بسم الله الرّحمن الرّحيم

الفن الثاني في التدريب

الحمد لله ربّ العالمين ، والصّلاة والسّلام على سيدنا رسول الله. هذا هو الفن الثاني من الأشباه والنظائر ، وهو فن القواعد الخاصة والضوابط والاستثناءات والتقسيمات مرتب على الأبواب ، وسمّيته بالتدريب.

باب الألفاظ

تقسيم

ما خرج من الفم إن لم يشتمل على حرف فصوت ، وإن اشتمل على حرف ولم يفد معنى فلفظ وإن أفاد معنى فقول ، فإن كان مفردا فكلمة ، أو مركبا من اثنين ولم يفد نسبة مقصودة لذاتها فجملة ، أو أفاد ذلك فكلام ، أو من ثلاثة فكلم.

باب الكلمة

تقسيم

الكلمة إما اسم ، وإما فعل ، وإما حرف ، ولا رابع لها. والدلالة على ذلك ثلاثة :

أحدها : الأثر ، روي ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخرجه أبو القاسم الزجاجي في أماليه (١) بسنده إليه.

الثاني : الاستقراء التام من أئمة العربية كأبي عمرو ، والخليل ، وسيبويه ومن بعدهم.

الثالث : الدليل العقلي ، ولهم في ذلك عبارات : منها قول ابن معط : إن المنطوق به إما أن يدلّ على معنى يصح الإخبار عنه وبه ، وهو الاسم. وإما أن يصحّ الإخبار به لا عنه وهو الفعل. وإما ألّا يصح الإخبار عنه ولا به ، وهو الحرف.

قال ابن إياز : وفي هذا الاستدلال خلل ، وذلك أن قسمته غير حاصرة ، إذ

__________________

(١) انظر أمالي الزجاجي (ص ٢٣٨).


يحتمل وجها رابعا ، وهو أن يخبر عنه لا به ، وسواء كان هذا القسم واقعا أم غير واقع ، بل سواء كان ممكن الوقوع أم محالا. إذ استحالة أحد الأقسام المحتملة لا تصير بها القسمة عند الإخلال به حاصرة.

وقال الشيخ جمال الدين بن هشام في (شرح اللّمحة) : هذا أفسد ما قيل في ذلك ، لأنها غير حاصرة.

ومنها قول بعضهم : إن العبارات بحسب المعبّر ، والمعبّر عنه من المعاني ثلاث : ذات ، وحدث عن ذات ، وواسطة بين الذات والحدث يدل على إثباته لها ، أو نفيه عنها. فالذات : الاسم ، والحدث : الفعل ، والواسطة : الحرف.

ومنها قول بعضهم : إن الكلمة إما أن تستقل بالدلالة على ما وضعت له ، أو لا تستقل ، غير المستقل الحرف ، والمستقل إما أن تشعر مع دلالتها على معناها بزمنه المحصل أو لا تشعر ، فإن لم تشعر فهي الاسم وإن أشعرت فهي الفعل.

ـ قال ابن أياز : وهذا الوجه أقوى لأنه يشتمل على التقسيم المتردّد بين النفي والإثبات.

ومنها قول بعضهم : إن الكلمة إما أن يصح إسنادها إلى غيرها أو لا ، إن لم يصحّ فهي الحرف ، وإن صح فإما أن تقترن بأحد الأزمنة الثلاثة أو لا ، إن اقترنت فهي الفعل وإلا فهي الاسم.

قال ابن هشام : وهذه أحسن الطرق. وهي أحسن من الطريقة التي في كلام ابن الحاجب (١) ، وهي أن الكلمة إما أن تدلّ على معنى في نفسها ، أو لا ، الثاني الحرف ، والأول إما أن تقترن بأحد الأزمنة الثلاثة ، أو لا ، الثاني الاسم ، والأوّل الفعل ، وذلك لسلامة الطريقة التي اخترناها من أمرين مشكلين اشتملت عليهما هذه الطريقة :

أحدهما : دعوى دلالة الاسم والفعل على معنى في نفس اللفظ ، وهذا يقتضي بظاهره قيام المسميات بالألفاظ الدالة عليها ، وذلك محال ، وهذا وإن كان جوابه ممكنا إلا أنه أقلّ ما فيه الإبهام.

والثاني : دعوى دلالة الحرف على معنى في غيره. وهذا ، وإن كان مشهورا بين النحويين إلا أن الشيخ بهاء الدين بن النحاس نازعهم في ذلك ، وزعم أنه دالّ على معنى في نفسه ، وتابعه أبو حيان (٢) في (شرح التسهيل).

__________________

(١) انظر الكافية (١ / ٧).

(٢) انظر شرح التسهيل (١ / ٥).


باب الاسم

ضابط

علامات الاسم : تتبعنا جميع ما ذكره الناس من علامات الاسم ، فوجدناها فوق ثلاثين علامة ، وهي : الجرّ وحروفه ، والتنوين ، والنداء ، وأل ، والإسناد إليه ، وإضافته ، والإضافة إليه ، والإشارة إلى مسماه ، وعود ضمير إليه ، وإبدال اسم صريح منه ، والإخبار به مع مباشرة الفعل ، وموافقة ثابت الاسمية في لفظه ومعناه ـ هذا ما في كتب ابن مالك ـ.

ونعته ، وجمعه تصحيحا ، وتكسيره ، وتصغيره ـ ذكر هذه الأربعة ابن الحاجب في وافيته ـ.

وتثنيته ، وتذكيره ، وتأنيثه ، ولحوق ياء النسبة له ، ـ ذكر هذه الأربعة صاحب (اللّب واللّباب) ـ.

وكونه فاعلا أو مفعولا ـ ذكرهما أبو البقاء العكبري في (اللّباب).

وكونه عبارة عن شخص ، ودخول لام الابتداء ، وواو الحال ـ ذكر هذه ابن فلاح في مغنيه ـ.

وذكر ابن القواس في (شرح ألفية ابن معط) لحوق ألف الندبة ، وترخيمه ، وكونه مضمرا ، أو علما ، أو مفردا منكّرا ، أو تمييزا ، أو منصوبا حالا.

فائدة : الأسماء في الإسناد : على أربعة أقسام : قسم يسند ويسند إليه ، وهو الغالب ، وقسم لا يسند ولا يسند إليه ، كالظروف والمصادر التي لا تتصرف والأسماء الملازمة للنداء ، وقسم يسند ولا يسند إليه كأسماء الأفعال ، وقسم يسند إليه ولا يسند ، كالتاء من (ضربت) ، والياء من (افعلي) ، والألف من (اضربا) ، والواو من (اضربوا) ، والنون من (اضربن) ، وايمن ، ولعمرك.

فائدة أقوال في المسند والمسند إليه : قال أبو حيان في (شرح التسهيل) : في المسند والمسند إليه أقوال :

أحدها : المسند المحكوم به ، والمسند إليه المحكوم عليه ، وهو الأصل.

وثانيها : أن كلا منهما مسند ومسند إليه.

وثالثها : أن المسند هو الأول ، مبتدأ كان أو غيره ، والمسند إليه الثاني ، ف (قام) من قام زيد ، و (زيد) من : زيد قائم ، مسند ، والأخير منهما مسند إليه.

رابعها : عكس هذا. (فزيد وقام) في التركيبين مسند ، والأول من التركيبين مسند إليه. ولهذه المسألة نظائر :


أحدها : المضاف والمضاف إليه ، فيهما أقوال : أصحّها أن الأول : هو المضاف والثاني هو المضاف إليه ، وهو قوله سيبويه (١). والثاني : عكسه ، والثالث : يجوز في كلّ منهما كلّ منهما.

ثانيها : البدل والمبدل منه وفيهما أقوال ، أحدها : الإضافة ، والأصح هنا أن الأول المبدل منه والثاني : البدل.

ثالثها : بدل الاشتمال. قال في (البسيط) : وفي تسميته بذلك أقوال ، أحدها : لاشتمال الأول على الثاني ، فإن زيدا مشتمل على علمه ، والثاني : لاشتمال الثاني على الأول ، لأنه دائر بين التعلّق بالأول كأعجبني زيد غلامه ، والدخول في الأول كأعجبني زيد علمه وحسنه ، والثالث : أنه سمّي بذلك للقدر المشترك بينهما وهو عموم الملابسة والتعلّق إذ لا ينفك أحدهما عن ذلك.

فائدة : الإسناد أعم من الإخبار : قال أبو البقاء العكبري في (اللباب) : الإسناد أعم من الإخبار ، إذ كان يقع على الاستفهام والأمر وغيرهما ، وليس الإخبار كذلك ، بل هو مخصوص بما صح أن يقابل بالتصديق والتكذيب ، فكل إخبار إسناد ، وليس كل إسناد إخبارا.

فائدة : ما يتعاقب على المفرد : قال ابن الدهان في (الغرّة) : ثلاثة أشياء تتعاقب على المفرد ولا يوجد فيه منها اثنان ، وهي : التنوين ، والألف واللام والإضافة.

قاعدة : الاتفاق والاختلاف في كل خاصتي نوع

قال ابن القواس في (شرح الدرة) : كل خاصّتي نوع إما أن يتفقا أو يختلفا فإن اتفقا امتنع اجتماعهما ، كالألف واللام والإضافة في الاسم ، والسين وسوف في الفعل. وإن اختلفا ، فإن تضادا لم يجتمعا ، كالتنوين والإضافة في الاسم وسوف وتاء التأنيث في الفعل. لأن سوف تقتضي المستقبل ، والتاء تقتضي الماضي ، وإن لم يتضادا جاز اجتماعهما ، كالألف واللام والتصغير ، وقد وتاء التأنيث.

ضابط : الكلمات التي تأتي اسما وفعلا وحرفا

الكلمات التي تأتي اسما وفعلا وحرفا تتبعتها ، فوصلت إلى ثماني عشرة كلمة ، أشهرها :

__________________

(١) انظر الكتاب (٣ / ٤٥٩).


١ ـ (على) فإنها تكون حرف جرّ ، واسما يجر بمن ، قال الشاعر : [الطويل]

٢٦١ ـ غدت من عليه بعد ما تمّ ظمؤها

[تصلّ وعن قيض ببيداء مجهل]

وفعلا ماضيا من العلوّ. ومنه : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ) [القصص : ٤].

٢ ـ و (من) تكون حرف جرّ ، واسما. قال الزمخشري في قوله تعالى : (فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً) [البقرة : ٢٢] ، إذا كانت (من) للتبعيض فهي في موضع المفعول به ، ورزقا مفعول لأجله.

قال الطيبي : وإذا قدرت (من) مفعولا كانت اسما كعن في قوله : [الكامل]

٢٦٢ ـ [ولقد أراني للرّماح رديئة]

من عن يميني مرّة وأمامي

وتكون فعل أمر من مان يمين.

٣ ـ و (في) تكون حرف جرّ واسما بمعنى الفم في حالة الجر ، ومنه : «حتى ما تجعل في في امرأتك» (٣) وفعل أمر من وفى يفي.

٤ ـ و (الهمزة) تكون حرف استفهام ، وفعل أمر من وأي ، واسما في قول بعضم : إن حروف النداء أسماء أفعال.

__________________

٢٦١ ـ الشاهد لمزاحم العقيلي في أدب الكاتب (ص ٥٠٤) ، والأزهيّة (ص ١٩٤) ، وخزانة الأدب (١٠ / ١٤٧) ، والدرر (٤ / ١٨٧) ، وشرح التصريح (٢ / ١٩) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٢٣٠) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٤٢٥) ، وشرح المفصّل (٨ / ٣٨) ، ولسان العرب (صلل) ، وبلا نسبة في الكتاب (٤ / ٣٥٢) ، وأسرار العربية (ص ١٠٣) ، وجمهرة اللغة (ص ١٣١٤) ، والجنى الداني (ص ٤٧٠) ، وجواهر الأدب (ص ٣٧٥) ، وخزانة الأدب (٦ / ٥٣٥) ، ورصف المباني (ص ٣٧١) ، وشرح الأشموني (٢ / ٣٩٦) ، وشرح ابن عقيل (ص ٣٦٧) ، ومغني اللبيب (١ / ١٤٦) ، والمقتضب (٣ / ٥٣) ، والمقرّب (١ / ١٩٦).

٢٦٢ ـ الشاهد لقطري بن الفجاءة في ديوانه (ص ١٧١) ، وخزانة الأدب (١٠ / ١٥٨) ، والدرر (٢ / ٢٦٩) ، وشرح التصريح (٢ / ١٠) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٤٣٨) ، والمقاصد النحوية (٣ / ١٥٠) ، وبلا نسبة في أسرار العربية (ص ٢٥٥) ، وأوضح المسالك (٣ / ٥٧) ، وجواهر الأدب (ص ٣٢٢) ، وشرح الأشموني (٢ / ٢٩٦) ، وشرح ابن عقيل (ص ٣٦٨) ، وشرح المفصّل (٨ / ٤٠) ، وهمع الهوامع (١ / ١٥٦).

(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١ / ١٤٧) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، قال : «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعودني عام حجّة الوداع من وجع اشتدّ بي فقلت : إني قد بلغ بي من الوجع وأنا ذو مال ، ولا يرثني إلا ابنة ، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال : «لا» ، فقلت : بالشطر؟ فقال : «لا» ، ثم قال : «الثلث ، والثلث كبير ، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكفّفون الناس ، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها ، حتى ما تجعل في في امرأتك».


٥ ـ و (الهاء) تكون اسما ضميرا ، نحو : ضربته ، ومررت به. وحرفا في : إياه. وفعل أمر من وهى يهي.

٦ ـ و (لمّا) تكون حرف نفي جازم بمعنى : لم. وظرفا ، نحو : لما جاء زيد أكرمته ، وفعلا ماضيا متصلا بضمير الغائبين من : لمّ.

٧ ـ و (هل) تكون حرف استفهام ، واسم فعل في : حي هل ، وفعل أمر من : وهل يهل.

٨ ـ و (ها) تكون حرف تنبيه ، واسم فعل بمعنى (خذ) ، وزجرا للإبل يمدّ ويقصر وفعل أمر من هاء يهاء.

٩ ـ و (حاشا) تكون حرف استثناء واسما مصدرا بمعنى التنزيه. نحو : حاشا لله [يوسف : ٣١] ، ولهذا قرئ بتنوينه. وفعلا ماضيا بمعنى أستثني ، يقال : حاشا يحاشي ، وفي الحديث : «أحبّ الناس إليّ أسامة» (١). قال الراوي : «وما حاشا فاطمة ولا غيرها» ، وقال النابغة : [البسيط]

٢٦٣ ـ [ولا أرى فاعلا في الناس يشبهه]

ولا أحاشي من الأقوام من أحد

١٠ ـ و (ربّ) بفتح الراء تكون حرف جر لغة في (ربّ) بضم الراء ، واسما بمعنى السيد والمالك ، وفعلا ماضيا ، يقال : ربّه يربّه بمعنى رباه وأصلحه.

١١ ـ و (النون) تكون اسما ضميرا نحو : قمن ، وحرفا وهي نون الوقاية ، وفعل أمر من ونى يني.

١٢ ـ و (الكاف) تكون حرف جرّ ، واسما كما قال في (الألفيّة) : واستعمل اسما وفعل أمر من وكى يكي.

٢٣ ـ و (علّ) تكون حرفا لغة في لعلّ ، وفعلا ما ضيا من علّه إذا سقاه مرة بعد مرة ، واسما للقراد والمهزول وللشيخ المسنّ.

١٤ ـ و (بلى) تكون حرف جواب ، وفعلا ماضيا. يقال : بلاه إذا اختبره ، واسما لغة في البلاء الممدود.

__________________

(١) انظر مسند أبي أمية الطرطوسي ، وهمع الهوامع (١ / ٢٣٣).

٢٦٣ ـ الشاهد للنابغة الذبياني في ديوانه (ص ٢٠) ، وأسرار العربية (ص ٢٠٨) ، والإنصاف (١ / ٢٧٨) ، والجنى الداني (ص ٥٩٩) ، وخزانة الأدب (٣ / ٤٠٣) ، والدرر (٣ / ١٨١) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٣٦٨) ، وشرح المفصّل (٢ / ٨٥) ، ولسان العرب (حشا) ، وبلا نسبة في جواهر الأدب (ص ٤٢٧) ، وشرح الأشموني (١ / ٣٤٠) ، وشرح المفصّل (٨ / ٤٩) ، ومغني اللبيب (١ / ١٢١) ، وهمع الهوامع (١ / ٢٣٣).


١٥ ـ و (أنّ) تكون حرف تأكيد ، وفعلا ماضيا من الأنين ، واسما مصدرا بمعنى الأنين.

١٦ ـ و (ألا) تكون حرف استفتاح ، واسما بمعنى النعمة ، والجمع آلاء ، وفعلا ماضيا بمعنى قصر وبمعنى استطاع.

١٧ ـ و (إلى) تكون حرف جرّ ، واسما بمعنى النعمة ، وفعل أمر للاثنين من وأل بمعنى لجأ ، أو أمرا للواحد فيه نون التوكيد الخفيفة في الوقف. وذكره ابن الدهان في (الغرّة).

١٨ ـ و (خلا) تكون حرف استثناء ، وفعلا ماضيا ، ومنه : (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) [البقرة : ١٤] واسما للرطب من الحشيش.

١٩ ـ و (لات) تكون حرف نفي بمعنى ليس ، وفعلا ماضيا بمعنى صرف ، واسما للصنم. وقد نظمت هذه الكلمات فقلت :

وردت في النّحو كلمات أتت

تارة حرفا وفعلا وسما

وهي : من والهاء والهمزة وهل

ربّ والنون وفي أعني فما

علّ لمّا وبلى حاشا ألا

وعلى والكاف فيما نظما

وخلا لات وها فيما رووا

وإلى أنّ. فروّ الكلما

وقال الجمال السرّمرّي :

إذا طارح النّحويّ أيّة كلمة

هي اسم وفعل ثمّ حرف بلا مرا

فقل هي إن فكرت في شأنها : على

وفي ، ثم لمّا ، ظاهر لمن افترى

غدت من عليه ، قد علا قدر خالد

على قدر عمرو بالسّماحة في الورى

وقل : قد سمعت اللّفظ من في محمد

وفي موعدي يا هند لو كان في الكرى

ولمّا رأى الزّيدان حالي تحوّلت

إلى شعث لمّا ، فلمّا أخف عرا

مواردها تنبي بما قد ذكرته

وإن لم أصرّح بالدّليل محرّرا

ثم رأيت في تذكرة ابن مكتوم قال : ذكر الزين أحمد بن قطنة أحد من ينسب إلى النحو بمصر ، وكنيته ابن حطة : أن حتى تكون حرفا واسما لامرأة وأنشد : [الرجز]

٢٦٤ ـ ما ذا ابتغت حتى إلى حلّ العرى

أحسبتني جئت من وادي القرى

واسما لموضع بعمان قال : وقد ذكر ذلك ابن دريد في شعر له حيث قال : [الطويل]

__________________

٢٦٤ ـ الشاهد في حاشية العلامة يس الحمصي على شرح التصريح (٢ / ١٩).


٢٦٥ ـ فما لكم ـ إن لم تحوطوا ذماركم

سوام ولا دار بحتّى ورامة

وفعلا لاثنين من الحتّ ، انتهى.

باب الفعل

ضابط

علامات الفعل : جميع ما ذكره الناس من علامات الفعل بضع عشرة علامة ، وهي : تاء الفاعل ، وياؤه ، وتاء التأنيث الساكنة ، وقد ، والسين ، وسوف ، ولو ، والنواصب ، والجوازم ، وأحرف المضارعة ، ونونا التوكيد ، واتصاله بضمير الرفع البارز ، ولزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية ، وتغيير صيغه لاختلاف الزمان.

تقسيم

أقسام الفعل : قال أبو حيّان في (شرح التسهيل) : ينقسم الفعل انقسامات بحسب الزمان ، والتعدي واللزوم ، والتصرف والجمود ، والتمام والنقصان ، والخاصّ والمشترك ، والمفرد والمركّب. وفي علم التصريف (٢) : إلى صحيح ، ومهموز ، ومثال ، وأجوف ، ولفيف ، ومنقوص ، ومضاعف ، وغير ذلك.

قال بعضهم : وإلى معلم وساذج ، فالأول الماضي إذا كان مصوغا للمؤنثة الغائبة مفردا أو مثنى ، فالعلامة هي التاء في آخره.

فائدة : أقسام الفعل بالنسبة إلى الزمان

قال أبو البقاء العكبريّ في (اللّباب) : أقسام الأفعال ثلاثة : ماض ، وحاضر ، ومستقبل ، واختلفوا في أي أقسام الفعل أصل لغيره منها.

فقال الأكثرون : هو فعل الحال ، لأن الأصل في الفعل أن يكون خبرا ، والأصل في الخبر أن يكون صدقا ، وفعل الحال يمكن الإشارة إليه ، فيتحقق وجوده ، فيصدق الخبر عنه ، ولأن فعل الحال مشار إليه فله حظّه من الوجود ، والماضي والمستقبل معدومان.

__________________

٢٦٥ ـ الشاهد لابن دريد الأزدي في ديوانه (٦٣) ، وحاشية يس الحمصي على شرح التصريح (٢ / ١٩).

(١) انظر شرح الكافية (٢ / ٢٢٦).


وقال قوم : الأصل هو المستقبل ، لأن يخبر به عن المعدوم ، ثمّ يخرج الفعل إلى الوجود ، فيخبر عنه بعد وجوده.

وقال آخرون : هو الماضي ، لأنه لا زيادة فيه ، ولأنه كمل وجوده ، فاستحق أن يسمى أصلا.

ضابط : أقسام الفعل بالنسبة إلى التصرف وعدمه

كل الأفعال متصرّفة إلا ستة : نعم ، وبئس ، وعسى ، وليس ، وفعل التعجب ، وحبّذا. كذا قال ابن الخباز في (شرح الدرة) وهي أكثر من ذلك.

وقال ابن الصائغ في (تذكرته) : الأفعال التي لا تتصرّف عشرة ، وزاد : قلّما ، ويذر ، ويدع ، وتبارك الله تعالى.

قاعدة : كل خاصتي نوع إن اتفقا لم يجتمعا

قال ابن القوّاس في (شرح الدرة) : كلّ خاصّتي نوع إن اتفقا لم يجتمعا ، كالألف واللام والإضافة والسين وسوف ، وإلا فإن تضادّا فكذلك ، كالتنوين والإضافة والتاء والسين فإن التاء للمضي ، والسين للاستقبال ، وإلا اجتمعا كأل والتصغير ، وقد وتاء التأنيث.

باب الحرف

أنواع الحروف

قال أبو القاسم الزجّاجيّ في كتاب (إيضاح علل النحو) (١) : الحروف على ثلاثة أضرب : حروف المعجم التي هي أصل مدار الألسن عربيّها وعجميّها ، وحروف الأسماء والأفعال ، والحروف التي هي أبعاضها ، نحو العين من (جعفر) والضاد من (ضرب) ، وما أشبه ذلك ، ونحو النون من (لن) ، واللام من (لم) ، وما أشبه ذلك ، وحروف المعاني التي تجيء مع الأسماء والأفعال لمعان.

حروف المعجم : فأما حدّ حروف المعجم فهي أصوات غير مؤلفّة ولا مقترنة ولا دالّة على معنى من معاني الأسماء والأفعال والحروف ، إلا أنها أصل تركيبها.

حروف أبعاض الكلم : وأما الحروف التي هي أبعاض الكلم فالبعض حدّ منسوب إلى ما هو أكثر منه ، كما أن الكلّ منسوب إلى ما هو أصغر منه.

__________________

(١) انظر إيضاح علل النحو (ص ٥٤).


حروف المعاني : وأما حدّ حروف المعاني وهو الذي يلتمسه النحويون فهو أن يقال : الحرف ما دلّ على معنى في غيره ، نحو من وإلى وثّمّ ، وشرحه أن (من) تدخل في الكلام للتبعيض ، فهي تدلّ على تبعيض غيرها ، لا على تبعيضها نفسها ، وكذلك إذا كان لابتداء الغاية كانت غاية غيرها ، وكذلك سائر وجوهها. وكذلك (إلى) تدل على المنتهى ، فهي تدل على منتهى غيرها لا على منتهى نفسها ، وكذلك سائر حروف المعاني ، انتهى.

ضابط : عدة الحروف

قال ابن فلاح في (المغني) : عدّة الحروف سبعون حرفا ، بطرح المشترك.

ثلاثة عشر أحادية ، وهي : الهمزة ، والألف ، والباء ، والتاء ، والسين ، والفاء ، والكاف ، واللام ، والميم ، والنون ، والهاء ، والواو ، والياء.

وأربعة وعشرون ثنائيّة ، وهي : آ ، وأم ، وأن ، وإن ، وأو ، وأي ، وإي ، وبل ، وعن وفي وقد ، وكي ، ولا ، ولم ، ولن ، وما ، ومذ ، ومع ـ على رأي ـ ومن ، وها ، وهل ، ووا ، ووي ، ويا. وبقي عليه لو ، وأل ـ على رأي الخليل ـ.

وتسعة عشر ثلاثية ، وهي : أجل ، وإذن ، وإلى ، وألا ، وأما ، وإنّ ، وأنّ ، وأيا ، وبلى ، وثمّ ، وجير ، وخلا ، وربّ ، وسوف ، وعدا ، وعلى ، وليت ، ونعم ، وهيا.

وثلاثة عشر رباعية ، وهي : إلّا ، وألّا ، وإمّا ، وأمّا ، وحاشا ، وحتى ، وكأنّ ، وكلّا ، ولعلّ ، ولمّا ، ولو لا ، ولو ما ، وهلّا.

وخماسيّ واحد ، وهو : لكنّ.

ضابط : موقع الحروف

ترجم ابن السرّاج في (الأصول) مواقع الحروف ثمّ قال : الحرف لا يخلو من ثمانية مواضع : إما أن يدخل على الاسم وحده ، كلام التعريف ، أو الفعل وحده ، كسوف والسين ، أو ليربط اسما باسم أو فعلا بفعل ، كواو العطف ، نحو : جاء زيد وعمرو ، وقام وقعد ، أو فعلا باسم كمررت بزيد ، أو على كلام تامّ نحو : أعمرو أخوك؟ وما قام زيد ، أو ليربط جملة بجملة نحو إن يقم زيد يقعد عمرو ، أو يكون زائدا نحو : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) [آل عمران : ١٥٩].

أقسام الحروف : وقال أبو الحسين بن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : الحروف


تأتي على عشرة أقسام ، أحدها : أن يدلّ على معنى في الفعل ، وهو : السين وسوف. الثاني : أن يدل على معنى في الاسم ، وهو الألف واللام. الثالث : أن يكون رابطا بين اسمين أو فعلين ، وهي حروف العطف. الرابع : أن يكون رابطا بين فعل واسم ، وهي حروف الجر. الخامس : أن يربط بين جملتين ، وهي الكلم الدالة على الشرط. السادس : أن يدخل على الجملة مغيّرا لفظها دون معناها ، وذلك إنّ. السابع : أن يدخل على الجملة فيغيّر معناها دون لفظها ، وذلك هل وما أشبهها. الثامن : أن يدخل على الجملة غير مغيّر لفظها ومعناها ، نحو لام الابتداء. التاسع : أن يدخل على الجملة فيغيّر لفظها ومعناها ، نحو ما الحجازية. العاشر : أن يكون زائدا ، نحو : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) [آل عمران : ١٥٩].

وقال المهلّبيّ : أقسام ما جاءت له الحروف : [الطويل]

تفطّن فإنّ الحرف يأتي لستّة

لنقل ، وتخصيص ، وربط ، وتعديه

وقد زيد في بعض المواضع ، واغتدى

جوابا ، كسيت العزّ والأمن ترديه

وقال في الشرح : النقل من الإيجاب إلى النفي ، ومن الخبر إلى الاستخبار وإلى التمنّي والترجّي والتشبيه ونحوها ، والتخصيص للمضارع بالاستقبال بالسين وسوف ، وللاسم بلام التعريف ، والربط بحروف الجر ، وحروف العطف ، والتعدية يدخل فيها الواو في المفعول معه ، وإلا في الاستثناء ، والجواب كنعم ولا.

تقسيم الأندلسي للحروف : وقال الأندلسي في (شرح المفصّل) : اعلم أن للحروف انقسامات كثيرة : فتنقسم إلى ما يكون على حرف واحد ، وإلى ما يكون على اثنين فصاعدا إلى خمسة ، نحو : لكنّ ، والزائد على حرف إما أن يكون مفردا أو مركّبا نحو : من ، وإلى ، وأمّا ، ولو لا. وتنقسم أيضا إلى عاملة وغير عاملة.

وتنقسم إلى مختصّ بأحد القسمين ، وغير مختص ، وقد قيل : إن الحرف إما أن يجيء لمعنى في الاسم خاصة ، نحو : لام التعريف ، وحرف الإضافة ، والنداء ، وغير ذلك أو في الفعل خاصة ، نحو : قد ، والسين ، وسوف ، والجوازم ، والنواصب ، أو رابطا بين اسمين ، أو بين فعلين كحروف العطف. أو بين فعل واسم كحروف الجر. أو بين جملتين كحروف الشرط ، أو داخلا على جملة تامة قارنا لمعناها نحو : ليت ، ولعلّ.

أو مؤكدا له نحو : إنّ ، أو زائدا للتأكيد ، نحو : الباء في نحو : ليس زيد بقائم.

وقال : وربما قيل بعبارة أخرى : إنّ الحرف إنما جيء به ليربط اسما باسم ، أو فعلا بفعل ، أو جملة بجملة ، أو يعيّن اسما فقط ، أو فعلا فقط ، أو ينفي فعلا فقط ،


أو ينفي اسما فقط ، أو يؤكد فعلا فقط ، أو اسما فقط ، أو يخرج الكلام من الواجب إلى غير الواجب.

أقسام الحروف بالنسبة لتغيير الإعراب : ولها أقسام بالنسبة إلى تغيير الإعراب : قسم لا يغيّر الإعراب ولا المعنى نحو : (ما) الزائدة في قوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) [آل عمران : ١٥٩]. وقسم بغيّر الإعراب والمعنى ، نحو : ليت ولعلّ. وقسم يغيّر الإعراب دون المعنى ، نحو : إنّ. وقسم يغيّر المعنى دون الإعراب ، نحو : هل.

عدة الحروف العاملة : فأما عدّة الحروف العاملة فثمانية وثلاثون حرفا : ستة منها تنصب الاسم وترفع الخبر ، وهي إنّ وأخواتها ، وأربعة تنصب الفعل بنفسها ، وهي : أن ، ولن ، وكي ، وإذن. وخمسة تنصب نيابة ، وهي : الفاء ، والواو ، وأو ، ولام كي ، والجحود ، وحتى. وثمانية عشر تجر الاسم ، وخمسة تجزم الفعل.

الحروف غير العاملة : وأما الحروف الغير العاملة فنيّف وستون حرفا : منها ستة غير حروف ابتداء ، وهي : إنما ، وكأنما وأخواتها ، وعشرة للعطف ، وأربعة للمضارعة ، وأربعة للإعراب ، وأربعة تختص بالفعل ، وثلاثة للاستفهام ، وثلاثة للتأنيث ، وحرفان للتفسير ، وحرفان للتأكيد ، وحرفان للتعريف ، وحرف للتنكير ، وحرفا النسبة.

حروف تعمل على صفة ولا تعمل على صفة : ومنها حروف تعمل على صفة ، ولا تعمل على صفة ، وهي : ما ، ولا ، وحروف النداء. انتهى كلام الأندلسيّ.

رأي ابن الدهان في تقسيم الحروف بالنسبة إلى عملها : وقال ابن الدهان في (الغرّة) : الحروف تنقسم في أحوالها إلى ستة أقسام : الأول : ما يعمل في اللفظ والمعنى نحو : ليت زيدا قائم. والثاني : ما يعمل في اللفظ ولا يعمل في المعنى نحو ما جاءني من أحد ، والثالث : ما يعمل في المعنى ولا يعمل في اللفظ نحو وهل زيد قائم ، والرابع : ما يعمل في اللفظ والمعنى ولا يعمل في الحكم نحو لا أبا لزيد.

والخامس : ما لا يعمل في لفظ ولا معنى ، وإنما يعمل في الحكم نحو علمت لزيد منطلق. والسادس : ما لا يعمل في لفظ ولا معنى ولا حكم نحو : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) [آل عمران : ١٥٩] ، في أحد القولين ، انتهى.

رأي ابن الزجاج في أنواع الحروف : وفي (تذكرة) ابن الصائغ قال : نقلت من مجموع بخط ابن الزجاج : الحروف على ثلاثة أضرب ، ضرب يدخل للائتلاف ، وضرب لحدوث معنى لم يكن ، وضرب زائد مؤكد ، فالأول : لو سقط أصل الكلام ، والثاني : لو سقط تغير المعنى ولم يختل ، والثالث : لو سقط لم يتغير المعنى ، والأول


على أربعة أوجه : ربط اسم باسم ، وربط فعل باسم ، وربط فعل بفعل ، وربط جملة بجملة. والثاني : على ثلاثة أوجه ، تخصيص الاسم كالرجل ، والفعل كسيضرب ، وبنقل الكلام كحروف النفي ، والثالث على وجهين : عامل كأن زيدا قائم ، وغير عامل نحو لزيد قائم.

تقسيم ابن فلاح للحروف : وقال ابن فلاح في (مغنيه) : الحرف يدخل إما للربط ، أو للنقل أو للتأكيد أو للتنبيه ، أو للزيادة ، ويندرج تحت الربط حروف الجر والعطف والشرط والتفسير والجواب والإنكار والمصدر ، لأن الربط هو الداخل على الشيء لتعلقه بغيره ، ويندرج تحت النقل حروف النفي والاستفهام والتخصيص والتعريف والتنفيس والتأنيث ، ويندرج تحت التنبيه حروف النداء والاستفتاح والردع والتذكير والخطاب.

تقسيم ابن الخباز للحروف : قال ابن الخباز في (شرح الدرة) : الحروف العاملة أربعة أقسام ، قسم : يرفع وينصب وهو إن وأخواتها ، ولا المشبهة بأن ، وما ولا المشبهتان بليس ، وقسم : ينصب فقط وذلك حروف النداء ونواصب الفعل المضارع.

قال : وأضاف عبد القاهر إلى ذلك إلا في الاستثناء والواو التي بمعنى مع ، قال : وفيه نظر ، وقسم : يجر فقط وهي حروف الجر ، وقسم : يجزم فقط وهي حروف الجزم.

فائد : أشبه الحروف بالأسماء وأشبهها بالأفعال : قال عبد اللطيف في (اللمع الكاملية) : أشبه الحروف بالأسماء نعم ، وبلى ، وجير ، وقط ، وبالأفعال ، يا وأخواتها ، وقد في (كأن قد). وأضعفها الزائدة والمتطرفة كالتنوين.

باب الكلام والجملة

قال أبو طلحة بن فرقد الأندلسي في (شرح فصول ابن معط) : الذي يتصوّر من التأليف مع الإفادة وبدونها سبعة : الاسم مع مثله ، والفعل مع مثله ، والحرف مع مثله ، أو مع المجموع ، أو كل واحد مع خلافه ، وذلك الاسم مع الفعل أو مع الحرف ، أو الفعل مع الحرف ، وأما المجموع فليس بقسم زائد ، لأنّ الحرف لا يدخل على غير مفيد فيعتدّ به. إنما فائدته ربط المفيد. انتهى. نقله ابن مكتوم في (تذكرته).

ضابط : الجمل التي لا محل لها من الإعراب

الجمل التي لا محلّ لها من الإعراب سبع ، قال ابن هشام في (المغني) : بدأنا بها لأنّها لم تحلّ محل المفرد. وذلك هو الأصل في الجمل.


الأولى : الابتدائية ، وتسمى أيضا المستأنفة. كالجمل المفتتح بها السور ، والجملة المنقطعة عما قبلها نحو : مات فلان رحمه الله.

الثانية : المعترضة بين شيئين لإفادة الكلام تقوية وتحسينا. كقوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ـ وَلَنْ تَفْعَلُوا ـ فَاتَّقُوا النَّارَ) [البقرة : ٢٤]. وقال : «فالحقّ ـ والحقّ أقول ـ لأملأنّ». (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ ـ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ـ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) [الواقعة : ٧٥ ـ ٧٧] ، (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ ـ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ ـ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ) [النحل : ١٠١].

الثالثة : التفسيرية : وهي الفضلة الكاشفة لحقيقة ما تليه نحو : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) [الأنبياء : ٣] ، فجملة الاستفهام مفسرة للنجوى. (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران : ٥٩] فخلقه ، وما بعده تفسير لمثل آدم (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ ، تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) [الصف : ١٠ ـ ١١] ، فجملة تؤمنون تفسير للتجارة.

الرابعة : المجاب بها القسم : نحو : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) [يس : ١ ـ ٣].

الخامسة : الواقعة جوابا لشرط غير جازم مطلقا ، نحو جواب : (لو) و (لو لا) ، و (لمّا) ، وكيف ، أو جازم ولم يقترن بالفاء ولا بإذا الفجائية. نحو : إن تقم أقم ، وإن قمت قمت. أما الأول فلظهور الجزم في لفظ الفعل ، وأما الثاني فلأنّ المحكوم لموضعه بالجزم الفعل ، لا الجملة بأسرها.

السادسة : الواقعة صلة لاسم أو حرف ، نحو : جاء الذي قام أبوه ، وأعجبني أن قمت. فالذي في موضع رفع ، والصلة لا محلّ لها ، ومجموع (أن قمت) في موضع رفع ، لا (أن) وحدها. لأنّ الحرف لا إعراب له لا لفظا ولا محلّا ، ولا قمت وحدها.

السابعة : التابعة لما لا محلّ له ، نحو : قام زيد ، ولم يقم عمرو ، إذا قدّرت الواو عاطفة.

الجمل التي لها محل من الإعراب : وأما الجمل التي لها محلّ من الإعراب فهي أيضا سبع :

الأولى : الواقعة خبرا ، نحو زيد ، أبوه قائم.

الثانية : الواقعة حالا نحو : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) [النساء : ٤٣].

الثالثة : المحكية بالقول نحو : (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ) [مريم : ٣٠] ، (ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) [المطففين : ١٧].


الرابعة : المضاف إليها ، نحو : (يَوْمَ وُلِدْتُ) [مريم : ٣٣] ، (يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) [المرسلات : ٣٥ ـ ٣٦] ، (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ) [غافر : ١٥ ـ ١٦].

الخامسة : الواقعة بعد الفاء أو إذا جوابا لشرط جازم ، نحو : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ) [الأعراف : ١٨٦] ، (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) [الروم : ٣٦].

السادسة : التابعة لمفرد نحو : (يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ) [البقرة : ٢٥٤] ، (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ) [البقرة : ٢٨١] ، (لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) [آل عمران : ٩].

السابعة : التابعة لجملة لها محلّ ، ويقع ذلك في بابي النسق والبدل خاصة.

نحو : زيد قام أبوه وقعد أخوه. (قالُوا : إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) [البقرة : ١٤].

قال ابن هشام (١) : والحقّ أنها تسع ، والذي أهملوه الجملة المستثناة نحو : (إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللهُ) [الغاشية : ٢٣ ـ ٢٤] ، والجملة المسند إليها نحو : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) [البقرة : ٦] تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه (٢).

وقال الشيخ بدر الدين بن أمّ قاسم : [الكامل]

جمل أتت ولها محلّ معرب

سبع لأن حلّت محلّ المفرد

خبريّة ، حاليّة ، محكيّة

وكذا المضاف لها بغير تردّد

ومعلّق عنها ، وتابعة لما

هو معرب أو ذو محل فاعدد

وجواب شرط جازم بالفاء أو

بإذا وبعض قال غير مقيّد

وأتتك تسع ما لها من موضع

صلة ، وعارضة ، وجملة مبتدي

وجواب أقسام ، وما قد فسّرت

في أشهر والخلف غير مبعّد

وبعيد تحضيض ، وبعد معلّق

لا جازم ، وجواب ذلك أورد

وكذاك تابعة لشيء ما له

من موضع ، فاحفظه غير مفنّد

وقال أبو حيّان : أصل الجملة ألا يكون لها موضع من الإعراب ، وإنما كان

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٤٧٧).

(٢) انظر مجمع الأمثال (١ / ١٧٧) ، والمستقصى (المثل رقم ١٥٩٨) ، وتمثال الأمثال (رقم ٢١٩ ـ ٢٢٠) ، والفاخر (ص ٦٥) ، وفصل المقال (١٣٥) ، ويضرب المثل لمن خبره خير من مرآه.


كذلك لأنها إذا كان لها موضع من الإعراب تقدّرت بالمفرد لأن المعرب إنما هو المفرد ، والأصل في الجملة ألا تكون مقدّرة بالمفرد. والجمل على قسمين : قسم لا موضع له من الإعراب ، وقد حصرته في اثني عشر قسما.

الأول : أن تقع الجملة ابتداء كلام لفظا ونيّة ، أو نية لا لفظا. نحو : زيد قائم وقام زيد ، وراكبا جاء زيد. فإن وقعت أول كلام لفظا لا نية كان لها محل من الإعراب نحو : أبوه قائم زيد ،.

الثاني : أن تقع بعد أدوات الابتداء فيشمل ذلك الحروف المكفوفة نحو : إنما زيد قائم ، وإذا الفجائية ، نحو : خرجت فإذا زيد قائم ، وهل ، وبل ، ولكن ، وألا ، وأما ، وما النافية غير الحجازية ، وبينما ، وبينا ، نحو : هل زيد قائم ، وما زيد منطلق ، وقول الأفوه الأوديّ : [الرمل]

٢٦٦ ـ بينما النّاس على عليائها

إذ هووا في هوّة فيها فغاروا

وقال : [الوافر]

٢٦٧ ـ فبينا نحن نرقبه أتانا

معلّق وفضّة وزناد راع

الثالث : أن تقع بعد أدوات التحضيض ، نحو : هلّا ضربت زيدا.

الرابع : أن تقع بعد حروف الشرط غير العاملة ، نحو : لو لا زيد لأكرمتك ، ولو جاء زيد أكرمتك ، ولمّا جاء زيد أكرمتك ، على مذهب سيبويه (٣) في (لمّا) ، فإنه يذهب إلى أنها حرف. ومذهب الفارسيّ أنها اسم ظرف ، فتكون الجملة عنده في موضع جرّ بإضافة الظرف إليه ، ويقدّرها بحين.

الخامس : أن تقع جوابا لهذه الحروف الشرطية التي لا تعمل ، نحو المثل السابقة.

السادس : أن تقع صلة لحرف أو اسم ، نحو : قام الذي وجهه حسن ، ونحو قول الشاعر : [الوافر]

__________________

٢٦٦ ـ الشاهد للأفوه الأوديّ في ديوانه (ص ١١) ، ولسان العرب (إذا) ، وتاج العروس (إذا) ، وتاج العروس (إذا) ، ونهاية الأرب (٣ / ٦٤) ، وخزانة الأدب (٤ / ٥٤٦).

٢٦٧ ـ الشاهد لنصيب في ديوانه (ص ١٠٤) ، ولرجل من قيس عيلان في الكتاب (١ / ٢٢٦) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٩٨) ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب (١ / ٣٤٢) ، والجنى الداني (ص ١٧٦) ، وخزانة الأدب (٧ / ٧٤) ، والدرر (٣ / ١١٨) ، ورصف المباني (ص ١١) ، وسرّ صناعة الإعراب (١ / ٢٣) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٤٠٥) ، وشرح المفصّل (٤ / ٩٧) ، والصاحبي في فقه اللغة (ص ١٤٧) ، ولسان العرب (بين) ، وهمع الهوامع (١ / ٢١١).

(١) انظر الكتاب (٤ / ٣٥٦).


٢٦٨ ـ يسرّ المرء ما ذهب اللّيالي

وكان ذهابهنّ له ذهابا

السابع : أن تقع اعتراضية ، نحو قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ ـ لَوْ تَعْلَمُونَ ـ عَظِيمٌ) [الواقعة : ٧٥ ـ ٧٧].

الثامن : أن تقع تفسيرية ، نحو قولك : أشرت إليه أن قم ، وكتبت إليه أن اضرب زيدا.

التاسع : أن تقع توكيدا لما لا محلّ له من الإعراب نحو : قام زيد قام زيد.

العاشر : أن تقع جواب قسم ، نحو : والله ما زيد قائما ، والله ليخرجنّ.

الحادي عشر : أن تكون معطوفة على ما لا محل له من الإعراب نحو : جاء زيد وخرج عمرو.

الثاني عشر : الجملة الشرطية إذا حذف جوابها ، وتقدّمها ما يدلّ عليه ، نحو : قول العرب : أنت ظالم (٢) إن فعلت ، والتقدير : إن فعلت فأنت ظالم. أو تقدمها ما يطلب ما يدل على جوابها نحو : والله إن قام زيد ليقومنّ عمرو ، فالقسم يطلب ليقومنّ ، وليقومنّ دليل على جواب الشرط ، التقدير : إن قام زيد يقم عمرو.

وقسم له موضع من الإعراب ، وينحصر في أنواع الإعراب ، فمنها ما هو في موضع رفع وهو ثمانية أقسام ستة باتفاق واثنان باختلاف.

الأول : أن تقع خبرا لمبتدأ نحو : زيد أبوه قائم.

الثاني : أن تقع خبرا للا لنفي الجنس ، نحو : لا ربيئة قوم يجيء بخير.

الثالث : أن تقع خبرا بعد إنّ وأخواتها ، نحو : إنّ زيدا وجهه حسن.

الرابع : أن تقع صفة لموصوف مرفوع ، نحو : جاءني رجل يكتب غلامه.

الخامس : أن تقع معطوفة على ما هو مرفوع ، نحو : جاءني رجل عاقل ويكتب خطّا حسنا.

السادس : أن تقع بدلا من مرفوع ، نحو : أنت تأتينا تلمّ بنا في ديارنا ، هذه السنة باتفاق ، والاثنان اللذان فيهما الخلاف :

الأول : أن تكون في موضع الفاعل ، نحو : يعجبني ، يقوم زيد.

__________________

٢٦٨ ـ الشاهد بلا نسبة في الجنى الداني (ص ٣٣١) ، والدرر (١ / ٢٥٣) ، وشرح التصريح (١ / ٢٦٨) ، وشرح قطر الندى (ص ٤١) ، وشرح المفصّل (٨ / ١٤٢) ، وهمع الهوامع (١ / ٨١).

(١) انظر الخصائص (١ / ٢٨٣) ، والمقتضب (٢ / ٦٨).


والثاني : أن تكون في موضع المفعول الذي لم يسمّ فاعله ، نحو قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) [البقرة : ١١] والصحيح أن الجملة لا تقع موقع الفاعل ولا المفعول الذي لم يسم فاعله إلا إن اقترن بها ما يصيّرها إياه في تقدير المفرد.

ومنها : ما هو في موضع نصب ، وهو ثلاثة عشر قسما ، عشرة باتفاق وثلاثة باختلاف :

الأول : أن تقع خبرا لكان وأخواتها ، نحو : كان زيد يخرج أخوه.

الثاني : أن تقع في موضع المفعول الثاني لظننت وأخواتها ، نحو : ظننت زيدا يقوم أخوه.

الثالث : أن تقع في موضع المفعول الثالث لأعلمت وأخواتها ، نحو : أعلمت زيدا عمرا ينطلق غلامه.

الرابع : أن تقع خبرا بعد (ما) الحجازية ، نحو : ما زيد أبوه قائم.

الخامس : أن تقع خبرا ل (لا) أخت ما ، نحو : لا رجل يصدق.

السادس : أن تقع في موضع المفعول للقول الذي يحكى به ، نحو : قال زيد : عمرو منطلق ، فعمرو منطلق في موضع مفعول قال.

السابع : أن تقع في موضع المفعول للفعل المعلّق ، نحو : علمت ما زيد قائم ، وسألت أيّهم أفضل.

الثامن : أن تقع معطوفة على ما هو منصوب أو موضعه نصب ، نحو : ظننت زيدا قائما ويخرج أبوه ، وظننت زيدا يقوم ويخرج.

التاسع : أن تقع في موضع الصفة لمنصوب ، نحو : قتلت رجلا يشتم زيدا.

العاشر : أن تقع في موضع الحال ، نحو قوله (١) : [الطويل]

وقد أغتدي والطير في وكناتها

[بمنجرد قيد الأوابد هيكل]

الحادي عشر : أن تكون في موضع نصب على البدل ، نحو قولك : عرفت زيدا أبو من هو ، على خلاف في هذا القسم الأخير. فقولك : أبو من هو ، في موضع نصب على البدل من زيد على تقدير مضاف ، أي : عرفت قصة زيد أبو من هو.

الثاني عشر : أن تقع مصدّرة بمذ ومنذ ، نحو قولك : ما رأيته مذ خلقه الله.

__________________

(١) مرّ الشاهد رقم (٢٤٩).


ففي هذه الجملة خلاف : ذهب الجمهور إلى أنها لا موضع لها من الإعراب ، وذهب السيرافيّ إلى أنها في موضع نصب على الحال.

الثالث عشر : أن تقع مستثنى بها ، نحو : قام القوم خلا زيدا ، وقاموا ليس خالدا ، ففيهما خلاف.

ومنها : ما هو في موضع جرّ ، وذلك ستة أقسام : ثلاثة باتّفاق وثلاثة باختلاف ، فالتي باتفاق :

أحدها : أن تقع مضافا إليها أسماء الزمان ، نحو جئتك يوم زيد أمير ، وقال تعالى : (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [المطففين : ٦].

الثاني : أن تقع موضع الصفة ، نحو : مررت برجل يكتب مصحفا.

الثالث : أن تقع معطوفة على مخفوض ، أو ما موضعه خفض ، نحو : مررت برجل كاتب ويجيد الشعر ، ومررت برجل يكتب ويجيد.

والتي باختلاف :

أحدها : أن تقع بعد (ذو) في نحو قول العرب : اذهب بذي تسلم. وذهب بعضهم إلى أنها في محل جرّ ، وذهب بعضهم إلى أنها لا محلّ لها من الإعراب.

الثاني : أن تقع بعد آية بمعنى علامة نحو قول الشاعر : [الوافر]

٢٦٩ ـ بآية قام ينطق كلّ شيء

وخان أمانة الدّيك الغراب

ذهب بعضهم إلى أنها في موضع جرّ بالإضافة ، وذهب بعضهم إلى أنها لا موضع لها وحدها من الإعراب ، بل يقدّر معها حرف يكون ذلك الحرف والجملة في موضع جرّ.

الثالث : أن تقع بعد حتى الابتدائية ، نحو قول امرئ القيس : [الطويل]

٢٧٠ ـ سريت بهم حتّى تكلّ مطيّهم

وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان

__________________

٢٦٩ ـ الشاهد لأمية بن أبي الصلت في ديوانه (ص ١٩) ، وتذكرة النحاة (ص ٦٨٤) ، والحيوان (٢ / ٣٢١) ، وخزانة الأدب (١ / ٢٤٩).

٢٧٠ ـ الشاهد لامرئ القيس في ديوانه (ص ٩٣) ، والكتاب (٣ / ٢٥) ، والدرر (٦ / ١٤١) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٤٢٠) ، وشرح الأشموني (٢ / ٤٢٠) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٢٢٨) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٣٧٤) ، وشرح المفصّل (٥ / ٧٩) ، ولسان العرب (مطا) ، وبلا نسبة في أسرار العربية (ص ٢٦٧) ، وجواهر الأدب (ص ٤٠٤) ، ورصف المباني (٥ / ١٨١) ، وشرح المفصّل (٨ / ١٩) ، ولسان العرب (غزا) ، والمقتضب (٢ / ٧٢) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٣٦).


ذهب الجمهور إلى أن هذه الجملة لا محلّ لها من الإعراب ، وذهب الزجّاج وابن درستويه إلى أنها في محل جرّ بحتى.

ومنها ما هو في موضع جزم ، وذلك ثلاثة أقسام :

أحدها : أن تقع بعد أداة شرط عاملة ، ولم يظهر لها عمل ، نحو : إن قام زيد قام عمرو.

الثاني : أن تقع جوابا للشرط العامل ، نحو : إن يقم زيد فعمرو قائم ، وإن يقم زيد قام عمرو. فهاتان الجملتان في محل جزم ، ولهذا يجوز العطف عليهما بالجزم.

قال تعالى : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ) [الأعراف : ١٨٦].

الثالث : أن تكون معطوفة على مجزوم. أو ما موضعه جزم ، نحو : إن قام زيد ويخرج عمرو أكرمتهما ، وقوله تعالى : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ) [الأعراف : ١٨٦] ، فذلك اثنان وأربعون قسما بالمتّفق عليه والمختلف فيه ، انتهى.

وقال (١) الشيخ سراج الدين الدمنهوري في الجمل التي لها محلّ ، والتي لا محلّ لها : [الطويل]

وخذ جملا عشرا وستّا فنصفها

لها موضع الإعراب جاء مبينا

فوصفيّة ، حاليّة ، خبريّة

مضاف إليها ، واحك بالقول معلنا

كذلك في التعليق والشّرط والجزا

إذا عامل يأتي بلا عمل هنا

وفي الشّرط قالوا لا محلّ لها ، كما

أتت صلة مبدوءة ، سرّك الهنا

وفي الشّرط لم يعمل ، كذاك جوابه

جواب يمين مثله ، فاتك العنا

مفسّرة أيضا ، وحشوا كذا أتت

كذلك في التخصيص. نلت به الغنى

وجمعن أيضا في هذين البيتين : [الكامل]

خبريّة ، حاليّة ، محكيّة

بالقول ، ذات إضافة ومعلّق

وجواب ذي جزم بفاء أو إذا

ولتابع حكم التقدّم أطلقوا

فائدة : معاني استعمال المفرد : قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في تعليقه على المقرّب : المفرد يستعمل في كلام النحاة بأحد معان خمسة :

أحدها : المفرد الذي هو مقابل للجملة ، يذكر في خبر المبتدأ ونواسخه.

__________________

(١) انظر العيني (١ / ٢٥٢).


والثاني : المفرد الذي هو قبالة المركّب ، نحو : بعلبك.

والثالث : المفرد الذي هو مقابل المضاف.

والرابع : المفرد الذي هو مقابل المثنّى والمجموع.

والخامس : المفرد الذي هو في باب النداء ، وباب لا لنفي الجنس ، وهو مقابل للمضاف والمشابه للمضاف.

ضابط : لا توجد جملة في اللفظ كلمة واحدة إلا الظرف

قال السخاويّ في (شرح المفصّل) : ليس لنا جملة هي في اللفظ كلمة واحدة إلا الظرف نحو : مررت بالذي عندك أو خلفك.

باب المعرب والمبني

قاعدة : الأصل في الإعراب الحركات

أصل الإعراب أن يكون بالحركات ، والإعراب بالحروف فرع عليها.

قال ابن يعيش (١) : وإنما كان الإعراب بالحركات هو الأصل لوجهين :

أحدهما : أنّا لما افتقرنا إلى الإعراب للدلالة على المعنى كانت الحركات أولى ، لأنها أقل وأخف وبها نصل إلى الغرض ، فلم يكن بنا حاجة إلى تكلّف ما هو أثقل ، ولذلك كثرت في بابها أعني الحركات ، وقلّ غيرها مما أعرب به ، وقدّر غيرها بها ، ولم تقدّر هي به.

والثاني : أنّا لمّا افتقرنا إلى علامات تدلّ على المعاني وتفرق بينها وكانت الكلمة مركبة من الحروف ، وجب أن تكون العلامات غير الحروف ، لأن العلامة غير المعلم ، كالطراز في الثوب. فلذلك كانت الحركات هي الأصل ، وقد خولف الدليل ، وأعربوا بعض الكلم بالحروف ، لأمر اقتضاه ، انتهى.

وقال أبو البقاء في (اللّباب) : الأصل في علامات الإعراب الحركات دون الحروف لثلاثة أوجه :

أحدها : أن الإعراب دالّ على معنى عارض في الكلمة ، فكانت علامته حركة عارضة في الكلمة ، لما بينهما من التناسب.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٥١).


والثاني : أن الحركة أيسر من الحرف ، وهي كافية في الدلالة على الإعراب ، وإذا حصل الغرض بالأخصر لم يصر إلى غيره.

والثالث : أن الحرف من جملة الصيغة الدالة على معنى الكلمة اللازم لها ، فلو جعل الحرف دليلا على الإعراب لأدى إلى أن يدلّ الشيء الواحد على معنيين ، وفي ذلك اشتراك ، والأصل أن يخصّ كل معنى بدليل.

قاعدة : الأصل في البناء السكون

الأصل في البناء السكون لثلاثة أوجه :

أحدها : أنه أخفّ من الحركة ، فكان أحقّ بالأصالة لخفّته.

والثاني : أن البناء ضدّ الإعراب ، وأصل الإعراب الحركات ، فأصل البناء السكون.

والثالث : أنّ البناء يكسب الكلمة ثقلا ، فناسب ذلك أصالة البناء على السكون.

أسباب البناء على الحركة : وأما البناء على الحركة فلأحد أربعة أشياء :

١ ـ إما لأن له أصلا في التمكّن : كالمنادى ، والظروف المقطوعة عن الإضافة ، ولا رجل ، وخمسة عشر. وهذا أقرب المبنيات إلى المعرب.

٢ ـ وإما تفضيلا له على غيره : كالماضي بني على حركة تفضيلا له على فعل الأمر.

٢ ـ وإما للهرب من التقاء الساكنين. كأين ، وكيف ، وحيث ، وأمس.

٤ ـ وإمّا لأن حركته ضرورية ، وهي الحروف الأحادية كالباء واللام والواو والفاء ، لأنه لا يمكن النطق بالساكن أولا ، سواء كان في الأول لفظا أو تقديرا ، كالكاف في نحو رأيتك. لأنها وإن كانت متصلة لفظا ، فهي منفصلة تقديرا وحكما ، لأن ضمير المنصوب في حكم المنفصل. وإذا كانت منفصلة حكما لزم الابتداء بالساكن حكما ، لو لم يحرّك. بخلاف الألف والواو في (قاما وقاموا) لأن ضمير الفاعل ليس في حكم المنفصل فلا يلزم منه الابتداء بالساكن حكما. ذكر ذلك في (البسيط).

قاعدة : القول في بناء الكلمة التي على حرف واحد

قال ابن النحاس في (التعليقة) : كل كلمة على حرف واحد مبنية يجب أن تبنى على حركة تقوية لها ، وينبغي أن تكون الحركة فتحة طلبا للتخفيف ، فإن سكن منها شيء كالياء في غلامي فطلبا لمزيد التخفيف.


فائدة : الخلاف في علل البناء

قال ابن النحاس في (التعليقة) : في علل البناء خلاف :

آ ـ فمذهب ابن السرّاج وأبي علي ومن تبعه أن علل البناء منحصرة في شبه الحرف ، أو تضمّن معناه.

ب ـ وعدّ الزمخشريّ والجزوليّ وابن معط وابن الحاجب وجماعة آخرون علل البناء خمسة : هذين ، والوقوع موقع المبنيّ ، ومناسبة المبنيّ ، والإضافة إلى المبنيّ.

ج ـ وزاد ابن عصفور سادسة ، وهي : الخروج عن النظائر ، كأيّ في : (أَيُّهُمْ أَشَدُّ) [مريم : ٦٩] ووجه خروجها عن نظائرها حذف صدر صلتها من غير طول.

قال ابن النحّاس : وينبغي على هذا التعداد أن يضاف إليهنّ سابعة ، وهي تنزّل الكلمة منزلة الصدر من العجز ، كبعل في بعلبكّ ، وخمسة في خمسة عشر.

وعلّل بعضهم بناء أسماء الأفعال بأنها لا تعقد ولا تركّب على الأصح ، والإعراب إنما يستحق بعد العقد والتركيب ، فتكون هذه علة أخرى مضافة إلى ما عددنا من العلل فتكون ثامنة. وقد علّل بهذه العلة بناء حروف الهجاء : باء ، تاء ، ثاء وأسماء العدد في قولهم : واحد ، اثنان ، ثلاثة ، أربعة. وكذا كلّ ما لم يعقد ولم يركّب.

وجعل ابن عصفور علة بناء المنادى وأسماء الأفعال واحدة ، وهي وقوعهما موقع الفعل.

وفرّق الزمخشريّ : فجعل علة بناء أسماء الأفعال هذه ، وجعل علة المنادى وقوعه موقع ما أشبه ما لا تمكّن له ، وهو أنه يقول : إن المنادى واقع موقع كاف أدعوك ، وكاف أدعوك أشبهت كاف ذاك والنجاءك لاشتراكهما في الخطاب ، فتكون تاسعة.

وكذلك جعل ابن عصفور الإضافة إلى مبنيّ مطلقا علة واحدة.

والزمخشريّ عبّر عنها بأن قال : أو إضافته إليه. يعني إلى ما لا تمكّن له.

فناقشه ابن عمرون ، وقال يرد عليه : (يومئذ) فإنه مضاف إلى ما أشبه ما لا تمكّن له ، فيحتاج أن يقول الزمخشري : إلى ما لا تمكّن له كالمضاف إلى الفعل ، أو إلى ما أشبه ما لا تمكّن له كالمضاف إلى إذ نحو : يومئذ ، وما أشبهه ، فتكون عاشرة.

ويضاف إليه حادية عشرة وهي : تركيب المعرب مع الحرف نحو : لا رجل والفعل المؤكد بالنونين على أحد التعليلين في كل واحد منهما ، وهذه العلل كلّها موجبة إلا الإضافة إلى المبني ، فإنها مجوّزة ، انتهى.


تنبيه : رأي ابن مالك في علة البناء والرد عليه

حصر ابن مالك (١) علة البناء في شبه الحرف ، وتعقّبه أبو حيّان بأن الناس ذكروا للبناء أسبابا غيره.

وأجيب بأنه لم ينفرد به ، فقد نقله جماعة عن ظاهر كلام سيبويه ، ونقله ابن القوّاس عن أبي علي الفارسي وغيره (٢).

وقال صاحب (البسيط) : اختلف النحاة في علة البناء ، فذهب أبو الفتح إلى أنها شبه الحرف فقط ، انتهى.

ورأيته أنا في (الخصائص) (٣) : لأبي الفتح ، وعبارته : إنما سبب بناء الاسم مشابهته للحرف لا غير. ورأيته أيضا في الأصول لابن السرّاج ، وفي التعليقين لأبي البقاء ، وفي الجمل للزجاجي ، وذكر بعض شرّاحه أنه مذهب الحذّاق من النحويين.

ضابط : أقسام المركب من المبنيات

قاب ابن الدهّان في (الغرّة) : المركب من المبنيّات سبعة أقسام.

الأول : اسم بني مع اسم ، نحو : خمسة عشر ونحوه.

الثاني : اسم بني مع صوت ، نحو : سيبويه.

الثالث : فعل بني مع اسم ، نحو : حبّذا.

الرابع : حرف بني مع اسم ، نحو : لا رجل.

الخامس : حرف بني مع فعل ، نحو : هلمّ.

السادس : صوت بني مع صوت ، نحو : حيّ هلا.

السابع : حرف بني مع حرف ، نحو : هلّا. ولم يذكره ابن السرّاج في القسمة.

وزاد قوم قسما آخر. فقالوا : فعل بني مع حرف ، نحو : تضربنّ ويضربن. وهذا يستغنى عنه بهلمّ وقسمه.

ضابط : المبني في بناء بعض الحروف

قال الشيخ علم الدين السخاويّ في (تنوير الدياجي) : ليس في العربية مبنيّ

__________________

(١) انظر تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد (ص ٧).

(٢) انظر شرح التسهيل (١ / ٢٨).

(٣) انظر الخصائص (٣ / ٥٠).


تدخل عليه اللام إلا رجع إلى الإعراب ، كأمس إذا عرّف باللام صار معربا ، إلا المبني في حال التنكير ، فإن اللام إذا دخلته لا تمكّنه ، لأنه قد أصابه البناء في الحال التي توجب التخفيف والتمكّن ، وهي حال التنكير ، فإذا دخلته اللام لم تمكّنه ، ولم يعرّف نحو : خمسة عشر وإخوته فإنه مبنيّ ، فإذا دخلته اللام بقي معها على بنائه.

ضابط : الرأي في بناء بعض الحروف

قال ابن الدهان في (الغرّة) : ليس في الحروف ما هو مبني على الضم غير منذ ، والأفعال ليس فيها ذلك ، وأما (ضربوا) فالضمة عارضة للواو ، والعارض لا اعتداد به ، كما نقول في حركة التقاء الساكنين. ولهذا لم يردّ المحذوف في : لم يقم الآن ومثل ذلك (مذ) فيمن ضمّ ، وجماعة يعتدّون به بناء ، منهم الربعيّ ، وقد بني حرف آخر على الضم ، وهو ربّ في لغة قوم. وجعل بعضهم (من الله) من هذا القسم.

قاعدة : النصب أخو الجر

النصب أخو الجرّ ، ولذا حمل عليه في بابي المثنى والجمع دون المرفوع.

قال ابن بابشاذ في (شرح المحتسب) : وإنما كان أخاه لأنه يوافقه في كناية الإضمار نحو : رأيتك ، ومررت بك ، ورأيته ، ومررت به ، وهما جميعا من حركات الفضلات ، أعني النصب والجرّ ، والرفع من حركات العمد.

فائدة : معنى : الجمع على حد التثنية

قال السخاوي في (شرح المفصّل) : معنى قولهم : الجمع على حدّ التثنية أن هذا الجمع لا يكون إلا لما يجوز تنكير معرفته ، وتعريف نكرته ، كالتثنية ، فكما أن التثنية لا تكون إلا كذلك فهذا الجمع على حدّها المحدود لها ، ويسمى جمع السلامة ، وجمع الصحة لسلامة بناء الواحد فيه وصحته ، ويسمى الجمع على هجائين ، لأنه مرة بالواو ومرة بالياء.

قال : وقد عدّ بعض النحاة لهذه الواو ثمانية معان ، فقال : هي علامة الجمع ، والسلامة ، والعقل ، والعلمية ، والقلة ، والرفع ، وحرف الإعراب ، والتذكير.

فائدة : سبب إعراب الأسماء الستة بالحروف : قال ابن يعيش (١) : ذهب قوم إلى أن

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٥٢).


الأسماء الستة إنما أعربت بالحروف توطئة لإعراب التثنية والجمع بالحروف ، وذلك أنهم لما التزموا إعراب التثنية والجمع بالحروف جعلوا بعض المفردة بالحروف ، حتى لا يستوحش من الإعراب في التثنية والجمع السالم بالحروف. قال : ونظير التوطئة هنا قول أبي إسحاق : إن اللام الأولى في نحو قولهم : والله لئن زرتني لأكرمنّك ، إنما دخلت زائدة موطّئة مؤذنة باللام الثانية ، والثانية هي جواب القسم ومعتمده.

فائدة : قال ابن النحاس في (التعليقة) : المضمر الذي يضاف إليه (كلا وكلتا) ثلاثة ألفاظ : كما ، وهما ، ونا.

قاعدة : لا يجتمع إعرابان في آخر كلمة

قال في (البسيط) : لا يمكن اجتماع إعرابين في آخر كلمة ، ولهذا حكيت الجمل المسمّى بها ، ولم تعرب ، ولأنها لو أعربت لم تخل إما أن تعرب الأول أو الثاني أو مجموعهما ، لا جائز تخصيص الأول بالإعراب ، لأنه كالجزء من الكلمة ولأدائه إلى وقوع الإعراب وسطا. ولا جائز تخصيص الثاني لأن الأول يشاركه في التركيب والإعراب قبل النقل ، فتخصيصه بعد النقل بالثاني ترجيح بلا مرجّح. ولا جائز إعرابهما معا ، لأن الإعراب يقع في الآخر ، ولا يمكن اشتراكهما في شيء يقع الإعراب عليه ، كآخر المفردات ، فلذلك تعذّر إعرابهما.

ضابط : ليس في الأسماء المعربة اسم آخره واو قبلها ضمة

قال ابن فلاح في (المغني) : لا يوجد في الأسماء المعربة اسم آخره واو قبلها ضمة ، لأنهم أرادوا تخصيص الفعل بشيء لا يوجد في الاسم ، كما خصّوا الاسم بشيء لا يوجد في الفعل ، ولأنه لو كان لأدى إلى اجتماع ما يستثقل في النسبة والإضافة ، فلذلك رفض ، وأما (السمندو) فاسم أعجميّ ، وأما (هو) فمبنيّ ، وأما الأسماء الستة فالواو فيها بمنزلة الحركة.

فائدة : المراد بلفظ الثقل في حروف العلة : في تذكرة ابن مكتوم عن تعاليق ابن جنّي : المراد بالثّقل في حروف العلة الضعف لا ضدّ الخفة ، فلما كانت هذه الحروف ضعيفة استثقلوا تحريكها ، ويدل على أن المراد بالثقل هذا أن الألف أخفّ الحروف ، وهي لا تتحرك أبدا.

ضابط : أقسام حذف نون الرفع

قال ابن هشام في (تذكرته) : حذف نون الرفع على ثلاثة أقسام :


واجب : وذلك بعد الجازم والناصب.

وجائز : وذلك قبل لفظ (ني) أي : قبل نون الوقاية ، فالحاصل أنها تحذف باطّراد بعد الجازم والناصب ، وقبل (ني) ، لكن الأول واجب ، وهذا جائز ، يجوز معه الإثبات وهو الأصل ، ولك فيه الفكّ على الأصل ، والإدغام تخفيفا.

ونادر : لا يقع إلا في ضرورة أو شذوذ ، وذلك فيما عدا هذين. نحو : «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابّوا» (١). وقوله (٢) : [الرجز]

أبيت أسري وتبيتي تدلكي

وجهك بالعنبر والمسك الذّكي

ومعتمد الأول عندي اقترانه بتدخلوا وتحابّوا. فنوسب بينهنّ ، مع تشبيه (لا) في اللفظ بالناهية ، انتهى.

باب المنصرف وغير المنصرف

واصطلاح الكوفيين المجرى وغير المجرى ، قاله في (البسيط).

قال : والعلل المانعة من الصرف تسع ، وإنما انحصرت فيها لأن النحاة سبروا الأشياء التي يصير الاسم بها فرعا فوجدوها تسعا ، ويجمعها قوله : [الطويل]

إذا اثنان من تسع ألمّا بلفظة

فدع صرفها. وهي : الزيادة والصفه

وجمع وتأنيث ، وعدل ، وعجمة

وإشباه فعل ، واختصار ، ومعرفه

وقال ابن خروف في (شرح الجمل) : أنشد الأستاذ أبو بكر بن طاهر في العلل المانعة من الصرف : [الطويل]

موانع صرف الاسم عشر فهاكها

ملخّصة ، إن كنت في العلم تحرص

فجمع ، وتعريف ، وعدل ، وعجمة

ووصف ، وتأنيث ، ووزن مخصّص

وما زيد في عدّ وعمران فانتبه

وعاشرها التركيب ، هذا ملخّص

وقال الإمام أبو القاسم الشاطبيّ صاحب (الشاطبية) رحمه الله : [الطويل]

دعوا صرف جمع ليس بالفرد أشكلا

وفعلان فعلى ، ثم ذي الوصف أفعلا

وذو ألف التأنيث والعدل عدة

والأعجم في التعريف خصّ مطوّلا

__________________

(١) أخرجه أبو داود في سننه ـ الأدب ، باب : (١٤٣) ، والترمذي في سننه (٢٦٨٨) ، وأحمد في مسنده (٢ / ٣٩١).

(٢) مرّ الشاهد رقم (٢٣).


وذو العدل والتركيب بالخلف والذي

بوزن يخصّ الفعل ، أو غالب علا

وما ألف مع نون أخراه زيدتا

وذو هاء وقف ، والمؤنّث أثقلا

وقال بعضهم : [البسيط]

اجمع ، وزن ، عادلا ، أنّث بمعرفة

ركّب ، وزد عجمة ، فالوصف قد كملا

وقال آخر : [البسيط]

عدل ، ووصف ، وتأنيث ، ومعرفة

وعجمة ، ثم جمع ، ثم تركيب

والنون زائدة من قبلها ألف

ووزن فعل ، وهذا القول تقريب

ونقلت من خطّ الإمام أبي حيّان ، قال : أنشدنا شيخنا الإمام بهاء الدين بن النحاس في (موانع الصرف) لنفسه : [الكامل]

ووزن المركّب عجمة تعريفها

عدل ووصف الجمع زد تأنيثا

وقال الشيخ تاج الدين بن مكتوم في ذلك : [البسيط]

موانع الصّرف ووزن الفعل يتبعه

عدل ، ووصف ، وتأنيث ، وتمنعه

نون تلت ألفا زيدا ، ومعرفة

وعجمة ، ثم تركيب ، وتجمعه

أي وجمعه. وقال أيضا : [الطويل]

إذا رمت إحصاء الموانع للصرف

فعدل وتعريف مع الوزن والوصف

وجمع وتركيب ، وتأنيث صيغة

وزائدتي فعلان ، والعجمة الصرف

وقال أيضا : [الطويل]

موانع صرف الاسم تسع فهاكها

منظّمة إن كنت في العلم ترغب

هي العدل ، والتأنيث والوصف عجمة

وزائدتا فعلان ، جمع ، مركّب

وثامنها التعريف ، والوزن تاسع

وزاد سواها باحث يتطلّب

قاعدة : الأصل في الأسماء الصرف

الأصل في الأسماء الصرف ، ولذا لم يمنع السبب الواحد اتفاقا ما لم يعتضد بآخر يجذبه عن الأصالة إلى الفرعية.

قال في (البسيط) : ونظيره في الشرعيات أن الأصل براءة الذمة ، فلا يقوى الشاهد على شغل الذمة ما لم يعتضد بآخر. ومن فروع ذلك أنه يكفي في عوده إلى


الأصل أدنى شبهة ، لأنه على وفق الدليل ، ولذلك صرف (أربع) من قولك : مررت بنسوة أربع ، مع أن فيه الوصف والوزن اعتبارا لأصل وضعه ، وهو العدد.

وقال ابن إياز : أصل الأسماء الصرف لعلّتين :

إحداهما : أن أصلها الإعراب ، فينبغي أن تستوفي أنواعه.

والثانية : أن امتناع الصرف لا يحصل إلا بسبب زائد ، والصرف يحصل بغير سبب زائد ، وما حصل بغير سبب زائد أصل لما حصل بسبب زائد.

فإن قيل : لم لم تكن العلّة الواحدة مانعة من الصرف؟ قيل لوجوه :

أحدها : أن الأصل في الأسماء أن تكون منصرفة ، فليس للعلة الواحدة من القوة ما يجذبه عن الأصل ، وشبهوا ذلك ببراءة الذمة ، فإنها لما كانت هي الأصل لم تصر مشتغلة إلا بشهادة عدلين ، وذلك لأن الأصول تراعى ويحافظ عليها.

الثاني : أن الأسماء التي تشبه الأفعال من وجه واحد كثيرة.

ولو راعينا الوجه الواحد ، وجعلنا له أثرا كان أكثر الأسماء غير منصرف ، وحينئذ تكثر مخالفة الأصل.

الثالث : أن الفعل فرع عن الاسم في الإعراب ، فلا ينبغي أن يجذب الأصل إلى حيّز الفرع إلا بسبب قويّ.

فائدة : قال ابن مكتوم في تذكرته ، أنشد ابن خالويه في كتاب ليس [الطويل]

٢٧١ ـ فما خلّيت إلا الثلاثة والثّنى

ولا قيّلت إلّا قريبا مقالها

وهو حجّة لأنه أدخل تاء التأنيث على (ثلاث) المعدول ، وهو غريب.

فائدة : باب فعلان فعلى سماعي

قال في (البسيط) : باب فعلان فعلى ، كسكران سكرى ، وغضبان غضبى ، وعطشان عطشى إنما يعرف بالسماع دون القياس ، وقال ابن مالك ـ رحمه الله ـ : [الهزج]

أجز فعلى لفعلانا

إذا استثنيت حبلانا

ودخنانا ، وسخنانا

وسيفانا ، وضحيانا

وصوجانا ، وعلّانا

وقشوانا ، ومصّانا

وموتانا ، وندمانا

وأتبعهنّ نصرانا

__________________

٢٧١ ـ الشاهد بلا نسبة في لسان العرب (ثلث) ، و (ثني) ، وتاج العروس (ثلث) ، و (ثني) ، وفي اللسان : (فما حلبت).


ضابط : أنواع العدل

في (شرح المفصّل) للأندلسي قال الخوارزميّ : العدل على أربعة وجوه :

١ ـ عدل في الأعداد ، نحو : أحاد ومثنى وثلاث.

٢ ـ وعدل في الأعلام ، نحو : عمر والقياس عامر.

٣ ـ وعدل من اللام ، نحو : سحر.

٤ ـ وعدل من اللام حكما ، نحو : آخر. وهذا لأن آخر في الأصل أفعل التفضيل ، وهو ضدّ أوّل. ورجل آخر ، معناه أشدّ تأخرا في الذكر ، هذا أصله ، ثم أجري مجرى غيره ، ومن شأن أفعل التفضيل أن يعتقب عليه أحد الثلاثة ، وهنا لا مدخل ل (من) ، لأن (أفعل من) متى اقترن به (من) لم يجز تصريفه ، وهاهنا قد صرف ، فعلم أنه غير مقترن بمن ، وأخر لا يضاف ، فلا يقال : هنّ أخر النساء. فتعيّن أن يكون معرّفا باللام ، وهو غير معرف لفظا ، بل منكر لفظا ، ومعرّف معنى وحكما ، منزّل منزلة اسم بمن ، وإنما التزم حذف من لأنه أجري مجرى غير ، وإنما وجب تصريفه لأنه غير مضاف ، وإنما حذف اللام لكونه معلوما.

قاعدة : لا عبرة باتفاق الألفاظ ولا باتفاق الأوزان للمنع من الصرف

قال في (البسيط) : لا عبرة باتفاق الألفاظ ، ولا باتفاق الأوزان.

أما الأول : فإسحاق ويعقوب وموسى أسماء الأنبياء غير منصرفة ، وإسحاق مصدر أسحق الضّرع إذا ذهب لبنه ، ويعقوب لذكر الحجل ، وموسى لما يحلق به مصروفة. ومن قال : إنما سمّي يعقوب لأنه خرج من بطن أمّه آخذا بعقب عيص فهو من موافقة اللفظ ، وليس بمشتقّ ، لأن الاشتقاق من العربي يوجب الصرف. وكذلك إبليس لا ينصرف للمعرفة والعجمة ، ومن زعم أنه مشتق من أبلس إذا يئس فقد غلط لأن الاشتقاق من العربي يوجب الصرف ، وإنما هو من اتفاق الألفاظ.

وأما الثاني : فإن جالوت وطالوت وقارون غير منصرفة ، وجاموس وطاوس وراقود مصروفة لكونها نكرات. ولا عبرة باتفاق الأوزان.

ضابط : ما لا ينصرف ضربان

ما لا ينصرف ضربان : ضرب لا ينصرف في نكرة ولا معرفة ، وضرب لا ينصرف في المعرفة فإذا تنكّر انصرف. وقد نظم ذلك الشيخ علم الدين السخاويّ فقال : [الطويل]

مساجد مع حبلى وحمراء بعدها

وسكران يتلوه أحاد وأحمر

فذي ستّة لم تنصرف كيفما أتت

سواء إذا ما عرّفت أو تنكّر


وعثمان إبراهيم طلحة زينب

ومع عمر قل : حضرموت يسطّر

وأحمد فاعدد سبعة جاء صرفها

إذا نكّرت ، والباب في ذاك يحصر

قاعدة : الألف واللام تلحق الأعجمي بالعربي

الأعجميّ إذا دخلته الألف واللام التحق بالعربيّ ، فلو سمّي رجل بيهود صرف على كلّ حال إذا قلنا إنه أعجمي ياؤه من نفس الكلمة ، وإن قلنا إنّ ياءه زائدة ، كيقوم ، لم ينصرف في المعرفة لأنه على وزن (يقوم)

قاعدة : التعريف يثبت التأنيث والعجمة والتركيب

قال ابن جنّي في (الخاطريّات) : التعريف يثبت التأنيث والعجمة والتركيب ، والتنكير يسقط حكم ذلك ، ومن قوة حكم التعريف في منعه الصرف أنك تعتدّ معه العجمة والتأنيث والتركيب ، ولا تعتدّ واحدا من ذلك مع عدم التعريف ، وإن اجتمع فيه سببان أحدهما ما ذكرنا.

ألا ترى أنك تصرف أربعا ، وإن كان فيه الوزن والتأنيث ، وباذنجانا وإن كان فيه التركيب والعجمة وحضرموت اسم امرأة إذا نكّر ، وإن كان في التركيب والتأنيث ، ولا تصرف شيئا من ذلك معرفة ، فهذا يدلّ على قوة الاعتداد بالتعريف ، وأنه سبب أقوى من التأنيث والعجمة والتركيب.

ضابط : صرف ما لا ينصرف في الشعر

يجوز للشاعر صرف ما لا ينصرف للضرورة ، لأنه يردّه إلى أصله ، وهو الصرف ، أو يستفيد بذلك زيادة حرف في الوزن.

قال في (البسيط) : ويستثنى ما في آخره ألف التأنيث المقصورة ، نحو حبلى ودنيا وسكرى ، فإنه لا يجوز له صرفه ، إذ لا يستفيد به فائدة ، لأن التنوين يحذف الألف ، فيؤدي إلى الإتيان بحرف ساكن. وحذف حرف ساكن ، ويستثنى أيضا أفعل منك عند الكوفيين ، فإنهم لا يجيزون صرفه لملازمته (منك) الدالّة على المفاضلة ، فصار لذلك بمنزلة المضاف.

ومذهب (١) البصريّين جواز صرفه لاستفادة زيادة حرف ووجود (من) لا يمنع من تنوينه ، كما لم يمنع من تنوين (خيرا منه وشرا منه) ، وهما بوزن أفعل في التقدير.

__________________

(١) انظر الإنصاف (ص ٤٨٨) ، المسألة (٦٩).


وقال ابن يعيش (١) : جميع ما لا ينصرف يجوز صرفه في الشعر لإتمام القافية وإقامة وزنها بزيادة التنوين ، وهو من أحسن الضرورات لأنه ردّ إلى الأصل ، ولا خلاف في ذلك إلا ما كان في آخره ألف التأنيث المقصورة ، فإنه لا يجوز للضرورة صرفه ، لأنه لا ينتفع بصرفه ، لأنه لا يسدّ ثلمة في البيت من الشعر ، وذلك أنك إذا نوّنت مثل حبلى وسكرى حذفت ألف التأنيث لسكونها وسكون التنوين بعدها ، فلم يحصل بذلك انتفاع ، لأنك زدت التنوين ، وحذفت الألف ، فما ربحت إلا كسر قياس ، ولم تحظ بفائدة.

وقال ابن هشام في (تذكرته) : قال ابن عصفور كالمستدرك على النحاة : إنه يستثنى من قولنا ما لا ينصرف إذا اضطر إلى تنوينه صرف ما فيه ألف التأنيث المقصورة ، وتوجيهه أنه لا يجوز في الضرورة صرفه بوجه ، لأنك لو فعلته لم تعمل أكثر من أن تحذف حرفا ، وتضع آخر مكانه ، ولا ضرورة بك إلى ذلك.

قال ابن هشام : وكنت أقول لا يحتاج النحاة إلى استثناء هذا ، لأن ما فيه ألف التأنيث المقصورة لم يضطر إلى تنوينه على ما قال ، وكلامنا فيما يضطر إلى تنوينه.

ثم حكي لي عن ابن الصائغ أنه ردّ عليه فيما له على المقرّب استثناء هذا ، وأنه أفسد تعليله ، وقال : سلّمنا أنه لا فائدة في إزالة حرف ووضع حرف ، لكن ثمّ أمر آخر ، وهو أن هذا الحرف الذي وضعناه موضع الألف حرف صحيح قابل للحركة ، فإذا حرّك بأن يكسر لالتقاء الساكنين حصل به ما لم يكن قبل. وهذا حسن جدا.

فائدة : في (تذكرة التاج) لابن مكتوم قال في المستوفى : لا تكاد التثنية توجد إلا في اللغة العربية.

باب النكرة والمعرفة

قاعدة : التنكير أصل في الأسماء

الأصل في الأسماء التنكير ، والتعريف فرع عن التنكير.

قال ابن يعيش (٢) في (شرح المفصّل) : أصل الأسماء ، أن تكون نكرات ، ولذلك كانت المعرفة ذات علامة وافتقار إلى وضع لنقلها عن الأصل.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٦٧).

(٢) انظر شرح المفصّل (١ / ٥٩).


وقال صاحب (البسيط) : النكرة سابقة على المعرفة لأربعة أوجه :

أحدها : أن مسمّى النكرة أسبق في الذهن من مسمّى المعرفة. بدليل طريان التعريف على التنكير.

والثاني : أن التعريف يحتاج إلى قرينة من تعريف وضع أو آلة بخلاف النكرة ، ولذلك كان التعريف فرعا من التنكير.

الثالث : أن لفظ شيء ومعلوم يقع على المعرفة والنكرة ، فاندراج المعرفة تحت عمومهما دليل على أصالتها ، كأصالة العامّ بالنسبة إلى الخاصّ ، فإن الإنسان مندرج تحت الحيوان ، لكونه نوعا منه ، والجنس أصل لأنواعه.

الرابع : أن فائدة التعريف تعيين المسمّى عند الإخبار للسامع ، والإخبار يتوقف على التركيب ، فيكون تعيين المسمى عند التركيب ، وقبل التركيب لا إخبار ، فلا تعريف قبل التركيب.

قال : ومع أن النكرة الأصل ، فإنها إذا اجتمعت مع معرفة غلبت المعرفة ، كقولك : هذا رجل وزيد ضاحكين ، فتنصب على الحال ، لأن الحال قد جاءت من النكرة دون وصف المعرفة بالنكرة. ونظيره تغليب أعرف المعرفتين على الأخرى ، كقولك : أنا وأنت قمنا : وأنت وزيد قمتما.

