• الفهرس
  • عدد النتائج:

أقول : لا يخفى أنّ ظاهر كثير من الواجبات المشروطة أنّ المقتضي فيها غير موجود ، كما في عدم تكليف الطفل حتّى يبلغ وحتّى يعقل المجنون ، فلا مقتضي للتكليف قبل ذلك ، لا أنّه مقرون بالمانع ، وفي مثل الحائض لا مقتضي للأمر بالصلاة ... وهكذا.

فأمّا الأحكام التي ذكرها ، فيمكن أن يكون عدم تشريعها لعدم المقتضي. ويمكن أن يكون لوجود المانع ـ والله أعلم ـ إذ لا علم لنا بالمغيّبات ، فمن الجائز أن يكون حالنا بالإضافة إلى الكمّل الذين يوجدون في زمن الحجّة ـ عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ حال الصبيّ بالإضافة إلى البالغ ؛ لكون المؤمنين حينئذ في أعلى درجات الكمال الديني.

وقد ذكر الميرزا النائيني قدس‌سره في مقام الجواب عمّا ذكر في التقريرات منسوبا إلى الشيخ الأنصاري : أنّه كما يمكن أن يتصوّر الإنسان الشيء فيشتاقه الآن ، كذلك يمكن أن يتصوّره فيشتاقه على تقدير كما يشتاق الإنسان الغير الضمآن الماء على تقدير العطش فيوجبه على تقدير ، بمعنى أن يكون الوجوب مشروطا بوجود ذلك التقدير (١).

ولا يخفى أنّ ما ذكره قدس‌سره غير تامّ أيضا ؛ إذ الموجودات ليس لها وجودان : أحدهما مطلق ، والآخر على تقدير ؛ ضرورة أنّه إن وجدت أسبابه وجد وإن فقدت أسبابه لم يوجد ، أمّا الوجود على تقدير فلا أصل له كليّة. نعم ، الوجود الاستعدادي موجود من الموجودات كما في النواة ، فإنّ استعدادها لأن تكون شجرة متحقّق بالفعل وليس على تقدير ، وحينئذ فإن تمّت مقدّمات الشوق تحقّق بالفعل وإن لم تتحقّق لم يتحقّق.

فالتحقيق في الجواب أن يقال إنّ عندنا في مقام الطلب امورا ثلاثة : أحدها الشوق ، والثاني الإرادة ، والثالث الطلب.

__________________

(١) أجود التقريرات ١ : ٢٠٤ ـ ٢٠٥.