

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المترجم
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله
الطاهرين.
« ذبيح الله المحلّاتي » العالم الكبير والخطيب المصقع
والكاتب القدير ، صاحب العلم ، البليغ بالفارسيّة والعربيّة ، بيني وبينه وأنا قد ذرفت على الستّين اليوم ما بيني وبين الصبا والكهولة.
فقد عطفني إليه آية الله العالم السيّد علي الشفيعي حين
أرشدني إلى كتابه « فرسان الهيجاء » وعجب منّي أن لا أكون ترجمته ، مع فائدته الكبرى لقرّاء العربيّة ، وما كنت بحاجة إلى حثّ أو تحريض بل يكفيني سماع اسم هذا العالم لتعاودني الذكريات الغضرة التي تداعى بها اسمه إلى خاطري. فقد قضيت مع والدي ورفيق عمره « الحاج موسى دشت بزرگ » رحمهما الله ردحاً من الزمن فقد كانا خليلين صفيّين تحابا في الله فترة الصبا والشباب ، وأنا أتلقّى عنهما كثيراً
من معانيهما.
الحاج موسى دشت بزرگ رحمهالله
كان رجلاً عصاميّاً ، فقد بدأ حياته الفنّيّة الثقافيّة
من موقع أدنى من الصغر فقد كان من وسط أهوازيّ فلاحيّ ، وقد سألته ذات يوم : أنت من وسط فلاحيّ
وهؤلاء قومك لا يعرفون سوى المحراث
والمسحاة والزرع وآلاته ولا شيء وراء ذلك فكيف بلغت هذه المنزلة من الثقافة بحيث لا يرى الإمام الأكبر والمرجع الأعلى سيّدنا آية الله العظمى السيّد البهبهاني قدّس الله سرّه الشريف وهو من هو في العلم والورع والتقوى ، الأُنس إلّا في بيتك والراحة والاستجمام إلّا عندك.
قال : أُحدّثك حديثاً عجباً عن شغفي بالعلم وأنا أعمل في
الزراعة ، فما تعلّمت على أُستاذ قطّ ، اللّهمّ إلّا شيئاً أخذته من أبيك وجدّك ، ولو رأيتني لعجبت ممّا
أصنع ؛ فقد كنت أعمل ومقبض المحراث بيدي والثور أمامي ولقمة الخبز وهي طعامي وأدامي في محزمي ، والكتاب في يدي الأُخرى ، أرفع صوتي تارة بحروفه أُردّدها ، وتارة أزجر الثور بها ليستقيم في الحرث ، وهكذا تقلّبت مع الظروف حلوة وما أقلّها ومرّة حتّى استوت لي القرائة والكتابة ، ووجّه بقيّة خطواتي نحو الفهم والثقافة أبوك.
كان الحاج موسى فارسي الجذم ولكنّه أكثر عروبة من كلّ
عربيّ ، يتحف والدي بالكتب الفارسيّة الثمينة وإليه يعود الفضل في أُنسنا بالفارسيّة وحبّنا لها
ومعرفتنا بها لأنّه أوقفنا على كنوزها الدفينة وأسرارها الثمينة ، وذات يوم وأنا أغدو وأروح بين أيديهما وأنصت لما يقولانه ، وبين يدي الحاج موسى دشت بزرگ رحمهالله
كتاب فارسي يقرأ فيه لأبي عن الحجاب ، وكان السفور يومها على أشدّه عندنا هنا في الأهواز على عهد أُسرة « بهلوي » وكان الحاج إذا قرأ في كتاب حرّك أصابعه رافعاً يده إلى أعلى وهذه الحركة تتكيّف بمقاطع الفقرات وأطوال الجمل فتكون عندي أحلى تعبيراً من الألفاظ وأحسن دلالة على جمال المعنى من اللفظ نفسه وأكثر بداعة من الأُسلوب وبلاغة من المعنى يمزجها بغنّة غير متكلّفة ، ذات طلاوة تخترق شغاف القلب ، ناهيك بالبسمات العذاب التي يتبادلها مع الوالد الدالّة على انشراح صدريهما بما يقرآن وأنا أستقي من هذين النبعين الثرين وأكنز
في طفولتي السعيدة بهما لشيوختي
القاحلة ، وكان الكتاب من كتب الشيخ ذبيح الله المحلّاتي عن الحجاب وقد صدر حديثاً وطار به الحاج المذكور إلى الوالد فكانا يخرجان إلى الحقل وأنا بصحبتهما وهناك حيث الطبيعة الجذلى والخضرة والماء يتمّان قرائته وقرائة ما عداه من الكتب الغنيّة بالمحتوى الشهي الدسم.
ومن يؤمئذٍ أكبرت هذا العالم المظلوم المحلّاتي ممّا
رأيت من آيات الإعجاب الواضحة على جبين الوالد رحمهالله
به ، يزجيها في نفسه أخوه في الله « دشت بزرك » للكتاب وصاحبه.
ولم يقتصرا على هذا الكتاب من كتبه ، بل كان الحاجّ موسى
يتحف الوالد بكلّ علق نفيس من كنوز قلمه وأنا في بواكير تعلّمي أحضر على والدي مبادي العلوم الأُولى ، فأقفو أثرهما كلّما قرءا كتاباً أو أشارا إليه ، ومن هذه البداية وأنا
بزغب الفراخ حتّى نبت الريش والخوافي والقوادم وتعلّمت كيف أطير فأحلّ ضيفاً على أدواحه فأنحوها مختاراً وأحتلّ منها ما بسقت أغصانه وتكاثفت أوراقه وتهدّل جناه ، حتّى ألفت الطلوع إلى عذباتها السامقة ، وكانت روضة العالم المحلّاتي وطن هذا الطائر الصغير المفضّل ، وقرأت له كتباً ، وأحياناً بعضاً منها إلّا أنّها
قرائة شابّ ، معزول بأمانيه الطريّة وأحلامه والعريضة عن عالم كبير في مستواه يريد إثراء
المكتبتين العربيّة والفارسيّة بصدق وإخلاص وما كانت غايته رحمهالله إلّا الخدمة
الحقّة.
وكان في مقدوره أن يبذّ أقرانه ويغزوهم من حيث كانت
نفوسهم تنازعهم إليه ولكنّه بقي يتألّق في أفق التأليف والكتابة ، ويلمع في فلك الثقافة عازفاً عن بريق
الأسماء التي تغشي أبصارهم.
وممّا وقف بالشيخ عند هذا الأُفق المجدّد مع اتّساع مداه
لأكثر ممّا قنع به ، أنّ عصره عصر الإنصاف والوعي بل عصر الاتّزان ، فقد أقام موازين القسط للرجال
وعلى أساس منه صدرت أحكامه عليهم ، فالكاتب
له موازينه التي تغلق على الشاعر وله مثلها وللفيلسوف أيضاً مثلها ، ناهيك بالمراجع ، فلا يمكن أن يوزن هذا بميزان ذاك ، أمّا إذا اجتمعت الصفات في واحد فله عالم من الموازين تقيم ذاتيّته.
وهذه حسنة عصره ، فما كان بوسع أحد أن يدّعي ما ليس عنده
لأنّه لن يجد وسطاً يغازله أو يضمّه إلى صدره مطلقاً.
نعم أنت لا تعدم الأدعياء حتّى في دنيا الأنبياء إلّا
أنّ الدعي من كلّ صنف كالطحلب ليست له جذور تثبّته ، بل يتقوّم بدعم غيره له ، من قبيل فئات مشبوهة أو سلطات جائرة ، ليس لها سلطان على الأُمّة ، ويبقى الدعي قلقاً في المجتمع تطوح به النسمات فضلاً عن الزعازع.
وقد أدركنا ذيلاً من هذا العصر ونحن في عمر الأخذ
والتلقّي ، ورأينا بعضهم مدعوماً بمن وصفنا ورأينا الناس ينفرون منه كما ينفرون من ذي العاهة وفي هؤلاء البعض من خسر رصيده الشعبي تماماً وبقي منبوذاً في الأرض السبخ ، وفارقه الناس إلّا قوماً آثروا دنياهم على دينهم فكانوا بمنزلة ذنب الأبتر ؛ لا تمّت
به خلقته ولا تمّ به نفعه.
وهكذا عاش شيخنا المحلّاتي رحمه الله تعالى في زمن صالح
قياساً إلى زماننا ، لذلك أوكل أمر شخصيّته للحقّ يقرّر مدارها وإن كان ـ والحقّ يقال ـ لا تنقصه صفة من صفات العلم التي تزيّن الرجال الأفذاذ.
وغلب عليه الشغف بالقلم فانصرف بكلّه إليه لا يكاد يفلت
من بين أصابعه ، من ثمّ كثر إنتاجه وغزر وأثمر قلمه الشريف ثماراً نافعة جدّاً ونافقة جدّاً عند إخوانه العلماء ، ولكنّهم ـ مع مزيد الأسف ـ ظلموه ، وكان من حقّه عليهم أن يُرفع قدره إلى مستواه الحقيقي فلم ينل من عنايتهم ما ناله غيره ممّن يصغر عن قدره
وتكبر البليّة فيه ، ولم يسلم من وخز
أقلامهم ، فقد نعتوه بنعت مستحيل عقلاً وإن تعذّر إثباته على الإيجاب والسلب ذلك أنّهم غمزوا بعض إنتاجه الضعف وقلّة التركيز والتثبّت وعلّلوه بأنّ مردّه إلى عدم إعادة النظر فيه بعد كتابته ، وهذا مستحيل عقلاً على من هو في مستواه ، أنا لا أنكر أنّ في واحد أو اثنين من كتبه هناك كان الأجدر بمثله أن ينجو منها ، ولكن لا يستغرب الملمّ بهدفه من وجودها لأنّ كتبه « كخوان الكريم » يتّسع لأصناف الناس كافّه ، إنّه يكتب ليقرئه العالم والمتعلّم للفائدة أو للمتعة ، لذلك أنت واجد في جلّها فوائد لهؤلاء وهؤلاء بل في كلّ منها لسان يخاطب المستويات جميعاً على قدر حظوظها من العلم ، فلا بدع أن يصيب العالم فيها ما هو دون مستواه وغيره ما هو فوق مستواه ، فالأوّل لغير العالم كتبه ، والثاني كتبه لذويه أيضاً ، وهذه الحقيقة يلزم اعتمادها لزوماً
أكيداً عند ناقديه.
وهذا السبب ربّما ألفيناه وجيهاً لوجود الخلل في جانب
محصور من نتاج قلمه البديع وليس من العدل أن نفرغ عليه النعوت الظالمة.
أجل ، إنّ الشيخ عزلته من رعيل إخوانه حقيقة تقدّسها
الأُمّة كما تقدّس الصلاة ، ولكن تنظر إلى فاعليها بعين الاستخفاف ، تلكم هي امتهان المنبر أي اتّخاذه مهنة ، فالمنبري وإن بلغ ما بلغ من العلم لا يتجاوز الأعواد التي يفترع قمّتها.
رحم الله المقدّس المبرور الشيخ جعفر التستري رضي الله عنه
وأرضاه ، فقد بلغ المرجعيّة واجتازها أشواطاً وأشواطاً ولكنّك لا تجد اليوم من يذكره إلّا عرضاً
وهو سيّد علماء زمانه غير منازع ، ولكنّه ربّما قورن بمن لا يساويه لأنّه جنت عليه
مهنة المنبر ، والمحلّاتي من هذا الرعيل ..
ولي أن أصف ما سمّوه عيباً بأنّه ليس بعيب بالمعنى
الحقيقي للكلمة ، وإنّما هو
التسوية بين الروايات ثقة بجامعيها
ومخرجيها ، والشيخ لا يضمر للروايات المتهالكة خيراً في نفسه بسكوته عنها بل يدعها إلى قارئه ، فما الحاجة إلى نقضها إذا كان القارئ مقتنعاً بمحتواها ، أمّا الصنف الآخر من القرّاء فعليه يقع عبأ
الغربلة إن كان من أهلها ليسلم الشيخ رحمهالله
من تبعات التخريج ، فإنّ الحكم على حديث أهل البيت ورواياتهم لازمهُ رهن النيّة وقبول المسئوليّة أمام الله تعالى.
لهذا لا أعجب من أن يحجزه الورع عن ردّ الرواية أو نقدها
ولا مانع من نقلها معزوّة إلى مخرجيها ولا دليل يدلّ على قبولها بالقطع واليقين عند المؤلّف.
كلّ هذا يجب أن يضعه منتقدوه مدّ أبصارهم قبل أن يلمزوا
نتاج قلمه بصفة غير مستحبّة ، فهل فعلوا ؟!
والشيخ غزير الإنتاج أثرى المكتبتين العربيّة والفارسيّة
وإن كان حظّ الأُولى منه قليلاً مع أنّك حين تقرئه بلغة الضاد تحسبه ابن بجدتها ، يجري بالفقرات متدفّقاً تدفّق العذب الفرات ، وبالرجوع إلى كتابه « تاريخ سامرّاء » يتجلّى الحقّ واضحاً لعين القارئ.
فقد قال في نعته الحجّة الثبت العلّامة الطهراني رحمهالله :
« تاريخ سامرّاء » الموسوم بمآثر الكبراء للخطيب المعاصر
الشيخ ذبيح الله بن محمّد علي المحلّاتي المولود بها سنة ١٣١٠ ، نزيل سامرّاء ، كبير في خمس مجلّدات ضخام ، رأيته بخطّه ، بيّن فيه ما يتعلّق بسامرّاء قبل الإسلام وبعده ، قديماً وحديثاً ، وذكر أحوال أبنتيها وقصورها ومشاهدها وأحوال من دخل إليها ومن ثوى بها من الخلفاء والملوك والعلماء وتفصيل أحوال الإمامين العسكريّين والحجّة المنتظر عليهمالسلام
وأصحابهم والرواة عنهم والعلماء النازلين بساحتهم ، وجعل
لكلّ مجلّد فهرساً لتسهيل التناول ، فرغ
من مجلّده الأوّل سنة ١٣٥٤ .
وشهادة هذا العليم لكلتاب وسرده لمواضيعه المهمّة تعرب
عن أهمّيّته وضرورته لكلّ مكتبة ، وهذه سعادة حظى بها الشيخ العظيم في كتبه وهي نادراً ما تحالف إنساناً وهو قريع الشيخ عبّاس القمي قدسسره
، فكلاهما نال السعادة في كتبه وسهلت على القلوب واستساغها المثقّفون وسعوا لاقتنائها ، مع الفارق طبعاً بين العلمين ؛ فالقمّيّ رحمهالله
عالم يكتب بعد التحقيق ليرضى رعيل العلماء ، والشيخ المحلّاتي رحمه الله خطيب يكتب ليرضي رعيل المستمعين وإن كان من جهة أُخرى عالماً أيضاً. وقد غلبت عليه طبيعة المهنة حيث يكتب كما يخطب ، ولعلّه يخطب كما يكتب أيضاً.
وكتب الشيخ كتباً كثيرة فأجاد وأفاد ، منها كتابه « الحقّ
المبين في أقضية أمير المؤمنين » في جزئين ، و « خير الكلام في ردّ عدوّ الإسلام » في ثلاث مجلّدات
وهو ردّ رسالات السيّد أحمد الكسروي ، و « رجال ذبيح الله المحلّاتي » واسمه الكلمة التامّة ، وهو في خمس مجلّدات في تراجم أحوال أكابر العلماء من الخلفاء المتقدّمين وسائر العلماء المتأخّرين ، و « رياحين الشريعة ومآثر زنان دانشمند شيعه » في مآثر الفضليات من نساء الشيعة ، فارسي و « ساحل النجاة » في مضرّات الخمر والترياك ، طبع بطهران سنة ١٣٧٢ ، و « قرّة العين في حقوق الوالدين » ، و « قلائد النحور في وقايع الأيام والشهور » ، و « قضاوتها أمير المؤمنين » و « كشف
الغرر أو مفاسد السفور » فارسي كبير ، و « لاله زار ذبيحي » فارسي ملمّع يشبه الخزائن النراقيّة يقرب من خمسمائة صحيفة ، و « مطلوب الراغب في حكم اللحى والشارب » فارسي وهو يقرب من خمسة آلاف بيت ، و « نار الله الموقدة على
__________________
الكافرين في حروب أمير المؤمنين » ، وهذا
الكتاب الذي وفّقنا الله لترجمته والحمد لله : « فرسان الهيجاء في شرح أصحاب سيّد الشهداء عليهالسلام » وقد نعته
الطهراني بـ « فرسان الهيجاء في شرح أحوال أبي عبدالله عليهالسلام ». ولست
أدري إن كان كتاباً آخر أم هو المترجم نفسه ولكن وقع تصحيف في أصحاب إلى أحوال ، والظاهر الثاني لأنّهما لو كانا كتابين لذكر الشيخ الثاني لأهمّيّته.
وتركنا كتباً للشيخ لم نتعرّض لذكرها لأنّها تحتاج إلى
مزيد تتبّع ونكل ذلك إلى القارئ ، وهذا الإنتاج الغزير يدلّ على عمر طويل. نعم لقد عمّر الشيخ حتّى دخل العقد التاسع من عمره الشريف لأنّه ولد سنة ١٣١٠ وتوفّي سنة ١٤٠٥ ، إذن وافاه الأجل المحتوم في الخامسة والثمانين من العمر. ولم يحد الكبر أو العجز من تدفّق قلمه بالتأليف في المواضيع النافعة الشيّقة التي وجد الشيخ الضرورة قاضية بشغلها حيّزاً من فراغ المكتبة الإسلاميّة.
كتاب « فرسان الهيجاء »
تقدّمت إلى القاري الكريم بأنّ الفضل في توجّهي إلى هذا
الكتاب القيّم يعود إلى العلّامة آية الله الحاج السيّد علي الشفيعي ، دام ظلّه ، فهو الذي أرشدني إلى
أهمّيّته وشجّعني بلسانه إلى ترجمته ، وأعارنيه من مكتبته الغنيّة التي هي أمنع من
عقاب الجوّ ، والسيّد المعظّم جزاه الله خيراً خدمة لإخوانه العرب آثرني بالكتاب على نحو الإعارة طبعاً ولبّيت الطلب وشرعت بالترجمة فور قرائته ، واقتضاني زمناً إضافيّاً ، لأنّ حادثة صعبة ألمّت بحياتي فعطّلت مسيرة الترجمة آناً مّا.
ذلك أنّي منيت ليلاً بعارض السكتة القلبيّة ـ أعاذكم الله ـ فكنت من الموت قاب قوسين أو أدنى ، ولكنّها خفت حتّى استطعت الرقاد وازدادت سوءاً بعد صلاة الصبح ونقلت على أثرها إلى « المشفى » وبعد الفحص قرّر الأطبّاء وفي مقدّمتهم ولدي
الدكتور بهاء نقلي إلى العناية
المركّزة وبقيت أربعة أيّام تحت العناية الشديدة ثمّ نقلت إلى البيت انتظاراً لعمل القسطرة وبعدها أثبت الأخصّائي وجود تصلّب في أربعة شرايين منه وحينئذٍ لا بدّ من إجراء عمليّة الفتح ، وهنا أيقنت بالموت وآلمني حقّاً أن لا أكون أتممت الكتاب ، ومرّت الأيّام مسرعة وخيّرت بين إجراء العمليّة بطهران أو غيره من بلاد الله الواسعة ، أو على يد طبيب مسلم مؤمن شريف من بلادنا ويُدعى الدكتور « رمضاني » وهذا الطبيب ملاك على هيئة إنسان. ورأيت ليس من الحقّ في شيء الاعتماد على غيره مع ما يتحلّى به من الصفات الإسلاميّة النادرة وهو في رأيي عمل حرام أدباً إن لم يكن حراماً شرعاً ، وفضّلته على غيره بما أحيا الله على يديه من البشر بعد تحقّق موتهم ، فقد كرّمته الحكومة على ألف عمليّة ناجحة وأعطته الجائزة وكنت أوّل الألف الثاني ، وزارني بعد عمل القسطرة في المشفى ، فرأيت نور الإسلام يتلألأ في وجه الشريف وعرفته من ساعتئذٍ مؤمناً مسلماً مصلّياً يحبّ الخير للجميع ويبذله للأقصى مثلما يبذله للأدنى ، عازفاً عن المادّة وإن كانت مأرباً لكثير من الناس أو للأكثر إن أردنا
الدقّة في الحكم ، ولله في خلقه شئون.
وقلت له ـ وهو يحاورني ـ : أنا يا سيادة الدكتور لا
أنسبك إلى أُمّة من الناس وإن كنت من إحداها لأنّك أكبر من كلّ أُمّة تنسب إليها ولكنّي أنسبك إلى أُمّتك الحقيقيّة التي صاغت لك هذا الخلق الشريف أنت ابن الإسلام وأُمّتك الإسلام ويباهي بك الإسلام النحل الأُخرى.
وهذا هو الواقع فلا يمكن أن يكون الدكتور رمضاني وأعوانه
كالدكتور السيّد رحيم الموسوي الحسيب النسيب والسيّد الجليل ، والدكتور عبادي ؛ دكتور التخدير المؤمن صاحب الأخلاق الفاضلة إلّا أبناء الإسلام.
وهنا ظاهرة غابت عن أكثر الناس وينبغي أن تعطى الأهمّيّة
اللّازمة وهي : إنّ
الممرّضات في العهد الشاهاني المقيت
كنّ على صفات أقلّ ما يقال فيها بأنّها دنيويّة غير ملتزمة ، وتغيّر الحال بعد الإسلام فقد تحوّلن تحت لواء الدولة الإسلاميّة إلى المثل العليا والقيم الفاضلة والأخلاق الحميدة ، ولقد لمسنا برعايتهنّ لنا نحن المرض الذي خرجنا من تحت سلطان الموت أشدّ ضعفاً من وليد اليوم واليومين ؛ يوم كنّا نرقد تحت رحمتهنّ أقول لمسنا « حنان الأُمّهات » مع
الوقار العظيم والعفاف والحبّ الطهور للمرضى جزاهنّ الله خير جزاء المحسنين. هذا ولم يعهد من صبايا في مثل أعمارهنّ وجمالهنّ مثل هذا الأدب الفائق والرحمة والكمال. ولست أدري إن كان صحيحاً تعميم الحكم أو يختصّ بالمشفى الذي رقدت فيه لأنّه خاصّ بشركة النفط ، مهما تكن الحال فإنّي أتحدّث عمّا رأيت ولا يعنيني ما غاب عنّي.
وأخيراً قرّر الدكتور رمضاني يوم العمل وهو يوم الخميس ،
ونقلت من حجرتي الخاصّة إلى « دار العمل » وما هي إلّا ثوان ودكتور التخدير يأمرني بالإكثار
من الصلاة على النبيّ حتّى متُّ على نحو الحقيقة فلم أشعر بشيء ممّا حولي وما يجري عليّ مطلقاً بل تحوّلت إلى حجر من الصوان ، تقلّبني الأيدي يميناً وشمالاً وفتحوا الصدر وأسكتوا القلب والرئتين كليهما وعبّئوا القلب بأكياس الثلج ونابت عنّي الآلة في النفس وفي تنظيم الدورة الدمويّة ، كلّ هذا تلقّيته بعد رجوعي إلى الوعي على شكل حديث وقد جرى في بدني فعلاً وأنا بين الموت والحياة وبقيت هكذا ثماني ساعات حتّى عاودني الوعي على صوت ولدي الدكتور بهاء حفظه الله : « أبتاه الحمد الله لقد تمّ العمل بنجاح .. » والحمد لله ربّ العالمين فكان
سمعي وحده الذي يعمل ، وهنّأني دكتور التخدير على عودة الحياة وبارك لي ذلك وبدأت الحياة تدبّ في أوصالي شيئاً فشيئاً حتّى شعرت بها بكلّ وجودي.
وهكذا عبرت الممرّ الموحش بين عالم الدنيا وعالم الآخرة
ورجعت إلى الدنيا
ثانية ، وبدأت العافية تراودني ببطأ
وهذا بالطبع زمن باعد بين الكتاب وبين الإنجاز وشيء جديد طرأ على الحياة وهو تبرّمي بها بفعل المضادّات الحيويّة التي زرقت في شراييني ، وقوّة التخدير ولكنّها حال تزول ولله الحمد ، وأوّل صفة رجعت إلى عشّها من عقلي بعد أن طارت بعيداً هي حبّي للكتاب والكتابة ، وشرعت ثانية في مواصلة الترجمة وتمّت والحمد لله ربّ العالمين.
نظرة في الكتاب
يمكن أن ننعته بأنه المعجم الوحيد من نوعه الذي يترجم
لأصحاب الحسين عليهالسلام
على حروف الهجاء وهو أوّل كتاب خرق الإجماع في عدد أصحابه عليهمالسلام
ودعك من المسعودي الذي أوصلهم إلى خمسمائة رجل ، فقد كتب العدد من دون تحقيق وبهذا لا يمكن أن يقارن بالمحلّاتي الذي تولّى تعديد أسمائهم وتحديد هويّاتهم واحداً واحداً ، ونسبنا إليه الأوّليّة لأنّ عهدنا بمن سبقوه بين مكثر لا يتجاوز بهم المائة ، وبين المقلّل يقف بهم عند حدود السبعين ، أمّا الشيخ فقد قفز العدد في كتابه إلى مائتين وخمس وعشرين رجلاً خالٍ من التحقيق ، ويقتصر على ذكر المصدر الذي يعزو إليه الناصر فإذا عدم في غيره أشار إليه بقوله : لم أعثر عليه إلّا في هذا الكتاب ، وأحياناً يكون مصدره الزيارتين : الرجبيّة وزيارة الناحية المقدّسة وحدهما ، فيذكر الناصر إذا ذكر في أحدهما ويكفي في توثيق وجوده ذلك ، يقتصر على العبارة القصيرة الواردة في أحدهما ، ثمّ يتحوّل إلى غيره وهو بين الإطناب والإيجاز ، وقد يكون الأخير مخلّاً لأنّ الباحث يهمّه إشباع الموضوع ولا يرضى بالعبارة والعبارتين ، لا سيّما في المجاهيل من الأصحاب والمشكلة أنّ بعض الموارد من الكتاب تخلو من هذا الإشباع وقد يفقد المؤلّف الخيار اذا فلى التاريخ فلياً فلم يصب بغيته ، فما حيلته عندئذٍ.
ولست أعرف سباً غير هذا حمل المؤلّف على القناعة بالسرد
وحده دون توجيه مشرط النقد إلى الموارد المحتاجة إليه ، فيعزل البهرج عن الجوهر لئلّا يلتبس أحدهما بالآخر عند بعض العقول وكذلك يلزمه على كلّ حال إخراج المدرة عن حبّ الحصيد بالغربلة ، والذي أظنّه ـ والله العالم ـ أنّ التحقيق لا يستدعيه وضع أنصار الحسين عليهالسلام
لعدم ترتّب أثر معتدّ به عند الزيادة أو النقصان ، فلا مانع من زيادة عددهم عن المألوف بين الناس أو نقصانه إذا كانت نتيجة معركة الطفّ في الشهادة وقد حصلت عين اليقين من ثمّ نراه نأى عن التحقيق الدقيق وإن لم يخل منه على نحو مختار ، وكذلك ترك النصوص دونما محاكمة علماً منه أنّ ذلك يبلغه النتيجة المرتضاة له وللباحث هذا كلّه يقال في كتاب الأنصار ..
وهو مع هذا ينطوي على بعض الأخبار المتناهية الضعف
القريبة من الأساطير والتي وددت ومخلصاً أن يعافى هذا الكتاب الشريف منها ولكن لا بدّ من تسرّبها إليه لأنّ المؤلّف يخوض في وحل الروايات فلا مندوحة من تعرّضه لنقدٍ أو لوم.
ومهما قلنا عن الكتاب مدحاً أو نقداً فإنّه كتاب رائع ، فريد
في بابه ، وحيد في نوعه حول المادّة المطلوبة للباحث والمحقّق والأديب والخطيب إلى مادّة معجميّة يسهل معها حصول الباحث على غرضه وتختصر له الطريق عندما يضع قدمه في مجاهيل التاريخ ، وخفّف من وطأة المعاجم على المولّفين حين اتّخذ الحرف الأوّل من الاسم دون الثاني والثالث وهذا غرم يدفع ثمنه الباحث إلّا أنّ شهرة الموضوع وحصره هوّن من ثقل هذا العزم.
ولو سلك شيخنا الجليل سلوك المعجميّين لكان أكثر إحكاماً
وضبطاً. ولي أن أقول بعد ذلك بأن الشيخ رحمهالله
جمع مادّة مفيدة وسهل الحصول عليها ووضعها بين يدي المثقّف على اختلاف مذاهبه. فهو مشكور على ذلك مثاب عليه ، لا ريب
في ذلك وتبقى مسألة التحقيق الذي
أجراه ، فلنقل عنه ربّما تعمّد الشيخ ذلك لأنّ كربلاء لا يخلو كمّها وإن داخلته الغرائب ، ومن العبر والفوائد.
مضافاً إلى العنف الذي ارتكب فيها من جهة العدو
والوحشيّة التي لم تشهد لها البشريّة نظيراً جعلتها حقيقة أقرب إلى الخيال فاتّسعت له وحمّلها المحبّ والخصم مشاهد ليست منها ، وقبلتها الأُمّة بل صدّقتها وأصبح ردّها مرادفاً لإنكار المسلّمات واليقينيّات ، وهذا وإن لم يكن عذراً للعالم والمحقّق إلّا أنّه عثرة في
طريق التحقيق ولا أظنّ بالشيخ المحلّاتي العبقري الفذّ ، والمنبري والمتمرّس في حادثة الطفّ ، إنّ ذلك لم يطرق ذهنه فيحمله على مسّ الموضوع برفق ولين ، وهكذا فعل ، ومرّت حوادث الطفّ مرور العذب المطّرد في مجاري الجدول ، يتساوى جارية في الشكل والطبع ولكنّه متجدّد في الآنات واللحظات ، وأعطى الشيخ من نفسه الجديد المفيد وإن كان بسيطاً مع قدرته على الضرب في أعماق كلّ موضوع طرقه ، ولكنّه آثر أن يظلّ سهل التناول لكلّ أحد يرتاد نواديه أو يحطّ على أيكه.
ذيول الكتاب الثلاث
ثمّ إنّ الشيخ رحمهالله
ذيّل كتابه بثلاثة ملاحق مختصرة : الأوّل عن محمّد بن الحنفيّة ، والثاني عن المختار ، والثالث عن الرأس الشريف.
ملحق محمّد بن الحنفيّة
فلم يأت فيه بشيء جديد ، وأراد الاعتذار عن سيّدنا محمّد
ولكنّه ارتطم بصخرة صمّاء هي صخرة الحقّ فلم تنهض الحجّة بعذره ، ولم يأتنا بعذرٍ يصون محمّداً عن توجيه اللوم بل والنقد الحاد أيضاً وكان عليه انصاف الحقّ ومعرفة محمّد بالحق لا العكس.
أمّا أنا فلي رأيي الخاص في هذا السيّد الجليل مع علمي
بأنّه يهيج عليّ جملة
من الناس لا حبّاً به ولكن بغضاً بي ،
وهو لا تحرّك له ساكناً ونكله إلى أبيه وإلّا فسوف ، نواجه لا بخذلانه أخاه الإمام مفترض الطاعة أو نسبة ادغاء منصب الإمامة له فحسب بل بزيارته يزيد بعد شهادة الإمام بأقلّ من عام واحد ولم يأنف من زيارة رجل سبى عقائلهم ولم يوجّه إليه حتّى كلمة لوم في أسره زينب وعقائل الوحي وعرضهنّ في الأندية والمجالس وإبداء وجوههنّ لأهل الشام بل للخاص والعام من كربلاء إلى دمشق وهنّ عرض الله وعرض رسول الله وعرض القرآن وكان عليه أن يقف موقف ذلك الرجل العظيم سيّدنا عبدالله بن عبّاس عليهالسلام وما قابل به يزيد بن معاوية لعنهما الله من الغضب الصاعق الذي ألقمه به حجراً عندما كتب إليه يزيد يخطب ودّه فكان ردّه عليه زلزالاً أحدثه في حياة يزيد قضى على أحلامه في جلب قلوب بني هاشم بعد حادثة الطفّ وتنصّله من قتله الصفوة منهم بهذا ينبغي أن يجاب أسر زينب وأخواتها.
أمّا موقف صاحبنا الغريب وزيارته المتهالكة له وضعفه
أمامه فإنّي لو حصلت عن خذلانه الحسين على ألف عذر وعذر وكلّ عذر يقنع أكثر الناس جدلاً فلست واجداً عذراً واحداً يبيح له زيارة يزيد وأخذ جوائزه وأكله على موائده .. وكان عليه أن يغضب لأسر عقائل الوحي ، إن لم يكن به غضب على قتل أهل البيت ولكن مع كلّ هذا أقول :
إنّا نوالي محمّد بن الحنفيّة لأبيه وندعه له ونسكت عنه
سكوتاً مطبقاً وجوباً لا حسبة واحتياطاً ولاءاً لأمير المؤمنين عليهالسلام
وجرياً وراء اتفاق الأُمّة في توجيه أفعاله وحفظاً لمقامه في الجهاد مع أبيه يوم الجمل وصفّين والنهروان ونترضّى عنه ونطيع أمير المؤمنين عليهالسلام
في ولائنا إيّاه فحسب دون التعرّض لباقي سيرته ، هذا ما أراه لنفسي ولا أُحبّ أن يكلّفني مخلوق من بين آدم أن أقول ما لا أعتقد أو أتّبع غيري في اعتقاده اتّباع الأعمى.
والمؤلّف رحمهالله
أجاد في تخصيص موضوع من كتابه لمحمّد بن الحنفيّة ، ولكنّه ويا للأسف لم ينجح في الدفاع عنه وهو مأجور على كلّ حال.
ملحق المختار
والموضوع الذي أبدع المؤلّف في عرضه وفاز في حكايته وردّ
الشبهات عنه إنّما هو موضوع المختار وتبرئة هذا الرجل المظلوم ممّا افتري به عليه وموضوع الافتراء على المختار يصب في مستنقع معاداة أهل البيت وأصحابهم المخلصين لأنّه قتل قاتل أهل البيت وتركهم جذاذاً وشفى صدور المؤمنين ، وكان عليه لكي ترضى عنه أُمّة معاوية أن يوالي عمر بن سعد ويوثقه فلا يقتله لأنّه كما تقول أُمّة
معاوية « قتل الحسين بسيف جدّه » وأن يأتلف مع شمر بن ذي الجوشن وشبث ابن ربعي وابن زياد وهكذا دواليك وإلّا فليعدّ نفسه إعداداً لتحمّل الطعنات ، وقبول الافتراءات.
وهذا الموقف لا غرابة فيه علينا فنحن الشيعة نلنا من
أُمّة معاوية فنوناً من هذه الأكاذيب والافتراءات ، لأنّنا اتّخذنا عدوّ أهل البيت عدوّاً فنسب إلينا أُمور
تنافي أبسط العقول وما زلنا نعاني من مهزلة ابن سبأ وتصديق المغفّلين لها وهي إن حقّقت بهم أليق ، لأنّه الذي حرّك أحجار الصحابة على رقعة الجمل وصفّين ، وهذه الأحجار قبلت قوله وصدّقته واتّبعته فهي أولى بأن تسمّى سبئيّة لا نحن الذين نبرأ منه ونلعنه.
وبناءاً على رصد مزاجهم المتقدّم كيف لا ينبزون المختار
ويلصقون به مختلف التهم والبهتان ، والمؤلّف أحسن الله إليه أحسن جدّاً بدفاعه عنه لا سيّما ردّه الروايات التي وردت عن طريق الشيعة ردّاً مركّزاً يزيل إليهم وينبغي اللبس ويثبت الحقّ وهو فيما أرى خير ما قرأت في الدفاع عن المختار ويكون بناءاً على هذه المعادلة أفضل ما كتب عنه.
ملحق الرأس الشريف
أمّا عن الرأس الشريف فقد تمنّيت أن يخلو الكتاب من هذا
الملحق ، لأنّه خال من أيّ تحقيق عنه والقارئ حين تقع عينه على موضوع مستقلّ في الرأس الشريف يطمع بتحقيق ثابت محيط بالموضوع من كلّ أطرافه فإذا خاب ظنّه ولم يحصل على بغيته يكون إفراد الحديث عن الرأس بموضوع خاص من دون معنى.
هذا ولم يخلُ الموضوع ومن التحقيق وحده بل ربّما روى
الروايات المتناهية الضعف بل الموضوعة ولكن المؤلّف ألقى عليها هالة قدسيّة من شعاع قلمه البليغ فخدعت كثيراً ممّن يحسنون الظنّ بالمؤلّف فأسأل الله أن يحسن إليه فيما أحسن وأن يعفو عنه فيما تساهل في روايته وهو لا يعدّ شيئاً قياساً إلى حسناته التي لا حصر لها.
أُسلوب المؤلّف
بعد أن عشت مع الكتاب وجرت فصوله مع أنفاسي واستمرأت
عباراته البليغة النادرة رأيته لا يلحق شأوه في النثر العربي ولا تنال غايته وليس سبب ذلك استبطانه بالعراق ردحاً من الزمن فكم من مستوطن عاد وهو لا يجيد صياغة جملة واحدة ولكنّه الدين الذي حمله على حبّ هذه اللغة فاعتبرها لغته وهي فعلاً لغة كلّ مسلم ولا تختصّ بالعرب وحدهم.
والشيخ المحلّاتي رحمهالله
مؤمن مكافح عن الإيمان مدافع عن الإسلام حامل لواء الدفاع عنه قلعة حصينة لا يمكن أن تقتحمها القوى المعادية مهما أضرّت وتنمّرت ، ولكنّه مظلوم لم يؤدّ حقّه حملة الأقلام فيكتبون عنه ولو دراسة واحدة تتناوله منشأ وتعلّماً وإنتاجاً وعطاءاً ولست أنفي ذلك نفياً باتّاً ولكنّي لم
أعثر على
هذه الدراسة مع بحثي عنها وتطلّبي
لها ولكن عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود.
أمّا الفارسيّة ففي اعتقادي أنّ الرجل رائد من روّاد
النثر الفارسي وهو مجدّد في أساليبه وقد ازدادت هذه اللغة الجميلة على يده صقلاً وتشذيباً لا سيّما في نطاق ترجمة النصوص من العربيّة إليها ، فإنّك تجد أُسلوبه أُسلوباً عذباً صحيحاً ذي حبكة متلاحمة لا تجد فيها فواصل غريبة من غير بنيتها ، وقد اعتاد إخوانه أن يترجموا العربيّة أحياناً بالعربيّة حيث يختارون لفظاً دراجاً على الألسن أو
الأقلام فيحلونه محلّ اللفظ المترجم وإن كان من لغة النصّ المترجم وهذا في نظري من أكبر العيوب في الترجمة من العربيّة.
لأنّ الفارسيّة ليست لغة فقيرة بل تملك من المفردات ما تغطّي به اكثر من المساحة المراد ترجمتها والشيخ المحلّاتي رحمهالله انطلاقاً من هذا المبدأ راح يترجم النصوص على هذا النهج الصحيح وهو أحياناً يضع النصّ المترجم في الهامش لكي يعطيك الفرصة للمقارنة وتمييز الترجمة الصحيحة عن تلك التي اسميها الملمعة التي لا تعني عند أبناء هذا العصر شيئاً .. نعم لأُستاذنا المحلّاتي رضوان الله عليه ولع خاصّ في تطعيم الترجمة بالعبارات البليغة المستوحاة من روح النصّ وهي وإن لم تكن غريبة على الترجمة وللمترجم صياغة النصّ بما يحبّبه إلى القارئى شريطة أن لا يزيد على المعنى المترجم منه شيئاً إلّا أنّه يجعل الترجمة فضفاضة من ثمّ عمدت إلى تجاوز عباراته والاقتناع بالنصّ وحده وربّما أعجبتني العبارات فترجمتها على الاستقلال في الهامش مع الإشارة إلى ذلك طبعاً وذلك فيما إذا عثرت على النصّ كما هو ، أمّا إذا عثرت عليه في معناه دون ألفاظه التي أعاد المؤلّف صياغتها من العربيّة فإنّي أضطرّ حينئذٍ إلى المزج بين ترجمة المؤلّف وعبارات النصّ وهكذا اتّخذت هذا النحو من الترجمة منهجاً حتّى النهاية ..
وآخر كلمة لي أقولها عن الشعر فقد اعتمدت طريقة خاصّة في
ترجمته وذلك أنّي ألممت بالمعنى فضعت القطعة العربيّة على أساس استلهام المعنى فقد تقارب العربيّة على أساس استلهام المعنى ، وقد تقارب القطعة الفارسيّة فتكون ترجمة لها بالمعنى المطابقي للترجمة وقد أضطرّ أحياناً إلى الاقتصار على بعض معاني القطعة الفارسيّة أو على روحها ، وأضيف إليها معاني جديدة منّي لا يعدّ هذا المسلك ترجمة من ثمّ سمّيت هذا وذاك « مباراة » ولم أُسمّه ترجمة لأنّ المترجم ليس ملزماً بترجمة الشعر إلى شعر ولكنّي رأيت هذا المذهب أجمل وأحسن من الترجمة النثريّة وقد تركت قصائد أربعاً من دون ترجمة : أمّا الأُولى فقد تركتها لطولها وعمق معانيها ، وأمّا الآخر فقد تركتها بأمر الطبيب حيث أمرني بتجنّب الضغط على القلب بالإثارة أو الانفعال ولا شيء يثير القلب أكثر من التفكير في نظم الكلام والبحث عن الألفاظ للمعاني ، وهكذا لذلك تركت ترجمتها رعاية للصحّة وحرصاً على القلب الذي رأى من الأهوال ما لم يكن بالحسبان. حمى الله أحبّائنا القرّاء من كلّ سوء في النفس والأهل وأسألهم الدعاء.
وجزى الله الأخ الكبير أبا زينب ألف خير وخير حيث تعهّد
بطبع وإخراج مثل هذه الكتب جرياً على سنّتهم الفاضلة.
كما جزى سيّدي السيّد محمّد المعلّم على تعبه الكبير في
رصف الحروف والعناية بالإخراج إخراجاً جيّداً ، والحمد لله أوّلاً وآخراً.
حرف
الألف
١
ـ أبو ثَمامة الصائدي
اسمه عمرو بن عبدالله الصائدي ، من فرسان قبيلة همدان
وجنود أمير المؤمنين المتشيّعين له ، لم يفارق الإمام في مشهد من مشاهده ، ملازماً لركابه ، وصحب الإمام الحسن بعد شهادة أبيه عليهماالسلام
إلى أن هلك معاوية ، وكان يسكن الكوفة ، ولمّا بلغ أهلها موت معاوية وانتشر الخبر ، اجتمع الشيعة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي ، وكان من الحاضرين معهم أبو ثمامة ، وكتبوا إلى الإمام كتباً حتّى أرسل إليهم مسلماً بن عقيل عليهالسلام.
وفي الإرشاد للشيخ المفيد : إنّ أبا ثَمامة كان يشتري
السلاح لمسلم بن عقيل ويجمع له العُدّة والعتاد ، وكانت مساعيه في هذا السبيل موفّقة ، ويستلم الأموال الموجّهة إلى مسلم ، وكان بصيراً بالسلاح ، يعرفه معرفة تامّة.
وفي رواية الكامل لابن الأثير : لمّا دخل ابن زياد
الكوفة وثار أصحاب مسلم عليه ، عقد مسلم لأبي ثَمامة الصائدي على ربع تميم وهمدان ، فلمّا بلغ ابن زياد إقباله تحرّز في القصر وأغلق الباب وأحاط مسلم بالقصر ، وامتلأ المسجد والسوق من الناس ، وما زالوا يجتمعون حتّى المساء ، وضاق بعبيدالله أمره .
__________________
حرف الألف
١ ـ أبو ثَمامة الصائدي
اسمه عمرو بن عبدالله الصائدي ، من فرسان قبيلة همدان
وجنود أمير المؤمنين المتشيّعين له ، لم يفارق الإمام في مشهد من مشاهده ، ملازماً لركابه ، وصحب الإمام الحسن بعد شهادة أبيه عليهماالسلام
إلى أن هلك معاوية ، وكان يسكن الكوفة ، ولمّا بلغ أهلها موت معاوية وانتشر الخبر ، اجتمع الشيعة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي ، وكان من الحاضرين معهم أبو ثمامة ، وكتبوا إلى الإمام كتباً حتّى أرسل إليهم مسلماً بن عقيل عليهالسلام.
وفي الإرشاد للشيخ المفيد : إنّ أبا ثَمامة كان يشتري
السلاح لمسلم بن عقيل ويجمع له العُدّة والعتاد ، وكانت مساعيه في هذا السبيل موفّقة ، ويستلم الأموال الموجّهة إلى مسلم ، وكان بصيراً بالسلاح ، يعرفه معرفة تامّة.
وفي رواية الكامل لابن الأثير : لمّا دخل ابن زياد
الكوفة وثار أصحاب مسلم عليه ، عقد مسلم لأبي ثَمامة الصائدي على ربع تميم وهمدان ، فلمّا بلغ ابن زياد إقباله تحرّز في القصر وأغلق الباب وأحاط مسلم بالقصر ، وامتلأ المسجد والسوق من الناس ، وما زالوا يجتمعون حتّى المساء ، وضاق بعبيدالله أمره .
__________________
وثبت أبو ثَمامة مع مسلم حتّى تفرّق الناس عنه ، واستخفى
مسلم عليهالسلام
، عند ذلك لجأ أبو ثَمامة إلى قبيلته .
فجدّ عبيدالله بن زياد في طلبه وبالغ في ذلك حتّى اضطرّه للخروج من الكوفة مستخفياً إلى أن لحق بالحسين مع نافع بن هلال حين تلاقيا في الطريق.
وروى الطبري وآخرون أنّ عمر بن سعد لمّا بلغ بعسكره
كربلاء أراد أن يرسل إلى الحسين يستطلع رأيه ، ويقف على السبب الذي حمله على القدوم إلى العراق ، فكلّ من أراده على ذلك يأبى المصير إليه عليهالسلام
ويقول : أنا أستحيي من الحسين لأنّني كتبت إليه ، وامتنع رؤساء الجيش كلّهم إلى أن قام كثير بن عبدالله الشعبي وقال : أرسلوني إليه ، وإن شئت لأفتكنّ به. فقال عمر بن سعد : ما أُريد أن تفتك به ولكن ائته فسله ما الذي جاء به.
فأقبل اليه (وكان رجلاً فتّاكاً خبيثاً) ، فلمّا رآه أبو ثَمامة
الصائدي قال للحسين : أصلحك الله أبا عبدالله ، قد جاءك شرّ أهل الأرض وأجرأه على دم وأفتكه ، قام إليه فقال : ضع سيفك ، قال : لا والله ولا كرامة ، إنّما أنا رسول ، فإن
سمعتم منّي أبلغتكم ما أُرسلت به إليكم ، وإن أبيتم انصرفت عنكم. فقال له : فإنّي آخذ بقائم سيفك ثمّ تكلّم بحاجتك ، قال : لا والله ولا تمسّه. فقال : أخبرني
__________________
ما جئت به وأنا أُبلّغه عنك ولا أدعك
تدنو منه فإنّك فاجر.
قال : فاستبّا ثمّ انصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر ، قال
: فدعا عمر قرّة بن قيس الحنظلي فقال له : ويحك يا قرّة ، ألق حسيناً فسله ما جاء به ؟ وماذا يريد ؟ قال : فأتاه قرّة بن قيس فلمّا رآه مقبلاً ، قال : أتعرفون هذا ؟ فقال حبيب بن
مظاهر : نعم ، هذا رجل من حنظلة تميميّ وهو ابن أُختنا ، ولقد كنت أعرفه بحسن الرأي وما كنت أراه يشهد هذا المشهد.
قال : فجاء حتّى سلّم على الحسين وأبلغه رسالة عمر بن
سعد إليه له ، فقال الحسين عليهالسلام
: كتب إليّ أهل مصركم هذا أن أقدم ، فأمّا اذا كرهوني فأنا أنصرف عنهم. قال : ثمّ قال له حبيب بن مظاهر : ويحك يا قرّة بن قيس ! أنّة ترجع إلى القوم الظالمين ؟! انصر هذا الرجل الذي بآبائه أيّدك الله بالكرامة وإيّانا معك.
فقال له قرّة : أرجع إلى صاحبي بجواب رسالته وأرى رأيي. قال : فانصرف إلى عمر بن سعد وأخبره الخبر .. .
ونقلت أكثر الكتب أنّه في يوم عاشوراء حين حاصر العدوّ
بجيوشه الجرّارة وتهاوى أصحابه كالنجوم الواحد تلو الآخر في الشهادة ، فكان النقص يبيّن في جماعتهم إذا قتل منهم الواحد والإثنان لقلّتهم ، ولا يبيّن النقص في جيش ابن سعد لكثرتهم ، فلمّا شاهد ذلك أبو ثَمامة قال للحسين : يا أبا عبدالله ، نفسي لك الفداء ، إنّي أرى هؤلاء القوم قد اقتربوا منك ولا والله لا تقتل حتّى أُقتل دونك
إن شاء الله ، وأُحبّ أن ألقى ربّي وقد صلّيت هذه الصلاة وقد دنى وقتها.
قال : فرفع الحسين رأسه ثمّ قال : ذكرت الصلاة ، جعلك
الله من المصلّين الذاكرين ، نعم هذا أوّل وقتها. ثمّ قال : سلوهم أن يكفّوا عنّا حتّى نصلّي.
__________________
فتقدّم حبيب بن مظاهر عليهالسلام إلى عسكر
ابن سعد ورفع عقيرته فيهم وصاح بهم : يابن سعد ، أنسيت شرائع الإسلام ؟! هلّا أوقفت الحرب وتركتمونا نصلّي وتصلّون ، ثمّ قاتلونا إن شئتم.
فقال الحصين بن نمير لعنه الله : صلّ يا حسين فإنّ صلاتك
لا تقبل ، فأجابه حبيب : لا تقبل صلاة ابن رسول الله وتقبل صلاتك يا حمار ، وأخيراً أجابهم أصحاب الحسين جواباً شديداً بعد هذا الحوار ، نشبت الحرب العوان بينهم واستشهد فيها حبيب بن مظاهر كما سنذكره في موضعه إن شاء الله.
واستعدّ أبو ثَمامة بعد أداء صلاة الخوف لمواجهة الحتوف ،
فقال للحسين عليهالسلام
: إنّي قد هممت أن ألحق بأصحابي وكرهت أن أتخلّف وأراك وحيداً من أهلك وقتيلاً. فقال الحسين عليهالسلام
: تقدّم يا أبا ثَمامة فإنّا لاحقون بك عن ساعة. عند ذلك انحدر أبو ثَمامة عليهم كالسيل المنصبّ من أعلى ووثب عليهم كالنمر الشرس وحمل عليهم ذات اليمين وذات الشمال حتّى خضّب الأرض من دمائهم ، حتّى أُثخن بالجراح وعجز عن القتال ، فقتله ابن عمّه قيس بن عبدالله لعداء كان بينهما.
وقال في نفس المهموم : ثمّ برز أبو ثَمامة الصائدي وقال :
عزاء لآل المصطفى وبناته
|
|
على حبس خير الناس سبط محمّد
|
عزاءاً لبنت المصطفى وزوجها
|
|
خزانة علم الله من بعد أحمد
|
وجاء في الزيارة الرجبيّة وزيارة الناحية المقدّسة : « السلام
على أبي ثَمامة عمرو بن عبدالله الصائدي ... ».
__________________
٢ ـ أبو بكر بن عليّ بن أبي
طالب عليهماالسلام
ذكر العلّامة المجلسي في البحار : إن أوّل من خرج منهم أبو
بكر بن عليّ واسمه عبيدالله ، وأُمّه ليلى بنت مسعود بن خالد بن ربعي التميميّة ، فتقدّم وهو يرتجز :
شيخي عليّ ذو الفخار الأطول
|
|
من هاشم الصدق الكريم المفضل
|
هذا حسين ابن النبيّ المرسل
|
|
عنه نحامي بالحسام المصقل
|
وفي الناسخ : فقتل منهم واحداً وعشرين رجلاً ، فلم يزل
يقاتل حتّى قتله زحر ابن بدر النخعي ، وقيل : عبدالله بن عقبة الغنوي.
وذكره ابن شهر آشوب في المناقب بعد شهادة القاسم بن الحسن
بهذا الاسم .
أقول : أقوال المجلسي وابن شهر آشوب تعارض ما ذكره أبو
الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيّين .
وقال في أعيان الشيعة في ترجمة أبي بكر هذا : وهو الذي
يسمّونه عبيدالله ، وهذا خطأ لأنّ عبيدالله قتل يوم المذار ، قتله أصحاب المختار.
ويقول المامقاني في باب الكنى من كتاب رجاله : وعدّه قوم
من أصحاب
__________________
الحسين الذين قُتلوا معه في كربلاء ،
وأُمّه ليلى بنت مسعود بن خالد. وفي بعض النسخ : اسمه محمّد.
ويقول المامقاني أيضاً في ترجمة عبدالله بن أمير
المؤمنين : قال ابن إدريس في مزار السرائر : كان عبيدالله مع مصعب بن الزبير وقتله أصحاب المختار ، واعتباره من شهداء كربلاء خطأ محض ، وقبره مشهور في المذار وخبره متواتر.
ويؤيّده ما قاله المبرّد في الكامل ، بناءاً على ما قاله
الفاضل المعاصر السيّد علي الهاشمي في كتاب محمّد بن الحنفيّة عن بحار المجلسي عن أبي جعفر عليهالسلام قال : جمع أمير المؤمنين عليهالسلام
بنيه وهم اثنا عشر ذكراً ، فقال لهم : إنّ الله أحبّ أن يجعل فيّ سنّة من يعقوب إذ جمع بنيه وهم اثنا عشر ذكراً ، فقال لهم : إنّي أُوصي إلى يوسف فاسمعوا له وأطيعوا ، وأنا أُوصي إلى الحسن والحسين فاسمعوا له وأطيعوا ، فقال له عبدالله ابنه : دون محمّد بن عليّ ؟ يعني محمّد بن الحنفيّة ، فقال
له : أجرأة عليَّ في حياتي ؟ كأنّي بك وقد وجدت مذبوحاً في فسطاطك لا يدرى من قتلك.
فلمّا كان في زمان المختار أتاه فقال : لست هناك ، فغضب
فذهب إلى مصعب ابن الزبير وهو بالبصرة ، فقال : ولّني قتال أهل الكوفة ، فكان على مقدّمة مصعب فالتقوا بحروراء ، فلمّا حجز الليل بينهم أصبحوا وقد وجدوه مذبوحاً في فسطاطه لا يدرى من قتله .. .
والمذار ناحية من نواحي البصرة ، فقتل وهو نائم في خيمته ولم يعرف قاتله ، وقبره إلى اليوم في المذار معروف مشهور يزار.
__________________
وبناءاً على هذا لا حجّة لمن زعم بأنّ أصحاب المختار
قتلوه ، فإن كان استند إلى هذه الرواية فلا دلالة فيها على ذلك ، وإن كانت رواية أُخرى فلم نقع عليها لحدّ الآن ، ولو أنّها وجدت فإنّها فاقدة للاعتبار لأنّ أصحاب المختار كلّهم شيعة فلا يلطّخون أيديهم بدماء آل عليّ عليهالسلام.
وتردّد العلّامة السماوي في إبصار العين في اسم أبي بكر
بين محمّد الأصغر أو عبدالله ، وهذا غير صحيح لأنّ أمير المؤمنين ليس له من أولاده من اسمه عبدالله
إلّا واحد وهذا أُمّه أُمّ البنين وليست ليلى ، وكنيته أبو محمّد لا أبو بكر.
وعلى أيّة حال فإنّ ما قاله أبو الفرج في مقاتل
الطالبيّين أرجح حيث قال : أبو بكر اسمه أو كنيته .. ؟ وقتله رجل من همدان ، قال المدائني : وُجِدت جنازته في ساقية ولم يعرف قاتله.
ولكن المامقاني يقول في ترجمة عبيدالله بن أمير المؤمنين
: عدّة جماعة من أهل السير وكتب المقاتل من شهداء كربلاء ، وورد السلام عليه في الزيارة الرجبيّة ، والله العالم .
٣
ـ أبو بكر بن الحسن بن عليّ أمير المؤمنين عليهمالسلام
قال في مقاتل الطالبيّين : أبو بكر بن الحسن بن عليّ بن
أبي طالب ، قُتل مع عمّه الحسين في كربلاء ، أُمّه أُمّ ولد لا يعرف اسمها ، وهو أخو القاسم من أُمٍّ واحدة
، مع أنّ اسم أُمّ القاسم معروف نجمة أو رملة ، ويمكن أن يكون الضمير مذكّراً
__________________
يعود إلى أبي بكر أي أنّ اسمه غير
معروف.
وذكر في أعيان الشيعة عن المدائني عن أبي مخنف عن سليمان
بن أبي راشد أنّ عبدالله بن عقبة الغنوي قتله ، وذكره سليمان بن قتّة في شعره ، فقال :
وعند غنّى قطرة من دمائنا
|
|
وفي أسد أُخرى تُعَدّ وتُذْكَر
|
وروى عمر بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام
الباقر عليهالسلام
أنّ عبدالله بن عقبة الغنوي قتله.
وفي زيارة ناحية : السلام على أبي بكر بن الحسن بن عليّ
الزكي الولي المرميّ بالسهم الردي ، لعن الله قاتله عبدالله بن عقبة الغنوي.
ولمّا خرج المختار جدّ في طلب الغنوي ، قيل : هرب إلى
الجزيرة ، فأمر المختار بهدم داره وساواها بالأرض.
وفي نفس المهموم والطبري والجزري ـ الكامل ـ وغيرهم أنّه
استشهد بعد شهادة أخيه القاسم.
ويقول في الناسخ : أُمّه أُمّ ولد ، سمّاها بعضهم نفيلة.
وجاء في شرح قصيدة أبي فراس : فبرز أبو بكر بن الحسن
فقاتل حتّى قُتل رضياللهعنه.
فلمّا رأوا بعض الحياة مذلّة
|
|
عليهم وعزّ الموت غير محرَّم
|
أبوا أن يذوقوا العيش والذمّ واقع
|
|
عليهم وماتوا ميتة لم تُذَمَّم
|
ولا عجب للأسد إن ظفرت بها
|
|
كلاب الأعادي من فصيح وأعجم
|
فحربة وحشيّ سقت حمزة الردى
|
|
وحتف عليّ في حسام ابن ملجم
|
__________________
٤
ـ إبراهيم بن الحسين
قال ابن شهر آشوب وهو يحصي الشهداء : وستّة من بني
الحسين مع اختلاف فيهم منهم
إبراهيم بن الحسين وأحصاه منهم.
وذكر صاحب أعيان الشيعة مثله ، ولم أعثر على أكثر من هذا
التاريخ.
٥
ـ إبراهيم بن الحصين
ذكره في المناقب وعدّه صاحب أعيان الشيعة من شهداء الطفّ
، وجرى اسمه على لسان الحسين عليهالسلام
وهو يستنصر قائلاً : يا أسد الكلبي ، يا إبراهيم بن الحصين ، إلى آخره.
وفي نفس المهموم : ثم ّبرز إبراهيم بن الحصين وهو يرتجز
ويقول :
أضرب منكم مفصلاً وساقا
|
|
ليهرق اليوم دمي إهراقا
|
ويرزق الموت أبو إسحاقا
|
|
أعني بني الفاجرة الفسّاقا
|
ثمّ حمل عليهم وقتل منهم أربعاً وثمانين رجلاً وجعلهم
حطب جهنّم.
وأضاف صاحب الناسخ عن أبي مخنف لوط بن يحيى أنّ إبراهيم
بن الحصين هجم على الأعداء ، ولمّا كان يحيى من أصحاب أمير المؤمنين ويعتبر ابنه لوط من أصحاب الإمامين الحسن والحسين وكان حاضراً وقعة الطفّ فما كان رآه أو سمعه لا ينبغي أن يجرّد من الصّحة مرّة واحدة.
ومجمل القول أنّ إبراهيم حمل وهو يرتجز بهذا الرجز :
أقدم الحسين اليوم تلق أحمدا
|
|
ثمّ أباك الطاهر المؤيّدا
|
__________________
والحسن المسموم ذاك الأسعدا
|
|
وذا الجناحين حليف الشهدا
|
وحمزة الليث الكميّ السيّدا
|
|
في جنّة الفردوس فازوا سُعدا
|
وحمل عليهم كالليث الغضبان ، وغاص في أوساطهم فقتل منهم
خمسين رجلاً ، وفي رواية : أربعاً وثمانين من أبطالهم ، قتلهم بالسيف والسنان ، ثمّ ودّع
الوجود الفاني وفاز بالجنان والرضوان ، واستشهد مع الحسين عليهالسلام.
٦
ـ إبراهيم بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام
ذكر أبو الفرج في مقاتل الطالبيّين عن المدائني أنّ
محمّداً بن عليّ بن حمزة قال : قتل يومئذٍ إبراهيم بن عليّ بن أبي طالب وأُمّه أمّ ولد ، وما سمعت بهذا من غيره ولا رأيت لإبراهيم في شيء من كتب الأنساب ذكراً .
وذكر السياق نفسه في « نفس المهموم » ولم يضف شيئاً
زائداً عليه ، ومثله فعل صاحب الناسخ من أنّ محمّد بن عليّ بن حمزة انفرد بذكر الخبر ، والله أعلم.
قوم إذا نودوا لدفع ملمّة
|
|
والقوم بين مدعّس ومكردس
|
لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا
|
|
يتهافتون على ذهاب الأنفس
|
٧ ـ ابن أخى حذيفة بن أُسيد
الغفاري
روى الشيخ الجليل محمّد بن الحسن الصفّار القمّي
المتوفّى بقم سنة مأتين
__________________
وتسعين في بصائر الدرجات بسنده عن
حذيفة بن أُسيد الغفاري
قال : لمّا وادع الحسن معاوية وانصرف إلى المدينة صحبته في منصرفه وكان بين عينيه حمل بعير لا يفارقه حيث توجّه ، فقلت له ذات يوم : جعلت فداك يا أبا محمّد ، هذا الحمل لا يفارقك حيثما توجّهت ! فقال : يا حذيفة ، أتدري ما هو ؟ قلت : لا ، قال :
هذا الديوان ، قلت : ديوان ماذا ؟ قال : ديوان شيعتنا فيه أسمائهم ، قلت : جعلت فداك ، فأرني اسمي ، قال : اغد بالغداة.
قال : فغدوت إليه ومعي ابن أخ لي وكان يقرأ ولم أكن أقرأ
، فقال : ما غدا بك ؟ قلت : الحاجة التي وعدتني ، قال : ومن ذا الفتى معك ؟ قلت : ابن أخٍ لي وهو يقرأ ولست أقرأ ، قال : فقال لي : اجلس ، فجلست ، فقال : علَيّ بالديوان الأوسط ، قال :
فأُتي به ، قال : فنظر الفتى فإذا الأسماء تلوح ، قال : بينهما هو يقرأ إذ قال : هو
ذا يا عمّاه هو ذا اسمي ، قلت : ثكلتك أُمّك ! انظر أين اسمي ، قال : فصفح ثمّ قال : هو
ذا اسمك ، فاستبشرنا واستشهد الفتى مع الحسين بن عليّ عليهماالسلام
.
٨
ـ أربعة من فتيان اليمن
أبو جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبري الآملي وهو من
أجلّ علماء أهل السنّة في القرن الرابع الهجري ذكر في كتابه معجزات الأئمّة وبلغ بالسند إلى جابر ابن عبدالله الأنصاري رضياللهعنه
أنّه قال : بينما أمير المؤمنين جالس على مسند القضاء
__________________
في مسجد الكوفة بعد واقعة صفّين وأمر
الحكمين إذ دخل المسجد أربع فتيان طوال القامة تخالهم نخلات أربعة ، فسلّموا على الإمام أمير المؤمنين ، فألقى عليهم
الإمام نظرة وقال : كأنّكم لستم من أرضنا ؟! فقالوا : أجل ، نحن من أهل اليمن وأقبلنا من جيش معاوية ، فقال الإمام عليهالسلام
: وماذا تصنعون هنا في بلادنا وأنتم من بلاد العدوّ ؟ فقالوا : معاذ الله أن نكون لك عدوّاً مع ما نعلم من أنّ رسول الله استخلفك بحفظ بيضة الدين وكشف الكربات ، والآن وقعنا في مصيبة شديدة وأمر عظيم ، فقال الإمام عليهالسلام
: وما ذاك ؟! فقالوا : لنا أُخت عذراء وفي بطنها جنين يضطرب وهي تقسم لنا أنّ أحداً لم يرفع ذيلها ، فقال الإمام عليهالسلام : وأين هي
الآن ؟ فقالوا : هي عند رحالنا على باب المسجد ، فقال عليهالسلام
: عليَّ بها.
فلمّا وقعت عين الإمام عليها ، قال لها : اقبلي وأدبري
بعشر خطوات ، ففعلت الفتاة ، ثمّ أمر الإمام أن يضرب طنب في المسجد ، وأحضروا قابلة الكوفة وهي امرأة عطّارة تدعى خولة فأمرها بفحص الفتاة وكشف حالها وإخباره بما ترى منها ، وأمر ديناراً الخصيّ وهو ثقة الإمام أن يهتمّ بها ، فأقبلت القابلة بعد
الفحص الشديد على الإمام وهي تقول : الفتاة ما تزال بكراً ويظهر أنّ في أحشائها جنيناً مضطرباً ، فأمرها الإمام أن تجلس الفتاة على كرسيّ مرتفع ، وتضع تحتها طشتاً وتخرج من عندها وتتركها وحدها ، ففعلت القابلة ، وأقبل الإمام على أصحابه يحدّثهم والفتاة تستمع إليه ، فالتفت إلى جانبها وهو يتحدّث ثمّ زعق زعقة هايلة وصاح صيحة مرعبة فاضطربت الفتاة خوفاً من صيحته فافتضّت بكارتها على أثر اضطرابها وألقت كائناً بقدر القطّ من بطنها ، فأمر الإمام عليهالسلام ديناراً
الخصيّ أن يقبل بالطشت ، فلمّا وضعه بين يديه ورأى الناس ذلك الكائن فيه عند ذلك اختلف فيه الأقوال ؛ فغلى بعضهم في الإمام عليهالسلام
، وقال الإمام لإخوان الفتاة : هل كان في بيتكم مستنقع ماءٍ آسن ؟ فأجابوه : نعم ، فقال عليهالسلام
: إنّ فتاتكم هذه استنقعت في تلك
البركة في صغرها ، ونفذت إلى أحشائها
هذه العلقة وإلى رحمها وتغذّت بدمها حتّى بلغت هذا الحجم.
ثمّ أقام هؤلاء الفتيان الأربعة في الكوفة وأعرضوا عن
معاوية وترسّخت عقيدتهم بالإمام وزاد يقينهم به ، زوّجوا أُختهم في الكوفة ، ولازموا الإمام
وأقاموا معه ، وصحبوا الإمام الحسن بعد شهادة أمير المؤمنين عليهالسلام
، ثمّ صحبوا الحسين سيّد الشهداء بعد وفاة الإمام الحسن عليهالسلام
إلى أن استشهدوا معه بأرض كربلاء رضوان الله عليهم .
أقول : في الكتاب المذكور رواية أُخرى تشبه الرواية
المتقدّمة بسنده عن عمّار ابن ياسر ، وقد رواها المجلسيّ في تاسع البحار ونقلها السيّد البحراني في مدينة المعاجز ، وأنا أذكر ملخّصاً لها هنا لمناسبتها للرواية التي سلفت وإن كان موضوعها خارجاً عمّا نحن فيه ، وربّما كانت الروايتان واحدة لشدّة شبه أحدهما بالأُخرى.
عن بصير بن مدرك قال : حدّثني عمّار بن ياسر ذو الفضل
والمآثر ، قال : كنت بين يدي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام
وكان يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت في صفر وإذا بزعقة قد ملأت المسامع وكان عليّ عليهالسلام
على دكّة القضاء ، فقال : يا عمّار ، ائت بذي الفقار ، وكان وزنه سبعة أمنان وثلثا منّ بالمكّيّ ، فجئت
به ، فانتضاه من غمده ـ فصاح من عمده ـ وتركه وقال : يا عمّار ، هذا يوم يكشف
__________________
فيه لأهل الكوفة جميعاً الغمّة ، ليزداد
المؤمن وفاقاً ، والمخالف نفاقاً ، يا عمّار ، ائت بمن على الباب.
قال عمّار : فخرجت وإذا بالباب امرأة في قبّة على جمل
وهي تصبح : يا غياث المستغيثين ويا غاية الطالبين ويا كنز الراغبين ، ويا ذا القوّة المتين ، ويا مطعن
اليتيم ، ويا رازق العديم ، ويا محيي كلّ عظم رميم ، ويا قديماً سبق قدمه كلّ قديم
، ويا عون من لا عون له ، ويا طود من لا طود له ، وكنز من لا كنز له ، إليك توجّهت وإليك توسّلت ، بيّض وجهي وفرّج عليَّ كربي.
قال : وحولها ألف فارس بسيوف مسلولة ، قوم لها وقوم
عليها ، فقلت : أجيبوا أمير المؤمنين عليهالسلام
، فنزلت عن الجمل ونزل القوم معها ودخلوا المسجد ، فوقعت المرأة بين يدي أمير المؤمنين عليهالسلام
وقالت : يا عليّ ، إيّاك قصدت فاكشف ما بي من غمّة إنّك وليّ ذلك والقادر عليه. فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : يا عمّار
، نادِ في الكوفة لينظروا إلى قضاء أمير المؤمنين عليهالسلام.
قال عمّار : فناديت ، فاجتمع الناس حتّى صار القدم عليه
أقدام كثيرة ، ثمّ قام أمير المؤمنين عليهالسلام
وقال : سلوا عمّا بدا لكم يا أهل الشام ، فنهض من بينهم شيخ أشيب عليه بردة أتحميّة وحلّة عدنيّة وعلى رأسه عمامة خزسويّة ، فقال : السلام عليك يا كنز الضعفاء ويا ملجأ اللهفاء ، ويا مولاي ، هذه الجارية ابنتي وما
قرّبتها ببعل قطّ وهي عاتق حامل وقد فضحتني في عشيرتي وأنا معروف بالشدّة والنجدة والبأس والسطوة والشجاعة والبراعة والنزاهة والقناعة ، أنا قلمس بن غفريس ، وليث غسوس ووجهه على الأعداء عبوس ، لا تخمد لي نار ولا يضام لي جار ، عزيز عند العرب ، بأسي ونجدتي وحملاتي وسطواتي ، أنا من أقوام بيت آبائهم بيت مجد في السماء السابعة ، فينا كلّ عبوس لا يرعوي ، وكلّ حجّاج
عن الحرب لا ينتهي ، وقد بقيت يا
عليّ حائر في أمري ، فاكشف هذه الغمّة فهذه عظيمة لا أجد أعظم منها.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام
: ما تقولين يا جارية فيما قال أبوك ؟ قالت : أمّا قوله إنّي عاتق فقد صدق فيما يقول ، وأمّا قوله إنّي حامل فوالله ما أعلم من نفسي خيانة قطّ يا أمير المؤمنين وأنت أعلم به منّي ، وتعلم أنّي ما كذبت فيما قلت ، ففرّج عنّي غمّي يا عالم السرّ وأخفى.
فصعد أمير المؤمنين عليهالسلام
المنبر وقال : الله أكبر (
جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا )
فقال عليهالسلام : عليَّ
بداية الكوفة ، فجائت امرأة يقال لها لبنى وكانت قابلة نساء أهل الكوفة ، فقال : اضربي بينك وبين الناس حجاباً وانظري هذه الجارية أعاتق حامل ؟ ففعلت ما أمرها أمير المؤمنين عليهالسلام وقالت : نعم
يا أمير المؤمنين ، عاتق حامل. فقال : يا أهل الكوفة ، أين الأئمّة الذين ادّعوا
منزلتي ؟ أين من يدّعي في نفسه أنّ له مقام الحقّ فيكشف هذه الغمّة ؟
فقال عمرو بن حريث كالمستهزئ : ما لها غيرك يابن أبي
طالب ، واليوم تثبت لنا إمامتك.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام
لأبي الجارية : يا أبا الغضب ، ألستم من أعمال دمشق ؟ قال : بلى يا أمير المؤمنين. قال : من قرية يقال لها أسعاد طريق بإيناس الجولة ؟ فقال : بلى يا أمير المؤمنين ، قال : هل فيكم من يقدر على قطعة من الثلج ؟ قال أبو الغضب : الثلج في بلادنا كثير ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام : بيننا
وبين بلادكم مائتا فرسخ وخمسون فرسخاً ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين.
قال عمّار رضياللهعنه
: فمدّ عليهالسلام
يده وهو على منبر الكوفة وردّها وفيها قطعة من الثلج
__________________
تقطر ماءاً ثمّ قال لداية الكوفة : ضمّي
هذا الثلج ممّا يلي فرج هذه الجارية ، سترمي علقة وزنها خمس وخمسون درهماً ودانقان.
قال : فأخذتها وخرجت بها من الجامع وجائت بطشت ووضعت
الثلج على الموضع منها ، فرمت علقة كبيرة فوزنتها الداية فوجدتها كما قال عليهالسلام.
وكان قد أمسك المطر عن الكوفة منذ خمس سنين ، فقال أهل
الكوفة : استسق لنا يا أمير المؤمنين ، فأشار بيده قبل السماء فدمدم الجوّ وأسجم وحمل مزناً فسال الغيث ، وأقبلت الداية مع الجارية فوضعت العلقة بين يديه ، فقال : وزنتها ؟! فقالت : نعم يا أمير المؤمنين وهي كما ذكرت ، فقال عليهالسلام
: ( وَإِن كَانَ
مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ )
ثمّ قال : يا أبا الغضب ، خذ ابنتك فوالله ما زنت ولكن دخلت الموضع فدخلت فيها هذه العلقة وهي بنت عشر سنين فربت في بطنها إلى وقتنا هذا ، فنهض أبوها وهو يقول : أشهد أنّك تعلم ما في الأرحام وما في الضمائر .
__________________
٩ ـ إبراهيم بن مسلم بن عقيل
الاختلاف حاصل في إبراهيم وأخيه من عدّة جهات :
الجهة الأُولى : هل هما أولاد مسلم بن عقيل كما ذكر
الصدوق في الأمالي والمشهور على ألسنة الناس ذلك أو هما ولدا عبدالله بن جعفر أو ولدا جعفر نفسه ..
أو هما ولدا عقيل ؟ ونحن نكتفي هنا برواية الصدوق التي رواها في الأمالي عن أبيه ، وأبوه عن عليّ بن إبراهيم بن رجاء ، عن جابر ، عن عثمان بن داود الهاشمي ، عن محمّد بن مسلم ، عن حمران بن أعين ، عن أبي محمّد ، عن شيخ من أهل الكوفة ، قال :
__________________
هرب غلامان لمسلم بن عقيل من عسكر الحسين عليهالسلام وقبض عليهما شرطة
__________________
..........................................
__________________
ابن زياد فاستدعى اللعين سجّانه
وأمره بسجنهما وبالتضييق عليهما ومنعهما من لذيذ الزاد ومريء الماء ، فأطاعه وتركهما في ضيق السجن ، فكانا يصومان في النهار فإذا جنّ عليهما الليل أعطاهما السجّان قرصين من الشعير وكوزاً من الماء فكان إفطارهما على ذلك ، فامتدّ بهما الحبس سنة بأكملها ، فقال أحد الغلامين لأخيه بعد مرور هذه المدّة الطويلة : إنّ حبسنا هنا قد طال وأوشك عمرنا الفاني وجسدنا الواهي على الدثور ، فإذا جاءك هذا السجّان الشيخ فاشكو له حالنا وعرّفه بنسبنا وقربنا من رسول الله صلىاللهعليهوآله
لعلّه يخفّف عنّا.
فلمّا جنّ عليهما الليل أقبل السجّان كعادته بإفطارهما
المعهود ، فقال له الأصغر : أيّها الشيخ ، أتعرف محمّد صلىاللهعليهوآله
؟ فقال : نعم وكيف لا أعرفه وهو نبيّي. فقال : أو تعرف جعفراً بن أبي طالب عليهالسلام
؟ فقال : نعم ذلك هو الرجل الذي أنعم الله عليه بجناحين يطير بهما في الجنّة مع الملائكة. فقال : وعليّ بن أبي طالب هل تعرفه ؟ فقال : كيف لا أعرفه وهو ابن عمّ رسول الله وأخوه. عند ذلك قال : أيّها الشيخ ، نحن عترة نبيّك ، نحن غلامان لمسلم بن عقيل والآن وقعنا في سجنك ، فلا تضيّق علينا واعرف لنا حرمتنا.
فلمّا سمع الشيخ قولهما وقع على أقدامهما يقبّلهما وهو
يقول : بأبي أنتم وأُمّي ، ونفسي لكم الفداء يا أبناء المصطفى وعترته ، هذا باب السجن مفتوح لكم فاذهبا أنّى شئتما.
فلمّا خيّم ظلام الليل على الوجود كلّه أعطاهما قرصين من
الشعير وكوز الماء
__________________
ودلّهما على الطريق وقال لهما : يا
نور عينيّ إنّ لكم عدوّاً كثيراً فلا تأمنوهم ، فسيرا في الليل واكمنا في النهار حتّى يفرّج الله عنكما.
فعمد الطفلان إلى الطريق وسارا فيه حتّى بلغا منزل امرأة
عجوز وإذا بالعجوز واقفة على باب بيتها ، ففرحا برؤيتها لما نالهما من التعب والنصب ، فاقتربا منها وقالا لها : نحن طفلان غريبان لا نهتدي الطريق ، فهل لك في أجر وثواب تؤوينا هذه الليلة عندك فإذا أصبحنا خرجنا ؟ فقالت : يا نور عيني من تكونان ؟ فلقد شممت عطركما فما شممت عطراً مثله ؟ فقالا : نحن عترة رسول الله صلىاللهعليهوآله هربنا من سجن ابن زياد ، فقالت امرأة : يا نور عيني إنّ لي صهراً خبيثاً فاسقاً وكان قد حضر
واقعة كربلاء وأخشى أن يغشى بيتي هذه الليلة ويراكما عندي ويؤذيكما ، فقالا : الليل مظلم وقد أظلّنا ولعلّه لا يأتي هذه الليلة ونحن خارجان عند الصبح من هنا ، فأنزلتهما في بيتها وأطعمتهما فأكلا الطعام واضطجعا في بيتها.
وفي رواية أُخرى أنّهما قالا : لا حاجة لنا بالطعام
ونريد الصلاة ونقضي منها ما فات ، ثمّ صلّيا وبعد ذلك رقدا في مكان أعدته لهما العجوز ، فقال الأصغر لأخيه الأكبر : أيّها الأخ ، لعلّ هذه الليلة هي ليلة الراحة لنا ، وليلة الأمن والدعة ،
فهلمّ للعناق وليشمّ أحدنا طيب الآخر قبل أن يفرق بيننا الموت ، فاعتنقا. فلمّا مضى هزيع من الليل وإذا بصهر العجوز قد أقبل إلى بيتها.
وفي رواية حسين الكاشفي في روضة الشهداء : إنّ زوج هذه المرأة طرق الباب بشدّة ، فقالت له المرأة : أين كنت في هذا الوقت من الليل ؟ فقال لها : أعياني
الكلال ، فلقد هرب من سجن ابن زياد ولدان لمسلم ونادى منادي ابن زياد : من جاء بهما فله ألفا دينار ذهباً جائزة ، وأنا اليوم فليت الصحراء أبحث عنهما حتّى
__________________
أعيت فرسي ونفقت وجئتك تعباً جائعاً
ظمآن ، لم يبق من نفسي إلّا رمق أو رمقان حتّى أوصلت نفسي إليك.
فقالت العجوز : اتّق الله يا رجل ولا تؤذي ذرّيّة رسول
الله صلىاللهعليهوآله
فإنّ النبيّ خصمك يوم القيامة.
فقال : من يقدر على تضييع الجائزة والتفريط بألفي دينار.
فقالت : ما أهونها ، ولو أُعطيت الدنيا برمّتها ما كنت صانعاً بها ، فكان قولها للرجل كالماء في
الغربال أو الريح في الشباك لم يؤثّر فيه أبداً ، ثمّ قال لها : ما لي أراك تناصرتيهما
فكأنّك على علم بمكانهما ، قومي معي إلى عبيدالله لأنّه يطلبك.
فقالت المرأة : أما تخشى الله أو تستحي منه ، ما أنا
وعبيدالله بن زياد ؟ وهل أنا إلّا عجوز طاعنة في السنّ ، قضيت عمري في هذه القفار الموحشة.
فقال الحارث : إذن قومي واصنعي لي طعاماً لكي أتعشّى
وأنام ، فإذا أصبحنا جدّدت الطلب ، فقامت العجوز متهالكة حتّى أحضرت له طعامه فأكل ثمّ أخلد إلى الوسادة ونام ولكن ولدي مسلم استيقظ محمّد وهو الأصغر ونادى إبراهيم أخاه : لا تنم يا أخي فإنّنا قتيلان لأنّي رأيت الساعة في نومي رسول الله وعليّاً المرتضى وفاطمة الزهراء والحسنين وهم يمرّون إلى الجنّة فرآنا رسول الله على بعد فأقبل على أبينا مسلم وقال : كيف أطاعك قلبك على ترك هذه الطفلين عند العدوّ وأتيتنا ؟ فقال مسلم : سيلحقان بنا قريباً وغداً يكونان معنا. فقال إبراهيم
: والله لقد رأيت ما رأيت بلا زيادة ولا نقصان ، فتركا العناق وأقبلا يبكيان. فأيقظ لبكائهما الحارث ورفع رأسه من الوسادة ونادى العجوز : ما هذا العويل في بيتنا ؟ فقالت : بل هو عند جيراننا.
فاعترى الحارث الشكّ وطلب منها الضوء ، فماطلته ، وقام
الخبيث ووضع يده على الجدار وسار هكذا حتّى بلغ مكانهما وسألهما : من تكونان ؟ فقالا له : وأنت
من تكون ؟! فقال : أنا ربّ هذا البيت
، فمن أنتما ؟ وماذا تفعلان هنا ؟ فقالا : أيّها الشيخ ، إن أخبرناك فنحن في أمان ؟! فقال : نعم ، قالا : في أمان الله ورسوله ؟
قال : نعم أنتما في أمان الله ورسوله ، فقالا : إنّ الله ورسوله شاهدان على ما نقول ؟
فقال : نعم ، فقالا : نحن عترة رسول الله صلىاللهعليهوآله
وطفلان لمسلم بن عقيل ، فررنا من سجن عبيدالله وهذه الليلة نحن ضيفاك. فقال اللعين بقلب أقسى من الحجر الصلد : لقد فررتما من الموت ووقعتما عليه ، الحمد لله الذي أظفرني بكما ، لقد فليت نواحي البلد والصحراء فلياً ونفقت فرسي وأنتما تقيمان في بيتي وتنامان بأمن ودعة فيه ، ثمّ ضربهما على رأسيهما وأوثقهما كتافاً وألقاهما في مكان مظلم من البيت وأحكم إغلاق الباب.
فأسرعت المرأة إليه وشفعت فيهما وقبّلت يده ورأسه
وخوّفته من الله ورسوله ، وأطمعته بالأجر والثواب ولكنّه لم يصغ لقولها فكأنّه الماء في الغربال ، ولمّا أصبح الصباح أفرغ عليه لامة حربة وأخذ طفلي مسلم معه وذهب باتجاه النهر ليضرب عنقيهما ، وكانت المرأة تعدو خلفه وهي صارخة ، فإذا دنت منه حمل عليها بالسيف فتراجعت عنه ، وهكذا حتّى بلغ النهر فترجّل واستدعى غلامه.
أقول : اختلفوا في هذا الموضع فقال قوم : إنّ غلامه
وولده ما أطاعا أمره ولكن ألقيا بنفسيهما في الفرات خوفاً منه ، وخرجا إلى الضفة الأُخرى. وقال بعضهم : بل قتلهما الحارث كليهما ، وأنا
أنقل عبارة الناسخ بنصّها وأكتفي بها :
فقال الحارث لغلامه : خذ السيف واضرب عنق الغلامين ، فقال
العبد : أنا أستحي من المصطفى أن أقتل طفلين من عترته لا ذنب لهما ولن أفعل ذلك أبداً. فقال الحارث : إنّي أقتلك ، وصاح به فعلم المولى أنّ الله لم يدع في قلبه شيئاً من
__________________
الرأفة أو الرحمة أو الصفح ، وأنّه
قاتله لا محالة ، فاعتنق الحارث وألقى الحارث بنفسه على الغلام فأراد الغلام سلّ سيفه فأسرع الحارث وضرب المولى على يده فأبانها ووصلت زوجته وولده إليه وهما على هذه الحالة.
فأسرع الولد وأمسك المولى من خصره وقال : يا أبتاه ، هذا
المولى أخي من الرضاع وهو متبنّي أُمّي ، مالك وله ؟ فلم يجبه وضرب الغلام بالسيف حتّى قتله وقال لولده : عجّل وانحر الولدين ، فقال ابنه : لا أفعل لأنّهما أهل بيت رسول الله
ولا أدعك تفعل ذلك ، وكانت امرأته تعول وتبكي وتقول : لماذا تقتل هذين الولدين البريئين ؟ ما الضرر في أخذهما حيّين إلى ابن زياد لترى ما يصنع بهما ؟ فقال اللعين : إنّ لهما أنصاراً في الحيّ وأخشى أن يسلبوهما منّي ويحرموني من جائزة ابن زياد ، وسلّ سيفه وأقبل على الولدين ، فركضت المرأة أمامه وتعلّق به وقالت : اتّق الله واحذره يوم الجزاء ، ما هذا العمل القبيح الذي تفعله الآن ؟ فغضب الحارث وضرب المرأة حتّى جرحها جرحاً منكراً ، فأسرع الفتى لئلّا يعجّل على أُمّه بضربة ثانية ، وقضي عليها ، وقبض على يده وقال له : يا أبتى ، عُد
إلى صوابك ، إنّك جننت فما تعرف قريباً من بعيد ولا عدوّاً من صديق ، واستبدّ بالحارث الغضب وضرب ولده أيضاً بسيفه فقضى عليه ، وحمل على ابني مسلم كالذئب المسعور ، فما عطفه عليهما بكائهما ولا تضرّعهما.
وفي رواية أُخرى أنّ الغلامين قالا له : خذنا حيّين إلى
ابن زياد يعمل بنا ما يشاء ، فقال اللعين : وهذا لا يكون أبداً ، فقالا : نحن نقرّ لك بالعبوديّة فبعنا
وانتفع بثمننا
، فقال : وهذا لا يكون أصلاً ، فقالا له : احفظ قرابتنا من رسول الله ، فقال :
__________________
ما بينكم وبين رسول الله قرابة ، فقالا
: ارحم صغرنا ، فقال : ما وضع الله رحمة في قلبي وإنّي بقتلكما أتقرّب إلى الأمير عبيدالله ، فقالا : الآن حين عزمت على قتلنا
فأمهلنا نصلّي ، فقال صلّيا إن نفعتكما صلاتكما ، فصلّى الغلامان ركعتين وبسطا أيديهما بالدعاء ودعوا الله قائلين : يا عدل ، يا حكيم ، يا أحكم الحاكمين احكم بيننا وبينه بالحقّ.
وفي رواية الناسخ : لم يمهلهما يصلّيان ، وكان كلّما قبض
على واحد منهما سعى الآخر إليه وقال : اقتلني فإنّي لا أستطيع رؤية أخي ذبيحاً ، فبدأ الحارث بمحمّد فأبان رأسه عن جسمه ورماه على التراب وألقى جسده في النهر ، فأسرع إبراهيم إلى رأس أخيه ووضعه في حجره وراح يعول عليه ، فانتزع الحارث رأس محمّد منه وضربه فقتله وألقى جسده في الماء.
وفي رواية أُخرى : إنّ إبراهيم ألقى بنفسه على جسد أخيه
محمّد وتمرّغ بدمه وقال : هكذا ألقى رسول الله ، فأراد الحارث فصله عن جسد أخيه فما استطاع فضربه ضربة أبان رأسه بها من القفا ووضع الرأسين في المخلاة وأقبل ينحو قصر الإمارة ، ووضع الرأسين بين يدي ابن زياد ، فقال ابن زياد : ما هذا ؟ قال : رأسا عدوّيك قتلتهما وأقبلت برأسيهما إليك لتنعم عليّ بالعطاء الموعود وتفي به ، فقال ابن زياد : وأيّ عدوّ هذا ؟ قال : غلامان لمسلم بن عقيل ، فقام ابن زياد من مجلسه ثلاث مرّات وأمر بغسل الرأسين ووضعهما أمامه في طبق ثمّ أقبل على الحارث وقال : أما خفت الله قتلت طفلين لا ذنب لهما ؟ بينما كنت أنا قد كتبت إلى يزيد بأنّي أسرت طفلين لمسلم وهما عندي فمرني بأمرك بشأنهما ؛ إن شئت بعثت بهما حيّين فماذا لو أمرني بإرسالهما على قيد الحياة فما كنت فاعلاً ؟ لماذا لم تأت بهما حيّين إليّ ؟
قال الحارث : خفت من الناس أن ينتزعوهما من يدي وأخسر
صفقة الأمير ،
فقال ابن زياد : كنت قادراً على
حفظهما عندك وإخباري بأمرهما لأرسل من يقبضهما منك ويخفيهما عن عيون الناس حتّى يوصلهما إليّ ، فأُلقم الحارث حجراً وبقي ساكتاً.
فقال ابن زياد : وأين عثرت عليهما ؟ قال : في بيتي
أخفتهما عجوز عندي ، فقال ابن زياد : تبّاً لك خفرت ذمّة الضيف ، فقال الحارث : كلّا ، فقال ابن زياد :
ماذا قالا لك حين عزمت على قتلهما ، فأخبره بما قالا إلى أن استمهلاني حتّى يصلّيا ركعتين ، ولمّا فرغا رفعا رؤوسهما إلى السماء وقالا : يا عدل يا حكيم يا أحكم الحاكمين ، احكم بيني وبين من ظلمني. فقال ابن زياد : لقد حكم الله بينكما.
ثمّ أقبل ابن زياد على غلام له يُدعى مقاتل وقيل نادر ، وقال
بعضهم : بل كان من ندمان عبيدالله ، وكان ابن زياد يعرفه بحبّ أهل البيت عليهمالسلام ولكنّه
لمّا كانت سيرته حسنة وكان من أهل الخير والصلاح لم يتشدّد عليه ابن زياد ، وقال له : إنّ الحارث قتل ابني مسلم بدون إذني فخذه إليك وغُلّ يديه من خلفه ثمّ خذه إلى مكان قتل الطفلين واقتله بأيّ نحو شئت ولا تترك دمه يمازج دمائهما ، وخُذ سلبه إليك وهذه عشرة آلاف درهم أُجيزك بها وأنت حرّ لوجه الله ، وآتني برأس عدوّ الله هذا وارم برأسي الطفلين هناك حيث رمى بجسديهما.
فسرّ مقاتل من ذلك سروراً عظيماً وقال : لو أعطاني ابن
زياد سرير الملك لما اغتبطت هذه الغبطة ، وأمر عندئذ بغلّ يديه إلى عنقه ، وانتزع عمامته من رأسه ، وأخذ به على سوق الكوفة ومرّ به من هناك وكان قد أخرج رأسي الطفلين يريهما للناس ويخبرهم بما صنع الحارث وهم يلعنونه ويبكون ، ولمّا بلغوا المكان وجدوا فتى قتيلاً وغلاماً غارقاً بدمائه ، وامرأة مجروحة جرحاً بليغاً ، ولمّا علم
بما جرى لهم عجب من خبث الحارث وقسوته ، عند ذلك أقبل الحارث على مقاتل ،
فقال : أطلق سراحي لأتواري وأنا
أعطيك عشرة آلاف دينار في مقابل ذلك ، فقال مقاتل : لو أعطيتني الدنيا جميعاً ما تركتك لأنّي أرجو النعيم بقتلي إيّاك.
ولمّا وقعت عين مقاتل على مكان مقتل الطفلين وعلى
دمائهما بكى بكاءاً شديداً وتمرّغ بدمائهما ثمّ عمد إلى الحارث فقطع يديه ثمّ ثنّى برجليه ثمّ قلع عينيه ثمّ خرق بطنه ووضع داخلها ما أبانه من جسده وربط به صخرة ثمّ رماه في النهر فلم يقبله الماء ، ورماه إلى الساحل ، فوضعوه في بئر وطمّوها بالحجارة والصخر والتراب ثلاث مرّات فكانت الأرض تلفظه ، عند ذلك أحرقه وصيّره رماداً ثمّ ذرّاه في الريح ، ولمّا رموا بالرأسين في الماء خرج الجسدان وأخذ كلّ جسد رأسه واعتنق أحدهما الآخر وغاصا في الماء .
كأنّ رسول الله من حكم شرعه
|
|
على أهله أن يُقتّلوا أو يُصلَّبوا
|
أبادوهم قتلاً وأسراً ومثلة
|
|
كأنّ رسول الله ليس لهم أب
|
وفي كلّ نجد والبلاد وحاجر
|
|
لهم قمرٌ يهوي وشمس تغيّب
|
كأن لم يكن هدي النبيّ هداهم
|
|
ولا حبّهم فرض من الله يوجب
|
__________________
١٠
ـ الأدهم بن أُميّة العبدي
ذكر السماوي في إبصار العين والمامقاني في رجاله
والعاملي في أعيان الشيعة أنّ الأدهم من شيعة البصرة وأبوه أبو أُميّة من الصحابة وكان يسكن البصرة وأولاده هناك ومنهم أدهم صاحب الترجمة.
قال الإمام ... : كان شيعة البصرة وفيهم أدهم يجتمعون في
بيت مارية بنت منقذ العبدي وكان بيتها مألفاً للشيعة يجتمعون ليلاً عندها لأنّ هذه المرأة كانت من الشيعة وقد ذكرتها في كتابي « رياحين الشريعة في ترجمة نساء الشيعة ».
وصفوة القول أنّ ابن زياد لمّا علم خروج الحسين عليهالسلام أمر عامله
بوضع العيون والمراصد والجواسيس في جميع المسالك لئلّا يخرج أحد من البصرة لنصرة الحسين عليهالسلام.
فاجتمع في بيت مارية ذات ليلة يزيد بن ثبيت وأولاده العشر وأدهم ابن أُميّة واتّعدوا على الخروج من البصرة لنصرة الحسين عليهالسلام ، وأقبل
يزيد بن ثبيت على أولاده وقال لهم : ماذا ترون أنتم ؟ فأجابه اثنان منهم عبدالله وعبيدالله
وخرجوا مع أدهم بن أُميّة يتنكّبون الطريق حتّى وصلوا إلى الحسين عليهالسلام.
وروى عن الحدائق الورديّة أن أدهم استشهد يوم عاشوراء في
الحملة الأُولى رضياللهعنه.
١١
ـ أبو الحتوف بن الحارث
أبو الحتوف بن الحارث ، وقيل : الحرث بن سلمة الأنصاري
الخزرجي العجلاني .
__________________
ذكر في الكنى والألقاب والمامقاني في رجاله وصاحب أعيان
الشيعة عن الحدائق الورديّة في أئمّة الزيديّة أنّ أبا الحتوف وأخاه سعد بن الحارث كانا على مذهب الخوارج وحضرا مع ابن سعد لحرب الحسين ، فلمّا كان اليوم العاشر وقتل أصحاب الحسين عليهالسلام
وجعل الحسين ينادي : ألا ناصر فينصرنا ؟! فسمعته النساء والأطفال فتصارخن.
وسمع سعد وأخوه أبو الحتوف النداء من الحسين والصراخ من
عياله ، قالا : إنّا نقول : لا حكم إلّا لله ولا طاعة لمن عصاه ، وهذا الحسين ابن بنت نبيّنا محمّد ونحن نرجو شفاعة جدّه يوم القيامة فكيف نقاتله وهو بهذا الحال لا ناصر له ولا معين ؟! فمالا بسيفهما مع الحسين عليهالسلام
على أعدائه وجعلا يقاتلان قريباً منه حتّى قتلا جمعاً وجرحا آخرين ثمّ قُتلا معاً في مكان واحد وختم لهما بالسعادة الأبديّة بعد ما كانا من المحكّمة وإنّما الأُمور بخواتيمها .
١٢
ـ أبو الشعثاء الكندي
اسمه يزيد بن زياد. قال في نفس المهموم : قال أبو مخنف
لوط بن يحيى الأزدي : إنّ أبا الشعثاء من بني بهدلة
جثى على ركبتيه بين يدي الحسين عليهالسلام
فرمى بمائة سهم ما سقط منها خمسة أسهم ، وكان كلّما رمى قال : أنا ابن بهدلة فرسان المرجلة ، ويقول الحسين : اللهمّ سدّد رميته واجعل ثوابه الجنّة. (قال الفضل بن خديج : قتل بها خمسة) وكان رجزه يومئذٍ :
__________________
أنا يزيد وأبي مهاجر
|
|
أشجع من ليث بغيل خادر
|
(والطعن عندي للطغاة حاضر
|
|
يا ربّ إنّي للحسين ناصر
|
ولابن سعد تارك وهاجر
|
|
(وفي يميني صارم بواتر)
|
وذكر ابن شهر آشوب المصرع الثاني هكذا :
* ليث هصور في العرين خادر *
ويقول في منتهى الآمال : وذلك أوقع في النفس بلحاظ أنّ
مهاصر تناسب هصور وتعني صفة من صفات الأسد أي أنّه كالأسد .
أقول : وهذا معارض بما ذكره المجلسي في عاشر البحار عن
أبي مخنف : فلم يزالوا يتسايرون كذلك حتّى انتهوا إلى نينوى بالمكان الذي نزل به الحسين عليهالسلام
فإذا راكب على نجيب له عليه سلاح متنكّب قوساً مقبلاً من الكوفة ، فوقفوا جميعاً ينتظرون ، فلمّا انتهى إليهم سلّم على الحرّ وأصحابه ولم يسلّم على الحسين وأصحابه ودفع إلى الحرّ كتاباً من عبيدالله بن زياد لعنه الله فإذا فيه : أمّا
بعد ، فجعجع بالحسين حين بلغك كتابي هذا ويقدم عليك رسولي ولا تنزله إلّا بالعراء من غير خضر وعلى غير ماء ، وقد أمرت أن يلزمك ولا يفارقك حتّى تأتيني بإنفاذك أمري ، والسلام.
فنظر يزيد بن المهاجر الكندي ـ وكان مع الحسين عليهالسلام ـ إلى رسول
ابن زياد فعرفه ، فقال له : (ألست مالكاً بن اليسر ؟ قال : نعم) ثكلتك أُمّك ماذا جئت فيه ؟
__________________
قال أطعت إمامي ووفّيت ببيعتي. فقال
له ابن مهاجر : بل عصيت ربّك وأطعت إمامك في هلاك نفسك وكسبت العار والنار وبئس الإمام إمامك ، قال الله عزّ وجلّ : ( وَجَعَلْنَاهُمْ
أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنْصَرُونَ )
فإمامك منهم .
وهذه العبارة تدلّ بصراحة على أنّ أبا الشعثاء كان مع
الحسين عليهالسلام
قبل الواقعة ، ولا يمكن غير ذلك ، لأنّ أبا الشعثاء مع كونه بطلاً ورامياً حاذقاً فهو عالم
ومحدّث كما نقل في منتهى الآمال ذلك من كتاب القاموس .. .
وصرّح العلّامة السماوي بهذا أيضاً في إبصار العين ، فقال
: كان يزيد رجلاً شريفاً شجاعاً فاتكاً ، خرج إلى الحسين من الكوفة من قبل أن يتّصل به الحر .
إلى أن يقول : ثمّ سلّ سيفه وحمل على الأعداء حتّى عقروا
به فرسه وعند ذلك جثى بين يدي الحسين على ركبتيه ورمى بمائة سهم نحو العدو ما سقط منها خمسة .. .
وذكره الصدوق وابن طاووس وجاء في زيارة الناحية المقدّسة
السلام على يزيد بن زياد بن المهاجر الكندي ، وذكر الكميت الشاعر في قصيدته فقال :
ومال أبو الشعثاء أشعث رامياً
|
|
وإنّ أبا حجل قتيل مرمّل
|
__________________
وفي شرح قصيدة أبي فراس : قتل يزيد بن المهاجر نيّفاً
وأربعين رجلاً ثمّ استشهد ، ولقد أجاد الشاعر المفلق الشيخ علي بن الشيخ جعفر :
ولله أقوام فدته نفوسهم
|
|
فكان لهم عزّ على الدهر خالد
|
كأنّهم والخيل تعثر بالقنا
|
|
أُسودٌ رعت أشبالها وأساود
|
بهاليل منّاعون للضيم أحسنوا
|
|
بلائهم في الله عزّ أماجد
|
وفرسان موت مقدمون كأنّما
|
|
قفاها لآجال الرجال مقاود
|
وما كلّ مفتول الذراعين باسل
|
|
ولا كلّ سام في السماء فراقد
|
فوا لهفتاكم من نفوس كريمة
|
|
إليها وإلّا ليس تنمى المحامد
|
توفّوا عطاشا بالعراء كأنّما
|
|
لهم في المنايا في الطفوف مواعد
|
١٣ ـ أحمد بن الحسن عليهمالسلام
يقول المامقاني في آخر باب أحمد : ختامه مسك ، سقط من
القلم ترجمة اثنين من شهداء الطفّ ثمّ ذكر اثنين أحدهما أحمد بن الحسن والآخر أحمد بن محمّد ابن عقيل بن أبي طالب ، يقول :
أحمد بن الحسن بن أمير المؤمنين أُمّه أُمّ بشر بنت أبي
مسعود الأنصاري ، جاء مع عمّه الحسين وأخيه القاسم وأُختين لهما أُمّ الحسن وأُمّ الخير من المدينة إلى مكّة ومن مكّة إلى كربلاء ، وعمره يومئذٍ ستّة عشر عاماً وقاتل القوم يوم عاشوراء فقتل منهم ثمانين رجلاً حتّى أثخنته الجراح واستشهد عليهالسلام.
وساق ابن قتيبة في المعارف وصاحب تاريخ الخميس خبره على
هذا المنوال .
__________________
وقال أبو مخنف في مقتله : ولمّا نادى الحسين : واغربتاه !
مستغيثاً ، خرج إليه من الخيمة غلامان كأنّههما قمران أحدهما اسمه أحمد والآخر اسمه القاسم .. الخ.
وقال في نواسخ التواريخ : وحمل أحمد بن الحسين على ميدان
القتال وكان معروفاً بشجاعة القلب وسماحة الطبع وصباحة الطلعة وكان داهية الدهر وحادثة العصر ، ولم يتخطّ العقد السادس عشر من عمره ، فهجم عليهم كالليث الجريح وهو يرتجز ويقول :
إنّي أنا نجل الإمام بن علي
|
|
أضربكم بالسيف حتّى يفلل
|
نحن وبيت الله أولى بالنبي
|
|
أطعنكم بالرمح وسط القسطل
|
وسلّ سيفه كشعلة نار ، وعرض رمحه بسنان كلسان الشهاب ، وقلّب
الميمنة على الميسرة والميسرة على الميمنة فقتل في حملته ثمانين فارساً وعاد للإمام يشكو العطش وقد غارت عيناه من شدّته ، وصاح بأعلى صوته : يا عمّاه ، هل من شربة ماء أبرد بها كبدي وأتقوّى بها على أعداء الله ورسوله ؟! فقال الحسين عليهالسلام : يابن الأخ ، اصبر قليلاً حتّى تلقى جدّك رسول الله صلىاللهعليهوآله
فيسقيك شربة من الماء لا تظمأ بعدها أبداً ، فلمّا سمع أحمد قوله أقبل على ميدان القتال وهو يرتجز :
اصبر قليلاً فالمنى بعد العطش
|
|
فإنّ روحي في الجهاد تنكمش
|
لا أرهب الموت إذا الموت وحش
|
|
ولم أكن عند اللقاء ذا رعش
|
وحمل عليهم حملة منكرة وقتل منهم خمسين رجلاً آخرين ، ثمّ
أنشأ يقول :
إليكم من بني المختار ضرباً
|
|
يشيب لهوله رأس الرضيع
|
يبيد معاشر الكفّار جمعاً
|
|
بكلّ مهنّد عضب قطيع
|
وقتل في هذه الحملة ستّين فارساً ثمّ استشهد عليهالسلام ، فكان
مجموع من قتلهم بسيفه مائة وتسعين رجلاً.
جادوا بأنفسهم في حبّ سيّدهم
|
|
والجود بالنفس أقصى غاية الجود
|
١٤
ـ أحمد بن محمّد بن عقيل
يقول في ناسخ التواريخ : وخرج أحمد إلى ميدان القتال
كأنّه الليث الغضبان وهو يرتجز ويقول :
اليوم أتلو حسبي وديني
|
|
بصارم تحمله يميني
|
أحمي به عن سيّدي وديني
|
|
ابن عليّ طاهر أمين
|
ووضع فيهم السيف والسنان وقاتل حتّى قتل ثمانين رجلاً من
أهل الكوفة ثمّ قتل عليهالسلام.
وقال في أعيان الشيعة : لم يذكر أصحاب المقاتل أحمد بن
محمّد بن عقيل
والذي ذكره ابن شهر آشوب : أحمد بن محمّد الهاشمي لا يمكن حمله على أحمد بن محمّد بن عقيل ، والله العالم.
١٥
ـ أسد الكلبي
قال أبو مخنف : جعل الحسين ينظر يميناً وشمالاً فلم ير
أحداً من أنصاره إلّا من صافح التراب جبينه ، ومن قطع الحمام أنينه ، فنادى عليهالسلام : يا مسلم
بن عقيل ، ويا هاني بن عروة ، ويا حبيب بن مظاهر ، ويا زهير بن القين ، ويا يزيد بن
__________________
(مصاهر) ، ويا يحيى بن كثير ، ويا
نافع بن هلال الجملي ، ويا إبراهيم بن الحصين ، ويا عمرو بن المطاع ، ويا أسد الكلبي ، ويا عبدالله بن عوسجة ، ويا داود ابن الطرمّاح ، ويا حرّ الرياحي ، ويا أبطال الصفا ويا فرسان الهيجاء ، ما لي
أُناديكم فلا تجيبون ، وأدعوكم فلا تسمعون ، أنتم نيام أرجوكم تنتبهون ، أم حالت موتتكم عن إمامكم فلا تنصرونه ، فهذه نساء الرسول قد علاهنّ النحول ، فقوموا عن نومتكم أيّها الكرام وادفعوا عن حرم الرسول الطغاة اللئام ، ولكن صرعكم والله ريب المنون ، وغدر بكم الدهر الخؤون ، وإلّا لما كنتم عن دعوتي تقصرون ، ولا عن نصرتي تحجبون ، فها نحن عليكم مفتجعون ، ونحن بكم لاحقون ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
نقل أبو مخنف هنا أسماء خمسة عشر رجلاً من أصحابه سمّاهم
الحسين عليهالسلام
منهم « أسد الكلبي » ولا يوجد له اسم في غيره من كتب الرجال ولا علامة تدلّ عليه إلّا الفاضل القزويني في رياض الشهادة فقد ذكر من اسمه « أسد » في الشهداء ، ونقل عنه « مصاف غريبي » وهو مستبعد .
