إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣١) وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ

____________________________________

فإن إجراءها للسفر والتجارة ، ورؤية الآيات (إِنَّ فِي ذلِكَ) الإجراء في البحر (لَآياتٍ) دالة على الله وصفاته (لِكُلِّ صَبَّارٍ) يصبر عند البلاء (شَكُورٍ) يشكر عند الرخاء ، وكان الإتيان بهاتين الصفتين هنا ، لما يطرأ على الإنسان ، من هاتين الحالتين ، عند ركوب البحر من الأهوال المحتاجة إلى الصبر ، والإنجاء المحتاج إلى الشكر ، فإن الصابر الشاكر ـ وهو المعترف بالله ـ هو الذي يدرك الآيات ، أما الجاهل المضطرب النفس ، فلا يدرك الآيات ، ولا يعيرها أهمية.

[٣٣](وَإِذا) ركب الناس السفينة و (غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ) فإن الموج أحيانا يركب على السفينة ، كالظلة التي تلقى عليها ، فيدخل فيها قسم من ماء الموج ، وإنما جاء بالجمع في قوله «كالظلل» وهو جمع ظلة ، لأن للموج طبقات ، تعلو طبقة على طبقة (دَعَوُا اللهَ) أي الركاب ، في حال خوفهم من الموج أن يغرق السفينة بمن فيها ، في حال كونهم (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أي قد أخلصوا له الطريقة ، بأن صار توجههم إليه وحده ، وانصرف المشركون من الراكبين عن آلهتهم (فَلَمَّا) ذهب الموج ، وأمنوا الخطر ، و (نَجَّاهُمْ) الله (إِلَى الْبَرِّ) بأن خرجوا من السفينة بسلام (فَمِنْهُمْ) أي بعض أولئك الراكبين (مُقْتَصِدٌ) ، أخذ طريق القصد والعدل ، فيبقى على إيمانه بالله (وَ) منهم راجع إلى كفره وشركه ، و (ما يَجْحَدُ بِآياتِنا) الدالة على وجودنا ، وسائر صفاتنا ، ومن تلك الآيات الإنجاء ، من أهوال البحر (إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ)