• الفهرس
  • عدد النتائج:

رؤيته سبحانه ، وجعل الملاك للسماع هو الوجود ، كما جعل الملاك لوقوع الرؤية هو كون الشيء موجوداً.

وقد عرفت في الجزء الثاني عند عرض عقيدة الأشعري أنّ الكلام النفسي ليس شيئاً وراء العلم في الإخبار ، وليس وراء الإرادة والكراهة في الإنشاء ، والقائل به يريد أن يثبت وصفاً مغايراً للعلم والارادة.

كما عرفت بطلان كون المصحِّح للرؤية هو كون الشيء موجوداً ، وأنّ كلّ موجود يرى. هذا ، وإنّ ملاك السّماع ليس هو الوجود حتّى يستنتج منه أنّ كلّ موجود يسمع ، وهذا واضح لمن له أدنى إلمام بالعلوم الطّبيعيّة.

هذا هو عرض إجمالي لمذهب الامام الماتريدي ، وقد وقفت على مشخِّصات المنهج ، وعرفت الاُصول الّتي اختلف فيها الداعيان ، والاُصول الّتي اتّفقا فيها.

والتأمّل فيما ذكرناه من النصوص من نفس الماتريدي وتلاميذ منهاجه ، يدفع الإنسان إلى القول بأنّ الشيخين الأشعري والماتريدي كانا في سبيل واحد من الدّعوة ، وهو نصرة السنّة ومكافحة الاعتزال ، ومع ذلك كلّه فلكلّ واحد اُسلوب خاصّ، والقول بوحدة المنهاجين وكون الاختلاف جزئيّاً ، وأنّه في حلبة الدعوة إلى السنّة يقع الحافر على الحافر ، مداهنة جدّاً وإخفاء للحقيقة ، وإسدال الستر على وجهها.

أنصاره وأتباعه في الأجيال المتأخِّرة :

قد انتشر مذهب الأشعري في كثير من الحواضر الاسلاميّة لأنّه ظهر في مركز العالم الاسلامي ، وكثرت أنصاره وأعوانه ، بين مبيِّن مقاصده ، إلى ذابّ عن براهينه ودلائله ، إلى مكمِّل لاُصوله وقواعده ، وأمّا مذهب الماتريدي فقد نبت في نقطة بعيدة عن الحواضر ، فقلّت العناية بنقله وشرحه.

وهناك وجه آخر لقلّة انتشاره ، وهو أنّ لمذهب الماتريدي مع كونه بصدد نصر