ويقرأ «سحاب ظلمات» بالإضافة والجرّ على جعل الموج المتراكم بمنزلة السحاب.

ويقرأ سحاب بالرفع والتنوين ، وظلمات بالجرّ على أنها بدل من ظلمات الأولى.

(لَمْ يَكَدْ يَراها) : اختلف الناس في تأويل هذا الكلام ؛ ومنشأ الاختلاف فيه أنّ موضع «كاد» إذا نفيت وقوع الفعل ، وأكثر المفسرين على أنّ المعنى أنه لا يرى يده ؛ فعلى هذا في التقدير ثلاثة أوجه :

أحدها ـ أنّ التقدير : لم يرها ولم يكد ، ذكره جماعة من النحويين ؛ وهذا خطأ : لأنّ قوله لم يرها جزم بنفي الرؤية ، وقوله تعالى : (لَمْ يَكَدْ) إذا أخرجها عن مقتضى الباب كان التقدير : ولم يكد يراها ، كما هو مصرّح به في الآية ؛ فإن أراد هذا القائل لم يكد يراها وأنه رآها بعد جهد ، تناقض ، لأنّه نفى الرؤية ثم أثبتها.

وإن كان معنى لم يكد يراها لم يرها البته على خلاف الأكثر في هذا الباب فينبغي أن يحمل عليه من غير أن يقدر لم يرها.

والوجه الثاني ـ أن «كاد» زائدة ، وهو بعيد.

والثالث ـ أنّ كاد أخرجت هاهنا على معنى قارب. والمعنى لم يقارب رؤيتها ، وإذا لم يقاربها باعدها ، وعليه جاء قول ذي الرّمة :

إذا غير النأي المحبين لم يكد

رسيس الهوى من حبّ مية يبرح

أي لم يقارب البراح ، ومن هاهنا حكي عن ذي الرّمة أنه روجع في هذا البيت فقال : لم أجد بدلا من لم يكد.

والمعنى الثاني ـ جهد أنه رآها بعد ؛ والتشبيه على هذا صحيح ؛ لأنّه مع شدّة الظلمة إذا أحد نظره إلى يده وقربها من عينه رآها.

٤١ ـ (وَالطَّيْرُ) : هو معطوف على «من» ، و (صَافَّاتٍ) : حال من الطير.

(كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ) : ضمير الفاعل في علم اسم الله عند قوم ، وعند آخرين هو ضمير كلّ ؛ وهو الأقوى لأنّ القراءة برفع كلّ على الابتداء ، فيرجع ضمير الفاعل إليه ، ولو كان فيه ضمير اسم الله لكان الأولى نصب كل ؛ لأنّ الفعل الذي بعدها قد نصب ما هو من سببها ؛ فيصير كقولك : زيدا ضرب عمرو غلامه ، فتنصب زيدا بفعل دلّ عليه ما بعده ؛ وهو أقوى من الرفع ، والآخر جائز.

٤٣ ـ (يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ) : إنما جاز دخول بين على المفرد ؛ لأنّ المعنى بين كل قطعة وقطعة سحابة ، والسحاب جنس لها.

(وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ) : «من» هاهنا لابتداء الغاية ؛ فأمّا (مِنْ جِبالٍ) ففي «من» وجهان :

أحدهما ـ هي زائدة ، هذا على رأي الأخفش.

والثاني ـ ليست زائدة. ثم فيها وجهان : أحدهما : هي بدل من الأولى على إعادة الجار ، والتقدير : وينزل من جبال السماء ؛ أي من جبال في السماء ؛ فعلى هذا يكون (مِنْ بَرَدٍ) زائدة عند قوم ، وغير زائدة عند آخرين.

والوجه الثاني : أنّ التقدير : شيئا من جبال ، فحذف الموصوف واكتفى بالصفة.

وهذا الوجه هو الصحيح ؛ لأنّ قوله تعالى : (فِيها مِنْ بَرَدٍ) يحوجك إلى مفعول يعود الضمير إليه ؛ فيكون تقديره : وينزل من جبال السّماء جبالا فيها برد ، وفي ذلك زيادة حذف وتقدير مستغنىّ عنه.

وأما «من» الثانية ففيها وجهان :

أحدهما ـ هي زائدة ـ والثاني ـ للتبعيض.

٤٥ ـ (مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) : «من» فيهما لما لا يعقل ؛ لأنّها صحبت من لمن يعقل ؛ فكان الأحسن اتفاق لفظهما.

وقيل : لمّا وصف هذين بالمشي والاختيار حمله على من يعقل.

٤٨ ـ (إِذا فَرِيقٌ) : هي للمفاجأة ؛ وقد تقدم ذكرها في مواضع.

٥١ ـ (قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ) : يقرأ بالنصب والرفع ، وقد ذكر نظيره في مواضع.

٥٢ ـ (وَيَتَّقْهِ) : قد ذكر في قوله تعالى :

(يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ).