ولكن هل الفص الصدغي هو المسؤول تشريحياً عن الذاكرة؟ بالطبع لا .. إذن فأين توجد الذاكرة؟ في الدماغ ، أو في غير الدماغ إذا صح طرح السؤال؟ ... الذي يبدو هو أن نفس الخلايا العصبية بجموعها العام تشترك في تكوين الذاكرة بواسطة الجزئيات البروتينية الموجودة داخل الخلايا العصبية ، فوجود [٣٠] ألف مورثة في الخلية الواحدة وإمكانية تشكل قرابة [٣٠] ألف حمض أميني مختلف يجعلنا نفكر في هذه التعقيدات الذرية هل هي التي تشترك في موضوع الذاكرة خاصة وهذه التعقيدات تبلغ ألف مليار مليار جزىء في الدماغ ، هل تحمل هذه الجزئيات آثار الذاكرة كما يحدث في الصفيحة المعدنية التي تحمل آثار طرق الحداد بالمطرقة عليها؟ أم هل تتوزع الصورة في هذه الجزئيات الذرية ثم يعاد تشكيلها مرة أخرى؟ لا أحد حتى الآن يعرف أين يوجد السر في موضوع الذاكرة؟!!

ـ ٤ ـ

قدر بعض العلماء أن المرئيات أو المسموعات تنطبع في الدماغ كما تنطبع الصورة على جزئيات الفضة في لوحة الفوتوغراف الحساسة ، ومن خلال هذا التفرق للصورة والبعثرة للذكرى بحيث تزدحم الذكريات في حزئيات خلايا الدماغ كالفسيفساء ، وبقدرة قادر ، تجتمع هذه الجزئيات المتفرقة لتعيد تشكيل المنظر الذي رآه الانسان ، ولكن من خلال هذه الكومات والأكداس الهائلة من الذاكرة يبدأ العقل في امكانية إيجاد صورة جديدة فهو يتخيل الجن على صورة معينة ، أو يتخيل جنة عدن على صورة معينة ، وهكذا تبرز خاصية جديدة من خصائص الجهاز العقلي الجبار وهي خاصية التخيل ، ويتعقد الأمر أكثر عندما تستطيع اثارة التخيل عند من يسمع اليك بتحريك كومات الذاكرة عنده فإذا به يجمع الجزئيات ويكومها ويتخيل ما تتخيل أنت ، ثم يتعقد الأمر