كتب الفروع مفصلا.

(حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) بأن يكمل قواه العقلية والحسية. والمراد أن يبلغ ويؤنس منه الرشد ، وحينئذ فيسلم اليه ماله ، وهو غاية لجواز التصرف الذي دل عليه الاستثناء وجعل بعضهم بلوغ الأشد عبارة عن البلوغ فقط ، وهو بعيد فان البلوغ وحده لا يوجب تسليم ماله ، والمنع عن التصرف فيه ما لم يؤنس منه الرشد كما دل عليه غيرها من الآيات.

والأشدّ جمع شدّ كالأشر في جمع شر والأضر في ضر ، وقيل جمع شدة كنعمة وأنعم ، قال بعض البصريين الأشد واحد لا جمع له وان كان على بناء الجمع ، فيكون مثل آنك.

***

ولنتبع البحث بآيات لها تعلق بالمقام :

الاولى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (النساء ـ ٥).

(وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ) جمع سفيه من سفه إذا خف عقله. والمراد به المبذر أمواله في غير ما يليق بحاله ، أي ما ليس برشيد ، وهو المتبادر من إطلاقه كما يعلم من تتبع اللغة ، وبذلك فسره الفقهاء ، فيحمل عليه لرجحانه ، وهو الظاهر من المجمع والكشاف وتفسير القاضي (١).

(أَمْوالَكُمُ) أي الأموال التي في أيديكم وتحت ولايتكم من أموال السفهاء ، والإضافة لأدنى ملابسة لكونهم قوامين عليها ومدبرين لها ، والنهي للأولياء أن يدفعوا الى السفهاء أموالهم التي بأيديهم ، وهذا هو الملائم بالآيات المتقدمة والمتأخرة.

وقيل نهي لكل أحد أن يعمد الى ما خوله الله من المال فيعطي امرأته وأولاده ثم ينظر إلى أيديهم ، وانما سماهم سفهاء استخفافا بعقلهم واستهجانا بجعلهم قواما

__________________

(١) انظر المجمع ج ٢ ص ٨ والكشاف ج ١ ص ٤٧١ والبيضاوي ج ٢ ص ٦٨ ط مصطفى محمد.