الشيخ في الخلاف إظهار العمل الصّالح في قبول شهادته وقال : إذا أكذب نفسه وتاب لا تقبل شهادته حتّى يظهر منه العمل الصّالح وهو ظاهره في المبسوط ونقل عن جماعة الاجتزاء بالتّوبة في قبول الشهادة ، ثم قال : لا بدّ من صلاح العمل لظاهر الآية.

قال العلّامة في المختلف : والتحقيق أنّ النّزاع هنا لفظيّ فإنّ البقاء على التّوبة شرط في قبول الشّهادة وهو كاف في إصلاح العمل لصدقه عليه وهو جيّد ، وقد وقع مثل هذا اللّفظ بعد التّوبة في مواضع كثيرة من القرآن المجيد.

(فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وهو كالعلّة للاستثناء وقد اختلف في هذا الاستثناء هل يرجع إلى الجملة الأخيرة فقط أو إلى الجميع فذهب الشّافعي إلى انّه يرجع إلى الجميع وقالت الحنفيّة يرجع إلى الجملة الأخيرة وتحقيق ذلك في الأصول وتتفرّع على مذهب الشّافعيّ أنّ القاذف إذا تاب وحسنت حاله قبلت شهادته فيكون الأبد مصروفا إلى مدّة كونه قاذفا وهي منتهى التّوبة والرّجوع عن القذف.

ويتفرّع على مذهب أبي حنيفة عدم قبول شهادته وان تاب والأبد عنده مدّة حياته والّذي اخترناه في الأصول انّه راجع إلى الأخيرة فقط فيكون في محلّ النّصب على الاستثناء من الفسّاق ومقتضاه عدم فسقهم بعد التّوبة وهو يوجب قبول شهادتهم لانّ المانع من القبول الفسق فمع زواله يثبت الحكم.

وأنكر أبو حنيفة قبول الشهادة من القاذف وان تاب إلى آخر العمر أخذا بظاهر قوله : ابدا ، فانّ ظاهره مدّة حياته لعدم رجوع الاستثناء إلى الجملة الثّانية والّا كان مجرورا بالبدليّة لكونه من كلام غير موجب فيلزم أن يكون في حالة واحدة معربا بإعرابين مختلفين وهو لا يصحّ.

ويجاب عمّا ذكره : أنّ قوله أبدا محمول على ما إذا لم يتب كما اقتضته الأدلة ولعموم قبول شهادة غير الفاسق من عدول المؤمنين ، ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : التّائب من الذّنب كمن لا ذنب له ، وعدم رجوع الاستثناء إلى الثّانية لا يقتضيه بل يكفى فيه رجوعه إلى الأخيرة فإنّه إذا صحّ عدم فسقهم بعد التّوبة وخروجهم عن المعصية بها لزم قبول شهادتهم كما في غيرهم.