وإلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في وصيّته لأبي ذر ( رض ) : « من ختم له بقيام الليل ثمّ مات فله الجنّة » (١).
وإلى بحر السّقا بطريق الصدوق عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إنّ من روح الله عزّ وجلّ ثلاثة : التهجّد بالليل ، وإفطار الصائم ، ولقاء الإخوان » (٢).
قلت : التهجّد : التيقّظ بما ينفي النوم وقال المبرّد : التهجّد عند أهل اللغة : السهر للصلاة أو لذكر الله (٣).
وقال صاحب التبيان : وأصل الهجود النوم ؛ لقول لبيد :
قلت هجّدنا فقد طال السرى ...
وقال علقمة والأسود : التهجّد يكون بعد نومة (٤).
وأمّا قوله : وإفطار الصائم يحتمل معنيين : إفطار الصائم نفسه ليلا بوصل صومه ، وتفطير غيره لينال مثل أجره.
وأمّا لقاء الإخوان : فبالتحابب والتوادد والتناصح والتذاكر ، وقد روي « إذا تلاقى المؤمنان سقط بينهما مائة رحمة ، تسع وتسعون لأشدّهما حبّا لصاحبه ثمّ أقبل الله عليهما بوجهه ، وكان على أشدّهما حبّا لصاحبه أشدّ إقبالا » (٥).
واعلم أنّ الروح هنا ملاك الشيء ، وأشرف ما فيه ، كالخشوع روح الصلاة ، فكأنّه يقول : هذه الأعمال الثلاثة أفضل ما يتقرّب به إليه تعالى. ونسب الروح إليه ؛ لتعلّق الأفعال المذكورة به كما ينسب الحكم إلى المتحاكمين.
وإلى جابر بن إسماعيل بطريق الصدوق أيضا عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهماالسلام : « أنّ رجلا سأل عليّ بن أبي طالب عليهالسلام عن قيام الليل بالقرآن فقال له : أبشر من صلّى عشر ليلة لله مخلصا ابتغاء رضوان الله ، قال الله تبارك وتعالى لملائكته : اكتبوا لعبدي
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٢٢ / ٤٦٥ ؛ الفقيه ١ : ٣٠٠ / ١٣٧٦.
(٢) الفقيه ١ : ٢٩٨ / ١٣٦٤.
(٣) التبيان ٦ : ٥١١ ، ذيل الآية ٧٩ من سورة الإسراء (١٧).
(٤) التبيان ٦ : ٥١١ ، ذيل الآية ٧٩ من سورة الإسراء (١٧).
(٥) لم نعثر عليه. وقريب منه في الكافي ٢ : ١٨١ ـ ١٨٢ / ١٤ باب المصافحة.