وقال في باب ما لا ينصرف : التعريف فرع التنكير ، لأنه مسبوق بالتنكير ، ودليل سبق التنكير من ثلاثة أوجه :

أحدها : أن النكرة أعمّ ، والعامّ قبل الخاص ، لأن الخاصّ يتميز عن العام بأوصاف زائدة على الحقيقة المشتركة.

والثاني : أن لفظة (شيء) تعمّ الموجودات ، فإذا أريد بعضها خصّص بالوصف أو ما قام مقامه ، والموصوف سابق على الوصف.

والثالث : أن التعريف يحتاج إلى علامة لفظية أو وضعية.

وقال ابن هشام في (تذكرته) : يدل على أن الأصل في الأسماء التنكير أنّ التعريف علة منع الصرف ، وعلل الباب كلّها فرعية ، وأنه لا يجوز في : رأيت البكر أن ينقل على من قال : [الرجز المشطور]

٢٧٢ ـ علّمنا إخواننا بنو عجل

[شرب النبيذ واصطفافا بالرّجل]

__________________

٢٧٢ ـ الشاهد بلا نسبة في لسان العرب (عجل) ، والنوادر (ص ٣٠) ، والخصائص (٢ / ٣٣٥) ، والإنصاف رقم الشاهد (٤٥٣)


حملا على رأيت بكرا ، وإنما يحمل على الأصل.

علامات النكرة : (فائدة) قال في (البسيط) : علامات النكرة دخول لام التعريف عليها ، نحو : رجل والرجل. ودخول ربّ ، نحو : ربّ رجل ، وتختصّ بالدخول على غيرك ومثلك وشبهك من دون اللام.

والتنوين في أسماء الأفعال ، وفي الأعلام فيما لا ينصرف ، نحو : صه ومه وإبراهيم. والجواب في كيف ، كقولك : كيف زيد؟ فيقال : صالح. فإنه إنما عرف تنكيرها بالجواب ، كما عرف أن (متى) ظرف زمان ، (وأين) ظرف مكان بالجواب.

ودخول (من) المفيدة للاستغراق ، نحو ما جاءني من رجل ، وما لزيد من درهم. ودخول (كم) ، نحو : كم رجل جاءني.

ودخلو (لا) التي تعمل عمل (إن) ، أو التي تعمل عمل (ليس) عليها اسما وخبرا ، وصلاحية نصبها على الحال أو التمييز.

ضابط : أنواع المعارف ودليل حصرها في هذه الأنواع

قال في (البسيط) : المعارف سبعة أنواع : المضمرات ، والأعلام ، وأسماء الإشارة ، والموصولات ، وما عرّف باللام ، وما أضيف إلى واحد من هذه الخمسة ، والنكرة المتعرفة بقصد النداء.

وزاد قوم أمثلة التأكيد : أجمعون وأجمع ، وجمعاء وجمع. وقالوا : إنها صيغ مرتجلة وضعت لتأكيد المعارف لخلوّها عن القرائن الدالة على التعريف من خارج ، وتقدير المعرف الخارجي بعيد. قال : ويؤكّد هذا القول أن أجمعين لم يتنكر بجمعه ، ولو كان جمع أجمع لتنكّر ، كما يتنكّر العلم عند الجمع. فدلّ على أنه صيغة مرتجلة لتأكيد الجمع المعرّف.

قال : وعلى هذا القول ، فتكون أنواع المعارف ثمانية ، وإنما انحصرت فيها لأن اللفظ إما أن يدل على التعريف بنفسه أو بقرينة زائدة عليه ، والدالّ بنفسه إما أن يكون بالنظر إلى مسمّاه ، وهو العلم ، أو بالنظر إلى تبعيته لتقوية المعرفة ، قبله ، وهي هذه الألفاظ الدالة على التأكيد.

والدالّ بقرينة زائدة إما أن تكون متقدمة أو متأخرة : والمتقدمة إما أن تكون متصلة أو منفصلة. فالمتصلة لام التعريف. والمنفصلة إما أن تعرف بالقصد ، وهي حروف النداء. أو بغيره ، وهي القرائن المعرّفة الضمائر. والمتأخرة إما أن تكون


متصلة أو منفصلة ، فالمتصلة الإضافة ، والمنفصلة إما أن تكون جنسا وهو صفة اسم الإشارة ، أو جملة وهي صلة الموصولات ، فإنها تعرف بها.

واللام في الذي والتي لتحسين اللفظ لا للتعريف ، بدليل أن بقية الموصولات معارف ، وهي عارية عن اللام. وإنما تعرف بالصلة لأن (الذي) توصل به إلى وصف المعارف بالجمل ، والصفة لا بدّ من كونها معلومة للمخاطب قياسا على سائر الصفات.

فائدة ـ تقسيم الاسم إلى مظهر ومضمر ومبهم : قال ابن الدهان في (الغرّة) : الأسماء تنقسم إلى ثلاثة أقسام : مظهر ، ومضمر ، ومبهم. والمبهمات هي أسماء الإشارة والموصولات.

وقال قوم : الأسماء تنقسم إلى مظهر ، ومضمر ، ولا مظهر ولا مضمر.

باب المضمر

قاعدة : المضمرات على صيغة واحدة

قال ابن يعيش (١) : أصل المضمرات أن تكون على صيغة واحدة في الرفع والنصب والجرّ ، كما كانت الأسماء الظاهرة على صيغة واحدة ، والإعراب في آخرها يبيّن أحوالها ، وكما كانت الأسماء المبهمة المبنية على صيغة واحدة ، وعواملها تدل على إعرابها ومواضعها.

قاعدة : أصل الضمير المنفصل للمرفوع

قال ابن يعيش : أصل الضمير المنفصل للمرفوع ، لأنّ أوّل أحواله الابتداء وعامل الابتداء ليس بلفظ ، فإذا أضمر فلا بدّ أن يكون ضميره منفصلا. والمنصوب والمجرور عاملهما لا يكون إلا لفظا ، فإذا أضمر اتّصلا به ، فصار المرفوع مختصا بالانفصال.

قاعدة : الضمير المجرور والمنصوب من واد واحد

قال ابن يعيش : الضمير المجرور والمنصوب من واد واحد ، فلذا حمل عليه في التأكيد بالمرفوع المنفصل ، تقول : مررت بك أنت ، كما تقول : رأيتك أنت.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٣ / ٤٣).


ضابط : المواضع التي يعود الضمير فيها على متأخر لفظا ورتبة

المواضع التي يعود الضمير فيها على متأخر لفظا ورتبة سبعة :

أحدها : أن يكون الضمير مرفوعا بنعم وبئس وبابهما ، ولا مفسر إلا التمييز نحو : نعم رجلا زيد.

الثاني : أن يكون مرفوعا بأول المتنازعين ، المعمل ثانيهما ، كقوله : [الطويل]

٢٧٣ ـ جفوني ولم أجف الأخلّاء ، إنّني

[لغير جميل من خليليّ مهمل]

الثالث : أن يكون مخبرا عنه ، فيفسره خبره ، نحو : (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا*) [الأنعام : ٢٩ ، المؤمنون : ٣٧] ، قال الزمخشري : هذا ضمير لا يعلم ما يعنى به إلا بما يتلوه ، وأصله : إن الحياة إلا حياتنا الدنيا ، ثم وضع هي موضع الحياة ، لأن الخبر يدلّ عليها ويبيّنها. قال ابن مالك : وهذا من جيّد كلامه.

الرابع : ضمير الشأن والقصة ، نحو : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١] ، (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الأنبياء : ٩٧].

الخامس : أن يجرّ بربّ ، ويفسره التمييز ، نحو : ربّ رجلا.

السادس : أن يكون مبدلا منه الظاهر المفسّر له ، كضربته زيدا.

السابع : أن يكون متصلا بفاعل مقدّم ، ومفسّره مفعول مؤخّر ، كضرب غلامه زيدا.

قاعدة : متى يكون الفاعل والمفعول ضميرين متصلين لشيء واحد

لا يجوز أن يكون الفاعل والمفعول ضميرين متصلين لشيء واحد في فعل من الأفعال ، إلا في : ظننت وأخواتها ، وفي (فقدت وعدمت). قاله البهاء بن النحاس في تعليقه على (المقرّب).

باب العلم

ضابط

قال في (البسيط) : العلم المنقول ينحصر في ثلاثة عشر نوعا. قال : ولا دليل على حصره سوى استقراء كلام العرب :

__________________

٢٧٣ ـ الشاهد بلا نسبة في أوضح المسالك (٢ / ٢٠٠) ، وتخليص الشواهد (ص ٥١٥) ، وتذكرة النحاة (ص ٣٥٩) ، والدرر (١ / ٢١٩) ، وشرح الأشموني (١ / ١٧٩) ، وشرح التصريح (٢ / ٨٧٤) ، ومغني اللبيب (٢ / ٤٨٩) ، والمقاصد النحوية (٣ / ١٤) ، وهمع الهوامع (١ / ٦٦).


١ ـ المنقول عن المركّب : كتأبّط شرّا ، وشاب قرناها (١).

٢ ـ وعن الجمع ، نحو كلاب ، وأنمار.

٣ ـ وعن التثنية ، نحو : ظبيان.

٤ ـ وعن مصغّر ، كعمير ، وسهيل ، وزهير. وحريث.

٥ ـ وعن منسوب : كربعيّ ، وصيفي.

٦ ـ وعن اسم عين : كثور ، وأسد ، لحيوانين. وجعفر لنهر. وعمرو لواحد عمور الأسنان ، فإنه نقل من حقيقة عامة إلى حقيقة خاصة.

٧ ـ وعن اسم معنى : كزيد ، وإياس مصدري زاد وآسى إياسا أعطى ، وليس هو مصدر أيس مقلوب يئس ، لأن مصدر المقلوب يأتي على الأصل.

٨ ـ وعن اسم فاعل : كمالك ، وحارث ، وحاتم ، وفاطمة ، وعائشة.

٩ ـ وعن اسم مفعول : كمسعود ، ومظفّر.

١٠ ـ وعن صوت : كببّة.

١١ ـ وعن الفعل الماضي : كشمّر ، وبذّر ، وعثّر ، وخضّم ولا خامس لها على هذا الوزن. وكعسب.

١٢ ـ وعن المضارع : كيزيد ، ويشكر ، ويعمر ، وتغلب.

١٣ ـ وعن الأمر : وقد جاء عنهم في موضعين :

أحدهما : سمّي بفعل الأمر من غير فاعل في قولهم : اصمت لواد بعينه.

والثاني : مع الفاعل في قولهم : أطرقا لموضع معيّن.

قلت : وينبغي أن يزاد.

١٤ ـ المنقول من صفة مشبّهة : كخديج وخديجة ، وشيخ ، وعفيف.

١٥ ـ ومن أفعل التفضيل : كأحمد ، فإنه أولى من نقله من المضارع.

قاعدة : الشذوذ يكثر في الأعلام

قال الشلوبين : والأعلام يكثر الشّذوذ فيها لكثرة استعمالها ، والشيء إذا كثر استعماله غيّروه.

قاعدة : الأعلام لا تفيد معنى

الأعلام لا تفيد معنى ، لأنها تقع على الشيء ومخالفه وقوعا واحدا ، نحو :

__________________

(١) ورد الاسم في بيت في الكتاب (٢ / ٨٢) ، [الطويل] :

كذبتم وبيت الله لا تنكحونها

بني شاب قرناها تصرّ وتحلب


زيد ، فإنه يقع على الأسود ، كما يقع على الأبيض وعلى القصير ، كما يقع على الطويل.

وليست أسماء الأجناس كذلك ، لأنها مفيدة ، ألا ترى أن رجلا يفيد صفة مخصوصة ، ولا يقع على المرأة من حيث كان مفيدا؟ وزيد يصلح أن يكون علما على الرجل والمرأة. ولذلك قال النحويون : العلم ما يجوز تبديله وتغييره ، ولا يلزم من ذلك تغيير اللغة ، فإنه يجوز أن تنقل اسم ولدك أو عبدك من خالد إلى جعفر ، ومن بكر إلى محمد ، ولا يلزم من ذلك تغيير اللغة ، وليس كذلك اسم الجنس ، فإنك لو سمّيت الرجل فرسا ، أو الفرس جملا كان تغييرا للغة. ذكر ذلك ابن يعيش في (شرح المفصّل.

وفي (البسيط) : يطلق لفظ العلم على الشيء وضدّه ، كإطلاق زيد على الأسود والأبيض. ويجوز نقله من لفظ إلى لفظ ، كنقل اسم ولدك من جعفر إلى محمد لكونه لم يوضع لمعنى في المسمّى ، بدليل تسمية القبيح بحسن ، والجبان بأسد ، والأسود بكافور ، بخلاف أسماء الأجناس ، فإنها وضعت لمعنى عامّ. فيلزم من نقلها تغيير اللغة ، كنقل رجل إلى فرس أو جمل ، بخلاف نقل العلم.

قاعدة : تعليق الأعلام على المعاني أقل من تعليقها على الأعيان

قال ابن جنّي (١) في (الخصائص) ، ثم ابن يعيش (٢) : تعليق الأعلام على المعاني أقل من تعليقها على الأعيان ، وذلك لأن الغرض منها التعريف ، والأعيان أقعد في التعريف من المعاني ، وذلك لأن العيان يتناولها لظهورها له ، وليس كذلك المعاني ، لأنها تثبت بالنظر والاستدلال ، وفرّق بين علم الضرورة بالمشاهدة وبين علم الاستدلال.

فائدة ـ وجود العلم جنسا معرفا باللام : في (تذكرة ابن الصائغ) قال : نقلت من مجموع بخط ابن الرمّاح : قد يرد العلم جنسا معرّفا باللام التي لتعريف الجنس ، وذلك بعد نعم وبئس ، فتقول : نعم العمر عمر بن الخطّاب ، وبئس الحجّاج حجّاج بن يوسف ، لأن (نعم) لا تدخل إلا على جنس معرّف.

وقد يجعل العلم جنسا منكّرا ، وذلك بعد (لا) ، نحو : [الرجز]

__________________

(١) انظر الخصائص (٢ / ١٩٧).

(٢) انظر شرح المفصّل (١ / ٣٧).


٢٧٤ ـ لا هيثم اللّيلة للمطيّ

[ولا فتى مثل ابن خيبريّ]

ولا بصرة لكم ولا بصر ، ولا أبا حسن لها (٢).

باب الإشارة

قال ابن هشام في (تذكرته) : من أسماء الإشارة ما لا يستعمل إلا ب (ها) أو بالكاف ، وهو (تي).

ومنها : ما لا يستعمل بشيء منها ، وهو (ثمّ). ومنها : ما لا يستعمل بالكاف ، وهو (ذي).

قال أحمد بن يحيى : لا يقال : ذيك ، ولا أعلم منها ما يستعمل بالكاف ، ويمتنع من (ها) ، فهذا قسم ساقط ، والباقي يستعمل تارة بهذا ، وتارة بهذا ، بحسب ما يرد من المعنى.

باب الموصول

أسماء الصلة

فائدة : قال ابن يعيش (٣) : أكثر النحويين يسمّي صلة الموصول صلة ، وسيبويه (٤) يسمّيها حشوا ، أي : إنها ليست أصلا ، وإنما هي زيادة يتم بها الاسم ، ويوضّح معناه.

وقال الأندلسيّ : الصلة تقال بالاشتراك عندهم على ثلاثة أشياء صلة الموصول ، وهذا الحرف صلة ، أي : زائد ، وحرف الجرّ صلة بمعنى وصلة ، كقولك : مررت بزيد ، فالباء صلة أي : وصلة.

فائدة ـ تعريف الموصولات بالألف واللام : ذهب قوم إلى أن تعريف الموصولات

__________________

٢٧٤ ـ الرجز لبعض بني دبير في الدرر (٢ / ٢١٣) ، وبلا نسبة في الكتاب (٢ / ٣٠٨) ، وأسرار العربية (ص ٢٥٠) ، وتخليص الشواهد (ص ١٧٩) ، وخزانة الأدب (٤ / ٥٧) ، ورصف المباني (ص ٢٦٠) ، وسرّ صناعة الإعراب (١ / ٥٩) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ١٠٥) ، وشرح المفصّل (٢ / ١٠٢) ، والمقتضب (٤ / ٣٦٢) ، وهمع الهوامع (١ / ١٤٥).

(١) انظر الكتاب (٢ / ٩٢).

(٢) انظر شرح المفصّل (٣ / ١٥١).

(٣) انظر الكتاب (٢ / ١٠٣).


بالألف واللام ظاهرة في الذي والتي ، وتثنيتهما وجمعهما ، ومنويّة في (من وما) ونحوهما.

والصحيح أن تعريف الجميع بالصلة ، ونظير ذلك المنادى نحو : يا رجل.

قيل : يعرف بالخطاب ، وقيل : باللام المحذوفة. وكأن (يا) أنيبت منابها.

قال الأبّذيّ في شرح الجزولية : وهو الصحيح ألا ترى أنك تقول : أنت رجل قائم ، ولا يتعرّف (رجل) بالخطاب ، فكأنّ يا رجل في الأصل تجتلب له (أل) التي للحضور ، ثم اختصرت ، ولذا ألزمت (يا) ولم تحذف لئلا يتوالى الحذف ، ولأنها صارت عوضا ، انتهى.

ضابط : في حذف العائد

قال ابن الصباغ في (شرح الألفية) : تلخيص القول في حذف العائد أن يقال : إما أن يكون مرفوعا ، أو منصوبا ، أو مجرورا :

أ ـ إن كان مرفوعا فإما أن يكون مبتدأ أو غيره ، إن كان غير مبتدأ لم يجز الحذف ، وإن كان مبتدأ فإما أن يعطف عليه أو يعطف على غيره وإما لا. في الأول لا يحذف ، والثاني : إما أن يصلح ما بعده صلة أو لا. في الأول لا حذف ، والثاني إما أن يقع صدرا وإما لا ، بأن تسبقه (لو لا) أو (ما) ، في الثاني لا حذف. والأول إما أن تطول الصلة أو لا. الثاني يجوز في (أيّ) لا في غيرها ، والأول يجوز مطلقا.

ب ـ وإن كان منصوبا فإما بفعل أو وصف وإما بغيرهما. إن كان بغيرهما لم يجز الحذف ، وإن كان بهما فإما متصل أو منفصل. المنفصل لا يحذف والمتصل إما أن يكون في الصلة ضمير غيره أو لا ، إن كان ضمير غيره لم يحذف ، وإلا فإن كان من باب كان لم يحذف ، وإلا حذف.

ج ـ وإن كان مجرورا فإما باسم أو بحرف ، إن كان باسم فإما وصف أو غيره ، إن كان غير وصف لم يحذف ، وإن كان وصفا فإما عامل أو لا ، إن لم يكن عاملا فلا حذف ، وإلا جاز الحذف. وإن كان بحرف فإما أن يكون الموصول مجرورا أو لا ، إن لم يكن فلا حذف ، وإن كان فإما بحرف أو غيره ، إن كان بغيره فلا حذف ، وإن كان بحرف فإما أن يماثل جارّ الضمير لفظا ومعنى وعاملا أو لا. إن لم يماثله لا يحذف ، وإن ماثله في ذلك كله جاز الحذف ، انتهى.

وكتب بعض الفضلاء إلى الشيخ تاج الدين بن مكتوم : [الطويل]


أيا تاج دين الله والأوحد الذي

تسنّم مجدا ، قدره ذروة العلا

وجامع أشتات الفضائل حاويا

مدى السّبق ، حلّالا لما قد تشكّلا

وبحر علوم ، في رياض مكارم

أبى حالة التسآل إلّا تسلسلا

لعلّك ـ والإحسان منك سجيّة

وأوصافك الأعلام طاولن يذبلا ـ

تعدّد لي نظما مواضع حذف ما

يعود على الموصول ، نظما مسهّلا

وأكثر من الإيضاح ، واعذر مقصّرا

وعش دائم الإقبال ترفل في الحلى

فأجابه : [الطويل]

ألا أيّها المولى المجلّي قريضه

إذا راح شعر النّاس في البيد فسكلا

وجالي أبكار المعاني عرائسا

عليها من التنميق ما سمّج الحلى

ومستنتج الأفكار تشرق كالضّحى

ومستخرج الألفاظ تجلب كالطّلا

وغارس من غرس المكارم مثمرا

وجاني من ثمر الفضائل ما حلا

كتبت إلى المملوك نظما بمدحة

ووصفك في الآفاق ما زال أفضلا

وأرسلت تبغي نظمه لمسائل

ومن عجب أن يسأل البحر جدولا

فلم يسع المملوك إلا امتثاله

وتمثيل ما ألوى وإيضاح ما جلا

ولم يأل جهدا في اجتلاب شديدة

ومن بذل المجهود جهدا فما ألا

فقلت ـ وقد أهديت فجرا إلى ضحى

وشولا إلى بحر ، وسحقا لذي ملا ـ

إذا عائد الموصول حاولت حذفه

فطالع تجد ما قد نظمت مفصّلا

فما كان مرفوعا ، ولم يك مبتدا

فأثبت ، وأمّا الحذف فاتركه ، واحظلا (١)

وإن كان مرفوعا ومبتدأ غدا

وفي وصل أيّ صدرا احذف مسهّلا

بشرط بنا أيّ ، وأما إن أعربت

فقيل : بتجويز لحذف ، وقيل : لا

وإن يك ذا صدر لوصلة غيرها

وطالت ، فإن لم تصلح العجز موصلا

فدونك فاحذفه ، وإن لم تطل فقد

أجيز على قول ضعيف ، وأخملا

وشاهد ذا فاقرأ (تَماماً عَلَى الَّذِي)(٢)

وأحسن مرفوعا لذا نقل من تلا

وأثبته محصورا ، كذا إن نفته (ما)

تميم ، كجاء اللّذ ما هو ذو ولا

وفي حذفه خلف لدى عطف غيره

عليه ، ومنع الحذف في عكسه انجلى

وما كان مفعولا لغير (ظننت) وه

ومتّصل فاحذفه ، تظفر بالاعتلا

ويشرط في ذا عوده وحده ، فإن

يعد غيره فالحذف ليس مسهّلا

__________________

(١) الحظل : المنع.

(٢) إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأنعام ١٥٤ (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ.)


وهذا ، إذا الموصول لم يك (أل) فإن

يكنها فلا تحذف ، وقد جاء مقللا

وما كان خفضا بالإضافة لفظه

ومعناه نصب ، كان بالحذف أسهلا

وخافضه إن ناب عن حرف مصدر

وفعل فلم يحذفه أعني السموءلا

كقولك تتلو (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ)(١) أو

فإن كان مجرورا بحرف قد أعملا

وموصوله أحجى ، لذلك فاحذفن

إذا ما استوى الحرفان ، يا حاوي العلا

وأعني به لفظا ومعنى ، ولم يكن

 ـ فديتك ـ حرف العائد الحصر قد تلا

ولم يك أيضا قد أقيم مقام ما

غدا فاعلا ، فاسمع مقالي ممثّلا

(وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ)(٢) ، وإن غدا

تساويهما في اللفظ منفردا حلا

باب المعرف بالأداة

ضابط

أقسام لام التعريف : قال في (البسيط) : تنقسم اللام إلى تسعة أقسام :

أحدها : لتعريف الجنس ، نحو قولهم : الرجل خير من المرأة ، إذا قوبل جنس الرجال بجنس النساء كان جنس الرجال أفضل ، وإلا فكم من امرأة خير من رجل.

الثاني : لتعريف عهد وجوديّ بين المتكلم والمخاطب ، كقولك : قدم الرجل ، وأنفقت الدينار لمعهود بينك وبين المخاطب ، وفي التنزيل : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً ، فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) [المزمل : ١٥ ـ ١٦] ، وقوله : (أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) [عبس : ٢] ، لأن المراد به عبد الله بن أمّ مكتوم.

الثالث : لتعريف عهد ذهني ، كقولك : أكلت الخبز ، وشربت الماء ، ودخلت السوق. فإنه لا يمكن حمله على إرادة الجنس ، ولا على المعهود في الوجود ، لعدم العهد بين المتكلّم والمخاطب. فلم يبق إلا حمله على الإشارة إلى الحقيقة باعتبار قيامها بواحد في الذهن ، إلا أن هذا التعريف قريب من النكرة ، لأن حقيقة التعريف إنما يكون باعتبار الوجود ، وهو باعتبار الوجود نكرة ، لأنه لم يقصد مسمى معهودا في الوجود ، ولهذا قال المحقّقون : إن نحو قوله : [الكامل]

__________________

(١) يعني الآية ٧٢ من سورة طه.

(٢) إشارة إلى الآية ٣٣ من سورة المؤمنين.


٢٧٥ ـ ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني

[فمضيت ثمّت قلت : لا يعنيني]

صفة ، لكونه لم يقصد مسمّى معهودا في الوجود.

الرابع : لتعريف الحضور كقولك : هذا الرجل ، وهو يصحب اسم الإشارة. وقياس يا أيها الرجل وما شاكله أن يكون من تعريف الحضور. لوجود القصد إليه بالنداء.

الخامس : أن تكون بمعنى الذي ، إذ اتصلت باسم فاعل ، أو اسم مفعول.

السادس : أن تكون عوضا من تعريف الإضافة ، نحو : مررت بالرجل الحسن الوجه. فالقياس ألّا تجتمع الألف واللام والإضافة ، إلا أن الإضافة لمّا لم تعرف احتيج إلى الألف واللام لتجري صفة للمعرفة السابقة.

السابع : أن تكون زائدة في الأعلام (٢).

الثامن : أن تكون تحسينية (٣) ، والتعريف بغيرها ، كلام الذي والتي.

التاسع : أن تكون للمح (٤).

قال : واعلم أنّ أقوى تعريف اللام الحضور ، ثم العهد ، ثم الجنس. وقال المهلّبيّ : [الطويل]

تعلّم فللتعريف ستّة أوجه

إذا لامه زيدت إلى أوّل الاسم

حضور ، وتفخيم وجنس ، ومعهد

ومعنى الّذي ، ثمّ الزيادة في الرسم

فائدة ـ القول في فينة وما يتعاقب عليه تعريفان : (فينة) اسم من أسماء الزمان معرفة. قال ابن يعيش (٥) : وهو معرفة علم ، فلذلك لا ينصرف. تقول : لقيته فينة بعد فينة ، أي : الحين بعد الحين. وحكى أبو زيد : الفينة بعد الفينة ، بالألف واللام ، لهذا يكون مما اعتقب عليه تعريفان ، أحدهما : بالألف واللام ، والآخر : بالوضع والعلميّة. وليس كالحسن والعباس ، لأنه ليس بصفة في الأصل ، ومثله قولهم للشمس : إلاهة

__________________

٢٧٥ ـ الشاهد لرجل من سلول في الدرر (١ / ٧٨) ، وشرح التصريح (٢ / ١١) ، والكتاب (٣ / ٢٢) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٥٨) ، ولشمرو بن عمرو الحنفي في الأصمعيات (ص ١٢٦) ، ولعميرة ابن جابر الحنفي في حماسة البحتري (ص ١٧١) ، وبلا نسبة في الأزهية (ص ٢٦٣) ، والأضداد (ص ١٣٢) ، وأمالي ابن الحاجب (ص ٦٣١) ، وجواهر الأدب (ص ٣٠٧) ، وخزانة الأدب (١ / ٣٥٧) ، والخصائص (٢ / ٣٣٨) ، والدرر (٦ / ١٥٤) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٢٢١) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٨٤١) ، وشرح ابن عقيل (ص ٤٧٥) ، والصاحبي في فقه اللغة (ص ٢١٩) ، ومغني اللبيب (١ / ١٠٢) ، وهمع الهوامع (١ / ٩).

(١ ـ ٢ ـ ٣) انظر المغني (١ / ٥٢).

(١ ـ ٢ ـ ٣) انظر المغني (١ / ٥٢).

(١ ـ ٢ ـ ٣) انظر المغني (١ / ٥٢).

(٤) انظر شرح المفصّل (١ / ٣٩).


والإلاهة في اعتقاب تعريفين عليه. وأسماء العدد معارف أعلام وقد يدخلها الألف واللام فيقال : الثلاثة نصف الستّة. فيكون مما اعتقب عليه تعريفان.

وذكر ابن جنّي في (الخصائص) ، (الأوّل) وقال : وهو كقولك شعوب والشعوب للمنية ، وندرى والنّدرى.

وذكر المهلبي من ذلك : غدوة والغدوة ، ونسر والنّسر.

باب المبتدأ والخبر

قال ابن يعيش (١) : ذهب سيبويه (٢) وابن السرّاج إلى أن المبتدأ والخبر هما الأصل والأول في استحقاق الرفع ، وغيرهما من المرفوعات محمول عليهما ، وذلك لأن المبتدأ يكون معرّى من العوامل اللفظية ، وتعرّي الاسم من غيره في التقدير قبل أن يقترن به غيره.

قال : والذي عليه حذّاق أصحابنا اليوم أن الفاعل هو الأصل ، لأنه يظهر برفعه فائدة دخول الإعراب للكلام ، من حيث كان تكلّف زيادة الإعراب إنما احتمل للفرق بين المعاني التي لولاها وقع لبس. فالرفع إنما هو للفرق بين الفاعل والمفعول اللذين يجوز أن يكون كلّ واحد منهما فاعلا ومفعولا.

ورفع المبتدأ والخبر لم يكن لأمر يخشى التباسه ، بل لضرب من الاستحسان وتشبيه بالفاعل ، من حيث كان كل واحد منهما مخبرا عنه ، وافتقار المبتدأ إلى الخبر الذي بعده كافتقار الفاعل إلى الخبر الذي قبله ، ولذلك رفع المبتدأ الخبر.

فائدة ـ المبتدآت التي لا أخبار لها : قال ابن النحاس في (التعليقة) : قولنا : أقائم الزيدان ، وما ذاهب أخواك ، مبتدأ ليس له خبر ، لا ملفوظ به ولا مقدّر.

قال : ومن المبتدآت التي لا خبر لها أيضا قولهم : أقلّ رجل يقول ذلك (٣) ، فأقلّ : مبتدأ لا خبر له ، لأنه بمعنى الفعل في قولهم : قلّ رجل يقول ذاك. (ويقول ذاك) صفة لرجل ، وليس بخبر ، بدليل جريه على رجل في تثنيته وجمعه ، وكذلك قولهم : كلّ رجل وضيعته ، فإنه لا خبر له على أحد الوجهين. وكذلك قولهم :

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٧٣).

(٢) انظر الكتاب (١ / ٤٨).

(٣) انظر الكتاب (٢ / ٣٢٦).


حسبك (١) مبتدأ لا خبر له على أحد الوجهين ، لكونه في معنى : اكتف ، وكذلك قول الشاعر : [المديد]

٢٧٦ ـ غير مأسوف على زمن

ينقضي بالهمّ والحزن

ومثله قول الآخر : [الخفيف]

٢٧٧ ـ غير لاه عداك فاطّرح الله

وولا تغترر بعارض سلم

فغير في البيتين مبتدأ لا خبر له ، على أحد الوجهين ، لأنه محمول على (ما) ، كأنه قيل : ما يؤسف على زمن كما في قولهم : ما قائم أخواك.

قاعدة : أصل المبتدأ والخبر

أصل المبتدأ أن يكون معرفة ، وأصل الخبر أن يكون نكرة وذلك لأن الغرض من الإخبارات إفادة المخاطب ما ليس عنده ، وتنزيله منزلتك في علم الخبر ، والإخبار عن النكرة لا فائدة فيه ، فإن أفاد جاز.

مسوّغات الابتداء بالنكرة : قال الشيخ جمال الدين بن هشام في (المغني) (٤) : لم يعوّل المتقدّمون في ضابط ذلك إلا على حصول الفائدة ، ورأى المتأخرون أنه ليس كل أحد يهتدي إلى مواطن الفائدة ، فتتبعوها ، فمن مقلّ مخلّ ، ومن مكثر مورد ما لا يصح ، أو معدّد لأمور متداخلة. قال : والذي يظهر لي أنها منحصرة في عشرة أمور :

أحدها : أن تكون موصوفة لفظا ، نحو : (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) [الأنعام : ٢] ، (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) [البقرة : ٢٢١] أو تقديرا نحو : السمن منوان بدرهم ، أي : منه ، أو معنى نحو : رجيل جاءني ، لأنه في معنى : رجل صغير.

الثاني : أن تكون عاملة إما رفعا ، نحو : قائم الزيدان عند من أجازه ، أو نصبا نحو : «أمر بمعروف صدقة» (٥) أو جرّا ، نحو : غلام رجل جاءني.

__________________

(١) انظر المقتضب (٤ / ٣٨٣).

٢٧٦ ـ الشاهد لأبي نواس في الدرر (٢ / ٦) ، وأمالي ابن الحاجب (ص ٦٣٧) ، وخزانة الأدب (١ / ٣٤٥) ، ومغني اللبيب (١ / ١٥١) ، وبلا نسبة في تذكرة النحاة (ص ١٧١) ، وشرح الأشموني (١ / ٨٩) ، وشرح ابن عقيل (ص ١٠١) ، والمقاصد النحوية (١ / ٥١٣) ، وهمع الهوامع (١ / ٩٤).

٢٧٧ ـ الشاهد بلا نسبة في تذكرة النحاة (ص ٣٦٦) ، وشرح ابن عقيل (ص ١٠١) ، ومغني اللبيب (٢ / ٦٧٦).

(٢) انظر مغني اللبيب (٥٢٠).

(٣) أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب : صلاة المسافرين رقم (٨٤) ، وأحمد في مسنده (٥ / ١٦٧).


الثالث : العطف بشرط كون المعطوف والمعطوف عليه مما يسوغ الابتداء به نحو : (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) [محمد : ٢١] أي : أمثل من غيرهما. ونحو : (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً) [البقرة : ٢٦٣].

الرابع : أن يكون خبرها ظرفا أو مجرورا. قال ابن مالك : أو جملة نحو : (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) [ق : ٣٥] ، (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) [الرعد : ٣٨] ، قصدك غلامه رجل.

الخامس : أن تكون عامة إما بذاتها كأسماء الشرط والاستفهام أو بغيرها ، نحو : ما رجل في الدار ، وهل رجل في الدار ، و (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) [النمل : ٦٠] ، وفي شرح منظومة ابن الحاجب له أن الاستفهام المسوّغ للابتداء هو الهمزة المعادلة بأم ، نحو : أرجل في الدار أم امرأة (١) ، كما مثّل في الكافية ، وليس كما قال.

السادس : أن يكون مرادا بها الحقيقة من حيث هي ، نحو : رجل خير من امرأة وتمرة خير من جرادة (٢).

السابع : أن تكون في معنى الفعل ، وهو شامل لنحو : عجب لزيد ، وضبطوه بأن يراد بها التعجب. ونحو : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) [الصافات : ١٣٠] ، و (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطففين : ١] وضبطوه بأن يراد به الدعاء.

الثامن : أن يكون ثبوت ذلك الخبر للنكرة من خوارق العادة ، نحو : شجرة سجدت ، وبقرة تكلمت.

التاسع : أن تقع بعد (إذا) الفجائية ، نحو : خرجت فإذا رجل بالباب.

العاشر : أن تقع في أول جملة حالية ، نحو : [الطويل]

٢٧٨ ـ سرينا ونجم قد أضاء [فمذ بدا

محيّاك أخفى ضوؤه كلّ شارق]

[البسيط] :

٢٧٩ ـ [الذئب يطرقها في الدهر واحدة]

وكلّ يوم تراني مدية بيدي

__________________

(١) انظر شرح الكافية (١ / ٨٩).

(٢) انظر مغني اللبيب (٥٢٢).

٢٧٨ ـ الشاهد في تخليص الشواهد (ص ١٩٣) ، والدرر (٢ / ٢٣) ، وشرح الأشموني (١ / ٩٧) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٨٦٣) ، وشرح ابن عقيل (ص ١١٤) ، ومغني اللبيب رقم (٨٤٨) ، والمقاصد النحوية (١ / ٥٤٦) ، وهمع الهوامع (١ / ١٠١).

٢٧٩ ـ الشاهد للحماسي في تخليص الشواهد (ص ١٩٦) ، وبلا نسبة في شرح الأشموني (١ / ٩٣) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (ص ١٥٧٠) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٨٦٤) ، ومغني اللبيب (٢ / ٤٧١).


وبهذا يعلم أن اشتراط النحويين وقوع النكرة بعد واو الحال ليس بلازم. ونظير هذا الموضع قول ابن عصفور في (شرح الجمل) : تكسر (إنّ) إذا وقعت بعد واو الحال ، وإنما الضابط أن تقع في أول جملة حالية ، بدليل قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) [الفرقان : ٢٠] ، انتهى.

وقد ذكر أبو حيّان في أرجوزته المسمّاة ب (نهاية الإعراب في علمي التصريف والإعراب) جملة من المسوّغات. ثم قال : [الرجز]

وكلّ ما ذكرت في التتميم

يرجع للتخصيص والتعميم

وقال المهلّبي في (نظم الفرائد) : [الخفيف]

وقع الابتداء بالتّنكير

في ثمان وأربع للخبير

بعد نفي ، أو جواب لنفي

أو لمعناه موجبا كالنظير

ثمّ إن كنت سائلا أو مجيبا

لسؤال وسابق مجرور

ثم موصولة بمن ، وإذا ما

رفعت ظاهرا لدى مستخير

ولمعنى تعجّب أو دعاء

أو عموم ونعتها للبصير

وقال أيضا : [الكامل]

قد جاء ما أغنى وسدّ عن الخبر

في حذفه ، وزواله في اثني عشر

حال ، وشرط ، أو جواب مسائل

أو حالف برّ ، ومعمول الخبر

وجواب لو لا ، ثم وصف بعده

أو فاعل ، أو نقض نفي في الأثر

أو في سؤال في العموم ، وواو مع

وحديث معطوف ، كفانا من غبر

مثال الحال : أكثر شربي السويق (١) ملتوتا. والشرط : سروري بزيد إن أطاعني ، أي : ثابت إذا أطاعني ، حذف الخبر فأقيم الشرط مقامه ، والجواب لسؤال : زيد ، لمن قال من عندك؟ وجواب القسم : لعمر الله لأفعلنّ (٢). ومعمول الخبر : ما أنت إلا سيرا ، أي : تسير سيرا ، وجواب (لو لا) : لو لا زيد لأكرمتك. والوصف : أقلّ رجل يقول ذلك (٣) ، (فيقول) في موضع خفض صفة لرجل ، وقد سدّ مسدّ الخبر ، والفاعل : أقائم الزيدان (٤)؟ ونقض النفي : بلى زيد ، لمن قال : ما عندي أحد ، والسؤال في العموم : هل طعام؟ أي : عندكم. وواو مع : كلّ رجل وضيعته (٥) ، والعطف : [المنسرح]

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٩٧) ، وأوضح المسالك (١ / ١٦٠).

(٢) انظر أوضح المسالك (١ / ١٥٨).

(٣) انظر الكتاب (٢ / ٣٢٦).

(٤) انظر شرح المفصّل (١ / ٩٦).

(٥) انظر الكتاب (١ / ٣٦٥).


نحن بما عندنا وأنت بما

عندك راض [والرأي مختلف]

ضابط : المواضع التي يعطف فيها الخبر على المبتدأ

قال ابن الدهان في (الغرّة) : المبتدأ لا يعطف عليه خبره بحرف البتّة إلا بالفاء في موضعين :

أحدهما : يلزمه الفاء ، والآخر : لا يلزمه الفاء. فأما الذي يلزمه الفاء ففي موضعين : أحدهما في بعض الخبر ، وهو أن يكون المبتدأ شرطا جازما بالنيابة ، وجزاؤه جملة اسمية ، أو أمريّة ، أو نهيية ، نحو : من يأتني فله درهم (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) [المائدة : ٩٥] ، (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [الطلاق : ٣] ، والثاني قولهم : أما زيد فقائم.

وأما الذي يجوز دخول الفاء في خبره ، ولا يلزم فالموصول والنكرة الموصوفة إذا كانت الصلة أو الصفة فعلا أو ظرفا ، نحو : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) [الأحقاف : ٤٦] ، والذي يأتيني فله درهم (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما) [النساء : ١٥] وكلّ رجل يأتيني فله درهم.

فائدة ـ الليلة الهلال : قال ابن مكتوم في (تذكرته) : قال أبو الخصيب الفارسيّ ـ نحويّ من أصحاب المبرّد في كتاب النوادر له : اللّيلة الهلال (١) ، ليس في الكلام شخص خبره ظرف من الزمان إلا هذا ، ومثله قوله : [الرجز]

٢٨٠ ـ أكلّ عام نعم تحوونه

[يلقحه قوم وتنتجونه]

انتهى.

ضابط

روابط الجملة بما هي خبر عنه عشرة :

الأول : الضمير وهو الأصل.

الثاني : الإشارة ، نحو : (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) [الأعراف : ٢٦].

__________________

(١) انظر الكتاب (١ / ٤٨٥).

٢٨٠ ـ الشاهد لقيس بن حصين في خزانة الأدب (١ / ٤٠٩) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ١١٩) ، ولضبي من بني سعد في المقاصد النحوية (١ / ٥٢٩) ، ولرجل ضبّي في الأغاني (١٦ / ٢٥٦) ، وبلا نسبة في الكتاب (١ / ١٨٤) ، وتخليص الشواهد (ص ١٩١) ، والردّ على النحاة (ص ١٢٠) ، ولسان العرب (نعم) ، واللمع في العربية (ص ١١٣).


الثالث : إعادة المبتدأ بلفظه ، نحو : (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) [الحاقة : ١ ـ ٢].

الرابع : إعادته بمعناه ، نحو : زيد جاءني أبو عبد الله ، إذا كان كنية له.

الخامس : عموم يشمل المبتدأ ، نحو : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ ، وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) [الأعراف : ١٧٠].

السادس : أن يعطف بفاء السببية جملة ذات ضمير على جملة خالية منه ، أو بالعكس نحو : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) [الحج : ٦٣]. [الطويل]

٢٨١ ـ وإنسان عيني يحسر الماء تارة

فيبدو ، وتارات يجمّ ، فيغرق

السابع : العطف بالواو عند هشام (٢) وحده ، نحو : زيد قامت هند وأكرمها.

الثامن : شرط يشتمل على ضمير مدلول على جوابه بالخبر ، نحو : زيد يقوم عمرو إن قام.

التاسع : (أل) النائبة عن الضمير في قول طائفة ، نحو : (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) [النازعات : ٤١] أي : مأواه.

العاشر : كون الجملة نفس المبتدأ في المعنى ، نحو : (هجّيرى أبي بكر لا إله إلا الله).

قاعدة (٣) : متى يمتنع تقديم الخبر والفاعل

إذا كان الخبر معرفة كالمبتدأ لم يجز تقديم الخبر ، لأنه مما يشكل ويلبس إذ كل واحد منهما يجوز أن يكون خبرا ، ومخبرا عنه.

قال ابن يعيش : ونظير ذلك الفاعل والمفعول إذا كانا مما لا يظهر فيهما الإعراب ، فإنه لا يجوز نحو : ضرب موسى عيسى.

قاعدة : ما هو الأولى بالحذف : المبتدأ أو الخبر

قال ابن إياز : إذا دار الأمر بين كون المحذوف مبتدأ وكونه خبرا فأيّهما أولى؟

__________________

٢٨١ ـ الشاهد لذي الرمّة في ديوانه (ص ٤٦٠) ، وخزانة الأدب (١ / ١٩٢) ، والدرر (٢ / ١٧) ، والمقاصد النحوية (١ / ٥٧٨) ، ولكثير في المحتسب (١ / ١٥٠) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (٣ / ٣٦٢) ، وتذكرة النحاة (ص ٦٦٨) ، وشرح الأشموني (١ / ٩٢) ، ومجالس ثعلب (ص ٦١٢) ، ومغني اللبيب (٢ / ٥٠١) ، والمقرّب (١ / ٨٣) ، وهمع الهوامع (١ / ٩٨).

(١) هو هشام بن معاوية الضرير وقد ردّ عليه ابن هشام في المغني (٥٥٥).

(٢) انظر شرح المفصّل (١ / ٩٩).


قال الواسطيّ : الأولى كون المحذوف المبتدأ ، لأن الخبر محطّ الفائدة ومعتمدها.

وقال العبديّ في (البرهان) : الأولى كونه الخبر ، لأن الحذف اتّساع وتصرّف وذلك في الخبر دون المبتدأ ، إذ الخبر يكون مفردا جامدا ، ومشتقا ، وجملة على تشعب أقسامها. والمبتدأ لا يكون إلا اسما مفردا.

وقال شيخنا : الحذف بالأعجاز والأواخر أليق منه بالصدور والأوائل ، مثاله : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) [يوسف : ١٨] أي : شأني صبر جميل ، أو صبر جميل أمثل من غيره ، ومثله : (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) [محمد : ٢١] أي : المطلوب منكم طاعة ، أو طاعة أمثل لكم.

قال ابن هشام في (المغني) (١) : ولو عرض ما يوجب التعيين عمل به ، كما في : نعم الرجل زيد ، إذ لا يحذف الخبر وجوبا إلا إذا سدّ شيء مسدّه.

وجزم كثير من النحويين في نحو : عمرك لأفعلنّ ، وايمن الله لأفعلنّ ، بأن المحذوف الخبر ، وجوّز ابن عصفور كونه المبتدأ.

قاعدة : ما هو الأولى بالحذف : الفعل أو الفاعل

قال ابن هشام في (المغني) (٢) : إذا دار الأمر بين كون المحذوف فعلا ، والباقي فاعلا ، وكونه مبتدأ والباقي خبرا ، فالثاني أولى ، لأن المبتدأ عين الخبر. فالمحذوف عين الثابت ، فيكون حذفا كلا حذف. فأما الفعل فإنه غير الفاعل اللهم إلا أن يعتضد الأول برواية أخرى ، كقراءة شعبة : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ) [النور : ٣٦ ـ ٣٧] بفتح الباء ، فإنه يقدّر الفعل ، والموجود فاعل لا مبتدأ لوقوعه فاعلا في قراءة من كسر الباء ، أو بموضع آخر يشبهه نحو : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [الزخرف : ٨٧]. فلا يقدر ليقولن : الله خلقهم ، بل خلقهم الله ، لمجيء ذلك في شبه هذا الموضع ، وهو : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) [الزخرف : ٩].

وقال ابن النحاس في (التعليقة) : إذا تردّد الإضمار بين أن نكون قد أضمرنا خبرا ، أو أضمرنا فعلا ، كان إضمار الخبر وحذفه أولى من إضمار الفعل وحذفه ، لأن

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٦٨٣).

(٢) انظر مغني اللبيب (٦٨٤).


آخر الجملة أولى بالحذف من أولها ، لأن أولها موضع استجمام وراحة ، وآخرها موضع تعب وطلب استراحة.

فائدة ـ تنكير المبتدأ : قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في تعليقه على (المقرّب) : اعلم أنّ تنكير المبتدأ اختلفت فيه عبارات النحاة : فقال ابن السرّاج : المعتبر في الابتداء بالنكرة حصول الفائدة ، فمتى حصلت الفائدة في الكلام جاز الابتداء ، وجد شيء من الشرائط أو لم يوجد.

وقال الجرجانيّ : يجوز الإخبار عن النكرة بكل أمر لا تشترك النفوس في معرفته نحو : رجل من تميم شاعر أو فارس. فالمجوّز عنده شيء واحد ، وهو جهالة بعض النفوس ذلك ، وما ذكره لا يحصر المواضع.

وقال شيخنا جمال الدين محمد بن عمرون : الضابط في جواز الابتداء بالنكرة قربها من المعرفة. لا غير. وفسّر قربها من المعرفة بأحد شيئين : إما باختصاصها كالنكرة الموصوفة. أو بكونها في غاية العموم. كقولنا : تمرة خير من جرادة.

فعلى هذه الضوابط لا حاجة لنا بتعداد الأماكن ، بل نعتبر كلّ ما يرد ، فإن كان جاريا على الضابط أجزناه ، وإلا منعناه ، وإن سلكنا مسلك تعداد الأماكن التي يجوز فيها الابتداء بالنكرة ، كما فعل جماعة كثيرة فنقول : الأماكن التي يجوز فيها الابتداء بالنكرة تنيف على الثلاثين. وإن لم أجد أحدا من النحاة بلغ بها زائدا على أربعة وعشرين ، فيما علمته.

أحدها : أن تكون موصوفة ، وهذا تحته نوعان : موصوف بصفة ظاهرة ، كقوله تعالى : (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) [البقرة : ٢٢١]. وموصوف بصفة مقدّرة كمسألة السمن منوان (١) بدرهم ، فإنّ تقديره منوان منه بدرهم ، و (منه) في موضع الصفة (للمنوين).

الثاني : أن تكون خلفا من موصوف : كقولهم : ضعيف عاذ بقرملة (٢). أي : إنسان ضعيف أو حيوان التجأ إلى ضعيف.

الثالث : مقاربة المعرفة في عدم قبول الألف واللام ، كقولك : أفضل من زيد صاحبك.

__________________

(١) انظر أوضح المسالك (١ / ١٤٣).

(٢) انظر مغني اللبيب (٥٢٠).


الرابع : أن تكون اسم استفهام ، نحو : من جاءك؟

الخامس : اسم شرط ، نحو : من يأتني أكرمه.

السادس : (كم) الخبرية ، نحو : كم غلام لي.

السابع : أن يكون معنى الكلام التعجب ، كقولهم : عجب لك.

الثامن : أن يتقدّمها أداة نفي ، نحو : ما رجل قائم.

التاسع : أن يتقدمها أداة استفهام ، نحو : أرجل قائم؟

العاشر : أن يتقدّمها خبرها ظرفا ، نحو : عندي رجل.

الحادي عشر : أن يتقدمها خبرها جارّا ومجرورا ، نحو : في الدار رجل ، وينبغي أن يشترط في هذين القسمين أن يكون مع المجرور أو الظرف معرفة. وإلا فلو قيل : في دار رجل لم يجز ، وإن كان الخبر مجرورا وقد تقدم. وأجاز الجزوليّ والواحديّ في كتابه (في النحو) تأخير الخبر في الظرف والمجرور على ضعف. نقله عنهما شيخنا.

الثاني عشر : أن يكون فيها معنى الدعاء ، نحو : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) [الأنعام : ٥٤] وويل له.

الثالث عشر : أن يكون الكلام بها في معنى كلام آخر ، كقولهم : (شيء ما جاء بك) (١) ، وقولهم : (شرّ أهرّ ذا ناب) (٢) ، لأنه في معنى النفي ، أي : ما أهرّ ذا ناب إلا شر.

الرابع عشر : أن تكون النكرة عامة ، نحو قول عمر : تمرة خير من جرادة (٣) ، ونحو : مسألة خير من بطالة.

الخامس عشر : أن تكون في جواب من يسأل بالهمزة وأم ، نحو : رجل قائم ، في جواب من قال : أرجل قائم أم امرأة؟

السادس عشر : أن يكون الموضع موضع تفصيل ، نحو قولنا : الناس رجلان : رجل أكرمته ، ورجل أهنته ، وقول امرئ القيس : [المتقارب]

٢٨٢ ـ فأقبلت زحفا على الرّكبتين

فثوب عليّ ، وثوب أجر

__________________

(١) انظر الكتاب (١ / ٣٩٤).

(٢) انظر الكتاب (١ / ٣٩٤) ، والمثل في خزانة الأدب (٤ / ٤٦٩) ، ولسان العرب (هرر)، والمستقصى (٢ / ١٣٠) ومجمع الأمثال (١ / ٣٧٠).

(٣) انظر مغني اللبيب (٥٢٢).

٢٨٢ ـ الشاهد لامرئ القيس في ديوانه (ص ١٥٩) ، والكتاب (١ / ١٣٩) ، وخزانة الأدب (١ / ٣٧٣) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٨٦٦) ، والمقاصد النحوية (١ / ٥٤٥) ، وبلا نسبة في المحتسب (٢ / ١٢٤) ، ومغني اللبيب (٢ / ٤٧٢).


السابع عشر : أن تكون معتمدة على لام الابتداء ، نحو : لرجل قائم.

الثامن عشر : أن تكون عاملة ، نحو : «أمر بمعروف صدقة» (١).

التاسع عشر : أن تكون (ما) التعجبية ، نحو : ما أحسن زيدا! على رأي سيبويه.

العشرون : أن تكون مضافة إضافة محضة. نحو : غلام امرأة خارج.

الحادي والعشرون : أن تكون مضافة إضافة غير محضة ، نحو : مثلك لا يفعل كذا.

الثاني والعشرون : أن تكون في معنى الموصوفة ، وهو أن تكون مصغّرة نحو : رجيل قائم ، فالتصغير وصف في المعنى بالصغر.

الثالث والعشرون : أن تكون النكرة يراد بها واحد مخصوص ، نحو ما حكي أنه لمّا أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه قالت قريش : (صبأ عمر). فقال أبو جهل : (مه ، رجل اختار لنفسه أمرا فما تريدون؟) (٢) ذكره الجرجانيّ في مسائله.

الرابع والعشرون : أن يتقدم خبرها غير ظرف ولا مجرور ، بل جملة ، نحو : قام أبوه ، بشرط أن تكون فيه معرفة أيضا.

الخامس والعشرون : ما دخل عليها إنّ في جواب النفي ، نحو قولك : إن رجلا في الدار ، في جواب من قال : ما رجل في الدار.

السادس والعشرون : أن تكون في معنى الفعل من غير اعتماد ، نحو : قائم الزيدان على رأي الكوفيين (٣) ، والأخفش.

السابع والعشرون : أن تكون معتمدة على واو الحال ، كقوله تعالى : (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) [آل عمران : ١٥٤].

الثامن والعشرون : أن تكون معطوفة على نكرة ، قد وجد فيها شيء من شروط الابتداء بالنكرة ، فصيّرت مبتدأة. كقول الشاعر : [الطويل]

٢٨٣ ـ عندي اصطبار ، وشكوى عند قاتلتي

[فهل بأعجب من هذا امرؤ سمعا]

التاسع والعشرون : أن يعطف عليها نكرة موصوفة. كقوله تعالى : (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) [محمد : ٢١] على أحد الوجهين.

__________________

(١) مرّ تخريجه (ص ١١٠).

(٢) انظر السيرة النبوية لابن هشام (١ / ٣٤٩).

(٣) انظر أوضح المسالك (١ / ١٣٥).

٢٨٣ ـ الشاهد بلا نسبة في شرح شواهد المغني (٢ / ٨٦٣) ، ومغني اللبيب (٢ / ٤٦٨).


الثلاثون : أن تلي لو لا كقول الشاعر : [البسيط]

٢٨٤ ـ لو لا اصطبار لأودى كلّ ذي مقة

[لمّا استقلّت مطاياهنّ للظّعن]

الحادي والثلاثون : أن تلي فاء الجزاء ، نحو قولهم في المثل : «إن مضى عير فعير في الرّباط» (٢).

قال : فهذا ما حصل لي من تعداد الأماكن التي يجوز فيها الابتداء بالنكرة. ولا أدّعي الإحاطة ، فلعل غيري يقف على ما لم أقف عليه ، ويهتدي إلى ما لم أهتد إليه ، فمن كانت عنده زيادة فليضفها إلى ما ذكرته راجيا ثواب الله عزّ وجل ، إن شاء الله تعالى. انتهى كلام ابن النحاس.

ثم رأيت بعد ذلك مؤلّفا لبعض المتأخرين قال فيه : قد تتبّع النحاة مسوّغات الابتداء بالنكرة ، وأنهاها بعض المتأخرين إلى اثنين وثلاثين. قال : وقد أنهيتها بعون الله إلى نيّف وأربعين ، فذكر الاثنين والثلاثين التي ذكرها ابن النحاس ، وزاد :

أن تكون معطوفة على معرفة ، كقولك : زيد ورجل قائمان ، فرجل نكرة جاز الابتداء بها لعطفها على معرفة. وأن تلي (إذا) الفجائية. وأن تقع جوابا ، كقولك : درهم ، في جواب ما عندك؟ أي : درهم عندي.

وأن تكون محصورة ، نحو : إنما في الدار رجل. وأن تكون للمفاجأة ، قاله ابن الطراوة ومثّله بقولهم : شيء ما جاء بك (٣) ، وجعل منه المثل : «ليس عبد بأخ لك» (٤) ، وهذه زيادة غريبة.

وأن يؤتى بها للمناقضة ، كقولك : رجل قام لمن زعم أنّ امرأة قامت.

وأن يقصد بها الأمر ، كقوله تعالى : (وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ) [البقرة : ٢٤٠] ، على قراءة الرفع.

وأن يفيد خبرها ، نحو : ديناران أخذا من المأخوذ منه درهمان وإنسان صبر على الجوع عشرين يوما ثم سار أربعة برد في يومه.

__________________

٢٨٤ ـ الشاهد بلا نسبة في أوضح المسالك (١ / ٢٠٤) ، والدرر (٢ / ٢٣) ، وشرح الأشموني (١ / ٩٨) ، وشرح التصريح (١ / ١٧٠) ، وشرح ابن عقيل (ص ١١٥) ، والمقاصد النحوية (١ / ٥٣٢) ، وهمع الهوامع (١ / ١٠١).

(١) المثل في مجمع الأمثال (١ / ٢٧) ، والتمثيل والمحاضرة (٣٤٤) ، وجمهرة الأمثال (٢٧).

(٢) انظر الكتاب (١ / ٣٩٤).

(٣) المثل في مجمع الأمثال رقم (٣٤٧٣) ، والمستقصى رقم (١٠٨٦).


وأن يتقدّم معمول خبرها ، نحو : في دراهمك ألف بيض ، على أن يكون (بيض) خبرا.

وأن تكون النكرة لا تراد لعينها ، كقول امرئ القيس : [المتقارب]

٢٨٥ ـ مرسّعة بين أرساعه

[به عسم يبتغي أرنبا]

لأنه لا يريد مرسّعة دون مرسّعة. وهذا عموم البدل وقد تقدم عموم الشمول ، انتهى.

وقال الشيخ تاج الدين بن مكتوم رحمه الله تعالى : [الطويل]

إذا ما جعلت الاسم مبتدأ فقل

بتعريفه إلّا مواضع نكّرا

بها ، وهي ـ إن عدّت ـ ثلاثون بعدها

ثلاثتها ، فاحفظ لكي تتمهّرا

ومرجعها لاثنين منها ، فقل : هما

خصوص ، وتعميم أفادا وأثّرا

فأوّلها الموصوف ، والوصف والذي

عن النفي ، واستفهامه قد تأخّرا

كذاك اسم الاستفهام ، والشّرط ، والّذي

أضيف ، وما قد عمّ ، أو جا منكّرا

كقولك : دينار لديّ لقائل :

أعندك دينار؟ فكن متبصّرا

كذا كم لإخبار ، وما ليس قابلا

لأل ، وكذا ما كان في الحصر قد جرى

وما جاء دعاء ، أو غدا عاملا ، وما

له سوّغ التفصيل أن يتنكّرا

وما بعد واو الحال جاء ، وفا الجزا

ولو لا ، وما كالفعل ، أو جا مصغّرا

وما (إنّ) يتلو في جواب الذي نفى

وما كان معطوفا على ما تنكّرا

وساغ ، ومخصوصا غدا ، وجواب ذي

سؤال بأم والهمز. فاخبر لتخبرا

وما قدّمت أخباره وهي جملة

وما نحو : ما أسخاه في القرّ بالقرى!

كذا ما ولى لام ابتداء ، وما غدا

عن الظرف والمجرور أيضا مؤخّرا

وما كان في معنى التعجّب ، أو تلا

إذا لفجأة ، فاحوها تحو جوهرا

فائدة ـ في قولهم راكب الناقة طليحان : في (تذكرة التاج) لابن مكتوم : قالوا : راكب الناقة طليحان (٢) ، وفيه ثلاثة أقوال :

__________________

٢٨٥ ـ الشاهد لامرئ القيس في ديوانه (ص ١٢٨) مرسّعة وسط أرفاغه ، وإنباه المرواة (٤ / ١٧٤) ، وشرح ابن عقيل (ص ١١٥) ، ولسان العرب (عسم) و (رسع) و (لسع) ، ومجالس ثعلب (١ / ١٠٢) ، والمعاني الكبير (ص ٢١١) ، وهو لامرئ القيس بن مالك الحميري في المؤتلف والمختلف (ص ١٢) ، وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب (ص ٧٣) ، وشرح الأشموني (ص ٩٨) ، وشرح المفصّل (١ / ٣٦).

(١) انظر مغني اللبيب (٧٢٥) ، والخصائص (١ / ٢٨٩).


قيل : تقديره أحد طليحين ، حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقام المحذوف.

وقيل : التقدير : راكب الناقة والناقة طليحان.

وقيل : التقدير : راكب الناقة طليح ، وهما طليحان ، وفيه حذف خبر وحذف مبتدأ ، انتهى.

باب كان وأخواتها

قال ابن بابشاذ : (كان) أمّ الأفعال لأن كل شيء داخل تحت الكون لا ينفكّ شيء من معناها ، ومن ثمّ صرّفوها تصرّفا ليس لغيرها. وأصبح وأمسى أختان لأنهما طرفا الزمان ، وظلّ وأضحى أختان لأنهما لصدر النهار ، وبات وصار أختان لاعتلال عينهما ، وزال وفتئ وانفكّ وبرح ودام أخوات للزوم أولها (ما) ، وليس منفردة لأنها لا تتصرف.

قال ابن هشام في (تذكرته) : الصواب أن يقال : إن (ما) قبل (دام) أخوات ، لأنهنّ لا يعملن إلا في النفي وشبهه ، و (ليس) و (ما دام) أختان لعدم تصرّفهما ، وإلا فما غير لازمة في الأربعة ، إنما يلزم قبلهما نفي أو شبهه أعمّ من أن يكون النفي بما أو غيرها ، فإن اعتبر أنها قد تنفى بما فليعدّ كان وأمسى ونحو ذلك ، ثم إن (ما) الداخلة على (دام) غير ما الداخلة عليهن. قال : فالذي قاله خطأ ، والذي قلناه هو الصواب.

قال أبو البقاء في اللباب : إنما كانت (كان) أمّ هذه الأفعال لخمسة أوجه :

أحدها : سعة أقسامها.

والثاني : أنّ كان التامة دالّة على الكون ، وكلّ شيء داخل تحت الكون.

والثالث : أنّ كان دالة على مطلق الزمان الماضي ، ويكون دالة على مطلق الزمان المستقبل بخلاف غيرها ، فإنها تدّل على زمان مخصوص كالصباح والمساء.

والرابع : أنها أكثر في كلامهم ، ولهذا حذفوا منها النون في قولهم : لم يك.

والخامس : أن بقية أخواتها تصلح أن تقع أخبارا لها ، كقولك : كان زيد أصبح منطلقا ، ولا يحسن : أصبح زيد كان منطلقا.

(مسألة) : قال الزجّاجيّ في (أماليه) : قال أبو بكر أحمد بن الحسن النحويّ


المعروف بابن شقير (١) : كان زيد آكلا طعامك ، جائز من كلّ قول. كان آكلا طعامك زيد ، جائز من كلّ قول. آكلا طعامك كان زيد. كان زيد طعامك آكلا ، جائز من كلّ قول. كان طعامك آكلا زيد جائز من قول الكوفيين ، وخطأ من قول البصريين. طعامك آكلا كان زيد ، جائز من قول البصريين والكسائيّ ، وخطأ من قول الفرّاء. طعامك كان زيد آكلا ، جائز من كلّ قول. كان طعامك زيد آكلا ، جائز من قول الكوفيين ، وخطأ من قول البصريين. آكلا كان زيد طعامك ، جائز من قول البصريين ، وخطأ من قول الكوفيين إلا على كلامين من قول الكسائي. آكلا كان طعامك زيد ، خطأ من كلّ قول. طعامك كان آكلا زيد ، جائز من كلّ قول. كان آكلا زيد طعامك ، جائز من كلّ قول ، وفي هاتين قبح من قول الكوفيين.

وإذا قدّمت زيدا فقلت : زيد كان آكلا طعامك ، وزيد آكلا طعامك كان ، وآكلا طعامك زيد كان ، وزيد طعامك كان آكلا ، فهذه كلها جائزة من كل قول.

فإذا قلت : زيد طعامك آكلا كان ، أو طعامك آكلا زيد كان ، جازتا من قول البصريّين والكسائيّ ، وكانتا خطأ من قول الفرّاء ، لأنه لا يقدم مفعول خبر كان عليه إذا كان خبر كان مقدّما من قبل أنه لو أراد ردّه إلى (فعل ويفعل) لم يجز عنده ، والكسائيّ يجيز تقديمه كما يجيز تقديم الحال.

فإذا قلت : طعامك زيد كان آكلا جازت من كلّ قول.

وإن قلت : زيد طعامك كان آكلا ، جازت من كلّ قول.

وقولك : آكلا زيد كان طعامك ، جائزة من قول البصريين ، وخطأ من قول الكوفيين إلا الكسائي على كلامين.

فإن قلت : طعامك زيد آكلا كان ، جازت من قول البصريين وخطأ من قول الكوفيين إلا الكسائي على كلامين ، انتهى.

ضابط : القول في تقديم أخبار كان وأخواتها عليها

قال أبو الحسين بن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : كان وأخواتها في تقديم أخبارها عليها على أربعة أقسام :

قسم : لا يتقدّم خبرها عليها باتفاق ، وهو ما دام.

وقسم : يتقدّم عند الجمهور إلا المبرّد ، وذلك (ليس) (٢).

__________________

(١) انظر همع الهوامع (١ / ١١٨).

(٢) انظر الإنصاف (١٦٠).


وقسم : لا يتقدّم خبرها عليها عند الجمهور إلا ابن كيسان وهي : (ما زال) ، و (ما انفكّ) و (ما فتئ) و (ما برح).

وقسم : يتقدّم الخبر عليه باتفاق ما لم يعرض عارض ، وهي : (كان) وبقية أفعال الباب.

باب (ما) وأخواتها

قاعدة

قال أبو البقاء في (التبيين) : (ما) هي الأصل في النفي ، وهي أمّ بابه ، والنفي فيها آكد.

فائدة ـ (ما) في القرآن : قال الشيخ تاج الدين بن مكتوم في (تذكرته) : لم تقع (ما) في القرآن إلا على لغة الحجاز ما خلا حرفا واحدا ، وهو : (وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ) [النمل : ٨١] على قراءة حمزة (١). فإنها هنا على لغة تميم.

وزعم الأصمعي أن (ما) لم تقع في الشعر إلا على لغة تميم. قال بعض النحويين : فتصفّحت ذلك فوجدته كما ذكر ، ما خلا ثلاثة أبيات ، منها اثنان فيهما خلاف ، قول الفرزدق (٢) : [البسيط]

[فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم

إنهم قريش] وإذ ما مثلهم بشر

والآخر قوله : [الرجز]

٢٨٦ ـ رؤبة والعجّاج أورثاني

نجرين ما مثلهما نجران

كذا روي بنصب مثلهما ، وهو مثل قول الفرزدق.

والثالث : [الكامل]

٢٨٧ ـ وأنا النّذير بحرّة مسوّدة

يصل الأعمّ إليكم أقوادها

أبناؤها متكنّفون أباهم

حنقو الصّدور وما هم أولادها

قاعدة

التصرف في لا وما النافيتين : التصرّف في (لا) النافية أكثر من التصرف في (ما)

__________________

(١) انظر تيسير الداني (١٣٧) قرأ حمزة (تهدي) بالتاء المفتوحة وإسكان الهاء.

(٢) مرّ الشاهد رقم (١٨٨).

٢٨٦ ـ الرجز بلا نسبة في همع الهوامع (١ / ١٢٤) ، والدرر (١ / ٩٦).

٢٨٧ ـ الشاهد بلا نسبة في شرح ابن عقيل (ص ١٥٣) ، والمقاصد النحوية (٢ / ١٣٧).


النافية ، ومن ثم جاز حذف لا في جواب القسم ، نحو : (تَاللهِ تَفْتَؤُا) [يوسف : ٨٥] أي : لا تفتأ. ولم يجز حذف (ما).

كذا نقله ابن الخبّاز عن شيخه ، معترضا به على ابن معط ، إذ قال ، ألفيّته :

وإن أتى الجواب منفيّا بلا

أو ما ، كقولي : والسما ما فعلا

فإنّه يجوز حذف الحرف

إذ أمنوا الإلباس حال الحذف

قال ابن الخباز : وما رأيت في كتب النحو إلا حذف لا.

فائدة ـ زيادة الباء في الخبر : قال ابن هشام في (تذكرته) : زيادة الباء في الخبر على ثلاثة أقسام : كثير ، وقليل ، وأقل.

١ ـ فالكثير في ثلاثة مواضع ، وذلك : بعد (ليس) و (ما) ، نحو : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) [الزمر : ٣٦] ، (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ) [الأنعام : ١٣٢] ، وبعد أو لم نحو : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ) [الأحقاف : ٣٣] ، وذلك لأنه في معنى : أو ليس الله بقادر ، فهو راجع إلى المسألة الأولى في المعنى.

٢ ـ والقليل في ثلاثة مواضع : بعد (كان) وأخواتها منفية كقوله :

٢٨٨ ـ وإن مدّت الأيدي إلى الزّاد لم أكن

بأعجلهم ، إذ أجشع القوم أعجل

وبعد (ظنّ) وأخواتها منفيّة ، كقوله : [الطويل]

٢٨٩ ـ دعاني أخي والخيل بيني وبينه

فلمّا دعاني لم يجدني بقعدد

وبعد (لا) العاملة عمل ليس ، كقوله : [الطويل]

٢٩٠ ـ فكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة

بمغن فتيلا عن سواد بن قارب

__________________

٢٨٨ ـ الشاهد للشنفرى في ديوانه (ص ٥٩) ، وتخليص الشواهد (ص ٢٨٥) ، وخزانة الأدب (٣ / ٣٤٠) ، والدرر (٢ / ١٢٤) ، وشرح التصريح (١ / ٢٠٢) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٨٩٩) ، والمقاصد النحوية (٢ / ١١٧) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (١ / ٢٩٥) ، والجنى الداني (ص ٥٤) ، وجواهر الأدب (ص ٥٤) ، وشرح الأشموني (١ / ١٢٣) ، وشرح ابن عقيل (ص ١٥٧) ، وشرح قطر الندى (ص ١٨٨) ، ومغني اللبيب (٢ / ٥٦٠) ، وهمع الهوامع (١ / ١٢٧).

٢٨٩ ـ الشاهد لدريد بن الصمة في ديوانه (ص ٤٨) ، وتخليص الشواهد (ص ٢٨٦) ، وجمهرة أشعار العرب (١ / ٥٩٠) ، والدرر (٢ / ١٢٥) ، وشرح التصريح (١ / ٢٠٢) ، ولسان العرب (قعد) ، والمقاصد النحوية (٢ / ١٢١) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (١ / ٢٩٩) ، وجواهر الأدب (ص ٥٥) ، وهمع الهوامع (١ / ١٢٧).

٢٩٠ ـ الشاهد لسواد بن قارب في الجنى الداني (ص ٥٤) ، والدرر (٢ / ١٢٦) ، وشرح التصريح (١ / ٢٠١) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٢١٥) ، والمقاصد النحوية (٢ / ١١٤) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (١ / ٢٩٤) ، وشرح الأشموني (١ / ١٢٣) ، وشرح شواهد المغني (ص ٨٣٥) ، وشرح ابن عقيل (ص ١٥٦) ، ومغني اللبيب (ص ٤١٩) ، وهمع الهوامع (١ / ١٢٧).


٣ ـ والأقلّ في ثلاثة مواضع : بعد إنّ ، ولكنّ ، وهل. فالأول كقوله : [الطويل]

٢٩١ ـ فإن تنأ عنها حقبة لا تلاقها

فإنّك ممّا أحدثت بالمجرّب

والثاني كقوله : [الطويل]

٢٩٢ ـ ولكنّ أجرا لو علمت بهيّن

[وهل ينكر المعروف في النّاس والأجر]

والثالث كقوله : [الطويل]

٢٩٣ ـ [يقول إذا اقلولى عليها وأقردت]

ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم

فائدة ـ نظرت بليس : قال ابن هشام في (تذكرته) : نظر سيبويه (١) (لات) بليس ولا يكون في الاستثناء من حيث أنه لا يستعمل معهما إلا أحد الاسمين ، والآخر مضمر دائما.

باب إنّ وأخواتها

ضابط

قال في (المفصّل) : جميع ما ذكر في خبر المبتدأ من أصنافه وأحواله وشرائطه قائم في خبر إنّ ما خلا جواز تقديمه إلا إذا وقع ظرفا ، كقولك : إنّ في الدار زيدا.

__________________

٢٩١ ـ الشاهد لامرئ القيس في ديوانه (ص ٤٢) ، وتخليص الشواهد (ص ٢٨٦) ، والدرر (١ / ٢٩٣) ، وشرح التصريح (١ / ٢٠٢) ، والصاحبي في فقه اللغة (ص ١٠٧) ، والمقاصد النحوية (٢ / ١٢٦) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (١ / ٢٩٧) ، وجواهر الأدب (ص ٥٤) ، ورصف المباني (ص ٢٥٧) ، وشرح الأشموني (١ / ١٢٣) ، وهمع الهوامع (١ / ٨٨).

٢٩٢ ـ الشاهد بلا نسبة في أوضح المسالك (١ / ٢٩٨) ، وخزانة الأدب (٩ / ٥٢٣) ، والدرر (٢ / ١٢٧) ، وسرّ صناعة الإعراب (١ / ١٤٢) ، وشرح الأشموني (١ / ١٢٤) ، وشرح التصريح (١ / ٢٠٢) ، وشرح المفصّل (٨ / ٢٣) ، ولسان العرب (كفي) ، والمقاصد النحوية (٢ / ١٣٤) ، وهمع الهوامع (١ / ١٢٧).

٢٩٣ ـ الشاهد للفرزدق في ديوانه (ص ٨٦٣) ، والأزهيّة (ص ٢١٠) ، وتخليص الشواهد (ص ٢٨٦) ، وجمهرة اللغة (ص ٦٣٦) ، وخزانة الأدب (٤ / ١٤٢) ، والدرر (٢ / ١٢٦) ، وشرح التصريح (١ / ٢٠٢) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٧٢) ، ولسان العرب (قلا) ، والمقاصد النحوية (٢ / ١٣٥) ، وبلا نسبة في أساس البلاغة (قرد) ، وأوضح المسالك (١ / ٢٩٩) ، والجنى الداني (ص ٥٥) ، وجواهر الأدب (ص ٥٢) ، وخزانة الأدب (٥ / ١٤) ، والدرر (٥ / ١٣٩) ، وشرح الأشموني (١ / ١٢٤) ، ولسان العرب (قرد) و (هلل) ، والمنصف (٣ / ٦٧) ، وهمع الهوامع (١ / ١٢٧).


وقال ابن يعيش في (الشرح) (١) : كلّ ما جاز في المبتدأ والخبر جاز مع (إنّ) وأخواتها ، لا فرق بينهما ، ولا يجوز تقديم خبرها ، ولا اسمها عليها ، ولا تقدم الخبر فيها على الاسم ، ويجوز ذلك في المبتدأ وذلك لعدم تصرّف هذه الحروف ، وكونها فروقا على الأفعال في العمل ، فانحطّت عن درجة الأفعال ، فجاز التقديم في الأفعال ، نحو : قائما كان زيد ، وكان قائما زيد ، ولم يجز ذلك في هذه الحروف ، اللهم إلا أن يكون الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا ، وذلك أنهم توسّعوا في الظروف ، وخصّوها بذلك ، لكثرتها في الاستعمال.

قاعدة : (إنّ) أصل الباب

قال أبو البقاء في (التبيين) : أصل الباب إنّ.

ضابط : مواضع كسر إن

قال ابن هشام في (شرح الشذور) (٢) : تكسر إنّ في تسعة مواضع :

أحدها : في ابتداء الكلام ، نحو : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) [القدر : ١].

الثاني : أن تقع في أول الصلة ، نحو : (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ) [القصص : ٧٦].

الثالث : في أول الصفة ، كمررت برجل إنه فاضل.

الرابع : في أول الجملة الحالية ، نحو : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) [الأنفال : ٥].

الخامس : في أول الجملة المضاف إليها ما يختصّ بالجمل ، وهو إذ وإذا وحيث ، نحو : جلست حيث إن زيدا جالس.

السادس : أن تقع قبل اللام المعلّقة ، نحو : (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ، وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) [المنافقون : ١].

السابع : أن تقع محكية بالقول ، نحو : (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ) [مريم : ٣٠].

الثامن : أن تقع جوابا للقسم ، نحو : (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ) [الدخان : ١ ـ ٣].

التاسع : أن تقع خبرا عن اسم عين ، نحو : زيد إنّه فاضل. وتفتح في ثمانية مواضع :

__________________

(١) انظر الكتاب (٢ / ٣٦٥).

(٢) انظر شرح المفصّل (١ / ١٠٢).


أحدها : أن تقع فاعلا ، نحو : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا) [العنكبوت : ٥١].

الثاني : أن تقع نائبا عن الفاعل ، نحو : (أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ) [الجن : ١].

الثالث : أن تقع مفعولا لغير القول ، نحو : (وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ) [الأنعام : ٨١].

الرابع : أن تقع في موضع رفع بالابتداء ، نحو : (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً) [فصلت : ٣٩].

الخامس : أن تقع في موضع خبر اسم معنى ، نحو : اعتقادي أنك فاضل.

السادس : أن تقع مجرورة بالحرف ، نحو : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) [الحج : ٦].

السابع : أن تقع مجرورة بالإضافة ، نحو : (مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) [الذاريات : ٢٣].

الثامن : أن تقع تابعة لشيء مما ذكر ، نحو : (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ) [البقرة : ٤٧] ، (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ) [الأنفال : ٧].

ويجوز الكسر والفتح في ثلاثة مواضع :

أحدها : بعد (إذا) الفجائية ، نحو : خرجت فإذا إنّ زيدا بالباب.

الثاني : بعد (الفاء) الجزائية ، نحو : (مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ ، فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأنعام : ٥٤].

الثالث : إذا وقعت خبرا عن قول ، وخبرها قول ، وفاعل القولين واحد ، نحو : أوّل قولي أني أحمد الله.

ضابط : إن المخففة

قال أبو حيّان : حال (إن) المخفّفة إذا عملت كحالها وهي مشدّدة ، في جميع الأحكام ، إلا في شيء واحد ، وهو أنها لا تعمل في الضمير إلا ضرورة ، بخلاف المشدّدة. تقول : إنّك قائم ، ولا يجوز إنك قائم.

فائدة ـ إنّ واللام أيهما أشد تأكيدا : قال السخاويّ في (شرح المفصّل) : اختلفت النحاة في إنّ واللام ، أيّهما أشدّ تأكيدا فقال بعضهم : (إنّ) لتأثيرها في المعمول ، وتغييرها لفظ الابتداء أشدّ تأكيدا وأقعد من اللام.

وقال آخرون : اللام أشدّ تأكيدا ، لأنّه يتمحّض دخوله لذلك ، ولا يكون له شبه بالفعل.


باب لا

(فائدة) قال ابن يعيش (١) : نظير (لا) في اختصاصها بالنكرات ، (ربّ) ، و (كم) ، لأنّ (ربّ) للتقليل ، و (كم) للتكثير ، وهذه معان الإبهام أولى بها.

فائدة ـ ما يشابه ما الكافة : في تعاليق ابن هشام : نظير (ما) في كفّها إنّ وأخواتها عن العمل اللام في : لا أبا لزيد ، ولا غلامي لعمرو ، في أنها هيّأت (لا) للعمل في المعارف. ولو لا وجودها لم يكن للا أن تعمل. فأما قوله : [الوافر]

٢٩٤ ـ أبالموت الّذي لا بدّ أنّي

ملاق ـ لا أباك ـ تخوّفيني

فإنه على نيتها. كما أنّ قوله : [البسيط]

٢٩٥ ـ [كذاك أدّبت حتى صار من خلقي]

أنّي رأيت ملاك الشّيمة الأدب

على نيّة اللام المعلّقة ، حذفت وأبقي حكمها.

ضابط : ما تعمل فيه رب تعمل فيه لا

قال سيبويه (٤) : كلّ شيء حسن أن تعمل فيه (ربّ) حسن أن تعمل فيه (لا).

باب ظنّ وأخواتها

ضابط

قال ابن عصفور : لم يعلّق من الأفعال إلا أفعال القلوب ، وهي : ظننت وعلمت ونحوهما. ولم يعلّق من غير أفعال القلوب إلا انظر ، واسأل ، قالوا : انظر من أبو زيد ، واسأل أبو من عمرو ، وكأن الذي سوّغ ذلك فيهما كونهما سببين للعلم ، والعلم من أفعال القلوب ، فأجري السبب مجرى المسبّب.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ١٠٣).

٢٩٤ ـ الشاهد لأبي حية النميري في ديوانه (ص ١٧٧) ، وخزانة الأدب (٤ / ١٠٠) ، والدرر (٢ / ٢١٩) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٢١١) ، ولسان العرب (خعل) و (أبي) و (فلا) ، وبلا نسبة في الخصائص (١ / ٣٤٥) ، وشرح التصريح (٢ / ٢٦) ، وشرح شذور الذهب (ص ٤٢٤) ، وشرح المفصّل (٢ / ١٠٥) ، واللامات (ص ١٠٣) ، والمقتضب (٤ / ٣٧٥) ، والمقرّب (١ / ١٩٧) ، والمنصف (٢ / ٣٣٧) ، وهمع الهوامع (١ / ٣٣٧).

٢٩٥ ـ الشاهد لبعض الفزاريين في خزانة الأدب (٩ / ١٣٩) ، والدرر (٢ / ٢٥٧) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (٢ / ٦٥) ، وتخليص الشواهد (ص ٤٤٩) ، وشرح الأشموني (١ / ١٦٠) ، وشرح التصريح (١ / ٢٥٨) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (ص ١١٤٦) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٢٤٩) ، وشرح ابن عقيل (ص ٢٢١) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٤١١) ، والمقرب (١ / ١١٧) ، وهمع الهوامع (١ / ١٥٣).

(٢) انظر الكتاب (٢ / ١٥٥).


فائدة ـ الخواص التي لظن وأخواتها : قال ابن القوّاس في (شرح الدّرة) : لهذه الأفعال خواصّ لا يشاركها فيها غيرها من الأفعال المتعدّية :

منها : أن مفعوليها مبتدأ وخبر في الأصل.

ومنها : أنه لا يجوز الاقتصار على أحد مفعوليها غالبا ، كما جاز في باب (أعطيت).

ومنها : الإلغاء.

ومنها : التعليق.

ومنها : جواز كون ضميري الفاعل والمفعول لمسمّى واحد ، نحو : ظننتني قائما ، وعلمتني منطلقا.

والمخاطب : ظننتك قائما. أي : ظننت نفسك.

والغائب : زيد رآه عالما ، أي : نفسه. وفي التنزيل : (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) [العلق : ٦ ـ ٧] أي : رأى نفسه. وإنما جاز ذلك فيها دون غيرها لأمرين :

أحدهما : أنه لما كان المقصود هو الثاني لتعلّق العلم أو الظنّ به لأنه محلّهما بقي الأول كأنه غير موجود بخلاف ضربتني وضربتك ، فإن المفعول محلّ الفعل فلا يتوهّم عدمه.

وثانيهما : أن علم الإنسان وظنّه بأمور نفسه أكثر من علمه بأمور غيره ، فلما كثر فيها ، وقلّ في غيرها جمع بينهما حملا على الأكثر ، فإذا قصد الجمع بين المفعولين في غيرها من الأفعال أبدل المفعول بالنفس ، نحو : ضربت نفسي ، وضربت نفسك. وقد حملوا عدمت وفقدت في ذلك على أفعال القلوب ، فقالوا : عدمتني وفقدتني ، لأنه لما كان دعاء على نفسه كان الفعل في المعنى لغيره ، فكأنه قال : عدمني غيري ، انتهى.

باب الفاعل

(فائدة) قال أبو الحسين بن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : الإسناد ، والبناء ، والتفريغ ، والشغل ألفاظ مترادفة لمعنى واحد ، يدلّك على ذلك أن سيبويه قال (١) : الفاعل شغل به الفعل ، وقال في موضع : فرّغ له. وفي موضع : بني له ، وفي موضع : أسند له ، لأنها كلها في معنى واحد.

قاعدة : الفاعل كجزء من الفعل

الفاعل كجزء من أجزاء الفعل ، قال أبو البقاء في (اللباب) : والدليل على ذلك اثنا عشر وجها :

__________________

(١) انظر الكتاب (١ / ٦٧).


أحدها : أن آخر الفعل يسكّن لضمير الفاعل لئلا يتوالى أربع متحركات ، كضربت وضربنا ، ولم يسكنوه مع ضمير المفعول. نحو : ضربنا زيد ، لأنه في حكم المنفصل.

الثاني : أنهم جعلوا النون في الأمثلة الخمسة علامة رفع الفعل مع حيلولة الفاعل بينهما ، ولو لا أنه كجزء من الفعل لم يكن كذلك.

الثالث : أنهم لم يعطفوا على الضمير المتّصل المرفوع من غير توكيد ، لجريانه مجرى الجزء من الفعل واختلاطه به.

الرابع : أنهم وصلوا تاء التأنيث بالفعل دلالة على تأنيث الفاعل ، فكان كالجزء منه.

الخامس : أنهم قالوا : ألقيا وفقا ، مكان ألق ألق. ولو لا أن ضمير الفاعل كجزء من الفعل لما أنيبت منابه.

السادس : أنهم نسبوا : إلى (كنت) ، فقالوا : كنتي ، ولو لا جعلهم التاء كجزء من الفعل لم تبق مع النسب.

السابع : أنهم ألغوا (ظننت) إذا توسّطت أو تأخّرت ، ولا وجه إلى ذلك إلا جعل الفاعل كجزء من الفعل الذي لا فاعل له. ومثل ذلك لا يعمل.

الثامن : امتناعهم من تقديم الفاعل على الفعل كامتناعهم من تقديم بعض حروفه.

التاسع : أنهم جعلوا (حبّذا) بمنزلة جزء واحد لا يفيد مع أنه فعل وفاعل.

العاشر : أن من النحويين من جعل (حبّذا) في موضع رفع بالابتداء ، وأخبر عنه ، والجملة لا يصحّ فيها ذلك إلا إذا سمّي بها.

