• الفهرس
  • عدد النتائج:

والقمر ، من دون أن يكون هناك نظام وقانون تكويني باسم العلية والمعلولية ، ويكون صلتهما بالشمس والقمر كصلتهما بغيرهما. وعلى ذلك فليس في صفحة الكون إلاّ علّة واحدة ومؤثر فارد يؤثر بقدرته وسلطانه في كلّ الأشياء ، من دون أن يجري قدرته ويظهر سلطانه عن طريق الأسباب والمسببات. فهو سبحانه بنفسه ، قائم مقام جميع العلل والأسباب التي كشف عنها العلم طيلة قرون.

هذا ما يتبنّاه الأشعري وأتباعه ناسبين إيّاه إلى أهل السنّة والجماعة عامّة ، وكانت الأكثرية الساحقة من المسلمين لا يقيمون للعلل الطبيعية والأبحاث العلمية وزناً. فعامل الحمى في المريض هو الله سبحانه ، وليس للجراثيم دور في ظهورها فيه. ومثله سائر الظواهر الطبيعية من نمو الأشجار ، وتفتح الأزهار ، وغناء الطيور ، وجريان السيول ، وحركة الرياح ، وهطول الأمطار ، وغير ذلك. فالكلّ مخلوق له سبحانه بلا واسطةوبلا تسبيب من الأسباب.

ولكن هذا المعنى محجوج بنفس القرآن الكريم ، مضافاً إلى أنّ الأدلة العقلية والعلمية لا توافقه أبداً ، ونكتفي بالقليل من الكثير من الآيات الكافية لإبطال هذه النظرية.

إنّ الآيات القرآنية تعترف بوضوح بقانون العلية والمعلولية بين الظواهر الطبيعية ، وتسند الآثار إلى موضوعاتها ـ وفي الوقت نفسه تسندها إلى الله سبحانه ـ حتى لا يغتر القارئ بأنّ آثار الموضوعات متحقّقة من تلقاء نفسها.

قال سبحانه : (وَأَنزَلَ مِنَ السَّماءِماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزقاً لَكُمْ). (١)

وقال عزّ من قائل : (أَوَ لَمْ يَرَوا أَنّا نَسُوقُ الماءَ إِلى الأَرْضِ الجُرُزِ فَنُخْرِجُ بهِِ زَرعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ). (٢)

فالكتاب العزيز يصرّح في هاتين الآيتين بجلاء بتأثير الماء في الزرع ، إذ إنّ الباء في « به » في الموردين بمعنى السببية ، وأوضح منهما قوله سبحانه : (وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنّاتٌ مِنْ أَعْناب وَزَرْعٌ وَنَخيلٌ صِنْوانٌ

ــــــــــــــــــ

١ ـ البقرة : ٢٢.

٢ ـ السجدة : ٢٧.