ولكن ، إذا كانت مكافأة كهذه ليست ، ولا يمكن أن تكون ، نظيرا لأعمالنا ـ إذا نظرنا إليها في ذاتها ـ ، فإنّها منذئذ تصبح موضوعا لوعد ، أو إلتزام ؛ هي العوض في عقد مبرم بين الله ، والإنسان : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) (١) ، بشرط أن تبلغ أعمالنا ـ على الأقل ـ قدر الأعمال العظيمة ، وأن تكون طاهرة ، غير ناقصة ، وأن تستوفي ـ في جملتها ـ الشّروط المطلوبة ، حتّى يتقبلها الله ، وهو ما يستحيل ، في الحالة الّتي نحن عليها ، أن نحكم به على يقين.
وفسر لنفسك بهذه الألوان ، والظّلال حالة التّباين الظّاهري بين القول النّبوي ، الّذي يرى أنّ قبول الصّالحين في الجنّة ليس إلا منحة من فضل الله ، وهو قوله صلىاللهعليهوسلم فيما روي عن أبي هريرة رضى الله عنه : «لن يدخل أحدا عمله الجنّة ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟. قال : ولا أنا ، إلّا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة» (٢). وبين الأقوال القرآنية الّتي تتحدث عن ذلك الميراث السّماوي ، بإعتباره ثمنا مترتبا على أعمالنا من مثل قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٣) ، وقوله : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤).
__________________
(١) التّوبة : ١١١.
(٢) انظر ، صحيح البخاري : ٧ / ١٠ ، مسند أحمد : ٢ / ٢٣٥ ، سنن الدّارمي : ٢ / ٣٠٦ ، صحيح مسلم : ٨ / ١٣٩ ، السّنن الكبرى : ٣ / ١٨ ، مجمع الزّوائد : ١٠ / ٣٥٦ ، فتح الباري : ١١ / ٣٥٤ ، الدّيباج على مسلم : ٦ / ١٧٠ ، المصنّف لعبد الرّزاق : ١١ / ٢٨٩ ، المعجم الكبير : ٧ / ٣٠٧.
(٣) الزّخرف : ٧٢.
(٤) النّحل : ٣٢.