• الفهرس
  • عدد النتائج:

المحالات استحالتها لا تظهر فى نفسها ، بل إنّما تستبين بالبرهان. والوهم لا يستنكر أن يكون زمان محدود مع المستقيم والمستقيمة ، وإن لم يكن فى الوجود مستدير ومستديرة. لكنّ النّظر فيما يصحّ فى الوجود ، لا فيما يستصحّه الوهم فى الوجود ، وإن كان وجوده من المستحيلات.

فاعلم : أنّ الحركة الدّوريّة ـ أعنى الّتي هى أسرع الدّوريّات ـ غنيّة عن سائر الحركات ، وهى غير مستغنية عنها ، فهى إذن أقدم الحركات بالطبع. ويجب أن يتقدّم فى الوجود سائر الحركات حتّى يصحّ وجودها. وكذلك موضوع تلك الحركة بالقياس إلى موضوعات سائر الحركات.

<١٥>تمهيد

أليس أنّ لفظ الحركة عند أرباب الصّناعات الحكميّة اسم لمعنيين. أحدهما : توسّط الجسم بين مبدأ المسافة ومنتهاها ، بحيث أىّ حدّ يفرض لا يكون المتحرك قبله وبعده لا كحدّى الطرفين. فهذا هو صورة الحركة وصفتها. وهى حالة واحدة بسيطة شخصيّة موجودة مستمرّة ما دام الشّيء يكون متحرّكا. فهو يلزم المتحرّك ولا يتغيّر ما دام هو متحرّكا؛ فإنّه وإن تغيّرت حدود المسافة بالغرض الانتزاعىّ ، لكن ليس كون المتحرّك متوسّطا ومتحرّكا لأنّه فى حدّ معيّن من الوسط دون حدّ وإن لم يكن متحرّكا عند خروجه منه ، بل إنّما لأنّه متوسّط على الصّفة المذكورة وتلك الحالة ثابتة فى جميع حدود ذلك الوسط. وهى أمر بسيط يحصل بتمامه بعد نهاية زمان السّكون ولا يعقل له أجزاء.

ولا يصحّ أن يقال : إنّه من الأمور الغير القارّة إلاّ أنّ هذا الأمر البسيط له نسبة إلى حدود المسافة الممكنة الانفراض لا إلى الوقوف على نهاية بعينها بالموافاة المتّصلة الواقعة فى كلّ آن بعينه من الآنات بالقياس إلى حدّ بعينه من تلك الحدود.

فالكون فى الوسط واحد (١٣١) شخصىّ بسيط فى جميع زمان الحركة. لكنّه فى كلّ آن من الآنات مواف لحدّ من الحدود فهو مستمرّ بحسب الذّات غير مستقرّ