• الفهرس
  • عدد النتائج:

فجعت به من إخوانك؟

خلت دورهم منهم وأقوت عراصهم

وساقتهم نحو المنايا المقابر

فهم في بطون الأرض بعد ظهورها

محاسنهم فيها بوال دوائر

وخلوا عن الدنيا وما جمعوا لها

وضمتهم تحت التراب الحفائر

فكم خرمت أيدي المنون من قرون ، وكم غيرت الأرض ببلائها وغيبت في ترابها ممن عاشرت من البشر وشيعتهم إلى القبور ثم رجعت عنهم إلى عمل أهل الإفلاس.

ثم يتابع في نصحه لأهل الدنيا :

وأنت على الدنيا مكب منافس

لخطابها فيها حريص مكاثر

على خطر تمسي وتصبح لاهيا

أتدري بماذا لو عقلت تخاطر

وإن امرءا يسعى لدنياه جاهدا

ويذهل عن أخراه لا شك خاسر

فحتى م على الدنيا إقبالك؟ وبمغرياتها اشتغالك؟ وقد أسرع إلى قذالك الشيب البشير ، وأنذرك النذير ، وأنت ساه عما يراد بك ولاه عن غدك وقد رأيت بأم عينك انقلاب أهل الشهوات ، وعاينت ما حل بهم من المصائب والنكبات.

وفي ذكر هول الموت والقبر والبلى

عن اللهو واللذات للمرء زاجر

أبعد اقتراب الأربعين تربص

وشيب قذال منذ ذلك ذاعر

كأنك معني بما هو صائر

لنفسك عمدا أو عن الرشد حائر

فحول نظرك إلى الأمم الماضية والقرون الخالية كيف اختطفتهم عوادي الأيام فأفناهم الحمام ، فأمحت من الدنيا آثارهم وأصبحوا رمما تحت التراب إلى يوم الحشر والحساب.

وأضحوا رميما في التراب وأقفرت

مجالس منهم عطلت ومقاصر

وحلوا بدار لا تزاور بينهم

وأنى لسكان القبور التزاور

فما أن ترى إلا قبورا ثووا بها

مسطحة تسفي عليها الأعاصر