكذلك عند
الزلازل والرياح المخوفة والظلمة الشديدة يجب مثل ذلك. ومثله قال صاحب «جامع
الشرائع ».
ومن الغريب ما
في «كشف الرموز» حيث قال : إنّ الشيخ في الخلاف أفتى برواية محمّد ، وقال في النهاية والمبسوط والجُمل والعقود والفقيه
والمقنع والمقنعة : تجب للكسوف والزلازل والرياح المظلمة ، وعليه المتأخّر يعني
ابن إدريس وقال المرتضى وابن أبي عقيل والتقي : للكسوفين ، والأوّل أحسن. هذا
كلامه . وقد سمعت ما في «النهاية والمبسوط» وسمعت كلام المرتضى والحسن.
والموجود في «الجُمل
والعقود والمصباح والوسيلة » أنّ الموجب إحدى أربع : الكسوفين والزلزلة والرياح
السود المظلمة ، لكنّه في «المصباح» ترك ذكر السود. ومن هنا يظهر لك ما في «التنقيح»
من قوله : لم يحصرها إلّا ابن حمزة في الكسوفين والزلزلة والريح المظلمة . وقد نقل جماعة كثيرون عن التقي أنّه لم يذكر سوى الكسوفين ، فما في «المهذّب
البارع » من أنّ ابن إدريس موافق للحلبي لم يصادف محزّه وكأنّه
لحظ أوّل عبارة السرائر فقط.
وعن «الاقتصاد»
أنّ صلاة الكسوف واجبة عند كسوف الشمس وخسوف
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
القمر والزلازل المتواترة والظلمة الشديدة . ونحوه عن «الإصباح» مع زيادة الرياح المخوفة . وهذا أيضاً يقدح في حصر التنقيح. وفي «النافع ورسالة صاحب المعالم » أنّ الموجب الكسوفان والزلزلة. وقال في «النافع» : وفي
رواية : «تجب لأخاويف السماء ».
وفي «الموجز
الحاوي» تجب بكسوف النيّرين لا الكواكب وبكسوف النيّرين بها والزلزلة والريح
الشديدة والمتلوّنة المخوفة والصيحة كالرعد الهائل والباب المفتحة . وفي «الألفية» الكسوفان والزلزلة وكلّ ريح مظلمة سوداء
أو صفراء مخوفة . ومقتضاها انحصار الوجوب في الريح الجامعة للوصفين ،
فلا تجب للريح المنفكّة عنهما أو عن أحدهما وإن أخافت ولا للظلمة المنفكّة عن
الريح. وفي «إرشاد الجعفرية » ما في الألفية إلى قوله «مظلمة» ثمّ وصفها بالشديدة ،
وترك ذكر الباقي من عبارة الألفية.
هذا وقال في «الذكرى»
: وأمّا باقي الآيات فلها صوَر : تجب الصلاة أيضاً
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
للزلزلة ، نصّ عليه الأصحاب ، وابن الجنيد لم يصرّح به لكن ظاهر كلامه ذلك
، وكذا ابن زهرة ، وأمّا أبو الصلاح فلم يتعرّض لغير الكسوفين. لنا فتوى الأصحاب
وصحاح الأخبار ، ثمّ قال : الثانية : الرجفة وقد تضمّنته الرواية وصرّح به ابن أبي
عقيل وهو ظاهر الأصحاب أجمعين ، الثالثة : الرياح المخوفة ، ومنهم من قال : الرياح
العظيمة. وقال المرتضى : الرياح العواصف ، وأطلق المفيد الرياح ، الرابعة : الظلمة
الشديدة ذكره الشيخ وابن البرّاج وابن إدريس ، الخامسة : الحمرة الشديدة ذكرها
الشيخ في الخلاف ، السادسة : باقي الآيات المخوفة ذكره الشيخ والمرتضى في ظاهر
كلامه ، وصرّح ابن أبي عقيل بجميع الآيات وابن الجنيد على ما نقلناه عنه وابن
البرّاج وابن إدريس. وهو ظاهر المفيد. ودليل الوجوب في جميع ما قلناه مع فتوى
المعتبرين من الأصحاب ما رواه .. إلى آخره ومن العجيب قوله : إنّ ابن زهرة لم يصرّح بالوجوب.
وفي «الشرائع»
بعد ذكر كسوف الشمس وخسوف القمر والزلزلة : وهل تجب لما عدا ذلك من ريح مظلمة
وغيرها من أخاويف السماء؟ قيل : نعم وهو المرويّ ، وقيل : بل يستحبّ ، وقيل : تجب
للريح المخوفة والظلمة الشديدة فحسب ، انتهى. يعني زيادة على الكسوفين والزلزلة ، وقد فهم
ذلك من اقتصار بعضهم على ذلك كما سمعت. وبمثل ذلك يثبت الوفاق والخلاف في عبارات الفقهاء
، فمفهوم اللقب في عباراتهم حجّة. فلا وجه لما اعترضه به في «الحدائق» من أنّ
مجرّد ذكر بعض الأسباب لا يستلزم القول بالانحصار ، انتهى. نعم ، يرد على ما في «الشرائع والمفاتيح» من
قولهما : وقيل يستحبّ ، أنّا لم نجد القائل بذلك أصلاً ولا الناقل له. ولعلّ
المحقّق فهمه من عدم تصريح أبي عليّ بالوجوب وقد سمعت عبارته ، أو من
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عدم ذكر أبي الصلاح غير الكسوفين. وتبعه على ذلك صاحب «المفاتيح» لكن في
بعض نسخ المختلف على ما ذكره الاستاذ دام ظلّه أنّ أبا الصلاح لم يتعرّض لذكر غير
الكسوف والزلازل .
ولو كسفت الشمس
ببعض الكواكب كما نقل أنّ الزهرة رؤيت في جرم الشمس كاسفة لها ، ففي «الذكرى» أنّ
ظاهر الخبر يقتضي الوجوب لأنّها من الأخاويف . وبه جزم في «الموجز الحاوي وكشف اللثام » وقرّب في «البيان» العدم . وجزم به في «الدروس ». وفي «المقاصد العلية» فيه قولان . وفي «التذكرة ونهاية الإحكام وكشف الالتباس » أنّ فيه إشكالاً من عدم التنصيص وأصالة البراءة وخفائه
، لعدم دلالة الحسّ عليه وإنّما يستند فيه إلى قول من لا يوثق به من المنجّمين ومن
كونه آية مخوفة ، ثمّ قال في «التذكرة» : والأوّل أقوى. وفي «الذكرى» قوّى الفاضل
عدم الوجوب لعدم النصّ وأصالة البراءة ومنع كونه مخوفاً ، فإنّ المراد بالمخوف ما
خافته العامّة وهم لا يشعرون بذلك ومثله ما في «المقاصد العلية ». وفي «المدارك
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والحدائق » الأجود إناطة الوجوب بما يحصل منه الخوف كما في الخبر .
وفي «كشف
اللثام» ليس الكسوفان إلّا انطماس نور النيّرين كلّا أو بعضاً. وأمّا الكون
لحيلولة الأرض أو القمر فلا مدخل له في مفهومهما لغةً ولا عرفاً ولا شرعاً ولا في
الإخافة ، فلا إشكال في وجوب الصلاة لهما وإن كان لحيلولة بعض الكواكب ، فإنّ مناط
وجوبها الاحساس بالانطماس ، فمن أحسّ به كلًّا أو بعضاً وجبت عليه الصلاة أحسّ به
غيره أو لا ، كان الانطماس على قول أهل الهيئة لحيلولة كوكب أو الأرض أو لغير ذلك.
وإذا حكم المنجّمون بالانطماس بكوكب أو غيره ولم يحسّ به لم تجب الصلاة لعدم
الوثوق بقولهم شرعاً ، وإن أحسّ به بعض دون بعض فإنّما تجب الصلاة على من أحسّ به
ومن ثبت عنده بالبيّنة دون غيره ، من غير فرق في جميع ذلك بين أسباب الانطماس ،
فلا وجه لما في التذكرة ونهاية الإحكام من الاستشكال ولا لما في الذكرى من منع
كونه مخوفاً ، لأنّ على صلاة الكسوفين الإجماع والنصوص من غير اشتراط بالخوف. نعم
، يتّجه ما فيهما من الاستشكال في انكساف بعض الكواكب من غير ما ذكر في وجه
الإشكال ، والأقرب الوجوب أيضاً لكونه من الأخاويف لمن يحسّ ، والمخوف ما يخافه
معظم من يحسّ به لا معظم الناس مطلقاً .
قلت : في «الدروس
وفوائد الشرائع والمقاصد العلية » كسف بعض الكواكب ببعض لا يوجب الصلاة. وقرّبه في «البيان
». وفي «النجيبية» أنّه ممّا
__________________
ووقتها في الكسوف من الابتداء فيه إلى ابتداء الانجلاء ،
______________________________________________________
لا خلاف فيه ، انتهى. ويظهر من «الذكرى» الميل إلى الوجوب . وفي «التذكرة» أنّ فيه الإشكال وأنّ الأقوى عدم الوجوب
.
وقال الاستاذ
أدام الله حراسته عند قوله في المفاتيح : المخوفة لعامّة الناس ، يقتضي أن يكون
الخوف الحاصل لبعض الناس غير مضرّ ، إذ ربما كان جباناً يخافمن شيء سهل ، وإطلاق
لفظ الأخاويف ينصرف إلى الفروض الشائعة ، فعلى هذا لو كسف بعض الكواكب جرم أحد
النيّرين لم يكن فيه صلاة ، لأنّ أغلب الناس لا يخافون من مثله ، إلّا أن يقال عدم
خوفهم لعدم اطّلاعهم ، ولو كانوا يطّلعون لكانوا يخافون كما هو الحال في الأخاويف
المسلّمة ، فإنّ غير المطّلع بها لا يخاف البتة والخوف فرع الاطلاع ، لكن كون
العامّة يخافون من مثله إن اطّلعوا محلّ تأمّل ، وكذا كون الأخاويف الّتي لا يطّلع
عليها إلّا نادراً موجباً للصلاة ، والأحوط أن يصلّي المطّلع ، انتهى.
هذا وفي «المقاصد
العلية» الزلزلة الرجفة فلا يكفي مطلق الحركة . وقد سمعت ما في «الذكرى» من أنّ الرجفة غير الزلزلة كما لعلّه
يظهر من عبارة الحسن لكن عطف التفسير فيها محتمل ، ولا كذلك الذكرى.
[وقت الصلاة في
الكسوفين]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ووقتها
في الكسوف من الابتداء فيه إلى ابتداء الانجلاء)
أمّا كون وقتها
في الكسوفين من الابتداء فهو مذهب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
علماء الإسلام كما في «المنتهى » وعليه الإجماع كما في «كشف اللثام والرياض » وهو مذهب علمائنا كما في «التذكرة » ولا خلاف فيه كما في «الذخيرة والحدائق ».
وأمّا أنّ آخره
ابتداء الانجلاء فقد نقل في «المعتبر والتنقيح والمدارك » وغيرها عن المفيد. وهو خيرة «النهاية والمبسوط والجُمل والعقود والمصباح والمراسم والوسيلة وإشارة السبق والسرائر وجامع الشرائع والنافع والتحرير
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتذكرة والبيان وكفاية الطالبين والموجز الحاوي والشرائع » على ما فهم منها المحقّق الثاني في «فوائد الشرائع » والشهيد الثاني في «المسالك » وهو المنقول عن الكندري . وإليه مال في «مجمع البرهان » وهو مذهب علمائنا. كما في «التذكرة » والمعظم كما في «الذكرى والغرية» والمشهور كما في «جامع المقاصد وغاية المرام وكشف الالتباس والمسالك والذخيرة والرياض والحدائق » ومذهب الأكثر كما في «الذكرى » أيضاً و «الروض والكفاية ».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ولم أجد
مصرّحاً بالخلاف قبل المحقّق في ظاهر «المعتبر » والمصنّف في «المنتهى » حيث ذهبا إلى أنّ آخره انتهاء الانجلاء. ووافقهما على
ذلك الشهيد في «الدروس » والمحقّق الثاني في «جامع المقاصد والجعفرية وتعليق النافع وفوائد الشرائع » وجملة من متأخّري المتأخّرين كصاحب «المدارك والكفاية والذخيرة والشافية والمصابيح والحدائق » وهو ظاهر المنقول من قول التقي : أنّ الوقت ممتدّ
بمقدار الكسوف والخسوف . وفي «المنتهى» أنّه اللائح من كلام علم الهدى والحسن . وفي «البيان » نقله عن ظاهر المعتبر والمرتضى. وفي «الرياض» نقله عن
الديلمي وهو عجيب . وفي «المسالك» أنّه أجود . وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«كشف الالتباس» أنّه أحوط . وفي «الرياض» لعلّه أقوى . وفي «الوسائل» أنّ الأخبار عليه أقوى دلالة .
ولم يظهر لي من
«الذكرى والتنقيح والمقاصد العلية وإرشاد الجعفرية» ترجيح واحد من القولين. وأمّا «الألفية»
فبعبارتها هذه : وقتها حصولها . وهي على غاية من الإجمال. وقال في «المقاصد العلية»
أنّه يلوح منها موافقة المنتهى . وفي «البيان» شرعية الإعادة وجوباً كقول المرتضى
والتقي واستحباباً كقول الأكثر تقوّي هذا القول .
قلت : وكذا
الاستصحاب وشغل الذمّة والاحتياط وعدم صدق الانجلاء حقيقة لصحّة إطلاق الكسوف على
الكسف في الجملة وعدم وضوح الدلالة في خبر حمّاد مع إمكان تأويله تقوّي هذا القول أيضاً ، مضافاً إلى
خبر الرهط وغيره من الأخبار الاخر ويضعّفه أنّه مذهب أبي حنيفة والشافعي
__________________
وفي الرياح الصفر والظلمة الشديدة مدّتها
______________________________________________________
وأحمد وأنّه قد يدّعى أنّ الإجماع معلوم قبل المحقّق وأنّه
منقول في ظاهر «التذكرة» وذلك كلّه مع الشهرة قد يجبر ضعف دلالة الخبر عند بعضهم ،
فليتأمّل. وسيأتي عن جماعة احتمال بقاء المدّة مدّة العمر.
هذا وتظهر
الفائدة كما قال جماعة في نيّة الأداء والقضاء لو شرع في الانجلاء ، وكذا في
ضرب زمان التكليف الّذي يسع الصلاة.
[وقت الصلاة في
الرياح الصفر والظلمة الشديدة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وفي
الرياح الصفر والظلمة الشديدة مدّتها)
وكذا ما كان
نحوهما ، هذا هو المشهور كما في «كشف الالتباس والمسالك والذخيرة والرياض ». وفي «الذكرى » وظاهر «الحدائق » نسبته إلى الأصحاب. وهو صريح «الشرائع والتذكرة والإرشاد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والجعفرية والغرية وإرشاد الجعفرية والروض والمدارك والذخيرة والرياض » وغيرها .
وفي «التذكرة والبيان » وجملة ممّا ذكر أنّه إن قصرت المدّة فلا وجوب. وفي «الروض»
نسبة ذلك إلى الأكثر . وإليه يشير ما في «إشارة السبق» من أنّ الصلاة لا تجب
لشيء من الزلزلة وهذه الآيات إذا لم تتّسع لها .
وفي «الوسيلة»
أوّل وقت صلاة الرياح السود والزلازل أوّل ظهورها وليس لآخرها وقت معيّن . وفي «المنتهى والتحرير » الرياح والزلازل وما يشبهها من الآيات السريع زوالها
فالأقرب أنّ وقتها العمر. ومثله ما في «الدروس
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتنقيح والموجز الحاوي وجامع المقاصد وفوائد الشرائع وحاشية الإرشاد وغاية المرام والمقاصد العلية والمسالك » وظاهر «الروض » وإليه أومى في «المعتبر» في موضع آخر يأتي ، قال هؤلاء جميعاً نحو ما في «الدروس» أو عينه. وعبارة
«الدروس» هكذا : وفي غير الكسوف عند حصول السبب ، فإن قصر الوقت سقطت في الكسوف
ووجبت أداء في غيره .
وفي «التذكرة»
بعد ما نقلناه عنها من أنّ وقت الرياح المظلمة الشديدة والظلمة الشديدة والحمرة
الشديدة مدّتها ما نصّه : كلّ آية يضيق وقتها عن العبادة يكون وقتها دائماً ، أمّا
ما نقص عن فعلها وقتاً دون آخر فإنّ وقتها مدّة الفعل فإن قصر لم يصلّ . ومثلها من دون تفاوت ما في «نهاية الإحكام » وقد ناقشه في ذلك صاحب «المدارك ».
وقال في «الذكرى»
: وقّت الأصحاب الزلزلة بطول العمر وصرّحوا أنّه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
لا يشترط سعة الزلزلة للصلاة إلى أن قال : وباقي الأخاويف عند الأصحاب يشترط
فيه السعة ، ولا نرى وجهاً للتخصيص إلّا قصر زمان الزلزلة غالباً ، فإذا اتفق قصر
زمان تلك الآيات بل قصر زمانها أيضاً غالب احتمل الفاضل وجوب الصلاة أداءً دائماً
كما يحتمل في الزلزلة ذلك ، انتهى. واحتمل في «البيان» الوجوب بمجرّد السبب إن لم
يتّسع الزمان في الكسوف وغيره ، قال : وقد أومأ إليه في المعتبر ، انتهى.
وفي «المراسم»
بعد أن ذكر صلاة الكسوف والزلازل والرياح الشديدة والآيات ، قال : وهي موقّتة ،
فابتداء وقتها من ابتداء ظهور الكسوف والآيات إلى ابتداء انجلائه . ولم أجد موافقاً له على ذلك فيما عدا الكسوف.
وليعلم أنّه
يدلّ على المشهور وهو أنّه مدّتها ، لا مدّة العمر ولا إلى الشروع في الانجلاء أصل
الامتداد إلى الانجلاء من غير معارض هنا وأصل البراءة بناءً على عدم ما يدلّ على
كونها من الأسباب الّتي تجب صلاتها مطلقاً كالزلزلة سوى الإطلاقات كالصحيح : «إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلّها ما لم
تتخوّف أن يذهب وقت فريضة» ويجب تقييدها بما يدلّ على التوقيت فيها كالصحيح : «كلّ أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصلّ له
صلاة الكسوف حتّى يسكن» فإنّ «حتّى» هنا إمّا لانتهاء الغاية أو للتعليل ، وعلى
كلّ منهما يثبت التوقيت نصّاً على الأوّل وفحوى على الثاني ، ومثله وإن جرى في
الزلزلة لكن قصورها عن مقدار أداء الصلاة غالباً يعيّن المصير إلى عدم كونها
موقّتة ، لاستلزامه التكليف بفعل في زمان يقصر عنه.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
واعترض مولانا
المجلسي وتبعه صاحب «الحدائق » على الوجهين في «حتّى». قال المجلسي : يمكن المناقشة
في الأوّل باحتمال كون التوقيت لتكرار الصلاة لا لأصلها ، إذ يقال : ضربته حتّى
قتلته ، ولا يقال : ضربت عنقه حتّى قتلته ، وأمّا الثاني فبإمكان كون العلّة
للشروع في الصلاة لا لأصلها ، انتهى.
وفيه : أنّ
تقدير التكرار خلاف الأصل لا يصار إليه إلّا لدلالة من قرينة كما في ضربته حتّى
قتلته بخلاف صلّ إلى أن يسكن ، مع أنّه لم يقل أحد بوجوب التكرار هنا ، بل ولا
استحبابه ، مع أنّ الاستحباب أيضاً مجاز وخلاف الأصل ، لأنّ الأمر حقيقة في
الوجوب. فالمراد أنّ غاية وجوب هذه الصلاة وطلبها شرعاً أن يسكن مثل قوله جلّ شأنه
: «أَقِمِ
الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ » وغيره ممّا استدلّوا به على التوقيت ، وليس المراد أنّ
ذلك غاية للفعل ، سلّمنا ولكن يحتمل إرادة الطول والامتداد بأن يكون ابتداؤها
ابتداء الآية وانتهاؤها سكونها ، على أنّ التكرار إذا كان في ظرف لا يتعدّاه فنفس
الصلاة أولى ، لأنّ المكرّر إذا شرط أن يكون في ظرف زمان فلا جرَم أن يكون جزءه أو
بعضه وهو المرّة الاولى في ذلك الظرف ، فتأمّل ، على أنّه على تقدير كون التكرار
مقدّرا تصير العبارة هكذا : صلّ مكرّراً حتّى يسكن إن لم يسكن بالاولى أو الثانية
أيضاً وهكذا ، فتكون العبارة حينئذٍ ظاهرة في كون «حتّى» للتعليل ، بل الظاهر
أنّها للتعليل في جعلها للغاية أيضاً ، لأنّ ما بعد «حتّى» داخل في ما قبلها ،
وكونها بمعنى إلى مجاز خلاف الأصل.
وأمّا قوله في
الثاني «إنّ العلّة للشروع لا لنفس الصلاة» فلا شبهة في فساده ، لجعل العلّة في
الخبر لنفس الصلاة ، والأصل عدم التقدير.
وقوله «لعلّ
الشروع في الصلاة» علّة لزوال الآية قبل إتمامها ، كما إذا قيل صلّ الصلاة
الفلانية حتّى يغفر الله لك عند الشروع فيها ، ففيه أنّه لم يعتبر أحد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
خصوص الشروع هنا ، مع أنّ الشارع جعل الصلاة للزوال ونسبة كلّ جزء منها
للعلّية كنسبة الجزء الآخر ، ولو قال عند الشروع يسكن أو بمجرّد الشروع لظهر
التفاوت ، هذا إذا ثبت لزوم الإتمام أو وجوبه وهو أوّل الكلام ، إذ السكون إذا حصل
لا يحتاج إلى مسكن ضرورة ، مع أنّه لو اتّفق السكون بمجرّد الشروع ظهر عدم كون ما
بقي علّة ، وإطلاق لفظ «صلّ» لعلّه يكون محمولاً على ما إذا لم يسكن ، بقرينة قوله
«يسكن» وبضميمته ، وإلّا لم يكن لقوله «حتّى يسكن» فائدة ، إذ معناه حتّى يتحقّق
السكون بعد ذلك ، إذ العلّة قبل المعلول ولو كان مراد المعصوم ما تقولون لكان
الواجب ترك قوله «حتّى يسكن» لإيهامه خلاف مطلوبه ، بل هو ظاهر فيه. نعم ربما قد
يقال : يضعّفه استبعاد تحقّق ريح مخوفة يسع وقتها الطهارة والصلاة ، وفيه ما لا
يخفى فتأمّل.
وقد ظهر وجه
إطباق الأصحاب على التوقيت في الكسوفين ، مضافاً إلى ما بيّن فيه من الأخبار
ابتداء وقتهما مع النصوص الواردة في القضاء نفياً وإثباتاً وانّها لصريحة في
التوقيت مبدأً ومنتهىً فيهما على الأوّل وظاهرة كذلك على الثاني. قال في «كشف
اللثام» : وتوقيت صلاة الكسوفين بهما معلوم ، للحكم بالقضاء في الأخبار والفتاوى
واحتمال إرادة الأداء بعيد ، انتهى. فما في «الروض والذخيرة والحدائق ومجمع البرهان » وغيرها من أنّ الأدلّة غير دالّة على التوقيت ، بل ظاهرها
سببيّة الكسوف ، فيه ما فيه ، مع أنّ في «الذكرى» ما نصّه : إنّ احتمال السببيّة
في الكسوف مرفوض بين الأصحاب .
__________________
وفي الزلزلة طول العمر ، فإنّها (فهي خ ل) أداء وإن سكنت.
______________________________________________________
ويمكن
الاستدلال للقائل بالسببية بإطلاق قوله عليهالسلام : «فإن انجلى قبل أن تفرغ فأتمّ ما بقي » لكن يمكن أن يكون متفرّعاً على قوله عليهالسلام : «وتطيل القنوت والركوع» بل هو الظاهر ، وعلى هذا لا
يبقى دلالة. ويأتي تمام الكلام في ذلك بلطف الله تعالى.
[وقت الصلاة في
الزلزلة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وفي
الزلزلة طول العمر ، فهي (فإنّها خ ل) أداء وإن سكنت)
أمّا أنّ وقت
الصلاة في الزلزلة طول العمر وأنّها لا تسقط بقصر الوقت عن قدر الصلاة ففي «المقاصد
العلية والنجيبية» أنّ عليه الإجماع ، وفي «مجمع البرهان» نقل
حكايته ، وفي «الذكرى» نسبته إلى الأصحاب ، وفي «المدارك» إلى المعظم ، وفي «الذخيرة» إلى الأكثر ، وإلى المشهور في «الرياض ». وقد سمعت فيما مضى عبارة «إشارة السبق » فإنّ ظاهرها وحدها الخلاف.
وأمّا أنّها
أداء وإن سكنت ففي «الذكرى» نسبته إلى الأصحاب ، وفي «البيان» نسبته إلى كثير ، وفي «المدارك
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والحدائق » إلى المعظم ، وفي «الذخيرة» إلى الأكثر . وفي «فوائد الشرائع والغرية وإرشاد الجعفرية » الإجماع واقع على كون هذه الصلاة موقّتة والتوقيت يوجب
نيّة الأداء.
وهذا الحكم
أعني كونها أداءً وإن سكنت ففي «الغرية» نسبته إلى الأصحاب وكذا «إرشاد الجعفرية » وهو ظاهر جملة من كتبهم وصريح «الشرائع والتحرير والتذكرة وإرشاد والدروس وكفاية الطالبين والتنقيح والموجز وكشف الالتباس والجعفرية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وجامع المقاصد وحاشية الإرشاد وفوائد الشرائع والغرية وإرشاد الجعفرية وغاية المرام والمسالك » وغيرها ، بل في جملة من هذه التنصيص على الأداء في كلّ ما يغلب عليه القصر من بقية
الآيات.
وقال في «البيان»
: وصار بعضهم إلى أنّها قضاء . وفي «المدارك والنجيبية» لم يعرف قائله ، بل في الأخير : أنّه نادر.
قلت : لعلّه في «البيان» عنى المصنّف في «نهاية الإحكام » حيث احتمل فيها أن تكون وقتاً لابتداء الصلاة فتجب
المبادرة إليها ويمتدّ الوقت مقدار الصلاة ثمّ تصير قضاءً ، ثمّ إنّه استضعفه. وفي
«كشف اللثام» أنّه قويّ ، لأنّ شرع الصلاة لاستدفاع العذاب . انتهى.
وفي «الذكرى وغاية المرام وفوائد الشرائع والجعفرية والغرية وإرشاد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الجعفرية والمقاصد العلية ورسالة صاحب المعالم والنجيبية» وغيرها أنّها أداء وأنّه يجب الفور بها. وفي «الغرية» نسبته
إلى الأصحاب. وفي «المدارك» أنّه أحوط وإن أمكن المناقشة فيه . وفي «الذخيرة» لا دليل على الأداء والفورية . وقد سمعت فيما مضى عبارة «الوسيلة » فإنّه قد يلوح منها الخلاف.
وفي «المسالك»
أوجب الشهيد ومَن تبعه الفورية بها ، وهو على القول باقتضاء الأمر الفور متّجه لا
على عدمه. وحرّره بعض المحقّقين بأنّ وقتها نفس وقت الآية ، ولمّا لم يسعها غالباً
وامتنع فعلها فيه وجب المصير إلى كون ما بعدها صالحاً لإيقاعها فيه حذراً من
التكليف بالمحال ، وبقي حكم الأداء مستصحباً لانتفاء الناقل. وروعي فيها الفورية
من حيث إنّ فعلها خارج وقت السبب إنّما كان بحسب الضرورة ، فاقتصر في التأخير على
قدرها جمعاً بين القواعد المتضادّة وهي توقيت هذه الصلاة وقصور وقتها واعتبار سعة
الوقت لفعل العبادة. وهذا التوجيه لا يتمّ إلّا مع ثبوت هذه المقدّمات ، وليس في
النصوص ما يدلّ على كون زمان الزلزلة هو الوقت ، بل إنّما دلّت على كونها سبباً
وهو لا يستلزم انحصار الوقت فيه ، ولو تمّ كونه وقتاً واعتبر من الخارج عنه قدر ما
يكمل فيه الصلاة اقتصاراً على موضع الضرورة لم يصحّ القول بامتداد وقتها بامتداد
العمر ، بل إنّما يثبت ذلك من كون الآية سبباً لوجوب الصلاة ، وحيث لا تحديد
لوقتها في النصوص جعل وقتها مدّة العمر كالنذر المطلق ، وإنّما غايره في وجوب نيّة
الأداء ، ولا ريب أنّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الفوريّة بها أحوط عند مَن لم يستفدها من مطلق الأمر ، انتهى ما في المسالك
.
قلت : أراد
ببعض المحقّقين المحقّق الثاني فإنّه في «فوائد الشرائع » ذكر ما نقله عنه في «المسالك» جواباً عمّا أوردوه على
عبارة الكتاب ونحوها ، وهو أنّهم قد صرّحوا بأنّ صلاة الزلزلة لا بدّ فيها من نيّة
الأداء ، وهذا يدلّ على أنّها موقّتة ، لأنّ الأداء عندهم من توابع التوقيت وهو
ينافي ما قرّروه من استحالة التكليف بعبادة في وقت لا يسعها ، وإذا صحّت هذه
المقدّمة لزم أن لا تكون من الموقّتات ، لأنّ وقت الزلزلة قاصر كما يشهد به الحسّ
، كذا نقل عنه تلميذاه العارفان بكلامه المشاهدان له. وقوله «جمعاً بين
الأدلّة المتضادّة وهي توقيت الصلاة وقصور وقتها» صريح في ذلك ، فما في «المدارك»
من أنّ السؤال هو أنّ الأداء من توابع الموقّت ، فإذا كان وقت الزلزلة يمتدّ
بامتداد العمر فلا وجه لقولهم : أنّها تصلّى أداءً وإن سكنت غير واضح ، وإن كان ممّا يورد ، لمخالفته ما سمعت
ولأنّه خلاف ما ذكره في «الذكرى» وغيرها في بيان مرادهم في قولهم إنّ وقتها طول
العمر كما ستسمع.
وما في «المسالك
والمدارك والذخيرة والحدائق » من أنّه لا دليل على التوقيت ، ففيه : أنّه قد ادّعى
عليه الإجماع في «فوائد الشرائع والغرية وإرشاد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الجعفرية » وظاهر «الذكرى» حيث قال فيها : إنّ حكم الأصحاب بأنّ
الزلزلة تصلّى أداءً طول العمر لا يريدون به التوسعة ، فإنّ الظاهر وجوب الأمر هنا
على الفور ، بل على معنى نيّة الأداء وإن أخلّ بالفور لعذر أو غيره ، انتهى. وكلامه هذا ظاهر في دعوى الإجماع على التوقيت
وصريح في أنّ مرادهم بالتوسعة أنّها تصلّى أداءً ، كما صرّح بذلك في «غاية المرام»
قال : ويمتدّ وقتها مدّة العمر بمعنى أنّها تصلّى أداءً ولا تصير قضاءً . ونحوه ما في «إرشاد الجعفرية والغرية» من أنّ السعة هنا ليست بالمعنى المصطلح لتنافي
الفورية ، بل هي بمعنى تساوي أجزاء الزمان الّذي بعدها وعدم أولوية بعض أجزائه من
بعض بالإتيان بها ، وهي بهذا المعنى لا تنافي ما حكموا بها من كونها واجباً
فوريّاً. قال في «الغرية» فحكم الأصحاب بالفورية محافظة على الوقت المعيّن وما
يقرب منه بحسب الإمكان وحكموا بوجوب نيّة الأداء وفاءً لحقّ التوقيت ، وحيث عرفت
عدم أولوية زمان على زمان آخر ثبت الأداء في تمام المدّة المذكور ، فأثبتوا من كلّ
واحدة من القواعد حكماً لا ينافي بقية الأحكام ، انتهى.
ثمّ إنّ
المحقّق الثاني اعترف بأنّ الأحكام متضادّة وحاول الجمع بينها ، لأنّ
التأليف بين القاعدتين ولو من بعض الوجوه أولى من طرح إحداهما ، لأنّ في ذلك
ترجيحاً من غير مرجّح ، وما ذكره هو غاية التوجيه ، فلا معنى للتعجّب منه كما في «المدارك
والحدائق » وكذا «المسالك» من الحكم بالتوقيت والتوسعة مدّة العمر
.
__________________
ولو قصر زمان الموقّتة عن الواجب
______________________________________________________
وأمّا إنكارهم
الفورية وما يدلّ عليها فقد سمعت ما في «الغرية» وكذا «إرشاد الجعفرية» من ظهور
دعوى الإجماع ، بل قد يقال : إنّه يظهر من «الذكرى » وقال الاستاذ دام ظلّه في «مصابيح الظلام» : إنّ خبر
الديلمي ظاهر في الدلالة على أنّ الأمر للفور في الزلزلة ، وساق الخبر وهو طويل ،
ثمّ أخذ في بيان دلالته وأطال في بيانها وأثبتها من وجوه ، ثمّ قال : ويظهر من
الأخبار أنّ صلاة الكسوف والزلزلة على حدّ سواء ، وقد ورد في وقوع الكسوف في وقت الفريضة
أخبار تدلّ على فورية صلاة الكسوف ، انتهى ما أردنا نقله من كلامه دام ظلّه. ويستأنس لما
ذكره الشهيد ومن تأخّر عنه بالحجّ كما في «كشف اللثام » وبما إذا أدرك من صلاة العصر ركعة قبل الغروب كما في «إرشاد
الجعفرية » فما ذكره في «الحدائق » غير صحيح وغير لائق.
[في ما لو قصر زمان
الموقّتة عن الواجب]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
قصر زمان الموقّتة عن) أقلّ
__________________
(الواجب سقطت)
كلّ من تعرّض
لهذا الفرع استند إلى امتناع توقيت الفعل بما لا يسعه ، وهي قاعدة مسلّمة إجماعية
عندهم كما في «جامع المقاصد » وقد علمت أنّها في الكسوفين موقّتة. وقال في «الحدائق»
: هذه القاعدة عندهم من الأدلّة العقلية الّتي يوجبون تقديمها على الأدلّة الشرعية
، والأمر عندنا بالعكس ، لأنّه لم يقم عليها دليل شرعي ، فلا يعتمد عليها ، مع
معارضة الأخبار لها . وقد اقتفى بذلك أثر صاحب «الذخيرة ».
وفيه أنّ الأخبار
لم تدلّ على السببية وإنّما دلّت على التوقيت. وقد عرفت حال ما يمكن معارضاً منها
ويأتي ما يزيده وضوحاً. وأوّل من صرّح بهذا الفرع المحقّق ، ووافقه عليه كلّ مَن تأخّر عنه ممّن تعرّض له كما
عرفت آنفاً. نعم قال في «كشف اللثام» فيه : جواز التوقيت بالمعنى الّذي احتمله في
نهاية الإحكام في الزلزلة وهو أن يكون أوّل الكسوف وقتاً لابتداء الصلاة فتجب
المبادرة إليها ويمتدّ الوقت مقدار الصلاة ، ثمّ تصير قضاءً . قلت : هذا الاحتمال هنا أقوى منه هناك لما قاله في «الذكرى»
قال : قال الفقهاء : المطلوب بالصلاة ردّ النور إلى الشمس والقمر ، فليتأمّل جيّداً.
وقد انقدح هنا
إشكال نشأ من قولهم : لو قصر زمانها عن أقلّ الواجب سقطت ، ومن قولهم بوجوبها مع
اتساع زمان الكسوف بعلمٍ أو ظنٍّ غالب كأن يكون رصدياً أو يرجع إلى قول رصدي ،
صرّح بهذا جماعة كثيرون كالشهيدين
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمحقّق الثاني وغيرهم ، فعلى هذا لو لم يحصل ظنّ كأن لا يكون رصديّا وليس
هناك رصدي كما هو الغالب أشكل الأمر ، لأنّ المفروض وجوبها مع اتساع الزمان
لأدائها ، وقد نقل الإجماع على أنّ أوّل الكسوف أوّل الصلاة ، فنيّة الوجوب مع عدم
الظنّ أصلاً غير واضحة والقول بوجوبها إلى أن ينكشف الحال بعيد ، إذ المفروض أنّها
واجب موقّت. وليس في كلام الأصحاب شيء شافٍ في هذا المقام على ما اطّلعت عليه.
نعم ورد في بعض الأخبار الأمر بإتمامها إذا انجلى قبله وهو لا يأبى التقييد
بحالتي العلم أو الظنّ باتساعه لها مخفّفة ، على أنّك ستعلم الحال في الخبر.
وقال في «المنتهى»
لو خرج الوقت في الكسوفين ولم يفرغ منها أتمّها . واستند في ذلك إلى هذا الخبر الّذي أشرنا إليه وهو خبر
زرارة ومحمّد . قلت : نحوه ما في «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام ». وإذا انجلى وأنت في الصلاة فخفّف. وسننقل عنه في «المنتهى»
ما يخالف ذلك ونحاول الجمع بين كلاميه ، على أنّ كلامه هذا قابل للتقييد بما
قيّدنا به الخبر. وقد نبّه على هذا الإشكال في «النجيبية» وتركه على غرّه. ويظهر
من المحقّق الثاني أنّ احتمال السعة كافٍ ، ذكر ذلك في المسألة الآتية ، وقد تقدّم
له أنّ المدار على العلم أو الظنّ.
ويمكن أن يقال
: إنّ الظنّ حاصل لكلّ مكلّف بسعة الكسوف والخسوف لمقدار الصلاة ، لأنّ الغالب فيهما
ذلك وعدم السعة فرض نادر كما هو المشاهد ، فلا ريب في حصول الظنّ ، وذكر الرصدي فى
كلامهم على سبيل التمثيل. فالإشكال
__________________
فلو اشتغل أحد المكلّفين في الابتداء وخرج الوقت وقد أكمل ركعةً فالأقرب
عدم وجوب الإتمام ،
______________________________________________________
إنّما هو في صورة نادرة جدّاً وهي عند عدم حصول الظنّ بالسعة. وقد تقدّم عند قوله «وتستحبّ الإطالة بقدره» ما له نفع في المقام.
ويأتي أيضاً ما يناسب ذلك.
[في خروج الوقت في
أثناء الصلاة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
اشتغل أحد المكلّفين في الابتداء وخرج الوقت وقد أكمل ركعةً فالأقرب عدم وجوب
الإتمام) وفاقاً «للتذكرة وكنز الفوائد وجامع المقاصد والروض والمدارك والنجيبية» وظاهر «نهاية الإحكام والإيضاح والذكرى ومجمع البرهان » ومحتمل «البيان ». قال في «جامع المقاصد» لأنّه قد تبيّن أنّه غير مكلّف
والوجوب إنّما كان مستنداً إلى ظنٍّ أو احتمالٍ ظهر فساده . قلت : وهو قضية القاعدة المسلّمة عندهم. والمفروض في
المسألة ما إذا اقتصر على أقلّ الواجب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ولم يقصّر في الابتداء كما صرّح به جماعة ، وأنّ المراد بإكمال الركعة سجود السجدتين كما يأتي
الإشارة إليه عن الشهيد. وقال في «المنتهى » ما سمعته آنفاً.
وقال في «التحرير
» وموضع آخر من «المنتهى » عند التعرّض لخصوص هذه المسألة : إنّ الوجه وجوب
الإتمام ، لأنّ إدراك الركعة بمنزلة إدراك الصلاة ، لكنّه قال فيها بعد ذلك بلا
فصل : ولو قصر الوقت عن أقلّ صلاة تمكّن لم تجب على إشكال. والظاهر أنّ هذا منه
رجوع عمّا استوجهه فيهما إلى التردّد ، لأنّ إدراك الركعة داخل تحت القصور عن أقلّ
صلاة تمكّن كما فهمه منه صاحب «المدارك » ويدلّ على ذلك أنّه قال في «التذكرة » : لو اتسع لركعة وقصر عن أخفّ صلاة لم تجب ، فجعلهما
شيئاً واحداً ، لكنّ الرجوع منه في الكتابين إلى التردّد من دون فاصلة أصلاً بعيد
جدّاً ، فيجب أن يحمل كلامه الأخير على مَن لم يشرع كما سيأتي بيانه عند قوله : أمّا
الآخر فلا يجب .. إلى آخره.
وهذا منه
موافقة «للمعتبر» قال فيه : ولو ضاق وقت الكسوف عن إدراك ركعة لم تجب ، وفي وجوبها
مع قصور الوقت عن أخفّ صلاة تردّد . ولعلّ وجه التردّد ممّا ذكرناه في وجه عدم الوجوب ومن
عدم صراحة الروايات عنده في التوقيت ، وهذا هو الّذي عنوه بقولهم فيما مضى ، وقد
أومأ إلى السببية في المعتبر. وسيأتي عند شرح قول المصنّف «أمّا الآخر» بيان وجه
تردّد المعتبر وإشكال المنتهى والتحرير بما هو الصحيح وبيان وهمُ مَن توهّم.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «التذكرة » بعد أن قوّى عدم وجوب الإتمام فيما نحن فيه ممّا في
الكتاب احتمل وجوب الإتمام لكنّه لم يستند إلى ما استند (يستند خ ل) إليه في
المنتهى ، بل استند إلى أنّه مكلّف بالظنّ فصحّ ما فعله ، فيدخل تحت «وَلا تُبْطِلُوا
أَعْمالَكُمْ)
وقال في «الذكرى»
هل يشترط في وجوب صلاة الكسوف اتّساع الوقت لجميعها أم يكفي ركعة بسجدتيها أم يكفي
مسمّى الركوع ، لأنه يسمّى ركعةً لغة وشرعاً في هذه الصلاة؟ احتمالات ، من تغليب
السبب فلا يشترط شيء من ذلك فيكون كالزلزلة ، إلّا أنّ هذا الاحتمال مرفوض بين
الأصحاب ، ومن إجرائها مجرى اليوميّة فتعتبر الركعة ، ومن خروج اليوميّة بالنصّ
فلا يتعدّى إلى غيرها ، انتهى . وظاهره موافقة الكتاب.
هذا كلّه إذا
خرج الوقت وقد أكمل ركعة ، وأمّا إذا خرج ولم يكملها فقد جزم في «المعتبر والمنتهى والتحرير ونهاية الإحكام والتذكرة » بعدم الوجوب.
وفي «الروض» لا
فرق في عدم وجوب الإتمام بين ما إذا ضاق الوقت عن إدراك ركعة وبين ما إذا وسع ،
ولا بين مَن شرع في الابتداء فخرج الوقت وقد أكمل ركعة ومَن لم يشرع . وفي «المدارك » أنّ الفرق غير واضح.
وقال في «جامع
المقاصد» : والتحقيق أنّ ابتناء المسألة على قاعدتين
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
اصوليتين ، وهي أنّ التكليف بفعل علم المكلّف فوات شرطه جائز أم لا؟
والأصحّ فيها عدم الجواز ، والاخرى أنّ التكليف بفعل لا يجوز نقص وقته عنه. وهذه
إجماعية ، فالمعتمد عدم وجوب الإتمام. والاستدلال بقوله عليهالسلام : «من أدرك ركعة» لا عموم له هنا للمنع من صدق اسم
الوقت على محلّ النزاع ، وأمّا عموم «الصلاة على ما افتتحت» فنقول بموجبه ، إذ هو
مقيّد بعدم المنافي إجماعاً ومن ثمّ لو تحرم بفريضة ثمّ تبيّن سبق اخرى فعدل أو
تبيّن فعلها لم تكن على ما افتتحت عليه. وأمّا عموم : «وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ» فنقول فيه : إنّ العمل المحرّم إبطاله هو الواجب ابتداءً
وما يوجب بالشروع لا مطلقاً ، انتهى.
قلت : لعلّه
أراد بمنعه صدق اسم الوقت هنا أنّ «من» في قوله عليهالسلام : من الوقت ، تبعيضية إذ لا يتوجّه سواه من معانيها ،
وهو يفيد زيادة الوقت ، فلا يصحّ الاستدلال بالخبر على ما نحن فيه ، إذ لا زيادة
في الوقت عن الركعة ، ويؤيّد إرادة التبعيض أنّه الغالب في اليومية ، ومن هنا يعلم
الحال فيما إذا تضيّق وقت الحاضرة فقدّمت على الكسوف ولم يبق من صلاة الكسوف إلّا
مقدار ركعة ، فإنّ الاحتمالين آتيان هنا ، لكنّ احتمال وجوب الإتمام هنا لعلّه
أقوى بناءً على ما فسّرنا به الخبر ، فتأمّل جيّداً.
وقد يقال على الاستدلال بالخبر فيما نحن فيه : إنّ المراد
بالركعة من آخر الوقت ، والتقدير أنّه شرع في ابتداء الوقت فهو كالمعذور في ابتداء
الوقت ، فإنّه لا يكتفى بركعة قطعاً.
وفيه : أنّه لا
إشعار في الخبر بقيد الآخر ، ودعوى الإشعار من الإدراك لأنّه يقضي بسبق السبق
مردودةٌ بقولنا : أدركت حاجتي إذا حصلتها ، وبقوله في «الصحاح » : عشت حتّى أدركت زمانه ، فكان الإدراك بمعنى الحصول
كما هو بمعنى اللحوق.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فإن قلت : فعلى
هذا الإدراك في الخبر أعمّ من الأوّل والآخر ، فيكتفي المعذور في ابتداء الوقت
بركعة فيجب عليه القضاء.
قلنا : هذا خرج
بالإجماع ، فتأمّل جيّداً. ويرد على ما استدلّ عليه في «التذكرة » لما احتمله أنّا نقول إنّه صحّ بزعمه ثمّ تبيّن
البطلان.
وفي «كشف
اللثام » أنّ الأولى الاستدال بحَسن زرارة ومحمّد وقد سمعته.
واستدلّ به في «الحدائق » على بطلان كلام الأكثر وبما في «الفقه المنسوب إلى
مولانا الرضا عليهالسلام» من قوله : «إذا انجلى وأنت في الصلاة فخفّف».
وعلى هذا يمكن
الفرق بين ما إذا تبيّن ضيق الوقت قبل الشروع في الصلاة وبين ما إذا دخل بانياً
على اتساعه وتبيّن
الضيق في
الأثناء ، فتكون سعة الوقت شرطاً في الابتداء لا في الاستدامة. وأنت خبير بأنّهم
ما كانوا ليستندوا في وجوب الإتمام إلى ما استندوا لو كان في هذا الخبر دلالة على
ذلك وهو نصب أعينهم ، وذلك لأنّ الخبر وارد في غير محلّ الفرض ، إذ قد علمت أنّ
فرض المسألة فيما إذا اقتصر على أقلّ الواجب والخبر وارد حيث يفعل المستحبّ ويطيل
في الركوع والسجود والقنوت على قدر القراءة. ومن المسلّم عندهم أنّه إذا فعل ذلك
فحصل الانجلاء قبل الفراغ أنّه يجب عليه الإتمام ، فالخبر ليس من محلّ النزاع وهم
متسالمون على العمل به وهو هكذا. «وتطيل القنوت والركوع على قدر القراءة والركوع
والسجود ، فإن فرغت قبل أن ينجلي فاقعد وادعُ الله حتّى ينجلي ، وإن انجلى قبل أن
تفرغ من صلاتك فأتمّ ما بقي .. الحديث» ومن المعلوم أنّ قوله عليهالسلام «فإن انجلى» متفرّع على ما قبله ، فالغفلة ممّن نسب الأصحاب إلى الغفلة ،
وعلى ذلك يحمل قوله الأوّل في «المنتهى» : فإن فرغ .. إلى آخره.
__________________
أمّا الآخر فلا
يجب عليه القضاء على التقديرين.
وجاهل الكسوفين
لو علم به بعد انقضائه تسقط عنه إلّا مع الاستيعاب
______________________________________________________
فلم يبق هناك
ما يصلح أن يستند إليه في وجوب الإتمام عند إدراك (إكمال خ ل) ركعة. وقد خرجنا عن
وضع هذا الكتاب حرصاً على بيان الصواب ودفعاً لتوهّم الغفلة عن الأصحاب.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وأمّا
الآخر فلا يجب عليه القضاء على التقديرين)
المراد ب «الآخر»
كما في «كنز الفوائد وجامع المقاصد » مَن لم يكمل الركعة ، سواء شرع ولم يتمّها أم لم يشرع
بالكلّية. وفي «كشف اللثام » هو الّذي لم يشتغل بها ، ويجوز أن يريد مَن لم يدرك
ركعة اشتغل بها أم لا ، انتهى. والمراد ب «التقديرين» الأقرب وما يقابله أعني سقوط
الإتمام عن المشتغل وعدمه ، لأنه لم يدرك ركعةً ولم يشرع ولم يفتتح مضافاً إلى
الإخبار بنفي القضاء عمّن فاتته وهو خيرة «التذكرة وكنز الفوائد وجامع المقاصد والروض ».
وما في «كشف
اللثام » من أنّه استشكل في التذكرة فغفلة ، لأنّ عبارة «التذكرة»
كعبارة الكتاب من غير إشكال.
وقد سمعت ما في
«المنتهى والتحرير » من قوله فيهما : ولو قصر الوقت عن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أقلّ صلاة تمكّن لم تجب على إشكال ، وما في «المعتبر » من التردّد عند قصور الوقت عن أقلّ صلاة. ولعلّ وجه
الإشكال والتردّد من أنّ إدراك الركعة إدراك الصلاة ، فالاتساع لها اتساع لها مع
احتمال السببية وإن بعُد جدّاً ومن استحالة قصور وقت عبادة عنها إلّا أن يقصد
القضاء ولم يثبت القصد هنا. ولم يعرف صاحب «الحدائق» وجه الإشكال والتردّد في
كلامهما فقصّر أحد وجهي التردّد على السببية والآخر على التوقيت ، ثمّ قال : إلّا
أنّ قولهما بوجوبها بإدراك ركعة وعدمه مع عدم إدراكها مبنيّ على التوقيت ، فنسبهما إلى الغفلة.
[في مَن علم بالكسوف
بعد انقضائه]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وجاهل
الكسوفين لو علم به بعد انقضائه تسقط عنه إلّا مع الاستيعاب)
أمّا سقوطها عن
جاهل أصل الكسوف لا جاهل حكمه إذا علم بعد انقضائه عند عدم الاستيعاب فهو مذهب
علمائنا عدا المفيد كما في «التذكرة ». وعن القاضي في «شرح جُمل العلم والعمل» الإجماع عليه ، وهو المشهور شهرة عظيمة كادت تكون من
المتأخّرين إجماعاً ، بل لعلّه إجماع كما في «الرياض » والمشهور كما في «التنقيح وكشف الالتباس والحدائق » والأشهر كما في «الكفاية » ومذهب الأكثر كما في «الذخيرة »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمعظم كما في «المدارك ومصابيح الظلام » وهو ظاهر السيّد في «جُمل العلم والعمل » والمنقول عن «المصريّات» الثالثة وعن «مصباحه » وستسمع عبارته ، وصريح «المصباح» للشيخ «والتهذيب والاستبصار وجامع الشرائع والشرائع والنافع والمعتبر وكشف الرموز والمنتهى والإرشاد والتذكرة والتحرير والمختلف والذكرى والدروس والنفلية والتنقيح والموجز الحاوي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وكشف الالتباس والجعفرية والغرية وإرشاد الجعفرية والروض والروضة والفوائد الملية والمدارك ورسالة صاحب المعالم والنجيبية والكفاية والذخيرة ومصابيح الظلام » ولم يتعرّض له في النهاية والمبسوط والمراسم والوسيلة
والخلاف وتأتي عبارته وجملة من كتب المتأخّرين.
وفي «الهداية » مَن فاتته فعليه أن يقضيها. وظاهره شمول ما نحن فيه.
ونحوه قول القاضي في «المهذّب » : وإذا فاتته ولم يكن علم فليصلّها إذا علم ذلك. ويبقى
التأمّل في معنى الفوات ، وسيأتي بيانه.
ونقل عن المقنع
في «المختلف والذكرى » أنّه قال : وإذا انكسف الشمس والقمر ولم تعلم به فعليك
أن تصلّيها إذا علمت ، وإن احترق القرص كلّه فصلّها بغسل ، وإن احترق بعضه فصلّها
بغير غسل ، انتهى ، ولم أجد ذلك في «المقنع» الّذي عندي لا في المقام ولا في باب
الغُسل.
وعن عليّ بن
بابويه أنّه قال : وإذا انكسف الشمس أو القمر ولم تعلم فعليك أن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
تصلّيها إذا علمت به ، وإن تركتها متعمّداً حتّى تصبح فاغتسل وصلّها ، وإن
لم يحترق القرص كلّه فاقضها ولا تغتسل .
وفي «الفقه
المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام» عبارات متناقضة على الظاهر ، فإنّ فيه : فإن علمت
بالكسوف فلم يتيسّر لك الصلاة فاقض متى شئت ، وإن أنت لم تعلم بالكسوف في وقته ثمّ
علمت بعد ذلك فلا شيء عليك ولا قضاء. ثمّ ذكر فيه كلاماً أجنبيّاً لا تعلّق له
بالمسألة ، إلى أن قال : وإذا احترق القرص كلّه فاغتسل ، وإن انكسفت الشمس والقمر
ولم تعلم به .. إلى آخر عبارة عليّ بن بابويه. وهذا ممّا يدلّ على
أنّ النسبة إليه عليهالسلام محلّ شبهة ، وإن صحّت النسبة وجب حمل كلامه الأوّل على
عدم الاحتراق كلًّا وإن كان مطلقاً والأخير على الاحتراق كلّه كما صرّح به ، وقوله
«وإن لم يحترق القرص كلّه» راجع إلى الترك عمداً ، فيندفع التنافي بين الكلامين ،
ويسقط ما نسبوه إلى عليّ بن بابويه من مخالفة المشهور من جهة هذه العبارة ، لأنّ
الظاهر أنّ رسالة عليّ بن بابويه مأخوذة من الكتاب المذكور إن لم يكن تصنيفه ،
فتدبّر جيّداً.
وقال المفيد في
«المقنعة» : إذا احترق القرص كلّه ولم يكن علمت به حتّى أصبحت صلّيت الكسوف جماعة
، وإذا احترق بعضه ولم تعلم به حتّى اصبحت صلّيت القضاء فرادى ، ذكره في خسوف القمر. وظاهره وجوب القضاء على
التقديرين ، كما هو المنقول عن أبي الصلاح . وقال أبو علي فيما حكي عنه : إنّ قضاءه إذا احترق
القرص كلّه ألزم منه إذا احترق بعضه . وقد قال بعضهم : إنّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ظاهره أيضاً الوجوب على التقديرين ، وبعضهم قال : كأنّه يستحبّ القضاء ، ولعلّ هذا أولى.
وفي «الانتصار » ممّا انفردت به الإمامية القول بوجوب صلاة الكسوف
والخسوف ، ويذهبون إلى أنّ من فاتته هذه الصلاة وجب عليه قضاؤها ، وباقي الفقهاء
يخالفون في ذلك ، والحجّة الإجماع. وقد يدّعى أنّ ظاهره أيضاً الوجوب على التقديرين. ويأتي بيان معنى
الفوات.
وقد نسب ذلك إلى ظاهر «الخلاف» وليس بصحيح ، لأنّه قال في «الخلاف » : مَن ترك صلاة الكسوف كان عليه قضاؤها بالإجماع.
وظاهر الترك ما كان لا عن جهل.
وفي «جُمل
العلم والعمل » بعد أن ذكر ما سمعت نقله عنه قال : وقد روي وجوب ذلك
يعني القضاء على كلّ حال. وفي «السرائر » قال : كذلك في المصباح كما ستسمع.
وقد فهم صاحب «كشف
الرموز » من السرائر موافقة المفيد ، قال : ووافقه المتأخّر ،
مستدلاًّ بالإجماع على أنّ من فاتته صلاة فوقتها حين يذكرها ، وبالخبر المجمع عليه
من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم «من نام عن صلاة فوقتها حين يذكرها»
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وبطريقة الاحتياط. قال : ولكلّ ممنوع. قلت : قال في «السرائر» : ومتى احترق
بعض قرص الشمس أو القمر وترك الصلاة متعمّداً وجب عليه القضاء بغير غُسل بلا خلاف
، وإن تركها ناسياً والحال ما قلناه لم يكن عليه قضاءٌ. وقد ذهب بعض أصحابنا إلى
وجوب القضاء في هذه الحال ، وهو اختيار شيخنا المفيد في مقنعته ، وهو الّذي يقوى
في نفسي ، للإجماع من جميع أصحابنا بغير خلاف على أنّ من فاتته صلاة .. إلى آخر ما نقله عنه في كشف الرموز ، هذا كلامه
فتأمّل فيه.
ونقل موافقة المفيد عن السيّد في «الجُمل والمصريّات»
والموجود في الأوّل والمنقول من عبارة الثاني خلاف ذلك.
والأدلّة من
الأخبار على المشهور كثيرة ، وأمّا القول الآخر فقد يستدلّ له بما في «جُمل العلم والمصباح» كما ستسمع من قوله : روي .. إلى آخره. وقال
في «الذكرى » بعد نقل هذا عن الجمل : لعلّه يعني الوجوب على كلّ
تقدير لرواية لم نقف عليها.
قلت : وقد يريد
علم الهدى عموم نحو : «من فاتته » وحسن زرارة وصحيحه عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه «سئل عن رجل صلّى بغير طهور أو نسي صلوات لم
يصلّها أو نام عنها؟ فقال : يقضيها إذا ذكرها» ولا يعارض الخصوص ، مع أنّ فوات
الصلوات قد يظهر منه فوات صلوات وجبت عليه ، ولا وجوب لها إذا جهل الكسوف. ومن هنا
يعلم حال عبارة «الهداية والمهذّب الكامل والانتصار والمصباح وجُمل العلم والعمل»
وجميع ما عبّر فيه بالفوات. ولا ريب أنّ الأحوط
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
القضاء كما في «مصابيح الظلام » واستحبّه الشهيدان في «النفلية والفوائد الملية » كما هو الظاهر من عبارة الكاتب .
وأمّا وجوب
القضاء مع الاستيعاب والجهل كما أشار إليه المصنّف بقوله : إلّا مع الاستيعاب فهو
مذهب علمائنا كما في «كشف الالتباس » ومذهب علمائنا إلّا المفيد كما في «التذكرة » وظاهر «التحرير » قصر الخلاف أيضاً على المفيد. ولا خلاف فيه كما في «الرياض
» وعن «شرح الجُمل» للقاضي الإجماع عليه.
وأمّا ما في «المعتبر
والمنتهى والذخيرة » من نسبته إلى الأكثر وما في «التنقيح » من نسبته إلى المشهور على احتمال وما في «المدارك ومصابيح الظلام » من نسبته إلى المعظم فلعلّه لإغفال جماعة ذكره كالشيخ
في «المبسوط والنهاية» والطوسي في «الوسيلة» والديلمي في «المراسم» وغيرهم.
وهو خيرة جميع
الكتب الّتي ذكرناها في المسألة المتقدّمة وغيرها «كاللمعة
__________________
ولا تجب (ولا يجب القضاء خ ل) على جاهل غيره ،
______________________________________________________
وكفاية الطالبين» وجملة من كتب المتأخّرين ، بل المخالفون في تلك المسألة موافقون هنا ، وقد سمعت
عباراتهم ، بل لو لم ينصّوا على ذلك لفهم منهم ذلك بالأولويّة ، فكانت موضع إطباق
واتّفاق. ولو كان هناك مخالف فله أن يحتجّ بالأخبار المطلقة بنفيه مع أصل البراءة
، ويحمل أخبار القضاء على الندب ، فليتأمّل جيّداً.
وأمّا الجاهل
بالحكم العالم بالكسوف فغير معذور عند الفقهاء ، لأنّ الجاهل غير معذور إلّا في
نادر من المسائل ، كذا قال الاستاذ دام ظلّه في «مصابيح الظلام ».
[في جاهل غير
الكسوفين من الآيات]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولا
يجب القضاء على جاهل غيره)
من الآيات حتّى
انقضى قطعاً كما في «البيان » وهذا مذهب الأصحاب لا أعلم فيه مخالفاً كما في «المدارك
» والمشهور كما في «الذخيرة والرياض » لكنّ في الأخير : فيما عدا الزلزلة. والشهرة تستفاد
عند التأمّل من «الروضة » ولا نعلم قائلاً بوجوب القضاء هنا كما في «الروض » وهو خيرة «الشرائع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتحرير والإرشاد والمختلف والتذكرة وتعليق النافع والغرية والروض ومجمع البرهان والنجيبية» وظاهر «الدروس وكشف الالتباس والجعفريّة وإرشاد الجعفرية ورسالة صاحب المعالم » ويظهر ذلك من «كفاية الطالبين».
وفي «المسالك » الحكم مشكل. وفي «كشف اللثام » هذا على التوقيت ظاهر ، وأمّا على السببية فلاختصاص
أخبارها بالتسبيبية بالنسبة إلى مَن علم بها حينها.
واحتمل في «نهاية
الإحكام » وجوب القضاء هنا ، لعموم الأخبار ، واحتمله في «الروض » لوجود السبب ، ونفى عنه البُعد في «الذخيرة » لكنّه قال في «الروض » : إلّا أنّا لا نعلم به قائلاً. ويمكن أن يدخل في قول
مَن يقول بوجوب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
القضاء في الكسوف باحتراق البعض مع الجهل. وفي «الروضة » لو قيل بالوجوب مطلقاً في غير الكسوفين كان قويّاً.
وفي «الذكرى » لو فاتت بقيّة صلوات الآيات عمداً وجب القضاء ، وكذا
نسياناً ، ويحتمل انسحاب الخلاف فيها بطريق الأولى للإجماع على وجوبها ، وإن جهل
احتمل أيضاً انسحاب الخلاف. وعدم القضاء أوجه ، إمّا لعدم القضاء في الكسوف وهو
أقوى ، وإمّا لامتناع تكليف الغافل. قلت : يدلّ عليه الأصل السليم عن المعارض
وفحوى ما دلّ عليه في الكسوفين ، لكون دليل وجوب صلاتهما أقوى ، فعدم وجوب قضائها
يستلزم عدم وجوب قضاء سائر الآيات.
وأمّا الأخبار
الّتي ادّعى عمومها في «نهاية الإحكام » فلعلّه عنى نحو خبر زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام وخبر «مَن فاتته صلاة» وفي عمومها نظر ، لاختصاصها بحكم التبادر باليومية ، وفيه
ما ستسمعه. وأمّا أخبار الصلاة لها فقد سمعت عن «كشف اللثام» اختصاصها بأحيانها.
واحتمل في «نهاية
الإحكام » في الزلزلة قويّاً الإتيان بها ، لأنّ وقتها العمر ولم
يقطع به لما مرَّ عنه من احتماله التوقيت في الزلزلة أيضاً ، ولاحتمال
السببيّة بالنسبة إلى مَن علم بها حينها للاستكشاف. وما قوّاه في النهاية كأنّه
مختار «مجمع البرهان » واحتاط به صاحب «المدارك » وصاحب «الشافية» وقوّاه صاحب
__________________
والناسي والمفرط عمداً يقضيان.
______________________________________________________
«الذخيرة » وفي حاشيته على «هامش البيان » إذا جاءت الزلزلة في بلد وقامت البيّنة بها في بلد آخر
وجب قضاؤها ونقل آخر : لا يجب وهو ما في الكتاب ، انتهى.
وفي «مصابيح
الظلام» أنّ مقتضى ما ذكر من أنّ وقت الزلزلة تمام العمر وجوبها على المكلّف أيّ
وقت اطّلع عليها إلى انقضاء عمره ، ويحتمل أن يكون فواتها من جهة فوريتها فتفوت
بفواتها ، وصرّح في التذكرة بسقوطها في صورة الجهل عملاً بالأصل السالم عن
المعارض. وفيه ما مرّ من الأخبار الّتي ذكرناها في وجوب صلاة الزلزلة ، مضافاً إلى
اتفاق الفتاوى في كون وقتها العمر من غير توقيت. ولذا قال في النهاية : ويحتمل
قويّاً الإتيان بها ، لأنّ وقتها العمر ، فعليك بملاحظة الأخبار وفتاوى الأصحاب ،
انتهى .
قلت : وقد
لحظنا ذلك فوجدنا ما ذكرنا. وقد عرفت المراد من التوسعة فيها فيما مضى ، مضافاً
إلى قطع «البيان» الّذي يؤذن بالإجماع ودعوى الشهيد الثاني وسبطه عدم العلم
بالخلاف.
[في وجوب القضاء على
الناسي والمفرط]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والناسي
والمفرط عمداً يقضيان) يعني في الكسوفين وغيرهما ، أمّا أنّهما يقضيان في سائر
الآيات عدا الكسوفين فهو المشهور كما في «الذخيرة والكفاية والرياض والحدائق » وظاهر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«التنقيح ». وفي «المدارك » أنّه مذهب الأكثر.
وهو خيرة «الهداية
والشرائع والمختلف والتحرير والإرشاد والذكرى والدروس واللمعة والموجز الحاوي وكفاية الطالبين وكشف الالتباس والجعفرية والغرية وإرشاد الجعفرية والروض والروضة والنجيبية» لكن عبارات هذه الكتب متفاوتة في التنصيص
والظهور.
وهو قضية ما في
«السرائر » حيث إنّه ادّعى فيما تقدّم الإجماع كما سمعت على أخبار
قضاء الفوائت ، ولا دليل لهم في المقام سوى هذه الأخبار ، وفيها ما عرفت آنفاً ،
مع أنّها جارية في صورة الجهل ولم يقولوا بمقتضاها فيه ، فينبغي القول بعدم الوجوب
هنا إلّا أني لم أجد به قائلاً ، نعم لم يتعرّض له جماعة كثيرون.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال في «الذخيرة
» : إنّ أكثر الأدلّة مختصّة بالكسوفين فلا تجريفي غيرهما من الأخاويف
والقول بوجوب ترجيح القضاء غير بعيد ، للأخبار الداّلة على وجوب قضاء الفوائت
فإنّها سالمة عن المعارض وطريق التأمّل فيه غير منسدّ. وقال في «المدارك » وأمّا أخبار قضاء الفوائت فلا عموم لها على وجه يتناول
صورة النزاع ، ولهذا لم يحتجّ بها الأصحاب على وجوب القضاء ، مع انتفاء العلم
بالسبب ، ثمّ قال بعد ذلك : لا ريب أنّ الأحوط القضاء.
وأمّا قضاء
صلاة الكسوفين على الناسي والمتعمّد فهو الأشهر كما في «رسالة صاحب المعالم وشرحها » وقد سمعت ما في «الانتصار والخلاف» من الإجماع على وجوب القضاء
على من فاتته صلاة الكسوف كما في الأوّل وعلى من تركها كما في الثاني. وفي ظاهر «الغنية
» بل صريحها الإجماع على أنّ مَن تركها حتّى تجلّى القرص وجب عليه قضاؤها
وأنّه إن كان متعمّداً فهو مأزور.
وفي «إشارة
السبق والشرائع واللمعة والموجز الحاوي ومجمع البرهان ورسالة صاحب المعالم والنجيبية والشافية» التنصيص على ذلك أعني
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وجوب القضاء على العامد والناسي. وفي «المقنعة » إذا فاتتك الصلاة للكسوف من غير تعمّد قضيتها عند علمك
وذكرك ، وإن تعمّدت تركها وجب عليك الغُسل والقضاء. وفي «كفاية الطالبين» لو أهمل
هذه الصلاة مع العلم قضاها وجوباً.
وفي «السرائر والنافع والمعتبر وكشف الرموز والتذكرة والتحرير والمختلف والذكرى والبيان والتنقيح وتعليق النافع وإرشاد الجعفرية وكشف الالتباس والروضة ومصابيح الظلام والرياض » النصّ على وجوبها عليهما مع الإيعاب وعدمه.
وفي «التنقيح » أنّه المشهور ، وكذا «الذخيرة » وهو مذهب الأكثر كما في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المدارك ومصابيح الظلام » والأشهر ، وعليه عامّة من تأخّر كما في «الرياض » ويشمله بإطلاقه إجماع «الانتصار والخلاف والغنية»
وكذلك العبارات السابقة كعبارة «الإشارة» وما بعدها .
وظاهر «السرائر»
نفي الخلاف عنه في العامد مع عدم الايعاب كما أنّ ظاهرها الإجماع عليه في الناسي
كذلك ، وقد سمعت عبارتها فيما تقدّم فالحظها. والحاصل : أنّ صريح «السرائر» وجوب القضاء
عليهما مع الإيعاب وعدمه ، فلا معنى لعدّها مع المقنعة والخلاف والمصباح للشيخ مع أنّ الموجود في «المصباح
» يجب قضاؤها على من تركها متعمداً.
وفي «المنتهى » لو لم يصلّ مع العلم واحترق القرص كلّه وجب القضاء
إجماعاً. وفي «المبسوط » متى احترق بعض القرص وترك الصلاة متعمّداً قضاها بلا
غُسل وإن تركها ناسياً لم يكن عليه قضاء. ومثله من دون تفاوت ما في «النهاية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمهذّب والوسيلة وجامع الشرائع » وهي صريحة في عدم القضاء على الناسي مع عدم الإيعاب
كما هو المنقول عن «الاقتصاد» وقوّاه في «المدارك ».
وفي «جُمل العلم
والعمل » من فاتته صلاة الكسوف وجب عليه قضاؤها إن كان القرص
انكسف كلّه ، فإن كان بعضه لم يجب عليه القضاء ، وقد روي وجوب القضاء على كلّ حال
، وأنّ من تعمّد ترك هذه الصلاة مع عموم الكسوف للقرص وجب عليه مع القضاء الغُسل ،
انتهى. وهو صريح في وجوب القضاء مع احتراق الجميع وعدمه مع احتراق البعض من دون
تعرّض لعمد أو نسيان. ومثله بدون تفاوت ما نقل عن «المصريات» الثالثة. وهو الّذي فهمه منها في «المختلف
والذكرى » وغيرهما . وقال في «السرائر » : قال السيّد في مصباحه : مَن فاتته صلاة الكسوف وجب
عليه قضاؤها إن كان قرص المنكسف قد احترق كلّه ، فإن كان إنّما احترق بعضه فلا يجب
القضاء ، وقد روي وجوب القضاء على كلّ حال ، والأوّل أظهر. وروي أنّ من تعمّد ترك
هذه الصلاة وجب عليه القضاء مع الغُسل انتهى ، وهو كعبارة «الجُمل». وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المدارك » أنّه يظهر رجحان ما ذهب إليه المرتضى من عدم وجوب
القضاء مطلقاً إلّا مع الاستيعاب. وفي «كشف اللثام » أنّ ظاهر السيّد في المصباح والجُمل والشيخ في التهذيب
والاستبصار التفصيل بالإيعاب وعدمه في العامد ، كما فصّل في «المبسوط» في الناسي
بذلك ، وأنت قد سمعت عبارتي «الجُمل والمصباح».
وقال الشيخ في «التهذيب
والاستبصار » : إذا احترق القرص كلّه يجب القضاء على مَن فاتته صلاة
الكسوف ، وإن لم يحترق كلّه وفاتته لم يكن عليه قضاء. ولا ينافي هذا ما رواه عمّار
من قوله : «أنّه إنّما يلزم القضاء على مَن اعلم فلم يصلّ حتّى فاتته» لأنّ الوجه
في هذه الرواية أن نحملها على أنّه إذا احترق بعض القرص وتوانى عن الصلاة فحينئذٍ
لزمه قضاؤها ، ونحن إنّما أسقطنا القضاء عمّن لم يعلم باحتراق بعض القرص أصلاً ،
انتهى.
وفي «المراسم » إن أخلّ بالصلاة مع عموم الكسوف للقرص وجب عليه ، يعني
القضاء. وفي «الروضة » لو قيل بالوجوب مطلقاً في غير الكسوفين وفيهما مع
الإيعاب كان قويّاً. وفي «الذخيرة » المسألة محلّ إشكال ، والاحتياط في القضاء ، انتهى.
وهذا كلّه على
المختار من التوقيت في صلاة الآيات ، ويأتي على جعلها من الأسباب لزوم أدائها على
كلّ حال.
__________________
وتقدّم الحاضرة استحباباً إن اتّسع الوقتان ،
______________________________________________________
[في اجتماع صلاة
الحاضرة والكسوف]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وتقدّم
الحاضرة استحباباً إن اتّسع الوقتان) اشتمل كلامه على حكمين : التخيير واستحباب تقديم الحاضرة
، أمّا الأوّل فهو مذهب أكثر الفقهاء كما في «المعتبر والمهذّب البارع والمدارك والذخيرة » وقد يلوح من «الذكرى والروض » التأمّل في هذه النسبة. وفي «غاية المرام والحدائق » أنّه المشهور في «الكفاية » وبعض نسخ «النافع » أنّه الأشهر. وفي «التنقيح » أنّه يظهر من كلام المرتضى والحسن. وهو خيرة «جامع
الشرائع والشرائع والنافع والمعتبر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وكشف الرموز والتحرير والتذكرة والمنتهى والإرشاد ونهاية الإحكام والمختلف والذكرى والبيان والدروس واللمعة والتنقيح وفوائد الشرائع والجعفرية والغريّة وإرشاد الجعفرية والروضة والروض والمدارك والشافية والكفاية والذخيرة » وظاهر «غاية المرام والمهذّب البارع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ومجمع البرهان » أو صريحها.
وفي «الذكرى » قال السيّد المرتضى وابن أبي عقيل : يصلّي الكسوف ما
لم يخش فوت الحاضرة ، انتهى. وهذا منهما اختيار لتقديم صلاة الكسوف كما هو خيرة «كشف
الرموز » وظاهره وجوب ذلك بل كاد يكون صريحه حيث قال : يلزم.
وظاهر «السرائر» أو صريحها اختيار التقديم ودعوى الإجماع عليه وأنّه مذهب المرتضى
، قال : يصلّي الكسوف إلّا أن يخشى فوت فرض صلاة حاضرة. وقال بعد نقل عبارة
المبسوط والنهاية ونقل عبارة الجُمل والعقود وبيان ما بينهما من المخالفة
والاستدلال على ما اختاره ما نصّه : وهذا الّذي اخترناه مذهب السيّد المرتضى
والإجماع عليه ، وشيخنا أبو جعفر وافق في جُمله وعقوده ورجع ، وكذلك في أوّل كلامه
في المبسوط ، انتهى .
قلت : ما حكاه
عن «المبسوط» في أوّل كلامه هو قوله : متى كان وقت صلاة الكسوف وقت فريضة فإن كان
أوّل الوقت صلّى صلاة الكسوف ، وقد روي أنّه يبدأ بالفرض على كلّ حال وإن كان في الوقت
، وهو أحوط ، ثمّ قال في «المبسوط» : فإن دخل في صلاة الكسوف فدخل عليه الوقت قطع
صلاة الكسوف ثمّ صلّى الفرض ثمّ استأنف صلاة الكسوف ، انتهى . وما حكاه عن المرتضى هو قوله على ما حكاه عنه في «المختلف
» وقتها ابتداء ظهور الكسوف إلّا أن يخشى فوت صلاة فريضة حاضر وقتها فيبدأ
بتلك ثمّ يعود إلى صلاة الكسوف ، قال في «المختلف» : ومثله قال ابن أبي عقيل. قلت
: فما في «التنقيح» غير منقّح. وما حكاه عن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الجُمل والعقود» هو قوله : خمس صلاة يصلّين في كلّ وقت ما لم يتضيّق وقت
حاضره ، وعدّ منها صلاة الكسوف . ومن الغريب أنه لم ينقل ذلك عن السرائر في الكتب
المتداولة. نعم نقله عنها صاحب «كشف الرموز ».
وقال في «المهذّب
البارع والروض » وغيرهما : إنّ في المسألة ثلاثة أقوال : أحدها تقديم الكسوف من
غير تصريح بوجوب في ذلك ولا ندب.
وفي «الفقيه » لا يجوز أن تصلّيها في وقت فريضة حتّى تصلّي الفريضة.
وفي «المقنع » إذا كنت في صلاة الكسوف ودخل عليك وقت الفريضة فاقطعها
وصلّ الفريضة ثمّ ابن على ما صلّيت من صلاة الكسوف. ونحوه ما في «الفقه المنسوب
إلى مولانا الرضا عليهالسلام » وظاهر «جامع الشرائع» وجوب القطع أيضاً كما ستسمع وقد سمعت أنّه خيّر ابتداءً ، وهو منه غريب. وعن عليّ
بن بابويه كما في «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام» ولا تصلّهافي وقت فريضة حتّى تصلّي الفريضة. وظاهرهما
إيجاب تقديم اليومية كما هو ظاهر «النهاية والمهذّب والكامل والوسيلة » وهو خيرة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الحدائق » وسيأتي بيان المستند. ونقل ذلك في «المعتبر وكشف اللثام » عن المرتضى. وهذه عبارة «المعتبر» : وقال الشيخ في
النهاية : يبدأ بالفريضة الحاضرة ، ثمّ قال : ولو دخل في الكسوف أتمّه ، وبه قال
علم الهدى في المصباح. وقد سمعت ما نقل عن المرتضى في «السرائر والمختلف والذكرى».
وقد سمعت عبارة «المبسوط» ونقل في «الذكرى » عن الجُمل والعقود موافقة النهاية ، والموجود فيه ما
سمعته آنفاً.
وفي «التنقيح » نسبة القول بإيجاب تقديم اليومية إلى الأكثر ، وقد
سمعت ما في «المعتبر» وغيره من نسبة التخيير إلى الأكثر ، بل في «التذكرة » ما نصّه : ولا يجب مع اتّساع الوقتين الاشتغال
بالحاضرة بلا خلاف.
وأمّا الثاني
أعني استحباب تقديم اليومية فقد نصّ عليه في «التذكرة ونهاية الإحكام والمختلف والتنقيح والجعفرية وشرحيها » وغيرها . ونفى عنه البُعد في «مجمع البرهان ».
__________________
ووجوباً إن ضاقا ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ووجوباً
إن ضاقا) يعني تقدّم الحاضرة وجوباً إن تضيّق وقتهما معاً ، وقد
حكي على ذلك الإجماع في «التنقيح ». وفي «الذكرى » أنّه لا خلاف فيه. وفي «كشف اللثام » كأنّه لا خلاف فيه.
وهو ظاهر كلّ
من قال ما لم يخش فوت الحاضرة وهم جماعة من القدماء وصريح «التحرير والتذكرة والمنتهى والمختلف والدروس والبيان واللمعة والمهذّب البارع وغاية المرام وفوائد الشرائع والجعفرية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وشرحيها والروض والروضة ومجمع البرهان والمدارك والكفاية والذخيرة والشافية والرياض » بل صرّح جماعة بقطع صلاة الكسوف إذا خيف فوت الحاضرة
كالطوسي في «الوسيلة » والتقي على ما نقل عنه في «المختلف». قال : وأبو الصلاح وابن
حمزة قالا مثل ما اخترناه ، وقد اختار هو القطع مع خوف الفوت ، وكلام «الوسيلة
والجعفرية وإرشادها» يعمّ ضيقهما ، بل في «المعتبر والمنتهى والتذكرة ونهاية الإحكام » الإجماع على القطع إذا خيف فوتها. قال في «كشف اللثام»
بعد نقل هذه الإجماعات : وكلامهم يعمّ ضيقهما ، لكنّ في الأخير مع ضيقهما تردّد من
أولوية الحاضرة بالأصل وأولوية صلاة الكسوف بالشروع ، ويحتمل إتمامها إن أدرك من
الحاضرة بعدها ركعة وإلّا استأنف ، انتهى .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قلت : هلّا ذكر
التذكرة مع نهاية الإحكام ، فإنّه ذكر فيها جميع ما ذكره في نهاية الإحكام بأوضح
عبارة لكنّه جعله مسألة برأسها وأخّرها ، فكأنّه لم يلحظ آخر كلامه.
وأمّا قوله «إنّ
كلامهم يعمّ ضيقهما» ففيه أنّه كاد يكون صريحاً في ما إذا كان وقت الكسوف متّسعاً
، وقد سمعت عبارة «التذكرة» والحظ عبارة «المعتبر والمنتهى» تجد الأمر على خلاف ما
ذكر. وهذا الإجماع الّذي في «المعتبر» وما بعده قد ادّعاه في ظاهر «السرائر » أو صريحها ، وكلامه فيما إذا كان وقت الكسوف متّسعاً.
وحكى هذا الإجماع أيضاً في «الغرية والمدارك » وظاهر «الذخيرة » وكلامهم ظاهر في الاتّساع ونسب الحكم في الأخيرين إلى
الشيخين والمرتضى وابن بابويه وأتباعهم ، وستسمع كلام الجميع. وفي «إرشاد الجعفرية»
أنّ الحكم بالقطع مع ضيقهما ليس بإجماعي وإنّما هو قول قوي كما ذكره المصنّف يعني
المحقّق الثاني في «الجعفرية» قال : وفي المسألة قولٌ آخر وهو عدم جواز القطع بل
يجب عليه الإتمام ، وضعفه ظاهر ، لأنّه في مقابلة النصّ ، انتهى.
وقال في «البيان»
: ولو دخل وقت الفريضة متلبّساً بالكسوف فالمروي في الصحيح عن الصادق عليهالسلام قطعها وفعل الحاضرة ثمّ البناء في الكسوف وعليه المعظم
، انتهى . وظاهره أنّ ذلك مع سعة وقت الفريضة والرواية الّتي
أشار إليها مقيّدة بخوف الوقت ، وأمّا نسبته إلى المعظم فلعلّه أشار به إلى ما في
ظاهر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الفقيه والمقنع والنهاية والمهذّب والكامل وجامع الشرائع » من القطع من اتّساع الوقت للحاضرة ، وهو المنقول عن عليّ بن بابويه و «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام» ، قال فيه : ولا تصلّها في وقت فريضة ، فإذا كنت فيها
ودخل عليك وقت الفريضة فاقطعها وصلّ الفريضة ثمّ ابن على ما صلّيت من صلاة الكسوف . ومثله عبارة الصدوقين و «النهاية والمهذّب والكامل».
وأمّا «الجامع» فقد وافقه في كلامه الأخير وخيّر في الابتداء كما سمعت. وقد سمعت
عبارة «المبسوط » فيما تقدّم. وفي «السرائر » الإجماع على خلاف ما قاله الشيخ في النهاية وأنّ خلافه
مذهب المرتضى.
وقد سمعت ما في
«التذكرة » من نفي الخلاف عن عدم وجوب الاشتغال بالحاضرة مع
اتّساع الوقتين ، وسيأتي عند الكلام على تضيّق وقت إحداهما إجماعات لها نفع تامّ
في المقام.
وبعض
المتأخّرين قال : لا نعرف في جواز القطع مع السعة نصّاً ، وبعض أنّه بعيد جدّا ، وبعض أنّه لا وجه له.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
هذا وقال في «الذكرى»
نقل الفاضل عن أبي الصلاح موافقة النهاية ونقل عنه في المعتبر موافقة الأكثر ،
وعبارته هذه : فإن دخل وقت فريضة من الخمس وهو فيها فليتمّها ثمّ يصلّي الفرض وإن
خاف من إتمامها فوات الفرض قطعها ودخل فيه ، فإذا فرغ بنى على ما مضى من صلاة
الكسوف ، انتهى . قلت : الفاضل في «المختلف » قد نقل عن أبي الصلاح موافقته لا موافقة النهاية كما
سمعت ، ولم أجد في «المعتبر» لأبي الصلاح ذكراً ، ولعلّه سقط ممّا عندنا أو زاغ
عنه النظر.
وصاحب «الحدائق»
جمع بين أخبار المسألة فحمل وقت الفريضة في خبر محمّد وبريد بن معاوية على وقت
الفضيلة والخبر هكذا : «إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات صلّيتها ما لم تتخوّف أن
يذهب وقت الفريضة فإن تخوّفت فابدأ بالفريضة الخبر ». وأيّد ذلك بخبر أبي أيّوب عن «أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن صلاة الكسوف قبل أن تغيب الشمس ويخشى
فوات الفريضة ، فقال : اقطعوا وصلّوا الفريضة وعودوا إلى صلاتكم » وبخبر ابن مسلم قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل
العشاء الآخرة فإن صلّينا الكسوف خشينا أن تفوتنا الفريضة؟ فقال : إذا خشيت ذلك
فاقطع صلاتك واقض فريضتك ثمّ عد فيها .. الحديث » قال صاحب «الحدائق» : صحيحة محمّد ابن مسلم الاخرى قد
صرّحت بالأمر بالابتداء بالفريضة والأمر حقيقة في الوجوب ، والفقه الرضوي قد صرّح
بالنهي عن صلاة الكسوف في وقت الفريضة حتّى يصلّي الفريضة ، فلم يبق إلّا صحيحة
محمّد بن مسلم وبريد ، فيحمل وقت الفريضة فيها على وقت الفضيلة كما صرّحت به
صحيحته الثانية وصحيحة أبي أيّوب ، وإطلاق الوقت في الأخبار على وقت الفضيلة خاصّة
لا ما يشمل وقت الإجزاء كثير ، انتهى كلامه. وحاصله وجوب تقديم الحاضرة مطلقاً كما
هو خيرة الصدوق.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفيه نظر ،
لعدم ظهور خبر محمّد وخبر أبي أيّوب فيما ذكر فتأمّل ، مع أنّه ليس بأولى من الجمع
بالعكس بحمل وقت الفريضة في خبر محمّد الّذي ردّ الأخبار إليه على آخر وقت الإجزاء
، ويكون العمل على خبر محمّد وبريد كما هو مذهب الحسن والمرتضى ، بل قد ادّعى
الإجماع عليه في «السرائر» ثمّ إنّه لا معنى لتضيّق وجوب إحداهما بمجرّد معارضته
للُاخرى مع كونها في أصل الشرع موسّعة ، وهذا ممّا يرد على هذين القولين.
فالقول
بالتخيير معتضد بالأصل والتساوي في الوجوب والاتّساع وبعموم ما دلّ على جواز
الفرضين في وقتها ، وفيه مع ذلك الجمع بين ما دلّ على الأمر بتقديم الفريضة على
الكسوف وما دلّ على العكس ، والجمعان الأوّلان لا ترجيح لأحدهما على الآخر ،
مضافاً إلى ما في «التذكرة» من ظهور دعوى الإجماع ، فتعيّن التخيير.
ومن الغريب أنّ
الصدوق أورد في «الفقيه » خبر محمّد وبريد بن معاوية الصريح في الأمر بصلاة
الكسوف ما لم يتخوّف أن يذهب وقت الفريضة ثمّ عقّبه بما سمعت من فتواه ولم يجب عن
الرواية المذكورة بشيء ، ولعلّ نظره إلى «الفقه الرضوي» إن ثبتت النسبة ، لكنّه
معارض في بعضه بما رواه في «دعائم الإسلام » عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام أنّه قال «فيمن وقف في صلاة الكسوف حتّى دخل عليه وقت
صلاة قال : يؤخّرها ويمضي في صلاة الكسوف حتّى يصير إلى آخر الوقت ، فإن خاف فوت
الوقت قطعها وصلّى الفريضة قبل صلاة الكسوف».
وليعلم أنّ بعض
ما ذكرنا في توجيه القول بالتخيير مع السعة يجري في حالة ضيقهما لو لا الإجماع ،
وما يستفاد من الأخبار من أهمّية اليومية.
وليعلم أنّهم
اختلفوا في حكمه بعد قطعه لصلاة الكسوف وإتيانه بالحاضرة مع ضيقها أو سعتها على
اختلاف الرأيين هل يعود إلى صلاة الكسوف ويبني
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
على ما تقدّم محتسباً له أم لا بل يجب استئنافها من رأس؟ فالمعظم كما في «البيان
» على الأوّل ، والأكثر كما في «الذخيرة » وهو المشهور كما في «الدروس والحدائق والرياض » وهو مذهب علمائنا كما في «المنتهى ». وقد تلوح دعوى الإجماع من «السرائر ». وفي «المعتبر والتذكرة » نسبته إلى الثلاثة ، وفي «الذخيرة » نسبته إلى الشيخين والمرتضى وابن بابويه وأتباعهم. وهو
خيرة «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام » والصدوقين والشيخ في «النهاية » والقاضي في «المهذّب والكامل» والعجلي في «السرائر » وابن سعيد في «الجامع » والمصنّف في «التحرير والمنتهى » والشهيد في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الدروس » وصاحبا «المدارك والذخيرة » وغيرهم . وقرّبه في «البيان » ونفى عنه البُعد في «مجمع البرهان » ونقل عن التقي ، وقد سمعت المنقول من عبارته وهي صريحة في ذلك ، وعن
ابن حمزة ولم أجده في «الوسيلة» وقد يلوح ذلك من علم الهدى والحسن على ما نقل من
كلامهما في «المختلف » وتردّد المحقّق في «المعتبر » واستشكل المصنّف في «التذكرة » واختير في «المبسوط والذكرى والغرية والروض والشافية» الاستئناف من رأس.
وفي «التنقيح » بعد نقل القولين نقل عن بعض الفضلاء أنّه قال : البناء
على ما قطع حقّ على تقدير أن لا يأتي بفعل غير الصلاة ، لأنّ الصلاة لا تبطل
الصلاة ، انتهى فتأملّ.
قال في «الذكرى
» : والاعتذار بأنّ الفعل الكثير يغتفر هنا لعدم منافاته الصلاة بعيد ،
فإنّا لم نبطلها بالفعل الكثير ، بل بحكم الشرع بالإبطال والشروع في الحاضرة ،
فإذا فرغ منها فقد أتى بما يخلّ بنظم صلاة الكسوف. ونحوه قال
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
صاحب «الغرية».
وفيه : أنّ
الأخبار قد نطقت بالبناء واعتضدت بفتوى الأصحاب حتّى كاد يكون
المخالف نادراً ، فلا يصغى إلى الاعتبارات.
إذا عرفت هذا
فاعلم أنّهم اختلفوا في مقام آخر وهو ما إذا اشتغل بالحاضرة مع ضيق وقتها فانجلى
الكسوف ففي «المعتبر والمنتهى والتحرير » إن فرّط قضى وإلّا فلا ، وفي «التذكرة والمختلف والتنقيح والرياض والذخيرة » إن كان فرّط في تأخير صلاة الكسوف قضاها وإلّا فلا ،
وفي «المهذّب البارع وغاية المرام والروضة » إن كان فرّط في تأخير صلاة الكسوف أو في الحاضرة قضى
وإلّا فلا.
وفى «الذكرى » إن كان قد فرّط فى فعل الحاضرة أوّل الوقت فالأقرب
القضاء لاستناد إهمالها إلى ما تقدّم من تقصيره ، ويحتمل عدمه ، لأنّ التأخير كان
مباحاً إلى ذلك الوقت ثمّ تعيّن عليه الفعل بسبب التضييق واقتضى ذلك الفوات ، فهو
بالنظر إلى هذه الحال غير متمكّن من فعل الكسوف ، فلا يجب الأداء لعدم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
التمكّن ولا القضاء لعدم الاستقرار. وفي «الذخيرة » بعد نقل ذلك عن الذكرى قال : ما احتجّ به على الوجوب
ضعيف ، لأنّ التأخير جائز فلا يكون ذلك تقصيراً. وفي «البيان » حكم بالقضاء إن كان فرّط في تأخير صلاة الكسوف وقرّب
الوجوب إذا كان فرّط في الحاضرة.
وفي «جامع
المقاصد وفوائد الشرائع وتعليق الإرشاد والميسية والروض والمسالك » إن أخّر الحاضرة مع وجوبها اختياراً قضى الكسوف. وفي
الأخيرين : وإن كان التأخير بغير اختياره ، فإن كان مع وجوب الحاضرة فالظاهر
القضاء ، وإن كان لا مع وجوبها كما لو كان في باقي الوقت صغيراً أو مجنوناً أو
كانت حائضاً ففي وجوب قضاء الفائتة بسبب الاشتغال بالحاضرة وجهان ، وعدم القضاء
أوجه. وفي «الذكرى » أمّا لو كان ترك الحاضرة لعذر كالحيض ونحوه فعدم قضاء
الكسوف أظهر لعدم التفريط. وفي إجراء الناسي والكافر يسلم عند تضيّق الوقت مجرى
المعذور ، عندي فيه تردّد. ولو قيل بقضاء الكسوف مطلقاً كان وجهاً ، لوجود سبب
الوجوب ولا ينافيه العارض. وفي «المدارك » إن فرّط في فعل الحاضرة أوّل الوقت قيل وجب قضاء
الكسوف وقيل لا يجب ، وهو ظاهر المعتبر وهو حسن ، انتهى.
__________________
وإلّا قدّم المضيَّق منهما.
______________________________________________________
قلت : حاصل
كلامهم أنّه إن لم يكن فرّط في تأخير صلاة الكسوف ولا في الحاضرة فلا نزاع في أنّه
لا قضاء عليه إلّا ما أشار إليه في «الذكرى » بقوله : ولو قيل .. إلى آخره ، وأنّه إن كان فرّط في
تأخير صلاة الكسوف فلا كلام في القضاء ، وإنّما النزاع فيما إذا فرّط في تأخير
الحاضرة ، والوجه فيه التفصيل بأن يقال : لو علم المكلّف باستلزام تأخير الحاضرة
فوات الكسوف عن وقتها كما يتفق أحياناً فيجب القضاء وإلّا فلا ، ولم يعلم استقرار
الخلاف حتّى يكون إحداث قول فليتأمّل.
والاستشهاد على
عدم وجوب القضاء في صورة التفريط الحاضرة بالأخبار الكثيرة الدالّة على أنّه بعد
زوال السبب لا قضاء كما في «الحدائق » لا وجه له ، لأنّك قد عرفت أنّ الأصحاب قد حملوها على
صورة الجهل وعدم استيعاب الاحتراق جمعاً بينها وبين ما دلّ على الأمر بالقضاء.
وعلى كلّ تقدير
هل يجب الكسوف بإدراك ركعة أم لا بدّ من إدراك الجميع؟ احتمل الأوّل هنا في «التذكرة
ونهاية الإحكام » وقد تقدّم الكلام في هذا بخصوصه مستوفىً ، لكنّ الفاضل الميسي حكم
بالوجوب والأداء بإدراك ركعة هنا واستشكل في «الروض والمسالك ».
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وإلّا
قدّم المضيَّق منهما) أي وإن لا يتّسعا ولا يتضيّقا بأن تضيّق إحداهما قدّمت
وتعيّنت للفعل ، وقد حكى على ذلك
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الإجماع في «المنتهى وإرشاد الجعفرية والمدارك والذخيرة والحدائق » وهو مذهب الكاتب أبي علي حيث قال فيما نقل عنه : لو حضرت صلاة الكسوف وغيرها بدأ
بما يخشى فوته ، وخيرة «المعتبر والمنتهى والتحرير والمختلف والتذكرة والدروس والبيان واللمعة والمهذّب البارع وغاية المرام والتنقيح وفوائد الشرائع والجعفرية وشرحيها والكفاية
__________________
والكسوف أولى من صلاة الليل وإن خرج وقتها
______________________________________________________
والروضة والرياض ». وفي «مجمع البرهان » أنّه غير بعيد. وهو ظاهر «السرائر » وغيرها ممّن حكي عنه تقديم صلاة الكسوف مع السعة ، إذ لعلّه
هنا عندهم أولى ، وحينئذٍ ينطبق عليه إجماع «السرائر».
وظاهر «الفقه
المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام» والصدوقين ومن وافقهم فيما تقّدم الخلاف هنا والقول بتقديم الفريضة وإن اتّسع وقتها وضاق
وقت الكسوف.
وفي «الذكرى » بعد أن نقل الأقوال في الاتّساع قال : لا خلاف أنّ
الحاضرة أولى مع خوف فوت وقتها. والظاهر أنّه لو خاف فوت وقت الكسوف مع علمه
باتّساع وقت الحاضرة قدّم الكسوف عند هؤلاء ، انتهى فتأمّل.
[في تقديم صلاة
الكسوف على النافلة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (و)
صلاة (الكسوف أولى من صلاة
الليل وإن خرج وقتها) نصّ عليه في «المبسوط والنهاية والمهذّب
__________________
ثمّ تقضى ندباً ،
______________________________________________________
والكامل والسرائر » وغيرها . وفي «المنتهى » صلاة الكسوف أولى من النافلة ، موقّتة أو لا ، راتبة
أو لا عند علمائنا أجمع. وفي «المعتبر والتذكرة » أنّها أولى من النافلة كذلك وإن فاتت عند علمائنا. وفي
«جامع المقاصد » إن قدّم صلاة الليل مع القطع بسعة الكسوف جاز. ونحوه
ما في «مجمع البرهان ». وقال في الأوّل : وظاهر المصنّف في كتبه العدم لقولهم
: تصلّى النافلة ما لم يدخل وقت فريضة. قلت : ليس ذلك ظاهر المصنّف وحده بل ظاهر
إطلاق الفتاوى والإجماعات أنّه لا فرق بين ما إذا اتّسع وقت صلاة الكسوف بحيث ما
لو أتى بالنافلة أدركها بعدها أو لا ، بل بذلك صرّح الشهيد وغيره ، وهو معتضد بعموم ما دلّ على المنع من النافلة وقت
الفريضة ، وقد تقدّم الكلام فيه في محلّه.
قوله قدّس الله
روحه : (ثمّ
تقضى ندباً) صرّح به أيضاً في «النهاية والمبسوط والمهذّب والجامع » وغيرها .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الذكرى » لو كانت صلاة الليل منذورة فكالفريضة الحاضرة في
التفصيل السالف. ومثله قال في «البيان ». وقال في «الذكرى» : وهل ينسحب فيها قول البناء وكذا
في كلّ صلاة منذورة تزاحم صلاة الكسوف؟ الظاهر لا ، اقتصاراً على مورد النصّ مع
المخالفة للأصل. وفي «التذكرة » لو اتفقت مع منذورة موقّتة بدأ بما يخشى فوته ، ولو
أمن فوتهما تخيّر. وفي «الموجز الحاوي وكشف الالتباس » لو اتّسع لهما تخيّر ، والأولى الكسوف ، ولو تضيّق
الوقت بدأ بالكسوف وإن فاتت المنذورة ، ويكفّر إن فرّط بالتأخير ، انتهى.
قلت : أنت خبير
بأنّ لفظ «الفريضة» في أخبار الكسوف إنّما ينصرف إلى اليومية لا كلّ واجب ، فكون
صلاة الليل المنذورة أو غيرها من الصلوات المنذورة كالفريضة الحاضرة محلّ إشكال.
وقال في «الذكرى
» : لو جامعت صلاة العيد بأن تجب بسبب الآيات المطلقة أو بالكسوفين نظراً
إلى قدرة الله تعالى وإن لم يكن معتاداً ، على أنّه قد اشتهر أنّ الشمس كسفت يوم
عاشوراء لمّا قتل الحسين عليهالسلام كسفة بدت الكواكب نصف النهار ، رواه البيهقي وغيره . وروى الأصحاب أنّ من علامات المهدي عجّل الله فرجه كسوف الشمس في
النصف الأوّل من شهر رمضان ، فحينئذٍ إذا
__________________
ولا تصلّى على الراحلة و (١) مشياً اختياراً.
______________________________________________________
اجتمع الكسوف والعيد فإن كانت صلاة العيد نافلة قدّم الكسوف ، وإن كانت
فريضة فكما مرَّ من التفصيل في الفرائض. نعم تقدّم على خطبة العيدين إن قلنا
باستحبابهما كما هو المشهور.
وقال في «الذكرى»
: لو اجتمعت آيتان فصاعداً في وقتٍ واحد كالكسوف والزلزلة والريح المظلمة ، فإن
اتّسع الوقت للجميع تخيّر في التقديم ، ويمكن وجوب تقديم الكسوف على الآيات ، لشكّ
بعض الأصحاب في وجوبها ، وتقديم الزلزلة على الباقي ، لأنّ دليل وجوبها أقوى. ولو
اتّسع لصلاتين فصاعداً وكانت الصلوات أكثر ممّا يتّسع له احتمل قويّاً هنا تقديم
الكسوف ثمّ الزلزلة ثمّ يتخيّر في باقي الآيات ، ولا يقضي ما لا يتّسع له إلّا على
احتمال عدم اشتراط سعة الوقت للصلاة في الآيات ، ولو وسع واحدة لا غير فالأقرب
تقدّم الكسوف للإجماع عليه ، وفي وجوب صلاة الزلزلة هنا أداءً وقضاءً وجهان ، وعلى
قول الأصحاب بأنّ اتّساع الوقت لها ليس بشرط يصلّيها من بعد قطعاً ، وكذا الكلام
في باقي الآيات ، انتهى.
[في عدم جواز صلاة
الكسوف على الراحلة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولا
تصلّى على الراحلة و) لا
(مشياً اختياراً)
عند علمائنا
خلافاً للجمهور كما في «التذكرة » وعند جمهور الأصحاب كما في «الذخيرة » وظاهر «المعتبر» انحصار الخلاف في أبي علي ، وستسمع
عبارتيهما. وهو المشهور كما في «المهذّب البارع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمقتصر وغاية المرام » والأشهر كما في «المدارك » وعليه عامّة المتأخّرين كما في «الرياض ».
قلت : وهو خيرة
«النهاية والمبسوط » وغيرهما لكن عبارة «الشرائع والنافع » قد تعطي التأمّل في ذلك ، قال فيهما : يجوز أن تصلّى
هذه الصلاة على الراحلة وماشياً ، وقيل بالمنع إلّا مع الضرورة ، وهو أشبه.
وقال في «المعتبر
» ما نصّه : ولا تصلّى على الراحلة مع الإمكان وتجوز مع الضرورة ، وقال ابن
الجنيد : استحبّ أن يصلّي بها على الأرض وإلّا فبحسب حاله ، وقال الباقون : تصلّى
على الراحلة كغيرها من الفرائض ، انتهى. والظاهر أنّ مراده أنّها كغيرها من
الفرائض تصلّى على الراحلة مع الضرورة كما يدلّ عليه قوله : ويؤيّده ما رواه عبد
الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قلت : «يصلّي الرجل شيئاً من الفروض على الراحلة؟ فقال
: لا». ثمّ ذكر خبر الواسطي . فما في «التنقيح » غير صحيح حيث قال : ونقل في المعتبر عن باقي الأصحاب
الجواز اختياراً كالنوافل. ثمّ قال : والحقّ أنّ ذلك مشروط بالعذر. وهو قول الشيخ
في النهاية انتهى.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قلت : وهو قوله
في «المبسوط » أيضاً وقول جميع من تعرّض له ممّن تأخّر عنه ، بل في «الرياض
» الإجماع عليه عند الضرورة. وقد صرّح في «الروضة » بعدم الجواز على الراحلة وإن كانت معقولة.
وقال أبو علي
على ما في «المختلف » هي واجبة على كلّ مخاطب ، سواء كان على وجه الأرض أو
راكب سفينة أو دابّة عند تعيّنه به ، ويستحبّ أن يصلّيها على الأرض وإلّا فبحسب
حاله. وهو ليس بذلك الظهور في جوازها على الدابّة. قال في «المختلف» هو يشعر ذلك.
قلت : ولا
رأينا ولا نقل إلينا خلافاً عن غير أبي علي ، وكان الواجب على الفاضل المقداد أن
يحمل عبارة معتبره على السهو إن لم يكن هو الساهي ، إذ لو لحظ تمام عبارة المعتبر
لعرف الحال.
__________________
الفصل الرابع : في صلاة النذر
مَن نذر صلاةً
شُرط فيها ما شُرط في الفرائض اليومية ، ويُزيد الصفات الّتي عيّنها في نذره إن
قيّده بها إمّا الزمان كيوم الجمعة ، أو المكان بشرط المزيّة كالمسجد أو غيرهما ،
______________________________________________________
(الفصل الرابع في
صلاة النذر)
قال في «كشف
اللثام» : وشبهه ، أو النذر يعمّه لأنّه الوعد ، أو صلاة النذر تعمّ صلاة شبهه
كصلاة الكسوف ، أو الفصل لصلاة النذر خاصّة. وقوله : واليمين والعهد كالنذر في ذلك
كلّه ، خارج عنه
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (مَن
نذر صلاةً شُرط فيها ما شُرط في الفرائض اليومية)
كما في «الإرشاد
والذكرى والبيان » وغيرها . وفي «التذكرة ونهاية الإحكام وإرشاد الجعفرية » يشترط فيها ما يشترط في الفرائض اليومية من الطهارة
والاستقبال وغيرهما إجماعاً إلّا الوقت ، انتهى ما في الثلاثة.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال المحقّق
الثاني في «تعليقه على الإرشاد» وقد عرفت أنّ عبارته كعبارة الكتاب : إنّ ذلك حكم
ما إذا أطلق فتجب السورة والقيام ونحو ذلك ، أمّا إذا نذر الوتيرة من جلوس أو
القراءة ببعض سورة أو تكرار السورة جاز. والفرق أنّ النذر إنّما يتعلّق بالصلاة على
هذا الوجه بخلاف ما إذا أطلق . ومثله قال في «روض الجنان والروضة والذخيرة ».
وقال في «مجمع
البرهان» بعد أن ذكر نحو ما ذكر المحقّق المذكور : وبالجملة المناط هو الصدق شرعاً
، وما ورد من وجوب السورة والقيام والقبلة وعدم الجواز على الدابّة في الصلاة
الواجبة فأظنّها في الواجبة بأصل الشرع لا بالنذر ونحوه. ويؤيّده أنّه لو عمّم
نذرها بحيث يشمل اتّصافها بهذه الأشياء وعدمها صريحاً لانعقد بلا شكّ. وبالجملة
كلّ فعل وشرط ليس بشرط للصحّة في النافلة لو نذر بحيث يشمل عدمه ، وكذا لو أطلق ،
فهو فرد للمنذورة وتبرأ به الذمّة ، وإن كان الأولى والأحوط اختيار ما اجتمع فيه
جميع الشرائط المعتبرة في صحّة الواجبة .
وفي «كشف
اللثام» بعد حكاية الإجماع عن نهاية الإحكام قال : وعندي أنّه إنّما يشترط فيها ما
يشترط في المندوبة ، لأصل البراءة ومنع الإجماع .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ويزيد)
الناذر (الصفات الّتي عيّنها
في نذره إن قيّده بها إمّا الزمان كيوم الجمعة ، أو المكان بشرط المزيّة أو غيرهما)
ينعقد النذر
إذا قيّده بالفعل في زمان معيّن له مزيّة ورجحان إجماعاً كما في نذر «الإيضاح » وبلا خلاف كما في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«جامع المقاصد » بل في «إرشاد الجعفرية» لو قيّد نذر الصلاة بزمان
معيّن انعقد بلا خلاف ، سواء كان لذلك المعيّن مزيّة أم لا . وفي «المسالك» أنّ عليه إجماع العلماء . وفي «الروض» الإجماع عليه . وفي «غاية المراد» لا شكّ فيه . وفي «كنز الفوائد» إذا قيّده بزمان معيّن انعقد قطعاً . ويأتي إجماع «الإيضاح» في المكروه.
وإن قيّده
بمكان فإن كان له مزيّة ورجحان ففي «كشف الرموز وجامع المقاصد وإرشاد الجعفرية ومجمع البرهان » أنّه لا خلاف في انعقاده ووجوب الوفاء به. وفي «الشافية»
أنّه قطعي.
وإن كان المكان
محرّماً ففي «الإيضاح وإرشاد الجعفرية » الإجماع على عدم انعقاد نذرها فيه ، وفي «جامع المقاصد
ومجمع البرهان والمفاتيح » لا خلاف فيه. وفي «الإيضاح» المكان إن وجبت الصلاة فيه
كالمقام أو إذا كانت فيه أفضل من كلّ الأمكنة تعيّن بالنذر إجماعاً. وقال أيضاً :
وإن كره إيقاعها في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المكان لم ينعقد الوصف إجماعاً . وفي «جامع المقاصد والروض » إذا كان المكان مكروهاً لم ينعقد نذره قطعاً. وفي «تعليق
الإرشاد» ينعقد نذر المكان مطلقاً ولا تجوز إلّا فيه . وفي «الروض والذخيرة » لو قيل بتعيّن المكان المكروه كان وجهاً ، وفي «مجمع
البرهان والمفاتيح وكشف اللثام » القول به.
وعلى الأوّل هل
يبطل من أصله أم ينعقد بدون القيد؟ قال في «الذكرى» : لو نذر فعلها في الوقت
والزمان المكروهين انعقدت مطلقة ، فلو صلّاها بالقيد صحّت أيضاً . وهو خيرة المصنّف و «البيان ». وفي «جامع المقاصد» أنّه مشكل ، لوجوب ارتفاع الجنس
بارتفاع الفصل ، وبأنّ المقصود النذر مع القيد لا النذر وحده ، فإمّا أن يصحّا أو
يبطلا ، وإلّا لزم صحّة نذر غير مقصود .
وأمّا إذا كان
الزمان مكروهاً ففي «الإيضاح» الإجماع على انعقاده . وفي «المفاتيح» لا خلاف في تعيين الوقت للصلاة وإن كان
أدنى ، وقد سمعت ما في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«كنز الفوائد» وغيره. وفي «التذكرة » ونذر «الإرشاد » التنصيص على انعقاد الصلاة فيه ، ونقل عن المصنّف في
باب الوقف ، واستشكله في نذر الكتاب . وفي «جامع المقاصد والجعفرية والغرية» وقد سمعت ما في «الذكرى والبيان».
وأمّا إذا خلا
المكان عن الرجحان والكراهية ففي «تعليق الإرشاد والروض والذخيرة » أنّ المشهور عدم الانعقاد وعدم اللزوم فتجب الصلاة
ويجزي إيقاعها في كلّ مكان. وستعرف حال هذه الشهرة. وهو خيرة «التذكرة والإرشاد » في مواضع منهما «ونهاية الإحكام والإيضاح » في موضعين منه و «التنقيح والجواهر المضيئة» وفي موضع ثالث من «الإيضاح» أنّ
الإجماع واقع على تعيين ذي المزيّة دون غيره ، ذكره فيمن نذر صوم يوم في بلد معيّن
، نقله عنه في نذر «المسالك »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وهو أحد قولي الشيخ فيما إذا نذر صوم يوم في بلد معيّن ، نقله عن صوم
المبسوط في «الإيضاح » ونقله فيما نحن فيه في «التنقيح » عن المبسوط. وفي «التذكرة والتحرير » إذا نذر أن يصوم يوماً في بلد معيّن للشيخ قولان ،
أحدهما تعيين البلد ، والثاني أنّه يصوم أين شاء. قال في «التذكرة» : والوجه أن
يقال إن كان الصوم في بعض البلاد يتميّز عن الصوم في الآخر تعيّن ما نذره ،
والأقرب عدم تميّز البلاد في ذلك ، انتهى.
قلت : الأقرب
التميّز في ذلك كصوم ثلاثة أيّام في المدينة للحاجة ، وروى الصدوق : «أنّ صوم يوم
بمكّة كصوم السنة في غيرها » والموجود في صوم «المبسوط» ومن نذر أن يصوم بمكّة أو
بالمدينة أو أحد المواضع المعيّنة وجب عليه أن يحضره ، فإن حضره وصام بعضه ولم
يمكنه المقام جاز له الخروج ويقضي إذا عاد إلى أهله ما فاته . ونحوه قال في صوم «النهاية ».
ولا فرق بين
الصلاة والصيام ، لأنّ العبادة أمرٌ واحد في نفسها وإنّما تتفاضل بالزمان والمكان
، فكان مختار الشيخ في صوم هذين الكتابين عدم الفرق بين الزمان والمكان ، وهو
الّذي نقله عنه في «كشف الرموز» وعن أتباعه واختاره هو ، قال : إذا كان تعليق
النذر بصدقة (متعلّق النذر صدقة خ ل) أو صيام أو صلاة بمكان يتفاوت الغرض فيه لكونه
موضع طاعة لا خلاف أنّه يلزم الوفاء به ويعيد لو انصرف عنه إلى غيره. وهل يعيد مع
تساوي الأمكنة؟ قال الشيخ : نعم. وعليه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أتباعه والعمل ، ولشيخنا فيه تردّد والإعادة أحوط ، انتهى.
قلت : شيخه
ومَن وافقه إنّما تردّدوا في الصلاة والصوم ، أمّا الصدقة فجزموا بلزومها وتعيّنها
فيه ، لأنّه عائد إلى التصدّق على أهل المكان. ولعلّه أراد بالأتباع القاضي في «المهذّب
» والسيّد حمزة في «الغنية » وأبا الحسن عليّ بن الفضل في «إشارة السبق » وأبا الصلاح فيما نقل عنه وأبا جعفر محمّد بن عليّ بن حمزة الطوسي في ظاهر «الوسيلة
» فإنّهم نصّوا ما عدا الأخير على تعيّن المكان إذا قيّد به النذر وأطلقوا
، بل ظاهر «الغنية» الإجماع عليه . ومثل ذلك صنع المحقّق في «النافع » وابن المتوّج في «كفاية الطالبين» والشهيد في «الدروس ».
وهو أي
الانعقاد والتعيّن في المكان الخالي عن المزيّة خيرة «البيان وتعليق الإرشاد وتمهيد القواعد والروض والمسالك ومجمع البرهان والكفاية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والذخيرة والمفاتيح والشافية». وفي «إرشاد الجعفرية» أنّ الفرق تحكّم . وتردّد في «الشرائع » في موضعين و «جامع المقاصد والجعفرية والغرية» كما هو ظاهر «التحرير وكنز الفوائد والذكرى ». وفي «غاية المراد» إن خلا عن المزيّة ضعف التعيين .
وليعلم أنّ ما
نقلنا عن هذه الكتب في هذه المسألة قد نقلناه من أماكن متفرّقة من باب الصلاة
والصوم والنذر.
وقال في «كشف
اللثام» : ثمّ عندى أنّ اشتراط المزيّة في المكان إنّما هو إذا كان النذر نذرين
كأن يقول : لله عليَّ أن أُصلّي ركعتين واصلّيهما في مكان كذا ، أمّا لو قال : لله
عليّ أن اصلّي ركعتين في مكان كذا فمصحّح النذر إنّما هو رجحان الصلاة فيه على
تركها وهو حاصل وإن كرهت فيه ، لأنّ الكراهية إنّما هو قلّة الثواب ، انتهى.
واعلم أنّ مَن
اشترط المزيّة في المكان دون الزمان فرّق بينهما من وجوه ، قال في «الإيضاح» :
الفرق دقيق ونقل في «هامش الإيضاح» الّذي عندي أنّه كتب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بخطّه ما نصّه : أقول : هو من وجوه ، الأوّل : أنّ الوقت سبب لحدوث الوجوب
بحدوثه ، وأمّا المكان فليس بسبب أي لأنّه من ضرورة الفعل فلا سببيّة له. الثاني :
أنّ الوقت لا يمكن تعدّده فهو من مشخّصات الأفعال ، فقبله لا يجب ، لأنّه غير
المنذور ، وبعده يمتنع عوده ، فلا يكون الفعل في غيره هو المنذور ، بل يكون
مغايراً ، الثالث : أنّ النذر يصيّر الوقت المنذور فيه وقتاً لتلك العبادة محدوداً
كما يجعل النصّ ، كما لو نصّ الشارع على أنّ وقت العبادة الفلانية هو الوقت
الفلاني ، انتهى.
ونقل في «جامع
المقاصد» أنّ الفخر استدلّ أيضاً بأنّ كراهية الوقت مختصّة بالنوافل المبتدئة دون
الفرائض ، بخلاف المكان فإنّه يعمّها . وقال في «نهاية الإحكام». لو عيّن الزمان تعيّن سواء
اشتمل على المزيّة كيوم الجمعة أو لا ، لأنّ البقاء غير معلوم والتقدّم ممنوع ،
لأنّه فعل الواجب قبل وجوبه فلا يقع مجزياً ، كما لو صلّى الفرض قبل وقته ، انتهى.
وفرّق لهم في «كشف
اللثام» بأنّ الزمان لا يخلو عن المزيّة ، فإنّ المسارعة إليها في كلّ وقت أفضل من
التأخير عنه ، واشتراط المكان معناه تحصيل الكون فيه للصلاة ، فما لم يكن راجحاً
لم ينعقد. واشتراط الزمان معناه عدم الوجوب في غيره ، إذ لا تحصيل هنا للخروج عن
قدرة العبد. ثمّ قال : وإنّما يتمّ لو قصد الناذر في المكان ما ذكر يعني تحصيل
الكون فيه للصلاة ، ويجوز أن لا يقصد إلّا عدم الوجوب في غيره فيكون كالزمان ، انتهى.
وقد ذكر في «الذكرى»
الوجه الأوّل من وجوه الفخر ، ثمّ قال : ولقائل أن يقول لا نسلّم سببية الوقت هنا
للوجوب ، وإنّما سبّب الوجوب الالتزام بالنذر وشبهه ، والمكان والزمان أمران
عارضان ، إذ من ضرورات الأفعال الظروف ولا يلزم من سببيّة الوقت للوجوب في الصلوات
بالأصالة ثبوته هنا. ثمّ قال : وقد يجاب بأنّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
السببية في الوقت حاصلة وإن كان ذلك بالنذر ، لأنّا لا نعني بالسببية إلّا
توجّه الخطاب إلى المكلّف عند حضور الوقت وهو حاصل هنا ، ولا يتصوّر مثل ذلك في
المكان إلّا تبعاً ، وهذا حسن ، انتهى. وفي نذر «المسالك» أنّ فيه نظراً ، لأنّ الوقت
المعيّن بالنذر إذا كان مطلقاً كيوم الجمعة ، فتوجّه الخطاب إلى الناذر بالفعل عند
دخول الجمعة ليس على وجه التعيين ، بل الأمر فيه كالنذر المطلق بالنسبة إلى العمر
، غايته أنّ هذا مختصّ بالجُمَع الواقعة في العمر ، فتوجّه الخطاب فيه على حدّ
توجّهه على تقدير تعيين المكان من دون الزمان بل هنا أقوى ، لأنّ الخطاب متوجّه
إليه بسبب صيغة النذر بأن يؤدّي الفعل في ذلك المكان ويسعى في تحصيله لقدرته عليه
في كلّ وقت بحسب ذاته وإن امتنع بحسب أمر عارض على بعض الوجوه ، بخلاف الزمان
فإنّه لا قدرة له على تحصيله ، وهما مشتركان في أصل تقييد العبادة المنذورة بهما
فيجب تحصيلها على الوجه الّذي عيّنه والعبادة الخارجة عن قيديهما غير منذور ،
وإنّما المنذور العبادة في ضمن القيد ، انتهى.
وقال في «الروض»
: لو سلّم كون الوقت سبباً وإن كان النذر موجباً كإيجاب الأمر الأصلي الفعل على
المكلّف لم يكن في ذلك دلالة على تعيين الزمان دون المكان. وأمّا تصيير الوقت
المعيّن بالنذر وقتاً للعبادة كالوقت المنصوص فهو آتٍ في المكان المختصّ بالعبادة
كالمقام مثلاً في صلاة الطواف ، فكما يثبت ذلك بالنصّ يثبت غيره بالنذر. فإن قيل :
مكان صلاة الطواف مشتمل على مزيّة ، قلنا : أفعال الشارع كلّها مشتركة في المزايا
ومعلّلة بالأغراض ، فتعليقة العبادة على وقت معيّن لو لم يكن ذلك الوقت مشتملاً
على حكمة ومزيّة على غيره كان تخصيصه على غيره ترجيحاً من غير مرجّح ، وهو لا يليق
بحكمة الشارع ، فيشترط في تعيّن وقت المنذور أيضاً المزية ولا يقولون به .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال في «كشف
اللثام» بعد قول الشهيد «ولا يتصوّر مثل ذلك في المكان إلّا تبعاً» : عدم تصوّر
مثل ذلك في المكان ممنوع ، بل الناذر كما يجعل الوقت سبباً يجعل المكان وغيره من
الشروط سبباً من غير فرق .
وأجاب في «جامع
المقاصد» عن ثاني أدلّة الفخر بأنّ الوقت إنّما يصير من مشخّصات الفعل إذا وجب
إيقاعه فيه بالأصل أو النذر مثلاً ، وحينئذٍ فالمكان كذلك ، فلا يكون الفعل في
غيره هو المنذور ، وعدم تعدّد الوقت إذا تشخّص مسلّم لكنّ المكان كذلك أيضاً ،
أمّا إمكان تعدّد فعل المنذور فيه وعدمه فتابع للزمان ولا مدخل في ذلك لانعقاد
النذر وعدمه. وأجاب عن ثالثها بأنّ النذر إنّما يصيّر الوقت المنذور فيه وقتاً
للعبادة إذا انعقد ، وشرط انعقاده تعلّقه بما ليس بمرجوح ، والمكان أيضاً كذلك إذا
انعقد نذره فيصير كالمقام بالنسبة إلى ركعتي الطواف ، وأجاب عمّا نقله هو عنه بأنّ
صيرورة المنذورة في وقت الكراهية ذات سبب إنّما هو إذا انعقد النذر ، وانعقاده
يتوقّف على التعلّق بما ليس بمرجوح ، وانتفاء مرجوحيّتها إنّما يكون بالنذر ،
فيلزم الدور ، انتهى.
ونحن نقول : لو
قرّر الفخر دليله الثاني هكذا : لو لم يتعيّن الزمان يلزم عدم الوجوب ، لأنّ فعل
المنذور قبل وجود الزمان المعيّن المشروط فعل له قبل وجوبه وبعده يصير قضاءً ، فلو
لم يتعيّن يلزم عدم الوجوب فليس لهم إلّا أن يقولوا إنّه يلغى الوقت فيكون نذراً
من غير قيد زمان كالمكان فيجوز فعلها قبل الوقت ، أو أنّه إن تمّ في جميع الأفراد
ونفع في تعيّن ما عيّن من الزمان فلا يدلّ على عدم تعيّن ما عيّن في المكان.
ولعلّه إلى ما ذكرنا أشار في «نهاية الإحكام » وقد سمعت عبارتها.
__________________
فلو أوقعها في
غير ذلك الزمان لم يجزئه ووجب عليه كفّارة النذر والقضاء إن لم يتكرّر ذلك الزمان
، ولو أوقعها في غير ذلك المكان فكذلك ، إلّا أن يخلو القيد عن المزيّة فالوجه
الإجزاء ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (فلو
أوقعها في غير ذلك الزمان لم يجزئه ووجب عليه كفّارة النذر والقضاء إن لم يتكرّر
ذلك الزمان) يريد أنّه لو أوقع الصلاة المنذورة في غير ذلك الزمان لم
يجزئ ووجب عليه إن أخّرها عنه كفّارة النذر للحنث والقضاء وإن تأخّر فعلها ، لأنّ
الفرض أنّه لم ينو القضاء ، وهذا إن لم يتكرّر ذلك الزمان بأن كان مشخّصاً كهذه
الجمعة وإن تكرّر كيوم الجمعة فعلها في جمعة اخرى ولا كفّارة. وقال في «جامع
المقاصد» : ومثل المشخّص ما إذا كان كلّياً لكن غلب على ظنّه فواته إن لم يفعله
فيه فأخلّ به وطابق ظنّه الواقع ، لكن في استفادة هذا من العبارة تكلّف إلّا أن
يقال : انتفى التكرار بالنسبة إلى النادر ، انتهى.
ولو تركها
نسياناً لم تجب الكفّارة إجماعاً كما في «إرشاد الجعفرية والدرّة السنية» قالا : وفي القضاء قوّة. وهل يجب
القضاء لعذر شرعي؟ ظاهر «الذكرى» ذلك ، وفي الكتابين المذكورين أنّ فيه تردّداً .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
أوقعها في غير ذلك المكان فكذلك ، إلّا أن يخلو القيد عن المزيّة فالوجه الإجزاء)
فهِمَ في «كنز
الفوائد وجامع المقاصد وكشف اللثام » أنّ قوله «إلّا أن يخلو القيد» استثناء من
__________________
فلو فعل فيما هو أزيد مزيّةً ففي الإجزاء نظر.
______________________________________________________
قوله «فكذلك» أي يجب القضاء والكفّارة بالشرط المذكور إلّا أن يخلو القيد
يعني المكان عن المزيّة فالوجه الإجزاء. وظاهره كما في «جامع المقاصد» أنّ الوجه
عنده الإجزاء على تقدير انعقاد نذر القيد كما فهمه في «كنز الفوائد» إذ لو كان
متفرّعاً على تقدير عدم انعقاد القيد لم يكن لقوله «فالوجه» معنى بل كان يجب القطع
بالإجزاء على ذلك التقدير ، إذ القيد لغوٌ حينئذٍ ، فما في «الإيضاح » من توجيه الإجزاء على عدم انعقاد نذره غير واقع موقعه.
وفي «كنز الفوائد» عدم الإجزاء قويّ . وفي «البيان » أنّه الوجه. وفي «التذكرة والذكرى » أنّ فيه إشكالاً.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
فعل فيما هو أزيد مزيّةً ففي الإجزاء نظر)
قرّب الإجزاء
في «التذكرة والدروس » وقوّاه في «نهاية الإحكام » واستند في الأوّل والأخير إلى أنّ زيادة المزيّة
بالنسبة إلى الآخر كذي المزيّة بالنسبة إلى غير ذي المزيّة. وهو الّذي ذكره
الشارحان في «الكنز والإيضاح » والشهيدان في «غاية المراد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والروض » ونذر «المسالك » وحاصله : أنّ التعيين لا مدخل له في صحّة النذر بل
للمزيّة فأين وجدت صحّ المنذور كما أشار إليه في «الإيضاح وجامع المقاصد » ومعناه أنّ التعيين في ذي المزيّة إنّما هو بالنسبة
إلى ما دونه لا المساوي والأفضل ، وفيه منع ، لأنّ مطلق المزيّة شرط لانعقاد النذر
لا لصحّة فعل المنذور ، بل الشرط المزيّة المنذورة ، والآتي بالفعل في غير المكان
غير آتٍ بالمنذور قطعاً ، لأنّ المكان من جملة المشخّصات.
واستند في «الدروس
» إلى ما روي : «أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام أمر مَن نذر إتيان بيت المقدس بمسجد الكوفة .» وقال في «كشف اللثام» الخبر في الكافي والتهذيب
والكامل خالٍ عن النذر .
والمشهور عدم
الإجزاء كما في «الجواهر المضيئة» وهو ظاهر كلّ مَن لم يفرّق بين الزمان والمكان ،
لأنّ فرض المسألة في المكان دون الزمان. وهو صريح «غاية المراد والبيان وتعليق الإرشاد والروض والمسالك ومجمع البرهان
__________________
ولو قيّده بعددٍ وجب.
______________________________________________________
والمفاتيح وكشف اللثام والذخيرة » وظاهر «جامع المقاصد والجعفرية والغرية وإرشاد الجعفرية » أو صريحها.
ولم يرجّح شيء
في «الإرشاد وكنز الفوائد والإيضاح والذكرى والجواهر المضيئة والشافية». وفي «مجمع البرهان» أنّ
النظر إنّما نشأ من القول بعدم انعقاد النذر إلّا مع المزيّة ، والظاهر أنّه مع
القول به يتعيّن . وفي «غاية المراد والمسالك » لا يصحّ له العدول إلى ما دونه ولا إلى مساويه قطعاً.
