والصحيح ما اختاره صاحب الكفاية لا ما اختاره الفصول ولا ما ادعاه العلمان.

أمّا الأوّل فلما تقدم من أنّ اثنينية المبدأ والذات في الوجود وإن كان مطابقاً مع الفهم العرفي في جملة من الأعراض والمبادىء إلاّ انّه لا ربط له بمدلول المشتق أصلاً ، وليس شرطاً في صدقه ، إذ المأخوذ فيه ليس إلاّالذات التي لها المبدأ بأحد أنحاء النسب الاتصافية على أنحائها المختلفة.

وقد ذكرنا انّ اللازم كون الحيثية المنتزع منها المشتق غير الحيثية المنتزع منها المبدأ ، فإنّ الأخير ينتزع من حدّ الشيء وكيفه بخلاف المشتق فإنّه منتزع بسيطاً أو مركباً من الذات المتحيثة والمتكيفة بتلك الكيفية ، وهذا صادق حتى في المصادر الجعلية كالانسانية والجسمية والشيئية ، فالتعدد في الوجود العيني بين الذات والمبدأ لا ربط له بمدلول المشتق أصلاً.

وعليه فيكون صدق الصفات المشتقة على الباري تعالى حقيقياً ؛ لأنّ حيثية انتزاع العالم منه غير حيثية انتزاع العلم وإن اتحدا في الوجود العيني ، وقد تقدم انّ تعدّد حيثية الانتزاع لا يوجب التركب في الوجود لأنّه قد يكون ذلك مربوطاً بكيفية الانتزاع الذهني للمفهوم فحسب.

وأمّا الثاني فلأنّ اتحاد المبدأ والذات مفهوماً مخالف لما تقدم من تغايرهما ذاتاً ، فإنّ قولنا البياض أبيض لو كان صادقاً كان معناه اتحاد معنى المبدأ والمشتق ، إذ الأبيض فيه مبدأ البياض أيضاً وهو خلف ، فلابد من فرض عناية في البين ولو بأن يكون المراد بالبياض في طرف الموضوع ملاحظة المبدأ بما هو ذات وشيء ـ أي اسم المصدر لا المصدر ـ فيكون مغايراً مع المبدأ الملحوظ في المشتق.