• الفهرس
  • عدد النتائج:

ورفعناه فوق اليهود حين أبوا أن يأخذوا التوراة بشرط الالتزام بها وتقدم في الآية ٦٣ من البقرة.

١٧٢ ـ (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) وأخذ الذرية هنا عبارة عن إخراجهم من أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى الحياة الدنيا جيلا بعد جيل (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ) بما أودع فيهم من عقول ، وما في الكون من بينات ودلائل على وجوده تعالى (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) والشواهد على وجود الله سبحانه يحملها الإنسان في جسمه وروحه فضلا عن الكون ، بل وفي فطرته حتى ولو كان ملحدا ، والفرق أن وجوده تعالى يتجلى في فطرة الملحد عند ما يصهره الخطب والكرب «وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين «يونس» (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) لا عذر لمن شك في الله وهو يرى خلقه الا أن يكون مجنونا ، وإن قال قائل : رأينا ألوف العقلاء يشكون ويجحدون قلنا في جوابه : نريد الجنون الخفي الذي يفسر ويعلل كل شيء بأصله وعلته الا الكون العجيب ، يعلله ويفسره بالصدفة ، ويقول المثل الإنكليزي : «لو كان الجنون يؤلم صاحبه لسمعت الصراخ من كل بيت».

١٧٣ ـ ١٧٤ ـ (أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ) وهذه الآية واضحة الدلالة على أن من شأن التوحيد أن يكون من المسلمات والبديهات ، وليس موضعا للاجتهاد أو التقليد تماما كوجود الأرض والشمس ، وقال بعض الفلاسفة جاء الخفاء من شدة الظهور والجلاء.

١٧٥ ـ (وَاتْلُ) يا محمد (عَلَيْهِمْ) على اليهود (نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها) جاء في التفاسير أن عالما من علماء بني إسرائيل اسمه بلعم بن باعور ، أوتي شيئا من علم الكتاب ، ولكنه كفر بعد ذلك وتزندق ، ولم أجد اسم باعور ولا بلعم في قاموس الكتاب المقدس ولا في فهرس هذا الكتاب (فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ) صار قرينا له.

١٧٦ ـ (وَلَوْ شِئْنا) أن نلجئه قهرا إلى العمل بعلمه (لَرَفَعْناهُ بِها) أي لارتفعت منزلته وخلد ذكره (وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) أي مال إلى الدنيا وزينتها ، ورغب فيها (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) هذه الحال دائمة للكلب في الحر والبرد والتعب والراحة ، وكذلك من ينقاد إلى أهوائه ، وينطلق معها سواء أنصحته أم تجاهلته.

____________________________________

الإعراب : (مِنْ ظُهُورِهِمْ) بدل اشتمال من بني آدم مع إعادة حرف الجر ، والمعنى أخذ ربك من ظهور بني آدم ذريتهم. و (بَلى) حرف جواب تبطل النفي ، فإذا قال لك قائل : ليس لي عندك درهم ، وأجبته بلى كان إقرارا منك بالدرهم ، وان أجبت نعم لا يلزمك شيء ، ولذا قيل : لو قالوا : نعم في جواب ألست بربكم لكفروا. والمصدر المنسبك من ان تقولوا مجرور بإضافة مفعول من أجله محذوف أي مخافة قولكم.