الحادي عشر : أنهم جعلوا (ذا) في (حبّذا) بلفظ واحد في التثنية والجمع والتأنيث كما يفعل ذلك في الحرف الواحد.

الثاني عشر : أنهم قالوا في تصغير (حبّذا) : ما أحيبذه! فصغّروا الفعل ، وحذفوا منه إحدى الباءين ، ومن الاسم الألف ، ومن العرب من يقول : لا تحبّذه ، فاشتقّ منهما ، انتهى. وهذه الأوجه مأخوذة من (سرّ الصناعة) لابن جنّي.

قاعدة : الأصل تقديم الفاعل وتأخير المفعول

الأصل تقديم الفاعل وتأخير المفعول ، قال ابن النحاس : وإنما كان الأصل في الفاعل التقديم ، لأنه يتنزّل من الفعل منزلة الجزء ، ولا كذلك المفعول. وقال ابن عصفور في (شرح المقرّب) : ينقسم الفاعل بالنظر إلى تقديم المفعول عليه وحده وتأخيره عنه ثلاثة أقسام :

١ ـ قسم لا يجوز فيه تقديم المفعول على الفاعل وحده ، وهو أن يكون


الفاعل ضميرا متصلا ، أو لا يكون في الكلام شيء مبيّن ، أو يكون الفاعل مضافا إليه المصدر المقدّر بأن والفعل ، أو بأن التي خبرها فعل أو اسم مشتقّ منه.

٢ ـ وقسم يلزم فيه تقديمه عليه ، وهو أن يكون المفعول ضميرا متصلا ، والفاعل ظاهرا ، أو يكون متصلا بالفاعل ضمير يعود على المفعول ، أو على ما اتصل بالمفعول ، أو يكون الفاعل ضميرا عائدا على ما اتصل بالمفعول ، أو يكون المفعول مضافا إليه اسم الفاعل بمعنى الحال أو الاستقبال أو المصدر المقدّر بأن والفعل ، أو بأنّ التي خبرها فعل ، أو يكون الفاعل مقرونا بإلّا ، أو في معنى المقرون بها.

٣ ـ وقسم يجوز فيه التقديم والتأخير ، وهو ما عدا ذلك.

ضابط : حذف الفاعل

قال ابن النحاس في (التعليقة) : اعلم أنّ الفاعل يحذف في ثلاثة مواضع :

أحدها : إذا بني الفعل للمفعول ، نحو : ضرب زيد. فهاهنا يحذف الفاعل. وهو غير مراد.

والثاني : في المصدر إذا لم يذكر معه الفاعل مظهرا ، يكون محذوفا ولا يكون مضمرا ، لأن المصدر غير مشتقّ عند البصريّين ، فلا يتحمّل ضميرا ، بل يكون الفاعل محذوفا مرادا إليه نحو : يعجبني ضرب زيد ، أو يعجبني شرب الماء.

والثالث : إذا لاقى الفاعل ساكنا من كلمة أخرى ، وكقولك للجماعة ، اضربوا القوم ، وللمخاطبة : اشربي القوم ، ومنه نونا التوكيد ، نحو : هل الزيدون يقومنّ ، وهل تضربنّ يا هند؟

ضابط : أقسام المضمر والمظهر من جهة التقديم والتأخير

المضمر والمظهر من جهة التقديم والتأخير على أربعة أقسام :

أحدها : أن يكون الظاهر مقدّما على المضمر لفظا ورتبة ، نحو : ضرب زيد غلامه.

والثاني : أن يكون الظاهر مقدّما على المضمر لفظا دون رتبة. نحو : ضرب زيدا غلامه.

والثالث : أن يكون الظاهر مقدّما على المضمر رتبة دون لفظ. نحو : ضرب غلامه زيد ، فهذه الثالثة تجوز بالإجماع.

والرابع : أن يكون الظاهر مؤخّرا لفظا ورتبة ، نحو : ضرب غلامه زيدا ، فهذا أكثر النحاة لا يجيزه لمخالفته باب المضمر ، ومنهم من أجازه.


باب النائب عن الفاعل

ضابط : الأفعال التي تبنى للمفعول

قال ابن عصفور في (شرح المقرّب) : الأفعال ثلاثة أقسام :

قسم : يجوز بناؤه للمفعول باتفاق ، وهو الأفعال التي لا تتصرّف ، نحو : نعم وبئس.

وقسم : فيه خلاف ، وهو كان وأخواتها المتصرّفة.

وقسم : لا خلاف في جواز بنائه للمفعول ، هو ما بقي من الأفعال المتصرفة.

ضابط : حروف الجر التي يجوز بناء الفعل لها

قال ابن الخبّاز في (شرح الجزوليّة) : حروف الجرّ يجوز بناء الفعل لها إلا ما استثنيته لك ، ولم يتعرّض أحد لهذا : فمن ذلك لام التعليل ، لا يقال : أكرم لزيد.

وكذلك (الباء ، ومن) إذا أفادتا ذلك ، (وربّ) لأنّ لها صدر الكلام ، (ومذ ، ومنذ) لأنهما ضعيفتا التصرّف.

وزاد ابن إياز (الباء) الحالية ، نحو : خرج زيد بثيابه. فإنها لا تقوم مقام الفاعل وكذلك خلا ، وعدا ، وحاشا إذا جررن ، والمميز إذا كان معه من ، نحو : طبت من نفس. لا يقوم شيء من ذلك مقام الفاعل.

فائدة : لغز لغوي : قال ابن معط في ألفيته :

مسألة بها امتحان النّشأه

أعطي بالمعطى به ألف مائه

وكسي المكسوّ فروا جبّه

ونقص الموزون ألفا حبّه

قال ابن القوّاس : هذه المسألة تذكر في هذا الباب لامتحان النشأة بها ، ولإفادة الرياضة والتدرّب ، ولها أربع صور :

الأولى : أن يشتغل الفعل واسم المفعول بالباء ، نحو : أعطي بالمعطى به ألف مائة ، فأعطي : فعل ما لم يسمّ فاعله ، ويتعدّى في الأصل إلى مفعولين ، والمعطى اسم المفعول ، وهو بمنزلة فعل ما لم يسمّ فاعله ، ويتعدى أيضا إلى اثنين فلا بدّ لهما من أربعة مفاعيل اثنين لأعطي ، واثنين للمعطى. أما أعطي فمفعوله الأول مائة ، والثاني بالمعطى ، ويتعين رفع المائة بأعطي ، لوجوب قيامها مقام الفاعل ، وامتناع قيام الجارّ والمجرور مقامه مع وجود المفعول به الصريح. فالمعطى في محل النصب ، على ما


كان أولا ، وأما المعطى فمفعوله الأول ألف ، ويتعين رفعه لقيامه مقام الفاعل ، والثاني في محل النصب ، وهو الضمير المجرور بالباء الذي هو (به) ، لامتناع قيامه مقام الفاعل.

فإن قيل : فهلّا جعلت المائة مرتفعة بالمعطى ، والألف بأعطي.

أجيب : بأن (الألف واللام) لمّا كانت في المعطى اسما موصولا بمعنى الذي وما بعدها من اسم المفعول وما عمل فيه الصلة امتنع رفع المائة لامتناع الفصل بين الصلة والموصول بأجنبيّ وهو الألف ، والضمير في به يعود على الألف واللام في المعطى ، لأن التقدير : أعطيت بالثوب المعطى به زيد ألفا مائة. فلما حذف الفاعل منهما ، وبنيا للمفعول أقيم المائة والألف مقامه.

الثانية : أن يجرّد من حرف الجرّ. نحو : كسي المكسوّ فروا جبة ، فالمكسوّ مرفوع بالفعل الذي هو كسي ، وجبّة منصوبة. لأنها مفعوله الثاني. وفي المكسوّ ضمير يعود على الألف واللام ، وهو قائم مقام فاعله ، وفروا منصوب لأنه المفعول الثاني للمكسوّ ، ولا يجوز أن يكون الفرو منصوبا بكسي لامتناع الفصل بين الصلة والموصول يجوز أن يرفع الفرو والجبة ، لقيامهما مقام الفاعل ، وينصب المكسوّ الضمير الذي كان في اسم الفاعل فيعود منفصلا منصوبا فيقال : كسي المكسوّ إياه فرو جبة ، لعدم اللّبس ، كما يجوز أعطي زيدا درهم.

الثالثة : أن يشتغل الفعل بالباء ، ويجرّد اسم المفعول ، فيقال : أعطي بالمعطى ألفا مائة فيتعيّن رفع المائة ، لقيامها مقام فاعل أعطي لاشتغال الفعل عن المعطي بالباء. وأما الألف فالأولى نصبه لقيام الضمير المستكنّ مقام الفاعل ، ويجوز رفع الألف وجعل الضمير منصوبا على العكس.

الرابعة : أن يجرّد الفعل ، ويشتغل اسم المفعول بالباء ، فيقال : أعطي المعطى به ألف مائة ، فيقام المعطى مقام الفاعل ، لعدم اشتغاله بحرف ، وتنصب المائة ، ويجوز أن تقام المائة مقام الفاعل ، وينصب المعطى على العكس ، وأما الألف فيتعيّن رفعه بالمعطى لقيامه مقام الفاعل ، وامتناع قيام الجارّ والمجرور مقامه.

وأمّا : ونقص الموزون ألفا حبّة ، فالأولى أن يحمل نقص على ضدّه ، وهو زاد ووزن على نظيره ، وهو نقد. وإلا لم يتصوّر فيهما ما ذكر ، لكونهما لا يتعدّيان إلى مفعولين ، انتهى.


باب المفعول به

ضابط : ما يعرف به الفاعل من المفعول

فيما يعرف به الفاعل من المفعول قال ابن هشام في (المغني) (١) : وأكثر ما يشتبه ذلك إذا كان أحدهما اسما ناقصا ، والآخر اسما تاما ، وطريق معرفة ذلك أن تجعل في موضع التامّ إن كان مرفوعا ضمير المتكلم المرفوع ، وإن كان منصوبا ضميره المنصوب ، وتبدل من الناقص اسما بمعناه في العقل وعدمه. فإن صحّت المسألة بعد ذلك فهي صحيحة ، وإلا فهي فاسدة.

فلا يجوز أعجب زيد ما كره عمرو ، إن أوقعت (ما) على ما لا يعقل ، لأنه لا يجوز أعجبت الثوب ويجوز النصب ، لأنه يجوز أعجبني الثوب ، فإن أوقعت (ما) على أنواع من يعقل جاز ، لأنه يجوز أعجبت النساء.

وإن كان الاسم الناقص (من) أو (الذي) جاز الوجهان أيضا. تقول : أمكن المسافر السفر بنصب المسافر لأنك تقول : أمكنني السفر ، ولا تقول أمكنت السفر ، وتقول : ما دعا زيدا إلى الخروج؟ وما كره زيد من الخروج ، تنصب زيدا في الأولى مفعولا ، والفاعل ضمير (ما) مستترا ، وترفعه في الثانية فاعلا ، والمفعول ضمير (ما) محذوفا ، لأنك تقول : ما دعاني إلى الخروج ، وما كرهت منه ، ويمتنع العكس ، لأنه لا يجوز ، دعوت الثوب إلى الخروج وكره من الخروج.

ضابط : إذا أطلق لفظ مفعول فهو المفعول به

قال ابن هشام : جرى اصطلاحهم على أنه إذا قيل : مفعول وأطلق ، لم يرد إلا المفعول به. لمّا كان أكثر المفاعيل دورا في الكلام خفّفوا اسمه ، وإن كان حقّ ذلك ألّا يصدق إلا على المفعول المطلق ، ولكنهم لا يطلقون على ذلك اسم المفعول إلا مقيّدا بقيد الإطلاق.

وقال السخاوي : قال النحويون : أقوى تعدّي الفعل إلى المصدر لأن الفعل صيغ منه ، فلذلك كان أحقّ باسم المفعول.

ضابط : أقسام المفعول بالنسبة إلى تقديمه وتأخيره

نقلت من خطّ الشيخ شمس الدين بن الصائغ في (تذكرته) ما لخّصه من (شرح الإيضاح) للخفّاف :

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٥٠٦).


المفعول ينقسم بالنظر إلى تقديمه على الفعل والفاعل ، وتأخيره عنهما ، وتوسيطه بينهما سبعة أقسام :

أحدها : أن يكون جائزا فيه الثلاثة : كضرب زيد عمرا.

الثاني : أن يلزم واحدا : التقدم ، نحو : من ضربت؟ أو التوسّط ، نحو : أعجبني أن ضرب زيدا أخوه ، أو التأخر ، نحو : ما ضرب زيد إلا عمرا ، لا يجوز تقديمه على الفاعل ولا على الفعل لأنك أوجبت له بإلا ما نفيت عن الفاعل ، فذكر الفاعل من تمام النفي ، فكما أن الإيجاب لا يتقدم على النفي ، فكذا لا يتقدم على ما هو من تمامه. وإنما ضرب زيد عمرا مثله ، وكذا نحو : ضرب موسى عيسى ، وأعجبني ضرب زيد عمرا يلزم تأخير المفعول فيهما ، وقد اشتمل هذا القسم الثاني على ثلاثة أقسام من السبعة.

الثالث : أن يجوز فيه وجهان من الثلاثة : إما التقديم والتأخير فقط ، نحو : ضربت زيدا. وإما التقديم والتوسيط نحو : ضرب زيدا غلامه ، وإما التأخر والتوسط ، نحو : أعجبني أن ضرب زيد عمرا. وقد اشتمل هذا القسم الثالث على ثلاثة أقسام أيضا ، وكملت السبعة.

باب التعدّي واللزوم

ضابط

قال ابن عصفور في (شرح الجمل) : الأفعال بالنظر إلى التعدّي وعدم التعدّي تنقسم ثمانية أقسام.

فعل لا يتعدى التعدّي الاصطلاحيّ ، والمتعدي ينقسم سبعة أقسام :

قسم : يتعدّى إلى واحد بنفسه ، وهو كل فعل يطلب مفعولا به واحدا لا على معنى حرف من حروف الجرّ ، نحو : ضرب وأكرم.

وقسم : يتعدّى إلى واحد بحرف جر ، نحو : مرّ ، وسار.

وقسم يتعدّى إلى واحد تارة بنفسه ، وتارة بحرف جرّ ، وهي أفعال مسموعة تحفظ ولا يقاس عليها ، نحو : نصح ، وشكر ، وكال ، ووزن ، تقول : نصحت زيدا ولزيد ، وشكرت زيدا ولزيد.

وقسم يتعدّى إلى اثنين : أحدهما : بنفسه ، والآخر : بحرف جرّ ، نحو : اختار واستغفر ، وأمر ، وسمى ، وكنى ، ودعا.

وقسم : يتعدّى إلى مفعولين بنفسه ، وليس أصلهما المبتدأ والخبر ، وهو كل فعل يطلب مفعولين يكون الأول منهما فاعلا في المعنى ، نحو : أعطى ، وكسا.


وقسم : يتعدّى إلى مفعولين ، وأصلهما المبتدأ والخبر ، وهو ظننت وأخواتها.

وقسم : يتعدّى إلى ثلاثة مفاعيل ، وهو أعلم وأرى وأخواتهما.

ضابط : معدّيات الفعل اللازم

قال ابن هشام في (المغني) (١) : معدّيات الفعل اللازم سبعة :

أحدها : همزة أفعل : كذهب زيد ، وأذهبت زيدا.

الثاني : ألف المفاعلة : كجلس زيد ، وجالسته.

الثالث : صوغه على فعلت بالفتح أفعل بالضم ، لإفادة الغلبة ، نحو : كرمت زيدا أي : غلبته بالكرم.

الرابع : صوغه على استفعل للطلب ، والنسبة للشيء ، كاستخرجت المال ، واستقبحت الظلم.

الخامس : تضعيف العين كفرح زيد وفرّحته.

السادس : التضمين.

السابع : حذف الجارّ توسّعا. وزاد الكوفيون :

ثامنا : وهو تحويل حركة العين : نحو شترت عينه بالكسر ، وشترها الله بالفتح. وقال المهلّبيّ : [الطويل]

خصال تعدّي الفعل بعد لزومه

إلى كلّ مفعول ، وعدّتها عشر

مفاعلة ، والسّين والتاء ، بعدها

وواو لمع ، والحرف معموله الجرّ

وتضعيف عين ، ثم لام وهمزة

وحمل على المعنى ، وإلّا لمن تعرو

وتوسعة في الظّرف ، كاليوم سرته

ففكّر ، فلم يجعل لما قلته ستر

فزاد (واو) مع في المفعول معه ، وإلا في الاستثناء ، وتضعيف اللام ، نحو : صعر خدّه ، وصعررته أنا.

ضابط : الأمور التي لا يكون الفعل معها إلا قاصرا

قال ابن هشام : الأمور التي لا يكون الفعل معها إلا قاصرا عشرون :

١ ـ كونه على فعل بالضمّ ، كظرف ، وشرف. وسمع : رحبتكم الطاعة ، وإن بشرا طلع اليمن ، ولا ثالث لهما ، لأنهما ضمّنا معنى وسع وبلغ.

٢ ـ أو على فعل بالفتح.

٣ ـ أو فعل بالكسر ، ووصفهما على فعيل ، نحو : ذلّ وقوي.

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٥٧٦).


٤ ـ أو على أفعل بمعنى صار ذا كذا ، نحو : أغدّ البعير ، وأحصد الزرع ، إذا صار ذوي غدّة وحصاد.

٥ ـ أو على افعلل كاقشعرّ.

٦ ـ أو على افوعلّ كاكوهدّ الفرخ إذا ارتعد.

٧ ـ أو على افعنلل بأصالة اللامين كاحرنجم.

٨ ـ أو على افعنلل بزيادة إحداهما ، كاقعنسس.

٩ ـ أو على افعنلى ، كاحرنبى الديك إذا انتفش.

١٠ ـ أو على استفعل ، وهو دالّ على التحول ، كاستحجر الطين.

١١ ـ أو على انفعل ، كانطلق.

١٢ ـ أو مطاوعا لمتعدّ إلى واحد ، نحو : كسرته فانكسر ، وعلّمته فتعلّم ، وضاعفت الحساب فتضاعف.

١٣ ـ أو رباعيا مزيدا فيه ، نحو : تدحرج ، واقشعرّ.

١٤ ـ أو يتضمّن معنى فعل قاصر.

١٥ ـ أو يدل على سجية ، كلؤم وجبن.

١٦ ـ أو عرض ، كفرح وكسل.

١٧ ـ أو نظافة ، كطهر.

١٨ ـ أو دنس ، كنجس.

١٩ ـ أو لون ، كاحمرّ واخضرّ ، واسوادّ.

٢٠ ـ أو حلية ، كدعج ، وسمن ، وهزل.

باب الاشتغال

قال ابن النحاس في (التعليقة) ضابطا مسائل باب الاشتغال :

١ ـ يجوز تعدّي فعل المضمر المنفصل والسببيّ إلى ضميره في جميع الأبواب.

٢ ـ ويجوز تعدّي الفعل المذكور إلى الظاهر مطلقا سواء ظاهره وغيره في جميع الأبواب.

٣ ـ ويجوز تعدّي فعل الظاهر إلى مضمره المتصل ، في باب ظننت وفي عدمت ، وفقدت ولا يجوز في غير ذلك.

٤ ـ ويجوز تعدّي فعل المضمر المتصل إلى مضمره المتصل في باب ظننت ، وفي عدمت وفقدت. ولا يجوز في غير ذلك.


٥ ـ ولا يجوز تعدّي فعل المضمر المتصل إلى ظاهره في باب من الأبواب إلا لفظ النفس.

٦ ـ ولا يجوز تعدي فعل الظاهر إلى ظاهره في باب من الأبواب إلا لفظ النفس ، انتهى.

باب المصدر

قاعدة

قال ابن فلاح في (المغني) : لا ينصب الفعل مصدرين ، ولا ظرفي زمان ، ولا ظرفي مكان ، لعدم اقتضائه ذلك ، لأن الفعل لا يكون مشتقا من مصدرين ، ولا فعلان مشتقان من مصدر واحد ، ولا يكون الفعل الواحد في زمانين أو مكانين في حالة واحدة.

باب المفعول له

ما لا ينصبه الفعل

قال الأندلسيّ في (شرح المفصّل) : قال الخوارزمي : المفاعيل في الحقيقة ثلاثة ، فأما المنصوب بمعنى اللام وبمعنى مع فليسا مفعولين.

باب المفعول فيه

قال أبو الحسين بن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : كان أبو علي الشلوبين يقول : إن الأصل في الظروف التصرّف ، وأصل الأسماء ألّا تقتصر على باب دون باب ، فمتى وجد الاسم لا يستعمل إلا في باب واحد علمت أنه قد خرج عن أصله ، ولا يوجد هذا إلا في الظروف والمصادر ، وإلا في باب النداء لأنها أبواب وضعت على التغيير.

وقال أبو إسحاق بن ملكون : الأصل في الظروف ألّا تتصرف. وتصرّفها خروج عن القياس.

وقال ابن أبي الربيع : وهذا القول خروج عن النظر ، لأنه مخالف الاسم في غير هذه الأبواب الثلاثة ، فالحقّ ما ذهب إليه الشلوبين.

ضابط : أقسام ظروف الزمان

قال ابن مالك في (شرح العمدة) : ظرف الزمان على أربعة أقسام : ثابت


التصرّف والانصراف ، ومنفيّهما وثابت التصرّف منفيّ الانصراف ، وثابت الانصراف منفيّ التصرف أي : لازم الظرفية.

فالأول : كثير : كيوم وليلة ، وحين ومدّة.

والثاني : مثالان : أحدهما مشهور ، والآخر غير مشهور. فالمشهور (سحر) إذا قصد به التعيين مجرّدا من الألف واللام والإضافة والتصغير ، نحو : رأيت زيدا أمس سحر. فلا ينون لعدم انصرافه ، ولا يفارق الظرفية لعدم تصرفه ، والموافق له في عدم الانصراف والتصرف (عشية) إذا قصد به التعيين مجردة عن الألف واللام والإضافة. عزا ذلك سيبويه (١) إلى بعض العرب ، وأكثر العرب يجعلونها عند ذلك متصرّفة منصرفة.

والقسم الثالث ـ وهو الثابت التصرّف المنفيّ الانصراف ـ مثالان : غدوة وبكرة ، إذا جعلا علمين ، فإنهما لا ينصرفان للعلمية والتأنيث ، ويتصرّفان فيقال في الظرفية : لقيت زيدا أمس غدوة ، ولقيت عمرا أوّل من أمس بكرة.

ويقال في عدم الظرفية : سهرت البارحة إلى غدوة ، وإلى بكرة. فلو لم يقصد العلمية تصرّفا وانصرفا.

كقولك : ما من بكرة أفضل من بكرة يوم الجمعة. وكل غدوة يستحب فيها الاستغفار.

الرابع : ـ وهو الثابت الانصراف المنفيّ التصرّف ـ ما عيّن من ضحى ، وسحر وبكر ، ونهار ، وليل ، وعتمة ، وعشاء ، ومساء ، وعشية في الأشهر. فهذه إذا قصد بها التعيين بقيت على انصرافها ، وألزمت الظرفية ، فلم تتصرّف ، والاعتماد في هذا على النقل.

(فائدة) قال بعضهم : مأخذ التصرف والانصراف في الظروف هو السماع. حكاه الشلوبين في (شرح الجزوليّة).

ضابط : المتمكن يطلق على نوعين من الاسم

قال ابن الخباز في (شرح الدرّة) : المتمكّن يطلقه النحويون على نوعين : على الاسم المعرب وعلى الظرف الذي يعتقب عليه العوامل ، كيوم وليلة.

(فائدة) قال ابن يعيش : كما أن الفعل اللازم لا يتعدّى إلى مفعول به إلا بحرف جرّ ، كذلك لا يتعدى إلى ظرف من الأمكنة مخصوص إلا بحرف جرّ. نحو وقفت في الدار ، وقمت في المسجد.

__________________

(١) انظر الكتاب (١ / ٢٨٣).


ضابط : التصرف في الأسماء والأفعال

قال أبو حيّان في (شرح التسهيل) : التصرّف في الأسماء أن تستعمل بوجوه الإعراب ، فيكون مبتدأ ، ومفعولا ، ويضاف إليه. ويقابله أن يقتصر فيه على بعض الإعراب كاقتصار (ايمن) على الابتداء وسبحان على المصدرية ، وعندك على الظرف ، ونحو ذلك.

والتصرف في الأفعال أن تختلف أبنية الفعل ، لاختلاف زمانه ، نحو : ضرب يضرب اضرب.

وقال الشلوبين في (شرح الجزولية) والأعلم في (شرح الجمل) : التصرّف وعدمه في عبارات يقال على ثلاثة معان :

١ ـ فمرّة يقال : متصرّف وغير متصرّف ، ويراد به اختلاف الأبنية لاختلاف الأزمنة وهو المختص بالأفعال.

٢ ـ ومرّة يقال : متصرّف وغير متصرّف ، ويراد به الظرف الذي يستعمل مفعولا فيه وغيره ، وإذا أرادوا الظرف الذي لا يستعمل إلا منصوبا على أنه مفعول فيه خاصة ، أو مخفوضا مع ذلك بمن خاصة ، قالوا فيه : غير متصرّف.

٣ ـ ومرة يقال : متصرف وغير متصرف ، ويراد به أنه ما تتصرف ذاته ومادته على أبنية مختلفة ، كضارب وقائم ، وما لا يكون كذلك كاسم الإشارة.

ضابط : المذكر والمؤنث من الظروف

قال ابن عصفور في (شرح الجمل) : الظروف كلّها مذكّرة إلّا : قدّام ووراء ، وهما شاذّان.

قاعدة : نسبة الظرف من المفعول كنسبة المفعول من الفاعل

قال الفارسيّ في (التذكرة) : نزلت عند بابه على زيد ، جائز ، لأنّ نسبة الظرف من المفعول كنسبة المفعول من الفاعل ، فكما يصحّ : ضرب غلامه زيد ، كذلك يصحّ ما ذكرناه.

قال أبو الحسن عليّ بن المبارك البغدادي المعروف بابن الزاهدة رحمه الله تعالى : [الطويل]

إذا اسم بمعنى الوقت يبنى لأنه

تضمّن معنى الشّرط موضعه النصب

ويعمل فيه النّصب معنى جوابه

وما بعده في موضع الجرّ يا ندب

ضابط : ظروف لا يدخل عليها من حروف الجر سوى من

قال الأندلسيّ : الظروف التي لا يدخل عليها من حروف الجرّ سوى (من) خمسة : عند ، ومع ، وقبل ، وبعد ، ولدى ، انتهى.


قلت : وقد نظمتها فقلت : [الرجز]

من الظّروف خمسة قد خصصت

بمن ، ولم يجرّها سواها

عند ، ومع ، وقبل ، بعد ، ولدى

شرح الإمام اللورقي حواها

الأندلسيّ شارح (المفصّل) المشهور ... هو الإمام علم الدين اللّورقيّ (١). له ترجمة جيدة في سير النبلاء للذهبي.

ضابط : أنواع الظروف المبنية

قال ابن الشجري في (أماليه) (٢) : الظروف المبنيّة ثلاثة أضرب : ضرب زمانيّ ، وضرب مكانيّ ، وضرب تجاذبه الزمان والمكان.

فالزمانيّ : أمس ، والآن ، ومتى ، وأيّان ، وقطّ المشددة ، وإذ ، وإذا المقتضية جوابا.

والمكانيّ : لدن ، وحيث ، وأين ، وهنا ، وثمّ ، وإذا المستعملة بمعنى ثمّ.

والثالث : قبل ، وبعد.

ضابط : أقسام اسم المكان

قال السخاوي في (شرح المفصّل) : اسم المكان ينقسم على ثلاثة أقسام : قسم لا يستعمل ظرفا ، وقسم لا يستعمل إلا ظرفا ، وقسم لا يلزم الظرفية.

فالأول : ما كان محدودا ، نحو : البيت ، والدار ، والبلد ، والحجاز ، والشام ، والعراق ، واليمن.

والثاني : نحو : عند ، وسوى ، وسواء ، ولدن ، ودون.

والثالث : كالجهات الستّ : فوق ، وتحت ، وخلف ، ووراء ، وأمام ، وقدّام ، ويمين ، وشمال ، وحذاء ، وذات اليمين.

باب الاستثناء

قاعدة : إلا أم الباب

قال ابن يعيش (٣) : أصل الاستثناء أن يكون بإلّا ، وإنما كانت (إلّا) هي الأصل ، لأنها حرف. وإنما ينقل الكلام من حال إلى حال الحروف. كما أن (ما) تنقل من

__________________

(١) اللّورقي : هو القاسم بن أحمد بن الموفق الأندلسي المرسي اللورقي : من علماء العربية بالأندلس له «شرح المفصل» و «شرح الشاطبية» و «المباحث الكاملية في شرح الجزولية». (ت ٦٦١ ه‍ / ١٢٦٣ م). ترجمته في بغية الوعاة (٣٧٥) ، ونفح الطيب (١ / ٣٥١).

(٢) انظر الأمالي الشجرية (٢ / ٢٥٩).

(٣) انظر شرح المفصّل (٢ / ٨٣).


الإيجاب إلى النفي ، والهمزة تنقل من الخبر إلى الاستخبار ، واللام تنقل من النكرة إلى المعرفة.

فعلى هذا تكون (إلا) هي الأصل ، لأنها تنقل الكلام من العموم إلى الخصوص ويكتفى بها من ذكر المستثنى منه إذا قلت : ما قام إلا زيد. وما عداها مما يستثنى به فموضوع موضعها ، ومحمول عليها لمشابهة بينهما.

وقال ابن إياز : (إلا) أصل الأدوات في هذا الباب لوجهين :

أحدهما : أنها حرف ، والموضوع لإفادة المعاني الحروف : كالنفي ، والاستفهام ، والنداء.

والثاني : أنها تقع في أبواب الاستثناء فقط ، وغيرها في أمكنة مخصوصة بها ، وتستعمل في أبواب أخر.

قاعدة : الأصل في إلا وغير

قال أبو البقاء في (التبيين) : الأصل في (إلا) الاستثناء. وقد استعملت وصفا ، والأصل في (غير) أن تكون صفة ، وقد استعملت في الاستثناء ، والأصل في (سواء) و (سوى) الظرفية ، وقد استعملت بمعنى غير.

فائدة ـ أنواع الاستثناء : قال ابن الدهان في (الغرّة) : الاستثناء على ثلاثة أضرب : استثناء بعد استثناء ، واستثناء من استثناء ، واستثناء مطلق من استثناء.

فالاستثناء بعد الاستثناء : تكون إلا فيه بمعنى الواو. كقوله تعالى : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ ، لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها ، وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ ، وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ ، إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [الأنعام : ٥٩]. فكأنه قال : إلا يعلمها ، وهي في كتاب مبين.

والاستثناء من الاستثناء : كقوله تعالى : (إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إِلَّا آلَ لُوطٍ ، إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ) [الحجر : ٥٨ ـ ٦٠] ، فتقديره : إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لئلّا نبقي منهم أحدا بالإهلاك إلا آل لوط إنّا لمنجوهم أجمعين. ثم استثنى منه الموجب فقال : (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ) فالأصل في هذا أن الذي يقع بعد معنى النفي يكون بإلّا موجبا ، وبعد معنى الموجب يكون منفيا.

وأما الاستثناء المطلق من الاستثناء فعليه أكثر الكلام. كقولك : سار القوم إلا زيدا.

قاعدة : ما يجب توفره ليعمل ما قبل إلا فيما بعدها

لا يعمل ما قبل (إلا) فيما بعدها ، إلا أن يكون مستثنى. نحو : ما قام إلا زيد ،


أو مستثنى منه ، نحو : ما قام إلا زيدا أحد. أو تابعا له ، نحو : ما قام أحد إلا زيد فاضل.

ضابط : ليس في المبدلات ما يخالف البدل حكم المبدل منه إلا في الاستثناء

قال ابن الدّهان في (الغرّة) : ليس في المبدلات ما يخالف البدل حكم المبدل منه إلا في الاستثناء وحده. وذلك أنك إذا قلت : ما قام أحد إلا زيد ، فقد نفيت القيام عن أحد ، وأثبتّ القيام لزيد ، وهو بدل منه.

ضابط : الذي ينصب بعد إلا

قال ابن الدّهان في (الغرّة) : الذي ينصب بعد إلا ينصب في ستة مواضع :

الأول : الاستثناء من الموجب لفظا ومعنى ، نحو : قام القوم إلّا زيدا.

الثاني : أن يكون موجبا في المعنى دون اللفظ ، نحو : ما أكل أحد إلّا الخبز إلّا زيدا ، لأن التقدير يؤدّي إلى الإيجاب. فكأنّه قال : كلّ الناس أكلوا الخبز إلا زيدا.

الثالث : أن يكون للمستثنى منه حال موجبة ، نحو : ما جاءني أحد إلا راكبا إلا زيدا ، لأنه يؤدي أيضا إلى الإيجاب ، فيكون تقديره : كلّ الناس جاؤوني راكبين إلا زيدا.

الرابع : أن تكرّر إلا مع اسمين مستثنيين ، فلا بدّ من نصب أحدهما ، نحو : ما جاءني أحد إلّا زيد إلّا عمرا ، أو إلا زيدا إلا عمرو.

الخامس : أن يقدّم المستثنى على المستثنى منه ، نحو : ما جاءني إلا زيدا أحد.

السادس : الاستثناء من غير الجنس ، نحو : ما في الدار أحد إلا حمارا.

فائدة ـ قال ابن يعيش (١) : (خلا) فعل لازم في أصله لا يتعدى إلا في الاستثناء خاصة.

فائدة ـ القول في تقدم المستثنى على المستثنى منه : قال ابن يعيش : إذا تقدّم المستثنى على المستثنى منه في الإيجاب تعيّن نصبه ، وامتنع البدل الذي كان مختارا قبل التقدم ، نحو : ما جاءني إلا زيدا أحد ، لأن البدل لا يتقدم المبدل من حيث كان من التوابع ، كالنعت والتوكيد ، وليس قبله ما يكون بدلا منه ، فتعيّن النصب الذي هو مرجوح للضرورة ، ومن النحويين من يسمّيه أحسن القبيحين.

ونظير هذه المسألة صفة النكرة إذا تقدمت ، نحو : فيها قائما رجل ، لا يجوز في قائم إلا النصب ، وكان قبل التقديم فيه وجهان : الرفع على النعت ، نحو : فيها رجل قائم ، والنصب على الحال ، إلا أنه ضعيف ، لأن نعت النكرة أجود من الحال

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٧٧).


منها. فإذا قدّم بطل النعت ، وتعيّن النصب على الحال ضرورة. فصار ما كان مرجوحا مختارا ، انتهى.

(فائدة) قال ابن يعيش (١) : الاستثناء من الجنس تخصيص ، ومن غيره استدراك.

قاعدة : لا ينسق على حروف الاستثناء

قال ابن السراج في (الأصول) : لا ينسق على حروف الاستثناء. لا تقول : قام القوم ليس زيدا ولا عمرا ، ولا قام القوم غير زيد ولا عمرو. قال : والنفي في جميع العربية ينسق عليه بلا إلا في الاستثناء.

فائدة ـ إلا والواو التي بمعنى مع نظيرتان : قال ابن إياز : إلا والواو التي بمعنى مع نظيرتان. لأن كل واحدة منهما تعدّي الفعل الذي قبلها إلا الاسم الذي بعدها مع ظهور النصب فيه. ألا ترى أنك لو أسقطت إلا لكان الفعل غير مقتض للاسم؟

فائدة ـ الاستثناء المنقطع شبه بالعطف : قال عبد القاهر : الاستثناء المنقطع مشبّه بالعطف ، ولكن عطف الشيء على ما هو من غير جنسه كقولك : جاءني رجل لا حمار ، فشبّهت إلا بلا لأنّ الاستثناء والنفي متقاربان ، فقيل : ما مررت بأحد إلا حمارا ، كما قيل : مررت برجل لا حمار.

قاعدة : ما بعد إلا لا يعمل فيما قبلها

قال ابن إياز : لا يعمل ما بعد إلا فيما قبلها ، فلا يجوز : ما قومه زيدا إلا ضاربون. لأن تقديم الاسم الواقع بعد إلا عليها غير جائز. فكذا معموله ، لأن من أصولهم أن المعمول يقع حيث يقع العامل إذا كان تابعا ، وفرعا عليه. فإن جاء شيء يوهم خلاف ذلك أضمر له فعل ينصبه من جنس المذكور. وقيل : إنما امتنع ذلك في إلا حملا لها على واو مع ، ولا يتقدم ما بعد الواو عليها. فكذلك إلا.

ضابط : المنفي عند العرب في جمل الاستثناء

قال أبو الحسن الأبّذي في (شرح الجزولية) : المنفيّ عندهم هو :

١ ـ ما دخلت عليه أداة النفي ، نحو : ما قام القوم إلا زيدا.

٢ ـ وما كان خبرا لما دخلت عليه أداة النفي ، نحو : ما أحد يقوم إلا زيدا.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٨١).


٣ ـ وما كان في موضع المفعول الثاني من باب (ظننت) ، نحو : ما ظننت أحدا يقوم إلا زيدا.

٤ ـ وكذلك ما دخلت عليه أداة الاستفهام ، وأريد بها معنى النفي.

٥ ـ وكذلك ما كان من الأفعال بعد قلّ أو ما يقرب منها ، نحو (١) : قلّ رجل يقول ذاك إلا زيد ، وأقلّ رجل يقول ذاك إلا زيد ، وقلما يقوم إلا عمرو ، لأن العرب تستعمل قلّ بمعنى النفي.

فإذا قلت قلّ رجل يقول ذاك إلا زيد ، وأقلّ رجل يقول ذاك إلا زيد فالمبدل فيهما محمول على المعنى دون اللفظ ، لأن المعنى : ما رجل يقول ذاك إلا زيد. ولا يجوز أن يكون إلا زيد بدلا من أقل المرفوع ، لأنه لا يحلّ محلّه ، لأنه (إلا) لا يبتدأ بها ، ولا من الضمير ، لأنه لا يقال ، يقول إلا زيد ، وكذلك لا يكون بدلا من رجل في (قلّ) لأنه لا يقال : قلّ إلا زيد ، ولأن (قلّ) لا تعمل إلا في نكرة ، ولا يقع بعدها إلا زيد ، ولا من الضمير ، لأن الفعل في موضع الصفة ، ولا تنتفي الصفة. وأيضا فلا يقال : يقول ذاك إلا زيد ، ولا يجوز أقلّ رجل يقول ذاك إلا زيد بالخفض لأن أقلّ لا يدخل على المعارف ، فهي كربّ. وإنما هو بدل من رجل على الموضع ، لأنه في معنى : ما رجل يقول ذاك إلا زيد.

قاعدة : لا يجوز أن يستثنى بإلا اسمين

قال الأبّذيّ : ومن أصل هذا الباب أنه لا يجوز أن يستثنى بإلا اسمان ، كما لا يعطف بلا اسمان ، ولا تعمل واو المفعول معه في اسمين. فإذا قلت : أعطيت الناس المال إلا عمرا الدينار ، لم يجز. وكذلك النفي ، لا يجوز : ما أعطيت الناس المال إلا عمرا الدينار ، إذا أردت الاستثناء ، وإن أردت البدل جاز في النفي إبدال الاسمين ، وصار المعنى إلا عمرا الدينار.

ومن هنا منع الفارسي أن يقال : ما ضرب القوم إلا بعضهم بعضا ، لأنه لم يتقدم اسمان فتبدل منهما اسمين. وتصحيح المسألة عنده : ما ضرب القوم أحدا إلا بعضهم بعضا ، وتصحيحها عند الأخفش أن يقدّم بعضهم ، وأجاز غيرهما المسألة من غير تغيير اللفظ ، على أن يكون البعض المتأخّر منصوبا بضرب انتصاب المفعول به ، لا بدل ولا مستثنى ، وإنما هو بمنزلة : ما ضرب بعضا إلا بعض القوم.

__________________

(١) انظر الكتاب (٢ / ٣٢٦).


باب الحال

تقسيم

الحال تنقسم باعتبارات :

آ ـ فتنقسم باعتبار انتقال معناها ولزومه إلى قسمين : منتقلة وهو الغالب. وملازمة ، وذلك واجب في ثلاث : الجامدة غير المؤوّلة بالمشتق ، نحو : هذا مالك ذهبا ، والمؤكّدة ، نحو : (وَلَّى مُدْبِراً) [النمل : ١٠] والتي دلّ عاملها على تجدد صاحبها ، نحو : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨].

ب ـ وتنقسم بحسب قصدها لذاتها وللتوطئة بها إلى قسمين : مقصودة ، وهو الغالب. وموطّئة ، وهي الجامدة الموصوفة ، نحو : (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) [مريم : ١٧] فإنما ذكر بشرا توطئة لذكر سويا.

ج ـ وتنقسم بحسب الزمان إلى ثلاثة : مقارنة ، وهو الغالب ، ومقدّرة ، وهي المستقبلة ، نحو : (فَادْخُلُوها خالِدِينَ) [الزمر : ٧٣] ومحكيّة وهي الماضية ، نحو : جاء زيد أمس راكبا.

د ـ وتنقسم بحسب التبيين والتوكيد إلى قسمين : مبيّنة ، وهو الغالب ، وتسمّى مؤسّسة أيضا ، ومؤكّدة وهي التي يستفاد معناها بدونها ، وهي ثلاثة :

١ ـ مؤكّدة لعاملها ، نحو : (وَلَّى مُدْبِراً) [النمل : ١٠].

٢ ـ ومؤكّدة لصاحبها ، نحو : جاء القوم طرّا.

٣ ـ ومؤكّدة لمضمون الجملة ، نحو : زيد أبوك عطوفا.

ومما يشكل قولهم : جاء زيد والشمس طالعة (١). فإن الجملة الاسمية حال مع أنها لا تنحلّ إلى مفرد يبيّن هيئة فاعل ولا مفعول ، ولا هي مؤكّدة ، فقال ابن جنّي تأويلها : جاء زيد طالعة الشمس عند مجيئه ، يعني : فهي كالحال والنعت السببيّين ، كمررت بالدار قائما سكانها ، وبرجل قائم غلمانه. وقال ابن عمرون : هي مؤوّلة بمنكّر ، أو نحوه.

قاعدة : ما يجوز أن يأتي حالا يجيء صفة للنكرة

قال ابن يعيش (٢) : كلّ ما جاز أن يكون حالا يجوز أن يكون صفة للنكرة ،

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٥٥٨).

(٢) انظر شرح المفصّل (٢ / ٦٧).


وليس كلّ ما يجوز أن يكون صفة للنكرة يجوز أن يكون حالا. ألا ترى أن الفعل المستقبل يكون صفة للنكرة؟ نحو : هذا رجل سيكتب. ولا يجوز أن يقع حالا ...

ضابط : ما يعمل في الحال

جميع العوامل اللفظية تعمل في الحال إلا (كان) وأخواتها ، وعسى على الأصحّ فيهما.

قاعدة : الحال شبيهة بالظرف

الحال شبيهة بالظرف ، قال ابن كيسان : ولذا أغنت عن الخبر في : ضربي زيدا قائما.

باب التمييز

قال ابن الطراوة : الإبهام الذي يفسره التمييز إما في الجنس ، نحو : عشرون رجلا. أو البعض ، نحو : أحسن الناس وجها. أو الحال ، نحو : أحسنهم أدبا. أو السبب ، نحو : أحسنهم عبدا.

قال ابن هشام في (تذكرته) : فهو كالبدل في أقسامه الثلاثة : والقسمان الأخيران نظيرهما بدل الاشتمال ، ويوضّح الأول أن الإفراد في موضع الجمع ، فرجل في موضع رجال ، فالعشرون نفس الرجال.

ضابط : المواضع التي يأتي فيها التمييز المنتصب عن تمام الكلام

قال ابن الصائغ في (تذكرته) : التمييز المنتصب عن تمام الكلام يجوز أن يأتي بعد كل كلام منطو على شيء مبهم إلا في موضعين :

أحدهما : أن يؤدّي إلى تدافع الكلام ، نحو : ضرب زيد رجلا إذا جعلت رجلا تمييزا لما انطوى عليه الكلام المتقدم من إبهام الفاعل ، وذلك أن الكلام مبنيّ على حذف الفاعل فذكره تفسيرا آخره متدافع لأن ما حذف لا يذكر. وقد ذهب إلى إجازته بعض النحويين ، وقد يتخرّج عليه قول الراجز :

٢٩٦ ـ يبسط للأضياف وجها رحبا

بسط ذراعين لعظم كلبا

__________________

٢٩٦ ـ الرجز بلا نسبة في لسان العرب (صفح) و (قنن) ، وكتاب العين (٥ / ٢٧) ، والمخصّص (٩ / ١٧٥) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٨٩٠) ، ومغني اللبيب (٢ / ٥٢٨) ، وتاج العروس (صفح) و (قنن).


فيكون قد نوي بالمصدر بناؤه للمفعول ، والتقدير : بسطا مثلما بسط ذراعان. ويحتمل هذا البيت غير هذا ، وهو أن يكون من باب القلب ، وهو كثير في كلامهم.

والموضع الثاني : أن يؤدّي إلى إخراج اللفظ عن أصل وضعه ، نحو قولك : ادّهنت زيتا ، لا يجوز انتصاب زيت على التمييز ، إذ الأصل ادّهنت بزيت. فلو نصب على التمييز لأدّى إلى حذف حرف الجرّ ، والتزام التنكير في الاسم ، ونصبه ، بعد أن لم يكن كذلك ، وكلّ ذلك إخراج للفظ عن أصل وضعه. ويوقف فيما ورد من ذلك على السماع ، والذي ورد منه قولهم : امتلأ الإناء ماء ، وتفقّأ زيد شحما (١). والدليل على أن ذلك نصب على التمييز التزام التنكير ، ووجوب التأخير بإجماع ، انتهى.

باب حروف الجر

تقسيم

قال ابن الخبّاز : حروف الجر ثلاثة أقسام :

قسم يلزم الحرفيّة وهو : من ، وفي ، وإلى ، وحتى ، وربّ ، واللام ، والواو ، والتاء ، والباء.

وقسم يكون اسما وحرفا وهو : على ، وعن ، والكاف ، ومذ ، ومنذ.

وقسم يكون فعلا وحرفا وهو : حاشا ، وعدا ، وخلا.

قال : ولو لا ، وكي من القسم الأول. ومع من القسم الثاني. وحكي عن أبي الحسن أنه قال : بله إذا جرت حرف جر ، انتهى.

وقال ابن عصفور في (شرح الجمل) : حروف الجر تنقسم أربعة أقسام :

١ ـ قسم لا يستعمل إلا حرفا.

٢ ـ وقسم يستعمل حرفا واسما وهو : مذ ، ومنذ ، وعن ، وكاف التشبيه.

٣ ـ وقسم يستعمل حرفا وفعلا ، وهو : حاشا ، وخلا.

٤ ـ وقسم يستعمل حرفا واسما وفعلا ، وهو : على.

قاعدة : الأصل في الجر

الأصل في الجرّ حرف الجرّ ، لأن المضاف مردود في التأويل إليه. ذكره ابن الخباز في شرح الدرة.

__________________

(١) انظر الكتاب (١ / ٢٦٦).


ضابط : تقسيم حروف الجر بالنسبة إلى عملها

قال ابن هشام في (التعليقة) : حروف الجرّ عشرون حرفا :

أ ـ ثلاثة لا تجرّ إلا في الاستثناء ، وهي : حاشا ، وخلا ، وعدا.

ب ـ وثلاثة لا تجرّ إلا شذوذا ، وهي : لعلّ ، وكي ، ومتى.

ج ـ وسبعة تجرّ الظاهر والمضمر ، وهي : من ، وإلى ، وعن ، وعلى ، وفي ، والباء ، واللام. والسبعة الباقية لا تجرّ إلا الظاهر ، وهي تنقسم إلى أربعة أقسام :

١ ـ قسم لا يجرّ إلا الزمان وهو : مذ ومنذ.

٢ ـ وقسم لا يجرّ إلا النكرات ، وهو : رب.

٣ ـ وقسم لا يجرّ إلا لفظي الجلالة وربّ وهو التاء.

٤ ـ وقسم يجرّ كل ظاهر وهو الباقي.

(فائدة) الجرّ من عبارات البصريّين ، والخفض من عبارات الكوفيّين. ذكره ابن الخباز وغيره.

(فائدة) قال ابن الدهان في (الغرّة) : (من) أقوى حروف الجرّ ، ولهذا المعنى اختصت بالدخول على (عند).

قاعدة : الأصل في حروف القسم

قال : أصل حروف القسم الباء ، ولذلك خصّت بجواز ذكر الفعل معها ، نحو : أقسم بالله لتفعلنّ ، ودخولها على الضمير ، نحو : بك لأفعلنّ ، واستعمالها في القسم الاستعطافي في ، نحو : بالله هل قام زيد.

فائدة ـ تعلق حروف الجر بالفعل : قال ابن فلاح في (المغني) : تعلّق حروف الجرّ بالفعل يأتي لسبعة معان :

١ ـ تعلّق المفعول به.

٢ ـ وتعلّق المفعول له : كجئتك للسمن واللبن.

٣ ـ وتعلّق الظرف كأقمت بمكّة.

٤ ـ وتعلّق الحال : كخرج بعشيرته.

٥ ـ وتعلّق المفعول معه ، نحو : ما زلت بزيد حتى ذهب.

٦ ـ وتعلّق التشبيه بالمفعول به ، نحو : قام القوم حاشا زيد ، وخلا زيد لأنها نائبة عن إلا ، والاسم بعدها ينتصب على التشبيه بالمفعول به. فكذا المجرور بعد هذه على التشبيه بالمفعول به.

٧ ـ وتعلق التمييز ، نحو : [السريع]


٢٩٧ ـ يا سيّدا ما أنت من سيّد

[موطّأ البيت رحيب الذّراع]

فائدة ـ القول في ربما : في (تذكرة) ابن الصائغ قال : نقلت من مجموع بخطّ ابن الرمّاح : ربّما على ثلاثة أوجه :

١ ـ أحدها أن (ما) كافّة. كما قال : [الطويل]

٢٩٨ ـ فإن يمس مهجور الفناء فربّما

أقام به بعد الوفود وفود

٢ ـ وغير كافّة : [السريع]

٢٩٩ ـ ماويّ يا ربّتما غارة

شعواء كاللّذعة بالميسم

٣ ـ ونكرة موصوفة : [الخفيف]

٣٠٠ ـ ربما تكره النفوس من الأم

ر [له فرحة كحلّ العقال]

ويحتمل الثلاثة قوله : [الطويل]

لقد رزئت كعب بن عوف وربّما

فتى لم يكن يرضى بشيء يضيمها

فتى مرفوع بما يفسّره يضيمها ، لأن ربما صارت مختصة بالفعل كإذا وإن ، تقديره : لم يرض فتى لم يكن يرضى ، أو لم يكن فتى يرضى ، أو مفعول بإضمار فعل تقديره : وربما رزئت فتى لم يكن يرضى ، أو مفعول برزئت المذكور. وفي هذه

__________________

٢٩٧ ـ الشاهد للسفاح بن بكير في خزانة الأدب (٦ / ٩٥) ، وشرح اختيارات المفضّل (١٣٦٣) ، وشرح التصريح (١ / ٣٩٩) ، وشرح شواهد الإيضاح (١٩٥) ، وبلا نسبة في الخزانة (٢ / ٣٠٨) ، وشرح شذور الذهب (٣٣٦) ، وشرح قطر الندى (٣٢٠) ، والدرر اللوامع رقم (٦٧٣).

٢٩٨ ـ الشاهد لمعن بن زائدة في أمالي المرتضى (١ / ٢٢٣) ، ولأبي عطاء السندي في خزانة الأدب (٩ / ٥٣٩) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (ص ٨٠٠) ، والشعر والشعراء (٢ / ٧٧٣) ، ولسان العرب (عهد) ، وجواهر الأدب (ص ٣٦٦).

٢٩٩ ـ الشاهد لضمرة بن ضمرة في الأزهيّة (ص ٢٦٢) ، وخزانة الأدب (٩ / ٣٨٤) ، والدرر (٤ / ٢٠٨) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٣٣٠) ، ونوادر أبي زيد (ص ٥٥) ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر (٣ / ١٨٦) ، والإنصاف (١ / ١٠٥) ، وخزانة الأدب (٩ / ٥٣٩) ، وشرح ابن عقيل (ص ٣٧١) ، وشرح المفصّل (٨ / ٣١) ، ولسان العرب (ربب) و (هيه) و (شعا) ، وهمع الهوامع (٢ / ٣٨).

٣٠٠ ـ الشاهد لأمية بن أبي الصلت في ديوانه (ص ٥٠) ، والأزهيّة (ص ٨٢) ، وحماسة البحتري (ص ٢٢٣) ، وخزانة الأدب (٦ / ١٠٨) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٣) ، والكتاب (٢ / ١٠٥) ، ولسان العرب (فرج) ، وله أو لحنيف بن عمير أو لنهار ابن أخت مسيلمة الكذاب في شرح شواهد المغني (٢ / ٧٠٧) ، والمقاصد النحوية (١ / ٤٨٤) ، وبلا نسبة في إنباه الرواة (٤ / ١٣٤) ، وأساس البلاغة (فرج) ، وأمالي المرتضى (١ / ٤٨٦) ، والبيان والتبيين (٣ / ٢٦٠) ، وجمهرة اللغة (ص ٤٦٣) ، وجواهر الأدب (ص ٣٦٩) ، وشرح الأشموني (١ / ٧٠) ، وشرح المفصّل (٤ / ٣٥٢).


الأوجه كافة. أو تجعل زائدة ، وفتى محله جرّ ، أو نكرة موصوفة ، أي : ربّ شيء فتى لم يكن يرضى.

باب الإضافة

قاعدة

قال في (البسيط) : ما لا يمكّن تنكيره من المعارف كالمضمرات ، وأسماء الإشارة ، لا تجوز إضافته لملازمة القرينة الدالة على تعريفه وضعا.

وأما الأعلام فالقياس عدم إضافتها ، وعدم دخول اللام عليها لاستغنائها بالتعريف الوضعيّ عن التعريف بالقرينة الزائدة. والاشتراك الاتفاقيّ فيها لا يلحقها باشتراك النكرات الذي هو مقصود المواضع ، وليس الاشتراك في الأعلام مقصودا للواضع ، فإن النكرات تشترك في حقيقة واحدة ، والأعلام تشترك في اللفظ دون الحقيقة. وكلّ حقيقة تتميّز بوضع غير الوضع للحقيقة الأخرى ، بخلاف وضع اللفظ على النكرات. ولذلك كان (الزيدان) يدل على الاشتراك في الاسم دون الحقيقة ، (والرجلان) يدل على الاشتراك في الاسم والحقيقة ، وقد جاء إدخال اللام عليها وإضافتها إلحاقا للاشتراك الاتفاقيّ بالاشتراك الوضعيّ ، وكأنه تخيّل في تنكيرها اشتراكها في مسمّى هذا اللفظ.

فإذا اتفق جماعة ، اسم كلّ واحد منهم (زيد) فكلّ واحد منهم فرد من أفراد من يسمى بزيد ، فلهذا القدر من التنكير صحّ تعريفه باللام وإضافته في قوله : [الرجز]

٣٠١ ـ باعد أمّ العمرو من أسيرها

[حرّاس أبواب على قصورها]

وقوله : [الطويل]

٣٠٢ ـ علا زيدنا يوم النّقا رأس زيدكم

[بأبيض ماضي الشفرتين يمان]

__________________

٣٠١ ـ الرجز لأبي النجم في شرح المفصل (١ / ٤٤) ، والمخصّص (١٣ / ٢١٥) ، وبلا نسبة في الإنصاف (١ / ٣١٧) ، والجنى الداني (ص ١٩٨) ، والدرر (١ / ٢٤٧) ، ورصف المباني (ص ٧٧) ، وسرّ صناعة الإعراب (١ / ٣٦٦) ، وشرح شواهد المغني (١ / ١٧) ، وشرح شواهد الشافية (ص ٥٠٦) ، وشرح المفصّل (١ / ١٣٢) ، ولسان العرب (وبر) ، ومغني اللبيب (١ / ٥٢) ، والمقتضب (٤ / ٤٩) ، والمنصف (٣ / ١٣٤) ، وهمع الهوامع (١ / ٨٠).

٣٠٢ ـ الشاهد لرجل من طيّئ في شرح شواهد المغني (١ / ١٦٥) ، والمقاصد النحويّة (٣ / ٢٧١) ، وبلا نسبة في جواهر الأدب (٣١٥) ، وخزانة الأدب (٢ / ٢٢٤) ، وسرّ صناعة الإعراب (٢ / ٤٥٢) ، وشرح الأشموني (١ / ١٨٦) ، وشرح التصريح (١ / ١٥٣) ، وشرح المفصّل (١ / ٤٤) ، ولسان العرب (زيد) ، ومغني اللبيب (١ / ٥٢).


واجتمع اللام والإضافة في قوله : [الطويل]

٣٠٣ ـ وقد كان منهم حاجب وابن مامة

أبو جندل والزّيد زيد المعارك

قال : والإضافة في الأعلام أكثر من تعريف اللام ، وإنما كثرت ، ولم يكن استقباحها كاستقباح دخول اللام لوجهين :

أحدهما : التأنيس بكثرة الأعلام المسماة بالمضاف والمضاف إليه ، كعبد الله وعبد الرحمن ، والكنى. فلم تكن الإضافة والعلم متنافيين.

والثاني : أنه قد عهد من الإضافة عدم التعريف بها في المنفصلة ، فلم تستنكر كاستنكار دخول اللام التي لا يكون ما تدخل عليه نكرة ، وإن وجد ك : [الوافر]

٣٠٤ ـ فأرسلها العراك [ولم يذدها

ولم يشفق على نغص الدّخال]

وادخلوا الأول فالأول. فهو قليل بالنسبة إلى الإضافة اللفظية التي لا تفيد التعريف.

قاعدة : إضافة العلم

قال ابن يعيش (٣) : إذا أضفت العلم سلبته تعريف العلمية ، وكسوته بعد تعريفا إضافيا ، وجرى مجرى أخيك وغلامك في تعريفهما بالإضافة ، كقوله (٤) : [الطويل]

علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم

قال : وإذا أضيف العلم إلى اللقب صار كالاسم الواحد وسلب ما فيه من تعريف العلمية ، كما إذا أضيف إلى غير اللقب ، وصار التعريف بالإضافة.

قاعدة : إضافة الأسماء إلى الأفعال

قال ابن السرّاج في (الأصول) : الأصل والقياس ألا يضاف اسم إلى فعل ، ولا

__________________

٣٠٣ ـ الشاهد للأخطل في ديوانه (ص ٢٧٥) ، وشرح المفصّل (١ / ٤٤).

٣٠٤ ـ الشاهد للبيد في ديوانه (ص ٨٦) ، وأساس البلاغة (نغص) ، والكتاب (١ / ٤٤٠) ، وخزانة الأدب (٢ / ١٩٢) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٢٠) ، وشرح التصريح (١ / ٣٧٣) ، وشرح المفصّل (٢ / ٦٢) ، ولسان العرب (نفص) و (عرك) ، والمعاني الكبير (ص ٤٤٦) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٢١٩) ، وبلا نسبة في الإنصاف (٢ / ٨٢٢) ، وجواهر الأدب (ص ٣١٨) ، ولسان العرب (ملك) ، والمقتضب (٣ / ٢٣٧).

(١) انظر شرح المفصل (١ / ٤٤).

(٢) مرّ الشاهد رقم (٣٠٢).


فعل إلى اسم ، ولكنّ العرب اتسعت في بعض ذلك ، فخصت أسماء الزمان بالإضافة إلى الأفعال ، لأن الزمان مضارع للفعل ، لأن الفعل له بني ، وصارت إضافة الزمان إليه كإضافته إلى مصدره لما فيه من الدلالة عليهما.

ضابط : أقسام الأسماء في الإضافة

الأسماء في الإضافة أقسام :

الأول : ما يلزم الإضافة ، فلا يكاد يستعمل مفردا وذلك ظروف وغير ظروف :

أ ـ فمن الظروف الجهات الستّ. وهي : فوق ، وتحت ، وأمام ، وقدّام ، وخلف ، ووراء ، وتلقاء ، وتجاه ، وحذاء ، وحذة ، وعند ، ولدن ، ولدى ، وبين ، ووسط ، وسوى ، ومع ، ودون ، وإذ ، وإذا ، وحيث.

ب ـ ومن غير الظروف : مثل ، وشبه ، وغير ، وبيد ، وقيد ، وقدا ، وقاب ، وقيس ، وأيّ ، وبعض ، وكلّ ، وكلا ، وكلتا ، وذو ، ومؤنّثه ، ومثنّاه ومجموعه ، وأولو ، وأولات ، وقطّ ، وحسب ، ذكر ذلك كلّه في (المفصل) (١).

الثاني : ما لا يضاف أصلا : كمذ ، ومنذ ، إذا وليهما مرفوع أو فعل. والمضمرات وأسماء الإشارة ، والموصولات سوى أيّ ، وأسماء الأفعال ، وكم ، وكأيّن.

الثالث : ما يضاف ويفرد : وهو غالب الأسماء.

قاعدة : تصح الإضافة لأدنى ملابسة

الإضافة تصح بأدنى ملابسة نحو قولك لقيته في طريقي ، أضفت الطريق إليك بمجرّد مرورك فيه ، ومثله قول أحد حاملي الخشبة خذ طرفك ، أضاف الطرف إليه بملابسته إياه في حال الحمل ، وقول الشاعر : [الطويل]

٣٠٥ ـ إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة

سهيل أذاعت غزلها في القرائب

أضاف الكوكب إليها لجدّها في عملها عند طلوعه. ذكر ذلك في (المفصّل) (٣) وشروحه.

ضابط : ما يضاف إلى الجملة من ظروف المكان

قال ابن النحاس في (التعليقة) : ليس في ظروف المكان ما يضاف إلى الجملة

__________________

(١) انظر المفصّل (ص ٨٦) ، وشرح المفصّل (٢ / ١٢٦).

٣٠٥ ـ الشاهد بلا نسبة في خزانة الأدب (٣ / ١١٢) ، وشرح المفصّل (٢ / ٨) ، ولسان العرب (غرب) ، والمحتسب (٢ / ٢٢٨) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٣٥٩) ، والمقرّب (١ / ٢١٣).

(٢) انظر المفصّل (ص ٩٠).


غير حيث ، لمّا أبهمت لوقوعها على كلّ جهة احتاجت في زوال إبهامها إلى إضافتها لجملة كإذ ، وإذا في الزمان.

ضابط : ما يكتسبه الاسم بالإضافة

قال ابن هشام في (المغني) (١) : الأمور التي يكتسبها الاسم بالإضافة عشرة :

أحدها : التعريف : كغلام زيد.

الثاني : التخصيص : كغلام رجل.

الثالث : التخفيف : كضارب زيد.

الرابع : إزالة القبح أو التجوز : كمررت بالرجل الحسن الوجه ، فإنّ الوجه إن رفع قبح الكلام ، لخلوّ الصفة لفظا عن ضمير الموصوف ، وإن نصب حصل التجوّز ، بإجرائك الوصف القاصر مجرى المتعدّي.

الخامس : تذكير المؤنّث : نحو : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ) [الأعراف : ٥٦].

السادس : تأنيث المذكّر : نحو : قطعت بعض أصابعه (٢).

السابع : الظرفية نحو : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) [إبراهيم : ٢٥].

الثامن : المصدريّة : نحو : (أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧].

التاسع : وجوب الصدر : نحو : غلام من عندك ، وصبيحة أيّ يوم سفرك.

العاشر : البناء في المبهم : نحو : غير ، ومثل ، ودون ، والزمن المبهم المضاف إلى إذ أو فعل مبنيّ.

وهذا الفصل أخذه ابن هشام من كتاب (نظم الفرائد وحصر الشرائد) ، وقال المهلّبي في نظم ذلك : [الوافر]

خصال في الإضافة يكتسيها ال

مضاف من المضاف إليه عشر

بناء ، ثم تذكير ، وظرف

ومعنى الجنس ، والتأنيث ، تعرو

وتعريف ، وتنكير ، وشرط

والاستفهام ، والحدث المقرّ

وذكر في الشرح أنه أراد بالاستفهام مسألة (غلام من عندك؟). وبالحدث المصدرية. وبالجنس قولك : أيّ رجل يأتيني فله درهم. وبالشرط غلام من تضرب أضرب. وبالتنكير قولك : هذا زيد رجل ، وهذا زيد الفقيه لا زيد الأمير ، لأنك لم تضفه حتى سلبته التعريف في النية للاشتراك العارض في التسمية.

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٥٦٤).

(٢) انظر الخصائص (٢ / ٤١٥).


وهذه الثلاثة لم يذكرها ابن هشام ، وذكر بدلها : التخصيص ، والتخفيف وإزالة القبح والتجوّز.

ولم يذكر المهلبيّ هذه الثلاثة. ومسألة اكتساب التنكير من الإضافة في غاية الحسن ، وهي سلب تعريف العلميّة. وقد تقدّم تحقيق ذلك في أول الباب. وقلت أنا : [الوافر]

ويكتسب المضاف فخذ أمورا

أحلّتها الإضافة فوق عشر

فتعريف ، وتخصيص ، بناء

وتخفيف كضارب عبد عمرو

وترك القبح والتجويز شرط

والاستفهام فانتسبا لصدر

وتذكير ، وتأنيث ، وظرف

وسلب للمعارف شبه نكر

ومعنى الجنس والحدث المعزّى

فخذ نظما يحاكي عقد درّ

وقال ابن هشام في (تذكرته) : في اكتساب التأنيث قد بسط الناس هذا ، فقالوا : إنه منحصر في أربعة أقسام :

قسم : المضاف بعض المؤنّث وهو مؤنث في المعنى ، وتلفظ بالثاني وأنت تريده ، نحو : قطعت بعض أصابعه. و: [الوافر]

٣٠٦ ـ إذا بعض السّنين تعرّقتنا

[كفى الأيتام فقد أبي اليتيم]

وتلتقطه بعض السيّارة [يوسف : ١٠].

وقسم : هو بعض المؤنث ، وتلفظه بالثاني وأنت تريده ، إلا أنه ليس مؤنثا ، وذلك نحو (٢) : [الطويل]

[وتشرق بالقول الذي قد أذعته]

شرقت صدر القناة [من الدم]

وقلنا : إنه غير مؤنّث ، لأن صدر القناة ليس قناة ، بخلاف بعض الأصابع ، فإنه يكون أصابع.

وقسم : تلفظ بالثاني وأنت تريده إلا أنه لا بعض ولا مؤنث. نحو : اجتمعت أهل اليمامة (٣).

__________________

٣٠٦ ـ الشاهد لجرير في ديوانه (ص ٢١٩) ، وخزانة الأدب (٤ / ٢٢٠) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٥٦) ، والكتاب (١ / ٩٣) ، وبلا نسبة في شرح المفصّل (٥ / ٩٦) ، ولسان العرب (صوت) و (عرق) ، والمقتضب (٤ / ١٩٨).

(١) مرّ الشاهد رقم (١٣٣).

(٢) انظر الخصائص (١ / ٣٠٨).


والقسم الرابع : زاده الفارسيّ. وهو أن يكون المضاف (كلّا) للمؤنث. كقوله : [الكامل]

٣٠٧ ـ ولهت عليه كلّ معصفة

هو جاء ليس للبّها زبر

فأنّث كلّا لأنه المعصفات في المعنى.

فائدة : قال بعضهم : [السريع]

ثلاثة تسقط هاءاتها

مضافة عند جميع النحاه

منها إذا قيل : أبو عذرها

وليت شعري ، وإقام الصلاه

باب المصدر

قال ابن هشام في (تذكرته) : المصدر الصريح يقع في موضع الفاعل ، نحو : (ماؤُكُمْ غَوْراً) [الملك : ٣٠] والمفعول ، نحو : (هذا خَلْقُ اللهِ) [لقمان : ١١] ، والمصدر المؤوّل كذلك في موضع الفاعل ، نحو : عسى زيد أن يقوم. والمفعول ، نحو : (ما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى) [يوسف : ٣٧].

(فائدة) قال ابن هشام في (تذكرته) : قال الجرجانيّ : أقوى إعمال المصدر منوّنا ، لأنه نكرة كالفعل ، ثم مضافا ، لأنّ إضافته في نيّة الانفصال ، فهو نكرة أيضا ، ودونهما ما فيه (أل).

باب اسم الفاعل

قاعدة

قال ابن السرّاج في (الأصول) : كل ما كان يجمع بغير الواو والنون ، نحو : حسن وحسان ، فإن الأجود فيه أن نقول : مررت برجل حسان قومه ، من قبل أن هذا الجمع المكسّر هو اسم واحد ، صيغ للجمع ، ألا ترى أنه يعرب كإعراب الواحد المفرد.

وما كان يجمع بالواو والنون ، نحو : منطلقين ، فإن الأجود فيه أن تجعله بمنزلة الفعل المقدّم ، فتقول : مررت برجل منطلق قومه.

__________________

٣٠٧ ـ الشاهد لابن أحمر في ديوانه (ص ٨٧) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٢٢) ، والكتاب (٢ / ١٠٩) ، ولسان العرب (هوج) و (زبر).


باب التعجّب

قول البصريين في : أحسن بزيد! يلزم منه شذوذ من أوجه :

أحدها : استعمال أفعل للصيرورة قياسا ، وليس بقياس. وإنما قلنا ذلك لأن عندهم أنّ أفعل أصله أفعل بمعنى صار كذا (١).

الثاني : وقوع الظاهر فاعلا لصيغة الأمر بغير لام.

الثالث : جعلهم الأمر بمعنى الخبر.

الرابع : حذف الفاعل في (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) [مريم : ٣٨] ، نقلته من تعاليق ابن هشام.

باب أفعل التفضيل

قاعدة : صح فيه ما أفعله صح فيه أفعل به

قال ابن السرّاج في (الأصول) : كلّ ما قلت فيه : ما أفعله قلت فيه أفعل به.

وهذا أفعل من هذا ، وما لم تقل فيه ما أفعله لم تقل فيه هذا أفعل من هذا ، ولا أفعل به.

ضابط : استعمال أفعل التفضيل

قال ابن هشام في (تذكرته) : قولهم إن أفعل التفضيل يستعمل مضافا وبأل وبمن يستثنى من استعماله بأل خير وشرّ. فإني لم أرهما استعملا بأل للتفضيل.

باب أسماء الأفعال

قال ابن هشام في (تذكرته) : اعلم أنّ هاؤما ، وهاؤم ، نادر في العربية ، لا نظير له ، ألا ترى أن غيره من صه ، ومه ، لا يظهر فيه الضمير البتّة ، وهو مع ندوره غير شاذّ في الاستعمال ، ففي التنزيل : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) [الحاقة : ١٩].

باب النعت

ضابط : جملة ما يوصف به

قال في (البسيط) : جملة ما يوصف به ثمانية أشياء :

اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبّهة. وهذه الثلاثة هي الأصل في

__________________

(١) انظر أوضح المسالك (٢ / ٢٧٣).


الصفات لأنها تدخل في حدّ الصفة ، لأنها تدلّ على ذات باعتبار معنى هو المقصود ، وذلك لأن الغرض من الصفة الفرق بين المشتركين في الاسم. وإنما يحصل الفرق بالمعاني القائمة بالذوات ، والمعاني هي المصادر ، وهذه الثلاثة هي المشتقة من المصادر ، فهي التي توجد المعاني فيها.

والرابع : المنسوب : كمكيّ ، وكوفيّ. وهو في معنى اسم المفعول.

والخامس : الوصف بذي التي بمعنى صاحب.

والسادس : الوصف بالمصدر : كرجل عدل ، وهو سماعيّ.

والسابع : ما ورد من المسموع غيره : كمررت برجل أيّ رجل.

والثامن : الوصف بالجملة.

ضابط : أقسام الأسماء بالنسبة إلى الوصف

قال في (البسيط) : الأسماء في الوصف على أربعة أقسام :

ما يوصف ويوصف به : وهو اسم الإشارة والمعرّف بأل ، والمضاف إلى واحد من المعارف ، إذا كان متّصفا بالحدث.

وما لا يوصف ولا يوصف به : وهو ثواني الكنى ، و (اللهم) عند سيبويه (١) ، وما أوغل من الاسم في شبه الحرف ، كأيّن ، وكم ، وكيف ، والمضمرات. وما أحسن قول الشاعر : [السريع]

٣٠٨ ـ أضمرت في القلب هوى شادن

مشتغل بالنحو لا ينصف

وصفت ما أضمرت يوما له

فقال لي : المضمر لا يوصف

وما يوصف به : وهو الأعلام. وما لا يوصف ويوصف به : وهو الجمل.

وقال ابن عصفور في (شرح الجمل) : الأسماء تنقسم أربعة أقسام :

قسم لا ينعت ولا ينعت به ، وهو اسم الشّرط ، واسم الاستفهام والمضمر وكلّ اسم متوغّل في البناء ، وهو ما ليس بمعرب في الأصل ، ما عدا الأسماء الموصولة وأسماء الإشارة.

وقسم : ينعت به ، ولا ينعت : وهو ما لم يستعمل من الأسماء إلا تابعا ، نحو :

__________________

(١) انظر الكتاب (٢ / ٢٢٥).

٣٠٨ ـ البيتان لعلي بن داود القرشي الأسدي في بغية الوعاة (٢ / ١٦١).


بسن ، وليطان ، ونائع ، من قولهم : حسن بسن ، وشيطان ليطان ، وجائع نائع ، وهي محفوظة لا يقاس عليها.

وقسم : ينعت ولا ينعت به : هو العلم ، وما كان من الأسماء ليس بمشتقّ ولا في حكمه ، نحو : ثوب وحائط وما أشبه ذلك.

وقسم : ينعت وينعت به : وهو ما بقي من الأسماء.

وقال ابن هشام في (تذكرته) : المعارف أقسام :

قسم : لا ينعت بشيء : وهو المضمر.

وقسم : ينعت بشيء واحد : هو اسم الإشارة خاصة. ينعت بما في (أل) خاصة.

وقسم : ينعت بشيئين : وهو ما فيه (أل) ، ينعت بما فيه (أل) ، أو بمضاف إلى ما فيه (أل).

وقسم ينعت بثلاثة أشياء : وهو شيئان : أحدهما العلم ينعت بما فيه (أل) وبمضاف ، وبالإشارة. والثاني المضاف : ينعت بمضاف مثله ، وبما فيه أل ، وبالإشارة.

تقسيم : تبعية الصفة لموصوفها في الإعراب

قال في (البسيط) : تبعيّة الصفة لموصوفها في الإعراب ثلاثة أقسام :

ما يتبع الموصوف على لفظه لا غير. وهو كلّ معرب ليس له موضع من الإعراب يخالف لفظه.

وما يتبع الموصوف على محلّه لا غير ، وهو جميع المبنيّات التي أوغلت في شبه الحرف ، كالإشارة ، وأمس ، والمركّب من الأعداد ، وما لا ينصرف في الجرّ.

وما يجوز أن يتبعه على لفظه وعلى محلّه ، وهو أربعة أنواع : اسم لا ، والمنادى ، وما أضيف إليه المصدر ، واسم الفاعل.

باب التوكيد

تأكيد الضمير بضمير

قاعدة : قال ابن النحاس في (التعليقة) : الضمير إذا أكّد بضمير كان الضمير الثاني المؤكّد من ضمائر الرفع لا غير ، سواء كان الضمير الأول المؤكّد مرفوعا أو منصوبا ، أو مجرورا ، نحو : قمت أنا ، ورأيتك أنت ، ومررت به هو.


فائدة ـ موطن لا يجوز فيه التوكيد اللفظي : قال ابن هشام في (تذكرته) : لنا موطن لا يجوز فيه التوكيد اللفظيّ ، وذلك قولك : احذر الأسد ، لا يجوز لك في هذا الكلام أن تكرّر الاسم المحذّر منه ، لئلا يجتمع البدل والمبدل منه ، لأنهم جعلوا التكرار نائبا عن الفعل.

فائدة ـ التأكيد اللفظي أوسع من المعنوي : قال الأندلسيّ : التأكيد اللفظي أوسع مجالا من التأكيد المعنوي ، لأنه يدخل في المفردات الثلاث ، وفي الجمل ، ولا يتقيّد بمظهر أو مضمر ، معرفة أو نكرة ، بل يجوز مطلقا إلا أنّ السماع في بعضها أكثر ، فلا يكاد يسمع أو ينقل (أنّ أن زيدا قائم) ، وإنما أكثر ما يأتي في تكرير الاسم أو الجملة.

ضابط : أقسام الاسم بالنسبة إلى التوكيد

قال ابن الدهان في (الغرة) : الاسم ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

قسم يوصف ويؤكّد ، وكزيد والرجل.

وقسم يوصف ولا يؤكّد ، كرجل.

وقسم يؤكّد ولا يوصف ، كالمضمر.

قاعدة : اجتماع ألفاظ التوكيد

قال ابن هشام في (تذكرته) : إذا اجتمعت ألفاظ التوكيد بدأت بالنفس ، فالعين ، فكلّ ، فأجمع ، فأكتع ، فأبصع ، فأبتع ، وأنت مخيّر بين أبتع وأبصع. فأيهما شئت قدمته. فإن حذفت النفس أتيت بما بعدها مرتّبا ، أو العين فكذلك ، أو كلّا فكذلك ، أو أجمع لم تأت بأكتع وما بعده ، لأن ذلك تأكيد لأجمع ، فلا يؤتى به دونها ، ذكره ابن عصفور في (شرح الجمل)

باب العطف

أقسام العطف

أقسام العطف ثلاثة :

أحدها : العطف على اللفظ ، وهو الأصل ، نحو : ليس زيد بقائم ولا قاعد ، بالخفض ، وشرطه إمكان توجّه العامل إلى المعطوف. فلا يجوز في نحو : ما جاءني من امرأة ولا زيد إلا الرفع عطفا على الموضع ، لأنّ من الزائدة لا تعمل في المعارف ، وقد يمتنع العطف على اللفظ وعلى المحلّ جميعا ، نحو : ما زيد قائما لكن أو بل


قاعد ، لأن في العطف على اللفظ إعمال ما في الموجب ، وفي العطف على المحل اعتبار الابتداء مع زواله بدخول الناسخ ، والصواب الرفع على إضمار مبتدأ.

الثاني : العطف على المحلّ ، نحو : ليس زيد بقائم ولا قاعدا بالنصب ، وله ثلاثة شروط :

أحدها : إمكان ظهور ذلك المحل في الفصيح. فلا يجوز : مررت بزيد وعمرا ، لأنه لا يجوز مررت عمرا.

الثاني : أن يكون الموضع بحقّ الأصالة ، فلا يجوز هذا الضارب زيد وأخيه ، لأنّ الوصف المستوفي لشروط العمل الأصل إعماله لا إضافته ، لالتحاقه بالفعل.

الثالث : وجود المحرز ، أي الطالب لذلك المحلّ ، فلا يجوز : إنّ زيدا وعمرو قائمان ، لأن الطالب لرفع عمرو هو الابتداء ، والابتداء هو التجرّد ، والتجرد قد زال بدخول (إنّ).

الثالث : العطف على التوهم نحو : ليس زيد قائما ولا قاعد بالخفض على توهّم دخول الباء في الخبر ، وشرط جوازه صحة دخول ذلك العامل المتوهّم ، وشرط حسنه كثرة دخوله هناك.

قاعدة : انفراد الواو عن أخواتها بأحكام

الواو أصل حروف العطف ولهذا انفردت عن سائر حروف العطف بأحكام :

أحدها : احتمال معطوفها للمعيّة ، والتقدّم والتأخر.

الثاني : اقترانها بإمّا نحو : (إِمَّا شاكِراً ، وَإِمَّا كَفُوراً) [الإنسان : ٣].

الثالث : اقترانها بلا إن سبقت بنفي ، ولم يقصد المعيّة نحو : ما قام زيد ولا عمرو ، ليفيد أنّ الفعل منفيّ عنهما في حالة الاجتماع والافتراق. وإذا فقد أحد الشرطين امتنع دخولها فلا يجوز : قام زيد ولا عمرو ، ولا : ما اختصم زيد ولا عمرو.

الرابع : اقترانها بلكن ، نحو : (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) [الأحزاب : ٤٠].

الخامس : عطف المفرد السببيّ على الأجنبيّ عند الاحتياج إلى الربط ، كمررت برجل قام زيد وأخوه.

السادس : عطف العقد على النيّف ، نحو : أحد وعشرون.

السابع : عطف الصفات المفرّقة مع اجتماع منعوتها ، نحو : [الوافر]


٣٠٩ ـ [بكيت وما بكا رجل حليم]

على ربعين مسلوب وبال

الثامن : عطف ما حقّه التثنية أو الجمع ، نحو : [الكامل]

٣١٠ ـ [إن الرزيّة لا رزيّة مثلها]

فقدان مثل محمّد ومحمّد

التاسع : عطف ما لا يستغنى عنه ، كاختصم زيد وعمرو وجلست بين زيد وعمرو.

العاشر والحادي عشر : عطف العامّ على الخاص ، وبالعكس ، نحو : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) [نوح : ٣٨] ، (وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) [البقرة : ٩٨] ، ويشاركها في هذا الحكم الأخير (حتّى) ، كمات الناس حتّى الأنبياء ، فإنها عاطفة خاصّا على عامّ.

الثاني عشر : عطف عامل حذف وبقي معموله على عامل آخر يجمعهما معنى واحد ، نحو : [الوافر]

٣١١ ـ [إذا ما الغانيات برزن يوما]

وزجّجن الحواجب والعيونا

أي : وكحّلن العيون ، والجامع بينهما التحسين.

الثالث عشر : عطف الشيء على مرادفه ، نحو : [الوافر]

٣١٢ ـ [وقدّدت الأديم لراهشيه]

وألفى قولها كذبا ومينا

__________________

٣٠٩ ـ الشاهد لابن ميادة في ديوانه (ص ٢١٤) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٧٤) ، وبلا نسبة في الكتاب (١ / ٤٩٦) ، وشرح التصريح (٢ / ١١٤) ، ومغني اللبيب (٢ / ٢٥٦) ، والمقتضب (٢ / ٢٩١) ، والمقرّب (١ / ٢٢٥).

٣١٠ ـ الشاهد للفرزدق في ديوانه (١٦١) ، والدرر (٦ / ٧٤) ، وشرح التصريح (٢ / ١٣٨) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٧٥) ، ومغني اللبيب (٢ / ٣٥٦) ، والمقرّب (٢ / ٤٤) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٢٩).

٣١١ ـ الشاهد للراعي النميري في ديوانه (ص ٢٦٩) ، والدرر (٣ / ١٥٨) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٧٥) ، ولسان العرب (زجج) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٩١) ، وبلا نسبة في الإنصاف (٢ / ٦١٠) ، وأوضح المسالك (٢ / ٤٣٢) ، وتذكرة النحاة (ص ٦١٧) ، والخصائص (٢ / ٤٣٢) ، والدرر (٦ / ٨٠) ، وشرح الأشموني (١ / ٢٢٦) ، وشرح التصريح (١ / ٣٤٦) ، وشرح شذور الذهب (ص ٣١٣) ، وشرح ابن عقيل (ص ٥٠٤) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٦٣٥) ، وكتاب الصناعتين (ص ١٨٢) ، ولسان العرب (رغب) ، ومغني اللبيب (١ / ٣٥٧) ، وهمع الهوامع (١ / ٢٢٢).

٣١٢ ـ الشاهد لعدي بن زيد في ذيل ديوانه (ص ١٨٣) ، وجمهرة اللغة (ص ٩٩٣) ، والدرر (٦ / ٧٣) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٧٦) ، والشعر والشعراء (١ / ٢٣٣) ، ولسان العرب (مين) ، ومعاهد التنصيص (١ / ٣١٠) ، وبلا نسبة في مغني اللبيب (١ / ٣٥٧) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٢٩)


الرابع عشر : عطف المقدّم على متبوعه للضرورة ، كقوله : [الوافر]

٣١٣ ـ [ألا يا نخلة من ذات عرق]

عليك ورحمة الله السّلام

الخامس عشر : عطف المخفوض على الجوار ، نحو : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) [المائدة : ٦].

السادس عشر : ذكر أبو عليّ الفارسيّ أن عطف الجملة الاسمية على الفعلية وبالعكس يجوز بالواو فقط ، دون سائر الحروف ، نقله عنه ابن جني في (سرّ الصناعة).

وفي تذكرة ابن الصائغ عن (شرح الجمل) للأعلم : أصل حروف العطف الواو ، لأن الواو لا تدل على أكثر من الجمع والاشتراك ، وأما غيرها فيدلّ على الاشتراك ، وعلى معنى زائد كالترتيب والمهلة والشكّ والإضراب والاستدراك والنفي ، فصارت الواو بمنزلة الشيء المفرد ، وباقي الحروف بمنزلة المركّب ، والمفرد أصل المركب.

ضابط : حروف تعطف بشروط

قال ابن هشام في (تذكرته) : من حروف العطف ما لا يعطف إلا بعد شيء خاص ، وهو أم بعد همزة الاستفهام.

ومنها ما لا يعطف إلا بعد شيئين ، وهو لكن بعد النفي ، والنهي خاصة.

ومنها ما لا يعطف إلا بعد ثلاثة أشياء ، وهو لا بعد النداء والأمر ، والإيجاب.

ومنها ما لا يعطف إلا بعد أربعة ، وهو بل بعد النفي ، والنهي ، والإثبات والأمر.

ضابط : أقسام حروف العطف

قال ابن الخبّاز : حروف العطف أربعة أقسام :

قسم يشرك بين الأول والثاني في الإعراب والحكم ، وهو : الواو والفاء ، وثمّ ، وحتّى.

وقسم يجعل الحكم للأول فقط ، وهو : لا.

وقسم يجعل الحكم للثاني فقط ، وهو : بل ، ولكن.

وقسم يجعل الحكم لأحدهما ، لا بعينه ، وهو : إمّا ، وأو ، وأم.

