على الانتصار إن هنّ ضعفن أو المراد انّه تعالى مع علوه وكبريائه يتجاوز عن سيئاتكم ويتوب عليكم فأنتم أحقّ بالعفو عن أزواجكم أو انّه يتعالى ويكبر ان يظلم أحدا وينقص حقّه.

ففي الآية دلالة على عدم جواز الهجران والضّرب بدون النشوز لكنها دلالة بالمفهوم والجواز معه بالمنطوق والأمر فيها جاز أن يكون للإباحة فان الضرب لا يكون مستحبا فضلا عن وجوبه بل يمكن ان يكون مرجوحا فان العفو حسن نعم لو علم ترتب الفساد على تركه أمكن الاستحباب بل الوجوب أيضا وحينئذ فيجري الأحكام الخمسة فيه يعلم ذلك بأدنى نظر.

الخامسة [النساء : ١٢٩] (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ) تساووا بينهن في الميل القلبي بحيث لا يكون لاحديهنّ ميل زائد على ميل الأخرى ويكون الميل والمعاشرة متساوية بينهن من غير زيادة لاحديهن على الأخرى ليتحقق العدل على الحقيقة فإن ذلك متعذر ومن ثم نقل عنه (١) صلى‌الله‌عليه‌وآله انّه كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول هذه قسمتى فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك وهو دال على انّه غير مقدور.

(وَلَوْ حَرَصْتُمْ) على ذلك وبذلتم الجهد وبالغتم فيه فلا يجب عليكم تمام العدل وغايته بل هو مرفوع عنكم (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) بترك ما هو المستطاع لكم فتجوروا على المرغوب عنها كلّ الجور فان ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه يعنى ان اجتناب كل الميل ممّا هو في حدّ اليسر والطّاقة فلا تفرطوا فيه وان وقع منكم التّفريط في العدل كلّه وفيه توبيخ على وقوع التفريط في كل الميل مع إمكان عدمه.

(فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ) الّتي ليست بذات بعل يميل إليها ويعاشرها معاشرة الأزواج

__________________

(١) الكشاف ج ١ ص ٥٧٢ قال ابن حجر : أخرجه أصحاب السنن وابن حبان والحاكم من رواية أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة وفيه يعنى القلب انتهى وروى الحديث في كنز العرفان ج ٢ ص ٢١٦ والمجمع ج ٢ ص ١٢١ مع يسير تفاوت في اللفظ.