مباح ، وفي الجمع بين تقييد الدّم بالمسفوح هنا وبين إطلاقه في قوله : حرّمت عليكم الميتة والدّم اشكال ، ومن ثمّ أخذ الشّافعيّة بظاهر الإطلاق فحرموا مطلق الدّم وان تخلّف في العروق بعد الذّبح.

ولا منافاة بين الإطلاق والتقييد هنا فيعمل على الإطلاق إلّا ما ثبت خروجه بالدّليل ، وقيّده بعضهم به ويلزمه اباحة غير المسفوح وفيه نظر وفي تفسير القاضي انّ دما معطوف على أنّ ـ مع ما في حيزه ولعلّ ذلك لاختلاف القراءة المتواترة في رفع ميتة ونصبها ولو تعيّن نصبها لكان العطف عليها لازما.

(أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) يحتمل رجوعه الى لحم الخنزير أو خنزير نفسه أو كلّ واحد ممّا تقدّم اى هو قذر أو خبيث تنفر عنه الطّباع.

(أَوْ فِسْقاً) عطف على لحم الخنزير وما عطف عليه وما بينهما اعتراض للتعليل والمراد أنّ من المحرّمات ما هو فسق لكنّه مجمل لم يبيّنه ولعلّ قوله : (أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) صفة موضحة له بيّن المراد منه بها ولا يبعد أن يراد ما لم يذكر اسم الله عليه سواء ذكر عليه غير الله أم لا والإهلال رفع الصّوت بالشيء.

(فَمَنِ اضْطُرَّ) اى تناول شيئا من المذكورات (غَيْرَ باغٍ) اى غير قاصد أكل الميتة أو باغ على مضطرّ آخر مثله أو خارج على الامام (وَلا عادٍ) قدر الضّرورة وفي مرسلة البزنطي (١) عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) قال : الباغي الّذي يخرج على الامام ، والعادي الذي يقطع الطّريق لا تحلّ له الميتة.

(فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لا يؤاخذه على ذلك لانّه أباحه له والآية محكمة دالّة على انّه عليه‌السلام لم يجد فيما اوحى إليه إلى تلك الغاية محرّما غير المذكورات ،

__________________

(١) انظر البرهان : ج ١ ، ص ١٧٤. والمجمع : ج ١ ، ص ٢٥٧. وفيه : غير باغ على امام المسلمين وعاد بالمعصية طريق المحقين وهو المروي عن أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما‌السلام.