فيهما من هذه الجهة واحداً ، ويكون حلّه أيضاً واحداً ، وإن انفردت العبادة بإشكال آخر وهو مدخلية الأمر في صلاحها الواقعي لا في رفع كونها تشريعاً ، والذي تقدّم (١) البحث عنه في باب العبادات إنّما هو هذا الإشكال ، أعني إشكال توقّف الصلاح على قيد داعي الأمر المتوقّف على تحقّق الأمر ، ولم يكن تعرّض هناك للتشريع وكون الأمر مخرجاً له عن حيّزه لا إشارة ولا تلويحاً ، فضلاً عن كونه هو المبحوث عنه هناك ، فراجع وتأمّل.
والأولى أن يقال في دفع الإشكال الذي أشكله ابن قبة : إنّه لا ريب في انسداد باب الوصول إلى الواقع ، فلم يبق إلاّالاحتياط الكلّي ، وهو محذور مرغوب عنه لو لم نقل بأنّه موجب لاختلال النظام ، وإن شئت فقل : إنّه منافٍ للتشريع والرسالة والنبوّة ، فإنّ من كانت رسالته مقصورة على الأمر بالاحتياط في جميع الوقائع ، ولم تكن شريعته مشتملة على إيصال جملة أحكام معتدّ بها إلى المكلّفين ، لم يكن صاحب شريعة ، وحينئذ لم يبق إلاّالطرق العقلائية أو ما ينصبه الشارع ابتداءً منه ، وهذه الطرق ليس فيها طرق معيّنة تكون موجبة لحصول القطع لسالكها كي نحتاج في تسويغ العمل بغيرها إلى أنّه أكثر مصادفة للواقع ، بل إنّ جميع تلك الطرق العقلائية والتي نصبها أو ينصبها الشارع يتساوى فيها جميع المكلّفين ، غير أنّ بعضها ربما كان موجباً لحصول القطع بالنسبة إلى بعض المكلّفين في بعض الأزمان وهو زمان الحضور ، وذلك على تقديره أقلّ قليل بالنسبة إلى عامّة المكلّفين وعامّة الأحكام وعامّة الطرق وعامّة الأزمان ، فلو قيّد الشارع تلك الطرق بما اتّفق فيه حصول العلم والقطع الوجداني وأوجب الاحتياط
__________________
(١) لاحظ أجود التقريرات ١ : ١٦٣ ، وقد تقدّم تعليق المصنّف قدسسره عليه في المجلّدالأوّل من هذا الكتاب ، الصفحة : ٤٢٦ وما بعدها.