فجعت به من إخوانك؟
خلت دورهم منهم وأقوت عراصهم |
| وساقتهم نحو المنايا المقابر |
فهم في بطون الأرض بعد ظهورها |
| محاسنهم فيها بوال دوائر |
وخلوا عن الدنيا وما جمعوا لها |
| وضمتهم تحت التراب الحفائر |
فكم خرمت أيدي المنون من قرون ، وكم غيرت الأرض ببلائها وغيبت في ترابها ممن عاشرت من البشر وشيعتهم إلى القبور ثم رجعت عنهم إلى عمل أهل الإفلاس.
ثم يتابع في نصحه لأهل الدنيا :
وأنت على الدنيا مكب منافس |
| لخطابها فيها حريص مكاثر |
على خطر تمسي وتصبح لاهيا |
| أتدري بماذا لو عقلت تخاطر |
وإن امرءا يسعى لدنياه جاهدا |
| ويذهل عن أخراه لا شك خاسر |
فحتى م على الدنيا إقبالك؟ وبمغرياتها اشتغالك؟ وقد أسرع إلى قذالك الشيب البشير ، وأنذرك النذير ، وأنت ساه عما يراد بك ولاه عن غدك وقد رأيت بأم عينك انقلاب أهل الشهوات ، وعاينت ما حل بهم من المصائب والنكبات.
وفي ذكر هول الموت والقبر والبلى |
| عن اللهو واللذات للمرء زاجر |
أبعد اقتراب الأربعين تربص |
| وشيب قذال منذ ذلك ذاعر |
كأنك معني بما هو صائر |
| لنفسك عمدا أو عن الرشد حائر |
فحول نظرك إلى الأمم الماضية والقرون الخالية كيف اختطفتهم عوادي الأيام فأفناهم الحمام ، فأمحت من الدنيا آثارهم وأصبحوا رمما تحت التراب إلى يوم الحشر والحساب.
وأضحوا رميما في التراب وأقفرت |
| مجالس منهم عطلت ومقاصر |
وحلوا بدار لا تزاور بينهم |
| وأنى لسكان القبور التزاور |
فما أن ترى إلا قبورا ثووا بها |
| مسطحة تسفي عليها الأعاصر |