وفي «جامع المقاصد» احتمال الإجزاء في المساوي أضعف .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
قيّده بعددٍ وجب) إن كان تعبّد بمثله أصالة لا تبعاً لغيره أو في جملة
غيره إجماعاً كما ستعرف. وقال في «نهاية
__________________
والأقرب وجوب التسليم بين كلّ ركعتين ،
______________________________________________________
الإحكام» : لو قيّد نذره بعدد تعيّن إن تعبّد مثله إجماعاً .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والأقرب
وجوب التسليم بين كلّ ركعتين)
أي في العدد
المنذور الزائد على الركعتين كما في «الدروس والجعفرية وشرحيها والشافية» وكذا «الكنز» حملا على الغالب في النوافل . وفي «الإيضاح» يصحّ الإتيان بالأكثر من ركعتين في
تسليمةٍ واحدة على الأقوى للأصل والمنذور تناول عدداً مخصوصاً وهو أعمّ من أن يكون
كلّ ركعتين عقيبهما التسليم أو لا ، والعامّ لا دلالة له على الخاصّ . وكأنّه مال إليه في «كشف اللثام ».
وفي «التذكرة ونهاية الإحكام » احتمال وجوبه عقيب كلّ أربع أو ما زاد على إشكال. وفي «الغرية»
احتماله. وفي «الدروس » نسبته إلى القيل. وفي «كشف اللثام» بعد نقل ذلك عن
التذكرة ونهاية الإحكام قال : لعلّ الإشكال من الإشكال في وجوبه في الصلاة مطلقاً
، ثمّ من الإشكال في وجوبه في المنذورة لأنّه تحليل الصلاة فلا يدخل في نذرها أو
يستلزمه نذرها لاستلزامها التحليل أو
__________________
ولو شرط أربعاً بتسليمة وجب ،
______________________________________________________
لا يستلزمه للأصل واحتمال اختصاصه بالواجبة بأصل الشرع ، وعلى الوجوب يحتمل
الوجوب عقيب كلّ أربع إذا لم يتعبّد بالتسليم على أزيد وأن لا يجب إلّا تسليمة
عقيب الجميع للأصل ، انتهى.
وفي «الذكرى»
لو أطلق عدداً كخمس أو ستّ أو عشر انعقد ويصلّيها مثنى وثلاث ورباع ، ولو صلّاها
مثنى ثم أتى بواحدة حيث يكون العدد فرداً احتمل قويّاً هنا الإجزاء لتضمّن نذر
العدد الفرد ذلك بخلاف الإطلاق أعني نذر الصلاة مطلقاً ، وهكذا لو صرّح بنذر ركعة
واحدة. وينقدح في المسألة قول إنّ المطلق يحمل على الثنائية فلا يجزي غيرها ، لأنّ
المنذور نافلة في المعنى ، والنافلة مقصورة شرعيتها غالباً على الركعتين ، ولم
أظفر بفائدته (بقائله خ ل) من الأصحاب ولا من غيرهم ، انتهى. والظاهر أنّ هنا سقطاً. وفي «الذخيرة» عن
الذكرى أنّه إذا نذر صلاة وأطلق يجوز أن يجعلها ثلاثاً وأربعاً بتسليمة واحدة وأنّ
فيها أنّه لم يظفر بقائل بخلافه من الأصحاب وغيرهم . ولعلّه عنى هذه العبارة ويأتي حال نذر الصلاة مطلقاً.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
شرط أربعاً بتسليمة وجب) وصحّ إجماعاً كما في «الغرية» وبالصحّة صرّح في «الجعفريّة
وإرشادها » ، وفي «الشافية» لا يصحّ ، وفي «جامع المقاصد» في
صحّته إشكال إلّا أن ينزّل على
__________________
ولو شرط خمساً ففي انعقاده نظر ،
______________________________________________________
صلاة الأعرابي . وفي «كشف اللثام» بعد قول المصنّف «وجب». أي الشرط أو
المشروط أو الفعل قطعاً ، انتهى.
وهل يجب حينئذٍ
تشهّدان أو تشهّد واحد؟ يأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى شأنه.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
شرط خمساً) بتسليمة (ففي انعقاده نظر)
وكذا قال في «الدروس
» وخيرة «السرائر والبيان والذكرى وكفاية الطالبين وجامع المقاصد والجعفرية وتعليق الإرشاد والغرية وإرشاد الجعفرية والروض والدرّة السنية» عدم الانعقاد ، وقد يظهر من الأخير
دعوى الإجماع عليه ، بل هو ظاهره أو صريحه. وعدم الانعقاد ظاهر «مجمع البرهان والذخيرة » وقد يظهر ذلك من «كشف اللثام ». ولا فرق في ذلك بين أن يتشهّد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في مواضع التشهّد المعلومة أو لا كما في «الروض» ، قالوا : لعدم التعبّد به شرعاً على هذا الوجه. واقتصر
في «الإرشاد» على نقل القول بعدم الانعقاد . وفي «التذكرة» احتمال الانعقاد ، لأنّها عبادة وعدم
التعبّد بها لا يخرجها عن كونها عبادة . ومنع الشهيدان الصغرى ، لأنّ شرط كونها عبادة أن توافق المتعبّد به ،
فإنّا أمرنا بأن نصلّي كما صلّى صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يصلّ كذلك. وفي «غاية المراد» لعلّ الأقرب الانعقاد
، لأنّ النذر تابع لاختيار الناذر ما لم يناف المشروع وليست المنافاة متحقّقة حتّى
يعلم بدعية هذه الصورة ولم يعلم ، انتهى فتأمّل.
وفي «الإيضاح»
التحقيق أنّ هذا النظر يبتنى على مسألتين ، الاولى : هل يجوز فعل الخمس والأزيد
بتسليمة واحدة أم لا؟ فيه إشكال من عدم التعبّد بمثله ومن عدم انحصار النافلة بعدد.
الثانية : على تقدير جوازه هل يتعيّن بالنذر أم لا؟ يحتمل عدمه ، لأنّ هذه الهيئة
ليست بواجبة ولا مندوبة ، وكلّ متعيّن بالنذر فهو إمّا واجب أو مندوب ، ومن أنّ
الصلاة عبادة فصحّ نذرها وهي تتخصّص بالهيئات ، والعوارض من جملة مخصّصاتها ، فإذا
أُتي بغيرها فقد أُتي بغير المنذور. ثمّ قال : والأقوى عندي أنّه لا يلزم قيد
التسليم بعد العدد الزائد على ما أتى به الشارع في صلاة ما ولا يبطل نذر أصل
الصلاة بل يصحّ ويتخيّر في التسليم عقيب الركعات ، انتهى.
قلت : أقوم ما
يستدلّ به للقائل بالانعقاد أنّه يصدق اسم الصلاة عليها ولا يمنع عدم فعلها أصلاً
من مشروعيّتها لصدق ما تثبت به الشرعية عليها وهو صدق اسم الصلاة. ويجاب بأنّا لا
نسلّم الصدق ولا نعلم تعريفاً من الشارع للصلاة الصحيحة ،
__________________
ولو أطلق ففي إجزاء الواحدة إشكال أقربه ذلك.
______________________________________________________
وإنّما نأخذه من فعله لها وأمره بإفرادها ، وهذه لم يفعلها الشارع ولا أمر
ولا ندب إلى مثلها ، فمن أين يعرف صدق تعريف الصلاة الصحيحة والاسم المقصود للشارع
عليها. نعم لو نذر الخمس وشبهه وأطلق نزّل على المشروع فيصلّي ثلاثاً واثنتين
بتسليمتين كما صرّح به في «البيان وكفاية الطالبين والجعفرية وشرحيها وتعليق الإرشاد والمقاصد العلية ».
وفي «الإرشاد»
لو قيّد العدد بأقلّ من خمس انعقد وإن كان ركعة . وقال في «الذخيرة» : قد نقل المصنّف في النهاية
الإجماع على ذلك . وقال في «الروض» : يصحّ وإن كان الإطلاق لا يتناولها يعني الركعة. ويأتي تمام الكلام في المسألة الآتية.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو)
نذر صلاة و (أطلق ففي إجزاء) الركعة (الواحدة إشكال أقربه ذلك) أي الإجزاء كما هو خيرة «السرائر » في موضعين منها و «نهاية الإحكام » ونذر «الإرشاد » وقوّاه في «الإيضاح »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
واستحسنه في «الشرائع » واستوجهه في «الروض » واستظهره في «مجمع البرهان» في آخر كلامه في شرح قوله «ولو
قيّد العدد» ، وإن كان في المقام لم يظهر منه ترجيح إلّا بعد
التأمّل.
واختير في «الخلاف
والمبسوط والشرائع والبيان والدروس وجامع المقاصد وتعليق الإرشاد والجعفرية وإرشادها والغرية والمفاتيح والشافية» وجوب الركعتين. وهو ظاهر «الإرشاد » في المقام أو صريحه وظاهر نذر «النهاية والنافع ». وفي أكثرها التصريح أيضاً بعدم إجزاء الركعة الواحدة. وفي «غاية
المراد» لعلّه أقرب . وقد عرفت أنّه في «الشرائع» استحسن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
إجزاء الواحدة. ولم يرجّح شيء في «التذكرة وكنز الفوائد والذكرى والمسالك والجواهر المضيئة».
احتجّ الأوّلون
بالأصل والتعبّد بمثلها وإطلاق الصلاة على الأعداد المخصوصة بطريق التواطؤ أو
التشكيك ، واللفظ إذا كان متواطئاً أو مشكّكاً بين القليل والكثير يحمل على الأقلّ
، لأصل براءة الذمّة من الزائد ، وتبادر الزائد لا يوجب الحمل عليه مع أصل البراءة
، كما هو الشأن في الإقرارات والوصايا ، فإنّه يسمع في الأوّل في الأقلّ ويحمل في
الثاني عليه.
وقال الشيخ في «الخلاف»
: الركعة الواحدة ليست صلاة صحيحة لفقد دليله وروى ابن مسعود أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن البتيراء . يعني الركعة الواحدة ، وهذا عامّ في النافلة والمنذورة. واحتجّ لهم بأنّه لم يتعبّد بمثلها إلّا تبعاً لغيرها أو في
جملة غيرها ، واللفظ ينصرف إلى أقلّ واجب بانفراده. وأيّده في «المسالك وكشف اللثام » بخبر مسمع عن الصادق عليهالسلام : «أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام سئل عن رجل نذر ولم يسمّ شيئاً؟ قال : إن شاء صلّى
ركعتين وإن شاء صام يوماً وإن شاء تصدّق برغيف» . وفي «مجمع البرهان» إذا صلّاها في زمن الوتر فلا ينبغي
النزاع . وفيه : أنّه إنّما يتمّ إن لم ينصرف إلى أقلّ واجب أو
أقلّ نفل منفرد أو غير راتب.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «التذكرة ونهاية الإحكام » الإجماع على إجزاء ركعتين وجواز ثلاث وأربع. وفي «كشف
اللثام» لا خلاف في ذلك . وبجواز الثلاث والأربع صرّح الشهيدان وغيرهما . وهو المستفاد من عبارة «الشرائع» حيث قال : أقلّ ما
يجزيه ركعتان . وقد يقال : إنّه مستفاد من عبارة «السرائر» حيث قال : أقلّ ما
يجزيه (يلزمه خ ل) ركعة ، وقال قوم : أقلّ ما يلزمه ركعتان . وفي «غاية المراد» لا شكّ عند كثير في إجزاء الثلاث
والأربع . واحتمل فيه وفي «الدروس والروض » عدم إجزاء الثلاث والأربع. وقد سمعت عبارة «الذكرى » وأوجب فيها و «الجعفرية وشرحيها والروض والمسالك » التشهّدان في هذه الثلاث والأربع. وفي «الذخيرة» لعلّ
الوجوب أوجه . وفي «التذكرة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ونهاية الإحكام » في وجوبهما إشكال. وقال في «الذكرى» لو قيّد الأربع
والثلاث بتشهّد واحد وتسليم آخرها فالأقرب بطلان الصلاة من رأس إلى أن قال : ويلوح
من كلام الفاضل انعقاد هذا النذر. واستند في ذلك إلى استشكاله في التذكرة في وجوب
التشهّدين .
وهل يجزي عند
الإطلاق الخمس؟ صرّح الشهيدان وغيرهما بعدم الإجزاء. وفي «التذكرة» ولو صلّوها خمساً فإشكال .
وفي «البيان»
لا تدخل الجنازة في إطلاق نذر الصلاة ولا تجزي الواجبة بالأصالة ولو قلنا بتداخل
الحجّ المنذور والواجب بالأصاله .
هذا وفي «الدروس
والذكرى وتعليق الإرشاد » وغيرها لو قيّده بواحدة فالأقرب الانعقاد. وقد سمعت ما في «الإرشاد وشرحيه» وما في «نهاية
__________________
ولو قيّده بقراءة سورة معيّنة أو آيات مخصوصة
______________________________________________________
الإحكام». وقال في «الدروس» : وقد يلزم منه إجزاء الواحدة عند الإطلاق وقد سمعت عبارة «الذكرى» فيما مضى.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
قيّده بقراءة سورةٍ معيّنة)
أي تعيّنت (تعيّن
خ ل) كما في «المهذّب والتذكرة والذكرى والبيان » وغيرها وقضية إطلاقهم دخول سور العزائم لجوازها في النافلة.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
آياتٍ مخصوصة) من سورة واحدة أي تعيّنت (تعيّن خ ل) قال في «الذكرى» :
وليس له العدول وإن كان المعدول إليه أكثر حروفاً أو منصوصاً على فضيلته . وقال في «جامع المقاصد» : إن كان تقييده ذلك على أن لا
يجب معه سورة فالظاهر عدم الانعقاد ، لوجوب اعتبار ما يعتبر في الواجب في منذور
الصلاة .
وقال في «نهاية
الإحكام» : وهل يسقط وجوب السورة الكاملة لو قيّد النذر بآيات معيّنة؟ الوجه ذلك.
ويحتمل وجوب السورة ، فلو نذر آيات من سورة معيّنة وقلنا بوجوب السورة وجب هنا عين
تلك السورة ، ولو كانت الآيات من سوَر متعدّدة وجب قراءة سورة اشتملت على بعض تلك
الآيات وقراءة باقي الآيات من غير سورة ، ويحتمل إجزاء غيرها من السوَر ، فيجب
قراءة الآيات الّتي
__________________
أو تسبيح معلوم تعيّن.
______________________________________________________
نذرها ، يعني معها.
وقال في «التذكرة»
: لو نذر أن يقرأ آيات معيّنة عوض السورة ففي الإجزاء نظر ينشأ من أنّها واجبة
فتجب السورة مع الحمد كغيرها من الفرائض ، ومن أنّ وجوبها على هذا الحدّ فلا يجب
غيره . قال في «كشف اللثام» : هذا هو الأقوى . وقال في «التذكرة» : فعلى الأوّل يحتمل عدم انعقاد
النذر مطلقاً كما لو نذر صلاة بغير طهارة وانعقاده فتجب سورة كاملة . وقال في «كشف اللثام» : هذا هو الأقوى إلّا أن ينفى
الزائد في نذره . وقال في «التذكرة» : لو نذر آيات من سورة معيّنة عوض
السورة وقلنا بوجوب السورة في الأوّل وجب هنا عين تلك السورة ليدخل ما نذره ضمناً
ويحتمل إجزاء غيرها لعدم انعقاد النذر في التبعيض . قال في «كشف اللثام» : نعم إن نفى الزائد في النذر .
وقال في «الذكرى»
: وهل يجب مع نذر بعض سورة سورة كاملة؟ يحتمل ذلك بناءً على وجوب السورة الكاملة
في الفرائض ، ويحتمل العدم لأنّ أصل الصلاة نافلة فتجب بحسب ما نذره ، فعلى الأوّل
لو نذره بالاقتصار على بعض السورة مع الحمد احتمل البطلان من رأس لمنافاته الصلاة
المشروعة ، فهو كنذرها محدثاً والصحّة وإلغاء القيد . وقضية إطلاقهم دخول آيات السجدة.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
تسبيحٍ معلوم تعيّن) كما في
__________________
فيعيد مع المخالفة.
______________________________________________________
«المهذّب والتذكرة والبيان ». وفي «كشف اللثام» لا فرق في التسبيح بين أن يكون في
القيام أو الركوع أو غيرهما . وقال في «نهاية الإحكام» : ولو نذر في الركوع والسجود
تسبيحاً مخالفاً للواجب فيهما على المشهور أتى به خاصّة أو بهما إلّا أن ينفيه
فيحتمل بطلان النذر وإلغاء النفي .
وقال في «الذكرى»
: لو نذر تكرار الذكر في الركوع انعقد ، ولو خرج عن اسم الصلاة ففيه الوجهان ،
أعني انعقاد المطلق أو البطلان ، وربما احتمل الصحّة بناءً على منع تصوّر الخروج
عن الصلاة بمثل هذا التطويل . وقال في «كشف اللثام» : هذا الاحتمال هو الوجه عندي .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (فيعيد
مع المخالفة) أي أداءً أو قضاءً ، ويكفر على الثاني إن تعمّد. وقد
تقدّم الكلام في نحوه في الناسي والمعذور.
__________________
ولو نذر صلاة العيد أو الاستسقاء في وقتهما لزم ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
نذر صلاة العيد أو الاستسقاء في وقتهما لزم)
كما في «التذكرة
والإرشاد ونهاية الإحكام والذكرى والدروس والبيان وغاية المرام والجعفرية وشرحيها والروض والروضة والدرّة السنية ومجمع البرهان والكفاية » وغيرها . وفي جملة منها : وإن وجبت صلاة العيد. قلت : فيجري ذلك في نذر
صلاة الكسوف في وقتها كما صرّح به في «الإرشاد »
__________________
وإلّا فلا.
______________________________________________________
وغيره .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وإلّا
فلا) كما في الكتب المتقدّمة وأكثر نسخ «الإرشاد » وهو المشهور كما في «المقاصد العلية ». وفي بعض نسخ «الإرشاد» الوجه الانعقاد . لكن قال في «البيان والدروس » : فيه وجهان. ونحوهما «غاية المراد ». وفي جملة منها التعبير بالأقرب المؤذن باحتمال الانعقاد كما احتمله في
«التذكرة وغاية المراد والجعفرية وإرشادها والروض » وغيرها ، قالوا : لأنّها صلاة وذكر فتدخل تحت قوله تعالى :
«وَأَقِيمُوا»
«و (اذْكُرُوا*) ». وفي «كشف اللثام» بعد نقله عن نهاية الإحكام
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قوله : إنّ
الأقرب عدم الانعقاد وإن لم يرد صلاة مثلها قال : كأنّه لاحتمال الحمل على مثلها . قلت : يأتي الكلام فيما إذا أراد صلاة مثلها. وفي «مجمع
البرهان» الأحوط لزوم صلاة العيد ، ولعلّ هيئة الكسوف أبعد من الانعقاد لثبوت
بطلان الصلاة بتكرّر ركوع الصلاة . واحتمل في «المقاصد العلية » احتمال صحّة ذلك من عبارة الألفية.
ووجه عدم
الانعقاد أصل البراءة وعدم العلم بصدق اسم الصلاة لعدم العلم بالمشروعية إلّا في
وقتها ، مع لزوم (اشتراط خ ل) اعتقاد مشروعية المنذور في انعقاد نذره ، والهيئة
إذا لم تكن مشروعة أصلاً لم ينعقد نذرها ، وكون الهيئة مشروعة في وقت لا يستلزم المشروعية
مطلقاً ، فهي بالنسبة إلى الوقت المنذور فيه بمنزلة عدم ورود الشرع بها أصلاً. ولك
أن تقول : لم يظهر لنا دليل على اشتراط المنذور بجميع أجزائه وشرائطه وهيئاته
بمعنى وقوعها وورودها في الشرع بخصوصها في النذر ، مضافاً إلى المشروعية في الجملة
وصدق المنذور مثل الصلاة شرعاً عليه وكذا النذر ، فتأمّل.
وفي «التحرير ونهاية الإحكام » إذا أراد صلاة مثلها ففي الجواز إشكال. ولعلّه من
التعبّد بمثلها في وقتها ، ومن أنّ التعبّد بمثلها إنّما هو في وقتها. قال في «كشف
اللثام» : والأوّل أقوى . وأورد في «جامع المقاصد» على عبارة الكتاب ما إذا أطلق
النذر ، قال : فإنّه ينزّل على زمان شرعيّتها ، انتهى فتأمّل ، وقد يتوهّم من
__________________
ولو نذر إحدى المرغّبات وجب.
ولو نذر
الفريضة اليومية فالوجه الانعقاد.
______________________________________________________
آخر عبارة «غاية المراد » أنّه اختار فيه في المسألة وليس كذلك قطعاً.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
نذر إحدى المرغّبات وجب) فيراعي عددها ومشخّصاتها لا ما فيها من الدعوات كما في «الذكرى
والبيان » فإن اختصّت بوقت ونذرها في غيره فكنذر العيد والاستسقاء
وإن أطلقها انصرفت إلى وقتها كما في «كشف اللثام ».
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
نذر الفريضة اليومية فالوجه الانعقاد)
هذا مذهب
الأكثر كما في «المفاتيح » وهو خيرة الكتاب فيما سيأتي إن شاء الله تعالى و «المختلف
والتذكرة والإيضاح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والدروس والبيان وجامع المقاصد والروضة والجواهر المضيئة» وظاهر «كنز الفوائد » قالوا : وتظهر الفائدة في الكفّارة. وفي «الذكرى» فيه
وجهان . وفي «الشافية» الأقرب عدم الانعقاد.
وفي «المبسوط والسرائر » لو نذر أوّل رمضان لم ينعقد.
هذا إذا نذر
مجرّد فعل الفريضة ، وأمّا إذا نذرها على صفة كمال انعقد قطعاً ، ولو نذرها على
وجه مرجوح باعتبار المكان والزمان فقد تقدّم الكلام فيه.
ولو نذر فرض
الكفاية كصلاة الجنازة وجبت عليه عيناً ، فلو سبقه سابق بطل النذر إن قصد أداء فرض
الكفاية ، وإن أطلق نذر صلاة الجنازة لم تسقط ما دامت الصلاة مشروعة كما في «البيان
».
ولو نذر الوضوء
أو الغُسل المندوب أو التيمّم انعقد لكن يراعي في التيمّم الشرعية الغالبة ، ولو
عيّن وقتاً فاتّفق كونه متطهّراً لم يجب الحدث. وقد تقدّم في بحث الوضوء في مسألة نذر المتابعة فيه ما له نفع تامّ في المقام ،
ولو نذر الطهارة حمل على الحقيقة وهي المائية ، وفي وجوب التيمّم عند تعذّرها نظر
أقربه الوجوب. ولو جعلنا الطهارة مقولة بالتواطؤ تخيّر في الثلاثة وإن كانت
بالتشكيك
__________________
ولو نذر صلاة الليل وجبت الثمان ، ولا يجب الدعاء.
______________________________________________________
احتمل حملها على الأقلّ ، ذكر ذلك في «الدروس »
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
نذر صلاة الليل وجبت الثمان)
كما في «التذكرة
والإرشاد والبيان والروض ومجمع البرهان والذخيرة » لأنّها المعروفة بهذا الاسم. وفي «الشافية» الأقرب أنّها
الإحدى عشرة ، لأنّها الأشيع في العرف.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولا
يجب الدعاء) كما في «التذكرة والبيان وروض الجنان والذخيرة ومجمع البرهان » ولا تجب الوتر كما فيما عدا الأوّل ولا الشفع ولا السورة كما في
__________________
ولو نذر النافلة على الراحلة انعقد المطلق لا القيد ، ولو فعله معه صحّ ،
______________________________________________________
الأخيرين . وفي «الروض» الأصحّ وجوب السورة إلّا أن يقيّدها بعدمها
فتجب على حسب ما نذره قلت : يأتي ما يظهر منه الحال هنا وأمّا السوَر المنصوصة
فيها فلا تجب مع الإطلاق لأنّها من مكمّلاتها .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
نذر النافلة على الراحلة انعقد المطلق لا القيد)
كما في «التذكرة
والبيان » لأولويّة خلافه ، سواء كانت النافلة نافلة معيّنة
كراتبة الظهر مثلاً أو صلاة مطلقة كما في «كشف اللثام ». وفي «الذكرى والشافية» الأقرب الانعقاد. ووجه البطلان النظر إلى ما
صارت إليه من الوجوب. وفي «جامع المقاصد» يشكل الانعقاد بل ينبغي البطلان . قلت : على القول بالانعقاد لو صلّاها على الأرض فوجهان
، وكذا الحال فيما إذا نذرها بدون سورة أو في أحد الأماكن المكروهة.
وعلى القول
بانعقاد المطلق لو فعله مع القيد صحّ كما صرّح به المصنّف هنا وفي «التذكرة ». وبنى الخلاف في المسألة في المسالك على أنّ المعتبر
أقلّ واجب أو أقلّ صحيح ، فعلى الأوّل لا بدّ من الصلاة على الأرض ولا بدّ من
الصلاة قائماً مستقبلاً مع السورة فيما إذا نذرها على خلاف ذلك ، وعلى الثاني تجوز
__________________
وكذا لو نذرها جالساً أو مستدبراً إن لم نوجب الضدّ.
______________________________________________________
كما نذر . وقال في «مجمع البرهان» الظاهر أنّه ينبغي البراءة بما
تصدق عليه قبل النذر فتبرأ الذمّة في نذر صلاة الركعتين بصلاتهما من دون سورة
وقيام وقبلة وعلى الدابّة خصوصاً في حالة السفر والمشي ، فلو قيّد النذر بذلك
فكذلك ، لأنّ المناط هو الصدق .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وكذا
لو نذرها جالساً أو مستدبراً إن لم نوجب الضدّ) قال في «التذكرة» : لو نذر التنفّل جالساً أو مستدبراً
فإن أوجبنا القيام أو الاستقبال احتمل بطلان النذر والانعقاد للمطلق فيجب الضدّ ،
وإن جوّزنا إيقاعها جالساً أو مستدبراً أجزأ لو فعلها عليهما أو قائماً أو مستقبلا
.
وقال في «الذكرى»
: لو نذرها جالساً فالأقرب الانعقاد عملاً بما كانت عليه . وقال في «البيان» ينعقد المطلق . وفيه و «الإيضاح والشافية» لو نذرها مستدبر القبلة بطل من أصله. وفي «الذكرى»
لو نذرها مستدبراً مسافراً أو على الراحلة فكنذر الجلوس ، وقد علمت مختاره فيه.
قال : ولو نذرها مستدبراً حضرا على غير الراحلة ، فمن جوّز النافلة إلى غير القبلة
هنا فحكمها عنده حكم نذرها جالساً ، ومَن منع من فعلها إلى غير القبلة يبطل القيد
، وفي بطلان أصل النذر وجهان ، من إجرائه مجرى نذر الصلاة محدثاً أو مكشوف العورة
، ومن أنّ القيد لغو فلا عبرة به ، ويلزم من القول بهذا إلغاء قيد الصلاة محدثاً
وانعقادها متطهّراً .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال في «جامع
المقاصد» : ظاهر عبارة الكتاب أنّا إن أوجبنا الضدّ لا ينعقد أصلاً ويلزمه انعقاد
المطلق دون القيد . وقال في «كشف اللثام» في شرح العبارة : إن لم نوجب
الضدّ أي الاستقبال وإلّا لم يصحّ مع الاستدبار. ويبطل النذر إن تعلّق بالقيد كأن
يقول : لله عليَّ أن أكون على الراحلة أو جالساً أو مستدبراً عند راتبة الظهر
اليوم ، وينعقد القيد إن قال : لله عليَّ إن استويت على الراحلة أن أكون عليها
مصلّياً يعتبر حينئذٍ رجحان الصلاة على تركها ، انتهى.
هذا وفي «البيان»
لو نذر ركوعاً أو سجوداً فرابع الأوجه انعقاد السجود ولا تجب ركعة تامّة . وهو خيرة «الدروس ». واحتمل المصنّف فيما يأتي إن شاء الله تعالى وجوب
ركعة تامّة.
هذا وقال في «الإرشاد»
: يشترط في صحّة نذر الصلاة أن لا يكون عليه صلاة واجبة . قال في «غاية المراد» : هذا الفرع من خصوصيّات المصنّف
رحمهالله واستخراجه حسن والحكم عليه مشكل ، وسمعت من شيخنا
الإمام فخر الدين ولد المصنّف أنّه رجع عن هذه المسألة ، قال الشهيد : وتوجيه ما
ذكره أنّ متعلّق النذر هو الصلاة المندوبة إذ هو الفرض وهي ممّا يمتنع فعلها لهذا
الناذر شرعاً لقوله عليهالسلام «لا صلاة لمن عليه صلاة » فيكون حراماً ، ونذر الحرام لا ينعقد ، ويشكل
بالمناقشة
__________________
واليمين والعهد كالنذر في ذلك كلّه.
______________________________________________________
في النهي عن مطلق النافلة لمن عليه فريضة ، فإنّ النوافل اليومية يجوز
أداؤها في أوقات الفرائض غالباً ونافلة الإحرام كذلك ، وإذا جاز استثناء البعض
لدليل فلِمَ لا يجوز مثله هنا؟ ولأنّ الصلاة بعد انعقادها تصير واجبة فلا يكون
إيقاعها إيقاعاً لنفل بل لفرض ولعلّه الأصحّ ، انتهى. واعتمد في «الروض» في مناقشة المصنّف على ما
ذكره الشهيد أخيراً ثمّ قال : فإن قيل : الكلام إنّما هو في صحّة النذر وعدمها لا
في المنع بعد انعقاده ولا شكّ أنّ متعلقه النافلة ، فإذا أدّى انعقاده إلى
مزاحمتها الفريضة لم يقع ، قلنا : النصّ الّذي اقتضى المنع إنّما دلّ مع تسليمه
على منع إيقاع الصلاة لمن عليه صلاة لا على إيقاع النذر ، فلا يكون النذر ممنوعاً
منه وإن كان متعلّقه النافلة وبعد انعقاده يصير فريضة فلا يمتنع فعلها ممّن عليه
صلاة ، انتهى.
قلت : في كلام
الشهيدين نظر ، أمّا ما استند إليه الأوّل أوّلاً فالنظر ظاهر ، وأمّا ما استندا
إليه ثانياً ففيه أنّ الأدلّة الّتي استند إليها المشهور إنمّا دلّت على عدم صحّة
المندوبة ممّن عليه الواجب وذلك يمنع من الانعقاد فكيف يقال : إنّ الممنوع هو
المندوبة وهذه واجبة لأنّا نقول : هذه ليست بواجبة ، وقد تقدّم أنّ الحرام قبل
النذر لا ينعقد ولا ينقلب ، وإنّما خرج عنه بالنصّ نذر الإحرام قبل الميقات.
[صلاة اليمين والعهد]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (واليمين
والعهد كالنذر في ذلك كلّه) كما صرّح بذلك جماعة . وفي «مجمع البرهان» الظاهر أنّه لا نزاع فيه.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وسبب الاشتراك اشتراك الأدلّة وإطلاق البعض على الآخر في الأخبار . وقال في «كشف اللثام» إلّا في اشتراط المزيّة في
المكان فيكفي فيها التساوي كأن يقول : والله لُاصلّين ركعتين ولُاصلّينهما في هذه
الزاوية من البيت ، انتهى. قلت : قد اختلفوا في انعقاد المنذور المتساوي
الطرفين والراجح المشهور كما في «المفاتيح » عدم الانعقاد. وفي «الروضة » أنّه لا خلاف في تعلّق اليمين في المباح ومراعاة
الأولى فيها وترجيح مقتضى اليمين عند التساوي ، وحكى فيها عن الدروس نفي الخلاف عن
انعقاد المتساوي في اليمين ، والموجود في «الدروس » متعلّق اليمين كمتعلّق النذر ، ولا إشكال هنا في
تعلّقها بالمباح ومراعاة الأولى في الدين أو الدنيا وترجيح مقتضى اليمين مع
التساوي. وتمام الكلام يأتي في محلّه بفضل الله عزوجل ورحمته وإحسانه ولطفه وبركة خير خلقه محمّد وآله صلىاللهعليهوآله.
__________________
الفصل الخامس : في النوافل
أمّا اليومية فقد سلفت ، وغيرها أقسام:
(الأوّل) صلاة الاستسقاء :
وكيفيّتها
كالعيد
______________________________________________________
(الفصل الخامس في
النوافل)
(أمّا اليومية فقد سلفت وغيرها أقسام)
تكاد لا تحصر
الموسومات منها ، وأمّا غير الموسومة فلا تحصر فإنّ الصلاة خير موضوع ، كذا قال في
«كشف اللثام ». وقال في «البيان » : النوافل إمّا مختصّة بوقت أو لا ، وكلاهما لا ينحصر.
[صلاة الاستسقاء]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (الأوّل
: صلاة الاستسقاء ، وكيفيّتها كالعيد)
أمّا استحبابها
مع الجدب فهو قول كلّ مَن يحفظ عنه العلم إلّا أبا حنيفة كما في «المعتبر والمنتهى ». وفي «الذكرى
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وإرشاد الجعفرية » نفي الخلاف عنه. وفي «التذكرة والبيان والغرية والمفاتيح » الإجماع عليه. وفي «كشف الحقّ » أنّه مذهب الإماميّة ، والمشهور عن أبي حنيفة أنّه لا
صلاة للاستسقاء ولكنّ السنّة الدعاء ، كذا قال في «الخلاف »
وأمّا أنّها
كالعيد ففي «الخلاف والمنتهى والتذكرة » الإجماع عليه. والظاهر أنّ مرادهم أنّها مثلها في
القراءة والتكبيرات والقنوتات ، وقد ادّعى على ذلك الإجماع في «الذخيرة والحدائق » وهل يدخل الوقت في إطلاق المماثلة أو يخصّ بمجرّد
الكيفيّة دون الامور الخارجة؟ قال بالأوّل القديمان والحلبي فيما نقل عنهم ، قال الكاتب : بعد صلاة الفجر ، والحلبي : إذا انبسطت الشمس ، والحسن : في صدر النهار. وهو خيرة «المختلف والبيان
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والغرية والروض والروضة والمسالك ». وفي «الذكرى والغرية» نسبته إلى ظاهر كلام الأصحاب. وفي «الرياض » أنّه أحوط. وفي «المدارك » أنّه مستفاد من حسنة هشام . وفي «الوسيلة » كصلاة العيد صفةً وهيئةً وترتيباً وفي الخروج إلى
المصلّى.
وفي «المعتبر والتذكرة ونهاية الإحكام والموجز الحاوي وكشف الالتباس وكشف اللثام والذخيرة والحدائق والتحرير » عدم التوقيت وأنّه يخرج إليها في كلّ وقت ، بل في جملة
منها أنّها تصلّى في الأوقات المكروهة ، بل في «نهاية الإحكام » الإجماع على عدم التوقيت. وفي «التذكرة» نفي
__________________
إلّا القنوت فإنّه هنا باستعطاف الله تعالى وسؤاله الماء ، ويستحبّ الدعاء
بالمنقول ، في ذلك
______________________________________________________
الخلاف عنه. وفيها أيضا أنّ الأقرب عندي إيقاعها بعد الزوال لأنّ ما بعد
العصر أشرف . وفي «البيان» ربما قيل بعد الزوال وهو مشهور بين
العامّة . وفي «الذكرى » نقله ابن البراء عن جماعة العلماء. والصدوق والشيخان
والعجلي وأبو الحسن الحلبي لم يعيّنوا لها وقتاً بل حكم الشيخان بمساواتها للعيد.
وفي «الرياض » أنّ عدم التعيين هو الأوفق بالإطلاقات.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (إلّا)
في (القنوت فإنّه هنا
باستعطاف الله تعالى وسؤاله الماء)
صرّح بذلك
جمهور الأصحاب .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ويستحبّ
الدعاء بالمنقول في ذلك) فانّهم صلّى الله عليهم أعرف بما يناجى به الربّ كما في «المعتبر
والمنتهى ». وفي «كشف اللثام» يستحبّ الدعاء بالمنقول في ذلك في
القنوت وبعد
__________________
والصوم ثلاثة أيّام متواليات آخرها الجمعة أو الاثنين ،
______________________________________________________
الصلاة وإن لم ينقل إلّا بعدها . وظاهر عبارة «الشرائع» يقتضي ترجيح ما تيسّر على
المنقول حيث قال : ويتخيّر من الأدعية ما تيسّر له وإلّا فليقل ما نقل في أخبار
أهل البيت عليهمالسلام . واعتذر له في «الميسية والمسالك » بأنّ هذا التركيب من باب صناعة القلب وأنّ النكتة فيه
جواز الدعاء بما تيسّر وإن أمكن المنصوص ، واحتمل أن يكون فعل الشرط المحذوف
يتخيّر لا يتيسّر والمعنى وإلّا يرد التخيير بل يرد الأفضل فليقل ما نقل في
أخبارهم عليهمالسلام.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والصوم
ثلاثة أيّام متواليات آخرها الجمعة)
وقد اقتصر عليه
الحلبي فيما نقل عنه ، ونقله جماعة عن المفيد. وفي «الشافية» أنّه أجود.
والمشهور بين
المتأخّرين ما ذكره المصنّف من التخيير بينه وبين الاثنين كما في «الحدائق » وهو خيرة «المعتبر والنافع والمنتهى والإرشاد واللمعة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وكشف الالتباس والغرية والروض والروضة والكفاية » وظاهر «التنقيح » بل قد يظهر من «التذكرة » الإجماع على التخيير.
واقتصر في «الفقيه
والمقنع والنهاية والمبسوط والمهذّب والوسيلة والسرائر والمختلف والموجز الحاوي والجعفرية والمفاتيح » على الاثنين ، وهو
__________________
والخروج إلى الصحراء
______________________________________________________
المنقول عن الكندري. وفي «الرياض » نسبته إلى الأكثر. وفي «مجمع البرهان » لا يبعد أولويته. وفي «الشرائع والتحرير والدروس والبيان » إن لم يتيسّر الاثنين فالجمعة ، ونحو ذلك ما في «المسالك
». ولم يعيّن القديمان والديلمي يوماً. ونقل عدم التعيين في «الذكرى والبيان » عن المفيد.
ولا ريب في
جواز الخروج في سائر الأيّام كما في «الذكرى والمدارك ».
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والخروج
إلى الصحراء) قد نقل الاتفاق على ذلك في «المعتبر والتذكرة والذكرى والغرية وإرشاد الجعفرية ». وفي «المنتهى» إلّا أهل مكّة فإنّهم يستسقون في
المسجد الحرام
__________________
في أحدهما حفاة بسكينةٍ ووقار ، وإخراج الشيوخ والأطفال والعجائز ،
______________________________________________________
إجماعاً منّا وأكثر أهل العلم . وحكى في «الذكرى» عن الحسن والمفيد وجماعة عدم استثناء
المسجد الحرام . قلت : من الجماعة سلّار . وقال الكاتب أبو علي : الاستسقاء لا يكون إلّا بحيث يصلّى صلاة العيدين في
الصحارى وغيرها. وقد قال في العيدين : يجوز إيقاعهما في مسجد مكّة والمدينة. وقد
نسب بعضهم إلى ظاهره هنا إلحاق مسجده صلىاللهعليهوآلهوسلم بمسجد مكّة. ولم يستحبّ أبو حنيفة الإصحار بها.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (في
أحدهما) أي يستحبّ الخروج في أحدهما ثالث أيّام الصيام. وفي «التذكرة
» نسبة ذلك إلى علمائنا. ونقل في «الخلاف » الخلاف عن الشافعي حيث قال : رابع أيّام الصيام.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (حافياً
بسكينة ووقار) ذكر ذلك الأصحاب كما في «الحدائق ».
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وإخراج
الشيوخ والأطفال والعجائز)
كما هو المشهور
كما في «الذخيرة والكفاية » وقد ذكر ذلك
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
السيّد والشيخ والطوسي في «الوسيلة » وابنا سعيد والشهيدان وأبو العباس والصيمري وغيرهم . ونقل ذلك عن الكندري وأنّه زاد البله. وفي «السرائر » ويخرجوا معهم من النساء العجائز والأطفال ولم يذكر
الشيوخ وقد نستفاد من كلامه. ولم يذكر الكركي وتلميذه العجائز. وفي «الذكرى والمدارك والذخيرة » أبناء الثمانين أحرى لما في الخبر من «أنّ الرجل إذا بلغ الثمانين
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
غُفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر». وزيد البهائم في «الوسيلة ونهاية الإحكام والمنتهى والتذكرة والذكرى والموجز الحاوي وكشف الالتباس والروض والروضة والمفاتيح » ونقل ذلك عن «الاقتصاد».
وصرّح جماعة
بمنع حضور أهل الذمّة وسائر الكفّار ، ذكر ذلك في «السرائر والمعتبر والمنتهى والتذكرة ونهاية الإحكام والتحرير ». وكرهه في «المبسوط والوسيلة والمهذّب » والكتاب فيما يأتي. وفي «السرائر والتذكرة ونهاية الإحكام » أيضاً يمنع من الحضور معهم أهل الذمّة وجميع
__________________
والتفريق بين الأطفال وامّهاتهم ،
______________________________________________________
الكفّار والمتظاهرين بالفسوق والمنكر والخداعة من أهل الإسلام. وفي «المنتهى»
بعد أن نقل حديث استسقاء فرعون قال : فعلى هذه الرواية لو خرجوا جاز أن لا يمنعوا ،
لأنّهم يطلبون أرزاقهم من الله تعالى وقد ضمنها لهم في الدنيا فلا يمنعون من طلبها
فلا يبعد إجابتهم. وقول من قال : إنّهم ربما ظنّوا أنّ ما حصل من السقيا بدعائهم
ضعيف ، لأنّه لا يبعد أن يتفق نزول الغيث يوم خروجهم بانفرادهم فيكون أعظم لفتنتهم
.
قلت : وممّا
يشير إلى جواز خروج المنافقين خروجهم مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخروج المخالفين مع الرضا عليهالسلام.
وفي «المبسوط والتذكرة والمنتهى والبيان والذكرى والموجز الحاوي وكشف الالتباس » لا يخرج الشوابّ من النساء.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والتفريق
بين الأطفال وامّهاتهم) قال في «المعتبر » : قاله بعض الأصحاب. وفي «الكفاية » أنّه المشهور. وقد
__________________
وتحويل الرداء للإمام بعدها ،
______________________________________________________
ذكر ذلك في «الشرائع والنافع والإرشاد والتذكرة والتحرير والذكرى والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس والروض » وغيرها . وفي «الميسية» ينبغي مع ذلك مراعاة حفظ الأطفال الواجب
فيدفع كلّ طفل إلى غير أُمّه ، انتهى. وفي «كشف اللثام» قد فعل هذا التفريق قوم
يونس بأمر عالمهم فكشف عنهم العذاب .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وتحويل
الرداء للإمام بعدها) كما في «المقنعة والجُمل والعقود والإشارة والسرائر والشرائع والنافع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمعتبر والتحرير والمنتهى والدروس والنفلية ومجمع البرهان والفوائد الملية والجعفرية » وجملة ممّا تأخّر . وفي «الرياض » أنّه مذهب الأكثر. قال في «المعتبر» : قال علماؤنا :
يستحبّ تحويل الرداء يقلّب ما على يمينه على مياسره وما على مياسره إلى ميامنه ولا
يسنّ لغيره إلى أن قال : وقال أحمد باستحبابه للجميع . وفي «مجمع البرهان» أنّ ظاهر المنتهى عدم الخلاف في
ذلك عندنا حيث خصّه به وقال : لا يستحبّ لغيره ، ونسب الخلاف إلى بعض العامّة . وفي «المبسوط والخلاف وفوائد الشرائع وتعليق النافع وجامع المقاصد والروض والروضة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والميسية والمسالك » وظاهر «التذكرة والإرشاد والكفاية ». استحبابه للإمام والمأموم. وقوّاه في «الذكرى » وقرّبه في «البيان » وكأنّه مال إليه في «الدروس ».
وقال في «التذكرة»
: يستحبّ للإمام والمأموم بعد الفراغ من الخطبة تحويل الرداء ، قاله الشيخ في
المبسوط. وفي الخلاف : يستحبّ للإمام خاصّة ، وبالأوّل قال الشافعي وأكثر أهل
العلم للأمر بالامتثال والتأسّي والمشاركة في المعنى إلى آخر ما ذكره في «التذكرة » وقد نسب إلى الخلاف خلاف ما في المبسوط ، وكذا غيره . والموجود في «الخلاف» خلاف ذلك ، وكأنّهم لم يلحظوا
آخر كلامه ، قال : تحويل الرداء يستحبّ للإمام سواء كان مقوّراً أو مربعاً. وبه قال مالك إلى أن قال : ويفعل مثل ذلك
المأموم ، وقال محمّد : يفعله وحده دون المأموم. وقال أبو حنيفة : لا أعرف تحويل
الرداء ، دليلنا إجماع الفرقة .
وقد فسّره
الأصحاب كالصدوق وغيره بأنّه جعل ما على اليمين على اليسار وعكسه. وفي «التذكرة»
الإجماع على هذه الصفة ، سواء كان مربّعاً أو مقوّراً .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال الشهيدان والكركي : لا يشترط جعل الظاهر باطناً وبالعكس ، والأعلى أسفل
وبالعكس وإن كان جائزاً. وقال في «الروضة» بعد أن فسّره بما عرفت : لو جعل مع ذلك
أعلاه أسفله وظاهره باطنه كان حسناً .
وفيه : أنّه لا
يمكن الجمع بين الأوضاع الثلاثة ويمكن الجمع بين اثنين منها ، فتأمّل. وليعلم أنّ
جعل يمين الرداء يساره لا يتصوّر إلّا بجعل أعلاه أسفله أو ظاهره باطنه ، فإن أراد
بالتحويل أحدهما كان قوله «ولو جعل مع ذلك كان حسناً» يقع لغواً إذ لا بدّ للتحويل
من أحدهما وإن أراد جمعهما مع التحويل فغير ممكن ، إذ مع جمعهما لا يختلف اليمين.
هذا إذا جعل الرداء على المنكبين أوّلاً واكتفى به وأمّا لو ردّ ما على الأيسر على
الأيمن معه كما هو الأفضل تحقّق التحويل فيه بردّ ما على الأيمن على الأيسر من دون
حاجة إلى جعل ظاهره باطنه وأعلاه أسفله ، وبه تصحّ عبارة الروضة ، ولا يستدرك قوله
وقول الاصحاب بالعكس لأنّه بدون هذا التأويل يكون قولهم بالعكس مستدركاً.
والأكثر على
أنّ هذا التحويل مرّة واحدة ، وبه صرّح في «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام». وقال في «المختلف» : قال المفيد : يحوّل الإمام رداءه
ثلاث مرّات ، وتبعه ابن البرّاج وسلّار وباقي الأصحاب ، قالوا : يستحبّ أن يقلّب
رداءه إلى آخره . وظاهره انفراد الثلاثة المذكورين خاصّة بالثلاث. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«البيان » نسبة الثلاث إلى جماعة ولعلّهم ليسوا غير الثلاثة.
وحكى في «كشف اللثام» الثلاث أيضاً ، عن الراوندي أيضاً قال : ولا بدّ من استنادهم
إلى نصّ . قلت : سيأتي بيان الحال في ذلك.
وفي «الشرائع والتحرير والإرشاد والذكرى والبيان والغرية والميسية والروض والروضة والشافية» وغيرها أنّ هذا التحويل بعد الصلاة كما في الكتاب. وفي «الموجز
الحاوي » أنّه قبل صعود المنبر. وفي «كشف الالتباس » أنّه قبل الخطبة. وفي «المقنع والمصباح » وغيرهما أنّه بعد صعود المنبر. وفي «الرياض » نسبته إلى الأكثر. قلت : المصرّح به قليل. وفي «الفقيه
والتذكرة وإرشاد الجعفرية والميسية» أيضاً أنه بعد الخطبة. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الذكرى » لا مانع من تحويله بعد الصلاة وبعد الصعود وبعد
الخطبة. واقتصر في «المبسوط » وجملة من كتبهم على ذكر التحويل من غير تعرّض لكونه قبل الخطبة أو
بعدها أو بعد الصلاة. ولم يتعرّض لذكره بالكلّية في «النهاية».
قلت : قد
يتوهّم من الأخبار بادئ بدءٍ أنّ التحويل ثلاث مرّات بعد الفراغ من الصلاة
وبعد الصعود على المنبر وبعد الفراغ من الخطبة كما أشار إليه الشهيد . ولعلّه إلى ذلك نظر المفيد ومَن تبعه إلّا أنّه لعلّه يرجع عند التأمّل إلى أمرٍ واحد.
وتحقيق المقام
بالنسبة إلى وقت التحويل وعدده واختصاصه بالإمام وعدمه أن يقال : إنّ المستفاد من
بعض الأخبار أنّه أي التحويل بعد الفراغ من الصلاة وصعود الإمام المنبر قبل الخطبة
، وأوضحها قوله عليهالسلام في خبر مرّة : «ثمّ يصعد إلى المنبر فيقلّب رداءه ، وما في «الفقه
المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام » : «ثمّ يسلّم ويصعد المنبر ويقلّب رداه الّذي على
يمينه على يساره والّذي على يساره على يمينه مرّة واحدة». وأمّا قوله عليهالسلام في الأخبار الاخر : «فإذا سلّم الإمام قلّب
__________________
والتكبير له مستقبل القبلة مائة مرّة رافعاً صوته ، والتسبيح مائة عن يمينه
، والتهليل عن يساره مائة ، والتحميد مائة مستقبل الناس ،
______________________________________________________
ثوبه» وقوله عليهالسلام : «يصلّي ركعتين ويقلّب رداءه» فيقيّد الإطلاق فيها
بالمفصّل إلّا أن تقول : إنّ التقييد للمطلق إنّما يجب في غير أدلّة السنن كما هو
المعروف ، وأنّ ذكر القلب بعد الصلاة ينافي صعود المنبر بعد الصلاة والقلب بعد
الصعود ، لأنّ المتبادر من البَعدية البَعدية القريبة. وفيه : أنّها هنا غير
بعيدة. وأمّا بالنسبة إلى اختصاص الإمام بذلك فبناءً على حمل المطلق على المقيّد
يكون ذلك مختصّاً بالإمام وإثباته للمأموم يحتاج إلى دليل ، ومع العمل بإطلاق
الخبرين وعدم تقييدهما يلزم استحباب القلب مرّتين إحداهما بعد الصلاة إماماً كان
أو مأموماً وثانيتهما بعد صعود المنبر بالنسبة إلى الإمام.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والتكبير
له مستقبل القبلة مائة مرّة رافعاً صوته والتسبيح مائة عن يمينه والتهليل عن يساره
مائة والتحميد مائة مستقبل الناس)
أي يستحبّ
التكبير .. إلى آخره للإمام بعد تحويل الرداء. ومثل ذلك قال في «الإرشاد والروض » حيث صرّح فيهما برفع الصوت في التكبير فقط وكذا «النافع
» إلّا أنّه خالٍ عن تأخّر ذلك عن التحويل. وفي «الفقيه والمقنع والسرائر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتذكرة والتحرير والدروس والنفلية والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس والغرية وإرشاد الجعفرية والفوائد الملية والمفاتيح » ما في الكتاب مع زيادة التصريح برفع صوته في الجميع ، وقد
سها هنا قلم «كاشف اللثام » فنسب إلى الأوّلين عدم التصريح برفع الصوت في التحميد.
وفي «النهاية والمبسوط والوسيلة والمعتبر والجامع والمنتهى والمختلف والذكرى » ما في الكتاب مع التصريح برفع الصوت في الجميع ، إلّا
أنّها لم يذكر فيها أنّ ذلك متأخّر عن التحويل.
وفي «الذكرى » نسبة رفع الصوت بالتحميد إلى الأصحاب ، قال : ولم يذكر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في الخبر . وفي «المصباح والشرائع وإرشاد الجعفرية والمدارك والشافية» ما في الكتاب ، إلّا أنّها صرّح فيها برفع
الصوت بالتسبيح والتهليل أيضاً ولم يذكر فيها رفعه بالتحميد كما في الخبر. وفي «الموجز
الحاوي » ما في الكتاب إلّا أنّه لم يذكر فيه في شيء منها رفع
الصوت أصلاً لكنّه ذكر أنّهم يتابعونه. واضطرب كلام الصيمري في «كشف الالتباس » ونقل في «المختلف » عن القديمين موافقة الكتاب. وفيه أيضاً عن أبي علي
أنّه إذا كبّر رفع صوته. وفي «المقنعة والمراسم والمهذّب والغنية والكافي» على ما
نقل يكبّر مائة ثمّ يلتفت عن يمينه فيسبّح مائة ثمّ عن يساره فيحمد مائة ثمّ
يستقبل الناس فيستغفر مائة. وفي «إشارة السبق » وتوجّهه بمن خلفه إلى القبلة والتكبير بهم مائة مرّة
مواجهة يمينه والتحميد بهم مائة مرّة وكذا شماله والتسبيح مائة مرّة ومواجهتهم
والاستغفار مائة.
وقال في «المختلف»
: قال الصدوق : كقول الشيخين في التكبير والتسبيح ثمّ عكس في التهليل والتحميد قول
الشيخ . قلت : يعني جعل التحميد عن اليسار والتهليل مستقبل الناس. ونقل عنه ذلك
في «الذكرى » أيضاً. والموجود في
__________________
ومتابعتهم له في الأذكار كلّها ،
______________________________________________________
«الفقيه والمقنع» ما عرفت . ولم يتعرّض له في «الهداية». نعم ذلك موجود في «الفقه
المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام » ، لكن عبارة الكتاب لا تخلو عن غلط ، والموجود : ثمّ
يحوّل وجهه إلى القبلة فيكبّر مائة تكبيرة يرفع بها صوته ثمّ يلتفت عن يمينه
ويساره إلى الناس فيهلّل مائة رافعاً صوته. وعن «الاقتصاد » أنّ التحميد عن اليمين والتسبيح عن اليسار والتهليل
مستقبل الناس.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ومتابعتهم
له في الأذكار كلّها) كما في «المقنعة والنهاية والمبسوط وإشارة السبق والشرائع » وما تأخّر عنها إلّا «المجمع والمدارك والرياض والمفاتيح والشافية» فإنّها لم تذكر في الأخيرين ، وفي
الثلاثة الاول أنّه لا دليل عليها ، ولم تذكر أيضاً في «الفقيه والمقنع». وفي «السرائر
» ذكرها فيما عدا التحميد. وفي «كشف اللثام» نسبة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المتابعة في الأذكار كلّها إلى الأكثر. قال : وإن خلاعنها الخبر ، لأنّ ذكر
الله سبحانه مطلوب مندوب إليه ، انتهى . ويتابعونه أيضاً في رفع الصوت كما في «الوسيلة وإشارة السبق والبيان وفوائد الشرائع وتعليق النافع والغرية والروض والمسالك » وهو المنقول عن التقي والقاضي والكندري . وهو ظاهر القاضي و «جامع الشرائع والشرائع والنافع والمعتبر والتحرير والإرشاد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتذكرة والدروس » فإنّه قيل فيها بعد ذكر الأذكار إلى الجهات ورفع الصوت
بها للإمام والناس يتابعونه في ذلك. وفي جملة منها : كلّه.
فإن قلت : هذا
يحتمل المتابعة في الجهات أيضاً وقد صرّح في «البيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس وفوائد الشرائع وتعليق النافع والميسية والروض والمسالك » وغيرها أنّهم لا يتابعونه في الجهات. وفي «الحدائق » نسبة ذلك إلى ظاهرهم.
قلت : لم
يريدوا المتابعة في الجهات بالإطلاق قطعاً لتصريحهم باستقباله الناس بالتحميد كما
عليه الأكثر أو الاستغفار كما عليه بعض ، ولو تابعوه في الجهات لم يتحقّق ذلك. وفي «السرائر » كما عن أبي علي أنّهم لا يتابعونه في رفع الصوت. وفي «البيان » أنّ المتابعة فيه أشهر ، والأمر كما ذُكر كما عرفت.
وفي
__________________
ثمّ يخطب
______________________________________________________
«الفقيه والمقنع » أنّهم يتابعونه في رفع الصوت في الدعاء ، ولم يرجّح
شيئاً في «الذكرى ».
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ثمّ
يخطب) جعل الخطبة مؤخّرة عن الأذكار كما هو المشهور بين
المتأخّرين كما في «الحدائق » وهو خيرة «المبسوط والنهاية والوسيلة والشرائع والإرشاد والدروس والموجز الحاوي وكشف الالتباس والروض والمسالك والكفاية والشافية» وظاهر «المعتبر » وهو المنقول عن الحسن والكندري. والمشهور أنّ الذكر بعد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الخطبتين كما في «الذكرى وإرشاد الجعفرية » والأشهر الأظهر بين الأصحاب كما في «المختلف » والأشهر كما في «البيان » وهو خيرة الصدوق والمفيد وعلم الهدى وأبي يعلى وأبي
المكارم والتقي والقاضي والعجلي فيما نقل و «المختلف » وظاهر «إشارة السبق ». وفي «التذكرة والبيان والغرية» كلاهما جائزان. ولم يرجّح في «المنتهى والتحرير » وإنّما اقتصر فيهما على نقل القولين.
هذا وظاهر
الأصحاب قبل الفاضلين الاتحاد في الخطبة كما في «كشف اللثام ». قلت : لأنّ المذكور في كلامهم أنّه يخطب من دون ذكر
خطبتين لكن قد يقال يظهر من إطلاقهم المماثلة للعيد التعدّد. ولم يذكر في «المقنع » خطبة وإنّما ذكر صعود المنبر والدعاء والأذكار
المذكورة. وفي «المنتهى والغرية» ويخطب الإمام خطبتين ، ذهب إليه علماؤنا أجمع
، لكن في «كشف اللثام» نسبة دعوى
__________________
______________________________________________________
الإجماع إلى ظاهر المنتهى وكأنّه لم يلحظ قوله «أجمع». وفي ظاهر «المفاتيح » أنّ التعدّد مشهور بل مجمع عليه. وهو خيرة «المعتبر والتحرير والدروس والبيان والذكرى والنفلية والموجز الحاوي وإرشاد الجعفرية والفوائد الملية والمفاتيح والرياض ». وفي «كشف الالتباس والمسالك والروض » أنّه أولى. وقرّبه في «التذكرة ونهاية الإحكام » لتشبيه صلاتها بصلاة العيدين. وفي «كشف اللثام» لم أرَ
خبراً يتضمّن التشبيه إلّا حسن هشام وهو كما ترى إنّما يدلّ على المشابهة في
كيفيتها والخطبة خارجة عنها ، انتهى . فتأمّل. وبذلك استدلّ في «المعتبر» على التعدّد.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمشهور كما
في «المختلف والحدائق والمفاتيح » أنّ الخطبة بعد الصلاة بل في الأخير أيضاً و «الاستبصار
والخلاف والسرائر » الإجماع على ذلك. وقال في «التذكرة» : إذا فرغ من
الصلاة خطب عند علمائنا أجمع. وقال بعد كلام له : وعن أحمد رواية ثالثة التخيير
بين إيقاعها قبل الصلاة وبعدها لورود الأخبار بهما ولا بأس به . وفي «المنتهى» أنّ الخبر الوارد في التقديم خبر إسحاق
وهو مخالف لعمل الأصحاب ، ونسب فيه التأخير أيضاً إلى علمائنا . وفي «الذكرى » أنّه الأشهر. وفي «المعتبر» قال أكثر الأصحاب الخطبة
قبل الصلاة والحجّة ما رووه عن طلحة وهو وإن كان ضعيفاً فالرواية مقبولة بين الأصحاب ، ثم
ذكر رواية إسحاق وقال : لو قيل بالتخيير كان حسناً ، انتهى . وقد رمى جماعة خبر إسحاق بالضعف والشذوذ.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وعن أبي علي أنّه قدّم الخطبة على الصلاة لأنّه قال : يصعد الإمام
المنبر قبل الصلاة وبعدها. واستدلّوا له بخبر إسحاق. واحتمل في «كشف اللثام » أنّ الخطبة في الخبر لأمر الناس بالصيام والتهيّؤ
للاستسقاء كما قال عليهالسلام لحمّاد السرّاج ، ثمّ أورد الأخبار الكثيرة الدالّة على
تقديم الصلاة على الخطبة. وقال في «المختلف» بعد أن ذكر حسن هشام : هذا الحديث وإن دلّ بقوله عليهالسلام «مثل صلاة العيدين» على ما قلناه لكن دلالته على ما اختاره ابن الجنيد أقوى
. قال في
__________________
مبالغاً في التضرّع ،
______________________________________________________
«كشف اللثام» : هذا بناءً على كون الحمد والتمجيد والثناء عبارة عن الخطبة
مع إفادة الواو أو التقديم الذكري الترتيب .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (مبالغاً
في التضرّع) أي يدعو في الخطبة مبالغاً في التضرّع كما في «الشرائع والنافع والمعتبر والتذكرة والبيان » وغيرها مع زيادة الاستغفار في جملة منها بل في «البيان» الركن
الأعظم هنا الاستغفار. وفي «الذكرى والروض » يستحبّ المبالغة في التضرّع والإلحاح في الدعاء في
الخطبتين وخصوصاً الثانية. وقال الشيخ في «المصباح» بعد ذكر الأذكار : ثمّ يرفع
يديه ويدعو ويدعون معه فإنّ الله يستجيب لهم ، ويستحبّ أن يدعو بهذه الخطبة ، وروى
خطبة أمير المؤمنين عليهالسلام .
قلت : ما
اشتملت عليه رواية مرّة من أنّه بعد الأذكار المذكورة يرفع يديه فيدعو ثمّ
يدعون يشير إلى أنّ هذا هو المراد بالاستسقاء وأنّ المراد بالخطبة إنّما هو هذا
الدعاء والابتهال والتضرّع. ولعلّه لهذا لم يذكر الخطبة في «المقنع » بل
__________________
وتكرير الخروج لو لم يجابوا.
______________________________________________________
قال : ترفع يديك فتدعو ويدعو الناس ويرفعون أصواتهم. ولعلّ ما وقع من قول
جماعة «ثمّ يخطب ويبالغ في التضرّع» مراد به ذلك ، إلّا أنّ خطبة أمير المؤمنين عليهالسلام المشهورة في الاستسقاء تدلّ على استحباب الخطبة بالمعنى
المشهور ، فعلى هذا يكون كلّ من الأمرين جائزاً. لكن في «المبسوط والنهاية » بعد ذكر الأذكار : ثمّ يدعو ويخطب بخطبة الاستسقاء
المرويّة عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، فإن لم يحسنها اقتصر على الدعاء. وفي «النهاية» إن لم
يتمكّن منها اقتصر على الدعاء. ونحوهما «الوسيلة والتحرير والدروس والبيان ».
ومن قدّم
الخطبة على الأذكار أمر بالدعاء بعدها ، ففي «الفقيه » ثمّ ترفع يديك فتدعو ويدعو الناس ويرفعون أصواتهم. وفي
«المقنعة» ثمّ حوّل وجهه إلى القبلة فدعا الناس معه فقال : اللهمّ ربّ الأرباب ..
إلى آخره . قال في «كشف اللثام» : ونحوه قال سلّار والقاضي
والحلبيّان لكنّهما قالا : إنّ الناس يؤمّنون على دعائه .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وتكرير
الخروج للاستسقاء لو لم يجابوا)
إجماعاً كما في
«المعتبر ». وفي
__________________
ووقتها وقت العيد.
وسببها قلّة
الماء بغور الأنهار والآبار وقلّة الأمطار.
______________________________________________________
«المنتهى والتذكرة والغرية» الإجماع على أنّهم يكرّرون الخروج ثانياً
وثالثاً إلى أن يجابوا. وفي «الذكرى والروض وكشف اللثام » يكرّرون مستأنفين للصوم ثلاثة اخرى أو بانين على ما
صاموا لوجود السبب. وفي «الروضة والمدارك » ينبغي استئناف الصوم مع عدم استمراره لإطلاق الأمر به
قبل الصلاة. وعن الكاتب أنّه قال : إن لم يمطروا أوّلاً ولا أظلّتهم غمامة لم
ينصرفوا إلّا عند وجوب صلاة الظهر ولو أقاموا بقيّة نهارهم كان أحبّ إليَّ ، فإن
اجيبوا وإلّا تواعدوا على المعاودة يوماً ثانياً وثالثاً. ومنع إسحاق من التكرار لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يخرج إلّا مرّة. وفيه أنّه استغنى بها عن المعاودة ،
لأنّه اجيب.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ووقتها
وقت العيد) تقدّم الكلام في ذلك .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وسببها
قلّة الماء بغور الأنهار والآبار وقلّة الأمطار)
عند علمائنا
كافّة كما في «التذكرة ». وبذلك صرّح في «الوسيلة »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وغيرها . وقد اقتصر في «النهاية » على الأخير. وذكر في «المبسوط والسرائر والمنتهى » وغيرها الأخير أوّلاً ثمّ قيل فيها : وإذا نضب ماء العيون أو
مياه الآبار جاز ، لأنّه لا مانع منه ، وقد سمعت الإجماعات على استحبابها مع الجدب.
وفي «المسالك»
تستحبّ عند كثرة الغيوث ، وتسمّى حينئذٍ صلاة الاستصحاء ، وكذا لو غزرت ماء العيون
والأنهار بحيث خيف الضرر ، انتهى . ونحوه قال في «الذكرى» قال : وكذا يشرع صوم ثلاثة
أيّام أمام ذلك لأنّها من مهامّ الحوائج .
فروع
: قد أجمع
العلماء كما في «المعتبر » على أن لا أذان لها ولا إقامة ، ويستحبّ الجهر
بالقراءة فيها والقنوت كما صرّح به جماعة .
ولو سقوا قبل
الخروج لم يخرجوا ، وكذا لو خرجوا فسقوا قبل الصلاة. وفي الموضعين يستحبّ صلاة
الشكر ، صرّح بذلك جماعة ،
__________________
ويكره إخراج أهل الذمّة.
(الثاني) نافلة شهر
رمضان:
______________________________________________________
قالوا : ولو سقوا في أثناء الصلاة أتمّوها. والظاهر سقوط باقي
الأفعال من الخطبة والأذكار.
ويجوز
الاستسقاء بغير صلاة إمّا في خطبة الجمعة أو العيدين أو في أعقاب المكتوبات أو
يخرج الإمام إلى الصحراء فيدعو والناس يتابعونه ، قال ذلك جماعة .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ويكره
إخراج أهل الذمّة) قد تقدّم الكلام في ذلك .
هذا آخر الجزء
السادس ويأتي في الجزء السابع إن شاء الله تعالى الثاني نافلة شهر رمضان.
[نافلة شهر رمضان]
سم الله الرحمن
الرحيم ، وعليه أتوكّل وبه أستعين
الحمد لله كما
هو أهله ربّ العالمين ، والصلاة على خير خلقه محمّدٍ وآله الطاهرين ، ورضي الله عن
علمائنا ومشايخنا أجمعين وعن رواتنا المحسنين.
قول الإمام
العلامة : (الثاني
نافلة شهر رمضان) المشهور بين الأصحاب استحبابها كما في «المختلف والمقتصر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وغاية المرام والروض ومجمع البرهان والكفاية والمفاتيح » وغيرها ، بل كاد يكون إجماعاً كما في «فوائد الشرائع ومجمع البرهان والرياض » بل لا يكاد يوجد منكر ، لأنّ الصدوق موافق على الجواز
فكان اتفاقاً من الكلّ كما في «مصابيح الظلام » وهو خيرة الأكثر كما في «المعتبر » والأشهر بل ادّعى بعضهم عليه الإجماع كما في «المسالك » وعليه المعظم كما في «المدارك وكشف اللثام » وهو الأشهر في الروايات كما في «الشرائع والنافع والذكرى والروضة ». وفي «المختلف » الروايات به متظاهرة. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«البيان» نافلة شهر رمضان مشروعة على الأشهر والنافي لها معارض بروايات
تكاد تتواتر وعمل الأصحاب ، انتهى . وفي «الذكرى» الفتاوى والأخبار متضافرة بشرعيّتها فلا
يضرّ معارضة النادر . وفي «المعتبر» أيضاً عمل الناس في الآفاق على
الاستحباب .
وفي «المنتهى»
اتفق أكثر أهل العلم على استحباب زيادة نافلة شهر رمضان على غيره من الشهور ، وقال
أيضاً : الإجماع واقع إلّا ممّن شذّ . وفي «التذكرة » نسبته إلى علمائنا. وفي «السرائر» لا خلاف في استحباب
الألف إلّا ممّن عرف باسمه ونسبه وهو أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه ، وخلافه لا
يعتدّ به لأنّ الإجماع تقدّمه وتأخّر عنه . وفي «المهذّب البارع» باقي الأصحاب على خلافه . وفي «المراسم » لا خلاف في أنّها ألف ركعة. وفي «المختلف » دعوى الإجماع على الاستحباب. وفيه وفي «الذكرى والبيان والمهذّب البارع وغاية المرام » أنّ سلّار ادّعى الإجماع عليه. والّذي في «المراسم» ما
سمعته ،
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وكان الأولى بهم أن ينسبوا دعوى الإجماع إلى علم الهدى في «الانتصار » فإنّه ادّعاه فيه على الترتيب والعدد. وفي «البيان»
أيضاً أنّ الشيخ ادّعى الإجماع على المشروعية . ولعلّه فهمه منه في «الخلاف » فإنّ ظاهره أو صريحه دعوى الإجماع على المشروعية
والترتيب ، واقتصر جماعة على نسبة الخلاف إلى الصدوق ، كما أنّ جماعة رموا قوله بالشذوذ كما رمى آخرون الأخبار الدالّة عليه بذلك. وتأتي عبارات لهم تدلّ على
الإجماع أيضاً عند التعداد.
وفي «أمالي الصدوق»
من دين الإمامية الإقرار بأنّ الصلاة في شهر رمضان كالصلاة في غيره من الشهور ،
فمن أراد أن يزيد فليصلّ كلّ ليلة عشرين ركعة ثمان ركعات بين المغرب والعشاء
واثنتي عشرة بعد العشاء الآخرة إلى أن يمضي عشرون ليلة من شهر رمضان ، ثمّ يصلّي
كلّ ليلة ثلاثين ركعة ثمان ركعات بين المغرب والعشاء واثنتين وعشرين بعد العشاء
الآخرة ، ويقرأ في كلّ ركعة منها الحمد وما تيسّر له من القرآن إلّا في ليلة إحدى
وعشرين وثلاث وعشرين فإنّه يستحبّ إحياؤهما وأن يصلّي الإنسان في كلّ واحدة منهما
مائة ركعة ، ويقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و (قُلْ هُوَ اللهُ
أَحَدٌ) عشر مرّات. ومن أحيا هاتين الليلتين
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بمذاكرة العلم فهو أفضل ، انتهى .
ولم يتعرّض
لذكرها في «الهداية والمقنع» كما نقل ذلك عن أبيه علي والحسن بن عيسى. ونسب جماعة كثيرون إلى الصدوق في الفقيه أنه لا يرى فيه له نافلة
زيادة فيه على غيره. وحكى ذلك في «الخلاف » عن قوم من أصحابنا. وفي «المعتبر » عن بعض أصحاب الحديث أنه قال : أنه لم يشرع في رمضان
زيادة.
وفي «الفقيه»
بعد أن روى خبر زرارة ومحمّد وخبر ابن مسكان وخبر ابن المغيرة ممّا يدلّ بظاهره
على عدم الزيادة قال : وممّن روى الزيادة في التطوّع فى شهر رمضان زرعة عن سماعة
وهما واقفيان ، قال : سألته .. وساق الخبر بتمامه ثمّ قال : إنّما أوردت هذا الخبر
في هذا الباب مع عدولي عنه وتركي لاستعماله ليعلم الناظر في كتابي هذا كيف يروى
ومَن رواه وليعلم من اعتقادي أنّي لا أرى بأساً باستعماله ، انتهى . وقال جماعة من متأخّري المتأخّرين : إنّ كلامه في الفقيه لا يدلّ
على نفي المشروعية بل الظاهر أنّه إنّما ينفي تأكّد الاستحباب ، لصراحته بأنّه لا
يرى بأسا بالعمل بما ورد فيها من الأخبار ولهذا قال في «المدارك» : الظاهر أنّه لا
خلاف في جواز الفعل وإنّما الكلام في التوظيف ، انتهى .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقد يقال على
ما في المدارك أنّ الجواز هنا لا معنى له فإنّها عبادة ، فإن ثبتت شرعيّتها
وتوظيفها ترتّب عليها الاستحباب وإلّا كانت محرّمة وغير مشروعة كما هو الشأن في
صلاة الضحى ، بل الظاهر أنّ مرجع كلام الصدوق إلى ما ذكروه من عدم
تأكّد الاستحباب إلّا أن يقال : المراد بما في المدارك عدم التوظيف بخصوصه وأنّ
استحباب الزيادة إنّما هو بالنظر إلى عموم أرجحية الإكثار من الصلاة بحسب الإمكان
لا سيّما مع شرف الزمان ، وعلى كلّ حال فليست المسألة محلّ إشكال كما ظنّه صاحب «المدارك
» والكاشاني والمحدّث البحراني ، والأخبار الدالّة بظاهرها على الخلاف تطرح أو تؤوّل
بما ذكره الشيخ أو غيره ممّا هو أقرب منه ، ولعلّنا نذكر بعضها ، وعن التقي الحلبي أنّه قال : ومن السنّة أن يتطوّع الصائم
في شهر رمضان بألف ركعة.
وفي «المختلف والبيان والمهذّب البارع » أنّه يشعر باختصاص النافلة بالصائم ، قالوا : ولم
يشترط باقي علمائنا ذلك. قلت : وقد صرّح جماعة من
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المتأخّرين بعدم الاشتراط. واحتجّ له في «المختلف » بأنّها عبادة زيدت بشرف الزمان فلا تسقط بسقوط الصوم.
واقتصر في «الذكرى» على نقل كلام المختلف وقال : هذا فتوى منه بعموم الاستحباب .
وقد يقال :
إنّما خصّها الحلبي بالصائم لأنّ الحائض لا تصلّي والمسافر والمريض يتعذّر عليهما .
وظاهر عبارة «البيان»
أنّ أبا علي مخالف ، قال في «البيان» : ونفاها ابن بابويه ، وقال ابن الجنيد :
يزيد ليلاً أربع ركعات على صلاة الليل ولم يذكرها ابن أبي عقيل ، انتهى . وقد نقل عن ابن الجنيد في «المختلف » أنّه موافق وأنّه قائل بالألف. وقال في «الذكرى» : قال
ابن الجنيد : قد روى عن أهل البيت عليهمالسلام زيادة في صلاة الليل على ما كان يصلّيها الإنسان في
غيره أربع ركعات تتمّة اثنتي عشرة ركعة مع أنّه قائل بالألف أيضاً. وهذه زيادة لم
نقف على مأخذها إلّا أنّه ثقة وإرساله في قوّة المسند لأنّه من أعاظم العلماء ،
انتهى .
وأمّا الجمع
بين الأخبار فقد قال الشيخ : الوجه في هذه الأخبار وما جرى مجراها أنّه لم يكن
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يصلّي صلاة النافلة في جماعة في شهر رمضان ، ولو كان
فيه خير لما تركه عليه وآله الصلاة والسلام ، ولم يرد أنّه لا يجوز أن يصلّي على
الانفراد. واحتجّ على هذا التأويل بما رواه زرارة ومحمّد بن مسلم. ووافقه على ذلك
الشهيد في «البيان » وغيرها .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وأجاب في «المختلف»
عن خبر عبد الله بن سنان بجواز أن يكون السؤال وقع عن النوافل الراتبة هل تزيد في
شهر رمضان أو لا؟ فأجاب عليهالسلام بعدم الزيادة .
وقال في «الوافي»
بعد نقل أخبار الطرفين : مَن حاول أن لا يبعد في التأويل كثيراً ولا يردّ أحد
الحديثين فالصواب أن يحمل حديث الإثبات على التقية أو حديث النفي على نفي كونها
سنّة موقّتة موظّفة لا ينبغي تركها كالرواتب اليومية ، بل إن كانت فهي من
التطوّعات الّتي إن أحبّها وقوى عليها فَعلها كما يُشعر به حديث سماعة وغيره . ونحوه قال في «المنتقى » في الحمل الأخير ، وأمّا الحمل على التقية فلا ينبغي
الالتفات إليه كحمل بعضهم أخبار النفي على التقية ، لأنّ العامّة يقولون بالتراويح
، وهي عند أكثرهم ستمائة ركعة في كلّ ليلة عشرون ركعة بعد العشاء ، وعند مالك في
كلّ ليلة ستّ وثلاثون بعد العشاء أيضاً ، وكلاهما مخالفان لما في أخبارنا المعمول
بها عند أصحابنا ، مع أنّها قد اشتملت على أشياء مخالفة لمذهب العامّة كما هو واضح
، فلا يناسب حملها على التقية.
وأجاب في «كشف
اللثام» عن خبري الحلبي وابن سنان بأنّه يجوز أن يكون السؤال في الأوّلين عن صلاة
الليل الراتبة وعن خبر محمّد أنّ المراد لا يصلّي شيئاً منها ردّاً على الحنفية
الّذين يصلّون الوتر بعد العشاء قبل النوم .
قلت : الجواب
عن الأوّلين مأخوذ من «المختلف ». ومولانا المقدّس الأردبيلي بعد أن أجاب بذلك أخذ يتأمّل في صحّة الأخبار الدالّة
على النفي فلم يترك خبراً ، إلّا طعن في صحّته ، ومثل ذلك يقال في مثل هذا المقام.
__________________
وهي ألف ركعة
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وهي
ألف ركعة) إجماعا في ظاهر «الانتصار والخلاف » أو صريحهما ، وصريح «السرائر » الإجماع ونفي الخلاف كما سمعت. وهو مذهب علمائنا كما
في «التذكرة » وما عدا ابن بابويه كما في «المنتهى » وإطباق علمائنا القائلين بالزيادة كما في «المعتبر » ولا خلاف فيه كما في «المراسم » وهو المشهور كما في «المختلف والذكرى والمقتصر وغاية المرام والروض » وظاهر «المختلف » أيضاً دعوى الإجماع أو صريحه ومذهب المعظم كما في «كشف
اللثام » وهو الأشهر كما في «المسالك » ورواياته أشهر كما في «النافع ».
__________________
يصلّي كلّ ليلة عشرين ركعة منها ثمان بعد المغرب ، واثنتا عشرة بعد العشاء.
______________________________________________________
وقال في «الذكرى»
: قال الشيخ الجليل ذو المناقب والمآثر أبو عبد الله محمّد ابن أحمد الصفواني في
كتاب التعريف هي سبعمائة ركعة. قال : ولعلّه أراد الألف وترك ذكر زوائد ليالي
الأفراد لشهرته. قال : ولابن أبي قرّة رحمهالله تعالى في كتابه رواية بمقدار من الصلوات لكلّ ليلة ،
ذكرناه في الأربعين حديثاً ، انتهى . ولم يحضرني كتاب «الأربعين» ولكن يأتي ما نقله المفيد
في «رسالته» عن ابن أبي قرّة. وفي «كشف اللثام » أنّ في الإقبال أنّ في كتاب التعريف لمحمّد بن أحمد
الصفواني : اعلم أنّ صلاة شهر رمضان تسعمائة ركعة وفي رواية ألف ، ثمّ قال في «كشف
اللثام» : وقال الصفواني : وقد روي أنّ في ليلة تسع عشرة أيضاً مائة ركعة وهو قول
من قال بالألف ركعة ، انتهى كلام الصفواني.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (يصلّي
كلّ ليلة عشرين) إجماعاً كما في «الانتصار والخلاف وكشف اللثام ». وفي «المنتهى» لا خلاف فيه بين علمائنا القائلين
بالوظيفة .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (منها
ثمان بعد المغرب واثنتا عشرة بعد العشاء)
ظاهر «الانتصار
والخلاف » الإجماع على ذلك. وهو
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الأظهر في الفتاوى والأشهر بين الأصحاب كما في «الذكرى » والمشهور كما في «المنتهى والتذكرة والمهذّب البارع والفوائد الملية والرياض والحدائق » والأشهر كما في «المختلف والمسالك » ومذهب الأكثر كما في «غاية المرام والمدارك » والمشهور روايةً وفتوىً كما في «كشف اللثام » وهو خيرة «الأمالي والمقنعة ورسالة المفيد» على ما نقل و «جُمل العلم والمصباح والمبسوط والمراسم والوسيلة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والغنية والسرائر وإشارة السبق والنافع والشرائع والتحرير والمختلف والإرشاد والدروس والبيان واللمعة والنفلية والموجز الحاوي » وغيرها ، والمنقول عن القاضي وفي مضمر سماعة العكس. وقد خيّر بينهما في «النهاية والمعتبر والمنتهى والميسية والروضة ومجمع البرهان والمدارك والشافية»
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ونقل ذلك عن أبي علي واستحسنه في «الروض ».
وقد نصّ في «المصباح
والمراسم » وغيرهما أنّ ما يصلّى بعد المغرب يكون بعد نوافلها ، والمشهور
كما في «المختلف والذكرى والمهذّب البارع وكشف اللثام والحدائق » أنّ ما يصلّى بعد العشاء قبل الوتيرة. وفي «البيان » أنّه أشهر. وهو خيرة الشيخين والتقي والقاضي وأتباعهم
كما في «المختلف ». قلت : وبه صرّح في «المراسم والسرائر والغنية وإشارة السبق » والشيخ في «المصباح »
__________________
وفي العشر الأواخر زيادة عشر ،
______________________________________________________
في آخر كلامه. لكن في «المختلف والذكرى والبيان والمهذّب البارع » أنّ سلّار جعله بعد الوتيرة ، ولم نجد ذلك فيما عندنا
من المراسم ، لكن في «كشف اللثام » أنّ في بعض نسخها : بعدها.
قلت : وهو خيرة
«النفلية والمسالك ومجمع البرهان » وجوّزه في «الذكرى ». وفي «الفوائد الملية » أنّه المشهور. وهو غريب. وفي «الروض » نسب القول المشهور إلى القيل.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وفي
العشر الأواخر زيادة عشر)
أي بعد العشاء
على الترتيب السابق كما هو المشهور كما في «المنتهى والتذكرة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمختلف والمهذّب البارع والحدائق والرياض » وهو قول الشيخ والمرتضى وأكثر الأصحاب كما في «المدارك
» وهو ظاهر «الانتصار » وظاهره الإجماع. وهو خيرة «الأمالي والمقنعة والمصباح وجُمل العلم والمبسوط والنهاية والمراسم والوسيلة والسرائر وجامع الشرائع والشرائع والمختلف والدروس والبيان والنفلية وفوائد الشرائع
__________________
وفي ليالي الإفراد زيادة مائة ركعة
______________________________________________________
والموجز الحاوي والفوائد الملية » والمنقول في «المختلف » عن «الاقتصاد». وفي «الذكرى والبيان » أيضاً أنّه أظهر. وفي «مجمع البرهان » أنّه أولى.
وفي «الغنية وإشارة السبق والمهذّب والكافي» على ما نقل عنهما اثنتا عشرة بعد المغرب وثمان عشرة بعد العشاء. وفي «النهاية
والمنتهى والتذكرة والذكرى والروض والروضة والمسالك والشافية» التخيير بين الأمرين. وفي «المعتبر والمدارك » التخيير بين الأوّل وعكسه.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وفي
ليالي الإفراد زيادة مائة
__________________
ركعة
لكلّ ليلة) أي على
العشرين والثلاثين كما عليه أكثر الأصحاب كما في «المنتهى » وطائفة منهم كما في «الذكرى » وهو الأشهر رواية كما في «البيان » ولعلّه أشهر كما في «مجمع البرهان » وهو خيرة «الأمالي وكتاب الأشراف والرسالة العزية» للمفيد على ما نقل عنهما وأبي علي على ما نقل عنه و «الخلاف والغنية والسرائر والشرائع والموجز الحاوي » وهو ظاهر جملة من عباراتهم ، وهو المنقول عن «الاقتصاد والكافي» وظاهر «الخلاف » الإجماع. وقال في «السرائر » : هو مذهب شيخنا في مسائل الخلاف أفتى به وعمل عليه
ودلّ على صحّته وجعل ما خالفه رواية لا يلتفت إليها ، ومذهب شيخنا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المفيد في كتاب الاشراف وهو الّذي أفتى به ويقوى عندي ، لأنّ الأخبار به
أكثر وأعدل رواة. ويأتي تتمّة كلامه في «السرائر» إن شاء الله تعالى. وفي «المعتبر
والمنتهى والتذكرة » أنّ به خبري سماعة ومسعدة. وفي «المختلف والذكرى » أنّ به الثاني. وفي «نهاية الاحكام » أنّ به الأوّل. وقال في «كشف اللثام » وشيء من الخبرين لم يصف المائة إلّا ليلتي إحدى
وعشرين وثلاث وعشرين.
قلت : نقل
السيّد الزاهد المجاهد في كتاب «الإقبال» على ما نقل عن الرسالة العزية للمفيد
أنّه قال : يصلّي في العشرين ليلة عشرين ركعة ثمان بين العشاءين واثنتي عشرة بعد
العشاء الآخرة ، ويصلّي في العشر الأواخر كلّ ليلة ثلاثين ركعة. ويضيف إلى هذا
الترتيب في ليلة تسع عشرة وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين كلّ ليلة مائة
ركعة. وذلك تمام الألف ركعة ، قال : وهي رواية محمّد بن أبي قرّة في كتاب عمل شهر رمضان فيما أسنده عن عليّ بن مهزيار عن
مولانا الجواد عليهالسلام . وظاهر هذا الكلام ورود الخبر بهذه الكيفية.
وعن المفيد فى
كتاب «مسارّ الشيعة» أنّه قال : أوّل ليلة من شهر رمضان فيها الابتداء بصلاة نوافل
شهر رمضان وهي ألف ركعة من أوّل الشهر إلى آخره بترتيب معروف في الاصول عن
الصادقين عليهمالسلام .. إلى آخره
__________________
ولو اقتصر على
المائة في الأفراد صلّى في كلّ جمعة عشر ركعات بصلاة عليّ و (٣) فاطمة و (٤) جعفر عليهمالسلام ، وفي آخر جمعة عشرين بصلاة علي عليهالسلام ، وفي عشيّة تلك الجمعة عشرين بصلاة فاطمة عليهاالسلام.
______________________________________________________
وليعلم أنّ ذلك
كلّه قبل الوتيرة كما في «المقنعة ». وفي «السرائر» ما لم يتجاوز نصف الليل ، فإن لم يفرغ
إلّا بعد نصف الليل صلّى الوتيرة قبل نصف الليل لئلّا تصير قضاءً .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
اقتصر على المائة في) ليالي
(الأفراد)جاز و (صلّى في كلّ جمعة عشر ركعات بصلاة علي عليهالسلام و)
بصلاة (فاطمة عليهاالسلام و)
بصلاة (جعفر رضي الله تعالى
عنه وفي) ليلة
(آخر جمعة عشرين بصلاة علي عليهالسلام وفي عشيّة تلك
الجمعة عشرين بصلاة فاطمة عليهاالسلام)
هذا الاقتصار
ظاهر «الانتصار » الإجماع عليه. وفي «الذكرى وفوائد الشرائع والروض » نسبته إلى الأكثر ، قالوا : وعليه رتّب الشيخ الدعوات
في «المصباح». وفي «البيان » أنّه أظهر فتوى. وهو خيرة «المقنعة والنهاية والمصباح وجُمل العلم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمبسوط والمهذّب» فيما نقل و «المراسم والوسيلة وإشارة السبق ».
وصريح «الغنية والإرشاد والدروس والذكرى واللمعة والنفلية والروض والروضة والفوائد الملية والشافية» التخيير بينه وبين الأوّل. ولعلّه ظاهر «المعتبر
والتحرير والتذكرة » وغيرها .
وقال في «السرائر»
: إنّ الله لا يكلّف ما لا يطاق لا في فرض ولا في نافلة ، وقد جعل لهذه النافلة
وقتاً والوقت ينبغي أن يفضل على العبادة أو يكون كالقالب لها كالصيام ، وفي أقصر
ليالي الصيف وهي تسع ساعات لا يمكن الإتيان بهذه النافلة ، إذا كانت آخر ليلة سبت
في الشهر ، لأنّ الوقت يضيق عن الفرض والنافلة الراتبة والعشرين ركعة من صلاة فاطمة
عليها الصلاة والسلام وعن الأكل والشرب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقضاء حاجة لا بدّ منها وغير ذلك. ومن كابر وقال : أنا اصلّيها أو صلّيتها
على هذا الترتيب فإن سلّم له ذلك فصلاة على غير تَؤُدَة * ولا يكون تالياً للقرآن
كما انزل ولا يكون راكعاً ولا ساجداً السجود المشروع ، وهذا مرغوب عنه على ضجر
وملال. وقد روي في الحديث «لا يملّ الله حتّى تملّوا» انتهى كلامه فتأمّل فيه والحظ ما يأتي عن «الوسيلة».
والمراد
بالجمعة في قوله «كلّ جمعة» يومها كما ذكر في لفظ الحديث وعبارات جماعة من القدماء والمتيقّن من اليوم النهار ودخول الليل معه
في بعض الموارد تغليب ، ووقع في كثير من العبارات في آخر جمعة عشرين «كالخلاف والسرائر والإشارة والشرائع » وغيرها ، وإطلاق اللفظ يشمل الليل والنهار بل شموله للنهار
أقوى. والّذي في الخبر ليلة الجمعة في العشر الأواخر وليس فيه أيضاً تنصيص على ليلة آخر جمعة كما في الكتاب
__________________
(*) تَوْأدة
ضبط آخر (كذا بخطّه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«والنهاية والمبسوط والمراسم والغنية » وغيرها ، والمراد بعشيّة تلك الجمعة ليلة السبت كما في الحديث . وفي بعض العبارات يفرّق الثمانين على الجمع الأربع
وليس فيه مخالفة وإن وقع عشرون منها ليلة السبت بل هو مبنيّ على التغليب ، ولأنّها
عشيّة جمعة ينسب إليها في الجملة. وقال في «كشف اللثام» : وكما يعمّ الخبر
الجمعتين الأخيرتين يعمّ السبتين حتّى فعل عشرين ليلة جمعة وعشرين ليلة سبت آخر .
وفي «الوسيلة»
صلّى في سحر الجمعة الأخيرة عشرين ركعة صلاة أمير المؤمنين عليه وعلى أخيه وآلهما
أفضل الصلاة وأتمّ السلام وسحر السبت الأخير عشرين ركعة صلاة الطاهرة عليها الصلاة
والسلام . ولفظ الخبر عشيّة الجمعة في العشرين الأخيرة. وعند ابن إدريس أنّ الليلة بأجمعها لا تفي بذلك فما ظنّك بسحرها عنده.
ولو اتّفق في
الشهر خمس جمع فهناك احتمالات ذكرت في «المسالك والروض » وكذا «الروضة » ، أظهرها كما في «مجمع البرهان
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمدارك والذخيرة والحدائق والفوائد الملية » سقوط العشر في الجمعة الأخيرة. وفي «فوائد الشرائع»
فإن جاء خمس جمع بقي ثلاثون ركعة فيوزّعها على ما سيأتي إلى حيث ينتهي ، هذا هو
الظاهر ولا يحضرني في ذلك شيء بخصوصه ، انتهى .
وفي «الروض والمسالك والفوائد الملية » لو اتفقت عشية الجمعة ليلة العيد صلّاها في ليلة آخر
السبت (سبت خ ل) من الشهر. قال في «مجمع البرهان» بعد نقل ذلك عن الروض : هو أعرف
بما قال .
وقال في «الروضة
والفوائد الملية » : لو نقص الشهر سقطت وظيفة ليلة الثلاثين. قال في
الأخير : ولا يشرع قضاؤها وإن نقصت الألفية. وقال في «الذكرى » : لو فات شيء من هذه النوافل فالظاهر أنّه يستحبّ
قضاؤه نهاراً ، ثمّ قال : وبذلك أفتى ابن الجنيد. وقال : وكذا لو فاته الصلاة في
ليلة الشكّ ثمّ ثبتت رؤيته. ونقل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ذلك عن الذكرى وفي «المسالك والروض » ساكتاً عليه. وبه أفتى في «الروضة» قال : استحبّ قضاؤه
ولو نهاراً وفي غيره ، والأفضل قبل خروجه . وفي «المدارك» أنّ ما في الذكرى غير واضح . قلت : بل ما ذكره هو غير واضح ، فإنّ عموم قوله ، (وَهُوَ الَّذِي
جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً)
وما ورد في
تفسيرها من قول الصادق عليهالسلام فيما رواه في «الفقيه » : «كلّما فاتك بالليل فاقضه بالنهار» شامل لموضع البحث
، والحمل على غير هذه النافلة من الصلاة اليومية والنافلة الراتبة تخصيص من غير
دليل.
هذا وليعلم
أنّه قال في «المراسم » : إنّ الثمانين المفرّقة على الجمع وليلة السبت يصحّ
أن تكون بغير صلاة عليّ والزهراء عليهماالسلام وجعفر رضي الله تعالى عنه. نعم قد ورد الندب بأن يكون
كلّ عشر من الصلوات التّي في الجمع بصلاة عليّ عليهالسلام إلى آخر ما ذكره المصنّف. ولم يذكر في إشارة السبق أنّ عشرين آخر ليلة جمعة تكون بصلاة عليّ عليهالسلام ولا أنّ عشرين ليلة السبت بصلاة فاطمة عليهاالسلام ولا أنّ ذلك ندب فيهما وهما مخالفان لظواهر الأصحاب أو
صريحهم كما يُفهم من «السرائر» وقد سمعت عبارتها .
__________________
(الثالث) صلاة ليلة
الفطر :
وهي ركعتان ، في الاولى الحمد مرّة وألف
مرّة التوحيد ، وفي الثانية الحمد مرّة والتوحيد مرّة.
______________________________________________________
[صلاة ليلة الفطر]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (الثالث
: صلاة ليلة الفطر ، وهي ركعتان في الاولى الحمد مرّة وألف مرّة التوحيد ، وفي
الثانية الحمد مرّة والتوحيد مرّة)
هذه الصلوات
رواها أحمد بن محمّد السياري وهو في عداد الضعفاء إلّا أنّ الأصحاب تلقّوها بالقبول
، كذا قال في «الذكرى » والأمر كما قال فإنّي وجدت الأصحاب إلّا نادراً قد ذكروها في كتبهم غير متأمّلين في سند
روايتها. وفي «المعتبر » ذكرها الشيخ ولا بأس بها لأنّ الصلاة خير موضوع. قلت :
نقل عن المفيد في «مسارّ الشيعة» أنّ الرواية جاءت : «أنّ من صلّى هاتين
الركعتين ليلة الفطر لم ينتقل وبينه وبين الله تعالى ذنب إلّا غفرله».
وفي «البيان » أنّ في الاولى الحمد مرّة ومائة مرّة التوحيد ، وفي
الثانية الحمد مرّة والتوحيد مرّة. قلت : هذه صلاة أُخرى بها رواية وأنّها بين
العشاءين ،
__________________
وصلاة يوم الغدير ركعتان قبل الزوال بنصف ساعة يقرأفي كلّ منهما الحمد مرّة
وكلّا من القدر والتوحيد وآية الكرسي إلى قوله تعالى : (هُمْ فِيها خالِدُونَ) ، عشراً ، جماعة في الصحراء
______________________________________________________
وقد ذكر الكفعمي في «مصباحه » أنّه يستحبّ بين العشاءين ركعتين في الاولى بالحمد
مرّة والتوحيد مائة ، وفي الثانية بالحمد والتوحيد مرّة ، ثمّ قال : وروي قراءة
التوحيد ألفاً في الركعة الاولى من هاتين الركعتين. وكلامه هذا يدلّ على أنّ هاتين
أيضاً بين العشاءين. وهذا من متفرّداته وإلّا فقد سمعت كلام الأصحاب. والشيخ نصّ
في «المتهجّد » على أنّ ذات الألف بعد الفراغ من جميع صلواته.
[الرابع : صلاة يوم
الغدير]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وصلاة
يوم الغدير ركعتان قبل الزوال بنصف ساعة ، يقرأ في كلّ منهما الحمد مرّة وكلّاً من
القدر والتوحيد وآية الكرسي إلى قوله تعالى : (هُمْ فِيها خالِدُونَ) عشراً)
هذه الصلاة
مشهورة بين الأصحاب كما في «الذكرى » وقد ذكرها الشيخ في «المصباح والنهاية والمبسوط » والمفيد في «المقنعة » والديلمي والقاضي والتقي فيما نقل عنهما وأبو المكارم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وأبو الحسن في «الإشارة » وأبو عبد الله العجلي وسائر من تأخّر عنهم إلّا من قلّ ممّن لم يتعرّض لمثلها. وفي «الحدائق»
أنّها مشهورة بين قدماء الأصحاب ومتأخّريهم .
وفي «الفقيه»
في باب صوم التطوّع بعد أن روى ثواب صوم الغدير قال : وأمّا خبر صلاة غدير خمّ
والثواب المذكور فيه لمن صلّى فإنّ شيخنا محمّد بن الحسن ابن الوليد رضي الله
تعالى عنه كان لا يصحّحه وكان يقول : إنّه من طريق محمّد بن موسى الهمداني وكان
كذّاباً غير ثقة وكلّما لم يصحّحه ذلك الشيخ ولم يحكم بصحّته من الأخبار فهو عندنا
متروك غير صحيح ، وكأنّ المحقّق في «المعتبر» أشار إلى ردّه حيث قال : وقد روي في ذلك
روايات منها رواية داود بن كثير . قلت : هذه الرواية لم تشتمل على هذه الصلاة وإنّما
دلّت على صلاة ركعتين مطلقاً لكنّها مؤيّدة أكمل تأييد.
إذا عرف هذا
فليعلم أنّه نقل في «المختلف» عن التقي أنّه قال في وصف صلاة الغدير : من وكيد
السنن الاقتداء برسول الله صلىاللهعليهوآله في يوم الغدير وهو الثامن عشر من ذي الحجّة بالخروج إلى
ظاهر المصر وعقد الصلاة قبل أن تزول الشمس بنصف ساعة لمن يتكامل صفات إمامة
الجماعة بركعتين ، يقرأ في كلّ ركعة الحمد وسورة الإخلاص عشراً وسورة القدر عشراً
وآية الكرسي عشراً
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ويقتدي به المؤتمّون ، وإذا سلّم دعا بدعاء هذا اليوم ومَن صلّى خلفه ،
وليصعد المنبر قبل الصلاة فيخطب خطبة مقصورة على حمد الله والثناء عليه والصلاة
على محمّدٍ وآله والتنبيه على عظم حرمة يومه وما أوجب الله فيه من إمامة أمير
المؤمنين عليهالسلام والحثّ على امتثال أمر (مراد خ ل) الله سبحانه ورسوله
فيه ، ولا يبرح أحد من المأمومين والإمام يخطب ، فإذا انقضت الخطبة تصافحوا
وتهانّوا وتفرّقوا ، انتهى كلامه.
وقد تضمّن
أحكاماً منها ما ذكر في كلام الأكثر ومنها ما لم يذكر.
فمنها : كونها
قبل الزوال بنصف ساعة ، وهذا ذكره الشيخ والأكثر . وفي «المنتهى» أنّ هذه الصلاة تستحبّ في هذا اليوم
وأشدّه تأكيداً قبل الزوال بنصف ساعة . وهو خلاف ما يظهر من الأكثر وفي كلام جماعة أنّ ذلك بعد أن يغتسل قبله بنصف ساعة. وفي «المصباح » أنّه يغتسل صدر النهار ، وهما متقاربان أو متّحدان ،
والمراد بالساعة ما كانت من الساعات المستوية المعروفة عند المنجّمين أو الساعات
الّتي وردت لها الأدعية في كلّ يوم. والرابعة منها : من ارتفاع الشمس إلى الزوال ،
كذا قال في «كشف اللثام ».
ومنها :
القراءة ، والظاهر أنّه لا خلاف في تقديم التوحيد بعد الحمد على
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
غيرها ، لأنّه قد اتّفقت كلمتهم على ذكرها بعد الحمد ، لكن في «الروض ومجمع البرهان » أنّه لا ترتيب بين هذه السوَر بعد الحمد ، انتهى.
وأمّا آية الكرسي والقدر فالموجود في الخبر «والمصباح والنهاية والمبسوط والمراسم والغنية والسرائر والمعتبر والتذكرة والمنتهى والذكرى والموجز الحاوي » وغيرها تقديم آية الكرسي على القدر. وقدّم المفيد وأبو الحسن
الحلبي والتقي كما سمعت والقاضي على ما نقل القدر على آية الكرسي. وقال في «السرائر» بعد أن ذكر ما
نقلنا عنه :
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وروي أنّ آية الكرسي تكون أخيراً وقبلها إنّا أنزلناه . قال في «المختلف» وهذا يدلّ على أنّ الواو قصد بها هنا
الترتيب ، ثمّ قال بعد أن نقل ترتيب الشيخ وسلّار وترتيب المفيد والتقي والقاضي :
إن قصد بالواو هنا الترتيب فالمسألة خلافية وإلّا فلا .
قلت : الأولى
كما في «مجمع البرهان» اختيار ما في الرواية الموجودة لدينا ، لاحتمال كون الترتيب
الذكري فيها ملحوظاً لحكمة لا نعلمها وإن عبّر بالواو. قال في «مجمع البرهان» :
ولو كان غيره أولى لذكر فيها . وفي «الحدائق والرياض » أنّه أحوط.
والمقرّر عند
القرّاء والمفسّرين أنّ آية الكرسي إلى قوله : (وَهُوَ الْعَلِيُّ
الْعَظِيمُ). ولهذا لو اريدت الزيادة احتيج إلى القيد ، كذا قال في «مجمع
البرهان ». قلت : ولعلّ الّذي دعا المصنّف إلى قوله : (هُمْ فِيها خالِدُونَ) ، وإن لم يكن ذلك مذكوراً في خبر هذه الصلاة أنّ الشيخ
أرسله في «المصباح» عن الصادق عليهالسلام في صلاة الرابع والعشرين من ذي الحجّة وقال : هذه
الصلاة بعينها رويناها في يوم الغدير . قال في «التذكرة » : كلام الشيخ هنا يعطي أنّ آية الكرسي في يوم الغدير
إلى قوله عزوجل : (هُمْ فِيها خالِدُونَ). وفي «روض الجنان» ذكر ذلك في صلاة المباهلة ولا دلالة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
على التعدّي وإن كان فعله جائزاً. قال : وفي الأخبار اختلاف كثير في تعيين
ما يضاف إلى الآية الّتي ذكرناها بحيث يطلق على الجميع آية الكرسي على التنزيل .
ومنها : ذكر
الجماعة في هذه الصلاة كالكتاب و «الغنية والإشارة » ولم أجد من ذكرها غير هؤلاء . وقال في «المختلف» : لم يصل إلينا حديث يعتمد عليه
يتضمّن الجماعة فيها ولا الخطبة . وقال في «التذكرة» : وقد روى أبو الصلاح هنا استحباب
الجماعة والخطبة . وقال في «مجمع البرهان» : إنّ المشهور بين الأصحاب
جواز فعلها جماعةً وليس ببعيد لعدم المنع من الجماعة في النافلة مطلقاً بحيث
يشملها ظاهراً ولا إجماع فيه ، مع الترغيب في الجماعة خصوصاً في هذه الصلاة في هذا
اليوم ولحصول كثرة الثواب لمن لم يعرف هذه الآيات بالاقتداء وبها يظهر شعار
الايمان انتهى فتأمّل. وفي «الحدائق والرياض » لا نعرف مستنداً للجماعة فيها أصلاً. وأمّا ما استدلّ
به بعضهم من أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم أن ينادى في الناس الصلاة جامعة فيما رواه المفيد ففيه : أوّلاً أنّ النداء بهذه العبارة كان متعارفاً في
طلب اجتماع الناس وإعلامهم ذلك ليحضروا وإن لم يكن ثمّة صلاة ، وثانياً أنّ أخبار
الغدير خالية عن ذكر هذه الصلاة في ذلك الموضع. نعم قد يستدلّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
له بما في «التذكرة» من قوله : روى أبو الصلاح .. إلى آخر ما سمعت ،
فتأمّل. وفي «الغنية » يستحبّ أن تصلّى جماعةً وأن يجهر فيها بالقراءة. وفي «الإشارة
» أنّ الاجتماع فيها والجهر بالقراءة من كمال فضلها.
ومنها : كونها
في الصحراء كما في الكتاب. وفي «المقنعة والمهذّب» على ما نقل تحت السماء ، ولا مستند له إلّا ما ذكره المفيد من
صلاته صلىاللهعليهوآلهوسلم ركعتين ذلك اليوم وكان ذلك في الصحراء تحت السماء ،
فينبغي التأسّي به صلىاللهعليهوآلهوسلم فتأمّل.
ومنها : الخطبة
قبل الصلاة كما في الكتاب و «الغنية والإرشاد » والخبر الّذي رواه المفيد ، قال فيه : فصلّى ركعتين ثمّ رقى المنبر. وقد سمعت ما
في «التذكرة». وفي «المقنعة» فإذا سلّمت فاحمد الله تعالى واثنِ عليه بما هو أهله
وصلّ على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وابتهل إلى الله تعالى في اللعنة لظالمي آل الرسول
وأتباعهم ، ثمّ ادع فقل .. إلى آخره ونحوه «المهذّب» على ما نقل . وعن «النزهة » حصر الخطب في اثنتي عشرة ليس منها خطبة يوم الغدير.
قال في «كشف اللثام» ولا ضير ، فإنّ الخطبة ليست إلّا ذكراً لله سبحانه وتمجيداً
وتحميداً وذكراً لرسوله
__________________
بعد أن يخطب الإمام بهم و (١) يعرّفهم فضل اليوم ، فإذا انقضت الخطبة
تصافحوا وتهانوا.
______________________________________________________
وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم وصلاةً عليهم وموعظةً وأمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر
ونحو ذلك ، والكلّ حسن مرغوب شرعاً في كلّ وقت ، ويوم الغدير أشرف الأيّام
والحسنات تضاعف فيه ، وقد خطب فيه النبي ووصيه صلّى الله عليهما وآلهما ، انتهى وروى الشيخ في «المصباح » أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام صعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم فحمد الله
، وذكر الخطبة ، وقال : ثمّ أخذ في خطبة الجمعة ولم يرو له عليهالسلام صلاة بعد الخطبة أو قبلها لكن الفراغ من الصلاة
المذكورة والدعاء المأثور بعدها يتصل بالزوال غالباً فلذا قدّموها على الصلاة. كذا
قال في «كشف اللثام» وقال : وفي ربيع الشيعة : صعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على تلك الرحال يعني ما عمل منها شبه المنبر ، وذكر
الخطبة وقال : ثمّ نزل وكان وقت الظهيرة فصلّى ركعتين ثمّ زالت الشمس
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (و)
ينبغي أن (يعرّفهم فضل اليوم ،
فإذا انقضت الخطبة تصافحوا وتهانوا)
هذا كلّه ذكره
أبو الصلاح . وقال
__________________
وصلاة
ليلة نصف شعبان : وهي أربع ركعات بتسليمتين ، يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة والإخلاص مائة
مرّة ، ثمّ يعقّب ويعفّر.
______________________________________________________
في «التذكرة » : إنّه روى التصافح والتهاني. وذكر استحبابهما أبو
العباس في «الموجز الحاوي » من دون أن يذكر استحباب الجماعة. وفي آخر الخطبة الّتي
رواها في «المصباح » عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «وإذا تلاقيتم فتصافحوا بالتسليم وتهانوا النعمة في
هذا اليوم» وهذه الخطبة قد اشتملت على فوائد جمّة وأخذت بأطراف الفصاحة والبلاغة ،
فدلّت على أنّها صدرت عن صدر الامّة وأنّ في التصافح تأكيداً للاخوّة وتثبيتاً
للمودّة أو تشبيهاً بالصحابة لأن كانوا يصافقون ويتصافون ويتهانون.
فرع
: قال في «المنتهى»
لو فاتت استحبّ قضاؤها عملاً بعموم الأمر الداّل على استحباب قضاء النوافل وبما
رواه الشيخ عن علي بن الحسين العبدي عن أبي عبد الله عليهالسلام : «وإن فاتتك الركعتان والدعاء قضيتهما بعد ذلك ». قلت : هذا هو الخبر الوارد في المقام. وفيه : «إنّ هذه الصلاة تعدل عند الله عزوجل مائة ألف حجّة ومائة ألف عمرة ، وما سأل الله حاجة من
حوائج الدنيا والآخرة إلّا قضيت كائنة ما كانت الحاجة».
[الخامس : صلاة ليلة
النصف من شعبان]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وصلاة
ليلة نصف شعبان وهي أربع ركعات بتسليمتين يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة والإخلاص
مائة مرّة ، ثمّ يعقّب ويعفّر)
هذه الصلاة
مشهورة كما في
__________________
وصلاة
ليلة نصف رجب والمبعث ويومه : وهي اثنتا عشرة ركعة تقرأ في كلّ ركعة الحمد ويس.
______________________________________________________
«مجمع البرهان » وقد رواها ثلاثون رجلاً من الثقات كما في «المصباح » ووقتها من بعد العشاء الآخرة إلى الفجر كما في «المراسم
» وليس في الخبر و «النهاية والمراسم والمعتبر والتذكرة والبيان » وغيرها ذكر التسليمتين ، لكنّ الأصل في كلّ ركعتين تسليمة حتّى
الفرائض كما في «كشف اللثام » ولم يذكر الأكثر التعقيب ولا أحد التعفير.
وفي «كشف
اللثام» وإن لم يكن في الخبر التعفير ففيه ما أنت به خبير وقد ورد في هذه الليلة صلوات عديدة تطلب من مظانّها.
[السادس : صلاة ليلة
النصف من رجب والمبعث]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وصلاة
ليلة نصف رجب والمبعث ويومه ، وهي اثنتا عشرة ركعة ، تقرأ في كلّ ركعة الحمد ويس)
كما
__________________
وصلاة فاطمة عليهاالسلام في أوّل ذي الحجّة ،
______________________________________________________
في «النهاية » في يوم المبعث و «السرائر » في يوم المبعث وليلته وبعض نسخ «المصباح » وفي أكثر نسخه الحمد وسورة في ليلة النصف ويوم المبعث. وذكر ذلك أي
الحمد وسورة في «التذكرة » في صلاة ليلة نصف رجب. وفي «المعتبر والمنتهى » جعلها في يوم المبعث. وفي «التحرير والمعتبر والتذكرة والمنتهى» يصلّي ليلة المبعث اثنتا عشرة ركعة في كلّ
ركعة الحمد مرّة والمعوّذتين والتوحيد أربع مرّات . وفي «التحرير» أنّها في يوم المبعث أيضاً .
هذا وقال في «النهاية
والسرائر» : فإن لم يتمكّن أي من قراءة يس قرأ ما تيسّر .
[السابع : صلاة فاطمة
عليهاالسلام في أوّل ذي الحجّة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وصلاة
فاطمة عليهاالسلام في أوّل ذي الحجة)
__________________
وصلاة يوم الغدير في الرابع والعشرين منه
______________________________________________________
قال في «المصباح»
: هو يوم مولد إبراهيم الخليل عليهالسلام وفيه زوّج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاطمة عليهاالسلام من أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، وروي أنّه كان يوم
السادس. ويستحبّ أن يصلّى فيه صلاة فاطمة عليهاالسلام وروي أنّها أربع ركعات مثل صلاة أمير المؤمنين عليهالسلام ، انتهى. وقد ذكر صلاتها صلّى الله عليها في هذا اليوم
الشهيد في «الذكرى » وقد يُفهم من مولانا الكفعمي حيث قال : وفي أوّل يوم
من ذي الحجّة تزوّج عليّ بفاطمة عليهماالسلام فصلّ فيه صلاة فاطمة عليهاالسلام ، انّ ذلك لأجل التناسب لالرواية تدلّ. وفي «البحار» قد
ورد في بعض الأخبار صلاة ركعتين في هذا اليوم قبل الزوال بنصف ساعة بكيفية صلاة
الغدير .
[الثامن : صلاة
الرابع والعشرين من ذي الحجّة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وصلاة
يوم الغدير في الرابع والعشرين منه)
أي من ذي
الحجّة أرسلها الشيخ في «المصباح» عن الصادق عليهالسلام وصرّح فيها بقراءة آية الكرسي إلى قوله : (هُمْ فِيها خالِدُونَ) .
__________________
وهو يوم تصدّق
أمير المؤمنين عليهالسلام بالخاتم فيه.
(الرابع)
يستحبّ صلاة أمير المؤمنين عليهالسلام :
وهي أربع ركعات
بتسليمتين ، في كلّ ركعة الحمد مرّة والتوحيد خمسين مرّة.
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وهو
يوم تصدّق أمير المؤمنين عليهالسلام بالخاتم فيه)
والأظهر في
الروايات أنّه يوم المباهلة كما في «الذكرى » وهو الأصحّ كما في «الروضة » وهو خيرة «المصباح ومسارّ الشيعة» على ما نقل .
[التاسع : صلاة أمير
المؤمنين عليهالسلام]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (يستحبّ
صلاة أمير المؤمنين عليهالسلام وهي أربع ركعات
بتسليمتين في كلّ ركعة الحمد مرّة والتوحيد خمسين مرّة)
نسبت هذه
الصلاة إلى أمير المؤمنين عليهالسلام في «النهاية والمصباح والمبسوط والمراسم والوسيلة والغنية وإشارة السبق والشرائع والتذكرة والإرشاد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والذكرى والموجز الحاوي والروض ومجمع البرهان والشافية» وغيرها . ونقل ذلك في «المختلف » عن السيّد والمفيد والقاضي والتقي. ونُسبت في جميع هذه
الكتب الصلاة الّتي هي ركعتان في الاولى بعد الحمد القدر مائة مرّة وفي الثانية
بعد الحمد الإخلاص مائة مرّة إلى فاطمة الزهراء صلوات الله عليها ، ونقل ذلك في «المختلف»
أيضاً عن الجماعة المذكورين. وعكس في «التحرير والبيان والدروس والنفلية » وكذا «المنتهى» فإنّ فيه تسمية ذات الأربع بصلاة فاطمة
عليهاالسلام ، ولم ينسب ذات الركعتين إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، ونقل النسبة المشهورة فيهما عن الشيخ وسكت عليه.
وقال في «المصباح»
: وروي أنّها يعني صلاة فاطمة عليهاالسلام أربع ركعات مثل صلاة أمير المؤمنين عليهالسلام . قلت : هي ما رواه الصدوق عن هشام بن سالم عن «أبي عبد
الله عليهالسلام قال : من صلّى أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة بخمسين مرّة
قل هو الله أحد كانت صلاة فاطمة عليهاالسلام وهي صلاة الأوّابين» ثمّ قال : وكان شيخنا محمّد بن
الحسن بن الوليد يروي هذه الصلاة وثوابها إلّا أنّه كان يقول : لا أعرفها بصلاة
فاطمة عليهاالسلام ، وأمّا أهل الكوفة فإنّهم يعرفونها بصلاة فاطمة عليهاالسلام. وقال
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الصدوق أيضاً عند عقد الباب : باب ثواب الصلاة الّتي يسمّيها الناس صلاة
فاطمة عليهاالسلام ويسمّونها صلاة الأوّابين . وكلام الصدوق وشيخه يفيد الشكّ في كونها صلاتها
والرواية صريحة في ذلك ، فلو كانت صحيحة كما في «المنتهى » فلا ينبغي الشكّ فيها ، والظاهر عدم صحّتها لمكان
محمّد بن إسماعيل السمّاك ومن وصفها بالصحّة كأنّه لحظ ما ذكروه من أنّ طريق الصدوق إلى ابن أبي عمير وهشام بن سالم
صحيح ، لكن الصدوق ذكر طريقيه إليهما ولم يذكر في واحد منهما محمّد بن إسماعيل
السمّاك.
وفي «فهرست
الوسائل » باب استحباب صلاة أمير المؤمنين عليهالسلام وكيفيّتها ، فيه حديثان في أنّها أربع ركعات في كلّ
ركعة الإخلاص خمسين مرّة ، وقال : باب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
استحباب صلاة فاطمة عليهاالسلام وكيفيّتها ، فيه سبعة أحاديث فيها أنّها أربع ركعات في
كلّ ركعة الإخلاص خمسين ، وروي ركعتان في الاولى القدر مائة مرّة وفي الثانية
الإخلاص مائة مرّة.
وفي «المدارك»
لم أقف لصلاة فاطمة عليهاالسلام على مستند سوى خبر المفضّل . يريد صلاة فاطمة عليهاالسلام الّتي هي الركعتان. وفي «المسالك» عكس جماعة من الأصحاب
النسبة ونسبوا الأربع لفاطمة عليهاالسلام والركعتين لعليّ عليهالسلام وكلاهما مروي ، فيشتركان في النسبة ، وتظهر الفائدة في
النسبة حال النيّة ، انتهى. وقد أنكر عليه مولانا الأردبيلي العكس والرواية. قلت : العكس قد سمعت نقله وأمّا
الرواية فلم نجدها ، فالأمر كما ذكر.
قال في «مجمع
البرهان» : الأربع تسند إليهما صلّى الله عليهما فكأنّه لأنّهما صلّياها صلّى الله
عليهما ، وأمّا الركعتان فلم يعلم استنادهما إلّا إليها صلّى الله عليها ، فليس
الاشتباه على الظاهر إلّا في الأربع ، والركعتان يُفهم من كلام بعضهم إسنادهما
إليه أيضاً صلّى الله عليه ، ففيهما الاشتباه أيضاً. ثمّ قال بعد كلامٍ له :
الظاهر أنّه لا اختلاف ولا إشكال ، لأنّ الأربع تُنسب إليهما صلّى الله عليهما
وآلهما والثنتان مخصوصة بها صلّى الله عليها وآلها ، فلو نذر صلاة أمير المؤمنين عليهالسلام مثلاً ولم يعلمها حال النذر فلا إشكال في وجوب الأربع
المذكورة لإسنادها إليه صلّى الله عليه وأخيه وآلهما مع عدم إسناد الغير إليه ولا
يضرّ إسنادها إليها صلّى الله عليه أيضاً ، وكذا لو أراد صلاتها صلّى الله عليها
مخيّراً بين الأربع والاثنتين وعلى تقدير عدم صحّة الروايتين يتعيّن الركعتان ،
لأنّ إسنادهما إليها متحقّق دون الغير ، وليس الإشكال في النية ، إذ يمكن الخروج بالامتياز
بالعدد والقراءة وغيرهما ، ولا يحتاج في النية إلى التصريح بأنّها صلاة أمير
المؤمنين مثلاً صلّى الله على أخيه
__________________
وصلاة
فاطمة عليهاالسلام : ركعتان ، في الاولى بعد الحمد القدر مائة مرّة ، وفي
الثانية بعد الحمد الإخلاص مائة مرّة.
وصلاة
الحبوة : وهي صلاة جعفر عليهالسلام ، أربع ركعات بتسليمتين ،
______________________________________________________
وعليه وآلهما ، فكلام المسالك غير واضح عندي والفائدة في النذر أحوج وهو
أعرف ، انتهى كلامه نفعنا الله تعالى ببركاته.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وصلاة
فاطمة عليهاالسلام .. إلى آخره)
تقدّم الكلام
في ذلك.
[العاشر : صلاة جعفر عليهالسلام]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وصلاة
الحبوة ، وهي صلاة جعفر عليهالسلام)
أجمع علماء
الإسلام إلّا نادراً على استحباب هذه الصلاة كما في «المدارك » وعليه الإجماع كما في «المنتهى » وظاهر «المعتبر » وهي مشهورة كما في «الذكرى والمفاتيح » وبين الخاصّة والعامّة بل بلغت الأخبار فيها التواتر
والأئمّة صلوات الله عليهم بأنفسهم كانوا يصلّونها كما في «مصابيح الظلام » ولم يستحبّها أحمد لأنّه زعم أنّها لم تصحّ.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أربع
ركعات بتسليمتين) هذا هو المشهور كما في «المختلف » بل كاد يكون إجماعاً كما في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«مصابيح الظلام ».
وفي «المختلف»
قال الصدوق في كتاب المقنع : وروي أنّها بتسليمتين . ولم أجد هذه العبارة في المقنع وكأنّ الشهيد في «الذكرى»
اعتمد على ما في المختلف فنسب إلى ظاهر الصدوق في المقنع أنّها بتسليمة . وفي «قواعده » أيضاً نسب ذلك إليه من دون ذكر المقنع. وفي «البحار»
بعد نقل عبارة المقنع كما هو موجود في النسخة الّتي عندنا قال : ولا دلالة في
عبارة المقنع إلّا من حيث إنّه لم يذكر التسليم ولعلّه أحاله على الظهور كالتشهّد
والقنوت وغيرهما ، انتهى. ونحوه قال في «مصابيح الظلام ». وتبعهما صاحب «الحدائق» فقال : إنّه لا دلالة في هذه
العبارة على ما ادّعاه في الذكرى من أنّ الأربع بتسليمة واحدة ، إذ الظاهر أنّ
الغرض من سياق كلامه إنّما هو بيان مواضع التسبيح وقدره كما يشير إليه قوله خمس
وسبعون .. إلى آخره. ومن ثمّ لم يتعرّض لذكر الركعة الثانية ولا للتشهّد ولا للقنوت
إمّا لما ذكرناه من أنّ الغرض من سياق الكلام إنّما هو ما ذكرناه أو من حيث ظهور
ذلك فاكتفى بظهوره عن ذكره ، انتهى.
قلت : كأنّه من
المعلوم أنّ الشهيد لم يستند في النسبة إلى الصدوق إلى هذه العبارة ، فلا بدّ وأن
يكون قد استند إلى غيرها أو إلى ما في المختلف ، وقد أشرنا إلى ذلك في أوّل كتاب
الصلاة .
__________________
في الاولى
الحمد وإذا زلزلت
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (في
الاولى الحمد وإذا زلزلت)
الرواية الّتي دلّت على أنّ في الاولى إذا زلزلت وفي الثانية
العاديات وفي الثالثة النصر وفي الرابعة الإخلاص أشهر كما في «المعتبر والمنتهى والتذكرة » وإليه ذهب الأكثر كما في «المدارك والمصابيح » وهو المشهور كما في «الفوائد الملية والحدائق » وهو خيرة «جُمل العلم والنهاية والمصباح والمبسوط والمراسم والوسيلة والغنية والإشارة والسرائر والشرائع »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمصنّف في كتبه والشهيدان وأبو العباس وغيرهم . وهو المنقول عن أبي علي وأبي الصلاح وأبي القاسم والقاضي. ووافقهم على ذلك الصدوق في «الفقيه» وقال بعد
ذلك : وإن شئت صلّيت كلّها بالحمد والإخلاص . وقال وفي «المقنع» أنه يقرأ بعد الحمد الإخلاص في
الجميع ثمّ قال : وروي وذكر المشهور . وفي «الهداية» أنه يقرأ في الاولى العاديات وفي
الثانية الزلزلة وفي الثالثة النصر وفي الرابعة التوحيد . وهو المنقول عن رسالة أبيه ، والموجود في «الفقه المنسوب إلى مولانا
الرضا عليهالسلام » ومنه أخذ إن لم يكن عنه. واختار صاحب «الشافية» ما في
خبر أبي البلاد وخيّر صاحب «مجمع البرهان » وعن الحسن بن عيسى أنه يقرأ في الاولى الزلزلة وفي
الثانية النصر وفي الثالثة العاديات وفي الرابعة التوحيد .
__________________
ثمّ تقول :
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله اكبر خمس عشرة مرّة ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ثمّ
تقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله اكبر خمس عشرة مرّة)
المشهور كما
ذكر المصنّف أنّ التسبيح بعد القراءة قبل الركوع كما في «المختلف والكفاية والمصابيح » والرواية الدالّة عليه أشهر وعليها المعظم كما في «الذكرى
والمختلف » أيضاً. وإليه ذهب القديمان على ما نقل والصدوق في «الهداية والمقنع » والشيخان والسيّدان في «الجُمل والغنية » والحلبيّان في «الإشارة والكافي » على ما أظنّ والديلمي والحلّيون في «السرائر والشرائع » وباقي كتب المصنّف
__________________
ثمّ يركع ويقولها عشراً ،
______________________________________________________
والشهيدان وأبو العبّاس وجمهور المتأخّرين . وجوّز الصدوق في «الفقيه » تقديم التسبيح على الحمد وسورة عملاً بخبر أبي حمزة . ووافقه على ذلك مولانا الأردبيلى .
وما ذكره
المصنّف في وصف التسبيح وترتيبه هو المشهور كما في «المختلف » والمعروف كما في «المصابيح » وهو المذكور في «المقنع والهداية وجُمل العلم والنهاية
والمصباح والمبسوط والغنية والسرائر» وغيرها. وخيّر في «الفقيه » بينه وبين الموجود في رواية أبي حمزة الّتي قدّم
التكبير على غيره. وأمّا عدد التسبيح فى جميع مواضعه فلا خلاف فيه أصلاً.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ثمّ
يركع ويقولها عشراً) بعد ذكر الركوع وكذا السجود للاستصحاب ولظاهر قولهم :
فإذا ركعت قلت .. إلى آخره.
__________________
ثمّ يقوم ويقولها عشراً ، ثمّ يسجد الاولى ويقولها عشراً ، ثمّ يجلس
ويقولها عشراً ، ثمّ يسجد الثانية ويقولها عشراً ، ثمّ يجلس ويقولها عشراً ،
______________________________________________________
ولو كانت تكفي عنه لكانوا يقولون : وتقول عوض ذكر الركوع كذا وذكر السجود
كذا. ولا تكفي عن التسميع بعد الرفع من الركوع ولا عن التكبير للركوع والسجود ولا
عن الاستغفار بين السجدتين ، ومن المعلوم أنّها لا تسقط التشهّد ولا تسقط التسليم
، وفي ذلك تأييد لما ذكرناه من عدم سقوط ما ذكرناه.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ثمّ
يقوم ويقولها عشراً ، ثمّ يسجد الاولى ويقولها عشراً ، ثمّ يجلس ويقولها عشراً ،
ثمّ يسجد الثانية ويقولها عشراً ، ثمّ يجلس ويقولها عشراً)
المشهور كما في
«المختلف ومصابيح الظلام والحدائق » أنّ العشر بعد السجدة الثانية قبل القيام إلى الركعة
الثانية وكذا في الثالثة قبل القيام إلى الرابعة ، قال في «المختلف» أيضاً : ذهب
إليه الشيخان والسيّد المرتضى وابنا بابويه وأبو الصلاح وابن البرّاج وسلّار ،
وقال ابن أبي عقيل : ثمّ يرفع رأسه من السجود وينهض قائماً ويقول ذلك عشراً ، ثمّ
يقرأ ، وأبو جعفر ابن بابويه روى أنّ التسبيح قبل القراءة في الركعات أيضاً ، قال في
الرواية : «ثمّ ترفع رأسك من السجود فتقولهنّ عشر مرّات ثم تنهض فتقولهنّ خمس عشرة
مرّة». لنا رواية بسطام الصحيحة عن الصادق عليهالسلام «وإذا سجدت الثانية عشراً وإذا رفعت رأسك عشراً ، فذلك خمس وسبعون» وعلى
قول ابن أبي عقيل يكون في الاولى خمس وستّون ولم يصل إلينا حديث يدلّ على ما قاله
__________________
ثمّ يقوم إلى الثانية فيقرأ بعد الحمد والعاديات ثمّ يصنع كما صنع في
الاولى ، ويتشهّد ويسلّم ،
______________________________________________________
رحمهالله تعالى ، انتهى ما في المختلف. قلت : قد يقال إنّه لا يلزم ابن
أبي عقيل أن يكون في الاولى خمس وستون كما هو الظاهر.
