• الفهرس
  • عدد النتائج:

الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) أي رجاع مطيع لله. ثم ذكر تعالى ما كان من أمره في الخيل الصافنات وهي التي تقف على ثلاث وطرف حافر الرابعة ، الجياد وهي المضمرة السراع.

(فَقالَ : إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) يعني الشمس. وقيل الخيل على ما سنذكره من القولين : «ردوها عليّ فطفق مسحا بالسوق والأعناق» قيل مسح عراقيبها وأعناقها بالسيوف. وقيل مسح عنها العرق لما أجراها وسابق بينها وبين يديه على القول الآخر.

والذي عليه أكثر السلف الأول ، فقالوا اشتغل بعرض تلك الخيول حتى خرج وقت العصر وغربت الشمس. روى هذا عن علي بن أبي طالب وغيره. والذي يقطع به أنه لم يترك الصلاة عمدا من غير عذر ، اللهم إلا أن يقال إنه كان سائغا في شريعتهم ، فأخر الصلاة لأجل أسباب الجهاد وعرض الخيل من ذلك.

وقد ادعى طائفة من العلماء في تأخير النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاة العصر يوم الخندق أن هذا كان مشروعا إذ ذاك حتى نسخ بصلاة الخوف ، قاله الشافعي وغيره. وقال مكحول والأوزاعي : بل هو حكم محكم إلى اليوم أنه (١) يجوز تأخيرها بعذر القتال الشديد. كما ذكرنا تقرير ذلك في سورة النساء عند صلاة الخوف. وقال آخرون : بل كان تأخير النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاة العصر يوم الخندق نسيانا وعلى هذا فيحمل فعل سليمان عليه‌السلام على هذا والله أعلم. وأما من قال : الضمير في قوله : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) عائد على الخيل وأنه لم ينته وقت صلاة وأن المراد بقوله : (رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) يعني مسح العرق في عراقيبها وأعناقها ، فهذا القول (٢) اختاره ابن جرير ورواه الوالبي عن ابن عباس في مسح العرق. ووجه هذا القول ابن جرير بأنه ما كان ليعذب الحيوان بالعرقبة ويهلك مالا بلا سبب ولا ذنب لها. وهذا الذي قاله فيه نظر لأنه قد يكون هذا سائغا في ملتهم وقد ذهب بعض علمائنا إلى أنه إذا خاف المسلمون أن يظفر الكفار على شيء من الحيوانات من أغنام ونحوها جاز ذبحها وإهلاكها لئلا يتقووا بها. وعليه حمل صنيع جعفر بن أبي طالب يوم عقر فرسه بمؤتة. وقد قيل إنها كانت خيلا عظيمة. قيل كانت عشرة آلاف فرس.

وقيل عشرين ألف فرس. وقيل كان فيها عشرون فرسا من ذوات الأجنحة.

وقد روى أبو داود في سننه : حدثنا محمد بن عوف ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، أنبأنا يحيى ابن أيوب ، حدثني عمارة بن غزية ، أن محمد بن إبراهيم حدثه عن محمد بن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة قالت : قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر ، فهبت الريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب فقال : ما هذا يا عائشة؟ فقالت : بناتي. ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع. فقال : ما هذا الذي أرى وسطهن؟ قالت : فرس. قال : وما الذي عليه هذا؟ قالت : جناحان. قال : فرس له جناحان! قالت : أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة. قالت : فضحك حتى رأيت نواجذه صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٣).

__________________

(١) رواه ابن عساكر في تاريخه (٦ / ٢٥٨ ، ٢٥٩ / تهذيب).

(٢) رواه ابو داود في سننه (٢ / ٣٠٥).

(٣) رواه ابو داود في سننه (٢ / ٣٠٥).