__________________

٣١٣ ـ الشاهد للأحوص في حواشي ديوانه (ص ١٩٠) ، وخزانة الأدب (٢ / ١٩٢) ، والدرر (٣ / ١٩) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٧٧) ، ولسان العرب (شيع) ، ومجالس ثعلب (ص ٢٣٩) ، والمقاصد النحوية (١ / ٥٢٧) ، وبلا نسبة في الخصائص (٢ / ٣٨٦) ، وشرح التصريح (١ / ٣٤٤) ، ومغني اللبيب (٢ / ٣٥٦) ، وهمع الهوامع (١ / ١٧٣).


ضابط : ما يتقدم على متبوعه في التوابع

قال ابن هشام في (تذكرته) : ليس في التوابع ما يتقدّم على متبوعه إلا المعطوف بالواو ، لأنها لا ترتّب.

فائدة ـ متى يجوز عطف الضمير المنفصل على الظاهر : قال الأبّذيّ في (شرح الجزوليّة) : لا يجوز عطف الضمير المنفصل على الظاهر بالواو ، ويجوز فيما عدا ذلك.

قال ابن الصائغ في (تذكرته) : وأورد شيخنا شهاب الدين عبد اللطيف على ذلك قوله تعالى : (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ) [النساء : ١٣١] وقوله تعالى : (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ) [الممتحنة : ١].

قال ابن الصائغ : وعندي أنه ينبغي أن ينظر في علّة منع ذلك ، حتى يتلخّص : هل هذا داخل تحت منعه ، فلا يلتفت إليه ، أو ليس بداخل ، فيدور الحكم مع العلة. والذي يظهر من التعليل أن الواو لمّا كانت لمطلق الجمع ، فكأنّ المعطوف مباشر بالعمل ، والعامل لا يجوز له العمل في الضمير وهو منفصل ، مع إمكان اتصاله. أمّا في غير الواو فليس الأمر معها كذلك ، كقولك : زيد قام عمرو ثمّ هو ، وقوله تعالى : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً) [سبأ : ٢٤] فنجيء إلى الآيتين ، فنجد المكانين مكاني (ثمّ) لأن المقصود في الآية الأولى ترتيبها على الزمان الوجوديّ مع إرادة كون المخاطب له أسوة بمن مضى. وكذلك الآية الثانية ، المقصود ترتيب المتعاطفين من جهة شرفهما والبداءة بما هو أشنع في الردّ على فاعل ذلك.

وإذا تلخّص ذلك لم يكن فيهما ردّ على الأبّذيّ ، ويحمل المنع على ما إذا لم يقصد بتقديم أحد المتعاطفين معنى ما ، وهذا تأويل حسن لكلامه موافق للصناعة وقواعدها ، انتهى.

فائدة ـ في أقسام الواوات : قال بعضهم : [الطويل]

وممتحن يوما ليهضمني هضما

عن الواو كم قسم نظمت له نظما

فقسمتها عشرون ضربا تتابعت

فدونكها ، إنّي لأرسمها رسما

فأصل ، وإضمار ، وجمع ، وزائد

وعطف وواو الرفع في الستة الأسما

وربّ ومع قد نابت الواو عنهما

وواوك في الأيمان فاستمع العلما

وواوك للإطلاق والواو ألحقت

وواو بمعنى (أو) ، فدونك والحزما

وواو أتت بعد الضمير لغائب

وواوك في الجمع الذي يورث السقما

وواو الهجا ، والحال واسم لما له

وساسان من دون الجمال به يسمى

وواوك في تكسير دار ، وواو إذ

وواو ابتداء ثمّ عدّى بها ثما


باب عطف البيان

قال الأعلم في (شرح الجمل) : هذا الباب يترجم له البصريّون ، ولا يترجم له الكوفيّون.

قاعدة : عطف البيان لا يكون إلا بعد مشترك

قال الأعلم : عطف البيان لا يكون إلا بعد مشترك.

باب البدل

قال في (البسيط) : تنحصر مسائل البدل في اثنتين وثلاثين مسألة ، وذلك لأنّ البدل أربعة ، وكل واحد منها ينقسم باعتبار التعريف والتنكير أربعة ، وباعتبار الإظهار والإضمار أربعة ، وثمانية في أربعة باثنين وثلاثين. وأمثلتها مجملة :

جاءني زيد أخوك ، ضربت زيدا رأسه ، أعجبني زيد علمه ، رأيت زيدا الحمار ، جاءني رجل غلام لك ، ضربت رجلا يدا له ، أعجبني رجل علم له ، ضربت رجلا حمارا ، كرهت زيدا غلاما لك ، ضربت زيدا يدا له ، أعجبني زيد علم له ، رأيت زيدا حمارا ، جاءني رجل أخوك ، ضربت رجلا رأسه ، أعجبني رجل علمه ، رأيت رجلا الحمار.

قام زيد أخوك ، زيد ضربته إيّاه ، ضربت زيدا إياه ، ضربته زيدا ، أعجبني زيد رأسه ، يد زيد قطعته إيّاها ، الرغيف أكلته ثلثه ، ثلث الرغيف أكلت الرغيف إياه ، أعجبني زيد علمه ، جهل الزيدين كرهتهما إيّاه ، زيد كرهته جهله ، جهل زيد كرهت زيدا إياه ، أعجبني زيد الحمار زيد الحمار كرهته إياه ، كرهت زيدا إياه ، زيد كرهته حماره ، ثلث الرغيف أكلت الرغيف إياه ، جهل زيد كرهت زيد إياه ، الحمار كرهت زيدا إياه.

فائدة ـ البدل على نية تكرار العامل : قال الأعلم في (شرح الجمل) : الدليل على أن البدل على نيّة تكرار العامل ثلاثة أدلة : شرعيّ ، ولغويّ ، وقياسيّ.

فالشرعيّ قوله تعالى : (اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا) [يس : ٢٠ ـ ٢١] ، (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) [الأعراف : ٧٤]. واللغويّ قول الشاعر : [الوافر]


٣١٤ ـ إذا ما مات ميت من تميم

فسرّك أن يعيش فجئ بزاد :

بخبز أو بتمر أو بسمن

أو الشيء الملفف في البجاد

والقياسيّ يا أخانا زيد ، لو كان في غير نية النداء لقال : يا أخانا زيدا.

(فائدة) قال ابن الصائغ في (تذكرته) : نقلت من خطّ ابن الرماح : لا يخلو البدل أن يكون توكيدا ، أو بيانا أو استدراكا ، فالبعض والاشتمال يكونان توكيدا وبيانا. والغلط والبداء والنسيان لا يكون إلا استدراكا ، فالتوكيد (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) [البقرة : ٢١٧]. (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ) [آل عمران : ٩٧] والبيان أعجبني الجارية وجهها أو عقلها.

باب النداء

قاعدة

قال في (المفصّل) (٢) : لا ينادى ما فيه الألف واللام إلا الله وحده ، لأنهما لا يفارقانه.

قاعدة : يا أصل حروف النداء

أصل حروف النداء (يا) ، ولهذا كانت أكثر أحرفه استعمالا ، ولا يقدّر عند الحذف سواها ، ولا ينادى اسم الله عزّ وجلّ ، واسم المستغاث ، وأيّها وأيتها إلا بها ، ولا المندوب إلا بها أو (بوا).

وفي شرح الفصول لابن إياز : قال النحاة : (يا) أمّ الباب ، ولها خمسة أوجه من التصرّف :

أولها : نداء القريب والبعيد بها.

وثانيها : وقوعها في باب الاستغاثة ، دون غيرها.

وثالثها : وقوعها في باب الندبة.

ورابعها : دخولها على أي.

وخامسها : أن القرآن المجيد مع كثرة النداء فيه لم يأت فيه غيرها.

__________________

٣١٤ ـ الشاهد ليزيد بن عمرو بن الصعق أو لأبي المهوّس الأسديّ في لسان العرب (لفف) و (لقم) ، ولأبي المهوّس في تاج العروس (لفف) ، وبلا نسبة في مجمع الأمثال (٢ / ٣٩٥).

(١) انظر المفصّل (ص ٤١).


(فائدة) قال الجزوليّ : إذا رفعت الأول من نحو : يا زيد زيد عمرو ، فتنصب الثاني من أربعة أوجه ، وزاد بعضهم خامسا. وهي : البدل وعطف البيان والنعت على تأويل الاشتقاق ، والنداء المستأنف ، وإضمار أعني. وأضعفها النعت ، وهو الذي أسقطه ، لأن العلم لا ينعت به. فإذا نصبت الأول فتنصبه من وجه واحد ، على أنه منادى مضاف على تأويلين : إما إلى محذوف دلّ عليه ما أضيف إليه الثاني ، وتنصب الثاني على ما كنت تنصبه مع الرفع من الأوجه الخمسة ، والتأويل الثاني أن يكون مضافا إلى ما بعد الثاني ويكون الثاني توكيدا للأول ، يقحم بينه وبين ما أضيف إليه.

ضابط : أقسام الأسماء بالنسبة إلى ندائها

قال ابن الدهان في (الغرّة) : الأسماء على ضربين : ضرب ينادى ، وضرب لا ينادى.

فالذي ينادى على ثلاث مراتب : مرتبة لا بدّ من وجود (يا) معها ، نحو : النكرة وأسماء الإشارة عندنا ، ومرتبة لا بدّ من حذف (يا) معها ، وهو اللهم ، وأيّ في قولك : اللهم اغفر لنا أيتها العصابة (١). وضرب يجوز فيه الأمران.

(فائدة) قال ابن هشام في (تذكرته) : لا يجوز عندي نداء اسم الله تعالى إلا بيا.

ضابط : حذف حرف النداء

في تذكرة ابن هشام : تابع المنادى المبنيّ على خمسة أقسام :

١ ـ قسم يجب نصبه على الموضع ، وهو المضاف الذي ليس بأل.

٢ ـ وقسم يجب إتباعه على اللفظ ، وهو أي.

٣ ـ وقسم على تقديرين : يجوز إتباعه على اللفظ ، وإتباعه على المحلّ ، وهو اسم الإشارة.

٤ ـ وقسم يجوز إتباعه على اللفظ وإتباعه على المحل مطلقا وهو النعت والتوكيد وعطف البيان المفردة مطلقا ، والنسق الذي بغير أل.

٥ ـ وقسم يحكم له بحكم المنادى المستقل ، وهو البدل ، والنسق الذي بغير أل.

__________________

(١) انظر الكتاب (٣ / ١٩٤).


ضابط : حذف حرف النداء

قال ابن فلاح في (المغني) : يجوز حذف حرف النداء مع كل منادى إلا في خمسة مواضع : النكرة المقصودة والنكرة المبهمة ، واسم الإشارة عند البصريّين ، والمستغاث والمندوب ، انتهى. وزاد ابن مالك المضمر.

وفي تذكرة ابن الصائغ : حذف حرف النداء من الاسم الأعظم نصّ على منعه ابن معط في درّته ، وعلّل منع ذلك في الدرة أيضا بالاشتباه ، وقرّره ابن الخباز بأنه بعد حذف حرف النداء يشتبه المنادى بغير المنادى ، واعترض عليه بأنك تقول : الله اغفر لي ، فلا يقع فيها اشتباه ولبس.

قال ابن الصائغ : ولابن معط أن يقول : لمّا وقع اللبس في بعض المواضع طرد الباب ، لئلا يختلف الحكم ، انتهى.

قال والعلة في ذلك أنهم لمّا حذفوا (يا) عوّضوا الميم ، فكرهوا أن يقولوا الله بالحذف ، لما فيه حذف العوض والمعوّض.

قال ابن الصائغ : يعني تعويضهم من حرف النداء ، دلنا على أنهم قصدوا ألا يحذفوا الحرف بالكلية. وقد قال ابن النحاس في (صناعة الكتاب) ما نصّه : جواز ذلك .. فإنه قال في قولك : سبحانك الله العظيم إنه لا يجوز الجرّ على البدل من الكاف ، ويجوز النصب على القطع والرفع على تقدير يا الله ، انتهى.

قاعدة : الأصل في حذف حرف النداء

قال ابن النحاس في (التعليقة) : أصل حذف حرف النداء في نداء الأعلام ، ثم كل ما أشبه العلم ، في كونه لا يجوز أن يكون وصفا لأيّ ، وليس مستغاثا به ، ولا مندوبا يجوز حذف حرف النداء معه.

باب الندبة

قال ابن يعيش (١) : الندبة نوع من النداء ، فكلّ مندوب منادى ، وليس كلّ منادى مندوبا ، إذ ليس كل ما ينادى يجوز ندبته ، لأنه يجوز أن ينادى المنكور والمبهم ، ولا يجوز ذلك في الندبة.

وقال الأبّذيّ في (شرح الجزولية) : المندوب يشرك المنادى في أحكام ، وينفرد بإلحاق ألف الندبة.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ١٥).


باب الترخيم

قال المهلبي : [الرمل]

إنّ أسماء توالت عشره

لم ترخّم عند أهل المخبره

مبهم ، ثمّت نعت بعده

والمضافان معا ، والنكره

ثم شبه لمضاف خالص

والثلاثيّ ، ومندوب التره

يحتذيه مستغاث راحم

وإذا كانت جميعا مضمره

فائدة : أكثر الأسماء ترخيما : قال ابن فلاح في (المغني) : قالوا : أكثر ما رخمت العرب ثلاثة أشياء وهي : حارث ، ومالك ، وعامر.

باب الاختصاص

قال ابن يعيش (١) : قد أجرت العرب أشياء اختصّوها على طريقة النداء ، لاشتراكهما في الاختصاص ، فاستعير لفظ أحدهما للآخر من حيث شاركه في الاختصاص ، كما أجروا التسوية مجرى الاستفهام ، إذ كانت التسوية موجودة في الاستفهام. وذلك قولك : أزيد عندك أم عمرو ، وأزيد أفضل أم خالد ، فالشيئان اللذان تسأل عنهما قد استوى علمك فيهما ثم تقول : ما أبالي أقمت أم قعدت ، وسواء عليّ أقمت أم قعدت ، فأنت غير مستفهم ، وإن كان بلفظ الاستفهام لتشاركهما في التسوية ، لأن معنى قولك : لا أبالي أفعلت أم لم تفعل أي : هما مستويان في علمي ، فكما جاءت التسوية بلفظ الاستفهام لاشتراكهما في معنى التسوية ، كذلك جاء الاختصاص بلفظ النداء ، لاشتراكهما في معنى الاختصاص ، وإن لم يكن منادى ، انتهى.

قاعدة : ما نصبته العرب في الاختصاص

قال ابن فلاح في (المغني) : قال أبو عمرو : إن العرب إنما نصبت في الاختصاص أربعة أشياء وهي : معشر ، وآل ، وأهل ، وبنو. ولا شكّ أن العرب قد نصبت في (الاختصاص) غيرها.

وعبارة ابن النحاس في (التعليقة) : أكثر الأسماء دخولا في هذا الباب هذه الأربعة.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ١٧).


باب العدد

قال في (البسيط) : إدخال التاء في عدد المذكّر وتركها في عدد المؤنّث للفرق ، وعدم الإلباس. قال : وهذا من غريب لغتهم ، لأن التاء علامة التأنيث ، وقد جعلت هنا علما للتذكير ، قال : وهذا الذي قصد الحريريّ بقوله : الموطن الذي يلبس فيه الذّكران براقع النسوان وتبرز ربّات الحجال بعمائم الرجال (١).

قال : ونظيره أنهم خصّوا جمع فعال في المؤنث بأفعل : كذراع وأذرع. وفي المذكر بأفعلة كعماد وأعمدة ، كإلحاقهم علامة التأنيث في عدد المذكر وحذفها من عدد المؤنث.

ومما وجّهوا به مسألة العدد أن العدد قبل تعليقه على معدود مؤنّث بالتاء لأنه جماعة ، والمعدود نوعان : مذكّر ومؤنّث فسبق المذكر لأنه الأصل إلى العلامة فأخذها. ثم جاء المؤنث فكان ترك العلامة له علامة ، ومسألة الجمع أنهم قصدوا أن يصير مع جمع المذكّر تأنيث لفظيّ ، ومع جمع المؤنّث تأنيث معنويّ ، فيعتدلان لمقابلة الجمع بالجمع ، والتأنيث بالتأنيث.

فائدة ـ هجر جانب الاثنين : قال ابن الخباز : (الاثنان) هجر جانبه في موضعين :

الأول : أن كسور الأعداد من الثلاثة إلى العشرة بنوا منها صيغ الجمع من ثلاثين إلى تسعين ، ولم يقولوا من الاثنين (ثنيين).

والثاني : أن من الثلاثة إلى العشرة اشتقّت من ألفاظها الكسور فقيل : ثلث وربع إلى العشر ، ولم يقل في الاثنين (ثني) بل نصف. نقله ابن هشام في (تذكرته).

(فائدة) في (تذكرة ابن الصائغ) : (اثنا عشر) كلمتان من وجه ، ولذلك وقع الإعراب حشوا ، وكلمة من وجه أي : مجموعها دال على شيء واحد ، وهو هذه الكمية.

(فائدة) وفيها أيضا العدد معلوم المقدار مجهول الصورة ، ولذلك جرى مجرى المبهم.

ضابط : (أل) في العدد

قال ابن هشام في (تذكرته) : (أل) في العدد على ثلاثة أقسام : تارة تدخل

__________________

(١) انظر مقامات الحريري ، المقامة الرابعة عشرة.


على الأول ، ولا يجوز غير ذلك ، وهو العدد المركّب نحو : الثالث عشر ، وتارة على الثاني ، ولا يجوز غير ذلك ، وهو المضاف نحو : خمسمائة الألف ، وتارة عليهما ، وهو العدد المعطوف ، نحو : [الطويل]

٣١٥ ـ إذا الخمس والخمسين جاوزت فارتقب

[قدوما على الأموات غير بعيد]

باب الإخبار بالذي والألف واللام

ضابط

قال أبو حيّان : من النحويين من عدّ ما لا يصحّ أن يخبر عنه. ومنهم من شرط فيما يصحّ الإخبار عنه شروطا :

فالذي عدّ قال : الذي لا يصح الإخبار عنه الفعل ، والحرف ، والجملة ، والحال ، والتمييز ، والظرف غير المتمكّن ، والعامل دون معموله ، والمضاف دون المضاف إليه ، والموصوف دون صفته ، والموصول دون صلته ، واسم الشرط دون شرطه ، والصفة ، والبدل ، وعطف البيان ، والتأكيد ، وضمير الشأن ، والعائد إذا لم يكن غيره ، والمسند إليه الفعل غير الخبريّ ، ومفعوله ، والمضاف إلى المائة ، والمجرور ب (ربّ) وب (له) ، وأيّما رجل ، وكيف ، وكم ، وكأيّن ، والمصدر الواقع موقع الحال ، وفاعل نعم وبئس ، وفاعل فعل التعجّب ، وما للتعجب ، والمجرور بكاف التشبيه ، وبحتّى ، وبمذ ، ومنذ ، واسم الفعل ، واسم الفاعل ، واسم المفعول ، والمصدر اللواتي تعمل عمل الفعل ، والمجرور بكلّ المضاف إلى مفرد ، وأقلّ رجل وشبهه ، واسم لا وخبرها ، والاسم الذي ليس تحته معنى ، والمصدر والظرف اللازمان للنصب ، والاسم الذي إظهاره ثان عن إضماره ، والاسم الذي لا فائدة في الإخبار عنه ، والاسم المختص بالنفي ، والمجرور في نحو : كلّ شاة وسخلتها (٢) ولا عن سخلتها ، ولا المعطوف في باب (ربّ) على مجرورها ، ولو كان مضافا للضمير. نحو : ربّ رجل وأخيه (٣).

والذي شرط شروطا ، قال الأستاذ أبو الحسين بن أبي الربيع : هي اثنا عشر شرطا : ألا يكون تضمن حرف صدر ، وأن يكون اسما متصرّفا لا من المستعمل في النفي العام ، وأن يكون مما يصحّ تعريفه ، لا مما دخل عليه ما لا يدخل على

__________________

٣١٥ ـ الشاهد بلا نسبة في الدرر (٦ / ٢٠٠) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٥٠).

(١ ـ ٢) انظر الكتاب (٢ / ٥٠).

(١ ـ ٢) انظر الكتاب (٢ / ٥٠).


المضمرات ، وأن يكون في جملة خبرية ، ولا يكون صفة ، ولا بدلا ، ولا عطف بيان ، وألّا يضمر على أن يفسّره ما بعده ، وألا يكون ضميرا رابطا ، ولا مضافا إلى اسم رابط ، وألا يكون من ضمير الجملة ، ولا مصدرا خبره محذوف قد سدّت الحال مسدّه ، انتهى.

قال : وفيه تداخل ، وينحصر في شرطين :

أحدهما : أن يكون الاسم يصحّ مكانه مضمر.

والثاني : أن يكون يصحّ جعله خبرا للموصول.

ضابط : ما يجوز الإخبار عنه

قال أبو حيّان : حصر بعضهم ما يجوز الإخبار عنه ، فقال : يجوز في فاعل الفعل اللازم الخبريّ ، وفي متعلّق المتعدّي بجميع ضروبه ، من متعدّ إلى اثنين وثلاثة ، والمفعول الذي لم يسمّ فاعله ، وفي باب كان وإنّ وما والمصدر والظرف المتمكنين والمضاف إليه ، وفي البدل ، والعطف ، والمبتدأ والخبر ، والمضمر ، وحادي عشر وبابه ، وفي باب الإعمال والمصدر النائب والعامل والمعمول من الأسماء ، وأشياء مركبة من المبتدأ والخبر ، والفعل والفاعل والاستفهام.

ضابط : الفرق بين أل والذي في الإخبار

زعم أبو عليّ وغيره : أن كل ما يخبر عنه بأل يخبر عنه بالذي.

وقال أبو حيّان (الذي) أعمّ في باب الإخبار ، لأنها تدخل على الجملة الاسمية والفعلية ، (وأل) لا تدخل إلا على الجملة المصدرة بفعل متصرّف مثبت. قال : وذكر الأخفش موضعا يصلح لأل ، ولا يصلح للذي. قال : تقول : مررت بالقائم أبواه لا القاعدين. ولو قلت : مررت بالتي قعد أبواها لا التي قاما ، لم يصحّ. فإذا أخبرت عن زيد في قولك : قامت جارتا زيد لا قعدتا ، قلت : القائم جارتا لا القاعدتان زيد ، ولو قلت : الذي قامت جارتاه لا التي قعدتا زيد ، لم يجز ، لأنه لا ضمير يعود على الذي من الجملة المعطوفة ، فقد صار لكلّ من (الذي) ومن (أل) عموم تصرّف ودخول ما لم يدخل في الآخر ، لكنّ ما اختصت به الذي أكثر.

وذكر الأخفش أيضا أنه قد يخبر بأل لا بالذي في قولك : المضروب الوجه زيد ، ولا يجوز : الذي ضرب الوجه زيد.

وقال ابن السرّاج في المسألة الأولى : مررت برجل قائم أبواه لا قاعدين أنه شاذّ خارج عن القياس.


قال : وهو قول المازنيّ وكل من يرتضي قوله ، وقد كان ينبغي ألّا يجوز قولك : المضروب الوجه زيد. قال : ولكنه حكي عن العرب ، وكثر في كلامهم حتى صار قياسا فيما هو مثله ، فلهذا لا يقاس عليه الفعل.

قال الأستاذ أبو الحسن بن الصائغ : فهذا شيء يحدث مع أل ولم يكن كلام قبل أل فيه اسم يجوز الإخبار عنه بأل ، ولا يجوز بالذي. قال : فلا يردّ هذا على أبي عليّ وغيره ، ممن زعم أن كل ما يخبر عنه بأل يخبر عنه بالذي ، ولكن إذا نظرت لما وقعت فيه (أل) ولا يقع في موضعها (الذي) كان كذلك ، انتهى.

باب التنوين

قال ابن الخباز في (شرح الدرّة) : التنوين حرف ذو مخرج ، وهو نون ساكنة ، وجماعة من الجهّال بالعربية لا يعدونه حرف معنى ولا مبنى ، لأنهم لا يجدون له صورة في الخط ، وإنما سمّي تنوينا ، لأنه حادث بفعل المتكلم ، والتفعيل من أبنية الأحداث.

وفي (البسيط) : التنوين زيادة على الكلمة ، كما أن النفل زيادة على الفرض.

ضابط : ما يراد به التنوين إذا أطلق

قال أبو الحسين بن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : متى أطلق التنوين فإنما يراد به تنوين الصرف. وإذا أريد غيره من التنوينات قيّد ، فقيل : تنوين التنكير ، تنوين المقابلة ، تنوين العوض. وكذلك الألف واللام متى أطلقتا إنما يراد التي للتعريف ، وإذا أريد غيرها قيّد بالموصولة أو الزائدة.

ضابط : أقسام التنوين

قال ابن الخباز في (شرح الجزولية) : أقسام التنوين عشرة : تنوين التمكين ، وتنوين التنكير ، وتنوين المقابلة ، وتنوين العوض ، وتنوين الترنّم ، والتنوين الغالي ، وتنوين المنادى عند الاضطرار ، وتنوين ما لا ينصرف عند الاضطرار ، والتنوين الشاذّ ، كقول بعضهم : هؤلاء قومك. حكاه أبو زيد.

وفائدته تكثير اللفظ كما قيل في ألف قبعثرى ، وتنوين الحكاية ، مثل أن تسمّي رجلا بعاقلة لبيبة ، فإنك تحكي اللفظ المسمى به. وقال بعضهم نظما : [البسيط]

أقسام تنوينهم عشر عليك بها

فإنّ تحصيلها من خير ما حرزا

مكّن ، وعوض ، وقابل ، والمنكّر زد

رنم ، أو احك ، اضطرر ، غال ، وما همزا


ضابط : مواضع حذف التنوين

قال ابن هشام وغيره : يلزم حذف التنوين في مواضع : لدخول أل ، وللإضافة ، ولمانع الصرف ، وللوقف في غير النصب ، وللاتصال بالضمير ، نحو : ضاربك ، ممن قال : إنه غير مضاف ولكون الاسم علما موصوفا بما اتصل به من ابن أو ابنة مضافا إلى علم ، ولدخول لا ، وللنداء ، وقال المهلّبي : [الطويل]

ثمانية تنوينها دمت تحذف

مع اللام تعريفا ، وما ليس يصرف

وما قد بني فيه المنادى ، واسم لا

وفي الوقف رفعا ثم خفضا يخفّف

ومن كلّ موصوف بابن مجاور

فريدا به التذكير والكبر يعرف

قد اكتنفته كنيتان أو اغتدى

متى علمين أو بالألقاب يكنف

قد ائتلفا فيه أو اختلفا معا

وثامنها نون المضافات ترصف

باب نونيّ التوكيد

ضابط : ما لا تدخله النون الخفيفة

قال الزجّاجيّ في (الجمل) : كلّ موضع دخلته النون الثقيلة دخلته النون الخفيفة إلا في الاثنين المذكرين والمؤنّثين وجماعة النساء. فإن الخفيفة لا تدخلها.

ضابط : الحركة التي تكون قبل نوني التوكيد

قال ابن عصفور : يستثنى من قولنا : لا يكون ما قبل نوني التوكيد إلا مفتوحا أربعة مواضع : إذا اتصل بالفعل ضمير الجمع المذكر فإن ما قبلها يكون مضموما ، أو ضمير الواحدة المخاطبة فإن ما قبلها يكون مكسورا ، أو ضمير الاثنين أو ضمير جمع المؤنث فإن ما قبلها في الصورتين لا يكون إلّا ألفا.

(فائدة) قال ابن الدهان في (الغرّة) : دخول نون التوكيد في اسم الفاعل ، نحو : [الرجز]

٣١٦ ـ أقائلنّ أحضروا الشهودا

__________________

٣١٦ ـ الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه (ص ١٧٣) ، وشرح التصريح (١ / ٤٢) ، والمقاصد النحوية (١ / ١١٨) ، ولرجل من هذيل في خزانة الأدب (٦ / ٥) ، والدرر (٥ / ١٧٦) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٥٨) ، ولرؤبة أو لرجل من هذيل في خزانة الأدب (١١ / ٤٢٠) ، وبلا نسبة في لسان العرب (رأي) ، وأوضح المسالك (١ / ٢٤) ، والجنى الداني (ص ١٤١) ، والخصائص (١ / ١٣٦) ، وسرّ صناعة الإعراب (٢ / ٤٤٧) ، وشرح الأشموني (١ / ١٦) ، والمحتسب (١ / ١٩٣) ، ومغني اللبيب (١ / ٣٣٦) ، وهمع الهوامع (٢ / ٧٩).


نظير دخول نون الوقاية عليه في قوله : [الوافر]

٣١٧ ـ [فما أدري وكلّ الظنّ ظنّي]

أمسلمني إلى قومي شراحي

باب نواصب المضارع

قاعدة : ما تتميز به أن عن أخواتها

(أن) أصل النواصب للفعل وأمّ الباب بالاتفاق ، كما نقله أبو حيّان في شرح التسهيل ، ومن ثمّ اختصّت بأحكام :

منها : إعمالها ظاهرة ومضمرة ، وغيرها لا ينصب إلا مظهرا.

ومنها : أجاز بعضهم الفصل بينها وبين منصوبها بالظرف والمجرور اختيارا ، قياسا على أنّ المشددة بجامع اشتراكهما في المصدريّة والعمل ، نحو : أريد أن عندي تقعد ، وأن في الدار تقعد ، ولم يجوّز أحد ذلك في سائر الأدوات إلا اضطرارا.

ضابط : أحوال إذن

قال الأندلسيّ في (شرح المفصّل) : (إذن) لها ثلاثة أحوال :

١ ـ حال تنصب فيها البتة ، وهي عند توفّر الشرائط الخمس : أن تكون جوابا ، وألا يكون معها حرف عطف ، وأن يعتمد الفعل عليها ، وألا يفصل بينها وبين الفعل بغير اليمين ، وأن يكون الفعل مستقبلا.

٢ ـ وحال لا تعمل فيه البتّة ، وهي عند اختلال أحد الشرائط.

٣ ـ وحال يجوز فيها الأمران ، وهو عند دخول حرف (٢) العطف عليها.

ثم لها ثلاثة أحوال أخرى : أن تتقدم ، وأن تتوسط ، وأن تتأخر ، فإن تقدمت وتوفرت بقية الشروط أعملت ، وإن توسطت أو تأخرت لم تعمل ، وضاهت في هذه الأحوال ظننت وأخواتها التي تعمل في رتبتها ، وهو التقدّم ، ويجوز الإلغاء إذا فارقته ،

__________________

٣١٧ ـ الشاهد ليزيد بن محرم أو (محمد) الحارثي في شرح شواهد المغني (٢ / ٧٧٠) ، والدرر (١ / ٢١٢) ، والمقاصد النحوية (١ / ٣٨٥) ، وبلا نسبة في تذكرة النحاة (ص ٤٢٢) ، ورصف المباني (ص ٣٦٣) ، ولسان العرب (شرحل) ، والمحتسب (٢ / ٢٢٠) ، ومغني اللبيب (٢ / ٣٤٥) ، والمقرّب (١ / ١٢٥) ، وهمع الهوامع (١ / ٦٥).

(١) انظر همع الهوامع (٢ / ٧).


فكذلك إذا ابتدئ بها ، واعتمد الفعل عليها في الجواب أعملت لوقوعها في رتبتها. وتلغى إذا فارقته ، إلا أن الفعل فضّل عليها بأنه يجوز فيه الإعمال والإلغاء. وإذن لا يجوز فيها إذا فارقت الأول إلا الإلغاء ، لكون عوامل الأسماء أقوى من عوامل الأفعال ، خصوصا إذا كانت عوامل الأسماء أفعالا ، وعامل الفعل لا يكون إلا حرفا.

وقال الشلوبين في (شرح الجزولية) : اتسعت العرب في إذن اتساعا لم تتسعه في غيرها من النواصب : فأجازت دخولها على الأسماء ، نحو : إذن عبد الله يقول ذلك. وأجازوا دخولها على الحال وعلى المستقبل ، وعلى الأفعال. وأجازوا أن تتأخر عن الفعل ، نحو : أكرمك إذن. فهذه اتساعات في إذن انفردت بها دون غيرها من نواصب الأفعال. وأجازوا أيضا فيها فصلها من الفعل بالقسم ، ولا يجوز ذلك في سائر نواصب الفعل ، فلما اتسعوا في (إذن) هذه الاتساعات قويت بذلك عندهم ، فشبّهوها بعوامل الأسماء الناصبة ، لقوتها بهذا التصرّف الذي تصرّفته ، ولكن لا بكل عوامل الأسماء بل بظننت وأخواتها فقط ، فأجازوا فيها الإعمال والإلغاء ، إلا أن ظننت إذا توسطت يجوز فيها الإعمال والإلغاء. وإذن إذا توسطت يجب فيها الإلغاء ، لأن المشبّه بالشيء لا يقوى قوة المشبّه به ، فحطّت عنها ، بأن ألغيت ليس إلا.

فائدة : يتصوّر في بعض الأفعال الداخلة عليه إذن أن ينصب ويرفع ويجزم ، وذلك نحو : إن تأتني أكرمك ، وإذن أحسن إليك ، يحتمل أن يكون إنشاء فيجوز النصب والرفع لأجل الواو ، ويحتمل التأكيد فيجزم ، ويحتمل الحال فيرفع أيضا.

ضابط : همزة أخرى لأن

قال عبد اللطيف البغدادي في (اللمع الكاملية) : ليس في الحروف الناصبة للفعل ما ينصب مضمرا إلا (أن) خاصة. كما أنه ليس فيها ما يجزم مضمرا سوى (إن) ، وليس في نواصب الفعل ما يلغى سوى (إذن).

قال ذو اللسانين الحسين بن إبراهيم النظيري : [مخلع البسيط]

جواب ما استفهموا بفاء

يكون نصبا بلا امتراء

كالأمر والنهي والتمنّي

والعرض والجحد والدّعاء

ضابط : الأسباب المانعة من الرفع بعد حتى

قال أبو محمد بن السيد : الأسباب المانعة من الرفع بعد حتّى ستة : أربعة متفق عليها. واثنان مختلف فيهما :

فالأربعة المتفق عليها : نفي الفعل الموجب للدخول ، نحو : ما سرت حتى


أدخلها ، ودخول الاستفهام عليه ، نحو : أسرت حتى تدخلها ، والتقليل الذي يراد به النفي ، نحو : قلّما سرت سرت حتى أدخلها ، وأن تقع حتى موقعا تكون فيه خبرا. نحو (١) : كان سيري حتى أدخلها.

والاثنان المختلف فيهما : الامتناع من جواز التقديم والتأخير ، وأن تلحق الكلام عوارض الشكّ.

باب الجوازم

قاعدة : إن أم الباب وما تتميز به

(إن) أصل أدوات الشرط وأمّ الباب. قال ابن يعيش (٢) : لأنها تدخل في مواضع الجزاء كلها ، وسائر حروف الجزاء لها مواضع مخصوصة ، (فمن) شرط فيمن يعقل ، (ومتى) شرط في الزمان ، وليست إن كذلك. بل تأتي شرطا في الأشياء كلها ، انتهى.

وقال ابن القوّاس في (شرح الدرّة) : إنما كانت (إن) أصل أدوات الشرط ، لأنها حرف ، وأصل المعاني للحروف ولأنّ الشرط بها يعمّ ما كان عينا أو زمانا أو مكانا ، ومن ثم اختصت بأمور منها جواز حذف الفعلين بعدها.

قال أبو بكر بن الأنباري : إنما صارت إن أمّ الجزاء لأنها بغلبتها عليه تنفرد ، وتؤدي عن الفعلين ، يقول الرجل : لا أقصد فلانا لأنه لا يعرف حقّ من يقصده. فيقال له : زره وإن. يراد : وإن كان كذلك فزره ، فتكفي إن من الشيئين. ولا يعرف ذلك في غيرها من حروف الشرط ، انتهى.

قال أبو حيّان (٣) : وظاهر كلامه وكلام غيره أنه ليس مخصوصا بالضرورة ، لكن صرّح الرضيّ بأنه خاصّ بالشعر.

ومنها قال أبو حيّان : لا أحفظ أنه جاء فعل الشرط محذوفا ، والجواب محذوفا أيضا بعد غير إن.

ومنها : جوّز بعضهم حذف إن لكن الجمهور على منعه ، ولا يجوز حذف غيرها من أدوات الشرط إجماعا ، كما لا يجوز حذف سائر الجوازم ، ولا حذف حرف الجرّ.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٧ / ٣٢).

(٢) انظر شرح المفصّل (٧ / ٤١).

(٣) انظر همع الهوامع (٢ / ٦٣).


ومنها : يجوز إيلاؤها الاسم على إضمار فعل يفسّره ما بعده ، نحو : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) [التوبة : ٦] ولا يجوز ذلك في غيرها من الأدوات إلا في الضرورة كما جزم به في (التسهيل) (١).

قال ابن يعيش (٢) : وأبو حيّان (٣) : وخصت إن بالجواز لكونها في الشرط أصلا.

ضابط : أدوات الشرط بالنسبة إلى ما

قال أبو حيّان : أدوات الشرط بالنسبة إلى (ما) على ثلاثة أقسام :

قسم : لا تلحقه (ما) وهو من وما ومهما وأنّى.

وقسم : تكون (ما) شرطا في عمله الجزم ، وذلك إذ وحيث.

وقسم : يكون لحاق (ما) على جهة الجواز ، وهو إن ومتى وأين وأي وأيّان.

فائدة ـ ربط الفاء شبه الجواب بشبه الشرط : قال ابن هشام (٤) : كما تربط الفاء الجواب بشرطه كذلك تربط شبه الجواب بشبه الشرط ، وذلك في نحو : الذي يأتيني فله درهم ، وبدخولها فهم ما أراده المتكلم من ترتّب لزوم الدرهم على الإتيان. ولو لم تدخل احتمل ذلك وغيره ، وهذه الفاء بمنزلة لام التوطئة في نحو : (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ) [الحشر : ١٢]. في إيذانها بما أراده المتكلّم من معنى القسم.

فائدة ـ بعض الجمل لا تصح كونها شرطا : قال ابن هشام في (تذكرته) : بعض الجمل لا يصحّ أن تقع شرطا ، وذلك يقتضي عدم ارتباط طبيعيّ بينها وبين أداة الشرط ، فاستعين على إيقاعها جوابا له برابط ، وهو الفاء أو ما يخلفها ، وهذا كمعنى التعدية.

قاعدة : الجازم أضعف من الجار

الجازم أضعف من الجارّ. قاله ابن الخبّاز : وفرّع عليه أنه لا يضمر البتة ، ولهذا فسّر قول الكوفيين : إن فعل الأمر مجزوم بلام الأمر المضمرة. وذكره أبو حيّان في (شرح التسهيل) ، وفرّع عليه أنه لا يجوز الفصل بين لام الأمر والفعل ، لا بمعمول الفعل ، ولا بغيره وإن روي عنهم الفصل بين الجارّ والمجرور بالقسم ، نحو قولهم : اشتريته بو الله ألف درهم. فإن ذلك لا يجوز في اللام ، لأن عامل الجزم أضعف من عامل الجرّ.

__________________

(١) انظر تسهيل الفوائد (ص ٢٣٦).

(٢) انظر شرح المفصّل (٨ / ١٥٦).

(٣) انظر شرح التسهيل (٥ / ٨٩).

(٤) انظر مغني اللبيب (ص ١٧٨).


وفرّع عليه الأخفش واختاره الشلوبين وابن مالك أن جواب الشرط مجزوم بفعل الشرط لا بالأداة. وقال : لأنّ الجارّ إذا كان لا يعمل عملين وهو أقوى من الجازم ، فالجازم أولى ألّا يعملهما.

وقال ابن النحاس في (التعليقة) : الجازم في الأفعال نظير الجارّ في الأسماء وأضعف منه. لأنّ عوامل الأفعال أضعف من عوامل الأسماء. وإذا كان حذف حرف الجر وإبقاء عمله ضعيفا فأن يضعف حذف الجازم وإبقاء عمله أولى وأحرى.

قاعدة : اتصال المجزوم بجازمه أقوى من اتصال المجرور بجاره

قال ابن جنّي في كتاب (التعاقب) : اتصال المجزوم بجازمه أشدّ من اتصال المجرور بجارّه. وذلك أن عوامل الاسم أقوى من عوامل الفعل. فلما قويت حاجة المجرور إلى جارّه كانت حاجة المجزوم إلى جازمه أقوى. قال : وجواب الشرط أشد اتصالا بالشرط من جواب القسم. وذلك أنّ جواب القسم ليس بمعمول للقسم كما كان جواب الشرط معمولا للشرط. فقولك : (لا أقوم) من قولك : أقسمت لا أقوم ، ليس اتصاله بأقسمت كاتصال الجواب بالشرط ، وإذا كان كذلك ، ولم يجز تقديم جواب القسم عليه مع كون القسم ليس عاملا في جوابه ، كان امتناع تقديم جواب الشرط عليه. لكونه جوابا ، وكونه مجزوما بالشرط أجدر.

باب الأدوات

قاعدة : الهمزة أصل أدوات الاستفهام

قال ابن هشام في (المغني) (١) : الألف أصل أدوات الاستفهام ، ولهذا خصّت بأحكام :

أحدها : جواز حذفها.

الثاني : أنها ترد لطلب التصوّر ، نحو : أيد قائم أم عمرو ، ولطلب التصديق ، نحو : أزيد قائم؟ وهل مختصّة بالتصديق ، نحو : هل قام زيد. وبقية الأدوات مختصة بطلب التصور ، نحو : من جاءك؟ وما صنعت؟ وكم مالك؟ وأين بيتك؟ ومتى سفرك؟.

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٧ / ٩).


الثالث : أنها تدخل على الإثبات وعلى النفي. ذكره بعضهم ، وهو منتقض ب (أم) فإنها تشاركها في ذلك نحو : أقام زيد أم لم يقم؟

الرابع : تمام التصدير ، بدليل أنها لا تذكر بعد أم التي للإضراب ، كما يذكر غيرها ، لا تقول : أقام زيد أم أقعد؟ وتقول : أم هل قعد. وأنها إذا كانت في جملة معطوفة بالواو أو بالفاء أو بثم تقدمت على العاطف ، تنبيها على أصالتها في التصدير ، نحو : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا) [الأعراف : ١٨٥] ، (أَفَلَمْ يَسِيرُوا) [يوسف : ١٠٩] ، (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ) [يونس : ٥١] وأخواتها تتأخر عن حروف العطف ، كما هو قياس جميع أجزاء الجملة ، نحو : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ) [آل عمران : ١٠١] ، (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) [التكوير : ٢٦] ، (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) [الأحقاف : ٤٦] ، هذا ما ذكره ابن هشام.

وقال ابن يعيش في (شرح المفصّل) (١) : الهمزة أصل أدوات الاستفهام ، وأمّ الباب ، وأعمّ تصرفا ، وأقوى في باب الاستفهام لأنها تدخل في مواضع الاستفهام كلّها ، وغيرها ممّا يستفهم به يلزم موضعا ، ويختص به ، وينتقل عنه إلى غير الاستفهام ، نحو : من ، وكم ، وهل. (فمن) سؤال عمّن يعقل ، وقد تنتقل فتكون بمعنى الذي. (وكم) سؤال عن عدد ، وقد تستعمل بمعنى ربّ ، (وهل) لا يسأل بها في جميع المواضع. ألا ترى أنك تقول : أزيد عندك أم عمرو ، على معنى أيّهما عندك ، ولا يجوز في ذلك المعنى أن تقول : هل زيد عندك أم عمرو؟ وقد تنتقل عن الاستفهام إلى معنى (قد) ، نحو : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) [الدهر : ١] أي : قد أتى ، وقد تكون بمعنى النفي ، نحو : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) [الرحمن : ٦٠].

وإذ كانت الهمزة أعمّ تصرفا ، وأقوى في باب الاستفهام ، توسعوا فيها أكثر مما توسعوا في غيرها من حروف الاستفهام ، فلم يستقبحوا أن يكون بعدها المبتدأ والخبر ، ويكون الخبر فعلا ، نحو : أزيد قام؟. واستقبح ذلك في غيرها من حروف الاستفهام ، لقلة تصرّفها ، فلا يقال : هل قام زيد؟.

فائدة ـ حروف النفي : قال الأندلسيّ : حروف النفي ستة : اثنان لنفي الماضي ، وهما : لم ، ولمّا. واثنان لنفي الحال ، وهما : ما ، وإن. واثنان لنفي المستقبل ، وهما : لا ، ولن.

فائدة ـ تفسير الكلام : قال الزنجاني شارح (الهادي) : وقد يفسّر الكلام بإذا ،

__________________

(١) انظر شرح المفصل (٨ / ١٥١).


تقول : عسعس الليل إذا أظلم. فتجعل (أظلم) تفسيرا لعسعس. لكنك إذا فسرت جملة فعلية مسندة إلى ضمير المتكلم بأي ضممت تاء الضمير فتقول : استكتمته سرّي ، أي : سألته كتمانه بضمّ تاء سألته ، لأنك تحكي كلام المعبّر عن نفسه ، وإذا فسّرتها بإذا فتحت فقلت : إذا سألته كتمانه. لأنك تخاطبه ، أي : أنك تقول ذلك إذا نقلت ذلك الفعل.

وقال بعض الشارحين للمفصّل : السرّ في ذلك أن أي تفسير ، فينبغي أن يطابق ما بعدها لما قبلها. والأول مضموم فالثاني مثله ، وإذا شرط تعلق بقول المخاطب على فعله الذي ألحقه بالضمير ، فمحال فيه الضم. وأنشد في ذلك المعنى : [البسيط]

إذا كنيت بأي فعلا تفسّره

فضمّ تاءك فيه ضمّ معترف

وإن تكن بإذا يوما تفسّره

ففتحة التاء أمر غير مختلف

وقد أورد ذلك الطيبي في حاشية (الكشّاف) ، ثم ابن هشام في (المغني).

فائدة ـ مواضع ما : ذكر ابن عصفور أنّ ل (ما) خمسة وثلاثين موضعا :

الأول : الاستفهامية.

الثاني : الموصولة.

الثالث : التي للتعجب.

الرابع : النكرة التي تلزمها الصفة ، نحو : مررت بما معجب لك.

الخامس : الشرطية : وهي في هذه المواضع الخمسة تكون اسما.

السادس : الكافّة : التي تدخل على العامل ، فتبطل عمله ، نحو : إنّما زيد قائم.

السابع : المسلّطة : وهي التي تدخل على ما لا يعمل ، فتوجب له العمل. وذلك حيث ، وإذ. وهي ضدّ التي قبلها.

الثامن : التي تدخل بين العامل ومعموله. فلا تمنعه العمل ولا تفيد أكثر من التأكيد. كقوله : (فَبِما رَحْمَةٍ) [آل عمران : ١٥٩] ، (فَبِما نَقْضِهِمْ) [النساء : ١٥٥].

التاسع : التي تجري مجرى (أن) الخفيفة الموصولة بالفعل مثل : ويعجبني ما تصنع ، أي : يعجبني أن تصنع.

العاشر : التي يراد بها الدوام والاتصال ، كقولك : لا أكلّمك ما ذرّ شارق (١).

__________________

(١) انظر أساس البلاغة (شرق).


الحادي عشر : التي تجري مجرى الصفة ، وهي ثلاثة أقسام :

قسم يراد به التعظيم للشيء والتهويل ، نحو : [الوافر]

٣١٨ ـ [عزمت على إقامة ذي صباح]

لأمر ما يسوّد من يسود

وقسم : يراد به التحقير ، نحو : وهل أعطيت إلّا عطية ما.

وقسم : لا يراد به واحد منهما ، بل يراد به التنويع ، نحو : ضربت ضربا ما. أي : نوعا من الضرب.

الثاني عشر : النافية التي يعملها أهل الحجاز ، وتلغيها بنو تميم.

الثالث عشر : النافية التي لا يختلفون فيها أنّها لا تعمل شيئا ، نحو : ما قام زيد.

الرابع عشر : الموجبة : وهي التي تدخل على النفي ، فينعكس إيجابا ، كما تدخل التي قبلها على الإيجاب ، فينعكس نفيا ، وهي التي في قولك : ما زال زيد قائما وأخواتها.

الخامس عشر : الداخلة بين المبتدأ والخبر ، نحو : (وَقَلِيلٌ ما هُمْ) [ص : ٢٤].

السادس عشر : التي تكون عوضا من الفعل ، في قولهم : افعل هذا إمّا لا (٢). أي : إن كنت لا تفعل غيره.

السابع عشر : التي تدخل على (إن) الشرطيّة ، فتهيّئها لدخول نون التوكيد على شرطها ، نحو : (فَإِمَّا تَرَيِنَ) [مريم : ٢٦].

الثامن عشر : التي تدخل على (لم) فتصيّرها ظرف زمان ، بعد أن كانت حرفا ، نحو : لمّا قمت قمت.

التاسع عشر والعشرون : التي تدخل على (لو) الامتناعية ، فتصير إلى التحضيض ، أو بمعنى (لو لا) الامتناعية.

الحادي والعشرون : التي تدخل على (كلّ) ، فتصيّرها ظرف زمان ، نحو : كلّما جئت أكرمتك.

__________________

٣١٨ ـ الشاهد لأنس بن مدركة في الحيوان (٣ / ٨١) ، وخزانة الأدب (٣ / ٨٧) ، والدرر (١ / ٣١٢) ، وشرح المفصّل (٣ / ١٢) ، ولأنس بن نهيك في لسان العرب (صبح) ، ولرجل من خثعم في الكتاب (١ / ٢٨٤) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٣٨٨) ، وبلا نسبة في الجنى الداني (ص ٣٣٤) ، والخزانة (٦ / ١١٩) ، والخصائص (٣ / ٣٢) ، والمقتضب (٤ / ٣٤٥) ، والمقرّب (١ / ١٥٠) ، وهمع الهوامع (١ / ١٩٧).

(١) انظر الكتاب (٢ / ١٢٨).


الثاني والعشرون ، والثالث والعشرون : التي تدخل على إن فتفيد معنى التحقير ، نحو قولك لمن يدعي النحو : إنّما قرأت الجمل. أو معنى الحصر ، نحو : إنّما زيد عالم.

الرابع والعشرون : التي تدخل على (قلّ) فتهيّئها للدخول على الأفعال.

الخامس والعشرون : التي تدخل على (نعم) و (بئس) ، نحو : (فَنِعِمَّا هِيَ) [البقرة : ٢٧١] ، و (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا) [البقرة : ٩٠].

السادس والعشرون : التي توصل بمن الجارّة ، فتصير بمعنى ربّ ، نحو (١) : [الطويل]

٣١٩ ـ وإنّا لممّا نضرب الكبش ضربة

[على رأسه تلقي اللسان من الفم]

السابع والعشرون : المحذوفة من أما ، نحو : [الخفيف]

٣٢٠ ـ ما ترى الدّهر قد أباد معدّا

[وأباد السّراة من عدنان]

انتهى. ما ذكره ابن عصفور ، فلم يذكر الستة الباقية ، وجمع بعضهم لها معاني تسعة في بيت ، فقال :

تعجّب بما ، اشرط ، زد ، صل ، انكره واضعا

وتستفهم ، انف ، المصدرية ، واكففا

باب المصدر

قاعدة : المصدر أشد ملابسة للفعل

قال ابن جنّي في (الخصائص) (٤) : المصدر أشدّ ملابسة للفعل من الصفة. ألا ترى أن في الصفة نحو قولك (٥) : مررت بإبل مائة ، ومررت برجل أبي عشرة أبوه ،

__________________

(١) انظر الخصائص (١ / ١٢١).

٣١٩ ـ الشاهد لأبي حية النميري في الكتاب (٣ / ١٧٨) ، والأزهيّة (ص ٩١) ، وخزانة الأدب (١٠ / ٢١٥) ، والدرر (٤ / ١٨١) ، وشرح شواهد المغني (ص ٧٢) ، وبلا نسبة في الجنى الداني (ص ٣١٥) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٢١٩) ، والمقتضب (٤ / ١٧٤) ، وهمع الهوامع (٢ / ٣٥).

٣٢٠ ـ الشاهد بلا نسبة في الجنى الداني (ص ٢٩٣) ، والدرر (٥ / ١١٩) ، وشرح شذور الذهب (ص ١٧٣) ، ومغني اللبيب (١ / ٥٥) ، وهمع الهوامع (٢ / ٧٠).

(١) انظر الخصائص (١ / ١٢١).

(٢) الأمثلة كلها أوردها سيبويه في الكتاب (٢ / ٢٤).


ومررت بقاع عرفج كلّه ، ومررت بصحيفة طين خاتمها ، ومررت بحيّة ذراع طولها. وليس هذا مما يشاب به المصدر ، إنّما هو ذلك الحدث الصافي ، كالضرب والقتل ، والأكل ، والشرب.

فائدة ـ إجراء سواء مجرى المصدر : قال أبو الحسين بن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : اعلم أنّ (سواء) أجري عندهم مجرى المصدر ، فأخبر به عن اثنين فقيل : زيد وعمرو سواء ، كما تقول : زيد وعمرو خصم ، وفي سواء أمر آخر اختص به ، أنه لا يرفع الظاهر إلا أن يكون معطوفا على المضمر ، نحو : مررت برجل سواء هو والعدم (١). إن خفضت كان نعتا وكان في سواء ضمير ، وكان العدم معطوفا على الضمير ، وهو توكيد ، وإن رفعت سواء كان خبرا مقدما ، وهو مبتدأ ، والعدم معطوف عليه ، ولم يثنّ لأنه جرى عندهم مجرى المصدر ، وهذا يحفظ ولا يقاس عليه.

ولا يجوز أن تقول : زيد سواء وعمرو ، على أن يكون سواء خبرا عنهما ، كما لا تقول : زيد قائمان وعمرو ، لأنّ العامل في الخبر هو المبتدأ ، والمبتدأ هنا مجموع الاسمين ، فقدّم الخبر عليهما أو أخّره عنهما ، ولا تجعله بينهما ، فتكون قد جعلت المعمول بين أجزاء العامل ، وهذا لا يجوز.

قاعدة : الأصل في مفعل المصدر والظرف

الأصل في مفعل للمصدر والزمان والمكان أن يكون بالفتح ، نحو المأكل والمشرب والمذهب والمخرج والمدخل.

قال في (البسيط) : وقد خرج عن هذا الأصل إحدى عشرة لفظة ، جاءت بالكسر ، وهي : المنسك والمطلع ، في قراءة الكسائيّ ، والمجزر ، والمنبت ، والمشرق ، والمغرب ، والمسقط ، والمسكن ، والمرفق ، والمفرق ، والمسجد. قال ابن بابشاذ : فهذه كلّها تكسر إذا أردت بها المكان ، فإن أردت بها المصدر فتحت لا غير.

قال صاحب (البسيط) : ولم يأت في أسماء الزمان والمكان مفعل بالضمّ ، إلا مع تاء التأنيث ، نحو : مقبرة ، ومكرمة ، ومأدبة.

فائدة ـ ما يشتق من المصدر : في (تذكرة) ابن الصائغ : يشتقّ من المصدر تسعة : الفعل ، واسم الفاعل ، والمثال ، واسم المفعول ، وصيغة المفاضلة ، والصفة المشبّهة ، واسم المصدر ، واسم الآلة ، واسم الزمان والمكان.

__________________

(١) انظر الكتاب (٢ / ٢٨).


التاسع : اسم الشيء المعدّ للفعل ، كالمسجد اسم للبيت المعد للصلاة والسجود. فأما المسجد فاسم لمكان السجود ، وليس اسما للبيت ، بل لموضع السجود من البيت.

فائدة : قال بعضهم : [الهزج]

أرى التفعال في المصد

ر بالفتح هو الباب

وتفعال بكسر التا

ء في الأسماء إيجاب

وللتجفاف والتقصا

ر والتّلفاق أرباب

وتنبال وتلقام

وتلعاب لمن عابوا

وتمثال وتماح

وتمراد وتضراب

وتبراك وتعشار

وترباع بها غابوا

وتبيان وتهواء

وتلقاء إذا آبوا

فهذه ستة عشر اسما مكسورة الأوائل. لا يكاد يوجد في الكلام غيرها ، وما سواها تأتي مصادر وهي مفتوحات أبدا ، مثل : التّذكار والتّسباب ونحوهما (١).

باب الصفات

في (الصّحاح) (٢) : البأساء الشدّة. قال الأخفش : بني على فعلاء وليس له أفعل لأنه اسم كما قد يجيء أفعل في الأسماء ، وليس معه فعلاء نحو أحمد.

فائدة ـ القول في الصفة المشبهة : قال في (البسيط) : التركيب يقتضي أن يبلغ عدد الصفة المشبّهة مائتين وثلاثة وأربعين بناء. وذلك أن معمول الصفة إما محلّى بالألف واللام ، أو مضافا ، أو مجرّدا عن كلّ واحد منهما. وكلّ واحد من هذه الثلاثة قد يكون مرفوعا ومنصوبا ومجرورا ، فهذه تسعة أحوال باعتبار المعمول ، والصفة قد تكون متضمنة لضمير المذكّر وتثنيته وجمعه ، ولضمير المؤنث وتثنيته وجمعه ، وغير متضمنة لضمير إفراد ولا تثنية ولا جمع ، فهذه تسعة. واصفة قد تكون مع كلّ واحد منهما معرفة بالألف واللام أو مضافة ، أو نكرة ، فهذه سبعة وعشرون باعتبار حال الصفة. وإذا ضربت في أحوال المعمول ، وهي تسعة تبلغ مائتين وثلاثة وأربعين بناء.

__________________

(١) انظر شرح الشافية (١ / ١٦٧).

(٢) انظر صحاح الجوهري (بأس).


باب أسماء الأفعال

ضابط

قال في (البسيط) : هي ثلاثة أقسام :

١ ـ قسم لم يستعمل إلا معرفة ، نحو : بله وآمين ، لأنه لم يسمع فيهما تنوين.

٢ ـ وقسم لا يستعمل إلا نكرة ، وهو ما لم يفارقه التنوين ، نحو : إيها ، في الكفّ ، وويها ، في الإغراء. وواها ، في التعجب.

٣ ـ وقسم استعمل معرفة ونكرة ، فينوّن لإرادة التنكير ، ويحذف التنوين لإرادة التعريف ، وذلك نحو : صه ، ومه ، وإيه ، وأفّ.

ضابط : تقسيم آخر لأسماء الأفعال

قال ابن يعيش (١) : هي ثلاثة أقسام :

قسم لا يكون إلّا لازما كصّه ، ومه.

وقسم لا يكون إلا متعدّيا ، نحو : عليك زيدا أي : الزمه ، ودونك بكرا.

وقسم يستعمل تارة لازما ، وتارة متعدّيا : كرويد ، وهلمّ ، وحيهل. قال : ونظير ذلك من الأفعال باب وزنته ووزنت له ، وكلته وكلت له.

باب التأنيث

قاعدة

قال ابن يعيش (٢) : الأصل في الأسماء التذكير ، والتأنيث فرع على التذكير لوجهين :

أحدهما : أن الأسماء قبل الاطلاع على تأنيثها وتذكيرها يعبّر عنها بلفظ مذكّر ، نحو : شيء وحيوان وإنسان. فإذا علم تأنيثها ركبت عليها العلامة.

الثاني : أن المؤنث له علامة ، فكان فرعا.

وقال صاحب (البسيط) : التأنيث فرع على التذكير لوجهين :

أحدهما : أنّ لفظ شيء مذكر ، وهو يطلق على المذكر والمؤنث.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٤ / ٤٦).

(٢) انظر شرح المفصّل (٥ / ٨٨).


والثاني : أن المؤنث له علامة تدلّ على فرعيّته ، إما لفظية كقائمة. وإما معنوية ، وهي أن كمال المذكر مقصود بالذات ، ونقصان المؤنث مقصود بالعرض ، ونقصان العرض فرع على كمال الذات.

ضابط : الاسم الذي لا يكون فيه علامة التأنيث

قال أبو حيّان (١) : الاسم الذي لا يكون فيه علامة التأنيث إما أن يكون حقيقيّ التذكير أو حقيقيّ التأنيث أو مجازيّهما :

إن كان مجازيّهما فالأصل فيه التذكير ، نحو : عود ، وحائط. ولا يؤنّث شيء من ذلك إلا مقصورا على السماع ، وبابه اللغة نحو : قدر وشمس. وقد صنف في ذلك الفرّاء وأبو حاتم وغيرهما.

وإن كان حقيقي التذكير والتأنيث فإما أن يمتاز فيه المذكّر من المؤنث أو لا يمتاز : إن امتاز فيؤنّث إن أردت المؤنث ، ويذكّر إن أردت المذكر ، وذلك نحو : هند وزيد. وإن لم يميز فيه المذكر من المؤنث فإن الاسم إذ ذاك مذكّر سواء أردت به المؤنّث أم المذكّر ، وذلك نحو برغوث.

قاعدة : الأصل في الأسماء المختصة بالمؤنث

قال أبو حيّان (٢) : الأصل في الأسماء المختصة بالمؤنث ألّا يدخلها الهاء ، نحو : شيخ وعجوز ، وحمار وأتان ، وبكر وقلوص ، وجدي وعناق ، وتيس وعنز ، وخزز وأرنب ، وربما أدخلوا الهاء تأكيدا للفرق كناقة ونعجة ، فإن مقابلهما جمل وكبش ، وقالوا : غلام وجارية ، وخزز وعكرشة ، وأسد ولبؤة.

ضابط : لا تأنيث بحرفين

قال أبو حيّان : لا يوجد في كلامهم ما أنّث بحرفين.

ضابط : ما تأتي فيه تاء التأنيث بكثرة وبقلة

قال ابن مالك في (شرح الكافية) : الأكثر في التاء أن يجاء بها لتمييز المؤنّث من المذكّر في الصفات ، كمسلم ومسلمة ، وضخم وضخمة ، ومجيئها في الأسماء

__________________

(١) انظر شرح التسهيل (٦ / ٣٤).

(٢) انظر شرح التسهيل (٦ / ٣٧).


غير الصفات قليل ، كامرئ وامرأة ، وإنسان وإنسانة ، ورجل ورجلة ، وغلام وغلامة ، ويكثر مجيئها لتمييز الواحد من الجنس الذي لا يصنعه مخلوق ، كتمر وتمرة ، ونخل ونخلة ، وشجر وشجرة. ويقلّ مجيئها لتمييز الجنس من الواحد ككمأة كثيرة وكمء واحد. وكذلك يقلّ مجيئها لتمييز الواحد من الجنس الذي يصنعه المخلوق نحو : جرّ وجرّة ، ولبن ولبنة ، وقلنس وقلنسوة ، وسفين وسفينة. وقد تكون التاء لازمة فيما يشترك فيه المذكر والمؤنث كربعة ، وهو المعتدل من الرجال والمعتدلة من النساء. وقد تلازم ما يخص المذكر كرجل بهمة ، وهو الشجاع ، وقد تجيء في لفظ مخصوص بالمؤنث لتأكيد تأنيثه كنعجة وناقة. وقد تجيء للمبالغة كرجل راوية ونسّابة. وقد يجاء بها معاقبة لياء مفاعيل : كزنادقة وجحاجحة. فإذا جيء بالياء لم يجأ بها بل يقال : زناديق وجحاجيح ، فالياء والهاء متعاقبان في هذا النوع. وقد يجاء بها دلالة على النسب ، كقولهم : أشعثيّ وأشاعثة ، وأزرقيّ وأزارقة ومهلبيّ ومهالبة. وقد يجاء بها دلالة على تعريب الأسماء العجمية ، نحو : كيلجة وكيالجة ، وهي مقدار من كيل معروف ، وموزج وموازجة ، هو الخفّ. وقد يجاء بها عوضا من فاء ، نحو : عدة ، أو من عين ، نحو : إقامة ، أو من لام نحو لغة ومئة أو من مدّة ، تفعيل ، نحو : تزكية.

وقال المهلبيّ : [الخفيف]

أتت الهاء في الكلام لعشر

وثمان لدرة ثمّ درّ

ولمعكوس ذا ، ككمء وفرق

بين مضروبة ومضروب أمر

ولمعكوسه كضربك عدّا

ولتكثير غرفة للمقر

ولتأكيد جمع بعل ومدح

ولذمّ ونسبة للأبرّ

ولجمع لموزج ولتعويض

ك محذوف مصدر مستضر

ولتعويض يا زناديق جاءت

وليا ذي وارمة في المسر

ولإمكان نطق (عه) لحديث

ولتعديد مرّة في الممر

وبيان للحرف ثم لتحري

ك أتى فيه أو مشاكل نثر

ثمّ في ثم للبيان وكره

لالتقا الساكنين في كلّ ذكر

فائدة ـ علامات المؤنث : قال ابن الدهان في (الغرّة) : قال الفرّاء : للمؤنّث خمس عشرة علامة ، ثمان في الأسماء ، وأربع في الأفعال ، وثلاث في الأدوات. فثمان في الأسماء : الهاء ، والألف الممدودة ، والمقصورة ، والرابعة تاء الجمع في الهندات ،


والخامسة الكسرة في أنت ، والسادسة النون في أنتنّ وهنّ ، والسابعة التاء في أخت وبنت ، والثامنة الياء في هذي. والتي في الأفعال : التاء الساكنة في قامت ، والياء في تفعلين ، والكسرة في قمت ، والنون في فعلن. والتي في الأدوات : التاء في ربّت وثمّت ولات ، والهاء في هيهات ، والهاء والألف في قولك : إنها هند قائمة. قال ابن الدهان : وهذا نحكيه وإن لم نعتقده مذهبا لأنفسنا.

فائدة ـ الهاءات ثلاث : قال ابن مكتوم في تذكرته : قال أبو الخطيب الفارسي في (النوادر) : الهاءات ثلاث : هاء تكون بدلا من تاء التأنيث نحو : ثمرة وشجرة ، وهاء استراحة تثبت في الوقف دون الوصل ، نحو : كتابيه ولمه. وهاء أصلية مثل وجه وشفاه ومياه.

قاعدة : أصل الفعل التذكير

قال ابن القوّاس في (شرح الدرّة) : أصل الفعل التذكير لأمرين :

أحدهما : أن مدلوله المصدر ، وهو مذكّر لأنه جنس.

والثاني : أنه عبارة عن انتساب الحدث إلى فاعله في الزمن المعيّن ولا معنى للتأنيث فيه لكونه معنويا ، وإنما تأنيثه للفاعل.

ضابط : أقسام الأسماء بالنسبة إلى التذكير والتأنيث

في (تذكرة) ابن الصائغ : الأسماء أربعة أقسام : مذكّر لفظا ومعنى كزيد ، ومؤنث لفظا ومعنى كفاطمة ، ومختلفان كزينب وطلحة.

باب المقصور والممدود

ضابط : أقسام ما فيه وجهان القصر والمد

قال ابن مالك في (شرح الكافية الشافية) (١) : ما فيه وجهان القصر والمدّ على ثلاثة أقسام :

الأول : ما يقصر مع الكسر ، ويمدّ مع الفتح كالإيا والبلى والروى وسوى بمعنى غير وقرى الضيف والقلى.

والثاني : ما يقصر مع الفتح ، ويمدّ مع الكسر ، كالأضحى والنجا والصّلى والغرى والقذى.

__________________

(١) انظر شرح التسهيل (٦ / ٥٤).


الثالث : ما يقصر مع الضمّ ، ويمدّ مع الفتح كالبوسى والرغبى والعليا والنعما.

وهذا ما ذكره ابن السكيت. قال : وقد وقع لي ما يكسر فيقصر ، ويضمّ فيمدّ ـ عن ابن ولّاد ـ وهو القرفصى. فيكون على هذا أربعة أقسام.

قال أبو حيان (١) : وإنما ذكرت هذه الأقسام في كتب النحو ، وإن كان مدركها السماع ، لأن للنحو فيها حظّا ، وهو حصر ما جاء من ذلك. فلو ادعى مدّع شيئا خلاف هذا لم يقبل منه إلا بثبت واضح عن العرب ، فصار في حصر هذه الأقسام نوع من القياس النحوي.

قاعدة : تاء التأنيث في المثنى

كلّ مؤنث بالتاء حكمه ألا تحذف التاء منه إذا ثنّي ، كثمرتان ، وضاربتان لأنها لو حذفت التبس بتثنية المذكّر. ويستثنى من ذلك لفظان : ألية وخصية ، فإن أفصح اللغتين وأشهرهما أن تحذف منهما التاء في التثنية ، فيقال : أليان وخصيان. وعلّل ذلك بأن الموجب له أنهم لم يقولوا في المفرد ألي وخصي ، فأمن اللّبس المذكور.

باب جمع التكسير

ضابط : أنواع جمع التكسير بالنسبة إلى اللفظ

قال ابن الدهان في (الغرّة) : جمع التكسير على أربعة أضرب :

أحدها : ما لفظ واحده أكثر من لفظ جمعه : نحو : كتاب وكتب.

الثاني : ما لفظ جمعه أكثر من لفظ واحده ، كفلس وأفلس ، ومسجد ومساجد.

الثالث : ما واحده وجمعه سواء في العدّة اللفظية ، لا في الحركات ، نحو : سقف وسقف وأسد وأسد.

الرابع : ما واحده وجمعه سواء في العدّة اللفظية والحركات ، نحو : الفلك للواحد ، والفلك للجمع وناقة هجان ، ونوق هجان. ودرع دلاص ، وأدرع دلاص.

ضابط : الحروف التي تزاد في جمع التكسير

قال ابن الدهان : حروف الزيادة التي تزاد في هذا الجمع سبعة أحرف :

منها : ستة مطّردة. يجمعها (متى وأين) وغير المطردة منها الميم في ملامح جمع لمحة.

__________________

(١) انظر شرح التسهيل (٦ / ٥٤).


ومنها : ما يزاد أولا كأكلب وأجمال وملامح.

ومنها : ما يزاد حشوا كجمال ومساجد وكعوب وعبيد.

ومنها : ما يزاد آخرا كذؤبان وعمومة وعلماء.

فائدة ـ في حصر جموع التكسير وأسماء الجموع واسم الجنس.

قال أبو حيّان في حصر جموع التكسير وأسماء الجموع واسم الجنس : [الطويل]

لجمع قليل في المكسّر أفعل

وأفعلة أفعال ، في كثرة فعل

وبالتا وفعل والفعال فعولها

وبالتا هما الفعّال فعّل مع فعل

وبالتا وفعلى ثم فعلى وأفعلا

ء فعلان فعلان فواعل مع فعل

فعالي فعاليّ فعالى فعائل

ومع فعلاء فعلة هكذا نقل

فعالى وما ضاهى وزان مفاعل

وتمّت ولاسم الجمع فعلة مع فعل

فعالة فعلان وفعلة مع فعل

وفعلاء مفعولاء مفعلة فعل

وبالخلف فعل مع فعيل وفعلة

وبالفتح عينا مع فعال فعل فعل

وقاعدة اسم الجنس ما جاء فرده

بيا أو بتا ، والعكس في التاء قل وقل

فائدة ـ جموع القلة : قال بعض النحويّين في جموع القلّة : [البسيط]

بأفعل وبأفعال وأفعلة

وفعلة يعرف الأدنى من العدد

وزاد أبو الحسن عليّ بن جابر الدبّاج : [البسيط]

وسالم الجمع أيضا داخل معها

في ذلك الحكم ، فاحفظها ولا تزد

وقال التاج بن مكتوم في نظم جموع القلّة ، ومن خطّه نقلت : [البسيط]

لجمع قلة أجمال وأرغفة

وأرجل غلمة وسرر برره

وأصدقاء مع الزيدين مع نحل

ومسلمات وقد تكمّلت عشرة

هذا جماع الّذي قالوه مفترقا

وقد يزيد أخا الإكثار من كثره

قاعدة : لا يوجد في الجمع ثلاثة حروف أصول بعد ألف التكسير

قال في (البسيط) : لا يوجد في الجمع ثلاثة أحرف أصول بعد ألف التكسير ، لئلا يكون صدر الكلمة أقلّ من عجزها ، ولذلك يردّ في التكسير والتصغير الخماسيّ إلى الرباعيّ ، ليتناسب صدر الكلمة وعجزها في الحروف الأصول.

قاعدة : ما يضعف تكسيره من الصفات

قال في (البسيط) : كلّ صفة كثر ذكر موصوفها معها ضعف تكسيرها لقوّة


شبهها بالفعل ، وكلّ صفة كثر استعمالها من غير موصوف قوي تكسيرها لالتحاقها بالأسماء كعبد ، وشيخ وكهل. وضعيف.

فعال لا يكاد يكسر : وفي (تذكرة التاج بن مكتوم) : فعّال لا يكاد يكسّر لئلا يذهب بناء المبالغة منه. وشذّ قول ابن مقبل : [البسيط]

٣٢١ ـ [إلّا الإفادة فاستولت ركائبنا]

عند الجبابير بالبأساء والنّعم

أنشده سيبويه.

قاعدة : تكسير الخماسي الأصول مستكره

قال في (البسيط) : تكسير الخماسيّ الأصول مستكره لأجل حذف حرف منه ، بخلاف الرباعيّ إذ لا حذف فيه.

فائدة : أقسام جمع التكسير بالنسبة للفظ والمعنى : قال ابن القواس في (شرح الدرّة) : الجمع ثلاثة أقسام :

جمع في اللفظ والمعنى : كرجال والزيدين. وفي اللفظ دون المعنى : ك (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٤]. وفي المعنى دون اللفظ : كرهط ، وبشر ، وكل في التوكيد ، ونحوها مما ليس له واحد من لفظه.

قال : وينقسم أيضا إلى عامّ : وهو التكسير لعمومه المذكّر والمؤنث مطلقا ، وإلى خاصّ : وهو المذكّر السالم. وإلى متوسط : وهو جمع المؤنث السالم ، لأنه إن لم يسلم فيه نظم الواحد وبناؤه فهو مكسّر ، وإن سلم فهو إما مذكّر أو مؤنث.

قاعدة : استثقال الجموع

الجموع تستثقل ، فإذا كان فيها ياء خففت : إما بالبدل كما في قدارا ومعايا ، وإما بالقلب كما في حقيّ وقسيّ ، وإما بالحذف كما في جوار وغواش وليال.

ضابط : ما يجمع من فعلاء على فعال

قال في (ديوان الأدب) : لم يجمع من (فعلاء) على (فعال) إلا نفساء ونفاس ، وعشراء وعشار.

__________________

٣٢١ ـ الشاهد لابن مقبل في ديوانه (ص ٣٩٨) ، والكتاب (٤ / ٤٧٥) ، وتذكرة النحاة (ص ٣٢٩) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٤٢١) ، ولسان العرب (وفد) ، وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب (١ / ١٠٢) ، وشرح المفصّل (١٠ / ١٤) ، والمنصف (١ / ٢٢٩).


باب التصغير

قاعدة

كل اسم اجتمع فيه ثلاث ياءات أوّلهن ياء التصغير فإنك تحذف منهن واحدة ، فإن لم تكن أولاهن ياء التصغير أثبتّ الكلّ. تقول في تصغير حية حيية ، وفي تصغير أيّوب أييّيب بأربع ياءات ، ذكر هذه القاعدة الجوهريّ (١) في (صحاحه).

ضابط : الأسماء التي لا تصغّر

قال أبو حيان (٢) : لا تصغّر الأسماء المتوغلة في البناء ، كالضمائر ، وأين ، وكم ، ومتى ، وكيف ، وحيث ، وإذ ، وما ، ومن.

ولا الأسماء المصغّرة ، ولا غير وسوى ـ وسوى بمعنى غير ـ ولا البارحة ، وأمس ، وغد ، وعصر ـ بمعنى عشية ـ ولا الأسماء العاملة عمل الفعل ، وفي تصغير اسم الفاعل مع عمله خلاف ، ولا حسبك ، ولا الأسماء المختصة بالنفي ، ولا الأسماء الواقعة على معظّم شرعا ولا أسماء الشهور ، ولا أسماء الأسبوع على مذهب سيبويه (٣) ، ولا كلّ ، ولا بعض ولا أي ، ولا الظروف غير المتمكّنة نحو ذات مرة ، ولا الأسماء المحكية ، ولا جموع الكثرة على الإطلاق عند البصريين.

وزاد الزمخشريّ في (الأحاجي) : ولا الفطر ، والأضحى ، والعصر ، استغناء عنه بقولهم : مسيانا وعشيانا.

قاعدة : التكسير والتصغير يجريان من واد واحد

التكسير والتصغير يجريان من واد واحد. نصّ على هذه القاعدة سيبويه (٤) والنحاة بأسرهم. ومن ثمّ فتح ما قبل الياء في التصغير ، كما فتح ما قبل الألف في التكسير. وقيل في تصغير أسود وجدول أسيود وجديول ، بإظهار الواو جوازا ، كما قيل في التكسير أساود وجداول ، بإظهارها وكسر ما بعد ألف مفاعل ومفاعيل. كما كسر ما بعد ياء التصغير. وقالوا في تصغير عيد عييد شذوذا ، كما قالوا في جمعه :

__________________

(١) انظر صحاح الجوهري (حيي).

(٢) انظر شرح التسهيل (٦ / ١٣٣).

(٣) انظر الكتاب (٣ / ٥٣٢).

(٤) انظر الكتاب (٣ / ٤٥٩).


أعياد شذوذا ، ويتوصّل إلى مثال فعيعل وفعيعيل في التصغير بما يتوصّل به إلى مثال مفاعل ومفاعيل في التكسير. وللحاذف فيه من الترجيح والتخيير ما له في التكسير.

قال أبو حيّان : وجاء من التصغير ما هو على خلاف قياس المكبر ، كقولهم في مغرب : مغيربان وفي عشية : عشيشية. وفي رجل : رويجل.

قال : وهذا نظير جمع التكسير الذي جاء على خلاف قياس تكسير المفرد ، كليال ومذاكير وأعاريض جمع ليلة وذكر وعروض.

قال : وكما أن في التصغير نوعا يسمى تصغير الترخيم ، وهو التصغير بحذف الزوائد كسويد في أسود ، كذلك في جمع التكسير نوع يسمى جمع ترخيم. قالوا : ظريف وظروف وخبيث وخبوث (١).

قال الفارسيّ : كسّروه على حذف الزوائد وهو مذهب الجرميّ والمبرّد (٢) يريان هذا في كلّ ما فيه زيادة من الثلاثي الأصل. وشبّهاه بتصغير الترخيم ، فقالا في هذا النوع : هو جمع ترخيم.

وهو عند الخليل وسيبويه مما جمع على غير واحده المستعمل ، لأنه مخالف لما يجب في تكسيره. فيريانه تكسيرا لما لم ينطق به ، كما يقولان ذلك في التصغير.

قال : وقد تكون صورة المصغّر مثل صورة المكبّر ، ويكون الفرق بينهما بالتقدير كما يكون في الجمع مثل ذلك. مثاله : مبيطر ، ومسيطر ، ومهيمن ، أسماء فاعل من : بيطر وسيطر وهيمن فإذا صغّرتها حذفت الياء ، لأنها أولى بالحذف ، ثم جئت بياء التصغير مكانها. ونظير ذلك فلك فإن مفرده وجمعه لفظهما واحد ، وإنما يتميزان في التقدير. قال : وكذلك ضمّة فعيل غير ضمة فعل ، كما أن ضمة فلك الذي هو جمع غير ضمة فلك الذي هو مفرده.

وقال في (البسيط) : إنما كانا من واد واحد لحصول الشبه بينهما من خمسة أوجه :

١ ـ اشتراكهما في زيادة حرف العلّة فيهما ثالثا.

٢ ـ وفي انكسار ما بعد حرف العلة فيهما. فيما جاوز الثلاثيّ.

٣ ـ وفي لزوم كلّ واحد منهما حركة معينة.

__________________

(١) انظر همع الهوامع (٢ / ١٩١).

(٢) انظر المقتضب (٢ / ٢١٤).


٤ ـ وفي تغيير بنية الكلمة.

٥ ـ والخامس : أنّ الجمع تكثير ، والتصغير تقليل ، ومن مذهبهم حمل الشيء على نقيضه كما يحمل على نظيره.

وقال ابن القوّاس في (شرح ألفية ابن معط) : التصغير يشبه التكسير ، ولذلك قال سيبويه (١) : هما من واد واحد : من وجوه الفرعية والتغيّر ، واختراع البناء ، ووقوع العلامة ثالثة ، ورد اللام المحذوفة في الثلاثي ، وحذف الزائد الذي ليس على رابع ، وحذف الأصل ، وفتح ما قبل العلامة ، وحذف ألفات الوصل ، واعتلال اللام لحرف اللين قبلها.

قال ابن الصائغ في (تذكرته) : وبقي حادي عشر كسر ما بعد العلامة. قال : وهو عندي أولى بالعدّ.

فائدة ـ ضم أول المصغر : قال في (البسيط) : إنما ضمّ أول المصغّر لأنه لمّا كان يتضمن المكبّر. ومسبوقا به ، جرى مجرى فعل ما لم يسمّ فاعله ، في تضمن معنى الفاعل ، وكونه مسبوقا بما سمّي فاعله ، فضمّ أوّله كما ضمّ أوّله.

قاعدة : لا تجمع المصغرات جمع تكسير

قال في (البسيط) : جميع المصغّرات لا تجمع جمع تكسير بل جمع سلامة ، لأنها لو كسّرت لوقعت ألف التكسير في موضع ياء التصغير ، فيفضي إلى زوالها فيزول التصغير بزوالها ، ولأن التصغير يدلّ على التقليل ، فناسب ألا يجمع إلا ما يوافقه في التقليل وهو الصحيح.

فائدة ـ التصغير بالألف : قال في (البسيط) : صغرت العرب كلمتين بالألف قالوا في دابّة : دوابّة ، وفي هدهد : هداهد.

فائدة ـ تصغير ثمانية : ثمانية إذا صغّرت فيها وجهان :

أحدهما : أن تحذف الألف ، وتبقى الياء. فتقول ثمينية.

والثاني : أن تحذف الياء ، وتبقى الألف ، فتقول ثمينة. فتقلب الألف ياء كما انقلبت في غزال ، وتدغم ياء التصغير فيها. فترجيح الألف بالتقديم ، وترجيح الياء بالحركة وحذف الألف وإبقاء الياء أحسن لتحرّك الياء ، والألف حرف ساكن ميت لا يقبل الحركة والياء أيضا للإلحاق بعذافر ، فكانت أقوى عند سيبويه (٢).

__________________

(١) انظر الكتاب (٣ / ٤٥٩).

(٢) انظر الكتاب (٣ / ٤٨٣).


فائدة ـ تصغير أفعال التعجب : قال ابن السراج في (الأصول) : فإن قيل : ما بال أفعال التعجّب تصغّر نحو : ما أميلحه! وما أحيسنه! والفعل لا يصغّر؟ فالجواب : أن هذه الأفعال لمّا لزمت موضعا واحدا ، ولم تتصرف ، ضارعت الأسماء التي لا تزول إلى يفعل وغيره من الأمثلة.

فصغّرت كما تصغّر. قال : ونظير ذلك دخول ألفات الوصل في الأسماء نحو : ابن ، واسم ، وامرئ ، ونحوهما لمّا دخلها النقص الذي لا يوجد إلا في الأفعال ، والأفعال مخصوصة به ، دخلت عليها ألفات الوصل لهذا السبب ، فأسكنت أوائلها للنقص.

وقال الزمخشريّ في (الأحاجي) (١) : فإن قلت : كيف عاق معنى الفعل أو شبهه عن التصغير ، والفعل نفسه قد صغّر في قولك : ما أميلح زيدا؟ قلت هو شيء عجيب ، لم يأت إلا في باب التعجب وحده ، وسبيله على شذوذه سبيل المجاز. وذلك أنهم نقلوا التصغير من المتعجّب منه إلى الفعل الملابس له ، كما ينقلون إسناد الصوم من الرجل إلى النهار في نهارك صائم. فكما أن الصوم ليس للنهار كذلك التصغير ليس للفعل.

باب النسب

قاعدة : إلى ما آخره ياء مشددة

كلّ ما آخره ياء مشدّدة فإنها عند النسب لا تبقى ، بل إما أن تحذف بالكلية ، ككرسيّ ، وبختيّ ، وشافعيّ ، ومرميّ ، أو يحذف أحد حرفيها ويقلب الثاني واوا كرميّة ، وتحية ، فيقال : رمويّ ، وتحويّ ، أو يبقى أحدهما ، ويقلب الآخر كحي وحيويّ. ويستثنى من ذلك كساء إذا صغّرته ، ثم نسبت إليه ، فإن ياءه المشددة تبقى بحالها مع ياء النسب.

وذلك أن تصغيره كسيّ ، لأنّه يجتمع فيه ثلاث ياءات : ياء التصغير والياء المنقلبة عن الألف والياء المنقلبة التي هي لام الكلمة ، فتحذف الياء المنقلبة عن الألف ، وتدغم ياء التصغير في الياء الأخيرة ، فتبقى كسيّ كأخيّ ، ثم تدخل ياء النسب ، فيقال : كسي ، ولا يجوز أن تحذف إحدى الياءين الباقيتين ، لأنك إن حذفت ياء التصغير لم يجز ، لأنها لمعنى ، والمعنى باق. وإن حذفت الياء الأخيرة لم يجز ، لما فيه من توالي إعلالين من موضع واحد ، إذ قد تقدم من حذف الياء التي كانت منقلبة عن ألف كساء ، مع ما فيه من تحريك ياء التصغير ، فلهذا التزم فيه التثقيل.

__________________

(١) انظر أحاجي الزمخشري (ص ٥٧).


تقسيم : شواذ النسب

شواذّ النسب ثلاثة أقسام :

١ ـ قسم كان ينبغي أن يغيّر ، فلم يغيّر ، كقولهم في عميرة عميريّ.

٢ ـ وقسم كان ينبغي ألّا يغيّر فغيّر ، كقولهم في الشتاء شتوي.

٣ ـ وقسم كان ينبغي أن يغيّر نوعا من التغيير ، فغيّر تغييرا غيره. كقولهم (١) في دارابجر ، دار وردي. وكان القياس أن ينسب إلى صدره ، لأنه مركّب.

قاعدة : ياء النسب تجعل الجامد في حكم المشتق

ياء النسب تصيّر الجامد في حكم المشتقّ ، حتى يحمل الضمير ، ويرفع الظاهر ، ولذلك يجمع بسبب النسب ما لا يجوز جمعه بالواو والنون. نحو : البصريين والكوفيين. ذكره ابن فلاح في (المغني).