والمشهور خيرة «الغنية
» أيضاً و «السرائر والإشارة والشرائع » وسائر المتأخّرين. وهو صريح «الفقه المنسوب إلى مولانا
الرضا عليهالسلام ».
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ثمّ
يقوم إلى الثانية فيقرأ بعد الحمد والعاديات ، ثمّ يصنع كما صنع في الاولى ،
ويتشهّد ويسلّم) والتسبيحات قبل الشروع في التشهّد بعد رفع الرأس عن
السجود كما هو ظاهر من الأخبار ، بل وقع في بعضها التصريح به. ويجعل التسبيح قبل القنوت في الركعة الّتي
يقنت فيها كما في «المصابيح ». وقال في «الحدائق» : لا خلاف في أنّ في الأربع قنوتين
وأنّه بعد القراءة والتسبيح وقبل الركوع فيهما ، وفي بعض الأخبار أنّ الثاني بعد الركوع. قلت : هذا
الخبر مذكور في «احتجاج الطبرسي ».
__________________
ثمّ يقوم بنيّة
واستفتاح إلى الثالثة يقرأ بعد الحمد النصر ويصنع كما فعل أوّلاً ، ثمّ يقوم إلى
الرابعة فيقرأ بعد الحمد الإخلاص ويصنع كفعله الأوّل ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ثمّ
يقوم بنيّة واستفتاح إلى الثالثة يقرأ بعد الحمد النصر ، ويصنع كما فعل أوّلاً ،
ثمّ يقوم إلى الرابعة ويقرأ بعد الحمد الإخلاص ويصنع كفعله الأوّل)
وفي بعض الأخبار
أنّه إذا كان مستعجلاً صلّاها مجرّدة عن التسبيحات ويقضي التسبيحات وهو
ذاهب في حوائجه. وهو خيرة «الذكرى والدروس والبيان والنفلية والفوائد الملية والروض » وظاهر «المنتهى » قال الاستاذ دام ظلّه العالي في «مصابيح الظلام» : وفي
خبر آخر معتبر أنّه يصلّيها مجرّدة ثمّ يقضي التسبيح وبذلك أفتى الفقهاء. وهذا
ممّا ينادي بعدم سقوط ذكر الركوع والسجود ولا غيرهما في هذه الصلاة كما لا يخفى
على الفطن .
وفي «الذكرى ومجمع البرهان والكفاية » وظاهر «المنتهى» أنّها
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
تصلّى سفراً وحضراً وتجوز في المحمل مسافراً . قال في «المصابيح» : لا تأمّل في جوازها سفراً.
والظاهر جواز فعلها على طريقة سائر النوافل لكن الأولى والأحوط العمل بالصحيحة وما
يظهر من الفاضلين . يريد المصنّف والشهيد فإنّه يظهر منهما الاقتصار على
المحمل للمسافر.
وقال ابن حمزة والشهيدان وجماعة : يصحّ أن تحسب من نوافل الليل والنهار. وفي «الحدائق»
أنّه مشهور ، وبه نطقت الأخبار الكثيرة . وقال في «الذكرى» : قال ابن الجنيد : يجوز جعلها من
قضاء النوافل ولا احبّ الاحتساب بها من شيء من التطوّع الموظّف عليه . وجوّز في «البيان» جعلهما من الفرائض . وفي «الذكرى والروض» يظهر من بعض الأصحاب جواز جعلها
من الفرائض ، إذ ليس فيه تغيير فاحش . وكلامهما قد يلوح منه الميل إلى ذلك ، ونقل ذلك في «فوائد
الشرائع » عن الذكرى ساكتاً عليه. وقد أطال الاستاذ دام ظلّه في
الاستدلال على عدم جواز جعلها من الفرائض . ونحوه قال صاحب «الحدائق ».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وظاهر جماعة كما هو صريح «مجمع البرهان ومصابيح الظلام والحدائق» العمل بما رواه الشيخ في كتاب الغَيبة عن
الحميري محمّد بن عبد الله بن جعفر عن الناحية المقدّسة في جواب مسائله حيث سأله
عن صلاة جعفر إذا سها في التسبيح فى قيام أو قعود أو ركوع أو سجود ، ذكره فى حالة
اخرى قد صارفيها من هذه الصلاة هل يعيد ما فاته من ذلك التسبيح في الحالة الّتي
ذكره أم يتجاوز في صلاته؟ فوقّع عليهالسلام : إذا سها في حالة من ذلك ثمّ ذكر في حالة اخرى قضى ما
فاته في الحالة الّتي ذكره . وما في «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام » وفي «الروض والمسالك ومجمع البرهان » وظاهر «المنتهى والذكرى» أنّه لو صلّى ركعتين منها ثمّ عرض له عارض بنى
بعد إزالة عارضه على الركعتين ويأتي بالأخيرتين بعدهما . قال في «مصابيح الظلام» : يأتي بالأخيرتين بعدهما بعد
زوال عذره بلا فصل احتياطاً كما أنّ الفصل بين الأربع لا يفعل من غير عذر احتياطاً
لما ورد في بعض الأخبار حين سألوهم عليهمالسلام عن جواز الفصل والبناء : إن قطعه عن ذلك أمر لا بدّ منه
فليقطع ثمّ ليرجع فليبن إن شاء .
__________________
ويدعو في آخر
سجدته بالمأثور.
ولا اختصاص
لهذه الصلوات بوقت ، وأفضل أوقاتها الجُمَع.
ويستحبّ
بين المغرب والعشاء صلاة ركعتين ، يقرأ في الاولى
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ويدعو
في آخر سجدة بالمأثور) في خبر أبي سعيد المدائني أو في مرفوع ابن محبوب .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولا
اختصاص لهذه الصلاة بوقت ، وأفضل أوقاتها الجُمَع)
قال في «مصابيح
الظلام» : البناء عند الفقهاء على ذلك . قلت : وبه صرّح في «المصباح » وفي «كشف اللثام » لم أظفر لخصوصه بخبر إلّا التوقيع من الناحية المقدّسة
في جواب سؤال الحميري عن صلاة جعفر أيّ أوقاتها أفضل؟ فوقّع عليهالسلام : أفضل أوقاتها صدر النهار يوم الجمعة . قلت : ويحتمل أن يكون بعده فى الفضل جعلها من نوافل
الليل كما يشعر قول رجاء ابن أبي الضحّاك في «عيون أخبار الرضا عليهالسلام» أنّه كان يصلّى في آخر الليل أربع ركعات بصلاة جعفر
إلى أن قال : ويحتسبها من صلاة الليل .
[الحادي عشر : صلاة
الغفيلة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ويستحبّ
بين المغرب والعشاء صلاة ركعتين يقرأ في الاولى الحمد وقوله تعالى : «(وَذَا النُّونِ) ..
إلى
__________________
الحمد وقوله تعالى : (وَذَا النُّونِ إِذْ
ذَهَبَ مُغاضِباً) إلى آخر الآية ، وفي الثانية الحمد وقوله تعالى : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ) إلى آخر الآية ، ثمّ يرفع يديه فيقول : اللهمّ إنّي
أسألك بمفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا أنت أن تصلّي على محمّدٍ وآل محمّد وأن
تفعل بي كذا ، اللهمّ أنت وليّ نعمتي والقادر على طلِبَتي تعلم حاجتي فأسألك بحقّ
محمّدٍ وآل محمّد (وآله خ ل) عليه وعليهمالسلام لمّا قضيتها لي ، ويسأل حاجته.
______________________________________________________
آخر الآية» والثانية الحمد وقوله تعالى : «وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ. إلى آخر الآية» ثمّ يرفع يديه فيقول : اللهم إنّي
أسألك بمفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا أنت أن تصلّي على محمّدٍ وآل محمّد وأن
تفعل بي كذا ، اللهمّ أنت وليّ نعمتي والقادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحقّ
محمّدٍ وآل محمّد عليه وعليهمالسلام لمّا قضيتها لي ، ويسأل حاجته هذه الصلاة رواها الشيخ
في «المصباح » بهذه الكيفية عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام ، ورواها السيّد العابد ابن طاووس في «فلاح السائل» عن
هشام بن سالم كذلك ، وزاد قوله : فإنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لا تتركوا ركعتي الغفيلة وهما ما بين العشاءين . إلى غير ذلك من الأخبار الّتي قد يأتي ذكرها عند
الحاجة إليها.
وعبارة الكتاب
أعني قوله بين المغرب والعشاء كغيرها من العبارات ظاهرة في كونها بين الصلاتين متى
صلّيا في وقت فضيلتهما. وهذه العبارة وردت فى الأخبار ، ففي خبر هشام : «بين
العشاءين ». وفي موثّق سماعة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المروي في «العلل » : «بين المغرب والعشاء الآخرة». وكذا في خبر وهب أو
السكوني المرويّ في «التهذيب وفلاح السائل » أيضاً. واحتمل في «كشف اللثام» أنّها بين الوقتين .
وفي «مفتاح
الفلاح» أنّ وقتها من غروب الشمس إلى غروب الشفق ، وقال : المراد بقوله عليهالسلام في خبر السكوني أو وهب : «ما بين المغرب والعشاء» ما
بين وقت المغرب ووقت العشاء أعني ما بين غروب الشمس وغيبوبة الشفق كما يرشد إليه
الحديث السابق ، يريد به ما رواه في «الفقيه» عن الباقر عليهالسلام أنّ إبليس إنّما يبثّ جنود الليل من حين تغيب الشمس إلى
مغيب الشفق ويبثّ جنود النهار من حين يطلع الفجر إلى طلوع الشمس ، وذكر : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول : أكثروا ذكر الله عزوجل في هاتين الساعتين وتعوّذوا بالله عزوجل من شرّ إبليس وجنوده ، وعوّذوا صغاركم في هاتين
الساعتين فإنّهما ساعتا غفلة ثمّ قال : وقد ورد في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الأحاديث أنّ أوّل وقت العشاء غيبوبة الشفق. ومن هذا يستفاد أنّ
وقت أداء ركعتي الغفيلة ما بين المغرب وذهاب الشفق ، فإن خرج صارت قضاء ، انتهى.
وفيه : أنّه لا
دلالة في الخبر الّذي أشار إليه على أنّ الصلاة من ذلك الوقت وإنّما يدلّ على أنّ
ابتداء التسمية بالغفلة من ذلك الوقت ، ومجرّد كون هذه الصلاة تصلّى في ساعة
الغفلة لا يستلزم تقديمها على الفريضة ومجرّد فوات الأداء لا يستلزم القضاء كما هو
الحقّ.
والمفهوم من
الأخبار اختصاص ذلك بالرواتب اليوميّة وصريح «التذكرة » وظاهر «المصباح » وغيره كالكتاب أنّهما غير الأربع الرواتب. قال في «كشف اللثام»
وهما غير الأربع الرواتب كما يعطيه ظاهر الكتاب وغيره ولا تعطيه الأخبار ولا ما
ورد من استحباب سوَر وآيات غير الآيتين في الأربع .
وعن بعض متأخّري المتأخّرين أنّه يكفي في أداء هذه الوظيفة
الإتيان بنافلتي المغرب وكأنّه نظر إلى الأمر بالتنفّل في ساعة الغفلة بقول مطلق.
وأورد عليه :
بأنّ ورود الخبر بتعيين هذه الصلاة بقراءة خاصّة وكيفيّة تفارق كيفية نافلتي
المغرب الموظّفة يعطي تقييد ذلك الإطلاق بهذه الصلاة الخاصّة
__________________
وصلاة
ركعتين يقرأ في
الاولى الحمد مرّة والزلزلة ثلاث عشرة مرّة ،
______________________________________________________
الزائدة على نافلتي المغرب ، انتهى.
وفيه : أنّ
المقيّد في المستحبّات يحمل على تأكّد الاستحباب ويبقى المطلق على حاله ، وقد ورد
في الرواية المنقولة من كتاب «فلاح السائل» تفسير الخفيفتين بالاقتصار على الحمد
وحدها إلّا أن يحمل على ضيق الوقت أو الاستعجال.
وظاهر «الذكرى»
أنّ هاتين الركعتين الخفيفتين المرويتين في «التهذيب وفلاح السائل» غير ركعة
الغفيلة المذكورة في رواية هشام بن سالم ، قال : يستحبّ ركعتان ساعة الغفلة وقد
رواها الشيخ بسنده عن الصادق عليهالسلام وساق رواية وهب أو السكوني ثمّ قال : ويستحبّ أيضاً بين المغرب والعشاء ركعتان
يقرأ في الاولى بعد الحمد وذا النون .. إلى آخره وقد يلوح من «كشف اللثام » موافقة الذكرى. وفي «الموجز الحاوي وكشف الالتباس» إذا سها في ركعتي الغفيلة عن قراءة الآي
الموظّف لها حتّى ركع قرأ الآي في ركوعه وإن ذكر وهو راكع ، وفي سجوده إن ذكر وهو
ساجد ، وإن لم يذكر حتّى رفع من السجدة الثانية صارت نافلة مطلقة ليست بركعتي
الغفيلة فيتمّها ركعتين وفي «الموجز الحاوي» يجوز أن يتمّها واحدة ويستأنف
الغفيلة ، ولو سها عن قنوتها تداركه قبل سجوده فيقضيه بعد سلامه ويكبّر له
مستقبلاً ، انتهى.
[الثاني عشر : صلاة اخرى]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وصلاة
ركعتين يقرأ فى الاولى الحمد
__________________
وفي الثانية
الحمد مرّة والتوحيد خمس عشرة مرّة.
(الخامس) يستحبّ يوم الجمعة :
الصلاة
الكاملة : وهي أربع قبل الصلاة ، يقرأ في كلّ ركعة الحمد عشراً والمعوّذتين والإخلاص
والجحد وآية الكرسي عشراً عشراً.
______________________________________________________
مرّة والزلزلة ثلاث عشرة مرّة ، وفي الثانية الحمد مرّة والتوحيد خمس عشرة
مرّة قال الشيخ في «المصباح» : روي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «أوصيكم بصلاة ركعتين بين العشاءين تقرأ في
الاولى .. إلى آخر ما ذكر » وقال في «كشف اللثام» ولا يعطي الخبر أنّهما غير
الأربع كظاهر الكتاب وغيره .
[الثالث عشر : الصلاة
الكاملة يوم الجمعة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (يستحبّ
يوم الجمعة الصلاة الكاملة ، وهي أربع ركعات قبل الصلاة يقرأ في كلّ ركعة الحمد
عشراً والمعوّذتين والإخلاص والجحد وآية الكرسي عشراً عشراً)
هذا ما في
الرواية المسندة في «المصباح» قال : وفي رواية اخرى إنّا أنزلناه عشر مرّات وشهد
الله عشر مرّات ، فاذا فرغ استغفر الله مائة مرة ، ثمّ يقول : سبحان الله والحمد
لله ولا إله إلّا الله والله أكبر ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم مائة
مرّة ، ويصلّي على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مائة مرّة. قال : من صلّى هذه الصلاة وقال هذا القول
دفع الله تعالى عنه شرّ أهل السماء وشرّ أهل الارض . وذكر في «الذكرى» ما في الرواية الثانية وقال : إنّها
مرويّة عن الصادق عليهالسلام عن أبيه عن جدّه عن علي عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم . ولعلّه فهم من قول الشيخ : وفي رواية اخرى ، أنها عن
الصادق عليهالسلام كما في الرواية الاولى (كالرواية الأولى خ ل) أو عثر
عليها كذلك.
__________________
وصلاة
الأعرابي : عند ارتفاع النهار ، وهي عشر ركعات يصلّي ركعتين بتسليمة ، يقرأ في الاولى
الحمد مرّة والفلق سبع مرّات ، وفي الثانية الحمد مرّة والناس سبع مرّات ، ثمّ
يسلّم ويقرأ آية الكرسي سبعاً ، ثمّ يصلّي ثماني ركعات بتسليمتين يقرأ في كلّ ركعة
الحمد مرّة
______________________________________________________
[الرابع عشر : صلاة
الأعرابي]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وصلاة
الأعرابي عند ارتفاع النهار)
هذه الصلاة
مشهورة في كتب الأصحاب يذكرونها في المقام وعند قولهم : كلّ النوافل ركعتان بتشهّد
وتسليم ، حيث يستثنونها هناك. وفي «الذكرى والدروس والمدارك » وغيرها أنّها لم يثبت لها طريق من طرق أصحابنا ، انتهى. وفي «المصباح»
روى زيد بن ثابت قال : أتى رجل من الأعراب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الحديث. وفي «كشف اللثام» وفي رواية عنه يعني زيد بن
ثابت أنّ الأعرابي متمّم بن نويرة أخو مالك اليربوعي .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وهي
عشر ركعات ، يصلّي ركعتين بتسليمة ، يقرأ في الاولى الحمد مرّة والفلق سبع مرّات ،
وفي الثانية الحمد مرّة والناس سبع مرّات ، ثمّ يسلّم ويقرأ آية الكرسي سبعاً ،
ثمّ يصلّي ثماني ركعات بتسليمتين يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة
__________________
والنصر مرّة والتوحيد خمساً وعشرين مرّة ، ثم يقول بعدها : سبحان الله ربّ
العرش الكريم لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم سبعين مرّة.
وصلاة
الحاجة : ركعتان بعد صوم
ثلاثة أيّام آخرها الجمعة.
______________________________________________________
والنصر
مرّة والتوحيد خمساً وعشرين مرّة ثمّ يقول بعدها : سبحان الله ربّ العرش الكريم ،
ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم) وفي خبر : «أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : فو الّذي اصطفاني بالنبوّة ما من مؤمن ولا مؤمنة
يصلّي هذه الصلاة يوم الجمعة إلّا وأنا ضامن له الجنة ولا يقوم من مقامه حتّى يغفر
له ذنوبه ولأبويه ذنوبهما ».
[الخامس عشر : صلاة
الحاجة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وصلاة
الحاجة) وهي
(ركعتان بعد صوم ثلاثة أيّام آخرها
الجمعة) قد ذكر الصدوق والشيخان في «الفقيه والهداية والمقنع والمقنعة والمصباح » صلوات شتّى للحاجة. ولا فرق في الحاجة بين أن تكون دفع
مرض أو همّ أو غمّ أو غير ذلك ، ولا فرق بين أن تكون عند الله جلّ شأنه أو عند
الناس ، والصلاة مستحبّة لها متى عرضت ليلاً كان أو نهاراً.
__________________
وتستحبّ صلاة الشكر عند تجدّد النِعَم ، وهي ركعتان يقرأ في الاولى الحمد
والإخلاص ، وفي الثانية الحمد والجحد.
______________________________________________________
[السادس عشر : صلاة
الشكر]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (تستحبّ
صلاة الشكر عند تجدّد النِعَم ، وهي ركعتان يقرأ في الاولى الحمد والإخلاص ، وفي
الثانية الحمد والجحد) قال الصدوقان في «المقنع والرسالة» على ما نقل عنها : وتقول في الركعة الاولى في ركوعك : الحمد لله
شكراً ، وفي سجودك : شكراً لله وحمداً ، وتقول في الركعة الثانية من الركوع
والسجود : الحمد لله الّذي قضى حاجتي وأعطاني مسألتي. والموجود في رواية هارون بن
خارجة «أنّه يقول في ركوع الاولى : الحمد لله شكراً وحمداً ، وفي ركوع الثانية :
الحمد لله الّذي استجاب دعائي وأعطاني مسألتي» .
وهذه الصلاة
تصلّى أيضاً عند دفع النقم وقضاء الحوائج كما يشير إليه كلام الصدوقين ، وهو صريح «النفلية والفوائد الملية »
وعن القاضي ابن
البرّاج أنّه قال : وقت صلاة الشكر عند ارتفاع النهار ، والمفهوم من كلام الأصحاب أنّ محلّها وجود النعمة.
وفي «كشف اللثام » : «قال أمير المؤمنين عليهالسلام في خبر محمّد بن مسلم : إذا كسا الله المؤمن ثوباً
جديداً فليتوضأ وليصلّ ركعتين يقرأ فيهما امّ الكتاب وآية الكرسي وقل هو الله أحد
وإنّا
__________________
وصلاة
الاستخارة: يكتب في ثلاث رقاع : بسم الله الرحمن الرحيم ، خيرة من الله العزيز الحكيم
لفلان بن فلان افعل. وفي ثلاث رقاع بسم الله الرحمن الرحيم ، خيرة من الله العزيز
الحكيم لفلان بن فلانة لا تفعل ، ثمّ يضعها تحت مصلّاه ، ثمّ يصلّي ركعتين ، ثمّ
يسجد بعد التسليم ويقول فيها : أستخير الله برحمته خيرةً في عافية مائة مرّة ، ثم
يجلس ويقول : اللهمّ خرلي في جميع اموري في يسرٍ منك وعافية ، ثمّ يشوّش الرقاع
ويخرج واحدة واحدة ، فإن خرج ثلاث متواليات «افعل» فليفعل ، وإن خرج ثلاث متواليات
«لا تفعل» فليترك ، وإن خرجت واحدة «افعل» والاخرى «لا تفعل» فليخرج من الرقاع إلى
خمس ويعمل على الأكثر.
______________________________________________________
أنزلناه في ليلة القدر ثمّ ليحمد الله الّذي ستر عورته وزيّنه في الناس
وليكثر من قول : لا حول ولا قوّة إلّا بالله فإنّه لا يعصي الله فيه وله بكلّ سلك
فيه ملَك يقدّس له ويستغفر له ويترحّم عليه ».
[السابع عشر : صلاة
الاستخارة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وصلاة
الاستخارة) لمّا كانت الاستخارة عامّة النفع كثيرة الفوائد كثيرة
التداول بين الناس أحببنا أن نستوفي فيها الكلام ونذكر جميع ما وجدناه في كتب
الأعلام وننبّه على حال ما اشتهر بين الخواصّ والعوامّ.
فالمستفاد من
الأخبار استحباب الاستخارة لكلّ شيء ، بل يستفاد استحبابها حتّى في العبادات
المندوبات. قال في «فهرست الوسائل» : باب استحبابها حتّى في العبادات المندوبات
وكيفيّتها وفي ذلك ثلاثة عشر حديثاً ، وأنّ الأفضل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
إيقاعها في الأوقات الشريفة والأماكن الكريمة خصوصاً عند قبر الحسين عليهالسلام ، وينبغي الرضا بما خرجت به ، فقد روى البرقي في «المحاسن»
بإسناده عن عثمان ابن عيسى عن بعض أصحابه «عن أبي عبد الله عليهالسلام : إنّ أبغض الخلق إلى الله مَن يتّهم الله. قال السائل
: وأحد يتّهم الله؟ قال : نعم من استخار فجاءته الخيرة بما يكره فسخط فذلك يتّهم
الله تعالى». وممّا يحثّ على الاستخارة ما رواه ابن طاووس عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «كنّا نتعلّم الاستخارة كما نتعلّم السورة
من القرآن ، ثمّ قال : * ما ابالي إذا استخرت على أيّ جنبي وقعت». وروى البرقي عنه
عليهالسلام أنّه قال : «مَن دخل في أمرٍ بغير استخارة ثمّ ابتلي لم
يؤجر» . وفيه دلالة على ذمّ تارك الاستخارة في الامور الّتى يأتي بها.
ولا بدّ من
بيان معنى هذه الكلمة لغةً ، ففي «القاموس والنهاية والمصباح
__________________
(*) الظاهر أنه
الصادق عليهالسلام (بخطّه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المنير ومجمع البحرين » أنّ الاستخارة طلب الخيرة ، قال في «مجمع البحرين» :
خار الله لك أي أعطاك ما هو خيرٌ لك ، والخيرة بسكون الياء اسم منه ، والاستخارة
طلب الخيرة كعِنَبة ، وأستخيرك بعلمك أي أطلب منك الخير متلبّساً بعلمك بخيري
وشرّي ، وفي الحديث : «من استخار الله راضياً بما صنع خار الله له حتماً» أي طلب
منه الخِيرة في الأمر. وفيه «استخر ثمّ استشر» ومعناه إنّك تستخير الله أوّلاً بأن
تقول : اللهم إنّي أستخيرك خيرةً في عافية وتكرّر ذلك مراراً ثمّ تشاور بعد ذلك
فيه فإنّك إذا بدأت بالله أجرى الله لك الخيرة على لسان من يشاء من خلقه. وخر لي
واختر لي أي اجعل أمري خيراً أو ألهمني فعله واختر لي الأصلح ، انتهى.
وفي «السرائر»
الاستخارة في كلام العرب الدعاء وهو من استخارة الوحش ، وذلك بأن يأخذ القانص ولد
الظبية فيعرك اذنه فيبغم فإذا سمعت امّه بغامه لم تملك أن تأتيه فترمي بنفسها عليه
فيأخذها القانص حينئذٍ. واستدلّ على ذلك بقول حميد بن ثور الهلالي ، ثمّ قال :
وكان يونس بن حبيب اللغوي يقول : إنّ معنى قولهم استخرت الله استفعلت من الخير أي
سألت الله أن يوفّق لي خير الأشياء الّتي أقصدها ، فمعنى صلاة الاستخارة على هذا
صلاة الدعاء ، انتهى.
قلت : المفهوم
من الأخبار أنّه (أنها خ ل) قد جاءت الاستخارة فيها على معانٍ عديدة :
الأوّل : طلب
تعرّف ما فيه الخيرة. وهذا هو المعروف الآن بين الناس ، وهذا يكون بالرقاع أو
البنادق أو فتح المصحف أو أخذ السبحة وعدّها أو الحصى أو القرعة أو القيام إلى
الصلاة أو الأخذ من لسان المشاور. ولا بدّ في هذه من الدعاء والصلاة معاً أو
الدعاء وحده ما عدا القيام إلى الصلاة فإنّه قد يظهر من الخبر الاكتفاء به وحده ،
وقد تكون الاستخارة بالدعاء المجرّد عن ذلك كلّه. ويأتي إن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
شاء الله تعالى بيان ذلك كلّه.
الثاني : طلب
العزم على ما فيه الخيرة كما في موثّقة ابن أسباط قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليهالسلام : جعلت فداك ما ترى آخذ برّاً أو بحراً فإنّ طريقنا
مخوف شديد الخطر؟ قال : اخرج برّاً ، ولا عليك أن تأتي مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتصلّي ركعتين في غير وقت فريضة ثمّ تستخير الله مائة
مرّة ومرّة ثمّ تنظر فإن عزم الله لك على البحر فقل الذي .. الحديث .
الثالث : ما
ورد بمعنى طلب الخيرة من الله عزوجل بمعنى أنّه يسأل الله تعالى في دعائه أن يجعل الخير
ويوفّقه في الأمر الّذي يريده كما في «الكافي» عن عمرو بن حريث قال : قال أبو عبد
الله عليهالسلام : صلّ ركعتين واستخر الله ، فو الله ما استخار الله
مسلم إلّا خار الله له ألبتة .
الرابع : طلب
تيسّر ما فيه الخيرة كما في رواية مرازم المرويّة في «الفقيه» قال : قال أبو عبد
الله عليهالسلام : إذا أراد أحدكم شيئاً فليصلّ ركعتين ثمّ ليحمد الله
وليثن عليه وليصلّ على محمّدٍ وعلى أهل بيته ويقول : اللهمّ إن كان هذا الأمر
خيراً لي في ديني ودنياي فيسّره لي وقدّره لي ، وإن كان غير ذلك فاصرفه عنّي ..
الحديث .
وهذه المعاني
الأربعة ذكرها في «الوافي » وتبعه صاحب «الحدائق» وقال في «الحدائق» : إنّ
الأخيرين متقاربان ، والظاهر أنّ مآلهما غالباً إلى واحد ، انتهى فتأمّل.
وفي كلام
الأصحاب الإشارة إلى مثل ذلك ، ففي «المقنع» قال والدي : إذا أردت أمراً فصلّ
ركعتين واستخر مائة مرّة ومرّة ، فما عزم لك فافعل . وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الغنية» ذكر الركعتين والدعاء ثمّ قال : ويذكر حاجته الّتي قصد هذه الصلاة
لأجلها . وفي «الإشارة» يصلّي ركعتين ويدعو بعد فراغه بدعائها
ويعفر جبهته وخدّيه ويسأل الخير فيما قصد إليه . وفي «المعتبر» تصلّي ركعتين وتسأل الله سبحانه أن يجعل
ما عزمت عليه خيرة . وفي «السرائر» بعد ذكر الصلاة والدعاء قال : ثمّ يفعل
ما يقع في قلبه .
ولنرجع إلى
أفراد المعنى الأوّل فنقول :
أمّا
الاستخارة بالرقاع ففي «فهرست الوسائل» أنّ في استحبابها وكيفيّتها خمسة أحاديث . وقد أنكرها في «السرائر» غاية الإنكار ، قال : وأمّا
الرقاع والبنادق والقرعة فمن أضعف الأخبار ، لأنّ رواتها فطحية مثل زرعة ورفاعة
وغيرهما ملعونون فلا يلتفت إلى ما اختصّا بروايته ، والمحصّلون من أصحابنا ما
يختارون في كتب الفقه إلّا ما اخترناه ، ولا يذكرون البنادق والرقاع والقرعة إلّا
في كتب العبادات دون كتب الفقه ، فشيخنا أبو جعفر لم يذكر في نهايته ومبسوطه
واقتصاده إلّا ما ذكرناه واخترناه ، وكذا شيخنا المفيد في رسالته إلى ولده لم
يتعرّض للرقاع ولا للبنادق ، بل أورد روايات كثيرة فيها صلوات وأدعية ولم يتعرّض
لشيء من الرقاع. والفقيه عبد العزيز أورد ما اخترناه فقال : وقد ورد في الاستخارة
وجوه عديدة أحسنها ما ذكرناه. وأيضاً فالاستخارة في كلام العرب الدعاء ، انتهى ما ذكره في السرائر. وقال في «المعتبر» وأمّا
الرقاع وما يتضمّن افعل ولا تفعل ففي حيّز الشذوذ انتهى.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وذكر ابن طاووس
في كتاب «الاستخارات» أنّه رأى في بعض نسخ المقنعة زيادة ، قال : وهذا لفظ الزيادة
: وهذه الرواية شاذّة ليست كالّذي تقدّم لكنّا أوردناها على وجه الرخصة دون محض
العمل بها ، انتهى ، ثمّ قال : والنسخ الصحيحة العتيقة لم توجد فيها هذه الزيادة.
ثمّ أجاب عن الشذوذ بوجوه كثيرة ، منها أنّه لم يقل كلّ رواية وردت فيها شاذّة
وأنّ شذوذها لأنّه تضمّنت فلان بن فلان وافعل والمعروف المألوف ابن فلانة وافعله ،
ثمّ ذكر وجوهاً لا طائل تحتها سوى قوله : إنّ جدّه لم يتعرّض لذلك في التهذيب ،
ولو كان يعرف منه إنكاره أو كانت النسخة الّتي فيها الشذوذ موجودة لتعرّض لذلك.
وقال ابن طاووس : قد اعتبرت كلّما قدرت عليه من كتب أصحابنا المتقدّمين
والمتأخّرين فما وجدت ولا سمعت أنّ أحداً أبطل هذه الاستخارة .
وقال في «المختلف»
بعد نقل ما في السرائر : هذا الكلام في غاية الرداءة وأيّ فارق بين ذكره في كتب
الفقه وكتب العبادات ، فإنّ كتب العبادات هي المختصّة به ، ومع ذلك فقد ذكره
المفيد في المقنعة وهي كتاب فقه والشيخ في التهذيب وهو أصل الفقه ، وأيّ محصل أعظم
من هذين؟ وهل استفيد الفقه إلّا منهما؟ وأمّا نسبة الرواية إلى زرعة ورفاعة فخطأ ،
فإنّ المنقول روايتان ليس فيهما زرعة ولا رفاعة ، ثمّ أخذ يشنّع عليه بعدم معرفته
بالروايات والرجال ، وأنّ زرعة ورفاعة ليسا من الفطحية ، وأنّ مَن حاله كذلك كيف
يجوز له أن يقدم على ردّ الروايات والفتاوى ويستبعد ما نصّ عليه الأئمة صلوات الله
عليهم؟ وهلّا استبعد القرعة وهي مشروعة إجماعاً في حقّ الأحكام الشرعية والقضاء
بين الناس وشرعها دائم في جميع المكلّفين؟ وأمر الاستخارة سهلٌ يستخرج منه الإنسان
معرفة ما فيه الخيرة في بعض أفعاله المباحة المشتبهة عليه منافعها ومضارّها
الدنيوية ، انتهى .
وقوله في «المختلف»
: هلّا استبعد القرعة يريد به القرعة في الأحكام الشرعية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
كما استبعدها في طلب الخيرة ، وإلّا فقد نقل هو عنه عدّ القرعة مع الرقاع
والبنادق في النفي والاستبعاد ، وقد ذكر في «الوسائل » أنّ ابن طاووس روى الاستخارة بالرقاع بعدّة طرق ،
فلعلّ زرعة ورفاعة في بعض تلك الطرق. نعم لم يقل أحد من علماء الرجال أنّ زرعة
فطحي وأنّ رفاعة واقفي ، ولعلّه وقع إبدال سماعة برفاعة والواقفية بالفطحية سهواً
فليتأمّل ، وقد ظفرت بالكتاب المذكور بعد ذلك فوجدته قد قال فيه : ما روينا عن
زرعة وسماعة شيئاً وإنّما روينا عمّن اعتمد عليه ثقات أصحابنا ، وقد نقل هو عن ابن
إدريس أنّه قال : رواتها زرعة وسماعة وغيرهما من الفطحية . قلت : فالسهو وقع في الفطحية. وقد يظهر من «المختلف»
وغيره أنّ الرقاع والبنادق قرعة أو نوع منها. وفي «الوسائل» باب استحباب مشاورة
الله عزوجل بالمساهمة والقرعة ، فيه حديث ، وعدّ قبل ذلك الاستخارة
بالرقاع في باب على حدة.
والحديث الوارد
في المساهمة والقرعة هو ما ذكره في «الوسائل» عن علي بن طاووس في الاستخارات وأمان
الأخطار بإسناده إلى عبد الرحمن بن سيّابة قال : خرجت إلى مكّة ومعي متاع كثير ،
فكسد علينا ، فقال بعض أصحابنا : ابعث به إلى اليمن ، فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليهالسلام ، فقال : ساهم بين مصر واليمن ثمّ فوّض إلى الله عزوجل ، فأيّ البلدين خرج اسمه في السهم فابعث إليه متاعك ،
فقلت : كيف اساهم؟ قال : اكتب في رقعة : بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهمّ إنّه لا
إله إلّا أنت عالم الغيب والشهادة وأنت العالم وأنا المتعلّم فانظر في أيّ الأمرين
خيرٌ لي حتّى أتوكّل عليك فيه وأعمل به ، ثمّ اكتب : مصر إن شاء الله ، ثمّ اكتب
في رقعه اخرى مثل ذلك ثمّ اكتب : اليمن إن شاء الله ، ثمّ اكتب في رقعة اخرى مثل
ذلك ، ثمّ اكتب : يحبس إن شاء الله تعالى فلا يبعث به إلى بلدة منهما ، ثمّ اجمع
الرقاع وادفعها إلى مَن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
يسترها عنك ، ثمّ ادخل يدك فخذ رقعة وتوكّل على الله واعمل بها .
وفي الوافي بعد
ذكر المرفوعة في الكافي عقد بياناً وقال فيه : طريق المشاورة لا تنحصر في الرقعة
والبندقة ، بل يشمل كلّ ما يمكن استفادة ذلك منه مثل ما مضى في حديث الرقاع ومثل
ما يأتي في باب القرعة وغير ذلك ، وإنّما ذكر البندقة تعليماً وإرشاداً للسائل. وقال
في موضع آخر أيضاً : وربّما يستخار لطلب التعرّف بالقرعة ويأتي بيانها في أبواب
القضاء . قلت : لعلّه أشار إلى ما ذكره هناك في بيان قول الصادق
عليهالسلام (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ
الْمُدْحَضِينَ)
من قوله : روي
أنّ يونس عليهالسلام لمّا وعد قومه بالعذاب خرج من بينهم قبل أن يأمره الله
تعالى به فركب في السفينة فوقفت ، فقالوا : هنا عبد آبق فاقترعوا ، فخرجت القرعة
عليه ، فرمى بنفسه في الماء فالتقمه الحوت .
ولنعد إلى ما
كنا فيه ، وقال في «الذكرى» : إنكار ابن إدريس الاستخارة بالرقاع لا مأخذ له مع
اشتهارها بين الأصحاب. وعدم رادّ لها سواه ومَن أخذ أخذه (حذا حذوه خ ل) كالشيخ
نجم الدين في المعتبر حيث قال : هي في حيّز الشذوذ ، وكيف تكون شاذّة وقد دوّنها
المحدّثون في كتبهم والمصنّفون في مصنّفاتهم ، وقد صنّف السيّد السعيد العالم
العابد صاحب الكرامات الظاهرة والمآثر الباهرة أبو الحسن علي بن طاووس الحسني
كتاباً ضخماً في الاستخارات واعتمد فيه على رواية الرقاع وذكر من آثارها عجائب
وغرائب أراه الله تعالى إيّاها ، وقال : إذا توالى الأمر في الرقاع فهو خير محض ،
وإن توالى النهي فذلك شرّ محض ، وإن تفرّقت كان الخير والشرّ موزّعاً بحسب تفرّقها
على أزمنة ذلك الأمر بحسب ترتّبها ، انتهى. وقد رأيت هذا الكتاب وقد وجدته قد ادّعى فيه
الإجماع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
على الاستخارات بالرقاع ممّن روى ذلك من أصحابنا ومن الجمهور ، لأنّه نقل
هذه الاستخارة عن جماعة كثيرين من العامّة وجعل الأخبار الواردة بالدعاء وما يقع
في الخاطر وغيرها محمولة على الضرورة كعدم التمكّن من الكتابة أو عدم معرفة
الكتابة لعمى أو جهل ، بل نزّل جملة منها على إرادة الرقاع .
وفي «الروض»
أنّ ذات الرقاع الستّ أشهر الاستخارات . وفي «الفوائد الملية» ونحن قد جرّبنا ما ذكره ابن
طاووس فوجدناه كما قال .
قلت : لم تذكر
هذه الاستخارة في الفقيه والمقنع والغنية وإشارة السبق ولا رسالتي المفيد والصدوق
إلى ولديهما على ما نقل عنهما مع أنّهم قد ذكروا غيرها فيها. وقد سمعت ما نقله في «السرائر
» عن القاضي. وأمّا الديلمي وابن حمزة فلم يتعرّضا لشيءٍ من الاستخارة ،
ولم ينقل لنا عن الكاتب والعماني والتقي فيها شيء ، فقد عرف حال جميع من تقدّم
على ابن إدريس من الأعاظم.
وما ذكره
المصنّف في وصفها هو الموجود في خبر هارون غير أنّ في الخبر زيادة : «واختر لي» بعد قوله : «خر لي»
كما في «المقنعة » وغيرها . وفي «المقنعة» لفلان بن فلان والموجود في الخبر وكتب الأصحاب : ابن فلانة. وفي الخبر وأكثر كتب الأصحاب : افعل ولا
تفعل. والموجود في «البيان » وبعض نسخ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«النفلية» افعله. وقد صحّحه في «البيان» بعد أن كان كاتباً : افعل ، نقل
ذلك في «الفوائد الملية» وحاشية على «هامش البيان» الّذي عندي. وقد وقع فى يدي منذ
سنين «رسالة في الاستخارات» قد قطع فيها بأنّ الصحيح : افعله بالهاء وأنّه هو
الموجود في كتاب ابن طاووس . وأمّا لا تفعل ففي «الفوائد الملية» أنّه بغير هاء
اتّفاقاً .
وفي «النفلية»
أنّه يغتسل ثمّ يكتب .. إلى آخره. وليس في الرواية ذكر الغُسل. وقال في «الفوائد
الملية» ولم يذكره السيّد في كتابه ولا المصنّف في كتبه بهذه الصفة . قلت : ولا غيره ، قال : نعم ورد الغسل لضروب من
الاستخارة
وأمّا البنادق
فهي نوع من الرقاع ، قال عليهالسلام في المرفوعة : انوِ الحاجة في نفسك ثمّ اكتب رقعتين في
واحدة : لا ، وفي واحدة : نعم ، واجعلهما في بندقتين من طين ، ثمّ صلّ ركعتين
واجعلهما تحت ذيلك وقل : يا الله إنّي اشاورك في أمري هذا وأنت خير مستشار ومشير
فأشر عليَّ بما فيه صلاح وحُسن عاقبة ثمّ أدخل يدك ، فإن كان فيها نعم فافعل ، وإن
كان فيها لا فلا تفعل . وقد ورد فيها روايات اخر.
وأمّا
الاستخارة بالمصحف الشريف فقد قال في «الموجز الحاوي» : هي أن يفتح المصحف وينظر
أوّل ما فيه ويأخذ به . وقال في «الذكرى» : ومنها الاستخارة بالمصحف الكريم ،
روى اليسع القمي قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : اريد الشيء فأستخير الله فيه فلا يوفّق فيه الرأي
أفعله أو أدعه؟ فقال : انظر إذا قمت إلى الصلاة فإنّ الشيطان أبعد ما يكون من
الإنسان إذا قام إلى الصلاة أيّ شيء وقع في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قلبك فخذ به ، وافتح المصحف فانظر إلى أوّل ما ترى فيه فخذ به إن شاء الله
تعالى ، انتهى ما في الذكرى . ولعلّ المراد بالاستخارة هنا طلب العزم على ما فيه
الخيرة ، فمعنى عدم توفيق الرأي له فى الشيء عدم حصول العزم له ، ولهذا أشار عليهالسلام بالإتيان بالاستخارة ثانياً لتعرف الخير حينئذٍ ،
وخيّره في ذلك بين طريقين ، ومعنى «أوّل ما ترى فيه» أوّل ما يقع نظرك عليه من
الآيات ، لا أوّل ما في الصفحة كما هو متعارف الآن ، كما نصّ على ذلك بعضهم . وهو صريح الخبر الّذي هو الأصل في هذه الاستخارة.
ولعلّ المدار
على ما يتبادر من لفظ الآية ولا عبرة بالمقام والسوق ، فلو أنّه وقع نظره على قوله
عزوجل : (إِنَّكَ
لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ)
كما وقع لبعضٍ
حيث استخار على المهاجرة لطلب العلم ، فوقع نظره على هذه الآية الكريمة ، فهاجر
فوفّق لما أراد وبلغ المراد قلنا له استخارتك حسنة جيّدة ، ولا نعتبر المقام ، لأن
كان مقام استهزاء فنقول هي غير جيّدة ، لكن ملاحظة المقام إنّما هي للعارف الخرّيت
الماهر فإنّه إذا لا حظها ظهر له من ذلك الأسرار الغريبة.
فإن قلت : قد
روي في «الكافي» عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : «لا تتفأّل بالقرآن» .
قلت : قال في «الوافي»
: إن صحّ الخبران ، أمكن التوفيق بينهما بالفرق بين التفاؤل والاستخارة فإنّ
التفاؤل إنّما يكون فيما سيقع ويتبيّن الأمر فيه كشفاء مريض أو موته ووجدان
الضالّة أو عدمه وما له إلى تعجيل تعرّف ما في علم الغيب ، وقد ورد النهي عنه وعن
الحكم فيه بتّة لغير أهله وكره النظر (التطيّر خ ل) في مثله بخلاف الاستخارة
فإنّها طلب لمعرفة الرشد في الأمر الّذي اريد فعله
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أو تركه وتفويض الأمر إلى الله تعالى في التعيين واستشاره كما قال عليهالسلام في مرفوعة عليّ بن محمّد : «تشاور ربّك» وبين الأمرين
فرق واضح. وإنّما منع التفاؤل بالقرآن وإن جاز بغيره إذا لم يحكم بوقوع الأمر على
البتّ ، إذا تفاءل بغير القرآن ثمّ تبيّن خلافه فلا بأس ، بخلاف ما إذا تفاءل
بالقرآن ثمّ تبيّن خلافه فإنّه يفضي إلى إساءة الظنّ بالقرآن ، ولا يتأتّى ذلك في
الاستخارة لبقاء الإيهام فيه بعد وإن ظهر السوء ، لأنّ العبد لا يعرف خيره من شرّه
، قال الله تعالى : (وَعَسى أَنْ
تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ
شَرٌّ لَكُمْ)
. قلت : ذكر
مولانا عليّ بن طاووس في كتاب الاستخارات للتفؤل بالمصحف وجوهاً ، منها إنّك تصلّي
صلاة جعفر وتدعو بدعائهاثمّ تأخذ المصحف وتنوي فرج آل محمّد بدءاً وعوداً ثمّ تقول
: اللهمّ إن كان في قضائك وقدرك أن تفرّج عن وليّك وحجّتك في خلقك في عامنا هذا أو
في شهرنا هذا فاخرج لنا رأس آية كتابك نستدلّ بها على ذلك ثمّ تعدّ سبع ورقات
وتعدّ عشرة أسطر من ظهر الورقة السابعة وتنظر ما رأيته في الحادي عشر من السطور ،
ثمّ تعيد الفعل ثانياً لتفسيره فإنّه تتبيّن حاجتك إن شاء الله ، ثمّ إنّه بيّن
معنى قوله «في عامنا هذا» أنّ العلم بالفرج عن وليّه عليهالسلام يتوقّف على امور كثيرة ، فيكون كلّ وقت يدعى له بذلك في
عامي هذا وشهري هذا يفرّج الله أمراً من تلك الامور الكثيرة فيسمّى ذلك فرجاً.
وذكر أيضاً عن بدر بن يعقوب أنّك تدعو للأمر والنهي أو ما تريد الفال فيه بفرج آل
محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وذكر نحواً من ذلك الدعاء وقال : ثمّ تعدّ سبع أوراق
ثمّ تعدّ في الوجهة الثانية من الورقة السابعة ستة أسطر وتتفأّل بما يكون في السطر
السابع. قال : وفي رواية اخرى : أن تدعو بالدعاء ثمّ تفتح المصحف وتعدّ سبع قوائم
وتعدّ ما في الوجهة الثانية من الورقة السابعة وما في الوجه الآخر من الورقة
الثامنة من لفظ الجلالة ثمّ تعدّ قوائم بعدد اسم الجلالة ثمّ تعدّ من الوجهة
الثانية من القائمة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الّتي ينتهي العدد إليها ومن غيرها ممّا يأتي بعدها سطوراً بعدد لفظ
الجلالة وتتفاءل بآخر سطر من ذلك .
وأمّا
الاستخارة بالدعاء وأخذ قبضة من السبحة أو الحصى وعدّها وكيفية ذلك ، ففي «فهرست
الوسائل» أنّ فيه حديثين ، وذكر ما سنذكره عن الذكرى . وفي «الموجز الحاوي» أنّه يقرأ ويدعو وذكر أيضاً ما في
الذكرى أوّلاً من دون تفاوت ، قال : ثمّ يقبض على قطعة من السبحة ويضمر حاجته ،
فإن خرج زوج فهو افعل أو فرد فهو لا تفعل أو بالعكس. ويجوز بكفٍّ من الحصى انتهى.
وقال في «الذكرى»
: ومنها الاستخارة بالعدد ولم تكن هذه مشهورة في العصور الماضية قبل زمان السيّد
الكبير العابد رضيّ الدين محمّد بن محمّد بن محمّد الآوي الحسيني المجاور بالمشهد
المقدّس الغروي رضي الله تعالى عنه ، وقد رويناها عنه وجميع مرويّاته عن عدّة من
مشايخنا عن الشيخ الكبير الفاضل الشيخ جمال الدين بن المطهّر عن والده رضي الله
تعالى عنهما عن السيّد رضي الدين عن صاحب الأمر عليه الصلاة والسلام : يقرأ
الفاتحة عشراً وأقلّه ثلاث ودونه مرّة ، ثمّ يقرأ القدر عشراً ويقول : اللهمّ إنّي
أستخيرك لعلمك بعاقبة الامور وأستشيرك لحسن ظنّي بك في المأمول والمحذور ، اللهمّ
إن كان الأمر الفلاني ممّا قد نيطت بالبركة أعجازه وبواديه وحفّت بالكرامة أيّامه
ولياليه فخرلي اللهمّ فيه خيرةً تردّ شموسه ذلولاً وتقعض أيّامه سرورا ، اللهمّ إمّا أمر فأئتمر وإمّا نهي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فأنتهي ، اللهمّ إنّي أستخيرك برحتمك خيرة في عافية ثمّ يقبض على قطعة من
السبحة ويضمر حاجته ، إن كان عدد تلك القطعة زوجاً فهو افعل ، وإن كان فرداً فهو
لا تفعل أو بالعكس. وقال ابن طاووس رحمهالله تعالى في كتاب الاستخارات وجدت بخطّ أخي الصالح الرضي الآوي محمّد بن محمّد بن
محمّد الحسيني ضاعف الله سيادته وشرّف خاتمته بما هذا لفظه : عن الصادق عليهالسلام : من أراد أن يستخير الله تعالى فليقرأ الحمد عشر مرّات
وإنّا أنزلناه عشر مرّات ثمّ يقول .. وذكر الدعاء إلّا أنّه قال عقيب «والمحذور» :
اللهمّ إن كان أمري هذا قد انيطت ، وعقيب «سروراً» يا الله إمّا أمر فأئتمر وإمّا
نهي فأنتهي ، اللهمّ خرلي برحمتك خيرةً في عافية ثلاث مرّات ، ثمّ يأخذ كفّاً من
الحصى أو سبحة انتهى ما في الذكرى.
وهل السبحة
والحصى تمثيل فيصحّ بكلّ معدود؟ أو لا فيقتصر عليهما؟ احتمالان ، ولعلّ الأوّل
أظهر. وهل المراد من السبحة كلّما يسبّح به وإن لم يكن من تراب الحسين عليهالسلام كما إذا كانت من تراب الرضا عليهالسلام أو من خشب؟ أو لا بدّ من أن تكون من تراب الحسين عليهالسلام وأن تكون ثلاثاً أو أربعاً وثلاثين خرزة؟ الظاهر
الاكتفاء بكلّ ما يسبّح به ، وليس في الخبر تخصيص بكونها من تراب الحسين عليهالسلام كالحصى ، بل هي في ذلك كالحصى ، نعم إذا كانت من تراب
سيّد الشهداء أربعاً وثلاثين أو ثلاثاً وثلاثين كانت أفضل وأعلى وأكمل.
وفي «الوافي»
ربما يستخار لطلب التعرّف بالدعاء والسبحة وهي مروية عن الصادق عليهالسلام ، وربما روي عن صاحب الزمان صلوات الله عليه أيضاً
وصورتها : أن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
تقرأ الحمد عشر مرّات أو ثلاثاً أو مرّة وإنّا أنزلناه كذلك ، وهذا الدعاء
ثلاث مرّات أو مرّة : اللهمّ إنّي أستخيرك .. إلى آخر ما ذكره أوّلاً في الذكرى من
دون تفاوت إلّا في قوله : إن كان الّذي قد عزمت عليه ، وفي «الذكرى» : إن كان
الأمر الفلاني كما سمعت. وفي «الوافي» أيضاً : ثمّ تقبض على السبحة وتنوي إن كان
المقبوض وتراً كان أمراً وإن كان زوجاً كان نهياً ، أو بالعكس . وقد يستفاد من هذا ما يأتي الإشارة إليه.
وأمّا
الاستخارة بالقيام إلى الصلاة فقد قال أبو العباس : أن ينظر إذا قام إلى الصلاة
إلى ما وقع في قلبه فيأخذ به . وقد عقد له باب في «الوسائل » وذكر فيه خبر اليسع.
وإمّا
الاستخارة بالأخذ من لسان المشاور فقال أبو العباس : هو أن يستشير بعض إخوانه
ويسأل الله أن يجري له على لسانه الخيرة ويفعل ما يشير عليه . قلت : أورد الصدوق في كتاب «معاني الأخبار والفقيه»
بإسناد إلى هارون بن خارجة قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إذا أراد أحدكم أمراً فلا يشاور فيه أحداً من
الناس حتّى يشاور الله عزوجل. قلت : وما مشاورة الله عزوجل؟ قال : تبدأ فتستخير الله عزوجل أوّلاً ثمّ تشاور فيه ، فإذا بدأ بالله تعالى أجرى
الخير على لسان من أحبّ من الخلق . ورواه في «المقنعة» مرسلاً عن الصادق . وورد أيضاً : أنه إذا أراد أحدكم أن يشتري أو يبيع أو
يدخل في أمرٍ فيبتدئ بالله ويسأله الخيرة فيقول : اللهمّ إنّي اريد كذا ، فإن كان
خيراً لي في ديني ودنياي وآخرتي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وعاجل أمري وآجله فيسّره لي ، وإن كان شرّاً لي في ديني ودنياي فاصرفه عنّي
، ربّ اعزم لي على رشدي وإن كرهته وأبته نفسي ، ثمّ يستشير عشرة من المؤمنين ، فإن
لم يصبهم وأصاب خمسة فليستشر الخمسة مرّتين ، وإن كان رجلان فكلّ واحد خمساً وإن
كان واحداً فليستشره عشراً .
وأمّا
الاستخارة بالدعاء المجرّد فقد رواه الشيخ بإسناده إلى الصادق عليهالسلام قال : ما استخار الله عبدٌ قطّ مائة مرّة في أمرٍ عند
رأس الحسين عليهالسلام فيحمد الله ويثني عليه إلّا رماه الله تعالى بخير
الأمرين . وروى معاوية بن ميسرة عن الصادق عليهالسلام : ما استخار الله عبدٌ سبعين مرّة بهذه الاستخارة إلّا
رماه بالخيرة ، يقول : يا أبصر الناظرين ويا أسمع السامعين ويا أسرع الحاسبين ويا
أرحم الراحمين ويا أحكم الحاكمين صلّ على محمّدٍ وأهل بيته وخر لي في كذا وكذا . وروى ناجية عنه عليهالسلام : إذا أراد شراء العبد أو الدابّة او الحاجة الخفيفة أو
الشيء اليسير استخار الله فيه سبع مرّات ، فإذا كان أمراً جسيماً استخار الله فيه
مائة مرّة .
هذا وفي خبر
إسحاق بن عمّار : ولتكن استخارتك في عافية فإنّه ربما خير للرجل في قطع يده وموت
ولده وذهاب ماله .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وهناك استخارة
اخرى متعارفة عند جملة من أهل زماننا ينسبونها إلى مولانا القائم صلوات الله
عليه وعلى آبائه الطاهرين ، وهي أن يقبض على السبحة بعد قراءة ودعاء ويسقط ثمانية
ثمانية ، فإن بقي واحد فحسنة في الجملة ، وإن بقي اثنان فنهي واحد ، وإن بقي ثلاثة
فصاحبها بالخيار لتساوي الأمرين ، وإن بقي أربعة فنهيان ، وإن بقي خمسة فعند بعض
أنّها يكون فيها تعب وعند بعض أنّ فيها ملامة ، وإن بقي ستة فهي الحسنة الكاملة
الّتي تحبّ العجلة ، وإن بقي سبعة فالحال فيها ما ذكر في الخمسة من اختلاف الرأيين
أو الروايتين ، وإن بقي ثمانية فقد نهي عن ذلك أربع مرّات. وهذه لم نجدها في كتب
الأصحاب قديمها وحديثها فروعها وحديثها ، وقد يمكن استفادتها من الاستخارة المروية
عن الصادق والقائم عليهماالسلام حيث خيّر هناك بأن يجعل الزوج عبارة عن افعل أو بالعكس
، لأنّه قد يفهم من قوله : تقبض على السبحة وتنوي إن كان المقبوض وتراً كان أمراً
أو بالعكس ، وإنّ المدار على نيّة القابض ، فلو نوى إن كان المقبوض زوجاً فنهي
واحد أو زوجين فنهيان أو ثلاثة أزواج فهي في أعلى مراتب الحسن ، وهكذا احتمل أن
يكون مشمولاً للخبر المشار إليه.
وفي «الحدائق»
وفي هذا الباب استخارة غريبة لم أقف عليها إلّا في كلام والدي قدّس الله تعالى
روحه ، قال من كتاب السعادات : خيرة مروية عن الإمام الناطق جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام : يقرأ الحمد مرّة والإخلاص ثلاثاً ويصلّي على محمّدٍ
وآله خمس عشرة مرّة ، ثمّ يقول : اللهمّ إنّي أسألك بحقّ الحسين وجدّه وأبيه وامّه
وأخيه والأئمة التسعة من ذُرّيته أن تصلّي على محمّدٍ وآل محمّد وأن تجعل لي
الخيرة في هذه السبحة وأن تريني ما هو أصلح لي في الدين والدنيا ، اللهمّ إن كان
الأصلح في ديني ودنياي وعاجل أمري وآجله فعل ما أنا عازم عليه فمرني وإلّا فانهني
إنّك على كلّ شيء قدير ، ثمّ تقبض قبضة من السبحة وتعدّها
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله إلى آخر القبضة ، فإن كان الأخير
سبحان الله فهو مخيّر بين الفعل والترك ، وإن كان الحمد لله فهو أمر ، فإن كان لا
إله إلّا الله فهو نهي. وقال : إنّ في هذه الاستخارة الشريفة تقسيم الأمر المستخار
فيه إلى نهي وأمر ومخيّر ، وأكثر الاستخارات إنّما تضمّنت الأمر والنهي ، بل هذه
الرواية أيضاً تضمّنت ما يقتضي الانحصار فيهما لقوله عليهالسلام «فمرني وإلّا فانهني» ولم يذكر التخيير في الدعاء وذكره في آخر الرواية ،
ثمّ أخذ في بيان وجه الجمع فجمع بأنّ الأمر والنهي هنا ليسا على نحوهما في
العبادات من البلوغ إلى حدّ الوجوب والتحريم حتّى يمتنع التخيير ، ثمّ قال : إنّ
الروايات المنحصرة في الأمر والنهي ، فالظاهر أنّ الأمر فيها ما يشمل الراجح
والمساوي بأن يراد به القدر الأعمّ أعني الأمن من الضرر ، سواء كان فيه مصلحة أو
عدم مشقّة أو انتفاء المفسدة فقط ، وأنّ الأمر في هذه الاستخارة نصّ فى رجحان
الفعل والنهي نصّ في مرجوحيّته فجاز التخيير بمعنى مساواة الفعل للترك .
قلت : الأمر
وافعل في الأخبار على حسب ما نواه المستخير ، فإن نوى الأرجح كان معنى افعل والأمر
أنّه أرجح ، وكذا إن نوى الرجحان كان معنى الأمر وافعل أنّه راجح ، وكذا إن نوى
عدم الضرر كان معنى الأمر وافعل أنّه غير مضرّ ، والنهي ولا تفعل يتبعه ويجري في
خلافه على هذا المجرى ، والأدعية في الأخبار تدلّ على ذلك فالحظ دعاء السبحة وغيره من الأدعية. وعلى
هذا فإن استخار مثلاً على الأرجحيّة فخرج له نهيٌ فله أن يستخير في ذلك الأمر
بعينه على الراجحيّة أو عدم الضرر ، وهكذا والأمر واضح.
هذا ويحكى عن
مولانا الشريف ملّا أبي الحسن العاملي في «شرحه على المفاتيح» وعن الشيخ سليمان
البحراني في «الفوائد النجفية» أنّهما تعرّضا لحال الاستنابة في الاستخارة ، فقال
: الأوّل منهما : لا يخفى أنّ المستفاد من جميع ما مرَّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أنّ الاستخارة ينبغي أن تكون ممّن يريد الأمر بأن يتصدّاها هو بنفسه ،
ولعلّ ما اشتهر من استنابة الغير على جهة الاستشفاع. وذلك وإن لم نجد له نصّاً
إلّا أنّ التجربات تدلّ على صحّته ، انتهى. وأمّا الثاني فقال : فائدة في جواز
النيابة عن الغير في الاستخارة : لم أقف على نصّ خاصّ في جوازها ، ويمكن الاستدلال
على ذلك بوجوه ، ثمّ ذكر وجوهاً عشرة قد اعترف بالطعن في أكثرها وأقربها إلى
الاعتبار وجوه أربعة : الأوّل : أنّ كلّ ما يصحّ مباشرته يصحّ التوكيل فيه ، وليس
هذا من المواضع المتفق على استثنائها ولا من المختلف فيها. والثاني : أنّ علماء
زماننا مطبقون على استعمال ذلك ونقلوا عن مشايخهم نحو ذلك ، ولعلّه كافٍ في مثل
ذلك. الثالث : أنّ الاستخارة مشاورة لله ولا ريب أنّ المشاورة تصحّ النيابة فيها
كما في استشارة عليّ بن مهزيار للجواد عليهالسلام. ورابعها : أنّ مشاورة المؤمن نوع من أنواع الاستخارة
وقد ورد في رواية عليّ بن مهزيار ما هو صريح في النيابة فيها ، ولا فرق بين هذا
النوع وغيره ، انتهى.
قلت : ليس في
أخبار الاستخارة في «الوسائل » ذكر عليّ بن مهزيار وإنّما الموجود في الموضعين اللذين
أشار إليهما عليّ بن أسباط وقد كتب إلى الجواد عليهالسلام يستشيره في بيع ضيعته ، فأمره بالاستخارة ، وليس نصّاً
فيما أراد ، والموضع الآخر هو أنّ الحسن بن الجهم سأل لابن أسباط وهو حاضر أبا الحسن عليهالسلام فقال : ما ترى له .. الحديث.
وأجاب (وقال خ
ل) في «الحدائق» : لا ريب أنّ الاستخارة بمعانيها ترجع إلى الطلب وأنّ من طلب
حاجةً من سلطان عظيم الشأن فإنّ الأرجح والأنجح في
__________________
ويستحبّ صلاة الزيارة
والتحيّة والإحرام عند أسبابها.
______________________________________________________
حصولها هو أن يوسّط بعض القريبين إلى حضرة ذلك السلطان في سؤالها ،
والنيابة في استخارة الله عزوجل من هذا القبيل .
وليعلم أنّه في
«الوسائل » روى عن الطبرسي بإسناده إلى صاحب الأمر عليهالسلام خبراً ظاهره أنّه لا استخارة بالخواتيم بأن يكتب في
أحدهما افعل وفي الآخر لا تفعل. وقد ورد في الأخبار أنّه لا يتكلّم في أثناء
الاستخارة وأن يوتر في الاستخارة ، ولعلّ معناه أنّه يقطع في دعائه بالخيرة على وتر كأن
يقول ثلاثاً أو خمساً : أستخير الله برحمته خيرة في عافية أو نحو ذلك.
[الثامن عشر : صلاة
الزيارة والتحيّة والإحرام]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ويستحبّ
صلاة الزيارة والتحيّة والإحرام عند أسبابها)
وهي الزيارة
للنبيّ أو الائمّة صلوات الله عليهم ودخول المساجد والإحرام بالنصوص والإجماع كما
في «كشف اللثام ». وفي «الغنية» صلاة الزيارة للنبيّ وأحد الائمّة صلوات
الله عليهم ركعتان عند الرأس بعد الفراغ من الزيارة ، فإذا أراد الإنسان الزيارة
لأحدهم وهو مقيم في بلده قدّم الصلاة ثمّ زار عقيبها ، ويصلّي الزائر لأمير
المؤمنين عليهالسلام ستّ ركعات ركعتان له وأربعة لآدم ونوح عليهالسلام . وفي «إشارة السبق» أنّه يبتدئ بهما قبل الزيارة إذا
كانت عن بُعد ، وإلّا بعدهما عند رأس المزار
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
لمن حضره .
واعلم أنّ أقلّ
نافلة الزيارة ركعتان تهدى للمزور ، ووقتها بعد الدخول والسلام ، ومكانها مشهده
وما قاربه ، وأفضله عند الرأس بحيث يجعل القبر على يساره ، ولا يستقبل شيئاً منه ،
نصّ على ذلك كلّه الشهيد الثاني ، ونصّ على بعض ذلك غير واحد .
__________________
المقصد الرابع
في التوابع
وفيه فصول :
الأوّل : في السهو
وفيه مطالب :
(الأوّل) ما يوجب
الإعادة :
______________________________________________________
(المقصد الرابع : في التوابع وفيه)
خمسة (فصول
:)
(الأوّل : في السهو)
قال في «كشف
اللثام » : السهو هو الغفلة ولذا يشمل الشكّ ، قلت : قد يجب على
المكلّف معرفة معنى السهو والشكّ والظنّ لتباين أحكامها واختصاص العمل بكلّ معنى
بحكمةٍ خاصّة.
فالظنّ عبارة عن ترجيح أحد المجوّزين في الذهن ترجيحاً غير
مانع من النقيض ، ثمّ لمّا كان عبارةً عن ذلك وكان للترجيح مراتب داخلة بين طرفي
شدّة في الغاية وضعف في الغاية كان قابلاً للشدّة والضعف ، وطرفاه العلم الّذي لا
مرتبة بعده للرجحان والجهل البسيط.
وأمّا السهو
فقد اختلف فيه المتكلّمون ، فذهب المحقّقون إلى أنّه عبارة عن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عدم العلم بعد حصوله عمّا مَن شأنه أن يكون عالماً محتجّين بأنّ الواحد
منّا لا يجد من نفسه أمراً زائداً على فقدان العلم حالة السهو ، فلا يكون معنىً
وجودياً ، وإلى نحوه ذهب الفقهاء فقالوا على ما قيل : إنّه عزوب المعنى عن القلب بعد
خطوره بالبال. وهو بهذا المعنى مرادف للنسيان عندهم ، ويأتي له معنى آخر. وذهب
آخرون منهم الجبائيان إلى أنّه ليس بعدم ملكة العلم وإنّما هو معنى من المعاني
قائم بالنفس يضادّ العلم ، ثمّ اختلفوا ، فذهب بعضهم تارةً أنّه مقدور للعباد
ولكنّه لا يصدر عنهم لفقد الدواعي ، وتارةً إلى أنّه غير مقدور عليه أصلاً ، وهو
ظاهر قول الجبائيين.
وأمّا الشكّ
فقد اختلفوا فيه أيضاً ، فذهب الجبائيان إلى أنّه معنى قائم بالنفس يضادّ العلم ، وذهب
المحقّقون إلى أنّه عبارة عن سلب الاعتقاد وتردّد الذهن بين طرفي
النقيض على التساوي أو تردّد الذهن في النسبة الإيجابية أو السلبية مع تصوّر
الطرفين. وكذا قيل عند الفقهاء له عبارتان : إحداهما سلب الاعتقادين لثبوت
شيء أو نفيه ، والثانية تساوي الاحتمالين.
وليعلم أنّ
السهو قد يطلق على الشكّ ، لأنّ السهو سبب في الشكّ فاطلق اسم السبب على المسبّب.
والسهو والشكّ ليسا من قبيل الاعتقاد كالوهم بخلاف الظنّ ، وأسباب السهو قد تكون
من العبد لتقصيره في التحفّظ.
والغفلة عدم
حصول الشيء بالبال وربّما يعبّر عنها بأنّها عدم التفطّن للشيء ، وهي أعمّ من
السهو والنسيان.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بيان ذلك : إنّ
السهو هو الغفلة عن الشيء مع بقاء صورته أو معناه في الخيال أو الذكر بسبب اشتغال
النفس والتفاتها إلى مهمّاتها ، وأمّا النسيان فهو الغفلة مع انمحاء صورته أو
معناه عن إحدى الخزانتين بالكلّية. وهذا مبنيّ على فرق الأوائل بين السهو والنسيان
، قالوا : إنّ الأوّل زوال الصورة المدركة بالفتح عن القوّة
المدركة بالكسر وثبوتها في الحافظة ، والثاني زوال الصورة المدركة عن القوّة
المدركة والحافظة معاً ، ولهذا يحتاج تحصيل المنسي إلى تجشّم كسبٍ جديد.
إذا عرف هذا
فليعلم أنّ الظنّ عندهم بمنزلة اليقين في أنّه لا تثبت له الأحكام الثابتة للسهو
والشكّ من وجوب الإعادة أو الاحتياط أو سجود السهو أو التلافي أو غير ذلك. والمراد
به في النصوص وكلام الأصحاب مطلق ترجيح أحد النقيضين فيكتفي فيه بأوّل مراتب
الرجحان وهو يستلزم الاكتفاء بما هو أقوى. والسرّ في ذلك تعليق البناء في النصّ على وقوع الوهم ، والمراد به هنا الظنّ الّذي هو مطلق
الترجيح ، وليس المراد به معناه المتعارف إجماعاً كما في «الروض ومجمع البرهان » فيصار به إلى المجاز وهو القدر الراجح مطلقاً أو إلى
أقرب المجازات وهو أوّل مراتب الرجحان كما يعطي ذلك عبارة «المقنعة ونهاية الإحكام والدروس والذكرى » وبه صرّح جماعة من المتأخّرين ، ويزيد ذلك
__________________
كلّ من أخلّ
بشيءٍ من واجبات الصلاة عمداً بطلت صلاته ، سواء كان الواجب فعلاً أو كيفيةً أو
شرطاً أو تركاً ،
______________________________________________________
بياناً اشتراط
التساوي للاحتياط في النصوص كقوله عليهالسلام : «واعتدل شكّه » فما وقع في كثير من العبارات كعبارة «الإرشاد » وغيره من التعبير بغلبة الظنّ فمجاز بسبب أنّ الظنّ لمّا كان
غالباً بالنسبة إلى الشكّ والوهم وصفه بما هو لازم له وأضاف الصفة إلى موصوفها
بنوعٍ من التكلّف لا إرادة للخلاف.
وليعلم أنّه لا
فرق في البناء على الظنّ بين الاوليين والأخيرتين ولا بين الرباعية وغيرها ولا بين
الأفعال والركعات كما نصّ عليه جماعة . وتمام الكلام يأتي إن شاء الله تعالى عند تعرّض المصنّف
له.
[في بطلان صلاة من
أخلّ بشيء من واجباتها]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (كلّ
من أخلّ بشيء من واجبات الصلاة عمداً بطلت صلاته ، سواء كان الواجب فعلاً أو
كيفيةً أو شرطاً أو تركاً)
بلا خلاف كما
في «نهاية الإحكام ». وفي «الغنية» الإجماع على بطلان صلاة من أخلّ بشيء
من واجباتها . وفي «مجمع البرهان» كأنّه لا خلاف في الجزء والشرط في
العامد والجاهل . وفي «المدارك» أجمع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الأصحاب وغيرهم على أنّ من أخلّ بشيء من شرائط الصلاة أو واجباتها عمداً
بطلت صلاته. وقال : وأمّا البطلان بفعل ما لا يجوز فعله في الصلاة فلا يتمّ على
إطلاقه ، لأنّ النهي إذا لم يتعلّق بنفس العبادة أو شرطها لا يقتضي فسادها وإنّما
يثبت البطلان بدليل من خارج كما في الكلام والالتفات ونحوهما . قلت : تقدّم الكلام في ذلك وسمعت ما في «نهاية الإحكام».
وقد مثل
للكيفية في «المعتبر والتذكرة والذكرى والتنقيح والرياض » بالطمأنينة ، وزيد في بعضها الجهر والإخفات وترتيب الواجبات بعضها على بعض على
الوجه المأمور به. وفي «المدارك» الاقتصار على التمثيل لها بالأخير ، وقال : ما في
المعتبر من التمثيل لها بالطمأنينة غير واضح. والمراد بالترك ما يحرم فعله في
الصلاة كالالتفات والكلام ، وفي إطلاق الواجب عليه تجوّز .
وفي «كشف
اللثام » يتضمّن تعمّد الإخلال تذكّر المصلّي عند الإخلال كونه
في الصلاة الفريضة ، فمن أخلّ بالسورة أو زاد سورة متعمّداً أو تعمّد التكفير أو
الكلام أو ترك الطمأنينة للغفلة عن كونه فيها لم يكن متعمّداً ، وإلّا بطلت صلاة
من سلّم عمداً قبل إتمام الصلاة لزعمه الإتمام. وفي «نهاية الإحكام» لو تكلّم
ناسياً
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
للصلاة لم تبطل صلاته ، ونحوه «المنتهى» وفيه : أنّ عليه علماؤنا أجمع .
قلت : قد تقدّم
لنا في بحث التروك في مسألة الالتفات ما له نفع تامّ في المقام ونقلنا هناك عن «النهاية
والجُمل والعقود والوسيلة» بطلان صلاة من تكلّم ناسياً للصلاة وذلك لأنّه قال في «النهاية»
: فإن صلّى ركعة من صلاة الغداة وجلس وتشهّد وسلّم ثمّ ذكر أنّه كان قد صلّى ركعة
قام فأضاف إليها ركعة اخرى ما لم يتكلّم أو يلتفت عن القبلة أو يحدث ما ينقض
الصلاة ، فإن فعل شيئاً من ذلك وجبت عليه الإعادة . ونحوها «الجُمل والعقود والوسيلة والغنية والإرشاد والاقتصاد والمهذّب » على ما نقل عنهما في الإعادة إذا تكلّم أو استدبر في
أيّ صلاة كان ، بل في «الغنية» الإجماع وعن الحلبي التقي أنّه قال : إذا نقص ركعة ولم يذكر
حتّى ينصرف أعاد . فقد أطلق. ونقل ذلك عن الحسن .
وفي «المبسوط»
ثلاث عبارات وقد نقلنا في بحث الالتفات منها عبارتين ، لاشتمالهما على ذكره وتركنا الثالثة
لخلوّها عنه وهي قوله : ومتى اعتقد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أنّه فرغ من الصلاة لشبهة ثمّ تكلّم عامداً فإنّه لا يفسد صلاته مثل أن
يسلّم الاوليين ناسياً ثمّ يتكلّم بعده عامداً ثمّ يذكر أنّه صلّى ركعتين فإنّه
يبني على صلاته ولا تبطل صلاته ، وقد روي أنّه إذا كان عامداً قطع الصلاة ،
والأوّل أحوط . وظاهر الشهيد في «الذكرى» أنّه لم يقف على هذه الرواية
حيث قال : وجعله في المبسوط رواية . ويلوح ذلك أيضاً من «المختلف » حيث استدلّ لمختار النهاية بأنّه تعمّد الكلام ولم
يستدلّ بالرواية. وقد تتبّعت «الوسائل» في باب قواطع الصلاة وأبواب الخلل الواقع
في الصلاة فلم أجد ما يدلّ على ذلك. وقال في «المبسوط» أيضا : إذا نقص ركعة أو ما
زاد عليها حتّى يتكلّم أو يستدبر القبلة أعاد ، وفي أصحابنا مَن قال : إذا نقص
ساهياً لم يكن عليه إعادة الصلاة ، لأنّ الفعل الّذي يكون بعده في حكم السهو ، وهو
الأقوى عندي. وسواء كان ذلك في صلاة الغداة أو صلاة المغرب أو صلاة السفر أو غيرها
، فإنّه متى تحقّق ما نقص قضى ما نقص وبنى عليه ، وفي أصحابنا مَن يقول : إنّ ذلك
يوجب استئناف الصلاة في هذه الصلاة (الصلوات خ ل) الّتي ليست رباعيات ، انتهى.
وما جعله في
المبسوط أحوط وأقوى هو المشهور كما في «الذكرى » والأشهر كما في «النافع » وخيرة «السرائر والتهذيب والشرائع والمعتبر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وكشف الرموز » وأكثر كتب المصنّف و «الذكرى والدروس والبيان والهلالية وفوائد الشرائع والجعفرية وإرشادها وحاشيتي النافع والإرشاد والروض والمقاصد العلية والدرّة السنية وغاية المرام ورسالة الشيخ حسن والمدارك والكفاية والمفاتيح » وهو ظاهر «الألفية والتنقيح والشافية» ووافق أوّلاً مولانا الأردبيلي ثمّ إنّه نفى
البعد عن التخيير بين الإعادة وعدمها . واستدلّ عليه في «كشف الرموز» بأنّه لا خلاف في أنّ
الكلام ناسياً لا يوجب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الإعادة ، والتقدير أنّه تكلّم ظانّاً تمام صلاته فهو بمنزلة النسيان .
وفي «المختلف والروض » إن خرج عن كونه مصلّياً أعاد. وقال المحقّق الثاني في «حاشيتي
النافع والإرشاد » : إذا طال الزمان أعاد. وفي «التذكرة» لو فعل المبطل
عمداً على وجه السهو وتطاول الفصل ظاهر كلام علمائنا عدم البطلان. ثمّ إنّه نقل عن
الشافعي ومالك وأحمد استئناف الصلاة إن طال الفصل لأنّها صلاة واحدة فلم يجز بناءً
بعضها على بعض كما لو انتقض الوضوء. وقال : ولا بأس عندي بهذا القول لخروجه عن
كونه مصلّياً . ونحو منها «نهاية الإحكام » في الاحتمال والدليل. ولعلّه يعني لخروجه عن كونه
مصلّياً كما صلّى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كذا قال في «كشف اللثام ». وقال : وإنّما صحّت إذا لم يطل الفصل للإجماع والنصوص
واليسر وانتفاء الحرج ، وقد يتأيّد بأخبار الإعادة إذا فارق مكانه كخبر الحسن بن
أبي العلاء .
وقال في «الرياض»
: إطلاق الأصحاب وجملة من النصوص الصحيحة وغيرها يقتضي عدم الفرق بين ما إذا طال
الزمان أو الكلام كثيراً بحيث يخرج عن كونه مصلّياً أوّلاً والفرق بطول الفصل
وعدمه فيعيد في الأوّل ويبني في الثاني لم يتّضح ما وجّهوه به سوى الجمع بين
النصوص وما دلّ على البطلان بالفعل الكثير ، وفيه نظر ، لاختصاص ما دلّ على
البطلان بصورة العمد كما مرَّ في بحثه مع نقل الإجماع على عدمه فيما نحن فيه ، ومع
ذلك يردّه ظاهر الحسن أو صريحه :
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«قلت : أجيء إلى الإمام وقد سبقني بركعة في الفجر ، فلمّا سلّم وقع في
قلبي أنّي أتممتُ فلم أزل أذكر الله تعالى حتّى طلعت الشمس فنهضت فذكرت أنّ الامام
قد سبقني بركعة ، قال عليهالسلام : فإن كنت في مقامك فأتمّ بركعة وإن كنت قد انصرفت
فعليك الإعادة». فتدبّر ، نعم الأحوط الإعادة كما ذكره الفارق ، بل مطلقاً كما
عليه الشيخ في النهاية ومَن تبعه لكنّ بعد إتمام الصلاة كما ذكرنا وتدارك ما يلزم
السهو من سجدتيه ، انتهى كلامه مع تغيير ما في عبارته. وفي «الدرّة السنية»
أيضاً أنّ مختار النهاية أحوط. وتمام الكلام عند تعرّض المصنّف لذلك وهذا شيء جاء
بالعارض.
وليعلم أنّ
الظاهر أنّه لا فرق في الخلل الواقع في الصلاة بين الواجبة والمندوبة إلّا في
الشكّ فإنّه يتخيّر في البناء على الأقلّ والأكثر ، سواء كان في الثنائية أو غيرها
، كذا قال المحقّق الثاني في «فوائد الشرائع» وقال : لا يجب سجود السهو في النافلة
على الظاهر ، لأنّ النافلة لا تجب بالشروع فكيف يجب جبرانها؟ قال : ولا يحضرني في
هذا كلام للأصحاب . قلت : تقدّم لنا في السهو في صلاة العيد ما يُفهم منه فتوى الأصحاب وليلحظ ما ذكرناه في قطع (الصلاة
ظ). وفي «الدروس » تبطل النافلة كما تبطل الفريضة وتفارقها في السورة
والشكّ في العدد والزيادة سهواً. وزاد في «الموجز الحاوي » فيما لا يبطلها ترك الرفع من الركوع وترك طمأنينية
الرفع منه ، وقد تقدّم لنا بيان ذلك. وفي «الموجز الحاوي» لو زاد سهواً في النافلة
اغتفر بلا جبر وإن كان ركناً لا أن فعل تركاً واجباً أو ترك فعلاً من مشخّصات
الواجب وإن لم يكن ركناً كتسبيح الركوع ، انتهى. قلت : مراده أنّه
__________________
ولو كان ركناً بطلت بتركه عمداً وسهواً وكذا بزيادته إلّا زيادة القيام
سهواً.
والجاهل عامد ،
______________________________________________________
ترك ذلك عمداً. وفي «المقنع» لا سهو في النافلة ، انتهى.
وهذا حديث
إجمالي وسيأتي في محلّه استيفاء الكلام ونقل الأقوال بما لا مزيد عليه عند قوله :
والشاكّ في عدد النافلة يتخيّر.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
كان ركناً بطلت بتركه عمداً وسهواً وكذا بزيادته إلّا زيادة القيام سهواً)
أي إذا لم
يقترن بزيادة ركن. وقد تقدّم الكلام في ذلك كلّه ويأتي عند قوله : أو زاد ركوعاً ما له نفع
تامّ في المقام.
[في الجاهل]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والجاهل
عامد) لا يعذر إجماعاً كما في «الدرّة». وفي «كشف اللثام » هو عامد حقيقةً وحكماً للعموم وخصوص قول الصادق عليهالسلام فيما رواه الشيخ صحيحاً عن مسعدة بن زيادة في قوله
تعالى : فَلِلّهِ
الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : عبدي أكنت
عالماً؟ فإن قال نعم قال له : أفلا عملت بما علمت. وإن قال كنت جاهلاً قال : أفلا
تعلّمت حتّى تعمل؟ فيخصمه ، فتلك الحجّة البالغة . وفي «شرح الألفية» للكركي جاهل الحكم عامد عند عامّة
الأصحاب في جميع المنافيات من فعلٍ أو ترك .
__________________
إلّا في الجهر والإخفات و (٢) غصبيّة الماء والثوب والمكان ونجاستهما
ونجاسة البدن ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (إلّا
في الجهر والإخفات) استثناهما الأصحاب كما في «الذكرى وشرح الألفيّة » للكركي. ويعذر الجاهل فيهما إجماعاً كما في «الدرّة
والرياض » وإن كان العلم قبل الركوع كما في «المسالك » وقد تقدّم الكلام في ذلك مستوفىً.
وكذا لو أتمّ
في موضع وجوب التقصير كما نصّ عليه الجمّ الغفير . وفي «شرح الألفية» للكركي نسبته إلى الأصحاب ، وقال :
إنّ ناسي الحكم كجاهله في المؤاخذة ، وأمّا في الرخصة فظاهر النصّ ثبوتها في الجهر
والإخفات دون حكم السفر .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (و)
في (غصبية الماء والثوب
والمكان ونجاستهما ونجاسة البدن)
كما نصّ على
ذلك جمهور الأصحاب ، لأنّ الشرط إنّما هو الجهل بالغصبية والنجاسة لا
العلم بالعدم ، لأصل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
العدم وانتفاء الحرج فى الدين ، بل لزوم تكليف ما لا يطاق كما في «كشف
اللثام ». وفي «السرائر» مَن لم يتقّدم له العلم بالغصب بالمكان
فلا إعادة عليه ، سواء علم قبل خروج الوقت أو بعد خروجه بلا خلاف ، وكذا الثوب
المغصوب حرفاً فحرفاً . وفي «الغنية» ولو لم يتقّدم له علم بالنجاسة والغصب
فصلّى ثمّ علم بذلك والوقت باقٍ لزمته الإعادة ولم يلزمه بعد خروجه. وهذا حكم من
سها فصلّى إلى يمين القبلة بدليل الإجماع . وقد قال جماعة : جاهل نجاسة الثوب والبدن معذور بالنسبة إلى القضاء ،
أمّا بالنسبة إلى الإعادة فلا. وقد تقدّم الكلام في جاهل النجاسة كما تقدّم في جاهل الغصب في بحث مكان المصلّي. وقال جماعة : لو علم الغصبيّة والنجاسة وجهل الحكم لم يعذر. وقال
جماعة : ليس الجاهل بنجاسة ماء الطهارة كالجاهل بنجاسة الثوب والبدن والمكان.
وفي «الدرّة وإرشاد الجعفرية » الإجماع على ذلك.
وتحقيق المقام
أنّ جاهل الحكم وهو الجاهل بما اقتضاه الخطاب من وجوبٍ وحرمة ، حكمه وجوب الإعادة
فيما عدا الوصفين السابقين ، لأنّه عامد. وأمّا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
جاهل الأصل وهو الجاهل بمتعلّق الوجوب أو الحرمة كالجاهل بكون الجلد مذكّى
أو كون الخاتم ذهباً فضابطه أنّ الوجوب إذا انيط بوصف فواته مانع من تأثير محلّه
المطلوب شرعاً بالكلّية كنجاسة الماء وكونه مضافاً ، فالجاهل فيه كالعامد في وجوب
الإعادة وإن لم يكن فوات الوصف المناط به مانعاً من التأثير الشرعي بالكلّية فإن
كان خلاف الأصل وجب الأخذ بالعلامة المنصوبة شرعاً ، لأنّ حكمة الشارع تقتضي نصب
علامة عليه ، فإن جهله ولم يأخذ بالعلامة وجبت الإعادة كذكاة الجلد فإنّ علامة ذلك
شرعاً أخذه من يد مسلم ، وكونه مأكول اللحم وعلامته للجاهل إخبار المسلم ، وكون
الثوب من جنس ما يصلّى فيه وكون المسجد أرضاً أو ما في حكمها كذلك ، ولو أخذه
بالعلامة المنصوبة أجزأ وإن ظهرت المخالفة ، وإن لم يكن الوصف خلاف الأصل كإباحة
الماء والثوب والمكان وطهارة الأخيرين فلا إعادة على الجاهل إمّا مطلقاً أو خارج
الوقت على اختلاف الرأيين في النجاسة. ومن هذا يعلم حكم الحرمة ، لأنّها تعاكس
الوجوب ، فبيان حكمه مغنٍ عن بيان حكمها.
وهل الجهل
بنجاسة موضع السجود كالجهل بنجاسة الثوب والبدن؟ صريح «الشرائع والنافع والمعتبر والتحرير والإرشاد والذكرى والهلالية وحاشية الإرشاد والروض » وغيرها أنّ الحكم فيهما واحد. وقد يعطيه (وهو
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قضية خ ل) كلام الشيخ في «المبسوط والجُمل » حيث قال : يعيد من سجد على موضع النجس بعد علمه بذلك.
وفي «الرياض»
لم يتقدّم لحكم السجود على الموضع النجس جهلاً ذكر ، لا هنا ولا في شيء ممّا وقفت
عليه من كتب الفقهاء عدا الشهيد الثاني في الروض فى بحث الصلاة في الثوب النجس
فألحقه به وبالبدن في الأحكام. وهو ظاهر غيره من الأصحاب حيث أحالوا الحكم في
المقام إلى ذلك البحث وبحث المكان ، مع أنّهم لم يذكروه في شيء منهما على الخصوص.
ولا ريب فيه إن كان إجماعا وإلّا فللوقف فيه مجال ، فإنّ مقتضى الاصول الإعادة في
الوقت هنا للشكّ في الامتثال ، لإطلاق ما دلّ على اشتراط طهارة محلّ السجود من دون
تقييد بصورة العلم وإن احتمل قريباً كونه كطهارة الثوب والبدن لكنّه ليس بمتحقّق
كما تحقّق فيهما ، فبمجرّده لا يخرج عن إطلاق الأمر القطعي. نعم لو خرج الوقت لم يعلم
وجوب القضاء بناءً على كونه فرضاً مستأنفاً ، ولا دليل عليه هنا عدا عموم الأمر
بقضاء الفوائت ، وهو فرع تحقّق الفوات ولم يتحقّق بعد احتمال اختصاص الشرطيّة بحال
العلم كما في النظائر ، وحينئذٍ فيدفع القضاء بالأصل السالم عن المعارض .
__________________
وتذكية الجلد المأخوذ من مسلم.
ويعيد لو لم
يعلم أنّه من جنس ما يصلّى فيه ، أو من جنسه إذا وجده مطروحاً أو في يد كافر أو
مستحلّ ، أو سها عن ركنٍ ولم يذكر إلّا بعد انتقاله ،
______________________________________________________
وفي «حاشية
الإرشاد» وأمّا جهل نجاسة المكان فلا يكاد يتحقّق له معنى ، لأنّ نجاسة موضع
السجود ستأتي ونجاسة غيره لا تؤثّر على الأصحّ إلّا مع التعدّي إلى المصلّي أو
محمولة على وجه لا يعفى عنها. وحينئذٍ فيعود الحكم إلى نجاسة الثوب والبدن ونجاسة
البدن في موضع السجود أعني موضع الجبهة كنجاسة الثوب. ولا فرق في ذلك بين أن تكون
النجاسة يابسة أو متعدّية وإنّما يكون ذلك إذا استوعب النجاسة موضع الجبهة ، فلو
كانت يابسة وبقي من المسجد على الطهارة ما يصدق معه اسم الوضع من الجبهة فالظاهر
الصحّة .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وتذكية
الجلد المأخوذ من مسلم) لأنّ الشرط في الجلد العلم بالتذكية شرعاً ، ويكفي فيه
الشراء من مسلم ، لأصل صحّة أفعاله وانتفاء الحرج. وقد تقدّم لنا في بحث لباس
المصلّي في الفصل الرابع بيان الحال في الجلود وأحكامها ، وقد
أشبعنا الكلام في شعب المسألة وأطرافها بما لا مزيد عليه ، وقد ذكرنا بعد ذلك بيان
حكم ما إذا صلّى فيما لم يعلم أنّه من جنس ما يصلّى فيه ونبّهنا على ضعف خلاف
المخالف.
[في ما يوجب إعادة
الصلاة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
سها عن ركنٍ ولم يذكر إلّا بعد انتقاله)
أي إلى ركن آخر
كما في «المعتبر والنافع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والجعفرية » وغيرها . وقد عدل عن ذلك في «التحرير والهلالية» وغيرهما فقيل فيها : ولم يذكر حقّ تجاوز محلّه ، ولعلّه لأنه
يخرج عن الأوّل قولهم : كمن أخلّ بالافتتاح حتّى قرأ ، إذ القراءة ليست ركناً ،
فالبطلان من جهة فوت مقارنة النيّة للتكبير بحيث لا يتخلّل بينهما زمان وإن قلّ ،
وقد تخلّلت القراءة هنا بينهما. ومن ثمّ جعل السيّد حسن ابن السيّد جعفر مقارنة النيّة للتكبير ركناً. وفي «الروضة»
لا يحتاج للاحتراز عنه لأنّ الكلام في الصلاة الصحيحة .
وفي «النجيبية»
أنّ من سها عن ركن من الأركان الخمسة أعاد إجماعاً. وفي «مجمع البرهان والجواهر المضيئة» أنّه المشهور. وفي «التنقيح» أنّه
مذهب المفيد والمرتضى والقاضي وابن أبي عقيل وابن إدريس . قلت : وهو خيرة أبي الحسن بن أبي الفضل الحلبي . وقال في «الغنية» : وتلزم الإعادة لمن سها عن النيّة
أو تكبيرة الإحرام أو عن الركوع حتّى يسجد أو عن سجدتين من ركعة ولم يذكر حتّى رفع
رأسه من الركعة الاخرى إلى أن قال : كلّ ذلك بدليل الإجماع . وفي «المراسم» كمن سها عن تكبيرة الإحرام حتّى يركع أو
عن الركوع ولا يذكره
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
حتّى يسجد وعن سجدتين من ركعة ولا يذكرهما حتّى يركع في الثانية . وفي «السرائر» أو سها عن النيّة أو تكبيرة الإحرام
حتّى يركع أو عن الركوع حتّى يدخل في حالة السجود بحيث لو كان شاكّاً فيه ودخل في
الحالة الثانية لا يلتفت إليه ، أو يسهو فيترك سجدتين من ركعة أيّ ركعة كانت على
الصحيحمن المذهب ، انتهى. فقد ترك فيها ذكر القيام والبطلان بالسهو عن
ركن من الأركان الخمسة مع عدم الذكر إلّا بعد تجاوز المحلّ مع إبرازه في عنوان المثال
طفحت به عبارات المتأخّرين ، والمناقش إنّما يناقش في عدم ركنيّة النيّة مع
الموافقة على البطلان بتركها وكذا القيام كما ستسمع. ففي «الشرائع والنافع والمعتبر والتذكرة والتحرير والذكرى والبيان والهلالية والجعفرية » وغيرها كمن أخلّ بالقيام حتّى نوى أو بالنيّة حتّى كبّر أو
بالتكبير حتّى قرأ أو بالركوع حتّى سجد أو بالسجدتين حتّى ركع. وفي «الرياض» لا
خلاف فيما عدا الأخيرين ، ولا إشكال إلّا في الأوّل ، وأمّا الأخيران فالمشهور
الأقوى فيهما ذلك بل عليه جمهور المتأخّرين . وفي «النجيبية» لا خلاف في بطلان صلاة من سها عن
النيّة حتّى كبّر. وفي «المدارك»
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
لا ريب فيه .
وفي «الذكرى»
إجماع الامّة إلّا الزهري والأوزاعي على بطلان صلاة من سها عن التكبير حتّى قرأ . وفي «الدرّة» أيضاً إجماع الامّة من دون استثناء. وفي «إرشاد
الجعفرية والمدارك والنجيبية والشافية» الإجماع على ذلك. وفي «المدارك»
نقل حكايته عن جماعة وفي «المقاصد العلية» لا خلاف في الإعادة فى زيادته
ونقصه .
وفي «الكفاية»
أنّ المشهور بطلان صلاة من أخلّ بالركوع حتّى سجد . وفي «المدارك والنجيبية» أنّه مذهب المفيد والمرتضى وابن إدريس
وعامّة المتأخّرين. قلت : والأمر كما ذكرا ، وعبارة المفيد هذه : إن ترك الركوع
ناسياً أو متعمّداً أعاد على كلّ حال . وعن الحسن بن عيسى أنّه قال : من نسي الركوع حتّى سجد
بطلت صلاته ، وقد أطلق ولم يفصّل بين الاوليين والأخيرتين. وقد نسب
عدم الفصل في «التذكرة» إلى الأكثر . وفي «الكفاية» إلى المشهور . وعليه نصّ جماعة كثيرون . وقد تقدّم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الكلام في هذه المباحث في محالّها وتقدّم نقل ما في «المبسوط» ونقل القول
الّذي نقله فيه من التلفيق وقول أبي علي وعليّ بن الحسين وما في «النهاية والوسيلة
والجُمل والعقود» وفي جملة من العبارات : حتّى سجد. وفي بعض منها : حتّى سجد
السجدتين ، وقد مضى بيان ذلك أيضاً. وفي «الرياض» أنّه لا قائل بالفصل بين السهو
عن الركوع إلى أن يسجد الواحدة وبين السهو عنه إلى أن يسجد السجدتين ويقوم ، انتهى ، وليلحظ ما ذكرناه في مبحث الركوع .
وفي «المدارك»
أنّ مذهب الشيخ في النهاية وأكثر الأصحاب بطلان صلاة من أخلّ بالسجدتين حتّى ركع . وفي «الدرّة» أنّه مذهب أكثر الأصحاب ، وفي «غاية
المرام والكفاية » أنّه المشهور. وفي «النجيبية» أنّه ممّا لا خلاف فيه.
وقد تقدّم الكلام في ذلك في مبحث السجود مستوفىً.
وفي «المدارك»
أنّ مقتضى قوله في الشرائع : كمن أخلّ بالقيام حتّى نوى ، كون القيام في حال
النيّة ركناً وهو غير واضح . قلت : ونحوه ما في «الرياض » كما سمعت ، وقد يوجّه باشتراط مقارنتها للتكبير فإنّ
القيام ركن فيه قطعاً وهي لا تتحقّق إلّا حالة القيام.
__________________
ولو ذكر في محلّه أتى به ، أو زاد في الصلاة ركعة ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
ذكر في محلّه أتى به) أي لو ذكر قبل الانتقال إلى ركن أتى به وصحّت الصلاة ،
لأنّه لا يؤثّر خللاً ولا إخلالاً بماهيّة الصلاة كما في «المعتبر » وقد قطع بذلك الأصحاب . وعن «المنتهى» أنّه لا خلاف فيه بين أهل العلم وهذا في غير النيّة والتكبير واضح ، وأمّا فيهما
فيتحقّق بعدم الشروع في الصلاة.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
زاد في الصلاة ركعةً) سهواً مطلقاً على الأشهر الأقوى كما في «الرياض ». وفي «الدروس» أنّ المشهور البطلان مطلقاً . وفي «الذكرى والمسالك والمقاصد العلية والدرّة والجواهر والمفاتيح » أنّ الأكثرين أطلقوا البطلان. قلت : لعلّهم أشاروا
بذلك إلى ما في «المقنع وكافي ثقة الإسلام والجُمل والعقود
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمراسم والغنية والشرائع والإرشاد » من الحكم بالإعادة فيما إذا زاد ركعة في الصلاة ، ونقل
ذلك عن السيّد والتقي وفي «الغنية» الإجماع عليه . وليعلم أنّه في «المقنع» بعد أن حكم بالإعادة فيما إذا
استيقن أنّه صلّى خمساً قال : وروي أنّه إن جلس .. إلى آخر ما سيأتي نقله عن «المعتبر»
وغيره ، فعبارة المقنع أوضح هذه العبارات.
وصرّح في «المبسوط
والخلاف والموجز الحاوي وكشف الالتباس والدرّة والشافية والمفاتيح والمصابيح والرياض » ببطلان صلاة من زاد خامسة وجلس بقدر التشهّد بعد
الرابعة. وفي «كشف الالتباس» أنّه المشهور بين المتأخّرين وهو قضيّة ما في «الاستبصار» على ما نقل عنه و «السرائر والكفاية » حيث حكم فيها بالصحّة إن كان قد تشهّد في جلوسه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بعد الرابعة وإلّا فلا. واستحسن ذلك في «الذكرى والمدارك» فقد وافق هؤلاء على أنّ مجرّد الجلوس بقدر واجب
التشهّد غير كافٍ في الصحّة.
وقال في «المدارك»
في شرح عبارة الشرائع ، وهي كعبارة الكتاب : مقتضى إطلاق العبارة عدم الفرق في
الصلاة بين الرباعية وغيرها ولا بين أن يكون قد جلس في آخر الصلاة بقدر التشهّد أو
لم يجلس ، قال : وبهذا التعميم قطع الشيخ في جملة من كتبه
والسيّد وابن بابويه ، انتهى. وقد سمعت عباراتهم. وفي «مصابيح الظلام» أنّ
المشهور المعروف الموافق للقواعد الشرعية الواضحة البطلان من دون فرق بين الرباعية
وغيرها ولا بين زيادة ركعة أو أزيد ولا بين أن يكون جلس في آخر الصلاة أو لا. وقال
: أنّ القواعد هي عدم الإتيان بالمأمور به على وجهه وأنّ شغل الذمّة اليقيني
يستدعي البراءة اليقينية. وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «صلّوا كما رأيتموني اصلّي» إلى غير ذلك ممّا مرَّ في
بحث وجوب السورة وغيره ، انتهى. وقال في «الخلاف» في آخر كلامه بعد أن صرّح
بالبطلان ونسب اعتبار الجلوس إلى بعض أصحابنا ما نصّه : عندنا لا بدّ من التشهّد
ولا يكفي الجلوس بمقداره وإنّما يعتبر ذلك أبو حنيفة ، انتهى. وقد يؤذن كلامه هذا بدعوى الإجماع. وفيه أيضاً
في موضع آخر : الإجماع على أنّه إذا صلّى المغرب أربعاً أعاد .
وفي «المسالك»
ذهب المتأخّرون إلى أنّه إن كان جلس آخر الرابعة بقدر واجب التشهّد صحّت صلاته . قلت : وقد سمعت أنّ الشيخ في «الخلاف» نسب ذلك إلى بعض
أصحابنا. وكذا في «المبسوط » ولعلّه أراد أبا علي كما قطع بذلك
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في «المختلف » وهو خيرة «التهذيب والمعتبر والتحرير والمختلف والكتاب» فيما سيأتي و «المنتهى » فيما نقل عنه و «الألفية والميسية والروض والمسالك والمقاصد العلية ومجمع البرهان ورسالة صاحب المعالم والنجيبية» وكأنّه ميل إليه في «التذكرة والهلالية» وتردّد فيه في «الكفاية » وظاهر «الدروس ». وفي «البيان» إن جلس بقدر التشهّد فقولان الأقرب
الإعادة بناءً على وجوب التسليم .
وفي «السرائر»
من صلّى الظهر مثلاً أربع ركعات وجلس في دبر الرابعة فتشهّد الشهادتين وصلّى على
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ قام ساهياً عن التسليم فصلّى ركعة خامسة ، فعلى
مذهب مَن أوجب التسليم فالصلاة باطلة ، وعلى مذهب مَن لم يوجب فالأولى أن يقال إنّ
الصلاة صحيحة. وإلى هذا القول يذهب شيخنا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أبو جعفر في استبصاره ، ونِعمَ ما قال ، انتهى.
وعن «الاستبصار»
أنّ هذين الخبرين يعني خبري زرارة ومحمّد لا ينافيان الخبرين الأوّلين ، يعني خبري
أبي بصير وابني أعين ، لأنّ من جلس في الرابعة وتشهّد ثمّ قام وصلّى ركعة لم يخلّ
بركن من أركان الصلاة وإنّما أخلّ بالتسليم والإخلال به لا يوجب إعادة الصلاة . واستحسن هذا الحمل في «الذكرى » وحكم به فى «الكفاية » وكذا «المدارك » حسبما قدّمناه.
وعلى هذا القول
لا فرق في الصلاة بين الرباعية وغيرها ، لأنّهم بنوه على استحباب التسليم والخروج
عن الصلاة بالتشهّد ، فتكون الزيادة بعد الصلاة ، فتأمّل.
وفي «الذكرى»
أنّه يكون في هذه الأخبار دلالة على ندب التسليم . وقلت : سلف لنا أنّ الأصحّ وجوبه. ويأتي ما يرد على
هذا القول وسابقه ، والغرض الآن نقل الأقوال في المسألة وأطرافها.
وقد اتفقوا كما
في «المعتبر والتذكرة والتحرير والذكرى » على أنّه إن لم يكن جلس عقيب الرابعة وجب عليه إعادة
الصلاة.
وعلى القولين
لا يشترط الجلوس بقدر التسليم للنصّ ، وبذلك صرّح جماعة .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال جماعة : على القول بوجوب التسليم ينبغي الاقتصار بالنصّ
المخالف للأصل على مورده. ولم يفرّق في «الذكرى والدرّة» بين الصلوات وجعلا الجلوس آخرها بقدر التشهّد
كافياً ، لاشتراك الجميع في المعنى. وفي «الروض والمسالك » فيه وجهان. وفي «مجمع البرهان » يحتمل ثبوت هذا الحكم في الثنائية مثل الفجر والجمعة
وصلاة المسافر ، وفي الثلاثية للأصل وموافقة الأوامر المقتضية للإجزاء ، والعلّة
الظاهرة من الأخبار بأنّها الوقوع بعد الخلاص من معظم الصلاة وأركانها وأنّها ما
بقى إلّا التشهّد مع عدم صحّة الخبرين الدالّين على البطلان ، انتهى. والخبران صحيحان على
الصحيح ، سلّمنا لكنّهما منجبران بأعظم جابر.
وفي «الميسية
والمسالك والدرّة» لا فرق بين الركعة والأكثر. وفي «مجمع البرهان»
أنّ الثنتين أولى بالبناء والإتمام نافلة وأنّه لا بدّ من الإتيان بالتشهّد بعدهما
. وفي «الدروس والروض » فيه وجهان. وفي «الكفاية» فيه إشكال .
ولو ذكر
الزيادة قبل الركوع هدم الركعة وسلّم وصحّت الصلاة بلا خلاف كما
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في «المفاتيح » ولا إشكال فيه كما في «الذكرى والمقاصد العلية » وغيرهما ، وبذلك صرّح جماعة وقالوا : ويسجد للسهو ، لأنّ النصّ ورد على زيادة ركعة
فيمكن اختصاص الحكم بها قصراً له على مورده وتعديته إلى الزائد.
ولو ذكر
الزيادة بعد السجود احتمل في «التذكرة والميسية» وغيرهما أن يضيف إلى الخامسة ركعة ويسجد سجدتين ويكون نافلة ،
واحتمل التسليم والسجود للسهو وتلغى الركعة إذا لم يقصد النفل بها. وفي «الكفاية»
أنّ الأوّل أولى .
ولو ذكرها بعد
الركوع وقبل السجود ففي «التحرير والكتاب» فيما يأتي أنّه يتشهّد ويسلّم ، وقد قوّى
جماعة أنّه كما لو ذكر بعد السجود منهم الشهيدان في «الذكرى والمسالك » لكنّ في «المسالك» قبل كمال السجود والميسي. وفي «الروض»
فيه وجهان ، وكأنّه متردّد في «المقاصد العلية كالكفاية » واحتمل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في «التذكرة» الجلوس والتشهّد والتسليم وإتمامها وإضافة اخرى والإبطال ،
لأنّا إن أمرناه بالسجود زاد ركناً آخر وإن لم نأمره زاد ركناً غير متعدٍّ به
منفرداً بخلاف الركعة فإنّها بصورة صلاة اخرى .
فإن قيل : على
ما يختاره المصنّف من ندب التسليم ينبغي الصحّة على كلّ حال.
قلنا : الظاهر
أنّ القائل بالندب يقول إنّ الخروج لا يتحقّق بمجرّد الفراغ من التشهّد ، بل لا بدّ
معه إمّا من نيّة الخروج أو فعل المنافي أو التسليم وإن لم يكن واجباً. وحينئذٍ
يتجه مساواته لغيره حيث لم يتحقّق ذلك ، لأنّ الفرض كونه متوهّماً أنّه في الصلاة
لم يخرج منها.
وفي «البيان»
لو ذكر راكعاً ، فإن قلنا بالإرسال أرسل نفسه وإلّا بطلت ، وأولى بالبطلان لو ذكر
بين الركوع والسجود .
وفي «مجمع
البرهان» أنّه لو ذكر بين السجدتين فالظاهر أنّه كما لو ذكر بعد إتمامهما مع
احتمال البطلان ، وكذا الحال فيما لو ذكر بين الركوع والسجود ، وهذا إلى البطلان
أقرب. والظاهر الصحّة في الكلّ للرواية ، فإنّه إذا لم يبطل بالركعة وهي ركن
وزيادة فالبعض بالطريق الأولى ، فلا يبعد البناء والإتمام نافلة. وتردّد المصنّف
في الإتمام كأنّه لعدم صحّة إحدى الروايتين وعدم العمل بالأخيرة وعدم النيّة
والتكبير. ولا يبعد كون الأولى الاحتراز (الاجتزاء خ ل) والقطع ، انتهى. وقال في «الذكرى» : وعلى ما قلناه من اعتبار
التشهّد لا فرق في ذلك كلّه في الصحّة إن حصل وفي البطلان إن لم يحصل .
إذا عرفت هذا
فاعلم أنّ القول المشهور هو المؤيّد المنصور بالقواعد كما
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عرفت والمخالفة للجمهور ، ويدلّ عليه الأخبار المصرّحة بأنّ مَن زاد في
صلاته المكتوبة لم يعتدّ بها ، ومَن زاد في صلاته فعليه الإعادة. وهذه وإن كانت
تشمل غير الركعة والركن إلّا أنّ الظاهر منهما كما فهمه الأصحاب إرادة الركعة ، ولذا لم يتأملّ أحد في دلالتها ولم
يستدلّ به أحد في غير زيادة الركعة أو الركن ، ويأتي عن «المعتبر» الاستدلال بها
في زيادة الركن ، وسنجعل ذلك حجّة عليه وإلزاماً له. ويدلّ عليه ما ورد فى طواف
الحجّ أنّه مثل الصلاة مَن زاد فيها فعليه الإعادة ، كذا في «مصابيح الظلام » وما ورد فيمن صلّى العصر خمس ركعات أو ستّ ركعات : «أنّه
إذا استيقن أنه صلّى خمساً أو ستّاً فليعد » والضعف منجبر بالشهرة الّتي كادت تكون إجماعاً من القدماء
، مضافاً إلى ضعف دليل المخالف وتناقضه وما يرد عليه وما يلزمه من المفاسد ومخالفة
القواعد.
وأوّل من ذهب
إليه واستدلّ عليه الشيخ في «التهذيب » والمحقّق في «المعتبر » بعد أبي علي الّذي نراه كثيراً ما يوافق العامّة. وقد استدلّ في «التهذيب
والمعتبر والمختلف » بأنّ نسيان التشهّد غير مبطل ، فإذا جلس قدر التشهّد
فقد فصل بين الفرض والزيادة ، وبقول الباقر عليهالسلام فيمن صلّى خمساً : «إن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
كان علم أنه جلس في الرابعة فصلاة الظهر تامّة » وقول الصادق عليهالسلام : «إن كان جلس في الرابعة بقدر التشهّد فصلاته جائزة » وبقول الباقر عليهالسلام في صحيح زرارة ، وهو مثله .
ويضعّف الأوّل
أنّ مضيّ مقدار ذكر أقلّ الواجب من التشهّد لا يوجب الخروج عن الصلاة ، فلا يقتضي
عدم وقوع الزيادة في أثناء الصلاة ، وهذا الجلوس واجب من واجبات الصلاة فكيف يكون
فاصلاً بين الصلاة والزيادة؟! مضافاً إلى أنّ المصلّي حين زاد هذه الركعة أراد
أنّها داخلة في صلاته وجزء منها ولم يصدر منه ما يخرجه عن الصلاة حتّى تكون
الزيادة خارجة ، لأنّ المخرج عن الصلاة إنّما هو التسليم على الصحيح أو الفراغ من
التشهّد والصلاة على النبيّ وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمّا كون المخرج مضيّ زمان مقدار ذكر أقلّ الواجب من
التشهّد حتّى أنّه لو اتفق بعده حدث أو زيادة لم تفسد فلم يقل به أحد فيما مضى.
وممّا يرشد إلى
أنّ هذا الجلوس لا يقضي بعدم وقوع الزيادة في أثناء الصلاة أنّ ناسي هذا التشهّد
الجالس قدره لو تذكّره وجب عليه أن يتشهّد ويكون تشهّده داخل الصلاة ويقدّمه على
السجدة الواحدة المنسية والتشهّد الأوّل ، وأنّ من شكّ في أنّ ركعته هذه رابعة
فيتشهّد أو ثالثة فلا يتشهّد وأخذ يتروّى فكان مقدار شكّه وتروّيه بقدر زمان أقلّ
واجب التشهّد ، ثمّ تذكّر أنّها الرابعة فتشهّد ، فلا ريب أنّ تشهّده في الصلاة
ولا يسجد للسهو إجماعاً. ولو زاد ركوعاً أو سجدتين بطلت صلاته ، بل لو زاد واحداً
منهما بعد جلوس مقدار التشهّد بطلت أيضاً ، ولو زاد ما توجب زيادته سجدة السهو
وجبت أيضاً.
وقضية دليلهم
هذا عدم الفرق بين الرباعية وغيرها وبين الركعة وما زاد عنها.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقضية ما في «المعتبر» قصر الحكم على الرباعية إذا زيد فيها ركعة. وقضية
دليلهم هذا لزوم قضاء هذا التشهّد وسجود السهو وهم ممّا يقولون به. وقضيّة الخبرين
صحّة الصلاة من دون توقّف على جابر من قضاءٍ وغيره.
وأمّا الخبران
فمعارضان بما دلّ على وجوب التسليم وجزئيّته للصلاة بل وما دلّ على وجوب الصلاة على النبيّ
وآله ، بل ظاهرهما عدم وجوب التشهّد ، وموافقان للمشهور المعروف بين العامّة
بخلاف أخبار المشهور ، فيجب الأخذ بهذه والإعراض عن تلك ، أو تحملان على ما ذكره
الشيخ في «الاستبصار » إذ الجلوس بقدر التشهّد من دون الإتيان به من الفروض
البعيدة ، ويكتفى بالظنّ في قرينة المجاز ، وقد يعضده ترك ذكر قدر التشهّد في أحد
الخبرين. ويرشد إليه أنّ الجلوس بقدر التشهّد ليس ركناً في الصلاة ، فأيّ فائدة في
اشتراط تحقّقه مع أنّ وجوبه كوجوب التشهّد بل دونه ، لأنّه ليس واجباً برأسه بل
تابع للتشهّد كالقيام لقراءة فاتحة الكتاب وغيرها. ويخدشه أنّ القدر الواجب من
التشهّد قليل جدّاً يمضي غالباً بالطمأنينة والتروّي في الجملة. والحاصل : أنّ
الجلوس بقدره ليس من الفروض النادرة فينبغي الحمل على التقيّة ، لأنّ العامّة ربما
يفرضون المسائل النادرة ويبحثون عنها وتشتهر المباحثة إلى أن يسري ذلك إلى الشيعة
فيسألون الأئمّة عليهمالسلام فيجيبون على وفق التقية أو الحقّ على حسب المصلحة.
ولهذا اختاره في «الخلاف » على أنّ هذه الأخبار على هذا التأويل أيضاً مع ما فيه
لا تقاوم أدلّة المشهور.
ويرد عليهم
أنّهم حكموا بأنّ مَن أتمّ صلاته الّتي يجب قصرها ناسياً وذكر في الوقت يعيد
الصلاة ، مع أنّه في الحقيقة من أفراد المسألة غايته زيادة ركعتين ، وقد
__________________
أو ركوعاً ،
______________________________________________________
ورد النصّ والفتوى بوجوب إعادته في الوقت. وهو ينافي التعدية هنا إلى ما
زاد على ركعة ، ولا تخلص عنه إلّا بأحد امور ، إمّا القول باختصاص الحكم بركعة أو
بغير المسافر أو برفع الحكم أصلاً كما هو المشهور.
ثمّ إنّه قد
استدلّ في «المعتبر» على بطلان صلاة من زاد ركوعاً أو سجدتين بأنّ فيه تغييراً
لهيئة الصلاة وخروجاً عن الترتيب الموظّف ، وبقول أبي جعفر عليهالسلام في حسنة زرارة وبكير : «إذا استيقن أنّه زاد في صلاته
المكتوبة لم يعتدّ بها واستقبل صلاته » ومن المعلوم أنّ هذه الأدلّة جارية في المسألة ، لما
عرفت من أنّ مضيّ مقدار ذكر أقلّ الواجب من التشهّد لا يوجب الخروج عن الصلاة
إجماعاً ونصّاً حسب ما تقدّم فقد اتضح الحال فلا توقّف ولا إشكال.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
ركوعاً) يعني سهواً. قلت : أو سجدتين كذلك فإنّها تبطل الصلاة
بذلك كما هو مذهب الأصحاب لا نعلم فيه مخالفاً كما في «المدارك » وقاله الأصحاب كما في «الشافية» وكذا تبطل بزيادة
غيرهما من الأركان كذلك بلا خلاف أجده كما في «الرياض » ولا أعلم فيه خلافاً كما في «الكفاية » وهو المشهور كما في «مجمع البرهان والجواهر». وقد سلف لنا في مبحث القيام والتكبير والركوع والسجود نقل
الإجماعات والشهرات ونقل كلام المخالف والمتأمّل واستوفينا الكلام في تلك
المقامات. وقد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أقمنا هنالك الأدلّة والبراهين من الاصول والقواعد والإجماعات والأخبار على
حقّية ذلك.
وقد وجدنا
مولانا الأردبيلي في المقام يتأمّل في بعض الأدلّة فأردنا ذكرها والإشارة
إلى ضعف مناقشته ، فقلنا ممّا يدلّ على أنّ زيادة الركن سهواً مبطلة أنّها
كالنقيصة مغيّرة لهيئة العبادة التوقيفية مخالفة للمأمور به فلا تجزي من دون نصّ
أو إجماع وقوله عليهالسلام : «إذا استيقن أنه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتدّ بها
واستقبل الصلاة استقبالاً » وقوله عليهالسلام : «لا يعيد الصلاة من سجدة ويعيدها من ركعة » ومقابلة الركعة بالسجدة قرينة على أنّ المراد بالركعة
الركوع ، ولا قائل بالفرق بينه وبين السجدتين. وقال في «مجمع البرهان» الدليل
الأوّل ليس بتمام ، إذ ليس في نفسه واضحاً . وفيه : أنّه لم يظهر لنا عدم تماميته مع أنّه هو وسائر
العلماء لا يزالون يتمسّكون به في إثبات كثير من الواجبات في العبادات وبطلانها
بالإخلال بها وإن استند في ذلك إلى ما قام عليه دليل من نصٍّ أو إجماع فلا كلام
فيه. وقال على الاستدلال بالخبر الأوّل : يلزم كون المستثنى من أقلّ فيه أنّه قد برهن في فنّه أنّ ذلك جائز واقع ، سلّمنا ،
لكنّ العموم هنا ليس بلغوي فيقبل التخصيص إلى الأقلّ.
وقد كنّا وعدنا
فيما سلف أن نذكر ما استثناه بعضهم عن هذا الأصل وهو مواضع :
الأوّل
: النيّة ، فإنّ
زيادتها غير مبطلة سهواً ، بل ولا عمداً ، لأنّ استحضارها أقوى من الاستدامة
الحكميّة. وقد تقدّم أنّ الاكتفاء بها إنّما جاز حذراً من الحرج والعسر ، وإلّا
لكان الدليل يدلّ على وجوب استمرارها فعلاً ، ولكونها من حديث
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
النفس الّذي لا ينافي الصلاة إن لم يؤكّدها ، اللهمّ إلّا أن يراد بزيادتها
القصد إلى ابتداء الفعل إلى آخرها فإنّ البطلان حينئذٍ واضح ، لاستلزام ذلك رفع
الفعل السابق وبطلان الاستدامة الحكميّة ، أو نقول : إنّ زيادتها على هذا الوجه لا
تتحقّق إلّا مع المقارنة للتحريمة ومعها يتحقّق الإبطال أيضاً وإن استلزم اجتماع
معرّفات كما في زيادة القيام المشروط بالركوع ، لكن في توقّف تحقّق النيّة على ذلك
بحث ، فإنّ المراد من زيادة هذه الأركان صوَرها لا حقيقتها وإلّا لم تتحقّق زيادة
ركن البتّة ، وحينئذٍ يتصوّر زيادة النيّة بدون التكبير وإن كان مقارنتها لها من
جملة واجباتها ، إذ لا يراد بها إلّا القصد إلى الفعل على الوجه المخصوص ولا
يتوقّف البطلان على الإتيان بجميع ما يعتبر فيها كما لو زاد ركوعاً بغير طمأنينة
ولا ذكر ونحو ذلك. ويمكن الفرق بين الأمرين بأنّ حقيقة الركوع الركني تتمّ بدون ما
ذكر. ومن ثمّ لو ركع كذلك ونسي باقي الواجبات حتّى الرفع منه وواجباته إلى أن دخل
في السجود صحّت صلاته ، بخلاف ما لو أتى بالنيّة ونسي مقارنتها للتكبير فإنّ
الصلاة لا تنعقد ، فدلّ ذلك على أنّ النيّة الّتي هي ركن لا تتمّ بدون المقارنة
فكذا صورة ذلك. وقد سلف في مسألة ما إذا كبّر للافتتاح ثمّ كبّر له ثانياً ما له
نفع تامّ في تحقيق المقام.
الثاني
: القيام ، إن
جعلناه ركناً كيفما اتّفق كما جعله بعضهم واستثناه من القاعدة وعلى ما ذهب إليه المتأخّرون من أنّ الركن قيام خاصّ فلا استثناء.
الثالث
: الركوع ، فيما
لو سبق به المأموم إمامه سهواً فإنّه يعود إلى المتابعة ويعود إليه ثانياً.
الرابع
: الركوع ، أيضاً
إذا استدركه الشاكّ فيه في محلّه ثمّ تبيّن قبل رفع رأسه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فعله على ما اختاره الشهيد في «الذكرى » وجماعة مع اعترافه بأنّ الرفع ليس جزءاً منه ، وسيأتي تحقيقه
بلطف الله تعالى.
الخامس
: السجود ، وإذا
زاد منه سجدة سهواً إن جعلنا الركن منه هو الماهيّة الكلّية كما في «الذكرى » ولو جعلنا الركن مجموع السجدتين كان نقصان الواحدة
أيضاً مستثنى من قاعدة البطلان بنقصان الركن بناءً على أنّ المجموع يفوت بفوات بعض
أجزائه.
السادس
: لو تبيّن
المحتاط أنّ صلاته كانت ناقصة وأنّ الاحتياط مكمّل لها فإنّه يجزيه كما سيأتي إن
كان الذكر بعد الفراغ أو قبله على قول قويّ ويغتفر ما زيد من الأركان من النيّة
وتكبيرة الإحرام.
السابع
: لو سلّم على
نقص من صلاته ثمّ شرع في فريضة اخرى أو ظنّ أنّه سلّم فشرع فيها ولمّا يأتي
بالمنافي بينهما فإنّ المروي عن صاحب الأمر عليهالسلام الإجزاء عن الفريضة الاولى واغتفار ما زيد من الأركان.
وهل يفتقر إلى
العدول إلى الاولى؟ احتمالان. وفي «الذكرى» أنّ المروي العدول إلى الاولى ، انتهى. وفي «الروض » وغيره أنّ الأصحّ العدم ، لعدم انعقاد الثانية. نعم ينبغي
ملاحظة كونه في الاولى من حين الذكر بناءً على تفسير الاستدامة الحكميّة بأمر
وجودي ، وعلى التفسير الأصحّ يكفي في الأفعال الباقية عدم إيقاعها بنيّة الثانية.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «التذكرة»
إن شرع في فريضة ثمّ ذكر النقص من السابقة عاد إلى الاولى فأتمّها. وبه قال
الشافعي ، ويحتمل البطلان لأنّه زاد ركناً هو النيّة والتكبير وهو مبطل وإن كان
سهواً. ويمكن الجواب بأنّه ليس ركناً في تلك الصلاة فلا يبطل. وهل يبني على الاولى؟
يحتمل ذلك ، فيجعل ما شرع فيه من الصلاة الثانية تمام الاولى ، ويكون وجود السلام
كعدمه ، لأنه معذور فيه. ويحتمل بطلان الثاني ، لأنّه لم يقع بنيّة الاولى فلا
يصير بعد عدمه منها ، فحينئذٍ لا فرق بين أن يكون ما شرع فيه ناسياً فرضاً أو
نفلاً ، أمّا على احتمال البناء فقال بعض الشافعية : إن كان فرضاً صحّ له البناء
بخلاف النافلة ، لأنّه لا يتأدّى الفرض بنيّة النفل . ونحوها «نهاية الإحكام» لكنّه اختار فيها ما حكاه عن
بعض الشافعيّة .
وفي «كشف
اللثام» هل يعدل بالنيّة أو يقطعها ويتمّ السابقة أو يتمّها ثمّ يتمّ السابقة؟
أوجه. وفي الذكرى أنّ الأوّل مروي ، وعليه إن قلنا ببطلان الاولى لزيادة النيّة
والتكبير عدل في جميع الثانية وإلّا ففيما وافق المنسي ، انتهى. وفي الكلام خفاء ما فتأمّل. وفي «البيان» إذا
شرع في فريضة اخرى أكملها ما لم يتجاوز محلّ عددها فتبطلان على إشكال . ونحوه «الهلالية».
الثامن
: ما ذكروه فيمن
زاد ركعة سهواً كما تقدّم .
التاسع
: لو أتمّ
المسافر جاهلاً بوجوب القصر أو ناسياً ولم يذكر حتّى خرج الوقت صحّت الصلاة
واغتفرت الزيادة ، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
العاشر
: لو كان في
الكسوف وتضيّق وقت الحاضرة قطعها وأتى بالحاضرة ثمّ بنى في الكسوف كما تقدّم بيان ذلك.
__________________
أو نقص ركعةً وذكر بعد المبطل عمداً وسهواً كالحدث ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
نقص ركعةً وذكر بعد المبطل عمداً وسهواً كالحدث)
هذا ممّا لا
خلاف فيه بين القدماء فيما أجد إلّا ما يحكى عن الصدوق . وقد وافقه على ذلك الكاشاني في «المفاتيح » وكأنّه مال إليه في «المدارك ومجمع البرهان والذخيرة والكفاية » وقد يلوح من «الروض » التوقّف. وقد تقدّم في أوّل الفصل الأوّل في السهو نقل كلام الأصحاب ، وكذا
في الفصل الثامن في التروك . وظاهرهم الاتفاق على البطلان ، وعلى القول ببناء مَن
سبقه الحدث أيضاً يقوّى البطلان هنا ، لأنّه متعمّد.
وفي «المختلف والذكرى » وغيرها عن «المقنع» فإن صلّيت ركعتين ثمّ قمت فذهبت في حاجة لك
فأضف إلى صلاتك ما نقص منها ولو بلغت الصين ولا تعد الصّلاة فإنّ إعادة الصلاة في
هذه المسألة مذهب يونس بن عبد الرحمن. وقال في «كشف اللثام» : وفيما عندنا من نسخ «المقنع»
وإن صلّيت ركعتين ثمّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قمت فذهبت فى حاجة لك فأعد الصلاة فلا تبن على ركعتين . ونحوه قال العلّامة المجلسي . قلت : وهذا هو الموجود في النسخة الّتي عندنا من نسخه
، لكنّ الناقلين ذلك عن الصدوق على البتّ جماعة كثيرون ، وكأنّهم عوّلوا في ذلك
على المختلف.
وروى في «الفقيه»
عن عمّار عن «الصادق عليهالسلام : أنّ من سلّم في الركعتين من الظهر أو العصر أو المغرب
أو العشاء الآخرة ثمّ ذكر فليبن على صلاته ولو بلغ الصين ولا إعادة عليه ». وروى الشيخ في «التهذيب» في الموثّق عن عمّار عن أبي
عبد الله عليهالسلام في الرجل يذكر بعد ما قام وتكلّم ومضى في حوائجه أنّه
إنّما صلّى ركعتين في الظهر والعصر والعتمة؟ «قال : يبني على صلاته ويتمّها ولو
بلغ الصين ولا يعيد الصلاة » ونحو ذلك جملة من الأخبار . وقد حمل بعضها في «التهذيبين » على ما إذا لم يبلغ حدّ الاستدبار وبعضها على الشكّ
والاستظهار ، وبعضها على النوافل ، ووافقه على بعض ذلك جماعة ، وحملها جماعة * من
__________________
(*) كصاحب «المدارك»
والأردبيلي والخراساني والكاشاني (منه قدسسره).
__________________
لا بعد المبطل عمداً كالكلام ،
______________________________________________________
متأخّري المتأخّرين على الجواز. وهو على بُعده مخالف لما عليه الأصحاب من
الطرفين فكأنّه إحداث قول ثالث ، والأولى الحمل على التقيّة ، لأنّ فقهاء العامّة
الحجازيين خالفوا العراقيين منهم في خصوص هذه المسألة بخصوص هذا الخلاف إلى أن
اقتضى التقيّة من إحدى الطائفتين. ولا يمنع التقيّة قول طائفة منهم بخلافه كما هو
الحال في التكفير وغسل الرجل. ويبعّد الحمل على النافلة ندور الزيادة على الركعتين
في النافلة.
