• الفهرس
  • عدد النتائج:

كان موسى وعيسى حيّين لاتّبعاني. بل يمكن تحصيل الاتّفاق العملي من جميع طوائف المسلمين ، فإنّك ترى الفقيه منهم يتتبّع النصّ في المسألة ، فإن عثر على نصّ أخذ به ، سواء كان الحكم في الشريعة السابقة على طبقه أو كان على خلافه ، وما لم يجد فيه رجع فيه إلى قاعدته فيما لا نصّ فيه من براءة أو احتياط أو استحسان أو قياس ، ونحو ذلك ممّا أسّسوه لما لا نصّ فيه ، ولو كان أحدهم يحتمل بقاء جملة من أحكام الشرائع السابقة لكان اللازم فيما لا نصّ فيه أن يراجع الشرائع السابقة ، فلعلّ أن تتضمّن حكماً لتلك المسألة ، فيلزمه الأخذ به واستصحاب عدم نسخه ، ولم نر أحداً منهم صنع ذلك ، فهذا دليل على تسالمهم على النسخ الكلّي ، فراجع.

ولا يخفى أنّه بعد البناء على ذلك لا يكون لنا معنى محصّل لاستصحاب الحكم السابق أو لاستصحاب عدم نسخه ، فإنّا لو بنينا على النسخ الكلّي لم يعقل بقاء حكم من الأحكام السابقة لم ينسخ ، بل تكون كلّها منسوخة وغير باقية ، غايته أنّ نسخها تارةً يكون بجعل ضدّها وأُخرى يكون بجعل المماثل ، وفي كلّ منهما لا وجه لاحتمال البقاء وعدم النسخ كي يجري استصحابه.

نعم ، يجري استصحاب عدم جعل الضدّ ، لكنّه مثبت ومعارض باستصحاب عدم جعل المماثل. أمّا الامضاء فهو راجع إلى جعل المماثل. نعم لو قلنا إنّ الامضاء مرجعه إلى إبقاء الحكم السابق من باب الرضا ببقائه ، لا من باب جعل مثله ، ففيه أوّلاً : أنّه حينئذ عبارة أُخرى عن عدم النسخ ، وقد فرضنا النسخ الكلّي. وثانياً : أنّا لو أخرجناه حينئذ عن عدم النسخ ، وقلنا إنّه ليس من بابه ولا من