باب التقاء الساكنين

قاعدة

الأصل تحريك الساكن المتأخر ، لأن الثّقل ينتهي عنده ، كما كان في تكسير الخماسيّ وتصغيره ، فإنّ الحذف يكون في الحرف الأخير ، لأن الكلمة لا تزال سهلة حتى تنتهي إلى الآخر ، وكذلك الجمع بين الساكنين ، ولذلك لا يكون التغيير في الأول إلا لوجه يرجّحه.

وقيل : الأصل تحريك الساكن الأوّل ، لأنّ به التوصّل إلى النطق بالثاني. فهو كهمزة الوصل.

وقيل : الأصل تحريك ما هو طرف الكلمة ، سواء كان أول الساكنين أو ثانيهما ، لأن الأواخر مواضع التغيير ، ولذلك كان الإعراب في الآخر.

قاعدة : الأصل فيما حرك منهما الكسرة

الأصل فيما حرّك منهما الكسرة ، لأنها حركة لا توهم الإعراب ، إذ الكسر الذي يكون في أحد الساكنين لا يتخيّل أنّ موجبه الإعراب ، لأنه لا يكون في كلمة ، لا يكون فيها تنوين ، ولا أل ، ولا إضافة ، بخلاف الضم والفتح ، فإنهما يكونان إعرابا ، ولا تنوين معهما ، وذلك فيما لا ينصرف ، فلما كانت حركة لا تكون في معرب أشبهت الوقف الذي هو مقابل الإعراب فحرّك بها.

__________________

(١) انظر همع الهوامع (٢ / ١٩٨).


قال صاحب (البسيط) : هذا موافق قول النحويين : فإن حرّك بغير الكسر فلوجه ما.

قال ويحتمل أن يقال : الفتح أصل ، لأنه الفرار من الثقل ، والفتح أخف الحركات. أو يقال : الأصل التحريك بحركة في الجملة من غير تعيين حركة خاصة وتعيين الحركة يكون لوجه يخصّها.

وقال في (البسيط) : أصل تحريك التقاء الساكنين الكسر لخمسة أوجه :

أحدها : أن أكثر ما يكون التقاء الساكنين في الفعل ، فأعطي حركة لا تكون له إعرابا ولا بناء ، لكون ذلك كالعوض من دخولها إياه في حال إعرابه وبنائه وحمل غيره عليه.

والثاني : أن الضمّ والفتح يكونان بغير تنوين ، ولا معاقب له فيما لا ينصرف ، فالتحريك بهما يلبس بما لا ينصرف. وأما الجرّ فلا يكون إلا بتنوين أو معاقب له ، فلا يقع لبس بالتحريك به ، والتحريك بغير الملبس أولى بالأصالة من التحريك بالملبس.

الثالث : أنّ الجرّ والجزم نظيران ، لاختصاص كلّ واحد منهما بنوع. فإذا احتيج إلى تحريك سكون الفعل حرّك بحركة نظيره ، وحمل بقية السواكن عليه.

الرابع : أن الكسرة أقل من الضمة والفتحة ، لأنهما تكونان في الأسماء المنصرفة وغير المنصرفة ، وفي الأفعال ، ولا تكون الكسرة إلا في الأسماء المنصرفة ، فالحمل على الأقل أولى من الحمل على ما كثر موارده ، لقوة قليل الموارد ، وضعف كثير الموارد.

الخامس : أن الكسرة بين الضمة والفتحة في الثقل ، فالحمل على الوسط أولى.

باب الإمالة

ضابط

قال ابن السراج : أسباب الإمالة ستة : كسرة تكون قبل الألف ، أو بعدها ، وياء قبلها ، وانقلاب الألف عن الياء ، وتشبيه الألف بالألف المنقلبة عن الياء ، وكسرة تعرض في بعض الأحوال (١).

وزاد سيبويه أيضا ثلاثة أسباب شاذّة وهي : شبه الألف بالألف المنقلبة (٢) ، وفرق بين الاسم (٣) والحرف ، وكثرة الاستعمال (٤).

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٩ / ٥٥).

(٢) انظر الكتاب (٤ / ٢٤٠).

(٣) انظر الكتاب (٤ / ٣٤٨).

(٤) انظر الكتاب (٤ / ٣٤٤).


باب التصريف

فائدة ـ أشياء اختص بها المعتل : قال (١) ابن الشجري في (أماليه) : اختصّ المعتلّ بأشياء :

أحدها : ما جاء على فيعل ، لا يكون ذلك إلا في المعتلّ العين ، نحو : سيّد ، وميت وهين ، ولين ، وبيّن.

الثاني : ما جاء من جمع فاعل على فعلة ، لم يأت إلّا في المعتلّ اللام ، كقاض وقضاة ، وغاز وغزاة ، وداع ودعاة.

الثالث : ما جاء من المصادر على فعلولة ، اختصّ بذلك المعتلّ العين ، نحو قولهم : بان بينونة ، وصار صيرورة ، وكان كينونة. والأصل عند سيبويه (٢) بيّنونة وصيّرورة ، وكيونونة ثم كيّنونة ، قلبت الواو ياء ، وأدغمت فيها الياء لاجتماع الياء والواو وسبق الأولى بالسكون.

والرابع : ما جاء من المصادر على فعل ، فهذا مما اختصّ به المعتلّ اللام. وذلك قولهم التقى والهدى والسرى.

قاعدة : الألف أصل في الحروف وما شابهها : قال ابن الدهان في (الغرّة) : الألف لا تكون أصلا في الأسماء المعربة ، ولا في الأفعال ، وإنما تكون أصلا في الحروف ، نحو : ما ولا ، وفي الأسماء المتوغّلة في شبه الحرف ، نحو : إذا وأنّى ، لأنه لا يعرف للحروف اشتقاق يعرف به زائد من أصليّ.

ضابط : أنواع الألفات في أواخر الأسماء

في (تذكرة ابن الصائغ) قال : نقلت من مجموع بخطّ ابن الرمّاح : الألفات في أواخر الأسماء أربعة : منقلبة عن أصل ، ومنقلبة عن زائد ملحق بالأصل ، ومنقلبة عن زائد للتكثير ، وغير منقلب وهي ألف التأنيث كملهى ، ومعزى وقبعثرى ، وحبلى.

فالأول : مصروف نكرة ومعرفة ، والثاني والثالث : مصروف في النكرة دون المعرفة ، والرابع : لا ينصرف فيهما.

ضابط : الزوائد في آخر الاسم

قال أبو حيّان : لا يوجد في آخر اسم أربع زوائد من جنس واحد ، ولا يوجد في آخر اسم معرب واو قبلها ضمة ، ومتى أدى الإعلال إلى شيء من ذلك وجب قلب

__________________

(١) انظر الأمالي الشجرية (٢ / ١٦٣).

(٢) انظر الكتاب (٤ / ٥٠٨).


الواو ياء ، والضمة كسرة ، فتصير من باب قاض ومشتر فتحذف الياء كما تحذف فيهما.

(فائدة) قال الشيخ جمال الدين بن هشام في (تذكرته) : وقفت على أبيات لبعض الفضلاء ، فيما يدلّ على كون اللام ياء أو واوا في المعتلّ من الأفعال والأسماء ، وهي : [الطويل]

بعشر يبين القلب في الألف التي

عن الواو تبدو في الأخير أو الياء

بمستقبل الفعل الثلاثي ، وأمره

ومصدره والفعلتين أو الفاء

وعين له إن كانت الواو فيهما

وتثنية والجمع خصّا بالاسماء

وعاشرها سير الإمالة في الذي

يشذ عن الأذهان عنصره النائي

أمثلة ذلك : يدعو ، ادع ، غزوا ، دعوة ، دعوة ، وعى ، وهى ، هوى ، غوى ، فتيان ، عصوان.

فائدة ـ الثلاثي أكثر الأبنية : قاله ابن دريد في (الجمهرة) (١) : وقال ابن جنّي في (الخصائص) (٢) : الثلاثيّ أكثرها استعمالا. وأعدلها تركيبا. وذلك لأنه حرف يبتدأ به ، وحرف يحشى به ، وحرف يوقف عليه. قال : وليس اعتدال الثلاثي لقلة حروفه حسب ، فإنه لو كان كذلك كان الثنائي أكثر منه ، وليس كذلك. بل له ولشيء آخر ، وهو حجز الحشو الذي هو عينه ، بين فائه ولامه لتباينهما ، ولتعادي حاليهما ، لأن المبتدأ به لا يكون إلا متحرّكا ، والوقوف عليه لا يكون إلا ساكنا. فلما تنافرت حالاهما ، وسّطوا العين حاجزا بينهما ، لئلا يفجئوا الحسّ بضدّ ما كان آخذا فيه ، ومنصبّا إليه.

قاعدة : كيف ينطق بالحرف

قال في (البسيط) : إذا قيل كيف تنطق بالحرف نظرت إن كان متحركا ألحقته هاء السكت فقلت في الباء من ضرب ، به. ومن يضرب ، به. ومن اضربي به. وإن كان ساكنا اجتلبت له همزة الوصل ، فقلت في الباء من اضرب ، اب.

ضابط : ما جاء على تفعال

رأيت بخطّ ابن القمّاح في مجموع له : قال : روى أبو الفضل محمد بن ناصر

__________________

(١) انظر الجمهرة (١ / ١٣).

(٢) انظر الخصائص (١ / ٥٥).


السلامي عن الخطيب أبي زكريا يحيى بن علي التبريزيّ إملاء. قال : أملى علينا أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعرّي قال

الأشياء التي جاءت على تفعال على ضربين : مصادر وأسماء. فأما المصادر فالتلقاء والتبيان (١) ، وهما في القرآن. وقالوا : التنضال من الماضلة ، فمنهم من يجعله مصدرا. ويقال : جاء لتيفاق الهلال كما يقال لميقاته ، فمنهم من يجعله مصدرا ، ومنهم من يجعله اسما.

وأما الأسماء (٢) : فالتّنبال وهو القصير ، ورجل تنبال أي عذيوط ، ويقال بالضاد أيضا ، وتبوال موضع ، وتعشار موضع ، وتقصار قلادة قصيرة في العنق ، وتيغار حبّ مقطوع أي خابية ، وتمراد برج صغير للحمام ، وتمساح معروف من دوابّ الماء ، ورجل تمساح أي كذّاب ، وتمتان واحد التماتين وهي خيوط يضرب بها الفسطاط ، ورجل تكلام كثير الكلام ، وتلقام كثير اللقم ، وتلعاب كثير اللعب ، وتمثال ، واحد التماثيل وتجفاف الفرس معروف ، وترباع موضع ، وترعام اسم شاعر ، وترياق في معنى درياق وطرياق ، ذكره ابن دريد (٣) في باب تفعال.

قال أبو العلاء : وفيه نظر ، لأنه يجوز أن يكون على فعيال ، ومضى تهواء من الليل بمعنى هويّ ، وناقة تضراب ، وهي القريبة العهد بضرب الفحل ، وتلفاق ثوبان يخاط أحدهما بالآخر.

باب الزيادة

ضابط : الأشياء التي تزاد لها الحروف

قال أبو حيان : لا يزاد حرف من حروف الزيادة العشرة ـ وهي حروف سألتمونيها ـ إلا لأحد ستة أشياء :

الأول : أن تكون الزيادة لمعنى : كحروف المضارعة ، وما زيد لمعنى هو أقوى الزوائد.

الثاني : للمدّ ، نحو : كتاب ، وعجوز ، وقضيب.

الثالث : للإلحاق ، نحو : واو كوثر وياء ضيغم.

الرابع : للإمكان ، كهمزة الوصل ، وهاء السكت في الوقف ، على نحو : قه.

__________________

(١) انظر الكتاب (٤ / ١٩٨).

(٢) انظر الشافية (١ / ١٦٧).

(٣) انظر الجمهرة (٣ / ٣٨٧).


الخامس : العوض ، نحو : تاء التأنيث في زنادقة ، فإنها عوض من ياء زناديق ، ولذلك لا يجتمعان.

السادس : لتكثير الكلمة ، نحو : ألف قبعثرى ، ونون كنهبل ، ومتى كانت الزيادة لغير التكثير كانت أولى من أن تكون للتكثير. وقال بعضهم : [الخفيف]

يعرف الأصل من مزيد الحروف

باشتقاق لها وبالتصريف

ولزوم وكثرة ونظير

وخروج منه ، اصغ للتعريف

وبأن يلزم المزيد بناء

أو يري الحرف حرف معنى لطيف

ولفقد النظير أوسع باب

فتفطّن مخافة التحريف

فائدة ـ همزة الوصل التي لحقت فعل الأمر : قال أبو حيّان في (شرح التسهيل) : اختلفوا في همزة الوصل التي لحقت فعل الأمر. فقيل : زيدت أولا لأنها لائقة للتغيير بالقلب والحذف والتسهيل ، وموضع الابتداء معرّض لذلك ، فكانت هنا مبتدأة.

وقيل : أصلها الألف لأنها من حروف الزيادة. وهذا موضع زيادة ، لكن قلبت همزة لضرورة التحرك. إذ لا يبتدأ بساكن ، ويلزم التسلسل. واختلفوا في حركتها : فقيل : أصلها الكسر لأنه في مقابلة ألف القطع ، وهي مفتوحة. وقيل حركتها في الأصل الكسر على أصل التقاء الساكنين ، وهذا الأصل يستصحبها إلا إن كان الساكن بعدها ضمة لازمة.

(فائدة) قال ياقوت في (معجم الأدباء) : أنشدني علم الدين إبراهيم بن محمود بن سالم التكريتي. قال أنشدني القاضي زكريا بن يحيى بن القاسم بن المفرح التكريتي لنفسه في القطع والوصل : [الرجز]

لألف الأمر ضروب تنحصر

في الفتح والضمّ وأخرى تنكسر

فالفتح فيما كان من رباعي

نحو أجب يا زيد صوت الدّاعي

والضمّ فيما ضمّ بعد الثاني

من فعله المستقبل الزّمان

والكسر فيما منهما تخلّى

إن زاد عن أربعة ، أو قلّا

قاعدة : حق همزة الوصل

حقّ همزة الوصل الدخول على الأفعال ، وعلى الأسماء الجارية على تلك الأفعال. نحو : انطلق انطلاقا ، واقتدر اقتدارا ، فأما الأسماء التي ليست بجارية على أفعالها ، فألف الوصل غير داخلة عليها. إنما دخلت على أسماء قليلة وهي عشرة :


ابن ، وابنة ، وابنم ، واسم ، واست ، واثنان ، واثنتان ، وامرؤ ، وامرأة ، وايمن. وذكر ذلك ابن يعيش في (شرح المفصّل) (١).

باب الحذف

قاعدة : ما اجتمع فيه ثلاث ياءات من الأسماء

كل اسم اجتمع فيه ثلاث ياءات ، فإن كان غير مبنيّ على فعل حذفت منه اللام ، نحو : عطيّ في تصغير عطاء ، وأحي في تصغير أحوى. وإن كان مبنيا على فعل ثبتت ، نحو : يحيى من حيي يحيا (٢).

باب الإدغام

قاعدة

قال ابن جنّي في (الخاطريّات) : الإدغام يقوّي المعتلّ ، وهو أيضا بعينه يضعف الصحيح.

ضابط : أحسن ما يكون الإدغام من كلمتين

قال (٣) سيبويه : أحسن ما يكون الإدغام من كلمتين إذا توالى بهما خمسة أحرف متحركة ، نحو : فعل لبيد ، لأن توالي الحركات مستثقل عندهم ، بدليل أنه لا يتوالى خمسة أحرف متحركة في الشعر ، ولا أربعة في كلمة واحدة ، إلا أن يكون فيها حذف ، كعلبط ، أو واحد الأربعة تاء التأنيث. كشجرة ، لأن تاء التأنيث عندهم في الحكم ككلمة ثانية. ويحسّن الإدغام أيضا أن يكون قبل المثل الأول متحرّك ، وبعد المثل الثاني ساكن ، نحو : يد داود. قال سيبويه (٤) : قصدوا اعتدال أن يكون المتحرك بين ساكنين.

باب الخطّ

قال ابن مكتوم في (تذكرته) : اختلف النحويون في علة إلحاق الألف بعد واو الجمع من نحو : قاموا ، فذهب الخليل إلى أنها إنما ألحقت بعد هذه الواو من حيث

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٩ / ١٣٢).

(٢) انظر صحاح الجوهري (حيي).

(٣ ـ ٤) انظر الكتاب (٤ / ٥٧٦).

(٣ ـ ٤) انظر الكتاب (٤ / ٥٧٦).


كانت الهمزة منقطعا لآخر الواو ، كأنه يريد بذلك أن الواو إنما مكنت لتصوير الألف بعدها ، أي : ليست واوا مختلسة ، بل هي واو ممتدّة مشبعة متمكّنة.

وقال أبو الحسن : إنما زيدت هذه الألف للفرق بين واو العطف وواو الجمع ، نحو : كفروا ، وجرّدوا ، ونحو ذلك من المنفصل ، فلو لم تلحق الألف للفرق بين واو الجمع لجاز أن يظنّ أنه : كفر ، وفعل ، وأن الواو واو عطف ، فزادوا الألف لتجوز الواو إلى ما قبلها ، وسماها لذلك ألف الفصل ، ثم ألحقوا المتصل بالمنفصل في نحو : دخلوا ، وخرجوا ليكون العمل من وجه واحد.

وقال الكسائيّ (١) : دخلت هذه الألف للفرق بين الضمير المرفوع والضمير المنصوب ، في نحو قول الله تعالى : (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ) [المطففين : ٣] فكالوهم كتبت بغير ألف ، لأن الضمير منصوب ، ألا ترى أن معناه كالوا لهم ، ووزنوا لهم ، فإذا أردت أنهم كالوا في أنفسهم ، ووزنوا في أنفسهم قلت : قد كالوا هم ، ووزنوا هم ، مثل قاموا هم ، وقعدوا هم. فثبتت الألف هاهنا لأن الضمير مرفوع. وهذا حسن ، انتهى.

سرد مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين

حسب ما ذكره الكمال أبو البركات بن الأنباري في كتاب (الإنصاف في مسائل الخلاف) وأبو البقاء العكبريّ في كتاب (التبيين في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين).

١ ـ الاسم (٢) مشتق من السموّ عند البصريين. وقال الكوفيّون : من الوسم.

٢ ـ الأسماء الستة (٣) معربة من مكان واحد. وقال الكوفيون : من مكانين.

٣ ـ الفعل مشتقّ من المصدر (٤). وقالوا : المصدر مشتقّ من الفعل.

٤ ـ الألف والواو (٥) والياء في التثنية والجمع حروف إعراب ، وقالوا : إنها إعراب.

٥ ـ الاسم الذي فيه تاء التأنيث (٦) كطلحة لا يجمع بالواو والنون. وقالوا : يجوز.

٦ ـ فعل الأمر مبنيّ. وقالوا : معرب.

٧ ـ المبتدأ (٧) مرتفع بالابتداء والخبر بالمبتدأ. وقالوا : المبتدأ يرفع الخبر ، والخبر يرفع المبتدأ.

__________________

(١) انظر همع الهوامع (٢ / ٢٣٨).

(٢) انظر الإنصاف (٦).

(٣) انظر الإنصاف (١٧).

(٤) انظر الإنصاف (٢٣٥).

(٥) انظر الإنصاف (٣٣).

(٦) انظر الإنصاف (٤٠).

(٧) انظر الإنصاف (٤٤).


٨ ـ الظرف (١) لا يرفع الاسم إذا تقدّم عليه ، وقالوا : يرفعه.

٩ ـ الخبر إذا كان اسما محضا (٢) لا يتضمّن ضميرا. وقالوا : يتضمّن.

١٠ ـ إذا جرى (٣) اسم الفاعل على غير من هو له وجب إبراز ضميره. وقالوا : لا يجب.

١١ ـ يجوز (٤) تقديم الخبر على المبتدأ. وقالوا : لا يجوز.

١٢ ـ الاسم بعد (٥) (لو لا) يرتفع بالابتداء. وقالوا : بها ، أو بفعل محذوف ، قولان لهم.

١٣ ـ إذا لم (٦) يعتمد الظرف وحرف الجرّ على شيء قبله لم يعمل في الاسم الذي بعده. وقالوا : يعمل.

١٤ ـ العامل (٧) في المفعول الفعل وحده. وقالوا : الفعل والفاعل معا ، أو الفاعل فقط ، أو المعنى. أقوال لهم.

١٥ ـ المنصوب (٨) في باب الاشتغال بفعل مقدر. وقالوا : بالظاهر.

١٦ ـ الأولى (٩) في باب التنازع إعمال الثاني. وقالوا : الأول.

١٧ ـ لا يقام مقام الفاعل الظرف والمجرور مع وجود المفعول الصريح. وقالوا : يقام.

١٨ ـ (نعم وبئس) (١٠) فعلان ماضيان. وقالوا : اسمان.

١٩ ـ (أفعل) (١١) في التعجّب فعل ماض. وقالوا : اسم.

٢٠ ـ لا يبنى (١٢) فعل التعجب من الألوان. وقالوا : يبنى من السواد والبياض فقط.

٢١ ـ المنصوب (١٣) في باب كان خبرها. وفي باب ظنّ مفعول ثان. وقالوا : حالان.

٢٢ ـ لا يجوز (١٤) تقديم خبر ما زال ونحوها عليها. وقالوا : يجوز.

٢٣ ـ يجوز (١٥) تقديم خبر ليس عليها. وقالوا : لا يجوز.

٢٤ ـ خبر (١٦) (ما) الحجازية ينتصب بها. وقالوا : بحذف حرف الجرّ.

٢٥ ـ لا يجوز (١٧) طعامك ما زيد آكلا. وقالوا : يجوز.

٢٦ ـ يجوز (١٨) ما طعامك آكل زيد. وقالوا : لا يجوز.

٢٧ ـ خبر (١٩) إن وأخواتها مرفوع بها. وقالوا : لا تعمل في الخبر.

__________________

(١) انظر الإنصاف (٥١). (٢) انظر الإنصاف (٥٥).

(٣) انظر الإنصاف (٥٧).(٤) انظر الإنصاف (٦٥).

(٥) انظر الإنصاف (٧٠). (٦) انظر الإنصاف (٥١).

(٧) انظر الإنصاف (٧٨). (٨) انظر الإنصاف (٨٢).

(٩) انظر الإنصاف (٨٣). (١٠) انظر الإنصاف (٩٧).

(١١) انظر الإنصاف (١٢٦). (١٢) انظر الإنصاف (١٤٨).

(١٣) انظر الإنصاف (٨٢١). (١٤) انظر الإنصاف (١٥٥).

(١٥) انظر الإنصاف (١٦٠). (١٦) انظر الإنصاف (١٦٥).

(١٧ ـ ١٨) انظر الإنصاف (١٧٢). (١٩) انظر الإنصاف (١٧٦).


٢٨ ـ إذا (١) عطفت على اسم إن قبل الخبر لم يجز فيه إلا النصب. وقالوا : يجوز الرفع.

٢٩ ـ إذا خففت إنّ جاز أن تعمل النصب. وقالوا : لا تعمل (٢).

٣٠ ـ لا يجوز (٣) دخول لام التوكيد على خبر لكنّ. وقالوا : يجوز.

٣١ ـ اللام (٤) الأولى في (لعلّ) زائدة. وقالوا : أصلية.

٣٢ ـ (لا) النافية (٥) الجنس إذا دخلت على المفرد بني معها. وقالوا : معرب.

٣٣ ـ لا يجوز تقديم معمول ألفاظ الإغراء عليها ، نحو : دونك ، وعليك ، وقالوا : يجوز.

٣٤ ـ إذا وقع (٦) الظرف خبر مبتدأ ينصب بفعل أو وصف مقدّر. وقالوا : بالخلاف.

٣٥ ـ المفعول (٧) معه ينتصب بالفعل قبله بواسطة الواو. وقالوا : بالخلاف.

٣٦ ـ لا يقع (٨) الماضي حالا إلا مع (قد) ظاهرة أو مقدّرة. وقالوا : يجوز من غير تقدير.

٣٧ ـ يجوز (٩) تقديم الحال على عاملها الفعل ونحوه ، سواء كان صاحبها ظاهرا أو مضمرا. وقالوا : لا يجوز إذا كان ظاهرا.

٣٨ ـ إذا كان الظرف خبرا لمبتدأ ، وكرّرته بعد اسم الفاعل جاز فيه الرفع والنصب ، نحو : زيد في الدار قائما فيها ، وقائم فيها. وقالوا : لا يجوز إلا النصب.

٣٩ ـ لا يجوز تقديم التمييز على عامله مطلقا. وقالوا : يجوز إذا كان متصرّفا (١٠).

٤٠ ـ المستثنى منصوب بالفعل السابق بواسطة إلا. وقالوا : على التشبيه بالمفعول.

٤١ ـ لا تكون (١١) (إلّا) بمعنى الواو. وقالوا : تكون.

٤٢ ـ لا يجوز (١٢) تقديم الاستثناء في أوّل الكلام. قالوا : يجوز.

٤٣ ـ (حاشا) (١٣) في الاستثناء حرف جرّ. وقالوا : فعل ماض.

٤٤ ـ إذا أضيفت (١٤) غير إلى متمكن لم يجز بناؤها. وقالوا : يجوز.

٤٥ ـ لا يقع (١٥) سوى وسواء إلا ظرفا. وقالوا : يقع ظرفا وغير ظرف.

٤٦ ـ كم (١٦) في العدد بسيطة. وقالوا : مركّبة.

٤٧ ـ إذا (١٧) فصل بين كم الخبرية وبين تمييزها بظرف لم يجز جرّه. وقالوا : يجوز.

__________________

(١) انظر الإنصاف (١٨٥). (٢) انظر الإنصاف (١٩٥).

(٣) انظر الإنصاف (٢٠٨). (٤) انظر الإنصاف (٢١٨).

(٥) انظر الإنصاف (٣٦٦). (٦) انظر الإنصاف (٢٤٥).

(٧) انظر الإنصاف (٢٤٨). (٨) انظر الإنصاف (٢٥٢).

(٩) انظر الإنصاف (٢٥٠). (١٠) انظر الإنصاف (٨٢٨).

(١١) انظر الإنصاف (٢٦٦). (١٢) انظر الإنصاف (٢٧٣).

(١٣) انظر الإنصاف (٢٧٨). (١٤) انظر الإنصاف (٢٨٧).

(١٥) انظر الإنصاف (٢٩٤).

(١٦) انظر الإنصاف (٢٩٨).

(١٧) انظر الإنصاف (٣٠٣).


٤٨ ـ لا يجوز (١) إضافة النيّف إلى العشرة. وقالوا : يجوز.

٤٩ ـ يقال : قبضت الخمسة عشر درهما ، ولا يقال : الخمسة العشر الدراهم (٢).

وقالوا : يجوز.

٥٠ ـ يجوز (٣) هذا ثالث عشر ثلاثة عشر. وقالوا : لا يجوز.

٥١ ـ المنادى (٤) المفرد المعرفة مبنيّ على الضمّ. وقالوا : معرب بغير تنوين.

٥٢ ـ لا يجوز (٥) نداء ما فيه أل في الاختيار. وقالوا : يجوز.

٥٣ ـ الميم المشدّدة في (اللهم) عوض من يا في أول الاسم. وقالوا : أصله يا الله أمنا بخير. فحذف (٦) ووصلت الميم المشدّدة بالاسم.

٥٤ ـ لا يجوز (٧) ترخيم المضاف. وقالوا : يجوز.

٥٥ ـ لا يجوز (٨) ترخيم الثلاثيّ بحال. وقالوا : يجوز مطلقا. وإذا كان ثانيه متحرّكا قولان.

٥٦ ـ لا يحذف (٩) في الترخيم من الرباعيّ إلا آخره. وقالوا : يحذف ثالثه أيضا.

٥٧ ـ لا يجوز (١٠) ندبة النكرة ولا الموصول. وقالوا : يجوز.

٥٨ ـ لا تلحق (١١) علامة الندبة الصفة. وقالوا : يجوز.

٥٩ ـ لا تكون (١٢) (من) لابتداء الغاية في الزمان. وقالوا : تكون.

٦٠ ـ (ربّ) (١٣) حرف. وقالوا : اسم.

٦١ ـ الجرّ (١٤) بعد واو ربّ بربّ المقدّرة. وقالوا : بالواو.

٦٢ ـ (منذ) (١٥) بسيطة. وقالوا : مركّبة.

٦٣ ـ المرفوع (١٦) بعد مذ ومنذ مبتدأ. وقالوا : بفعل محذوف.

٦٤ ـ لا يجوز (١٧) حذف حرف القسم ، وإبقاء عمله من غير عوض إلا في اسم الله خاصة. وقالوا : يجوز في كل اسم.

__________________

(١) انظر الإنصاف (٣٠٩). (٢) انظر الإنصاف (٣١٢).

(٣) انظر الإنصاف (٣٢٢). (٤) انظر الإنصاف (٣٢٣).

(٥) انظر الإنصاف (٣٣٥). (٦) انظر الإنصاف (٣٤١).

(٧) انظر الإنصاف (٣٤٧). (٨) انظر الإنصاف (٣٥٦).

(٩) انظر الإنصاف (٣٦١).

(١٠) انظر الإنصاف (٣٦٢).

(١١) انظر الإنصاف (٣٦٤).

(١٢) انظر الإنصاف (٣٧٠).

(١٣) انظر الإنصاف (٨٣٢).

(١٤) انظر الإنصاف (٣٧٦).

(١٥) انظر الإنصاف (٣٨٢).

(١٦) انظر الإنصاف (٣٨٢).

(١٧) انظر الإنصاف (٣٩٣).


٦٥ ـ اللام (١) في قولك لزيد أفضل من عمرو لام الابتداء. وقالوا : لام القسم محذوفا.

٦٦ ـ ايمن (٢) الله في القسم مفرد. وقالوا : جمع يمين.

٦٧ ـ لا يجوز (٣) الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول. وقالوا : يجوز.

٦٨ ـ لا يجوز إضافة الشيء إلى نفسه مطلقا. وقالوا : يجوز إذا اختلف اللفظان.

٦٩ ـ (كلا وكلتا) (٤) مفردان لفظا مثنّيان معنى. وقالوا : مثنّيان لفظا ومعنى.

٧٠ ـ لا يجوز (٥) توكيد النكرة توكيدا معنويا. وقالوا : يجوز إذا كانت محدودة.

٧١ ـ لا يجوز (٦) زيادة واو العطف. وقالوا : يجوز.

٧٢ ـ لا يجوز العطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجارّ (٧). وقالوا : يجوز بدونه.

٧٣ ـ لا يجوز العطف (٨) على الضمير المتّصل المرفوع. وقالوا : يجوز.

٧٤ ـ لا تقع (٩) (أو) بمعنى الواو ، ولا بمعنى بل. وقالوا : يجوز.

٧٥ ـ لا يجوز (١٠) العطف بلكن بعد الإيجاب. وقالوا : يجوز.

٧٦ ـ يجوز صرف أفضل (١١) منك في الشعر. وقالوا : لا يجوز.

٧٧ ـ لا يجوز (١٢) ترك صرف المنصرف في الضرورة. وقالوا : يجوز.

٧٨ ـ الآن (١٣) اسم في الأصل. وقالوا : أصله فعل ماض.

٧٩ ـ يرتفع (١٤) المضارع لوقوعه موقع اسم الفاعل. وقالوا : بحروف المضارعة.

٨٠ ـ لا تأكل (١٥) السمك وتشرب اللبن منصوب بأن مضمرة. وقالوا : على الصرف.

٨١ ـ الفعل (١٦) المضارع بعد الفاء في جواب الأشياء السبعة منصوب بإضمار أن. وقالوا : على الخلاف.

٨٢ ـ إذا حذفت أن الناصبة فالاختيار ألّا يبقى (١٧) عملها. وقالوا : يبقى.

٨٣ ـ (كي) (١٨) تكون ناصبة وجارّة. وقالوا : لا تكون حرف جرّ.

__________________

(١) انظر الإنصاف (٣١٩). (٢) انظر الإنصاف (٤٠٤).

(٣) انظر الإنصاف (٤٢٧). (٤) انظر الإنصاف (٤٣٩).

(٥) انظر الإنصاف (٤٥١). (٦) انظر الإنصاف (٤٥٦).

(٧) انظر الإنصاف (٤٦٣). (٨) انظر الإنصاف (٤٧٤).

(٩) انظر الإنصاف (٤٧٨). (١٠) انظر الإنصاف (٤٨٤).

(١١) انظر الإنصاف (٤٨٨).

(١٢) انظر الإنصاف (٤٩٣).

(١٣) انظر الإنصاف (٥٢٠).

(١٤) انظر الإنصاف (٥٤٩) ، والخصائص (١ / ٦٣).

(١٥) انظر الإنصاف (٥٥٥) ، والمقتضب (٢ / ٢٥).

(١٦) انظر الإنصاف (٥٥٧).

(١٧) انظر الإنصاف (٥٥٩).

(١٨) انظر الإنصاف (٥٧٠).


٨٤ ـ لام كي (١) ولام الجحود ينصب الفعل بعدهما بأن مضمرة. وقالوا : باللام نفسها.

٨٥ ـ لا يجمع (٢) بين اللام وكي وأن. وقالوا : يجوز.

٨٦ ـ النصب (٣) بعد حتى بأن مضمرة. وقالوا : بحتّى.

٨٧ ـ إذا (٤) وقع الاسم بين أن وفعل الشرط كان مرفوعا بفعل محذوف يفسّره المذكور. وقالوا : بالعائد من الفعل إليه.

٨٨ ـ لا يجوز تقديم معمول جواب الشرط ، ولا فعل الشرط ، على حرف الشرط (٥) ، وقالوا : يجوز.

٨٩ ـ (إن) لا تكون بمعنى (٦) إذ. وقالوا تكون.

٩٠ ـ إذا (٧) وقعت إن الخفيفة بعد ما النافية كانت زائدة. وقالوا : نافية.

٩١ ـ إذا وقعت (٨) اللام بعد إن الخفيفة كانت إن مخففة من الثقيلة ، واللام للتأكيد. وقالوا : إن بمعنى ما واللام بمعنى إلّا.

٩٢ ـ لا يجازى (٩) بكيف. وقالوا : يجازى بها.

٩٣ ـ السين (١٠) أصل. وقالوا : أصلها (سوف) حذف منها الواو والفاء.

٩٤ ـ إذا (١١) دخلت تاء الخطاب على ثاني الفعل جاز حذف الثانية. وقالوا : الأولى.

٩٥ ـ لا يؤكد (١٢) فعل الاثنين وفعل جماعة المؤنّث بالنون الخفيفة. وقالوا : يجوز.

٩٦ ـ ذا (١٣) والذي وهو وهي بكمالها الاسم. وقالوا : الذال والهاء فقط.

٩٧ ـ الضمير في لولاي ، ولولاك ، ولولاه في موضع جرّ (١٤). وقالوا : في موضع رفع.

٩٨ ـ الضمير (١٥) في نحو : إيّاي وإيّاك وإيّاه (إيّا). وقالوا : الياء والكاف والهاء.

٩٩ ـ يقال فإذا (١٦) هو هي. وقالوا : فإذا هو إيّاها.

١٠٠ ـ (تمام المائة) أعرف المعارف (١٧) المضمر. وقالوا : المبهم.

١٠١ ـ ذا ، وأولاء (١٨) ، ونحوهما لا يكون موصولا. وقالوا : يكون.

__________________

(١) انظر الإنصاف (٥٩٣). (٢) انظر الإنصاف (٥٧٩).

(٣) انظر الإنصاف (٥٩٧). (٤) انظر الإنصاف (٦١٥).

(٥) انظر الإنصاف (٦٢٠). (٦) انظر الإنصاف (٦٣٢).

(٧) انظر الإنصاف (٦٣٦). (٨) انظر الإنصاف (٦٤٠).

(٩) انظر الإنصاف (٦٤٣). (١٠) انظر الإنصاف (٦٤٦).

(١١) انظر الإنصاف (٦٤٨). (١٢) انظر الإنصاف (٦٥٠).

(١٣) انظر الإنصاف (٦٦٩). (١٤) انظر الإنصاف (٦٨٧).

(١٥) انظر الإنصاف (٦٩٥). (١٦) انظر الإنصاف (٧٠٢).

(١٧) انظر الإنصاف (٧٠٧). (١٨) انظر الإنصاف (٧١٧).


١٠٢ ـ همزة (١) بين بين غير ساكنة. وقالوا : ساكنة.

وقد فات ابن الأنباريّ مسائل خلافيّة بين الفريقين ، استدركها عليه ابن إياز في مؤلّف. منها :

١٠٣ ـ الإعراب أصل في الأسماء فرع في الأفعال عند البصريين. وقال الكوفيّون : أصل فيهما.

١٠٤ ـ ومنها : لا يجوز حذف نون التثنية لغير الإضافة. وجوّزه الكوفيّون.

انتهى الفنّ الثاني من الأشباه والنظائر النحويّة ويليه (سلسلة الذهب في البناء من كلام العرب) وهو الفنّ الثالث.

__________________

(١) انظر الإنصاف (٧٢٦).


الفن الثالث

الحمد لله على ما أنعم وألهم ، وأوضح من دقائق الحقائق وفهّم ، وصلّى الله على رسوله محمد وآله وصحبه وسلّم.

هذا هو الفنّ الثالث من الأشباه والنظائر. وهو فنّ بناء المسائل بعضها على بعض ، مرتّبا على الأبواب. وسمّيته (سلسلة الذهب في البناء من كلام العرب).

باب الإعراب والبناء

مسألة : فعل الأمر العاري من اللام وحرف المضارعة

اختلف في فعل الأمر العاري من اللام ، وحرف المضارعة ، نحو : (اضرب) على مذهبين :

أحدهما : أنّه مبني وعليه البصريّون (١).

والثاني : أنه معرب مجزوم بلام محذوفة ، وهو رأي الكوفيين.

قال أبو حيّان : واختاره شيخنا أبو عليّ الحسن بن أبي الأحوص ، والخلاف في هذه المسألة مبنيّ على الخلاف في ثلاث مسائل :

الأولى : هل الإعراب أصل في الفعل كما هو أصل في الاسم ، أم لا؟ فمذهب البصريين لا ، وأنّ الأصل في الأفعال البناء ، والمضارع إنما أعرب لشبهه بالاسم ، وفعل الأمر لم يشبه الاسم ، فلا يعرب. ومذهب الكوفيين نعم ، فهو معرب على الأصل في الأفعال.

الثانية : هل يجوز إضمار لام الجزم وإبقاء عملها؟ فمذهب البصريين : لا ، وأنه لا يجوز حذف شيء من الجوازم أصلا ، وإبقاء عمله. ومذهب الكوفيين نعم.

الثالثة : قال أبو حيّان : جعل بعض أصحابنا هذا الخلاف في الأمر مبنيا على مسألة اختلفوا فيها ، وهي : هل للأمر صيغة مستقلّة بنفسها مرتجلة ، ليس أصلها المضارع ، أو هي صيغة مغيّرة ، وأصلها المضارع؟.

فمن قال : أصلها المضارع اختلفوا أهي معربة أم مبنية؟ ومن قال : إنها صيغة مرتجلة ، ليست مقتطعة من المضارع فهي عندهم مبنيّة على الوقف ليس إلا ، انتهى.

__________________

(١) انظر مسائل خلافية في النحو للعكبري (١٤٤).


وقال الشلوبين في (شرح الجزولية) : القول بأنّ فعل الأمر معرب مجزوم مبنيّ على قول الكوفيين : إن بنية فعل الأمر محذوفة من أمر المخاطب الذي هو باللام.

مسألة : متى يبنى الفعل إذا اتصل بنون التوكيد

قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في تعليقه على (المقرّب) : إذا اتصل بالفعل نون التوكيد ، ولم يكن معه ضمير بارز لفظا ، ولا تقديرا بني معها إجماعا. نحو : هل تضربنّ للواحد المخاطب ، وهل تضربنّ للواحدة الغائبة.

واختلف (١) في علة البناء : فمذهب سيبويه أنّ الفعل ركّب مع الحرف فبني كما بني الاسم لمّا ركب مع الحرف في نحو : لا رجل. ومذهب غيره أن النون لمّا أكدت الفعل قوّت فيه معنى الفعلية. فعاد إلى أصله. وهو البناء ، قال : ويبنى على الخلاف في العلة خلاف فيما إذا اتصل بالفعل المؤكّد ضمير اثنين ، نحو : تضربان أو ضمير جمع المذكّر ، نحو : تضربنّ ، أو ضمير المخاطبة المؤنثة ، نحو : تضربنّ. هل هو معرب أو مبنيّ؟

فمن علّل بالتركيب هناك قال : هذا معرب ، لأن العرب لا تركّب ثلاثة أشياء فتجعلها كالشيء الواحد ، ويكون حذف النون التي كانت علامة للرفع هنا كراهة اجتماع النونات أو النونين.

ومن علّل بتقوية معنى الفعل كان عنده مبنيّا ، ويكون حذف النون هنا للبناء ، انتهى.

مسألة : الاختلاف في حذف حروف العلة للجزم

قال ابن النحاس في (التعليقة) : أجمع النحاة على أن حروف العلّة في نحو : يخشى ويغزو ويرمي تحذف عند وجود الجازم ، واختلفوا في حذفها لماذا؟.

فالذي فهم من كلام سيبويه (٢) أنها حذفت عند الجازم ، لا للجازم.

ومذهب ابن السراج وأكثر النحاة أن حذف هذه الحروف علامة للجزم. وهذا الخلاف مبنيّ على أن حروف العلة التي في الفعل في حالة الرفع ، هل فيها حركات مقدّرة أو لا؟.

فمذهب سيبويه أن فيها حركات مقدّرة في الرفع وفي الألف في النصب فهو

__________________

(١) انظر شرح الكافية (٢ / ٢٢٨).

(٢) انظر الكتاب (١ / ٤٧).


إذا جزم يقول : الجازم حذف الحركات المقدّرة ، ويكون حذف حرف العلة عنده لئلا يلتبس الرفع بالجزم.

وعند ابن السراج أنه لا حركة مقدّرة في الرفع. وقال : لمّا كان الإعراب في الأسماء لمعنى حافظنا عليه بأن نقدّره ، إذا لم يوجد في اللفظ ، ولا كذلك في الفعل ، فإنه لم يدخل فيه إلا لمشابهة الاسم ، لا للدلالة على معنى ، فلا نحافظ عليه بأن نقدّره إذا لم يكن في اللفظ. فالجازم لمّا لم يجد حركة يحذفها حذف الحرف. وقال : إن الجازم كالمسهل إن وجد في البدن فضلة أزالها ، وإلا أخذ من قوى البدن ، وكذا الجازم ، إن وجد حركة أزالها ، وإلا أخذ من نفس الحروف ، انتهى.

مسألة : ما يجوز في حرف العلة إذا كان بدلا من همزة

قال ابن النحاس أيضا : إذا كان حرف العلّة بدلا من همزة جاز فيه وجهان : حذف حرف العلة مع الجازم وبقاؤه. وهذان الوجهان مبنيّان على أنّ إبدال حرف العلة هل هو بدل قياسيّ أو غير قياسيّ؟.

فإن قلنا : إنه بدل قياسيّ ثبت حرف العلّة مع الجازم ، لأنّه همزة ، كما كان قبل البدل.

وإن قلنا : إنه بدل غير قياسيّ صار حرف العلة متمحّضا ، وليس همزة ، فنحذفه كما نحذف حرف العلة المحض في يغزو ، ويرمي ، ويخشى ، انتهى.

مسألة : الكلمات قبل التركيب

قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في تعليقه على (المقرّب) : الكلمات قبل التركيب هل يقال لها مبنية ، أو لا توصف بإعراب ولا بناء؟ فيه خلاف ، نحو قولنا : زيد عمرو ، بكر ، خالد ، أو واحد ، اثنان ، ثلاثة.

فإن قلنا : إنها توصف بالبناء فالأصل حينئذ في الأسماء البناء ، ثم صار الإعراب لها أصلا ثانيا عند العقد والتركيب لطريان المعاني التي تلبس لو لا الإعراب ، لكونها تدلّ بصيغة واحدة على معان مختلفة.

وإن قلنا : إنها لا توصف بالإعراب ولا بالبناء كان الإعراب عند التركيب أصلا من أول وهلة ، لا نائبا عن غيره ، ويكون دخوله الأسماء لما تقدم من طريان المعاني عليها عند التركيب ، انتهى.

باب المنصرف وغير المنصرف

مسألة : ما هو المنصرف وما هو غيره

قال في (البسيط) : من قال : المنصرف ما ليس فيه علّتان من العلل التسع ،


وغير المنصرف ما فيه علّتان ، وتأثيرهما منع الجرّ والتنوين لفظا وتقديرا ، دخل فيه التثنية ، والجمع والأسماء الستة ، وما فيه اللام ، والمضاف.

ومن قال : المنصرف ما دخله الحركات الثلاث والتنوين. وغير المنصرف ما لم يدخله جرّ ولا تنوين فإن التثنية ، والجمع ، والمعرّف باللام ، والإضافة يخرج عن الحصر ، فلذلك ذكرها صاحب (الخصائص) مرتبة ثالثة لا منصرفة ولا غير منصرفة.

مسألة : ما هو الصرف وما هو المنع من الصرف

اختلف النحويّون في الصرف : فمذهب المحقّقين ، ـ كما قال أبو البقاء في (اللّباب) ـ أنّه التنوين وحده. وقال آخرون : هو الجرّ مع التنوين. وينبني على هذا الخلاف ما إذا أضيف ما لا ينصرف ، أو دخلته أل : فعلى الأول هو باق على منع صرفه ، وإنّما يجرّ بالكسرة فقط ، وعلى الثاني هو منصرف.

وقال ابن يعيش في (شرح المفصّل) (١) : اختلفوا في منع الصرف ما هو؟ فقال قوم : هو عبارة عن منع الاسم الجرّ والتنوين دفعة واحدة. وليس أحدهما تابعا للآخر ، إذ كان الفعل لا يدخله جرّ ولا تنوين. وهو قول بظاهر الحال.

وقال قوم ينتمون إلى التحقيق : إن الجرّ في الأسماء ، نظير الجزم في الأفعال فلا يمنع الذي لا ينصرف ما في الفعل نظيره ، وإنّما المحذوف منه علم الخفة ، وهو التنوين وحده ، لثقل ما لا ينصرف لمشابهة الفعل ، ثم تبع الجرّ التنوين في الزوال لأنّ التنوين خاصّة للاسم ، والجرّ خاصة له أيضا ، فتبع الخاصّة الخاصة. ويدلّ على ذلك أن المرفوع والمنصوب ممّا لا مدخل للجر فيه ، إنّما يذهب منه التنوين لا غير. فعلى هذا القول إذا قلت : نظرت إلى الرجل الأسمر وأسمركم ، الأسمر باق على منع صرفه ، وإن انجرّ ، لأنّ الشبه قائم ، وعلم الصرف الذي هو التنوين معدوم وعلى القول الأول يكون الاسم منصرفا ، لأنه لما دخله الألف واللام والإضافة ـ وهما خاصّة للاسم ـ بعد عن الأفعال ، وغلبت الاسميّة ، فانصرف ، انتهى.

مسألة : مثنى وثلاث

مذهب الجمهور أنّ (مثنى) و (ثلاث) منع الصرف للعدل مع الوصفيّة. وذهب الفرّاء إلى أنّ منعها للعدل والتعريف بنيّة الإضافة ، وينبني على الخلاف صرفها مذهوبا بها مذهب الأسماء أي منكرة. فأجاز الفرّاء بناء على رأيه أنّها معرفة بنية الإضافة تقبل التنكير ، ومنعه الجمهور.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٥٧).


مسألة : إذا سمّي مذكر بوصف مؤنث مجرد من التاء

إذا سمّي مذكّر بوصف المؤنّث المجرّد من التاء كحائض ، وطامث ، وظلوم ، وجريح فالبصريون يصرفونه بناء على أن هذه الأسماء مذكّرة وصف بها المؤنّث لأمن اللبس وحملا على المعنى. فقولهم : مررت بامرأة حائض بمعنى شخص حائض ، ويدلّ لذلك أن العرب إذا صغّرتها لم تدخل فيها التاء.

والكوفيّون يمنعونه بناء على مذهبهم أن نحو حائض لم تدخلها التاء لاختصاصه بالمؤنّث ، والتاء إنما تدخل للفرق.

باب العلم

مسألة : انقسام العلم

الأكثرون على أنّ العلم ينقسم إلى مرتجل ومنقول. وذهب بعضهم إلى أنّ الأعلام كلّها منقولة ، وليس فيها شيء مرتجل.

وقال : إنّ الوضع سبق ووصل إلى المسمّى الأول ، وعلم مدلول تلك اللفظة في النكرات ، وسمّي بها ، وجهلنا نحن أصلها ، فتوهّمها من سمّى بها من أجل ذلك مرتجلة.

وذهب الزّجاج إلى أنّها كلّها مرتجلة. والمرتجل عنده ما لم يقصد في وضعه النقل من محلّ آخر إلى هذا. وعلى هذا فتكون موافقتها للنكرات بالعرض لا بالقصد.

وقال أبو حيّان (١) : المنقول هو الذي يحفظ له أصل في النكرات ، والمرتجل هو الذي لا يحفظ له أصل في النكرات. وقيل : المنقول هو الذي سبق له وضع في النكرات ، والمرتجل هو الذي لم يسبق له أصل في النكرات.

وعندي أن الخلاف المذكور أوّلا وهذا الخلاف أحدهما مبني على الآخر.

باب الموصول

مسألة : الوصل بجملة التعجب

هل يجوز الوصل بجملة التعجّب؟ فيه خلاف : إن قلنا : إنّها إنشائية لم يوصل بها ، وإن قلنا : إنّها خبريّة فقولان :

__________________

(١) انظر شرح التسهيل (١ / ١٥٠).


أحدهما : الجواز ، نحو : جاءني الذي ما أحسنه! وعليه ابن خروف.

والثاني : المنع ، لأنّ التعجّب إنما يكون من خفاء السبب. والصّلة تكون موضّحة ، فتنافيا.

باب المبتدأ والخبر

مسألة

قال ابن النّحاس في (التعليقة) : إذا دخلت على المبتدأ الموصول ليت ولعلّ ، نحو : ليست الذي يأتيني ولعلّ الذي في الدّار ، فلا يجوز أن تدخل الفاء في خبره ، واختلف في علّة ذلك ما هي؟ فمنهم من قال : علّتة أنّ الشرط لا يعمل فيه ما قبله ، فإذا عملت فيه ليت أو لعل خرج من باب الشرط ، فلا يجوز دخول الفاء حينئذ.

ومنهم من قال : بل العلّة أنّ معنى ليت ولعلّ ينافي معنى الشرط من حيث كان ليت للتمنّي ، ولعل للترجّي ، ومعنى الشرط التعليق ، فلا يجتمعان.

ويتخرّج على هاتين العلّتين مسألة ، وهي دخول (إنّ) على الاسم الموصول هل يمنع دخول الفاء أم لا؟ فمن علّل بالعلّة الأولى منع من دخول الفاء مع إنّ أيضا لأنّها قد عملت فيه ، فخرج عن باب الشرط. ومن علل بالعلة الثانية ، وهو تغيّر المعنى جوّز دخول الفاء مع إن لأنها لا تغيّر المعنى عمّا كان عليه قبل دخولها. وقبل دخولها كانت الفاء تدخل في الخبر ، فيبقى ذلك بعد دخولها.

مسألة : الوصف المعتمد على نفي أو استفهام

ذهب البصريّون إلا الأخفش إلى أنّ الوصف إذا اعتمد على نفي أو استفهام كان مبتدأ ، وما بعده فاعل مغن عن الخبر ، نحو : أقائم زيد؟ وما قائم زيد.

وذهب الأخفش (١) والكوفيّون إلى أنّه لا يشترط هذا الاعتماد ، وذلك مبنيّ على رأيهم أنه يعمل غير معتمد.

مسألة : الاختلاف في صدر الكلام في (إذا قام زيد فأنا أكرمه)

اختلف في صدر الكلام من نحو : إذا قام زيد فأنا أكرمه ، هل هو جملة اسمية أو فعليّة؟

قال ابن هشام : وهذا مبنيّ على الخلاف في عامل إذا. فإن قلنا : جوابها فصدر

__________________

(١) انظر أوضح المسالك (١ / ١٣٥).


الكلام جملة اسميّة ، وإذا مقدّمة عن تأخّر وما بعد إذا متمّم لها ، لأنّه مضاف إليه ، وإن قلنا : فعل الشرط ، وإذا غير مضافة ، فصدر الكلام جملة فعلية ، قدّم ظرفها.

باب كان وأخواتها

مسألة : هل الأفعال الناقصة تدل على الحدث

قال الخفاف في (شرح الإيضاح) : اختلف هل الأفعال الناقصة تدلّ على الحدث أم لا؟ وينبني على ذلك الخلاف في عملها في الظرف والمجرور والحال. فمن قال : تدلّ أعمل ، ومن قال : لا فلا.

وقال أبو حيّان (١) في (الارتشاف) : اختلفوا هل تعمل كان وأخواتها في الظرف والمجرور والحال؟ فقيل لا تعمل ، وقيل : تعمل. وينبغي أن يكون هذا الخلاف مرتّبا على دلالتها على الحدث.

مسألة : تعدد أخبار كان وأخواتها

قال أبو حيّان في (الارتشاف) : الظاهر من كلام سيبويه أنّه لا يكون لكان وأخواتها إلا خبر واحد ، وهو نصّ ابن درستويه. وقيل : يجوز تعدّده ، وهو مبنيّ على جواز تعدّد خبر المبتدأ ، والمنع هنا أقوى ، لأنّها شبّهت بضرب.

وقال في (شرح التسهيل) : تعدّد خبر كان مبنيّ على الخلاف في تعدّد خبر المبتدأ ، ثم قيل : الجواز هنا أولى ، لأنه إذا جاز مع العامل الأضعف ، وهو الابتداء ، فمع الأقوى وهو كان وأخواتها أولى.

ومنهم من قال : المنع هنا أولى ، وعليه ابن درستويه ، واختاره ابن أبي الربيع قال : لأنّ (ضرب) لا يكون له إلا مفعول واحد ، فما شبّه به يجري مجراه.

مسألة : لم سميت هذه الأفعال نواقص؟

اختلف لم سمّيت هذه الأفعال نواقص؟ فقيل : لأنها لا تدلّ على الحدث ، بناء على القول به. وعلى القول الآخر سمّيت ناقصة لكونها لا تكتفي بمرفوعها.

مسألة : تقدم أخبارها عليها

اختلف في جواز (٢) تقدم أخبار هذا الباب على الأفعال إذا كانت منفية بما ،

__________________

(١) انظر همع الهوامع (١ / ١١٤).

(٢) انظر الإنصاف (١٥٥).


نحو : ما كان زيد قائما ، فالبصريون على المنع ، والكوفيون على الجواز ، ومنشأ الخلاف اختلافهم في أن (ما) هل لها صدر الكلام أو لا؟ فالبصريون على الأول. والكوفيون على الثاني.

باب ما

مسألة

البصريون على أنه إذا اقترنت ما بإن يبطل عملها ، نحو : [البسيط]

٣٢٢ ـ بني غدانة ما إن أنتم ذهب

[ولا صريف ولكن أنتم الخزف]

وذهب الكوفيون إلى جواز النصب مع إن ، واختلف في إن هذه ، فالبصريون على أنها زائدة كافة ، والكوفيون على أنها نافية ، وعندي أنّ الخلاف في إعمالها ينبغي أن يكون مرتبا على هذا الخلاف.

باب إن وأخواتها

مسألة : وقوع إن المخففة بعد فعل العلم

إذا وقعت إن المخففة بعد فعل العلم ، كقولك : علمت إن كان زيد لعالما وحديث : «قد علمنا إن كنت لمؤمنا» (٢) فهل هي مكسورة أو مفتوحة؟ فيه خلاف : ذهب الأخفش الصغير وهو أبو الحسن عليّ بن سليمان البغداديّ إلى أنها لا تكون إلا مكسورة.

وقال أبو علي الفارسي : لا تكون إلا مفتوحة. وكذلك اختلف فيها كبراء أهل الأندلس : أبو الحسن بن الأخضر ، وأبو عبد الله بن أبي العافية ، فقال ابن الأخضر بقول الأخفش ، وقال ابن أبي العافية بقول الفارسي.

__________________

٣٢٢ ـ الشاهد بلا نسبة في أوضح المسالك (١ / ٢٧٤) ، وتخليص الشواهد (ص ٢٧٧) ، والجنى الداني (ص ٣٢٨) ، وجواهر الأدب (ص ٢٠٧) ، وخزانة الأدب (٤ / ١١٩) ، والدرر (٢ / ١٠١) ، وشرح الأشموني (١ / ١٢١) ، وشرح التصريح (١ / ١٩٧) ، وشرح شذور الذهب (ص ٢٥٢) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٨٤) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٢١٤) ، وشرح قطر الندى (ص ١٤٣) ، ولسان العرب (صرف) ، ومغني اللبيب (١ / ٢٥) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٩١) ، وهمع الهوامع (١ / ١٢٣).

(١) أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الوضوء (١ / ٣١) ، ومسلم في صحيحه ، باب ما عرض على النبي صلّى الله عليه وسلّم في صلاة الكسوف (٣ / ٣٢) ، باختلاف باللّفظ.


قال أبو حيّان (١) : وهذا الخلاف مبنيّ على خلافهم في اللام : أهي لام الابتداء ألزمت للفرق أم هي لام أخرى مجتلبة للفرق بينها وبين إن النافية؟

فعلى الأولى تكسر ، وعلى الثانية تفتح ، ووجه البناء أنها إذا كانت لام ابتداء فهي لا تدخل إلا في خبر المكسورة ، وإذا كانت غيرها لم يكن الفعل الذي قبلها مانعا لها من فتحها.

قال أبو حيّان : وهذا البناء إنما هو على مذهب البصريين ، وأما على مذهب الكوفيين فاللام عندهم بمعنى إلا ، وإن نافية ، لا حرف توكيد. فعلى مذهبهم لا يجوز في نحو : قد علمنا إن كنت لمؤمنا إلّا كسر (إن) ، لأنها عندهم حرف نفي. والتقدير : «قد علمنا ما كنت إلا مؤمنا».

مسألة : متى تقع أن المفتوحة ومعمولاها اسما لأن المكسورة

تقع (أنّ) المفتوحة ومعمولاها اسما لأنّ المكسورة بشرط الفصل بالخبر ، نحو : إنّ عندي أنّك فاضل. وقال الفرّاء : لو قال قائل : أنّك قائم يعجبني ، جاز أن تقول : إن أنّك قائم يعجبني ، قال أبو حيّان : وهذا من الفرّاء (٢) بناء على رأيه أن (أن) يجوز الابتداء بها ، والجمهور على منعه.

مسألة : ما يلي إنّ المكسورة المخففة من الأفعال

إن خفّفت (إنّ) المكسورة لم يلها من الأفعال إلا ما كان من نواسخ الابتداء عند البصريين ، وجوّز الكوفيون غيره. وهو مبنيّ على مذهبهم أنها نافية. ذكر ذلك السخاويّ في (شرح المفصل).

مسألة : ما يجوز في إنّ إذا وقعت جوابا لقسم

إذا وقعت (إنّ) جواب قسم نحو : والله إنّ زيدا قائم ، فمذهب البصريين وجوب كسرها. وقيل : يجوز فتحها مع اختيار الكسر ، وقيل : يجوزان مع اختيار الفتح ، وعليه الكسائيّ ، والبغداديون. وقيل : يجب الفتح وعليه الفرّاء.

قال في (البسيط) : وأصل هذا الخلاف أنّ جملتي القسم والمقسم عليه هل إحداهما معمولة للأخرى ، فيكون المقسم عليه مفعولا لفعل القسم ، أو لا؟ وفي ذلك خلاف : فمن قال : نعم فتح ، لأنّ ذلك حكم (أنّ) إذا وقعت مفعولا ، ومن قال :

__________________

(١) انظر شرح التسهيل (٢ / ٢٣٠).

(٢) انظر شرح التسهيل (٢ / ١٣٥).


لا فإنما هي تأكيد للمقسم عليه لا عاملة فيه كسر ، ومن جوّز الأمرين أجاز الوجهين.

مسألة : هل يجوز (إن قائما الزيدان)

لا يجوز هنا : إن قائما الزيدان ، كما لا يجوز ذلك في المبتدأ دون نفي أو استفهام وأجازه الكوفيون والأخفش بناء على إجازته في المبتدأ ، فجعلوا قائما اسم إن ، والزيدان فاعل به سدّ مسدّ خبرها ، والخلاف جار في باب ظنّ.

فمن أجاز هنا وفي المبتدأ أجاز ظننت قائما الزيدان. ومن منع منع. وابن مالك وافقهم على الجواز في المبتدأ ، ومنع في باب (ظنّ) و (إنّ) ، وفرّق بأنّ إعمال الصفة عمل الفعل فرع إعمال الفعل ، فلا يستباح إلا في موضع يقع فيه الفعل ، فلا يلزم من تجويز قائم الزيدان ، جواز إنّ قائما الزيدان ولا ظننت قائما الزيدان ، لصحة وقوع الفعل موقع المتجرّد من إن وظننت ، وامتناع وقوعه بعدهما.

باب لا

مسألة : مذاهب في قول (لا مسلمات)

قال أبو حيّان في (شرح التسهيل) : في نحو : لا مسلمات أربعة مذاهب :

أحدها : الكسر والتنوين : وهو مذهب ابن خروف.

والثاني : الكسر بلا تنوين ، وهو مذهب الأكثرين.

والثالث : الفتح ، وهو مذهب المازنيّ (١) والفارسيّ.

والرابع : جواز الكسر والفتح من غير تنوين في الحالين.

قال : وفرّع (٢) بعض أصحابنا الكسر والفتح على الخلاف في حركة لا رجل : فمن قال : إنها حركة إعراب قال هنا : لا مسلمات بالكسر ، ومن قال : هي حركة بناء فالذي يقول : إنّه يبنى لجعله مع لا كالشيء الواحد قال : لا مسلمات بالفتح ، ولا يجوز عنده الكسر ، لأن الحركة عنده ليست خاصة. والذي يقول يبنى لتضمّنه معنى الحرف يقول : لا مسلمات بالكسر وحجّته أنّ المبنيّ مع لا قد أشبه المعرب المنصوب.

فكما أنّ الجمع بالألف والتاء في حال النصب مكسور فكذلك يكون مع لا ، وهو الصحيح ، انتهى.

__________________

(١) انظر الخصائص (٣ / ٣٠٥).

(٢) انظر شرح التسهيل (٢ / ١٥٦).


باب أعلم وأرى

مسألة : القول في حذف مفاعيل هذا الباب

قال ابن النحاس في (التعليقة) : يجوز حذف الأوّل والثاني من مفاعيل هذا الباب اختصارا. وأمّا حذف الثالث اختصارا فمبنيّ على الخلاف في حذف الثاني من مفعولي ظننت اختصارا. فمن أجاز الحذف هناك أجازه في الثالث ، ومن منعه في الثاني هناك منعه في الثالث هنا.

باب النائب عن الفاعل

مسألة : باب اختار

باب اختار : ذهب الجمهور إلى أنه لا يجوز فيه إلا إقامة المفعول الأوّل نحو : اختير زيد الرجال.

وجوّز الفرّاء والسيرافيّ وابن مالك (١) إقامة الثاني مع وجود الأوّل ، فتقول : اختير الرجال زيدا.

وأشار أبو حيّان إلى أن الخلاف مبنيّ على الخلاف في إقامة المجرور بالحرف مع وجود المفعول به الصريح ، لأن الثاني هنا على تقدير حرف الجرّ.

قال أبو حيّان : المجرور بحرف غير زائد ، نحو : سير بزيد ، فيه خلاف.

فمذهب الجمهور أنّ المجرور في محل رفع ، وهو النائب.

ومذهب الفرّاء (٢) أنّ النائب حرف الجرّ وحده ، وأنه في موضع رفع.

قال أبو حيّان (٣) : وهذا مبنيّ على الخلاف في قولهم : مرّ زيد بعمرو ، فمذهب البصريين أنّ المجرور في موضع نصب ، فلذا قالوا : إنه إذا بني للمفعول كان في موضع رفع ، بناء على قولهم : إنّه في : مرّ زيد بعمرو ، في موضع نصب.

ومذهب الفرّاء أنّ حرف الجرّ هو في موضع نصب ، فلهذا ادعى أنه إذا بني للمفعول ، كان هو في موضع رفع ، بناء على مذهبه أنه هناك في موضع نصب.

وفي أصل المسألة قول ثالث : أنّ النائب ضمير مبهم مستتر في الفعل. قاله ابن هشام (٤).

__________________

(١) انظر تسهيل الفوائد ، وتكميل المقاصد لابن مالك (٧٧).

(٢) انظر همع الهوامع (١ / ١٦٣).

(٣) انظر شرح التسهيل (٣ / ٣٤).

(٤) انظر أوضح المسالك (١ / ٣٧٣).


ورابع : أن النائب ضمير عائد على المصدر المفهوم من الفعل ، والتقدير : سير هو ، أي السير.

قال ابن درستويه : وينبني على هذا الخلاف جواز تقديم المجرور ، نحو : بزيد سير. فعلى القول الأول والثالث لا يجوز ، وعلى القول الثاني والرابع يجوز.

باب المفعول به

مسألة : إذا تعددت المفاعيل فأيها يقدم

إذا تعدّد المفعول في غير باب ظن وأعلم ، كباب (أعطى واختار) فالأصل تقديم ما هو فاعل في المعنى ، وما يتعدّى إليه الفعل بنفسه ، على ما ليس كذلك. هذا مذهب الجمهور. وقيل : المفعولان في مرتبة واحدة بعد الفاعل ، فأيّهما تقدّم فذلك مكانه. وعليه ابن هشام (١) ، وبعض البصريين.

قال أبو حيّان : وينبني على هذا الخلاف جواز تقديم المفعول الثاني إذا اتصل به ضمير يعود على الأول. نحو أعطيت درهمه زيدا ، فعند الجمهور يجوز ، وعند غيرهم لا بناء على ما ذكر.

باب الظرف

مسألة : الاتساع في الظرف مع كان وأخواتها

قال أبو حيّان في (الارتشاف) : هل يتّسع في الظرف مع كان وأخواتها؟ هو مبنيّ على الخلاف : هل تعمل في الظرف أم لا.

فإن قلنا : لا تعمل فلا يتوسّع. وإن قلنا يجوز أن تعمل فيه فالذي يقتضيه النظر أن يجوز التوسّع فيه معها.

مسألة : إذا استعملت إذا شرطا

قال أبو حيّان في (شرح التسهيل) (٢) : إذا استعملت (إذا) شرطا فهل تكون مضافة للجملة بعدها أم لا؟ قولان :

قيل : تكون مضافة ، وضمّنت الربط بين ما تضاف إليه وغيره.

وقيل : ليست مضافة بل معمولة للفعل بعدها لأنها لو كانت مضافة لكان الفعل من تمامها ، فلا يحصل به ربط.

__________________

(١) انظر أوضح المسالك (٢ / ١٩).

(٢) انظر شرح التسهيل (٥ / ٩٦).


قال : وينبني على ذلك الخلاف في العامل فيها : فمن قال : إنها مضافة أعمل الجزاء ، ولا بدّ ، ومن منع ذلك أعمل فيها فعل الشرط ، كسائر الأدوات.

باب الاستثناء

مسألة : تقدم المستثنى

هل يجوز تقديم المستثنى على المستثنى منه ، وعلى العامل فيه إذا لم يتقدم ، وتوسّط بين جزأي كلام ، نحو : القوم إلّا زيدا قاموا؟ فيه خلاف : قيل بالجواز وقيل : بالمنع (١).

قال أبو حيّان : وهو مبنيّ على الخلاف في العامل في المستثنى : فمن قال : إنه ما تقدّم من فعل أو شبهه منعه ، ومن قال : إنه إلّا ، أو نحوه ، جوّزه.

مسألة : عود الاستثناء إذا وقع بعد جمل عطف بعضها على بعض

إذا ورد الاستثناء بعد جمل ، عطف بعضها على بعض فهل يعود إلى الكلّ؟ فيه خلاف :

قيل : نعم ، وقيل : لا. بل يختصّ بالجملة الأخيرة.

قال أبو حيّان (٢) : والخلاف مبنيّ على الخلاف في العامل في المستثنى : فمن قال إنه إلّا أعاده إلى الكلّ. ومن قال : إنه الفعل السابق ، قال : إن اتحد العامل عاد إلى الكل. وإن اختلف فللأخيرة خاصة. إذ لا يمكن عمل العوامل المختلفة في مستثنى واحد.

باب حروف الجر

مسألة : تعلق الجار والمجرور والظرف بالفعل الناقص

اختلف ، هل يتعلّق الجارّ والمجرور والظرف بالفعل الناقص؟ على قولين مبنيين على الخلاف في أنه هل يدلّ على الحدث أم لا؟ فمن قال : لا يدل على الحدث وهم المبرّد والفارسي وابن جنّي (٣) والجرجانيّ وابن برهان والشلوبين منع ذلك ، ومن قال يدلّ عليه جوزه.

__________________

(١) انظر همع الهوامع (١ / ٢٢٦).

(٢) انظر همع الهوامع (١ / ٢٢٧).

(٣) انظر الخصائص (١ / ٤٠٠).


مسألة : على ما يرتفع الاسم بعد منذ؟

قال أبو البقاء في (التبيين) : اختلف في الاسم المرفوع بعد (منذ) ، نحو ما رأيته منذ يومان على أي شيء يرتفع؟ على ثلاثة مذاهب :

أحدها : أنّ (منذ) مبتدأ ، وما بعده خبر. والتقدير : أمد ذلك يومان (١) ، وقال بعض الكوفيّين : يومان فاعل ، تقديره : منذ مضى يومان.

وقال الفرّاء (٢) : موضع الكلام كلّه نصب على الظرف ، أي : ما رأيته من الوقت الذي هو يومان.

قال : وهذا كلّه مبنيّ على الخلاف في أصل منذ. وقد قال الأكثر : إنها مفردة. وقال الفرّاء : أصلها (من) و (ذو) الطائية بمعنى (الذي). وقال غيره من الكوفيين : أصلها من (إذ). ثم حذفت الهمزة ، وضمّت الميم.

باب القسم

مسألة : الاختلاف في ايمن الله

قال ابن النحّاس في (التعليقة) : اختلف النحاة في (ايمن الله) هل هي كلمة مفردة موضوعة للقسم أم هي جمع؟ وينبني على هذا الخلاف خلاف في همزتها أهي همزة قطع أم همزة وصل؟.

فمذهب البصريين أنّ (ايمن) كلمة مفردة موضوعة للقسم ، وأن همزتها همزة وصل. ومذهب الكوفيين أنّ (أيمن) جمع يمين ، وهمزتها همزة قطع.

باب التعجب

مسألة : الاختلاف في أفعل به

قال ابن النحّاس في (التعليقة) : اختلف النحاة في قولنا : أفعل به : في التعجّب ، هل معناه أمر أو تعجب مع إجماعهم على أنّ لفظه لفظ الأمر؟.

فذهب الكوفيون إلى أنّ معناه أمر كلفظه.

وذهب البصريون إلى أن معناه التعجب على الخلاف في التعجب : هل هو إنشاء أو خبر؟ قال : وينبني على هذا الخلاف خلاف في الجارّ والمجرور : هل هو في موضع نصب أو رفع؟

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٨ / ٤٥) ، ومغني اللبيب (٤٢٢).

(٢) انظر شرح المفصّل (٨ / ٤٥).


فمن قال بأنّ معنى أفعل الأمر ، وأنّ فيه فاعلا مستترا قال بأنّ الجارّ والمجرور في موضع نصب بأنه مفعول. ويكون الباء عنده إما للتعدية كمررت به أو زائدة مثل : قرأت بالسورة.

ومن قال بأن معنى أفعل التعجّب لا الأمر ، قال بأن الجارّ والمجرور في موضع رفع بالفاعلية ، ولا ضمير في أفعل ، وتكون الباء عند هذا القائل زائدة مع الفاعل ، مثلها في : كفى بالله.

مسألة : لزوم أل في فاعل فعل

قال ابن النحّاس : لزوم الألف واللام في فاعل ، فعل (١) ، فيه خلاف مبنيّ على الخلاف في فعل الذي للمبالغة ، هل هو من باب نعم وبئس. أو من باب التعجب؟.

فمن قال : هو من باب نعم وبئس اشترط في الفاعل لزوم الألف واللام وغيره ما يشترطه في فاعل نعم وبئس.

ومن قال : هو من باب التعجّب لم يشترط في فاعله الألف واللام.

وباب التعجب فيه أظهر بدليل جواز دخول الباء الزائدة فيه مع الفاعل ، كما دخلت في باب التعجب في أفعل به.

باب التوكيد

مسألة : وقوع كل من أكتع وأخواتها منفردة

قال ابن النحاس : هل يجوز أن يقع كلّ واحد من أكتع ، وأبصع ، وأبتع تأكيدا بمفرده؟ فيه ثلاثة مذاهب :

أحدها : نعم.

والثاني : لا ، بل يكون بعد أجمع تابعا بالترتيب ، كما ذكرنا.

والثالث : يجوز أن يقدّم بعضها على بعض بشرط تقديم ، أجمع ، قبلهن.

قال وهذا الخلاف مبنيّ على أنه هل لكلّ واحد منهنّ معنى في نفسه أم لا؟ فإن قيل : لا معنى لها إلا الإتباع فلا بدّ من تقدم أجمع. وإن قيل : بأنّ لها معاني جاز أن تستعمل بأنفسها ، انتهى.

__________________

(١) انظر شرح الكافية (٢ / ٣١٩).


باب النداء

مسألة : الاختلاف في (اللهم)

اختلف في (اللهمّ) (١) ، فمذهب البصريين أنّ الميم عوض من حرف النداء. ومذهب الكوفيين أنّها بقيّة من جملة محذوفة. والأصل : يا الله آمنا بخير. وينبني على هذا الخلاف جواز إدخال (يا) على اللهم. فعند البصريين لا يجوز ، لأنه لا يجمع بين العوض والمعوّض ، وعند الكوفيين يجوز ، لأنّ الميم على رأيهم ليست عوضا من (يا).

قال أبو حيّان في (الارتشاف) : اللهمّ ، لا تباشره (يا) في مذهب البصريين ، زعموا أنّ الميم المشدّدة في آخره عوض من حرف النداء ، فلا يجتمعان ، وأجاز الكوفيون أن تباشره (يا) وعندهم : الميم المشدّدة بقيّة من جملة محذوفة قدّروها : آمنا بخير ، وهو قول سخيف ، لا يحسن أن يقوله من عنده علم.

باب إعراب الفعل

مسألة : هل يجوز في المضارع المنصوب

بعد الفاء في الأجوبة الثمانية أن يتقدم على سببه

فيقال : ما زيد فنكرمه يأتينا ، ومتى فآتيك تخرج ، وكم فأسير تسير؟ فيه قولان :

قال البصريون : لا. وقال الكوفيون : نعم. والخلاف مبنيّ على الخلاف في أصل ، وهو أنّ مذهب البصريين في ذلك أنّ النصب بأن مضمرة ، وأنّ الفاء عاطفة عطفت المصدر المقدّر من أن المضمرة والفعل على مصدر متوهّم من الفعل المعطوف عليه والتقدير : لم يكن من زيد إتيان فيكون منّا إكرام. وعلى هذا يمتنع التقديم ، لأنّ المعطوف لا يتقدّم على المعطوف عليه.

ومذهب الكسائيّ (٢) وأصحابه أنّ الناصب هو الفاء نفسها ، وليست عاطفة ، فلا معطوف هنا ، وإنما هو جواب تقدّم على سببه ، مع تقدم بعض الجملة ، فلم يمتنع.

مسألة : هل يجوز الفصل هنا بين السبب ومعموله بالفاء ومدخولها

اختلف هل يجوز الفصل هنا بين السبب ومعموله بالفاء ومدخولها بأن يقال : ما زيد يكرم فنكرمه أخانا. يراد : ما زيد يكرم أخانا فنكرمه؟.

__________________

(١) انظر الإنصاف (٣٤١).

(٢) انظر الإنصاف (٥٥٥).


فمذهب البصريين المنع ، ومذهب الكوفيين الجواز. والخلاف مبنيّ على الخلاف في الأصل السابق.

فالبصريّون يقولون : ما بعد الفاء معطوف على مصدر متوهّم من يكرم.

فكما لا يجوز أن يفصل بين المصدر ومعموله ، كذلك لا يجوز أن يفصل بين يكرم ومعموله ، لأن يكرم في تقدير المصدر.

والكوفيون أجازوه ، لأنه لا عطف عندهم ، ولا مصدر متوهم.

مسألة : رأي في لام الجحود

قال أبو البقاء في (التبيين) : لام الجحود الداخلة على الفعل المستقبل غير ناصبة للفعل ، بل الناصب أن مضمرة وعلى هذا تترتب مسألة ، وهي أنّ مفعول هذا الفعل لا يتقدّم عليه (١).

وقال الكوفيون : اللام هي الناصبة ، فإن وقعت بعدها أن كانت توكيدا وعلى هذا يتقدّم مفعول هذا الفعل عليه.

باب التكسير

مسألة : تكسير همّرش

قال أبو حيّان (٢) : اختلف في تكسير ، همّرش ، فقال بعضهم : يكسّر على همارش. وقال بعضهم : يكسر على هنامر. قال : والسبب في الاختلاف الاختلاف في أصل وزنه ، وفي الحرف الأول المدغم في الثاني ما هو :

فقال قوم : وزنه فعّلل ، والميم زائدة للإلحاق. بجحمرش ، وأدغمت الميم في الميم ، فهو من باب إدغام المثلين.

وقال آخرون : وزنه فعللل والمدغم نون ، وحروفه كلّها أصول ، كحروف قهبلس وجحمرش وصهصلق.

قال : والأول هو الصحيح. والثاني قول الأخفش. وتناقض فيه كلام سيبويه (٣).

__________________

(١) انظر الإنصاف (ص ٥٩٣).

(٢) انظر شرح التسهيل (٦ / ١١١).

(٣) انظر الكتاب (٤ / ٤٧٣).


باب التصغير

مسألة : الاختلاف في تصغير بعض الأسماء

اختلف في تصغير ركب ، وطير ، وصحب ، وسفر على قولين :

أحدهما : ـ وعليه الجمهور (١) ـ أنّها تصغّر على لفظها ، فيقال : ركيب ، وطيير ، وصحيب ، وسفير.

والثاني : ـ وعليه الأخفش ـ أنّها تردّ إلى المفرد فيقال : رويكبون ، وطويرات ، وصويحبون ، ومسيفرون.

والخلاف مبنيّ على الخلاف في هذه الألفاظ ، ما هي؟ وفيها قولان :

أحدهما : ـ وعليه الجمهور ـ أنّها أسماء جموع. وعلى هذا فتعطى حكم المفرد في التصغير على لفظها.

الثاني : ـ وعليه الأخفش ـ أنها جموع تكسير ، وعلى هذا فتردّ إلى مفرداتها ، أشار إلى هذا البناء أبو حيّان.

باب الوقف

مسألة : هل يصح الوقف على المتبوع دون التابع

قال في (البسيط) : فيه خلاف مبنيّ على الخلاف في العامل في التابع.

فإن قلنا : إنّه يقدّر فيه عامل من جنس الأول صحّ ، لأنه يصير جملة مستقلة ، فيستغني عن الأول.

وإن قلنا : العامل فيه هو العامل في المتبوع لم يصحّ. قال والصحيح أنه لا يجوز الوقف. لعدم استقلاله صورة.

مسألة : الوقف على إذا

اختلف في الوقف على إذا ، والصحيح أنّ نونها تبدل ألفا ، تشبيها لها بتنوين المنصوب ، وقيل : يوقف بالنون ، لأنها كنون لن ، وإن ، وروي عن المازني والمبرّد. قال ابن هشام في المغني (٢) : وينبني على الخلاف في الوقف عليها الخلاف في كتابتها ، فالجمهور يكتبونها بالألف والمازنيّ والمبرّد بالنون.

__________________

(١) انظر الكتاب (٣ / ٥٤٧).

(٢) انظر مغني اللبيب (١٦).


مسألة : إذا نكّر يحيى بعد العلمية

إذا نكّر يحيى بعد العلميّة ، فهل يكتب بالياء أو بالألف ، لأنه قد زالت علميّته؟

قال (١) أبو حيّان : يبنى على الخلاف في تعليل كتابة (يحيى) العلم بالياء ، فإن علّلناه بالعلميّة كتبناه بالألف ، لأنه قد زالت علميّته ، وإن علّلنا بالفرق بين الاسم والفعل كتبناه بالياء ، لأنّ الاسميّة موجودة فيه ، انتهى.

تمّ الفنّ الثالث من الأشباه والنظائر للشيخ العلّامة جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطيّ رحمه الله.

__________________

(١) انظر شرح التسهيل (٧ / ٢٠٥).


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أوجد الخلق ، وجعل لكلّ شيء مظهرين من الجمع والفرق ، والصلاة والسّلام على سيدنا محمد الذي سناه أضوأ من البرق.

هذا هو الفنّ الرابع من الأشباه والنظائر ، وهو فنّ الجمع والفرق. وهو قسمان :

أحدهما : الأبواب المتشابهة المفترقة في كثير من الأحكام.

والثاني : المسائل المتشابهة المفترقة في الحكم والعلّة وسمّيته : اللمع والبرق في الجمع والفرق.

القسم الأول

ذكر ما افترق فيه الكلام والجملة

قال ابن هشام في (المغني) (١) : الكلام أخصّ من الجملة لا مرادف لها. فإنّ الكلام هو القول المفيد بالمقصد ، والمراد بالمفيد ما دلّ على معنى ، يحسن السكوت عليه. والجملة عبارة عن الفعل وفاعله ، كقام زيد ، والمبتدأ وخبره ، كزيد قائم ، وما كان بمنزلة أحدهما ، نحو : ضرب اللصّ ، وأقائم الزيدان؟ ، وكان زيد قائما ، وظننته قائما. وهذا يظهر لك أنّهما ليسا مترادفين. كما يتوهمه كثير من الناس. وهو ظاهر قول الزمخشريّ في (المفصّل) (٢) ، فإنه بعد أن فرغ من حدّ الكلام قال : ويسمّى الجملة. والصواب أنها أعمّ منه ، إذ شرطه الإفادة بخلافها ، ولهذا تسمعهم يقولون : جملة الشرط ، جملة الجواب ، جملة الصلة. وكلّ ذلك ليس مفيدا ، فليس كلاما ، انتهى.

وقد نازعه بعضهم في ذلك ، وادّعى أنّ الصواب ترادف الكلام والجملة.

وأنصف الشيخ بدر الدين الدمامينيّ ، فذكر ما حاصله أنّ المسألة ذات قولين وأنّ كلّ طائفة ذهبت إلى قول.

قلت : وممن ذهب إلى الترادف ضياء الدين بن العلج صاحب البسيط في

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٤١٩).

(٢) انظر المفصّل (٦).


النحو ، وهو كتاب كبير نفيس في عدّة مجلدات. وأجاب عمّا ذكره ابن هشام في جملة الشرط ، ونحوها.

فقال في البسيط : قولهم إن المبدل منه في نيّة الطّرح ، أي في الأعمّ الأغلب ، فلا يقدح ما يعرض من المانع في بعض الصور ، نحو : جاءني الذي مررت به زيد ، للاحتياج إلى الضمير. قال : ونظيره أنّ الفاعل يطّرد جواز تقديمه على المفعول في الأعم الأغلب ، ولا يقدح في ذلك ما يعرض من المانع في بعض الصور ، وكذلك كلّ جملة مركبة تفيد ، ولا يقدح في ذلك تخلّف الحكم في جملتي الشرط والجزاء فإنها لا تفيد إحداهما من غير الأخرى.

وقال ابن جنّي في (كتاب التعاقب) : ينبغي أن تعلم أنّ العرب قد أجرت كلّ واحدة من جملتي الشرط وجوابه مجرى المفرد ، لأن من شرط الجملة أن تكون مستقلة بنفسها ، قائمة برأسها. وهاتان الجملتان لا تستغني إحداهما عن أختها ، بل كلّ واحدة منهما مفتقرة إلى التي تجاورها ، فجرتا لذلك مجرى المفردين اللذين هما ركنا الجملة وقوامها فلذلك فارقت جملة الشرط ، وجوابه مجاري أحكام الجمل. وقال الشيخ محبّ الدين ناظر الجيش : الذي يقتضيه كلام النحاة تساوي الكلام والجملة في الدّلالة ، يعني : كلّما صدق أحدهما صدق الآخر ، فليس بينهما عموم ، وخصوص ، وأمّا إطلاق الجملة على ما ذكر من الواقعة شرطا أو جوابا أو صلة فإطلاق مجازيّ ، لأن كلّا منها كان جملة قبل ، فأطلقت الجملة عليه باعتبار ما كان ، كإطلاق اليتامى على البالغين ، نظرا إلى أنّهم كانوا كذلك.

وقال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في (تعليقه على المقرّب) : الفرق بين الكلام والجملة أنّ الكلام يقال باعتبار الوحدة الحاصلة بالإسناد بين الكلمتين ، ويسمى الهيئة الاجتماعية ، وصورة التركيب ، وأنّ الجملة تقال باعتبار كثرة الأجزاء التي يقع فيها التركيب ، لأنّ لكلّ مركّب اعتبارين : الكثرة والوحدة ، فالكثرة باعتبار أجزائه ، والوحدة باعتبار هيئته الحاصلة في تلك الكثرة. والأجزاء الكثيرة تسمى مادة ، والهيئة الاجتماعية الموحّدة تسمّى صورة.

الفرق بين تقدير الإعراب وتفسير المعنى

عقد له ابن جنّي بابا في (الخصائص) (١). قال : هذا الموضع كثيرا ما يستهوي من يضعف نظره ، إلى أن يقوده إلى إفساد الصنعة. وذلك كقولهم في تفسير قولنا :

__________________

(١) انظر الخصائص (١ / ٢٧٩).