وفي «كشف
اللثام» يحتمل خبر التهذيب وما ذكروه عن المقنع البناء مع الفعل الكثير خاصّة أو
مع الاستدبار أو الكلام أو معهما أيضاً مع بقاء الطهارة ، ويكون بلوغ الصين مبالغة
في ذلك وإن لم تجر العادة ببقاء الطهارة أو الاستقبال أو السكوت تلك المدّة .
واحتمل في
الخبر أنّ البناء بمعنى الاستئناف ولا يعتدّ بالتاء الفوقانية بعد العين ، أي عليه
أن يستأنف الصلاة ولو تمادت المدة حتّى بلغ الصين. وقال الشيخ : إنّ خبر الصين ليس
بمعمول عليه ، لأنّه مخالف لما في الاصول .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (لا
بعد المبطل عمداً كالكلام)
يريد أنّه لا
يعيد إن نقص ركعة وذكر بعد المبطل عمداً لا سهواً كالكلام والكتف والفعل الكثير.
وقد تقدّم في أوّل الفصل نقل أقوال الأصحاب في المسألة وأطرافها
فلا حاجة إلى إعادته. وقد تقدّم آنفاً في الموضع السابع من المواضع المستثناة من
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الإبطال بزيادة الركن ما له نفع تامّ فيما نحن فيه فليلحظ. واحتمل في «التهذيب»
أن يكون من سلّم في الصلاة ناسياً فظنّ أنّ ذلك سبب لاستباحة الكلام كما أنّه سبب
لاستباحته بعد الانصراف كالمتكلّم ناسياً في عدم وجوب الإعادة عليه . وهو موافق لظاهر خبر عليّ بن النعمان الّذي يقول فيه. «فكلّمتهم
وكلّموني ، فقلت : لكنّي لا أعيد » ويكون فيه دلالة على أنّ الجاهل كالناسي. وحمله جماعة
منهم الشهيد على أنّه أضمر ذلك في نفسه ، أي أضمر أنّه لا يعيد وأنّه يتمّ ، قالوا
: ويكون القول عبارة عن ذلك .
وفي «البيان»
هل يبطلها فعل المنافي بعد ذكر النقص على القول بعدم بطلانها بالمنافيات السابقة؟
نظر من الشكّ في كونها مبنيّة على ما مضى أو فرضاً مستقلًّا ، فعلى الأوّل تبطل
وعلى الثاني لا تبطل .
ولم يتأمّل أحد
في وجوب إتمام الصلاة فيما إذا ذكر النقص بعد التسليم وقبل فعل المنافي. وفي «المفاتيح
» الإجماع عليه ولو كانت ثنائية. قالوا ويبادر إلى الإتمام من دون أن يكبّر تكبيرة الإحرام عند
القيام ، بل لو كبّر ناسياً أو جاهلاً بطلت صلاته.
وليعلم أنّ
صريح «المبسوط » وجماعة أنّ نقص ما زاد على ركعة كنقص
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الركعة. وهو الظاهر من جملة من عباراتهم حيث يقولون : ولو نقص من عدد الصلاة. ويفهم ذلك من
مطاوي كلامهم أيضاً. فظاهر عبارة الكتاب ونحوها غير مراد.
وهل نقصان
الركوع كنقصان الركعة؟ ظاهر من عبّر بنقصان عدد الصلاة «كالنافع والمعتبر » وغيرهما وصريح جماعة الاقتصار على الركعة. وقد فهم المحقّق الثاني في «فوائد
الشرائع » والشهيد الثاني من عبارة الشرائع تناول «نقص» الركوع. وظاهر الأوّل
القول به واعترضه الثاني في «المسالك» بأنّ مَن نقص الركوع تبطل صلاته بالدخول في
السجود بعده فلا يتمشّى التفصيل. وفي «المدارك» لا وجه لحمل عبارة الشرائع على ذلك
، لأنّ نقص الركوع قد ذكر حكمه منفرداً ، وأنّ من أخلّ به بطلت صلاته .
وقال في «المسالك»
: إنّ الّذي يقتضيه سياق عبارة الشرائع جريان الحكم في نقصان السجدتين أيضاً مع
أنّ التفصيل لا يتمشّى في نقصانهما من غير الركعة الأخيرة ، فإنّ الصلاة تبطل به
مع السهو بالركوع بعد ذلك ، وإن كانتا من الركعة الأخيرة احتمل قويّاً كونه كذلك
للحكم بالخروج من الصلاة بالتسليم وهو يقتضي فوات محلّ السجدتين فتبطل الصلاة
حينئذٍ للإخلال بالركن على وجه لا يمكن
__________________
أو ترك سجدتين من ركعة ، أو لم يدرأهما من ركعة أو ركعتين؟
______________________________________________________
استدراكه ، ويحتمل إلحاقهما بالركعة فيرجع إليهما ما لم يفعل المنافي عمداً
وسهواً ويكمل الصلاة بعدهما ، لوقوع التشهّد والتسليم في غير محلّهما ، إذ التقدير
وقوعهما قبل السجود على وجه يمكنه فيه استدراك السجود . وفي «الميسية» لو نقص ركوعاً أو سجدتين بطلت مطلقاً
على الأقوى.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
ترك سجدتين من ركعة) أي حتّى ركع فيما بعدها وقد تقدّم الكلام فيه بما لا مزيد عليه ويأتي ما له نفع فيه.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
لم يدرأهما من ركعة أو ركعتين)
هذا هو المشهور
كما في «الكفاية » وهو خيرة «الإرشاد والدروس والموجز الحاوي والهلالية وفوائد الشرائع وكشف الالتباس والمسالك ». وفي «الشرائع والتذكرة والبيان » رجّحنا جانب الاحتياط. وفي «المنتهى» احتياطاً لاحتمال
أن تكونا من ركعة . وفي «التحرير» لأنّ المسقط للذمّة غير
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
معلوم . وفي «نهاية الإحكام والروض » مراعاةً للاحتياط. واحتمل فيهما قضاءهما والسجود للسهو
، لأنه شكّ في شيء بعد التجاوز عن محلّه. وكذا احتمل في «الميسيّة وغاية المرام والمدارك ومجمع البرهان » الصحّة عملاً بأصالتها ، لعدم تحقّق المبطل ، ولأنّ
نسيان السجدتين من ركعة واحدة خلاف الظاهر. وفي «الشافية» أنّه أجود ، وقال : أمّا
لو حصل له العلم بترك سجدة من ركعة وشكّ في السجدة الثانية من تلك الركعة كان
للزوم الإعادة وجه من صحيحة البزنطي. وفي «الكفاية» في دليل المشهور تأمّل .
وفي «فوائد
الشرائع والمسالك » لا شكّ في تحتّم جانب الاحتياط ، لأنّه مع تكافؤ
احتمال الصحّة والفساد من غير استناد إلى مرجّح يبقى يقين شغل الذمّة بالصلاة
بحاله.
قلت : الظاهر
أنّه لا يزيد على ما إذا شكّ بعد الركوع هل سجد في الركعة السابقة أم لا ، وفي هذه
الصورة لا يلتفت ، للأخبار والفتاوى بأنّ من شكّ ومضى محلّه لم يلتفت ، وما نحن
فيه كذلك ، لأنّه لا يجزم بكونهما من واحدة ، فعدم حصول الظنّ بالفعل ممنوع بل هو
حاصل كما في أمثاله ، وذلك كافٍ للأخبار ، وفي الاحتياط تأمّل. وقد تعارض كونهما
من واحدة أو اثنتين فبقي أصل الصحّة سالماً. والحاصل : أنّه شكّ في المبطل وترك
الواجب بعد فوات محلّه فلا يلتفت
__________________
أو شكّ في عدد الثنائية كالصبح والعيدين والكسوف ،
______________________________________________________
إليه ، فتأمّل جيّداً. وعن «الجواهر» أنّه إذا ترك سجدة أو سجدتين ولا يدري
من أيّ الركعات أعاد ، لأنّه لا يأمن أن يكون من اوليين ، وهو مبنيّ على ما مضى من الفرق بين الركعات وتساوي
سجدة وسجدتين.
وقضية كلامهم
في المقام أنّهما لو كانتا من ركعتين فلا إعادة ، وبذلك صرّح جماعة . وفي «الشرائع» لو كانتا من ركعتين ولم يدر أيّهما ،
قيل : يعيد ، لأنّه لم تسلم له الاوليان يقيناً. والأظهر أنّه لا إعادة وعليه
سجدتا السهو . قلت : القائل بالإعادة الشيخ وجماعة بناءً على أنّ كلّ سهو يلحق الاوليين يبطل ، وفيه ما
فيه كما سلف ، مع أنّه قد يقال : إنّ الأصل عدم التقدّم .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
شكّ في عدد الثنائية كالصبح والعيدين والكسوف)
بطلان الثنائية
كالغداة بالشكّ في عددها خيرة «المقنعة » وجميع ما تأخّر عنها ما عدا الكافي فيما قد يظهر منه فيما نقل عنه.
وزيد في «المبسوط والوسيلة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والإرشاد » وغيرها صلاة السفر ، وكذا «المراسم» مع زيادة الجمعة . وفي جملة من كتبهم زيادة صلاة العيدين إذا وجبت والكسوف ، بناءً على أنّها
ركعتان.
وفي «المدارك»
نقل الشهرة في الصبح وصلاة السفر وصلاة العيدين إذا كانت فريضة والكسوف . وكذا «النجيبية». وفي «المفاتيح» في الثنائية . وفي «التذكرة» نسبة الإعادة إلى علمائنا في الثنائية
كالصبح وصلاة المسافر والجمعة والعيدين والكسوف . وفي «المنتهى والجواهر المضيئة» الإجماع على ذلك إلّا من أبي جعفر بن
بابويه ، لكنّه لم يذكر الجمعة في المنتهى. وفي «المعتبر» نسبة الإعادة إلى
علمائنا في عدد الثنائية كالصبح وصلاة المسافر والجمعة . وفي «الانتصار والغنية والسرائر» الإجماع في الفجر والسفر. قال في «السرائر»
بعد أن ذكر الاتفاق على ذلك قال : وعلى هذا الإطلاق لا سهو في صلاة الكسوف
والعيدين إذا كانت واجبة وصلاة الطواف الواجب . وفي «الخلاف» الإجماع في الفجر والجمعة وصلاة السفر .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الذكرى والروض » أنّه لا فرق في الشكّ هنا بين الزيادة والنقيصة. وفي «المدارك
والرياض » نسبة ذلك إلى إطلاق النصّ وكلام الأصحاب.
وفى «الروض والمقاصد العليّة والمسالك ومجمع البرهان » أنّه لا فرق في ذلك بين اليوميّة والمنذورة لفحوى
الأحاديث.
وعن التقي أنّه
قال : وأمّا ما يوجب الجبران فهو أن يشكّ في كمال الفرض وزيادة ركعة عليه فيلزمه
أن يتشهّد ويسلّم ويسجد بعد التسليم سجدتي السهو .
وفي «المقنع»
إذا لم تدر واحدة صلّيت أم اثنتين فأعد الصلاة ، وروي : ابنِ على ركعة ، وإذا شككت
في الفجر فأعد ، وإذا شككت في المغرب فأعد ، انتهى. قال في «كشف اللثام» : يعني بقوله روي ابنِ
على ركعة في الرباعية . قلت : لعلّ معناه البناء على الثلاث والإتيان بركعة
اخرى. وعلى ذلك يحمل خبر عنبسة . والبناء على الركعة في خبر عبد الرحمن كناية عن البطلان بمعنى يبني على أنّه لم يصلّ
الركعتين.
وفي «المفاتيح»
أنّ الصدوق جوّز البناء على الأقلّ كما جوّز الإعادة وهو
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أظهر وإن كان المشهور أحوط وأولى . قلت : لم يتعرّض لذلك في الهداية. وقد سمعت ما في «المقنع»
ويأتي كلامه برمّته في «الفقيه». وأمّا خبر عمّار ففي «مجمع البرهان» أنّه لو صحّ لأمكن القول بالتخيير . قلت : قد حمل على النافلة تارةً وعلى ظنّ الركعتين
اخرى ، والأولى في الجميع الحمل على التقية ، لأنّ أحداً من الجمهور لم يفرّق بين
الصلوات ، بل سوّوا بينها في الحكم بالصحّة ، ذكر ذلك في «الخلاف » وموضعين من «التذكرة ».
واعلم أنّ
الشكّ في الكسوف إن كان بين الركعة الاولى والثانية أو بينهما وبين الثالثة بطلت
لأنّها ثنائية. وإن كان الشكّ في عدد الركوع ، فإن تضمّن الشكّ في الركعتين كما لو
شكّ هل هو في الركوع الخامس أو السادس؟ وأنه إن كان في السادس فهو في الركعة
الثانية وإن كان في الخامس فهو في الركعة الاولى بطلت أيضاً ، وإن أحرز ما هو فيه
لكنّ شكّ في عدد الركوع فالأقرب البناء على الأقلّ لأصالة عدم فعله ، فهو في
الحقيقة شكّ في فعل وهو في محلّه فيأتي به كركوع الصلاة اليوميّة. وقد صرّح بهذه
الأحكام الثلاثة في «الذكرى والدروس وفوائد الشرائع والمسالك والمدارك والشافية والرياض » ويأتي في الكتاب النصّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
على الأخير.
وقال في «الذكرى»
: وهنا قولان آخران :
أحدهما
: قول قطب الدين
الراوندي رحمهالله وهو أنّه إذا لم يتعلّق شكّه بما يزيد على الاحتياط
المعهود فإنّه يحتاط لدوران الشكّ في اليوميّة مع الركوع ولا تضرّ زيادة السجود في
الاحتياط لأنّه تابع.
الثاني
: قول السيّد
جمال الدين أحمد بن طاووس قدّس الله روحه في البشرى الّذي ينبغي تحريره في صلاة
الكسوف هو أنّه متى وقع الشكّ بين الاولى والثانية من الخمس الاول بطلت الصلاة ، وإن
وقع الشكّ فيما بعد ذلك من الركعات كبين الاثنتين والثلاث أو والأربع أو بين
الثلاث والأربع أو بين الثلاثة فإنّه يبني على الأكثر ثمّ يتلافى بعد الفراغ من
الصلاة ، وإن كان شكّه بين الأربع والخمس فنهاية ما يلزمه سجدتا السهو ، وهل يسجد
عند ذلك بناءً منه على أنّه صلّى خمساً أم لا يبني على رواية عمّار بأنّ الشاكّ
يبني على الأكثر في الصلاة ثمّ يتلافى ما ظنّ أنه نقص؟ فإن قلنا بها بنى على الخمس
وسجد وتلافى. فنقول : إنّه مخيّر بين أن يركع ولا يركع ، فإن ركع فلا يتلافى بركعة
بعد الفراغ من الصلاة ، وإن لم يركع تلافى وإن قلنا بالخيار ، لورود الأثر بأنّ
مَن شكّ في الركوع وهو قائم ركع ، وورود الأثر بأنّ البناء في الصلاة على الأكثر
ثمّ يتلافى. وهذان الأثران يتدافعان ، فكان الوجه التخيير. وإن لم نقل بذلك بنى
على الأقلّ فليتمّ ركعة ثمّ يهوي إلى السجود ، وحكم ما بعد الخامسة في الشكّ حكم
الخامسة. ولو قلنا إنّ الحكم في الخمس الثانية مثل الحكم في الخمس الأوائل كان له
وجه فيطّرد القول فيه. فإن قيل : إنّ عمّاراً روى أنّه يحتاط أخيراً بما ظنّ أنّه
نقص لا فيما وقع فيه من شكّ. قلت : ظاهر المذهب أنّ حكم الشاكّ حكم الظانّ في هذا
المقام ، أعني مقام البناء على الأكثر في الصلاة. وإن لم يعتمد على هذا فلا تلافي
، لكنّ هذا بناءً على أصلين : (أحدهما) أنّ الركوع مع تمامه برفع الرأس يسمّى ركعة
، إذ في عدّة أحاديث أنّها عشر ركعات وأربع سجدات ، ولا يعارضه ما روى القدّاح عن
.................................................................................................
______________________________________________________
جعفر عليهالسلام عن آبائه : «قال : كسفت الشمس على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فصلّى بالناس ركعتين» وما رواه أبو البختري عن الصادق عليهالسلام : «صلاة الكسوف ركعتان في أربع سجدات» لضعف سنديهما. (الثاني) أنّ من شكّ في الاولتين بطلت
صلاته وهو موضع وفاق ، قال : ولو سمّيناها ركعتين لرواية عبد الله بن سنان عن
الصادق عليهالسلام «كسفت الشمس على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقام فصلّى ركعتين» لزم بطلانهما ، إذا شكّ في الخمس الأوائل ، أي في عددها
، لصحيحة محمّد بن مسلم «قال : سألت الباقر عليهالسلام عن رجل شكّ في الركعة الاولى ، قال : يستأنف» . قال : وإن قلنا إنّ الركوع لا يسمّى ركعة وشكّ في
الأربع الاول بنى على الأقلّ إذا كان قائماً ، فإن تعلّق شكّه بالخامس من الركوعات
بطلت ، لأنّه شكّ في الركعة الاولى وهي الخامسة ذات السجود. ثمّ فرّع على ذلك أنّه
لو شكّ بين الستّ والسبع وهو غير ذاكر السجدتين في الركوع الخامس فالوجه البناء
على أن سجد وركع ركوعاً سابعاً. ولو قال : أعلم أنّي سجدت سجدتين ولكن لا أدري
عقيب الرابعة أو ما دونها بطلت لزيادة الركن. قال : لا يقال تلك الآثار المتعلّقة
بالشكّ في الركعتين يحمل على الراتبة ، فالجواب الآثار عامّة أو مطلقة ، ومن ثمّ
حكمنا بالبطلان لو شكّ بين الخمس الأوائل والأواخر. ولم يتمسّك بأنّ النصّ ورد في
الراتبة. ثمّ أورد على نفسه أنّ من شكّ في الركوع وهو في محلّه ركع وأجاب بأنّ
قولنا من شكّ في الاولتين بطلت صلاته أخصّ منه. قال : ويمكن وجه آخر على القول
بأنّها ركعتان وهو أن تبطل بالشكّ فيها. قال : ولو قيل بأنّ المكلّف مخيّر في أن
يعمل على أيّ القاعدتين كان لم يكن بعيداً. قال : فإن قيل : الاحتياط فيه سجود ولا
يتأتّى ذلك في الكسوف ، فالجواب أنّ الخبر الصحيح بأنّ الإنسان يعمل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بالجزم ويحتاط للصلوات ، وليس فيه تصريح بسجود ، مع تأييده بما روي من قضاء
الفائت بعينه في الخبر الصحيح. قال : ولا أعرف سبقاً من غيري إلى هذا التفصيل.
قلت : هذان
القولان ضعيفان.
أمّا الأوّل فلعدم المطابقة بين الفائت وبين الاحتياط
المأتيّ به ، إذ فيه سجود زائد. وقوله : إنّه تابع ، محلّ النزاع وأيضاً فما يصنع
إذا تجاوز الشكّ العدد الشرعي في الاحتياط.
وأمّا الثاني فمبناه كما قال السيّد رحمهالله على أنّها ركعات عشر وعلى صدق مسمّى الاوليين في
الركوعين الأولين ، وعلى التفرقة بين الركعة الاولى والأخيرة ، وعلى أنّ رواية
عمّار تتضمّن ذلك ، أو الخبران اللذان ذكرهما أخيراً ، وقد أسلفناهما ، وكلّ ذلك
منظور فيه. أمّا أنّها ركعات فلما سلف من التسمية بركعتين وهو أولى بالمراعاة ،
لأنّ الركعة وإن كانت لغةً واحد الركوع إلّا أنّها في مصطلح الفقهاء المتضمّنة
للسجود ، والحقيقة الشرعية أولى بالمراعاة من اللغوية. وغايته أنّها سميّت عشراً
باعتبار اللغة وهي في الحقيقة ركعتان باعتبار الشرع ، وعلى هذا يبطل التمسّك بأنّه
شكّ في الاوليين ، إذ لا يلزم من ذلك كونهما ركعتين اوليين شرعاً الّذي هو مقتضٍ
للبطلان مع الشكّ. وأمّا الفرق بين الركعة الاولى والأخيرة فمرغوب عنه. والخبر بالبطلان
إذا شكّ في الاولى لا ينفي كون الثانية كالاولى مع تضمّن خبر آخر «إذا لم تحفظ
الاوليين فأعد» ، وأمّا رواية عمّار فهي ظاهرة في اليومية ومنطبقة على الاحتياط
المعهود. وأمّا خبر قضاء المنسي بعينه فمتروك الظاهر عند الأصحاب ومؤوّل بالإتيان
به في الصلاة أي في محلّه. نعم على مذهب الشيخين رحمهماالله تعالى ومَن حذا حذوهما يجزم بالبطلان ، لأنّ الشكّ في
الجزء كالشكّ في الكلّ ، وكذا على مذهب الفاضل في «التذكرة» من البطلان إذا شكّ في
الركن ، انتهى ما في الذكرى.
__________________
أو الثلاثية ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
الثلاثية) لو شكّ في عدد الثلاثية كالمغرب أعاد إجماعاً كما في «الانتصار
والاستبصار والخلاف والغنية والسرائر » وظاهر «المعتبر والتذكرة ». وفي «المنتهى والجواهر المضيئة» أنّه قول علمائنا أجمع إلّا ابن
بابويه. وفي «الأمالي» جعله من دين الإمامية ، وفي «المدارك والنجيبية والمفاتيح » أنّه المشهور. وفي «الذكرى» أنّ قول ابن بابويه نادر . وفيها أيضاً وفي «الروض والمسالك » أنّه لا فرق بين اليومية والمنذورة. وقوّاه في «المقاصد
العلية ». وفي «كشف اللثام» أنّ صحيح محمّد قد يعطي الفساد إذا
شكّ في ثلاثية منذورة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «المدارك والرياض » أنّ إطلاق النصّ وكلام الأصحاب قاضيان بأنّه لا فرق في
بطلان الصلاة بالشكّ في عدد الثلاثية بين أن يتعلّق بالزيادة أو النقيصة. قلت :
وعليه نصّ في «المختلف والذكرى » وغيرهما . وفي «كشف اللثام» الأخبار هنا عامّة كما سمعته من
أخبار الثنائية العامّة للزيادة والنقيصة ، وعن موسى بن بكر عن الفضيل قال في المغرب : «إذا لم
تحفظ ما بين الثلاث إلى الأربع فأعد صلاتك ». وفي «الاستبصار» في هذا الخبر عن الفضيل «إذا جاز
الثلاث إلى الأربع فأعد صلاتّك » وهو يحتمل يقين الزيادة. هذا وقد سمعت ما نقلنا حكايته
عن الحلبي آنفاً.
وفي «المختلف » وغيره أنّ في المقنع إذا شككت في المغرب ولم تدر في ثلاث أنت
أم فى أربع ، وقد أحرزت الاثنتين في نفسك ، وأنت في شكّ من الثلاث والأربع فأضف
إليها ركعة اخرى. ولا تعتدّ بالشكّ ، فإن ذهب وهمك إلى الثالثة فسلّم وصلّ ركعتين
وأربع سجدات وأنت جالس. وقد نقل هذه العبارة أو مضمونها جماعة عن الصدوق من دون ذكر المقنع وجعلوه مخالفاً في الشكّ
المتعلّق بالزيادة ، والظاهر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
من «المقنع» أنّ ذلك ليس مذهباً له وإنّما هو رواية. قال في نسختين منه :
إذا شككت في المغرب فأعد ، وروي إذا شككت في المغرب ولم تدر واحدة صلّيت أم اثنتين
فسلّم ثمّ قم فصلّ ركعة ، وإن شككت في المغرب ولم تدر في ثلاث أنت أم في أربع ..
إلى آخر ما ذكروه. وقد تنبّه إلى ذلك في «كشف اللثام » فقال بعد نقل ذلك : ويوافق هذه الرواية خبر عمّار أنّه
قال للصادق عليهالسلام : «فصلّى المغرب فلم يدر اثنتين صلّى أم ثلاثا ، قال :
يتشهّد وينصرف ثمّ يقوم فيصلّي ركعة ، فإن كان صلّى ثلاثاً كانت هذه تطوّعاً ، وإن
كان صلّى اثنتين كانت هذه تمام الصلاة » وقد حمله الشيخ تارةً على ظنّ الثلاث واستحباب صلاة ركعة اخرى ، واخرى
على النافلة ، فيكون المعنى يتشهّد بعد ركعة اخرى. ومعنى «كانت هذه تطوّعاً أنّها»
كانت تطوّعاً غير نافلة المغرب ، والاولى حمله على التقيّة كما عرفت. وفي «مجمع
البرهان» لو صحّت رواية عمّار لأمكن القول بالتخيير ، انتهى فتأمّل فيه. وفي «المفاتيح» أنّ الصدوق جوّز البناء على
الأقلّ كما جوّز الإعادة وهو أظهر وإن كان المشهور أحوط وأولى .
قلت : قد عرفت
كلامه في «الأمالي والمقنع» ويأتي ما في «الفقيه» بتمامه ولم يتعرّض لذلك في
الهداية.
ولمّا كان فيما
رواه في «المقنع» نوع خفاء وجب بيانه ، فالمراد في الأوّل التسليم بعد ركعة اخرى ،
وبإضافة ركعة اخرى إتمام المشكوك فيها أنّها الثالثة أو الرابعة ، وبذهاب الوهم
إلى الثالثة ظنّ إتمام الثالثة قبلُ وأنّ الّتي هو فيها الرابعة ، وبالتسليم
حينئذٍ التسليم بعد هدم هذه الركعة.
__________________
أو في الاوليين من الرباعية ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
في الاوليين من الرباعية)
إذا شكّ في
الاوليين من الرباعية أعاد إجماعاً كما في «الانتصار والناصرية والخلاف والغنية والسرائر والبشرى» على ما نقل عنها و «إرشاد الجعفرية » وظاهر «التذكرة » وكذا «المعتبر » وإلّا من أبي جعفر محمّد بن بابويه كما في «المنتهى والذكرى والجواهر المضيئة والنجيبية». وفي «الأمالي » أنّه من دين الإمامية. ولم يظهر فيه خلاف كما في «مجمع
البرهان ». وفي «الدروس» كلام عليّ بن بابويه نادر . وفي «الذكرى» عند نقل كلام عليّ بن بابويه : أطلق
الأصحاب الإعادة . وفي «المختلف» عند نقل كلامه : الّذي ذهب إليه الشيخان
والحسن وعلم الهدى وباقي الأصحاب إعادة الصلاة ، سواء كان الشكّ أوّل مرّة أو
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ثاني مرّة . وفي «المختلف » أيضاً و «المدارك والكفاية والمفاتيح » أنّ المشهور أنّه إذا شكّ في عدد الاوليين من الرباعية
أعاد.
وفي «مجمع
البرهان» لو كانت الروايات صحيحة وقال بها قائل لأمكن الجمع بالتخيير لكن لا صحّة
ولا قائل على ما أذكر وأظنّ ، انتهى فتأمّل. وفي «المفاتيح» جوّز الصدوق البناء على
الأقلّ كما جوّز الإعادة وهو أظهر وإن كان المشهور أحوط وأولى. وقد عرفت الحال
وسيتضح لديك. وفي «الكفاية» الجمع بين الروايات بالتخيير متجه والأحوط الإعادة . وقد جعل ذلك في «المدارك» احتمالاً لو لا ضعف السند ، انتهى.
وما نسبوه إلى
الصدوق من الخلاف إنّما فهموه منه في «الفقيه ». وأمّا «الأمالي» فقد سمعت كلامه فيه. وقال في «المقنع»
وروي : «ابن على ركعة » ولم يتعرّض لذلك في الهداية. وأمّا «الفقيه» فقد أنكر
الاستاذ دام ظلّه في «مصابيح الظلام» أنّه مخالف فيه. ووافقه على ذلك شيخنا
واستاذنا ابن اخته في «الرياض ».
قال في «مصابيح
الظلام» : لعلّ نسبة هذا الخلاف إليه نشأت من عدم التدبّر فيما ذكره في الفقيه.
والمتوهّم هو العلّامة وتبعه الشهيد في الذكرى غفلة ، لأنّه قال في أماليه : إنّ
من دين الإمامية الّذي يجب الإقرار به أنّ من شكّ في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الاوليين أو المغرب أعاد ، ومن شكّ في الأخيرتين بنى على الأكثر وأتمّ ما
ظنّ أنّه نقصه ، ومع ذلك قال في الفقيه : من سها في الركعتين من كلّ صلاة فعليه
الإعادة ، ومن شكّ في المغرب فعليه الإعادة ، ومن شكّ في الفجر فعليه الإعادة ،
ومن شكّ في الجمعة فعليه الإعادة ، ومن شكّ في الثانية والثالثة أو في الثالثة
والرابعة أخذ بالأكثر إلى أن قال : ومعنى الخبر الذّي روي «أنّ الفقيه لا يعيد
الصلاة» إنّما هو في ثلاث والأربع لا في الاوليين.
قال الاستاذ
دام ظلّه : فانظر إلى ما فيه من التصريح والتوضيح من التأكيد ورفع توهّم ما عسى أن
يتوهّم متوهّم ثمّ التأكيد بعد ذلك أيضاً بقوله : لا في الاوليين ، ثمّ شرع في ذكر
سجدتي السهو وأحكامها وفي حكم الشكّ في اجزاء الصلاة وما فيه من التطويل ، وذكر
فيما بينها رواية عامربن جذاعة المتضمّنة لقوله عليهالسلام : «إذا سلمت الركعتان الاوليان سلمت الصلاة » إلى أن قال : وروى عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي
إبراهيم عليهالسلام قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل لا يدري اثنتين صلّى أم ثلاثاً أو أربعاً؟ قال :
يصلّي ركعتين من قيام ثمّ يسلّم. وفي نسخة «ركعة من قيام» وعلى النسختين قال بعد
ذلك : ثمّ يصلّي ركعتين وهو جالس ثمّ قال : وروي عن ابن أبي حمزة عن العبد الصالح عن
الرجل يشكّ فلا يدري أواحدة صلّى أو اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً تلتبس عليه صلاته
، قال : كلّ ذا؟ فقلت : نعم ، قال : فليمض في صلاته وليتعوّذ بالله من الشيطان
الرجيم فإنّه يوشك أن يذهب عنه وروى سهل بن اليسع في ذلك عن الرضا عليهالسلام قال : يبني على يقينه ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم
ويتشهّد تشهّداً خفيفاً وقد روي : «أنه يصلّي ركعة من قيام وركعتين وهو جالس» ثمّ قال : وليست هذه الأخبار بمختلفة وصاحب السهو
بالخيار بأيّ خبر منها أخذ فهو مصيب.
ثمّ قال : وروي
عن إسحاق بن عمّار أنه قال : قال الكاظم عليهالسلام : إذا شككت
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فابن على اليقين. قال : قلت : هذا أصل؟ قال : نعم . ثمّ ذكر بعد ذلك بلا فصل يعتدّ به أنّه «ليس في المغرب
سهوٌ ولا في الفجر سهوٌ ولا في الركعتين الاوليين من كلّ صلاة سهو» ولو كان رجوعاً
عمّا أسّس ومهّد وقرّر وأكّد أوّلاً فلا معنى لأنّ يذكر بعده بلا فصل يعتدّ به هذه
العبارة التّي هي بعينها عين ما أسّس أوّلاً وجعله من دين الإماميّة الّذي يجب
الإقرار به. فكيف يخالف بهذا النحو الشنيع في حكمين ، حكمه ببطلان الصلاة في
الاوليين وحكمه بالبناء على الأكثر وغير ذلك ممّا ذكرنا في حكم الشكّ بين الأربع
والخمس ، مع أنّه لم يذكر ما يدلّ على الرجوع والبناء على تجويز البناء على الأقلّ
مطلقاً ، لأنّه لم يتعرّض إلّا لحكم من لا يدري اثنتين صلّى أم ثلاثاً أم أربعاً
ليس إلّا ، ولم يذكر الأخبار المختلفة إلّا للصورة المذكورة. ثمّ قال : وليست هذه
الأخبار مختلفة ، وأنّ من أخذ بأيّ خبر من هذه الأخبار فهو مصيب. وأين هذا ممّا
توهّم وبينهما بونٌ بعيد وتفاوت في غاية الظهور؟!
وقوله في قوله «هذه
الأخبار ليست مختلفة» لا يجوز أن يكون إشارة إلّا إلى هذه الأخبار المذكورة
المختلفة ، إذ لم يذكر أخبار مختلفة إلّا هذه ، وهذه الأخبار ليس لها ربط أصلاً
بما توهّم ، سيّما رواية عليّ بن أبي حمزة الصريحة في كون الشاكّ المذكور فيها
كثير الشكّ ، ولهذا أمر في المضي في صلاته والتعوّذ بالله من الشيطان الرجيم حتّى
يذهب عنه ذلك ، وكذا لا ربط لذكر رواية أبي إبراهيم عن الصادق عليهالسلام والرواية الأخيرة.
والحاصل : أنّه
جعل من شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع كمن تلبّس عليه احتمالات كثيرة ، فاحتمل
عنده كونه كثير الشكّ كما قال بعض الفقهاء من أنّ مَن شكّ في صلاة واحدة شكوكاً
ثلاثة فهو ممّن كثر شكّه ، ولذا أتى برواية عليّ بن أبي حمزة المتضمّنة لمن تلبّس
عليه كلّ ذلك ، فإنّ الكثرة ابتداؤها من الثلاثة ، وخصوصية كون الاحتمالات أربعة
ليست شرطاً لتحقّقها كما أنه لو وقع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
للاحتمالات خمسة أو أزيد فعلى هذا الاحتمال ليس على المكلّف شيء يتعوّذ
بالله من الشيطان حتّى يذهب عنه ، ومقتضى رواية أبي إبراهيم أنّ كثير الشكّ يبني
على الأكثر ويحتاط بركعتين قائماً ثمّ يحتاط بركعتين جالساً ، والظاهر صحّة نسخة
ركعتين حتّى يتفاوت ، ففي الرواية الأخيرة ومقتضى رواية سهل بن اليسع على ما ذكره
الصدوق أنّ من تلبّس عليه كلّ ذا أنّه يبني على يقينه ، وصرّح بما ذكرنا المصنّف
في الوافي ، فيكون خصوصية تلبّس الاحتمالات الكثيرة مأخوذة فيها ألبتة عند الصدوق
، ويكون مراده من ذكر رواية عليّ بن أبي حمزة إظهار كون الاحتمالات الكثيرة في شكّ
واحد هي كثرة الشكّ أو في حكمها في عدم الاعتداد به احتمالاً ، بل ظاهر الوافي أنّ
كلمة ذلك في عبارة الصدوق إشارة إلى خصوص مضمون رواية عليّ بن أبي حمزة من دون
مدخلية رواية أبي إبراهيم فيه ، فعلى هذا تصير عدم المناسبة لما توهّم أزيد كما لا
يخفى وتصحّ نسخة الركعة في رواية أبي ابراهيم ، ويكون الفرق بينها وبين الرواية
الأخيرة أنّها في شكّ بين الثنتين والثلاث والأربع والأخيرة في الشكّ بين الواحدة
والثنتين والثلاث والأربع ، وتكون الأخبار المختلفة الّتي ذكر أنّه بأيّ خبر أخذ
منها فهو مصيب ، إنّما هي في الشكّ بين الواحدة والثنتين والثلاث والأربع الّذي
قال المعصوم فيه : كلّ ذا ، وقال الراوي : تلتبس عليه صلاته ، ويكون الشكّ بين
الثنتين والثلاث والأربع له حكم واحد لا غير ، وهو ما في رواية أبي إبراهيم. وكيف
كان لا ربط لما ذكره بما توهّموه ، مضافاً إلى ما ذكره أوّلاً وآخراً وما ذكره في
الأمالي .
قلت : العبارة
الّتي في «الوافي» هي قوله : قال في الفقيه : ليست هذه الأخبار مختلفة ، يعني
أخبار البناء على الأكثر وأخبار البناء على الأقلّ وخبر المضي في صلاته لإزالة
الشكّ عن نفسه انتهى.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ثمّ قال
الاستاذ : فإن قلت : ليس ما ذكرت منشأ توهّمهم ، بل ذكر رواية إسحاق منشأ توهّمهم
، لما ذكره في أوّل كتابه من أنّ كلّ ما ذكر فيه يحكم بصحّته ويفتي به ويجعله حجّة
بينه وبين ربّه. قلت : كلام العلّامة في المنتهى وغيره صريح في جعل رواية سهل مذهب
الصدوق ومستنده في الحكم بالتخيير. ومع ذلك نقول أوّلاً أنّه ذكر روايات كثيرة
مخالفة لفتواه لم يجعلوها فتواه أو عدولاً عمّا أفتى به ، منها الأخبار الّتي ذكر
في هذا الباب المتضمّنة للأمر بسجدتي السهو لُامور ، وثانياً أنّه صرّح في بعض
المقامات بأنّه يذكر الخبر الّذي عدل عنه وأفتى بغيره لأغراض مثل أنّه ليعلم من
رواه وكيف رواه وغير ذلك ومنه ما ذكره في نافلة شهر رمضان. ولذا صرّح جدّي في شرحه
بأنّه بدا له عمّا ذكره في أوّل كتابه وجعل عادته عادة المصنّفين ، مع أنّه يمكن
أن يكون روايته وردت تقيّة ، وهو ربما يصرّح بأنّه أفتى بها في حال التقيّة ، وعدم
تصريحه به لعلّه لغاية ظهور كونه مذهب العامّة.
ثمّ إنّه دام
ظلّه عدّ ثالثاً ورابعاً احتمل احتمالات نقل بعضها عن مولانا ملّا مراد ، ثمّ قال
: إنّ ظاهر هذا الحديث يعني خبر إسحاق خلاف ما عليه جميع الشيعة ولم يؤوّله الصدوق
ولو كان أوّله بالتخيير لكان قال بعد ذكره إنّ صاحب السهو بالخيار ولم يقدّم عليه
ما ذكره من التخيير بين الأخبار المذكورة ، فلو كان مراده التخيير في العمل به
لكان أخّر ما ذكره عن ذكر هذا الحديث ، فتقديمه في غاية الظهور في عدم البناء على
التخيير فيه. ثمّ ذكر مؤيّدات كثيرة. ثمّ قال : على فرض أنّ الصدوق توهّم وغفل كيف
يجوز لنا متابعته وتصويب ما فعله؟ وأطال في بيان ذلك ، ثمّ قال : فظهر فساد ما في
المفاتيح من قوله «وهو أظهر». وعن عليّ بن بابويه في المختلف والذكرى أنّه قال :
إذا شكّ في الركعة الاولى والثانية أعاد وإن شكّ ثانياً وتوهّم الثانية بنى عليها
ثمّ احتاط بعد التسليم بركعتين قاعداً وإن توهّم الاولى بنى عليها وتشهّد في كلّ
ركعة ، فإن تيقّن بعد التسليم الزيادة لم يضرّ ، لأنّ التشهّد حائل بين الرابعة
والخامسة ، فإنّ تساوى الاحتمالان تخيّر بين ركعة قائماً
.................................................................................................
______________________________________________________
وركعتين جالساً انتهى.
وفي «الذكرى»
لم نقف له على رواية تدلّ على ما ذكره من التفصيل قال فى «كشف اللثام» يعني الفرق بين الشكّ أوّلاً
وثانياً والفرق بين تساوي الاحتمالين وظنّ اثنتين بالتخيير في احتياط الأوّل بين
القيام والقعود دون الثاني . ونقل عنه في «الدروس» أنّه قال : إن شكّ بين الواحدة
والاثنتين أعاد ، فإن شكّ ثانياً فيهما واعتدل وهمه تخيّر بين ركعة قائماً واثنتين
جالساً وهو حاصل ما في «المختلف والذكرى »
عنه وعن عليّ
بن بابويه أيضاً أنّه قال : إن شككت فلم تدر أواحدة صلّيت أم اثنتين أم ثلاثاً أم
أربعاً صلّيت ركعة من قيام وركعتين من جلوس . واحتجّ له في «المختلف» بصحيح عليّ بن يقطين أنه سأل
أبا الحسن عليهالسلام عن الرجل لا يدري كم صلّى أواحدة أم اثنتين أو ثلاثاً؟ قال : يبني على
الجزم ويسجد سجدتي السهو ويتشهّد تشهّداً خفيفاً . بيانه أنّه إذا بنى على الأكثر ثمّ تدارك بصلاتي
الاحتياط حصل الجزم بالبراءة وأجاب في «المختلف» بأنّا نقول بموجب الخبر ، فإنّ
الأمر بالجزم ليس أمراً بالاجتزاء بهذه الصلاة ، بل الجزم بالإعادة وسجدتا السهو
على سبيل الاستحباب
قلت : هذا
الجواب ذكره الشيخ فى «التهذيبين » في توجيه البناء على
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الجزم. وفي «الذكرى والوافي » أنّه يشكل ، لأنّه لا يجمع بين سجدتي السهو وإعادة
الصلاة وجوباً ولا استحباباً. نعم هو معارض بصحيحة ابن أبي يعفور عن الصادق عليهالسلام إذا شككت فلم تدرأ في ثلاث أنت أم في اثنين أم في واحدة
أم في أربع فأعد ولا تمض على الشكّ . وفي «كشف اللثام» أنّ علياً استند إلى ما أرسله ابنه
أخيراً يعني قوله بعد خبر ابن اليسع : وقد روي أنّه يصلّي ركعة
من قيام وركعتين من جلوس.
وليعلم أنّ في
تقييد المصنّف الشكّ بالعدد حيث قال : أو شكّ في عدد الثنائية إلى آخره ، إشارة
إلى أنّه لا تبطل الصلاة بالشكّ في الأفعال ركناً كانت أو لا كما هو الشأن في
الأخيرتين ، بل حكمه فيهما إمّا التلافي أو عدم الالتفات على كلّ حال. وهذا هو
المشهور كما في «المختلف وغاية المرام » وقول المعظم كما في «المدارك » وفي «الكفاية» أنّه أشهر . وفي «الرياض» أنّه مشهور شهرة عظيمة كادت تكون من
المتأخّرين إجماعاً ، بل إجماع في الحقيقة ، انتهى. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«التذكرة» بعد أن نسب الإعادة إلى الشيخين قال : والباقون على الصحّة
مطلقاً . وهو خيرة «المبسوط والسرائر والشرائع والمعتبر والمختلف والذكرى والبيان والدروس والهلالية وفوائد الشرائع » وما تأخّر عنها . وهو ظاهر الباقين ، بل كاد يكون صريحهم في مواضع ، وفي موضع من «المختلف»
أنّه إن شكّ في الركوع فالمشهور إن كان في حال القيام ركع وإن كان في حالة السجود
لم يلتفت. ونسبه إلى السيّد والصدوق وابن إدريس والمبسوط والجمل والعقود والاقتصاد
قال : وهو قول المفيد أيضاً . وفي «المختلف» أيضاً أنّ الشيخ وغيره نقلوا عن بعض
أصحابنا إعادة الصلاة لكلّ شكّ يلحق الركعتين الاوليين سواء كان في أفعالها أو في
عددها قلت : لعلّهم أرادوا المفيد فإنّه قال في «المقنعة» : كلّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
سهو يلحق الإنسان في الركعتين الاوليين من فرائضه فعليه إعادة الصلاة . وقد يلوح ذلك من آخر كلام «المقنع » وفي «المعتبر والتذكرة والذكرى » حكم الشيخان بالبطلان إذا شكّ في أفعال الاوليين. قلت
: لعلّهم أرادوا ما في «النهاية» من أنّها تبطل بالشكّ في الركوع والسجود من
الاوليين أو ما فيها. وفي «التهذيب» من أنّه لو نسي سجدة من
الاوليين تبطل الصلاة ، لكنّ قضية ما في «الذكرى» أنّ الشيخ مطلق كالمفيد حيث
قال : وتوسّط صاحب التذكرة . ولعلّنا نعثر عليه للشيخ ولعلّهم أرادوا ذلك من نسيان
السجدة ، لأنّه لا قائل بالفرق كما ستعرف.
وفي «الوسيلة»
تبطل بالشكّ في الركوع من الاوليين بعد الفراغ من السجود أو في السجدتين في واحدة
منهما بعد الفراغ من الركوع .
وفي «التذكرة»
ليس بعيداً من الصواب الفرق بين الركن وغيره فتبطل إن شكّ في الاوليين في ركن ،
لأنّ الشكّ فيه في الحقيقة شكّ في الركعة بخلاف ما إذا كان المشكوك فيه غير ركن.
وفرّع على ذلك الشكّ في أفعال ثالثة المغرب فقال : هل الشكّ في أجزاء ثالثة المغرب
وكيفياتها الواجبة كالشكّ في الاوليين أو الأخيرتين؟ لم ينصّ علماؤنا على شيء
منهما وكلاهما محتمل من حيث إجراء الثلاثية مجرى الثنائية في الشكّ عدداً فكذا
كيفيةً ، ومن عدم التنصيص الثابت في الاوليين ، انتهى. وإلى هذا أشار في «الذكرى» حيث قال : توسّط
صاحب التذكرة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقد علمت أنّه إنّما نفى عنه البُعد. وقال في «الذكرى» بعد أن نقل ما فرّعه
في التذكرة يمكن الحكم بالبطلان في ثالثة المغرب لما روي «إذا شككت في المغرب فأعد»
فإنّه يتناول الشكّ في الكمّية والكيفية ، انتهى.
وهذا حديث
إجمالي قضى به المقام وقد مضى ما له نفع تامّ في المقام ويأتي بعون الله سبحانه
ولطفه وبركة خير خلقه محمّد وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم تمام الكلام.
وحجّة الشيخين
ما دلّ على أنّ من شكّ في الاوليين ولم يحفظهما أعاد ، وهي وإن كان فيها الصحيح
المستفيض والمعتبر لكنّها قاصرة الدلالة ، لاحتمال اختصاصها بصورة الشكّ في العدد
لا غيره مع أنّها معارضة بعموم ما استفاض صحيحاً بصحّة الصلاة مع تدارك المشكوك في
محلّه وبعموم الصحاح الدالّة على الصحّة بعد التجاوز عنه ، بل بخصوص بعضها المصرّح
فيه بصورة الشكّ في التكبير وقد قرأ وفي القراءة وقد ركع ، المؤيّد بالخبرين
الدالّين على عدم فساد الصلاة بالسهو عن السجدة الواحدة ولو من الركعتين الاوليين
، ولا قائل بالفرق ، مع ظهور ذيل أحدهما في الشكّ ، مع أنّ ثبوت هذا الحكم في
السهو ملازم لثبوته في الشكّ بطريق أولى ، فتأمّل. وعلى هذا فتتقيّد تلك الأخبار
بأخبار المسألة لصحّتها واعتضادها بالشهرة الّتي كادت تكون إجماعاً ، ولا يصحّ
العكس بأن تقيّد هذه بتلك بتوهّم رجحانها على صحاح المسألة لخصوص الصحيحة الدالّة
على أنّ من ترك سجدة من الاولى فصلاته فاسدة ، مع أنّه لا قائل بالفرق ، مع ظهورها
في الشكّ كما هو مورد المسألة ، وذلك لقصورها عن المقاومة ، لمكان الأخبار الخاصّة
وفيها الصحيح المتعدّدة المعتضدة بفتوى المعظم إن لم تكن المسألة إجماعية ، بل
ظاهر «التذكرة » الإجماع إلّا من الشيخين وصاحب الوسيلة .
__________________
أو لم يحصّل شيئاً ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
لم يحصّل شيئاً) مَن لم يدر كم صلّى يعيد إجماعاً كما في ظاهر «إرشاد
الجعفرية » أو صريحها. وفي «مجمع البرهان» أنّ الإجماع مفهوم من
المنتهى . وفي «الغنية» الإجماع على أنّه يعيد من لم يدر أواحدة
صلّى أم اثنتين . والحكم المذكور هو المشهور كما في «الكفاية والمفاتيح والجواهر المضيئة». وفي «رياض المسائل» أنّ الإجماعات
المنقولة فيمن لم يحصل الاوليين جارية هنا . وهو صريح «جُمل العلم والمبسوط والوسيلة والمراسم » وجميع ما تأخّر عنها ممّا تعرّض له فيها ، لأنّ البناء على العدم لا
وجه له مع علمه بأنّه قد فعل شيئاً وعلى الأقلّ كذلك لمخالفته لما في الصوَر
الصحيحة عند أصحابنا. وقد سمعت ما في «الفقيه » ممّا طال فيه الكلام. وفي «كافي ثقة الإسلام
__________________
أو شكّ في ركوعه وهو قائم فركع فذكر قبل انتصابه أنّه كان قد ركع على رأي ،
______________________________________________________
والمقنع » عين عبارة الغنية الّذي ادّعى عليها الإجماع ولعلّ
الجميع بمعنى. وفي «الكفاية» ذهب ابن بابويه إلى جواز البناء على الأقلّ وأكثر
الأخبار تدلّ على الإعادة وبعضها يدلّ على البناء على الجزم وسجدتي السهو والتشهّد
الخفيف ، والجمع بالتخيير متّجه والأحوط الإعادة ، انتهى فتأمّل فيه. وفي «إشارة السبق» يعيد من لم يدر صلّى أو
ما صلّى
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
شكّ في ركوعه وهو قائم فركع فذكر قبل انتصابه أنّه كان قد ركع على رأي)
أكثر
المتأخّرين على الإعادة كما في «الكفاية » وهو المنقول عن ظاهر الحسن وخيرة «الشرائع والنافع والمعتبر وكشف الرموز والتذكرة والإرشاد والتحرير والمختلف
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والإيضاح والبيان والموجز الحاوي والمقتصر والهلالية وفوائد الشرائع وتعليق النافع وشرح الألفية » للمحقّق الثاني «والتنقيح وكشف الالتباس والروضة والشافية والرياض والروض » في آخر كلامه. وقوّاه في «الميسية والروض » في أوّل كلامه. وفي «المسالك» أنّه أوضح ، لأنّ رفع الرأس ليس جزءاً من الركوع وإنّما هو انفصال
عنه ولذا يقال : رفع الرأس عن الركوع.
وفي «الكافي»
لثقة الإسلام و «جُمل العلم والعمل والجُمل والعقود والنهاية والمبسوط والكافي» على ما نقل عنه «والوسيلة والغنية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والسرائر ومجمع البرهان » أنّه يرسل نفسه إلى السجود ولا يرفع رأسه وتصحّ صلاته.
وفي «الغنية» الإجماع عليه. وقوّاه في «الذكرى والدروس » وصاحب «المدارك والرسالة السهوية» وقد عمّم هؤلاء الحكم في جميع
الركوعات من جميع الصلوات ما عدا الشيخ في «النهاية» والطوسي في «الوسيلة» فإنّهما
قد خصّاه بالركوع في الأخيرتين. ونسب ذلك في «المهذّب البارع والمقتصر وغاية المرام » إلى المرتضى وابن إدريس ، وهو وهمٌ ، لأنّ الموجود في «الجُمل
والسرائر» ما ذكرناه. وقد بناه الشيخ والطوسي على ما تقدّم من أنّ نفس الشكّ في
الاوليين في الركوع مبطل حتّى لو حصل من دون أخذ في الركوع ثانياً. وقد توهم عبارة
«النافع » أنّ الشيخ في النهاية يذهب إلى أنّه إنّما يبطل الشكّ
فيه في الاوليين عنده إذا أخذ في الركوع وليس كذلك ، بل الموجود فى «النهاية» أنّ
نفس الشكّ فيه فيهما مبطل كما ذكرنا ، والأمر سهل.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الكفاية»
المسألة محلّ إشكال والإتمام ثمّ الإعادة طريق الاحتياط . وفي «الهلالية» بعد أن اختار القول الأوّل قال : نعم
إذا ذكر قبل انتهائه إلى حدّ الراكع أرسل نفسه وأتمّ.
وقد اتفقوا
جميعاً على أنّه لو رفع رأسه بطلت صلاته. وفي «الرياض» الإجماع عليه . وفي «مجمع البرهان» لعلّه لا خلاف فيه وهو يتمّ لو
تمّت الكبرى. قلت : يعني قولنا وكلّ زيادة ركن تبطل الصلاة .
هذا تمام كلام
الأصحاب ، ولعلّ للقدماء رواية تدلّ على ذلك ، ولو لا ذلك ما أطبقوا على ذلك ما
عدا ظاهر الحسن. وأوّل من خالف من المتأخّرين فيما أجد المحقّق قائلاً الأشبه . وأمّا ما في «النهاية والوسيلة» فمبنيّ على أصل قد
علمت حاله آنفاً.
وقد يحتجّ
للقدماء بالأصل وصدق الإتيان بالمأمور به الدالّ على الإجزاء
والصحّة وعدم التسليم أنّه زاد ركناً. وروايتا منصور وعبيد لا نسلّم صحّتهما ، سلّمنا ولكنّ لا نسلّم صراحتهما ،
مضافاً إلى إجماع الغنية فتأمّل جيّداً ، لأنّ الأصل مقطوع بالخبرين المعتضدين
بشهرة المتأخّرين. ولو لم يكن ذلك القدر من الركوع ركناً مبطلاً للصلاة لم تبطل
بالرفع منه ، لأنّ الرفع منه ليس بركن قطعاً ولا جزءاً من الركن فإذا وقع سهواً لم
تبطل الصلاة ، لأنّ الهوي والانحناء قد صرفتموه إلى هوي السجود ، والرفع والذكر لا
مدخل لهما في الركنية ، إلّا أن يقال : إنّما يصرف حيث لا رفع ومعه فلا صرف ،
فتأمّل.
وقد استدلّ في «الذكرى
» للقدماء باعتبارات ناقشه فيها جميعها صاحب
__________________
ولو شكّ في عدد
ركوع الكسوف بنى على الأقلّ.
(المطلب الثاني) فيما
يوجب التلافي :
كلّ من سها عن
شيءٍ أو شكّ فيه وإن كان ركناً وهو في محلّه فَعَله ، وهو قسمان :
______________________________________________________
«الروض ». وفي «المدارك» وجّه كلامهم بأنّ هذه الزيادة غير
مبطلة ، لعدم تغيّر هيئة الصلاة بها وإن تحقّق مسمّى الركوع ، لانتفاء ما يدلّ على
بطلان الصلاة بزيادته على هذا الوجه من نصّ أو إجماع ، انتهى وهو كما ترى.
وليعلم أنّه لو
زاد سجدة كذلك فالأشهر كما في «الكفاية والرياض » عدم البطلان ، للأخبار المصرّحة بعدم البطلان بزيادتها. ونقل عن الحسن وعلم الهدى
وصاحبه التقي الحلبي أنّهم أبطلوا الصلاة بزيادتها .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
شكّ في عدد ركوع الكسوف بنى على الأقلّ)
قد مضى الكلام فيه آنفاً.
(المطلب الثاني :
فيما يوجب التلافي)
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (كلّ
من سها عن شيءٍ أو شكّ فيه وإن كان ركناً وهو في محلّه فَعَله)
لا خلاف فيه
كما في «مجمع البرهان والنجيبية» ولا خلاف فيه في الجملة كما في «الرياض » ويأتي بيان التقييد في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الجملة. وهو مذهب المعظم كما في «المدارك ».
هذا في صورة
الشكّ ، وأمّا فى صورة السهو فقد سمعت فيما مضى ما في «المنتهى» ويأتي تمام الكلام في ذلك.
ويدلّ عليه في
صورة الشكّ الصحاح المستفيضة وغيرها وهي وإن اختصّت بالشاكّ في الركوع وهو قائم
وفي السجود ولم يستو جالساً أو قائماً إلّا أنّه لا قائل بالفرق كما في «الذخيرة والرياض ». قلت : ويدلّ عليه الأخبار الاخر الدالّة بمفهومها على
وجوب التدارك للشيء قبل فوات محلّه. وبهذا المفهوم يقيّد إطلاق جملة من الأخبار ،
منها «في الرجل لا يدري أركع أم لم يركع؟ قال عليهالسلام : يركع » ومنها «عن رجل لم يدر أسجد سجدة أم اثنتين؟ قال عليهالسلام : يسجد ».
وأمّا إذا كان
شكّه بعد انتقاله عن محلّه فلا خلاف كما في «مجمع البرهان » أنّه لا يجب عليه الرجوع. وفي «الذخيرة » إن شكّ بعد انتقاله إلى واجب آخر فلا التفات إجماعاً
في الجملة. وفي «رياض المسائل » لو شكّ بعد انتقاله عن موضعه ودخوله في غيره مضى في
صلاته ركناً كان المشكوك أو غيره إجماعاً إذا لم يكن من الركعتين الاوليين ، وكذلك
إذا كان منهما على الأشهر الأقوى. وفي «الدرّة» الإجماع على ذلك. وفي «المدارك » نسبته إلى المعظم.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وظاهرهم
الاتفاق على عدم البطلان إذا فعل المشكوك فيه مع بقاء المحلّ ثمّ ذكر أنّه قد فعله
إن لم يكن ركناً. وقد مرَّ ما يدلّ على ذلك. وفي «مجمع البرهان » لا ينبغي النزاع فيه إن ظهرت الكبرى. وقد عرفت سابقاً
ظهورها وتمامها. وقد اختلفوا فيما إذا تلافى ما شكّ فيه بعد الانتقال عن المحلّ.
ويأتي نقل كلامهم فيه بعون الله تعالى ولطفه وبركة خير خلقه محمّد وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وتنقيح البحث
في المقام يتمّ ببيان المراد من المحلّ فيعلم بقاؤه وعدمه ، ولكنّا نذكر قبل ذلك
المسائل الّتي فرّعوها في المقام والاحتمالات الّتي ذكروها وأقوالهم وإشكالاتهم
ليكون ذلك أعون وأدلّ على مرادهم بالمحلّ فنقول : هنا مسائل :
الاولى : قد
اتفقوا على أنّه لو شكّ فى النيّة قبل التكبيرة وفيها قبل القراءة وفيها قبل
الركوع وفيه قبل السجود أتى به وأتمّ الصلاة. كما اتفقوا على أنّه لو شكّ في
التكبيرة وهو في القراءة أو في القراءة وهو في الركوع أو في الركوع وهو في السجود
أو في السجود وقد ركع فيما بعد لم يلتفت. وأمّا الشكّ في النيّة وهو في التكبيرة
فيأتي الكلام فيه.
الثانية : لو
شكّ في الحمد وهو في السورة فالمشهور أنّه يعود إلى الحمد كما في «كشف الالتباس » وهو مذهب الأكثر كما في «إرشاد الجعفرية » وهو خيرة «النهاية والمبسوط والتحرير والمختلف والمنتهى » على ما نقل عنه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«والتذكرة والذكرى والدروس والبيان والموجز الحاوي والهلالية وإرشاد الجعفرية والميسية والروض والمدارك » وهو قضية ما في «المسالك ». وقد يظهر ذلك من جملة من عبارات القدماء حيث قالوا : أو شكّ في القراءة حالة الركوع ، ومن شكّ
في القراءة وهو قائم قرأ. وقد تأوّلها في «السرائر» بما ستسمعه.
وفي بعض عبارات
أصحاب هذا القول ما يفيد تعيّن تلك السورة حيث يقولون أعادهما أو أعاد الحمد
والسورة ، وفي بعضها ما يفهم منه عدم التعيين حيث يقولون أعاد الحمد وسورة ،
وهو صريح جماعة منهم. وفي «السرائر ورسالة المفيد» إلى ولده على ما نقله عنه في السرائر
أنّه لا يلتفت. وهو ظاهر «المعتبر » أو صريحه حيث قال بعد أن نقل عن الشيخ القول بوجوب
الإعادة :
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
لعلّه بناءً (بناه خ ل) على أنّ محلّ القراءتين واحد. قال : وبظاهر الأخبار
يسقط هذا الاعتبار. وهو خيرة «مجمع البرهان والذخيرة والكفاية والشافية». وفي «السرائر » أنّه الموافق لُاصول مذهبنا. وقال : وقد يلتبس على غير
المتأمّل عبارة يجدها في الكتب وهو مَن شكّ في القراءة في حال الركوع ، فيقول إذا
شكّ في الحمد وهو في حال السورة التالية للحمد يجب عليه قراءة الحمد وإعادة السورة
ويحتجّ بقول أصحابنا : من شكّ في القراءة وهو قائم قرأ. فيقال له : نحن نقول بذلك
وهو أنّه إذا شكّ في جميع القراءة قبل انتقاله من سورة إلى غيرها فالواجب عليه
القراءة ، وأمّا إذا شكّ في الحمد بعد انتقاله إلى حالة السورة التالية فلا يلتفت
، لأنّه في حالٍ اخرى. وما أوردناه وقلناه وصوّرناه أورده الشيخ المفيد في رسالته
إلى ولده حرفاً فحرفاً ، انتهى.
قلت : حجّة
القول الأوّل ضعيفة جدّاً فإنّهم تمسّكوا بما في صحيح زرارة من قوله : «قلت : شكّ في القراءة وقد ركع ، قال : يمضي»
فإنّ التقييد بالركوع يقتضي مغايرة حكم ما قبل الركوع. وفيه : أوّلا أنّ التقييد
في كلام الراوي على أنّه ليس في كلام الراوي أيضاً حكم على محلّ الوصف حتّى يقتضي
نفيه عمّا عداه ، بل سؤال عن حكم محلّ الوصف ، سلّمنا ، ولكنّ دلالة المفهوم لا
تعارض المنطوق ، وهو قوله عليهالسلام : «إذا خرجت من شيءٍ ودخلت في غيره فشكّك ليس بشيء»
وهذا قد خرج من شيء وهو الحمد ودخل في غيره ، وعلى هذا فالمغايرة ثابتة بينهما
وبين أجزاء كلّ واحدة منهما.
فلو شكّ في
بعضها ودخل في الآخر قوّى عدم الالتفات أيضاً كما في «مجمع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
البرهان والذخيرة والكفاية والرياض ». وقال الشهيدان بالرجوع في «الذكرى والدروس والبيان وروض الجنان » وهو خيرة «إرشاد الجعفرية » وقد يورد عليهم ما إذا كانت الأجزاء من الفاتحة وكان
شكّه فيها بعد الفراغ من السورة فإنّ الرجوع لتدارك الأجزاء يستلزم إعادة السورة
مراعاةً للترتيب الواجب إجماعاً. وفيها (فيه خ ل) احتمال القرَان بين السورتين
المنهيّ عنه إذا قرأ غير السورة الاولى بل يحتمل مطلقا أو قراءة أزيد من سورة
المنهيّ عنه أيضاً مطلقاً ، فتأمّل جيّداً. وفي «الذكرى » أيضاً أنّه يرجع فيما إذا شكّ في أبعاض السورة أو
الحمد جزءاً كان أو صفةً كتشديد أو إعراب أو جهر أو إخفات أو مخرج وهو قضيّة ما في
«المسالك » وسيأتي أنّ الناسي للجهر والإخفات إذا ذكرهما لا يرجع
إليهما فكيف يرجع مع الشكّ.
الثالثة : لو
شكّ في القراءة وهو قانت ففي «الذكرى وإرشاد الجعفرية والروض
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والروضة » أنّه يرجع. وهو قضية ما في «البيان » مع احتمال أنّ القنوت حائل في جملةٍ منها. وفي «مجمع
البرهان والمدارك والذخيرة والكفاية والرياض » أنّه لا يرجع. ويأتي على ما في «السرائر» أنّه أولى.
وحجّة هؤلاء ما سبق في المسألة المتقدّمة.
الرابعة : لو
شكّ في الركوع بعد الهوي إلى السجود ، ففي «الذكرى والمسالك والروض والروضة والرياض » أنّه يعود ، لأنّ المراد بالأفعال المفردة بالترتيب لا
ما كان من مقدّمات تلك الأفعال كالهوي إلى السجود. وقد تعطيه عبارة «الغنية » وغيرها كما ستعرف.
وفي «المدارك والكفاية والذخيرة والشافية» أنّه لا يعود. ونفى عنه البُعد في «مجمع
البرهان » في أوّل كلامه ، ثمّ اعترض على نفسه برواية عبد الرحمن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الدالّة على أنّه بمجرّد الشروع في النهوض إلى القيام ما لم يستو قائماً لا
يتحقّق الدخول في الفعل الآخر ، وبأنّ في المنتهى إشارة إلى أنّ النزاع هو في
الفعل المحقّق لا في مقدّمته ، وأنّ الشروع في المقدّمة ليس ممّا فيه نزاع ولا
خلاف في أنّه غير مسقط لوجوب العود ، ولم يحضرني المنتهى في المقام. قال : إلّا
أنّه يشكل ، لأنّه يقضي أنّ الهوي إلى السجود والشكّ في الركوع لم يكن مسقطاً مع
أنّ رواية عبد الرحمن على خلاف ذلك. ثمّ قال : ويمكن حملها على الوصول إلى السجود
أو جعل ذلك في القيام فقط للنصّ ، مع أنّها معارضة بروايته الاخرى فيمن نهض إلى
القيام فإنّها تدلّ على أنّه لا يلتفت بمجرّد الشروع في المقدّمة كما عرفت ، مع
أنّ في سند كليهما أبان وفيه قول ، وعلى تقدير عدم ذلك كلّه لا ينبغي التعدّي عن
منطوقها ، إذ ليست العلّة ظاهرة حتّى يقاس أو يعمل بمفهوم الموافقة ولا مفهوم من
دون الظنّ والعلم بالعلّة. قلت : ستعرف الحال في الروايتين. ثمّ قال : ويمكن الجمع
بالتخيير ، فحينئذٍ لو شكّ في كلمة سابقة وهو في لاحقها وكذا في الآيات لم يجب
العود ، فإنّ العادة والظاهر على عدم الانتقال غالباً من آية إلى ما بعدها إلّا
بعد قراءتها بخلاف النهوض إلى القيام فإنّه يقع بعد السجدة الاولى بحسب العادة ،
وبهذا ظهر الفرق بين المسائل في الجملة ، فلا يقاس ، وصحيحة معاوية صريحة في ذلك
ومنها يمكن إخراج الكلّ ، انتهى كلامه.
واعلم أنّه
يتحقّق الدخول في السجود بوضع الجبهة وإن كان على ما لا يصحّ السجود عليه ، وفيما
زاد على اللبنة احتمالان.
الخامسة : لو
شكّ فى السجود وهو يتشهّد أو فيه وقد قام فالأكثر كما في «الرياض » على أنّه لا يلتفت. وفي «السرائر » الإجماع على أنّه لو شكّ في السجود في حال القيام أو
في التشهّد الأوّل وقد قام لا يلتفت. وهذه العبارة الّتي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
نقل عليها الإجماع عين عبارة «المبسوط والوسيلة» فإن أرادوا بقولهم في حال
القيام استكمال القيام فذاك ، وإلّا كانت دالّة على ما نحن فيه بطريق أولى. ونقل
هذه العبارة في «السرائر» عن الاقتصاد والجُمل والعقود وسائر كتبه ما عدا النهاية.
ونسب في «المختلف » إلى القاضي أنّه لو شكّ في سجوده وقد قام لا يلتفت ،
ثمّ قال : وكذا التشهّد. ويأتي نقل كلام القاضي. وما نحن فيه خيرة «التذكرة والميسية والهلالية والروضة والمدارك والذخيرة والكفاية والشافية والرياض » وقد سمعت ما في «مجمع البرهان».
وفي «النهاية ونهاية الإحكام» على ما نقل عنها أنّه يرجع إلى السجود والتشهّد ما لم يركع. وفي «الروض
» أنّه فيه مبالغةً وإغراباً ولكنّ في «المسالك » كما يأتي أنّه قريب فقد أغرب هو أيضاً. وعن القاضي أنّه أوجب في بعض كلامه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الرجوع بالشكّ في التشهّد حال قيامه دون السجود. وفي موضع آخر سوى بينهما
في عدم الرجوع وحملوه على أنّه أراد بالشكّ في التشهّد تركه ناسياً لئلّا يتناقض
كلامه. وأوجب في «الذكرى والبيان » الرجوع فيما إذا شكّ في السجود وهو متشهّد أو قد فرغ
منه ولمّا يقم أو قام ولمّا يستكمل القيام. وتبعه على ذلك صاحب «الميسية والروض » وقوّاه في «المسالك » ووافقه على الرجوع فيما إذا شكّ فى السجود وهو متشهّد
صاحب «الموجز الحاوي وكشف الالتباس والجعفرية ». وفي «إرشادها » أنّ فيه تردّداً.
قلت : لا أجد
لما في «الذكرى» وما وافقهما حجّة إلّا عموم مفهوم الصحيح ومنطوق الموثّق. وفيه
أنّ المتبادر منهما وقوع الشكّ في السجود الّذي لا تشهّد بعده كما يقتضيه عطف
الشكّ على النهوض بالفاء ، مضافاً إلى أنّ ذلك متبادر من النهوض إلى السجود ، إذ
مع تخلّل التشهّد لا يقال ذلك بل يقال من التشهّد.
وفي «الذكرى والدروس والموجز الحاوي وكشف الالتباس
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والجعفرية وإرشادها والمنتهى» على ما نقل عنه أنّه لو شكّ في السجود أو التشهّد بعد استكمال
القيام لا يلتفت. وقال الشهيدان وصاحب «المدارك » وصاحب «الذخيرة والكفاية » وصاحب «الرياض » أنّه لو شكّ فى السجود وقد أخذ في القيام ولما يستكمله
وجب الإتيان به. وقد سمعت ما في «مجمع البرهان» وظاهر «الإشارة » عدم الرجوع. ونحوها «الغنية » حيث قال فيما لا حكم له : إن شكّ في الركوع وهو في حال
السجود أو في السجود وهو في حال القراءة أو في التشهّد وهو كذلك ، انتهى فتأمّل.
ولا يخفى عليك
أنّ صاحب «المدارك» وصاحب «الذخيرة» قد فرّقا بين ما إذا شكّ في الركوع وقد هوى
إلى السجود وبين ما إذا شكّ في السجود وقد نهض إلى القيام كما عرفت. وقد استندا في
عدم العود في الأوّل إلى قوله : «رجل أهوى إلى السجود فلا يدري أركع أم لم يركع ،
قال عليهالسلام : قد ركع» وأنت خبير بأنّ غايته إفادة وقوع الشكّ بعد
الهوي إلى السجود وهو أعمّ من وقوعه قبل الوصول إليه وبعده إن لم ندّع ظهور الأخير
لمكان «إلى». نعم لو كان بدلها اللام ربما صحّت دعواهما ، فهو حينئذٍ محمول على
حصول الشكّ في السجود ، ولو سلّم ما ذكراه فهو
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
معارض بأخبار ولا سيّما الصحيح في مسألة الشكّ في السجود والنهوض إلى
القيام ، فإنّه بحسب الدلالة أظهر ومورده وإن خالف مورد الأوّل إلّا أنّهما من
وادٍ واحد ، لاشتراكهما في كونهما من مقدّمات أفعال الصلاة ، فلا وجه للتفصيل بين
الموردين ، لمكان الخبرين ، لأنّه يمكن الجمع بينهما بما ذكرنا ويمكن الحمل على
وقوعه كثيراً لكنّ الأوّل أولى وأوفق.
السادسة : لو
شكّ في ذكر الركوع والطمأنينة فيه بعد الرفع فلا خلاف على الظاهر في عدم العود كما
في «مجمع البرهان » قال : وكذا واجبات السجود بعد الرفع منه. وفي «الروض » قد وقع الاتفاق على عدم العود إلى ذكر الركوع أو
السجود والطمأنينة فيهما أو السجود على بعض الأعضاء غير الجبهة بعد رفع الرأس
منهما إذا وقع الشك في هذه الأشياء. وفي «الدروس » لو شكّ في الركوع أو السجود فأتى به ثمّ شكّ في أثنائه
في ذكرٍ أو طمأنينة فالأقرب التدارك.
وهناك فرع ذكر
في «الموجز الحاوي وكشف الالتباس » قالا : لو كان يصلّي جالساً لعجزه عن القيام ثمّ شكّ
في سجود الركعة الثانية أو في التشهّد سجد أو تشهّد ثمّ استأنف القراءة. قلت : وقد
احتمل بعضهم في المقام المضي.
السابعة : إذا
شكّ في الانتصاب من الركوع بعد الجلوس للسجود فالظاهر من «البيان والميسية» الرجوع ويأتي فيه الخلاف السابق.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الثامنة : لو
شكّ في النيّة بعد التكبير أو في أثنائه لم يلتفت على القول بعدم وجوب استحضارها
فعلاً كما صرّح به جماعة من المتأخّرين ، وقد ترك ذكره في التعداد جماعة من المتقدّمين فإنّه
لم يذكر في «النهاية والغنية والسرائر والإشارة» وغيرها مع التعرّض فيها لذكر
غيره. وفي «المبسوط » من شكّ في النيّة فإنّه يجدّد النيّة إن كان في وقت
محلّها. وفي «الوسيلة » في ما لا حكم له من شكّ في النيّة أو تكبيرة الإحرام
وهو في القراءة ، انتهى فتأمّل.
التاسعة : قال
الشيخ في «المبسوط » : إذا تحقّق أنّه نوى ولم يدر أنّه نوى فرضاً أو نفلاً
استأنف الصلاة احتياطاً. وفي «المدارك » إذا تحقّق منه الصلاة وشكّ هل نوى ظهراً أو عصراً
مثلاً أو فرضاً أو نفلاً استأنف الصلاة. وفي «المسالك والسهوية والشافية» إنّما يستأنف إذا لم يدر ما قام
إليه وكان في أثناء الصلاة ، فلو علم ما قام إليه بنى عليه. قال في «المسالك » ولو كان بعد الفراغ من الرباعية بنى على كونها ظهراً
عملاً بالظاهر في الموضعين. وفي «المدارك » هو حسن.
العاشرة : لو
تلافى ما شكّ فيه بعد الانتقال ففي «الذكرى والدّرة والروض والمدارك » أنّ الظاهر البطلان ، للإخلال لنظم الصلاة. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الذخيرة » أنّه الأشهر. واحتمل في «الذكرى » العدم ، وقال : لم أقف هنا للأصحاب على كلام. وفي «الروض
» العدم ضعيف فإنّه بناء على أنّ عدم العود رخصة. وفي «الشافية» في المسألة
إشكال. وفي «الذخيرة » فيه تأمّل. وفي «مجمع البرهان » يمكن أن يكون عدم العود للرخصة والتخفيف إذا لم يشرع
في الركن ، وبه يجمع بين ما فهم من التنافي بين الأخبار مثل صحيح زرارة وإسماعيل
بن جابر وعبد الرحمن ، ولأنّه أنسب إلى الشرعية ، ثمّ قال في الردّ على الروض : لا
نسلّم الإخلال والإبطال به مطلقاً ، ولهذا يصحّ العود في المحال مثل العود للسجود
بعد النهوض ، ولأنّ فعل شيءٍ من أفعالها لا يستلزم البطلان إلّا مع الكثرة
ووجودها هنا غير ظاهر ، وكونه غير فعلها غير مسلّم وهو أوّل المسألة. نعم لو سلّم
أنّ الأمر هنا للوجوب العيني يلزم تحريم الفعل المنافي له دون البطلان ، ثمّ أخذ
في الكلام على صاحب الروض.
وهذا محلّ
الكلام في المحلّ. ففي «المسالك » المفهوم من المحلّ محلّ يصلح إيقاع الفعل المشكوك فيه
كالقيام بالنسبة إلى الشكّ في القراءة وأبعاضها وصفاتها والشكّ في الركوع ،
وكالجلوس بالنسبة إلى الشكّ في السجود والتشهّد. وهو في هذه الموارد جيّد لكنّه
يقتضي أنّ الشاكّ في السجود والتشهّد في أثناء القيام قبل استيفائه لا يعود إليه
لصدق الانتقال عن موضعه ، وكذلك الشاكّ في القراءة بعد الأخذ في الهوي ولم يصل إلى
حدّ الراكع أو في الركوع بعد زيادة الهوي عن قدره ولم يصر ساجداً ، والرجوع في هذه
المواضع كلّها قويّ ، بل استقرب العلّامة في النهاية وجوب العود إلى السجود عند
الشكّ في ما لم يركع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وهو قريب ، انتهى.
وفي «مجمع
البرهان» في تعيين بقاء المحلّ وعدمه اشتباهاً ، وليس في كلامهم ما هو صريح في ذلك
، وكذا الأخبار ، فإنّ المذكور فيها بعض الأمثلة المختلفة ولا يمكن الاستنباط
منها. وأمّا الأخبار الّتي تدلّ على ذلك فليس فيها تصريح بذلك ، ثمّ ساق الأخبار ،
ثمّ قال : فالأخبار بعضها مجمل وفي بعضها إشارة ما وبعضٍ منها يدلّ على أنّه
بمجرّد الشروع في الفعل المتأخّر عن المشكوك فيه يفوت المحلّ مثل صحيحتي زرارة
وموثّقة محمّد ورواية عبد الرحمن. ثمّ قال : والظاهر أنّ مجرّد الدخول في فعل غير
المشكوك موجب لوجوب سقوط العود. ويؤيّده أنّ هنا تعارض أصل عدم الفعل والظاهر
الذّى يقتضي الفعل المعادة مع وجوب التخفيف المناسب للشريعة. ثمّ قال : وكلام
الأصحاب لا يخلو عن اضطراب ، فإنّه يُفهم منه تارةً اعتبار جزء عمدة مثل الركن
وتارةً الاكتفاء بجزء في الجملة ، فكأنهّم نظروا إلى عرف الفقهاء وما يعدّونه
جزءاً ، فالقراءة مثلاً شيء واحد كالوضوء فتأمّل وأنّه لا يتمّ في كلّ الروايات
والمسائل ولا عُرف في ذلك ويمكن الصدق بأنّ هذا محلّ السورة والفاتحة والآية وغير
ذلك ، ويدلّ على اعتبار ذلك صحيحة معاوية ، فتأمّل فإنّ العمل بها غير بعيد
للأخبار الظاهرة .
وفي «الرياض » المراد من الأفعال المفردة بالترتيب لا ما كان من
مقدّمات تلك الأفعال. وهذا يوافق ما في «الروض» حيث قال : إنّ مقتضى الحديث أنّ من
دخل في فعلٍ لا يعود إلى غيره ، وهو يقتضي أنّ من شكّ في القراءة وقد أخذ في
الركوع ولم يصل إلى حدّه لا يلتفت ، بل لو شكّ فيها وهو قانت لم يعد ، وكذا لو شكّ
في السجود وقد دخل في التشهّد أو في التشهّد وقد أخذ في القيام ، وقال : إنّ الأمر
في تلك الصوَر ليس كذلك وقد علمت الحال في ذلك.
ثمّ قال : وإن
اريد بالموضع المحلّ الذّي يصحّ إيقاع ذلك الفعل فيه كما
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
هو الظاهر منه أشكل في كثير من هذه الموارد أيضاً ، فإنّ التكبير حالته
الّتي يقع فيها القيام ، فما لم يهو إلى الركوع فهو قائم ، والقراءة حالتها القيام
أيضاً ، فالأخذ في الهوي يسيراً يفوّت الحالة المجوّزة للقراءة فيلزم عدم العود.
وكذا القول في التشهّد بالنسبة إلى الأخذ في القيام.
ولأجل ما ذكر
من العلّة عدل عن ظاهر هذه الأخبار وتكلّف لها معنى آخر وهو أنّ محلّ كلّ فعل يزول
بالدخول في فعلٍ آخر حقيقي ذاتي وهو الفعل المعهود شرعاً المعدود عند الفقهاء
فعلاً لها كالتكبير والقيام والقراءة والركوع والسجود والتشهّد دون ما هو مقدّمة
لها كالهوي إلى الركوع والسجود والنهوض إلى القيام ولهذا لا يعدّها الفقهاء أفعالاً.
ولعلّ هذا هو السرّ في قوله عليهالسلام : «ثمّ دخلت في غيره» بعد قوله عليهالسلام «خرجت من شيء» إذ لو لم يكن هناك واسطة كان الخروج من الشيء موجباً
للدخول في الآخر ولا يحسن الجمع بينهما عاطفاً ب «ثمّ» الموجب للتعقيب المتراخي ،
ثمّ فرّع على ذلك أنّه لو شكّ في القراءة وقد أخذ في الركوع ولم يصل إلى حدّه أنّه
يرجع ، وكذا لو شكّ في الركوع قبل وضع الجبهة على الأرض وما في حكمها.
ثمّ قال :
والموجب لهذا التوجيه الجمع بين صحيحة زرارة المقتضية لعدم العود متى خرج من الفعل ودخل في غيره
ومثله صحيحة إسماعيل بن جابر وخبر عبد الرحمن المقتضي للعود إلى السجود للشاكّ فيه ما لم يستوِ
قائماً .
وقال في «الذخيرة»
في الردّ عليه : والحقّ أنّ العدول عن الظاهر المفهوم لغةً وعرفاً إلى هذا المعنى
المشتمل على التكلّف من غير ضرورة لا وجه له ، والجمع بين الخبرين وخبر عبد الرحمن
بارتكاب التخصيص أولى ، والصحيح إبقاء الخبر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
على معناه الظاهر ، ولا يرد ما ذكره من الانتقاضات. ثمّ إنّ ما ذكره من
التوجيه لا يحصل به الجمع بينها وبين رواية عبد الرحمن الاخرى إلّا بوجه لا يوافق بعض ما ادّعاه ثمّ إنّ الهوي
إلى الركوع ليس مقدّمة للواجب ، بل هو واجب مستقلّ ولهذا لو جلس بعد القراءة ثمّ
قام منحنياً إلى حدّ الراكع لم يخرج عن العهدة. وأمّا التفريع وهو الشكّ في الركوع
قبل وضع الجبهة على الأرض فهو منافٍ لإحدى روايتي عبد الرحمن ، على أنّ في تفريعه
على ما ذكر تأمّلاً ، لأنّ الهوي إلى السجود وإن كان مقدّمة إلى السجود إلّا أنّ
محلّه بعد واجب مستقلّ هو القيام عن الركوع ، فمرتبته بعد تجاوز محلّ الركوع إلّا
أن يقال : الشكّ في الركوع يستلزم الشكّ في القيام عنه أيضاً ، لكن يلزمه على هذا
وجوب العود لو شكّ في القيام عن الركوع والذكر فيه معاً حال الهوي إلى السجود ،
والظاهر أنّهم لا يقولون به . قلت : بل يقولون به وقد تقدّمت الإشارة إليه .
ثمّ إنّه في «الروض
» استشكل في مواضع : منها العود إلى القراءة بعد القنوت وأجاب بأنّ القنوت
ليس من أفعال الصلاة المعهودة ، وقال : ولا يكاد يوجد في هذا المحلّ احتمال ولا
إشكال إلّا وبمضمونه قائل من الأصحاب. ومنها : الشكّ في ذكر الركوع أو السجود أو
الطمأنينة فيهما أو السجود على بعض الأعضاء بعد رفع الرأس عنهما ، فإنّه قد وقع
الاتفاق على عدم العود إلى هذه الأشياء ، مع أنّه لم يدخل في فعل آخر على الوصف
الذي ذكره. وأجاب أوّلاً بأنّ رفع الرأس من الركوع والسجود واجب مستقلّ لا مقدّمة
للواجب. وثانياً بأنّ العود في هذه المواضع يستلزم زيادة الركن والتزم ركنية
السجدة الواحدة ، وادّعى أنّ عدم البطلان بزيادتها مستثنى من القاعدة الكلّية.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال في «الذخيرة
» : لا يخفى أنّ هذا الإشكال إنّما يتوجّه إذا قصدنا رعاية كلّية القاعدتين
وهما أنّ الشكّ قبل تجاوز المحلّ يوجب التلافي والشكّ بعد تجاوز المحلّ حكمه عدم
الالتفات. ولا إشكال في الأخبار ، لأنّ مقتضاها عموم الكلّية الثانية دون الاولى
إلّا أن يقال بالعموم في مفهومها وهو ضعيف.
قلت : هذا منه
بناءً على أصله من أنّه لا عموم للمفهوم وهو وهمٌ محض وإلّا فلا مفهوم ، لأنّ منكر
عموم المفهوم منكر للمفهوم كما حقّق في فنّه. ولعلّ ما في «الروض» أوفق بكلام
الأصحاب وبقوله عليهالسلام : «ثمّ دخلت في غيره» وإن كان في بعض ما اختاره في
المسائل تأمّل ظاهر. وذلك غير ضائر في بيان المراد بالمحلّ ، والمسألة قوية
الإشكال.
واستشكل في «مجمع
البرهان » في مقام آخر ، قال : لكن يبقى الإشكال في ترك ما دلّ
عليه العقل والنقل من عدم ترك اليقين ونقضه بالشكّ بل بالظنّ ، وقد ذكروا في الشكّ
في أفعال الوضوء في أثنائه أنّه يجب إعادة المشكوك وما بعده ويجعلون المحلّ الذي
تجاوزه موجب لعدم الالتفات تمام الوضوء لا مجرد الشروع في لا حق المشكوك. ثمّ قال
: ويمكن أن يقال : لا شكّ في عدم بقاء اليقين بعد حدوث الشكّ أو الظنّ ، فلا يبعد
ترك حكم اليقين بدليلٍ شرعي مفيد للظنّ بحيث يصير طرف اليقين وهماً ، فما بقي دليل
العقل والنقل ، إذ لا دليل على ذلك بعد الدليل الشرعي ، بل العقل يدلّ عليه
لاستحالة ترجيح المرجوح ، وقد وردت الأدلّة المفيدة للظنّ ، قلت : بل هي مفيدة في
بعض الموارد للقطع ، وحكم أفعال الوضوء غير حكم أفعال الصلاة للتصريح في أدلّته
بذلك الانتقال ، إذ لا حرج هناك والوضوء لا يبطل بالتكرار فلا مانع من أن يأتي بما
فعل بخلاف بعض أفعال الصلاة ، ثمّ أمر بالتأمّل وقال : إنّ المسألة من المشكلات.
ونحن لا نرى في ذلك إشكالاً.
__________________
الأوّل
: ما يجب معه
سجدتا السهو ، وهو ترك سجدة ساهياً ، وترك التشهّد ساهياً ، ولم يذكرهما حتّى يركع
، فإنّه يقضيهما بعد الصلاة ويسجد سجدتي السهو.
______________________________________________________
[في ما يوجب سجدتي
السهو وما لا يوجبهما]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (الأوّل
: ما يجب معه سجدتا السهو ، وهو ترك سجدة ساهيّاً ، وترك التشهّد ساهياً ، ولم
يذكرهما حتّى يركع ، فإنّه يقضيهما بعد الصلاة ويسجد سجدتي السهو)
كما صرّح بذلك
كلّه في «جُمل العلم والمقنعة » على ما نقل و «النهاية والخلاف والمبسوط والمراسم والوسيلة والغُنية والإشارة والسرائر والشرائع والمعتبر والتذكرة والتحرير والمختلف والذكرى
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والدروس والبيان والألفية واللمعة والهلالية والدرّة السنية والمقاصد العلية والروض والروضة وكشف الالتباس والمدارك والذخيرة والمفاتيح » وظاهر «الموجز » وباقي «شروح الألفية » وغيرها كما ستعرف. وفي «الغُنية » الإجماع على ذلك كلّه وهذه الكتب قد تشاركت فيها الأحكام
الأربعة المذكورة.
وتنقيح البحث
في التفصيل فنقول : هنا أحكام :
الأوّل
: إنّ من ترك
سجدة من صلاته ولم يذكر حتّى ركع قضاها ، وقد نقل الإجماع على ذلك في «المقاصد
العلية » وقد سمعت إجماع «الغنية». وفي «الروض » أنّه مورد النصّ ومشهور الفتوى ، والشهرة منقولة عليه
أيضاً في جملة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
من كتب المتأخّرين وقد سلف في بحث السجود نقل خلاف ثقة الإسلام في «الكافي» والشيخ في «التهذيب»
وأبي علي والحسن ، واستوفينا الكلام هناك أكمل استيفاءً.
وقد اختلف
القائلون بقضائها في محلّ الإتيان بها ، فالمشهور كما في «المختلف والدرّة وإرشاد الجعفرية والروض » أنّ محلّ الإتيان بالسجدة بعد التسليم. وفي «الكفاية » أنّه الأشهر. وفي «المدارك والذخيرة » أنّه مذهب الأكثر. وفي «المعتبر والمختلف والذخيرة » أنّه مذهب السيّد والشيخين وأتباعهم. وفي «الذكرى » أنّه مذهب الثلاثة والمعظم ، والأمر كما قالوا ، إذ لم
نعرف الخلاف إلّا ما حكي عن المفيد في «الرسالة العزّية» وأبي الحسن عليّ بن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بابويه في رسالته إلى ولده ، فإنّهم نقلوا عن المفيد أنّه قال
فيما إذا ذكر بعد الركوع فليسجد في الثانية ثلاث سجدات واحدة منها قضاءً. قلت :
وقد نقل هذا القول عن أبي حنيفة وعن عليّ بن بابويه في «رسالته» أنّه قال : إنّ السجدة
المنسيّة من الركعة الاولى تقضى في الركعة الثانية ، وسجود الثانية إذا ذكرت بعد
ركوع الثالثة يقضى في الركعة الرابعة ، وسجود الثالثة يقضى بعد التسليم. قال في «الذكرى
» كأنّهما عوّلا على خبرٍ لم يصل إلينا.
الثاني
: إنّه يسجد لها
سجدتي السهو وقد صرّح بذلك المفيد في «المقنعة » ومن تأخّر عنه ما عدا الجعفي ، وقد نقلت عليه الشهرة في عدّة مواضع من
كتب المتأخّرين . وفي «المعتبر » نسبته إلى الشيخين وعلم الهدى وأتباعهما وقد سمعت ما في «الغنية» من دعوى الإجماع ، وقد نقلت حكايته عن «التذكرة والمنتهى» ولم أجد له في التذكرة
ذكراً ، وكأنّ صاحب «المدارك » ومَن تبعه توهّموه من قوله وإن تجاوز المحلّ فمنه ما يجب معه سجدتا السهو إجماعاً
منّا وهو نسيان السجدة أو السجدتين ويذكر قبل الركوع. وأنت خبير بأنّه ليس ممّا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
نحن فيه. وظاهر المنقول عن الحسن والجعفي عدم وجوبهما كما هو صريح الصدوق والمنقول عن المفيد في «العزيّة» ويأتي بعون الله ولطفه وبركة
خير خلقه نقل كلامهم برمّته في تعداد ما تجب له سجدتا السهو.
الثالث
: من نسي
التشهّد ولم يذكر حتّى ركع قضاه. وفي «الخلاف والغنية والمقاصد العلية » الإجماع عليه ، وبه صرّح ثقة الإسلام في «الكافي » وجميع الأصحاب ما عدا الصدوقين والمفيد والكاتب كما
يأتي ، وهو المشهور كما في «الروض والدرّة والذخيرة والكفاية » ومذهب الأكثر كما في «المدارك والمفاتيح » ومورد النصّ كما في «الروض ». وفي «الفقيه والمقنع » إذا سلّمت سجدت سجدتي السهو وتشهّدت فيهما التشهّد
الّذي فاتك ، وقضية ذلك الإجزاء عنه كما نقل ذلك عن المفيد في «الرسالة». وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المدارك والذخيرة » أنّه لا يخلو عن قوّة. وفي «المفاتيح » ظاهر الصحاح معهم. وعن الكاتب أنّه أوجب الإعادة اذا نسي التشهّد.
الرابع
: إنّه يسجد له
سجدتي السهو ، وقد نقل عليه في «الخلاف » في موضعين منه و «المفاتيح » الإجماع ، وقد سمعت ما في «الغنية ». وفي «المدارك » أنّه لا خلاف فيه. وفي «الكفاية » أنّه المشهور. وفي «السرائر » الأكثرون المحقّقون عليه. قلت : وهو المنقول عن أبي عليّ وعليّ بن الحسين بن بابويه وخيرة الصدوق في
«الفقية » وثقة الإسلام في «الكافي » والمفيد وعلم الهدى والشيخ وسائر الأصحاب ما عدا ظاهر الحسن بن عيسى
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
و «جُمل الشيخ واقتصاده » والتقي . وفي «المقنع » نسبته إلى الرواية ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيان
ذلك كلّه.
واعلم أنّه لا
خلاف في أنّ التشهّد يقضى بعد التسليم كما في «الذخيرة والكفاية » ولا خلاف من القائلين بوجوب قضائه كما في «المدارك ». وفي «الخلاف » الإجماع عليه. وفي «الروض والدرّة» أنّه المشهور.
وفي «الذكرى » لا فرق بين التشهّد الأوّل والأخير في التدارك بعد
الصلاة عند الجماعة في ظاهر كلامهم سواء تخلّل الحدث أم لا. وقال في «السرائر » : لو نسي التشهّد الأوّل ولم يذكره حتّى ركع في
الثالثة مضى في صلاته ، فإذا سلّم منها قضاه وسجد سجدتي السهو ، فإن أحدث بعد
سلامه وقبل الإتيان بالتشهّد المنسي وقبل سجدتي السهو لم تبطل صلاته بحدثه الناقض
لطهارته بعد سلامه ، لأنّه بسلامه انفصل عنها ولم يكن حدثه في صلاته بل بعد خروجه
منها بالتسليم الواجب عليه. قال : فإذا كان المنسي التشهّد الأخير وأحدث ما ينقض
طهارته قبل الإتيان به فالواجب عليه إعادة صلاته من أوّلها مستأنفاً ، لأنّه بعدُ
في قيد صلاته لم يخرج عنها. وفي «المعتبر » أنّ قوله هذا ليس بوجه. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«التذكرة » وغيرها ليس بجيّد. وفي «الدروس » أنّه تحكّم. وقد أطال صاحب «الروض » في مناقشته.
قلت : في بعض
العبارات كعبارة «الإرشاد » وغيرها تقييد نسيان التشهّد والسجدة وذكرهما بعد الركوع ،
وقضية ذلك إخراج حكم التشهّد والسجدة الأخيرين عن الحكم والتأويل ممكن ، وتمام
الكلام يأتي.
وليعلم أنّه في
«الذكرى » أوجب تقديم الأجزاء المنسية على سجود السهو ، وهو خيرة
«التذكرة والمسالك ». وقال في «الذكرى » أيضاً : ينبغي ترتيب سجود السهو بترتّب الأسباب ، وقال
: لو نسي سجدات أتى بها متتالياً وسجد للسهو بعدها وليس له أن يخلّله بينها على
الأقرب صوناً للصلاة عن الأجنبي. وأوجب في «الذكرى» أيضاً تقديم سجود الأجزاء
المنسية على السجود لغيرها وإن كان سبب الغير متقدّماً كالكلام في الركعة الاولى
ونسيان سجدة في الثانية. وفي «التذكرة » فيه إشكال. وفي «الروضة » أنّه أولى. وفي «مجمع البرهان » أنّه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أحوط ، وعلّل ذلك في الذكرى بأنّ الأجزاء أجزاء فتقديمها أربط لها بالصلاة ، وعلّل
الثاني بأنّ السجود مرتبط بتلك فيقدّم على غيرها.
وفي «الروض والذخيرة » أنّ الظاهر عدم وجوب ترتيب الأجزاء المنسية وسجود
السهو لها أو لغيرها ، لإطلاق الأوامر. وفي «الروض » أنّ الأحوط موافقة الذكرى في الأوّل خاصّة يعني وجوب
تقديم الأجزاء المقضية على سجود السهو ، بل لو قيل بوجوب تقديم الأسبق سببه
فالأسبق كان أولى. قلت : قد قيل ذلك قاله المحقّق الكركي في «شرح الألفية ». وقال في «الجعفرية » : لو تعدّدت الأجزاء تعدّد السجود لها وإنّما يأتي به
بعد الفراغ منها مرتّباً ترتيبها. واختار ذلك الشارحان لها. وفي «المقاصد العلية » يقدّم فعل الأجزاء على السجود على الأحوط ، وكذلك
الأولى تقديم الجزء على السجود لغيره من الأسباب وإن تقدّم سبب السجود ، وتقديم
الأجزاء المنسية مترتّبة على السجود لها من دون أن يخلّله بينهما ، وتقديم الجزء
على الاحتياط إن سبقه كما لو كان من الركعتين الاوليين ولو تأخّر تخيّر ، وتقديم
صلاة الاحتياط على سجود السهو وإن تقدّم سببه ، قال : وأوجب ذلك كلّه في الذكرى
ولا ترتيب بين السجود المتعدّد وإن كانت البدأة بالأوّل فالأول أفضل . وفي «الروض والذخيرة » أنّ رواية عليّ بن حمزة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ظاهرة في تقديم السجدتين على التشهّد المقضيّ. وفي «مجمع البرهان » الظاهر وجوب الترتيب بين الأجزاء المنسيّة للترتيب
بينها في الوجود ثمّ احتمل العدم.
واعلم أنّ معنى
القضاء في عبارة الكتاب وغيرها الإتيان بالمنسيّ سواء كان في وقته وخارجه كما فهم
ذلك الشهيد الثاني وجماعة ممّن تأخّر عنه ، قالوا : وليس هو بالمعنى المصطلح. وفي
«المجمع والذخيرة » لا يعتبر في الإتيان بالجزء المنسيّ نيّة كونه أداء أو
قضاء وإن خرج وقت صلاته ، بل يكفي نيّة المنسيّ في فرض كذا ، لإطلاق الأدلّة.
قلت : اعتبار
النيّة خيرة «الجعفرية وشرحيها وشرح الألفية » للكركي و «الدرّة والمقاصد العلية والنجيبية» بل في «المقاصد العلية» الإجماع على ذلك ،
قال : يجب في الأجزاء المنسيّة التعرّض للأداء والقضاء إجماعاً. وفي «إرشاد
الجعفرية » أنّه لا نزاع فيه.
واعلم أنّه قال
في «الروض» أنّ تقييد الحكم بنسيان السجدة والتشهّد مورد النصّ ومشهور الفتوى فلا
يقضى أبعاضها ، لعدم الدليل إلّا الصلاة على النبي وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولو كان المنسيّ إحدى الشهادتين احتمل قويّاً وجوب
قضائها لا لكونه بعضاً من جملة ، بل لصدق اسم التشهّد عليها وتدخل في النصّ ،
لأنّها
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أولى من دخول الصلاة وقد حكم الجماعة بوجوب قضائها. وأما السجدة فتمام
ماهيتها وضع الجبهة على الأرض ونحوها فلا تقضى واجباتها لو نسيت منفردة عنها قطعاً
.
قلت : أمّا قضاء
الصلاة على النبيّ وآله صلىاللهعليهوآله ففي «الخلاف » الإجماع عليه. وفي «الروض والنجيبية» أنّه المشهور. وفي «الكفاية » أنّه الأشهر. وهو خيرة الشيخ في «النهاية » والمحقّق في «الشرائع » والمصنّف في جملةمن كتبة الّتي تعرّض له فيها والشهيدين والكركي و «شرّاح الألفية والجعفرية » ما عدا «المقاصد العلية» فإنّه تأمّل فيه فيها ، وكذا
في «الروضة » في آخر كلامه ، وكذا صاحب «الدرّة والمدارك ومجمع البرهان والذخيرة ». وأنكره في «السرائر » وقال : إنّ حمله على التشهّد قياس. وشنّع عليه في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المختلف » فقال بعد أن استدّل عليه : وليس في هذه الأدلّة قياس ،
وإنمّا هو لقصور قوّته المميّزة حيث لم يجد نصّاً صريحاً حكم بأنّ إيجاب القضاء
مستند إلى القياس خاصّة. واستدلّ عليه في «المختلف» بأنّه مأمور به ولم يأت به
فبقي في العهدة. وفيه وفي «الذكرى» بأنّ التشهّد يقضى بالنصّ فكذا ابعاضه . وأجيب عن الأوّل بأنّ ذلك إنمّا يجب في التشهّد وقد فات ، وعن
الثاني بمنع الكبرى * وبدونها لا يفيد. وسند المنع أنّ الصلاة ممّا تقضى ولا يقضى
أكثر أجزائها وغير الصلاة من أجزاء التشهّد لا يقولون بقضائه مع ورود دليلهم فيه.
قلت لعلّ مراد
المستدلّ أنّ بعض التشهّد تشهّد وأنّه يصدق على من نسي بعضه أنّه نسي التشهّد
بمعنى أنّه ما قرأه كلّه ، ولا يقاس بأجزاء السجود والركوع ، فإنّها واجبة تبعاً
بخلاف التشهّد فكلّ واحد من أجزائه مستقلّ أو شرط لصحّة الكلّ كأجزاء القراءة ،
لكن يلزم على هذا بعد تسليمه قضاء الكلمة الواحدة ونحوها. قلت : في ظاهر «البيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس » أو
__________________
(*) صورة
القياس على ما هو المناسب لسند المنع أنّ التشهّد يقضى كلّه بالنصّ وكلّ ما يقضى
كلّه يقضى بعضه لكنّ المفهوم من الدليل غيرها ، لأنّه ادّعى مساواة أجزاء التشهّد
له لا مساواته لغيره ، وصورة القياس حينئذٍ أنّه جزء للتشهّد وكلّ جزء منه مساوٍ
له في وجوب القضاء ، وفيه منع كلّية الكبرى أيضاً ، ويمكن أن يقال : هذا جزء وكلّ
جزء يساوي كلّه في وجوب القضاء ، فتأمّل جيّداً (منه عفا الله عنه).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
صريحها وصريح «الجعفرية وشرحيها وتعليق الإرشاد » وجوب قضاء جميع أبعاض التشهّد. وفي «الذكرى » بعد نقل رواية حكم بن حكيم قال : هي تدلّ بظاهرها على
قضاء أبعاض الصلاة على الإطلاق وهو نادر ، مع إمكان الحمل على ما يقضى منها
كالسجدة والتشهّد وأبعاضه أو على أنّه يستدركه في محلّه. وكذا ما روى عبد الله بن
سنان وكذا رواية الحلبي الذّي يقول فيها «فانظر الذّي نقص من صلاتك فأتمّه»
وابن طاووس في البشرى يفوح منه ارتضاء مفهومها ، انتهى ما في «الذكرى». وفي إجماع «الخلاف
» بلاغ.
وفي «الروضة » أمّا لو نسي الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصّة أو على آله خاصّة فالأجود أنّه لا يقضي كما لا
يقضي غيرها من أجزاء التشهّد على أصحّ القولين. وفي «المسالك » فيه وجهان. وفي «المقاصد العلية » ألحق بعضهم بذلك الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصّة والصلاة على آله خاصّة ، وهو متّجه على تعليل
المصنّف يعني الشهيد. قلت : الملحق المحقّق الثاني في «جامع المقاصد ».
وفي «الروضة » وكذا «اللمعة » وظاهر «الارشاد » أنّه يسجد سجدتي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
السهو لقضاء الصلاة على النبيّ وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم وستسمع ما في الكتاب . وفي «الخلاف » من ترك التشهّد أو الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ناسياً قضى ذلك بعد التسليم وسجد سجدتي السهو إجماعاً.
وفي «النهاية » قضاها ولا شيء عليه ، وظاهر «الشرائع » أنّه لا يسجد للسهو.
وفي «جامع
المقاصد والروض ومجمع البرهان والذخيرة » لو أراد قضاء الصلاة على آل محمّد خاصّة صلىاللهعليهوآلهوسلم وجب أن يضمّ إليه ممّا قبله ما يتمّ به وإن لم يكن نسيه
، فيضيف الصلاة على النبيّ إلى آله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأمّا إحدى الشهادتين
فقد سمعت ما في «الروض» وغيره. وفي «الروضة » قضاء إحدى الشهادتين قويّ لصدق اسم التشهّد عليها لا
لكونها جزءاً إلّا أن يحمل التشهّد على المعهود.
فرع
: إذا نسي
السجدة من الركعة الأخيرة وذكرها بعد التشهّد قبل التسليم فالظاهر وجوب الرجوع على
القول بوجوب التسليم ، وعلى القول بأنّه مندوب فوجهان : الرجوع سواء كانت واحدة أو
اثنتين لأنّه لا يخرج عنها إلّا بالتسليم أو المنافي ، وثانيهما بطلان الصلاة لو
كان المنسيّ السجدتين وقضاء السجدة الواحدة.
__________________
الثانى
: ما لا يجب معه
شيء ، وهو نسيان قراءة الحمد حتّى يقرأ السورة ، فإنّه يستأنف الحمد ويعيدها أو
غيرها ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : الثاني
: (ما لا يجب معه شيء ، وهو نسيان قراءة
الحمد حتى يقرأ السورة فإنّه يستأنف الحمد ويعيدها أو غيرها) ظاهر «المبسوط والجُمل والعقود والوسيلة والإرشاد » وغيرها حيث قيل فيها : ويعيد السورة ، إعادة السورة التّي
قرأها أوّلاً ، والتأويل ممكن قريب. وفي بعض العبارات : لو نسي الحمد وذكر في السورة والتأويل فيه أيضاً ممكن
، لأنّ الذّي صرّح به الأكثر أنّ محلّ القراءة يمتدّ ما لم يبلغ الركوع ، وعبارة الكتاب
لا تنافيه.
وفي حكمه ما لو
نسي بعض القراءة كما في «البيان ». وفي «الألفية » زيادة صفاتها. وفي «شرح الألفية » للكركي. و «المقاصد العلية » يرجع إلى تدارك الصفات عدا الجهر والإخفات وهو المنقول
عن «نهاية الإحكام » وظاهر «الدرّة والغرية» وكأنّ صاحب «إرشاد الجعفرية » متأمّل في ذلك. وفي
__________________
ونسيان الركوع ثمّ يذكر قبل السجود فإنّه يقوم ويركع ثمّ يسجد
______________________________________________________
«الجعفرية » أنّ استثناءهما قويّ وأصل الحكم في المسألة لم أجد فيه
مخالفاً. وفي ظاهر «الغنية » الإجماع عليه.
وقوله قدّس
الله تعالى روحه : (ونسيان
الركوع ثمّ يذكر قبل السجود فإنّه يقوم ويركع ثمّ يسجد)
بإجماع العلماء
كما في «المعتبر » وبالإجماع كما في «المدارك والمفاتيح والمصابيح ». وفي «الذخيرة » لا خلاف فيه. وفي «المجمع » كأنّه إجماعي.
ولا يجزيه
الهوي السالف لأنّه نوى به السجود ، وقد قطع به الجماعة كما في «الروض » والأصحاب كما في «المقاصد العلية » فهو كما لو أهوى لقتل حيّة كما في «المسالك » وعلى ذلك نصّ جماعة كما هو ظاهر الأكثر وعلّله غير واحد باستدراك الهوي إلى الركوع فإنّه واجب
ولم يقع بقصده ، وقالوا : هذا يتمّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
إذا كان نسيان الركوع حصل في حالة القيام ، أمّا إذا حصل النسيان بعد
الوصول إلى حدّ الراكع قبل أن يحصل صورة الراكع بأن وصل حدّاً لو تجاوزه صدق عليه
اسم الراكع فلا ، بل مقتضاه أن يقوم منحنياً إلى حدّ الراكع كما في «المدارك ورسالة صاحب المعالم وشرحها ». وفي «الروض والمسالك » وكذا «الميسية» أنّه حينئذٍ يقوم منحنياً إلى حدّ
الراكع إن كان نسيانه بعد انتهاء هوي الركوع وإلّا قام بقدر ما يستدرك الفائت.
ونحو ذلك ما في «الهلالية والشافية».
وفي «المدارك والمقاصد العلية والذخيرة » لو تحققّ صورة الركوع قبل النسيان أشكل العود ، لا
ستلزامه زيادة ركن. وفي «المسالك » لو تحقّق منه ذلك قام للهوي إلى السجود. وفي «الذخيرة » لو نسي الرفع بعد إكمال الذكر ففي وجوب استدراك القيام
حينئذٍ إشكال.
واعلم أنّه قد
يعلّل وجوب القيام بغير ما ذكر وهو وجوب تدارك القيام المتصل بالركوع فإنّه ركن
ولم يحصل أو يبنى على المتبادر من تدارك الركوع تداركه على هذا الوجه . وبهذين الوجهين يندفع ما استشكله الشهيد الثاني في «المسالك
والمقاصد العليه والروض» كما ستسمع. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المبسوط والمراسم والوسيلة والإشارة » وغيرها ثمّ يذكر وهو قائم ، من دون أن يذكروا قبل السجود كما
في المتن وغيره ولعلّ مرادهم وهو قائم لم يسجد فلا خلاف في البين ، وقد
أتى في «التحرير» بهاتين العبارتين في موضعين .
واعلم أنّ في «الذكرى
والروض والمقاصد » أنّه لا تجب الطمأنينة في هذا القيام لسبقها من قبل
وفي الأخيرين لكنّ تحقيق الفصل بين الحركتين المتضادّتين وتحقيق تمام القيام
يقتضيان سكوناً يسيراً.
وفي «المقاصد العلية» أنّه يتحقّق السجود وإن لم تكن الجبهة موضوعة
على ما يصحّ السجود عليه. وفي «جامع المقاصد » الظاهر أنّ السجود هنا يتحقّق بالانحناء بحيث يستوي
مسجده أو يزيد أو ينقص لبنة مع وضع الجبهة وإن لم يضع غيره من الأعضاء ولو لم يضع
على ما يصحّ السجود عليه. ولو وضع على مرتفع أزيد من لبنة فلا سجود ، ولو وضع على
أسفل من لبنة ففيه إشكال.
__________________
ونسيان
السجدتين أو إحداهما
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحة
(ونسيان السجدتين أو إحداهما)
الحكم في
السجدة الاوُلى عليه اجماع العلماء كما في «المدارك والمصابيح » وقاله العلماء كما في «التذكرة » والظاهر أنّه لا خلاف فيه كما في «الذخيرة ».
وأمّا نسيان
السجدتين فالمتأخّرون على أنّه كنسيان السجدة الواحدة في وجوب الرجوع كما في «الذخيرة
» وهو المشهور كما في «الروض والمقاصد والمصابيح » وبين المتأخّرين كما في «الكفاية » ومذهب الأكثر كما في «الغرية والمدارك » وهو المنقول عن المفيد في «العزّية» وخيرة «الوسيلة والشرائع » وما تأخّر عنها ممّا تعرّض له فيه.
وفي «السرائر » أنّ نسيان السجدتين بعد قيامه إلى الركوع يوجب إعادة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الصلاة وهو الظاهر من «المقنعة » على ما قيل و «النهاية» والتقي على ما نقل وهذه عبارة المفيد : إن ترك سجدتين من ركعة واحدة أعاد
على كلّ حال ، وإن نسي واحدة منهما ثمّ ذكرها في الركعة الثانية قبل الركوع أرسل
نفسه وسجدها ثمّ قام. قال في «المختلف » : وهو يشعر بكلام ابن إدريس ويناسبه قول أبي الصلاح.
وقال في «المختلف» : وأما الشيخ والسيّد وسلّار فإنّهم عدّوا فيما يوجب الإعادة
السهو عن سجدتين من ركعة ثمّ يذكر ذلك وقد ركع في الثانية ، وهو يشعر بعدم الإعادة
عند الذكر قبل الركوع. وقالوا فيما يوجب التلافي : وإن نسي سجدة واحدة من السجدتين
وذكرها في حال قيامه وجب عليه أن يرسل نفسه فيسجدها ثمّ يعود إلي القيام ، فتخصيص
العود بالواحدة يشعر بعدمه مع الاثنينية ، فالمفهومان متضادّان انتهى ، والأمر كما
نقل. وفي «الذخيرة » أنّ كلام الشيخ والمرتضى وسلّار مضطرب.
وليعلم أنّه
إذا كان المنسي مجموع السجدتين عاد إليهما من دون جلوس واجب قبلها كما في «الروض والمقاصد والمدارك والذخيرة والكفاية والشافية» وغيرها ، ولو كان المنسي إحداهما ففي «المبسوط » يخرّ ساجداً ولا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
يجلس ، سواء كان جلس جلسة الاستراحة أو جلسة الفصل أو لم يجلسهما ، انتهى.
وهو الظاهر من كلام المفيد في «المقنعة والعزية وسلّار والتقي والشيخ في الجُمل » والمصنّف في «التحرير » وهو خيرة «المنتهى» علي ما نقل عنه ، واستشكله في «التذكرة » وكذا «الذخيرة ». وفي «الدروس والموجز الحاوي والهلالية وكشف الالتباس والميسية والمقاصد والروض » وغيرها إن لم يكن جلس يجب الجلوس ، وفي الأخيرين : وكذا إن كان
جلس ولم يطمئن. وفي الكتب المذكورة و «المسالك والذخيرة والشافية» إن كان جلس بنيّة الجلوس الواجب يعني الفصل لم
يجب الجلوس قبلها. وفي «الروض » حكم كثير من الأصحاب بأنّه إن كان نوى بالجلوس
الاستراحة لتوهّمه أنّه فرغ من السجدتين بالاكتفاء بذلك وعدم الحاجة إلى جلوس آخر.
قلت : هذا خيرة الشهيد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في «قواعده والموجز الحاوي والمسالك والمقاصد والذخيرة ». وفي «الهلالية» أجزأ على قول. وفي «التذكرة » فيه إشكال. وفي «كشف الالتباس » فيه وجهان. وظاهر «المدارك » عدم الاكتفاء بذلك.
وفي «الروض والمسالك والمقاصد والميسية» لو شكّ هل جلس أم لا بنى على الأصل فيجب
الجلوس وإن كان حالة الشكّ قد انتقل عن محلّه ، لأنّه بالعود إلي السجدة مع
استمرار الشكّ يصير في محلّه ، ومثله لو تحقّق نسيان سجدة وشكّ في الاخرى فإنّه
يجب الإتيان بهما عند الجلوس وإن كان ابتداء الشكّ عند الانتقال. وفي «الذخيرة » بعد نقله عن الروض قال : وهو غير بعيد.
واعلم أنّه قد
استدلّ في «الروض والمقاصد والمسالك » على الاكتفاء بجلسة الاستراحة عن الجلوس للسجدة
المنسية باقتضاء نيّة الصلاة ابتداء كون كلّ فعل في محلّه ، وذلك يقتضي كون هذه
الجلسة للفصل ، فلا تعارضها النيّة الطارئة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بالاستراحة لوقوعها سهواً ، وقد حكم الأصحاب بأنّه لو نوى فريضةً ثمّ ذهل
عنها ونوى ببعض الأفعال أو الركعات النفل سهواً لم يضرّ ، لاستتباع نيّة الفريضة
ابتداء باقي الأفعال ، وبه نصوص عن أئمة الهدى عليهمالسلام ، ثمّ ساق خبر ابن أبي يعفور وخبر معاوية ، ثمّ قال : لكن يبقى بحث وهو أنّه قد سلف في ناسي
الركوع ولمّا يسجد ، أنّه يجب عليه القيام ثمّ الركوع ، لأنّه هوى بنيّة السجود
فلا يجزي عن الركوع ، ومقتضى هذا الدليل عدم وجوب القيام هنا ، لاقتضاء نيّة
الصلاة الترتيب بين الأفعال ، فيقع للركوع وتلغو نيّة كونه للسجود ، ولكنّ الجماعة
قطعوا بوجوب القيام مع حكم كثير منهم هنا بالاجتراء لجلسة الاستراحة والفرق غير
واضح. فإن قيل : مقتضى العمل استتباع النيّة الخاصّة خرج عنه في نيّة المندوب
للنصّ الخاصّ ونيّة واجب لواجب آخر لا نصّ عليه فلا تجزي عن غير ما نواه. قلنا :
وقوع مندوب خارج عن واجب داخل فيه يقتضي إجزاء واجب منها عن واجب آخر سهواً بطريق
أولى ، انتهى كلامه ملخّصا في بعضه. وأنت خبير بأنّه على ما ذكرناه من التعليلين
الأخيرين لوجوب القيام يتضح الفرق ويندفع الإشكال ، لأنّ مبناه على اعتبار النيّة
وذلك التعليلان لا يدوران على اعتبارها.
واختار
الشهيدان وكذا صاحب «والذخيرة » أنّه لو كان جلوسه عقيب السجدة الاولى لا للفصل كما لو
جلس للتشهّد وتشهّد أو لم يتشهّد اجتزأ به عن الجلوس.
وليعلم أنّ في «الروض
والذخيرة » أنّه لو كان قد تشهّد أو قرأ أو سبّح وتلافى السجود
وجب عليه إعادة ما بعده لرعاية الترتيب. قلت : هذا معلوم من كلام الأصحاب.
__________________
أو التشهّد ثمّ يذكر قبل الركوع ، فإنّه يقعد ويفعل ما نسيه ثمّ يقوم فيقرأ
، ويقضي بعد التسليم الصلاة على النبيّ وآله عليهالسلام لو نسيها ثمّ
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
التشهّد ثمّ يذكر قبل الركوع فإنّه يقعد ويفعل ما نسيه ثمّ يقوم فيقرأ)
هذا نصّ عليه
ثقة الإسلام في «الكافي » والصدوق في «المقنع » وجمهور الأصحاب ، وفي «الخلاف والمدارك » وكذا «الغنية » الإجماع عليه. وفي «الذخيرة » الظاهر أنّه لا خلاف فيه. والمراد به في العبارة
التشهّد الأوّل كما هو واضح ، وأمّا الثاني فيرجع إليه ما لم يسلّم على القول
بوجوب التسليم كما نصّ عليه غير واحد ، وعلى القول بندبه ما لم ينصرف عن الصلاة بأحد الامور
كما في «المقاصد العليّة والروض » وفي «البيان » يرجع إليه ما لم يحدث ، وقد سمعت آنفاً مذهب ابن إدريس في ناسي التشهّد حتّى يسلّم.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ويقضي
بعد التسيلم الصلاة على النبيّ وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم .. إلى آخره)
قد تقدّم
الكلام في ذلك مستوفى .
__________________
ذكر بعد التسليم. وقيل بوجوب سجدتي السهو في هذه المواضع أيضاً ، وهو
الأقوى عندي.
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وقيل
بوجوب سجدتي السهو في هذه المواضع أيضاً ، وهو الأقوى عندي)
اختلف الأصحاب
فيما يجب له سجود السهو اختلافاً شديداً ، ونحن ننقل أوّلاً ما حكي عليه الإجماع ،
ثمّ ما نقلت عليه الشهرة ، ثمّ ننقل كلام الأصحاب ، ثمّ نذكر ما ترجّح عندنا.
فنقول : قال في
«غاية المراد » : إنّ المصنّف في آراء التلخيص ادّعى الإجماع على
وجوبهما في أربعة مواضع : نسيان السجدة ، ونسيان التشهّد ، والكلام ، والسلام
ناسياً. قلت : قد سمعت فيما مضى نقل حكاية الإجماع في الأوّلين. وعن «المنتهى » أيضاً دعوى الإجماع في الأخيرين وهو ظاهر «الشافية»
وصريح «النجيبية». وفي «المجمع » لا شكّ في وجوبهما للكلام ناسياً. وفي «المعتبر » نسبة وجوبهما في السلام ناسياً إلى الأصحاب. وفي «التذكرة
» الإجماع علي وجوبهما لنسيان السجدة أو السجدتين إذا ذكرهما قبل الركوع ،
وقال من غير فاصلة : ونسيان التشهّد كذلك ، وظاهره هنا دعوى الإجماع عليه لكنّه في
مسألة اخرى ، قال : في وجوبهما لنسيان التشهّد كذلك قولان. وفي «الغنية » دعوى الإجماع على وجوبهما للسجدة المنسية والتشهّد
والقعود والقيام
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في غير موضعهما والشكّ بين الأربع والخمس والكلام سهواً. وفي «المفاتيح » لا خلاف في وجوبهما للشكّ بين الأربع والخمس. وفي «مجمع
البرهان » لا شكّ فيه.
وفي «غاية
المرام » الذّي عليه المتأخّرون وجوبهما في كلّ موضع لو فعله أو
تركه عمداً بطلت صلاته. قلت : فيخرج على هذا نسيان القنوت وفعل الذكر والدعاء بغير
قصد. وفي «المقاصد » بعد نقل هذه العبارة عن بعضهم قال : والنصّ والفتوى
مطلقان. وفي «الأمالي » وجوبهما على مَن قعد في حال قيامه أو قام في حال قعوده
أو ترك التشهّد أو لم يدر زاد أو نقص. ومن المعلوم أنّ ذلك عنده من دين الإمامية.
وقد فهم الاستاذ دام ظلّه وغيره دعوى الإجماع من هذه الكلمة وأنّ لنا فيه تأمّلاً ، ولا
تنس ما في ظاهر «الخلاف » من الإجماع في قضاء الصلاة على النبيّ وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وفي «السرائر » أنّ الأكثرين المحقّقين على أنّهما تجبان لستّه أشياء
: نسيان السجدة والتشهّد والكلام ناسياً والتسليم في غير موضعه والقعود والقيام في
غير موضعهما والشكّ بين الأربع والخمس. وفي «المختلف » أنّ الأشهر وجوبهما لترك سجدة. وفي «الذخيرة والكفاية » أنّ المشهور
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وجوبهما للكلام والسلام. وفي «المقاصد والذخيرة » أيضاً أنّ المشهور وجوبهما للشكّ بين الأربع والخمس.
وفي «المصابيح » أنّ المشهور عدم وجوبهما لذلك. وفي «الجواهر المضيئة»
أنّ المشهور وجوبهما لكّل زيادة ونقصان. ولعلّه أراد اشتهار ذلك في زمن المصنّف (العلّامة
خ ل) وما تأخّر عنه كما سمعته عن «غاية المرام» بل ظاهره إجماع المتأخّرين. وفي «المقاصد
العليّة والذخيرة والرياض » أنّ المشهور عدم وجوبهما لهما. وفي «الكفاية » أنّه الأشهر. وفيها وفي «الذخيرة » أيضاً أنّ المشهور والأشهر عدم وجوبهما للشكّ في زيادة
ونقيصة. هذا تمام الكلام في الشهرة والإجماعات.
وأمّا الأقوال
فقد قال الشيخ والمحقّق والمصنّف وغيرهم : أنّه قد قيل بوجوبهما لكلّ زيادة ونقصان ، ونسبه
جماعة منهم المصنّف في «التحرير »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وولده في «الإيضاح » إلى الصدوق ، وستسمع كلامه بتمامه. وهو خيرة «المختلف والتذكرة والتحرير ونهاية الإحكام» على ما نقل عنها و «الإرشاد» على ما فهمه منه جماعة و «الإيضاح واللمعة والموجز الحاوي والذكرى والألفية والهلالية والجعفرية والسهوية وتعليق الإرشاد وتعليق النافع والتنقيح وإرشاد الجعفرية والغرية والروضة والدرّة والمقاصد العلية والجواهر المضيئة» وهو ظاهر «غاية المرام » أو صريحه ، بل هو صريحه. وقوّاه في «الروض » وكأنّه مال إليه أو قال به في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«كنز الفوائد والمهذّب البارع ». ويظهر من المحقّق في «المعتبر » التأمّل في ذلك ، وستسمع كلامه. وفي «كشف الرموز والمهذّب البارع » أيضاً و «شرح الألفية » للكركي و «رسالة الشيخ حسن والرياض » أنّه أحوط. وفي كلام أبي علي وغيره ما يلوح منه هذا القول. وقد عرفت من أوجبهما لنسيان الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآله.
وعدم الوجوب
لهما صريح «مجمع البرهان والكفاية والذخيرة والشافية» وظاهر «المدارك ». وفي «الدروس » لم نظفر بقائله ولا مأخذه. وظاهر جماعة العدم أيضاً ،
وستسمع كلامهم ، بل كاد يكون صريح بعضهم كالشيخ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وغيره . واستثنى في «التذكرة والذكرى والروضة وإرشاد الجعفرية » ترك المندوب. وفي «التذكرة ونهاية الإحكام» على ما نقل
: لو زاد فعلاً مندوباً أو واجباً في غير محلّه نسياناً سجد للسهو.
ولو عزم على
فعل مخالف أو على أن يتكلّم عمداً ولم يفعل لم يلزمه سجود ، لأنّ حديث النفس مرفوع
عن الامّة وإنمّا السجود في عمل البدن.
وتأمّل في «الروضة
» في وجوبهما لزيادة المندوب. وقد سمعت ما حكاه في «غاية المرام» عن المتأخّرين ، وما في «المقاصد
العلية » هناك.
ولا فرق عند
المصنّف وجماعة بين أن تكون الزيادة والنقصان معلومة أو مشكوكة. وفي «المصابيح
» لا ريب في عدم الوجوب عند الشكّ في زيادة أو نقيصة للأخبار الكثيرة. وفهم
من عبارة الصدوق ما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
واعلم أنّه
يلزم على هذا القول أن يجب لبعض القراءات ستّ سجدات ، وذلك لأنّ سجود السهو يتعدّد
بتعدّد السبب وإن كان في صلاة واحدة ما لم يدخل في حيّز الكثرة ، ويتحقّق التعدّد
يتخلّل التذكّر ، فنسيان جميع القراءة مع استمرار السهو موجب للسجدتين ونسيان
الحرف الواحد بعد الحرف مع تخلّل الذكر موجب للتعدّد.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قال الصدوق في «الفقيه
والأمالي » : إنّهما تجبان على مَن لم يدر أزاد أم نقص. قلت : وقد
ورد ذلك في جملة من الأخبار المعتبرة ، وقد فهم من هذه العبارة جماعة كثيرون أنّ المراد أنّه لا يدري أزاد أم لا ويكون هذا شكّاً
برأسه ، أو نقص أم لا وهذا شكّ آخر. وادّعى في «الرياض » أنّه هذا هو المتبادر عادةً وعرفاً ، وقالوا : إنّ
وجوبهما هنا أي مع الشكّ يستلزم وجوبهما مع القطع بالزيادة والنقيصة بطريق أولى.
واحتمل جماعة أن يكون المراد زيادة الركعة ونقصانها.
وقال الاستاذ
دام ظلّه في «المصابيح » : المراد من هذه العبارة المعني الحقيقي لغةً وهو
الشكّ في خصوص الزيادة أو النقيصة بعد القطع بإحداهما بمعنى أنّه شكّ هل وقع منه
الزائد أو الناقص. وقال : وأمّا الحمل على المعنى الأوّل فالأخبار الدالّة على أنّ
مَن شكّ في شيء وهو في محلّه أتى به من دون سجدتي سهو ، وإن تجاوز مضى وصحّت
صلاته من دون سجدتي سهو في غاية الكثرة والاعتبار والصحّة والقبول بلا شبهة. وأمّا
الشكّ في زيادة ركعة فليس فيه سجدتا سهو إلّا في الشكّ بين الأربع والخمس ، وستعرف
ما فيه. وأمّا الشكّ في زيادتها في الثنائية فمبطل للصلاة بلا تأمل ، وكذا الشكّ
في بعضها فيها. وأمّا الرباعية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فأحكام الشكّ فيها معروفة مضبوطة وكلّها خالية عن وجوب سجدتي السهو أيضاً ،
فمع جميع ما عرفت كيف يجوز القول بوجوب سجدتي السهو لكلّ شكّ في زيادة أو نقيصة ،
بل لا يبقى شبهة في بطلانه. نعم ما ظهر من الصحاح وفتوى الصدوق على ما فهمناه لم
يظهر من حديث خلافه وإن كان فرضه نادراً ، انتهى كلامه دام ظلّه.