وفي موضع آخر سمّاه أسد ابن أبي دجانة ، والله العالم ، ولم أعثر عليه في مكان آخر ، وليس في كتب الرجال لغير أبي دجانة الأنصاري ذكر لأبي دجانة آخر وهو ليس من قبيلة كلب وترجمته في التاريخ وكتب الرجال معروفة حيث استشهد في حرب أُحد أو في قتال مسيلمة الكذّاب ، ولا يعرف له ولد اسمه أسد ...
١٦
ـ أسلم بن عمرو
قال المامقاني : هو مولى الحسين عليهالسلام اشتراه بعد
وفاة أخيه الحسن وأهداه إلى
__________________
ولده زين العابدين ، وكان غلاماً
تركيّاً ، وكتب للحسين عليهالسلام
، ولمّا خرج الحسين إلى مكّة خرج أسلم معه ولزم ركابه ونزل في كربلاء ، ولمّا استقرّت الحرب يوم عاشوراء استأذن الحسين في القتال فأذن له ، وهجم على العدوّ كالليث الغضبان وهو يرتجز ويقول :
البحر من طعني وضربي يصطلي
|
|
والجوّ من سهمي ونبلي يمتلي
|
إذا حسامي في يميني ينجلي
|
|
ينشقّ قلب الحاسد المبنحلي
|
وجاء في بحر اللئالي وروضة الأحباب : لمّا استأذن هذا
المولى من الإمام الحسين عليهالسلام
، قال له الإمام : استأذن من ولدي السجّاد ، فاستأذنه هذا الغلام التركي وودّع الأهل والحرم ثمّ حمل عليهم مجرّداً سيفه وقتل منهم سبعين شخصاً ، ولمّا علم الإمام السجّاد أنّ مولاه مقبل على الحرب والضرب ، أراد أن يستطلع حاله ويرى قتاله ، فأمر برفع سجف الخيمة ، وعاد الغلام بعد طول الجهاد ومشقّة الجلاد إلى الإمام السجّاد وودّع السيّد الإمام وعاد إلى القتال ثانية ، وفي هذه
المرّة هوت به جراحه الكثيرة وعطشه الشديد على التراب .. فأجرى الإمام الحسين فرسه ملأ فروجه واقبل كالصقر المنقضّ ، ونزل من ظهر جواده وبكى عليه ووضع خدّه الميمون على خدّ الغلام ، وكان في السياق ، ففتح عينيه ورأى الحسين إلى جانبه فتبسّم في وجهه وفاضت نفسه الشريفة صلّى الله عليه ولعن قاتليه.
وذكره الكنجي الشافعي وأبو نعيم الاصفهاني في حلية
الأولياء.
وفي نفس المهموم أنّ هذا الغلام التركي كان مقرئاً
للقرآن تالياً له رضياللهعنه.
سقى الله أرواح الذين تئآزروا
|
|
على نصره سقيا من الغيث دائمه
|
وقفت على أطلالهم ومحالهم
|
|
فكادهم الحشا ينقضّ والعين ساجمه
|
لعمري لقد كانوا سراعاً إلى الوغى
|
|
مصاليت في الهيجا حماة ضراغمه
|
فإن يقتلوا في كلّ نفس نقيّة
|
|
على الأرض قد أضحت لذلك واجمه
|
وما أن رأى الراؤون أفضل منهم
|
|
لدى الموت سادات وزُهر قماقمه
|
١٧ ـ أسلم بن كثير الأزدي
ولا يخفى أنّ عبارة ابن طاووس في الإقبال كما يلي عندما
يروي زيارة الناحية : « السلام على أسلم بن كثير الأزدي الأعرج ».
وفي كتب الرجال وأصحاب المقاتل يذكرون مكان « أسلم » ، مسلم
بن كثير الأزدي الأعرج ، ثمّ لا يذكرون له ترجمة وحتّى إشارة ، ولم يذكره صاحب ذخيرة الدارين في شرحه للزيارة ، وقد ذكر أسماء الشهداء فيها وشيئاً من ترجمتهم ، ولم يرو شيئاً عن أسلم فلذلك ينبغي أن يكون اسمه مسلماً لا أسلماً ، والله العالم.
وفي الرجال الكبير يقول الأسترآبادي : مسلم بن كثير
الأزدي من أصحاب الحسين ، قُتل معه بكربلاء ، ومثل هذا قاله أبو علي في رجاله ، وكذلك الشيخ الطوسي قال مثل ذلك في رجاله.
وقال المامقاني في رجاله : أصابه سهم في حرب الجمل برجله
، فأُصيب بالعرج على أثر ذلك ، وادرك صحبة النبي صلىاللهعليهوآله.
ويقول العسقلاني في الإصابة : مسلم بن كثير بن قليب
الصدفي الأزدي الأعرج الكوفي ، له إدراك للنبي صلىاللهعليهوآله
، وحضر فتح مصر.
ويقول أحمد بن داود الدينوري في الأخبار الطوال : رماه
عمرو بن ضبّة يوم الجمل بسهم في رجله فجرحه وأُصيب بالعرج على أثرها.
وذكره الطبري وابن شهر آشوب وقال : استشهد في الحملة
الأُولى.
١٨
ـ أُميّة بن سعد الطائي
قال المامقاني : أُميّة بن سعد بن زيد الطائي. قال علماء
السير والمقاتل : إنّه كان فارساً شجاعاً تابعيّاً من أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام
، نازلاً في الكوفة ، له ذكر في المغازي والحروب خصوصاً يوم صفّين ، فلمّا سمع بقدوم الحسين عليهالسلام إلى كربلاء خرج من الكوفة مع من خرج أيّام المهادنة حتّى جاء إلى الحسين ليلة الثامن من المحرّم وكان ملازماً له إلى يوم العاشر ، فلمّا نشب القتال تقدّم بين
يدي الحسين فقتل في الحملة الأُولى.
وذكره العلّامة السماوي في إبصار العين وصاحب ذخيرة
الدارين وصاحب الحدائق بهذا السياق ، ولكن صاحب الأعيان قال : لم أعثر في كتب السير على ذكر لأُميّة بن سعد الطائي.
أقول : عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود ، ويكفي
وروده في الحدائق الورديّة.
١٩
ـ أُمّ وهب
يأتي ذكرها في ترجمة ولدها وهب مع أنّي ذكرتها في كتاب «
رياحين الشريعة » في ترجمة نساء الشيعة.
٢٠
ـ أنس بن الحرث الكاهلي
في زيارة الناحية : « السلام على أنس بن الحرث الكاهلي
.. الأسدي ».
__________________
كتب أبو مخنف يقول : إنّ الإمام الحسين عليهالسلام بعث أنس بن
الحرث الكاهلي إلى عمر بن سعد ليستطلع رأيه وأمره بنصحه وموعظته ، وقال له : ذلك لإتمام الحجّة لأنّي أعلم أنّ القوم لا يرتدعون. فأقبل أنس حتّى دخل على ابن سعد ولم يسلّم عليه ، فقال ابن سعد : يا أخا كاهل ، ما لك لا تسلّم عليَّ سلام المسلم على المسلم فإنّي لم أُشرك بالله طرفة عين ولا أتيت ببدعة ولم أنكر رسالة محمّد صلىاللهعليهوآله
! فقال أنس : كيف عرفت الله وأدّيت حقّ رسوله وأنت عاقد العزم على سفك دم أولاد النبي وأصحابهم ؟! فأطرق عمر برأسه إلى الأرض ثمّ قال : أُقسم بالله إنّي لأعلم أنّ قاتلهم في نار جهنّم لا محالة ولكن لا مناص من أمر الأمير عبيدالله. فرجع أنس إلى الحسين وأبلغه ما سمعه من ابن سعد.
ويقول في إبصار العين : استأذن الحسين فأذن له وكان
شيخاً كبيراً ، فبرز وهو يقول :
قد علمت كاهلها ودودان
|
|
والخندفيّون وقيس عيلان
|
بأنّ قومي آفة للأقران
|
|
( لدى الوغى وسادة في الفرسان )
|
__________________
ثمّ حمل عليهم كالليث الضاري على قطيع الثعالب حتّى قتل
منهم ثمانية عشر رجلاً ثمّ استشهد إمام الحسين عليهالسلام.
ويقول الكميت في رثائه :
سوى عصبة فيها حبيب مرمّل
|
|
قضى نحبه والكاهليّ معفَّر
|
٢١ ـ أنيس بن معقل الأصبحي
عدّه ابن شهر آشوب في المناقب وابن أعثم الكوفي والعاملي
في أعيان الشيعة ، والقمّي في نفس المهموم ، وصاحب الناسخ من شهداء كربلاء ، وذكر هؤلاء بأجمعهم أنّ أنيس بن معقل خرج إلى ميدان القتال وهو يرتجز بهذا الرجز :
أنا أنيس وأنا ابن معقل
|
|
وفي يميني نصل سيف مصقل
|
أعلو به الهامات وسقط القسطل
|
|
عن الحسين الماجد المفضّل
|
ثمّ انحدر عليهم كالسيل من علّ وكالنمر الشرس ، وأعمل
السيف فيهم فرياً وبرياً حتّى قتل نيّفاً وعشرين رجلاً ثم استشهد بين يدي الحسين عليهالسلام.
أُديرت كؤوس للمنايا عليهم
|
|
فأغفوا عن الدنيا كإغفاء ذي سكر
|
فأجسامهم في الأرضى قتلى بحبّهم
|
|
وأرواحهم في الحجب نحو العلا تسري
|
فما عرسوا إلّا بقرب حبيبهم
|
|
ولا عرجوا من مسّ بؤس ولا ضرّ
|
وقال الآخر :
قوم إذا فتحوا العجاج رأيتهم
|
|
شمساً وخلت وجوههم أقمارا
|
لا يعدلون برفدهم عن سائل
|
|
عدل الزمان عليهم أو جارا
|
وإذا الصريخ دعاهم لملمّة
|
|
بذلوا النفوس وفارقوا الأعمارا
|
* * *
__________________
حرف
الباء
٢٢
ـ برير بن خضير الهمداني التميمي الكوفي
من أشرف أصحاب سيّد الشهداء الحسين عليهالسلام ومن شيوخ
التابعين ، ومقدّم ركب الزاهدين وسيّد العبّاد والناسكين ويسمّونه سيّد القرّاء ومن حواريّي أمير المؤمنين وأشراف الكوفة ، وله كتاب في القضايا والأحكام رواه عن الإمامين أمير المؤمنين والحسن عليهماالسلام
، وهو من أُصولنا المعتبرة.
__________________
ولمّا علم بخروج الحسين إلى مكّة خرج بنفسه النفيسة إليه
والتحق بركبه وصار ملازماً له لا يكاد يفارقه ، وأصبح واحداً من رجاله المجاهدين إلى أن بلغ الإمام الحسين ذا خشب في طريقه إلى العراق وكان الحرّ بن يزيد الرياحي قد اعترضه ، قام برير قائماً وقال : لقد منّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك تقطع
فيك
__________________
أعضائنا حتّى يكون جدّك بين أيدينا
يوم القيامة شفيعاً فلا أفلح قوم ضيّعوا ابن بنت نبيّهم وويل لهم ماذا يلقون به الله وافٍ لهم يوم ينادون بالويل والثبور في
نار جهنّم .. .
وروى أبو مخنف وغيره أنّ الحسين عليهالسلام في ليلة
التاسع من المحرّم أو في يومه ، أمر الحسين بفسطاط فضرب ثمّ أمر بمسك فميث في جفنة عظيمة أو صحفة ، قال : دخل الحسين عليهالسلام
ذلك الفسطاط فتطلّى بالنورة ، قال : ومولاي عبدالرحمن بن عبد ربّه وبرير بن حضير الهمداني على باب الفسطاط تحتك مناكبها فازدحهما أيّهما يطلي على أثره ، فجعل برير يهازل عبدالرحمن ، فقال عبدالرحمن : دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل [ فقال له برير : والله لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل شابّاً ولا كهلاً ولكن والله لمستبشر بما نحن لاقون ، والله
إنّ بيننا وبين الحور العين (ليس إلّا أن نحمل على هؤلاء ـ المؤلّف) إلّا أن يميل
هؤلاء علينا بأسيافهم ولوددت أنّهم قد مالوا بها الساعة .. ] .
وذكر محمّد بن جرير الطبري بسنده عن الضحّاك بن قيس
المشرقي
، قال : فلمّا أمسى حسين وأصحابه قاموا الليل كلّه يصلّون ويستغفرون ويدعون ويتضرّعون. قال : فتمرّ بنا خيل تحرسنا ، وإنّ حسيناً ليقرأ : ( وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ
لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ *
__________________
مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ
عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ )
، فسمعها رجل من تلك الخيل التي كانت تحرسنا ، فقال : نحن وربّ الكعبة الطيّبون ميّزنا منكم. قال : فقلت لبرير بن حضير تدري من هذا ؟ قال : لا ، قلت : هذا أبو حرب السبيعي عبدالله بن شهر ، وكان مضحاكاً بطّالاً وكان شريفاً شجاعاً فاتكاً ، وكان سعيد بن قيس ربّما حبسه في جناية ، فقال له برير بن حضير : يا فاسق ، أنت يجعلك الله في الطيّبين ، فقال له : من أنت ؟ قال : أنا برير من حضير ،
قال : أنا لله عزّ عليَّ هلكت والله هلكت والله يا برير.
قال : يا أبا حرب ، هل لك أن تتوب إلى الله من ذنوبك
العظام ، فوالله إنّا لنحن الطيّبون ولكنّكم لأنتم الخبيثون. قال : وأنا (والله) على ذلك من الشاهدين. قلت : ويحك أفلا ينفعك معرفتك ؟ قال : جعلت فداك ، فمن ينادم يزيد بن عذرة العنزي من عنز بن وائل ؟ قال : ها هو ذا معي ، قال : قبّح الله رأيك على كلّ حال وأنت سفيه ، قال : ثمّ انصرف عنّا .. .
وفي مطالب السئول : ذكر محمّد بن طلحة في مطالب السئول
وعليّ بن عيسى الأربلي في كشف الغمّة قصّة قدوم برير بن حضير على عمر بن سعد حين منع الماء عن الحسين وأهل بيتيه وأصحابه ، ونحن ذكرناها في ترجمة أنس بن الحرث الكاهلي ، وفي الكتابين المذكورين عزيت الحكاية إلى يزيد بن الحصين الهمداني
ولكن المرحوم فرهاد ميرزا في القمقام ذكر أنّه
__________________
برير وينبغي أن يكون الأمر كذلك
لأنّ بريراً معروف في الأصحاب بجهورة الصوت ، وهو مدرة القوم وشريفهم ، ولا يبعد تعدّد الواقعة.
وكيف كان فقد أتى برير الحسين عليهالسلام وقال له : ائذن
لي يابن رسول الله لآتي هذا ابن سعد فأُكلّمه في أمر الماء لعلّه يرتدع ، فقال له الحسين عليهالسلام : ذلك إليك
، فجاء برير الهمداني إلى عمر بن سعد فلم يسلّم عليه ، فقال : يا أخا همدان ، ما منعك من السلام عليَّ ؟ ألست مسلماً أعرف الله ورسوله ؟ فقال له الهمداني : لو كنت مسلماً كما تقول لما خرجت إلى عترة رسول الله صلىاللهعليهوآله
تريد قتالهم ، وبعد هذا ماء الفرات تشرب منه كلاب السواد وخنازيرها ، وهذا الحسين بن عليّ وإخوته ونسائه وأهل بيته يموتون عطشاً قد حلت بينهم وبين ماء الفرات ، وأنت تزعم أنّك تعرف الله ورسوله !
فأطرق عمر بن سعد ثمّ قال : والله يا أخا همدان ، إنّي
لأعلم حرمة أذاهم ولكن يا أخا
همدان ! ما أجد نفسي تجيبني إلى ترك الري لغيري !
فرجع برير ، فقال للحسين عليهالسلام
: يابن رسول الله ، قد رضي أن يقتلك بولاية الري .
__________________
وفي البحار نقلاً عن كتاب مقتل محمّد بن أبي طالب بن
أحمد الحسيني الحائري : وقال محمّد بن أبي طالب : وركب عمر بن سعد فقرّب إلى الحسين عليهالسلام فرسه فاستوى عليه وتقدّم نحو القوم في نفر من أصحابه وبين يديه برير بن خضير ، فقال له الحسين عليهالسلام
: كلّم القوم ، فتقدّم برير فقال : يا قوم ، اتّقوا الله فإنّ ثقل محمّد قد أصبح بين أظهركم ، هؤلاء ذرّيّته وعترته وبناته وحرمه فهاتوا ما عندكم وما الذي تريدون أن تصنعوه بهم ؟
فقالوا : نريد أن نمكّن منهم الأمير ابن زياد فيرى رأيه
فيهم.
فقال لهم برير : أفلا تقبلون منهم أن يرجعوا إلى المكان
الذي جاؤوا منه ؟ ويلكم يا أهل الكوفة ! أنسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها وأشهدتم الله عليها ؟! يا ويلكم ! أدعوتم أهل بيت نبيّكم وزعمتم أنّكم تقتلون أنفسكم دونهم حتّى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد وحلأتموهم عن ماء الفرات ، بئس ما خلّفتم نبيّكم في ذرّيّته ، ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة فبئس القوم أنتم.
فقال له نفر منهم : يا هذا ، ما ندري ما تقول ؟!
فقال برير : الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة ، اللهمّ
إنّي أبرأ إليك من فعال هؤلاء القوم ، اللهمّ الق بأسم بينهم حتّى يلقوك وأنت عليهم غضبان.
فجعل القوم يرمونه بالسهام ، فرجع برير إلى ورائه .. .
__________________
وقال العاملي في لواعج الأشجان بعد خطبة برير : فقالوا :
يا يزيد (برير) قد أكثرت الكلام فاكفف ، والله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله . وغرضهم عثمان لعنه الله.
ولمّا بلغ الحديث إلى هذا الحدّ ، قال الحسين عليهالسلام : اقعد يا
يزيد (برير) ، ثمّ وثب الحسين متوكّئاً على قائم سيفه ونادى بأعلى صوته .. الخ.
وقال الطبري : قال أبو مخنف : وحدّثني يوسف بن يزيد عن
عفيف بن زهير ابن أبي الأخنس وكان قد شهد مقتل الحسين عليهالسلام
، قال : وخرج يزيد بن معقل من بني عميرة بن ربيعة وهو حليف لبني سليمة من عبد القيس ، فقال : يا برير بن حضير ، كيف ترى صنع الله بك ؟ قال : صنع الله ـ والله ـ بي خيراً ، وصنع الله بك شرّاً.
قال : كذبت وقبل اليوم ما كنت كذّاباً ، هل تذكر وأنا
أُماشيك في بني لواذن وأنت تقول : إنّ عثمان بن عفّان كان على نفسه مسرفاً وإنّ معاوية بن أبي سفيان ضالّ مضلّ ، وإنّ إمام الهدى والحقّ عليّ بن أبي طالب ؟! فقال له برير : أشهد أنّ هذا رأيي وقولي. فقال له يزيد بن معقل : فإنّي أشهد أنّك من الضالّين. فقال له برير بن حضير : هل لك فلأُباهلك
ولندعُ الله أن يلعن الكاذب وأن يقتل المبطل ، ثمّ اخرج فلأُبارزك.
__________________
قال : فخرجا فرفعا أيديهما إلى الله يدعوانه أن يلعن
الكاذب وأن يقتل المحقّ المبطل ، ثمّ برز كلّ واحد منهما لصاحبه فاختلفا بضربتين فضرب يزيد بن معقل برير بن حضير ضربة خفيفة لم تضرّه شيئاً ، وضربه برير بن حضير ضربة قدّت المغفر وبلغت الدماغ فخرّ كأنّما هوى من حالق ، وإنّ سيف ابن حضير لثابت في رأسه ، فكأنّي أنظر إليه ينضنضه من رأسه ، وحمل عليه رضى بن منقذ العبدي فاعتنق بريراً فاعتركا ساعة ثمّ إنّ بريراً قعد على صدره ، فقال رضى : أين أهل المصاع والدفاع ؟ قال : فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي ليحمل عليه .. الخ .
(فذكر الله بريرٌ وضرب يزيد بن معقل على أُمّ رأسه فشقّه
نصفين وقذف رأسه من على بدنه فهوى عن ظهر فرسه وذهب إلى نار جهنّم) ولمّا أوصله إلى دار البوار حمل عليه كالبرق الخاطف ، ولقد أجاد شيخ العراقين :
برير بن خضير آن خضر پيمان
|
|
سکندر سان روان شد سوى حيوان
|
سمند افکند در ظلمات پيکار
|
|
دليلش گشت شمشير شرر بار
|
به تيغ تيز آن پر شور بى باک
|
|
گروهى را فکند از باره بر خاک
|
گذشت از خويش اين عيش مکدّر
|
|
گرفت از دست خواجه خضر صاغر
|
الترجمة :
وليس برير بن الخضير بل الخضر
|
|
تجلّى كذي القرنين والعسكر المجر
|
وفي ظلمات الحرب ألقى جواده
|
|
ويهديه قرضاب به الشرر الثرّ
|
وفي حدّه ألقى أخو العزم في الثرى
|
|
أعاديه حتّى ضمّها اللهب الغمر
|
__________________
وطلّق عيشاً في الحياة مكدّراً
|
|
لعيش رغيد دائم ما له حصر
|
وقال الخوارزمي في المقتل وابن شهرآشوب في المناقب
وغيرهما : إنّ بريراً برز بعد مقتل الحر بن يزيد الرياحي بسيف أمضى حدّاً من أنياب الليث وهو يرتجز ويقول :
أنا برير وأبي خضير
|
|
أضربكم ولا أرى من ضير
|
يعرف فينا الخير أهل الخير
|
|
كذاك فعل الخير من برير
|
وفي الناسخ إضافة على ما تقدّم :
ليث يروع الأسد عند الزيري
|
|
كذاك فعل الخير من برير
|
والأسد الهصور والأفعوان النافخ ترتجف فرائصه من هول
صيحتي ، ثمّ حمل عليهم فكان كالصاعقة المتحرّكة أينما اتجه لاذ الجيش منه بالفرار ، ولم يزل يحمل عليهم مع ضعف بدنه وظمأه وقلبه الجريح حتّى قتل منهم ثلاثين شخصاً وهو يصيح فيهم : اقتربوا منّي يا قتلة أولاد رسول (الله) ربّ العالمين وذرّيّة الباقين ، اقتربوا منّي يا قتلة أولاد البدريّين ، اقتربوا منّي يا قتلة أولاد
رسول ربّ العالمين وذرّيّة الباقين.
قال أبو مخنف : وحمل عليه رضى بن منقذ العبدي (وهو أخو
مرّة بن منقذ بن النعمان العبدي) فاعتنق بريراً فاعتركا ساعة ، ثمّ إنّ بريراً قعد على صدره فقال رضى : أين أهل المصاع والدفاع.
قال : فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي ليحمل عليه (فقال
عفيف) فقلت :
__________________
إنّ هذا برير بن حضير القارئ الذي
كان يقرئنا القرآن في المسجد (فلم يعبأ بقولي) فحمل عليه بالرمح حتّى وضعه في ظهره ، فلمّا وجد مسّ الرمح برك عليه فعضّ بوجهه وقطع طرف أنفه فطعنه كعب بن جابر حتّى ألقاه عنه وقد غيّب السنان في ظهره ثمّ أقبل عليه يضربه بسيفه حتّى قتله.
قال عفيف : كأنّي أنظر إلى العبدي الصريع قام ينفض
التراب عن قبائه ويقول : أنعمت عليَّ يا أخا الأزد نعمة لن أنساها أبداً. قال : فقلت : أنت رأيت هذا ؟ قال :
نعم رأى عيني وسمع أُذني.
فلمّا رجع كعب بن جابر قالت له [ امرأته ] أو أُخته
النوار بنت جابر : أعنت على ابن فاطمة وقتلت سيّد القرّاء ، لقد أتيت عظيماً من الأمر لا أُكلّمك من رأسي كلمة
أبداً ، وقال كعب بن جابر (هذا الشعر يعتذر عمّا فعله إليها) :
سلي تخبري عنّي وأنت ذميمة
|
|
غداة حسين والرماح شوارع
|
ألم آت أقصى ما كرهت ولم يخل
|
|
عليَّ غداة الروع ما أنا صانع
|
معي يزنيٌّ لم تخنه كعوبه
|
|
وأبيض مخشوب الغرارين قاطع
|
فجرّدته في عصبة ليس دينهم
|
|
بديني وإنّي يابن حرب لقانع
|
ولم تر عيني مثلهم في زمانهم
|
|
ولا قبلهم في الناس إذ أنا يافع
|
أشدّ قراعاً بالسيوف لدى الوغى
|
|
ألا كلّ من يحمي الذمار مقارع
|
وقد صبروا للطعن والضرب حُسّراً
|
|
وقد نازلوا لو أنّ ذلك نافع
|
فأبلغ عبيدالله إمّا لقيته
|
|
بأنّي مطيع للخليفة سامع
|
قتلت بريراً ثمّ حمّلت نعمة
|
|
إلى منقذ لمّا دعى من يماصع
|
__________________
قال أبو مخنف : وزعموا أنّ رضى بن منقذ العبدي ردّ على
كعب بن جابر ، فقال :
فلو شاء ربّي ما شهدت قتالهم
|
|
ولا جعل النعماء عند ابن جابر
|
لقد كان ذاك اليوم عاراً وسبّة
|
|
يعيّره الأبناء بعد المعاشر
|
فياليتني قد كنت من قبل قتله
|
|
ويوم حسين كنت في رمس قابر
|
(فيا سوأتا ماذا أقول لخالقي
|
|
وما حجّتي يوم الحساب القماطر)
|
ويظهر من أشعار هذا الخبيث أنّه على مذهب الجبريّة لأنّه
يقول : لو لم يكن الله قد قدّر عليَّ الحضور لما حضرت قتالهم ولم تكن لابن جابر نعمة في عنقي ولقد أصبح يوم عاشوراء عاراً عليَّ ، ويعيّرنا الناس صاغراً عن كابرى في الأندية والمجامع العامّة وانقلب إلى ذمّ لي ومن قائل يقول : ليتك كنت حيضة وكنت تحت أطباق الثرى في ذلك اليوم فما هي حجّتك يوم تلاقي ربّك في المحشر ، فما هي حجّتي ؟ وماذا عسى أن أقول ؟ أقول : كسبت العار واللعنة الأبديّة والعذاب الأليم وخسرت خسراناً مبيناً .
٢٣
ـ بدر بن رقيط
اسمه في الزيارة الرجبيّة : « السلام على بدر بن لقيط ».
ولم يرد أكثر من هذا في
__________________
ترجمته ولا ذكرت كتب الرجال عنه
شيئاً ، ويحتمل أن يكون اسمه وارداً على سبيل الخطأ ...
٢٤
ـ بشر بن عمرو الحضرمي
وردت ترجمته في الاستيعاب والإصابة وأُسد الغابة وأعيان
الشيعة وإبصار العين والرجال الكبير وغيرها. يقول في الاستيعاب : بشر بن عمر الحضرمي الكندي .
ويقول في إبصار العين : كان بشر من حضر موت وعداده في
كندة وكان تابعيّاً وله أولاد معروفون بالمغازي ، وكان بشر ممّن جاء إلى الحسين عليهالسلام أيّام المهادنة .
وقال في أعيان الشيعة : لمّا نشبت الحرب يوم العاشر
بينما بشر يقاتل إذ جائه الخبر بأنّ ابنك أُسر في الري ، فقال بشر : أحتسبه عند الله ، وما كنت أُحبّ أن يؤسر ابني وأبقى بعد حيّاً ، ولمّا سمع الحسين مقالته قال له : أنت في حلّ من بيعتي فاعمل على فكاك ولدك ، فقال بشر : أكلتني السباع حيّاً إن أنا فارقتك ، فأعطاه الإمام عليهالسلام
ثياباً قيمتها ألف دينار ليعطيها إلى ولده محمّد ليفتدي بها أخاه.
ويقول ابن شهرآشوب في المناقب : بشر بن عمرو استشهد في
الحملة الأُولى ...
السابقون إلى المكارم والعلا
|
|
والحائزون غداً حياض الكوثر
|
لولا صوارمهم ووقع نبالهم
|
|
لم يسمع الآذان صوت مكبّر
|
__________________
أقول : لا يخفى أنّ السيّد بن طاووس في اللهوف ذكر
محمّداً بن بشر مكان بشر بن عمرو وأعطاه خصائص أحواله ، واقتفى اثره صاحب نفس المهموم ولكنّه في منتهى الآمال عدّه من الشهداء وهو الأصحّ لأنّ الزيارة والمؤلّفون في الرجال جميعاً ذكروه باسم بشر مضافاً إلى أنّه في منتهى الآمال ذكر أبيات الفضل ابن العبّاس بن الحرث بن عبدالمطّلب التي ذكر فيها الشهداء في الحملة الأُولى كما يقول مخاطباً بني أُميّة ويذمّهم ويذمّ أفعالهم :
أرجعوا عامراً وردّوا زهيراً
|
|
ثمّ عثمان فارجعوا غارمينا
|
فارجعوا الحرّ وابن قين وقوماً
|
|
قتلوا حين جاوزوا صفّينا
|
أين عمرو وأن بشر وقتلى
|
|
منهم بالعراء ما يدفنونا
|
ومراده من ابن بشر ، بشر بن عمرو الحضرمي لأنّ هذا الاسم
لا يشركه به أحد في أصحاب الحسين عليهالسلام
ووجود محمّد بن بشر معه لا ينافيه. وظاهر أقوال الإمام أنّه كان في كربلاء ولذلك قال له : أعطه هذه الثياب .. الخ.
٢٥
ـ بكر بن حي
يقول العلّامة السماوي في إبصار العين عن الحدائق الورديّة
: كان بكر
ممّن خرج مع ابن سعد إلى حرب الحسين عليهالسلام
حتّى إذا قامت الحرب على ساق مال مع الحسين عليهالسلام
على ابن سعد فقتل بين يدي الحسين عليهالسلام
في الحملة الأُولى .
وعدّه في منتهى الآمال من شهداء الحملة الأُولى ، وذكره
المامقاني بهذا العنوان أيضاً.
__________________
٢٦
ـ بكير بن الحرّ بن يزيد الرياحي
ذكر ملّا علي الخياباني التبريزي في الجلد الرابع من
كتابه « وقايع الأيّام » وسيّد عبدالمجيد الحائري في ذخيرة الدارين عن كتاب الجوهر الثمين للشيخ حسين ابن علي البغدادي الذي كتبه سنة ١١١٩ عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال :
سمعت من أبي قال : لمّا نزل الحسين وأصحابه بأرض كربلاء واستقبله ابن سعد بجحافل لا تعدّ ولا تحصى ، ونشبت الحرب بينهما ، أنزل الله النصر على الحسين عليهالسلام وتدلّى على رأسه وخيّره الله بين النصر على العدوّ وبين لقائه فاختار لقاء الله ونادى برفيع صوته : أما من مغيث يغيثنا لوجه الله ؟ أما من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله صلىاللهعليهوآله
؟ عند ذلك نظر الحرّ بن يزيد الرياحي إلى ابن سعد ... الخ ، ونرجأ ذكر ذلك إلى ترجمة الحرّ عليهالسلام.
والتفت إلى ولده وقال : إن كنت معي فهلمّ إلى الحسين عليهالسلام ، فأجابه
ولده ، فقال الحر : الحمد لله الذي خلّصنا من مرافقة الأشرار ، ثمّ أمر ولده أن يحمل عليهم ، فحمل ذلك الشابّ سعيد الجدّ عليهم كالأسد الضاري على قطيع الثعالب ، فكان يعقر ويقتل إلى أن قتل منهم سبعين وأرسلهم إلى جهنّم وبئس المصير.
وكتب ملّا صالح البرغاني في مخزن البكاء أنّ الحرّ قال
لولده : لا طاقة لنا على حرّ جهنّم فهلمّ بنا نذهب إلى معسكر الحسين ، فقال الولد السعيد : أنا لا أعصيك ، وأطيع أمرك ، فأرسله عند ذلك إلى ميدان القتال حتّى قتل منهم خمساً وعشرين رجلاً وأدخلهم دار البوار جهنّم يصلونها وبئس القرار ، ورجع إلى أبيه يشكو العطش ويقول : هل من شربة ماء أتقوّى بها على الأعداء ، أعداء الله ورسوله ؟! فقال الحر : يا بني ، ارجع إلى القتال واصبر ، فعاد إلى القتال حتّى قتل جماعة
منهم
واستشهد أمام سيّده عليهالسلام. فلما وقف
الحرّ على جثمان ولده ، قال : الحمد لله الذي ختم لك بالشهادة بين يدي الإمام عليهالسلام.
وفي الناسخ : إنّ اسم ولد الحر « علي » ، ويقول : عند
ذلك نظر الحر الى ولده علي وقال : أي ولدي ، قائل هؤلاء القوم الظالمين قتالاً شديداً ونادِ بالجهاد ما استطعت ، فغار عليهم ابن الحر وأقحم فرسه ميدان الحرب وحمل عليهم حملة منكرة ، فقاتله الكوفيّون وأوقعوه في حفرة وفي شرّ الشافية ، يقال : إنّه قتل
أربعاً وعشرين رجلاً منهم ، وقال أبو مخنف : بل قتل سبعين رجلاً ، ثمّ قُتل رضوان الله عليه ، فسرّ الحرّ بشهادة ولده سروراً عظيماً ، وقال : الحمد لله الذي رزقك
الشهادة بين يدي مولانا الحسين عليهالسلام
...
حرف
التاء والثاء
حرف
الجيم
٢٧
ـ جابر بن الحجّاج
ذكره المامقاني في رجاله عن الحدائق الورديّة ولكنّه قال
: ذكر أهل السير
أنّه كان فارساً شجاعاً كوفيّاً بايع مسلماً بن عقيل ولمّا خذلوه اختفى عند قومه
فلمّا سمع بمجيء الحسين عليهالسلام
إلى كربلاء خرج من الكوفة في عسكر ابن سعد ، فلمّا وصل إلى كربلاء لحق بالحسين ولزمه إلى أن تقدّم يوم الطفّ وقاتل بين يديه حتّى استشهد.
وقال في الحدائق : قُتل في الحملة الأُولى.
وفي إبصار العين : جابر بن الحجّاج : كان جابر فارساً
شجاعاً (قال صاحب الحدائق : حضر مع الحسين عليهالسلام
في كربلاء وقتل بين يديه ، وكان قتله قبل الظهر في الحملة الأُولى ..) .
__________________
جاء الزمان عليهم غير مكترث
|
|
وأيّ حرّ عليه الدهر لم يجر
|
وكم تلاعب بالأمجاد حادثه
|
|
كما تلاعبت الغلمان بالأكر
|
لا حبّذا فلك دارت دوائره
|
|
على الكرام فلم تبق ولم تذر
|
وإن ينل منك مقدار فلا عجب
|
|
هل ابن آدم إلّا عرضة الخطر
|
هي الحوادث لا تعدو ذوي شرف
|
|
كالغيث يعشر قبل الأرض بالجدر
|
وكيف تأمن من مكر الزمان يد
|
|
خانت بآل عليّ خيرة الخير
|
أفدى القروم الأُولى سارت ركائبهم
|
|
والموت خلفهم يسري على الأثر
|
٢٨ ـ جابر بن عروة الغفاري
في شرح الشافية عن مقتل الخوارزمي بهذه الألفاظ : ثمّ
برز الجابر بن عروة الغفاري وكان شيخاً كبيراً وقد شهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله
بدراً وحنيناً ، فجعل يشدّ وسطه بعمامة ثمّ شدّ حاجبيه بعصابته حتّى رفعها عن عينيه ، والحسين عليهالسلام ينظر إليه وهو يقول : شكر الله سعيك يا شيخ ، فحمل فلم يزل يقاتل حتّى قتل ستّين رجلاً ثمّ استشهد رضياللهعنه.
وقال في الناسخ : وورد في الشافية ، وحدّث بذلك أبو مخنف
أنّ جابر بن عروة الغفاري كان شيخاً كبيراً .. الخ ، وذكر نحواً ممّا تقدّم فبزر الجابر وهو يرتجز ويقول :
قد علمت حقّاً بنو غفاري
|
|
وخندف ثمّ بنو نزاري
|
بنصرنا لأحمد المختار
|
|
يا قوم حاموا عن بني الأطهار
|
__________________
الطيّبين السادة الأخيار
|
|
صلّى عليهم خالق الأبرار
|
أقول : نسب الخوارزمي في مقتله الذي انتشر في الآونة
الأخيرة وطبع في النجف ومنه نسخة بحيازتي هذا الرجز إلى عبدالرحمن بن عروة الغفاري مع اختلاف في الألفاظ ولم يرد ذكر لجابر بن عروة فيه ، والله العالم .
ومجمل القول : قال في الناسخ : ثمّ حمل جابر بن عروة
وقتل من القوم ثمانين مقاتلاً ثمّ وقع على الغبراء رضياللهعنه.
جادوا بأنفسهم في حبّ سيّدهم
|
|
والجود بالنفس أقصى غاية الجود
|
لهم نفوس على الرمضاء مهملة
|
|
وأنفس في جوار الله تقريها
|
كأنّ قاصدها بالضرّ نافعها
|
|
وإنّ قاتلها بالسيف يحييها
|
٢٩ ـ جبلة بن عبدالله
جاء في الزيارة الرجبيّة ذكر جبلة على النحو التالي : « السلام
على جبلة بن عبدالله » ولم يحصل من المتابعة والتنقيب شيء في يدي أكثر من هذا ، ويحتمل أن يكون جرى تصحيف في البين فجاء لفظ « جبلة بن عبدالله » مكان « جبلة بن علي ».
__________________
٣٠
ـ جبلة بن علي الشيباني
في زيارة الناحية المقدّسة : « السلام على جبلة بن علي
الشيباني ».
ونقل المامقاني والمساوي والقمّي والعاملي وغيرهم أنّ
جبلة من شيعة أمير المؤمنين عليهالسلام
وكان
ملازماً له وجاهد معه بصفّين وبايع مسلماً ، ولمّا قبض على مسلم فرّ جبلة واستخفى عند قومه إلى أن علم بنزول الحسين عليهالسلام في كربلاء التحق به.
وفي الحدائق الورديّة : إنّه قتل مبارزة.
وقال ابن شهرآشوب في المناقب : استشهد في الحملة الأُولى
، ومثله قال صاحب الناسخ.
وقال في منتهى الآمال : يجمل بنا ذكر أسماء من استشهد في
الحملة الأُولى ، ثمّ شرع في عدّ أسمائهم حتّى بلغ جبلة بن علي الشيباني.
قال السماوي : جبلة بن علي بن سويد بن عمرو بن عرفطة بن
الناقد بن تيم بن سعد بن كعب بن عمرو بن ربيعة الشيباني
وذكر الطبراني وأبو نعيم وقال : كان من شجعان أهل الكوفة ، ولقد أجاد الشاعر المفلق الأُزري :
ولله حيّ ما هنالك أرقلوا
|
|
إلى الموت إرقال الحماس المورد
|
فأعظم بهم حيّاً تعاظم شأنهم
|
|
وجلّ وجلّى في مدى كلّ سؤدد
|
فوارس صدق كلّما جاشت الوغى
|
|
بمرجلها جاشوا لظاها بمحمد
|
من المنجدي الدين الحنيف ومحرزي
|
|
مدى قصباب السبق في عهد أحمد
|
__________________
يرون الردى في الله أعذب مورد
|
|
ومرّ الردى في الله أعذب مورد
|
فسلّ بهم جيش العدى حيث جلجلت
|
|
ترفّ رفيف البارقات بموعد
|
من احتلّ في تامورها خرز القنا
|
|
فصدّعها صدع الزجاج الممرّد
|
أولئك هم أنصار دين محمّدٍ
|
|
سلام على أنصار دين محمّد
|
٣١ ـ جعفر بن عقيل بن أبي طالب
في زيارة الناحية المقدّسة : « السلام على جعفر بن عقيل
بن أبي طالب ، لعن الله قاتله وراميه بشر بن خوط الهمداني » ومثلها ورد في الزيارة الرجبيّة.
يقول أبو الفرج في « مقاتل الطالبيّين » : أُمّه أُمّ
الثغر بنت عامر (بنت الهضاب) الكلابي
العاغمري من بني كلاب ... ويقال : أُمّه الخوصاء (بنت الثغريّة) واسمه عمرو بن عامر الكلابي .
أقول : لا منافاة في ذلك فأُمّ الثغر كنيتها وخوصاء
اسمها. وقال بعضهم : تكنى أُمّ البنين.
وقال في العوالم : فبرز جعفر بن عقيل وهو يرتجز ويقول :
أنا الغلام الأبطحيّ الطالبي
|
|
من معشر في هاشم من غالب
|
ونحن حقّاً سادة الذوائب
|
|
هذا حسين أطيب الأطايب
|
|
من عترة البرّ التقيّ الثاقب
|
|
__________________
ثمّ حمل على الكفّار كأنّه شعلة نار إلى أن قتل بناءاً
على المشهور خمسة عشر نفراً وأنزلهم دار البوار.
مرثية جعفر بن عفّان الطائي (توفّي حدود سنة ١٥٠ هجرية)
لبيك على الإسلام من كان باكيا
|
|
فقد ضيّعت أحكامه واستحلّت
|
غداة حسين للرماح دريئة
|
|
وقد نهلت منه السيوف وعلّت
|
وغودر في الصحراء لحماً مبدّداً
|
|
عليه عتاق الطير باتت وظلّت
|
فما نصرته أُمّة السوء إذ دعا
|
|
لقد طاشت الأحلام منها وضلّت
|
ألا بل محوا أنوارهم بأكفّهم
|
|
فلا سلمت تلك الأكفّ وشلّت
|
وناداهم جهداً بحقّ محمّدٍ
|
|
فإنّ ابنه من نفسه حيث حلّت
|
فما حفظوا قرب الرسول ولا رعوا
|
|
وزلّت بهم أقدامهم واستزلّت
|
أذاقته حرّ القتل أُمّة جدّه
|
|
وإن هي صامت للإله وصلّت
|
كما فجعت بنت الرسول بنسلها
|
|
وكانوا كماة الحرب حين استقلّت
|
قال ابن الأثير الجزري : رماه عبدالله بن عامر الخثعمي
بسهم فأراده صريعاً وقتله اللعين بشر بن خوط لعنه الله.
فصلٌ فيه تاريخ عقيل بن أبي طالب
رأيت من المناسب هنا أن أستعرض نتفاً مفيدة من تاريخ
عقيل لأنّه أوّلاً حاز النصيب الأوفر من الشهداء في الطفّ وأولاده يذكرون كثيراً في الكتاب.
وثانياً : لافتعال أخبار من صنع بني أُميّة منسوبة إليه
لا علم لروحه بها ، ومن
__________________
اللّائق بنا أن نوضح المطلب هنا
ليعلم الجميع بذلك أنّ عقيلاً طاهر الردن منها ، منزّه عنها ، وهي لا تعدو الأراجيف.
عقيل وإخوته الثلاثة : جعفر وطالب وعليّ من أُمّ واحدة
وأب واحد. وبكر فاطمة بنت أسد أُمّهم طالب وبعد عشر سنوات ولدت عقيلاً ، وبعده بعشر سنين ولدت جعفراً ، وبعده ولدت أمير المؤمنين عليهالسلام
بعشر سنين أيضاً. وكال عمر عقيل حتّى بلغ السادسة والتسعين ، وتوفّي سنة خمسين أو خمس وخمسين أو ثمان وخمسين ، وكنيته أبو يزيد ، وكان أبو طالب يحبّه حبّاً شديداً.
وفي عمدة الطالب ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعقيل : إنّي
أُحبّك حبّين : حبّاً للرحم ، وحبّاً لأنّ عمّي أبا طالب يحبّك.
وروى الشيخ الصدوق في أماليه عن ابن جبير ، عن ابن عبّاس
، عن أمير المؤمنين عليهالسلام
أنّه قال لرسول الله صلىاللهعليهوآله
: يا رسول الله ، إنّك لتحبّ عقيلاً ؟! قال : إي والله إنّي لأُحبّه حبّين : حبّاً له وحبّاً لحبّ أبي طالب له ، وإنّ ولده
لمقتول في محبّة ولدك فتدمع عليه عيون المؤمنين ، وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون. ثمّ بكى رسول الله صلىاللهعليهوآله
حتّى جرت دموعه على صدره ثمّ قال : إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي .
وروى ابن أبي الحديد في كتابه شرح نهج البلاغة ، قال : كان
أبو طالب يحبّ عقيلاً أكثر من حبّه سائر بنيه ... (وكان النبيّ يقول :) يا أبا يزيد ، إنّي
أُحبّك حبّين : حبّاً لقرابتك منّي وحبّاً لما كنت أعلم من حبّ عمّي إيّاك. (ثمّ يقول :) أُخرج
عقيل إلى بدر مكرهاً كما أُخرج العبّاس ، وأُسر وفدي وعاد إلى مكّة ثمّ أقبل مسلماً
__________________
مهاجراً قبل الحديبيّة وشهد غزاة
مؤتة مع أخيه جعفر عليهالسلام
.. .
وقال ابن سعد في الطبقات : فشهد غزوة مؤتة ثمّ رجع فعرض
له مرض فلم يسمع له ذكر في فتح مكّة ولا الطائف ولا خيبر ولا في حنين .
وروى الزبير بن بكّار عن الإمام الحسن المجتبى أنّ عقيل
من الذين ثبتوا في حنين ولم يفر ، وكان عالماً بأنساب قريش ومآثرها ومثالبها ، وكان الناس يتعلّمون منه علم النسب في مسجد المدينة ، وكان سريع الجواب المسكت.
وحدّث هشام الكلبي عن ابن عبّاس أنّ الناس متى ما أرادوا
العلم بنسب إنسان علماً كاملاً رجعوا إلى عقيل.
وقال ابن أبي الحديد : وشهد غزاة مؤتة مع جعفر .. (وله
دار بالمدينة معروفة) وخرج إلى العراق ثمّ إلى الشام ثمّ عاد إلى المدينة ولم يشهد مع أخيه أمير المؤمنين شيئاً من حروبه أيّام خلافته ، وعرض نفسه وولده عليه فأعفاه ولم يكلّفه الحضور .
ومن أكاذيب ابن حجر قوله في الإصابة في ترجمة العقيل : «
تأخّر إسلامه إلى عام الفتح » ومعاذ الله أن يبقى عقيل إلى السنة الثامنة من الهجرة ـ وفيها كان فتح
مكّة ـ كافراً ، وابن أبي الحديد صرّح بأنّه هاجر إلى المدينة مسلماً.
__________________
وعقيدتي أنّ عقيلاً وعمّه العبّاس أسلما يوم أسلم أمير
المؤمنين عليهالسلام
وجعفر عليهالسلام
ولكنّهما خشيا قريشاً من إعلانه ، إلى أن كانت حرب بدر فأعلن عقيل إسلامه كما فعل عمّه العبّاس. وأمّا جعفر فإنّه تعرّض لظلم قريش وعسفهم بعد إسلامه فلجأ إلى الهجرة إلى حبشة مع زوجه أسماء ، وهاجر معه المستضعفون.
والأُسطورة الأُخرى مزعمة المدائني من أنّ عقيلاً ذهب
إلى الشام في خلافة أمير المؤمنين ومن نقل من العلماء وأصحاب الرجال شيئاً من هذا فإنّما نقلوه عن المدائني بمن فيهم الشيعة ، فهو منشأ هذا الكذب على عقيل عليهالسلام.
وفي أغاني أبي الفرج وثلاثة أرباعه مشكوك فيه لا اعتبار
له بل فيه ما هو مقطوع بكذبه ، ومن هذا ما نسبه إلى عقيل ، من أنّه طلب من معاوية شراء جارية قيمتها أربعون ألف درهم ، كما يأتي تفصيل ذلك في ترجمة مسلم عليهالسلام ، وتزعم الرواية أنّه ابنها ، وبناءاً على هذا يكون في صفّين عمره إمّا سنتان أو أنّه لم
يولد بعد ، بينما كان مسلم في صفّين أحد قادة أمير المؤمنين عليهالسلام.
يقول محمّد بن علي بن شهرآشوب في المناقب : فلمّا استهلّ
صفر سنة سبع وثلاثين أمر عليّ فنودي بالشام والإعذار والإنذار ثمّ عبّى عسكره فجعل على ميمنته الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر ومسلم بن عقيل ، وعلى ميسرته محمّد بن الحنفيّة ومحمّد بن أبي بكر وهاشم بن عتبة المرقال .. الخ .
وهذه العبارة صريحة بأنّ عقيلاً لم يذهب إلى الشام في
حياة أمير المؤمنين وهي فرية لا حقيقة لها. ويكون ذهابه إلى الشام بعد أمير المؤمنين لا يترتّب عليه ضرر يعتدّ به كما فعل بعض الوافدين والوافدات على معاوية من أجل مصالح
__________________
خاصّة أو تناول حقوقهم ، وكان يغلظون
له القول ، وكتاب « الوافدين والوافدات » شاهد صدق على ما نقول.
ويقول العلّامة المعاصر الحاجي ميرزا خليل كمرئي في
كتابه « مسلم »
نقلاً عن شرح ابن أبي الحديد حيث قال عن خروج عقيل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام هل كان في حياته أو بعد شهادته : فأمّا عقيل فالصحيح الذي اجتمع ثقات الرواة عليه أنّه لم يجتمع مع معاوية إلّا بعد وفاة أمير المؤمنين عليهالسلام والشاهد على ذلك الرسالة المتبادلة بين الإمام عليهالسلام
وبين عقيل ، والعلّامة المذكور أعلاه أسند الرسالة إلى عدد من المصادر في كتابه مثل الأغاني لأبي الفرج وشرح ابن أبي الحديد
والإمامة والسياسة لابن قتيبة
، والدرجات الرفيعة
لسيّد علي خان ، وجمهرة رسائل العرب
وتحتوي الرسالة : لمّا علم عقيل بخذلان أهل الكوفة للإمام حتّى لجأ الإمام إلى الاحتجاب عنهم في بيته ، كتب إليه هذه الرسالة :
لعبدالله عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام ، من عقيل
بن أبي طالب ، سلامٌ عليك ، فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو ، أمّا بعد ، فإنّ حارسك من كلّ سوء وعاصمك من كلّ مكروه وعلى كلّ حال ، إنّي قد خرجت إلى مكّة معتمراً فلقيت عبدالله بن أبي سرح في نحو من أربعين شابّاً من أبناه الطلقاء فعرفت المنكر في وجوههم ،
__________________
فقلت : إلى أين يا أبناء الشانئين ؟!
أبمعاوية تلحقون عداوة لله منكم قديماً غير مستنكرة تريدون بها إطفاء نور الله وتبديل أمره ؟! فأسمعني القوم وأسمعتهم ، فلمّا قدمت مكّة سمعت أهلها يتحدّثون أنّ الضحّاك بن قيس أغار على الحيرة فاحتمل من أموالها ما شاء ثمّ انكفأ راجعاً سالماً فأُفٍّ لحياة في دهر جرّأ عليك الضحّاك بن قيس ، وما الضحّاك فقع بقرقره وقد توهّمت حيث بلغني ذلك أنّ شيعتك وأنصارك خذلوك ، فاكتب إليّ يابن أُمّي برأيك ، فإن كنت الموت تريد تحمّلت إليك ببني أخيك وولد أبيك ، فعشنا معك ما عشت ، ومتنا معك إذا متّ ، فوالله ما أُحبّ أن ألقى في الدنيا بعدك فواقاً ، وأُقسم بالأعزّ الأجلّ أنّ عيشاً
نعيشه بعدك في الحياة لغير هنيء ولا مريء ولا نجيع ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
جواب الإمام لعقيل :
فكتب إليه عليهالسلام
: من عبدالله أمير المؤمنين إلى عقيل بن أبي طالب ، سلامٌ عليك ، فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو ، أمّا بعد ، كلأنا الله وإيّاك كلائة
من يخشاه بالغيب إنّه حميد مجيد ، قد وصل إليّ كتابك مع عبدالرحمن بن عبيد الأزدي تذكر فيه أنّك لقيت عبدالله بن سعد بن أبي سرح مقبلاً من قديد في نحو أربعين فارساً من أبناء الطلقاء ، متوجّهين إلى جهة الغرب ، وإنّ ابن أبي سرح طالما كاد الله ورسوله وكتابه وصدّ عن سبيله وبغاها عوجاً ، فدع ابن أبي سرح ودع عنك قريشاً ، وخلّهم وتركاضهم في الضلال وتجوالهم في الشقاق ، ألا وإنّ العرب قد أجمعت على حرب أخيك اليوم إجماعها على حرب رسول الله صلىاللهعليهوآله
قبل اليوم فأصبحوا قد جهلوا حقّه وجحدوا فضله وبادروه العداوة ونصبوا له الحرب ، وجهدوا عليه كلّ الجهد ، وجرّوا إليه جيش الأحزاب ، اللهمّ فأجز قريشاً عنّي الجوازي فقد قطعت رحمي وتظاهرت عليَّ ودفعتني عن حقّي وسلبتني سلطان ابن أُمّي ، وسلّمت
ذلك إلى من ليس مثلي في قرابتي من
الرسول وسابقني في الإسلام إلّا أن يدّعي مدّع ما لا أعرفه ولا أظنّ الله يعرفه ، والحمد لله على كلّ حال.
فأمّا ما ذكرته من غارة الضحّاك على أهل الحيرة فهو أقلّ
وأذلّ من أن يلمّ بها ، أو يدنو منها ولكنّه قد كان أقبل في جريدة خيل على السماوة حتّى مرّ بواقصة وشراف والقطقطانة ممّا والى ذلك الصقع فهوجّهت إليه جنداً كثيفاً من المسلمين ، فلمّا بلغه ذلك فرّ هارباً فأتبعوه فلحقوه ببعض الطريق وقد أمعن وكان ذلك حين طفلت الشمس للإياب فتناوشوا القتال قليلاً كلّا ولا فلم يصبر لوقع المشرفيّة وولّى هارباً وقتل من أصحابه بضعة عشر رجلاً ونجا جريضاً بعد أن أخذ منه بالمخنق فلأياً بلأي ما نجا.
فأمّا ما سألته أن أكتب برأيي فيما أنا فيه ، فإنّ رأيي
جهاد المحلّين حتّى ألقى الله ، لا يزيدني كثرة الناس معي عزّة ، ولا تفرّقهم عنّي وحشة لأنّني محقّ
والله مع المحقّ ، ووالله ما أكره الموت على الحقّ ، وما الخير كلّه إلّا بعد الموت لمن
كان محقّاً.
وأمّا ما عرضت عليَّ به من مسيرك إليّ ببنيك وبني أبيك
فلا حاجة لي في ذلك فأقم راشداً محموداً فوالله ما أُحبّ أن تهلكوا معي إن هلكت ، ولا تحسبنّ ابن أُمّك ـ ولو أسلمه الناس ـ متخشّعاً ولا متضرّعاً ، إنّه لكما قال أخو بني سليم :
فإن تسأليني كيف أنت فإنّني
|
|
صبور على ريب الزمان صليب
|
يعزّ عليَّ أن ترى بي كآبة
|
|
فيشمت عادٍ أو يساء حبيب
|
يستفاد من هذه الفقرة أنّ الإمام عليهالسلام أعفى
عقيلاً وأولاده من حضور المعركة
__________________
وأجابه بصراحة تامّة « فأقم راشداً
محموداً ». ويظهر من هذه الجملة أنّ إقامته حيث هو لم تكن مجرّدة عن المسئوليّات بل عهد إليه أن يكون عوناً وعيناً للإمام عليهالسلام
حيث يقيم. وأخيراً نحصل من الكتاب وجوابه على نتائج متعدّدة :
الأُولى : بأنّ عقيلاً لم يفارق أمير المؤمنين ولم يذهب
إلى الشام في حياته كما صرّح بذلك ابن أبي الحديد.
الثانية : لم يغب عن الحرب بإعراض الإمام عنه بل
المستفاد من الكتاب عكس ذلك حيث أنّه تأخّر لاقتضاء المصلحة ذلك منه ، وهنا ينتفي ما توهّمه بعض القاصرين من عدم حضور الحروب الثلاثة التي خاضها أخوه الإمام عليهالسلام لعيب فيه كفقدان البصر مثلاً لأنّ تصوّر هذا الأمر باطل محضاً ، ولا يبعد أن يكون فقده بصره وبلوغه الثمانين عاملاً أساسيّاً في غيابه عن المعامع الثلاث إذ ما الفائدة المتوخّاه من شيخ أضرّ في الثمانين أن يحضر الحرب سوى أن يكون كلّاً إضافيّاً.
وأمّا أولاده السبعة فعند كلّ واحد بنت من بنات الإمام
ولا بدّ أن يكون تأيّمها صعباً على والدها وأمّا مسلم عليهالسلام
وقد مرّت الإشارة إلى حضوره وإسناد دور قيادي إليه فليس من المستبعد أن يكون قبل طلب أبيه الحضور في الميدان.
الثالثة : من النتائج توثيق عقيل ، فقد اتضح جليّاً خلال
ذلك الكتاب ويكون توقّف بعضهم في توثيقه لا محلّ له ، ولقد بالغ السيّد الجليل السيّد عبدالرزّاق المعاصر في كتابه العبّاس (ص ٤٦) في الثناء على عقيل نظماً ونثراً فراجعه هناك.
الرابعة : من الأكاذيب التي أُلصقت بساحة قدس عقيل
وأُوردت على لسان أمير المؤمنين عليهالسلام
أنّه كان عالماً بمثالب قريش فكرهوه ، ونقل هذه الفرية لا سيّد عبدالرزّاق عن الصفدي ، يقول : كان عقيل عالماً بمثالب قريش وكان محيطاً بعلم الأنساب وذا بديهة مِن ثمّ كرهه الناس فرموه بأُمور باطلة هو مبرءٌ منها ونسبوا
إليه الحمق ونالوا من جنابه بأقوال مفترات وهو بمنأيً عنها ووضعوا على لسان
أمير المؤمنين
بعضاً منها ليضعوا من قدره ويخدشوا كرامته .. كما يزعمون ويصمون أُسرة أبي طالب بوصمات لا حقيقة لها لكي يظهروهم بالمستوى الإنساني الأدنى هذا بعد عجزهم من الحطّ من مقام سيّد الأوصياء عليهالسلام فعمدوا إلى
نسج هذه الفرى الباطلة لأهله وإخوانه ورهطه الأدنين لا سيّما أباه أبا طالب عليهالسلام ولكن هذه القبيلة الطاهرة المطهّرة لا تؤثّر فيها افتعال الافتراءات الملفّقة
وشيئاً فشيئاً أفصحت عن نفسها هذه النيّة الخبيثة وعلم الجميع ببطلانها هذه النسب المردودة ، وعلموا أنّها بعيدة عن الصواب.
من ذلك ما رووه من أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال : ما
زلت مظلوماً منذ الصغر ولقد كان عقيل إذا اشتكى عينيه يقول : لا أدعكم تضعون فيها الدواء حتّى تضعوه في عين عليّ ، فيضعون الدواء في عيني لرضى به عقيل من غير علّة فيّ.
وإني ما فتأت يدركني العجب حين أقرأ مثل هذا القول
الباطل كيف قبلوه لأنّ سنّ عقيل أكبر من الإمام بعشرين عاماً وهل يقبل العقل هذا من شابّ في العشرين لا يقبل مداواته إلّا إذا تجرّع أخوه ابن الرابعة ما يتجرّعه من حرقة الدواء ؟! إنّ هذا لا يحدث أبداً مهما كان مستوى صاحبه من الضعة والانحطاط ، فما بالك بعقيل الذي رُبِّي في حجر أبي طالب وتغدّى من ثدي المعرفة بخاصّة في حقّ أخيه واسطة العقد وأصغر إخوته. أجل لا يصدر هذا إلّا من قلب ملئآن بالأحقاد والعداوات أو ظرف ينظر إلى أهل البيت نظر السوء ، وينسب هذه الافتراءات الشنيعة إلى ساحة قدس بيت الطهر والشرف والنبوّة ...
نعم ، كان أمير المؤمنين عليهالسلام
يقول : ما زلت مظلوماً منذ قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله
ولم يؤثر عنه غير هذا القول أبداً ، وغرضه من ذاك غصب حقّه ، وتقديم من لا يستحقّ التقديم عليه ، ولمّا علموا أنّ هذا القول يصيب جماعتهم حرّفوه إلى وجهة أُخرى غير وجهته ، وألصقوا هذا الطابع بذلك السيّد العظيم ، ولكن
هيهات ، لا تضمّ الشمس القبضة ، ولا
يوضع الماء في الغربال ، ولا تخفي الشمس حفنة من الرمال ، وعقيل فرع من الشجرة الطيّبة ، ونشأ في بيت الشرف والفضيلة ، وربّي فيه (وكان شريفاً مبجّلاً خلّف أولاداً كراماً (وهم) الذين لم يسبقهم سابق ولا يلحق لاحق ، ولو لم يكن لعقيل شيء من الخطر والعظمة لتسنّم بهؤلاء الأكارم أوج العُلا والرفعة) .
وكم أب قد علا بابن ذُرى شرف
|
|
كما علا برسول الله عدنان
|
وأما الحديدة المحماة : فليس فيها دلالة على ارتكاب عقيل
لمحظور أو أنّه تفلّت من أداء الواجب بل عمد الإمام بفعله هذا معه إلى تهذيبه ليرتفع بمستواه الخلقي فوق مستوى الإنسان العادي ، وينال الخلق الجدير به ، لأنّه من أبناء النبوّات ومن رهط الخلافة فكان الأليق به أن يجتنب حتّى المكروهات والأعمال التي يجلّ عنها مقامه الخاصّ.
أراد الإمام تفهيمه الضعف البشري الذي يأن من حديدة
محماة وما تزال بعيدة من جسمه ، فكيف به إذا غاص في لهوات النار الأُخرويّة التي تنتزع الجلد من العظم بشدّة ، وينبغي على الإنسان الكامل أن يقي نفسه الوقوع فيها ليقتدي به من هو دونه ، وربّما كان الفعل المباح يُعدّ ذنباً من عقيل ولا يلام عليه فاعل من
سائر الناس لأنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين.
سفره إلى الشام :
ونقل العلّامة المعاصر ميرزا خليل الكمرئي في كتابه « مسلم
» مضمون ما قاله سيّدنا المعاصر العلّامة البحّاثة عبدالرزّاق الموسوي المقرّم النجفي في كتاب العبّاس ، عن الدرجات الرفيعة لسيّد علي خان ، فيقول :
__________________
جزم العلّامة الجليل السيّد علي خان في الدرجات الرفيعة
أنّه يستفاد من الآثار الواردة في هذا الشأن أنّ سفر عقيل إلى الشام كان بعد استشهاد أمير المؤمنين عليهالسلام ، وبناءاً على هذا يكون ذهابه إلى الشام أمراً جرت به العادة ولم يقتصر الأمر عليه ،
بل كان أكثر الرجال المنتمين إلى أهل البيت بالنسب أو الولاء يذهبون إلى حاضرة معاوية في ذلك العهد المظلم بحكم الضرورة لأنّهم ذووا الحاجات ولا وسيلة لهم في الإبقاء على رمق الحياة أو الحيلولة دون هجوم معاوية عليهم إلّا بهذا ، ولا
يلام أيٌّ منهم على ذلك ، بل ربّما مدحهم العقلاء على هذا التصرّف لأنّ للتقيّة حكمها ولا لوم على المضطرّ إذا سلك مسلكاً لا مناص من سلوكه ، مضافاً إلى أنّ التحاق عقيل بمعاوية ليس اعترافاً بإمامته ولم يؤثّر عن جنانه خضوع أو استكانة منه إزاء هبات معاوية ، بل بعكس ذلك كان لا ينال منه معاوية إلّا التقريع واللوم وطعنه في حسبه ونسبه وإراقة ماء وجهه بكشفه مساوئه ومطاعنه مقرونة بالإشارة إلى فضل أخيه أمير المؤمنين عليهالسلام.
أقول : كان ذهاب عقيل إلى الشام واجباً يومذاك في نظري ـ
المؤلّف ـ والذي يعتقد بأنّ ذهابه كان طمعاً في المال ارتكب خطأ فاحشاً ، وكانت هذه النظرة سبباً في نقص شأن عقيل كما يتصوّر عند الناس لأنّه من رأى حقّه مغصوباً بأيدي الناس فعليه أن يستنقذه بالوسائل المُتاحة لديه ، ومعاوية اغتصب خمس بني هاشم واعتبره حقّاً من حقوقه كما فعل من كان قبله.
ولعقيل أُسرة مؤلّفة من ذكور وإناث ، ويحتاجون إلى
المعاش لتمتدّ بهم الحياة ، فما المانع أن يتذرّع عقيل بوسيلةٍ مّا لإنقاذ حقّه واستخلاص معاشهم من براثن العدوّ وإن كان بالهوادة واللين كالذهاب إلى الشام مثلاً ، فمن أيّ وجه يتوجّه اللوم إليه ؟
من جهة أُخرى لو أنّ عقيلاً أخلد إلى السكوت في المدينة
وقبل صلاة معاوية
الشحيحة القليلة لاعتبر ذلك رضاً منه
بولاية هذا الغاصب ، مِن ثمّ كان ذهابه إلى الشام بذلك اللسان الذي هو أمضى من شفرة الحسام وأحدّ من أنياب الضرغام بحيث طلى وجه معاوية بالغار وألبسه العار ، وساواه بالتراب النتن ، ونشر معايبه ومثالبه على ملأ من الناس ، وتوعية الناس بما عليه معاوية بدءاً وختاماً ، وأفئدة أعوانه وأصحابه بسهم ينتظمهم معه ، وكشف للناس أنّ أعوان معاوية وبطانته جميعاً أولاد زناً مضافاً إلى ما أظهره من حقّ أمير المؤمنين بالكناية أحياناً وبالتصريح أحياناً أُخرى ، عند معاوية وشيعته.
وممّا أفاد في قدومه على معاوية إبائه وشمم نفسه حيث رمى
على معاوية بمأة ألف أعطاها إيّاه ممّا حمل معاوية على الاعتذار إليه وعرّفه بأنّ لعقيل مبادئ
هامّة لا تُشترى بالبدر السمينة.
وإنّ سفراً يحتوي على هذه الفوائد يعتبر سفراً لازماً بل
واجباً يحتمه الشرع والخلق ، والآن لننظر في جملة من الأقوال والأحداث التي جرت بين معاوية وبين عقيل :
في العقد الفريد : قال ابن عبد ربّه : قال معاوية يوماً
لعقيل : يا أبا يزيد ، أجيشي خير أم جيش أخيك ؟ فقال عقيل : مررت بعسكر أخي فرأيت ليلهم كليل رسول الله صلىاللهعليهوآله
ويومهم مثل يومه إلّا أنّ رسول الله ليس فيهم فما رأيت منهم إلّا قائماً مصلّياً ولم أسمع إلّا تالياً لكتاب الله ، ولمّا مررت بعسكرك استقبلني أبو الأعور
السلمي ومعه جمع من المنافقين الذين نفّروا برسول الله ليلة العقبة ليغتالوه أو
أنّه قال : ليلهم كليل أبي سفيان ويومهم مثل يومه إلّا أنّه ليس فيهم .
وذكر الشيخ الطوسي في أماليه عن أبي عبدالله الصادق عليهالسلام أنّه قال :
وبلغ ذلك
__________________
معاوية ـ أي
قدوم عقيل عليه ـ فقال : اركبوا أفره دوابّكم والبسوا من أحسن ثيابكم فإنّ عقيلاً قد أقبل نحوكم وأبرز معاوية سريره فلمّا انتهى إليه عقيل قال : مرحباً
بك يا أبا يزيد ، ما نزع بك ؟ قال : طلب الدنيا من مظانّها (إلى أهل الدنيا) .
أقول : بهذه الكلمة نفى استحقاق معاوية للخلافة لأنّ
خليفة المسلمين لا ينبغي أن يميل إلى الدنيا ....
قال : وقّفت وأصبت ، قد أمرنا لك بمائة ألف ، فأعطاه
المائة ألف ثمّ قال : أخبرني عن العسكرين اللذين مررت بهما : عسكري وعسكر عليّ ، قال : في الجماعة أخبرك أو في الواحدة ؟ قال : بل في الجماعة ، قال : مررت على عسكر عليّ فإذا ليل كليل النبيّ صلىاللهعليهوآله
ونهار كنهار النبيّ صلىاللهعليهوآله
إلّا أنّ رسول الله ليس فيهم ، ومررت على عسكرك فإذا أوّل من استقبلني أبو الأعور وطائفة من المنافقين والمنفّرين برسول الله صلىاللهعليهوآله
إلّا أنّ أبا سفيان ليس فيهم ، فكفّ عنه حتّى إذا ذهب الناس قال له : يا أبا يزيد ، أيش صنعت بي ؟ قال : ألم أقل لك في الجماعة أو في الوحدة ، فأبيت عليَّ ، قال : أمّا الآن فاشفني من عدوّي ، قال : ذلك عند الرحيل .
وقال معاوية لعقيل : يا أبا يزيد ، أنا لك خير من أخيك
عليّ ، والله إنّ عليّاً غير حافظ لك ، قطع قرابتك وما وصلك ولا اصطنعك. فقال له عقيل : والله لقد أجزل العطيّة وأعظمها ، ووصل القرابة وحفظها ، وحسن ظنّه بالله إذ ساء به ظنّك ، وحفظ أمانته وأصلح رعيّته إذ خنتم وأفسدتم وجرتم ، فاكفف لا أباً لك فإنّه بمعزل عمّا تقول.
وقال له معاوية يوماً : أبا يزيد ، أنا لك خير من أخيك
عليّ ، قال : صدقت ، إنّ
__________________
أخي آثر دينه على دنياه وأنت آثرت
دنياك على دينك فأنت خير لي من أخي ، وأخي خير لنفسه منك .
ثمّ صاح عقيل بأعلى صوته : يا أهل الشام ، إنّي رأيت أخي وضع دينه أمام دنياه وخاف من الله ولم يخش لومة لائم ، ورأيت معاوية وضع دنياه أمام دينه وراح يعدو ورائه ، وركب مركب الضلالة واتّبع هواه ، لذلك أعطاني هذا النزر اليسير الذي لم يعرق بجمعه جبينه ، ولم تجهد به يمينه ، ولكن الله أجراه على يديه وعليه حسابه غداً وليس عليَّ ، فلن أشكره ولن أحمده ، ثمّ أقبل على معاوية وقال : يابن هند ، إنّك تعطي الإحسان ولكنّك تكدّره بالمنّ والقول القبيح ، فاصبر لعلّ الذي تخشاه يخترمك مفاجئة من حيث لا تشعر.
فغضب معاوية من هذا القول الذي هو أشدّ عليه من لدغ
الأفاعي فطأطأ برأسه إلى الأرض ثمّ رفعه وقال : وماذا أصنع ؟ ومتى أُرضي بني هاشم بإعطائهم حقّهم ؟! ثمّ أنشد :
أزيدهم الإكرام لي يشعبوا العصا
|
|
فيأبي لدى الإكرام ألّا يكرّموا
|
وها أنا ذا أعطفتهم رقّة بهم
|
|
نأوا حسداً عنّي فكانوا هم هم
|
وأعطيتهم صفو الحياة كأنّني
|
|
معاً وعطاياي المباحة علقم
|
وأغضي عن الذنب الذي لا يقيله
|
|
من القوم إلّا الهزبريّ المعقم
|
حبّاً واصطباراً وانعطافاً ورقّة
|
|
وأكظم غيظ القلب إذ ليس يكظم
|
وخلاصة الحديث إنّ معاوية شرع بهذه الأبيات بتقريع بني
هاشم وتبكيتهم ، فيقول : أزيد بني هاشم عطاءاً ويأبون الإكرام ، وأعطف عليهم ويبعدوني عنهم
__________________
بالحسد وهم هم ، وأنا أبرّهم صفاءاً
ومودّة وإخاءاً وأرحمهم وأجزل عطائهم وكأنّني أسقيهم السمّ الناقع ، وأغضي عن هناتهم وعوارتهم وأصب وأحلم عنهم وأكظم غيظي في مواضع ينكر الحلم فيها الحليم.
ثمّ أقبل على عقيل وقال : يابن أبي طالب ، أُقسم بالله
لولا أنّ الناس يرمونني بالعجلة ويقولون ضاق ذرعاً به واكتوى قلبه بلسانه وعجز عن جوابه لتركت رأسك أخف بأيدي الرجال من حبّ الحنظل ، أي إنّي أقتلك حتّى يتهادى الرجال رأسك.
فلمّا سمع عقيل شعره أخذ ينشده بجرأة وعدم مبالاة ، فقال
:
عذيرك منهم من يلوم عليهم
|
|
ومن هو منهم في المقالة أظلم
|
لعمرك ما أعطيتهم منك رأفة
|
|
ولكن لأسباب وحولك علقم
|
أبي لهم أن ينزل الذلّ دارهم
|
|
بنو حرّة زهر وعقل مسلم
|
وإنّهم لم يقبلوا الذلّ عنوة
|
|
إذا ما طغى الجبار كانوا هم هم
|
فدونك ما أسديت فاشدد يداً به
|
|
وخيرك المبسوط والشرّ فالزموا
|
قال هذا ورماه ببدرة المال وخرج من المجلس. فاغتمّ
معاوية من فعله وقوله وندم على ما قال ، فكتب إليه كتاباً سجحاً سمحاً ويدعوه للعودة إليه ، لأنّه رأى فتله قد انكث وغرضه قد انتقض لأنّه أراد أن يوهم الناس بأنّ عقيلاً معهم ومنتسب إلى حزبهم.
ثمّ كتب معاوية إلى عقيل :
أمّا بعد ، يابن عبدالمطّلب ، أُقسم بالله إنّكم فرع من
قصى ولبّ لباب عبد مناف والمصطفون من نسل هاشم ، عقلكم راسخ ، استوت عليكم خلع الكمال والفضيلة ، وبكم ازدانا ، وثمّ ما زلتم أصحاب الأمر والنهي ، لكم أخلصت القبائل وأحبّتكم ، ولكم العفو والصفا ، وأنتم أهل الوفاء وقرن فضلكم بشرف النبوّة
وعزّ الرسالة ، والله إنّي لنادم لما
جرى منه غاية الألم ، وإنّي أُعاهدك على أن لا أعود لمثله حتّى أُضع في حفرتي.
فكتب إليه عقيل في جوابه :
صدقت وقلت حقّاً غير أنّي
|
|
أرى أن لا أراك ولا تراني
|
ولست أقول سوءاً في صديقي
|
|
ولكنّي أصدّ إذا جفاني
|
فعاد معاوية وكتب إليه واستعتبه وأقسم عليه أن يحسن
العفو وأصرّ عليه وبالغ بالإلحاح حتّى عاد إليه ، فقال له معاوية : لماذا جفوتنا يا أبا يزيد ؟ فأجابه
بهذا البيت :
وإنّي امرئ منّي التكرّم شيمة
|
|
إذا صاحبي يوماً على الهون أضمرا
|
يابن أبي سفيان ، إنّ الدنيا وإن مهّدت لك المهاد ومدّت
عليك سجفها ، نسجت لك غزلها ، فهي لا تعدل عندي شيئاً يزيد رغبتي بك أو فرقي منك لكي أذلّ لك.
فقال معاوية : يا أبا يزيد ، لقد وصفت الدنيا وصفاً
ارتعدت له فرائصي ، ثمّ قال له : يا أبا يزيد ، إنّك اليوم علينا لعزيز ولدنيا لحبيب ، وأنا لم أضمر لك الشرّ
في دخائلي .. وإلى هنا ختم السيّد عبدالرزّاق المقرّم هذه النقول أخذاً من الدرجات الرفيعة والعقد الفريد وربيع الأبرار وأوردها في كتابه العبّاس ، وأنا روّبت مضمون
النقل وظهر من
هذا كلّه عظم مقام عقيل.
روى الشيخ الطوسي في الأمالي وأوصل السند إلى الإمام
الصادق عليهالسلام
أنّه قال : جاء عقيل إليكم بالكوفة وكان عليّ عليهالسلام
جالساً في صحن المسجد وعليه قميص
__________________
سنبلانيّ ، قال : فسأله ، فقال : أكتب
لك إلى ينبع ، قال : ليس غير هذا ؟ قال : لا ، فبينما هو كذلك إذ أقبل الحسين عليهالسلام
، فقال : اشتر لعمّك ثوبين ، فاشترى له ، قال : يابن أخي ، ما هذا ؟ قال : هذه كسوة أمير المؤمنين ، ثمّ أقبل حتّى انتهى إلى عليّ عليهالسلام
، فجلس يضرب يده على الثوبين وجعل يقول : ما ألين هذا الثوب يا أبا يزيد ! قال : يا حسن ، خذ عمّك ، قال : والله ما أملك صفراء ولا بيضاء. قال : فمر
له ببعض ثيابك ، قال : فكساه بعض ثيابه ، قال : يا محمّد ، أخذ عمّك ، قال : والله ما أملك درهماً ولا ديناراً ، قال : فاكسه بعض ثيابك ، قال عقيل : يا أمير المؤمنين ، ائذن لي إلى معاوية ، قال : في حلّ محلّل ، فانطلق نحوه وبلغ ذلك معاوية ... الحديث .
فضح معاوية وجلسائه
وفي الأمالي أيضاً أنّ عقيلاً سأل معاوية يوماً وقد قدم
عليه : من ذا عن يمينك ؟ قال : عمرو بن العاص ، فتضاحك ثمّ قال : لقد علمت قريش بالمدينة أنّه لم يكن أخصى لتيوسها من أبيه ، ثمّ قال : من هذا ؟ قال : هذا أبو موسى ، فتضاحك ثمّ قال :
لقد علمت قريش بالمدينة أنّه لم يكن بها امرأة أطيب ريحاً من قبّ أُمّه ، وكناية عن كونها معروفة بالزنا عند الرجال .
وفي رواية ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : إنّ
عقيلاً قال لمعاوية : من هذا عن يمينك يا معاوية ؟ قال : هذا عمرو بن العاص. قال : هذا الذي اختصم فيه ستّة نفر فغلب عليه جزّار قريش ، فمن الآخر ؟ قال : الضحّاك بن قيس الفهري ،
__________________
قال : أما والله لقد كان أبوه جيّد
الأخذ لعسب التيوس
، فمن الآخر ؟ قال : أبو موسى الأشعري ، قال : هذا ابن السراقة.
فلمّا رأى معاوية أنّه قد أغضب جلسائه علم أنّه إن
استخبره عن نفسه قال فيه سوءاً فأحبّ أن يسأله ليقول فيه ما يعلمه من السوء فيذهب بذلك غضب جلسائه ، فقال : يا أبا يزيد ، فما تقول فيّ ؟ قال : دعني من هذا. قال : لتقولنّ ،
قال : أتعرف حمامة ؟ قال : ومن حمامة يا أبا يزيد ؟ قال : قد أخبرتك ، ثمّ قام فمضى فأرسل معاوية إلى النسّابة فدعاه فقال : من حمامة ؟ قال : ولي الأمان ؟ قال : نعم ،
قال : حمامة جدّتك أُمّ أبي سفيان كانت بغيّاً في الجاهليّة صاحبة راية ، فقال معاوية لجلسائه : قد ساويتكم عليكم فلا تغضبوا .
ويقول أيضاً : وقال معاوية لعقيل : إنّ فيكم يا بني هاشم
ليناً ، قال : أجل إنّ فينا ليناً من غير ضعف وعزّاً من غير عنف ، وإنّ لينكم يا معاوية غدر وسلمكم كفر ، فقال معاوية : ولا كلّ هذا يا أبا يزيد.
وقال الوليد بن عقبة لعقيل في مجلس معاوية : غلبك أخوك
يا أبا يزيد على الثروة ؟ قال : نعم ، وسبقني وإيّاك إلى الجنّة. قال : أما والله إن شدقيه
لمضمومان من دم عثمان. فقال : وما أنت وقريش ! والله ما أنت فينا إلّا كنطيح التيس. فغضب الوليد وقال : والله لو أنّ أهل الأرض اشتركوا في قتله لأرهقوا صعوداً ، وإنّ أخاك
لأشدّ هذه الأُمّة عذاباً ، فقال : صه ! والله إنّا لنرغب بعبد من عبيده عن صحبة
أبيك عقبة بن أبي معيط.
__________________
وقال أيضاً وعنده عمرو بن العاص وقد أقبل عقيل : لأُضحكنّك
من عقيل ، فلمّا سلّم قال معاوية : مرحباً برجل عمّه أبو لهب ، فقال عقيل : وأهلاً برجل
عمّته حمّالة الحطب في جيدها حبل من مسد ، لأنّ امرأة أبي لهب أُمّ جميل بنت حرب ابن أُميّة (أُخت أبي سفيان وعمّة معاوية) .
قال معاوية : ما ظنّك بعمّك أبي لهب ! قال : إذا دخلت النار فخذ على يسارك تجده مفترشاً عمّتك حمّالة الحطب ، أفناكح في النار خير أم مكنوح ! قال : كلاهما شرّ والله .
وفي رواية أُخرى أنّ عقيلاً لمّا استقرّ عند معاوية أقبل
على الناس وقال : أتعرفون هذا ؟ عمّه أبو لهب. فقال عقيل : وهذا عمّته حمّالة الحطب في جيدها حبل من مسد.
وقال أيضاً : قال الوليد لعقيل يوماً : غلبك أخوك يا أبا
يزيد على الثروة ، قال : نعم وسبقني وإيّاك إلى الجنّة.
وروى أيضاً في شرح نهج البلاغة قال : سأل معاوية عقيلاً
عن قصّة الحديدة المحماة المذكورة فبكى وقال : أنا أُحدّثك يا معاوية عنه ، ثمّ أُحدّثك عمّا سألت ،
نزل بالحسين ابنه ضيف فاستسلف درهماً اشترى به خبزاً واحتاج إلى الأدام فطلب من قنبر خادمهم أن يفتح له زقّاً من زقاق عسل جاءتهم من اليمن ، فأخذ منه رطلاً فلمّا طلبها عليهالسلام
ليقسمها ، قال : يا قنبر ، أظنّ أنّه حدث بهذا الزقّ حدث ، فأخبره فغضب عليه وقال : عليَّ بحسين ، فرفع عليه الدرّة فقال : بحقّ عمّي جعفر ، وكان إذا سُئل بحقّ جعفر سكن ، فقال : ما حملك أن أخذت منه قبل القسمة ؟ قال : إنّ لنا فيه حقّاً فإذا أُعطيناه رددناه ، قال : فداك أبوك وإن كان
لك فيه
__________________
حقّ فليس لك أن تنتفع بحقّك قبل أن
ينتفع المسلمون بحقوقهم ، أما لولا أنّي رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله
يقبّل ثنيّتك لأوجعتك ضرباً ، ثمّ دفع إلى قنبر درهماً كان مصروراً في ردائه وقال : اشتر به خير عسل تقدر عليه ....
قال عقيل : والله لكأنّي أنظر إلى يدي عليّ وهي على فم
الزقّ وقنبر يقلّب العسل فيه ثمّ شدّه وجعل يبكي ويقول : اللهمّ اغفر لحسين فإنّه لم يعلم.
فقال معاوية : ذكرت من لا ينكر فضله ، رحم الله أبا حسن
فلقد سبق من كان قبله وأعجز من يأتي بعده ، هلمّ حديث الحديدة.
قال : نعم ، أقويت وأصابتني مخمصة شديدة فسألته فلم تندّ
صفاته ، فجمعت صبياني وجئته بهم والبؤس والضرّ ظاهران عليهم ، فقال : ائتني عشيّة لأدفع إليك شيئاً ، فجئته يقودني أحد ولدي فأمره بالتنحّي ، ثمّ قال : ألا فدونك فاهويت حريصاً قد غلبني الجشع أظنّها صرّة فوضعت يدي على حديدة تلتهب ناراً ، فلمّا قبضتها نبذتها وخرت كما يخور الثور تحت يد جازره ، فقال لي : ثكلتك أُمّك ، هذا من حديدة أوقدت لها نار الدنيا فكيف بك وبي غداً إن سلكنا في سلاسل جهنّم ، ثمّ قرأ : (
إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ )
ثمّ قال : ليس لك عندي فوق حقّك الذي فرضه الله لك إلّا ما ترى ، فانصرف إلى أهلك.
فجعل معاوية يتعجّب ويقول : هيهات هيهات ، عقمت النساء
أن يلدن مثله .
__________________
أقول : هذه شذرة مختصرة من أقوال عقيل وأفعاله جرت على
القلم ، ومن مجموعها يتجلّى لنا عقيل كاملاً في إيمانه ، خالصاً في ولايته ومحبّته ، فهو عدل ثقة لا مرية فيه ، والحمد لله.
٣٢
ـ جعفر بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام
أُمّه أُمّ البنين وهي والدة أخيه قمر بني هاشم ، وقد
ذكرنا ترجمتها بتفصيل في كتابنا رياحين الشريعة.
وفي زيارة الناحية : السلام على جعفر بن أمير المؤمنين عليهالسلام الصابر
بنفسه محتسباً ، والنائي عن الأوطان مغترباً ، المستسلم للنزال ، المستقدم للقتال ، المكسور بالرجال ، لعن قاتله هاني بن ثبيت الحضرمي ».
ويقول في مقاتل الطالبيّين : قُتل جعفر وهو ابن تسعة
وعشرين سنة .
وقيل : إنّ الإمام سمّاه باسم أخيه جعفر عليهالسلام لشدّة حبّه
له.
وقال ابن شهر آشوب في المناقب : إنّ جعفراً بن أبي طالب
برز وهو يرتجز :
إنّي أنا جعفر ذو المعالي
|
|
ابن عليّ الخير ذي النوال
|
ذاك الوصيّ ذو الثناء الوالي
|
|
حسبي بعمّي شرفاً وخالي
|
|
أحمي حسيناً ذا الندى المفضال
|
|
وذكره في أعيان الشيعة فقال : عدّه الشيخ في رجاله من
أصحاب الحسين عليهالسلام
__________________
الذين قاتلوا معه في كربلاء ، وأوّل
شهيد من أولاد أُمّ البنين هو عبدالله في الخامسة والعشرين من عمره ، وبعده جعفر أخوه وعمره تسع وعشرون سنة ، وبعده عثمان وعمره واحد وعشرون عاماً ، وبعده العبّاس وله خمس وثلاثون سنة ، وهؤلاء الإخوة الثلاثة استشهدوا قبل قمر بني هاشم عليهمالسلام
، ولمّا حمل جعفر على القوم كان كأنّه الصل المرتعش أو الليث الغضبان ، فقتل من جيش الكفر جماعة وأسكنهم دار البوار ، عند ذلك رماه اللعين خولّى بسهم فوقع في جبهته ، وحمل عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فضربه فقتله ، وحمل رأسه إلى ابن سعد لعنه الله.
وهو وضعوا بين الأكفّ رؤوسهم
|
|
لنصر حسين والفؤاد مضرّم
|
يخوضون تيّار الحروب ومالهم
|
|
سوى الموت همٌّ أو سوى القتل مغنم
|
سقوا بدم الأعداء حدّ سيوفهم
|
|
وما ابتلّ من ماء الفرات لهم فم
|
فباتوا على وجه الصعيد كأنّهم
|
|
نجوم ولكن بالدماء مغيّم
|
مآتم كانت بالعراق تعدّها
|
|
أُميّة من أعيادها وتعظّم
|
٣٣ ـ جنادة بن كعب
ذكره العاملي في أعيان الشيعة والسماوي في إبصار العين ، وقالوا عنه : جنادة بن كعب الأنصاري الخزرجي من خُلّص شيعة أمير المؤمنين عليهالسلام ، كان ممّن
صحب الحسين من مكّة وجاء معه هو أهله ، فلمّا كان يوم الطفّ تقدّم إلى القتال فقُتل في الحملة الأُولى .
__________________
٣٤
ـ جنادة بن الحرث الأنصاري
قال المامقاني في ترجمته : جنادة بن الحرث السلماني
الأزدي ، وسلمان بطن من مراد ، ومراد بطن من مذحج. ويقول : وليس بعيداً أن يكون سلمان اسم مكان ونُسب إليه. ونقل عن الشيخ الطوسي أنّ جنادة من أصحاب الحسين عليهالسلام الذين استشهدوا معه في كربلاء .
وفي تاريخ ابن عساكر نفسه عن ابن مسعود أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كتب إلى
جنادة بن الحارث كتاباً وفيه : هذا كتاب من محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآله
إلى جنادة وقومه ومن اتّبعه أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويطيعوا الله ورسوله ، ومن فعل ذلك منهم فإنّه في أمان الله ورسوله (أو كما كتب صلىاللهعليهوآله)
.
وقال نصر بن مزاحم المنقري في كتاب صفّين : إنّ جنادة بن
الحرث كان يقاتل بين يدي أمير المؤمنين ويظهر الشجاعة.
ولكن ابن الأثير الجزري وضع مكان جنادة جبّار بن الحرث
ولا شكّ في تصحيفه لأنّ جنادة من مشاهير الرجال كما ضبطه العلّامة في إيضاح الاشتباه ، وأبو علي في الرجال : جنادة بالجيم المعجمة المفتوحة والنون والألف والدال المهملة بعدها الهاء.
وقال في إبصار العين : كان جنادة من مشاهير الشيعة ومن
أصحاب
__________________
أمير المؤمنين عليهالسلام ، وكان خرج
مع مسلم أوّلاً فلمّا نظر الخذلان خرج إلى الحسين عليهالسلام
مع عمرو بن خالد الصيداوي وجماعة (في عذيب الهجانات) فمانعهم الحرّ بن يزيد الرياحي (وقال : هؤلاء النفر الأربعة قدموا من الكوفة
وعليَّ ردعهم بالحبس أو بردّهم إلى الكوفة ، فقال الحسين : هؤلاء أنصاري وهم بمثابة من جاء معي ، وإنّي أمنعهم ممّا امنع منه نفسي ، فإن أقمت على رأيك قاتلتك ، فامتنع الحرّ من التعرّض لهم) .
ويقول في منتهى الآمال تحت عنوان شهادة طائفة من الصحابة
: روي أنّ عمرو ابن خالد الصيداوي وجنادة بن الحرث السلماني وسعد مولى عمرو بن خالد ومجمع بن عبدالله العائذي جاهدوا في أوّل القتال وسلّوا سيوفهم وحملوا على عسكر ابن سعد ، فلمّا توسّطوا العسكر أحاط بهم من كلّ جهة وحالوا بينهم وبين الحسين عليهالسلام
، فانتدب إليهم أخاه أبا الفضل العبّاس وخلّصهم من الحصار وقد جرحوا وعاد الجيش فحمل عليهم وحملوا عليه بأجمعهم وقاتلوا حتّى استشهدوا في مكان واحد.
مررت بكربلاء فهاج وجدي
|
|
مصارع فتية غُرّ كرام
|
حماة لا يضام لهم نزيل
|
|
أماجد بُرّئوا من كلّ ذام
|
جسوم تنطف العبرات فيها
|
|
كما نطف العبير على الأكام
|
وفي زيارة الناحية : « السلام على جنادة بن الحرث
السلماني الأزدي ».
ويقول ابن شهر آشوب في المناقب : ثمّ برز جنادة بن الحرث
الأنصاري وهو يرتجز ويقول :
أنا جناد وأنا ابن الحارث
|
|
لست بخوّار ولا بناكث
|
__________________
عن بيعتي حتّى يرثني وارثي
|
|
اليوم شلوي في الصعيد ماكث
|
فقتل ستّة عشر رجلاً
واستشهد.
٣٥
ـ جندب بن حجير
على وزن زبير ، وجندب بضمّ الجيم وسكون النون وفتح الدال
المهملة باء بعدها ، ذكره العلّامة في إيضاح الاشتباه ، وذكر الشيخ الطوسيّ في رجاله : إنّه من
وجوه الشيعة وأصحاب الحسين .
وقال المامقاني : كان في حرب صفّين مع أمير المؤمنين
أميراً على قبيلة كندة والأزد .
وقال أبو مخنف : جندب بن حجير الكندي خرج من الكوفة
والتحق بالحسين في حاجر من بطن الرملة قبل لقائه بالحرّ بن يزيد الرياحي.
وفي رواية الطبري والحدائق الورديّة : إنّه استشهد يوم
العاشر من المحرّم في الحملة الأُولى ، وورد عليهالسلام
في زيارة الناحية والزيارة الرجبيّة.
٣٦
ـ جون مولى أبي ذر
ذكره الشيخ وأبو علي وابن داود والمامقاني وصاحب الإصابة
وأُسد الغابة
__________________
وإبصار العين واللهوف والمناقب وشرح
الشافية وغيرهم .
وكان جون مولى أبي ذر عبداً أسود من أهل النوبة ، وكان الفضل بن عبّاس بن عبدالمطّلب مولاه فاشتراه أمير المؤمنين بمائة وخمسين ديناراً ووهبه لأبي ذر ليخدمه ، وبقي عند أبي ذر حتّى نفاه عثمان إلى الربذة فذهب معه إلى الربذة إلى أن توفّي أبو ذرّ عاد إلى المدينة في العام الثاني والثلاثين أو الواحد والثلاثين ، واتصل بالإمام أمير المؤمنين عليهالسلام
وعاش معه وبعد شهادته لجأ إلى الأمام الحسن عليهالسلام
وبعد شهادته لجأ إلى الإمام الحسين عليهالسلام
وكان يقوم على خدمة الإمام زين العابدين عليهالسلام
إلى أن خرج الإمام الحسين من المدينة إلى مكّة ومنها إلى كربلاء ، فكان جون معهم.
__________________
وذكر الطبري وابن الأثير وصاحب مقاتل الطالبيّين أنّ جون
ماهر في صنع السلاح وكانت بصيرته تامّة به ، وله قدرة على ترميمه لذلك لم يكن ليلة عاشوراء مع الحسين في الخيمة سواه (يعالج سيفه ويصلحه) .
روى الشيخ المفيد في الإرشاد عن الإمام زين العابدين عليهالسلام أنّه قال :
إنّي لجالس في تلك العشيّة التي قُتل أبي في صبيحتها ، وعندي عمّتي زينب تمرّضني إذ اعتزل أبي في خباء له وعنده جون مولى أبي ذر الغفاري وهو يعالج سيفه ويصلحه ، وأبي يقول :
يا دهر أُفّ لك من خليل
|
|
كم لك بالإشراق والأصيل
|
من صاحب أو طالب قتيل
|
|
والدهر لا يقنع بالبديل
|
وإنّما الأمر إلى الجليل
|
|
وكلّ حيّ سالك سبيلي
|
فأعادها مرّتين أو ثلاثاً حتّى فهمتها وعرفت ما أراد ، فخنقتني
العبرة فرددتها ولزمت السكوت وعلمت أنّ البلاء قد نزل ، وأمّا عمّتي فإنّها سمعت ما سمعت وهي امرأه ، ومن شأن النساء الرقّة والجزع ، فلم تملك نفسها أن وثبت تجرّ ثوبها وإنّها لحاسرة حتّى انتهت إليه ، فقالت : واثكلاه ! ليت الموت أعدمني الحياة ، اليوم
ماتت أُمّي فاطمة وأبي علي وأخي الحسن .. الخ .
وقال السيّد في اللهوف : ثمّ برز جون مولى أبي ذر وكان
عبداً أسود ، فقال له الحسين عليهالسلام
: أنت في إذن منّي فإنّما تبعتنا طلباً للعافية فلا تبتل بطريقنا (فوقع جون على قدمي أبي عبدالله يقبّلهما ويقول :) يابن رسول الله ، أنا في الرخاء
__________________
ألحس قصاعكم وفي الشدّة أخذلكم ، والله
إنّ ريحي لنتن ، وإنّ حسبي للئيم ولوني لأسود وريحي لنتن ، فتنفّس عليَّ بالجنّة لتطيب ريحي ويبيضّ لوني ، لا والله لا أُفارقكم حتّى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم (فاذن له الحسين) ثمّ برز رضوان الله عليه
وهو يرتجز يقول :
كيف ترى الفجّار ضرب الأسود
|
|
بالمشرفيّ القاطع المهنّد
|
أحمي الخيار من بني محمّد
|
|
أذبّ عنهم باللسان واليد
|
أرجو بذاك الفوز عند المورد
|
|
من الإله الواحد الموحّد
|
وحمل عليهم حملة منكرة حتّى نال الشهادة رضوان الله عليه.
وقال في منتهى الآمال بأنّه قتل خمساً وعشرين رجلاً
أرسلهم إلى دار البوار حتّى استشهد ، فوقف عليه الحسين عليهالسلام
وقال : اللهمّ بيّض وجهه وطيّب ريحه واحشره مع الأبرار ، وعرّف بينه وبين محمّد صلىاللهعليهوآله.
روى الصدوق في الخصال عن الباقر عن أبيه السجّاد عليهماالسلام ، قال : إنّ
بني أسد الذين حضروا المعركة ليدفنوا القتلى وجدوا جوناً بعد عشرة أيّام تفوح منه رائحة المسك ...
وهذه أبيات في رثاء جون :
آزادهٴ فرخنده نسبْ جونِ نکونام
|
|
کز خدمت شه يافت نکونامى ايّام
|
ناليد وهمى گفت بشاهنشه اسلام
|
|
کاين بنده که پرورده از آن سفرهٴ انعام
|
زين چشمهٴ توفيق چرا در نکشد جام
|
|
کز بهر نثار تو بپرورده مرا مام
|
|
گر خون سياهست تو را قابل قربان
|
|
__________________
هر چند که بويم بته رنگ سياهست
|
|
پاکيزه وروشن شود ار قابل شاهست
|
با مهر تواَم چهره سيه خيرت ماه است
|
|
سرگشتهٔ راه تور دادار گواه است
|
اين است مقصد وجان واقف راه است
|
|
درشاه پرستى همه را رتبه وجاه است
|
|
منهم بفداى تو غلامِ درِ ايشان
|
|
مقابلة بالعربيّة ..
لقد زاد عزّاً في الزمان تطامنت
|
|
له غرر الأحساب جون بجهده
|
غداة سما إذن الجهاد بنفسه
|
|
ونال بسيف قاتل نجم سعده
|
وقال لمولاه الحسين ودمعه
|
|
يسيل كغيث هاطل فوق خدّه
|
أمولاي إنّي العبد عند قصاعكم
|
|
فهل يمنع المولى شهادة عبده
|
لعلّي أنال المجد تحت لوائكم
|
|
وهل يرتقي الإنسان إلّا بمجده
|
أرى الفوز في لقيا الحمام بساحكم
|
|
كراضٍ بلسع النحل من أجل شهده
|
ولوني وريحي قد هوى بي كلاهما
|
|
فدعني ينلني المجد سيفي بحدّه
|
ولا حسبي زاكٍ ولا الأصل صالح
|
|
فلا تحرم العبد الجنان بردّه
|
عساني أنال الخير عند محمّد
|
|
وأصبح يوم الحشر من بعض جنده
|
فيبيضّ وجهي أو تطيب أرومتي
|
|
ويعذب ريحي إذ أفوز بوعده
|
أقيل غداة الروع تحت أراكه
|
|
وأسعد في اللأواء في ظلّ رنده
|
ويخلد ذكري في الزمان ومن ينل
|
|
رضاكم غداً يوم القيامة يجده
|
وأسعد في لقيا التبولة إذ ترى
|
|
دم السبط يلقى المزج في دم عبده
|
__________________
معراج المحبّة :
شهش فرمود کاى عبد وفادار
|
|
تو آزادى از اين ميدان پيکار
|
تو تابع آمدى ما را براحت
|
|
ميفکن خويش را در رنج و زحمت
|
غمين شد جان جون سختْ پيمان
|
|
بشه گفت اين سخن با چشمِ گريان
|
بپروردم بسى بى رنج و زحمت
|
|
ز باقى ماندهٔ آن خان نعمت
|
نمک نشناسى اى شه از پليدى است
|
|
فدا گشتن جزاى کاسه ليسى است
|
نسب باشد لئيم وچهرهام تار
|
|
تنم بى قدر وخونم همچه مردار
|
بمن منّت نه اى دادار گردون
|
|
که گردد رشک مشک نافهام خون
|
نمىخواهى که روى تيرهٔ من
|
|
شود چون مهر روز حشر روشن
|
سيه خون را چه سر در جنگ بازم
|
|
به خونهاى شما مخلوط سازم
|
اجازت يافت جون با سعادت
|
|
روان شد سوى ميدان شهادت
|
ز هستى رو سوى ملک بقا کرد
|
|
شه آمد بر سر بالين دعا کرد
|
ز تأثير دعاى شاه شافع
|
|
ز جسمش بود بوى مشک شافع
|
تنش ديدند همچون نقره پاک
|
|
چه ماه افتاد از افلاک بر خاک
|
مباراة بالعربيّة :
قال له مولاه يا عبدي الوفي
|
|
إنّك حرّ فتحمّل أو قف
|
تبعتنا تطلب منّا العافية
|
|
ونعمة لدى الكرام وافيه
|
إيّاك أن تقذف في هذا القضا
|
|
نفساً وإن كان لك القتل رضا
|
قد عشت فينا عمراً مستعبداً
|
|
مضيّعاً فلا تكن لنا الفدا
|
فغصّ بالدمع وقال سيّدي
|
|
سوف ترى الكفّار ضرب الأسود
|
قضيت عمري لاحساً قصاعكم
|
|
وكم شبعت حين نلت صاعكم
|
فهل ترى لي أن أدير ظهري
|
|
وقد قضيت في فناكم عمري
|
أهرب من هذا الردى إلى ردى
|
|
هيهات حتّى أغتدي لك الفدى
|
ضِعةُ أصلي وسواد لوني
|
|
لذاك أُدعى بينهم بالجون
|
رائحتي ينفر منها الشمّ
|
|
وليس لي أب هنا أو عمّ
|
كيف أُخلّيك وحيداً فردا
|
|
قد حشد الرجس عليك الجندا
|
مننت من قبل وأكثرت المنن
|
|
فمن هذا اليوم بالقول الحسن
|
وأذن لكي ألتحف الشهاده
|
|
فإنّها من بعدها السعاده
|
رائحتي تطيب مثل أصلي
|
|
ولم تطب إلّا بحسن الفعل
|
ويشرق الجبين منّي بالسنا
|
|
ملتمعاً ساعة أحظى بالمنى
|
وما المنى غير جهاد بالسيف
|
|
حين به آخذ منهم حيفي
|
ألست ترضى سيّدي للوني
|
|
بأن يكون كالسناء الجون
|
ويغتدي المسك إذا المسك انفتق
|
|
يقول هذا ريح جون من نشق
|
والله لا برح أو تنساب
|
|
دمائنا ويُصبغ التراب
|
إن مازجت دمائكم دمائي
|
|
فذاك عندي غاية الرجاء
|
أُرضي به الله واُرضي المصطفى
|
|
مولاي قلبي للقائه هفا
|
فنال إذناً من أبي الأحرار
|
|
وصال فيهم مثل ليث ضاري
|
وخضّب الأرض النجيع الأحمر
|
|
وسيفه صاعقة تدمر
|
ومذ هوى للأرض من جواده
|
|
أقبل مولاه إلى وساده
|
وفوق خدّه أقام خدّه
|
|
وأسعد الله بهذا جدّه
|
وقال أنت الحرّ نعم الحرّ
|
|
والحرّ يوم الروع لا يفرّ
|
__________________
إنّ الذي أرادك عبد قنّ
|
|
مستبعد النفس بما يكنّ
|
سوف يظلّ الوجه منك ساطعا
|
|
حتّى تلاقي في النشور الشافعا
|
وقال من واراه في التراب
|
|
كالشمس أشرقت من الحجاب
|
وريحه يذكو كريح السند
|
|
وفاز دون غيره بالسعد
|
٣٧ ـ جوين بن مالك
جوين على وزن زبير ، عدّه أصحاب الرجال من أصحاب الحسين عليهالسلام وهو من الذين قدموا كربلاء مع ابن سعد كذا ذكر صاحب إبصار العين ، فلمّا ردّت الشروط على الحسين عليهالسلام
مال معه فيمن مال ، ورحلوا إلى الحسين ليلاً وقُتل بين يديه .
__________________
وفي رواية ابن شهر آشوب أنّه قُتل في الحملة الأُولى
وجوين من شيعة الكوفة من قبيلة بني تميم.
__________________
حرف
الحاء
٣٨
ـ الحارث بن امرئ القيس
نقل العلّامة السماوي عن الحدائق الورديّة : كان الحرث
من الشجعان العبّاد ، وله ذكر في المغازي ، وكان خرج في عسكر ابن سعد ، فلمّا ردّوا عن الحسين عليهالسلام كلامه مال معه وقاتل وقتل. (قال) صاحب الحدائق : إنّه قُتل في الحملة الأُولى .
فقدم على الحسين عليهالسلام
مع نفر من قبيلة كندة فلمّا نشب القتال تقدّم بين يدي الحسين عليهالسلام
وقاتل ثمّ استشهد في الحملة الأُولى .
وانثنوا للوغى غضاب أُسود
|
|
عصفت في العدى كصرصر عاد
|
أوردوا البيض دونه من نجيع
|
|
الهام والسمر من دم الأكباد
|
السيّد حيدر الحلّي رحمهالله
:
بأبي الذين تسرّعوا لحمامهم
|
|
دون الحسين فأحرزوا عين الرضا
|
__________________
روّوا صدى البيض الحداد وفي الحشا
|
|
شعل الظماء تشدّ لا شعل الغضا
|
لم يثنهم نصب ولا عزماتهم
|
|
ضعفت ولا وهنوا لذيّاك القضا
|
سبقوا الكرام فواضلاً ومكارماً
|
|
وسواهم في عبئها لن ينهضا
|
كم أنعش العافين فضل نوالهم
|
|
واخصوصب الوادي بذاك وروّضا
|
وارتاح بالعزّ المؤيّد جارهم
|
|
ونزيلهم يرتاد عيشاً مخفّضا
|
ما ساقهم زهر الجنان إلى الردى
|
|
وحرير سندسها وعيش يرتضى
|
لكنّما غضبا لدين إلهها
|
|
قاموا بنصر المجتبى ابن المرتضى
|
فقضوا كما شاؤوا فتلك جسومهم
|
|
فوق الصعيد بنورها النادي أضا
|
٣٩ ـ الحارث بن نبهان
قال السماوي والمامقاني : الحرث بن نبهان. كان نبهان
عبداً للحمزة شجاعاً فارساً .
توفّي بعد شهادة الحمزة بسنتين والتحق ولده الحارث بخدمة أمير المؤمنين عليهالسلام
ثمّ من بعده صار من خدّام الحسن عليهالسلام
ثمّ صار إلى الحسين بعد شهادة الحسن عليهالسلام
، فلمّا خرج الإمام الحسين من المدينة صاحبه ولزم ركابه حتّى نزوله في كربلاء ، فلمّا كان يوم العاشر استشهد في الحملة الأُولى. يقول الكعبي :
فشمّرت للوغى فرسانها طرباً
|
|
وامتاز بالسبك عمّا دونه الذهب
|
فوارس اتخذوا سمر القنا سمرا
|
|
فكلّما سجعت ورق القنا طربوا
|
يستنجعون الردى سوقاً لغايته
|
|
كأنّما الضرب في أفواهها الضرب
|
واستأثروا بالردى من دون سيّدهم
|
|
قصداً وما كلّ إيثار به الأدب
|
حتّى إذا سئموا دار البلا وبدت
|
|
لهم عياناً هناك الخرّد العرب
|
فغودروا بالعرى صرعى تلفّهم
|
|
مطارف من أنابيب القنا قشب
|
__________________
٤٠
ـ الحباب بن الحارث
في نفس المهموم (ص ١٥٧) عن المناقب أنّه قال : الحباب بن
الحارث من المقتولين في الحملة الأُولى
في يوم عاشوراء ولم أعثر في كتب الرجال على أكثر من هذا عنه.
