بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ
الرَّحِيمِ
مقدّمة
الحمد لله
الّذي خلق الإنسان ، وجعل منهم الاسوداد والأبائض ، وقرّر بينهم أحكام من المسائل
الحلال والحرام والفرائض.
والصّلاة
والسّلام على جدّنا محمّد المصطفى ، سيّد المرسلين ، وخاتم النّبيّين وصاحب
اللّواء والشّفاعة في يوم العرض والعرائض.
وعلى أبينا ،
ابن عمّه ، ووصيّه ، وصهره ، وخليفته من بعده ، علىّ الّذي صلّى بالقبلتين ، صاحب
الجضائض .
وعلى امّنا ،
أمّ الأئمّة ، فاطمة الزّهراء ، الّتي وقعت في الرّضائض .
وعلى آله
الّذينهم كانوا معدن الإحسان لكلّ إنسان وحيوان ذي ولد وبوائض.
سيّما على
مولانا المهدىّ المنتظر الّذي يكون للنّاس كرائض .
__________________
ولعنة الله على
أعدائهم الّذينهم كانوا هوشا وبوشا والرّبائز والعضائض .
وبعد :
فيقول العبد
المعترف بالأضائض ، الحاجّ السّيّد هداية الله المسترحمى عفى الله عزوجل عن كلّ آثامه وجرائمه قبل أن يورد في القبر والبرزخ
والقبائض.
الكتاب
الّذي يتلألؤ
بين يديك ، وظهر في عالم العلمى ، هو القائل : ما أنا ، فلهذا لا ينبغى لنا أن
نقول ، أو نكتب في حقّه شيء ، لأنّه :
فكم قد حوى
من فضل قول محبّر
|
|
ومن نثر
مصقاع ومن نظم ذي فهم
|
لله مجموع
مضامينه
|
|
أبهى من
الياقوت والعسجد
|
ما في مجاميع
الورى مثله
|
|
ومثل ذا
المجموع لم يوجد
|
وهو : كما ترى
ليس بمجرّد نقل وتقليد ، بل مجموعة خيرة من الفحص والتّمحيص ، وبذل المؤلّف طاب
ثراه الجهد في وجدان الحقيقة ، والوصول إلى غاية الّتي يمكن أن يصل إليها الفكر
الثّاقب البشرى ، لأنّه طاب ثراه استطرف وسجّل بعد القرآن ما أثر عن الرّسول
الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وآله
__________________
العترة الطّاهرة سلام الله عليهم ، أو حكى عن أقوال العلماء ، وصفوة من
كبار الفقهاء.
رغم كثرة
الأعمال ، وتشتّت البال ، وتراكم الهموم ، وتكالب المحن ، مع ما به من أنواع
الأسقام ، من عوارض عديدة جسميّة ، وآلام كثيرة روحيّة ، بحيث قيل : بكى ليلا وقال
كلاما بلغة أهالى محلّه ، ثمّ بالعربىّ.
يا ربّ بحقّ
نبيّنا محمّد المصطفى ، وعلى المرتضى وأهل بيته الطّاهرة ، صلواتك عليهم أجمعين ،
ألطف وأرحم على النّاس ، فإنّهم قد رغبوا عن العلم وأهله ، والكتاب ومؤلّفه.
نعم : الدّنيا
إن أقبلت بلت ، وإن أدبرت برت ، أو أطنبت نبت ، أو أركبت كبت ، أو أبهجت هجت ، أو
أسعفت عفت ، أو أينعت نعت ، أو أكرمت رمت ، أو عاونت ونت ، أو ماجنت جنت ، أو
سامحت محت ، أو صالحت لحت ، أو واصلت صلت ، أو بالغت لغت ، أو وفرت فرت ، أو زوجت
وجت ، أو نوهت وهت ، أو ولهت لهت ، أو بسطت سطت.
وقال الشّيخ
بهاء الدّين العاملى قدسسره :
وجهد المرء
في الدّنيا شديد
|
|
وليس ينال
منها ما يريد
|
المؤلّف
كما أشرنا في
مقدّمة : منهاج الملّة في بيان الوقت والقبلة.
هو : العلّامة
، الفقيه ، جامع العلوم العقليّة والنّقليّة ، صاحب الآثار المنيفة القلميّة ، في
الشّعوب العلميّة آية الله الحاجّ ملّا على بن عبد الله بن محمّد
__________________
بن محبّ الله بن محمّد جعفر القراجهداغي ، الدّزمارىّ ، العلىيارىّ الأصل
، والتّبريزىّ المسكن ، وأرّخه نفسه بقوله كما في : ريحانة الأدب ( ص : ١٩٢ ، ج :
٤ ) ، وبهجة الآمال ( ص : ٤٦٥ ، ج : ٥ ).