ونحن نقول :
أنت خبير بأنّا لو حملنا الأخبار وفتوى الصدوق على المعنى الذي فهمه دام توفيقه
كانت نصّاً في وجوب السجدتين بالزيادة أو النقصية مطلقاً إلّا أن يخصّ متعلّقهما
بالركعة خاصّة دون غيرها مطلقاً وهو بعيد وإن احتمله صاحب «الدروس » وغيره ، وقد علمت أنّه كاد يكون عند الاستاذ ممتنعاً ، وعلى
هذا يكون هذا القول قويّاً جدّاً ، لدلالة المعتبرة بالاولوية ، مع اعتضادها
بغيرها التّي فيها تسجد سجدتي السهو لكلّ زياة تدخل عليك أو نقصان ، لكنّ هذه
الأخبار معارضة بجملة من الصحاح المستفيضة وغيرها الواردة في نسيان ذكر الركوع
والجهر والإخفات وغيرها الظاهرة في عدم الوجوب ، لدلالتها على صحّة الصلاة مع ترك
الامور المذكورة من دون إشارة في شيء منها إلى وجوب السجدتين ، مع ورودها في مقام
الحاجة ، مع أنّ في الصحيح منها التصريح «بلا شيء عليه» الشامل لسجود السهو ،
وتخصيصها بما عداه من الإثم والإعادة بدلالة أخبار المسألة الّتي نحن فيها متّجه
ممكن ، لأنّها أظهر دلالة ، على أنّه يمكن أن نقول كما في «المهذّب البارع » في خبر الحلبي أنّ قوله عليهالسلام : «إذا لم تدر أربعاً صلّيت أم خمساً» كلام تامّ ،
وقوله عليهالسلام : «أو زدت أو نقصت» تقديره : أو حصل منك زيادة أو نقصان
ويكون هو المدّعي بعينه ، وأمّا العكس وهو تقييد هذه الأخبار بما إذا كان المشكوك
فيه ركعة فبعيد لما عرفت ، إلّا أن تقول : إنّه راجح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
للأصل المعتضد بالشهرة المحكية مع تصريح بعض الصحاح في نسيان السجدة بعدم
وجوب السجدتين فيها ويتمّ الباقي بعدم القائل بالفصل. قلت : قد علمت دعوى الإجماع
من جماعة على وجوبهما في نسيان السجدة. هذا إذا ذكرها بعد الركوع وأمّا إذا ذكرها
قبل الركوع فليس في الأخبار تصريح بعدم سجود السهو وإنّما سكت عن ذكره فيها ،
سلّمنا لكنّا نقول بعد تسليم دخول ما ذكر فيما نحن فيه أنّ المراد ما إذا وقع
السهو في خصوص الزيادة أو النقيصة لا أنّه سها فترك السجدة فقام عمداً فرجع قاصداً
تداركها ، فتأمّل جيّداً ، ويأتي إيضاح ذلك في مسألة القعود والقيام والذمّة لم
يعلم خروجها عن العهدة ، وقد سمعت ما في «الجواهر المضيئة وغاية المرام» من الشهرة في
الأوّل وظهور دعوى الإجماع في الثاني وعرفت القائلين بهذا القول ، فهو في غاية
القوّة ، وفي كلام أبي علي وكذا غيره ما يُفهم منه الميل إلى هذا القول ونحن ننقل
كلام الأصحاب في المقام فالحظه.
قال أبو علي
كما في «الذكرى» : تجبان لنسيان التشهّد الأوّل أو الثاني إذا كان قد تشهّد أوّلاً
وإلّا أعاد الصلاة ، وللشكّ بين الثلاث والأربع أو بين الأربع والخمس ، وإذا اختار
الاحتياط بركعة قائماً أو ركعتين جالساً أو لتكرير بعض أفعال الركعتين الأخيرتين
سهواً ، وللسلام سهواً إذا كان في مصلّاه فأتّم صلاته ، وللشكّ بين الاثنين
والثلاث والأربع بعد الاحتياط ، قال : وقال : وسجدتا السهو تنويان عن كلّ سهو في
الصلاة . وقد نقل عنه في «الدروس » أنّه قال : لو نسي القنوت قبل الركوع أو بعده قنت قبل
أن يسلّم في تشهّده وسجد سجدتي السهو ، انتهى. ففي مواضع من كلامه ما يوافق القول
بوجوبهما لكلّ زيادة أو نقيصة.
وقال الحسن بن
عيسى كما في «المختلف » : الذّي يجب فيه سجدتا السهو
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عند آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الكلام ساهياً خاطب المصلّي نفسه أو غيره والآخر دخول
الشكّ عليه في أربع ركعات أو خمس فما عداها ، انتهى.
وأوجبهما
مولانا ثقة الإسلام في «الكافي» على الذّي يسلّم ثمّ يتكلّم ، والّذي ينسى تشهّده
حتّى يركع ، والّذي لا يدري أربعاً صلّى أو خمساً ، والّذي يسهو فيتكلّم بكلام لا
ينبغي له مثل أمرٍ ونهي .
وعن أبي الحسن
عليّ بن الحسين أنّه قال : تجب سجدتا السهو في نسيان التشهّد ، وفي الشكّ بين
الثلاث والأربع إذا ذهب وهمه إلى الرابعة . ووافقه ولده في الأخير.
وقال في «الفقية
» : لا تجبان إلّا على من قعد في حال قيامه أو قام في حال قعوده أو ترك
التشهّد أو لم يدر زاد أو نقص. ومثله قال في «الأمالي » وأوجبهما أيضاً في «الفقية » بالكلام ساهياً.
وقال في «المقنع
» : اعلم أنّ السهو الذّي يجب فيه سجدتا السهو هو أنّك إذا أردت أن تقعد
قمت وإذا أردت أن تقوم قعدت. قال : وروي أنّه لا يجب عليك سجدتا السهو إلّا أن
سهوت في الركعتين الأخيرتين ، لأنّك إذا شككت في الاوليين أعدت الصلاة. قال : وروي
أنّ سجدتي السهو تجب على من ترك التشهّد ، كذا نقل عنه. والموجود في «المقنع»
الذّي عندي إيجابهما صريحاً في التكلّم ونسيان التشهّد وكأنّ نسخ المقنع كالمقنعة
مختلفة.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وعن الجعفي في «الذكرى
» أنّه قال : تجب للشكّ بين الأربع والخمس وهما النقرتان ، وتسمّى ركعتي
الاحتياط للشكّ بين الثلاث والأربع المرغمتين ، كذا وجدته في «الذكرى» ولعلّ هناك
سقطاً.
وفي «المقنعة » تجبان لفوات السجدة والتشهّد حتّى يركع والكلام
ناسياً. وفي «العزّية » * لو نسي التشهّد الأوّل وذكره بعد الركوع مضى في
صلاته ، فإذا سلّم في الرابعة سجد سجدتي السهو ، وإذا لم يدر أزاد سجدة أو نقص
سجدة أو زاد ركوعاً أو نقص ركوعاً ولم يتيقّن ذلك وكان شكّه فيه (الشكّ له فيه)
حاصلاً بعد مضيّ وقته وهو في الصلاة سجد سجدتي السهو. قال : وليس لسجدتي السهو
موضع في الشكّ في الصلاة إلّا في هذه المواضع الثلاثة والباقي بين مطرح أو متدارك
بالجبران أو فيه إعادة ، كذا نقل.
وأوجب علم
الهدى في «الجُمل» سجود السهو لنسيان السجدة والتشهّد ولم يذكر حتّى يركع وللكلام
ساهياً وللقعود في حالة القيام وبالعكس وفي الشكّ بين الأربع والخمس . وتبعه أبو جعفر محمّد بن عليّ الطوسي في «الوسيلة»
لكنّه زاد السهو عن سجدتين من الأخيرتين . وكذا نقل عن القاضي أنّه تبع علم الهدى لكنّه زاد التسليم. وفي «المعتبر»
عن علم الهدى في «المصباح» أنّه أوجبهما فيه للقيام موضع القعود وبالعكس .
__________________
(*) بالعين
المهملة والزاي المعجمة كذا وجدنا (بخطه قدسسره في نسخة الأصل).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «النهاية والمبسوط والشرائع والنافع والمعتبر والدروس والبيان » أنّهما تجبان لنسيان السجدة والتشهّد وللشكّ بين
الأربع والخمس وللسلام ناسياً في غير موضعه وللتكلّم ناسياً. وقال في «المبسوط » : إنّ في أصحابنا من قال : إنّ من قام في حال قعود أو
قعد في حال قيام فتلافاه كان عليه سجدتا السهو. وكذا نقل أنّهما تجبان لكلّ زيادة ونقيصة. ونحوه في «الخلاف ». وفرّع عليه في «المبسوط » وجوبهما بزيادة فرض أو نفل ونقصانهما فعلاً أو هيئةً ،
ثمّ قال : الأظهر في الروايات والمذهب الأوّل.
وفي «الخلاف » لا تجبان إلّا في أربعة مواضع : الكلام والسلام ناسياً
ونسيان السجدة الواحدة ولا يذكر حتّى يركع ونسيان التشهّد ولا يذكر حتّى يركع في
الثالثة. ومثله ما في «كشف الرموز ». أمّا ما عدا ذلك فكلّ سهو يلحق الإنسان فلا يجب عليه
سجدتا السهو فعلاً كان أو قولاً زيادةً كان أو نقصاناً متحقّقةً كانت أو متوهّمة
وعلى كلّ حال وقد سمعت ما نقلناه عنه في قضاء الصلاة على
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. وفي «الجُمل والعقود » ما في النهاية والمبسوط لكنّه أسقط التشهّد. ونقل
جماعة أنّه قال في «الاقتصاد» : كما في الجُمل والعقود.
وعن التقي
أنّهما تجبان للكلام والسلام والقعود في موضع القيام والعكس ونسيان السجدة والشكّ
في كمال الفرض وزيادة ركعة عليه واللحن في الصلاة نسياناً ، انتهى. قال في «المختلف » : هذا الأخير تفرّد به أبو الصلاح وهو جيّد ، لأنّه
زاد أو نقص.
وفي «المراسم » أنّهما تجبان للكلام ونسيان السجدة والتشهّد والقعود
في موضع القيام وبالعكس. وقال المصنّف والشهيدان وغيرهم : إنّ السلام ناسياً يدخل في الكلام ناسياً فيدخل على
هذا في كلام الديلمي وعلم الهدى والمفيد. وفي «الإيضاح والذخيرة » أنّ في دخوله فيه تأمّلاً.
وفي «إشارة
السبق » عين ما في «الغنية» وقد سمعت ما فيها كما سمعت ما في «السرائر » وقد عرفت أنّه في «المعتبر» اختار إيجابهما في نسيان
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
التشهّد والسجدة والكلام والسلام والشكّ بين الأربع والخمس. وقد حكى فيه
القيام والقعود وردّه برواية سماعة ، وحكى الزيادة والنقصان والمتمسّك من الجانبين
، ولم يرجّح شيئاً. قال في «الذكرى » : وابن عمّه في الجامع قال بمقالته ، والفاضل اختار
ذلك وأضاف القيام والقعود في غير موضعهما ، والزيادة والنقصان معلومة كانت أو
مشكوكة. وقال في «الذكرى » : إنّه أعدل الأقوال. قلت : قد عرفت الكتب الّتي اختار
فيها الفاضل ذلك وعرفت الموافق له ، وينبغي تقييد القعود بعدم صلاحيّته لجلسة
الاستراحة.
وفي «الهلالية»
عدّ عشرة مواضع يجب فيه سجود السهو ، وذكر في «السهوية» ذلك العدد أو أزيد. وفي «الموجز
الحاوي » أنّهما تجبان لكلّ سهو وإن تدارك فيها أو بعدها لا
بالشكّ فيه بعد التسليم. وعبارة «الإرشاد » قد تعطي وجوبهما مع غلبة الظنّ والسهو في السهو وغير
ذلك ممّا لا يقول به أحد فيجب تخصيصها كما صنع الشارحون والمحشّون.
وقد عرفت أنّ
الصدوق وعلم الهدى وأبا يعلى وأبا الصلاح وأبا القاسم القاضي وأبا جعفر ابن حمزة
وأبا المكارم وأبا عبد الله محمّد بن إدريس والمصنّف وأكثر من تأخّر ذهبوا إلى
وجوبهما فيما إذا قام في موضع قعود أو قعد في موضع قيام ، وخالف في ذلك القديمان
والشيخان وثقة الإسلام وعليّ بن بابويه وابنا سعيد وجماعة من متأخّري المتأخّرين
كصاحب «المجمع والذخيرة والرياض» حجّة الأوّلين بعد إجماع «الغنية والأمالي» على
ما فهمه جماعة خبر معاوية بن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عمّار الصحيح على الصحيح ، ولا يضرّه الإضمار ، وموثّقة عمّار
، ولا يضرّها ما تضمّنته من الأحكام الاخر الغير المعمول بها ، ونحوها .
قال النافون :
هذان معارضان بالأخبار الكثيرة المتضافرة وفيها الصحيح والموثّق الدالّة على أنّ
مَن ترك سجدةً أو تشهّداً وقام فذكر الترك أنّه يرجع فيتدارك من دون إشارة إلى
سجود السهو.
وقد أجاب
الاستاذ فقال بعد تسليم ما ذكر في المقام : إنّ المراد ما إذا وقع السهو في خصوص
القيام موضع القعود وكذا العكس لا أنّه سها فترك السجود أو التشهّد فقام عمداً أو
أنّه سها فاعتقد أنّها الركعة الثانية فقعد عمداً للتشهّد فتذكّر أنّها الاولى أو
الثالثة ، وذلك بخلاف ما إذا غفل وسها فقام في الركعة الثانية في موضع قعود
التشهّد أو قعد كذلك بعد الركعة الاولى أو الثالثة ، فتأمّل جدّاً في الفرق وعدمه
والتبادر من الأخبار وعدمه وكذا من القائلين فتدبّر انتهى كلامه.
ونحن نقول :
إنّا نخصّص هذه الأخبار الكثيرة بأخبار المسألة إلّا أن تقول يمكن حمل أخبار
المسألة على التقيّة لموافقتها لمذهب الكوفي والشافعي ، على أنّها معارضة بمثلها
من المعتبرة وهي أولى بالترجيح للأصل ومخالفة العامّة وموافقة ظواهر تلك الأخبار
المستفيضة. وفيه : أنّ أخبار المسألة معتضدة بالإجماعات ، وأدلّة المسألة وجوبهما
لكلّ زيادة ونقيصة ، والمعارض لها صريحاً هو خبر (صحيح خ ل) أبي بصير وهو قابل للتأويل كما ذكره الشيخ وإن بعُد ، وموثّق عمّار ، وفيه أنّه على إطلاقه متروك الظاهر ، لأنّه تضمّن
نسيان الركوع ، ومثل ذلك يقال في مقام التعارض.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقد يقال : إنّ
الخبرين المعارضين وظواهر المستفيضة معتضدة بظواهر الأخبار الاخر الواردة فيمن نقص
ركعة أو ما زاد سهواً. ويجاب بأنّ ظواهرها مخصوصة بهذه كأخواتها. هذا كلّه مضافاً
إلى ما ذكره الاستاذ دام ظلّه من الفرق ، فقد قوّى القول بالوجوب بل كاد يكون هو
الأصحّ.
وأمّا الشكّ
بين الأربع والخمس فالمستفاد من الأخبار أنّ الشكّ إذا وقع بعد إكمال السجدتين *
يكون الحكم فيه وجوب السجدتين من دون حاجة إلى تدارك آخر وذلك لأنّ قوله عليهالسلام «صلّيت» فعل ماضٍ والركعة اسم لمجموع الأجزاء وظاهرة فيه ومن الأجزاء
السجدتان بتمامها ويشهد على ذلك قوله عليهالسلام «فتشهّد وسلّم » وقوله عليهالسلام «فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك » إذ الأوّل في غاية الظهور في كون الشكّ بعد رفع الرأس
من السجدة الأخيرة إذ لو كان قبله لما كان للأمر بخصوص التشهّد من دون تعرّض لغيره
وجه ولكان اللازم الأمر بما بقي لا بعض ما بقي.
وأمّا الشكّ
قبل إكمال السجدتين فلم يظهر حكمه من الأخبار خصوصاً إذا وقع الشكّ في الركوع أو
ما بين الركوع والسجود أو في السجدة الاولى أو فيما بين السجدتين وأبعد من الكلّ
الشكّ قبل الركوع ، لأنّه يجب فيه هدم الركعة مطلقاً وإتمام الصلاة والاحتياط
بركعتين من جلوس لرجوعه إلى الشكّ بين الثلاث والأربع وليس فيه سجود سهو. نعم إن
قلنا بوجوبه للقيام موضع القعود وبالعكس اتّجه لكنّه ليس من جهة الشكّ بين الأربع
والخمس. وما عدا هذه الصورة يشكل الحكم بصحّة الصلاة فيها مطلقاً سيّما ما إذا كان
الشكّ قبل السجدتين فقد حكم المصنّف في «التذكرة
__________________
(*) وهو يتمّ
بتمام ذكر الثانية وإن لم يرفع رأسه (منه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتحرير » والكتاب على ما يأتي إن شاء الله تعالى ببطلان الصلاة لتردّده
بين محذورين الإكمال المعرّض للزيادة والهدم المعرّض للنقيصة. وفي «الذكرى » احتمال البطلان فيما إذا وقع بين السجدتين لعدم
الإكمال وتجويز الزيادة ، وهو جارٍ في باقي الصوَر ، ومع الإشكال في الصحّة كيف
يمكن الحكم بوجوب السجدة فإنّه فرعها.
وفي «المدارك » أنّ الشكّ بين السجدتين حكمه حكم الشكّ بعد السجدتين.
وفيه : أنّ الركعة لم تتمّ فلا يظهر حكمه من الأخبار ، وأصالة عدم الزيادة لا تجري
هنا ، ولو جرى لكان الحقّ مع العامّة في البناء على الأقلّ ولما كان لوجوب سجدتي
السهو وجه ، وجعل بعض الركعة حقيقة في أكثر أجزاء الركعة غير مسلّم. نعم يصدق
عليها اسم الركعة لكنّه مجاز قطعاً ، سلّمنا عدم ثبوت المجاز لكنّ الشأن في إثبات
الحقيقة.
وقوّى في «المدارك»
الحكم بالصحّة فيما إذا وقع الشكّ بين الركوع والسجود ، لأنّ تجويز الزيادة لا ينفي
ما هو ثابت بالأصالة ، إذ الأصل عدم الزيادة ، ولأن تجويز الزيادة لو منع لأثّر في
جميع الصوَر ، قال : ومتى قلنا بالصحّة وجب السجدتان تمسّكاً بالإطلاق . وفيه : أنّه لو جرى الأصل في المقام لكان هو المعيار
ولم يكن الحكم المذكور من خصائص الشكّ بين الأربع والخمس كما هو الظاهر من النصوص
والفتاوى ولذلك لم يجروا ذلك في الشكّ بين الثنتين والخمس والسبع والثلاث إلى غير
ذلك ممّا لا يحصى. وفي «المختلف » نسب القول بأنّ ما زاد على الخمس حكمه حكم الخمس إلى
خصوص الحسن بن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عيسى وجعله محتملاً ، واحتمل وجوب الإعادة ، لأنّ حمله على الخمس قياس.
ثمّ إنّ أصل
العدم لو جرى لبطل ما قالوه من الهدم فيما إذا شكّ قبل الركوع لعدم النصّ والإجماع
في الإرسال وإبطال ما هو الصحيح وغير زائد بمقتضى هذا الأصل. وقوله : «لأثّر في
جميع الصوَر» ففيه : أنّ الفقهاء إنّما استندوا إلى النصوص ولم يعتبروا أصل العدم
سوى نادر منهم وما ذكره من وجوب السجدتين تمسّكاً بالإطلاق. ففيه : أنّه لو تمّ
لجرى فيما إذا شكّ قبل الركوع وهو لا يقول به. وقد أطال الاستاذ أدام الله تعالى حراسته في مناقشته. هذا وقد حكي عن الصدوق أنّه أوجب في الشكّ بين الأربع والخمس
الاحتياط بركعتين جالساً وأوّل كلامه بالشكّ قبل الركوع ، والّذي يظهر من «الفقيه » أنّ هذا الحكم منه في صورة العلم بزيادة الركعة والشكّ
في أنّه جلس عقيب الرابعة أم لا. وحكى عن «المنتهى» أنّه حكى عن الخلاف البطلان في صورة الشكّ
بين الأربع والخمس. وفي «المقاصد العلية » الإجماع على الصحّة على خلافه فيما إذا كان الشكّ بعد
السجود.
واعلم أنّ للشك
بين الأربع والخمس صوَراً ثلاث عشرة ، لأنّ الشكّ إمّا أن يكون بعد رفع الرأس من
السجدتين أو قبله بعد إتمام الذكر في السجدة الثانية أو بعد السجدة الثانية قبل
تمام ذكرها أو بين السجدتين أو قبل الرفع من السجدة الاولى بعد تمام ذكرها أو قبل
تمام ذكرها أو بعد الرفع من الركوع أو بعد الانحناء قبل الرفع بعد تمام الذكر أو
قبله وقبل الركوع بعد القراءة أو في أثنائها أو قبل
__________________
(المطلب الثالث) فيما
لا حكم له :
______________________________________________________
القراءة بعد استكمال القيام أو قبل استكماله ، هذا تمام الثلاث عشرة ، واذا
تعلّق الشكّ بالسادسة يتشعّب إلى خمس عشرة صورة أربع ثنائية وستّ ثلاثية وأربع
رباعية وواحدة خماسية ، وصوَر تعلّق الشكّ بالثانية والثالثة والرابعة والخامسة
إحدى عشرة ، فالمجموع ستّ وعشرون. والاحتمالات الثلاثة عشر المذكورة تجري في كلّ
واحدةٍ منها فيصير المجموع ثلاثمائة وثماني وثلاثين.
وقد خرجنا في
المقام عن وضع الكتاب حرصاً على بيان الصواب فاستتبع ذلك التطويل ، والحديث ذو
شجون كما قيل.
[في ما لا حكم له]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (المطلب
الثالث : فيما لا حكم له)
أي لا في أثناء
الصلاة ولا بعدها وليس له صلاة احتياط ولا سجود سهو ، وهذا بناءً على المشهور من
اختصاص سجود السهو بمواضع مخصوصة وإلّا فقد مرَّ أنّ الأقوى عند المصنّف وجوبهما لكلّ زيادة ونقيصة غير
مبطلتين ، فتجب في هذه المواضع المذكورة ، وقد حكم في «التذكرة » في بعض هذه المواضع بوجوب سجود السهو وفي بعضها قال
فيه قولان. ولم يذكر في «المبسوط والنهاية والجُمل والعقود» أكثر هذه المواضع فيما
لا حكم له وإنّما اقتصر على ذكر بعضها كما سنذكره. وفي «الغنية والسرائر وإشارة السبق » لم تذكر هذه المواضع في صورة السهو وإنّما ذكر أكثرها
في صورة الشكّ ، وقد سلف لنا في مبحث القراءة وطمأنينة الرفع من الركوع والسجود
ما له نفعٌ تامّ في المقام.
__________________
من نسي القراءة
حتّى يركع أو الجهر والإخفات
______________________________________________________
قوله : (مَن نسي القراءة حتّى
يركع) هذا ممّا لا خلاف في أنّه لا يجب معه التدارك كما في «المدارك
والذخيرة والرياض » لكنّه في الأخير استثنى ابن حمزة ، وقد بيّنا في بحث
القراءة أنّه نقل عنه في «التنقيح» أنّه قال : إنّ القراءة ركن
، وإنّا لم نجد لذلك ذكراً في «الوسيلة» قال فيها في المقام : مَن ترك القراءة وذكر بعد الركوع علي قول
من قال إنّها غير ركن ومن قال إنّها ركن فهو يوجب الإعادة. قلت : وهذا قول تقدّم
نقله وبيان حاله وانّ في «الخلاف» الإجماع على خلافه كما ستسمع . وفي «المدارك » أيضاً الإجماع على عدم التدارك ، وقد سلف أنّ هذا القول نادر ، وقد مال إليه صاحبا «كشف اللثام
والحدائق».
والمراد بقوله «حتّى
يركع» أنّه بلغ حدّ الركوع وإن لم يذكر كما صرّح به الكركي والميسي.
قوله : (أو الجهر والإخفات)
وهذا أيضاً لا
خلاف فيه كما في الكتب السالفة بل في «المدارك » أيضاً الإجماع عليه ، غير أنّ قضية عطفهما على ناسي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
القراءة أنّه لو ذكر قبل الركوع رجع إليهما ، والّذي في «التذكرة ونهاية الإحكام والبيان والهلالية وتعليق الإرشاد والميسية والمقاصد العلية والمجمع والمدارك والذخيرة والكفاية والشافية» أنّه لا يرجع إليهما إذا ذكرهما بعد الفراغ
وقبل الركوع. وفي «الروض » أنّه حسن ، وقوّاه صاحب «الجعفرية » وشارحاها ، بل قال جملة من هؤلاء : إنه لا يرجع إليهما في الأثناء أيضاً ،
واستدلّ عليه جماعة بخبر زرارة . وقال في «المقاصد » : يلزم من الرواية أن لا يجوز العود فلا مجال للاحتياط
بالإعادة. وفي «جامع المقاصد» قيل : الجهر
__________________
أو قراءة الحمد أو السورة حتّى يركع ، أو الذكر في الركوع حتّى ينتصب
______________________________________________________
والإخفات لا يتدارك بمجرّد الانتقال عن الكلمة وليس بشيء ، بل الظاهر أنّه
متى يتدارك القراءة يتدارك الجهر والإخفات كما هو ظاهر كلامه حيث قال : حتّى يركع
، انتهى وهذا غير ما نحن فيه.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
قراءة الحمد أو السورة حتّى يركع)
نقل في «المدارك
» الإجماع على عدم التدارك تارةً ونفي الخلاف عنه اخرى. وفي «الذخيرة والرياض » أيضاً نفي الخلاف. وفي «الخلاف » الإجماع على عدم التدارك فيمن نسي الحمد. وفي «الذكرى » أنّه يفوح من البشرى ارتضاء مفهوم رواية الحلبي فيكون مخالفاً في جميع هذه المواضع.
قوله : (أو الذكر في الركوع
حتّى ينتصب) لا خلاف في أنّه لا يجب عليه التدارك كما في «المدارك والذخيرة والرياض » وقد ذكر ذلك في «المبسوط والجُمل والعقود ». والمراد بالانتصاب الخروج عن الركوع وإن لم يتمّ
انتصابه.
__________________
أو الطمأنينة فيه كذلك أو الرفع أو الطمأنينة فيه حتّى يسجد أو ذكر السجود
أو بعض الأعضاء أو الطمأنينة حتّى يرفع ،
______________________________________________________
قوله : (أو الطمأنينة فيه
كذلك أو الرفع أو الطمأنينة فيه حتّي يسجد)
بلا خلاف كما
في الكتب المتقدّمة إلّا من الشيخ في الطمأنينة كما تقدّم بيانه ، وقد قال الاستاذ دام ظلّه : إنّ الأحوط مراعاة مذهب الشيخ ، ولم يتعرّض
لهذا كلّه في «الوسيلة».
قوله : (أو الذكر في السجود)
هذا ذكره في «المبسوط
والجُمل والعقود » ولا خلاف فيه كما في «الرياض ».
قوله : (أو بعض الأعضاء أو
الطمأنينة حتّى يرفع) لا خلاف في عدم وجوب التدارك في ذلك كما في «الذخيرة والرياض » سوى الجبهة فإنّها قد استثنيت من الأعضاء في «البيان والهلالية والميسية وتعليق النافع والمسالك والمدارك والذخيرة والرياض » فإنّ نسيانها في السجدتين معاً يوجب فوات
__________________
أو إكمال الرفع ،
______________________________________________________
الركن ، وفي الواحدة يقتضي فواتها فيجب تداركها. ولم يستثنها المصنّف وغيره
اعتماداً على ما سلف مع وضوح الأمر. وفي «النهاية» من لم يمكّن جبهته في
حال السجود من الأرض متعمّداً فلا صلاة له ، فإن كان ذلك ناسياً لم يكن عليه شيء
، انتهى فتأمّل.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
إكمال الرفع) هذه العبارة أجود من عبارة «الشرائع والنافع والتحرير » وغيرها حيث قيل فيها : أو رفع رأسه من السجود حتّى سجد ثانياً ،
فإنّ نسيان الرفع بين السجدتين يشكل تحقّقه مع الإتيان بالسجدتين. واحتمل في «المسالك
» أنّ التثنية تتميّز بالنيّة كما أنه لو سجد بنيّة الاولى ثمّ توهّم الرفع
والعود أو ذهل عن ذلك بحيث توهّم كونه قد سجد ثانياً وذكر نيّة الثانية أو لم يذكر
، ثمّ رفع رأسه ، فيكون حينئذٍ قد سجد سجدتين وإنمّا نسي الرفع بينهما فلا يتدارك
، إذ لا يتحقّق إلّا بزيادة سجدة ، وقد يشكل ذلك باتحاد السجود هنا بحسب الصورة.
ونحوه ما في «المقاصد العلية » حيث احتمل الفرق بالنيّة وقال : إن لم يخطر بباله
الثانية فالمنسي السجدة الثانية فيرجع إليها أو إلى الجلوس إن لم يكن فعله مطمئناً
ما لم يركع. وقد قطع المحقّق الثاني في «شرح
__________________
أو طمأنينته حتّى يسجد ثانياً أو ذكر الثاني أو أحد الأعضاء أو طمأنينته
حتّى يرفع أو شكّ في شيءٍ بعد الانتقال عنه أو سها في سهو ،
______________________________________________________
الألفية » بالعود إلى السجدة الثانية في الحالين بناءً على عدم
التثنية بذلك. وفي «المدارك » أنّ ما في المسالك بعيد جدّاً.
قوله : (أو ذكر)
السجود (الثاني أو أحد
الأعضاء أو طمأنينته حتّى يرفع)
الأمر في ذلك
واضح كما في نظائره ويبقى الكلام في المحلّ وتجاوزه فإنّه في هذه المقامات مختلف
فتذكر ما سلف في بيانه.
وليعلم ، أنّ
هذه المسائل قد ذكرت في «الشرائع» وما تأخّر عنها إلّا ما قلّ ، وأمّا كتب
المتقدّمين فقد سمعت ما نقلناه عنها ، لكنّها قد تستفاد من مفاهيم كلامهم ومطاويه.
[السهو في السهو]
قوله قدّس الله
تعالي روحه : (أو
سها في سهو) لا حكم لمن سها في سهو كما في «كافي » ثقة الإسلام و «الفقية والمقنع والنهاية والمبسوط والجُمل والعقود والمراسم والوسيلة والسرائر » وسائر ما تأخّر عنها كما
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ستعرف المراد وفي ظاهر «المعتبر » نسبته إلي الأصحاب. وفي «الرياض » أنّه لا خلاف فيه. وفي «الغنية» لا حكم للسهو في جبران
السهو بدليل الإجماع ، انتهى .
وقد اختلفوا في
بيان المراد من هذه الكلمة في الخبر وكلام الأصحاب ، ففي «المنتهى» معنى قول الفقهاء لا سهو
في السهو أنّه لا حكم للسهو في الاحتياط الذّي أوجبه السهو كمن شكّ بين الاثنتين
والأربع فإنّه يصلّي ركعتين احتياطاً ، فلو سها فيهما فلم يدر صلّى واحدة أو
اثنتين لم يلتفت إلى ذلك وقيل معناه إنّ من سها فلم يدرسها أم لا لا يعتدّ به ،
وقال : والأوّل أقرب . ويظهر من «الغريّة والنجيبية» وغيرهما اختيار ذلك.
وقال صاحب «التنقيح»
: له تفسيران : الأوّل : أنّ الشكّ فيما يوجبه الشكّ كالاحتياط وسجود السهو ،
الثاني : أن يشكّ هل شكّ أم لا؟ وكلاهما لا حكم له ، ويبني في الأوّل على الأكثر
لأنّه فرضه . وفي «الرياض» ظاهر سياق النصّ والعبارات كون المراد من
السهو في المقامين هو الشكّ ، انتهى . قلت : لأنّه ذكر معه في البعض والعبارات أن ، «لا سهو
على الإمام ولا على المأموم» والظاهر أنّ المراد بالسهو فيهما هو الشكّ ، بل ستعرف
إن شاء الله تعالى أن لا خلاف في ذلك.
وفي «التحرير»
لا حكم للسهو في السهو أي في موجبه ، وقيل : في وقوعه .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الألفية والهلالية والجعفرية وإرشاد الجعفرية والجواهر المضيئة» لا حكم للسهو في السهو ولا في وقوعه.
وفي «الرسالة السهوية» السهو في السهو أن يسهو فيقول : لا أدري أسهوت أم لا ، أو
يسهو فيما يوجبه السهو كما لو شكّ هل أتى بسجدة من سجدتي السهو أم لا أو بهما
فإنّه يبني على أنّه قد أتى بما شكّ فيه ، وكذا لو شكّ في شيءٍ من أفعالها نصّ
عليه الشهيد. قلت : في «البيان» أنّه قال : لا حكم لمن قال لا أدري سهوت أم لا أو
سها عن ذكر سجدتي السهو أو ذكر صلاة الاحتياط ، قال : وهو أحد معاني السهو في
السهو ، ثمّ إنّه في آخر البحث ذكر أنّه لا حكم للشكّ في الاحتياط أو المرغمتين ..
إلى آخر كلامه .
وفي «الموجز
الحاوي » السهو في السهو كشكّه في حصوله وكشكّه في عدد سجدتي
السهو وأفعالها فهو عين ما في «السهوية». وفي «كشف الالتباس» فسّر بأمرين : أن
يسهو عن السهو فيقول : لا أدري هل سهوت أم لا ، وهو معنى قول المصنّف : كشكّه في
حصوله. وأن يسهو في موجب السهو كما لو شكّ هل أتى بسجدة من سجدتي السهو أو أتى
بهما ، وهو معنى قول المصنّف : وكشكّه في عدد سجدتي السهو ، انتهى .
وفي «إشارة السبق»
لا حكم لما حصل في جبران السهو ، قلت : وقد سمعت عبارة «الغنية ». وفي «غاية المرام» معنى السهو في السهو مَن شكّ في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
سجدتي السهو أو سها عن بعض أفعالها . وفي «الدرّة» هو مَن شكّ هل حصل منه سهو أم لا ،
والسهو في موجب السهو كأن سها عن ذكر سجدتي السهو مثلاً ومنهم مَن عداه إلى صلاة
الاحتياط.
وفي «كشف الرموز»
معناه ليس على مَن شكّ في شيء مسهوّ عنه شيء ، مثاله مَن سها عن سجدة في الثالثة
أو الرابعة وذكر بعد الانتقال فلمّا سلّم شكّ في أنّه سها في شيء أم لا ، فإذا
كان كذلك فلا شيء عليه ولو ذكر بعد زمان تقضّي السجدة ، وقيل : هو السهو في صلاة
الاحتياط وليس بشيء ، انتهى كلامه فتأمّل فيه.
وفي «فوائد
الشرائع وتعليق الإرشاد » قد فسّر بتفسيرين : أحدهما أنّ المراد بالسهو في السهو
عروض السهو أو الشكّ فيما أوجبه واحد منها كسجدتي السهو أو صلاة الاحتياط ، فيكون
لفظ السهو مستعملاً في معناه وفي الشكّ كما نبّه عليه في «الدروس» وكذا لفظ السهو
الثاني إلّا أنّ المراد به ما وجب بهما مجازاً. ثمّ قال : التفسير الثاني هو أنّ
المراد بالسهو عروض الشكّ في وقوع السهو أو الشكّ ، فيراد بالسهو الأوّل الشك
وبالثاني السهو. وقال : هذا صحيح في نفسه ولكن التفسير الأوّل ألصق بالمقام.
وفي «الدروس » لا حكم للسهو في السهو كالشكّ في عدد سجدتي السهو أو
بعض أفعالهما إلي أن قال : أمّا الشكّ في عدد الاحتياط أو أفعالها فظاهر المذهب
عدم الالتفات. وفي «الروضة» أبقى السهو الأوّل في عبارة اللمعة على معناه ، وحمل
السهو الثاني على ما يشمل الشكّ بتقدير موجبه ، وذلك لأنّه قال : أي في موجبه من
صلاة وسجود كنسيان ذكر أو قراءة فإنّه لا سجود عليه ، نعم لو كان
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ممّا يتلافا تلافاه من دون سجود .
وفي «المدارك والذخيرة والمصابيح » ذكر المتأخّرون أنّه يمكن أن يراد بالسهو في الموضعين
معناه المتعارف وهو نسيان بعض الأفعال أو الشكّ فيحصل من ذلك أربع صوَر : وهي
السهو في السهو ، والشكّ في الشكّ ، والسهو في الشكّ ، والشكّ في السهو. وفي «الرياض
وأربعين » مولانا العلّامة المجلسي أنّه على التقادير يحتمل
اللفظ الثاني من اللفظين الموجب بالكسر يعني نفسه والموجب بالفتح فالصوَر ثمان.
وفي «الرياض» أنّ ظاهر جملة من المتأخّرين إمكان إرادتها من النصّ أجمع وهو مشكل
لمخالفته لمقتضى الأصل في جملة منها والخروج عنه بمثل هذا النصّ المجمل مشكل ، ونحوه ما في «الأربعين » ونحوهما ما في «الروضة ومجمع البرهان والذخيرة » وغيرها حيث استشكلوا في جملة من ذلك.
وفي «الدروس » وغيرها أنّ مأخذ هذه التفسيرات استعمال السهو في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
معناه وفي الشكّ ، ونحن نذكر الأقسام الممكنة جميعها وما ذكره المتأخّرون
فيها ، فنقول :
الأوّل
: السهو في نفس
السهو ، ومثاله أن يترك السجدة الواحدة أو التشهّد سهواً ويذكر بعد القيام فقد كان
الواجب عليه العود فنسي العود والسهو ، وحكمه أنّه إن ذكر ذلك قبل الركوع أتى به ،
وإن ذكر بعد الركوع رجع إلى نسيان الفعل والذكر بعد الركوع فيجب تداركه بعد الصلاة
مع سجدتي السهو كما هو المشهور ، ولو كان السهو عن السجدتين معاً وذكرهما في
القيام ولم يأت بهما سهواً وذكرهما بعد الركوع بطلت صلاته ، فظهر أنّه لا يترتّب
على السهو حكم جديد. ولعلّه لذلك أعرض الأصحاب عن التعرّض لهذه الصورة ما عدا
مولانا العلّامة المجلسي . وكذا لو نسي ما يجب تداركه بعد الصلاة أو سجود السهو
فإنّه يجب الإتيان بهما بعد الذكر ، إذ ليس لهما وقت معيّن إلّا ما لعلّه يلوح من «كشف
الرموز» وقد سمعت عبارته فتأمّل فيها. ومع عروض المبطل فقد قال جماعة بوجوب الإتيان بهما. والحاصل : أنّه لم يحصل في هذه
الصورة بعد السهو حكم لم يكن قبله.
الثاني
: السهو في موجب
السهو بالفتح ، فقد قال الشهيدان في جملةٍ من كتبهما وأبو العباس والمحقّق الثاني وصاحب «الدرّة والسهوية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والذخيرة » وغيرهم أنّه لا حكم للسهو في سجدتي السهو عن ذكرٍ أو طمأنينةٍ
أو غيرهما ممّا يتلافى إن قلنا بوجوب السجود في الصلاة فإنّه لا يوجب هنا. وفي
«الدروس والمسالك والمقاصد العلية والمدارك » وغيرها أنّ مثله ما لو سها عن بعض واجبات السجدة المنسية. وفي «الذخيرة
والمصابيح » أنّه لو سها في سجدة السهو عمّا يوجب القضاء فالظاهر
على هذا الحمل سقوطه. وفي «الروضة» لو كان المسهوّ عنه في هذا الحمل ممّا يتلافى
تلافاه من دون سجود . وقال مولانا العلّامة المجلسي : معنى السهو في موجب
السهو ترك الإتيان بما أوجبه من الإتيان بالفعل المتروك أو سجود السهو ثمّ ذكرهما
فيجب الإتيان بهما ، أو سها في فعلٍ من أفعال الفعل الذّي يجب تداركه أو في فعلٍ
من أفعال سجدتي السهو يجب الإتيان به في محلّه والقضاء بعده ولا يجب عليه بذلك
سجدتا السهو ، كذا ذكره الأصحاب .
وتنقيح المسألة
أن يقال : إنّ هنا أربع صوَر :
الاولى : أن
يسهو في فعلٍ كالسجدة ثمّ ذكرها قبل الركوع فعاد إليها وبعد العود
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
سها في ذكر تلك السجدة أو الطمأنينة فيها أو شيءٍ من أفعالها ، فيمكن أن
يقال : يجري فيه جميع أحكام سجدة الصلاة من عدم وجوب التدارك بعد رفع الرأس ووجوب
سجدة السهو إن قلنا بها لكلّ زيادة ونقيصة ، إذ العود إليها والإتيان بها ليس من
مقتضيات السهو ، بل لأنّها من أفعال الصلاة ويجب بالأمر الأوّل الإتيان بها ،
ويمكن القول بأنّه ليس ممّا يقتضيه الأمر الأوّل ، إذ مقتضى الأمر الأوّل الإتيان
بها في محلّها وقبل الشروع في فعلٍ آخر كما هو المعلوم من ترتيب أجزاء الصلاة
وهيئاتها ، وأمّا الإتيان بهما بعد التلبّس بفعلٍ آخر فهو إنّما يظهر من أحكام
السهو ، والحقّ أنّ ذلك لا يؤثّر في خروجها عن كونها من أفعال الصلاة الواقعة فيها
، فيجري فيها أحكام السهو الواقع في أفعال الصلاة.
الثانية : أن
يسهو في فعلٍ من أفعال الفعل الذي يقضيه خارج الصلاة كالسجود والتشهّد ، فيمكن
القول بأنّه يجري فيه أحكام الفعل الواقع في الصلاة ، إذ ليس إلّا هذا الفعل
المتروك فيجري فيه أحكامه ، بل لم يرد في النصوص الذكر وسائر أحكام السجود المنسي
بخصوصها وإنّما أجراها الأصحاب لذلك ، فلو ترك الذكر فيه سهواً وذكر بعد رفع الرأس
فالظاهر أنّه لا يلتفت إليه. وهل يجب له سجود السهو؟ يحتمل ذلك ، لأنّه من مقتضيات
أصل الفعل وأحكامه ، بل قد يدعى عدم الفرق فيما إذا وقع في أثناء الصلاة أو بعدها
، إذ هما من أفعال الصلاة والترتيب المقرّر فات فيهما ، ولم يجب شيء منهما بالأمر
الأوّل وإنمّا وجب بأمرٍ جديد ، فمن حكم بلزوم سجود السهو لترك الذكر مثلاً فيه
إذا وقع في الصلاة يلزمه أن يحكم به هنا أيضاً ، والأظهر عدم الوجوب ، إذ الدلائل
الدالّة على وجوب سجود السهو إنّما تدلّ على وجوبه للأفعال الواقعة في الصلاة ولا
يشمل الأجزاء المقضية بعدها ، وقد يحتمل احتمالاً ضعيفاً وجوب إعادة السجود للعلم
بالبراءة. هذا كلّه في السجود ، وأمّا التشهّد فالظاهر وجوب الإتيان بالجزء
المتروك نسياناً ، للأمر بقضاء التشهّد وليس له وقت يفوت بتركه ، لكنّ الظاهر عدم
وجوب سجود السهو له كما عرفت.
.................................................................................................
______________________________________________________
الثالثة : أن
يقع منه سهو في الركعات المنسية كما اذا سلّم في الركعتين في الرباعية ثمّ ذكر ذلك
قبل عروض مبطل فيجب عليه الإتيان بالركعتين ، فاذا سها فيهما عن سجودٍ مثلاً
فالظاهر وجوب التدارك وسجود السهو إن وجب لأنّهما من ركعات الصلاة وقعتا في
محلّهما ، وإنّما وجبتا بالأمر الأوّل وليست من أحكام السهو والشكّ ، فتجري فيهما
جميع أحكام ركعات الصلاة ، وكذا إذا سها فيهما عن ركنٍ أو زاد ركناً تبطل الصلاة
بهما ، ولعلّه لم يخالف في ذلك أحد.
الرابعة : أن
يقع منه سهو في أفعال سجود السهو ، فذهب جماعة إلى أنّه إن زاد فيهما ركناً أو ترك
ركناً يجب عليه إعادتهما ، أمّا ترك الركن فقد عرفت أنّه لا يتأتى إلّا بترك
السجدتين معاً وتنمحي فيه صورة الفعل رأساً ، فالظاهر وجوب الإعادة ، وأمّا مع
الزيادة كما إذا سجد أربع سجدات ففيه إشكال وأنّ الأحوط الإعادة ولو كان المتروك
غير ركن كالسجدة الواحدة ، فذهب جماعة إلى وجوب التدارك بعدهما وفيه إشكال ، لعدم
شمول النصّ الوارد في تدارك ما فات لغير أفعال الصلاة وإن كان الأحوط ذلك ، وأمّا
وجوب سجود السهو فلم يقل به أحد وكذا لم يقل أحد بوجوب إعادتهما لذلك.
الثالث
: الشكّ في موجب
الشكّ بالكسر ، أي يشكّ في أنّه هل شكّ أم لا ، فقد ذهب الأصحاب كما ذكره مولانا
المجلسي إلى أنّه لا يلتفت إليه ، قال : والتحقيق أنّه إن كان الشكّان في زمانٍ
واحد وكان محلّ الفعل المشكوك فيه باقياً ولا يترجّح في هذا الوقت الفعل والترك هو
شاكّ في أصل الفعل ولم يتجاوز محلّه فمقتضى عمومات الأدلّة وجوب الإتيان بالفعل ،
ولا يظهر من النصوص استثناء ذلك ، ويشكل تخصيص العمومات ببعض المحامل البعيدة
لقوله عليهالسلام : «لا سهو على سهو» ولو ترجّح عنده أحد طرفي الفعل
والترك فهو جازم بالظنّ غير شاكّ في الشكّ ، ولو كان بعد تجاوز المحلّ فلا عبرة به
، ولو كان الشكّان في زمانين ولعلّ هذا هو المعنى الصحيح لتلك العبارة بأن شكّ في
هذا الوقت في أنّه هل شكّ سابقاً أم لا ، فلا يخلو إمّا أن يكون شاكّاً في هذا
الوقت أيضاً ومحلّ التدارك
.................................................................................................
______________________________________________________
باقياً (باقٍ خ ل) فيأتي به ، أو تجاوز عنه فلا يلتفت إليه ، أو لم يبق شكّه
بل إمّا جازم أو ظانّ بالفعل أو الترك فيأتي بحكمها. ولو تيقّن بعد تجاوز المحلّ
حصول الشكّ قبل تجاوز محلّه ولم يعمل بمقتضاه ، فلو كان عمداً بطلت صلاته ، ولو
كان سهواً يرجع إلى السهو في الشكّ وسيأتي حكمه. ولو تيقّن الشكّ وأهمل حتّى تجاوز
محلّه عمداً بطلت صلاته ولو كان سهواً يعمل بحكم السهو ، ولو تيقّن الفعل وكان
تأخير المشكوك فيه إلى حصول اليقين عمداً بطلت صلاته أيضاً إن جاوز محلّه وإن كان
سهواً لا تبطل ، وكذا الكلام لو شكّ في أنّه هل شكّ سابقاً بين الاثنين والثلاث أو
بين الثلاث والأربع ، فإن ذهب شكّه الآن وانقلب إلى اليقين أو الظنّ فلا عبرة به
ويأتي بما تيقّنه أو ظنّه ، ولو استمرّ شكّه فهو شاكّ في هذا الوقت بين الاثنين
والثلاث والأربع ، وكذا الكلام لو شكّ في أنّ شكّه كان في التشهّد أو السجدة قبل
تجاوز المحلّ أو بعده ، وسيأتي في الشكّ في السهو ما ينفعك في هذا المقام.
وبالجملة الركون إلى تلك العبارة المجملة وترك القواعد المقرّرة لا يخلو من إشكال .
الرابع
: الشكّ في
موجَب الشكّ بالفتح كما لو شكّ في عدد صلاته الاحتياط أو في أفعالها أو في عدد
سجدتي السهو أو أفعالها ، فقد ذهب الأكثر إلى عدم الالتفات إلى هذا الشكّ ، بل
أكثر الأصحاب خصّوا قوله عليهالسلام : «لا سهو في سهو» بهذه الصورة وبصورة الشكّ في موجب
السهو ، كذا قال مولانا العلّامة المجلسي في «أربعينه ». وقد سمعت ما في «الدروس» من أنّ ظاهر المذهب عدم الالتفات إلى
الشكّ في عدد الاحتياط وأفعاله كما قد سمعت ما في «الدرّة » فلا تغفل.
وقد صرّح
المحقّق الثاني والشهيد الثاني وصاحب «السهوية» وغيرهم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بأنّه لو شكّ في ركعتي الاحتياط في عدد أو فعل في محلّه فإنّه يبني علي
وقوع المشكوك فيه إلّا أن يستلزم الزيادة فإنّه يبني على الصحيح. وفي «مجمع
البرهان» أنّه غير بعيد ثمّ إنّه احتمل البناء على الأقلّ كما يأتي. وقال
مولانا المجلسي : المشهور أنّه يبني على الأكثر ويتمّ ولا يلزمه احتياط
ولا سجود ، ولو كان الأقلّ أصحّ بنى على الأقلّ كما لو شكّ في ركعتي الاحتياط أو
في سجدتي السهو بين الاثنتين والثلاث فيبني على الاثنتين. قلت : ومثله ما قاله في «السهوية»
: إذا كانت صلاة الاحتياط واحدة وشكّ بينها وبين الزائد عليها بنى على الواحدة.
وقال مولانا المجلسي : وكذا لو شكّ في فعلٍ من أفعال صلاة الاحتياط أو سجود
السهو لا يلتفت إليه ولو كان قبل تجاوز محلّه أيضاً. وظاهره أنّ هذا أيضاً مشهور
وهو كما قال لكن بين متأخّري المتأخّرين.
ومال مولانا
الأردبيلي إلى البناء على الأقلّ في الجميع وإلى أنّه يأتي بالفعل
المشكوك قبل تجاوز محلّه ، لعدم صراحة النصّ في سقوط ذلك ، والأصل بقاء شغل الذمّة
، ولعموم ما ورد في العود إلي الفعل المشكوك فيه.
قال مولانا
المجلسي : ولم يوافقه على ذلك أحد ، على أنّه هو أيضاً لم يجزم
به وتردّد فيه أيضاً بعض من تأخّر عنه ، والأمر كما قال. ويرد عليه أنّ كون الأصل
بقاء شغل الذمّة إنمّا يصحّ إذا لم يتجاوز عن المحلّ الأصلي للفعل ، وأمّا إذا
تجاوز عنه ولم يتجاوز عن المحلّ الذي قرّره الشارع في أصل الصلاة للعود إلى الفعل
المشكوك فيه فالأوامر الاولة لا تشمل هذا إذ المأمور به فيها إيقاع كلّ فعل في
محلّه وقد تجاوز عنه فيحتاج العود إليه إلى دليلٍ آخر ، فلم يبق إلّا أدلّة العود
وشمولها لصلاة الاحتياط وسجود السهو غير مسلّم ، بل الظاهر أنّها في أصل الصلاة
اليومية.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال مولانا
المجلسي : لو قيل إذا شكّ في ركعتي الاحتياط بين الواحدة والاثنتين وكذا في سجدتي
السهو قبل الشرع في التشهّد أنّه يأتي بالمشكوك فيه ، وكذا لو شكّ في شيءٍ من
أفعالهما قبل التجاوز عن المحلّ الأصلي يأتي به وبعده لا يلتفت إليه فلا يخلو من
قوّة ، لكن لم نطّلع على أحدٍ من الأصحاب قال به ، وأيضاً يحتمل في صلاة الاحتياط
القول بالبطلان لإطلاق بعض الأخبار وإن كان ظاهرها الصلوات الأصلية اليومية ، وما
ذكره الأصحاب لا يخلو من قوّة ، إذ الظاهر من سياق الخبر من أوّله إلى آخره شمول قوله «لا سهو في سهو» ونظيره
لهذه الصوَر مع تأيّدها بالشهرة بل كأنّه متّفق عليه بين الأصحاب ، ولو عمل
بالمشهور وأعاد الصلاة كان أحوط ، انتهى .
وفي «الموجز
الحاوي وكشف الالتباس وغاية المرام والمقاصد العلية والروض وأربعين » المجلسي أنّه لو شكّ في ركوع أو سجود أتى به. قالوا :
فلو شكّ في ذكرٍ أو طمأنينةٍ في ذلك الركوع أو السجود تداركه ، وفي الأخير : أنّه
المشهور. وفي «الروض والمقاصد العلية» أنّه ليس من السهو في السهو ، لأنّ عوده
أوّلاً إلى ما شكّ فيه ليس مسببّاً عن السهو والشكّ وإنمّا اقتضاه أصل الوجوب.
ونحوه ما في «المجمع ».
وقال مولانا
المجلسي : لو شكّ بعد الصلاة في أنّه هل أتى بصلاة الاحتياط أو السجود الّذي أوجبه
الشكّ أم لا مع تيقّن الموجب ، فالمشهور وجوب الإتيان
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بهما للعلم بحصول السبب والشكّ في الخروج عن العهدة مع بقاء الوقت ، كما لو
شكّ في الوقت هل صلّى أم لا . قلت : لم أجد من صرّح بهذا بخصوصه سوى أبي العباس في «الموجز
» والصيمري في شرحه . نعم صرّحوا بذلك في الشكّ في تحققّ موجب السهو ووقوعه
كما لو تيقّن السهو الموجب للسجود أو لتلافي فعلٍ وشكّ في وقوع موجبه. ففي «الموجز
الحاوي وكشفه والسهوية والروض والمقاصد العلية والمجمع » أنّه يجب عليه فعله. ومال إليه في «الذخيرة » ونقل عن ظاهر «نهاية الإحكام» أنّه لا يجب. وفي «الشافية»
لو شكّ في حصول سجدتي السهو أو في الصلاة لا يلتفت على احتمال ظاهر.
وقال مولانا
المجلسي : إذا علم بعد الصلاة حصول شكّ منه يوجب الاحتياط وشكّ في أنه هل كان يوجب
ركعتين قائماً أو ركعتين جالساً فالظاهر من كلام بعضهم وجوب الإتيان بهما وهو أحوط
. قلت : كأنّه فهمه من كلام الشهيدين كما سيأتي نقله في الشكّ في السهو
بمعناه من دون حذف مضاف ، وقال مولانا المجلسي : إذا شكّ في أنّه هل أتى بعد الشكّ
بالسجدة المشكوك فيها أم لا ، فهذا الشكّ إن كان في موضع يعتبر الشكّ في الفعل فيه
فيأتي بها ثانياً ، لأنّه يرجع إلى الشكّ في أصل الفعل ، ويحتمل العدم لأنّه ينجّر
إلى الترامي في الشكّ والحرج ، مع أنّه داخل في بعض المحتملات الظاهرة لقوله عليهالسلام : لا سهو في سهو ، ولو كان بعد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
تجاوز المحلّ ، فالظاهر أنّه لا عبرة به لشمول الأخبار الدالّة على عدم
اعتبار الشكّ بعد تجاوز المحلّ له. ولو قيل بالفرق بين الشكّ في الفعل الأصلي
والفعل الواجب بسبب الشكّ ، قلنا بعد قطع النظر عن شمول النصوص له كما أومأنا إليه
نقول : لا نسلّم وجوب الفعل حينئذٍ ، إذ لا تدلّ الدلائل الدالّة على الإتيان
بالفعل المشكوك فيه إلّا على الإتيان به في محلّه لا مطلقاً ، انتهى .
الخامس
: الشكّ في موجب
السهو بالكسر أي في نفس السهو كأن يشكّ هل سها أم لا وقد صرح جماعة بأنّه لا شيء عليه ولا يلتفت إليه. وقال مولانا
المجلسي : أطلق الأصحاب في ذلك عدم الالتفات ، والتحقيق أنّه لا يخلو إمّا أن يكون
ذلك الشكّ بعد الصلاة أو في أثنائها ، وعلى الثاني لا يخلو إمّا أن يكون محلّ
الفعل باقياً بحيث إذا شكّ في الفعل يلزمه العود إليه أم لا ، ففي الأوّل والثالث
لا شكّ أنّه لا يلتفت إليه ، وأمّا الثاني فيرجع إلى الشكّ في الفعل قبل تجاوز
محلّه ، ولعلّ كلام الأصحاب مخصوص بغير تلك الصورة ، انتهى فتأمّل فيه.
وفي «الدروس والبيان والروض والمقاصد العلية والدرّة والمجمع والذخيرة » أنّه لو تيقّن وقوع السهو لكن شكّ في أنّ له حكماً أم
لا ، كأن نسي تعيينه ، فلا حكم له.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال مولانا
المجلسي : أطلق الشهيد الثاني ومَن تبعه هذا الحكم وينبغي تقييده بما إذا لم يكن
أحد الأفعال التّي شكّ في سهوها وقته باقٍ بحيث يكون شاكّاً في هذا الفعل بحيث لم
يترجّح عنده الفعل على الترك ، كما لو شكّ في أنّه هل نسي سجدة من الركعة الاولى
أو الثانية أو الثالثة وكان جالساً في الثالثة ولم يترجّح عنده فعل ما شكّ فيه في
الثالثة ، فهو شاكّ في تلك السجدة مع بقاء محلّه وحكمه الإتيان به ، ويشكل تخصيص
العمومات الثابتة ببعض محتملات هذه الفقرة مع عدم ظهور كونه مراداً منها .
وقال الشهيدان : لو انحصر فيما يتدارك كالسجدة والتشهّد أتى بهما. وفي
«الذخيرة » فيه نظر. وفي «البيان » لو انحصر بين مبطل وغيره فالأقرب الإبطال. ونقل في «الروض
والمقاصد » عن البيان عدم الإبطال ، والنسخة التّي عندنا صحيحة ،
واستظهر في «المسالك والروض والمجمع » عدم البطلان ، وقوّاه في «المقاصد العليّة ». وعليه فلو شكّ في أنّه هل كان المنسي سجدةً أو ركوعاً
فيأتي بالسجدة ولا يعيد الصلاة وعلى الأوّل يعيد الصلاة. وقال مولانا المجلسي :
فرقهم بين ما لو انحصر فيما يبطل وما لا يبطل وبين ما لو انحصر فيما يتدارك منظور
فيه ، إذ لو كان وقت الفعل المشكوك فيه باقياً فلا فرق بين الركن وغيره ، ولو لم
يكن الوقت باقياً فكما لا يعتبر الشكّ في الركوع بعد تجاوز محلّه فكذا لا يعتبر
الشكّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في السجدة والتشهّد بعد تجاوز محلّهما. فإن قيل : إنمّا يعتبر الشكّ هنا
بعد تجاوز محلّه ، لأنّه تيقّن وقوع سهوٍ منه ووجوب حكمه عليه ولمّا لم يتعينّ
عنده أحدهما فالعمل بأحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجّح فيجب العمل بالجميع للخروج
عن العهدة. قلنا : الدليل مشترك فإنّه إذا كان الشكّ بين نسيان الركوع والتشهّد
التكليف معلوم إمّا بالإعادة أو بقضاء التشهّد ولا ترجيح فيلزمه الإتيان بالتشهّد
المنسي مع سجدتي السهو وإعادة الصلاة ، فإن قيل : إعادة الصلاة خلاف الأصل ، قلنا
: إعادة التشهّد أيضاً خلاف الأصل. وبالجملة الفرق بين الصورتين مشكل ، ولا يبعد
في الصورتين القول بالتخيير بين العمل بمقتضى أحد السهوين ، فإنّه بعد فعل أحدهما
لا يعلم شغل الذمّة بالآخر ، كما إذا شكّ في أنّه هل لزيد عليه عشرة دراهم أو
عشرون ، فإذا أدّى عشرة دراهم تبرأ ذمّته ، لأنّه المتيقّن ولا يعلم بعد ذلك شغل
ذمّته لكنّ الفرق بين الجزء والكلّ والأفراد المتباينة ظاهر بعد التأمّل الصادق ،
والأحوط الإتيان في الصورتين بمقتضي السهوين ، والله يعلم ، انتهى .
السادس
: الشكّ في
موجَب السهو بالفتح مثل أن يشكّ في عدد سجدتي السهو أو في أفعالها قبل تجاوز
المحلّ فإنّه يبني على وقوع المشكوك فيه كما في «البيان والدروس والموجز الحاوي وغاية المرام والسهوية وفوائد الشرائع وشرح الألفية» للكركي و «المقاصد العلية والمسالك
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والروضة والمدارك والذخيرة » وغيرها . وقال أكثر هؤلاء : إلّا أن يستلزم الزيادة فيبني على
المصحّح. وفي «المجمع» أنّه غير بعيد . ومثله الكركي بأن يشكّ هل سجد واحدة أو اثنتين ، قال :
فإنّه يبني على الإثنتين أو شكّ هل سجد اثنتين أو ثلاثاً ، قال فإنّه يبني على
الإثنتين . واحتمل في «المجمع» في الأوّل البناء على الأقلّ ، وقد
سمعت ما ذكرناه استطراداً فيما إذا شكّ في تحققّ موجب السهو ووقوعه كما
تيقّن السهو الموجب للسجود أو لتلافي فعل وشكّ في وقوع موجبه فلا تغفل.
واعلم أنّ
عبارة «الروضة» في المقام فيها إيهام خلاف المقصود وذلك لأنّه قال : فالمراد الشكّ
في موجب السهو من فعل أو عدد كركعتي الاحتياط ، فقوله «كركعتي الاحتياط» المراد به
كما هو الشأن في الشكّ في ركعتي الاحتياط ، فهو تنظير لا تمثيل.
وقال مولانا
المجلسي : للشكّ في موجَب السهو بالفتح صوَر : الاولى أن يقع منه سهو يلزمه تدارك
ذلك بعد الصلاة كالتشهّد ووجبت عليه سجدتا السهو ، ثمّ شكّ بعد الصلاة في أنّه هل
أتى بالفعل المنسي أو بسجدتي السهو بعد الصلاة أم لا؟ فيجب عليه الإتيان بهما
للعلم ببراءة الذمّة ، وليس معنى نفي الشكّ في السهو رفع حكم ثبت قبله ، بل أنّه
لا يلزم عليه بسبب الشكّ شيء وكأنّه لا خلاف فيه. الثانية : أن يشكّ في أثناء
السجدة المنسية أو التشهّد المنسي في التسبيح أو في الطمأنينة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أو في بعض فقرات التشهّد ، فمقتضى الأصل أن يأتي بما شكّ فيه في السجود قبل
رفع الرأس منه ، سواء كان إيقاعه في الصلاة أو بعدها ، وفي التشهّد لو كان في
الصلاة يأتي بما شكّ فيه لو لم يتجاوز محلّ الشكّ وفي خارج الصلاة يأتي به مطلقاً.
وفي كلام الأصحاب هنا تشويش . قلت : لم أجد الأصحاب تعرّضوا لهذا بخصوصه وإنّما
تعرّضوا لمثله في السهو في سجدتي السهو والسجدة المنسية وفي السهو في موجب الشكّ
وفي الشكّ في موجب الشكّ. نعم في كلام المولى الأردبيلي ما لعلّه يستفاد منه ذلك.
ثمّ إنّه قال :
الثالثة أن يتيقّن السهو عن فعل ويشكّ في أنّه هل عمل بموجبه أم
لا؟ فقد صرّح الشهيد الثاني رحمهالله تعالى وغيره بأنّه يأتي ثانياً بالفعل المشكوك فيه ، فلو سها عن فعل وكان
ممّا يتدارك لو ذكر في محلّه ولو ذكر في غير محلّه يجب عليه القضاء بعد الصلاة
وشكّ بالإتيان به في محلّه فلا يخلو إمّا أن يكون الشكّ في محلٍّ يجب فيه الإتيان
بالمشكوك فيه أو في محلٍّ يجب الإتيان بالمسهوّ عنه أو في محلٍّ لا يمكن الإتيان
بشيءٍ منهما في الصلاة ، فالأوّل كما لو كان الشكّ في السجدة المنسية والإتيان
بها ثانياً وعدمه قبل القيام ، والثاني كما لو كان الشكّ فيها قبل الركوع ،
والثالث كما لو كان بعد الركوع ، وظاهر إطلاق جماعة منهم وجوب الإتيان بهما في
الاولين في الصلاة وفي الثالث بعدها ، وفيه تأمّل إلّا في الأوّل ، إذ هذا الشكّ
يرجع إلى الشكّ في إيقاع أصل الفعل ولا عبرة به بعد تجاوز محلّ الشكّ وإن كان
تيقّن بالسهو ، لأنّ هذا اليقين ليس بأشدّ من اليقين بأصل الفعل ، ولا يخفى أنّ
الأخبار الصحيحة الدالّة على عدم الالتفات إلى الشكّ بعد التجاوز عن محلّه تشمل
بعمومها هذه الصورة أيضاً.
السابع
: السهو في موجب
الشكّ بالكسر أي في الشكّ نفسه ، وهذا لم أجد من
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
تعرّض له سوى مولانا المجلسي ، قال : لو كان هذا القسم داخلاً في النصّ
فلعلّ مفاده أنّه لا تأثير في السهو في الشكّ بمعنى أنّه لو شكّ في فعلٍ يجب عليه
تداركه كالسجدة والقيام وكان يجب عليه فعلها فسها ولم يأت به ، فلو ذكر الشكّ
والمحلّ باقٍ يأتي به ولو ذكر بعد تجاوز المحلّ لا يلتفت إليه ، لأنّه يرجع إلى
الشكّ بعد تجاوز المحلّ ، وفيه إشكال ، إذ يمكن أن يقال : هذا الفعل الواجب بسبب
الشكّ بمنزلة الفعل الأصلي في الوجوب ، فكما أنّ السجدة الأصلية إذا سها عنها وذكر
قبل الركوع يأتي بها ولو ذكر بعد الركوع يقضيها بعد الصلاة فكذا هذه السجدة
الواجبة يجب الإتيان بها لو ذكرها بعد القيام وقبل الركوع ، لأنّه خرج عن حكم
الشكّ في أصل الفعل بسبب ما لزمه من السجدة بسبب الشكّ ، فقد تيقّن ترك السجدة
الواجبة والوقت باقٍ ، فيجب الإتيان بها ، وكذا القول في الذكر بعد الركوع.
والتعويل على
بعض محتملات هذا النصّ في الخروج عن القواعد المعلومة مشكل كما عرفت مراراً ، لكن
يمكن أن يقال شمول أدلّة السهو في أفعال الصلاة لتلك الأفعال غير معلوم ، إذ
المتبادر منها نسيان أصل الأفعال لا الأفعال الواجبة بسبب عروض الشكّ ، وفي تلك
الصورة لم يحصل اليقين بترك الفعل حتّى يجب تداركه في الصلاة وبعدها بتلك العمومات
، بل إنّما حصل اليقين بترك فعلٍ وجب الإتيان به بسبب الشكّ ، ودخول مثله في تلك
العمومات غير معلوم ، فيرجع إلى حكم الأصل وهو عدم قضاء الفعل. فإن قيل : الأصل
استمرار وجوب التدارك ، قلنا : المأمور به هو التدارك قبل فوات المحلّ وبعد
التجاوز الإتيان بالمأمور به متعذّر. نعم يمكن أن يتمسّك في ذلك بما رواه الشيخ في
الصحيح عن حكم بن حكيم قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل نسي من صلاته ركعة أو سجدة أو الشيء منها ثمّ
يذكر بعد ذلك ، قال : يقضي ذلك بعينه ، قلت : أيعيد الصلاة؟ قال : لا . وبما رواه في الصحيح عن ابن سنان عنه عليهالسلام أنّه : قال : إذا نسيت شيئاً من الصلاة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ركوعاً أو سجوداً أو تكبيراً ثمّ ذكرت فاقض الّذي فاتك سهواً . إذ الظاهر أنّه يصدق على تلك الأفعال أنّها شيء ، لكن
لم يعمل بعموم الخبرين أحد من الأصحاب إلّا في موارد معيّنة. وربّما قيل في مثل
هذا بوجوب إعادة الصلاة ، لأنّ التكليف بالصلاة وأجزائها وهيئاتها معلوم وبعد فوات
المحلّ الإتيان به على الوجه المأمور به متعذّر وما دام الوقت باقياً يجب السعي في
تحصيل براءة الذمّة ولا تحصل يقيناً إلّا بإعادة الصلاة ، وفي الشكّ في الأفعال
الأصلية بعد التجاوز عن محلّها وإن كان يجري مثل هذا لكن الأدلّة الدالّة على عدم
الالتفات إليها مخرجة عن حكم الأصل. وبالجملة ، فالمسألة في غاية الإشكال ، لكن
العمومات الدالّة على عدم إعادة الصلاة وعدم الالتفات إلى ما شكّ فيه ممّا مضي
وقته والإمضاء (والمضي خ ل) فيما شكّ فيه ، بل عموم «رفع عن امّتي الخطأ والنسيان» وغير ذلك ممّا يقوّي عدم الالتفات إليه
وصحّة الصلاة ، والأحوط المضيّ في الشكّ وإتمام الصلاة ثمّ الإعادة. وما يتفرّع
على هذا الإشكال ما إذا شكّ في السجدتين معاً في حال السجود فنسي أن يأتي بهما
حتّى قام فذكر في القيام أو بعد الركوع ، فعلى تقدير كونهما بحكم الأجزاء الأصلية
يجب عليه العود في الأوّل وتبطل صلاته في الثاني وعلى الوجه الآخر لا يلتفت إليه
أصلاً
الثامن
: السهو في موجب
الشكّ كأن يسهو في الاحتياط عمّا يوجب سجود السهو أو عن فعل في سجدتي السهو اللتين
لزمتا بسبب الشكّ في الصلاة ، فالمشهور أنّه لا يجب عليه لذلك سجود السهو كما في «أربعين
» مولانا المجلسي قلت : صرّح بذلك جماعة من المتأخّرين ، قال مولانا المجلسي : لأنّ ظاهر الأدلّة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
على وجوب سجود السهو اختصاصها بأصل الصلاة اليومية فلا تشمل ما نحن فيه. وفي «فوائد الشرائع والميسية والروض ومجمع البرهان والروضة والمقاصد » وغيرها أنّه لو كان السهو عنه ممّا يتدارك تداركه ولا سجود سهو
عن الزيادة إن كانت. غير أنّ في «المجمع» أنّ الظاهر وجوب سجدتي السهو أيضاً.
وقال المجلسي :
لا ينبغي الشكّ في وجوب الإتيان بالسجدة فيما إذا نسيها في الصلاة وذكرها قبل
القيام أو قبل الشروع في التشهّد أو نسي واحدة من سجدتي السهو وذكر قبل الشروع في
التشهّد ، إذ ليس الإتيان بها من جهة السهو حتّى يسقط بالسهو في السهو ، بل إنمّا
يجب بأصل الأمر بصلاة الاحتياط وبسجدتي السهو . واحتمل في «الذخيرة » سقوط التدارك للعموم. وفي جملة من الكتب المتقدّمة و «تعليق الإرشاد والمسالك » أنّه لو كان ممّا يتدارك بعد الفراغ فعله بعد ، قال
المحقّق الثاني : ولم أجد للأصحاب في ذلك تصريحاً .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
واحتمل في «الذخيرة» سقوط التدارك . ونحوه صاحب «المجمع» لكنّه استظهر فيه وجوب سجدتي
السهو وقال : وجوب التلافي أظهر .
وقال المولى
المجلسي : إذا جاز عن محلّ الفعل ولم يجز عن محلّ تدارك المنسي إذا كان في أصل
الصلاة فظاهر الشهيد الثاني وبعض المتأخّرين وجوب الإتيان به بما مرّ ، وفيه نظر
لما عرفت مراراً أنّه (أنّ خ ل) بعد الشروع في فعلٍ آخر فات محلّه المأمور به
بالأمر الأوّل ، والعود يحتاج إلى دليل ، وشمول أدلّة العود لصلاة الاحتياط ممنوع
، لكن يمكن ادّعاء الشمول في بعض العمومات ، وأمّا سجود السهو إن قيل به هنا في
أصل الصلاة فقد صرّح الشهيد الثاني بسقوطه في صلاة الاحتياط وسجود السهو. واحتمل
المحقّق الأردبيلي القول بالفرق بين الصلاة والسجود بلزومه في الأوّل دون الثاني
وهو غريب. ولو ذكر بعد التجاوز عن محلّ السهو أيضاً فقال بعضهم : تبطل الصلاة
والسجدة إن كان المتروك ركناً ، ولو لم يكن ركناً يجب الإتيان به بعد الصلاة وبعد
السجدة لكن لا يجب له سجود السهو. واحتمل المحقّق الأردبيلي هنا أيضاً السجود
لصلاة الاحتياط دون السجود. والمسألة في غاية الإشكال ، لعدم تعرّض القدماء لتلك
الأحكام ، وإنّما تصدّى لها بعض المتأخّرين ، وكلامهم أيضاً لا يخلو عن إجمال
وتشويش. وأكثر النصوص الواردة في تدارك ما فات ووجوب سجود السهو لها ظاهرها
الصلوات اليومية ، وفي بعضها ما يشمل كلّ صلاة بل كلّ فعل متعلّق بالصلاة. وهذا
الخبر أعني لا سهو في سهو مجمل يشكل الاستدلال به ، ومقتضى الأصل عدم وجوب الإتيان
بالفعل بعد فوات محلّه.
ثمّ قال : وقد
بقي صورة اخرى للسهو في موجب الشكّ وهو أن يترك صلاة الاحتياط أو سجود السهو
الواجب بسبب الشكّ ثمّ يذكرهما فلا يترتّب على السهو حكم ، إذ لو كان قبل عروض
المبطل فلا خلاف في صحّة الصلاة ووجوب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الإتيان بهما ومع عروض المبطل فالأظهر الصحّة فيه أيضاً ، ولو استمرّ السهو
إلى آخر العمر يحتمل وجوب صلاة الاحتياط على الولي مع علمه بذلك ، ولو كان سجود
السهو شرطاً لصحّة الصلاة يحتمل وجوب قضاء الصلاة على الولي
وفي «الموجز
الحاوي وكشف الالتباس والروض والمقاصد العلية والمجمع » انه لو زاد في صلاة الاحتياط أو نقص ركناً بطلت.
قلت : وأمّا
نسيان الركن في سجدتي السهو فإنّما يكون بترك السجدتين معاً ولا ريب حينئذٍ في
وجوب الإعادة لبطلان هيئة الفعل بذلك ، وقد علمت الحال فيما إذا زاد فيهما سجدتين.
وفي «المدارك»
بعد أن ذكر صوَراً أربع وهي الّتي تعرّض لها أكثر من تعرّض لذلك قال : وأكثر هذه
الأحكام مطابق لمقتضى الأصل. نعم يمكن المناقشة في الحكم بالبناء على وقوع المشكوك
فيه إذا كان في محلّه لعدم صراحة الروايات بذلك وأصالة عدم فعل ما تعلّق به الشكّ
وإن كان المصير إلي ما ذكروه غير بعيد ، إذ لا يبعد حمل السهو على ما يتناول الشكّ
لكونه سبباً فيه ولأنّ الظاهر أنّ السهو المتعلّق بالامام والمأموم هو الشكّ ،
والمتبادر من نفي حكم الشكّ فيما أوجبه الشكّ عدم وجوب تداركه كما ذكر في المعتبر . قلت : و «المنتهى» فيما نقل عنه وغيره .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وأنت خيبر
بأنّه إن كان مراده من الأصل الأوّل أصالة البراءة فمع اعتباره أصل العدم لا يبقى
ذلك الأصل ، لأنّ شغل الذمّة مستصحب وإن أراد القاعدة الشرعية ففيه أنّه إنمّا هو
في الشكّ في الشيء وقد تجاوز محلّه ، ولعلّ مراده من حمل السهو على ما يتناول
الشكّ أنّ ذلك يكون من باب عموم المجاز. وعلى ما في «المنتهى والتنقيح » وغيرهما لا يبقى سوى الصورتين الناشئتين من التفسيرين ، ولا ريب
في مطابقة التفسير الثاني لمقتضى الأصل ، فلا يحتاج إلى نصّ ، والمحتاج إليه إنمّا
هو الأوّل لمخالفته الأصل الدالّ على لزوم تحصيل المأمور به على وجهه ولا يتمّ
إلّا مع عدم الشكّ ، مضافاً إلى إطلاق ما دلّ على لزوم تدارك المشكوك مع بقاء
المحلّ ، فتأمّل. وحيث إنّ النصّ يحتمله ويحتمل الثاني لا يمكن التمسّك به لإثباته
إلّا أن ترجّح إرادته بإخبار المصنّف في «المنتهى» بكونه مراد الفقهاء مع ظهوره من
جملة من كلماتهم واستدلالهم بالنصّ على أن لا سهو بناء على أنّ ظاهره إثبات حكم
مخالف للأصل غير موافق له وليس ذلك إلّا على تقدير التفسير الأوّل مع اعتضاده بما
في كثير من كتبهم من الاعتبار وهو أنّه لو تداركه أمكن أن يسهو ثانياً ولا يتخلّص
من ورطة السهو فلا ينفكّ عن التدارك وهو حرجٌ فيكون منفيّاً ، لأنّه شرّع لإزالة
حكم السهو فلا يكون سبباً لزيادته. وفيه : انه لو تمّ ذلك لكان الحكم في قوله عليهالسلام «ولا على الإعادة إعادة» كذلك ولم يفتوا بذلك.
وربما يوجّه
كما في «المصابيح» بوروده مورد الغالب وهو كثير الشكّ ، لأنّه الّذي يحصل له الشكّ
بعد الإعادة أيضاً غالباً دون غيره ، وقال أيّده الله تعالى : ولا تتحقّق الكثرة
بالمرّتين ، فتأمّل ، انتهى . وفيه : أوّلاً أنّ في دعوى الغلبة بحيث
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ينزّل عليها النصّ تأمّلاً. وثانياً انه يجري في نفي السهو عن السهو ،
فيخرج عن صلاحيّته للاستدلال به على نفي السهو في السهو من حيث هو سهو في سهو وإن
لم يكن هناك كثرة ، وهو خلاف ما عليه الأصحاب. وقد يقال عليه أيضاً : إنّ كثير
الشكّ أو السهو لا إعادة عليه ، فتأمّل.
وفي «مجمع
البرهان» أنّ المراد بهذه الكلمة نفي استحباب الإعادة في موضعها كمن صلّى منفرداً
ثمّ أعاد مع الجماعة استحباباً فلا يعيد مرّة اخرى ، قال : ويحتمل أن يكون المراد
انه على تقدير الإعادة لقصور ، لشكٍّ أو سهوٍ أو عدم طهارة ثوب سواء كان ممّا يوجب
مثله الإعادة أو لا لا ينبغي الإعادة إلّا مع الموجب انتهى ، ولعلّه يريد نحو ما إذا أعاد الناسي للنجاسة الصلاة
خارج الوقت استحباباً على القول به فلا يستحبّ له الإعادة مرّة اخرى وأمثال ذلك.
وفي «الرياض»
أنّ الأظهر في معناه انه إذا أعاد الصلاة لخللٍ موجب للإعادة ثمّ حصل أمر موجب لها
فإنّه لا يلتفت إليه. ويعضده قوله عليهالسلام : «لا تعود الخبيث الحديث » والاعتياد يحصل بالمرّتين كما صرّح به في الحيض ، لكن
في حصوله بهما عرفاً تأمّل. ثمّ قال : ولا يبعد العمل بذلك ، لصحّة الرواية ،
وظهور دلالتها واعتضادها بغيرها ، وعدم القطع بشذوذها وإن لم يظهر قائل صريح بها
فإنّ ذلك لا يستلزم الإجماع على خلافها . قلت : وقد قال نحو ذلك المجلسي ومال إليه ونقل عن
والده الميل إليه أيضاً . وقال في «المصابيح » : لعلّ الكليني عامل بها ، لانه رواها ، وكذا الشيخ في
النهاية جرياً على عادته. قلت : لم يتعرّض لذلك في «النهاية» أصلاً.
وقد يقال على ما في «الرياض» : إنّا لا نسلّم وضوح الدلالة وقد
صرّح
__________________
أو كثر سهوه عادةً ،
______________________________________________________
جمعٌ بعدم القائل بذلك مع انها نصب أعينهم فقد عملوا بأطراف الرواية
وأعرضوا عن هذه الكلمة مع ظهور الفتاوى في انحصار المقتضي لعدم الالتفات إلى الشكّ
في امور مخصوصة. وما في «الذكرى» من جعله من الشكّ الكثير حيث قال : يظهر من قوله عليهالسلام : «ولا على الإعادة إعادة » أنّ السهو يكثر بالثانية إلّا أن يخصّ بموضع وجوب
الإعادة ضعيف كما في «الذخيرة » وغيرها ، إذ ليس في ذلك أي في نفي الإعادة في الإعادة دلالة
على أنّ ذلك باعتبار الكثرة. وقال في «المدارك» بعد نقل ما في الذكرى هو كذلك إلّا
اني لا أعلم بمضمونها قائلاً .
[في كثير السهو]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
كثر سهوه) أي لا حكم للسهو مع كثرته كما نطقت به عبارات الأصحاب
كما في «الذكرى » قلت : في كثير منها ذكر التواتر مع الكثرة وقد يراد به
التتابع والتوالي كما يأتي. وفي «المصابيح» الإجماع على أن لا حكم له مع كثرته بل
قال : إنّه ضروري . وفي «النجيبية والرياض » انه لا خلاف فيه. وفي «الغنية » الإجماع على انه لا حكم لكثرة السهو وتواتره.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والحاصل : أنّ
أصل الحكم ممّا لا خلاف فيه أصلاً وإنّما الخلاف في مواضع يأتي ذكرها إن شاء الله
تعالى ، ولكن قد ورد في أخبار كثيرة أنّ مَن كثر سهوه يعدّ صلاته بالخاتم تارةً وبالحصى
اخرى وأنّه يخفّف صلاته ويدرج فيه إدراجاً ، وأفتى بها جملة من الأصحاب ، بل في خبر زرارة وأبي بصير الّذي أوردوه في المقام «قالا
: قلنا له عليهالسلام : الرجل يشكّ في صلاته كثيراً حتّى لا يدري كم صلّى قال
: يعيد ». فينبغي ملاحظة الجمع بينها وبين أخبار الباب الّتي منعت عن الالتفات إلى الشكّ إذا كثر أشدّ منع
وأفتى بها الأصحاب من غير خلاف. ولا ينبغي أن نقول : إنّهم أعرضوا عن تلك
الأخبار لمعارضتها لهذه ، لأنّا وجدناهم قد عملوا بها وتلقّوها بالقبول في باب الفعل
الكثير وقالوا : إنّ العدّ بالحصى ونحوه غير داخل في الفعل الكثير ،
مع أنّها معتبرة السند موافقة للأصل والقاعدة ولا حرج ولا عسر في العمل بها ، لأنّ
تخفيف الصلاة أسهل شيء وترك المستحبّ لتحصيل الواجب والخروج عن العهدة وإطاعة
الشيطان ممّا لا غبار عليه ، والعدّ بالحصى والأصابع غير داخل في الفعل الكثير
أصلاً ، ولم أجد أحداً تعرّض لنفي المنافاة قبل الاستاذ أدام الله سبحانه حراسته
ما عدا المولى الأردبيلي فإنّه تعرّض لحال
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
خبر أبي بصير وزرارة بمعنى آخر ستعرفه.
قال الاستاذ
دام الله ظلّه العالي : إنّ كثرة الشكّ متفاوتة شدّةً وضعفاً ، فمنها الضعيفة
الّتي بأدنى حضور القلب ترتفع ، ومنها ما هو أشدّ لا يرتفع إلّا بكمال التوجّه ،
ومنها ما هو أشدّ لا يرتفع إلّا بتخفيف الصلاة ، ومنها ما لا يرتفع إلّا بالعدّ ،
ومنها ما لا يرتفع بشيءٍ من ذلك ، وهذا ما نحن فيه ، وهو المراد من أخبار الباب
وكذا غيره من المراتب السابقة عليه إذا كان من الشيطان مريداً أن يطاع ويعصى الله
كأن تثقل عليه العبادة ويبغضها وينفر منها ويصدر منه إبطالها ونحو ذلك ، وكذا إذا
آل العدّ إلى الحرج. وأمّا إذا آل إلى العسر فقد يقال بأنه يدخل في تلك الأخبار
الاخر في قولهم عليهمالسلام «لا بأس» وكذا في أمرهم إذا كان محمولاً على الاستحباب ، لأنّ العسر لا
ينافي الاستحباب والأولوية. والحاصل أن المكلّف لا بدّ أن يلاخظ مفاسد إطاعة
الشيطان ويلاحظ وجوب الامتثال في أعظم الفرائض ويحصله بما أمكنه لكنّ الشيطان
كثيراً ما يختدعه فيقول لم تصر كثير الشكّ ونحو ذلك .
وأمّا خبر أبي
بصير فقد قال في «مجمع البرهان» : إنّ المراد بكثرة الشكّ أوّلاً غير المرتبة
التّي لا حكم لها فكانه باعتبار أفراد المشكوك كما يشعر به «حتّى لا يدري» ويحتمل
كونها تلك المرتبة ويكون الحكم بعدم الحكم فيها للتخيير لا الوجوب .
قلت : الحمل
الأوّل هو الصواب إن كان مراده بأفراد المشكوك كثرة احتمالات شكّه وأطرافه لا كثرة
عدد شكّه على قياس ما في أخبار كثيرة من أنّ مَن شكّ فلم يدر كم صلّى تجب عليه
الإعادة ، ولكن رواية عليّ بن حمزة وردت بهذا المضمون والإمام عليهالسلام قال : «فليمض في صلاته ويتعوّذ بالله من الشيطان».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والصدوق عمل بمضمونها والشيخ حملها على النافلة تارةً وعلى مَن كثر سهوه اخرى ، الّا
أن يقال قوله : «يشك» فعل مضارع يفيد الاستمرار التجدّدي فيكون المراد كثير الشكّ
، مع أنّ قوله عليهالسلام : «فإنّه يوشك أن يذهب عنه» صريح في ذلك.
هذا واعلم أنّ
في «الموجز الحاوي وكشف الالتباس » أنّ عدم الحكم للكثرة إنمّا هو للمختار لا من ألجأتهُ
ضرورة أو خوف إلى كثرته ، فإنّ هذه الكثرة لا عبرة بها لكونها لسبب وتزول بزواله.
وقال صاحب «الرسالة السهوية» ذكر لي بعض أنّ هذا الحكم مختصّ بالمختار وأمّا من
ألجأتهُ ضرورة أو خوف إلى ذلك فإنّه يعيد دائماً ، وسكت عليه ، وللتأمّل فيه مجال.
وقال مولانا
العلّامة المجلسي : المشهور بين الأصحاب أنّ حكم الكثرة مخصوص بالشكّ.
قلت : وهو ظاهر «المعتبر والمختلف والتحرير والتذكرة » وكذا «المنتهى ونهاية الإحكام» على ما نقل عنهما وصريح «كشف الرموز والبيان والدروس والمهذّب البارع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والموجز الحاوي وكشف الالتباس والمدارك والمفاتيح والشافية» وغيرها . وفي «المدارك » نسبته إلى صريح المعتبر ، وفي «الذخيرة» أنّه يشعر به
كلام المعتبر . وفي «شرح الألفية » للمحقّق الثاني و «فوائد الشرائع وتعليق الإرشاد وإرشاد الجعفرية والميسية والمقاصد العلية والروضة والروض والمسالك » شمول الحكم للسهو والشكّ. وفي «الذخيرة» أنّه ظاهر
الشيخ والغنية والسرائر ، وكأنّه لأنّهم عبّروا بالسهو ، وعلى هذا فهو ظاهر «الوسيلة
والإشارة والشرائع »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وغيرها ولعّله لذلك قال بعد ذلك فيها : إنّه ظاهر كثير وإنّ شمول الحكم للسهو
في كلامهم أظهر. وكذا قال في «الكفاية » وقال فيهما : وكلام هؤلاء يقتضي عدم الإبطال بالسهو في
الركن وعدم القضاء إذا كان السهو موجباً له ولم أجد أحداً صرّح بالحكمين من
الأصحاب مع تصريح بعضهم بسقوط سجود السهو ، والفرق بينه وبين القضاء محلّ نظر .
قلت : في «الذكرى
والموجز الحاوي والروض والروضة وغاية المرام وكشف الالتباس والمدارك » وغيرها أنّه لو كثر السهو عن ركن فلا بدّمن الإعادة ، وكذا عن
واجب يستدرك ، إمّا في محلّه أو في غير محلّه لوجوب الإتيان بالمأمور به. وفي «الذخيرة
والكفاية » أنّ في كلامهم هذا نظراً. قلت : واحتمل في «الذكرى» اغتفار زيادة الركن سهواً ، واحتمل في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الروض » عدم وجوب القضاء إذا كان السهو موجباً له.
وقال مولانا
العلّامة المجلسي : حمله على هذا المعنى يوجب تخصيصات كثيرة تخرجه عن الظهور لو
كان ظاهراً ، إذ لو سلّمنا كونه بحسب اللغة حقيقة فيه فكثرة استعماله في المعنى
الآخر بلغت حدّاً لا يمكن فهم أحدهما منه إلّا بالقرينة وشمولها للشكّ معلوم
بمعونة الأخبار الصريحة فيشكل الاستدلال بها على المعنى الآخر بمجرّد الاحتمال.
وأمّا التخصيصات الكثيرة فهي أنّه لو ترك بعض الركعات أو الأفعال سهواً يجب عليه
الإتيان به في محلّه إجماعاً ، ولو ترك ركناً سهواً وفات محلّه بطلت صلاته إجماعاً
ولو كان غير ركن أتى به بعد الصلاة لو كان ممّا يتدارك ، فلم يبق للتعميم فائدة
إلّا في سقوط سجود السهو ، وتحمّل تلك التخصيصات الكثيرة أبعد من حمل السهو على
خصوص الشكّ لو كان بعيداً ، مع أنّ مدلول الروايات المضي في الصلاة وهو لا ينافي
وجوب سجود السهو ، إذ هو خارج من الصلاة ، فظهر أنّ من عمّم النصوص لا يحصل له في
التعميم فائدة ، ولذا تشبّث من قال بسقوط سجود السهو بالحرج لا بتلك الأخبار ،
انتهى كلامه على مقامه.
قلت : وممّا
يقال أيضاً في توجيه ذلك : إنّ عموم ما دلّ على لزوم الإتيان بمتعلّق السهو وموجبه
سالم عن معارضة نصوص المسألة ، لاختصاص جملة منها بالشكّ والاتفاق على إرادته من
لفظ السهو في الأخبار الاخر وإرادة معناه الحقيقي بوجوب استعمال اللفظ في حقيقته
ومجازه وعموم المجاز جائز مع قيام القرينة عليه بالخصوص ولم نجدها ، والاتفاق على
إرادة الشكّ أعمّ من إرادة السهو ، لاحتمال كونه قرينة على إرادة الشكّ بالخصوص ، وقد يقال بعد ذلك كلّه : إنّ حمل السهو المنفي على
معنى أعمّ يشمل الشكّ والسهو بالمعنى الأخصّ أولى ، لأنّه أقرب المجازين إلى
الحقيقة المتعذّرة ولا وجه لمنعه ، وأمّا الحكم بوجوب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
تدارك المسهوّ عنه في الصلاة أو بعدها فلا يوجب تخصيص نفي السهو ، إذ ليس
هو السبب في وجوب الحكم بتداركه وإنمّا السبب عموم أدلّته ، وسببيّة السهو ليست
إلّا بالنسبة إلى سجود السهو ، فلا يجب مع الكثرة وليس له فيه تخصيص أصلاً.
والحاصل : أنّ المراد من السهو المنفي موجبه وليس إلّا خصوص سجود السهو والمسهوّ
عنه إنمّا وجب أداءً وتداركاً بعموم أدلّة لزوم فعله ، وكذا فساد الصلاة بالسهو عن
الركن لم ينشأ من نفس السهو بل من جهة الترك حتّى لو حصل من غير جهة لفسدت ، فقد
بان أنّ هذا القول قويّ جداً ، وستسمع كلام المصرّحين بسقوط سجود السهو إذا اقتضاه
السهو.
هذا وقد صرّح
جماعة بأنّ معنى المضي في الصلاة عدم الإعادة وعدم الاحتياط فيما إذا استلزم
الشكّ أحدهما لو لا الكثرة وعدم تدارك الفعل المشكوك فيه وإن كان في محلّه ركناً
كان أو غيره ، بل يبني على وقوع المشكوك فيه ما لم تستلزم الزيادة فيبني على وقوع
المصحّح.
وقال المجلسي :
لا خلاف في ذلك ظاهراً ما عدا صلاة الاحتياط فقد تردّد فيها الأردبيلي . وفي «المصابيح» نسبة ذلك إلى الأصحاب . وفي «الرياض» صرّح به جمع من غير خلاف بينهم . وقال المجلسي : المشهور أنّه يبني على الأكثر وتسقط عنه صلاة
الاحتياط ، والمحقّق الأردبيلي اختار البناء على الأقلّ ، قال : ولم أرَ به قائلاً
غيره. وقال المجلسي أيضاً : إنّ الأدلّة على عدم صلاة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الاحتياط أظهر منها في غيرها. وفي «المعتبر والتذكرة والذكرى والموجز الحاوي وكشف الالتباس وتعليق الإرشاد والذخيرة والكفاية والمصابيح » وغيرها أنّ سجدتي السهو تسقطان إذا اقتضاهما الشكّ كالشكّ بين
الأربع والخمس. وقال المجلسي : إنّه لا يخلو من قوّة لكنّ الأحوط إيقاعهما. وقال :
إنّ المحققّ وغيره تمسّكوا بلزوم الحرج ولم يظهر من الأصحاب مخالف إلّا الأردبيلي
حيث تردّد . وفي «المصابيح » أنّ مقتضى الأخبار سقوطهما إذا اقتضاهما الشكّ مع ظهور
أنّ وجوب الإتيان بهما التفات إلى الشكّ بلا شبهة. وفي «السهوية» أنّ عبارة
السرائر تؤذن بعدم سقوط سجود السهو مطلقاً. نعم قد نصّ على التداخل. قلت : وقد وقع
في كلام بعض المتأخّرين وهمٌ من عدم الفرق بين سقوط سجود السهو للسهو وبينه للشكّ.
وأمّا ما اختير
فيه سقوط سجود السهو إذا اقتضاه السهو فهو «الذكرى والدروس
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والبيان وتعليق الإرشاد وفوائد الشرائع والروضة والروض والمقاصد العلية والمسالك والرياض » وغيرها . قال : في «الذكرى» هل تؤثّر الكثرة في سقوط سجدتي
السهو؟ لم أقف للأصحاب فيه على نصّ وإن كان ظاهر كلامهم يشمله ، وكذا الأخبار
تتضمّن ذلك إلّا أنّ المراد به ظاهراً الشكّ ، لامتناع حمله على عموم أقسام السهو
، والأقرب سقوط السجدتين دفعاً للحرج . وما نسبناه إلى «الدروس والبيان» فهمناه من قوله فيهما
: ولو تعدّد سبب السجود تعدّد ما لم يدخل في حدّ الكثرة. وفي «الذخيرة» بعد نقل ما
ذكره في الذكرى : قال هو حسن عملاً بظاهر الروايات ، وإن لم نجعل الروايات شاملة
للسهو بل خصّصناها بالشكّ كان الحكم به مشكلاً ، إذ التعليل بنفي الحرج ضعيف ، ومن
الأصحاب من ذهب إلى عدم سقوط السجدتين ، واختاره بعض المتأخّرين ، وهو متّجه إن
خصّصنا الروايات بالشكّ : قلت : لعلّه أراد ببعض المتأخّرين صاحب «المدارك » فإنّه استظهر العدم. وفي «أربعين» مولانا المجلسي يشكل الاستدلال بالنصوص على سقوطه فالأحوط الإتيان به.
وقد يظهر من «المبسوط والخلاف والتذكرة والذكرى» وغيرها في مسألة ما إذا نسي أربع
سجدات من فريضة عدم سقوط
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
موجب السهو ، لأنّهم حكموا أنّ عليه ثماني سجدات ، وسيأتي بيان ذلك.
واعلم أنّه لو
أتى بعد الحكم بالكثرة بما شكّ فيه بطلت صلاته كما في «المهذّب البارع والموجز الحاوي وكشف الالتباس والجعفرية وشرحيها وشرح الألفية» للكركي «والمسالك والروض والروضة والمقاصد والمدارك » وغيرها . وفي «الذكرى » أنّه الظاهر. وفي «الدروس » أنّه أقرب. وفي «الرياض» أنّه ظاهر النصوص والفتاوى . وفي «البيان» تبطل إن كان عدداً قطعاً أو ركناً على
الأقوى ، وإن كان غيرهما فالأقرب البطلان . وفي «الروض والمقاصد العلية » لو أتى بما شكّ فيه بطلت وإن ذكر بعد فعله الحاجة
إليه. وقال
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المجلسي : لم يخالف في ذلك إلّا المحقّق الأردبيلي والشهيد حيث ذكرا
التخيير على سبيل الاحتمال ، والأردبيلي مال إليه في آخر كلامه ، والعلّامة
والشهيد احتملا البطلان إذا عملا بمقتضى شكّه ، والشهيد الثاني جزم بالبطلان ،
والشهيدان عمّما الحكم في صورتي تذكّر الاحتياج إلى الفعل المأتيّ به وعدمه ،
واستدلّ العلّامة بأنّه فعل خارج عن الصلاة ، وعلّل الشهيدان بأنّه زيادة منهيّ
عنها ، واعترض المحقّق الأردبيلي على الدليلين بوجوهٍ ذكرها. ثمّ قال المجلسي :
الأحوط عدم الإتيان بالفعل المشكوك فيه .
واستحسن في «الذخيرة»
البطلان فيما كانت زيادته في الصلاة مبطلة إن كان الأمر بالمضيّ على سبيل الإيجاب
، وفيه إشكال ، إذ يجوز أن يكون من باب الترخيص والاستحباب . وفي «الشافية» قال فيه احتمالان.
وفي «الذكرى»
لو تذكّر بعد الشكّ أتى بما يلزمه ، فلو كان قد فعل ففي الاجتزاء به وجهان أقربهما
ذلك إن سوّغنا فعله ، وإلّا فالأقرب البطلان للزيادة المنهيّ عنها ويحتمل قويّاً
الصحّة ، لظهور أنّها من الصلاة ، انتهى .
واختلف الأصحاب
فيما تحقّق به الكثرة ، فالمشهور بين المتأخّرين أنّه يرجع في ذلك إلى العرف كما
في «الذخيرة والمصابيح » وعليه المحقّقون كما في «المهذّب البارع » وهو مذهب الأكثر كما في «أربعين » مولانا المجلسي و «الرياض ».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الوسيلة» أن يسهو ثلاث مرّات متواليات . وفي «المبسوط » نسبته إلى القيل ، وظاهره عدم ارتضائه. وفي «التحرير » نسبة ذلك إلى الشيخ ولم نجده ولا نقل غيره عنه ولا هو
في غيره. وفي «الشرائع» قيل : أن يسهو ثلاثاً في فريضة أو يسهو مرّة في ثلاث فرائض
.
وقال في «السرائر»
: حدّه أن يسهو في شيء واحد أو فريضة واحدة ثلاث مرّات فيسقط بعد ذلك حكمه أو
يسهو في أكثر الخمس أعني ثلاث صلوات من الخمس فيسقط بعد ذلك حكم السهو في الفريضة
الرابعة . وفي «كشف الالتباس» الظاهر أنّ مراده التوالي . وقال في «المعتبر» بعد نقله : لا نعلم لذلك أصلاً في
لغةٍ أو شرع . وفي «غاية المرام» نسبة مذهب ابن إدريس إلى أبي العباس
ويأتي كلامه. وفي «الدرّة» لا يخلو من حسن. وفي «الرياض» لعلّ ابن حمزة وابن إدريس
يريدان بيان المعنى العرفي لا التحديد الشرعي فلا نزاع وإن كان يستشكل في مطابقة
بعضها على الإطلاق .
قلت : قال في «غاية
المرام» أنّ مذهب ابن حمزة خيرة الشهيد ولعلّه أراد ما في «البيان والدروس » من أنه يحصل بتوالي ثلاث في فريضة أو في فرائض.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وبه صرّح في «الموجز الحاوي وتعليقي الإرشاد والنافع والجعفرية وفوائد الشرائع وشرح الألفية» للمحقّق الثاني و «كشف الالتباس والغرية والميسية والروضة » ونسبه في «الروض» إلى القيل وقال : إنّه غير منافٍ
للعرف . ومال إليه المولى الأردبيلي .
وقال في «السهوية»
: إنّ عليه العمل لكونه منقولاً عن أشياخنا ولقضاء العرف به كما أشار إليه في
الذكرى. قلت : قال في «الذكرى» بعد نقل رواية محمّد بن أبي حمزة : ظاهرها تكراره ثلاثاً والعرف قاضٍ بذلك مع توالي
الشكّ ، وظاهره اختياره فيها. وقال في «السهوية» أيضاً : إنّه بقيد التوالي فارق
قول ابن إدريس في الفرائض. قلت : قد سمعت ما في «كشف الالتباس» وعليه فلا مفارقة.
وقال في «السهوية» : وأمّا في الفريضة ففي مفارقته له بحث وبيّن هو وجه البحث في
الحاشية فقال : ما يعني شيخنا بقوله : ويتحقّق بالتوالي ثلاثاً في فريضة؟ هل
المراد به الاحتراز عمّا لو توالى مرّتين خاصّة أم المراد بالتوالي المتابعة بحيث
يتبع شكّه شكّاً هكذا ثلاث مرّات؟ فإن كان الأوّل لم يبق فرق بين القولين في
الفريضة ، وإن كان الثاني كان الفرق بين قوله وقول ابن إدريس في الفريضة كالفرائض.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
هذا وفي «الموجز
الحاوي وشرحه والروضة والمقاصد » يتحقّق التعدّد في الواحد بتخلّل الذكر لا بالسهو عن
أفعال متعدّدة مع استمرار الغفلة. وظاهر «السهوية» اختيار ذلك.
وفي «الذكرى وشرح الألفية» للكركي و «المقاصد » أنّه لو حصلت الثلاث غير متوالية لم يعتدّ بها ما لم
تتكرّر على وجه يوجبها عرفاً كما لو تكرّر في فريضة واحدة أيّاماً. وقد سمعت ما في
«الذكرى » في قوله عليهالسلام : «ولا على الإعادة إعادة» وقد يظهر من «المبسوط
والخلاف والتذكرة والذكرى» اعتبار كون الكثرة في ثلاث فرائض كما سيأتي فيما إذا
نسي أربع سجدات ، بل قد يُفهم من «الذكرى» هناك أنّ الكثرة تتحقّقّ بالثانية.
وأمّا قوله عليهالسلام : «إذا كان يسهو في كلّ ثلاث فهو ممّن يكثر عليه السهو»
فقد بيّنوه بوجوه :
أحدها : أن
يكون المراد الشكّ في كلّ واحدة واحدة من أجزاء الثلاث أيّ ثلاث كان ، وهذا قرّبه
المولى الأردبيلي ، قال : ويمكن أن يكون معنى الرواية أنّ السهو في كلّ واحدة
واحدة من أجزاء الثلاث بحيث يتحقّق في جميعه موجب صدق الكثرة ، وأنّه لا خصوصية له
بثلاث دون ثلاث ، بل في كلّ ثلاث تحقّق تحقّق كثرة السهو فتزول بواحدة واثنتين
أيضاً ويتحقّق حكمها في المرتبة الثالثة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فيكون تحديداً للتحقّق وزوال حكم السهو معاً ، فتأمّل فإنّه قريب ، انتهى . وحاصله : أن يسهو في كلّ صلاة من الثلاث صلوات فيكون
تحديداً لحصول الكثرة بالشكّ في ثلاث متوالية. وقال مولانا المجلسي : إنّ هذا
الوجه بعيد عن سياق الخبر . قلت : هو أقرب الوجوه كما يأتي.
الثاني : أن
يكون المراد أنّ السهو في اليوم والليلة في ثلاث صلوات ، وهو بعيد جدّاً.
الثالث : ما في
«النجيبية» عن شيخه أنّ المراد من صلّى تسع صلوات وسها في كلّ ثلاث منها واستوجهه
هو ، وهو بعيد أيضاً.
الرابع : أنّ
المراد أنّه كلّما صلّى ثلاث صلوات يقع فيها شكّ بحيث لا تسلم له ثلاث صلوات خالية
من الشكّ ثبتت له حكم الكثرة ، وحينئذٍ يقع الاحتياج إلى العرف أيضاً ، إذ ليس
المراد كلّ ثلاث صلوات تجب على المكلّف على التعاقب إلى انقضاء التكليف ، وإلّا
يلزم انتفاء حكم الكثرة وسقوطه بالكلّية ، كذا قاله الشهيد وجماعة .
وقال في «الذخيرة»
: وترجيح أحد الاحتمالين على الآخر على وجهٍ واضح لا يخلو عن إشكال ولم يبعد
ادّعاء ترجيح الأخير ، ومع هذا «فالثلاث» مجمل فيحتمل أن يكون المراد به الصلوات
أو الفرائض أو الركعات أو الأفعال مطلقاً ولا يبعد ترجيح الأولين ، ومع هذا فغاية
ما يستفاد من الرواية حصول الكثرة بذلك وهو غير منافٍ للعرف لا حصرها فيه ، فإذن
لا معدل عن الإحالة إلى العرف انتهى .
وقال الاستاذ
أدام الله سبحانه حراسته : هذا الاحتمال وإن كان أقرب بحسب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
اللفظ لكنّه أبعد بحسب المعنى ، لأنّه يلزم انتفاء حكم الكثرة على حسب ما
ذكروه واعترفوا به ، لأنّ قوله «كل ثلاث صلوات» عامّ وتخصيصه بمخصّص غير مذكور ولا
ظاهر من العبارة تعسّف ، والحوالة إلى العرف لا تجدي لعدم مخالفته اللغة في
العبارات المذكورة. نعم يستعمل العامّ في الخاصّ مجازاً عرفاً ولغةً لكنّ المجاز
فرع القرينة الصارفة عن الحقيقة والمعيّنة للمعنى المجازي ولا معيّنة ، والتوجيه
بأنّه إذا حصل له المظنّة من كثرة ما تحقّق وصدر منه أنّه لا تسلم كلّ ثلاث منه
فهو ممّن كثر سهوه ، ففيه أنّه رجوع إلى ظنّ المكلّف لا إلى العرف ، فكونه أقرب
إلى الأوّل يحتاج إلى التأويل لاحتياجه إلى التقدير وبنائه على اعتبار المظنّة من
أيّ مكلّف يكون وبعده عن كثرة السهو عرفاً فكيف يجعل شرطاً لتحقّقها ويجعل معرّفاً
لأقلّ درجتها ، وستعرف كونه معرّفاً له ، فالاحتمال الأوّل أقرب معنى من الجهات
المذكورة ، فلعلّه لذلك قال ابن حمزة وموافقه بما قالا فإنّ الظاهر كون مرادهما
مضمون الرواية بالاحتمال الأوّل يعني أنّه يشكّ في كلّ واحدٍ واحد من أجزاء ثلاث
صلوات أي آحاد تلك الثلاث ، لأنّها تحقّقت بثلاث آحاد وتركّبت منها وثلاث واحدة
تكفي لتحقّق الكثرة إذا كان كلّ واحدٍ واحد من آحادها وقع فيه الشكّ ، فالمعنى
أنّه إذا كان ممّن يسهو في كلّ واحد واحدٍ من عدد ثلاث واحدة فهو ممّن يكثر سهوه ،
والمتبادر من ثلاث واحدة هو الثلاث الّتي آحادها متوالية ، مع أنّه لا وجه لإطلاق
الثلاث الواحدة على الصلوات المتفرّقة بين صلوات لا تحصى ، مضافاً إلى أنّ جميع
المكلّفين يشكّون في الثلاث المتفرّقة عادةً البتّة ، ومن البديهيّات عدم كونهم
كثيري الشكّ ، وهذا وجه آخر مقرّب للاحتمال الأوّل. وقوله في الذخيرة ومجمع
البرهان : الثلاث مجمل .. إلى آخره فيه : أنّ الاحتمال على تقدير التساوي غير مضرّ
فكيف إذا كان مرجوحاً ، إذ على أيّ احتمال احتمله ثلاث صلوات داخلة فيه سوى ثلاث
ركعات ، وغير خفيّ كونه في غاية البُعد عن إطلاق لفظ «ثلاث» مطلق ، ومعلوم أنّه
إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال فثبت ما هو داخل على كلّ حال. وقوله : ومع هذا
فغاية ما يستفاد .. إلى
.................................................................................................
______________________________________________________
آخره فيه : أنّ أفراد كثير السهو لا تعدّ ولا تحصى ، بل لا تتناهى ، وذكر
كون هذا الفرد ممّن كثر سهوه عرفاً لغوٌ مستدركٌ لا يصدر عن حكيم ، إذ يصير من
قبيل أن يقال : الماء الذي في النهر ماء عرفاً والماء الذي في البئر ماء عرفاً.
والبناء على أنّه لعلّ أحداً تأمّل في كون الصورة المذكورة في الرواية بخصوصها
ممّن كثر سهوه عرفاً فأجابه المعصوم عليهالسلام بأنّه لا وجه لتأويلك إذ هو الظاهر ممّن يكثر سهوه بحسب
العرف وما هو المعروف بينهم خلاف * الظاهر ، لاحتياجه إلى تقدير والأصل عدمه ،
مضافاً إلي بُعده في نفسه ، فالظاهر أنّ مراد المعصوم عليهالسلام أنّ الرجل إذا كان ممّن يسهو في كلّ ثلاث فهو داخل في
كثير السهو يعني أقلّ ما تتحقّق به كثرته هو هذا كما فهمه ابن حمزة وغيره ، فلم
يعتبر الكثرة الواقعة في صلاة أو صلاتين بل اعتبر كثرة الصلوات في تحقّق كثرة
السهو ، ويمكن أن يكون المراد أنّ أوّل درجة كثرة السهو ثلاث متواليات كلّ واحد في
صلاة وإن كان الثلاث منه في صلاة واحدة أيضاً من كثرة السهو إلّا أنّ تحقّق هذا
بعد تحقّق الأوّل ، لأنّه لا يسهو ثلاث مرّات في صلاة واحدة غالباً إلّا بعد ما
صار كثير الشكّ ، لا أنّه أوّل صيرورته كثير الشكّ والظاهر أنّه في الواقع كذلك ،
فيكون ما في الرواية وارداً مورد الغالب كما هو الحال في مطلقات الأخبار ، ولعلّ
الفقيهين فهما أنه لا يتحقّق إلّا كذلك مع احتمال كون الواقع كذلك إذ لا يحضرني
الآن وجدان خلافه على الندرة فتأمّل ويحتمل أن يكون المراد أنّ ذلك على سبيل المثل
يعني كثرة السهو يتحقّق أقلّها بثلاث متوالية مثل أن يكون ثلاث سهوات في ثلاث
صلوات متوالية أو في صلاة واحدة ، ولعلّ ذلك هو مراد ابن إدريس ومَن وافقه مثل
المحقّق الشيخ علي وغيره في كون ابتداء حدّ كثرة السهو هو الثلاث في صلاةٍ واحدة.
أو ثلاث صلوات متوالية ، لأنّ ابتداء درجة الكثرة عرفاً هو الثلاث ، والثلاث
المتفرّقة لا تكون من كثرة السهو ، لعدم انفكاك أكثر المصلّين عن الثلاث
__________________
(*) خبر
البناء.
.................................................................................................
______________________________________________________
المتفرّقة ،
وينبّه على ما قلناه أنّه قال في «سرائره» : الضرب الثاني من السهو الذّي لا حكم
له هو الذّي يكثر ويتواتر ، وحدّه أن يسهو في شيءٍ واحد أو فريضة ثلاث مرّات ..
إلى آخره ، فقد ذكر أوّلاً الكثرة والتواتر ، ثمّ قال : وحدّه إلى أنّ قال : أعني
ثلاث فرائض من الخمس فعدّ هذه الثلاث من الكثير المتواتر ، وظاهره أنّه أراد من
التواتر التوالي فإنّ فيه نوع توالٍ. وكيف كان فلا يثبت من الرواية خلاف ما اختاره
الأكثر ممّا هو الموافق للقاعدة المسلّمة عندهم ، انتهى كلامه دام ظلّه العالي مع زيادةٍ ونقصانٍ فيه. وبعد هذا كلّه
نسب المحدّث الكاشاني قولي ابن حمزة وابن إدريس إلى التحكّم والزور . وقد أطال الاستاذ أدام الله سبحانه حراسته في الردّ عليه في ذلك.
وهل يعتبر سقوط
حكم السهو في الرابعة أو الثالثة؟ خيرة «السرائر والموجز الحاوي وكشف الالتباس وفوائد الشرائع وشرح الألفية» للكركي «والغرية وإرشاد الجعفرية والمقاصد والروضة والرياض »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وغيرها الأوّل. وفي «الذكرى والذخيرة » أنّ رواية ابن أبي حمزة تحتمل الأمرين ، وظاهر «الدروس
والبيان » اختيار السقوط في الرابعة حيث قال فيهما : فيبني على
فعل ما شكّ فيه لدلالة الفاء على التعقيب. وفي «السهوية» أنّه أحوط. وفي «المصابيح»
أنّه أقرب إلى فهم العرف .
قلت : الرواية
على ما فسّرها به وقرّبه تعضد السقوط في الثالثة كما فهمه المولى الأردبيلي وقرّبه إلّا أن تقول الفاء في الخبر تفيد التعقيب
فيتعلّق بالرابعة كما احتمله في «الذكرى ».
وفي «المسالك والمقاصد والروض والروضة والرياض » متى حكم بالثبوت بالثلاث تحقّق الحكم بالرابع ويستمرّ
إلى أن يخلو من الشكّ أو السهو فرائض يتحقّق فيها الوصف فيتعلّق حكم السهو الطارئ
: قال في «الرياض» هذا إن حدّدناها بالثلاثة ، ويحتمل مطلقاً كما في الذكرى ، وبه
قطع في الروض والروضة وهو حسَن إن صدق زوال الكثرة عرفاً بذلك ، وإلّا فلا يتعلّق
حكم السهو الطارئ إلّا بزوال الشكّ عرفاً غالباً كما أفتى به في الذكرى أوّلاً وهو
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الأقوى وإن كان الأوّل محتملاً ، انتهى . ومراده بقوله «يحتمل مطلقاً» أنّه يزول بالثلاث وإن لم
نحكم بتحقّق كثرة السهو بها ، وما نسبه إلي الروض والروضة من القطع بذلك فغير واضح
، لأنّه في الكتابين جعل المرجع في الكثرة إلى العرف وقال : إنّ ذلك يحصل بالتوالي
ثلاثاً وإن كان في فرائض ، ومراده بتحقّق الوصف أن تخلو الفرائض بعد السهو بعدد
الفرائض الّتي تحقّق بها كثرة السهو وحاصله التسوية بين الذكر والشكّ كما هو خيرة
المحقّق الكركي في «فوائد الشرائع وتعليق الإرشاد والنافع» ومال إليه في «السهوية». وأمّا عبارة «الذكرى»
فهي هذه : الثالث لو حكم بالكثرة ثمّ زال شكّه غالباً ثمّ عرض من بعد أتى بما يجب
فيه من الأحكام حتّى يعود إلى الكثرة فيعود العفو وهكذا ، وهل يكتفي في زواله
بتوالي ثلاث بغير شكّ؟ يحتمل ذلك تسوية بين الذكر والشكّ ، انتهى فتأمّل فيه.
وفي «الموجز
الحاوي وكشف الالتباس وغاية المرام » الجزم بالزوال بتوالي الثلاث من غير شكّ ، وقرّبه
مولانا المجلسي . وفي «شرح الألفية» للمحقّق الكركي تزول الكثرة بتوالي
ثلاث بغير شكّ إلّا أن يكون ثبوتها بالعرف فيحال عليه . وفي «الكفاية » المدار على العرف. وفي «المهذّب البارع» أنّ الكثرة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
تنقطع بصلاة واحدة يصلّيها خالية عن الشكّ فإن عرض له بعدها شكّ في صلاة
اخرى تداركه انتهى فتأمّل. وفي «الذكرى والسهوية والمدارك والذخيرة والمصابيح والرياض والشافية» وكذا «الجعفرية وشرحيها » أنّه لو كثر شكّه في فعلٍ بعينه بنى على فعله ، فلو
شكّ في غيره فالظاهر البناء عليه لصدق الكثرة. واستحسنه المجلسي .
وهل يعتبر في
مراتب السهو الّتي تحقّقت معها الكثرة أن يكون كلّ منها موجباً لشيء من نقص أو
تدارك أم يكفي حصول السهو مطلقاً كالسهو في النافلة والسهو الذّي غلب على ظنّه فيه
أحد الجانبين بعد التروّي؟ قال المحقّق الثاني في «فوائد الشرائع وتعليق الإرشاد » : لا أعلم بذلك تصريحاً واختار الأوّل ، وهو خيرة «السهوية
والمسالك والمجمع » وفي «الرياض » أنّه أجود ، ونسبه مولانا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المجلسي في «أربعينه » إلى جماعة ومال إليه أو قال به ، ونسب الاحتمال الثاني
إلى الأكثر وهو غريب وكأنّه فهمه من إطلاق كلامهم. وفي «الروض والمقاصد والذخيرة » فيه وجهان ناشئان من إطلاق النصّ واعتبار المشقّة.
وفي «المبسوط والخلاف والوسيلة والتذكرة والذكرى » أنّه لو سها عن أربع سجدات في فريضة وتخلّل الذكر أنّه
يسجد ثماني سجدات وهذا منهم إمّا مبنيّ على اعتبار كون الكثرة في ثلاث فرائض أو
على عدم سقوط موجب السهو واختصاص الحكم بالشكّ أو على اختصاص الحكم بصورة يتخلّل
تحقّق الموجب ، لأنّ سقوط الحكم مع الكثرة للحرج ولم يحصل في الفريضة الواحدة ،
لأنّه لم يفعل موجب السهو لثلاث قبل حصول الرابع. وفي «الروض والمقاصد » أنّه يسجد للسهو ستّ سجدات. وفي «الذخيرة» أو أربع
بناءً على الاحتمالين من اعتبار السقوط في الثالث أو الرابع بناءً على عدم
التداخل. وأمّا على القول بالتداخل فيسجد سجدتين. واحتمل في الذكرى الاجتزاء
بسجدتين وإن لم يقل بالتداخل محتجّاً بدخوله في حيّز الكثرة ، قال : أمّا لو كان
سهوه متّصلاً فالظاهر أنّه لا يدخل في الكثرة. ومراده بالمتّصل ما لم يذكره إلّا
بعد نسيان
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الجميع . وفي «الروض والمقاصد » أنّه غير واضح ، لأنّ اللازم من ذلك لزوم ستّ أو أربع.
وقال في «الذخيرة» : إنّ كلامه هذا يعلم منه أنّ الكثرة عنده تحقّق بالثانية . وفي «الروض والمقاصد والسهويه» أنّه لو ذكر قبل التسليم نسيان الأربع عاد
للأخير وسجد للسهو ستّ سجدات.
فروع
الأوّل
: الشكّ في الشيء
الواحد في الفريضة إن أوجب استئناف الصلاة تحقّقت الكثرة بالثالث مع التوالي. وإن
لم يوجب الاستئناف ، فإن تكرّر ثلاث مرّات ولاءاً فكالأوّل ، وإن لم يتكرّر أصلاً لم
تتحقّق إلّا إذا وجب تكرار الفريضة كذي الثياب الكثيرة المشتبهة بالنجس والأمكنة
المحصورة المشتبهة به والمتحيّر مع سعة الوقت.
الثاني
: لو شكّ
فأبطلها في غير موضعه عمداً أو بجهله بما يوجب الشكّ وأعاد الصلاة فشكّ ثانياً
فعمل بموجبه أو أبطلها كذلك واستأنف فشكّ ثالثاً فالظاهر عدم سقوط الحكم ، لأنّ
التوالي جاء من قِبله لا من قِبل الشكّ ، ويحتمل السقوط مطلقاً ويحتمل الفرق. أمّا
السقوط مطلقاً فلصدق توالي الشكّ ، وأمّا وجه الفرق بين الجاهل والعامد فلأنّ
الأوّل معذوراً إذ لا يجب على المصلّى معرفة أحكام السهو قبل الوقوع كما قيل ، فتأمّل.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الثالث
: لا فرق في
سقوط الحكم بعد الاتّصاف بالكثرة بين الأداء والقضاء عنه وعن الغير تحمّلاً أو
استئجاراً ولا بين السفر والحضر ولا بين اليومية وغيرها.
الرابع
: حكم ابتداء
الشكّ في الحضر ثمّ تحقّق الكثرة في السفر في عدم الالتفات حكم العكس ، وكذا
الأداء مع القضاء مطلقاً.
الخامس
: لو شكّ في
الغداة أو المغرب واستمرّ شكّه أعاد ، ولو شكّ فيهما مرّة ثانية وثالثة فكذلك ،
فلو عاوده في الرابعة لم يلتفت. وكذا الحال في اوليي الرباعية.
السادس
: لو شكّ في
إيقاع النيّة وكان في محلّه استأنف قبل صدق الكثرة ، وهل يبني معها على الوقوع
الظاهر؟ نعم ، لإطلاق النصّ والفتوى والاستئناف قويّ ، فتأمّل.
السابع
: لو شكّ هل نوى
ظهراً أو عصراً مثلاً أو فرضاً أو نفلاً بعد تحقّق الكثرة قبل التجاوز أو بعده مع
عدم العلم بما قام إليه؟ فالظاهر أنّه يستأنف ، لعدم الأولوية بأحد وجوه ما شكّ
فيه.
الثامن
: لا فرق في
البناء بعد الكثرة في مسائل الاحتياط بين المنصوصة وغيرها ، وحينئذٍ يبني فيما
تعلّق بالخامسة أو السادسة على ما يحصل معه صحّة الصلاة ، لأنّ النصوص نهت
بالاستلزام عن إبطال الصلاة بعد الكثرة ، ولا يتخلّص من النهي إلّا بارتكاب ذلك.
وقال الجماعة : لو شكّ في لحوق مبطل لم يلتفت ، فتأمّل.
التاسع
: لو شكّ بعد
الحكم بالكثرة في أنّ الخالي عن الشكّ فريضتان أو ثلاث فالترخّص باق ، إذ لا يزول
إلّا بتيقّن خلوّ الثلاث على القول به لا بالشك في الخلو.
__________________
أو سها الإمام مع حفظ المأموم وبالعكس فإنّه لا يلتفت في ذلك كلّه.
______________________________________________________
العاشر
: لو شكّ في كلّ
واحدة من ثلاث شكّاً يغلب معه الظنّ احتمل زوال الكثرة ،
لعدم الاعتداد
بذلك في سقوط الحكم ابتداءً ، واحتمل عدم الزوال لصدق حصول الشكّ ، ولعلّ الأوّل
أقرب ، وكذا الحال لو كان الشكّ في شيء بعد الانتقال عن محلّه في كلّ واحدة من
الثلاث ، وكذا الاحتمالان لو شكّ في الغداة بعد تحقّق الكثرة وبنى ثمّ صلّى الظهر
والعصر فلم يشكّ فيهما ثمّ صلّى المغرب فشكّ فيها وبنى ثمّ صلّى العشاء ولم يشكّ
فيها ثمّ صلّى الغداة فلم يشكّ فيها ففي زوال سهوه بالتلفيق بالنظر إلى الظهر
والعصر مع هاتين نظر ، ويجيء على قول ابن إدريس في تحقّق الكثرة الزوال ، فتأمّل.
الحادي
عشر : لو صار كثير
الكلام في الصلوات سهواً فالحكم ما مرّ ، وكذا السلام في غير موضعه. وكذا لو صار
كثير اللحن سهواً فإنّه يسقط السجود عند مَن قال به له.
الثاني
عشر : نقل في «السهوية»
عن ابن إدريس أنّه لو شكّ في شيء من أفعال الوضوء وهو على حاله بعد صدق الكثرة لم
يلتفت وبنى على وقوع ما شكّ فيه واختاره فيها .
[سهو الإمام مع حفظ
المأموم وبالعكس]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
سها الإمام مع حفظ المأموم وبالعكس). قال ثقة الإسلام في فتاواه والشيخ في «النهاية »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وغيرهما : لا سهو على الإمام إذا حفظ عليه من خلفه ، ولا سهو
على مَن خلف الإمام. وقد وقعت عبارة الكتاب في كثير من المتون وفسّر السهو
الشارحون والمحشّون بالشكّ ، ونحن نذكر كلام الأصحاب أوّلاً في سهو الإمام
والمأموم بالمعنى المتعارف ونردفه بذكر كلامهم في الشكّ إذا حصر لهما أو لأحدهما ،
فنقول :
قال في «الذخيرة»
: المشهور بين الأصحاب أنّه إذا اختصّ السهو بالإمام سجد له خاصّة دون المأموم . وفي «الغرية» أنّه مذهب الأكثر. وفي «أربعين» مولانا
العلّامة المجلسي وفي «الرياض» أنّه الأشهربين المتأخّرين . وهو خيرة «المعتبر والمنتهى» على ما نقل عنه و «التحرير والتلخيص والمختلف والتذكرة وفوائد الشرائع وتعليق الإرشاد والدرّة والكفاية والمفاتيح والشافية». وفي «الروض
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمقاصد » أنّه أجود. وفي «كشف الالتباس» هو جيّد . وإليه مال في «الروضة» حيث قال : أمكن . وفي «المبسوط والوسيلة والسرائر » أنّه يجب على المأموم متابعته في سجود السهو وإن لم
يعرض له السبب. وظاهر «البيان» التردّد كصريح «الذخيرة ». وفي «الدروس والروض والروضة والمقاصد » أنّه أحوط. وفي «المنتهى » على ما نقل عنه و «الغرية» أنّه مذهب فقهاء الجمهور
كافّة. وفي «الأربعين» أنّه مشهور بين العامّة .
وإذا اختصّ
السهو بالمأموم فلا خلاف في عدم وجوب شيء على الإمام كما في «مجمع البرهان والغرية والأربعين ».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وهل يجب على
المأموم حينئذٍ أن يأتي بموجب سهوه؟ ففي «المجمع» أنّ المشهور الوجوب وفي «الأربعين والرياض » أنّه الأشهر. وهو خيرة «المنتهي » على ما نقل عنه و «المختلف والتحرير وفوائد الشرائع وتعليق الإرشاد ومجمع البرهان والشافية والمفاتيح والموجز الحاوي » في موضعٍ منه ، لأنّه قد اختلف قولاه فيه. وهو ظاهر «الروض
». وفي «الأربعين» أنّه أقوى . وفي «الدروس» أنّه أحوط : وكأنّه في «البيان» متوقّف . وقد يظهر منه موافقة الشيخ كما ستعرف. وتردّد في «الذخيرة
والكفاية » كظاهر «الروضة ». وفي «التذكرة» أنّه لو قيل به كان وجهاً ،
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
انتهى. وفي موضع من «كشف الالتباس» أنّه لم يقل به غير العلّامة وحده ،
وتبعه أبو العبّاس في موضعٍ من الموجز ، وفي آخر وافق الأصحاب .
