• الفهرس
  • عدد النتائج:

فانقدح أنّ الحقّ عندنا هو صدق الواضع على المستعمل بعنوان الحقيقة بعين ملاك صدقه بعنوان الحقيقة على الواضع الأوّل ، وانصراف إطلاقه إلى الواضع الأوّل إنّما يكون لأجل أسبقيّته في الجعل والوضع لا بعنوان الانحصار ليكون حقيقة فيه دون المستعمل ، بل الاستعمال في كليهما يصحّ بعنوان الحقيقة دون المجاز.

وبما ذكر في وجه عدم ورود إشكال الدور اتّضح لك عدم ورود الإشكال بأنّ الالتزام والتعهّد عند التعمّق والارتكاز في الأذهان رتبة متأخّرة عن الوضع ، بل إنّما تكون معلولة له ، وذلك من جهة أنّ العلم بالوضع يوجب تعهّد العالم بذلك الوضع بإفهام مقصوده وإبرازه عند التخاطب والتفاهم بإيراد ذلك اللفظ الموضوع المخصوص لذلك المعنى ، لا أنّه يكون عينه ونفسه ، نظير نحو الاختصاص الذي يوجد بين اللفظ والمعنى بعد الوضع حسب ما تقدّم عند نقل كلام المحقّق الخراساني في الكفاية ، ولأجل ذلك لا يصحّ استعمال كلمة «الواضع» في غير الواضع الأوّل من المستعملين المتأخّرين عن الوضع بدون العناية ، مع أنّ ذلك التعهّد لو كان كما ذكرت معنى الوضع بعنوان الحقيقي أعني الالتزام النفساني ، فلا جرم كان ذلك الإطلاق والاستعمال على كلّ مستعمل وفي كلّه صحيحا من دون أيّ عناية وعلاقة مجاز ، والحال أنّ الأمر يكون في غير محلّه. هذا تمام الكلام في تقريب بيان الإشكال.

وأمّا وجه عدم وروده فإنّه إن أراد بتأخير التعهّد عن الوضع التعهّد الذي يتصوّر في الواضع الذي تصدّى للوضع الأوّل فذلك بمكان من البطلان بحيث لا يحتاج إلى البيان ، لأنّ تعهّده بالقطع واليقين غير مسبوق بشيء إلّا بتصوّر اللفظ والمعنى ، ومن البديهي بلا أيّ شكّ وشبهة أنّ ذلك اللحاظ والتصوّر لا يسمّى بالوضع بالضرورة من الوجدان ، بل إنّما هو يكون من مقدّمات الوضع لا نفسه ،