• الفهرس
  • عدد النتائج:

قال : ( اللازم الثاني : وهو مسبّب عن اللازم الأوّل ، وهو شغل اللسان بتنزيه الله تعالى عمّا وصفه الظالمون ، وتحميد بما حمده الحامدون ؛ بحيث لا يفتر عن ذكر الله تعالى باللسان كما لم يفتر عن ذكره بالجنان. قال الله سبحانه : ( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ ) (١) وصف الملائكة بهذا الوصف الشريف ؛ لينبّه البشر على اقتفائه ، ويتشرّفوا باصطفائه ، فهنالك تصير ألسنتهم مخزونة إلاّ عن ذكره ، وألفاظهم موزونة إلاّ فيما يتعلّق به ، وهو السرّ في الأمر بالصمت إلاّ عن ذكر الله ).

أقول : هذا اللازم الثاني وهو مسبّب عن شغل النفس بالفكر في عظمته ، فإنّ من لازمه لزمه شغل لسانه في تنزيهه وتحميده.

ووجه الملازمة إنّما يحدث من اللسان وغيره من أفعال الجند الذين هم الجوارح ، مسبّب عن أمر السلطان الذي هو القلب المعنيّ به العقل.

نعم ربّما يتوقّف للجوارح عمل بدونه نادرا كالهذر والعبث الصادرين عن السهو والغفلة ، ويجب رفع « الراء » من « يفتر » ؛ لأنّه خبر لا نهي ، وشاهده « كما لم يفتر » ، ولو كان نهيا كان « كما لا يفتر ».

وقوله : فهنالك تصير ألسنتهم مخزونة إلى آخره نتيجته دوام شغل اللسان فيما ذكر ، وهي لازمه لزوما بيّنا.

قال : ( اللازم الثالث : استخدام القوى والأركان فيما أمر به من عبادته ، بحيث لا يكون لها انقطاع ولا اضمحلال ، فيشغل العين بالنظر في عجائب مصنوعاته ، والبكاء من خشيته ؛ لما يراه من التقصير في طاعته. والأذن بسماع كلامه العزيز لتلقّي أوامره ونواهيه ، والتفهّم لمقاصده ومعانيه. واليد

__________________

(١) الأنبياء (٢١) : ٢٠.