وظاهر «الفقية والمقنع والمبسوط » وكذا «الكافي » كصريح «جُمل العلم والعمل والخلاف والمعتبر والتذكرة والذكرى والموجز الحاوي وكشف الالتباس والمقاصد » أنّه لا حكم لسهو المأموم حينئذٍ ولا يجب عليه سجود
السهو. وفي «الخلاف» الإجماع عليه . ونقل عن علم الهدى أنّه نقله عن جميع الفقهاء إلّا مكحولاً ،
وكأنّه ذكر ذلك في «المصباح». وفي «كشف الالتباس» أنّه المشهور بين أصحابنا ، وقد نسبه جماعة إلى صريح «المبسوط» وليس فيه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
إلّا قوله : ولا سهو على المأموم إذا حفظ الإمام ، ونسبه جماعة إلى صريح «البيان
» والذي ظهر لي منه أنّه ظاهره وظاهر «الهلالية».
وليعلم أنّه
قال في «المعتبر» : ما يسهو عنه المأموم إن كان محلّه باقياً تداركه ، وإن تجاوز
وكان مبطلاً بطلت ، وإلّا فلا قضاء ولا سجود سهو . وفي «التذكرة والذكرى والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس والسهوية» أنّه يقضي إن كان ممّا له قضاء ولا يسجد
للسهو. وفي الأخير في موضعين منه أنّه المشهور. وفي «الذكرى» أنّ ذلك كلّه ظاهر
المبسوط والخلاف . قلت : فيكون ظاهر «جُمل العلم » وغيره ممّا تقدّم. وفي الثلاثة الأخيرة : أنّ المأموم لو نسي السجدتين حتّى ركع قبل إمامه
ناسياً وكذلك الركوع رجع فتدارك الركوع والسجود.
وفرّع في «الذكرى
» وغيره على قول الشيخ أنّه لو سها المأموم بعد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
تسليم الإمام لم يتحمّله الإمام ، وكذا لو نوى الإفراد ثمّ سها.
وفرّع في «الذكرى
والبيان » على مذهب الشيخ في وجوب متابعة المأموم للإمام أنّه لو
رأى الإمام يسجد وجب عليه السجود وإن لم يعلم عروض (وجود خ ل) السبب ، لأنّ الظاهر
أنّه يؤدّي ما وجب ولعدم شرعيّة التطوّع بسجود السهو. واعترضه المولى الأردبيلي
باحتمال أن يكون قد عرض له السبب في صلاة اخرى وذكره في هذا الوقت .
وفي «المبسوط والخلاف » لو عرض للإمام السبب فلم يسجد إمّا تعمّداً أو نسياناً
وجب على المأموم الجبر. وفي «التذكرة» لم يجب على المأموم السجود . قال في «الذكرى» وربما قيل : إنّه يبني على أنّ سجود
المأموم هل هو لسهو الإمام ونقص صلاته أو لوجوب المتابعة فيسجد على الأوّل وإن لم
يسجد الإمام وعلى الثاني لا يسجد إلّا لسجوده . قلت : هذا التوجيه ذكره جماعة من العامّة .
وفي «التذكرة والبيان والذكرى والأربعين » أنّه لو سها الإمام قبل اقتداء المسبوق فالأقرب عدم
وجوب المتابعة ، بل في «البيان» القطع به ، وفيه أيضاً : أنّه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
لو ترك الإمام سجدتين فسبّح به المأموم فلم يرجع نوى الانفراد ولو كانت
واحدة استمرّ ، وبالأخير صرّح في «التذكرة ». وفيه أيضاً وفي «التذكرة» أنّه لو سلّم قبل الإمام لظنّه سلامه
احتمل الاجتزاء ، ولو قلنا بعدم الإجزاء سلّم مع الإمام وسجد للسهو إن قلنا بعدم
التحمّل . وفي «الذكرى» الظاهر أنّ المأموم يعيد التسليم ولا
سجود عليه .
وفي «التذكرة والبيان ظ» لو ظنّ المسبوق سلام الإمام ففارقه وأتمّ فتبيّن عدم
سلامه أجزأه فعله. وفي «الذكرى» لو عرض للإمام السبب ثمّ زال عن الإمامة إمّا
عمداً أو لسبب من حدث ونحوه ففي وجوب السجود على المأموم وجهان. وفيها أيضاً :
إنمّا يتحمّل الإمام إذا كانت صلاته صحيحة فلو بان عدم طهارته لم يتحمّل . وفي «المقنع والفقية » إذا اختلف على الإمام من خلفه فعليه وعليهم في
الاحتياط الإعادة والأخذ بالجزم. وفي «النهاية» إذا سها الإمام والمأمومون جميعاً
أو أكثرهم أعادوا الصلاة احتياطاً ، وهو خلاف ما في «المبسوط ».
وفي «التذكرة»
لو اشترك السهو بينهما فإن سجد الإمام تبعه المأموم بنيّة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الائتمام أو الانفراد إن شاء ، ولو لم يسجد الإمام سجد المأموم وبالعكس . وفي «الوسيلة» إذا اشترك السهو بينهما عملاً بمقتضي
سهوهما . قلت : سواء اتحد أو اختلف. فالأوّل كما إذا تركا سجدة
وذكراها بعد الركوع مضيا وقضياها وسجدا للسهو ، ولو ذكراها قبله تلافياها. والثاني
كما إذا ذكر الإمام السجدة المنسية بعد الركوع والمأموم قبله ، أتى المأموم بها
ولحق الإمام ، والإمام يقضيها بعد الصلاة وفي سجودهما للسهو ما مرّ ، ولو كان المنسي
السجدتين في هذا الفرض بطلت صلاة الإمام وينفرد المأموم بصحّة صلاته وقيل بالبطلان
في المأموم أيضاً. هذا تمام الكلام في حكم السهو.
وأمّا الشكّ
ففي «المدارك والذخيرة » أنّ الأصحاب قطعوا بأنّه لا شكّ على الإمام مع حفظ
المأموم وبالعكس. وفي «كشف الالتباس» نسبته إلى الأصحاب وفي «المفاتيح والرياض » لا خلاف فيه.
وفي «أربعين
المجلسي» أنّ المشهور أنّه لا فرق في رجوع الإمام إلى المأموم بين كون المأموم
ذكراً أو انثى ولا بين كونه عدلاً أو فاسقاً ولا بين كونه واحداً أو متعدّداً مع
اتّفاقهم ولا بين حصول الظنّ بقولهم أم لا . وفي «المدارك» أنّ إطلاق النصّ وكلام الأصحاب يقتضي
عدم الفرق في المأموم بين الذكر والانثى ولا بين العدل والفاسق ولا بين المتّحد
والمتعدّد قلت : وبذلك صرّح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المحقّق الثاني في «تعليقيه » والشهيد الثاني والخراساني . وفي «الدرّة» نسبة التعويل على المأموم وإن كان غير
عدل إلى الأصحاب.
واحتمل في «المسالك»
الجواز في الصبي المميّز وفي «المجمع والكفاية والذخيرة والأربعين » التأمّل فيه إلّا إذا أفاد الظنّ. وفي «المصابيح» أنّ
فيه وفي المرأة إذا لم يحصل منهما الظنّ إشكالاً ، وفي «فوائد الشرائع وتعليق الإرشاد » لا يرجع إلى الصبي لعدم الاعتداد بقوله. وقال في «شرحه
على الألفية» : لا يعوّل على قوله وإن أفاد الظنّ .
وقال أبو
العبّاس والمحقّق الثاني في «شرح الألفية » والصيمري والشهيد الثاني وسبطه والمجلسي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والخراساني وغيرهم : أنّه لا يتعدّى الحكم إلى غير المأموم وإن كان عدلاً.
وقال هؤلاء جميعاً ما عدا الكركي : نعم لو أفاد الظنّ عوّل عليه ، ونقل ذلك عن «نهاية
الإحكام ». وفي «كشف الالتباس» لا يعوّل عليه وإن تعدّد ما لم
يفد الظنّ .
هذا وفي «مجمع
البرهان» العمل بقول الصبي متداول بين المسلمين في قبول الهدية والإذن بدخول البيت
وأخذ الوديعة منه ، فلا يبعد الرجوع إليه مع حصول الظنّ والاعتماد على أنّه لم
يكذب ، وكذا في سائر الامور مثل قبول قوله في تطهير النجس ، انتهى. ولا يخفى ما فيه والأولى التمسّك بالإطلاق
وأخّرناه عن محلّه لنكتة.
وليعلم أنّ
قضية كلام الأصحاب في المقام أنّه يجب على كلٍّ من الإمام والمأموم الرجوع إلى
الآخر وإن لم يحصل له ظنّ من قوله أو فعله. وقد سمعت ما قاله مولانا المجلسي من
أنّه هو المشهور ، وبذلك صرّح جماعة منهم ، وناهيك بما في «المقاصد والروض والروضة » حيث جوّز الاعتماد على قول غير المأموم إذا حصل من
قوله ظنّ وقال : إنّه خارج عن التعويل على ثالثٍ بل عمل بالظنّ. واعترضه في «مجمع
البرهان» بأنّه يلزم على هذا خروج عمل أحدهما بقول الآخر أيضاً ، لأنّه حصل منه
الظنّ ولأجله عمل ، فلو لم يحصل لم يعمل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
العمل ، وإن احتمل لإطلاق الخبر لكنّه بعيد خصوصاً إذا حصل الظنّ بخلافه ، انتهى.
والحاصل إنمّا
وجدنا من تأمّل في ذلك ممّن تعرّض لهذا الفرع سوى المولى المذكور والاستاذ أدام
الله حراسته في «المصابيح» حيث قال : والمذكور في عبارة غير واحد من المتأخّرين
رجوع كلٍّ منهما إلى الآخر وإن كان باقياً شكّه ، ولذا ورد في الأخبار أنّه لا سهو
للإمام والمأموم مع حفظ الآخر ، فتعرّض فيها أنّه لا سهو له لا أنّه لا حكم له كما
هو الشأن في كثير السهو وفي السهو في السهو ، وأيّده بأنّه لو كان ذلك لحصول الظنّ
لم يكن للتعرّض لذكرهما بالخصوص وجه ، قال : وهذا أظهر بالنسبة إلى ظواهر الأخبار
والفتاوى. ثمّ إنّ ظواهر الأخبار ما عدا المرسلة عدم العبرة بشكّهما أصلاً
والمرسلة هي المقيّدة لذلك الناصّة على الرجوع إلى الآخر مع الحفظ وظاهر أنّ
الرجوع إلى الآخر هو الاستناد إليه والاعتماد عليه ، وحيث لم يحصل له مظنّة أصلاً
فلعلّ الرجوع في غاية البُعد حتّى في إطلاقات الفتاوى ولو اعتبر ما ذكر لزم الرجوع
وإن حصل الوهم لعدم التفاوت بالنسبة إليه في إطلاق النصّ والفتوى ، واستثناء صورة
الوهم من إجماع وغيره يتوقّف على ظهوره وثبوته إذا كان الرجوع من باب التعبّد لا
غير ، ولم يظهر أولوية احتياط في ذلك خاصّة لا من نصٍّ ولا فقيه ، إذ هؤلاء بنوا
على أنّ رجوع كلٍّ منهما إلى الآخر خارج عن قاعدة مراعاة الظنّ واعتباره ، فإذا
كان خارجاً عنها مبنيّاً على مجرّد التعبّد لا جرم يكون ظاهر النصّ والفتوى شاملاً
لصورة الوهم ولا دليل على خروجها ، مثلاً إذا شكّ الإمام بين الثنتين والأربع
والمأموم بناؤه على الثلاث لا غير والإمام ظانّ بعدم الثلاث يكون على الإمام
الرجوع إلى المأموم وإن كانت الثلاث عنده موهومة وهؤلاء حكموا بعدم رجوع الإمام
إلى المأموم حينئذٍ ، ووجوب رجوعه إلي العمل بمقتضى شكّه مع دعواهم خروج رجوع كلّ
منهما إلى
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الآخر عن القاعدة بناءً على أنّ النصّ والفتوى مطلقاً غير مقيّدين بحصول
الظنّ ، فمن أين يظهر التقييد بخصوص عدم الوهم مع كون البناء على مجرّد التعبّد . وقد أطال أدام الله سبحانه حراسته الكلام في المقام
وهذا نبذ منه مع اختصار فيه.
ونحن نقول كما
أشار إليه في أثناء كلامه : إنّ الظاهر من قوله عليهالسلام في المرسلة التّي هي الأصل في الباب «إذا حفظ عليه من
خلفه » عدم كون هذا الحفظ موهوماً كما أنّها يخرج عنها ما إذا قطع الإمام بفساد
حفظ من خلفه فتكون منجبرة بفتاوى الفقهاء ، ومن لم يقل بالانجبار يكون المستند
عنده الفتاوى وموافقة الاعتبار. ويبقى الكلام فيما إذا كان الحفظ مشكوكاً إذ
المتبادر منها حصول الرجحان للإمام من الحفظ وأنّ وجوده في نظره ليس كعدمه
فليتأمّل جيّداً. ولا مانع من العمل بالإطلاقات من النصّ والفتوى المؤيّدة بما
ذكره الاستاذ في صدر كلامه ، والبُعد مع التعبّد لا يلتفت إليه إلّا أنّ إبقاءها
على إطلاقها فيه ما فيه والمسألة من المشكلات.
وفي «فوائد
الشرائع والميسية والروض والذخيرة والكفاية والمدارك » أنّه لا فرق بين الأفعال والركعات. وفي الأخير نسبته
إلى الأصحاب.
وفي «المسالك والروض والكفاية » يكفي تنبيه الحافظ بتسبيحٍ ونحوه.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ومقتضى النصوص
والفتاوى كما في «المصابيح» رجوع كلٍّ منهما إلى يقين صاحبه . وفي «مجمع البرهان والذخيرة » أنّه لا ريب فيه. وفي «الميسية والمقاصد والروض والروضة والمفاتيح » أنّه يرجع الشاكّ إلي ظنّ صاحبه ، ومال إليه المحقّق
الأردبيلي والمولى الخراساني والاستاذ دام ظلّه وسبطه شيخنا صاحب «الرياض » دامت حراسته على تأمّل. وفي «الميسية» وما بعدها من
الكتب الأربعة أنّ الظانّ يرجع إلى يقين الآخر. وفي «مجمع البرهان والذخيرة والمصابيح» أنّ رجوعه إليه مشكل ، لأنّه مكلّف بالعمل
بظنّه إلّا إذا حصل له ظنّ أقوى. وفي الأخير : وإذا تساوى الظنّان تساقطا فيبقى
حكم الشكّ فيعمل بمقتضاه .
واحتمل في «مجمع
البرهان» الرجوع أيضاً عند التساوي . وفي «الرياض»
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الحكم برجوع الظانّ إلى يقين الآخر مشكل إن لم يكن إجماعاً ، وتوجيهه بأنّ
الظنّ في باب الشكّ بمنزلة اليقين ضعيف ، لمنع المنزلة بالنسبة إلى غير الظانّ.
كيف لا وهو أوّل المسألة وتسليمها بالنسبة إليه لا يجدي نفعاً ، فعدم الرجوع أقوى
إن لم يفد ظنّاً وإلّا فالرجوع متعيّن كما يتعيّن على الظانّ الرجوع إلى المتيقّن
إذا أفاده الرجوع ظنّاً أقوى من ظنّه وإن قلنا بالمنع فيه أيضاً مع عدم إفادة
الرجوع الظنّ الأقوى لكنّه خروج عن محلّ البحث وهو رجوع كلٍّ منهما إلى الآخر مع
حفظه مطلقاً ولو لم يفده ظنّاً كما يقتضيه إطلاق النصوص والفتاوى ، انتهى فتأمّل فيه.
وقال مولانا
العلّامة المجلسي : إنّ الأشهر رجوع الإمام الظانّ إلى المأمومين المتيقّنين إذا
كانوا متّفقين وإنّ الأشهر فيما إذا تيقّن المأمومون واختلفوا مع ظنّ الإمام
بخلافهم الانفراد ، وقال : إنّه أظهر. وقال : إنّ المشهور فيما إذا تيقّن الإمام
وظنّ المأمومون بخلافه متّفقين أو مختلفين رجوع المأمومين إلى الإمام ، وقال :
إنّه الأقوى. وقال : إنّ المشهور أنّه إذا ظنّ الإمام أو المأموم مع شكّ الآخر
أنّه يرجع الشاكّ إلى الظانّ ، وقال : ظاهر الأصحاب أنّه لو كان كلّ منهما ظانّاً
بخلاف الآخر عدم رجوع أحدهما إلى الآخر ، وقال : إنّ الأشهر الأظهر فيما إذا شكّ
الإمام. وبعض المأمومين مختلفين في الشكّ أو متّفقين مع يقين بعض المأمومين أنّ
الإمام يرجع إلي المتيقّن والشاكّ من المأمومين إلى الإمام .
وفي «الروضة » وغيرها لو اتفقا على الظنّ واختلف محلّه تعيّن الانفراد. قلت :
كما إذا ظنّ الإمام الثلاث والمأموم الاثنتين ، وفي ذلك إيماء إلى عدم التعويل على
الوهم.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الميسية
والروض والروضة والمسالك والذخيرة » وغيرها أنّه لو اختلف الإمام والمأموم فإن جمع شكّهما رابطة
رجعا إليها ، وقال مولانا المجلسي : إنّه المشهور ، ومثّلوه بما لو شكّ الإمام بين
الاثنتين والثلاث والمأموم بين الثلاث والأربع ، قالوا : فيرجعان إلى الثلاث ،
قالوا : وكذا الحال في العكس. وقال في «الروض» إنّ بعض المتأخّرين اختار في الاولى
وجوب الانفراد واختصاص كلّ منهما بشكّه مع موافقته على الصورة الثانية ولا وجه لها
. ونقل جماعة ممّن تأخّر عنه حكاية نقل هذا الفرق وقالوا أيضاً : لا
وجه له. قلت : لعلّه في «الروض» أشار إلى ما في «الموجز الحاوي» فإنّه قال فيه :
لو شكّ الإمام بين الإثنتين والثلاث والمأموم بين الثلاث والأربع وجب الانفراد ،
ولو انعكس فلا سهو ووجب الإتمام بركعة . وقال الصيمري في شرحه : إنمّا وجب على المأموم
الانفراد ، لأنّه شكّ في شيء لم يحفظه عليه الإمام فلا يسقط عنه حكمه ولا سهو على
الإمام لحفظ المأموم أنّها ثلاث بيقين ، فيجب عليه الإتمام بركعة ولا احتياط عليه
، وأمّا العكس وهو ما إذا شكّ الإمام بين الثلاث والأربع والمأموم بين الاثنتين
والثلاث فقد قال المصنّف : لا سهو ووجب الإتمام بركعة وأطلق القول.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي إطلاقه غموض ، لأنّه يفهم منه أنّه لا سهو عليهما ويجب عليهما الإتمام
بركعة وهو باطل ، بل مراده فلا سهو على المأموم لحفظ الإمام أنّها ثلاث بيقين
فيتمّ بركعة مع وجوب السهو على الإمام لحصول موجبه فيبني على الأربع ويحتاط بركعة
، فهي عكس الاولى في الشكّ والحكم ، انتهى.
وقال في «السهوية»
: إذا شكّ المأموم بين الثلاث والأربع والإمام بين الاثنتين والثلاث ، قيل : فيه
احتمالات : رجوع الإمام إلى يقين المأموم وهو الثلاث ، الثاني رجوعه إلى شكّ
المأموم وهو الأربع ، والثالث وجوب الانفراد ، لضعف الأوّل بالبناء على الأقلّ
وضعف الثاني برجوعه إلى يقين المأموم لا إلى شكّه ، انتهى وكلامهم كما ترى. وقال
مولانا المجلسي : ربما قيل بانفراد كلٍّ منهما حينئذٍ بشكّه ، وربّما يستأنس له
بما يظهر من مرسلة يونس من عدم رجوع أحدهما إلى الآخر مع شكّ الآخر ، ويمكن أن
يقال : إنّه ليس الرجوع هنا فيما شكّا فيه ، بل فيما أيقنابه ، ولعلّ اختيار
الرابطة والإتمام والإعادة أيضا أحوط .
وفي «الروض والمقاصد والمجمع والذخيرة » وغيرها لا فرق مع وجود الرابطة بين كون شكّ أحدهما موجباً
للبطلان وعدمه ، وفي «الأربعين » أنّه المشهور ، ومثّلوه بما لو شكّ أحدهما بين الثلاث
والخمس والآخر بين الاثنتين والثلاث ، قالوا : فيرجعان إلى الثلاث. وقال الشهيد
الثاني : وكذا لو كان شكّ كلّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
منهما منفرداً بحكم كما لو شكّ أحدهما بين الاثنتين والثلاث والأربع والآخر
بين الثلاث والأربع والخمس فإنّهما يرجعان إلى الشكّ بين الثلاث والأربع ويسقط
عنهما حكم ما عداه . وقد فرّعه المجلسي على المشهور.
وفي «الموجز
الحاوي وكشف الالتباس والروض والروضة والمقاصد والمسالك والذخيرة والمصابيح » أنّه لو كانت الرابطة شكّاً كما لو شكّ المأموم بين
الاثنتين والثلاث والأربع والإمام بين الثلاث والأربع سقط حكم الاثنتين عن المأموم
فيهما وصار شكّهما معاً بين الثلاث والأربع وهي رابطة. والتنصيص على الإمام
والمأموم في هذا المثال إنمّا هو في «الموجز وشرحه» خاصّة وما عداهما فقد عبّر
فيها بأحدهما والآخر ، قالوا : كما لو شكّ أحدهما .. إلى آخره ، فتأمّل فلعلّ
بينهما فرقاً.
وقال جماعة منهم : إنّه لو لم تجمعهما رابطة تعيّن الانفراد ولزم
كلّ منهما حكم شكّه كما لو شكّ أحدهما بين الاثنتين والثلاث والآخر بين الأربع
والخمس. وقال المجلسي : إنّه المشهور . وفي «الدرّة» لو تفرّد كلّ واحد منهما بعلم لم يجز
لأحدهما العمل بمحفوظ الآخر بل يعمل بمقتضى علم نفسه ، ولو قيل بوجوب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
اتباع المأموم الإمام كان له وجه.
وقال الشهيد
الثاني وجماعة : لو تعدّد المأمومون واختلفوا هم وإمامهم فالحكم ما
بيّنّاه في الرابطة وعدمها. وقال مولانا المجلسي : المشهور في هذه الصورة التفصيل
المتقدّم . قال الشهيد الثاني : لو لم يجمعهم رابطة كما لو شكّ
أحدهم بين الاثنتين والثلاث والآخر بين الثلاث والأربع والثالث بين الأربع والخمس
تعيّن الانفراد لكنّ الفرض لا يتحقّق إلّا مع ظنّ كلٍّ منهما انتفاء ما خرج عن
شكّه لا مع تيقّنه ، فإن تيقّن الأوّلين عدم الخمس ينفيها وتيقّن الأوّل عدم
الأربع ينفيها ، فلا يمكن فرض شكّ الثالث على هذا الوجه . وفيه : أنّه لو كان غرضه عدم إمكان تحقّق شكّ الثالث
مع يقين الآخر بنفي ما شكّ فيه ففيه أنّه لا تنافي بين يقين إنسان وشكّ آخر مع
أنّه لا اختصاص له بالثالث إذ الثالث أيضاً جازم بنفي ما يشكّ فيه الأوّل ، ولو
كان الغرض عدم الاعتناء بشكّه ولزوم الرجوع إلى الآخرين فهو قدسسره ممّن لم يفرّق في رجوع كلّ من الإمام والمأموم إلى
الآخر بين الظنّ واليقين. ولعلّ الاولى أن يقال : إن كان الشاكّ المفروض أنّه شكّ
ثانياً هو الإمام فلا يتصوّر له الرجوع إلى المأمومين لعدم اتفاقهم ولا إلى بعضهم
لعدم الترجيح إلّا أن يحصل له ظنّ ، وفي رجوع المأمومين إليه ما مرَّ ، ولا وجه
لرجوع بعض إلى بعض ، ويحتمل عدم انفراد الثالث عن الإمام ، لأنّه أيضاً يبني على
الأربع ، ويحتمل أن يرجع الثالث في نفي الخمس إلى الإمام وفي نفي الثلاث إلى علمه
فيبني على الأربع ، والأوّل يرجع إلى الإمام في نفي الاثنتين وفي نفي الأربع إلى
علمه فيبني على الثلاث ، هذا كلّه إذا كان الثاني الإمام. ولو كان الثالث
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الإمام فله مع البعض رابطة ولو كان الأوّل فله مع الثاني رابطة ، فتأمّل.
وقال في «الروض
» : متى حكم بالانفراد فمتى حفظ الإمام شيئاً عمل بمقتضاه ، ولو لم يعلم
شيئاً بطلت صلاته وعمل المأمومون بما يلزمهم من الحكم.
وقال الفاضل
الميسي والشهيد الثاني في كتبه الثلاثة وغيرهما : لو حفظ بعض المأمومين وشكّ البعض الآخر رجع الإمام
إلى مَن حفظ والمأموم الشاكّ إلى الإمام ، وقد سمعت أنّه قال في «الأربعين» : إنّه
الأشهر الأظهر . وفي «المصابيح » إن لم يحصل للإمام ظنّ فيه تأمّل ، وظاهر «الشرائع
والنافع» اشتراط اتفاق جميع المأمومين كما فهمه منهما المحقّق الكركي والشهيد الثاني وسبطه والاستاذ وسبطه أدام الله تعالى حراستهما وقالا : هو الأقوى كما هو
ظاهر المرسلة المجبورة ، نعم لو حصل الظنّ في موضع التعويل عليه اتجه. ونحو
ذلك ما في «المفاتيح » بل هو صريح في الحكم. ونفى في «المدارك »
__________________
والشاكّ في عدد النافلة يتخيّر ، ويستحبّ البناء على الأقلّ.
______________________________________________________
عنه البُعد. وفي «فوائد الشرائع » فيه تردّد. وفي «المسالك » اتّفاق الجميع كما هو مقتضى عبارة «الشرائع» غير شرط
مع عدم الاختلاف كحفظ بعض وشكّ الباقين.
[في الشكّ في عدد
النافلة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والشاكّ
في عدد النافلة يتخيّر ، ويستحبّ البناء على الأقلّ)
أمّا التخيير
وجواز البناء على الأكثر فمحلّ وفاق كما في «المعتبر والتذكرة والمنتهى » إلّا أنّه في الأخير على ما نقل قال : إلّا من ابن بابويه فإنّه جوّز البناء على الأقلّ
والإعادة. وكذا ظاهر «التهذيب» الإجماع حيث قال : عندنا . وفي «الذخيرة والرياض » الظاهر الاتّفاق عليه. وفي «الأمالي» عدّ من دين
الإماميّة أن لا سهو في النافلة ، فمن سها فيها بنى على ما شاء .
وأمّا أنّ
البناء على الأقلّ أفضل ففي «المعتبر » الإجماع عليه. وهو ظاهر «الذخيرة » حيث قال : عندهم. وفي «الرياض» لا خلاف
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فيه . وفي «المدارك» لا ريب فيه ، وهو صريح «التهذيب » والأكثر . وفي «الخلاف والغنية » الإجماع على أن لا سهو في النافلة. وهو ظاهر «التهذيب ». ونقل في «الخلاف» الخلاف عن أهل الخلاف وقال : إنّهم
قالوا : إنّ حكمها حكم الفريضة . وفي «التذكرة» الإجماع على أنّه لا يجبر سهوه بركعة
ولا سجود .
وفي «الكافي»
لمولانا ثقة الإسلام لا سهو في النافلة ولا اعادة فيها . ومثله في نفي السهو عن النافلة «المقنع وجُمل العلم والمبسوط والجُمل والعقود والمراسم والإشارة » وكثير ممّا تأخّر عنها «كالبيان » وغيره . وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الدروس» تبطل النافلة كما تبطل الفريضة ، وتفارقها في السورة والشكّ في
العدد والزيادة سهواً . وزاد في «الموجز الحاوي» فيما لا يبطلها ترك الرفع من
الركوع وترك طمأنينة منه وفي «الموجز» أيضاً : لو زاد سهواً في النافلة اغتفر
بلا جبران وإن كان ركناً لا أن فعل تركاً واجباً أو ترك فعلاً من مشخّصات الواجب
وإن لم يكن ركناً كتسبيح الركوع قلت : مراده أنّه ترك ذلك عمداً وقد وافقه على ذلك كلّه
صاحب «كشف الالتباس ».
وفي «فوائد
الشرائع» الظاهر أنّه لا فرق في الخلل الواقع في الصلاة بين الواجبة والمندوبة
إلّا في الشكّ فإنّه يتخيّر في البناء على الأقلّ والأكثر ، وقال : لا يجب سجود
السهو في النافلة على الظاهر ، ولا يحضرني في هذا كلام الأصحاب . وفي «الروض» حكمها في السهو عن الأفعال والأركان
والشكّ فيها في محلّه وبعد تجاوزه حكم الفريضة وأفردها عنها بالشكّ في العدد . ونحوه ما في «المدارك» حيث قال : لا فرق في مسائل
السهو والشكّ بين الفريضة والنافلة إلّا في الشكّ بين الأعداد وبلزوم سجدة السهو
فإن النافلة لا سجود فيها .
وفي «الذخيرة»
يحتمل أن يكون قوله عليهالسلام «ليس عليك سهو» رفع أحكام السهو بالكلّية . وفي «مجمع البرهان » الظاهر نفي جميع أحكام السهو المتقدّمة فلا تبطل
بالشكّ إذا كان ركعة أو ركعتين أو أكثر وعدم الالتفات مع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
تجاوز المحلّ وبدونه وعدم سجود السهو ولكن تكون بالبطلان بترك الركن
كالفريضة ، ويحتمل في الزيادة أيضاً ، ويمكن أولوية جميع ما يفعل في الفريضة حتى
السجود للكلام ناسياً ، انتهى.
وقد سلف لنا
النقل عن جماعة كثيرين وجوب سجدتي السهو لنسيان التكبير في صلاة العيد ، وظاهر «المنتهى»
هناك الإجماع عليه ، فليتأمّل جيّداً. وسلف لنا أيضاً في بحث الركوع ما له نفع في المقام.
وفي «الرياض»
أنّ عموم الأخبار يشمل الشكّ في الأفعال أيضاً مطلقاً أركاناً كانت أو غيرها قبل
تجاوز المحلّ أو بعده ، ويمكن استفادة الحكم فيها من الحكم بنفي الشكّ في العدد
بطريق أولى ، فالعموم أقوى إن لم يكن للإجماع مخالفاً وإن عمّمنا السهو المنفي
بحيث شمل المعنى المعروف كما هو الأقوى على ما قدّمناه في بحث كثير الشكّ أفاد نفي
موجبه من سجدتي السهو أيضاً كما صرّح به في المدارك تبعاً لظاهر الخلاف وصريح
المنتهى ، وظاهرهما بل صريح الأوّل عدم الخلاف فيه بيننا خلافاً للروض فجعل
النافلة هنا كالفريضة ، انتهى.
ونحن نقول إنّ
عدم ضرر الشكّ في النافلة وجواز البناء على الأكثر وعدم وجوب سجود السهو واضح من
الإجماعات والأخبار ، وكذا الشكّ في الأجزاء بعد التجاوز عن المحلّ ، مضافاً إلى
أنّه إذا لم يكن به بأس في الفريضة فالنافلة أولى ، وكذا الحال في السهو الذّي لا
تدارك فيه أو كان ولكنّه منحصر في سجود السهو ، وكذا الحال في الشكّ في الشيء قبل
تجاوز المحلّ فإنّا قد نقول فيه بالرجوع في النافلة كالفريضة ، لأنّه كلا شكّ
لمكان وقته ومحلّه وليس من الأفراد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المتبادرة من قوله عليهالسلام «لا سهو في النافلة » لأنّ السهو غير الشكّ واعتباره بحيث يكون ظاهراً محلّ
تأمّل فتأملّ ، فيدخل في عموم ما دلّ على الإتيان بما أمر به والامتثال ، وعلى ذلك
التقدير لا امتثال ويشمله خبر زرارة المتضمّن الشكّ في الأذان وقد دخل في الإقامة
وقوله عليهالسلام له : «إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فشكّك ليس بشيء » إلى غير ذلك ، فدعوى ظهور دخوله في قوله عليهالسلام «لا سهو في النافلة» بحيث يقابل هذه العمومات ويغلب عليها في محلّ التأمّل
، على أن التعارض بينهما من باب العموم والخصوص من وجه.
وأمّا السهوعن
الأجزاء الّتي تتدارك بعد الصلاة كالسجدة والتشهّد فلا تشارك النافلة فيه الفريضة
، لأنّ الأخبار إذا شملت نفي سجود السهو كان شمولها لنفي السهو عن الأجزاء أولى ،
لأنّ الأجزاء أقرب وأنسب إلي الركعة من سجود السهو الّذي ليس جزءاً ولا لازماً ،
بل هو نادر التحقّق غاية الندرة.
وبيان دلالة
الأخبار أنّ الإمام عليهالسلام نفى نفس السهو لا خصوص سجدتي السهو فكان نفي الأجزاء
أقرب وأنّ السائل إنّما سأل عن حكم السهو في النافلة ومراده مطلق السهو فأجابه عليهالسلام بأنّه لا سهو فيها. وترك الاستفصال في المقام يفيد
العموم ، ويظهر من المرسلة أنّ حكم نفي السهو في النافلة حكم نفي السهو عن الإمام
والمأموم لا حكم الاوليين وقضية ذلك أنّه يسجد في النافلة للسهو كما يسجد الإمام
والمأموم على ما هو مذهب جماعة كما مرَّ مع أنّك سمعت الإجماع على نفي السجود
للسهو في النافلة فكان نفي الأجزاء أقرب من وجهين ويؤيّد ذلك ما رواه ثقة الإسلام
عن الحلبي «قال : سألته عن رجل سها عن ركعتين من النافلة فلم يجلس بينهما حتّي قام
فركع في الثالثة؟ قال : يدع ركعة ويجلس ويتشهّد ويسلّم ثمّ يستأنف الصلاة بعد ». وروي أيضاً عن الصيقل عن
__________________
(المطلب الرابع) فيما
يوجب الاحتياط :
من شكّ بين
الاثنتين والثلاث أو بين الثلاث والأربع بنى على الأكثر وصلّى ركعة من قيام أو
ركعتين من
______________________________________________________
«الصادق عليهالسلام في الرجل يصلّي الركعتين من الوتر فيقوم فينسى التشهّد
حتى يركع ويذكر وهو راكع ، قال : يجلس من ركوعه فيتشهّد ثمّ يقوم فيتمّ. قال : قلت
: أليس قلت في الفريضة : إذا ذكر بعد ما يركع مضى ثمّ يسجد سجدتين بعد ما ينصرف
يتشهّد فيهما؟ قال : ليس النافلة كالفريضة » فإنّه يظهر من ذلك أنّ زيادة الركن سهواً أيضاً داخلة
في عموم قوله عليهالسلام في الصحيحة والمرسلة «لا سهو في النافلة» ولا تفاوت بين
الأركان في الزيادة سهواً ، وما ورد في بيان أحكام السهو في الفريضة قد اشتملت على
قرائن دالّة على إرادة الفريضة ، وما خلى عنها فإطلاقه منصرف إلى المتبادر وهو
الفريضة ، ولو سلّم عدم التبادر لا نسلّم تبادر النافلة بحيث يكون مقاوماً لما
ذكر.
وهل المراد من
البناء على الأكثر البناء عليه مطلقاً حتّى لو استلزم فساد النافلة كما يقتضيه
إطلاق عباراتهم أو إذا لم يستلزم فسادها وإلّا فالبناء على الأقلّ يكون متعيّناً؟
الظاهر الثاني من الإطلاقات في النصّ والفتوى سيّما على القول بحرمة إفساد النافلة
اختياراً كما في «الرياض والمصابيح» وفي الأخير : احتمال إبقاء الإطلاقات على إطلاقها
أعمّ من أن يكون الأكثر مصحّحاً أو مبطلاً ، قال : وكذلك الأقلّ ففي صورة البطلان
يعيد لكنّه بعيد ولا سيمّا في الأقلّ فلا تغفل ، انتهى.
[الرابع فيما يوجب
الاحتياط]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (من
شكّ بين الاثنتين والثلاث أو
__________________
جلوس.
______________________________________________________
بين
الثلاث والأربع بنى على الأكثر وصلّى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس) تخصيص هذه المسائل بالذكر لعموم البلوى وإلّا فصور
الشكّ أكثر من ذلك كما ستعرف. وفي «المسالك وروض الجنان » إنمّا خصّ هذه الأربع بالذكر من بين مسائل الشكّ لعموم
البلوى بها وكثرة وقوعها ، فمعرفة أحكامها واجبة عيناً ، ومثلها الشكّ بين الأربع
والخمس ، وباقي المسائل والفروع إنمّا يحتاج إليها نادراً فتجب معرفتها كفاية ،
انتهى. وقد يلوح من «الروض» أنّ ذلك لا مخالف فيه.
وربّما قيل
بأنّ معرفتها شرط في صحّة الصلاة. وفي «الروض» أنّ للتوقّف فيه مجالاً وفي «الذخيرة» أظنّ أنّ بعض المتأخّرين نقل عن السيّد
المرتضى أنّه حكى إجماع الأصحاب على الاشتراط المذكور . قلت : لعلّه حكى ذلك في المصباح لأنّا لم نجد ذلك فيما
حضرنا من كتبه ومسائله. وفي «الذخيرة» لا يبعد عدم اشتراط معرفة هذه المسائل في
صحّة الصلاة على مَن كان من عادته عدم عروض ذلك إلّا قليلاً .
واعلم أنّ كلّ
موضع يتعلّق فيه الشكّ بالاثنتين يشترط فيه إكمال السجدتين كما هو ظاهر الأصحاب
كما في «الذكرى والمدارك » وكذا «الذخيرة » والإكمال يتحقّق بالرفع من السجدة الثانية إجماعاً كما
في «المقاصد العلية » وربما اكتفى بعضهم بالركوع لصدق مسمّى الركعة . وفي «الذكرى
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفوائد الشرائع » لو كان ساجداً في الثانية ولمّا يرفع رأسه وتعلّق
الشكّ لم أستبعد صحّته ، لحصول مسمّى الركعة. وفي «المدارك» هو غير بعيد . وبه جزم في «الميسية والروض والروضة والمسالك والمقاصد العلية ،» لأنّ الرفع مقدّمة لواجب آخر ولا مدخلية له
في السجود. وفي «الذخيرة والكفاية والرياض » أنّه ضعيف ، لأنّ مقتضى الرواية اعتبار رفع الرأس من
السجدة. وفي «المصابيح» فيه تأمّل . قلت : يريدان أنّ مقتضى عموم صحيحة عبيد ومفهوم حسنة زرارة الإعادة في الصورة المذكورة. وفي «الدرّة» تكمل بإتمام
الذكر أو بالوضع على ما يصحّ السجود عليه على اختلاف الرأيين. قلت : والثاني خيرة «مجمع
البرهان ».
والبناء على الثلاث فيمن شكّ بين الاثنتين والثلاث قد ادّعى عليه الإجماع
في «الانتصار والخلاف والغنية » وظاهر «السرائر ومجمع البرهان ».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الأمالي» أنّه من دين الإمامية ، وهو المشهور كما في «التذكرة والمختلف والذكرى والتنقيح والمقتصر والمهذّب البارع وإرشاد الجعفرية والروض والروضة والدرّة ومجمع البرهان والمدارك والذخيرة والكفاية والجواهر». وفي «الذكرى» أيضاً نسبته إلى المعظم وأنّه
الأظهر في الفتاوى . وفي «التذكرة » أيضاً. و «التخليص والنجيبية والرياض » أنّه مذهب الأكثر. وفي «المصابيح» أنّه المشهور
والمعروف . وهو خيرة «الكافي » لمولانا ثقة الإسلام و «المقنعة وجُمل العلم والجُمل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والعقود
والنهاية والمبسوط والوسيلة والمراسم والإشارة » وغيرها ممّا ستعرفه. وفي «الهداية » الاقتصار على رواية عمّار الّتي عليها المدار. ونقل عن
الحسن جماعة أنّه ادّعى تواتر الأخبار في ذلك.
وفي «التذكرة والغرية» أنّ القول بإعادة الصلاة باطل إجماعاً. وفي «مجمع
البرهان» لا خلاف في الصحّة وعدم وجوب الإعادة ويأتي له عبارة اخرى نصّت في ظهور دعوى الإجماع فيما
نحن فيه.
وفي «الناصرية»
بعد قول الناصر في المسألة الثانية والمائة : من شكّ في الاوليين استأنف ومن شكّ
في الاخريين بنى على اليقين ما نصّه : هذا مذهبنا والصحيح عندنا وباقي الفقهاء
يخالفوننا في ذلك إلى أن قال : والدليل على صحّة ما ذهبنا إليه الإجماع . والبناء على اليقين هو ما أشار إليه في «الانتصار»
فإنّه قال بعد دعوى الإجماع : ولأنّ الاحتياط فيه أيضاً ، لأنّه إذا بنى على
النقصان لم يأمن أن يكون قد صلّى على الحقيقة الأزيد فيكون ما أتى به زيادة في
صلاته. ثمّ قال : فإذا قيل : وإذا بنى الأكثر كما تقولون فإنّه لا يأمن أن يكون
فعل الأقلّ فلا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ينفع ما فعله من الجبران ، لأنه منفصل من الصلاة ، قلنا : ما ذهبنا إليه
أحوط على كلّ حال ، لأنّ الإشفاق من الزيادة في الصلاة لا يجري مجرى الإشفاق من
تقديم السلام في غير موضعه . وقريب منه كلام أبي المكارم والفاضلين ، وكلامهما في «المعتبر والمنتهى » كغيرهما كالصريح بل هو صريح في أنّ البناء على اليقين
إنمّا يحصل بالبناء على الأكثر لا الأقلّ ، فظهر فساد ما قاله جماعة من الأصحاب من أنّ البناء على الأقلّ مذهب علم الهدى في
«الناصرية» مضافاً إلى أنّه في «الانتصار والجُمل» ذهب إلى ما عرفت ، وعلى ذلك
تنزّل الأخبار التّي تضمّنت البناء على اليقين وذلك بأن يقال : المراد
منها البناء على الأكثر ، وذلك هو المستفاد من الخبر المروي عن «قرب الإسناد» فإن
فيه «أنّ رجلاً صلّى ركعتين وشكّ في الثالثة ، قال : يبني على اليقين فإذا فرغ
تشهّد وقام وصلّى ركعة بفاتحة الكتاب » فتدبّر. وقال الاستاذ في «المصابيح» : يحتمل أن يكون
مراد السيّد أنّه على سبيل الجزم واليقين يعني يبني يقيناً لا أنّه يعيد الصلاة
مثل الشكّ في الاوليين ، انتهى.
وأمّا الأخبار
الاخر ممّا تضمّن البناء على الأقلّ فمع احتمال ورودها مورد التقيّة كما صرّح به
جماعة فيمكن أن يقال فيها : إنّ ذلك مطلق بالنسبة إلى وقت
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
البناء فيحتمل كونه بعد التسليم والخروج من الصلاة كما وجّه في «السرائر»
كلام المرتضى في الناصرية ظنّاً منه كون البناء على اليقين في كلامه هو البناء على
الأقلّ ، قال في جملة كلامه في التوجيه : فقبل سلامه يبني على الأكثر لأجل التسليم
وبعده يبني على الأقلّ ، كأنّه ما صلّى إلّا ما تيقّنه وما شكّ فيه يأتي به ليقطع
على براءة ذمّته . وقد تبع بذلك الشيخ في «الخلاف » فلا وجه لما في «المدارك» من أنّ المسألة قوية الإشكال
ولا لما في «مجمع البرهان والذخيرة والكفاية والمفاتيح » من أنّ القول بالتخيير متّجه أو أقرب أو أصوب كما هو
قول ابن بابويه ، مع أنّك قد سمعت قوله في «الأمالي» وما في «الهداية».
وقد أطال
الاستاذ أدام الله سبحانه حراسته في بيان مذهبه في الفقيه وأكثر من إقامة الشواهد
على أنّه فيه أيضاً غير مخالف. وقال أيّده الله تعالى في موضع آخر ما نصّه : ونقل
في المسألة أقوال اخر : منها قول الصدوق في «الفقيه» من تجويزه البناء على الأقلّ
أيضاً لكن عرفت فساده. ومنها قول والده من التخيير بين البناء على الأقلّ والتشهّد
في كلّ ركعة وبين البناء على الأكثر والعمل بمقتضاه. قال : وقد عرفت من عبارة
الأمالي فساد هذا النقل. وقال : ومنها ما نقل عن المقنع أنّه قال : «سئل الصادق عليهالسلام عمّن لا يدري اثنتين صلّى أم ثلاثاً ، قال : يعيد ،
فقيل : فأين ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الفقيه لا يعيد الصلاة؟ قال : إنّما ذاك في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الثلاث والأربع » قال أيّده الله تعالى : غير خفي أنّه رحمهالله تعالى ذكر مضمون ما ذكر في الفقيه مفتياً به كما عرفته
مشروحاً وأنّ ذلك مضمون صحيحة عبيد وأنّه ذكر ذلك لتصحيح ما أفتى به هناك من قوله
: مَن سها في الاوليين من كلّ صلاة فعليه الإعادة ، ومَن شكّ في المغرب فعليه
الإعادة ، ومَن شكّ في الغداة فعليه الإعادة ، ومَن شكّ في الجمعة فعليه الإعادة ،
ومَن شكّ في الثانية والثالثة أو في الثالثة والرابعة أخذ بالأكثر ، فإذا سلّم
أتمّ ما ظنّ أنّه قد نقص. ثمّ قال أي الصدوق : ومعنى الخبر الّذي روي أنّ الفقيه
لا يعيد الصلاة إنّما هو في الثلاث والأربع لا الاوليين فانظر أيّها الفطن أنّ ما
ذكره إنّما ذكره لتصحيح ما صرّح به من بطلان الشكّ في الاوليين وصحّته في الثانية
والثالثة أو في الثالثة والرابعة ، فكلامه صريح في أنّ الشكّ في الثالثة له صورتان
: إحداهما كون الشكّ فيهما شكّاً في الاوليين وليس ذلك إلّا أن يكون قبل إكمال
السجدتين ، فيكون الشكّ في الاوليين اللتين هما الفرض الإلهي كما ذكر هو ذلك في
كتاب العلل نصّاً أو غيره أيضاً عن الأئمّة عليهمالسلام. والثانية أن يشكّ فيها بعد إكمالهما ، فحينئذٍ يصحّ
ويبني على الأكثر ويأتي بما ظنّ نقصه. وبالجملة : ما ذكره في الفقيه عين عبارة
الأمالي ، فلم يظهر منه فيه ما ذكره في الأمالي مضافاً إلى ما نقله الفاضلان من
الإجماع على عدم الإعادة في صورة الشكّ في الأخيرتين ، فظهر ظهوراً تامّاً أنّ
الخلاف الذّي نقل لم يكن إلّا من مجرّد وهمٍ من الناقل ، انتهى كلامه أدام الله تعالى حراسته ، والناقل لذلك
عن الصدوق جماعة من الأعاظم ، وقد أغنانا عن نقل عبارة المقنع لأنّ ما حكى نقله عنه هو الموجود فيه وقد فهم منه جماعة
أنّه أوجب الإعادة. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المفاتيح » وغيره أنّه أحوط.
وأمّا علي بن
بابويه فقد حكي عنه أنّه قال في «الرسالة» : إن ذهب وهمك إلى الثالثة فأضف إليها
رابعة ، فإذا سلّمت صلّيت ركعة بالحمد وحدها ، وإن ذهب وهمك إلى الأقلّ فابن عليه
وتشهّد في كلّ ركعة ثمّ اسجد سجدتي السهو بعد التسليم ، فإن اعتدل فأنت بالخيار إن
شئت بنيت على الأقلّ وتشهّدت في كلّ ركعة وإن شئت بنيت على الأكثر وعملت ما وصفناه
، يعني فيما إذا ذهب وهمه إلى الثالثة.
وأمّا وجوب
الاحتياط بركعتين من جلوس أو ركعة من قيام مخيّراً بينهما ففي «الانتصار والخلاف والغنية » الإجماع عليه. وكذا «المنتهى » على ما نقل عنه. وفي «كشف الرموز» هو فتوى الأصحاب لا
أعرف فيه مخالفاً . وفي «مجمع البرهان» الظاهر الإجماع على أنّه لو فعل
ذلك برئت ذمّته ولا خلاف فيه ، إذا ما نقل الخلاف إلّا عن علي بن بابويه وعنده
يجوز البناء على الأكثر .
وفي «الذكرى»
لم نقف فيه على رواية بالخصوص ، نعم وردت بذلك في الصورة الثانية وقد أجرى هذه
الصورة مجراها معظم الأصحاب ، وفي «الروض»
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أجراها مجراها الأصحاب ، ونقل فيه عن العماني أنّه قال : الأخبار به
متواترة ، وتبعه صاحب «الرياض » وهو يخالف ما نسبه إليه في الذكرى كما ستسمع ، والنقل
عنه إنّما عرف منه في «الذكرى». وفي «السرائر » وكذا «النافع » التصريح بورود الرواية بذلك. وفي «الرياض» لا قائل
بالفرق بين هذه الصورة والثانية وقد وردت فيها النصوص بركعتين من جلوس . وفي «الذكرى» أيضاً أنّ التخيير أشهر . وفي «الروض والرياض » أنّه مذهب الأكثر. وفي «المختلف وإرشاد الجعفرية والروض والروضة ومجمع البرهان والذخيرة والمصابيح والكفاية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والجواهر» أنّه المشهور. وفي «المختلف» نسبته إلى الشيخين والسيّد والقاضي
وأبي علي . ونسبه غيره إلى أبي الصلاح ، وهو الموجود في «الجُملين والمبسوط والنهاية والوسيلة والسرائر والإشارة » وكتب المحقّق الثلاثة وكتب المصنّف وكتب الشهيد الخمسة و «الموجز الحاوي والمقتصر وكشف الالتباس والهلالية وفوائد الشرائع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وتعليق الإرشاد والجعفرية وشرحيها والروض والروضة والمقاصد » وسائر ما تأخّر حتّى «النجيبيّة والشافية». وعن العماني والجعفي أنّهما عيّنا الركعتين من جلوس ، وهو ظاهر ثقة الإسلام وفي «المفاتيح» أنّه أحوط .
وعن الكاتب أبي
علي والمفيد والقاضي أنّهم عيّنوا الركعة من قيام. قلت : ويفوح ذلك أو
يظهرمن «المراسم » وهو المستفاد من كلام علي بن بابويه على تقدير البناء
على الأكثر . وقد سمعت ما في «المختلف» عن الكاتب والمفيد والقاضي.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا الشكّ
بين الثلاث والأربع فقد صرّح الأصحاب بأنّه يبني الشاكّ في ذلك على الأكثر كسابقه
، والمصرّح بذلك ثقة الإسلام والصدوق في «الأمالي والهداية » ومن تأخّر عنهما إلّا مَن سنذكره. وفي «المختلف» أنّه مذهب الشيخين وعلم
الهدى والتقي والعجلي . قلت : وعليه الإجماع في «الانتصار والخلاف والغنية » وظاهر «الأمالي والسرائر والمعتبر والروض » حيث نسب في الثلاثة إلى الأصحاب ، وفي الأخير أيضاً و «المختلف والتذكرة والتنقيح وإرشاد الجعفرية والدرّة ومجمع البرهان والذخيرة والكفاية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمدارك » أنّه المشهور وفي «المختلف » أيضاً. و «التخليص والجواهر والنجيبية والرياض » أنّه مذهب الأكثر. وفي «الذكرى» أنّه مذهب المعظم . وفي «التذكرة والغرية» وكذا «المنتهى » فيما نقل عنه أنّ القول لإعادة الصلاة باطل إجماعاً.
وفي «المدارك»
لا خلاف في جواز البناء على الأربع وإنّما الكلام في الوجوب وحكى جماعة عن عليّ وأبي عليّ أنّه يتخيّر بين البناء على الأقلّ
ولا احتياط وبين البناء على الأكثر والاحتياط. وفي «المدارك» أنّ هذا القول لا
يخلو عن رجحان . وفي «الكفاية» أنّه أقرب ، وفي «الذخيرة» هو متّجه . قلت : هو من الضعف بمكان لعدم التكافؤ وندرة القائل.
وقد قال الاستاذ هنا : نسبة ذلك إلى الصدوق وهمٌ وقد عرفت الحال فيما سبق.
ولا فرق في هذا
الشكّ بين أن يكون قبل إكمال السجدتين أو بعده كما هو ظاهر ، وقد نصّ عليه جماعة كثيرون.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا وجوب
الاحتياط بركعتين جالساً أو ركعة قائماً مخيّر بينهما فقد نصّ عليه هنا جميع من
نصّ عليه في المسألة السابقة ، وعليه الإجماع في «الانتصار والخلاف والغنية » وظاهر «المعتبر والمنتهى » فيما نقل عنه وقد تظهر دعواه من «السرائر والروض » وكذا «المختلف » في مسألة الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع فإنّه
ذكر في هذه المسألة ما يظهر منه دعوى الإجماع فيما نحن فيه. وفي «الروض» أيضاً أنّ
عليه اتفاق أكثر الأصحاب ، وفي «المجمع والذخيرة والكفاية والمصابيح » أنّه المشهور في «الرياض» أنّه الأشهر . وفي «المختلف» أنّه مذهب الأكثر .
ويظهر من «المراسم
» ما حكي عن المفيد والقاضي من تعيين الركعة من
__________________
ولو شكّ بين الاثنتين والأربع سلّم وصلّى ركعتين من قيام.
______________________________________________________
قيام. ولعلّهم استندوا إلى أنّها هي الركعة المتروكة وإلى ما في أخبار كثيرة من البناء على الأكثر والتسليم والإتيان بما
احتمل نقصانه وليس الناقص إلّا الركعة قائماً.
وظاهر مولانا
ثقة الإسلام في «الكافي » أو صريحه تعيين الركعتين من جلوس كما حكي ذلك عن العماني والجعفي ، وفي «المدارك» أنّه أصحّ . وفي «المجمع» أنّه أولى وفي «المفاتيح» أحوط . وفي «الذخيرة والكفاية » أنّه متّجه ، واستندوا في ذلك إلى صحّة الأخبار
الواردة في ذلك.
والمشهور أقوى
، لانجبار المعتبرة بالشهرة واعتضادها بالإجماعات والاحتياط خفي * ولعلّ الأحوط
اختيار الركعتين جالساً في صورة الشكّ بين الثلاث والأربع واختيار الركعة قائماً
في صورة الشكّ بين الثنتين والثلاث لعدم النصّ في الإتيان بركعتين جالساً حينئذٍ.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
شكّ بين الاثنتين والأربع سلّم وصلّى ركعتين من قيام)
ذهب إليه
الشيخان وعليّ بن بابويه والصدوق
__________________
(*) كذا في
نسخة الأصل ولعلّ الصواب : غير خفي.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والعماني والسيّد والتقي والقاضي والعجلي كما في «المختلف » : قلت : وهو خيرة ثقة الإسلام والديلمي والطوسي في «الوسيلة » وجميع من تأخّر إلّا مَن سنذكره. وهو المشهور كما في «الكفاية والمصابيح » ومذهب المعظم كما في «المدارك والذخيرة » والأكثر كما في «التذكرة » وعليه الإجماع في «الخلاف » وظاهر «السرائر والانتصار» فيما حكي عنه ، ولم أجده في الانتصار تعرّض لهذه المسألة أصلاً
كما لم يتعرّض لها في الغنية والإشارة فيما عندنا من النُسخ. والبناء على الأكثر
في المسألة هو مذهب الأكثر كما في «التخليص والرياض » والمشهور المعمول عليه عند أكثر الأصحاب كما في «التنقيح
وإرشاد الجعفرية ومجمع البرهان» وفي الأخير أيضاً : الظاهر عدم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الخلاف في البناء على الأكثر ونقل أنّه جعله في «الأمالي» من دين الإمامية. وفي «التذكرة»
أنّ القول بإعادة الصلاة هنا باطل إجماعاً وفي «الذخيرة» أنّ الفاضلين نقلا الإجماع على عدم
الإعادة في صورة تعلّق الشكّ بالأخيرتين ، ولم أجد ذلك في المعتبر ولعلّه ممّا زاغ عنه النظر.
وفي «المقنع»
أنّه يعيد الصلاة وروي أنّه يسلّم فيقوم فيصلّي ركعتين ، وربما نقل عن الصدوق في «التذكرة » وغيرها وحكي النقل عنه في «الذخيرة » وغيرها أنّه خيّر بين البناء على الأكثر أو الأقلّ. وحكى في «الكفاية»
أنّه نقل عنه التخيير بين ذلك والإعادة . واحتمل قوّة التخيير في «مجمع البرهان والمدارك » واختاره في «الوافي » وفي «الكفاية» أنّه غير
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بعيد . وفي «المجمع والكفاية » أيضاً احتمال قوّة التخييربين البناء على الأقلّ أو
الأكثر أو الإعادة.
هذا وفي «الميسية»
لا تجزيه هنا الصلاة من جلوس مطلقاً.
وليعلم أنّ في
بعض النصوص أنّه يسجد سجدتي السهو مع أنّ في جملة منها أنّه لا شيء عليه بعد صلاة الاحتياط ، ولذا حمل
جماعة تلك الأخبار على الاستحباب ، وعلى ما إذا تكلّم ناسياً اخرى ، وقد قضى العجب مولانا المقدّس الأردبيلي من الشيخ في
التهذيب والمصنّف فى المنتهى حيث استدلّا بحسنة زرارة على الحكم في هذه المسألة ،
قال : مع أنّها تدلّ على خلافه قال : والمراد باليقين أصل العدم الذّي كان يقيناً
وأنّ حكمه باقٍ ولا يدفعه الشكّ ، قال : وفي ذلك مبالغة واستدلال عليه . وتبعه على ذلك صاحب «المدارك والذخيرة والوافي » حيث استدلّوا بها على خلاف حكم المسألة فقوّوا
التخيير.
ونحن نقول :
هذه الرواية رواها ثقة الإسلام عن الأربعة عن زرارة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والنيسابوريّين عن حمّاد عن حريز عن زرارة عن أحدهما عليهماالسلام «قال : قلت له : من لم يدر في أربع هو أو في اثنتين وقد أحرز الثنتين ، قال
يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهّد ولا شيء عليه ، وإذا لم
يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها اخرى ولا شيء عليه
ولا ينقض اليقين بالشكّ ولا يدخل الشكّ في اليقين ولا يخلط أحدهما بالآخر ولكنّه
ينقض الشكّ باليقين ويتمّ على اليقين فيبني عليه ولا يعتدّ بالشك في حالٍ من
الحالات » وروى ثقة الإسلام بهذا الإسناد عن أحدهما عليهماالسلام «قال : قلت له : رجل إلى أن قال : قلت له : فإنّه لم يدر في اثنتين هو أم
في أربع ، قال : يسلّم ويقوم فيصلّي ركعتين ثم يسلّم ولا شيء عليه » وهذه تدلّ على الحال في تلك بأن يكون المراد أنّه يبني
على الأكثر ويتمّ الصلاة ويحتاط بركعتين بعد الإتمام لا أنّه يبني على الأقلّ
ويتمّ الصلاة كذلك من دون احتياط كما هو مذهب العامّة ، لاتحاد السند والمسؤول والمسؤول عنه والحكاية ، ولأنّ
قوله عليهالسلام «وهو قائم» يكون حينئذٍ من بيان الواضحات ولا سيّما بالنسبة إلى زرارة
الفقيه الماهر قبل تشيّعه فما ظنّك به بعده؟! ومن المعلوم أنّه لا يجب كون
الأخيرتين بفاتحة الكتاب بل التخيير بينها وبين التسبيح كاد يكون ضروريّاً كما ورد
ذلك في أخبار زرارة وغيره
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فكيف يروي زرارة هنا تعيين الفاتحة ، بل لا يظهر الوجه لقوله عليهالسلام «ركعتين وأربع سجدات» إذ على إرادة البناء على الأقلّ يلزم ترك ذلك كلّه ،
على أنّ قوله عليهالسلام «ولا تنقض اليقين بالشكّ .. إلى آخره» لا يناسبه أيضاً ، فإنّ الاكتفاء
بالبناء على الأقلّ هو بعينه نقض اليقين بالشكّ ، لأنّ شغل الذمّة بأربع ركعات
يقيني مستصحب حتّى يثبت خلافه ولا يثبت بالاكتفاء المذكور ، لاحتمال وقوع الزيادة
وتساوي احتمالي النقيصة والتمامية ، وهذا بعينه هو معنى الشكّ ، فتعيّن طريقة
الشيعة ، للإجماع على عدم الإعادة وحرمة الإبطال ، فالمراد من الشكّ هو الاكتفاء
بمراعاة أحد الاحتمالين ، أعني البناء على الأكثر من دون احتياط والبناء على
الأقلّ كما هو رأي العاّمة.
لا يقال : يمكن
أن يكون المراد من اليقين هو العدم أي عدم الحادث كما أشار إليه المولى الأردبيلي
ومن الشكّ هو الاكتفاء باحتمال الحدوث. لأنّا نقول : البناء على ذلك ينافي جميع ما
عرفته مع بُعده عن عبارة الحديث ومعارضة هذا الأصل بأصل عدم كون ذلك هو المطلوب
وأصالة بقاء شغل الذمّة اليقيني ووجوب الإطاعة والامتثال العرفي الثابت من الأدلّة
ومن المعلوم عدم الاكتفاء بمجرّد الشكّ والاحتمال في تحقّق المعدوم والامتثال فكيف
يقال لزرارة : لا تنقض يقين العدم بمجرّد احتمال الوجود؟ بل كيف يقال له بمجرّد
احتمال الامتثال : لا تعدّ نفسك ممتثلاً ، فظهر أنّه عليهالسلام أراد الردّ على العامّة المكتفين بمجرّد الاحتمال أي
البناء على الأقلّ ، على أنّا قد نقول : إنّ أصل العدم مطلقاً لا يجري في ماهيات
التوقيفيّات كما ذكره الاستاذ في الجواب في المقام.
وممّا ذكر ظهر
الحال في قوله عليهالسلام «قام فأضاف إليها .. إلى آخره» لاتحاد السياق وعدم القول بالفصل بين
الشكّين ، على أنّ الإتيان بجزء شيء لعلّه لا يقال أضاف إليه. وقوله عليهالسلام «لا تدخل الشكّ .. إلى آخره» يحتمل أن يكون المراد لا تدخل ركعتي الاحتياط
في الركعتين اليقيّنيتين كما يفعله العامّة وقوله عليهالسلام
.................................................................................................
______________________________________________________
«لا تخلط» تأكيداً ، والمراد : لا تدخل الشكّ في الأخيرتين في اليقين في
الاوليين فتبطل الصلاة لوقوع الشكّ في الاوليين ، لأنّك لا تدري أنّ الثانية ثانية
أو رابعة مثلاً أو لا تجري حكم الاوليين في الأخيرتين المشكوك فيهما. وهذه الفقرات
لا تناسب الاحتمال المذكور ، على أنّه على تقدير أن يكون المراد الإتيان بالتتمّة
لا من جهة البناء على الأقلّ كما هو رأي العامّة ، بل من جهة أنّ المراد من قوله «أحرز
الثنتين» أنّه لم يقع من أوّل الثنتين إلى آخرهما شكّ أصلاً مع كون بناء المصلّي على
أنّهما ثنتان ثمّ بعد إكمالهما والشروع في الدخول في الثانية عرض الشكّ في أنّ
الذي صدر عنه وفرغ منه هل كان الثانية أو الرابعة وأنّ هذا التشهّد هل هو الأوّل
أم الثاني ، فحكم المعصوم بالبناء على الثانية من جهة أنّ المصلّي حين الفعل أذكر
له منه بعد الفراغ عنه والدخول فيما ليس من الركعتين الاوليين كالتشهّد وغيره ، أو
الشروع في الدخول فيه ، وقد ورد النصّ بذلك ، ويشهد عليه الاعتبار ، مضافاً إلى
استصحاب الحالة السابقة ، ولهذا صارت القاعدة : أنّ من شكّ في شيء وقد خرج عنه
فشكّه ليس بشيء ، فهذا من باب البناء على ما هو الأرجح لا أنّه بعد تساوي
الاحتمالين يكون البناء على الأقلّ. ويدلّ على ذلك قوله عليهالسلام «ولا تنقض اليقين بالشك» يعني الاطمئنان الذي كان له في أنّهما ثنتان
وبناءه كان على ذلك ، وكذا قوله عليهالسلام «لا تدخل» أي لا تدخل الشكّ في اليقين السابق ، وكذا قوله عليهالسلام «لا تخلط» لأنّه إذا بنى على شكّه الآن يسري هذا الشكّ في الثنتين أيضاً
فيخلط شكّه الآن بعدم شكّه السابق ، وكذا الحال في الفقرات الاخر. ومما ذكر ظهر
أنّ ما في رواية إسحاق بن عمّار من قوله عليهالسلام «إذا شككت فابن على اليقين » يحتمل أن يكون المراد منه ما ذكرنا ، لأنّ الشكّ لا
يعرض عادة إلّا بعد اطمئنان وبناء على أنّه كذلك ثمّ يعرض الشكّ بعد اليقين الذّي
هو في مقابلة الشكّ والتزلزل ، والمراد من اليقين الاطمئنان وعدم التزلزل ، ويحتمل
أنّ الصدوق فهم
__________________
ولو شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع سلّم وصلّى ركعتين من قيام وركعتين
من جلوس ،
______________________________________________________
كذلك. وهذا كلّه كلام الاستاذ أدام الله سبحانه حراسته.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع سلّم وصلّى ركعتين من قيام وركعتين من جلوس)
نقل على هذه
العبارة الإجماع في «الانتصار والغنية » ونقلت الشهرة عليها في «المختلف والذكرى والتنقيح وكشف الالتباس والروض والمدارك ومجمع البرهان والجواهر والشافية». وفي «المختلف » أيضاً و «الدرّة والمدارك » أيضاً و «الذخيرة والمفاتيح » أنّ عليه الأكثر وفي «الكفاية» أنّه الأشهر . وبذلك كلّه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عبّر في «النهاية والمبسوط والجُمل والعقود والوسيلة والإرشاد والشرائع والمعتبر » وما حضرني من كتب المصنّف .
وفي «النافع والدروس واللمعة والبيان والاثني عشرية والنجيبية» الإتيان ب «ثمّ» مكان الواو في قوله :
وركعتين من جلوس ، وفي «اللمعة والاثني عشريّة » لصاحب المعالم و «النجيبية» أنّه المشهور وفي «الدروس»
أنّ عليه الأكثر ، وفي «كشف الالتباس » أنّ عمل الأصحاب على رواية ابن أبي عمير فتأمّل. وفي «الرياض» أنّ تقديم الركعتين من قيام على
الركعتين من جلوس هو المشهور . وقال في «المختلف» : لم يذكر علماؤنا الترتيب في فعل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الركعتين من قيام مع الركعتين من جلوس ، ولكن في عبارة شيخنا المفيد
والسيّد المرتضى إيهام فإنّهما قالا : ثمّ قام فصلّى ركعتين من قيام وتشهّد وسلّم
ثمّ صلّى ركعتين من جلوس إلى أن قال : لم نقف لعلمائنا في ذلك على قول ناصّ ، ولو
قيل بمنع دلالة ثمّ على الترتيب في الجملة سقط هذا الفرع بالكلّية .
قلت : ما نسبه
إلى علم الهدى لعلّه أراد به ما في «جُمل العلم والعمل » ونحوه ما في «السرائر ».
وقال في «الذكرى»
: هل يجب الترتيب على ما تضمّنته الرواية وقال به في المقنعة والمرتضى في أحد
قوليه أو يقدّم الركعة من قيام كما قاله المفيد في العزية أو يتخيّر كما هو ظاهر
المرتضى في الانتصار وأكثر الأصحاب؟ كلّ محتمل والعمل بالأوّل أحوط .
وحكى في «الروض»
القول بوجوب تقديم الركعتين من جلوس ولم أظفر بقائله. وقال في «المقاصد العلية» أنّ الشهيد
حكى نقله عن المفيد ، وقد سمعت ما حكاه الشهيد عنه.
وقد نسب القول بالتخيير إلى ظاهر الأصحاب المحقّق الكركي في «شرح الألفية » ونسب إلى الأكثر في «إرشاد الجعفرية والروض والمسالك
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمقاصد ومجمع البرهان » وهو صريح «المختلف » والمحقّق الثاني في كتبه و «إرشاد الجعفرية والدرّة». وفي «الدروس والميسية والمجمع » أنّه أولى وفي «المسالك» أنّه أجود وفي «الذخيرة» أنّه أقرب ، وفي الكتاب في بحث القضاء عبارة تدلّ على ذلك. وفي «الروض وكشف الالتباس كالذكرى والمجمع» أيضاً أنّه أحوط.
وصريح «الألفية
والروضة والمقاصد العلية ومصابيح الظلام والكفاية والرياض » وجوب تقديم الركعتين من قيام ، ولعلّه الأجود ، إذ ليس
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فيما نسبوه إلى الانتصار والأكثر ما يدلّ على ذلك سوى العطف بالواو دون «ثمّ»
وفي الاكتفاء بمثل ذلك في النسبة تأمّل خصوصاً مع عدم العلم بمذهبهم في الواو هل
تفيد الترتيب أو مطلق الجمعيّة مع كون مستندهم في الحكم الرواية المفيدة للترتيب
بكلمة ثمّ ، على أنّ الترتيب الذكري في مقام بيان ماهيّة الأمر التوقيفي وشرحها
يفيد الترتيب وإن كان بكلمة الواو فما ظنّك بالفاء وثمّ ، ولذا نسبت في «اللمعة » وغيرها إلى المشهور. وفي «مجمع البرهان» على تقدير كون الرواية
مستنداً لا يبعد تعيين العمل بها إلّا أن يكون التخيير إجماعيّاً ، لأنّه ما جزم
في المختلف بالخلاف فتأمّل ، انتهى ، ويأتي فيما إذا تذكّر نقصان الصلاة في أثناء الاحتياطما يشهد
على وجوب تقديم الركعتين من قيام ، وبذلك جزم فيما هناك جماعة.
هذا وفي «الذكرى»
أنّ ابن الجنيد جوّز في المسألة البناء على الأقلّ ما لم يخرج الوقت ، انتهى. وفيه مضافاً إلى ما سمعت من الإجماعات والشهرة
: أنّ ظاهر «الخلاف والسرائر » الإجماع على البناء على الأكثر. وفي «الرياض» نسبة
دعوى الإجماع إلى صريح الخلاف ، وحكى فيه أنّه نقل عن الأمالي جعله من دين
الإماميّة وليس في «الأمالي» للمسألة ذكر ولا وجدنا الحاكي عنه ،
نعم ربما قد يوهم ذلك كلام الاستاذ دام ظلّه.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ونقل في «المختلف
» وغيره عن الصدوقين وأبي علي أنّهم اكتفوا بالركعة من قيام
واثنتين من جلوس للصحيح الذي في سنده اضطراب كما يأتي. ونسبه في «الروض» إلى جماعة
من القدماء ، وفي «الذكرى » وكذا «الروضة والنجيبية» أنّه قويّ من حيث الاعتبار ومدفوع من حيث
النقل والاشتهار. وفي «اللمعة» أنّه قريب ، وفي «المفاتيح» يمكن حمل الخبر على الرخصة . ومنع جماعة من المتأخّرين موافقته للاعتبار. وفي «الذخيرة والمصابيح » أنّ حمل الخبر على الرخصة يوجب شذوذه ، إذ لم يقل واحد
بمضمونه حينئذٍ. وفي «المدارك» أنّ المسألة محلّ إشكال ، وهو كما ترى.
والصحيح الذّي
أشرنا إليه ما رواه الصدوق عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطار عن أبيه عن أحمد بن
محمّد بن عيسى عن ابن أبي عمير والحسن بن محبوب جميعاً عن عبد الرحمن بن الحجّاج
عن أبي ابراهيم عليهالسلام قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل لا يدري اثنتين صلّى أم ثلاثاً أم أربعاً؟ فقال :
يصلّي ركعة من
__________________
أو ثلاثاً بتسليمتين.
______________________________________________________
قيام ثمّ يسلّم ثم يصلّي ركعتين وهو جالس . وفي بعض نسخ «الفقيه » عن أبي إبراهيم من دون ذكر أبي عبد الله عليهالسلام ، وفي بعض النسخ أيضاً «يصلّي ركعتين من قيام » وهذه أصحّ لوجهين ، الأوّل : أنّ كلام الشهيدين
كالصريح في عدم النقل الموافق للاعتبار الذي ذكراه ، ولو كانت تلك النسخة صحيحة
لكان المقام مقام ذكرها وكان بها مغناة عن الاعتبار. الثاني : أنّ الصدوق قال بعد
ذلك : وقد روى أنّه يصلّي ركعة من قيام وركعتين وهو جالس ، وليست هذه الأخبار
مختلفة وصاحب السهو بالخيار بأيّ خبر أخذ فهو مصيب ، انتهى. وعلى تقدير صحّة نسخة «ركعة من قيام» لم يبق
لما ذكره وجه. ثمّ إنّه على تقدير صحّة هذه النسخة يصير التفاوت بين الروايتين أنّ
صلاة ركعة من قيام تكون داخلة في أصل صلاته ومتصلة بها ومتقدّمة على تشهّدها
وتسليمها بخلاف الاخرى فإنّها ليست هكذا ، وهذا لم ينسبه أحد إلى الصدوق ولم يقل
به أحد.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
ثلاثاً بتسليمتين) كما هو خيرة جماعة ممّن تأخّر كما يأتي وظاهر «المراسم والموجز الحاوي » أو صريحهما وجوب الاحتياط بثلاث ركعات بتسليمتين. وعزي
ذلك إلى ظاهر المفيد في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«العزية». وفي «الميسية والمسالك والمقاصد » أنّه أقوى. واستحسنه في «الروضة ». وفي «الذكرى» أنّ ظاهر الأصحاب عدم تحتّمه . واختير التخيير في «التذكرة والجعفرية وفوائد الشرائع وتعليق الإرشاد والهلالية». وفي «المختلف والدرّة» أنّ ظاهر الأصحاب عدم التخيير ، ونسب ذلك إلى
ظاهر الأكثر في «الروض والمقاصد والمجمع ». وفي «الرياض» أنّه المشهور ، وقال في «المختلف» وصاحب «الدرّة» : إنّ تنصيصهم على
فعل الركعتين من جلوس من غير ذكر التخيير يعطي المنع من الركعة ولو جاز العدول
لخيّروا فيه كما فعلوا في الشكّ بين الثلاث والأربع ، ولو قيل به كان وجهاً ، انتهى. وربّما اورد عليهما أنّ هذا التنصيص لا يمنع
بل نقول بجواز الركعة من قيام من باب مفهوم الموافقة إذ هي أقرب إلى ما فات حقيقة ، انتهى. وفيه : أنّا قد نشترط في مفهوم الموافقة أن
يكون من دلالة اللفظ وفي قياس الأولويّة العلم سلّمنا ولكنّا نمنع الدلالة لعدم
العلّة ، فعدم التخيير أقرب كما في «الذخيرة والكفاية »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والقول بالتخيير ضعيف كما في «المصابيح » وغير جائز كما في «الرياض » ولا ينبغي الخروج عن ظاهر الخبر الّذي هو المستند
وكلام الأكثر كما في «مجمع البرهان ».
هذا واعلم أنّه
إذا ارتقى الشكّ إلى الخامسة والسادسة كانت جميع صوَر الشكّ ثلاثمائة وثماني
وثلاثين صورة كما أشرنا إلى ذلك عند البحث في مواضع وجوب سجود السهو ، وقد رقاها
المحقّق الثاني والشهيد الثاني إلى مائتين وأربع وثلاثين صورة والشيخ الفاضل الشيخ
عليّ بن هلال إلى مائتين وخمس وعشرين ، فإنّه قال بعد أن ذكر الأربع المشهورة :
فإن ارتقى الشكّ إلى الخامسة والسادسة فله أقسام ثلاثة ، أحدها : أن يتعلّق
بالخامسة فما دون ، ومسائله سبع ، وهي : الشكّ بين الاثنتين والخمس ، والشكّ بين
الثلاث والخمس ، والشكّ بين الاثنتين والثلاث والخمس ، والشكّ بين الاثنتين
والأربع والخمس والشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع والخمس ، والشك بين الأربع
والخمس ، وله تسع صوَر وهي أيضاً واردة في كلّ واحدة من باقي المسائل ، والصورة السابعة
الشكّ بين الثلاث والأربع والخمس. الثاني : أن يتعلّق بالسادسة فما دون بدلاً من
الخامسة ، وفيه المسائل السبع. الثالث : أن يتعلّق الشكّ بالسادسة والخامسة معاً
فما دون ، وفيه أيضاً المسائل السبع. فهذه إحدى وعشرون مسألة خرجت من الأقسام
الثلاثة ، فإذا اضيفت إلى المسائل الأربع المتقدّمة صارت خمساً وعشرين فإذا ضربت
في الصوَر التسع كانت مائتي مسألة وخمساً وعشرين ، والمصحّح منها سماعاً نيّف
وأربعون مسألة : قلت : يأتي بيان التسع المضروب فيها.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال ثاني المحقّقين
والشهيدين : أنّ الشكّ بين الاثنتين فما زاد إلى الخمس يتصوّر منه
إحدى عشرة صورة ، لأنّ تعلّق الشكّ بالاثنتين فما زاد إلى الخمس إمّا أن يكون
ثنائياً وهو ستّ صوَر أو ثلاثياً وهو أربع أو رباعياً وهو واحدة. وتفصيلها أنّ
الستّ الثنائية هي : الشكّ بين الاثنتين والثلاث ، والشكّ بين الاثنتين والأربع ،
والشكّ بين الاثنتين والخمس ، والشكّ بين الثلاث والأربع ، والشكّ بين الثلاث
والخمس ، والشكّ بين الأربع والخمس. ثمّ الأربع الثلاثية هي : الشكّ بين الاثنتين
والثلاث والأربع ، والشكّ بين الاثنتين والثلاث والخمس ، والشكّ بين الاثنتين
والأربع والخمس ، والشكّ بين الثلاث والأربع والخمس. والصورة الرباعية وهي الحادية
عشرة : الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع والخمس فهذه إحدى عشرة صورة. وأمّا إذا
تعلّق بالسادسة فصوَره خمس عشرة صورة : أربع ثنائية ، وستّ ثلاثية ، وأربع رباعية
، وواحدة خماسية. أمّا الثنائية فهي : الشكّ بين الاثنتين والسّت ، والشكّ بين
الثلاث والستّ ، والشكّ بين الأربع والستّ ، والشكّ بين الخمس والستّ. وأمّا الستّ
الثلاثية فهي : الشكّ بين الاثنتين والثلاث والستّ ، والشكّ بين الاثنتين والأربع
والستّ والشكّ بين الاثنتين والخمس والستّ ، والشكّ بين الثلاث والأربع والستّ ،
والشكّ بين الثلاث والخمس والستّ ، والشكّ بين الأربع والخمس والستّ. وأمّا الأربع
الرباعية فهي : الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع والستّ ، والشكّ بين الاثنتين
والثلاث والخمس والستّ ، والشكّ بين الاثنتين والأربع والخمس والستّ ، والشكّ بين
الثلاث والأربع والخمس والستّ ، وأمّا الصورة الخماسية وهي الخامسة عشرة فهي :
الشكّ بين الإثنتين والثلاث والأربع والخمس والستّ. فهذه بمجموعها ستّ وعشرون صورة
في كلّ واحدة منها تسع صوَر ، لأنّ عروض الشكّ إمّا أن يكون بعد إكمال السجدتين أو
قبل رفع الرأس من الثانية أو بينهما أو قبلهما بعد الركوع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أو قبل رفع الرأس منه أو بعد القراءة قبل الركوع ، سواء انحنى يسيراً ولم
يبلغ حدّ الركوع أو لا وفي أثنائها أو قبلها وقد استكمل القيام أو في أثنائه.
والحاصل من ضرب تسع في ستّ وعشرين مائتان وأربع وثلاثون ، وقد أشار المصنّف أي
الشهيد في «الألفية» إلى أحكام الجميع لكن بعضها إجمالاً وبعضها تفصيلاً ، انتهى
ما أردنا نقله من كلامهما ، ونحن قد ذكرنا أنّ في كلّ صورة ثلاث عشرة صورة تقدّم
فيما سلف بيانها ، فالحاصل من ضرب ثلاث عشرة في ستّ وعشرين ثلاثمائة وثمان وثلاثون
كما مرَّ آنفاً ، وأحكامها على المختار تعرف ممّا سلف.
وقد تعرّض
الشهيدان والكركي وشيخه في «الهلالية» وصاحب «الدرّة» وصاحب «الذخيرة» إلى تفصيل
أحكامها على اختلاف آرائهم. ففي «الهلالية» أنّه إذا تعلّق الشكّ بالسادسة أو بها
وبالخامسة معاً كان مبطلاً حيث وقع. وقال في الصوَر السبع الّتي في القسم الأوّل :
إنّ الشكّ بين الاثنتين والخمس مبطل حيث وقع لتعذّر البناء على أحد طرفيه. ووافقه
على ذلك أبو العبّاس في «الموجز » تبعاً «للدروس » والمحقّق الثاني وتلميذاه في «الجعفرية وشرح الألفية وإرشاد الجعفرية والغرية».
وقال الشهيدان
في «الألفية والمقاصد العلية » : إنّ فيه وفي الشكّ بين الثلاث والخمس بعد الركوع أو
بعد السجود وفي الشكّ بين الاثنتين والثلاث والخمس بعد السجود وجهاً بالبناء على
الأقلّ ، لأنّه المتيقّن ووجهاً بالبطلان لتعذّر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
البناء على أحد طرفيه. وفي «الذخيرة» لعلّ الترجيح للبناء على الأقلّ .
وفي «الهلالية
والجعفرية وشرحها » أنّ الشكّ بين الثلاث والخمس مبطل إلّا قبل الركوع
فيرسل نفسه ويتشهّد ويسلّم ويحتاط بركعتين قائماً وسجود السهو وأنّ الشكّ بين
الاثنتين والثلاث والخمس مبطل مطلقاً. ووافقهم في حكم الشكّ بين الثلاث والخمس
صاحبا «الموجز الحاوي وكشف الالتباس » تبعاً «للدروس » ويظهر منه في الشكّ بين الاثنتين والثلاث والخمس
الصحّة بعد الإكمال. وفي «الذخيرة» مال إلى البناء على الأقلّ .
وأمّا الشكّ
بين الاثنتين والأربع والخمس بعد السجود فقد احتمل في «الألفية » فيه البناء على الأقلّ والبناء على الأكثر لاشتماله
على شكّين لا يبطلان الصلاة وأنّ حكمه الاحتياط بركعتين قائماً للشكّ الأوّل وسجود
السهو للثاني ، واستحسن الثاني الشهيد الثاني وهو خيرة «الهلالية والجعفرية وشرح الألفية » للكركي و «إرشاد الجعفرية » لأنّ تحليل مسألة إلى مسألتين كلّ واحدة منهما محلّ
نصّ ليس من القياس في شيء. وفي «الدرّة» أنّكم إذا قلتم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
برجوعه إلى تينك الصورتين فلم لم تقولوا برجوعه إلى الشكّ بين الاثنتين
والخمس؟ قلت : وإنّ الجزء الصوري من المركّب ربّما يترتّب عليه ما لا يترتّب على
كلّ واحدٍ من الأجزاء المادّية وظاهر النصّ أنّ ذلك إنّما هو إذا لم ينضمّ إلى ذلك
الخمس.
وأمّا الشكّ
بين الاثنتين والثلاث والأربع والخمس بعد السجود فقال الشهيدان إنّ حكمه حكم الشكّ بين الاثنتين والأربع والخمس ويزيد
هذا عليه في الاحتياط ركعتين جالساً. وهو خيرة «الهلالية والجعفرية وإرشادها » قالوا : إذ أقصى ما فيه احتمال فعل الخامسة سهواً ،
وهذا الاحتمال غير مبطل إجماعاً بل يوجب سجود السهو خاصّة ، وقد يقال عليه ما قيل
على ذاك ، فتأمّل.
وأمّا الشكّ
بين الثلاث والأربع والخمس سواء كان بعد السجود أم قبله ففي «الألفية والمقاصد العلية » أنّ فيه وجهاً بالبناء على الأقلّ ، لأنّه المتيقّن
ووجهاً آخر بالبناء على الأربع لرجوعه إلى الشكّ بين الثلاث والأربع فيلزمه حكمه ،
وإلى الشكّ بين الأربع والخمس فيلزمه حكمه. وقال المحقّق الثاني : يجب تقييده بكون
الشكّ قبل الركوع أو بعد رفع الرأس من السجدة الثانية فراراً من التردّد بين
المحذورين كما سبق ، وضعف الأوّل بمخالفته المنصوص من بناء الشكّ بين
الثلاث والأربع على الأكثر. وفي «الذخيرة» أنّه هو الراجح . وفي «الموجز
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الحاوي» أنّ هذا يتشهّد ويسلّم ويحتاط بثلاث مفصولة . وفي «كشف الالتباس» أنّه يحتاط كما بين الاثنتين
والأربع ، فتأمّل فيه. وفي «الهلالية» أنّه يحتاط بركعة
والمرغمتين إذا كان بعد السجود ، ويبني على الأربع أيضاً إذا كان قبل الركوع ويرسل
نفسه ويزيد في الاحتياط بركعتين قائماً. وفي «الجعفرية والدرّة وإرشاد الجعفريّة » أنّه إن كان قبل الركوع فهو شكّ بين الاثنين والثلاث
والأربع ، وإن كان بعد الركوع وقبل إتمام السجود فالأصحّ البطلان ، وإن كان بعد
السجود بنى على الأربع واحتاط بركعة قائماً أو ركعتين جالساً وسجد للسهو.
وأمّا إذا
تعلّق الشكّ بالسادسة ففي «الألفية وشرحها » للكركي و «الجعفريّة وإرشادها والمقاصد والدرّة» أنّ فيه ثلاثة وجوه : البطلان في الجميع ،
والبناء في الجميع على الأقلّ ، والثالث إلحاق ذلك بالخمس. قال المحقّق الثاني في «شرح
الألفية» : وهو قويّ متين لا محيد عنه ونحوه قال صاحب «الدرّة» : وظاهر الباقين اختياره
أيضاً. قال الكركي : ومقتضى الإلحاق المذكور الصحّة في كلّ موضع تعلّق فيه الشكّ
بالرابعة بعد إكمال السجدتين ، وكلّ موضع أمكن فيه البناء على أحد طرفي الشكّ إذا
كان للشكّ طرفان الأكثر كالشكّ بين الأربع والستّ أو على أحد أطرافه إذا كان له
أطراف ثلاثة كما لو شكّ بين الثلاث
__________________
ولو ذكر بعد
الاحتياط النقصان لم يلتفت مطلقاً ،
______________________________________________________
والأربع والستّ لم تبطل صلاته وما سوى موضع يمكن فيه البناء تبطل صلاته.
وقالوا : هو مذهب ابن أبي عقيل ، ومال إليه العلّامة والشهيد.
قلت : قال في «المختلف» : لو شكّ بين الأربع وما زاد على الخمس قال ابن أبي عقيل :
ما يقتضي أنّه يصنع كما لو شكّ بين الأربع والخمس ، لأنّه قال ونقل كلامه الّذي
سبق فيما مضى نقله ثمّ قال : ولم نقف لغيره في ذلك على شيء وما قاله محتمل ، لأنّ
رواية الحلبي تدلّ عليه من حيث المفهوم ولأنّه شكّ في الزيادة فلا
يكون مبطلاً للصلاة لإحراز العدد ولا مقتضياً للاحتياط ، إذ الاحتياط يجب مع مثل
النقصان فلم يبق إلّا القول بالصحّة مع سجدتي السهو مع أنّه يحتمل الإعادة ، لأنّ
الزيادة مبطلة فلا يقين للبراءة والحمل على المشكوك فيه قياس فلا يتعدّى صورة
المنقول ، انتهى.
ونحن قد ذكرنا
في الكلام على الشكّ بين الأربع والخمس ما يعلم منه الحال في المقام ، فليراجع.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
ذكر بعد الاحتياط النقصان لم يلتفت مطلقاً)
صرّح بعدم
الالتفات حينئذٍ المصنّف في جملة من كتبه والشهيدان والمحقّق الثانى والصيمري وصاحب «الدرّة والغرية وإرشاد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الجعفرية » والمولى الأردبيلي والفاضل الخراساني وصاحب المعالم في «اثني عشريته» وتلميذه والاستاذ وسبطه أدام الله سبحانه حراستهما. وفي «الرياض» أنّ ذلك ظاهر
إطلاق النصّ والفتوى.
قلت :
وبالإطلاق صرّح جماعة كالكتاب وفسّره آخرون بأنّه لا فرق في ذلك بين أن يكون مطابقاً أو لا ، وسواء
كان الوقت باقياً أو لا ، وسواء كان محدثاً أم لا ، وهو قضية قوله في «مجمع
البرهان » في الصوَر كلّها وبذلك كلّه صرّح في «مصابيح الظلام » وفي «التذكرة والبيان » وغيرهما سواء كان الوقت باقياً أم لا. وفي «الدروس وغاية المرام » وغيرهما سواء كان مطابقاً أم لا.
__________________
ولو ذكره قبله أكمل الصلاة وسجد للسهو
______________________________________________________
وفي «الموجز
الحاوي» يجزي إن وافق وإن خالف بطل . وفي «كشف الالتباس» لم أجد له موافقاً . وفي «الجعفرية» يشكل في صورة تخلّل المنافي . وفي «شرحيها » أنّ الإعادة حينئذ أولى. وهو قضية ما في «اللمعة والدروس وتعليق الإرشاد والروضة » واحتمل في الأخيرين الصحّة بل في التعليق أنّ الصحّة لا تخلو من قوّة. وفي «الذكرى
والمقاصد العلية والروض » وكذا «الروضة » يشكل في صورة الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع إذا
لم يطابق الأوّل منهما كأن بدأ بالركعتين قائماً ثمّ تذكّر أنّها كانت ثلاثاً أو
بدأ بالركعة قائماً ثمّ تذكّر أنّها كانت اثنتين ، ثمّ أنّهما قوّيا الصحّة ،
لأنّه لو اعتبرت المطابقة لم يسلم احتياط تذكّر فاعله الاحتياج إليه.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
ذكر قبله أكمل الصلاة وسجد
__________________
ما لم يحدث ، ولو ذكر في أثنائه استأنف الصلاة. ولو ذكر الأخير بعد
الركعتين من جلوس أنّها ثلاث صحّت وسقط الباقي من الاحتياط. ولو ذكر أنّها اثنتان
بطلت ، فلو بدأ بالركعتين من قيام انعكس الحكم.
______________________________________________________
للسهو
ما لم يحدث) كما نصّ على ذلك جمٌّ غفير والحكم فيه واضح ، لأنّه إذا لم يعمل منافياً تعيّن
عليه العمل بمقتضى تذكّر النقص فيقوم إليه من دون تكبير ويسجد سجدتي السهو للتسليم
أو غيره كما تقدّم الكلام في ذلك ، وإن تذكّر بعد صدور المنافي أعاد على حسب ما
مرَّ في محلّه.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
ذكره في أثنائه استأنف الصلاة)
كما في «التذكرة
والتحرير ». وفي «غاية المرام» بعد نقل عبارة المصنّف هذه وأنّها
في الاحتياط الواحد : أنّ المشهور مذهب القواعد وهو المعتمد ، انتهى ، فتأمّل فيه.
وفي «الألفية وشرحها » للكركي و «الدرّة» لو ذكره في أثنائه لم يلتفت. ونحوه
ما في «الإرشاد واللمعة ». وفي «البيان» فيه وجهان أقربهما الإتمام إلّا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أن يكون أحدث قبله فالإعادة وهو قضية ما في «اللمعة » وجعل «شارحا الجعفرية » الإعادة حينئذٍ أولى ، وكذا صاحب «الروضة» حيث احتمل
الصحّة وفي «الجعفرية» لا يلتفت إلّا أنّه يشكل فى صورة تخلّل
المنافي ، وفي «الدروس» يتمّه إن طابق وإن خالف فإشكال . وفي «جامع المقاصد» يستأنف مع المخالفة دون الموافقة.
وعبارة أبي
العباس في «الموجز الحاوي » لا تخلو عن اضطراب كما أوضحه في «كشف الالتباس » وذلك لأنّه قال : وبعد الاحتياط يجزي إن وافق ولو خالف
كفِي أثناءها إلّا إذا كان بعد إكماله قبل التشهّد. ونقل في «غاية المرام » عن لمعته مثل ذلك.
وفي «الجواهر»
إذا ذكر في أثنائه يستأنف إلّا إذا كان بعد إكمال التشهّد. وفي «تعليق الإرشاد»
الصحّة لا تخلو عن قوّة . وفي «مجمع البرهان » الظاهر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الصحّة. وهو ظاهر «الاثنى عشرية » لصاحب المعالم و «شرحها ». وفي «الرياض» في المسألة وجوه أوجهها الإجزاء مطلقاً . وفي «الكفاية » الاكتفاء بذكر الوجوه من دون ترجيح. هذا ما يتعلّق
بالاحتياط الواحد منطوقاً أو مفهوماً.
وفي «الجعفرية وإرشادها » يشكل الحكم بالصحّة في ذات الاحتياطين إذا لم يكن
الاحتياط المندوبة من الاحتياطين مطابقاً. وفي «تعليق الإرشاد» الصحّة لا تخلو عن
قوّة .
وفي «الذكرى»
لو تذكّر في أثنائه الحاجة إليه ففيه أوجه ، أحدها : الإجزاء مطلقاً. والثاني :
الإعادة. والثالث : الصحّة إذا طابق. وهذا إنّما يتصوّر في ذات الاحتياطين ،
وحينئذٍ لو بدأ بالركعتين من قيام ثمّ ذكر في أثنائهما أنّها كانت ثلاثاً فإنّه
ينقدح الصحّة ما لم يركع فى الثانية ، أمّا لو ركع ولم يسبق له الجلوس عقيب الاولى
فالبطلان قويّ. ولو تذكّر في أثناء الركعتين جالساً أنّها ثلاث فالأقرب الصحّة
ويحتمل البطلان وإن كان قد فرغ منهما ، لأنّ الشرع اعتبرها حيث لا علم للمكلّف ،
وأبعد في الصحّة لو تذكّر أنّها اثنتان ، لأنّه يلزم منه اختلال النظم ووجه الصحّة
امتثال الأمر ، أمّا لو تذكّر ولمّا يركع جالساً في الركعة الاولى فالأقرب عدم
الاعتداد بما فعله من النيّة والتكبير والقراءة ويجب عليه القيام لإتمام الصلاة .
وفي «البيان»
لو ذكر ذو الاحتياطين بعد أحدهما النقصان روعي في الصحّة المطابقة إلّا أن يكون قد
صلّى ركعة من قيام ثمّ ذكر أنّها اثنتان فالأقرب إضافة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ركعة اخرى ، ولو كان قد صلّى ركعتين جالساً احتمل قويّاً ذلك . وفي «الدروس» في الاحتياطين تعتبر الموافقة للمقدّم
منهما وفي «غاية المرام» تعتبر الموافقة والمخالفة ، تأمّل.
وفي «شرح
الألفية» للكركي ربّما فرّق فى ذات الاحتياطين بين مطابقة الأوّل منهما فتصحّ
وعدمها فتبطل ، والظاهر عدم الفرق . وفي «مجمع البرهان» إذا ذكر أنّها اثنتان وهو في أثناء
الركعتين من جلوس فالظاهر القطع ، وكذا إذا ذكر أنّها الثلاث بعد الشروع في
الركعتين قائماً ، ويحتمل فى هذه الصحّة إذا ذكر قبل أن يشرع فى ركوع الثانية .
وفي «المقاصد
العلية» يشكل الحكم عند وجوب الاحتياطين إذا تذكّر عدداً لا يطابق ما ابتدأ به.
وأشكل الفروض ما لو قدّم الركعتين من جلوس على القول بجوازه ثمّ يذكر بعدها أو بعد
إحداهما أنّها اثنتان ، فإنّ إكمالها بركعة اخرى قائماً يوجب تغييراً فاحشاً ، مع
أنّه لو ذكر بعد ركعة جالساً ، فإن اكتفى منه باخرى قائماً لزم قيام ركعة من جلوس
مقام ركعة من قيام اختياراً ، وإن أوجب إكمال ركعتين من جلوس ثمّ ركعة من قيام لزم
جواز الجلوس مع القدرة على القيام ، وإن وجب حذفهما وإكمال الصلاة بركعتين قائماً
لزم عدم تأثير زيادة الأركان من غير دليل. ومن هنا يظهر أنّ الأصحّ وجوب تقديم
الركعتين من قيام فيرتفع الإشكال ، وغاية ما يبقى من الإشكال ما تقدّم من زيادة
الركعة بغير جلوس بقدر التشهّد في بعض الصوَر وهو غير قادح مع النصّ عليه . ونحوه ما في «الروض
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والروضة » في جميع ذلك. وقال في «المقاصد» أيضاً : ثمّ إن كان ما
فعله مساوياً لما تحقّقه ناقصاً أو قائماً مقامه اقتصر عليه ، وإن كان زائداً ترك
الباقي وتشهّد وسلّم حتّى لو كان بعد ركوع الثانية من الركعتين فتذكّر الاحتياج
إلى واحدة ترك وتحلّل . ونحوه ما في «شرح الألفية » للكركي و «الجعفرية والروض ». واستظهر صاحب «الدرّة» البطلان في الأخير. واحتمله في
«شرح الألفية والروض » وحكم به في «غاية المرام ».
وفي «الذخيرة»
لو تذكّر النقص في أثناء الاحتياط وكان مطابقاً كما لو تذكّر أنّها اثنتان وقد بدأ
بالركعتين فيحتمل إتمام صلاة الاحتياط بأسرها نظراً إلى عموم الأدلّة ، ويحتمل
الاكتفاء بالقدر المطابق بأن يتمّ الركعتين ، ويحتمل بطلان الاحتياط والرجوع إلى
حكم تذكّر النقص ، ويحتمل ضعيفاً بطلان الصلاة ، ولو تذكّر النقص في أثناء
الاحتياط وكان مخالفاً كما لو تذكّر أنّها ثلاث وقد بدأ بالركعتين ، فإن لم يتجاوز
القدر المطابق ففيه الاحتمالات السابقة في المسألة المتقدّمه ، ويزيد عليها احتمال
آخر وهو أن يكتفي بالقدر المطابق وهو الركعة. وإن تجاوز القدر المطابق فإن كان جلس
عقيب الركعة ففيه أوجه : الاكتفاء به وترك التتمّة أو إتمام الاحتياط بأسره (بأسرها
خ ل) أو إتمام الركعتين أو بطلان الصلاة أو الرجوع إلى حكم تذكّر النقص. وإن لم
يجلس عقيب الركعة ففيه الأوجه السابقة لكن بعضها في الصورة السابقة أقوى منه
هاهنا. ولو تذكّر في أثناء
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الركعتين جالساً أنّها ثلاث ففيه أوجه : إتمام الاحتياط بأسره أو بطلان
الصلاة أو الرجوع إلى حكم تذكّر النقص أو الاكتفاء بهما ، والترجيح في هذه الأحكام
لوجهٍ واضح لا يخلو عن إشكال وإن كان ترجيح إتمام الاحتياط بأسره غير بعيد ، نظراً
إلى عموم النصوص والوجه العمل بالاحتياط بقدر الإمكان ، انتهى كلامه ونقلناه على طوله لنبيّن الحال فيه
وننبّه على الفاسد من احتمالاته.
وتنقيح البحث
في المسألة أن يقال : إذا أوجب الشكّ احتياطين فلا يخلو إمّا أن يتذكّر النقص بعد
إتمام ما بدأ به أو في أثنائه.
فإن كان الأوّل
وكان مطابقاً فلا كلام كما لو تذكّر أنّها اثنتان بعد أن قدّم ركعتي الاحتياط
وأتمّهما ، واحتمال إتمام الاحتياط بأسره نظراً إلى عموم الأدلّة لا وجه له ،
لظهور كون الإتيان بالركعتين جالساً لاحتمال كون الصلاة ثلاثاً ، فإذا تيقّن كونها
اثنتين فلا وجه للحكم بوجوبهما من جهة عموم الدليل لعدم دخوله فيه وعدم تبادره منه
، واحتمال البطلان أيضاً أوضح بطلاناً ، لأنّ البناء على الأربع لاحتمال التمامية
وإيجاب الركعتين قائماً لاحتمال كونها ثنتين ، ولا يضرّ ما زاد من الأركان ، لأنّه
لو أثّر على تقدير الحاجة إليه لم يكن له فائدة ، إذ مع الغناء عنه لا يجب ، ومع
الحاجة تبطل الصلاة بما اشتملت عليه من الأركان ، والحصر عقلي.
وإن كان الأوّل
وكان مخالفاً كما لو ذكر أنّها ثلاث بعد أن أتمّ الركعتين قائماً فالظاهر الإجزاء
للامتثال المقتضي له. وفي «الروضة» نسبته إلى ظاهر الفتوى. وقال فيها أيضاً : إنّ
ظاهر الفتوى اغتفار الجميع . قلت : ويدخل هذا تحت إطلاق قولهم : ولو ذكر بعد
الاحتياط النقصان لم يلتفت مطلقاً ، وقد سمعت ذلك وعرفت المصرّح به وانحصار الخلاف في الظاهر في «الموجز الحاوي»
ويحتمل على بُعد غاية البُعد إلحاقه بمن زاد ركعةً آخر الصلاة سهواً.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا إذا ظهر
أنّها اثنتان بعد تقديم الركعتين من جلوس أو الركعة قائماً فهو ساقط عندنا ، لأنّا
منعنا التقديم والإبدال مع التقديم وبدونه ، وعلى تقدير جوازه نقول : يطرحه ويقوم
ويأتي بالركعتين قائماً من دون تكبيرة مخيّراً بين التسبيح والحمد ويتمّ الصلاة
ويسجد للسهو. وليست زيادة الأركان على هذا النحو في هذا المقام بأعظم من الأكل
والشرب ونحوهما كما سبق في محلّه ، وعلى تقدير الإبدال والتقديم يتمّ الركعة
ركعتين كما يأتي.
وإن كان الثاني
وهو ما إذا تذكّر النقص في أثناء الاحتياط وكان مطابقاً فقد سمعت ما ذكره في «الذخيرة»
من الاحتمالات فيه. ونحن نقول إنّ أوّل الاحتمالات وهو إتمام الاحتياط بأسره فاسد
لما ذكرناه فيما سبق حرفاً فحرفاً ، وكذا ثالثها وهو احتمال البطلان لما سمعته
أيضاً ، ويزيد هنا أنّ دخوله فيهما كان مشروعاً فيستصحب حتّى يثبت خلافه ، كما أنّ
صلاته إلى ما قبل ظهور النقص كانت صحيحة موافقة لطلب الشارع وهو أيضا مستصحب ،
وأيضاً من ظهر عليه النقص وجبت عليه التتمّة وصحّت منه إذا صدر ما ينافي الصلاة ،
وغير التكبيرة ليس منافياً قطعاً ، وأمّا التكبيرة فقد ظهر الحال فيها وقد تجشّموا
ما تجشّموا في الشكّ بين الأربع والخمس لتصحيح الصلاة ، حتّى أنّ صاحب «الذخيرة » حكم بهدم الركوع وقال : إنّ ذلك مقتضى الدليل وإن لم
يوجد به قائل ، وأين ما نحن فيه من ذاك؟
وإن كان
التذكّر في أثناء الاحتياط وكان مخالفاً كما لو تذكّر كون صلاته ثلاثاً وقد بدأ
بالركعتين ، فإن لم يتجاوز القدر المطابق كأن تذكّر قبل دخوله في الركعة الثانية
فإنّه يترك الركعة الثانية ويتشهّد ويسلّم وقد ظهر لك وجهه ، وفي «الذخيرة » جعله احتمالاً خامساً زائداً على الأربعة المذكورة ،
وفيه نظر ظاهر. وإن تجاوز القدر المطابق كأن تذكّر بعد الدخول في ركوع الركعة
الثانية فالظاهر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ترك الاحتياط لبطلانه ويجب الرجوع إلى حكم تذكّر النقص كما مرَّ بيانه في
محلّه. وأمّا إذا كان قبل الدخول في الركوع فإنّه يهدم القيام ثمّ يجلس ويتشهّد
ويسلّم ويسجد للسهو. ووجهه يظهر ممّا ذكرناه فإنّ حاله حينئذٍ حال من تذكّر نقص
ركعة فقام وأتى بثالثة فلمّا أتى بها سها فقام وقرأ ثمّ ذكر أنّه سها في القيام
والقراءة. وصاحب «الذخيرة» فصّل بالجلوس عقيب الركعة وعدمه وجعل في كلٍّ منهما
وجوهاً وأنّ بعضها في الأوّل أقوى . والتفصيل في نفسه عليل ، لأنّك قد عرفت في محلّه أنّ
الأصحّ عدم اعتبار الجلوس
وأمّا الوجوه
فقد عرفت الحال فيها ، لأنّ منها بطلان الصلاة وإتمام الاحتياط بأسره وإتمام
الركعتين. وأنت خبير بأنّه إنّما يتمّ إذا كان الاحتياط موافقاً للتتمّة لا
مخالفاً لها ما عدا تكبيرة الإحرام ، ولو تذكّر في أثناء الركعتين من جلوس حيث
قدّمهما أنّها اثنتان فقد تقدّم أنّ هذا الفرع ساقط على المختار ، وعلى تقدير
جوازه فالحكم فيه أنّه لا يعتدّ بما فعله سواء كان ركع أو لم يركع ، بل يطرح جميع
ما فعله من النية والتكبيرة والقراءة والركوع ، ويجب عليه القيام لإتمام الصلاة من
دون تكبير مخيّراً بين التسبيح والقراءة. ولا وجه لما في «الذخيرة » من احتمال إتمام الاحتياط للشكّ في دخوله في عموم
الشكّ ، ولا لما فيها أيضاً من احتمال إتمامه والاكتفاء به ، لأنّه إنّما يتمّم
إذا كان مطابقاً وليس هو في إتمامه داخلاً في عموم متذكّر النقص ولا وجه لاحتماله
فيها أيضاً البطلان لما عرفت. نعم لو كان موضع الركعتين جالساً الركعة قائماً
وقلنا بصحّته كما هو خيرة جماعة وكان التذكّر في أثناء الركعة كان الحكم بالصحّة على
حسب ما مرَّ في الشقوق السابقة فإنّه يتمّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الركعتين قائماً. وممّا ذكرنا ظهر الحال فيما إذا شكّ بين الثلاث والأربع
وبنى على الأربع وتشهّد وسلّم ثمّ تذكّر أنّها اثنتان ، فإن كان قبل الشروع في
الاحتياط فواضح. وإن كان في أثنائه ، فإن كان قد اختار الركعة من قيام أتمّها ،
وإن كان قد اختار الركعتين من جلوس طرح ذلك سواء كان في الأثناء أو بعد الفراغ على
حسب ما مرّ.
وهناك فرع
ينبغي التعرّض له وهو : أنّه إذا شكّ بين الثلاث والأربع وذكر بعد التسليم أنّها
كانت الاولى والثانية فإنّه يأتي بالركعتين قائماً من دون تكبيرة ولا يتوهّم
البطلان لظهور كون الشكّ بين الاولى والثانية ، لأنّه حال اليقين لا شكّ وحال
الشكّ لم يكن بين الاولى والثانية. نعم لو كان شكّه باقياً على حاله وإن جزم بأنّ
متعلّق شكّه ليس الثالثة والرابعة بل الاولى والثانية أي لا يدري الآن أنّ ما صدر
عنه هل هو الاولى أم الثانية تكون صلاته باطلة.
وممّا ذكرنا
يعلم الحال فيما ذكره المصنّف هنا وفي «التحرير والتذكرة » من قوله : ولو ذكر في الأخير بعد الركعتين من جلوس
أنّها ثلاث صحّت صلاته ويسقط الباقي من الاحتياط ، ولو ذكر أنّها اثنتان بطلت ،
ولو بدأ بالركعتين من قيام انعكس الحكم ، انتهى.
هذا ولو ذكر في
أثناء الاحتياط التمام فقد صرّح جماعة منهم الشهيدان وصاحب «الدرّة والغرية وإرشاد الجعفرية » بأنّه مخيّر بين القطع والإتمام. وفي «البيان» أتمّه
بنيّة النفل وإن كان عليه فرض على الأقرب . وفي «الرياض» فيه وجهان مبنيّان على جواز قطع النافلة
وعدمه . قلت : الأصحّ الجواز
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
كما تقدّم ، ولا ريب أنّ الإتمام أفضل كما صرّح به جماعة ، وينبغي أن يقيّد بما أشار إليه في «البيان». وقال
جماعة : يكون له ثواب النفل وإن نوى به الفرض.
فروع
الأوّل
: في «الذكرى وإرشاد الجعفرية والدرّة» أنّه لو صلّى قبل الاحتياط غيره بطل فرضاً كان
أو نفلاً ترتّبت على الصلاة السابقة أو لا ، قال في «الذكرى» : لأنّ الفوريّة
تقتضي النهي عن ضدّه وهو عبادة. هذا إذا كان متعمّداً ، ولو فعل ذلك سهواً وكانت
نافلة بطلت ، وكذا إذا كانت فريضة لا يمكن العدول فيها إمّا لاختلاف نوعها كالكسوف
وإمّا لتجاوز محلّ العدول ، ويحتمل الصحّة بناءً على أنّ الإتيان بالمنافي قبله لا
يبطل الصلاة ، وإن أمكن العدول احتمل قويّاً صحّته كما يعدل إلى جميع الصلوات.
الثاني
: في «الذكرى والدرّة وإرشاد الجعفرية وغاية المرام » أنّه لو لزمه احتياط في الظهر فضاق الوقت إلّا عن
العصر زاحم به إذا كان يبقى بعده ركعة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
للعصر وإن كان لا يبقى صلّى العصر ، وفي بطلان الظهر الوجهان في فعل
المنافي قبله ، قال في «الذكرى» : وأولى بالبطلان هنا للفصل بين أجزاء الصلاة
بصلاة أجنبية ، ولو كان في أثنائه فعلم الضيق فالأقرب العدول إلى العصر ، لأنّه
واجب ظاهراً ويحتمل عدمه ، لأنّه يجوز كونه نفلاً فلا يعدل عنه إلى الفرض.
الثالث
: في «الذكرى والجعفرية والغريّة وإرشاد الجعفريّة والدرّة» أنّه لو أعاد الفريضة مَن وجب عليه الاحتياط
لم يجز عنه ، قال في «الذكرى» : وربما احتمل الإجزاء لإتيانه بالواجب وزيادة. وفي «الدرّة»
ما ذا يصنع إذا أعاد الصلاة ولم تجزه أيعيد الصلاة ثالثة أم يأتي بما أمروه به؟ إن
قلنا بالبطلان بتخلّل المنافي وقد صارت المعادة منافياً فلا سبيل إلى الاحتياط
ونحوه ، بل لا بدّ من صلاة ثالثة وإن لم نقل به ، فلا بأس بالإتيان بمقتضى ما
أمروه ، والظاهر أنّ الإعادة ثالثاً هو طريق اليقين. قلت : لا بدّ من فعل الاحتياط
قبل ليحصل اليقين.
الرابع
: في «الألفية والبيان والجعفرية وشرحيها والدرّة وشرح الألفية » للكركي و «المقاصد العلية » أنّه لو خرج الوقت نوى بالاحتياط القضاء. قلت : وبذلك
صرّح في بحث القضاء كما يأتي في «التذكرة ونهاية الإحكام والتحرير والبيان وجامع
المقاصد» وغيرها كما يأتي ذكره في بحث القضاء .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «شرح الألفية» للكركي : وكذا إن كانت الفريضة قضاءً وإن كانت نيابةً
نوى المنوب أيضاً . وفي «الذكرى» تجب نيّة الركعتين ليتحقّق الامتياز
والأداء والقضاء بحسب الفريضة ، وكذا لو خرج الوقت . وفي «البيان» ينوي القضاء وتترتّب على الفائتة السابقة
، ولا فرق بين العمد والسهو ، وفيه نظر ، انتهى. ويأتي عن «الذكرى» ما ينفع في هذا الفرع.
الخامس
: قال في «الذكرى
» وتبعه جماعة ممّن ذكر : إنّه لو فاته التشهّد أو السجدة أو الصلاة
على النبيّ وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم ففعل المنافي قبل فعلها ففيه الوجهان المذكوران في
الاحتياط ، فإن فات الوقت ولم يفعلها عمداً بطلت الصلاة عند بعض الأصحاب وإن كان
سهواً لم تبطل عنده ونوى بها القضاء وكانت مترتّبه على الفوائت قبلها أبعاضاً كانت
أو صلوات مستقلة ، انتهى. وسيأتي عن «التحرير» في بحث القضاء ما له نفع تامّ في
المقام.
وقال في «الذكرى»
أيضاً : ولو فاته الاحتياط عمداً احتمل كونه كالسجدة بل أولى ، لاشتماله على
الأركان ، ويحتمل الصحّة بناءً على أنّ فعل المنافي قبله لا يبطله. فإن قلنا به
نوى القضاء بعد خروج الوقت وترتّب على ما سلف ، ويحتمل قويّاً صحّة الصلاة بتعمّد
ترك الأبعاض وإن خرج الوقت ، لعدم توقّف صحّة الصلاة في الجملة عليها بخلاف
الاحتياط لتوقّف صحّة الصلاة عليه ، وعلى القول بأنّ فعل المنافي قبله لا يبطله لا
يضرّ خروج الوقت ، وعلى تقدير القول بالصحّة فالإثم
__________________
ولو قال : لا
أدري قيامي لثانيةٍ أو ثالثةٍ بطلت صلاته.
______________________________________________________
حاصل إن تعمّد المنافي للإجماع على الفورية فيه .
وفي «الغريّة
وإرشاد الجعفرية » إن قلنا بتخلّل المنافي بين الصلاة والاحتياط والجزء
يعيد صلاة الأصل ، لأنّ الصلاة المأتيّ بها فعل كثير وإن لم نقل بالبطلان يأتي
بالجبران ، لأنّ وجود الصلاة المأتيّ بها كعدمها.
السادس
: قال في «البيان»
: لو وجب على المتحيّر في القبلة الاحتياط في جهة تعيّن إليها ولو ظهر أنّها غير
القبلة سقط ، ولو كانت الصلاة مجزية إلى غير القبلة كما بين المشرق والمغرب صلّى
الاحتياط إلى القبلة .
السابع
: في «الدروس والدرّة وإرشاد الجعفرية والجواهر» أنّ الأقرب المنع من الائتمام فيه وبه قال في
«الدروس» إلّا في المشترك بين الإمام والمأموم.
الثامن
: قال في «الذكرى
» : يترتّب الاحتياط ترتّب المجبورات وهو بناءً على أنّه لا يبطله فعل
المنافي وكذا الأجزاء المنسيّة تترتّب. ولو فاتته سجدة من الاولى وركعة احتياط
قدّم السجدة ، ولو كانت من الركعة الأخيرة احتمل تقديم الاحتياط لتقدّمه عليها
وتقديم السجدة لكثرة الفصل بالاحتياط بينها وبين الصلاة.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
قال : لا أدري قيامي لثانية أو ثالثة بطلت صلاته)
كما في «التذكرة
والتحرير » لأنّه في الحقيقة شكّ في
__________________
ولو قال : لثالثةٍ أو رابعةٍ فهو شكّ بين الاثنتين والثلاث. ولو قال :
لرابعةٍ أو خامسةٍ قعد وسلّم وصلّى ركعتين من جلوس أو ركعة من قيام وسجد للسهو.
______________________________________________________
الاوليين ، والمراد بقيامه قيامه في القراءة قبل الركوع.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
قال : لثالثة أو رابعة فهو شكّ بين الاثنتين والثلاث)
كما في «التذكرة
والتحرير » فيكمّل الرابعة ويتشهّد ويسلّم ويصلّي ركعة من قيام أو
ركعتين من جلوس.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
قال : لرابعة أو خامسة قعد وسلّم وصلّى ركعتين من جلوس أو ركعة من قيام وسجد للسهو)
كما في «التذكرة
والتحرير ».
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
قال : لثالثة أو خامسة قعد وسلّم وصلّى ركعتين من قيام وسجد للسهو)
كما في «التذكرة
والتحرير والهلالية والجعفرية وشرحيها والدرّة وشرح الألفية » للكركي و «الجواهر» وظاهر «الألفية ». وفي «جامع المقاصد» لا تبطل قطعاً ،
__________________
ولو قال : لثالثةٍ أو خامسةٍ قعد وسلّم وصلّى ركعتين من قيام وسجد للسهو.
ولو قال : لا أدري قيامي من الركوع لثانيةٍ أو ثالثةٍ قبل السجود ، أو لرابعةٍ أو
خامسةٍ أو لثالثة أو خامسة ، أو شكّ بينها بطلت صلاته.
______________________________________________________
وقد تقدّم الكلام في ذلك . وفي «البيان» لو شكّ هل قيامه لثانية أو ثالثة أو
ثالثة أو رابعة ، أو ثانية أو ثالثة ، أو رابعة أو ركوعه أو سجوده بطلت ، ولو
تذكّر بعد ذلك بنى إلّا أن يأتي بالمنافي .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
قال : لا أدري قيامي من الركوع لثانية أو ثالثة قبل السجود أو لرابعة أو خامسة أو
لثالثة أو خامسة) بطلان الصلاة في هذه المواضع خيرة «التذكرة والموجز الحاوي وكشف الالتباس » وغيرها كما مرَّ. وفي «التحرير» الحكم بالصحّة إلّا فيما إذا
قال : لا أدري قيامي لرابعة أو خامسة ، فإنّ الأقرب عندي فيها البطلان .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (أو
شكّ بينها بطلت صلاته) وفي نسخة «بينهما» وقال الشهيد : إنّ هذه النسخة مقروءة
على المصنّف. والمراد بين الثلاث والخمس فإنّها تبطل وإن كان ذلك لا يكون إلّا بعد
السجدتين بخلاف ما إذا كان بين الأربع والخمس فإنّها لا تبطل. قال : وبالجملة
البينية إنّما تكون بعد
__________________
ولو قال :
لثالثةٍ أو رابعةٍ فالحكم ما تقدّم بعد إكمال الركعة.
ولو شكّ بين
الأربع والخمس سلّم وسجد للسهو.
______________________________________________________
السجدتين وهو في الثلاث والخمس مبطل. وقد حمل الشهيد أيضاً عبارة الكتاب في
بعض حواشيه على أنّ المراد أنّه شكّ بعد الركوع وقبل السجود أنّه قام لثانية أو ثالثة
أو لرابعة أو خامسة أو لثالثة أو خامسة ، ثمّ قال : وهذا تكرار لما سبق. وقال :
تحمل العبارة على أنّ المراد بعد الركوع أعمّ من أن يكون بعد السجدتين أو في أثناء
السجدة الاولى أو في أثناء السجدة الثانية أو قبل السجدتين أو بعد السجدتين إلّا
إذا كان الشكّ بعد السجدتين بين الأربع والخمس فإنّه يأتي حكمه استيفاءً لجميع
الصوَر المحتملة فلا تكرار ، انتهى فتأمّل. وفي «جامع المقاصد» أي شكّ بين الثلاث
والخمس أو بين الأربع والخمس أو بين الاثنتين والثلاث كلّها بعد الركوع قبل السجود
.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
قال لثالثة أو رابعة فالحكم ما تقدّم بعد إكمال الركعة)
أي فإنّه يتمّ
الركعة ويتشهّد ويسلّم ويصلّي ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس كما في «التذكرة ». قلت : كما تقدّم في الشكّ بين الاثنتين والثلاث.
ويظهر من «التحرير » الحكم بالبطلان في هذه الصورة.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
شكّ بين الأربع والخمس .. إلى آخره)
قد تقدّم الكلام في ذلك كما تقدّم ما يعلم منه الحال في جميع هذه الأحكام.
__________________
ولو رجّح أحد طرفي الشكّ ظنّاً بنى عليه.
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
رجّح أحد طرفي الشكّ ظنّاً بنى عليه)
البناء على
الظنّ في عدد الأخيرتين بعد تحصيل الاوليين خيرة «المقنعة » فيما نقل و «جُمل العلم والجُمل والعقود والنهاية والمبسوط والخلاف والإشارة والسرائر والشرائع والنافع والمعتبر » وكتب المصنّف والشهيدين والكركي وغيرها ، بل لا خلاف فيه كما في «شرح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الألفية» للكركي و «المفاتيح والرياض والمجمع » وفي الأخير نسبته تارة إلى الأصحاب «كالكفاية » واخرى إلى المشهور «كالجواهر والمصابيح » وظاهر «الخلاف » أو صريحه الإجماع عليه. وفي «الرياض» حكاية الإجماع عن
جماعة ومعنى البناء على الظنّ جعل الواقع ما ظنّه من غير احتياط ، فإن ظنّ
الأقلّ بنى عليه وأكمل ، وإن غلب الأكثر من غير زيادة في عدد الصلاة كالأربع تشهّد
وسلّم ، وإن كان مع الزيادة كالخمس مثلاً صار كأنّه زاد ركعةً آخر الصلاة كما صرّح
بذلك جماعة . وقد سبق في صدر المقصد بيان أنّ المراد من الظنّ مجرّد الرجحان
وأوّل مراتبه والاستدلال عليه من الأخبار وكلام الأصحاب وبيان ما ورد في كثير من
العبارات من التعبير بالغلبة ، فليلحظ.
وأمّا البناء
على الظنّ في عدد الاوليين فعليه الإجماع في «الغنية » وظاهر «الذكرى وكشف الالتباس وشرح الألفية » للكركي و «المفاتيح » حيث نسب في الأوّلين إلى فتوى الأصحاب ما عدا ابن
إدريس في ظاهره. وفي الأخيرين نفي الخلاف عنه إلّا منه كذلك. وفي «مجمع البرهان»
لم نجد فرقاً مع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عدم العلم بالخلاف. وفيه أيضاً : لو لا الإجماع على اتّباع الظنّ مطلقاً
لأمكن ترك العمل به. وفي غير موضع نسبته إلى المشهور أو الأكثر . وهو خيرة «الجُملين والإشارة والمختلف والذكرى والدروس والبيان وفوائد الشرائع والمقاصد والروض والروضة والمسالك والدرّة والنجيبية» وظاهر «المبسوط والشرائع والإرشاد ونهاية الإحكام » على ما نقل عنه «الألفيّة واللمعة والميسية والهلالية» أو صريح الجميع ، واقتصر في جملة من هذه على نسبة الخلاف إلى ظاهر ابن إدريس.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الذخيرة والرياض » أنّ ظاهر المقنعة والنهاية اختصاص الحكم بالأخيرتين ،
لأنّهما ذكرا أنّ الشكّ في عدد الصبح والمغرب وعدد الركعات بحيث لا يدري كم صلّى
يوجب الإعادة من غير استفصال ، ثمّ ذكرا أحكام الشكّ في الأخيرتين مفصّلين بين
غلبة الظنّ وعدمها ، وقالا : إنّ المصنّف في المنتهى وافقهما في ذلك. وزاد في «الرياض»
نسبة ذلك إلى الخلاف والمبسوط والنافع لذلك قلت : وينبغي زيادة «المعتبر والتحرير والتذكرة » وفيما ذكراه نظر ظاهر ، لأنّه مخالف لما فهمه أبو
المكارم وجماعة من الأصحاب منهم المصنّف والشهيد حيث قصّروا النسبة إلى ظاهر ابن
إدريس فقط ، على أنّ في نسبة الخلاف إليه أيضاً نظراً ، لأنّ كلامه مضطرب كما
ستسمعه برمّته ، ولأنّ هؤلاء الّذين نسبا إلى ظاهرهم ذلك قد عبّروا عن المبطل في
الصبح ونحوها بالشكّ ، وهو يدلّ بظاهره على انحصاره فيه ، لأنّه ما تساوى طرفاه
كما صرّح به في الفقه والاصول واللغة صرّح به الزمخشري وغيره وهو الموافق للعرف. ويشهد على ذلك ما في «المبسوط» من
التعليل حيث قال : لأنّ غلبة الظنّ في جميع أحكام السهو تقوم مقام العلم على
السواء . وهذا يقضي بانسحاب الحكم في الجميع.
وأمّا عبارة «النافع»
حيث عبّر فيه عن الشكّ في الاوليين بقوله «يحصلهما » الّذي قد يدعى شموله لما إذا ظنّ فمفسّرة بعد تسليم
الشمول وإلّا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فهو أوّل ممنوع بظاهر عبارة «المعتبر » حيث عبّر فيه بالشكّ وهو شرح للمختصر ، ويساعد على ذلك
عبارة «الشرائع » فإنّها ظاهرة في المشهور كما فهمه منها الشارحون والمحشّون.
وأمّا كلام ابن
إدريس فإنّه قال في أوّل الباب لا حكم لهما يعني الشكّ والسهو مع غلبة الظنّ ،
لأنّ غلبة الظنّ تقوم مقام العلم في وجوب العمل عليه مع فقد دليل العلم وإنّما
يحتاج إلى تفصيل أحكام السهو عند اعتدال الظنّ وتساويه ، ثمّ قال : والسهو المعتدل
فيه الظنّ على ضروب ستة : فأوّلها ما يجب فيه إعادة الصلاة على كلّ حال إلى أن قال
: وثالثها ما يجب فيه العمل على غالب الظنّ ، وعدّ من الأوّل السهو في الاوليين
والمغرب والغداة ، وساق الكلام إلى أن وصل إلى الضرب الثالث وعدّ منه الشكوك
المتعلّقة بالأخيرتين مع غلبة الظنّ ، هذا كلامه.
وعلى هذا ،
فالخلاف في المسألة كاد يكون معدوماً. ومنه يظهر ما في «الرياض» من التأمّل في ما
في الذكرى من نسبته إلى الأصحاب وقوله بعد ذلك : فيتقوّى الخلاف . وفي «الذخيرة» أنّ المسألة لا تصفو عن الإشكال . وفي «الكفاية» لي فيها نوع تردّد .
وقد أقام
الاستاذ أدامه الله سبحانه عليه الأدلّة والبراهين من أماكن متفرّقة بحيث لم يبق
للناظر في ذلك ريبة حتّى أنّه استدلّ بالأخبار الدالّة على رجوع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الإمام إلى المأموم والعكس إلى أن قال : ولذا كان المدار في الأعصار
والأمصار عليه حتّى اشتهر أنّ المرء متعبّد بظنّه. ثمّ قال : إنّه لا يكاد يوجد من
تصدر عنه صلاة بغير ما ذكر ، وإن صدر فقليلٌ جدّاً .
