• الفهرس
  • عدد النتائج:

عذاب ، ولهذا قال تعالى : (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) أي من وقوع العذاب وهو قولهم : (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) ومثلها في الأعراف.

وقد ذكر المفسرون وغيرهم ها هنا الخبر الذي ذكره الإمام محمد بن إسحاق بن يسار (١) قال : فلما أبوا إلا الكفر بالله عزوجل ، أمسك عنهم القطر (٢) ثلاث سنين ، حتى جهدهم ذلك ، قال : وكان الناس إذا جهدهم أمر في ذلك الزمان فطلبوا من الله الفرج منه إنما يطلبون بحرمه ومكان بيته ، وكان معروفا عند أهل ذلك الزمان ، وبه العماليق مقيمون ، وهم من سلالة عمليق ابن لاوذ بن سام بن نوح ، وكان سيدهم إذ ذاك رجلا يقال له معاوية بن بكر ، وكانت أمه من قوم عاد واسمها جلهذة ابنة الخيبري. قال : فبعث عاد وفدا قريبا من سبعين رجلا ليستسقوا لهم عند الحرم ، فمروا بمعاوية بن بكر بظاهر مكة ، فنزلوا عليه فأقاموا عنده شهرا ، يشربون الخمر ، وتغنيهم الجرادتان ، قينتان لمعاوية ، وكانوا قد وصلوا إليه في شهر ، فلما طال مقامهم عنده ، وأخذته شفقة على قومه ، واستحيا منهم أن يأمرهم بالانصراف ـ عمل شعرا يعرض لهم فيه بالانصراف ، وأمر القينتين أن تغنيهم به ، فقال.

ألا يا قيل ويحك قم فهينم

لعلّ الله يصحبنا (٣) غماما

فيسقي أرض عاد إنّ عادا

قد امسوا لا يبينون الكلاما

من العطش الشديد فليس نرجو

به الشيخ الكبير ولا الغلاما

وقد كانت نساؤهم بخير

فقد أمست نساؤهم أيامى

وإنّ الوحش يأتيهم جهارا

ولا يخشى لعاد سهاما

وأنتم ها هنا فيما اشتهيتم

نهاركم وليلكم تماما (٤)

فقبّح وفدكم من وفد قوم

ولا لقّوا التحية والسلاما

قال : فعند ذلك تنبه القوم لما جاءوا له ، فنهضوا إلى الحرم ودعوا لقومهم ، فدعا داعيهم وهو قيل بن عنز ، فأنشأ الله سحابات ثلاثا : بيضاء وحمراء وسوداء ، ثم ناداه مناد من السماء :

اختر لنفسك أو لقومك من هذا السحاب ، فقال : اخترت السحابة السوداء فإنها أكثر السحاب ماء ، فناداه مناد : اخترت رمادا رمددا ، لا تبقى من عاد أحدا ، لا والدا يترك ولدا إلا جعلته همدا إلا بني اللوذية الهمدا قال : وهم بطن من عاد كانوا مقيمين بمكة ، فلم يصبهم ما أصاب قومهم. قال : ومن بقي من أنسابهم وأعقابهم هم عاد الآخرة.

قال : وساق الله السحابة السوداء التي اختارها قيل بن عنز بما فيها من النقمة إلى عاد ، حتى تخرج عليهم من واد يقال له المغيث ، فلما رأوها استبشروا وقالوا هذا عارض ممطرنا ، فيقول تعالى :

(بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ* تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها) أي تهلك كل شيء أمرت به.

__________________

(١) م : بشار هو تحريف.

(٢) م : المطر.

(٣) م : يمنحنا.

(٤) و : التماما