اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ

____________________________________

قلنا : الشمس مشرقة أو النار محرقة ، أو العقار الفلاني مقوي ، أو ما أشبه ، لم يناف مع عدم إشراق الشمس وقت الكسوف ، أو عدم إحراق النار إذا لم يشأ الله ، كنار إبراهيم ، أو عدم تقوية العقار في بدن بلغ من الضعف إلى حيث لا يتمكن من هضم العقار ، وهكذا في سائر القضايا ، فإن الملحوظ ، في أمثالها الطبيعة ، لا كل فرد ، والطبيعة قد يمنع عنها مانع ، أو عدم تمامية المقتضى ، وقد قال سبحانه (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) (١) ، فمن لم يف بعهده سبحانه ، بأن ارتكب الكفر والعصيان ، لم يكن عليه سبحانه ، أن يفي بما عهد ، وكذا قال تعالى : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٢) فمن لم يتق ، لم يكن لدعائه ، قبول واستجابة .. ولا يقال : إنا لا نرى الفرق البين بين الداعي وغيره ، فلكل منهما مشاكل ولكل منهما سعادة؟ إذ الجواب أنه منقوض بمن يقول : إنا لا نرى فرقا بين من يراجع الطبيب ، وبين من لا يراجع ، فإن لكليهما صحة حينا ومرض حينا آخر ، والحلّ : إنا نرى الفرق شاسعا ، فالداعون ، أسعد هناء عيشا ، وأقل مشكلة من غيرهم ، وهذا يعلم ، عند المقايسة الدقيقة ، كما هو الجواب عن مثال مراجع الطبيب وغيره.

[٦٢] ثم بين سبحانه جملة من الآيات الكونية ، الملفتة إلى وجوده تعالى ، وسائر صفاته (اللهُ) وحده ، هو (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ) معاشر البشر (اللَّيْلَ) من غروب الشمس إلى طلوع الفجر ، أو إلى طلوع الشمس (لِتَسْكُنُوا) وتستريحوا ، من الأتعاب (فِيهِ) بالنوم والراحة

__________________

(١) البقرة : ٤١.

(٢) المائدة : ٢٨.