أنا عليّ بن
عبد الله
|
|
في : ولرغ ،
خامس شهر الله
|
كان بعون
ربّي العزيز
|
|
في ستّ أميال
من التّبريز
|
ميلادي في
سعد السّعود
|
|
ومسقطي قرية
سردرود
|
ولد (قدسسره)
في صبيحة يوم الخميس ، خامس شهر الله رمضان المبارك ، سنة : ١٢٣٦ ، في قرية :
سردرود ، الواقعة على رأس فرسخين من تبريز حين كان القمر في سعد السّعود من منازله
، ومحتداه قرية : على يار ، من قرى : الدّزمار.
وانتقل إلى
جوار رحمة الله تعالى بعد مضىّ ستّ ساعات من يوم الخميس لأربع مضين من شهر رجب
الأصبّ ، سنة : ١٣٢٧ هجريّة قمريّة ، ببلدة تبريز ، فصار تبريز كئيبا حزينا كئيدا
، وقامت المآتم والمجالس في تأبينه ، وإظهار الحزن بفقده ، بالضّجّة والعويل ، من
الذّكور والإناث من وضيع وجليل ، ونقل جثمانه إلى الغرىّ الشّريف ، ودفن بوادى
السّلام.
ورثاه وأرّخ
وفاته عدّة من الأعاظم ، منها : نجله العلّامة آية الله الحاج الشّيخ محمّد حسن الغروىّ
العلى يارى بقوله في قصيدة مختتمها :
أنشأ محقّقا
واستعمل الفنونا
|
|
وفاق فضله
كلّ العيونا
|
إلى أن بات
في بيت السّرور
|
|
بما مضى
العشر من الغفور
|
وكتب (قدسسره)
في : بهجة الآمال :
ثمّ إنّي بعد
ما قضيت من بعض العلوم وطري ، وأجّلت إلى اقتناء
ذخائر البواقى نظرى ، فشدّدت الرّحال ، وأخذت بالحطّ والتّرحال ، إلى أن
وصلت دار الجنان النّجف الأشرف على مشرّفه آلاف ثناء وتحف ، فأدركت خمسا من
المشايخ العظام ، والأساتيد الفحام ، كلّهم حازوا قصب السّبق في مضامير السّعادات
، وفازوا بمكارم الأخلاق ، ومحاسن الصّفات.
فمنهم : عمدة
الأفاضل الأعلام مجمع بحرى الفروع والاصول ، ومشرق شمسى المعقول والمنقول ...
الشّيخ مرتضى الأنصاري التّسترىّ.
ومنهم : قمقام
الفضلاء ، جحجاح النّبلاء ... السّيّد السّند الآقا ميرزا محمّد حسن الشّيرازىّ ...
فاستجزت منه ، فأجازنى أبقاه الله.
ثمّ استجازنى ،
فأجزت له أن يروى عنّى مقروءاتى ومسموعاتى من الأخبار المرويّة عن الرّسول المختار
صلىاللهعليهوآلهوسلم وآله الأئمّة الأبرار سلام الله عليهم في الاصول
والفروع.
ومنهم : إمام
الأنام ، وأعلم الفضلاء الفخام ... الحاج السّيّد حسين الكوهكمريّ أعلى الله
مقامه ، ورفع في الخلد أعلامه ، واستجزت في حياته رحمهالله ، فأجازنى.
ومنهم : ذو
الطّبع النّقّاد ، والفكر الوقّاد ... الشّيخ راضى النّجفىّ قدسسره ، صاحب المسجد المعروف في تلك البلدة الشّريفة ،
واستجزت منه ، فأجازنى.
ومنهم : الرّكن
الأقوم ، والدّأماء الغطمطم ... الشّيخ مهدى آل كاشف الغطاء طاب الله ثراه ،
واستجزت منه ، فأجازنى.
وبالجملة : كلّ
من أجازنى منهم أوصانى بالوقوف عند الشّبهات ، وذلك بعد ما قرأت عليهم ، وسمعت
منهم مدّة خمسة عشر سنة ، فرخّصونى ، فتوجّهت إلى تبريز ، واشتغلت بالتّأليف
والتّصنيف قبل ذهابى إلى النّجف الأشرف على مشرّفه آلاف ثناء وتحف.