٤١
ـ حباب بن عامر
نقل العلّامتان السماوي والمامقاني كلاهما عن الحدائق
الورديّة : الحباب بن عامر بن كعب بن تيم اللاة بن ثعلبة التيمي ، كان الحباب في الكوفة من الشيعة وممّن بايع مسلماً وخرج إلى الحسين بعد التخاذل عن مسلم (واستخفى عند بني تميم ، ولمّا علم بخروج الحسين عليهالسلام
فخرج ليلاً متخفياً) فصادفه في الطريق فلزمه حتّى قتل بين يديه .. .
وفي رواية ابن شهر آشوب : قتل في الحملة الأُولى.
آن طائرم که چنگل شاهين عشق دوست
|
|
|
نگذاشت تا که سر زدم از بيضه پر زنم
|
يغشى الوغى بأوداء تودّ بأن
|
|
يميتها الله فيها ثمّ يحييها
|
ميل المعاطف في الهيجاء من طرب
|
|
كانت منيّتها أقصى أمانيها
|
آساد حرب إذا اسودّت ملاجمها
|
|
تجلو ببيض الظبى قسراً دياجيها
|
تجول إن شمسها جالت وإن وقفت
|
|
دارت عليها تقيها البأس تحميها
|
فكلّما صالت الأقوام وازدلفت
|
|
تلفّها بحدود من مواضيها
|
__________________
تكرّ ظامئة الأحشا ذوي علل
|
|
أبت بغير كؤوس الموت ترويها
|
لو تملكنّ يداها غير أنفسها
|
|
نفساً لكانت بذاك اليوم تفديها
|
٤٢ ـ حبشة بن قيس التهمي
قال العسقلاني في الإصابة في القسم الثاني من حرف السين
في ترجمة سلمة ابن طريف : سلمة بن طريف بن أبان بن سلمة بن حارثة بن فهم الفهمي (النهمي ـ المؤلّف) لأبيه صحبة وله رؤية ، وقتل ولده خفينه بن قيس طريف مع الحسين بن علي عليهمالسلام
يوم الطف .
ويقول في الإصابة أيضاً في ترجمة أيضاً في ترجمة طريف بن
أبان : وحفيده « جفينة » بن قيس بن مسلمة بن طريف قتل مع الحسين بن علي (يوم الطف ـ المؤلّف) ولا يخفى أنّ جعبة تصحيف وخطأ من النسّاخ لأنّ العسقلاني نفسه ضبطه « حبشة » في ترجمة سلمة بن طريف وكذلك فعل العلّامة السماوي في إبصار العين. نقل ذلك من الحدائق الورديّة ، وقال ، إنّ حبشة بن قيس النهمي من بني نهم ، وبنو نهم قبيلة
من همدان ، والتحق حبشة بالحسين عليهالسلام
في أرض كربلاء ولمّا استعر أتّون الحرب جاهد بين يدي الإمام عليهالسلام
حتّى نال الشهادة رضوان الله عليه.
٤٣
ـ حبيب بن عبدالله النهشلي
نقل المامقاني عن الشيخ : حبيب بن عبدالله من أصحاب أمير
المؤمنين عليهالسلام
وقال : والظاهر أنّه إماميّ ولكنّه مجهول الحال إلّا أنّ صاحب ناسخ التواريخ قال :
__________________
حبيب بن عبدالله النهشلي من أصحاب
الحسين عليهالسلام
ولكنّه سمّي في مبارزة الأصحاب : أبو عمرو النهشلي ، والله أعلم هل هذه كنية حبيب أو كنية رجل آخر يقال أبو عمرو النهشلي وسمّوه الخثعمي ؟ وقالوا : برز في أوّل القتال وقاتل وكان رجلاً يحيي الليل بالعبادة مقيماً للصلاة ، ورعاً مجتنباً للحرام ...
حدّث مهران مولى بني كاهل قال : شهدت كربلاء مع الحسين عليهالسلام فرأيت
رجلاً يقاتل قتالاً شديداً لا يحمل على قوم ثمّ يرجع إلى الحسين عليهالسلام ويرتجز
ويقول :
أبشر هديت الرشد تلقى أحمدا
|
|
في جنّة الفردوس تعلو صعدا
|
فقلت : من هذا ؟ فقالوا أبو عمر النهشلي وقيل الخثعمي ، فاعترضه
عامر بن نهشل أحد من بني تيم اللّات من ثعلبة فقتله واحتزّ رأسه .. .
٤٤
ـ حبيب بن مظاهر الأسدي رضياللهعنه
عدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين
والإمام الحسن والإمام الحسين عليهمالسلام
.
__________________
وروى الطريحي في منتخبه مرسلاً قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يوماً
مع جماعة من أصحابه مارّاً في بعض الطرق وإذا هم بصبيان يلعبون في ذلك الطريق ، فجلس النبيّ عند صبيّ منهم وجعل يقبّل ما بين عينيه ويلاطفه ثمّ أقعده في حجره وهو مع ذلك يكثر تقبيله ، فقال له بعض الأصحاب : يا رسول الله ، ما نعرف هذا الصبي الذي قد شرّفته بتقبيلك وجلوسك عنده وأجلسته في حجرك ولا نعلم من أين هو ؟
فقال النبيّ : يا أصحابي ، لا تلوموني فإنّي رأيت هذا
الصبيّ يوماً يعلب مع الحسين ورأيته يرفع التراب من تحت أقدامه ويمسح به وجهه وعينيه مع صغر سنّه فأنا من ذلك اليوم بقيت أُحبّ هذا الصبي حيث أنّه يحبّ ولدي الحسين فأحببته لحبّ الحسين وفي يوم القيامة أكون شفيعاً له ولأبيه ولأُمّه كرامة له ، ولقد
__________________
أخبرني جبرئيل أن يكون هذا الصبي من
أهل الخير والصلاح ويكون من أنصار الحسين في وقعة كربلاء .
وفي مخزن البكاء لملّا صالح البرغاني بعد نقل رواية
الطريحي هذه أثر مصرع حبيب عليهالسلام
فإنّه قال : نقل عن بعض الثقات أنّ هذا الصبي هو حبيب بن مظاهر ، ونقل نحواً من ذلك في التحفة الحسينيّة وينبغي أن لا يكون عمر حبيب يومذاك أقلّ من خمسة عشر عاماً لأنّ صاحب رياض الشهادة يقول حبيب رجل وسيم ، كامل الصفات وكان عمره في واقعة الطفّ خمساً وسبعين عاماً ، ويبعد أن يعبّر عن ابن الخامسة عشر بلفظ صبي.
فضائل حبيب ..
في رجال الكشّي بسنده عن فضيل بن الزبير قال : مرّ ميثم
التمّار على فرس له فاستقبل حبيب بن مظاهر الأسدي عند مجل بني أسد فتحدّثا حتّى اختلف أعناق فرسيهما ثمّ قال حبيب : لكأنّي بشيخ أصلع ضخم البطن يبيع البطّيخ عند دار الرزق قد صلب في حبّ أهل بيت نبيّه عليهالسلام
ويبقر بطنه على الخشبة. فقال ميثم : وإنّي لأعرف رجلاً أحمر له ضفيرتان يخرج لنصر ابن نبيّه فيقتل ويجال برأسه بالكوفة ، ثمّ افترقا. فقال أهل المجلس : ما رأينا أحداً أكذب من هذين.
قال : فلم يفترق أهل المجلس حتّى أقبل رُشيد الهجري
فطلبهما فسال أهل المجلس عنهما ، فقالوا : افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا ، فقال رُشيد : رحم
الله ميثماً نسي : ويزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مأة درهم ، ثمّ أدبر. فقال القوم : هذا والله أكذبهم فقال القوم : هذا والله
ما ذهبت الأيّام والليالي حتّى رأيناه
__________________
مصلوباً على باب دار عمرو بن حريث
وجيء برأس حبيب بن مظاهر وقد قتل مع الحسين عليهالسلام
ورأينا كلّ ما قالوا .. .
وقال الكشّي في رجاله أيضاً : وكان حبيب من السبعين
الرجال الذين نصروا الحسين عليهالسلام
ولقوا جبال الحديد ، واستقبلوا الرماح بصدورهم والسيوف بوجوههم ، وهم يعرض عليهم الأمان والأموال فيابون ويقولون : لا عذر لنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله
إن قتل الحسين ومنّا عين تُطرف ، حتّى قُتلوا حوله .
أين الحماة حماة آل محمّد
|
|
بالطفّ أين شبابهم وكهول
|
صرعى بلا كفن على وجه الفلا
|
|
رضّتهم بالحافرات خيول
|
أجسادهم تسفي عليهنّ الصبا
|
|
ورؤوسهم تلهو بهنّ شمول
|
أين الحبيب حبيب بن مظاهر
|
|
من رأسه للمبغضين مثيل
|
أين ابن قين من غدا غرض الردى
|
|
ونجيعه دون الإمام هطول
|
أين ابن عوسجة الطريح على الثرى
|
|
أو أين حرّ في دم مغسول
|
كلّ مضى لسبيله ظامي الحشا
|
|
كلّ لدى نهر الفرات جديل
|
ماتوا عطاشى بالطفوف وبعدهم
|
|
لي ما حييت بكائهم وعويل
|
وروى الكشّي أيضاً ، فقال : ولقد مزح حبيب بن مظاهر
الأسدي (مع برير سيّد القرّاء)
فقال له زيد بن حصين الهمداني
وكان يقال له سيّد القرّاء : يا أخي ، ليس هذه بساعة ضحك ، قال : فأيّ موضع أحقّ من هذا بالسرور ، والله ما هو إلّا
__________________
أن تميل علينا هذه الطغام بسيوفهم
فنعانق الحور العين .
وقال الكشّي بعد نقله هذا الخبر : نقلته من كتاب مفاخرة
الكوفة والبصرة .
وفي أعيان الشيعة المجلّد العشرين ، يقول في ترجمة حبيب :
أبو القاسم استشهد مع الحسين عليهالسلام
بكربلاء سنة ٦١ ... كان عمره ٧٥ سنة وكان يحفظ القرآن كلّه وكان يختمه في كلّ ليلة من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وكان يسكن الكوفة واتخذها منزلاً ، واشترك في حروب أمير المؤمنين الثلاثة وكان من خواصّه وحملة علومه.
وفي رواية عليّ بن الحكم : حبيب من أصفياء أمير المؤمنين
عليهالسلام
ومنهم عمرو ابن الحمق ومحمّد بن أبي بكر وميثم بن يحيى التمّار ورُشيد الهجري وحبيب بن مظاهر الأسدي.
وفي مجالس المؤمنين للقاضي نورالله : حبيب بن مظاهر
الأسدي محسوب من أكابر التابعين ، ثمّ حكى عن كتاب روضة الشهداء ما ترجمته : إنّه تشرّف بخدمة رسول الله صلىاللهعليهوآله
وسمع منه أحاديث وكان معزّزاً مكرّماً بملازمة حضرة المرتضى ... .
أخبار حبيب في واقعة كربلاء وشهادته عليهالسلام
كان حبيب بن مظاهر من الذين كتبوا إلى الحسين عليهالسلام مع كاتبه
في بيت سليمان ابن صرد الخزاعي حتّى قدم الكوفة مسلم بن عقيل وفي بيت المختار اجتمع
__________________
حوله الشيعة للبيعة منهم عابس بن
شبيب الشاكري ، فقام
فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أمّا بعد ، فإنّي لا أخبرك عن الناس ولا أعلم ما في أنفسهم وما أغرّك
منهم ، وإليه أُحدّثك عمّا أنا موطّن نفسي عليه ، والله لأُجيبنّكم إذا دعوتم ولأُقاتلنّ
معكم عدوّكم ، ولأضربنّ بسيفي دونكم حتّى ألقى الله لا أُريد بذلك إلّا ما عند الله.
فقام حبيب بن مظاهر (الفقعسي) فقال : رحمك الله قد قضيت ما في نفسك بواجز من قولك ، ثمّ قال : وأنا والله الذي لا إله إلّا هو على مثل ما هذا عليه .. .
أقول : لا أستحضر الآن بخلدي المصدر الذي عثرت على
الرواية التالية فيه وهي أنّ الحسين عليهالسلام
لمّا نزل كربلاء كتب كتاباً إلى محمّد بن الحنفيّة وآخر إلى الكوفة ، وكتب كتاباً خاصّاً إلى حبيب بن مظاهر وفيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن عليّ إلى الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر الأسدي ، أمّا بعد ، فقد نزلنا كربلاء وأنت تعلم قرابتي من رسول الله فإن أردت نصرتنا فاقدم إلينا عاجلاً ... ولكن كيف وصلت هذه الرسالة إلى حبيب ، علم ذلك عند الله ، لأنّ الطرق جميعها مأخوذة بالرصد والعدوّ قد أحاط بهم.
وعلى كلّ حال ، فقد بلغ الرسول بيت حبيب وكان حبيب قد
استخفى خوفاً من عدوّ الله ابن زياد عند قومه وكان على المائدة مع أهله .. فغصّت زوجته بلقمتها فقالت : أرى أنّ خبراً عاجلاً سيردنا ، وإذا بالرسول قد أقبل عليهم وناول حبيباً كتاب الحسين عليهالسلام
، فقالت زوجه : ما هذا الكتاب يا حبيب ؟! فقال : دعوة من الإمام الحسين يطلب نصرتي إيّاه ، فلم يمض طويل وقت حتّى أحاطت عشيرته خبراً بمضمون الكتاب فداروا به حتّى يعلموا خفاياه ، وهل هو عازم على الخروج إلى
__________________
الحسين أو لا ؟ فطمأنهم على عدم
لحوقه بالحسين وقال لهم : أنا شيخ كبير فما أصنع للحسين عليهالسلام.
فلمّا وثقت عشيرته منه قالت له زوجه : أيطلبك ابن رسول
الله وأنت تتقاعد عن نصره ، فما جوابك يوم القيامة جدّه ؟ فأجابها وكان يتّقي حتّى زوجه : أخاف من ابن زياد أن يهدم داري وينهب مالي ويأسرك ! فقالت تلك المرأة اللبوئة : أجب الحسين وليهدم ابن زياد دارنا ولينهب مالنا وليأسروني ، خف الله يا حبيب ، كيف لا تلبّي نداء الحسين وقد دعاك إلى نصرته ؟!
فبالغ حبيب في التقيّة : ألا تريني أيّتها المرأة وأنا
شيخ عاجز ، لا أستطيع الكرّ والفرّ وحمل السيف. فألّم قوله المرأة وأغضبها فراحت تبكي بحرقة وتسكب الدموع وحسرت عن رأسها ورمت قناعها على رأس حبيب وقالت : أقم أنت بين النساء ، ثمّ تنفّست الصعداء وقالت : يا أبا عبدالله ، ليتني كنت رجلاً فأقدم عليك
وأبذل نفسي بين يديك.
فلمّا شاهد حبيب منها هذا المشهد ووثق بعزمها وإخلاصها
وعرضها على محك الحقّ ، فاطمأنّ بالاً منها ، فقال : كُفّي أيّتها المرأة ولأنعمنّك عيناً ، وسوف
أصبغ بياض شيبي بدم نحري في نصرة الحسين عليهالسلام
، ثمّ ترك البيت ليبحث عن منفذ يخرجه من طوق الكوفة فرأى سوق الحدّادين قائماً على قدم وساق فعلم أنّ جند ابن زياد يعدّ العدّه ويضرب الأسنّة ويسقي السهام سمّاً ويجلو السيوف ويضع الحدوات للخيل ، تقتل ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله
، فتأوّه حبيب ولمح مسلماً عن قرب واقفاً على حانوت عطّار يشتري خضاباً ، فقال له حبيب : أما علمت يا مسلم بأنّ مولانا الحسين عليهالسلام
حلّ بأرض كربلاء ، أفلا نذهب لنصرته ؟
واستعدّ مسلم للهرب من الكوفة ، فاستدعى حبيب غلامه
وأعطاه جواده وقال : اشتمل على هذا السيف من تحت ثيابك واخرج من الجادة الفلانية
وانتظرني هناك في مكان عيّنه حبيب له
، وإن تعرّضت للسؤال فقل إنّي ذاهب إلى المزرعة ، فأطاع الغلام ما أمره به حبيب.
وأخذ حبيب يسلك طرقاً خفيّة غير مسلوكة للوصول إليه حتّى
إذا دنا منه ألفاه يخاطب الجواد فيقول : أيّها الفرس ، إن تأخّر مولاي فسوف أعلو متنك وأطير إلى نصرة الحسين ، فارتعد قلب حبيب من قول غلامه وجرت الدموع من عينيه وقال : يا أبا عبدالله ، بأبي أنت وأمّي ، لك الفداء ، العبيد تتمنّى نصرتك فويل للأحرار الذين تقاعسوا عن نصرك ، ثمّ استولى على ظهر الفرس وقال للعبد : أنت حرّ لوجه الله ، اذهب حيث شئت من فجاج الأرض ، فوقع الغلام على قدميه يقبّلهما وقال : لا تحرمني يا سيدي من هذا الفضل ، خذني معك فإنّي أُريد أن أسخو بنفسي مع الحسين ، فرضي حبيب بذلك فأردفه خلفه وتوجّه نحو الطفّ ، فأقبل الأصحاب عليه يحيّونه ، فقالت العقيلة : ما الخبر ؟! وما الذي شغل أصحابنا ؟ فقالوا : قدم حبيب لنصرتكم ، فقالت تلكم المخدّرة ، بلّغوا حبيباً سلامي ، ولمّا بلغه السلام حثى على رأسه قبضة من التراب وقال : من أنا حتّى تسلّم عليَّ ابنة أمير العرب الكبرى .. .
وفي البحار وغيره : إنّ حبيباً لمّا ورد أرض كربلاء أقبل
إلى الحسين عليهالسلام
فقال : يابن رسول الله ، هاهنا حيّ من بني أسد بالقرب منّا ، أتأذن لي في المصير إليهم فأدعوهم إلى نصرتك فعسى الله أن يدفع بهم عنك ؟ قال : قد أذنت لك ، فخرج حبيب إليهم في جوف الليل متنكّراً حتّى أتى إليهم فعرفوه أنّه من بني أسد ،
__________________
فقالوا : ما حاجتك ؟ فقال : إنّي قد
أتيتكم بخير ما أتى به وافد إلى قوم ، أتيتكم أدعوكم إلى نصرة ابن بنت نبيّكم فإنّه وعصابة من المؤمنين الرجل منهم خير من ألف رجل ، لن يخذلوه ولن يسلّموه أبداً ، وهذا عمر بن سعد قد أحاط به أنتم قومي وعشيرتي ، وقد أتيتكم بهذه النصيحة فأطيعوني اليوم في نصرته تنالوا به شرف الدنيا والآخرة ، فإنّي أُقسم بالله لا يقتل أحد منكم في سبيل الله مع ابن بنت
رسول الله محتسباً إلّا كان رفيقاً لمحمّد صلىاللهعليهوآله
في علّيّين.
قال : فوثب إليه رجل من بني أسد يقال له عبدالله بن بشر ،
فقال : أنا أوّل من يجيب إلى هذه الدعوة ، ثمّ جعل يرتجز ويقول :
قد علم القوم إذا تواكلوا
|
|
وأجحم الفرسان إذ تثاقلوا
|
إنّي شجاع بطل مقاتل
|
|
كأنّني ليث عرين باسل
|
ثمّ تبادر رجال الحيّ حتّى التأم منهم تسعون رجلاً
فأقبلوا يريدون الحسين عليهالسلام
وخرج رجل في ذلك الوقت من الحيّ حتّى صار إلى عمر بن سعد فأخبره بالحال ، فدعا ابن سعد برجل من أصحابه يقال له الأزرق فضمّ إليه أربعمائة فارس ووجّه نحو حيّ بني أسد ، فبينما أُولئك القوم قد أقبلوا يريدون عسكر الحسين عليهالسلام
في جوف الليل إذ استقبلتهم خيل ابن سعد على شاطئ الفرات وبينهم وبين عسكر الحسين اليسير ، فناوش القوم بعضهم بعضاً واقتتلوا قتالاً شديداً ، وصاح حبيب بن مظاهر بالأزرق : ويلك ما لك ولنا ، انصرف عنّا ودعنا يشقى بنا غيرك ، فأبى الأزرق أن يرجع ، وعلمت بنو أسد أنّه لا طاقة لهم بالقوم فانهزموا راجعين إلى حيّهم ، ثمّ إنّهم ارتحلوا في جوف الليل خوفاً من ابن سعد أن يبيّتهم ، ورجع حبيب بن مظاهر إلى الحسين عليهالسلام
فخبّره بذلك ، فقال عليهالسلام
:
__________________
لا حول ولا قوّة إلّا بالله (إنّا
لله وإنّا إليه راجعون) .
وذكر أبو جعفر الطبري كما سبق في ترجمة أبي ثمامة بعد أن
بعث كثيراً بن عبدالله الشعبي ، قال : فدعا عمر قرّة بن قيس الحنظلي فقال له : ويحك يا قرّة ، ألق
حسيناً فسله ما جاء به وماذا يريد ؟ قال : فأتاه قرّة بن قيس فلمّا رآه الحسين
مقبلاً قال : أتعرفون هذا ؟ فقال حبيب بن مظاهر : نعم ، هذا رجل من حنظلة وهو ابن أُختنا ولقد كنت أعرفه بحسن الرأي ، وما كنت أراه يشهد هذا المشهد.
قال : فجاء حتّى سلّم على الحسين وأبلغه رسالة عمر بن
سعد إليه له (ولمّا أراد العودة إلى صاحبه) قال له حبيب بن مظاهر : ويحك يا قرّه ، أنّى ترجع إلى القوم الظالمين ، انصر هذا الرجل الذي بآبائه أيّدك الله بالكرامة وإيّانا معك. فقال له
قرّة : أرجع إلى صاحبي بجواب رسالته وأرى رأيي
فأعرض هذا الشقي عن الجنّة وذهب إلى نار جهنّم.
قال العلّامة بحر العلوم :
قد بايعوا السبط طوعاً منهم ورضاً
|
|
وسيّروا صحفاً بالنصر تبتدروا
|
أقبل فإنّا جميعاً شيعة تبع
|
|
وكلّنا ناصر والكلّ منتصر
|
أقبل وعجّل قد اخضرّ الجناب وقد
|
|
زهت بنضرتها الأزهار والثمر
|
لا رأى للناس إلّا فيك فأت ولا
|
|
تخش اختلافاً ففيك الأمر منحصر
|
فآثموه إذا لم يأتهم فأتى
|
|
قوماً لبيعتهم بالنكث قد خفروا
|
قوماً يقولون لكن لا فعال لهم
|
|
ورأيهم في قديم الدهر منتشر
|
فعاد نصرهم خذلاً وخذلهم
|
|
قتلاً له بسيوف للعدى ادّخروا
|
__________________
يا ويلهم من رسول الله كم ذبحوا
|
|
ولداً له وكريمات له أسروا
|
وكذلك لمّا خطبهم الإمام الحسين عليهالسلام صاح به
الشمر : أنا أعبد الله على حرف إن كنت أدري ما تقول ، فأجابه حبيب : والله إنّي لأراك تعبد الله على سبعين حرفاً وأنا أشهد أنك صادق ما تدرى ما يقول ، قد طبع الله على قلبك ، وجعل عليه غشاوة غضبه فلست تدري ما يقول ، إنّما أنت بهيمة.
وكذلك عصر يوم التاسع (تاسوعاء) عندما حمل العسكر على
خيام الحسين عليهالسلام
، قال للحسين قمر بني هاشم عليهماالسلام
: يا أخي ، إنّ القوم دنوا من الخيام ، فقال : اذهب إليهم وانظر ما الذي يريدون ، فأقبل عليهم ومعه
حبيب بن مظاهر وزهير بن القين وجماعة من الأصحاب ، فأخبروهم أنّ خبراً عاجلاً جائهم من عبيدالله بن زياد بعرض البيعة ليزيد عليهم فإن أبوا عاجلوهم الحرب ، فقال لهم أبو الفضل : لا تعجلوا حتّى آتيكم بالجواب ، فقصد أبو الفضل المخيّم ووقف قبالتهم الأصحاب ، فقال حبيب لزهير : كلّم القوم ، فقال زهير عليهالسلام : بل أنت
كلّمهم ، فقال حبيب : معاشر القوم ، « أما والله لبئس القوم عند الله غداً قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذرّيّة نبيّه عليهالسلام
وعترته وأهل بيته وعبّاد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار والذاكرين الله كثيراً » .
فقال له عزرة بن قيس : إنّك لتزكّي نفسك ما استطعت ، فقال
له بما يأتي
في ترجمته.
وفي الدمعة الساكبة ذكر حكاية هلال بن نافع وسوف نذكرها
في ترجمته إن
__________________
شاء الله ، إلى أن يقول عن الحوراء
زينب عليهاالسلام
أنّها لأخيها الحسين عليهالسلام
: أخي ، هل استعلمت من أصحابك نيّاتهم فإنّي أخشى أن يسلموك عند الوثبة واصطكاك الأسنّة ، فبكى عليهالسلام
وقال : أما والله لقد نهرتهم وبلوتهم وليس فيهم إلّا الأشوس الأقعس ، يستأنسون بالمنيّة دوني استئناس الطفل بلبن أُمّه.
فلمّا سمع هلال ذلك بكى رقّة ورجع وجعل طريقه على منزل
حبيب بن مظاهر ، فرآه جالساً وبيده سيف مصلت ، فسلّم عليه وجلس على باب الخيمة ، ثمّ قال له : ما أخرجك يا هلال ؟ فحكيت له ما كان ، فقال : أي والله لولا أمره
لعاجلتهم وعالجتهم هذه الليلة بسيفي ، ثمّ قال هلال : يا حبيب ، فارقت الحسين عليهالسلام عند أُخته وهي في حال وجل ورعب وأظنّ أنّ النساء أفقن وفارقنها في الحسرة والزفرة ، فهل لك أن تجمع أصحابك وتواجههنّ بكلام يسكن قلوبهنّ ويذهب رعبهنّ فلقد ... منها ما لا قرار لي مع بقائه ، فقال له : طوع إرادتك.
فبرز حبيب ناحية وهلال إلى جانبه وانتدب أصحابه فتطالعوا
من منازلهم
فلمّا اجتمعوا قال لبني هاشم : ارجعوا إلى منازلكم لا سهرت عيونكم ، ثمّ خطب أصحابه وقال : يا أصحاب الحميّة وليوث الكريهة ، هذا هلال يخبرني الساعة بكيت وكيت ، وقد خلّف أُخت سيّدكم وبقايا عياله يتشاكين ويتباكين ، أخبروني عمّا أنتم عليه ، فجرّدوا صوارمهم ورموا عمائمهم ، وقالوا : يا حبيب ، أما والله
الذي منّ علينا بهذا الموقف لئن زحف القوم لنحصدنّ رؤوسهم ولنلحقنّهم بأشياخهم أذلّاء صاغرين ، ولنحفظنّ وصيّة رسول الله صلىاللهعليهوآله
في أبنائه وبناته. فقال : هلمّوا
__________________
معي ، فقام يخبط الأرض وهم يعدون
خلفه حتّى وقف بين أطناب الخيم ونادى : يا أهلنا ، يا سادتنا ويا معاشر حرائر رسول الله ، هذه صوارم فتيانكم آلوا أن لا يغمدوها إلّا في رقاب من يبتغي السوء فيكم ، وهذه أسنّة غلمانكم أقسموا أن لا يركضوها إلّا في صدور من يفرّق ناديكم.
فقال الحسين عليهالسلام
: أُخرجن عليهم يا آل الله ، فخرجن وهنّ ينتدبن وهنّ يقلن : حاموا أيّها الطيّبون ، نحن الفاطميّات ، ما عذركم إذا لقينا جدّنا رسول الله صلىاللهعليهوآله وشكونا إليه ما نزل بنا ، وقال أليس حبيب وأصحاب حبيب كانوا حاضرين يسمعون وينظرون ؟ فوالله الذي لا إله إلّا هو لقد ضجّوا ضجّة ماجت منها الأرض واجتمعت لها خيولهم وكان لها جولة واختلاف وصهيل حتّى كأنّ كلّاً ينادي صاحبه وفارسه .. .
وكذلك حضر حبيب مع الإمام عليهالسلام
على جسد مسلم بن عوسجة ، وبه رمق ، فقال : رحمك ربّك يا مسلم بن عوسجة (
فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا )
ودنا منه
حبيب بن مظاهر ، فقال : عزّ عليَّ مصرعك يا مسلم ، ابشر بالجنّة ، فقال له مسلم قولاً ضعيفاً ، فقال له حبيب : لولا أنّي أعلم
أنّي في أثرك لاحق بك من ساعتي هذه لأحببت أن توصيني بكلّ ما أهمّك حتّى أحفظك في كلّ ذلك بما أنت أهل له في القرابة والدين. قال : بل أنا أُوصيك بهذا رحمك الله ـ وأهوى بيده إلى الحسين عليهالسلام
ـ أن تموت دونه ، فقال : أفعل وربّ الكعبة (إن شاء الله) (ولأنعمنّك عيناً) .
__________________
وكذلك عندما استمهلوهم للصلاة وقد ذكرنا حوار حبيب عليهالسلام مع الحصين
بن نمير لعنه الله في ترجمة أبي ثمامة ، ولمّا فرغوا من الصلاة قال حبيب للإمام الحسين عليهالسلام
: يابن رسول الله ، لقد حان الوقت للقدوم على جدّك رسول الله صلىاللهعليهوآله
فإن كانت لك حاجة إلى جدّك فمرني بتبليغها.
وفي مهيّج الأحزان ، قال الإمام عليهالسلام لحبيب عليهالسلام : أنت ذكرى
جدّي وأبي وقد أخذك المشيب فكيف أرضى بدخولك ميدان القتال ؟ فبكى حبيب وقال : أُريد أن ألقى جدّك وقد ابيضّ وجهي عنده وأكون عند أبيك وأخيك معدوداً من أنصارك.
مقتل حبيب رضياللهعنه
حبيب بن مظاهر خاص معبود
|
|
که از طفلى رفيق شاهدين بود
|
بمقتل تافت خورشيد اميدش
|
|
شعاع مهر هر موى سفيدش
|
سلاح آراست بر اندام لاغر
|
|
مرخّص شد ز شاه هفت کشور
|
هجوم آورد چون آن قوم نارى
|
|
نمود از تيغ غازى برق بارى
|
بضرب تيغ خود پيرى تهمتن
|
|
سر شصت و دو کس برداشت از تن
|
بدن مجروح و خون از تن روان شد
|
|
ز فرط ضعف بى تاب وتوان شد
|
ز پشت زين بخاک گرم افتاد
|
|
چه سبزه فرش ره شد سرو آزاد
|
مباراة الشعر بالعربيّة :
خصّ الإله حبيباً بالكرامات
|
|
وزاده رفعة فوق السماوات
|
منذ الصبا صحب الأطهار مغتبطاً
|
|
بحبّهم إنّه أزكى السجيّات
|
وأشرقت شمسه في أرض مصرعه
|
|
فشيبه النور يجلو المدلهمّات
|
واستأذن السبط أن ينحو بهيكله
|
|
جحافلاً لينال الفوز في الآتي
|
أعطاه مولاه إذناً في القتال فلم
|
|
يكن سوى الأسد الضاري على الشاة
|
وسلّ صارمه بالنار مضطرماً
|
|
كما تدفّق مصباح بمشكاة
|
أردى من الخصم ستّيناً وأتبعهم
|
|
اثنين أوردهم نهر المنيّات
|
حتّى هوى فوق أرض الطفّ منجدلاً
|
|
يلقى من الله آلاف التحيّات
|
فجائه السبط يبكيه ويندبه
|
|
والحزن جمر بأضلاع زكيّات
|
ينعى الحبيب بقول كلّه حرق
|
|
حبيب أوقدت أحشائي وآهاتي
|
ويقول ابن الأثير في الكامل : كان حبيب بن مظاهر على
ميسرة أصحاب الحسين عليهالسلام.
وفي ناسخ التواريخ : إنّ الحصين بن نمير الملعون دخل
ميدان الحرب يرتجز ويدعو حبيباً للمبارزة ، فودّع الإمام عليهالسلام
وحمل على جيش الأعداء كأنّه شعلة نار ، فضرب الحصين بن نمير على خرطومه فقطع أنفه ، فوقع من هول الضربة إلى الأرض من على ظهر فرسه ، فأراد حبيب أن يجهّز عليه فحمل أصحابه على حبيب فاستنقذوه ، فحمل حبيب عليهم كالليث الغضبان يحمل على قطيع الثعالب فجدّل الأبطال وخاض الأهوال مع كبر سنّه وشدّة عطشه حتّى قتل منها اثنين وستّين رجلاً وأرسلهم إلى نار الله الموصدة ، وصاح فيهم صيحة الأسد الباسل ، وأخذ يرتجز ويقول :
أنا حبيب وأبي مظاهر
|
|
فارس هيجاء وليث قسور
|
وأنتم عند العديد أكثر
|
|
ونحن أعلى حجّة وأظهر
|
وأنتم عند الوفاء أغدر
|
|
ونحن أوفى منكم وأصبر
|
وفي يميني صارم مذكّر
|
|
وفيكم نار الجحيم تسعر
|
__________________
بالفارسيّة ..
ببين اخلاص اين پير هنرمند
|
|
چه خواهد کرد در راه خداوند
|
رجز خواند نسب فرمود و آنگاه
|
|
مبارز خواست از آن قوم گمراه
|
چنان رزمى نمود آن پير هُشيار
|
|
که بر نام آوران تنگ آمدى کار
|
سر شمشير آن پير جوان مرد
|
|
همى مرد از سر مرکب جدا کرد
|
به تيغ تيز در آن رزم پيکار
|
|
فکند از آن جماعت جمع بسيار
|
مباراته بالعربيّة :
انظر إلى إخلاص شيخ حاذق
|
|
أخلص بالقلب لربّ خالق
|
يردّد الأرجاز في ساح الوغى
|
|
كالفحل يلقى الخصم بالشقاشق
|
وكلّ فارس يلاقي سيفه
|
|
كأنّما هوى به من حالق
|
وسيفه الحتف لهم بل القضا
|
|
وهل إلى فتق القضا من راتق
|
أفنى بسيفه الجموع منهم
|
|
وجال فيهم بموت صاعق
|
صال بسيفٍ في مضاء حدّة
|
|
أشدّ هولاً من خضمّ دافق
|
فقلّب الميمنة على الميسرة مع ضعف الشيخوخة ، وهجم عليهم
كالسيل المنحدر وهو يرتجز ويقول :
أُقسم لو كنّا لكم أعدادا
|
|
أو شطركم ولّيتم الأكتادا
|
يا شرّ قوم حسباً من عادا
|
|
وشرّهم قد عملوا أندادا
|
فطعنه بديل بن صريم التميمي بحربته فوقع على الأرض فأراد
أن يقوم فعاجله الحصين بن نمير لعنه الله الذي ينتظر منه غرّة بضربة انتقاماً لنفسه من ضربة حبيب التي سبقت ، ثمّ ترجّل من فرسه واحتزّ رأسه وقال لبديل : أنا
__________________
شركتك بقتله فادفع إليّ رأسه ، فقال
التميمي : وهذا لا يكون ، فقال له الحصين لعنه الهل : أعطنيه أُعلّقه في رقبة جوادي وأدور فيه بالعسكر حتّى يعلم الناس
بقتله ثمّ أدفعه لك لتنال به جائزتك من عبيدالله بن زياد فلا حاجة لي بها ، فأعطاه الرأس وعلّقه برقبة الجواد وطاف به في جوانب العسكر ، وكان غرضه من ذلك أن يراه الناس ويعلموا أنّه قاتل حبيب ، ثمّ عاد وأعطى الرأس إلى التميمي لعنهما الله.
وفي البحار : فهدّ مقتله الحسين عليهالسلام .
وفي بعض العبارات : بان الانكسار في وجه الحسين من قتل
الحبيب ، وقال عليه السلام : عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي.
وفي مقتل أبي مخنف قال : لمّا قتل حبيب بان الانكسار في
وجه الحسين وقال : لله درّك يا حبيب لقد كنت فاضلاً تختم القرآن في ليلة واحدة.
وجاء في نفس المهموم : فلمّا رجع (قاتل حبيب) إلى الكوفة
أخذ الآخر رأس حبيب فعلّقه في لبان فرسه ، ثمّ أقبل إلى ابن زياد في القصر فبصر به ابنه القاسم
بن حبيب وهو يومئذٍ قد راهق ، فأقبل مع الفارس لا يفارقه كلّما دخل القصر دخل معه وإذا خرج خرج معه ، فارتاب به فقال : ما لك يا بنيّ تتبعني ؟! قال : لا شيء ، قال : بلى يا بنيّ أخبرني ، قال : إنّ هذا الرأس الذي معك رأس أبي أفتعطينيه حتّى أدفنه ؟ قال : يا بنيّ ، لا يرضى الأمير أن يدفن وأنا أُريد أن يثيبني الأمير على
قتله ثواباً حسناً. قال الغلام : ولكن الله لا يثيبك على ذلك إلّا أسوأ الثواب ، أما
والله لقد قتلته خيراً منك وبكى ، فمكث الغلام حتّى إذا أدرك لم يكن له همّة إلّا اتّباع أثر
قاتل أبيه ليجد منه غرّة فيقتله بأبيه ، فلمّا كان زمن مصعب بن الزبير وغزى
__________________
مصعب « باجميرا » دخل عسكر مصعب فإذا قاتل
أبيه في فسطاطه فأقبل يختلف في طلبه والتماس غرّته فدخل عليه وهو قائل نصف النهار فضربه بسيفه حتّى برد .
لهفي لركب صُرّعوا في كربلا
|
|
كانت بهم آجالهم متدانيه
|
نصروا ابن بنت نبيّهم طوبى لهم
|
|
نالوا بنصرته مراتب عاليه
|
* * *
طهرت نفوسهم لطبيب أُصولها
|
|
فعناصر طابت لهم وحجور
|
ما اشتاقهم للموت إلّا دعوة
|
|
الرحمن لا ولدانها والحور
|
* * *
بيض الوجوه كريمة أحسابهم
|
|
شمّ الأُنوف من الطراز الأوّل
|
يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم
|
|
لا يسألون عن السواد المقبل
|
* * *
قوم إذا اقتحم العجاج رأيتهم
|
|
شمساً وخلت وجوههم أقمارا
|
وإذا الصريخ دعاهم لملمّة
|
|
بذلوا النفوس وفارقوا الأعمارا
|
* * *
__________________
بنفسي وآبائي نفوساً أبيّة
|
|
يجرّعها كأس المنيّة مترف
|
وهم خير من تحت السماء بأسرهم
|
|
وأكرم من فوق السماء وأشرف
|
تذنيبٌ فيه رؤيً صادقة
كتب العلّامة النوري في دار السلام ، فقال : أخبرني
الشيخ جعفر التستري رحمهالله
قال : لمّا أنهيت الطلب للعلوم الدينيّة وآن أوان النشر والانتاج والإنذار ، عدت
إلى وطني الذي ألفته وشرعت في إرشاد الناس وهدايتهم وتبليغ الأحكام الدينيّة ، وبما أنّي لم أتمرّس على الصناعة المنبريّة فقد كنت في شهر رمضان أعظ الناس من تفسير الصافي وكذلك في أيّام الجمع من على المنير ، وفي أيّام عاشوراء أقرأ كتاب روضة الشهداء لملّا حسين الكاشفي ، فلم يكن يحصل ما أُريد من الوعظ المفيد والإنذار الجيّد والبكاء المطلوب ، حتّى مرّ عليَّ وأنا على هذه الحالة سنوات عدّة ، ولمّا هلّ علينا المحرّم قلت في نفسي : إلى كم أنا ثابت لا أحول ولا أزول عن ملازمة الكتاب ، وفي التعزية وذكر المصاب أفزع إلى الكتاب فأقرأ فيه المصيبة ، فعزمت على إحداث التغيير ولكن لم تسعف الحال ولم آت بشيء يرضيني ، ومِن ثمّ ساءت خلقي واعترتني كآبة لذلك وأحسست بقلبي الكسير وطبعي الشرس.
فرأيت في عالم النوم أنّي في كربلاء وكأنّي في اليوم
الذي نزل فيه الحسين بكربلاء ، ورأيت مضارب الحسين عليهالسلام
في ناحية من الأرض والعساكر في ناحية أُخرى وهي مستعدة للنزال ، فدخلت خباء سيّد الشهداء عليهالسلام
وسلّمت عليه فاستدعاني وأجلسني إلى جنبه وراح يداعبني ، ثمّ التفت إلى حبيب وقال له : شيخ جعفر اليوم ضيفنا والماء لا يوجد عندنا ولكن جئنا بالسويق ، فأقبل به حبيب
__________________
ومعه ملعقة فتناولت منه ملاعق وانتبهت
من نومي ، ففتح الله عليَّ من بركة تلكم الأكلات وتعلّمت جانباً من الإشارات وأخبار المصائب واللطائف والكنايات ، ووقفت على أسرارها فلم يسبقني بعد ذلك أحد ، وكلّما مرّت الأيّام يزداد نشاط العقل في هذا المجال حتّى بلغت غايتي ونلت مرامي .
٤٥
ـ الحجّاج بن زيد السعدي
ضبطه بعضهم الحجّاج بن بدر التميمي ، وآخرون قالوا : الحجّاج
بن يزيد. وقال المامقاني : الحجّاج بن زيد السعدي التميمي البصري ، حامل كتاب يزيد بن مسعود النهشلي من البصرة إلى الإمام عليهالسلام
يخبره عن لحاقه به.
وفي زيارة الناحية : « السلام على الحجّاج بن زيد السعدي
».
وفي الزيارة الرجبيّة : « السلام على الحجّاج بن يزيد » بدل
« زيد ». واحتمال التصحيف وارد.
__________________
وكيف كان فلمّا أوصل الكتاب إلى الإمام عليهالسلام بقي مع
الإمام إلى يوم عاشوراء كما يقول صاحب الحدائق الورديّة ، أنّه قُتل مبارزة. وفي قول ابن شهرآشوب استشهد في الحملة الأُولى ، ومثله في إبصار العين .
وترجمه ابن حجر العسقلاني في الإصابة وقال : أبوه زيد بن
جبلة بن مرداس من أهل الشرف في الإسلام.
وفي تاريخ ابن عساكر ترجم لزيد بن جبلة ونقل عنه كلاماً
طويلاً حين وفوده على معاوية ويظهر منه ملازمته لأمير المؤمنين في حرب صفين.
وفي ج ٢٠ من أعيان الشيعة : الحجّاج بن بدر التميمي
السعدي استشهد مع الإمام الحسين عليهالسلام.
الحجّاج
بن مالك والحجّاج بن مزروق
هذان الرجلان مجهولا الحال. ذكر المامقاني عن رجال الشيخ
أنّ كلّ واحد منهما من أصحاب الحسين عليهالسلام.
ويقول في أعيان الشيعة عند ترجمتهما : ذكره الشيخ في
رجاله من أصحاب الحسين عليهالسلام
ولمّا كانا بهذه الصفة من الغموض والحال المستورة رأيت أن لا أذكرهما في تسلسل العدد.
٤٦
ـ الحجّاج بن مسروق الجعفي
قال العلّامة السماوي في إبصار العين والعاملي في أعيان الشيعة
: الحجّاج بن مسروق بن جعفر بن سعد العشيرة المذحجي الجعفي ، كان من الشيعة ، صحب
__________________
أمير المؤمنين عليهالسلام في الكوفة
ولمّا خرج الحسين عليهالسلام
إلى مكّة خرج من الكوفة لملاقاته فصحبه وكان مؤذّناً له في أوقات الصلاة .
قال ابن شهر آشوب رحمهالله
: ثمّ برز الحجّاج بن مسروق الجعفي (وهو يقول :
أقدم حسيناً هادياً مهدياً
|
|
فاليوم نلقى جدّاك النبيّا
|
ثمّ أباك ذا الندى عليّا
|
|
ذاك الذي نعرفه وصيّا)
|
فقتل خمساً وعشرين رجلاً سوى من جرح.
وفي رواية محمّد بن أبي طالب أنّه قتل ثمانية عشر رجلاً
وأرسلهم إلى دار البوار.
وفي الناسخ ، قال : الحجّاج بن مسروق ، قيل : إنّه كان
يعدّ للحسين راحلته .. وقد حضر معه كربلاء وكان ينشد هذه الأشعار بين يدي الحسين عليهالسلام :
فدتك نفسي هادياً مهدياً
|
|
اليوم نلقى جدّك النبيّا
|
ثمّ أباك ذا الندى عليّا
|
|
ذاك الذي نعرفه وصيّا
|
والحسن الخير الرضى الوليّا
|
|
وأسد الله الشهيد الحيّا
|
وذا الجناحين الفتى الكميّا
|
|
وفاطم الطاهرة الزكيّا
|
ومن مضى من قبله تقيّا
|
|
والله قد صيّرني وليّا
|
في حبّكم أُقاتل الدعيّا
|
|
وأُشهد الله الشهيد الحيّا
|
لتبشروا يا عترة النبيّا
|
|
بجنّة شرابها مريّا
|
__________________
عند ذلك أذن له الإمام ودخل ميدان القتال فجزر منهم خمسة
عشر رجلاً بحدّ السيف ثمّ نال السعادة بالشهادة.
وفي كتاب شرح الشافية ذكره أنّه ومولاه قتلا مأة وخمسين
رجلاً وأنزلاهم في قعر جهنّم من ذلك العسكر ثمّ استشهدا.
شقاء عبيدالله بن الحرّ الجعفي
قال في الناسخ وغيره : ومضى الحسين عليهالسلام حتّى انتهى
إلى قصر بني مقاتل فنزل به فإذا هو بفسطاط مضروب ، ورمح مركوز إلى جانبه ، وسيف معلّق على عمود الخيمة ومهرة عربيّة على بابه ، فقال الحسين عليهالسلام
: لمن هذا الفسطاط ؟ فقيل : لعبيدالله بن الحرّ الجعفي وهو من فوارس الكوفة وشجعانها وأهل البسالة منهم ، لا قريع له في الشجاعة ولا قرن يماثله ، فاستدعى الإمام الحجّاج بن مسروق وأمره بدعوته إليه.
فذهب إليه الحجّاج بن مسروق وسلّم عليه ، فردّ عليهالسلام وقال : ما
وراءك يا بن مسروق ؟ قال : إنّ الله تعالى ساق إليك خيراً وكرامة إن قبلتها. قال : وما
هما ؟ فقال له الحجّاج : هذا الحسين بن عليّ عليهماالسلام
يدعوك لنصرته ، فإن نصرته نلت السعادة. فقال عبيدالله بن الحر : يابن مسروق ، كنت أعلم بأنّ أهل الكوفة مقاتلوه فخرجت من الكوفة لئلّا أكون من قتلته ، واعلم يابن مسروق إنّ أهل الكوفة قدّموا الدنيا الفانية على الآخرة الباقية ، وباعوا مودّة أهل بيت النبي بعطايا ابن زياد ،
ولمّا كنت على غير وفاق معه ولا أُريد أن أكون عليه خرجت من الكوفة لئلّا أشهد الموقعة وانتبذت ناحية بانتظار ما يقدّره الله تعالى.
فرجع الحجّاج إلى الحسين عليهالسلام
واخبره بما قال عبيدالله ، فقال الحسين عليهالسلام
: إنّ من الأرجح أن أذهب إليه بنفسي وأُقيم الحجّة عليه ، ثمّ قام قائماً إليه وفي رواية
الدرّ النظيم : ومعه جماعة من فتيان
بني هاشم ، فأقبل نحو مضارب عبيدالله فخرج لاستقباله وطرح وسادة وجلس بين يديه ، وقال : يابن الحر ، إنّ أهل مصركم كتبوا إليّ أن هلمّ ، وعاهدوني النصرة وعدم الخذلان وأن يجاهدوا معي حقّ الجهاد ، والآن جائني خبر خذلانهم إيّاي وأنّهم استدبروا الحقّ واستقبلوا الباطل ، وأنت يا بن الحرّ على علم بأنّ للخير جزاء وللشرّ مثله ، مثوبة وعقوبة ، وسوف يُسئل المرء عن أقواله وأفعاله ، فأدعوك اليوم إلى نصرتي إن أجبتني وسوف يكون ذلك كفّارة لذنوبك وأجراً عمّا فاتك من الثواب ، وفي القيامة يُسرّ جدّي بك.
فقال عبيدالله بن الحر : إنّي لأعلم علماً يقيناً أنّ من
أطاعك واتّبعك تكون جزائه الجنّة ولكن أهل الكوفة خذلوك ورفع ألوية الغدر بك ، وقد وجّه إليك يزيد بجيش لا يعدّ ولا يحصى وهم ظاهرون على أصحابك ، والنصر لهم عليك ، وفي مثل هذه المواقف الصعبة ماذا يصنع مثلي وهو فرد ، فأرجو أن تعفيني من ذلك ولك هذه الفرس الملحقة ، ما فاتها سابق ولا أدركها لاحق ، وأعطيك سيفي هذا القاطع وهو أحد من أنياب الليث فاقبله منّي ولا تحملني على خطّة لا أطيقها.
فقال الإمام عليهالسلام
: ما جئتك أطلب فرسك أو سيفك وإنّما أردت أن تنال التوفيق بطاعتي وتطهّر نفسك في هذا الجهاد في سبيل الله وتبذل نفسك فيه فلا حاجة لنا بمالك وما كنت متّخذ المضلّين عضداً ، ولقد قال جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله : من سمع واعية أهل بيتي فلم يُعنهم ويلبِّ ندائهم أكبّه الله في نار جهنّم ، قال هذا وخرج
من خيمة ابن الحر.
وفي رواية الدرّ النظيم : قال ابن الحرّ : والله لقد كسر
قلبي الحسين حين رأيته وقد أحدق به فتيانه وعلمت أنّ السيف آخذهم.
وفي خبر آخر : إنّ عبيدالله بن الحر ندم بعد الواقعة
وأخذ يقرّع نفسه ويلومها على ما فاته من نصرة الحسين عليهالسلام
وينشد هذا الشعر :
حسين حين يطلب بذل نصري
|
|
على أهل العداوة والشقاق
|
غداة يقول لي بالقصر قولاً
|
|
تولّى ثمّ ودّع بانطلاق
|
ولو أنّي أُواسيه بنفسي
|
|
لنلت كرامة يوم التلاق
|
مع ابن المصطفى نفسي فداه
|
|
فويل يوم توديع الفراق
|
فقد فاز الأولى نصروا حسيناً
|
|
وخاب الآخرون ذوو النفاق
|
فلو فلق التلهّف قلب حيّ
|
|
لهم اليوم قلبي بانفلاق
|
الإشارة إلى تاريخ عبيدالله الجعفي
أكثر علماء الرجال من ذكره باللصوصيّة وسفك الدم والفتك
وذكروه بالشعر.
قال المامقاني : يقلّ الخطأ جدّاً عند النجاشي في رجاله
ولكن من أخطائه ما ذكره عند عبيدالله بن الحر الجعفي قائلاً : من سلفنا الصالح مع كثرة خياناته وجناياته ، إلّا أنّه حسن العقيدة ولكنّه قضى عمره بالصعلكة ، وشارك زمن عمر ابن الخطّاب في حرب القادسيّة فأحسن البلاء ثمّ لحق بمعاوية لكي يكرمه ولم يعتن بمعاوية ، واستدعاه يوماً معاوية وقال له : يابن الحر ، ما هذه الجموع التي تغدو وتروح على باب دارك ؟ فقال : هؤلاء يحموني ويحفظوني إن أردت ظلمي والعدوان عليَّ حالوا بيني وبينك. قال : لعلّك تخبئ في نفسك اللحوق معهم بعليّ ابن أبي طالب ؟ فقال : إن فعلت ذلك فإنّه ما علمت أهل لذلك ، لأنّه على الحقّ وأنت على الباطل. فقال عمرو بن العاص : كذبت ، فقال عبيدالله بن الحر : وأنت
__________________
أكذب منّي ، ثمّ غادر المجلس غاضباً ،
وخرج من الشام ومعه خمسون فارساً وكان لا يمرّ على قرية إلّا وانتهبها بمن معه ، فهب حرس الحدود وحماة الثفر لردعه فحمل عليهم وقتل جماعة منهم وفرّ الباقون حتّى نزل الكوفة إلّا أنّه لم يلاق الإمام عليهالسلام.
وفي نفس المهموم يروي عن قمقام فرهاد ميرزا أنّ عبيدالله المذكور كان عثمانيّاً وكان يعدّ من الشجعان ومن فرسان العرب ، وكان في وقعة صفّين في جيش معاوية بن أبي سفيان لما كان في قلبه من محبّة عثمان ، ولمّا قُتل أمير المؤمنين عليهالسلام
انتقل إلى الكوفة وكان بها إلى أن حضرت مقدّمات قتل الحسين عليهالسلام
فخرج منها تعمّداً لئلّا يحضر في قتله ، انتهى .
يظهر من هذه الرواية بأنّ عودته إلى الكوفة من الشام
كانت بعد شهادة أمير المؤمنين عليهالسلام
، وفي بعض التواريخ أنّ خروجه من الكوفة كان بعد دخول مسلم ومجيء عبيدالله بن زياد لعنهما الله ، ولمّا فرغ هذا اللعين من تصفية مسلم وهانئ عليهماالسلام
جدّ في البحث عن رجالات أهل الكوفة وأشرافهم من هؤلاء عبيدالله ابن الحر فلم يقع أحد له على أثر حتّى جاء مجلس عبيدالله اتفاقاً ، فسأله عبيدالله
ابن زياد : أين كنت هذه المدّة ؟ فقال : مرضت ، فقال : في قلبك لا في جسدك ، فقال ابن الحر : لم يمرض قلبي وقد عافاني الله في جسمي. فقال ابن زياد : كذبت بل كنت مع عدوّنا ، فقال : لو كنت معه لشوهد مقامي ولم يخف مشهدي لأنّي لست مجهولاً ، وفي هذه الحال انشغل ابن زياد مع آخر يكلّمه فانتهز ابن الحرّ
__________________
الفرصة وخرج من مجلسه ، فلمّا رأى
ابن زياد مكانه خالياً قال : انظروا أين ذهب ابن الحر ؟ قالوا : خرج من مجلسك الساعة ، فقال : اطلبوه عاجلاً ، فخرج جماعة من الشرط في طلبه فرأوه وقد علا صهوة فرسه ، فقالوا : أجب الأمير ، فقال : والله لا عُدت إليه مختاراً وهمز جواده فطار به وقصد منزل الأحمر بن زياد الطائي فجمع أصحابه وقصد قصد المدائن حتّى إذا خرج المختار بن أبي عبيدة الثقفي التحق بعسكره.
فلمّا بعث المختار إبراهيم لحرب ابن زياد لعنهما الله
خرج عبيدالله مع إبراهيم بن مالك الأشتر النخعي وكان إبراهيم كارهاً لخروجه معه ، وأنّه قال للمختار : أخاف أن يغدر بي وقت الحاجة ، فقال له المختار : أحسن إليه واملأ عينه بالمال. وإنّ إبراهيم خرج ومعه عبيدالله بن الحر حتّى نزل تكريت وأمر بجباية خراجها ، ففرّقه وبعث إلى عبيدالله بن الحر بخمسة آلاف درهم ، فغضب فقال : أنت أخذت لنفسك عشرة آلاف درهم وما كان الحرّ دون مالك ، فحلف إبراهيم أنّي ما أخذت زيادة عليك ثمّ حمل اليه ما أخذه لنفسه فلم يرض وخرج على المختار ونقض عهده وأغار على سواد الكوفة فنهب القرى وقتل العمّال وأخذ الأموال ومضى إلى البصرة إلى مصعب بن الزبير ، وأرسل المختار إلى داره فهدمها ولم يف لمصعب أيضاً فذهب من هناك إلى الشام ، وسأل عبدالملك أن يؤمّره على جند لحرب ابن الزبير ، فسيّر معه عبداللملك أربعة آلاف فارس ونحى نحو العراق حتّى إذا بلغ أطراف الموصل ومعه الجند المذكور فانفرد عن جنده وبينما هو يسير على فرسه وقد عبر جسراً هناك إذ زلّت به قدم فرسه فكبا به الفرس وهوى في النهر
__________________
فأقبل عليه الزرّاع بمساحيهم وأخذوا
يضربونه بها بدلاً من إخراجه حتّى هلك وغنموا فرسه وأسلحته ، إلّا أنّ صاحب الأخبار الطوال روى موته بشكل آخر ممّا لا حاجة بنا إلى ذكره.
وله أشعار كثيرة تدلّ على ندمه لأنّه حرم الشهادة مع
الحسين عليهالسلام
، منها قوله :
يقول أمير غادر وابن غادر
|
|
ألا كنت قاتلت الحسين بن فاطمه
|
فيا ندمي أن لا أكون نصرته
|
|
ألا كلّ نفس لا تُسدّد نادمه
|
ونفسي على خذلانه واعتزاله
|
|
وبيعة هذا الناكث العهد لائمه
|
سقى الله أرواح الذين تآزروا
|
|
على نصره سقياً من الغيث دائمه
|
وقفت على أطلالهم ومحالهم
|
|
فكاد الحشى ينقضّ والعين ساجمه
|
وإنّي على أن لم أكن من حماته
|
|
لدى حسرة ما إن تفارق لازمه
|
لعمري لقد كانوا سراعاً إلى الوغى
|
|
مصاليت في الهيجا حماة خضارمه
|
تأسّوا على نصر بن بنت نبيّهم
|
|
بأسيافهم آساد غيل ضراغمه
|
فإن يقتلوا في كلّ نفس بقيّة
|
|
على الأرض قد أضحت لذلك واجمه
|
وما إن رأى الراؤون أفضل منهم
|
|
لدى الموت سادات وزهر قماقمه
|
أيقتلهم ظلماً ويرجوا ودادنا
|
|
فدع خطّة ليست لنا بملائمه
|
لعمري لقد راغمتمونا بقتلهم
|
|
فكم ناقم منّا عليكم وناقمه
|
أهمّ مرادي أن اسير بجحفل
|
|
إلى فئة زاغت عن الحقّ ظالمه
|
فكفّوا وإلّا زرتكم في كتائب
|
|
أشدّ عليكم من زحوف الديالمه
|
فلمّا بلغ ابن زياد شعره أرسل في طلبه ففاته.
ومجمل القول أنّ له أشعاراً كثيرة يظهر فيها الندم ويلوم
نفسه على ما فاته من نصرة ابن رسول الله ، ويمدح فيها أصحابه.
يقول العلّامة بحر العلوم في رجاله : فالرجل عندي صحيح
الاعتقاد وسيّئ
العمل . إلى أن يقول : والعجب من
النجاشي كيف يعدّ هذا الرجل من سلفنا الصالح ويعتني به ويصدّر كتابه بذكره .. الخ .
أقول : لا عجب من ذلك لأنّ المعصوم من عصمه الله ، إنّ
الجواد قد يكبو وإنّ الصارم قد ينبو.
٤٧
ـ حجير بن جُنْدَب
جندب بضمّ الجيم وإسكان النون وفتح الدال ، وحجير على
وزن زبير فقط. الحدائق الورديّة يقول في ترجمة والده جندب بن زهير بن الحارث الكندي الخولاني أنّه قتل ولده حجير في أوّل القتال.
ولا يوجد له ذكر في كتب الرجال بخلاف والده الذي كان من
المشاهير كما تقدّم.
وانثنوا للوغى غضاب أُسود
|
|
عصفت في العدى بصرصر عاد
|
أُوردوا البيض دونه من نجيع
|
|
الهام والسمر من دم الأكباد
|
٤٨ ـ الحرّ بن يزيد الرياحي
ذكر نسبه أرباب الرجال على النحو التالي : الحرّ بن يزيد
بن ناجية بن قعنب بن عتاب بن هرم بن رياح بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم ، فهو تميميّ يربوعيّ رياحيّ.
__________________
وفي كتاب سبائك الذهب في معرفة أنساب العرب ذكر أنّ من
أيّام العرب يوم « طفخة » وسببه « الرادفة » فقد كانت تساوي الوزارة ، والرديف من حقّه الجلوس على يمين الملك ، وكانت الرادفة لبني يربوع ، فخذ من أفخاذ بني تميم .. وتنتقل من الآباء إلى الأبناء والأحفاد ، إلى أن تقدّم حاجب بن زرارة الدارمي التميمي إلى
النعمان بن المنذر أن يعطي الرادفة إلى الحرث التميمي من بني مجاشع ، فأخبر النعمان بني يربوع بذلك وطلب منهم الرضا به ، فامتنع بنو يربوع من قبول العرض وأبوا أشدّ الإباء ، وكان منزلهم أسفل « طفخة » وهو جبل طويل أحمر اللون وفيه عيون ماء عذبة ، فعمد النعمان إلى قمعهم وأخذ الرضا منهم قهراً ، فسيّر أخويه « قابوس »
و « حسّان » ابني المنذر على رأس جيش لجب إلى بني يربوع وكان قابوس القائد وحسّان على مقدّمة الجيش ، وبلغ الجيش ظفخة لمنازلة بني يربوع واحتدم القتال في سفح الجبل فهزم جيش قابوس فأسروه وغنموا فرسه وأرادوا أن يجزّوا ناصيته فقال لهم قابوس : الملوك لا تُجزّ نواصيها ، وأسروا حسّاناً أيضاً وهزمت عساكره وعاد الجيش إلى النعمان بدونهما ، فحزن النعمان على أخويه فأرسل عجلاً شهاب بن قيس اليربوعي إلى بني عمّه وقال له : أسرع لتصل إلى حسّان وقابوس وتخلّصهما من الأسر وأرجع الرادفة إلى بني يربوع وأترك لهم ما غنموه وأهدر من قتلوه ، وأدفع لهم ألفي بعير ، فأقبل شهاب فوجدهما حيّين فخلّصهما من الأسر ووفى لهم بوعد الملك ، وبعد ذلك لم يعترضهم أحد على الرادفة ، وسمّي ذلك اليوم يوم طفخة ». وبعضهم قدّم الخاء على الفاء.
يقول سيّدنا الحرّ العاملي في أعيان الشيعة في ترجمة
الحرّ بن يزيد الرياحي :
__________________
كان من رؤساء بني تميم وكان ابن زياد
قد أمّره على ألف فارس يستقبل بهم الحسين عليهالسلام
.
ويقول سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ : وكان الحرّ بن
يزيد الرياحي من ساداتهم وأهل الكوفة .
وقال العلّامة السماوي في إبصار العين : كان الحرّ
الرياحي شريفاً في قومه في الجاهليّة والإسلام فإنّ جدّه عتاب كان رديف النعمان بن المنذر .. والحرّ هو ابن عمّ الأحوص الصحابي الشاعر .
ولا يخفى أنّه مع كونه من سادات الكوفة وأشرافها
ورؤسائها إلّا أنّه تقلّ الأخبار عنه فلا يعلم إلى أيّ حزب ينتمي في عهد أمير المؤمنين عليهالسلام ، ويظهر من
أخبار المؤرّخين أنّ عبيدالله بن زياد لعنهما الله بعثه مع الحصين بن نمير من الكوفة إلى القادسيّة وأمر الحرّ أن ينتظر الحسين في القادسيّة ، ويمنعه من دخول الكوفة ، فأقبل الحرّ في ألف فارس حتّى تلاقى مع الحسين عليهالسلام في « ذو
جشم » .
أخبار الحسين من لقائه بالحرّ إلى شهادته
عن عبدالله بن سليم والمنذر بن المشمعل الأسديّين قالا :
أقبل الحسين عليهالسلام
حتّى نزل « شراف » فلمّا كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فأكثروا ثمّ
__________________
ساروا منها فرسموا صدر يومهم حتّى انتصف
النهار ، ثمّ إنّ رجلاً قال : الله أكبر ، فقال الحسين عليهالسلام
: الله أكبر ، ما كبّرت ؟ قال : رأيت النخل ، فقال له الأسديّان : إنّ هذا المكان ما رأينا به نخلة قطّ. قالا : فقال الحسين عليهالسلام : فما
تريانه رأى ؟ قلنا : نراه رأى هوادي الخيل ، فقال : وأنا والله أرى ذلك.
فقال الحسين عليهالسلام
: أما لنا ملجأ نلجأ إليه نجعله في ظهورنا ونستقبل القوم من وجه واحد ؟ فقلنا له : بلى ، هذا ذو حسم إلى جنبك تميل إليه عن يسارك فإن سبقت القوم إليه فهو كما تريد. قال : فأخذ إليه ذات اليسار ، قال : وملنا معه فما
كان بأسرع من أن طلعت علينا هوادي الخيل فتبيّنّاها وعدلنا ، فلمّا رأونا وقد عدلنا عن
الطريق عدلوا إلينا كأنّ رماحهم اليعاسيب وكأن راياتهم أجنحة الطير.
قال : فاستبقنا إلى ذي حسم فسبقناهم إليه ، فنزل الحسين عليهالسلام فأمر
بأبنيته فضربت ، وجاء القوم وهم ألف فارس مع الحرّ بن يزيد التميمي اليربوعي حتّى وقف هو وخيله مقابل الحسين عليهالسلام
في حرّ الظهيرة والحسين وأصحابه عليهمالسلام
معتمّون متقلّدوا أسيافهم ، فقال الحسين لفتيانه : اسقوا القوم وأرووهم من الماء ورشّفوا الخيل ترشيفاً. فقام فتيانه فرشّفوا الخيل ترشيفاً ، فقام فتية وسقوا
القوم من الماء حتّى أرووهم وأقبلوا يملأون القصاع والأتوار والطساس من الماء ثمّ يدنونها من الفرس فإذا عبّ فيه ثلاثاً وأربعاً أو خمساً عزلت عنه وسقوا آخر حتّى سقوا الخيل كلّها .
در آن وادى که بودى آب ناياب
|
|
سوار واسب را کردند سيراب
|
في ذلك القفر الجديب العاري
|
|
لا يخلد الساري إلى قرار
|
قد سقوا الفرسان والخيولا
|
|
وأجروا الماء لهم سيولا
|
__________________
قال هشام : حدّثني لقيط عن عليّ بن الطعان المحاربي : كنت
مع الحرّ بن يزيد فجئت في آخر من جاء من أصحابه ، فلمّا رأى الحسين ما بي وبفرسي من العطش ، قال : أنخ الراوية ـ والراوية عندي السقاء ـ ثمّ قال : ابن أخي ، أنخ
الجمل ، فأنخته ، فقال : اشرب ، فجعلت كلّما شربت سال الماء من السقاء ، فقال الحسين : اخنث السقاء أي اعطفه ، قال : فجعلت لا أدري كيف أفعل ، قال : فقام الحسين فخنثه فشربت وسقيت فرسي.
قال : فلم يزل (الحر) موافقاً حسيناً حتّى حضرت الصلاة
صلاة الظهر ، فأمر الحسين الحجّاج بن مسروق الجعفي أن يؤذّن فاذّن ، فلمّا حضرت الإقامة خرج الحسين في إزار ورداء ونعلين فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أيّها الناس ، إنّها معذرة إلى الله عزّ وجلّ وإليكم ، إنّي لم آتكم حتّى أتتني كتبكم وقدمت عليَّ رسلكم أن أقدم علينا فإنّه ليس لنا إمام لعلّ الله يجمعنا بك على الهدى ، فإن كنتم
على ذلك فقد جئتكم ، فإن تعطوني ما أطمئنّ إليه من عهودكم ومواثيقكم أقدم مصركم ، وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلت منه إليكم.
قال : فسكتوا عنه وقالوا للمؤذّن : أقم الصلاة ، فقال الحسين عليهالسلام للحر : أتريد
أن تصلّي بأصحابك ؟ قال : لا بل تصلّي أنت ونصلّي بصلاتك. قال : فصلّى بهم الحسين ثمّ إنّه دخل واجتمع إليه أصحابه وانصرف الحرّ إلى مكانه الذي كان به فدخل خيمة قد ضربت له ، فاجتمع إليه جماعة من أصحابه وعاد أصحابه إلى صفّهم الذي كانوا فيه فأعادوه ثمّ أخذ كلّ رجل منهم بعنان دابّته وجلس في ظلّها ،
__________________
فلمّا كان وقت العصر أمر الحسين أن
يتهيّؤوا للرحيل ثمّ إنّه خرج فأمر مناديه فنادى بالعصر وقام فاستقدم الحسين فصلّى بالقوم ثمّ سلّم وانصرف إلى القوم بوجهه فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال عليهالسلام
:
أمّا بعد ، أيّها الناس ، فإنّكم إن تتّقوا وتعرفوا
الحقّ لأهله يكن أرضى لله ، ونحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان ، وإن أنتم كرهتمونا وجهلتم حقّنا وكان رأيكم غير ما أتتني كتبكم وقدمت به عليَّ رسلكم انصرفت عنكم .
فقال له الحرّ بن يزيد : إنّا والله ما ندري ما هذه
الكتب التي تذكر.
فقال الحسين عليهالسلام
: يا عقبة بن سمعان ، أخرج الخرجين اللذين فيهما كتبهم إليّ ، فأخرج خرجين مملوئين صحفاً فنشرها بين أيديهم.
فقال الحرّ : إنّا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك وقد
أُمرنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتّى نقدمك على عبيدالله بن زياد.
فقال الحسين عليهالسلام
: الموت أدنى إليك من ذلك ، ثمّ قال لأصحابه : قوموا فاركبوا ، وانتظروا حتّى ركبت نسائهم وصبيانهم
فقال لأصحابه : انصرفوا بنا ، فلمّا ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف ، فقال الحسين عليهالسلام للحرّ : ثكلتك
أُمّك ،
__________________
ما تريد ؟! قال : أما والله لو غيرك
من العرب يقولها لي وهو على مثل الحال التي أنت عليها ما تركت ذكر أُمّه بالثكل أن أقوله كائناً من كان ولكن والله ما لي إلى
ذكر أُمّك من سبيل إلّا بأحسن ما يقدر عليه.
فقال الحسين عليهالسلام
: فما تريد ؟ قال الحر : أُريد والله أن انطلق بك إلى عبيدالله بن زياد. فقال الحسين عليهالسلام
: إذن والله لا أتّبعك. فقال له الحر : إذن والله لا أدعك ، فترادّا القول ثلاث مرّات ، ولمّا كثر الكلام بينهما قال له الحر : إنّي لم أُؤمر
بقتالك وإنّما أُمرت أن لا أُفارقك حتّى أقدمك الكوفة ، فإذا أبيت فخذ طريقاً لا تدخلك الكوفة ولا تردّك إلى المدينة لتكون بيني وبينك نصفاً حتّى أكتب إلى ابن زياد (وتكتب أنت إلى يزيد بن معاوية إن أردت أن تكتب إليه أو إلى عبيدالله بن زياد إن شئت)
فلعلّ الله إلى ذلك أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أُبتلى بشيء من أمرك.
قال : فخذ هاهنا ، فتياسر عن طريق العذيب والقادسيّة ، وبينه
وبين العذيب ثمانية وثلاثون ميلاً ..
ولم يكن على يسار الطريق سوى القفر والهضاب الجرداء ، فقال الحسين عليهالسلام
: من منكم يعرف الطريق ؟ فقال رجل يُدعى الطرمّاح : يابن رسول الله ، أنا أعرف الناس بطرق هذه الأرض وسالك فجاجها ، فقال : تقدّم أمامنا ودُلّنا على الطريق ، فسار الإمام بأصحابه وتقدّم الطرمّاح بين يديه وأخذ ينشد : « يا ناقتي لا تجزعي من زجري » الخ ، وستأتي في ترجمته.
فلمّا سمع الحرّ الأُرجوزة وفيها سبّ ابن زياد ويزيد
تنحّى عن الحسين وابتعد
__________________
قليلاً عن طريقة حتّى بلغوا « البيضة
» عند صلاة
الصبح وفيها خطب الناس بعد الصلاة بناءاً على ما رواه في نفس المهموم
نقلاً عن الطبري وأبي مخنف ، فقال :
أيّها الناس ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من
رأى سلطاناً جائراً مستحلّاً لحرم الله ، ناكثاً لعهد الله ، مخالفاً لسنّة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان
فلم يعيّر (يغيّر) عليه بفعل ولا قول كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله ، ألا وإنّ هؤلاء قد
لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطّلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله ، وأنا أحقّ من عيّر (غيّر) وقد
أتتني كتبكم وقدمت عليَّ رسلكم ببيعتكم أنّكم لا تسلموني ولا تخذلوني ، فإن تمّمتم عليَّ بيعتكم تصيبوا رشدكم ، فأنا الحسين بن عليّ وابن فاطمة بنت رسول الله ، نفسي مع أنفسكم ، وأهلي مع أهليكم ، فلكم فيّ أُسوة ، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم ، وخلعتم بيعتي من أعناقكم فلعمري ما هي لكم بنكر لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمّي مسلم ، والمغرور من اغترّ بكم ، فحظّكم أخطأتم ، ونصيبكم ضيّعتم ، ومن نكث فإنّما ينكث على نفسه ، وسيغني الله عنكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ولكن صاحب ناسخ التواريخ قال : أنّ هذه الخطبة هي كتاب
كتبه الإمام عليهالسلام
من
__________________
كربلاء
وبعثه إلى أهل الكوفة حين نزوله في أرضها .
وصفوة القول أنّ الحرّ لان قلبه من هذه الخطبة وشعر
بالحقّ ودنا من الحسين عليهالسلام
وقال له : يابن رسول الله ، إنّي أُذكّرك الله في نفسك فإنّي أشهد لئن قاتلت لتقتلنّ ، فقال الإمام عليهالسلام
: أفبالموت تخوّفني ؟ وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني ، وسوف يبتليكم الله بمختلف المحن والرزايا جزاءاً لكم بما فعلتم ، وإنّي سأقول كما قال أخو الأوس لابن عمّه وهو يريد نصرة رسول الله صلىاللهعليهوآله فخوّفه ابن
عمّه وقال : أين تذهب فإنّك مقتول ، ثمّ تمثّل الإمام بشعر قاله ومضمونه :
اگر کشته خواهد تو را روزگار
|
|
چه نيکوتر از مرگ در کارزار
|
إن كانت الموت مقضيّاً على رجل
|
|
فخيره أن يرى في الحرب منجدلا
|
قال :
سأمضي وما بالموت عارٌ على الفتى
|
|
إذا ما نوى حقّاً وجاهد مسلما
|
وواسى الرجال الصالحين بنفسه
|
|
وفارق مثبوراً وودّع مجرما
|
فإن عشئت لم أندم وإن متُّ لم ألم
|
|
كفى بك ذُلّاً أن تعيش وترغما
|
أُقدّم نفسي لا أُريد بقائها
|
|
لنلقى خميساً في الوغى وعرمرما
|
وصفوة القول : إنّ الإمام عليهالسلام
أخذ يسير بأصحابه فإذا جميعاً راكب على نجيب له وعليه السلاح متنكّب قوساً مقبل من الكوفة
فوقفوا جميعاً فلمّا انتهى إليهم سلّم على الحرّ بن يزيد ولم يسلّم على الحسين عليهالسلام
وأصحابه ، فدفع إلى الحرّ كتاباً من
__________________
عبيدالله بن زياد فإذا فيه : أمّا
بعد ، فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي فلا تنزله إلّا بالعراء غير حصن وعلى غير ماء ، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتّى يأتيني بإنفاذك أمري والسلام.
قال : فلمّا قرأ الكتاب ، قال لهم الحر : هذا كتاب
الأمير عبيدالله بن زياد يأمرني فيه أن أُجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه وهذا رسوله ، وقد أمره أن لا يفارقني حتّى أُنفّذ رأيه وأمره.
فأمر الحسين عليهالسلام
بالنزول وكلّما أرادوا المسير حال أصحاب الحرّ بينهم وبينه ، فقال الإمام عليهالسلام
: دعونا ننزل الغاضريّة أو نينوى أو شفاثة
، فقال الحرّ : لا أستطيع ذلك لأنّ رسول ابن زياد معي ناظر بم يرجع في أمري ، وأخيراً سار يمنة ويسرة حتّى بلغ أرض كربلاء ونزلها بأُسرته وأصحابه ، ونزل الحرّ بجيشه بأزاء الحسين عليهالسلام.
توبة الحرّ وشهادته
إلى أن ورد عمر بن سعد أرض كربلاء وأقبلت ورائه العساكر
تترى ، فعبّأ ابن سعد جيشه وجعل الحرّ على ربع تميم وهمدان أميراً عليهم ، وبقي الحرّ على هذه الحال حتّى رأى من ابن سعد قسوة القلب لأنّه لم يعط الحسين عليهالسلام شرطاً
واحداً من الشروط التي طلبها منهم ، فعجب من فظاظته وغلظته فأقبل عليه وقال : يابن سعد ، أمقاتل أنت هذا الرجل ؟! قال : أي والله قتالاً أيسره أن تطير فيه الرؤوس وتطيح الأيدي. فقال : فما لكم في الشروط التي عرضها عليكم ألّا تقبلوها لينتهي الأمر بالسلم ؟ فقال ابن سعد : لو كان الأمر لي لرضيت ولكنّ أميرك أبي.
__________________
فعاد الحرّ غاضباً إلى مركزه وكان إلى جانبه قرّة بن قيس
وهو من عشيرته ، فقال له الحر : يا قرّة ، أسقيت فرسك ؟ فقال قرّة : كلّا ، فقال الحر : ألا تريد
أن تسقيه ؟ فقال قرّة : فظننت أنّه يريد اعتزال الحرب ، ولا يريد أن أعرف ذلك منه فأشي به ، ولو علمت بما يريد لفعلت فعله ولحقت بالحسين عليهالسلام .
وصفوة القول : إنّ الحرّ عليهالسلام
تنحّى عن مكانه وأقبل نحو معسكر الحسين وصار يتقدّم شيئاً فشيئاً ، فقال له المهاجر بن أوس : أتريد أن تحمل ؟ فلم يجبه وأخذه مثل الأفكل ، فقال المهاجر لذلك السعيد الطالع الحرّ : إنّ أمرك لمريب ، والله ما رأيت هذا منك أبداً ولو سُئلت من أشجع أهل الكوفة لما عدوتك ، فما هذه الرعدة منك ؟ فقال الحرّ : والله إنّي أُخيّر نفسي بين الجنّة والنار ولا أختار
على الجنّة شيئاً ولو قطّعت إرباً إرباً وأحرقت بالنار ثمّ ساق جواده ولحق بالحسين وحلّ في الجنّة.
جانب من الأشعار المناسبة للمعنى :
اى در تو قاصد ومقصود ما
|
|
وى رخ تو شاهد ومشهود ما
|
نقد غمت مايه هر شادى است
|
|
بندگيت به ز هر آزادى است
|
يار شوى اى مونس غمخوارگان
|
|
چاره کن اى چارهٔ بيچارگان
|
درگذر از حرم که خواهندهايم
|
|
چارهٔ ما کن که پناهندهايم
|
چارهٔ ما ساز که بى ياوريم
|
|
گر تو برانى بکه رو آوريم
|
__________________
مباراة القطعة بالعربيّة :
يا ذا الذي نأوي إلى بابه
|
|
ووجهه شاهد أحبابه
|
من غمّك الحاضر أفراحنا
|
|
فلم نذق أعذب من صابه
|
عبدك إذ أثقله قيده
|
|
لم يرد التحرير ممّا به
|
فكن أنيسي حين لا مؤنس
|
|
قد خان لبي كلّ أترابه
|
جئت إلى بابك مسترحماً
|
|
أُمرّغ الخدّ بأعتابه
|
لا منقذ إلّاك لا مؤنس
|
|
إلّاك يا أنيس أصحابه
|
فتب علينا واعف عن جرمنا
|
|
ومُر لنا برفق كتّابه
|
قد يرحم الليث بلا رحمة
|
|
إن أقبل الصيد إلى غابه
|
وأنت رحمان رحيم وإن
|
|
هدّ عبيداً بعض أوصابه
|
ليس لنا مأوًى سوى رحمة
|
|
تخرج فيها العبد من عابه
|
إن ملت عنّا فلمن نلتجي
|
|
يا باسط العفو لطلّابه
|
* * *
دارم از لطف ازل منظر فردوس طمع
|
|
|
گرچه دربانى ميخانهٔ دونان کردم
|
سايهاى بر دل ريشم فکن اى گنج مراد
|
|
|
که من اينخانه بسوداى تو ويران کردم
|
طمعت بالجنّة منذو الأزل
|
|
وإن أكن شخصاً قليل العمل
|
ألق على قلبي برد الرضا
|
|
كي يوهب الوصال فيمن وصل
|
أخرجت من أجلك كلّ الذي
|
|
سواك في بيت فؤادي نزل
|
بنيت بيتاً فيه سكناكم
|
|
وصحت من داخله حيّهل
|
* * *
شاها اگر بعرش رسانم سرير فضل
|
|
مملوک اين چنانم ومشتاق اين درم
|
گر برکنم دل از تو بردارم از تو مهر
|
|
اين مهر بر کى افکنم اين دل کجا برم
|
مولاي لو أوصلتني للسُّهى
|
|
فلست إلّا العبد مملوكا
|
مثوى فؤادي بابك المرتجى
|
|
وكلّ شوقي أن أُلاقيكا
|
لو أنّ قلبي حال عن حبّكم
|
|
ولم يجد مأويً بناديكا
|
قل لي فمن يهواه من بعدكم
|
|
وأين يهفو إذ يخلّيكا
|
* * *
گشت از لشکر چه قدرى راه دور
|
|
شد چو موسد جانب خرگاه طور
|
ليک بودش پاى در رفتن بکل
|
|
سخت بود از روى شاه دين خجل
|
در تفکر آنکه چون عذر آورد
|
|
با کدامين ديده شه را بنگرد
|
باز کرد از شرم دستار سرش
|
|
هم بدان پوشيده چهر انورش
|
با چنين هيئت سر آزادگان
|
|
بوسه زد بر پاى شاه انس وجان
|
گوهر از مژگان به خاک پاى شاه
|
|
ريخت واينسان کشد از وى عذر خواه
|
گفت من حرّم که ره بربستهام
|
|
بر تو قلب نازکت بشکستهام
|
رنجه کردم حال اطفال تو را
|
|
اوّل آشفتم ز کين قلب تو را
|
زينت زار تو را ترساندهام
|
|
کودکانت را بدن لرزاندهام
|
حال از کرده پشيمان گشتهام
|
|
تخم امّيدى بخاطر گشتهام
|
کن شفاعت از من اى سبط رسول
|
|
توبهام را تا که حق سازد قبول
|
مباراة القصيدة بالعربيّة :
وخلّف جيش الكفر حرّ ورائه
|
|
وجاء كموسى إذ أتى جانب الطور
|
وأوقف بين الفيلقين جواده
|
|
وما كان أن يدنو إليهم بمقدور
|
كان من السبط الشهيد حيائه
|
|
وأطرق كالعين السقيمة في النور
|
فما عذره والله يعلم ذنبه
|
|
فما هو ربّ العباد بمستور
|
وأقبل منقاداً بحبل ولائه
|
|
وقد كان قبلاً آمراً غير مأمور
|
تغشيه أبراد الذنوب بمسحة
|
|
من الذلّ يحكي عن قصور وتقصير
|
ولمّا تلقّى والإمام هو به
|
|
إلى الأرض قلب مذنب غير معذور
|
وقبّل أقدام الإمام ودمعه
|
|
يسيل كدرّ فارق النظم منثور
|
وقال أيا مولاي هل لي أوبة
|
|
فقد عاد عبد آبق غير منصور
|
فقال له المولى فمن أنت يا تُرى ؟
|
|
لقد أبت في ذنب من الله مغفور
|
فقال له كلّا فعبدك مذنب
|
|
ولولاه ما كانت مصيبة عاشور
|
أنا الحرّ قد أنزلتك الوعر هاهنا
|
|
بأمر أمير ساقط القدر مغرور
|
ولم أترك المولى يعود كما أتى
|
|
وما كان فعلي عند ربّي بمهدور
|
وروّعت أفلاذ النبوّة ضلّةً
|
|
لأُرضي بفعلي حاكم الجور والزور
|
لي الله إذ أبكي عقيلة حيدر
|
|
وأرهب بالأتباع سيّدة الحور
|
أنا اليائس المطرود من باب ربّه
|
|
فهل شافع مولاي يوماً لمقهور
|
فقال نعم إن تبت فابشر برحمة
|
|
من الله في يوم من العفو محشور
|
* * *
گواه عشق تو اين اشک سرخ وچهرهٴ زردم
|
|
|
درون پر شرر و قلبِ زار و پر غم و دردم
|
قسم بجان تو کز درگه تو باز نگردم
|
|
|
اميد خواجگيم بود بندگى تو کردم
|
|
هواى سلطنتم بود خدمت تو گزيدم
|
|
نبود باور وهرگز نيامدى بخيالم
|
|
|
که بينمت بچنين روز اين خيال محالم
|
کنون شرم تو آبم بکن زلطف حلالم
|
|
|
اگر چه در طلبد هم عنان باد شمالم
|
|
بکرد سرو خرامان قامتت نرسيدم
|
|
دل عيال تو را از نخست چونکه نجستم
|
|
|
بسنگ جور و جفا شيشهٔ وفا بشکستم
|
زپا فتادهام اکنون ز مهر گير تو دستم
|
|
|
که حبل خويش بحبل محبّت تو ببستم
|
مباراة القطعة بالعربيّة :
شهد الدمع بحبّي لكمُ
|
|
وامتقاعي في بعادي عنكمُ
|
وفؤادي هدّه بعدُكمُ
|
|
ويميناً كلّما جئتكم
|
أتمنّى القرب من حبّكم
|
|
لأنال المجد والفضل المبين
|
* * *
إن غدى المملوك عبداً لكمُ
|
|
نال سلطاناً وفضلاً بكمُ
|
كان حلماً أن أرى حيّكمُ
|
|
وخيالي تاه في شخصكمُ
|
وفؤادي قد هفى نحوكم
|
|
مثلما يهفو قرين لقرين
|
* * *
غير أنّي والحيا يغمرني
|
|
كلّما يمّمتكم يفجأني
|
جئت مطروداً عسى تمنحني
|
|
توبة تمحو خطايا درني
|
|
وتريني الحقّ وضّاح الجبين
|
|
ها أنا ولّيت دنياي القفا
|
|
قادماً أعلن صدقي والصفا
|
أما والله لقد خنت الوفا
|
|
حين روّعت عيال المصطفى
|
أترى مولاي يوليني الجفا
|
|
راجعاً منه بلا دنيا ودين
|
* * *
حُر بگفتا اى شها با غم وآه آمدهايم
|
|
|
سويت اى خسرو بى خيل و سپاه آمدهايم
|
رسته ز ابليس بدرگاه اله آمدهايم
|
|
|
ما بدين در نه پى حشمت وجاه آمدهايم
|
|
از بد حادثه اينجا به پناه آمدهايم
|
|
من و فرزند ايا سبط نبى فخر اُمم
|
|
|
بطفيل تو نهاديم در ايجاد قدم
|
گر بغلطيم بخون در ره عشق تو چه غم
|
|
|
ره رو منزل عشقيم ز سر حدّ عدم
|
|
تا به اقليم وجود اين همه راه آمدهايم
|
|
به خداوند که بيزارم ازين فرقهٔ زشت
|
|
|
ز انکه از حبّ ولاى تو مرا بود سرشت
|
تخم مهرت ز ازل بر دل من خالق کشت
|
|
|
سبزه خطّ ديديم زبستان بهشت
|
|
بطلب کارى آن مهر گياه آمدهايم
|
|
منم آنکس که نمودم بتو ظلم اوّل بار
|
|
|
ره گرفتم بتو اى پادشه بيکس و بار
|
شرمسارم من از آن کردهٔ خود با دل زار
|
|
|
آبرو مى رود اى ابر خطاپوش به بار
|
|
که بديوان عمل نامه سياه آمدهايم
|
|
گر چه سر با قدمم بتقصير خطاست
|
|
|
ليک چشمم سويت اى خسرو اقليم صفاست
|
گر ببخشى تو گناه من دلخسته رواست
|
|
|
لنگر حلم تو اى کشتى توفيق کجاست
|
|
که در اين بحر کرم غرق گناه آمدهايم
|
|
مباراة القطعة شعريّة باللغة العربيّة :
وقال الحر يا مولاي إنّي
|
|
أتيتك حين ضقت بثقل همّي
|
تركت إمارة تهفو إليها
|
|
قلوب الناس من عرب وعجم
|
خلصت من اللعين وجئت أسعى
|
|
إلى ربّي لكي أنجو بعظمي
|
ولم أنل الإمارة من عدوّ
|
|
شقيّ خاسر إلّا برغمي
|
تركت بهارج الدنيا لأنّي
|
|
شغفت بحبّ مولاي الأتمّ
|
وذا ولدي أُقدّمه أمامي
|
|
ولو عمنا من القاني بيمّ
|
فليس يضيرنا قتل شهيّ
|
|
غداة يكون سهم ابني وسهمي
|
ألا بُعداً لدنياهم وسحقاً
|
|
ولو وضعوا بهارجها بكمّي
|
على رغمي تشطّ الدار فينا
|
|
ونلقاكم بحرب لا بسلم
|
إذا مرّ الفراق على فؤادي
|
|
أراه يظلّ منفلقاً بسهم
|
لقد أحببتكم يا آل طه
|
|
فتيّاً مّا بلغت أوان حلمي
|
ومازج نطفتي حبّ طهور
|
|
لكم وأنا الجنين ببطن أُمّي
|
فكيف أزول عن حبّ مكين
|
|
مغارسه نمت في القلب جمّ
|
وجئت الآن يقدمني حيائي
|
|
وحيداً من بني قومي وعمّي
|
وأعلم أنّ ذنبي ليس يُرجى
|
|
له عفو وعلمك فوق علمي
|
فهل ترجو له عفو أكيدٌ
|
|
وجدّك كان قبل اليوم خصمي
|
فهل تسع الشفاعة مستجيراً
|
|
بحلمكم ويمحو الله جرمي
|
فقد يعفو المهيمن عن ذنوبي
|
|
غداة أُرى على البوغاء مرمي
|
وما عذري لسيّدتي وإنّي
|
|
تركت بناتها تحيا بغمّ
|
ظلمتكم وأتباعي ولكن
|
|
سأغسل في دم الأوداج ظلمي
|
أنا ظام وبحر نداك طامٍ
|
|
فأبرد لوعتي وانعم بحلم
|
ومجمل القول أنّ الحرّ همز جواده فطار به إلى معسكر
الحسين عليهالسلام
، فلمّا رآه أهل العسكر وقد قلب ترسه ، فقالوا : إنّ هذا الفارس يطلب الأمان.
يقول السيّد ابن طاووس : ثمّ ضرب فرسه قاصداً إلى الحسين
عليهالسلام
ويده على رأسه وهو يقول : اللهمّ إليك أنبت فتُب عليَّ فقد (فإنّي) قد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيّك ، فلمّا دنا من الحسين قلب ترسه وسلّم عليه .
وفي رواية مهيّج الأحزان وروضة الشهداء والناسخ : إنّه
تمرّغ في التراب وقبّل الأرض ووضع غرّته على الأرض ، فقال الحسين عليهالسلام
: من تكون ، ارفع رأسك ، ويظهر من هذه العبارة أنّه لحيائه ستر وجهه وإلّا فكيف لا يعرفه الإمام عليهالسلام ؟ فقال : فداك أبي وأُمّي ، أنا الذي حبستك عن الرجوع إلى مدينة جدّك ومنعتك من السير واقبلت أُسايرك لئلّا تحتمي بحمّى وجعجعت بك حتّى أنزلتك في هذا العراء وقسوت عليك ، والله الذي لا إله إلّا هو ما كنت أعلم أنّهم يردون عروضك
__________________
ويصلون بك إلى هذا المقام ، فقلت في نفسي : لا مانع من
أن أكون معهم أُماشيهم فيما يفعلون وأُسالمهم لئلّا يتّهموني بالخلاف عليهم وأنا موقن أنّهم لا يردّون لك طلباً ، وبالله أُقسم لو كنت عالماً بما يرتكبون لما أطعتم طرفة عين والآن جئتك تائباً توبة نصوحاً أفديك بنفسي فهل ترى لي من توبة ؟ فقال الحسين عليهالسلام
: نعم ، إن تبت تاب الله عليك ، والله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن كثير.
گر دو صد جرم عظيم آوردهاى
|
|
غم مخور رو بر کريم آوردهاى
|
هيچ فردى نه از احرار و عبيد
|
|
روى نوميدى در اين درگه نديد
|
باش خوشدل هان در توبه است باز
|
|
هان بگير از عفو ما خطّ جواز
|
سبط احمد عقده قلبش گسست
|
|
بر سرش از لطف شفقت سود دست
|
گفت زاندم که تو را مادر بزاد
|
|
حرّ آزادى که حر نامت نهاد
|
هان مبار از ديدگان اشک چه در
|
|
باش خوشدل کنت في الدارين حر
|
مباراة بالعربيّة :
فقال يا ذا الذنب والجرائم
|
|
إنّك قد أتيت بالعظائم
|
لكن قصدت اليوم باب الكرم
|
|
فلا تخف نحن أمان المجرم
|
تأتي هنا الأحرار والعبيد
|
|
فيزدهيها الأمل الوطيد
|
فتثني مغفور الذنوب
|
|
عن بابنا مستورة العيوب
|
فقرّ عيناً هاهنا بالتوبة
|
|
قد قبلت وسوف تمحو الحوبه
|
__________________
خذ من يدي تذكرة العبور
|
|
إلى النجاة يوم نفخ الصور
|
وارتاح من قول الإمام قلبه
|
|
مستبشراً أن سوف يمحى ذنبه
|
ووضع الإمام فوق رأسه
|
|
يداً تريح الجمر من أنفاسه
|
وقال من سمّتك حرّاً أفلحت
|
|
وبابنها على النساء رجحت
|
فلا تخف والله أنت الحرّ
|
|
حالفك الخير وغاب الشرّ
|
فأنت أنت الحرّ في الدارين
|
|
قد نالك الفوز مع الحسين
|
فامسح دموعاً وأسل دماكا
|
|
إن كنت ترجو الفوز من مولاكا
|
فلمّا سمع الحرّ هذه البشارة قفز كالطائر الذي ينطلق من
القفص من على الأرض واستوى على ظهر جواده وقال له الحسين عليهالسلام
: فانزل إلينا (بالطبع لقد قال الإمام هذه الكلمة في مقام الترحيب به وهو نوع من أدب الضيافة) فقال الحرّ : أنا لك فارس خير لك منّي راجل وإلى النزول يصير آخر أمري. فقال الإمام عليهالسلام : رحمك الله فافعل ما تشاء.
فقال الحرّ : يابن رسول الله ، لمّا خرجت من الكوفة سمعت
هاتفاً يهتف بي : يا حرّ أبشر بالجنّة ، فقلت في نفسي : ويح الحرّ أنّى يكون هذا وأنا خارج لحرب ابن
__________________
رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فما هذه
البشارة ، والآن فهمت معناها وأنّها بشارة واقعة ، فقال الإمام عليهالسلام
: هذا أخي الخضر فقد بشّرك بتحقيق الأجر ونيل الخير.
وجاء في روضة الشهداء ورياض الشهادة ومهيّج الأحزان
ووقايع الأيّام للخياباني المجلّد الخاصّ في محرّم أنّ الحرّ قال للإمام عليهالسلام : يا مولاي
، لقد عنّ لي أبي البارحة في عالم الرؤيا فقال لي : أين كنت هذه الأيّأم يا ولدي ؟ فقلت له : ذهبت أعترض الحسين ، فصاح أبي : وا ويلتاه ، ما لك ولابن رسول الله ، يا بنيّ إذا أردت أن تخلد في نار جهنّم فقاتله ، وإذا أردت أن يكون رسول الله شفيعك يوم المحشر وتجاوره في الجنّة فجاهد معه عدوّه وأعنه عليهم ، قال هذا ثمّ ضرب جواده لكي يكون سابقاً الأصحاب في لقاء الأعداء أصحاب عمر بن سعد لعنه الله ، فاستقبلهم بوجهه وقال : يا قوم ، ألا تقبلون ما عرضه الحسين عليكم لئلّا تبتلوا بتبعات الحرب ويعافيكم الله منها ؟ قالوا : شاور عمر بن سعد ، فأخذ الحرّ يشاور ابن سعد بما سمعه ابن سعد من قبل ، فقال ابن سعد : إنّي أبديت رأيي ولو كان بمقدوري عمل شيء لفعلت ، فحمي الحرّ غضباً واستقبل العسكر ، وقال :
يا أهل الكوفة ، لأُمّكم الهبل والعبر إذ دعوتم هذا
العبد الصالح ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله
أسلمتموه وزعمتم أنّكم قاتلوا أنفسكم دونه ثمّ عدوتم عليه لتقتلوه ، أمسكتم بنفسه وأخذتم بكظمه وأحطتم به من كلّ جانب فمنعتموه التوجّه إلى بلاد الله العريضة حتّى يأمن ويأمن أهل بيته ، فأصبح في أيديكم كالأسير لا يملك لنفسه نفعاً ولا يدفع ضرّاً ، وحلأتموه ونسائه وصبيته وأصحابه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهود والنصارى ، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابها والمجوس ، فها هم قد صرعهم العطش بئسما خلّفتم محمّداً صلىاللهعليهوآله في ذرّيّته ، لا سقاكم الله يوم الظمأ إن لم تتوبوا وتنزعوا عمّا أنتم عليه من يومكم
هذا في ساعتكم هذه.
فلمّا بلغ الحرّ هذا المقام من خطابه رشقوه بالسهام
فتقهقر الحرّ وأقبل حتّى وقف بين يدي الحسين عليهالسلام
وهنا صاح ابن سعد : يا دريد ، قدّم رايتك ، ورمى بسهم نحو معسكر الحسين ، وقال : اشهدوا لي عند الأمير بأنّي أوّل من رمى بين يديه.
مبارزة الحرّ عليهالسلام وشهادته :
عند ذلك حمي غضب الحرّ واشتعلت نار حميّته فأجرى فرسه
وهو يقول : يابن رسول الله ، كنت أوّل خارج عليك فأحببت أن أكون أوّل قتيل بين يديك ، ويوم القيامة أكون أوّل من يصافح جدّك ، وكان الحرّ يريد أن يعجّل بالقتال ويقدّم المجاهدين والمبارزين في الميدان ، لأنّ جماعة قد جرحوا واستشهدوا بأيدي الرماة.
وصفوة القول أنّ الإمام عليهالسلام
اذن له فأقبل إلى الميدان كالأسد الهصور أو المرئ المستميت ، وهو يرتجز وفرسه تدور به :
آليت لا أُقتل حتّى أُقتلا
|
|
ولن أُصاب اليوم إلّا مقبلا
|
أضربهم بالسيف ضرباً معضلا
|
|
لا ناكلاً فيهم لا معلّلا
|
أحمي الحسين الماجد المؤمّلا
|
|
لا حاجزاً عنهم ولا مبدّلا
|
ثمّ حمل عليهم كأنّه الصرصر العاصف وهو يرتجز ويقول :
إنّي أنا الحرّ ومأوى الضيف
|
|
أضرب في أعناقكم بالسيف
|
عن خير من حلّ بأرض الخيف
|
|
أضربكم ولا أرى من حيف
|
__________________
قال أبو مخنف : فبينا الناس يتجاولون ويقتلون والحرّ بن
يزيد يحمل على القوم مقدّماً ويتمثّل بقول عنترة :
ما زلت أرميهم بثغرة نحره
|
|
ولبانه حتّى تسربل بالدم
|
وقال في منتهى الآمال : قال الراوي : رأيت فرس الحرّ
مضروباً على أُذنيه وحاجبيه والدماء تسيل منه فأقبل الحصين بن نمير لعنه الله على يزيد بن سفيان وقال : يا يزيد ، هذا هو الحرّ الذي كنت تتمنّى قتله فهلمّ إلى مبارزته ، فقال : سأفعل ، وكان يزيد يقول لمّا علم بخروج الحرّ إلى الحسين عليهالسلام : لو أنّي
كنت أعلم بما يريد لأصميته بسهم حتّى أرديه ، لذلك قال له الحصين ذلك.
وقال يزيد بن سفيان : سأطلب مبارزته ، ثمّ تبارزا فقال
الحصين بن تميم : والله كأنّ روح يزيد كانت بيد الحرّ فلم يمهله حتّى قتله.
وفي الناسخ والظاهر أنّه يروي عن روضة الأحباب أنّ
الشجاعة الحرّ ثقلت على ابن سعد فطلب صفوان بن حنظلة وكان مشهوراً بالبسالة والشجاعة بين أهل العسكر ، وقال له : لا بدّ من خروجك لمبارزة الحرّ ولكن ابدأ أوّلاً بنصحه وذكّره موقفه ومقامه في الجيش فإن أطاع وإلّا فاحمل عليه واضرب عنقه.
فخرج صفوان بين الصفّين شاكي السلاح وأقبل حتّى حاذى
موقف الحرّ وقال له : يا حرّ ، لقد أتيت أمراً قبيحاً حيث حوّلت وجهك عن يزيد وهو الخليفة بحقّ ! فقال له الحرّ : أي صفوان ، كنت عندي رجلاً عاقلاً مدر قومك ولقد عجبت اليوم من قولك الغثّ هذا ، أتأمرني بترك الحسين عليهالسلام
والتحوّل إلى يزيد الخمور والفجور ؟! فغضب صفوان وحمل على الحرّ حملة منكرة ، فاستقبله الحرّ بشجاعة وثبات وتحاشى طعنته ثمّ سدّد الرمح نحوه وطعنه طعنة نجلاء نفذت إلى الجانب
__________________
الآخر منه ، وكان لصفوان ثلاثة إخوة
نظائر له في الشجاعة والفروسيّة فخرجوا يطلبون بثأره وحملوا على الحرّ ، فتناول الحرّ أحدهم من مراق بطنه واقتلعه من صهوة فرسه وجلده به الأرض وقضى عليه ، وضرب الثاني بالسيف فقتله ، وهرب الثالث وولّى الحرّ ظهره فما كان الحرّ إلّا أن حمل عليه وغرس الرمح في قفاه وألحقه بأخويه ، ثمّ شهر سيفاً أمضى من أنياب الأسد وحمل على العسكر وكأنّ سيفه شعلة نار ، فحمل على الكفّار فطارت من حملته الرؤوس والأيدي وأردى الفارس وفرسه وأورده حمام الردى وهو يقول :
هو الموت فاصنع ويك ما أنت صانع
|
|
فأنت بكاس الموت لا شكّ كارع
|
وحام عن ابن المصطفى وحريمه
|
|
لعلّك تلقى حصد ما أنت زارع
|
لقد خاب قوم خالفوا الله ربّهم
|
|
يريدون هدم الدين والدين شارع
|
يريدون عمداً قتل آل محمّد
|
|
وجدّهم يوم القيامة شافع
|
وأخرج أبو جعفر الطبري بسنده عن أيّوب بن مشرح الخيواني
كان يقول : أنا والله عقرت بالحرّ بن يزيد فرسه حشأته سهماً فما لبث أن أرعد الفرس واضطرب وكبا فوثب عنه الحرّ كأنّه ليث والسيف في يده وهو يقول :
إن تعقروا في فأنا ابن الحرّ
|
|
أشجع من ذي لبدة هزبر
|
يقول السيّد بن طاووس : وجعل يقاتل أحسن قتال حتّى قتل
جماعة من شجعان وأبطال
ولم يزل يقاتل حتّى قتل ثمانين رجلاً من القوم الأخسرين أعمالاً وأوصلهم إلى دار البوار ، فنادى ابن سعد : ويحكم ! اثبتوا له وارموه
__________________
بالسهام ، فأقبل الرماة يرشون السهام
عليه حتّى صار درعه كالقنفذ ، عند ذلك يأس الحرّ من نفسه ومن نصرة ابن بنت نبيّه فتنفّس الصعداء وقال :
أضرب في أعراضكم بالسيف
|
|
ضرب غلام لم يخف من حيف
|
أنصر من حلّ بأرض الخيف
|
|
نسل عليّ الطهر مقري الضيف
|
وما زال يقاتل حتّى أثخنوه بالجراح فخرّ على الأرض
صريعاً فحمل أصحاب الحسين عليهالسلام
واستنقذوا جسده الشريف من بين سنابك الخيل ، وأقبلوا به حتّى وضعوه بين يدي الحسين ، فمسح الإمام عليهالسلام
الدم والتراب عن وجهه وهو يقول : بخ بخ ما أخطأت أُمّك حين سمّتك حرّاً ، والله أنت حرّ في الدنيا والآخرة ، ثمّ استغفر له رضي الله عنه ، وبكى عليه ، ويقال رثاه الإمام بهذه الأبيات ومن قائل
أنّها لعليّ بن الحسين :
لنعم الحرّ حرّ بني رياح
|
|
صبور عند مشتبك الرماح
|
ونعم الحرّ إذ نادى حسيناً
|
|
فجاد بنفسه عند الصياح
|
ونعم الحرّ في رهج المنايا
|
|
إذا الأبطال تخطر بالصفاح
|
ونعم الحرّ إذ واسى حسيناً
|
|
وفازوا بالهداية والفلاح
|
فيا ربّ أضفه في جنان
|
|
وزوّجه مع الحور الملاح
|
ويقول العالم العامل عماد الدين الحسن بن عليّ الطبري
المعاصر للعلّامة الحلّي والخواجة نصير الدين الطوسي في كتابه «كامل البهائي» : إنّ الحرّ بن يزيد دفنه قومه في المكان الذي استشهد فيه ، وأقول : قرأت آنفاً أنّ جثّته حملها الأصحاب ووضعوها بين يدي الإمام عليهالسلام
وقبره الآن يبعد عن كربلاء بمقدار فرسخ واحد ، إلّا أنّ نقول إنّ قومه حملوا جثّته ودفنوه بأزاء خيامهم حيث قبره
__________________
الآن ، والشاهد على ما نقول عن دفن
الحرّ في المكان المذكور الحكاية التي نقلها المحدّث الخبير السيّد نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانيّة والعلّامة
المامقاني في رجاله عند ترجمة الحرّ بن يزيد وملّا علي الخياباني في وقايع الأيّام في المجلّد الخاصّ بمحرّم الحرام ، فقد روى هؤلاء عن الثقاة :
أنّ الشاه إسماعيل الصفوي لمّا فتح بغداد ذهب إلى زيارة
العتبات ، وبعد أن تشرّف بتقبيل عتبة الروضة الحسينيّة ذهب إلى زيارة الحرّ عليهالسلام وكان بعض المرجفين يلقون الشبهة في أذهان العامّة بقولهم : من أين نعلم بقبول توبة الحرّ ؟ فقال الشاه إسماعيل : من المعلوم أنّ الأرض لا تأكل جسد الشهيد والآن أتثبّت من بطلان هذه الشبهة ، ثمّ أمر بكشف قبر الحرّ فرأوا الحرّ راقداً على حاله كأنّه قتل
الساعة وما زال مضمّخاً بدمه وقد عصّبت جبهته بخرقة ، فقال الشاه إسماعيل : لا بدّ من كون الإمام قد وضع هذه العصابة على رأسه فأمر بأخذها للبركة ، فلمّا أُزيلت من رأسه انبعث الدم جارياً من جديد فعصّبوا رأسه بخرقة أُخرى فلم يزل الدم منبعثاً فلمّا أعادوا العصابة الأُولى توقّف الدم عن الجريان فثبت عندهم حسن حاله وأمر شاه إسماعيل ببناء مرقد ووظّف فيه سادناً لأداء الخدمات لقبره رضوان الله عليه .
