الكلام في عدم تحريف الكتاب العزيز
ولابدّ فيه من رسم مقدّمات :
إنّ التحريف على قسمين : لفظي ومعنوي ، فاللفظي ينقسم إلى ثلاثة أقسام : أحدها : التحريف بالزيادة ، والثاني : التحريف بالنقصان ، والثالث : التحريف بالتبديل والتغيير.
والمعنوي ينقسم أيضاً إلى قسمين : فتارةً يكون بتغيير المعنى كما إذا قيل : إنّ الوليّ في قوله تعالى : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللهُ وَرَسُولُهُ والمؤمنون ... ) بمعنى الصديق والحبيب لا بمعنى المولى الحاكم والولي في التصرّف ، واخرى بتطبيقه على غير مورده نظير ما يحكى عن معاوية في قصّة سمرة بن جندب في قوله تعالى : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ) فطلب منه أن يعلن أنّ هذه الآية نزلت في عبدالرحمن بن ملجم أشقى الآخرين وقاتل علي عليهالسلام بالسيف وإنّ قوله تعالى : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ ) نزل ـ العياذ بالله ـ في علي عليهالسلام وقد فعله سمرة بعد أن أخذ منه مائة الف من الدراهم من بيت مال المسلمين (١).
والتحريف اللفظي بالزيادة أيضاً على أقسام : التحريف بزيادة حرف ، والتحريف بزيادة كلمة ، أو زيادة جملة ، أو آية أو سورة ، وهكذا التحريف بالنقيصة ، كما أنّ التحريف بالتغيير على أنواع : التحريف بتغيير حركة ( اعراب ) والتحريف بتغيير حرف أو حروف ( كما يحكى في قصّة أهل انطاكية في عهد أحد الخلفاء حيث قدموا إليه وطلبوا منه أن يبدّل قوله تعالى في سورة الكهف : ( فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا ) بقولهم « فأتوا أن يضيّفوهما » حتّى يرتفع النقص
__________________
(١) راجع القواعد الفقهيّة ، قاعدة لا ضرر.