وسافرت إلى بيت
الله الحرام في سنة : ١٣٠٨ ، ثمّ إلى زيارة علىّ بن
موسى الرّضا سلام الله عليهما سنة ١٣١٠ ، وأنشأت قصيدة على سبيل الارتجال
والاستعجال ، مطلعها :
لزور نحوت
نحوك يا ابن مرتضى
|
|
ليعفو ربّي
كلّ ذنبي ما مضى
|
تأليفاته
وألّف وصنّف :
٣٦ ، تأليفا وتصنيفا ، منها : ها هو بين يديك ، الّتي طبع مرّة بتبريز سنة ١٣٢٤ من
الهجرة النّبويّة ، وبهجة الآمال طبع في سبعة أجزاء مرّتين ، ومنهاج الملّة في
بيان الوقت والقبلة ، مرّة بطهران تحت إشرافنا.
وله ( طاب ثراه
) في جل العلوم تأليف وتصنيف ، حتّى في علوم الغريبة والجفر ، واستاذه فيها :
العالم العارف الشّيخ كاظم الهروى (قدسسره) كما تلمّذ عنده برهة من الزّمان
لتعليم اللّغة الفرانسيّة ، وتركها لرؤية رآها في المنام ، أنّه كان في بستان كرم
وبيده عنبة.
فرأى مولى الموحّدين
أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال السّلام عليه له : لم لا تستأذن بالدّخول والأكل
من العنب؟!
فانتبه من
النّوم ، وعبّر بأنّ مولى المتّقين عليهالسلام لا يرضى بتعليم اللّغة الفرانسيّة ، لأنّها لا تفيد ،
بل تضييع عمر ، فتشرّف عند ضريح مولانا علىّ عليهالسلام وقال بعد الزّيارة والدّعاء : يا أبا الحسن أعتذر وأعهد
أن لا أضيع عمرى ، وأوقاتى ، بالبطالة ، وأستدعى منك الهداية إلى الرّشاد بإذن
الله تبارك وتعالى.
وللمؤلّف (قدسسره)
: قضايا العجيبة ، وأيّاما أنيفة عنيفة من الأسف! بل ألف أسف! بل آلاف أسف! بل
آلاف آلاف أسف!
منها : إحراق
مكتبته النّفيسة الّتي كانت فيها كتب نفيسة ، قيّمة ، بحيث تذهل كلّ مرضعة عمّا
أرضعت ، وتضع كلّ ذات حمل حملها ، ويجعل
الولدان شيبا والتفّت السّاق بالسّاق.
ومنها : تعدّى
الأيادى الفسقة الفجرة لإخراج بعض كتبه من مكتبته ، والشّراء بثمن بخس بيد عميل
الأجانب الخونة ، لاستخراجها من مملكة إيران الإسلاميّة. والآن توجد بعضها في
مكتبة العامّة في الإنجليز وآلمانيا والفرانسة.
ومن عناية
مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام به طاب ثراه ، أنّ بيته بيت العلم والتّحقيق والتّدقيق
والزّهد والتّقوى من قبل مأتين وخمسين سنة إلى يومنا هذا ، وذلك فضل الله يؤتيه من
يشاء والله ذو الفضل العظيم.
منهم : حفيده
الفقيه ، المرجع الأعلى الدّينى ، آية الله العظمى ، الحاج الشّيخ محمّد جواد
الغروى مدّ ظلّه العالى المقيم في طهران ، عاصمة جمهوريّة الإسلاميّة إيران.
يقولون ذكر
المرء يحيى بنسله
|
|
وليس له ذكر
إذا لم يكن نسل
|
والرّجاء من
الله تعالى أن يوفق بكلّ خير ولدى العزيز السّيد عبد المغيث المسترحمى لمساعدته في
تنظيم صفحات الكتاب ، برغم اشتغاله بتحصيل علوم الدّينيّة.
والمرجوّ من
كرم المطالع الكريم ؛ أن لا ينسانى من صالح دعواته ، وطلب الرّحمة في الحياة وبعد
الممات ، في خلواته وجلواته ، عند توجّهاته ، سيّما عقيب صلواته ليلا ونهارا.
وآخر
دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
ذو القعدة سنة
١٤٢٠ من الهجرة النّبويّة
طهران عاصمة
الجمهوريّة الإسلاميّة ـ إيران
الحاجّ السّيّد
هداية الله المسترحمى
الجرقوئىّ
الأصفهانيّ
|