وأمّا الظنّ في
الأفعال ففي «مجمع البرهان» لم نجد فرقاً مع عدم العلم بالخلاف . وفي «شرح الكركي للألفية» لا خلاف فيه . وفي «الكفاية» إطلاق كلام الأصحاب يقتضيه . وقد يظهر من «المفاتيح » نفي الخلاف عنه أيضاً كسابقه. وهو خيرة «الوسيلة والسرائر وجُمل العلم والذكرى والجعفرية وشرحيها وفوائد الشرائع والدرّة والروض والروضة والمسالك والمقاصد والنجيبية» وهو ظاهر «الجُمل والعقود والإشارة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والشرائع والإرشاد والألفيّة واللمعة والهلالية والميسية» وقد سمعت ما في «المبسوط».
وفي «المدارك»
إذا ثبت في الأعداد ثبت في أفعالها بطريقٍ أولى . وتأمّل في «الذخيرة » في ذلك. وفي «المصابيح» أنّ ذلك صحيح ، لأنّ الكلّ ليس
إلّا مجموع الأجزاء ، فإذا كان الظنّ في المجموع من حيث المجموع كافياً ففي البعض
بطريقٍ أولى ، وإذا كان كلّ واحدٍ واحد مع سائر الأجزاء يصحّ فيه الظنّ فمع خلوّه
عنها أولى ، وأيضاً لا شكّ أنّ الكلّ ينتفي بانتفاء أجزائه ، فإذا كان الجزء
الظنّي غير مقبول فكيف يكون المجموع مقبولاً ، وقد ورد في تكبيرة الإحرام أنّه
يبعد أن يتركها المصلّي ، وفي الركوع إذا شكّ فيه وقد أهوى إلى السجود أنّه قد
ركع ، وكلّ ما دلّ عليه في الركعة جارٍ في الأجزاء .
هذا وفي «فوائد
الشرائع والموجز الحاوي والميسية والمقاصد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمسالك والروضة » ما حاصله : أنّ مَن عرض له الشكّ في شيء من أفعال
الصلاة يجب عليه التروّي ، فإن ترجّح عنده أحد الطرفين عمل عليه ، وإن بقى الشكّ
لزمه حكم الشاكّ من بطلان أو احتياط ومنعه الميرزا الشيرواني فيما نقل عنه . وفي «المدارك والذخيرة » أنّ الروايات غير ناهضة بالدلالة على ذلك ، فإنّ مقتضاها
أنّ الظانّ يعمل بمقتضاه والشاكّ يعمل بما رتّب عليه. ثمّ قال : وما ذكروه أحوط.
وفي «مصابيح الظلام » لا يخفى فساد ما ذكر في المدارك والذخيرة ، لأنّ
الإطلاق إنّما ينصرف إلى الكامل وهو المستقرّ لا بمجرّد الخطور والبدار كما لا
يخفى على من لاحظ المحاورات العرفية في قولهم : أنّا شاكّ في كذا ، وقولهم : لا
أدري أنّ هذا كذا أو كذا ، وأمثال هذه العبارات ، مع أنّه لو تمّ ما ذكروه لا يكاد
يوجد مَن لا يكون كثير الشكّ ، مع أنّ العادة على التروّي والخلاص عن مفاسد عدم
الروية ولا سيّما في الامور التوقيفية ، وكثيراً ما يظهر الحال بالترويّ ومضيّ
زمان ، ففي أيّ خبر ذكر أنّه شكّ إلّا أنّه بعد التروّي ظهر كذا ، وأيضاً لو اعتبر
البدار يلزم الحرج أو المرج ، مع أنّ بعض الأخبار ينادي بالتروّي كقول الصادق عليهالسلام : «إذا لم تدر ثلاثاً صلّيت أو أربعاً ووقع رأيك على
الثلاث فابن على الثلاث وإن وقع رأيك على الأربع فابن على الأربع » ونحوه غيره ، وكذا «ما أعاد الصلاة فقيه يحتال لها
ويدبّرها» وما ورد في حفظ الصلاة
__________________
فروع
الأوّل
: لا بدّ في
الاحتياط من النيّة وتكبيرة الافتتاح والفاتحة خاصّة ووحدة الجهة المشتبهة ،
______________________________________________________
بالخاتم ونحوه وغير ذلك ممّا هو كثير ، انتهى.
[صلاة الاحتياط]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (فروع
، الأوّل : لا بدّ في الاحتياط من النيّة وتكبيرة الافتتاح والفاتحة خاصّة ووحدة
الجهة المشتبهة) أمّا أنّه لا بدّ من النيّة وتكبيرة الافتتاح فهو محلّ
وفاق كما في «الدرّة». قال في «التذكرة » : لأنّها إمّا جزء أو صلاة منفردة فيجب فيها مراعاة ما
يعتبر في الصلوات ، واعترضه في «إرشاد الجعفرية» بأنّ فرض الجزئية يقتضي عدم
الإتيان بالتكبير واستئناف النيّة لاستلزام ذلك زيادة الركن . وفي «الذكرى والموجز الحاوي والألفية وشروحها والجعفريّة وشرحيها » أنّه لا بدّ من نية الأداء إن بقي الوقت والقضاء إن
خرج وزاد بعض هؤلاء : أو كانت المجبورة مقضيّة. وفي «حاشية الكركي على الألفية
والدرّة» أنّ المجبورة إن كانت نيابة ذكر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المنوب أيضاً في نيّة الاحتياط. واستشكل المصنّف في «نهاية الإحكام » في نيّة الأداء والقضاء ولم يبيّن وجهه. وقد بيّن في «إرشاد
الجعفرية والدرّة» بأنّها صلاة منفردة وليست بجزء من الصلاة المجبورة فلا تكون
بحسب الوقت مرتبطة بالمجبورة حتّى يدخل فيها الأداء والقضاء باعتباروقت المجبورة
وعدمه والأصل براءة الذمّة من هذا التكليف ، انتهى. وقال في «نهاية الإحكام» : إن أوجبناه ، فإن
كان احتياط مؤدّاة في وقتها نوى الأداء وبعده نوى القضاء إن لم نبطلها بخروج الوقت
، وإن كان احتياط فائتة نوى احتياطها ولا ينوي القضاء ، انتهى.
وأمّا أنّه لا
بدّ من خاصّة فهو ظاهر الصدوقين والشيخ في «النهاية » والطوسي في «الوسيلة » وصريح «الشرائع والتذكرة ونهاية الإحكام والتحرير والإرشاد والمختلف والتلخيص والدروس والبيان والألفية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والذكرى والموجز الحاوي والهلالية وحاشية الكركي على الألفية والجعفرية وشرحيها والمقاصد والدرّة ومجمع البرهان ورسالة صاحب المعالم والمدارك والنجيبية والجواهر والمصابيح والرياض ». وقد نسب إلى الأكثر في «الذكرى والمدارك والمفاتيح والرياض والنجيبية» وإلى المشهور في «الذخيرة » وإلى الأشهر في «الكفاية » وقوّاه في «الميسية» ولم يرجّح في «الروض » وفي أكثر هذه التصريح بعدم إجزاء التسبيح.
وصرّح في «البيان
والدروس والألفية والموجز الحاوي والهلالية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والجعفرية والغرية وإرشاد الجعفرية والمقاصد والدرّة والجواهر ورسالة صاحب المعالم والنجيبية أنّه يخفت فيها وفي أكثرها أنّه يجب ذلك وفي
بعضها أنّه لا يجوز الجهر ، وقد يلوح من إرشاد الجعفرية » التأمّل في ذلك.
واقتصر الأكثر على نسبة الخلاف إلى المفيد وابن إدريس ، قالوا :
فإنّهما خيّرا بين التسبيح والحمد. قلت : لكنّهما اختلفا
في عدد
التسبيح. وفي «تخليص التلخيص» نسبة الخلاف إلى الفاضل ، ولعلّه عنى ابن إدريس. وفي
«الذكرى» أنّهما ذهبا إلى ذلك لاعتبار مرغوب عنه مع عدم تيقّن البراءة به . وفي «نهاية الإحكام» الإجماع على عدم وجوب الزيادة على
الفاتحة . وفي «التذكرة» نفي الخلاف عنه . وفي «إرشاد الجعفرية» الإجماع على عدم وجوب غيرها ولعلّه عنى الزيادة على الفاتحة كما في إجماع «نهاية
الإحكام».
وأمّا وحدة
الجهة المشتبهة فقلّ مَن تعرّض له ، ومعناه كما سمع منه على الظاهر فيما نقل
أنّه لو اشتبه عليه القبلة وصلّى إلى أربع جهات وشكّ فى واحدة من الصلوات الأربع
صلّى الاحتياط إلى جهتها. وقال في «الهلالية» : لا بدّ من وحدة الجهة في المتحيّر
إلّا أن يظهر عين القبلة فيسقط ، إلّا أن تكون الصلاة مجزية ألبتّة فيأتي
بالاحتياط إلى القبلة ، انتهى. قلت : إجزاء الصلاة إمّا بأن يتبيّن
__________________
ويشترط فيه عدم تخلّل الحدث
______________________________________________________
أنّ صلاته كانت بين المشرق والمغرب وهو عراقي ، وإمّا بأن يضيق الوقت إلّا
عن جهة فيصلّي إليها ويشكّ فيها ثمّ بعد خروج الوقت تبيّن أنّها كانت إلى غير
القبلة فإنّها (فإنّه ظ) يأتي في الموضعين بالاحتياط إلى القبلة.
وقد صرّح
الشهيد وجميع من تأخّر عنه إلّا من شذّ أنّه يعتبر فيها جميع ما يعتبر في الصلاة.
وقال جماعة : من الطهارة والستر والاستقبال وغيرها من الشرائط
والأفعال ، ونصّ أكثرهم على التشهّد والتسليم لدفع احتمال عدم وجوبهما لو جعلت
بدلاً محضاً من الأخيرتين لسبق التشهّد والتسليم آخر الصلاة. وقال في «مصابيح
الظلام». انّ كونها بدلاً غلط ، بل هي معرضة للبدلية إن اتفق نقص الصلاة ، ومعرضة
للصلاة المستقلّة أيضاً إن اتفقت تمامية الصلاة في الواقع كما ورد في النصوص وظهر
من الاعتبار ، فمن أجل كونها معرضاً للأمرين راعى الشارع فيها الحالتين مهما أمكن
، ثمّ إنّه دام ظلّه فصّل ما يترتّب على الحالتين بما أمكنه ، ثمّ قال : فيلزم أن
تكون قراءة الفاتحة متعيّنة لجميع ما ذكر ، ثمّ استشهد بالأخبار الدالّة على أنّه
إن بانت الصلاة تامّة كانت صلاة نافلة مطلوبة مستقلّة ، ثمّ قال : كيف تكون صلاة
تامّة بدون فاتحة مع أنّه بالضرورة أن لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب ؟!
[في عدم تخلّل الحدث
بين الصلاة وركعات الاحتياط]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ويشترط
فيه عدم تخلّل الحدث
__________________
على
رأي) وفي عبارة «الشرائع
والإرشاد والألفية » وغيرها عند التعرّض لهذا الحكم التعبير بالمبطل بدل الحدث.
ونحوه ما يأتي نقله عن المفيد ، لكنّ في أثناء عبارة «الشرائع» ما يدلّ على أنّ
المراد بالمبطل هو الحدث. ونقل صاحب «الدرّة» عن الشهيد أنّه في حاشيةٍ له على
الألفية قد فسّر المبطل فيها بالحدث ، واعترضه بأنّه تفسير للأعمّ بالأخصّ ،
والموجود في أكثر العبارات التعبير بالحدث ولعلّه لأنّه مبطل عمداً وسهواً
فليتأمّل جيّداً.
وقال الشهيد في
«الذكرى» : ظاهر الفتاوى والأخبار وجوب تعقيب الاحتياط للصلاة من غير تخلّل حدث أو
كلام أو غيره . وقال في «الذخيرة» : ظاهر هذا الكلام أنّ وجوب
المبادرة ممّا لا خلاف فيه بينهم . قلت : في «المسالك» الإجماع عليه ، وفي «الروض والروضة والمصابيح » نفي الخلاف عنه ، وفي «الكفاية» أنّه ظاهر كلام
الأصحاب ، وفي «الرياض» أنّه ظاهر الأكثر .
وهل تبطل
الصلاة بتخلّل شيء ممّا ذكر أم لا؟ قال في «المختلف» : قال المفيد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في الرسالة العزية : وإن اعتدل ظنّه في الرابعة والثالثة بنى على الرابعة
وتشهّد وسلّم ثمّ قام من غير أن يتكلّم فصلّى ركعة واحدة بفاتحة الكتاب ، وكذا
قيّد في باقي الفروض ، انتهى. وقد نسب جماعة القول بالبطلان إلى ظاهره وآخرون إلى صريحه. وهو خيرة «المختلف والذكرى والدرّة والمصابيح والرياض » وقد يظهر ذلك من «كنز الفوائد ». وفي «حواشي الشهيد » أنّه أولى. وفي «شرح المحقّق الكركي على الألفية»
لعلّه أقرب . وفي «التذكرة والمفاتيح» أنّه أحوط .
وفي «الدروس » إن تبيّن النقصان فالأقرب البطلان وإلّا فلا ، ولست
أرى لهذا التفصيل وجهاً أصلاً ، لأنّ ذلك التبيّن إن كان قبل فعل الاحتياط فظاهر
عدم وجهه ، لأنّه مع التمامية لا وجه للاحتياط ومع النقصان تبطل الصلاة ، وكذلك
الحال إن كان بعد تمام الاحتياط ، لأنّ المطلوب معرفة الحكم قبله.
ومن الغريب
نسبة القول بالبطلان في «المفاتيح » إلى الأكثر. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المصابيح» إلى المشهور مع أنّ القائل به هو مَن عرفته وستعرف كثرة المخالف.
ولم يرجّح في «الشرائع
ونهاية الإحكام وغاية المرام » شيء. وليس في كتب القدماء جميعها إلّا ما يظهر منها
من وجوب المبادرة.
ولكنّ الاستاذ
دام ظلّه استند في ذلك إلى أنّها لو كانت صلاة منفردة لما وجبت المبادرة وقد وجبت
بلا خلاف. وقال : إنّ ذلك ظاهر من الأخبار أيضاً. وقال أيضاً : إنّ الأخبار أيضاً تنادي بأنّها ليست صلاة منفردة حيث صرّح فيها
بأنّه إن كان صلّى ناقصاً كان هذا الاحتياط تتمّة صلاته وجزأً لها ولا يكون هذا
تتمّة إلّا أن يكون جزأً في صورة النقص ، ولذلك لو ذكر النقص بعد ذلك تكون صلاته
صحيحة تامّة كما هو المشهور المعروف. وقال : المتبادر من الأخبار القيام إلى هذه
الصلاة بعد الفراغ من التسليم بداراً بل في صحيحة أبي بصير «فقم واركع» والفاء للتعقيب بلا مهلة ، وإذا تخلّل المنافي لم تحقّق
المبادرة الثابتة لوجوب تحصيل الطهارة ، فيكون الإتيان بها إتياناً بالمأمور به
على غير وجهه ، فيبقى المكلّف تحت العهدة والبراءة اليقينية لم تحصل بمجرّد الصلاة
المشكوك فيها ولا بالاحتياط الّذي تخلّل المنافي بينه وبين الصلاة ، مع قطع النظر
عمّا ذكرنا من المبادرة الثابتة بالنصّ والإجماع فكيف الحال بعد ملاحظتها أيضاً؟!
والأصل لا يجري في ماهيات التوقيفيات مع أنّه لا يعارض دليلاً فكيف بالأدلّة؟!
والمحقّق في الاصول أنّ المأمور به إذا كان مأموراً به على سبيل الفور يفوت بفوات
الفور كالموقّت.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قلت : في هذا
نظر على أنّه منقوض بصلاة الزلزلة عند جماعة ، على أنّه يدلّ على بطلان الصلاة مع
الإخلال بالفورية مطلقاً ، والاستاذ ومَن وافقه لعلّهم لا يقولون بذلك ، لأنّ
النزاع إنّما هو في صورة تخلّل المنافي لا في مطلق الإخلال بالفورية.
وقال أيضاً :
الصلاة الفريضة وقع فيها خلل والشارع قال علاج ذلك فعل الاحتياط بداراً فكيف
يتحقّق الامتثال بدونه؟ وممّا ذكر ظهر فساد ما أجاب به صاحب «المدارك» بأنّه لا
يلزم من المبادرة والفورية بطلان الصلاة بتخلّل الحدث وبأنّ معرضيّتها لأن تكون
تماماً لا يقتضي أن تكون جزأً مع انفصالها عنها بالنيّة وتكبيرة الإحرام وغيرهما ،
إذ بالتأمّل فيما ذكر يتّضح لك فساد أمثال هذه الأجوبة. وممّا يدلّ على الجزئية
عدم عدّه فريضة على حدة غير اليومية والعيدين والآية والملتزم بالنذر ولا يجعلون
صلاة الاحتياط واجباً آخر ، ويدلّ على ذلك صحيحة ابن يعفور الّتي يقول فيها «وإن
كان صلّى ركعتين كانت هاتان تمام الأربع ، وإن تكلّم فليسجد سجدتي السهو » إذ ظاهرها أنّه تكلّم قبل هاتين الركعتين اللتين هما
تمام الأربع ، وظاهر أنّ التعرّض لذلك في المقام من دون مقتضٍ لذكره بالخصوص إنّما
هو لإظهار كون المصلّي قبل الإتيان بهاتين في الصلاة وأنّ حكمه حكم من تكلّم بعد
ما سلّم ظانّاً خروجه من الصلاة. وأجاب في المدارك بأنّ في طريقها محمّد بن عيسى
عن يونس وأنّها لا تدلّ على المطلوب صريحاً لاحتمال إرادة الكلام في الصلاة سهواً
، ثمّ لو كانت صريحة لم يلزم منه البطلان بل اللازم التحريم. ولا يخفى ما فيه فإنّ
محمّداً ويونس ثقتان فلا يضرّ ما قاله بعض القميّين ، مع أنّه لم يطعن على هذا
السند في بحث سجدتي السهو ، وما قاله من عدم الصراحة في الدلالة ظاهر في تسلّم
الظهور وهو كافٍ بلا شبهة ، وما قاله إنّ اللازم هو التحريم خاصّة واضح الفساد ،
إذ ظاهر أنّ هذا تكلّم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
سهواً يحتاج إلى سجدتين ، فظهر ظهوراً تامّاً أنّه في الصلاة بعد ملاحظة ما
ذكرنا في التقريب ، لا أنّ صلاة الاحتياط صلاة مستقلّة كالعصر بعد الظهر. والحاصل
: أنّه إن ظهر منه حرمة فلا ريب أنّها من حرمة الصلاة بلا خفاء ، مع أنّ مقتضى ما
ذكره ابن إدريس عدم الحرمة أصلاً كما هو شأن الصلاة المنفردة. وحمل كلامه على
كونها منفردة من جهة وغير منفردة من جهة اخرى فيه ما فيه ، لاقتضاء كونه من تتمّة
الصلاة مراعاة الجزئية مهما تيسّر.
فإن قلت : لعلّ
الاحتياط صلاة منفردة إلّا أنّا نقول بحرمة فعل المنافي بينهما من جهة الإجماع ولو
لاه لكنّا نقول بعدم الحرمة أيضاً. قلنا : هذا فيه ما فيه أيضاً إذ لم يدّع أحد
الإجماع على تحريم فعل المنافي بينهما تعبّداً من غير مدخلية للبطلان أصلاً ، لأنّ
الفقهاء غير ابن إدريس حكموا بالمنع لكون الاحتياط معرضاً لتمامية الصلاة كما هو
صريح أدلّتهم ، وفتواهم في غاية الوضوح في ذلك ، فلذا نسب الخلاف إلى خصوص ابن
إدريس ، نعم وافقه العلّامة في خصوص الإرشاد ، انتهى.
قلت : قد وافقه
أيضاً في «التحرير » والشهيدان في «اللمعة والبيان والروض والمسالك والروضة » وهو خيرة «الجعفرية والغرية والهلالية والمقاصد العلية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ومجمع البرهان ورسالة صاحب المعالم وشرحها والمدارك والمفاتيح والكفاية والجواهر» وكأنّه مال إليه في «الذخيرة » وكأنّه تردّد فيه صاحب «إرشاد الجعفرية » ويظهر من «الإيضاح» أنّ الموافق لابن إدريس جماعة من
القدماء ، قال في «الإيضاح» : اعلم أنّ مبنى المسألة أنّ الاحتياط هل هو جزء أو
صلاة برأسه؟ انحصر أقوال أهل العلم فيه في ثلاثة أقوال ، الأوّل : أنّه صلاة برأسه
، وهو اختيار ابن إدريس وجماعة ، لوجوب النيّة وتكبيرة الإحرام ولا شيء من الجزء
كذلك. الثاني : أنّه تمام ، لقوله عليهالسلام : «إذا لم تدر أربعاً صلّيت أم ركعتين فقم واركع » وفيه منع ، لجواز إرادة المجاز. قلت : المجاز هنا
إرادة التعقيب على التراخي. الثالث : أنّه تمام من وجه وصلاة منفردة من وجه ، وهو
اختيار والدي المصنّف ذكره لي مذاكرةً جمعاً بين الأدلّة ، وهو الأقوى ، انتهى. فقد نسب إلى جماعة موافقة ابن إدريس وقضية
تقويته مذهب والده أنّه موافق له في القول بالبطلان بتخلّل الحدث كما في الكتاب ،
لكنّه في الأجزاء المنسية كما ستسمع ذهب إلى أنّ الأصحّ عدم البطلان بتخلّل الحدث
بينها وبين الصلاة كما ستعرف.
وحجّة القائلين
بعدم البطلان أنّها صلاة منفردة وكونها بدلاً لا يوجب مساواتها للمبدل في كلّ حكم
، مضافاً إلى الأصل وإطلاق الأخبار ، لأنّ المستفاد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أنّه يصلّي صلاة الاحتياط وهو أعمّ من تخلّل الحدث وعدمه. وفيه : على تقدير
تسليمه أنّه لو ثبت الإجماع على وجوب الفورية لم يتّجه هذا الاستدلال ، إذ على ذلك
التقدير يكون المراد من عموم الأخبار خصوص الفورية.
واعلم أنّ
المصنف في «المختلف» أورد على ابن إدريس التناقض بين فتواه بعدم البطلان بتخلّل
الحدث وبجواز التسبيح ، فإنّ مقتضى الأوّل كونها صلاة منفردة ومقتضى الثاني كونها
جزءاً للُاولى . وقال في «الذكرى» : ويمكن دفعه بأنّ التسليم جعل لها
حكماً مغايراً للجزء باعتبار الانفصال عن الصلاة ، ولا ينافي ذلك تبعية الجزء في
بعض الأحكام . وفي «المدارك والذخيرة» هو جيّد ومتّجه إن ثبتت التبعية بدليل ، لكنّ
الظاهر انتفاء الدليل عليه بل الدليل موجود على عدمها . وفي «الروض» بعد نقل كلام الذكرى التحقيق أنّ الاحتياط
صلاة مستقلّة روعي فيها البدلية عمّا يحتمل نقصه من الصلاة ، والأصل في الصلاة
المستقلّة عدم ارتباطها بالسابقة إلّا فيما دلّ عليه الدليل .
وقال الاستاذ
دام ظلّه : التناقض واضح لا يندفع عنه بوجهٍ من الوجوه ويرد على ما في «الذكرى»
أنّ البدلية إن اقتضت المساواة إلّا ما خرج بدليل فلا وجه للحكم بعدم بطلان الصلاة
معلّلا بأنّ البدل لا يجب مساواته للمبدل في كلّ حكم وإن لم تقتض المساواة
المذكورة كما ادّعاه هنا ، فلا وجه للحكم ببقاء التخيير بين الحمد والتسبيح لكونه
بدلاً ، وعلى ما في المدارك بأنّ تخيير ابن إدريس بينهما من جهة البدلية كما صرّح
به هو في المدارك ، واعتراض العلّامة إنّما هو على ذلك مع أنّك عرفت التبعية والدليل
عليها وبطلان الدليل على عدم التبعية أصلاً ، انتهى.
__________________
وفي السجدة المنسيّة أو التشهّد أو الصلاة على النبيّ وآله عليهمالسلام إشكال.
______________________________________________________
واعلم أنّ
الاحتياط على رأي ابن إدريس هو الإتيان بصلاة الاحتياط ثمّ الإعادة ، إذ هي عنده
صلاة منفردة واجبة وذمّته مشغولة بها ، فإن تركها وأعاد الصلاة فقد ترك الواجب
وأتى بما ليس بواجب ، فإطلاق جمع بأنّ القول الأوّل أحوط فيه ما فيه ، فتأمّل
جيّداً.
[حكم تخلّل الحدث بين
الصلاة ما يقضى عنها]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وفي
السجدة المنسيّة أو التشهّد أو الصلاة على النبيّ وآله عليهمالسلام إشكال). وفي «التحرير» أنّ الإشكال هنا أقوى ، وفي «الجعفرية» فيه تردّد . والحكم بالبطلان خيرة «التذكرة ونهاية الإحكام والمصابيح والرياض» للقطع بجزئيتها ، وخروجها كالاحتياط عن محض
الجزئيّة في بعض الموارد الإجماعية للضرورة لا يقتضي الخروج عنها بالكلّية .
واختير في «الإيضاح
واللمعة والبيان والدروس والموجز الحاوي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والغرية والروضة والمدارك» عدم البطلان . وفي «الكفاية» نفى عنه البعد . وفي «الذكرى» فيه الوجهان السابقان وأولى بالبطلان عند
بعضهم للحكم بالجزئية يقيناً وقد نقل فيها الإجماع على وجوب الفورية في الأجزاء
المنسية . وقال في «الذخيرة» : يمكن ترجيح عدم البطلان نظراً إلى
إطلاق الأدلّة ، نعم لو ثبت الإجماع المذكور لم يمكن الاستدلال بإطلاق الأدلّة.
وربما يستند في البطلان إلى كونها جزءاً يقيناً ، وهو ممنوع لخروجها عن الجزئية
المحضة .
ونقل في «غاية
المرام» عن أبي العبّاس في المحرّر أنّه فصّل فقال : إن أحدث عمداً بطلت صلاته ،
وإن كان سهواً أو بعد خروج الوقت أو بعد أن مضى بعد التسليم زمان يخرج به عن كونه
مصلّياً لم تبطل صلاته. وقال في «غاية المرام» : المشهور بين الأصحاب عدم الفرق
بين الساهي والعامد ، وكلّما وجّهت للفرق وجهاً ورد عليه الاعتراض ، انتهى.
قلت : في «الإيضاح»
ما يقرب ممّا في المحرّر فإنّه بعد أن قال الإشكال في تخلّل الحدث فقط وبيّن أنّ
منشأه هل هو تمام لتلك الصلاة أو هو قضاء لما فات وهو فعل برأسه منفرد عن الصلاة
واختار الثاني وعدم البطلان قال : وعلى القول باشتراط عدم التخلّل المراد به بعد
ذكرها قبل مضيّ زمان يخرج به عن كونه مصلّياً ، فلو لم يذكرها حتى تخلّل حدث أو
مضى زمان يخرج به عن كونه مصلّياً أو خرج الوقت فإنّها تخرج عن كونها جزءاً ولا
تبطل بذلك الصلاة وإن تعمّد الحدث ويصير الجزء قضاءً ويترتّب على الفوائت ، انتهى ، وقد سلف لنا ما له نفع في المقام.
__________________
الثاني
: لو زاد ركعة في
آخر الصلاة ناسياً ، فإن كان قد جلس في آخر الصلاة بقدر التشهّد صحّت صلاته وسجد
للسهو وإلّا فلا ، ولو ذكر قبل الركوع قعد وسلّم وسجد للسهو مطلقاً ، ولو كان قبل
السجود فكذلك إن كان قد قعد بقدر التشهّد وإلّا بطلت.
الثالث
: لو شكّ في عدد
الثنائية ثمّ ذكر أعاد إن كان قد فعل المبطل ، وإلّا فلا.
الرابع
: لو اشترك السهو
بين الإمام والمأموم اشتركا في الموجب ، ولو انفرد أحدهما اختص به ، ولو اشتركوا
في نسيان التشهّد رجعوا ما لم يركعوا ، فإن رجع الإمام بعد ركوعه لم يتبعه المأموم
، ولو ركع المأموم أوّلاً رجع الإمام وتبعه المأموم إن نسي سبق الركوع واستمرّ إن
تعمّد.
الخامس
: تجب سجدتا
السهو على مَن ذكرنا وعلى مَن تكلّم ناسياً وعلى من سلّم (أو سلّم خ ل) في غير
موضعه ناسياً ، وقيل : في كلّ زيادة ونقيصة غير مبطلتين ، وهو الوجه عندي.
______________________________________________________
وبيّن وجه
الإشكال في «كنز الفوائد» بأنّها جزء ومن أنّه أحدث بعد التسليم وبرأت ذمّته من
الصلاة ووجوب قضاء ذلك الفائت لا يستلزم عدم براءته من باقي أفعال الصلاة ، لوقوع
الاتفاق على أنّه إنّما يجب عليه ذلك الفائت لا غير ، انتهى.
قلت : الأخبار
واضحة الدلالة على جزئيّتها ، إذ فيها : «ثمّ تشهّد التشهّد الّذي فاتك » وفيها : «ويسلّم ويسجدها » فإنّها قضاء و «يقضي ما فاته إذا ذكره» وقضاها وحدها
فلا بدّ من مراعاة الجزئية إلّا ما ثبت عدم مراعاته.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (الثاني
: لو زاد ركعة في آخر
__________________
السادس
: تجب في سجدتي
السهو : النيّة ،
______________________________________________________
الصلاة
.. إلى آخره) قد تقدّم الكلام في هذه المسألة وأطرافها في أوّل المقصد الرابع مستوفىً أكمل استيفاء ، بل لم يوجد مثله في كتاب كما
تقدّم الكلام كذلك في الثالث والرابع والخامس.
[في سجدتي السهو]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (تجب
في سجدتي السهو النيّة) صرّح بوجوب النيّة في «السرائر » وأكثر ما تأخّر عنها وفي «الرياض» لا خلاف فيه وفي «المفاتيح» أنّه المشهور . ولم يتعرّض لذكرها الصدوق في المقنع والمفيد والسيّد
والشيخ في النهاية والمبسوط والجُمل وأبو يعلى وأبو الصلاح فيما نقل عنه والمحقّق في كتبه الثلاثة والمصنّف في الإرشاد ولعلّه لذلك قال
بعض متأخّري المتأخّرين : تجب فيهما النيّة على ما ذكره جماعة من الأصحاب . قلت : الظاهر أنّ تركها لظهورها ، ولهذا قال في «المختلف»
: إنّ الواجب فيهما النيّة لا غير . ووافقه على ذلك جماعة ولم يتأمّلوا في وجوبها
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
لترك القدماء لها كما تأمّلوا في غيره.
وأوجب في «نهاية
الإحكام والذكرى وتعليقي الإرشاد » للكركي وولده تعيين السبب. وفي «الذخيرة والكفاية » استظهار عدمه لحصول الامتثال بدونه ، وأوجبه جماعة إن تعدّد على القول بتعدّدهما ، وفرّع على الخلاف ما لو
ظنّ سهوه كلاماً فسجد له فتبيّن أنّه كان نسيان سجدة فإنّه تجب الإعادة على القول
بوجوب تعيين السبب. وبه حكم في «نهاية الإحكام والهلالية» مع احتمال عدم الإعادة في الأخير.
ومن الغريب ما
في «الموجز الحاوي» من قوله : ولا يتعيّن سببه ولو عيّن فأخطأ أعاد ، لأنّ ظاهره متناقض والتأويل ممكن والأمر هيّن.
وفي «الألفية
والهلالية» نيّتهما أسجد سجدتي السهو في فرض كذا أداءً لوجوبه قربةً إلى الله
تعالى . وقال في موضع آخر من «الألفية» : لا يجب التعرّض في نيّتهما للأداء
والقضاء وإن كان أحوط . وقال في موضع آخر من «الألفية» : لا يجب التعرّض في
نيّتهما للأداء والقضاء وإن كان أحوط. وفي «المقاصد» أنّه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أجود . وفي «الروضة» أنّه أولى . وفي «البيان والجعفرية وشرحيها وشرح الألفية وتعليقي الإرشاد » للكركي وولده و «الدرّة» وجوب التعرّض للأداء والقضاء
، وفي بعضها : إن خرج الوقت أو كانت الفريضة قضاءً نوى القضاء. وأوجب في «شرح
الألفية» للكركي تعيين المنوب عنه . وتأمّل فيه في «المقاصد العلية ».
ومحلّ النيّة
أوّل السجود كما صرّح به جماعة . وفي «العويص» للشيخ المفيد أنّ آخرها يقارن أوّل
الهوي. وفي «الروضة والمقاصد» لو نوى بعد الوضع فالأقوى الصحّة . وفي «البيان وتعليقي الإرشاد» يجوز مقارنة النيّة
__________________
والسجدتان على
الأعضاء السبعة ،
______________________________________________________
للتكبيرة وإن استحبّت .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والسجدتان
على الأعضاء السبعة) صرّح بذلك المفيد وجمّ غفير ممّن تأخّر. وفي «المعتبر» الإجماع على وجوب السجدتين . وفي «التذكرة ونهاية الإحكام والمهذّب البارع وشرح الألفية للكركي وتعليق الإرشاد له والدرّة» وغيرها أنّها تجب الطمأنينة فيهما وفي الرفع.
وقال المحقّق
الثاني وشيخه عليّ بن هلال وصاحب «الدرّة والمدارك والكفاية والذخيرة والمفاتيح » أنّه يجب وضع الجبهة على ما يصحّ السجود
__________________
والجلوس مطمئنّاً بينهما ،
______________________________________________________
عليه. وعلّله جماعة بأنّه المعهود من الشرع فينصرف الإطلاق إليه ، ويرد
عليهم أنّه على هذا لا وجه للتردّد في اشتراط الطهارة ونحوها ممّا هو معتبر في
سجدة الصلاة ولا سيّما على القول بأنّ العبادة اسم للصحيحة. وفي «الذكرى والدروس والبيان واللمعة والألفية والجعفرية والغريّة وشرح الألفية للكركي والروضة والدرّة ورسالة صاحب المعالم والنجيبية» أنّه يجب فيهما ما يجب في سجود الصلاة ،
وفسّر في جملة منها بالطهارة وغيرها من الشرائط ووضع الجبهة على ما يصحّ السجود
عليه ، والسجود على الأعضاء السبعة وغيرها من الواجبات ما عدا الذكر. وفي «إرشاد
الجعفرية » في ذلك نظر ظاهر.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والجلوس
بينهما مطمئنّاً) هذا لعلّه ممّا لا خلاف فيه كما في «مجمع البرهان ». وقد نصّ عليه المصنّف في
__________________
والتشهّد ،
______________________________________________________
«التذكرة ونهاية الإحكام والإرشاد » وجمهور مَن تأخّر عنه ، بل في الحقيقة أنّ الجلوس منصوص الجميع
لتتحقّق التثنية كما صرّح به جماعة ، فالمحتاج إلى البيان هو الطمأنينة ، ولك أن تقول :
إنّ الفصل ليس منحصراً في الجلوس بل يحصل بدونه كما في سجدتي الشكر.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والتشهّد)
وجوب التشهّد
محلّ وفاق كما في «المعتبر والمنتهى» على ما نقل عنه وظاهر «التذكرة » حيث نسب فيها إلى علمائنا ، لكنّ الموجود في «المعتبر»
الشهادتان ، فتأمّل. وفي «الروضة والذخيرة» أنّه المشهور . وفي «النهاية والمبسوط والمقنع وجُمل العلم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والجُمل والعقود والغنية والسرائر والنافع والإرشاد ونهاية الإحكام والدروس والبيان والجعفرية وشرحيها والهلالية والروض والدرّة» وغيرها تقييده بالتشهّد الخفيف. وهو المنقول عن أبي الصلاح. وفي «الذكرى وشرح الألفية للكركي والغرية» نسبته إلى فتوى الأصحاب. وفي «المفاتيح» أنّه
المشهور . وفي «المقنعة والمراسم والشرائع والمعتبر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتحرير والألفية واللمعة والمهذّب البارع والموجز الحاوي والميسية والروضة » ترك التقييد بالخفيف كالكتاب ، وقد سمعت حكاية
الإجماعات والشهرة عليه. وفي «المقاصد العلية» التشهّد المعهود في الصلاة وفي «الروض وتعليق الإرشاد» ولو تشهّد بغير الخفيف صحّ .
والمراد
بالخفيف كما في «المبسوط والروض والرياض والبحار والذخيرة» ما اشتمل على مجرّد الشهادتين والصلاة على النبيّ
وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم . وعزاه في «البحار» إلى الأصحاب على ما نقل عنه. واحتمل بعضهم أنّ المراد به التشهّد المعهود في
الصلاة ويكون المراد بالخفّة تخفيف الأجزاء المندوبة . وهل هو عند هؤلاء رخصة أو عزيمة؟ كلٌّ محتمل كما في «مجمع
البرهان والرياض» ولعلّ الأحوط عندهم الأخير تبعاً لظاهر الأمر
المتعلّق بالقيد المقتضي لوجوبه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وإن احتمل عدمه نظراً إلى احتمال ورود الأمر مورد توهّم وجوب ضدّه .
ولم يتعرّض
المصنّف لذكر التسليم وكأنّه عنده غير واجب. قال المحقّق الثاني في «تعليق الإرشاد»
أنّ عبارات جميع الأصحاب خالية من إيجابه وأنّه لم يثبت بالإجماع ، وأنّ المصنّف
في المختلف نفى وجوبه . قلت : عبارات القدماء كالمفيد والسيّد والشيخ وأبي يعلى وأبي المكارم وأبي عبد الله محمّد بن إدريس قد نطقت بأنّه يتشهّد
ويسلّم ، فإن كان التشهّد فيها واجباً كان التسليم كذلك.
وبالتشهّد والتسليم كذلك طفحت عبارات المتأخّرين كالمحقّق والمصنّف ومن تأخّر عنهما وإنّما خلت عن ذكره عبارة المقنع
والكتاب. ويظهر من «المفاتيح» أنّ وجوبه هو المشهور .
وقد نقل صاحب «المدارك
والذخيرة والمفاتيح» عن المعتبر والمنتهى أنّ وجوب التشهّد
والتسليم إجماعي ، بل في «المدارك » عنهما أنّه قول أهل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
العلم ، لكنّي لم أجد ذلك في المعتبر وإنّما فيه القدر الواجب السجدتان
والشهادتان والصلاة على النبي وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى ذلك إجماع علمائنا ، ثمّ قال : أمّا وجوب التسليم
فقد رواه عبد الله بن سنان ، وقال : إنّ رواية عمّار متروكة ، ولم يحضرني المنتهى.
وفي «الذكرى والغرية » أنّه يتشهّد ويسلّم للرواية وفتوى الأصحاب ، بل مَن
قال بأنّ التسليم في الصلاة ندبٌ ظاهره أو صريحه هنا وجوبه. نعم نقل عن أبي الصلاح
أنّه قال : ينصرف عنهما بالتسليم على محمّد وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وفي «المختلف» الأقرب عندي أنّ ذلك كلّه للاستحباب ،
بل الواجب فيهما النيّة لا غير . وقوّاه في «الذخيرة
__________________
ولا تكبير فيهما.
______________________________________________________
والكفاية ».
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولا
تكبير فيهما) قد صرّح في «الشرائع والمعتبر والتذكرة والتحرير والبيان » وغيرها باستحباب التكبير. ونسبه في «المدارك » إلى الشيخ وجمع استناداً إلى موثّقة عمّار وقال هو وصاحب «الذخيرة» : إنّها إنّما تدلّ على اختصاص
الاستحباب بالإمام مع أنّها ضعيفة ، وأنت خبير بأنّ الموثّق حجّة ولا سيّما في المقام ،
وقد تضمّنت نفي التكبير إلّا للإعلام من الإمام ، وليس فيها أنّ التكبير قبل
السجود بل فيها أنّه يكبّر إذا سجد وإذا رفع رأسه. نعم هذا الموثّق شاذّ محمول على
التقيّة ، وكلام الشيخ في «المبسوط » محتمل للوجوب والاستحباب كما فهمه المصنّف في «التذكرة
» وغيره ، بل قد يقال : إنّ ظاهره الوجوب قال : إذا أراد أن يسجد سجدتي السهو
استفتح بالتكبير وسجد عقيبه ويرفع رأسه .. إلى آخره وفي «نهاية الإحكام» في وجوبه إشكال .
__________________
وفي اشتراط
الطهارة والاستقبال والذكر وهو : بسم الله وبالله ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل
محمّد والسلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته نظر.
______________________________________________________
وفي «كنز الفوائد»
أنّ أكثر الأصحاب نصّوا على الذكر فيهما دون القراءة والتكبير إلّا الشيخ فإنّه
قال : إذا أراد أن يسجد استفتح بالتكبير ولقد أغرب صاحب «المفاتيح» حيث قال : والمشهور أنّه
ينوي ثمّ يكبّر ثمّ يسجد ثمّ يرفع رأسه ثمّ يسجد إلى آخره ، إذ قضيّته أنّ التكبير واجب عند المشهور.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وفي
اشتراط الطهارة والاستقبال والذكر نظر)
ومثله قال في «التذكرة
». وفي «كنز الفوائد» أنّ وجه النظر من أنّهما استدراكٌ وجبرٌ لعبادةٍ
مشروطةٍ بالطهارة والاستقبال فتشترط الطهارة كالمجبورة ، ومن أصالة عدم الوجوب
وأنّها ليست صلاة ولا جزءاً منها وإنّما هي كالعقوبة. وأمّا الذكر فيحتمل عدم
وجوبه عملاً بالأصل ووجوبه لرواية الحلبي ، انتهى .
وفي «الإيضاح»
القائل بوقوعهما في الصلاة يشترط الطهارة والاستقبال ، والنافي تردّد للأصل ولقول
علي عليهالسلام «أنّهما قبل الكلام » فالحدث أولى ، ولأنّهما سجدتان مكمّلتان للصلاة
المشروطة بالطهارة فالمكمّل أولى. وأمّا الذكر فأوجبه في «المقنع» والمفيد لصحيحة
الحلبي ، وردّها ابن سعيد وليس بجيّد ، إذ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
مراده الإخبار لا أنّه عليهالسلام سها ، انتهى. قلت : وبأنّ مراده عليهالسلام الإخبار جزم في «نهاية الإحكام والذكرى والتنقيح والمقتصر وغاية المرام وشرحي الجعفرية » وغيرها قال في «نهاية الإحكام» : هو كما يقال : سمعته يقول في
النفس المؤمنة مائة من الإبل. واستظهره في «المدارك» وقال : تدلّ عليه الأخبار المنقولة في الكافي والفقيه . قلت : لأنّهما رويا عن الحلبي عن «الصادق عليهالسلام قال : تقول في سجدتي السهو : بسم الله .. إلى آخره»
فيكون قوله : «وسمعته مرّة اخرى يقول» في غاية الظهور في أنّه ليس هو الساهي.
وفي «الألفية
والهلالية والدرّة» أنّ الطهارة والستر والاستقبال شرط . وفي «المقاصد العلية» أنّه أقوى . وفي «التنقيح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمدارك والمفاتيح والذخيرة» أنّه أحوط . وفي «التحرير» في اشتراط الطهارة إشكال أقربه العدم . وفي «نهاية الإحكام» الأقرب وجوب الطهارة والاستقبال . وفي «السرائر» اشترط الطهارة وقد سمعت ما في «الذكرى» وغيرها من أنّه يجب فيهما ما يجب في
سجود الصلاة. وفي «الجواهر» أنّهما ليستا شرطاً. وقد ادّعى بعضهم أنّ ذلك ظاهر «الشرائع» وغيرها ممّا لم يتعرّض فيه لذكر
ذلك ، وفي ذلك نظر.
وممّا يرشد إلى
اشتراط ذلك أنّ قدماءنا في مقام بيانهما تعرّضوا لنفي القراءة والركوع ، فلو كان
غيرهما ممّا هو مأخوذ في نفس السجدة منفياً أيضاً لكان يجب التعرّض له ولا سيّما
مع التعرّض للتشهّد الخفيف.
وأمّا الذكر
ففي «المعتبر والنافع والمنتهى» على ما نقل عنه و «المختلف » وظاهر «المهذّب البارع» عدم وجوب الذكر مطلقاً . وقد يظهر ذلك من «النهاية » حيث لم يتعرّض فيها لذكره. وهو خيرة «مجمع البرهان»
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
حيث استظهر استحبابه وعدم وجوبه ونفى عنه البُعد في «المدارك ». وفي «الكفاية والذخيرة» أنّه لا يخلو من قوّة . وفي «الشرائع» في وجوب الذكر تردّد ، ولو وجب هل
يتعيّن لفظ؟ الأشبه لا .
قلت : القائل
بالوجوب وعدم التعيين الشيخ في «المبسوط » والمصنّف في «التحرير » وأبو العبّاس في «الموجز » وصاحب «الذخيرة » وفيها : أنّ المشهور وجوب الذكر مطلقاً ، انتهى.
والمشهور وجوب الذكر كما في «الذكرى والغرية». وفي «المعتبر والتنقيح» أنّ الأصحاب جميعاً عاملون برواية الحلبي وقال في «التنقيح» : أنّ الأشهر وجوب الذكر .
وفي «الرياض»
نسبة الوجوب والتعيين إلى الأكثر . ويظهر من «الروضة » أنّه المشهور ، بل كاد يكون صريحها. وقد نسبه في «المقتصر
والمهذّب» إلى الصدوق والمفيد والتقي وسلّار وابن إدريس . قلت : والأمر كما
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ذكر وإن وقع اختلاف يسير في عباراتهم فيه كما ستسمع. وهو خيرة الشيخ في «الجُمل
» وأبي المكارم في «الغنية » والمصنّف في «نهاية الأحكام والإرشاد » وخيرة «الدروس والبيان واللمعة والذكرى والألفية والمقتصر والهلالية وتعليق الإرشاد وفوائد الشرائع وشرح الألفية» للكركي و «الجعفرية والغرية وإرشاد الجعفرية والميسية والروضة والروض والمقاصد العلية والمسالك والدرّة ورسالة صاحب المعالم والنجيبية» وغيرها ، لكنّ بعضها صريح وبعض ظاهر في ذلك.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «حاشية
الإيضاح» نقلاً من لفظه أنّه يجوز كلّ واحد من الذكرين معاً وبالتفريق. وفي «حاشية
النافع» للمحقّق الثاني الأحوط أن يقول «بسم الله وبالله وصلّى الله على محمّدٍ
وآله» في السجدة الاولى. قلت : هذه الصورة نقلت عن التقي ، و «بسم الله وبالله السلام عليك أيّها النبي
ورحمة الله وبركاته» في الثانية. وفي «المقنع والمقنعة والسرائر» التخيير بين الصورتين مع ذكر «اللهمّ صلّ على
محمّدٍ وآل محمّد» بدل «صلّى الله على محمّد وآل محمّد » وفي «الجُملين» للسيّد والشيخ و «المراسم والغنية» الاقتصار على ذكر «بسم الله وبالله اللهمّ
صلّى على محمّدٍ وآل محمّد » وفي «المقاصد العلية» ذكر أربع صوَر ، وقال : إنّ
الذكر ينحصر في الأربع . ومثله قال في «إرشاد الجعفرية ». وفي «الروضة» ذكر خمس صوَر وقال : الكلّ مجزٍ .
قلت : ينبغي
لمن لم يختر التخيير أن يختار الصورة الثانية ، لاتفاق الأخبار فيها إلّا بزيادة الواو ، دون الاولى لاختلافها فيها.
وقد جزم الاستاذ دام ظلّه بأنّ الأصحّ ترك الواو ، وقد قيل على المشهور أنّ في بعض الأخبار الاكتفاء بذكر
__________________
السابع
: محلّه بعد
التسليم للزيادة كان أو للنقصان على رأي ،
______________________________________________________
السجدة مطلقاً مع كون المقام مقام بيان. واجيب بأنّ المقام لا يقتضي أزيد
من ذلك كما هو الشأن في المطلقات والعمومات. والأجود أن يقال المتبادر من السجود
السجود المعهود في الصلاة المتضمّن للذكر وأنّ الأقوى وجوب مطلق الذكر في سجدة
الصلاة ولعلّه هنا كذلك ويكون حال الأذكار المذكورة حال «سبحان ربّي الأعلى وبحمده»
في السجود ، فليتأمّل.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (محلّه
بعد التسليم للزيادة كان أو للنقصان على رأي)
هذا هو المشهور
كما في «كنز الفوائد والذكرى وإرشاد الجعفرية والمقاصد العلية وحاشية الإرشاد والروض والذخيرة والكفاية والمفاتيح » ومذهب الأكثر كما في «المعتبر والتذكرة والغرية والنجيبية» والأشهر كما في «النافع » ومذهب المعظم كما في «المدارك » وعليه عامّة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المتأخّرين كما في «غاية المرام والرياض » ومذهب الأصحاب كما في «كشف الرموز » وعلمائنا كما في «نهاية الإحكام » وعليه الإجماع كما في «الناصرية والمصابيح » ومذهب الثلاثة والفقيه والتقي وسلّار والحسن وابن
إدريس كما في «المهذّب البارع » وهو خيرة «المقنع » وما تأخّر عنه .
ونقل في «الشرائع
والتذكرة» القول بأنّهما قبل التسليم . وقد اعترف جماعة بعدم الظفر بقائله. وفي «حواشي الشهيد على الكتاب»
ينبغي على هذا القول الاستغناء عن النيّة . ونقل جماعة القول بالتفصيل عن أبي علي. ونسبه في «المبسوط والسرائر» إلى بعض أصحابنا . وفي «المعتبر» إلى قومٍ من
__________________
ولو نسي السجدتين سجدهما مع الذكر وإن تكلّم أو طال الزمان.
______________________________________________________
أصحابنا . وقال الصدوق : أفتى به في حال التقيّة .
ونقل في «الذكرى»
كلام أبي علي وقال : ليس في هذا كلّه تصريح بما يرويه بعض الأصحاب أنّ ابن الجنيد
قائل بالتفصيل ، نعم هو مذهب أبي حنيفة . انتهى. قلت : نقل جماعة أنّه مذهب مالك والعبارة المنقولة عن أبي علي ظاهرة في
ذلك وستسمعها. وقد نقل هو عنه في «الدروس والبيان» أنّهما للنقيصة قبل التسليم . وهذه عبارة أبي علي : إن كرّر بعض أفعال الصلاة في
الأخيرتين ساهياً سجد للسهو بعد سلامه ، وإن عدل من النفل إلى الفرض استحبّ أن
يسجد قبل سلامه لسهوه عن نيّة الفرض الّذي قضاه ، لأنّه نقص الصلاة ، وقد روي عن
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : من ترك شيئاً من صلاته فليسجد سجدتي السهو بعد سلامه
، وإن كان بنقصان سجد قبل سلامه ، انتهى. واحتمل في «الذخيرة» التخيير للجمع بين
الأخبار .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
نسي السجدتين سجدهما مع الذكر وإن تكلّم أو طال الزمان)
كما في «الخلاف
والمعتبر والتذكرة والتحرير
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ونهاية الإحكام والبيان والهلالية» وغيرها كما يعلم ممّا يأتي. قال في «الشرائع»
لو أهملهما عمداً لم تبطل الصلاة وعليه الإتيان بهما ولو طالت المدّة ، وهو قول معظم الأصحاب. وفي «الذخيرة والكفاية» نسبته إلى الأكثر . وهو خيرة «التذكرة ونهاية الإحكام والدروس والغرية وشرح الألفية» للكركي و «المدارك والمفاتيح » وأوجب في «الذكرى وتعليق الإرشاد والدرّة ورسالة صاحب المعالم والنجيبية» وظاهر «الجعفرية» المبادرة إليهما . وفي «الذخيرة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والكفاية» نسبته إلى الأصحاب . وفي «النجيبية» أنّه المشهور. وفي «الألفية وحواشي الشهيد» أنّه أولى ، وظاهر «إرشاد الجعفرية » التأمّل فيه. وقال في «الخلاف» : هما واجبتان وشرط في
صحّة الصلاة . وهو خيرة «المصابيح» ونسبه فيه إلى بقيّة الأصحاب ، لأن كانوا قائلين بوجوب المبادرة. وفي «الذخيرة والكفاية» أنّه أحوط . وقد يظهر من «المعتبر » موافقة الخلاف.
وقال في «الذكرى»
: إنّ ما في الخلاف يقضي بأنّ تركهما يقدح في الصحّة وهو مع ذلك قائل بوجوب
الإتيان بهما وإن طالت المدّة. ومنع الشرطية الفاضلان . وتعجّب من ذلك في «المختلف والبيان ». وفي «التذكرة والمختلف ونهاية الإحكام» أنّ قول الشيخ ممنوع . وفي «المدارك» أنّه قول بعض العامّة ، ولا ريب في ضعفه
، لأنّ أقصى ما يستفاد من الأخبار وجوبهما ،
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ولا يلزم من ذلك بطلان الصلاة بالإخلال بهما .
قلت : هو قويّ
جدّاً بحسب الاصول والقواعد وظواهر الأخبار ، لأنّ العبادة إن كانت اسماً للصحيح
كما هو الصحيح يكون المكلّف مع هذا الخلل غير ممتثل ، لأنّ الشارع قد جعل هذه
السجدة تداركاً لخللها ، فالصلاة حينئذٍ مطلوبة مع هذه السجدة مأموراً بها بهذا
الوجه ، فلو ترك السجدة عمداً لا يكون آتياً بالمأمور به على وجهه ، بل لو ترك
سهواً يكون كذلك أيضاً إلّا أن تقول بصحّتها من دليلٍ أو قاعدةٍ في صورة السهو.
نعم لو قيل بأنّها اسم للأعمّ يكون الإتيان بسجدة السهو واجباً برأسه من غير
مدخلية له في صحّة الصلاة لأصالة الصحّة ، أو قيل بأنّ كلّ خلل في الصلاة خطأ أو
سهواً غير مضرّ لعموم قوله عليهالسلام : «رفع عن امّتي الخطأ والنسيان » وكلاهما غير مرضيين خصوصاً في مقام قد جعل الشارع
أمراً من الامور تداركاً لسهو. وتتبّع أحكام السهو ترد بك على القطع بفساد أصالة
الصحّة في غير كثير الشكّ ومن كان شكّه بعد الخروج عن موضع الشكّ ، وقد ورد في غير
واحدٍ من الأخبار «فاسجد سجدتي السهو » والفاء للتعقيب بلا مهلة وربما منع ، لكنّ المتبادر من
جميع أخبار المسألة أنّهما بعيد التسليم وليس في مدّة العمر ، وفي
بعضها «بعد التسليم » وفي بعضها «وأنت جالس » وقد روى الصدوق مرسلاً عن «أمير المؤمنين عليهالسلام أنّهما بعد التسليم وقبل الكلام » ويظهر من الصدوق أنّه غير مرتاب في صدور ذلك عنه عليهالسلام حيث قال : قال ، ولم يقل روي
__________________
الثامن
: لا تداخل في السهو
وإن اتّفق السبب على رأي.
______________________________________________________
عن أمير المؤمنين عليهالسلام. وفي خبر منهال : «فاسجد سجدتين ولا تهب » ولو كان وقتها متّسعاً لما أمره بذلك ، فتأمّل ،
والمطلق يحمل على المقيّد. وخبر عمّار فعلى ما فيه من تضمّنه أحكاماً لم يقل بها أحد فهو في
صورة السهو فيعمل به فيها ، وعلى الفرق بين السهو والنسيان يرتفع التناقض بين قولي
الشيخ ويسقط التعجّب منه.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (لا
تداخل في السهو وإن اتّفق السبب على رأي)
كما هو خيرة «التحرير
والتذكرة ونهاية الإحكام والذكرى والدروس والبيان والهلالية والموجز الحاوي وكشف الالتباس والجعفرية والغرية وإرشاد الجعفرية وشرح الألفية» للكركي «والجواهر». وفي «الذكرى » وأكثر ما ذكر بعدها : ما لم يكن بعضاً من جملة توالت
كالقراءة مثلاً إذا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
تركها نسياناً فإنّه لا يجب عليه بكلّ حرفٍ سجدتان وإن كان لو انفرد لأوجب
، لأنّ اسم القراءة يشملها. وقال في «الذكرى» أيضاً. ولو نسيها في الركعات نسياناً
مستمرّاً لا يذكر فيه فالظاهر أنّه سبب واحد ، ولو تذّكر ثمّ عاد إلى النسيان
فالأقرب تعدّد السبب. وكذا لو تكلّم بكلمات متوالية أو متفرّقة ولم يتذكّر فكلام
واحد ولو تذكّر تعدّد . وفي «المبسوط والخلاف» أنّ عدم التداخل أحوط . وقد يظهر من «المعتبر » موافقته. وفي «السرائر» نفي الخلاف عن عدم التداخل عند
الاختلاف كما ستسمع.
والتداخل مطلقاً
على الظاهر خيرة «المبسوط » في أوّل كلامه و «الذخيرة والكفاية ». وفي «الإيضاح» قال المصنّف : إنّ كلّ واحد سبب تامّ
فكذا مع الاجتماع ، لأنّه لا يخرج الحقيقة عن مقتضاها والتداخل يستلزم خرق الإجماع
أو تخلّف المعلول عن علّته التامّة لغير مانع أو تعدّد العلل التامّة مع تشخّص
المعلول أو الترجيح من غير مرجّح أو عدم تساوي المتساويات في اللوازم والكلّ محال
، والتحقيق أنّ هذا الخلاف يرجع إلى أنّ الأسباب الشرعيّة هل هي مؤثّرة أو علامات ؟
وفي «السرائر»
إن اتحد الجنس تداخل وإلّا فلا ، قال : إن تجانس اكتفي بالسجدتين لعدم الدليل
ولقولهم عليهماالسلام : «من تكلّم في صلاته ساهياً يجب عليه
__________________
التاسع
: السجدة المنسيّة
شرطها الطهارة والاستقبال والأداء في الوقت ، فإن فات سهواً نوى القضاء ، وتتأخّر
حينئذٍ عن الفائتة السابقة.
______________________________________________________
سجدتا السهو» ولم يقولوا دفعةً واحدة أو دفعات ، فأمّا إذا اختلف الجنس
فالأولى عندي بل الواجب الإتيان عن كلّ جنس بسجدتي السهو ، لعدم الدليل على تداخل
الأجناس ، بل الواجب إعطاء كلّ جنس ما يتناوله اللفظ ، لأنّه قد تكلّم وقام في حال
قعود ، وقالوا عليهمالسلام : «من تكلّم يجب عليه سجدتا السهو ، ومن قام في حال
قعود يجب عليه سجدتا السهو » وهذا قد فعل الفعلين فيجب عليه امتثال الأمر ، ولا
دليل على التداخل ، لأنّ الفريضتين لا تتداخلان بلا خلاف .
وقد نصّ الشهيد
وجماعة على أنّه يترتّب السجود بحسب ترتّب الأسباب ، وقد تقدّم الكلام في ذلك عند الكلام على نسيان السجدة.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (السجدة
المنسيّة شرطها الطهارة والاستقبال والأداء في الوقت ، فإن فاتت سهواً نوى القضاء
وتتأخّر حينئذٍ عن الفائتة السابقة)
نصّ على ذلك
كلّه في «نهاية الإحكام » وصرّح بأنّه لو خرج الوقت قبل فعلها عمداً بطلت صلاته.
وقال المحقّق الثاني : لو فاتت عمداً في صحّته إشكال ، والمنقول الصحّة. وفي
«التحرير » ذكر اشتراط الطهارة ، وفي «الألفية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وشروحها الأربعة» اشتراط الطهارة والاستقبال والستر والأداء
والقضاء. وفي «المقاصد العلية » أنّ وجوب التعرّض للأداء والقضاء موضع وفاق ، وخالف في
ذلك المولى الأردبيلي والفاضل الخراساني . وقد تقدّم الكلام في ذلك بتمامه.
__________________
الفصل الثاني في القضاء
وفيه مطلبان :
(الأوّل) في سببه :
وهو فوات الصلاة الواجبة أو النافلة عن
المكلّف فلا قضاء على الصغير والمجنون
______________________________________________________
[في عدم القضاء على
الصغير والمجنون]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (فلا
قضاء على الصغير والمجنون)
بالضرورة من
الدين كما في «المفاتيح » وبإجماع المسلمين كما في «المدارك » وبإجماع العلماء كما نقل عن «المنتهى » وبالإجماع كما في «التذكرة والغرية وإرشاد الجعفرية والروض والدرّة والمعتبر » على الظاهر منه.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ويجب تقييده
بكون سبب الجنون ليس من فعله وإلّا وجب القضاء كالسكران كما في «التحرير والروض والروضة والمفاتيح » وهو اللازم من عبارة «المبسوط والمراسم والغنية والإشارة والسرائر » كما ستسمع في المغمى عليه. وفي «الغنية » الإجماع. وقال في «الذكرى » : لو زال عقل المكلّف بشيء من قبله فصار مجنوناً أو
سكر فغطي عقله أو اغمي عليه بفعلٍ فعله وجب القضاء. وأفتى به الأصحاب.
وقد تقدّم في محلّه بيان الحال في ما إذا بلغ في آخر الوقت أو
أفاق ، وسيأتي في الكتاب.
وعن «المنتهى ونهاية الإحكام والإرشاد » أنّه لو أكل الغذاء المؤدّي إلى الإغماء لم يجب عليه
القضاء. وقيّد في «الروض » عبارة الإرشاد بعدم علمه بكونه مؤدّياً.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والجنون يشمل
الجنون بجميع أقسامه حتّى الّذي هو من أقسام الماليخوليا وفي العرف يعدّ جنوناً
كما في «المصابيح ».
هذا ، وقد
تردّد في «الذخيرة » فيما إذا كان سبب الجنون من فعله ، وقد سمعت ما في «الذكرى»
وغيرها. وقد يقال : إنّ تردّد الذخيرة في محلّه فيما إذا لم يكن له تقصير
فيه ، لأنّه المتبادر من الدليل ولعدم الفرق بينه وبين ما إذا لم يكن من فعله
أصلاً ، لأنّ الجنون العارض قلّما يكون بغير مدخلية فعله ، لأنّ مقتضى الطبيعة
استواء الخلقة لو خلّيت وطبعها ، فليتأمّل جيّداً. وأمّا ما كان بتقصيرٍ منه فإنّه
يطلق عليه عرفاً أنّه فوّت الصلاة أو فاتته فيدخل تحت العمومات ، للفرق بين عدم
طلب الشيء كالصلاة قبل دخول وقتها والصلاة من الصغير وطلبه من المكلّف إلّا أنّه
لا يمكن تحقّق المطلوب منه لنومٍ أو سكر ، فإنّه يصدق في الثاني الفوات دون الأوّل
لأنّه يصدق عليه أنّه فوّت هذه الفريضة والفضيلة العظيمة على نفسه ، وليس هو أمر
غلب الله عليه فيكون مسقطاً لقوله عليهالسلام في الصحيح : «ما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر » إذ مفهوم العلّة يقتضي القضاء إذا كان بفعل المكلّف ،
مع أنّه مع انتفاء العلّة يدخل في عموم «من فاتته ». وأيضاً يظهر منه أنّ الأصل في الإخلال بالفريضة ثبوت
القضاء والتدارك إلّا أن يكون الله سبحانه غلب عليه ، وأنّ الأصل في كلّ ما غلب
الله تعالى عليه عدم وجوب القضاء وهو أوفق بالاعتبار. ولهذا قيّد الفقهاء الإغماء
المسقط والجنون بما إذا لم يكن من فعله كما ستسمع. وبهذا كلّه يندفع ما ذكره شيخنا
الفاضل في «الرياض» من أنّ شمول عموم ما دلّ على قضاء الفائتة لما نحن فيه غير
معلوم ، إذ موضوعه من صدق عليه الفوت وليس إلّا من
__________________
والمغمى عليه
______________________________________________________
طولب بالأداء ، وهذا والمغمى عليه من قِبل نفسه غير مطالب به أصلاً فلا
يصدق الفوت كمالا يصدق على الصغير والمجنون ، انتهى. وأنت قد عرفت الحال ، فالراجح في النظر أنّ
الجنون العارض بعد التكليف بتقصير منه من قبيل الثاني ، وكيف كان فلا ريب في أنّ
الأحوط القضاء وإن لم يكن مقصّراً وفاقاً للأصحاب في ظاهرهم ، وقد تقدّم في مباحث الأوقات تمام الكلام في المقام.
[في عدم القضاء على
المغمى عليه]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والمغمى
عليه) هذا هو المشهور كما في «الذكرى والروض وغاية المرام ومجمع البرهان والمصابيح » والأشهر كما في «الروضة والروض » أيضاً و «الرياض » بل في الأخير : أنّ عليه عامّة من تأخّر بلا خلاف فيه
إلّا من نادر. ومذهب الأكثر كما في «المدارك والذخيرة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمفاتيح » وخيرة «الفقيه وجُمل العلم والعمل والنهاية والمبسوط والخلاف والمراسم والغنية والإشارة والسرائر والشرائع والنافع والمعتبر وكتب المصنّف والدروس والذكرى والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس والهلالية وكتب المحقّق
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الثاني » وغيرها إذا استوعب الإغماء الوقت.
وفي «الغنية » الإجماع عليه ، قال : من اغمي عليه قبل دخول الوقت لا
بسببٍ أدخله على نفسه بمعصية إذا لم يفق حتّى خرج وقت الصلاة لم يجب قضاؤها بدليل
الإجماع. وبهذا القيد أعني عدم كون السبب منه مع ذكر المعصية صرّح به في «جُمل
العلم والسرائر » وبدون ذكرها صرّح في «المراسم والإشارة » وإليه أشار في «التحرير » وهو الظاهر من «المبسوط » إن لم يكن صريحه. وستسمع كلام أبي علي ، بل في موضع آخر من «المراسم » التصريح بوجوب القضاء إذا كان من قبله. وقد سمعت أنّه في «الذكرى» أسنده إلى الأصحاب. وفي «الذخيرة ومجمع البرهان » أنّ الحجّة عليه غير واضحة.
وفي «الرياض » القول بعدم الوجوب أقوى لو لم يكن وجوبه إجماعياً
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
واستند إلى ما نقلناه عنه آنفاً . قلت : وقد سمعت وستسمع ما في الكتاب و «نهاية الإحكام والمنتهى» إلّا أن يؤوّل
، وسيأتي عن «المعتبر» ما يفهم منه عدم الفرق. والحجّة على الفرق
بعد الإجماع تبادره من الأخبار ، فيدخل في عموم «من فاتته» كما سمعت مثله في
المجنون بدون تفاوت.
وقد حمل الصدوق
في «الفقيه » الأخبار الدالّة على انقضاء في المغمى عليه على
الاستحباب. وبه صرّح الشيخ في «النهاية والمبسوط » وكتابي الأخبار وغيره . وفي «المفاتيح » نسبته إلى الأكثر ، وفي «الرياض » أنّ المتأخّرين كافّة حملوا تلك الأخبار على الاستحباب
ولا بأس به جمعاً بين الأدلّة.
قلت : في أخبار
القضاء ما هو مقيّد وقضية الجمع حمل المطلق على المقيّد فيمكن الجمع بوجهٍ آخر
كالحمل على الإغماء الّذي ما وصل إلى ذهاب العقل أو على من اغمي عليه بسببٍ من
نفسه لكن قد يأبى هذا الأخير بعضها. نعم في خبر أبي كهمس وخبر منصور ما يشهد على الجمع المشهور. وقال في «الدروس »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ونِعمَ ما قال : إنّها كلّها متروكة.
وقال في «المقنع»
: إنّه يقضي جميع ما فاته من الصلوات. وروي أنّه ليس على المغمى عليه أن يقضي إلّا
صلاة اليوم الّذي أفاق فيه والليلة الّتي أفاق فيها. وروي أنّه يقضي صلاة ثلاثة
أيّام. وروي أنّه يقضي الصلاة التي أفاق فيها ، انتهى. ونسب الخلاف في «فوائد الشرائع » إلى المفيد. وفي «الذكرى » عن الجعفي في الفاخر أنّه نقل الروايات من الجانبين
ولم يجنح إلى شيءٍ منهما. ونقل جماعة عن بعض الأصحاب أنّه يقضي آخر أيّام إفاقته إن أفاق
نهاراً أو آخر ليلة إن أفاق ليلاً. وهذا ذكره في المراسم روايةً ، وكذا في السرائر . وروي فيها أيضاً أنّه يقضي صلاة شهر ، قال : وبعض
العامّة أنّه يقضي خمس صلوات فما دون ، لأنّ علياً عليهالسلام اغمي عليه يوماً وليلة فقضى. وعمّار اغمي عليه أربع
صلوات فقضاهنّ وابن عمر اغمي عليه أكثر من يوم وليلة فلم يقض ، انتهى. قلت : ما رووه عن أمير المؤمنين عليهالسلام غير صحيح كما ستسمع.
وعن أبي علي
أنّه قال : المغمى عليه أيّاماً من علّة سماوية غير مدخل على نفسه ما لم يبح
إدخاله عليها إذا أفاق في آخر نهاره إفاقة يستطيع معها الصلاة قضى صلاة ذلك اليوم
، وكذلك إن أفاق آخر الليل قضى صلاة تلك الليلة ، فإن لم يكن مستطيعاً لذلك كانت
إفاقته كإغمائه إذا لم يقدر على الصلاة بحالٍ من الأحوال الّتي ذكرناها في صلاة
العليل ، فإن كانت إفاقته في وقت لا يصلح له إلّا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
صلاة واحدة صلّى تلك الصلاة فقط ، فإن كانت العلّة من محرّم أو فعل محظور
قضى جميع ما ترك من صلاته في إغمائه ، انتهى . فظاهره وجوب قضاء صلاة يومه أو ليلته إن وسعها زمان
وإلّا فصلاة واحدة إن وسعها.
وفي «مجمع
البرهان » بعد أن ذكر الأخبار ودلالتها وتأمّل في الجمع قال :
والاحتياط يقتضي القضاء مطلقاً. وفي «الذكرى » لو تناول المزيل للعقل غير عالم بذلك أو أكل غذاء
مؤذياً لا يعلم به أو سقي المسكر كرهاً أو لم يعلم كونه مسكراً أو اضطرّ إلى
استعمال دواء فزال عقله فهو في حكم الإغماء ، لظهور عذره. ونحوه ما في «التذكرة والروض والمسالك والروضة وكشف الالتباس » وغيرها . وفي «مجمع البرهان » هذا الحكم ليس بواضح ، إذ ليس دليل القضاء كونه حراماً
ولهذا يجب القضاء على النائم والناسي ، بل الظاهر هو الروايات وفوت ما اعتدّ به
الشارع من العبادة إلّا أن يقال : ليس دليله إلّا الإجماع وليس إلّا في المحرّم ،
ولكنّه في محلّ التأمّل للعموم في عبارات الأصحاب معلّلاً بالخبر المذكور فإنّه
يفيد العموم على الظاهر فتأمّل.
وقال في «الذكرى»
: لو علم أنّ جنسه مسكر وظنّ أنّ ذلك القدر لا يسكر أو علم أنّ تناوله يغمى عليه
في وقت فتناوله في غيره ممّا يظنّ أن لا يغمى عليه فيه لم يعذر لتعرّضه للزوال.
ولو وثب لحاجة فزال عقله أو اغمي عليه فلا قضاء ، ولو
__________________
والحائض والنفساء
______________________________________________________
كان عبثاً فالقضاء إن ظنّ كون مثله يؤثّر ذلك ولو بقول عارف ، انتهى.
هذا والفرق بين
الجنون والإغماء والسكر والنوم هو ما ذكره الشهيد في «حواشيه» من أنّ الجنون يزيل
العقل إجماعاً والنوم والسكر مغطّيان للعقل إجماعاً. واختلف في الإغماء ، فالأكثر
على أنّه مزيل لا مغطّ ، لأنّ الاتفاق وقع أنّ الإغماء لا يقع على الأنبياء ويجوز
وقوع النوم ، والفرق بين الجنون والإغماء أنّ الجنون زوال عقل مستقرّ ولا يلزم منه
تعطيل الحواسّ ، والإغماء زوال عقل غير مستقرّ ويلزم منه تعطيل الحواسّ ، انتهى كلامه رضى الله عنه. وقد تقدّم تمام الكلام في مباحث الأوقات.
[في عدم القضاء على
الحائض والنفساء]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والحائض
والنفساء) الحكم فيهما اتفاقي ، وقد تقدّم في محلّه. وفي «نهاية الإحكام والذكرى والمسالك والروض والروضة » أنّه لا فرق بين أن يكون سببهما من الله سبحانه أو من
قِبل المرأة. وقد تقدّم الكلام في ذلك في مبحث الأوقات ونقلنا هناك الإجماعات
وما استندوا إليه.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال الشهيدان : لأنّ سقوط القضاء عنهما ليس من باب الرخص والتخفيفات
حتّى يغلظ عليهما إذا حصلا بسبب منهما وإنّما هو عزيمة لأمرهما بالترك ، فإذا
امتثلا الأمرٍ فقضية الأصل عدم القضاء ، ولا ينقض بالصوم مع أمرهما بتركه ، لأنّه
إنّما وجب بأمر جديد ونصّ من خارج على خلاف الأصل. وقال في «التذكرة » : لو شربت دواء فأسقطت ونفست لم تصلّ أيّام النفاس ولا
قضاء بعد الطهر وإن قصدته لأنّ النفاس ليس بمقصود جنايتها ، فليفهم التعليل ،
وكأنّه إنّما ذكره ردّاً على العامّة ، وفي فرق الشهيدين نظر.
وقال في «الروض»
: فرع ، لو طرأ سبب مسقط على سبب غير مسقط كما لو طرأ الجنون أو الإغماء أو الحيض
أو النفاس على الردّة أو السكر ففي تأثير الطارئ فلا يجب قضاء أيّامه ، وجهان : من
عموم الأدلّة الدالّة على السقوط بتلك الأسباب ، ومن صدق الارتداد على الحائض
والنفساء حقيقة وعلى المجنون والمغمى عليه حكماً وكونه أسبق السببين فيعمل عليه ،
والأصحّ سقوط القضاء ، انتهى. وما صحّحه هو الأصحّ وبه صرّح المحقّق والمصنّف وجماعة ، لأنّ السبب الغير المسقط ليس بأعظم من أصل دليل وجوب
القضاء ، وأنّه لا بدّ من عمل المسقط ولا ينافيه عمل السكر مثلاً ، لأنّ عمله أن
لا يسقط القضاء وهو كذلك ، لأنّه ما أسقطه بل أسقطه غيره لا أنّه موجب لعدم القضاء
وعلّة تامّة له.
__________________
وغير المتمكّن من المطهِّر وضوءاً وتيمّماً.
______________________________________________________
وقال الشيخ في «المبسوط » في المرتدّ الّذي اغمي عليه : إن كان الإغماء بسببه
كشرب المسكر والمرقد لزمه القضاء وإن كان من قِبل الله كالجنون والإغماء لم يقض.
ووجّهه في «المعتبر » بأنّ الإغماء والجنون سبب للسقوط في حقّ المسلم فيسقط
القضاء في حقّ الكافر لاجتماعهما في السبب. وقال : قوله : الفوات بسبب كفره ، قلنا
: حقّ لكنّ القضاء يجب فيما يجب أداؤه ولا نسلّم وجوب الأداء مع الجنون والإغماء.
[في عدم القضاء على
غير المتمكّن من الطهارة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وغير
المتمكّن من المطهِّر وضوءاً وتيمّماً)
قد تقدّم
الكلام في المسألة في بحث التيمّم مستوفىً أكمل استيفاء ، والمسألة قويّة الإشكال.
وقد استدلّ في «المختلف
» على عدم وجوب القضاء بعدم وجوب الأداء وتوقّف وجوب القضاء على أمر جديد
ولم يثبت. والأولى الاستدلال عليه بما استدلّوا به في المغمى عليه من قولهم عليهمالسلام : «ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر » مضافاً إلى الأصل والنائم خرج بالدليل كما تقدّم بيان ذلك في محلّه ، وإلّا فللمناقشة فيما استدلّوا به
مجال كأن يقال : لا ملازمة بين قضاء العبادة وأدائها وجوداً ولا عدماً وإنّما يتبع
سبب الوجوب وهو حاصل هنا ، والأمر الجديد ثابت
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وهو قوله عليهالسلام «من فاتته صلاة فريضة» ولا يشترط في تسميتها فريضة تعيّن المفروض عليه بل
هي فريضة في الجملة ، ومن ثمّ لم ينسبها إلى مفروض عليه في الخبر. ويدلّ عليه قوله
عليهالسلام في خبر زرارة : «إذا فاتتك صلاة فذكرتها الخبر» فلم يسمّها فريضة ،
خرج منه ما أجمعوا على عدم قضائه . وبهذا يندفع ما قاله المحقّق الثاني في «شرح الألفية»
حيث ذكر في دليل وجوب القضاء قوله عليهالسلام : «من فاتته صلاة فريضة» وأورد عليه : انّا نقول
بالموجب مع عدم ثبوت المدعى ، فإنّ المراد الفوات مع الوجوب بدليل قوله عليهالسلام : فريضة ، إذ المراد كونها فريضة عليه ، إذ يمتنع إرادة
كونها فريضة على غيره ، ولا يعقل كون الشيء فرضاً في نفسه من غير إضافة إلى مفروض
عليه ، انتهى فليتأمّل في الجواب.
فإن قيل : هذا
الخبر مخصوص بالناسي أو به وبالنائم لأنّ فاقد الطهور ذاكر للفريضة. قلنا : لا
نسلّم اشتراط سبق النسيان حالة الذكر بل يمكن فرضه وإن استمرّ العلم ، سلّمنا لكن
يتناول ما لو ذهل فاقد الطهور عن الصلاة بعد وجود المطهر وذكرها في وقت اخرى فيجب
عليه حينئذٍ قضاؤها للأمر به ، ومتى ثبت هذا الفرد ثبت غيره لعدم القائل بالفرق .
وقد يقال : إنّ مراده في المختلف أنّ الأداء هنا ليس بواجب حتّى
يكتفى في القضاء به كما هو مذهب بعض الاصوليّين وأنّه إذا لم يكن الأداء واجباً
فلا بدّ من أمرٍ جديد وليس هنا أمرٌ جديد اتفاقاً ، ويمكن توجيهه بأن يقال : إنّ
ذلك ليس من باب الاستتباع بل من باب الاستبعاد وتقديره أنّ وجوب الأداء لا يستلزم
وجوب
__________________
ويسقط عن
الكافر الأصلي وإن وجبت عليه لا عن المرتدّ إذا استوعب العذر الوقت أو قصر عنه
بمقدار لا يتمكّن فيه من الطهارة وأداء ركعة في آخره.
______________________________________________________
القضاء وهو يتوقّف على أمر جديد فكيف مع عدمه ، لعدم كونه مكلّفاً وأصالة
البراءة ، إذ فيه سقوط القضاء أولى فليتأمّل ، وليس مراده أنّ القضاء تابع للأداء
، كيف وقد حقّق عدم التابعية في الاصول. وقوله «وتوقّف القضاء على أمر جديد»
كالصريح في ذلك ، وذلك كثيراً ما يقع منه في الاستدلال وإن لم يكن قائلاً به. وقد
قال بعده : وإنّما يتبع سبب الوجوب ويريدون بالسبب في المقام مثل دلوك الشمس للظهر
، وظاهر أنّ القضاء ليس بتابع له ، إذ قد لا يجب مع وجود ذلك. ولعلّهم يريدون
توقّفه عليه لا وجوبه به. وأمّا وجود الأمر الجديد فلعلّ الأمر كما ذكر في
الاعتراض ، وأمّا ما ذكر فيه من عدم تسليم اشتراط سبق النسيان في الذكر فإنّه بعيد
، وكذا ما ذكر فيه من أنّه يتناول ما لو ذهل فاقد الطهور .. إلى آخره ، فيه : أنّ
مقصود السائل أنّ الخبر يدلّ على أنّ المراد أنّ سبب الفوت هو النسيان كما هو
الظاهر من الخبر ، ولا يدلّ الخبر على كلّ من نسي صلاة وذكرها وإن لم تكن فاتته أو
فاتته بغير سبب النسيان ، إلى غير ذلك ممّا ذكره المولى الأردبيلي في مناقشة الروض.
[في سقوط القضاء عن
الكافر الأصلي]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ويسقط
عن الكافر الأصلي وإن وجبت عليه لا عن المرتدّ)
قالوا : المراد
بالكافر الأصلي مَن خرج عن فِرق المسلمين وسقوطها عنه ضروري من الدين كما في «المفاتيح
» وإجماعي كما في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الغنية والروض والمدارك والذخيرة » وغيرها . وفي «الإرشاد » الكافر الأصلي يجب عليه جميع فروع الإسلام لكن لا تصحّ
منه حال كفره ، فإن أسلم سقطت. واستثنى من ذلك المحقّق الثاني في «حاشيته » حكم الحدث كالجنابة وحقوق الآدميّين ، قال : والمعلوم
أنّ الّذي يسقط ما خرج وقته وكذلك الشهيد الثاني . وفي «الذخيرة » أنّ ذلك محلّ وفاق. وكذا «مجمع البرهان» قال : إنّ
حقوق الآدميّين مستثنى بالإجماع ، ومثل الخبر المتقدّم حيث علّل عدم سقوط الزكاة بأنّها مال الغير
ووضعه في غير محلّه ، فتأمّل .
وأمّا المرتدّ
فقد نقل الإجماع في «الناصرية والغنية والمنتهى» فيما نقل عنه و «الغنية والمفاتيح والنجيبية» على أنّه يجب عليه القضاء بل في «الناصريّة » إجماع المسلمين. وفي «التذكرة » لا نزاع في الملّي عندنا. وبعدم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
سقوط القضاء عن المرتدّ صرّح في «المبسوط والمراسم والغنية والسرائر والإشارة والشرائع والإرشاد والتحرير والدروس واللمعة والألفية والإثنى عشرية للشيخ حسن والنجيبية والمفاتيح » وإجماع «الغنية والغرية والمفاتيح والمنتهى» على ما
نقل عنه منقول على ذلك.
وقضية إطلاقهم
أنّه لا فرق في ذلك بين الملّي والفطري. وفي عبارة «المبسوط» ظهور تامّ فوق
الإطلاق ، وأظهر منها عبارة «الشرائع» وأظهر منها عبارة «الإرشاد». وبعدم الفرق
بين الفطري والملّي في وجوب القضاء صرّح في «نهاية الإحكام والكتاب » فيما يأتي و «الذكرى والبيان والموجز الحاوي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وكشف الالتباس والجعفرية والغرية وإرشاد الجعفرية وشرح الألفية» للكركي و «الروضة والمقاصد العلية والمسالك والدرّة ومجمع البرهان والمدارك » وقوّاه في «الروض » ومواريث «الدروس » ومال إليه في «الذخيرة ».
وقال أكثر
هؤلاء : الحقّ قبول توبته باطناً ، والمراد بعدم قبول توبته عدم سقوط القتل عنه
وعدم عود زوجته وماله إليه لا عدم صحّة إسلامه وعدم طهارته وصحّة عبادته. وفي «مجمع
البرهان » قال : ولا عدم دخوله الجنّة. واحتمل فيه في المواريث
أنّه يرجع إليه ماله وزوجته إن تاب وهي في العدّة. وقد بسطنا الكلام في ذلك في شرح
كتاب المواريث من هذا الكتاب ، لكنّ في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الروض والروضة والذخيرة » ومواريث «المسالك ومجمع البرهان » في الحدود أنّ المشهور عدم قبول توبته. وهذه الشهرة
شهرة المتقدّمين ، وقد سمعت ما في «نهاية الإحكام» وما تأخّر عنها. وعن أبي علي أنّه قبل توبة المرتدّ مطلقاً. نعم قال في «الخلاف » : المرتدّ الذي يستتاب يقضي ما فاته في زمن ردّته
وقبله ، ثمّ ذكر بعد ذلك الإجماع على ذلك ، وهذا الإجماع يدلّ على الاختصاص ،
فليلحظ ويتأمّل فيه. وفي كتاب المرتدّ منه الإجماع على عدم قبول توبة المرتدّ عن فطرة. وفي
الأخبار «لا توبة له » بعموم لغوي ، والشهرة منقولة على ذلك في باب الحدود في
ثلاث مواضع ، ولم يعرف الخلاف قبل «نهاية الإحكام» وقد أوضحنا ذلك في باب الحدود ويأتي في المكاسب ما له نفع تامّ عند بيع النجس. وقد بيّنّا
الحال في المرأة والخنثى في كتاب المواريث .
وهل لهذا
المرتدّ عن فطرة قوت في ماله إن قلنا بقبول توبته؟ احتمالان ، الأوّل : أنّ له ذلك
لأنّه حيّ فيحتاج إلى قوت. والثاني : لا لعدم تعلّق غرض الشارع بحفظه فسقطت حرمته
لكنّ تكليفه مع بقائه يستلزم قوتاً إلّا أنّه يجوز له عدم الأكل أو يجب عليه حتّى
يموت ويحرم عليه القوت من كلّ أحد ، وقد يفصّل بين
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
مَن هرب من حكم الشرع وبين مَن سلّم نفسه مع عدم وجود من يقتله ، فإنّ
الحكم بحرمة القوت عليه مشكل لتأديته إلى جواز قتله نفسه ، كذا أفاد مولانا
المقدّس الأردبيلي . وقد استوفينا الكلام في كتاب الطهارة في بيان ما يحصل
به الارتداد وبيّنّا الوجه في إناطتهم الحكم بإنكار الضروري.
هذا وقال
الشهيدان وأبو العبّاس والمحقّق الثاني والصيمري ومَن تأخّر عنهم : إنّ المسلم يقضي ما تركه وإن حكم بكفره كالناصبي إن
استبصر ، وكذا ما صلّاه فاسداً عنده. ولا يجب عليه إعادة ما فعله في تلك الحال وإن
كان الحقّ بطلان عبادته ، وهو تفضّل من الله سبحانه وتعالى. وقال المولى الأردبيلي
: إنّه المشهور بين الأصحاب. واستثنى جماعة منهم الحجّ إذا أسقط منه ركناً والزكاة. واستشكل في «التذكرة
» في سقوط القضاء عمن صلّى منهم أو صام ، لاختلال
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الشرائط والأركان. وضعّفه في «الذكرى » قال : لأنّا كالمتفقين على عدم إعادتهم الحجّ الّذي لا
اختلال فيه بركن مع أنّه لا ينفكّ عن المخالفة لنا. وفي «الذكرى » أيضاً و «الروض » لا يعيد ما كان صحيحاً عندنا وإن كان فاسداً عندهم
ويحتمل الإعادة. قلت : هذا فرض بعيد بل كاد يكون مستحيلاً ، إذ من جملة الشرائط
الإيمان والمفروض عدمه ، سلّمنا إخراج ذلك لكن من جملتها الأخذ عن المجتهد بواسطة
أو وسائط ومعرفة جميع أجزائها حتّى مسائل الشكّ وذلك أيضاً معلوم الانتفاء ، ومن
جملة ذلك المسح في موضع الغَسل وعدم إحداث ماءٍ جديد ونحو ذلك.
وفي «الروض » أنّ الأصحاب صرّحوا هنا بأنّ المخالف إنّما يسقط عنه
ما صلّاه صحيحاً عنده وتوقّف جماعة فيما صلّاه صحيحاً عندنا خاصّة ، وفي باب الحجّ
عكسوا فشرطوا في عدم الإعادة أن لا يخلّ بركن عندنا لا عندهم ، وممّن صرّح
بالقيدين المتخالفين الشهيد ، ووجه الفرق غير ظاهر. ونحوه قال في «الذخيرة ». وقد فرّق المقدّس الأردبيلي فقال : لا بأس بهذا الفرق
لأنّ الصحّة هي ما في نفس الأمر وهو إنّما يحصل بما عندنا ، وعدم اعتبار ذلك في
الصلاة للدليل لا يوجب عدمه في الكلّ بل الظاهر اعتبار ذلك في الكلّ ، وقد خرج ما
خرج بالدليل وبقي الباقي ، ويؤيّده سهولة الشريعة ، لأنّ الصلاة تتكرّر كلّ يوم
فلو كلّف بقضاء ستّين سنة أو سبعين مثلاً لكان فيه كمال المشقّة ولأوجب النفرة
وعدم الميل إلى الاستبصار .
__________________
ويجب القضاء
على كلّ من أخلّ بالفريضة غير مَن ذكرناه ، عمداً كان تركه أو سهواً أو بنوم وإن
استوعب ، أو بارتداد عن فطرة وغيرها ، أو شرب مسكر أو مُرقد ، لا بأكل الغذاء
المؤدّي إلى الإغماء.
______________________________________________________
[وجوب القضاء على كلّ
من أخلّ بالفريضة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ويجب
القضاء على كلّ من أخلّ بالفريضة غير مَن ذكرناه ، عمداً كان تركه أو سهواً أو
بنوم وإن استوعب) أمّا وجوب القضاء على من أخلّ بالصلاة الواجبة مع
استكمال الشرائط أو أخلّ بها لنوم أو نسيان فقد حكى عليه إجماع العلماء جماعة *
والإجماع آخرون ونفى عنه الخلاف بين العلماء بعض . وفي «الرياض » قد نقل عليه إجماع العلماء في الذكرى وغيرها مستفيضاً
عدا ما استثني من صلاة الجمعة والعيدين.
وفي «المصابيح » لا فرق في التارك بين أن يكون مؤمناً أو مسلماً أو
__________________
* في «المنتهى والتذكرة وكشف الالتباس » إجماع العلماء (بخطّه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
مستضعفاً أو كافراً ، وتركها أعمّ من أن يكون بترك الكلّ أو الركن أو الشرط
مثل الطهارة أو الواجب غير الركن إن لم يكن الترك نسياناً أو يكون ذلك الترك بفعل
ما يبطلها أو غيره. وقال : إنّ المستفاد من الأخبار أنّها لو فاتت من اضطرار كأسير
بيد المشركين أو لمرض مثل نسيان الذكر أو غيره ممّا لم يكن إغماء ولا جنوناً أنّه
يجب عليه القضاء مع التمكّن منه ، قال : وهذا هو الظاهر من عبارات الأصحاب حيث
إنّهم أطلقوا لفظ الفوات ولم يقيّدوه بشيء فليلاحظ وليتأمّل ، انتهى. وفي «الروض والذخيرة » لا فرق في الفريضة بين اليومية وغيرها ممّا يقضى ،
انتهى.
وقد يستشكل في
وجوب القضاء على الكافر ، لعدم الصحّة منه حال كفره والسقوط حال الإسلام.
ويمكن أن يقال : يكفي في ثمرة الوجوب العقاب على الترك لو مات كافراً
، والمستشكل اعترف بعدم صحّة عبادة المخالفين وأنّ الإيمان شرط لصحّتها ، مع أنّهم
إذا استبصروا صحّ ما صدر منهم حال الضلالة ، والحقّ أنّ ذلك تفضّل من الله سبحانه
كإسقاط ما كلّف به الكافر بعد إسلامه.
وفي «الذخيرة والرياض » أنّ مقتضى الأخبار وفي الأخير وكذا الفتاوى عدم الفرق
أن يكون النوم من فعله أم لا ، ولا بين أن يكون على خلاف العادة أم لا. وفي «الذكرى
والميسية والمسالك » أنّ النوم لو كان على خلاف العادة فالظاهر التحاقه
بالإغماء. قال في «الذكرى» : وقد نبّه عليه في المبسوط : قلت :
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
حيث قال فيه : النوم المعتاد. وفي «الذخيرة والكفاية » أنّ الحجّة عليه غير واضحة. قلت : وقد يُفهم من قول
المصنّف «وان استوعب» مخالفة ما يُفهم من المبسوط.
وقد يقال :
إنّها الأصل وعدم دليل يدلّ على وجوب القضاء هنا ، لاختصاص النصوص الواردة به في
النوم بالعادي ، لأنّه المتبادر المنساق عند الإطلاق ، ولا إجماع لمكان الخلاف ،
وعموم «من فاتته» غير معلوم الشمول لما نحن فيه ، بل لمطلق النوم والحالات الّتي
لم يصحّ معها التكليف بالأداء ، لأنّ موضوعه مَن صدق عليه الفوت وليس هو إلّا من
طولب بالأداء ، وهذا غير مطالب به أصلاً ، ومعه لا يصدق الفوت كما لا يصدق على
الصغير. وهذا الوجه وإن اقتضى عدم وجوب القضاء على النائم ونحوه مطلقاً إلّا أنّه
خرج الفرد العادي منه اتّفاقاً فتوىً ونصّاً وبقي ما عداه. ومنه ينقدح وجه تخصيص
جماعة كما يأتي السكر الّذي يجب معه القضاء بالّذي يكون من قبله ، فلو شربه غير
عالم أو اكره عليه أو اضطرّ إليه فلا قضاء عليه كالإغماء بل جريانه هنا أولى ،
لانحصار دليل القضاء فيه بالإجماع المفقود في محلّ النزاع ، إذ لا إطلاق فيه نصّاً
يتوهّم شموله له قطعاً ، مضافاً إلى فحوى التعليل الوارد بعدم القضاء مع الإغماء
الجاري هنا أيضاً ، كذا أفاد مولانا في «الرياض » وفي بعض ما ذكر نظر تقدّمت الإشارة إليه في الإغماء فليلحظ.
وأمّا الارتداد
عن فطرة أو غيرها فقد تقدّم الكلام فيه.
وأمّا الفوات
بشرب المسكر أو المرقد فقد طفحت به عباراتهم. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الذكرى » نسبته إلى الأصحاب. وفي «المنتهى» كما نقل لا نعلم خلافاً في وجوب القضاء على شارب المسكر. وقال
الشهيدان في «الذكرى والبيان والمسالك والروض » وصاحب «الهلالية» والمحقّق الثاني في أربعة من كتبه : أنّ السكر الموجب للقضاء هو الّذي
يكون من قبله ، فلو شربه غير عالم به أو اكره عليه أو اضطرّ إليه لحاجة لم يجب
عليه القضاء. ونحو ذلك ما في «التذكرة وإرشاد الجعفرية والغرية والدرّة» وغيرها . وفي «الذكرى والروض والمسالك » نعم لو علم كونه مسكراً لكن ظنّ اختصاصه بوقت خاصّ
فتناول على ما ظنّه لم يعذر مع احتمال العذر في الأخيرين. وقال في «الذكرى » : وكذا إذا علم أنّ جنسه مسكر وظنّ أنّ ذلك القدر غير
مسكر. وقد سمعت مثل ذلك في الإغماء. وفي «مجمع البرهان والذخيرة
__________________
ولو ترك الصلاة
أو شرطاً مجمعاً عليه مستحلّا قُتل إن كان قد ولد مسلماً ،
______________________________________________________
والكفاية » أنّ الحجّة على هذا الاستثناء غير واضحة ، قال في «مجمع
البرهان» : إذ ليس دليل القضاء كونه حراماً ولهذا يجب القضاء على النائم والناسي
بل الظاهر هو الروايات وفوت ما اعتدّ به الشارع من العبادة ، إلّا أن يقال دليله
الإجماع وليس إلّا في المحرّم ، انتهى فالحظ ما سلف وقد تقدّم نقل ذلك كلّه. وفي «المنتهى» على ما نقل عنه و «الإرشاد ونهاية الإحكام » كما في الكتاب أنّه لو أكل غذاء مؤدّياً إلى الإغماء
لم يجب القضاء ، وقد سلف الكلام في ذلك .
[في مَن ترك الصلاة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
ترك الصلاة أو شرطاً مجمعاً عليه مستحلّاً قُتل إن كان قد ولد مسلماً)
من ترك الصلاة
الواجبة من المسلمين مستحلّاً فهو مرتدّ يُقتل إجماعاً كما في «الغنية والتحرير والذكرى وكشف الالتباس » وبلا خلاف كما في «الخلاف » في كتاب المرتدّ
__________________
وإلّا استتيب فإن امتنع قُتل ،
______________________________________________________
و «المبسوط» في المقام و «مجمع البرهان » واحتجّ عليه في موضع من «الخلاف» بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة وقال : أجمعت الفرقة على روايته ، قال في «الروض » : أقلّ مراتبه الاستحلال. وفي «الذخيرة » لعلّه محمول على المبالغة وفي كتاب الردّة من «الخلاف » الإجماع على أنّ المرتدّ عن فطرة يُقتل ولا تُقبل
توبته. وقد تقدّم في كتاب الطهارة بيان الحال في ترك الشرط المجمع عليه.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وإلّا
استتيب ، فإن امتنع قُتل)
أي وإلّا يكن
قد ولد مسلماً صرّح بذلك جماعة كثيرون وعلّلوه بأنّ هذا حكم المرتدّ إذا كان مسلماً عن كفر
أصلي وهو مرتدّ بإنكاره ما علم من الدين ضرورة. وفي «مجمع البرهان » أنّ دليله غير واضح فلعلّه الإجماع. قلت : قد نقل عليه
الإجماع في كتاب المرتدّ من «الخلاف » قال : يستتاب فإن تاب وإلّا وجب قتله. وفي «الغنية » يستتاب فإن أسلم ثمّ ارتدّ ثانيةً قُتل من غير أن
يستتاب ،
__________________
وتُقبل دعوى الشبهة الممكنة ، وغير المستحلّ يعزّر ثلاثاً ويُقتل في
الرابعة.
______________________________________________________
وظاهره الإجماع على ذلك ، فتأمّل جيّداً. وفي «الخلاف» في كتاب الردّة : المرتدّ الّذي يستتاب إذا رجع إلى
الإسلام ثمّ كفر ثمّ رجع ثم كفر قُتل في الرابعة ولا يُستتاب دليلنا إجماع الفرقة
على أنّ كلّ مرتكب للكبيرة إذا فعل به ما يستحقّه قُتل في الرابعة.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وتُقبل
دعوى الشبهة الممكنة) كما صرّح بذلك جماعة كثيرون. واستندوا في ذلك إلى الخبر المشهور وهو قوله عليهالسلام : «ادرؤا الحدود بالشبهات » والأصل والاحتياط وإمكان ما ذكره. قال الشهيد إنّه يؤمر بالقضاء فإن امتنع عزّر إن أوجبنا الفور وإن
قلنا بالتراخي فلا ، فلو تكرّر التعزير أمكن انسحاب حكم الأداء. ولو استحلّ ترك
القضاء فالظاهر أنّه كترك الأداء. وفي «الروض » أنّه يؤمر بالقضاء فإن استحلّ تركه فكالأداء وستسمع ما
في «المبسوط».
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وغير
المستحل يعزّر ثلاثاً ويقتل في الرابعة)
هذا هو خيرة «الموجز
وكشف الالتباس » وهو الأحوط كما في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الشرائع والروض والذخيرة ومجمع البرهان ».
وفي «التذكرة » الظاهر من قول علمائنا أنّه بعد التعزير ثلاثا يُقتل
بالسيف. وفي «التحرير » أنّه يُقتل في الثالثة. وهو الّذي حكم به أوّلاً في «الشرائع
». وفي «المبسوط » إذا خرج وقت الصلاة أمر بأن يقضيها ، فإن أبى عزّر ،
وإن أقام على ذلك حتّى ترك ثلاث صلوات وعزّر فيها ثلاث مرّات قُتل في الرابعة ،
لما روي عنهم عليهمالسلام : «أنّ أصحاب الكبائر يُقتلون في الرابعة » وذلك عامّ في جميع الكبائر. وفي «كشف الالتباس » أنّ ما في المبسوط هو المشهور ، انتهى. وقال فيما نقل
عنه في «الخلاف » : روى عنهم عليهمالسلام : «أنّ أصحاب الكبائر يُقتلون في الثالثة » وقد سمعت ما نقلنا عنه آنفاً. وفي «المبسوط » أيضاً أنّه لا يُقتل حتّى يُستتاب ، فإن تاب وإلّا
قُتل وكُفّن وصُلّي عليه ودُفن في مقابر المسلمين.
قال في «الذكرى»
بعد نقل كلام الشيخ : إنّ قضية كلامه اشتراط ترك أربع صلوات حتّى يخرج وقتها وإنّه
لا يُقتل حتّى يُعزّر ويُستتاب فيمتنع من التوبة ، والّذي رواه الأصحاب عن يونس عن
«أبي الحسن الماضي عليهالسلام أنّه قال : إنّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أصحاب الكبائر كلّها إذا اقيم عليها الحدّ مرّتين قُتلوا في الثالثة » وروى أبو خديجة عنه عليهالسلام في المرأتين في لحافٍ بلا حاجز : «تُحدّان ثمّ تقتلان
في الثالثة » وبه عدّة أخبار. قال : وقال الكليني : قال جميل : روى
بعض أصحابنا : «أنّه يُقتل في الرابعة » ولم أقف في الرابعة على حديث عامّ بل روى أبو خديجة عن
الصادق عليهالسلام في المرأتين في لحافٍ القتل في الرابعة كما في الثالثة. وروى زرارة أو بريد عن «الصادق عليهالسلام : إذا زنى الحرّ أربع مرّات اقيم عليه الحدّ قُتل ». وروى أبو بصير عن «أبي عبد الله عليهالسلام : الزاني إذا جلد ثلاثاً يُقتل في الرابعة » مع أنّ جميل بن درّاج قال روى أصحابنا. «أنّ الزاني
يُقتل في الثالثة » وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : «من أخذ في شهر رمضان وقد أفطر فرفع إلى الإمام يُقتل
في الثالثة » وعن أبي بصير قال : قلت : «آكل الربا بعد البيّنة؟ قال
: يؤدّب ، فإن عاد ادّب فإن عاد قُتل ». وفي الخلاف يُقتل في الثالثة لما رواه يونس عن أبي
الحسن الماضي عليهالسلام. ونقل المحقّق الثالثة ثمّ احتاط بالرابعة لما نقله
الشيخ إلى أن قال : لأنّا قد روينا أنّ أصحاب الكبائر يُقتلون في الثالثة أو
الرابعة ، ثمّ ذكر خبر يونس بالثالثة ، انتهى ما ذكره في الذكرى. وفيها أيضاً عن
المصنف في النهاية أنّه قال : يحتمل أن يضرب حتى يصلّي أو يموت وهو منقول عن بعض
__________________
(المطلب الثاني) في
الأحكام :
القضاء تابع
للأصل في وجوبه وندبه ، ولا يتأكّد استحباب قضاء فائت النافلة بمرض ،
______________________________________________________
العامّة ، قال : ووافق الفاضل الشيخ في أنّه لا يُقتل في الرابعة حتّى
يستتاب ولا يسوغ قبله مع اعتقاده التحريم بالمرّة الواحدة ولا بما زاد ما لم
يتخلّل التعزير ثلاثاً ، لأصالة حقن الدم ، ولقوله عليهالسلام : «لا يحلّ دم امرئ مسلم إلّا بإحدى ثلاث : كفر بعد
إيمان ، أو زناً بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير حقّ» .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولا
يتأكّد استحباب قضاء فائت النافلة بمرض)
أمّا استحباب
قضاء النوافل الراتبة فقد نقل عليه الإجماع في «الخلاف والمعتبر والمنتهى والتذكرة والذكرى وكشف الالتباس والروض ».
وفي «النهاية والمبسوط والوسيلة والتذكرة » أنّه إن عجز تصدّق عن كلّ ركعتين بمدّ ، فإن تعذّر فعن
كلّ يوم بمدّ. وفي «نهاية الإحكام » أنّه إن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
تعذّر فعن كلّ ركعتين بمدّ ، فإن تعذّر فعن كلّ يوم ، فإن تعذّر فمدّ لصلاة
الليل ومدّ لصلاة النهار ، فإن تعذّر فمدّ لهما للرواية ، انتهى. وكأنّ مكان قوله «عن كلّ يوم» : «عن كلّ أربع»
والسهو من قلم الناسخ. وبذلك أفتى الشهيدان وجماعة ممّن تأخّر عنهما وقالوا : إنّ الصلاة أفضل ، عكس ما
يأتي في المريض.
وأمّا عدم
تأكّد القضاء في حقّ المريض فهو مذهب الأصحاب كما في «الذكرى » وبه صرّح في «المعتبر والنافع والشرائع ونهاية الإحكام والتذكرة والتحرير والإرشاد والدروس والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس . والروض
__________________
ويستحبّ الصدقة فيه عن كلّ ركعتين بمدّ ، فإن عجز فعن كلّ يوم.
______________________________________________________
ومجمع البرهان » وجملة ممّا تأخّر عنه .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ويستحبّ
الصدقة فيه عن كلّ ركعتين بمدّ ، فإن عجز فعن كلّ يوم)
كما صرّح بذلك
في خصوص المريض على الظاهر في «الشرائع والنافع والتحرير والإرشاد والموجز الحاوي وكشف الالتباس » وفي «الروض والمدارك والذخيرة والرياض » أنّ التفصيل المذكور في الرواية غير منطبق على ما
ذكروه فالأولى العمل بالرواية. وفي «جامع المقاصد » أنّه يتصدّق عن كلّ ركعتين بمدّ ، وإلّا فعن كلّ أربع
بمدّ ، وإلّا فعن كلّ يوم بمدّ وإلّا فعن كلّ يوم وليلة بمدّ. وفي «البيان »
__________________
ووقت قضاء
الفائتة الذكر ما لم يتضيّق وقت فريضة حاضرة. وهل تتعيّن الفائتة مع السعة؟ قولان.
______________________________________________________
يتصدّق عن كلّ ركعتين بمدّ ، ثمّ لكلّ أربع مدّ ، ثمّ مدّ لصلاة الليل ومدّ
لصلاة النهار ، والصلاة أفضل. وفي «الموجز الحاوي وكشف الالتباس » التصريح بأنّ الصدقة أفضل ، كما يفهم من قولهم : ولا
يتأكّد .. إلى آخره.
واعلم أنّه
يستفاد من التعليل في الخبر الّذي استندوا إليه في أصل المسألة عموم الحكم لكلّ
معذور ولكن لم أجد أحداً مصرّحاً به سوى شيخنا في «الرياض » فإنّه نفى عنه البأس ، وقد تقدّم الكلام في أنّ صلاة
الليل تقضى نهاراً وبالعكس بما لا مزيد عليه في بحث الأوقات .
[وقت قضاء الفائتة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ووقت
قضاء الفائتة) عند
(الذكر ما لم يتضيّق وقت فريضة حاضرة.
وهل تتعيّن الفائتة مع السعة؟ قولان)
أمّا الحكم
الأوّل فيعلم الحال فيه من بيان الحكم الثاني وقد اختلفت أقوال علمائنا فيه أشدّ
اختلاف ، وقد قال جماعة كالعلّامة والشهيد أنّها المعركة العظيمة ، وقد صنّفنا في ذلك رسالة وافية
شافية قد بلغنا فيها أبعد الغايات واستوفينا فيها الأدلّة والأقوال والشهرة
والإجماعات ، ونحن نذكر هنا نبذاً ممّا ذكرناه هناك.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فنقول وبالله
التوفيق : الأصحاب في المسألة على أنحاء عشرة أو أزيد ، فذهب جماعة إلى المواسعة
المحضة ، أعني عدم وجوب تقديم الفائتة متحدة أو متعدّدة ليومه أو لغيره وعدم بطلان
الحاضرة لو قدّمها ، والذاهب إلى ذلك عبيد الله ابن علي الحلبي في أصله الّذي ذكر
أنّه عرضه على الصادق عليهالسلام كما سيأتي والحسين بن سعيد وأحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري القمي
في نوادره وأبو الفضل محمد بن أحمد بن مسلم في كتاب «مفاخر المختصر » وأبو عبد الله الحسين بن أبي عبد الله المعروف
بالواسطي في كتاب «النقض على من أظهر الخلاف لأهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم» والشيخ عليّ بن الحسين الصدوق وأبو يعلى الطبري الديلمي والشيخ أبو علي بن طاهر الصوري ونصير الدين عبد الله بن
حمزة الطوسي وسديد الدين محمود الحِمِّصي وقطب الدين أبو الحسين سعيد الراوندي
وعليّ بن عبيد الله بن بابويه منتجب الدين صاحب الفهرست المشهور ، وقد صنّف في
المسألة رسالة سمّاها «العصرة» وقد رأيتها ونقلت عنها والسيّد ضياء الدين ابن
الفاخر ونجيب الدين يحيى بن سعيد بعد أن كان قائلاً بالمضايقة وجدّه يحيى بن سعيد
سبط ابن إدريس. وإليه ذهب عليّ بن موسى رضيّ الدين ابن طاووس ووالد العلّامة.
نقل ذلك عن
هؤلاء جماعة ، فاليوسفي الآبي والشهيد نقلا ذلك عن الحسين بن سعيد ، ونقل عن ابن طاووس وابن المطهّر أنّهما حكيا ذلك عنه ،
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والشيخ منتجب الدين عليّ بن عبيد الله بن بابويه نقل عن أحمد بن محمّد بن
عيسى وعن أبي يعلى الطبري في «العصرة» ونقل ابن طاووس عن الحلبي والواسطي وأبي
الفضل في رسالته الّتي نقلها صاحب «البحار » وصاحب «الفوائد المدنية » وقد نقل السيّد المذكور في الرسالة المذكورة ثلاث
منامات في المواسعة ، ونقل عن ابن المطهّر ولده ونافلته ونقل عن الباقين الشهيد في «غاية المراد » وغيره ويأتي نقل عباراتهم. وقد روى السيّد أبو طالب عليّ بن
الحسين الحسني في «أماليه » خبراً صريحاً في المواسعة ، وقد استظهر بعضهم من السيّد المذكور القول بها لذلك.
وهو خيرة «المقنع
والفقيه» ويأتي نقل عبارته وما فيها و «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا
عليهالسلام والتهذيب» في مواضع منه يأتي ذكرها و «العصرة وجامع الشرائع والتذكرة والمنتهى ونهاية الإحكام
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتحرير والتلخيص والكتاب» في غير هذا الموضع و «الإرشاد والتبصرة وشرح الإرشاد » للفخر و «الإيضاح والذكرى والبيان والدروس واللمعة وقواعد الشهيد والموجز الحاوي » على ما فهم منه الصيمري و «المحرّر » على ما نقل عنه و «المقتصر والتنقيح وكشف الالتباس وجامع المقاصد وفوائد الشرائع وتعليق النافع وحاشية الإرشاد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والجعفرية وشرح الشيخ عبد العالي على الشرائع والغرية وإرشاد
الجعفرية والميسية وتمهيد القواعد والفوائد الملية والروض والروضة والمسالك ومجمع البرهان والاثنا عشرية لصاحب المعالم والحبل المتين والمفاتيح والذخيرة وشرح الاستبصار» للمحقّق الشيخ محمّد و «شرح التهذيب»
للسيّد نعمة الله و «شرح الغوالي» له أيضاً و «شرح الجواد والفوائد المدنية وشرح المفاتيح» للشيخ هادي و «رسالة الماحوزي» وليعلم أنّ بعض هذه الكتب لم يحضرني لكن نقل إليّ كلامه
وبعضهم نقل عنه. واحتمله في «الاستبصار » وقوّاه في «البحار » وقال به أبو جعفر بن حمزة في «الوسيلة» فيما إذ فاتته
الفائتة عمداً لا نسياناً ،
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ويأتي نقل عبارته.
ومال إلى ما
نحن فيه أعني المواسعة في «الوافي » أو قال به ، وكذا الاستاذ دام ظلّه مال إليه في «المصابيح
». ويظهر ذلك من «النفلية » في آخرها وإن كان في بحث العدول اختار مذهب المحقّق.
وهو أيضاً ظاهر الشيخ نور الدين علي بن هلال الجزائري تلميذ ابن فهد في رسالته في
الصلاة. وقد صرّح بذلك بعض هؤلاء في بحث العدول في النيّة وبعضهم في هذا المقام
وبعضهم في المقامين وبعضهم في بحث المواقيت.
وهو خيرة قوم
من متقدّمي أصحابنا منهم ابنا بابويه وابن عيسى وغيرهم من الأصحاب كما في «العصرة»
لابن بابويه المتقدّم ذكره ومذهب أكثر من عاصره العلّامة من المشايخ كما في «المختلف
» وأكثر من علّمه العلّامة من المشايخ كما في «الذكرى » عن العلّامة ، والمشهور بين المتأخّرين كما في «كشف
الالتباس والفوائد الملية وشرح الجواد والحدائق » ومذهب أكثر المتأخّرين كما في «الذكرى والذخيرة والحبل المتين والبحار
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمفاتيح » وموضع من «كشف الالتباس ». وفي «الذخيرة » أيضاً كان القول بالمواسعة مشهوراً أيضاً بين
المتقدّمين. قلت : وقد يظهر من «خلاصة الاستدلال» للعجلي أنّه مذهب الأشعريّين
والقميّين كما سيأتي ، وقد يظهر من «شرح الغوالي» أنّه مشهور بين المتقدّمين
أيضاً ، قال : والأرجح هو المشهور من عدم التضييق الّذي قاله السيّد. وقال أيضاً :
قال بعض المحقّقين ونِعم ما قال : وأمّا الإجماع الّذي ادّعاه السيّد فهو دعوى
إجماع في محلّ الخلاف ، لأنّ المشهور التوسعة ، انتهى. وفي بعض نسخ «المهذّب
البارع » أنّه مذهب القميّين ، وهذا يحتمل الجمع والتثنية ، لكن
يؤيّد الأخير أنّ في بعضها مذهب الفقيهين وقد يظهر ذلك من «مجمع البيان وكنز العرفان » عند تفسير قوله عزوجل : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ
اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً)
الآية.
وصرّح جماعة
بجواز التنفّل لمن عليه قضاء فريضة منهم أبو علي والصدوق وهذا كالنصّ على المواسعة ، وقد يُفهم ذلك ممّن قال :
لا يتيمّم للفائتة .
ويظهر من «المعتبر»
دعوى إجماع المسلمين كافّة على عدم التضييق ، قال : فلو ادّعى المرتضى أنّ أوامر
الشرع على التضييق قلنا يلزمه ما علمه ، أمّا نحن فلا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
نعلم ما ادّعاه ، على أنّ القول بالمضايقة يلزم منه منع مَن عليه صلوات
كثيرة أن ينام زائداً على الضرورة وأن يأكل شبعاً. والتزام ذلك سوفسطائي. ولو قيل
: قد أشار أبو الصلاح الحلبي إلى ذلك ، قلنا : نحن نعلم من المسلمين كافّة خلاف ما
ذكره ، انتهى . وكلام أبي الصلاح الّذي نقل إجماع المسلمين كافّة على
خلافه هو هذا : وقت الفائتة حين الذكر إلّا أن يكون آخر وقت فريضة حاضرة ويخاف
بفعل الفائت فوتها فيلزم المكلّف الابتداء بالحاضرة ويقضي الفائت ، وما عدا ذلك من
سائر الأوقات فهو وقت للفائت ، ولا يجوز التعبّد فيه بغير القضاء من فرض حاضر ولا
نفل ، انتهى. فإجماع «المعتبر» ظاهر في عدم وجوب تقديم الفوائت وعدم بطلان
الحاضرة لو فعلها ظهوراً تامّاً إن لم يكن نصّاً ولا سيّما مع ملاحظة قوله : على
أنّ القول بالمضايقة يلزم منه .. إلى آخره.
وسيأتي ما في «نهاية
الإحكام والمنتهى والمختلف والذخيرة» من دعوى الإجماع. وفي موضع من «العصرة» نسبته
إلى الأصحاب ، وعليه ما لعلّه يظهر من أبي الفضل محمّد بن أحمد بن مسلم من دعوى
الإجماع ، لأنّ رضيّ الدين ابن طاووس نقل في بعض الرسائل المنسوبة إليه في المسألة
من كتاب «الفاخر المختصر من الأحكام» تأليف أبي الفضل المذكور الّذي ذكر في خطبته
أنّه ما روى فيه إلّا ما أجمع عليه وصحّ من قول الأئمّة عليهمالسلام عنده ما هذا لفظه : والصلوات الفائتات يقضين ما لم يدخل
عليه وقت صلاة ، فإذا دخل عليه وقت صلاة بدأ بالّتي دخل وقتها ويقضي الفائتة متى
أحبّ ، انتهى.
وهو قول أهل
البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام كما في كتاب «النقض على من أظهر الخلاف لأهل بيت
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم» لأنّه قد نقل ابن طاووس في «الرسالة»
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المذكورة من كتاب النقض المذكور الّذي هو لأبي عبد الله الحسين بن علي
المعروف بالواسطي ما هذا لفظه : مسألة مَن ذكر صلاة وهو في اخرى قال أهل البيت عليهماالسلام : يتمّ الّتي هو فيها ويقضي ما فاته ، وبه قال الشافعي ،
ثم ذكر خلاف المخالفين وله كلام آخر نقلناه في «الرسالة». وقد يقال : إنّ ما يظهر من هذين الكتابين مخالف للإجماع المعلوم
، لأنّه لم يقل أحد بوجوب تقديم الحاضرة كما يظهر منهما اللهمّ إلّا أن يقال :
المراد الاستحباب ، والاستحباب بهذا المعنى خيرة الصوري وعبيد الله الحلبي
والصدوقين والمصنّف في «التذكرة». والمشهور عند المتأخّرين خلافه كما يأتى بيان
ذلك كلّه ، لكن ربّما يخدش ذلك دعوى الإجماع فليتأمّل.
وفي «المنتهى » لا نعرف خلافاً في جواز العدول من الحاضرة إلى الفائتة
مع الإمكان والاتساع. وفي «الخلاف » الإجماع على جواز ذلك. ويأتي ما في «كشف اللثام» عند ذكر ما في المنتهى عند الكلام
في المضايقة مطلقاً. وفي «نهاية الإحكام » ما نصّه : ولو دخل في الحاضرة والوقت متّسع عامداً
صحّت صلاته عندنا وفعل مكروهاً. فقوله «عندنا» يُحتمل أن يكون أراد به التنبيه على
خلاف جماعة من العامّة حيث لم يجوّزوا نقل النيّة كما نقل ذلك عنهم في «الخلاف » فيكون ظاهره الإجماع ، ويكون هذا الإجماع كإجماع
الخلاف ، ويُحتمل أن يكون أراد نفسه الشريفة. وفي «المختلف » الإجماع على جواز فعل الفرائض كالحجّ وأداء الزكاة
وقضاء الدَين وفعل النوافل والمباحات. ومثله إجماع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المنتهى والذخيرة ». وقد سمعت إجماع «المعتبر».
وأمّا عبارة
أصل الحلبي فقد نقلها ابن طاووس قال : قال في الأصل المذكور ما لفظه : ومن نام أو
نسي أن يصلّي المغرب والعشاء الآخرة فإن استيقظ قبل الفجر بقدر ما يصلّيهما جميعاً
فليصلّهما جميعاً وإن استيقظ بعد الفجر فليصلّ الفجر ثمّ يصلّي المغرب ثمّ العشاء ، انتهى. قلت : هذا مضمون ما في صحيح عبد الله بن سنان وخبر أبي بصير ، وله عبارة اخرى نقلناها في «الرسالة».
وأمّا الحسين
بن سعيد فقد نقل عنه في «كشف الرموز وغاية المراد » من دون أن ينسباه إلى كتاب. ونقل ابن طاووس عن كتاب
الصلاة للحسين بن سعيد خبراً ذكرناه في «الرسالة ».
وقال الصدوق في
«الفقيه » : ومتى فاتتك صلاة فصلّها إذا ذكرت ، فإن ذكرتها وأنت
في وقت فريضة اخرى فصلّ الّتي أنت في وقتها ثمّ صلّ الصلاة الفائتة. وهذه العبارة
هي المنقولة عن والده وعن «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام » ثم قال في «الفقيه » : وإن نسيت أن تصلّي المغرب والعشاء الآخرة فذكرتهما
قبل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الفجر فصلّهما جميعاً إن كان الوقت باقياً ، وإن خفت أن يفوتك أحدهما فابدأ
بالعشاء الآخرة ، فإن ذكرتهما بعد الصبح فصلّ الصبح ثمّ المغرب ثمّ العشاء قبل
طلوع الشمس ، فإن نمت عن الغداة حتّى تطلع الشمس فصلّ الركعتين ثمّ صلّ الغداة.
وقال قبل ذلك بلا فاصلة : وإن نسيت الظهر حتّى غربت الشمس وقد صلّيت العصر فإن
أمكنك أن تصلّيها قبل أن تفوتك المغرب فابدأ بها ، وإلّا فصلّ المغرب ثمّ صلّ
بعدها الظهر ، وإن نسيت الظهر فذكرتها وأنت تصلّي العصر فاجعل الّتي تصليها الظهر
إن لم تخش أن يفوتك وقت العصر ، فإن خفت أن يفوتك وقت العصر فابدأ بالعصر .. إلى
آخره.
وما نقلناه عنه
أوّلاً ينافي بظاهره هذا ، ويمكن الجمع بحمل قوله : فصلّ الّتي أنت في وقتها ..
إلى آخره ، على ما إذا تضيّق وقت الحاضرة ، فلا ينافي ما ذكره ثانياً من قوله : إن
أمكنك أن تصلّيها قبل أن تفوتك المغرب. فيكون من جملة القائلين بالمضايقة ، ولكن
قوله «قبل طلوع الشمس» يأبى الحمل على تضيّق صلاة الصبح إلّا أن يقال : تتضيّق
عنده صلاة الصبح عند ظهور الحمرة قبل طلوع الشمس ولم يقل به أحد ولا نقله عنه أحد.
نعم قال الشيخ والعماد : إنّ ذلك وقت المضطرّ. وقد نقل الإجماع جماعة على امتداد وقتها إلى أن يبقى لطلوع الشمس مقدار ركعتين
، وعلى هذا فيبقى كلامه متنافياً. فنسبة القول بالمواسعة إليه كما اشتهر ليس
بالوجيه ، وكأنّهم لم يلحظوا أوّل كلامه ولم أجد من نبّه على ذلك ، لكنّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المحقّق في «العزية » نقل عن بعض الأصحاب وجوب تقديم الفائتة في الوقت
الاختياري ثمّ تقدّم الحاضرة ، انتهى ، ولعلّه عنى به الصدوق ولقد وجدت ابن ابن
ابن أخيه يقول في رسالته المسمّاة «بالعصرة» بعد نقل كلامه المذكور : تأمّل رحمك
الله تعالى كيف فرّق بين ما فات من الصلاة نسياناً وبين ما فات من غير نسيان ،
وفرّق أيضاً بين صلاة واحدة فاتت نسياناً وبين أكثر من واحدة ، لأنّه قال بتقديم
الفائتة على الحاضرة إذا كانت واحدة وبتقديم الحاضرة على الفائتة إذا كانت أكثر من
واحدة ، ثمّ إنّه نسب ذلك إلى مَن وافقه من الأصحاب ثمّ نقل كلام جدّه عليّ بن
الحسين ثم قال : هذا ما ذكراه مع قرب عهدهما بالإمام عليهالسلام وخروج توقيعه إليهما ، ولو ذكرت لك ما أورداه وغيرهما
لطال الكتاب ، انتهى كلامه فليتأمّل فيه جيّداً. وقد يلوح من «خلاصة الاستدلال»
لابن إدريس أنّ الصدوقين قائلان بالمضايقة كما يأتي بيانه.
وأمّا المواضع
الّتي يظهر من «التهذيب » الحكم فيها بعدم المضايقة فهي حكمه فيمن أعاد صلاة
الإمام بجعلها نافلة أو قضاء فريضة سالفة وإيراده خبر عمّار عن الصادق عليهالسلام : «فإن أردت أن تقضي شيئاً من الصلاة المكتوبة أو غيرها
فلا تصلّ شيئاً حتّى تبدأ فتصلّي قبل الفريضة الّتي حضرت ركعتين نافلة لها ثمّ اقض
ما شئت.» ولم يتعرّض له الشيخ بشيء مع أنّ عادته أنّ الخبر إذا كان لا يرتضيه
تعرّض له ، فتأمّل.
وليعلم أنّ
القائلين بالمواسعة اختلفوا فمتقدّموهم على أنّ تقديم الفائتة مستحبّ كما نصّ عليه
الصوري وغيره وكما يظهر على ما فهمه جماعة من الصدوقين وغيرهما كما عرفت آنفا. وبالغ في «التذكرة » في نفي أفضلية تقديم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الفائتة ، واستدلّ عليه بتفويت فضيلة الوقت وغير ذلك ، لكنّه في موضع آخر
منها وفي جملة من كتبه نصّ على استحباب العدول من الحاضرة إلى الفائتة إذا
ذكرها وهو في الصلاة مع الإمكان واتّساع الوقت. وهو المشهور بين المتأخّرين كما في
«كشف الالتباس والحدائق ». وفي «كشف الرموز » الإجماع عليه. ونسبه في «مجمع البرهان » إلى ظاهر كلامهم.
وحاصل ما ذكره
أبو جعفر العماد محمّد بن عليّ بن حمزة الطوسي في «الوسيلة » وجوب تقديم الفائتة مطلقاً إن فاتت نسياناً واستحباب
تقديم الحاضرة إن فاتت قصداً ، ويأثم لو أخّر القضاء والحاضرة إلى آخر الوقت ، فما
نقله عنه السيّد محمّد بن السيّد عميد الدين عبد المطّلب في «التخليص» من أنّه قال
: إن فاتت عمداً ترتّبت وإلّا فلا ، فلعلّه ذكره في «الواسطة» لأنّه لم ينسبه إليه
في الوسيلة. وقد سمعت ما نقله المحقّق في «العزية» عن بعض الأصحاب كما في «غاية
المراد».
وفي «الشرائع والنافع والمدارك والنفلية » في بحث العدول أنّه يجب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
تقديم الفائتة المتّحدة ، وفي «المعتبر » أنّه أولى. وفي «غاية المراد » أنّه أقوى من القول بالمضايقة إلّا أن يكون إحداث قول
كما يظهر من ابن إدريس ، انتهى. قلت : وكما يظهر من اليوسفي الآبي ومن «المختلف » قال في «كشف الرموز» : اختلفوا على قولين لكنّه بعد
ذلك وافق شيخه بعد أن اختار المضايقة أوّلاً كما يأتي ، ورماه في «الذخيرة » بأنّه قول غير معروف من غير المحقّق ، ورماه في «المفاتيح
» بالضعف. والحقّ أنّ الأمر ليس كما قالا ، إذ يمكن تنزيل جملة من عباراتهم
عليه كما سيأتي. وقد سمعت ما في «العصرة» في توجيه كلام الفقيه.
وذهب المصنّف
في «المختلف » إلى وجوب تقديم الفائتة إن ذكرها في يوم الفوات سواء
اتحدت أو تعدّدت وإن لم يذكرها حتّى مضى ذلك اليوم جاز له فعل الحاضرة. واستجوده
صاحب «المدارك » وضعّفه جماعة من متأخّري المتأخّرين ، ورماه جملة منهم بالندرة
والشذوذ وعدم الدليل كما قالوا في قول المحقّق.
وقال الفاضل
السيوري في «التنقيح» : يمكن أن يقال إنّه عند أمارة الموت
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
يجب عليه المبادرة بالقضاء مطلقاً ، ومع عدمها إن كان ذا عذر لم يتأكّد في
حقّه استحباب التقديم ، وإن لم يكن ذاعذر تأكّد في حقّه استحباب التقديم ، انتهى.
