• الفهرس
  • عدد النتائج:

القضية الحملية الحقيقية.

إذا عرفت هذه المقدّمة فنقول : إنّ معرّف الشيء حقيقة هو ما يفيد تصوّره تصوّر الشيء ، وربما استعمل فيما يكشف عن وجود الشيء ، كالمعلول والأمارات المنصوبة في الطرق لتكون علامة على شيء ، فإنّ مثل الحرارة كاشفة عن وجود النار ، وإنّ العلامة المنصوبة كاشفة عن مقدار من المسافة مثلا. ومن الواضح أنّ قولهم إنّ العلل الشرعية معرّفات للأحكام ليس المراد به النحو الثاني من علل الأحكام ، أعني موضوعاتها وشروطها المعلّق عليها وجودها وتحقّقها كما هو واضح (١). بل لا بدّ أن يكون المراد من العلل المذكورة هو النحو الأوّل ، أعني ما يكون من قبيل حكمة التشريع.

وليس المراد من كونها معرّفة للأحكام أنّها معرّفة لها حقيقة بالمعنى الأوّل للمعرّف ، أعني ما يوجب تصوّره تصوّر الشيء ، بل لا بدّ أن يكون المراد من كونها معرّفة لها هو المعنى الثاني للمعرّف ، أعني ما يكون كاشفا عن وجود الشيء لكونه معلولا لذلك الشيء ، أو لكونه أمارة عليه بالذات أو بالجعل. ولكن مع ذلك لا بدّ من تكلّف مسامحة ، حيث إنّ حكمة التشريع ليست من قبيل المعلول للحكم ، ولا من قبيل الأمارة عليه ، فلا بدّ أن يكون الوجه في تسميتها معرّفة بهذا المعنى من المعرّف هو مجرّد أنّها غير مطردة ولا منعكسة ، فإنّ المعرّف بهذا المعنى لا يكون مطردا ولا منعكسا ، وبهذا الاعتبار سمّيت حكمة التشريع معرفة ، لا أنّها معلولة للحكم أو أنّها تكون أمارة مجعولة أو منجعلة على

__________________

(١) قال المرحوم الشيخ محمّد علي : لأنّ موضوع التكليف ليس بمؤثّر ولا معرّف الخ. وقال : وأمّا موضوعات الأحكام فليست إلاّ كالعلل الحقيقية ، ولا يمكن أن تكون معرّفات الخ [ فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٩٢ ، ٤٩٦ منه قدس‌سره ].