أهلك والليل معناه : الحق أهلك قبل الليل (١) ، فربّما دعا ذلك من لا دربة له إلى أن يقول : أهلك والليل فيجرّه ، وإنما تقديره الحق أهلك وسابق الليل. وكذلك قولنا : زيد قام ، ربّما ظنّ بعضهم أنّ زيدا هنا فاعل في الصنعة ، كما أنه فاعل في المعنى ، وكذلك تفسير معنى قولنا : سرّني قيام هذا وقعود ذاك ، بأنه سرني أن قام هذا ، وأن قعد ذاك ، وربما اعتقد في هذا وذاك أنهما في موضع رفع لأنهما فاعلان في المعنى. ولا تستصغر هذا الموضع ، فإن العرب قد مرّت به ، وشمّت روائحه ، وراعته. وذلك أن الأصمعي أنشد شعرا ممدودا مقيّدا ، التزم الشاعر فيه أن يجعل قوافيه كلّها في موضع جرّ إلا بيتا واحدا ، وهو : [الرجز]

٣٢٣ ـ يستمسكون من حذار الإلقاء

بتلعات كجذوع الصّيصاء

ردي ردي ورد قطاة صماء

كدريّة أعجبها برد الماء

فطرد قوافيها كلّها على الجرّ إلا بيتا واحدا ، وهو قوله :

كأنّها وقد رآها الرّؤّاء

والذي سوّغه ذلك ـ على ما التزمه في جميع القوافي ـ ما كان على سمته من القول ، وذلك أنّه لمّا كان معناه : كأنها في وقت رؤية الرؤاء ، وعلى حال رؤية الرؤاء ، تصوّر معنى الجر من هذا الموضع ، فجاز أن يخلط هذا البيت بسائر الأبيات ، وكأنه ، لذلك ، لم يخالف. ونظير هذا عندي قول طرفة : [الرمل]

٣٢٤ ـ في جفان تعتري نادينا

وسديف حين هاج الصّنّبر

يريد الصّنّبر ـ فاحتاج في القافية إلى تحريك الباء ، فتطرق إلى ذلك بنقل حركة الإعراب إليها ، تشبيها بباب قولهم : هذا بكر ، ومررت ببكر ، وكان يجب على هذا أن يضمّ الباء فيقول : الصنبر ، لأن الراء مضمومة ، إلا أنه تصوّر معنى إضافة الظرف إلى الفعل ، فصار إلى أنه كأنه قال : حين هيج الصنبر ، فلما احتاج إلى حركة الباء تصوّر معنى الجرّ ، فكسر الباء ، وكأنه قد نقل الكسرة عن الراء إليها. ولو لا ما أوردته من هذا لكان الضمّ مكان الكسر ، وهذا أقرب مأخذا من أن تقول : إنه حرف القافية للضرورة.

__________________

(١) انظر الكتاب (١ / ٣٣١).

٣٢٣ ـ الرجز لغيلان الربعي في لسان العرب (تلع) ، والخصائص (١ / ٢٨٠) ، وتاج العروس (تلع) ، وبلا نسبة في لسان العرب (لقا) ، وجمهرة اللغة (ص ٢٤٢).

٣٢٤ ـ الشاهد لطرفة في ديوانه (ص ٥٦) ، ولسان العرب (صنبر) ، وتهذيب اللغة (١٢ / ٢٧١) ، وتاج العروس (صنبر) ، والخصائص (١ / ٢٨١)


فإن قلت : فإنّ الإضافة في قوله : حين هاج الصّنّبر ، إنما هي إلى الفعل لا إلى الفاعل ، فكيف حرفت غير المضاف إليه؟.

قيل : الفعل مع الفاعل كالجزء الواحد ، وأقوى الجزأين منهما هو الفاعل. فكأن الإضافة إنما هي إليه ، لا إلى الفعل ، فلذلك جاز أن يتصوّر فيه معنى الجرّ.

فإن قلت : فأنت إذا أضفت المصدر إلى الفاعل جررته في اللفظ ، واعتقدت مع هذا أنه في المعنى مرفوع ، فإذا كان في اللفظ أيضا مرفوعا ، فكيف يسوغ لك ـ بعد حصوله في موضعه من استحقاقه الرفع لفظا ومعنى ـ أن تحوّر به فتتوهّمه مجرورا؟

قيل : هذا الذي أردناه وتصوّرناه هو مؤكّد للمعنى الأول ، لأنك كما تصوّرت في المجرور معنى الرفع كذلك تمّمت حال الشبه بينهما ، فتصوّرت في المرفوع معنى الجرّ.

ألا ترى أنّ سيبويه (١) لما شبّه الضّارب الرجل بالحسن الوجه ، وتمثّل ذلك في نفسه ورسا في تصوره زاد في تمكين هذه الحال له ، وتثبيتها عليه بأن عاد فشبّه الحسن الوجه بالضارب الرجل في الجرّ ، كلّ ذلك تفعله العرب ، وتعتقده العلماء في الأمرين ، ليقوى تشابههما ، وتعمر ذات بينهما.

ومن ذلك قولهم في قول العرب : كلّ رجل وصنعته ، وأنت وشأنك معناه : أنت مع شأنك ، وكلّ رجل مع صنعته ، فهذا يوهم من أمم أنّ الثاني خبر عن الأول. كما أنه إذ قال : أنت مع شأنك ، فإن قوله مع شأنك خبر عن أنت. وليس الأمر كذلك ، بل لعمري إنّ المعنى عليه ، غير أنّ تقدير الإعراب على غيره ، وإنّما شأنك معطوف على أنت ، والخبر محذوف للحمل على المعنى. فكأنه قال : كلّ رجل وصنعته مقرونان ، وأنت وشأنك مصطحبان. وعليه جاء العطف بالنصب مع أن ، كما قال : [الطويل]

٣٢٥ ـ أغار على معزاي لم يدر أنّني

وصفراء منها عبلة الصّفرات

ومن ذلك قولهم : أنت ظالم إن فعلت. ألا تراهم يقولون في معناه : إن فعلت فأنت ظالم ، فهذا ربما أوهم أنّ أنت ظالم جواب مقدّم ، ومعاذ الله أن يقدّم جواب الشرط. وإنما قوله : أنت ظالم دالّ على الجواب ، وسادّ مسدّه ، فأما أن يكون هو الجواب فلا.

__________________

(١) انظر الكتاب (١ / ٢٦٣).

٣٢٥ ـ الشاهد بلا نسبة في الخصائص (١ / ٢٨٣) ، واللسان (معز) ، وفيهما (الصّفوات) بدل (الصفرات).


ومن ذلك قولهم : عليك زيدا ، إنّ معناه خذ زيدا. وهو ـ لعمري ـ كذلك ، إلا أن زيدا إنما هو منصوب بنفس عليك من حيث كان اسما لفعل متعدّ ، لا أنه منصوب بخذ.

أفلا ترى إلى فرق ما بين تقدير الإعراب وتفسير المعنى. فإذا مرّ بك شيء من هذا عن أصحابنا فاحفظ نفسك منه ، ولا تسترسل إليه ، فإن أمكنك أن يكون تقدير الإعراب على سمت تفسير المعنى فهو ما لا غاية وراءه ، وإن كان تقدير الإعراب مخالفا لتفسير المعنى تقبّلت تفسير المعنى على ما هو عليه ، وصحّحت طريق الإعراب ، حتى لا يشذّ شيء منها عليك ، وإياك أن تسترسل فتفسد ما تؤثر إصلاحه. ألا تراك تفسّر نحو قولهم : ضربت زيدا سوطا ، أنّ معناه ضربت زيدا ضربة بسوط؟ فهو لا شكّ كذلك ، ولكن طريق إعرابه أنه على حذف المضاف ، أي : ضربته ضربة سوط ، ثم حذفت الضربة. ولو ذهبت تتأوّل ضربته سوطا على أنّ تقدير إعرابه ضربة بسوط ، كما أنّ معناه كذلك للزمك أن تقدّر أنك حذفت الباء ، كما تحذف حرف الجرّ في نحو قوله : [البسيط]

٣٢٦ ـ أمرتك الخير [فافعل ما أمرت به

فقد تركتك ذا مال وذا نشب]

[البسيط] :

٣٢٧ ـ أستغفر الله ذنبا [لست محصيه

ربّ العباد إليه الوجه والعمل]

فتحتاج إلى اعتذار من حذف حرف الجرّ ، وقد غنيت عن ذلك كله بقولك : إنه على حذف المضاف ، أي ضربة سوط ، ومعناه ضربة بسوط. فهذا ـ لعمري ـ معناه ، فأمّا طريق إعرابه وتقديره فحذف المضاف ، انتهى.

وقال ابن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : قالوا : لا أفعل هذا بذي تسلم. قال

__________________

٣٢٦ ـ الشاهد لعمرو بن معد يكرب في ديوانه (ص ٦٣) ، والكتاب (١ / ٧٢) ، وخزانة الأدب (٩ / ١٢٤) ، والدرر (٥ / ١٨٦) ، وشرح شواهد المغني (ص ٧٢٧) ، ومغني اللبيب (ص ٣١٥) ، ولخفاف بن ندبة في ديوانه (ص ١٢٦) ، وللعباس بن مرداس في ديوانه (ص ١٣١) ، ولأعشى طرود في المؤتلف والمختلف (ص ١٧) ، ولخفاف بن ندبة أو للعباس بن مرداس في شرح أبيات سيبويه (١ / ٢٥٠) ، وبلا نسبة في شرح المفصّل (٨ / ٥٠) ، وكتاب اللامات (ص ١٣٩) ، والمحتسب (١ / ٥١) ، والمقتضب (٢ / ٣٦).

٣٢٧ ـ الشاهد بلا نسبة في الكتاب (١ / ٧١) ، وأدب الكاتب (ص ٥٢٤) ، وأوضح المسالك (٢ / ٢٨٣) ، وتخليص الشواهد (ص ٤٠٥) ، وخزانة الأدب (٣ / ١١١) ، والدرر (٥ / ١٨٦) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٤٢٠) ، وشرح التصريح (١ / ٣٩٤) ، وشرح المفصّل (٧ / ٦٣) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٢٢٦) ، والمقتضب (٢ / ٣٢١) ، وهمع الهوامع (٢ / ٨٢).


يعقوب : المعنى والله يسلمك. فهذا تفسير المعنى ، وأما تفسير اللفظ فتقديره : بذي سلامتك.

وقال ابن مالك في (شرح الكافية) : ومن الاستثناء بليس قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : «يطبع المؤمن على كلّ خلق ليس الخيانة والكذب» (١) أي : ليس بعض خلقه الخيانة والكذب. هذا التقدير الذي يقتضيه الإعراب ، والتقدير المعنوي : يطبع على كلّ خلق لا الخيانة والكذب.

(فائدة) : قال ابن عصفور في (شرح المقرّب) : فإن قيل : لم صار المتعجّب من وصفه على طريقة ما أفعله مفعولا ، وعلى طريقة أفعل به فاعلا ، مع أنّ المعنى عندهم واحد ، وإنّما الباب أن يختلف الإعراب إذا اختلف المعنى؟.

فالجواب : أنّ ذلك من قبيل ما اختلف فيه الإعراب ، والمعنى متّفق ، نحو : ما زيد قائما في اللغة الحجازية ، وما زيد قائم في اللغة التميميّة.

الفرق بين الإعراب التقديري والإعراب المحلي

قال ابن يعيش (٢) : الإعراب يقدّر على الألف المقصورة ، لأنّ الألف لا تحرّك بحركة ، لأنّها مدّة في الحلق ، وتحريكها يمنعها من الاستطالة والامتداد ، ويفضي بها إلى مخرج الحركة. فكون الإعراب لا يظهر فيها لم يكن لأنّ الكلمة غير معربة ، بل لنبوّ في محلّ الحركة ، بخلاف من ، وكم ، ونحوهما من المبنيّات. فإن الإعراب لا يقدّر على حرف الإعراب منها ، لأنه حرف صحيح يمكن تحريكه. فلو كانت الكلمة في نفسها معربة لظهر الإعراب فيه ، وإنما الكلمة جمعاء في موضع كلمة معربة. وكذلك ياء المنقوص لا يظهر فيها حركة الرفع والجرّ لثقل الضمّة والكسرة على الياء المكسور ما قبلها ، فهي نائبة عن تحمّل الضمة والكسرة.

وقال ابن النحاس في (التعليقة) : الفرق بين الموضع في المبنيّ والموضع في المعتلّ أنّا إذا قلنا في قام هؤلاء : إن هؤلاء في موضع رفع ، لا نعني به أن الرفع مقدّر في الهمزة ، كيف ، ولا مانع من ظهوره لو كان مقدّرا فيها ، لأنّ الهمزة حرف جلد يقبل الحركات. وإنما نعني به أنّ هذه الكلمة في موضع كلمة إذا ظهر فيها الإعراب تكون مرفوعة بخلاف العصا ، فإنّا إذا قلنا : إنها في موضع رفع ، نعني به أن الضمة

__________________

(١) انظر إتحاف السادة المتقين (٧ / ٥١٨) ، والدرّ المنثور (٣ / ٢٩٠).

(٢) انظر شرح المفصّل (١ / ٥٥).


مقدّرة على الألف نفسها بحيث لو لا امتناع الألف من الحركة ، أو استثقال الضمة والكسرة في ياء القاضي ، لظهرت الحركة على نفس اللفظ.

قال ابن الصائغ في (تذكرته) : الفرق بين أعلى وأحمر من خمسة أشياء : جمع أعلى بالواو والنون ، وعلى أفاعل ، واستعماله بمن ، وتأنيثه على فعلى ، ولزومه أحد الثلاثة : أل أو الإضافة أو من.

وقال المهلبي : [الكامل]

الفرق في الأعلى والأحمر قد أتى

في خمسة : في الجمع والتكسير

ودخول (من) ، وخلاف تأنيثيهما

ولزوم تعريف بلا تنكير

قال في الشرح : هذه الأحكام جارية في الأعلى وبابه كالأفضل والأرذل ، وفي الأحمر وبابه كالأصفر والأخضر.

ذكر ما افترق فيه ضمير الشأن وسائر الضمائر

قال في (البسيط) : ضمير الشأن يفارق الضمائر من عشرة أوجه :

١ ـ أنّه لا يحتاج إلى ظاهر يعود إليه ، بخلاف ضمير الغائب ، فإنه لا بد له من ظاهر ، يعود عليه لفظا أو تقديرا.

٢ ـ ٤ ـ وأنه لا يعطف عليه ، ولا يؤكّد ، ولا يبدل منه ، بخلاف غيره من الضمائر. وسر هذه الأوجه أنه يوضّحه ، والمقصود منه الإبهام.

٥ ـ وأنه لا يجوز تقديم خبره عليه ، وغيره من الضمائر يجوز تقديم خبره عليه.

٦ ـ وأنّه لا يشترط عود ضمير من الجملة إليه ، وغيره من الضمائر إذا وقع خبره جملة لا بدّ فيها من ضمير يعود إليه.

٧ ـ وأنّه لا يفسّر إلا بجملة ، وغيره من الضمائر يفسّر بالمفرد.

٨ ـ وأن الجملة بعده لها محلّ من الإعراب ، والجمل المفسّرات لا يلزم أن يكون لها محلّ من الإعراب.

٩ ـ وأنه لا يقوم الظاهر مقامه ، وغيره من الضمائر يجوز إقامة الظاهر مقامه.

١٠ ـ وأنّه لا يكون إلّا لغائب دون المتكلّم والمخاطب لوجهين :

أحدهما : أنّ المقصود بوضعه الإبهام ، والغائب هو المبهم ، لأن المتكلّم والمخاطب في نهاية الإيضاح.

والثاني : أنّه في المعنى عبارة عن الغائب ، لأنه عبارة عن الجملة التي بعده ، وهي موضوعة للغيبة دون الخطاب والتكلّم.


وقال ابن هشام في (المغني) (١) : هذا الضمير مخالف للقياس من خمسة أوجه :

أحدها : عوده على ما بعده لزوما ، إذ لا يجوز للجملة المفسّرة له أن تتقدّم هي ، ولا شيء منها عليه.

والثاني : أن مفسّره لا يكون إلا جملة ، ولا يشاركه في هذا ضمير.

والثالث : أنه لا يتبع بتابع ، فلا يؤكّد ، ولا يعطف عليه ، ولا يبدل منه.

الرابع : أنه لا يعمل فيه إلا الابتداء أو أحد نواسخه.

الخامس : أنه ملازم للإفراد ، فلا يثنى ، ولا يجمع ، وإن فسّر بحديثين أو بأحاديث.

ذكر ما افترق فيه ضمير الفصل والتأكيد والبدل

قال ابن يعيش (٢) : ربما التبس الفصل بالتأكيد والبدل. والفرق بين الفصل والتأكيد أنّ التأكيد إذا كان ضميرا لا يؤكّد به إلا المضمر ، والفصل ليس كذلك ، بل يقع بعد الظاهر والمضمر ، فقولك : كان زيد هو القائم فصل لا تأكيد لوقوعه بعد الظاهر ، وقولك : كنت أنت القائم ، يحتملهما. ومن الفرق بينهما أنّك إذا جعلت الضمير تأكيدا فهو باق على اسميّته ، ويحكم على موضعه بإعراب ما قبله ، وليس كذلك إذا كان فصلا.

وأما الفرق بينه وبين البدل فإنّ البدل تابع للمبدل منه في إعرابه كالتأكيد إلا أنّ الفرق بينهما أنك إذا أبدلت من منصوب أتيت بضمير المنصوب ، نحو : ظننتك إياك خيرا من زيد. فإذا أكّدت ، أو فصلت لا يكون إلّا بضمير المرفوع.

ومن الفرق بين الفصل والتأكيد والبدل أنّ لام التأكيد تدخل على الفصل ، ولا تدخل على التأكيد والبدل ، لأنّ اللام تفصل بين التأكيد والمؤكّد والبدل والمبدل منه ، وهما من تمام الأول في البيان.

ذكر ما افترق فيه ضمير الفصل وسائر الضمائر

قال الخليل (٣) : ضمير الفصل اسم ، ولا محلّ له من الإعراب. وبذلك يفارق سائر الضمائر.

قال ابن هشام (٤) : ونظيره على هذا القول أسماء الأفعال.

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٥٤٣).

(٢) انظر شرح المفصّل (٣ / ١١٣).

(٣) انظر الكتاب (٢ / ٤١١).

(٤) انظر مغني اللبيب (٥٥٠).


ذكر الفرق بين علم الشخص وعلم الجنس واسم الجنس

قال في (البسيط) : علم الجنس كأسامة وثعالة في تحقيق علميّته أربعة أقوال :

أحدها لأبي سعيد ، وبه قال ابن بابشاذ وابن يعيش (١) : إنه موضوع على الجنس بأسره ، بمنزلة تعريف الجنس باللام في كثرة الدينار والدرهم ، فإنّه إشارة إلى ما ثبت في العقول معرفته ، ويصير وضعه على أشخاص الجنس كوضع زيد ، علمين على أشخاصهما ، ولذلك يقال : ثعالة يفرّ من أسامة ، أي أشخاص هذا الجنس تفرّ من أشخاص هذا الجنس. وإنما لم يحتاجوا في هذا النوع إلى تعيين الشخص بمنزلة الأعلام الشخصيّة ، لأنّ الأعلام الشخصية تحتاج إلى تعيين أفرادها ، لأنّ كلّ فرد من أفرادها يختصّ بحكم لا يشاركه فيه غيره ، ولا يقوم غيره مقامه فيما يطلب منه من معاملة أو استعانة ، أو غير ذلك. وأما أفراد أنواع الوحوش والحشرات فلا يطلب منها ذلك فلذلك لم يحتج إلى تعيين أفرادها ، ووضع اللفظ علما على جميع أفراد النوع لاشتراكها في حكم واحد.

قال ابن يعيش (٢) : تعريفها لفظيّ ، وهي في المعنى نكرات ، لأنّ اللفظ وإن أطلق على الجنس ، فقد يطلق على أفراده ، ولا يختصّ شخصا بعينه ، وعلى هذا فيخرج عن حدّ العلم.

والقول الثاني لابن الحاجب (٣) : إنّها موضوعة للحقائق المتّحدة في الذهن بمنزلة التعريف باللام للمعهود في الذهن : نحو : أكلت الخبز ، وشربت الماء لبطلان إرادة الجنس ، وعدم تقدّم المعهود الوجودي. وإذا كانت موضوعة على الحقيقة المعقولة المتحدة في الذهن ، فإذا أطلقت على الواحد في الوجود فلا بدّ من القصد إلى الحقيقة ، وصحّ إطلاقها على الواحد في الوجود لوجود الحقيقة المقصودة ، فيكون التعدد باعتبار الوجود لا باعتبار الوضع ، لأنه يلزم إطلاقه على الحقيقة باعتبار الوجود المتعدّد.

قلنا : وإن جعلت المغايرة بذلك بين الحقائق إلّا أنّه بمنزلة المتواطئ الواقع على حقائق مختلفة بمعنى واحد ، كالحيوان الذي تشترك فيه حقائق التواطؤ المختلفة. فكذلك هاهنا يشترك الذهنيّ والوجوديّ في الحقيقة ، وإن كان الوجودي مغايرا

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٣٥).

(٢) انظر شرح المفصّل (١ / ٣٥).

(٣) انظر شرح الكافية (٢ / ١٣٢).


للذهنيّ. والفرق بين أسد وأسامة أنّ أسدا موضوع لكل فرد من أفراد النوع على طريق البدل ، فالتعدّد فيه من أصل الوضع ، وأما أسامة فإنه لزم من إطلاقه على الواحد في الوجود التعدّد ، فالتعدّد فيه جاء ضمنا ، لا مقصودا بالوضع.

والقول الثالث : أنّه لمّا لم يتعلّق بوضعه غرض صحيح ، بل الواحد من جفاة العرب ، إذا وقع طرفه على وحش عجيب ، أو طير غريب ، أطلق عليه اسما يشتقّه من خلقته أو من فعله ، ووضعه عليه. فإذا وقع بصره مرّة أخرى على مثل ذلك الفرد أطلق عليه ذلك الاسم باعتبار شخصه ، ولا يتوقّف على تصوّر أنّ هذا الموجود هو المسمى أولا ، أو غيره. فصارت مشخّصات كلّ نوع مندرجة تحت الأول ، بحيث تكون نسبة ذلك اللفظ على جميع الأشخاص تحته مثل نسبة زيد إلى الأشخاص المسمّين به. وعلى هذا ، فإذا أطلق على الواحد فقد أطلق على ما وضع له ، وإذا أطلق على الجميع فلاندراج الكلّ تحت الوضع الأول ، لإطلاق وضع اللفظ عليه أوّلا مرة ثانية وثالثة بحسب أشخاصه من غير تصوّر أنّ الثاني والثالث هو الأول أو غيره.

والقول الرابع قلته : إن لفظ علم الجنس موضوع على القدر المشترك بين الحقيقة الذهنية والوجودية. فإن لفظ أسامة مثلا يدل على الحيوان المفترس عريض الأعالي ، فالافتراس وعرض الأعالي مشترك بين الذهنيّ والوجوديّ ، فإذا أطلق على الواحد في الوجود ، فقد أطلق على ما وضع له لوجود القدر المشترك ، وهو الافتراس وعرض الأعالي. ويلزم من إخراجه إلى الوجود التعدّد ، فيكون التعدّد من اللوازم لا مقصودا بالوضع ، بخلاف أسد فإنّ تعدّده مقصود بالوضع.

وإذا تقرّر ذلك فالفرق بين علم الجنس واسم الجنس بأمور :

أحدها : امتناع دخول اللام على أحدهما وجوازه في الآخر ، ولذلك كان ابن لبون وابن مخاض اسمي جنس لدخول اللام عليهما. ولم يكن ابن عرس اسم جنس لامتناع ابن العرس.

والثاني : امتناع الصرف يدلّ على العلميّة.

والثالث : نصب الحال عنها ، على الأغلب.

والرابع : نصّ أهل اللغة على ذلك.

وأما الإضافة فلا دليل فيها ، لأنّ الأعلام جاءت مضافة ، كابن عرس ، وابن مقرض.

واسم الجنس جاء مضافا ، كابن لبون ، وابن مخاض ، انتهى كلام صاحب البسيط.

(فائدة): قال صاحب (البسيط) : الفرق بين الاشتراك الواقع في النكرات


والاشتراك الواقع في المعارف أنّ اشتراك النكرات مقصود بوضع الواضع في كلّ مسمّى غير معيّن ، وأما اشتراك المعارف فالاشتراك في الأعلام اتفاقيّ غير مقصود بالوضع ، لأنّ واضع الاسم على العلم لم يقصد مشاركة غيره له ، إنما المشاركة حصلت بعد الوضع لكثرة المسمّين باللفظ الواحد. فلذلك لم يقدح هذا الاشتراك في تعريفها لكونه اتفاقيا غير مقصود للواضع.

وأمّا الاشتراك الواقع في المضمرات ، وأسماء الإشارة. وما عرف باللام ، وإن كان مقصودا للواضع فإنّه اشتراك في المسمّى المعيّن ، فلذلك لم يقدح في التعريف ، بخلاف اشتراك النكرات ، فإنه في كلّ مسمّى غير معيّن ، فلذلك افترق الاشتراكان.

فائدة : قال الزملكانيّ في (شرح المفصّل) : الفرق بين اللام في الزيدان واللام في الرجلان أنّ معنى الزيدان : المشتركان في التسمية ومعنى الرجلان : المشتركان في الحقيقة.

قال فخر خوارزم : ولذلك لو سمّيت امرأة بزيد وجمعت بينها وبين رجل يسمّى بزيد لقلت في التسمية الزيدان لاشتراكهما في التسمية مع اختلاف الحقيقتين. وإنما أتوا باللام دون الإضافة لأنّ اللام أقوى في إفادة التعريف من الإضافة ، فكانت أقرب إلى العلمية ، ولأنها أخصر فإن المضاف إليه قد يكون أكثر من حرفين وثلاثة ولأن امتزاج اللام أشدّ. ولذلك يتخطّاه العامل ، مع أنه قد تفرض أعلام لا يعرف لها ملابس ، فتضاف إليه ، والعهديّة لا تفتقر إلى ذلك.

فائدة : قال ابن يعيش (١) : الفرق بين (ذو) التي بمعنى الذي على لغة طيّئ وبين التي بمعنى صاحب من وجوه :

منها : أنّ ذو في لغة طيّئ توصل بالفعل ، ولا يجوز ذلك في ذو التي بمعنى صاحب.

ومنها : أنّ ذو بمذهب طيّئ لا يوصف بها إلا المعرفة ، والتي بمعنى صاحب يوصف بها المعرفة والنكرة ، إن أضفتها إلى نكرة وصفت بها النكرة ، وإن أضفتها إلى معرفة صارت معرفة ، ووصفت بها المعرفة ، وليست التي بمعنى الذي كذلك ، لأنّها معرفة بالصلة ، على حدّ تعريف من وما.

ومنها : أنّ التي في لغة طيّئ لا يجوز فيها ذي ، ولا ذا ، ولا تكون إلا بالواو وليس كذلك التي بمعنى صاحب.

فائدة : قال الأندلسيّ في (شرح المفصّل) : الفرق بين الموصول الاسمي

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٣ / ١٤٩).


والموصول الحرفيّ أنّ (الذي) يوصل بما هو خبر ، وأن ، توصل بالخبر والأمر وغير ذلك ، لأنّ المقصود المصدر ، والمصدر يسوغ من جميع ذلك.

ذكر ما افترق فيه باب (كان) وباب (إنّ)

افترقا في أنه يجوز في باب كان تقديم الخبر على الاسم وعلى كان ، نحو : كان قائما زيد ، وقائما كان زيد. ولا يجوز تقديم الخبر على إنّ ، ولا على اسمها إلا أن يكون ظرفا أو مجرورا.

ذكر ما افترق فيه باب كان وسائر الأفعال

قال أبو الحسين بن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : كان وأخواتها مخالفة لأصول الأفعال في أربعة أشياء :

أحدها : أنّ هذه الأفعال إذا أسقطت بقي المسند والمسند إليه ، وغيرها إذا أسقطت لم يبق كلام.

الثاني : أن هذه الأفعال لا تؤكّد بالمصدر ، لأنها لم تدلّ عليه ، وغيرها من الأفعال يؤكّد بالمصادر ، لأنّها تدلّ عليها ، نحو : قام قياما ، وزال زوالا.

الثالث : أنّ الأفعال التي ترفع وتنصب تبنى للمفعول ، وهذه لا تبنى له ، لا تقول : كين قائم ، لأن قائما خبر عن المبتدأ ، فإذا زال المبتدأ زال الخبر ، وإذا وجد المبتدأ وجد الخبر.

الرابع : أنّ الأفعال كلّها تستقلّ بالمرفوع دون المنصوب ، ولا تستقلّ هذه بالمرفوع دون المنصوب ، لأنه خبر للمبتدأ.

وقال ابن الدّهان في (الغرّة) : من الفرق بين هذه الأفعال والأفعال الحقيقية أن الفاعل في تلك غير المفعول نحو : ضرب زيد عمرا ، وهذه مرفوعها هو منصوبها.

فائدة : وجه الموافقة والمخالفة : قال ابن النحاس في (التعليقة) : (ما دام) تخالف باقي أخواتها من وجه ، وتوافقها من وجه : أما وجه المخالفة فإن (ما) فيها مصدرية في موضع نصب على الظرف ، ولذلك لا يتمّ مع اسمها ، وخبرها كلام ، ويحتاج إلى شيء آخر ، يكون ظرفا له ، كقولك : لا أكلمك ما دمت مقيما ، أي مدّة دوام إقامتك ، و (ما) في باقي أخواتها حرف نفي.

وأما وجه الموافقة فهو أنّ معناهنّ جميعهنّ الثبات والدوام.

فائدة : قال الأعلم في (نكته) : الفرق بين كان وبين أصبح وأخواتها أنّ (كان)


لما انقطع ، وهذه لما لم ينقطع ، تقول : أصبح زيد غنيّا ، فهو غنيّ في وقت إخبارك ، غير منقطع غناه. نقله ابن الصائغ في تذكرته.

فائدة : الفرق بين كان التامة والناقصة : قال الإمام فخر الدين : الفرق بين كان التامّة والناقصة أنّ التامّة بمعنى حدث ووجد الشيء ، والناقصة بمعنى وجد موصوفيّة الشيء بالشيء في الزمن الماضي.

وقال ابن القواس في (شرح ألفيّة ابن معط) : الفرق بينهما أنّ التامة يخبر بها عن ذات إما منقض حدوثها أو متوقّع ، والناقصة يخبر بها عن انقضاء الصفة الحادثة من الذات أو عن توقّعها ، والذات موجودة قبل حدوث الصفة وبعدها ، والتامة تكتفي بالمرفوع ، وتؤكّد بالمصدر وتعمل في الظرف ، والحال ، والمفعول له ، ويعلّق بها الجارّ ، والناقصة بخلاف ذلك كلّه ، انتهى.

وقال الشيخ تاج الدين بن مكتوم في (تذكرته) : قال الإمام أبو جعفر بن الإمام أبي الحسن بن الباذش. قال أبو القاسم الشنتريني فيما نقلت من كتاب بعض أصحابه : من زعم أنّ كان التي يضمر فيها الأمر والشأن هي الناقصة نفسها ، فقد أخطأ. وإنما هي غيرها. والفرق بينهما أنّ التي على معنى الأمر والشأن لا يكون اسمها مستترا فيها ، والناقصة يكون اسمها مستترا فيها ، وغير مستتر ، والتي على معنى الأمر والشأن لا يتقدّم خبرها عليها والناقصة يتقدّم خبرها عليها. والتي على معنى الأمر والشأن لا ينعت اسمها ، ولا يؤكّد ، ولا يعطف عليه ، ولا يبدل منه. والناقصة يجوز في اسمها كلّ هذا. والتي على معنى الأمر والشأن لا يكون خبرها إلّا جملة ، ولا تحتاج الجملة أن يكون فيها عائد يرجع إلى الأول. والناقصة ليست كذلك ، لا بد من عائد يرجع إلى الأول من خبرها إذا كان جملة ، فقد ثبت بهذا كله أنّ كان التي على معنى الأمر والشأن ليست الناقصة. قال أبي : والصحيح أنّ كان المضمر فيها الأمر والشأن هي كان الناقصة ، والجملة في موضع نصب.

يدلّ على ذلك أن الأمر والشأن يكون مبتدأ ومضمرا في إنّ وأخواتها وظننت وأخواتها ، والجملة المفسّرة الواقعة موقع خبر هذه الأشياء ، وما ثبت أنه خبر المبتدأ ولما ذكر معه ثبت أنه خبر لكان ، انتهى.

ذكر ما افترق فيه ما النافية وليس

قال المهلّبي : المشابهة بينهما أولا من ثلاثة أوجه : دخولهما على المبتدأ والخبر ، وكونهما للنفي ، وكون النفي نفي حال.


ثمّ خالفت ما ليس في عشرة أوجه : يبطل عملها بزيادة إن ودخول (إلا) ، وتقديم الخبر ومعموله ، وإذا عطف عليها سببيّ نحو : ما زيد راكبا ولا سائرا أخوه ، جاز في سائر الرفع والنصب ، أو أجنبيّ لم يجز إلّا الرفع نحو : ما زيد سائرا ولا ذاهب عمرو ، ولا تحمل الضمير فلا يقال : زيد ما قائما ، كما يقال : زيد ليس قائما ، ولا تفسّر فعلا لأنّ الأفعال يفسّر بعضها بعضا ، وإذا كان بعد الاسم فعل فالحمل عليه أولى من الاسم نحو : ما زيدا أضربه ، على تقدير ما أضرب زيدا أضربه ، وهو أولى من رفعه. ولا يخبر عنها بفعل ماض ، لا يقال : ما زيد قال ، لأنّها لنفي الحال. ولا يحسن تقديم الخبر المجرور ، نحو : ما بقائم زيد كحسنه في ليس.

قال : فجميع ما جاز في ما يجوز في ليس ، ولا يجوز في ما جميع ما جاز في ليس ، لقوّة ليس في بابها بالفعلية ، والشيء إذا شابه الشيء فلا يكاد يشبهه ، من جميع وجوهه. وقال نظما : [الطويل]

تفهّم فإنّ الفرق قد جاء بين (ما)

(وليس) بعشر بيّنت لأولي الفهم

زيادة إن من بعدها مبطل لها

وإلا وأخبار يقدّمن للعلم

ومعمولها يجري كذاك مقدّما

ومسألة في العطف تشهد بالحكم

ويمتنع الإضمار في ذاتها ، ولا

تفسّر فعلا للذكيّ ، ولا الفدم

وإن كان بعد الاسم فعل فحمل ما

تضمّنه للفعل أولى من الاسم

ولا تجعل الماضي إذن خبرا لها

ولا الباء في تقديمه تحمدن قسمي

ذكر ما افترقت فيه (لا) و (ليس)

قال ابن هشام في (المغني) (١) : (لا) العاملة عمل ليس تخالف ليس في ثلاث جهات :

أحدها : أنّ عملها قليل ، حتى ادّعي أنّه ليس بموجود.

الثاني : أنّ ذكر خبرها قليل ، حتى إنّ الزّجاج لم يظفر به ، فادّعى أنها إنما تعمل في الاسم خاصة ، وأن خبرها مرفوع.

الثالث : أنها لا تعمل إلا في النكرات.

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٢٦٤).


ذكر ما افترقت فيه أخوات (إنّ)

قال ابن هشام في (تذكرته) : لإنّ ، وأنّ ، ولكنّ أحكام خمسة ، هي فيها فوضى دون سائر أخواتها :

أحدها : العطف على الموضع.

والثاني : دخول الفاء في الخبر لتضمّن معنى الشرط.

والثالث : عدم جواز عملها في حال وظرف ومجرور ، بخلاف أخواتها الثلاث.

والرابع : عدم جواز الإعمال والإهمال إذا قرنت بما عند ابن السّراج والزّجاج محتجّين بأنّ ذلك جاز في ليت سماعا ، وفي كأنّ ولعلّ قياسا عليها لاشتراكهنّ في إزالة معنى الابتداء ، والحقّ خلاف قولهما ، لأنّه إنّما جاز في ليت لبقاء اختصاصها فلا يحمل عليها غيرها.

الخامس : دخول اللام في الخبر ، لكنّه في إن المكسورة باطراد ، وفيهما بندور ، هذا هو الإنصاف وأنّه لا تأويل في : [الطويل]

٣٢٨ ـ [يلومونني في حبّ ليلى عواذلي]

ولكنّني من حبّها لعميد

ولا في قراءة بعضهم (إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) [الفرقان : ٢٠] ، كلّ ذلك لبقاء معنى الابتداء معهن ، انتهى.

ذكر ما افترق فيه (أنّ) الشديدة المفتوحة و (أن) الخفيفة

قال ابن هشام في (المغني) : شرّكوا بينهما في جواز حذف الجارّ ، وسدّهما مسدّ جزأي الإسناد في باب ظن ، وخصّوا أن الخفيفة وصلتهما بسدّهما مسدّهما في باب عسى ، وخصّوا الشديدة بذلك في باب لو. تقول : عسى أن تقوم ، ويمتنع عسى أنك قائم ، ولو أنك تقوم : ولا يجوز لو أن تقوم.

وفي (شرح المفصّل) للأندلسيّ : (أن) الخفيفة الناصبة للمضارع أشبهت أنّ الشديدة العاملة في الأسماء من أربعة أوجه :

أحدها : أنّ لفظها قريب من لفظها ، وإذا خفّفت صارت مثلها في اللفظ.

__________________

٣٢٨ ـ الشاهد بلا نسبة في الإنصاف (٢٠٩) ، وتخليص الشواهد (ص ٣٥٧) ، والجنى الداني (ص ١٣٢) ، وجواهر الأدب (ص ٨٧) ، وخزانة الأدب (١ / ١٦) ، والدرر (٢ / ١٨٥) ، ورصف المباني (ص ٢٣٥) ، وسرّ صناعة الإعراب (١ / ٣٨٠) ، وشرح الأشموني (١ / ١٤١) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٦٠٥) ، وشرح المفصّل (٨ / ٦٢) ، وكتاب اللامات (ص ١٥٨) ، ولسان العرب (لكن) ، ومغني اللبيب (١ / ٢٣٣) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٢٤٧) ، وهمع الهوامع (١ / ١٤٠).


الثاني : أنّها وما عملت فيه مصدر مثل أنّ الثقيلة.

الثالث : أنّ لها ولما عملت فيه موضعا من الإعراب ، كالثقيلة.

الرابع : أنّ كلّ واحدة منهما تدخل على الجملة ، انتهى.

وقال ابن النحاس في (التعليقة) : أنّ الشديدة للحال ، وأن الخفيفة تصلح للماضي والمستقبل.

ذكر ما افترق فيه (لا) و (إنّ)

قال ابن هشام (١) : تخالف لا إنّ من سبعة أوجه :

أحدها : أنّ (لا) لا تعمل إلا في النكرات.

الثاني : أنّ اسمها إذا لم يكن عاملا بني.

الثالث : أنّ ارتفاع خبرها عند إفراد اسمها ، نحو : لا رجل قائم ، بما كان مرفوعا به قبل دخولها ، لا بها. وهذا قول سيبويه (٢) ، وخالفه الأخفش والأكثرون ، ولا خلاف أن ارتفاعه بها إذا كان اسمها عاملا.

الرابع : أنّ خبرها لا يتقدّم على اسمها ، ولو كان ظرفا أو مجرورا.

الخامس : أنه يجوز مراعاة محلّها مع اسمها قبل مضيّ الخبر وبعده فيجوز رفع النعت والمعطوف من نحو : لا رجل ظريف فيها ، ولا رجل وامرأة فيها.

السادس : أنه يجوز إلغاؤها إذا تكرّرت.

السابع : أنه يكثر حذف خبرها إذا علم.

ذكر الفرق بين الإلغاء والتعليق

قال ابن إياز : معنى التعليق في باب ظنّ أن يتصدّر على الاسمين حرف يكون حاميا للفعل عن العمل في لفظ الاسمين دون العمل في موضعهما. وهذا حكم بين حكم الإلغاء ـ وهو إبطال العمل بالكلية ـ وبين حكم كمال العمل ، فسمي ذلك تعليقا تشبيها بالمعلّقة ، وهي التي ليست ممسكة ولا مطلّقة. قال ابن الخشّاب : ولقد أجاد أهل الصناعة في وضع اللقب لهذا المعنى واستعارته له كلّ الإجادة.

وقال ابن يعيش في (شرح المفصّل) (٣) : التعليق ضرب من الإلغاء ، لأنّه إبطال

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٢٦٢).

(٢) انظر الكتاب (٢ / ٢٨٦).

(٣) انظر شرح المفصّل (٧ / ٨٦).


عمل العامل لفظا لا محلّا ، والإلغاء إبطال عمله بالكلّيّة. فكلّ تعليق إلغاء ، وليس كلّ إلغاء تعليقا ، قال ابن النحاس : في ادّعائه بين التعليق والإلغاء عموما وخصوصا نظر ، فإنه لا عموم ولا خصوص بينهما.

وفي (تذكرة ابن هشام) ، قال ابن أبي الربيع : لا يجوز الإلغاء إلا بشروط : التوسط أو التأخر ، وألّا يتعدى إلى مصدره ، وأن يكون قلبيا. قال : فأما التعليق فيكون في هذه الأفعال وفي أشباهها ، انتهى.

ذكر الفرق بين حذف المفعول اختصارا وبين حذفه اقتصارا

قال ابن هشام (١) : جرت عادة النحويين أن يقولوا : يحذف المفعول اختصارا واقتصارا ويريدون بالاختصار الحذف لدليل ، وبالاقتصار الحذف لغير دليل ، ويمثّلونه بنحو : (كُلُوا وَاشْرَبُوا) [البقرة : ٦٠] ، أي : أوقعوا هذين الفعلين ، وقول العرب فيما يتعدّى إلى اثنين : من يسمع يخل ، أي : تكن منه خيلة.

والتحقيق أن يقال : إنّه تارة يتعلّق الغرض بالإعلام بمجرّد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه ومن أوقع عليه ، فيجاء بمصدره مسندا إلى فعل كون عامّ فيقال : حصل حريق أو نهب.

وتارة يتعلّق بالإعلام بمجرّد إيقاع الفاعل الفعل ، فيقتصر عليهما ، ولا يذكر المفعول ولا ينوى ، إذ المنويّ كالثابت ، ولا يسمى محذوفا ، لأن الفعل ينزل بهذا القصد منزلة ما لا مفعول له ، ومنه : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) [البقرة : ٢٥٨] ، و (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) [الزمر : ٩] ، (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) [الأعراف : ٣١] ، (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَ) [الدهر : ٢٠] إذا المعنى : ربّي الذي يفعل الإحياء والإماتة ، وهل يستوي من يتصف بالعلم ومن ينتفي عنه العلم ، وأوقعوا الأكل والشرب وذروا الإسراف ، وإذا حصلت منك رؤية هنالك.

وتارة يقصد إسناد الفعل إلى فاعله وتعليقه بمفعوله ، فيذكرون نحو : (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا) [آل عمران : ١٣٠] ، (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) [الإسراء : ٣٢] ، وقولك : ما أحسن زيدا!. وهذا النوع إذا لم يذكر مفعوله قيل : محذوف ، نحو : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) [الضحى : ٣] ، وقد يكون في اللفظ ما يستدعيه فيحصل الجزم بوجوب تقديره ، نحو : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) [الفرقان : ٤١] ، (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) [النساء : ٩٥]. [الوافر] :

__________________

(١) انظر المستقصى في الأمثال (٣٦٢) ، وفصل المقال (٤١٢).


٣٢٩ ـ [أبحت حمى تهامة بعد نجد]

وما شيء حميت بمستباح

ذكر ما افترق فيه باب ظنّ وباب أعلم

قال ابن إياز : لا يجوز في باب أعلم الإلغاء ولا التعليق ـ كما صرّح به ابن الورّاق في علله ـ لأنّك لو قلت : أعلمت لزيد عمرو قائم لم ينعقد من الكلام مبتدأ وخبر ، وكان غير مفيد لأنّ قولك : عمرو قائم ، لا يستقيم جعله خبرا عن زيد ، وكذا الحكم في الإلغاء. ولا يجوز في هذا الباب الاقتصار على المفعول الثاني دون الثالث ، ولا على الثالث دون الثاني ، وفي الاقتصار على المفعول الأول خلاف.

ذكر ما افترقت فيه المفاعيل

قال ابن يعيش (٢) : المصدر هو المفعول الحقيقيّ ، لأنّ الفاعل يحدثه ويخرجه من العدم إلى الوجود وصيغة الفعل تدلّ عليه ، والأفعال كلّها متعدّية إليه ، سواء كان يتعدّى الفاعل أو لم يتعدّ. نحو : ضربت زيدا ضربا ، وقام زيد قياما. وليس كذلك غيره من المفعولين ألا ترى أن زيدا من قولك : ضربت زيدا ، ليس مفعولا لك على الحقيقة ، إنما هو مفعول لله تعالى. وإنما قيل له على معنى : أن فعلك وقع به.

ذكر الفرق بين المصدر واسم المصدر

قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس : الفرق بينهما أنّ المصدر في الحقيقة هو الفعل الصادر عن الإنسان وغيره كقولنا : إنّ (ضربا) مصدر في قولنا : يعجبني ضرب زيد عمرا ، فيكون مدلوله معنى. وسمّوا ما يعبّر به عنه مصدرا مجازا ، نحو : ض ر ب في قولنا : إنّ (ضربا) مصدر منصوب إذا قلت : ضربت ضربا فيكون مسمّاه لفظا.

واسم المصدر اسم للمعنى الصادر عن الإنسان وغيره ، كسبحان المسمّى به التسبيح الذي هو صادر عن المسبّح لا لفظ : ت س ب ي ح ، بل المعنى المعبّر عنه بهذه الحروف ، ومعناه القراءة والتنزيه ، انتهى.

وقال ابن الحاجب في (أماليه) : الفرق بين قول النحويين ، مصدر واسم مصدر ، أنّ المصدر الذي له فعل ، يجري عليه ، كالانطلاق في انطلق ، واسم المصدر

__________________

٣٢٩ ـ الشاهد لجرير في ديوانه (٨٩) ، والكتاب (١ / ١٤١) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٧٥) ، وبلا نسبة في خزانة الأدب (٦ / ٤٢) ، وسرّ صناعة الإعراب (ص ٤٠٢) ، وشرح التصريح (٢ / ١١٢).

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ١١٠).


هو اسم المعنى ، وليس له فعل يجري عليه كالقهقرى ، فإنه لنوع من الرجوع ، ولا فعل له يجري عليه من لفظه. وقد يقولون : مصدر واسم مصدر في الشيئين المتغايرين لفظا : أحدهما للفعل والآخر للآلة التي يستعمل بها الفعل كالطّهور والطّهور ، والأكل والأكل. فالطّهور المصدر ، والطّهور اسم ما يتطّهر به ، والأكل المصدر ، والأكل كلّ ما يؤكل ، انتهى.

ذكر الفرق بين عند ولدى ولدن

قال ابن هشام (١) : يفترقن من ستّة أوجه : لا تكون (عند) و (لدن) إلا إذا كان المحلّ ابتداء غاية ، نحو : (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) [الكهف : ٦٥] ، ولا تكون (لدن) فضلة بخلافهما. وجرّ (لدن) بمن أكثر من نصبها ، وجرّ عند كثير ، وجرّ (لدى) ممتنع.

وهي مبنيّة ، وهما معربان. وهي قد تضاف للجملة كقوله : [الطويل]

٣٣٠ ـ [صريع غوان راقهنّ ورقنه]

لدن شاب حتّى شاب سود الذّوائب

وقد لا تضاف أصلا ، فإنّهم حكوا في غدوة الواقعة بعدها الجرّ بالإضافة ، والنصب على التمييز ، والرفع بإضمار كان تامّة.

ثم إن (عند) أمكن من لدى من وجهين :

أحدهما : أنّها تكون ظرفا للأعيان والمعاني ، نحو : عند فلان علم ، ويمتنع ذلك في لدى. ذكره (٣) ابن الشجريّ في (أماليه) ، ومبرمان في (حواشيه).

والثاني : أنّك تقول : عندي مال. وإن كان غائبا ، ولا تقول : لديّ مال إلا إذا كان حاضرا. قاله الحريريّ ، وأبو هلال العسكري ، وابن الشجري ، وزعم المعرّيّ أنه لا فرق بين (لدى) و (عند) ، وقول غيره أولى ، انتهى.

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (١٦٨).

٣٣٠ ـ الشاهد للقطامي في ديوانه (ص ٤٤) ، وخزانة الأدب (٧ / ٨٦) ، والدرر (٣ / ١٣٧) ، وسمط اللآلي (ص ١٣٢) ، وشرح التصريح (٢ / ٤٦) ، وشرح شواهد المغني (ص ٤٥٥) ، ومعاهد التنصيص (١ / ١٨١) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٤٢٧) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (٣ / ١٤٥) ، وتخليص الشواهد (ص ٢٦٣) ، وشرح الأشموني (٢ / ٣١٨) ، وهمع الهوامع (١ / ٢١٥).

(٢) انظر أمالي ابن الشجري (١ / ٢٢٤).


ذكر ما افترق فيه إذ وإذا وحيث

قال ابن هشام في (تذكرته) : اعلم أنّ (إذ) و (إذا) و (حيث) اشتركن في أمور ، وافترقن في أمور : فاشتركن في الظرفيّة ولزومها ، والإضافة ولزومها ، وكونها للجمل ، والبناء ولزومه ، وأنها لمعنى ، وقد تخرج عنه. فهذه ثمانية قد قيلت.

وتشترك إذ وإذا في أنّهما للزمان ولا يكونان للمكان ، وأنّهما يكفان بما عن الإضافة مفيدين معنى الشرط ، جازمين قياسا مطّردا ، وأنّهما يضافان للجملة الفعلية.

وانفردت (إذا) بإفادتها معنى الشرط دون ما ، وأنها لا تضاف إلا إلى الجمل الفعلية ، وانفردت (حيث) بأنها تكون للمكان والزمان ، والغالب كونها للمكان ، انتهى.

ذكر الفرق بين وسط بالسكون وبين وسط بالفتح

قال الجمال السرمري : [الخفيف]

فرق ما بين قولهم وسط الشي

ء ووسط تحريكا أو تسكينا

موضع صالح لبين فسكّن

ولفي حرّكا تراه مبينا

كجلسنا وسط الجماعة إذ هم

وسط الدّار كلّهم جالسينا

قال الفارسيّ في (القصريّات) : إذا قلت : حفرت وسط الدار بئرا بالسكون ، فوسط ظرف وبئرا مفعول به. وإذا قلت : حفرت وسط الدار بئرا بالتحريك ، فوسط مفعول به ، وبئرا حال.

ذكر الفرق بين واو المفعول معه وواو العطف

قال ابن يعيش (١) : فإن قيل : نحن متى عطفنا اسما على اسم بالواو دخل فيه الأول ، واشتركا في المعنى ، فكانت الواو بمعنى (مع) فلم اختصصتم باب المفعول معه بمعنى مع؟.

قيل : الفرق بين العطف بالواو وهذا الباب أنّ التي للعطف توجب الاشتراك في الفعل ، وليس كذلك الواو التي بمعنى مع ، إنما توجب المصاحبة فإذا عطفت بالواو شيئا على شيء دخل في معناه ، ولا يوجب بين المعطوف والمعطوف عليه ملابسة ومقاربة ، كقولك : قام زيد وعمرو ، فليس أحدهما ملابسا للآخر ولا مصاحبا له. وإذا

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٤٩).


قلت : ما صنعت وأباك؟ فإنما يراد ما صنعت مع أبيك ، وإذا قلت : استوى الماء والخشبة ، وما زلت أسير والنيل ، يفهم منه المصاحبة والمقارنة.

وقال الأبّذيّ : الفرق بين واو المفعول معه وواو العطف أنّك إذا قلت : قام زيد وعمرو ، ليس أحدهما ملابسا للآخر ، ولا فرق بينهما في وقوع الفعل من كلّ منهما على حدة. فإذا قلت : ما صنعت وأباك؟ وما أنت والفخر؟ فإنما تريد ما صنعت مع أبيك؟ وأين بلغت في فعلك به؟ وما أنت مع الفخر في افتخارك وتحقّقك به؟

باب الاستثناء

قال ابن يعيش (١) : الفرق بين البدل والنصب في قولك : ما قام أحد إلا زيدا ، أنك إذا نصبت جعلت معتمد الكلام النفي ، وصار المستثنى فضلة ، فتنصبه ، كما تنصب المفعول. وإذا أبدلته منه كان معتمد الكلام إيجاب القيام لزيد ، وكان ذكر الأول كالتوطئة كما ترفع الخبر لأنه معتمد الكلام ، وتنصب الحال لأنه تبع للمعتمد في نحو : زيد في الدار قائم وقائما ، انتهى.

فصل

قال ابن يعيش (٢) : الفرق بين (غير) إذا كانت صفة ، وبينها إذا كانت استثناء ، أنها إذا كانت صفة لم توجب للاسم الذي وصفته بها شيئا ، ولم تنفه عنه ، لأنّها مذكورة على سبيل التعريف ، فإذا قلت : جاءني غير زيد ، فقد وصفته بالمغايرة له ، وعدم المماثلة ، ولم تنف عن زيد المجيء. فإنّما هو بمنزلة قولك : جاءني رجل ليس بزيد. وأمّا إذا كانت استثناء فإنه إذا كان قبلها إيجاب فما بعدها نفي ، وإذا كان قبلها نفي فما بعدها إيجاب ، لأنّها هنا محمولة على إلا ، فكان حكمها كحكمها.

ذكر ما افترقت فيه (إلا) و (غير)

قال أبو الحسن الأبّذيّ في (شرح الجزوليّة) : افترقت (إلا) و (غير) في ثلاثة أشياء :

أحدها : أنّ غيرا يوصف بها ، حيث لا يتصوّر الاستثناء. وإلا ليست كذلك. فتقول : عندي درهم غير جيد ، ولو قلت : عندي درهم إلا جيّد ، لم يجز.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٨٧).

(٢) انظر شرح المفصّل (٢ / ٨٨).


والثاني : أنّ إلا إذا كانت مع ما بعدها صفة لم يجز حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، فتقول : قام القوم إلّا زيد : ولو قلت : قام إلا زيد لم يجز بخلاف غير ، إذ تقول : قام القوم غير زيد ، وقام غير زيد. وسبب ذلك أنّ الأحرف لم تتمكّن في الوصفيّة ، فلا تكون صفة إلا تابعا ، كما أنّ أجمعين لا تستعمل في التأكيد إلا تابعا.

الثالث : أنّك إذا عطفت على الاسم الواقع بعد إلا كان إعراب المعطوف على حسب المعطوف عليه ، وإذا عطفت على الاسم الواقع بعد غير جاز الجرّ والحمل على المعنى.

ذكر ما افترق فيه الحال والتمييز

قال ابن هشام في (المغني) (١) : اعلم أنّهما اجتمعا في خمسة أمور ، وافترقا في سبعة :

فأوجه الاتفاق أنهما اسمان ، نكرتان ، فضلتان ، منصوبتان ، رافعتان للإبهام ، وأمّا أوجه الافتراق :

فأحدها : أنّ الحال تكون جملة وظرفا وجارّا ومجرورا. والتمييز لا يكون إلا اسما.

والثاني : أنّ الحال قد يتوقف معنى الكلام عليها ، نحو : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) [الإسراء : ٣٧] ، (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) [النساء : ٤٣] بخلاف التمييز.

والثالث : أنّ الحال مبيّنة للهيئات ، والتمييز مبيّن للذوات.

الرابع : أنّ الحال تتعدّد بخلاف التمييز.

الخامس : أنّه الحال تتقدّم على عاملها إذا كان فعلا متصرّفا ، أو وصفا يشبهه ، ولا يجوز ذلك في التمييز على الصحيح.

السادس : أنّ حقّ الحال الاشتقاق ، وحقّ التمييز الجمود ، وقد يتعاكسان.

السابع : أنّ الحال تكون مؤكّدة لعاملها ، ولا يقع التمييز كذلك ، انتهى.

قلت : وبقيت فروق أخرى تتبّعتها ، ولم أر من عدّها.

ذكر ما افترق فيه الحال والمفعول

قال ابن يعيش (٢) : الحال تشبه المفعول من حيث أنّها تجيء بعد تمام الكلام

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٥١٣).

(٢) انظر شرح المفصّل (٢ / ٥٥).


واستغناء الفعل بفاعله وأنّ في الفعل دليلا عليه ، كما كان فيه دليل على المفعول. ولهذا الشّبه استحّقت أن تكون منصوبة مثله.

وتفارقه في أنّها هي الفاعل في المعنى ، وليست غيره. فالراكب في : جاء زيد راكبا ، هو زيد. وليس المفعول كذلك ، بل لا يكون إلا غير الفاعل ، أو في حكمه ، نحو : ضرب زيد عمرا. ولذلك امتنع ضربتني وضربتك ، لاتّحاد الفاعل والمفعول. فأمّا قولهم : ضربت نفسي فالنفس في حكم الأجنبيّ ، ولذلك يخاطبها ربّها ، فيقول : يا نفس اقلعي ، مخاطبة الأجنبيّ.

ويعمل فيها الفعل اللازم ، وليس المفعول كذلك.

ولا تكون إلا نكرة ، والمفعول يكون نكرة ومعرفة. ولها شبه خاصّ بالمفعول فيه وخصوصا ظرف الزمان ، وذلك لأنّها تقدّر بفي كما يقدّر الظرف بفي. فإذا قلت : جاء زيد راكبا ، فتقديره : في حال الركوب ، كما أن جاء زيد اليوم تقديره : في اليوم. وخصّ الشبه بظرف الزمان. لأن الحال لا تبقى ، بل تنتقل إلى حال أخرى ، كما أن الزمان منقض لا يبقى ، ويخلفه غيره.

وقال الزمخشريّ في (المفصّل) (١) : يجوز إخلاء الجملة الحاليّة المقترنة بالواو عن الراجع إلى ذي الحال ، إجراء لها مجرى الظرف ، لانعقاد الشبه بينها وبينه.

وقال ابن النحاس في (التعليقة) : الحال تشبه الظرف في أنها مقدّرة بفي ، وتفارقه في أنّ (في) تدخل على لفظ الظرف ، وفي الحال تدخل على حال مضافة إلى مصدرها ، نحو : جاء زيد قائما أي في حال قيامه.

وقال السخاويّ في (شرح المفصّل) : الحال تشبه المفعول به ، وظرف الزمان ، والصّفة ، والتمييز والخبر.

أما شبهها بالمفعول به فلأنّ في الفعل دلالة على كلّ واحد منهما ، فإذا قلت : (ضربت) دلّ ذلك على مضروب وعلى حال. ولأنّ كلّ واحد من الحال والمفعول اسم جاء بعد استقلال الفعل بالفاعل.

وأما شبهها بالظرف فمن قبل أنها مفعل فيها ، وأنها تنتقل كانتقال الزمان وانقضائه ، ويحسن فيها دخول في.

وأما شبهها بالصفة فإنّ الصفة أصل الحال ، والحال منقولة من الصفة إلى

__________________

(١) انظر المفصّل (٦٤).


الظرفيّة ، ولهذا لا تكون الحال في الغالب إلّا اسم فاعل أو مفعول. وأسماء الفاعل والمفعول إنما كانت فيه ليوصف بها. لا لتكون مفعولا فيها.

وأما شبهها بالتمييز فلأنها لا تكون إلّا نكرة ، ولأنها تبيّن الهيئة التي وقع عليها الفعل ، كما يبيّن التمييز النوع.

وأما شبهها بالخبر فلأنها نكرة جاءت لتفيد ، وكذلك الخبر. والتنكير فيه هو الأصل.

والفرق بينها وبين المفعول به أنها يعمل فيها المتعدّي وغير المتعدّي والمعاني. والمفعول به يكون ظاهرا ومضمرا ومعرّفا ومنكّرا ومشتقّا وغير مشتقّ ، والحال لا تكون إلا اسما ظاهرا نكرة مشتقّة.

والفرق بينها وبين الظرف أن الحال هيئة الفاعل أو المفعول ، فهي في المعنى صاحب الحال بخلاف الظرف. وأيضا فإنّ الظرف يعمل فيه معنى الفعل متأخّرا ومتقدّما ، وأما الحال فلا يعمل فيها معنى الفعل إلا متقدّما عليها.

وقال ابن الشجريّ في (أماليه) (١) : الحال تفارق المفعول به من أربعة أوجه :

الأول : لزومها التنكير ، والمفعول يكون معرفة ونكرة.

والثاني : أنّ الحال في الأغلب هي ذو الحال ، وأنّ المفعول هو غير الفاعل.

والثالث : أنّ الحال يعمل فيها الفعل ، ومعنى الفعل ، والمفعول لا يعمل فيه المعنى.

والرابع : أنّ المفعول يبنى له الفعل فيرفع رفع الفاعل ، والحال لا يبنى لها الفعل.

ذكر الفرق بين الجملة الحالية والمعترضة

قال ابن هشام (٢) : كثيرا ما تشتبه المعترضة بالحالية. ويميّزها منها أمور :

أحدها : أنّ المعترضة تكون غير خبريّة كالأمريّة ، والدعائيّة والقسميّة والتنزيهيّة.

والثاني : أنّه يجوز تصديرها بدليل استقبال كلن والسين وسوف والشرط.

الثالث : أنّه يجوز اقترانها بالفاء.

الرابع : أنه يجوز اقترانها بالواو مع تصديرها بالمضارع المثبت.

__________________

(١) انظر الأمالي الشجرية (٢ / ٢٧٢).

(٢) انظر مغني اللبيب (٤٤١).


ذكر الفرق بين الإضافة بمعنى اللام وبينها بمعنى من

قال الأندلسيّ في (شرح المفصّل) : الفرق بينهما من وجوه :

أحدها : أنّ الثاني غير الأول في الإضافة التي بمعنى اللام ، سواء وافقه في اسمه ، أو لم يوافقه ، فإنه يتّفق أن يكون اسم الغلام والمالك واحدا ، فالمغايرة حاصلة وإن اتّحد اللفظ. وأما التي بمعنى من فالأول فيها بعض الثاني.

الثاني : أنّ التي بمعنى اللام لا يصحّ فيها أن يوصف الأول بالثاني ، والتي بمعنى من يصحّ ذلك فيها.

الثالث : أن التي بمعنى اللام لا يصحّ فيها أن يكون الثاني خبرا عن الأول ، والتي بمعنى من يصحّ فيها ذلك.

قال ابن برهان : إذا صحّ أن يكون الثاني خبرا عن الأوّل فالإضافة بمعنى (من) ، فإن امتنع ذلك فهي بمعنى اللام.

الرابع : أنّ التي بمعنى اللام لا يصحّ انتصاب المضاف إليه فيها على التمييز ويصحّ في التي بمعنى من.

ذكر الفرق بين حتى الجارّة وإلى

قال السخاويّ في (تنوير الدياجي) : (حتّى) إذا كانت جارّة وافقت (إلى) في أنها غاية ، وخالفتها في ثلاثة أشياء.

أحدها : أنها لا تدخل على المضمر ، فلا يقال : حتّاه ، كما يقال إليه.

الثاني : أنّ فيها معنى الاستثناء وليس ذلك في إلى.

الثالث : أنّ إلى تقع خبرا للمبتدأ ، كقوله تعالى : (وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ) [النمل : ٣٣] ، وحتّى لا تكون كذلك.

وقال ابن القوّاس في (شرح ألفيّة ابن معط) : حتّى وإن شاركت إلى في الغاية تخالفها في أوجه :

أحدها : أنّ المجرور بها يجب أن يكون آخر جزء مما قبلها ، أو ملاقي الآخر. تقول (١) : (أكلت السمكة حتى رأسها ، ولا تقول حتى نصفها أو ثلثها ، كما تقول : إلى نصفها أو إلى ثلثها).

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٨ / ١٦) ، وهمع الهوامع (١ / ٢٣).


الثاني : أنّ ما بعد حتّى لا يكون إلا من جنس ما قبلها ، فلا تقول : ركبت الخيل حتى الحمار ، ولا يلزم ذلك في إلى تقول : ذهب الناس إلى السوق.

والثالث : أنّ حتى لا تقع مع مجرورها خبرا لمبتدأ بخلاف إلى.

والرابع : أنها مختصة بالظاهر بخلاف إلى.

ذكر ما افترق فيه المصدر واسم الفاعل

قال ابن السّراج في (الأصول) : الفرق بين المصدر وبين اسم الفاعل أنّ المصدر يجوز أن يضاف إلى الفاعل وإلى المفعول. تقول : عجبت من ضرب زيد عمرا ، فيكون (زيد) هو الفاعل في المعنى ، ومن ضرب زيد عمرو فيكون (زيد) هو المفعول في المعنى ، ولا يجوز هذا في اسم الفاعل ، كما لا يجوز أن يقال : عجبت من ضارب زيد ، وزيد فاعل.

وقال المهلّبيّ : الفرق بينهما من ستّة أوجه :

١ ـ أنّ اسم الفاعل يتحمّل الضمير بخلاف المصدر.

٢ ـ وأنّ الألف واللام فيه تفيد شيئين : التعريف والموصوليّة ، وفي المصدر تفيد التعريف فقط.

٣ ـ وأنه يجوز تقديم معموله عليه ، نحو : هذا زيدا ضارب ، بخلاف المصدر.

٤ ـ وأنه يعمل بشبه الفعل ، والمصدر قائم بنفسه ، لا يعمل بشبه شيء لأنه الأصل.

٥ ـ وأنه لا يعمل إلا في الحال والاستقبال ، والمصدر يعمل في الأزمنة الثلاثة.

٦ ـ والسادس ما ذكره ابن السرّاج من الإضافة.

وقال نظما : [الوافر]

تنافى مصدر الأفعال واسم

لفاعلها بواحدة وخمس :

ضمير بعده ألف ولام

وتقديم لمعمول بنكس

وتحذوها الإضافة ثمّ وزن

وأزمنة تجلّت غير حدس

وقال ابن الشجريّ في (أماليه) (١) : ومن الفرق بينهما أنّ المصدر يعمل معتمدا وغير معتمد ، واسم الفاعل لا يعمل إلا معتمدا على موصوف أو ذي خبر أو حال.

__________________

(١) انظر الأمالي الشجرية (١ / ٣٧).


ذكر ما افترق فيه المصدر والفعل

قال أبو الحسين بن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : يحذف الفاعل من المصدر ، نحو : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً) [البلد : ١٤ ـ ١٥] بخلاف الفعل ، فإنه لا يحذف معه ، لأنّ في ذلك نقضا للغرض ، لأنه بني للإخبار عنه ، والمصدر لم يبن لفاعل ولا مفعول. وإنما يطلبهما من جهة المعنى ، فكما يحذف معه المفعول يحذف الفاعل ، لأن بنية المصدر لهما سواء.

ذكر ما افترق فيه المصدر و (أن) و (أنّ) وصلتهما

افترقا في أمور :

الأول والثاني : قال ابن مالك في (شرح العمدة) : إذا لم يشارك المصدر المعلّل في الفاعل والزمان معا فلا بدّ من حرف التعليل ، نحو : جئتك لرغبتك فيّ ، أو جئتك الساعة لوعدي إياك أمس. فلو كان المصدر أن وصلتها ، أو أنّ وصلتها لم يجب حرف التعليل ، فيجوز أن يقال : جئتك أن رغبت فيّ ، وجئتك الساعة أن وعدتك أمس ، وكذلك أنك رغبت فيّ ، لأنّ أن وأنّ قد اطّرد فيهما جواز الاستغناء عن حروف الجرّ في هذا الباب وغيره ، انتهى.

يشير بقوله : (وغيره) ، إلى قوله في الألفية في باب التعدّي واللزوم :

والحذف مع أنّ وأن يطّرد

مع أمن لبس ، كعجبت أن يدوا

فيقال : عجبت أن قمت ، وعجبت عن قيامك بإظهار الجارّ مع المصدر وجوبا ، وحذفه مع أن أو أنّ وصلتها.

الثالث : قال أبو حيّان : زعم ابن الطراوة أنه لا يجوز أن يضاف إلى أن ومعمولها. قال : لأنّ أن معناها التراخي ، فما بعدها في جهة الإمكان وليس بثابت ، والنيّة في المضاف إثبات عينه بثبوت عين ما أضيف إليه ، فإذا كان ما أضيف إليه غير ثابت في نفسه فأن يثبت غيره محال.

قال أبو حيّان : وهو مردود بالسماع ، فقد حكاها الثقات عن العرب في قولهم : مخافة أن تفعل. ويقال : أجيء بعد أن تقوم ، وقبل أن تخرج.

الرابع : قال ابن يعيش (١) : قالوا في التحذير : إيّاي وأن يحذف أحدكم الأرنب ،

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٢٦).


يعني يرميه بسيف أو نحوه. فأن في موضع نصب ، كأنّه قال : إياي وحذف أحدكم الأرنب ، ولو حذفت الواو لجاز مع أن ، فيقال : إيّاي أن يحذف أحدكم الأرنب ، ولو صرّح بالمصدر لم يجز حذف الواو ولا من. والفارق بينهما أنّ أن وما بعدها من الفعل ، وما يعمل فيه مصدر ، فلمّا طال جوّزوا فيه من الحذف ما لم يجز في المصدر الصريح.

الخامس : قال أبو حيّان في إعرابه : نصّوا على أنّ (أن) المصدرية لا ينعت المصدر المنسبك منها ومن الفعل ، فلا يوجد في كلامهم : يعجبني أن قمت السريع ، تريد (قيامك السريع) ولا عجبت من أن تخرج السريع ، أي : من خروجك السريع ، قال : وحكم باقي الحروف المصدرية حكم أن ، فلا يوجد في كلامهم وصف المصدر المنسبك من أنّ ، ولا من ما ، ولا من كي ، بخلاف صريح المصدر ، فإنه يجوز أن ينعت ، وليس لكلّ مصدر حكم المنطوق به ، وإنّما يتّبع في ذلك ما تكلّمت به العرب.

وقال ابن هشام في (المغني) : اعلم أنهم حكموا لأن وأنّ المقدّرتين بمصدر معرّف بحكم الضمير ، لأنه لا يوصف كما أنّ الضمير كذلك.

السادس والسابع والثامن : قال ابن هشام في (المغني) : لا يعطى المصدر حكم أن وأنّ وصلتهما في جواز حذف الجارّ ، ولا في سدّهما مسدّ جزأي الإسناد في باب ظنّ وعسى ، ولا في النيابة عن ظرف الزمان ، تقول : عجبت أن تقوم ، أو أنّك قائم. ولا يجوز عجبت قيامك. وتقول : حسبت أن تقوم وأنّك قائم ، ولا تقول : حسبت قيامك ، حتى تذكر الخبر ، وتقول : عسى أن تقوم ، ولا يجوز عسى قيامك. وتقول : جئتك صلاة العصر ، ولا يجوز جئتك أن تصلّي العصر ، خلافا لابن جنّي والزمخشري ، وقال ابن إياز : يجوز حذف حرف الجرّ مع أنّ وأن كثيرا ، ولا يجوز مع المصدر. لا تقول : رغبت لقاءك ، وتريد : في لقائك ، إذ المسوّغ للحذف معهما طول الكلام بصلتهما ، ولا طول هنا.

وقال ابن القوّاس : يجوز في باب التحذير مع أن من حذف حرف الجرّ وحذف حرف العطف ما لا يجوز في غيرها مصدرا كان أو غيره.

التاسع : قال ابن يعيش (١) : في قوله تعالى : (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ) [الذاريات : ٢٣] وقول الشاعر : [البسيط]

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٣ / ٨١).


٣٣١ ـ لم يمنع الشّرب منها غير أن نطقت

[حمامة في غصون ذات أو قال]

بنيت (مثل وغير) على الفتح لإضافتهما إلى غير متمكّن. فإن قيل : فأن والفعل في تأويل المصدر ، وكذلك أنّ المشددة مع ما بعدها. والمصدر اسم متمكن فحينئذ (مثل وغير) قد أضيفا إلى متمكّن ، فلم وجب البناء؟.

قيل : كون أن مع الفعل في تقدير المصدر شيء تقديريّ ، والاسم غير ملفوظ به ، وإنما الملفوظ به حرف وفعل ، فلما أضيفا إلى ما ذكرنا مع لزومهما الإضافة بنيا معها ، لأن الإضافة بابها أن تقع على الأسماء المفردة. فلما خرجت هنا عن بابها بني الاسم.

العاشر : يقال : ضربت زيدا ضربا ، ولا يقال ضربت زيدا أن ضربت ، على إيقاع أن والفعل موقع المصدر ، وأجازه الأخفش (٢).

وحجة الجمهور أنّ (أن) تخلّص الفعل للاستقبال والتأكيد إنما يكون بالمصدر المبهم ، وعلّله بعضهم بأنّ (أن تفعل) يعطي محاولة الفعل ، ومحاولة المصدر ليست بالمصدر ، فكذلك لم يسغ لها أن تقع مع صلتها موقع المصدر.

قال صاحب البديع : أجاز الأخفش مسألة لا يجيزها غيره : ضربت زيدا أن ضربت ، ويقول : هو في تقدير المصدر.

الحادي عشر : قد ينوب المصدر عن الظرف ، نحو : جئتك قدوم الحاجّ ، وانتظرتك حلب ناقة. ولا ينوب في ذلك المصدر المؤول ، وهو أن والفعل ، نحو : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) [النساء : ١٢٧] ، إذا قدّر بفي خلافا للزمخشري.

الثاني عشر : قال ابن مجاشع في كتاب (معاني الحروف) : الفرق بين كرهت خروجك ، وكرهت أن تخرج أنّ الأول مصدر غير موقّت ، والثاني مصدر موقّت لأنه بيّن فيه الوقت.

__________________

٣٣١ ـ الشاهد لأبي قيس بن الأسلت في ديوانه (ص ٨٥) ، وجمهرة اللغة (ص ١٣١٦) ، وخزانة الأدب (٣ / ٤٠٦) ، والدرر (٣ / ١٥٠) ، ولأبي قيس بن رفاعة في شرح أبيات سيبويه (٢ / ١٨٠). وشرح شواهد المغني (١ / ٤٥٨) ، وشرح المفصّل (٣ / ٨٠) ، وبلا نسبة في الكتاب (٢ / ٣٤٤) ، وخزانة الأدب (٦ / ٥٣٢) ، وسرّ صناعة الإعراب (٢ / ٥٠٧) ، وشرح التصريح (١ / ١٥) ، وشرح المفصّل (٣ / ٨١) ، ولسان العرب (نطق) و (وقل) ، ومغني اللبيب (١ / ١٥٩) ، وهمع الهوامع (١ / ٢١٩).

(١) انظر همع الهوامع (١ / ١٨٧).


وقال الأندلسيّ في (شرح المفصل) : الفرق بين ذكر (أن) مع الفعل بمعنى المصدر ، وبين الإفصاح بذكر المصدر من وجهين :

أحدهما : ذكره عليّ بن عيسى ، أن ذكر المصدر بمنزلة المجمل ، لأنه يحتمل الفعل الذي نسب إلى فاعله ، والفعل الذي فعل ، والفعل الذي فعله ، وإذا ذكرت (أن) مع الفعل فقد أفصحت بالمعنى الذي أردت من ذلك. مثال ذلك : أعجبني أن ضرب زيد ، وأن ضرب زيد ، وأن تضرب وأن يضرب زيد.

والآخر : أنّ ذكر المصدر لا يدلّ على زمان بعينه ، وذكر (أن) مع الفعل يدلّ على أنّ الفعل وقع من فاعله فيما مضى ، أو يقع فيما يأتي.

وفرق ثالث وهو أنّ (أن) وصلتها له شبه بالمضمر في أنّه لا يوصف ، ولذلك اختار الجرمي في البرّ من قوله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا) [البقرة : ١٧٧] النصب لأنه إذا اجتمع مضمر ومظهر فالوجه أن يكون المضمر الاسم ، لأنه أذهب في الاختصاص ، انتهى.

وفي تذكرة ابن مكتوم عن تعاليق ابن جنّي : من قال (١) : [البسيط]

[ترتع ما رتعت حتى إذا ادّكرت]

فإنّما هي إقبال وإدبار

لم يقل : فإنما هي أن تقبل وأن تدبر. وإن كان هذا بمعنى المصدر ، وذلك لأن قوله إقبال مصدر دالّ على الأزمنة الثلاثة دلالة مبهمة غير مخصوصة ، فهو عامّ ، وقولك أن تقبل خاصّ ، لأنّ أن تخصّص الاستقبال. فلما كانوا توسّعوا في الأول ، وهو المصدر ، لم يتوسّعوا في هذا الثاني ، وإن كان معناه المصدر للمخالفة التي بينهما ، انتهى.

ذكر ما افترق فيه المصدر واسم الفاعل

في تذكرة ابن الصائغ قال : نقلت من مجموع بخطّ ابن الرماح :

يفارق المصدر اسم الفاعل في عمله مطلقا ، وعدم تقديم معموله ، وإضافته للفاعل ، وتعريفه بأل العهديّة والجنسية غير الموصولة ، وعدم الجمع بين أل والإضافة ، وعدم الاعتماد والعمل غير مفرد إلا في (٢) : [الطويل]

[وعدت وكان الخلف منك سجيّة]

مواعيد عرقوب أخاه [بيثرب]

__________________

(١) مرّ الشاهد رقم (٤٠).

(٢) مر الشاهد رقم (٢٣٢).


وتركته بملاحس البقر أولادها.

ذكر ما افترق فيه اسم الفاعل والفعل

قال في (البسيط) : اعلم أنّ اسم الفاعل ينقص عن الفعل ، ويفارقه بستّة أشياء :

أحدها : لا يعمل عند البصريين إلّا في الحال والاستقبال ، والفعل يعمل مطلقا.

الثاني : اشتراط اعتماده عند البصريين.

الثالث : إذا جرى على غير من هو له برز ضميره عند البصريين بخلاف الفعل.

الرابع : أنه يجوز تعديته بحرف الجرّ ، وإن امتنع ذلك في فعله ، نحو : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [هود : ١٠٧] ، وقال الشاعر : [الوافر]

٣٣٢ ـ ونحن التّاركون لما سخطنا

ونحن الآخذون لما رضينا

الخامس : أنّ اسم الفاعل مع فاعله يعدّ من المفردات بخلاف الفعل مع فاعله. ولذلك يعرب بخلاف الفعل مع فاعله عند التسمية به.

السادس : أنّ الألف والواو في : (ضاربان وضاربون) حرفان يدلّان على التثنية والجمع ، وهما في : (يضربان ويضربون) اسمان يدلّان على الفاعل المثنى والمجموع.

وقال في موضع آخر : اعلم أنّ الألف والياء والواو اللاحقة لاسم المفعول واسم الفاعل حروف دالّة على التثنية والجمع. والفاعل فيها ضمير لا يبرز ، بخلاف الفعل ، فإنّها فيه ضمائر دالة على المثنّى والمجموع والفاعلة المخاطبة عند سيبويه (٢). وإنما حكمنا بأنها حروف ، وليست بضمائر لتغيّرها بدخول العامل ، والضمائر في الفعل لا تتغيّر بدخوله. وإنما لم يبرز ضمير الفاعل في الصفات في تثنية ولا جمع لثلاثة أوجه :

أحدها : لتنحطّ رتبتها عن رتبة الفعل الذي هو أصلها في العمل ، فإنه يبرز فيه ضمير التثنية ، والجمع.

والثاني : أنه لو برز لكان بصورة الضمير الدالّ على التثنية والجمع في الفعل ، وحينئذ فيؤدي إلى اجتماع ألفين في التثنية ، أحدهما : ضمير ، والثاني : علامة التثنية ، واجتماع واوين في الجمع ، إحداهما : ضمير ، والثانية : علامة الجمع ، ولا يجوز الجمع بينهما لأنهما ساكنان ، فلا بدّ من حذف أحدهما. وإذا كان لا بدّ من الحذف حكمنا باستتار الضمير خيفة من الحذف ، لأن الموجود علامة التثنية والجمع ، وليس بضمير بدليل تغيّره ، والضمير لا يتغيّر.

__________________

٣٣٢ ـ الشاهد لعمرو بن كلثوم في ديوانه (ص ٨٣) ، وشرح المفصّل (٦ / ٧٨).

(١) انظر الكتاب (١ / ٤٤).


والثالث : أنّ الصفة لمّا كانت تثنّى وتجمع بحكم الاسميّة استغني عن بروز ضميرها بدليل علامة التثنية والجمع عليه ، بخلاف الفعل ، فإنه لا يثنّى ولا يجمع ، فلذلك برز ضميره ليدلّ على تثنية الفاعل وجمعه.

وذكر الأندلسيّ بدل الوجه الرابع في الفرق أنّ اسم الفاعل إذا ثنّي أو جمع ، واتّصل به ضمير وجب حذف نونه ، لاتصال الضمير ـ على المشهور ، وذلك لا يجب في الفعل ، بل يتّصل الضمير به. وقال المهلّبيّ : [الطويل]

مراتب ستّ لم تكن لاسم فاعل

تنزّل عنها ، واستبدّ بها الفعل

يحلّ إذا لم يعتمد في محلّه

ولا بدّ من إبراز مضمره يتلو

وإن كان معناه المضيّ فمبطل

وتسقط نوناه إذا مضمر يخلو

وتقديره فردا ، وجعلك واوه

وأختا لها في الجمع حرفا به يعلو

ذكر ما افترق فيه اسم الفاعل واسم المفعول

من ذلك أنّ اسم الفاعل يبنى من اللازم كما يبنى من المتعدّي ، كقائم وذاهب ، واسم المفعول إنما يبنى من فعل متعد ، لأنه جار على فعل ما لم يسمّ فاعله. فكما أنه لا يبنى إلا من متعدّ كذلك اسم المفعول. ذكره في (البسيط) قال : فإن عدّي اللازم بحرف جرّ أو ظرف جاز بناء اسم المفعول منه نحو : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة : ٧] وزيد منطلق به.

ومن ذلك قال ابن مالك في (شرح الكافية) : انفرد اسم المفعول عن اسم الفاعل بجواز إضافته إلى ما هو مرفوع معنى ، نحو : الورع محمود المقاصد ، وزيد مكسوّ العبد ثوبا.

وقال الأندلسيّ في (شرح المفصّل) : الفرق بين اسم الفاعل المراد به الماضي وبين اسم الفاعل المراد به الحال أو الاستقبال من وجوه :

أحدها : أنّ الأول لا يعمل إلا إذا كان فيه اللام بمعنى الذي ، والثاني يعمل مطلقا.

ثانيها : أنّ الأول يتعرّف بالإضافة بخلاف الثاني.

ثالثها : أنّ الأول إذا ثنّي أو جمع لا يجوز فيه إلا حذف النون والجرّ ، والثاني يجوز فيه وجهان : هذا ، وبقاء النون والنصب.


ذكر ما افترق فيه الصفة المشبّهة واسم الفاعل

قال ابن القوّاس في (شرح الكافية) : الصفة المشبّهة تشبه اسم الفاعل من وجوه ، وتفارقه من وجوه. أما وجوه الشّبه فأربعة : التذكير ، والتأنيث ، والتثنية ، والجمع. وأما وجوه المفارقة فسبعة :

أحدها : أنها لا تعمل إلا في السببيّ دون الأجنبي ، نحو : زيد حسن وجهه ولا يجوز : حسن وجه عمرو كما يجوز ضارب وجه عمرو لنقصانها عن مرتبة اسم الفاعل.

والثاني : لا يتقدّم معمولها عليها ، فلا يقال : زيد وجها حسن ، كما يقال : زيد عمرا ضارب.

والثالث : عدم شبه الفعل ، ولذلك احتاجت في العمل إلى شبه اسم الفاعل.

الرابع : أنها لا توجد إلا ثابتة في الحال ، سواء كانت موجودة قبله أو بعده فإنها لا تتعرض لذلك ، بخلاف اسم الفاعل فإنه يدلّ على ما يدلّ عليه الفعل ، ويستعمل في الأزمنة الثلاثة ، ويعمل منها في الحال والاستقبال ، ولذلك إذا قصدنا بالصفة معنى الحدوث أتي بها على زنة اسم الفاعل فيقال في حسن : حاسن. فحسن هو الذي ثبت له الحسن مطلقا ، وحاسن الذي ثبت له الآن أو غدا. وفي التنزيل (وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) [هود : ١٢] ، فعدل عن ضيّق إلى ضائق ، ليدلّ على عروض ضيق ، وكونه غير ثابت في الحال.

لا يقال فإذا دلّت على معنى ثابت كانت مأخوذة من الماضي ، لكونه قد ثبت ، وحينئذ فيلزم ألّا تعمل ، لكون اسم الفاعل المشبهّة به للماضي ، وهو لا يعمل. لأنّا نقول : إنما يلزم ذلك أن لو كان دلالتها على الثبوت ، وتعلّقها بالماضي يخرجها عن شبه اسم الفاعل للحال مطلقا ، وهو ممنوع. بل معنى الحال موجود فيها ، فإنك إذا قلت : مررت برجل حسن الوجه ، دلّ على أنّ الصفة موجودة لاتصال زمانها من إخبارك ، لا أنها وجدت ثمّ عدمت.

الخامس : أنها لا تؤخذ إلا من فعل لازم.

السادس : أنها إذا دخل عليها أل وعلى معمولها كان الأجود في معمولها الجرّ ، بخلاف اسم الفاعل فإن النصب فيه أجود.

السابع : أنه لا يجوز أن يعطف على المجرور بها بالنصب ، فلا يقال : زيد كثير المال والعبيد ، بنصب العبيد ، كما يقال : زيد ضارب عمرو ، وبكرا لأنه إنما يعطف على الموضع بالنصب إذا كان المعطوف عليه منصوبا في المعنى.


وليس معمولها كذلك ، بل هو مرفوع في المعنى ، لأن الأصل في : كثير المال ، كثير ماله.

