• الفهرس
  • عدد النتائج:

غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَومَ حَديدُ). (١) والمراد من كشف الحجب هو وصول الإنسان في الإذعان والإيمان إلى حد لا يبقى معه أيّ شك وتردد.

إنّ الإنسان في المشهد الأخروي يبلغ مبلغاً من الكمال ، يدرك حضوره عند خالقه وبارئه ، وذلك نفس حقيقةوجود الممكن وواقعيته ، إذ لا حقيقة للوجود الإمكاني إلاّ قوامه بعلّته ، وتعلّقه بموجده ، تعلّق المعنى الحرفي بالمعنى الاسمي ، والإنسان في ذلك المشهد يجد نفسه حاضرة عند بارئها حضوراً حقيقياً كما يجد ذاته حاضرة لدى ذاته ، والعلم الحضوري لا يختصّ بالعلم بالذات ، بل يعم العلم بالموجد الذي هو قائم به.

وباختصار : فرقٌ بين أن يتصوّر الإنسان تعلّقه ببارئه ، وبين أن يجد تلك الواقعة التعلقية بوجودها الخارجي. فذلك الحضور والشهود ، شهود بين القلب ، وحضور بتمام الوجود ، لا يصل الأوحدي في الدنيا ، كما يصل إليه الإنسان في المشهد الأُخروي.

وإلى ذلك يشير ما روي عن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام حين جاءه حبر وقال له : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربّك حين عبدته؟ فقال : ويلك ، ما كنت أعبد ربّاً لم أره. قال : وكيف رأيته؟ قال : ويلك ، لا تدركه العيون بمشاهدة الأبصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان. (٢)

ونظيره ما روي عن أبي جعفر عليه‌السلام حيث سئل عن أيّ شيء يعبد؟ قال : « الله تعالى ». فقيل له : رأيته؟ قال : « لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ، لا يعرف بالقياس ، ولا يدرك بالحواس ، ولا يشبه بالناس ، موصوف بالآيات ، معروف بالعلامات ، لا يجور في حكمه ، ذلك الله لا إله إلاّ هو ». فخرج السائل وهو يقول : الله أعلم حيث يجعل رسالته. (٣)

ــــــــــــــــــ

١ ـ ق : ٢٢.

٢ ـ الكافي : ١ ، كتاب التوحيد ، باب في إبطال الرؤية ، الحديث ٦.

٣ ـ المصدر السابق ، الحديث٥.