• الفهرس
  • عدد النتائج:

المقدار من الاطاعة التي يقطع العقل بكونها غير اطاعة ، أو يشكّ بكونها إطاعة ، نقول : إنّ حديث الرفع يرفع ذلك التقييد بالاطاعة العليا ، ومقتضاه الاكتفاء بالاطاعة الثانوية ، ولا يكون هذا الأصل مثبتاً ، وليس هو إلاّكاجرائه في مسألة الشرطية والجزئية في أنّه يترتّب الاجتزاء بالفاقد مع أنّه لو كان جزءاً أو شرطاً في الواقع لم يكن ذلك الفاقد مغنياً فتيلاً ، لكون المركّب ارتباطياً ، فلاحظ وتأمّل ، هذا.

ولكنّك قد عرفت فيما تقدّم أنّ الداعي عبارة عمّا يكون بوجوده الواقعي معلولاً للفعل ، وبوجوده العلمي يكون علّة للفعل ، بمعنى أنّ وجوده العلمي والتصديق بترتّبه على ذلك الفعل يكون من مقدّمات إرادته والاقدام عليه ، وذلك فيما نحن فيه عبارة عن الامتثال وإسقاط الأمر والحصول على الثواب والتخلّص من العقاب أو القرب من المولى ، إلى غير ذلك من الفوائد المترتّبة على الفعل المأمور به ، أمّا الأمر نفسه فالظاهر كونه أجنبياً عن كونه داعياً للفعل.

وبالجملة : أنّ نفس الأمر يكون أجنبياً عن الداعي ، أعني فائدة الفعل التي هي بوجودها الخارجي من معلولات الفعل ، وبوجودها العلمي علّة في تعلّق الارادة به ، كالثواب وما يتلو تلوه من الخلاص من العقاب ، أو مجرّد القرب بالاتيان بما هو مراد المولى ، إلى غير ذلك من فوائد الفعل المأمور به ، فإنّها بوجودها الواقعي لا تكون إلاّمعلولات لذلك الفعل ، وبوجودها العلمي تكون علّة في تعلّق الارادة به ، لكونها بوجودها العلمي من دواعي تعلّق إرادة العبد به.

وهذا هو المراد بقولهم : إنّ الغرض من الأمر هو إحداث الداعي ، ولعلّ إطلاق لفظ الداعي على نفس الأمر كان بهذه الملاحظة ، أعني كونه من قبيل المقدّمة الاعدادية لتكوّن ذلك الداعي في نفس العبد ، وطريقة تكوّنه فيها هو أنّ