وذكر ابن السرّاج في (الأصول) فرقا ثامنا ، وهو أنّ اسم الفاعل لا يجوز إضافته إلى الفاعل ، لا يجوز أن تقول : عجبت من ضارب زيد ، وزيد فاعل. ويجوز في الصفة المشبّهة إضافتها إلى الفاعل ، لأنها إضافة غير حقيقية ، نحو : الحسن الوجه والشديد اليد. فالحسن للوجه ، والشدّة لليد ، والمعنى حسن وجهه.

وزاد ابن هشام في (المغني) (١) فروقا أخرى :

أحدها : أنّ اسم الفاعل لا يكون إلا مجاريا للمضارع في حركاته وسكناته ، وهي تكون مجارية له ، كمنطلق اللسان ، ومطمئنّ النفس ، وطاهر العرض ، وغير مجارية له ، وهو الغالب.

والثاني : أنه لا يخالف فعله في العمل ، وهي تخالفه فإنها تنصب مع قصور فعلها.

والثالث : أنه لا يقبح حذف موصوف اسم الفاعل وإضافته إلى مضاف إلى ضميره ، نحو مررت بقاتل أبيه ، ويقبح مررت بحسن وجهه.

والرابع : أنه يفصل مرفوعه ومنصوبه كزيد ضارب في الدار أبوه عمرا ، ويمتنع عند الجمهور زيد حسن في الحرب وجهه ، رفعت أو نصبت.

والخامس : أنّه يجوز إتباع معموله بجميع التوابع ، ولا يتبع معمولها بصفة. قاله الزّجاج ومتأخرو المغاربة.

والسادس : أنّه يجوز حذفه وإبقاء معموله ، وهي لا تعمل محذوفة.

وقال الأندلسي في (شرح المفصّل) : الأمور التي ضارعت بها الصفة المشبّهة اسم الفاعل ستّة : الاشتقاق ، واتحاد المعنى ، والإفراد ، والتثنية ، والجمع والتذكير ، والتأنيث.

وأما الفرق بينها وبين اسم الفاعل فمن وجوه :

أحدها : أنّ هذه الصفات لا توجد إلا حالا ، واسم الفاعل يصلح للأزمنة الثلاثة.

ثانيها : أنّها لا تعمل إلا فيما كان من سبب موصوفها ، أعني الاسم الذي تجري عليه إعرابا.

ثالثها : لا يتقدّم معمولها عليها.

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٥١١).


رابعها : أنّ المنصوب بها ليس مفعولا به صريحا.

خامسها : أنّ الألف واللام متى كانت فيها وفي معمولها كان الأصل الجرّ.

سادسها : أنّه لا يعطف على المجرور بها نصبا.

سابعها : أنها تعمل مطلقا من غير تقييد بزمان أو ألف ولام.

ثامنها : أنّها يقبح أن يضمر فيها الموصوف ويضاف معمولها إلى مضمره.

تاسعها : أنها لا تكون علاجا ، واسم الفاعل قد يكون وقد لا يكون.

عاشرها : أنّها لا توافق الفعل عدّة وحركة وسكونا.

قال ابن برهان : ضارب يعمل عمل فعله الذي أخذ منه ، وحسن يعمل ما يعمل فعله ، لأنه ينصب تشبيها له بضارب. وبينهما فرق من طريق ، المعنى وذلك أنّ الفاعل في : زيد ضارب عمرا غير المنتصب ، والفاعل في المعنى في : زيد حسن الوجه هو المنتصب. فإن قيل : ما العلّة في حمل حسن الوجه على ضارب؟ قلنا : لأنّهما صفتان.

قال الأندلسيّ : هذا الذي ذكر فرق آخر أيضا ، وهو أنّ المنصوب بها فاعل في المعنى ، وذلك أنّك إذا قلت : زيد ضارب عمرا ، فقد أخبرت بوصول الضرب من زيد إلى عمرو ، وأما زيد حسن الوجه فلا يخبر أنّ الأول فعل بالوجه شيئا ، بل الوجه هو الفاعل في الحقيقة إذا الأصل زيد حسن وجهه. ويشترط فيها الاعتماد كما اشترط في اسم الفاعل.

ذكر ما افترق فيه أفعل في التعجّب وأفعل التفضيل

قال صاحب (البسيط) : التعجّب والتفضيل يشتركان في اللفظ والمعنى : أما اللفظ فلتركّبهما من ثلاثة أحرف أصول وهمزة.

وأمّا المعنى فلأنّ ما أعلم زيدا! وزيد أعلم من عمرو يشتركان في زيادة العلم ، ويفترقان في أنّ أفعل في التعجّب ينصب المفعول به ، نحو : ما أحسن زيدا! وأفعل التفضيل لا ينصب المفعول به على أشهر القولين ، والثاني أنه ينصبه للسماع والقياس : أما السماع فقوله (١) : [الطويل]

أكرّ وأحمى للحقيقة منهم

وأضرب منّا بالسيوف القوانسا

وأما القياس فإنه اسم مأخوذ من فعل ، فوجب أن يعمل عمل أصله قياسا على

__________________

(١) مرّ الشاهد رقم (٩٢).


سائر الأسماء العاملة ، والجواب عن البيت أنّ القوانس منصوب بفعل دلّ عليه أضرب ، أي : نضرب القوانسا ، وعن القياس أنه مدفوع بالفارق من وجهين :

أحدهما : أنّ الأسماء العاملة لها أفعال بمعناها ، فلذلك عملت نظرا إلى الفعل الذي بمعناها ، وأفعل التفضيل ليس له فعل بمعناه في الزيادة حتى يعمل نظرا إلى فعله.

والثاني : أنّ أصل العمل للفعل ، ثمّ لما قويت مشابهته له ، وهو اسم الفاعل واسم المفعول ، ثمّ لما شبه بهما من طريق التثنية والجمع والتذكير والتأنيث وهي الصفة المشبّهة. وأفعل التفضيل إذا صحبته (من) امتنعت منه هذه الأحكام ، فبعد لذلك عن شبه الفعل ، فلذلك لم يعمل في الظاهر. ذكره صاحب (البسيط).

ذكر ما افترق فيه نعم وبئس وحبّذا

قال ابن النحّاس في (التعليقة) : (حبّذا) كنعم وبئس في المبالغة في المدح والذمّ ، إلّا أنّ بينهما فرقا ، وهو أنّ حبّذا مع كونها للمبالغة في المدح تتضمّن تقريب الممدوح من القلب وكذلك في الذمّ تتضمّن بعد المذموم من القلب. وليس في نعم وبئس تعرّض لشيء من ذلك.

قال : ومما افترقا فيه : أنّه يجوز في حبّذا الجمع بين الفاعل الظاهر والتمييز ، من غير خلاف ، نحو : حبّذا رجلا زيد. وجرى في نعم وبئس خلاف ، فمنعه جماعة وجوّزه آخرون منهم الفارسيّ والزمخشريّ ، وفصّل جماعة منهم ابن عصفور ، فقالوا : إن اختلف لفظ الفاعل الظاهر والتمييز ، وأفاد التمييز معنى زائدا جاز الجمع بينهما وإلّا لم يجز.

قال : وإنما جرى الخلاف في نعم وبئس ، ولم يجر في حبّذا لأنّ بينهما فرقا ، وهو أنّ الفاعل في حبّذا ـ وهو اسم الإشارة ـ مبهم ، فله مرتبة من مرتبتي فاعلي نعم وهما المظهر والمضمر. فليس اسم الإشارة واضحا كوضوح فاعل نعم المظهر ، فلا يحتاج إلى تمييز ، ولا مبهما كإبهام المضمر في نعم ، فيلزم تمييزه. بل لمّا كان فيه إبهام فارق به الفاعل المظهر في نعم جاز أن يجمع بين الفاعل والتمييز في حبّذا. ولما قل إبهامه عن إبهام المضمر في نعم جوّزنا عدم التمييز في حبّذا ظاهرا ومقدّرا ، ولم نجزه في نعم ، انتهى.

ذكر ما افترقت فيه التوابع

قال في (البسيط) : الفرق بين الصفة والتأكيد من خمسة أوجه :


أحدها : أنه لا يصحّ حذف المؤكّد ، ويصحّ حذف الموصوف. وسرّه أنّ التأكيد ليس فيه زيادة على المؤكّد ، بل هو هو بلفظه أو بمعناه ، فلو حذف لبطل سرّ التأكيد. وأما الصفة ففيها معنى زائد على الموصوف فإذا علم الموصوف جاز حذفه وإبقاؤها لإفادتها المعنى الزائد على الموصوف. لأنها بمنزلة المستقلّ بالنظر إلى المعنى الزائد.

والوجه الثاني : أنّ التوكيد المتعدّد لا يعطف بعضه على بعض ، والصفات المتعدّدة يجوز عطف بعضها على بعض ، وسرّه أنّ ألفاظ التوكيد متّحدة المعاني. وألفاظ الصفات متعدّدة المعاني. فجاز عطفها لتعدّد معانيها ، ولم يجز في التأكيد لاتحاد معانيه.

والوجه الثالث : أنّ ألفاظ التأكيد لا يجوز قطعها عن إعراب متبوعها والصفات يجوز قطعها عن إعرابه ، وسرّه أنّ القطع إنما يكون لمعنى مدح أو ذمّ وهو موجود في الصفات ، فلذلك جاز قطعها. وأما التأكيد فلا يستفاد منه مدح ولا ذمّ ، فلذلك لم يجز قطعه.

والوجه الرابع : أنّ التأكيد يكون بالضمائر دون الصفات ، وسرّه أنّ التأكيد يقوّي المعنى في نفس السامع بالنسبة إلى رفع مجاز الحكم ، وإن كان المحكوم عليه في نهاية الإيضاح. فلذلك احتيج إليه. وأما الصفة فلأنّ المقصود منها إيضاح المحكوم عليه ، وهو في نهاية الإيضاح ، فلا يحتاج إلى إيضاح ، لأنه إن كان لمتكلم أو مخاطب فقرينة التكلّم أو الخطاب توضّحهما ، وإن كان لغائب فالقرينة الظاهرة توضّحه ، فلا يحتاج إلى إيضاح.

والوجه الخامس : أنّ النكرات تؤكّد بتكرير ألفاظها دون معاني ألفاظها ، وتوصف ، وسرّه أن معاني ألفاظها معارف ، ولا تؤكّد النكرات بالمعارف ، وأما الوصف فإنها توصف بما يوافقها في التنكير.

وقال الأندلسيّ في (شرح المفصّل) : النعت يفارق التوكيد من أوجه :

الأول : أنّ التأكيد إن كان معنويا فألفاظه محصورة ، وألفاظ الصفات ليست كذلك ، وإن كان لفظيا فإنه يجري في الكلم بأسرها مفردة ومركّبة ، والنعت ليس كذلك.

الثاني : أنّ النعت يتبع المعرفة والنكرة ، والتأكيد لا يتبع إلا المعارف ، أعني التأكيد المعنويّ.


الثالث : أنّ الصفة يشترط فيها أن تكون مشتقّة ، ولا كذلك في التأكيد.

قال : وعطف البيان يجامع الصفة من حيث أنه يبيّن ويوضّح كما تفعل الصفة في الجملة. ثم إنّهما يفترقان في غير ذلك.

فالصفة مشتقة أبدا من معنى في الموصوف ، أو في شبيه استحقّ أن يوضع له اسم منه نحو : طويل مشتقّ من الطول ، فإذا قلت : رجل طويل ، فالرجل استحق أن يكون طويلا اسما له وواقعا عليه بطريق وجود الطول فيه. وأمّا عطف البيان فلا يكون مشتقّا.

وفرق ثان : وهو أنّ عطف البيان على الانفراد يدلّ على المقصود. فإذا قلت : زيد أبو عبد الله ، دلّ أبو عبد الله ، لو انفرد ، على الرجل المخصوص الذي قصد به زيد ، وأما الصفة فليست كذلك ، لأنك إذا قلت : رجل طويل ، ثم أفردت الطويل ، ولم تقدر جريه على رجل لم يدلّ عليه ، وإنما دل على شيء من صفته الطول على الجملة.

وفرق ثالث : أنّ عطف البيان لا يكون إلا بالمعارف ، والصفة تكون بالمعرفة والنكرة.

وفرق رابع : أنّ النعت يكون للشيء وكيفيّته ، وعطف البيان لا يكون فيه ذلك.

وفرق خامس : أنّ النعت قد يكون جملة ، وعطف البيان ليس كذلك ، والنعت منه ما يكون للمدح ، ولا كذلك في عطف البيان.

وأيضا فالصفة تتحمّل الضمير ، وعطف البيان لا يتحمّله ، وغير ذلك من الفروق ، انتهى.

وقال ابن يعيش (١) وصاحب (البسيط) : عطف البيان يشبه الصفة من أربعة أوجه ، ويفارقها من أربعة أوجه. أمّا أوجه الشبه :

فأحدها : أنه يبيّن المتبوع كبيان الصفة.

والثاني : أنّ حكمه حكم الصفة في انسحاب العامل عليها.

والثالث : أنه يطابق متبوعه في التعريف كالصفة.

والرابع : أنه لا يجري على مضمر كالصفة.

وأما أوجه المفارقة :

فأحدها : أنّ الصفة بالمشتقّ غالبا ، وهو بالجوامد.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٣ / ٧١).


والثاني : أنّ عطف البيان يختصّ بالمعارف ، والصفة تكون في المعارف والنكرات. وذكر بعضهم أنه يكون في النكرات أيضا.

والثالث : أنّ حكم الصفة أن تكون أعمّ من الموصوف أو مساوية ، ولا تكون أخصّ منه ، لأنها تستمدّ من الفعل ، بدليل تحمّلها الضمير ، فلذلك انحطّت رتبتها لنظرها إلى ما أصله التنكير ، ولا يشترط ذلك في عطف البيان نحو : مررت بأخيك زيد ، فإنّ زيدا أخصّ من الأخ.

الرابع : أنّ الصفة يجوز فيها القطع إلى النصب والرفع ، ولا يجوز ذلك في عطف البيان ، لعدم المدح والذمّ المقتضي للقطع.

قالا : ويشبه البدل أيضا من أربعة أوجه ، ويفارقه من أربعة أوجه. أما أوجه الشبه :

فأحدها : أنه عبارة عن الأول كالبدل.

والثاني : أنه يكون بالجوامد كالبدل.

والثالث : أنه قد يكون أخصّ من متبوعه وأعمّ منه كالبدل.

والرابع : أنه قد يكون بلفظ الأول على جهة التأكيد كقوله : [الرجز]

٣٣٣ ـ [إنّي وأسطار سطرن سطرا]

لقائل : يا نصر نصر نصرا

كالبدل.

وأما أوجه المفارقة : فأحدها : أنّ عطف البيان في تقدير جملة على الأصحّ ، والبدل في تقدير جملتين على الأصحّ.

والثاني : أنّ عطف البيان يشترط مطابقته لما قبله في التعريف ، بخلاف البدل ، فإنه تبدل النكرة من المعرفة وبالعكس.

والثالث : أنّ عطف البيان لا يجري على المضمر كالوصف ، بخلاف البدل.

والرابع : أنّ البدل قد يكون غير الأول في بدل البعض والاشتمال والغلط ، بخلاف عطف البيان.

وقال ابن جنّي في (الخصائص) (٢) : حدّثنا أبو عليّ أنّ الزيادي سأل أبا الحسن

__________________

٣٣٣ ـ الرجز لرؤبة في ديوانه (ص ١٧٤) ، والكتاب (٢ / ١٨٧) ، وخزانة الأدب (٢ / ٢١٩) ، والخصائص (١ / ٣٤٠) ، والدرر (٤ / ٢٢) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٢٤٣) ، وشرح المفصّل (٢ / ٣) ، ولسان العرب (نصر) ، وبلا نسبة في أسرار العربية (ص ٢٩٧) ، والدرر (٦ / ٢٦) ، ولسان العرب (سطر) ، ومغني اللبيب (٢ / ٣٨٨) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٢٠٩) ، والمقتضب (٤ / ٢٠٩) ، وهمع الهوامع (١ / ٢٤٧).

(١) انظر الخصائص (٢ / ٤٢٨).


عن قولهم : مررت برجل قائم زيد أبوه ، أأبوه بدل أم صفة؟ فقال أبو الحسن : لا أبالي بأيّهما أجبت. قال ابن جنّي : وهذا يدلّ على تداخل الوصف والبدل ، وعلى ضعف العامل المقدّر مع البدل.

وقال ابن يعيش (١) : قد اجتمع في البدل ما افترق في الصفة والتأكيد ، لأنّ فيه إيضاحا للمبدل ورفع لبس ، كما كان ذلك في الصفة ، وفيه رفع للمجاز ، وإبطال التوسع الذي كان يجوز في المبدل منه ، ألا ترى أنّك إذا قلت : جاءني أخوك ، جاز أن تريد كتابه أو رسوله ، فإذا قلت : زيد ، زال ذلك الاحتمال ، كما لو قلت نفسه أو عينه ، فقد حصل باجتماع البدل والمبدل منه ما يحصل من التأكيد بالنفس والعين ، ومن البيان ما يحصل بالنعت. غير أنّ البيان في البدل مقدّم ، وفي النعت والتأكيد مؤخّر.

وقال ابن هشام في (المغني) (٢) : افترق عطف البيان والبدل في ثمانية أمور ، فذكر من هذه الأربعة التي ذكرها ابن يعيش وصاحب البسيط ثلاثة.

والرابع والخامس والسادس : أنّ عطف البيان لا يكون جملة ، ولا تابعا لجملة ، ولا فعلا تابعا لفعل ، بخلاف البدل.

والسابع : أنه لا يكون بلفظ الأول ، ويجوز ذلك في البدل ، بشرط أن يكون مع الثاني زيادة بيان ، كقراءة يعقوب : (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا) [الجاثية : ٢٨] بنصب كلّ الثانية.

والثامن : أنه ليس في نية إحلاله محلّ الأول ، بخلاف البدل ، ولهذا امتنع البدل ، وتعيّن البيان في نحو : يا زيد الحارث ويا سعيد كرز ، وفي نحو : أنا الضارب الرجل زيد ، وفي نحو : زيد أفضل الناس الرجال والنساء ، أو النساء والرجال ، وفي نحو : يا أيّها الرجل غلام زيد ، وفي نحو : أيّ الرجلين زيد وعمرو جاءك ، وفي نحو : جاءني كلا أخويك زيد وعمرو.

وقال ابن هشام في (المغني) (٣) : وعبارة ابن السرّاج الفرق بين عطف البيان وبين البدل أن عطف البيان تقديره تقدير النعت التابع للاسم ، والبدل تقديره أن يوضع موضع الأول.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٣ / ٦٦).

(٢) انظر المغني اللبيب (٥٠٨).

(٣) انظر مغني اللبيب (٥٠٨).


قال : والفرق بين العطف وبين النعت والبدل أنّ الثاني في العطف غير الأول ، والنعت والبدل هما الأول.

قال ابن يعيش (١) : ويتبيّن الفرق بينهما بيانا شافيا في موضعين :

أحدهما : النداء نحو : يا أخانا زيدا.

والثاني نحو : أنا الضارب الرجل زيد. فإنه يتعيّن فيهما جعل زيد عطف بيان ، ولا يجوز جعله بدلا ، لأنه يوجب ضمّ زيد في الأول ، وامتناع الإضافة في الثاني.

قال ابن يعيش (٢) : ومن الفصل بين البدل ، وعطف البيان أنّ المقصود بالحديث في عطف البيان هو الأول ، والثاني : بيان كالنعت المستغنى عنه ، والمقصود بالحديث في البدل هو الثاني ، لأنّ البدل والمبدل منه اسمان بإزاء مسمّى مترادفان عليه ، والثاني منهما أشهر عند المخاطب ، فوقع الاعتماد عليه ، وصار الأول كالتوطئة والبساط لذكر الثاني. وعلى هذا لو قلت : زوّجتك بنتي فاطمة ، وكانت عائشة فإن أردت عطف البيان صحّ النكاح ، لأنّ الغلط وقع في البيان ، والمقصود لا غلط فيه. وإذا جعلته بدلا لا يصحّ النكاح لأنّ الغلط وقع فيما هو معتمد الحديث ، وهو الثاني.

وذكر صاحب البسيط مثله ، قال : وينبغي للفقيه أن يتبع هذا التحقيق ولا ينكره.

وكتب الزركشيّ على (الحاشية) : هنا ما ذكره حسن ، وبه يستدرك على أصحابنا حيث حكوا وجهين في مثل هذه الصورة ، وصحّحوا الصّحة.

وفي (شرح التسهيل) لأبي حيّان : باب العطف أوسع من باب البدل ، لأنّ لنا عطفا على اللفظ ، وعلى الموضع وعلى التوهّم. والبدل يكون على اللفظ وعلى الموضع ، ولا يكون على التوهّم. وفيه الفرق بين العطف على الموضع ، والعطف على التوهّم أنّ العطف على الموضع عامله موجود ، وأثره مفقود. والعطف على التوهّم أثره موجود ، وعامله مفقود.

وقال السخاويّ في (سفر السعادة) : قال شيخنا أبو اليمن الكنديّ : ينبغي أن يعلم أنّ كثيرا من النحويين لا يكادون يعرفون عطف البيان على حقيقته. وإنما ذكره سيبويه (٣) عارضا في مواضع ، وأكثر ما يجيء تابعا للأسماء المبهمة كقولك : يا هذا

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٣ / ٧٣).

(٢) انظر شرح المفصّل (٣ / ٧٤).

(٣) انظر الكتاب (٢ / ١٩٠).


زيد ، ألا ترى أنه ينوّن زيد؟. فدلّ على أنه ليس ببدل ، وعلى هذا تقول : يا أيّها الرجل زيد ، فزيد لا يكون بدلا من الرجل ، لأن (أي) لا توصف بما لا لام فيه وإنما يكون بدلا من أي ، فلذلك كان مبنيّا على الضمّ غير منوّن. وهذا المكان من أوضح فروقه ، وهو من المواضع التي لا يقع فيها البدل.

وللبدل مواضع يخالف لفظه فيها لفظ عطف البيان ، فيعلم بذلك أنّ عطف البيان من قبيل التوابع قائم بنفسه على خفائه ، وأحكامه في التكرير والعطف والإعراب في التقديم والتأخير والعامل فيه أحكام الصفة. فلذلك أدخله سيبويه (١) في جملتها ولم يفرد له بابا.

قال : ومن الفرق بين الصفة وعطف البيان أنّ الصفة لا بدّ من تقديرها ثانيا ، وإلّا بطل كونها صفة. وعطف البيان علم لا بدّ من تقديره غير ثان ، بل أولا ، وإلا فسد كونه علما. فلذلك لا يصحّ أن يجري مجرى الصفة من كلّ وجه ، انتهى.

وقال ابن هشام في (تذكرته) : عطف البيان والنعت وبدل الكلّ من الكلّ والتأكيد فيها بيان لمتبوعها ، وتفترق من أوجه. فيفارق عطف البيان النعت من وجهين :

أحدهما : من حيث أنّ النعت بالمشتقّ أو بالمؤوّل به ، وهو ليس كذلك.

والثاني : من حيث أنّ النعت يرفع الضمير والسببيّ ، والبيان ليس كذلك ، وهذا الوجه ناشئ عن الأوّل ، وينبغي أن يهذّب فيقال : يكون في الحقيقة لغير الأول ، نحو :

برجل قائم أبوه ، والبيان لا يكون إلا للأول. ويفارق التأكيد من وجهين :

أحدهما : أن التأكيد بألفاظ محصورة ، وهذا ليس كذلك.

الثاني : أنّ التأكيد يرفع المجاز ، وهذا إنما يرفع الاشتراك.

ووجه ثالث : على رأي الكوفيين أنّهما يتخالفان في التعريف والتنكير في نحو : صمت شهرا كلّه ولا يجوز ذلك في البيان خلافا للزمخشريّ. ويفارق البدل من وجهين :

أحدهما : أنّ متبوعه هو المقصود بالنسبة ، وليس كذلك البدل. فالمقصود التابع لا المتبوع ، وإنما ذكر الأول كالتوطئة.

__________________

(١) انظر الكتاب (٢ / ١٩٠ ـ ١٩٢).


والثاني : أنّ البيان من جملة الأول ، والبدل من جملة أخرى ، انتهى.

وقال الأندلسي في (شرح المفصّل) : امتاز البدل عن بقية التوابع الأربعة بخواصّ لا توجد فيها. أما امتيازه عن الصفة فبوجوه :

أحدها : أنّ الصفة تكون بالمشتقّ أو ما هو في حكمه ، ولا كذلك البدل ، فإنّ حقه أن يكون بالأسماء الجامدة أو المصادر.

الثاني : أنّ الصفة تطابق الموصوف تعريفا وتنكيرا ، والبدل لا يلزم فيه ذلك.

الثالث : أنه يجري في المظهر والمضمر ، والصفة ليست كذلك.

الرابع : أنّ البدل ينقسم إلى بدل بعض وكلّ واشتمال ، والصفة لا تنقسم هذه القسمة.

الخامس : أنّ البدل منه ما يجري مجرى الغلط ، وليس ذلك في الصفة.

السادس : أنّ البدل لا يكون للمدح والذمّ ، كما تكون الصفة.

السابع : أنّ البدل يجري مجرى جملة أخرى ، ولا كذلك الصفة.

الثامن : أنّ الصفة تكون جملة تجري على المفرد ، وفي البدل لا يكون ذلك ، فلا تبدل الجملة من المفرد.

التاسع : أنّ الوصف يكون بمعنى في شيء من أسباب الموصوف ، والبدل لا يكون كذلك. لو قلت : سلب زيد ثوب أخيه ، لما جاز.

العاشر : أنّ البدل موضوع على مسمّى المبدل منه بالخصوصية ، من غير زيادة ولا نقصان ، والوصف ليس موضوعا على مسمّى الموصوف بالوضع بل بالالتزام. وأما امتيازه عن عطف البيان فمن وجوه :

أحدها : أنه يجري في المعرفة والنكرة ، وعطف البيان لا يكون إلا معرفة على ما قيل.

الثاني : أنّ عطف البيان هو المعطوف لا غير ، والبدل قد لا يكون المبدل بل بعضه ، أو مشتملا عليه ، أو لا واحدا منهما ، وهو بدل الغلط.

الثالث : أنّ البدل يقدّر معه العامل ، ولا كذلك في عطف البيان.

الرابع : أنّ في البدل ما يجري مجرى الغلط ، وليس هذا في عطف البيان. وأما امتيازه عن التأكيد فلأنّ ألفاظ التأكيد المعنويّ محصورة ، وأما اللفظيّ فهو إعادة اللفظ الأول ، والبدل ليس كذلك. ولأنّ التأكيد قد يكون المراد منه الإحاطة والشمول ، وليس هذا في البدل. وأما امتيازه عن عطف النسق فظاهر.


وقال ابن الدهّان في (الغرّة) : المناسبة بين التوكيد والبدل أنهما تكريران يلحقان الأوّل في أحد أقسام البدل ، وأنّ كلّ واحد منهما لا يتقدّم على صاحبه ، وأنّ إعرابها كإعراب ما يجريان عليه ، وأنك في التوكيد مسدّد لمعنى المؤكّد ، وكذلك في البدل ، تعنى بالأول فتبدل منه.

ومن المقارنة التي بين الوصف والبدل أنّ الصفة موضّحة ، كما أنّ البدل موضّح والمباينة بينهما أنّ الصفة لا تكون إلا بمشتقّ ، والبدل لا يلزم ذلك فيه ، وفي البدل ما يلزم فيه ضمير ظاهر إلى اللفظ ، وذلك البعضيّ والاشتماليّ.

وليس كذلك الصفة إذا كانت للأوّل ، بل يكون مستترا غير ظاهر إلى اللفظ ، وفي البدل ما لا يتحمّل ضميرا البتّة ، وليس كذلك الصفة. والبدل يخالف متبوعه في التعريف والتنكير ، والصفة ليست كذلك.

ومن الفرق بين الصفة والبدل أنّ الفعل يبدل منه ولا يوصف.

ذكر ما افترق فيه الصفة والحال

قال ابن القواس : الحال لها شبه بالصفة من حيث أنّ كلّ واحد منهما لبيان هيئة مقيّدة.

وقال في (البسيط) : الفرق بينهما من عشرة أوجه :

أحدها : أنّ الصفة لازمة للموصوف ، والحال غير لازمة ، ولذلك إذا قلت : جاء زيد الضاحك ، كانت الصفة ثابتة له قبل مجيئه ، وإذا قلت : جاء زيد ضاحكا كانت صفة الضحك له في حال مجيئه فحسب.

الثاني : أنّ الصفة لا تكون لموصوفين مختلفي الإعراب ، بخلاف الحال ، فإنها قد تكون من الفاعل والمفعول.

الثالث : أنّ الصفة تتبع الموصوف في إعرابه ، بخلاف الحال.

الرابع : أنّ الحال تلازم التنكير ، والصفة على وفق موصوفها.

الخامس : أن الحالّ تتقدّم على صاحبها وعلى عاملها القويّ عند البصريين ، بخلاف الصفة ، فإنها لا تتقدّم على موصوفها.

السادس : أنّ الحال تكون مع المضمر بخلاف الصفة.

السابع : أنّ الحال ليس في عاملها خلاف ، وفي عامل الصفة خلاف.

الثامن : أنّ الحال يغني عن عائدها الواو بخلاف الصفة.


التاسع : أنّ الصفة أدخل من الحال في باب الاشتقاق.

العاشر : أنّ الصفات المتعدّدة لموصوف واحد جائزة ، وفي الأحوال المتعدّدة كلام ، انتهى.

ذكر ما افترقت فيه (أم) المتّصلة والمنقطعة

قال ابن الصائغ في (تذكرته) : نقلت من مجموع بخطّ ابن الرمّاح : الفرق بين أم المتصلهة والمنقطعة من سبعة أوجه : فالمتصلة تقدّر بأيّ. ولا تقع إلا بعد استفهام. والجواب فيها اسم معيّن لا (نعم) أو (لا). ويقدّر الكلام بها واحدا. ولا إضراب فيها. وما بعدها معطوف على ما قبلها ، لا لازم الرفع بإضمار مبتدأ ، وتقتضي المعادلة وهي أن يكون حرف الاستفهام يليه الاسم وأم كذلك والفعل بينهما ، كأزيدا ضربته أم عمرا؟ فزيد وعمرو مستفهم عنهما ، وأوليت كلّا حرف الاستفهام والذي تسأل عنه بينهما ولو سألت عن الفعل قلت : أضربت زيدا أم قتلته؟.

وقال المهلّبيّ : [البسيط]

الفرق في (أم) إذا جاءتك متّصله

من أوجه سبعة للقطع معتزله

وقوعها بعد الاستفهام عارية

عن قطع الإضراب في الأسماء معتدله

كالفعل ، والفعل لا يحتلّ بينهما

جواب سائلها التعيين للمسله

من بعد تقدير أيّ ، ثم مفردها

من بعدها داخل في حكم ما عدله

وكون ما بعدها من جنس أوّله

وعكس ذلك نقيضه لمنفصله

ذكر ما افترق فيه (أم) و (أو)

قال ابن العطّار في (تقييد الجمل) : (أم) و (أو) يشتبهان من وجوه ويفترقان من وجوه. فوجوه المشابهة ثلاثة : الحرفيّة ، والعطفيّة ، وأنّهما لأحد الشيئين أو الأشياء. ووجوه المخالفة خمسة.

وقال في (البسيط) : الفرق بينهما من أربعة أوجه :

أحدها : أنّ (أم) (١) تفيد الاستفهام دون (أو).

الثاني : أنّ (أو) مع الهمزة تقدّر بأحد و (أم) مع الهمزة المعادلة تقدر بأيّ.

الثالث : أن جواب الاستفهام مع أو ب (لا) أو (نعم) ، وجوابه مع أم المعادلة بالتعيين.

__________________

(١) انظر همع الهوامع (٢ / ١٣٢).


الرابع : أنّ الاستفهام مع (أو) سابق على الاستفهام مع (أم) المعادلة ، لأن طلب التعيين إنما يكون بعد معرفة الأحديّة وحكم الأحديّة (١).

قال : وأما الفرق بين موقعهما فإذا كان الاستفهام باسم كقولك : أيّهم يقوم أو يقعد؟ ومن يقوم أو يقعد؟ كان العطف ب (أو) دون (أم) ، لأنّ التعيين يستفاد من الاستفهام بالاسم فلا حاجة إلى (أم) في ذلك لدلالة الاسم على معناها وهو التعيين ، وأما أفعل التفضيل كقولك : زيد أفضل أم عمرو فلا يعطف معه إلّا بأم دون أو لأنّ أفعل التفضيل موضوع لما قد ثبت ، فلا يطلب معه إلا التعيين دون الأحدية. وإذا وقع سواء قبل همزة الاستفهام كان العطف بأم سواء كان ما بعدها اسما أم فعلا كقولك : سواء عليّ أزيد في الدّار أم عمرو ، وسواء عليّ أقمت أم قعدت ، وإنما كان كذلك ، لأنّ الهمزة تطلب ما بعد (أم) لمعادلة المساواة ، ولذلك لا يصحّ الوقف على ما قبل أم. وإذا لم يقع بعد سواء همزة استفهام فلا يخلو إما أن يقع بعده اسمان أو فعلان ، فإن وقع بعده اسمان كان العطف بالواو ، كقولك : سواء عليّ زيد وعمرو ، وفي التنزيل : (سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ) [الجاثية : ٢١] لأنّ التسوية تقتضي التعديل بين شيئين. وإن وقع بعده فعلان من غير استفهام كقولك : سواء عليّ قمت أو قعدت كان العطف بأو ، لأنه يصير بمعنى الجزاء. وإذا وقع بعد أبالي همزة الاستفهام كان العطف بأم ، كقولك : ما أبالي أزيدا ضربت أم عمرا ، لأن الهمزة تقتضي ما بعد أم لتحقيق المعادلة والمجموع في موضع مفعول أبالي. ولذلك لا يصحّ السكوت على ما قبل أم ، وأما إذا لم يقع بعده همزة الاستفهام كقولك : ما أبالي ضربت زيدا أو عمرا فإن العطف بأو لعدم الاستفهام الذي يقتضي ما بعدها ، ولذلك يحسن السكوت على ما قبل أو ، تقول : ما أبالي ضربت زيدا. والأجود في نحو قولك : ما أدري أزيد في الدار أم عمرو ، وما أدري أقمت أم قعدت ، وليت شعري أقمت أم قعدت العطف بأم ، لأنها بمنزلة علمت ، فتكون الهمزة تقتضي ما بعد (أم) لتحقيق المعادلة ، والفعل المعلق متعلق في المعنى بمجموعهما على معنى أيهما ، وقد ذكروا جواز أو ، وهو ضعيف لوجهين :

أحدهما : أنه لا يصحّ السكوت على ما قبل أو ، والضابط الكليّ في الفرق بينهما أنه يحسن السكوت على ما قبل أو ، فإن لم يحسن فهو من مواضع أم.

والثاني : أنه يصير المعنى ما أدري أحد الفعلين فعل ، ولا معنى له ، إنما المعنى يقتضي : ما أدري أيّ الفعلين فعل. وأما قوله : [الطويل]

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٨ / ٩٨).


٣٣٤ ـ إذا ما انتهى علمي تناهيت عنده

أطال فأملى ، أو تناهى فأقصرا

فالّذي حسّن العطف فيه بأو وإن تقدّمت الهمزة أنّ الجملتين فضلة في موضع الحال أي تناهيت عنده في حال طوله فإملائه ، أو في حال تناهيه فقصره ، انتهى.

ذكر الفرق بين أو وإمّا

قال ابن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : الفرق بين أو وإما من جهة اللفظ من وجهين :

أحدهما : أنّ إما لا تستعمل إلا مكرّرة ، وأو لا تكرّر.

الثاني : أنّ إمّا تلازم حرف العطف وأو لا يدخل عليها حرف العطف.

ذكر الفرق بين حتّى العاطفة والواو

قال ابن هشام في (المغني) (٢) : تكون (حتّى) عاطفة بمنزلة الواو إلا أنّ بينهما فرقا من ثلاثة أوجه :

أحدهما : أنّ لمعطوف حتّى ثلاثة شروط أن يكون ظاهرا لا مضمرا ، كما أن ذلك شرط مجرورها. ذكره ابن هشام الخضراوي ، ولم أقف عليه لغيره ، وأن يكون إما بعضا من جمع قبلها كقدم الحاجّ حتى المشاة ، أو جزءا من كلّ ، كأكلت السمكة حتى رأسها ، أو كجزء كأعجبتني الجارية حتى حديثها (٣) ، والذي يضبط ذلك أنها تدخل حيث يصحّ دخول الاستثناء ، وتمتنع حيث يمتنع ، وأن يكون غاية لما قبلها إما في علوّ أو ضده.

الثاني : أنها لا تعطف الجمل.

الثالث : أنها إذا عطفت على مجرور أعيد الجارّ فرقا بينها وبين الجارّة نحو : مررت بالقوم حتى بزيد. ذكر ذلك ابن الخبّاز وأطلقه ، وقيّده ابن مالك (٤) بأن لا يتعيّن كونها للعطف ، نحو : عجبت من القوم حتى بنيهم.

__________________

٣٣٤ ـ الشاهد لزيادة بن زيد العذري في الكتاب (٣ / ٢٠٩) ، وخزانة الأدب (١١ / ١٧٠) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ١٤٨) ، ولسان العرب (نهى) ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب (٢ / ٤٧) ، والمقتضب (٣ / ٣٠٢).

(١) انظر مغني اللبيب (١٣٥).

(٢) انظر شرح المفصّل (٨ / ١٦).

(٣) انظر أوضح المسالك (٣ / ٤٦).


قال ابن هشام : وهو حسن ، قال : ويظهر لي أنّ الذي لحظه ابن مالك أنّ الموضع الذي يصلح أن تحلّ فيه إلى محلّ حتى العاطفة فهي فيه محتملة للجارّة ، فيحتاج حينئذ إلى إعادة الجار عند قصد العطف ، نحو : اعتكفت في الشهر حتى في آخره. وزعم ابن عصفور أنّ إعادة الجارّ مع حتى أحسن ، ولم يجعلها واجبة (١).

ذكر ما افترقت فيه النون الخفيفة والتنوين

قال ابن السرّاج في (الأصول) : النون الخفيفة في الفعل نظير التنوين في الاسم ، فلا يجوز الوقف عليها كما لا يوقف على التنوين. وقد فرّقوا بينهما بأنّ النون الخفيفة لا تحرّك لالتقاء الساكنين ، والتنوين يحرك لالتقاء الساكنين ، فمتى لقي النون الخفيفة ساكن سقطت. كأنّهم فضّلوا ما يدخل الاسم على ما يدخل الفعل ، وفصلوا بينهما.

وقال ابن النحّاس في (التعليقة) : إنّما حذفت النون الخفيفة ولم تحرّك حطّا لها عن درجة التنوين ، حيث كان التنوين يحرّك لالتقاء الساكنين غالبا ، لأنّ الأفعال أضعف من الأسماء ، فما يدخلها أضعف مما يدخل الأسماء مع أنّ نون التوكيد ليست ملازمة للفعل إلا مع المستقبل في القسم ، والتنوين لازم لكلّ اسم منصرف عري عن الألف واللام والإضافة ، فلما انحطّت النون عن التنوين ، وانحط ما تلحقه عما يلحقه التنوين ألزموها الحذف عند التقاء الساكنين.

قال أبو عليّ : لما يدخل الاسم على ما يدخل الفعل مزية ، يعني تفضيلهم التنوين بتحريكه لالتقاء الساكنين على النون بحذفها لالتقاء الساكنين.

ذكر ما افترق فيه تنوين المقابلة والنون المقابل له

قال ابن القوّاس في (شرح الدرّة) : اعلم أنّ تنوين المقابلة يفارق النون المقابل له في أنّ التنوين لا يثبت مع اللام ، ولا في الوقف بخلاف النون. وأن النون تجعل حرف الإعراب بخلاف التنوين.

ذكر ما افترقت فيه السين وسوف

قال ابن هشام في (المغني) (٢) : تنفرد (سوف) عن (السين) بدخول اللام عليها ، نحو : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) [الضحى : ٥] وبأنّها قد تفصل بالفعل الملغى كقوله : [الوافر]

__________________

(١) انظر أوضح المسالك (١ / ١٣).

(٢) انظر مغني اللبيب (١٤٨).


٣٣٥ ـ وما أدري وسوف إخال أدري

[أقوم آل حصن أم نساء]

وذهب البصريّون إلى أنّ مدة الاستقبال معها أوسع من السين (٢).

قال ابن هشام (٣) : وكأنهم نظروا إلى أنّ كثرة الحروف تدلّ على كثرة المعنى ، وليس ذلك بمطّرد.

وقال ابن إياز في (شرح الفصول) : الفرق بين السين وسوف من وجهين :

الأول : التراخي في سوف أشدّ منه في السين بدليل استقراء كلامهم ، قال تعالى : (وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) [الزخرف : ٤٤] وطال الأمد والزمان. وقال تعالى : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ) [البقرة : ١٤٢] فنعجّل القول.

والثاني : أنه يجوز دخول اللام على سوف ولا تكاد تدخل على السين.

وقال ابن الخشّاب : (سوف) أشبه بالأسماء من السين لكونها على ثلاثة أحرف ، والسين أقعد في شبه الحروف لكونها على حرف واحد ، فاختصّت سوف بجواز دخول اللام عليها بخلاف السين.

ذكر ما افترقت فيه ألفاظ الإغراء والأمر

قال الأندلسيّ : الفرق بين هذه الأسماء : (عليك ودونك) ونحوها في الإغراء ، وبين الأمر المأخوذ من الفعل من وجوه :

منها : أن الإغراء يكون مع المخاطب ، فلا يجوز : عليه زيدا.

ومنها : أنه لا يتقدّم معمولها عليها ، لا تقول : زيدا عليك.

ومنها : أنّ الفاعل فيها مستتر لا يظهر أصلا في تثنية ولا جمع.

ومنها : أنّ حروف الجرّ هنا لا تتعلق بشيء ، ولا يعمل فيها عامل عند بصريّ إلا المازنيّ ، كقوله تعالى : (ارْجِعُوا وَراءَكُمْ) [الحديد : ١٣] ، فليس وراءكم معمولا لارجعوا ، لأنه اسم فعل ، بل ذكر تأكيدا.

__________________

٣٣٥ ـ الشاهد لزهير بن أبي سلمى في ديوانه (ص ٧٣) ، والاشتقاق (ص ٤٦) ، وجمهرة اللغة (ص ٩٧٨) ، والدرر (٢ / ٢٦١) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٥٠٩) ، وشرح شواهد المغني (ص ١٣٠) ، والصاحبي في فقه اللغة (ص ١٨٩) ، ومغني اللبيب (ص ٤١) ، وبلا نسبة في همع الهوامع (١ / ١٥٣).

(١) انظر الإنصاف (٦٤٧).

(٢) انظر مغني اللبيب (١٤٨).


ومنها : أن الإغراء لا يجاب بالفاء ، لا يقال : دونك زيدا فيكرمك.

ومنها : أنّ المفعول به إذا كان مضمرا كان منفصلا ، ولم يجز أن يكون متصلا نحو : عليك إياي ، ولا يقال عليكني ، كما يقال الزمني لأنّ هذه لم تتمكّن تمكّن الأفعال.

ذكر ما افترقت فيه لام كي ولام الجحود

قال أبو حيّان : افترقا في أشياء :

أحدها : أنّ إضمار أن في لام الجحود على جهة الوجوب ، وفي لام كي على جهة الجواز في موضع ، والامتناع في موضع : فالجواز حيث لم يقترن الفعل بلا ، نحو : جئت لتكرمني ، ويجوز لأن تكرمني والامتناع حيث اقترن بلا ، فإن الإظهار حينئذ يتعيّن ، نحو : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) [الحديد : ٢٩] فرارا من توالي المتماثلين.

الثاني : أنّ فاعل لام الجحود لا يكون غير مرفوع كان ، نحو : ما كان زيد ليذهب بخلاف لام كي ، نحو : قام زيد ليذهب.

الثالث : أنه لا يقع قبلها فعل مستقبل ، فلا تقول : لن يكون زيد ليفعل ، ويجوز ذلك في الفعل قبل لام كي ، نحو : سأتوب ليغفر الله لي.

الرابع : أنّ الفعل المنفيّ قبلها لا يكون مقيّدا بظرف فلا يجوز : ما كان زيد أمس ليضرب عمرا ، ويوم كذا ليفعل. ويجوز ذلك في الفعل قبل لام كي ، نحو : جاء زيد أمس ليضرب عمرا.

الخامس : أنه لا يوجب الفعل معها ، فلا يجوز : ما كان زيد إلا ليضرب عمرا ويجوز ذلك مع لام كي ، نحو : ما جاء زيد إلّا ليضرب عمرا.

السادس : أنّه لا يقع موقعها (كي) ، لا تقول : ما كان زيد كي يضرب عمرا ، ويجوز ذلك في لام كي ، نحو : جاء زيد كي يضرب عمرا.

السابع : أنّ المنصوب بعدها لا يكون سببا لما قبلها ، وهو كذلك ، بعد لام كي.

الثامن : أنّ النفي متسلّط مع لام الجحود على ما قبلها ، وهو المحذوف الذي تتعلق به اللام ، فيلزم من نفيه نفي ما بعد اللام ، وفي لام كي يتسلط على ما بعدها ، نحو : ما جاء زيد ليضربك ، فينتفي الضرب خاصة ، ولا ينتفي المجيء إلا بقرينة تدلّ على انتفائه.


التاسع : أنّ لام الجحود لا تتعلّق إلا بمعنى الفعل الواجب حذفه.

فإن قلت : ما كان زيد ليقوم ، فكأنّك قلت : ما كان زيد مستعدا للقيام ، يقدّر في كلّ موضع ما يليق به على حسب مساق الكلام. ففي نحو قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) [يقدّر مريدا لإطلاعكم على الغيب ، وأما لام كي فإنّها متعلّقة بالفعل الظاهر الذي هو معلول للفعل الذي دخلت عليه اللام.

العاشر : أنّ لام الجحود تقع بعد ما لا يستقلّ أن يكون كلاما دونها ، ولام كي لا تقع إلا بعد ما يستقلّ كلاما. ولذلك كان الأحسن في تأويل قوله : [الوافر]

٣٣٦ ـ فما جمع ليغلب جمع قومي

مقاومة ، ولا فرد لفرد

أنّه على إضمار (كان) لدلالة المعنى عليه ، أي فما كان جمع ليغلب ، لتكون اللام فيه لام الجحود لا (لام كي) لأنّ ما قبلها وهو : فما جمع لا يستقلّ كلاما.

ذكر ما افترق فيه (الفاء) و (الواو) اللّذان ينصب المضارع بعدهما

قال (٢) أبو حيان : لا أحفظ النصب جاء بعد الواو بعد الدعاء والعرض والتحضيض والرجاء ، قال : فينبغي ألّا يقدم على ذلك إلا بسماع. قال : وكذلك مع التشبيه الواقع موقع النفي ومع قد المنفيّ بها ، فإنّ عموم قول التسهيل (٣) في مواضع الفاء يدلّ على الجواز معهما ، ويحتاج ذلك إلى سماع من العرب. وانفردت الفاء بأنّ ما بعدها في غير النفي يجزم عند سقوطها ، نحو : (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [الإسراء : ٥٣] ويرفع مقصودا به الوصف أو الاستئناف ، وأجاز الزجاجيّ الجزم في النفي أيضا ، فأجاز : ما تأتينا تحدّثنا ، وعلى هذا قال بعضها : كلّ ما تنصب فيه الفاء تجزم ، ولم يستثن شيئا.

ذكر ما افترقت فيه أن المصدرية وأن التفسيرية

قال أبو حيان : من الفرق بين (أن) المصدرية والمفسّرة (أنّ) المصدرية يجوز أن تتقدّم على الفعل لأنها معموله ، وإذا كانت مفسّرة لم يجز أن تتقدّمه لأن المفسّر لا يتقدّم المفسّر.

__________________

٣٣٦ ـ الشاهد بلا نسبة في تذكرة النحاة (ص ٥٦٠) ، والجنى الداني (ص ١١٧) ، وشرح الأشموني (٣ / ٥٥٧) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٥٢٦) ، ومغني اللبيب (١ / ٢١٢).

(١) انظر شرح التسهيل (٥ / ٣٠) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٢).

(٢) انظر تسهيل الفوائد (٢٣١).


ذكر ما افترقت فيه لم ولمّا

قال ابن هشام في (المغني) (١) : افترقتا في خمسة أمور :

أحدها : أنّ (لمّا) لا تقترن بأداة شرط ، لا يقال : إن لما تقم و (لم) تقترن به ، نحو : (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ) [المائدة : ٦٧].

الثاني : أنّ منفيّ لمّا يتّصل بالحال كقوله : [الطويل]

٣٣٧ ـ فإن كنت مأكولا فكن خير آكل

وإلّا فأدركني ولمّا أمزّق

ومنفيّ (لم) يحتمل الاتصال ، نحو : (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) [مريم : ٤] ، والانقطاع مثل : (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) [الدهر : ١] ولهذا جاز : لم يكن ثم كان ، ولم يجز : لما يكن ثم كان ، ولامتداد النفي بعد (لمّا) لم يجز اقترانها بحرف التعقيب ، بخلاف لم تقول : قمت فلم تقم ، لأنّ معناه وما قمت عقب قيامي ، ولا يجوز : قمت فلما تقم ، لأن معناه وما قمت إلى الآن.

الثالث : أنّ منفيّ (لمّا) لا يكون إلّا قريبا من الحال ، ولا يشترط ذلك في منفي لم ، تقول : لم يكن زيد في العام الماضي مقيما. ولا يجوز لما يكن.

الرابع : أنّ منفيّ (لمّا) متوقّع ثبوته بخلاف منفيّ لم ، ألا ترى أنّ معنى : (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) [ص : ٨] أنهم لم يذوقوه إلى الآن ، وأن ذوقهم له متوقّع.

وقال الزمخشريّ في قوله تعالى : (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) [الحجرات : ١٤] ما في (لمّا) من معنى التوقّع دالّ على أنّ هؤلاء قد آمنوا فيما بعد.

الخامس : أنّ منفيّ (لمّا) جائز الحذف لدليل ، كقوله : [الوافر]

٣٣٨ ـ فجئت قبورهم بدءا ، ولمّا

فناديت القبور فلم يجبنه

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٣٠٩).

٣٣٧ ـ الشاهد للممزّق العبدي (شأس بن نهار) في الاشتقاق (ص ٣٣٠) ، والأصمعيات (ص ١٦٦) ، وجمهرة اللغة (ص ٨٣٣) ، وخزانة الأدب (٧ / ٢٨٠) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٨٦٠) ، والشعر والشعراء (١ / ٤٠٧) ، ولسان العرب (مزق) ، و (أكل) ، وتاج العروس (مزق) و (أكل) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٥٩٠) ، وبلا نسبة في رصف المباني (ص ٢٨١) ، وشرح الأشموني (٣ / ٥٧٥) ، ومغني اللبيب (١ / ٢٧٨).

٣٣٨ ـ الشاهد بلا نسبة في خزانة الأدب (١٠ / ١١٣) ، والدرر (٤ / ٢٤٥) ، وشرح الأشموني (٣ / ٥٧٦) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٦٨١) ، والصاحبي في فقه اللغة (ص ١٤٩) ، ولسان العرب (لمم) ، ومغني اللبيب (١ / ٢٨٠) ، وهمع الهوامع (٢ / ٥٧).


أي : ولمّا أكن قبل ذلك بدءا ، أي سيّدا ، ولا يجوز وصلت إلى بغداد ولم. تريد : ولم أدخلها ، فأما قوله : [الكامل]

٣٣٩* ـ احفظ وديعتك التي استودعتها

يوم الأعارب إن وصلت وإن لم

فضرورة ، وعلّة هذه الأحكام كلّها أنّ لم لنفي فعل ، ولمّا لنفي قد فعل.

وقال ابن القوّاس في (شرح الدرّة) : لما تشارك لم في النفي والقلب ، وتفارقها من أربعة أوجه :

أحدها : أن لم لنفي الماضي مطلقا أي بغير قد ، ولما لنفي المقترن بقد.

والثاني : أنّ لم مفردة ولمّا مركّبة.

والثالث : أنّ لما قد يحذف الفعل بعدها ، ولا يحذف بعد لم إلا في الضرورة.

والرابع : أنّ لمّا تفيد اتصال النفي إلى زمن الإخبار بخلاف لم ، فإنّ النفي بها منقطع.

مهمة : القول في تخريج قوله تعالى (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ)

اضطرب النحويّون في تخريج قوله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) [هود : ١١١] في قراءة من شدّد ميم (لمّا) وشدّد إنّ أو خففها. فنقل صاحب كتاب (اللامات) (٢) عن المبرّد أنّه قال : هذا لحن ، لا تقول العرب : إن زيدا لمّا خارج. وقال المازنيّ : لا أدري ما وجه هذه القراءة. وقال الفرّاء : التقدير لمن ما ، فلمّا كثرت الميمات حذفت منهن واحدة ، فعلى هذا هي لام توكيد ، ويعني بكثرة الميمات أن نون من حين أدغمت في ميم ما انقلبت ميما بالإدغام ، فصارت ثلاث ميمات. وقال المازنيّ أيضا إن بمعنى ما ثم تثقل كما أن (أنّ) المؤكّدة تخفّف ومعناها الثقيلة ، انتهى.

قال أبو حيان : وارتباك النحويين في هذه القراءة وتلحين بعضهم لقارئها يدلّ على صعوبة المدرك فيها ، وتخريجها على القواعد النحوية. فأما التلحين فلا سبيل إليه البتّة لأنها منقولة نقل التواتر في السبعة.

__________________

٣٣٩ ـ الشاهد لإبراهيم بن هرمة في ديوانه (ص ١٩١) ، وخزانة الأدب (٩ / ١٠) ، والدرر (٥ / ٦٦) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٦٨٢) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٤٤٣) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (٤ / ٢٠٢) ، وجواهر الأدب (ص ٢٥٦) ، والجنى الداني (ص ٢٦٩) ، وشرح الأشموني (٣ / ٥٧٦) ، ومغني اللبيب (١ / ٢٨٠) ، وهمع الهوامع (٢ / ٥٦).

(١) انظر كتاب اللامات (ص ١١٧).


وأما من قال : لا أدري ما وجهها فمعذور لخفاء إدراك ذلك عليه ، وأما تأويل إنّ المثقلة بأنها المخففة التي هي نافية ، ففي غاية من الخطأ لأنها لو كانت نافية لم ينتصب بعدها كلّ ، بل كان يرتفع ، وأيضا فإنه لا يحفظ من كلامهم أن تكون إنّ المثقلة نافية. وأما تأويل الفرّاء فأيضا في غاية الضعف ، إذ لا يحفظ من كلامهم لمّا في معنى لمن ما.

قال : وقد كنت من قديم فكّرت في تخريج هذه الآية ، فظهر لي تخريجها على القواعد النحوية من غير شذوذ ، وهو أنّ لما هي الجازمة ، وحذف الفعل المعمول لها لدلالة معنى الكلام عليه ، والمعنى وأنّ كلّا لما يبخس أو ينقص عمله ، أو ما كان من هذا المعنى. فحذف الفعل لدلالة قوله : (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ) [هود : ١١١] عليه. قال : فعلى هذا استقرّ تخريج الآية على أحسن ما يمكن وأجمله ، ولم يهتد أحد من النحويين في هذه الآية إليه على وضوحه واتجاهه في علم العربية ، والعلوم كنوز تحت مفاتيح الفهوم.

قال : ثم وجدت شيخنا أبا عبد الله بن النقيب قد حكى في تفسيره عن أبي عمرو بن الحاجب أنّ (لما) هنا هي الجازمة ، وحذف الفعل بعدها ، انتهى.

فائدة : قال أبو الحسين بن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : اعلم أنّ العرب حملت (لو) على (لو لا) في موطن واحد أوقعت بعدها (أنّ) ، فقالت : لو أنّ زيدا قائم ، كما قالت : لو لا أنّ زيدا قائم ، وفعلت هذا هنا لقرب لو من لو لا ، ولشبه أن بالفعل ، فكأن أنّ إذا وقعت بعد لو قد وقع بعدها الفعل.

ذكر ما افترقت فيه مدّة الإنكار ومدّة التذكار

قال في التسهيل (١) : لا تلي زيادة التذكار هاء السكت ، بخلاف زيادة الإنكار.

قال أبو حيّان : وسبب ذلك أنّ المنكر قاصد للوقف ، والمتذكّر ليس بقاصد للوقف ، وإنما عرض له ما أوجب قطع كلامه ، وهو طالب لتذكّر ما بعد الذي انقطع كلامه فيه ، فلذلك لم تلحقه.

ذكر الفرق بين هل وهمزة الاستفهام

قال ابن هشام (٢) : تفترق هل من الهمزة من عشرة أوجه : اختصاصها بالتصديق

__________________

(١) انظر تسهيل الفوائد لابن مالك (٢٥٠).

(٢) انظر مغني اللبيب (٣٨٦).


وبالإيجاب ، وتخصيصها المضارع بالاستقبال ، ولا تدخل على الشرط ، ولا تدخل على إن ، ولا على اسم بعده فعل في الاختيار ، وتقع بعد العاطف لا قبله ، وبعد أم ، ويراد بالاستفهام بها النفي ، وتأتي بمعنى (قد).

ذكر ما افترقت فيه إذا ومتى

قال الزمخشريّ في (المفصّل) (١) : الفصل بين متى وإذا أنّ متى للوقت المبهم ، وإذا للمعيّن.

وقال الخوارزميّ : الفرق بينهما أنّ إذا للأمور الواجبة الوجود وما جرى ذلك المجرى مما علم أنه كائن ، ومتى لما يترجّح بين أن يكون ، وبين ألّا يكون. تقول : إذا طلعت الشمس خرجت ، ولا يصحّ فيه متى. وتقول متى تخرج أخرج لمن لم يتيقّن أنه خارج.

وقال في (البسيط) : تفارق (متى) الشرطية إذا من وجهين :

أحدهما : أنّ إذا تقع شرطا في الأشياء المحقّقة الوقوع ، ولذلك وردت شروط القرآن بها ، والشرط بمتى يحتمل الوجود والعدم.

الثاني : أنّ العامل في متى شرطها على مذهب الجمهور. لكونها غير مضافة إليه ، بخلاف إذا لإضافتها إليه ، إذ كانت للوقت المعيّن ومتى للوقت المبهم.

ذكر ما افترقت فيه أيّان ومتى

قال ابن يعيش (٢) : (أيّان) ظرف من ظروف الزمان مبهم بمعنى (متى). والفرق بينها وبين (متى) أنّ (متى) لكثرة استعمالها صارت أظهر من أيّان في الزمان. ووجه آخر من الفرق أنّ (متى) تستعمل في كلّ زمان ، و (أيّان) لا تستعمل إلا فيما يراد تفخيم أمره وتعظيمه.

وقال صاحب (البسيط) : (أيّان) بمعنى (متى) في الاستفهام ، وتفارق متى من وجهين :

أحدهما : أنّ (متى) أكثر استعمالا منه.

والثاني : أنّ (أيّان) يستفهم به في الأشياء المعظّمة المفخّمة.

__________________

(١) انظر المفصّل (٢٧٢).

(٢) انظر شرح المفصّل (٤ / ١٠٦).


وكتب الجمهور ساكتة عن كونها شرطا. وذكر بعض المتأخّرين أنها تقع شرطا ، لأنها بمنزلة متى ، ومتى مشتركة بين الشرط والاستفهام فكذلك أيّان. وتوجيه منع الشرط عدم السماع ، وأنّ متى أكثر استعمالا منها فاختصّت لكثرة استعمالها بحكم لا تشاركها فيه أيّان ، انتهى.

قلت : فهذا فرق ثالث.

ذكر ما افترق فيه جواب (لو) وجواب (لو لا)

قال أبو حيّان (١) : ليس عندي ما يختلفان فيه إلّا أنّ جواب لو لا وجدناه في لسان العرب قد يقرن بقد كقوله :[البسيط]

٣٤٠ ـ لو لا الأمير ولو لا حقّ طاعته

لقد شربت دما أحلى من العسل

ولا أحفظ في (لو) ذلك ، لا أحفظ من كلامهم لو جئتني لقد أحسنت إليك.

وليس ببعيد أن يسمع ذلك فيها ، وقياس لو على لو لا في ذلك عند من يرى القياس سائغ ، وجواب لو إذا كان ماضيا مثبتا جاء في القرآن باللام كثيرا ، وبدونها في مواضع ، ولم يجئ جواب لو لا في القرآن محذوف اللام من الماضي المثبت ولا في موضع واحد ، وقد اختلف فيه قول ابن عصفور (٢) : فتارة جعله ضرورة ، وتارة جعله جائزا في قليل من الكلام (٣).

ذكر ما افترق فيه (كم) الاستفهاميّة و (كم) الخبريّة

قال في (البسيط) : أمّا مشابهتهما : فأنّهما اسمان ، وأنّهما مبنيّان ، وأنّهما مفتقران إلى مبيّن ، وأنّهما لازمان للتصدّر ، وأنّهما اسمان للعدد ، وأنّهما لا يتقدّم عليهما عامل لفظيّ إلّا المضاف وحرف الجرّ.

وأمّا مخالفتهما :

١ ـ فإنّ الاستفهامية بمنزلة عدد منوّن ، والخبرية بمنزلة عدد حذف منه التنوين.

٢ ـ وأنّ الاستفهامية تبيّن بالمفرد ، والخبرية تبيّن بالمفرد والجمع.

٣ ـ وأنّ مميّز الاستفهامية منصوب ، ومميّز الخبرية مجرور.

__________________

(١) انظر شرح التسهيل (٦ / ٢).

(٢) انظر شرح الجمل (٢ / ٢١٦).

(٣) انظر شرح التسهيل (٦ / ٣).


٤ ـ وأنّ الاستفهامية يحسن حذف مميّزها ، والخبرية لا يحسن حذف مميّزها.

٥ ـ وأنّ الاستفهامية يفصل بينها وبين مميزها ، ولا يحسن ذلك في الخبرية إلا في الشعر.

٦ ـ وأنّ الاستفهامية إذا أبدل منها جيء مع البدل بالهمزة ، نحو : كم مالك أعشرون أم ثلاثون؟ وكم درهما أخذت أثلاثين أم أربعين؟ ولا يفعل ذلك مع الخبرية لعدم دلالتها على الاستفهام ، نحو : كم غلمان عندي ثلاثون وأربعون وخمسون.

٧ ـ وأنّ الخبرية يعطف عليها ب (لا) ، فيقال : كم مالك لا مائة ولا مائتان ، وكم درهم عندي لا درهم ولا درهمان ، لأنّ المعنى كثير من المال ، وكثير من الدراهم لا هذا المقدار بل أكثر منه ، ولا يجوز في الاستفهامية ، كم درهما عندك لا ثلاثة ولا أربعة لأن (لا) لا يعطف بها إلّا بعد موجب ، لأنها تنفي عن الثاني ما ثبت للأول ولم يثبت شيء في الاستفهام.

٨ ـ وأنّ (إلا) إذا وقعت بعد الاستفهامية كان إعراب ما بعدها على حدّ إعراب كم من رفع أو نصب أو جرّ ، لأنه بدل منها لأنّ الاستفهام يبدل منه ، ويستفاد من إلا معنى التحقير والتقليل ، نحو : كم عطاؤك إلّا ألفان؟ وكم أعطيتني إلّا ألفين؟ وبكم أخذت ثوبك إلا درهم؟ وكم مالك درهما إلا عشرون؟ ولا يجوز أن يكون ما بعد إلا بدلا من خبركم ولا من مفسّرها لبيانهما ، بل يبدل من كم لإبهامها لإرادة إيضاحها بالبدل ، ولإفادته معنى التقليل كأنّ الاستفهام بمنزل النفي ، كقولك : هل الدنيا إلّا شيء فان؟ أي ما الدنيا ، وأما الخبرية فإنّ المستثنى بعدها منصوب لأنه استثناء من موجب ، ولا يجوز البدل في الموجب ، فيقال : كم غلمان جاؤوني إلّا زيدا.

وقال ابن هشام في (المغني) (١) : يفترقان في خمسة أمور :

أحدها : أن الكلام مع الخبرية محتمل للتصديق والتكذيب بخلافه مع الاستفهامية.

الثاني : أنّ المتكلّم بالخبرية لا يستدعي من مخاطبه جوابا ، لأنه مخبر والمتكلّم بالاستفهامية يستدعي ذلك لأنه مستخبر.

ثم ذكر ثلاثة مما تقدّم وهي : عدم اقتران المبدل من الخبرية بالهمزة ، وتمييزها بمفرد ومجموع ووجوب خفضه بخلاف الاستفهامية ، فتحصلنا من ذلك على عشرة فروق. وبها صرّح المهلّبيّ ، فقال : [البسيط]

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٢٠١).


الفرق في كم في الاستفهام والخبر

من عشر استوضحت كالأنجم الزهر

نصب المفسّر ، مع إفراده أبدا

وحذفه تارة ، والفصل في نظر

وتقتضيك جوابا في السؤال بها

ومبدلا تقتضيك الحرف في الأثر

وليس من خيمها التكثير ، ثمّت لا

عطف عليها (بلا) في سائر الزّبر

ولا تضاف إلى ما بعدها شبها

وقد ترى بعدها إلّا بمستطر

وكلّ هذا فالاستفهام يحكمه

وضدّه في كم الأخرى على الخبر

ذكر ما افترق فيه كم وكأيّن

قال ابن هشام في (المغني) (١) : توافق كأيّن كم في خمسة أمور : الإبهام ، والافتقار إلى التمييز ، والبناء ، ولزوم التصدير ، وإفادة التكثير تارة وهو الغالب ، والاستفهام أخرى وهو نادر ، ولم يثبته إلا ابن قتيبة وابن عصفور وابن مالك. وتخالفها في خمسة أمور :

أحدها : أنها مركّبة ، وكم بسيطة على الصحيح.

الثاني : أنّ مميّزها مجرور بمن غالبا ، حتى زعم ابن عصفور لزومه.

الثالث : أنها لا تقع استفهامية عند الجمهور.

الرابع : أنها لا تقع مجرورة.

والخامس : أنّ خبرها لا يقع مفردا.

ذكر ما افترق فيه كأيّن وكذا

قال ابن هشام (٢) : توافق كذا كأيّن في أربعة أمور : التركيب ، والبناء والإبهام ، والافتقار إلى التمييز. وتخالفها في ثلاثة أمور :

أحدها : أنها ليس لها الصدر.

الثاني : أن تمييزها واجب النصب.

الثالث : أنها لا تستعمل غالبا إلا معطوفا عليها.

ذكر ما افترق فيه أيّ ومن

قال في (البسيط) : افترقا من ستّة أوجه :

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٢٠٣).

(٢) انظر مغني اللبيب (٢٠٤).


أحدها : أنّ (أيّا) معربة تقبل الحركات ، ولذلك لا تشترط في حكايتها الوقف ، بل تلحقها الزيادة في الوصل والوقف ، ومن مبنيّة ، ولا تلحقها الزيادة إلا في الوقف.

الثاني : أنّ (من) لمن يعقل ، و (أيّ) لمن يعقل ، ولمن لا يعقل ، بحسب ما تضاف إليه لأنها بعض من كلّ.

الثالث : أن العلم يحكى بعد (من) ولا يحكى بعد (أيّ).

الرابع : أن (ربّ) قد تدخل على (من) دون (أيّ).

الخامس : أنّ (أيّا) قد يوصف بها بخلاف (من).

السادس : أن (من) يدخلها الألف واللام وياء النسبة في الحكاية بخلاف (أيّ).

ذكر ما افترقت فيه تاء التأنيث وألف التأنيث

قال ابن يعيش (١) : ألف التأنيث تزيد على تاء التأنيث قوّة ، لأنها تبنى مع الاسم وتصير كبعض حروفه ، ويتغيّر الاسم معها عن هيئة التذكير نحو : سكران وسكرى وأحمر وحمراء. فبنية كلّ واحد من المؤنث هنا غير بنية المذكّر. وليست التاء كذلك ، إنما تدخل الاسم المذكّر من غير تغيير بنيته دلالة على التأنيث. نحو : قائم وقائمة. ويزيد ذلك عندك وضوحا أنّ ألف التأنيث إذا كانت رابعة ثبتت في التكسير ، نحو حبلى وحبالى ، وسكرى وسكارى ، وليست التاء كذلك ، بل تحذف في التكسير ، نحو : طلحة وطلاح ، وجفنة وجفان. فلمّا كانت الألف مختلطة بالاسم كان لها مزيّة على التاء فصارت مشاركتها في التأنيث علة ، ومزيّتها عليه علّة أخرى كأنه تأنيثان ، فلذلك منعت الصرف وحدها ، ولم تمنع التاء إلا مع سبب آخر.

وقال في باب الترخيم (٢) : دخول تاء التأنيث في الكلام أكثر من دخول ألفي التأنيث ، لأنها قد تدخل في الأفعال الماضية للتأنيث ، نحو : قامت هند ، وتدخل المذكّر توكيدا ، ومبالغة ، نحو : علّامة ، ونسّابة ، فلذلك ساغ حذفها في الترخيم وإن لم يكن ما فيه علما.

ذكر ما افترقت فيه التثنية والجمع السالم

قال ابن السرّاج في الأصول : التثنية يستوي فيها من يعقل ومن لا يعقل بخلاف الجمع ، فإنه مخصوص بمن يعقل. ولا يجوز أن يقال في جمل جملون ، ولا

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٥٩).

(٢) انظر شرح المفصّل (٢ / ٢٠).


في جبل جبلون ، ومتى جاء ذلك فيما لا يعقل فهو شاذّ ، ولشذوذه عن القياس علّة.

قال ابن السرّاج : والمذكّر والمؤنّث في التثنية سواء ، وفي الجمع مختلف ، فإذا جمعت المؤنث على حدّ التثنية زدت ألفا وتاء ، وحذفت الهاء إن كانت في الاسم ، وضممت التاء في الرفع ، وألحقتها التنوين ، فالضمّة في جمع المؤنث السالم نظيرة الواو في جمع المذكّر ، والتنوين نظير النون. والكسرة في جمع المؤنث في الخفض والنصب نظيرة الياء في المذكرين ، والتنوين نظير النون.

ذكر ما افترق فيه جمع التكسير واسم الجمع

قال أبو حيّان : يفارق اسم الجمع جمع التكسير من وجوه :

أحدها : عدم استمرار البنية في جمع التكسير.

الثاني : الإشارة إليه بهذا.

الثالث : إعادة ضمير المفرد إليه.

الرابع : أن يكون خبرا عن هو.

الخامس : أن يصغّر بنفسه ولا يردّ إلى مفرده.

ذكر ما افترق فيه التكسير والتصغير

قال في (البسيط) : افترقا في أنّ بناء التصغير لا يختلف كاختلاف أبنية الجمع ، وفي أنّ الأجود أن يقال في تصغير أسود وأعور وقسور وجدول ، أسيّد وأعيّر وقسيّر وجديّل بالإدغام ، ولا يجوز ذلك في التكسير. ويقال في مقام ومقال مقيّم ومقيّل بالإدغام ، وفي التكسير مقاوم ومقاول بالإظهار. قال : ولا يقدح ذلك في قولهم : إنهما من واد واحد. لأنه لا يلزم من مشابهة الشيء للشيء أن يشابهه من جميع الوجوه.

قال ابن الصائغ في (تذكرته) : سئلت عن السبب في إن كان النسب إلى الجمع في ماله واحد إلى الواحد ، فإن لم يكن له واحد نسب إلى الجمع ، وكان التصغير للجمع فيما له واحد إلى الواحد ، وفيما لم يكن له واحد إلى واحده المقدّر ، وهلّا اتحد البابان.

فقلت : النسب إلى الواحد لم يكن إلّا قصد الخفّة ، حيث المنسوب إلى الجمع هو المنسوب إلى الواحد ، وتصغير الواحد في الجمع إنما كان لتنافر التصغير مع الجمع الكثير ، فافترق البابان.


القسم الثاني

باب الإعراب والبناء

مسألة

يكفي في بناء الاسم شبهه بالحرف من وجه واحد اتفاقا ، ولا يكفي في منع الصرف مشابهته للفعل من وجه واحد اتّفاقا ، بل لا بدّ من مشابهته له من وجهين :

قال في (البسيط) : والفرق أنّ مشابهة الحرف تخرجه إلى ما يقتضيه الحرف من البناء ، وعلّة البناء قويّة ، فلذلك جذبته العلّة الواحدة ، وأما مشابهة الفعل فإنها لا تخرجه عن الإعراب ، وإنما تحدث فيه ثقلا ، ولا يتحقّق الثقل بالسبب الواحد لأنّ خفّة الاسم تقاومه فلا يقدر على جذبها عن الأصالة إلى الفرعية ، فلذلك احتيج إلى سببين لتحقّق الثقل بتعاضدهما ، وغلبتهما بقوّة نقلهما خفّة الاسم وجذبه إلى شبه الفعل.

قال ابن الحاجب في (أماليه) : إن قيل : لم بني الاسم لشبه واحد ، وامتنع من الصرف لشبهين ، وكلا الأمرين خروج عن أصله؟

فالجواب أنّ الشبه الواحد بالحرف يبعده عن الاسمية ، ويقرّبه مما ليس بينه وبينه مناسبة إلا في الجنس الأعمّ ، وهو كونه كلمة ، وشبه الفعل وإن كان نوعا آخر إلّا أنه ليس في البعد عن الاسم كالحرف. ألا ترى أنّك إذا قسمت الكلمة خرج الحرف أوّلا لأنه أحد القسمين ، ويبقى الاسم والفعل مشتركين ، فيفرق بينهما بوصف أخصّ من وصفهما بالنسبة إلى الحرف ، فوزان الحرف من الاسم كالجماد بالنسبة إلى الآدميّ ، ووزان الفعل من الاسم كالحيوان من الآدميّ ، فشبه الآدمي بالجماد ليس كشبهه بالحيوان. فقد علمت بهذا أنّ المناسبة الواحدة بين الشيء وبين ما هو أبعد لا تقاوم مناسبات متعدّدة بينه وبين ما هو قريب منه.

قال ابن النحّاس في (التعليقة) : فإن قيل فلم بنيتم الاسم لشبهه بالحرف من وجه واحد؟

فالجواب أنّ الاسم بعيد من الحرف. فشبهه به يكاد يخرجه عن حقيقته ، فلو لا قوّته لم يظهر ذلك فيه ، فلا جرم اعتبرناه قولا واحدا.


مسألة : اعتراض والرد عليه

قال ابن الدّهان في (الغرّة) : قال بعض المتقدّمين : فإن قيل : لم لمّا شابه الفعل الاسم أعطيتموه بعض الإعراب ، ولمّا أشبه الاسم الحرف أعطيتموه كلّ البناء؟.

فالجواب : أنّ الإعراب لمّا كان يتبعّض أعطي الفرع فيه دون ما للأصل ، ولمّا كان البناء لا يتبعّض تساوى الأصل والفرع فيه.

مسألة : الفرق بين غد وأمس

قال بعضهم : الفرق بين (غد) وبين (أمس) ـ حيث أعرب غد على كل اللغات بخلاف أمس ـ أنّ أمس استبهم استبهام الحروف ، فأشبه الفعل الماضي ، وغد لكونه منتظرا أشبه الفعل المستقبل فأعرب. نقله الأندلسيّ.

باب المنصرف وغيره

مسألة : الحكم إذا سمي بجمع وأخر

إذا سمّي بجمع وأخر لم ينصرفا عند سيبويه (١) للتعريف والعدل في الأصل ، وانصرفا عند الأخفش لزوال معنى العدل عنهما بالتسمية قياسا على المسمى بالمعدول عن العدد.

قال في (البسيط) : والفرق على الأول أنه لا يمكن مراعاة العدل في العدد بعد التسمية لمنافاة التسمية للعدد ، وأمّا عدل جمع فلا ينافي التسمية للموافقة في التعريف. وكذلك عدل أخر عن اللام على الصحيح لا ينافي التعريف ، كما لم ينافه العدل في (سحر).

مسألة : الياء في معد يكرب

الجمهور على أنّ الياء في (معد يكرب) ساكنة سواء أضيف أو ركّب.

وقال بعضهم : تحرّك بالفتح قياسا على المنقوص.

وقال في (البسيط) : والفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : أنه طال بالتركيب. والسكون على حرف العلّة أخفّ من الحركة فناسب ثقل التركيب حذف الحركة بخلاف المنقوص.

والثاني : أنها صارت وسطا في الكلمة بالتركيب فأشبهت الأصليّة ، كياء

__________________

(١) انظر الكتاب (٣ / ٢٤٧).


(دردبيس) ، ولأنّ حركة التركيب لازمة وحركة المنقوص عارضة ، واللازم أثقل من العارض.

مسألة : الفرق بين حروف الجر .. وبين الإضافة

وأل في دخولها على الممنوع من الصرف

قال ابن إياز : فإن قيل : إنّ حروف الجرّ تمنع من الدخول على الفعل ، ومع هذا إذا دخلت على ما لا ينصرف لا تجرّ في موضع الجرّ ، فهلّا كانت اللام والإضافة كذلك.

قيل : الفرق من وجهين :

أحدهما : أنّ اللام والإضافة يتغيّر بهما معنى الاسم ، ألا تراهما ينقلانه من التنكير إلى التعريف ، وحروف الجرّ لا تغيّر معناه.

والثاني : أنّ حروف الجرّ تجري مما بعدها مجرى الأسماء التي تجرّ ما بعدها ، والأفعال قد تقع في موضع الجرّ بإضافة ظروف الزمان إليها. فصار وقوع الأسماء بعد حروف الجرّ كأنه غير مختصّ بها إذ كان مثل ذلك يقع في الأفعال ، فلذلك لم يعتد به ، انتهى.

وقد ذكر السيرافيّ هذين الوجهين. وزاد فروقا أخرى :

منها : أنّ الألف واللام والإضافة أبعدا الاسم الذي لا ينصرف عن شبه الفعل وأخرجاه ، منه ، فلمّا دخل عليه بعد ذلك العامل صادفه غير مشبه للفعل ، فعمل فيه. وأما إذا دخل قبل دخول اللام أو الإضافة فإنه يصادفه ثقيلا ، فلا ينفذ فيه.

ومنها : أنّ الألف واللام والإضافة قاما مقام التنوين ، فكأنّ الاسم منوّن ، والتنوين هو الصرف وعلامة الأمكن وليس العامل كذلك.

ومنها : أنّا لو اعتبرنا العوامل لبطل أصل ما لا ينصرف ، لأن التي تدخل على الاسم غير داخلة على الفعل ، فلو كان ينتقل بدخول العوامل لكان كلّ عامل يدخل عليه يوجب صرفه ، ويبطل الفرق بين ما ينصرف وبين ما لا ينصرف.

مسألة : تنوين الأسماء غير المنصرفة

للضرورة وعدم تنوين الأسماء المبنية للضرورة

وقال ابن الحاجب في (أماليه) : الأسماء المبنيّة لا تنوّن للضرورة ، لأنّ التنووين فرع الإعراب. وهي لا يدخلها الإعراب ، فلا يدخلها التنوين.


باب النكرة والمعرفة

مسألة : لزوم نون الوقاية مع الفعل

إذا اتصل بالفعل ياء المتكلّم لزمه نون الوقاية حذرا من كسر الفعل لأنها تطلب كسر ما قبلها.

قال في (البسيط) : فإن قيل : فقد كسر الفعل لالتقاء الساكنين. فهلّا كسر مع ضمير المتكلّم والجامع بينهما عدم اللزوم ، لأنّ ضمير المفعول غير لازم ، ولذلك هو في تقدير المنفصل.

قلنا : الفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : أنّ ياء المتكلّم تقدّر بكسرتين وقبلها كسرة ، فتصير كاجتماع ثلاث كسرات في التقدير ، ولا يحتمل ذلك في الفعل ، فلذلك احتيج إلى نون الوقاية بخلاف التقاء الساكنين ، إذ ليس معه إلا كسرة واحدة ، ولا يلزم من احتمال كسرة واحدة عارضة احتمال ثلاث كسرات.

والثاني : أنّ ياء المتكلّم تمتزج بالكلمة لشدّة اتصالها ، فتصير الكسرة قبلها كاللازمة بخلاف التقاء الساكنين ، فإن الثاني لا يمتزج بالأول لكونه منفصلا عنه ، فلا تشبه حركته الحركة اللازمة.

باب الإشارة

مسألة : الإشارة للبعيد

قالوا : في البعيد للمذكّر (ذلك) ، فلم يحذفوا الألف وكسروا اللام لالتقاء الساكنين. وقالوا : للمؤنث (تلك). وأصله (تي) فحذفوا الياء ، وسكّنوا اللام.

والفرق أنّه لو أبقيت الياء كما أبقيت الألف في ذلك ، وقيل : تيلك كان يؤدي إلى نهاية الثقل ، وهي وقوع الياء بين كسرتين ، ولا كذلك المذكّر. فإنه لا ثقل فيه مع تحريك اللام. وأنّ ثقل التأنيث والكسرة ناسب الحذف بخلاف فتح الذال ، وخفّة التذكير فإنه لا يقتضي الحذف.

ذكر ذلك في (البسيط). قال : وقد جاء (تالك) في البعيد ، فلم تحذف ألف (تا) كما لم تحذف ألف (ذا) ، ولما كان استعمالها أقلّ من تلك جعلوا كثرة استعمال تلك عوضا عن استعمال تالك.


باب الموصول

مسألة : الاختلاف في استعمال ذا موصولا ، دون ما

جوّز الكوفيّون استعمال (ذا) موصولا دون (ما) كما لو كانت مع ما أو من ، ومنعه البصريّون ، وفرّقوا بأنّ ما الاستفهامية إذا انضمّت إلى ذا أكسبته معناها ، فخرج من التخصيص إلى إبهام الذي.

قال في (البسيط) : ولا قياس مع الفارق.

مسألة : لا يوصل الذي بالأمر

قال ابن الدهّان في (الغرّة) : يجوز أن توصل أن بالأمر ، نحو : كتبت إليه بأن قم ، ولم يجز أن يوصل الذي بالأمر لأنّ الذي اسم يفتقر إلى تخصيص من صلة ، وليس كذلك أن لأنها حرف.

باب الابتداء

مسألة : الفرق بين زيد أخوك وأخوك زيد

قال ابن الخبّاز : إن قلت : ما الفرق بين (زيد أخوك) ، (وأخوك زيد)؟ قلت : من وجهين :

أحدهما أنّ : زيد أخوك تعريف للقرابة ، وأخوك زيد تعريف للاسم.

والثاني أنّ : زيد أخوك لا ينفي أن يكون له أخ غيره. لأنّك أخبرت بالعامّ عن الخاصّ ، وأخوك زيد ينفي أن يكون له أخ غيره ، لأنك أخبرت بالخاصّ عن العامّ. وهذا ما يشير إليه الفقهاء ، في قولهم : زيد صديقي ، وصديقي زيد ، نقله ابن هشام في (تذكرته).

مسألة : القول في عود الضمير على المبتدأ

قال الشلوبين : فإن قلت : إذا قلت : زيد أمامك لزم فيه ضمير يعود على المبتدأ ، لأنه قام مقام المشتقّ ، وهو كائن ، فتضمّن الضمير الذي كان يتضمنه. وإذا قلت : زيد الأسد ، وأبو يوسف أبو حنيفة ، وزيد زهير فلا ضمير فيه مع أنه قد قام مقام ما هو المبتدأ في المعنى ، وهو مشتقّ ، ألا ترى أنّ الخبر قد قام في ذلك مقام مثل وهو مشتقّ ، فلم لم يتحمّل هذا القائم من الضمير هنا ما كان فيما قام مقامه وتحمله هناك؟

فالجواب : أنّ الفرق بين الموضعين أنّ الذي قام مقام الخبر هناك قام مقامه على


معناه من غير زيادة. فتحمّل من الضمير ما كان يتحمّله. والذي قام مقامه في هذا الأخير قام مقامه على معناه ، ولكن بزيادة أنه أريد به أنه هو على جهة المبالغة بتغيير المعنى ، وجعل الثاني كأنه الأول لا مثله ، فلما قام مقامه على غير معناه لم يحمل من الضمير ما كان يحمله ، هذا إذا قلنا : إن قولنا : أبو يوسف أبو حنيفة بزيادة معنى أنه هو هو مبالغة. وإن لم نقل ذلك ، وقلنا : إنه بمعنى أصله الذي حذف منه تحمّل من الضمير ما كان يتحمّله ، فلك إذا فيه وجهان.

مسألة الإخبار بالظرف الناقص

قال ابن النحّاس في (التعليقة) : أجاز الكوفيون الإخبار بالظرف الناقص إذا تم بالحال ، وجعلوا (له) من قوله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص : ٤] خبر يكن ، وكفوا حال من الضمير المستكنّ في له وقاسوه على جواز الإخبار بالخبر الذي لا يتمّ إلّا بالصفة كقوله تعالى : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) [النمل : ٥٥] ، ونحوه.

وفرّق البصريّون فأجازوا الإخبار بما لا يتمّ إلّا بالصفة ، ومنعوا الإخبار بما لا يتمّ إلا بالحال ، لأنّ الصفة من تمام الموصوف ، والحال فضلة فلا يلزم من جواز ما هو من تمام جواز ما هو فضلة.

باب (ما) وأخواتها

مسألة : القول في باء (ما زيد بقائم)

قال الأندلسيّ في (شرح المفصّل) : فإن قلت : ما بالهم حكموا بأنّ الباء في قولك : (ما زيد بقائم) مزيدة مع أنها لتأكيد النفي ، واللام في قولك : إن زيدا لقائم غير مزيدة مع أنها لتأكيد معنى الابتداء؟.

قلت : فيه حرفان : الحرف الأول أنّ الباء أبدا تقع في الطيّ فلا يلتفت إليها لتمام المعنى بدونها بخلاف اللام فإنها تقع في الصدر في نحو : لزيد منطلق و (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً) [الحشر : ١٣] وأمّا إن زيدا لقائم فبدخول إن.

الحرف الثاني وعليه الاعتماد أنّ خبر ما لا يكون إلا على أصله ، وهو النصب حتى تكون الباء زائدة بخلاف اللام ، فإن خبر المبتدأ على أصله ، وإن لم تكن اللام زائدة ، انتهى.

