الاستطاعة فانها مفسرة بملك الزاد والراحلة ، وهي غير حاصلة لمن كان قادرا على ملكهما بالكسب ونحوه.
لا يقال : بعد فرض تفسير الاستطاعة بملك الزاد والراحلة فمن أين جاء اشتراط القدرة حتى جعلتم الحج من المشروط بالقدرة الشرعية.
لأنّا نقول : إن التفسير بهما لا يدل على الحصر ، مع أن في بعض الروايات الصحيحة (١) إضافة صحة البدن وتخلية السرب ، فيمكن أن يجعل المستند في كونه مشروطا بالقدرة الشرعية وأن التكليف الالزامي المشروط بالقدرة العقلية رافع له بما اشتملت عليه هذه الروايات من تخلية السرب فان ظاهرها وإن كان هو الأمن في الطريق إلاّ أنه بدوي ، يمكن التوسع فيه بارادة عدم المانع حتى من جانب التكاليف الشرعية. وليس ذلك ببعيد فتأمل.
أو يقال : إن أوّل ما يعتبر في تحقق مفهوم الاستطاعة هو القدرة ولكن لمّا كانت الاستطاعة التي علّق الحكم على وجودها أضيق دائرة من القدرة المطلقة ، تعرضت الروايات لبيان الشروط الاخرى التي تحتاج إلى بيان ، مثل ملك الزاد والراحلة ومثل تخلية السرب ومثل الصحة من المرض ونحو ذلك من الشروط التي لو لم تتعرض لها الروايات المفسرة وتبين لنا اعتبارها في الاستطاعة ، لحكمنا بعدم اعتبارها وقلنا بوجوب الحج بمجرد القدرة ولو بالمشي والتسكع ، كما هو مذهب بعض العامة وهو مالك (٢) على ما حكي عنه ، فيكون المتحصل من مجموع ظاهر الآية الشريفة (٣) وما ورد
__________________
(١) وسائل الشيعة ١١ : ٣٤ / أبواب وجوب الحج وشرائطه ب ٨ ح ٤ ، ٧.
(٢) راجع بداية المجتهد ١ : ٣١٩ ، المغني ٣ : ١٦٨ ، لاحظ الفقه على المذاهب الأربعة ١ : ٦٣٤.
(٣) آل عمران ٣ : ٩٧.