__________________
٤٩
ـ حرب بن أبي الأسود
قال الشيخ الطوسي في رجاله ، باب الكنى والألقاب : حرب
بن أبي الأسود الدئلي من أصحاب الحسين عليهالسلام.
وسمّاه المامقاني في مصدريه بهذا الاسم وقال في منهج
المقال للاسترآبادي يعني « الرجال الكبير » لعلّ اسمه حرب ، ولمّا كان عداده في الشهداء مشكوكاً فيه لم نجعله في جملة المعدودين من الشهداء .
٥٠
ـ الحسن المثنّى بن الإمام الحسن المجتبى
الحسن المثنّى
أُمّه خولة بنت منظور الفزاري ، لذلك لمّا أراد القوم قطع الرؤوس وحملها إلى ابن زياد كان الحسن ما يزال فيه رمق ، وكان أسماء بن خارجة حاضراً ، فقال : هذا ابن أختنا فدعوه ، فإن وهبه الأمير لي وإلّا أجرى فيه حكمه ، فحمله معه إلى الكوفة وبلغ ابن زياد الخبر فرأى من مصلحته أن يهبه إلى أسماء بن خارجة لأنّه رئيس بني فزارة ومن أشراف قبائل الكوفة ، وكان أسماء
__________________
يكنّى أبا حسّان ، وعمل على مداواته
حتّى عوفي فسكن المدينة إلى أن توفّي بها وكان قد تزوّج فاطمة بنت الحسين عليهالسلام
التي ترجمت لها في الجلد الثالث من رياحين الشريعة وهو خاصّ بتراجم عالمات الشيعة.
ولمّا بلغ الإمام الحسين رغبة الحسن في الزواج من إحدى
كريمتيه أحضره وقال : يابن أخي ، إنّما هما اثنتان فاختر أحبّهما إلى قلبك ، فطأطأ الحسن رأسه حياءاً ، فقال الإمام الحسين عليهالسلام
: إنّي اخترت لك ابنتي فاطمة فإنّها أشبه الناس بأُمّي فاطمة ، فأولدها الحسن عليهالسلام
ثلاثة أولاد : عبدالله المحض وإبراهيم القمر والحسن المثلّث وابنتين إحداهما تسمّى زينب والأُخرى أُمّ كلثوم ، وكان في المدينة على رأس بني هاشم جليل القدر عظيم المنزلة ، له احترام جمّ.
وجاءه عمّه ذات يوم في عهد الحجّاج ونازعه على صدقات أمير
المؤمنين وطلب منه أن يشاركه فيها فامتنع الحسن أشدّ امتناع فشكاه عمر إلى الحجّاج فأحضره الحجّاج وقال له : يا أبا محمّد ، هذا عمر بن عليّ عمّك وبقيّة أبناء أبيك عليّ فأشركه في صدقاته ، فقال الحسن المثنّى : أما والله لا غيّرت شرطاً شرطه جدّي
عليّ عليهالسلام
ولا أُدخل من لم يدخله عليّ عليهالسلام
، فقال الحجّاج : وما الذي شرطه عليّ ؟! فقال الحسن المثنّى : كان جدّي قد اشترط أن يلي صدقاته أولاد فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، فعزم الحجّاج على إشراك عمر قهراً ، فغادر الحسن إلى الشام وشكى حاله إلى عبدالملك بن مروان ، فكتب عبدالملك إلى الحجّاج كتاباً : إنّي لا آذن لك أن تدخل نفسك في شئون الحسن المثنّى وأن تغيّر شرطاً اشترطوه في صدقاتهم وهي في يد الحسن المثنّى ولم تزل في يده حتّى توفّي وانتقلت إلى ولده عبدالله المحض.
ولمّا انتقل إلى الرفيق الأعلى ـ أعنى الحسن المثنّى ـ ضربت
زوجته خيمة على قبره وعكفت عليه تبكيه ، ولمّا حال الحول وأرادت العودة إلى حيث كانت ناداه منادٍ من جانب القبر :
* هل وجدوا ما فقدوا *
فأجابه صائح آخر :
* بل يئسوا فانصرفوا *
٥١
ـ حلّاس بن عمرو الراسبي
قال العلّامة السماوي في إبصار العين : حلّاس كشدّاد ابن
عمرو الراسبي ، وراسب اسم عشيرة من قبائل الأزد. وكان الحلّاس وأخوه النعمان من أهل الكوفة .
قال أبو جعفر الطبري : كان لهما ذكر في الحرب ، كانا في
صفّين مع أمير المؤمنين عليهالسلام
وكان الحلّاس على شرطة أمير المؤمنين في الكوفة.
وقال صاحب الحدائق الورديّة : كان الحلّاس وأخوه النعمان
مع ابن سعد في قدومه إلى كربلاء ولمّا بلغهما أنّ ابن سعد رفض طلب الحسين انسحبا ليل الثامن من محرّم ليلاً من معسكره والتحقا بالحسين عليهالسلام
واستشهد الحلّاس في الحملة الأُولى يوم العاشر من المحرّم واستشهد أخوه النعمان ما بينها وبين الزوال ، مبارزة
بعد أن عقروا به فرسه.
ويرى ابن شهر آشوب أنّ كليهما قُتلا في الحملة الأُولى.
شروط
المصالحة
وكتب ابن سعد إلى ابن زياد : أمّا بعد ، فإنّ الله قد
أطفأ النائرة وجمع الكلمة وأصلح أمر الأُمّة ، هذا حسين قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى أو أن نسيّره إلى أيّ ثغر من ثغور المسلمين شئنا فيكون رجلاً من
__________________
المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم
.. .
فلمّا وصل الكتاب إلى ابن زياد قال :
الآن قد علقت مخالبنا به
|
|
يرجو النجاة ولات حين مناص
|
ثمّ كتب إلى ابن سعد : أعرض بيعة يزيد عليه وعلى أصحابه
فإن قبلوا رأيت فيهم رأيي ، ثمّ كتب إلى الحسين كتاباً : فقد بلغني نزولك بكربلاء وكتب إليّ أمير المؤمنين يزيد أن لا أتوسّد الوثير ولا أشبع من الخمير حتّى أُلحقك باللطيف الخبير أو ترجع إلى حكمي وحكم الأمير يزيد.
فلمّا ورد كتابه على الحسين عليهالسلام وقرأه رماه
من يده ثمّ قال : لا أفلح قوم اشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق ، فقال له الرسول : جواب الكتاب أبا عبدالله ! فقال : ما له عندي جواب لأنّه قد حقّت عليه كلمة العذاب ، فرجع الرسول إليه فخبّره فغضب عدوّ الله من ذلك أشدّ الغضب .
تبّت يدا ابن زياد كيف يطمع في
|
|
إذلال من لم يزل بالعزّ مذكورا
|
هو الحسين الأبيّ الضيم من شرعت
|
|
علاه نهجاً لصون العزّ مأثورا
|
٥٢ ـ حنظلة بن أسد الشبامي
من الفتيان الشجعان الذين حازوا شهرة الشجاعة وقد زيّن
علماء الرجال
__________________
وأصحاب المقاتل والمحدّثين أسفارهم
وطروسهم وكتبهم باسمه واعتبروه من أكابر الشيعة وأثنوا على شجاعته وفصاحة لسانه ومدخوا تهجّده بالقرآن وكان قد تحمّل من الكوفة إلى كربلاء وكان ضمن الرسل الذين أرسلهم الإمام الحسين عليهالسلام
أيّام الهدنة إلى ابن سعد لعنهما الله.
وقال في منتهى الآمال : كان حنظلة بن أسعد الشبامي من
الموقنين ، أقبل يوم العاشر ووقف أمام الحسين عليهالسلام
يقيه بنفسه ويصنع من جسمه ترساً له ليحميه من رمي السهام وطعن الرماح وضرب السيوف ، وكان يتلقّى جراح السيوف والأسنّة الموجّهة إلى الإمام بمهجته ويناديهم : يا قوم ، إنّي أخاف عليكم أن يحلّ بكم عذاب الأُمم السالفة وأن ينزل بكم عذاب قوم نوح وعاد وثمود ومن بعدهم ممّن سلك طريقهم وما الله يريد ظلماً للعباد ، وإنّي أخاف عليكم يوم القيامة يوم يصرف بوجوهكم من المحشر إلى نار جهنّم ولن يجيركم من عذاب الله أحد ، يا قوم لا تقتلوا حسيناً فيسحتكم الله بعذاب وقد خاب من افترى ، وهو بهذا يشير إلى نصائح مؤمن آل فرعون.
وبناءاً على ما ذكر في بعض المقاتل إنّ الإمام ناداه :
يابن سعد ، رحمك الله ،
__________________
إنّهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا
عليك ما دعوتهم إليه من الحقّ ونهضوا إليك يشتمونك وأصحابك ، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين ، قال : صدقت جعلت فداك ، أفلا نروح إلى ربّنا فنلحق بإخواننا ؟ فقال له : رُح الى ما هو خير لك من الدنيا وما فيها وإلى ملك لا يبلى ، فقال : السلام عليك يابن رسول الله (يا أبا عبدالله) صلّى الله عليك وعلى أهل بيتك ، وجمع بيننا وبينك في جنّته (وعرّف بيننا وبين نبيّك) قال : آمين آمين ، ثمّ استقدم كالنمر المهيب فقاتل
قتالاً شديداً فقتلوه رضوان الله عليه .
يقول الكعبي :
جزى الله قوماً أحسنوا الصبر والبلا
|
|
مقيم وداعي الخطب يدعو ويخطب
|
بحيث حسين والرماح شواخص
|
|
إليه وأطراف الأسنّة ترقب
|
وفرسان صدق من لويّ بن غالب
|
|
يؤمّ بها يبغي المغالب أغلب
|
بكلّ محيّاً منهم ينجلي الدجى
|
|
كأن كلّ عضو منه في الليل كوكب
|
وقامت تصادي دونه هاشميّة
|
|
تحنّ إلى وصل المنايا وتطرب
|
٥٣ ـ حيّان بن الحارث
وفي الناحية المقدّسة والرجبيّة : « السلام على حيّان بن
الحارث » وبعض النسخ : « حسّان » بالسين.
وفي نسخة العاشر من البحار طبع كمباني جاءت العبارة
التالية : « السلام على حيّان بن الحرث السلماني الأزدي » والله العالم. ولكنّي لم أعثر في كتب الرجال على حسّان بن الحرث ، ولا حيّان بن الحرث ، ولم أقع لهم على عين ولا أثر ، والله العالم.
__________________
حرف
الخاء
٥٤
ـ خالد بن عمرو بن خالد الأزدي
في المناقب وعاشر البحار ونفس المهموم : إنّه لمّا
استشهد عمرو بن خالد الأزدي نهض من بعده ولد خالد بن عمرو بن خالد إلى القتال وهو يرتجز :
صبراً على الموت بني قحطان
|
|
كيما نكون في رضا الرحمن
|
ذي المجد والعزّة والبرهان
|
|
وذي العلى والطَّوْل والإحسان
|
يا أبتا قد صرت في الجنان
|
|
في قصر رحب حسن البنيان
|
وقاتل وأبلى في القتال حتّى استشهد .
وأمّا خالد بن سعد بن نفيل وخزيمة بن نصر الضبّي فهما من
التوّابين.
٥٥
ـ خلف بن مسلم بن عوسجة
ذكر الملّا علي الخياباني في وقايع الأيّام الجزء الخاصّ
بمحرّم نقلاً عن كتاب « مصائب الأبرار » وهو عن كتاب « گل و ريحان » وهو الجزء الثالث من أبواب الجنان أن لمسلم بن عوسجة رحمهالله
ولداً يُدعى خلفاً ، ثمّ ذكر أحوال عمرو بن جنادة في هذا الموضع من الكتاب.
__________________
وفي كتاب ناسخ التواريخ نقلاً عن « روضة الأحباب » للسيّد
عطاء الله الشافعي وهو من أوثق كتب أهل السنّة أنّ لمسلم بن عوسجاً ولداً حدثاً لمّا رأى والده قد استشهد خرج كأنّه الأسد الهصور ، فصرفه الحسين عليهالسلام
عن القتال وقال : يا بني ، قتل أبوك الساعة بين يديّ فإذا قتلت أنت فلمن تلتجأ أُمّك في هذا القفر ؟ وأراد الشاب العودة ولكن أُمّه قطعت عليه طريقه مسرعة .. ونادته : أتختار النجاة من القتل على نصرة ابن رسول الله ؟! يا ولدي ، لن أرضى عنك أبداً ، فلوى عنان جواده وحمل على الأعداء وأُمّه تصيح من ورائه : ستُروى بشربة من ماء الكوثر من يد الساقي ، طِب نفساً وقرّ عيناً ، فقاتل قتال الأبطال حتّى قتل ثلاثين كافراً
من الأعداء حتّى نال الشهادة ، فقطع الكوفيّون رأسه ورموا به إلى أُمّه ، فتناولته
وقبّلته وما زالت تبكي حتّى أبكت كلّ من حضر.
ومن عجب أنّ الصوارم والقنا
|
|
تحيض بأيدي القوم وهي ذكور
|
وأعجب من ذا أنّها في أكفّهم
|
|
تؤجّج ناراً والأكفّ بحور
|
__________________
حرف
الدال
٥٦
ـ داود الطرماح
مرّ عليك في ترجمتنا لأسد الكلبي أنّ الإمام حين ندب
أصحابه الصرعى جرى اسم داود بن الطرماح على لسانه ، ومن المقطوع به أنّه لو لم يكن من أعيان الأصحاب لما خصّه الإمام بالنداء ولكن لم أعثر على ذكر له في كتب الرجال ، والله العالم. وبالطبع إنّ عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود.
حرف
الذال
حرف
الراء
٥٧
ـ رافع بن عبدالله
روى المقامقاني والسماوي والحدائق الورديّة وذخائر
الدارين بسياق واحد تقريباً وهذا تلخيصٌ لما روي في الحدائق الورديّة وهو أنّ رافع بن عبدالله مولى مسلم بن كثير الأزدي خرج من الكوفة قاصداً كربلاء لنصرة الإمام عليهالسلام والتحق بالإمام ، فلمّا كان يوم عاشوراً واتّقدت نيران الحرب فاستشهد مولاه مسلم بن كثير في الحملة الأُولى واستشهد رافع بعد صلاة الظهر مبارزة ، بعد أن قتل من القوم مقتلة عظيمة وعجّل بأرواحهم إلى جهنّم وبئس المصير. فاشترك في قتله كثير بن شهاب التميمي ومخفر بن أوس الضبّي .
٥٨
ـ ربيعة بن خوط
قلنا في ترجمة حبيب بن مظاهر أنّ ربيعة بن خوط بن رئاب
المكنّى أبا ثور
__________________
الشاعر قُتل مع الحسين بن عليّ ، والمرزباني
كنّاه « أبا المهوش »
، وقال : إنّه من المخضرمين.
وقال ابن عساكر : أدرك الصحبة ، وأبو ثور كنية ابن عمّه
ربيعة بن ثعلبة بن رئاب.
وقال في الإصابة : ربيعة بن خوط ، حضر يوم ذي قار ـ يعني
كان مع الركب المظفّر للإمام أمير المؤمنين عليهالسلام
ـ ثمّ نزل الكوفة إلى أن ختمت حياته بالشهادة .
٥٩
ـ رجل من خزيمة
قال في المقتل المنسوب لأبي مخنف أنّ عمر بن سعد أرسل
رجلاً آخر إلى الحسين بن علي عليهماالسلام
من قبيلة خزيمة ، وقال له : امض إلى الحسين عليهالسلام
وقل له : ما الذي جاء بك إلينا ؟ وأقدمك علينا ؟ فأقبل حتّى وقف بأزاء الحسين عليهالسلام فنادى ، فقال الحسين عليهالسلام
: أتعرفون هذا الرجل ؟ فقالوا : هذا رجل فيه الخير إلّا أنّه شهد هذا الموضع ، فقال : سلوه ما يريد ؟ فقال : أُريد الدخول على الحسين عليهالسلام ، فقال له زهير : ألق سلاحك وادخل ، فقال : حبّاً وكرامة ، ثمّ ألقى سلاحه ودخل عليه ، فقبّل يديه ورجليه وقال : يا مولاي ! ما الذي جاء بك إلينا وأقدمك علينا ؟ فقال عليهالسلام
: كتبكم ، فقال : الذين كاتبوك هم اليوم من خواصّ ابن زياد ! فقال له : ارجع إلى صاحبك وأخبره بذلك ، فقال : يا مولاي ! من الذي يختار النار على الجنّة ،
__________________
فوالله ! ما أُفارقك حتّى ألقى حمامي
بين يديك ، فقال له الحسين عليهالسلام
: واصلك الله كما واصلتنا بنفسك ، ثمّ أقام مع الحسين عليهالسلام
حتّى قُتل (رضي الله تعالى عنه) .
أقول : سبق في ترجمة حبيب عليهالسلام
أنّ ابن سعد بعث كثير بن عبدالله الشعبي وجرت بينه وبين أبي ثمامة مشادّة عاد من بعدها إلى ابن سعد فبعث قرّة بن قيس الحنظلي فبلّغ رسالة صاحبه فدعاه حبيب إلى نصرة الحسين عليهالسلام فلم يجبه
ورجع إلى ابن سعد ، فظهر من هذا أنّ هذا الخزيمي غيرهما.
٦٠
ـ رميث بن عمرو
ذكره الشيخ الطوسي في رجاله وقال : رميث بن عمرو من
أصحاب الحسين عليهالسلام
.
وكذلك ذكره التفرشي في نقد الرجال .
وقال المامقاني : رميث ـ بضمّ الراء المهملة وفتح الميم
والياء المثنّاة من تحت الساكنة والثاء المثلّثة ـ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الحسين إلّا أنّ حاله مجهول وظاهره كونه إماميّاً.
أقول : وفي الزيارة الرجبيّة وردت هذه العبارة : « السلام
على رميث بن عمرو » وهذا شاهد على أنّه من شهداء كربلاء ، والله العالم.
__________________
حرف
الزاي
٦١
ـ زاهر بن عمرو الأسلمي
رجل شجاع محبّ لأهل البيت النبوي صلّى الله عليهم ، ومن
أصحاب الشجرة ، وكان في غزوة الحديبيّة ملازماً للنبيّ لم يشذّ عنه ، كنيته « أبو مجزأة ». روى عنه ولده ، وسكن الكوفة وكان صاحباً لعمرو بن الحمق الخزاعي ، إلى أن حجّ سنة ستّين للهجرة والتقى هناك بالإمام الحسين عليهالسلام فلم يفارقه
حتّى اليوم العاشر من المحرّم ، واستشهد في الحملة الأُولى.
أقول : ذكرت ترجمة ضافية لعمرو بن الحمق الخزاعي في « الكلمة
التامّة »
__________________
وأذكر هنا رواية ذكرها الطبري
والقاضي النعمان المصري في دعائم الإسلام لما لها من دخل في ترجمة زاهر.
وكان عمرو بن الحمق من الذين بشّرهم رسول الله بالجنّة
وعاش بعد شهادة أمير المؤمنين عليهالسلام
، وجدّ معاوية في البحث عنه لأنّه كان من أصحاب حجر بن عدي في عهد ولاية زياد بن أبيه على الكوفة وكانا قد أقاما مجلساً كبيراً في مسجد الكوفة لمناصرة أمير المؤمنين والدفاع عنه ، وكانا يتلوان أحاديث الإمام في كلّ حين ، ففرّقهم زياد. قال الطبري
:
كان زياد بن أبيه على المنبر فحصبه عمرو بن الحمق بالحصى
وأعانه على ذلك زاهر بن عمرو لأنّه كان صاحبه وكانا متّحدين قولاً وفعلاً ، فقام زياد ينظر إليهم وهو على المنبر (ففشوا بالعمد) فضرب رجل (من الحمراء) يقال له « بكر ابن عبيد » رأس عمرو بن عبيد بعمود فوقع ، فعجّل إليه ناس من الأزد فطافوا به ، وأتاه أبو سفيان بن عويمر والعجلان بن ربيعة وهما رجلان من الأزد فحملاه فأتيا به دار رجل من الأزد يقال له «عبيدالله بن مالك» فخبّأه بها فلم يزل بها متوارياً حتّى خرج منها إلى أن أرسل معاوية إلى زياد بحبس عمرو بن الحمق وصاحبه زاهر بن عمرو وسوقهما إلى الشام ، فلم يظفر بهما زياد فخرج عمرو بن الحمق من الكوفة مستخفياً واختبأ بغار قريب من الموصل فبلغ العامل خبرهما فأرسل في طلبهما فلم يقو عمرو على الفرار ولكن زاهر استوى على فرسه فناداه عمرو : ما تريد أن تصنع ؟ فقال زاهر : أذبّ عنك بسيفي ، فقال : وما يغني سيفك عنّي
__________________
وعنك ولكن انج بنفسك من القوم ، فحمل
عليهم زاهر واجتازهم عدواً على فرسه فخالوه عمراً بن الحمق لذلك لمّا قبضوا عليه سألوه : من أنت ؟ قال : أنا من إن تركتموه كان خيراً لكم ، وإن قتلتموه كان شرّاً لكم ، فما عرّفهم بنفسه ، فساقوه
إلى عامل الموصل عبدالرحمن بن عثمان الثقفي المعروف بابن أُمّ الحكم وهو ابن أُخت معاوية ، فعرف عمراً وكاتب معاوية بقصّته فأرسل إليه معاوية أنّ عمراً بن الحمق طعن عثمان بخنجر فافعل به ما فعله بعثمان ، ثمّ أخرجوه وطعنوه فخنجر فمات بالطعنة الثانية .
وقال القاضي النعمان المصري في دعائم الإسلام : هرب عمرو
بن الحمق من معاوية إلى الجزيرة وصاحبه رجل من أصحاب عليّ عليهالسلام
يُدعى زاهر بن عمرو
__________________
الكندي حتّى إذا أراحوا ليلاً في أحد
الوديان لدغت حيّة عمراً فلمّا أصبح كان الورم قد استشرى في بدنه كلّه ، فقال لزاهر : ابتعد عنّي ما استطعت واتركني لأنّ حبيبي رسول الله أخبرني أنّ الجنّ والإنس يشتركان في دمي ، وبناءاً على هذا فإنّي مقتول لا محالة ، فقد بان لي من شدّة سريان السمّ في جسمي أنّها آخر أيّامي من الدنيا وأنا ميّت حتماً وسيضلّ العدوّ هذه الساعة ، فبينما هما يتحاوران وإذا بآذان الخيل قد ظهرت وهي تطلبهما ، فقال عمرو : قم يا زاهر واستخفي حتّى أُقتل ويفصلوا رأسي عن جسمي ، فإذا تركوني فوار جسدي.
فقال زاهر : لا أفعل ذلك أبداً ، فلن أُفارقك ولن أتخلّى
عن نصرتك وسأُناضلكم حتّى آخر سهم ، فإذا فنيت سهامي أُقتل معك.
فقال له عمرو بن الحمق : أقسمت عليك ألّا تفعل إلّا ما
أقول لك ، لأنّ ذلك ينفعك منفعة كبرى. ولمّا فرغ عمرو من حديثه أطاعه زاهر واختبأ عن عدوّه ، ثمّ قطعوا رأس عمرو بن الحمق ورفعوه على رأس الرمح وحملوه من بلد إلى بلد إلى أن بلغوا به الشام .
قال في نفس المهموم : فظهر أنّ زاهراً كان من أصحاب أمير
المؤمنين عليهالسلام
وخصّص بمتابعة عمرو بن الحمق الخزاعي ـ ولهذا قيل له مولى عمرو بن الحمق فالمولى في هذا المقام بمعنى التابع ... من الشيخ عبّاس / المترجم ـ صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله
... ووفّق بموالاته ودفنه ثمّ ساقته السعادة إلى أن رُزِق في نصرة الحسين عليهالسلام
الشهادة ، وكان من أحفاده أبو جعفر محمّد بن سنان (الزاهري) (من أصحاب الكاظم والرضا والجواد عليهمالسلام)
.. المتوفّى سنة ٢٢٠ وهو يروي عن الرضا والجواد عليهماالسلام
، واختلف فيه علماء الرجال فعدّه الشيخ المفيد من الثقات ، وتوقّف
__________________
العلّامة بشأنه ، ضعّفه الشيخ الطوسي
والنجاشي والغضائري ، قال المقامقاني بعد خمس صفحات : والأقوى عندي أنّه ثقة صحيح الاعتقاد.
٦٢
ـ زائدة بن المهاجر
لا يوجد له ذكر إلّا في الزيارة الرجبيّة ولا يوقف على
شرح حاله في أيّ من كتب الرجال والمقاتل ، ومن المحتمل أن يكون الاسم مصحّفاً عن «زياد بن مصاهر» حيث يوجد في الناسخ ص ٢٧٨ نقلاً عن « جلاء العيون » لعبدالله بن محمّد رضا الحسيني أنّ زياداً بن مصاهر الكندي حمل على جيش ابن سعد بعد مالك بن أنس وقتل منهم تسعة بالسيف ثمّ استشهد ، والله أعلم بالتعدّد والاتّحاد.
٦٣
ـ زهير بن سليم
نقل العلّامة السماوي عن الحدائق الورديّة وكذلك فعل
المامقاني أنّ زهيراً ممّن جاء إلى الحسين عليهالسلام
في الليلة العاشرة عند ما رأى تصميم القوم على قتاله ، فانضمّ إلى أصحابه ، وقتل في الحملة الأُولى .
وفي زيارة الناحية المقدّسة : « السلام على زهير بن سليم
الأزدي ».
وفي الزيارة الرجبيّة : « السلام على زهير بن سليمان (والتعدّد
بعيد في الغاية)
».
وقال ابن شهر آشوب : زهير بن سليم قتل في الحملة الأُولى.
وقال في منتهى الآمال أنّ الفضل بن العبّاس بن ربيعة بن
الحرث بن عبدالمطّلب يقول فيه في القصيدة التي ينعى بها على بني أُميّة أعمالهم :
__________________
أرجعوا عامراً وردّوا زهيراً
|
|
ثمّ عثمان فارجعوا غارمينا
|
وارجعوا الحرّ وابن قين قوماً
|
|
قُتلوا حين جاوزوا صفّينا
|
أين عمرو وأين بشر وقتلى
|
|
منهم بالعراء ما يدفنونا
|
يعني بعامر عامراً العبدي وزهير بن سليم ، وبعثمان أخا
الحسين ، وبالحرّ الرياحي ، وبابن القين زهيراً ، وبعمرو الصيداوي ، وببشر الحضرمي .
وكان زهير بن سليم قد شارك في حروب القادسيّة وأبلى
بلاءاً حسناً ثمّ صحب أمير المؤمنين عليهالسلام
وختم له بالشهادة والرضا.
٦٤
ـ زهير بن سيّار
لا يوجد له ذكر في كتب الرجال ولم أقع له على عين ولا
أثر ، وربّما كان مشتبهاً بزهير بن سليم وهذا لا يخلو من بُعد.
٦٥
ـ زهير بن بشر الخثعمي
في الزيارة الناحية : « السلام على زهير بن البشر (كذا) الخثعمي
».
وفي الزيارة الرجبيّة : « السلام على زهير بن بشير
الخثعمي » بزيادة الياء في بشر.
وجاء في ترجمة عبدالله بن بشر الخثعمي أنّه كان من
المعروفين في حرب القادسيّة ، وله آثار في تمصير الكوفة ، واعتبر صاحب الناسخ زهير بن بشر الخثعمي في عداد المقتولين في الحملة الأُولى. ومثله فعل المحدّث القمّي في منتهى الآمال نقلاً عن المناقب.
__________________
٦٦
ـ زوجة وهب
قتلها غلام لشمر وسوف تأتي ترجمتها الكاملة مع ترجمة وهب
إن شاء الله.
٦٧
ـ زهير بن القين الأنماري البجلي
يجب أن لا يفوت القارئ أنّ زهير بن القين من الرجال
المرموقين ومن الفرسان صائدي الأُسود ، ومن الخطباء الفحول ، والأصحاب الأوفياء ، وكان على ميمنة الحسين عليهالسلام
ويُعرف بأصالة الرأي والحكمة وحسن القيادة والشجاعة والمقاتلة واللّابس لكلّ ظرف لبوسه ، لا تجده إلّا في المقدّمة في الحوادث الكبار قولاً وعملاً ، يتقدّم الرعيل بخطى الواثق الشجاع ، وأقواله الآتية دليل على ذاته.
في كتاب الدرّ النظيم وهو من تأليفات جمال الدين يوسف بن
حاتم الفقيه الشامي المعاصر لابن طاووس وتوجد نسخته الخطّيّة في حيازتي ، روى بسنده عن بعض بني فزارة وكان السدّي يقول أيضاً في زمن الحجّاج بن يوسف الثقفي قال : التقيت يوماً في منزلي برجل من قبيلة بني فزارة فقلت له : أخبرنا عن لقاءك بالحسين مع زهير في سفركم إلى العراق ، قال : خرجنا مع زهير بن القين البجلي من مكّة نريد العراق ، وكنّا نكره النزول مع الحسين في منزل واحد خوفاً من بني أُميّة ، فكنّا نرحل إذا نزل ، وننزل إذا رحل « إلى أن نزلنا منزلاً لم نجد بُدّاً
عن مقاربة
__________________
الحسين بن عليّ عليهماالسلام » فنزل هو
بأصحابه في جانب ونزلنا في الجانب الآخر « فبينا نحن نتغدّى إذ أقبل رسول الحسين عليهالسلام
حتّى سلّم وقال : يا زهير ، إنّ أبا عبدالله بعثني إليك لتأتيه ، فطرح كلّ إنسان منّا ما في يده حتّى كأنّما على رؤوسنا الطير.
فقالت له امرأته : (ديلم أو دلهم بنت عمرو) : سبحان الله ! يبعث إليك ابن رسول الله فلا تأتيه ، لو أتيته فسمعت من كلامه ثمّ انصرفت ، فأتاه زهير فما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه وثقله فقوّض وحمل إلى الحسين عليهالسلام
وحمل إلى الحسين عليهالسلام
، وقال لامرأته : أنت طالق ، الحقي بأهلك فإنّي لا أُحبّ أن يصيبك بسببي إلّا خير ، ثمّ قال لأصحابه : من أحبّ منكم أن يتّبعني وإلّا فهو آخر العهد وإنّي سأُحدّثكم حديثاً :
غزونا البحر (بلنجر) ففتح الله علينا وأصبنا غنائم فقال
لنا سلمان الفارسي رحمة الله عليه
: أفرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من الغنائم ؟ فقلنا : نعم ، فقال : إذا أدركتم شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معهم ممّا أصبتم اليوم
من الغنائم ، فأمّا أنا فأستودعكم الله ، ثمّ لم يزل مع الحسين عليهالسلام حتّى قُتل
رحمة الله عليه .
__________________
وفي رواية أعثم الكوفي أنّ زوجة زهير « ديلم » قالت له :
أنت تقاتل مع ابن المرتضى وأنا أُواسي ابنة المصطفى .
وقال المرحوم فرهاد ميرزا في القمقام : وكانت زوجته معه
حتّى شهادته .
وروي في عاشر البحار أنّ (عسكر) الإمام لمّا بلغ ذا حسم
خطب الإمام هذه الخطبة ، فحمد الله وأثنى عليه وذكر جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله
ثمّ قال : إنّه قد نزل بنا من الأمر ما ترون ، وإنّ الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت ، وأدبر معروفها ولم يبق منها إلّا
صبابة كصبابة الإناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ، ألا ترون إلى الحقّ لا يعمل به ، وإلى الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله حقّاً حقّاً ، فإنّي
لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة مع الظالمين إلّا برماً .
قال : ووثب هلال بن نافع البجلي فقال : والله ما كرهنا
ربّنا وإنّا على نيّاتنا وبصائرنا نوالي من والاك ونعادي من عاداك.
وقام برير بن حضير فقال : والله يا ابن رسول الله ، لقد
منّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك فيقطع فيك أعضائنا ثمّ يكون جدّك شفيعاً يوم القيامة.
ولمّا قطع الحر الطريق عليهم قال له زهير بن القين : (يا
ابن رسول الله) إنّ قتال هؤلاء أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم ، فلعمري ليأتينا من بعدهم ما لا قبل لنا به ، فقال له الحسين : ما كنت لأبدأهم بالقتال ، فقال له زهير بن القين : سِر
بنا إلى هذه القرية حتّى ننزلها فإنّها حصينة وهي على شاطئ الفرات فإن منعونا
__________________
قاتلناهم ، فقال الحسين عليهالسلام : فأيّة
قرية هي ؟ قال : هي العقر.
وفي المناقب : قال زهير : فسر بنا حتّى ننزل بكربلاء
فإنّها على شاطئ الفرات فنكون هنالك فإن قاتلونا قاتلناهم ، واستعنّا الله عليهم ، قال : فدمعت عين الحسين عليهالسلام
ثمّ قال : اللهمّ إنّي أعوذ بك من الكرب والبلاء (ونزل الحسين في موضعه) ... .
لعلّ الذي خوّفتنا في أمامنا
|
|
يصادفه في أهل المتخوّف
|
* * *
نحن بنو الموت فما بالنا
|
|
نعاف ما لا بدّ من شربه
|
تبخل أيدينا بأرواحنا
|
|
على زمان وهي في كسبه
|
فهذه الأرواح من حوّه
|
|
وهذه الأجسام من تربه
|
ما بتو دل بستگان نه نفس پرستيم
|
|
بندهٔ شاهيم ودلخوشيم که هستيم
|
خار ملامت به پاى دل نخليديم
|
|
تير بلاى تو بسينه شکستيم
|
طاير قدسيم ز آشيانه ريده
|
|
کوى تو را آشيانه ديديم نشستيم
|
عارف عامى فکار فکر پريشند
|
|
ما بغم تو ز دام غم هله هستيم
|
الإلمام بالشعر العربيّة :
نحن رهنا القلب في حبّكم
|
|
وما عبدنا النفس في حبّكم
|
وعبدكم جذلان من أسره
|
|
لا يبتغي الفكاك من أسركم
|
لم نلم القلب على ودّه
|
|
وفي الصدور انكسرت نبلكم
|
__________________
.. الخ.
طائر قدس نام عُشّه
|
|
وسعده الغامر من سعدكم
|
لمّا رأى الراحة في حيّكم
|
|
طار ليبنى العشّ في حيّكم
|
ما أجمل الوقوع في فخّكم
|
|
لأنّ قدس الحقّ من قدسكم
|
وتقدّم في ترجمة حبيب بن مظاهر عصر التاسع من المحرّم
حين ختم حبيب كلامه بدأ زهير الحديث معهم لمّا ردّ عزرة بن قيس على حبيب قائلاً : إنّك تزكّي نفسك يا حبيب ، فقال : بل الله زكّاها وأنعم عليه بالهداية بلا شكّ أو شبهة ، اتّق
الله يا عزرة إنّي لك ناصح مشفق ، وإنّي أُقسم بالله العظيم أنّك تعين الظالمين
الضالّين وأهل الضلال وتقاتل النفوس الزكيّة.
فقال له عزرة بن قيس : ما عهدناك من شيعة أهل هذا البيت
وإنّما كنت لعثمان شيعة ولحزبه متّبع.
فقال له زهير : ألا يدلّك موقفي هذا على موالاتهم ، والله
ما كتبت إليه بالنصرة ولكن جمعني وإيّاه الطريق فذكرت مقامه من رسول الله صلىاللهعليهوآله
وقربه منه فرأيت نصرته فرضاً عليّ واجباً ليكون جدّه شفيعاً لي يوم القيامة ، وحفظت من وصيّة رسول الله فيه ما ضيّعتموه.
قال الرواي : فلمّا بلغوا هذا الحدّ عاد أبو الفضل يطلب
منهم المهلة سواد الليلة فأتمر الجند فيما بينهم ثمّ رضوا بتأخير الحرب ليلة واحدة.
زهير وليلة عاشوراء
خطب الإمام الحسين أصحابه ليلة عاشوراء فقال بعد أن أثنى
على الله أحسن الثناء : أحمده على السرّاء والضرّاء ، اللهمّ إنّي أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة
وعلّمتنا القرآن ، وفقّهتنا في الدين ، وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة فاجعلنا
من الشاكرين.
أمّا بعد ، فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من
أصحابي ، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله عنّي خيراً ، ألا وإنّي لأظنّ يوماً لنا من هؤلاء ،
ألا وإنّي قد أذنت لكم بالانصراف فانطلقوا جميعاً أنتم في حلّ من بيعتي ، ليس عليكم حرج منّي ولا ذمام ، هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً ، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي وتفرّقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم فإنّهم لا يريدون غيري (أنتم انجوا بأنفسكم فإنّ الليل ستّير ، والحرّ غير هجير ، والطريق لكم غير خطير).
فقام زهير بن القين وقال : يا سيّدي ، والله لوددت أنّي
قُتِلت ثمّ نُشِرت ثمّ قُتلت حتّى أُقتل هكذا ألف مرّة وإنّ الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن نفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك .
وفي زيارة الناحية : « السلام على زهير بن القين البجلي ،
القائل للحسين عليهالسلام
وقد أذن له في الانصراف : لا والله لا يكون ذلك أبداً ، أأترك ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله أسيراً في يد الأعداء وأنجو ، لا أراني الله ذلك اليوم أبداً » .
من قصيدة فاخرة للسيّد حيدر الحلّي :
بنفسي وآبائي نفوساً أبيّة
|
|
يجرّعها كأس المنيّة مترف
|
تطلّ بأسياف الضلال دمائهم
|
|
وتلغى وصايا الله فيهم وتحذف
|
وهم خير من تحت السماء بأسرهم
|
|
وأكرم من فوق السماء وأشرف
|
__________________
وهم يكشفون الخطب لا السيف في الـ
|
|
ـوغى بأمضى شبا منهم ولا هو أرهف
|
إذا هتف الداعي بهم يوم من دم
|
|
الفوارس أفواه الضبا تترشّف
|
أجابوا ببيض طائعاً يغضب القضا
|
|
إلى حيث شائت ما يزال يصرف
|
ومن تحتها الآجال تسري وقوفها
|
|
لواء من النصر الإلهي يرفرف
|
لهم سطوات تملأ الدهر دهشة
|
|
وتنبثّ منها الشمّ والأرض ترجف
|
عجبت لقوم ملأ أدراعهم ردّى
|
|
وملأ ردائيهم تُقًى وتعفّف
|
هُداة أجابوا داعي الله فانتهى
|
|
بهم لقصور في ذُرى الشهد أشرف
|
فأيّة نفس ليس تذهب حسرة
|
|
عليهم وقلب بالأسى ليس يتلف ..
|
خطبة زهير وشهادته
قال أبو مخنف : فحدّثني عليّ بن حنظلة الشبامي (وعلى هذا
من المؤرخين وأبوه من شهداء كربلاء وقد مرّت ترجمته آنفاً) عن رجل من قومه شهد مقتل الحسين حين قُتل يقال له : كثير بن عبدالله الشعبي (وهو قاتل زهير عليهالسلام) قال : لمّا
زحفنا قبل الحسين عليهالسلام
خرج إلينا زهير بن القين على فرس له ذنوب ، شاك في السلاح ، فقال : يا أهل الكوفة ، نذار لكم من عذاب الله نذار ، إنّ حقّاً على
المسلم نصيحة أخيه المسلم ونحن حتّى الآن إخوة (و) على دين واحد ، وملّة واحدة ما لم يقع بيننا وبينكم السيف ، وأنتم للنصيحة منّا أهل ، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة وكنّا أُمّة وأنتم أُمّة (وكنتم أُمّة) ، إنّ الله قد ابتلانا وإيّاكم
بذرّيّة نبيّه محمّد صلىاللهعليهوآله
لينظر ما نحن وأنتم عاملون ، إنّا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية
__________________
عبيدالله بن زياد ، فإنّكم لا تدركون
منهما إلّا بسوء عمر سلطانهما كلّه (إلّا السوء عمر سلطانهما كلّه) ليسملان (إنّهما يسملان) أعينكم ، ويقطعان أيديكم وأرجلكم ، ويمثّلان بكم ، ويرفعانكم على جذوع النحل ، ويقتلان أماثلكم وقرّائكم أمثال حجر بن عدي (الكندري ـ كذا) وأصحابه ، وهاني بن عروة وأشباهه.
قال : فسبّوه وأثنوا على عبيدالله بن زياد ودعوا له (على
عبيدالله وأبيه) وقالوا : والله نبرح حتّى نقتل صاحبك ومن معه أو نبعث به وبأصحابه إلى الأمير عبيدالله سلماً.
فقال لهم (زهير) : عباد الله ، إنّ ولد فاطمة رضوان الله
عليها أحقّ بالودّ والنصر من ابن سميّة ، فإن لم تنصروهم فأُعيذكم بالله أن تقتلوهم فخلّوا بين الرجل وبين ابن عمّه يزيد فلعمري إنّ يزيد ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين (فخلّوا بينه وبين يزيد فلعمري إنّه ليرضى من طاغيتكم).
قال فرماه شمر لعنه الله بسهم وقال (له) : اسكت أسكت
الله نأمتك (فقد) أبرمتنا بكثرة كلامك.
فقال له زهير : يا ابن البوّال على عقبيه ، ما إيّاك
أُخاطب (ما أنا أُخاطبك) إنّما أنت بهيمة ، والله ما أظنّك تحكم من كتاب الله آيتين ، فأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم.
فقال له شمر : إنّ الله قاتلك وصاحبك عن ساعة.
قال (زهير) : أفبالموت تخوّفني ؟! فوالله إنّ الموت معه
أحبّ إليّ من الخلد معكم. قال : ثمّ أقبل (فأقبل) على الناس رافعاً صوته (وصاح بهم) فقال : عباد الله ،
لا يغرّنّكم عن دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه ، فوالله لا تنال شفاعة محمّد قوماً أهراقوا (أهرقوا) دماء ذرّيّته وأهل بيته وقتلوا من نصرهم وذبّ عن حرمهم.
قال : فناداه رجل فقال له : إنّ عبدالله يقول لك : أقبل
فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لو نفع النصح والإبلاغ .
ولمّا رأى عمرو بن الحجّاج الزبيدي أنّ كلّ رجل من
أصحابه كلّما خرج إلى الميدان وقع فريسة لسيوف الأُسود الهائجة رفع عقيرته وصاح مغضباً : يا حمقى ، أتدرون من تقاتلون ؟ إنّكم تقاتلون من ارتضعوا دَرّ الشجاعة ، وشربوا الماء من شفار السيوف ، احملوا عليهم حملة رجل واحد وقاتلوهم ولئن كانوا على قلّة عددهم وكثرة عددكم وقوّة المدد لكم يقتلون منكم هذه المقتلة ويعرضونكم للإبادة فعليكم أن تحموا الجيش على قتالهم وتحملوه على قتلهم ، فلو رميتموهم بالحجارة لأتيتم على آخرهم.
ولمّا سمع ابن سعد قوله قال : هذا هو الرأي الصحيح
الراجح ، ثمّ حمل عمرو بن الحجّاج من ناحية الفرات على ميمنة أصحاب الحسين ، وحمل الشمر على الميسرة وتتابعت الحملات ، وحمي الوطيس ، واستحرّ القتل فيهم ، وفتحت أفاعي الموت أشداقها ، وصرّ ذئب الأجل أسنانه ، وقامت الحرب على قدم وساق ، وفتح الأجل ذراعيه لاستقبال أرواح المقاتلين ، وكان أصحاب الحسين يتهافتون على المنيّة ولا تهافت العرّيس على حجلة الزفاف كأنّهم الأُسود الضارية هاجت على فرائسها ، وأغار الفرسان كأنّهم الرجوم هوت على شياطين ، وشتّت شمل جيش ابن سعد ذات اليمين وذات الشمال.
__________________
فأُصيب ابن سعد من هذا الوضع بالذهول فاستدعى الحصين بن
نمير فأمره بتقديم خمسمائة من الرّماة ليرشقوا أصحاب الحسين عليهالسلام
بالنبل ، وحمل شمر بن ذي الجوشن كالذئب الجائع على سلالة أسد الله وخلاصة عالم الإمكان ، فاستقبلهم أصحابه عليهالسلام
على قلّة عددهم كالسيل المنحدر والنمر الشرس ، وهجموا عليهم وكلّ واحد منهم كأنّه القضاء الجاري من السماء ، والبلاء المفاجئ ، وصنعوا من القتلى سدوداً يحمون بهم ظهورهم ولكن لا يبيّن فيهم النقص لكثرتهم ، أمّا أصحاب الإمام فقتل الواحد منهم يظهر النقص فيهم لقلّتهم وتقدّم العدوّ في ساحة الحرب حتّى بلغوا طنب الخيام فارتفعت صيحة النساء والأطفال ، فصاح شبث بن ربعي بعمر بن سعد : ثكلتك أُمّك يابن سعد ، ماذا تبغي بإرعاب هؤلاء الصبية ؟! فكأنه استحيا ـ ولا حياء له ـ فأمر جيشه بالتقهقر والتأخّر
، فقتل في هذه الحملة خمسون من أصحاب الحسين عليه وعليهم السلام.
ولمّا صكّت مسامع زهير استغاثة النساء والأطفال فارقه
الصبر واستولت عليه الدهشة فحمل عليهم كالصاعقة المتأجّجة بلظى الجحيم ، حتّى ردّهم على أعقابهم خاسئين ، عند ذلك صاح الشمر لعنه الله : عليَّ بالنار لأحرق خيام الظالمين ، فصاح به الحسين عليهالسلام
: يا ابن ذي الجوشن ، أنت تطلب النار لتحرق بيوتي على أهلي ، أحرقك الله بنار جهنّم.
فسمع زهير نعرات الشمر فحمل على شمر وأصحابه كالليث
الغضبان وسرعان ما ألحق أبا عزرة الضبابي ـ وهو من أعضاد شمر وأقربائه ـ بجهنّم الأبديّة ، وحمل زهير مع الحرّ على الأعداء وقاتلا قتال الوالهين إلى مرضاة ربّ العالمين فكانا إذا حمل أحدهما على الأعداء وغاص في أوساطهم والتحم بالعدوّ حمى الآخر ظهره ثمّ حمل عليهم ليستنقذه ، فامتدّ القتل ساعة من الدهر على هذا الشكل إلى أن استشهد الحرّ ابن يزيد الرياحي فحمل عليهم زهير كأنّه التنّين
الصائل أو الشهاب الحارق ، وقلب
الميمنة على الميسرة ، وحمي أتون الحرب فقال مرتجزاً :
أنا زهير وأنا ابن القين
|
|
وفي يميني مرهف الحدّين
|
أذودكم بالسيف عن حسين
|
|
إنّ حسيناً أحد السبطين
|
ابن عليّ طاهر الجدّين
|
|
من عترة البرّ التقي الزّين
|
ذاك رسول الله غير المين
|
|
يا ليت نفسي قسمت قسمين
|
وعن إمام صادق اليقين
|
|
أضربكم محامياً عن ديني
|
أضربكم ولا أرى من شين
|
|
أضربكم ضرب غلام زين
|
وحمل عليهم كالصاعقة النارية بعد أن أتمّ رجزه وغاص في
أوساطهم ، وقلب الميمنة على الميسرة حتّى قتل منهم مقتلة عظيمة.
وفي رواية محمّد بن أبي طالب المذكورة في البحار : كان
عدد القتلى مائة وعشرين رجلاً من صناديد الكوفة .
وفي رواية أبي مخنف أنّ شهادة زهير كانت بعد شهادة حبيب
بن مظاهر ، ولمّا استشهد حبيب بان الانكسار في وجه الحسين عليهالسلام
، فقال له زهير : بأبي أنت وأُمّي ، ما هذا الانكسار الذي أراه في وجهك ؟ ألست تعلم أنّا على الحقّ ؟! قال : بلى والله أنّي لأعلم علماً يقيناً أنّي وإيّاكم على الحقّ والهدى ، فقال زهير : إذاً
__________________
لا نبالي نحن نصير إلى الجنّة
ونعيمها
عند ذلك ودّع زهير الحسين بأُرجوزة وسار نحو ميدان القتال :
فدتك نفسي هادياً مهديا
|
|
اليوم تلقى جدّك النبيّا
|
وحسناً والمرتضى عليّا
|
|
وذا الجناحين الشهيد الحيّا
|
وفاطم الطاهرة الزكيّا
|
|
ومن مضى من قبلنا تقيّا
|
وهجم ثانية كالصرصر العاصف على جيش العدوّ المخالف ، وقاتل
قتال الوالهين إلى مرضاة ربّ العالمين ، وبينما هو يقاتل إذ بصر به عبدالله الشعبي والمهاجر بن أوس التميمي وكانا في شغل به ، فحانت منه فرصة فطعنه أحدهما بالرمح وضربه الآخر بالسيف ، فخرّ صريعاً إلى الأرض ، ولمّا علم الحسين عليهالسلام بشهادته قال : لا يبعدك الله يا زهير ، ولعن الله قاتلك لعن الذين مسخوا قردة وخنازير.
رفت با ايمان کامل زين جهان
|
|
در رياضِ قربِ حق کردى مکان
|
لقي الله كامل الإيمان
|
|
وتبوّأ بالقرب خير مكان
|
٦٨ ـ زياد بن عريب
أبو عمرو الحنظلي ، ومن سمّاه النهشلي أو الخثعمي فقد
أخطأ إذ لم يرد في سلسلة نسب نهشليّ ولا خثعميّ
من بني صائد ، وصائد بطن من همدان ، والذي
__________________
يدعى بالنهشلي أو الخثعمي غيره ذاك
يكنى بأبي عمرو.
وذكر ابن عبد البرّ في الاستيعاب وابن الأثير في أُسد
الغابة أنّ أباه صحابيّ ، قال في الإصابة : له إدراك وكان ولده زياد يكنى أبا عمرو وقُتل مع الحسين بن عليّ بالطفّ .
وقال المامقاني في رجاله : إنّه كان شجاعاً ناسكاً
متهجّداً كثير الصلاة معروفاً بالعبادة ، حضر الطفّ وقاتل قتالاً شديداً حتّى استشهد بين يدي الحسين عليهالسلام.
وذكر الشيخ الجليل ابن نما في « مثير الأحزان » عن مهران
مولى بني كاهل قال : شهدت كربلاء مع الحسين عليهالسلام
فرأيت رجلاً يقاتل قتالاً شديداً ، لا يحمل على قوم إلّا كشفهم ثمّ يرجع إلى الحسين عليهالسلام
ويرتجز ويقول :
أبشر هُديت تلقى أحمدا
|
|
في جنّة الفردوس تعلو صعدا
|
__________________
حرف
السين
٦٩
ـ سالم مولى بني المدينة
في زيارة الناحية المقدّسة : « السلام على سالم مولى بن
المدينة الكلبي ».
وقال في إبصار العين : سالم مولًى لبني المدينة وهم بطن
من كلب. كوفيّاً من الشيعة .
بايع مسلماً بن عقيل لمّا قدم الكوفة ولمّا قبض على مسلم بن عقيل عمد كثير بن شهاب لعنه الله إلى جماعة من الشيعة فقبض عليهم ليسلّمهم لابن زياد منهم سالم مولى المدينة ، فهرب منه والتجأ إلى قومه إلى أن علم بنزول الإمام في كربلاء فانسلّ إليه مستخفياً والتحق به واستشهد في الحملة الأُولى.
وقال في كتاب السبائك : بنو المدينة بطن من كلب قضاعة لا
غير. وذكرهم أبو عبيدة فلم يرفع نسبهم إلى أعلى من كلب قضاعة. ومدينة اسم أُمّهم ، وكانت حبشيّة أُمّ ولد ، ومنهم زيد بن حارثة ومحمّد بن السائب الكلبي النسّابة ... .
٧٠
ـ سالم مولى عامر بن مسلم
قال العسقلاني في الإصابة : سالم بن أبي الجعد (العبدي) أحد
الثقات التابعين
__________________
مولى عامر بن مسلم وكان من شيعة
البصرة .
والظاهر أنّ الذي عدّه من شهداء الطف أخطأ لأنّ سالماً
معدود من أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام
والإمام السجّاد عليهالسلام
وقبض سنة سبع وتسعين أو ثمانٍ وتسعين ، واسم أبي الجعد رافع بن سلمة الأشجعي ، وسالم المعدود في شهداء الطفّ هو مولى عامر العبدي.
والمامقاني في ترجمة عامر بن مسلم الذي يلي هذه الترجمة
صرّح بذلك وقال : إنّ عامراً بن مسلم ومولاه سالم من شهداء كربلاء.
وفي زيارة الناحية : « السلام على سالم مولى عامر بن
مسلم » .
وقال ابن شهر آشوب : قُتل في الحملة الأُولى. وجاء بنفس
السياق في إبصار العين ، والحدائق
الورديّة ، ومنتهى الآمال ، وعبارة منتهى الآمال كما يلي : عامر ابن مسلم العبدي ومولاه سالم من شيعة البصرة وجاؤوا إلى نصرة الحسين هو وسيف بن مالك وأدهم بن أُميّة مع يزيد بن ثبيط وأولاده واستشهدوا في الحملة الأُولى .
٧١
ـ سعد بن بشر الحضرمي
قال في الناسخ ص ٢٨٠ : ومن الذين لم ترد أسمائهم في
شهداء كربلاء عند المؤرّخين والمحدّثين : الأوّل سليمان مولى الحسين عليهالسلام
، والثاني قارب مولى الحسين عليهالسلام
، والثالث منجح مولى الحسين عليهالسلام
، والرابع سعد بن بشر الحضرمي.
__________________
ثمّ أخذ يعدّد أسماء آخرين فات
العلماء ذكرهم ، وسوف نذكرهم واحداً واحداً كلّ في موضعه.
٧٢
ـ سعد بن الحارث
ذكرنا في ترجمة أبي الحتوف أنّ سعداً بن الحارث بن سلمة
الأنصاري العجلاني مع أخيه أبي الحتوف كانا على مذهب الخوارج. وعجلان وزان رحمن قبيلة من قبائل الخزرج يسكنون الكوفة وقدما كربلاء مع ابن سعد لقتال الحسين عليهالسلام
، ولمّا كان يوم العاشر من المحرّم واستشهد أصحاب الإمام الحسين عليهالسلام
ولم تبق إلّا مهجته الشريفة أخذ الإمام يستغيث ويطلب الناصر ويقول : هل من ناصر ينصرني ؟ وهل من معين يعينني ؟ فارتفعت صيحة العيال إلى عنان السماء ، فقال سعد لأخيه أبي الفتوح : نحن رفعنا شعار لا حكم إلّا لله ، ولا طاعة لمن عصى الله ، وهذا حسين ابن نبيّنا الذي نرجو شفاعته يوم القيامة فكيف نتركه على هذه الحال في الغربة مع لُمّة من عياله وأطفاله في هذا القفر المهلك ثمّ لا ننصره ، وجرّدا سيفهما وأقبلا على الحسين عليهالسلام وقاتلا
دونه عدوّه فقتلا جماعة وعجّلا بأروحهم إلى النار وجرحا آخرين إلى أن فاز بالشهادة وختم لهما بخير العواقف ، إنّما الأُمور بخواتيمها.
٧٣
ـ سعد بن الحارث مولى أمير المؤمنين عليهالسلام
عدّه في الحدائق الورديّة وإبصار العين والمقامقاني
والإصابة
__________________
من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله.
قال السماوي : كان سعد مولى لعليّ عليهالسلام فانضمّ
بعده إلى الحسن عليهالسلام
ثمّ إلى الحسين عليهالسلام
فلمّا خرج من المدينة خرج معه إلى مكّة ثمّ إلى كربلاء فقُتل بها في الحملة الأولى. ذكره ابن شهر آشوب في المناقب وغيره من المؤرّخين .
وأمّا سعد بن حذيفة ففي نفس المهموم : إنّه من رؤساء
أصحاب المختار
ابن أبي عبيدة ، وعدّه المامقاني في رجاله من شهداء صفّين ، والله العالم.
٧٤
ـ سعد بن حنظلة التميمي
قال القمّي في نفس المهموم : ثمّ برز سعد بن حنظلة
التميمي وكان من أعيان عسكر الحسين عليهالسلام
، وهو يقول :
صبراً على الأسياف والأسنّه
|
|
صبراً عليها لدخول الجنّه
|
وحور عينٍ ناعماتٍ هُنّه
|
|
لمن يريد الفوز لا بالظنّه
|
يا نفس للراحة فاجهدنّه
|
|
وفي طلاب الخير فارغبنّه
|
ثمّ حمل وقاتل قتالاً شديداً ثمّ قُتل رضوان الله عليه .
__________________
ومثله في منتهى الآمال .
وورد أيضاً في الناسخ بنفس السياق ولكن لم أعثر في كتب
الرجال على شيء من ذلك عنه ، والله العالم.
٧٥
ـ سعيد بن عبدالله الحنفي
اشتهر في كتب الرجال وكتب التاريخ والمقاتل أنّ الإمام
الحسين أمر أصحابه أن يستمهلوا العدو حتّى أداء صلاة الظهر ، فأمهلوهم ، ولكن لم يفوا لهم حيث استهدفوهم بالنبل وهم وقوف للصلاة ، فلمّا رأى سعيد بن عبدالله السهام تراش نحو أبي عبدالله الحسين عليهالسلام
وقف بين يديه يقيه السهام ببدنه ، فكان يستقبل السهام عن اليمين وعن الشمال ، برأسه وبوجهه وصدره وكلتا يديه ولا يترك سهماً منها ينفذ إلى الحسين عليهالسلام
وهو يقول : اللهمّ العنهم لعن عاد وثمود ، اللهمّ أبلغ نبيّك عنّي السلام وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح فإنّي أردت ثوابك في نصرة ابن بنت نبيّك ، وقال : يابن رسول الله ، هل وفيت بعهدي ؟ فقال : نعم ، أنت أمامي في الجنّة.
وقال في منتهى الآمال : سعيد بن عبدالله من وجوه الشيعة
وهو رجل شجاع وصاحب عبادة ، ووجد في جسمه سوى طعن الرماح وضرب السيوف بعد مصرعه ثلاثة عشر جرحاً بالسهام .
ورثاه زهير بن عبدالله الكندي بهذه الأبيات الثلاثة :
سعيد بن عبدالله لا تنسينّه
|
|
ولا الحُرّ اذ آسى زهيراً على قسر
|
فلو وقفت صمّ الجبال مكانهم
|
|
لمارت على سهل ودكّت على وعر
|
__________________
فمن قائم يستعرض النّبل وجهه
|
|
ومن مقدم يلقى الأسنّة بالصدر
|
ويقول الكعبي :
واستبانت على الوفا وتواصته
|
|
وأضحى كما تواصت وفاها
|
تتهادى إلى الطعان اشتياقاً
|
|
ليت شعري هل في فناها بقاها
|
ولقد أخبر الرواة حديثاً
|
|
صحّ لي عن طريقتي وهداها
|
أنّه لم يصب حسيناً من القوم
|
|
جراح إلّا عقيب فناها
|
لم تكن ترتقي إليه سهام
|
|
دون أن تفتدي حشاه حشاها
|
تتلقى نحورها البيض والسُّمر
|
|
ومقصودها لنحر سواها
|
ذات حتّى ثوت موزّعة الأشلاء
|
|
صرعى سافي الرياح كساها
|
وفي ليلة عاشوراء حين أذن الإمام عليهالسلام للقوم
بالانصراف وقال لهم في خطبته : إنّ هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً ، وانجوا من الهلاك ، فقام أهل بيته وفدّوه
بأنفسهم وأظهروا الإخلاص والوفاء ، ثمّ قام عبدالله بن سعيد الحنفى وآخرون وقالوا : يابن رسول الله ، والله لا نخلّيك حتّى يعلم الله أنّا قد حفظنا نبيّه
محمّداً فيك ، والله لو علمت أنّي أُقتل ثمّ أُحيا ثمّ أُحرق حيّاً ثمّ أُذرّ ، يُفعل بي
ذلك سبعين مرّة ما فارقتك حتّى ألقى حمامي دونك فكيف لا أفعل ذلك وإنّما هي قتلة واحدة ثمّ هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً .
__________________
فلمّا رأى أن لا محيص من الردى
|
|
وأنّ مراد القوم منه كبير
|
فقال لأهليه وباقي صحبه
|
|
ألا إنّ لبثي فيكم ليسير
|
عليكم بهذا الليل فاستتروا به
|
|
فقوموا وجدّوا في الظّلام وسيروا
|
فما بُغية الأرجاس غيري وخالقي
|
|
على كلّ شيء يبتغيه قدير
|
فقالوا معاذ الله سلمك للعدى
|
|
وتضفى علينا للحياة ستور
|
وأيّ حياةٍ بعد فقدك تُرتجىٰ
|
|
وأيّ فؤادٍ يعتريه سرور
|
ولكن نقي عنك الرّدى بسيوفنا
|
|
ونمنح جنّات النعيم وحور
|
وسعيد هذا هو الذي حمل للحسين آخر كتب أهل الكوفة في
مكّة مع هاني بن هاني السبيعي
فقدما به إلى مكّة عجلين ، فلمّا قرأ الحسين عليهالسلام
قال : كم القوم ؟ فقال سعيد بن عبدالله الحنفي : إنّهم جماعة منهم شبث بن ربعي ، وحجّار بن أبجر ، ويزيد بن الحارث ، ويزيد بن رويم ، وعروة بن قيس ، وعمرو بن الحجّاج ، ومحمّد بن عمير بن عطّار ، ثمّ أجابهم الإمام على كتابهم وختمه وأعطاه إلى سعيد
__________________
ابن عبدالله الحنفي وهاني بن هاني
ليوصلاه إلى الكوفة
، وأرسل بعدهما مسلماً ابن عقيل عليهماالسلام
مع قيس بن مسهّر الصيداوي وعمارة بن عبدالله السلولي ، وكان سعيد بن عبدالله الحنفي في الكوفة حين نزلها مسلم ، ولمّا شاهد مسلم اجتماعهم كتب إلى الحسين عليهالسلام
يخبره عن ذلك وبعث الكتاب مع سعيد بن عبدالله الحنفي هذا ، وأقبل به على الحسين وظلّ ملازماً له حتّى استشهد.
وأصبح السبط محزوناً لمصرعهم
|
|
والليث يحزنه قلم الأظافير
|
فهبّ للحرب كالضرغام حين رأى
|
|
أشباله بين أنياب الخنازير
|
٧٦ ـ سلمان بن مضارب
في إبصار العين والحدائق الورديّة عن حميد بن أحمد أنّه
قال : سلمان بن مضارب بن قيس هو ابن عمّ لزهير بن القين لحّاً ، وكان سلمان حجّ مع ابن عمّه سنة ستّين ولمّا مال في الطريق مع الحسين وحمل ثقله إليه ، مال معه في مضربه.
قال صاحب الحدائق الورديّة : إنّ سلمان قُتل فيمن قُتل
بعد صلاة الظهر فكأنّه قُتل قبل زهير .
__________________
أمّا سفيان بن ليلى أو أبو ليلى ، وسفيان بن سريع
فإنّهما كانا من أصحاب الحسن والإمام الحسين وصارا من أصحاب المختار ، جعل الله عاقبة أُمورهما كليهما إلى خير.
٧٧
ـ سفيان بن مالك
لا يوجد له ذكر إلّا في الزيارة الرجبيّة المختصّة
بشهداء كربلاء ، ولا ذكر له في كتب الرجال. وذكر المامقاني سفياني بن مالك وعدّه من أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام
وقال : مجهول الحال ، والله أعلم بالتعدّد والاتّحاد.
٧٨
ـ سليمان بن سليمان الأزدي
له ذكر في الزيارة الرجبيّة : « السلام على سليمان بن
سليمان الأزدي » ، ولم يرد له ذكر في كتب الرجال.
٧٩
ـ سليمان بن كثير
في الزيارة الرجبيّة : « السلام على سليمان بن كثير » ، ولا
يوجد له ذكر في كتب الرجال.
٨٠
ـ سليمان بن أبي زرين
في زيارة الناحية المقدّسة : « السلام على سليمان مولى
الحسين بن أمير المؤمنين ولعن الله قاتله سليمان بن عوف الحضرمي ».
وذكره الشيخ في رجاله والتفرشي والمامقاني وغيرهم
واعتبروه من موالي الإمام الحسين عليهالسلام
واستشهد في البصرة.
قال المؤرّخون عن أُمّه بأنّها أمة الحسين عليهالسلام واسمها
كبشة ، وكان الإمام عليهالسلام
قد اشتراها بألف درهم واستخدمها في بيت أُمّ اسحاق زوجته فتزوّجها رجل يُدعى أبا زرين فولدت له سليمان الذي سبق ذكره.
وفي لهوف السيّد ابن طاووس وغيره أنّ الإمام لمّا عزم
على السفر إلى العراق بعد وصول كتاب مسلم إليه (قد كتب إليّ جماعة من أشراف البصرة كتاباً ..) وصورته : « بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، أمّا بعد ، فإنّ الله اصطفى محمّداً على جميع خلقه وأكرمه بنبوّته ، وحباه برسالته ، ثمّ قبضه
إليه مكرّماً وقد نصح العباد وبلّغ رسالات ربّه وكان أهله وأصفيائه أحقّ بمقامه من
بعده ، وقد تأمّر علينا قوم فسلّمنا ورضينا كراهة الفتنة وطلباً للعافية وقد بعثت إليكم (عليكم) بكتابي هذا وأنا أدعوكم إلى الله وإلى نبيّه فإنّ السنّة قد أُميتت
فإن تجيبوا دعوتي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد والسلام » . وأعطى الكتاب إلى مولاه سليمان وأمره بالعجلة وسمّى له نفراً من رجالات البصرة.
فأجاب سليمان وقدم البصرة وسلّم الكتاب إلى الجماعة مثل
الأحنف بن قيس
__________________
والمنذر بن الجارود ويزيد بن مسعود
النهشلي وغيرهم من الأعيان ، فلمّا قرأ القوم الكتاب سرّوا به فاستدعى يزيد بن مسعود النهشلي بني تميم وبني حنظلة وبني سعد ولمّا اجتمعوا عنده قال : يا بني تميم ، كيف ترون موضعي منكم ؟ فقالوا : بخ بخ أنت والله الظهر ورأس الفخر ، حللت في الشرف وسطاً ، وتقدّمت فيه فرطاً ، قال : فإنّي قد جمعتكم لأمر أُريد أن أُشاوركم منه ، وأستعين بكم عليه ! فقالوا : نمنحك النصيحة ، نجهد لك الرأى ، فقل حتّى نسمع ، فقال : ط (وأحسن) ثمّ دعاهم إلى نصرة الإمام عليه فأجابوه بأجمعهم ، فكتب كتاباً إلى الإمام ولكنّه لمّا تجهّز للالتحاق بالإمام ومعه قومه قاصداً بهم كربلاء لنصرته
بلغه أنّ الإمام استشهد فألقى رحله وأقام العزاء على الإمام عليهالسلام.
(وأمّا المنذر بن الجارود فإنّه جاء بالكتاب والرسول إلى
عبيدالله بن زياد لأنّ المنذر خاف أن يكون الكتاب دسيساً من عبيدالله بن زياد وكانت بحرية بنت المنذر زوجة لعبيدالله بن زياد ، فأخذ عبيدالله بن زياد الرسول فصلبه ثمّ صعد المنبر فخطب وتوعّد أهل البصرة على الخلاف وإثارة الأرجاف ... ).
وقال : من الذي كتب إلى الحسين من أهل البصرة ؟ فسمّوه
له وأمر بإحضاره وقال لهم : رأيتم بطش أبي زياد وشدّته في سفك الدماء وأنا أشبهته من دون إخوتي وثمرة تلك الشجرة فاحرصوا على منع أنفسكم من الفتنة لئلّا تنالوا العقاب الأليم ، وصعد المنبر وراح يرعد ويزبد ويتهدّد ويتوعدّ ويعدهم بالعذاب والتنكيل حتّى دبّ الرعب في نفوسهم ثمّ أمر برسول الحسين سليمان أن يصلب فصلبوه حتّى أسلم الروح والتحق بقوافل الشهداء (صلّى الله عليهم وعليه).
__________________
٨١ ـ سويد بن عمرو
عدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الحسين .
وقال المامقاني : كان شجاعاً مجرّباً في الحروب ، شريفاً
عابداً كثير الصلاة ، وقد حضر الطف وتقدّم بين يدي الحسين فقاتل حتّى أُثخن بالجراح وسقط على وجهه بين القتلى فظنّ الناس أنّه قُتل وليس به حراك حتّى سمعهم يقولون : قتل الحسين ، فوجد به إفاقة وكان معه سكّين خبّاها وخُفّه كان قد أخذ سيفه منه ، فقاتلهم بسكّينه ساعة ثمّ تعطّفوا عليه من كلّ جانب فقتلوه.
وبهذا السياق رواه السيّد ابن طاووس في اللهوف .
ونقل العلّامة السماوي في إبصار العين عن الطبري أنّ
سويداً بن عمرو كان شيخاً عابداً كثير الصلاة ، وكان شجاعاً مجرّباً في الحروب كما ذكر الطبري والداودي (ولمّا كان يوم عاشوراء وقُتل بشر بن عمرو) فتقدّم سويد وقاتل حتّى أُثخن بالجراح وسقط عن وجهه ظُنّ بأنّه قُتل ، فلمّا قُتل الحسين وسمعهم يقولون قُتل الحسين ، وجد به إفاقة وكانت معه سكّين خبّاها وكان قد أخذ سيفه منه ، فقاتلهم بسكّينه ساعة ثمّ إنّهم تعطّفوا عليه فقتله عروة بن بكّار التغلبي وزيد بن
ورقاء الجهني .
وفي الزيارة الرجبيّة : « السلام على سويد مولى شاكر ».
ثمّ لا يخفى أنّ اسمه تارة يرد في بعض عبارات المقاتل : «
سويد بن أبي المطاع الأنماري الخثعمي » وفي بعضها : « سويد مولى شاكر » وفي بعضها : « عمرو ابن
__________________
مطاع » وفي بعضها : « عمرو بن أبي
المطاع » والله أعلم بالتعدّد والاتّحاد.
وفي مقتل أخطب خوارزم عبّر عنه بسويد بن عمرو بن أبي
المطاع وقال عنه خرج وهو يرتجز :
أقدم حسين اليوم تلق أحمدا
|
|
وشيخك الخير عليّاً ذا النّدى
|
وحسناً كالبدر وافى الأسعدا
|
|
وعمّك القرم الهجان الأصيدا
|
وحمزة ليث الإله الأسدا
|
|
في جنّة الفردوس تعلو صعدا
|
فحمل فقاتل حتّى قُتل رضياللهعنه
.
٨٢
ـ سوار بن المنعم
يقول المحقّق الأستر آبادي في رجاله الكبير : سوار بن
المنعم بن الحابس بن أبي عمير بن نهم الهمذاني من أصحاب الحسين عليهالسلام
بن علي ، قُتل معه في كربلاء.
وذكره الشيخ في كتاب الرجال .
وقال المامقاني : يروي له الصدوق رواية في ميراث الجنين .
واسمه وارد في زيارة الناحية المقدّسة .
ونقل السماوي عن الحدائق الورديّة عن حميد بن أحمد : كان
سوار ممّن أتى
__________________
الحسين عليهالسلام
أيّام الهدنة وقاتل في الحملة الأُولى فجرح وصرع. قال في الحدائق الورديّة : قاتل سوار حتّى إذا صرع أُتي به أسيراً إلى عمر بن سعد فأراد قتله
فشفّع فيه قومه وبقي عندهم جريحاً حتّى توفّي على رأس ستّة أشهر.
وقال بعض المؤرّخين : إنّه بقي أسيراً حتّى توفّي وإنّما
كانت شفاعة قومه الدفع عن قتله ... .
وذكره المحدّث القمّي في نفس المهموم ونفثة المصدور
ومنتهى الآمال بنفس السياق.
٨٣
ـ سيف بن الحارث
وفي الزيارة الرجبيّة : « السلام على سيف بن الحارث ».
وفي بعض النسخ : « الحرث » بدون ألف.
وفي شرح قصيدة أبي فراس ومنتهى الآمال ونفس المهموم ص
١٤٠ : وجاء الفتيان الجابريان سيف بن الحارث بن سريع مالك بن عبد بن سريع وهما ابنا عمّ وأخوان لأُمّ ، فأتيا حسيناً فدنوا منه وهما يبكيان ، فقال : أي ابني أخي ، ما
يبكيكما ؟ فوالله إنّي لأرجو أن تكونا عن ساعة قريرَي عين. قالا : جعلنا الله فداك
، لا والله ما على أنفسنا نبكي ، ولكنّا نبكي عليك نراك قد أُحيط بك ولا نقدر أن نمنعك ، فقال : جزاكما الله يا ابني أخي بوجدكما من ذلك ومواساتكما إيّاي بأنفسكما أحسن جزاء المتّقين. قلت : ثمّ استقدما وقالا : عليك السلام يا ابن رسول الله ، فقال : وعليكما السلام ، ثمّ قاتلا حتّى قُتلا رحمة الله عليهما .
__________________
٨٤
ـ سيف بن مالك العبدي
عدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الحسين عليهالسلام .
وقال المامقاني في رجاله : سيف بن مالك العبدي البصري ، خرج
من البصرة عند وصول خبر الحسين عليهالسلام
فلحقه بالأبطح ولازمه حتّى استشهد بين يديه.
وذكره أبو عليّ في رجاله بنفس السياق.
وفي زيارة الناحية : « السلام على سيف بن مالك ».
وذكره السماوي عن الحدائق الورديّة بالسياق نفسه .
وقال الطبري : كان سيف هذا من جملة الرجال الذين يجتمعون
في بيت مارية.
حرف
الشين
٨٥
ـ شبيب بن جراد
قال المامقاني في رجاله : شبيب بن جراد الكلابي الوحيدي.
قال أهل السير : رجل شجاع مقدام من أبطال الكوفة وشيعة أمير المؤمنين عليهالسلام.
وكانت له في المغازي والحروب مواقف مشهورة وشهرة معهودة لا سيّما في حرب صفّين ، وبايع شبيب هذا مسلماً وكان يأخذ بيعة الناس للإمام عليهالسلام
، وقدم كربلاء مع ابن سعد حتّى اليوم التاسع كان مع عسكره حتّى قدم شمر بكتاب ابن زياد على ابن سعد يأمره بمناجزة الحسين الحرب ما لم يبايع ليزيد ، فعلم حينئذٍ أن لا سبيل إلى المتاركة.
فلمّا كانت ليلة العاشر التحق بمعسكر الحسين عليهالسلام ونزل على
قمر بني هاشم وإخوته لأنّ أُمّهم من قبيلته ، فلمّا استعر أوار الحرب يوم العاشر قيل : نال
الشهادة في الحملة الأُولى ، وقيل : استشهد مبارزة.
__________________
٨٦ ـ شبيب بن عبدالله بن الحرث
وفي زيارة الناحية توجد هذه العبارة : « السلام على شبيب
بن عبدالله بن الحارث بن سريع » إلّا أنّ السماوي في إبصار العين ذكره هكذا : شبيب مولى الحرث بن سريع الجابري
وكان صنديداً شجاعاً وبطلاً مقداماً ، جعله ابن شهرآشوب من شهداء الحملة الأُولى ، وذكره العسقلاني في الإصابة والأسترآبادي في رجاله الكبير.
وقال المامقاني : شبيب بن عبدالله مولى حرث بن سريع الهمداني
الجابري ، نسبته إلى بني جابر بطن من همدان من أهل السير ، ويقال : إنّ شبيباً هذا من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله
وشارك في حرب الجمل وصفّين والنهروان وكان ملازماً للإمام عليّ عليهالسلام
وكان لا يشقّ له غبار بالشجاعة ، وهو من رجال الكوفة المعدودين وحضر وقعة الطفّ ونال الشهادة في الحملة الأُولى.
٨٧
ـ شبيب بن عبدالله النهشلي
عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الحسين بن عليّ عليهماالسلام ، قُتِل
معه بكربلاء .
وقال أبو علي برجاله : شبيب بن عبدالله النهشلي ، من
أصحاب الحسين بن عليّ عليهماالسلام
، قُتل معه بكربلاء.
وقال المامقاني : شبيب بن عبدالله النهشلي من التابعين
ومن أصحاب أمير المؤمنين في الحروب الثلاثة كان ملازماً لركابه حتّى شهادته ثمّ تحوّل لخدمة
__________________
الحسن عليهالسلام
ثمّ كان مع الحسين عليهالسلام
حتّى نال الشهادة.
وفي زيارة الناحية المقدّسة والرجبيّة : « السلام على
شبيب بن عبدالله النهشلي رضي الله عنه ».
٨٨
ـ شوذب مولى شاكر
شوذب بن عبدالله الشاكري ، مولى شاكر ، ومعنى مولى أنّه
كان يسكن بين ظهراني قبيلتهم ولم يكن مملوكاً لهم فأعتقوه ، لذلك سمّوه مولى ، وشوذب من وجوه رجال الشيعة وحفّاظ الحديث وفرسان أهل الكوفة ، ويحمل حديثاً كثيراً عن أمير المؤمنين عليهالسلام
، كان يحدّث الناس في المجلس ويكسب الناس الحديث منه ، وفي زيارة الناحية المقدّسة : « السلام على شوذب مولى شاكر ».
ونقل السماوي في إبصار العين على الحدائق الورديّة : كان
شوذب من رجال الشيعة ووجوهها ومن الفرسان المعدودين ، وكان حافظاً للحديث ، حاملاً له عن أمير المؤمنين عليهالسلام.
قال صاحب الحدائق الورديّة : وكان شوذب يجلس للشيعة
فيأتونه للحديث وكان وجهاً فيهم.
وقال أبو مخنف : صحب شوذب عابساً مولاه من الكوفة إلى
مكّة بعد قدوم مسلم إلى الكوفة بكتاب لمسلم ووفادة على الحسين عليهالسلام
عن أهل الكوفة وبقي معه حتّى جاء إلى كربلاء .
__________________
وتأتي في ترجمة عابس محادثته معه.
ويقول في نفس المهموم : قال شيخنا الأجل المحدّث النوري
صاحب المستدرك عليه الرحمة : ولعلّ كان مقامه أعلى من مقام عابس .
والشاكري منسوب إلى شاكر بن ربيعة بن مالك بطن من قبيلة
همدان في اليمن ، وقال : كان شوذب متقدّماً في الشيعة.
__________________
حرف
الصاد
خالٍ.
حرف
الضاد
٨٩
ـ ضرغامة بن مالك
ذكره الشيخ والتفرشي والمامقاني في أصحاب الحسين عليهالسلام .
وقال أبو علي في رجاله : ضرغامة بن مالك التغلبي من
أصحاب الحسين عليهالسلام
قُتل معه بكربلاء.
وقال السماوي في إبصار العين : كان كاسمه ضرغاماً (شجاعاً
مُردي الأُسود وفارساً يهدم الجنود) وكان من شيعة ممّن بايع مسلماً ، فلمّا خذل خرج فيمن خرج مع ابن سعد ومال إلى الحسين عليهالسلام
فقاتل معه وقُتل بين يديه مبارزة بعد صلاة الظهر رضياللهعنه
.
وقال في منتهى الآمال : قال ابن شهر آشوب : استشهد في
الحملة الأُولى
، إلّا
__________________
أنّ أبا مخنف جعل شهادته بعد الصلاة
الظهر فقد حمل عليهم وهو يرتجز :
إليكم من ابن مالك ضرغام
|
|
ضرب فتّى يحمي عن الكرام
|
يرجو ثواب الله بالتمام
|
|
سبحانه من ملك علّام
|
قال : فقاتل الرجل الباسل ، وصبر على الخطب الهائل حتّى
قتل منهم ستّين فارساً سوى من جرح إلى أن استشهد.
وإن نسيت فلا أنسى الحسين وقد
|
|
أناخ بالطفّ ركب الهمّ والهمم
|
غداة فاضت عليه كلّ مشرعة
|
|
بكلّ جيشٍ كموج البحر ملتطم
|
غداة خاض غبار النقع مبتدراً
|
|
كالبدر يسبح في جُنح من الظلم
|
غداة حفّت به من رهطه نفر
|
|
شمّ الأُنوف أُنوف العزّ والشّيم
|
أقوام مجد زكت أطراف محتدهم
|
|
من هاشم ورجال السيف والقلم
|
وأمّا الضحّاك بن عمرو بن قيس بن عبدالله المشرفي
الهمداني ليس من شرط كتابنا
، لأنّه كان من أصحاب الحسين ولكنّه غدر به وترك الإمام وقد أحاط به العدوّ وهرب من كربلاء كما حدّث بذلك الطبري عن لوط بن يحيى الأزدي
__________________
المعروف بأبي مخنف ، قال : حدّثني
عبدالله بن عاصم قال : لقي الضحّاك بن عمرو بن عبدالله بن قيس المشرفي الهمداني مع مالك بن نسر الأرحبي في قصر بني مقاتل الحسين بن عليّ عليهماالسلام
فسلّما عليه ودعاهما إلى نصرته ، فاعتذر مالك ابن نسر الأرحبي بالعيال وتقدّم السنّ ، وقال : للناس عليّ ديون فأنا وفّيها إليهم
، وقال الضحّاك : أنا أُجيبك على شرط أنّ لي تركك إذا لم يغن جهادي عنك ، فأجابني إلى ذلك.
قال أبو مخنف : حدّثني عبدالله بن عاصم عن الضحّاك بن
عبدالله المشرقي قال : لمّا رأيت أصحاب الحسين عليهالسلام
قد أُصيبوا وقد خلص إليه وإلى أهل بيته ولم يبق معه غير سويد بن عمرو بن أبي مطاع الخثعمي وبشير بن عمرو الحضرمي ، قلت له : يابن رسول الله ، قد علمت ما كان بيني وبينك ، قلت لك : أُقاتل عنك ما رأيت مقاتلاً فإذا لم أر مقاتلاً فأنا في حلّ من الانصراف ، فقلت لي نعم ، قال : فقال : صدقت وكيف لك بالنجاء إن قدرت على ذلك فأنت في حلّ ، قال : فأقبلت إلى فرسي وقد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر ، أقبلت بها حتّى أدخلتها فسطاطاً لأصحابنا بين البيوت وأقبلت أُقاتل معهم راجلاً فقتلت يومئذٍ بين يدي الحسين رجلين وقطعت يد آخر ، وقال لي الحسين يومئذٍ مراراً : لا تشلل ، لا يقطع الله يدك ، جزاك الله خيراً عن أهل بيت نبيّك صلىاللهعليهوآله
، فلمّا أذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط ثمّ استويت على متنها ثمّ ضربتها حتّى إذا قامت على السنابك رميت بها عرض القوم فأرجوا لي وأتبعني منهم خمسة عشر رجلاً حتّى انتهيت إلى شفيّة قرية قريبة من الفرات فلمّا لحقوني عطفت عليهم فعرفني كثيّر ابن عبدالله الشعبي وأيّوب من مشرح الخيواني وقبس بن عبدالله الصائدي ، فقالوا :
هذا الضحّاك بن عبدالله المشرقي ، هذا
ابن عمّنا ، ننشدكم الله لمّا كففتم عنه ، فقال ثلاثة نفر من بني تميم كانوا معهم : بلى والله لنجيبنّ إخواننا وأهل دعوتنا إلى ما
أحبّوا من الكفّ عن صاحبهم. قال : فلمّا تابع التميميّون أصحابي كفّ الآخرون فنجّاني الله .
٩٠
ـ ضبيعة بن عمرو
يوجد له ذكر في الزيارة الرجبيّة : « السلام على ضبيعة
بن عمرو » لا غير ، أمّا في كتب الرجال فلا ذكر له.
__________________
حرف
الطاء
٩١
ـ طرمّاح بن عدي
قال الشيخ الطوسي في رجاله : الطرمّاح بن عدي رسوله إلى
معاوية
وعدّه
__________________
.............................................
__________________
........................................
__________________
......................................................
__________________
من أصحاب الحسين عليهالسلام وكذلك ورد
ذكره في رجال التفرشي.
وقال المقامقاني : الطرمّاح بن عدي غاية في الجلالة
والنبل والشرف ، ويكفيه حواره مع معاوية حيث أظلم الدنيا بعينيه ، ولازم الحسين عليهالسلام حتّى إذا
كان يوم العاشر قاتل قتالاً شديداً وجرح جراحات منكرة ، ووقع من على ظهر فرسه وبه رمق فاحتمله قومه وعالجوه حتّى برئ وبقي على ولائه وإخلاصه حتّى فارق الدنيا.
ويظهر من هذه العباراة أنّ الطرمّاح لم يستشهد في معركة
الطفّ ولكن هذا معارض بما أورده ابو مخنف في المقتل من أنّ الطرمّاح قُتل في كربلاء . يقول : فبرز من بعده الطرمّاح بن عدي رضياللهعنه
وأنشأ بهذه الأبيات :
إنّي طرمّاح شديد الضرب
|
|
وقد وثقت بالإله الربّ
|
إذا انتضيت في الهياج عضبي
|
|
يخشى قريني في القتال غلبي
|
فدونكم فقد قسست قلبي
|
|
على الطفات أو بذاك صلبي
|
قال : ثمّ حمل على القوم ولم يزل يقاتل حتّى قتل سبعين
فارساً وكبا به جواده فأراده إلى الأرض صريعاً فأحاطت به القوم (كذا) واحتزّوا رأسه .
ونقله في ناسخ التواريخ بالسياق نفسه ص ٢٧٨ ، قال بعد
ذكره الرجز : وحمل على القوم كالأسد الجريح الذي تجاوز نفسه أو النمر الذي أُطلق بعد عقال أو
__________________
الرجل قُتل أبوه ، فقلب الميمنة على
الميسرة ، وقتل الفرس والفارس حتّى بلغ قتلاه سبعين لعيناً ، وبينما هو في قلب المعركة وقد حمي وطيسها إذ كبى به جواده فأحاط به العدوّ واحتزّوا رأسه رحمة الله عليه.
ويقول اليزدي في « مخزن البكاء » : وتقدّم الطرمّاح إلى
ميدان القتال وقاتل قتالاً شديداً إلى أن استشهد.
ويقول في منتهى الآمال : ولمّا بلغ سيّد الشهداء عُذيب
الهجانات رأى راكبين أربعاً مُقبلين من ناحية الكوفة على هجنهم ويقودون فرساً لنافع بن هلال ودليلهم الطرمّاح.
ويظهر من هذه الرواية لحوق الطرمّاح بالحسين عليهالسلام في عُذيب
الهجانات.
وفي رواية البحار عن مقتل محمّد بن أبي طالب : لمّا ألحّ
الحرّ على الحسين بالنزول وضايقه مضايقة شديدة ، أقبل الحسين عليهالسلام
على أصحابه وقال : هل فيكم أحد يعرف الطريق على غير الجادّة ؟ فقال الطرّماح : نعم يابن رسول الله ، أنا أخبر
الطريق ، فقال الحسين عليهالسلام
... فسار الطرمّاح وأتبعه الحسين عليهالسلام
وأصحابه ، وجعل الطرمّاح يرتجز ويقول :
يا ناقتي لا تذعري من زجري
|
|
وامضي بنا قبل طلوع الفجر
|
بخير فتيان وخير سفر
|
|
آل رسول الله آل الفخر
|
السادة البيض الوجوه الزُّهْر
|
|
الطاعنين بالرماح السُّمر
|
الضاربين بالسيوف البتر
|
|
حتّى تحلّي بكريم الفخر
|
الماجد الجدّ رحيب الصدر
|
|
أثابه الله لخير أمر
|
عمّره الله بقاء الدهر
|
|
يا مالك النفع معاً والضُّرِّ
|
أيّد حسيناً سيّدي بالنصر
|
|
أيّد حسيناً سيّدي بالنصر
|
على الطُّغاة من بقايا الكفر
|
|
على اللعينين سليلَي صخر
|
يزيد لا زال حليف الخمر
|
|
وابن زياد عهر ابن العهر
|
وفي ناسخ التواريخ عن أبي مخنف روى أنّ الطرمّاح بن عدي
قال : أُصبت بجراح منكرة يوم الطفّ فوقعت بين القتلى ولم يكن أحد يحسبني في الأحياء ، وأُقسم بأنّي لم أقل إلّا الحقّ فرأيت وأنا في حال اليقظة التامّة عشرين راكباً قد
أقبلوا وعليهم الثياب البيض وقد سطعت روائح المسك منهم حتّى ملأت المكان ، فقلت : يوشك أن يكون هذا عبيدالله بن زياد قد جاء ليمثّل بجسد الحسين عليهالسلام ، ثمّ رأيت أحدهم قد دنى من جسد الحسين عليهالسلام
وترجّل وجلس عند الجسد وكانت الرؤوس ساعتئذٍ تحمل إلى الكوفة.
فأشار هذا الجالس إلى جهة الكوفة وإذا بالرأس الشريف قد
التحق بالجسد وراح ذلك الجالس يخاطبه ويقول : يا ولدي ، قتلوك ، أتراهم ما عرفوك ، ومن شرب الماء منعوك ، وما أشدّ جرأتهم على الله (القاهر الغالب) ثمّ رمق الحاضرين معه بنظرة : يا أبي آدم ، ويا أبي إبراهيم ، ويا أبي إسماعيل ، ويا أخويّ موسى وعيسى ، ألا تحزنكم ما فعلته أُمّتي بولدي ، لا أنالهم الله شفاعتي.
قال الطرمّاح : فعلمت أنّه رسول الله .
أقول : وقع الخلاف فيما نحن فيه من
عدّة وجوه :
__________________
الأوّل : هل الطرمّاح هذا هو ابن عدي
بن حاتم الطائي أو غيره كما شوهد في كثير العبارات ؟ نعم هو ابن عدي وليس ابن حاتم لأنّ لعدي ثلاثة أولاد أحدهم طرفة ، والثاني طريف ، والثالث مطرف ، وهؤلاء الثلاثة كانوا مع أمير المؤمنين عليهالسلام
ونالوا الشهادة بين يديه ، وكان قد أُوذي من أهل الكوفة في أولاده وهو من أشرافهم حتّى قيل له : احترق بنارهم أو مت كمداً ، فكان يجيبهم : تمنّيت أنّ لي ألفاً من الولد مثلهم فأُقدّمهم بين يدي أمير المؤمنين مولاي ليسبقوني إلى الجنّة.
وقال له معاوية أيضاً في أحد مجالسه : ما أنصفك عليّ لأنّ
ولديه الحسن والحسين سلما من القتل ووقع على أولادك ! فقال عدي : بل أنا والله ما أنصفته لأنّه قُتل وبقيت حيّاً بعده.
وعلى كلّ حال فقد انقطع نسله بعد أولاده الثلاثة وتوفّي
ولا عقب له ، ولكن المامقاني ذكره له ولداً اسمه محمّد ، كما قال في ترجمته : عدي بن حاتم من أصحاب رسول الله ومن السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين وثبت على العهد لم يحل ولم يزل ، وكان عدي رجلاً شريفاً جواداً عظيم المنزلة وحاضر البديهة ، ذهبت إحدى عينيه في حرب الجمل ، واستشهد ولده محمّد في حرب صفّين والتحق بعد شهادة الإمام أمير المؤمنين بالحسن عليهالسلام
وتوفّي بعد أن عمّر وبلغ من السنين مائة وعشرين سنة عام سبع وستّين أو ثمانٍ وستّين في مدينة الكوفة. وقال : إنّي أعتبره على جانب عظيم من الوثاقة والوجاهة.
وفي الجزء الأوّل من منتهى الآمال ذكر له ترجمة وافية
وكذلك في تحفة الأحباب .
__________________
الثاني : هل صحب الطرمّاح الإمام إلى
كربلاء وقاتل معه ـ كما سبق وسمعتم ـ أو أنّه التقى به على نحو الصدفة وكلّمه ثمّ توجّه تلقاء قبيلته ـ كما في نفس المهموم ص ١٠٤
ـ أنّ الطرمّاح بن عدي لم يحضر وقعة الطفّ ولم يكن من الشهداء بل لمّا سمع خبر شهادة الحسين رجع إلى مكانه.
أقول : يصحّ قول الشيخ إذا اعتبرنا
الطرمّاح مع الحكم مع ابن عدي واحداً وبما أنّه نقل حكاية الطرمّاح بن الحكم باسم ابن عدي من ثمّ نفى شهادته بالطفّ وحكاية الطرمّاح بن الحكم كما يلي : قال صاحب ناسخ التواريخ : جاء في الخبر أنّ الطرمّاح بن الحكم كان يحمل لأهله الميرة ويريدهم بها وكان من عادة أهل أجاء وفيد أن
يدّخروا لأنفسهم طعام حول كامل بل يدّخرون المؤون والعلف لزائري بيت الله في فيد ويعرضونه للبيع.
ومجمل القول أنّ الطرمّاح التقى بالإمام عليهالسلام بعد قتل
قيس بن مسهّر ، فقال
: يابن رسول الله ، إنّي لا أرى معك من يحميك ، وإن لم يكن لك سواهم فإنّي أخاف عليك أن لا تبلغ الكوفة ، ولقد رأيت قبل رحيلي عن الكوفة بيوم في ظهر الكوفة جموعاً غفيرة لم أر مثلهم حتّى اليوم فسألت : ما يفعل هؤلاء ؟ قيل لي : يعدّون العدّة لحرب الحسين عليهالسلام
، وأنا أُقسم عليك بالله إن استطعت أن لا تتقدّم نحوهم بشبر ، وإن شئت بلداً منيعاً يقيك بأس العدوّ حتّى ترى ما يؤول إليه أمر القوم وتسنح لك الفرصة وتستقبل أمرك على بصيرة فإنّي أتقدّم إليك بمشورة إن
__________________
قبلتها أن تذهب معي إلى جبلنا « أجاء
» لأنّه جبل منيع ولأنّنا امتنعنا به من ملوك غسّان وحمير ومن النعمان بن المنذر ومن شرّ الأحمر والأصغر فما ذللنا ولا هنّا أبداً ، فهلمّ معي يا سيّدي حتّى أُنزلك به ويرتاح بالك ، فلن تمرّ أيّام حتّى
تقبل عليك جموع طيّئ المقيمين في « أجاء وسلمى » رجالاً وفرساناً وتحيط بك فأقم ما شئت بيننا فإذا قصدك العدوّ بسوء فأنا أتعهّد لك بعشرين ألفاً من الرجال الأشدّاء المقاتلين من طيّئ يقاتلون بين يديك ويمنعوك أن تصل إليك يد بسوء ما كانت فيهم عين تطرف.
فقال له الإمام عليهالسلام
: جزاك الله وقبيلتك خير جزاء المحسنين ، إنّ بيني وبين القوم موعداً لا بدّ من بلوغه فإنّ عافانا الله من بأس العدوّ وحمانا من شرّه وإن قضى علينا بغير ذلك فسوف نفوز بالشهادة والسعادة .
__________________
قال أبو مخنف : فحدّثني جميل بن مرثد قال : حدّثني
الطرمّاح بن عدي : فودّعته وقلت له : دفع الله عنك شرّ الجنّ والإنس ، إنّي قد امترت لأهلي من الكوفة ميرة ومعي نفقة لهم فآتيهم فأضع ذلك فيهم ، ثمّ أقبل إليك إن شاء الله فإن ألحقك فوالله لأكوننّ من أنصارك.
قال عليهالسلام
: (فإن كنت فاعلاً فعجّل رحمك الله).
قال : فعلمت أنّه مستوحش إلى الرحال حتّى يسألني التعجيل
، قال : فلمّا بلغت أهلي وضعت عندهم ما يصلحهم وأوصيت ، فأخذ أهلي يقولون : إنّك لتصنع مرّتك هذه شيئاً ما كنت تصنعه قبل اليوم ، فأخبرتهم بما أُريد وأقبلت في طريق بني ثعل حتّى إذا دنوت من عُذيب « الهجانات » استقبلني « سماعة بن بدر » فنعاه إليّ فرجعت .
فظهر ممّا تقدّم أنّ صاحب هذا الخبر هو الطرمّاح بن
الحكم لا الطرمّاح بن عدي.
الثالث : في موت الطرمّاح في المعركة
وعدمه فهل يا ترى حمله قومه من المعركة وداووه حتّى برئ ـ كما نقلنا ذلك في صدر ترجمته عن المامقاني ـ أو أنّهم احتزّوا رأسه في نفس الوقت كما قال ذلك آخرون. وبناءاً على المعنى الأوّل المنقول عنه من رؤية الفرسان العشرين ثمّ تبيّن أنّه النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآله ولا
استبعاد في ذلك ، وبناءاً على المعنى الثاني فإنّه ساقط عن الاعتبار ، والله أعلم بحقيقة الحال.
__________________
حرف
الظاء
٩٢
ـ ظهير بن حسّان الأسدي
لن ينصّ على شهادته إلّا كتاب رياض الشهادة ص ١٢٢ فقد
عدّه من شهداء كربلاء ، والله الأعلم.
حرف
العين
٩٣
ـ عائذ بن مجمع بن عبدالله
يأتي في ترجمة مجمع إن شاء الله تعالى.
٩٤
ـ عابس بن شبيب
في زيارة الناحية المقدّسة : « السلام على عابس بن شبيب
الشاكري » وكذا في الزيارة الرجبيّة.
كان عابس بن شبيب من الشجعان المعدودين والفرسان
المقاتلين ومن الشيعة المخلصين ، وكان رجلاً عابداً
متهجّداً يحيي الليل كلّه بالعبادة ، وكان في ولائه
__________________
لحيدرة الكرّار من الطراز الأوّل.
وعن الحدائق الورديّة : إنّ عابساً من زعماء الشيعة ومن
بني شاكر الذين قال فيهم أمير المؤمنين ـ بناءاً على ما نقله نصر بن مزاحم في كتاب صفّين ـ : بنو شاكر
لو تمّت عدّتهم لعُبِد الله حقّ عبادته.
وكان عابس من فتيان الصباح وهو شاكريّ وادعيّ يُدعى باسم
قبيلته.
قال أبو مخنف : لمّا نزل مسلم دار المختار وبايعه ثمانية
عشر ألف مبايع من هؤلاء عابس بن شبيب ، قام فيهم خطيباً وخطبهم خطبة غاية في الفصاحة والبلاغة ثمّ رمى ببصره إلى مسلم عليهالسلام
وقال :
أمّا بعد ، فإنّي لا أُخبرك عن الناس ، ولا أعلم ما في
أنفسهم ، وما أغرّك منهم ، والله أُحدّثك عمّا أنا موطّن نفسي عليه ، والله لأُجيبنّكم إذا دعوتم ولأُقاتلنّ
معكم عدوّكم ، ولأضربنّ بسيفي دونكم حتّى ألقى الله لا أُريد بذلك إلّا ما عند الله.
فقام حبيب بن مظاهر الفقعسي فقال : رحمك الله قد قضيت ما
في نفسي بواجز
__________________
من قولك ، ثمّ قال : وأنا والله الذي
لا إله إلّا هو على مثل ما هذا عليه ... .
وقال الطبري
: لمّا بايع أهل الكوفة مسلماً وازدحموا على بيعته كتب إلى الحسين كتاباً يحثّه فيه على القدوم ويستعجله ، وأعطى الكتاب عابساً بن شبيب فتناولها عابس وأقبل مع شوذب مولى شاكر إلى مكّة وعادا مع الحسين إلى كربلاء يوم عاشوراء.
وفي بحار الأنوار عن محمّد بن أبي طالب (١) قال : وجاء
عابس بن أبي شبيب الشاكري ومعه شوذب مولى شاكر ، وقال : يا شوذب ، ما في نفسك أن تصنع ؟ قال : ما أصنع ؟ أُقاتل حتّى أُقتَل. قال : ذلك الظنّ بك ، فتقدّم بين يدي أبي
عبدالله حتّى يحتسبك كما احتسب غيرك ، فإنّ هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب فيه الأجر بكلّ ما نقدر عليه (٢) وإنّما هو الحساب ، فقتدّم فسلّم على الحسين عليهالسلام وقال : يا
أبا عبدالله ، أما والله ما أمسى على وجه الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ولا أحبّ إليّ
منك ، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم أو القتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلت ، السلام عليك يا أبا عبدالله ، أُشهد أنّي على هداك وهدى أبيك (٣) ثمّ مضى بالسيف نحوهم.
قال ربيع بن تميم : فلمّا رأيته مقبلاً عرفته وقد كنت
شاهدته في المغازي وكان أشجع الناس ، فقلت : أيّها الناس ، هذا أسد الأُسود ، هذا ابن [ أبي ] شبيب ، لا يخرجنّ اليه أحد منكم ، فأخذ ينادي : ألا رجل ؟ ألا رجل ؟ فقال ابن سعد : أرضخوه بالحجارة من كلّ جنب ، فلمّا رأى ذلك ألقى درعه ومغفره ثمّ شدّ على
__________________
الناس ، فوالله لقد رأيته يطرد أكثر
من مأتين من الناس ثمّ تعطّفوا عليه من كلّ جانب ، فقُتل .
وقت آن آمد که من عريان شوم
|
|
جسم بگذارم سراسر جان شوم
|
آنچه غير از شورش و ديوانگى است
|
|
اندر اين ره روى در بيگانگى است
|
آزمودم مرگ من در زندگى است
|
|
چو رهم زين زندگى پايندگى است
|
تقريب الشعر بالعربيّة :
آن لي أستقبل الموت
|
|
بعيداً عن سلاحي
|
أنزع الجسم إلى روحي
|
|
وريحاني وراحي
|
أنا في الهيجاء في أهلي
|
|
وإخوان الكفاح
|
لا أرى الغربة إلّا
|
|
في التخلّي عن طماحي
|
قد خبرت العيش في الموت
|
|
على وخز الرماح
|
فهو عيشٌ أبديٌّ
|
|
لظلام الذلّ ماحي
|
يلقي الرماح الشاجرات بنحره
|
|
ويقيم هامته مقام المغفر
|
ما إن يريد إذا الرماح شجرنه
|
|
درعاً سوى سربال طيب العنصر
|
__________________
ويقول للطرف اصطبر لشبا القنا
|
|
فهدمت ركن المجد إن لم تعفر
|
جوشن زبر فکند که ما هم نه ماهيم
|
|
|
مغفر ز سر فکند که باز نيم خروس
|
بى خود وبى زره بدر آمد که مرگ را
|
|
|
در پيش خويش مى کشم اينک چه نو عروس
|
رمى بالدرع حرّ لا يبارى
|
|
ومغفره فقد كان الأُسارا
|
وجاء إلى القتال بغير درع
|
|
مجيء الصقر يصطاد الحبارى
|
فما من حاجة يحميه درع
|
|
فلم يضمن له الدرع انتصارا
|
لأنّ الحرب عرشٌ ليس يهوى
|
|
مطالع حسنها إلّا الغيارى
|
زره انداخت از تن شير افکن
|
|
تن خود داد از جرأت بکشتن
|
شفق كون از غضب روي قمر شد
|
|
به اندام برهنه حمله ور شد
|
ز هر سو همچه شير شرزه مىتاخت
|
|
سر دست يا ... بر خاک انداخت
|
أسدٌ لم يرتضِ الدرع إذا
|
|
كان للحرب أوار مستعر
|
صبغ الغيّظ محيا بدره
|
|
عندما كالشفق القاني انهمر
|
حاسراً يفتتح الحرب فما
|
|
ظهر الرجس له إلّا اندحر
|
وهو لم يرفع على كثرته
|
|
بحسام ساعداً إلّا انبتر
|
قلب الحرب على رأس العدى
|
|
وغدا الأبطال كالنخل انقعر
|
آنکه مردن پيش چشمش تهلکه است
|
|
نهى لا يلقوا بگيرد او بدست
|
آنکه مردن شد مرو را فتح باب
|
|
شارعوا آمد مرا او را در خطاب
|
الصلا اى حشر بنيان سارعوا
|
|
البلا اى مرگ بنيان سارعوا
|
__________________
من ظنّ أنّ الموت مهلكة
|
|
تنساب لا تلقوا بأنفاسه
|
من ظنّه خلداً بوارفه
|
|
تجلّى على أفراح أعراسه
|
في سارعوا آماله اتّحدت
|
|
وقضيت على آلام وسواسه
|
لا تذعر الآلام مهجته
|
|
أنّى يلوح الذعر في رأسه
|
* * *
لله قوم إذا ما اللّيل جنّهم
|
|
قاموا من الفرش للرحمن عبّادا
|
ويركبون مطايا لا تملّهم
|
|
إذا هم بمنادي الصبح قد نادى
|
إذا هم ما بياض الصبح لاح لهم
|
|
قالوا من الشوق ليت الليل قد عادا
|
هم المطيعون للدنيا لسيّدهم
|
|
وفي القيامة سادوا كلّ من سادا
|
الأرض تبكي عليهم حين تفقدهم
|
|
لأنّهم جعلوا للأرض أوتادا
|
وحمل على قطيع الثعالب كالأسد الجائع الفرثان ، وملأ
البيداء بجثث القتلى.
قال الربيع بن تميم : يمين الله لقد رأيته أينما ثنى
عنان جواده يطّرد بين يديه من الرجال مأتين ولم يزل على هذا الحال يقاتل حتّى أثخنته الجراح من رضخ الحجارة وطعن الأسنّة ، فوقع واحتزّ الكوفيّون رأسه.
قال ربيع بن تميم : فرأيت رأسه في أيدي الرجال ذوي عدّة ،
هذا يقول : أنا قتلته ، وهذا يقول : أنا قتلته ، فأتوا عمر بن سعد ، فقال : لا تختصموا ، هذا لا
يقتله سنان واحد ، ففرّق بينهم بهذا القول .
كسته القنا حُلّة من دم
|
|
فأضحت لرآئيه من أرجوان
|
جزته معانقة الدارعين
|
|
معانقة القاصرات الحسان
|
__________________
٩٥
ـ عامر بن حسان
نقل صاحب أعيان الشيعة في ج ٤ ص ٢٨٩ عن النجاشي أنّه ذكر
في ترجمة حفيده أحمد بن عامر أنّه قُتل مع الحسين عليهالسلام
وهو غير عامر بن مسلم العبدي الآتي فذاك ابن مسلم وهذا ابن حسان ، وذاك عبديّ وهذا طائي .
٩٦
ـ عامر بن خليده
ورد اسمه في الزيارة الرجبيّة : « السلام على عامر بن خليد
» وفي بعض النسخ بالحاء المهملة.
٩٧
ـ عامر بن مالك
ذكر في الزيارة الرجبيّة فحسب : « السلام على عامر بن
مالك » ولم أقف منه ومن سابقه في كتب الرجال على أثر.
٩٨
ـ عامر بن مسلم العبدي
عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الحسين .
وفي زيارة الناحية المقدّسة وكذلك الزيارة الرجبيّة : « السلام
على عامر بن مسلم ومولاه سالم » وسبق ذكر له في حرف السين.
قال ابن شهر آشوب في المناقب وعن الحدائق الورديّة : كان
عامر من الشيعة
__________________
في البصرة ، فخرج هو ومولاه مسلم مع
يزيد إلى الحسين وانضمّ إليه حتّى وصلوا كربلاء وقد انضمّا إليه من الأبطح وقُتِل عامر بن مسلم في الحملة الأُولى.
وذكر العلّامة السماوي نحواً من ذلك في إبصار العين ، ومثله فعل المامقاني في رجاله ، ونقول : إنّ جدّه حسان بن شريح استشهد مع الإمام في صفّين.
أقول : حسان أبو عامر بن حسان الطائي سابق الذكر وليس
عامر بن مسلم ، والله العالم.