ويظهر من «إشارة
السبق » ومن عبارة الكتاب هنا و «التخليص وغاية المرام والجواهر المضيئة وتعليق الروضة البهية » وغيرها التوقّف. ولم يتعرّض لهذه المسألة في الانتصار
والناصرية وحواشي الشهيد وفوائد القواعد والألفية والمقاصد العلية والكفاية. ولم
يجنح إلى شيء صاحبا «كنز الفوائد والمهذّب البارع » كما هو عادتهما فهذه ثمانية أنحاء. وقد بيّنّا في «الرسالة»
أدلّتها وما يرد عليها واستوفينا الكلام أكمل استيفاء.
وليعلم أنّ
الاستاذ دام ظلّه في «المصابيح» قال : ليس النزاع في خصوص الفورية ولا هو مقتضى
أخبار القائلين بالمضايقة. نعم جماعة منهم قالوا بالفور فلزمهم ما لزمهم ،
فالمطلوب إنّما هو وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة وترتيبها عليها ، والمذكور في
كلام الفاضلين هو التقديم والترتيب ، وأنّه هل هو على الوجوب أم لا؟ قال في
التذكرة : أكثر علمائنا على وجوب الترتيب وجماعة من علمائنا ضيّقوا الأمر وشدّدوا
غاية التشديد حتّى حرّم السيّد وآخرون الاشتغال بغير الفائتة إلّا قدر الأمر
الضروري ، انتهى. قال دام ظلّه : يظهر للمتأمّل فيها أنّ كلّ من قال بوجوب الترتيب
لم يقل بالفورية والضيق ، كما أنّ كلّ من قال بالفوريّة والضيق لم يحرّم الاشتغال
بغير الفائتة إلّا الضروري ، ثمّ ادّعى أنّ ذلك ظاهر جملة من كتبهم ، ثمّ قال :
سلّمنا عدم الظهور لكن ظهور كون الوجوب من جهة خصوص
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الضيق من أين ، وكذا ظهور الإجماع بأنّ كلّ من قال بالوجوب قال بالفور من
أين ، انتهى. وقد مال في آخر كلامه إلى أنّ القائلين بالمضايقة قائلون بالفور .
قلت : وأكثر من
قال بالمضايقة أو كلّهم احتجّ أو احتجّ له بأنّ الأمر للفور. وصرّح جماعة منهم
المحقّق عند تحرير محلّ النزاع بأنّ القائلين بوجوب تقديم الفوائت
قالوا : إنّه لو بدأ بالحاضرة مع ذكر الفائتة لم تصحّ الحاضرة ، وهذا يوافق ما
قاله الاستاذ ، وستأتيك عباراتهم منشورة ، وما استظهر من عبارة «التذكرة» ليس بذلك
الظهور ، بل الظاهر أنّ مراده بالجماعة المضيّقين السيّد وأتباعه الّذين حرّموا
الاشتغال .. إلى آخره ، فليتأمّل.
وأمّا القول
بوجوب تقديم الفائتة مطلقاً فهو المشهور كما في «كشف الالتباس » وعند القدماء كما في «تخليص التلخيص وغاية المراد » وهو المشهور وخصوصاً عند المتقدّمين كما في «الروض والفوائد الملية » ومذهب أكثر الأصحاب كما في «الدروس وجامع المقاصد والغرية والهلالية» وموضع من «كشف الرموز » وخصوصاً عند المتقدّمين كما في «تمهيد القواعد » وأكثر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
علمائنا والجمهور على ذلك كما في «التذكرة » وفي «الذكرى » وموضع آخر من «كشف الالتباس » أنّ ظاهر الأكثر الوجوب على الفور وفي موضع آخر من «التذكرة
» نسبة وجوب العدول من الحاضرة إلى الفائتة مع الإمكان واتساع الوقت إلى
أكثر علمائنا. ونسب الحكم بوجوب التقديم في «المفاتيح والمصابيح والذخيرة ورسالة الماحوزي والحدائق » إلى أكثر القدماء. وفي «كشف الرموز » إلى الثلاثة والتقي والقاضي والمتأخّر ومَن تابعهم.
ومثله ما في «النجيبية». وفي «المعتبر والتنقيح » إلى الثلاثة وأتباعهم. ونحوه ما في «الجواهر المضيئة».
وجملة من هذه الشهرات منقوله على بطلان الحاضرة لو فعلها حينئذٍ كشهرة «غاية
المراد » وغيرها ، فالشهرة صريحة وظاهرة منقولة فيما يزيد عن عشرين
موضعاً. وذكر الشهيد وجماعة أنّ كثيراً من المفسّرين
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قالوا : إنّ المراد من قوله عزوجل : أَقِمِ
الصَّلاةَ لِذِكْرِي لوقت ذكرى.
وفي «غاية
المراد » استدلّوا بالإجماع وقد نقله كثير. قلت : قد نقل
الإجماع على ذلك الشريف أبو الحسين المحسن بن محمّد بن الناصر الرسّي في المسألة
التاسعة عشرة من المسائل الّتي سألها لعلَم الهدى ، قال : إذا كان إجماعنا
مستقرّاً بوجوب تقديم الفائت من الفرائض (الصلاة خ ل) على الحاضر منها .. إلى آخره
، وعلَم الهدى أقرّه على ذلك وقبِله منه ، فظاهره ادّعاؤه أيضاً ، وقد أثنى عليه علَم الهدى في
خطبة هذا الكتاب أكمل الثناء والشيخ في «الخلاف » والسيّد حمزة في «الغنية » وفيها أيضاً : الإجماع على بطلان الحاضرة لو فعلها
حينئذٍ في أوّل وقتها ، والعجلي في «السرائر » في بحث المواقيت. وقال صاحب «العصرة» : رأيت بعض
فقهائنا الآن قد صنّف رسالة في معنى القضاء وقال بقول الشيخ أبي جعفر الطوسي
وادّعى إجماع الطائفة على قوله ، فتعجّبت من ذلك ، وكيف ادّعى الإجماع مع اختلاف
الجماعة الّتي ذكرناهم مع عظم اقتدارهم وشهرة آثارهم ، انتهى ما ذكره في العصرة ،
وهذا منه نقل حكاية إجماع.
وفي «خلاصة
الاستدلال» أنّ ذلك ممّا أطبقت عليه الإمامية خلَفاً عن سلف عصراً بعد عصر وأجمعت
عليه ولا يعتدّ بخلاف نفر يسير من الخراسانيّين فإنّ ابني بابويه والأشعريين كسعد
بن عبد الله صاحب كتاب الرحمة وسعد بن سعد ومحمّد بن عليّ بن محبوب صاحب كتاب
نوادر المصنّف والقميّين أجمع عاملون
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بالأخبار المتضمّنة للمضايقة ، لأنّهم ذكروا أنّه لا يحلّ ردّ الخبر
الموثوق بروايته ، وحفظتهم الصدوق ذكر ذلك في كتاب من لا يحضره الفقيه ، وخرّيِت
هذه الصناعة ورئيس الأعاجم أبو جعفر الطوسي مودع أحاديث المضايقة في كتبه مفتٍ بها
، والمخالف إذا عرف باسمه ونسبه لا يضرّ خلافه .
قلت : قد سمعت
كلام الصدوقين وما في «التهذيب» وما في كتاب «العصرة» عن شيخ القميّين ورئيسهم
أحمد بن محمّد بن عيسى. وقال في «غاية المراد» : إنّ القائلين بالمواسعة قالوا.
إنّ هؤلاء العلماء كما رووا أخبار الترتيب رووا أخبار المواسعة انتهى. وقد يظهر من قوله «ولا يعتدّ بخلاف نفر يسير من
الخراسانيّين فإنّ ابني بابويه .. إلى آخره» أنّ النفر اليسير هم الصدوقان
والأشعريون والقميّون ، لأنّ الأشعريين قميّون وأنّهم لنفر يسير بالنسبة إلى جميع
الإمامية خلَفاً عن سلف وعصراً بعد عصر ويكون معنى قوله «إنّهم عاملون بالأخبار
المتضمّنة للمضايقة» أنّه يلزمهم ذلك ، كما يشير إليه قوله «لأنّهم ذكروا أنّه لا
يحلّ ردّ الخبر .. إلى آخره» فعلى هذا يكثر القائل بالمواسعة من القدماء ، وإن
أبيت إلّا المعنى الآخر وادّعيت أنّه الظاهر. قلنا : عبارة عليّ بن الحسين نصّةٌ أو ظاهرة في المواسعة ، وعبارة ولده في «المقنع » كذلك. وفي «الفقيه» قد سمعتها ولا أقلّ من أن تكون مجملة إن أعرضنا عمّا فهمه الجمّ
الغفير منها وعمّا فهمه صاحب «العصرة» وعلى ما احتملناه من كلام المحقّق في «العزية»
يكون الصدوق قائلاً بالتفصيل فكيف ينسب إليهما القول بالمضايقة والبطلان؟! فليلحظ
ذلك.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الرسّيات » في الفصل الّذي فيه ستّ مسائل إجماع الطائفة الإمامية
على الفتوى على نقل نيّة من ابتدأ بصلاة حاضرة في أوّل وقتها إلى الفائتة حين
الذكر لها وإن كان قد صلّى بعض الحاضرة. وظاهر الشريف أبو الحسين الرسّي أنّ هذا
على سبيل الوجوب بقرينة السياق والإجماع الّذي سمعته آنفاً. وقال علَم الهدى في جوابه بعد كلام طويل : وإذا كان ما رتّبناه هو
المشروع الّذي اجتمعت الفرقة المحقّة عليه وجب العمل به وإطراح ما سواه .. إلى
آخره. وهذا الإجماع وإن لم يكن نصّاً في الوجوب فلا ريب أنّ مراده الوجوب بقرينة
ما ذكره في المسألة التاسعة عشرة من وجوب الفائتة على الفور ومبالغتة في ذلك كما
يأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
وفي «الغنية » الإجماع على لزوم هذا النقل وأنّه إن لم يفعله لم يجز.
وقد تظهر دعوى هذا الإجماع من «السرائر » لأنّه أوجب النقل هنا. وقال في بحث الجمعة : ولا يجوز
النقل إلّا فيما أجمعنا عليه إلّا أن يقال الظاهر منه خصوص ما ذكره في ذلك البحث.
وفي موضع من «الخلاف » نقل الإجماع على جواز هذا النقل ، ويظهر منه ظهوراً
تامّاً بقرينة ما قبله وما بعده في تلك المسألة أنّ ذلك على سبيل الوجوب. وفي «المنتهى
» لا نعرف خلافاً في جواز العدول. وفي «كشف اللثام » بعد نقل ذلك عن المنتهى : لعلّ الجواز يوجب الوجوب إذا
وجب الترتيب.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال المفيد في «الرسالة السهوية» الّتي ردّ فيها على الصدوق الخبر المروي
في نوم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : يتضمّن خلاف ما عليه عصابة الحقّ ، لأنّهم لا يختلفون
في أنّ من فاته صلاة فريضة فعليه أن يقضيها أيّ وقت ذكرها من ليلٍ أو نهار ما لم
يكن الوقت مضيّقاً لصلاة فريضة حاضرة ، وإذا حرم على الإنسان أن يؤدّي فريضة قد
دخل وقتها ليقضي فرضاً قد فاته كان حضر النوافل عليه قبل قضاء ما فاته من الفرض
أولى ، انتهى كلامه.
فهذه إجماعات
القوم بتمامها ، ونقول : إنّ إجماعات السيّد والعجلي وما ذكراه من منع المكلّف من تكسّب المباح وتناول ما
يزيد على ما يمسك الرمق معارضة بما نقله في «المعتبر » من إجماع المسلمين كافّة على خلاف ذلك ، وكذلك إجماع «الذخيرة
والمختلف والمنتهى » وأمّا الإجماعات الاخر فستعرف الحال فيها عند تمام نقل
عبارات أهل المضايقة ، فترقّب. ويُفهم حال كثير منها ممّا في «المعتبر» أيضاً ،
قال ما نصّه : وأخبارهم غير دالّة على موضع النزاع ، لأنّ غايتها وجوب الإتيان
بالفائتة ما لم تتضيّق الحاضرة ونحن نقول بموجبه ، إذ لا خلاف في وجوب القضاء ما
لم تتضيّق الحاضرة ، بل الخلاف في الترتيب ، ولا يلزم من وجوب قضائها عند الذكر ما
لم تتضيّق الحاضرة وجوب ترتيبها على الحاضرة ، كما يقال خمس صلوات تصلّى في كلّ
وقت ما لم تتضيّق الحاضرة منها الكسوف والجنازة وليستا مترتّبتين على الحاضرة
ترتيباً يمنع الحاضرة انتهى.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقد ذكر الشهيد
في المسألة أقوالاً سبعة وقال : إنّ الستة منها مشتركة في نفي المضايقة.
وهذا أيضاً ممّا يفتّ في عضد تلك الإجماعات ، وستعرف الحال فيها إن شاء الله
تعالى.
ووجوب تقديم
الفائتة على الحاضرة تعدّدت أو اتحدت ما لم يتضيّق وقت الحاضرة هو المنقول عن الحسن والكاتب والسيّد في «المصباح» والتقي والقاضي
والشيخ أبي الحسن علي بن منصور بن تقي الحلبي والشيخ الزاهد أبي الحسين ورّام بن
أبي فراس في «رسالته» ونقله في «العصرة» عن بعض معاصرية وقال : إنّه صنّف في ذلك
أوراقاً ، ولعلّه عن ابن إدريس ، ويأتي نقل جملة من عباراتهم الّتي نقلت إلينا
ليعرف حال دلالتها على المطلوب ، وخيرة «المقنعة وجُمل العلم والعمل والنهاية والمبسوط والمراسم وكشف الرموز والوسائل والحدائق » وقد سمعت ما في «الرسّيات والخلاف والغنية والسرائر
وخلاصة الاستدلال» ويظهر ذلك من موضع من «التهذيب » وكذا «الجُمل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والعقود » حيث قال فيه : من فاتته صلاة فريضة فوقتها حين يذكرها.
ومثل ذلك ما في «الوسيلة وجامع الشرائع والمصباح » قالوا ذلك عند قولهم : خمس صلوات تصلّى على كلّ حال.
وفي «غاية المراد » أنّه لا يخلو من قوّة. وقوّاه الشيخ نجيب الدين
العاملي. ومال إليه في «الاستبصار » وقوّاه الاستاذ في «المصابيح » وأيّده وذبّ عنه ثمّ مال إلى المواسعة. وفي «الدروس والهلالية» أنّه أحوط. وقد سمعت ما في «الوسيلة» في
صورة النسيان وإحدى عبارتي «الفقيه».
وقد صرّح جماعة
من هؤلاء ببطلان الحاضرة لو أوقعها إلّا مع الضيق ، منهم الشيخ في «المبسوط » والمرتضى والتقي والقاضي والعجلي . ولم يصرّح به الكاتب والحسن والمفيد والشيخ في الخلاف
والنهاية وأبو يعلى. ونحن سننقل عباراتهم لتعرف الحال فيها.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والقول
بالمضايقة مذهب الجمهور كما في «التذكرة » وأكثر العامّة كما في «الذخيرة » والمشهور عندهم كما في «البحار وشرح المفاتيح» للشيخ هادي ومذهب الشافعي والحسن البصري
وشريح وطاووس والليث ومالك وأحمد وأبي حنيفة كما في «الخلاف » وغيره ، فما ورد من الأخبار في المضايقة إن لم يقبل التأويل
وما كان ليكون يحمل على التقية. فإن قلت : قد نقل عن الشافعي أنّه قائل بالمواسعة. قلت : لم يكن الشافعي في زمن الصادق عليهالسلام ولا اشتهر في زمن الكاظم عليهالسلام وإنّما ولد في سنة مائة وخمسين بعد وفاة الصادق عليهالسلام بسنتين ونشأ بمكّة واشتهر أمره بها وأقام بها حتّى مات
، ولم يشتهر مذهبه في العراق إلّا بعد حين ، والظاهر أنّ اشتهاره إنّما كان في زمن
الملك الظاهر ، فالتقية إنّما هي من الذي كان دأبه خلاف الصادق عليهالسلام وقد قال : خالفت جعفراً في كلّ ما سمعته منه ولا أدري
أكان يغمض عينيه في السجود أو يفتحهما حتّى اخالفه ، ولشيخنا الاستاذ العلّامة المعتبر الشيخ جعفر دام
ظلّه العالي تحقيق في المقام ذكرناه في «الرسالة».
وأمّا العبارات
فعن الحسن بن عيسى أنّ من نسي صلاة فرض صلّاها أيّ وقت ذكرها ، إلّا أن يكون في
وقت صلاة حاضرة يخاف إن بدأ بالفائتة فاتته الحاضرة فإنّه يبدأ بالحاضرة لئلّا
يكونا جميعاً قضاء ، انتهى. وهذه العبارة ليست
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
نصّاً في المضايقة وليس فيها أنّه إن لم يخف فوت الحاضرة يجب عليه البدءة
بالفائتة ، بل يحتمل أن يكون مراده بيان مبدأ الوجوب أو الاستحباب. وفي «المختلف » أنّ في كلام الحسن إشعاراً بالتقديم واجباً ، وقد سمعت
أنّ المحقّق قال : إنّ قولهم يجب الإتيان بالفائتة ما يتضيّق وقت الحاضرة
نقول به ، إذ لا خلاف في وجوب القضاء ما لم يتضيّق وقت الحاضرة ، بل الخلاف في
الترتيب ، ولا يلزم من وجوب قضائها عند الذكر وما لم تتضيّق الحاضرة وجوب ترتيبها
على الحاضرة وسقوط وجوب الحاضرة ، انتهى. قلت : وعلى هذا تنزّل أكثر عباراتهم
الّتي يأتي ذكرها.
وقال أبو على :
وقت الذكر لما فات من الفروض وقت القضاء ما لم يكن آخر فريضة يخشى إن ابتدأ
بالقضاء فاتته الصلاة الّتي هو في وقتها ، فإن لم يكن يخشى ذلك بدأ بالفائتة وعقّب
الحاضر وقتها . وهذه وإن كانت أظهر من عبارة الحسن في المضايقة إلّا
أنّها ليست صريحة في ذلك ، فيجري فيها الاحتمالان السابقان ، ويحتمل أن يكون قوله «بدأ
وعقّب» على سبيل الاستحباب. وسمعت ما في «المعتبر» وقد نقلنا عن أبي علي كلاماً لا
يبعد أن يكون ظاهراً في المواسعة ذكرناه في «الرسالة» وقد سمعت أنّه جوّز التنفّل لمن عليه قضاء.
وقال القاضي
أبو القاسم عبد العزيز : إنّه لو صلّى الحاضرة والوقت متّسع وهو عالم بذلك لم
تنعقد ، وعليه أن يقضي الفائتة ثمّ يأتي بالحاضرة . وهذا صريح في المضايقة.
وقال التقي :
وقت الفائتة حين الذكر .. إلى آخر ما سمعته عند نقل إجماع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المعتبر». وفي «جُمل العلم والعمل» كلّ صلاة فاتت وجب قضاؤها في حال الذكر
لها من سائر الأوقات ، إلّا أن يكون في آخر وقت فريضة حاضرة ويخاف فيه من التشاغل
بالفائتة فوت الحاضرة فيجب الابتداء بالحاضرة والتعقيب بالماضية. ومثلها من دون
تفاوت عبارة «المصباح» المنقولة في كتاب «العصرة» وهما كعبارة الحسن يجري
فيهما ما جرى في تلك.
وقال في «المقنعة»
: من فاتته صلاة لخروج وقتها صلّاها كما فاتته ولم يؤخّر ذلك إلّا أن يمنعه تضييق
وقت فرض حاضر ثابت . وهي ليس نصّاً في المضايقة ، فحالها حال عبارة أبي علي
، وقد نقل في كتاب «العصرة» عن المقنعة عبارتين اخريين بهذا المعنى لكنّي لم
أجدهما فيها وقد وجدنا في غير موضع اختلاف نُسخ كتاب المقنعة. وقد سمعت عبارات «الرسّيات»
وعرفت أنّ بعضها ليس نصّاً في الوجوب ، وأنّ بعضها نصّ فيه لكن ليس فيه تصريح
ببطلان الحاضرة لو فعلها في أوّل وقتها ، وأنّ بعضها صريح في الوجوب والبطلان
والمنع عن غير القضاء من غير ما لا بدّ منه للمكلّف.
وفي «الخلاف » وإن ذكرها وقد دخل وقت صلاة اخرى فإنّه يبدأ بالفائتة
ما لم يتضيّق وقت الحاضرة ، فإذا كان كذلك بدأ بالحاضرة ثمّ الفائتة ، وإن دخل في
أوّل الوقت في الحاضرة ثمّ ذكر أنّ عليه صلاة اخرى وقد صلّى منها ركعتين أو أكثر
فلينقل نيّته إلى الفائتة. ثمّ قال : دليلنا إجماع الفرقة. وكلامه هذا ككلام أبي
علي يجري فيه ذلك الاحتمال.
وفي «المبسوط » أنّ مَن عليه قضاء وأدّى فريضة الوقت في أوّله فإنّه
لا يجزيه. وهذه صريحة في المضايقة. وله عبارة اخرى في «المبسوط» كعبارة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«النهاية» الآتية. وله في «المبسوط» أيضاً عبارة في بحث المواقيت تؤذن
بمخالفة هاتين العبارتين ويأتي نقلها. وقد سمعت عبارة «الجُمل والعقود» وأنّها ليست صريحة في ذلك. وفي
موضع آخر من «الخلاف» من دخل في صلاته بنيّة الأداء ثمّ ذكر أنّ عليه صلاة فائتة
وهو في أوّل الوقت وقبل تضيّق الحاضرة عدل بنيّته إلى الفائتة ثمّ استأنف الحاضرة
، فإن تضيّق وقت الحاضرة أتمّ الحاضرة ثمّ قضى الفائتة. ثمّ قال : دليلنا على جواز
نقل النيّة من الحاضرة إلى الفائتة إجماع الفرقة . وقد يقال : إنّ هذا الإجماع يشعر بأنّ ذلك الإجماع الّذي تقدّم
نقله على الجواز.
وفي «النهاية » من فاتته صلاة فريضة فليقضها حين يذكرها أيّ وقت كان
ما لم يكن وقت صلاة فريضة حاضرة قد تضيّق وقتها ، فإن حضر وقت صلاة ودخل فيها في
أوّل وقتها ثمّ ذكر أنّ عليه صلاة عدل بنيّته إلى ما فاته من الصلاة ثمّ استأنف
الحاضرة ، انتهى. وهي ليست صريحة في المضايقة فحالها حال عبارة أبي علي. وله في «النهاية»
عبارة اخرى مثل هذه في المواقيت ، ولكن له عبارة اخرى في فصل المواقيت تناقض
العبارتين ، وهي قوله : ووقت الركعتين من جلوس بعد العشاء الآخره ، فإن كان ممّن
عليه قضاء صلاة أخّرهما إلى بعد الفراغ من القضاء ويختم بهاتين الركعتين ، انتهى.
وهذا يؤذن بجواز تقديم الأداء على القضاء في أوّل الوقت إلّا أن يخصّ بما صلّى من
القضاء بعد خروج الوقت فتكون الركعتان قضاء لا أداء ، وفيه بُعد لا يخفى.
وقال في «المبسوط
» : وقت الوتيرة بعد الفراغ من فريضة العشاء الآخرة ،
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فإن كان عليه صلاة اخرى ختم بهاتين الركعتين.
وفي «المراسم»
ما فات بعمدٍ أو تفريطٍ يجب قضاؤه على الفور ومافات بسهوٍ يجب قضاؤه وقت الذكر له
ما لم يكن آخر وقت فريضة حاضرة ، انتهى. وهي كعبارة الحسن يجري فيها ما جرى فيها ، على
أنّه قال في آخر كلامه : ويقضي مع كلّ صلاة صلاة ، وهذا صريح في المواسعة ، ولذا نسب إليه صاحب «العصرة»
القول بالمواسعة ، فلو لا هذه العبارة الأخيرة لكان للمنازع أن ينازع في تلك وبها
ينقطع كلامه ، وكذا الشأن في تلك العبارات.
وقد سمعت عبارة المفيد في «السهوية» وعرفت ما في «الغنية والسرائر».
فهذه عبارات
القدماء الّذين نُسب إليهم القول بالمضايقة. ولهم عبارات في العدول من الحاضرة إلى
الفائتة قلّ منها ما هو صريح في الوجوب كعبارة «الرسّية والغنية » وليس التصريح بوجوب الترتيب وبطلان الحاضرة إلّا من
المفيد في «السهوية» وعلَم الهدى في بعض كتبه والشيخ في «المبسوط » مهما يظهر منه من مناقضته له فيه في الوتيرة والقاضي والتقي والحلبي أبي المكارم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والعجلي ابن إدريس ، واليوسفي وإن قال أوّلاً : إنّ المختار المضايقة ، لكنّه لما نقل
مذهب شيخه قال : وأذهب إليه جزماً ، وأمّا الباقون فلم يصرّحوا بذلك ، ولهذا نسب
القول بالمضايقة في «غاية المراد » إلى ظاهر الحسن والمفيد وسلّار وأبي الصلاح وابن زهرة
، ولم يتعرّض لأبي علي ، لكنّك قد عرفت أنّ الحلبيّين مصرّحان بوجوب الترتيب
والبطلان ، وكذا المفيد في «السهوية» ولعلّه لم يلحظها. ونسبه في «الذكرى» إلى
صريح أبي الصلاح وقال : لم يصرّح الشيخ في الخلاف والنهاية ببطلان الحاضرة وكذا
المفيد والحسن وأبي علي ، انتهى.
ثمّ اعلم أنّ
أكثر هذه العبارات إلّا القليل منها قد وردت في الصلاة الواحدة الفائتة ، وهذا
وهنٌ آخر في كلامهم فالحظ العبارات ، ولم يصل إلينا كلام أبي الحسين ورّام ولا أبي
الحسين علي بن منصور وإنّما نقل عنهما الشهيد ، وليس النقل كالعيان ، وقد عرفت وقوع الخلل في نقله في
«غاية المراد» وقد سمعت ما في «المختلف» من أنّ في كلام الحسن إشعاراً بوجوب
التقديم. فالمصرّحون لا يبلغون أول العقود ، وأين يقع هذا النفر اليسير من
القائلين بالمواسعة وهم من القدماء جمّ غفير ربّما يزيدون عن أربعة عشر فقيهاً ،
مع إطباق المتأخّرين على ذلك إلّا المحقّق والعلّامة في «المختلف » على أنّهما موافقان في عدم المضايقة ، وقد سمعت ما في «غاية المراد» من اتفاق ما عدا القول بالمضايقة
من الأقوال
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الستّة على عدمها ، وعرفت أنّ الشيخ في موضعين من «التهذيب » يظهر منه المواسعة ، وأنّه يظهر ذلك من «المبسوط » أيضاً في موضعين وموضع من «النهاية » وأنّ العماد الطوسي في العامد موافق ولم ينصّ على الخلاف في الناسي ، وقد
سمعت أنّ ظاهر أبي الفضل الإجماع ، وأنّ في كتاب «النقض » أنّه قول أهل البيت عليهمالسلام ، وعرفت ما قاله المحقّق من إجماع المسلمين كافّة على خلاف ما
ذكره التقي ، وعرفت ما في «المختلف والمنتهى والذخيرة» من دعوى الإجماع ،
وسمعت ما في «نهاية الإحكام » مع ما في «المعتبر والتذكرة » وغيرها من أنّ ما ذكروه من منع غير الضروري مكابرة
وسوفسطائي ، وسمعت ما في «المعتبر » أيضاً من أنّ ذلك لازم للقول بالمضايقة وإن لم يصرّح
به إلّا بعضهم ، وهذا يمكن دفعه بما ذكرناه عن الاستاذ العلّامة الشيخ جعفر دام
ظلّه العالي في «الرسالة» وعرفت ما قد يظهر من «خلاصة الاستدلال» من الأشعريّين
والقميّين على المواسعة ، وعرفت ما في «العصرة» من أنّه مذهب قوم من متقدّمي أصحابنا
منهم الصدوقان وأحمد بن محمّد بن عيسى والطبري وغيرهم ، وسمعت إنكاره دعوى الإجماع ممّن عاصره ومن إجماع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الخلاف وقد عرفت الحال في إجماع «الخلاف » وفي موضع آخر من «العصرة » وقد عرفت نسبته إلى الأصحاب ، وسمعت أنّه مذهب أكثر مَن علمه أو عاصره العلّامة على اختلاف
النقلين وأنّ مذهب أهل الخلاف على خلافه ، وعرفت دعوى شهرته بين القدماء من جماعة.
وبهذا كلّه
ينقدح الظنّ بخلاف ما كان صريحاً من تلك الإجماعات المدّعاة على المضايقة فضلاً عن
غير الصريح منها ، وكم من إجماع للسيّد علمنا أنّ الإجماع على خلافه فضلاً عن ابن
إدريس وشيخه ابن زهرة ، وكم من إجماع ادّعاه في «السرائر» ثم ادّعى من غير تقادم
عهد خلافه ، كما وقع له ذلك في بحث الولاء ، فإنّه نقل الإجماع على أنّه إذا كان
المعتق المتوفّى امرأة فولاؤها لعصبتها دون ولدها وإن كانوا ذكوراً ثمّ رجع عنه
لأنّه راجع تصانيف الأصحاب وأقوالهم فوجدها مختلفة ثمّ ما بعد به المدا حتّى نسب
إلى الخلاف خلاف ما نقل هو عنه إلى غير ذلك ممّا وقع في «السرائر » وإجماعات «الغنية» معلوم حالها فهي حجّة ما لم تعارض .
وأمّا إجماعا «الخلاف
» فليسا نصّين في الوجوب بل أحدهما صريح في الجواز وأنّهما كإجماعي الشريف
المحسن أبي الحسين الرسّي القابلان للتأويل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بما ذكره في «المعتبر » فتدبّر هذا حال فتاواهم وإجماعاتهم.
والّذي يؤيّد
ما قلناه أنّ كتب المتقدّمين وأدلّتهم وإجماعاتهم بمرأى من المتأخّرين وقد اتفقوا
على مخالفتهم ، فلو لا أنّهم علموا أنّ الحال في ذلك ليس كذلك لما أقدموا على
المخالفة ، ويظهر للمتتبّع ندرة كون الحقّ مع المتقدّمين حيث يختلفون ، وناهيك
مسألة ماء البئر فقد ادّعى المتقدّمون على نجاسته بالملاقاة ما يزيد على أربعة عشر
إجماعاً ، ومع ذلك أطبق المتأخّرون على خلافهم.
هذا كلّه على
تقدير تسليم أنّ المتقدّمين جميعاً مخالفون ، وإلّا فقد عرفت أنّ خمسة عشر فقيهاً منهم على المواسعة.
ويؤيّد ما
قلناه إطباقهم جميعاً على أنّ القاضي للفوائت الأفضل له أن يؤذّن ويقيم لكلّ صلاة
، مع أنّ أخبارهم لا تنهض بذلك كما اعترف به جماعة منهم ، مع تصريحهم بجواز قصرهما في السفر وسقوطهما في مواضع اخر ، وما ذاك
إلّا لأنّ الأمر أوسع ممّا ذكره أصحاب المضايقة. فإن قلت : الأذان والإقامة من
الصلاة ، قلنا : ليسا من الصلاة قطعاً وإنّما هما من مقدّماتها ، سلّمنا أنّهما
منها لكن رأيناهم جوّزوا الاقتصار على الحمد للمستعجل والمضطرّ ، وحكم جماعة بالاقتصار على أقلّ الواجب عند الضيق ، فليتأمّل.
وأمّا أخبارهم
فالاستدلال بها لا بدّ وأن يكون متوقّفاً على أنّ المراد بالوقت فيها وقت الإجزاء
، وعلى أنّ الأمر للفور أو على أنّ التضييق نشأ من التقييد بوقت
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الذكر وإن لم يكن الأمر للفور ، والكلّ ممنوع.
أمّا الأوّل
فلأنّ الظاهر من صحيحي زرارة وصفوان أنّ المراد من الوقت وقت الفضيلة كما أوضحناه في «الرسالة»
وبذلك يبطل الاستدلال بأخبارهم ، لأنّ إطلاق الوقت فيها ينزّل على ما في الصحيحين
وإن قلنا إنّ الأمر للفور ، سلّمنا عدم الظهور لكنّ الاحتمالين متساويان وفي ذلك
بلاغ. نعم على مذهب الشيخ وموافقيه من أنّ وقت الفضيلة وقت الاختيار قد يتمّ
الاستدلال ، لكنّ المشهور المنصور خلافه.
وأمّا الثاني
فإنّه وإن ذهب إليه الشيخ وابن إدريس والسيّد كما هو حاصل كلامه في «الذريعة» وإن
اضطرب حتّى اختلف النقل عنها لكنّ الحقّ خلافه ، على أنّه على ما ذكروه يلزم الحرج
ونفي الحرج عقلي ونقلي يقيني فلا ينهض ذلك لإثباته إن سلّم على النحو الّذي ذكره
السيّد وأتباعه من المنع عن غير الضروري ، على أنّ البطلان يبتنى على أصلٍ آخر وهو
أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه الخاصّ ، ودون إثباته على إطلاقه خرط
القتاد.
وأمّا الثالث
فالتقييد بوقت الذكر إنّما هو لبيان مبدأ الوجوب لا للتضييق.
فإن قلت : مبدأ
الوجوب معلوم من تعلّق الخطاب بالإتيان بالمأمور به فالتقييد بوقت الذكر ليس إلّا
للتضييق.
قلت : الوجه في
التقييد رفع الحظر المعلوم من النهي عن الصلاة في الأوقات المشهورة أو رفع توهّمه
كما يفهم ذلك من جملة من الأخبار ولا سيّما خبر زرارة الّذي قال فيه عليهالسلام : فصلّها أيّ وقت ذكرتها ولو بعد العصر ، وكلاهما أي
الحظر وتوهّمه صالحان للتقييد الّذي يفيد بيان زمان المبدأ ، فالأوامر حينئذ صالحة
للوجوب والندب والإباحة ، فإن شئنا حملناها على الوجوب بمعنى بيان زمان مبدئه ،
وإن شئنا حملناها على الإباحة بالنسبة إلى جميع الأوقات ، لأن كان أصل
__________________
وتجب المساواة
فيقضى القصر قصراً ولو في الحضر ، والحضر تماماً ولو في السفر ،
______________________________________________________
الوجوب معلوماً من دليلٍ آخر ، وإن شئنا حملناها على الاستحباب بالمعنى
الّذي أردتموه في الوجوب جمعاً بين الأدلّة ، لأن كان الاستحباب كذلك يجتمع مع
العسر والحرج كما قرّر في محلّه ، وإن أبيتم ذلك كلّه قلنا كما في «المعتبر » : إنّ غاية ما تدلّ عليه أخباركم هو وجوب الإتيان
بالفائتة ما لم تتضيّق الحاضرة ونحن نقول بموجبه ، إذ لا خلاف في وجوب القضاء ما
لم تتضيّق الحاضرة وإنّما الخلاف في الترتيب ، ولا يلزم من وجوب قضائها كذلك وجوب
ترتيبها على الحاضرة كما يقال : خمس صلوات يصلّين في كلّ وقت ما لم تتضيّق الحاضرة
منها الكسوف والجنازة فإنّهما ليستا مترتّبتين ترتيباً يمنع الحاضرة ، وإن أبيتم
جميع ذلك قلنا : هي محمولة على التقية ، لإطباق الجمهور على ذلك كما ذكره في «التذكرة
». وأنت إذا لحظت أخبارهم الّتي استندوا إليها وأمعنت النظر فيها فإنّك تجد
الاستدلال بها لهم متوقّف على ما ذكرنا وبدونه تكون بمعزلعن مطلوبهم.
وقد استوفينا
ذلك كلّه في «الرسالة» وذكرنا أخبار الأقوال كلّها وبيّنّا الحال فيها بما لا مزيد
عليه في الرسالة حتّى اتضح الحال واندفع الإشكال وكانت حَرية بما سمّيناها به وهو «الرحمة
الواسعة في مسألة المضايقة والمواسعة».
[في وجوب المساواة
المقضيّ للفائت]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (وتجب
المساواة فيقضى القصر قصراً ولو في الحضر ، والحضر تماماً ولو في السفر)
كما نصّ على
ذلك
__________________
والجهريّة جهراً والإخفاتية إخفاتاً
______________________________________________________
في «المقنع والمقنعة والنهاية والمبسوط والإشارة » وغيرها . وفي «المدارك» أنّه مذهب العلماء كافّة إلّا من شذّ ، وعليه الإجماع كما في «الخلاف والتذكرة والغرية والرياض والمفاتيح » وظاهر «كشف الحقّ والمنتهى ومجمع البرهان » ولا خلاف فيه كما في «الذخيرة والمصابيح » والحكم الأخير عليه إجماع العلماء كما في «المعتبر » ولا خلاف فيه بين المسلمين كما في «الذكرى » وظاهر «المعتبر » في الأوّل الإجماع.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والجهرية
جهراً والإخفاتية إخفاتاً
__________________
ليلاً
ونهاراً) كما نصّ عليه
في «الإشارة ونهاية الإحكام والتذكرة والتحرير والذكرى والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس والمصابيح ». وفي «الخلاف » الإجماع عليه.
والحاصل : أنّ
مقتضى العمومات قضاء الفائتة بالنحو الّذي كانت به أداءً فإنّها تقضى بذلك النحو.
وهذا إذا كان
ذلك النحو مطلوب الشارع من المكلّف بخصوصه وإن تمكّن من غير ذلك النحو كالقصر
والإتمام والجهر والإخفات ، وأمّا إذا كان المطلوب غيره إلّا أنّه لا يتمكّن من
المطلوب ويعجز عنه فإنّه يأتي بما يمكنه كصلاة العاجز جالساً أو مضطجعاً ، فإنّ
مثل هذه إذا فاتت المكلّف وتمكّن حال القضاء من الإتيان بالمطلوب الأصلي فإنّه يجب
عليه حينئذٍ الإتيان به حال القضاء فيصلّي قائماً إذا تمكّن منه. وقد نصّ على ذلك
في «نهاية الإحكام والبيان وجامع المقاصد والموجز الحاوي وكشف الالتباس والجعفرية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وشرحيها والرياض والمصابيح ».
وفي «إرشاد
الجعفرية» أنّ وجوب رعاية الهيئات وقت الفعل لا وقت الفوات أمر إجماعي لا خلاف
لأحد من أصحابنا فيه . وكذا يصلّي ما فاته وهو قادر على القيام بما تمكّن منه
من قيام أو اضطجاع أو استلقاء كما نصّ على ذلك في «البيان والموجز الحاوي والرياض ونهاية الإحكام وكشف الالتباس والجعفرية وشرحيها » وفي الخمسة الأخيرة : أنّه لا يجب التأخير إلى زوال
العذر وفي ثلاثة منها وهي «نهاية الإحكام وكشف الالتباس وإرشاد الجعفرية» أنّه لا
يستحبّ التأخير ، قالوا : بل ولا يستحبّ لما في المبادرة من المسارعة إلى فعل
الطاعة.
وفي «الجعفرية وشرحيها » أنّه يستثنى من ذلك ما لو فقد الطهارة فإنّها إذا
تعذّرت وجب التأخير إلى زمان التمكّن ولا يصحّ منه فعل القضاء كما لا يصحّ منه فعل
الأداء. وفي «إرشاد الجعفرية » الإجماع عليه. وفي «الغرية» أنّه من الظهور بمكان.
__________________
إلّا في كيفيّة الخوف ، أمّا الكمّية فإن استوعب الخوف الوقت فقصر ، وإلّا
فتمام.
______________________________________________________
وفي «المصابيح»
إذا فات العاجز الّذي فرضه الصلاة جالساً أو مضطجعاً صلاة ، فإن تمكّن من الإتيان
بها قائماً وجب ، وإن بقي عجزه ولم يرج زواله فليبادر بالقضاء كما فاتته فيقضيها
جالساً في الاولى ومضطجعاً في الثانية ، وأمّا لو رجا زوال عجزه فيشكل الحكم
بالقضاء قبل زوال عجزه ، لكونه بحسب الظاهر متمكّناً من الإتيان بالفريضة على
وجهها المطلوب ، قال : وممّا ذكر يعلم الحال في جميع صوَر العجز مثل الصلاة إلى
غير القبلة أو ماشياً أو راكباً أو مومياً عن الركوع والسجود أو الصلاة عرياناً
قائماً أو جالساً أو الصلاة من دون قراءة الحمد أو السورة لعجزه عن معرفتها أو
الصلاة متيمّماً لعجزه عن الطهارة المائية أو الصلاة مكتفياً بالتسبيحات الأربع
مكان الركعة أو بتكبيرة مكانها أو يصلّي مع نجاسة ثوبه أو بدنه لعجزه عن طهارتهما
إلى غير ذلك فإنّه إذا قضى صلاةً في حال عجزه عن واحد ممّا ذكر أو أكثر فإنّه لا
يجوز له أن يقضي تلك الصلاة بذلك النحو إذا ذهب ذلك العجز الموجب لنقص تلك الفائتة
زمان فوتها بل لا يجوز لو كان العجز في طرف (شرف خ ل) الزوال بل لعلّه لا يجوز
أيضاً مع رجاء زواله كما قلناه .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (إلّا
في كيفيّة الخوف ، أمّا الكمّية فإن استوعب الخوف الوقت فقصر ، وإلّا فتمام)
يريد أنّه لا
يقضي إلّا من صلاة الخوف بكيفية صلاة الخوف ولا تجب المساواة بل لا تجوز بل يقضيها
مستوفياً للأفعال ، بل المساواة إنّما هي في الكمّية بالتفصيل المذكور وإن كانت في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الحضر كما نصّ على ذلك كلّه في «التذكرة ونهاية الإحكام والذكرى والموجز الحاوي وكشف الالتباس وجامع المقاصد ».
وقال في «الذكرى»
: إن استوعب الخوف الوقت فقصّر وإن خلا منه قدر الطهارة وفعلها تامّة فتمام ، وإن
أمن آخره فالأقرب الاكتفاء بركعة في التمام ، ولو فاتت قضاها تماماً ، إذ الأصل في
الصلاة التمام وقد أدرك مصحّح الصلاة أعني الركعة ، انتهى .
وممّا ذكر يظهر
الحال فيما إذا ترك في القضاء بعض واجبات الصلاة جزءاً كان أو شرطاً مثل القراءة
وذكر الركوع والسجود والتشهّد وإحدى السجدتين ونحوها كترك التكلّم ونحوه فإنّ ذلك
لا يضرّ في المقضية بل تقع صحيحة فإنّ وجوبها في الأداء مشروط بأن لا يكون ناسياً.
فإن قلت : ذمّته حين الفوات مشغولة بها فتجب في القضاء ، قلنا : لا جرم بأنّ ذمّته
حال الفوات كانت مشغولة بها ، إذ لعلّه كان ينساها وإن فرضنا أنّه حين الفوات كان
متذكّراً إلى أن فات ، إذ لعلّه لو اشتغل بالصلاة حصلت منه الغفلة ، مع أنّه فرض
نادر فلا يشمله عموم كما فاتته ، إذ ليس هو من العمومات اللغوية بل عمومه على
الظاهر عرفي ، سلّمنا ولكن العمومات الدالّة على الصحّة أقوى دلالةً وفتوىً
واصولاً.
وممّا ذكر ظهر
أنّ الفائتة لو كانت متردّدة بين الجهر والإخفات لم يجب مراعاتهما فيها كما سيجيء
وأنّ الترتيب في الفوائت إنّما يجب مراعاته في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
صورة التذكّر كما هو الحال في الحواضر أيضاً ، وعدم صحّة العصر في أوّل وقت
الظهر مثلاً إنّما هو من جهة عدم كونه وقتاً لها مطلقاً بخلاف الفائتة ، فإنّ قوله
عليهالسلام «أربع صلوات يصلّيها الرجل في كلّ حال » ونحوه يقتضي صحّتها في كلّ وقت ، وما دلّ على وجوب الترتيب لا
يدلّ على أزيد من مراعاته وقت التذكّر لا عدم الصحّة مطلقاً ، فلو صلّى الحاضرة
قبل الفائتة جهلاً بها أو ناسياً لها لم يضرّ وصحّت صلاته إجماعاً كما في «المختلف
» وإنّما يكون عليه الفائتة خاصّة ، وكذا الحال في صورة تقديم الفائتة
اللاحقة على سابقتها.
واعلم أنّه لو
حصل الفوات في أماكن التخيير ففي ثبوت التخيير في القضاء أو تحتّم القصر قولان ،
اختار الأوّل المحقّق الثاني وصاحب المعالم في «حاشيته على اثني عشريّته» نقله عنه
تلميذه في «شرحه ». وفي «الذخيرة والمدارك » أنّ الثاني أحوط. واحتمل في المدارك (الأخير خ ل) ثبوت
التخيير في القضاء مطلقاً أو إذا أوقعه فيها.
ولو اختلف الفرض
في أوّل الوقت وآخره كأن كان حاضراً ثمّ سافر أو مسافراً فحضر وفاتته الصلاة ففي
اعتبار حال الوجوب أو الفوات قولان ، أظهرهما وعليه الأكثر الثاني. وسيأتي البحث فيه بحول الله تعالى وقوّته ولطفه وبركة خير خلقه
محمّدٍ وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
والترتيب
فيقدّم سابق الفائت على لاحقه وجوباً ، كما يقدّم سابق الحاضرة على لاحقها وجوباً
، فلو فاته مغرب يوم ثمّ صبح آخر قدّم المغرب ، وكذا اليوم الواحد يقدّم صبحه على
ظهره.
ولو صلّى
الحاضرة في أوّل الوقت فذكر الفائتة عدل بنيّته إن أمكن استحباباً عندنا ووجوباً
عند آخرين ، ويجب لو كان في فائتة فذكر أسبق ، ولو لم يذكر حتّى فرغ صحّت وصلّى
السابقة ، ولو ذكر في أثناء النافلة استأنف إجماعاً.
______________________________________________________
[في وجوب ترتيب قضاء
الفوائت]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والترتيب
فيقدّم سابق الفائت على لاحقه إلى قوله : وصلّى السابقة .. إلى آخره)
هذا تقدّم الكلام فيه بما لا مزيد عليه في بحث الأوقات. وفي «البيان
وغاية المرام والروضة » قد يترامى العدول ويدور. وفي «البيان» وليس فيه إلّا
نية تلك الصلاة ، انتهى. وبيان الترامي والدور كأن يشرع في فائتة ثمّ يذكر أنّ
عليه سابقة عليها فيعدل إليها وهكذا ، ولو ذكر بعد العدول براءته من المعدول إليها
عدل إلى اللاحقة المنوية أوّلاً أو إلى ما بعدها.
وصوَر العدول
ستّ عشرة ، وهي الحاصل من ضروب صوَر المعدول عنه وإليه ، وهي أربع : نفل وفرض أداء
وقضاء في الآخر ، يبطل منها أربع وهي العدول من النفل أداءً وقضاءً إلى الفرض
أداءً وقضاءً ، وأمّا العدول من الفرض أداءً
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقضاءً إلى النفل فصحيح في موارد كطالب الجماعة وطالب الأذان والإقامة
وطالب قراءة الجمعتين. والشيخ في «الخلاف » منع من العدول من الفرض إلى النفل ، ونقل ذلك الشهيد
في البيان عن الشيخ وأبي علي ولعلّهما أرادا في غير هذه الموارد.
وأمّا العدول من الفائتة إلى الأداء فكما لو ذكر براءة ذمّته منها.
وإلى ما ذكرنا
من عدم جواز النقل من النفل إلى الفرض أشار المصنّف بقوله «ولو ذكر في أثناء
النافلة استأنف إجماعاً» ومراده ما ذكرنا ، وإلّا فالقطع ليس باجماعي ، لأنّه
مبنيّ على عدم جواز النافلة لمن عليه فريضة كما هو المشهور ، وقد تقدّم الكلام فيه في بحث المواقيت. وبمثل عبارة المصنّف من
دون ذكر الإجماع عبّر في «المبسوط والنهاية والنافع » وغيرها ويأتي على القول الآخر عدم الوجوب ، وفي جواز الإبطال
حينئذٍ قولان تقدّم الكلام فيهما مستوفىً. وبصحّة الصلاة لو لم يذكر حتّى فرغ صرّح
في «التحرير ونهاية الإحكام واللمعة وجامع المقاصد والروضة وغاية المرام »
__________________
فروع
الأوّل
: لو نسي الترتيب
ففي سقوطه نظر والأحوط فعله ،
______________________________________________________
وغيرها . وتمام الكلام أفرغناه في مباحث المواقيت.
[حكم ناسي الترتيب]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (لو
نسي الترتيب ففي سقوطه نظر ، والأحوط فعله)
كما في «التحرير
ونهاية الإحكام وكنز الفوائد » فما نسب «التحرير» غير هذا فغير صحيح ، لأنّ الموجود فيه : أنّ الأقرب سقوطه
والأحوط فعله ، وفي «التذكرة » أنّ الأقرب فعله. وفي «المعتبر » فيه تردّد. وفي «الدروس والموجز الحاوي والهلالية وكشف الالتباس » أنّه يجب فعله مع الظنّ أو الوهم ، ولو انتفيا صلّى
كيف شاء. وفي «البيان » يجب مع ظنّه خاصّة. وفي «الرياض » أنّه أحوط. ونسب ذلك إلى «الذكرى» ويأتي ما فيها. وفي «الإرشاد
» يجب فعله مطلقاً ، أي لم يقيّده بشيء. وهو ظاهر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
جملة من الإطلاقات. وفي «المفاتيح» نسبته إلى ما عدا
العلّامة والشهيدين حيث قال : والآخرون على وجوب التكرار ، انتهى . وفيه نظر ظاهر. وفي «الروضة » أنّ الأجود سقوطه. وفي موضع آخر من «كشف الالتباس» أنّ
السقوط هو الظاهر من المذهب . وفي «الرياض » أنّه مذهب الأكثر. قلت : وهو خيرة «الإيضاح والذكرى واللمعة والألفية والمهذّب البارع وشرح الألفية» للمحقّق الثاني و «تعليق الإرشاد » له و «الجعفرية والغرية والمقاصد العلية والدرّة السنية ومجمع البرهان والمدارك والذخيرة والكفاية والمفاتيح والرياض »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وهو ظاهر «نهاية الإحكام والتحرير وكنز الفوائد» كما سمعت بل كاد يكون
صريحها.
ومال إليه في «إرشاد
الجعفرية والجواهر المضيئة» للأصل ولأنّ الزائد حرج وقد يؤول إلى
التعذّر فيما إذا كثرت ، وإذا سقط حينئذٍ سقط بالكلّية لعدم القائل بالفصل كما نصّ
على ذلك في «الروض والروضة ومجمع البرهان والذخيرة والرياض » ولأنّ الدليل هو الإجماع وقوله عليهالسلام : «كما فاتت» ولا إجماع هنا و «كما فاتت» غير صريح في
وجوب الترتيب ، وعلى تقديره فالظاهر أنّه مخصوص بصورة العلم ، إذ لا يمكن التكليف
مع عدم العلم خصوصاً مع الزيادة المنفية بالعقل والنقل ، ولا يقاس بالمشتبهة ليقين
فوت الصلاة وتوقّف البراءة على التعدّد لا أقلّ مع وجود النصّ ، وهنا إنّما فاتت
الصفة الخارجية الّتي لم يثبت وجوبها حينئذٍ.
وقد يقال : لا
نسلّم ثبوت الإجماع المركّب وأنّ كلّ من قال بالترتيب قال به وإن تعذّر ولزم الحرج
والتكليف بما لا يطاق ، لأنّه من بديهات الدين عدم جواز التكليف بما لا يطاق ، وإن
ناقش من ناقش في صورة ما إذا كان المكلّف مقصّراً ، كما ورد أنّ مَن مثّل صورة حيوان كلّف بإحداث الروح فيه ، لكنّ
المعروف عدمه في دار التكليف لعدم إمكان الامتثال ، لأنّ التكليف غير المؤاخذة
والانتقام ، فلا ريب أنّه لا يقول أحد بالترتيب مع التعذّر. والقائل بوجوبه يستدلّ
بإمكان الامتثال بالتكرار المحصّل له كما هو الشأن فيما لو كانت الفوائت عدد القدر
العسر الّذي يراد تحصيل الترتيب به ، والعموم الّذي دلّ على هذا كما قضى بالقضاء
للفوائت ، وإن حصل الحرج كذلك قضى به من حيث الترتيب ، إلّا أن يقال : بينه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وبين قوله تعالى (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ
فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) تعارض العمومين من وجه ، فكما جاز تخصيص الثاني بالأوّل
جاز العكس ، فيقدّم العكس للأصل ، وقوّة العموم الثاني من العقل والنقل ، وأمّا
تخصيص الثاني بالأوّل في عدد الفائتة والقول بوجوب قضاء الجميع وإن لزم الحرج
فلعلّه للإجماع ، فلا يستلزم ذلك تخصيصه بالأوّل في تحصيل الترتيب أيضاً. ويمكن أن
يقال : إنّ الثاني أعمّ أفراداً وأكثر شيوعاً من الأوّل فيكون الأوّل أخصّ منه ،
فيكون أقوى دلالةً على أنّ دخول القضاء الموجب للحرج بالنسبة إلى العدد في الأوّل
يوجب زيادة قوّته ، وكذا خروج كثير من التكليفات من الثاني كما هو ظاهر ، فصار
مخصّصاً بمخصّصات كثيرة بخلاف الأوّل ، فإنّه لم يخصّص أصلاً وذلك ممّا يوجب زيادة
قوّته ووهن الثاني إلّا أن يقال : إنّ الثاني متأيّد بما ذكرنا وبعمومات نفي
المؤاخذة من الجاهل ومعذوريّته ، وأنّ العموم فيه من جهة وقوع النكرة في سياق
النفي بخلاف الأوّل ، فإنّه من جهة التشبيه وكلمة الكاف ، وأنّ مثل ذلك محلّ تأمّل
عند جماعة من متأخّري المتأخّرين ، لكنّهم يراعون جميع أحوال الفائتة من الجهر
والإخفات والقصر والإتمام وغيرهما ، وهذا أيضاً من مقوّيات العموم ، والجاهل
بالترتيب عالم بوجوب القضاء كما فاتته ، ويمكنه تحصيل ذلك ، غاية الأمر أنّه في
بعض الصوَر يحصل الحرج كما هو الشأن في أصل قضاء الفوائت ، فالمسألة لا تخلو عن
إشكال وإن كان القول بالسقوط حيث يكون حرج ولا تقصير لا يخلو عن قوّة. كذا أفاد
الاستاذ دام ظلّه في «المصابيح ».
هذا وفي «المعتبر»
لو فاتته صلوات سفر وحضر وجهل الأوّل ففي الترتيب احتمالات : السقوط والبناء على
الظنّ وقضاء الرباعيات من كلّ يوم تماماً وقصراً ، وفي «التذكرة» أنّ الوجه الاحتياط فيصلّي مع كلّ
رباعية صلاة قصر ،
__________________
فيصلّي من فاته الظهران الظهر مرّتين بينهما العصر أو بالعكس ، ولو كان
معهما مغرب صلّى الظهر ثمّ العصر ثمّ الظهر ثمّ المغرب ثمّ الظهر ثمّ العصر ثمّ
الظهر.
______________________________________________________
فلو فاته شهر صلّى شهراً ، لكن الرباعية يصلّيها مرّتين تماماً وتقصيراً . ونحوه ما في «نهاية الإحكام والإرشاد والكتاب» فيما يأتي . وفي «غاية المراد » يمكن نصرته. وحكم المحقّق الثاني في «تعليق الإرشاد » بالسقوط. وظاهره في «جامع المقاصد » موافقة المصنّف. وقد جعل في «التذكرة» هنا أنّ الوجه
الاحتياط وهناك جعله أقرب ، وظاهره فيما يأتي من الكتاب الجزم به. وفي «الذكرى
وشرح الألفية للكركي والروض » أنّه يتخيّر ، قال في «الذكرى» : وقيل : يقضي الرباعية
تماماً وقصراً ، وهو كالأوّل في الضعف ، ولو ظنّ سبق بعض فالأقرب العمل بظنّه ،
لأنّه راجح فلا يعمل بالمرجوح ، انتهى وظاهره أنّ العمل بالظنّ في خصوص هذا ، فليتأمّل.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (فيصلّي
من فاته الظهران الظهر مرّتين بينهما العصر أو بالعكس ، ولو كان معهما مغرب صلّى
الظهر
__________________
ثمّ العصر ثمّ الظهر ثمّ المغرب ثمّ الظهر ثمّ العصر ثمّ الظهر كما اشير
إلى ذلك في «المعتبر والإرشاد والتذكرة ونهاية الإحكام وحواشي الشهيد وغاية المراد ». وبيانه على ما في «إرشاد الجعفرية والغرية والدرّة» ناقلين له عن المحقّق الثاني ، وعلى
ما في «غاية المراد والروض والروضة والمدارك » وغيرها أنّ من فاته الظهران من يومين يصلّي ظهراً بين عصرين أو
بالعكس لحصول الترتيب بينهما ، لأنّ الظهر إمّا متقدّمة أو متأخّرة ، ولو جامعهما
مغرب من ثالث صلّى الثلاث أي الظهر والعصرين قبل المغرب وبعدها فتصير سبعاً ، أو
عشاءً مع الثلاثة المذكورة من يوم رابع فعل السبع قبلها وبعدها أو صبح معها فعل
الخمس عشرة قبلها وبعدها ، وهكذا. قالوا : والضابط تكرّرها على وجه يحصل الترتيب
على جميع الاحتمالات وهي اثنان في الأوّل وستّة في الثاني بضرب الاثنين في الثلاثة
وأربعة وعشرون في الثالث ومائة وعشرون في الرابع ، حاصلة من ضرب ما اجتمع سابقاً
من الاحتمالات في عدد الفرائض المطلوبة ، ولو اضيف إليها سادسة كظهر مثلاً من يومٍ
آخر صلّى جميع ما تقدّم قبلها وبعدها
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وضرب ما تقدّم من الاحتمالات في ستّة فتصير الاحتمالات سبعمائة وعشرين
وصحّته من ثلاث وستين فريضة. وهكذا ، أي لو اضيف إليها سابعة صارت الاحتمالات خمسة
آلاف وأربعين وتصحّ من مائة وسبع وعشرين ، ولو اضيف إليها ثامنة صارت الاحتمالات
أربعين ألفاً وثلاثمائة وعشرين وتصحّ من مائتين وخمس وخمسين فريضة.
ووجه الحصر :
أنّ العصر إمّا أن تكون بعد الظهر أو قبلها ، وعلى التقديرين فالمغرب إمّا أن تكون
بعدهما أو قبلهما أو في الوسط ، فالحاصل وهو مضروب الاثنين في الثلاثة ستّة ، لأنّ
كلّ احتمال من هذه الاحتمالات يجري فيه الاحتمالان السابقان ، وعلى التقادير
الستّة فالعشاء إمّا أن تكون بعد الجميع أو قبله أو في الوسط ، وعلى التوسيط فإمّا
أن تكون بعد الاولى أو الثانية ، فالحاصل أربعة وعشرون لما مرَّ ، وعلى التقادير
فالصبح إمّا أن تكون بعد الجميع أو قبله أو في الوسط ، وعلى هذا إمّا أن تكون بعد
الاولى أو الثانية أو الثالثة ، وحينئذٍ فالحاصل مائة وعشرون ، وعلى التقادير
فالسادسة إمّا أن تكون بعد الجميع أو قبله أو في الأواسط ، وعلى هذا إمّا أن تكون
بعد الاولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة ، فيبلغ الحاصل سبعمائة وعشرين ،
وعلى هذا لو اضيف إليها ثامنة تبلغ أربعين ألف احتمال وثلاثمائة وعشرين احتمالاً ،
لكنّ ذلك إنّما يتمشّى إذا كانت السادسة مغايرة بالنوع للخمسة ، إذ تغاير الشخصي
لا يكفي هنا ، ومن ثمّ لم يؤثّر في احتمال الترتيب لو كانت الفوائت المتعدّدة من
نوع واحد ، إذ ترتّبها على مثلها لا يزيد في الاحتمال كالظهرين مثلاً ويمتنع
مغايرة السادسة كذلك لأنّها لا بدّ أن تكون إحدى الخمس إلّا أن تكون كالعيدين
والآيات بناءً على وجوب الترتيب بين اليومية وبين غيرها أو مختلفة بالقصر والتمام
لكنّه خارج عن الباب.
وتوضيح ذلك
أنّه إذا كانت السادسة الظهر فالاحتمالات في الأوّل ثلاثة ، لأنّ الترديد بين
الظهرين والعصر ، وإذا اضيف إليها مغرب صارت اثنى عشر ، وبإضافة العشاء تصير ستين
، وبانضمام الصبح تبلغ ثلاثمائة وستين لا أزيد ولو أضيف
.................................................................................................
______________________________________________________
إليها سابعة سواء كانت ظهراً أم غيرها تصير الاحتمالات ثمانمائة وأربعين.
وهناك طريق آخر يأتي نقله عن «غاية المراد» عند شرح قوله : ولو فاته صلوات سفر
وحضر.
وهناك طريق آخر
نقله صاحب «الدرّة» عن المحقّق الطوسي واعتمده الشهيد في «غاية المراد » والمحقّق الثاني والشهيد الثاني والمولى الأردبيلي وصاحب «المدارك » قالوا : يمكن صحّتها من دون ذلك ، بأن يصلّي الفرائض
جمع كيف شاء مكرّرة عدداً ينقص عنها بواحد ثمّ يختمه بما بدأ منها ، فتصحّ فيما
عدا الأوّلين من ثلاث عشرة في الثالث وإحدى وعشرين في الرابع وإحدى وثلاثين في
الخامس.
وبيانه : أنّه
لو بدأ بالظهر ثمّ العصر ثمّ المغرب ثمّ العشاء كرّرها على هذا الترتيب ثلاث مرّات
وختم بالظهر ، فيصحّ في الثالث من ثلاث عشرة وقد كانت على الوجه السابق خمس عشرة ،
وفي الرابع من إحدى وعشرين وقد كانت إحدى وثلاثين ، وفي الخامس من إحدى وثلاثين
وقد كانت ثلاثاً وستين. واستثني الأوّلان لعدم التفاوت ، لأنّه يصلّي في الفرض الأوّل
الظهر ثمّ العصر ثمّ الظهر أو بالعكس ، وفي الثاني الظهر ثمّ العصر ثمّ المغرب ثمّ
يكرّره مرّة اخرى ثمّ يصلّي الظهر ، فلا فرق في هذين بين الضابطتين.
وقد ذكر في «غاية
المراد وجامع المقاصد » ضابطة اخرى ، قالا : والقاعدة أن يزيد على الاحتمالات
صلاة واحدة وذلك لأنّه إذا فاته الظهران فالاحتمالات هنا اثنان وهو ظاهر ، فإذا
صلّى ثلاث صلوات أدرك الاحتمالات كلّها ، لكنّ هذا إلى الأربع يصير الاحتمالات
كثيرة ويوجب المشقّة ، وإنّما قلنا إنّه بعد الأربع
__________________
الثاني
: لا ترتيب بين
الفرائض اليوميّة وغيرها من الواجبات ولا بين الواجبات أنفسها.
______________________________________________________
يصير الاحتمالات كثيرة ، لأنّه إذا كانت الفوائت ثلاثة كانت الاحتمالات
ستّة فيصلّي سبعاً ، وإذا كانت الفوائت أربعاً كانت الاحتمالات أربعة وعشرين فيجب
عليه على هذا القول خمس وعشرون صلاة ، مع أنّه على ما قاله المصنّف يكفيه خمس عشرة
صلاة ، وإذا كانت الفوائت خمساً كانت الاحتمالات مائة وعشرين فيجب عليه مائة
وواحدة وعشرون صلاة والصحّة من ثلاث وستّين فريضة ، وعلى قول المصنّف يكفيه إحدى
وثلاثون صلاة ، انتهى فتأمّل.
ويمكن في الفرض
الخامس وهو ما إذا فاته ستّ فرائض تحصيل الترتيب بخمسة أيّام والختم بالفريضة
الزائدة ، وقد كان الترتيب في هذا الفرض في الطريق الثاني يحصل بإحدى وثلاثين
فريضة وعلى تحصيله بخمسة أيّام يصير بستّ وعشرين فريضة. وبيان صحّتها على هذا
الطريق أنّه إذا صلّى خمسة أيّام مكرّرة ففي كلّ مرّة يبرأ من بعضها ولو واحدة ،
لأنّه في الاولى إذا وقعت بعضها مرتبة برئ من اثنتين أو أزيد ، وإن فرضنا عدمه فلا
محالة يبرأ من واحدة من الأواخر وهي أوّلها ، وكذلك في الثانية لحصول مثل الجميع
بعدها ، فيحصل الترتيب بين ما برئ منه أوّلا وغيره ولا أقلّ من واحدة ، وكذا في
الثالثة والرابعة والخامسة فيبرأ من خمسة ولا يحتاج إلى قضاء الجميع للأخيرة بل لا
يبقى إلّا ما بدأ به أوّلاً وهو الزائد فإن كان ترتّب قبل ذلك مع ما بعده فذاك ،
وإلّا فهو آخر ما فاته فيقضيه ويختم به. وكذلك الحكم لو كانت الفوائت المختلفة
أزيد من ستّة فإنّه يكفي تكرار اليوميّة بعدّة آحاد الفوائت إلّا واحداً والختم
بما بدأ به.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (لا
ترتيب بين الفرائض اليوميّة وغيرها ولا بين الواجبات أنفسها)
قد تقدّم الكلام في ذلك مستوفىً في
__________________
ويترتّب الاحتياط لو تعدّدت المجبورات بترتيبها ، وكذا الأجزاء المنسية
كالسجدة والتشهّد بالنسبة إلى صلاةٍ واحدة أو صلوات.
______________________________________________________
بحث المواقيت. ولو استأجر وليّ الميّت عنه لصلاته الفائتة وجب على الأجير
الإتيان بها على ترتيبها في الفوات ، فلو استأجر أجيرين كلّ واحد عن سنة جاز لكن
يشترط الترتيب بين فعليهما كما هو خيرة الكتاب في باب الإجارة والشهيد في «حواشية والإيضاح وجامع المقاصد ».
[في الترتيب بين
الاحتياط وكذا الأجزاء المنسيّة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ويترتّب
الاحتياط لو تعدّدت المجبورات بترتيبها ، وكذا الأجزاء المنسيّة كالسجدة والتشهّد
بالنسبة إلى صلاةٍ واحدة أو صلوات)
كما في «التذكرة
ونهاية الإحكام والتحرير والبيان وجامع المقاصد » وكما في «الدرّة والغرية» في خصوص الأجزاء المنسيّة
سواء اتحد جنس المتروك أو اختلف كما في «نهاية الإحكام » وهذا مبنيّ على أنّ الاحتياط يصير قضاء إذا لم يُفعل
في وقت المجبور وبذلك
__________________
الثالث
: لا تنعقد
النافلة لمن عليه فريضة فائتة.
______________________________________________________
صرّح الشهيدان والمحقّق الثاني وجماعة وقد استوفينا الكلام في ذلك في فروع ذكرناها في مباحث الشكوك. وفي «التحرير»
أنّه الأقرب ، قال : وأمّا الأجزاء المنسيّة فالوجه فيها الترتيب بينها وبين
الفوائت كالكلّ . وقال في «الذكرى» : لو فاته صلوات الاحتياط وقلنا بعدم
تأثيرها في المحتاط لها فالأقرب وجوب ترتيب الاحتياط كالأصل ، لأنّه معرّض للجزئية
ووجه عدم الترتيب قضية الأصل وأنّها صلاة مستقلّة ويضعّف بشمول النصّ لها ، وعليه
ينسحب الحكم في الأجزاء المنسيّة في صلاة أو أكثر ، انتهى.
والتقييد
بتعدّد المجبورات للاحتراز عن اتحاد المجبورات وإن تعدّد الاحتياط كما لو شكّ بين
الاثنين والثلاث والأربع فإنّه لا ترتيب هنا كما قاله جماعة ، وقد تقدّم الكلام في ذلك مستوفىً.
ومراده بقوله «ترتيبها»
أنّ الاحتياط يترتّب ترتيب المجبورات في نفس الأمر بالنسبة إلى أصل وضع الشرع ،
فلا اعتبار بتقديم المؤخّر نسياناً كما لو قدّم
__________________
الرابع
: لو نسي تعيين
الفائتة صلّى ثلاثاً واثنتين وأربعاً ينوي بها ما في ذمّته ،
______________________________________________________
العصر على الظهر نسياناً فشكّ فوجب الاحتياط وصار قضاءً ثمّ صلّى الظهر
فوجب فيه الاحتياط أيضاً ، فإنّه يصلّي احتياط الظهر أوّلاً كما نبّه على ذلك في «جامع
المقاصد ».
[لو نسي تعيين
الفائتة الواحدة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (لو
نسي تعيين الفائتة) الواحدة (صلّى ثلاثاً واثنتين
وأربعاً ينوي بها ما في ذمّته)
كما في «المقنع
والمقنعة وجُمل العلم والنهاية والمبسوط والخلاف والمراسم والسرائر والشرائع والمعتبر والنافع والمختلف والإرشاد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتذكرة ونهاية الإحكام والتحرير والذكرى والدروس والبيان واللمعة والألفية وقواعد الشهيد والتنقيح والموجز الحاوي والهلالية وكشف الالتباس وغاية المرام وجامع المقاصد وفوائد الشرائع وتعليق النافع والجعفرية وحاشية الإرشاد وإرشاد الجعفرية والغرية والروض والروضة والمسالك والمقاصد العلية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والميسية والدرّة والمدارك والاثنا عشرية والنجيبية والكفاية والمفاتيح والجواهر والمصابيح والرياض » وغيرها . وفي «المختلف» أنّه مذهب الشيخين والصدوقين وأبي علي
وسلّار وابن البرّاج . وقد نقل عليه الإجماع في «الخلاف والسرائر » وظاهر «المختلف ومجمع البرهان ». وفي «المختلف وغاية المرام وكشف الالتباس والروض والذخيرة والجواهر والمصابيح » أنّه المشهور ، بل يفوح من «الروض» دعوى الإجماع
أيضاً. وفي «التذكرة والكفاية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والرياض » أنّه الأشهر. وفي «التنقيح والمفاتيح » أنّه مذهب الأكثر. وفي «الذخيرة» أيضاً بعد أن نسبه
إلى أساطين المتقدّمين نسبه إلى أكثر المتأخّرين . وفي «الرياض» أيضاً نسبته إلى عامّة المتأخّرين ،
ونقله عن التقي أنّه أوجب الخمس ، كما نقل ذلك عن ابن حمزة ولم أجده في الوسيلة. ونقل عن الشيخ أيضاً في أحد قوليه
صاحب «التنقيح » ولعلّه أراد ما ذكره في مسألة الوضوء. وقد تقدّم
الكلام فيها مستوفىً بما لا مزيد عليه ، والغرض الآن نقل
كلامهم في المقام. وفي بعض نسخ «التنقيح » نسبة وجوب الخمس إلى المرتضى ، ولعلّه وهمٌ من قلم
الناسخ لأنّي وجدت في اخرى موضع المرتضى : التقي.
والقول بالخمس
صريح «الإشارة والغنية » وظاهر الأخير بل صريحه دعوى الإجماع. وهو مذهب أكثر
الجمهور كما في «التذكرة » واحتجّوا بتوقّف الواجب عليها ووجوب الجزم بالنيّة.
وفيه : أنّ الواجب يمكن تأديته بالثلاث ، والتعيين إنّما يجب حيث يمكن وهو مفقود
هنا ، مع أنّ الجزم لا يتحقّق في النية بفعل الخمس أيضاً ، إذ يحتمل في كلّ واحدة
أن لا تكون هي فيحصل التردّد ، وإن اريد الجزم بفعل العدد المنوي وإن لم يكن هو
الفائت من نفس الأمر ، فذلك حاصل على تقدير الاكتفاء بالثلاث.
__________________
ويسقط الجهر والإخفات.
______________________________________________________
هذا وفي «الميسية
والمقاصد العلية والروضة والمسالك » أنّه لا ترتيب بين هذه الثلاث. قلت : وهو قضية إطلاق
الأكثر. وهل العدول إلى الترديد عن التعيين رخصة وتخفيف على المكلّف أو عزيمة؟ لم
يرجّح الشهيدان شيئاً من ذلك. وفي «مجمع البرهان » الظاهر أنّه رخصة. وقد فرّع على ذلك في «الذكرى والروض » ما لو عيّن الرباعيات أو جمع بين الترديد والتعيين ،
وقد تقدّم الكلام في ذلك مستوفىً في ملحقات الوضوء.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ويسقط
الجهر والإخفات) كما هو قضية كلام الأصحاب. وبذلك أي السقوط صرّح في «التحرير
وإرشاد الجعفرية والغرية والميسية والروض والروضة والمسالك والمقاصد والنجيبية والرياض ».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الذخيرة»
بعد أن احتجّ للمشهور بأنّ الواجب على المكلّف الإتيان بمثل الفائت ولا يمكن نيّة
كون هذا الفعل ظهراً أو عصراً ، لأنّ الظهريّة مثلاً خصوصيّة مختصّة بالأداء ، ولا
يصدق على القضاء إلّا كونه بدلاً عن الظهر مثلاً ، فيكون مقتضى الأمر بالقضاء
إيجاب فعل مماثل للأوّل في جميع الخصوصيّات سوى نيّة كونه ظهراً مثلاً ونيّة كونه
أداء ، فبالواحدة المتردّدة بين الثلاث يحصل امتثال المكلّف ، فمن أراد إيجاب أمر
آخر احتاج إلى دليل. قال : ويشكل هذا الاحتجاج على القول بوجوب الجهر والإخفات كما
هو المشهور ، انتهى .
وردّه الاستاذ
دام ظلّه في «المصابيح» بأنّ القدر الّذي ثبت من الدليل أنّ من جهر موضع إخفات أو
أخفت موضع الجهر متعمّداً فقد أضرّ بصلاته ، وإن كان ناسياً أو لا يدري فلا يضرّ
بها أصلاً ، وما نحن فيه ليس من التعمّد بل هو داخل فيما لا يدري ، لأنّه نوع منه
وليس داخلاً في التعمّد المذكور جزماً لكونه في مقابلة السهو والنسيان وعدم
الدراية ، والحال فيه هو الحال فيما إذا فاتته متعمّداً في الجهر والإخفات وصار
المكلّف في القضاء ناسياً للجهر والإخفات أو غير عالم بوجوبهما متردّداً فيه أو
بالعكس ، فتأمّل. بل بعد ملاحظة النصّ والفتاوى يظهر ظهوراً تامّاً عدم دخوله في
التعمّد المذكور بل دخوله فيما يقابله إذ لم يثبت من فتاواهم وجوب مراعاة الجهر
والإخفات فيما لا يمكن معرفة كونه جهريّاً أو إخفاتيّاً ، بل الظاهر من فتاواهم
عدم وجوب مراعاة الجهر والإخفات في المقام حتّى من فتوى أبي الصلاح وابن حمزة ،
لأنّهما أوجبا الخمس وما أوجبا الأربع ، فظهر أنّهما راعيا قصد التعيين لا الجهر
والإخفات ، لأنّ الأربع ركعات الجهريّة والأربع ركعات الإخفاتيّة تكفي لمراعاة
الجهر والإخفات ، فإنّ الأربع ركعات بالقصد مردّدة بين كونها ظهراً أو عصراً يكفي
لمراعاة الإخفات كالأربع الاخرى بقصد كونها عشاءً. نعم وجوب قصد التعيين عند
المكلّف اقتضى وجوب الخمس بالنحو الّذي توهّما ، وذلك باطل لعدم لزوم قصد التعيين
الّذي توهّماه ، إذ الّذي
__________________
والمسافر يصلّي ثلاثاً واثنتين ،
______________________________________________________
ثبت بالدليل وجوب قصد التعيين بالنحو الّذي يتحقّق امتثال المكلّف عرفاً ،
ولمّا كانت الفائتة في المقام واحدة كفى في الامتثال قصد خصوص تلك الفائتة
المعيّنة المشخّصة واقعاً ، لصدق أنّه أتى بما طُلب منه وكُلّف به. نعم لا بدّ من
الإتيان بالهيئات المختلفة المحتملة لصدق الامتثال ، وحيث عرفت عدم وجوب مراعاة
الجهر والإخفات كفى الثلاث ، وربما كان الإتيان بالأربع أحوط من جهة مراعاتهما ،
والخمس أحوط من جهة الخروج من خلافهما ، فتأمّل جدّاً ، انتهى كلامه .
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (والمسافر
يصلّي ثلاثاً واثنتين) مطلقة إطلاقاً رباعياً كما في «التذكرة ونهاية الإحكام والمختلف والذكرى والدروس والبيان واللمعة والألفية والهلالية والجعفرية والغرية وإشاد الجعفرية والروض والروضة والمقاصد العلية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والاثنا عشرية والنجيبية» وهو المنقول عن القاضي ومذهب الأكثر كما في «التذكرة والغرية» والمشهور كما في «الذخيرة والمصابيح ». وفي «الروض» يمكن ادعاء الإجماع هنا ، لأنّ المخالف
هنا كالمخالف هناك ، انتهى .
ويسقط الجهر
والإخفات هنا كما نصّ عليه جماعة .
وقال في «السرائر»
: وأمّا المسافر إذا فاتته صلاة من الخمس ولم يدر أيّها هي فالواجب عليه أن يصلّي
الخمس صلوات. وحمل ذلك على المسألة المتقدّمة قياس وهو باطل عندنا ، ولو لا
الإجماع المنعقد على عين تلك المسألة لما قلنا به ، لأنّ الصلاة في الذمّة بيقين
ولم يورد ويجمع أصحابنا إلّا على صورة المسألة وتعيّنها في حقّ من فرضه أربع ركعات
من الحاضرين ومَن في حكمه ، فإلحاق غير ذلك قياس بغير خلاف ، وفيه ما فيه فليلحظ
ذلك .
وفي «المختلف»
أنّ القول بتكرير الثنائية هنا مع عدم القول بتكرير الرباعية هناك ممّا لا يجتمعان
، والثاني ثابت فينتفي الأوّل. وبيان عدم الاجتماع أنّ أصالة عدم براءة الذمّة
ووحدة الفائت وتساوي المتعدّدة في العدد إمّا أن يكون مقتضياً لانتفاء التكرير أو
لا يكون ، وأيّاً ما كان يلزم عدم الاجتماع ، أمّا إذا كان مقتضياً لانتفاء
التكرير فلأنّه يثبت المطلوب من انتفاء التكرير في الثنائية ، وأمّا إذا لم يكن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
مقتضياً فلوجوب التكرير في الرباعية عملاً بالاحتياط السالم عن معارضة كون
ما ذكرناه من الأوصاف علّة لانتفاء التكرير. وقال : إنّ هذا ليس بقياس. وإنّما هو
دلالة تنبيه ومفهوم موافقة ، هذا إن استدللنا بالحديث ، وإن استدللنا بالمعقول وهو
البراءة الأصلية فلا يرد عليه ما ذكر البتّة. ثمّ دعواه أنّ الصلاة في الذمّة
بيقين قلنا : إذا فعل ما ذكرناه وإذا لم يفعل ممنوع مسلّم * ثمّ دعواه أنّ البراءة
الأصلية إنّما تحصل بيقين ممنوعة أيضاً فإنّ غلبة الظنّ تكفي في العمل بالتكاليف
الشرعية إجماعاً ، انتهى فتأمّل.
ونحو ما في
المختلف قال في «الروض» وزاد عليه : أنّ الحديث ليس من قسم المتواتر بل الآحاد وهو
لا يعمل به ، والإجماع الّذي ادّعاه على الاولى إن أراد به اتفاق الكلّ فهو ممنوع
لخلاف التقي ، وإن كان لعدم اعتباره خلافه كان دليلنا هنا أيضاً الإجماع ، لأنّ
المخالف هنا كذلك .
وقد تأمّل صاحب
«المجمع والذخيرة » في كون ذلك من باب التنبيه ومفهوم الموافقة وتأمّلهما
في محلّه لاعتبار أولوية الحكم المذكور في المنطوق في المسكوت عنه كما في التأفيف
ونحوه ، كما صرّح بذلك جماعة كابن الحاجب والعضدي ، وإنّما يعتبر مفهوم الموافقة ودليل التنبيه إذا علمت
العلّة المقتضية.
__________________
(*) كذا في
نسخة الأصل ف «ممنوع» جواب «اذا» الاولى ، و «مسلّم» جواب الثانية على اللفّ
والنشر المرتّب.
__________________
ولو فاته صلوات سفر وحضر وجهل التعيين صلّى مع كلّ رباعية صلاة قصر ولو
اتحدت إحداهما.
______________________________________________________
للحكم وتعليله بها فقط في المنطوق مع وجودها في المفهوم. نعم قد يكون ذلك
مظنوناً وذلك لا يعتبر عند مانع القياس إلّا أن تكون منصوصة.
هذا ، ولعلّ
ابن إدريس عمل بالخبر لاشتهاره بين الأصحاب وعملهم به فلا يضرّ عدم تواتره ،
ولم نر من القدماء من تعرّض لمسألة المسافر في المقام غير ما نقل عن القاضي ، فلم يثبت عند ابن إدريس في ذلك إجماع فكيف
يقال : إنّ دليلنا هنا أيضاً الإجماع؟ لأنّ المخالف هنا كذلك وقد يشهد لقول ابن
إدريس اختلاف كلامي الشيخ في «المبسوط » حيث اكتفى هنا في الحاضر بثلاث وفي بحث الوضوء أوجب عليه الخمس ، وما ذاك إلّا للنصّ فكان المدار عنده
عليه ، فتأمّل جيّداً. وكيف كان فالمشهور أقوى وقول ابن إدريس أحوط كما في «المصابيح
والرياض » وتمام الكلام في المسألة قد تقدّم في ملحقات الوضوء .
[لو فات صلوات سفر
وحضر]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
فاته صلوات سفر وحضر وجهل التعيين صلّى مع كلّ رباعية صلاة قصر ولو اتّحدت إحداهما)
هذا مبنيّ على
وجوب الترتيب وظاهره اختياره. وقد تقدّم الكلام فيه عند شرح قوله : ولو نسي الترتيب ففي سقوطه نظر.
__________________
ولو ذكر العين
ونسي العدد كرّر تلك الصلاة حتى يغلب على ظنّه الوفاء.
______________________________________________________
هذا ، وفي «غاية
المراد» لو فاتته صلاتان متماثلتان كالظهرين من يومين وجهل ترتيبهما أجزأه أن يصلّي
ظهرين ينوي بالاولى منهما اولى ما في ذمّته ولا حاجة إلى التكرار. وهل يجزي في
المختلفتين المتساويتين عدداً؟ فيه احتمال ، فلو فاته ظهر وعصر صلّى أربعاً ينوي
بها اولى ما في ذمّته إن ظهراً فظهراً وإن عصراً فعصراً ثمّ صلّى أربعاً ينوي بها
ثاني ما عليه كذلك ، وإن كان معهما مغرب وسّطها بين أربع فرائض على هذا النظم
فيصلّي أربعتين مطلقتين ، ثمّ مغرباً ثمّ أربعتين مطلقتين ولو كان معهنّ عشاء وسّط
المغرب بين الستّ المطلقات ، وعلى هذا ، انتهى.
[في ما لو نسي عدد
الصلاة الفائتة]
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
ذكر العين ونسي العدد كرّر تلك الصلاة حتّى يغلب على ظنّه الوفاء)
قال في «المبسوط
والنهاية » : من فاتته صلاة واحدة مرّات كثيرة وهو يعلمها بعينها
غير أنّه لا يعلم كم مرّة فاتته صلّى من تلك الصلاة إلى أن يغلب على ظنّه أنّه
قضاها. ونحوهما عبارة «المراسم والغنية والإشارة والشرائع والتذكرة والإرشاد ونهاية الإحكام
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتحرير والموجز الحاوي وكشف الالتباس والهلالية وتعليق الإرشاد والمفاتيح ». وفيه وفي «الكفاية والذخيرة والمصابيح » أنّه المشهور. وفي «المدارك » أنّه مقطوع به في كلام الأصحاب. ونحوه ما في «المجمع » وقد يظهر من «الغنية » دعوى الإجماع عليه ، وقد سمعت فيما سلف إجماع «المختلف
».
وفي «السرائر»
فإن فاته ذلك مراراً كثيرة وأيّاماً متتابعة ولم يحصها عدداً ولا أيّاماً فليصلّ
على هذا الاعتبار ومن هذا العدد ويدمن ذلك ويكثر منه حتّى يغلب على ظنّه أنّه قد
قضى ما فاته . ونحوه ما في «جُمل العلم والمقنعة والنافع والمعتبر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والبيان والدروس واللمعة والألفية وشرحها» للكركي و «الجعفرية والغرية وإرشاد الجعفرية والروض والروضة والدرّة والاثنا عشرية والنجيبية والموجز الحاوي وكشف الالتباس » أيضاً وغيرها حيث قيل فيها : لو فاته ما لم يحصه كثرةً صلّى حتّى
يغلب على ظنّه أنّه قضى.
وقال في «التهذيب»
: أمّا ما يدلّ على أنّه يجب أن يكثر منه فهو ما ثبت أنّ قضاء الفرائض واجب وإذا
ثبت قضاؤها ولا يمكنه أن يتخلّص من ذلك إلّا بأن يستكثر منها وجب عليه الاستكثار
منها ، انتهى. وفي «الرياض» أنّه المشهور ، بل المقطوع به في كلام الأصحاب كما
في «المدارك ».
وفي «المصابيح»
أنّ مراد الجميع أنّ الاكتفاء بالظنّ حيث لا يمكن تحصيل العلم بالمجموع أو يكون
فيه حرج وعسر عادةً كما هو الحال في كثير من الصوَر الّتي اكتفي فيها بالظنّ دفعاً
للحرج لا في الصورة الّتي يتأتّى العلم بسهولة كما إذا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
علم أنّها لا تزيد على أربع ونحو ذلك. وقال : إنّ عباراتهم ظاهرة فيما
ذكرنا لو لم نقل بصراحة بعضها ، انتهى.
قلت : قال في «المقاصد
العلية» بعد موافقة الشهيد في الألفية : لو أمكنه التكرار المفيد للعلم بالوفاء من
غير عسر وجب ، وإنّما يكتفى بالظنّ عند تعذّر العلم أو تعسّره عادةً . وقال في «الروضة» : لو اشتبه الفائت بعدد منحصر عادةً
وجب قضاء ما تيقّن به البراءة كالشكّ بين عشرة وعشرين . وقال في «الروض» بعد قوله في الإرشاد : ولو نسي عدد
الفائتة المعيّنة كرّرها حتّى يغلب على ظنّه الوفاء ما نصّه : هذا إذا لم يمكنه
تحصيل اليقين وإلّا وجب كما لو علم انحصار العدد المجهول بين حاصرين فإنّه يجب
قضاء أكثر الأعداد المحتملة ، فلو قال : أعلم أنّي تركت صبحاً مثلاً في بعض الشهر
وصلّيتها في عشرة أيّام فنهاية المتروك عشرون فيجب قضاء عشرين ، انتهى. وقال في «الذخيرة» : لعلّ مراده بانحصار العدد
المجهول بين حاصرين انحصاره في عدد محصور عرفاً ، وإلّا فكلّ فرض يوجد يكون
المتروك محصوراً بين حاصرين ، انتهى. قال الاستاذ دام ظلّه : المراد من الحاصر العدد الّذي يعلم عدده
لغةً وعرفاً وعقلاً وعادةً كما يعلم اشتماله على المحصور المجهول جزماً ، ومن
المعلوم أنّه لا يوجد مجهول كذلك إلّا وله حاصر ممّا ذكر بالبديهة ، غاية ما في
الباب أنّه ربما لا يمكن تحصيل ذلك الحاصر لكونه ممّا لا يطاق فلا يجب ، فإذا كان
ممّا يمكنه تحصيله وجب تحصيلاً للبراءة. ويشير إلى ما ذكرناه ما ذكره في «الروضة».
قلت : وقد سمعته.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الميسية»
أنّ الأقوى اعتبار العلم بدخول ما تركه في ما فعله مطلقاً. وفي «الشرائع» لو فاتته
صلوات لا يعلم كميّتها ولا عينها صلّى أيّاماً متوالية حتّى يعلم أنّ الواجب دخل
في الجملة . وفي «المدارك » لا بدّ من حمل العلم هنا على ما يتناول الظنّ. وفي «نهاية
الإحكام» لو فاتته صلوات معلومة التعيين غير معلومة العدد صلّى من تلك الصلاة إلى
أن يغلب في ظنّه الوفاء ، لعدم حصول البراءة من دونه ، وكذا لو كانت واحدة غير
معلومة العدد. ويحتمل إلزامه بقضاء المشكوك فيه ، فلو قال : تركت ظهراً في بعض شهر
وصلّيتها في الباقي وأعلم أنّ الّذي صلّيته عشرة أيّام كلّف قضاء عشرين ، لاشتغال
الذمّة بالفرض فلا يسقط إلّا بيقين ، وإلزامه بقضاء المعلوم تركه ، فلو قال : أعلم
ترك عشرة وصلاة عشرة وأشكّ في عشرة كلّف العشرة المعلومة الترك بناءً على أنّ ظاهر
المسلم أن لا تفوته الصلاة . ومثله ما في «التذكرة » غير أنّه قال : فلا تحصل البراءة قطعاً إلّا بذلك.
وقال : ولو كانت واحدة ولا يعرف العدد صلّى حتّى يظنّ الوفاء ، ويحتمل هنا أمران :
إلزامه بقضاء المشكوك .. إلى آخر ما في «نهاية الإحكام» فزاد في «التذكرة» بعد
قوله : «ويحتمل» لفظة «هنا» وقد جعل الاستاذ ذلك دليلاً على فرقه بين الواحدة والأكثر ولم يفرّق في «التحرير
» بين الفرضين أصلاً.
وبالاحتمال
الأخير حكم في «مجمع البرهان » واستوجهه صاحب «المدارك
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والذخيرة » وكذا صاحب «المفاتيح » وأيّدوه بقوله عليهالسلام في حسنة زرارة والفضيل : «متى ما استيقنت أو شككت في
وقت صلاة أنّك لم تصلّها أو في وقت فوتها أنّك لم تصلّها صلّيتها وإن شككت بعد ما
خرج وقت الفوت وقد دخل حائل فلا إعادة عليك من شكّ حتّى تستيقن ، وإن استيقنت
فعليك أن تصلّيها في أيّ حال كنت » ويأتي ما في الاستدلال بهذا الخبر.
وفي «الذكرى»
لو فاته ما لم يحصه قضى حتّى يغلب على الظنّ الوفاء تحصيلاً للبراءة ، فعلى هذا لو
شكّ بين عشر صلوات وعشرين قضى العشرين ، إذ لا تحصل البراءة المقطوعة إلّا به مع
إمكانها إلى أن قال : وكذا الحكم لو علم أنّه فاتته صلاة معيّنة أو صلوات معيّنة
ولم يعلم كمّيتها فإنّه يقضي حتّى يتحقّق الوفاء ولا يبني على الأقلّ إلّا على ما
قاله الفاضل ، انتهى كلامه فتأمّل فيه. وقد نسب إليه جماعة اعتبار العلم وعدم اعتبار الظنّ فتأمّل.
وقال في «مجمع
البرهان» : قال في الذكرى : إنّه إذا شكّ أنّه لم يصلّ وخرج الوقت لم يلتفت. وهنا
قال بالقضاء حتّى يتيقّن ، ففي كلاميه منافاة ، فإنّ الأوّل يقتضي الاكتفاء هنا
أيضاً بقضاء ما تيقّن من العدد ، انتهى ما في المجمع. وقال في «الرياض» : إنّ في
المدارك ما يشعر بدعوى الإجماع على اعتبار الظنّ ، فإن تمّ وإلّا كان الرجوع إلى
الاصول لازماً ، ومقتضاها القضاء حتى يحصل العلم ، وبه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أفتى الشهيد الثاني في الروض في بعض الصوَر وفاقاً للذكرى ، انتهى.
وقد سمعت ما في
«الروض» وقال فيه أيضاً : واعلم أنّ الاكتفاء بغلبة الظنّ في قضاء الفريضة لم نجد
به نصّاً على الخصوص والظاهر من الجماعة أيضاً أنّه لا نصّ فيه . ومثله ما في «المدارك والذخيرة ومجمع البرهان » من عدم الوقوف في ذلك على نصّ ، وقالوا : إنّ الشيخ في
التهذيب احتجّ عليه بالأخبار الدالّة على استحباب قضاء ما يغلب على الظنّ فواته من
النوافل.
وفي «الذكرى»
بعد أن ذكر خبري عبد الله بن سنان ومرازم قال : وبهذين الخبرين احتجّ الشيخ على أنّ مَن عليه فرائض لا يعلم كمّيتها
يقضي حتّى يغلب الوفاء من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى ، انتهى.
وقد اعترض على
الشيخ في «روض الجنان » بأنّ النوافل أدنى مرتبة من الفرائض فلا يلزم من
الاكتفاء فيها بالظنّ الاكتفاء في الفرائض بذلك.
وأجاب عنه في «مجمع
البرهان» بأنّ مقصود الشيخ أنّه إذا كان في قضاء النافلة الغير المحصورة لا بدّ من
حصول الظنّ بفعلها حتى تبرأ ذمّته منها ، ففي الفريضة لا بدّ من ذلك بالطريق
الأولى وكأنّه يريد دفع احتمال الاكتفاء بقضاء ما تيقّن فوته لا أنّه إذا كان
الظنّ في النافلة كافياً ففي الفريضة أولى. ثمّ قال : ويمكن أن يقال : لا يلزم من
التكليف بأمر شاقّ في الجملة استحباباً التكليف به
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في الفرائض بالطريق الأوّل ، لأنّ الاختيار في الاولى إلى الفاعل بخلاف
الثاني فإنّه على سبيل الإيجاب .
وقال الاستاذ
في «المصابيح» يمكن أن يقال : إنّه بملاحظة الأخبار تظهر الأولوية المذكورة ، وذكر
صحيحة محمّد بن مسلم عن الباقر عليهالسلام قال : قلت : رجل مرض .. الحديث ، وما ورد في الأخبار من مباهاة الربّ تعالى ملائكته ، وقولهم عليهمالسلام : «لو صلحت النافلة لتمّت الفريضة » وخبر سعد بن أبي عمر الجلّاب وقول الباقر عليهالسلام في خبر زرارة «إنّما يقبل النافلة بعد قبول الفريضة ،
وإنّما جعلت النافلة ليتمّ بها ما أفسد من الفريضة » قال : إلى غير ذلك من الأخبار الّتي يظهر دلالتها على
ما ذكرناه بالتأمّل ويؤيّده الاعتبار ، انتهى حاصل كلامه فتأمّل. وفي «المدارك
والذخيرة » اعتراضات وأجوبة أعرضنا عنها لدخولها فيما ذكرناه.
وقال الاستاذ دام
ظلّه في «المصابيح» : الاكتفاء بغلبة الظنّ فيما لا يمكن فيه تحصيل اليقين هو
الأصل والقاعدة في جميع المقامات وبناء الفقه على ذلك بلا شبهة بل هو اسّ الاجتهاد
وأساسه ، مضافاً إلى الاستصحاب في الجملة ، لأنّ هذا القدر من جملة ما كان واجباً
عليه إلى تحصيل اليقين وعدم التمكّن منه لا يرفع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
هذا القدر ، ورفع اليد عن القدر المظنون ترجيحٌ للمرجوح على الراجح ، وهو
غير جائز عقلاً فلا يجوز شرعاً. وقال في الردّ على ما استوجهه في «الذخيرة» كما
عرفت : أنّ المكلّف حين علم بالفوات صار مكلّفاً بقضاء هذه الفائتة قطعاً وكذلك
الحال في الفائتة الثانية والثالثة وهكذا ، ومجرّد عروض النسيان بعد ذلك كيف يرفع
الحكم الثابت من الإطلاقات والاستصحاب بل والإجماع أيضاً؟ وأيّ شخص يحصل منه
التأمّل في أنّه إلى ما قبل صدور النسيان كان مكلّفاً وأنّه بمجرّد النسيان يرتفع
التكليف الثابت وإن أنكر حجّية الاستصحاب؟ فهو يسلّم أنّ الشغل اليقيني يستدعي
الفراغ اليقيني مهما أمكن وإن وقع الإجمال وتعدّد الاحتمال في ذلك الواقعي ، ولا
يخرج عن ذلك بمجرّد الاحتمال مع إمكان الخروج عن العهدة بارتكاب الاحتمالات
المحصّلة لليقين ، والأصل إنّما يكون حجّة في الموضع الّذي لا يكون دليل على
التكليف. نعم في الصورة الّتي يقع للمكلّف علم إجمالي باشتغال ذمّته بفوائت
متعدّدة يعلم قطعاً تعدّدها لكن لا يعلم مقدارها ، فإنّه حينئذٍ يمكن أن يقال : لا
نسلّم تحقّق العلم بأزيد من القدر الّذي تيقّنه إن كان مرّتين فذاك وهكذا ، وقد
عرفت أنّ كلامهم إنّما هو في صورة عدم إمكان تحصيل اليقين عادةً وكلام الشيخ في «التهذيب»
صريح في ذلك حيث قال : ولا يمكن التخلّص .. إلى آخره. والحاصل أنّ المكلّف إذا حصل
القطع باشتغال ذمّته بمتعدّد والتبس ذلك عليه كمّاً وأمكنه الخروج عن عهدته فالأمر
كما أفتى به الأصحاب وإن لم يحصل ذلك بأن يكون ما علم به خصوص اثنتين أو ثلاث
مثلاً ، وأمّا أزيد من ذلك فلا بل احتمال احتمله ، فالأمر كما ذكره في الذخيرة.
ومن هنا لو لم يعلم بتعدّد أصلاً في فائتة بأن علم أنّ صلاة صبح يومه فاتت وأمّا
غيرها فلا يعلم ولا يظنّ فوته أصلاً فليس عليه إلّا الفريضة الواحدة وإن احتمل فوت
ذلك الغير وشكّ فيه ، لكونه شكّاً في فعل الفريضة بعد خروج وقتها والمنصوص أنّه
ليس عليه قضاؤها بل لعلّه المفتى به. والنصّ هو حسنة زرارة والفضيل السابقة ، ولا
خفاء في كونها معمولاً بها
.................................................................................................
______________________________________________________
عند الكليني بل الشيخ أيضاً انتهى كلامه.
وما أيّدوه به
من الحسنة فالمتبادر منها هو الشكّ في ثبوت أصل القضاء في الذمّة وعدمه ، ونحن
نقول بحكمه الّذي فيه ولكنّه غير ما نحن فيه وهو الشكّ في مقدار القضاء بعد القطع
بثبوت أصله في الذمّة واشتغالها به مجملاً ، والفرق بينهما واضح.
ثمّ إنّه في «المصابيح»
نقل عبارة التذكرة وقال : إنّ احتماله إلزامه بقضاء المعلوم ليس في الصورة الّتي
أفتى المشهور فيها بأنّه يقضي حتّى يغلب على ظنّه الوفاء ، وقد ادّعى القطع
بانحصار حصول البراءة فيما أفتى به وهو والشيخ وغيرهما يقولون بأنّه يصلّي حتّى
يغلب في ظنّه الوفاء بل صريح كلامه في التذكرة أنّ الاحتمال المذكور في الصورة
الّتي يتيسّر حصول الحاصر اليقيني كما يتيسّر حصول العلم بالأقلّ الّذي هو القدر
اليقيني لا أزيد منه ، فجعل هذا الاحتمال في خصوص هذه الصورة. وينادي بما ذكرناه
عبارة الذكرى ، وذكرها كما سمعتها ، ثمّ قال : وهي صريحة في أنّ غلبة الظنّ إنّما
تعتبر في الصورة الّتي تكون الفائتة قدراً لا يحصيها ولا يمكن تحصيل البراءة
المقطوعة حينئذٍ وإلّا كان تحصيلها واجباً كما في الشكّ بين العشرة والعشرين ، وفي
قوله «فعلى هذا .. إلى آخره» تنبيه على أنّ ما أفتى به الأصحاب هو الصورة المشكلة
الّتي يظهر منها حال غير المشكلات ، ولهذا لم يتعرّضوا لها صريحاً فتدبّر ، انتهى كلامه.
وأنت قد سمعت
عبارة «التذكرة والذكرى ونهاية الإحكام » وما في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المختلف » في المسألة المتقدّمة من أنّ غلبة الظنّ تكفي في العمل
بالتكاليف الشرعيّة إجماعاً وقد ردّ بهذا الكلام على ابن إدريس حيث أوجب الخمس على المسافر فارجع إليها حتّى تعرف
الحال. وقد سمعت عبارة «المبسوط والنهاية» وغيرهما ممّا نقلناه برمّته ونحن نتلو عليك باقي عباراتهم واحدة فواحدة
لتعرف أنّ مرادهم هل هو الاكتفاء بالظنّ وإن أمكن العلم من دون عسر؟ أو أنّ ذلك
إنّما هو معه؟
قال في «المقنعة»
: مَن فاتته صلوات كثيرة لم يحص عددها ولا يعرف أيّها هي من الخمس صلوات أو كانت
الخمس بأجمعها فائتة له مدّة ولا يحصيها فليصلّ أربعاً وثلاثاً واثنتين في كلّ وقت
لا يتضيّق لصلاة حاضرة ، وليكثر من ذلك حتّى يغلب على ظنّه أنّه قضى ما فاته وزاد
عليه ، انتهى. وقد سمعت عبارة «التهذيب ». وفي «جُمل العلم» ومن لم يحص ما فات كثرة من الصلاة
فليصلّ اثنتين وثلاثاً وأربعاً ويدمن ذلك حتّى يغلب على ظنّه أنّه قد قضى الفائت . وفي «المراسم» إذا فاتته الخمس في أيّام لا يعلم عددها
يجب عليه أن يصلّي مع كلّ صلاة صلاة حتّى يغلب على ظنّه أنّه قد وفى .
وفي «المبسوط والتذكرة ونهاية الإحكام » عبارة اخرى وهي : لو علم ترك صلاة واحدة من كلّ يوم
ولا يعلم عددها ولا عينها صلّى اثنتين وثلاثاً وأربعاً
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
مكرّراً حتّى يظنّ الوفاء. وفي «الغنية» من فاته من الصلاة ما لم يعلم
كمّية لزمه أن يقضي صلاة يوم بعد يوم حتّى يغلب على ظنّه الوفاء . وفي «الإشارة» هو مثل المقضيّ وبحسبه فما فات من صلاة
جهر وإخفات وإتمام أو قصر قضاه على ما فاته إن علمه محقّقاً له ، وإلّا على غالب
ظنّه . وفي «الشرائع» لو فاته من ذلك مرّات لا يعلمها قضى حتّى يغلب على ظنّه
أنّه وفى. وفيها أيضاً : إذا فاتته صلاة معيّنه ولم يعلم كم مرّة كرّر من تلك
الصلاة حتّى يغلب عنده الوفاء . وفيها عبارة اخرى قد سمعتها . وفي «الإشارة» عبارة اخرى غير ما سمعتها وهي : ولو نسي
الكمّية والتعيين صلّى أيّاماً متوالية حتّى يغلب على ظنّه دخول الفائت. وفيه
عبارة اخرى وهي : ولو تعدّدت قضى كذلك يعني ثلاثاً ثلاثاً واثنتين اثنتين حتّى
يغلب على ظنّه الوفاء . ومثله في بعضها ما في «التحرير ».
وفي «الموجز
الحاوي وكشف الالتباس » لو فاته ما لم يحصه يجزي ظنّ البراءة ، ولو علم فائتة
متعدّدة كرّرها حتّى يغلب الوفاء. وفي «الهلالية» لو علم تعدّد الفائتة الواحدة أو
الاثنتين وجهل العدد والعين صلّى كذلك حتّى يغلب على ظنّه الوفاء ، ولو نسي عدد
المعيّنة كرّرها حتّى يغلب الوفاء ، ولو نسي الكمّية والتعيين صلّى أيّاماً
متوالية حتّى يعلم دخول الواجب في الجملة.
وهذه العبارات
يُفهم من كثير منها أنّه يكتفى بالظنّ مع التمكّن من العلم وإن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
لم يكن فيه مشقّة وعسر. ويرشد إلى ذلك أنّ مَن قال منهم بوجوب الترتيب قال
بعد هذه العبارات : ولو نسي الترتيب كرّر حتّى يحصله أو يعلمه ، وهذا أعدل شاهد
على ما ذكرنا ، والظاهر من «مجمع البرهان » أنّه فهم منهم ذلك. وفي «المدارك » بعد قوله في الشرائع : حتّى يغلب على ظنّه الوفاء :
هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ، وسياق كلامه يدلّ على أنّه فهم ما ذكرنا.
وكذا صاحب «الذخيرة والمفاتيح » فإنّهما نسبا ذلك إلى المشهور. ففي «المفاتيح» لو فاته
من ذلك مرّات لا يعلمها فالمشهور أنّه يقضي حتّى يغلب على ظنّه الوفاء. ومثله ما
في «الكفاية والذخيرة». وأوضح منهما عبارة «الرياض ».
وأمّا العبارات
الّتي فيها «لو فاته ما لم يحصه» فقد سمعت جملةً منها نقلاً برمّته وبعضاً بمعناه من دون تفاوت ،
والظاهر أنّه لا تفاوت بينها وبين ما سلف ، ويرشد إلى ذلك أنّه في «الرياض» قال
بعد قوله في النافع : لو فاته من الفرائض ما لم يحصه عدداً قضى حتّى يغلب على ظنّه
الوفاء ما نصّه : على المشهور المقطوع به في كلام الأصحاب كما في المدارك مشعراً
بالإجماع فإن تمّ وإلّا كان الرجوع إلى الاصول لازماً ، ومقتضاها القضاء حتّى يحصل
العلم بالوفاء تحصيلاً للبراءة اليقينية عمّا تيقّن ثبوته في الذمّة مجملاً ، انتهى ، فتراه لم يفرق بين عبارة الشرائع والنافع
وكلامه صريح فيما ذكرناه.
وفي «الإثنا
عشرية والنجيبية» وإن أمكنه بلوغ العلم كان أولى ، وقد عبّرا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بأنّه إذا فاته ما لم يحصه قضى حتّى يغلب الظنّ. وقد سمعت ما في «الميسية».
وما المانع من
الاكتفاء بالظنّ في المقام وإن أمكن العلم من دون مشقّة موافقة لإطلاقات الأصحاب
وإطباقهم على ذلك ، بل هو صريح بعضهم بملاحظة القرائن كما أشرنا إليه وهو خيرة
الاستاذ الشريف دام ظلّه العالي ، وتأويل كلامهم كما في «الروض والمقاصد » وغيرهما «كالمصابيح » بعيد وإن قضت به القاعدة ، فليتأمّل جيّداً.
هذا واعلم أنّه
لو شكّ في فعل الفريضة قبل خروج وقتها وجب الإتيان بها لاقتضاء شغل الذمّة ذلك
ولحسنة زرارة والفضيل السابقة . ولو حصل له الظنّ بالعدم فأولى بالإعادة ، وأمّا إذا
حصل له الظنّ بالفعل فهل يجب الفعل تحصيلاً للبراءة اليقينية إلّا أن يكون كثير
الظنّ؟ أم يكفي الظنّ مطلقاً لما مرّ في حسنة زرارة والفضيل ولأنّ الصلاة ليست
إلّا الركعات المعلومة والأجزاء المجتمعة المعروفة وقد عرفت في مبحثها أنّ الظنّ
كافٍ في الامتثال والبناء على تحقّقها ويؤيّده ما اشتهر من أنّ المرء متعبّد بظنّه
وظهور كون الغالب كذلك ولعلّه كذلك عند الفقهاء؟ كذا قال الاستاذ دام ظلّه.
وعلى هذا ، لو
وقع ذلك خارج الوقت فالاكتفاء به يكون بطريق أولى خصوصاً على رأي المشهور من كون
القضاء بفرضٍ جديد والأصل براءة الذمّة حتّى يتحقّق العلم بالتكليف ، ودخوله في
عموم قولهم عليهمالسلام «من فاتته فريضة »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
محلّ تأمّل ، مع أنّه ربّما يكون عدم الاكتفاء به موجباً للعسر والحرج ،
وقوله عليهالسلام في الحسنة : «لا إعادة عليك من شكّ حتّى تستيقن» وكذا
قوله : «فإن استيقنت .. إلى آخره» في غاية الظهور في ذلك. ولعلّ الإعادة
أحوط إن لم يوجب العسر والحرج ولا سيّما في الصورة الاولى وهو ما لو وقع قبل خروج
الوقت إن لم يستشكل في تركها حينئذٍ.
وممّا ذكر يظهر
الحال فيما إذا ظنّ عدم فعلها خارج الوقت فإنّه يجب عليه القضاء ، لأنّ المظنون
راجح والفعل موهوم مرجوح وترجيح المرجوح قبيح غير جائز عقلاً وشرعاً ، وخروج الوقت
لا يرفع القبح وشغل الذمّة ، مع أنّه يصدق عليه أنّه فاتته فريضة فليقضها ، وهذا
أمرٌ جديد إن قلنا باحتياجه إلى أمرٍ جديد. ويرشد إلى أنّ مظنون الفوات يصدق عليه
أنّه فائت حكمهم على من شكّ بين فوات عشر صلوات وعشرين أنّه يجب عليه قضاء العشرين
، وفي ذلك شهادة من وجهين ، وقضية ذلك أنّه يجب عليه قضاء ما شكّ في فعله لو لا
الحرج والضيق. وفي «المختلف» الإجماع على أنّ غلبة الظنّ تكفي في العمل بالتكاليف
الشرعيّة ، مضافاً إلى القاعدة المسلّمة من أنّ الشغل اليقيني
يستدعي الفراغ اليقيني مهما أمكن من دون عسر ، وبعد وجود سبب الوجوب حصل الشغل
والأصل عدم الفعل وعدم الفراغ وإن عارضهما أصل عدم إخلال المسلم بواجب ، فهو مع
أنّه غير جار في صورة الغفلة والنسيان مقطوع بما اشتهر من أنّ المرء متعبّد بظنّه
وبإجماع المختلف. وإذا فات هذا الأصل ثبت الفوات ، ولم يبق لعدم احتمال القضاء
إلّا أنّه يحتاج إلى أمرٍ جديد والأمر ثابت بقوله عليهالسلام «من فاتته» وهو عامّ لغةً فيتناول حالة الظنّ في صدق الفوات ، فليتأمّل في
المقام لدقّته ، على أنّ ظاهر كلام الاستاذ أنّ هناك من يتأمّل في عدم القضاء فيما
إذا حصل الظنّ بالفعل ويحتاطون بالقضاء.
__________________
ولو نسيهما معاً صلّى أيّاماً يغلب معها الوفاء. ولو علم تعدّد الفائت
واتّحاده دون عدده صلّى ثلاثاً وأربعاً واثنتين إلى أن يظنّ الوفاء.
______________________________________________________
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
نسيهما معاً صلّى أيّاماً)
حتّى (يغلب معه الوفاء)
هذا يعلم حاله
ممّا سبق. وفي «التحرير والدروس » لو كانت الفائتة غير معلومة العين والعدد صلّى الحاضر
صبحاً ومغرباً ورباعية متردّدة. وفي «الدروس » والمسافر مغرباً وثنائية. وفي «الألفية والموجز الحاوي وكشف الالتباس والهلالية والجعفرية وشرحيها وشروح الألفية والروضة » أنّ المشتبه يقضي ثنائية مطلقة ورباعية مطلقة ومغرباً.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ولو
علم تعدّد الفائت واتحاده دون عدده صلّى ثلاثاً وأربعاً واثنتين إلى أن يظنّ
الوفاء) قال في «جامع المقاصد » : صورة هذه المسألة أن يقول : أنا أدري أنّه فاتت منّي
صلاة واحدة ، وهذا معنى قوله «واتحاده» وأدري أنّ تلك الصلاة فاتت مراراً كثيراً
وهذا معنى
__________________
الخامس
: لو سكر ثمّ جنّ
لم يقض أيّام جنونه ، وكذا لو ارتدّ ثمّ جنّ ، ولو ارتدّت أو سكرت ثمّ حاضت لم تقض
أيّام الحيض.
السادس
: يستحبّ تمرين
الصبي بالصلاة إذا بلغ ستّ سنين ، ويُطالَب بها إذا بلغ تسعاً ، ويُقهر عليها إذا
كمُل مكلّفاً.
______________________________________________________
قوله : «ولو
علم تعدّد الفائت» ، وقال ما أدري كم مرّه فاتت وهذا معنى قوله : دون عدده ، وحكمه
يعرف ممّا سبق.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (لو
سكر ثمّ جنّ .. إلى آخره)
قد تقدّم
الكلام في ذلك في صدر هذا المبحث ، كما تقدّم الكلام مستوفىً بما لا مزيد عليه في
عبادة الصبي في بحث المواقيت ، وقد أسبغنا فيها الكلام وأشبعناه بما لم يوجد في
كتاب.
__________________
فهرس الموضوعات
الفصل الثالث : في
الكسوف..................................................... ٥
المطلب الأول : في
ماهيّتها........................................................ ٥
في أنّها هل هي ركعتان
أو عشر؟................................................... ٦
في كيفيّة صلاة الكسوف.......................................................... ٨
في وجوب الحمد في صلاة
الكسوف وعدمه.......................................... ٩
فيما لو قرأ بعض
السورة في الركعة الأُولى........................................... ١١
هل يجوز إعادة الحمد
مع تبعيض السورة أو لا؟..................................... ١٢
هل يجب القيام وقراءة
البعض الذي قرأ عند قراءة البعض؟........................... ١٣
فيما لو قرأ من موضع
آخر منها أو سورة اُخرى؟.................................... ١٤
هل تجب سورة كاملة في
مجموع الركوعات الخمسة؟.................................. ١٧
هل يجوز قراءة سورتين
أو ثلاث في الركوعات الخمسة؟............................... ١٨
هل يجوز قراءة سورة
وبعض من غيرها؟............................................ ١٩
في استحباب الجماعة في
صلاة الكسوف.......................................... ٢١
استحباب إطالة صلاة
الكسوف بقدره............................................ ٢٣
هل إطالة الصلاة في
الكسوفين بمقدار واحد؟...................................... ٢٥
حكم إعادة الصلاة مع
بقاء الكسوف............................................ ٢٥
حكم مساواة طول الركوع
مع القراءة زماناً.......................................... ٢٩
حكم مساواة طول السجود
مع القراءة زماناً........................................ ٣٠
استحباب قراءة السوَر
الطوال مع سعة الوقت....................................... ٣٢
في استحباب التكبير
عند الانتصاب من الركوعات.................................. ٣٣
في استحباب القنوت في
كلّ مزدوج............................................... ٣٤
فيما لو أدرك الإمام
في غير ركوع الركعة الأُولى...................................... ٣٦
المطلب الثاني : في
موجبات صلاة الآيات.......................................... ٤١
وقت صلاة الكسوفين.......................................................... ٥٠
وقت صلاة الرياح
والظلمة الشديدة............................................... ٥٥
وقت صلاة الزلزلة.............................................................. ٦١
في فورية صلاة الآيات
وعدمها.................................................... ٦٤
فيما لو قصر الزمان عن
أقلّ الصلاة الواجب....................................... ٦٧
فيما لو خرج الوقت في
الأثناء.................................................... ٧٠
فيما لو جهل المكلّف
الكسوفين.................................................. ٧٦
فيما لو علم بالكسوفين
بعد انقضائهما............................................ ٧٦
فيما لو جهل غير
الكسوفين من الآيات........................................... ٨٤
حكم الناسي والمفرط في
صلاة الآيات............................................. ٨٦
حكم اجتماع صلاة
الحاضرة وأحد الكسوفين....................................... ٩٣
حكم اجتماع صلاة
الكسوف مع النافلة......................................... ١١٠
في جواز صلاة الكسوف
على الراحلة وعدمه..................................... ١١٣
الفصل الرابع : في
صلاة النذر.................................................. ١١٦
اتحاد شرائط صلاة
النذر مع اليومية.............................................. ١١٦
في لزوم وفاء الناذر
بقيد المكان والزمان إذا كانا ذا مزيّة............................. ١١٧
القول باشتراط المزيّة
في المكان دون الزمان........................................ ١٢٣
وجوب الكفّارة والقضاء
لو أوقعها في غير الزمان والمكان المقيّدين..................... ١٢٧
حكم مَن فعلها فيما هو
أزيد مزيّةً من الزمان والمكان المقيّدين........................ ١٢٨
وجوب الوفاء بالنذر لو
قيّده بعدد............................................... ١٣٠
وجوب التسليم بين كلّ
ركعتي عدد الصلاة المنذورة................................. ١٣١
حكم ما لو اشترط
الناذر أربعاً بتسليمة.......................................... ١٣٢
حكم ما لو شرط الناذر
خمساً بتسليمة.......................................... ١٣٣
حكم ما لو نذر ولم
يعيّن العدد................................................. ١٣٥
حكم ما لو قيّد النذر
بقراءة أو تسبيح معيّن...................................... ١٤٠
حكم ما لو نذر العيدين
أو الاستسقاء في وقتهما................................. ١٤٣
حكم ما لو نذر الفريضة
اليومية................................................ ١٤٦
حكم ما لو نذر صلاة
الليل.................................................... ١٤٨
حكم ما لو نذر النافلة
على الراحلة............................................. ١٤٩
حكم ما لو نذر النافلة
جالساً أو مستدبراً........................................ ١٥٠
في أنّ صلاة اليمين
والعهد كالنذر............................................... ١٥٢
الفصل الخامس : في
النوافل.................................................... ١٥٤
الأول : صلاة
الاستسقاء...................................................... ١٥٤
في استحباب الاستسقاء....................................................... ١٥٤
في أنّ كيفية
الاستسقاء كالعيد.................................................. ١٥٥
في اعتبار صوم ثلاثة
أيّام في الاستسقاء.......................................... ١٥٨
اعتبار الخروج إلى
الصحراء في الاستسقاء......................................... ١٦٠
استحباب خروج الشيوخ
والأطفال والعجائز...................................... ١٦١
استحباب التفريق بين
الأطفال وأُمّهاتهم.......................................... ١٦٤
استحباب تحويل الرداء
للإمام بعد الصلاة........................................ ١٦٥
استحباب التكبير
والتسبيح والتهليل والتحميد..................................... ١٧١
استحباب متابعة
المأمومين للإمام في الأذكار كلّها................................. ١٧٤
ممّا يعتبر في
الاستسقاء الخطبة................................................... ١٧٧
في محلّ الخطبة................................................................ ١٨٠
استحباب المبالغة في
التضرّع.................................................... ١٨٢
استحباب تكرار الخروج
للاستسقاء لو لم تمطر.................................... ١٨٣
في وقت الخروج
للاستسقاء..................................................... ١٨٤
فروع مختصرة كثيرة............................................................ ١٨٥
الثاني : في نافلة شهر
رمضان................................................... ١٨٦
في عدد نافلة شهر
رمضان..................................................... ١٩٥
الثالث : صلاة ليلة
الفطر...................................................... ٢١٠
في كيفيّة صلاة ليلة
الفطر...................................................... ٢١٠
الرابع : صلاة يوم
الغدير....................................................... ٢١١
نقل كلام الحلبي وما
يتضمّن من الأحكام......................................... ٢١٢
لزوم الخطبة في صلاة
الغدير وتعريف فضل يومه فيها............................... ٢١٧
الخامس : صلاة ليلة
النصف من شعبان......................................... ٢١٩
السادس : صلاة ليلة
النصف من رجب والمبعث.................................. ٢٢٠
السابع : صلاة فاطمة (عليها
السلام) في أوّل ذي الحجّة.......................... ٢٢٢
الثامن : صلاة يوم الغدير
في الرابع والعشرين...................................... ٢٢٢
التاسع : في صلاة أمير
المؤمنين (عليه السلام).................................... ٢٢٣
في اتّحاد صلاة عليّ (عليه
السلام) مع صلاة فاطمة (عليها السلام) وعدمه........... ٢٢٤
العاشر : صلاة جعفر بن
أبي طالب............................................. ٢٢٧
في جواز أن تحسب صلاة
جعفر من صلاة الليل................................... ٢٣٦
الحادي عشر : صلاة
الغفيلة وكيفيّتها............................................ ٢٣٨
الثاني عشر : صلاة
اُخرى...................................................... ٢٤٢
الثالث عشر : الصلاة
الكاملة يوم الجمعة وكيفيّتها................................ ٢٤٣
الرابع عشر : صلاه
الأعرابي.................................................... ٢٤٤
الخامس عشر : صلاة
الحاجة................................................... ٢٤٥
السادس عشر : صلاة
الشكر.................................................. ٢٤٦
السابع عشر : صلاة
الاستخارة................................................. ٢٤٧
في معاني الاستخارة
المستفادة من الأخبار......................................... ٢٤٩
في الاستخارة بالرقاع........................................................... ٢٥١
في الاستخارة بالمصحف....................................................... ٢٥٦
في الفرق بين التفأّل
والاستخارة................................................. ٢٥٧
الاستخارة بالسبحة
والحصى.................................................... ٢٥٩
الاستخارة بالإلهام
والمشاورة..................................................... ٢٦١
الاستخارة بالدعاء
المجرّد........................................................ ٢٦٢
الاستخارة المنسوبة
إلى الحجّة (عليه السلام)...................................... ٢٦٣
الاستخارة نيابةً عن
الغير....................................................... ٢٦٤
الثامن عشر : في صلاة
الزيارة والتحيّة والإحرام.................................... ٢٦٦
المقصد
الرابع : في التوابع
الفصل الأوّل : في
السهو...................................................... ٢٦٨
المطلب الأوّل : فيما
يوجب إعادة الصلاة........................................ ٢٦٨
في معنى السهو والفرق
بينه وبين الشكّ والغفلة.................................... ٢٦٨
بطلان الصلاة بالإخلال
بواجبها عمداً........................................... ٢٧١
في إلحاق جاهل النجاسة
بالعامد إلاّ في موارد..................................... ٢٧٩
فيما يوجب إعادة
الصلاة...................................................... ٢٨٣
ما استثني في كلامهم
من أصالة الركنية بالمعنى المشهور.............................. ٣٠٠
المطلب الثاني : فيما
يوجب التدارك.............................................. ٣٣٧
فيما إذا سها عن فعل
من الصلاة وهو في محلّه.................................... ٣٣٧
فيما إذا علم إتيان ما
أتى من المشكوك في محلّه................................... ٣٣٩
في معنى المحلّ الّذي
يجب فيه إتيان المشكوك...................................... ٣٥٠
ما يوجب سجدتي السهو...................................................... ٣٥٥
فيما لا يوجب سجدتي
السهو.................................................. ٣٦٩
المطلب الثالث : فيما
يقال إنّه لا حكم له....................................... ٣٩٧
في عدم السهو في السهو....................................................... ٤٠٣
في مَن كثر سهوه.............................................................. ٤٢٨
ذكر فروع كثيرة في
السهو...................................................... ٤٥١
في شكّ الإمام
والمأموم......................................................... ٤٥٣
في الشكّ في عدد
النافلة....................................................... ٤٧٣
المطلب الرابع : فيما
يوجب صلاة الاحتياط...................................... ٤٧٨
فيما إذا تذكّر
النقصان بعد إتيان الاحتياط....................................... ٥١٤
فيما إذا تذكّر
النقصان في أثناء الاحتياط........................................ ٥١٧
فروع كثيرة حول صلاة
الاحتياط................................................ ٥٢٦
فيما إذا لم يدر أنّ
قيامه لأيّ واحدة من الركعات.................................. ٥٢٩
فيما إذا ظنّ بأحد الطرفين..................................................... ٥٣٣
فروع : ما يعتبر في
صلاة الاحتياط.............................................. ٥٤١
حكم تخلّل الحدث بين
الصلاة واحتياطها........................................ ٥٤٥
حكم تخلّل الحدث بين
الصلاة وما يقضى عنها................................... ٥٥٣
فيما لو زاد ركعةً
ناسياً......................................................... ٥٥٥
فيما لو شكّ في
الثنائية ثمّ تذكّر................................................. ٥٥٥
فيما لو اشترك السهو
بين الإمام والمأموم.......................................... ٥٥٥
فيمن وجب عليه سجدتي
السهو................................................ ٥٥٥
فيما يعتبر في سجدتي
السهو................................................... ٥٥٦
في محلّ إتيان سجدتي
السهو.................................................... ٥٧٣
فيما إذا نسي السجدتين
في محلّهما.............................................. ٥٧٥
فيما إذا تعدّد موجب
السهو أو السبب.......................................... ٥٨٠
في السجدة المنسية
وشروطها................................................... ٥٨١
الفصل الثاني : في
القضاء...................................................... ٥٨٣
المطلب الأوّل : في
سبب القضاء................................................ ٥٨٣
عدم وجوب القضاء على
الصغير والمجنون......................................... ٥٨٣
عدم وجوب القضاء على
المغمى عليه............................................ ٥٨٦
عدم وجوب القضاء على
الحائض والنفساء....................................... ٥٩٢
عدم وجوب القضاء على
العاجز عن الطهارة...................................... ٥٩٤
في سقوط القضاء عن
الكافر الأصلي............................................ ٥٩٦
في وجوب القضاء على من
أخلّ بالفريضة........................................ ٦٠٣
حكم مَن ترك الصلاة أو
بعضها مستحلاًّ........................................ ٦٠٧
حكم التارك غير
المستحلّ...................................................... ٦٠٩
المطلب الثاني : في
الأحكام.................................................... ٦١٢
تبعية القضاء للأداء
في وجوبه وندبه............................................. ٦١٢
استحباب الصدقة لقضاء
كلّ ركعتين............................................ ٦١٤
في وقت قضاء الفائتة
ونقل الأقوال فيه........................................... ٦١٥
القول الأول : في قضاء
الفائتة المواسعة........................................... ٦١٦
القول الثاني : في
قضاء الفائتة المضايقة........................................... ٦٣٠
استدلال الشارح على
المواسعة.................................................. ٦٤٢
وجوب توافق المقضيّة
مع الفائتة................................................. ٦٤٨
عدم وجوب التوافق في
كيفيّة صلاة الخوف....................................... ٦٥٢
في وجوب الترتيب في
قضاء الفائتات............................................ ٦٥٥
فروع : فيما لو نسي
الترتيب بين الفائتات....................................... ٦٥٧
لا ترتيب بين الفرائض
اليومية وغيرها............................................ ٦٦٥
وجوب الترتيب بين
صلوات الاحتياط بتعدّد موجبها............................... ٦٦٦
فيما لو نسي الحاضر
تعيين الفائتة الواحدة........................................ ٦٦٨
في سقوط الجهر
والإخفات عن الفائتة........................................... ٦٧٢
فيما لو نسي المسافر
تعيين الفائتة الواحدة........................................ ٦٧٤
فيما لو فاتته صلوات
سفر وحضر وجهل التعيين................................... ٦٧٧
فيما لو ذكر عين
الفائتة ونسي عددها.......................................... ٦٧٨
فيما لو نسي العين
والعدد..................................................... ٦٩٣
فيما لو سكر ثمّ جنّ.......................................................... ٦٩٤
|