ولا يخفى أنّنا لم نتطرّق هنا إلى أسباب التحريف في التاريخ أصلا ، إذ إنّه بحث مستقلّ وعلى حِدَة.

هـ ـ التّقية وكتابة التأريخ عند الشيخ المفيد رحمه‌الله :

إنّ من المواضيع التي لابدّ أن تبحث عند دراسة كتابة التاريخ عند الشيخ المفيد هو موضوع التّقية ، حيث يمكن تناول هذا الموضوع من جهتين :

الأُولى : لابدّ أن نرى في بادئ الأمر ما هو رأي الشيخ المفيد إبتداءً في التقية؟ وأيّ منزلة نزّلها في أبحاثه؟ وما هي الطريقة والأسلوب الذي اتّبعه في طرحه لها؟

الثانية : لابدّ أن نرى من خلال قرائتنا لنشاطات الشيخ المفيد العلمية والاجتماعية كيف كان يتعامل مع موضوع التقية؟ وإلى أيّ حدٍّ كان ملتزماً في مراعاته للعمل بالتقية؟.

الذي يبدو لنا في ما يخصّ الجهة الاُولى هو أنّ الشيخ المفيد وإن لم يخصّص في مؤلّفاته حيّزاً كبيراً لهذا الموضوع ، ولكنّ هذا المقدار في كتاباته يعطينا صورة واضحة عن هذا الموضوع ، فإنّه خلافاً لبعض العلماء الذين اقتصروا على بعض المصاديق وتطرّقوا إلى ذكر بعض من أحكام التقية مثل الشيخ الصدوق(١) ، فقد عرض الشيخ المفيد في بادئ الأمر تعريفاً كاملاً عن التقيّة(٢) ، بحيث نستطيع أن نقول إنّ تعريفه أكمل بنحو ما

__________________

(١) الاعتقادات : ١٠٧ و ١٠٨.

(٢) تصحيح الاعتقادات : ١٣٧.