وذكره في الناسخ من المقتولين في الحملة الأُولى. وقول
الفضل بن العبّاس بن ربيعة في مرثيّته التي يقول فيها :
* ارجعوا عامراً وردّوا
زهيراً *
يريد بعامر عامراً هذا ابن مسلم العبدي. ويظهر ممّا
ذكرنا أنّ بعض علماء الرجال نسبوا إلى عامر بن مسلم كونه ضعيفاً أو مجهولاً محض غفلة وعدم تبحّرٍ. وأيضاً لا ينبغي أن يشتبه بينه وبين عامر الذي ذكره في إيضاح الاشتباه فقال : من أحفاد عامر بن أحمد عامر المكنّى بأبي الجعد لأنّ هذا عامر بن حسان لا عامر بن مسلم ، قال النجاشي : أدرك الرضا عليهالسلام
أحمد بن عامر بن سليمان بن صالح بن وهب بن عامر الذي قُتل مع الحسين وله مؤلّفات منها كتاب أخبار البصرة ، وكتاب مقتل أمير المؤمنين عليهالسلام.
٩٩
ـ عباد بن مهاجر الجهني
ذكر الممقاني في رجاله ، والسيّد عبدالمجيد الحائري في
ذخيرة الدارين ، والسماوي في إبصار العين ثلاثتهم نقلوا عن الحدائق الورديّة أنّ عباد بن مهاجر
__________________
الجهني كان فيمن تبع الحسين عليهالسلام من مياه
جهينة وقُتل معه في الطّفّ رضياللهعنه
.
ولمّا بلغ الحسين عليهالسلام
في مسيره إلى العراق « زبالة » وبلغته أخبار مقتل مسلم وهاني عليهماالسلام
تفرّق عنه الأعراب إلّا عباد بن مهاجر فإنّه أقام معه حتّى استشهد في الحملة الأُولى.
١٠٠
ـ العبّاس بن جعدة
قال حميد بن أحمد في الحدائق الورديّة : من شيعة عليّ عليهالسلام ، كان قد
بايع مسلم وأخذ له البيعة من أهل الكوفة.
قال أبو مخنف : حدّثني يوسف بن بريد عن عبدالله بن حازم
قال : أنا والله رسول ابن عقيل إلى القصر لأنظر إلى ما صار أمر هانئ ، قال : فلمّا ضرب وحبس ركبت فرسي وكنت أوّل أهل الدار دخل على مسلم بن عقيل بالخبر ، فأمرني أن أُنادي في أصحابه وقد ملأ منهم الدور ... فقعد مسلم لعبيدالله بن عمرو بن عزيز الكندي على ربع كندة وربيعة ... وعقد لعبّاس بن جعدة الجدلي على ربع المدينة .
قال الطبري : وقبض محمّد بن الأشعث بعد قتل مسلم وهانئ
على العبّاس بن جعدة الجدلي وسلّمه إلى ابن زياد ، فقال له ابن زياد : أنت عبّاس بن جعدة الذي عقد له مسلم راية على ربع المدينة ؟ فقال : نعم أنا هو ، فأمر اللعين عبيدالله بضرب عنقه.
وفي رجال المامقاني ورد ذكره أيضاً بهذا السياق.
__________________
١٠١
ـ مولانا باب الحوائج أبو الفضل العبّاس عليهالسلام
ولادته عليهالسلام :
قال العلّامة الخبير السيّد محسن الأمين في المجالس
السنيّة : ولد العبّاس بن أمير المؤمنين عليهماالسلام
سنة ستّ وعشرين من الهجرة وعاش مع أبيه أربعة عشرة سنة وحضر بعض الحروب فلم يأذن له أبوه في النزال ، وقُتل مع أخيه الحسين عليهالسلام بكربلاء وعمره أربعة وثلاثون سنة .
ولد في الرابع من شعبان في مدينة طيبة كما ذكر السيّد
عبدالرزّاق الموسوي المقرّم النجفي المعاصر في كتابه « العبّاس » ص ٧٤ وروي ذلك في عدّة كتب رجع السيّد إليها .
والدته الماجدة :
هي أُمّ البنين عليهاالسلام
بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر الكلابي.
واستدعى الإمام أخاه عقيلاً لعلمه بأنساب العرب وقال : استطلع
لي أحوال العرب وانظر أيّها أشجع لأنّي أُريد مصاهرته ليولد لي ولد شجاع يكون ناصراً لولدي الحسين عليهالسلام.
قال : بغيتك في أُمّ البنين الكلابيّة ، لأنّ قومها من
بين العرب أُسود ضارية شجاعة ، وهم أهل نجدة معروفة لهم عند كافّة العرب ، ولا يوجد فيهم مثلهم ، فقد قال لبيد فيهم بيتاً من الشعر لم ينكره عليه أحد من العرب :
ونحن خير عامر بن صعصعه
|
|
الضاربين الهام وسط الجعجعه
|
__________________
ومنهم ملاعب الأسنّة أبو براء الذي ليس له نظير في
الشجاعة ، أخيراً تزوّج الإمام أمير المؤمنين أُمّ البنين عليهماالسلام
فاطمة واشتهرت بكنيتها وولدت للإمام أربعة أولاد وهم : العبّاس وعبدالله وجعفر وعثمان ، وبكر أولادها قمر بني هاشم وكانت في المدينة بعد واقعة الطفّ ورجوع السبايا .
الكنية :
أشهر كناه أبو الفضل ، وذلك حين أنعم الله عليه بولد
سمّاه « الفضل ».
وفي كتاب (العبّاس) سابق الذكر : له كنيتان أُخريان : الأولى
أبو قربة وقد نقلها من كتاب مزار السرائر لابن إدريس ومقاتل الطالبيّين لأبي الفرج والأنوار
النعمانيّة للسيّد الجزائري وتاريخ الخميس لأبي الحسن الدياربكري. والثانية : « أبو القاسم » وحجّتهم زيارة الأربعين المنقولة عن جابر فقد توجّه إلى قبره وقال : « السلام عليك يا أبا القاسم ، السلام عليك يا عبّاس بن عليّ ... الخ ». ولمّا كان جابر من عيون الصحابة وقد رُبّي في هذا البيت فهو أعلم بوجهها لأنّ العبّاس ليس له ولد اسمه القاسم حتّى يُكنّى به كأبي الفضل ، وما أحسن قول أبي فراس الحمداني في شرح القصيدة :
__________________
بذلت أيا عبّاس نفساً نفيسة
|
|
لنصر حين عزّ بالنصر من مثل
|
أبيت التذاذ الماء قبل التذاذه
|
|
فحسن فعال المرء فرع عن الأصل
|
فأنت أخو السبطين في يوم مفخر
|
|
وفي يوم بذل الماء أنت أبو الفضل
|
ألقابه الشريفة :
ذكرنا في تاريخ سامرّاء الجزء الثالث منه فصلاً في ألقاب
الإمام عليّ الهادي (النقي) وقلنا : إنّ اللقب تارة يكون سماويّاً مثل بعض ألقاب الأئمّة في خبر « اللوح » ، وتارة يختاره الأبوان لولدهما ، وتارة يكون صاحب اللقب جامعاً للفضائل وحائزاً لمكارم الأخلاق فتشيع له ألقاب على ألسنة الناس. من هذا المنطلق وبما أنّ أبا الفضل عليهالسلام
له جميع مكارم الأخلاق ومستجمع لجميع الفضائل التكوينيّة والتشريعيّة كثرت ألقابه ولكن أشهرها هو (قمر بني هاشم) لأنّ ضياء غرّته تضيء حالك كلّ ظلام ، وجمال صورته وكمال هيئته بلغت حدّاً إلى أنّه متى ما ساير ابن أخيه عليّ الأكبر في دروب المدينة خرج العواتق من خدورهنّ وتشوّف الرجال إليهما ليشاهدوا جمال طلعتي هذين الشّابّين ويستبقوا للفوز بذلك.
ولقبه الآخر : (باب الحوائج) لكثرة قضائه الحاجات وظهور
الكرامات منه اشتهر بهذا اللقب على ألسنة العامّة والخاصّة وأفواههم :
كالشمس عبّاس يريهم وجهه
|
|
والوفد ينظر باسماً محتاجها
|
باب الحوائج ما دعته مروعة
|
|
في حاجة إلّا ويقضي حاجها
|
بأبي أبي الفضل الذي من فضله
|
|
السامي تعلّمت الورى محتاجها
|
ولقبه الآخر « الشهيد » وذكر في كتب الأنساب كأبي الحسن
العمري في كتابه المجدي ، بعد أن ذكر أولاده عليهالسلام
يقول : هذا آخر نسب بني العبّاس السقّا الشهيد ابن عليّ بن أبي طالب.
ولقب آخر له « العبد الصالح » فقد جاءت في جملة من
زيارته : « السلام عليك أيّها العبد الصالح المطيع لله ولرسوله الخ ».
ولقب آخر هو « السقّا » فقد جلب الماء إلى عيالات الحسين
بعد أن منع أهل الكوفة الماء عليهم وسيأتي تفصيله بإذن الله.
ومن ذلك اليوم اشتهر بهذا اللقب وصار يُعرف بالسقّا أو
سقاء كربلاء ، وهذا اللقب يشاهد كثيراً في كتب الأنساب والمقاتل مثل عمدة الطالب ومزار سرائر ابن إدريس وتاريخ الخميس ونور الأبصار للشبلنجي والكبريت الأحمر :
هو البحر من أيّ النواحي أتيته
|
|
فلجته المعروف والجود ساحله
|
* * *
في كربلا لك عصبة تشكو الظما
|
|
من فيض كفّك تستمدّ روائها
|
وأراك يا ساقي عطاشا كربلا
|
|
وأبوك ساقي الحوض تمنع مائها
|
ومن ألقابه « المستجار (به) » فقد استبعد الشيخ محمّد
رضا الأُزري قوله في القصيدة التي نظمها في رثائه : « يومٌ أبو الفضل استجار به الهدى » وخشي أن يردّه الإمام عليهالسلام
فلا يقبله ، فأعرض عن إتمام البيت ، فرأى الإمام الحسين في عالم الرؤيا وهو يقول له : « صحّ ما قلته يا شيخ إنّي استجرت بأخي أبي الفضل ، وأكمل له المصراع بقوله : « والشمس من كدر العجاج لثامها ».
وجملة القول أنّ مولانا أبا الفضل هو قائد الجيش والحامي
والفادي والمؤثر الضيغم وكبش الكتيبة وصاحب اللواء ، ظهر الولاية وغيرها ، وهو حاوٍ لها حائز عليها.
__________________
شمائله عليهالسلام :
كان عليهالسلام
وسيماً جسيماً ، يركب الفرس المطهّم ورجلاه يخطّان في الأرض ، ويقال له قمر بني هاشم ، وكان لواء الحسين عليهالسلام
معه.
يقول المرحوم فرهاد ميرزا في القمقام : وكان أبو الفضل
وسيماً جميلاً (مديد القامة) يركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطّان في الأرض ... وكان لصباحة منظره وجمال صورته يُدعى قمر بني هاشم ، وقد مدح العرب جماعة بطول القامة .. الخ .
وفي الجلد الثاني من وقائع الأيّام للخياباني التبريزي
عن كتاب « مظاهر الأنوار » لميرزا رضا قلي خان المتخلّص بـ « هدايت » : كانت قامة أبي الفضل مديدة ، وعضلاته منفتلة شديدة ، ويقال عنه : إذا ركب الفرس الشديد تصل ركبتاه إلى عرف الفرس ، كان في مظهره يحكي الجلال والجبروت ، ولكنّه يحكي في أخلاقه تواضع العبيد ، وكان في الشجاعة تالي الحسين من أولاد أمير المؤمنين ، وكان قائد الحسين وحامل لوائه.
قطرة من بحر فضائله :
قال العلّامة النوري في المستدرك ج ٢ ص ٦٣٥ في كتاب
النكاح عن مجموعة الشهيد : قيل : لمّا كان العبّاس وزينب ولدي عليّ صغيرين ، قال عليّ عليهالسلام للعبّاس : قل واحد ، فقال : واحد ، فقال له : قل اثنان ، قال : استحي أن أقول باللسان الذي قلت واحد اثنان ، فقبّل عليّ عليهالسلام
عينيه ، ثمّ التفت إلى زينب ، وكانت على يساره والعبّاس عن يمينه ، فقالت : يا أبتاه ، أتحبّنا ؟ قال : نعم يا بنيّ ، أولادنا
أكبادنا ، فقالت : يا أبتاه ، حبّان لا يجتمعان في قلب المؤمن : حبّ الله وحبّ الأولاد ، وإن
__________________
كان لا بدّ لنا فالشفقة لنا والحبّ
لله خالصاً ؛ فازداد عليّ عليهالسلام
بهما حبّاً .
وهذه الرواية رواها الشهيد الثالث في « مجالس المؤمنين »
وكذلك فعل سيّدنا المعاصر في كتاب العبّاس ص ٩٢ نقلاً عن مقتل الخوارزمي في الفصل السادس من النسخة الخطّيّة التي استند إليها السيّد ، والآن طبع الكتاب في زماننا الحاضر ولم تمكنّي الفرصة من ملاحظة الفصل السادس منه.
وغاية القول أنّ قمر بني هاشم تالي الحسنين عليهماالسلام في صلابة
الإيمان وشريف الآداب والأخلاق ، وهو الأوّل من أولاد أمير المؤمنين عليهالسلام بعدهما في
جميع الصفات الكماليّة ولم يدانه مخلوق في هذه الصفات ، شهد بذلك العبارات الواردة في زياراته المرويّة ، والأخبار المرويّة عن الإمام زين العابدين والإمام الصادق عليهماالسلام
التي تصفه بكلّ صفات حميدة وأخلاق جميلة المختصّة به دون من عداه من أئمّة الهدى.
__________________
(قال الإمام زين العابدين عليهالسلام)
: رحم الله عمّي العبّاس فلقد آثر وأبلى ، وفدى أخاه بنفسه حتّى قطعت يداه ، فأبدله الله بجناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة ، كما جعل لجعفر بن أبي طالب ، وإنّ للعبّاس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة.
(وقال الإمام الصادق عليهالسلام)
: كان عمّي العبّاس بن عليّ عليهالسلام
نافذ البصيرة ، صلب الإيمان ، جاهد مع أخيه الحسين وأبلى بلاءاً حسناً ومضى شهيداً .
أحقُ الناس أن يُبكى عليه
|
|
فتًى أبكى الحسين بكربلاء
|
أخوه وابن والده عليّ
|
|
أبو الفضل المضرّج بالدّماء
|
ومن واساه لا يُثنيه شيء
|
|
وجاد له على عطش بماء
|
وقال الكميت :
وأبو الفضل إنّ ذكرهم الحلو
|
|
شفاء النفوس والأسقام
|
__________________
قتل الأدعياء إذ قتلوه
|
|
أكرم الشاربين صوب الغمام
|
وذكر العلّامة البيرجندي في الكبريت الأحمر ج ٢ ص ٤٥ أنّ
العبّاس كان من أكابر الفقهاء وأفاضل أهل البيت بل إنّه عالم غير متعلّم ، وليس في ذلك منافاة لتعليم أبيه إيّاه.
وقال سيّدنا المعاصر السيّد عبدالرزّاق المقرّم في كتاب «
العبّاس » : جاء المأثور من المعصومين أنّ العبّاس بن عليّ زُقّ العلم زقّاً. ثمّ قال : وهذا الكلام من
ألطف التشبيهات لأنّه يُستعمل في زقّ الطائر لفرخه عند إطعامه ، ولمّا كان الإمام
عارفاً بأساليب استعمال الكلام فقد أراد أن يوحي للسامعين بأنّ ابنه العبّاس رضع في طفولته من ثدي العلم والحكمة ، ورُبِّي في حجرهما ، ونشأ عليهما.
أهله وحرمه :
زوجته السيّدة لبابة بنت عبدالله بن العبّاس بن
عبدالمطّلب ، وأُمّها أُمّ حكيم وقد كتبت عنها ترجمة في كتاب « رياحين الشريعة » وهو في تراجم عالمات النساء من الشيعة ، فأولدها قمر بني هاشم ولدين : الأوّل منهما هو الفضل ، والثاني
__________________
عبيدالله ، وعقبه من عبيدالله وهذا
هو المشهور إلّا أنّ السيّد في كتاب العبّاس قال : لقمر بني هاشم من الولد خسمة بل ستّة : فضل الله ، وعبيدالله وهما من لبابة ، والحسن وأُمّه أُمّ ولد عن معارف ابن قتيبة وحديقة النسب للشيخ الفتوني ، والرابع : القاسم ذكره بعض كتب المقاتل ولم يثبت ، والخامس بنت لم يذكر أحد منهم اسمها ، ونقل ذلك من حدائق الأُنس ، والسادس : محمّد ، وعدّه ابن شهرآشوب من شهداء الطفّ.
ومجمل القول أنّ السيّد المشار إليه تتبّع أولاد العبّاس
واحداً بعد الآخر ولا يسعنا تفصيل ذلك هنا.
ومن جملة أحفاد قمر بني هاشم عليهالسلام « أبو يعلى
حمزة بن القاسم بن عليّ بن الحمزة بن الحسن بن عبيدالله بن العبّاس بن أمير المؤمنين » المدفون بالقرب من الحلّة وقد شيّدت على قبره قبّة وهو مزار معروف ، ومن جهة ثانية فإنّه ثقة جليل القدر.
موقفه قبل وقعة الطفّ :
قال العلّامة البيرجندي في الكبريت الأحمر ج ٣ ص ٢٤ : نعم
جاء في بعض الكتاب الذي يظهر من صاحبه التتبّع أنّ العبّاس عليهالسلام
كان عضداً وعوناً لأخيه الحسين عليهالسلام
لمّا أزاح معاوية جيش الإمام عن الفرات فحمل الحسين عليهالسلام
بأصحاب الإمام وأزالوا أصحاب معاوية عن مراكزهم.
وروي أنّ في أحد مواقع صفّين وفي يوم من أيّامه شابّاً
في الخامسة عشرة أو السابعة عشرة من عسكر أمير المؤمنين خرج متنقّباً يدعو للبراز ، وكان شديد الصدمة ، عظيم الصولة ، ظاهر الشجاعة ، فتحامته الشجعان وتراجعت عنه الأقران ، فاستدعى معاوية شجاعاً مقداماً من عسكره يُدعى أبا الشعثاء ، وقال له : اخرج
للقاء هذا الحدث ، فقال : يا أمير ، إنّ
أهل الشام يعدّونني بعشرة آلاف فارس ولي من الولد سبعة وإنّي مخرج إليه أحدهم ليقتله ، ثمّ أرسل إليه أولاده واحداً واحداً
فكان لا يرجع إليه منهم أحد ويرسلهم الشابّ إلى جهنّم وبئس المصير ، وحينئذٍ تقدّم أبو الشعثاء إلى مبارزته وتلقّاه الشابّ بالسيف فما هو بأسرع من أن ألحقه بأولاده في أسفل درك من النار ، فلم يجرأ أحد بعد ذلك على مبارزته ، عند ذلك استدعاه أمير المؤمنين إليه ، فلمّا دنى منه ألقى النقاب عن وجهه وإذا به قمر بني هاشم أبو الفضل العبّاس أرواحنا له الفداء.
ويقول العلّامة المذكور في صدر الخبر : وصحّة هذا الخبر
لا تستبعد اذ أنّ الإمام أمير المؤمنين استشهد سنة أربعين من الهجرة وحدثت واقعة الطفّ في سنة واحد وستّين منها وكان أبو الفضل برواية الخوارزمي يوم صفّين رجلاً مكتمل الرجولة ، وبعضهم يراه في الخامسة والعشرين .
وظهور مثل هذه الشجاعة من أبي الفضل لا موضع لإنكارها
فالقاسم ابن الحسن عليهماالسلام
كان له من العمر ثلاثة عشر عاماً في حرب كربلاء وبعث إلى جهنّم من جيش العدوّ خمساً وثلاثين شخصاً.
ويقول سيّدنا المعاصر في « العبّاس » أنّ الخوارزمي ذكر
في مناقبه أنّ رجلاً يُدعى كريب من عسكر معاوية توجّه إلى ميدان القتال وكان من القوّة بحيث لو وضع إبهامه على السكّة لمحاها وقال : ليبرز لي عليّ بن أبي طالب ، وكان قد قتل عدداً من أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام
، فاستدعى الإمام ولده العبّاس وكان تامّاً كاملاً من الرجال ، فأمره بالترجّل وأن يخلع ثياب نفسه ويرتدي ثياب والده
__________________
واعتلا غارب جواده ودخل إلى ميدان
القتال وبضربة واحدة من حسامه قضى على « كريب » وأوصله إلى جهنّم.
كما أنّ الخوارزمي ذكر نظيراً لهذه الحادثة حادثة أُخرى
للعبّاس بن الحارث بن عبدالمطّلب وعلى هذا الأساس يرى إنكار العلّامة النوري لحضور أبي الفضل العبّاس لا محلّ له ، والله العالم.
موقف العبّاس في كربلاء وشهادته :
ذكر أبو مخنف وغيره أنّ ابن زياد لمّا كتب إلى ابن سعد
بتعجيل الحرب وقتل الحسين عليهالسلام
إلّا إذا بايع يزيد وأعطى الكتاب إلى شمر ، قام عبدالله بن أبي المحل ابن حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر الوحيدي من مكانه وقال : أيّها الأمير ، إنّ
عليّاً ابن أبي طالب تزوّج عمّتي اُمّ البنين وأولدها أربعة أولاد وهم الآن مع أخيهم الحسين فاكتب لهم كتاب أمان ، فقال ابن زياد : نعم وكرامة ، فقام الشمر وصدّق ما قاله ابن أبي المحل لأنّه من قبيلة أُمّ البنين ، فكتب ابن زياد كتاب أمان وأعطاه عبدالله بن أبي المحل ، فأعطى الكتاب إلى مولاه ليحمله إلى كربلاء ، ولمّا دفع الكتاب إلى قمر بني هاشم قال له : أبلغ ابن خالي السلام وقل له : أمان الله خير من
أمان ابن سميّة فعاد من فوره وأبلغهم الردّ.
وقال السيّد في اللهوف : وأقبل شمر بن ذي الجوشن لعنه
الله فنادى : أين بنو أُختنا ؛ عبّاس وعبدالله وجعفر وعثمان ؟ فقال الحسين عليهالسلام
: أجيبوه وإن كان فاسقاً فإنّه بعض أخوالكم ، فقالوا له : ما شأنك ؟ فقال : يا بني أُختي ، أنتم آمنون فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين والزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد ، قال : فناداه العبّاس بن عليّ عليهالسلام
: تبّت يداك ولعن ما جئتنا به من أمانك ، يا عدوّ الله أتأمرنا أن نترك أخانا وسيّدنا الحسين ابن فاطمة عليهاالسلام
وندخل في طاعة اللُّعناء ،
قال : فرجع الشمر لعنه الله إلى
عسكره مغضباً .
وقال الشيخ المفيد في الإرشاد : ثمّ نادى عمر بن سعد : يا
خيل الله اركبي وأبشري ، فركب الناس ثمّ زحف نحوهم بعد العصر وحسين عليهالسلام
جالس أمام بيته محتب بسيفه إذ خفق برأسه على ركبتيه ... وقال له العبّاس بن عليّ رحمة الله عليه : يا أخي ، أتاك القوم ، فنهض ثمّ قال : يا عبّاس ، اركب بنفسي أنت يا أخي حتّى تلقاهم وتقول لهم : ما لكم وما بدا لكم ؟ وتسألهم عمّا جاء بهم.
فأتاهم العبّاس فقال لهم : ما بدا لكم وما تريدون ؟
قالوا : جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم ، قال : فلا تعجلوا حتّى أرجع إلى أبي عبدالله فأعرض عليه ما ذكرتم ، فوقفوا وقالوا : ألقه فأعلمه ، ثمّ ألقنا بما
يقول لك ، فانصرف العبّاس راجعاً يركض إلى الحسين عليهالسلام
يخبره الخبر ، ووقف أصحابه يخاطبون القوم ويعظونهم ويكفّونهم عن قتال الحسين عليهالسلام.
فجاء العبّاس إلى الحسين عليهالسلام
فأخبره بما قال القوم ، فقال : ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى الغدوة وتدفعهم عنّا العشيّة لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة وندعوه ونستغفره فهو يعلم أنّي قد أُحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه والدعاء والاستغفار ، فمضى العبّاس إلى القوم ورجع من عندهم ومعه رسول من قبل عمر ابن سعد يقول : إنّا قد أجّلناكم إلى غد فإن استسلمتم سرحناكم إلى أميرنا عبيدالله
ابن زياد وإن أبيتم فلسنا تاركيكم .
وفي اللهوف أنّهم اختلفوا فقال عمرو بن الحجّاج الزبيدي :
والله لو أنّهم من
__________________
الترك والديلم وسألونا مثل ذلك
لأجبناهم فكيف وهم من آل محمّد !! فأجابوهم إلى ذلك .
ليلة عاشوراء :
ولمّا تكلّم الإمام الحسين يوم العاشر وخاطب أصحابه وأذن
لهم بتركه بالتفصيل الذي مرّ في ترجمة زهير بن القين ، قام قمر بني هاشم فقال : لا أرانا
الله ذلك اليوم أبداً.
قال في الناسخ : أوّل من بدأه بالكلام أخوه العبّاس ، فقال
: لا والله ، لا نفعل ذلك أبداً ، وكيف يطيب لنا العيش بعدك ، ثمّ تكلّم بقيّة بني هاشم وقالوا : سبحان الله ! ماذا يقول لنا الناس ، وبماذا نجيبهم إن تركنا سيّدنا ومولانا وابن عمّنا ،
قد أحاط به العدوّ كلّ يريد قتله ، وتفرّقنا من حوله ، كلّا ، لا نفعل ذلك فإنّه فعل
نأنف منه ما لم نبذل في سبيلك النفس والمال والأهل والعيال ، ونلازمك حتّى نقاتل معك عدوّك حتّى تزهق أرواحنا ونذوق ما تذوقه ، ونلاقي ما تلاقيه.
قال الطبري : ولمّا اشتدّ على الحسين وأصحابه العطش دعا
العبّاس بن عليّ أخاه فبعثه في ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً ، وبعث معهم بعشرين قربة ، فجاؤوا حتّى دنوا من الماء ليلاً استقدم أمامهم باللواء نافع بن هلال الجملي ، فقال عمرو ابن الحجّاج الزبيدي : من الرجل ؟ [ فقال : نافع ] ، فقال : ما جاء بك ؟ قال : جئنا
لنشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه ، قال : فاشرب هنيئاً ، قال : لا والله لا أشرب منه قطرة وحسين عطشان ومن ترى من أصحابه ، فقال : لا سبيل إلى سقي هؤلاء ، إنّما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء.
فلمّا دنى من أصحابه قال لرجاله : املأوا قربكم وثار
إليهم عمرو بن الحجّاج
__________________
وأصحابه ، فحمل عليهم العبّاس بن علي
ونافع بن هلال فكفّوهم ثمّ انصرفوا إلى رحالهم ، فقالوا : امضوا ووقفوا دونهم فعطف عليهم عمرو بن الحجّاج وأصحابه واطردوا قليلاً ... وجاء أصحاب الحسين عليهالسلام
بالقرب فأدخلوها ...
ومن ذلك اليوم لُقّب قمر بني هاشم بالسقّاء و « أبو قربة » .
وفي منتهى الآمال عن كتاب المحاسن والمساوئ لإبراهيم بن
محمّد البيهقي من أعلام القرن الثالث الهجري ، قال : لمّا نزل الإمام بكربلاء لم يكن بينهم وبين الماء إلّا مسافة قليلة أراد أصحابه الماء فمنعهم شمر لعنه الله ، وقال : لا
تشربون منه قطرة حتّى تردوا الحميم ! فقال العبّاس لأخيه الحسين : ألسنا على الحقّ ؟ فقال : إي والله ، فحمل على عسكر ابن سعد ففرّقهم عن المشرعة ثمّ نادى بأصحابه : هلمّوا واشربوا من الماء واملأوا قربكم ما شئتم.
لب تشنگان فاطمه ممنوع از فرات
|
|
بر مردمان طاغى وياغى حلال شد
|
از باد ناگهان اجل گلشن نبى
|
|
از پا فتاده قامت هر نونهال شد
|
أيُمنع ماء النهر عن نسل فاطم
|
|
ويُروى طغاة الناس من عذب مائه
|
وتهصر ريح الموت أغصان هاشم
|
|
ويذبل عود الفضل بعد روائه
|
ولمّا أصبح الناس يوم عاشوراء عبّأ عمر بن سعد عسكره ، فجعل
عمرو بن الحجّاج الزبيدي على الميمنة ، وشمر بن ذي الجوشن على الميسرة ، وجعل على الخيل عروة بن قيس ، وعلى الرجّالة شبث بن ربعي ، وأعطى رايته دريداً مولاه ،
__________________
ووقف هو وأصحابه في القلب ، وعبّأ
الإمام عليهالسلام
أصحابه فجعل زهيراً بن القين على الميمنة ، وحبيب بن مظاهر على الميسرة ، وأعطى رايته أخاه العبّاس.
وقد ذكرنا سالفاً في ترجمة جنادة بن الحرث السلماني أنّه
لمّا استعر أوار الحرب حمل جنادة وعمرو بن خالد ومولاه على عسكر ابن سعد فاقتطعهم العسكر عن أصحابهم فانتدب إليهم أخاه العبّاس فحمل عليهم بمفرده وفرّق جموع الأعداء وخلّصهم منهم فسلموا على قمر بني هاشم وأراد العبّاس أن يعود بهم إلى الخيام فلم يرضوا فعادوا إلى الأعداء وجراحهم تجري دماً ، فقاتلوا العدوّ حتّى استشهدوا بأجمعهم في مكان واحد وعاد العبّاس وحده.
حديث الشهادة :
قال في منتهى الآمال : إنّ العبّاس عليهالسلام لمّا رأى
بني عمّه وإخوته قد استشهدوا أقبل على إخوته عبدالله وجعفر وعثمال أبناء أمير المؤمنين عليهمالسلام من فاطمة
أُمّ البنين أُمّه ، قال لهم : تقدّموا بنفسي أنتم فحاموا عن سيّدكم حتّى تموتوا دونه ،
ولا تتأخّروا حتّى تقتلوا دونه ، فأطاعه إخوته وتقدّموا أمام الحسين عليهالسلام وفدوه بأنفسهم فكانوا يستقبلون بصدورهم ووجوههم ونحورهم كلّ سهم وسنان وسيف يوجّه الحسين عليهالسلام.
قال في الناسخ : أنّ العبّاس عليهالسلام قدّم
إخوانه أمامه في الجهاد حذراً من أن يعيقهم عائق عن الشهادة وليراهم قتلى فيزداد أجراً بحرقته على مصرعهم وصبره على ذلك ، ولمّا رآهم مضرّجين بدمائهم دخل على أخيه الحسين عليهالسلام وقال : ائذن
لي يا أخي
، فلمّا سمعه الحسين عليهالسلام
أرخى عينيه بالدموع وبكى بكاءاً شديداً
__________________
وقال له : يا أخي ، أنت حامل لوائي
وعمادي ، فإذا قُتلت يؤول شملنا إلى الشتات ، فقال العبّاس عليهالسلام
: يا أخي ، ضاق صدري وكرهت الحياة وأُريد الطلب بثأري ،
__________________
وأخذ يلحّ على الإمام لا يأذن له ، حتّى
قال له الإمام : اذهب يا أخي وابتغي لهؤلاء الأطفال قطرة من الماء وأذن له حينئذٍ.
فاعتلا العبّاس صهوة فرسه وأجرأه ملأ فروجه ، وأوقفه
أمام الأعداء وأخذ ينصحهم ويعظهم ، وبالغ فالنصيحة فلم يترك لهم عذراً يعتذرون به ، وممّا قال لهم : يابن سعد ، يقول لك ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله
أنّكم قتلتم أصحابي وإخواني وبني عمومتي وضرّجتموهم بالدم وقطعتموهم إرباً إرباً والآن بقيت مفرداً مع أهلي وعيالي في هذا القفر الجديب وقلوبنا وقلوب أطفالنا تكاد تتفطّر من شدّة العطش ، فدعوني أذهب بهؤلاء العيال والصبية من هذا القفر الى جانب الروم أو الهند وأترك لكم الحجاز والعراق ، وأشرط لكم بأنّي لا آخذكم بذلك يوم القيامة ، ولا أشكوكم إلى الله.
وكانت كلمات أبي الفضل عليهالسلام
أسرع جرياناً من الزلال ، وأمضى قطعاً من البيض الصقال ، ولكنّها لم تؤثّر في القلوب القاسية ، فتقدّم شمر لعنه الله نحوه وقال : يابن أبي تراب ، لو غمر الماء الأرض كلّها وملكناه كلّه فلن نوردك منه قطرة
واحدة حتّى تبايع يزيد بن معاوية.
ولمّا وقعت عين أبي الفضل على هذا الجلف الجافي من
العسكر كلّه ثنى عنان جواده وعاد إلى أخيه الحسين عليهالسلام
ونقل له كلّ ما سمعه ، ولمّا علم الأطفال بذلك صاحوا صيحة واحدة : العطش العطش ، ولمّا رأى أبو الفضل هذا المشهد الذي يفتّت القلوب تناول السّقاء كالبرق الخاطف والصرصر العاصف ، وأقبل بنحو المشرعة وحين علم العسكر بما يريد من إقدامه حشدوا أربعة آلاف من الرجال الذين وضعهم عمر بن سعد لحماية الفرات وحالوا بينه وبين الشريعة كأنّهم سدّ الاسكندر ، فسدّوا الفرات بوجه ابن حيدر الكرّار فوجاً ، وتدافعوا تدافع الموج ، وأحاطوا بقمر بني هاشم وهو من هو شبل الأسد وحليف السيف الذي
« سرّوه بالسيف » وهجم عليهم كأنّه الصاعقة
المكفهرة المدمّرة ، وحمل على سافكي الدم الحرام حتّى خضّب الأرض بدمائهم وهويقول :
لا أرهب الموت إذا الموت رقى
|
|
حتّى أُواري في المصاليت لقا
|
نفسي لنفس المصطفى الطُّهر وقا
|
|
ولا أخاف طارقاً إن طرقا
|
بل أضرب الهام وأفري المفرقا
|
|
إنّي أنا العبّاس أغدو بالسّقا
|
|
ولا أخاف الشرّ عند الملتقى
|
|
بهر طرف که چو شير درنده رو کردى
|
|
|
ز روز حشر بياد مخالف آوردى
|
چنان علانيه مرکب بخون اعدا راند
|
|
|
که جنگ خيبر وصفّين وبدر مخفى ماند
|
برزم خصم پدروار آنچنان کوشيد
|
|
|
که پرده بر رخ احزاب ونهروان پوشيد
|
چنان دريد صف از حملهاى پيوستش
|
|
|
که جبرئيل امين بوسه داد بر دستش
|
__________________
غريق بحر خجالت ز تيزدستى وى
|
|
|
بهر طرف ملک الموت مى دويد از پى
|
فتاده حضرت عبّاس در ميان سپاه
|
|
|
بسان شير که افتد بگلهٔ روباه
|
زبيم سطوت او رفت زان سپاه شرير
|
|
|
خروش الحذر والأمان بچرخ أثير
|
تقريب المعنى بالعربيّة :
تمرّ كالأسد الضاري بجمعهم
|
|
فيحسبون بأنّ الحشر قد حانا
|
خاض الجواد دم الأعداء في لجج
|
|
تنسي الحروب التي خاضت سرايانا
|
بعزم حيدرة أردى العدوّ وقد
|
|
أضفى على كلّ حرب وكان نسبانا
|
من عظم صولته أهوى على يده
|
|
جبريل باللّثم إجلالاً وإيمانا
|
ونال عزريل ممّا قد جرى خجل
|
|
فقد ونى أن يباري السيف عجلانا
|
كأنّ بين العدى العبّاس محتزماً
|
|
ضار من الأسد عادٍ يطرد الظانا
|
من خوف صولته يعدو العدوّ وذا
|
|
صراخه ملأ الآفاق أرنانا
|
وفي رواية الخوارزمي وقد تصفّحت نسخته أنا القاصر ـ المؤلّف
ـ كان العبّاس عليهالسلام
يرتجز على الأعداء :
أقسمت بالله الأعزّ الأعظم
|
|
وبالحجون صادقاً وزمزم
|
وبالحطيم والفنا المحرّم
|
|
ليخضبنّ اليوم جسمي بدمي
|
دون الحسين ذي الفخار الأقدم
|
|
إمام أهل الفضل والتكرّم
|
قلب الميمنة على الميسرة وانقضّ عليهم انقضاض العقاب
وسرعة الشهاب ، وأدارهم كدوران الرحى ، وعلا العثير في الكون حتّى أدلّهم الهواء ، وصبغ البسيطة
بلون الدم ، وقتل في هذه الحملة
ثمانين شخصاً من عيونهم وأوصلهم إلى درك الفنا وساحة الآجال ، وهو يرتجز ويقول :
أُقاتل القوم بقلب مهتدي
|
|
أذبّ عن سبط النبيّ أحمد
|
أضربكم بالصارم المهنّد
|
|
حتّى تحيدوا عن قتال سيّدي
|
إنّي أنا العبّاس ذو التودّد
|
|
نجل عليّ المرتضى المؤيّد
|
ولقد أجاد (القائل) :
يمثّل الكرّار في كرّاته
|
|
بل في المعاني الغرّ في صفاته
|
ليس يد الله سوى أبيه
|
|
وقدرة الله تجلّى فيه
|
فهو يد الله وهذا ساعده
|
|
تغنيك عن إثباته المشاهده
|
صولته عند النزال صولته
|
|
لولا الغلوّ قلت جلّت قدرته
|
ولمّا رأى العدوّ صولته وقوّة ساعده فضّل الفرار على
القرار وأعطى الحرب ظهره والهزيمة وجهه فكان قمر بني هاشم كالليث الغضبان يطأ الأرض مترفّقاً يريد الشريعة ، وأقحم الفرس الماء ، وكان لهول المعركة وشدّتها قد كضّه العطش وأضناه الجلاد ، فأراد أن يطفئ ظمأه ويريح عنّته ويبرد غلّته بشربة من الماء فأرخى يده إلى الفرات وغرف منه غرفة ليشرب فتذكّر عطش الحسين عليهالسلام فرمى الماء من يده ملأ قربته وخرج من المشرعة وهو يرتجز :
يا نفس من بعد الحسين هوني
|
|
فبعده لا كنت أن تكوني
|
هذا حسين شارب المنون
|
|
وتشربين بارد المَعين
|
هيهات ما هذا فعال ديني
|
|
ولا فعال صادق اليقين
|
* * *
آمد بيادش از لب خشک برادرش
|
|
|
شد غيرت فرات دو چشم زخون ترش
|
گفتا نخورده آب گلستان حيدرى
|
|
|
دارى تو ميل آب کجا شد برادرى
|
تشنه است آنکه گل باغ فتوّت است
|
|
|
لب تر مکن ز آبکه دور از مروّت است
|
* * *
جرى الماء في كفّه بارداً
|
|
زلالاً وقد همّ أن يشربا
|
ولكن تذكّر قلب الحسين
|
|
على عطش الجمر قد قلّبا
|
فسال على النهر من عينه
|
|
فرات من الدم قد خضّبا
|
فراح يخاطب إخلاصه
|
|
وذا الماء يجري لكي يهربا
|
أتلتذّ بالورد بعد الحسين
|
|
فلا كان حيدرة لي أبا
|
فأين الأُخوّة أين الوفاء
|
|
وأين تولّت عهود الصبا
|
وما تركت فيك أُمّ البنين
|
|
شعاعاً من الشمس لن يغربا
|
ألم تشرب الحبّ من صدرها
|
|
كما تشرب الروضة الصيّبا
|
أضاميم حيدر ظمئانة
|
|
وتمنع ورداً زهور الرُّبى
|
أتلتذّ بالماء من بعدهم
|
|
ألا للأُخوّة أن تغضبا
|
ودين المروّة لن يستقيم
|
|
وأنت تحاول أن تشربا
|
هنا قذف الماء من كفّه
|
|
ونال من الخُلُق الأطيبا
|
* * *
پر کرد مشک و پس کفى از آب برگرفت
|
|
|
مىخواست تا که نوشد از آب خوشگوار
|
آمد بيادش از جگر تشنهٔ حسين
|
|
|
چون اشک خويش ريخت ز کف آب خوشگوار
|
شد با لبان تشنه ز آب روان برون
|
|
|
دل پر ز جوش و مشک بدوش آن بزرگوار
|
کردند جمله حمله بر آن شبل مرتضى
|
|
|
يک شير در ميانهٔ گرگان بىشمار
|
يک تن کسى نديده و چندين هزار تير
|
|
|
يک گُل کسان نديده و چندين هزار خار
|
* * *
ملأ المزادة ثمّ أرخى كفّه
|
|
للماء كي يرد الزلال الصافي
|
وتذكّر السبط الشهيد فعاقه
|
|
ورمى به فعل الشقيق الوافي
|
وهمت مدامعه على جريانه
|
|
حتّى ارتوى من دمعه المذارف
|
وتسلّق الميمون وهو على ظماً
|
|
مستقبلاً جمع العدوّ الجافي
|
فتصايحوا كي يرهبوه ومادروا
|
|
بالأسد لا تخشى صياح خراف
|
كاللّيث دار به الذئاب كأنّهم
|
|
من خزيهم صبغوا بريش غداف
|
من ذا رأى في الحقل زنبقة غدت
|
|
تلقى لوخز الشوك بالآلاف
|
ملأ الجود من الماء وحمله على عاتقه الأيمن وخرج من
الشريعة وعندئذٍ حمل عليه الأعداء كالسيل الجارف وسدّوا عليه الطريق كأنّهم جدار من حديد واستهدفوا هذه السلالة الطيّبة بالضرب والطعن والرمي ودار به أربعة آلاف رامٍ يرشقونه بالنبل حتّى صار درعه كالقنفذ.
هجوم آورده از هر سو سواران
|
|
نمودندش نشان تير باران
|
سيه شد آنچنان دشت از پر تير
|
|
که مرغ ناله عاجز شد ز شبگير
|
* * *
قذف العدوّ في وجهه
|
|
وغدا الرُّماة ترشّه بسهامها
|
واسودّ وجه الكون من أفعالهم
|
|
والأرض صار بساطها من هامها
|
منع السّهام الطّير في أوكانها
|
|
خافت تطير حمامها لحمامها
|
ومع ما تقدّم من إحاطتهم به وهجوم عليه بأعداد هائلة ، لم
ترهبه كثرة العدوّ وحمل على الذئاب العاوية كحملات أبيه حيدر الكرّار فطيّر منهم الرؤوس والأيدي ، وعفّر جباههم بالتراب ، فبينما هو على هذه الحالة إذ كمن له نوفل بن الأزرق أو يزيد بن ورقاء الجهني من وراء نخلة فضربه على يمينه فأبانها وأعانهم على ذلك حكيم بن الطفيل السنبسي فأخذ قرّة عين عليّ المرتضى الذي له قلب النمر وكبد القرش متحاملاً على نفسه السيف بشماله ، وأدار السقاء إلى عاتقه الأيسر وراح يطرد العدوّ بين يديه ، بين قتيل وطريح وجريح ، وهو يرتجز :
والله إن قطعتم يميني
|
|
إنّي أُحامي أبداً عن ديني
|
وعن إمام صادق اليقين
|
|
نجل النبيّ الطاهر الأمين
|
نبيّ صدق جائنا بالدين
|
|
مصدّقاً بالواحد الأمين
|
* * *
چه دست راست جدا شد ز پيکر عبّاس
|
|
|
گريست عرش بحال برادر عبّاس
|
شکست پشت رسول از شکست بازويش
|
|
|
خميد قدّ على چون هلال ابرويش
|
جهان بديدهٔ مظلوم کربلا شب شد
|
|
|
سپهر گفت اسيرى نصيب زينب شد
|
* * *
بكى العرش مذ طاحت يمين أبي الفضل
|
|
لحال أخيه سيّد الناس والأهل
|
وظهر رسول الله منه قد انحنى
|
|
فأعظم برزء قد دهى سيّد الرسل
|
وصار عليّ كالهلال تقوّساً
|
|
ولا بدع أن يستأثر الفرع بالأصل
|
وصار ضياء الصبح كالليل مظلماً
|
|
بعين حسين جلّ رزء أبي الفضل
|
وما طاح حتّى استشعرت زينب السبا
|
|
بما شاهدت من فرحة الآسر النّذل
|
وكمن له أيضاً حكيم بن الطفيل من وراء نخلة وقطع يسار
ابن أسد الله ، فأخذ العبّاس (قمر بني هاشم) الجود بأسنانه وصار يكدمهم بركابه يريد أن يوصل السقاء إلى المخيّم ، ويحمي الأطفال من شدّة العطش ، وكان يخاطب نفسه :
يا نفس لا تخشي من الكفّار
|
|
وأبشري برحمة الجبّار
|
مع النبيّ السيّد المختار
|
|
مع جملة السادات والأطهار
|
قد قطعوا ببغيهم يساري
|
|
فأصلهم يا ربّ حرّ النار
|
لسان حاله
الا اى پيک معراج سعادت
|
|
همايون رفرف اوج سعادت
|
کنون کز دست من افتاده شمشير
|
|
زهر سو بسته بر من راه تدبير
|
شتابى کن که وقت همّت توست
|
|
گذشت از من زمان خدمت توست
|
خلاصم کن از اين انبوه لشکر
|
|
رسانم از وفا نزد برادر
|
سکينه منتظر از بهر آبست
|
|
ز سوز تشنگى بىصبر و تاب است
|
تقريب المعنى :
يا ملاك السعادة المرجوّه
|
|
انزلن مسرعاً بأرض الفتوّه
|
وقع السيف من يديّ وتولّت
|
|
خطّطي حيث لم أجد فيّ قوّه
|
أسرعن للحسين خبّره عنّي
|
|
حاملاً من هنا سلام الأُخوّه
|
وإن اسطعت أن تطير بجسمي
|
|
لحسين كهف الهدى والمروّه
|
قل لبنت الحسين عذراً فلولا
|
|
قدّر الله قد أباد عدوّه
|
وكان قمر بني هاشم يجري الفرس ملأ فروجه كاملاً حاملاً
السقاء قبل أن يمزق لعلّه يبلغ به المخيّم فيسقي العيال والأطفال ، ولكن سهماً اخترق السقاء فأُريق الماء وأتاه سهم فوقع في صدره ، وخرج عليه لعين من بني دارم وبيده عمود فضربه على أُمّ رأسه فالتوى عن ظهر جواده ووقع على الأرض وصاح بأعلى صوته : « يا أخي أدرك أخاك » فجائه الحسين عليهالسلام
كأنّه الشهاب الثاقب ووقف عند رأسه ، فرآه ظمئاناً إلى جانب الفرات مخضّباً بالدم مقطوع اليدين موزّعاً بالسيوف إرباً إرباً ،
فكان ينظر إليه ويبكي ويقول : الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوّي ، وأنشأ يقول :
تعدّيتم يا شرّ قوم ببغيكم
|
|
وخالفتم دين النبيّ محمّد
|
أما كان خير الرسل أوصاكم بنا
|
|
أما نحن من نسل النبيّ المسدّد
|
أما كانت الزهراء أُمّي دونكم
|
|
أما كان من خير البريّة أحمد
|
لُعنتم وأُخزيتم بما قد جنيتم
|
|
فسوف تلاقوا حرّ نار توقّد
|
* * *
وبان الانكسار في جبينه
|
|
فاندكّت الجبال من حنينه
|
كافل أهله وساقي صبيته
|
|
وحامل اللوا بعالي همّته
|
وكيف لا وهو جمال بهجته
|
|
وفي محيّاه سرور مهجته
|
ينظر إلى مصرع صنوه المحبوب وهيكل البسالة وعنوان
القداسة فوق الصعيد وقد غشيته الدماء السائلة وجلّلته النبال ، ورأى ذلك الغصن الباسق قد أصابته الذبول فلا يمين تبطش ، ولا منطق يرتجز ، ولا صولة ترهب ، ولا عين تبصر ، فلم يبق للحسين إلّا هيكلاً شاخصاً معرّى من لوازم الحياة ، وقد أعرب عليهالسلام عن هذه الحال بقوله : وا أخا !
اى کشتهٔ راه داور من
|
|
اى پشت وپناه لشکر من
|
اى نور دو ديده تر من
|
|
عبّاس جوان برادر من
|
برخيز که من غريب و زارم
|
|
بىمونس و يار و غمگسارم
|
غير از تو برادرى ندارم
|
|
عبّاس جوان برادر من
|
برخيز گذر به خيمهها کن
|
|
غمخوارى آل مصطفى کن
|
بر وعدهٔ خويشتن وفا کن
|
|
عبّاس جوان برادر من
|
ديدى که فلک به ما چها کرد
|
|
ما را به غم تو مبتلا کرد
|
کى دست تو را ز تن جدا کرد
|
|
عبّاس جوان برادر من
|
گفتم که درين جهان فانى
|
|
شايد که تو بعد من بمانى
|
زينب بسوى وطن رسانى
|
|
عبّاس جوان برادر من
|
تقريب العمنى :
عبّاس يابن والدي
|
|
يا عضدي يا ساعدي
|
يا نور عيني يا يدي
|
|
يا قطعة من كبدي
|
أنت أخي بل ولدي
|
|
برغم أنف الحاسد
|
قم يا أخي لغربتي
|
|
هدّمت بي عزمي الفتي
|
يا كاشفاً لكربتي
|
|
بالعزم أنت رافدي
|
يا مؤنسي في وحدتي
|
|
يا ولدي يا أبتي
|
فقدت كلّ إخوتي
|
|
إذ أنت فيهم واحدي
|
قم وانظر المضاربا
|
|
وكن شهاباً ثاقبا
|
لم تلف إلّا النادبا
|
|
مثل السحاب الراعد
|
يا ظهري الذي انكسر
|
|
يا عزمي الذي فتر
|
يا أُنسي الذي اندحر
|
|
مثل الغزال الشارد
|
أُفٍّ لدهرٍ قد جنى
|
|
عليك أنت وأنا
|
تُرمىٰ طريحاً هاهنا
|
|
بفعل وغدٍ حاقد
|
إنّي تمنّيت البقا
|
|
بعدي لحامل السقا
|
أبقي ليوم الملتقى
|
|
وحدي مع الأباعد
|
زينب مع يردّها
|
|
للدار حيث جدّها
|
أنت حماها سدّها
|
|
يا كاشف الشدائد
|
وقال في الدمعة الساكبة : أقول : وفي بعض الكتب المعتبرة
: إنّ من كثرة الجراحات الوارد على العبّاس عليهالسلام
لم يقدر الحسين عليهالسلام
أن يحمله إلى محلّ الشهداء فترك جسده في محلّ قتله ورجع باكياً حزيناً إلى الخيام .
فجائته سكينة باكية نادبة : يا أبتاه ، أين عمّي العبّاس
؟ قال : يا بنيّة ، قتلوه اللئام ، فصاحت وا عمّاه ، وكأنّ الأرض ارتجّت من بكاء أهل البيت ، ألا لعنة الله على الظالمين .
حكاية خذلان الله لقتلة العبّاس وهلاكهم
في المجلّد الثاني من مقتل الخوارزمي وغيره من رواة
السير والتاريخ : لمّا تمكّن المختار من قتلة سيّد الشهداء أرسل ذات يوم عبدالله بن كامل أحد رؤساء أصحابه وراء حكيم بن طفيل السنبسي الطائي قاتل قمر بني هاشم عليهالسلام وكان هذا اللعين يقول : رميت الحسين بسهم تعلّق بسرباله ولم يضرّه ، فقبض عليه عبدالله ابن كامل فتشفّع أحد الوجهاء به عند المختار فعلم عبدالله بذلك فقال لأصحابه : أخشى أن يقبل المختار شفاعته وأرى أن نقتله قبل أن يراه المختار ، ثمّ ربطوا
__________________
يديه من خلقه ربطاً محكماً وأسندوه
على الجدار وطيّروا عليه السهام حتّى بلغت روحه الدرك الأسفل من النار.
وأمّا الخوارزمي فيقول في مقتله بأنّ المختار أرسل
عبدالله الشاكري وعبدالله ابن كامل وراء يزيد بن ورقاء الجهني لأنّه ضرب العبّاس على يمينه ، فحاصروه في بيته فخرج عليهم كأنّه الخنزير الثمل جافي القدمين عارٍ من الثياب وهو يركض خارج البيت ، فهجموا عليه وأمسكوه ، فقال عبدالله بن كامل : لا تطعنوه برمح ولا تضربوه بسيف لئلّا يموت بسرعة ولكن ارجموه بالحجارة وارشقوه بالنبل ، فانهالوا عليه رضخاً بالحجارة ورمياً بالسهام حتّى أُثخن بالجراح ثمّ هوى
على الثرى ، وعند ذلك أمر عبدالله بن كامل بإحراقه فجمعوا له حطباً وألقوه عليه ثمّ أوقدوا عليه النار وكان يوم أُحرق لم يزل حيّاً.
حكاية غريبة
أنا لا أبدي رأي في هذه الحكاية ولا أحكم عليها بسلب ولا
إيجاب وأترك العهدة في نقلها على الناقل.
نقل المولى علي الخياباني التبريزي في المجلّد الخاصّ
بمحرّم من وقايع الأيّام عن كتاب دار السلام للعالم الجليل الشيخ محمود العراقي أنّ جماعة من الأصحاب رووا عن عبدالله الأهوازي أنّه قال :
وقعت واقعة كبرى وهي ما حكاه والدي من أنّه قال : اجتزت
في السوق ذات يوم فرأيت رجلاً وقد حال لونه وتبدّل إلى الوحشيّة والظلمة كأنّه خشبة محترقة نصف احتراق ، وشمّ منه رائحة تزكم الأُنوف كأنّها رائحة الزفت على النار وبيده عصًى يخبط بها الأرض ويسأل الناس ، قال : فلمّا وقعت عيني عليه أحسست برعدة تتملّك جسمي فسألته : من أيّ البلاد أنت ؟ وإلى أيّ قبيلة تنتسب ؟ فلم يلق
إليّ بالاً ، فلاطفته وقاسمته ، فقال
لي : ما الذي تريد منّي ؟ فأجبته أن أعرف مجرى خبرك ومسير قصّتك وأطّلع على حقيقة أمرك ، فقال : سأُريك رأسي على شرط ، قلت : وما هو الشرط ؟ قال : أن يبقى عندك سرّ مكتوم فلا تطّلع عليه أحداً ، وأن تشبعني من الطعام لأنّي جائع جدّاً ، قلت له : هلمّ معي إلى البيت لكي أملأ جوفك من أطايب الطعام ، فسرّ بذلك وأقبل يحدّثني بحديثه قبل أن يجهز الطعام ، فقال :
هل حضرت يوم عاشوراء في أرض كربلاء ورأيت ما جرى على
الحسين ؟ فقلت : لم أكن هناك ولكن بلغت سمعي أنبائها ، فقال : أتعرف عمر بن سعد ؟ فقلت : بلى سمعت باسمه ، هل أنت ذلك الرجل ؟ فقال : لا ، أنا إسحاق بن حوية ، كنت حامل لوائه ، فقلت : أخبرني ما الذي صنعته حتّى ابتلاك الله بما ابتلاك وخسرت دنياك وأُخراك ؟ فقال : سأخبرك خبري ، اعلم بأنّ ابن سعد جعلني مع الرّماة وحاملي السيوف على شريعة الفرات وأمرني أن نحول بين الحسين وأصحابه وبين الماء .. فامتثلنا أمره وبالغنا في ذلك حتّى كنّا لا نذوق النوم
ليلاً ونحرس الماء نهاراً ، وبلغت بي شقوتي أن حرّجت على أصحابي حمل الأواني خشية أن يعطف أحدهم على الحسين فيسقيه.
إلى أن حدّثتني نفسي أن أخترق جيش الحسين وأسترق السمع
لأعرف الذي تحدّثهم به أنفسهم ، فدنوت من مضرب الحسين فرأيت العبّاس مقبلاً على أخيه فرآه باكي العين دامع الطرف ، فسأله عن علّة بكائه ، فأجابه : لقد كضّنا العطش لا سيّما الأطفال والعيال واحتفرنا في موضعين بئراً فلم نعثر على الماء ، ألا تسأل
هؤلاء غداً بعض الماء لأطفالنا وعيالنا ، فقال : لقد سألتهم مراراً وتكراراً فما أجابوني إلّا برمي السهام وضرب السيوف.
فلمّا سمع الحسين ذلك من أخيه العبّاس رفع صوته بالبكاء ،
فقال له العبّاس : سآتيهم بالماء إذا أصبح الصباح ما أمكنني ذلك ، فلمّا سمع ذلك دعا الله له وقال :
شكر الله سعيك. قال : وأنا أسمع كلّ
ما دار بينهما ، فعُدت إلى موضعي وأخبرت ابن سعد بما جرى ، فأمر بخمسة آلاف رجل وعليهم خولّى بن يزيد الأصبحي فالتحقوا بنا عند الصباح وكنّا على أُهبة الاستعداد ، فلمّا أصبح الصباح خرج علينا
من أفُق الخيام كما تشرق الشمس فأحاط به العسكر كالجراد المنتشر ، ورموه بالسهام حتّى كان درعه كالقنفذ وملأت جسمه السهام ، فنزل إلى المشرعة وملأ القربة وأحكم شدادها وخرج دون أن يذوق الماء ، فصرخت بالعسكر : ثكلتكم أُمّهاتكم إن شرب الحسين ماءاً أفناكم عن آخركم ، فإنّ أكبركم عنده كأصغركم.
فحمل عليه الجيش بأجمعهم وضربه رجل من الأزد على يده
اليمنى فأبانها من موضعها ، فأخذ السيف بشماله وحمل علينا وكان يحمل السقاء على منكبه ، وقتل من رجالنا وفرساننا جماعة فكانت همّتنا تمزيق السقاء من خلفه ، فسدّدت السيف نحو السقاء فشعر بي وأقبل يريدني فضربته على يده اليسرى ، وضربه آخر بعمود على رأسه فوقع عن ظهر فرسه ونادى بأعلى صوته : يا أخاه ، فأقبل الحسين نحوه يجري به الفرس وكأنّه الأجدل انقضّ على فريسته ، فقتل من رجالنا سبعين وقلب ميمنتنا على الميسرة ، وهزم الجيش كلّه ثمّ عاد إلى أخيه وحمله كما يحمل الأسد فريسته ووضعه بين القتلى وبكى عليه وعلت الصيحة من المخدّرات حتّى حسبنا الملائكة والجنّ تبكي معهم ، والأرض تتزلزل بنا ، فرأينا الحسين ينحونا ، فوالله لقد حسبناه أباه عليّاً بن أبي طالب ، فكشفنا عن مواضعنا كأنّنا المعزى ، وأقبل يريد المشرعة ، فدخلها ومشى في الماء حتّى لامس ركابه وانتزع اللجام من فم الفرس ليشرب ولم يذق الحسين قطرة واحدة من الماء من شدّة عطشه. ولمّا رأيت إيثاره الفرس على نفسه تذكّرت الآية التي مدح الله بها
أباه (
وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ )
فعجبت وقلت : حقّاً إنّك لابن رسول الله حيث آثرت الفرس على نفسك مع قساوة العطش ، ومع ذلك فقد استولى عليّ الشقاء وحرّضت الناس على حربه وقتاله ، ولم يدافعني أحد وقلت في نفسي : إذا شرب الحسين الماء أهلكنا كلّنا ، فألهمني الشيطان أن أقول : يا حسين ، أتلتذّ بالماء وقد هتك حرمك وأُبيحت خيامك ، فلمّا سمع ذلك اضطرب وخرج من الفرات على ظمئه ورأى الخيام سالمة مع العيال فعلم أنّها مكيدة. وأراد العودة إلى الفرات فما أمكنّاه ، فبكى وضحكت أنا لنجاح الخُطّة وحسن التدبير ، وكان هذا جزائي الذي تراه.
قال عبدالله الأهوازي راوي الخبر : قال أبي : لمّا سمعت
ما قال أحسست كأنّ النار تستعر في أحشائي وقلت لهذا الطريد من رحمة الله المردود من بابه الذي لا يوجد مثله حتّى في اليهود والكفّار : صدقت ، اجلس حتّى آتيك بالطعام ، ودخلت داري وصقلت سيفي وخرجت عليه بالسيف فلمّا رآه بيدي قال : أنا ضيفك ، أو تكرمون الضيف على هذه الصورة ؟ فقلت : نعم هكذا يكون إكرام قتلة الحسين الضيوف. وصحت بأهل الدار وبغلماني فأقبلوا وأعانوني على قتله وعجّلنا بروحه إلى النّار .
__________________
نبذة ممّا قيل في مرثية قمر بني هاشم عليهالسلام
القصائد والمراثي التي نظمها الشعراء في أبي الفضل
يتعذّر حصرها ، ولا يعدّها عدّ.
فمن يوم عاشوراء إلى يومنا هذا في كلّ عصر وزمان ، وفي
كلّ قطرٍ وحيّ وبلد نظم أولياء آل الرسول قصائدهم كلّ بلغته من العربي والفارسي والتركي والهندي في مدح آل البيت ورثائهم ، وأُنشدت في المجالس والمحافل ، وما زالوا على هذه الحال. نظراً للأحاديث والأخبار والروايات التي تحثّ على رثائهم ومدحهم كالرواية التالية وهي كثيرة واشتهر عنهم الحديث : من قال فينا بيتاً من الشعر بنى الله له بيتاً في الجنّة
وغيره من أمثاله.
ونكتفي في هذه الإضمامة بشيءٍ يسير من مراثيهم تيمّناً
وتبرّكاً ، فأوّل من رثى العبّاس أُمّه أُمّ البنين عليهاالسلام
وكانت تمسك بطفلي أبي الفضل وتأتي البقيع فيجتمع عليها الناس لاستماع حرارة رثائها ويبكون أشدّ البكاء حتّى مروان بن الحكم كان يستمع إلى رثائها ويبكي ، وهو قولها :
لا تدعونّي ويك أُمّ البنين
|
|
تُذكّريني بليوث العرين
|
كانت بنون لي أُدعى بهم
|
|
واليوم أصبحت ولا من بنين
|
أربعةٌ مثل نسور الرُّبى
|
|
قد واصلوا الموت بقطع الوتين
|
تنازع الخرصان أشلائهم
|
|
فكلّهم أمسوا صريعاً طعين
|
يا ليت شعري أكما أخبروا
|
|
بأنّ عبّاساً قطيع الوتين
|
__________________
ولها أيضاً عليهاالسلام
:
يا من رأى العبّاس
|
|
كرّ على جماهير النَّقَد
|
ووراه من أبناءَ حيدر
|
|
كُلّ ليث ذي لبد
|
نُبّئت أنّ ابني أُصيب
|
|
برأسه مقطوع يد
|
ويلي على شبلي أمال
|
|
برأسه ضرب العمد
|
لو كان سيفك في يديك
|
|
لما دنى منه أحد
|
وقال في كتاب العبّاس : ورثاه حفيده الفضل بن محمّد بن
الفضل بن الحسن بن العبّاس بن أمير المؤمنين على ما في « المجدي » :
إنّي لأذكر للعبّاس موقفه
|
|
بكربلاء وهام القوم يختطف
|
يحمي الحسين ويحميه على ظمأ
|
|
ولا يولي ولا يثني فيختلف
|
ولا أرى مشهداً يوماً كمشهده
|
|
مع الحسين عليه الفضل والشرف
|
أكرم به مشهداً بانت فضيلته
|
|
وما أضاع له أفعاله خلف
|
ولشاعر أهل البيت السيّد حيدر الحلّي المتوفّى سنة ١٣٣٤
قصائد فاخرة وبما أنّها موجودة في ديوانه المطبوع بصيدا فإنّنا نعرض عن ذكرها لشهرتها على كلّ لسان وعند كلّ إنسان كما أنّ للعلّامة الجليل السيّد جعفر الحلّي المتوفّى سنة ١٣١٥ قصائد فاخرة من هذا القبيل وهي موجودة في ديوانه المطبوع ولكنّنا نذكر قطعة من إحدى قصائده العامرة هنا ، قال :
وقع العذاب على جنود أُميّة
|
|
من باسل هو في الوقائع معلم
|
ما راعهم إلّا تقحّم ضيغم
|
|
غيران يعجم لفظه ويدمدم
|
قلب اليمين على الشمال وغاص في
|
|
الأوساط يحصد للرؤوس ويحطم
|
بطل تورّث من أبيه شجاعة
|
|
فيها أُنوف بني الضّلالة تُرغم
|
يلقى السلاح بشدّة من رأسه
|
|
فالبيض تثلم والرّماح تحطّم
|
بطل إذا ركب المطهّم خلته
|
|
جبلٌ أشمّ يخفّ فيه مطهّم
|
قسماً بصارمه الصقيل وإنّني
|
|
في غير صاعقة السّما لا أقسم
|
لولا القضا لمحى الوجود بسيفه
|
|
والله يقضي ما يشاء ويحكم
|
حسمت يديه المرهفات وإنّه
|
|
وحسامه من حدّهنّ لأحسم
|
وهوى بجنب العلقميّ وليته
|
|
للشّاربين به يداف العلقم
|
فمشى لمصرعه الحسين وطرفه
|
|
بين الخيام وبينه متقسّم
|
ألفاه محجوب الجمال كأنّه
|
|
بدر بمنحطم الوشيج ملثّم
|
فأكبّ منحنياً عليه ودمعه
|
|
صبغ البسيط كأنّما هو عندم
|
قد رام يلثمه فلم ير موضعاً
|
|
لم يدمه عضّ السّلام فيُلثَم
|
قادى وقد ملأ البوادي صيحة
|
|
صُمّ الصُّخور لهولها تتألّم
|
أأُخيّ من يحمي بنات محمّد
|
|
إن صرن يسترحمن من لا يرحم
|
أأُخيّ من يحمي بنات محمّد
|
|
ولواك هذا من به يتقدّم
|
أأُخيّ يهنيك النّعيم ولم أخل
|
|
ترضى بأن أُزرى وأنت مُنعّم
|
هذا حسامك من يذلّ به العدى
|
|
ولواك هذا من به يتقدّم
|
هوّنت يا ابن أبي مصارع فتيتي
|
|
والجرح يسكنه الذي هو آلم
|
من قصيدةٍ فاخرة للشّيخ
محمّد رضا الأُزري أخو الشيخ كاظم الأُزري المتوفّى سنة ١٢١١ :
أوما أتاك حديث وقعة كربلا
|
|
أنّى وقد بلغ السَّماء قِتامها
|
يوم أبو الفضل استجار به الهدى
|
|
والشّمس من كدر العجاج لثامها
|
والبيض فوق البيض تحسب وقعها
|
|
زجل الرعود إذا اكفهرّ غمامها
|
من باسل يلقى الكتيبة باسماً
|
|
والشّوس يرشح بالمنيّة هامها
|
وشأى الكرام فلا ترى من أُمّة
|
|
للفخر إلّا ابن الوصيّ إمامها
|
هو ذاك موئل رأيها وزعيمها
|
|
لو جلّ حادثها ولجّ خصامها
|
وأشدّها بأساً وأرجحها حجًى
|
|
لو ناص موكبها وزاغ قوامها
|
ثمّ انثنى نحو الفرات ودونه
|
|
حلبات عادية يصلّ لجامها
|
فكأنّه صقر بأعلى جوّها
|
|
جلّا فحلّق ما هناك حمامها
|
أو ضيغم شثن البراش ملبّد
|
|
قد شدّ فانتشرت ثبًى أنعامها
|
فهنالكم ملك الشريعة واتّكى
|
|
من فوق قائم سيفه قمقامها
|
فأبت نقيبته الزكيّة ريّها
|
|
وحشى ابن فاطمة يشبّ ضرامها
|
وكذلكم ملأ المزاد وزمّها
|
|
وانصاع يرفل بالحديد همامها
|
حتّى إذا وافى المخيّم جلجلت
|
|
سوداء قد ملأ الفضا ارزامها
|
حسمت يديه يد القضاء بمبرم
|
|
ويد القضا لم ينتقض إبرامها
|
واعتاقه شرك الرّدى دون الثرى
|
|
إنّ المنايا لا يطيش سهامها
|
الله أكبر أيّ بدرٍ خرّ من
|
|
أُفق الهداية فاستشاط ظلامها
|
فمن المعزّي السبط سبط محمّد
|
|
بفتًى له الإشراف طأطأ هامها
|
وأخ كريم له يخنه بمشهد
|
|
حيث السُّراة كبا بها إقدامها
|
تالله لا أنسى ابن فاطم إذ جلا
|
|
عنه العجاجة يكفهرّ قتامها
|
من بعد أن حطم الوشيج وثلّمت
|
|
بيض الصّفاح ونكّست أعلامها
|
حتّى إذا حمّ البلاء وإنّما
|
|
أيدي القضاء جرت به أقلامها
|
وهوى عليه ما هنالك قائلاً
|
|
اليوم بان عن اليمين حسامها
|
اليوم سار عن الكتائب كبشها
|
|
اليوم غاب عن الصّلاة إمامها
|
اليوم آل إلى التفرّق جمعنا
|
|
اليوم حلّ من البنود نظامها
|
اليوم خرّ من الهداية بدرها
|
|
اليوم غبّ عن البلاد غمامها
|
اليوم نامت أعينٌ بك لم تَنَم
|
|
وتسهّدت أُخرى وعزّ منامها
|
أشقيق روحي هل تراك علمت إذ
|
|
غودرت وانثالت عليك لئامها
|
أن خلت أطبقت السماء على الثرى
|
|
أو دكدكت فوق الرُّبى أعلامها
|
لكن أهان الخطب عندي أنّني
|
|
بك لاحقٌ أمراً قضى علّامها ..
|
الكعبي
من نوابغ الشعراء الحاج هاشم الكعبي الدورقي المتوفّى
سنة ١٢٣١ وهذه قصيدته الميميّة في رثاء أبي الفضل موجودة في ديوانه المطبوع في النجف الأشرف وهذا فصل منها :
وموقف لهم تنسي مواقفه
|
|
وقايع الحرب في أيّامها القدم
|
أيّام قاد ابن خير الخلق معلمة
|
|
لم ترد فرسانها إلّا أخا علم
|
يوم أبو الفضل تدعو الظاميات به
|
|
والماء تحت شبا الهنديّة الخذم
|
يوم دعاه الهدى الهادي لنصرته
|
|
والدين والكفر من باكٍ ومبتسم
|
وأقبل الليث لا يرديه خوف ردًى
|
|
باد البشاشة كالمدعوّ للنِّعَم
|
فيّاض مكرمة خوّاض ملحمة
|
|
فضّاض معضلة عار من الوصم
|
يشتدّ كالصقر والأبطال هاربة
|
|
عن ضيغم كظباء الضال والسّلم
|
يبدو فيغدو حميم الجمع منصدعاً
|
|
نصفين ما بين مطروح ومنهزم
|
حتّى حوى بحرها الطامي فراتهم
|
|
الجاري ببحر من النهديّ ملتطم
|
وأصبح الماء ملكاً طوع راحته
|
|
مصرفاً منه في حكم وفي حكم
|
فكفّ كفّاً عن الورد المباح وفي
|
|
أحشائه ضرم ناهيك من ضرم
|
وهل ترى صادقاً دعوى أُخوّته
|
|
روّى حشًى وأخوه في الهجير ظمي
|
__________________
حتّى ملا مطمئنّ الجاش قربته
|
|
قصداً وأقبل قصداً طالب الحرم
|
فردّها والسيوف البيض تحسبها
|
|
برق الحيا ورماح الخطّ كالأجم
|
وكلّما أقبلت تنحو جموعهم
|
|
يبدو فينفتضّ منها كلّ مختتم
|
أكمى كميّ ومن كان الوصيّ له
|
|
أباً فذاك كميّ فوق كلّ كمي
|
يستوعب الجمع لا مستفهماً بهل
|
|
عنه ولا سائلاً عن عدّه بلم
|
فراح ما زال بالهنديّ مشتملاً
|
|
بالبيض ملتئماً بالنقع ملتئم
|
أمّوه بالنّبل والسُّمر العواسل و
|
|
البيض الفواصل من فرق إلى قدم
|
فخرّ للأرض مقطوع اليدين له
|
|
من كلّ مجدٍ يمين غير منخذم
|
... الخ.
من قصيدة السبط
لأبي المكارم بن زهرة صاحب الغنية ، ذكر هذه القصيدة الشيخ
باقر البيرجندي في الكبريت الأحمر :
أبا الفضل يا ربّ المفاخر والنّدى
|
|
ويا من به لاذت جميع البريّة
|
أبا الفضل يا ربّ المكارم والنّدى
|
|
ويا صاحب العليا وراعي الحميّة
|
أبا الفضل يا ذا العلم والحلم والتُّقى
|
|
ويا قطبها الأعلى عليه استدارت
|
أبا الفضل يا غوث الأنام جميعهم
|
|
ويا من به قامت سماء الهداية
|
أبا الفضل يا من لا يقاس بفضله
|
|
فضيل وإن يحظى بكلّ فضيلة
|
أبا الفضل يا من لا يخيب موالياً
|
|
لديه ولا يخشى حساب القيامة
|
أبا الفضل يا من إذ يناديه معسر
|
|
يجبه بكشف للخطوب وكربة
|
__________________
أبا الفضل يا ليث الفوارس في والوغى
|
|
ويا هازم الأحزاب يوم الكريهة
|
أبا الفضل يا مولى الموالي ومن له
|
|
مفاخر لا تحصى كشمس المضيئة
|
أبا الفضل يا من رُدّت الشمس جهرة
|
|
لوالده الكرّار وقت العشيّة
|
أبا الفضل يا من زاده الله رتبة
|
|
بقرب وشأن في الجنان ورقعة
|
أبا الفضل إنّي مستجيرٌ ولائذ
|
|
بظلّك أرجو الفضل فاعطف بنظرة
|
أبا الفضل ما لي يا رجالي وسيلة
|
|
سواك لدفع العسر يا ذا المروّة ..
|
وللعلّامة الفقيه الأعظم حجّة الإسلام الشيخ محمّد حسين الاصفهاني
المتوفّى سنة ١٣٦١ قدّس الله تربته وأسكنه الله في
بحبوحة جنانه :
أبو الإباء وابن بجدة اللقا
|
|
رقى من العلياء خير مرتقى
|
ذاك أبو الفضل أخو المعالي
|
|
سلالة الجلال والجمال
|
شبل عليّ ليث غاية القدم
|
|
ومن يشابه أبه فما ظلم
|
صنو الكريمين سليلي الهدى
|
|
علماً وحلماً شرفاً وسؤددا
|
هو الزكيّ في مدارج الكرم
|
|
هو الشهيد في معارج الهمم
|
وارث من حاز مواريث الرسل
|
|
أبو العقول والنفوس والمُثُل
|
وكيف لا وذاته القدسيّة
|
|
مجموعة الفضائل النفسيّة
|
عليه أفلاك المعالي دائره
|
|
فإنّه قطب محيط الدائره
|
له من العلاء والمآثر
|
|
ما جلّ أن يخطر في الخواطر
|
وكيف وهو في علوّ المنزله
|
|
كالروح من نقطة باء البسمله
|
هو قوام مصحف الشهاده
|
|
تمّت به دائرة السعاده
|
وهو حليف الحقّ والحقيقه
|
|
والفرد في الخلقة والخليقه
|
__________________
وقد تجلّى بالجمال الباهر
|
|
حتّى بدا سرّ الوجود الزاهر
|
غرّته الغرّاء في الظهور
|
|
تكاد أن تغلب نور الطور
|
رقى سماء المجد والفخار
|
|
بالحقّ يُدعى قمر الأقمار
|
بل عالم التكوين من شعاعه
|
|
جلّ جلال الله في إبداعه
|
سرّ أبيه وهو سرّ الباري
|
|
مليك عرش عالم الأسرار
|
أبوه عين الله وهو نورها
|
|
به الهداية استنار طورها
|
فإنّه إنسان عين المعرفه
|
|
مرآتها لكلّ اسم وصفه
|
ليس يد الله سوى أبيه
|
|
وقدرة الله تجلّت فيه
|
فهو يد الله فهذا ساعده
|
|
تغنيك عن إثباته المشاهده
|
فلا سوى أبيه لله يد
|
|
ولا سواه لأبيه عضد
|
له اليد البيضاء في الكفاح
|
|
وكيف وهو ملك الأرواح
|
يمثّل الكرّار في كرّاته
|
|
بل في المعاني الغُرّ من صفاته
|
صولته عند النزال صولته
|
|
لولا الغلوّ قلت جلّت قدرته
|
هو المحيط في تجوّلاته
|
|
ونقطة المركز في ثباته
|
سطوته لولا القضاء الجاري
|
|
تقضي على العالم بالبوار
|
وواسم المنون حدّ مفرده
|
|
الفرق بين الجمع من ضرب يده
|
بارقة صاعقة العذاب
|
|
بارقة تذهب بالألباب
|
بارقة تحصد في الرؤوس
|
|
تزهق بالأرواح والنفوس
|
واسى أخاه حين لا مواسي
|
|
في موقف يزلزل الرواسي
|
بعزمة تكاد تسبق القضا
|
|
وسطوة تملأ بالرعب الفضا
|
دافع عن سبط نبيّ الرحمه
|
|
بهمّة ما فوقها من همّه
|
بهمّة من فوق هامة الفلك
|
|
ولا ينالها نبيٌّ أو ملك
|
واستعرض الصفوف واستطالا
|
|
على العدى ونكّس الأبطالا
|
لفّ جيوش البغي والفساد
|
|
بنشر روح العدل والإراد
|
كرّ عليهم كرّة الكرّار
|
|
أوردهم بالسيف ورد النار
|
آثر بالماء أخاه الظامي
|
|
حتّى غدا معترض السهام
|
ولا يهمّه السهام حاشا
|
|
من همّه سقاية العطاشى
|
فجاذ باليمين والشمال
|
|
لنصرة الدين وحفظ الآل
|
قام بحمل راية التوحيد
|
|
حتّى هوى من عمد الحديد
|
والدين لمّا قطعت يداه
|
|
تقطّعت من بعدها عراه
|
وانطمست من بعده أعلامها
|
|
مذ فقدت عميدها قوامها
|
وانصدعت مهجة سيّد البشر
|
|
لقتله وظهر سبطه انكسر
|
وبان الانكسار في جبينه
|
|
فاندكّت الجبال من حنينه
|
وكيف لا وهو جمال بهجته
|
|
وفي محيّاه سرور مهجته
|
كافل أهله وساقي صبيته
|
|
وحامل اللوا بعالي همّته
|
واحده لكنّه كلّ القوى
|
|
وليث غابه بطفّ نينوى
|
ناح على أخيه نوح الثكلى
|
|
بل النبيّ في الرفيق الأعلى
|
وانشقّت السما وأمطرت دما
|
|
فما أجلّ رُزئه وأعظما
|
بكاه كالهطال حزناً والده
|
|
وكيف لا وبان منه ساعده
|
بكاه صنوه الزكيّ المجتبى
|
|
وكيف لا ونور عينيه خبا
|
ناحت بنات الوحي والنزيل
|
|
عليه مذ أمست بلا كفيل
|
ناحت عليه الحور في قصورها
|
|
لنوح آل البيت في خدورها
|
ناحت عليه زُمر الأملاك
|
|
وناحت العقائل الزواكي
|
فمن لتلك الخفرات الطاهره
|
|
مذ سبيت حسرى القناع السافره
|
ابن ربيب المجد أُمّاً وأبا
|
|
عن أخواته وهنّ في السبا
|
وأين عن ودائع النبوّه
|
|
ممثّل الغيرة والفتوّه
|
وأين منه ربّ أرباب الإبا
|
|
إذ هجم الخيل إلى نحو الخبا
|
فأصبحت نهباً لكلّ مارق
|
|
مسودّة المتون والعواتق
|
فيها اشتفى العدوّ من ضغائنه
|
|
فأين حامي الظعن ون ظعائنه
|
أين فتى الفتيان يوم الملحمه
|
|
عن فتياته بأيدي الظلمه
|
فليته يرى بعين الباري
|
|
عزائز الله على الأكوار
|
يُهدى بها من بلد إلى بلد
|
|
وهنّ في أعظم كربٍ وكمد
|
من قصيدة الفاخرة
للعلّامة الحجّة محمّد حسين آل كاشف الغطاء دام وجوده
وهي تنيف على سبعين بيتاً ولكن في كتاب العبّاس ذكر قطعة معدودة الأبيات من هذه القصيدة :
وتعبس من خوف وجوه أُميّة
|
|
إذا كرّ عبّاس الوغى يتبسّم
|
عليم بتأويل المنيّة سيفه
|
|
نزول على من بالكريهة معلم
|
ويمضي إلى الهيجاء مستقبل العدى
|
|
بماضٍ به أمر المنيّة مبرم
|
وصال عليهم صولة الليث مغضباً
|
|
يحمحم من طول الطوى ويدمدم
|
وراح لورد المستقى حامل السقا
|
|
وأصدر عنه وهو بالماء مفعم
|
ومذ خاض نهر العلقميّ تذكّر
|
|
الحسين فولّى عنه والريق علقم
|
وأضحى ابن ساقي الحوض سقّا ابن أحمد
|
|
يروّي عطاشى المصطفى الطّهر إن ظموا
|
ولمّا أبى منك الإباء تأخّراً
|
|
وإنّ أبا الفضل الذي يتقدّم
|
بهم حسمت يمناك ظلماً ولم أخل
|
|
يمين القضا في صارم الشرك تحسم
|
وإنّ عمود الفضل يخسف هامه
|
|
عمود حديد للضلالة يدعم
|
وحين هوى أهوى إليه شقيقه
|
|
يشقّ صفوف المخلدين ويحطم
|
فألفاه مقطوع اليدين معفّراً
|
|
يفور من مخسوف هامته الدم
|
وقال أخي إن كنت كبش كتيبتي
|
|
وجُنّة بأس حين أدهى وأدهم
|
ومن ناقع حرّ القلوب من الظما
|
|
ومن دافع شرّ العدى يوم نهجم
|
ومن يكشف البلوى ومن يحمل اللوى
|
|
ومن يدفع اللأوى ومن يتقحّم
|
رحلت وقد خلّفتني يا ابن والدي
|
|
أغاص بأيدي الظالمين وأُهضم
|
أحاطت بي الأعداء من كلّ جانب
|
|
ولا ناصر إلّا سنان ومخذم
|
وأقبل محنيّ الضلوع إلى النسا
|
|
يكفكف عنها الدمع والدمع يسجم
|
ولاحت عليه للرزايا دلائل
|
|
تبين لها لكنّه بتكتّم
|
من القصيدة الفاخرة
للخطيب البارع الشيخ محمّد علي اليعقوبي النجفي :
أبو الفضل حامي ثغرة الدين جامع
|
|
فرائده إن سلّ منها نظامها
|
قضى لقراع الشوس عضباً بحدّه
|
|
ليوم التنادي يستكنّ حمامها
|
عليها نطوت في حلبة الطعن فانطوى
|
|
عليه القضا منه وضاق مقامها
|
وخاض بها بحراً يرفّ عبابه
|
|
ضباً ويد الأقدار جالت سهامها
|
فحلأها من جانب النهر عنوة
|
|
وولّت عواديها بصلّ لجامها
|
ودمدم ليث الغاب يسطو بسالة
|
|
إلى الماء لم يكبر عليه ازدحامها
|
ثنى رجله عن صهوة المهر وامنتطى
|
|
قرى النهر واحتلّ السقاء همامها
|
وهبّ إلى نحو الخيام مشمّراً
|
|
لريّ عطاشاً قد طواها أوامها
|
ألمّت به سوداء يخطف برقها
|
|
البصائر من رعب ويعلو قتامها
|
فلولا قضاء الله لم يبق منهم
|
|
خسيس ولم يكبر عليه اعتصامها
|
بماضية الأقدار جذّت يمينه
|
|
وثنّت به اليسرى وطاب التثامها
|
وفي عمد حتم القضا شجّ رأسه
|
|
ترجّل وانثالت عليه لئامها
|
به انتظمت سمر القضا وتشاكلت
|
|
وكم فيه يوم الروح حلّ نظامها
|
دعا محيي الإسلام يا ابن الذي به
|
|
دعائم دين الله شدّ قوامها
|
جرى نافذة الأقدار فيمن تحبّه
|
|
سراعاً فإنّ النفس حان حمامها
|
فشدّ مجيباً دعوة الليث طالباً
|
|
تراتٍ به الأعداء طال اجترامها
|
طواها ضراباً سلّ فيه نفوسها
|
|
وحلّق فيها للبوار اخترامها
|
وأحنى عليه قائلاً هتك العدى
|
|
حجاب المعالي واستحلّ حرامها
|
أخي لمن أسطو وإنّك ساعدي
|
|
وعضبي إذا ما ضاق يوماً مقامها
|
أخي فمن يعطي المكارم حقّها
|
|
ومن فيه إعزازاً تطاول هامها
|
أخي فمن للمحصنات إذا غدت
|
|
بملساء يذكي الحائمات رغامها
|
أخي لمن أُعطي اللواء ومن به
|
|
يشق عباب الحرب إن جاش سامها
|
أُخيّ فمن يحمي الذمار حفيظة
|
|
إذا ما كبا بالضاربات اغترامها
|
كفى أسفاً أنّي فقدت حشاشتي
|
|
بفقدك والأرزاء جدّ احتدامها
|
فوالهفتا والدهر غدر صروفه
|
|
عليك وعفواً ناضلتني سهامها
|
إلى الله أشكو لوعة لو أبثّها
|
|
على شامخات الأرض ساخ شمامها
|
على أنّني والحكم لله لاحق
|
|
بأثرك والدنيا قليل دوامها
|
فقام وقد احنى الضلوع على جوًى
|
|
يئنّ كما في الدوح أنّ حمامها
|
حسبتك للأيتام تبقى ولم أخل
|
|
تجرّ عليّ الداهيات طغامها
|
وله أيضاً
في مجموعته المسمّاة بالذخائر المطبوعة في مطبعة دار
النشر والتأليف في النجف سنة ١٢٦٩ وقد أهدى إليّ نسخة فانتخبت منها بعض أبيات هذه القصيدة :
غداة أبو الفضل لفّ الصفوف
|
|
وفلّ الظبى والقنا الشُّرّعا
|
رعى بالوفاء عهود الإخا
|
|
رعى الله ذمّة موف رعا
|
فتًى ذكر القوم مذ راعهم
|
|
أباه الفتى البطل الأروعا
|
إذا ركع السيف في كفّه
|
|
هوت هامهم سُجّداً رُكّعا
|
وحول الشريعة تحمي الفرات
|
|
جموع قضى البغي أن تجمعا
|
ولو أنّ غلّة أحشائه
|
|
بصلد الصفا كاد أن يصدعا
|
فجنّب ورد المعين الذي
|
|
به غلّة السبط أن ينقعا
|
وآب ولم يرو من جرعة
|
|
وجرّعه الحتف ما جرّعا
|
فخرّ على ضفّة العلقمي
|
|
صريعاً فأعظِم به مصرعا
|
فما كان أشجى لقلب الحسين
|
|
وآلم منه ولا أفضعا
|
رأى دمه للقنا منهلاً
|
|
وأوصاله للضبا مرتعا
|
قطيع اليمين عفير الجبين
|
|
تشقّ النصال له مضجعا
|
أبدر العشيرة من هاشم
|
|
أفلت وهيهات أن تطلعا
|
فقدتك يا ابن أبي واحداً
|
|
ثكلت به مضراً أجمعا
|
قصمت القرى وهدمت القوى
|
|
وأحنيت فوق الجوى أضلعا
|
لقد هجعت أعين الشامتين
|
|
وأُخرى لفقدك لن تهجعا
|
أساقي العطاشا لقد كضّها
|
|
الضما فاستقت بعدك الأدمعا
|
حميت الظعينة من يثرب
|
|
وأنزلتها الجانب الأمنعا
|
إذا أفزعتها عوادي العدى
|
|
فمن ذا يكون لها مفزعا
|
وإن أنس لا أنس أُمّ البنين
|
|
وقد فقدت ولدها أجمعا
|
تنوح عليهم بوادي البقيع
|
|
فيذري الطريدُ لها الأدمعا
|
ولم تسل من فقدت واحداً
|
|
فما حال من فقدت أربعا
|
أبا الفضل ما لي مغيث سواك
|
|
إذا الدهر في صرفه جعجعا
|
دهيت بما عيل صبري به
|
|
فما لي أُنادي ولم تسمعا
|
قصدتك أشكو قذى الناظرين
|
|
وأرجو جلائهما لي معا
|
وكيف يردّ دعائي الإله
|
|
وقد جئته فيك مستشفعا
|
من نظم صفي علي شاه
قبلهٔ اهل وفا شمشير حق
|
|
فارس ميدان قدرت شير حق
|
حضرت عبّاس کامد ما صدق
|
|
بر يد الله فوق ايديهم ز حق
|
بر حسين از يکصداى العطش
|
|
دست و سر را کرد با هم پيش کش
|
رفت با مشک از پى آب طلب
|
|
تا تو را آموزد آداب طلب
|
کرد سودا سر به بازار حسين
|
|
در دو عالم گشت سردار حسين
|
در ره حق داد دست حق پرست
|
|
دستها شد جمله او را زيردست
|
چون يد الله دست عبّاس على
|
|
پس يقين دست خدا دست ولى
|
* * *
چه عبّاس از جمالش نور پاک مصطفى پيدا
|
|
|
چه عبّاس از جبينش صولت شير خدا پيدا
|
چه عبّاس جوان مرد آفتاب فيض ربّانى
|
|
|
چه عبّاس دلاور روز هيجا حيدر ثانى
|
تقريب المعنى بالعربيّة :
__________________
قبلة الأوفياء سيف الباري
|
|
فارسٌ في معارك الأحرار
|
أسدُ الله أين منه كلاب
|
|
نبحته على الفرات الجاري
|
صورة البدر غير أنّ هيولاه
|
|
يد الله ماحق الكفّار
|
عطش السبط غاظه وهو يشكو
|
|
بفؤاد ظام كحرّ النار
|
أو يشكو الظما وها هو رأسي
|
|
ويميني فدائه ويساري
|
أخذ الجود طالباً جرعة الماء
|
|
لأطفاله من الأشرار
|
فأبوا أن ينال منه فأرواهم
|
|
من الموت بالقنا الخطّار
|
باع نفساً لله طهّرها الله
|
|
من الرجس ـ سادس الأطهار
|
ربحت صفقة بسوق حسين
|
|
صيّرته المنار للثوّار
|
ثمّ نال القيادتين ففي الدنيا
|
|
أميراً غدا ودار القرار
|
حين أعطى يديه لله أضحى
|
|
وله إمرة على الأقدار
|
يد هم أنّها يد الله حقّاً
|
|
ذاك سرّ بدى من الأسرار
|
* * *
بنوره نور النبيّ قد بدى
|
|
جمال عبّاس جمال المصطفى
|
إن صال كان نقمة على العدى
|
|
أو أسد الله عليّ المرتضى
|
كأنّه شمس تفيض رحمة
|
|
من لدن الله على هذي الدنى
|
قد عاد حيدر إلى هذي الدنى
|
|
بشخصه فهو أحاد وثنى
|
__________________
فاخرة جاد بها طبع وفائي شوشتري
اسمه حاج فتح الله بن المولى حسن بن المولى رحيم
الشوشتري المتوفّى سنة ١٣٠٤ :
رخصت گرفت ز ان شه بىيار مستمند
|
|
|
شد بر سمند و تاخت بميدان کارزار
|
ناگه شنيد ز حرم آواز العطش
|
|
|
آن العطش کشيد عنانش از قرار
|
برگشت سوى خيمه و مشکى گرفت و رفت
|
|
|
سوى فرات فرات با جگر تشنه و فکار
|
پر کرد مشک پس کفى از آب برگرفت
|
|
|
مىخواست تا که نوشد از آن آب خوشگوار
|
آمد بيادش از جگر تشنهٔ حسين
|
|
|
چون اشک خويش ريخت ز کف آب خوشگوار
|
بر خود خطاب کرد که اى نفس اندکى
|
|
|
آهستهتر که ماند حسين در قفار
|
عبّاس بىوفا تو نبودى کنون چه شد
|
|
|
نوشى تو آب و مانده حسينت در انتظار
|
شد با لبان تشنه ز آب روان برون
|
|
|
دل پر ز جوش و مشک بدوش آن بزرگوار
|
کردند جمله حمله بر آن شبل مرتضى
|
|
|
يک شير در ميان گرگان بىشمار
|
يک تن کس نديده چندين هزار تير
|
|
|
يک گل کسى نديده و چندين هزار خار
|
سرگرم آب بردن و از خويش بىخبر
|
|
|
کابن الطفيل زد بيمين وى از يسار
|
پس مشک را ز راست سوى دست چپ کشيد
|
|
|
وز سوز سينه زد بدل قدسيان شرار
|
مىداشت پاس آب همى تاخت ناگهان
|
|
|
دست چپش فکند لعينى ستم شعار
|
پس مشک را گرفت بدندان که اين گره
|
|
|
نگشود دست تا بدندان رسيد کار
|
مىتاخت سوى خيمه که ناگاه از قضا
|
|
|
تير قدر رها شد و بر مشک شد دچار
|
زين تير کين چه آب فرو ريخت بر زمين
|
|
|
شد روزگار در بر چشمش چه شام تار
|
پس خود براى کشته شدن ايستاد و گفت
|
|
|
مردن هزار مرتبه بهتر که شرمسار
|
فرياد يا اخا چه بگوش حسين رسيد
|
|
|
گفتى مگر هزبر روان شد پى شکار
|
آمد چه ديد ديد که بى دست پيرکى
|
|
|
افتاده پاره پاره در آن دشت فتنه نار
|
آهى ز دل کشيد و بگفت اى برادرم
|
|
|
عبّاس اى که از پدرم مانده يادگار
|
تقريب المعنى بالعربيّة :
ومذ أذن الحسين له تجلّى
|
|
على الميمون كالقمر المنير
|
وأقحمها خميساً من حديد
|
|
وقال لها إلى الأعداء طيري
|
نداء الآل واعطشاه أذّى
|
|
مروّته فهبّ إلى النمير
|
تناول للمزادة وهو ظام
|
|
كأنّ فؤاده لهب السعير
|
وخاض الماء ظمئآناً وأروى
|
|
مزادته على عطش مرير
|
ومدّ إلى الفرات يداً وخاضت
|
|
شهيّ الماء في لفح الهجير
|
ولم ينقع بعذب الماء قلباً
|
|
وقلب السبط في الظمأ الكبير
|
أأروي مهجتي والسبط ظامٍ
|
|
فمن عتب البتولة من مجيري
|
وقال لنفسه يا نفس صبراً
|
|
ونيل الفوز بالعطش اليسير
|
ولست بلا وفاء كي تنالي
|
|
أماني النفس في العمر القصير
|
وولّى العذب ظهراً وهو يسعى
|
|
وحيداً قاصد الجيش الكثير
|
وفلّ جموعهم بالطّفّ قتلاً
|
|
وشاطي النهر بالسيف المبير
|
فلم ير واحد يرميه ألف
|
|
أحاط الشوك بالورد النظير
|
وما كانوا لديه سوى هباء
|
|
من الدنيا تعلّق بالأثير
|
وظلّت عينه للجود ترعى
|
|
وقال له : مصيرك من مصيري
|
ومذ حسمت يداه بسيف نغل
|
|
ومن دمه تضمّخ بالعبير
|
تعلّق بالمزادة يبتغيها
|
|
لأكباد تصاعد بالزفير
|
أتته سهامهم فأُريق ماء
|
|
فكان أمضّ من دمه الطهور
|
هناك دعى ألا يا موت زُرني
|
|
وقد ظنّ الفرات على صغيري
|
وأنزله العمود إلى رمال
|
|
فأنعم في رمال كالحرير
|
وصاح أخي حسين عليك منّي
|
|
سلام الله من أسد هصور
|
فأقبل سيّد الشهداء يسعى
|
|
إلى الأعداء بالسيف الجسور
|
وقال أخي كسرت الآن ظهري
|
|
فيالله للظهر الكسير
|
مرثية الجواهري
اسمه الميرزا محمّد باقر الجواهري المحتد ، والقزويني
المسكن ، والإصفهاني المتوفّى والمدفن سنة ١١٤٠ :
لمّا هوى البيرق من كفّه
|
|
شبّت لظّى في بيدر الأُنس
|
مدامع الأنجم تذري دماً
|
|
لمّا اكتسى من فلق الشمس
|
أوّل فاد من بني آدم
|
|
كان حسين سيّد الإنس
|
لم تر عين مثله فادياً
|
|
من بين أصحاب العبا الخمس
|
ولا كعبّاس أخاً طاهراً
|
|
طهّره الله من الرّجس
|
بنفسه يحمي حسيناً كما
|
|
يدرّع الفارس بالتّرس
|
وجاء يرجو الإذن من سيّد
|
|
ليفتدي علياه بالنفس
|
ما هي حرب هاج أتوانها
|
|
بل جلوة الزفاف والعرس
|
وانهلّ دمع السبط لمّا رأى
|
|
أخاه ينحو فيلق النحس
|
من مقلة السبط جرت شعلةً
|
|
دنيا الأسى بالأدمع الخرس
|
كأنّما السبط سماء وذي
|
|
دموعه كالأنجم اللعس
|
المرثيّة بالفارسيّة :
چه بيرق از کف عبّاس نوجوان افتاد
|
|
|
شرر بخرمن سلطان انس و جان افتاد
|
بخون ديده انجم طپيد رايت مهر
|
|
|
که نعش صاحب رايت بخون طيان افتاد
|
بعقل گفتم از اولاد اوّل کيست
|
|
|
که ريخت خونش و مقبول ارمغان افتاد
|
جواب داد که اوّل حسين تشنه جگر
|
|
|
که همعيان به بلاهاى ناگهان افتاد
|
دلاورى نه چه فرزند بو تراب دلير
|
|
|
برادرى نه چه عبّاس نوجوان افتاد
|
چه يافت رخصت رزم مخالفين ز امام
|
|
|
گيران رکاب شد امّا سبک عنان افتاد
|
ز پيش چشم برادر براى آب حيات
|
|
|
جدا چه خضر ز سکندر زمان افتاد
|
بحال راکب خود مرکبش در آن وادى
|
|
|
ز ابر ديده گهربار دُر فشان افتاد
|
نه اشک سرخ سمندش بخاک هامون ريخت
|
|
|
ستارهٔ خون شد و از چشم آسمان افتاد
|
|
|
|
خزانة الأسرار عمّان ساماني
روز عاشورا بچشم پر ز خون
|
|
مشک بر دوش آمد از شط چون برون
|
شد بروى تشنه کامان رهسپر
|
|
تير باران بلا را شد سپر
|
آنقدر باريد بر وى تير تيز
|
|
مشک شد بر حالت او اشک ريز
|
آنقدر باريد بر وى چشم مشک
|
|
تا که چشم مشک خالى شد ز اشک
|
تا قيامت جرعه نوشان ثواب
|
|
مىخورند از چشمهٔ آن مشک آب
|
تقريب معنى روح النصّ بالعربيّة :
ترك النهر ظامئاً بعد أن أروى
|
|
من الماء جوده العطشانا
|
وانبرى يطلب الخيم ليروي
|
|
من عيال السبط الفم الظمئانا
|
وأتته السهام تترى كأنّ
|
|
السحب تنهلّ وابلاً هتّانا
|
أثبتته السهام حتّى عليه
|
|
أرسل الجود دمعه الأرجوانا
|
سال دمع السقاء يبكي على الساقي
|
|
تردّى حمر الثياب عيانا
|
نفد الدمع من سقاء ولم ينفد
|
|
ثواب أحيا به الإنسانا
|
ظلّ حتّى يوم النشور يرجي
|
|
طالبوه من ربّهم رضوانا
|
شعر ميرزا محمّد التبريزي
چونکه نوبت بر بنى هاشم رسيد
|
|
ساخت ساز جنگ عبّاس رشيد
|
محرم سرّ وعلمدار حسين
|
|
در وفادارى علمدار نشأتين
|
در مبحث ثالث خورشيد و ماه
|
|
روز خصم از بين او شد سياه
|
در شجاعت يادگار مرتضى
|
|
داده بر حکم قضا دست رضا
|
خواست در جنگ عدو رخصت ز شاه
|
|
گفت شاهش کى علمدار سپاه
|
چون علم گردد نگون در کارزار
|
|
کار لشکر يابد از وى انفطار
|
گفت تنگ است اى شه خوبان دلم
|
|
زندگى باشد از اين پس مشکلم
|
ز ين قفس برهان من دلگير را
|
|
تا بکى زنجير بايد شير را
|
گفت شه چون نيست ز ين کارت گريز
|
|
اين ز پا افتاد کان را دست گير
|
جنگ کين بگذار آبى کن طلب
|
|
بهر اين افسردگان خشک لب
|
گفت سمعاً اى امير انس و جان
|
|
گرچه باشد قطرهٔ آبى بجان
|
شد بسوى آب تازان با شتاب
|
|
زد سمند باد پيما را به آب
|
بىمحابا جرعهاى در کف گرفت
|
|
چون بخويش آمد دمىگفت اى شگفت
|
تشنه لب در خيمه سبط مصطفى
|
|
آب نوشم من زهى شرط وفا
|
زادهٴ شير خدا با مشک آب
|
|
خشک لب از آب بيرون زد رکاب
|
تقريب المعنى لروح النصّ بالعربيّة :
ولمّا أتى للهاشميّين دورهم
|
|
ودارت كؤوس الموت صرفاً من الساقي
|
تجلّى أبو الفضل العميم بوجهه
|
|
كما لاح بدر مشرق أيّ إشراق
|
ولفّ جموع الكفر بالسيف مصلتاً
|
|
وقد قامت الحرب العوان على ساق
|
وصار لواء ابن النبيّ بكفّه
|
|
فأكرم بكفّ لن تشاق بإخفاق
|
وقال الوفا لمّا تردّى ثيابه
|
|
أبو الفضل أضحى للوفا خير مصداق
|
فأقبل ينحو الجيش والثغر مشرق
|
|
كما ينجلي في البرق ظلمة آفاق
|
وقال العدى هذا الحمام بعينه
|
|
تجلّى بإرعادٍ علينا وإبراق
|
وتاهوا بصحراء فضاقت عليهم
|
|
كأنّهم في التّيه أبناء إسحاق
|
تورّث من عزم الوصيّ شجاعة
|
|
فقامت على عهد لديه وميثاق
|
كأنّ القضا ألقى إليه قياده
|
|
مشى بلواء في المعامع خفّاق
|
ولمّا أتى يستأذن السبط للوغى
|
|
أجاب بقلب مشفق أيّ إشفاق
|
أخي أنت عون لي وكبش كتيبتي
|
|
وسيفي الذي أُردي به كلّ أفّاق
|
أخاف على شملي إذا لم تعد له
|
|
ولم يبق منه بعد قتلك من باقي
|
فقال وهىٰ صبري فدعني أذقهم
|
|
مصبّرة تأتي على كلّ ذوّاق
|
إلى كم أُعاني من صدود عن العدى
|
|
وأنّى وهذا الصبر من بعض أخلاقي
|
فقال نعم فاذهب إلى الماء وحده
|
|
فليس لنا إلّاك يوم الظما ساقي
|
ولمّا دنى للنهر أقبل جمعهم
|
|
كسيل هضاب من أعاليه مهراق
|
فحسّهم حسّاً بسيف كأنّه
|
|
إذا ما جرت في الشعر شفرة حلّاق
|
وحاز النمير العذب بالسيف دونهم
|
|
وأطرق لمّا مسّه أيّ إطراق
|
أأروي وقلب الطّهر قد كظّه الظما
|
|
فهيهات ما هذي صفاتي وإعراقي
|
وأعرض عن ماء الفرت على ظمًى
|
|
وعاد بذكر طيّب النشر عبّاق
|
من نظم الشيخ عليّ شيخ العراقين
بسوى آب شد سقّاى محشر
|
|
برزم اندر بُدِى سبط پيمبر
|
بآب اندر شدى ميراب هستى
|
|
چه سيل کوهسار آنسوى پستى
|
يم رحمت چه در يم شد شناور
|
|
خميد از پشت خنک کوه پيکر
|
کف کافيش پر بنمود از آب
|
|
که سازد لعل خشک از آب سيراب
|
بياد تشنگان وادى غم
|
|
فراتش در نظر شد بحرى از سم
|
بخود مىگفت باشد از ادب دور
|
|
که من سيراب و شه از آب مهجور
|
تقريب المعنى بالعربيّة لروح النصّ الفارسي :
ويمّم الفرات ساقي المحشر
|
|
لنصرة ابن المصطفى المطهّر
|
بدى كسيل قاصداً جمع العدى
|
|
من قمم الشمّ جرى منحدر
|
كأنّه فوق الجواد راكباً
|
|
يلملم أعظم به من منظر
|
مدّ يداً تغترف الماء لكي
|
|
يطفئ حرّاً في الحشى من سعَر
|
تذكّر العطشى بوادي كربلا
|
|
فأصبح الفرات بحراً من شري
|
فقال لا لن أرتوي وسيّدي
|
|
بكبد من الظما منفطر
|
وله أيضاً
صف دشمن دريدى همچه کرباس
|
|
بيامد بر سر بالين عبّاس
|
فرود آمد ز زين آن با جلالت
|
|
چه پيغمبر ز معراج رسالت
|
بدامن برگرفت آنکه سرش را
|
|
همى بوئيد خونين پيکرش را
|
برآورد از دل تفديده آهى
|
|
که سوزانيد از مه تا به ماهى
|
بگفتش که اى سپه دار قبيله
|
|
ز مرگت مر مرا کم گشت حيله
|
شکستى پشتم اى شمشاد قامت
|
|
نمىيابد درستى تا قيامت
|
مباراة الشعر أو تقريب المعنى بالعربيّة لروح النصّ :
وصال على الأعداء يبحث عن أخٍ
|
|
على التُّرب ملقًى بعد ما قتلوه
|
فكيف غدا قلب الحسين وقد هوى
|
|
بضربة نغل في التراب أخوه
|
ترجّل عن ظهر الجواد على الثرى
|
|
كما عرج الهادي النبيّ أبوه
|
وطاف بعرش الله لا بمرمّل
|
|
وتلفظ جمراً مقتلاه وفوه
|
وقال أخي رفقاً بظهر كسرته
|
|
بفقدك بعداً للأُلى كسروه
|
ويا خير إخواني وخير عشيرتي
|
|
ويا مفرج الجلّى لمن ندبوه
|
وكاثرني الأعداء حين تركتني
|
|
فما حال من أحبابه تركوه
|
بكى لي عدوّي رحمة لمصيبتي
|
|
فما حال من أعدائه رحموه
|
وقال الآخر :
چون عمود آهنين فرقش شکافت
|
|
باز ابن ملجم سر حيدر شکافت
|
کشتى اسلام شد بى بادبان
|
|
غلغله افتاد در هفت آسمان
|
گرد غم بر عالم امکان نشست
|
|
پشت شاه کربلا درهم شکست
|
قبلهٔ اهل وفا از صدر زين
|
|
سرنگون افتاد بر روى زمين
|
نالهٔ ادرک اخا زو شد بلند
|
|
بر سرش آمد امام ارجمند
|
ديد آن بدر تمامش منخسف
|
|
در ميان خاک و خون يا للأسف
|
منفصل اعضاى او از همدگر
|
|
همچه آيات کتاب دادگر
|
بسته از خو نقش در اوراق او
|
|
لن تنال البرّ حتّى تنفقوا
|
گفت اى پشت و پناه و ياروم
|
|
اى علمدار سپاه و لشکرم
|
آه از اين قامت دلجوى تو
|
|
حيف از اين دست و اين بازوى تو
|
رفت از بى دستِيَت کارم ز دست
|
|
از غم مرگ تو پشت من شکست
|
اى دريغا شد اميدم نا اميد
|
|
بى برادر گشتم و قدّم خميد
|
* * *
از چه راوى ساقى آب حيات
|
|
تشنه جان دادى لب شطّ فرات
|
امشب اندر چشم زينب خواب نيست
|
|
در دل کلثوم صبر و تاب نيست
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب المعنى من روح النصّ :
ومذ غدت بعمود الكفر هامته
|
|
مفضوخة عاد في كوفان أشقاها
|
هوى به عمد الفولاذ أخّرها
|
|
فقس بعقلك أُولاها بأُخراها
|
سفينة الله أمست لا شراع لها
|
|
إذ أنّ كفّي أبي فضل شراعاها
|
بفقده راح ظهر الطهر منكسراً
|
|
وأضحت الأرض مغبرّاً محيّاها
|
هل قبلة الله قد طاحت بمصرعه
|
|
إذ كان والكعبة الشمّاء أشباها
|
تموّجت صيحة في الأُفق صاعقة
|
|
أدرك أُخوّة شهم لست تنساها
|
بقبلة منك ترويني على ظمأ
|
|
كشربة من لذيذ العذب أعطاها
|
وأقبل السبط محزوناً لمصرعه
|
|
رأى المجرّة مثل النهر مجراها
|
فالبدر منخسف فيها بجانبه
|
|
زُهر النُّجوم رداء الموت غشّاها
|
بكربلاء غدت أعضائه قصداً
|
|
كأنّها غرست بالآي معناها
|
قد جاد بالنفس إرضاءاً لخالقه
|
|
لرفقه منه في الرضوان يلقاها
|
لمّا رآه حسين في الثرى مزقاً
|
|
بكى ومقلته بالدمع أدماها
|
فقال يا سندي في الحرب يا عضدي
|
|
ويا لوائي إذا رفّت رواياها
|
أعزز عليّ بأن ألقاك منجدلاً
|
|
كصعدة ربّها في الترب ألقاها
|
لم يبق لي أمل أحيا ببهجته
|
|
وقد قدتك أوّاباً وأوّاها
|
أسهرت أجفان أفلاذ النبوّة إذ
|
|
تركتها لكؤوس الهمّ تسقاها
|
قد كنت ترعى بنات الوحي تكلأها
|
|
واليوم بعدك عين الله ترعاها
|
من شعر محزون الرشتي رحمهالله
شه لب تشنه چه اندر بر سقا آمد
|
|
|
ديد جانش بلب اندر لب دريا آمد
|
ديد بى ستى او کرد چنان آه فغان
|
|
|
که مشوّش بجنان نخلهٔ طوبى آمد
|
تنگ بگرفت قد سرو علمدارش را
|
|
|
که تزلزل بطف عرصهٔ غيرىٰ آمد
|
کرد از قامت از شور قيامت برپا
|
|
|
کاندر آن دشت بلا محشر کبرى آمد
|
ديد چون روى منيرش شده از خون گلگون
|
|
|
روز اندر نظرش چون شب يلدا آمد
|
مغز سر کوفته و دست جدا از بدنش
|
|
|
وا أخا گفت دلش سير ز دنيا آمد
|
گفت اى جان برادر کمرم بين شده خم
|
|
|
چه جراحت که به اين قامت رعنا آمد
|
رو کنم بى تو چسان جانب اين خيل زنان
|
|
|
خوهرت امر اسيريش مهيّا آمد
|
مباراة الشعر أو تقريب المعنى بالعربيّة لروح النصّ الفارسي :
ولمّا جائه العطشان
|
|
فوق النهر مطروحا
|
رآه بعمود النغل
|
|
منحوراً ومذبوحا
|
تروّى بدل الماء
|
|
دماً في التُّرب مسفوحا
|
دماً كالشفق الأحمر
|
|
غشّيت به يوحا
|
فلولا صبره والصبر
|
|
خير أسلم الروحا
|
جنان الله ما كانوا
|
|
لها إلّا مصابيحا
|
تردّت لمة الحزن
|
|
بكاءاً وتسابيحا
|
وجمع الملأ الأعلى
|
|
بكى والجفن مقروحا
|
جرى الوادي بشطّيه
|
|
سيولاً أغرقت نوحا
|
وأضحى مصحف الله
|
|
شهيداً وحيه الموحىٰ
|
رعاه السيف كالنيب
|
|
رعى القيصوم والشيحا
|
هوت صاعقة لمّا
|
|
هوى بالطفّ مجروحا
|
* * *
وجاء السبط يبكيه
|
|
بقلب ريع بالفقد
|
يناديه أبا الفضل
|
|
وما كان الندا يجدي
|
لقد رحت بإخواني
|
|
فلم يبق أخٌ عندي
|
ولم يبر لك الزند
|
|
عدوّ بل برى زندي
|
لقد مادت بي الأرض
|
|
أجائت ساعة الوعد
|
لبست الأحمر القاني
|
|
فمن غشّاك بالورد
|
ومن أنزلك الترب
|
|
وأردى قامة الرند
|
كذا يا خير أصحابي
|
|
هنا تتركني وحدي
|
__________________
وداعاً يا أبا الفضل
|
|
وداعاً يا أخا ودّي
|
فمن بعدك بالجلّى
|
|
على الأعداء أستعدي
|
ومن للهاشميّات
|
|
إذا جار القضا بعدي
|
وقد كنت لدى الروع
|
|
لها كالجبل الفند
|
هنيئاً نم على الشاطي
|
|
ودع عينيّ للسهد
|
وعوّضت عن الماء غداً
|
|
في جنّة الخلد
|
بكاس من يدي فاطمة
|
|
أحلى من الشهد
|
وأنعم برضا الله
|
|
مع الولد والجدّ
|
جودي خراساني
راست در عرصهٔ ايجاد لواى غم شد
|
|
|
تا حسين را کمر از مرگ برادر خم شد
|
تا درافتاد ز پا گفت قضا زينب را
|
|
|
قسمت تو ستم فرقهٔ نامحرم شد
|
آه از آندم که شه آمد ببر کشتهٔ او
|
|
|
در دم آخرش از خون جگر همدم شد
|
آه از اين قدّ رسا حيف از اين قدّ بلند
|
|
|
که قلم شد ز غم و خون بدل عالم شد
|
مباراة الشعر او تقريبه بالعربيّة إلى روح النصّ الفارسي :
وقع اللواء على الثرى
|
|
حكم القضاء على الورى
|
لمّا هوى في كربلا
|
|
ظهر الحسين تكسّرا
|
وأتى النداء لزينب
|
|
قومي اندبي أسد الشرى
|
قومي استعدي للسبا
|
|
أمر به قلم جرى
|
وأتى لمصرعه الهدى
|
|
وعليه مدمعه جرى
|
لمّا رآه ملفّعاً
|
|
بدم رداءاً أحمرا
|
ملأ الفضا بآهة
|
|
فكأن أثرت المجمرا
|
أسفاً على هذا الجمال
|
|
على التراب مبعثرا
|
لم تشرب العذب الزلال
|
|
ومن أمامك قد جرى
|
بدماك أرويت الظما
|
|
وغداً ستُسقى الكوثرا
|
شعر اختر الطوسى رحمهالله
عبّاس شبل شير خدواند کافتاب
|
|
هر صبح بوسهاش بدر آستان دهد
|
درياى جود و بذل ابو الفضل کشروان
|
|
خجلت ز فرّ خويش بقصر جنان دهد
|
چرخ جلال ماه بنى هاشم آنکه نور
|
|
از رأى و روى به مهر و مه و آسمان دهد
|
باب الحوائج است هر آن کو ز باب او
|
|
هر حاجتى که کرد تمنّا همان دهد
|
اندر ره برادر خود غير او کسى
|
|
نشنيدهام که تن به بلاد جهان دهد
|
سوى فرات آمد و شرم آمدش کز آب
|
|
تسکين تشنگى زبان در دهان دهد
|
دستش جدا شود ز تن و باز
|
|
پهلو به رمح و فرق به گرز گران دهد
|
سقّا کسى نديده بجز اوى که در جهان
|
|
جان تشنه کام در لب آب روان دهد
|
مباراة الشعر أو تقريب المعنى بالعربيّة إلى روح النصّ الفارسي :
تقبّل الشمس إذا أشرقت
|
|
أعتاب عبّاس سليل الأسد
|
بحر السخا تخجل في فضله
|
|
أن تقرن الجنّة أو أن تعد
|
قد أكسب العالم من نوره
|
|
بغرّة تزهو ورأي أسد
|
لاذ ذوو الحاجات في بابه
|
|
كلّ يدٍ مُدّت له لا تُرَد
|
ما رأت الدنيا أخاً مثله
|
|
به على النصر أخوه اعتمد
|
قد ورد الماء وما ذاقه
|
|
والقلب منه بظماه اتّقد
|
حتّى هوت كفّاه فوق الثرى
|
|
وانفضخت هامته بالعمد
|
وما رأينا ساقياً مثله
|
|
للنّاس إلّا أنّه ما ورد
|
شعر إمام جمعة كاشمر
الحاج علي المتلخّص بمشكاة المحبّة
سردار بى سپاه علمدار بى حشم
|
|
|
بوالفضل بوالمکارم وذو الجود والکرم
|
کرد آفرين بهمّت او همّت آفرين
|
|
|
همّت نگر که تشنه لب آمد برون ز يم
|
بر دوش ابر رحمت بر دست تيغ برق
|
|
|
چون رعد در خروش و روان شد سوى حرم
|
کردند ازدحام پى دفع آنجناب
|
|
|
او را نبود باک از آن خيل مزدحم
|
از صولتش گداخت دل و زهره کرد آب
|
|
|
شير ژيان پيل دمان اَژدر دژم
|
بر دفع دشمنان نه بشمشيرش احتياج
|
|
|
افکند گر ز قهر بر ابروى خويش خم
|
آمد بروى ز ابفرات محيط جود
|
|
|
افراشت بر فتوت مردانگى علم
|
افکند بس ز خصم سر و دست توسنش
|
|
|
ننهاد جز بدست و سر دشمنان قدم
|
ناگاه ظالمى ز کمين تيغ زد بر او
|
|
|
افتاد دست راست از آن جسم محترم
|
با دست چپ زدى ز چپ و راست بر عدو
|
|
|
آرا نبود باک از اين صدم او الم
|
واحسرتا که دست چپش هم زين فتاد
|
|
|
از ضرب تيغ دشمن بدخواه بد شِيَم
|
* * *
افتاد تا که از تن آن شهسوار دست
|
|
|
بگشود خصم او ز يمين و يسار دست
|
ناچار شد دچار اجل تن بمرگ داد
|
|
|
بىدست چون جدال کند با هزار دست
|
آن مير نامدار بدندان گرفت مشک
|
|
|
دندان معين شود چه بيفتد ز کار دست
|
دشمن کمان گشود بسويش ز چار سو
|
|
|
بر مشک آب تير و بگل يافت خار دست
|
جسم شريف او هدف تير و نيزه شد
|
|
|
باد سموم يافت بر آن لالهزار دست
|
از ضربت عمود خشک گشت غرق خون
|
|
|
بر چهرهٔ ماه يافت خسوف غبار دست
|
افتاد روى خاک و ندا زد که يا اخا
|
|
|
دريابم از وفا و بيارى برار دست
|
شاها بيا که جان کنم ايثار مقدمت
|
|
|
آنسان که در ره نمودم نثار دست
|
سلطان دين چه نالهٔ دلسوز او شنيد
|
|
|
تعجيل کرد که ببالين او رسيد
|
مباراة الشعر بالعربيّة وتقريب روح النصّ الفارسي :
أيا أباً للفضل يا والد
|
|
بوركت أنت الجيش والقائد
|
من جودك البحر بلا ساحل
|
|
يجري فراتاً موجه الصاعد
|
كم ارتوت من عذبه أُمّة
|
|
لا ناقص عنها ولا نافد
|
ملكت نهر العلقمي ظامياً
|
|
لا شارب منه ولا وارد
|
وعُدت في قلبك حرّ الظما
|
|
كالنار إذ يوقدها الواقد
|
همّته تظهر في صبره
|
|
على الظما لم يغره البارد
|
في متنه الجود وفي كفّه
|
|
يردي الأعادي سيفه الحاصد
|
كأنّه السحاب عشّاهم
|
|
والسيف فيه البارق الراعد
|
جاؤوا إلى الشاطئ يحمونه
|
|
أنّي وعبّاس هو القاصد
|
أنّى يخيف الأسد في غيلها
|
|
كلب عوى أو ثعلب حاقد
|
أمّهم سيف أبي فاضل
|
|
فليس إلّا الراكع الساجد
|
سالوا دماً من حرّ صمصامه
|
|
كما يدق الحجر الجامد
|
وانكفئوا لمّا رأوا سيفه
|
|
وطار رعباً منهم المارد
|
ما كان محتاجاً إلى سيفه
|
|
ينوب عنه النظر الحارد
|
ونظرة تعرب عن سخطه
|
|
ينهدّ منها البطل الصامد
|
خاض الفرات العذب من جوده
|
|
يجري رخاءاً بحره الراكد
|
هذا لواء الحمد في كفّه
|
|
ليس له إلّا الفتى الماجد
|
فتوّة ليس لها مشبه
|
|
باركها المعبود والعابد
|
تطيح يمناه فلا ينثني
|
|
ويتبع اليسرى بها الجاحد
|
وأذهل العالم في ساعة
|
|
تعانق المشهود والشاهد
|
لم يبق إلّا أمل واحد
|
|
لله هذا الأمل الواحد
|
أن يرتوي من جوده عاطش
|
|
لولا الردى والأجل الوارد
|
واحرّ قلب السبط من بعده
|
|
إذ طار منه الزند والساعد
|
نامت عيون الرجس من بعده
|
|
وقلّ من آل الهدى الراقد
|
جاء إلى مصرعه باكياً
|
|
ألفاه لا عين ترى لا يد
|
يا بقعة كالعرش في فضلها
|
|
جبريل فيها نازل صاعد
|
جاء بأملاك السما للعزا
|
|
أذهلها المفقود والفاقد
|
١٠٢ ـ العبّاس الأصغر
روى المرحوم فرهاد ميرزا في القمقام الذي لا يروي فيه
إلّا المنقول عن الكتب المعتبرة عن سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ وهو يروي عن القاسم ابن الأصبغ المجاشعي ، قال :
لمّا أُتي بالرؤوس إلى الكوفة إذا بفارس أحسن الناس
وجهاً قد علّق في لبب فرسه رأس غلام أمرد كأنّه القمر ليلة تمامه ، والفرس يمرح فإذا طأطأ رأسه لحق الرأس بالأرض ، فقلت له : رأس من هذا ؟ فقال : هذا رأس العبّاس بن علي ، قلت : من أنت ؟ قال : حرملة بن كاهل.
