وعلى هذا فالجملة لازمة للجملة الأولى المنفيّة ومقرّرة لحكمها ويحتمل أن يكون واقعة موقع الجواب فيحصل منها معنى غير الأوّل كأنّه قيل ليس الّذين فضّلوا برادّي رزقهم على ما ملكت ايمانهم فيستووا في الرّزق فهو ردّ عليهم بما يصنعون من التّفاوت اى كان ينبغي أن يردّوا ممّا رزقوا على مماليكهم حتّى يتساووا معهم في المطعم والملبس.

وفيه تعجّب من فعل المشركين وإنكار عليهم من حيث انّهم يرون اشتراكهم مع العبيد في ذلك نقصا ولا يرضونه لأنفسهم وهم يشركون عباد الله معه في العبادة ويوجّهونها إليهم كما يوجهونها اليه قيل : نزلت في نصارى نجران (أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ) حيث يتّخذون له شركاء فإنّه يقتضي أن يضاف إليهم بعض ما أنعم الله عليهم ويجحدوا أنّه من عند الله ويحتمل كون جحودهم بسبب إنكارهم أمثال هذه الحجج بعد ما أنعم الله عليهم بايضاحها ويحتمل كونه لعدم التّسوية بينهم وبين المماليك جعله الله من جحود النّعمة للمبالغة ويلزم من ذلك أرجحية التّسوية بين نفسه ومماليكه.

ويؤيّده ما يحكى عن أبى ذرّ انّه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : انّما هم إخوانكم فاكسوهم ممّا تلبسون وأطعموهم ممّا تطعمون فما رئي عبده بعد سماع ذلك الّا رداه رداه وإزاره إزاره من غير تفاوت وما روى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه كان يشترى ثوبين فيعطى أفضلهما قنبر ويأخذ الأردى لنفسه» صلوات الله عليه.