مسألة : امتناع تقديم معمول الفعل الواقع بعد ما النافية

ولا في جواب القسم عليها وعدم امتناع التقديم في لن ولم ولما

قال ابن عصفور في (شرح المقرّب) : فإن قيل : لأيّ شيء امتنع تقديم معمول


الفعل الواقع بعد (ما) النافية أو (لا) في جواب القسم عليها ، ولم يمتنع ذلك في (لن ، ولم ، ولما) مع أنها حروف نفي كما أنّ (ما ولا) كذلك؟.

فالجواب : أنّ الفرق أنّ (لن) لنفي مستقبل فهي في مقابلة السين في : سيفعل. فأجروها لذلك مجراها في جواز التقديم فيقال : زيدا لن أضرب كما يقال : زيدا سأضرب. (ولم ولمّا) ، لمّا صارتا ملازمتين للفعل أشبهتا ما جعل كالجزء منه وهو السين وسوف ، فجاز التقديم فيهما ، ولم يجز في (ما) لأنها لا تلازم الفعل الذي نفي بها ، كما تلازم لم ولمّا. و (لا) جعلت في مقابلة ما هو كالجزء من الفعل.

قال ، وزعم الشلوبين : أنّ العرب إنّما أجازت تقديم الفعل الواقع بعد لم ولمّا عليهما حملا على نقيضه ، وهو الواجب ، فكما يجوز ذلك في الواجب ، فكذلك يجوز في نقيضه. وهذا غير صحيح ، لأنه يلزم عليه تقديم معمول الفعل الواقع بعد ما النافية عليها ، فيقال : زيدا ما ضربت ، حملا على نقيضه ، وهو : زيدا ضربت. والعرب لا تقوله. فدلّ على أن السبب خلاف ما ذكره.

باب كاد وأخواتها

مسألة : الفرق بين كاد وعسى

قال ابن إياز : فإن قيل : لم امتنع أن يضمر في (عسى) ضمير الشأن ، و (هلّا) جاز فيها كما جاز في كاد؟.

قيل : فرّق الرمّانيّ بينهما بأنّ خبر كاد لا يكون إلّا جملة ، وخبر عسى مفرد ، وقد عرف أنّ ضمير الشأن لا يكون خبره إلّا جملة.

باب (إنّ) وأخواتها

مسألة : تقدم المنصوب في هذا الباب

قال ابن يعيش (١) : إنما قدّم المنصوب في هذا الباب على المرفوع فرقا بينها وبين الفعل ، فالفعل من حيث أن الأصل في العمل جرى على سنن قياسه في تقديم المرفوع على المنصوب إذ كانت رتبة الفاعل مقدمة على المفعول. وهذه الحروف لمّا كانت فروعا على الأفعال ومحمولة عليها جعلت بينهما ، بأن قدّم المنصوب فيها على المرفوع حطّا لها عن درجة الأفعال ، إذ تقديم المفعول على الفاعل فرع ، وتقديم الفاعل أصل.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ١٠٢).


مسألة : يجوز الجمع بين المكسورتين

ولا يجوز بين المكسورة والمفتوحة

قال الأندلسي : فإن قلت : كيف يجوز الجمع بين المكسورتين في التأكيد مع اتحاد اللفظ والمعنى ولا يجوز في المكسورة والمفتوحة مع أنّ بينهما مغايرة ما؟.

قلت : الفرق أنّ إحدى الكلمتين هناك زائدة أو كالزائدة ، وهنا بخلافه بدليل أنّ كلّ واحد من الحرفين لا بدّ له من اسم وخبر ، ونظيره قولهم على ما نقله سيبويه (١) : إنّ زيدا لما لينطلقنّ.

مسألة : كسر إن وفتحها بعد إذا الفجائية

قال الأندلسيّ : قال السيرافيّ : يجوز بعد (إذا) التي للمفاجأة كسر إن وفتحها بخلاف حتى ، فأنّ المفتوحة لا تقع بعدها ، والفرق أن ما بعد إذا لا يلزم أن يكون ما قبلها ولا بعضه ، ويجوز أن يكون مصدرا وغير مصدر ، كقولك : خرجت فإذا أن زيدا صائح. فهنا تفتح أنّ ، لأن التقدير : خرجت فإذا صياح زيد ، وتكسر إذا أردت فإذا زيد صائح. وأمّا (حتى) فإن ما بعدها يكون جزءا مما قبلها ، لأنها هنا هي العاطفة ، وليست التي للغاية.

باب (ظنّ) وأخواتها

مسألة : الفرق بين علمت وعرفت من جهة المعنى

قال ابن جنّي في (الخاطريّات) : قلت لأبي علي : قال سيبويه (٢) : إذا كانت (علمت) بمعنى عرفت عدّيت إلى مفعول واحد ، وإذا كانت. بمعنى العلم عدّيت إلى مفعولين. فما الفرق بين علمت وعرفت من جهة المعنى؟

فقال : لا أعلم لأصحابنا في ذلك فرقا محصّلا. والذي عندي في ذلك أنّ (عرفت) معناها العلم الموصول إليه من جهة المشاعر والحواسّ بمنزلة (أدركت) ، وعلمت معناها العلم من غير جهة المشاعر والحواسّ ، يدلّك على ذلك في (عرفت) قوله تعالى : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) [الرحمن : ٤١] ، والسيما تدرك بالحواس والمشاعر.

قلت له : أفيجوز أن يقال : (عرفت) ما كان ضدّه في اللفظ (أنكرت) ، وعلمت ما كان ضدّه في اللفظ (جهلت). فإذا أريد بعلمت العلم المعاقبة عبارته

__________________

(١) انظر الكتاب (٣ / ١٧٢).

(٢) انظر الكتاب (١ / ٧٦).


للإنكار تعدّت إلى مفعول واحد ، وإذا أريد بها العلم المعاقبة عبارته للجهل تعدّت إلى مفعولين ، ويكون هذا فرقا بينهما صحيحا ، لأنّ أنكرت ليست بمعنى جهلت لأن الإنكار قد يضامّ العلم ، والجهل لا يضامّ العلم ، ولأنّ الجهل يكون في القلب فقط ، والإنكار يكون باللسان وإن وصف القلب به ، كقولنا : أنكره قلبي ، كان مجازا ، وكون الإنكار باللسان دلالة على أنّ المعرفة متعلّقة بالمشاعر. فقال : هذا صحيح ، انتهى.

باب المفعول فيه

مسألة : اشتراط توافق مادتي الظرف المصاغ من الفعل وعامله

اشترطوا توافق مادّتي الظرف المصاغ من الفعل وعامله ، نحو : قعدت مقعد زيد ، وجلست مجلسه ، ولم يكتفوا بالتوافق المعنوي بخلاف المصدر. فاكتفوا فيه بالتوافق المعنويّ نحو : قعدت جلوسا.

والفرق أنّ انتصاب هذا النوع على الظرفية على خلاف القياس لكونه مختصّا. فينبغي ألّا يتجاوز به محلّ السماع. وأما نحو : قعدت جلوسا فلا دافع له من القياس. ذكره في (المغني).

باب الاستثناء

مسألة : جواز إيصال الفعل إلى غير بدون واسطة

قال ابن النحّاس في (التعليقة) : فإن قيل : كيف جاز أن يصل الفعل إلى (غير) من غير واسطة ، وهو لا يصل إلى ما بعد (إلّا) إلّا بواسطة؟

فالجواب : أنّ غيرا أشبهت الظرف بإبهامها ، والظرف يصل الفعل إليه بلا واسطة ، فوصل أيضا إلى غير بلا واسطة لذلك.

فإن قيل : فلم لم تبن (غير) لتضمّنها معنى الحرف وهو (إلّا)؟

فالجواب : أنّ (غير) لم تقع في الاستثناء لتضمّنها معنى إلّا ، بل لأنّها تقتضي مغايرة ما بعدها لما قبلها ، والاستثناء إخراج ، والإخراج مغايرة ، فاشترك (إلّا وغير) في المغايرة. فالمعنى الذي صارت به غير استثناء هو لها في الأصل لا لتضمّنها معنى إلا فلم تبن.

باب الحال

مسألة : فروق بين الصفة والحال

قال في (البسيط) : لم يستضعف سيبويه (١) (مررت بزيد أسدا) بنصب أسد

__________________

(١) انظر الكتاب (٢ / ١١٢).


على الحال ، أي : جريئا أو شديدا قويّا ، واستضعف مررت برجل أسد على الوصف. والفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : أنّ الوصف أدخل في الاشتقاق من الحال.

والثاني : أنّ الحال تجري مجرى الخبر. وقد يكون خبرا ما لا يكون صفة. قال : والقياس التسوية بينهما ، لأنه يرجع بالتأويل إلى معنى الوصف ، أو بحذف مضاف ، أي : مثل أسد.

وقال ابن يعيش (١) : الحال صفة في المعنى. ولذلك اشترط فيها ما يشترط في الصفات من الاشتقاق ، فكما أنّ الصفة يعمل فيها عامل الموصوف ، فكذلك الحال يعمل فيها العامل في صاحب الحال ، إلا أنّ عمله في الحال على سبيل الفضلة لأنها جارية مجرى المفعول ، وعمله في الصفة على سبيل الحاجة إليها ، إذ كانت مبينة للموصوف ، فجرت مجرى حرف التعريف. وهذا أحد الفروق بين الصفة والحال ، وذلك أنّ الصفة تفرق بين اسمين مشتركين في اللفظ ، والحال زيادة في الفائدة والخبر وإن لم يكن الاسم مشاركا في لفظه.

قال (٢) : وقد ضعّف سيبويه (٣) : مررت برجل أسد على أن يكون نعتا ، لأن أسدا اسم جنس جوهر ، ولا يوصف بالجوهر. لو قلت : هذا خاتم حديد ، لم يجز ، وأجاز هذا زيد أسدا على أن يكون حالا من غير قبح ، واحتجّ بأن الحال مجراها مجرى الخبر. وقد يكون خبرا ما لا يكون صفة. ألا تراك تقول : هذا مالك درهما ، وهذا خاتمك حديدا ، ولا يحسن أن يكون وصفا. وفي الفرق بينهما نظر ، وذلك أنه ليس المراد من السبع شخصه ، وإنما المراد أنه في الشدّة مثله ، والصفة والحال في ذلك سواء ، وليس كذلك الحديد والدرهم ، فإن المراد جوهرهما.

باب التمييز

مسألة : جواز تقديم التمييز على الفعل

قال ابن النحّاس في (التعليقة) : أجاز المازنيّ والمبرّد (٤) والكوفيّون تقديم التمييز على الفعل قياسا على الحال ومنعه أكثر البصريين ، والقياس لا يتّجه ، لأنّ

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٥٧).

(٢) انظر شرح المفصّل (٣ / ٤٩).

(٣) انظر الكتاب (٢ / ١١٢).

(٤) انظر المقتضب (٣ / ٣٦).


الفرق بين الحال والتمييز ظاهر ، لأن التمييز مفسّر لذات المميّز والحال ليس بمفسّر ، فلو قدّمنا التمييز لكان المفسّر قبل المفسّر ، وهذا لا يجوز.

وقال الأبّذيّ في (شرح الجزولية) : التمييز مشبه للنعت فلم يتقدّم ، وإنما تقدّمت الحال لأنها خبر في المعنى ، ولتقديرها بفي فأشبهت الظرف ، وأيضا فالحال لبيان الهيئة لا لبيان الذات ففارقت النعت.

وقال الفارسيّ في (التذكرة) : إنما لم يجز تقديم التمييز لأنه مفسّر ومرتبة المفسّر أن تقع بعد المفسّر وأيضا فأشبه (عشرون). وأما الحال فحملت على الظرف.

وقال ابن يعيش في (شرح المفصّل) (١) : سيبويه (٢) لا يرى تقديم التمييز على عامله فعلا كان أو معنى. أما إذا كان معنى غير فعل فظاهر لضعفه ، ولذلك يمتنع تقديم الحال على العامل المعنويّ ، وأما إذا كان فعلا متصرّفا فقضية الدليل جواز تقديم منصوبه عليه لتصرّف عامله إلّا أنه منع من ذلك مانع ، وهو كون المنصوب فيه مرفوعا في المعنى من حيث كان الفعل مسندا إليه في المعنى والحقيقة ، ألا ترى أنّ التصبّب والتفقؤ في قولنا (٣) : تصبّب زيد عرقا ، وتفقأ زيد شحما في الحقيقة للعرق والشحم ، والتقدير : تصبّب عرق زيد ، وتفقّأ شحمه. فلو قدّمناهما لأوقعناهما موقعا لا يقع فيه الفاعل ، لأن الفاعل إذا قدمناه خرج عن أن يكون فاعلا ، وكذلك إذا قدمناه لم يصح أن يكون في تقدير فاعل نقل عنه الفعل ، إذ كان هذا موضعا لا يقع فيه الفاعل.

فإن قيل : فإذا قلت : جاء زيد راكبا جاز تقديم الحال ، وهو المرفوع في المعنى فما الفرق بينهما؟.

قيل : نحن إذا قلنا : جاء زيد راكبا فقد استوفى الفعل فاعله لفظا ومعنى وبقي المنصوب فضلة ، فجاز تقديمه ، وأما إذا قلنا : طاب زيد نفسا فقد استوفى الفعل فاعله لفظا لا معنى ، فلم يجز تقديمه ، كما لم يجز تقديم المرفوع ، انتهى.

باب الإضافة

مسألة : إضافة الفم إلى ياء المتكلم

إذا أضيف الفم إلى ياء المتكلّم ردّ المحذوف ، فيقال : هذا فيّ ، وفتحت فيّ ،

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٧٣).

(٢) انظر الكتاب (١ / ٢٦٦).

(٣) انظر شرح المفصّل (٢ / ٧٠).


ووضعته في فيّ ، وذلك لأنك تقول : هذا فوك ، ورأيت فاك ، ونظرت إلى فيك ، فتكون الحركة تابعة لحركة ما بعدها من الحروف ، فإذا جاءت ياء الإضافة لزم أن تكسر الفاء لتكون تابعة لها.

قال ابن يعيش (١) : فإن قيل : لم قلبتم الألف هنا ياء مع أنها دالّة على الإعراب وامتنعتم من قلب ألف التثنية ، وما الفرق بينهما؟.

فالجواب : أنّ في ألف التثنية وجد سبب واحد يقتضي قلبها ياء ، وعارضه الإخلال بالإعراب. وهاهنا وجد سببان لقلبها ياء ، وهو وقوعها موقع مكسور وانكسار ما قبلها في التقدير ، من حيث أنّ الفاء تكون تابعة لما بعدها ، فقوي سبب قلبه ولم يعتدّ بالمعارض.

باب أسماء الأفعال

مسألة

لا يجوز تقديم معمولات أسماء الأفعال عليها عند البصريين ، وجوّزه الكوفيون قياسا على اسمي الفاعل والمفعول. والفرق على الأول أنهما في قوّة الفعل لشدّة شبههما به ، وأسماء الأفعال ضعيفة. قال في (البسيط).

باب النعت

مسألة : يشترط في الجملة الموصوف بها أن تكون خبرية

قال في (البسيط) : يشترط في الجملة الموصوف بها أن تكون خبريّة لوجهين :

لأن المقصود من الوصف بها إيضاح الموصوف وبيانه ، وما عداها من الجمل الأمريّة والنهييّة والاستفهامية وغيرها لا إيضاح فيها ولا بيان ، ولذلك لم تقع صفة لعدم إيضاحها وبيانها. ألا ترى أنك لو قلت : مررت برجل اضربه أو برجل لا تشتمه ، أو برجل هل ضربته لم تفد النكرة إيضاحا ولا بيانا.

قال : فإن قيل : هذا بعينه يصحّ وقوعه خبرا للمبتدأ ، ولا يمتنع كقولك : زيد اضربه ، وخالد لا تهنه ، وبكر هل ضربته. فهلّا صحّ وقوعه في الوصف.

قلنا : الفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : أنّ الخبر محذوف تقديره : مقول فيه. والجملة محكيّة الخبر. وجاز ذلك لجواز حذف الخبر ، ولم يجز ذلك في الصفة ، لأنه لا يجوز حذفها لأنّ حذفها ينافي معناها.

__________________

(١) نظر شرح المفصّل (٣ / ٣٨).


والثاني : أنّ المبتدأ يجوز نصبه بالفعل إما على حذف الضمير ، أو على التفسير ، ولا يتغيّر المعنى فإنّ : زيدا اضربه ، واضرب زيدا سواء في المعنى. وأما الصفة فلا يصحّ عملها في الموصوف سواء حذف منها ضميره أم لا ، لأنه معمول لغيرها. فإنك إذا قلت : مررت برجل اضربه لم يصحّ نصب رجل باضربه ، ولأنّ الصفة تابعة للموصوف ، ولا يعمل التابع في المتبوع.

مسألة : لا يجوز الفصل بين الصفة والموصوف

قال الأبذيّ : لا يجوز الفصل بين الصفة والموصوف لأنهما كشيء واحد بخلاف المعطوف والمعطوف عليه.

مسألة : تثنية الصفة الرافعة للظاهر وجمعها

قال الخفاف في (شرح الإيضاح) : وقع في كتاب المهذّب لأبي إسحاق الزجّاج أنّ تثنية الصفة الرافعة للظاهر وجمعها فصيح في الكلام لا كضعف لغة : أكلوني البراغيث (١).

قال : والفرق أنّ أصل الصفة كسائر الأسماء التي تثنّى وتجمع ، وإنما يمتنع ذلك فيها بالحمل على الفعل : فيجوز فيها وجهان فصيحان :

أحدهما : أن يراعى أصلها فتثنّى وتجمع.

والثاني : أن يراعى شبهها بالفعل ، فلا تثنّى ولا تجمع.

قال الخفاف : وهذا قياس حسن لو ساعده السماع. والذي حكى أئمّة النحويين أنّ تثنية الصفة وجمعها إذا رفعت الظاهر ضعيف كأكلوني البراغيث ، وينبغي على قياس قوله أن يجيز في المضارع الإعراب والبناء ، لأن أصله البناء ، وأعرب لشبه الاسم ، وكذا في الاسم الذي لا ينصرف الصرف باعتبار الأصل ، والمنع باعتبار شبه الفعل ، انتهى.

مسألة : لم حذف الموصوف وأقيمت

الصفة مقامه ولم يصح ذلك في الموصول

قال ابن الحاجب في (أماليه) : فإن قيل : لم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه ، ولم يفعل ذلك في الموصول؟.

__________________

(١) انظر همع الهوامع (١ / ١٦٠) ، وشرح ابن عقيل (١٩٧).


قلنا : لأنّ الصفة تدلّ على الذات التي دلّ عليها الموصوف بنفسها باعتبار التعريف والتنكير ، لأنها تابعة للموصوف في ذلك ، والموصول لا ينفكّ عن جعل الجملة التي معه في معنى اسم معرّف ، فلو حذف لكانت الجملة نكرة فيختلّ المعنى.

باب العطف

مسألة : لا يعطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار

لا يجوز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجارّ عند البصريين بخلاف المنصوب ، وجوّزه الكوفيّون قياسا على الضمير المنصوب ، والجامع بينهما الاشتراك في الفضلة.

قال في (البسيط) : والفرق على الأول من أوجه :

أحدها : أنّ ضمير المجرور كالجزء مما قبله لشدّة ملازمته له ، ولذلك لا يمكن استقلاله.

والثاني : أنه يشابه التنوين من حيث أنه لا يفصل بينه وبين ما يتصل به ، ويحذف في النداء ، نحو : يا غلام.

والثالث : أنه قد يكون عوضا من التنوين في نحو : غلامي وغلامك وغلامه فكما لا يعطف على التنوين كذلك لا يعطف على ما حلّ محلّه وناسبه في شدّة الاتصال بالكلمة ، وهذه الأوجه معدومة في المنصوب.

وقال الحريريّ في (درّة الغوّاص) (١) : فإن قيل : كيف جاز العطف على المضمرين المرفوع والمنصوب من غير تكرير وامتنع العطف على المضمر المجرور إلّا بالتكرير.

فالجواب : أنّه لمّا جاز أن يعطف ذانك المضمران على الاسم الظاهر جاز أن يعطف الظاهر عليهما ، ولمّا لم يجز أن يعطف المضمر المجرور على الظاهر إلّا بتكرير الجارّ في قولك : مررت بزيد وبك لم يجز أن يعطف الظاهر على المضمر إلّا بتكريره أيضا ، نحو : مررت بك وبزيد. وهذا من لطائف علم العربية ومحاسن الفروق النحوية ، انتهى.

مسألة : هل يجوز العطف مع التأكيد إذا أكد ضمير المجرور؟

إذا أكّد ضمير المجرور كقولك : مررت بك أنت وزيد اختلف فيه : فذهب الجرميّ إلى جواز العطف مع التأكيد قياسا على العطف على ضمير الفاعل إذا أكّد ،

__________________

(١) انظر درّة الغوّاص (٦٢).


والجامع بينهما شدّة الاتصال بما يتّصلان به. وذهب سيبويه (١) إلى منع العطف. والفرق من أوجه :

أحدها : أنّ تأكيده لا يزيل عنه العلل المذكورة في المنع بخلاف تأكيد الفاعل ، فإنه يزيل عنه المانع من العطف.

الثاني : أنّ تأكيد ضمير المجرور بضمير المرفوع على خلاف القياس ، وتأكيد ضمير الفاعل بضمير المرفوع جار على القياس ، فلا يلزم حمل الخارج عن القياس على الجاري على القياس.

الثالث : أنّ ضمير المجرور أشدّ اتصالا من ضمير الفاعل بدليل أنّ ضمير الفاعل قد يجعل منفصلا عند إرادة الحصر ، ويفصل بينه وبين الفعل ، ولا يمكن الفصل بين ضمير المجرور وعامله. فلمّا اشتدّ اتصاله قوي شبهه بالتنوين ، فلم يؤثر التأكيد في جواز العطف ، بخلاف الفاعل فإنه لمّا لم يشتدّ اتصاله أثر التوكيد في جواز العطف عليه.

الرابع : أنه يلزم من العطف مع تأكيد المجرور بالمرفوع ، نحو : مررت به هو وزيد مخالفة اللفظ والمعنى.

أما اللفظ فإنّ قبله ضمير المرفوع ، ولم يحمل العطف عليه.

وأما المعنى فإن معنى المجرور غير معنى المرفوع ، ولا يلزم من العطف على تأكيد ضمير الفاعل لا مخالفة اللفظ ولا مخالفة المعنى ذكر ذلك في (البسيط).

مسألة : لا يجوز العطف على الضمير

المرفوع المتصل من غير تأكيد وفاصل ما

لا يجوز العطف على الضمير المرفوع المتّصل من غير تأكيد أو فاصل ما عند البصريين وجوّزه الكوفيون قياسا على البدل. والفرق على الأول أنّ البدل هو المبدل منه في المعنى ، فلذلك جاز من غير شرط التأكيد ، وأما العطف فالثاني مغاير للأول ، فلا بدّ من تقوية للأوّل تدلّ على أنّ المعطوف المغاير متعلّق به دون غيره ، بخلاف البدل فإنه لا يحتاج إلى تقوية لعدم المغايرة.

باب النداء

مسألة : ما يجوز في وصف المنادى المضموم

يجوز في وصف المنادى المضموم ، نحو : يا زيد الطويل أن ترفع الصفة حملا على اللفظ ، وتنصبها على الموضع.

__________________

(١) انظر الكتاب (٢ / ٤٠٣).


قال (١) ابن يعيش : فإن قيل : فزيد المضموم في موضع منصوب فلم لا يكون بمنزلة أمس في أنه لا يجوز فيه حمل الصفة على اللفظ. لو قلت : رأيت زيدا أمس الدابر بالخفض على النعت لم يجز ، وكذلك قولك : مررت بعثمان الظريف لم تنصب الصفة على اللفظ؟

قيل : الفرق بينهما أنّ ضمّة النداء في يا زيد ضمّة بناء مشابهة لحركة الإعراب ، وذلك لأنه لمّا اطّرد البناء في كلّ اسم منادى مفرد صار كالعلة لرفعه ، وليس كذلك أمس ، فإن حركته متوغّلة في البناء. ألا ترى أنّ كلّ اسم مفرد معرفة يقع منادى فإنه يكون مضموما ، وليس كلّ ظرف يقع موقع أمس يكون مكسورا؟ ألا تراك تقول : فعلت ذلك اليوم ، واضرب عمرا غدا ، فلم يجب فيه من البناء ما وجب في أمس.

وكذلك عثمان فإنه غير منصرف وليس كل اسم ممنوعا من الصرف ، انتهى.

مسألة : نداء الإشارة وعدم نداء ما فيه أل

قال ابن يعيش (٢) : فإن قيل : أنتم تقولون (يا هذا) ، وهذا معرفة بالإشارة ، وقد جمعتم بينه وبين النداء ، فلم جاز هاهنا ، ولم يجز مع الألف واللام؟ وما الفرق بين الموضعين؟.

قلنا الفرق من وجهين :

أحدهما : أنّ تعريف الإشارة إيماء وقصد إلى حاضر ، ليعرفه المخاطب بحاسّة النظر ، وتعريف النداء خطاب لحاضر وقصد لواحد بعينه ، فلتقارب معنى التعريفين صارا كالتعريف الواحد ، ولذلك شبّه الخليل تعريف النداء بالإشارة في نحو : يا هذا.

وشبّهه لأنه في الموضعين قصد وإيماء إلى حاضر.

والوجه الثاني : ـ وهو قول المازنيّ ـ أنّ أصل هذا أن تشير به لواحد إلى واحد. فلما دعوته نزعت منه الإشارة التي كانت فيه ، وألزمته إشارة النداء ، فصارت (يا) عوضا من نزع الإشارة. ومن أجل ذلك لا يقال : هذا أقبل بإسقاط حرف النداء.

مسألة : المعطوف على المنادى

قال ابن الحاجب في (أماليه) : إن قيل : ما الفرق بين قولهم : يا زيد وعمرو فإنه ما جاء فيه إلّا وجه واحد وهو قولهم وعمرو ، وجاء في المعطوف من باب (لا) وجهان :

أحدهما : العطف على اللفظ ، والثاني : العطف على المحلّ مثل : [الكامل]

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٢).

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٢).


٣٤١ ـ [هذا لعمركم الصّغار بعينيه]

لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب

الجواب : أنّ الفرق من وجهين :

أحدهما : أنّ قولنا : يا زيد وعمرو حرف النداء فيه مراد ، وهو جائز حذفه ، فجاز الإتيان بأثره ، وليس كذلك في باب لا في الصورة المذكورة لأن (لا) لا تحذف في مثل ذلك. وإنما قدّر حرف النداء هاهنا دون ثمّ لكثرة النداء في كلامهم.

الوجه الثاني : أنّ (لا) بني اسمها معها إلى أن صار الاسم ممتزجا امتزاج المركّبات ولا يمكن بقاء ذلك مع حذفها ، ولم يبنوه بناء مبهم على امتزاجه بالأولى ، لأنه قد فصل بينهما بكلمتين ، ولئلّا يؤدّي إلى امتزاج أربع كلمات.

مسألة : يجوز الرفع والنصب في قولهم (ألا يا زيد والضحاك)

قال (٢) ابن الحاجب : قولهم : ألا يا زيد والضحّاك فيه جواز الرفع والنصب ولم يأت في باب لا إلّا وجه واحد ، وهو الرفع لا غير ، مثاله لا غلام لك ولا العبّاس.

والفرق بينهما أنّ (لا) لا تدخل على المعارف لما تقرر في موضعه ، ولا يمكن حمله على اللفظ ، لأنّ لا إنما أتي بها لنفي المتعدّد ولا تعدّد في قولك : لا غلام لك ولا العبّاس. ولأنّ دخول النصب فيه فرع دخول الفتح فيه ، إذا كان منفيا. ولا يدخله الفتح فلا يدخله هذا النصب الذي هو فرعه ، لأنّ دخول الفتح إنما كان لتضمّنه معنى الحرف. ألا ترى أنّ معنى قولك : لا رجل في الدار ، لا من رجل ، ولا يتقدّر مثل ذلك فيما ذكرناه. ألا ترى أنّ (لا) إذا وقع بعدها معرفة وجب الرفع والتكرير ، ويرجع الاسم حينئذ إلى أصله. فإذا وجب الرفع فيما يلي لا ، فلم يجز فيه غيره ، فلأن لا يجوز غيره في فرعه الذي هو المعطوف من باب الأولى. وليس كذلك في باب النداء ، في قولنا : يا زيد والضحاك. فإنّ حرف النداء ، وإن كان متعذّرا كما تعذّر فيما ذكرنا إلا أنه يتوصّل إليه بأي ، وبهذا ، كقولك : يا أيها الضحّاك ، ويا أيّهذا

__________________

٣٤١ ـ الشاهد لرجل من مذحج في الكتاب (٢ / ٣٠٣) ، ولضمرة بن جابر في خزانة الأدب (٢ / ٣٨) ، ولرجل من مذحج أو لضمرة بن ضمرة أولهما أخي جساس ابني مرّة في تخلييص الشواهد (ص ٤٠٥) ، ولرجل من عبد مناف أو لابن أحمر أو لضمرة في الدرر (٦ / ١٧٥) ، ولابن أحمر في المؤتلف والمختلف (ص ٣٨) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٣٣٩) ، ولهمام بن مرّة في الحماسة الشجرية (١ / ٢٥٦) ، وبلا نسبة في جواهر الأدب (ص ٢٤١) ، وأمالي ابن الحاجب (ص ٥٩٣) ، وأوضح المسالك (٢ / ١٦) ، ورصف المباني (ص ٢٦٧) ، وشرح الأشموني (ص ١٥١) ، وشرح ابن عقيل (ص ٢٠٢) ، وشرح المفصّل (٢ / ٢٩٢).

(١) انظر المقتضب (٤ / ٢٢٥) ، وشرح المفصّل (٢ / ٣).


الضحّاك. فصار له دخول ، وإن كان باشتراط فصل ، بخلاف لا ، فإنها لا تدخل بحال ، انتهى.

باب الترخيم

مسألة : ترخيم الجملة

لا يجوز ترخيم الجملة عند الجمهور ، وجوّزه بعضهم بحذف الثاني قياسا على النسب ، فإنه يجوز بحذف الثاني.

قال ابن فلاح في (المغني) : والفرق على الأول أنّ الثقل الناشئ من اجتماع ياء النسبة معها لو لم يخفف بالحذف لأدّى إلى جعل ثلاثة أشياء كشيء واحد ، فلذلك حذف منها في النسب لقيام يائه مقام المحذوف. وأما الترخيم (١) فإنما لم يجز لأنّ شرطه مع تأثير النداء البناء في المرخّم ، ولم يوجد هنا ، فلم يجز الترخيم. ولأنه أشبه بالمضاف والمضاف إليه في كون الأوّل عاملا في الثاني ، فلم يجز ترخيمهما كالمضاف إليه.

باب العدد

مسألة : عدم إعراب مجموع المركبان في العدد

قال الأندلسيّ في (شرح المفصّل) : فإن قلت الاسمان المركّبان في العدد يجريان مجرى الكلمة الواحدة ، فهلّا أعرب مجموعهما كما أعرب معد يكرب وأخواته. قلنا : الفرق من وجهين :

أحدهما : أنّ الامتزاج هنا أشدّ ، إذ كان أحد الاسمين منهما لم يكد يستعمل على انفراده. بل (حضرموت) مثلا في استعماله علما لهذه البلدة كدمشق مثلا وبغداد. فكما أنّ هذه معربة فكذلك حضرموت. وأمّا مركّبات الأعداد فالمفرد منها مستعمل بمعناه كخمسة إذا أردت بها هذا القدر. وكذلك العشرة ، فالعاطف (٢) المتضمّن معتبر ، وإذا اعتبر فقد تضمّن معناه ، وما تضمّن معنى الحرف فلا وجه لإعرابه.

والثاني : أنّ العدد في الأصل موضوع على ألّا يعرب ما دام لما وضع له من تقدير الكميّات فقط ، فإنّ حقه أن يكون كالأصوات ينطق بها ساكنة الأواخر وكحروف التهجي ، وإنما يعرب عند التباسه بالمعدود.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٢٣).

(٢) انظر شرح المفصّل (٦ / ٢٥).


باب نواصب الفعل

مسألة : الفرق بين الباء الزائدة وأن الزائدة بالنسبة إلى العمل

(الباء) الزائدة تعمل الجرّ في نحو : ليس زيد بقائم ، وفاقا ، و (أن) الزائدة لا تعمل النصب في الفعل المضارع على الأصح (١).

وقال الأخفش : تعمل قياسا على الباء الزائدة. والفرق على الأول أنّ الباء الزائدة تختصّ بالاسم ، وأنّ الزائدة لا تختص ، لأنها زيدت قبل فعل وقبل اسم ، وما لا يختصّ فأصله ألّا يعمل. ذكره أبو حيّان.

مسألة : القول في معمول النواصب من جهة تقديمه عليها

لا يتقدّم معمول (٢) معمول (أن) عليها عند جميع النحاة إلّا الفرّاء ، فلا يقال : طعامك أريد أن آكل. ويجوز تقديم معمول معمول (لن) عليها عند جميع النحاة إلا الأخفش الصغير ، فتقول : زيدا لن أضرب.

والفرق أنّ (أن) حرف مصدريّ موصولة ومعمولها صلة لها ، ومعمول معمولها من تمام صلتها ، فكما لا تتقدّم صلتها عليها ، كذلك لا يتقدّم معمول صلتها ، و (لن) بخلاف ذلك.

وحكم (كي) عند الجمهور حكم أن ، لا يجوز تقدّم معمول معمولها. فلا يقال : جئت النحو كي أتعلّم ، ولا النحو جئت كي أتعلّم لأنها أيضا حرف مصدريّ موصولة ك (أن) ، فكما لا يتقدّم معمول صلة الاسم الموصول كذلك لا يتقدّم معمول صلة الحرف الموصول.

وأما (إذن) فقال الفرّاء (٣) : إذا تقدّمها المفعول وما جرى مجراه بطلت. فيقال : صاحبك إذن أكرم ، وأجاز الكسائيّ (٤) : إذ ذاك الرفع والنصب.

قال أبو حيّان : ولا نصّ أحفظه عن البصريين في ذلك ، بل يحتمل قولهم : (إنّه يشترط في عملها أن تكون مصدّرة) ألّا تعمل ، لأنها لم تتصدّر إذ قد تقدّم عليها معمول الفعل ، ويحتمل أيضا أن يقال : تعمل لأنها وإن لم تتصدّر لفظا فهي مصدّرة في النيّة ، لأنّ النية بالمفعول التأخير.

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٣٢).

(٢) انظر مغني اللبيب (٣١٤).

(٣ ـ ٤) انظر همع الهوامع (٢ / ٧).

(٣ ـ ٤) انظر همع الهوامع (٢ / ٧).


ولقائل أن يقول : لا يجوز تقديم معمول الفعل بعد (إذن) ، لأنها إن كانت مركّبة من : (إذ وأن) ، أو من : (إذا وأن) ، فلا يجوز تقديم المعمول كما لا يجوز في أن ، وإن كانت بسيطة. وأصلها (إذ) الظرفية ، ونوّنت ، فلا يجوز أيضا لأنّ ما كان في حيّز إذا لا يجوز تقديمه عليها. وإن كانت حرفا محضا فلا يجوز أيضا ، لأنّ ما فيه من الجزاء يمنع أن يتقدّم معمول ما بعدها عليها. ولما كان من مذاهب الكوفيين جواز تقدّم معمول فعل الشرط على أداة الشرط أجازوا ذلك في إذن ، كما أجازوا ذلك في (إن) ، نحو : زيدا إن تضرب أضرب.

مسألة : لم أجاز سيبويه إظهار أن مع لام كي ولم يجزه مع لام النفي

قال أبو حيّان (١) : سأل محمد بن الوليد ابن أبي مسهر ـ وكانا قد قرأا كتاب سيبويه على المبرّد ورأى ابن أبي مسهر أن قد أتقنه ـ : لم أجاز سيبويه (٢) إظهار (أن) مع (لام كي) ، ولم يجز ذلك مع لام النفي؟ فلم يجب بشيء ، انتهى.

قال أبو حيّان : والسبب في ذلك أنّ : لم يكن ليقوم ، وما كان ليقوم إيجابه : كان سيقوم ، فجعلت اللام في مقابلة السين ، فكما لا يجوز أن يجمع بين أن الناصبة وبين السين أو سوف كذلك لا يجمع بين أن واللام التي هي مقابلة لها.

مسألة : سمع بعد كي وحتى الجر في الأسماء والنصب في الأفعال

سمع بعد (كي وحتى) الجرّ في الأسماء والنصب في الأفعال ، فاختلف النحويّون فقيل : كلّ منهما جارّ ناصب. وقيل : كلاهما جارّ فقط. والنصب بعدهما بأن مضمرة. وقيل : كلاهما ناصب والجرّ بعدهما بحرف جرّ مقدّر.

والصحيح ـ وهو مذهب سيبويه ـ في (كي) أنها حرف مشترك ، فتارة تكون حرف جرّ بمعنى اللام ، وتارة تكون حرفا موصولا ينصب المضارع بنفسه.

والصحيح من مذهبه في (حتى) أنها حرف جرّ فقط ، وأنّ النصب بعدها ب (أن) مضمرة لا بها.

قال أبو حيّان : فإن قلت : ما الفرق بينها وبين (كي) حيث صحح فيها أنها جارّة ناصبة بنفسها؟

قلت : النصب بكي أكثر من الجرّ ، ولم يمكن تأويل الجرّ ، لأنّ حرفه لا يضمر

__________________

(١) انظر شرح التسهيل (٥ / ١١).

(٢) انظر الكتاب (٣ / ٤).


فحكم به. و (حتّى) ثبت جرّ الأسماء بها كثيرا ، وأمكن حمل ما انتصب بعدها على ذلك بما قدّرنا من الإضمار ، والاشتراك خلاف الأصل ، ولأنها بمعنى واحد في الفعل والاسم بخلاف (كي) ، فإنها سبكت في الفعل ، وخلصت للاستقبال.

مسألة : لماذا عملت أن في المضارع ولم تعمل ما

قال الأندلسيّ في (شرح المفصّل) : قال عليّ بن عيسى : إنما عملت (أن) في المضارع ، ولم تعمل (ما) لأنّ (أن) نقلته نقلين إلى معنى المصدر والاستقبال ، وما لم تنقله إلّا نقلا واحدا إلى معنى المصدر فقط ، وكلّ ما كان أقوى على تغيير معنى الشيء كان أقوى على تغيير لفظه.

وقال السيرافيّ : إنما لم ينصبوا ب (ما) إذا كانت مصدرا ، لأنّ الذي يجعلها اسما ـ وهو الأخفش ـ (يقول) : فإن كانت معرفة فهي بمنزلة الذي ، فيرتفع الفعل بعدها كما يرتفع في صلة الذي ، وإن كانت نكرة فيكون الفعل بعدها صفة ، فلا تنصبه. وأما سيبويه (١) فجعلها حرفا ، وجعل الفعل بعدها صلة لها.

والجواب على مذهبه : أنّ المعنى الذي نصبت به (أن) هو شبهها ب (أنّ) المشدّدة لفظا ومعنى ، ولذلك لم يجمعوا بينهما. فلا تقول : أنّ (أن) تقوم ، كما يستقبحون أنّ أنّ زيدا قائم ، وهذا مفقود في (ما) ، وأيضا (فما) يليها الاسم مرّة والفعل أخرى ، فلم تختصّ ، انتهى.

وقال ابن يعيش (٢) : الفرق بين أن وبين (ما) أنّ (ما) تدخل على الفعل والفاعل والمبتدأ والخبر ، وأن مختصّة بالفعل ، فلذلك كانت عاملة فيه ، ولعدم اختصاص ما لم تعمل شيئا.

باب الجوازم

مسألة : يجوز تسكين لام الأمر لا لام كي بعد الواو والفاء

يجوز تسكين لام الأمر بعد الواو والفاء ، نحو : (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) [الحج : ٢٩] ، (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ، وَلْيُؤْمِنُوا بِي) [البقرة : ١٨٦] ولا يجوز ذلك في (لام كي).

وفرّق أبو جعفر النحاس بأنّ (لام كي) حذف بعدها (أن) ، فلو حذفت كسرتها أيضا لاجتمع حذفان بخلاف لام الأمر.

__________________

(١) انظر الكتاب (٣ / ٩).

(٢) انظر شرح المفصّل (٨ / ١٤٣).


وفرّق ابن مالك بأنّ لام الأمر أصلها السكون فردّت إلى الأصل ليؤمن دوام تقوية الأصل ، بخلاف لام كي فإنّ أصلها الكسر لأنها لام الجرّ.

مسألة : اختلف في لم ولمّا هل غيرتا صيغة الماضي

إلى المضارع أو معنى المضارع إلى المضيّ على قولين :

ونسب أبو حيّان الأول إلى سيبويه (١) ، ونقل عن المغاربة أنهم صحّحوه لأنّ المحافظة على المعنى أولى من المحافظة على اللفظ.

والثاني : مذهب المبرّد (٢) ، وصحّحه ابن قاسم في الجنى (٣) الداني. وقال : إنّ له نظيرا وهو المضارع الواقع بعد (لو) ، و (إن). الأول لا نظير له. ولا خلاف أنّ الماضي بعد إن غيّر فيه المعنى إلى الاستقبال لا صيغة المضارع إلى لفظ الماضي. والفرق ـ كما قال أبو حيّان ـ أنّ (إن) لا يمتنع وقوع صيغة الماضي بعدها ، فلم يكن لدعوى تغير اللفظ موجب ، بخلاف لم ولما ، فإنّهما يمتنع وقوع صيغة الماضي بعدهما ، فلهذا قال قوم بأنه غيّرت صيغته.

مسألة : صيغة الأمر مرتجلة بخلاف النهي

الأمر صيغة مرتجلة على الأصحّ لا مقتطع من المضارع ، ولا خلاف أنّ النهي ليس صيغة مرتجلة ، وإنّما يستفاد من المضارع المجزوم الذي دخلت عليه (لا) للطلب. وإنما كان كذلك لأنّ النهي يتنزّل من الأمر منزلة النفي من الإيجاب ، فكما احتيج في النفي إلى أداة احتيج في النهي إلى ذلك ، ولذلك كان ب (لا) التي هي مشاركة في اللفظ للا التي للنفي.

مسألة : لا تدخل على (لا) التي للنهي أداة الشرط

(فلا) في قولهم : إن لا تفعل أفعل ، للنفي المحض ، ولا يجوز أن تكون للنهي ، لأنه ليس خبرا ، والشرط خبر ، فلا يجتمعان.

وقال بعضهم : هي (لا) التي للنهي ، وإذا دخل عليها أداة الشرط لم تجزم وبطل عملها ، وكان التأثير لأداة الشرط ، وذلك بخلاف لم فإنّ التأثير لها لا لأداة الشرط في نحو : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) [البقرة : ٢٤].

__________________

(١) انظر الكتاب (٤ / ٣).

(٢) انظر المقتضب (١ / ٤٦).

(٣) انظر الجنى الداني (٢٦٧).


والفرق أنّ أداة الشرط لم تلزم العمل في كلّ ما تدخل عليه ، إذ تدخل على الماضي ، فلم يكن لها إذ ذاك اختصاص بالمضارع فضعفت. فحيث دخل عامل مختص كان الجزم له. ذكره أبو حيّان في (شرح التسهيل).

مسألة : لم جزمت متى وشبهها ولم تجزم الذي

إذا تضمنت معنى الشرط نحو الذي يأتيني فله درهم

فالجواب : : أنّ الفرق من وجوه :

أحدها : أنّ (الذي) وضع وصلة إلى وصف المعارف بالجمل ، فأشبه لام التعريف الجنسيّة ، فكما أنّ لام التعريف لا تعمل فكذا (الذي).

والثاني : أنّ الجملة التي يوصل بها لا بدّ أن تكون معلومة للمخاطب ، والشرط لا يكون إلّا مبهما.

والثالث : أنّ الذي مع ما يوصل به اسم مفرد ، والشرط مع ما يقتضيه جملتان مستقلّتان ، نقلت ذلك من خطّ ابن هشام في بعض تعاليقه. وذكره ابن الحاجب في (أماليه).

مسألة : كيف تعمل إن في شيئين؟

قال ابن إياز : إن قيل حرف الجزم أضعف من حرف الجرّ ، وحرف الجرّ لا يعمل في شيئين فكيف عملت إن في شيئين؟

قيل : الفرق بينهما الاقتضاء ، فحرف الجرّ لما اقتضى واحدا عمل فيه ، وحرف الجزم لمّا اقتضى اثنين عمل فيهما ، انتهى.

باب الحكاية

مسألة : حكاية الأعلام بمن دون باقي المعارف

تحكى الأعلام ب (من) دون سائر المعارف ، هذا هو المشهور ، والفرق بينها وبين غيرها من المعارف من ثلاثة أوجه :

أحدها : أنّ الأعلام تختصّ بأحكام لا توجد في غيرها : من الترخيم ، وإمالة نحو الحجاج ، وعدم الإعلال في نحو مكوزة وحيوة ومحبب (١) وحذف التنوين منها إذا وقع (ابن) صفة بين علمين. فالحكاية ملحقة بهذه الأحكام المختصّة.

__________________

(١) انظر المنصف (١ / ٢٩٥).


والثاني : أنّ أكثر الأعلام منقول عن الأجناس مغيّر عن وضعه الأول والحكاية تغيير مقتضى (من) والتغيير يؤنس بالتغيير.

والثالث : أنّ الأعلام كثيرة الاستعمال ، ويكثر فيها الاشتراك ، فرفع الحكاية يوهم أنّ المستفهم عنه غير السابق ، لجواز أنّ السامع لم يسمع أوّل الكلام. ذكر ذلك صاحب البسيط.

قال : والفرق بين (من) حيث يحكى بها العلم. وبين (أيّ) حيث لا يحكى بها بل يجب فيها الرفع ـ فإذا قيل : رأيت زيدا أو مررت بزيد ، يقال : أيّ زيد؟ من غير حكاية ـ أنّ (من) لمّا كانت مبنية لا يظهر فيها إعراب جازت الحكاية معها على خلاف ما يقتضيه خبر المبتدأ. وأما (أي) فإنها معربة يظهر فيها الرفع ، فاستقبح ، لظهور رفعها ، مخالفة ما بعدها لها.

ونظيره قول العرب : إنهم أجمعون ذاهبون. لما لم يظهر إعراب النصب في الضمير أكّدوه بالمرفوع ، ومنعهم ، إنّ الزيدين أجمعون ذاهبون ، لمّا ظهر إعراب النصب ألزموا التأكيد بالنصب.

مسألة : حكاية المتبع بتابع

لا يحكى المتبع بتابع غير العطف من نعت أو بيان أو تأكيد أو بدل اتفاقا. وأمّا المتبع بعطف النسق ففيه خلاف حكاه في التسهيل من غير ترجيح ، ورجّح غيره جواز حكايته.

قال أبو حيّان : والفرق بين العطف وبين غيره من التوابع أنّ العطف ليس فيه بيان للمعطوف عليه بخلاف غيره من التوابع ، فإنّ فيه بيانا أنّ المتبوع هو الذي جرى ذكره في كلام المخبر ، وأما في العطف فلا يبين ذلك بيانا ثابتا إلّا الحكاية وإيراد لفظ المخبر في كلام الحاكي على حاله من الحركات.

وقال صاحب (البسيط) : يشترط لجوازها أن يكون المعطوف عليه والمعطوف علمين ، نحو : رأيت زيدا وعمرا. فإن كان المعطوف عليه علما ، والمعطوف غير علم فنقل ابن الدّهان منع الحكاية. وهو الأقوى. ونقل ابن بابشاذ جوازها تبعا ، أو بعكسه لم تجز الحكاية اتفاقا.

باب النسب

قال أبو حيّان : فإن قلت : لم أجزت بيضات وجوزات بالتحريك ، ولم تجز طولي بالتحريك ، في النسبة إلى طويلة؟


قلت : بينهما فرق ، وهو أنّ الحركة في بيضات وجوزات عارضة فلم يعتدّ بها ، والنسبة بناء مستأنف.

باب التصغير

مسألة : الفرق بين تصغير أرؤس إذا سميت به امرأة وتصغير هند

قال أبو حيّان : (أرؤس) إذا سمّيت به امرأة ثم خفّفت الهمزة بحذفها ونقل حركتها إلى الراء فقيل (أرس) وصغّرتها قيل : (أريس) ، ولا تدخل الهاء وإن كان قد صار ثلاثيا. وإذا صغّرت هندا قلت : هنيدة بالهاء ، والفرق بينهما أنّ تخفيف الهمزة بالحذف والنقل عارض. فالهمزة مقدّرة في الأصل وكأنه رباعيّ لم ينقص منه شيء.

فإن قلت : لم لا تلحقه بتصغير سماء إذا قلت سميّة ، أليس الأصل مقدّرا؟.

قلت : لا يشبه تصغير سماء ، لأنّ التخفيف جائز في أرؤس عارض بخلاف سماء ، فإنّ الحذف لها لازم ، فيصير على ثلاثة أحرف إذا صغّرت فتلحقها الهاء.

وبهذا الفرق بين أرؤس وسماء أجاب أبو إسحاق الزجّاج بعض أصحاب أبي موسى الحامض حين سأل أبا إسحاق عن ذلك ، وكان أبو موسى الحامض قد دسّ رجلا لقنا فطنا على أبي إسحاق ، فسأله عن مسائل فيها غموض ، هذه المسألة منها ، وكان في هذا المجلس المشوق الشاعر فأخذ ورقة ، وكتب من وقته يمدح أبا إسحاق ، ويذمّ من يحسده من أهل عصره ، فقال (١) : [الرجز]

صبرا أبا إسحاق عن قدرة

فذو النّهى يمتثل الصّبرا

واعجب من الدّهر وأوغاده

فإنّهم قد فضحوا الدّهرا

لا ذنب للدّهر ، ولكنّهم

يستحسنون المكر والغدرا

نبّئت بالجامع كلبا لهم

ينبح منك الشمس والبدرا

والعلم والحلم ومحض الحجى

وشامخ الأطواد والبحرا

والديمة الوطفاء في سحّها

إذا الرّبا أضحت بها خضرا

فتلك أوصافك بين الورى

يأبين والتّيه لك الكبرا

يظنّ جهلا والذي دسّه

أن يلمسوا العيّوق والغفرا

فأرسلوا النّزز إلى غامر

وغمرنا يستوعب النّزرا

فاله أبا إسحاق عن جاهل

ولا تضق منك به صدرا

وعن خشار غدر في الورى

خطيبهم من فمه يخرى

__________________

(١) الأبيات في مجالس العلماء للزجاجي (ص ٣١١) ، وكتاب المصون للعسكري (ص ٨٠).


مسألة : لم لا يجوز إثبات همزة الوصل في نحو استضراب إذا صغر

قال أبو حيّان : فإن قلت : لم لا يجوز إثبات همزة الوصل في نحو : استضراب إذا صغّر ، وإن كان ما بعدها متحرّكا ، لأن هذا التحريك عارض بالتصغير فلم يعتدّ بهذا العارض كما لم يعتدّ به في قولهم : الحمر بإثبات همزة الوصل مع تحريك اللام بحركة النقل؟.

فالجواب : أنّ بين العارضين فرقا ، وهو أنّ عارض التصغير لازم ، لا يوجد في لسانهم ثاني مصغّر غير متحرّك أبدا ، وعارض الحمر غير لازم ، لأنه يجوز ألا تحذف الهمزة ، ولا تنقل الحركة ، فيقال الأحمر ، ولا يمكن ذلك في المصغّر في حال من الأحوال.

باب الوقف

مسألة : الوقف على المقصور والمنقوص المنونين

إذا وقف على المقصور المنوّن وقف عليه بالألف اتفاقا ، نحو : رأيت عصا ، واختلف في الوقف على المنقوص المنوّن ، فمذهب سيبويه (١) أنه لا يوقف عليه بالياء بل تحذف ، نحو : هذا قاض ، ومررت بقاض ، ومذهب يونس إثباتها.

قال ابن الخبّاز : فما بالهم اختلفوا في إعادة ياء المنقوص ، واتفقوا على إعادة ألف المقصور؟.

قلت : الفرق بينهما خفّة الألف وثقل الياء.

باب التصريف

مسألة : الزائد يوزن بلفظه وزيادة التضعيف توزن بالأصل

قال أبو حيّان : والفرق أن زيادة التضعيف مخالفة لزيادة حروف سألتمونيها من حيث أنها عامة لجميع الحروف ، ففرّقوا بينهما بالوزن ، وجعلوا حكم المضاعف حكم ما ضوعف منه ، فضعّفوه في الوزن مثله. فلو نطقوا في الوزن بإحدى دالي (قردد) لم يتبين من الوزن كيف زيادتها ، فلمّا لم تزد منفردة أصلا لم يجعلوها منفردة في الوزن.

بعون الله وحسن توفيقه انتهى الفن الرابع وبانتهائه تم الجزء الثاني من كتاب الأشباه والنظائر النحوية ، ويليه ـ إن شاء الله ـ الجزء الثالث وأوله الفن الخامس وهو فن (الطراز في الألغاز) أعان الله على إتمامه.

__________________

(١) انظر الكتاب (٤ / ٢٩٥).


فهرس الجزء الثاني

الفن الثاني في التدريب

٣

ضابط : موقع الحروف

١٢

باب الألفاظ ـ تقسيم

٣

أقسام الحروف

١٢

باب الكلمة ـ تقسيم

٣

تقسيم الأندلسي للحروف

١٣

باب الاسم ـ ضابط

٥

أقسام الحروف بالنسبة لتغيير الإعراب

١٤

علامات الاسم

٥

عدة الحروف العاملة

١٤

فائدة : الأسماء في الإسناد

٥

الحروف غير العاملة

١٤

فائدة : أقوال في المسند والمسند إليه

٥

حروف تعمل على صفة ولا تعمل على صفة

١٤

فائدة : الإسناد أعم من الإخبار

٦

رأي ابن الدهان في تقسيم الحروف بالنسبة إلى عملها

١٤

فائدة : ما يتعاقب على المفرد

رأي ابن الزجاج في أنواع الحروف

١٤

قاعدة : الاتفاق والاختلاف في كل خاصتي نوع

٦

تقسيم ابن فلاح للحروف

١٥

ضابط : الكلمات التي تأتي اسما وفعلا وحرفا

٦

تقسيم ابن الخباز للحروف

١٥

باب الفعل ـ ضابط ـ تقسيم ـ أقسام الفعل

١٠

فائدة : أشبه الحروف بالأسماء وأشبهها بالأفعال

١٥

فائدة : أقسام الفعل بالنسبة إلى الزمان

١٠

باب الكلام والجملة

١٥

ضابط : أقسام الفعل بالنسبة إلى التصرف وعدمه

١١

ضابط : الجمل التي لا محل لها من الإعراب

١٥

قاعدة : كل خاصتي نوع إن اتفقا لم يجتمعا

١١

فائدة : معاني استعمال المفرد

٢٢

باب الحرف ـ أنواع الحروف

١١

ضابط : لا توجد جملة في اللفظ كلمة واحدة إلا الظرف

٢٣

حروف المعجم ـ حروف أبعاض الكلم

١١

باب المعرب والمبني

٢٣

حروف المعاني

١٢

قاعدة : الأصل في الإعراب الحركات

٢٣

قاعدة : الأصل في البناء السكون

٢٤


أسباب البناء على الحركة

٢٤

والعجمة والتركيب

٣٣

قاعدة : القول في بناء الكلمة التي على حرف واحد

٢٤

ضابط : صرف ما لا ينصرف في الشعر

٣٣

فائدة : الخلاف في علل البناء

٢٥

باب النكرة والمعرفة

٣٤

تنبيه : رأي ابن مالك في علة البناء والرد عليه

٢٦

قاعدة : التنكير أصل في الأسماء

٣٤

ضابط : أقسام المركب من المبنيات

٢٦

علامات النكرة

٣٦

ضابط : المبني في بناء بعض الحروف

٢٦

ضابط : أنواع المعارف ودليل حصرها في هذه الأنواع

٣٦

ضابط : الرأي في بناء بعض الحروف

٢٧

فائدة : تقسيم الاسم إلى مظهر ومضمر ومبهم

٣٧

قاعدة : النصب أخو الجر

٢٧

باب المضمر

٣٧

فائدة : معنى الجمع على حد التثنية

٢٧

قاعدة : المضمرات على صيغة واحدة

٣٧

فائدة : سبب إعراب الأسماء الستة بالحروف

٢٧

قاعدة : أصل الضمير المنفصل المرفوع

٣٧

قاعدة : لا يجتمع إعرابان في آخر كلمة

٢٨

قاعدة : الضمير المجرور والمنصوب من واد واحد

٣٧

ضابط : ليس في الأسماء المعربة اسم آخره واو قبلها ضمة

٢٨

ضابط : المواضع التي يعود الضمير فيها على متأخر لفظا ورتبة

٣٨

فائدة : المراد بلفظ الثقل في حروف العلة

٢٨

قاعدة : متى يكون الفاعل والمفعول ضميرين متصلين لشيء واحد

٣٨

ضابط : أقسام حذف نون الرفع

٢٨

باب العلم

٣٨

باب المنصرف وغير المنصرف

٢٩

ضابط

٣٨

قاعدة : الأصل في الأسماء الصرف

٣٠

قاعدة : الشذوذ يكثر في الأعلام

٣٩

فائدة : باب فعلان فعلى سماعي

٣١

قاعدة : الأعلام لا تفيد معنى

٣٩

ضابط : أنواع العدل

٣٢

قاعدة : تعليق الأعلام على المعاني أقل من تعليقها على الأعيان

٤٠

قاعدة : لا عبرة باتفاق الألفاظ ولا باتفاق الأوزان للمنع من الصرف

٣٢

فائدة : وجود العلم جنسا معرفا باللام

٤٠

ضابط : ما لا ينصرف ضربان

٣٢

باب الإشارة

٤١

قاعدة : الألف واللام تلحق الأعجمي بالعربي

٣٣

باب الموصول ـ أسماء الصلة

٤١

قاعدة : التعريف يثبت التأنيث

فائدة : تعريف الموصولات بالألف واللام

٤١

ضابط : في حذف العائد

٤٢


باب المعرف بالأداة ـ ضابط

٤٤

فائدة : إن واللام أيهما أشد تأكيدا

٦٤

أقسام لام التعريف

٤٤

باب لا

٦٥

فائدة : القول في فينة وما يتعاقب عليه تعريفان

٤٥

فائدة : ما يشابه ما الكافة

٦٥

باب المبتدأ والخبر

٤٦

ضابط : ما تعمل فيه رب تعمل فيه لا

٦٥

فائدة : المبتدآت التي لا أخبار لها

٤٦

باب ظنّ وأخواتها ـ ضابط

٦٥

قاعدة : أصل المبتدأ والخبر

٤٧

فائدة : الخواص التي لظن وأخواتها

٦٦

مسوّغات الابتداء بالنكرة

٤٧

باب الفاعل

٦٦

ضابط : المواضع التي يعطف فيها الخبر على المبتدأ

٥٠

قاعدة : الفاعل كجزء من الفعل

٦٦

فائدة : الليلة الهلال

٥٠

قاعدة : الأصل تقديم الفاعل وتأخير المفعول

٦٧

قاعدة : متى يمتنع تقديم الخبر والفاعل

٥١

ضابط : حذف الفاعل

٦٨

قاعدة : ما هو الأولى بالحذف :

ضابط : أقسام المضمر والمظهر من جهة التقديم

٦٨

المبتدأ أو الخبر

٥١

باب النائب عن الفاعل

٦٩

قاعدة : ما هو الأولى بالحذف الفعل أو الفاعل

٥٢

ضابط : الأفعال التي تبنى للمفعول

٦٩

فائدة : تنكير المبتدأ

٥٣

ضابط : حروف الجر التي يجوز بناء الفعل لها

٦٩

فائدة : في قولهم راكب الناقة طليحان

٥٧

فائدة : لغز لغوي

٦٩

باب كان وأخواتها

٥٨

باب المفعول به

٧١

ضابط : القول في تقديم أخبار كان وأخواتها عليها

٥٩

ضابط : ما يعرف به الفاعل من المفعول

٧١

باب (ما) وأخواتها. قاعدة

٦٠

ضابط : إذا أطلق لفظ مفعول فهو المفعول به

٧١

فائدة (ما) في القرآن

٦٠

ضابط : أقسام المفعول بالنسبة إلى تقديمه وتأخيره

٧١

قاعدة : التصرف في لا وما النافيتين

٦٠

باب التعدي واللزوم ـ ضابط

٧٢

فائدة : زيادة الباء في الخبر

٦١

ضابط : معدّيات الفعل اللازم

٧٣

باب إنّ وأخواتها ـ ضابط

٦٢

ضابط : الأمور التي لا يكون الفعل معها إلا قاصرا

٧٣

قاعدة : إنّ أصل الباب

٦٣

باب الاشتغال

٧٤

ضابط : مواضع كسر إن

٦٣

ضابط : إن المخففة

٦٤


باب المصدر ـ قاعدة

٧٥

قاعدة : ما بعد إلا لا يعمل فيما قبلها

٨١

باب المفعول له

٧٥

ضابط : المنفي عند العرب في جمل الاستثناء

٨١

ما لا ينصبه الفعل

٧٥

قاعدة : لا يجوز أن يستثنى بإلا اسمين

٨٢

باب المفعول فيه

٧٥

باب الحال : تقسيم

٨٣

ضابط : أقسام ظروف الزمان

٧٥

قاعدة : ما يجوز أن يأتي حالا يجيء صفة للنكرة

٨٣

ضابط : المتمكن يطلق على نوعين من الاسم

٧٦

ضابط : ما يعمل في الحال

٨٤

ضابط : التصرف في الأسماء والأفعال

٧٧

قاعدة : الحال شبيهة بالظرف

٨٤

ضابط : المذكر والمؤنث من الظروف

٧٧

باب التمييز

٨٤

قاعدة : نسبة الظرف من المفعول كنسبة المفعول من الفاعل

٧٧

ضابط : المواضع التي يأتي فيها التمييز المنتصب عن تمام الكلام

٨٤

ضابط : ظروف لا يدخل عليها من حروف الجر سوى من

٧٧

باب حروف الجر تقسيم

٨٥

ضابط : أنواع الظروف المبنية

٧٨

قاعدة : الأصل في الجر

٨٥

ضابط : أقسام اسم المكان

٧٨

ضابط : تقسيم حروف الجر بالنسبة إلى عملها

٨٦

باب الاستثناء

٧٨

قاعدة : الأصل في حروف القسم

٨٦

قاعدة : إلا أم الباب

٧٨

فائدة : تعلق حروف الجر بالفعل

٨٦

قاعدة : الأصل في إلا وغير

٧٩

فائدة : القول في ربما

٨٧

فائدة : أنواع الاستثناء

٧٩

باب الإضافة قاعدة

٨٨

قاعدة : ما يجب توفره ليعمل ما قبل إلا فيما بعدها

٧٩

قاعدة : إضافة العلم

٨٩

ضابط : ليس في المبدلات ما يخالف البدل حكم المبدل منه إلا الاستثناء

٨٠

قاعدة : إضافة الأسماء إلى الأفعال

٨٩

ضابط : الذي ينصب بعد إلا

٨٠

ضابط : أقسام الأسماء في الإضافة

٩٠

فائدة : القول في تقدم المستثنى على المستثنى منه

٨٠

قاعدة : تصح الإضافة لأدنى ملابسة

٩٠

قاعدة : لا ينسق على حروف الاستثناء

٨١

ضابط : ما يضاف إلى الجملة من ظروف المكان

٩٠

فائدة : إلا والواو التي بمعنى مع نظيرتان

٨١

ضابط : ما يكتسبه الاسم بالإضافة

٩١

فائدة : الاستثناء المنقطع شبه بالعطف

٨١

باب المصدر

٩٣

باب اسم الفاعل ـ قاعدة

٩٣

باب التعجّب

٩٤


باب أفعل التفضيل

٩٤

باب النداء ـ قاعدة :

١٠٣

ضابط : استعمال أفعل التفضيل

٩٤

قاعدة : يا أصل حروف النداء

١٠٣

باب أسماء الأفعال

٩٤

ضابط : أقسام الأسماء بالنسبة إلى ندائها

١٠٤

باب النعت

٩٤

ضابط : حذف حرف النداء

١٠٤

ضابط : جملة ما يوصف به

٩٤

ضابط : حذف حرف النداء

١٠٥

ضابط : أقسام الأسماء بالنسبة إلى الوصف

٩٥

قاعدة : الأصل في حذف حرف النداء

١٠٥

تقسيم : تبعية الصفة لموصوفها في الإعراب

٩٦

باب الندبة

١٠٥

باب التوكيد ـ تأكيد الضمير بضمير

٩٦

باب الترخيم

١٠٦

فائدة : موطن لا يجوز فيه التوكيد اللفظي

٩٧

فائدة : أكثر الأسماء ترخيما

١٠٦

فائدة : التأكيد اللفظي أوسع من المعنوي

٩٧

باب الاختصاص

١٠٦

ضابط : أقسام الاسم بالنسبة إلى التوكيد

٩٧

قاعدة : ما نصبته العرب في الاختصاص

١٠٦

قاعدة : اجتماع ألفاظ التوكيد

٩٧

باب العدد

١٠٧

باب العطف ـ أقسام العطف

٩٧

فائدة : هجر جانب الاثنين

١٠٧

قاعدة : انفراد الواو عن أخواتها بأحكام

٩٨

ضابط : (أل) في العدد

١٠٧

ضابط : حروف تعطف بشروط

١٠٠

باب الإخبار بالذي والألف واللام ـ ضابط

١٠٨

ضابط : ما يتقدم على متبوعه في التوابع

١٠١

ضابط : ما يجوز الإخبار عنه

١٠٩

فائدة : متى يجوز عطف الضمير المنفصل على الظاهر

١٠١

ضابط : الفرق بين أل والذي في الإخبار

١٠٩

فائدة : في أقسام الواوات

١٠١

باب التنوين

١١٠

باب عطف البيان

١٠٢

ضابط : ما يراد به التنوين إذا أطلق

١١٠

قاعدة : عطف البيان لا يكون إلا بعد مشترك

١٠٢

ضابط : أقسام التنوين

١١٠

باب البدل

١٠٢

ضابط : مواضع حذف التنوين

١١١

فائدة : البدل على نية تكرار العامل

١٠٢

باب نوني التوكيد

١١١

ضابط : ما لا تدخله النون الخفيفة

١١١

ضابط : الحركة التي تكون قبل نوني التوكيد

١١١

باب نواصب المضارع

١١٢

قاعدة : ما تتميز به أن عن أخواتها

١١٢


ضابط : أحوال إذن

١١٢

علامة التأنيث

١٢٤

ضابط : همزة أخرى لأن

١١٣

قاعدة : الأصل في الأسماء المختصة بالمؤنث

١٢٤

ضابط : الأسباب المانعة من الرفع بعد حتى

١١٣

ضابط : لا تأنيث بحرفين

١٢٤

باب الجوازم

١١٤

ضابط : ما تأتي فيه تاء التأنيث بكثرة وبقلة

١٢٤

قاعدة : إن أم الباب وما تتميز به

١١٤

فائدة : علامات المؤنث

١٢٥

فائدة : ربط الفاء شبه الجواب بشبه الشرط

١١٥

فائدة : الهاءات ثلاث

١٢٦

فائدة : بعض الجمل لا تصح كونها شرطا

١١٥

قاعدة : أصل الفعل التذكير

١٢٦

قاعدة : الجازم أضعف من الجار

١١٥

ضابط : أقسام الأسماء بالنسبة إلى التذكير والتأنيث

١٢٦

قاعدة : اتصال المجزوم بجازمه أقوى من اتصال المجرور بجاره

١١٦

باب المقصور والممدود

١٢٦

باب الأدوات

١١٦

ضابط : أقسام ما فيه وجهان القصر والمد

١٢٦

قاعدة : الهمزة أصل أدوات الاستفهام

١١٦

قاعدة : تاء التأنيث في المثنى

١٢٧

فائدة : حروف النفي

١١٧

باب جمع التكسير

١٢٧

فائدة : تفسير الكلام

١١٧

ضابط : أنواع جمع التكسير بالنسبة إلى اللفظ

١٢٧

فائدة : مواضع ما

١١٨

ضابط : الحروف التي تزاد في جمع التكسير

١٢٧

باب المصدر

١٢٠

فائدة : في حصر جموع التكسير وأسماء الجموع واسم الجنس

١٢٨

قاعدة : المصدر أشد ملابسة للفعل

١٢٠

فائدة : جموع القلة

١٢٨

فائدة : إجراء سواء مجرى المصدر

١٢١

قاعدة : لا يوجد في الجمع ثلاثة حروف أصول بعد ألف التكسير

١٢٨

قاعدة : الأصل في مفعل المصدر والظرف

١٢١

قاعدة : ما يضعف تكسيره من الصفات

١٢٨

فائدة : ما يشتق من المصدر

١٢١

فعال لا يكاد يكسّر

١٢٩

باب الصفات

١٢٢

فائدة : أقسام جمع التكسير بالنسبة للفظ والمعنى

١٢٩

فائدة : القول في الصفة المشبهة

١٢٢

قاعدة : استثقال الجموع

١٢٩

باب أسماء الأفعال ـ ضابط

١٢٣

ضابط : تقسيم آخر لأسماء الأفعال

١٢٣

باب التأنيث ـ قاعدة

١٢٣

ضابط : الاسم الذي لا يكون فيه


ضابط : ما يجمع من فعلاء على فعال

١٢٩

ضابط : الأشياء التي تزاد لها الحروف

١٣٨

باب التصغير ـ قاعدة

١٣٠

فائدة : همزة الوصل التي لحقت فعل الأمر

١٣٩

ضابط : الأسماء التي لا تصغر

١٣٠

قاعدة : حق همزة الوصل

١٣٩

قاعدة : التكسير والتصغير يجريان من واد واحد

١٣٠

باب الحذف

١٤٠

فائدة : ضم أول المصغر

١٣٢

قاعدة : ما اجتمع فيه ثلاث ياءات من الأسماء

١٤٠

قاعدة : لا تجمع المصغرات جمع تكسير

١٣٢

باب الإدغام ـ قاعدة :

١٤٠

فائدة : التصغير بالألف

١٣٢

باب الخطّ

١٤٠

فائدة : تصغير ثمانية

١٣٢

سرد مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين

١٤١

فائدة : تصغير أفعال التعجب

١٣٣

الفن الثالث

١٤٨

باب النسب

١٣٣

باب الإعراب والبناء

١٤٨

قاعدة : إلى ما آخره ياء مشددة

١٣٣

مسألة : فعل الأمر العاري من اللام وحرف المضارعة

١٤٨

تقسيم شواذ النسب

١٣٤

مسألة : متى يبنى الفعل إذا اتصل بنون التوكيد

١٤٩

قاعدة : ياء النسب تجعل الجامد في حكم المشتق

١٣٤

مسألة : الاختلاف في حذف حروف العلة للجزم

١٤٩

باب التقاء الساكنين ـ قاعدة

١٣٤

مسألة : ما يجوز في حرف العلة إذا كان بدلا من همزة

١٥٠

قاعدة : الأصل فيما حرك منهما

١٣٤

مسألة : الكلمات قبل التركيب

١٥٠

الكسرة باب الإمالة ـ ضابط :

١٣٥

باب المنصرف وغير المنصرف

١٥٠

باب التصريف

١٣٦

مسألة : ما هو المنصرف وما هو غيره

١٥٠

فائدة : أشياء اختصّ بها المعتل

١٣٦

مسألة : ما هو الصرف وما هو المنع من الصرف

١٥١

قاعدة : الألف أصل في الحروف وما شابهها

١٣٦

مسألة : مثنى وثلاث

١٥١

ضابط : أنواع الألفات في أواخر الأسماء

١٣٦

مسألة : إذا سمي مذكر بوصف مؤنث مجرد من التاء

١٥٢

ضابط : الزوائد في آخر الاسم

١٣٦

باب العلم

١٥٢

فائدة : الثلاثي أكثر الأبنية

١٣٧

قاعدة : كيف ينطق بالحرف

١٣٧

ضابط : ما جاء على تفعال

١٣٧

باب الزيادة

١٣٨


مسألة : انقسام العلم

١٥٢

باب النائب عن الفاعل

١٥٨

باب الموصول

١٥٢

مسألة : باب اختار

١٥٨

مسألة : الوصل بجملة التعجب

١٥٢

باب المفعول به

١٥٩

باب المبتدأ أو الخبر ـ مسألة

١٥٣

مسألة : إذا تعددت المفاعيل فأيها يقدم

١٥٩

مسألة : الوصف المعتمد على نفي أو استفهام

١٥٣

باب الظرف

١٥٩

مسألة : الاختلاف في صدر الكلام في (إذا قام زيد فأنا أكرمه)

١٥٣

مسألة : الاتساع في الظرف مع كان وأخواتها

١٥٩

باب كان وأخواتها

١٥٤

مسألة إذا استعملت إذا شرطا

١٥٩

مسألة : هل الأفعال الناقصة تدل على الحدث

١٥٤

باب الاستثناء

١٦٠

مسألة تعدد أخبار كان وأخواتها

١٥٤

مسألة : تقدم المستثنى

١٦٠

مسألة : لم سميت هذه الأفعال نواقص

١٥٤

مسألة : عود الاستثناء إذا وقع بعد جمل عطف بعضها على بعض

١٦٠

مسألة : تقدم أخبارها عليها

١٥٤

باب حروف الجر

١٦٠

باب ما ـ مسألة

١٥٥

مسألة : تعلق الجار والمجرور والظرف بالفعل الناقص

١٦٠

باب إن وأخواتها

١٥٥

مسألة : على ما يرتفع الاسم بعد منذ

١٦١

مسألة : وقوع إن المخففة بعد فعل العلم

١٥٥

باب القسم

١٦١

مسألة : متى تقع أن المفتوحة ومعمولاها اسما لأن المكسورة

١٥٦

مسألة : الاختلاف في ايمن الله

١٦١

مسألة : ما يلي إن المكسورة المخففة من الأفعال

١٥٦

باب التعجب

١٦١

مسألة : ما يجوز في إن إذا وقعت جوابا لقسم

١٥٦

مسألة : الاختلاف في أفعل به

١٦١

مسألة : هل يجوز (إن قائما الزيدان)

١٥٧

مسألة : لزوم أل في فاعل فعل

١٦٢

باب لا

١٥٧

باب التوكيد

١٦٢

مسألة : مذاهب في قول (لا مسلمات)

١٥٧

مسألة : وقوع كل من أكتع وأخواتها منفردة

١٦٢

باب أعلم وأرى

١٥٨

باب النداء

١٦٣

مسألة : القول في حذف مفاعيل هذا الباب

١٥٨

مسألة : الاختلاف في (اللهم)

١٦٣

باب إعراب الفعل

١٦٣

مسألة : هل يجوز في المضارع المنصوب بعد الفاء في الأجوبة الثمانية


أن يتقدم على سببه

١٦٣

ما افترق فيه باب كان وسائر الأفعال

١٧٨

مسألة : هل يجوز الفصل هنا بين السبب ومعموله بالفاء ومدخولها

١٦٣

فائدة : وجه الموافقة والمخالفة

١٧٨

مسألة : رأي في لام الجحود

١٦٤

فائدة : الفرق بين كان التامة والناقصة

١٧٩

باب التكسير

١٦٤

ما افترق فيه ما النافية وليس

١٧٩

مسألة : تكسير همرش

١٦٤

ما افترق فيه (لا) و (ليس)

١٨٠

باب التصغير

١٦٥

ما افترقت فيه أخوات (إن)

١٨١

مسألة : الاختلاف في تصغير بعض الأسماء

١٦٥

ما افترق فيه أن الشديدة المفتوحة وأن الخفيفة

١٨١

باب الوقف

١٦٥

ما افترق فيه لا وإنّ

١٨٢

مسألة : هل يصح الوقف على المتبوع دون التابع

١٦٥

الفرق بين الإلغاء والتعليق

١٨٢

مسألة : الوقف على إذا

١٦٥

الفرق بين حذف المفعول اختصارا وبين حذفه اقتصارا

١٨٣

مسألة : إذا نكر يحيى بعد العلمية

١٦٦

ما افترق فيه باب ظن وباب أعلم

١٨٤

الفن الرابع ـ فن الجمع والفرق

١٦٧

ما افترقت فيه المفاعيل

١٨٤

القسم الأول

١٦٧

الفرق بين المصدر واسم المصدر

١٨٤

ذكر ما افترق فيه الكلام والجملة

١٦٧

الفرق بين عند ولدى ولدن

١٨٥

الفرق بين تقدير الإعراب وتفسير المعنى

١٦٨

ما افترق فيه إذ وإذا وحيث

١٨٦

الفرق بين الإعراب التقديري والإعراب المحلي

١٧٢

الفرق بين وسط بالسكون وبين وسط بالفتح

١٨٦

ما افترق فيه ضمير الشأن وسائر الضمائر

١٧٣

الفرق بين واو المفعول معه وواو العطف

١٨٦

ما افترق فيه ضمير الفصل والتأكيد والبدل

١٧٤

باب الاستثناء

١٨٧

ما افترق فيه ضمير الفصل وسائر الضمائر

١٧٤

فصل

١٨٧

الفرق بين علم الشخص وعلم الجنس واسم الجنس

١٧٥

ما افترقت فيه إلا وغير

١٨٧

ما افترق فيه باب (كان) وباب (إن)

١٧٨

ما افترق فيه الحال والتمييز

١٨٨

ما افترق فيه الحال والمفعول

١٨٨

الفرق بين الجملة الحالية والمعترضة

١٩٠

الفرق بين الإضافة بمعنى اللام وبينها بمعنى من

١٩١

الفرق بين حتى الجارة وإلى

١٩١


ما افترق فيه المصدر واسم الفاعل

١٩٢

الفرق بين هل وهمزة الاستفهام

٢٢٠

ما افترق فيه المصدر والفعل

١٩٣

ما افترقت فيه إذا ومتى

٢٢١

ما افترق فيه المصدر وأن وأنّ وصلتهما

١٩٣

ما افترقت فيه أيّان ومتى

٢٢١

ما افترق فيه المصدر واسم الفاعل

١٩٦

ما افترق فيه جواب لو وجواب لو لا

٢٢٢

ما افترق فيه اسم الفاعل والفعل

١٩٧

ما افترق فيه كم الاستفهامية وكم الخبرية

٢٢٢

ما افترق فيه اسم الفاعل واسم المفعول

١٩٨

ما افترق فيه كم وكأين

٢٢٤

ما افترق فيه الصفة المشبّهة واسم الفاعل

١٩٩

ما افترق فيه كأين وكذا

٢٢٤

ما افترق فيه أفعل في التعجب وأفعل التفضيل

٢٠١

ما افترق فيه أي ومن

٢٢٤

ما افترق فيه نعم وبئس وحبّذا

٢٠٢

ما افترقت فيه تاء التأنيث وألف التأنيث

٢٢٥

ما افترقت فيه التوابع

٢٠٢

ما افترقت فيه التثنية والجمع السالم

٢٢٥

ما افترق فيه الصفة والحال

٢١٠

ما افترق فيه جمع التكسير واسم الجمع

٢٢٦

ما افترقت فيه أم المتصلة والمنقطعة

٢١١

ما افترق فيه التكسير والتصغير

٢٢٦

ما افترق فيه أم وأو

٢١١

القسم الثاني

٢٢٧

الفرق بين أو وإما

٢١٣

باب الإعراب والبناء

٢٢٧

الفرق بين حتى العاطفة والواو

٢١٣

مسألة

٢٢٧

ما افترقت فيه النون الخفيفة والتنوين

٢١٤

مسألة : اعتراض والرد عليه

٢٢٨

ما افترق فيه تنوين المقابلة والنون المقابل له

٢١٤

مسألة : الفرق بين غد وأمس

٢٢٨

ما افترقت فيه السين وسوف

٢١٤

باب المنصرف وغيره

٢٢٨

ما افترقت فيه ألفاظ الإغراء والأمر

٢١٥

مسألة الحكم إذا سمي بجمع وأخر

٢٢٨

ما افترقت فيه لام كي ولام الجحود

٢١٦

مسألة : الياء في معديكرب

٢٢٨

ما افترق فيه الفاء والواو اللذان ينصب المضارع بعدهما

٢١٧

مسألة : الفرق بين حروف الجر وبين الإضافة وأل في دخولها على الممنوع من الصرف

٢٢٩

ما افترقت فيه أم المصدرية وأن التفسيرية

٢١٧

مسألة : تنوين الأسماء غير المنصرفة للضرورة وعدم تنوين الأسماء المبنية للضرورة

٢٢٩

ما افترقت فيه لم ولمّا

٢١٨

باب النكرة والمعرفة

٢٣٠

ما افترقت فيه مدة الإنكار ومدة التذكار

٢٢٠


مسألة : لزوم نون الوقاية مع الفعل

٢٣٠

باب المفعول فيه

٢٣٥

باب الإشارة

٢٣٠

مسألة : اشتراط توافق مادتي الظرف المصاغ من الفعل وعامله

٢٣٥

مسألة : الإشارة للبعيد

٢٣٠

باب الاستثناء

٢٣٥

باب الموصول

٢٣١

مسألة : جواز إيصال الفعل إلى غير بدون واسطة

٢٣٥

مسألة : الاختلاف في استعمال ذا موصولا دون ما

٢٣١

باب الحال

٢٣٥

مسألة : لا يوصل الذي بالأمر

٢٣١

مسألة : فروق بين الصفة والحال

٢٣٥

باب الابتداء

٢٣١

باب التمييز

٢٣٦

مسألة : الفرق بين زيد أخوك وأخوك زيد

٢٣١

مسألة : جواز تقديم التمييز على الفعل

٢٣٦

مسألة : القول في عود الضمير على المبتدأ

٢٣١

باب الإضافة

٢٣٧

مسألة : الإخبار بالظرف الناقص

٢٣٢

مسألة : إضافة الفم إلى ياء المتكلم

٢٣٧

باب ما وأخواتها

٢٣٢

باب أسماء الأفعال ـ مسألة :

٢٣٨

مسألة : القول في باء ما زيد بقائم

٢٣٢

باب النعت

٢٣٨

مسألة : امتناع تقديم معمول الفعل الواقع بعد ما النافية ولا في جواب القسم عليها وعدم امتناع التقديم في لن ولم ولما

٢٣٢

مسألة : يشترط في الجملة الموصوف بها أن تكون خبرية

٢٣٨

باب كاد وأخواتها

٢٣٣

مسألة : لا يجوز الفصل بين الصفة والموصوف

٢٣٩

مسألة : الفرق بين كاد وعسى

٢٣٣

مسألة : تثنية الصفة الرافعة للظاهر وجمعها

٢٣٩

باب إنّ وأخواتها

٢٣٣

مسألة : لم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه ولم يصح ذلك في الموصول

٢٣٩

مسألة : تقدم المنصوب في هذا الباب

٢٣٣

باب العطف

٢٤٠

مسألة : يجوز الجمع بين المكسورتين ولا يجوز بين المكسورة والمفتوحة

٢٣٤

مسألة : لا يعطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار

٢٤٠

مسألة : كسر إن وفتحها بعد إذا الفجائية

٢٣٤

مسألة : هل يجوز العطف مع التأكيد إذا أكد ضمير المجرور

٢٤٠

باب ظنّ وأخواتها

٢٣٤

مسألة : لا يجوز العطف على الضمير المرفوع المتصل من غير تأكيد

مسألة : الفرق بين علمت وعرفت من جهة المعنى

٢٣٤


وفاصل ما

٢٤١

كي بعد الواو والفاء

٢٤٧

باب النداء

٢٤١

مسألة : اختلف في لم ولمّا هل غيرتا صيغة الماضي إلى المضار

٢٤٨

مسألة : ما يجوز في وصف المنادى المضموم

٢٤١

مسألة : صيغة الأمر مرتجلة بخلاف النهي

٢٤٨

مسألة : نداء الإشارة وعدم نداء ما فيه أل

٢٤٢

مسألة : لا تدخل على لا التي للنهي أداة الشرط

٢٤٨

مسألة : المعطوف على المنادى

٢٤٢

مسألة : لم جزمت متى وشبهها ولم تجزم الذي إذا تضمنت معنى الشرط

٢٤٩

مسألة : يجوز الرفع والنصب في قولهم (ألا يا زيد والضحاك)

٢٤٣

مسألة : كيف تعمل إن في شيئين

٢٤٩

باب الترخيم

٢٤٤

باب الحكاية

٢٤٩

مسألة : ترخيم الجملة

٢٤٤

مسألة : حكاية الأعلام بمن دون باقي المعارف

٢٤٩

باب العدد

٢٤٤

مسألة : حكاية المتبع بتابع

٢٥٠

مسألة : عدم إعراب مجموع المركبان في العدد

٢٤٤

باب النسب

٢٥٠

باب نواصب الفعل

٢٤٥

باب التصغير

٢٥١

مسألة : الفرق بين الباء الزائدة وأن الزائدة بالنسبة إلى العمل

٢٤٥

مسألة : الفرق بين تصغير أرؤس إذا سميت به امرأة وتصغير هند

٢٥١

مسألة : القول في معمول النواصب من جهة تقديمه عليها

٢٤٥

مسألة : لم لا يجوز إثبات همزة الوصل

٢٥٢

مسألة : لم أجاز سيبويه إظهار أن مع لام كي ولم يجزه مع لام النفي

٢٤٦

باب الوقف

٢٥٢

مسألة : سمع بعد كي وحتى الجر في الأسماء والنصب في الأفعال

٢٤٦

مسألة : الوقف على المقصور والمنقوص المنونين

٢٥٢

مسألة : لماذا عملت أن في المضارع ولم تعمل ما

٢٤٧

باب التصريف

٢٥٢

باب الجوازم

٢٤٧

مسألة : الزائد يوزن بلفظه وزيادة التضعيف توزن بالأصل

٢٥٢

مسألة : يجوز تسكين لام الأمر لا لام

الأشباه والنظائر في النحو - ٢

المؤلف:
الصفحات: 264