قال : فلبث أيّاماً وإذا بحرملة ووجهه أشدً سواداً من
القار ، فقلت له : لقد رأيتك يوم حملت الرأس وما في العرب أنضر وجهاً منك وما أرى اليوم لا أقبح ولا أسود وجهاً منك ! فبكى وقال : والله منذ حملت الرأس وإلى اليوم ما تمرّ عليّ ليلة إلّا واثنان يأخذان بضبعي ثمّ ينتهيان بي إلى نار تأجّج فيدفعان فيها وأنا أنكص فتسعفني كما ترى ، ثمّ مات على أقبح حال .
وروى أبو الفرج الإصفهاني في مقاتل الطالبيّين طبع ايران
ص ٤٨ عن المدائني أبو غسّان عن هارون بن سعد عن الأصبغ بن نُباتة قال : رأيت رجلاً من بني أبان ابن دارم أسود الوجه وكنت أعرفه جميلاً شديد البياض ، فقلت له : ما كدت أعرفك ، قال : إنّي قتلت شابّاً أمرد مع الحسين بين عينيه أثر السجود ، فما تمّت ليلة منذ قتلته إلّا أتاني فيأخذ بتلابيبي حتّى يأتي جهنّم فيدفعني فيها فأصيح فما
يبقى في الحيّ إلّا سمع صياحي ، قال : والمقتول العبّاس بن عليّ عليهالسلام .
وهذه الرواية نقلها العلّامة النوري في كتابه (دار
السلام) ص ١١٤ عن المدائني ونقل مثلها عن الصدوق ثمّ قال : وأخطأ المدائني حين افترض العبّاس شابّاً أمرد.
أقول : إذا افترضنا أنّ للإمام أمير
المؤمنين ولدين بهذا الاسم فليس لنا أن نخطّأ المدائني وأبا الفرج إذ لا ريب أنّ العبّاس عليهالسلام
قمر بني هاشم لا يقلّ عمره عن أربع وثلاثين عاماً يومذاك وبالطبع لم يكن كقيس بن سعد بن عبادة لم ينبت ، وشابّ بهذه السنّ يستحيل عادة أن يكون أمرد ، فهذه الحكاية من المحتمل أن تكون عن عبّاس آخر وهي تطابق صفات عبّاس الأصغر وهناك دلائل تدلّ على صدق ذلك :
__________________
منها : ما ذكر السيّد عبدالرزّاق
المقرّم النجفي في كتابه (العبّاس) ص ٥٢ قال : فأولاد أمير المؤمنين الذكور ستّة عشر : الحسن والحسين والمحسن أُمّهم سيّدة نساء العالمين عليهاالسلام
، محمّد بن الحنفيّة أُمّه خولة ، العبّاس وعبدالله وجعفر وعثمان أُمّهم أُمّ البنين ، عمر الأطرف والعبّاس الأصغر أُمّهما الصهباء ، محمّد الأصغر
أُمّه أمامة بنت أبي العاص بن الربيع ، يحيى وعون أُمّهما أسماء بنت عميس الخثعميّة ، عبيدالله وأبو بكر أُمّهما ليلى بنت مسعود ، محمّد الأوسط أُمّ ولد ، انتهى ، وبهذا
لا يبقى للشبهة محلّ.
ومنها : يقول شهاب الدين أحمد ـ وهو
من كبار علماء الشافعيّة ـ في كتابه (وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل) عندما يذكر أولاد أمير المؤمنين عليهالسلام : العبّاس الأكبر. ومن الواضح أنّ التعبير بالأكبر في مقابل الأصغر ، ولو لم يكن موجوداً لما
صحّ هذا التعبير.
ومنها : ما جاء في الدمعة الساكبة : وكان
يقال له قمر بني هاشم ، وكان شابّاً أمرد بين عينيه أثر السجود .
ولا ريب في عدم جواز وصف أبي الفضل بالأمرد وهو بتلك السنّ.
ومنها : ما جاء في ناسخ التواريخ
أنّه قال : ليكن ظاهراً أنّ بعض العلماء نصّوا على استشهاد العبّاس بن عليّ عليهالسلام
ليلة عاشوراء ولكن جُلّهم أكّدوها في يوم العاشر لأنّ من أولاد أمير المؤمنين اثنين اسمهما « عبّاس » أحدهما يُدعى العبّاس الأكبر ، ويُدعى الآخر العبّاس الأصغر. فتبيّن من هذا أنّه يمكن القول أنّ عبّاساً
الأصغر هو الذي أسرع إلى الشهادة في ليلة العاشر من المحرّم.
__________________
١٠٣
ـ عبدالأعلى ؛ شهيد الكوفة
ذكر صاحب ذخيرة الدارين عن الحدائق الورديّة ، والمامقاني
في رجاله ذكر ذلك مختصراً أنّ عبدالأعلى كان فارساً شجاعاً قارئاً من الشيعة كوفيّاً وهو ابن يزيد الكلبي العليمي من بني عليم ، وعبدالأعلى هذا وحبيب بن مظاهر كانا يأخذان البيعة من أهل الكوفة للإمام الحسين عليهالسلام
، ولمّا خرج مسلم بن عقيل خرجا معه ولكن كثير بن شهاب قبض على عبدالأعلى بعد شهادة مسلم بن عقيل عليهالسلام
وسلّمه إلى عبيدالله بن زياد لعنهما الله ، فقال له ابن زياد : أخبرني عن حالك ؟ فقال : خرجت من بيتي لأنظر أمر الناس وما هم فيه فقبض عليّ جلاوزتك وأدخلوني عليك. قال له ابن زياد : تقسم يميناً غموساً أنّك لم تخرج إلّا لهذا ، فامتنع عبدالأعلى من ذلك ، فقال ابن زياد : خذوه واضربوا عنقه في جبّانة بني سبيع ، ففعلوا به ذلك والتحق بركب الشهداء رضي الله عنه وأرضاه.
١٠٤
ـ عبدالرحمن بن عبد ربّه الأنصاري
من صحابة رسول الله صلىاللهعليهوآله
ومن المخلصين الذين ربّاهم عليّ المرتضى عليهالسلام
، ذكره صاحب أُسد الغابة والإصابة .
__________________
وذكر في الإصابة روايته حديث من كنت مولاه عن كتاب
الموالاة لابن عقدة ، وذكر أسماء ثلاثة عشر رجلاً ومنهم عبدالرحمن بن عبد ربّه الأنصاري ، ومثله فعل ابن الأثير في اُسد الغابة ، وذكر شهادة عبدالرحمن المذكور ، وفيها : وأنا سمعت الحديث من رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وفي الحدائق الورديّة بناءاً على ما نقله العلّامة
السماوي في إبصار العين ، قال : وكان عليّ بن أبي طالب عليهالسلام
هو الذي علّم عبدالرحمن هذا القرآن وربّاه ، وكان عبدالرحمن جاء معه من مكّة وقُتل بين يديه في الحملة الأُولى .
وقال ابن شهر آشوب : إنّه قُتل مبارزة بعد صلاة الظهر.
وفي نفس المهموم عن أبي مخنف وهو يروي بسنده عن مولى
عبدالرحمن ابن عبد ربّه الأنصاري لأنّه شهد واقعة الطف وكان حاضراً يومها ولكنّه أفلت وكان يقول : ولمّا كان يوم عاشوراء ورأيت الشهداء صرعى على الرمال تركتهم ونجوت بنفسي .
ومجمل القول : إنّ هذا المولى كان يحدّث عن ليلة العاشر ، قال : أمر الحسين أصحابه ببناء سرادق وأمرهم بالإطلاء بالنورة .. الخ ، كما مرّ في ترجمة برير.
__________________
١٠٥ ـ عبدالرحمن الأرحبي
من كبار الصحابة
، ذكر في كتب الرجال المعروفة مثل رجال الشيخ الاسترآبادي والمامقاني وغيرهما بالفضل والعلم وهو من الذين قال فيهم أحمد ابن داود الدينوري في كتابه « الأخبار الطوال » : ولمّا بلغ أهل الكوفة وفاة
معاوية وخروج الحسين بن عليّ إلى مكّة اجتمع جماعة من الشيعة في منزل سليمان بن صرد واتفقوا على أن يكتبوا إلى الحسين يسألونه القدوم عليهم ليسلّموا الأمر إليه ،
ويطردوا النعمان بن بشير ، فكتبوا إليه بذلك ... ثمّ لم يمس الحسين يومه ذلك حتّى ورد عليه بشر بن مسهّر الصيداوي وعبدالرحمن بن عبيد الأرحبي ومعهما خمسون كتاباً من أشراف أهل الكوفة ورؤسائها ، كلّ كتاب منها من الرجلين والثلاثة والأربعة بمثل ذلك .
وهذا الفريق تلا الفريق المتقدّم وكان مؤلّفاً من
عبدالله بن سبيع الهمداني وعبدالله بن وال وأرسلوا بعد ذلك سعيد بن عبدالله الحنفي وهاني بن هاني السبيعي.
ومجمل القول أنّ عبدالرحمن الأرحبي وقيس بن مسهّر وأدهم
وصلوا مكّة
__________________
في شهر رمضان وجاء على أثرهم ناس
آخرون وما زال أهل الكوفة يرسلون الجماعة تلو الجماعة.
قال أبو مخنف : ثمّ دعى مسلماً بن عقيل ووجّه معه قيس بن
مسهّر الصيداوري وعمارة بن عبدالله السلولي
وعبدالرحمن بن عبدالله (الكدن ـ كذا) الأرحبي. ثمّ عاد عبدالرحمن إلى مكّة ولازم ركاب الحسين عليهالسلام
حتّى نزوله بكربلاء.
يقول ابن شهر آشوب في المناقب : فبرز عبدالرحمن الأرحبي
وهو يرتجز ويقول :
صبراً على الأسياف والأسنه
|
|
صبراً عليها لدخول الجنّة
|
وحور عينٍ ناعماتٍ هُنّه
|
|
يا نفس للرّاحة فاجهدنّه
|
وفي زيارة الناحية المقدّسة : « السلام على عبدالرحمن بن
عبدالله بن الكدن الأرحبي ».
لكن الناسخ ومنتهى الآمال عدّاه من شهداء الحملة الأُولى
بخلاف إبصار العين.
١٠٦
ـ عبدالرحمن اليزني
قال في نفس المهموم والناسخ : ثمّ برز عبدالرحمن بن
عبدالله اليزني وهو يرتجز ويقول :
__________________
أنا ابن عبدالله من آل يزن
|
|
ديني على دين حسين وحسن
|
أضربكم ضرب فتًى من اليمن
|
|
أرجو بذاك الفوز عند المؤتمن
|
وغاص في خضم الجيش وقتل جماعة منهم ثمّ استشهد عليهالسلام.
١٠٧
ـ عبدالرحمن بن عروة البدوي
ذكره الشيخ في رجاله وأبو علي وغيره من علماء الرجال ، وأصحاب
المقاتل ذكروه أيضاً.
يقول المامقاني : عبدالرحمن بن عروة بن حرّاق الغفاري ، وأخوه
عبدالله من أهل الشرف والشجاعة ، وأصحاب الهيمنة والنفوذ ، ومن شيعة أمير المؤمنين عليهالسلام ، جدّهم يُدعى حرّاق الغفاري من أصحاب أمير المؤمنين وملازمي ركابه في الجمل وصفّين والنهروان.
قال أبو جعفر الطبري : كانا مع الحسين في كربلاء .
وقال أبو مخنف وابن الأثير في الكامل : (فلمّا رأى أصحاب
الحسين أنّهم قد كثروا (لعلّها كوثروا) وأنّهم لا يقدرون على أن يمنعوا حسيناً ولا أنفسهم تنافسوا في أن يُقتلوا بين يديه) فجاء عبدالله وعبدالرحمن ابنا عزرة الغفاريان فقالا [ لتلك السلالة الطيّبة بعين باكية : ] يا أبا عبدالله ، عليك السلام ، حازنا
العدوّ إليك فأحببنا أن نقتل بين يديك نمنعك وندفع عنك ، قال : مرحباً بكما ، ادنوا منّي ،
فدنوا منه [ منه وهما يبكيان ، فقال : أي ابنَي أخي ، ما يبكيكما ؟ فوالله إنّي
لأرجو
__________________
أن تكونا عن ساعة قريرَي العين ، قالا
: جعلنا فداك ، لا والله ما على أنفسنا نبكي ولكن نبكي عليك ، نراك قد أُحيط بك ولا نقدر على أن نمنعك ، فقال : جزاكما الله يا ابني أخي بوجدكما من ذلك ومواساتكما إيّاي بأنفسكما أحسن جزاء المتّقين ]
ثمّ ودّعاه وانصرفا إلى الحرب وأخذ أحدهما يرتجز الشطر ويتمّه الآخر :
قد علمت حقّاً بنو غفار
|
|
وخندف بعد بني نزار
|
لنضربنّ معشر الفجّار
|
|
بكلّ عضب صارمٍ بتّار
|
يا قوم ذودوا عن بني الأطهار
|
|
بالمشرفيّ والقنا الخطّار
|
وقاتلا حتّى نالا الشهادة.
وفي زيارة الناحية المقدّسة والزيارة الرجبيّة : « السلام
على عبدالله وعبدالرحمن ابني عروة بن حراق الغفاريّين ».
ولا يخفى أنّ صاحب الناسخ أورد الخبر بنفس السياق إلّا
أنّه لم يورد لهما رجزاً ونسب بعض هذا الرجل إلى قرّة ابن أبي قرّة الغفاري ، والله العالم. خلا أنّ صاحب منتهى الآمال وإبصار العين نسب الرجز كلّه إليهما ومثلهما فعل الخوارزمي في مقتله .
__________________
١٠٨ ـ عبدالرحمن الكدري وأخوه
في ناسخ التواريخ ص ٢٧٩ عدّه من أصحاب الإمام الحسين عليهالسلام وقال : كان
عبدالرحمن وأخوه ـ كما روى صاحب الشافية ـ ممّن ثبت مع الإمام الحسين عليهالسلام وظهرت منهما البطولات في قتال الأعداء والدفاع عن أهل البيت وقدّما التضحيات القيّمة كما قتلا من العدوّ عدداً لا يستهان به إلى أن استشهدا.
١٠٩
ـ عبدالرحمن بن عقيل
في زيارة الناحية المقدّسة والرجبيّة : « السلام على
عبدالرحمن بن عقيل بن أبي طالب عليه السلام ، لعن الله قاتله وراميه عثمان بن خالد بن أشيم الجهني » .
وقال في نفس المهموم : وفي المناقب : برز عبدالرحمن بن
عقيل وهو يرتجز ويقول :
أبي عقيل فاعرفوا مكاني
|
|
من هاشم وهاشم إخواني
|
كهول صدقٍ سادة الأقران
|
|
هذا حسين شامخ البنيان
|
وسيّد الشيب مع الشبّان
|
|
وسيّد الشباب في الجنان
|
__________________
فقتل سبعة عشر فارساً ، قتله عثمان بن خالد الجهني .
ولمّا ظهر المختار عليه الرحمة أرسل عبدالله بن كامل
وراء عثمان بن خالد وبشر بن خوط القانصي فوصل عصراً إلى مسجد قبيلة دهمان فرع من همدان ، وناشد الناس قائلاً : عليّ آثام العالمين إن لم تأتوني بهذين الرجلين : عثمان بن خالد وبشر بن خوط ، لأضعنّ السيف فيكم جميعاً ، فطلبوا منهم أن يمهلهم ثمّ ركبوا يطلبونهما فوجدوهما في الجبّانة ينويان الهرب من وجه المختار إلى الجزيرة ، فأقبلوا بهما إلى عبدالله بن كامل فأوصلهما عند « بئر الجعد » إلى جهنّم
وبشّر المختار بذلك فأمر المختار بحرق جيفتهما ففعلوا.
قومٌ على بنيانهم من هاشم
|
|
فرع أشمّ وسؤدد لا ينقل
|
قوم بهم نظر الإله لخلقه
|
|
وبجدّهم نصر النبيّ المرسل
|
بيض الوجوه ترى بطون أكفّهم
|
|
تندى أذا اعتذر الزمان الممحل
|
__________________
١١٠
ـ عبدالرحمن بن مسعود
عبدالرحمن بن مسعود بن الحجّاج التيمي ، ذكره أبو عليّ
في رجاله ، والمامقاني ، والسماوي في إبصار العين ، وذخيرة الدارين ، والحدائق الورديّة ، وابن شهر آشوب وغيرهم ، أبوه اسمه مسعود وهو من كبار الشيعة ويعرفان بالشجاعة والفروسيّة ، قدما إلى كربلاء يوم السابع من المحرّم. وقال ابن شهرآشوب : قُتلا في الحملة الأُولى .
وفي زيارة الناحية المقدّسة : « السلام على مسعود بن
الحجّاج وابنه عبدالرحمن بن مسعود ».
١١١
ـ عبدالرحمن بن يزيد
في الزيارة الرجبيّة : « السلام على عبدالرحمن بن يزيد ».
ولم نقف على ترجمته في كتب الرجال ، وذكر المامقاني في آخر من اسمهم عبدالرحمن ثلاثة عدّهم من المجاهيل والضعفاء ، أوّلهم : عبدالرحمن بن يزيد بن جاربة الأوسي ، والثاني : عبدالرحمن بن يزيد بن رافع الذي سكن بصرة ، والثالث عبدالرحمن ابن يزيد بن عامر بن يعمر الدئلي الذي سكن الكوفة ، والله العالم.
١١٢
ـ عبدالله بن البشر الخثعمي
قال العلّامة السماوي في إبصار العين : كان ممّن خرج مع
عسكر ابن سعد ثمّ صار إلى الحسين عليهالسلام
.. قُتل في الحملة الأُولى قبل الظهر .
وذكر مثله صاحب
__________________
الحدائق الورديّة وذخيرة الدارين
ورجال المامقاني ... .
__________________
١١٣
ـ عبدالله بن الحارث
شهيد الكوفة. قال المامقاني في رجاله : عبدالله بن الحارث
، أدرك صحبة رسول الله صلىاللهعليهوآله
وكان في صفّين حاضراً في جمع أمير المؤمنين المظفّر وكان يأخذ البيعة في الكوفة من أهلها لمسلم بن عقيل عليهالسلام
، ولمّا خذل مسلماً أهل الكوفة قبض كثير بن شهاب على عبدالله بن الحارث وسلّمه إلى عبيدالله وبعد قتله مسلماً قتله. ولا يخفى أنّ هذا الخبر ذكره المامقاني بهذا التفصيل ، والله أعلم.
قال أبو مخنف ـ كما نقل عنه صاحب ذخيرة الدارين ـ : حدّثني
هارون بن مسلم بن عليّ بن صالح ، عن عيسى بن زيد أنّ عبدالله بن الحارث بن نوفل من أهل الكوفة وكان يأخذ البيعة لمسلم من أهلها ، ولمّا ظهر مسلم عمد عبدالله بن الحارث إلى قباء له أحمر فارتداه وتناول بيده راية حمراء وأقبل حتّى ركزها على باب عمرو بن حريث وقال : جئت لأمنع عمرواً بن حريث ، وكان محمّد بن الأشعث والقعقاع الذهلي وشبث بن ربعي يقاتلون مسلماً أشدّ القتال. ولمّا أسر مسلم عليهالسلام
أمر عبيدالله بن زياد بطلب عبدالله بن الحارث فقبض عليه كثير بن شهاب وجاء به عبيدالله بن زياد فأمر بسجنه ، ولمّا فرغ من أمر مسلم أمر بإحضاره
__________________
فلمّا مثل بين يديه قال له : من أنت ؟
فما أجابه ابن الحارث ، فقال له ابن زياد لعنه الله : أنت صاحب الراية الحمراء التي نصبتها على باب عمرو بن حريث ؟ فلم يردّ عليه ، فقال ابن زياد : ألست أنت الذي أخذت البيعة للحسين من أهل الكوفة ؟ فسكت ، فقال ابن زياد : خذوه واقتلوه أمام عشيرته ، ففعلوا ما أمرهم به ، رضوان الله عليه ، والتحق بقافلة الشهداء .
١١٤
ـ عبدالله بن الحسين الأكبر
قال العلّامة المجلسي في عاشر البحار : ثمّ خرج عبدالله
بن الحسن بعد القاسم وهو يقول :
إن تنكروني فأنا ابن حيدره
|
|
ضرغام آجام وليث قسوره
|
على الأعادي مثل ريح صرصره
|
|
أكيلكم بالسيف كيف السندره
|
فقتل أربعة عشر رجلاً ثمّ قتله هاني بن ثبيت الحضرمي
فاسودّ وجهه .
قال أبو الفرج : وكان أبو جعفر محمّد بن عليّ ـ فيما
رويناه ـ يذكر أنّ حرملة بن كاهل الأسدي قتله.
وعن هاني بن ثبيت القايضي (القانصي ـ المؤلّف) أنّ رجلاً
منهم قتل [ عبدالله ابن الحسن الأكبر ] .
__________________
وذكر المجلسي أبا بكر بن الحسن بعد مقتل عبدالله بن
الحسن ويحتمل أن يكونا واحداً ، والله العالم .
وذكر صاحب نفس المهموم ما ذكرناه عن عاشر البحار .
وقال صاحب الناسخ : إنّ عبدالله بن الحسن غير أبي بكر بن
الحسن لأنّ قاتل أبي بكر عبدالله بن عقبة الغنوي وقاتل عبدالله حرملة ؛ هكذا ذكروه والله العالم.
١١٥
ـ عبدالله بن الحسن الأصغر
لم يبلغ التاسعة من العمر. قال أبو الفرج : وأُمّه بنت
السلسل بن عبدالله (أخي جرير بن عبدالله) البجلي .
ولكن صاحب كفاية الطالب ذكر أنّ أُمّه رملة بنت سليل بن
عبدالله البجلي .
وكان الغلام لم يبلغ الحلم ، ولمّا لم يرغمه خرج مسرعاً
من بين الخيام وتبعته المخدّرة العليا زينب تعدو ورائه لتردّه إلى الخيمة ، فقال الغلام : لا والله لا
أُفارق
__________________
عمّي وجهدت أن تردّه فما قدرت حتّى
بلغ عمّه مسرعاً ، فرفع أبجر بن كعب السيف وقيل حرملة بن كاهل لعنهما الله ليضرب الحسين على رأسه فرفع الغلام يده وقال له : يابن الخبيثة ، أتريد قتل عمّي ، فوقع السيف على يده فقطع يده وإذا هي معلّقة ، فارتفعت صيحته : يا أُمّاه قطعوا يدي ، فأخذه الإمام عليهالسلام في إحضانه وقال : يا بني ، اصبر على ما أصابك فإنّه لخير أُريد بك ، وسيلحقك الله بآبائك الأطهار ، وما زال به حتّى جائه سهم من حرملة بن كاهل لعنه الله فاستشهد الغلام في حجر عمّه.
وقال في المنتخب : ولمّا رأته زينب على هذه الحال صاحت
منادية : ليتني كنت تحت أطباق الثرى قبل أن أرى هذا اليوم ، وليت السماء أطبقت على الأرض ، وليت الجبال تدكدكت من فوقها.
وفي إرشاد المفيد : ثمّ رفع الحسين عليهالسلام يده وقال :
اللّهمّ فإن متّعتهم إلى حين ففرّقهم فرقاً ، واجعلهم طرائق قدداً ، ولا تُرض الولاة عنهم أبداً ، فإنّهم دعونا
لينصرونا ثمّ عدوا علينا فقتلونا .. .
فلم تر عيني كالصغار مصابهم
|
|
يقلّب أكباد الكبار على الجمر
|
* * *
يا ذلّة الإسلام من أعدائه
|
|
ظفروا له بمعايب ومعاير
|
آل العزيز يعظّمون حماره
|
|
ويرون فوزاً كلّهم للحافر
|
وسيوفكم بدم ابن بنت نبيّكم
|
|
مخضوبة لرضا يزيد الكافر
|
* * *
چه ياد آرم ز اصغر طفل معصوم
|
|
ديگر عبدالله آن طفل مظلوم
|
__________________
بهار نخل افغانم دو صد شاخ
|
|
کند هر شاخهام سوراخ سوراخ
|
* * *
إذا ذكرت الطفل في كربلا
|
|
لم يأت ذنباً وهو معصوم
|
ينبت من دمعي نخيل الأسى
|
|
فيا لجسم منه مكلوم
|
جودي خراساني
بود طفلى ز حسن در حرم آل عبا
|
|
|
يوسف يثرب و بطحا عزيز زهرا
|
حسنى وجه حسين خلق پيمبر سيما
|
|
|
بسته از شادى قاسم بسر پنجه حنا
|
رخ او مصحف و گيسوى سيه باسم الله
|
|
|
عمر کوتاه بدى نام نگو عبدالله
|
* * *
مايل ديدن سلطان شهيدان گرديد
|
|
|
از سراپرده روان جانب ميدان گرديد
|
چرخ از کج روى خويش پشيمان گرديد
|
|
|
شور محشر بصف ماريه بر پا گرديد
|
مادر عمّه و عمزاده بشور افتادند
|
|
|
همه در واهمهٔ شور و نشور افتادند
|
حوريان هم ز تأسّف بفغان افتادند
|
|
|
همه بر سايهٔ آن لمعهٔ نور افتادند
|
مادرش غنچهٔ بستان بسر دست نهاد
|
|
|
گفت ازين شير که خوردى گوارايت باد
|
بودم امّيد که قاسم بنمايم داماد
|
|
|
رفت تا صبح قيامت بدلم داغ نهاد
|
مرو از ديده و برهم مشکن اعضايم
|
|
|
ورنه من از عقبت سينه زنان مىآيم
|
* * *
زينبش گفت که اى شمع سراپردهٔ ناز
|
|
|
مىکشم من قدم ناز تو بر چشم بناز
|
بود اميدم که تو ما را برسانى به حجاز
|
|
|
رشتهٔ عمر تو کوته شد امّيد دراز
|
گفت شهزاده حسين عمّ غريبم تنهاست
|
|
|
گل گلزار نبى خار بچشم اعداست
|
او بخون من بسرپراده نشينم نه رواست
|
|
|
خاک عالم بسرم اين حيا و چه وفاست
|
الغرض اهل حرم را بحرم برگرداند
|
|
|
خويشتن را بحضور شه لب تشنه رساند
|
شه دين در برش آورد و دُر اشک فشاند
|
|
|
سينه بر سينه نهاد بکنارش بنشاند
|
گفت اى جان گرامى بکجا آمدهاى
|
|
|
تير مىبارد از اين قوم چرا آمدهاى
|
گفت شه زاده که از راه وفا آمدهام
|
|
|
جان عمو بسلام شهدا آمدهام .. الخ
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب المعنى إلى روح النصّ الفارسي :
كيف يحلو العيش من بعد الحسين
|
|
عظّم الله أُجور المسلمين
|
* * *
ما جرى خطب كخطب ابن الرسول
|
|
إنّه في الأرض زلزال مهول
|
كادت الدنيا مع الأُخرى تزول
|
|
يا لخطب الطفّ عمّ النشأتين
|
* * *
قد أصاب الحزن قلب المصطفى
|
|
حينما جوزي بالفضل الجفا
|
قد دهى القتل بنيه الشرفا
|
|
جزّروا في سيف جبّار لعين
|
* * *
ليس بدعاً في الورى قتل الكبير
|
|
وجرى في الناس من هذا الكثير
|
غير أنّ الخطب في ذبح الصغير
|
|
لم يكن يبلغ سنّ البالغين
|
* * *
كان في الطفّ غلام للحسن
|
|
خجلاً من نوره البدر كمن
|
لم يكن للناس يبدو في العلن
|
|
فتعالى الله خير الخالقين
|
* * *
غصن ينمى لدوح المجتبى
|
|
بسنا خامس أصحاب العبا
|
فاح من أخلاقه عطر الكبا
|
|
إنّها أخلاق خير المرسلين
|
* * *
دخل الميدان في كفٍّ خضيب
|
|
قادماً يُعلن عن عرس الحبيب
|
كيف يهنا العرس والعمّ أُصيب
|
|
وهو للأرض مخضوب الجبين
|
* * *
خفي المولى فما أبصره
|
|
فلذاك اشتاق أن ينظره
|
خسأ الرجس فلن يحذره
|
|
لن تخاف الأسد من كلب مهين
|
* * *
دخل الميدان من خيمته
|
|
مثل بدرٍ شعّ في دارته
|
يكسف الشمس ضيا غرّته
|
|
كانحسار الطرف في النور المبين
|
* * *
ندم الدهر على ما قد جنى
|
|
وغدا العالم مسلوب الهنا
|
أكذا يفعل أولاد الزنا
|
|
يوم عاشورا بأبناء الأمين
|
* * *
مذ رأته الأُمّ يعدو في الفناء
|
|
خارجاً نحو لقاء الشهداء
|
نادت الحوراء يا خير النساء
|
|
أسعفيني فلقد عزّ المعين
|
* * *
وأطلّ الملأ الأعلى يرى
|
|
سائلاً ماذا على الأرض جرى
|
لم صراخ الحور قد عمّ الورى
|
|
وبكت زمزم والركن الركين
|
* * *
وعدى خدر الهدى في كربلا
|
|
فقدوا منه الرجا والأملا
|
نادت الأُمّ نداءاً عجلا
|
|
ولدي رحماك في قلبي الحزين
|
* * *
ليتني عاجلني صرف الردى
|
|
لا أخاً أشكو له لا ولدا
|
زيّن القاسم ركب الشهدا
|
|
وأهاج الحزن والهمّ الدفين
|
* * *
وبقيت المرتجى من بعده
|
|
صار قلبي جمرة من فقده
|
ألمي طيّ الحشا لم أبده
|
|
ليس من يدري به لولا الأنين
|
* * *
كنت أرجو العود للدار معك
|
|
ونلاقي فلكاً قد أطلعك
|
ولدي أخشى تلاقي مصرعك
|
|
ثمّ لا ترجع لي في الراجعين
|
* * *
قال يا أُمّ اصبري واحتسبي
|
|
إنّني أسعى لعمّي وأبي
|
ليتني في الموت ألقى إرَبي
|
|
حين أهوى بفنا عمّي طعين
|
* * *
ارجعوا يا أهل بيتي للخباء
|
|
سوف أنضمّ لركب الشهداء
|
كيف أرضى العمّ يبقى في العراء
|
|
عارياً في أهل بيت طاهرين
|
* * *
ودعاه العمّ قف يا ولدي
|
|
عُد إلى الخيمة قبل الموعد
|
فلقد قطّعت منّي كبدي
|
|
عُد وكن عوناً لزين العابدين
|
* * *
فأجاب الطفل كلّا لا أعود
|
|
لا أُريد العيش فيلفنَ الوجود
|
كيف أقوى أن أرى هذي الحشود
|
|
جمعت من كلّ همّاز مشين
|
* * *
ضمّني يا عمّ في حضن الأمان
|
|
حانياً أو لا فخذني للجنان
|
حسنيّ أنا لا أرض الهوان
|
|
سمح بالروح بالقدر ضنين
|
* * *
إنّ موتاً معْك خير من سبا
|
|
إنّني بالثدي أرضعت الإبا
|
أولست الحرّ شبل المجتبى
|
|
كان عزمي من جدودي الأوّلين
|
* * *
رق ممّا قال سبط المصطفى
|
|
قال من بعدك للدنيا العفا
|
صار فيه الطفّ ميدان الوفا
|
|
ومضى في الشهداء الخالدين
|
عمّان ساماني
يکى طفلى برون آمد ز خرگاه
|
|
سوى شه شد روان چون قطعهٴ ماه
|
هواى ديدن شه داشت بر سر
|
|
بدى شه زاده قاسم را برادر
|
در آن دم خواهران را گفت آن شاه
|
|
که اين کودک برون نايد ز خرگاه
|
ندارند اين جماعت رحم بر ما
|
|
نه بر کودک نه بر پير و نه بر ما
|
گريزان از حرم گرديد آن ماه
|
|
دوان تا رفت در آغوش آن شاه
|
شهش بگرفت همچون جان شيرين
|
|
بگفت اى يادگار يار ديرين
|
چرا بيرون شدى از خرگه اى جان
|
|
نمىبينى مگر پيكان پرّان
|
بناگه کافرى ز آن قوم گمراه
|
|
حوالت کرد تيغى بر سر شاه
|
ز بهر حفظ شه کودک حذر کرد
|
|
بر آن تيغ دست خود سپر کرد
|
جدا گرديد دست کودک از بن
|
|
بشه گفتا ببين چون کرد با من
|
چه ديدش حرمله آن کفر بدبخت
|
|
بزد بر سينهاش تيرى چنان سخت
|
که کودک جان بداد و بىمهابا
|
|
پريد از دست شه تا نزد بابا
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب المعنى إلى النصّ الفارسي :
وإن أنس ملأشياء لم أنس سيّداً
|
|
نمته الأُباة الغرّ من آل هاشم
|
تقارب منه العمر حتّى كأنّه
|
|
لسرعته في الدهر أحلام نائم
|
عدا يطلب المولى وقد حال بينه
|
|
وبين لقاء السبط جيش البهائم
|
وأشرق من بين البيوت كأنّه
|
|
ذكاء تجلّى ضوئها للعوالم
|
وكان أبو الأحرار أوصى لأُخته
|
|
لتحفظ هذا الشبل من سيف ظالم
|
وقد شغلت بالحزن عنه أما درت
|
|
سليل عليّ ضيغم في الضياغم
|
فصاحت به والأُمّ تعدو ورائه
|
|
بنيّ ائتد لي لا تزد في مآتمي
|
وكيف تطيق الأُمّ صبراً على الأسى
|
|
أمن فقد عبدالله أم فقد قاسم
|
فما صاخ سمعاً للنداء وإن غدا
|
|
يقطّع أحشاء العلى والمكارم
|
فأقبل ينحو السبط يطلب قربه
|
|
ويعدو بمرأىً من عدوّ مراغم
|
فلم يلف في هذي الجموع تحشّدت
|
|
لقتل ابن بنت المصطفى قلب راحم
|
ولمّا رآه الوغد من عمّه دنى
|
|
تهادى وأهوى للإمام بصارم
|
فمدّ ابن بنت الوحي كفّاً لعمّه
|
|
لتصبح دون العمّ إحدى الدعائم
|
براها لعين القوم بالسيف عامداً
|
|
فصاح أيا عمّاه هل أنت عاصمي
|
فضمّ الإمام الطفل ضمّاً لصدره
|
|
بدمع على خدّيه ينهل ساجم
|
فقال اصطبر في الحشر جدّك خصمهم
|
|
وسوف تقاضيهم بجدّ مخاصم
|
وبالسهم أرداه اللعين ابن كاهل
|
|
ألا إنّ قتل الطفل شرّ الجرائم
|
* * *
آرى آرى جذبه جانان چه اندازد طناب
|
|
|
مىکشاند طالب مجذوب را در کوى يار
|
لذّت وارستگى بيند چه در قيد کمند
|
|
|
سوى صيّادان رود صيد حرم بىاختيار
|
المباراة أو تقريب المعنى :
إذا ألقى الحبيب شباك صيد
|
|
ليحتاز الحبيب إلى الديار
|
أتى محبوبه يسعى بشوقٍ
|
|
ليحويه الشباك بلا اختيار
|
١١٦ ـ عبدالله الرضيع
جاء في زيارة الناحية المقدّسة : « السلام على عبدالله
الرضيع المرمى الصريع ،
المشتحّط بدمه ، والمصعد دمه في
السماء المذبوح بالسهم في حجر أبيه ، لعن الله راميه حرملة بن كاهل الأسدي ».
والكلام هنا في عبدالله الرضيع هذا هو عليّ الأصغر
المعروف أو غيره ؟ نقل صاحب ذخيرة الدارين عن الحدائق الورديّة أنّ عبدالله هذا ولد في يوم عاشوراء فسمّاه الحسين عليهالسلام
عبدالله ، وأُمّه أُمّ اسحاق بنت طلحة بن عبيدالله بن تيميّة ، وكان الإمام قد تزوّجها وحملها معه إلى أرض كربلاء ، ولمّا ولد الطفل أقبلوا به إلى الإمام عليهالسلام
فوضعه في حجره ولبّاه بريقه ، وقيل : وضع لسانه في فمه فتصدّى له عبدالله بن عقبة الغنوي أو هاني بن ثبيت الحضرمي لعنهما الله بسهم وهو في هذه الحال فذبحه في حجر أبيه فتلقّى الإمام دمه بيده ورماه نحو السماء فلم تسقط منه قطرة واحدة. ثمّ يروي بسنده عن فضيل أنّ أبا ورد روى عن الإمام الباقر أنّه قال : لو نزلت قطرة من ذلك الدم لنزل معها العذاب.
ثمّ لا وجه لاعتبار عليّ الأصغر هو عبدالله لأنّ هذا
الاسم لا هو كنية ولا هو لقب وينبغي أن يسري الاعتبار إلى عليّ الأكبر وعليّ الأوسط فنبحث لهما عن اسم آخر ، وأخيراً ليس من المستبعد أن يكون عبدالله الرضيع غير عليّ الأصغر.
يقول شاعر آل محمّد السيّد حيدر الحلّي :
له الله مفطور من الصبر قلبه
|
|
ولو كان من صمّ الصفا لتفطّرا
|
ومنعطف أهوى لتقبيل طفله
|
|
فقبّل منه قبله السهم منحرا
|
لقد ولدا في ساعة هو والردى
|
|
ومن قبله في نحره السهم كبّرا
|
__________________
١١٧
ـ عبدالله بن عروة
في زيارة الناحية : « السلام على عبدالله وعبدالرحمن بن
عروة بن حراف الغفاريين ». تقدّم في أخيه عبدالرحمن.
١١٨
ـ عبدالله الأصغر ابن عقيل
في وسيلة الدارين عن أبي الفرج أنّ عبدالله بن الأصغر بن
أبي طالب
ثمّ أورد لعبدالله هذا كلّ ما أورده لعبدالرحمن من البراز والرجز ، وعدد القتلى ، واسم
القاتل من غير زيادة أو نقصان ، والله أعلم بالتعدّد والاتحاد.
وذكرت أنا في هذا الكتاب ، من آل عقيل اثني عشر شخصاً
وترجمت لهم ثلاثة منهم استشهدوا في الكوفة وتسعة في كربلاء ، وبناءاً على هذا من الممكن أن يكون الكميت ذكر التسعة في شعره ولكنّها صحّفت إلى ستّة ، ولهذا اللبس نظائر كثيرة ليست من طبّنا في هذا الكتاب ، والشعر كما يلي :
أضحكني الدهر وأبكاني
|
|
والدهر ذو صرف وألوان
|
لتسعة بالطفّ قد غودروا
|
|
صاروا جميعاً رهن أكفان
|
وستّة لا يتماري بهم
|
|
بنو عقيل خير فرسان
|
وابن عليّ الخير مولاهم
|
|
فذكرهم هيّج أشجاني
|
__________________
قال المامقاني في ترجمة عبدالله بن عقيل : إنّ لعقيل
ابنين مسمّين بعبدالله الأكبر والآخر الأصغر قُتلا بالطفّ مع الحسين عليهالسلام.
وذكر سليمان بن قتّة سبعة منهم في شعره فقال :
عين جودي بعبرة وعويل
|
|
فاندبي إن بكيت آل الرسول
|
ستّة كلّهم لصلب عليّ
|
|
قد أُصيبوا وسبعة لعقيل
|
وأمّا عبدالله بن عزيز الكناني فقد كان من التوّابين
وكان حامل لواء مسلم بن عقيل وكان ابن زياد قد أمر بسجن أربعة آلاف رجل يُطعمهم يوماً ويُجيعهم يوماً آخر ـ كما نقل ذلك المامقاني بالتفصيل في ترجمة سليمان بن صرد الخزاعي ـ وملخّص الحديث أنّ عبدالله هذا أعطاه أهل الشام الأمان بعد استشهاد سليمان بن صرد والمسيّب بن نجبة وعبدالله بن وال وعبدالله بن سعد بن نفيل وخالد بن سعد ابن نفيل ـ كما جاء ذلك في نفس المهموم ـ ولكنّه ردّ الأمان وكان معه ابن له صغير فقال له الكنانيّون من جيش الشام : أعطنا ولدك هذا نرسله إلى أهله ، فلم يرض وقاتل حتّى قُتل.
__________________
١١٩
ـ عبدالله بن عفيف شهيد الكوفة
روى الشيخ المفيد وغيره أنّ ابن زياد صعد المنبر بعد قتل
سيّد الشهداء في الكوفة فقال : الحمد لله الذي أظهر الحقّ وأهله ، ونصر أمير المؤمنين وحزبه ، وقتل الكذّاب ابن الكذّاب وشيعته .
(لم يزد على ذلك حرفاً واحداً) فقام إليه عبدالله بن
عفيف الأزدي وكان من شيعة أمير المؤمنين وكان من أهل الزهد والعفاف والولاء الصحيح ، وكان قد ذهبت إحدى عينيه في حرب الجمل وذهبت الأُخرى في حرب صفّين وكان من ذلك الحين لم يبرح مسجد الكوفة من الضوء الأوّل في الصباح حتّى يذهب هزيع من الليل ، مصلّياً داعياً ، ويقضي الليل قائماً والنهار صائماً ، ولمّا سمع كلام
ابن زياد رفع عقيرته فقال : يا عدوّ الله ، إنّ الكذّاب أنت وأبوك والذي ولّاك وأبوه ،
يابن مرجانة ، تقتل أولاد النبيّين وتقوم على المنبر مقام الصدّيقين.
فغضب ابن زياد وقال : من التجرّء علينا ؟ فصاح عبدالله
فقال : أنا المتكلّم يا عدوّ الله ويا كذّاب ابن الكذّاب ، أتقتل الذرّيّة الطاهرة التي قد أذهب الله عنهم
الرجس وتزعم أنّك على دين الإسلام ، واغوثاه ، أين أولاد المهاجرى والأنصار ما لهم لا ينتقمون من هذا الطاغي اللعين بن اللعين على لسان محمّد رسول ربّ العالمين .
__________________
..........................................................
__________________
(في جيشه إلى لقا الغضنفر).
(لو بارزوني) ... (ضاق عليكم) موردي ومصدري.
................................................................
__________________
فلمّا سمع ابن زياد ذلك منه غلت الدماء في شرايينه لشدّة
غضبه وانتفخت أوداجه ، فقام إليه الشُّرط والجلاوزة والأعوان وحُرّاس ابن زياد ليقبضوا على ابن عفيف فنادى بشعار الأزد فانتدب إليه أشراف من قبيلته من ورائه فخلّصوه من أيديهم وأخرجوه من باب المسجد وأوصلوه إلى منزله فأمر ابن زياد بالقبض عليه قائلاً : أسرعوا إلى هذا الأعمى وأتوني به ، أعمى الله قلبه كما أعمى عينيه ،
فقام جلاوزته إليه ، فلمّا سمع الأزد بذلك ثاروا للدفاع عنه ولحق بهم أحلافهم من أهل اليمن ولم تكن بالجلاوزة قوّة على القتال ، ونمى الخبر إلى ابن زياد فطلب محمّداً بن الأشعث وأمّره على جماعة من رجال مضر وأذن له بالحرب والقتال حتّى القبض على ابن العفيف.
__________________
فهجم ابن الأشعث عليهم وشرع يقاتلهم فقتل جمع من العرب
واندحر الأزد واستطاع جيش ابن زياد الوصول إلى بيت عبدالله بن عفيف فصاحت ابنة له : يا أبتاه ، أتاك القوم ، فقال لها : لا تخافي يا بنيّة وناوليني سيفي ، ولمّا اخذ
السيف أنشأ يقول :
أنا ابن ذي الفضل العفيف الطاهر
|
|
عفيف شيخي وابن أُمّ عامر
|
كم دارع من جمعكم وحاسر
|
|
وبطل جدّلته مغادر
|
فقالت ابنته : يا ليتني كنت رجلاً أُقاتل بين يديك هؤلاء
الفجرة قاتل العترة البررة .
قال : وجعل القوم يدورون عليه من كلّ جهة وهو يذبّ عن
نفسه فلم يقدر عليه أحد ، وكلّما جاؤوا من جهة قالت ابنته : يا أبت ، جاؤوك من جهة كذا (وهو يحمل عليهم بالسيف ويبعدهم عنه) حتّى تكاثروا عليه وأحاطوا به ، فقالت ابنته : وا ذلّاه ! يحاط بأبي وليس له ناصر يستعين به ، فجعل يدير سيفه (وفي رواية الناسخ : قتل منهم خمسين فارساً وثلاثة عشرين راجلاً) فما زالوا به حتّى أخذوه ، ثمّ حُمِل فأُدخل على ابن زياد ، فلمّا رآه قال : الحمد لله الذي أخزاك ، فقال له عبدالله بن عفيف : يا عدوّ الله ! وبماذا أخزاني الله ؟
والله لو يكشف لي عن بصري
|
|
ضاق عليكم موردي ومصدري
|
فقال ابن زياد : يا عدوّ الله ، ما تقول في عثمان بن
عفّان ؟ (وكان يفتعل الحجج عليه ليقتله لعلمه بأنّ عبدالله شيعة لعليّ عليهالسلام
، فأراد أن يُسيء القول في عثمان ليستبيح دمه فلا يلومه أحد ، فأجابه ابن عفيف) : يا عبد بني علاج ، يابن مرجانة ـ وشمته ـ ما أنت وعثمان ؟ إن أساء أو أحسن وأصلح أم أفسد ؟ والله تعالى وليّ
__________________
خلقه يقضي بينهم وبين عثمان بالعدل
والحقّ ، ولكن سلني عن أبيك وعنك وعن يزيد وأبيه.
فقال ابن زياد : والله لا سألتك عن شيء أو تذوق الموت (غصّة
بعد غصّة).
فقال عبدالله بن عفيف : الحمد لله ربّ العالمين ، أما
إنّي قد كنت أسأل الله ربّي أن يرزقني الشهادة [ من ] قبل أن تلدك أُمّك وسألت الله أن يجعل ذلك على يدي ألعن خلقه وأبغضهم إليه ، فلمّا كفّ بصري يئست من الشهادة والآن [ فـ ] الحمد لله الذي رزقنيها بعد اليأس منها وعرّفني الإجابة منه في قديم دعائي . ثمّ ارتجل في المكان قصيدة من تسعة وعشرين بيتاً بأتمّ الفصاحة والبلاغة وكلّها في ذمّ بين أُميّة ومدح الحسين عليهالسلام
وتحريض الناس على الجهاد وترغيبهم به ودعوتهم للأخذ بثار الحسين عليهالسلام
وذمّ الذين كاتبوه ثمّ غدروا به. وكان الشعر لفصاحته القصوى حمل ابن زياد مع غطرسته أن يستحيل إلى آذان صاغية لسماع كلماته مع كون كلّ كلمة منها بمثابة رمية في فؤاد ابن زياد لعنهما الله أو أشدّ
وقعاً من سمى الأفعى الناقع ، وما أن أكمل شعره حتّى أمر ابن زياد بضرب عنقه وصلبه في السبخة ثمّ أمر بالقبض على ابنته ورميها في السجن (وترجمت لها في كتابي رياحين الشريعة في ترجمة العلماء من نساء الشيعة) وكانت هذه الصبيّة في سجن ابن زياد لعنهما الله حتّى انبرى لها رجل يُدعى طارق بتدبير سليمان بن صرد الخزاعي فأطلقها من السجن وهرب إلى القادسيّة وهناك التجأ إلى قبيلة خزاعة وتزوّج الصبية محمّد بن سليمان بن صرد الخزاعي بعد وقعة عين الوردة وشهادة التوّابين فرزق منها ستّة أولاد وأربع بنات وكانوا من مقدّمي الفرسان ومن شيعة أمير المؤمنين عليهالسلام.
__________________
١٢٠
ـ عبدالله بن عليّ بن أبي طالب
عبدالله الأكبر عليهالسلام
، أمّه أُم البنين عليهاالسلام
، كنيته أبو محمّد ، وكان له من العمر في وقعة كربلاء على المشهور خمساً وعشرين سنة ، فقد قال له قمر بني هاشم عليهالسلام : يا أخي يا عبدالله ، تقدّم أمامي وقاتل (حتّى أحتسبك) ولمّا كان عبدالله شبلاً
لأسد الله وكان يحنّ إلى القتال فقد تقدّم وقاتل قتال الأبطال وهو يقول :
أنا ابن ذي النجدة والإفضال
|
|
ذاك عليّ الخير في الفعال
|
سيف رسول الله ذي النكال
|
|
في كلّ قوم طاهر الأقوال
|
قال الشيخ المفيد في الإرشاد : فتقدّم عبدالله فقاتل
قتالاً شديداً فاختلف هو وهاني بن ثبيت الحضرمي ضربتين فقتله هانئ لعنه الله .
قال أبو الفرج : ولا عقب له .
دريغ درد که خورشيد آسمان کمال
|
|
غروب کرد زواج شرف به برج زوال
|
همان روح شريفش گشاد بال وبرفت
|
|
از اين نشيمن فانى به آشيان وصال
|
مباراة البيتين :
آهٍ على شمس سماء الكمال
|
|
قد غربت عنّا ببرج الزوال
|
رفرف بالجنح وعاف الدنى
|
|
من بيتها الفاني لعشّ الوصال
|
__________________
قال الشيخ محمّد حسين القزويني في المجلس العاشر من
المجلّد الثاني من رياض الشهادة ص ١٩٨ : فخرج من بعده عبدالله بن عليّ فأقبل على الإمام عليهالسلام وقال : يابن والدي ، لم يبق في قوس الصبر منزع فراق الأحبّة والإخوان ، وبلغت روحي التراق من شدّة العطش فأذن لي حتّى ألحق بهم ، وأتحرّر من هذا العالم الفاني ، فأذن له وعينه تدمع ، فهجم عليهم عبدالله. وروي أنّه قتل في الحملة الأُولى مائة وسبعين رجلاً فأرسل هؤلاء الأشقياء إلى دار البوار هذا العدد .. الخ.
يخوض بهم بحر الوغى فكأنّه
|
|
لوارده عذب الأُجابة بارد
|
إذ اعتقلوا سمر الرماح وجرّدوا
|
|
سيوفاً أغارتها البطون الأساود
|
فليس لها إلّا الصدور مراكز
|
|
وليس لها إلّا النحور مغامد
|
يلقون شدّات الكُمات بأنفسٍ
|
|
إذا غضبت هانت عليه الشدائد
|
إلى أن هووا في التُّرب صرعى كأنّهم
|
|
نخيل أمالتهنّ أيد عواضد
|
أُولئك أرباب الحفاظ سمت بهم
|
|
إلى الغاية القصوى النفوس المواجد
|
__________________
١٢١
ـ عبدالله بن عمير الكلبي
عدّه الشيخ الطوسي تارة من أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام وأُخرى من
أصحاب الحسين عليهالسلام.
قال المامقاني : عبدالله بن عمير بن عبّاس بن عبدالقيس
الكلبي كنيته أبو ذهب ، كان شجاعاً باسلاً قويّ الساعدين ، ينزل في الكوفة بالقرب من بئر « الجعدة » في قبيلة « همدان » امرأته من النمر بن قاسط ، خرج ذات يوم فرأى عسكراً مجرّاً يُساق نحو النخيلة ، فأسل : إلى أين يذهبون بهذا الجيش ؟ قيل له : إلى كربلاء لحرب الحسين ، فقال ابن عمير في نفسه : أُقسم بالله لأنا أشدّ حرصاً على قتال الكافرين إلّا أنّ قتال هؤلاء الذين يريدون قتل ابن النبيّ أرجو أن لا يكون أدنى ثواباً من ذاك ، ثمّ دخل بيته وكلّم زوجته بالأمر ، فقالت له : أحسنت صنعاً ولكن خذني معك.
فلمّا جنّ عليه الليل خرج وزوجته تلقاء كربلاء ووصل إلى
الحضرة الحسينيّة يوم الثامن فنال شرف اللقاء للحسين عليهالسلام.
ولمّا كان يوم العاشر تقدّم بين يدي الحسين عليهالسلام
وكان ابن سعد أوّل من رمى جيش الحسين بالسهام بناءاً على ما رواه صاحب ذخيرة الدارين والناسخ وغيرهما ثمّ تقدّم يسار مولى زياد ابن أبيه إلى ميدان القتال وطلب البراز فانتدب له حبيب بن مظاهر وبرير بن خضير عليهماالسلام ، فقال لهما الحسين : تمهّلا ، فتقدّم عبدالله بن عمير الكلبي وطلب الإذن ، فنظر إليه الحسين عليهالسلام
فرآه رجلاً آدم طويل القامة شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين ، فقال : أحسبه للأقران قتّالاً.
فلمّا أذن له الحسين عليهالسلام
صال على الأعداء في ميدان القتال فناداه يسار : من أنت ؟ انتسب لي حتّى أعرفك ، فانتسب له عبدالله ، فقال يسار : لست كفؤاً لي
ارجع وليخرج لي حبيب بن مظاهر أو
برير أو زهير بن القين ، فقال عبدالله : وبك رغبة عن مبارزة الناس يابن الزانية فتختار هذا وتدع ذاك وكان الأمر إليك. قال : هذا وضربه ضربة أوصلته إلى جهنّم ، فهجم عليه سالم مولى عبيدالله بن زياد لعنهم الله فضربه ضربة اتّقاها عبدالله بيده فأبانت أصابعه فلم يعبأ به وحمل على سالم وأراده قتيلاً إلى جهنّم ، ثمّ حمل عليهم كأنّه النّمر الشرس أو الليث
الغرثان يميناً وشمالاً وهو يرتجز ويقول :
إن تنكروني فأنا ابن الكلب
|
|
حسبي بيتي في عليم حسبي
|
إنّي امرئ ذو مرّة وعصب
|
|
ولست بالخوّار عند النكب
|
إنّي زعيم لك أُمّ وهب
|
|
بالطعن فيهم مقدماً والضرب
|
فأخذت زوجته (أُمّ وهب) عموداً من الخيمة ثمّ أقبلت نحو
زوجها تقول له : فداك أبي وأُمّي قاتل دون الطيّبين ذرّيّة محمّد صلىاللهعليهوآله
، فأقبل إليها يردّها نحو النساء فأخذت تجاذب ثوبه ثمّ قالت : إنّي لن أُودعك دون أن أموت معك ... .
يقول العلّامة السماوي في إبصار العين : (عبدالله بن
عمير) وإنّ يمينه سدكت على السيف ويساره مقطوعة أصابعها فلا يستطيع ردّ امرأته ، فجاء إليها الحسين عليهالسلام
وقال : جُزيتم من أهل بيت خيراً ، ارجعي رحمك الله إلى النساء فاجلسي معهنّ فإنّه ليس على النساء قتال ، فانصرفت معهنّ فأطاعته المرأة وعادت إلى الخيمة وقاتل عبدالله حتّى استشهد « فخرجت امرأة الكلبي تمشي إلى
__________________
زوجها حتّى جلست عند رأسه تمسح
التراب عنه وتقول : هنيئاً لك الجنّة ، أسأل الله الذي رزقك الجنّة أن يصحبني معك. فقال شمر لغلامه رستم : اضرب رأسها بالعمود فشدخها فماتت مكانها .
لا يخفى أنّ صاحب إبصار العين اقتصر على وهب هذا ولم
يذكر آخر بهذا الاسم من قبيل وهب بن عبدالله بن حباب الكلبي مع كونه من الشهداء المشهورين وما مرّ سلفاً هو التفضيل الذي ذكره في ترجمة عبدالله بن عمير. لكنّنا نجد التفصيل ذاته مذكوراً في البحار ونفس المهموم ومنتهى الآمال والناسخ وروضة الشهداء ومهيّج الأحزان ومخزن البكاء والتحفة الحسينيّة وغيرها من الكتب في ترجمة وهب بن عبدالله بن جناب الكلبي.
ويذكر الخوارزمي في مقتله نفس الحكاية في شهادة وهب خلا
أنّه لا يذكر عن عبدالله بن عمير شيئاً .
والكتب المذكورة
ذكرت التفصيل المتقدّم في شهادة عبدالله بن عمير أيضاً وليس من المحتمل اتّحاد الاثنين لأنّ عبدالله بن عمير من الشيعة المعروفين في الكوفة وهو مذكور في كتب الرجال وكان قد خرج من الكوفة ووصل كربلاء يوم الثامن من محرّم الحرام بخلاف وهب النصراني ، وكان معه أُمّه وحدها وفي قصر بني مقاتل في الطريق أسلم على يد الحسين عليهالسلام
مِن ثَمّ لا تجد له ذكراً في كتب
__________________
الرجال ، وأسلم معه أُمّه وزوجته
أيضاً إلى أن استشهد كما سوف تعرف عندما تأتي ترجمته.
١٢٢
ـ عبدالله بن مسلم بن عقيل عليهمالسلام
في الزيارة الناحية والرجبيّة : « السلام على القتيل بن
القتيل عبدالله بن مسلم بن عقيل لعن الله قاتله ».
وقال في نفس المهموم
: ولمّا قتل أصحاب الحسين عليهالسلام
ولم يبق معه إلّا أهل بيته خاصّة وهم ولد عليّ عليهالسلام
وولد جعفر وولد عقيل وولد الحسن وولده عليهمالسلام
اجتمعوا يودّع بعضهم بعضاً وعزموا على الحرب ...
برخيز تا بگرييم چون ابر در بهاران
|
|
کز سنگ ناله خيزد روز وداع ياران
|
مباراة الشعر :
قم لنذري الدمع منّا
|
|
كشآبيب المطر
|
لوداع الأهل حقّاً
|
|
قد بكى حتّى الحجر
|
ولقد كانت صورة الوداع التي تدمي القلب وتؤذّي الروح إلى
الدرجة التي ذكر صاحب الناسخ أنّ الحسين ظلّ معهم مدّة مديدة في همّ دائب ومدمع ساكب لما همّ عليه ولما سوف يلاقونه ، وبكى معهم ساعة ثمّ قال : اللّهمّ إنّا عترة نبيّك محمّد صلىاللهعليهوآله
وقد أُخرجنا وطُردنا وأُزعجنا عن حرم جدّنا رسول الله وبنو أُميّة تعدّت علينا ، اللّهمّ فخُذ لنا بحقّنا وانصرنا على القوم الظالمين.
ومجمل القول : إنّ بني هاشم لمّا ودّع بعضهم بعضاً وجرت
مدامعهم الحرّى في ذلك الوادي وعزموا على الحرب فكان أوّل من برز منهم عبدالله بن مسلم بن
__________________
عقيل ، وجاء إلى الحسين عليهالسلام وكان
الحسين عليهالسلام
يحبّه حبّاً جمّاً وله فيه تعلّق خاصّ لأنّه ابن أُخته رقيّة بنت أمير المؤمنين عليهماالسلام
، ومن جهة أُخرى هو صهره على ابنته سكينة
وقد ترجمت لها في الجزء الثالث من رياحين الشريعة ، وكان زوجها الآخر هو مصعب بن الزبير ، وأخيراً لمّا طلب الإذن من الإمام عليهالسلام قال له الإمام بناءاً على ما أورده صاحب بحر اللئالي : لم يمض طويل وقت على شهادة مسلم ولم تُمح ذكراه من قلوبنا فكيف آذن لك فخُذ يد أُمّك واخرج من هذه الوقعة المهولة إلى ناحية من النواحي ، فقال : بأبي أنت وأُمّي ، لست ممّن يترك الآخرة الباقية للدنيا الفانية ، فأنا أسألك أن ترضى بروحي لتكون فداءاً لك.
ولمّا كان الحسين هو موئل الفضل والكرم أجاب طلبه فهجم
عبدالله بن مسلم عليه كالأسد الغاضب والنمر الواثب ، وهو يرتجز ويقول :
اليوم ألقى مسلماً وهو أبي
|
|
وفتية بادوا على دين النبي
|
ليسوا بقوم عرفوا بالكذب
|
|
لكن خيار وكرام النسب
|
|
من هاشم السادات أهل الحسب
|
|
وفي رواية ابن شهر آشوب : قتل في ثلاث حملات ثمانية
وتسعين رجلاً
ثمّ قتله عمرو بن صبيح الصائدي أو الصيداوي ، رماه بسهم في جبهته فاتّقاه عبدالله بيده فشكّ السهم يده إلى جبهته فلم يستطع نزعها حتّى طعنه لعين بالرمح في قلبه فخرّ صريعاً من على ظهر فرسه ثمّ أسلم الروح .
__________________
كتب أبو مخنف أنّ عبدالله عليّاً الزبيدي حدّثني عن زيد
بن ورقاء الجهني
أنّه كان يقول : لقد رميت فتًى منهم بسهم وإنّه لواضع كفّه على جبهته يتّقى النّبل
فأثبت كفّه في جبهته فما استطاع أن يزيل كفّه عن جبهته (فحدّثني أبو عبدالأعلى الزبيدي أنّ ذلك الفتى عبدالله بن مسلم بن عقيل وأنّه قال حيث أثبت كفّه ..) [ فقال ذلك الفتى ] : اللّهمّ إنّهم استقلّونا واستذلّونا ، اللّهمّ فاقتلهم كما
قتلونا ، وأذلّهم كما استذلّونا .. ثمّ إنّه رمى الغلام بسهم آخر فقتله فكان يقول : جئته
ميّتاً فنزعت سهمي الذي قتلته به من جوفه فلم أزل أنضنض السهم من جبهته حتّى نزعته وبقي النصل في جبهته مثبتاً ما قدرت على نزعه.
قال الزاهي :
أُعاتب عيني إذا قصّرت
|
|
وأفني دموعي إذ ما جرت
|
لذكراكم يا بني المصطفى
|
|
دموعي على الخدّ إذ سطّرت
|
لكم وعليكم جفت غمضها
|
|
جفوني عن النوم واستسهرت
|
أمثل أجسادكم بالعراق
|
|
وفيها الأسنّة قد كسّرت
|
أمثلكم في عراص الطفوف
|
|
بدور تكسف إذا أقمرت
|
غدت أرض يثرب من جمعكم
|
|
كخطّ الصحيفة إذ أقفرت
|
__________________
وأضحى بكم كربلا مغرباً
|
|
كزهو النجوم إذا أغورت
|
وأمّا قاتل عبدالله فإنّه لمّا ظهر المختار قال : عليّ
بعمرو بن صبيح الصيداوي ، فلمّا قبضوا عليه وكان الوقت ليلاً وهو راقد على سطحه وسيفه تحت وسادته ، فلمّا أحضروه أمر به أن يُرجم بالسهام ثمّ أحرق جيفته.
وأمّا عبدالله بن وال وعبدالله بن مسمع الوافدان على
الحسين بمكّة وكذلك سليمان بن صرد الخزاعي والمسيّب بن نجبة ، وإن كان كلّ واحد منهم فارساً في الهيجاء شجاعاً مجرّباً ومن شيعة عليّ عليهالسلام
وأصحاب الحسين عليهالسلام
فإنّهم من التوّابين وقد ظهرت منهم البطولات في عين الوردة لكنّهم لا يدخلون في موضوع الكتاب نظير عبدالله بن ضمرة العذري وعبدالله بن سليمان والمنذر بن المشمعل وعبدالله بن مطيع وعبدالله بن شداد وعبدالله بن شريك وعبدالله بن كامل الشاكري وعبدالله بن حرث النخعي وعمارة بن عبيد السلولي وهؤلاء قدوموا الكوفة مع مسلم عليهالسلام
من مكّة ، وعمران بن عبدالله الخزاعي الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب سيّد الشهداء عليهالسلام.
والمثنّى بن مخربة العبدي من رؤساء أصحاب المختار ، ومحمّد
بن كعب بن قرهنة (كذا) ومسعر بن أبي مسعر الحنفي وقيل : مسعر بن أبي مسعر والمنذر بن سليمان وورقاء بن عازد (كذا) الأسدي والوليد بن العصير الكناني وهاني بن هاني السبيعي الوافدون على الحسين من الكوفة إلى مكّة فما من ريب في تشيّع هؤلاء إلّا أنّ عاقبة أمرهم مجهولة بالنسبة لنا ونسأل الله أن يعاملنا بفضله ورحمته.
__________________
١٢٣
ـ عبدالله بن يقطر
عدّه الشيخ والعلّامة في رجالهما من أصحاب الحسين عليهالسلام.
وفي الزيارة الرجبيّة : « السلام على عبدالله بن يقطر رضيع الحسين ».
ومعناه أنّ الإمام الحسين ارتضع من ثدي أُمّه وليس العكس
، بل معناه اللدة أي أي إنّ طفلين إذا ما ولدا في أُسبوع واحد سمّى أحدهما رضيع الآخر.
ويقطر يخدم في بيت النبيّ وزوجته ميمونة في بيت أمير
المؤمنين ، وهناك ولد عبدالله بعد ولادة الحسين عليهالسلام
بثلاثة أيّام مِن ثمّ دُعي رضيع الحسين عليهالسلام.
قال أبو مخنف
: ولمّا بلغ الحسين بطن حاجر ويسمّى بطن الرملة أيضاً كتب كتاباً إلى أهل الكوفة فقال بعد حمد الله سبحانه : « هذا كتاب من الحسين بن عليّ إلى إخوانه من أهل الكوفة ، السلام عليكم ، فإنّي أحمد الله إليكم ، أمّا بعد ، فقد
__________________
ورد إليّ كتاب مسلم بن عقيل يخبرني
بحسن رأيكم واجتماعكم على نصرتنا (وطلب حقّنا) فأسال الله تعالى أن يحسن لنا ولكم العاقبة (أسأل الله أن يحسن لكم الأجر والمثوبة على حسن عملكم ، اعلموا بأنّي قد انفصلت عن مكّة في اليوم الثامن من ذي الحجّة فإذا وصلكم رسولي هذا فكونوا يقظين فإنّي سوف أصل إليكم في هذه الأيّام إن شاء الله ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته) وقد جئتكم بأهلي وصحبي ، فإذا قدم إليكم رسولي هذا فاكتبوا معه بما تحتاجون ، والسلام ... » وطوى الكتاب وسلّمه إلى عبدالله بن يقطر وأمره بالعجلة.
فسار عبدالله بالكتاب يطوي السهل والجبل ، وكان على
القادسيّة الحصين بن نمير يحرس الطريق ، فقبض رجاله عليه وأتوا به إليه فأمر بتفتيشه للعثور على كتاب إن كان معه ، فلمّا سمع عبدالله ذلك أخرج الكتاب ومزّقه قطعة قطعة بحيث لا يمكن الاستفادة منه فساقه الحصين مكتوفاً إلى ابن زياد فلمّا مثل بين يديه قال له ابن زياد : من أنت وما الذي جئت به ؟ فقال : أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وابنه الحسين ، فقال : لم مزّقت الكتاب الذي كان معك ؟ قال : لئلّا تعلم ما فيه. قال ابن زياد : لمن أرسل الكتاب ؟ قال : من الحسين إلى جماعة من أهل الكوفة. قال : من هم ؟ قال : لا أعرف أسمائهم ، فغضب ابن زياد ، فقال : لا بدّ من ذكر أسمائهم ومن لعن الحسين وأبيه وأخيه وإلّا فإنّي سوف آمر لك بالسيف يقطعك إرباً إرباً ، فقال : أنا لا أذكر أسمائهم ولكنّي أصعد المنبر وألعن
من تريد ، فأذن له ابن زياد ، فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه وذكر النبيّ فصلّى
عليه وصلّى على عليّ وبنيه صلاة متواترة ثمّ لعن عبيدالله بن زياد وأباه ولعن بني
أُميّة الأوّل والآخر منهم ، فلم يترك أحداً منهم ، ثمّ نادى بأعلى صوته : أيّها الناس ، أنا
رسول الحسين عليهالسلام
وقد خلّفته بأرض الرملة فأجيبوا إمامكم.
فأمر ابن زياد به بانزاله من المنبر وصعدوا به إلى أعلى
القصر ورموه منه
مكتوف اليدين فتكسّرت عظامه وبقي به
رمق فاجتاز به عبدالملك بن عمير اللخمي ، وكان فقيه الكوفة وقاضيها فقطع رأسه فلامه الناس على ذلك وقبّحوا عمله فقال اللعين : أردت أن أريحه .. .
وروى الشيخ المفيد بإسناده أنّ عبدالله بن سليمان
والمنذر بن المشمعل الأسديين قالا : لمّا قضينا حجّنا لم تكن لنا همّة إلّا اللحاق بالحسين عليهالسلام بن عليّ في الطريق لننظر (لأنّ الحسين عليهالسلام
خرج يوم التروية ـ المؤلّف) فأقبلنا ترقل بنا نياقنا حتّى لحقنا بزرود ، فلمّا دنونا منه إذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين عليهالسلام
فوقف الحسين عليهالسلام
كأنّه يريده ثمّ تركه ومضى ومضينا نحوه ، فقال أحدنا لصاحبه : اذهب بنا إلى هذا لنسأله فإنّ عنده خبر الكوفة ، فمضينا حتّى انتهينا إليه ، فقلنا : السلام عليك ، فقال : وعليكم السلام ،
قلنا : ممّن الرجل ؟ قال : أسديّ ، قلنا : ونحن أسديّان ، فمن أنت ؟ قال : أنا بكر
بن فلان ، وانتسبنا له ثمّ قلنا له : أخبرنا عن الناس وراءك ، قال : نعم ، لم أخرج من
__________________
الكوفة حتّى قُتل مسلم بن عقيل وهاني
بن عروة ورأيتهما يُجرّان بأرجلهما في السوق.
فأقبلنا حتّى لحقنا بالحسين صلوات الله عليه فسايرناه حتّى
نزل الثعلبيّة ممسياً ، فجئناه حين نزل فسلّمنا عليه فردّ علينا السلام فقلنا له : رحمك الله ، إنّ
عندنا خبراً إن شئت حدّثناك علانية وإن شئت سرّاً ، فنظر إلينا وإلى أصحابه ثمّ قال : ما دون هؤلاء سر ، فقلنا له : رأيت الراكب الذي استقبلته عشيّ أمس ؟ قال : نعم وأردت مسألته ، فقلنا : فقد والله استتبرنا لك خبره ، وكفيناك مسألته ، وهو امرئ منّا ذو رأي وصدق وعقل ، وإنّه حدّثنا أنّه لم يخرج من الكوفة حتّى قُتل مسلم وهاني ورآهما يُجرّان في السوق بأرجلهما ، فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون
، رحمة الله عليهما ... يكرّر ذلك مراراً (فقال الحسين : إنّا لله وإنّا إليه راجعون
، رحم الله مسلماً فلقد صار إلى روح الله وريحانه وتحيّته ورضوانه أمّا إنّه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا ـ المؤلّف).
فقلنا له : ننشدك الله في نفسك وأهل بيتك إلّا انصرفت من
مكانك هذا فإنّه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة بل نتخوّف أن يكونوا عليك ، فنظر إلى بني عقيل فقال : ما ترون ؟ فقد قتل مسلم ، فقالوا : والله لا نرجع حتّى نصيب ثأرنا أو نذوق
ما ذاق ، فأقبل علينا الحسين عليهالسلام
وقال : لا خير في العيش بعد هؤلاء ، فعلمنا أنّه قد عزم رأيه على المسير ، فقلنا : خار الله لك ، فقال : رحمكما الله (فقال له أصحابه :
إنّك والله ما أنت مثل مسلم بن عقيل ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع ، فسكت ثمّ انتظر حتّى إذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه : أكثروا من الماء .. فاستقوا وأكثروا ثمّ ارتحلوا فسار حتّى انتهى إلى زبالة ـ الإرشاد) فأتاه خبر
عبدالله ابن يقطر (فتألّم الإمام كثيراً من قتل مسلم وهاني وعبدالله بن يقطر ـ المؤلّف) فأخرج إلى الناس كتاباً فقرأه عليهم :
« بسم الله الرحمن الرحيم ، أمّا بعد ، فإنّه قد أتانا
خبر فظيع ؛ قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبدالله بن يقطر ، وقد خذلنا شيعتنا ؛ فمن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف غير حرج ليس عليه ذمام ».
فتفرّق الناس عنه يميناً وشمالاً حتّى بقي في أصحابه
الذين جاؤوا معه من المدينة ونفر يسير ممّن انضووا إليه ... .
١٢٤
ـ عبدالله بن يزيد بن ثبيط
في زيارة الناحية المقدّسة : « السلام على عبدالله
وعبيدالله ابني يزيد بن ثبيط القيسي ».
قال ابن شهر آشوب في المناقب : ومن المقتولين في الحملة
الأُولى يوم الطفّ عبدالله وعبيدالله ابنا يزيد بن ثبيط القيسي البصري. ومثله في البحار وإبصار العين
وغيرهما .
١٢٥
ـ عبدالله بن عبدالله بن جعفر الطيّار
قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيّين : أُمّه الخوصاء بنت
(حفصة ـ مقاتل) حفص بن ثقيف بن ربيعة (من عثمان بن ربيعة بن عائذ بن ثعلبة بن الحرث ـ مقاتل الطالبيّين) بن تيم الله (اللّات ـ مقاتل) بن ثعلبة (بن عكابة بن صعب بن عليّ ـ مقاتل) بن بكر بن وائل ، قتل مع الحسين بالطفّ .
ونقله أبو جعفر الطبري في تاريخه والمامقاني في رجاله وصاحب ذخيرة الدارين بنفس السياق. ونقل في
__________________
نفس المهموم أنّ عبيدالله بن عبدالله
بن جعفر الطيّار قتله بشر بن [ حوط ـ المؤلّف ] (حويطر ـ نفس المهموم) القانصي .
١٢٦
ـ عبيدالله بن أمير المؤمنين عليهماالسلام
قال المقامقاني في رجاله : أُمّه ليلى بنت مسعود بن (بني
تميم ـ كذا) قتل مع أخيه في كربلاء ، صرّح بذلك جماعة من أهل السير.
وفي زيارة الرجبيّة : « السلام على عبيدالله بن أمير
المؤمنين ».
وكنّاه بعضهم (أبو بكر) وهذا لا يصحّ لأنّه في الزيارة
جاء : « السلام على أبي بكر » بعد السلام على « عبيدالله » مضافاً إلى أنّ اسم أبي بكر محمّد لا عبيدالله ،
والعلم عند الله.
وقال في الدرّ النظيم : وكان له من ليلى بنت مسعود
الدارميّة محمّد الأصغر (المكنّى أبو بكر) وعبدالله [ وكلاهما قُتل بالطفّ ] .. .
وأمّا عبيدالله الذي كان في جيش مصعب وقبره الآن في « المذار
» فهو ابن النهشليّة ، ونهشل طائفة من بني تميم وقد ذكرنا ذلك مفصّلاً في ترجمة أبي بكر ابن أمير المؤمنين آنفاً.
١٢٧
ـ عبيدالله بن عمرو الكندي شهيد الكوفة
قال المقامقاني في رجاله : ذكر علماء السير عن عبيدالله
بن عمرو الكندي أنّه كان رجلاً شجاعاً وفارساً مغواراً من شيعة أمير المؤمنين ، وكان مع أمير المؤمنين
__________________
في حرب الجمل وصفّين والنهروان وبايع
مسلماً بن عقيل في الكوفة وأخذ للحسين البيعة من أهلها وعقد له مسلم على ربع كندة ، ولمّا قبض على مسلم عليهالسلام أخذه الحصين بن نمير وسلّمه إلى ابن زياد ، ولمّا فرغ من مسلم أمر بإحضاره وسأله : من أنت ؟ ألست صاحب راية كندة وربيعة ؟ فقال : بلى ، فأمر ابن زياد لعنهما الله بضرب عنقه. ذكر ذلك صاحب الحدائق الورديّة وذخيرة الدارين وأبو مخنف بنفس السياق.
١٢٨
ـ عبيدالله بن يزيد بن ثبيط
ذكرناه في ترجمة أخيه عبدالله ، وسوف يأتي له مزيد ذكر
في ترجمة أبيه إن شاء الله.
١٢٩
ـ عثمان بن أمير المؤمنين عليهماالسلام
جاء في زيارة الناحية المقدّسة والزيارة الرجبيّة : « السلام
على عثمان بن أمير المؤمنين سَميّ عثمان بن مظعون ، لعن الله راميه بالسهم خولّى بن يزيد الأصبحي الأيادي ».
قال أبو الفرج : وأُمّه أُمّ البنين أيضاً .
وكان يوم شهادته ابن الواحد والعشرين سنة.
ونقل عن عمدة الأنساب أنّ عثمان ولد بعد ولادة أخيه
عبدالله بسنتين وبقي مع أبيه سنتين ومع أخيه الحسن أربعة عشر سنة ومع أخيه الحسين ثلاثة وعشرين سنة ، وهذا عدد سنيّ عمره عليهالسلام.
__________________
قال أهل السير : ولمّا قتل عبيدالله أرسل قمر بني هاشم
أخاه عثمان إلى ميدان القتال .. فحمل شبل حيدر الكرّار على القوم كأنّه شعلة نار على جيش الكفّار وهو يرتجز :
إنّي أنا عثمان ذو المفاخر
|
|
شيخي عليّ ذو الفعال الطاهر
|
هذا حسين سيّد الأخاير
|
|
وسيّد الصغار والكباير
|
وأضاف إليه في الناسخ هذين الشطرين :
وابن عمّ للنبيّ الطاهر
|
|
بعد الرسول والوصيّ الناصر
|
وبعد الجلاد والجدال رماه خولّى بن يزيد الأصبحي بسهم
فأرداه إلى الأرض فأقبل عليه رجلٌ من قبيلة بني أبان بن دارم مسرعاً إليه فقطع راسه وأخذه معه ، وقال أمير المؤمنين : سمّيته باسم عثمان بن مظعون .
__________________
وأما قاتل عثمان بن أمير المؤمنين عليهالسلام فقد روى
موسى بن عامر قال : كنت يوماً عند المختار بعد ظهوره وقد بعث خلف خولّى بن يزيد الأصبحي لعنه الله فحاصروا بيته فلم يجد له مهرباً فاختبأ في الكنيف وقد وضع على رأسه قوصرّة ، فلمّا أحاطوا بيته سألوا زوجته : أين خولّى ؟ ولمّا كانت المرأة شيعة لأهل البيت قالت بلسانها : لا علم لي بذلك ، وأشارت بيدها إلى الكنيف ، فقبضوا عليه هناك وأقبلوا به إلى المختار ، فقال : يا عدوّ الله ، قتلت عثمان بن عليّ بن أبي طالب وقتلت جعفراً بن عليّ بن أبي طالب ، وحملت رأس الحسين إلى الكوفة ، ثمّ أمر بإحراقه حيّاً فعجّل الله بروحه إلى نار جهنّم.
١٣٠
ـ عثمان بن عروة
في الزيارة الرجبيّة : « السلام على عثمان بن عروة
الغفاري ». ولم أعثر على ترجمته في كتب الرجال.
وأمّا عقبة بن أبي العيزار فهو من أصحاب سيّد الشهداء إلّا
أنّه لم يستشهد وهو راوي خطبة الإمام في البيضاء ونحن أوردناها في ترجمة الحرّ ، وكذلك راوي خطبة الإمام وأوّلها : « إنّ الدنيا قد تغيّرت » وذكرناها في ترجمة زهير بن القين.
__________________
١٣١
ـ عقبة بن سمعان
في الزيارة الرجبيّة : « السلام على عقبة بن سمعان ».
وفي نفس المهموم عن الطبري وكامل ابن الأثير الجزري عن
عقبة بن سمعان أنّه قال : صحبت حسيناً فخرجت معه من المدينة إلى مكّة ، ومن مكّة إلى العراق ولم أُفارقه حتّى قُتل عليهالسلام
وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ولا بمكّة ولا في الطريق ولا بالعراق ولا في عسكر ، إلى يوم مقتله إلّا وقد سمعتها ، لا والله ما أعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون من أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية ولا أن يسيّروه إلى ثغر من ثغور المسلمين ولكنّه قال : دعوني ولأذهب في هذه الأرض العريضة حتّى ننظر ما يصير أمر الناس
وسمعت منه كرّات ومرّات أنّه قال : لا والله ما أُعطيهم إعطاء الذليل ولا أفرّ فرار العبيد.
وعقبة بن سمعان هذا هو الذي أمر الإمام الحسين عليهالسلام في منزله
بذي حسم أن يأتيه بالخرجين ليعرضهما على الحرّ بن يزيد من الزيارة الرجبيّة أنّ عقبة بن سمعان من الشهداء لأنّها مختصّة بهم وبذكر أسمائهم من هنا قال المامقاني : عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الحسين عليهالسلام
ثمّ ذكر عن الطبري أنّه غلام السيّدة المصونة الرباب زوج سيّد الشهداء ، وكان محافظاً لخيل الحسين ويخدم في بيت الرباب ، وصحب الإمام عليهالسلام
من المدينة حتّى استشهد الإمام عليهالسلام
فركب فرسه ليهرب إلى الكوفة ولكنّه قبض عليه وجيء به إلى ابن سعد فسأله ابن سعد : من أنت ؟ قال : أنا عبد مملوك فخلّى سبيله وكان يحكي ما رآه في كربلاء تفصيلاً مِن ثَمّ لا يُحسب في الشهداء.
__________________
١٣٢
ـ عقبة بن الصلت
نقل العلّامة السماويّ في إبصار العين عن الحدائق
الورديّة أنّ عقبة بن الصلت كان ممّن تبع الحسين عليهالسلام
من منازل جهينة ولازمه ولم ينقض فيمن نقض .
ولمّا بلغ الحسين عليهالسلام
في منزل زبالة خبر شهادة مسلم لم يفارقه عقبة وبقي على العهد حتّى وصل أرض كربلاء معه ، ولمّا كان يوم عاشوراء استشهد في الحملة الأُولى .
١٣٣
ـ عليّ بن عقيل
مقاتل الطالبيّين والحدائق الورديّة وذخيرة الدارين وبعض
النسّابين كتب هؤلاء أنّ عليّ بن عقيل وأُمّه أُمّ ولد قُتل يومئذٍ وكانت أُمّه معه.
وقال العلّامة المجلسي في عاشر البحار : عليّ بن عقيل
وأُمّه وأُمّ ولد قتل يومئذٍ
في جماعة من شباب بني هاشم.
وفي رواية الحدائق : دخل ميدان القتال فقتل ثلاثة فرسان
وثمانية عشر راجلاً ثمّ قتله عبدالله بن قطنة الطائي لعنه الله.
__________________
مرثيّة السيّد الرضي
كربلا ما زلت كرباً وبلا
|
|
ما لقي عندك آل مصطفى
|
كم على تربك لمّا صُرِّعوا
|
|
من دمٍ سال ومن دمعٍ جرى
|
وضيوف في فلاة قفرة
|
|
ينزلوا فيها على غير قِرى
|
لم يذوقوا الماء حتّى اجتمعوا
|
|
بحدى السيف على ورد الردى
|
تسكف الشمس شموس منهم
|
|
لا تدانيها علوّاً وضيا
|
وتنوش الوحش من أجسادهم
|
|
أرجل السبق وإيمان الندا
|
ووجوهاً كالمصابيح فمِن
|
|
قمر غاب ومِن نجم هوى
|
غيّرتهنّ الليالي وغدا
|
|
جائر الحكم عليهنّ البلى
|
يا رسول الله لو عاينتهم
|
|
وهُمُ ما بين قتلى وسبا
|
من رميض يمنع الظلّ ومن
|
|
عاطش يسقى أنابيب القنا
|
ومسوق عاثر يسعى به
|
|
خلف محمول على غير وطا
|
جزروا جزر الأضاحي نسله
|
|
ثمّ ساقوا أهله سوق الإما
|
قتلوه بعد علمٍ منهم
|
|
أنّه خامس أصحاب الكسا
|
ميّتٌ تبكي له فاطمة
|
|
وأبوها وعليٌّ ذو العلا
|
ليس هذا لرسول الله يا
|
|
أُمّة الطغيان والغيّ جزا
|
يا قتيلاً قوّض الدهر به
|
|
عمد الدين وأعلام الهدى
|
يا جبال المجد عزّاً وعُلاً
|
|
وبدور الأرض نوراً وسنا
|
١٣٤ ـ عليّ بن مظاهر الأسدي
في الناسخ ص ٣٧٨ تحت عنوان « الشهداء الذين لم يذكروا في
البحار » حيث
__________________
يقول : عليّ بن مظاهر الأسدي فيما
رواه أبو مخنف كما ورد في شرح الشافية فإنّه دخل ميدان الحرب مرتجزاً :
أقسمتُ لو كنّا لكم أعدادا
|
|
أو شطركم ولّيتم أنكادا
|
يا شرّ قومٍ حسباً وزادا
|
|
لا حفظ الله لكم أولادا
|
وحمل على جيش أهل الكوفة وقتل منهم سبعين رجلاً ثمّ
استشهد. ويظهر أنّ رجز عليّ بن مظاهر لا يختلف مع رجز حبيب إلّا اختلافاً يسيراً ، تمّت عبارة الناسخ خلا أنّي لم أعثر على ذكر للرجل في كتب الرجال.
١٣٥
ـ عليّ الأصغر الرضيع
أُمّه الرباب التي ترجمت لها في كتاب « رياحين الشيعة » في
تراجم العلماء من نساء الشيعة ، وهنا نعيد نتفاً من تلك الترجمة لمساسها بالموضوع.
روى المرحوم فرهاد ميرزا رحمهالله
في القمقام عن أغاني أبي الفرج الإصفهاني عن عوف بن خارجة المرّي قال : وإنّي لعند عمر بن الخطّاب في خلافته إذ أقبل رجل أفحج أجلى أمعر يتخطّى رقاب الناس حتّى قام بين يدي عمر فحيّاه بتحيّة الخلافة ، فقال عمر : فمن أنت ؟ قال : أنا امرئ نصرانيّ ، أنا امرئ القيس بن عدي الكلبي. قال : فلم يعرفه عمر ، فقال له رجل من القوم : هذا صاحب بكر بن وائل الذي أغار عليهم في الجاهليّة يوم فلج. قال : فما تريد ؟ قال : أُريد الإسلام
، فعرضه عليه عمر قفبله ثمّ دعا له برمح فعقد له على من أسلم بالشام من قضاعة ، فأدبر الشيخ واللواء يهتزّ على رأسه.
قال عوف : فوالله ما رأيت رجلاً يصلّ لله ركعة أُمّر على
جماعة من المسلمين قبله ، ونهض عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه من المجلس ومعه
__________________
ابناه الحسن والحسين عليهمالسلام حتّى أدركه
فأخذ بثيابه فقال له : يا عمّ ، أنا عليّ بن أبي طالب ابن عمّ رسول الله صلىاللهعليهوآله
وصهره وهذان ابناي الحسن والحسين من ابنته وقد رغبنا في صهرك فأنكحنا ، قال : قد أنكحتك يا عليّ المحيّاة بنت امرئ القيس ، وأنكحت يا حسن سلمى بنت امرئ القيس ، أنكحتك يا حسين الرباب بنت امرئ القيس .
ورباب هذه هي أُمّ سكينة وعليّ الأصغر وكانت عند الحسين عليهالسلام في المنزلة
الرفيعة والدرجة الخصيصة وهي التي قال في حقّها الشعر المنسوب إليه وكانت في غاية الوفاء.
قال في الصمصام : ولمّا وقع بصرها على رأس الحسين عليهالسلام في مجلس
يزيد وثبت من غير اختيار منها وجذبت الرأس المطهّر إليها وبكت بكاءاً شديداً وأنشأت تقول :
واحسيناً فلست أنسى حسيناً
|
|
أقصدته أسنّة الأعداء
|
غادروه بكربلاء صريعاً
|
|
لا سقى الله جانبي كربلاء
|
__________________
وفي الكامل لابن الأثير : وكان مع الحسين امرأته الرباب
بنت امرئ القيس وهي أم ابنته سكينة وحُملت إلى الشام فيمن حمل من أهله ثمّ عادت إلى المدينة فخطبها الأشراف من قريش ، فقالت : ما كنت لأتّخذ حمواً بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وبقيت بعده سنة لم يظلّها سقف بيت حتّى بليت وماتت كمداً ، وقيل : إنّها أقامت على قبره سنة وعادت إلى المدينة فماتت أسفاً عليه وقالت :
إلى العام ثمّ اسم السلام عليكما
|
|
ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر
|
وفي الصمصام نسب هذه المرثيّة إليها حيث قالتها في رثاء
الحسين عليهالسلام.
سبط الذي يستضاء به
|
|
بكربلاء قتيل غير مدفون
|
سبط النبيّ جزاك الله صالحة
|
|
عنّا وجنّبت خسران الموازين
|
قد كنت لي جبلاً صعباً ألوذ به
|
|
وكنت تصحبنا بالرحم والدين
|
من لليتامى ومن للسائلين ومن
|
|
يغنىٰ ويأوى إليه كلّ مسكين
|
والله لا أبتغي صهراً بصهركم
|
|
حتّى أُوسّد بين اللحد والطين
|
وفي الكافي عن مصقلة بن الطحّان ، قال : سمعت من الإمام
الصادق أنّه قال : لمّا قُتل الحسين قامت امرأة كلبيّة على قبر الحسين سنة كاملة هي الرباب ناحت على قبر الحسين ومعها نساء من قبيلتها وجواريها حتّى جفّت دموعهنّ ورأت الرباب إحداهنّ ودموعها تجري على خدّيها ، فسألت : أنّى لك هذا ؟ فقالت : صنعت لنفسي شراباً من السويق وتناولته فأمرت بصنعه وتناوله لأهل الدار ، وقالت : أُريد أن أقوى على البكاء على الحسين عليهالسلام
إلى أن أُهدي لها ذات يوم
__________________
طائر مشويّ وقال لها : طعام أُهدي
إليك لتشتدّي على العزاء والبكاء ، فقالت : لسنا في عرس وهذا الطعام لا يناسب حالنا ثمّ أمرت بإخراج حاملي الطعام من الدار ، ولمّا خرجوا لا يُدرى هل عرجوا إلى السماء أو غاروا في أغوار الأرض.
وقال سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ : وكان السبايا
الرباب زوجة الحسين وهي أُمّ سكينة بنت الحسين وكان الحسين عليهالسلام
يحبّها شديداً ، ثمّ ينقل الأشعار المشهور ويضيف إليها البيت التالي :
وليس لهم وإن عتبوا مطيعاً
|
|
حياتي أو يغيّبني التراب
|
إلى أن يقول : وعاشت بعد الحسين سنة ثمّ ماتت كمداً ولم
تستظلّ بعد الحسين عليهالسلام
بسقف .
وأمّا شهادة عليّ الأصغر
في رواية المفيد : ثمّ جلس الحسين عليهالسلام أمام
الفسطاط فأُتي بابنه عبدالله بن الحسين وهو طفل فأجلسه في حجره فرماه رجل من بني أسد بسهم فذبحه .
ويقول في نفس المهموم : فتقدّم إلى باب الخيمة وقال
لزينب عليهاالسلام
: ناوليني ولدي الصغير حتّى أُودّعه ، فأخذه وأومأ إليه ليقبّله فرماه حرملة بن كامل الأسدي
__________________
لعنه الله بسهم فوقع في نحره فذبحه ،
فقال عليهالسلام
لزينب : خذيه ، ثمّ تلقّى الدم بكفّيه فلمّا امتلأتا رمى بالدم نحو السماء ثمّ قال : هوّن عليّ ما نزل بي أنّه بعين الله
... .
وروى أبو مخنف عن عقبة بن بشير الأسدي قال : قال لي أبو
جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين : إنّ لنا فيكم يا بني أسد دماً ، قال : قلت فما ذنبي أنا رحمك
الله يا أبا جعفر ، فما ذلك ؟ قال : أتى الحسين بصبيّ له عليهالسلام
فهو في حجره إذ رماه أحدكم يا بني أسد بسهم فذبحه فتلقّى الحسين دمه فلمّا ملأ كفّه صبّه إلى السماء ثمّ قال : ربّ إنّك إن حبست عنّا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير ، وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين ، قال الباقر فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض .
وقال في ناسخ التواريخ : وعليّ الأصغر الذي ما زاد عمره
على ستّة أشهر وكان يئنّ من الجوع والعطش لأنّ أُمّه جفّ ثدياها لشدّة عطشها ، فقال الإمام عليهالسلام : ناولوني ولدي لأُودّعه ، فتناول الطفل من قماطه وقبّله وقال : ويل لهؤلاء القوم
إذا كان جدّك محمّد خصمهم ، وأقبل به على أعدائه ورفعه على كلتا يديه ويقال إنّه
__________________
قال : إلهي ، لم يبق في كنزي إلّا
هذه الجوهرة فما أنا أُقدّمها بين يديك ، ثمّ نادى أهل الكوفة : يا شيعة آل أبي سفيان ، إن كنتم تزعمون أنّنا أذنبنا معكم فما ذنب هذا الطفل الرضيع ، اسقوه ماءاً فقد جفّ صدر أُمّه من شدّة العطش ، فما أجابوه ، ورماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم فأثبته في لُبّة الطفل فقتله وسال دمه ، فوضع الإمام يده تحته فلمّا امتلأت رمى به نحو السماء.
