جديد.
لقد أسفنا على ما اقترفنا من شرّ ، ودعونا الله أن يغفره لنا ، وعزمنا ألّا نعود إليه ، واستفرغنا طاقتنا في مقابلة الفعل السّيء بأعمال طيبة ، كلّ هذا جميل ، ومأمور به ، وحبيب إلى الله ، ولكنه يظل عاجزا عن أن ينشىء توبة كاملة ، إذ يجب أن نحصل على إبراء صريح ، ومحدود من أولئك الّذين أسأنا إليهم ، فضلا عن النّدم ، والإهتداء. والرّسول صلىاللهعليهوسلم يقول : «من كانت له مظلمة لأحد ، من عرضه أو شيء ، فليتحلله منه اليوم ، قبل ألّا يكون دينار ، ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه» (١). فإبتداء من الكذاب حتّى القاتل ، كلّ إنسان مذنب في حقّ الغير يجب أن يعترف ، ويستسلم لضحاياه ، ويخضع لأحكامهم ، فإذا لم يستبرئهم في هذه الدّنيا وجب أن ينتظر مقاصة ثقيلة ، يقتضونها منه في الآخرة ، كما أخبرنا رسول الله ، وهي مقاصة ذات طابع أخلاقي ، تتمثل في أن ينقل إلى حسابهم جزء من حسنات ظالمهم ، فإذا أنتهت حسناته قبل أن يستوفوا مالهم ، وهو (الإفلاس) كما عبر الرّسول ، فإنّ عملية عكسية تبدأ : يؤخذ من سيئاتهم فيوضع على كاهله. وذلكم أيضا هو قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيما رواه أبو هريرة : «أتدرون ما المفلس؟. قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ، ولا متاع ، فقال : إنّ المفلس من
__________________
(١) انظر ، صحيح البخاري : ٢ / ١٦٥ ح ٢٣١٧ ، شرح اصول الكافي : ١٠ / ١٠ ، تفسير القرطبي : ١ / ٣٧٨ ، تفسير الطّبري : ٨ / ١٢٣ ، بحار الأنوار : ٧٢ / ٤٢٣ ، صحيح ابن حبان : ١٦ / ٣٦٢ ح ٧٣٦٢ ، سنن البيهقي الكبرى : ٣ / ٣٦٩ ح ٦٣٠٥ ، المعجم الأوسط : ٢ / ١٩١ ح ١٦٨٣ ، مسند الشّاميين : ٢ / ٢٧٣ ح ١٣٢٦ ، المعجم الصّغير : ١ / ٢١٧ ح ٣٤٨ ، سبل السّلام : ٤ / ٢٠٣ ، المحلى : ٨ / ١٦٥.