• الفهرس
  • عدد النتائج:

الطاعة هو المقروء في حال المعصية ، وهذا أمر قد اتضح بحمد الله تعالى لمن له أدنى عقل وتصور.

مسألة

ويجب أن يعلم أنه لا يجوز أن يقول أحد إني أتكلم بكلام الله ، ولا أحكي كلام الله ولا أعبر كلام الله ولا أتلفظ بكلام الله ، ولا أن لفظي بكلام الله مخلوق ولا غير مخلوق ، بل الذي يجوز أن يقول : إني أقرأ كلام الله تعالى ، كما قال تعالى : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) [النّحل : ٩٨] وكما قال : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) [المزمّل : ٢٠] ويجوز أن يقول : إني أتلو كلام الله ، كما قال تعالى : (وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ) [النّمل : ٩٢] ويجوز أن يقول إني أحفظ القرآن كما قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من حفظ القرآن ثم نسيه ... الخبر». فكل ما نطق به الكتاب والسنة في القرآن جاز لنا أن نطلقه ، وما لا ينطق به كتاب ولا سنة فلا نطلقه في الله تعالى ، ولا في صفاته. فاعلم ذلك وتحققه.

وأيضا فإن زيدا إنما يكون متكلما بكلامه ، ولا يجوز أن يكون زيد متكلما بكلام عمرو ، وكذلك لا يكون زيد أسود سوادا من عمرو ، ومن عجيب الأمر أن المجسمة الحشوية لا يجوزون أن يتكلم زيد بكلام عمرو وعمرو مخلوق ، وكلامه مخلوق ، والمخلوق إلى المخلوق أقرب في الشبه والذات والصورة والحكم ، ويجوزون أن يقولوا : نتكلم بكلام الله تعالى وكلام الله غير مخلوق ولا يشبه كلام الخلق في الذات والحكم.

مسألة

ويجب أن يعلم أن الكلام الحقيقي هو المعنى الموجود في النفس لكن جعل عليه أمارات تدل عليه ، فتارة تكون قولا بلسان على حكم أهل ذلك اللسان وما اصطلحوا عليه وجرى عرفهم به وجعل لغة لهم ، وقد بيّن تعالى ذلك بقوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) [إبراهيم : ٤] فأخبر تعالى أنه أرسل موسى عليه‌السلام إلى بني إسرائيل بلسان عبراني ، فأفهم كلام الله القديم القائم بالنفس بالعبرانية ، وبعث عيسى عليه‌السلام بلسان سرياني ، فأفهم قومه كلام الله القديم بلسانهم ، وبعث نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم بلسان العرب ، فأفهم قومه كلام الله القديم القائم