قال الإمام الباقر عليهالسلام
: فلم تسقط منه قطرة واحدة ، فقال الحسين عليهالسلام
: هوّن عليّ ما نزل بي إنّه بعين الله. ثمّ قال : لا يكون أهون عليك من فصيل ناقة صالح ، اللهمّ
إن كنت حبست عنّا النصر فاجعل ذلك لما هو خير لنا.
عند ذلك في رواية ابن الجوزي ـ وهو من علماء أهل السنّة
ـ ناداه هاتف : دعه يا حسين فإنّ له مرضعة في الجنّة ، ثمّ دفنه الحسين مزمّلاً بدمه كما روى صاحب المعالم ، وذكر في شرح الشافية : إنّه ترجّل من جواده وصلّى عليه وحفر له بغلاف سيفه ثمّ دفنه .. انتهى.
أقول : يرى جماعة بناءاً على هذه
الرواية وعبارة زيارة الناحية السافلة الذكر في ترجمة عبدالله الرضيع والعبارة التي تأتي في ترجمة القاسم أنّ عبدالله غير عليّ الأصغر كما بيّنّا ذلك لأنّ عبدالله استشهد في حجر أبيه أمام الخيمة ، أمّا
عليّ الأصغر استهدف أمام العدوّ ، والله أعلم.
خذلان قاتله حرملة وهلاكه
نقل في بحار الأنوار وغيره عن المنهال بن عمرو أنّه قال :
دخلت على عليّ بن الحسين عليهماالسلام
منصرفي من مكّة فقال لي : يا منهال ، ما صنع حرملة بن كاهل الأسدي ؟ فقال : تركته حيّاً بالكوفة ، قال : فرفع يديه جميعاً ثمّ قال عليهالسلام : اللّهمّ
أذقه حرّ الحديد ، اللهمّ أذقه حرّ النار.
قال المنهال : فقدمت الكوفة وقد ظهر المختار بن أبي
عبيدة الثقفي وكان لي
صديقاً ، فكنت في منزلي أيّاماً حتّى
انقطع الناس عنّي وركبت إليه فلقيته خارجاً من داره ، فقال : يا منهال ، لم تأتنا في ولايتنا هذه ولم تهنّئنا بها ولم تشركنا
فيها ؟ فأعلمته أنّي كنت بمكّة وإنّي قد جئتك الآن وسايرته ونحن نتحدّث حتّى أتى الكناس فوقف وقوفاً كأنّه ينظر شيئاً وقد كان أُخبر بمكان حرملة بن كاهل فوجّه في طلبه ، فلم يلبث أن جاء قوم يركضون وقوم يشتدّون حتّى قالوا : أيّها الأمير البشارة قد أُخذ حرملة بن كاهل.
فما لبثنا أن جيء به فلمّا نظر إليه المختار قال لحرملة :
الحمد لله الذي مكّنني منك ، ثمّ قال : الجزّار الجزّار ، فأُتي بجزّار ، فقال له : اقطع يديه ، فقُطعتا ،
ثمّ قال له : اقطع رجليه ، ثمّ قال : النار النار ، فأُتي بنار وقصب فأُلقي عليه فاشتعل فيه
النار ، فقلت : سبحان الله ! فقال لي : يا منهال ، إنّ التسبيح لحسن ففيم سبّحت ؟ فقلت : أيّها الأمير ، دخلت في سفرتي هذه منصرفي من مكّه على عليّ بن الحسين عليهماالسلام فقال لي : يا منهال ، ما فعل حرملة بن كاهل الأسدي ، فقلت : تركته حيّاً بالكوفة ،
فرفع يديه جميعاً فقال : اللهمّ أذقه حرّ الحديد ، اللهمّ أذقه حرّ الحديد ، اللهمّ
أذقه حرّ الحديد ، اللهمّ أذقه حرّ النار.
فقال لي مختار : أسمعت عليّ بن الحسين عليهماالسلام يقول هذا ؟
فقلت : الله لقد سمعته يقول هذا ، قال : فنزل عن دابّته وصلّى ركعتين فأطال السجود ثمّ قام فركب وقد احترق حرملة ، وركبت معه ، وسرنا فحاذيت داري ، فقلت : أيّها الأمير ، إن رأيت أن تشرّفني وتكرمني وتنزل عندي وتحرم بطعامي ، فقال : يا منهال ، تعلمني أنّ عليّ بن الحسين دعا بأربع دعوات فأجابه الله على يدي ثمّ تأمرني أن آكل ؟ هذا يوم صوم شكراً لله عزّ وجلّ على ما فعلته بتوفيقه .
__________________
من قصيدة فاخرة لحضرة العلّامة حجّة الإسلام الشيخ محمّد حسين رحمهالله
ربّ المعالي وربيب النجبا
|
|
من أُوتي الكتاب في عهد الصبا
|
ذلك عبدالله اسماً وصفه
|
|
أتاه ربّه كتاب المعرفه
|
في غيبه صحيفة الشهاده
|
|
لطيفة العزّة السعاده
|
شهادة أنجبت الشهودا
|
|
وأعقبت في مجده الخلودا
|
بل لوح نفسه الكتاب المحكم
|
|
ومن علاه يستمدّه القلم
|
فإنّه رضيع مهد العصمه
|
|
غذّته بالحكمة ثدي الرحمه
|
فهو مسيح عبده ولا عجب
|
|
فإنّه أشرف منه في النسب
|
فأين مريم البتول شرفا
|
|
من خيرة النساء بنت المصطفى
|
بل مريم الحرّة في علاها
|
|
وفضلها تُعَدّ من إماها
|
وهو ذبيح الله من غير فدى
|
|
قضى على حياته سهم الردى
|
بل هو كالنبيّ في معراجه
|
|
لكنّه بالدم من أوداجه
|
تقمّص العلياء في قماطه
|
|
وحشمة الله على بساطه
|
قرّة عين المصطفى والمرتضى
|
|
سرّ أبيه في الرضاء بالقضا
|
والآية الكبرى وأعظم الحجج
|
|
فلك النجاة في غوامر اللُّجَج
|
والكوكب الدرّيّ رمز غرّته
|
|
والدرّة البيضا جمال طلعته
|
حباه ربّه بما حباه
|
|
ومن شراب جنّة سقاه
|
حبّ لقاء الله ملأ صدره
|
|
همّته على علوّ قدره
|
فدا بنحره أباه السامي
|
|
غدا رميةً لسهم الرامي
|
فاز وحاز قدحه المعلّى
|
|
فما أجلّ سهمه وأعلى
|
وكان سهمه النصيب الأوفى
|
|
صفى له كالعسل المصفّى
|
فهو وإن أصبح ظامي الحشا
|
|
من نار شوقه تلظّى عطشا
|
لم تبرد الغلّة من أحشاه
|
|
حتّى سقاه السهم ما سقاه
|
وما رمى رماه إذ رماه حرملة
|
|
وإنّما رماه من مهّد له
|
سهم أتى من جانب السقيفه
|
|
وقوسه على يد الخليفه
|
ويل له ممّا جنت يداه
|
|
وهل جنى بما جنى عداه
|
وما أصاب سهمه نحر الصبي
|
|
بل كبد الدين ومهجة النبي
|
لهفي على أبيه إذ رآه
|
|
غارت لشدّة الظما عيناه
|
فلم يجد شربة ماءٍ للصّبي
|
|
فساقه التقدير نحو الطلب
|
وهي على الأبيّ أعظم الكرب
|
|
وكيف بالحرمان من بعد الطلب
|
سقاه سهم المارق اللعين
|
|
ماء المنون بدل المَعين
|
يا ويل لابن كاهل المشؤوم
|
|
من سهمه المحدَّد المسموم
|
في حين ما كان عليه يعطف
|
|
رآه في دمائه يرفرف
|
من دمه الزاكي رمى نحو السما
|
|
فما أجلّ لطفه وأعظما
|
لو كان لم يرم بها إليها
|
|
لساخت الأرض بمن عليها
|
فاحمرّت السماء من فيض دمه
|
|
ويل من الله لهم من نقمه
|
فكيف حال أُمّه حيث ترى
|
|
رضيعها جرى عليه ما جرى
|
غادرها كالدرّة البيضاء
|
|
وعاد كالياقوتة الحمراء
|
حنّت عليه حنّة الفصيل
|
|
بكته بالإشراق والأصيل
|
كيف وقد فارق روحه البدن
|
|
فحقّ أن تبكي له مدى الزمن
|
رقّ له العدوّ والصديق
|
|
وهو رضيع وبه حقيق
|
وحقّ للسماء أن تبكي دما
|
|
كيف وبالسهم غدا منفطما
|
وحقّ للأرواح أن ينوحوا
|
|
فإنّه لكلّ روح روح
|
وحقّ للنفوس والعقول
|
|
أن يصرخوا لمهجة الرسول
|
الخمسة من أصحاب العبا
وناحت الخمسة من آل العبا
|
|
على وحيد لدهر أُمّاً وأبا
|
لقد بكاه البلد الحرام
|
|
والبيت والمشاعر العظام
|
ناحت عليه الحور في القصور
|
|
لعظم رزء نحره المنحور
|
بؤساً ليوم نحره ما أفجعه
|
|
يوم به تذهل كلّ مرضعه
|
أذهل أُمّ الطفل هول منظره
|
|
عمّا أُصيب طفلها في منحره
|
فيا له من منظر مهول
|
|
يذهب بالألباب والعقول
|
لهفي لها إذ تندب الرضيعا
|
|
ندباً يحاكي قلبها الوجيعا
|
تقول يا بنيّ يا مؤمّلي
|
|
يا منتهى قصدي وأقصى أملي
|
جفّ الرضاع حين عزّ الماء
|
|
أصبحت لا ماء ولا غذاء
|
فساقك الظما إلى ورد الردى
|
|
كأنّما ريّك في سهم العدى
|
رجوت أن تكون لي نعم الخلف
|
|
وسلوة لي عن مصابي السلف
|
وما جرى في خَلَدي أن القضا
|
|
يجري على أحرّ من جمر القضا
|
حتّى رأيت القدر المقدورا
|
|
حتّى رأيت نحرك المنحورا
|
ما خِلْتُ أنّ السهم للفطام
|
|
حيث أرتني جهرةً أيّامي
|
فليتني دونك كنت غرضا
|
|
للنبل لكن من لمحتوم القضا ..
|
__________________
من مرثية بحر العلوم رحمهالله
هل من مغيث يغيث الآل من ظمأ
|
|
بشربة من نمير ما لها خطر
|
هل راحم يرحم الطفل الرضيع فقد
|
|
جفّ الرضاع وما للطف مصطبر
|
هل من نصير محام أو أخي حسب
|
|
يرعى النبيّ فما حاموا ولا نصروا
|
تلك الرزايا لو أنّ القلب من حجر
|
|
أصمّ كان لأدناهنّ منفطر
|
نداء
شيعتي مهما شربتم عذب ماءٍ فاذكروني
|
|
|
أو سمعتم بغريبٍ أو شهيد فاندبوني
|
ليتكم في يوم عاشورا جميعاً تنظروني
|
|
|
كيف أستسقي لطفلي فأبوا أن يرحموني
|
وسقوه سهم بغيٍ عوض الماء المعين
|
|
|
يا لرزء ومصاب هدّ أركان الحجون
|
وأنا السبط الذي من غير جرمٍ قتلوني
|
|
|
وبجرد الخيل بعد القتل عمداً سحقوني
|
للسيّد حيدر الحلّي
مات التصبّر بانتظارك
|
|
أيّها المُحيي الشّريعه
|
فانهض فما أبقى التحمّل
|
|
غير أحشاء جزوعه
|
إلى أن قال :
فاشحذ شبا عضب له
|
|
الأرواح مُذعنة مطيعه
|
__________________
واطلب به بدم القتيل
|
|
بكربلا في خير شيعه
|
أترى تجيء فجيعة
|
|
بأمضّ من تلك الفجيعه
|
حيث الحسين على الثرى
|
|
خيل العدى طحنت ضلوعه
|
قتلته آل أُميّة
|
|
ظامٍ إلى جنب الشريعه
|
ورضيعه بدم الوريد
|
|
مخضَّبٌ فاطلب رضيعه
|
ما ذنب أهل البيت حتّى
|
|
منهم أخلوا ربوعه
|
وله أيضاً يستنهض الحجّة عليهالسلام في قصيدة فاخرة منها
نهضاً فمن بضباكم هامه فلقت
|
|
ضرباً على الدين فيه اليوم يحتكم
|
وتلك أنفالكم في الغاصبين لكم
|
|
مقسومة وبعين الله تقتسم
|
جرائم آذنتكم إن تعاجلهم
|
|
بالانتقام فهلّا أنت منتقم
|
وإنّ أعجب شيء أن أبكيها
|
|
كأنّ قلبك خالٍ وهو محتدم
|
لم تبق أسيافهم منكم على ابن تقًى
|
|
فكيف تبقى عليهم لا أباً لهم
|
فحمل أُمّك قدماً أسقطوا حنقاً
|
|
وطفل جدّك في سهم الرّدى فطموا
|
للشيخ عبدالصمد إمام الجمعة
أنسى البريّة كلّ رزء أكبر
|
|
ذكرى عليّ بن الحسين الأصغر
|
بأبي هلال غاب عند طلوعه
|
|
فأهال أنجم أدمعي من محجر
|
قمرٌ عراه الخسف كم بصدورنا
|
|
نارُ الأسى سطعت لهذا النيّر
|
والبيت حرّم صيده ما لى أرى
|
|
قد حلّ قتل بني الصفا والمشعر
|
راموا بسهمٍ هدم أركان الهدى
|
|
والهدي ينحر بالقنا والمشفر
|
أودى بحجر السبط ظمئآن الحشا
|
|
فسقاه كفّ الجدّ ماء الكوثر
|
ألقى الحسين إلى الهوى بنجيعه
|
|
فاحمرّ بالشفقين وجه الأخضر
|
ونظمت غرّ فرائدي في رزئه
|
|
ما للعيون عقيقها لم تنثر
|
المنتقى من قصيدة الميرزا محمّد تقي في « الآتشكده »
شد چه خرگاه امامت چون صدف
|
|
خالى از دُرهاى درياى شرف
|
شاه دين را گوهرى بهر نثار
|
|
جز دُرى غلطان نماند اندر کنار
|
شيرخواره شير غاب پر دلى
|
|
او ولىّ حق بُد نامش على
|
طفل خورد امّا بمعنى بس سترگ
|
|
کز بلندى خور بنمايد بزرگ
|
عشق را چون نوبت طغيان رسيد
|
|
شد سوى خيمه روان شاه شهيد
|
ديد اصغر خفته در حجر رباب
|
|
چون هلالى در کنار آفتاب
|
چهرهٴ کودک چه دردى برگ بيد
|
|
شير در پستان مادر ناپديد
|
شه گرفت آن طفل مهد اندر کنار
|
|
يافت دردى در دل دريا قرار
|
آرى آرى مه که شد دورش تمام
|
|
در کنار خور بود او را مقام
|
برد آن مه را بسوى رزمگاه
|
|
گفت با آن کوفيان رو سياه
|
گفت کاى کافر دلان بد سگال
|
|
گر بسويم بستهايد آب زلال
|
گر شما را من گنه کارم به پيش
|
|
طفل من را نبود گنه در هيچ کيش
|
آب ناپيدا و کودک ناصبور
|
|
شير از پستان مادر گشته دور
|
زين فراتى که بود مهر بتول
|
|
جرعهاى بخشيد بر سبط رسول
|
شاه در گفتار طفلش دل کباب
|
|
که زنوک ناوکش دادند آب
|
در کمان بنهاد تيرى حرمله
|
|
اوفتاد اندر ملايك غلغله
|
رست چون تير از کمان شوم او
|
|
پر زنان بنشست بر حلقوم او
|
نوک تير و حلق طفلى ناتوان
|
|
آسمانا باژگون بادت گمان
|
شه کشيد آن تير گفت اى داورم
|
|
داورى خواه از گروه کافرم
|
نيست اين نوباوهٴ پيغمبرت
|
|
از فصيل ناقه کمتر در برت
|
شه به بالا مىفشاند آن خون پاک
|
|
قطره زانخون برنگشتى سوى خاک
|
پس ندا آمد بدو کى شهريا
|
|
اين رضيع خويش بر ما واگذار
|
تا دهيمش شير از پستان حور
|
|
خوش بخوابانيمش اندر مهد نور
|
پس شه آن دُرّ ثمين در خاک کرد
|
|
خاک هم بر تارک افلاک کرد
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
وخلت مضاربه كما يخلوا الصدف
|
|
من جوهر تلقاه في بحر الشرف
|
وغدى عميد الدار ينثر جوهراً
|
|
لم تبق إلّا دُرّة بين التُّحف
|
تستصغر الأبصار منظرها وهل
|
|
يبدو صغيراً من على الليث التحف
|
هذا الوليّ وإن تقاصر سنّه
|
|
يُدعى عليّاً باسم سلطان النجف
|
يبدو صغيراً للعيون وإنّما
|
|
يبدو الكبير صغير حجم يستشف
|
ونحى الخيام أبو عليّ ناظراً
|
|
للطفل قربه ظماه من التلف
|
فرآه في حجر الرباب كأنّه
|
|
متلألأ نجم تجلّى في السدف
|
أو كالهلال بدى وما زالت ذكاً
|
|
في أُفقها منها النواظر تختطف
|
زهو الربيع طلاقة لكنّه
|
|
ذبل الخريف بوجهه يا للأسف
|
ما حال طفل يستغيث ظمأ وقد
|
|
يبس اللبان بصدر مرضعه وجفّ
|
فتناول الطفل الحسين مقبّلاً
|
|
للثغر منه ودمعه الغالي ذرف
|
والبدر إن ستر الضباب جبينه
|
|
لم يستتر لكن إلى الشمس ازدلف
|
وأتى إلى القوم اللئام منادياً
|
|
كي يرحموه وهل يصيخ ذوو الصلف
|
نادى إذا أخطى الكبار فطفلهم
|
|
ماذا جناه أليس فيكم من عطف
|
والطفل يرحمه الخلائق كلّهم
|
|
لا فرق من جحد الإله ومن عرف
|
لا ماء يرويه ولا بلبانه
|
|
يروى وهل يُروى الظما ثدي نشف
|
هذا الفرات ومهر أُمّي مائه
|
|
عنه نُذاد وكلّ وغد يغترف
|
تجري المياه به عباباً طاغياً
|
|
رقّوا على الطفل الظمئ بملأ كف
|
فرماه حرملة اللعين بسهمه
|
|
فسقاه من دمه النجيع وقد وكف
|
ويل لكفّ أثبتت في نحره
|
|
سهم الردى والنحر كالرمح انقصف
|
فتناول السبط الدماء بكفّه
|
|
ورماه حتّى الأفق بالشفق اتصف
|
فأتى نداء القدس يملأ سمعه
|
|
من ربّه أحسين خُذه ولا تخف
|
هذا الذبيح وأنت ذاك خليله
|
|
أوفيته نذراً كما فعل السلف
|
لا يُؤيسنك اليوم ممّا قد جنى
|
|
من فادحات الإثم جيش مزدهف
|
فغداً ينالون الجزاء مضاعفاً
|
|
بجهنّم وتنال بالصّبر الغُرَف
|
وينال طفلك بالجنان مراضعاً
|
|
ويظلّه في مهده حور تصف
|
وهو يشقّ الأرض جرعاً غائراً
|
|
في قلبها قبراً لطفل مختطَف
|
ممّا جادت به قريحة حجّة الإسلام الشيخ محمّد حسين الإصفهاني رحمهالله
خير مقدم على اصغر ز سفر مىآيد
|
|
|
لو حش الله که بهمراه پدر مىآيد
|
نازپروردهٴ من آمد سوى گهوارهٴ ناز
|
|
|
ميسزد گر منهم بر قدمش روى بناز
|
طوطى من سخنى از چه زبان بسته شدى
|
|
|
سفرى بيش نرفتى که چنين خسته شدى
|
اى جگر تشنه که با سوز جگر آمدهاى
|
|
|
خشک لب رفتى وبا ديدهٴ تر آمدهاى
|
از چه آغشته بخونى تو بدامان پدر
|
|
|
تو که رفتى بسلامت بسر دوش پدر
|
آخر اى غنچهٴ پژمرده که سيرابت کرد
|
|
|
نغمهٴ تير تو را از چه چنين خوابت کرد
|
اى چه اى بلبل شيدا تو چنين خاموشى
|
|
|
يا که از سوز عطش باز مگو مدهوشى
|
گل من خار خدنگ که گلوى تو بريد
|
|
|
گوش تا گوش تو را تير جفاى که دريد
|
پنجهٴ ظلم که اى غنچه گل خوارت کرد
|
|
|
کين ستم بر تو بر مادر بيمارت کرد
|
چه شد اى بلبل خوشخوان ز نوا افتادى
|
|
|
ز اشيان رفتى ودر دام بلا افتادى
|
چه شد اى روح روانم که ز جان سير شدى
|
|
|
بهره يك قطرهٴ آبى هدف تير شدى
|
بودم امّيد که تا بال و پرى باز کنم
|
|
|
برگ عيشى ز گل روى تو من ساز کنم
|
ناوک خصم تو را عاقبت از شير گرفت
|
|
|
دست تقدير ز شيريت به چه تدبير گرفت
|
اگرت آب ندادند و مرا شير نبود
|
|
|
نازنين حلق تو را طاقت اين تير نبود
|
واى بر حرمله کز خون تو انديشه نکرد
|
|
|
رحم بر کودکى و سوز درون تو نکرد
|
اى دريغا که شدى کشته و بى شيرى من
|
|
|
پس از اين تا چه کند داغ تو پيرى من
|
واى بر حال دل مادر بيچارهٴ تو
|
|
|
پس از اين مادر و گهواره و قنداقهٴ تو
|
چشم از مادر غمديده چرا پوشيدى
|
|
|
مگر اى شيرهٴ جان شير که را نوشيدى
|
مباراة الشعر أو تقريب المعنى بالعربيّه
ألف أهلاً بعليّ الأصغر
|
|
مالأً حضن أبيه الأطهر
|
عاد للمهد الذي ظلّلته
|
|
بحنان ودلال غضر
|
فليطٴ خدّي في مقدمه
|
|
إنّه أهل لهذا السفر
|
ما لغرّيدي ذاوٍ لحنه
|
|
طار في الأيكة أو لم يطر
|
رحت ظمئآن وقد عُدت تُرى
|
|
بفؤاد بالظما مستعر
|
شفة ظمأى وها أنت ترى
|
|
حالي الجيّد بطوق أحمر
|
ما الذي عشّاك بالقاني وقد
|
|
نمت في حضن أبيك العطر
|
رحت ما بيني جيد أتلع
|
|
وجبين بالسنا مزدهر
|
أبت إذ أبت وقد سال على
|
|
ساعدي منك دماء المنحر
|
ولقد عاث الظمأ في شفة
|
|
ذبلت مثل ذبول الزهر
|
وتر السهم جرى هدهدة
|
|
صادحاً في نحرك المنكسر
|
ولذا هوّمت في إغفائه
|
|
زادها ثقلاً أنين الوتر
|
أيّها الغرّيد لم لم تنطلق
|
|
نغمات كقصار السور
|
الظما أسكته أم إنّه
|
|
ما رأى نور أبيه المسفر
|
كيف يسطيع ظمئ عاطش
|
|
ينغني بحشى منفطر
|
أم لعلّ السهم في حلقومه
|
|
نابت يا للمصاب الأكبر
|
جسمه الرخص على ما ناله
|
|
هو كالبرعم لم ينتشر
|
فيه من وقع الظما مسّ اللظى
|
|
وعلى قلبي وخز الأُبَر
|
لعتاق الطير أمسى طعمة
|
|
مزّقت أعضائه بالمنسر
|
ودّع المهد فلم يرجع له
|
|
مثلما ودّعني مصطبري
|
فارقت عيني منه طلعة
|
|
كجمال الروض غبّ المطر
|
ظامئ يسقى نبالاً صوّبت
|
|
لفم ما زال لمّا يثغر
|
أتراه ملّ من حرّ الظما
|
|
فمضى ضيفاً لساقي الكوثر
|
إنّني أودعت فيه أملي
|
|
يا لغرسي أملاً لم يثمر
|
ولقد أصحرت في أرض البلا
|
|
بعد أن نال القضا من شجري
|
يحرم الماء فيرمى باكياً
|
|
قلبه من ظمأ بالشرر
|
وأنا أنظر ما لي حيلة
|
|
ليتني قد كفّ منّي بصري
|
من رأى العاطش يسقى نبلة
|
|
إنّها والله إحدى الكُبَر
|
يا فؤاداً نزعت رجمته
|
|
خصمك الرحمن باري البشر
|
ويك لم تعطف على والدة
|
|
شيّعته بفؤاد ذعر
|
أيّ وغد بين برديك اغتدى
|
|
آدميّ الشكل وحش المخبر
|
لعنة الله على حرملة
|
|
لعنة تورده في سقر
|
أسفاً يُذبَح طفلي ظامئاً
|
|
أسفاً لا ينقضي للمحشر
|
أشجى المرائي للفاضل الشيرازي
اصغر اى بلبل خوش لهجهٴ پر شور فغان
|
|
|
ناورک خصم زدت مهر خموشى بدهان
|
* * *
تا که از دست ستم تير شرربار بجست
|
|
|
پرزنان آمد و بر حلق لطيف تو نشست
|
قلب زهرا و دل احمد مختار شکست
|
|
|
در مصيبت بجنان حيدر کرّار نشست
|
|
قدّ چون سرو حسين گشت از آن تير کمان
|
|
* * *
نه همين ناوک دلدوز گلوى تو بريد
|
|
|
که دل خلق جهان را همه آن تير دريد
|
عرش اعظم همه از آن تير بلرزيد طپيد
|
|
|
اثرش تا به حجابات تقدّس برسيد
|
|
ورنه از چيست تزلزل به همه کون و مکان
|
|
* * *
روز مادر چه سر زلف تو گرديد سياه
|
|
|
اختر بختم از آسيب وبالست تباه
|
برکشم از دل شوريده همى ناله و آه
|
|
|
طاير قدسى من عاقبت افتاد بچاه
|
|
ماه تابان من آخر شدى از ديده نهان
|
|
* * *
مهد بهر تو من از سينه و سامان بستم
|
|
|
گاهواره هم از آغوش دل و جان بستم
|
بهر دلشادى تو من سرو سامان بستم
|
|
|
در ازل عهد بر آن زلف پريشان بستم
|
|
تا ابد ماند مرا داغ تو اندر دل وجان
|
|
* * *
طفل شش ماهه من جرم و تقصير نداشت
|
|
|
آب مىخواست که پستان منش شير نداشت
|
گلوى نازل او طاقت اين تير نداشت
|
|
|
غير تسليم و رضا در کف تقدير نداشت
|
|
در ره دوست نبودش بجز از نقد روان
|
|
* * *
جاى خالى تو را من بحرم چون نگرم
|
|
|
خون شود قلبم و بيرون شود از چشم ترم
|
نشنوم صوت تو را نعره زنم از جگرم
|
|
|
غير داغ تو بدل از تو نمانده است نشان
|
|
خون فشان گشته ز داغ تو همه اهل حرم
|
|
* * *
لاله سان داغ غمت گشت قرين دل من
|
|
|
اخترم گشته سيه همچه سيه محفل من
|
گوئيا آب غم آغشته شده اين گل من
|
|
|
که بجز ديدهٴ پر خون نبود حاصل من
|
|
گلشن عمر مرا کاش کند مرگ خزان
|
|
* * *
مرغ خوشخوان من از چه هدف تير شدى
|
|
|
آهو يشخط من بستهٴ زنجير شدى
|
هدهد خوشخبرم از چه زمين گير شدى
|
|
|
من چه کردم که زمن رنجهٴ دلگير شدى
|
|
که شدى چون دُر اشک از بصرم زود روان
|
|
* * *
چون فتادى ز نوا مرغ خوش الحان حسين
|
|
|
زود خاموش شدى شمع شبستان حسين
|
زود رفتى به محاق اى مه تابان حسين
|
|
|
جان فشاندى ز وفا در راه جانان حسين
|
|
غير داغ بدل از تو نمانده است نشان
|
|
* * *
جاى خالى تو را من بحرم چون نگرم
|
|
|
خوش شود قلبم و بيرون شود از چشم ترم
|
نشنوم صوت تو را نعره زنم از جگرم
|
|
|
خبر مرگ تو را چون به مدينه ببرم
|
|
اى اجل زود که رفت از کف من تاب و توان
|
|
* * *
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب المعنى :
أنت يا صدّاح يا أصغر يا عذب النغم
|
|
|
يا هزاراً لحنه المعجب بالسهم انكتم
|
* * *
جاءك السهم من الخصم كمقذوف الشرر
|
|
|
طائراً جاء وفي نحرك كالطوق استقر
|
وبه قلب رسول الله والطهر انكسر
|
|
|
وكذاك الحزن من جدّك بالخلد انتشر
|
|
وانحنى ظهر الحسين السبط حزناً وانفصم
|
|
* * *
لم يصب نحرك سهم الرجس حين انطلقا
|
|
|
إنّما أولى جميع الخلق منه رهقا
|
فهوى العرش وأهل العرش خرّوا صَعِقا
|
|
|
واغتدى فوق حجاب العرش ينحو المطلقا
|
|
ولذا كلّ بناء الكون أودى وانهدم
|
|
* * *
واستحال الصبح في عيني كالليل البهيم
|
|
|
وغدى حظّي كالكهف لأصحاب الرقيم
|
أرسل الآه نداء الحزن من قلب كليم
|
|
|
هل جفاني الطائر القدسيّ أو طفلي العظيم
|
|
بدري المشرق في دنياي بالسحب التثم
|
|
* * *
قد نسجت المهد من قلب بأضلاعي الجريح
|
|
|
حركات المهد في بيتي ريحان وروح
|
فلكي تهنأ مهّدت لك القلب الفسيح
|
|
|
وأقمت المهد كي تغفو في جفني القريح
|
|
حرقي في القلب لن تفنى ولن يفنى الألم
|
|
* * *
أيّ ذنب لصغير عمره نصف سنه
|
|
|
يطلب الماء وقد فارق صدري لبنه
|
أفهل يقوى لنصل السهم ثغر السوسنه
|
|
|
ما لها إلّا الرضا والصبر روح مؤمنه
|
|
في سبيل الله صبراً ورضاً فيما حتم
|
|
* * *
كلّما أبصر منك المهد خالٍ سحرا
|
|
|
يغتلي قلبي دماً قانٍ من العين جرى
|
بالبكا أتلو من الحزن بقلبي سورا
|
|
|
وجرى القاني ببيت الله في أُمّ القرى
|
|
ليس لي منك سوى الهمّ على القلب جثم
|
|
* * *
حرق كالزهرة الحمراء منّي في الفؤاد
|
|
|
واكتست دنياي لمّا غبت أثواب الحداد
|
ما تبقّى من سنيّ العمر أعوام شداد
|
|
|
حظّ عيني منك إذ غبت دموع وسواد
|
|
كوكبي غاب وشمل الهمّ في القلب التئم
|
|
* * *
ليتني ينثرني كالورق الذاوي الخريف
|
|
|
كظماك اشتدّ في الشوق لك القلب اللهيف
|
ليتني قطرت من عيني عمري بالنزيف
|
|
|
أترى لا نغماً يرسل طيري لا رفيف
|
|
ليس إلّا الدمع مسجوعاً بآهات السئم
|
|
* * *
أيّها الغرّيد قد صرت لراميك الهدف
|
|
|
يا غزالاً سابحاً في الأرض بالفجّ وقف
|
أنت كالهدهد إذ جئت نبيّاً بالطرف
|
|
|
عُد إلى مهدك لا تخش عدوّاً لا تخف
|
|
لك كلّ الخير موفوراً وللخصم الندم
|
|
* * *
أنت يا غرّيد سبط المصطفى بين الطيور
|
|
|
أنت يا شمعاً كسى ديناي أطياباً ونور
|
لم أخفاك المحاق اليوم يا بدر البدور
|
|
|
عجلاً فارقت دنياي إلى دنيا السرور
|
|
وفديت السبط يا أصغر فادٍ في الأُمم
|
|
* * *
ذكرياتي منك نارٌ في الحشى تلتهب
|
|
|
وخيال ينسج الذكرى وعين تسكب
|
مهدك الفارغ إن مرّ بروحي يسلب
|
|
|
مثلما يجري بنار البوتقات الذهب
|
|
هكذا أجرى مذاباً بجوى لمّا ولم
|
|
ممّا جادت به قريحة محزون رشتي
ناوک تيرچه اندر عوض شير آمد
|
|
|
اصغر سوخته از زندگيش سير آمد
|
روحش از دست سليمان بسوى جانان شد
|
|
|
جسم اندر بغل مادر دلگير آمد
|
چه قماطى که شده سرخ ز خونابهٴ حلق
|
|
|
بىمحابا حرم ناله شبگير آمد
|
کاى على اصغر محروم چرا خاموشى
|
|
|
گوئيا حلق تو را ضربت شمشير آمد
|
ورنه کى تير جدا مىکند از من سر را
|
|
|
بارک الله که جهانى بتو تسخير آمد
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب المعنى :
عوضاً عن رضاعه جائه السهم
|
|
فملّ الحياة وهو صغير
|
روحه فارقت أباه إلى الله
|
|
وفي جسمه الرباب تدور
|
صبّغت مهده دماه وصاحت
|
|
نسوة في الخيام هل من يجير
|
ومشت نحوه تناديه ناغينا
|
|
كما غرّدت بروض طيور
|
أترى نمت حين طوّقك السهم
|
|
فلم زال نحرك المنحور
|
قطع الرّأس منك هل إنّ وغداً
|
|
قد تغشّاك سيفه المطرور
|
كيف تقوى السهام تفعل هذا
|
|
الفعل ما في السهام سهم جسور
|
فهنيئاً لقد فتحت بما قد سال
|
|
من نحرك النجيع الطهور
|
وله أيضاً
رباب پريشان ز داغ پسر
|
|
روان کرد سيلاب اشک از بصر
|
که اى طفل معصوم مظلوم من
|
|
ز پيكان تيرت که داده لبن
|
چرا زرد شد روى گلنار تو
|
|
چسان بنگرم حلق خونبار تو
|
چرا لب فرو بستهاى از نوا
|
|
ز ياقوت لبها نما نغمهها
|
بنه رو بپستان من راز کن
|
|
کشالب دمى ديده را باز کن
|
فداى تو اى اصغر مهوشم
|
|
ز مژگان بزن آب بر آتشم
|
مباراة الشعر أو تقريب معناه بالعربيّة :
بكت الرباب على الرضيع بمدمع
|
|
كالجمر فوق خدودها مسكوب
|
نادته يا طفلي الصغير قد ارتوى
|
|
بالسهم لا بلبانها المسلوب
|
وقد استعار الجلّنار بوجهه
|
|
من ضوء نار فؤادي المشبوب
|
ربّاه ما هي حيلتي وأنا أرى
|
|
قد شقّ نصل السهم نحر حبيبي
|
ما للهزار وقد جنا تغيرده
|
|
أتراه من أمر دهاه عجيب
|
قد جفّ ياقوت الشفاه بثغره
|
|
ما كنت أطفى فيه حرّ لهيبي
|
هيّا إلى صدري وهاك لبانه
|
|
كي يستريح من الفؤاد وجيبي
|
وافتح شفاهاً طالما روّت ظماً
|
|
بفؤاد أُمّ بالأسى مكروب
|
أفديك يا روح الحياة بمهجتي
|
|
يا من أساه من الحياة نصيبي
|
وله
على اصغر اى مه انورم
|
|
شدهاى جدا از چه از برم
|
من بينوا به تو مادرم
|
|
ولدى على ولدى على
|
* * *
بفداى روى نکوى تو
|
|
دل مرده زنده ز بوى تو
|
چه کنم ز دست عدوى تو
|
|
ولدى على ولدى على
|
* * *
تو که بلبل چمن منى
|
|
تو که طوطى عدن منى
|
تو چه روح در بدن منى
|
|
ولدى على ولدى على
|
* * *
تو ضياء ليلهٴ تار من
|
|
ز غمت برفت قرار من
|
شده داغ هجر دچار من
|
|
ولدى على ولدى على
|
* * *
بگشاى نرگس ناز کن
|
|
لب غنچه ساى باز کن
|
ز جفاى حرمله راز کن
|
|
ولدى على ولدى على
|
مباراة الشعر أو تقريب معناه بالعربيّة :
يا بدر تمّي يا علي
|
|
يا قبسي يا مشعلي
|
* * *
أوقدت قلبي بالجوى
|
|
لمّا نأت فيك النوى
|
ها ركن صبري قد هوى
|
|
ولدي علي ولدي علي
|
* * *
إنّي عليك مولّهه
|
|
ولناظريك مدلّهه
|
قد كنت فيك مرفّهه
|
|
ولدي علي ولدي علي
|
* * *
روحي لعينيك الفدى
|
|
من طيبك العذب اغتدى
|
يخشى الوصول لي الردى
|
|
ولدي علي ولدي علي
|
* * *
روحي التي في هيكلي
|
|
يا روضتي يا بلبلي
|
يا نور ليلي المسدل
|
|
ولدي علي ولدي علي
|
* * *
ماذا جنى فيك العدى
|
|
جعلت نهاري أسودا
|
آمالنا ذهبت سُدى
|
|
ولدي علي ولدي علي
|
* * *
يا نور ليلي المظلم
|
|
من جورهم لم تسلم
|
تسقى الردى بالأسهم
|
|
ولدي علي ولدي علي
|
* * *
طفلي الذي في نينوى
|
|
بدلاً عن الماء ارتوى
|
بالسهم في فمه هوى
|
|
ولدي علي ولدي علي
|
* * *
أنا من فراقك في لظى
|
|
وبأعيني جمر القضى
|
آليت أرضىٰ بالقضا
|
|
ولدي علي ولدي علي
|
اختر الطوسي
آن شهنشاهى که چون در کربلا ديد از عطش
|
|
|
خشک گرديده است لبهاى علىّ اصغرش
|
سوى ميدان از حرم با صد غم آورد گرفت
|
|
|
روى دست خويشتن مانند غلطان گوهرش
|
ز آن سپس آن حجّت حق چون دهان غنچه باز
|
|
|
از پى اتمام حجّت شد لب جان پرورش
|
گفت اى قوم لعين و شوم اين طفل صغير
|
|
|
بىگنه باشد بنزد کردگار اکبرش
|
در حرم از قحط آب اين شيرخوار بيگناه
|
|
|
شير خشکيده است در پستان محزون مادرش
|
جرعهٴ آبى دهيد تا بريزم از وفا
|
|
|
بر گلوى تشنهٴ از برگ گل نازکترش
|
هر چه کرد اتمام حجّت آن سليل بوتراب
|
|
|
نه جواب آمد ز لشکر نه امير لشکرش
|
سوى آن طفل حزين افکند ناگاه از کمان
|
|
|
حرمله تيرى کز آن گرديده پاره حنجرش
|
چون گر از حنجر او گرد آن برّنده تير
|
|
|
تا به پر بنشست بر بازوى باب مضطرش
|
داد چون لب تشنه جان آن طفل در آغوش باب
|
|
|
جدّ او سيراب کرد از آب حوض کوثرش
|
مباراة الشعر أو تقريب معناه بالعربيّة :
ولمّا رأى الطفل الرضيع بكربلا
|
|
إمام الهدى ظمئآن قد جفّ ريقه
|
تهادى إلى الميدان من خيمة النسا
|
|
وفوق يديه الطفل خابٍ بريقه
|
بدى برعماً في الحقل باحت شفاهه
|
|
عن الزُّهر والأملود حتّ وريقه
|
وناداهم يا أمة السوء ضيّعت
|
|
هداها كسارٍ ضاع منه طريقه
|
فما ذنب طفل يطلب الماء ظامياً
|
|
فيمنعه والوحش يسقى رقيقه
|
ومنذ ثلاث جفّ حتّى لبانه
|
|
فما في لبان الأُمّ شيء يذوقه
|
ويا لعناء الأرض رفقاً بعاطش
|
|
صغير وفقد الماء ليس يطيقه
|
يُذاذ عن الجاري لإرضاء ظالم
|
|
كما حرم العذب الفرات شقيقه
|
هبوا جرعة حتّى أبلّ فؤاده
|
|
ويطفأ من جمر الفؤاد حريقه
|
ونادى فلم يسمع جواب ندائه
|
|
وطال من الجيش الجبان زعيقه
|
وصوّب نحو الطفل رجس سهامه
|
|
فما كان وحش في الزمان يفوقه
|
وراع النبيّ السهم قد شقّ نحره
|
|
وسال على صدر الحسين عقيقه
|
وقال له يسقيك جدّك كوثراً
|
|
شهيّاً كمسك فاح منه فتيقه
|
ويقول في محراب السعادة
لب و رخسارهاش ديد آن شه فرد
|
|
شده از تشنگى چون کهربا زرد
|
نه مادر شير دارد نه پدر آب
|
|
نبود آن طفل را از تشنگى تاب
|
همى بوسيد رود چون گل او
|
|
همى بوئيد مشکين سنبل او
|
بناگه حرمله آن شوم گمراه
|
|
بديد آن ماه در آغوش آن شاه
|
بياض گردنش چون لمعهٴ نور
|
|
بود رخشنده وپيداست از دور
|
سه پهلو تيرى آن رحم مردود
|
|
رهانيد از کمان کينهاش زود
|
گلويش بردريد از گوش تا گوش
|
|
خوش الحان مرغ شد گرديد خاموش
|
مباراة الشعر أو تقريب معناه بالعربيّة :
رأى سيّد الدنيا الفريد لسانه
|
|
ووجنته اصفرّا كطاقة آس
|
ولا من لبان يسعف الطفل ظامئاً
|
|
ولا ماء يسقيه ولا يد آسي
|
ولا صبر عند الطفل كي يقهر الظما
|
|
فكان بقلب السبط حزُّ مواسي
|
فقبّل خدّ الورد في الطفل باكياً
|
|
وناء بحزن لم تطقه رواسي
|
تنسّم ريح المسك عند وريده
|
|
فعادت له الأحلام بعد شماس
|
وأطلق نحو الطفل سهمٌ لقتله
|
|
لعين من الأعداء صعب مراس
|
ولمّا بدى نحر من الطفل لامع
|
|
وقد كان ظمئآن الفؤاد يقاسي
|
ولاح بياض الصبح من فجر نحره
|
|
رماه بسهم الغدر صاحب باس
|
فمزّق منه النحر أيّ ممزّق
|
|
لعين حقير من أُميّة قاسي
|
وعاد به السبط الكئيب لأُمّه
|
|
فنادت بوجد هل سقيت غراسي
|
فناولها الطفل الذبيح فولولت
|
|
ولم ترَ إلّا الدمع سال مواسي
|
وقال في زبدة الأسرار
بود طفلى شير خوار اندر حرم
|
|
کافرينش را پدر بود در کرم
|
خورده از پستان فضل آن پسر
|
|
شير رحمت طفل جان بوالبشر
|
ممکنات از عالم و آدم همه
|
|
از دم جان پرورش يك دم همه
|
گرچه خوانند اهل عالم اصغرش
|
|
من ندانم جز ولىّ اکبرش
|
بنگ بر زد که اى غريب بىنوا
|
|
نيستى بيكس هنوز اين سو بيا
|
مانده باقى بين ز اصحاب کرم
|
|
شيرخواره خسته جانى در حرم
|
مباراة الشعر أو تقريب معناه بالعربيّة :
حين لم يبق سوى الطفل الرضيع
|
|
وهو في الأخلاق كالجدّ الشفيع
|
غُذّي الفضل بثدي فاضل
|
|
شاده الله على كلّ رفيع
|
يستمدّ الكون من أنفاسه
|
|
ذاته فانظر إلى حسن الصنيع
|
ولئن سمّي طفلاً إنّه
|
|
مشبهٌ كلّ وليّ ومطيع
|
ولقد نادى غريباً مفرداً
|
|
صابراً بالطفّ خلّاه الجميع
|
يمّم المهد لكي تحملني
|
|
أنصر الحقّ على رجس وضيع
|
حيث لم يبق له من ناصر
|
|
غير طفل إنّه أمر مريع
|
ويقول عمّان الساماني الإصفهاني
خوش ره آوردى بدان درگاه برد
|
|
بر سر دستش بنزد شاه برد
|
کى شه اين گوهر به استسقاى توست
|
|
خواهش آبش ز خاک پاک توست
|
وه چه طفلى ممکنات او را طفيل
|
|
جمله يكسر کائنات او را بديل
|
کودکى در دامن مهرش بخواب
|
|
سه ولد با چار مام و هفت باب
|
اشرف اولاد آدم را پسر
|
|
ليك اندر رتبه آدم را پدر
|
ارفع المقدار من کلّ رفيع
|
|
الشفيع ابن الشفيع ابن الشفيع
|
دُرّة التاج آن گرامى گوهران
|
|
آن سبک در وزن و در قيمت گران
|
ظاهراً از تشنگى بى تاب بود
|
|
باطناً سرچشمهٴ هر آب بود
|
بر اميد جان نثارى آن زمان
|
|
خويش را افکند از مهدِ امان
|
مباراة الشعر أو تقريب معناه بالعربيّة إلّا بيت واحد لم ألم بمعناه :
کودکى در دامن مهرش بخواب
|
|
سه ولد با چار مام و هفت باب
|
والبيت الذي بين قوسين لصاحب الشعر :
أقبلت بالطفل والقلب وجيع
|
|
تشتكي الوجد إلى مولى الجميع
|
وهي ترجوه بصوت مثقل
|
|
برزايا الطفّ رفقاً بالرضيع
|
اسق هذا الجوهر الفرد ففي
|
|
يدك الماء وأنت المستطيع
|
يا له طفلاً برى الله به
|
|
ممكنات الخلق في الكون البديع
|
شرف الأولاد إلّا أنّه
|
|
آدم في الفضل ذو القدر المنيع
|
(ارفع المقدار من كلّ رفيع
|
|
الشفيع ابن الشفيع ابن الشفيع)
|
خفّ وزناً وتسامى قيمة
|
|
دُرّة للتاج ذو معنًى رفيع
|
ظاهراً يشكو الظما لكنّه
|
|
باطناً يسقي الورى العذب الهموع
|
قد رمى من مهده هيكله
|
|
حين نادى والد هل من سميع
|
ويقول القزويني في روضة الشهداء
بر سر دستش گرفت و برد اشکش مىچکيد
|
|
|
شد خجل ابر بهار از ديدهٴ شاه شهيد
|
تا بنزديك صف آن سنگ دل قوم عنيد
|
|
|
رو به ايشان کرد گريان آن امام نشأتين
|
* * *
فدعا في القوم يا لله من خطب فظيع
|
|
|
نبّئوني هل أنا المذنب أم هذا الرضيع
|
لاحظوه فعليه شبه الهادي الشفيع
|
|
|
لا يكن شافعكم خصماً لكم في النشأتين
|
* * *
گفت رحمى کين بود چون شافع روز جزا
|
|
|
گر گنه کاريم او طفلست و معصوم از خطا
|
کودکى را اين چنين ظلمى کجا باشد روا
|
|
|
شافع محشر بود خصم شما در نشأتين
|
* * *
عجّلوا نحوي بماء أسقه هذا الغلام
|
|
|
فحشاه من أوام واضطرام وكلام
|
فاكتفى القوم عن القوم بتكليم السهام
|
|
|
فإذا بالطفل قد خرّ صريعاً لليدين
|
* * *
قطرهٴ آبى دهيدش وارهانيدش ز غم
|
|
|
که بود در تاب و تب از تشنگى اين محترم
|
از دم پيكان بحلقش آب کردند از ستم
|
|
|
چشم بگشود و تبسّم کرد بر روى حسين
|
* * *
مباراة الشعر أو تقريب معناه بالعربيّة وما كان بين قوسين فهو للناظم رحمهالله :
أخذ الطفل على كفّيه والدمع جرى
|
|
|
أخجل السحب فما أرسل بعد المطرا
|
ونحى الأوغاد بالطفل أتى منحدرا
|
|
|
صاح فيهم ومضى يبكي إمام النشأتين
|
* * *
(فدعا في القوم يا لله من خطب فظيع
|
|
|
نبّئوني هل أنا المذنب أم هذا الرضيع
|
لاحظوه فعليه شبه الهادي الشفيع
|
|
|
لا يكن شافعكم خصماً لكم في النشأتين)
|
* * *
ارحموه ويحكم يشفع لكم يوم الجزا
|
|
|
إنّه طفل فما قارف ذنباً أو خطى
|
لم يجد ظلماً كهذا الظلم طفل في الورى
|
|
|
إنّما شافعكم خصم لكم في النشأتين
|
* * *
(عجّلوا نحوي بماء أسقه هذا الغلام
|
|
|
فحشاه من أوام واضطرام وكلام
|
فاكتفى القوم عن القوم بتكليم السهام
|
|
|
فإذا بالطفل قد خرّ صريعاً لليدين)
|
* * *
قطرة من بارد العذب هبوبا للرضيع
|
|
|
كاد يفنى ظمأً في الحرّ ذو القدر المنيع
|
أرسلوا السهم إلى النحر ليسقيه النجيع
|
|
|
فتجلّى البشر من عينيه في وجه الحسين
|
ممّا جادت به قريحة الجوهري :
|
ما مگر ذرّيّهٴ آل پيمبر نيستيم
|
|
|
يا ز اولاد على ساقى کوثر نيستيم
|
|
|
وحش و طير امروز سيرابند در اين دشت و ما
|
|
|
تشنهايم آخر ز وحش و طير کمتر نيستيم
|
|
مباراة الشعر أو تقريب معناه بالعربيّة :
أولسنا آل طه الأطهر
|
|
وعليُّ الطُّهر ساقي الكوثر
|
يشرب الوحش ولا نسقي ألا
|
|
هي عند الله إحدى الكبر
|
فعن الوحش وما شابهه
|
|
شأننا بين الورى لم يصغر
|
وله
تنها همى نه جرعهٴ آبش کسى نداد
|
|
|
آبش کسى نداد جوابش کسى نداد
|
چون بيكسان به نيزهٴ خود تکيه داده بود
|
|
|
بهر جواب گردن کج ايستاده بود
|
چون بيكسان به نيزهٴ خود تکيه داده بود
|
|
|
بهر جواب گردن کج ايستاده بود
|
پيكان تير سرور دين را جواب داد
|
|
|
آهن بغيرت آمد و بر اصغر آب داد
|
از شصت کين چه تير ستم از کمان گذشت
|
|
|
تير از گلوى اصغر و اصغر ز جان گذشت
|
آن طفل چون نداشت زبان تکلّمى
|
|
|
بر روى باب کرد بحسرت تبسّمى
|
مباراة الشعر أو تقريب معناه بالعربيّة :
لم يحرموه من الرواء وإنّما
|
|
سكتوا فما ردّوا عليه جوابا
|
فأتاه حرملة وقال له الهدى
|
|
قولاً وأرسله عليه شهابا
|
إن كنتم ترجون رحمة جدّه
|
|
فاسقوه من هذا الفرات شرابا
|
ما لان حرملة لقسوة قلبه
|
|
وبكى الحديد عليه حتّى ذابا
|
ورماه بالسهم اللعين بنحره
|
|
فسقاه من دم نحره العنّابا
|
وتصاعدت روح الرضيع لربّه
|
|
وجرت دماه لوالديه خضابا
|
عجز الرضيع عن الكلام وأرسل الـ
|
|
بسمات في عين الحسين عِذابا
|
وله أيضاً
ز دستم اى على اصغر سوى باغ جنان رفتى
|
|
|
جهان نديده بکام دل از جان رفتى
|
ز مهد سينهٴ مادر ملول گرديدى
|
|
|
بگهوارهٴ آغوش حوريان رفتى
|
تو را هواى على اکبر جوان بر سر
|
|
|
فتاده سوى على اکبر جوان رفتى
|
چه شير از تو بريدم بسوى جدّهٴ خويش
|
|
|
براى شکوه بفردوس جاودان رفتى
|
من از تو منفعلم اى پسر که با لب خشک
|
|
|
بخاک تيره از اين تيره خاکدان رفتى
|
ز سنگ حادثهاى طاير بهشتى من
|
|
|
ز باغ دل بسوى خلد پرفشان رفتى
|
سکينه چشم براه تو تو از نظرش
|
|
|
چه نور ديدهاى اى نور ديدگان رفتى
|
مباراة الشعر أو تقريب معناه بالعربيّة :
غبت من بيتي وودّعت الحياة
|
|
قاصداً مهد الجنان الوارفات
|
لم تر العالم حتّى مرّة
|
|
ولقد أغفوت في حضن الوفاة
|
مهد صدري عفته مستبدلاً
|
|
عنه في أحضان حور زاكيات
|
وأخوك الأكبر الغالي مضى
|
|
لرُبى الخلد سريع الخطوات
|
أترى اشتقت إلى رؤيته
|
|
وإلى رؤية آباء هداة
|
ولذا أسرعت للأُخرى الخُطى
|
|
قبل أن تشرب من ماء الفرات
|
جفّ من صدري لباني فأنا
|
|
جئت أسقيك دموعي المرسلات
|
أنت بالفردوس لا تشكو الظما
|
|
فستأتيك من الله الهبات
|
غير أنّي أبداً عاتبة
|
|
حين تمضي بشفاه يابسات
|
وتركت الوكر من قبلي إلى
|
|
جنّة الخلد ربيع الطيّبات
|
فإلى مهدك عُد ثانية
|
|
يا حبيب القلب ما هذا السباة ؟
|
وعلى الدرب رنت آمنة
|
|
ورجت إنّ أخاها الطفل آت
|
ولدي فارق عيني نورها
|
|
وادلهمّت حين فارقت الحياة
|
١٣٦ ـ سلالة النبوّة عليّ
الأكبر عليهالسلام
أُمّه « أُمّ »
ليلى بنت أبي مرّة بن مسعود الثقفي بلا خلاف ، وأُمّ ليلى ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب بن أُميّة بن عبدشمس ، وأبوها أبو مرّة ابن عروة بن مسعود الثقفي ، وعروة بن مسعود هذا أحد السادات الأربعة كما نقل ذلك صاحب نفس المهموم عن أُسد الغابة لابن الأثير الجزري عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: أربعة سادة في الإسلام : بشر بن هلال العبدي ، وعدي بن حاتم ، وسراقة بن مالك المدلجي ، وعروة بن مسعود الثقفي .
__________________
وعروة هذا أحد الرجلين العظيمين في قوله تعالى حكاية عن
كفّار قريش : ( وَقَالُوا لَوْلَا
نُزِّلَ هَـٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ
عَظِيمٍ )
وهما عروة
بن مسعود الثقفي والوليد بن المغيرة لأنّهما أثرى الناس في هاتين القريتين (الطائف ومكّة) وهو الذي أرسلته قريش للنبيّ صلىاللهعليهوآله
يوم الحديبيّة فعقد معه الصلح وهو كافر ثمّ أسلم سنة تسع من الهجرة بعد رجوع المصطفى من الطائف واستأذن النبيّ صلىاللهعليهوآله
في الرجوع لأهله فرجع ودعا قومه إلى الإسلام فرماه واحد منهم بسهم وهو يؤذّن للصلاة فمات ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله
لمّا بلغه ذلك : مَثَل عروة مثل صاحب « يس » دعى قومه إلى الله فقتلوه. كذا في شرح الشمائل المحمّديّة في
شرح قوله صلىاللهعليهوآله
: « ورأيت عيسى بن مريم فإذا أقرب من رأيت به شبهاً عروة بن مسعود » .
أمّا حضور ليلى في كربلاء أو كونها ما تزال على قيد
الحياة عند وقوع المأساة ولو في المدينة فإنّه لم يعرض لي وما رووه من أمر الحسين إيّاها بالدعاء لولدها في كربلاء فقد أنكره النوري وقال : لا أصل له ، وهذه نسبة كاذبة ، فإنّ كثيراً من المؤرّخين نصّوا على وفاتها قبل واقعة كربلاء ، ولم يعرف مقدار عمرها ، والله العالم.
وأمّا مقدار عمره :
وقع الخلاف بين عليّ الأكبر وزين العابدين عليهماالسلام من الأكبر
منهما ، وفي عمر
__________________
عليّ الأكبر هل ثمانية عشر عاماً أو
تسعة عشر عاماً كما في المناقب لابن شهر آشوب وإعلام الورى الطبرسي وإرشاد المفيد رحمهمالله
أو عشرون عاماً أو ثلاث وعشرون عاماً كما نصّ على ذلك ابن نما في مثير الأحزان أو خمس وعشرون عاماً أو ثمان وعشرون عاماً كما في التواريخ المعتبرة ، والأقوى والأصحّ في عمره عليهالسلام
عند شهادته أنّه بين الخامسة والعشرين والثامنة والعشرين يوم ذاك لما ذكره فحل الفقهاء ابن إدريس في مزار السرائر من أنّ ولادته كانت في خلافة عثمان ولكنّه لم يعيّن السنة والمنقول عن الحدائق الورديّة أنّه في حدود سنة ثلاث وعشرين من الهجرة ، وبناءاً على هذا يكون عمره سبعاً وعشرين عاماً لذلك يُدعى بعليّ الأكبر ولو احتملنا ولادته في آخر خلافة عثمان فإنّ عمره حينئذٍ يكون خمساً وعشرين سنة. ويقول في نفس المهموم : هذا هو الآثر .
وكذلك في كتاب ذخيرة الدارين والحدائق الورديّة بناءاً
على قول العقيقي وكثير من الطالبيّة والكلبي ومصعب بن الزبير وكثير من أهل البيت أنّه ولد قبل انقراض خلافة عثمان بسنتين. وقال أبو الفرج : ولد في خلافة عثمان .
ويقول العلّامة النوري في هديّة الزائر : كان ابن خمس
وعشرين سنة.
ويرى المرحوم فرهاد ميرزا في القمقام الزخّار أنّ ولادته
في خلافة عثمان .
وفي مقاتل الطالبيّين يقول هو يستعرض ما جرى في مجلس
يزيد لعنه الله : ثمّ دعى يزيد لعنه الله بعليّ بن الحسين فقال له : ما اسمك ؟ قال : علي. قال : أولم يقتل الله عليّ بن الحسين ؟! قال : قد كان لي أخ أكبر منّي يُسمّى عليّاً فقتلتموه
،
__________________
قال : بل الله قتله ، قال عليّ : ( اللَّـهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا )
وهذه العبارة
__________________
نصّ صريح على أنّ الإمام يقول أمام
يزيد بأنّ له أخاً أكبر منه واسمه عليّ فقتلتموه ... الخ.
ويقول محمّد بن إدريس في السرائر في خاتمته : فإذا زرت
الحسين فزر ولده
__________________
عليّ المولود في خلافة عثمان ـ إلى
أن يقول رادّاً على المفيد ـ وينبغي أن يردّ هذا المطلب إلى أهل الصنعة أي صنعة التاريخ والأنساب كالزبير بن بكّار ثمّ يصرّح بأسماء جماعة منهم ، وخلاصة كلامه أنّ سنّه عليهالسلام
يتراوح بين السبعة والعشرين والخامسة والعشرين ، والله العالم.
وروى القطب الراوندي في الخرايج ، والخزّاز الرازي في
كفاية الأثر بسنده عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة أنّه قال : كنت عند الحسين بن عليّ عليهماالسلام إذ دخل
عليّ ابن الحسين الأصغر فدعاه الحسين عليهالسلام
وضمّه إليه ضمّاً وقبّل ما بين عينيه ثمّ قال : بأبي أنت ما أطيب ريحك وأحسن خلقك ... الخ
(وقال : الإمامة ظاهرة ما بين عينيه ـ المؤلّف).
وهذه آراء المؤرّخين وعقائدهم في عليّ الأكبر والإمام
زين العابدين فقد اتفقوا على أنّ زين العابدين هو الأصغر وعليّ الشهيد هو الأكبر ، ويبقى القول في سنّه الثامنة عشرة بلا دليل.
أمّا اسمه وكنيته :
اسمه عليّ الأكبر بلا خلاف ، ولعلاقة المولى الحسين عليهالسلام المتميّزة
بوالده سمّى أولاده باسمه وقال : تمنّيت لو كان لي مئآت الأولاد لسميّتهم جميعاً « علي » من سمّى عليّاً الأكبر وسمّى زين العابدين عليّاً الأصغر إلى أن ولد له عليّ الأصغر
من الرباب سمّى زين العابدين عليّاً الأوسط.
وكنيته الشريفة أبو الحسن ، وبهذه الكنية أفصح الإمام
الصادق عليهالسلام
لأبي حمزة الثمالي حين علّمه الزيارة فقال : إذا وصلت إلى قبر عليّ الأكبر الشهيد ضع خدّك
__________________
على القبر وقل : صلّى الله عليك يا
أبا الحسن ـ ثلاثاً ـ ... .
وأمّا كونه أوّل شهيد أو غيره ففي ذلك اختلاف وظاهر
الزيارة المرويّة من الناحية المقدّسة
أنّه عليّ الأكبر وبعضهم يراه عبدالله بن مسلم كما تقدّم في ترجمته ، ولا داعي للتحقيق والتحليل حول هذه المسألة إذ ما من حاجة تدعو إلى ذلك ، والله العالم.
وأمّا شمائله وفضائله :
متى يستطيع امرئ حصر صفات من هو مرآة من فرق رأسه إلى
أخمص قدمه تعكس صفات النبي وشمائله ، فقد ذكروا صفاته على النحو التالي : إنّه صلت الجبين ، أزجّ الحاجبين ، أدعج العينين ، سهل الخدّين ، درّيّ المقلتين ، ياقوتيّ
__________________
الشفقتين ، بعيد ما بين المنكبين ، عريض
الفخذين ، أفرج الثنايا ، أقنى الأنف ، مدوّر الهامة ، مربوع القامة ، عنقه كإبريق الفضّة ، ذؤابتاه يسيل على شحمة أُذنه ،
أصيل الأصل ، طويل الفرع ، كحيل الطرف ، جميل الخلق ، عميم الفضل ، عظيم الجود ، كان وجهه أقمر ، وجبينه أزهر ، وريحه أذكى من المسك الأذفر ، ولفظه أحلى من السكّر ، وإذا مشى كأنّه البدر إذا أبدر ، والوبل إذ أمطر ، مخلوق من الحسن الشامخ والنسب الباذخ ... الخ.
تا که ابروى تو را از مژگان ساختهاند
|
|
بهر صيد دل ما تير کمان ساختهاند
|
من رمش عينك يبري القوس باريها
|
|
لكي يصيد فؤاد المبتلى فيها
|
وأنفه دقيق طويل فيه احديداب ، ويبرق النور منه ، وجنتاه
غير نتئتين ، فمه الحسن البيان ، لا هو بالكبير ولا بالصغير ، وماذا أقول عن شفتيه الياقوتيّتين :
اى لعل لبت به دلنوازى ممتاز
|
|
چشم سيهت به ترک تازى ممتاز
|
با زلف تو قصّه است مشکل ما را
|
|
همدون شب يلدا به درازي ممتاز
|
أسنانه المباركة بيضاء وبرّاقه ومفلجة ، وكأنّ عنقه في
صفائها ونورها الدمية من الفضّة المصقولة ، أعضائه معتدلة ، وتدلّ القوّة والاستواء والجمال ، وتلتقي بطنه بصدره ليس بينهما انخفاض أو ارتفاع ، بعيد ما بين المنكبين ، ضخم الكراديس ، تنبئ عن شجاعة خارقة ، دقيق المسربة ، شثن الكفّين كأنّهما براثن
__________________
الأسد واسعهما ، لطيف الأصابع سبطهما
، ساعداه وساقاه ملفوفان باعتدال ، وليس لقدمه قبتان لا يلتقي باطنهما بالأرض إذا سقطت قطرة ماء على قدميه انحدرت من غير توقّف ، يمتد خيط من الشعر الأسود المتألق من صدره إلى سرّته ، وكان يسبقه عطره إذا اجتاز بدرب ملأ الدرب طيباً كأنّه المسك والعنبر ، ويظلّ موّاجاً ساطعاً فيه إلى يومين ، ويعرف الناس مرور النبي من هنا بهذا الطيب الزكي.
الورد في خدّه والدرّ في فيه
|
|
والبدر من وجهه في الحسن يحكيه
|
أقول قول زليخا في عواذلها
|
|
فذلكنّ الذي لُمتُنّني فيه
|
قمر تكامل في نهاية سعده
|
|
يحكي القضيب على رشاقة قدّه
|
البدر يطلع من بياض جبينه
|
|
والشمس تغرب في شقائق خدّه
|
حاز الكمال بأسره فكأنّما
|
|
حسن البريّة كلّها من عنده
|
اى مصحف آيات الهى رويت
|
|
وى سلسلهٴ اهل ولايت مويت
|
سرچشمهٴ زندگى لب دلجويت
|
|
محراب نماز عارفان ابرويت
|
* * *
فكأنّ وجهك مصحف آياته
|
|
تتلى وشعرك فيه سلسلة الذهب
|
عين الحياة شفاك طيّبة الجنى
|
|
والحاجب المحراب بالنور احتجب
|
* * *
الله أكبر الحسن في العرب
|
|
كم تحت غرّة هذا البدر من عجب
|
قوامه تمّ إن مالت ذوائبه
|
|
من خلقه فهي تغنيه عن الإرب
|
وملخّص القول هذه طائفة من شمائل رسول الله صلىاللهعليهوآله وكان شبيهه
عليّ الأكبر حائزاً عليها حيث يقول الإمام عليهالسلام
: أشبه الناس برسول الله خلقاً وخلقاً ومنطقاً ،
ولو لم يحز عليّ الأكبر جميع صفات
النبيّ لم يطلع الحسين عليهالسلام
مثل هذا التعبير .
أمّا خلق رسول الله صلىاللهعليهوآله :
إنّ النسخة الثانية عليّ الأكبر وما يستطيع القائل أن
يقول بعد قوله تعالى : ( إِنَّكَ
لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ )
يقول
المجلسي في حياة القلوب موجزاً : لا يجرّ قدميه إذا مشى وإنّما يزول قلعاً ، مشيهُ غاية في الوقار ، وإذا كلّمه أحد أو كلّم
أحداً لا ينظر إليه بمؤخّر عينيه بل يقبل عليه بكلّه ، وفي أكثر أحواله يرمق الأرض بطرفه
عند الكلام ، ونظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء ، ويبدأ من يراه بالسلام ، دائم الفكرة ، لا يخلو من الاشتغال بالتفكير ، لا يتكلّم إلّا لحاجة ، وله جوامع الكلم ، الألفاظ القليلة بالدلالة الكبيرة ، لم يكن فظّاً في أخلاقه ولا غليظاً ، ولا
يحتقر أحداً ، وتعظم في عينه النعم القليلة ، لم يذمّ نعمة قطّ ، لا يحزن على
ففوات
__________________
الدنيا ، وإذا أشار بيده لا بالغمز ،
وضحكه التبسّم ، وقلّما سمع له ضحك ، ويعطي ذا الفضل على قدر فضله ، ويوقّر كريم كلّ قوم ، لا يؤاخذ الناس بما بدر منهم من خطأ ، يواسي الناس ، ولا يظهر التبرّم بهم ، ولا يترك البشر والطلاقة.
أعماله بين الإفراط والتفريط ، أعظم الرجال عنده أعظمهم
عوناً وخدمة ومواساة الناس ، ليس له مجلس خاص يجلس به ، وينهى الناس عن ذلك ، ويعامل الناس معاملة يظنّ كلّ واحد منهم أنّه الأعلى عنده ، وإذا جالس أحداً لا يقوم حتّى يقوم ، ومن سأله حاجة قضاها له أو سعى في قضائها فإذا حال دون ذلك حائل أرضاه بالقول الحسن والوعد الصادق ، وشمل خلقه العظيم جميع الخلق ، يوقّر الكبير ويرحم الصغير ، ولا يملّه من جالسه ، لم يؤنّب أحداً ولم يرتفع صوته في وجه أحد ، ولا يلتمس لأحد عيباً ، وينهى الناس عن ذلك.
وجملة القول : كان عليّ الأكبر وهو خلاصة شجرة النبوّة
وثمرتها ، وكذلك الولاية ، متخلّقاً بهذه الأخلاق ، ولو لم يكن كذلك لما قال الإمام : اللّهمّ اشهد
أنّه برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسولك ، وكنّا إذا اشتقنا إلى
لقاء نبيّك نظرنا إليه.
وأحسن منك لم تر قطّ عيني
|
|
وأجمل منك لم تلد النساء
|
خلقت مبرّءاً من كلّ عيب
|
|
كأنّك قد خُلقت كما تشاء
|
لعليّ الأكبر عيال وأولاد :
ينبغي أن يعلم بأنّ ما اشتهر على الألسنة والأقلام من
كون عليّ الأكبر ليس له زوجة وأولاد هو مجرّد اختلاق محض ، مختلف تماماً مع ما عليه سيرة أهل البيت عليهمالسلام
من التعجيل في تزويج أبنائهم ولم يؤثر بقاء أحدهم دون قران حتّى
الثامنة والعشرين ، ولعلّ الغاية من
تعليل سنّه إلى الثامنة عشرة هو ترويج هذه الشائعة. ولو افترضنا صحّة الثامنة عشرة فلا مانع من تزويجه فيها فإنّ القاسم وهو ابن الثالثة عشرة كانت له عروس مسمّاه من آل البيت .
فكيف يبلغ عليّ الأكبر الثامنة عشرة ولم يتزوّج كما
يزعمون ؟ وكيف كان ففي رواية الكافي بسنده عن الإمام الرضا عليهالسلام
والرواية كما يلي :
قال : ثمّ اعلم أنّه يظهر من بعض الروايات والزيارات أنّ
له عليهالسلام
ولداً وأهلاً ؛ أمّا الرواية فقد رويت عن ثقة الإسلام الكليني عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد ابن محمّد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا قال : سألت عن أبيك : الرجل يتزوّج المرأة ويتزوّج أُمّ ولد أبيها ، فقال : لا بأس بذلك ، فقلت له : بلغنا
عن أبيك عليّ بن الحسين تزوّج ابنة الحسن بن عليّ وأُمّ ولد الحسن وذلك أنّ رجلاً من أصحابنا سألني أن أسألك عنها ، فقال عليهالسلام
: ليس هكذا ، إنّما تزوّج عليّ ابن الحسين ابنة الحسن وأُمّ ولد لعليّ بن الحسين المقتول عندكم .
وهذه الرواية ذكرها المجلسي في البحار ، والعلّامة
النوري في المستدرك ،
__________________
والمحدّث القمّي في نفس المهموم ، ونقلها
غيرهم ، وهذا صريح بكونه صاحب أهل وعيال .
وأمّا عبارة الزيارة المرويّة عن أبي حمزة الثمالي عن
الصادق عليهالسلام
فقد جاء فيها لفظ أهل بيتك وأولادك ، وقد نقلها العلّامة المجلسي في المزار وفي تحفة الزائر ، والحاجي النوري في هدية الزائرين. ويقول الحاجي النوري بعد أن قوّى القول الثامن والعشرين أو الخامس والعشرين : وبناءاً على ما تقدّم فإنّ ما ينقله بعض الذاكرين في مصيبة عليّ الأكبر نظماً ونثراً من القول المشعر بعدم زواجه وأنّه فارق الدنيا عزباً فلا أصل له ولا واقع لأنّه بعيد عن سيرة أهل البيت من بلوغهم هذه السنّ وبقائهم عزّاباً مع ما يحرضون به الشيعة من التكبير في تزويج أبنائهم.
طائفة من مكارم أخلاق شبيه المصطفى وكرمه وسخائه :
بعد ما ذكرناه آنفاً من تمثيل عليّ الأكبر جدّه المصطفى
من الفرق إلى القدم كما تمثّل المرآة الناظر فيها فلا تحتاج مكارم أخلاقه إلى الاستدلال أو الإثبات ولم
يُبق قول الحسين عليهالسلام
قولاً لقائل ، ومن المقطوع به بأنّ فضائله الخلقيّة تدرّجت في رتبها الراقية حتّى طوت مراحل الكمال وبلغت أقصاه ، وهكذا يتمّ التدرّج بالنسبة للإنسان الكامل ، وعليّ الأكبر عليهالسلام
قطع هذا الطريق الطويل النائي بأسرع وقت
__________________
وألقى رحله في المنزل المعدّ له ووقف
في الطليعة من الكُمّل والشهداء والصدّيقين.
يقول سعدي :
کس در نيامده است بدين خوى از درى
|
|
|
هرگز نيارود چه تو فرزند مادرى
|
ما دخل الدار شبيه له
|
|
أو ولدت والدة مثله
|
إنّ شابّاً يقضي من عمره ثمانية سنين مع جدّه أمير
المؤمنين ، وتسعة عشر عاماً مع عمّه المجتبى ، وكان أبوه السيّد الشهيد يبالغ في تربيته لأنّه ولده الأكبر
ولشبهه بجدّه فقد مالت أعناق الأهل والأقرباء نحوه في درجة الأُولى والأصحاب والمسلمين في الدرجة الثانية. وكان يجد الإمام الحسين لذّة فائقة في اختصاصه بولد كهذا الولد هو مظهر قوله تعالى : (
وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ )
.
روى أبو الفرج الإصفهاني بسنده عن أبي عبيدة وخلف الأحمر
أنّ هذه الأبيات قيلت في عليّ الأكبر :
لم تر عين نظرت مثله
|
|
من محتفٍ يمشي ومن ناعل
|
يغلي نئيّ اللحم حتّى إذا
|
|
أنضج لم يغل على الأكل
|
كان إذا شبّت له ناره
|
|
أوقدها بالشرف القابل
|
كيما يراها بائس مرمل
|
|
أو فرد حيّ ليس بالآهل
|
أعني ابن ليلى ذا السدى والندى
|
|
أعني ابن بنت الحسب الفاضل
|
لا يؤثر الدنيا على دينه
|
|
ولا يبيع الحقّ بالباطل
|
ويقول في نامه « دانشوران ناصرى » أنّ العادة جرت بين
العرب في القبائل
__________________
إيقاد النار في الليالي المظلمة
ليستدلّ بها الصادر والوارد على الطريق فيصلوا إلى مبتغاهم بيسر
وينزلوا أضيافاً عليهم ولا يقضوا ليلهم في القفر وهذه النار تُسمّى نار القرى ، وفي فصل الشتاء يفرّقون الكلاب على أخبيتهم ويوثقونها بالأعمدة لكي تزداد وحشيّة وتزيد النباح فيستدلّ السالك في الصحراء أو التائه على وجود الحي فيقصدونه وينزلون أضيافاً عليه ، ولم تذكر هذه المكرمة من نار القرى لواحد من أبناء الأئمّة إلّا لشبيه رسول الله عليّ الأكبر عليهالسلام.
ما قاله معاوية في عليّ الأكبر عليهالسلام :
يقول صاحب نفس المهموم في عليّ الأكبر : وناهيك به
فارساً في هذا الميدان ونقاباً يخبر عن مكنون هذا الأمر بواضح البيان ـ إلى أن يقول : ـ وما رواه أبو الفرج
عن مغيرة قال : قال معاوية : من أحقّ الناس بهذا الأمر ؟ قالوا : أنت ، قال : لا ،
أولى الناس بهذا الأمر عليّ بن الحسين بن عليّ ، جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وفيه
شجاعة بني هاشم وسخاء بني أُميّة وزهو ثقيف .
ولا يخفى أنّ قول معاوية هذا ليس يخلو من الغرض الشخصي
فقد أراد أن يثبت له نصيباً من هذه الخصال الثلاث.
ثمّ هو أوّلاً أراد أن ينفي النصّ على الحسين عليهالسلام لكي يكون
الحكم طليقاً فيجري في بني أُميّة أيضاً وتميل الأعناق عن صاحبها الحقيقي.
وثانياً : أراد استبعاد شروط الخلافة عنها ، وهي العلم
والعصمة ، والنصّ من الله ورسوله.
__________________
ثالثاً : أراد أن يثبت السخاء في بني أُميّة ليقلب
الأُمّة نحوهم ومن أجل التعمية على السامعين أدخل ثقيفاً في هذه المنظومة الثلاثيّة. مع أنّ التاريخ لا يحدّثنا
عن سخاء آبائه الأمويّين ولم يصفهم واصف بهذه الخصلة بل لم يعرفوا بها في الجاهليّة والإسلام ، وكان جدّهم الأعلى عبد شمس يعيش في ظلّ أخيه هاشم ، وكان اسمه عمرو العلا ، ولكثرة إطعامه الناس ونحره الذبائح من إبل وغنم وماشية دعي هاشماً اشتقاقاً من الهشم لأنّ معناه كسر العظم ، وكان أُميّة قد سلخ عشرين عاماً من عمره في بيت عبدالمطّلب وكان أبو سفيان غاية في البخل حتّى كان يمسك عن النفقة على عياله وكانت هند تسرق قوتها منه ، فلا أدري إذن من أين هبط عليهم هذا السخاء الذي فخر به معاوية ؟!
وما من شكّ في استجماع عليّ الأكبر للصفات الكماليّة ولو
لم يستشهد لكان هو الإمام بعد أبيه ، لاجتماع الفضائل فيه ، وكانت ذاته المودعة فيه من صنع الله سبحانه ، ولا بدع في فضل الله ولا غرابة في أن يعري وجوداً قدسيّاً من كلّ عيب ونقص خلقيّ ليكون مثالاً يحتذى للأخلاق الإسلاميّة.
جاء في الزيارة الرجبيّة الخاصّة : « وكما منّ عليك من
قبل وجعلك من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً .. .
والتطهير شاهد على العصمة والفقه الذاتيّة الواجب
توفرهما في الإمام ولم يكن عليّ الأكبر خارج هذه الدائرة ، ولقد تحلّى بحلية الشرف والمجد ونبل الشأن وعظمة المنزلة والخصال الحميدة وعرف بين العرب بالسيادة وعزّة النفس وسموّا الذات فكان يحيا بينهم بالكمال والوقار والعظمة.
ولم يقتصر عليّ الأكبر في شبهه بالنبيّ أن يحكي صورته
وجماله وخطوه
__________________
وحديثه وحركاته وسكناته كما تحكي
المرآة الطالع فيها ، بل كان مجمع المحامد والسجايا النفسانيّة النبويّة والإماميّة ، كما كان موئل الفقه والعصمة ومبائة
الأدب والشجاعة ، وكان كبد الحسين وهو كبد النبيّ صلىاللهعليهوآله
، وقد تعلّق بولده تعلّقاً لا نظير له ، وكان يسرّه أن يكون ولده مرآة جدّه من الفرق إلى أخمص القدم ، فتظهر عليه ملامح الجمال النبوي وآيات الرسالة.
في مدينة المعاجز للسيّد هاشم البحراني ، وضياء العالمين
وذخيرة الدارين ونفس المهموم وغيرها عن زفر بن يحيى عن كثير بن شاذان قال : شهدت الحسين بن عليّ عليهماالسلام
وقد اشتهى عليه ابنه عليّ الأكبر عنباً في غير أوانه ، فضرب بيده إلى سارية المسجد فأخرج له عنباً وموزاً فأطعمه ، فقال : ما عند الله لأوليائه أكثر .
وروى أبو مخنف عن عقبة بن سمعان قال : لمّا كان آخر
الليل أمر الحسين بالاستقاء من الماء ثمّ أمرنا بالرحيل ففعلنا. قال : فلمّا ارتحلنا من قصر بني
مقاتل وسرنا ساعة خفق الحسين عليهالسلام
برأسه خفقة ثمّ انتبه وهو يقول : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، والحمد لله ربّ العالمين. قال : ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثاً ، قال : فأقبل
إليه ابنه عليّ بن الحسين عليهالسلام
على فرس له ، فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، والحمد لله ربّ العالمين ، يا أبت جعلت فداك ممّ حمدت الله واسترجعت ؟ قال : يا بني ، إنّي خفقت برأسي خفقة فعنّ لي فارس على فرس فقال : القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم ، فعلمت أنّها أنفسنا نعيت إلينا ، قال : يا أبت ، لا أراك الله سوءاً ،
ألسنا على الحقّ ؟ قال : بلى والذي إليه مرجع العباد ، قال : يا أبت ، إذاً لا
نبالي نموت محقّين ، فقال له : جزاك الله من ولد خير ما جزى ولداً عن والده ... .
__________________
هكذا يكون رباطة الجأش وقوّة الإيمان عند عليّ الأكبر
الذي لم يجد الخوف أو الفرق طريقاً إلى فؤاده ، وعزّى أباه باللطف عمّا كرب قلبه.
ورث الصفات الغر وهي تراثه
|
|
من كلّ غطريف وشهم أصيد
|
في بأس حمزة في شجاعة حيدر
|
|
بإبا الحسين وفي مهابة أحمد
|
وتراه في خلق وطيب خلائق
|
|
وبليغ نطق كالنبيّ محمّد
|
مقتله عليهالسلام :
وملخّص ما ذكره أصحاب المقاتل من حادثة مصرعه على النحو
التالي : ولمّا رأى عليّ الأكبر وحدة أبيه ولم يبق له ناصر جائه يستأذنه في القتال ، فلمّا رآه الحسين أرخى عينيه بالدموع واحتضن ولده وراح يشمّه ويئنّ من فراقه. ثمّ أفرغ عليه لامة حربه وأدرع بدرع عادية ومغفر فولاذي وأسرج له العقاب فرس رسول الله بالسرج الذي ورثه من أبيه ، وكان عليّ الأكبر في صباحة الغرّة وملاحة الوجه بالمحلّ الذي يشرف أهل المدينة على السطوح المطلّة على الجواد التي يمرّ بها لرؤيته ومشاهدة بهائه ، وما زال يلحّ في طلب الإذن حتّى أذن له ، ثمّ أمّ
الخيمة لوداع الأهل والعيال ، فدرن به عمّاته وأخواته وباقي النسوة ، ثمانون امرأة
من صغيرة وكبيرة كالفراشات تدور على مشعل النور ، الله أكبر ، إنّ الحجر الصوّان يتفتّت لرؤية هذا المنظر المريع ، ولم يعلم إلّا الله بما في قلوب أهل البيت من الحزن ذلك اليوم .
__________________
وعلى كلّ حال ، فقد ودّع أهل بيته واستقبل ميدان القتال ،
وفي هذه الأثناء تحادرت دموع الحسين عليهالسلام
على خدّيه البدريّين وقبض على لحيته الكريمة ورفع رأسه إلى السماء وقال : اللهمّ اشهد على هؤلاء القوم الجفاة الذين ضيّقوا علينا المسالك فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً وسيرة بجدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله
، اللهمّ كنت إذا اشتقت إلى جدّي نظرت إليه. ثم نظر إلى ابن سعد لعنه الله وعيونه جارية وصاح به : قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم ترع قرابتي من رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وأسأل الله أن يزيل منك البركة ويسلّط عليك من يذبحك على فراشك ، ويفصل رأسك عن بدنك. ويريد الإمام بهذا القول أنّنا قرشيّان فقطعت ما بيني وبينك من الرحم ، قطع الله منك رحمك ، وكان ابن سعد يدرك ذلك فقد قال بعد رجوعه من كربلاء ولقياه الأوّل مع ابن زياد : إنّي قطعت رحمي ووصلت خصمي وخالفت ربّي ... الخ.
ومجمل القول أنّ الإمام الحسين قال للقوم : اللهمّ
أمنعهم بركاتك ، وفرّقهم طرائق قدداً ، واهتك أستارهم ، وفرّق جمعهم ، وسلّط عليهم ولاتهم ، وعادهم وأمقتهم فإنّهم طغاة عتات فإنّهم دعونا لينصرونا ثمّ عدوا علينا يقتلوننا ..
يكلّ البيان ويعجز اللسان ويضيق القلم عن بيان هذا
المشهد الذي كان عليه
__________________
الحسين وهو يودّع ولده وعن وصف
أحاسيسه أزاء ولده الأكبر.
مضافاً إلى ما تقدّم ما كانت تكنّه الحوراء عليهاالسلام من حبّ وما
لها فيه من تعلّق فريد لأنّه بكر أخيها الحسين وقد ربّي في حجرها وأغدقت عليه حبّها وحنانها والآن تراه ينحدر صوب المعركة فكانت تجول بين أخيها وبين المخيّم فتارة تبرز من الخيمة وأُخرى تتطلّع إلى وجه أخيها.
وأخيراً خرج عليّ إلى المعركة وحمل على القوم كالريح
العاصف وهو يرتجز ويقول :
أنا عليّ بن الحسين بن علي
|
|
من عصبة جدّ أبيهم النّبي
|
والله لا يحكم فينا ابن الدعي
|
|
أطعنكم بالرمح حتّى ينثني
|
ضرب غلام هاشميّ علوي
|
|
نحن وبيت الله أولى بالنبي
|
فلم يزل يقاتل حتّى ضجّ الناس من كثرة من قتل منهم وتعالى
صياح العدو : الحذر الحذر والفرار الفرار ، وما زال ينثر الرؤوس والأيدي فعل حيدر الكرّار حين يرمي الفرس والفارس على الثرى ويمرّغهما في التراب. قلب الميمنة على الميسرة والميسرة على الميمنة وقتل منهم بحملة واحدة مائة وعشرين رجلاً وأرسلهم إلى دار البوار ، جهنّم وبئس القرار.
نسيم صرصر قهرش بهر طرف که وزيد
|
|
|
بنخل عمر مخالف خزان مرگ رسيد
|
بحمله سپه خصم را چه از جا کند
|
|
|
ملک بمجمر چرخ از ستاره ريخت سپند
|
بدست تيغ وى از سمت عالم لاهوت
|
|
|
ز مرحبا بک پر شد صوامع ملکوت
|
عصفت ريحه بهم كخريف
|
|
لم يدع ملبساً على الأشجار
|
لبطولاته الملائك تدعو
|
|
لتقيه من أعين الكفّار
|
ولصمصامه وزنديه نادت
|
|
مرحباً في شجاعة الكرار
|
قال المجلسي في جلاء العيون : ثمّ طلع عليهم ذلك السيّد
الحسيب والكريم النسيب كالشمس في رائعة النهار ، وجلى المعركة بنوره فوقف العدوّ بفيالقه حيران والهاً من جمال طلعته وسطوع غرّته ، ولمّا دخل الميدان تحامته الفرسان ونكصت عنه الشجعان فاستلّ ذلك الأسد الخادر والليث الهادر الذي ألقت إليه الشجاعة قيادها وهجرت بلادها ، سيفه الصيقل وهجم على العدوّ الذليل كالبرق الخاطف ومع ما فيه من شدّة العطش ، وجفاف الفم وذبول الشفاه قتل منهم مائة وعشرين رجلاً ثمّ ثنى عنان جواده وأقبل نحو الخيمة فقال : يا أبتاه ، العطش قد قتلني وثقل الحديد أجهدني فهل لي إلى شربة أتقوّى بها على الأعداء ؟ فبكى الحسين عليهالسلام
وقال : يا بنيّ ، يعزّ على محمّد صلىاللهعليهوآله
وعليّ بن أبي طالب وعليّ أن تدعوهم فلا يجيبوك وتستغيث بهم فلا يغيثوك ، يا بني هات لسانك ، فأخذ بلسانه فمصّه ودفع إليه خاتمه وقال : أمسكه في فيك وارجع إلى قتال عدوّك فإنّي أرجو أنّك لا تمسي حتّى يسقيك جدّك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبداً.
وبعد ذلك أعاد الكرّة عليّ الأكبر عليهم كالليث الهصور
وقع في قطيع الثعالب ، وما زال يكرّ عليهم بسيفه ويفرّون إلى أن قتل منهم ثمانين شخصاً آخرين ، وهو ينحو الكتائب كالسيل المنحدر من على ذات اليمين وذات الشمال وهو يرتجز ويقول :
الحرب قد بانت لها الحقائق
|
|
وظهرت من بعدها مصادق
|
والله ربّ العرش لا نفارق
|
|
جموعكم أو تغمدوا البوارق
|
__________________
فلم يزل يقاتل حتّى قتل تمام المأتين.
وذكر في روضة الصفا أنّ عليّاً الأكبر عليهالسلام هاجم القوم
اثني عشر مرّة.
وقال أبو الفرج : يكرّ كرّة بعد كرّة .
وعن حميد بن مسلم أنّه قال : كنت في العسكر وكان إلى
جانبي مرّة بن منقذ العبدي ، وعليّ بن الحسين يكرّ على الميمنة والميسرة ، والناس تفرّ من بين يديه ، فقال : عليّ آثام العرب لئن مرّ بي هذا الغلام لأوثكلنّ به أُمّه ، فقلت له : ما لك
وله ؟! يكفيك هؤلاء الذين احتوشوه ، فقال : لأفعلنّ ، وبينما نحن كذلك إذ مرّ بنا يطرد الناس أمامه كالجراد المنتشر.
يرمي الكتائب والفلا غصّت بهم
|
|
في مثلها من بأسه المتوقّد
|
فيردّها قسراً على أعقابها
|
|
في بأس عرّيس العرينة ملبد
|
لفّ الوغى وأجالها جول الرحى
|
|
بمثقّف من بأسه ومهنّد
|
وكأنّ عليّاً الأكبر نسي واقع الحرب وكأنّه جدّه أمير
المؤمنين مقبل على القتال ووجهه إلى وجوه العدوّ ، يقتل يبري يبقر يرمي إلى الأرض إذ خرج عليه مرّة بن منقذ من مكمنه فضربه من الخلف على مفرق رأسه فلم يستطع سلالة حيدرة الكرّار الثبات على الفرس فاعنق جواده العقاب ودخل في وسط العدوّ فقطّعوه بسيوفهم إرباً إرباً ، وكان الحسين عليهالسلام
مقسّم الطرف ينظر إلى ميدان القتال على غير قرار ، ويخطو في الخيمة فيخرج إلى الفضاء المترامي يصيخ السمع لعلّه يسمع صوت فتاه ، وتنطلق الآهة من فؤاده فتضغط على حلقومه ، واستبدّت به عواطف الأبوّة ، وتارة يغري العقيلة التي لا تهدأ طرفة عين وهو لا يريد أن يظهر عليه أثر
القلق الذي تحكم في توازن أحواله.
__________________
وبينما هو على هذه الأمواج المضطربة يركب موجة ويترجّل
من أُخرى وإذا بصوت عليّ الأكبر يصكّ مسامعه وهو يقول : يا أبتاه ، عليك منّي السلام ، هذا جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله
قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبداً ، وهو يقول : العجل العجل فإنّ لك كأساً مذخورة حتّى تشربها الساعة .
وبالطبع لم يقل على ذلك إلّا لتسلية أبيه ثمّ بشّر أباه
أنّ جدّه قد أعدّ له كأساً ستشربه قريباً ، فلمّا سمع الحسين صوت ولده انقضّ كما ينقضّ الأجدل وأقبل على ولده.
وذكر بعضهم أنّ الحسين عليهالسلام
صاح سبع صيحات مصحوبة بالبكاء وكان لم يسمع له صوت بالبكاء إلى أن قتل ولده ، ولماذا لا يفعل ذلك وهو يرى أمانيّه وغرر أحلامه التي اجتمعت في هذا الولد مضرّجة بالدم أمام عينيه ، فوضع رأس عليّ في حجره وأسنده إلى صدره فحمي حزنه ونصب وجهه أمام وجه عليّ وقال : أمّا أنت يا بنيّ فقد استرحت من همّ الدنيا وغمّها وبقي أبوك لهمّها
__________________
وما أسرع اللحوق بك ، على الدنيا بعد
العفا يا ولدي. يا بني ، قتل الله قوماً قتلوك وما أجرهم على انتهاك حرمة الرسول صلىاللهعليهوآله
، على الدنيا بعدك العفا.
وكانت عقيلة الهاشميّين قد أودعت قلبها وحواسها عند
الحسين فرأته يجري الفرس ملأ فروجه نحو المعركة فتبعته صارخة
وتنادي : وا ولداه ، وا عليّاه ، وا مهجة قلباه ، وا ثمرة فؤاداه ، وا حبيب قلباه ، وا نور عيناه ، حتّى وصلت إلى جثمان عليّ ورمت بنفسها عليه .. فقام الحسين من عنده وأخذ بيدها وردّها إلى الخيمة وقال : يا بني هاشم ، احملوا أخاكم ، فأقبلوا به يحملونه حتّى وضعوه أمام الفسطاط الذي يقاتلون عنده.
عند ذلك دخل الحسين عليهالسلام
الخيمة وأجال الطرف بأكنافها وتنفّس الصعداء وجرت الدموع من عينيه ، فرأته سكينة
... الخ.
أمّا كلمة « وثقل الحديد قد أجهدني » فقد قالوا في معناه
أي أنّني قارعت بالسيف الخوذ والدروع الفولاذيّة على العدوّ حتّى جهدت أي تعبت من فعل
__________________
ذلك ، ويؤيّد ذلك ما ورد في ترجمة
حبيب « الذي لقوا جبال الحديد » والله أعلم وليس معناه أنّ الدرع والسيف لثقلهما أتعباني.
وأمّا خذلان قاتله مرّة بن منقذ العبدي فإنّ المختار
لمّا ظهر بعث عبدالله بن كامل مع جماعة إلى بيت مرّة بن منقذ فأحاطوا به وبناءاً على ما ذكره أخطب خوارزم في المقتل : فخرج مرّة وبيده رمح وهو على فرس جواده فتجاول مع ابن كامل فضربه ابن كامل بالسيف فأبان يده اليسرى ، ثمّ تعاورته أصحاب ابن كامل فقتلوه
فعجّل الله بروحه الخبيثة إلى نار جهنّم.
في بيان بعض قطع الرثاء التي رُثي بها الأكبر عليهالسلام
ولمّا كان ذكر ليلى أُمّ عليّ الأكبر يرد كثيراً في شعر
الرثاء فلا يقولنّ أحد أنّها لم تكن !! حاضرة لأنّ المسألة فرضيّة أي أنّها لو كانت لكان لسان حالها هكذا. وما أكثر مجيء هذه المضامين على لسان الأُمّهات وهي مناسبة في محلّها.
الجوهري
فأمّا أجود قوله في طوفان البكاء حول استئذان عليّ
الأكبر للقتال :
نهال نورس باغ حسين تشنه جگر
|
|
|
شبيه شکل رسول خدا علىّ اکبر
|
چه ديد بىکس و بىيار مانده بابش را
|
|
|
چه ديد منکسف از وحشت آفتابش را
|
گرفته تنگ بر او کارزار تشنه لبى
|
|
|
به هيئتى که احد بر محمّد عربى
|
__________________
بکين او صف قوم پايه نشناسى
|
|
|
نه قاسمى که کند ياريش نه عباسى
|
به زينب اسلحه آن پيكر لطيف آراست
|
|
|
بدست و پاى پدر بوسه داد و رخصت خواست
|
که اى پدر پسرت بى تو از جهان سيرست
|
|
|
بده اجازه که تا گفتهاى برو ديرست
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
لمّا رأى السبط وحده
|
|
من كان يشبه جدّه
|
كبد الحسين ومن قد
|
|
آذى الظما منه كبده
|
شمس الحسين تجلّت
|
|
مكسوفة النور عنده
|
أراد دون حسين
|
|
في الحرب يبذل جهده
|
لكنّه ضاق ذرعاً
|
|
بكربلا أن يردّه
|
أبوه عن خوض جمر
|
|
يحسُّ في القلب برده
|
كجدّه يوم أُحد
|
|
في الحرب لم يلف جنده
|
رأى أباه وحيداً
|
|
فكيف يصبر بعده
|
لا قاسم لا أبو الفضل
|
|
حاضر كي يمدّه ...
|
بدى السلاح عليه
|
|
كالنجم طرّز سعده
|
هوى يقبّل كفّاً
|
|
للسبط كي لا يصدّه
|
يقول والعزم باد
|
|
من حيث هزّ فرنده
|
يقول ها أنا ماضٍ
|
|
سيفاً ونبلاً وصعده
|
أرسل إلى الحرب شبلاً
|
|
كالغيم أرسل رعده
|
ما أبعد القول « أقدم »
|
|
عليَّ حتّى أعدّه
|
وله
در وداع جسم و جان گرداد آنجان مشکل است
|
|
|
دادن جان سهل باشد هجر جانان مشکل است
|
زندگانى گر مرا بعد از تو يك دم بيش نيست
|
|
|
زندگانى بى تو اى سرو خرامان مشکل است
|
درد مرگ ديگران را گر دوا کردم به صبر
|
|
|
اى پسر در تو بالله هم ز درمان مشکل است
|
گر تو گردى کشتهٴ ليلا مادرت را زيستن
|
|
|
همسو گيسوى على اکبر پريشان مشکل است
|
مباراة الشعر أو تقريب معناه بالعربيّة :
إذا كان بين الجسم والروح ساعة
|
|
الوداع ليس يسهل حملها
|
فإنّ وداع الروح سهلٌ نعده
|
|
وغيبة خدن الروح يصعب سهلها
|
وإنّي وإن حانت وفاتي وأوشكت
|
|
ليالي سلطان الردى يستقلّها
|
ولم يبق حظّي منك إلّا هُنيئة
|
|
ولم يطف ناري من فراقك وبلها
|
لأنّ حياتي بعد موتك عقدة
|
|
تعاصت على حلّ فمن ذا يحلّها
|
وإن كنت بالصبر الجميل على الأُلى
|
|
قضوا بالردى والروح بدّد شملها
|
تحمّلت ثقلاً فوق قلبي جاثماً
|
|
به كركام ما الجبال وثقلها
|
فلا صبر إن ودّعت حتّى لساعة
|
|
لأنّك في الدنيا حياتي كلّها
|
قد اضطربت ليلى وأنت بجنبها
|
|
نظير جديل منك باغت حلّها
|
فكيف إذا غادرت تستقبل الردى
|
|
فلا عجب للأُمّ إن طار عقلها
|
وقال عمّان الساماني في المعنى
گفت کاى فرزند مقبل آمدى
|
|
آفت جان رهزن دل آمدى
|
کردهاى از حق تجلّى اى پسر
|
|
زين تجلّى فتنهها دارى بسر
٩
|
راست بهر فتنه قامت کردهاى
|
|
وه کزين قامت قيامت کردهاى
|
که دلم پيش تو گاهى پيش دوست
|
|
رو که با يك دل نمىگنجد دو دوست
|
بيش ازين بابا دلم را خون مکن
|
|
زادهٴ ليلى مرا مجنون مکن
|
پشت پا بر صاغر عالم مزن
|
|
نيش بر دل سنگ بر بالم مزن
|
همچه چشم خود بقلب دل متاز
|
|
همچه زلف خود پريشانم مساز
|
پيشرفت آن غيرت خورشيد و ماه
|
|
همچو نور از چشم جان از چشم شاه
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه
وقد نزّلت القطعة الفارسيّة على النهج العرفاني وأنا أعترف بأنّي بعدت بالمعنى عن نهج الشاعر ولم يستولي حتّى الوزن ولكنّي أرى أنّ تقارباً في المعنى بين القطعتين موجود على كلّ حال ولعلّه نهج انفرد به شعراء الفارسيّة فلم يُعثر على نظير له في الرثاء في الشعر العربي.
|
قال يا ابني جئت كي تستلّ من صدري قلبي
|
|
|
وتجلّيت بأُفق الحقّ بدراً بين شهب
|
|
|
وأثرت الفتنة الهوجاء من هذا التجلّي
|
|
|
وعلى ضوء محيّاك لقد وحّدت ربّي
|
|
|
قامة كالسر وأبديت لكي توقع في الفتنة صحبي
|
|
|
أهي القامة أم حشر وعمّا فيه ينبي
|
|
|
لخليلي أم لك القلب وما بينكما
|
|
|
ليس إلّا خافق فرد وقد جال بجنبي
|
|
|
كفّ يا ابني وكفى أدميت قلبي
|
|
|
يا ابن ليلى أنا في واديك قد ضيّعت دربي
|
|
|
بالمنى أترعت كأس العيش من أضرع سحبي
|
|
|
وتبعت السرب كالضالع لم يلحق بسرب
|
|
|
لا تكن مثل الذي تفعل عيناك بقلبي
|
|
|
أو كما تنتثر الطُرّة قد طرت بلبّي
|
|
|
كم بمعسول ثناياك جلت مطيق كربي
|
|
|
وعن الشمس وبدر الليل بالبسمة حسبي
|
|
|
لا يضيء القمر الليل ولا الشمس تجلّت
|
|
|
ذهب الحسن من العالم إذ لست بجنبي
|
|
صفي علي شاه
قال في زبدة الأسرار بهذا المعنى ..
چون على اکبر شهيد کربلا
|
|
نور چشم انبياء و اولياء
|
ديدگان سلطذان اقليم وجود
|
|
خالق جان مالک غيب وشهود
|
مانده همچون ذات خود فرد وحيد
|
|
جمله اصحابش ز تيغ کين شهيد
|
شسته دل يكجا ز نقش ما سوى
|
|
دل ندارد با کسى غير از خدا
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه ..
