• الفهرس
  • عدد النتائج:

الجنة ، وخبره حق لا يدفع بالشبهة ، ولا يمكن الجمع إلا بما قلناه من وجود حاسة يرى بها الله تعالى ، دون هذه الحواس. والله أعلم بالصواب.

جواب آخر : وهو أن يحمل (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) [الأنعام : ١٠٣] [على أنها لا تدركه] في جهة ، ولا تدركه جسما ولا صورة ولا متحيزا ولا حالا في شيء (وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) [الأنعام : ١٠٣] على جميع هذه الصفات ، وتكون الحكمة فيه الرد على النصارى وأهل التشبيه ومن يقول بالجهة والحيز والصورة ، وغير ذلك مما لا يليق به سبحانه وتعالى.

فإن احتجوا بقوله تعالى : (يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) [النّساء : ١٥٣] فأكبر الله هذا السؤال فأنكره.

قيل لهم : لا حجة لكم في ذلك ، لأن الله تعالى ما أكبر ذلك لكونه مستحيلا ، وإنما أنكره لأنهم سألوه ذلك على وجه التعنت ، ألا ترى أنه أنكر عليهم سؤالهم تنزيل الكتاب من السماء ، وليس ذلك بمستحيل ، وإنما أنكروا استكبارا وتعنتا منهم لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وتشكيكا للناس في نبوته ؛ لأن عندهم التوراة ، والإنجيل ، والفرقان ، وكل ذلك منزل من عند الله ، وإنما أرادوا بذلك التلبيس على العوام ، حتى لا يصدقوا بنبوته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وتركوا ما أوجب الله عليهم من الإيمان به في التوراة والإنجيل ، كما قال تعالى : (الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) [الأعراف : ١٥٧] فإكباره تعالى سؤالهم ذلك لأجل هذه المعاني لا يكون ذلك مستحيلا. وهذا كما أنكر تعالى سؤال قريش لما قالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ) [الإسراء : ٩٠ ، ٩١](أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) [الإسراء : ٩٣] وكل ذلك جائز غير مستحيل ، لكن أنكره عليهم وأكبره لما كان [ذلك] على وجه التعنت والتكذيب ، لما قد وضح من آياته وحججه ، وكذلك أنكر سؤالهم الرؤية لموسى عليه‌السلام على وجه التعنت ، لا لكونها مستحيلة.

فإن احتجوا بالخبر المروي عن عائشة رضي الله عنها لما قال لها ابن الزبير ـ وهو ابن أختها ـ يا أماه : هل رأى محمد ربه؟ فقالت : يا ابن أختي لقد قفّ شعر بدني ، والله تعالى يقول : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) [الشّورى : ٥١] قالوا : فموضع الدليل من الخبر أنها أكبرت ذلك ونفت الرؤية عن الله تعالى ؛ فدلّ أن ذلك مستحيل في حقه سبحانه وتعالى. الجواب من أوجه :