• الفهرس
  • عدد النتائج:

الانسداد كحكمه بحجّية العلم في حال الإنفتاح فيقع الإشكال حينئذٍ من ناحية خروج القياس عن تحت عموم حكم العقل بحجّية الظنّ وأنّه كيف يخرج عن تحت عمومه مع أنّ حكم العقل ممّا لا يخصّص ، ولا يمكن رفع حكمه عن موضوعه ، إلاّ إذا انتفى الموضوع فينتفي الحكم بانتفائه ، أو خرج الفرد عن تحت الحكم موضوعاً فيسمّى بالتخصّص ، وأمّا تخصيص حكم العقل فلا يجوز ، وذلك باعتبار لزوم التناقض فإنّ العقل إذا حكم حكماً عاماً بنحو يشمل هذا الفرد بعينه ثمّ خصّصنا حكمه ورفعناه عن هذا الفرد لزم التناقض بين حكمه وبين التخصيص ، نظير ما إذا خصّصنا نوعاً من القطع عن عموم حجّية القطع في حال الإنفتاح ، وهذا بخلاف التخصيص في العمومات اللفظية فإنّ التناقض فيها صوري لا جدّي.

وقد اجيب عن هذا الإشكال بوجوه عديدة ، وقد ذكر الشيخ الأعظم وجوهاً سبعة في دفعه ( بعضها منه وبعضها من غيره ) وذكر المحقّق الخراساني رحمه‌الله وجوهاً خمسة في هذا المقام لكن عمدتها ثلاثة :

الوجه الأوّل : أنّ الرّوايات الناهيّة عن القياس منصرفة عن حال الانسداد.

أقول : لقائل أن يقول بهذا الوجه كما سيأتي في البحث التفصيلي عن القياس لكن الإنصاف أنّ هذه الدعوى مشكلة لقوّة إطلاقات الأدلّة.

الوجه الثاني : إنكار موضوع الظنّ القياسي وأنّه لا يوجب القياس الظنّ بالحكم في شيء من الموارد خصوصاً بعد ملاحظة أنّ الشارع جمع في الحكم بين ما يترائى مخالفه ، وفرّق بين ما يتخيّل متؤالفه ، وكفاك في هذا عموم ما ورد « أنّ دين الله لا يصاب بالعقول » و « إنّ السنّة إذا قيست محق الدين » و « إنّه لا شيء أبعد من عقول الرجال من دين الله » وغيرها ممّا دلّ على غلبة مخالفة الواقع في العمل بالقياس وخصوص رواية أبان بن تغلب المشهورة الواردة في ديّة أصابع الرجل والمرأة.

ويمكن الجواب عن هذا الوجه بشهادة الوجدان بحصول الظنّ من القياس في بعض الأحيان وإن كان ضعيفاً من حيث المرتبة وتقدّم عليه الظنّ الحاصل من غيره عند التعارض.

الوجه الثالث : ( وهو الأساس في الجواب ) أنّ مقدّمات الانسداد ليست علّة تامّة لحجّية الظنّ مطلقاً حتّى لا يمكن تخصيصها بمثل مورد القياس بل إنّها مقتضية لها ، أي يحكم العقل بحجّية الظنّ مطلقاً عند الانسداد لولا المانع ، أي لولا منع الشارع ، ومع ورود النهي عنه لا أثر للمقتضي.