ويحتمل أن يكون الوعد لعامة المتّقين بالخلاص من مضارّ الدّارين والفوز بخيرهما من حيث لا يحتسبون ، ويحتمل ان يكون كلاما جيء به للاستطراد والاعلام بانّ المتّقى يجمع الله له خير الدّنيا والآخرة ويخلّصه من مضارّهما.

(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) كافية (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) بالرّفع على قراءة الأكثر أي نافذ أمره ، وقرأ حفص بالإضافة والمراد انّه يبلغ ما يريده ولا يفوته مراد ، وقرئ بالغا بالنّصب على الحاليّة وخبر انّ قوله (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) تقديرا أو توقيتا أو مقدارا أو أجلا لا يتأتى بغيره وهو بيان لوجوب التّوكل على الله وتفويض الأمر إليه لأنّه إذا علم كلّ شيء من الرّزق وغيره لا يكون الّا بتقديره وتوفيقه فلم يبق الّا التّوكّل عليه والتسليم اليه تعالى.

الثانية (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) شارفن انقضاء عدتهنّ فان البلوغ قد يطلق على الدّنوّ من الشّيء على ما عرفت فيترتّب عليه قوله :

(فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) لظهور انّه بعد تقضّى الأجل بتمامه ومضىّ العدّة تملك نفسها فلا يصحّ التخيير بين الإمساك والتّسريح بل يكون أجنبيّة من شقّ النّاس لا سبيل له عليها والمراد بالمعروف في الموضعين ما كان موافقا للشّرع من القيام بمصالح الزوجيّة ان أمسكها والّا تركها حتّى تنقضي عدّتها وتكون أملك بنفسها.

(وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً) ولا تراجعوهنّ إرادة الإضرار بهنّ لا الرّغبة في نكاحهنّ كان يتركها حتّى تشارف الأجل ثمّ يراجعها لتطول العدّة عليها على ما قيل : انّ الرّجل منهم كان يطلّق المرأة ويتركها حتّى يقرب انقضاء عدّتها ويراجعها لتطول العدّة فنهى عنه.

ورواه الصّدوق (١) عن المفضّل بن صالح عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه‌السلام و

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب أقسام الطلاق ، الحديث ٢ ج ١٥ ، ص ٤٠٢ ، المسلسل ٢٨٣١٠ ، وهو في طبعه الأميري ج ٣ ، ص ١٦٥ ، وفي الوافي الجزء ١٢ ، ص ١٥٣ ، وفي قلائد الدرر ج ٣ ص ٢٢٨ ، وهو في الفقيه ج ٣ ، ص ٣٢٣ الرقم ١٥٦٨ ـ