ولمّا رأى الأكبر المفتدى
|
|
ومن هو قرّة عين الهدى
|
أباه وحيداً بأرض الطفوف
|
|
وقد جزر الصحب في كربلا
|
وكان أبوه مليك الوجود
|
|
وهو المهيمن فوق الملا
|
وحيدٌ كما هو بين الوجود
|
|
وحيد بلا شبه يُحْتَذى
|
فلم يبق في قلبه كائن
|
|
يحسّ به غير ربّ الورى
|
وقال الشيخ عليّ بن شيخ العراقين في هذا المعنى
چه بگذشتند شيران حجازى
|
|
على را شد هواى تيغ بازى
|
ز صف آمد برون آن شاه صفدر
|
|
ستاده در بر سالار محشر
|
ستاره ريخت از نرگس به خورشيد
|
|
هلال آسا رکاب شاه بوسيد
|
نواى فرقت آن شاه منصور
|
|
حجازى بانوان را کرد پرشور
|
به معراج شهادت شد شتابان
|
|
براقش شد عقاب کوهکوهان
|
شه عشّاق خلّاق محاسن
|
|
بکف بگرفت آن نيكو محاسن
|
به آه و ناله گفت اى داور من
|
|
سوى ميدانِ کين شد اکبر من
|
به خلق و خُلق از رفتار و کردار
|
|
بدين نو رسته همچون شاه مختار
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب المعنى :
ولمّا تناهي أُسود الحجاز
|
|
لأرض تضمّ السيوف الحدادا
|
تجلّى كملك على جنده
|
|
أمام أبيه يريد الجلادا
|
وأجرى الكواكب من نرجس
|
|
على الشمس تشبه صوباً عهادا
|
وضجّت عليه بنات النبي
|
|
بصوت يزلزل سبعاً شدادا
|
وجاء ليعرج نحو الجهاد
|
|
لنيل الشهادة يبغي الجهادا
|
وقابله الجبل المشمخرّ
|
|
أبوه فما نال منه المرادا
|
وناجى الإله وفي قلبه
|
|
جراح من الهمّ تأبى الضمادا
|
إلى الحرب متّجه أكبري
|
|
أعنه فكم قد أعنت العبادا
|
ولم يستقلّ على سابح
|
|
ولكن إليها استقلّ الفؤادا
|
شبيه النبيّ بأوصافه
|
|
وأخلاقه شرفاً مستجادا
|
ميرزا محمّد تقي
قال في « آتشكده » هذا المعنى :
دور چون بر آل پيغمبر رسيد
|
|
اوّلين جام بلا اکبر چشيد
|
اکبر آن آئينهٴ ديدار جد
|
|
هيجده سال جوان سرو قد
|
با ادب بوسيد پاى شاه را
|
|
روشنائى بخش مهر و ماه را
|
کاى زمام امرِ « کُن » در دست توست
|
|
هستى عالم طفيل هَسْتِ توست
|
رخصتم ده تا وداع جان کنم
|
|
جان در اين قربانکده قربان کنم
|
بىرخ تو زندگى بىحاصل است
|
|
که حيات کشور تن با دل است
|
گفت بشتاب اى ذبيح کوى عشق
|
|
تا خورى آب حياة از جوى عشق
|
خواست چون رفته به ميدان دعا
|
|
در حرم شور قيامت شد بپا
|
خواهران عمّه کان مادرش
|
|
انجمن گشتهاند بر گرد سرش
|
شد از آهنگ نواى الفراق
|
|
راست بر اوج فلک شور از عراق
|
شبه پيغمبر چه زپا در رکاب
|
|
بال و پر بگشود چون رفرف عقاب
|
از حرم بر شد سوى معراج عشق
|
|
بر سر از شور شهادت تاج عشق
|
کوى جانان مقصد اقصاى او
|
|
خاک و خون قوسين او ادناى او
|
گفت شاه دين بزارى کاى اله
|
|
باش اين قوم کافر دل گواه
|
کز نژاد مصطفى ختم رسل
|
|
شد غلامى سوى اين قوم عُتُل
|
خَلٍ و خُلق منطق آن پاک راى
|
|
جمع در وى همچه اندر مصحفاى
|
هکره را بد اشتياق روى او
|
|
روى از آئينه کردى سوى او
|
آرى آرى چون رود گل در حجاب
|
|
بوى گل را از که جويم از گلاب
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب المعنى :
ولمّا دنت نوبة الأطهرين
|
|
بني المصطفى أهل بيت الهدى
|
فأوّل كأس لشبل الحسين
|
|
تجرّعه مترعاً بالبلا
|
شبيه النبوّة من قدّه
|
|
كسروٍ سَمَت هامه للسما
|
أتى ماشياً للقاء الحسين
|
|
وفي مشيه الأدب المجتبى
|
وقبّل يمناه من وجهه
|
|
كسى الشمس والبدر ثوب الضيا
|
وقال له : يا زعيم الوجود
|
|
ومن أمر « كُن » في يديه اغتدى
|
وجود العوالم منك ابتدا
|
|
وأصل الوجود إليك انتهى
|
أتأذن لي في قتال العدو
|
|
لأجعل نفسي عنك الفدى
|
ولولاك لم يبد معنى الحياة
|
|
وما قيمة الجسم لولا النُّهى
|
فقال له أسرع فأنت الذبيح
|
|
ويا ليت أنّي أقيك الرّدى
|
وعبّ نميراً بفيض الجهاد
|
|
فما نال من عبّ منه الظما
|
ولمّا توجّه نحو القتال
|
|
تداعت له حرم المصطفى
|
وقد ملأ النوح أرض الطفوف
|
|
وقامت قيامته بالبكا
|
ودرن به كلّ محجوبة
|
|
بخدر الرسالة لن تجتلى
|
وعمّته ساعدت أُمّه
|
|
وغيم العيون بدمع هَمى
|
ودرن به من هنا أو هناك
|
|
كهالة بدر بدت في السما
|
وشقّ به الفلك المستطيل
|
|
رنين المناحات لمّا اعتلا
|
ولمّا اعتلا فوق متن العقاب
|
|
وطار به نحو مهوى الردى
|
وعاف الخيام لمعراجه
|
|
وأقبل ينحو ديار الهوى
|
يريد ديار الحبيب الذي
|
|
يناديه هيّا لنحيا سوا
|
وقوساه قانٍ كسى جسمه
|
|
وما لفّه من رداء الثرى
|
ونادى امير الهدى ربّه
|
|
فها أنت تشهد ما قد جرى
|
لقد أم من آل طه النبي
|
|
طغاماً غلام كبدر بدى
|
كخلق النبيّ وأخلاقه
|
|
ومنطقه العذب بين الورى
|
كجمع الكتاب لآياته
|
|
أو الخلد يجمع كُلّ المنى
|
وينظر مشرق أنواره
|
|
من اشتاق ينظر خير الورى
|
فكيف إذا غاب عن ناظري
|
|
بعيداً فمن لي أنا المبتلى
|
إذا غيّب الورد في موضع
|
|
فمن أين تسطع ريح الشذى
|
عندليب كاشاني
نظم القطعة عن لسان حال ليلى :
چه شد بر دختر همّت گر آن ماه خوش منظر
|
|
|
عنان توس ليلى گرفت و گفت اى مادر
|
على اکبر الا اى تارت هر تار زنجيرى
|
|
|
به اين مجنون سرگشته از آن زنجير تدبيرى
|
تمنّاى مناى کربلا دارى به قربانى
|
|
|
نمىآيد فدا مادر مکن تعجيل تأخيرى
|
ز بس هوشت ز سر برده تمنّاى بهشت حور
|
|
|
نمىگوئى که خود دارم به عالم مادر پيرى
|
به بالينت نخوابيدم چه شبها با دو صد زحمت
|
|
|
به اميدى که در پيرى به عالم دست من گيرى
|
ز دستم مىروى اکنون نماند بر منِ دلخون
|
|
|
بجز يك جان پرحسرت بغير از آه شبگيرى
|
على اکبر مرو مادر فداى قدّ دلجويت
|
|
|
پريشانم مکن اى من اسير سنبل مويت
|
بلا خيز است اين وادى خطرناکست اين منزل
|
|
|
حسين بىياور است و من غريب اين قوم سنگيدل
|
چه مرغ آشيان گم کردهام رحمى بر احوالم
|
|
|
شکسته سنگ صيّاد قضا از کين پر و بالم
|
قران عقرب گيسو بروى چون قمر بنگر
|
|
|
قمر در عقرب است اى نوجان از اين سفر بگذر
|
مباراة الشعر بالعربيّة وتقريب المعنى
، وهذه القطعة الشعريّة ضاقت عن استيعاب بعض المعاني البديعة في القطعة الفارسيّة :
ماذا جرى للبدر غادر برجه
|
|
في كربلاء وشعّ فوق جواده
|
أخذت شكيمته بقلب واله
|
|
ليلى ونادت حرقة لبعاده
|
أبُنيّ لا تعجل فشوقك مشبه
|
|
شوق الشهيد مشى لعرس جهاده
|
لا تفجع الأُمّ الرؤوم ببدرها
|
|
وغداً تظلّ لليلها وسواده
|
أصبتك جنّات النعيم وحورها
|
|
فعجلت مغتبطاً إلى ميعاده
|
ونسيت أُمّاً قاربت في خطوها
|
|
لمّا حناها الشيب في استبداده
|
أولست واحدها وقرّة عينها
|
|
من قد أذبت القلب فوق وساده
|
أملاً بأن أحيا بظلّ حنوّه
|
|
حتّى يلاقي العمر يوم نفاده
|
خلّيتني وحدي ولم تظفر يدي
|
|
إلّا بفرقته ونار بعاده
|
لا منقذ لي غير رحمة خالقي
|
|
فهو البصير بخلقه وعباده
|
أفديك لا تترك عجوزاً أقفرت
|
|
آمالها منها لدى استشهاده
|
خلّيتها شعل اللهيب بقلبها
|
|
والدمع لم يُخمد أوار زناده
|
وفديت قدك بالحياة وطيبها
|
|
فالعمر منعقد على ميّاده
|
وأقول فاز ابني وها هو ذاهب
|
|
بشهادة عجلاً إلى أجداده
|
كرب الطفوف تجمّعت في ساحة
|
|
للنازلين وخيّمت ببلاده
|
وأراك تسقي من دماك ترابه
|
|
رفقاً بمقلة والد وفؤاده
|
الجوهري
في إفراغ عليّ الأكبر لامته عليه :
چه پيرهن زره از برگ نسترن پوشيد
|
|
|
نخست بهر شهادت به تن کفن پوشيد
|
نهاد مغفر زرّين بفرق حيدر وار
|
|
|
چنانکه روى مه و مهر گشت تيره و تار
|
کمان چلّه نشين شد هلال قربانش
|
|
|
خدنگ راست سرافکنده زير فرمانش
|
براى حفظ بدن چون سپر بدوش کشيد
|
|
|
تو گفتى ابر سيه گشت حاجب خورشيد
|
زره ز حلقهٴ چشم ملک بهم پيوست
|
|
|
چهار آيهه از آفتاب تابان بست
|
ميانِ بتيغ دو سر بست حيدر ثانى
|
|
|
چه تيغ هر شررش عقرب سليمانى
|
چه گشت عازم حرب اوّل آن سعادتمند
|
|
|
به پيش پاى پدر خويش را بخاک افکند
|
به پاى باب چه زد بوسه از زمين برخاست
|
|
|
گمان اهل حرم شد که شد قيامت راست
|
يكى ستاد بحسرت بر او نظر مىکرد
|
|
|
يكى فتاده و خاک سيه بسر مىکرد
|
يكى بدور کمربند تيغ مىبستش
|
|
|
يكى گرفته عنان عقاب بر دستش
|
کشيده سرمه يك چشم سرمه سايش را
|
|
|
نموده شانه يكى گيسوى رسايش را
|
يكى به حلقهٴ مويش گلاب مىپاشد
|
|
|
يكى ز ديده به دنبالش آب مىپاشد
|
يكى ستاد و ابيات طرقوا مىخواند
|
|
|
يكى نشسته و يا قاهر العدو مىخواند
|
به روى رفرف ثانى چه ثانى احمد
|
|
|
نشست کرد خجل شمس را به برج اسد
|
به گريه گفت که اهل حرم خدا حافظ
|
|
|
بلا کشان ديار بلا خدا حافظ
|
ز من غبار ملالى اگر بدل داريد
|
|
|
مرا حلال کنيد از کرم خدا حافظ
|
چه اين شنيد برون شد ز خيمگه ليلى
|
|
|
بناله گفت عزيز دلم خدا همراه
|
مرا بفرقت خود مىکنى کباب امروز
|
|
|
اميدوارى فرداى من خدا همراه
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب المعنى
، وتركت بيتين من القطعة لم أصب لهما معنًى :
|
ليس الدرع كما يُكسى من الورد ثيابا
|
|
|
في سبيل الله ينحو الموت صبراً واحتسابا
|
|
|
وتردّى الدرع أكفاناً لقد طابت وطابا
|
|
|
وكساه مغفر كالشمس إذ تُكسى الضبابا
|
|
|
أو كبدر حينما يُكسى من السحب نقابا
|
|
|
ودعاه الحقّ للحرب جهاداً فأجابا
|
|
|
قوسه مثل هلال لاح لا يخشى غيابا
|
|
|
واستحال الشجر العالي قسيّاً وحرابا
|
|
|
لبس الدرع كما مدّ على الشمس حجابا
|
|
|
وأتى الوالد كي ينزل بالخصم العذابا
|
|
|
يطلب الإذن إلى الحرب فما ردّ جوابا
|
|
|
وهوى يلثم من رجليه ما مسّ الترابا
|
|
|
وتنادت حرم السبط فقلت الحشر ثابا
|
|
|
هذه تنظر والدمع كالغيث انسكابا
|
|
|
هذه الأُخرى تساقي الدمع ليلى والربابا
|
|
|
هذه ضمّته للصدر فقل في البدر غابا
|
|
|
هذه شدّت على كشحيه سيفاً وقرابا
|
|
|
هذه تمسك للبدر من السرج الركابا
|
|
|
وشكيم بيد الأُخرى لكي يعلو العقابا
|
|
|
هذه تحثو على الرأس من الحزن الترابا
|
|
|
هذه من دمعها الطفّ قد اخضرّ جنابا
|
|
|
هذه تمشط شعراً ينفح المسك مذابا
|
|
|
هذه ضمّخت السرج عبيراً وملابا
|
|
|
هذه تنشد شعراً باكياً ترثي الشبابا
|
|
|
هذه تشكو الى الله وترجو أن تجابا
|
|
|
هذه توسع أسد الله شكوى وعتابا
|
|
|
واعتلا الأكبر فوق المهر وانقضّ شهابا
|
|
|
ودّعوه بعيون تشبه المُزن انصبابا
|
|
|
وقلوب كلُجين مسّه الجمر فذابا
|
|
|
حفظ الله شباباً فيك ما نال الرغابا
|
|
|
وهوت ليلى إلى الأرض بكاءاً واضطرابا
|
|
|
ولدي إن كنت قد أزمعت هجراً واجتنابا
|
|
|
ولئن فارقت من عهدك أيّاماً عذابا
|
|
|
يا لك الخير سأبقى عمري أرعى المصابا
|
|
|
أيعزي النفس ما أرجو من الله الثوابا
|
|
وله أيضاً
لسان حال ليلى عندما خرج عليّ الأكبر إلى ميدان القتال :
آن زمان کان نور عين و نور عين
|
|
يعنى اکبر قرّه العين حسين
|
سوى قربانگاه ذبيح الله سان
|
|
يا چه روح از جسم ليلا شد روان
|
چون دو گيسويش پريشان حال او
|
|
مادرش بر سر زنان دنبال او
|
کاى خدا آرام جانم مىرود
|
|
هيجده ساله جوانم مىرود
|
اى خدا شبها بروز آوردهام
|
|
تا چنين رعنا جوان پروردهام
|
هيجده ساله است او را دايهام
|
|
کافکند امروز بر سر سايهام
|
اى خدا آگاهى از سوز دلم
|
|
تيره شد شمع شب افروز دلم
|
جسم باشد مادر فرزند جان
|
|
نيست بىجان جسم را تاب و توان
|
تا شود شب مونس و دلگيريم
|
|
روزها باشد عصاى پيريم
|
اى خدا شد بر جوانم کار تنگ
|
|
دشمنان خونخوار اکبر تازه جنگ
|
گر بخون غلطد ز مرح تير وتيغ
|
|
زين جوانى حيف زين عارض دريغ
|
اى خدا چون شام شد صبح وصال
|
|
زندگانى بىرخ اکبر محال
|
امّ ليلى زين جهان سير است سير
|
|
زود آيد گر اجل دير است دير
|
نور عينم از نظر مفقود شد
|
|
يا رب اين گيسو غبار آلود شد
|
برد گردون در ميان لشکرش
|
|
تا از آن لشکر چه آيد بر سرش
|
المباراة بالعربيّة أو تقريب معنى الشعر :
ولمّا تجلّى ضياء العيون
|
|
عليّ وقرّة عين الحسين
|
ذبيح الإله على مذبح
|
|
له اختار آبائه الأوّلين
|
وقد فقدت أُمّه زوجها
|
|
ولم يبق إلّا الأسى والأنين
|
وطارت شعاعاً بها مثلما
|
|
تذبذبُ طرّته في الجبين
|
ولم تشكُ إلّا إلى ربّها
|
|
لينقذه من عدوّ لعين
|
إلهي لوالهة في ابنها
|
|
إذا كان للصخر قلب يلين
|
بذلت حياتي حتّى استوى
|
|
ونال من العمر هذي السنين
|
عقدت من القلب آماله
|
|
عليه فكيف أراه طعين
|
وقلت سأنعم في ظلّه
|
|
بشيخوختي في المكان المكين
|
وغاب ضيائي من بعده
|
|
غياب ذكاء من الخافقين
|
وكان لي الروح في هيكلي
|
|
فهاهي تذهب في الذاهبين
|
إذا فارقت جسداً روحه
|
|
غدا هيكلاً من تراب وطين
|
وكان سراجي في ليلتي
|
|
وعكازتي في الصباح المبين
|
أيذهب طعمة أسيافهم
|
|
وينهشه كلّ وغد مهين
|
فيا غصّة ليس يُرجى لها
|
|
شفاء سوى أرحم الراحمين
|
إلهي لقد صار وجه النهار
|
|
عليّ ظلاما كليل يرين
|
محال حياتي من بعده
|
|
فلا عيش إلّا بماء معين
|
مللت الحياة فيا حبّذا
|
|
هلاكي سريعاً مع الهالكين
|
وقد فقدت مقلتاي الضياء
|
|
وجار عليّ زمان مشين
|
ونادت إلهي أعد أكبري
|
|
سليماً من القتل في العاندين
|
وله أيضاً
نظمها في مبارزة عليّ الأكبر :
ايا فرقهٴ فارق از ننگ و نام
|
|
نهاديد بر کفر اسلام نام
|
روا نيست اى قوم بيرون زدين
|
|
مسلمانى و کفر محض اين چنين
|
شما شرک يزدان و کين رسول
|
|
نموديد در عالم ذر قبول
|
نه ما آخر اولاد پيغمبريم
|
|
برازندهٴ خلقت داوريم
|
کسى کو بود عرش را زيب و زين
|
|
حسين است و اولاد پاک حسين
|
يزيد ستمگر ز آل زناست
|
|
خلافت زنازاده را کى رواست
|
خلافت بود حقّ شأن حسين
|
|
ايا ظالمان دودمان حسين
|
براى زنازادهاى شد بباد
|
|
که لعنت بر آن اصل ناپاک باد
|
منم آنکه جدّم رسول خداست
|
|
که سر خيل وسر حلقهٴ انبياست
|
منم آنکه آن درّينه عمرانيم
|
|
بروز وغا حيدر ثانيم
|
مرا بر ميان دوالفار على است
|
|
مرا افتخار از نبى و وليست
|
ز شير خدا شاه بدر حنين
|
|
شجاعت بود ارث بابم حسين
|
شجاعت به من از پدر منتهى است
|
|
بشيران در افتادن از ابلهيست
|
چه گيرم بکف رمح خوارا شکاف
|
|
سپهر زمين سينه درزد در زقاف
|
نمى لافم اى ابن سعد لعين
|
|
گر انکار دارى بيا و ببين
|
چه شمشير کين بر کشم از نقاب
|
|
شود زهر شير در بيشه آب
|
منم آنکه بر سروران سرورم
|
|
شبيه پيغمبر على اکبرم
|
چنين خون بريزم در اين دشت کين
|
|
که گويد جهان آفرين آفرين
|
بگفت اين وبر آن سپاه غرور
|
|
زهل من مبارز درافکند شور
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
يا فرقة مُلئت بالعار ساحتها
|
|
وفي مساوئها قد ضجّ واديها
|
سمّيتم الكفر إسلاماً مراغمة
|
|
هيهات ما الاسم من ذا العار يحميها
|
هل تستقيم مع الإسلام مفسدة
|
|
الفسق حافظها والكفر راعيها
|
الشرك والبغض للمختار عندكم
|
|
أدنى إلى المال للأحلام يصبيها
|
هل تجهلون بأنا من نبيّكم
|
|
فروع دوحته طابت مغانيها
|
هل تعلمون لهذا الفرع من شبه
|
|
في هذه الأرض قاصيها ودانيها
|
من زيّن العرش بالأنوار ساطعة
|
|
تنوّر الملأ الأعلى لئاليها
|
إنّ الحسين وأبناء الحسين هم
|
|
للعرش زينته والله باريها
|
خلافة الله ليست لابن زانية
|
|
الله من دنس الأوغاد ينجيها
|
يزيد طاغية ما الرشد شيمته
|
|
كم شيمة خبثت قد كان يبديها
|
لابن الزنا العار يطويه وينشره
|
|
لا للخلافة يمسي حاكماً فيها
|
بل الحسين لها طابت شمائله
|
|
تختال أيّامها في حكمه تيها
|
ابن النبيّ رسول الله نزّههه
|
|
ربّ براه على الأكوان تنزيها
|
يقول جدّي رسول الله شرّفه
|
|
ربّ وأرسله للخلق يحييها
|
فاق النبيّين في خلق وفي خُلق
|
|
كالشمس في الأُفق قد فاقت دراريها
|
أشبهت بالنجدة الكرّار حيدرة
|
|
فذاك أوّلها والسبط ثانيها
|
كذي الفقار يدي في الحرب حاصدة
|
|
أعناقهم مثل بري النبت تبريها
|
سجيّة الأب إرث الابن يأخذها
|
|
كرامة الله للأبرار يعطيها
|
من عاش بين ليوث الغاب من بله
|
|
لم يلق في الغاب غير الروح يرديها
|
فالرمح للطعن إن سددته عصفت
|
|
زلازل في الجبال الشمّ تفنيها
|
يا نغل سعد إذا الأطماع مانعة
|
|
من الحقيقة للعينين تجليها
|
هلمّ وانظر إلى القتلى مكدّسة
|
|
وما لها غير علم الله يحصيها
|
لئن هززت بكفّي السيف منتضياً
|
|
فالليث مهجته كالماء أجريها
|
وإنّني الأكبر المعروف والده
|
|
خصال خير الورى في الآل أحكيها
|
دمائكم حين يفري السيف هامكم
|
|
في الطفّ مثل سيول الماء أجريها
|
هل من يبارزني نادى بجمعهم
|
|
مقالة ليس غير القرم يلقيها
|
الأُستاذ كاشمري
قال في مشكاة الجنان :
ز برج خيمه طالع شد جمالى
|
|
تعالى الله جمال بى مثالى
|
جمالى مطلع انوار بارى
|
|
جمالى مهر چرخ شهريارى
|
جمالى چشم بد از جسم وى دور
|
|
که نرجس پيش چشمش بود رنجور
|
جمالى آيت کردار داور
|
|
على بن الحسين شبيه پيامبر
|
جمالى جامع الجمع نکوئى
|
|
نه تنها متّصف بر نيك روئى
|
بگرد عارضش خطّى دميده
|
|
که خطّ نسخ بر يوسد کشيده
|
سهى سرو ز بستان امامت
|
|
بپا فرموده از قامت قيامت
|
نه تنها معترف ز حسن او دوست
|
|
که دشمن گفت شاهى در خور اوست
|
براه عشق در عهد جوانى
|
|
شده عازم براى جانفشانى
|
روان شد سوى ميدان شهادت
|
|
چه پيغمبر به معراج شهادت
|
مباراة القطعة بالعربيّة أو تقريب معناها :
جمال بدى من بروج الخيام
|
|
تعالى الإله الذي جمّله
|
وأكمل من نوره نوره
|
|
ليظهر في الخلق إذ كمّله
|
بطرف سبى فيه سحر العيون
|
|
وقد أسجد النرجس الغضّ له
|
حماه اللإلۤه من الحاسدين
|
|
ومن أعين الخلق أن تشمله
|
وسوّاه آيته في الورى
|
|
وفي شبه المصطفى مثّله
|
وقد جمع الخير في ذاته
|
|
كما جمعت وردة « جنبله »
|
وحاز المحاسن غير الجمال
|
|
ففي كلّ حسن له منزله
|
ودبّت ستائر خطّ العذار
|
|
وأضحت على يوسف مسدله
|
وقامته مثل سرو بدى
|
|
بأرض النبوّه مسترسله
|
به جنّ شانئه والصديق
|
|
فكلّ به من عليّ وله
|
فتًى عشق القتل دون الحسين
|
|
فيالفتىً عاشق مقتله
|
لذاك تحدر يوم الطفوف
|
|
فكان كصاعقة مرسله
|
جودى
روان بجانب ميدان على اکبر شد
|
|
|
جهان بديدهٴ ليلى ز شب سيهتر شد
|
چه برشد از افق خيمه همچه بدر منير
|
|
|
جهان ز پرتو رخسار او منوّر شد
|
به پيش چشم پدر شد چه در خراميدن
|
|
|
رخ حسين ز خوناب ديده احمر شد
|
بکف گرفته چه تيغ و نشست چون بعقاب
|
|
|
زمانه گفته که حيدر سوار دلدل شد
|
چه شد مقابل آن قوم کينه جو گفتا
|
|
|
چرا زياد شما را حديث محشر شد
|
کشيد تيغ چنان تاخ بر يسار و يمين
|
|
|
که ايسر ايمن و ايمن ز تيغش ايسر شد
|
ولى دريغ که آن جسم نازنين آخر
|
|
|
نشان ناوک و تير سنان و خنجر شد
|
ستاره شد بدر خيمه و نظر مىکرد
|
|
|
که پاره پاره تن شاهزاده اکبر شد
|
بگريه گفت پدر جان تو را خدا حافظ
|
|
|
بيا که وعدهٴ ديدار روز محشر شد
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب المعنى :
ومذ ركب ابن ليلى للقتال
|
|
وجرّد فيهم رقش الصلال
|
فزاد نهارها حزناً عليه
|
|
بظلمته على سود الليالي
|
بدى من أُفق خيمته منيراً
|
|
كما ازدانت سماء بالهلال
|
وشعّ من الخيام كأنّ شمساً
|
|
أطلّت من سما هذا الجمال
|
وحين رآه والده مغيراً
|
|
جرى بالدمع حالاً بعد حال
|
وما هي أدمع تجري ولكن
|
|
جرت من عينه إبر المسال
|
تجلّى حيدر الكرّار فيه
|
|
كما قرن المثال إلى المثال
|
وأقبل نحوهم فكأنّ حشراً
|
|
تجلّى تحت مشتجر العوالي
|
وفي تيه الطفوف هووا وضلّوا
|
|
فلم يدورا يميناً من شمال
|
وفلّ الليث جمعهم إلى أن
|
|
تقصّده الثعالب بالنصال
|
تعاوى الوحش ينهش فيه حتّى
|
|
تناثر شلوه فوق الرمال
|
رآه السبط منجدلاً صريعاً
|
|
ملت أعضائه سوح النضال
|
بكاه وقال يا ولدي وداعاً
|
|
ستحضى عند جدّك بالوصال
|
وتسعد في النشور غداً بعيش
|
|
رخيّ عند ربّ ذي جلال
|
آتشكده
قالها في مبارزة عليّ الأكبر عليهالسلام :
شاهزاده سوى ميدان شد روان
|
|
در قفايش بانوان نوحه کنان
|
حقّهٴ لب بر ستايش کرد باز
|
|
که منم فرزند سالار حجاز
|
من على بن الحسين اکبرم
|
|
نور چشم زادهٴ پيغمبرم
|
حيدر کرّار باشد جدّ من
|
|
مظهر نور و نبوّت حدّ من
|
تيغ من باشد سليل ذو الفقار
|
|
که سليل حيدرم در کارزار
|
آمدم تا خود فداى شه کنم
|
|
جان وقاى نفس ثار الله کنم
|
اين بگفت صارم جوشن شکاف
|
|
با لب تشنه برآورد از غلاف
|
آنچه مير بدر با کفّار کرد
|
|
سبط حيدر اندر آن کفّار کرد
|
بسکه آن شير دلاور يكتنه
|
|
زد يلان را ميسره بر ميمنه
|
پر دلان را شد دل اندر سينه خون
|
|
لخت لخت از چشم جوشن شد برون
|
شير بچه از عطش بىتاب شد
|
|
بال لب خشکيده سوى باب شد
|
گفت شاها تشنگى تابم ربود
|
|
آمدم نک سويت اى درياىِ جود
|
برده ثقل آهن و تاب هجير
|
|
صبرم از پا دست گيرا دست گير
|
شه زبان از گرفت اندر دهان
|
|
گوهرى در درج لعل آمد نهان
|
تر نکرده کام از او ماه عرب
|
|
ماهى از دريا برآمد خشک لب
|
شاه جم شوکت گرفت اندر برش
|
|
هشت بر درج گهر انگشترش
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
قد دخل الحرب عليّ مسرعا
|
|
وخلفه النساء تجري الأدمعا
|
مرتجزاً فيهم أنا ابن المرتضى
|
|
ليث الحجاز من أطاعه القضا
|
أنا عليّ ابن الحسين الأكبر
|
|
قرّ به عيناً نبيٌّ أطهر
|
جدّي عليّ ذلك الكرّار
|
|
ومن جمالي تصدر الأنوار
|
سيفي ذو الفقار في مضائه
|
|
كأنّني الكرّار في لقائه
|
جئت لكي أكون للسبط فدى
|
|
تقيه روحي اليوم من كيد العدا
|
قال وسلّ الصارم المريعا
|
|
يفلق منها الهام والدروعا
|
وما جرى من جدّه في بدر
|
|
على جموع الطفّ منه يجري
|
وجال فيهم في الوغى جول الرحى
|
|
كالليث للقطيع يخطو فرحا
|
ما عرفوا ميسرة من ميمنه
|
|
هووا كأنّ السيف غشّاهم سنه
|
فلا ترى وقد تفانوا رعبا
|
|
إلّا عفيراً منهم منكبّا
|
إن رمقت عين الشجاع الأكبرا
|
|
من فرج الدرع على الأرض جرى
|
عاد إلى أبيه يشكو الظما
|
|
جفّ من الحرّ فؤاداً وفما
|
وقال يا مولى جميع الأُمم
|
|
هل يستطيع أن يقاتل الظمي
|
هيا اسقني وردّني للحرب
|
|
للطعن في صدورهم والضرب
|
فأخرج المولى له لسانه
|
|
فقل من الكنز بدت جمانه
|
رآه في الجفاف مثل المبرد
|
|
لذاك حرّ قلبه لم يبرد
|
فمصّ من خاتمه عقيقه
|
|
كالشّهد قد خالط منه ريقه
|
ميرزا حسين كرماني
المتخلّص بخاكي في رثاء عليّ الأكبر :
|
چه ليلى مانده ز آب ديده مجنون وار پا در گِل
|
|
|
عنان توسن اکبر گرفت و گفت راز دل
|
|
|
الا اى نوجوان رحمى بکن در حالت پيرى
|
|
|
ز دنبال تو مىآيم من اى فرزند تأخيرى
|
|
|
من آن ليلاى صحراى الم کز از بستم
|
|
|
بگردن همچو مجنون از خم زلف تو زنجيرى
|
|
|
تو را اى نوجوان شبها بمهد ناز پروردم
|
|
|
به امّيدى که امروزم بگيرى دست در پيرى
|
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
ولمّا استحال الطفّ سيلاً بدمعها
|
|
وضمّت عنان المهر قالت تعاتبه
|
ألا ترحم الأُمّ العجوز ورائه
|
|
تسير كظلّ حيثما سار صاحبه
|
ألست التي من عالم الذرّ طوّقت
|
|
مقلّدها عهد البنين ذوائبه
|
صبرت على ليل التمام مقيمة
|
|
على مهده رفقاً به لا أُجانبه
|
وكنت أرى أنّي إذا الشيب هدّني
|
|
يلين لكي يرعى مشيبي جانبه
|
جودى خراسانى
نونهال من بيا تا همچو گل بويت کنم
|
|
|
اين دم آخر نظر بر روى نيكويت کنم
|
همچه نور از ديدهام اى نور چشمانم مرو
|
|
|
تا ز مژگان شانه بر آن سنبل مويت کنم
|
سوى قربانگاه روانى اى ذبيح من بيا
|
|
|
سرمه از دود دلم بر چشم جادويت کنم
|
پيش رويم يك زمان بخرام اى سرو روان
|
|
|
تا تسلّى دل از آن قدّ دلجويت کنم
|
کعبهام روى تو بود و قبلهام ابروى تو
|
|
|
باش يك دم سجده بر محراب ابرويت کنم
|
واى بر من کز جفا بايد ز کوفه تا بشام
|
|
|
همرهى با قاتل بىرحم بدخويت کنم
|
اى دريغا شمر نگذارد دمى در قتلگاه
|
|
|
از دل خونين فغان اندر سر کويت کنم
|
رأس تو در روبرويم تا چهل منزل دريغ
|
|
|
خصم نگذارد دمى تا يك نظر سويت کنم
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
إليّ إليّ يا ولدي فإنّي
|
|
أُريد أشمّ فيك شذى الورود
|
وأُمتع ناظريّ بحسن وجهٍ
|
|
كأنّ عليه طالعة السعود
|
فأخشى أن تفارقني طويلاً
|
|
وأن لا نلتقي في ذا الوجود
|
تغادر منزلي كضياء عيني
|
|
وأُغرق في مشاهد منه سود
|
هلمّ لكي أُرجّل منك شعراً
|
|
برمشي يا لهاتيك الجعود
|
تمهّل قبل أن تغدو ذبيحاً
|
|
على اسم الله في أرض الوعود
|
وأجعل كحل عينك من فؤادي
|
|
دخاناً إذ غدى كدخان عود
|
بنيّ وقف إلى جنبي قليلاً
|
|
ليخزى السرو من هذي القدود
|
ويا من قبلتي صارت إليه
|
|
وفي محراب حاجبه سجودي
|
فيا ويلي غداة غدٍ سأُسبي
|
|
وأُحمل في السبا بين القرود
|
ويأتي الشمر يضربني بسوط
|
|
إذا ما سال دمعي في خدودي
|
وتشرق أنت في رمح أمامي
|
|
نظير الصقر صار إلى صعود
|
ويضربني العدو لرفع عيني
|
|
لوجهك إنّ ذا فعل العبيد
|
وله أيضاً
وه چه اکبر قدش افکند ز پا طوبى را
|
|
نور بخشيده رخش مهر جان آرا را
|
گيسويش کرده سيه پوش شب يلدا را
|
|
کرده مجنون ز غم فرقت خود ليلى را
|
* * *
هر که ياد از مه رخسار پيمبر مىکرد
|
|
از فروغ رخ او ديده منوّر مىکرد
|
زلف بر عارض او عود بمجمر مىکرد
|
|
لب لعلش بسخن قصّهٴ کوثر مىکرد
|
* * *
وه چه اکبر که برخ شبه پيامبر باشد
|
|
وه چه اکبر که ببازوى چه حيدر باشد
|
تشنه گان را چه غم او ساقى کوثر باشد
|
|
شافع امّت جدّش صف محشر باشد
|
* * *
ديد شهزاده چه بىيارى شاهنشه دين
|
|
پى تعظيم پدر خم شد و بوسيد زمين
|
گفت اى داده شرف فرش تو بر عرش برين
|
|
خادم بارگه خاص تو جبريل امين
|
* * *
نالهٴ اصغر بىشير ز جان سيرم کرد
|
|
العطش زارى اطفال زمين گيرم کرد
|
غم بىيارى تو حالت تصويرم کرد
|
|
حکم تقدير ازل طعمهٴ شمشيرم کرد
|
* * *
شاه گفتا بدلم خوش که خيالى دارم
|
|
در گلستان جهان تازه نهالى دارم
|
روز را همچه تو خورشيد مثالى دارم
|
|
شب ز ابروى رخت بدر و هلالى دارم
|
* * *
دل ليلى ز غم مرگ تو گرديد خراب
|
|
خانهٴ صبر من از داغ تو گشته استخراب
|
از چه بر کشته شدن مىکنى اينقدر شتاب
|
|
نوجوان اکبر من هست تو را وقت شباب
|
* * *
اى قدت سرو خرامان و رخت ماه تمام
|
|
مهر بنموده فروغ از رخ رخسار تو وام
|
پيش رويم دمى اى سرو خرامان بخرام
|
|
او بره مىشد ومىگفت حسين در هر گام
|
* * *
|
حيف از اين سرو خرامان که ز پا مىافتد
|
|
|
آه کاين مرغ خوش الحان ز نوا مىافتد
|
|
مباراة الشعر أو تقريب معناه بالعربيّة :
يا لذاك القدّ لمّا ركعت طوبى له
|
|
نوره الكون جميعاً بالسنا جلّله
|
|
|
جعده قد صبغ الليل سواداً مثله
|
|
وأصاب الأُمّ ليلى بالفراق الوله
|
|
* * *
ومن اشتاق لرؤيا المصطفى في البشر
|
|
|
جائه كي يكحل العين بنور الأكبر
|
وكأنّ الصدغ في العارض عود المجمر
|
|
|
ثغره يروي لنا قصّة حوض الكوثر
|
* * *
إنّه في نوره شبه النبيّ الأطهر
|
|
|
وله النجدة إرث من أبيه حيدر
|
كيف يظمى وهو في المحشر ساقي الكوثر
|
|
|
وهو الشافع في الأُمّة يوم المحشر
|
قد رأى السيط وحيداً ما له من ناصر
|
|
|
جائه يلتمس الإذن كليث خادر
|
وهوى للأرض في قرب أبيه الطاهر
|
|
|
إنّه في مهده شرّف عرش القادر
|
|
وله جبرئيل أمسى خادماً في الغابر
|
|
* * *
عطش الأصغر قد أفقدني حبّ الحياة
|
|
|
وصغار مثله يبكون من ظلم الجناة
|
إنّهم عطشى يلوجون بحضن الأُمّهات
|
|
|
وحدة السبط لقد رقّ لها قلب الصفاة
|
|
إنّه الجبّار قد قدّر لي هذا الممات
|
|
* * *
فأجاب السبط أضحى أملي فيك بُنيّا
|
|
|
إنّ عندي من رياض المصطفى ورداً جنيّا
|
أنت في الإصباح مثل الشمس أشرقت مضيّا
|
|
|
وهلال طالع في الليل إن جنّ عليّا
|
* * *
قلب ليلى ذاب فيه اتّقدت نار الفراق
|
|
|
وهوى صبري وانهار على أرض العراق
|
أيّها المبعد هل يأذن ربّي بالتلاق
|
|
|
أنت بدر فلم اخترت على التمّ المحاق
|
* * *
قدّك السرو وفي طلعتك البدر المنير
|
|
|
مشرق من برج خدّيك ملا العالم نور
|
سر أمامي لأرى في قدّك السرو يسير
|
|
|
فمشى والسبط يدعو الله بالصوت الجهير
|
|
يا لهذا السرو اذ يعقر في القفر الجديب
|
|
|
وبأرض الطفّ إذ يخنق لحن العندليب
|
|
منتخب من خزائن المراثي
باز وقت آمد که از داغ پسر
|
|
در جگرگاه پدر افتد شرر
|
کس نبود غير از بنى هاشم بجا
|
|
جز على اکبر شبيه المصطفى
|
ديد چون بىيار باب خويش را
|
|
در حرم آن هول و آن تشويش را
|
گفت کاى بابا به اکبر اذن جنگ
|
|
ده که دل از زندگانى گشته تنگ
|
چند بينم عمههاى خون جگر
|
|
خواهران را اشک ريزان از بصر
|
بشنوم تا کى صداى العطش
|
|
کودکان از تشنگى در حال غش
|
سير اکبر بپدر زين زندگى است
|
|
گر رهم زين زندگى پايندگيست
|
داد اذن جنگ بر وى بىدرنگ
|
|
و از برش آويخت تيغ آب رنگ
|
چشم فرزند گرامى بوسه داد
|
|
آه آتش بار آورد از نهاد
|
شاهزاده سوى ميدان کرد رو
|
|
چشم بر اشک و حسين دنبال او
|
تاخت انوار رخش بر آن گروه
|
|
همچه نور مهر بر هر سنگ و کوه
|
گفت کاى نمروديان بد مرام
|
|
مردمان کوفه نامردان شام
|
من علىّ بن الحسين الاکبرم
|
|
در شباهت ثانى پيغمبرم
|
تيع من باشد همال ذو الفقار
|
|
شير بگريزد ز من در کارزار
|
گر فشارم پاى اندر روز جنگ
|
|
خصم روبه گردد ار باشد پلنگ
|
آنچنان که برگ ريزد در خزان
|
|
سر ز تنها بر زمين ريزم چنان
|
در شجاعت وارث آبا منم
|
|
حامى آل نبى تنها منم
|
اين بگفت و با حسام پر شرر
|
|
کرد آن لشکر همه زير و زبر
|
هر کجا راندى عقاب تيز بال
|
|
از سر و پيكر زمين بد مال مال
|
هر که ديد اندست تيغ و کارزار
|
|
گفت پشت زين على دارد قرار
|
حمله چون ضيغم بروباهان فکند
|
|
دست و سرها از تن شجعان فکند
|
مىزد ومىگشت مىافکند زار
|
|
داد لشکرها ز سنگرها فرار
|
مرّه بن منقذ آن شرّ لعين
|
|
از عقب بر تارکش زد تيغ کين
|
تا به ابرو فرق شه زاده شکافت
|
|
قوّتش از دست و بازو سربتافت
|
خواست تا خالى کند پا از رکاب
|
|
بر سر خود خوان ماتم ديده باب
|
کاى پدر ز اکبر بتو بادا سلام
|
|
گشته جدم حاضر اينجا با دو جام
|
يك بمن بنمود وسيرابم نمود
|
|
يك براى تست هان بشتاب زود
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
وجائت النوبة يوري الولد
|
|
ناراً بقلب والد تتّقد
|
من هاشم لم يبق غير الأكبر
|
|
شبه النبيّ المصطفى بالمنظر
|
ومذ رأى الحسين لا نصير له
|
|
وحرم الأطهار عمّها الوله
|
جاء يريد الإذن من أبيه
|
|
بجسمه وروحه يفديه
|
قد ضاق صدري من تنمّر العدى
|
|
جئتك كي أكو للدين فدىٰ
|
أنظر عمّاتي بنار الحزن
|
|
وأدمع النساء مثل المزن
|
وصيحة الأطفال من نار الظما
|
|
هووا بأحضا النساء جثّما
|
كرهت هذا العيش من وجودي
|
|
وبعده أمضي إلى الخلود
|
فأذن السبط له بالحرب
|
|
وزانه بباتر للضرب
|
وطبّع القُبلة فوق خدّه
|
|
بل جمرة من قلبه ووقده
|
كأنّه الموت إلى الحرب سرى
|
|
ومدمع السبط بأثره جرى
|
وشّع نوره على الأرجاء
|
|
كالبدر لاح فوق كربلاء
|
ناداهم يا شيعة النمرود
|
|
يا مشبهي الكلاب والقرود
|
يا عسكر الكوفة يا أهل الخنا
|
|
أنتم وأهل الشام أولاد الزنا
|
أنا عليّ بن الحسين الأكبر
|
|
نوري من نور النبيّ يزهر
|
أحمل في كفّي ذا الفقار
|
|
يسحتكم كشعلة من نار
|
خصمي لا يجيد إلّا الهربا
|
|
إن كان ليثاً صار منّي ثعلبا
|
أنثركم نثر الخريف للشجر
|
|
أرمي رؤوسكم كما ترمى الأكر
|
ورثت من آبائي البساله
|
|
أصون من قدس النبيّ اله
|
يقول هذا وهو بالحسام
|
|
يصول مثل الأسد الضرغام
|
بدّد شمل الكفر بالبيداء
|
|
وملأ الأرض من الأشلاء
|
كأنّه العقاب في الهواء
|
|
قد ملك الأرض مع السماء
|
وكلّ من رآه قال حيدره
|
|
يكيلنا بالسيف كيل السندره
|
هذا أبو الحسين ليس الأكبرا
|
|
وأخذ العدوّ يمشي القهقرىٰ
|
صال عليهم بالحسام ضاربا
|
|
كأسد يطارد الثعالبا
|
يضربهم يقتلهم يرميهم
|
|
وراح في حسامه يفنيهم
|
وجاء مرّة بن منقذ الردي
|
|
جلّل بالنجيع نور أحمد
|
جاء من الخلف وفي يديه
|
|
سيف وأسدى ضربة إليه
|
وشقّ فرقه إلى الحواجب
|
|
مصيبة من أعظم المصائب
|
وخرّ للأرض شبيه المصطفى
|
|
فقال والد على الدنيا العفا
|
أخرج رجله من الركاب
|
|
وخرّ للوجه على التراب
|
فجائه الحسين مثل الصقر
|
|
ينقضّ والجواد فيه يجري
|
نادى عليّ يبلغ السلاما
|
|
والده والأهل والأعماما
|
وقال هذا جدّي النبيّ
|
|
ومعه من الجنان الري
|
قد جائني بكفّه كأسان
|
|
لي واحد وللحسين الثاني
|
أرواني الجدّ بماء عذب
|
|
من كأسه فحيّهل للشرب
|
جوهري
در آن دم بشهزادهٴ جنگجو
|
|
بلا حملهور گشت از چار سو
|
يكى نيزه مىزد به بازوى او
|
|
يكى نيش خنجر به پهلوى او
|
چه ابر اجل تيره شد بر سرش
|
|
ز بس تير باريد بر پيكرش
|
ز بحر زره چشمها شد عيان
|
|
ز هر چشمهاى جوى خون شد روان
|
ز رمحى که بر سينه خورد از قضا
|
|
تو گفتى که بر کنج خفت اژدها
|
ز تيغى که بر جبهه خورد از قدر
|
|
عيان شد به کفّار شقّ القمر
|
ز بس تير باريد بر آن جناب
|
|
عقابش برآورد پر چون عقاب
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
ولمّا هوى الضرغام في الأرض شلوه
|
|
أحاط به الأوغاد من كلّ جانب
|
ودار به الآلاف ما بين طاعنٍ
|
|
بمغوله والرمح أو بين ضارب
|
فأعضائه وزّعن في كفّ ضارب
|
|
وصارمه والدرع في كفّ سالب
|
لهالله ما بين العدى لو رأيته
|
|
لكنت رأيت الليث بين الثعالب
|
وجلّله سحب المنيّة بالقنا
|
|
كما هطلت ديماء سحّاً لشارب
|
بدت من بحار الدرع حمر عيونهم
|
|
كموج دماء أحمر اللّون واثب
|
وخلت القنا إذ شقّت الصدر أبرزت
|
|
كنوزاً تغشّاها نجيع الترائب
|
وليلة شقّ البدر آية جدّه
|
|
بدت لعيون القوم من شقّ جانب
|
وغشى جواد الأكبر النبل منهم
|
|
ثياباً من النشّاب حمر المضارب
|
جودى
بابا بيا که تيغ جفا ساخت کار من
|
|
برگى نچيده گشت خزان نوبهار من
|
قاتل مرا زخنجر کين پاره پاره کرد
|
|
رحمى نکرد بر مژهٴ اشکبار من
|
تا بر تنم بود رونقى در سرم بيا
|
|
بنگر بوقت مرگ بر احوال زار من
|
از تيغ ظلم رشتهٴ عمرم ز هم گسيخت
|
|
ليلا بگو دگر نکشد انتظار من
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
هلمّ أبي فالسيف شقّ مفارقي
|
|
وعصف خريف العمر جرّد أغصاني
|
وقطّعني الباغي بصارم حقده
|
|
وما لان من دمعي عليكم بأجفاني
|
هلمّ أبي واسرع لموضع مصرعي
|
|
وبي رمقٌ أخشى بأن لست تلقاني
|
قضى عمري بالسيف من ضرب ظالم
|
|
أبي قل لليلى بعدها لا ترجّاني
|
قال الشيخ علي ابن شيخ العراقين
چه رفت از دست عشق شاه دلبند
|
|
روان شد از پى گمگشته فرزند
|
صف دشمن دريدى از چپ و راست
|
|
نواى الحذر از نينوا خاست
|
عقابى ديد ناگه پر شکسته
|
|
على افتاده زين از هم گسسته
|
برخسارش نقاب از خون کشيده
|
|
به جانان بسته جان از خود بريده
|
شده شقّ القمر سر تا جبينش
|
|
بخون آغشته زلف عنبرينش
|
ز ضرب نيزه و تير و سنانش
|
|
شده جسمش مقطّع جان فدايش
|
فرود آمد ز زين آن با جلالت
|
|
چه پيغمبر ز معراج رسالت
|
نهادى بر سر زانو سرش را
|
|
همى بوئيد خونين پيكرش را
|
برآورد از دل تفتيده آهى
|
|
که سوزانيد از مه تا بماهى
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
ولمّا هوى قلب الحسين بكربلا
|
|
وقد نال منه السيف عاد بلا قلب
|
فصال على الأعداء يبغي صفوفهم
|
|
ففرّوا بعيداً يحذرون من القرب
|
رأى الصقر معفور تكسّرت
|
|
قوادم جنحيه من الطعن والضرب
|
تنقّب بالقاني وأسلم روحه
|
|
فأسلم مولانا الحسين إلى الكرب
|
كما شقّ بدر في السماء لجدّه
|
|
لقد شقّ وجه الطهر بالسيف في الحرب
|
وبالدم حين أحمر حالك شعره
|
|
تمشّى عبيراً منه في ذلك الترب
|
غدا أرباً بالضرب والطعن جسمه
|
|
أفديه في جسمي وبالروح في جنبي
|
ترجّل من ظهر الجواد لشبله
|
|
كمعراج خير الخلق في كلل الحجب
|
وقد وضع الرأس الشريف بحجره
|
|
وناح عليه مثل هاطلة السحب
|
وراح يشمّ النحر ينفح مسكه
|
|
وخافقه من حزنه بيد النهب
|
وأرسل في الوادي من القلب جمرة
|
|
بها أشعل الدنيا من الأرض للشهب
|
الأشعار التالية مزجها صاحبها مع أشعار « آتشكده »
وكيف ما كان فرحمة الله على قائلها :
پس بيامد شاه اقليم الست
|
|
بر سر نعش على اکبر نشست
|
چون ز خيمه تاخت پاره با شتاب
|
|
ديد حيران اندر آن صحرا عقاب
|
برگ زين برگشته بگسستته لجام
|
|
آسمانى ليك بىبدر تمام
|
ديد روى يوسفى را چون بشير
|
|
ليك در جنگال گرگانش اسير
|
ديد آن باليد سرو نازنين
|
|
اوفتاده در ميان دشت کين
|
گلشنى نورسته اندام تنش
|
|
زخم پيكان غنچهاى گلشنش
|
با همه آهن دلى گريان بر او
|
|
چشم جوشن اشکخونين موبمو
|
کرده چون اکليل زيب فوق سر
|
|
شبه احمد معجزش شقّ القمر
|
بر سر زانو نهاد آن دم سرش
|
|
سيل خون جارى شد از چشمِ ترش
|
سر نهادش بر سر زانوى ناز
|
|
گفت کاى باليده سرو سرفراز
|
چون شد انباليدنش در باغ حسن
|
|
اى بدل بنهاده مه را داغ حسن
|
اى درختان اختر برج شرف
|
|
چون شدى سهم حوادث را هدف
|
چهر عالم تاب بنهادش بچهر
|
|
شد جهان تا از قران ماه ومهر
|
گفت کاى باب دلم را خون مکن
|
|
زادهٴ ليلى مرا مجنون مکن
|
خيز تا بيرون از اين صحرا رويم
|
|
يا بسوى خيمهٴ ليلى رويم
|
اين بيابان جاى خوبان ناز نيست
|
|
ايمن از صيّاد تيرانداز نيست
|
اى بطرف ديده خالى جاى تو
|
|
خيز تا بينم قد و بالاى تو
|
اى نگارين آهوى مشکين من
|
|
اى تو روشن چشم عالم بين من
|
رفتى بردى ز قلبم تيب وتاب
|
|
اکبرا بادا جهان بعدت خراب
|
گفتمت باشى مرا تو دستگير
|
|
اى تو يوسف من تو را يعقوب پير
|
تو سفر کردى آسودى ز غم
|
|
من در اين وادى گرفتار الم
|
سرنگون گشتى چه از اسب عقاب
|
|
عرش حق افتاد اندر اضطراب
|
مهرو رويت بود جذّاب قلوب
|
|
آفتاب من چرا کردى غروب
|
اى شبيه مصطفى بار دگر
|
|
لب گشا و کن تکلّم با پدر
|
کى زده اين زخم کارى بر سرت
|
|
در حرم از غم بميرد مادرت
|
پرده بر رخ برفکن اى دلفکار
|
|
تا شود نور خدائى آشکار
|
لعن لخندانت چرا گشته خموش
|
|
گوئيا از تشنگى رفته ز هوش
|
بر رخت از خون عقاب انداختى
|
|
پرده روى آفتاب انداختى
|
زينب از خيمه برآمد با قلق
|
|
ديد ماهى خفته در زير شفق
|
اى جگر ناليد کاى ماه تمام
|
|
بى تو بر من زندگى بادا حرام
|
شه بسوى خيمه آوردش ز دشت
|
|
وه چه گويم من چه بر ليلا گذشت
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
وجاء أمير العالمين لشبله
|
|
فألفاه مصروعاً عفيراً مترّبا
|
وظلّ على الجثمان ينثر دمعه
|
|
فصار الثرى من جريه ينبت الكبا
|
رأى فرساً ينحوه من غير فارس
|
|
كمثل عقاب طار بالجوّ متعبا
|
تنائى به سرج وخلّى عنانه
|
|
كمثل سماء بدرها قد تغيّبا
|
ولاح على بينهم مثل يوسف
|
|
ولكن رأى من حوله القوم أذؤبا
|
رأى قدّه كالسرو قد لامس الثرى
|
|
وكان تثنّيه إذا هبّت الصبا
|
كما زانت الروض النضير شقائق
|
|
بدى الجسم منه بالدماء تحجّبا
|
وراح عليه الدرع يبكي بأدمع
|
|
حرار كجرح بالدماء تصبّبا
|
بدى الجرح أكليلاً بمفرق رأسه
|
|
كما شقّ بدر للنبيّ فأعجبا
|
وقد وضع الرأس الشريف بحجره
|
|
حسين وسال الدمع قانٍ على الربى
|
ثنى السبط رجليه وشال برأسه
|
|
ونادى بصوت يؤلم الفضل والإبا
|
أيا دوحة مدّت على الأرض ظلّها
|
|
وصارت لحران خباءاً مطنّبا
|
فكيف هوت للأرض بعد سموّها
|
|
وصارت مجالاً للبغاث وللدبى
|
ويا زهرة طابت بأرض زكيّة
|
|
وتنفح فينا العطر ما هبّت الصبا
|
فكيف غدت جرحاً بقلبي غائراً
|
|
وإنّ من الآلام جرحاً محبّبا
|
فيا عجباً يغتالك الدهر ظالماً
|
|
وقد لحّت في برجل الهداية كوكبا
|
وعهدي به ضاء الوجود بنوره
|
|
وقد كان نور الله نورك لا خبا
|
أضاء به وجه الزمان منوّراً
|
|
كما طارد البدران في الأُفق غيهبا
|
ويا فلذة أدمى فؤادي بفقده
|
|
أترضى بأن أحيا وحيداً معذّبا
|
هلمّ بنا نذهب لليلى فإنّها
|
|
بخيمتها ترنو إليك مغيّبا
|
وإلّا فقم نترك كلانا بكربلا
|
|
وموقعها قفراً يضمّك مجدبا
|
فليس مهاداً ذلك القفر إنّه
|
|
يضمّ ذئاباً جائعات وأكلبا
|
مهادك في عيني يضمّك جفنها
|
|
وإن سال منها الدمع كالمزن صيّبا
|
فأنت حبيب القلب تجري على الثرى
|
|
دماه كما أذكيت مسكاً وزرنبا
|
وكحلت عيني بالسناء فأبصرت
|
|
وجوداً خفيّاً عن مداها تغيّبا
|
رحلت بصبري حين ودّعت ناظري
|
|
وأبقيت فوق الجمر قلبي تقلّبا
|
وأشبهت بالأوصاف جدّي ووالدي
|
|
فما زلت لي جدّاً وما زلت لي أبا
|
وبقياً على يعقوب يا يوسف ابنه
|
|
فها عينه ترعاك بدراً محجّبا
|
أردتك إن أحناني الدهر آخذاً
|
|
بكفّي تريني منك أهلاً ومرحبا
|
قد ارتحت من هذي الحياة ولم أزل
|
|
وحيداً كما جرّدت سيفاً مذهّبا
|
ولمّا تركت المهر تهوى على الثرى
|
|
هوى العرش مذ عاف الوجود المقرّبا
|
وغبت كنور يجذب الناس لمحه
|
|
كما لامست شمس من الأُفق مغربا
|
فيا شبه جدّي المصطفى أنت صامت
|
|
وصمتك في قلبي أمضّ من الشبا
|
فمن ذا الذي قد شقّ هامك سيفه
|
|
وقد أثكل الأُمّ المروعة في الخبا
|
أزح عن سناك الستر يا غاية المُنى
|
|
لنبصر وجهاً للإله محبّبا
|
وكيف اختفت تلك اللئالي من فم
|
|
لفرط الظما لم يلف ماءاً ليشربا
|
لبست نقاباً من دماء كأنّها
|
|
من الفلق الريّان بدر تنقّبا
|
وقد خرجت من خدرها زينب الهدى
|
|
فأبصرت البدر المنير محجّبا
|
فأرسلت الآهات من قلب حرّة
|
|
وقالت حرام بعدك العيش في السبا
|
وجاء به المولى إلى خيمة النسا
|
|
وأرسل دمعاً عن جوى الحزن معربا
|
وسل عن فؤاد الأُمّ ليلى فإنّها
|
|
ثكول ولم تعرف سوى الموت مهربا
|
قيل
اى غرقه خون تو نور چشم تر منى
|
|
اى پاره پاره تن تو على اکبر منى
|
برخيز تا برم بسوى خيمه پيكرت
|
|
کينک ستاره چشم براه تو خواهرت
|
برخيز کز فراق تو ترسم به اشک و آه
|
|
زينب سر برهنه در آيد ز خيمهگاه
|
در خيمهاى پسر بچسان بىتو رو کنم
|
|
زخم آنقدر نه يا کخ توانم رفو کنم
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
يا غارقاً بدمائه
|
|
يا نور عيني الدامعه
|
يا من غدا قطعاً مو
|
|
زّعة بأرض الواقعة
|
قم يا بنيّ إلى الخيام
|
|
ففي مصابك تابعه
|
وانظر لأُختك عينها
|
|
ترعى النجوم الطالعه
|
فعساك تنجم بينها
|
|
مثل الثريّا اللّامعه
|
أخشى على أُختي بأن
|
|
تدع الخيام الهاجعة
|
وتجيء حاسرة على
|
|
عجل لأرض الفاجعه
|
هيهات ما قدمي بدونك
|
|
للمخيّم راجعه
|
جرحي كبير غائر
|
|
ما الرفو فيه نافعه
|
شعر ملّا رضا محزون الرشتي
کرده بىتاب مرا آه دل با اثرت
|
|
|
ز اشتياق رخت از خيمه دويدم به برت
|
بسوى روضهٴ رضوان تو روانى بشتاب
|
|
|
نيست از حال دل باب گرامى خبرت
|
خونفرق است و يا شاخهٴ مرجانه است اين
|
|
|
بفداى تو و اين قامت و چشمان ترت
|
اى ذبيح من و اى شبه رسول مدنى
|
|
|
ز چه آلوده بخون صورت قرص قمرت
|
نوجوان ديده گشا ديدهٴ گريانم بين
|
|
|
اى پسر يك نظرى کن تو بجان پدرت
|
داد از قاتل بىرحم تو دارم هر دم
|
|
|
که بشمشير جفا ريخته اين مغز سرت
|
داغ تو هجران تو يكباره نمودم پيرى
|
|
|
واى بر حال دل مادر خونين جگرت
|
بشنود گر خبر مرگ تو ليلاى حزين
|
|
|
يا آرد ز تو و محنت شام و سحرت
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
وأفقدني صبري نداءك يا أبي
|
|
لذاك سريعاً قد تركت مضاربي
|
لأنظر وجهاً كان نور نواظري
|
|
بدى مثل بدر في دم الأفق غارب
|
رأيت جنان الله ثمّ تركتني
|
|
فمن لأبٍ في الحزن ناعٍ ونادب
|
فهل غصن المرجان هذا أم أنّه
|
|
دم الفرق يبدو في الدماء السواكب
|
أيا شبه جدّي يا ذبيحاً بكربلا
|
|
ويالدم يجري بوجهك خاضب
|
على وجهك البدر النجيع مضمّخاً
|
|
كمثل غشاء راح للبدر حاجب
|
ويا ولدي انظرني فدمعي هامل
|
|
أشدّ انهماراً من ضروع السحائب
|
فويل لمن أسدى لرأسك ضربه
|
|
فأسدى إلى الإسلام شرّ المصائب
|
لقد هدّني سيف عراك فرنده
|
|
فكيف بأُمّ لم تزل في النوادب
|
فكيف بها إن أبلغوها بما جرى
|
|
ألا ارفق بأُمّ طعمة للنوائب
|
وقيد
چه زود بود اى پسر
|
|
که چون ستارهٴ سحر
|
غروب کردى از نظر
|
|
اجل بشد دچار تو
|
* * *
اگر کنم تکلّمى
|
|
کلام اوّلم توئى
|
سکوت اگر کنم دمى
|
|
دلست و داغدار تو
|
* * *
به خيمه رو چسان کنم
|
|
چه ناله و فغان کنم
|
ز چشم خونفشان کنم
|
|
ز روى گل مزار تو
|
* * *
سکينهٴ من از عطش
|
|
فتاده او نموده غش
|
چسان به او بگويمش
|
|
که کشته شد برار تو
|
* * *
ز ديدهام نهان شدى
|
|
بهار من خزان شدى
|
سوى جنان روان شدى
|
|
من و فراق داغ تو
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
أسرعت في السفر
|
|
كنجمة السحر
|
فارقك النظر
|
|
وغبت في الأجل
|
* * *
إن قال مقولي
|
|
فأنت أوّلي
|
وإن لم أفعل
|
|
بقلبي الشعل
|
* * *
وكيف في الخيم
|
|
أذهب للحرم
|
أجري الدموع دم
|
|
لفقدي الأمل
|
* * *
سكينة أما
|
|
أهلكها الظما
|
أبكي لتعلما
|
|
شقيقها انتقل
|
* * *
غبت من العيان
|
|
في نعم الجنان
|
تقلّب الزمان
|
|
إلى هنا وصل
|
يقول الآخر
اى روى تو باغ لاله زارم
|
|
اى قدّ تو سرو جويبارم
|
اى نور دو چشم اشکبارم
|
|
ناکام علىّ اکبر من
|
* * *
رفتى تو بعهد نوجوانى
|
|
بعد از تو درين جهان فانى
|
آيد بچه کار زندگانى
|
|
ناکام علىّ اکبر من
|
* * *
ليلا ز غم تو بىقرار است
|
|
در خيمه نشسته اشکبار است
|
چشمش بره در انتظار است
|
|
ناکام علىّ اکبر من
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
يا من وجهه روض شقايق
|
|
يا من قدّه للسرو فايق
|
يا نور نواظر الحقايق
|
|
يا من لم يمتّع بالشباب
|
* * *
قد رحت ولم تزل وليدا
|
|
غاية الوجود أن يبيدا
|
هيهات إليه لن أعودا
|
|
والأكبر ابني في التراب
|
* * *
والحزن لذلك الرواء
|
|
للوجه كطارق السماء
|
يا قلبي يا مزاج مائي
|
|
تمضي لأعيش في العذاب
|
* * *
لا تأخذ أُمّك السكينه
|
|
تحيا بدموعها السخينه
|
في دربك روحها رهينه
|
|
ترجوك تعود للإياب
|
جودى خراسانى
افغان رعد بر فلک اين يا که در خروش
|
|
|
ليلى داغ ديده سر نعش اکبر است
|
آه از دمى که کرد بنعش پسر خطاب
|
|
|
کى روح پاک از تو را خاک بستر است
|
گفتم عصاى پير من باشى از جوان
|
|
|
غافل از آنکه با تو اجل در برابر است
|
هر عضو را که بينمت اى پاره پاره من
|
|
|
جاى سنان و نيزه و شمشير و خنجر است
|
ناسور شد زنگهت زلف تو زخم دل
|
|
|
هر زخم را بلى ضرر از بوى عنبر است
|
اى نور ديده ديده گشا محملم ببند
|
|
|
ما را براه شام که غير از تو رهبر است
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
ماذا جرى للفلك الأعلى
|
|
هل نفخ الصور به .. كلّا
|
بل فوق جثمان عليّ بكت
|
|
بالطفّ حسرى أُمّه ليلىٰ
|
الله إذ ناحت على جسمه
|
|
وهو قتيل في الثرى حلّا
|
مهادك الرمل وفي مهجتي
|
|
مهدك مذ كنت به طفلا
|
وأنت عكّازي لشيخوختي
|
|
تتركني والموت بي أولى
|
لم أدر أنّ الموت في غفلتي
|
|
فاجئني يفرّق الشملا
|
وكلّ جرح فيك قد صار لي
|
|
تقطع أحشائي به نصلا
|
من طيب صدغيك جراحي غدت
|
|
بمهجتي من عنبر أغلى
|
يا ولدي انظرني فذا محملي
|
|
من الذي منك به أولى
|
أحسن المراثي
من مراثي حجّة الإسلام الشيخ محمّد الإصفهاني
لسان حال ليلاى جگر خون
|
|
عقول ماسوا را کرده مجنون
|
با بلبل که تا با هم بناليم
|
|
که ما هجران کش شوريده حاليم
|
ز تو گل رفت و از ما گلعذارى
|
|
ز تو افغان و از ما آه و زارى
|
تو را وصل گل ديگر اميد است
|
|
بهار ديگر از بهر تو عيد است
|
وليكن گلعذار مرا بدل نيست
|
|
بهار ديگرى ما را امل نيست
|
گلى از گلشن من رفت بر باد
|
|
که تا محشر نخواهد رفت از ياد
|
يگانه گوهرى گم شد ز دستم
|
|
که جوياى ويم تا زنده هستم
|
دريغ از سرو بالاى رسايش
|
|
دريغ از گيسوان مشک سايش
|
هزاران حيف کان گيسوى مشکين
|
|
بخون فرق سر گرديد رنگين
|
هزاران حيف کان خورشيد خاور
|
|
ميان لُجّهٴ خون شد شناور
|
فغان کايينهٴ روى پيمبر
|
|
بخاک تيره شد الله اکبر
|
فغان زان قامت طوبى مثالش
|
|
که دست جور برد از اعتدالش
|
بصورت طلعت الله نور است
|
|
بمعنى غيب مکنون شهود است
|
بروى وموى سيما و شمايل
|
|
پيمبر آيت و حيدر دلايل
|
بيا اى عندليب گلشن من
|
|
ببين تاريك چشم روشن من
|
بيا اى نوگل گلزار مادر
|
|
بکن رحمى بحال زار مادر
|
بيا اى شمع جمع محفل ما
|
|
ببين ظلمت سرا شد منزل ما
|
تو را با شيرهٴ جان پروريدم
|
|
دريغا کز تو جان و دل بريدم
|
ندانستم که مرگ ناگهانى
|
|
عنان گيرد تو را در نوجوانى
|
بهمّت مىتوان از جان گذشتن
|
|
وليكن از جوان نتوان گذشتن
|
جوانا رحم کن بر پيرى من
|
|
مرا مگذار با يك شهر دشمن
|
سؤال از حال غمخواران ثواب است
|
|
خصوصاً آن دلى کز غم کباب است
|
مباراة الشعر بالعربيّة أو تقريب معناه :
أدمى فؤادي أنّ ليلى الأُمّا
|
|
ندبتها من قلبها المدمّى
|
يا بلبلاً آنس بالألحان
|
|
هلمّ كي نبكي على أحزاني
|
أنت فقدت الورد في البستان
|
|
نحن فقدنا عارض الريحان
|
وأنت غرّيدٌ كما تشاء
|
|
لك الهناء ولنا البكاء
|
وأنت في شوق الرياض الأُخرى
|
|
وتلك بالعيد السعيد أحرى
|
تعيش في زهو الربيع الثاني
|
|
حمّ اللقاء ودنى التداني
|
وما لنا بعارض عنك بدل
|
|
أو بربيعٍ آخر لنا أمل
|
قد جفّ من روضتي الورد الجني
|
|
لم أنسه حتّى انتهاء زمني
|
قد فقدت درّتي اليتيمه
|
|
في البحث عنها لم أزل مقيمه
|
آه على سرورتي العليّه
|
|
آه لتلك الطرّة المسكيّه
|
حيث يعمّ صدغك المسكيّا
|
|
بأحمر الفرق غدا مطليّا
|
حيف على شمس الوجود المشرقه
|
|
بلجّة النجيع تمسي غرقه
|
الله من مرآة وجه المصطفى
|
|
تغمر بالترب على الدنيا العفا
|
آه على القامة مثل طوبى
|
|
عن اعتدالها غدت مسلوبا
|
يا صورة مظهر نور البارى
|
|
من عالم الشهود والأسرار
|
صورته والوجه الشمائل
|
|
للمصطفى وحيدر دلائل
|
هلمّ يا هزار روضي المعلما
|
|
وانظر إلى ذهاب عيني في العمى
|
هلمّ يا برعم روضتي الندي
|
|
لرحمتي يا قطعة من كبدي
|
تعال يا شمعاص يضيء النادي
|
|
وفجر الضياء في سوادي
|
يا من غذيت بلبان روحي
|
|
قطعت من فؤادي الجريح
|
لم أدر أنّ الموت يأتي بغته
|
|
يقطف زهراً ليس هذا وقته
|
ما أرخص الروح فداء الأكبر
|
|
إنّي على فراقه لم أقدر
|
يا ولدي ألا رحمت شيبتي
|
|
تتركني مع العدا في غربتي
|
يا ولدي ألق عليّ نظره
|
|
واجذر تصب من حمم بالحسره
|
تثاب أمّا ترحم الحزينا
|
|
مواسياً قلباً له طعينا
|
مختارات من خزائن المراثي
خسرو لب تشنگان را بُد به گيتى نوجوانى
|
|
|
نوجوانى سرو قدى گلرخى ابرو کمانى
|
سيم تن سيمين بدن شيرافکن آهو ديدگانى
|
|
|
عنبرين بو مسک موئى لعبتى شکّر بيانى
|
چهرهاش از سنبل و از لاله و گل گلستانى
|
|
|
وز لطافت اصل روى و در طراوت عين جانى
|
|
از لب جانبخش بازار دو صد عيسى شکسته
|
|
|
قلب يوسف را ز طرّارى بناز طُرّه بسته
|
|
* * *
قامت طوبى خميده از غم سرو بلندش
|
|
|
چشمهٴ کوثر بجان عطشان لعل نوش خندش
|
آسمان و شمس گردد برقى از سمّ سمندش
|
|
|
زادهٴ زهرا دل از کف داد بر مشکين کمندش
|
ليلى دل سوخته مجنون صفت زار نزندش
|
|
|
جايگاه نرّه شيران بد گريبان پرندش
|
|
نيزه از آه پدر در دست و ليك از دست بازو
|
|
|
با علىّ مرتضى در جنگ بودى هم ترازو
|
|
* * *
از جلال و از بزرگى هم لقب با حىّ داور
|
|
|
از جمال و خلق خو آمد مشابه با پيمبر
|
قامت طوبى خميده از غم سرو بلندش
|
|
|
نرگس مخمور مست آن فسونگار فسنگر
|
در زمان از هجر ياران ريختى بر لاله گوهر
|
|
|
مرغ جانش چون سمندر از عطش تا بردر آزر
|
|
در جگر ناگه شرار افروز آمد نار خشمش
|
|
|
خون غيرت جوش زد در راه ديدار از دو چشمش
|
|
* * *
عمّهها و خواهران بگرفته او را در ميانه
|
|
|
ديده از خون جگر مانند بحرى بىکرانه
|
اشکشان جارى بدامان چون عقيق و ناردانه
|
|
|
چنگ اندر تار زلف وى زده دلها چه شانه
|
زد برون از خيمگاه شهزاده مست و بيهشانه
|
|
|
با ادب نزد پدر شد بوسه زد بر آستانه
|
|
کى پدر از گردش گردون دلى بس تنگ دارم
|
|
|
شوق ديدار عزيزان و هواى جنگ دارم
|
|
* * *
شاه دين چون ديد رخسار منير آن پسر را
|
|
|
نى پسر سر تا بپا تمثال جدّ تاجور را
|
در ميان شام گيسو روز روشن آن قمر را
|
|
|
مدتى افکند بر آن قامت دلجو نظر را
|
بست بهر دفع چشم زخم از چشهرش بصر را
|
|
|
وز صدف باريد صدها رشته مرواريد تر را
|
|
گفت کان زيبا جوان سرمايهٴ آب و گل من
|
|
|
زين سفر بگذر مکن تاريك روشن محفل من
|
|
* * *
زير پاى وى عقاب از وجد شادى گفت پرّان
|
|
|
همچه پيك تيز بر فکر آوردش به ميدان
|
عرصه روشن شد ز نور چهره آن مهر درخشان
|
|
|
ز ان طرف دست دعا بر آسمان شاه شهيدان
|
وز سپهر ديدگان مىريخت اخترها بدامان
|
|
|
همچه خفاشان ز جا جنبيد ز انسو خيل شيطان
|
|
هر که او را ديد يادش آمد از رخسار احمد
|
|
|
با تعجّب گفت ما را نيست جنگى با محمّد
|
|
* * *
گفت کاى نمروديان من بر خليل الله سليلم
|
|
|
سبط پاک ساقى تسنيم و کوثر سلسبيلم
|
از نژاد هاشم و زان دودمان اوّل قتيلم
|
|
|
در شهادت بىمثالم در شجاعت بىمثيلم
|
در سخاوت بىهمالم در سماحت بىعديلم
|
|
|
يارى اولاد احمد از دل و از جان کفيلم
|
|
گاه جنگ از هيبتم شير فلک را زهره درّد
|
|
|
عقل و هوش از کلّهٴ گردان جنگآور بپرّد
|
|
* * *
اين بگفت و دست اندر دستهٴ تيغ دو سر زد
|
|
|
صفدر پولاد دل اندر صف آهن شرر زد
|
خصم را بر چشم خنجر تيغ زوبين بر کمر زد
|
|
|
چون ملخ دشمن ز هر سو نعرهٴ أين المفرّ زد
|
پشتهاى کشته از هر سو بر او سدّ گذر کرد
|
|
|
ناگهان اندر سرش شوق ملاقات پدر کرد
|
|
آمد و گفتا پدر فتح نمايان کردهام من
|
|
|
ليك در رنجم ز سوز تشنگى و ثقل آهن
|
|
* * *
شاه دين را سوخت دل بر حال زار نوجوانش
|
|
|
شرمگين شد خواست تا بيرون شود از غصّه جانش
|
از محبّت در بغل بگرفت آن سَرْوِ روانش
|
|
|
پس زبان خشکخو را بر نهاد اندر دهانش
|
خواست تا ز ين کار بدهد تشنگان ميرا نشانش
|
|
|
سوخت جان شاهزاده ريخت اشک از ديدگانش
|
|
پس پى غمخوارى غم ديدگان سوى حرم شد
|
|
|
کودکان را ديد چون خود تشنه و حالش دژم شد
|
|
* * *
گفت ليلى نوجوان من فراقت کرده پيرم
|
|
|
بود امّيدم که باشى در جهان تو دستگيرم
|
در شبان تار از چهر چه مهرت مستنيرم
|
|
|
رحمى آور بر من و بين چون کمانِ قد چو تيرم
|
نازپرورد منا در تاب گيسويت اسيرم
|
|
|
آرزو دارم که پيش چشم بيمارت بميرم
|
|
سرو نو خيزم بگو راضى چسان اين قلب محزون
|
|
|
مىشود کاين قامت رعنا طپد در خاک و در خون
|
|
* * *
بار ديگر شاهزاده جانب ميدان کين شد
|
|
|
احمد ثانى به پشت رفرف عزّت مکين شد
|
شير چرخ از هيبتش پنهان بچرخ چارمين شد
|
|
|
حوت از برج شرف در سينهٴ گاو زمين شد
|
مام خصم از مأتم فرزند زار و دل غمين شد
|
|
|
ريخت صفها را بهم در قلب لشکر جاگزين شد
|
|
هر شجاعى را که کشتى شاد گشتى خنده کردى
|
|
|
اى عجب کز خنده باز آن کشتگان را زنده کردى
|
|
* * *
از کمند گيسوان پيچ و شکنرا برگشاده
|
|
|
هچه حيدر در صف صفّين به دشمن رو نهاده
|
از حسامش شعلها در خرمت دشمن فتاده
|
|
|
فتح و نصرت در يمين و در يسارش ايستاده
|
چرخ بدخو ناگهان شد کينهور با شاهزاده
|
|
|
منقذ بن مرّه با شمشير با زهر آب داده
|
|
از کمين بيرون شد و بر تارک آن شير زد
|
|
|
اى عجب از کافرى سر معجز شقّ القمر زد
|
|
* * *
تا ميان ابروان بشکافت آن فرق همايون
|
|
|
نرگس شهلاش پنهان شد بزير پردهٴ خون
|
موج زد درياى لشکر بر سرش چون نهر جيحون
|
|
|
پاره پاره شد تنش از زخم و از اندازه بيرون
|
دست اندر يال توسن زد که از آن عرصه بيرون
|
|
|
گردد و يك دم براسايد ز دست مردم دون
|
|
عاقبت چون گُل بخاک افتاد آن جسم شريفش
|
|
|
بر سر خود خواند بابا را بدان صوت ضعيفش
|
|
* * *
شاه دين صوت جوانش را شنيد از بىقرارى
|
|
|
شد برون خيمه و بنشست بر اسب سوارى
|
جانب ميدان روان گرديد چون باز شکارى
|
|
|
با حسام مرگ بارشگر لشکر را فرارى
|
يوسف گمگشته چون يعقوب جست از هر کنارى
|
|
|
ناگهان اسب على را ديد کز زين بود عارى
|
|
يال و کاکل را ز خون سنبل تر کرده رنگين
|
|
|
از سپهر ديدگان بر دامن شه ريخت پروين
|
|
* * *
کو کدامين سنگدل بشکافت فرق انورت را
|
|
|
کرد آماج خدنگ و ناوک کين پيكرت را
|
بر دريدند از چه پهلوى ز گل نازكترت را
|
|
|
اى هماى اوجت رفعت کى شکسته شهرتت را
|
خيز بين در انتظارت آن سکينه خواهرت را
|
|
|
عمّهها بگرفته دور داغ ديده مادرت را
|
|
تا که از مرگ تو اى زيبا پسر آگه نگردد
|
|
|
ور شود ليلا چو مجنون کوه و هامون درنوردد
|
|
* * *
بىرخ و زلف تو شد بر باد باغ و بوستانم
|
|
|
گشت خالى از گل و از سرو سنبل گلستانم
|
از زمين برخيز اى درد غمت يكسر بجانم
|
|
|
ديده از هم باز کن اى روشنىّ ديدگانم
|
رحم کن بر حال من بابا که پير و ناتوانم
|
|
|
بىتو چون برگردم اندر خيمهاى رعنا جوانم
|
|
حال گر پيش پدر رفتى سوى جدّت پيمبر
|
|
|
يارى (انصاريت) کن در قيامت نزد داور
|
|
* * *
شعر علي محمّد الأنصاري
در صف کرب و بلا چه شورش محشر
|
|
گشت بپا بهر حيدر صفدر
|
بست بگردش خط محاصره لشکر
|
|
تازه نهالى ز بوستان پيامبر
|
|
حال گر پيش پدر رفتى سوى جدّت پيمبر
|
|
* * *
يا بميان مو ولى چو مو کمر داشت
|
|
بستهٴ خندان و حقهٴ گهر داشت
|
__________________
قامت سروى و سرو بارورى داشت
|
|
يعنى سلطان کربلا پسرى داشت
|
|
لاله رخ و ياسمين عذار و سنبر
|
|
* * *
بسکه زد پيچ و خم بطرهٴ گيسو
|
|
گيسوى از صولجان و قلب جهانگو
|
ناقهٴ چين وام دار طرهاش از بو
|
|
غاليه مو مشکبو فراشته ابرو
|
|
حور لقا مه جبين فرشته منظر
|
|
* * *
شير به بازو هزبر يال جنان ببر
|
|
در ره يزدان باختيار نه بر جبر
|
بهر پدر در خروش ناله چنان ابر
|
|
مصطفوى خو ، على قتال ، حسن صبر
|
|
فاطمه سيرت ، ملک خصال ، حسين فر
|
|
* * *
از رخ و لب کوثر و بهشت حسن داشت
|
|
تازگى صورتش صفاى چمن داشت
|
ز اهن و پولاد و سنگ قلب و بدن داشت
|
|
پير ببنير و بسر جوان و بتن داشت
|
|
حشمت جم ، فرّ طوس ، سطوت نوذر
|
|
* * *
چون برخ خواهران گشود نظر را
|
|
کز دل سوزان بچرخ برد شرر را
|
ريخت بگلبرگ و لاله و ژاله تر را
|
|
ديد چه از گردش زمانه پدر را
|
|
ديده تر و دل کباب و سينه پر آذر
|
|
* * *
يك طرف آن کثرت سپه عدو را
|
|
يك طرف آن بىکسى باب نکو را
|
عقده قلبش ببست راه گلو را
|
|
رفت تو گوئى ازين مشاهده او را
|
هوش ز سر دل ز دست روح پيكر
|
|
گفت که اى نور حق سليل پيمبر
|
* * *
اذن بده تا که من ز صفحهٴ هيجا
|
|
خاک زمين را کشم بچشم ثريا
|
برکنم از پيش هر چه لشکر اعدا
|
|
خسرو دينش به بر کشيد و بگفتا
|
|
روح روان نور ديده زيب بر و بر
|
|
* * *
تا زنهالى چنين چو مهر درخشان
|
|
کز رخ لب هست سر و نوگل بستان
|
دادنش از دست مشکل است نه آسان
|
|
ترک جدل کن مکن زياده ز هجران
|
|
داغ من و درد عمّه غصّهٴ مادر
|
|
* * *
جان بميدان شد و دوباره عيان کرد
|
|
جنگ اُحد فتح بدر و غزوهٴ خيبر
|
رخش چنان مرتضى ز جاى برانگيخت
|
|
دست شد از کشته پشته بسکه فرو ريخت
|
|
دست جدا مغز تفته پيكر بىسر
|
|
* * *
بسکه فکند آن نهان لجه دوران
|
|
دست و سر از جسم سرکشان دليران
|
دشت شد از موج خون چه قلزم و عمان
|
|
تيره و تاريك و تنگ کرد به ميدان
|
|
روى ز من پشت چرخ قرص مه و خور
|
|
* * *
چشم حسين ز انطرف براه جوانش
|
|
اشک چه گوهر ز هر دو ديده روانش
|
خصم دنى ناگهان گرفت ميانش
|
|
خيمه زدا بر بلا و ريخت بجانش
|
|
تيغ و سنان تيز و نيزه ناوک و خنجر
|
|
* * *
چرخ بدانديش ترک مهر وفا کرد
|
|
محشر کبرى ز جور کينه بپا کرد
|
منقذ بىدين عنان پاره رها کرد
|
|
تيغ برآورد و حمله کرد و دو تا کرد
|
|
پشت حسين قد چرخ تارک اکبر
|
|
* * *
شد چه شفق پر ز خون رخ مه تابان
|
|
منکسف آمد بسان مهر درخشان
|
گشت چه نى در نوا ز سينهٴ سوزان
|
|
کى پدر مهربان بجانب ميدان
|
|
ببگذر و غوغا ببين و معرکه بنگر
|
|
* * *
زود بيا و ببين که سرو روانت
|
|
تازه جونت نه بلکه راحت جانت
|
آنکه لبش بود چشمهٴ حيوانت
|
|
نور دل و ديدگان روح روانت
|
|
خورد ز زين بر زمين ز پشت تکاور
|
|
* * *
خسرو دين چون شنيد ناله جانکاه
|
|
از على اکبر کشيد از جگرش آه
|
تير فغانش گذشت از سپر ماه
|
|
تيغ بکف جست همچه باز بناگاه
|
|
يك تنه زد بر سپه چه حيدر صفدر
|
|
* * *
عشق جوانش بدشت کينه کشيدش
|
|
چرخ کج آئين دريغ راه بريدش
|
آگه گرديد ز قطع نخل اميدش
|
|
ديد فتاده بخون جوان رشيدش
|
|
بال زنان پر فشان چه سمبل بىسر
|
|
* * *
خون ز لبان جوان خويش همى سفت
|
|
تا شنود حرفى از لبانش به بشنفت
|
کوکب بختش بخاک تيره فرو خفت
|
|
رنگ بخون ديد روى و موى بخود گفت
|
|
بسته خضاب و بخواب رفته پيمبر
|
|
* * *
شد شه دين محو و ما بحسن و جمالش
|
|
سنگ حوادث بهم شکست دو بالش
|
ماند بدل حسرت جواب و سؤالش
|
|
کرد چنان نالهاى که سوخت بحالش
|
|
ملک و ملک جنّ و انس کهتر و مهتر ، الخ
|
|
* * *
من قصيدة فاخرة لحجّة الإسلام الميرزا صادق آقا التبريزي
أيا غافلاً والموت ليس بغافل
|
|
وسهم المنايا عنك ليس يحول
|
ومن شاهد الدنيا رآها مقيمة
|
|
مآتم منها في السماء عويل
|
كقتل عليّ بن الحسين الذي (كذا)
|
|
لآيات نعت الأطهرين شمول
|
بدا كوكباً من آية النور ساطعاً
|
|
له في ذُرى بيت النبوّة تعديل
|
منازل أبراج الإمامة مسراه
|
|
ولكن له برج الإمامة تحويل
|
هو الكوكب الدرّيّ سيما أحمد
|
|
به لمعت فانسدّ فيه الأقاويل
|
شبيه رسول الله خلقاً ومنطقاً
|
|
له من عليّ في الشجاعة تأويل
|
وشاهده يوم الطفوف الذي به
|
|
خيول المنايا في البسيط تجول
|
فقام يحامي عن أبيه وأهله
|
|
على موقف قد حار فيه عقول
|
يخوض المنايا والمنايا تطيعه
|
|
إلى حيث مال العزم منه يميل
|
يبيد كليث داميات أظافره
|
|
وفي يده ماضي الغرار صقيل
|
سقى غلّة السيف المهنّد وانثنى
|
|
على ظمإ لم يرو منه غليل
|
يريد لقاءاً من أبيه لعلمه
|
|
بأنّ البقا من بعد ذاك قليل
|
فجاء لتوديع الإمام ونفسه
|
|
لأعظم سرٍّ في اللقاء حمول
|
فقام إليه ابن النبيّ مبادراً
|
|
كأنّ الذي يأتي إليه رسول
|
ومن خلفه من فاطميّات مشية
|
|
تلوّي على أقدامهنّ ذبول
|
مشين إليه صارخات فتارةً
|
|
قيام وأُخرى للقعود تميل
|
فعانقه والدمع ملأ جفونه
|
|
أفي الدمع من عظم المصاب بديل
|
وقد غار عيناه لفرط ظمائه
|
|
وفي القلب وقد والشفاه ذبول
|
فقال أبي روحي تطير من الظما
|
|
وجسمي من ثقل الحديد نحيل
|
فقال حين والدموع بوادر
|
|
ومن حوله للباكيات عويل
|
إذا لم تجد بُدّاً إلى ما ترومه
|
|
فصبرك يابن الأطيبين جميل
|
فعاد إليهم حاسراً عن ذراعه
|
|
كحيدرة الكرّار حين يصول
|
فأحمى وطيس الحرب يعسوب هاشم
|
|
يطالب بالثارات وهي طليل
|
له سطوات أدهش الكون روعها
|
|
وأكثر جمع عنده لقليل
|
فنال بحدّ السيف ما هو طالب
|
|
ولكنّما التقدير قام يحول
|
فساق إليه ضربة لابن منقذ
|
|
وقد غاله حين استجمّ خيول
|
كضربة ابن الملجم الشيخ جدّه
|
|
فللناس أشباه وللأمر تمثيل
|
فإن كان سيف البغي فلّق هامه
|
|
فحبوة جدّ حاز منه سليل
|
فعانق مهر كان راكب ظهرها
|
|
وعانقه سيف العدى ونصول
|
فتنهشه حتّى تقطّع جسمه
|
|
بأسيافهم والنفس منه تسيل
|
وإذ بلغ الروح التراقي خاطب
|
|
الإمام بتبشير حباه جليل
|
أبي إنّ جدّي قد سقاني بكأسه
|
|
وأُخرى بكفّيه لسقيك تنزيل
|
فقام إليه حجّة الله مثلما
|
|
يقوم إلى لُقيا الممات عليل
|
فلمّا دنى منه تيقّن أنّه
|
|
هو السرّ فيما لم ينله خليل
|
فقال على الدنيا بعدك العفا
|
|
ومثلك مثلول الجبين قتيل
|
لقد غاب من ذؤابة هاشم
|
|
فلا طالع منها سواه عديل
|
من شعر الشيخ عبدالصمد إمام الجمعة
كبر المصاب على النبيّ الأطهر
|
|
في رزء بضعته عليّ الأكبر
|
الحيدريّ العرق شبه المصطفى
|
|
نطقاً وأخلاقاً وخلقة منظر
|
تحكي ذؤابته غياهب ديجر
|
|
وجبينه بلج الصباح المسفر
|
بسوى موارد من محامد لم يزد
|
|
وبغير صفو للعلى لم يصدر
|
الله أكبر كم له من فتكة
|
|
يوم الطفوف ووقعة لم تنكر
|
أضحى يكرّهم بوجه مقبل
|
|
غضباً ويردي كلّ وغد مدبر
|
وغدا يفرّ القوم من حملاته
|
|
فرّ الثعالب من هصور قسور
|
فإذا أحاط عليه كلّ مكافح
|
|
قاسي الفؤاد بأبيض أو أسمر
|
نبذوه من ظهر الجواد على الثرى
|
|
يا لهف منبوذ العرى لم يقبر
|
لم أنسه فوق الرمال مضرّجاً
|
|
بدم يفوق شذاه نفح العنبر
|
وبنات أحمد محدقات نعشه
|
|
كبنات نعش حول قطب الأخضر
|
للخطيب الشهير محمّد علي اليعقوبي النجفي
ذكرها في الذخائر :
عجبت لمن صرف القضا طوع أمرهم
|
|
كما شاء صرف الدهر فيهم تصرّفا
|
لقد آنسوا وادي الطفوف وأوحشوا
|
|
لطيبة ربعاً للندى بعدهم عفا
|
جلا منهم في كربلا قمر الهدى
|
|
كواكب تمحو غيهب الشرك مسدفا
|
__________________
لهم موقف بالطفّ لم تُرَ مثله
|
|
ولا مثله أو بعده قطّ موقفا
|
غداة ابن بنت الوحي جاء بأنفس
|
|
على بذلها قد عاهد الله بالوفا
|
وأوّل فاد نفسه للهدى ابنه
|
|
فللّه نفس ما أعزّ وأشرفا
|
شبيه رسول الله خلقاً ومنطقاً
|
|
وخُلقاً يروق الناظر المتشوّفا
|
رأى القوم منه في الوغى بأس جدّه
|
|
فلم تلق مأوّى للفرار ومألفا
|
يكرّ عليهم عن صفيحة عزمه
|
|
بامضى من الهنديّ حدّاً وأرهفا
|
فآب وقد أروى الأوام فؤاده
|
|
وأجهده ثقل الحديد وأضعفا
|
ينادي أباه هل سبيل لشربة
|
|
تروّي حشاً يذكو صدًى وتلهّفا
|
فعاد فما بلّ المعين غليله
|
|
فلا طاب للورّاد يوماً ولا صفا
|
إذا لم يذق من بارد الماء رشقة
|
|
فمن كوثر الخلد ارتوى وترشّفا
|
ولمّا انثنى نحو الوغى شبّ نارها
|
|
وفرّق من جمع العدى ما تألّفا
|
بحيث المواضي قد يكّهم حدّها
|
|
قراعاً وخطّيّ الوشيج تقصّفا
|
إلى أن هوى تحت العجاج كأنّه
|
|
هلال تراءى للنواظر واختفى
|
درى مرهف العبديّ مذ فلّ هامه
|
|
بأنّ شباه فلّ للدين مرهفا
|
رآه أبوه والعوالي تناهبت
|
|
حشاه وأهوت فوقه البيض عُكّفا
|
بكاه وناداه بصوت لو أنّه
|
|
وعته الصفا من شجوه صدع الصفا
|
ويا زهرة ما خلت قبل اقتطافها
|
|
بأيدي المنايا أن تنال وتقطفا
|
لقد حالت الأيّام بعدك واكتست
|
|
أساً فعلى الأيّام من بعدك العفا
|
انتخبناه من مرثيّة أبي الحسن التهامي
حكم المنيّة في البريّة جاري
|
|
ما هذه الدنيا بدار قرار
|
والعيش نوّم والمنيّة يقظة
|
|
والمرأ بينهما خيال سار
|
والنفس إن رضيت بذلك أو أبت
|
|
منقادة بأزمّة الأقدار
|
فاقضوا زمانكم عجالاً إنّما
|
|
أعماركم سفر من الأسفار
|
يا كوكباً ما كان أقصر عمره
|
|
وكذا تكون كواكب الأسحار
|
وهلال أيّام بدى لم يستدر
|
|
بدراً ولم يمهل لوقت سرار
|
عجل الخسوف إليه قبل أوانه
|
|
فغشاه قبل مظنّة الإبدار
|
أن يحتقر صغراً فربّ مفخّم
|
|
يبدو ضئيل الشخص للنظّار
|
إنّ الكواكب في محلّ علوّها
|
|
لترى صغاراً وهي غير صغار
|
فكأنّ قلبي قبره وكأنّه
|
|
في طيّه سرّ من الأسرار
|
أبكيه ثمّ أقول معتذراً له
|
|
وفّقت حين تركت ألأم دار
|
جاورتُ أعدائي وجاورَ ربّه
|
|
شتّان بين جواره وجواري
|
فالشرق نحو الغرب أبعد شقّةً
|
|
عن بعد هذي الخمسة الأشبار
|
هيهات قد علقتك أشراك الردى
|
|
وأباد عمرك قاطع الأعمار
|
ولقد جريت كما جريت لغاية
|
|
فبلغتها وأبوك في المضمار
|
فإذا نطقت فأنت أوّل منطقي
|
|
وإذا سكتُّ فأنت في مضمار
|
أخفى من البرحاء ناراً مثلما
|
|
يخفى من النار الزناد الواري
|
وشهاب زند الحزن إن طاوعته
|
|
وارٍ وإن غطّيته متواري
|
وأُخفّض الزفرات وهي صواعد
|
|
وأُكفكف العبرات وهي جواري
|
قصرت جفوني أم تباعد بينها
|
|
أم صوّرت عيني بلا أشفار
|
أحيي ليالي الدهر وهي تميتني
|
|
ويميتهنّ تبلّج الأنوار
|
حتّى رأيت الصبح ترفع كفّه
|
|
بالضور رفرف خيمة كالقار
|
من قصيدة فاخرة لعلم الأعلام حجّة الإسلام الشيخ محمّد حسين الإصفهاني رحمه الله تعالى
تمثّل النبيّ في سليله
|
|
في خَلقه وخُلقه وقيله
|
كما تجلّى الله في نبيّه
|
|
فقد تجلّى هو في وليّه
|
وقد تجلّى قلم الأقلام
|
|
في لوح سرّ الوحي والإلهام
|
فيه تجلّى محكم التنزيل
|
|
كما تجلّى باطن التأويل
|
وكيف وهو صفة الولاية
|
|
ونخبة المبعوث بالهدايه
|
شمائل النبيّ في شمائله
|
|
وصولة الوصيّ من فضائله
|
هو الوصيّ في علوّ همّته
|
|
وفي إبائه وفي فتوّته
|
كلّ جميل هو في جماله
|
|
وكلّ زهوٍ هو من جلاله
|
هو ابن من دنى إلى أدناه
|
|
فما أجلّه وما أعلاه
|
ريحانة الحسين أزكى ثمره
|
|
لمهجة النبيّ خير الخيره
|
فتى قريش بل فتى الوجود
|
|
وليثها بل أسد الأُسود
|
وسيفها العادل في قضائه
|
|
بل هو سيف الله في إمضائه
|
فارسها بل فارس الإسلام
|
|
أكرم بهذا البطل الهُمام
|
من دوحة العلياء غصنها طري
|
|
نماه للقدس نمير الكوثر
|
ذاك عليّ بن الحسين بن علي
|
|
لطيفة الله الخفيّ والجلي
|
في عالم التكوين كون جامع
|
|
يندكّ في وجوده الجوامع
|
بل هو في صحيفة الأكوان
|
|
فاتحة الكتاب في القرآن
|
غرّته غرّة سيد الرسل
|
|
نور العقول والنفوس والمثل
|
غرّة عين الحقّ والحقيقه
|
|
دُرّة تاج الشرع والطريقه
|
ووجهه المضيء في الأعلان
|
|
بدر سماء عالم الإمكان
|
كيف وفي الإشراق والضياء
|
|
شمس سماء عالم الأسماء
|
ونوره المنير نور النور
|
|
فأين من سناه نور الطور
|
أسفر من مشرقه صبح الأزل
|
|
به استنار الكون فيما لم يزل
|
بل لا يزال مستنيراً أبدا
|
|
وكيف لا ونوره نور الهدى
|
نورٌ بدى من أُفق الرساله
|
|
في العزّ والرفعة والجلاله
|
بل هو في الظهور سرّ المصطفى
|
|
فمنتهى جلاه غاية الخفا
|
هو النبيّ في معارج العُلى
|
|
لكن عروجه بطفّ كربلا
|
نال من العروج منتهى الشرف
|
|
ومن رياض القدس أفضل الغرف
|
والحرب قد بانت لها الحقائق
|
|
مذ في يمينه تجلّى البارق
|
وأفرس الفرسان ليث غابها
|
|
واختلس الكُماة من ركابها
|
فكم كميّ حين ألقى الشر فر
|
|
يقول من خيفه أين المفر
|
كم بطل من عضبه البتّار
|
|
شاهد في الدنيا عذاب النار
|
سطى على جموعهم منفردا
|
|
حتّى إذا أوردهم ورد الردى
|
صال كجدّه الوصيّ المرتضى
|
|
بصولة تشبه محتوم القضا
|
حتّى إذا تمّ نصاب الحرب
|
|
بالطعن في صدورهم والضرب
|
فاجأه ابن مرّة الغدّار
|
|
فكاد يهوي الفلك الدوّار
|
أليس يهوي الفلك الدوّار
|
|
إن زال عن مركزه المدار
|
بل هو من مقامه المكين
|
|
مدار كلّ عالم التكوين
|
وانشقّ رأس المجد والفخار
|
|
بل مهجة المختار والكرّار
|
لمّا أُصيت هامة الكرامه
|
|
على أبيه قامت القيامه
|
ومذ رأى قرّة عين المصطفى
|
|
معفّراً قال على الدنيا العفى
|
وانهملت عيناه بالدموع
|
|
بل بدم من قلبه الجزوع
|
وكيف لا يبكي دماً قلب الهدى
|
|
ومهجة القلب غدت نهب العدى
|
__________________
بكت على شبابه عين السما
|
|
فأمطرت لعظم رزئه دما
|
وآذنت حزناً بالانفطار
|
|
مذ غاب عنها قمر الأقمار
|
ناحت عليه الكعبة المكرّمه
|
|
مذ أصبحت أركانها منهدمه
|
كيف وناحت كعبة التوحيد
|
|
على مصاب ركنها الوحيد
|
ناحت على كفيلها العقائل
|
|
والمكرمات الغرّ والفضائل
|
بكته بالغدوّ والآصال
|
|
عين الملا والمجد والكمال
|
بكاه ما يُرى وما ليس يُرى
|
|
من ذروة العرش إلى تحت الثرى
|
بكاه حزناً ربّ أرباب النُّهى
|
|
ومن هو المبدأ وهو المنتهى
|
ومن بكاه سيّد البرايا
|
|
فرزئه من أعظم الرزايا
|
بكته عين الرشد والهدايه
|
|
ومن هو المنصوص بالوصايه
|
لقد بكت كالمزن عين المعرفه
|
|
على فقيد كلّ اسم وصفه
|
يا ساعد الله أباه مذ حبى
|
|
نيّره الأكبر في ظلّ الظبى
|
رأى الخليل في مُنى الطفوف
|
|
ذبيحه ضريبة السيوف
|
لهفي على عقائل الرساله
|
|
لمّا رأينه بتلك الحاله
|
علا نحيبهنّ والصياح
|
|
فاندهش العقول والأرواح
|
لهفي لها إذ تندب الرسولا
|
|
فكادت الجبال أن تزولا
|
لهفي لها مذ فقدت عميدها
|
|
وهل يوازي أحدٌ فقيدها
|
ومن يوازي شرفاً وجاها
|
|
مثال ياسين وقلب طه
|
١٣٧ ـ عمّار بن حسّان الطائي
قال النجاشي في رجاله : كان أبو حسّان ممّن صحب أمير
المؤمنين عليهالسلام
وقاتل بين يديه في حرب الجمل وحرب صفّين فقُتل بها.
وقال السماوي في إبصار العين : كان عمّار من الشيعة
المخلصين في الولاء ، ومن الشجعان المعروفين ، وكان أبوه حسّان ممّن صحب أمير المؤمنين عليهالسلام وقاتل بين يديه في حرب الجمل وحرب صفّين فقُتل بها ، وكان عمّار صحب الحسين عليهالسلام
من مكّة ولازمه ، حتّى قُتل بين يديه. قال السروي (كتاب المناقب) : قُتل في الحملة الأُولى ... .
* * *
تمّ الجزء الأوّل من كتابنا « فرسان الهيجاء » ويليه
الجزء الثاني (إن شاء الله) إلى آخر الحروف ، و (حقوق الطبع محفوظة للمؤلّف) وكان الفراغ من الطبع يوم السادس عشر من ذي الحجّة ١٣٨٤ هجري.
الأحقر ذبيح الله عسكري محلّاتي
المترجم : هذه الفقرة وردت بالعربيّة في الكتاب ورأينا
من الأمانة عدم حذفها ويظهر أنّ التجزئة جائت من المؤلّف ولم تكن من قبل الناشر.
وقال المؤلّف بعد إتمام الفهرست :
تمّ بحمد الله طبع كتاب « فرسان الهيجاء » وفيه تراجم
أكثر من مأة شهيد ممّن استشهدوا بأرض كربلاء سوى من استشهد منهم في الكوفة أو البصرة. وسوف يتمّ طبع الجزء الثاني إن شاء الله سريعاً وفيه تتمّة بقيّة الحروف الهجائيّة ، ويبدء
بترجمة محمّد بن الحنفيّة.
__________________
والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله
الطاهرين. ولمّا جرت العادة بذكر حقوق الطبع على ظهر الكتاب فقد فاتنا ذلك نسياناً ونقول هنا (حقّ الطبع محفوظ للمؤلّف) الأحقر ذبيح الله العسكر المحلّاتي ، وكان الفراغ منه في ذي الحجّة سنة ١٣٧٤ هجريّة.
« إعلان وبشارة »
نحيط الملأ المثقّف علماً بأن خمسة أجزاء من كتاب « رياحين
الشريعة » في ترجمة السيّدات العالمات من نساء الشيعة وقد أنجز طبع ثلاثة أجزاء منها وما يزال الجزء الرابع ويبدأ بحرف الياء ماثلاً للطبع وسوف يظهر الجلد الخامس من بعده مباشرة بإذن الله. ولعمري إنّه كتاب أدبيّ أخلاقيّ علميّ تاريخيّ فريد في بابه.
المترجم : ونقلنا هذه الفقرات مع عدم الحاجة إليها وعدم
دخلها دخلاً جوهريّاً في الكتاب فلأنّها تعتبر أثراً من الآثار القديمة تريك ثقافة تلك الحقبة من الزمن
أو ثقافة جانب منها على أقلّ تقدير. والحمد لله ربّ العالمين.

فهرس العناوين
مقدمة المترجم ٣ ـ ٢١
حرف الألف ٢٢ ـ ٦١
أبو ثَمامة الصائدي .................................. ٢٢
أبو بكر بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام ................. ٢٦
أبو بكر بن الحسن بن عليّ أمير المؤمنين ............... ٢٨
إبراهيم بن الحسين .................................. ٣٠
إبراهيم بن الحصين .................................. ٣٠
إبراهيم بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام .................. ٣١
ابن أخى حذيفة بن أُسيد الغفاري .................... ٣١
أربعة من فتيان اليمن ................................ ٣٢
إبراهيم بن مسلم بن عقيل ........................... ٣٨
الأدهم بن أُميّة العبدي .............................. ٤٩
أبو الحتوف بن الحارث .............................. ٤٩
أبو الشعثاء الكندي ................................ ٥٠
|
|
أحمد بن الحسن عليهماالسلام .............................. ٥٣
أحمد بن محمّد بن عقيل ............................. ٥٥
أسد الكلبي ........................................ ٥٥
أسلم بن عمرو ..................................... ٥٦
أسلم بن كثير الأزدي ............................... ٥٨
أُميّة بن سعد الطائي ................................ ٥٩
أُمّ وهب ........................................... ٥٩
أنس بن الحرث الكاهلي ............................. ٥٩
أنيس بن معقل الأصبحي ............................ ٦١
حرف الباء ٦٢ ـ ٧٦
برير بن خضير الهمداني التميمي الكوفي ................ ٦٢
بدر بن رقيط ...................................... ٧٢
بشر بن عمرو الحضرمي ............................. ٧٣
بكر بن حي ....................................... ٧٤
بكير بن الحرّ بن يزيد الرياحي ........................ ٧٥
|
حرف الجيم ٧٧ ـ ١١٤
جابر بن الحجّاج ................................... ٧٧
جابر بن عروة الغفاري .............................. ٧٨
جبلة بن عبدالله .................................... ٧٩
جبلة بن علي الشيباني .............................. ٨٠
جعفر بن عقيل بن أبي طالب ........................ ٨١
جعفر بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام ................. ١٠٢
جنادة بن كعب .................................. ١٠٣
جنادة بن الحرث الأنصاري ......................... ١٠٤
جندب بن حجير ................................. ١٠٦
جون مولى أبي ذر ................................. ١٠٦
جوين بن مالك ................................... ١١٣
حرف الحاء ١١٥ ـ ١٧٨
الحارث بن امرئ القيس ............................ ١١٥
الحارث بن نبهان ................................. ١١٦
الحباب بن الحارث ................................ ١١٧
حباب بن عامر ................................... ١١٧
حبشة بن قيس التهمي ............................ ١١٨
حبيب بن عبدالله النهشلي ......................... ١١٨
حبيب بن مظاهر الأسدي رضياللهعنه .................... ١١٩
|
|
الحجّاج بن زيد السعدي ........................... ١٣٨
الحجّاج بن مالك والحجّاج بن مزروق ................ ١٣٩
الحجّاج بن مسروق الجعفي ......................... ١٣٩
حجير بن جُنْدَب ................................. ١٤٧
الحرّ بن يزيد الرياحي .............................. ١٤٧
حرب بن أبي الأسود .............................. ١٧٣
الحسن المثنّى بن الإمام المجتبى ....................... ١٧٣
حلّاس بن عمرو الراسبي ........................... ١٧٥
حنظلة بن أسد الشبامي ........................... ١٧٦
حيّان بن الحارث .................................. ١٧٨
حرف الخاء ١٧٩ ـ ١٧٩
خالد بن عمرو بن خالد الأزدي .................... ١٧٩
خلف بن مسلم بن عوسجة ........................ ١٧٩
حرف الدال ١٨١ ـ ١٨١
داود الطرماح ..................................... ١٨١
حرف الراء ١٨٢ ـ ١٨٤
رافع بن عبدالله ................................... ١٨٢
ربيعة بن خوط ................................... ١٨٢
|
رجل من خزيمة ................................... ١٨٣
رميث بن عمرو ................................... ١٨٤
حرف الزاي ١٨٥ ـ ٢٠٣
زاهر بن عمرو الأسلمي ............................ ١٨٥
زائدة بن المهاجر .................................. ١٨٩
زهير بن سليم .................................... ١٨٩
زهير بن سيّار .................................... ١٩٠
زهير بن بشر الخثعمي ............................. ١٩٠
زوجة وهب ...................................... ١٩١
زهير بن القين الأنماري البجلي ...................... ١٩١
زياد بن عريب .................................... ٢٠٢
حرف السين ٢٠٤ ـ ٢١٨
سالم مولى بني المدينة .............................. ٢٠٤
سالم مولى عامر بن مسلم .......................... ٢٠٤
سعد بن بشر الحضرمي ............................ ٢٠٥
سعد بن الحارث .................................. ٢٠٦
سعد بن الحارث مولى أمير المؤمنين عليهالسلام ............. ٢٠٦
سعد بن حنظلة التميمي ........................... ٢٠٧
|
|
سعيد بن حنظلة عبدالله الحنفي.......................... ٢٠٨
سلمان بن مضارب ............................... ٢١١
سفيان بن مالك .................................. ٢١٢
سليمان بن سليمان الأزدي ........................ ٢١٢
سليمان بن كثير .................................. ٢١٢
سليمان بن أبي رزين ............................... ٢١٢
سويد بن عمرو ................................... ٢١٥
سوار بن المنعم ................................... ٢١٦
سيف بن الحارث ................................. ٢١٧
سيف بن مالك العبدي ............................ ٢١٨
حرف الشين ٢١٩ ـ ٢٢٢
شبيب بن جراد ................................... ٢١٩
شبيب بن عبدالله بن الحرث ........................ ٢٢٠
شبيب بن عبدالله النهشلي ......................... ٢٢٠
شوذب مولى شاكر ................................ ٢٢١
حرف الضاد ٢٢٣ ـ ٢٢٦
ضرغامة بن مالك ................................. ٢٢٣
ضبيعة بن عمرو .................................. ٢٢٦
|
حرف الطاء ٢٢٧ ـ ٢٢٧
طرمّاح بن عدي .................................. ٢٢٧
حرف الظاء ٢٣٨ ـ ٢٣٨
ظهير بن حسّان الأسدي .......................... ٢٣٨
حرف العين ٢٣٩ ـ ٤٨٩
عائذ بن مجمع بن عبدالله .......................... ٢٣٩
عابس بن شبيب .................................. ٢٣٩
عامر بن حسان .................................. ٢٤٥
عامر بن خليده ................................... ٢٤٥
عامر بن مالك ................................... ٢٤٥
عامر بن مسلم العبدي ............................ ٢٤٥
عباد بن مهاجر الجهني ............................. ٢٤٦
العبّاس بن جعدة ................................. ٢٤٧
مولانا باب الحوائج أبو الفضل العبّاس عليهالسلام ..................................... ٢٤٨
العبّاس الأصغر ................................... ٣١١
عبدالأعلى ؛ شهيد الكوفة ......................... ٣١٤
عبدالرحمن بن عبد ربّه الأنصاري .................... ٣١٤
|
|
عبدالرحمن الأرحبي ................................ ٣١٦
عبدالرحمن اليزني .................................. ٣١٧
عبدالرحمن بن عروة البدوي ......................... ٣١٨
عبدالرحمن الكدري وأخوه .......................... ٣٢٠
عبدالرحمن بن عقيل ............................... ٣٢٠
عبدالرحمن بن مسعود .............................. ٣٢٢
عبدالرحمن بن يزيد ................................ ٣٢٢
عبدالله بن البشر الخثعمي .......................... ٣٢٢
عبدالله بن الحارث ................................ ٣٢٤
عبدالله بن الحسن الأكبر ........................... ٣٢٥
عبدالله بن الحسن الأصغر .......................... ٣٢٦
عبدالله الرضيع .................................... ٣٣٤
عبدالله بن عروة ................................... ٣٣٦
عبدالله الأصغر ابن عقيل .......................... ٣٣٦
عبدالله بن عفيف شهيد الكوفة ..................... ٣٣٨
عبدالله بن عليّ بن أبي طالب ....................... ٣٤٤
عبدالله بن عمير الكلبي ............................ ٣٤٦
عبدالله بن مسلم بن عقيل ......................... ٣٤٩
عبدالله بن يقطر .................................. ٣٥٣
عبدالله بن يزيد بن ثبيط ........................... ٣٥٧
عبدالله بن عبدالله بن جعفر الطيّار .................. ٣٥٧
عبيدالله بن أمير المؤمنين عليهماالسلام ..................... ٣٥٨
|
عبيدالله بن عمرو الكندي شهيد الكوفة .............. ٣٥٨
عبيدالله بن يزيد بن ثبيط ........................... ٣٥٩
عثمان بن أمير المؤمنين عليهماالسلام ...................... ٣٥٩
عثمان بن عروة ................................... ٣٦١
عقبة بن سمعان ................................... ٣٦٢
عقبة بن الصلت .................................. ٣٦٣
|
|
عليّ بن عقيل .................................... ٣٦٣
عليّ بن مظاهر الأسدي ........................... ٣٦٤
عليّ الأصغر الرضيع ............................... ٣٦٥
سلالة النبوّة عليّ الأكبر عليهالسلام ...................... ٤٠٢
عمّار بن حسّان الطائي ........................... ٤٨٧
|
|